مصابيح التنوير
على صحيح الجامع
الصغير للألباني
(مختصر فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمامِ عبد الرؤوف المناوي)
(أعده ورتبه أبو أحمد معتز أحمد عبد الفتاح)
ahmdmotaz@hotmail.com
الجزء الأول
(حرف الهمزة الأحاديث من 1315:1)
الرموز المستخدمة في الكتاب خ للبخاري م لمسلم ق لهما
د لأبي داود ت للترمذي ن للنسائي ه لابن ماجه 4 لهؤلاء الأربعة 3 لهم إلا ابن ماجه ك للحاكم حم لأحمد في مسنده عم لابنه في زوائده خد للبخاري في الأدب المفرد تخ للبخاري في التاريخ ع مسند أبي يعلى
حب صحيح لابن حبان ش مصنف ابن أبي شيبة حل لأبي نعيم في الحلية
ص لسعيد بن منصور في سننه قط للدار قطني عق للعقيلي في الضعفاء
فر للديلمي في مسند الفردوس عب لعبد الرزاق في الجامع خط للخطيب
طب للطبراني في الكبير طس الطبراني في الأوسط طص الطبراني في الصغير
هب للبيهقي في شعب الإيمان هق سنن البيهقي عد لابن عدي فى الكامل
إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } ،{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}،{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }.
أما بعد ، فان أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .(1/1)
يعد كتاب صحيح الجامع الصغيروزيادته(الفتح الكبير) من أجمع و أروع الكتب الحديثية ولو لم يكن للشيخ الألباني من التحقيق والتخريج غير هذا الكتاب لكفاه فكيف وقد صنف العشرات ودونك تعريف مبسط بالكتاب
(صحيح الجامع الصغير وزيادته(الفتح الكبير) تأليف الألبانى )
ألف الحافظ السيوطي(849هـ:911هـ) كتاب(الجامع الصغير من حديث البشير النذير) وقد ذكر فى آخره أنه فرغ من تأليفه سنة 907هـ وجعل له ذيلا سماه (زيادة الجامع الصغير) ثم ضم الشيخ يوسف النبهانى
(1265:1350هـ)( زيادة الجامع الصغير)إلى(الجامع الصغير من حديث البشير النذير) وسماه ( الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير)
وقد شرح الشيخ المناوى(952هـ: 1031 هـ) (الجامع الصغير من حديث البشير النذير) وسماه (فيض القدير شرح الجامع الصغير)
ثم حقق محمد ناصر الدين الألباني(1333 هـ: 1420ه(
( الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير) وأخرج لنا
(صحيح الجامع الصغير وزيادته) فيه8202حديث بين الصحيح إلى الحسن
(ضعيف الجامع الصغير وزيادته) فيه6452حديث بين الضعيف إلى
الموضوع فيكون المجموع النهائي لهذه الموسوعة 14654 حديث
(بتصرف من (صحيح الجامع الصغير وزيادته) للشيخ الألباني رحمه الله المكتب الاسلامى الطبعة الثالثة1408هـ)
وقد قام الشيخ الألباني بترتيب وتبويب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته على أبواب الفقه (طبع المكتب الاسلامى)000
وقد لخصت شرح الشيخ المناوى وأضفته إلى صحيح الجامع الصغير وسميته مصابيح التنوير على صحيح الجامع الصغير للألباني
ودونك منهجي بالكتاب
*أذكر الحديث باللون الأحمر ونقلت ترقيم و أحكام الأحاديث للشيخ الألباني و أسماء الصحابة الرواة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومخرجي الحديث كما هي في صحيح الجامع الصغير وزيادته ثم الشرح وأذكر فيه مختصر شرح المناوى وهو كلام المؤلف بالنص مع الحرص على نقل الفوائد كاملة فكأنك أخذت الكتاب مصفى منقى 0000(1/2)
*هذه النقاط0000000تعنى أن هناك حذف لتكرار في المعاني أوالشرح أو ذكر بعض الخلافات النحوية أو الخلافات الفقهية أو ذكر آراء ضعيفة ليس عليها دليل أو ذكر كلام فلسفي أو تعليلات ضعيفة أو بدع وخرافات 00000ونحوذلك مما ليس في ذكره كبير فائدة دون تغيير في المعنى وليس لي إلا الإنتقاء والترتيب مع النقل الحرفي لكلام المؤلف رحمه الله مع حرصي على الإتيان بالفوائد كاملة وحذفت شرح الأحاديث الضعيفة والتي تجدها بكتاب ضعيف الجامع الصغير للشيخ الألباني000
*قمت بحذف كلام المناوى على أسماء الرواة ومخرجي الحديث وحكم الحديث من حيث الصحة والضعف وبما يستدركه على السيوطي في العزو والتخريج و تحقيق الحديث ونحوه اكتفاء بما ذكر الشيخ الألباني من الحكم على الأحاديث وذكر أسماء الرواة ومخرجي الحديث0000
*ذكرت مقدمة المؤلف الشيخ المناوى كاملة واختصرت شرحه لمقدمة السيوطي وجعلت مقدمة السيوطي باللون الأحمر000وقد أوضح المناوى فى مقدمة الكتاب منهجه فى شرح الأحاديث وهو الاختصار والتجافى عن الاكثارفالكتاب يحتاجه كل مسلم متفهم بل وكل طالب ومعلم0
*تم النقل لكتاب فيض القدير شرح الجامع الصغير من الملف الموافق لطبعة دار المعرفة ببيروت، الطبعة الثانية،1391هـ ولا أذكر إلا شرح الأحاديث الصحيحة التي ذكرها الألباني في صحيح الجامع الصغير
*تم النقل لأحاديث صحيح الجامع الصغير وزيادته(الفتح الكبير) الطبعة المجددة و المزيدة والمنقحة تأليف محمد ناصر الدين الألباني طبع المكتب الإسلامي1408(الطبعة الثالثة) وقمت بضبط بعض الحروف من الحاشية0
ولعلى بعد ذلك إن يسر الله لي أن أنقل شروح أهل العلم للأحاديث التي لم تشرح بفيض القدير للمناوى وأسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى وأن يغفر لنا ويرحمنا وينصرنا على الكافرين و الحمد لله ربّ العالمين0
مصابيح التنوير على
صحيح الجامع الصغير للألباني(1/3)
(مختصر فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمامِ عبد الرؤوف المناوي)
[مقدمة المؤلف الإمام عبد الرؤوف المناوي]
الحمد لله الذي جعل الإنسان هو الجامع الصغير، فطوى فيه ما تضمنه العالم الأكبر الذي هو الجامع الكبير، وشرف من شاء من نوعه في القديم والحديث، بالهداية إلى خدمة علم الحديث. وأوتد له من مشكاة السنة لاقتباس أنوارها مصباحاً وضاحاً، ومنحه من مقاليد الأثر مفتاحاً فتاحاً. والصلاة والسلام على أهل العالمين منصباً وأنفسهم نفساً وحساً، المبعوث بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، حتى أشرق الوجود برسالته ضياءاً وابتهاجاً ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، ثم على من التزم العمل بقضية هديه العظيم المقدار، من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم إلى يوم القرار، الذين تناقلوا الخبر والأخبار، ونوّروا مناهج الأقطار بأنوار المآثر والآثار، صلاة وسلاماً دائمين ما ظهرت بوازغ شموس الأخبارساطعة من آفاق عبارات من أوتي جوامع الكلم والاختصار.(1/4)
(وبعد) فهذا ما اشتدت إليه حاجة المتفهم، بل وكل مدرس ومعلم، من شرح على الجامع الصغير للحافظ الكبير الإمام الجلال الشهير، بنشر جواهره، ويبرز ضمائره، ويفصح عن لغاته، ويفصح القناع عن إشاراته، ويميط عن وجود خرائده اللثام، ويسفر عن جمال حور مقصوراته الخيام، ويبين بدائع ما فيه من سحر الكلام، ويدل على ما حواه من درر مجمعة على أحسن نظام، ويخدمه بفوائد تقر بها العين، وفرائد يقول البحر الزاخر من أين أخذها من أين، وتحقيقات تنزاح بها شبه الضالين وتدقيقات ترتاح لها نفوس المنصفين، وتحرق نيرانها أفئدة الحاسدين لا يعقلها إلا العالمون، ولا يجحدها إلا الظالمون، ولا يغص منها إلا كل مريض الفؤاد، من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فما له من هاد، ومع ذلك فلم آل جهداً في الاختصار والتجافي عن منهج الإكثار، فالمؤلفات تتفاضل بالزهر والثمر، لا بالهذر، وبالملح، لا بالكبر، وبجموم اللطائف، لا بتكثير الصحائف، وبفخامة الأسرار، لا بضخامة الأسفار، وبرقة الحواشي، لا بكثرة الغواشي، ومؤلف الإنسان، على فضله أو نقصه عنوان، وهو بأصغريه اللفظ اللطيف والمعنى الشريف، لا بأكبريه اللفظ الكثير والمعنى الكثيف. وهنالك يعرف الفرض من النافلة، وتعرض الإبل فرب مائة لا تجد فيها راحلة. ثم إني بعون أرحم الراحمين، لم أدخل بتأليفه في زمرة الناسخين، ولم أسكن بتصنيفه في سوق الغث والسمين، بل أتيت بحمد الله، بشوارد فرائد باشرت اقتناصها، وعجائب غرائب استخرجت من قاموس الفكر وعباب القريحة مغاصها، فمن استلحق بعض أبكاره الحسان، لم ترده عن المطالبة بالبرهان. ولم أعرب من ألفاظه إلا ما كان خفياً، فقد قال الصدر القونوي: غالب ممن يتكلم على الأحاديث إنما يتكلم عليها من حيث إعرابها والمفهوم من ظاهرها بما لا يخفى على من له أدنى مسكة في العربية وليس في ذلك كبير فضيلة ولا مزيد فائدة، إنما الشأن في معرفة مقصوده صلى الله عليه وسلم وبيان ما تضمنه كلامه(1/5)
من الحكم والأسرار بياناً تعضده أصول الشريعة، وتشهد بصحته العقول السليمة. وما سوى ذلك ليس من الشرح في شيء. قال ابن السكيت خذ من النحو ما تقيم به الكلام فقط ودع الغوامض. ولم أكثر من نقل الأقاويل والاختلافات، لما أن ذلك على الطالب من أعظم الآفات، إذ هو كما قال حجة الإسلام يدهش عقله ويحير ذهنه. قال: وليحذر من أستاذ عادته نقل المذاهب وما قيل فيها فإن إضلاله أكثر من إرشاده كيفما كان، ولا يصلح الأعمى لقود العميان. ومن كان دأبه ليس إلا إعادة ما ذكره الماضون وجمع ما دوّنه السابقون فهو منحاز عن مراتب التحقيق، معرّج عن ذلك الطريق بل هو كحاطب ليل، وغريق في سيل، إنما الحبر من عوّل على سليقته القويمة، وقريحته السليمة مشيراً إلى ما يستند الكلام إليه من المعقول والمنقول، رامزاً إلى ذلك رمز المفروغ منه المقرر في العقول. قال حجة الإسلام في الإحياء: ينبغي أن يكون اعتماد العلماء في العلوم على بصيرتهم وإدراكهم وبصفاء قلوبهم لا على الصحف والكتب ولا على ما سمعوه من غيرهم فإنه إن اكتفى بحفظ ما يقال كان وعاء للعلم لا عالماً اهـ. فياأيها الناظر اعمل فيه بشرط الواقف من استيفاء النظر بعين العناية وكمال الدراية، لا يحملك احتقار مؤلفه على التعسف، ولا الحظ النفساني على أن يكون لك عن الحق تخلف، فإن عثرت منه على هفوة أو هفوات، أو صدرت فيه عن كبوة أو كبوات، فما أنا بالمتحاشي عن الخلل ولا بالمعصوم عن الزلل، ولا هو بأول قارورة كسرت، ولا شبهة مدفوعة زبرت، ومن تفرد في سلوك السبيل، لا يأمن من أن يناله أمر وبيل، ومن توحد بالذهاب في الشعاب والقفار، فلا يبعد أن تلقاه الأهوال والأخطار. وكل أحد مأخوذ من قوله ومتروك، ومدفوع إلى منهج مع خطر الخطأ مسلوك. ولا يسلم من الخطأ إلا من جعل التوفيق دليله في مفترقات السبل، وهم الأنبياء والرسل، على أني علقته باستعجال، في مدة الحمل والفصال، والخواطر كسيرة، وعين الفؤاد غير قريرة،(1/6)
والقرائح قريحة. والجوارح جريحة، من جنايات الأيام والأنام، تأديباً من الله عن الركون إلى من سواه، واللياذ بمن لا تؤمن غلسة هواه، فرحم الله امرءاً قهر هواه، وأطاع الإنصاف وقوّاه، ولم يعتمد العنت ولا قصد قصد من إذا رأى حسناً ستره وعيباً أظهره ونشره. وليتأمله بعين الإنصاف، لا بعين الحسد والانحراف. فمن طلب عيباً وجدّ وجد، ومن افتقد زلل أخيه بعين الرضا والإنصاف فقد فقد، والكمال محال لغير ذي الجلال.
ولما منّ الله تعالى بإتمام هذا التقريب، وجاء بحمد الله آخذاً من كل مطلب بنصيب، نافذاً في الغرض بسهمه المصيب، كامداً قلوب الحاسدين بمفهومه ومنطوقه، راغماً أنوف المتصلفين لما استوى على سوقه، سميته: فيض القدير، بشرح الجامع الصغير. ويحسن أن يترجم بمصابيح التنوير، على الجامع الصغير، ويليق أن يدعى: بالبدر المنير، في شرح الجامع الصغير، ويناسب أن يترجم: بالروض النضير في شرح الجامع الصغير. هذا: وحيث أقول القاضي فالمراد البيضاوي. أو العراقي فجدّنا من قبل الأمهات الحافظ الكبير زين الدين العراقي، أو جدي فقاضي القضاة يحيى المناوي، أو ابن حجر فخاتمة الحفاظ أبو الفضل العسقلاني، رحمهم الله تعالى سبحانه. وأنا أحقر الورى خويدم الفقهاء: محمد المدعو عبد الرؤوف المناوي، حفه الله بلطف سماوي، وكفاه شر المعادي والمناوي،ونور قبره حين إليه يأوي، وعلى الله الإتكال، وإليه المرجع والمآل، لا ملجأ إلا لإياه، ولا قوة إلا بالله، وها أنا أفيض في المقصود، مستفيضاً من ولي الطول والجود:(1/7)
قال المصنف (بسم الله) أي بكل اسم للذات الأقدس لا بغيره ملتبساً للتبرك أؤلف، فالباء للملابسة كما هو مختار الزمخشري. وهو أحسن وأفصح من جعلها للاستعانة الذي هو مقتضى صنيع القاضي ترجيحه، لأن الملابسة أبلغ في التعظيم وأدخل في التأدب، 000000 وحذف الألف من بسم الله، لكثرة الاستعمال، وطولت الباء، للدلالة عليه، وإشارة إلى أنها وإن كانت في الأصل حرفاً منخفضاً، لكن لما اتصلت باسم الله، ارتفعت وسمت،000 والله اسم عربي لا سرياني معرّب، وهو علم مختص بمبدع العالم لم يطلق على غيره فيما بين المسلمين وغيرهم 0000 والإله أصله أله فلما دخلت أل حذفت الهمزة تخفيفاً وعوض عنها حرف التعريف000وهو اسم جنس لكل معبود حق أو باطل، ثم غلب منكراً على المعبود بحق، ثم خص بذاته بعد التعريف0000 والحاصل أن إلهاً بمعنى مألوه أي معبود أو مألوه فيه أي متحير فيه وقس الباقي. فمجموع الأقاويل هو المعبود للخواص والعوام، المفروغ إليه في الأمور العظام، المرتفع عن الأوهام، المحتجب عن الأفهام، الظاهر بصفاته العظام، الذي سكنت إلى عبادته الأجسام، وولعت به نفوس الأنام، وطربت إليه قلوب الكرام 000(الرحمن الرحيم) أي الموصوف بكمال الإحسان بجميع النعم أصولها وفروعها عظائمها ودقائقها0000 فالرحمن عام المعنى خاص اللفظ حيث لم يستعمل في غيره تقدس ولم يوصف به أحد سواه بين جميع الملل والنحل إلا تعنتاً وغلواً في الكفر كرحمن اليمامة000000(الحمد لله) أي الوصف بالجميل مملوك أو مستحق لله تعالى 0000(الذي) لكثرة جوده على هذه الأمة وإغزار إفضاله عليهم (بعث) أي أرسل يقال بعثت رسولاً أي أرسلته وبعثت العسكر وجهتهم للقتال000(على رأس) أي أول ورأس الشيء أعلاه ورأس الشهر أوله قال في المصباح وهو مهموز في أكثر لغاتهم إلا بني تميم (كل مائة سنة) يحتمل من المولد النبوي أو البعثة أو الهجرة أو الوفاة ولو قيل بأقربية الثاني لم يبعد لكن صنيع السبكي وغيره مصرح(1/8)
بأن المراد الثالث00000
(من) أي مجتهداً واحداً أو متعدداً قائماً بالحجة ناصراً للسنة له ملكة رد المتشابهات إلى المحكمات وقوة استنباط الحقائق والدقائق النظريات من نصوص الفرقان وإشاراته ودلالاته واقتضاآته من قلب حاضر وفؤاد يقظان00 (يجدد لهذه الأمة) أي الجماعة المحمدية وأصل الأمة الجماعة مفرد لفظاً جمع معنى وقد يختص بالجماعة الذين بعث فيهم نبي وهم باعتبار البعثة فيهم ودعائهم إلا الله يسمون أمة الدعوة فإن آمنوا كلاً أو بعضاً سمى المؤمنون أمة إجابة وهم المراد هنا بدليل إضافة الدين إليهم في قوله (أمر دينها) أي ما اندرس من أحكام الشريعة وما ذهب من معالم السنن وخفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة حسبما نطق به الخبر الآتي وهو: "إن الله يبعث" إلى آخره وذلك لأنه سبحانه لما جعل المصطفى خاتمة الأنبياء والرسل وكانت حوادث الأيام خارجة عن التعداد ومعرفة أحكام الدين لازمة إلى يوم التناد ولم تف ظواهر النصوص ببيانها بل لا بد من طريق واف بشأنها اقتضت حكمة الملك العلام ظهور قرم من الأعلام في غرة كل قرن ليقوم بأعباء الحوادث إجراء لهذه الأمة مع علمائهم مجرى بني إسرائيل مع أنبيائهم فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز. والثانية الشافعي. والثالثة الأشعري أو ابن شريح0000 ولا مانع من الجمع فقد يكون المجدد أكثر من واحد. قال الذهبي: من هنا للجمع لا للمفرد فنقول مثلاً على رأس الثلاثمائة ابن شريح في الفقه والأشعري في الأصول والنسائي في الحديث وعلى الستمائة مثلاً الفخر الرازي في الكلام والحافظ عبد الغني في الحديث وهكذا. وقال في جامع الأصول: قد تكلموا في تأويل هذا الحديث وكل أشار إلى القائم الذي هو من مذهبه وحملوا الحديث عليه. والأولى العموم فإن من تقع على الواحد والجمع ولا يختص أيضاً بالفقهاء فإن انتفاع الأمة يكون أيضاً بأولي الأمر وأصحاب الحديث والقراء والوعاظ لكن المبعوث ينبغي كونه مشاراً إليه في(1/9)
كل هذه الفنون ففي رأس الأولى من أولي الأمر عمر بن عبد العزيز. ومن الفقهاء محمد الباقر والقاسم ابن محمد وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين وغيرهم من طبقتهم. ومن القراء ابن كثير ومن المحدثين الزهري. وفي رأس الثانية من أولي الأمر المأمون. ومن الفقهاء الشافعي واللؤلؤي من أصحاب أبي حنيفة وأشهب من أصحاب مالك00000 وقال في الفتح: نبه بعض الأئمة على أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل قرن واحد فقط بل الأمر فيه كما ذكره النووي في حديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" من أنه يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وتفرقهم في الأقطار ويجوز تفرقهم في بلد وأن يكونوا في بعض دون بعض ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا أتى أمر الله قال الحافظ ابن حجر: وهذا متجه فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا تنحصر في نوع من الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد إلا أن يدعى ذلك في ابن عبد العزيز فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ومن ثم ذكر أحمد أنهم كانوا يحملون عنه الحديث وأما من بعده فالشافعي وإن اتصف بالصفات الجميلة والفضائل الجمة لكنه لم يكن القائم بشأن الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل من اتصف بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد تعدد أم لا. انتهى. وأؤما المصنف هنا وصرح في عدة تآليفه بأن المجدد على رأس المائة التاسعة. قال في بعضها: "قد أقامنا الله في منصب الاجتهاد لنبين للناس ما أدى إليه اجتهادنا تجديداً للدين" هذه عبارة. وقال في موضع آخر: "ما جاء بعد السبكي مثلي وفي آخر الناس يدعون اجتهاداً واحداً وأنا أدعي(1/10)
ثلاثاً" إلى غير ذلك وقد قامت عليه في ومنه بذلك القيامة ولم تسلم له في عصره هامة وطلبوا أن يناظروه فامتنع وقال: لا أناظر إلا من هو مجتهد مثلي وليس في العصر مجتهد إلا أنا كما حكاه هو عن نفسه وكتبوا له حيث تدعى الاجتهاد فعليك الإثبات ليكون الجواب على قدر الدعوى فتكون صاحب مذهب خامس فلم يجبهم. قال العلامة الشهاب بن حجر الهيتمي: لما ادعى الجلال ذلك قام عليه معاصروه ورموه عن قوس واحد وكتبوا له سؤالاً فيه مسائل أطلق الأصحاب فيها وجهين وطلبوا منه إن كان عنده أدنى مراتب الاجتهاد وهو اجتهاد الفتوى فليتكلم على الراجح من تلك الأوجه بدليل على قواعد المجتهدين فرد السؤال من غير كتابة عليه واعتذر بأن له اشتغالاً يمنعه في النظر في ذلك. قال الشهاب الرملي: فتأمل صعوبة هذه المرتبة أعني اجتهاد الفتوى الذي هو أدنى مراتب الاجتهاد يظهر لك أن مدعيها فضلاً عن مدعي الاجتهاد المطلق في حيرة من أمره فساد في فكره وأنه ممن ركب متن عمياء وخبط خبط عشواء. قال: من تصور مرتبة الاجتهاد المطلق استحيا من الله تعالى أن ينسبها لأحد من أهل هذه الأزمنة بل قال ابن الصلاح ومن تبعه إنها انقطعت من نحو ثلثمائة سنة ولابن الصلاح نحو ثلثمائة سنة فتكون قد انقطعت من نحو ستمائة سنة بل نقل ابن الصلاح عن بعض الأصوليين أنه لم يوجد بعد عصر الشافعي مجتهد مستقل. إلى هنا كلام الشهاب. ثم قال: وإذا كان بين الأئمة نزاع طويل في أن إمام الحرمين وحجة الإسلام الغزالي وناهيك بهما هل هما من أصحاب الوجوه أم لا كما هو الأصح عند جماعة فما ظنك بغيرهما بل قال الأئمة في الروياني صاحب البحر أنه لم يكن من أصحاب الوجوه هذا مع قوله "لو ضاعت نصوص الشافعي لأمليتها من صدري" فإذا لم يتأهل هؤلاء الأكابر لمرتبة الاجتهاد المذهبي فكيف يسوغ لمن لم يفهم أكثر عباراتهم على وجهها أن يدعى ما هو أعلى من ذلك وهو الاجتهاد المطلق؟ سبحانك هذا بهتان عظيم انتهى إلى هنا(1/11)
كلام الشهاب. وفي الأنوار عن الإمام الرافعي: "الناس اليوم كالمجمعين على أنه لا مجتهد اليوم" وقال عالم الأقطار الشامية ابن أبي الدم بعد سرده شروط الاجتهاد المطلق: "هذه الشرائط يعز وجودها في زماننا في شخص من العلماء بل لا يوجد في البسيطة اليوم مجتهد مطلق" هذا مع تدوين العلماء كتب التفسير والسنن والأصول والفروع حتى ملأوا الأرض من المؤلفات صنفوها ومع هذا فلا يوجد في صقع من الأصقاع مجتهد مطلق بل ولا مجتهد في مذهب إمام تعبر أقواله وجوهاً مخرجة على مذهب إمامه، ما ذاك إلا أن الله تعالى أعجز الخلائق عن هذا إعلاماً لعباده بتصرم الزمان وقرب الساعة وأن ذلك من أشراطها 0000وليس حكايتي لذلك من قبل الغض منه ولا الطعن عليه بل حذراً أن يقلده بعض الأغبياء فيما اختاره وجعله مذهبه سيما ماخالف فيه الأئمة الأربعة اغتراراً بدعواه هذا مع اعتقادي مزيد جلالته وفرض سعة إطلاعه ورسوخ قدمه وتمكنه من العلوم الشرعية وآلاتها وأما الاجتهاد فدونه خرط القتاد وقد صرح حجة الإسلام بخلو عصره عن مجتهد حيث قال في الإحياء في تقسيمه للمناظرات ما نصه: "أما من ليس له رتبة الاجتهاد وهو حكم كل العصر فإنما يفتي فيه ناقلاً عن مذهب صاحبه فلو ظهر له ضعف مذهبه لم يتركه" 000(وأقام) أي نصب وسخر0000(في كل عصر)000 زمن والعصر الدهر كما في الصحاح والوقت كما في الأساس يقال: ما فعلته عصراً أو بعصر أي في وقت (من يحوط) بضم الحاء الحيطة وهو المراعاة والصيانة والحفظ (هذه الملة) أي يصون ويحفظ هذه الطريقة المحمدية والسنن الإسلامية ويهتم بالذب عنها ويبالغ في الاحتياط غير مقصر ولا متوان000 "بتشييد أركانها" أي بإعلاء أعلامها ورفع منارها وإحكام أحكامها، وتشييد الرفع والتأييد أو الإحكام والاتقان0000(تأييد سننها) تقويتها من الأيد وهو القوة الشديدة ومنه قيل للأمير المعظم مؤيد والسنن جمع سنة وهو لغة الطريقة وقال الزمخشري: سن سنة حسنة طرق طريقة حسنة(1/12)
واستسن سنة وفلان مستسن عامل بالسنة وعرفاً قول المصطفى وفعله وتقريره قال ابن الكمال المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً كان أو قولاً بخلاف الحديث فإنه مخصوص بالأول (وتبيينها) أي توضيحها للناس من أبان الشيء أوضحه ومنه بان أي اتضح واستبان ظهر واستبينته عرفته00000 (وأشهد) 000 وأصل الشهادة لغة مأخوذة من المشاهدة والمعاينة ثم نقلت شرعاً إلى الإخبار بحق الغير عن عيان ثم نقلت إلى العلم بكثرة كما هنا 000(أن لا إله) أي لا معبود بحق ( إلا الله) جمع في الشهادتين بين النفي والإثبات مع تنزيه الإله الحق المثبت له ذلك عما لا يليق بكمال جلال وحدانيته (وحده) نصب على الحال بمعنى منفرداً(1/13)
000(لا شريك) أي لا مشارك (له) إذ الشريك من المشاركة وهي المعاونة والمساعدة في الشيء أو عليه وذلك ينافي الألوهية وهو تأكيد لتوحيد الذات والمتوحد ذو الوحدانية 000 (شهادة يزيح ظلام الشكوك صبح يقينها) أي أشهد به شهادة ثابتة جازمة يزيل نوراً اعتقادها ظلمة كل شك00 (وأشهد) إلى آخره إذ الإتيان بالشهادتين على الترتيب شرط كما هو مذكور في شروط الإسلام الخمسة وهي العقل والتكليف والإتيان بالشهادتين000(أن سيدنا) معشر الآدميين أي أشرفنا وأكرمنا على ربه والسيد المتولي للسواد أي الجماعة الكثيرة 000 وإطلاق السيد على النبي صلى الله عليه وسلم موافق لحديث "أنا سيد ولد آدم" ولكن هذا مقام الإخبار بنفسه عن مرتبته ليعتقد أنه كذلك وأما في ذكره والصلاة عليه فقد علمهم الصلاة عليه لما سألوه عن كيفيتها بقوله "قولوا اللهم صل على محمد" فلم يذكر لفظ السيد 000(عبده) قدمه لكون العبودية مفتاحاً لكل باب كمال ففي ذكره من استحقاق الرحمة واستجلاب الرفعة وترتب الشفقة ما ليس من غيره ولما فيه من الإيماء إلى أن مرتبة النبوة وهبية لا كسبية 00 (ورسوله) إلى كافة الثقلين00 (المبعوث لرفع) أي لأجل إعلاء (كلمة الإسلام) أي تنفيذ أحكامها 00 (وتشييدها) أي إحكامها ورفع منارها وتوثيق عراها00 (وخفض) أي ولأجل إهانة وإذلال (كلمة الكفر) من دعوى الند والشريك لله أو الصاحبة أو الولد أو غير ذلك من صنوف الكفر وضروب الضلال (وتوهينها) أي إضعافها وتحقيرها، والكفر لغة ستر النعمة وأصله الكفر بالفتح أي الستر ومنه سمي الزارع كافراً لستره البذر وقيل الليل كافر لذلك ومنه الكفارة لأنها تكفر الذنب أو تستره ومنه في ليلة كفر النجوم غمامها ومنه المتكفر بسلاحه أي المغطي به بدنه ثم نقل شرعاً إلى عدم الإذعان لما علم مجيء الرسول به ضرورة قولاً أو فعلاً لما فيه من ستر نور الفطرة الأصلية 00 (صلى الله وسلم عليه) من الصلاة وهي من الله الرحمة ومنا الدعاء ومن(1/14)
الملك استغفار 0000 وعلى آله) أصله عند سيبويه والبصريين 0000 وقيل ذريته أو أزواجه وقيل أتباعه وقيل أتقياء أمته واختاره النووي كجمع في مقام الدعاء وجرى عليه الدواني فقال إذا أطلق في المتعارف شمل الصحب والتابعين لهم بإحسان. فإن قلت: هل لإتيانه بلفظ على هنا من فائدة؟ قلت: نعم وهي الإشارة إلى مخالفة الرافضة والشيعة فإنهم مطبقون على كراهة الفصل بين النبي وآله بلفظ على وينقلون في ذلك حديثاً كما بينه المحقق الدواني وصدر الأفاضل الشيرازي وغيرهما (وصحبه) اسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي، وهو لغة من صحب غيره بما ينطلق عليه اسم الصحبة، واصطلاحاً من لقي المصطفى يقظة بعد النبوة وقبل وفاته مسلماً وإن لم يره لعارض كعمى وإن لم يره المصطفى ولو بلا مكالمة ولا مجالسة ككونه ماراً ولو بغير جهته ولو لم يشعر كل بالآخر أو تباعدوا أو كان أحدهما بشاهق والآخر بوهدة أو بئر أو حال بينهما مانع مرور كنهر يحوج إلى سباحة أو ستر رقيق لا يمنع الرؤية أو ماء صاف كذلك إن عده العرف لقاء في الكل على الأقرب من تردد وإسهاب فيه وكذا لو تلاقيا نائمين أو كان غير النبي مجنوناً محكوماً بإسلامه على ما بحث وقيل لا وقيل إلا زمن إفاقته وذلك لشرف منزلة النبي فيظهر أثر نوره في قلب ملاقيه وعلى جوارحه فشمل التعريف غير المميز وهو ما جرى عليه جمع منهم البرماوي لكن اختير اشتراط التمييز وعلى عدمه دخل من حنكه النبي صلى الله عليه وسلم كعبد الله بن الحارث أو مسح وجهه كعبد الله بن ثعلبة أو رآه في مهده كمحمد بن أبي بكر والجن كوفد نصيبين واستشكال ابن الأثير بأنه لا تعبد لنا بالرواية عنهم رده الحافظ ابن حجر والأنبياء الذين اجتمعوا به ليلة الإسراء والملائكة الذين اجتمعوا به فيها أو غيرها وبه جزم بعضهم لكن جزم البلقيني بخروج النبي والملك ككل من رآه تلك الليلة ممن لم يبرز لعالم الدنيا وتبعه الكمال المقدسي موجهاً بأن المراد الاجتماع المتعارف لا ما(1/15)
وقع خرقاً للعادة 00وإثبات ابن عبد البر الصحبة لمن أسلم في حياته ولم يره شاذ ودخل من رآه بعد البعثة وقبل الأمر بالدعوة كورقة بخلاف من رآه قبل البعثة وإن آمن بأنه سيبعث كما في شرح العباب وغيره ومن لقيه مؤمناً بغيره من أهل الكتاب كما صرح به الحافظ ابن حجر في الإصابة تبعاً لما نقله ابن الأثير وغيره عن الإمام البخاري وغيره وعبارته في "أسد الغابة" قال البخاري من صحب رسول الله أو رآه من المؤمنين فهو من أصحابه000 (ليوث الغابة) استعارة لفرط شجاعتهم يعني أنهم أدحضوا الباطل بالبأس الساحق والسيف الماحق فكانوا كالأسود الضارية التي ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم. قال ابن عبد البر في خطبة الاستيعاب: روى ابن القاسم عن مالك أن الصحب لما دخلوا الشام نظر إليهم رجل من أهل الكتاب فقال: ما كان أصحاب عيسى ابن مريم الذين قطعوا بالسيوف والمناشير وصلبوا على الجذوع بأشد اجتهاداً من هؤلاء ومع ذلك كان عندهم للسلم والعفو موضع فلم يكن الواحد منهم ضراراً قهاراً دائماً بل كانوا كمتبوعهم حسبما يقتضيه المقام في مكان القهر على العفو وفي وقت السلم محض اللطف أشداء على الكفار رحماء بينهم يعفون عمن ظلمهم ويصلون من قطعهم ويعطون من حرمهم ويعينون على نوائب الدهر بطلاقة وجه وسماحة نفس وكف أذى وبذل ندى فهم كما قيل فيهم:جبال الحجى أسد الوغا غصص العدا شموس العلا سحب الندا بالمواهب والليوث جمع ليث وهو الأسد وخصه لأنه بمنزلة ملك الوحش وأشده شكيمةوأقواه نفساًوعزيمة وأعظمه شجاعة وبطشاً00(وأسد عرينها) 000 والأسد بضمتين أو بضم فسكون جمع أسدبفتحهما000 (هذا) أي المؤلف الحاضر في العقل استحضر المعاني التي جمعها فيه على وجه الإجمال وأورد اسم الإشارة لبيانها 000 (كتاب) أي مكتوب وتنوينه للتعظيم وهو في الأصل مصدر سمي به المكتوب على التوسع ثم غلب في العرف على جمع من الكلمات المستقلة بالتعيين المفردة بالتدوين00000 (أودعت) أي صنت(1/16)
وحفظت (فيه) أي جعلته ظرفاً لصون الحديث وحفظه من أودعته مالاً دفعته إليه ليكون وديعة محفوظة عنده من الدعة وهي الراحة كأن به تحصل الراحة لطالب الفن بجمع ما هو مشتت في الأقطار متفرق في الكتب الكبار0000(من الكلم) بفتح فكسر جمع كلمة كذلك من الكلم بفتح فسكون وهو التأثير المدرك بإحدى الحاستين السمع والبصر 00 (النبوية) أي المنسوبة إلى النبي (ألوفاً) بضم أوله جمع ألف 000 (ومن الحكم) جمع حكمة وهي اسم لكل علم وعمل صالح وفي الكشاف هي الدليل الموضح للحق المزيل للشبهة وفي المفردات اسم لكل علم حسن وعمل صالح وهي بالعلم العملي أخص منها بالعلم النظري 000ولا يبلغ الحكمة إلا أحد رجلين مهذب في فهمه موفق في نظمه ساعده معلم ناصح وكفاية وعمر. وأما الذي يصطفيه الله ففتح عليه أبواب الحكمة بفيض إلهي ويلقي إليه مقاليد جوده فيبلغه ذروة السعادة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (المصطفوية) نسبة إلى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أي المختار والإصطفاء افتعال من الصفوة وهي ما خلص اللطيف عن كثيفه ومكدره ذكره الحراني (صنوفاً) أي أنواعاً من الأحاديث فإنها متنوعة إلى أنواع كثيرة فمنها مواعظ وآداب ورقائق وأحكام وترغيب وترهيب وغير ذلك وفي الكتاب من كل منها لكنه لم يكثر من أحاديث الأحكام إكتفاء بكون معظم تأليف القوم فيها 000 (اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة) أي القصيرة فلم أتجاوزها إلى إيراد الطويلة أي غالباً. قال في الصحاح: قصر الشيء على الشيء لم يتجاوزه لغيره والإقتصار على الشيء الاكتفاء به0000 (ولخصت فيه) من التلخيص وهو تهذيب الشيء وتصفيته مما يمازجه في خلقته مما هو دونه وفي الصحاح هو التبين والشرح وفي النهاية هو التقريب والاقتصار، يقال لخصت القول أي اقتصرت فيه واختصرت منه ما يحتاج إليه (من معادن) جمع معدن بفتح فسكون فكسر اسم مكان ويراد به الحال فيه أيضاً (الأثر) بالتحريك أي المأثور أي المنقول عن النبي صلى(1/17)
الله عليه وسلم000 (إبريزه) أي خالصه وأحسنه (وبالغت)أي تناهيت في الإجتهاد000000(في تحرير التخريج) أي تهذيب المروي وتخليصه00000 وخرج الكتاب جعله ضروباً مختلفة والإخراج والاستخراج الاستنباط بمعنى اجتهدت في تهذيب عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث من الجوامع والسنن والمسانيد فلا أعزو إلى شيء منها إلا بعد التفتيش عن حاله وحال مخرجه ولا أكتفي بعزوه إلى من ليس من أهله وإن جل كعظماء المفسرين. قال ابن الكمال: كتب التفسيرمشحونة بالأحاديث الموضوعة وكأكابر الفقهاء في الصدر الأول من أتباع المجتهدين لم يعتنوا بضبط التخريج وتمييز الصحيح من غيره فوقعوا في الجزم بنسبة أحاديث كثيرة إلى النبي وفرعوا عليها كثيراً من الأحكام مع ضعفها بل ربما دخل عليهم الموضوع0000(فتركت القشر) بكسر القاف (وأخذت اللباب) أي تجنبت الأخبار التي حكم عليها النقاد بالوضع أو ما قاربه بما اشتدت نكارته وقويت الريبة فيه المكنى عنه بالقشر وأتيت بالصحيح والحسن لذاته أو لغيره وما لم يشتد ضعفه المكنى عنه باللباب00(وصنته) أي هذا الجامع يعني حفظته 00 (عما) أي عن إيراد حديث (تفرد به) أي بروايته راو (وضاع) للحديث على النبي صلى الله عليه وسلم (أو كذاب) وإن لم يثبت عنه خصوص الوضع أي اتهمه جهابذة الأثر بوضع الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم أو الكذب وصيغة المبالغة هنا غير مرادة إذ غرضه صونه حتى عمن لم يعهد عليه سوى وضع حديث واحد أو كذب ولو في لفظة واحدة أما إذا لم ينفرد بأن شاركه في روايته غيره فلا يتحاشى المؤلف عن إيراده لاعتضاده. ثم إن ما ذكره من صونه عن ذلك غالبي أو ادعائي و إلا فكثيراً ما وقع له أنه لم يصرف إلى النقد الإهتمام فسقط فما التزم الصون عنه في هذا المقام كما ستراه موضحاً في مواضعه لكن العصمة لغير الأنبياء متعذرة والغفلة على البشر شاملة منتشرة وقد أعطى الحفظ حقه وأدى من تأدية الفرض مستحقه فأما الزبد فيذهب جفاء(1/18)
وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض. والكتاب مع ذلك من أشرف الكتب مرتبة وأسماها منقبة والذنب الواحد إو المتعدد مع القلة لايهجر لأجله الحبيب والروض النضير لا يترك بمحل قبر. قال الراغب وغيره: ليس يجب أن نحكم بفساد كتاب لخطأ ما وقع فيه من صاحبه كصنع العامي إذا وجدوا من أخطأ في مسئلة حكموا على صنعته بالفساد ودأبهم أن يعتبروا الصناعة بالصانع خلاف ما قال علي كرم الله وجهه: "الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله"00000(ففاق بذلك) أي بسبب صونه عما ذكر مع تحرير تخريجه (الكتب المؤلفة في هذا النوع) أي علاهم في الحسن لتميزه علها بجودة التهذيب والرصانة وكمال التنقيح والصيانة0000 (كالفائق) كما يأتي ذكره (والشهاب) بكسر أوله للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المصري قال السلفي كان من الثقات الأثبات شافعي المذهب والاعتقاد، والظاهر أن مراده بالفائق كتاب: "الفائق في اللفظ الرائق تأليف ابن غنام" جمع فيه أحاديث من الرقائق على هذا النحو. وأما ما يتبادر إلى بعض إلى بعض الأذهان من إرادة فائق الزمخشري فلا يستقيم إذ المشار إليه بهذا النوع هو إيراد متون الأحاديث مجردة عن الأسانيد مرتبة على الحروف، وفائق الزمخشري ليس إلا في شرح الألفاظ اللغوية والكلمات العربية الواقعة في الحديث ولسان الصدر الأول من الصحب والتابعين الموثوق بعربيتهم المحتج باستعمالهم وبينه وبين هذا الكتاب بون (وحوى) أي جمع وضم00000(من نفائس الصناعة الحديثية) أي المنسوبة للمحدثين(ما لم يودع) بالبناء للمفعول(قبله) أي قبل تأليفه (في كتاب) فإن ذينك وإن كانا أوردا المتون كما ذكر لكنهما لم يعقبا بالرموز للمخرجين ولا رتبا على الحروف وها من قبيل المبالغة في المدحة على من الترغيبات في التأليفات فإن الديلمي رتب الفردوس على حروف المعجم كهذا الترتيب ويأتي بمتن الحديث أولاًمجردا ًثم يضع عليه علامة مخرجه بجانبه بالحروف على نحو من اصطلاح(1/19)
المصنف رحمه الله تعالى في رموزه من كون خ للبخاري وم لمسلم وهكذا لكن بينهما تخالف في البعض فالحروف التي رمز بها الديلمي عشرون والمؤلف ثلاثون وهو إنما رسم كتابه على ذلك فخفت المؤنة عليه في تأليفه هذا الكتاب فانتهب منه ما اختار واغترف اغتراف الظمان من اليم الزخار وأعانه على ذلك أيضاً سديد القوس للحافظ ابن حجر00 وههنا نكتة سرية وهو أنه مدح الجامع أولاً بتهذيب تخريجه وصونه عن الأخبار الموضوعة. ثم وصفه ثانياً بتفرده بحسن الصنعة ونفاسة الأسلوب في بابه إشعاراً بأنه قد أحاط به الشرف من كل جهة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، والقبل كل ما يتقدم الإنسان بالذات أو الزمان(ورتبته)أي الكتاب من الترتيب (على حروف المعجم) أي حروف الخط المعجم كمسجد الجامع، وهي الحروف المقطعة التي يختص أكثرها بالنقط، سميت معجمة لأنها أعجمية لا بيان لها أو لأنها أعجمت على الناظرفي معناها 00(مراعياً) أي ملاحظاً في الترتيب(أول الحديث فما بعده) أي محافظاً على الابتداء بالحرف الأول والثاني من كل كلمة أولى من الحديث واتباعهما بالحرف الثالث منهما وهكذا فيما بعده على سياق الحروف كما لو اشترك حديثان في الحرف الأول واختلفا في الثاني من الكلمة نحو أبى وأتى فيوضع على هذا الترتيب فإن اشتركا في حرفين روعي الثالث وهكذا وإن اشتركا في الثالث روعي كذلك كقوله: "آخر قرية" و "آخر من يحشر" وهكذا إن اشتركا في كلمات كقوله: "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة" وقوله:"من رآني في المنام فقد رآني" هذا هو قضية التزامه الدال عليه كلامه هنا. فإن قلت هو لم يف بما التزمه بل خالفه من أول وهلة فقال:"آخر من يدخل" ثم قال:"آخرقرية" وحق الترتيب عكسه؟ قلت: إنما يخالف الترتيب أحياناً لنكتة ككون الحديث شاهداً لما قبله أو فيه تتمة له أو مرتبط المعنى به أو نحو ذلك من المقاصد الصناعية المقتضية لتعقيبه به. وإنما رتبه على هذا النحو(تسهيلاً على(1/20)
الطلاب) لعلم الحديث أي تيسيراً عليهم عند إرادة الكشف عن حديث يراد مراجعته للعلم أو للعمل به(وسميته الجامع الصغيرمن حديث البشير النذير) أي البالغ في كل من الوصفين غاية الكمال فهو بشير للمؤمنين بالجنة ونذير للكافرين من النار 0000 قال الحراني: والجامع من الجمع وهو ضم ما شأنه الافتراق والتنافر لطفاً أو قهراً. ثم بين وجه مناسبة تسميته بخصوص ذلك الاسم بقوله (لأنه مقتضب) أي مقتطع من اقتضب الشيء اقتطعه ومنه الغصن المقطوع قضيب 00(من الكتاب الكبير) حجماً وعلماً (الذي) صفته في الحديث و (سميته بجمع الجوامع) لجمعه كل مؤلف جامع فتسميته بذلك إيماء إلى ما ذكر ومن ثم قال(وقصدت) أي طلبت يقال قصدت الشيء وله وإليه قصداً طلبته بعينه (فيه) أي في الكتاب الكبير (جمع الأحاديث النبوية بأسرها) أي بجميعها والأسر القد الذي يشد به الأسير فإذا ذهب الأسير بأسره فقد ذهب بجميعه فقال هذا لك بأسره أي بقده يعني بجميعه كما يقال برمته ذكره في الصحاح وهذا بحسب ما اطلع عليه المؤلف لا باعتبار ما في نفس الأمر لتعذر الإحاطة بها وإنافتها على ما جمعه الجامع المذكور لو تم وقد اخترمته المنية قبل إتمامه. وفي تاريخ ابن عساكر عن أحمد: صح من الحديث سبعمائة ألف وكسر. وقال أبو زرعة: كان أحمد يحفظ ألف ألف حديث. وقال البخاري: احفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح. وقال مسلم صنفت الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث إلى غير ذلك: ثم شرع في بيان رموز اصطلح عليها فقال(وهذه رموزه) أي إشاراته الدالة على من خرج الحديث من أهل الأثر جمع رمز وهو الإشارة بعين أو حاجب أو غيرهما 00000 ثم توسع فيه المصنف فاستعمله في الإشارة بالحروف التي اصطلح عليها في العزو إلى المخرجين (خ للبخاري) زين الأمة وافتخار الأئمة صاحب أصح الكتب بعد القرآن ساحب ذيل الفضل على مر الزمان الذي قال فيه إمام الأئمة ابن خزيمة؛ "ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث منه" وقال(1/21)
بعضهم إنه من آيات اللّه التي يمشي على وجه الأرض. وقال الذهبي: "كان من أفراد العالم مع الدين والورع والمتانة" هذه عبارته في الكاشف 0000 تفقه البخاري على الحميدي وغيره من أصحاب الشافعي وكتب عن أحمد زهاء ألف حديث وكتب عنه المحدثون وما في وجهه شعرة وكان يحضر مجلسه زهاء عشرين ألفاً وسمع منه الصحيح نحو تسعين ألفاً. وقال إنه ألفه من زهاء ستمائة ألف وأنه ما وضع فيه حديثاً إلا اغتسل بماء زمزم وصلى خلف المقام ركعتين وصنفه في ستة عشر سنة. وروى عنه مسلم خارج الصحيح. وكان يقول له: دعني أقبل رجلك يا طيب الحديث يا أستاذ الأستاذين. ُولد بعد الجمعة ثالث عشر شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومات عشاء ليلة الفطر سنة ست وخمسين ومائتين. وما أحسن قول ابن الكمال ابن أبي شريف ولد في صدق ومات في نور ومناقبه مفردة بالتأليف فلا نطيل فيها منها. 000 وإنما رمز له المؤلف بحرف من حروف بلده دون اسمه لأن نسبته إلى بلده أشهر من اسمه وكنيته ورمز إليه بالخاء دون غيرها من حروف بلده لأنها أشهر حروفه وليس في حروف بقية الأسماء خاء.(م لمسلم) أبو الحسين ابن الحجاج القشيري النيسابوري صاحب الصحيح المشهود له بالترجيح، صنفه من ثلاثمائة ألف حديث كما في تاريخ ابن عساكر، أخذ عن أحمد وخلق وعنه خلق، روى له الترمذي حديثاً واحداً. وسبب موته أنه ذكر له حديث فلم يعرفه فأوقد السراج وقال لمن في الدار: لا يدخل أحد عليّ فقالوا أهديت لنا سلة تمر وقدموها فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة فأصبح وقد فنى التمر ووجد الحديث فمات سنة واحد وستين ومائتين. وإنما رمز له بالميم لأن اسمه أشهر من نسبته وكنيته عكس البخاري والميم أول حروف اسمه.(1/22)
(ق لهما) في الصحيحين واتفقت الأمة على أنهما أصح الكتب وقول الإمام الشافعي رضي اللّه عنه: "الأصح الموطأ" كان قبل وجودهما والجمهور على أن ما في البخاري دون التعاليق والتراجم وأقوال الصحب والتابعين أصح مما في مسلم وعكسه أطيل في ردّه وجميع ما أسند في الصحيحين محتوم بصحته قطعاً أو ظناً على الخلاف المعروف سوى مائتين وعشرة أحاديث انتقدها عليهم الدارقطني وأجابوا عنها. ( د لأبي داود) سليمان بن الأشعث السجستاني الشافعي أخذ عن أحمد وخلق عنه الترمذي ومن لا يحصى. ولد سنة ثنتين ومائتين ومات سنة خمس وسبعين ومائتين قالوا: "ألين له الحديث كما ألين لداود الحديد، وقال بعض الأعلام: سننه أمّ الأحكام. ولما صنفه صار لأهل الحديث كالمصحف. قال: "كتبت خمسمائة ألف حديث انتخبت منها السنن أربعة آلاف وثمانمائة ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه وما فيه لين شديد بينته". قال الذهبي: قد وفى فإنه بين الضعيف الظاهر وسكت عن المحتمل فما سكت عنه لا يكون حسناً عنده ولا بد كما زعمه ابن الصلاح وغيره بل قد يكون فيه ضعف وهذا قد سبقه إليه ابن منبه حيث قال كان يخرج عن كل من لم يجمع على تركه ويخرج الإسناد الضعيف إذا لم يجده في الباب غيره لأنه عنده أقوى من رأي الرجال. قال ابن عبد الهادي هذا ردّ علي من يقول إن ما سكت عليه أبو داود يحتج به ومحكوم عليه بأنه حسن عنده، والذي يظهر أن ما سكت عنه وليس في الصحيحين ينقسم إلى صحيح محتج به وضعيف غير محتج به بمفرده ومتوسط بينهما، فما في سننه ستة أقسام أو ثمانية صحيح لذاته صحيح لغيره بلا وهن فيهما، ما به وهن شديد، ما به وهن غير شديد، وهذان قسمان: ماله جابر وما لا جابر له، وما قبلهما قسمان: ما بين وهنه وما لم يبينه، ورمز له المؤلف بالدال لأن كنيته أشهر من اسمه ونسبه، والدال أشهر حروف كنيته وأبعدها عن الاشتباه ببقية العلائم انتهى.(1/23)
(ت للترمذي) بكسر الفوقية والميم أو بضمهما وبفتح فكسر كلها مع إعجام الذال نسبة لبلدة قديمة بطرف جيحون وهو الإمام أبو الحسن محمد بن عيسى بن سورة من أوعية العلم وكبار الأعلام، ولد سنة تسع ومائتين ومات سنة تسع وسبعين ومائتين. وقول الخليلي: بعد الثمانين ردوه وصنيع المؤلف قاض بأنّ جامع الترمذي بين أبي داود والنسائي في الرتبة لكن قال الذهبي انحطت رتبة جامع الترمذي عن سنن أبي داود والنسائي لإخراجه حديث المصلوب والكلبي وأمثالهما. وقال في الميزان في ترجمة يحيى بن اليمان لا تغتر بتحسين الترمذي فعند المحاققة غالباً ضعاف ورمز له بالتاء لأن شهرته بنسبته لبلده أكثر منها باسمه وكنيته. (ن للنسائي) الأمام أحمد بن شعيب الخراساني الشافعي ولد سنة أربع أو خمسة عشر ومائتين واجتهد ورحل إلى أن انفرد فقهاً وحديثاً وحفظاً وإتقاناً. قال الزنجاني له شرط في الرجال أشد من الشيخين. وقال التاج السبكي عن أبيه والذهبي: النسائي أحفظ من مسلم. وقال أبو جعفر ابن الزبير لأبي داود في استعياب أحاديث الأحكام ما ليس لغيره وللترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يشاركه فيه غيره. وقد سلك النسائي أغمض تلك المسالك وأجلها وكان شهماً منبسطاً في المأكل كثير الجماع للنساء مع كثرة التعبد00 ورمز له بالنون لأن نسبته أشهر من اسمه وكنيته ولم يرمز له بالسين لئلا يتصحف بابن أبي شيبة.(1/24)
(ه لابن ماجه) الحافظ الكبير محمد بن يزيد الربعي مولاهم القزويني، وماجه لقب لأبيه، كان من أكابر الحفاظ مجمع على توثيقه. ولما عرض سننه على أبي زرعة قال: أظن أن هذا الكتاب إن وقع بأيدي الناس تعطلت الجوامع أو أكثرها، مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال المزني: كل ما انفرد به ابن ماجه عن الخمسة ضعيف واعترض ثم حمل تارة على الأحكام وطوراً على الرجال، ورمز له بالهاء لأن اشتهاره بلقب أبيه أكثر منه باسمه وبلده. (4 لهؤلاء الأربعة) أي أصحاب السنن الأربعة أبي داود ومن بعده. (3 لهم إلا ابن ماجه) وهذه السنن الأربعة فيها الصحيح والحسن والضعيف فليس كل ما فيها حسناً ولهذا عابوا على محي السنة في تقسيمه المصابيح إلى الصحاح والحسان جانحاً إلى أن الحسن ما رواه أصحاب السنن والصحاح ما في الصحيحين أو أحدهما. وقول السلفي اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في الكتب الخمسة زلل فاحش. (حم لأحمد في مسنده) بفتح النون يُقال لكتاب جمع فيه ما أسنده الصحابة أي روره وللإسناد كمسند الشهاب ومسند الفردوس أي إسناد حديثهما ولم يكتف في الرمز إليه بحرف واحد كما فعل في أولئك لئلا يتصحف بعلامة البخاري، والإمام أحمد هو ابن محمد حنبل الناصر للسنة الصابر على المحنة الذي قال فيه الشافعي ما ببغداد أفقه ولا أزهد منه. وقال إمام الحرمين: غسل وجه السنة من غبار البدعة وكشف الغمة عن عقيدة الأمة. وُلد ببغداد سنة أربع وخمسين ومائة وروى عن الشافعي وابن مهدي وخلق، وعنه الشيخان وغيرهما، ومات سنة إحدى وأربعين ومائتين، وارتجت الدنيا لموته. قال ابن المديني: مسنده وهو نحو أربعين ألفاً أصل من أصول الإسلام. وقال ابن الصلاح مسند أحمد ونحوه من المسانيد كأبي يعلى والبزار والدارمي وابن راهويه وعبد بن حميد لا يلتحق بالأصول الخمسة وما أشبهها أي كسنن ابن ماجه في الاحتجاج بها والركون إليها. وقال العراقي: وجود الضعيف في مسند أحمد محقق. بل فيه أحاديث(1/25)
موضوعة جمعتها في جزء وتعقبه تلميذه الحافظ ابن حجر بأنه ليس فيه حديث ولا أصل له إلا أربعة منها خبر ابن عوف أنه يدخل الجنة زحفاً قال أعني ابن حجر في تجريد زوائد البزار وإذا كان الحديث في مسند أحمد لا يعزى لغيره من المسانيد. (عم لابنه) عبد اللهّ، روى عن أبيه وابن معين وخلق، وعنه النسائي والطبراني وغيرهما، روى علماً كثيراً. قال الخطابي: ثقة ثبت، ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين ومات سنة تسعين ومائتين. (في زوائده) أي زوائد مسند أبيه جمع فيه نحو عشرة آلاف حديث. (ك للحاكم) محمد بن عبد اللّه بن حمدويه الضبي الشافعي الإمام الرحال المعروف بابن البيع. قال أبو حاتم وغيره: قام الإجماع على ثقته ونسب إلى التشيع وقال الذهبي: ثقة ثبت لكنه يتشيع ويحط على معاوية واللّه يحب الإنصاف ما الرجل برافضي كما زعمه ابن طاهر أما صدقه في نفسه ومعرفته بهذا الشأن فمجمع عليه. وقال السبكي: اتفق العلماء على أنه من أعظم الأئمة الذين حفظ اللّه بهم الدين. ولد سنة إحدى وعشرين وثلثمائة، وأكثر الرحلة والسماع حتى سمع من نيسابور من نحو ألف شيخ ومن غيرها أكثر، ولا تعجب من ذلك فإن ابن النجار ذكر أن أبا سعيد السمعاني له سبعة آلاف شيخ واستملي على ابن حبان وتفقه على ابن أبي هريرة وغيره، روى عنه الأئمة: الدارقطني، والقفال الشاشي وهما من شيوخه، والبيهقي وأكثر عنه، وبكتبه تقفه الأستاذ أبو القاسم القشيري ورحل الناس إليه من الآفاق، وحدثوا عنه في حياته، وأفرد المديني ترجمته وذكر أنه دخل الحمام فاغتسل وقال: آه فخرجت روحه وهو مستور لم يلبس القميص(فإن كان في مستدركه)على الصحيحين ما فاتهما الذي قصد فيه ضبط الزائد عليهما مما على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح (أطلقت) العزواليه عارياً عن التقييد بأن أذكر صورة حرف "كـ" يقال أطلقت القول أرسلته من غير قيد ولا شرط وأطلقت البينة شهدت من غير تقييد بتاريخ، ذكره الزمخشري (وإلا) بأن كان في تاريخه(1/26)
أو المدخل أو الإكليل أو غيرها من كتبه التي بلغت، كما قال السبكي وغيره، نحو خمسمائة، بل قال عبد الغافر والفارسي: ألفاً، بل قيل أكثر (بينته) قالوا وقد تساهل الحاكم فيما استدركه على الشيخين لموته قبل تنقيحه، أو لكونه ألفه آخر عمره وقد تغير حاله أو لغير ذلك، ومن ثم تعقب الذهبي كثيراً منه بالضعف والنكارة وقال: ما أدري هل خفيت عليه فما هو ممن يجهل وإن علم فهذه خيانة عظيمة، وجملة ما فيه مما على شرطهما أو أحدهما نحو نصفه وما صح بسنده نحو ربعه، وأما قول الماليني: لم أر فيه حديثاً واحداً علي شرطهما فأبطله الذهبي بأنه غلو وإسراف قال وما انفرد بنصحيحه ولم يكن مردوداً بعلة فهو دائر بين الصحة والحسن وظاهر تصرف الحاكم أنه ممن يرى اندراج الحسن في الصحيح. قال ابن أبي شريف بنحو الاعتراض بتساهله في الصحيح. (خد للبخاري في الأدب) أي في كتاب الأدب المفرد وهو مشهور. (تخ له في التاريخ) أي الكبير فال فيه للعهد إذ هو المعهود المشهور فيما بين القوم وأطلقه لغلبة اشتهاره وتبادر الأذهان إليه ويحتمل أن المراد واحد من الكتب التي صنفها في التاريخ وهي ثلاثة وهي: كبير، وأوسط، وصغير. والكبير صنفه وعمره ثمانية عشر سنة عند قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن منده: لو كتب الرجل ثلاثين ألفاً ما استغنى عن تاريخ البخاري. وقال السبكي تاريخه لم يسبق إليه، ومن ألف بعده في التاريخ أو الأسماء أو الكنى عيال عليه فمنهم من نسبه لنفسه كمسلم وأبي زرعة وأبي حاتم ومنهم من حكاه عنه.(حب لابن حبان) بكسر الحاء وتشديد الموحدة. وهو محمد بن حبان أبو حاتم التميمي الفقيه الشافعي البستي أحد الحفاظ الكبار.روى عن النسائي وأبي يعلى وابن خزيمة وخلق، وعنه الحاكم وغيره، وصنف كتباً نفيسة منهاتاريخ الثقات وتاريخ الضعفاء. وُلي قضاء سمرقند، وكان رأساً في الحديث، عالماً بالفقه والكلام والطب والفلسفة والنجوم، ولهذا امتحن ونسب للزندقة وأمر(1/27)
بقتله، ثم مات بسمرقند سنة أربع وخمسين وثلثمائة في عشر الثمانين (في صحيحه) المسمى بالتقاسيم والأنواع المقدم عندهم على مستدرك الحاكم. قال الحازمي: ابن حبان أمكن في الحديث من الحاكم أشد تساهلاً منه غايته أن ابن حبان يسمى الحسن صحيحاً اهـ وما اقتضاه كلام التقريب كأصله مما يخالف ذلك رده الزين العراقي بأن ابن حبان شرط تخريج مراويه ثقة غير مدلس سمع من شيخه وسمع منه الأخذ عنه ووفى بالتزامه ولم يعرف للحاكم. قال وصحيح ابن خزيمة أعلى رتبة من صحيح ابن حبان لشدة تحريه فأصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان فالحاكم. قال ابن حجر. وذكر ابن حبان في كتابه أنه إنما لم يرتبه ليحفظ لأنه لو رتبه ترتيباً سهلاً لاتكل على كل من يكون عنده على سهولة الكشف فلا يحفظه. وإذا توعر طريق الكشف كان أدعى لحفظه ليكون على ذكرمن جمعه.(طب للطبراني) سليمان اللخمي أبو القاسم أحدالحفاظ المكثرين الجوالين، صاحب التصانيف الكثيرة أخذ عن أكثر من ألف شيخ منهم أبو زرعة وطبقته، وعنه أبو نعيم وغيره قال الذهبي: ثقة صدوق، واسع الحفظ، بصير بالعلل والرجال والأبواب كثير التصانيف إليه المنتهى في كثرة الحديث وعلومه، تكلم ابن مردويه في أخيه فأوهم أنه فيه وليس به، بل هو حافظ ثبت، مات بأصبهان سنة ستين وثلاثمائة عن مائة سنة وعشرة أشهر(في الكبير) أي معجمه الكبير المصنف في أسماء الصحابة قيل أورد فيه ستين ألف حديث (طس له في الأوسط) أي معجمه الأوسط الذي ألفه في غرائب شيوخه يقال ضمنه نحو ثلاثين ألفاً وفي تاريخ ابن عساكر أن الطبراني كان يقول: هذا الكتاب روحي. (طص له في الصغير) أي أصغر معاجيمه فيه نحو عشرين ألفاً، ومما يستغرب أني وقفت على تذكرة المقريزي بخطه فوجدته ذكر في ترجمة الحافظ ابن حجر أنه كان سريع الكتابة سريع القراءة بحيث قرأ المعجم الصغير للطبراني في مجلس واحد بصالحية دمشق. قال في اللسان وقد عاب عليه أبو الفضل جمعه(1/28)
الأحاديث الأفراد مع ما فيها من النكارة والشذوذ والموضوعات وفي بعضها القدح في كثير من قدماء الصحابة وغيرهم. وهذا أمر لا يختص به الطبراني فلا معنى لإفراده باللوم بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برئوا من عهدته انتهى.(ص لسعيد بن منصور في سننه) هو أبو عثمان الخراساني ويقال الطالقاني ثقة ثبت صاحب السنن، روى عن مالك والليث، وعنه أحمد وأبو داود وغيرهم. مات بمكة سنة سبع وعشرين ومائتين في عشر التسعين، وسننه قال المصنف في شرح التقريب ومن مظان المعضل والمنقطع والمرسل سنن سعيد بن منصور، السنن جمع سنة. قال الحافظ العراقي والتعبير بها أدنى من التعبير بالحديث لأنه لا يختص عندهم وصفه بالمرفوع بل يشمل الموقوف، بخلاف السنة، قال الزين زكريا وبما قاله علم أن بينهما عموماً مطلقاً، قال والحديث الضعيف لا يسمى سنة هكذا جزم به في شرح الألفية. (ش لابن أبي شيبة) الحافظ الثبت العديم النظير، عبد اللّه محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي صاحب المسند والأحكام والتفسيروغيرها سمع من ابن المبارك وابن عيينة، وتلك الطبقة، وعنه الشيخان وأبو داود وابن ماجه وخلق. قال الفلاس: ما رأيت أحفظ منه. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. (عب لعبد الرزاق في الجامع) هو ابن همام بن نافع أبو بكر أحد الأعلام، روى عن ابن جريج ومعمر، وعنه أحمد وإسحاق، مات عن خمس وثمانين ببغداد سنة إحدى عشرة ومائتين وكان يتشيع. (ع لأبي يعلى في مسنده) الحافظ الثبت محدث الجزيرة أحمد بن علي بن المثنى التميمي سمع ابن معين وطبقته، وعنه ابن حبان والإسماعيلي وغيرهما أهل صدق وأمانة وعلم وحلم، وثقه ابن حبان والحاكم، ولد سنة عشر ومائتين ومات سنة سبع وثلاثمائة. (قط للدارقطني) نسبة إلى الدار والقطن، ركب الأسمان وجعلا واحداً ونسب إليه كما نبه عليه في المصباح (فإن كانت في السنن أطلقت) العزو إليه عارياً عن التقييد (وإلا) بأن كان في(1/29)
غيرها من تصانيفه كالععل في (بينته) أي عينت الكتاب الذي فيه، وهو جهبذ العلل الحافظ الجبل على ابن عمر البغدادي الشافعي إمام زمانه، وسيد أهل عصره، تفقه على الإصطخري، وروى عن البغوي وابن صاعد والمحاملي، وعنه القاضي أبو الطيب والبرقاني والصابوني وغيرهم. قيل للحاكم: هل رأيت مثله؟ قال هو ما رأى مثل نفسه فكيف أنا، وله مصنفات يطول سردها، قال أبو الطيب: هو أمير المؤمنين في الحديث ومن تأمل سننه عرف قدر علمه بمذاهب العلماء. قال الخطيب: رفيع دهره، وإمام وقته، صحيح الاعتقاد، عارف بمذاهب الفقهاء، واسع الاطلاع، لكن رأيت في كلام الذهبي ما يشير إلى أنه كان يتساها في الرجال، فإنه قال مرة: الدارقطني مجمع الحشرات، وقال أخرى لما نقل عن ابن الجوزي في حديث أعله الدارقطني: إنه لا يقبل تصنيفه حتى يبين سببه ما نصه: هذا يدل على هوى ابن الجوزي، وقلة علمه بالدار قطني، فإنه لا يضعف إلا من من لاطب فيه انتهى، ولد سنة ست وثلاثمائة ومات سنة خمس وثمانين عن نحو ثمانين سنة وصلى عليه الشيخ أبو حامد ودفن بقرب معروف الكرخي. (فر للديلمي في مسند الفردوس) المسمى: "بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب" والفردوس للإمام عماد الإسلام أبي شجاع الديلمي ألفه محذوف الأسانيد مرتباً على الحروف ليسهل حفظه وأعلم بإزائها بالحروف للمخرجين كما مر، ومسنده لولده سيد الحفاظ أبي منصور ابن شبرويه، خرج سند كل حديث تحته وسماه إبانة الشبه في معرفة كيفية الوقوف على ما في كتاب الفردوس من علامات الحروف. (حل لأبي نعيم) أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهاني الصوفي الفقيه الشافعي الحافظ المكثر أخذ عن الطبراني وغيره، وعنه الخطيب وغيره هو من أخص تلامذته وعجب عدم ذكره له في كتاب تاريخ بغداد مع كونه دخلها. قال الذهبي: صندوق تكلم فيه بلا حجة لكنه عقوبة من الله لكلامه في ابن منده بهوى، وكلام ابن منده فيه فظيع لا أحب حكاياته ولا أقبل قول كل منهما في(1/30)
الآخر، بل هما مقبولان ولا أعلم لهما ذنباً أكثر من روايتهما الموضوعات ساكتين عليها، وكلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به وما علمت عصراً سلم من ذلك أهله سوى الأنبياء صلوات اللّه وسلامه عليهم. مات بأصبهان سنة ثلاثين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة. هذا كلام الذهبي (في الحلية) أي كتاب: "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" قالوا: لما صنفه بيع في حياته بأربعمائة دينار، واشتهرت بركته، وعلت في الخافقين درجته000 (هب للبيهقي) نسبة إلى بيهق قرى مجتمعة بنواحي نيسابور، وهو الإمام الجليل الحافظ الكبير أحد أئمة الشافعية الموصوف بالفصاحة والبراعة، سمع من الحاكم وغيره، وبلغت تصانيفه نحو الألف؛ قال السبكي: ولم يتفق ذلك لأحد، قال الذهبي ودائرته في الحديث ليست كبيرة، بل بورك في مروياته، وحسن تصرفه فيها، لحذقه وخبرته بالأبواب والرجال، واعتنى بجمع نصوص الشافعي وتخريج أحاديثها حتى قال إمام الحرمين: ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه منة إلا البيهقي فله عليه المنة (في شعب الإيمان) بكسر أوله كتاب نفسي غزير الفوائد في ستة أسفار كبار (هق له في السنن) الكبرى الذي قال السبكي: لم يصنف أحد مثله تهذيباً وترتيباً وجودة. ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ومات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة بنيسابور وحمل لبيهق فدفن بها. (عد لابن عدي) الحافظ عبد الله بن عدي بن القطان أبو أحمد عبد الله الجرجاني أحد الحفاظ الأعيان وأحد الجهابذة الذين طافوا البلاد وهجروا الوساد،وواصلوا السهاد، وقطعوا المعتاد، طالبين للعلم، لا يعترى هممهم قصور ولا يثني عزمهم عظائم الأمور وقواطع الدهور، روى عن الجمحي وغيره، وعنه أبو حامد الاسفرايني وأبو سعيد الماليني، قال البيهقي حافظ متقن لم يكن في زمنه مثله. وقال ابن عساكر: ثقة على لحن فيه، مات سنة خمس وستين وثلاثمائة عن ثمان وثمانين سنة (في) كتاب (الكامل) أي في كتابه المسمى بالكامل الذي ألفه في معرفة الضعفاء،(1/31)
وهو أصل من الأصول المعول عليها والمرجوع إليها، طابق اسمه معناه ووافق لفظه فحواه، من عينه انتجع المنتجعون، وبشهادته حكم الحاكمون، وإلى ما قاله رجع المتقدمون والمتأخرون. (عق للعقيلي) في كتابه الذي صنفه (في الضعفاء) أي في بيان حال رجال الحديث الضعفاء جمع ضعيف والضعيف بفتح الضاد في لغة تميم وبضمها في لغة قريش خلاف القوة والصحة. (خط للخطيب) الحافظ أحمد بن علي بن ثابت أبو بكر البغدادي الفقيه الشافعي أحد الأعلام الحفاظ، ومهرة الحديث، له نحو خمسين مؤلفاً، ولد سنة ثنتين وتسعين وثلائمائة، وسمع خلائق لا يحصون، وأخذ الفقه عن المحاملي وأبي الطيب. وقال ابن السمعاني: كان مهاباً موقراً ثقة حجة حسن الخط كثير الضبط فصيحاً ختم به الحفاظ، له ثروة ظاهرة، وصدقات طائلة، مات سنة ثلاث وستين وأربعمائة ببغداد وحمل جنازته صاحب المهذب، ودفن بجانب بشر الحافي. وكان شرب ماء زمزم لذلك وأن يحدث بتاريخه بجامع بغداد وأن يملي بجامع المنصور فاستجيب له، وكان سريع القراءة جداً، قرأ البخاري على كريمة المروزية في خمسة أيام وسمع علي إسماعيل الضرير البخاري في ثلاث مجالس0000(فإن كان) الحديث الذي أعزوه إليه (في التاريخ) بغداد المشهور (أطلقت) العزو إليه (وإلا) بأن كان في غيره من تآليفه المشتهرة المنتشرة (بينته) بأن أعين الكتاب الذي هو فيه وقال الحضرمي وغيره: ولعمري إن تاريخه من المصنفات التي سارت ألقابها بخلاف مضمونها، سماه: "تاريخ بغداد" وهو تاريخ العالم كالأغاني للأصبهاني سماه: "الأغاني" وفيه من كل شيء، و(أسأل اللّه) لا غيره كما يؤذن به تقديم المعمول كما في: "إياك نعبد"(أن يمن) أي ينعم علي (بقبوله) مني بأن يثيبني عليه في الآخرة؛ إذ لامعول إلا علي نفعها (وأن يجعلنا) أتى بنون العظمة مع أن المقام مقام تعجيز وإظهار افتقار، إظهاراً لملزومها الذي هو نعمة من تعظيم اللّه تعالى له بتأهليه للعلم امتثالاً لقوله تعالى: "وأما(1/32)
بنعمة ربك فحدث" أولاً للتواضع والإشارة إلى أن ذلك الجعل لا يكون له وحده بل مع إخوانه من الأفاضل أشار إليه التفتازاني ونازعه الشريف (عنده) عندية إعظام وإكرام لا عندية مكان، تعالى اللّه عن ذلك (من حزبه) بكسر الحاء أي من خاصته وجنده يقال حزب قومه فتحزبوا أي صاروا طرائف وفلاناً يحازب فلاناً ينصره ويعاضده ذكره الزمخشري (المفلحين) أي الكاملين في الفلاح الفائزين بكل خير المدركين لما طلبوا الناجين عما رهبوا. الفلاح درك البغية أو الفوز والنجاة (وحزب رسوله) أي اتباع اللّه واتباع رسوله المقربين لديه، وكان ينبغي تأخير المفلحين عنه لكنه قدموا رعاية للفاضلة والتسجيع. وحزب اللّه هم المفلحون الغالبون "ألا إن حزب اللّه هم المفلحون" فإن حزب اللّه هم الغالبون. قال القاضي: وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم0000إلى هنا تمام الكلام على شرح الخطبة وقد ختمها المؤلف كأكابر المحدثين بحديث النية وصيره جزءاً منها ولأمر ما بديع تطابقوا على هذا الصنيع وهو أن الخلفاء الأربعة خطبوا به. فلما صلح للخطبة على المنابر صلح أن يجعل في خطب الدفاتر فكأنه قال: قصدت بجمع هذا الجامع جمع حديث المصطفى القائل: "إنما الأعمال بالنيات" فإن كنت قصدت وجه اللّه فسيجزيني عليه وينفع به، أو عرضاً دنيوياً فسيكافئني بنيتي، ولما صح فيه النية وأخلص الطوية نشره اللّه في الإسلام ونفع به الخاص والعام. قال النووي في بستانه وغيره: استحب العلماء أن تفتتح المصنفات بهذا الحديث، وممن ابتدأ به البخاري في صحيحه، ثم روى أعني النووي بإسناد عن ابن مهدي: من أراد أن يصنف كتاباً فليبدأ به، ورواه عنه أيضاً العراقي في أماليه. قال ابن الكمال: ولما كان عالم الملك تحت قهر الملكوت وتسخيره لزم أن يكون لنيات النفوس وهيئتها تأثيرفيما تباشره أبدانها من الأعمال، فكل عمل بنية صادقة رحمنية عن هيئة نورانية صحبته بركة ويمن وجمعية وصفاء، وكل عمل بنية فاسدة(1/33)
شيطانية عن هيئة غاسقة ظلمانية صحبة محق وشؤم وتفرقة00
حرف الهمزة
أي هذا باب الأحاديث المبدوءة بحرف الهمزة، وابتدأه بحرف الهمزة مع الألف وجعل مطلعه حديث إتيان باب الجنة إشارة إلى أن الغاية المطلوبة من تأليفه هذا الكتاب التقرب إلى الله الموصل إلى الفوز بإتيان باب الجنة تفاؤلاً بكون أول ما يقرع الأسماع منه ذكر الجنة وإتيانها 00000
1آتى باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت ؟ فأقول محمد فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ( صحيح ) . ( حم م ) عن أنس .
الشرح:(1/34)
(آتي) بالمد (باب الجنة) أي أجيء بعد الانصراف من الحشر للحساب إلى أعظم المنافذ التي يتوصل منها إلى دار الثواب 000 وفي الكشاف وغيره: إن أهل الجنة لا يذهب بهم إليها إلا راكبين فإذا كان هذا في آحاد المؤمنين فما بالك بإمام المرسلين؟ 000 والجنة في الأصل المردة من الجنّ مصدر جنه ستره ومدار التركيب على ذلك سمي به الشجر المظلل لالتفاف أغصانه وسترها ما تحته ثم البستان لما فيه من الأشجار المتكاثفة المظللة ثم دار الثواب لما فيها من الجنان مع أن فيها ما لا يوصف من القصور لأنها مناط نعيمها ومعظم ملاذها. وقال الزمخشري: الجنة اسم لدار الثواب كلها وهي مشتملة على جنات كثيرة مرتبة مراتب على حسب استحقاق العاملين لكل طبقة منهم جنة منها، قال ابن القيم: ولها سبعة عشر اسماً وكثرة الأسماء آية شرف المسمى، أولها هذا اللفظ العام المتناول لتلك الدار وما اشتملت عليه من أنواع النعيم، والبهجة، والسرور، وقرة العين، ثم دار السلام: أي السلامة من كل بلية، ودار الله، ودار الخلد، ودار الإقامة، وجنة المأوى، وجنة عدن، والفردوس وهو يطلق تارة على جميع الجنان وأخرى على أعلاها، وجنة النعيم، والمقام الأمين، ومقعد صدق، وقدم صدق، وغير ذلك مما ورد به القرآن، (يوم القيامة) فعالة تقحم فيها التاء للمبالغة والغلبة وهي قيام مستعظم والقيام هو الاستقلال بأعباء ثقيلة، ذكره الحراني (فأستفتح) السين للطلب وآثر التعبير بها إيماء إلى القطع بوقوع مدخولها وتحققه أي أطلب انفراجه وإزالة غلقه يعني بالقرع لا بالصوت كما يرشد إليه خبر أحمد: "آخذ بحلقة الباب فأقرع" وخبر البخاري عن أنس: "أنا أول من يقرع باب الجنة" والفاء سببية أي يتسبب عن الإتيان الاستفتاح ويحتمل جعلها للتعقيب بل هو القريب. فإن قلت ما وجهه؟ قلت: الإشارة إلى أنه قد أذن له من ربه بغير واسطة أحد لا خازن ولا غيره، وذلك أن من ورد باب كبير فالعادة أن يقف حتى ينتهي خبره إليه ويستأمر(1/35)
فإن أذن في إدخاله فتح له. فالتعقيب إشارة إلى أنه قد صانه ربه عن ذل الوقوف وأذن له في الدخول قبل الوصول بحيث صار الخازن مأموره منتظراً لقدومه
(فيقول الخازن) أي الحافظ وهو المؤتمن على الشيء الذي استحفظه، والخزن حفظ الشيء في الخزانة، ثم عبر به عن كل حفظ، ذكره الراغب، سمي الموكل بحفظ الجنة خازناً لأنها خزانة الله تعالى أعدها لعباده، وأل فيه عهدية والمعهود رضوان وظاهره أن الخازن واحد وهو غير مراد بدليل خبر أبي هريرة: "من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب هلم" فهو صريح في تعدد الخزنة إلا أن رضوان أعظمهم ومقدمهم، وعظيم الرسل إنما يتلقاه عظيم الحفظة (من أنت) أجاب بالاستفهام وأكده بالخطاب تلذذاً بمناجاته 0000(فأقول محمد) 00000
ثم إنه لم يقل أنا لإيهامه مع ما فيه من الإشعار بتعظيم المرء نفسه وهو سيد المتواضعين، وهذه الكلمة جارية على ألسنة الطغاة المتجبرين إذا ذكروا مفاخرهم وزهوا 000 قال النووي: لا بأس بقوله أنا الشيخ فلان أو القاضي فلان إذا لم يحصل التمييز إلا به وخلا عن الخيلاء والكبر والزهو، والقول عبارة عن جملة ما يتكلم به المتكلم على وجه الحكاية. ذكره جمع00 (فيقول بك) قيل الباء متعلقة بالفعل بعدها ثم هي سببية قدمت للتخصيص أي بسببك (أمرت) بالبناء للمفعول والفاعل هو الله (أن لا أفتح)00(لأحد) من الخلائق (قبلك) لا بسبب آخر وقبل الباء صلة للفعل: "وأن لا أفتح" بدل من الضمير المجرور أي أمرت بفتح الباب لك قبل غيرك من الأنبياء000
2 آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ماشئت
( صحيح )( ابن عساكر فى تاريخ دمشق ) من حديث أبى مسعود البدري
الشرح:
(آخر ما أدرك الناس) من النوس وهو التحرك أو الأنس لأن بعضهم يأنس ببعض. قال ابن الكمال: والإدراك إحاطة الشيء بكماله "والناس" بالرفع في جميع الطرق كما في الفتح قال ويجوز نصبه أي مما بلغ الناس(1/36)
(من كلام النبوة الأولى) أي مما اتفق عليه الأنبياء لأنه جاء في زمن النبوة الأولى وهي عهد آدم واستمر إلى شرعنا إلى آخر ما وجدوا مأموراً به في زمن النبوة الأولى إلى أن أدركناه في شرعنا ولم ينسخ في ملة من الملل بل ما من نبي إلا وقد ندب إليه وحث عليه ولم يبدل فيما بدل من شرائعهم ففائدة إضافة الكلام إلى النبوة الأولى الإشعار بأن ذلك من نتائج الوحي ثم تطابقت عليه العقول وتلقته جميع الأمم بالقبول. ذكره جمع. وقال القاضي: معناه أن مما بقي فأدركوه من كلام الأنبياء المتقدمين أن الحياء هو المانع من اقتراف القبائح والاشتغال بمنهيات الشرع ومستهجنات العقل وذلك أمر قد علم صوابه وظهر فضله واتفقت الشرائع والعقول على حسنه وما هذه صفته لم يجر عليه النسخ والتبديل وقيد النبوة الأولى إيذاناً باتفاق كلمة الأنبياء على استحسانه من أولهم إلى آخرهم (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) أمر بمعنى الخبر أي إذا لم تخش من العار عملت ما شئت لم يردعك عن مواقعة المحرمات رادع وسيكافئك اللّه على فعلك ويجازيك على عدم مبالاتك بما حرمه عليك. وهذا توبيخ شديد فإن من لم يعظم ربه ليس من الإيمان في شيء أو هو للتهديد من قبيل: "اعملوا ما شئتم" أي اصنع ما شئت فسوف ترى غيه كأنه يقول إذ قد أبيت لزوم الحياء فأنت أهل لأن يقال لك افعل ما شئت وتبعث عليه ويتبين لك فساد حالك أو هو على حقيقته ومعناه إذا كنت في أمورك آمناً من الحياء في فعلها لكونها على القانون الشرعي الذي لا يستحي منه أهله فاصنع ما شئت ولا عليك من متكبر يلومك ولا من متصلف يستعيبك فإن ما أباحه الشرع لا حياء في فعله. وعلى هذا الحديث مدار الإسلام من حيث إن الفعل إما أن يستحيا منه وهو الحرام والمكروه وخلاف الأولى واجتنابها مشروع أولاً وهو الواجب والمندوب والمباح وفعلها مشروع وكيفما كان أفاد أن الحياء كان مندوباً إليه في الأولين كما أنه محثوث عليه في الآخرين وقد ثبت أنه شعبة من(1/37)
الإيمان أي من حيث كونه باعثاً على امتثال المأمور وتجنب المنهي لا من حيث كونه خلقاً فإنه غريزة طبيعية لا يحتاج في كونها شعبة منه إلى قصد
00000والحياء انقباض يجده الإنسان في نفسه يحمله على عدم ملابسة ما يعاب به ويستقبح منه ونقيضه التصلف في الأمور وعدم المبالاة بما يستقبح ويعاب وكلاهما جبلي ومكتسب لكن الناس ينقسمون في القدر الحاصل منهما على أقسام فمنهم من جبل على الكثير من الحياء ومنهم من جبل على القليل ومنهم من جبل على الكثير من التصلف ومنهم من جبل على القليل ثم إن أهل الكثير من النوعين على مراتب وأهل القليل كذلك فقد يكثر أهل النوعين حتى يصير نقيضه كالمعدوم ثم هذا الجبلي سبب في تحصيل المكتسب فمن أخذ نفسه بالحياء واستعمله فاز بالحظ الأوفر ومن تركه فعل ما شاء وحرم خيري الدنيا والآخرة
3 آخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحوشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما( صحيح )
( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/38)
(آخر من يحشر) بالبناء للمجهول أي يموت. قال عكرمة في قوله تعالى: {وإذا الوحوش حشرت} حشرها موتها أو المراد آخر من يساق إلى المدينة كما في لفظ رواية مسلم والحشر. كما قال القاضي: السوق من جهات مختلفة إلى مكان واحد وأصله الجمع والضم المتفرق. وقال الزمخشري: الحشر سوق الناس إلى المحشر. وقال الحراني: الجمع وغيره. وقال الراغب: إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم (راعيان) تثنية راع وهو حافظ الماشية. قال الراغب: والرعي في الأصل حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته أو بذب العدو عنه يقال رعيته أي حفظته فسمي كل سائس لنفسه أو لغيره (راعياً من مزينة) بالتصغير قبيلة من مضر معروفة وفي رواية "رجل من جهينة وآخر من مزينة" وفي رواية أنهما كانا ينزلان بجبل ورقان (يريدان) أي يقصدان (المدينة) الشريفة أي المدينة الكاملة التي تستحق أن يقال لها مدينة على الإطلاق كالبيت للكعبة ولها نحو مائة اسم منهما طابة وطيبة مشدّدة ومخففة وطايب ككاتب ودار الأخيار ودار الأبرار ودار الإيمان ودار السنة ودار السلامة ودار الفتح ودار الهجرة. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. قال النووي: لا يعرف في البلاد أكثر أسماء منها ومن مكة (ينعقان) بفتح المثناة تحت وسكون النون وكسر العين المهملة. قال الكشاف: النعيق التصويت يقال نعق المؤذن ونعق الراعي صوّت (بغنمهما) يزجرانها بأصواتهما ويسوقانها يطلبان الكلأ وفيه إشارة إلى طول أملهما وأن ما وقع من أشراط الساعة لم يشغلهما عن الشغل بالمعاش والاهتمام بالأمور الدنيوية ويحتمل أنهما قصداها بماشيتهما للإقامة بها مع أهل الإيمان للحماية من أهل الطغيان ولعل الغنم مشتركة فلذلك لم يثنها (فيجدانها) أي الغنم والفاء تعقيبية (وحوشاً) بضم أوله بأن ينقلب ذواتها أو بأن تتوحش فتنفر من صياحهما أو الضمير للمدينة والواو مفتوحة روايتان أي يجدان المدينة خالية ليس فيها أحد. والوحش الخلاء أو سكنها الوحش لانقراض(1/39)
سكانها. قال النووي: وهو الصحيح والأول غلط وتعقبه ابن حجر بأن قوله (حتى إذا بلغا) أي الراعيان (ثنية الوداع) أي انتهيا إليها يؤيد الأول لأن وقوع ذلك قبل دخول المدينة. وأقول: هذا غير دافع لترجيح النووي إذ إحاطهما بخلو المدينة من سكانها ومصيرها مسكن الوحوش لا يتوقف على دخولها بل يحصل العلم به بالقرب منها والإشراف على حريمها وهذا أمر كالمحسوس وإنكاره مكابرة والبلاغ والإبلاغ الانتهاء إلى المقصد. وثنية الوداع بمثلثة وفتح الواو: ومحل عقبة عند حرم المدينة سمي به لأن المودعين يمشون مع المسافر من المدينة إليها وهو اسم قديم جاهلي كذا ذكره القاضي تبعاً لعياض وغيره 00000وقيل لوداع النبي صلى الله عليه وسلم بعض المسلمين بالمدينة في بعض خرجاته وقيل ودع فيها بعض سراياه وقيل غير ذلك (خرا على وجوههما) ميتين أي أخذتهما الصعقة حين النفخة الأولى وهذا ظاهر في أن ذلك يكون لإدراكهما الساعة، 0000 والخر السقوط يقال خر سقط سقوطاً يسمع منه خرير ذكره الراغب وغيره. فإن قلت: هل لإيثاره "خر" على سقط من فائدة؟ قلت: أجل وهي التنبيه على اجتماع أمرين السقوط وحصول الصوت منه إشارة إلى أن فراق روحيهما لبدنيهما بعنف وشدة وسرعة خطفة من أثر تلك الصعقة التي لم تأت على مخلوق إلا جعلته كالرميم ونظيره قوله تعالى: {يخرون للأذقان سجداً} والوجه مجتمع حواس الحيوان وأحسن ما في الإنسان000(1/40)
4 آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فهو يمشي مرة و يكبو مرة و تسفعه النار مرة فإذا جاوزها التفت إليها فقال تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين و الآخرين فترفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها و أشرب من مائها فيقول الله يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ؟ فيقول لا يا رب و يعاهده أن لا يسأله غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترفع له شجرة أخرى هي أحسن من الأولى فيقول أي رب أدنني من هذه لأشرب من مائها و أستظل بظلها لا أسألك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها ؟ فيقول لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فيستظل بظلها و يشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة و هي أحسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه فلأستظل بظلها و أشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ قال بلى يا رب أدنني من هذه لا أسألك غيرها و ربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منها فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة فيقول: أي رب أدخلنيها فيقول: يا ابن آدم ما يعريني منك ؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا و مثلها معها ؟ فيقول: أي رب أتستهزئ مني و أنت رب العالمين ؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك و لكني على ما أشاء قادر( صحيح ) . . ( حم م ) عن ابن مسعود
5 آكل الربا و موكله و كاتبه و شاهداه إذا علموا ذلك و الواشمة و الموشومة للحسن و لاوي الصدقة و المرتد أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد يوم القيامة . ( صحيح ) ( ن ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/41)
(آكل) بكسر الكاف اسم فاعل وزعم أنه بسكونها وهم (الربا) أي متناوله بأي وجه كان وعبر عنه بالأكل مجازاً. قال الزمخشري: من المجاز فلان أكل غنمي وشربها وأكل مالي وشربه أي أطعمه الناس وأكلت أطفالي الحجارة انتهى. وبه يستغنى عن قولهم عبر بالأكل لأنه يأخذه ليأكله أو لأنه المقصد الأعظم من المال000 قال المطرزي: وفتح الراء خطأ. وهو لغة الزيادة وشرعاً عقد على عوض معلوم مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما0000000 وهو كبيرة إجماعاً ولم يحل في شريعة قط ولم يؤذن الله عاصياً بالحرب غير آكله0000 وبه استبان أن تحريمه معقول المعنى خلافاً لبعض الأعاجم لا تعبدي محض وزعم أن ما ذكر إنما يصلح حكمة لا علة ممنوع ولما كان تحريمه فيما بين العبد والرب كان فيه الوعيد بالإيذان بالحرب من الله ورسوله 000 (وموكله) مطعمه قال الخطيب: سوى بينهما في الوعيد لاشتراكهما في الفعل وتعاونهما عليه وإن كان أحدهما مغتبطاً والآخر مهتضماً ولله سبحانه وتعالى حدود فلا تتجاور عند الوجود والعدم والعسر واليسر فضرورة الموكل لا تبيح له أن يوكله الربا لإمكان إزالتها بوجه من وجوه المعاملة والمبايعة 00000 (وكاتبه) الذي يكتب الوثيقة بين المترابين (وشاهداه) أي اللذان يتحملان الشهادة عليهما وإن لم يؤديا كما قاله بعض شراح مسلم وفي معناهما من حضر وأقره. قال: وإنما سوى بينهم في اللعن لأن العقد لا يتم إلا بالمجموع ولم يذكر في نسخ: "وشاهداه" وهي رواية النسائي وعليها فالمراد بالكاتب ما يشمل الشاهد لأنه شاهد وزيادة (إذا علموا ذلك) أي علم كل منهم أنه ربا وأن الربا حرام وهذا الشرط معتبر فيمن بعد هؤلاء أيضاً. وإنما لم يؤخره لأنه إذا اشترط العلم في الربا مع اشتهار ذمة وإطباق الملل على تحريمه ففي غيره أولى ولو أخره ربما توهم عود الشرط لما وليه فقط وأطنب بتعدد المذكورين وتفصيلهم ليستوعب مزاولته مزاولة(1/42)
ما بأي وجه كان. ذكره الطيبي. قال: وهذا تصريح بتحريم الكتابة للمترابين والشهادة عليهما وتحريم الإعانة على الباطل (والواشمة) التي تغرز الجلد بنحو إبرة وتذر عليه نحو نيلة ليخضر أو يزرق وتأنيثه على إرادة التسمية فيشمل الرجل أو خص الأنثى لأنها الفاعلة لذلك غالباً لا لإخراج غيرها (والموشومة) المفعول بها ذلك (للحسن) أي لأجل التحسين ولو لحليل، ولا مفهوم له لأن الوشم قبيح شرعاً مطلقاً لأنه تغيير لخلق الله وتجب إزالته 00 (ولاوى) بكسر الواو (الصدقة) أي المماطل بدفع الزكاة بعد التمكن وحضور المستحق أو الذي لا يدفعها إلا بإكراه يقال لوى مدينه مطله ورجل لوى عسر يلتوي على خصمه(والمرتد) حال كونه (أعرابياً) بفتح وبياء النسبة إلى الجمع (بعد الهجرة) أي والعائد إلى البادية ليقيم مع الأعراب بعد ما هاجر مسلماً والمراد أنه هاجر إذا وقع سهمه في الفيء ولزمه الجهاد خلع ذلك من عنقه فرجع بعد هجرته أعرابياً كما كان وكان من رجع بعد هجرته بلا عذر يعد كالمرتد لوجوب الإقامة مع النبي صلى الله عليه وسلم لنصرته وورد في خبر أنه كبيرة. قال القاضي، والحكمة في الهجرة أن يتمكن المؤمن من الطاعة بلا مانع ولا وازع ويتبرأ عن صحبة الأشرار المؤثرة بدوامها في اكتساب الأخلاق الذميمة والأفعال الشنيعة فهي في الحقيقة التحرز عن ذلك والمهاجر الحقيقي من يتحاشى عنها والأعرابي ساكن البادية والأعراب أهل البدو والأصح نسبتهم إلى عربة بفتحتين وهي من تهامة لأن أباهم إسماعيل نشأ بها 0000 (ملعونون) مطرودون عن مواطن الأبرار لما اجترحوه من ارتكاب هذا الفعل الشنيع الذي هو من كبار الآصار لأن اللعن إبعاد في المعنى والمكانة والمكان إلى أن يصير الملعون بمنزلة السفل في أسفل القامة يلاقى به ضرر الوطء ذكره الحراني. وأصل اللعن من الله تعالى إبعاد العبد من رحمته بسخطه ومن الآدمي الدعاء عليه بالسخط واللعن بالوصف جائز حتى لطائفة من عصاة المؤمنين كما(1/43)
هنا لكن ليس المراد به في حقهم الطرد عن رحمة الله بالكلية بل الإهانة والخذلان. ولهذا قال النووي: اتفق العلماء على تحريم اللعن فإن معناه الإبعاد عن الرحمة ولا يجوز أن يبعد منها من لا تعرف خاتمة أمره معرفة قطعية مسلماً أو كافراً إلا من علم بنص أنه مات أو يموت كافراً كأبي جهل وإبليس. قال: وأما اللعن بالوصف كآكل الربا وموكله والفاسقين وغيرهم مما جاءت النصوص بإطلاقه على الأوصاف لا على الأعيان فجائز. وفي شرح الهداية: اللعن نوعان:أحدهما الطرد عن رحمة الله وهذا ليس إلا للكافرين والثاني الإبعاد عن درجات الأبرار ومقام الأخيار وهو المراد في هذه الأخبار. والحاصل أن الطرد والإبعاد على مراتب في حق العباد وأن اللعن بالشخص بمعنى اليأس من الرحمة لا يجوز حتى لكافر إلا من علم بالنص أنه مات أو يموت كافراً000(على لسان محمد) صلى الله عليه وسلم أي لعناً وارداً على لسانه مما أوحى الله إليه أو بقوله (يوم القيامة) أي يقول في الموقف إن الله أمرنا بإبعاد من اتصف بهذه الكبائر ومات مصراً عليها عن مواطن الأبرار ودرجات الأخيار ثم بعد ذلك قد يدركهم العفو بشفاعة أو دونها وقد يعذبون ومصير من مات مسلماً إلى الجنة وإن فعل ما فعل وزاد في رواية (صلى الله عليه وسلم) وهي من الراوي لا من لفظ الرسول: وفيه أن هذه المذكورات من الكبائر، ومن صرح بأن التعرب بعد الهجرة من الكبائر العلائي. وليوم القيامة أسماء كثيرة جمعها الغزالي ثم القرطبي فبلغت نحو ثمانين وهذا الترتيب مقصود فأعظم هؤلاء السبعة إثماً آكل الربا لأنه مغتبط ثم مطعمه لأنه مضطر لذلك غالباً ثم كاتبه لأن إثمه إنما هو لإعانته على باطل ثم الشهود إقرارهما عليه0000
6 آكل كما يأكل العبد فوالذي نفسي بيده لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافرا كأسا 0 ( صحيح )
( هناد ) الزهد عن عمرو بن مرة مرسلا .
7 آكل كما يأكل العبد و أجلس كما يجلس العبد0( صحيح )(1/44)
( ابن سعد ع حب ) عن عائشة .
الشرح:
(آكل) بالمد وضم الكاف قال الزمخشري وحقيقة الأكل تناول الطعام000 (كما يأكل العبد) أي في القعود له وهيئة التناول والرضا بما حضر تواضعاً لله تعالى وأدباً معه فلا أتمكن عند جلوسي له ولا أتكئ كما يفعله أهل الرفاهية ولا أنبسط فيه فالمراد بالعبد هنا الإنسان المتذلل المتواضع لربه (وأجلس) في حالة الأكل وغيرها (كما يجلس العبد) لا كما يجلس الملك فإن التخلق بأخلاق العبودية أشرف الأوصاف البشرية. وقد شارك نبينا في ذلك التشريف بعض الأنبياء واختصاصه إنما هو بالعبد المطلق فإنه لم يسم غيره إلا بالعبد المقيد باسمه: {واذكر عبدنا داود} وعبدنا أيوب، فكمال العبودية لم يتهيأ لأحد من العالمين سواه 000000
8 آكل كما يأكل العبد و أجلس كما يجلس العبد فإنما أنا عبد . ( صحيح )
( ابن سعد هب ) عن يحيى بن أبي كثير مرسلا .
9 آلفقر تخافون ؟ و الذي نفسي بيده لتصبن عليكم الدنيا صبا حتى لا يزيغ قلب أحدكم إن أزاغه إلا هي و ايم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء( حسن ) ( ه ) عن أبي الدرداء .
10 آمركم بأربع و أنهاكم عن أربع آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله وحده ؟ شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و صيام رمضان و أن تؤدوا خمس ما غنمتم و أنهاكم عن الدباء و النقير و الحنتم و المزفت احفظوهن و أخبروا بهن من وراءكم( صحيح )( ق 3 ) عن ابن عباس .
11 آمركم بأربع و أنهاكم عن أربع اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و صوموا رمضان و أعطوا الخمس من الغنائم و أنهاكم عن أربع: عن الدباء و الحنتم و المزفت و النقير( صحيح )
( حم م ) عن أبي سعيد .(1/45)
12 آمركم بثلاث و أنهاكم عن ثلاث آمركم أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و أن تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و تسمعوا و تطيعوا لمن ولاه الله أمركم و أنهاكم عن قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال
( صحيح ) ( حل ) عن أبى هريرة
13 آمروا النساء في أنفسهن فإن الثيب تعرب عن نفسها و إذن البكر صمتها( صحيح ) ( طب هق ) عن العرس بن عميرة
الشرح:
(آمروا) بضبط ما قبله (النساء) أي البالغات (في أنفسهنّ) جمع نفس من النفاسة ونفس الشيء ذاته وحقيقته ويقال للروح لأن أنفس الحي به وللقلب لأنه محل الروح أو متعلقه 000 يعني شاوروهنّ في تزويجهنّ (فإن الثيب) فعيل من ثاب رجع لمعاودتها التزوج غالباً أو لأن الخطاب يثاوبونها أي يراسلونها ويعاودونها. قال الزمخشري: ويقال للرجل والمرأة ثيب وفي الصحاح رجل ثيب وامرأة ثيب. قال ابن السكيت: وهو الذي دخل بامرأته وهي التي دخل بها (تعرب) تبين وتوضح (عن نفسها) من أعربت عنه وعربته بالتنقيل بينته وأوضحته000 (وإذن البكر) أي العذراء. قال في الصحاح: الذكر والأنثى فيه سواء00 (صمتها) أي سكوتها والأصل وصماتها كإذنها فشبه الصمات بالإذن شرعاً ثم جعل إذناً مجازاً ثم قدم مبالغة والمعنى هو كاف في الإذن 000وأفاد الخبر أن الولي لا يزوج موليته إلا بإذنها لكن الثيب يشترط نطقها والبكر يكفي سكوتها لما قام بها من شدة الحياء. وهذا عند الشافعي في غير المجبر أما هو فيزوج البكر بغير إذن مطلقاً. وقال الأئمة الثلاثة: عقد الولي بغير إذن موقوف على إجازتها. والثيب عند الشافعي من وطئت في قبلها مطلقاً وغيرها بكر فالثيب بغير وطء بكر عنده وعند أبي حنيفة وكذا بزنا ظاهر عندهما وطرده الشافعي في الخفي وجعل سبب الإجبار البكارة لا الصغر وعكس أبو حنيفة ومحل التفصيل كتب الفروع00000
14 آمروا اليتيمة في نفسها و إذنها صماتها(صحيح)(طب)عن أبي موسى .(1/46)
15 آية الإيمان حب الأنصار و آية النفاق بغض الأنصار( صحيح )
( حم ق ن ) عن أنس
الشرح:
(آية) وفي رواية الطبراني في الأوسط من حديث أبي بكر "آيات" وهي مبينة لكون المراد الجنس (الإيمان) كلام إضافي مرفوع بالابتداء وخبره (حب) بضم المهملة (الأنصار) أي علامات كمال إيمان الإنسان أو نفس إيمانه حب مؤمني الأوس والخزرج لحسن وفائهم بما عاهدوا الله عليه من إيواء نبيه ونصره على أعدائه زمن الضعف والعسرة وحسن جواره ورسوخ صداقتهم وخلوص مودتهم ولا يلزم منه ترجيحهم على المهاجرين الذين فارقوا أوطانهم وأهليهم وحرموا أموالهم حباً له وروماً لرضاه كما يعرف مما يجيء وقوله "آية" بهمزة ممدودة ومثناة تحتية مفتوحة وتاء تأنيث "والإيمان" مجرور بالإضافة. قال ابن حجر: هذا هو المعتمد في جميع الروايات 000 واللام للعهد أي أنصار الرسول سماهم أنصاراً أخذاً من قوله تعالى {والذين آووا ونصروا} فصار علماً بالغلبة وهم وإن كانوا ألوفاً لكن استعمل فيهم جمع القلة لأن اللام للعموم والتفرقة إنما هي في النكرات (وآية النفاق) بالمعنى الخاص (بغض الأنصار) صرح به مع فهمه مما قبله لاقتضاء المقام التأكيد ولم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده لأن الكلام فيمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر فميزه عن ذوي الإيمان الحقيقي فلم يقل آية الكفر لكونه غير كافراً ظاهراً وخص الأنصار بهذه المنقبة العظمى لما امتازوا به من الفضائل المارة فكان اختصاصهم بها مظنة الحسد الموجب للبغض فوجب التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم وأبرز ذلك في هذين التركيبين للحصر لأن المبتدأ والخبر فيهما معرفتان فجعل ذلك آية الإيمان والنفاق على منهج القصر الادعائي حتى كأنه لا علامة للإيمان إلا حبهم وليس حبهم إلا علامته ولا علامة للنفاق إلا بغضهم وليس بغضهم إلا علامته تنويهاً بعظيم فضلهم وتنبيهاً على كريم فعلهم000(1/47)
قال الذهبي: أبناء الأنصار ليسوا من الأنصار كما أن أبناء المهاجرين ليسوا من المهاجرين ولا أولادالأنبياء بأنبياء ويوضحه حديث"اللّهم اغفرللأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء الأنصار" قال: وبغض الأنصار من الكبائر
16 آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف و إذا ائتمن خان
( صحيح ) ( ق ت ن ) عن أبى هريرة .
الشرح:
(آية المنافق) أي علامته (ثلاث) من الخصال، أخبر عن آية بثلاث باعتبار إرادة الجنس أي كل واحد منها أو لأن مجموع الثلاث هو الآية. قال ابن حجر: ويرجح الأول رواية أبي عوانة بلفظ علامات المنافق ثلاث الأولى (إذا حدث كذب) أي أخبر بخلاف الواقع (و) الثانية (إذا وعد) أحداً بخير في المستقبل (أخلف) أي جعل الوعد خلافاً بأن لا يفي به لكن لو كان عازماً على الوفاء فعرض مانع فلا إثم عليه كما يجيء في خبر، أما الشر فيندب إخلافه بل قد يجب ما لم يترتب على ترك إخلافه مفسدة (و) الثالثة(1/48)
(إذا ائتمن) بصيغة المجهول أي جعل أميناً وفي رواية بتشديد التاء بقلب الهمزة الثانية واواً وإبدال تاء والإدغام (خان) في أمانته أي تصرف فيها على خلاف الشرع ونقص ما ائتمن عليه ولم يؤده كما هو، وصح عطف الوعد على ما قبله لأن إخلاف الوعد قد يكون بالفعل وهو غير الكذب الذي هو لازم التحديث فتغايرا أو جعل الوعد حقيقة أخرى خارجة عن التحديث على وجه الادعاء لزيادة قبحه 00000وخص هذه الثلاث لاشتمالها على المخالفة في القول والفعل والنية التي هي أصول الديانات فنبه على فساد القول بالكذب وفساد الفعل بالخيانة وفساد النية بالخلف وليس يتجه عليه أن يقال هذه الخصال قد توجد في المسلم والإجماع على نفي نفاقه الذي يصيره في الدرك الأسفل لأن اللام إن كانت للجنس فهو إما على منهج التشبيه والمراد أن صاحبها شبيه بالمنافق متخلق بأخلاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه أو الإنذار والتخويف أو الاعتياد والاضطرار ومصيره ديدناً وخلقاً كما يؤذن به حذف المفعول من حدّث لدلالته على العموم فكأنه قال إذا حدث في كل شيء كذب فيه وإن كانت للعهد فذلك في منافقي زمن النبي صلى الله عليه وسلم عموماً حدثوا بإيمانهم فكذبوا ووعدوا في نصر الدين فأخلفوا وائتمنوا في المال فخانوا، أو منافق خاص وذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان لا يواجه أحداً بما يكره بل يستر فيقول: "ما بال أقوام يفعلون كذا" ونحو ذلك أو يقال النفاق ضربان شرعي وهو إبطان الكفر وإظهار الإيمان وعرفي وهو أن يكون سره خلاف علانيته وهو المراد هنا. قال الكرماني وتبعه ابن حجر. وأحسن الأجوبة حمله على النفاق العملي 0000 ثم إنه لا منافاة بين قوله: "ثلاث" وقوله في خبر يجيء: "أربع" بزيادة: "إذا عاهد غدر" فرب شيء واحد له علامات كل منها تحصل بها صفته شيئاً وقد تكون العلامة واحداً وقد تكون أشياء أو أن الأربع ترجع إلى ثلاثة بإدخال "إذا عاهد غدر" في "إذا ائتمن خان"(1/49)
17 ائت حرثك أنى شئت و أطعمها إذا طعمت و اكسها إذا اكتسيت و لا تقبح الوجه و لا تضرب( حسن )( د ) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده .
الشرح:
(ائت حرثك) أي محل الحرث من حليلتك وهو قبلها إذ هو لك بمنزلة أرض تزرع، قال الزمخشري: شبهن بالمحارث لما يلقى في أرحامهن من النطف التي منها النسل وقوله {فأتوا حرثكم} معناه ائتوهن كما تأتون أراضيكم التي تريدون حرثها000 (أنى شئت) أي كيف ومتى وحيث شئت ومن أي جهة شئت لا يخطر عليك جهة دون جهة عمم جميع الكيفيات الموصلة إليه إيماء إلى تحريم مجاورة ما سوى محل البذر لما فيه من العبث بعدم المنفعة فوسع الأمر إزاحة للعلة في إتيان المحل المنهي عنه. وهذا من الكنايات اللطيفة والتعريضات البديعة، قال الطيبي: وذلك أنه يبيح لهم أن يأتوهنّ من أي جهة شاؤا كالأراضي المملوكة وبذلك عرف سر تعبيره بأنى المفيدة لتعميم الأحوال والأمكنة والأزمنة. وما ذكر من أن الدبر حرام هو ما استقر عليه الحال وعليه الإجماع الآن في الجملة000 ثم هذا عام مخصوص بغير حال نحو حيض وصوم وإحرام (وأطعمها) بفتح الهمزة أي الزوجة المعلومة من مرجع الضمير المعبر عنه بالحرث (إذا طعمت) بتاء الخطاب وكذا قوله (واكسها) بوصل الهمزة وسكون الكاف وضم المهملة وكسرها (إذا اكتسيت) قال القاضي وبتاء التأنيث فيهما غلط. والكسوة بالكسر اللباس والضم لغة يقال كسوته إذا ألبسته ثوباً. قال الحراني الكسوة رياش الآدمي الذي يستر ما ينبغي ستره من ذكر وأنثى وعبر "بإذا طعمت" إشارة إلى أنه يبدأ بنفسه للخبر الآتي: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" وفيه وجوب نفقة الزوجة وكسوتها وهو إجماع 0000 (ولا تقبح) بفوقية مضمومة وقاف مفتوحة وموحدة مشددة (الوجه) أي لا تقل إنه قبيح ذكره الزمخشري:وقال القاضي: عبر بالوجه عن الذات فالنهي عن الأقوال والأفعال القبيحة في الوجه وغيره من ذاتها وصفاتها فشمل نحو لعن وشتم وهجر وسوء عشرة وغير ذلك (ولا تضرب) ضرباً(1/50)
مبرحاً مطلقاً ولا غير مبرح لغير نشوز00 وفيه أنه يحرم ضرب الزوجة إلا النشوز فإذا تحققه فله ضربها ضرباً غير مبرح ولا مدم فإن لم تنزجر به حرم المبرح وغيره، وترك الضرب مطلقاً أولى00000 وفيه حسن الأدب في السؤال والتعظيم بالكناية عما يستحيا من ذكره صريحاً والسعي فيما يديم العشرة ويطيب النفس
18 ائتدموا بالزيت و ادهنوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة( حسن )
( ه ك هب ) عن ابن عمر .
الشرح:
(ائتدموا بالزيت) إرشاداً وندباً أي كلوا الخبز (بالزيت) المعتصر من الزيتون والباء للإلصاق أو الاستعانة أو المصاحبة والإدام بالكسر والأدم بضم فسكون ما يؤتدم به، قال الزمخشري: أدم الطعام إصلاحه بالأدم وجعله موافقاً للطاعم. وقال المطرزي: مدار التركيب على الموافقة والملائمة وهو يعم المائع وغيره (وادهنوا به) أي اطلوا به بدنكم بشراً وشعراً. قال في الصحاح وغيره: ادّهن على وزن افتعل تطلي بالدهن
(فإنه يخرج) أي يتفصل ويظهر والخروج في الأصل الانفصال من المحيط إلى الخارج ويلزمه الظهور والمراد هنا أنه يعصر (من شجرة) أي من ثمرة شجرة (مباركة) لكثرة ما فيها من القوى النافعة أو لأنها لا تكاد تنبت إلا في شريف البقاع التي بورك فيها ويلزم من بركتها بركة ما يخرج منها والبركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء000000
19 ائتدموا من هذه الشجرة - يعني الزيت - و من عرض عليه طيب فليصب منه( حسن ) ( طس ) عن ابن عباس
الشرح:(1/51)
0000شجرة الزيتونة لما تقرر من عموم منافعها وقوله (يعني الزيت) مدرج من بعض رواته بياناً لما وقعت الإشارة عليه. قال ابن العربي وللشجر قسمان طيب ومبارك فالطيب النخلة والمبارك الزيتون ومن بركة شجر الزيتون إنارتها بدهنها وهي تكشف به الأسرار للأبصار وتقلب البواطن ظواهر ولذلك ضربه الله مثلاً (ومن عرض عليه) أن أظهر وقدم إليه يقال عرضته أي أظهرته وبرزته لع ليأخذه وعرضت المتاع للبيع أظهرته لذوي الرغبة ليشتروه (طيب) بكسر فسكون أي شيء من طيب كمسك وعنبر وغالية أي قدم إليه في نحو ضيافة أو وليمة أو هدية فلا يردّه كما يأتي في خبر، وإذا قبله (فليصب) أي فليتطيب يقال أصاب بغيته نالها وصاب السهم نحو الرمية وأصاب من امرأته كناية عن استمتاعه بها
(منه) ندباً فإن المنة فيه قليلة وهو غذاء الروح التي هي مطية القوى والقوى تتضاعف وتزيد به كما تزيد بالغذاء والسرور ومعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة وغيبة من تسر غيبته ويثقل على الروح مشهده ولهذا كان من أحب الأشياء إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم وله تأثير كبير في حفظ الصحة ودفع كثير من الأسقام وأسبابها بسبب قوة الطبيعة. وقد تتبع بعضهم ما ينبغي قبوله لخفة المنة فيه فبلغ سبعة ونظمها في قوله:
عن المصطفى سبع يسن قبولها * إذا ما بها قد أنحف المرء خلان
دهان وحلوى ثم در وسادة * وآلة تنظيف وطيب وريحان
20 ائتوا الدعوة إذا دعيتم( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/52)
(ائتوا) وجوباً (الدعوة) بالفتح وتضم على ما في القاموس00 والمراد بها هنا وليمة العرس لأنها المعهودة عندهم عند الإطلاق (إذا دعيتم إليها) وتوفرت شروط الإجابة، وهي عند الشافعية نحو عشرين، وخص الإتيان بالأمر ليفيد عدم وجوب الأكل أما وليمة غير العرس من الولائم العشرة المشهورة فإتيانها عند الدعاء إليها مندوب حيث لا عذر. قال بعض حكماء الإسلام: وإنما شرعت الإجابة لأن أصل الدعوة ابتغاء الألفة والمودّة ففي النفس هنات وفي الصدر منها سخائم والآدمي مركب على طبائع شتى والنفوس جبلت على حب من أكرمها لحبها للشهوات وأعظمها حب التعظيم وقضاء المنى ففي بر النفوس تقويمها وذلك عون لها على دينها فحث النبي الإجابة لتتأكد الألفة وتصفوا المودّة وينتفي وغر الصدر. وفي ترك الإجابة مفاسد لا تكاد تحصى
21 ائذنوا للنساء أن يصلين بالليل في المسجد( صحيح )
( الطيالسى ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إئذنوا) بكسر الهمزة الأولى وسكون الثانية من الأذن وهو لغة الإعلام وشرعاً فك الحجر وإطلاق التصرف في شيء لمن كان ممنوعاً منه شرعاً (للنساء) اللاتي لا يخاف عليهن ولا منهن فتنة أو ريبة
(أن يصلين بالليل في المسجد) لامه للجنس والأمر للندب إذ لو كان للوجوب لكان الخطاب لهن كما في نحو: "وأقمن الصلاة" ولانتفى معنى الاستئذان ولما قال في الرواية الأخرى "وبيوتهن خير لهن" قال ابن جرير: وإذا شرع الآذن لها فيما يندب شهوده كجماعة ففيما هو فرض كأداة شهادة وتعلم ديني أو مندوب مؤكد كشهود جنازة أحد أبويها أولى000
22 ائذنوا للنساء بالليل إلى المساجد( صحيح )( حم م د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/53)
(إئذنوا للنساء) أن يذهبن (بالليل إلى المساجد) عام في كلهن، وعلم منه ومما قبله بمفهوم الموافقة على أنهم يأذنون لهن نهاراً أيضاً لأنه أذن لهن ليلاً مع أن الليل مظنة الفتنة فالنهار أولى فلذلك قدم مفهوم الموافقة مفهوم المخالفة000ثم هذا الأمر الندبي إنما هو باعتبار ما كان في الصدر الأول من عدم المفسدة ببركة وجود حضرة النبوة ومنصب الرسالة كما يفيده وخبر الشيخين عن عائشة: "لو أدرك النبي ما أحدث النساء بعده لمنعنهن الخروج إلى المسجد كما منعت نساء بني إسرائيل" أما الآن فالإذن لهن مشروط بأمن الفتنة بهن أو عليهن أن تكون عجوزاً غير متطيبة في ثياب بذلة وفيه منع خروج المرأة إلا بإذن حليل لتوجه الأمر إلى الزوج بالإذن، ذكره النووي ونازعه ابن دقيق العيد بأنه إذا أخذ من المفهوم فهو مفهوم لقب وهو ضعيف لكن يقويه أن منع الرجال نساءهم أمر مقرر معروف
23 أبى الله أن يجعل لقاتل المؤمن توبة ( صحيح )
( طب الضياء فى المختارة ) عن أنس .
الشرح:
0000زجر وتخويف أما كافر غير ذمي فيحل بل يجب قتله ومذهب أهل السنة أنه لا يموت أحد إلا بأجله وأن القانل لا يكفر ولا يخلد في النار وإن مات مصراً وأن له توبة. والقتل ظلماً أكبر الكبائر بعد الكفر وبالقود أو العفو لا تبقى مطالبة أخروية ومن أطلق بقاءها أراد بقاء حق الله إذ لا يسقط إلا بتوبة صحيحة والتمكين من القود لا يؤثر إلا إن صحبه ندم من حيث الفعل وعزم أن لا يعود
24 أبى الله و المؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر ( صحيح )
( حم ) عن عائشة .
25 أبايعك على أن تعبد الله لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة المكتوبة و تؤتي الزكاة و تنصح لكل مسلم و تبرأ من الشرك( صحيح )
( حم ن ) عن جرير .(1/54)
26 أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا و لا تسرقوا و لا تزنوا و لا تقتلوا أولادكم و لا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم و أرجلكم و لا تعصوني في معروف فمن وفى منكم فأجره على الله و من أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو له كفارة و طهور و من ستره الله فذلك إلى الله عز و جل إن شاء عذبه و إن شاء غفر له(صحيح)( حم ق ت ن )عن عبادة بن الصامت .
27 ابدأ بمن تعول ( صحيح ) ( طب ) عن حكيم بن حزام .
الشرح:
(إبدأ) بكسرة الهمزة وفتح المهملة (بمن تعول) أي تمون يعني بمن تلزمك مؤنته من نفسك وزوجك وقريبك وذي روح ملكته فإن اجتمعوا وله ما ينفق على الكل لزمه وإلا قدم نفسه فزوجته فولده الصغير أو المجنون فأمه فأباه فولده المكلف فجده فأبا جده وإن علا ذكره الشافعي. قال السمهودي: والحديث وإن ورد في الإنفاق فالمحققون يستعملونه في أمور الآخرة كالعالم يبدأ بعياله في التعليم ويؤيده قوله تعالى: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً }
28 ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا و هكذا
( صحيح ) ( ن ) عن جابر .
الشرح:(1/55)
000اي بما تحتاجه من مؤنة وغيرها. والنفس ما به ينفس المرء على غيره استبداداً منه واكتفاء بوجود نفاسته على من سواه ذكره الحراني والمراد هنا الذات أي قدم ذاتك فيما تحتاج إليه من نحو نفقة وكسوة (فتصدق عليها) لأنك المخصوص بالنعمة المنعم عليك بها فتلقاها بالقبول وقدم مهجتك وحاجتك على من تعول وسمى الانفاق عليها صدقة لأنه قربة إذا كان من حلال وكفافاً وقد ينتهي إلى الوجوب وذلك عند الاضطرار (فإن) وفي رواية: "ثم إن" (فضل) بفتح الضاد ومضارعه بضمها وبكسر الضاد فمضارعه بفتحها وفضل بالكسر يفضل بالضم شاذ (شيء فلأهلك) أي زوجتك. قال الراغب: يعبر عن امرأة الرجل بأهله وذلك لأن نفقتها معاوضة وما بعدها مواساة (فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك) لأنهم في الحقيقة منك فيحصل بذلك الجبر التام بالمواساة وصلة الأرحام ثم إن حمل على التطوع شمل كل قريب أو الواجب اختص بمن تجب نفقته من أصل وفرع عند الشافعي وغيرهما أيضاً عند غيره وله تفاريع في الفروع
00(فإن فضل عن ذوي قرابتك شيء فهكذا وهكذا) أي بين يديك وعن يمينك وشمالك كما فسره به في رواية مسلم والنسائي وكنى به عن تكثير الصدقة وتنويع جهاتها وليس المراد حقيقة هذه الجهات المخصوصة. وفيه الابتداء بالنفقة على الترتيب المذكور. قال المحقق أبو زرعة: ومحل تقديم النفس فيمن لا يصبر على الإضافة فمن صبر عليها فايثاره محبوب محمود في القرآن وفعله أكابر الأعيان000 وفيه أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الآكد وأن الأفضل في صدقة النفل تنويعها في وجوه البر بالمصلحة ولا يحصرها في جهة ونظر الإمام في مصلحة رعيته وأمرهم بما فيه مراشدهم والعمل بالإشارة وأنها قائمة مقام النطق إذا فهم المراد بها 000
29 أبردوا بالظهر( صحيح )
( ه ) عن ابن عمر ( طب) عن عبدالرحمن بن حارثة .
30 أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم( صحيح )( خ ه )
عن أبي سعيد ( حم ك ) عن صفوان بن مخرمة ( ن ) عن أبى موسى(1/56)
( طب ) عن ابن مسعود ( عد ) عن جابر ( ه ) عن المغيرة بن شعبة .
الشرح:
(أبردوا) بقطع الهمزة وكسر الراء (بالظهر) وفي رواية للبخاري: "بالصلاة" أي بصلاة الظهر كما بينته هذه الرواية أي أدخلوها في البرد بأن تؤخروها ندباً عن أول وقتها إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه قاصد الجماعة من محل بعيد بشرط عدم وجود ظل يمشي فيه وأن لا يجاوز به نصف الوقت وأن يكون بقطر حار كما يشير إليه قوله (فإن شدة الحر) أي قوته (من) بعض أو ابتداء (فيح) بفتح الفاء وسكون المثناة تحت (جهنم) أي هيجانها وغليانها وانتشار لهبها، فعلم أن من تبعيضية أو ابتدائية وقال بعضهم جنسية بناء على ما قيل من أن كون شدة الحر من فيح جهنم تشبيه لا حقيقة وحكمته دفع المشقة لسلب الخشوع أو كماله كما في من حضره طعام يتوق إليه أو يدافعه الخبث والأخبار الآمرة بالتعجيل عامة أو مطلقة والأمر بالإبراد خاص فهو مقدم وزعم أن التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل منع بأن الأفضلية لا تنحصر في الأشق فقد يكون غير الشاق أفضل كالقصر في الصلاة000000
31 أبشر عمار ! تقتلك الفئة الباغية ( صحيح ) ( ت ) عن أبى هريرة .
32 أبشر فإن الله تعالى يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار يوم القيامة(صحيح)( حم ه ك ) عن أبى هريرة .
33 أبشروا إن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس يصلي هذه الساعة غيركم( صحيح ) ( خ ) عن أبى موسى .
34 أبشروا فإن هذا القرآن طرفه بيد الله و طرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا و لن تضلوا بعده أبدا ( صحيح ) ( طب ) عن جبير بن مطعم .
35 أبشروا و بشروا من وراءكم أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقا بها دخل الجنة( صحيح ) ( حم طب ) عن أبى موسى .
الشرح:(1/57)
(أبشروا) بفتح الهمزة وكسر المعجمة (وبشروا) أي أخبركم بما يسركم وأخبروا (من وراءكم) بفتح الميم في رواية وكسرها في أخرى يعني أخبروا من قدامكم ممن سيوجد في المستقبل أو يقدم عليكم في الآتي، كذا قرره شارحون، وهو وإن كان صحيحاً في نفسه لا يلائم قوله الآتي: "فخرجنا من عنده نبشر" والمناسب له أخبروا من لقيتم وهو وراء كلمة تكون خلفاً وتكون قداماً وأكثر ما تكون في المواقيت من الأيام والليالي لأن الوقت يأتي بعد مضي الإنسان فيكون وراءه وإن أدركه الإنسان كان قدامه ويجوز أن يكون المعني أخبروا من سواكم فإن وراء أيضاً تأتي يمعنى سوى كقوله تعالى: {فمن ابتغى وراء ذلك} أي سواه والمراد أخبروهم بما يسرهم وهو (أنه) أي بأنه (من شهد أن) أي أنه (لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود (إلا الله) الواجب الوجود لذاته (صادقاً) نصب على الحال (بها) أي الشهادة أي مخلصاً في إتيانه بها بأن يصدق قلبه لسانه (دخل الجنة) إن مات على ذلك ولو بعد دخوله النار فمآله إلى الجنة ولا بد، فالميت فاسقاً تحت المشيئة إن شاء عذبه كما يريد ثم مصيره إلى أن يعفى عنه فيخرج من النار وقد اسود فينغمس في نهر الحياة ثم يعود له أمر عظيم من الحال والنضارة ثم يدخل الجنة ويعطى ما أعدّ له بسابق إيمانه وما قدمه من العمل الصالح وإن شاء عفا عنه ابتداء فسامحه وأرضى عنه خصماءه ثم يدخله الجنة مع الناجين. وقول الخوارج: مرتكب الكبيرة كافر وقول المعتزلة مخلد في النار حتماً ولا يجوز العفو عنه كما لا يجوز عقاب المطيع - من تقولهم وافترائهم على الله، تعالى الله عما يقول الظالمون. والبشارة الخبر السارّ الذي يظهر بأوله أثر السرور على البشرة ذكره القاضي000
36 أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة و هم ينظرون أخرى( صحيح )
( حم ه ) عن ابن عمرو .(1/58)
37 أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب خطاياه كما تذهب النار خبث الحديد( صحيح ) ( طب ) عن أم العلاء
38 أبشري يا عائشة ! أما الله فقد برأك( صحيح ) ( ق ) عن عائشة .
39أبغض الرجال إلى الله: الألد الخصم (صحيح )( ق حم ت ن) عن عائشة
الشرح:
(أبغض الرجال) المخاصمين 000 والنساء وإنما خص الرجال لأن اللدد فيهم أغلب ولأنّ غيرهم لهم تبع في جميع المواطن. ألا ترى إلى قول الزمخشري: اكتفى الله بذكر توبة آدم دون حواء لأنها كانت تبعاً له كما طوى ذكر النساء في أكثر القرآن والسنة لذلك (إلى الله الألد) بفتح الهمزة واللام وشد الدال أي الشديد الخصومة بالباطل الآخذ في كل لدد أي في كل شيء من المراء والجدال لفرط لجاجه كذاقرره الزمخشري. قال الزركشي: ومنه {لتنذر به قوماً لدا} (الخصم) بفتح المعجمة وكسر المهملة أي المولع بها الماهر فيها الحريص عليها المتمادي في الخصام بالباطل لا ينقطع جداله وهو يظهر أنه على الحسن الجميل ويوجه لكل شيء من خصامه وجهاً ليصرفه عن إرادته من القباحة إلى الملاحة ويزين بشقشقته الباطل بصورة الحق وعكسه بحيث صار ذلك عادته وديدنه فالأول ينبئ عن الشدة والثاني عن الكثرة، 000 ورجح ابن حجر ما تقرر أولاً من تنزيل الرجال على المخاصمين أو أن المراد الألد في الباطل المستحل له أو أن ذلك ورد على منهج الزجر لمن هذه صفته وتنبيهاً على قبح حاله وتفضيحه بتهجين عادته وتفظيع طريقته، فعسى أن ينجع فيه هذا التشنيع فيلين قلبه وتنقاد نفسه وتضمحل رذائله فيرجع عما هو عليه من الشرور فيحصل له السرور بدخوله في قوله تعالى: {إلا الذين تابوا} (تتمة) قال الغزالي: إذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وعجلتك وتفكر في حجتك ولا تكثر الإشارة بيدك ولا الالتفات إلى من وراءك ولكن اجث على ركبتيك وإذا هدأ غضبك فتكلم وإن قربك الشيطان فكن منه على حذر. فهذه آداب المخاصمة(1/59)
40 أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه(صحيح)
(خ)عن ابن عباس0
الشرح:
(أبغض الناس إلى الله) أي أبغض عصاة المؤمنين إليه كما أفاده القاضي: المراد بالناس المقول عليهم جميع عصاة الأمة وأن الكافر أبغض من هؤلاء المعدودين، وقول الطيبي: أراد بالناس المسلمين بدليل قوله "ومبتغ في الإسلام" (ثلاثة) أحدهم إنسان (ملحد) بالضم أي مائل عن الاستقامة (في) حق (الحرم) المكي بأن هتك حرمته بفعل محرم فيه من الإلحاد وهو الميل عن الصواب أو من اللحد وهو الحفرة المائلة عن الوسط ومصداقه {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} ذكره القاضي0000واستشكل بأن ظاهره أن فعل الصغيرة في الحرم المكي أشد به من فعل الكبيرة في غيره واجيب بأن الإلحاد عرفاً يستعمل في الخارج عن الدين فإذا وصف به من ارتكب محرماً كان إشارة إلى عظمه ويدل عليه آية {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم} الآية فإن الإتيان بالجملة الاسمية يفيد ثبوت الإلحاد ودوامه والتنوين للتعظيم فهو إشارة إلى عظم الذنب. قالوا وهذا من خصائص الحرم فإنه يعاقب الناوي للشر فيه إذا عزم عليه ولم يفعله. وذهب بعض الصحابة إلى أن السيئات تتضاعف فيه كالحسنات (و) ثاني الثلاثة (مبتغ) بضم الميم وسكون الموحدة وفتح الفوقية وعين معجمة طالب (في الإسلام) أي في دينه (سنة الجاهلية) أي إحياء طريقة أهل زمن الفترة سمي به لكثرة الجهالة فيه كقتل البنات والطيرة والكهانة والنياحة والميسر والنيروز ومنع القود عن مستحقه وطلب الحق ممن ليس عليه كأصله وفرعه فإطلاق السنة على فعل الجاهلية ورد على أصل اللغة أو للتهكم (و) الثالث (مطلب) بالضم وشد الطاء وكسر اللام مفتعل من الطلب أي متطلب فأبدلت التاء طاء وأدّغم أي التكلف للطلب المبالغ فيه (دم) أي إراقة دم (امرئ) مثلث الراء أي رجل وهو للذكر وخص بالذكر هنا وفي نظائره لشرفه وأصالته وغلبة دوران الأحكام عليه 000ولم(1/60)
يقيد هنا بالمسلم اكتقاء بقوله (بغير الحق) وقيده به في رواية زيادة للبيان فخرج نحو حربي ومرتد وقاطع طريق ومهدر بأيّ سبب كان والقود (ليهريق) بضم أوله وهاء مفتوحة قد تسكن أي يصب (دمه) أي يقتله بنحو ذبح أو ضرب عنق بنحو سيف فيسيل دمه وخص هذه الكيفية المشتملة على إسالة الدم لكونها أغلب طرق القتل والمراد إزهاق روحه بمحدد أو مثقل أو غيرهما كنحو سم، ولما كان المنع من إراقة الدم أعظم المقاصد أو هو أعظمها أعاده صريحاً ولم يكتف بيهريقه وإن كفى والمراد الطلب المترتب عليه المطلوب أو ذكر الطلب ليلزم في الإهراق بالأولى ففيه مبالغة، ذكره الكرماني. وإنما كان هؤلاء الثلاثة أبغض المؤمنين إليه لأنهم جمعوا بين الذنب وما يزيد به قبحاً من الإلحاد وكونه في الحرم وإحداث البدعة في الإسلام وكونها من أمر الجاهلية وقتل نفس لا لغرض بل بمجرد كونه قتلاً ويزيد القبح في الأول باعتبار المحل وفي الثاني باعتبار الفاعل وفي الثالث باعتبار الفعل. قال القاضي: القاتل بغير حق يقصد ما كرهه الله من وجهين من حيث كونه ظلماً والظلم على الإطلاق مكروه مبغوض ومن حيث كونه يتضمن موت العبد ومساءته والله يكره مساءته فلذلك استحق مزيد المقت وفي كل من لفظتي المبتغى والمطلب مبالغة أخرى وذلك لأن هذا الوعيد إذا ترتب على الطالب والمتمني فكيف بالمباشر
41 ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون و تنصرون بضعفائكم( صحيح )
( حم م حب حد ك ) عن أبي الدرداء
الشرح:(1/61)
(ابغوني) 000 أي اطلبوا لي طلباً حثيثاً 000 (الضعفاء) من يستضعفهم الناس لفقرهم ورثاثتهم. قال القاضي: أي اطلبوا لي وتقربوا إليّ بالتقرب إليهم وتفقد حالهم وحفظ حقوقهم والإحسان إليهم قولاً وفعلاً واستنصاراً بهم. قال الراغب: والضعف يكون في البدن وفي النفس وفي الحال وهو المراد هنا (فإنما ترزقون) تمكنون من الانتفاع بما أخرجنا لكم(وتنصرون) تعانون على عدوكم ويدفع عنكم البلاء والأذى. قال القاضي: والنصرة أخص من المعونة لاختصاصها بدفع الضر. قال الحراني والنصر لا يكون إلا لمحق وإنما لغير المحق الظفر والانتقام (بضعفائكم) بسبب كونهم بين أظهركم أو بسبب رعايتكم ذمامهم أو ببركة دعائهم والضعيف إذا رأى عجزه وعدم قوته تبرأ عن الحول والقوة بإخلاص واستعان بالله فكانت له الغلبة وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله بخلاف القوي فإنه يظن أنه إنما يغلب الرجال بقوته فتعجبه نفسه غالباً وذلك سبب للخذلان كما أخبر الله تعالى عن بعض من شهد وقعة حنين 000000 وفي طيه إعلام بإسقاط كلمة النصر بالأسباب والعدة والعدد والآلات المتعبة الشاقة والاستغناء بتعلق القلوب بالله تعالى فنصرة هذه الأمة إنما هي بضعفائها لا بمدافعة الأجسام فلذلك افتتح المصطفى المدينة بالقرآن ويفتح خاتمة هذه الأمة القسطنطينية بالتسبيح والتكبير. قال بعض العارفين: ومن حكمته تعالى أنه أمر بالعدة للعدو وأخذه بالقوة وأخبر أن النصر بعد ذلك يكون بالضعفاء ليعلم الخلق فيما أمروا به من الاستعداد وأخذ الحذر أن يرجعوا للحقيقة ويعلموا أن النصر من عند الله يلقيه على يد الأضعف، فالاستعداد للعادة والعلم بجهة النصر في الضعيف للتوحيد وأن الأمر كله لله عادة وحقيقة يدبره كيف شاء. قال الطيبي: وفيه نهي عن مخالطة الأغنياء وتحذير من التكبر على الفقراء والمحافظة على جبر خواطرهم، ولهذا قال لقمان لابنه: لا تحقرن أحدا لخلقان ثيابه فإن ربك وربه واحد. وقال ابن معاذ:(1/62)
حبك الفقراء من أخلاق المرسلين وإيثارك مجالستهم من علامات الصالحين وفرارك منهم من علامات المنافقين00 (تنبيه)هذا الحديث وما على منواله: "هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم" قد وقع التعارض ظاهراً بينه وبين خبر مسلم "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" وعند التأمل لا تدافع إذ المراد بمدح القوة القوة في ذات الله وشدة العزيمة وبمدح الضعف لين الجانب ورقة القلب والانكسار بمشاهدة جلال الجبار أو المراد بذم القوة التجبر والاستكبار وبذم الضعف ضعف العزيمة في القيام بحق الواحد القهار على أنه لم يقل هنا أنهم ينصرون بقوة الضعفاء وإنما مراده بدعائهم أو بإخلاصهم أو نحو ذلك مما مر
42 ابن آدم ستون و ثلاثمائة مفصل على كل واحد منها في كل يوم صدقة فالكلمة الطيبة يتكلم بها الرجل صدقة و عون الرجل أخاه على الشيء صدقة و الشربة من الماء يسقيها صدقة و إماطة الأذى عن الطريق صدقة ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .
43 ابن أخت القوم منهم( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن أنس ( د ) عن أبى موسى(طب)عن جبير بن مطعم وعن ابن عباس و عن أبى مالك الأشعرى.
الشرح:
لأنه ينسب إلى بعضهم وهي أمه فهو متصل بأقربائه في كل ما يجب أن يتصل به كنصرة ومشورة ومودة وإفشاء سر ومعونة وبر وشفقة وإكرام ونحو ذلك. قال الطيبي: فمن اتصالية. ومن هذا التقرير تبين أنه لا حجة فيه لمن قال بتوريث ذوي الأرحام. قال ابن أبي جمرة: وحكمة ذكر ذلك إبطال ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات فضلاً عن أولاد الأخوات حتى قال قائلهم:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا * بنوهن أبناء الرجال الأباعد(1/63)
فقصد بالحديث التحريض على الألفة بين الأقارب. قال بعض الأعاظم: ومما يدل على أن الحديث ليس على عمومه أنه لو كان عاماً جاز أن ينسب إلى خاله مثلاً وكان معارضاً للحديث الصحيح: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام" إلى غير ذلك من الأحاديث المصححة المصرحة بالوعيد الشديد على ذلك، فعلم أنه خاص وأن المراد به أنه منهم في الصلة 000
44 ابن السبيل أول شارب يعني من زمزم ( صحيح )
( طص ) عن أبى هريرة .
الشرح:
(ابن السبيل) أي المسافر والسبيل الطريق00(أول شارب) من الشرب
قال الراغب: هو تناول كل مائع أو غيره 00(يعني) هو مقدم على المقيم من شربه (من) ماء بئر (زمزم) أي عند الازدحام لمقاساة المشاق وضعفه بالاغتراب واحتياجه إلى إبراد حر فراق الأحباب وظاهر قوله "من زمزم" أن هذه الأولية من خصائصها ولا كذلك ففي خبر البيهقي "ابن السبيل أحق بالماء والظل من الباني عليه" قال ابن الأثير: أراد أن ابن السبيل إذا مر بركية عليها قوم مقيمون فهو أحق بالماء منهم لأنه مجتاز وهم مقيمون. وأخرج البيهقي عن الحسن أن رجلاً أتى أهل ماء فاستسقاهم فلم يسقوه حتى مات عطشاً فأغرمهم عمر ديته
45 ابنا العاص مؤمنان: هشام و عمرو( صحيح )
( ابن سعد حم ك طب ) عن أبي هريرة .
46 أبن القدح عن فيك ثم تنفس( صحيح )
( سمويه في فوائده هب ) عن أبى سعيد .
الشرح:
(أبن) بفتح فكسر أمر من الإبانة أي أبعد (القدح) بالتحريك الإناء الذي تشرب منه (عن فيك) عند الشرب ندباً ولا تشرب كشرب البعير فإنه يتنفس عند الشرب فيه (ثم تنفس) فإنه أحفظ للحرمة وأبعد عن تغير الماء وأصون عن سقوط الريق فيه وأنفى عن التشبه بالبهائم في كرعها فالتشبه بها مكروه شرعاً وطباً لكن هنا شيء ينبغي التفطن له وهو أن الأمر بالإبانة إنما هو فيمن لم يرو من نفس واحد بغير عب، ذكره في المطلب والمفهم(1/64)
47 ابناي هذان: الحسن و الحسين: سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن علي وعن ابن عمر .
48 ابن سمية ما عرض عليه أمران قط إلا اختار الأرشد منهما(صحيح )
( حم ك ) عن ابن مسعود .
49 أبني ! لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس (صحيح)
( حم 4 ) عن ابن عباس .
50 أبو بكر في الجنة و عمر في الجنة و عثمان في الجنة و علي في الجنة و طلحة في الجنة و الزبير في الجنة و عبد الرحمن بن عوف في الجنة و سعد بن أبي وقاص في الجنة و سعيد بن زيد في الجنة و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة( صحيح )
( حم الضياء ) عن سعيد بن زيد ( ت ) عن عبدالرحمن بن عوف .
الشرح:(1/65)
(أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان) بن عفان (في الجنة) أمير المؤمنين وأمه بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم وهو أصغر من النبي بست سنين. قال ابن سيرين: كثر المال في زمنه حتى يبعث جارية بوزنها وفرس بمائة ألف ونحلة بألف درهم ذبح صبراً في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وله نيف وثمانون سنة وفضائله كثيرة (وعلي) بن أبي طالب (في الجنة وطلحة) بن عبد الله التيمي (في الجنة) قتل يوم الجمل ومناقبه ستجيء (والزبير) بن العوام حواري رسول الله وابن عمته (في الجنة) كيف لا وهو أول من سل سيفاً في سبيل الله قبل يوم الجمل (وعبد الرحمن بن عوف) ابن عبد عوف بن عبد الحارث (في الجنة) بدري ذو هجرتين صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه في غزوة تبوك. قال الزهري: تصدق بأربعين ألف دينار وحمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وكان عامة ماله من المتجر ومرض عثمان فعهد له بالخلافة فمات قبله عن خمس وسبعين سنة ونسبه ومن بعده إلى الأب دون من قبله لأن لأولئك من كمال الشهرة ومزيد الرفعة ما يزيد على غيرهم ولهذا كان أفضل العشرة الأربعة ثم طلحة والزبير ثم بقية العشرة (وسعد بن أبي وقاص) مالك بن أهيب بن عيد مناف بن زهرة (في الجنة) كيف لا وهو فارس الإسلام أسلم سابع سبعة مات سنة خمس وسبعين (وسعيد بن زيد في الجنة) هو العدوي من السابقين الأولين أسلم هو وزوجته فاطمة بنت الخطاب قبل عمر مات سنة إحدى وخمسين (وأبو عبيدة) عامر بن عبد الله (بن الجراح في الجنة) وهو أمين هذه الأمة قتل أباه كافراً غضباً لله ولرسوله وقد سلك المصطفى صلى الله عليه وسلم مسلك الإطناب حيث لم يقتصر على ذكر الجنة آخراً "قصداً " للكشف بعد الكشف والإيضاح غب الإيضاح رداً على الفرق الزائغة الطاغية الطاعنة في بعضهم000قال ابن جرير: وفيه جواز الشهادة بالجنة لغير نبي وفساد قول من أنكر جوازها لأحد بعد النبي وما ورد في آثار من النهي عنه إنما هو في غير من شهد الله ورسوله له(1/66)
بها. قال: وقد ورد نص من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبشارة والشهادة بالجنة لغير العشرة أيضاً كالحسنين وأمهما وجدتهما وجمع من الصحب أكثر من أن يحصوا انتهى. فتبين أنه لا تدافع بين هذا وبين تبشير العشرة لأن العدد لا ينفي الزائد ولأن العشرة خصوا بأنهم بشروا بها دفعة واحدة وغيرهم وقع مفرقاً وقد شهد الله لأهل بيعة الرضوان بأنه رضي عنهم وهو بشارة بالجنة
51 أبو بكر و عمر: سيدا كهول أهل الجنة من الأولين و الآخرين إلا النبيين و المرسلين( صحيح ) ( حم ت ه ) عن علي ( ه ) عن أبي جحيفة
( ع الضياء في المختارة ) عن أنس ( طص ) عن جابر وعن أبي سعيد .
الشرح:(1/67)
(أبو بكر) عبد الله أمير الشاكرين أفضل من طلعت عليه الشمس بعد الأنبياء وفاقاً من أهل السنة وإلزاماً للشيعة بما في الصحيح عن علي كرم الله وجهه أنه خير الناس. أسلم وأبوه وابنه وحفدته ولم يسجد لصنم قط ولا شرب خمراً 000 (وعمر) الفاروق ذو المقام الثابت المأنوق الذي أعز الله به دعوة الصادق المصدوق وفرق به بين الفصل والهزل وأظهر نواميس الفضل والعدل وأيد بما قواه به من لوامع الطول المديد شواهق التوحيد فظهرت الدعوة ورسخت الكلمة بما منحه الله من الصولة حتى شيدت الدولة (سيدا كهول أهل الجنة) يعني الكهول عند الموت لأنه ليس في الجنة كهل إذ هو من ناهز الأربعين وخطه الشيب وأهل الجنة في سن ثلاث وثلاثين فاعتبر ما كانا عليه عند فراق الدنيا ودخول الآخرة كذا قرره القرطبي وغيره وهو غير قويم إذ لو اعتبر ما كانا عليه عند الموت لما قال كهول بل شيوخ لأنهما ماتا شيخين لا كهلين فالأولى ما صار إليه بعضهم من أن المراد بالكهل هنا الحليم الرئيس العاقل المعتمد عليه يقال فلان كهل بني فلان وكاهلهم أي عمدتهم في المهمات وسيدهم في الملمات، على أن ما صار إليه أولئك من أن الكهل من ناهز الأربعين غير متفق عليه ففي النهاية الكهل من زاد عن ثلاثين إلى أربعين وقيل من ثلاث وثلاثين إلى خمسين، وفي الصحاح من جاوز الثلاثين وخطه الشيب، نعم ذكر الحراني أن الكهولة من نيف وأربعين إلى نيف وستين وعليه يصح اعتبار ما كانا عليه قبل الموت (من الأولين والآخرين) أي الناس أجمعين. وهذا إطناب أتي به لقصد التعميم ودخول الكافة تحت حيطته إلا ما أخرجه بقوله (إلا) وفي رواية لكثيرين ما خلا (النبيين والمرسلين) 000
52 أبو سفيان بن الحارث خير أهلي(حسن)(طب ك)عن أبي حبة البدري .
53 أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة و ألين قلوبا الإيمان يمان و الحكمة يمانية و الفخر و الخيلاء في أصحاب الإبل و السكينة و الوقار في أهل الغنم
( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .(1/68)
54 أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا و أرق أفئدة الفقه يمان و الحكمة يمانية( صحيح ) ( ق ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أتاكم) جاءكم أيها الصحابة وفي رواية لمسلم "جاء" (أهل اليمن) أي طائفة منهم وهو وفد الأشعريين ثم وفد حمير قدموا عليه بتبوك، واليمن اسم لما عن يمين القبلة من بلاد الغور (هم أضعف قلوباً) أعطفها وأشفقها وفي رواية للشافعي: "ألين قلوباً" جمع قلب وهو القوة المدركة أو العقل أو العضو0000000(وأرق أفئدة) ألينها وأسرعها قبولاً للحق واستجابة للداعي لأنهم أجابوا إلى الإسلام بدون محاربة للين قلوبهم بخلاف أهل المشرق فهو وصف لهم بسلامة الفطرة، إذ القلب القاسي لا يقبل الحق وإن كثرت دلائله: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} ولا يقبل الآيات إلا من لان قلبه فهو إلى نظر ما في الغيوب أقرب فهماً في تفتيق خلال الحجب عن معرفة المراد "والفؤاد" وسط القلب أو غشاؤه أو عينه وصفه بوصفين إشارة إلى أن بناء الإيمان على الشفقة والرأفة على الخلق فمن كان في هذه الصفة أصفى قلباً كان للحكمة أهلاً والمراد باللين خفض الجناح والاحتمال وترك الترفع إذ لا يظهر هذا الجلال إلا فيمن لان قلبه وقد قال صلى الله عليه وسلم "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً" فنتج أن أهل اليمن أكمل الناس إيماناً وأن الحكمة من أوصاف من كمل إيمانه00 وهذه صفة خواصهم دون عوامهم الذين أجابوا الأسود العنسي وطليحة الأسدي لما ادعيا النبوة على أن أراد به في خصوص هذه الرواية قوماً بأعيانهم فأشار إلى من جاء منهم إلى بلدهم كما ذكره ابن حجر. قال: وأبعد الحكيم الترمذي حيث زعم أن المراد به واحد هو أويس القرني. ولما وصفهم بالعطف والشفقة والرقة المقتضية لكمال الإيمان أشار إلى أن ثمرة ذلك الفهم والحكمة بقوله (الفقه) أي الفهم في الدين أو أعم. قال الراغب: "الفقه" التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم: {ذلك بأنهم قوم لا يفقهون}(1/69)
(يمان) أي يمني فالألف فيه عوض عن ياء النسبة (والحكمة) قال القاضي: هي اشتغال النفس الإنسانية باقتباس النظريات وكسب الملكة التامة والمداومة على الأفعال الفاضلة بقدر الطاقة البشرية ولما لم يشمل تعريفه حكمة الله. قال بعض المحققين: الحكمة العلم بالأشياء كما هي والعمل بها كما ينبغي. قال ابن حجر أخذاً من كلام النووي: والمراد بها هنا العلم المشتمل على المعرفة بالله. وقال في موضع آخر: أصح ما قيل فيها أنها وضع الشيء في محله (يمانية) بتخفيف الياء وتشدد كما قيل في الاقتضاب وحكاه المبرد وغيره لغة نادرة، فلما كانت قلوبهم معادن الإيمان وينابيع الحكمة وكانت الخلتان منتهى هممهم نسب الإيمان والحكمة إلى معادن نفوسهم ومساقط رؤسهم كنسبة الشيء إلى مقره ومن اتصف بشيء نسب إليه إشعاراً بكماله فيه وإن شاركه غيره في ذلك الكمال000000
55 أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة و تغلق فيه أبواب الجحيم و تغل فيه مردة الشياطين و فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم (صحيح )
( حم ن هب ) عن أبي هريرة .
56 أتاني آت من عند ربي فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة و بين الشفاعة فاخترت الشفاعة و هي لمن مات لا يشرك بالله شيئا ( صحيح )
( حم ) عن أبي موسى ( ت حب ) عن عوف بن مالك الأشجعي .
الشرح:(1/70)
(أتاني آت) أي ملك أو هو النفث 000 (من عند ربي) أي برسالة بأمره وأطنب بزيادة العندية إيذاناً بتأكد القضية (فخيرني) في الآتي عن الله وعبر بالرب المشعر بالتربية والإحسان والامتنان وتبليغ الشيء إلى كماله لأنه أنسب بالمقام (بين أن يدخل) بضم أوله يعني الله (نصف أمتي) أمة الإجابة (الجنة وبين الشفاعة) أي شفاعتي فيهم يوم القيامة (فاخترت الشفاعة) لعمومها إذ بها يدخلها ولو بعد دخول النار كل من مات مؤمناً كما قال (وهي) أي والحال أنها كائنة أو حاصلة ويحتمل جعل الواو للقسم أي والله هي حاصلة (لمن مات) من هذه الأمة ولو مع إصراره على جميع الكبائر لكنه (لا يشرك بالله شيئاً) أي ويشهد أني رسوله ولم يذكره اكتفاء بأحد الجزأين عن الآخر لعلمهم بأنه لابد من الإتيان بهما لصحة الإسلام فالمراد أنه يكون مؤمناً بكل ما يجب الإيمان به وهذا متضمن لكرامة المصطفى على ربه وأفضاله على أمته ووفورشفقة النبي صلى الله عليه وسلم عليهم...
57 أتاني آت من عند ربي عز و جل فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات و محا عنه عشر سيئات و رفع له عشر درجات و رد عليه مثلها (صحيح) (حم ) عن أبى طلحة
الشرح:(1/71)
(أتاني آت من عند ربي عز وجل فقال من صلى عليك من أمتك) الإضافة للتشريف قال الحراني: الصلاة الإقبال بالكلية على أمر فيكون من الأعلى عطفاً شاملاً ومن الأدنى وفاء بانحاء التذلل والإقبال بالكلية على التلقي (صلاة) أي طلب لك من الله دوام التشريف ومزيد التعظيم ونكرها ليفيد حصولها بأي لفظ كان لكن الأفضل ما في الصحيح قولوا اللهم صل على محمد وقال من صلى دون من ترحم إيذاناً بأنه لا يدعى له بالرحمة كما في الاستذكار وإن كانت بمعنى الصلاة عند كثيرين لأنه خص بلفظها تعظيماً فلا ينبغي إطلاقها عليه إلا تبعاً للصلاة أو السلام كما في التشهد (كتب الله) قدر أو أوجب أو في اللوح أو في جبينه أو في صحيفته وعلى ما عدا الأولين فإضافة الكتابة للذات المتعالية للتشريف إذ الكاتب الملائكة(1/72)
(له بها عشر حسنات) أي ثوابها مضاعفاً إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لأن الصلاة ليست حسنة واحدة بل حسنات إذ بها تجديد الإيمان بالله أولاً ثم بالرسالة ثم بتعظيمه ثم العناية بطلب الكرامة له ثم بتجديد الإيمان باليوم الآخر ثم بذكر الله ثم بتعظيمه بنسبتهم إليه ثم بإظهار المودة ثم بالابتهال والتضرع في الدعاء ثم بالاعتراف بأن الأمر كله لله وأن النبي صلى الله عليه وسلم مع جلالة قدره مفتقر إلى رحمة ربه فهذه عشر حسنات قال الراغب: والحسنة يعبر بها عن كل ما يسر من نعمة ينالها الإنسان في نفسه وبدنه ومتعلقاته سميت به لحسنها والسيئة تضادها وهما من الألفاظ المشتركة00(ومحا) أزال يقال محوته محوا ومحيته محيا أزلته وذلك بأن يمحوها من صحف الحفظة وأفكارهم (عنه عشر سيئات) جمع سيئة أي قبيحة سميت به لسوئها لصاحبها والفرق بينها وبين الخطيئة أنها قد تقال فيما يقصد بالذات والخطيئة تغلب فيما يقصد بالعرض لأنها من الخطأ ذكره القاضي (ورفع له) في الجنة (عشر درجات) رتباً عالية فيها والدرجات الطبقات من المراتب 00 (ورد عليه مثلها) أي رحمة وضاعف أجره نقله النووي عن عياض ثم قال: وقد تكون الصلاة على وجهها وظاهرها كلاماً تسمعه الملائكة تشريفاً وقال ابن القيم: ليست الصلاة مرادفة للرحمة لعطفها عليها ولأن صلاته خاصة بخواصه ورحمته وسعت كل شيء، نعم الرحمة من لوازمها فمن فسرها بها فقد فسرها ببعض لوازمها وما ذكر في هذا الخبر يدل عليه إذ صلاة العبد على النبي صلى الله عليه وسلم ليست هي رحمة من العبد لتكون صلاة الله عليه من جنسها بل ثناء عليه والجزاء من جنس العمل فمن أثنى على رسوله جازاه بمثل عمله بأن يثني عليه فصح ارتباط الجزاء بالعمل ومشاكلته له فيا لها من بشارة ما أسناها. وظاهره حصول الثواب الموعود وإن لم تقترن الصلاة بسلامة فيشكل على نقل النووي كراهة الإفراد وحصوله مع قرب المصلى عليه وبعده وأنه لا مزية للصلاة عند قبره(1/73)
عليها من بعد 000000
58 ( أتاني الليلة آت من عند ربي فقال: صل في هذا الوادي المبارك - يعني العقيق - و قل عمرة في حجة ) ( صحيح ) حم خ د عن عمر .
59 أتاني الليلة ربي تبارك و تعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت لا فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات و ما في الأرض فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت: نعم في الكفارات و الدرجات و الكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات و المشي على الأقدام إلى الجماعات و إسباغ الوضوء في المكاره قال: صدقت يا محمد ! و من فعل ذلك عاش بخير و مات بخير و كان من خطيئته كيوم ولدته أمه و قال: يا محمد إذا صليت فقل اللهم إني أسألك فعل الخيرات و ترك المنكرات و حب المساكين و أن تغفر لي و ترحمني و تتوب علي و إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون و الدرجات: إفشاء السلام و إطعام الطعام و الصلاة بالليل و الناس نيام ( صحيح )
( عب حم عبد بن حميد ت ) عن ابن عباس .
60 أتاني جبريل بالحمى و الطاعون فأمسكت الحمى في المدينة و أرسلت الطاعون إلى الشام فالطاعون شهادة لأمتي و رحمة لهم و رجس على الكافرين ( صحيح ) ( حم ابن سعد ) عن أبي عسيب .
الشرح:
(أتاني جبريل) كفعيل بالكسر وفيه نحو عشرين وجهاً وهو سرياني معناه عبد الرحمن أو عبد العزيز كما صح عن الحبر وإيل اسم الله عند الأكثر. قال البيهقي: واسمه وإن كان أعجمياً لكنه موافق لمعناه العربي، إذ الجبر إصلاح ما وهي وهو موكل بالوحي المصلح لما وهي من الدين (بالحمى) باؤه للتعدية وهي حرارة بين الجلد واللحم والعظم أنواعها متكثرة(1/74)
(والطاعون) بثرة مع لهب واسوداد من مادة سمية 000 (فأمسكت) حبست (الحمى بالمدينة) النبوية لكونها لا تقتل غالباً بل قد تنفع كما بينه ابن القيم. وهذا كان أولاً ثم لما رأى ما أصاب أصحابه حين هاجروا إليها من حماها من البلاء والسقم دعى الله فنقلها إلى الجحفة حتى صارت لا يمر بها طائر إلا حم وسقط كما يجيء لكن بقيت منها البقية للتكفير00(وأرسلت الطاعون إلى الشام) 000 وخص الشام بإرساله لأنه كان بها في قصة الجبابرة مع موسى ولأنها أخصب الأرض والخصب مظنة الآشر والنظر فجعل بها ليزجرهم عن المنهيات ويقودهم للمأمورات وهذا لم يزل به سلطانها ومن ثم قالوا لا طواعين كطواعين الشام (فالطاعون شهادة) أخروية (لأمتي) أمة الإجابة (ورحمة لهم) أي مغفرة لذنوبهم ورفع لدرجاتهم بشروط تأتي (ورجز) وفي رواية "رجس" أي عذاب نشأ عن غضب. قال الزمخشري: من ارتجز اضطرب لما يلحق المعذب من القلق والاضطراب (على الكافرين) وفي رواية "الكافر" والمراد به الجنس ولكون هذا كالتتمة والرديف لما قبله لم يراع تمام المقابلة بقوله "ونقمة لهم" قال ابن حجر: هذا يدل على أنه اختارها على الطاعون وأقرها بالمدينة ثم دعا الله فنقلها بالجحفة كما في الصحيحين وبقي منها بقية ولا يعارضه الدعاء برفع الوباء عنها لندرة وقوعه فيها بخلاف الطاعون لم ينقل قط أنه دخلها انتهى. وخص الجحفة بنقلها إليها لأنها كانت مساجد اليهود واستشكل نقل الحمى إليها مع جعلها ميقاتاً للحج وأجيب بأنه لما علم من قواعد الشرع أنه لا يأمر بما فيه ضرر وجب حمل ذلك على أنها انتقلت إليها مدة مقام اليهود بها ثم زالت بزوالهم من الحجاز أو قبله حين التوقيت بها
61 أتاني جبريل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا - يعني الحسين - و أتاني بتربة من تربته حمراء( صحيح ) ( ك ) عن أم الفضل بنت الحارث .(1/75)
62 أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي و من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية( صحيح ) ( حم 4 حب ك هق ) عن السائب بن خلاد .
الشرح:
(أتاني جبريل فأمرني) عن الله تعالى بدليل الرواية الآتية أمر ندب (أن آمر أصحابي ومن معي) عطفه على أصحابه دفعاً لتوهم أن مراده بهم من صحبه وعرف به لطول ملازمته وخدمته دون من رافقه واتبعه وقتاً ما، فجمع بينهما ليفيد أن مراده بهم من صحبه ولو في وقت حتى من لم يره إلا مرة فالعطف لزيادة الاهتمام بشأن تعليمهم إذ من قرب عهده بالإسلام أو بالهجرة أحق بتأكيد الوصية والتعريف بالسنة والإعلام بالأحكام وأما الخواص فمظنة الإطلاع على خفايا الشريعة ودقائقها واحتمال إرادة المعية في الدين ساقط 00 (أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) إظهاراً لشعائر الإسلام وتعليماً للجاهل ما هو مندوب في ذلك المقام. قال ابن العربي: وذلك أنهم كانوا يوقرون المصطفى ويمتثلون ما أمروا به من خفض الصوت في التكبير والتسبيح في السفر فاستثنى لهم التلبية من ذلك فصاروا يرفعون أصواتهم بها جدا روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح كما في الفتح كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم وأخرج أيضا بإسناد صحيح عن بكر المزني كنت مع ابن عمر فلبى حتى أسمع ما بين الجبلين 000
63 أتاني جبريل فبشرني أن الحسن و الحسين: سيدا شباب أهل الجنة
( صحيح ) ( ابن سعد ) عن حذيفة .
64 أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فقلت: و إن زنى و إن سرق ؟ فقال: و إن زنى و إن سرق( صحيح )
( ق ) عن أبي ذر
الشرح:(1/76)
(أتاني جبريل) وفي رواية عرض لي الظهر (فبشرني) أخبرني بما يسرني بأن قال لي (من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً) أي وشهد بأنك رسوله ولم يذكره اكتفاء بأحد الجزأين عن الآخر لما مر (دخل الجنة) وإن لم يتب ولم يعف عنه (فقلت: وإن زنى وإن سرق قال: وإن زنى وإن سرق) وارتكب كل كبيرة واقتحم كل فجور فلا بدّ من دخوله إياها إما ابتداء إن عفي عنه أو بعد دخوله النار حسبما نطقت به الأخبار الدالة على أنه لا يبقى في النار موحد، فالكبائر لا تسلب الإيمان ولا تحبط الطاعة إذ لو كانت محبطة موازنة أو غيرها لزم أن لا تبقى لبعض الزناة أو السراق طاعة والقائل بالاحباط يحيل دخول الجنة وبما تقرر آنفاً علم أن جواب أن محذوف لدلالة الواو عليه لأنها ترد الكلام على أوّله ولو سقطت الواو لكان الزنا والسرقة شرطاً في دخول الجنة فالمعنى وإن زنى وإن سرق لم يمنعه ذلك من دخولها، ثم إن في اختلاف هذا الحديث وما قبله زيادة ونقصاناً وتقديماً وتأخيراً مع اتحاد الصحابي إما لأنه سمعه من المصطفى مرتين كذلك أو حكاه بلفظه مرة وبمعناه أخرى وسكت عن الخمر في إحدى الروايتين سهواً أو لعروض شاغل 00000 قال الطيبي: وهو قانون عظيم في الدين وعليه مبني قواعد الجماعة أن الحسن والقبح شرعيان وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
65 أتاني جبريل فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف فقلت: أسأل الله معافاته و مغفرته فإن أمتي لا تطيق ذلك ثم أتاني الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرفين فقلت: أسأل الله معافاته و مغفرته إن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءني الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرف فقلت: أسأل الله معافاته و مغفرته و إن أمتي لا تطيق ذلك ثم جاءني الرابعة فقال: إن الله عز و جل يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على سبعة أحرف فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا( صحيح ) ( م د ن ) عن أبي بن كعب .(1/77)
66 أتاني جبريل فقال: بشر أمتك أنه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت: يا جبريل و إن سرق و إن زنى ؟ قال: نعم قلت: و إن سرق و إن زنى ؟ قال: نعم قلت: و إن سرق و إن زنى ؟ قال: نعم و إن شرب الخمر( صحيح ) ( حم ت ن حب ) عن أبي ذر .
الشرح:(أتاني جبريل) لم يقل قال لي جبريل إيذاناً بأنه أمر يهتم به بحيث أتاه تلك المرة خصوص ذلك القول اهتماماً بشأنه فلم يكن ذكره له بطريق العرض في أثناء حديث فاوضه فيه وفي رواية للبخاري: "عرض لي في جانب الحرة (فقال: بشر أمتك) أمة الإجابة بقرينة ذكره البشارة ولو قال قل لأمتك لصلح لإرادة العموم (أنه) أي الشأن (من مات لا يشرك بالله شيئاً) أي غير مشرك به شيئاً فهو نصب على الحال من ضمير مات واقتصر على نفي الشرك لظهوره في ذلك الزمن والمراد مصدقاً لما جاء به الشرع من كل ما يجب الإيمان به إجمالاً في الإجمالي وتفصيلاً في التفصيلي وجواب الشرط (دخل الجنة) أي عاقبة أمره دخولها وإن مات مصراً على الكبائر ودخل النار (قلت يا جبريل) ناداه ليقبل على استماع سؤاله فيجيبه ويتلذذ بذكر اسم الجبيب (وإن سرق وإن زنى) أي أيدخل الجنة وإن سرق وإن زنى؟ ففيه استفهام مقدر ووجه الاستفهام ما تقرر عنده قبل ذلك من الآيات الواردة في وعيد أهل الكبائر بالنار فلما سمع أن من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة أستفهم عن ذلك بقوله "وإن" إلى آخره (قال نعم) يدخلها وإن فعل ذلك وإنما بشره جبريل بذلك بأمر تلقاه عن ربه فكأنه تعالى قال له بشر محمداً أن من مات من أمته لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة وإن، وقع منه ذلك ولهذا ترجم البخاري على هذا الحديث. باب كلام الرب مع جبريل ثم أورده (قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم) كرر الاستفهام استثباتاً واشتياقاً واستعظاماً لشأن الدخول مع مباشرة الكبائر أو تعجباً منه، واقتصر من الكبائر على ذينك لأن الحق إما لله أو للعباد فأشار بالزنا(1/78)
إلى الأول وبالسرقة إلى الثاني وبين أن دخول الجنة لا يتوقف على تجنبهما. 0000 والأحاديث الدالة على دخول من مات غير مشرك الجنة يبلغ القدر المشترك منها مبلغ التواتر وهي قاصمة لظهور المعتزلة الزاعمين خلود أرباب الكبائر في النار ثم أكد جبريل ما ذكره تتميماً للمبالغة بقوله: (وإن شرب الخمر) فإن شربها لا يمنعه من دخولها ونص عليه إشارة إلى نحوسة هذه الكبيرة وفظاعتها لأنها تؤدي إلى خلل العقل الذي شرف به الإنسان على غيره من الحيوان 000
67 أتاني جبريل فقال لي: إن الله يأمرك أن تأمر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعائر الحج ( صحيح )
( حم ه حب ك ) عن زيد بن خالد .
الشرح:
000000أي من أعلامه وعلاماته وأعماله الواحدة شعيرة أو شعارة بالكسر والمشاعر مواضع النسك وقال الزمخشري أعلام الحج وأعماله وكما أنها من شعار الحج هي من شعار العمرة واقتصر عليه لأنه قاله عند إحرامه بحجة الوداع 000
68 أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان على الباب تماثيل و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل و كان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت فليقطع فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر فليقطع فيجعل وسادتين منبذتين توطئان و مر بالكلب فليخرج( صحيح ) ( حم د ت هق ) عن أبي هريرة .
69 أتاني جبريل فقال: يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيها إدام أو طعام أو شراب فإذا هي قد أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها و مني و بشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيها و لا نصب ( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة .
70 أتاني جبريل فقال: يا محمد اشتكيت؟ قلت: نعم قال: بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك من شر كل نفس وعين حاسد بسم الله أرقيك والله يشفيك
( صحيح ) حم م ت ه أبي سعيد ( حم ه حب ك ) عن عبادة بن الصامت .(1/79)
71 أتاني جبريل فقال: يا محمد ! أما يرضيك أن ربك عز و جل يقول: إنه لا يصلي عليك من أمتك أحد صلاة إلا صليت عليه بها عشر و لا يسلم عليك أحد من أمتك تسليمة إلا سلمت عليه عشرا فقلت: بلى أي رب !
( صحيح ) ( حم ن حب ك الضياء ) عن أبي طلحة .
72 أتاني جبريل فقال: يا محمد ! إن الله عز و جل لعن الخمر و عاصرها و معتصرها و شاربها و حاملها و المحمولة إليه و بائعها و مبتاعها و ساقيها و مسقيها ( صحيح ) ( طب ك هب الضياء ) عن ابن عباس .
73 أتاني جبريل فقال: يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت و أحبب من شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك مجزي به و اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل و عزه استغناؤه عن الناس( حسن ) ( الشيرازي في الألقاب ك هب ) عن سهل بن سعد ( هب ) عن جابر ( حل ) عن علي .
الشرح:(1/80)
(أتاني جبريل فقال) لي (يا محمد) خاطبه به دون رسول الله أو النبي صلى الله عليه وسلم لأنه المناسب لمقام الوعظ والتذكير والإيذان بفراق الأحباب والخروج من الدنيا ودخول الآخرة والحساب والجزاء وبدأ بذكر الموت لأنه أفظع ما يلقاه الإنسان وأبشعه فقال (عش ما شئت فإنك ميت) بالتشديد والتخفيف أي آيل إلى الموت عن قرب فهو مجاز باعتبار ما يكون في المستقبل قريباً قطعاً (وأحبب) بفتح الهمزة وكسر الموحدة الأولى (من شئت) من الخلق (فإنك مفارقه) بموت أو غيره وما من أحد في الدنيا إلا وهو ضعيف وما بيده عارية فالضيف مرتحل والعارية مردودة قال الغزالي للقصد بهذا تأديب النفس عن البطر والأشر والفرح بنعيم الدنيا بل بكل ما يزايله بالموت فإنه إذا علم أن من أحب شيئاً يلزمه فراقه ويشقى لا محالة بفراقه شغل قلبه بحب من لا يفارقه وهو ذكر الله فإن ذلك يصحبه في القبر فلا يفارقه وكل ذلك يتم بالصبر أياماً قلائل فالعمر قليل بالإضافة إلى حياة الآخرة وعند الصباح يحمد القوم السرى فلا بد لكل إنسان من مجاهدة فراق ما يحبه وما فيه فرحه من أسباب الدنيا وذلك يختلف باختلاف الناس فمن يفرح بمال أو جاه أو بقبول في الوعظ أو بالعز في القضاء والولاية أو بكثرة الإتباع في التدريس والإفادة يترك أولاً ما به فرحه ثم يراقب الله حتى لا يشتغل إلا بذكر الله والفكر فيه ويكف عن شهواته ووساوسه حتى يقمع مادتها ويلزم ذلك بقية العمر فليس للجهاد آخر إلا الموت000(واعمل ما شئت) من خير(فإنك مجزي به) بفتح الميم وسكون الجيم وكسر الزاي وشد المثناة تحت أي مقضى عليك بما يقتضيه عملك وبضم الميم وفتح الزاي منوناً أي مكافأ عليه. ولما ذكر الموت والمجازاة وخوف بما علم منه أن من يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره أردفه ببيان أعظم نافع من تلك الأهوال فقال (واعلم) بصيغة الأمر إفادة لغير ما علم للدلالة على أنه تعلم وعلم لأن العلم لا يتم حتى يصل(1/81)
إلى الغير فيجمع فضل العلم والتعليم ذكره الحراني (أن شرف المؤمن) رفعته 00(قيامه بالليل) أي علاه ورفعته إحياء الليل بدوام التهجد فيه والذكر والتلاوة وهذا بيان لشيء من العمل المشار إليه بقوله اعمل ما شئت، ولما كان الشرف والعز أخوين استطرد ذكر ما يحصل به العز فقال (وعزه) قوته وعظمته وغلبته على غيره (استغناؤه) اكتفاؤه بما قسم له (عن الناس) أي عما في أيديهم ولهذا قال حاتم لأحمد وقد سأله: ما السلامة من الدنيا وأهلها؟ قال: أن تغفر لهم جهلهم وتمنع جهلك عنهم وتبذل لهم ما في يدك وتكون مما في أيديهم آيساً قال الغزالي: ومن لا يؤثر عز النفس على شهوة البطن فهو ركيك العقل ناقص الإيمان ففي القناعة العز والحرية ولذلك قيل استغن عمن شئت فأنت نظيره واحتج إلى من شئت فأنت أسيره وأحسن إلى من شئت فأنت أميره وقال بعضهم: الفقر لباس الأحرار والغنى بالله لباس الأبرار والقيام انتصاب القامة ولما كانت هيئة الانتصاب أكمل هيآت من له القامة وأحسنها استعير ذلك للمحافظة على استعمال الإنسان نفسه في الصلاة ليلاً فمعنى قيام الليل المحافظة على الصلاة فيه وعدم تعطيله باستغراقه بالنوم أو اللهو قال الزمخشري: قام على الأمر دام وثبت. وقد تضمن الحديث التنبيه على قصر الأمل والتذكير بالموت واغتنام العبادة وعدم الاغترار بالاجتماع والحث على التهجد وبيان جلالة علم جبريل وغير ذلك قال الغزالي: جمعت هذه الكلمات حكم الأولين والآخرين وهي كافية للمتأمل فيها طول العمر إذ لو وقف على معانيها وغلبت على قلبه غلبة يقين استغرقته وحالت بينه وبين النظر إلى الدنيا بالكلية والتلذذ بشهواتها وقد أوتي المصطفى صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم وكل كلمة من كلماته بحر من بحور الحكمة(1/82)
74 أتاني جبريل فقال: يا محمد ! قل قلت: و ما أقول ؟ قال: قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر و لا فاجر من شر ما خلق و ذرأ و برأ و من شر ما ينزل من السماء و من شر ما يعرج فيها و من شر ما ذرأ في الأرض و برأ و من شر ما يخرج منها و من شر فتن الليل و النهار و من شر كل طارق يطرق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ( صحيح )
( حم طب ) عن عبدالرحمن بن خنبش .
75 أتاني جبريل فقال: يا محمد ! من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين قال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين قال: و من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين فقلت: آمين
( صحيح ) ( طب ) عن جابر بن سمرة .
76 أتاني جبريل في أول ما أوحي إلي فعلمني الوضوء و الصلاة فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من الماء فنضح بها فرجه( صحيح )
( حم قط ك ) عن أسامة عن أبيه زيد بن حارثة .
الشرح:(1/83)
(أتاني جبريل في أول ما أوحي إليّ) وذلك عند انصرافه من غار حراء كما في الدلائل وغيرها (فعلمني الوضوء) بالضم استعمال الماء في الأعضاء الأربعة بالنية عند الشافعية وكذا بدونها عند الحنفية (والصلاة) الأذكار المعروفة والأفعال المشهورة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم وأصلها الدعاء قال الله تعالى {وصل عليهم} أي ادع لهم وفيما نقله الشرع إليه باشتمال على الدعاء قال في الوفاء لم يذكر كيفية الصلاة في هذا الحديث وقد ذكر في حديث البراء أنها ركعتان وهذه الصلاة كانت نفلاً لأن الخمس لم تفرض إلا ليلة الإسراء وقيل بل فرضت الصلاة قبله ركعتين قبل غروب الشمس وركعتين قبل طلوعها ثم فرضت الخمس ليلة الإسراء وهو مروي عن عائشة وغيرها وقيل بل المراد بالصلاة هنا التهجد فإنه فرض عليه ثم نسخ قال السهيلي: فالوضوء على هذا الحديث مكي بالفرض مدني بالتلاوة لأن آية الوضوء كانت قبل فرض الصلاة يعني الصلوات ليلة الإسراء قال: ويقويه قوله في خبر فيه لين أن جبريل علمه إياه حين نزول الوحي عليه في غار حراء وقال: ويؤيده ما في أخبار صحاح أن من قبلنا كانوا يتوضؤن للصلاة كما في قصة سارة والراهب (فلما فرغ الوضوء) أي أتمه (أخذ غرفة من الماء) قال ابن حجر في المختصر: وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف (فنضح) وفي رواية فرشّ (بها فرجه) يعني رش بالماء الإزار الذي يلي محل الفرح من الآدمي لأن جبريل ليس له فرج إذ الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث كما مر فيندب رش الفرج عقب الوضوء لدفع الوسوسة وفي رواية ذكرها ابن سيد الناس وجهه بدل فرجه وفي رواية الفرج، والنضح الرش والفرج أصله فرجة بين شيئين ثم كنى به عن السوأة وكثر حتى صار كالصريح فيه(1/84)
77 أتاني جبريل من عند الله تبارك و تعالى فقال: يا محمد ! إن الله عز و جل يقول: إني قد فرضت على أمتك خمس صلوات فمن وافى بهن على وضوئهن و مواقيتهن و ركوعهن و سجودهن كان له عندي بهن عهد أن ادخله بهن الجنة و من لقيني قد انتقص من ذلك شيئا فليس له عندي عهد إن شئت عذبته و إن شئت رحمته ( صحيح ) ( الطيالسي محمد بن نصر في كتاب الصلاة طب الضياء في المختارة ) عن عبادة بن الصامت .
78 أتاني جبريل و ميكائيل فقعد جبريل عن يميني و ميكائيل عن يساري فقال جبريل: يا محمد اقرأ القرآن على حرف فقال ميكائيل: استزده فقلت: زدني فقال: اقرأه على ثلاثة أحرف فقال ميكائيل: استزده فقلت: زدني كذلك حتى بلغ سبعة أحرف فقال: اقرأه على سبعة أحرف كلها شاف كاف
( صحيح ) ( حم عبد بن حميد ن ) عن أبي بن كعب ( حم طب ) عن أبي بكرة ( ابن الضريس ) عن عبادة بن الصامت .
79 أتاني ملك فسلم علي - نزل من السماء لم ينزل قبلها- فبشرني أن الحسن و الحسين: سيدا شباب أهل الجنة و أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة
( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن حذيفة .
الشرح:(1/85)
(أتاني ملك فسلم عليّ) فيه أن السلام متعارف بين الملائكة (نزل من السماء) من النزول وهو الإهواء من علو إلى أسفل (لم ينزل قبلها) صريح في أنه غير جبريل ولا يعارضه رواية المستدرك أتاني جبريل لإمكان تعدد المجيء للبشارة فمرة جبريل وأخرى غيره (فبشرني أن) أي بأن (الحسن والحسين) لم يسم بهما أحد قبلهما 000(سيدا شباب أهل الجنة) أي من مات شابا في سبيل الله من أهل الجنة ولم يرد سن الشباب حقيقة لموتهما وقد اكتهلا وهذا مخصوص بغير عيسى ويحيى لاستثنائهما في حديث الحاكم بقوله إلا ابني الخالة وقيل أراد أن لهما السؤدد على أهل الجنة وعليه فيخص بغير الأنبياء والخلفاء الأربعة (وأن فاطمة) أمهما (سيدة نساء أهل الجنة) قال المصنف فيه دلالة على فضلها على مريم سيما إن قلنا بالأصح أنها غير نبية وكانت فاطمة من فضلاء الصحابة وبلغاء الشعراء وكانت أحب أولاده إليه 000 وفضائلها وفضائل ابنيها جمة ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم لهم وثناؤه عليهم ونشره لغرر مآثرهم وباهر مناقبهم ومفاخرهم من الشهرة بالمحل الأرفع وقد بسط ذلك خلق في عدة مؤلفات مفردة
80 أتحب أن يلين قلبك و تدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم و امسح رأسه و أطعمه من طعامك يلن قلبك و تدرك حاجتك( صحيح )
( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(أتحب) استفهام فيه معنى الشرط أي إن أحببت أيها الرجل الذي شكى إلينا قسوة قلبه (أن يلين قلبك) يترطب ويتسهل 000 (وتدرك حاجتك) أي تظفر بمطلوبك فقال الرجل بلى يا رسول الله قال (ارحم اليتيم) أي الذي مات أبوه فانفرد عنه واليتم الانفراد ومنه الدرة اليتيمة للمنفردة في صفائها 00000(1/86)
(وامسح رأسه) تلطفاً وإيناساً أي بالدهن إصلاحاً لشعره أو باليد لما جاء في حديث آخر يشعر بإرادة مسح رأسه مع ذلك باليد000(وأطعمه من طعامك) أي مما تملكه من الطعام أو لا تؤثر نفسك عليه بنفيس الطعام وتطعمه دونه بل أطعمه مما تأكل منه (يلين قلبك) بالرفع على الاستئناف وبالجزم جواباً للأمر (وتدرك حاجتك) أي فإنك إن أحسنت إليه وفعلت ما ذكر يحصل لك لين القلب وتظفر بالبغية وفيه حث على الإحسان إلى اليتيم ومعاملته بمزيد الرعاية والتعظيم وإكرامه لله تعالى خالصاً قال الطيبي وهو عام في كل يتيم سواء كان عنده أو لا فيكرمه وهو كافله أما إذا كان عنده فيلزمه أن يربيه تربية أبيه ولا يقتصر على الشفقة عليه والتلطف به ويؤدبه أحسن تأديب ويعلمه أحسن تعليم ويراعي غبطته في ماله وتزويجه، وفيه أن مسح رأسه سبب مخلص من قسوة القلب المبعدة عن الرب فإن أبعد القلوب من الله القلب القاسي 000 وفيه أن من ابتلي بداء من الأخلاق الذميمة يكون تداركه بما يضاده من الدواء فالتكبر يداوى بالتواضع والبخل بالسماحة وقسوة القلب بالتعطف والرقة00000
81 أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء ؟ قولوا: اللهم أعنا على شكرك و ذكرك و حسن عبادتك( صحيح ) ( ك حل ) عن أبي هريرة .
82 اتخذوا الغنم فإنها بركة( صحيح )
( طب خط ) عن أم هانئ ورواه ( ه ) بلفظ: اتخذي غنما فإنها بركة .
الشرح:(1/87)
(اتخذوا) ندباً وإرشاداً (الغنم) محركة الشاء لا واحد لها من لفظها الواحدة شاه اسم مؤنث للجنس يقع على الذكر والأنثى (فإنها بركة) أي خير ونماء لسرعة نتاجها وكثرته لأنها تنتج في العام مرتين وتولد الواحد والاثنين ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها وجه الأرض والسباع تلد ستاً وسبعاً ولا يرى منها إلا الواحد في الأطراف ومن ثم ورد ما من نبي إلا ورعى الغنم، زاد البخاري قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا رعيتها لأهل مكة على قراريط أي كل شاة بدينار وقيل موضع بقرب مكة وقد كان التفاخر بالغنم بين أهل اللسان معروفاً من قديم الزمان حسبما يشهد بذلك قصائد فحول قدماء الشعراء كامرئ القيس 000000
83 اتخذي غنما فإنها تروح بخير و تغدوا بخير(حسن)(حم)عن أم هانئ .
84 أتدرون أين تذهب هذه الشمس ؟ إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها: ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها أتدرون متى ذاكم ؟ حين ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) . ( صحيح ) ( م ) عن أبي ذر .
85 أتدرون ما العضه ؟ نقل الحديث من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم( صحيح ) ( خد هق ) عن أنس .
الشرح:(1/88)
(أتدرون) أتعلمون أو أتعرفون0000(ما العضه) بفتح المهملة وسكون المعجمة وضم الهاء البهتان الذي يحير قال في الصحاح: العضه الرمي بالبهتان وقال في القاموس: عضه كمنع كذب وجاء بالإفك والبهتان وفلاناً أبهته وقال فيه ما لم يكن وسخر ونم انتهى. وعنون بالاستفهام تنبيهاً على فخامة ما يلقيه من الكلام وإشارة إلى أنه يتعين معرفته ويقبح الجهل به ولما قال ذلك قالوا: الله ورسوله أعلم قال (نقل الحديث) أي ما يتحدث به (من بعض الناس إلى بعض ليفسدوا بينهم) أي لأجل أن يفسد الناقلون المفهومون من نقل بين المنقول إليهم والمنقول عنهم وعبر بالجمع إشارة لاعتياده واطراده بينهم والمراد التحذير من نقل كلام قوم لآخرين لإلقاء العداوة والبغضاء بينهم وهذا هو النميمة التي هي كما قال جمع: نقل الحديث على وجه الإفساد وهو من الكبائر وقال الغزالي: حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو ثالث سواء كان بقول أو كتابة أو رمز أو إيماء سواء كان عيباً أو نقصاً على المنقول عنه أو لا بل حقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه 00000
86 أتدرون ما الغيبة ؟ ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و إن لم يكن فيه فقد بهته ( صحيح ) ( حم م د ت ) عن أبي هريرة .
87 أتدرون ما المفلس ؟ إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام و زكاة و يأتي قد شتم هذا و قذف هذا و أكل مال هذا و سفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي هريرة .(1/89)
88 أتدرون ما هذان الكتابان ؟ فقال للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل الجنة و أسماء آبائهم و قبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم و لا ينقص منهم أبدا ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين فيه أسماء أهل النار و أسماء آبائهم و قبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم و لا ينقص منهم أبدا سددوا و قاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة و إن عمل أي عمل و إن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار و إن عمل أي عمل فرغ ربكم من العباد ( فريق في الجنة و فريق في السعير ) ( صحيح ) ( حم ت ن ) عن ابن عمرو .
89 أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة ؟ أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة ؟ أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة ؟ إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة و ما أنتم في الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر(صحيح)(حم ت ه) عن ابن مسعود .
90 اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة ( حسن ) ( د ك ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/90)
(اتركوا) بضم الهمزة وسكون الفوقية وضم الراء (الحبشة) 00قال ابن حجر: ويقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام بن نوح وهم مجاورون لأهل اليمن يقطع بينهم البحر وقد غلبوا على اليمن قبل الإسلام وملكوها وغزا أبرهة من ملوكهم الكعبة ومعه الفيل (ما تركوكم) أي مدة دوام تركهم لكم لما يخاف من شرهم كما يشير إليه قوله (فإنه لا يستخرج) أي لا يستنبط والاستخراج الاستنباط وهو ما أظهر بعد خفاء (كنز الكعبة) أي المال المدفون فيها حين يهدمها حجراً حجراً ويلقي حجارتها في البحر كما جاء في خبر آخر والكعبة اسم للبيت الحرام سمي به لتكعبه وهو تربيعه وكل بناء مربع مرتفع كعبة وقيل لاستدارتها وعلوها وقيل لكونها على صورة الكعب (إلا ذو السويقتين من الحبشة) تثنية سويقة مصغراً قال الطيبي: وسر التصغير الإشارة إلى أن مثل هذه الكعبة المعظمة يهتك حرمتها مثل هذا الحقير الذميم الخلقة، ويحتمل أن يكون الرجل اسمه ذلك أو أنه وصف له أي رجل من الحبشة دقيق الساقين رقيقهما جداً والحبشة وإن كان شأنهم دقة السوق لكن هذا يتميز بمزيد من ذلك ولا يعارضه قوله تعالى {حرماً آمناً} لأن معناه آمناً إلى قرب يوم القيامة فإن هذا التخريب يكون في زمن عيسى عليه الصلاة والسلام على ما ذكره بعضهم فيأتي إليه الصريخ فيبعث إليه. وقال الحليمي: بل بعد موته وبعد رفع القرآن ورجحه بعض الأعيان وجمع بحمل الأول على أنه يهدم بعضه في زمن عيسى فيبعث إليه فيهرب ثم بعد موته 0000
91 اتركوني ما تركتكم فإذا حدثتكم فخذوا عني فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم و اختلافهم على أنبيائهم(صحيح) ( ت ) عن أبي هريرة .
92 أتريد أن تكون فتانا يا معاذ ؟ إذا صليت بالناس فاقرأ ب ( الشمس و ضحاها) و ( سبح اسم ربك الأعلى ) و ( الليل إذا يغشى ) و ( اقرأ باسم ربك ) . ( صحيح ) ( ه ) عن جابر .
93 أتريد أن تميتها موتات ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها( صحيح )
( ك ) عن ابن عباس .(1/91)
94 أتزعمون أني من آخركم وفاة ؟ ألا و إني من أولكم وفاة و تتبعوني أفنادا يقتل بعضكم بعضا( صحيح ) ( حم ) عن واثلة .
95 أتسمعون ما أسمع ؟ إني لأسمع أطيط السماء و ما تلام أن تئط و ما فيها موضع شبر إلا و عليه ملك ساجد أو قائم ( صحيح )
( طب الضياء ) عن حكيم بن حزام .
96 أتعلم ؟ أول زمرة تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة و يستفتحون فيقول لهم الخزنة: أو قد حوسبتم ؟ قالوا: بأي شيء نحاسب و إنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى متنا على ذلك ؟ فيفتح لهم فيقيلون فيها أربعين عاما قبل أن يدخلها الناس
( صحيح ) ( ك هب ) عن ابن عمرو .
97 اتق الله حيثما كنت و أتبع السيئة الحسنة تمحها و خالق الناس بخلق حسن(حسن) ( د حم ت ك هب ) عن أبي ذر ( حم ت هب )
عن معاذ ( ابن عساكر ) عن أنس .
الشرح:(1/92)
(اتق الله) بامتثال أمره وتجنب نهيه (حيثما كنت) أي وحدك أو في جمع فإن كانوا أهل بغي أو فجور فعليك بخويصة نفسك أو المراد في أي زمان ومكان كنت فيه رآك الناس أم لا فإن الله مطلع عليك واتقوا الله إن الله كان عليكم رقيباً، والخطاب لكل من يتوجه إليه الأمر فيعم كل مأمور وأفراد الضمير باعتبار كل فرد وما زائدة بشهادة رواية حذفها وهذا من جوامع الكلم فإن التقوى وإن قل لفظها كلمة جامعة فحقه تقدس أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر بقدر الإمكان، ومن ثم شملت خير الدارين إذ هي تجنب كل منهي عنه وفعل كل مأمور به فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين أثنى عليهم في كتابه المبين ثم نبه على تدارك ما عساه يفرط من تقصيره في بعض الأوامر والتورط في بعض النواهي فقال (واتبع) بفتح الهمزة وسكون المثناة فوق وكسر الموحدة ألحق (السيئة) الصادرة منك صغيرة وكذا كبيرة كما اقتضاه ظاهر الخبر والحسنة بالنسبة إليها التوبة منها فلا ملجئ لقصره على الصغيرة كما ظن وأيا مّا كان فالحسنات تؤثر في السيئات بالتخفيف منها يعني ألحق (الحسنة) إياها صلاة أو صدقة أو استغفاراً أو تسبيحاً أو غيرها (تمحها) أي السيئة المثبتة في صحيفة الكاتبين وذلك لأن المرض يعالج بضده كالبياض يزال بالسواد وعكسه {إن الحسنات يذهبن السيئات} يعني فلا يعجزك إذا فرطت منك سيئة أن تتبعها حسنة كصلاة 000 وظاهر قوله تمحها أنها تزال حقيقة من الصحيفة وقيل عبر به عن ترك المؤاخذة ثم إن ذا يخص من عمومه السيئة المتعلقة بآدمي فلا يمحها إلا الاستحلال مع بيان جهة الظلامة إن أمكن ولم يترتب عليه مفسدة وإلا فالمرجو كفاية الاستغفار والدعاء (وخالق الناس بخلق) بضمتين (حسن) بالتحريك أي تكلف معاشرتهم بالمجاملة من نحو طلاقة وجه وحلم وشفقة وخفض جانب وعدم ظن السوء بهم وتودد إلى كل كبير وصغير وتلطف في سياستهم مع تباين طباعهم، يقال فلان يتخلق بغير خلقه أي يتكلف وجمع هذا(1/93)
بعضهم في قوله: وأن تفعل معهم ما تحب أن يفعلوه معك فتجتمع القلوب وتتفق الكلمة وتنتظم الأحوال وذلك جماع الخير وملاك الأمر، والخلق بالضم الطبع والسجية وعرفاً ملكة نفسانية تحمل على فعل الجميل وتجنب القبيح كذا ذكره البعض هنا وليس بصواب فإنه تفسير لمطلق الخلق بالخلق الحسن وهو فاسد وقد تكفل حجة الإسلام بتعريفه على طرف التمام فقال: الخلق هيئة للنفس تصدر عنها الأفعال بسهولة وسر من غير حاجة إلى فكر وروية فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً حسناً وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي المصدر خلقاً سيئاً وحسن الخلق وإن كان جلياً لكن في الحديث رمز إلى إمكان اكتسابه وإلا لما صح الأمر به كما سيجيء إيضاحه والأمر به عام خص بمستحقه فخرج الكفرة والظلمة فأغلظ عليهم ثم هذا الحديث من القواعد المهمة لإبانته لخير الدارين وتضمنه لما يلزم المكلف من رعاية حق الحق والخلق. وقال بعضهم: وهو جامع لجميع أحكام الشريعة إذ لا يخرج عنه شيء 000
98 اتق الله و لا تحقرن من المعروف شيئا و لو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي و أن تلقى أخاك و وجهك إليه منبسط و إياك و إسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة و لا يحبها الله و إن امرؤ شتمك و عيرك بأمر ليس هو فيك فلا تعيره بأمر هو فيه و دعه يكون وباله عليه و أجره لك و لا تسبن أحدا( صحيح ) ( الطيالسي حب ) عن جابر بن سليم الهجيمي .
الشرح:(1/94)
(اتق الله) قال القيصري: قد أكثر الناس القول في التقوى وحقيقتها تنزيه القلب عن الأدناس وطهارة البدن من الآثام وإن شئت قلت: الحذر من موافقة المخالفات. وقال الحرني: عبر هنا وفيما سبق بالاسم الأعظم ليكون أزجر للمأمور (ولا تحقرن) بفتح المثناة فوق وكسر القاف وفتح الراء وشد النون أي لا تستصغرنّ يقال حقره واحتقره واستصغره قال الزمخشري: تقول أي العرب هو حقير فقير هو حاقر ناقر وفي المثل من حقر حرم وفلان خطير غير حقير (من المعروف) أي ما عرفه الشرع والعقل بالحسن (شيئاً) أي كثيراً كان أو حقيراً (ولو) قال الطيبي: هذا شرط يعقب به الكلام تتميماً ومبالغة وقال أبو حيان: هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة بتضمنها السابق تقديره لا تحقرن من المعروف شيئاً على كل حال كائناً ما كان ولو (أن تفرغ) بضم الفوقية وكسر الراء تصب يقال أفرغت الشيء صببته إذا كان يسيل (من دلوك) إنائك الذي تستسقي به من البئر (في إناء) أي وعاء (المستسقي) طالب السقيا يعني ولو أن تعطي مريد الماء ما حزته أنت في إنائك رغبة في المعروف وإغاثة للملهوف وتقدم الأحوج فالأحوج والدلو معروف ويستعار للتوصل إلى الشيء بأي سبب كان00(وأن تلقى) أي ولو أن تلقى (أخاك) أي تراه وتجتمع به00000 (ووجهك) أي والحال أن وجهك (إليه منبسط) أي منطلق بالسرور والانشراح قال حبيب بن ثابت: من حسن خلق الرجل أن يحدث صاحبه وهو مقبل عليه بوجهه. ونظم هذا الحديث كنظم الجمان وروض الجنان وفيه كما قال الغزالي رد على كل عالم أو عابد عبس وجهه وقطب جبينه كأنه مستقذر للناس أو غضبان عليهم أو منزه عنهم ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى تقطب ولا في الخد حتى يصعر ولا في الظهر حتى ينحني ولا في الرقبة حتى تطأطأ ولا في الذيل حتى يضم إنما الورع في القلب أما الذي تلقاه ببشر ويلقاك بعبوس يمنّ عليك بعلمه فلا أكثر الله في المسلمين مثله ولو كان الله يرضى بذلك ما قال لنبيه صلى(1/95)
الله عليه وسلم {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} (وإياك )إياك فعل أمر بمعنى باعد نفسك ما يكره وباعد إسبال الإزار، فهو عطف على المحذوف من إياك: أي إياك ما يكره وإسبال الإزار. أهـ( وإسبال) بالنصب (الإزار) أي إرخاءه إلى أسفل الكعبين (الكعبين) (هما العظمان الناتئان فوق القدم من جانبها بين مفصل الساق والقدم وذلك لإبعاد الإزار عن المستقذر ولمخالفة المتكبرين وللتشبه بالصالحين. أهـ) أي احذر ذلك يقال أسبل الإزار أرسله ذكره الزمخشري (فإن إسبال الإزار من المخيلة) كعظيمة الكبر والخيلاء التكبر 00(ولا يحبها الله) أي لا يرضاها ويعذب عليها إن لم يعف وكالإزار سائر ما يلبس فيحرم على الرجل إنزال نحو إزاره عن الكعبين بقصد الخيلاء ويكره بدونه أما المرأة فتسبله قدر ما يستر قدميها (وإن امرؤ) أي إنسان (شتمك) أي سبك (وعيرك) بالتشديد قال فيك ما يعيبك (بأمر) أي بشيء (ليس هو فيك) أي لست متصفاً به (فلا تعيره) أنت (بأمر هو فيه) لأن التنزه عن ذلك من مكارم الأخلاق، ومن ذمّ الناس ولو بحق ذموه ولو بباطل ومن ثم قال بعضهم:
ومن دعى الناس إلى ذمه * ذموه بالحق وبالباطل(1/96)
(ودعه) أي اتركه (يكون وباله) أي سوء عاقبته وشؤم وزره (عليه) قال الزمخشري: الوبال سوء العاقبة (وأجره) أي ثوابه (لك) قال الراغب: الأجر ما يعود من ثواب العمل دنيوياً كان أو أخروياً والأجرة في الثواب الدنيوي ولا يقال الأجر إلا في النفع دون الضر والجزاء يقال في النافع والضار انتهى والإغضاء عن السفهاء وترك المقابلة والمقاولة مستحسن في الأدب والمروءة والشريعة والحقيقة وأسلم للعرض والورع ذكره الكشاف ولما كان التعبير يهيج الغضب ويحمل على المقابلة بالسب عقبه بقوله (ولا تسبنّ) بفتح الفوقية وشد الموحدة ونون التوكيد أي لا تشتمنّ (أحداً) وإن كان مهيناً والشتم توصيف الشيء بما هو إزراء أو نقص فيه ذكره القاضي وفيه تحذير من الاحتقار لا سيما للمسلم المعصوم لأن الله تعالى أحسن تقويم خلقه وخلق ما في السماء والأرض لأجله ومشاركة غيره له فيه إنما هي بطريق التبع وفيه كراهة مجادلة السفهاء ومقاولتهم ومناقلتهم وأن السكوت عن السفيه من المطالب الشرعية قال في الكشاف: ومن أذل نفسه لم يجد مشافهاً وفيه تنبيه عظيم على كظم الغيظ والحلم على أهل الجهل والترفع عمن أدخل نفسه في غمار الأشرار وأهل البغي ولهذا قال البيهقي عن ذي النون: العز الذي لا ذل فيه سكوتك عن السفيه وفيه أنشد الأصمعي: وما شيء أحب إلى لئيم * إذا شتم الكريم من الجواب
متاركة اللئيم بلا جواب * أشد على اللئيم من السباب(1/97)
ومن ثم قال الأعمش جواب الأحمق السكوت والتغافل يطفئ شراً كثيراً ورضا المتجني غاية لا تدرك والاستعطاف عون للظفر ومن غضب على من لا يقدر عليه طال حزنه وقال حكيم ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة حليم من أحمق وبر من فاجر وشريف من دنيء وفيه أنه لا ينبغي للعبد أن يحقر شيئاً من المعروف في الإحسان إلى الناس بل إلى خلق الله ولا يحتقر ما يتصدق به وإن قلّ وندب لقاء الأخ المؤمن بالبشر وطلاقة الوجه وأنه يقوم مقام فعل المعروف إذا لم يمكنه فعل المعروف معه وغير ذلك
99 اتق الله يا أبا الوليد لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله و له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثؤاج ( صحيح ) ( طب ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:(1/98)
(اتق الله) أي احذره (يا أبا الوليد) كنية عبادة بن الصامت قال ذلك له لما بعثه على الصدقة وفيه تكنية الصاحب والأمير ووعظه (لا تأتي) قال الزمخشري: لا مزيدة أو أصله لئلا تأتي فحذف اللام (وفيه حذف تقديره ما تستحقه فتأتي) (يوم القيامة) يوم الجزاء الأعظم (ببعير) معروف يقع على الذكر والأنثى كالإنسان في وقوعه عليهما وجمعه أبعره وأباعير وبعران (تحمله) في رواية على رقبتك 000 (له رغاء) بضم الراء وبالمعجمة والمد أي تصويت والرغاء صوت الإبل تقول رغا البعير رغاء ورغوة واحدة فالغالب في الأصوات فعال كبكاء وقد يجيء على فعيل كصهيل وعلى فعلة كحمحمة (أو بقرة لها خوار) بخاء معجمة مضمومة وواو خفيفة أي تصويت والخوار صوت البقر قال الراغب: مختص بالبقر وقد يستعار للبعير والبقر واحدة بقرة ويقال في جمعه باقر كحامل وبقير كحكيم ويقال للذكر ثور كجمل وناقة ورجل وامرأة انتهى (أو شاة لها ثواج) بمثلثة مضمومة وفتح الهمزة فألف فجيم صياح الغنم فقال عبادة: يا رسول الله إن ذلك كذلك فقال: أي والذي نفسي بيده إلا من رحم الله قال: والذي بعثك بالحق لا أعمل على اثنين أبداً أي لا إلى الحكم على اثنين ولا أتأمر على أحد (أو لا أكون عاملاً لحاكمين أو لا يكون فعلي مخالفاً لاعتقادي أهـ)(1/99)
وهذا دليل على كراهة الأمارة في ذلك العصر الذي كان فيه مثل عبادة ونحوه من صالحي الأنصار وأشراف المهاجرين الكبار فإذا كان هذا حال هؤلاء الذين ارتضاهم المصطفى للولاية وخصهم بها فما الظن بالولاة بعد ذلك الطراز الأول والمتنافسين في الولايات الباذلين الأموال في تحصيل الأعمال السلطانية (تنبيه) قال حجة الإسلام هذا الحمل حقيقي قيأتي به حاملاً له معذباً بحمله وثقله يعدل الجبل العظيم مرعوباً بصوته وموبخاً بإظهار خيانته على رؤوس الأشهاد والملائكة تنادي هذا ما أغله فلان بن فلانة رغبة فيه وشحاً (أي أن الشخص يحشر يوم القيامة وهو حامل على عتقه ما أخذه بغير حق. قال تعالى: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} وفي الصحيحين وغيرهما ما هو صريح في ذلك أهـ) وذهب بعضهم إلى أن الحمل عبارة عن وزر ذلك وشهرة الأمر أي يأتي يوم القيامة وقد شهر الله أمره كما يشهر لو حمل بعيراً له رغاء أو بقرة لها خوار إلى آخره ورده القرطبي بأنه عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه وقد أخبر المصطفى بالحقيقة فهو أولى إذ لا مانع وعورض بوجود المانع وهو أنه إذا غل ألف دينار مثلاً فهي أخف من البعير وهو بالنسبة إليها حقير فكيف يعاقب الأخف جناية بالأثقل وعكسه وأجيب بأن المراد بالعقوبة بذلك فضيحته على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم لا بالثقل والخفة 00000
100 اتق المحارم تكن أعبد الناس و ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس و أحسن إلى جارك تكن مؤمنا و أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ( حسن )
( حم ت هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/100)
(اتق المحارم) أي احذر الوقوع في جميع ما حرم الله عليك (تكن أعبد الناس) أي من أعبدهم لما أنه يلزم من ترك المحارم فعل الفرائض فباتقاء المحارم تبقى الصحيفة نقية من التبعات فالقليل من التطوع مع ذلك ينمو وتعظم بركته فيصير ذلك المتقي من أكابر العباد وقال الذهبي هنا والله تكسب العبرات فيريد أن يكون يسيراً بكل واجب فيقوم به وعارفاً بكل محرم فيجتنبه (وارض) أي اقنع (بما قسم الله لك) أي أعطاك وجعله حظك من الرزق (تكن أغنى الناس) فإن من قنع استغنى ليس الغنى بكثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس والقناعة غنى وعز بالله وضدها فقر وذل للغير ومن لم يقنع لم يشبع أبداً ففي القناعة العز والغنى والحرية وفي فقدها الذل والتعبد للغير تعس عبد الدنيا تعس عبد الدينار فيتعين على كل عاقل أن يعلم أن الرزق بالقسم والحظ لا بالعلم والعقل ولا فائدة للجد حكمة بالغة دل بها على قدرته وإجراء الأمور على مشيئته قال الحكماء: ولو جرت الأقسام على قدر العقول لم تعش البهائم ونظمه أبو تمام فقال:
ينال الفتى من عيشه وهو جاهل * ويكدى الفتى في دهره وهو عالم
ولو كانت الأقسام تجري على الحجا * هلكن إذن من جهلن البهائم(1/101)
00 (وأحسن إلى جارك) بالقول والفعل والجار المجاور لك وما قرب من منزلك عرفاً (تكن مؤمناً) أي كامل الإيمان فإذا لم تقدر على الإحسان إليه فكف عن أذاه وإن كان مؤذياً لك فيلزمك الصبر حتى يجعل الله لك فرجاً قال الراغب: والإحسان يقال للإنعام على الغير وللإحسان في فعله وذلك إذا علم علماً حسناً أو عمل عملاً حسناً وعليه قول علي كرم الله وجهه "الناس أبناء ما يحسنون أي منسوبون إلى ما يعلمون ويعملون من الأفعال الحسنة والإحسان أعم من الإنعام والعدل إذ العدل أن يعطي ما عليه ويأخذ ماله والإحسان أن يعطي أكثر مما عليه ويأخذ أقل مما له (وأحب) أي ارض (للناس ما تحب لنفسك) من الخير (تكن مسلماً) كامل الإسلام بأن تحب لهم حصول ما تحبه لنفسك من جهة لا يزاحمونك فيها فإن انتفت المحبة لنحو حقد أو غل أو حسد انتفى عنه كمال الإيمان وغاير في ما بين لفظي الإيمان والإسلام تفنناً إذ المراد بهما هنا واحد قال السدي لي ثلاثون سنة في الاستغفار عن قولي الحمد لله وذلك أنه وقع ببغداد حريق فاستقبلني رجل فقال نجا حانوتك فقلت الحمد للّه فمذ قلتها فأنا نادم حيث أردت لنفسي خيراً دون المسلمين(ولا تكثرالضحك) بفتح وكسر وهو كيفية يحصل منها انبساط في القلب مما يعجب الإنسان من السرور ويظهر ذلك في الوجه والإكثار منه مضر بالقلب منهي عنه شرعاً وهو من فعل السفهاء والأراذل مورث للأمراض النفسانية ولذا قال (فإن كثرة الضحك تميت القلب) أي تصيره مغموراً في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة ولا يدفع عنها شيئاً من مكروه وحياته وإشراقه مادة كل خير وموته وظلمته مادة كل شر وبحياته تكون قوته وسمعه وبصره وتصور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه ولهذا قال لقمان لابنه يا بني لا تكثر الضحك من غير عجب ولا تمشي من غير أرب ولا تسأل عما لا يعنيك ولا تضيع مالك وتصلح مال غيرك فإن مالك ما قدمت ومال غيرك ما أخرت وقال موسى للخضر: أوصني فقال: كن(1/102)
بساماً ولا تكن غضاباً وكن نفاعاً ولا تكن ضراراً وانزع عن اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب ولا تعير الخطائين بخطاياهم وابك على خطيئتك يا ابن عمران وفي صحف موسى عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك عجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح عجباً لمن أيقن بالقدر كيف ينصب عجباً لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها وفي الحديث إيذان بالإذن في قليل الضحك لا سيما لمصلحته
101 اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ( صحيح )
( حم طب هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/103)
(اتقوا الظلم) الذي هو مجاوزة الحد والتعدي على الخلق وقال الراغب: هو لغة وضع الشيء في غير موضعه المختص به بنقص أو زيادة أو عدول عن وقته أو مكانه ويقال لمجاوزة الحق الذي يجري مجرى نقطة الدائرة انتهى وذلك لأن الشرائع تطابقت على قبحه واتفقت جميع الملل على رعاية حفظ الأنفس فالأنساب فالأعراض فالعقول فالأموال، والظلم يقع في هذه أو في بعضها وأعلاه الشرك {إن الشرك لظلم عظيم} وهو المراد بالظلم في أكثر الآيات {والكافرون هم الظالمون} ويدخل فيه ظلم الإنسان لنفسه بارتكاب المعاصي إذ العصاة ظلام أنفسهم، وأقبح أنواع ظلم من ليس له ناصر إلا الله، قال ابن العزيز: إياك إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله فإنه تعالى إذا علم إلتجاء عبد إليه بصدق واضطرار انتصر له فوراً {أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء} (فإن الظلم) في الدنيا (ظلمات) على أصحابه بمعى أنه يورث ظلمة في القلب فإذا أظلم القلب تاه وتحير وتجبر فذهبت الهداية والبصيرة فخرب القلب فصار صاحبه في ظلمة (يوم القيامة) فالظلمة معنوية لما كان الظلم مفضياً بصاحبه إلى الضلال الذي هو ضد الهدى كان جديراً بالتشبيه بالظلمة كما في ضده من تشبيه الهداية بالنور وقيل حسية فيكون ظلمه ظلمات عليه فلا يهتدي في القيامة بسببه وغيره من المؤمنين يسعى نوره بين يديه قال الحراني: والظلمة ما يطمس الباديات حساً أو معنى. وقال الزمخشري: هي عدم النور وانطماسه بالكلية وقيل عرض ينافي النور من قولهم ما ظلمك أن تفعل كذا أي ما منعك وشغلك لأنها تسد البصر وتمنع الرؤية وجمعها دلالة على إرادة الجنس اختلاف أنوار الظلم الذي هو سبب لأنواع الشدائد في القيامة من الوقوف في العرصات والحساب والمرور على الصراط وأنواع العقاب في النار.
102 اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة و اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم و حملهم على أن سفكوا دماءهم و استحلوا محارمهم(1/104)
( صحيح ) ( حم خد م ) عن جابر .
الشرح:
(اتقوا الظلم) بأخذ مال الغير بغير حق أو التناول من عرضه ونحو ذلك قال بعضهم: ليس شيء أقرب إلى تغيير النعم من الإقامة على الظلم (فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا فربما أوقع قدمه في وهدة فهو في حفرة من حفر النار وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى تجنب سبل الردى فإذا سعى المتقون بنورهم الحاصل بسبب التقوى احتوشت ظلمات ظلم الظالم فغمرته فأعمته حتى لا يغني عنه ظلمه شيئاً000 (واتقوا الشح) الذي هو بخل مع حرص أو منع الواجب أو البخل بما في يد الغير أو غير ذلك00قال الطيبي: فالبخل مطلق المنع والشح المنع مع ظلم، وعطف الشح الذي هو نوع من أنواع الظلم اشعاراً بأن الشح أعظم أنواعه لأنه من نتائج حب الدنيا ولذاتها ومن ثم وجهه بقوله (فإن الشح) بتثليث الشين (أهلك من كان قبلكم) من الأمم (وحملهم على أن سفكوا دماءهم) أي اسالوها بالقوة الغضبية بخلا بالمال وحرصاً على الاستئثار به (واستحلوا محارمهم) أي استباحوا نساءهم أو ما حرم الله من أموالهم وغيرها وهذا على سبيل الاستئناف فإن استحلال المحارم جامع لجميع أنواع الظلم وعطفه على سفك الدماء عطف عام على خاص عكس الأول، والسفك كما قال الحراني سكب بسطوة وقال القاضي السفك والكسب والسبك والسفح والشن أنواع من الصب فالسفك يقال في الدم والسكب في الدمع والسبك في الجواهر المذابة والسفح في الصب من أعلى والشن في الصب من فم القربة انتهى وإنما كان الشح سبب ما ذكر لأن في بذل المال والمواساة تحابياً وتواصلاً وفي الإمساك تهاجر وتقاطع وذلك يجر إلى تشاجر وتغادر من سفك الدماء واستباحة المحارم. ومن السياق عرف أن مقصود الحديث بالذات ذكر الشح وذكر الظلم توطئة وتمهيداً لذكره وأبرزه في هذا التركيب إيذاناً بشدة قبح الشح وأنه يفضي بصاحبه إلى أفظع المفاسد حيث جعله حاملاً على سفك(1/105)
الدماء الذي هو أعظم الأفعال الذميمة وأخبث العواقب الوخيمة 000000
103اتقواالله فإن أخونكم عندنا من طلب العمل(حسن)(طب)عن أبي موسى
الشرح:
(اتقوا الله) خافوه واجتنبوا التطلع إلى ولاية المناصب (فإن أخونكم) أي أكثركم خيانة (عندنا) معشر المسلمين أو النون للتعظيم {وأما بنعمة ربك فحدث} (من طلب العمل) أي الولاية وليس من أهلها لأن طلبه لها وهو كذلك أوضح دليل على خيانته وإن كان أهلاً فالأولى أن لا يطلبها ما لم يتعين عليه وإلا وجب قال الراغب: والخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال باعتبار العهد والأمانة والنفاق يقال باعتبار الدين ثم يتداخلان فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد في السر ونقيض الخيانة الأمانة0000
104 اتقوا الله في البهائم المعجمة فاركبوها صالحة و كلوها صالحة
( صحيح ) ( حم د ابن خزيمة حب ) عن سهل بن الحنظلية .
الشرح:(1/106)
0000 (في هذه البهائم) أي في شأن ركوب ما يركب منها وأكل ما يؤكل منها ونحو ذلك وهي جمع بهيمة سميت به لاستبهامها عن الكلام أو لأنها مبهمة عن التمييز أو لانبهام أمرها علينا لا لانبهام الأمور عليها كما قيل فإن لها إدراكاً في الجملة قال في الكشاف: البهيمة مبهمة في كل ذات أربع وفي البر والبحر في القاموس هي كل ذات أربع ولو في الماء أو كل حي لا يميز وقال الراغب: البهيمة ما لا نطق له لما في صورته من الاستبهام لكن خص في التعارف بما عد السباع لكن إنما أراد المصطفى بهذا الحديث الإبل فقط بدليل قوله وكلوها وبدليل السبب الآتي فإنها لا تطيق أن تفصح عن حالها وتتضرع إلى صاحبها من جوعها وعطشها وإضرارها ذكره القاضي (المعجمة) بضم الميم وفتح الجيم وقيل بكسر ما أي التي لا تقدر على النطق فتشكو ما أصابها من جوع وعطش. وأصل الأعجم كما قال الرافعي الذي لا يفصح بالعربية ولا يجيد التكلم بها عجمياً كان أو عربياً سمى به لعجمة لسانه والتباس كلامه والقصد التحريض على الرفق بها والتحذير من التقصير في حقها (فاركبوها) رشاداً حال كونها (صالحة) للركوب عليها يعني تعهدوها بالعلف لتتهيأ لما تريدونه منها فإن أردتم ركوبها وهي صالحة للركوب قوية على المشي بالراكب فاركبوها وإلا فلا تحملوها ما لا تطيقه وكالركوب التحميل عليها (وكلوها صالحة) أي وإن أردتم أن تنحروها وتأكلوها فكلوها حال كونها سمينة صالحة للأكل وخص الركوب والأكل لأنهما من أعظم المقاصد ذكره كله القاضي لكن ليس لمن وجب عليه هدي أو منذور الأكل منه 0000
105 اتقوا الله في الصلاة و ما ملكت أيمانكم(صحيح)(خط) عن أم سلمة .
الشرح:(1/107)
000قال الطيبي: الحديث من جوامع الكلم عبر بالصلاة عن كل مأمور ومنهي إذ هي تنهى عن الفحشاء والمنكر وبما ملكت أيمانكم عن كل ما يتصرف فيه ملكاً وقهراً ولذلك خص باليمين فنبه بالصلاة على تعظيم أمر الله تعالى وبما ملكت أيمانكم على الشفقة على خلقه. وقال المظهري: أراد الزكاة وإخراجها من المال الذي تملكه الأيدي كأنه علم بما يكون من أمر الردة وإنكارهم وجوبها بعده فقطع حجتهم بأن جعل آخر كلامه الوصية بالصلاة والزكاة ويؤيده أن القرآن والحديث إذا ذكر فيهما الصلاة فالغالب ذكر الزكاة بعدها.
106 اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم ( صحيح ) ( خد ) عن علي .
الشرح:
من كل آدمي وحيوان محترم وغيرهما لأن ما عام في ذوي العلم وغيرهم أن اتقوا الله بحسن الملكة والقيام بما يحتاجونه وخافوا ما يترتب على إهمالهم والتفريط في حقهم من العذاب ولا تكلفوهم على الدوام ما لا يطيقونه على الدوام فإنه حرام وعلموهم ما لا بد منه من طهر وصلاة وكل واجب ومندوب وأدبوهم على ترك المأمورات وفعل المنهي وإضافة الملك إلى اليمين كإضافته إلى السيد والأملاك تضاف إلى الأيدي لتصرف الملاك فيها باليد وإنما أضافها إلى اليمين دون اليد لأنه أبلغ وأنفذ إذ اليمين أبلغ في القوة والتصرف ولينبه على شرف اليمين
107 اتقوا الله و اعدلوا في أولادكم( صحيح ) ( ق ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:(1/108)
000 أي سووا بينهم في العطية وغيرها لئلا يفضي التفضيل إلى العقوق والتحاسد وذلك بأن يسوي بين ذكورهم وإناثهم وقيل كالإرث فعدم العدل بينهم مكروه تنزيهاً عند الشافعي لما ذكر وتصح الهبة وقال أحمد إن خص أحدكم لا لمعنى فيه يبيح التفضيل حرم ولزمه التسوية إما برد ما فضل أو إتمام نصيب الباقي ويرده خبر مسلم أشهد على هذا غيري إذ لو كان حراماً لم يأذن له في استشهاد غيره وامتناعه من الشهادة تورع ولا يعارضه رواية إني لا أشهد على جور لأن المكروه جور إذ الجور الميل عن الاعتدال والعدل ملكة يقتدر بها على تجنب ما لا يليق فعله إذ هو وضع الشيء بمحله اللائق به في نفس الأمر وإذا طلب العدل بين الأولاد فبين غيرهم أولى فهو مطلوب حتى في الأمور الدينية فقد نقل ابن جماعة عن بعض مشايخه أنه كان يقسم ساعات النهار بين طلبته بالرمل فإذا غاب أحدهم عن وقته يقول له مشى رملك ولا يقرئك ذلك اليوم
108( اتقوا الله و صلوا أرحامكم ) (حسن) ابن عساكر عن ابن مسعود .
الشرح:
000 والمراد الإحسان إليهم قولاَ وفعلاً وكف الأذى عنهم وقد تضافرت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وكفاك شاهداً على تأكد حقها والتحذير من قطعها قرنه سبحانه إياها باسمه في قوله تعالى {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال في الكشاف: قد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه أن صلتها منه بمكان كما قال {ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} وفيه أنه يحرم قطع الرحم بل هو من الكبائر.
109 اتقوا الله و صلوا خمسكم و صوموا شهركم و أدوا زكاة أموالكم طيبة بها أنفسكم و أطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم( صحيح )
( ت حب ك ) عن أبي أمامة
الشرح:(1/109)
(اتقوا الله) خافوا عقابه واصبروا عن المعاصي وعلى الطاعات (وصلوا) بالتشديد (خمسكم) أي صلواتكم الخمس المعلوم فرضيتها من الدين بالضرورة 000 (وصوموا شهركم) رمضان والإضافة للاختصاص000 (وأدوا) أعطوا (زكاة أموالكم) قال الحراني: الزكاة كسر أنفة الغنى بما يؤخذ في حق أصنافها إظهاراً لكون المشتغلين بالدين آثر عند الله من الأغنياء وليتميز الذين آمنوا من المنافقين لتمكنهم من الرياء في العمود والركنين 0000 (طيبة) بالتشديد أي منبسطة منشرحة (بها أنفسكم) يقال طابت نفسه تطيب انبسطت وانشرحت 000 (وأطيعوا ذا أمركم) أي من ولي أموركم في غير إثم00 (تدخلوا) بالجزم جواب الأمر (جنة ربكم) الذي رباكم في نعمه وصانكم من بأسه ونقمه ويربي لكم الصدقات عنده حتى يصير الحقير عظيماً كما في خبر إن الله يقبل الصدقات فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم فلوه وهذا هو سر التعبير هنا بالرب دون غيره والمراد بالإدخال مزيد رفع الدرجات والتجاوز عن السيئات وإلا فمجرد الإيمان كاف لمطلق دخولها وقد أشار بهذا الخبر إلى أمهات الأعمال البدنية والمالية من الأفعال والتروك فالصلاة مشار بها إلى التجلي بكل خير والتخلي عن كل شر {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر} والصوم المطلوب منه سكون النفس الأمارة بالسوء وكسر شهوتها عن الفضول بالجوارح لخمود حركة لذاتها وعنه يصفو القلب ويحصل العطف على الفقراء فإنه لما ذاق الجوع أحياناً ذكر به من هذا حاله في كلها أو جلها فتسارع إليه الرقة فيبادر بالإحسان فينال من الجزاء ما أعد له في الجنان0
110 اتقوا اللاعنين: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم( صحيح ) ( حم م د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/110)
(اتقوا اللاعنين) وفي رواية لمسلم وأبو داود اللاعنين قال النووي: وهما روايتان صحيحتان أي الأمرين الجالبين للعن أي الشتم والطرد الباعثين عليه من قبيل تسمية الحاصل فاعلاً قالوا: وما اللعانان قال: (الذي يتخلى) فيه إضمار تقدير تخلي الذي يتخلى ولا يطابق الجواب السؤال بدون ذلك أي أحدهما تغوط الذي يتغوط (في طريق الناس) يعني طريق المسلمين المسلوك كما قيده بذلك في رواية الحاكم فخرج طريق الكفار الذي لا يسلكه غيرهم والطريق المهجور الذي لا يسلك إلا نادراً لأن من فعلهما يلعن ويسب فلما كانا سبباً للعن أسند الفعل إليهما وقيل لاعن بمعنى ملعون كقولهم سر كاتم بمعنى مكتوم فالمراد المسلوك لا المهجور والتعميم رأي مهجور (أو في) في رواية وفي (ظلهم) أي والثاني تغوط الذي يتغوط في ظلهم الذي اتخذوه مقيلاً فإذا وجده أحد قال لعن الله من فعله فيكره ذلك تنزيهاً وقيل تحريماً واختاره النووي لهذا الحديث00000
111 اتقوا المجذوم كما يتقى الأسد ( صحيح ) ( تخ ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/111)
(اتقوا) احذروا ندباً وإرشاداً (المجذوم) أي مخالطة الذي به جذام وهو داء رديء يحدث من انتشار المرة السوداء بالبدن فيفسد مزاج الأعضاء وتشاكلها وربما تأكلت أو اسودت وسقطت والفعل منه جذم على بناء المفعول (كما يتقى) بضم الياء وشد المثناة فوق مفتوحة بضبط المؤلف أي مثل اتقاء (الأسد) أي اجتنبوا مخالطته كما تجتنبوا مخالطة الأسد الحيوان المفترس فإنه يعدي المعاشر كما جزم به الشافعي في الأم في موضع وحكاه عن الأطباء والمجربين في آخر 00ولا يناقضه خبر لا عدوى ولا طيرة لأنه نفي لاعتقاد الجاهلية نسبة الفعل لغير الله فوقوعه بفعله تقدس أو لأن الطاعون ينزل ببلد فيخرج منه خوف العدوى وأما المجذوم ومثله المسلول فلم يرد به هذا الخبر وما أشبهه إلا التحرز عن تعدي الرائحة فإنها تسقم من أطال اشتمامها باتفاق حذاق الأطباء، وأكل المصطفى معه تارة وتارة لم يصافحه لبيان الجواز وصحة الأمر على سالك طريق الفرار وسالك طريق التوكل ففعل الأمرين ليأخذ من قويت ثقته بربه بطريق التوكل ومن ضعف بطريق التحفظ والحاصل أن الأمور التي يتوقع منها الضرر قد أباحت الحكم الربانية التحرز عنها فلا ينبغي للضعفاء أن يقربوها وأما أهل الصدق واليقين فبالخيار 000000
112 اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد و قارعة الطريق و الظل
( حسن ) ( د ه ك هق ) عن معاذ .
الشرح:(1/112)
0000 (البراز في الموارد) بكسر الباء على المختار كناية عن الغائط وبفتحها وهو الفضاء الواسع كذا في المجموع ويشهد له قول مختار الصحاح كأصله البراز بالكسر المبارزة في الحرب وهو أيضاً كناية عن الغائط والبراز بالفتح الفضاء الواسع، هذه عبارته0000 والمراد بالموارد مناهل الماء أو الأمكنة التي يأتيها الناس كالأندية ورجح الأول بموافقته لقوله في الحديث الآتي أو في نقع ماء والحديث يفسر بعضه بعضاً وإرادة طرق الماء بعيدة هنا (وقارعة الطريق) أعلاه أو جادته أو وسطه أو صدره أو ما برز منه فكلها متقاربة مشتقة من القرع أي الضرب فهي مقرعة بالقدم والحافر وذلك من تسمية المفعول بالفاعل (والظل) الذي يجتمع فيه الناس لمباح ومثله كل موضع اتخذوه لمصالحهم ومعايشهم المباحة واستدل به على أنه لا يجوز قضاء الحاجة في المواضع التي يردها الناس للاستسقاء منها لإيذاء الناس بتنجيسهم وتقذيرهم وبه صرح ابن قدامة الحنبلي وبعض المالكية والشافعية لكن اقتصر جمهورهم على عده من الآداب وحملوا الأحاديث على الكراهة000
113 اتقوا الملاعن الثلاث: أن يقعد أحدكم في ظل يستظل فيه أو في طريق أو في نقع ماء( حسن ) ( حم ) عن ابن عباس .
الشرح:
000 قال النووي في الأذكار: ظاهر هذه الأحاديث تدل على جواز لعن العاصي مع التعيين أي أنه لو لم يجز لعنه كانت اللعنة على لاعنه والمشهور حرمة لعن المعين وأجاب الزين العراقي بأنه قد يقال إن ذلك من خواص المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمقولة اللهم إني أتخذ عندك عهداً أيما مسلم سببته أو لعنته الحديث.
114 اتقوا النار و لو بشق تمرة( صحيح ) ( ق ن ) عن عدي بن حاتم
( حم ) عن عائشة ( طس والضياء ) عن أنس ( البزار ) عن النعمان بن بشير وعن أبي هريرة ( طب ) عن ابن عباس وعن أبي أمامة .
الشرح:(1/113)
(اتقوا النار) أي اجعلوا بينكم وبينها وقاية أي حجاباً من الصدقة (ولو) كان الاتقاء بالتصدق (بـ) شيء قليل جداً مثل (شق تمرة) بكسر المعجمة أي جانبها أو نصفها فإنه يفيد فقد يسد الرمق للطفل فلا يحتقر المتصدق ذلك فلو هنا للتقليل كما تقرر وهو معدود من معانيها كما في المغني عن اللخمي وغيره وقد ذكر التمرة دون غيرها كلقمة طعام لأن التمر غالب قوت أهل الحجازوالاتقاءمن النار كناية عن محو الذنوب{إن الحسنات يذهبن السيئات}،"أتبع السيئة الحسنة تمحها" وبالجملة ففيه حث على التصدق ولو بما قل 000
115 اتقوا النار و لو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة( صحيح )
( حم ق ) عن عدي .
الشرح:
(اتقوا النار) أي احترزوا منها بالتقوى التي هي تجنب المخالفات لئلا يصيبكم ويواقعكم عذابها قال الحراني: وجهنم هي عدة الملك الديان لأهل العصيان بمنزلة سيف الملك من ملوك الدنيا (ولو بشق تمرة) واحدة فإنه يسد الرمق (فإن لم تجدوا) ما تتصدقون به حتى التافه لفقده حساً أو شرعاً (فبكلمة) أي فاتقوا النار بكلمة (طيبة) تطيب قلب السائل مما يتلطف به في القول والفعل فإن ذلك سبب للنجاة من النار وقيل الكلمة الطيبة ما يدل على هدي أو يرد عن ردي أو يصلح بين اثنين أو يفصل بين متنازعين أو يحل مشكلاً أو يكشف غامضاً أو يدفع تأثيراً أو يسكن غضباً0000
وفيه حث على الصدقة بما قل وجل وأن لا يحتقر ما يتصدق به وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار.
116 اتقوا بيتا يقال له الحمام فمن دخله فليستتر( صحيح )
( طب ك هب ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/114)
(اتقوا بيتاً يقال له الحمام) أي احذروا دخوله فلا تدخلوه ندباً للاغتسال فيه إلا لضرورة أو لحاجة وقال يقال له الحمام لأن العرب بالحجاز لم تكن تعرف الحمام ولم يدخله المصطفى. قال ابن القيم: ولا رآه بعينه وما وقع لبعضهم مما يوهم خلاف ذلك وهم قالوا: يا رسول الله إنه يذهب الوسخ ويذكر النار قال: إن كنتم لابد فاعلين (فمن دخله) منكم (فليستتر) أي فليستر عورته عمن يحرم نظره إليها وجوباً وعن غيره ندباً. قال الحكيم: هذا يفهم أنه إنما أمر بأن يتقى لنظر بعضهم إلى عورة بعض ولم يصرح عن جواب السائل بأنه يذكر النار لأن تذكيره لها غير مطرد في حق كل أحد إذ هو يخص العامة فإن الواحد منا إذا عاين بقعة حامية ذات بخار وماء حميم أخذه الغم ودارت رأسه حتى استروح إلى ما يبرد فؤاده وتروح بما يدخل من خلل الباب من الهواء واستنشق الماء البارد وتذكر بذلك دار العقاب فكان ذلك سبباً لاستعادته من فنون العذاب وأما أهل اليقين فالآخرة نصب أعينهم فلا يحتاجون إلى الاتعاظ بحمام وغيره 0000 وقد اختلف السلف والخلف في حكم دخول الحمام على أقوال كثيرة والأصح أنه مباح للرجال بشرط الستر والغض، مكروه للنساء إلا لحاجة
117 اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله: و عزتي و جلالي لأنصرنك و لو بعد حين(صحيح)(طب الضياء)عن خزيمة بن ثابت.
الشرح:(1/115)
(اتقوا دعوة المظلوم) أي اجتنبوا دعوة من تظلمونه وذلك مستلزم لتجنب جميع أنواع الظلم على أبلغ وجه وأوجز إشارة وأفصح عبارة لأنه إذا اتقى دعاء المظلوم فهو أبلغ من قوله لا تظلم وهذا نوع شريف من أنواع البديع يسمى تعليقاً ثم بين وجه النهي بقوله (فإنها تحمل على الغمام) أي يأمر الله برفعها حتى تجاوز الغمام أي السحاب الأبيض حتى تصل إلى حضرته تقدس وقيل الغمام شيء أبيض فوق السماء السابعة فإذا سقط لا تقوم به السماوات السبع بل يتشققن قال الله تعالى {ويوم تشقق السماء بالغمام} وعلى هذا فالرفع والغمام حقيقة ولا مانع من تجسيم المعاني كما مر لكن الذي صار إليه القاضي الحمل على المجاز حيث قال استأنف لهذه الجملة لفخامة شأن دعاء المظلوم واختصاصه بمزيد قبوله ورفعه على الغمام وفتح أبواب السماء له مجاز عن إثارة الآثار العلوية وجمع الأسباب السماوية على انتصاره بالانتقام من الظالم وإنزال البأس عليه وقوله (يقول الله وعزتي وجلالي لأنصرنك) بلام القسم ونون التوكيد الثقيلة وفتح الكاف أي لأستخلصن لك الحق ممن ظلمك وفتح الكاف هو ما اقتصر عليه جمع فإن كان الرواية فهو متعين وإلا فلا مانع من الكسر أي لأستخلصن لصاحبك وتجسد المعاني وجعلها بحيث تعقل لا مانع منه (ولو بعد حين) أي أمد طويل بل دل به سبحانه على أنه يمهل الظالم ولا يهمله {وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد} وقد جاء في بعض الآثار أنه كان بين قوله قد أجيبت دعوتكما وغرق فرعون أربعون عاماً ووقوع العفو عن بعض أفراد الظلمة يكون مع تعويض المظلوم فهو نصر أيضاً وفيه تحذير شديد من الظلم وأن مراتعه وخيمة ومصائبه عظيمة قال:
نامت جفونك والمظلوم منتبه * يدعو عليك وعين الله لم تنم
والحين الزمان قل أو كثر والمراد هنا الزمان المطلق 000000
118 اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة ( صحيح )
( ك ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/116)
000 كناية عن سرعة الوصول لأنه مضطر في دعائه وقد قال سبحانه وتعالى {أمّن يجيب المضطر إذا دعاه} وكلما قوي الظلم قوي تأثيره في النفس فاشتدت ضراعة المظلوم فقويت استجابته والشرر ما تطاير من النار في الهواء شبه سرعة صعودها بسرعة طيران الشرر من النار.
119 اتقوا دعوة المظلوم و إن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب ( حسن ) ( حم ع الضياء ) عن أنس .
الشرح:
(اتقوا دعوة المظلوم) أي تجنبوا الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم
(وإن كان كافراً) معصوماً فإن دعوته إن كان مظلوماً مستجابة وفجوره على نفسه وفي حديث أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً دعوة المظلوم مستجابة ولو كان فاجراً ففجوره على نفسه وإسناده كما في الفتح حسن وروى ابن حبان والحاكم عن أبي ذر من حديث طويل أن في صحف إبراهيم أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردّها ولو من كافر ولا ينافيه {وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} لأن ذلك في دعائهم للنجاة من نار الآخرة فلا يدل على عدم اعتباره في الدنيا ثم علل الاتقاء بقوله (فإنه) أي الشأن قال القرطبي: الرواية الصحيحة فإنه بضمير المذكر على أن يكون ضمير الأمر والشأن ويحتمل عوده على مذكر الدعوة فإن مذكر الدعوة دعاء وفي رواية فإنها بالتأنيث وهو عائد على لفظ الدعوة (ليس دونه) وفي رواية دونها (حجاب) أي ليس بينها وبين القبول حجاب مانع والحجاب هنا ليس حسياً لاقتضائه نوعاً من البعد واستقرار في مكان والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك وأقرب لكل شيء من نفسه فهو تمثيل لمن يقصد باب سلطان عادل جالس لرفع المظالم فإنه لا يحجب.
120 اتقوا هذه المذابح - يعني المحاريب - ( صحيح )
( طب هق ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/117)
(اتقوا هذه المذابح) جمع مذبح قال في الفردوس وغيره (يعني المحاريب) أي تجنبوا تحري صدور المجالس يعني التنافس فيها، ووقع للمصنف أنه جعل هذا نهياً عن اتخاذ المحاريب في المساجد والوقوف فيها وقال: خفي على قوم كون المحراب بالمسجد بدعة وظنوا أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن في زمنه ولا في زمن أحد من خلفائه بل حدث في المائة الثانية مع ثبوت النهي عن اتخاذه ثم تعقب قول الزركشي المشهور أن اتخاذه جائز لا مكروه ولم يزل عمل الناس عليه بلا نكير بأنه لا نفل في المذهب فيه وقد ثبت النهي عنه انتهى، أقول وهذا بناء منه على ما فهمه من لفظ الحديث أن مراده بالمحراب ليس إلا ما هو المتعارف في المسجد الآن ولا كذلك فإن الإمام الشهير المعروف أي بابن الأثير قد نص على أن المراد بالمحاريب في الحديث صدور المجالس قال ومنه حديث أنس كان يكره المحاريب أي لم يكن يحب أن يجلس في صدور المجالس ويرتفع على الناس انتهى. واقتفاه في ذلك جمع جازمين به ولم يحكوا خلافه منهم الحافظ الهيتمي وغيره وقال الحراني: المحراب صدر البيت ومقدمه الذي لا يكاد يوصل إليه إلا بفضل منه وقوة جهد وفي الكشاف في تفسير {كلما دخل عليها زكريا المحراب} ما نصه: قيل بنى لها زكريا محراباً في المسجد أي غرفة تصعد إليها بسلم وقيل المحراب أشرف المجالس ومقدمها كأنها وضعت في أشرف موضع في بيت المقدس وقيل كانت مساجدهم تسمى المحاريب انتهى 000000
121 أتموا الركوع و السجود فوالذي نفسي بيده إني لأراكم من وراء ظهري إذا ركعتم و إذا سجدتم ( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أنس .
الشرح:(1/118)
(أتموا الركوع والسجود) أي ائتوا بهما تامين كاملين بشرائطهما وسننهما وآدابهما وأوفوا الطمأنينة فيهما حقها فتجب الطمأنينة فيهما في الفرض وكذا في النفل عند الشافعية وذلك بأن تستقر أعضاؤه في محلها قال الحراني: الإتمام التوفية لما له صورة تلتئم من أجزاء وآحاد (فو) الله (الذي نفسي بيده) أراد بالنفس ذاته وجملته وباليد قدرة الله تعالى وتصرفه فيه إشارة إلى أن إرادته وتصرفه مغموران في إرادة الله وتصرفه وفيه جواز القسم بما ذكره ونحوه من كل ما يفهم منه ذات الله تعالى تأكيداً للأمر وتفخيماً للشأن (إني لأراكم) بلام التوكيد وبفتح الهمزة (من وراء ظهري إذا ركعتم وإذا سجدتم) وفي رواية لمسلم إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم بزيادة ما وهذه رؤية إدراكية فلا تتوقف إلى آلتها ولا على شعاع ومقابلة خرقاً للعادة ولا يلزم من فرضه محال وخالق البصر في العين قادر على خلقه في غيرها 0000 قال ابن حجر: وظاهر الحديث أن ذلك خاص بحالة الصلاة ويحتمل العموم انتهى 00000
122 أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه فما كان من نقص فليكن من الصف المؤخر( صحيح ) ( حم د ن حب ابن خزيمة والضياء ) عن أنس .
الشرح:(1/119)
(أتموا) ندباً مؤكداً والصارف عن الوجوب أخبار أخر (الصف المقدم) أي أكملوا الصف الأول وهو الذي يلي الإمام وإن تخاله نحو منبر أو سارية أو جاء أصحابه متأخرين (ثم الذي يليه) وهكذا وقول ابن عبد البر المراد به من يسبق إلى الصلاة وإن تأخر غلطوه فيه (فما كان من نقص) في الصف (فليكن) أي فاجعلوه (في الصف المؤخر) فيكره الشروع في صف قبل إتمام ما قبله كما تقرر وهذا الفعل مفوت لفضيلة الجماعة الذي هو التضعيف لا لأصل بركة الجماعة فالتضعيف للجماعة غير بركة الجماعة وبركتها هي عود بركة الكامل منهم على الناقص ذكره المؤلف في بسط الكف في إتمام الصف قال في المجموع: اتفقوا على ندب سد الفرج في الصفوف وإتمام الأول فالأول ولا يشرع في صف حتى يتم ما قبله وهذا كله في صفوف الصف الواحد كما يأتي.
123 أتموا الصفوف فإني أراكم خلف ظهري( صحيح ) ( م ) عن أنس .
الشرح:
(أتموا) أيها المصلون ندباً مؤكداً (الصفوف) بضم الصاد أكملوها الأول بالأول فلا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الأول ولا يقف في صف حتى يتم ما قبله فإن وجد في صف أمامه فرجة اخترق الصف الذي يليه فما فوقه إليها لتقصيرهم بتركها0000
124 أتموا الوضوء ويل للأعقاب من النار( صحيح ) ( ه ) عن خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص .
الشرح:
(أتموا) هو بمعنى قوله في الرواية الأخرى أسبغوا (الوضوء) أي(1/120)
عمموا به جميع الأعضاء وائتوا به على التمام بفرائضه وسننه من إطالة غرة وتحجيل وتثليث وتكرار غسل ومسح 000 (ويل) سوغ الابتداء به وهو نكرة كونه في معنى الدعاء (للأعقاب من النار) أي شدة هلكة من نار الآخرة لأصحابها المهملين غسل بعضها في الوضوء ويحتمل أن يخص العقب نفسها بعذاب يعذب به صاحبه قال ابن دقيق العيد: وأل للعهد والمراد الأعقاب التي رآها تلوح لم يسمها الماء. والمراد الأعقاب التي صفتها أن لا تعمم بالمطهر ولا يجوز كون أل للعموم المطلق ومن بمعنى في كما في {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة} أو بيانية كما في {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} قال الحراني: والويل جماع الشر كله وفي الكشاف الويل نقيض الوأل وهو النجاة اسم معنى كالهلاك إلا أنه لا يشتق منه فعل وإنما يقال ويلاً له فبنصب نصب المصدر ثم يرفع رفعه لإفادة معنى الثبات فيقال ويل له كقولك سلام عليك انتهى وفيه أن فرض الرجلين الغسل وأنه لا يجزئ فيهما المسح وبه قال جمهور السلف والخلف وقال الشيعة الواجب مسحهما وابن جرير والجبائي يخير بين المسح والغسل وبعض أهل الظاهر يجب الجمع بينهما وبه نوزع قول النووي أنه لم يثبت المسح عند أحد يعتد به في الإجماع00000000
125 أتى الله عز و جل بعبد من عباده آتاه الله مالا فقال له: ماذا عملت في الدنيا ؟ فقال: ما عملت من شيء يا رب إلا أنك آتيتني مالا فكنت أبايع الناس و كان من خلقي أن أيسر على الموسر و أنظر المعسر قال الله تعالى: أنا أحق بذلك منك تجاوزا عن عبدي( صحيح )
( ك ) عن حذيفة وعقبة بن عامر وأبي مسعود الأنصاري .
126 إتيان النساء في أدبارهن حرام( صحيح ) ( ن ) عن خزيمة بن ثابت .(1/121)
127 أتيت بالبراق و هو دابة أبيض طويل فوق الحمار و دون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه فركبته حتى أتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي تربط بها الأنبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل بإناء من خمر و إناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل: اخترت الفطرة; ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل: من أنت ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب بي و دعا لي بخير; ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: من أنت ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة: عيسى بن مريم و يحيى بن زكريا فرحبا بي و دعوا لي بخير; ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بيوسف و إذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب بي و دعا لي بخير; ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بي و دعا لي بخير قال الله تعالى: ( و رفعناه مكانا عليا ; ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب بي و دعا لي بخير; ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بموسى فرحب بي و دعا لي بخير; ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل: من هذا ؟ قال: جبريل قيل: و من معك ؟ قال: محمد قيل: و قد بعث إليه ؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا(1/122)
فإذا أنا بإبراهيم مسندا ظهره إلى البيت المعمور و إذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى و إذا ورقها كآذان الفيلة و إذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها فأوحى الله إلي ما أوحى ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم و ليلة; فنزلت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك قلت: خمسين صلاة قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك فإني قد بلوت بني إسرائيل و خبرتهم فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف عن أمتي فحط عني خمسا; فرجعت إلى موسى فقلت: حط عني خمسا قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك فارجع إلى ربك فسله التخفيف; فلم أزل أرجع بين ربي و بين موسى حتى قال: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم و ليلة لكل صلاة عشر فذلك خمسون صلاة و من هم بحسنة فلم يعلمها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا و من هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة; فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه . ( صحيح )
( حم م ) عن أنس .
128 أتيت بالبراق و هو دابة أبيض طويل يضع حافره عند منتهى طرفه فلم نزايل ظهره أنا و جبريل حتى أتيت بيت المقدس ففتحت لي أبواب السماء و رأيت الجنة و النار( حسن ) ( حم ع حب ك الضياء ) عن حذيفة .
129 أتيت ليلة أسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت وفت فقلت: يا جبريل من هؤلاء ؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون و يقرءون كتاب الله و لا يعملون به(حسن) ( هب ) عن أنس .
130 أتيت ليلة أسري بي فانطلق بي إلى زمزم فشرح عن صدري ثم غسل بماء زمزم ثم أنزل( صحيح ) ( م ) عن أنس .
131 اثبت أحد ! فإنما عليك نبي و صديق و شهيدان( صحيح )
( خ م ت ) عن أنس ( ت ) عن عثمان ( حم ع حب ) عن سهل ابن سعد .(1/123)
132 اثبت حراء ! فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد(صحيح)(حم د ت ه ) عن سعيد بن زيد ( حم ) عن أنس وعن بريدة ( طب ) عن ابن عباس .
133 أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبوا و لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار( صحيح )
( حم ق د ه ) عن أبي هريرة .
134 أثقل شيء في الميزان الخلق الحسن( صحيح)(حب)عن أبي الدرداء .
135 أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن إن الله يبغض الفاحش المتفحش البذي( صحيح ) ( هق ) عن أبي الدرداء .
136 اثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما: عبد آبق من مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع( صحيح ) ( ك ) عن ابن عمر .
الشرح:
(اثنان لا تجاوز) أي لا تتعدى (صلاتهما روؤسهما) أي لا ترفع إلى الله تعالى في رفع العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع أحدهما (عبد) يعني قن ولو أنثى (أبق) كفعل أي حرب ويجوز كونه بوزن فاعل أي هارب
(من مواليه) أي مالكيه إن كانوا جماعة ومن مالكه إن كان واحداً فلا ترفع صلاته رفعاً تاماً (حتى يرجع) إلى الطاعة إن هرب لغير عذر شرعي (و) الثاني (امرأة عصت زوجها) بنشوز أو غيره مما يجب عليها أن تطيعه فلا ترفع صلاتها كما ذكر (حتى ترجع) إلى طاعته، فإباقه ونشوزها بلا عذر كبيرة قالوا: ولا يلزم من عدم القبول عدم الصحة فالصلاة صحيحة لا يجب قضاؤها لكن ثوابها قليل أو لا ثواب فيها أما لو أبق لعذر كخوف قتل أو فعل فاحشة أو تكليفه على الدوام ما لا يطيقه أو عصت المرأة بمعصية كوطئه في دبرها أو حيضها فثواب صلاتهما بحاله ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال في المهذب: هذا الحديث يفيد أن منع الحقوق في الأبدان كانت أو في الأموال يوجب سخط الله.
137 اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي و عقوق الوالدين ( صحيح )
( تخ طب ) عن أبي بكرة .(1/124)
الشرح:
(اثنتان) من الخصال (يعجلهما الله) أي يعجل عقوبتهما لفاعلهما (في الدنيا) إحداهما (البغي) أي مجاوزة الحد في الطغيان يعني التعدي بغير حق (و) الثانية (عقوق الوالدين) أي مخالفتهما أو إيذائهما أو أحدهما والمراد من له ولادة وإن علا من الجهتين وألحق بهما الزركشي الخالة والعمة واعترض وقيل العقوق ثكل من لم يثكل وقيل لحكيم كيف ابنك قال عذاب رعف به الدهر وبلاء لا يقاومه الصبر وأصل التعجيل إيقاع الشيء قبل أوانه قال تعالى {أعجلتم أمر ربكم} وفيه أن البغي والعقوق من الكبائر وخص هاتين الخصلتين من بين خصال الشر بذكر التعجيل فيهما لا لإخراج غيرهما فإنه قد يعجل أيضاً بل لأن المخاطب بذلك كان لا يحترز من البغي ولا يبر والديه فخاطبه بما يناسب حاله زجراً له وكثيراً ما يخص بعض الأعمال بالحث عليها بحسب حال المخاطب وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها إما لمشقتها عليه وإما لتساهله في أمرها كما مر.
138 اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في الأنساب و النياحة على الميت (صحيح) ( حم م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/125)
(اثنان) وفي رواية اثنتان (في) بعض (الناس) أي خصلتان من خصالهم (هما بهم كفر) يعني هم بهما كفر فهو من باب القلب أو الاتساع كما في شرح الأحكام والمراد أنهما من أعمال الكفار لا من خصال الأبرار أو المراد كفر النعمة أو سمي ذلك كفراً تغليظاً وزجراً كما قرره القاضي وعلى الأول اقتصر ابن تيمية مع بسط وتوضيح فقال قوله هما بهم كفر أي هاتان الخصلتان هما كفر قائم بالناس فنفس الخصلتين كفر حيث كانتا من عمل الكفار كما أنه ليس كل من قام به شعبة من شعب الإيمان يصير مؤمناً حتى يقوم به أصل الإيمان وفرق بين الكفر المعروف باللام وبين كفر منكر في الاثبات وإحدى الخصلتين هي (الطعن في الأنساب) أي الوقوع في أعراض الناس بنحو القدح في نسب ثبت في ظاهر الشرع (و) الثانية (النياحة على الميت) ولو بغير بكاء ولا شق جيب خلافاً لعياض وهي رفع الصوت بالندب بتعديد شمائله وذلك لأن من طعن في نسب غيره فقد كفر نعمة سلامة نسبه من الطعن ومن ناح فقد كفر نعمة الله حيث لم يرض
بقضائه وهو المحيي المميت وفيه أن هاتين كبيرتان وبه صرح الذهبي 00
139 اثنتان يكرههما ابن آدم: يكره الموت و الموت خير له من الفتنة و يكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب(صحيح)(ص حم)عن محمود بن لبيد
الشرح:(1/126)
(اثنان يكرههما ابن آدم) غالباً قيل: وما هما قال: (يكره الموت) أي نزوله به (والموت) أي موته (خير له من الفتنة) أي الكفر والضلال أو الإثم أو الاختبار والامتحان ونحوهما وذلك لأنه مادام حياً لا يأمن الوقوع في ذلك ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ومن غير الغالب من أتحفه الله بلطف من عنده فحبب إليه الموت كما حببه لسحرة فرعون حين قال لأقطعن أيديكم فكشف لهم عما أعد لهم فقالوا لا ضير000(ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب) يعني السؤال عنه كما في خبر "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسئل عن أربع" وفيه عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه أي ولو حلالاً وسمى المال مالاً لأنه يميل القلوب عن الله تعالى0000
140 اثنتان تدخلان الجنة: من حفظ ما بين لحييه و رجليه دخل الجنة
( صحيح ) ( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن عائشة .(1/127)
141 اجتمع إحدى عشرة امرأة في الجاهلية فتعاقدن أن يتصادقن بينهن و لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا . فقالت الأولى: زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر لا سهل فيرتقى و لا سمين فينتقل . قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره إني أخاف أن لا أذره إن أذكره أذكر عجره و بجره . قالت الثالثة: زوجي العشنق إن أنطق أطلق و إن أسكت أعلق . قالت الرابعة: زوجي إن أكل لف و إن شرب اشتف و إن اضطجع التف و لا يولج الكف ليعلم البث . قالت الخامسة: زوجي عياياء طباقاء كل داء له داء شجك أو فلك أو جمع كلا لك . و قالت السادسة: زوجي كليل تهامة لا حر و لا قر و لا مخافة و لا سآمة . و قالت السابعة: زوجي إن دخل فهد و إن خرج أسد و لا يسأل عما عهد . و قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب و الريح ريح زرنب و أنا أغلبه و الناس يغلب . قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد طويل النجاد عظيم الرماد قريب البيت من الناد . قالت العاشرة: زوجي مالك و ما مالك ؟ مالك خير من ذلك له إبل قليلات المسارح كثيرات المبارك إذا سمعن صوت المزاهر أيقن أنهن هوالك . قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع و ما أبو زرع ؟ أناس من حلي أذني و ملأ من شحم عضدي و بجحني فبجحت إلي نفسي وجدني في أهل غنيمة بشق فجعلني في أهل صهيل و أطيط و دائس و منق فعنده أقول فلا أقبح و أرقد فأتصبح و أشرب فأتقمح أم أبي زرع و ما أم أبي زرع ؟ عكومها رداح و بيتها فساح ابن أبي زرع و ما ابن أبي زرع ؟ مضجعه كمسل شطبة و تشبعه ذراع الجفرة بنت أبي زرع و ما بنت أبي زرع ؟ طوع أبيها و طوع أمها و ملء كسائها و عطف ردائها و زين أهلها و غيظ جارتها جارية أبي زرع و ما جارية أبي زرع ؟ لا تبث حديثنا تبثيثا و لا تنقث ميرتنا تنقيثا و لا تملأ بيتنا تعثيثا خرج أبو زرع و الأوطاب تمخض فمر بامرأة معها ابنان لها كالفهدين يلعبان من تحت خصرها برمانتين فطلقني و نكحها فنكحت بعده رجلا سريا ركب شريا و أخذ خطيا و أراح علي نعما سريا(1/128)
و أعطاني من كل رائحة زوجا فقال: كلي أم زرع و ميري أهلك فلو جمعت كل شيء أعطانيه ماملأ أصغرإناء من آنية أبي زرع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ! كنت لك كأبي زرع لأم زرع إلا أن أبا زرع طلق و أنا لا أطلق (صحيح)( طب)عن عائشة ورواه ( خ الترمذي في الشمائل ) موقوفا إلا قوله: كنت لك كأبي زرع فرفعاه قالوا: وهو يؤيد رفع الحديث كله .
142 اجتمعوا على طعامكم و اذكروا اسم الله يبارك لكم فيه ( حسن )
( حم د ه حب ك ) عن وحشي بن حرب .
الشرح:
(اجتمعوا) بهمزة وصل مكسورة خطاب لمن شكوا إليه أنهم يأكلون فلا يشبعون (على طعامكم) ندباً من الاجتماع ضد الافتراق (واذكروا) حال شروعكم في الأكل (اسم الله عليه) بأن تقولوا في أوله بسم الله والأكمل إكمال البسملة فإنكم إن فعلتم ذلك (يبارك) أي الله فهو مبني للفاعل ويجوز للمفعول (لكم فيه) فتشبعون فالاجتماع على الطعام وتكثير الأيدي عليه ولو من الأهل والخدم مع التسمية سبب للبركة التي هي سبب للشبع والخير والتسمية على الأكل سنة كفاية والأكمل أن يسمي كل واحد منهم فإن ترك التسمية أوله عمداً أو سهواً تداركها في أثناءه كما يأتي 000
143 اجتنب الغضب( صحيح )
( ابن أبي الدنيا في ذم الغضب ابن عساكر ) عن رجل من الصحابة .
144 اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله و السحر و قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق و أكل الربا و أكل مال اليتيم و التولي يوم الزحف و قذف المحصنات المؤمنات الغافلات( صحيح ) ( ق د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/129)
(اجتنبوا) أبعدوا وهو أبلغ من لا تفعلوا لأن نهي القربان أبلغ من نهي المباشرة ذكره الطيبي (السبع) أي الكبائر السبع ولا ينافيه عدها في أحاديث أكثر لأنه أخبر في كل مجلس بما أوحى إليه أو ألهم أو سنح له باعتبار أحوال السائل أو تفاوت الأوقات أو لزيادة فحشها وفظاظة قبحها أو لأن مفهوم العدد غير حجة أو لغير ذلك (الموبقات) بضم الميم وكسر الموحدة التحتية المهلكات جمع موبقة وهي الخصلة المهلكة أو المراد الكبيرة أجملها وسماها مهلكات ثم فصلها ليكون أوقع في النفس وليؤذن بأنها نفس المهلكات وقول التاج السبكي الموبقة أخص من الكبيرة وليس في حديث أبي هريرة أنها الكبائر تعقبه الحافظ ابن حجر بالرد قال ابن عباس وهي إلى السبعين أقرب وابن جبير إلى السبعمائة أقرب أي باعتبار أصناف أنواعها وللحافظ الذهبي جزء فيه نحو الأربعمائة ذكره الأذرعي (الشرك) بنصبه على البدل ورفعه وكذا ما بعده على أنه خبر مبتدأ محذوف أي ومنها الشرك (بالله) أي جعل أحد شريكاً لله والمراد الكفر به وخصه لغلبته حينئذ في الوجود فذكره تنبيهاً على غيره من صنوف الكفر (و) الثانية (السحر) قال الحراني: وهو قلب الحواس في مدركاتها عن الوجه المعتاد لها في ضمنها من سبب باطل لا يثبت مع ذكر الله تعالى عليه وفي حاشية الكشاف للسعد هو مزاولة النفس الخبيثة لأقوال وأفعال يترتب عليها أمور خارقة للعادة قال التاج السبكي والسحر والكهانة والتنجيم والسيمياء من واد واحد (و) الثالثة (قتل النفس التي حرم الله) قتلها عمداً كان أو شبه عمد لا خطأ كما صرح به شريح الروياني والهروي وجمع شافعيون أي فإنه لا كبيرة ولا صغيرة لأنه غير معصية (إلا بالحق) أي بفعل موجب للقتل وأعظم الكبائر والشرك ثم القتل ظلماً وما عدا ذلك يحتمل كونه في مرتبة واحدة لكونه سردها على الترتيب لأن الواو لا توجبه والأظهر أن هذا النهي وشبهه إنما ورد على أمر مخصوص فأجاب السائل على مقتضى حاله وصدور هذه(1/130)
الخصال منه أوهمه بها أو كان في المجلس من حاله ذلك فعرض به إما أنه مما أوحي إليه أو عرفه بما له معجزة (و) الرابعة (أكل مال اليتيم) يعني التعدي فيه وعبر بالأكل لأنه أعم وجوه الانتفاع (و) الخامسة (أكل الربا) أي تناوله بأي وجه كان. قال ابن دقيق العيد: وهو مجرب لسوء الخاتمة ولهذا ذكره عقب ما هو علامة سوء خاتمتها وتردد ابن عبد السلام في تقييده بنصاب السرقة (و) السادسة (التولي) أي الإدبار من وجوه الكفار (يوم الزحف) أي وقت ازدحام الطائفتين إلا إن علم أنه إن ثبت قتل بغير نكاية في العدو فليس بكبيرة بل ولا صغيرة بل يباح بل يجب. قال ابن عبد السلام: وأشد منه ما لو دل الكفار على عورة المسلمين عالماً بأنهم يستأصلونهم ويسبون حريمهم، والزحف الجيش الدهم سمي به لكثرته وثقل حركته يرى كأنه يزحف زحفاً أي يدب دبيباً (و) السابعة (قذف المحصنات) بفتح الصاد المحفوظات من الزنا وبكسرها الحافظات فروجهن منه والمراد رميهن بزنا أو لواط (المؤمنات) بالله تعالى احترازاً عن قذف الكافرا ت فإنه من الصغائر قال الراغب: والقذف الرمي البعيد استعير للشتم والعيب والبهتان (الغافلات) عن الفواحش وما قذفهن به فهو كناية عن البريئات لأن الغافل بريء عما بهت به من الزنا والقذف به كبيرة إلا لصغيرة لا تحتمل الوقاع ومملوكة وحرة متهتكة فصغيرة لأن الإيذاء في قذفهن دونه في كبيرة مستترة قاله الحليمي وتوقف الأذرعي ونظر الزركشي في المملوكات لخبر من قذف عبدة أقيم عليه الحد يوم القيامة وإلا في قذف المحصنة بخلوة بحيث لا يسمعه أحد إلا الله والحفظة فليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة قاله ابن عبد السلام لكن خالفه البلقيني تمسكاً بظاهر {الذين يرمون المحصنات} والخبر المشروح قال الزركشي: ويظهر قول ابن عبد السلام في الصادق لا الكاذب لجرأته عليه تعالى وإلا فقذفه زوجته إذا علم زناها أو ظنه مؤكداً فليس بكبيرة بل ولا صغيرة وكذا جرح راو وشاهد(1/131)
بالزنا إن علم به بل يجب قال ابن عبد السلام وأشد منه ما لو أمسك محصنة لمن يزني بها أو مسلماً لمن يقتله.
145 اجتنبوا الكبائر السبع: الشرك بالله و قتل النفس و الفرار من الزحف و أكل مال اليتيم و أكل الربا و قذف المحصنة و التعرب بعد الهجرة( حسن )
( طب ) عن سهل بن أبي حثمة .
146 اجتنبوا الكبائر وسددوا وأبشروا(حسن)(ابن جرير)عن قتادة مرسلا.
الشرح:
(اجتنبوا الكبائر) جمع كبيرة وقد اضطرب في تعريفها فقيل ما توعد عليه أي بنحو غضب أو لعن بخصوصه في الكتاب أو السنة واختاره في شرح اللب واعترض بعضهم أن هناك كبائر ليس فيها ذلك كظهار وأكل خنزير وإضرار في وصية وقيل ما يوجب الحد وأورد عليه الفرار من الزحف والعقوق وشهادة الزور والربا ونحوها مما لا حد فيه وهو كبيرة وأجيب بتأويله على إرادة ما عدا المنصوص وقيل كل جريمة تؤذن بقلة أكثر أن مرتكبها بالدين ورقة الديانة واختاره التاج السبكي عازياً لإمام الحرمين واعترض، نعم هو أشمل التعاريف قال الزركشي: والتحقيق أن كل واحد من الأقوال اقتصر على بعض أنواعها وبالمجموع يحصل الضابط (وسددوا) اطلبوا بأعمالكم السداد أي الاستقامة ما استطعتم والقصد في الأمر والعدل فيه ولا تشددوا فيشدّد الله عليكم، ولهذا لما تكرر استكشاف بني إسرائيل عن صفة البقرة شدّد الله عليهم ولو ذبحوا أدنى بقرة لكفتهم كما جاء في الخبر ومن ثم قالوا الاستقصاء شؤم وكتب بعض الخلفاء إلى عامله أن يقطع أشجار قوم ويهدم دورهم فكتب إليه بأيهما أبدأ فقال إن قلت لك بقطع الشجر قلت بأي نوع منها فعزله حالاً (وأبشروا) بقطع الألف المفتوحة وسكون الموحدة وكسر المعجمة أي إذا تجنبتم الكبائر واستعملتم السداد في الظواهر والسرائر فأبشروا بما وعدكم ربكم به بقوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم} الآية.
147 اجتنبوا كل مسكر ( صحيح ) ( طب ) عن عبدالله بن مغفل .
الشرح:(1/132)
(اجتنبوا كل) أي تناول كل (مسكر) يعني ما شأنه الاسكار فشمل قطرة منه وعبر بكل ليشمل بمنطوقه المسكر من ماء العنب وغيره كزبيب وحب وتمر والمائع وغيره كبنج وحشيش لكن المائع أصله حرام نجس وغيره حرام طاهر هذا ما عليه الشافعية كالجمهور وخالف الحنفية فقالوا يحرم المتخذ من ماء العنب وإن قل ولم يسكر إلا إذا طبخ على تفصيل فيه عندهم ولا يحرم المتخذ من غيره إلا القدر الذي يسكر انتهى وشمل إطلاق الحديث تناوله لتداوٍ أو عطشٍ وإن فقد غيره وبه قال الشافعي.
148 اجتنبوا ما أسكر( صحيح ) ( الحلواني ) عن علي .
الشرح:
(اجتنبوا ما) أي الشراب الذي (أسكر) شربه قال الحراني: ألحق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتحريم الخمر الذي سكرها مطبوع تحريم المسكر الذي سكره مصنوع فالمتخذ من غير العنب يحرم شرب قليله عند الجمهور كما يحرم شرب قليل الخمر المتخذ من العنب ويحرم كثيره اتفاقاً وقد فهم الصحب من الأمر باجتناب المسكر تحريم ما يتخذ للسكر من جميع الأنواع ولم يستفصلوا والصحابة أعرف بالمراد ممن جاء بعدهم.
149 اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله و ليتب إلى الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله
( صحيح ) ( ك هق ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/133)
(اجتنبوا هذه القاذورات) جمع قاذورة وهي كل قول أو فعل يستفحش أو يستقبح لكن المراد هنا الفاحشة يعني الزنا لأنه لما رجم ماعزاً ذكره سميت قاذورة لأن حقها أن تتقذر فوصفت بما يوصف به صاحبها أفاده الزمخشري (التي نهى الله عنها) أي حرمها (فمن ألم) بالتشديد أي نزل به والإلمام كما في الصحاح مقاربة المعصية من غير مواقعة وهذا المعنى له لطف هنا يدرك بالذوق (بشيء منها فليستتر بستر الله وليتب إلى الله) بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود (فإنه) أي الشأن (من يبد) بضم المثناة تحت وسكون الموحدة (لنا صفحته) أي ظهر لنا فعله الذي حقه الإخفاء والستر وصفحة كل شيء جانبه ووجهه وناحيته كنى به عن ثبوت موجب الحد عند الحاكم (نقم) نحن معشر الحكام (عليه كتاب الله) أي الحد الذي حده الله في كتابه والسنة من الكتاب فيجب على المكلف إذا ارتكب ما يوجب لله حداً الستر على نفسه والتوبة فإن أقر عند حاكم أقيم عليه الحد أو التعزير، وعلم من الحديث أن من واقع شيئاً من المعاصي ينبغي أن يستتر وحينئذ فيمتنع التجسس عليه لأدائه إلى هتك الستر قال الغزالي: وحد الاستتار أن يغلق باب داره ويستتر بحيطانه قال فلا يجوز استراق السمع على داره ليسمع صوت الأوتار ولا الدخول عليه لرؤية المعصية إلا أن يظهر عليه ظهوراً يعرفه من هو خارج الدار كصوت آلة اللهو والسكارى ولا يجوز أن يستنشق ليدرك رائحة الخمر ولا أن يستخبر جيرانه ليخبروه بما جرى في داره وقد أنشد في معناه:
لا تلتمس من مساوي الناس مستتراً * فيكشف الله سترا عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا * ولا تعب أحداً منهم بما فيكا
150 اجعل بين أذانك و إقامتك نفسا حتى يقضي المتوضئ حاجته في مهل و يفرغ الآكل من طعامه في مهل ( حسن )
( عم ) عن أبي ( أبو الشيخ في الأذان ) عن سلمان وعن أبي هريرة .
الشرح:(1/134)
(اجعل) بكسر فسكون يا بلال إذ الخطاب له كما جاء مصرحاً به في رواية البيهقي وغيره (بين أذانك وإقامتك) للصلاة (نفساً) بفتح الفاء أي ساعة قال الزمخشري: تقول أنت في نفس من أمرك أي في سعة وتنفس الصبح وتنفس النهار طال (حتى) أي إلى أن (يقضي) أي يتم (المتوضئ) يعني المتطهر أي الشارع في الطهر (حاجته) ويأتي بالشروط والفروض والسنن (في مهل) بفتح أوليه بضبط المؤلف يعني بتؤدة وسكينة إذا اتسع الوقت (و) حتى (يفرغ الآكل) بالمد وكسر الكاف (من) أكل (طعامه في مهل) بأن يشبع فيندب للمؤذن أن يفصل عند اتساع الوقت بين الأذان والإقامة بقدر فعل المذكورات وقدر السنة والاجتماع 0000
151 اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا( صحيح ) ( ق د ) عن ابن عمر .
الشرح:
(اجعلوا) من الجعل كما قال الحراني وهو إظهار أمر عن سبب وتصيير (آخر صلاتكم بالليل) يعني تهجدكم فيه (وتراً) بالكسر والفتح وهو الفرد ما لم يشفع من العدد والمراد صلاة الوتر وذلك لأن أول صلاة الليل المغرب وهي وتر فناسب كون آخرها وتراً والأمر للوجوب عند أبي حنيفة وللندب عند الشافعي بدليل ذكر صلاة الليل فإنها غير واجبة اتفاقاً فكذا آخرها 000
152 اجعلوا بينكم و بين الحرام سترا من الحلال من فعل ذلك استبرأ لعرضه و دينه و من أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى يوشك أن يقع فيه و إن لكل ملك حمى و إن حمى الله في الأرض محارمه ( صحيح )
( حب طب ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:(1/135)
(اجعلوا بينكم وبين الحرام ستراً) أي وقاية (من الحلال) وهو واحد الستور قال الزمخشري: من المجاز رجل مستور وهتك الله ستره اطلع على مساويه وفلان لا يستتر من الله بستر أي لا يتقي الله فإن (من فعل ذلك) أي جعل بينه وبين الحرام ستراً فقد (استبرأ) بالهمز وقد تخفف طلب البراءة (لعرضه) بصونه عما يشينه ويعيبه وفي المختار الاستبراء عبارة عن التبصر والتعرف احتياطاً (ودينه) عن الذم الشرعي والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان كما قاله بعض الأعيان00(ومن أرتع فيه) أي أكل ما شاء وتبسط في المطاعم والملابس كيفما أحب يقال رتعت الماشية أكلت ما شاءت قال الزمخشري: من المجاز رتع القوم أكلوا ما شاءوا في رغد وسعة (كان كالمرتع) بضم الميم وكسر التاء (إلى جنب الحمى) أي جانبه من إطلاق المصدر على المفعول أي المحمي وهو الذي لا يقربه أحد احتراماً لمالكه000 (يوشك) بضم المثناة تحت وكسر المعجمة مضارع أوشك بفتحها وهو من أفعال المقاربة وقد وضع لدنو الخبر مثل كاد وعسى في الاستعمال فيجوز أوشك زيد يجيء وأوشك أن يجيء زيد على الأوجه الثلاثة معناه هنا يسرع أو يقرب (أن يقع) بفتح القاف فيه وفي ماضيه (فيه) أي تأكل ماشيته منه فيعاقب والوقوع في شيء السقوط فيه وكل سقوط شديد يعبر عنه به فكما أن الراعي الخائف من عقوبة السلطان يبعد لاستلزام القرب الوقوع المترتب عليه العقاب فكذا حمى الله أي محارمه التي حظرها لا ينبغي قرب حماها ليسلم من ورطتها ومن ثم قال الله تعالى {تلك حدود الله فلا تقربوها} فنهى عن المقاربة حذراً من المواقعة إذ القرب من الشيء يورث داعية وميلاً يأخذ بمجامع القلب ويلهيه عما هو مقتضى الشرع، وقد حرمت أشياء كثيرة لا مفسدة فيها لكونها تجر إليها (وإن لكل ملك) من ملوك العرب (حمى) يحميه عن الناس فلا يقربه أحد خوفاً من سطوته كان الواحد من أشرفهم إذا أراد أن يترك لقومه مرعى استعوى كلباً فما بلغه صوته من كل جهة(1/136)
حظره على غيره (وإن حمى الله في الأرض) في رواية في أرضه (محارمه) معاصيه كما في رواية أبي داود من دخل حماه بارتكاب شيء منها استحق العقوبة ومن قارب يوشك أن يقع فيه فالمحتاط لنفسه ولدينه لا يقاربه ولا يفعل ما يقربه منه وهذا السياق من المصطفى صلى الله عليه وسلم إقامة برهان عظيم على تجنب الشبهات.
153 اجعلوا بينكم و بين النار حجابا و لو بشق تمرة( حسن )
( طب ) عن فضالة بن عبيد .
الشرح:
(اجعلوا بينكم وبين النار حجاباً) أي ستراً وحاجزاً فتنكير الحجاب للتعظيم (ولو بشق تمرة) أي بشطر منها والحجاب جسم حائل بين شيئين وقد استعمل في المعاني فيقال العجز حجاب بين العبد وقصده والمعصية حجاب بينه وبين ربه وفيه حث على الصدقة وهي سنة كل يوم ولو بما قل كبعض تمرة أو الماء ويتأكد لمن يخص وقتاً بالصدقة أن يتحرى الأوقات والأزمان الشريفة والأماكن الفاضلة ويتأكد أن يكون التصدق بطيب قلب وبشاشة وأن يكون من الحلال الصرف فإن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وذلك هو الذي يكون وقاية من النار.
154 اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم و لا تتخذوها قبورا( صحيح )
( حم ق د ) عن ابن عمر ( ع الروياني الضياء ) عن زيد بن خالد
( محمد بن نصر في الصلاة ) عن عائشة .
الشرح:(1/137)
(اجعلوا من صلاتكم) أي بعضها قال الطيبي: من تبعيضية وهو مفعول أول لـ اجعلوا والثاني (في بيوتكم) أي اجعلوا بعض صلاتكم التي هي النفل مؤداة في بيوتكم فقدم الثاني للاهتمام بشأن البيوت إذ من حقها أن يجعل لها نصيب من الطاعات انتهى وقيل من زائدة كأنه قال اجعلوا صلاتكم النفل في بيوتكم لتعود بركتها على البيت وأهله ولتنزل الرحمة فيها والملائكة ويكثر خيرها ويفر منها الشيطان فالنفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو الحرام إلا ما سن جماعة وركعتا الطواف والإحرام وسنة الجمعة القبلية وقيل أراد بالصلاة الفرض ومعناه اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدى بكم من لا يخرج إلى المسجد من نحو امرأة ومريض والجمهور على الأول لقوله في حديث مسلم إذا قضى أحدكم الصلاة في المسجد فليجعل لبيته نصيباً من صلاته (ولا تتخذوها قبوراً) أي كالقبور مهجورة من الصلاة شبه البيوت التي لا يصلى فيها بالقبور التي لا يمكن الموتى التعبد فيها.
155 اجلس فقد آذيت و أنيت - قاله للذي تخطى يوم الجمعة -( صحيح )
( حم د ن حب ك هق ) عن عبدالله بن بسر ( ه ) عن جابر .
156 اجلس يا أبا تراب ! - قاله لعلي -( صحيح )( خ ) عن سهل بن سعد .
157 أجملوا في طلب الدنيا فإن كلا ميسر لما كتب له منها( صحيح )
( ه ك طب هق ) عن أبي حميد الساعدي .
الشرح:(1/138)
(أجملوا) بهمزة قطع مفتوحة فجيم ساكنة فميم مكسورة (في طلب الدنيا) أي اطلبوا الرزق طلباً جميلاً بأن ترفقوا أي تحسنوا السعي في نصيبكم منها بلا كد وتعب ولا تكالب وإشفاق. قال الزمخشري: أجمل في الطلب إذا لم يحرص والدنيا ما دنا من النفس من منافعها وملاذها وجاهها عاجلاً فلم يحرم الطلب بالكلية لموضع الحاجة بل أمر بالإجمال فيه وهو كان جميلاً في الشرع محموداً في العرف فيطلب من جهة حله ما أمكن. ومن إجماله اعتماد الجهة التي هيأها الله ويسرها له ويسره لها فيقنع بها ولا يتعداها ومنه أن لا يطلب بحرص وقلق وشره ووله حتى لا ينسى ذكر ربه ولا يتورط في شبهة فيدخل فيمن أثنى الله تعالى عليهم بقوله تعالى {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} الآية ثم بين وجه الأمر بذلك بقوله
(فإن كلاً) أي كل أحد من الخلق (ميسر) كمعظم أي مهيأ مصروف(1/139)
(لما كتب) قدر (له منها) يعني الرزق المقدر له سيأتيه ولا بد فإن الله تعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه الأزلي وإن كان يقع ذلك بتبديل في اللوح أو الصحف بحسب تعليق بشرط وقال أجملوا وما قال اتركوا إشارة إلى أن الإنسان وإن علم أن رزقه المقدر له لا بد له منه لكن لا يترك السعي رأساً فإن من عوائد الله تعالى في خلقه تعلق الأحكام بالأسباب وترتيب الحوادث على العلل وهذه سنته في خلقه مطردة وحكمته في ملكه مستمرة وهو وإن كان قادراً على إيجاد الأشياء اختراعاً وابتداعاً لا بتقديم سبب وسبق علة بأن يشبع الإنسان بلا أكل ويرويه بغير شرب وينشئ الخلق بدون جماع لكنه أجرى حكمته بأن الشبع والري والولد يحصل عقب الطعم والشرب والجماع فلذا قال أجملوا إيذاناً بأنه وإن كان هو الرزاق لكنه قدر حصوله بنحو سعي رفيق وحالة كسب من الطلب جميلة فجمع هذا الخبر بالنظر إلى السبب والمسبب له وذلك هو الله والرزق والعبد والسعي وجمع بين المسبب والسبب لئلا يتكل من تلبس بأهل التوكل وليس منهما فيهلك بتأخر الرزق فربما أوقعه في الكفر ولئلا ينسب الرزق لسعيه فيقع في الشرك 0000
وقد عرف مما سبق أن من اجتهد في طلب الدنيا وتهافت عليها شغل نفسه بما لا يجدي وأتعبها فيما لا يغني ولا يأتيه إلا المقدور فهو فقير وإن ملك الدنيا بأسرها فالواجب على المتأدب بآداب الله تعالى أن يكل أمره إلى الله تعالى ويسلم له ولا يتعدى طوره ولا يتجرأ على ربه ويترك التكلف فإنه ربما كان خذلاناً ويترك التدبير فإنه قد يكون هوانا:
والمرء يرزق لا من حيث حيلته * ويصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي
158 أجيبوا الداعي و لا تردوا الهدية و لا تضربوا المسلمين ( صحيح )
( حم خد طب هب ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/140)
(أجيبوا الداعي) الذي يدعوكم إلى وليمة وجوباً إن كانت لعرس وتوفرت الشروط كما مر وندباً إن كانت لغيره مما يندب أن يولم له 0000000 (ولا تردوا) ندباً (الهدية) فإنها وصلة إلى التحابب، نعم يحرم قبولها على القاضي كما في خبر آخر أي ممن له حكومة ولو متوقعة ولم تعهد منه قبل ولايته وهو في محل ولايته ويكره لكل أحد قبولها من الأراذل والأخلاط الذين الباعث لهم عليها طلب الاستكثار كما أشار إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم في عدة أخبار وهي لغة ما أتحف به وشرعاً تمليك ما يحمل أي يبعث غالباً بلا عوض (ولا تضربوا المسلمين) في غير حد أو تأديب بل تلطفوا معهم بالقول والفعل وقد عاش المصطفى صلى الله عليه وسلم ما عاش وما ضرب بيده خادماً ولا عبداً ولا أمة فالعفو أقرب للتقوى فضرب المسلم حرام بل كبيرة والتعبير بالمسلم غالبي فمن له ذمة أو عهد معتبر يحرم ضربه تعدياً.
159 أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم لها( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أجيبوا هذه الدعوة) أي دعوة وليمة العرس إذ هي المعهودة عندهم فقوله هذه أي التي تعرفونها وتتبادر الأذهان إليها (إذا دعيتم لها) وتوفرت شروط الإجابة 000 وقد نقل النووي كابن عبد البر الإجماع على وجوب الإجابة إلى وليمة العرس عند توفر الشروط.
160 أحب الأديان إلى الله تعالى الحنيفية السمحة( حسن )
( حم خد طب ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/141)
(أحب الأديان) جمع دين وقد سبق معناه والمراد هنا ملل الأنبياء والشرائع الماضية قبل أن تبدل وتنسخ وفي رواية للبخاري الدين بالإفراد فإن حمل على الجنس وافق ما هنا وإلا فالمراد أحب خصال الدين لأن خصالها كلها محبوبة لكن ما كان منها سمحاً أو سهلاً فهو أحب إلى الله كما يشهد له خبر أحمد الآتي "خير دينكم أيسره" (إلى الله) دين (الحنيفية) المائلة عن الباطل إلى الحق أو المائلة عن دين اليهود والنصارى فهي المستقيمة والحنيفية ملة إبراهيم والحنيف لغة من كان على ملته. قال الله تعالى {وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم} (السمحة) السهلة القابلة للاستقامة المنقادة إلى الله المسلمة أمرها إليه لا تتوجه إلى شيء من الكثافة والغلظة والجمود التي يلزم منها العصيان والسماجة والطغيان وأنث الخبر مع أن المبتدأ مذكر لأن الحنيفية غلبت عليها الاسمية فصارت علماً وأن أفعل التفضيل المضاف لقصد الزيادة على من أضيف إليه يجوز فيه الإفراد والمطابقة ذكره الكرماني000 وقال الحراني: أصل مادة حنف بكل ترتيب تدور على الخفة واللطافة ويلزم هذا المعنى الانتشار والضمور والميل فيلزمه الانقياد والاستقامة انتهى. واستنبط الشافعي من الحديث قاعدة أن المشقة تجلب التسيير وإذا ضاق الأمر اتسع.
161 أحب الأسماء إلى الله عبد الله و عبد الرحمن( صحيح )
( م د ت ه ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أحب الأسماء) وفي رواية لمسلم إن أحب أسمائكم ومنه يعلم أن المراد أسماء الآدميين (إلى الله) أي أحب ما يسمى به العبد إليه (عبد الله وعبد الرحمن) لأنه لم يقع في القرآن عبد إلى اسم من أسمائه تعالى غيرهما ولأنهما أصول الأسماء الحسنى من حيث المعنى فكان كل منهما يشتمل على الكل ولأنهما لم يسم الله بهما أحد غيره 0000
162 أحب الأسماء إلى الله عبد الله و عبد الرحمن و الحارث( صحيح )
( ع ) عن أنس .(1/142)
163 أحب الأعمال إلى الله أدومها و إن قل( صحيح ) ( ق ) عن عائشة .
الشرح:
(أحب الأعمال إلى الله) أي عند الله فإلى بمعنى عند وقيل للتبيين لأن إلى المتعلقة بما يفهم حباً أو بغضاً من فعل تعجب أو تفضيل معناها التبيين كما ذكره ابن مالك وابن هشام (أدومها) أي أكثرها ثواباً أكثرها تتابعاً ومواظبة ولفظ رواية مسلم ما دووم عليه كذا هو في أكثر أصوله بواوين وفي بعضها بواو واحدة والصواب الأول. قال الكرماني: وأدوم أفعل تفضيل من الدوام وهو شمول جميع الأزمنة على التأبيد، فإن قيل شمول جميع الأزمنة لا يقبل التفضيل فما معنى الأدوم؟ قلت: المراد بالدوام العرفي وهو قابل للكثرة أو القلة (وإن قل) ذلك العمل المداوم عليه جداً لأن النفس تألفه فيدوم بسببه الإقبال على الحق تقدس ولأن تارك العمل بعد الشروع كالمعرض بعد الوصل ولأن المواظب ملازم للخدمة وليس من لازم الباب كمن جد ثم انقطع عن الأعتاب ولهذا قال بعض الأنجاب: "ولا تقطع الخدمة وإن ظهر لك عدم القبول وكفى بك شرفاً أن يقيمك في خدمته" 00 وفيه فضيلة الدوام على العمل ورأفة المصطفى صلى الله عليه وسلم بأمته حيث أرشدهم إلى ما يصلحهم وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة لأن النفس فيه أنشط وبه يحصل مقصود العمل وهو الحضور، هذا عصارة ما قيل في توجيه الدوام في هذا المقام وأقول يحتمل أن يكون المراد بالدوام الترفق بالنفس وتدريبها في التعبد لئلا تضجر فيكون من قبيل إن لجسدك عليك حقاً يقال استدمت الأمر ترفقت به وتمهلت واستدمت غريمي رفقت به.
164 أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/143)
(أحب الأعمال إلى الله) أي أكثرها ثواباً عند الله تعالى (الصلاة لوقتها) اللام لاستقبال الوقت أو بمعنى في لأن الوقت ظرف لها على وزان {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} أي فيه وفي رواية للبخاري على وقتها وعلى فيها بمعنى ما ذكر أو للاستعلاء على الوقت والتمكن من أداء الصلاة في أي جزء كان من أجزائه 000 (ثم بر الوالدين) أي الإحسان إليها وامتثال أمرهما الذي لا يخالف الشرع ومن برهما بر صديقهما ولو بعد موتهما والبر التوسع في الخير من البر وهو الفضاء الواسع والوالدين تثنية والد من الولادة لاستبقاء ما يتوقع زواله بظهور صورة منه بخلق صورة نوعه ذكره الحراني والمراد بهما هنا من له ولادة من الطرفين وإن علا يقدم الأقرب فالأقرب والأحوج فالأحوج وعقب الصلاة بالبر اقتداء بقوله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً} الآية ولأن الصلاة أعظم الوصل بين العبد وربه وبر الوالدين أعظم الوصل بين العبد والخلق فأولى الأعظم للأعظم (ثم الجهاد في سبيل الله) أي قتال الكفار لإعلاء كلمة الجبار وإظهار شعر دينه والجمع بين هذا وأخبار إطعام الطعام خير أعمال الإسلام وأحب الأعمال إلى الله أدومها وغير ذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يجيب كلاً بما يوافقه ويصلحه أو بحسب الوقت أو الحال وقد تعارضت النصوص في تفضيل الصلاة على الصدقة والذي عليه الجمهور أن الصلاة أفضل لكن قد يعرض حال يقتضي مواساة مضطر فتكون الصدقة أفضل وقس عليه قال في المطامح وأخر الجهاد مع أن فيه بذل النفس لأن الصبر على أداء الصلاة أول وقتها وعلى ملازمة برهما أمر متكرر دائم بدوام الأنفاس ولا يصبر على مراقبة أمر الله تعالى فيه إلا الصديقون أو لأن فضل الجهاد يكاد يكون بديهياً إذ لا تنتظم العبادات والعادات إلا به فلما استقل بمنزلته وعرف بدرجته اهتم الشارع ببيان ما قد يخفى من شأن غيره تحقيقاً لمراتب الأعمال والعبادات وترغيباً في الجد في الطاعات000000(1/144)
165 أحب الأعمال إلى الله أن تموت و لسانك رطب من ذكر الله( حسن )
( حب ابن السني في عمل اليوم والليلة طب هب ) عن معاذ .
الشرح:
(أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك) أي والحال أن لسانك (رطب من ذكر الله) يعني أن تلازم الذكر حتى يحضرك الموت وأنت ذاكر فإن للذكر فوائد جليلة وعوائد جزيلة وتأثيراً عجيباً في انشراح الصدر ونعيم القلب وللغفلة تأثير عجيب في ضد ذلك. قال الطيبي: ورطوبة اللسان عبارة عن سهولة جريانه كما أن يبسه عبارة عن ضده، ثم إن جريان اللسان حينئذ عبارة عن إدامة الذكر قبل ذلك فكأنه قيل أحب الأعمال إلى الله تعالى مداومة الذكر فهو من أسلوب قوله تعالى {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} انتهى 0000 فتتأكد مداومة ذكر الله تعالى في جميع الاحوال لكن يستثنى من الذكر القرآن حال الجنابة بقصده فإنه حرام ويستثنى من عمومه أيضاً المجامع وقاضي الحاجة فيكره لهما الذكر اللساني أما القلبي فمستحب على كل حال.
166 أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله ثم صلة الرحم ثم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و أبغض الأعمال إلى الله الإشراك بالله ثم قطيعة الرحم
( حسن ) ( ع ) عن رجل من خثعم .
167 أحب البلاد إلى الله مساجدها و أبغض البلاد إلى الله أسواقها
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة ( حم ك ) عن جبير بن مطعم .
الشرح:(1/145)
(أحب البلاد) أي أحب أماكن البلاد ويمكن أن يراد بالبلد المأوى فلا تقدير (إلى الله مساجدها) لأنها بيوت الطاعة وأساس التقوى ومحل تنزلات الرحمة. قال الراغب: والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه وتسمى المفازة بلداً لكونها محل الوحشيات والمقبرة بلداً لكونها موطناً للأموات (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) جمع سوق سميت به لأن البضائع تساق إليها وذلك لأنها مواطن الغفلة والغش والحرص والفتن والطمع والخيانة والأيمان الكاذبة في الأعراض الفانية القاطعة عن الله تعالى، وقال الطيبي: تسمية المساجد والأسواق بالبلاد خصوصاً تلميح إلى قوله تعالى {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً } وذلك لأن زوار المساجد {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} وقصاد الأسواق شياطين الجن والإنس من الغفلة والحرص والشره وذلك لا يزيد إلا بعداً من الله ومن أوليائه ولا يورث إلا دنواً من الشيطان وأحزابه اللهم إلا من يغد إلى طلب الحلال الذي يصون به عرضه ودينه {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه} وقال جمع: المراد بمحبة المساجد محبة ما يقع فيها من القرب وببغض الأسواق بغض ما يقع فيها من المعاصي مما غلب على أهلها من استيلاء الغفلة على قلوبهم وشغل حواسهم بما وضع لهم من التدبير فإليه ينظرون وإليه يطلبون والأسواق معدن النوال ومظان الأرزاق والأفضال وهي مملكة وضعها الله لأهل الدنيا يتداولون فيها ملك الأشياء لكن أهل الغفلة إذا دخلوها تعلقت قلوبهم بهذه الأسباب فاتخذوها دولاً فصارت عليهم فتنة فكانت أبغض البقاع من هذه الجهة وإلا فالسوق رحمة من الله تعالى جعله معاشاً لخلقه يذر عليهم أرزاقهم فيها من قطر وقطر لتوجد تلك الأشياء عند الحاجة ولو لم يكن ذلك لاحتاج كل منا إلى تعلم جميع الحرف والترحال إلى البلاد ليلاً ونهاراً. فوضع السوق نعمة وأهل الغفلة صدوا عن هذه الرحمة ودنسوا نفوسهم(1/146)
بتعاطي الخطايا فيه فصارت عليهم نقمة وأما أهل اليقين فهم وإن دخلوها قلوبهم متعلقة بتدبير الله فسلموا من فتنها ومن ثم كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يدخل السوق ويشتري ويبيع. قال الطيبي: وإنما قرن المساجد بالأسواق مع وجود ما هو شر منها من البقاع ليقابل بين معنى الالتهاء والاشتغال وأن الأمر الديني يدفعه الأمر الدنيوي.
168 أحب الجهاد إلى الله كلمة حق تقال لإمام جائر( حسن )
( حم طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(أحب الجهاد إلى الله كلمة حق) أي موافق للواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب في الوقت الذي يجب والحق يقال لأوجه هذا أنسبها هنا ذكره الراغب وكلمة حق تجوز بالإضافة وبغيرها (تقال لإمام) سلطان (جائر) ظالم لأن من جاهد العدو فقد تردّد بين رجاء وخوف وصاحب السلطان إذا قال الحق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد تعرض للهلاك واستيقنه فهو أفضل والمراد أن أفضل أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا فلا حاجة لتقدير من.
169 أحب الحديث إلي أصدقه ( صحيح )
( حم خ ) عن المسور بن مخرمة ومروان معا .
الشرح:
(أحب الحديث إليّ) بتشديد الياء بضبط المؤلف هكذا رأيته بخطه وهي ياء النسبة (أصدقه) أفعل تفضيل بتقدير من أو بمعنى فاعل والصدق مطابقة الخبر للواقع والكذب عدمها وفي رواية أحب الحديث إلى الله أصدقه وعليها ففيه دلالة على أفضلية القرآن على غيره {ومن أصدق من الله حديثاً} وهذا قاله حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد أموالهم وسبيهم إليهم فقال:معي من ترون وأحب الحديث إلى الله أصدقه فاختارواإحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وكنت استأنيت بكم أي انتظرت وكان انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فاختاروا السبي فأعطاهم إياه.
170 أحب الصيام إلى الله صيام داود و كان يصوم يوما و يفطر يوما و أحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل و يقوم ثلثه و ينام سدسه( صحيح ) ( حم ق د ن ه ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/147)
(أحب الصيام) المتطوع به (إلى الله) تعالى أي أكثر ما يكون محبوباً إليه والمراد إرادة الخير بفاعله (صيام) نبي الله (داود) وبين وجه الأحبية بقوله (كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوماً ومفارقته يوماً. قال الغزالي: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس وقعه في نفسه بالانكسار وفي قلبه بالصفاء وفي شهواته بالضعف فإن النفس إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه. 0000وقال أبو شامة يصوم وقتاً ويفطر وقتاً أي لا يديم الصيام خوف الضعف عن الجهاد قال وقد جمعت الأيام التي ورد فيها الأخبار أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يصومها فقاربت أن تكون شطر الدهر فهو بمثابة صوم داود. قال ابن المنير: كان داود يقسم ليله ونهاره لحق ربه وحق نفسه فأما الليل فاستقام له ذلك في ليله وأما النهار فيتعذر تجزئته لعدم تبعيض الصيام فنزل صوم يوم وفطر يوم بمنزلة التجزئة في شقص اليوم (وأحب الصلاة) من الليل المطلق (إلى الله صلاة داود كان ينام نصف) وفي رواية كان يرقد شطر (الليل) إعانة على قيام البقية المشار إليه بآية {جعل لكم الليل لتسكنوا فيه} (ويقوم ثلثه) من أول النصف الثاني لكونه وقت التجلي وهو أعظم أوقات العبادة وأفضل ساعات الليل والنهار (وينام سدسه) الأخير ليريح نفسه ويستقبل الصبح وأذكار النهار بنشاط ولا يخفى ما في ذلك من الأخذ بالأرفق على النفس التي يخشى سآمتها المؤدية لترك العبادة والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه 000000
171 أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي ( حسن )
( ع حب هب الضياء ) عن جابر .
الشرح:
أي أيدي الآكلين لأن اجتماع الأنفاس وعظم الجمع أسباب نصبها الله سبحانه وتعالى مقتضية لفيض الرحمة وتنزلات غيث النعمة وهذا كالمحسوس عند أهل الطريق ولكن العبد يجهله يغلب عليه الشاهد على الغائب والحس على العقل.(1/148)
172 أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله ( حسن )
( عبدالله في زوائد الزهد ) عن الحسن مرسلا .
الشرح:
000 والمراد من يستطاع نفعه من الخلق الأهم فالأهم أو المراد عيال الإنسان أنفسهم الذين يمونهم وتلزمه نفقتهم والأول أقرب 000 وفي الحديث رد على من رفض الدنيا بالكلية من النساك وترك الناس وتخفى للعبادة محتجاً بآية {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون} وخفي عليه أن أعظم عبادة الله ما يكون نفعها عائداً لمصالح عباده 00000
173 أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا يضرك بأيهن بدأت(صحيح)( حم م ) عن سمرة بن جندب .
الشرح:
(أحب الكلام إلى الله) تعالى أي كلام البشر لأن الرابعة لم توجد في القرآن ولا يفضل ما ليس فيه على ما هو فيه ويحتمل أن تتناول كلام الله أيضاً لأنها وإن لم تكن فيه باللفظ فهي فيه بالمعنى (أربع) في رواية أربعة (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) لأنها جامعة لجميع معاني أنواع الذكر من توحيد وتنزيه وصنوف أقسام الحمد والثناء ومشيرة إلى جميع الأسماء الحسنى لأنها إما ذاتية كالله أو جمالية كالمحسن أو جلالية كالكبير فأشير للأول بالتسبيح لأنه تنزيه للذات وللثاني بالتحميد لأنه يستدعي النعم وللثالث بالتكبير وذكر التهليل لما قيل إنه تمام المائة في الأسماء وأنه اسم الله الأعظم وهو داخل في أسماء الجلال (لا يضرك) أيها المتكلم بهنّ في حصول الثواب على الإتيان بهنّ (بأيهنّ بدأت) لاستقلال كل واحدة من الجمل لكن هذا الترتيب حقيق بأن يراعى 00000
174 أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد: سبحان الله و بحمده ( صحيح )
( حم م ت ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/149)
(أحب الكلام) أل فيه بدل من المضاف إليه أي أحب كلام الناس (إلى الله أن يقول العبد) أي الإنسان حراً كان أو عبداً (سبحان الله) أي أنزهه عن كل سوء فسبحان علم للتسبيح أي التنزيه البليغ0000 (وبحمده) الواو للحال أي أسبح الله متلبساً بحمده أو عاطفة أي أسبح الله وأتلبس بحمده ومعناها أنزهه عن جميع النقائص وأحمده بجميع الكمالات.
175 أحب الكلام إلى الله تعالى ما اصطفاه الله لملائكته: سبحان ربي و بحمده سبحان ربي و بحمده سبحان ربي و بحمده ( صحيح )
( ت ك هب ) عن أبي ذر .
176 أحب الناس إلى الله أنفعهم و أحب الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل ( حسن )
( ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج طب ) عن ابن عمر .
177 أحب الناس إلي عائشة و من الرجال أبوها( صحيح )
( ق ت ) عن عمرو بن العاص ( ت ه ) عن أنس .
الشرح:(1/150)
(أحب الناس إليّ) من حلائلي الموجودين بالمدينة إذ ذاك (عائشة) على وزان خبر إن ابن الزبير أول مولود في الإسلام يعني بالمدينة والا فمحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم لخديجة أمر معروف شهدت به الأخبار الصحاح ذكره الزين العراقي وأصله قول الكشاف يقال في الرجل أعلم الناس وأفضلهم يراد من في وقته وإنما كانت عائشة أحب إليه من زوجاته الموجودات حالتئذ لاتصافها بالفضل وحسن الشكل، قال القرطبي: فيه جواز ذكر الأحب من النساء والرجال وأنه لا يعاب على من فعله إذا كان المقول له من أهل الخير والدين ويقصد بذلك مقاصد الصالحين وليقتدى به في ذلك فيحب من أحب فإن المرء مع من أحب. وإنما بدأ بذكر محبته عائشة لأنها محبة جبلية ودينية وغيرها دينية لا جبلية فسبق الأصل على الطارئ، فقيل له ومن الرجال؟ قال (ومن الرجال أبوها) لسابقته في الإسلام ونصحه لله تعالى ورسوله وللإسلام وأهله وبذل ماله ونفسه في رضاهما 00000
178 أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما( صحيح )
( ت هب ) عن أبي هريرة ( طب ) عن ابن عمرو ( الدارقطني في الأفراد عد هب ) عن علي ( خد هب ) عن علي موقوفا .
الشرح:(1/151)
(أحبب) بفتح الهمزة وسكون المهملة وكسر الموحدة الأولى وسكون الثانية فعل أمر (حبيبك هوناً مّا) 000 أي أحببه في حين قليل ولا تسرف في حبه فإنه (عسى أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هونا مّا) فإنه (عسى أن يكون حبيبك يوماً مّا) أي ربما انقلب ذلك بتغيير الزمان والأحوال بغضاً فلا تكون قد أسرفت في حبه فتندم عليه إذا أبغضته أو حباً فلا تكون قد أسرفت في بغضه فتستحي منه إذا أحببته ذكره ابن الأثير وقال ابن العربي: معناه أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن فقد يعود الحبيب بغيضاً وعكسه فإذا أمكنته من نفسك حال الحب عاد بغيضاً كان لمعالم مضارك أجدر لما اطلع منك حال الحب بما أفضيت إليه من الأسرار وقال عمر رضي الله تعالى عنه لا يكن حبك كلفاً ولا بغضك تلفاً وعليه أنشد هدبة بن خشرم:
وأبغض إذا أبغضت بغضا مقاربا * فإنك لا تدري متى أنت راجع
وكن معدنا للخير واصفح عن الأذى * فإنك راء ما عملت وسامع
وأحبب إذا أحببت حبا مقاربا * فإنك لا تدري متى أنت نازع
ولهذا قال الحسن البصري أحبوا هوناً وأبغضوا هوناً فقد أفرط قوم في حب قوم فهلكوا وأفرط قوم في بغض قوم فهلكوا.
179أحب عبادالله إلى الله أحسنهم خلقا(صحيح)(طب)عن أسامة بن شريك.
الشرح:
بضمتين معنى حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه والتواضع وقد تضمن هذا الخبر عظيم الحث عليه حيث علق به حكم الأحبية إليه فحق لكل مسلم أن يرغب في ذلك كمال الرغبة وفيه رمز إلى أنه ممكن الاكتساب وإلا لاختص بما كان مطبوعاً عليه فيفوت معنى
الترغيب فيه ويصير حسرة على من لم يمكنه، نعم أصله جبلي كما سيجيء تحقيقه وعبر بصيغة أفعل وهو ما اشتق من فعل الموصوف بزيادة على غيره دفعاً لتوهم حرمان من طبع على ذلك بل أشعر بأنهم كلهم محبوبون لكن من تكلفه بقهر النفس ومجاهدتها حتى صار أحسن خلقاً أحب إليه من أولئك.
180 أحب للناس ما تحب لنفسك( صحيح )
( تخ ع طب ك هب ) عن يزيد بن أسيد .(1/152)
الشرح:
(أحب) بفتح الهمزة وكسر المهملة وفتح الموحدة مشددّة فعل أمر (للناس ما تحب لنفسك) من الخير كما صرح به في رواية أحمد 000 وذلك بأن تفعل بهم ما تحب لن يفعلوه معك وتعاملهم بما تحب أن يعاملوك به وتنصحهم بما تنصح به نفسك وتحكم لهم بما تحب أن يحكم لك به وتحتمل أذاهم وتكف عن أعراضهم وإن رأيت لهم حسنة أذعتها أو سيئة كتمتها وقول ابن الصلاح هذا من الصعب الممتنع لأن المرء مطبوع على حب الإيثار فالتكليف بذلك مفض إلى أن لا يكمل إيمان أحد إلا نادراً في حيز المنع إن القيام بذلك يحصل بأن يحب لغيره ما يحب حصول مثله له من جهة لا يزاحمه فيها أحد ولا ينتقص شيئاً من نعمته وذلك سهل على القلب السليم00
181 احبس أصلها و سبل ثمرتها ( صحيح ) ( ن ه ) عن ابن عمر .
182 احبسوا صبيانكم حتى تذهب فوعة العشاء فإنها ساعة تخترق فيها الشياطين (صحيح) ( ك ) عن جابر .
الشرح:
(احبسوا) بكسر الهمزة والموحدة التحتية. قال الراغب: الحبس المنع وفي الصحاح ضد التخلية (صبيانكم) جمع صبي قال في الصحاح وهو الغلام والجارية صبية والجمع صبايا انتهى والمراد هنا الصغير ذكراً كان أو أنثى كما يشير إليه التعليل الآتي أي امنعوهم من الخروج من البيوت وفي رواية اكفتوا صبيانكم أي ضموهم (حتى تذهب) أي إلى أن تنقضي (فوعة) بضم الفاء وسكون الواو (العشاء) أي شدة سوادها وظلمتها وفي رواية بدل فوعة فحمة وهي السواد الشديد والمراد هنا أول ساعة من الليل كما يدل له قوله (فإنها ساعة تخترق) بمعجمات وراء: تنتشر(فيها الشياطين) أي مردة الجن فإن أول الليل محل تصرفهم وحركتهم في أول انتشارهم أشد اضطراباً000
183 احتج آدم و موسى فحج آدم موسى ( صحيح ) ( خط ) عن أنس .(1/153)
184 احتج آدم و موسى فقال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته و أسكنك جنته أخرجت الناس من الجنة بذنبك و أشقيتهم ! قال آدم: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته و بكلامه و أنزل عليك التوراة أتلومني على أمر كتبه الله على قبل أن يخلقني ؟ ! فحج آدم موسى (صحيح ) ( حم ق د ت ه ) عن أبي هريرة .
185 احتجت الجنة و النار فقالت الجنة: يدخلني الضعفاء و المساكين و قالت النار: يدخلني الجبارون و المتكبرون: فقال الله للنار: أنت عذابي أنتقم بك ممن شئت و قال للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من شئت و لكل واحدة منكما ملؤها ( صحيح )
( م ت ) عن أبي هريرة ( م ) عن أبي سعيد ( ابن خزيمة ) عن أنس .
186 احثوا التراب في وجوه المداحين( صحيح )
( ت ) عن أبي هريرة ( عد حل ) عن ابن عمر .
الشرح:
(احثوا) بضم الهمزة وسكون الحاء وضم المثلثة ارموا (التراب في وجوه المداحين) عبر بصيغة المبالغة إشارة إلى أن الكلام فيمن تكرر منه المدح حتى اتخذه صناعة وبضاعة يتأكل بها الناس وجازف في الأوصاف وأكثر الكذب يريد لا تعطوهم على المدح شيئاً، فالحثي كناية عن الحرمان والرد والتخجيل 0000 وقيل هو على ظاهره فيرمى في وجوههم التراب وجرى عليه ابن العربي قال: وصورته أن تأخذ كفاً من تراب وترمي به بين يديه وتقول ما عسى أن يكون مقدار من خلق من هذا ومن أنا وما قدري توبخ بذلك نفسك ونفسه وتعرف المادح قدرك وقدره هكذا فليحث التراب في وجوههم قال: وقد كان بعض مشايخنا إذا رأى شخصاً راكباً ذا شارة يعظمه الناس وينظرون إليه يقول لهم وله إنه تراب راكب على تراب وينشد:
حتى متى وإلى متى تتوانى * أتظنّ ذلك يا فتى نسياناً(1/154)
قال النووي: ومدح الإنسان يكون في غيبته وفي وجهه فالأول لا يمنع إلا إذا جازف المادح ودخل في الكذب فيحرم للكذب لا لكونه مدحاً ويستحب ما لا كذب فيه إن ترتب عليه مصلحة ولم يجرّ إلى مفسدة والثاني قد جاءت أخبار تقتضي إباحته وأخبار تقتضي منعه كهذا الخبر وجمع بأنه إن كان عند الممدوح كمال إيمان وحسن يقين ورياضة بحيث لا يفتن ولا يغتر ولا تلعب به نفسه فلا يحرم ولا يكره وإن خيف عليه شيء من ذلك كره مدحه.
187 احثوا في أفواه المداحين التراب( صحيح ) ( ه ) عن المقداد بن عمرو ( حب ) عن ابن عمر ( ابن عساكر ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:
قال الطيبي: يحتمل أن يكون المراد دفعه عنه وقطع لسانه عن عرضه بما يرضيه من الرضخ والدافع قد يدفع خصمه بحثي التراب على وجهه استهانة به. قال الشافعية: ويحرم مجاوزة الحد في الإطراء في المدح إذا لم يكن حمله على المبالغة وتردّ به الشهادة إن أكثر منه وإن قصد إظهار الصنيعة قال ابن عبد السلام في قواعده ولا تكاد تجد مداحاً إلا رذلاً ولا هجاء إلا نذلاً انتهى بل ربما تجاوز الحد حتى وقع في الكفر كقول ابن هاني الأندلسي شاعر المعز العبدي مخاطبا له:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار * فاحكم فأنت الواحد القهار00000
188 احجج عن أبيك و اعتمر ( صحيح ) ( د ) عن أبي رزين .
189 أحد أحد( صحيح ) ( د ن ك ) عن سعد ( ت ن ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/155)
(أحد أحد) يا سعد كرره للتأكيد ولا يعارضه خبر الحاكم عن سهل ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه يدعو على منبره ولا غيره: كان يجعل أصبعيه بحذاء منكبيه ويدعو لأن الدعاء له حالات ولأن هذا إخلاص أيضاً لأن فيه رفع أصبع واحدة من كل يد أو أنه لبيان الجواز على أن هذا الحديث قد حمله بعضهم على الرفع في الاستغفار لما رواه أبو داود عن ابن عباس مرفوعاً المسألة رفع يديك حذو منكبيك والاستغفار أن تشير بأصبع واحدة والابتهال أن تمد يديك جميعاً وزعم بعضهم أن ذلك كان في التشهد ولا دليل عليه.
190 أحد يا سعد( صحيح ) ( حم ) عن أنس .
الشرح:
(أحد) بفتح الهمزة وكسر المهملة مشدّدة بصيغة الأمر (يا سعد) بن أبي وقاص أي أشر بأصبع واحدة وهي المسبحة فإن الذي تدعوه واحد قال الزمخشري أراد وحد فقلبت الواو همزة كما قيل أحد وإحدى وآحاد فقد تقلب بهذا القلب مضمومة ومكسورة ومفتوحة انتهى، وأصل هذا أن المصطفى صلى الله عليه وسلم مر على سعد أحد العشرة وهو يدعو بأصبعين فذكره ويوافقه ما أخرجه مسلم من حديث عمارة أنه رأى بشر بن مروان يرفع يديه فأنكر ذلك وقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على هذا يشير بالسبابة وحكى الطبراني عن بعض السلف أنه أخذ بظاهره فقال السنة للداعي أن يشير فلا معنى للتمسك به في منع رفع اليدين في الدعاء مع ثبوت الأخبار بمشروعيته هكذا ساقه الحافظ ابن حجر وما ذكره من أن ذلك إنما ورد في الخطبة بفرض تسليمة إنما يأتي في خبر مسلم وأما خبر سعد هذا فسياقه كما ترى كالناطق بأنه لم يكن فيها إذ لم يحفظ أن أحداً من الصحابة كان يخطب في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم بحضرته فالأولى أن يجاب بأن الأمر بالإشارة بإصبع واحدة في الدعاء ليس فيه ما يقتضي منع رفع اليدين فيه فيرفعهما ويشير في أثنائه أو أنه تارة يشير وتارة يرفع.
191 أحد جبل يحبنا و نحبه( صحيح ) ( خ ) عن سهل بن سعد(1/156)
( ت ) عن أنس ( حم طب الضياء ) عن سويد بن عامر الأنصاري وماله غيره ( أبو القاسم بن بشران في أماليه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أحد) بضمتين (جبل) وفي رواية البخاري جبيل بالتصغيير وهو على ثلاثة أميال من المدينة في شامتها كما حرره الشريف السمهودي بالذرع وبه رد قول النووي على نحو ميلين وقول المطرزي على نحو أربعة سمي به لتوحده وانقطاعه عن أجبل هناك أو لأن أهله نصروا التوحيد (يحبنا ونحبه) أي نأنس به وترتاح نفوسنا لرؤيته وهو سد بيننا وبين مايؤذينا فمحبة الحي للجماد إعجابه به وسكون النفس إليه والارتياح لرؤيته ومحبة الجماد وهو الجبل هنا للحي مجاز عن كونه نافعاً ساداً بينه وبين ما يؤذيه أو المراد أهله الذين هم أهل المدينة على حد {واسأل القرية} والأصوب أن المراد الحقيقة ولا تنكر محبة الجماد للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما حنّ إليه الجذع وسبح الحصى في يده وسلم الحجر والشجر عليه وكلمه الذراع وأمنت حوائط البيت على دعائه فهو إشارة إلى حب الله إياه صلى الله عليه وسلم حتى أسكن حبه في الجماد وغرس محبته في الحجر مع فضل يبسه وفظاظته وكمال قوة صلابته.
192 احذروا الدنيا فإنها خضرة حلوة ( صحيح )
( حم في الزهد ) عن مصعب بن سعد مرسلا .
الشرح:(1/157)
(احذروا الدنيا) أي الاسترسال في شهواتها والانكباب على ملاذها واقتصروا منها على الكفاف (فإنها خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي حسنة المنظر مزينة في العيون آخذة بمجامع القلوب (حلوة) بالضم أي حلوة المذاق صعبة الفراق قال في المطامح فيه استعارة مجازية ومعجزة نبوية فخضرتها عبارة عن زهرتها وحسنها، وحلاوتها كناية عن كونها محببة للنفوس مزينة للناظرين وهو إخبار عن غيب واقع، فإن قلت إخباره عنها بخضرتها وحلاوتها يناقضه إخباره في عدة أخبار بقذارتها وأن الله جعل البول والغائط مثلاً لها؟ قلت لا منافاة فإنها جيفة قذرة في مرأى البصائر وحلوة خضرة في مرأى الأبصار فذكر ثم أنها جيفة قذرة للتنفير وهنا كونها حلوة خضرة للتحذير فكأنه قال لا تغرنكم بحلاوتها وخضرتها فإن حلاوتها في الحقيقة مرارة وخضرتها يبس. فللّه در كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم ما أبدعه.
193 أحرج اسم عند الله يوم القيامة رجل يسمى: ملك الأملاك( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة .
194 أحسن الناس قراءة: الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله ( صحيح )
( محمد بن نصر في كتاب الصلاة هب خط ) عن ابن عباس ( السجزي في الإبانة خط ) عن ابن عمر ( فر ) عن عائشة .
الشرح:
(أحسن الناس قراءة) للقرآن القارئ (الذي إذا قرأ رأيت) أي علمت (أنه يخشى الله) أي يخافه لأن القراءة حالة تقتضي مطالعة جلال الله وعرفان صفاته ولذلك الحال آثار تنشأ عنها الخشية من وعيد الله وزواجر تذكيره وقوارع تخويفه فمن تلبس بهذا الحال وظهرت عليه هيبة الجلال فهو أحسن الناس قراءة لما دل عليه حاله من عدم غفلة قلبه عن تدبر مواعظ ربه وخشية الله سبب لولوج نور اليقين في القلب والتلذذ بكلام الرب ولم يكن كذلك فالقرآن لا تجاوز حنجرته00000
195 أحسنوا إقامة الصفوف في الصلاة(صحيح)(حم حب)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/158)
(أحسنوا إقامة الصفوف) جمع صف (في الصلاة) أي أتموها وسدوا الخلل فيها وسووها مع اعتدال القائمين على سمت واحد والأمر للندب ويسن إذا كبر المسجد أن يأمر الإمام رجلاً بتسوية الصفوف ويطوف عليهم أو ينادي فيهم ويسن لكل من حضر أن يأمر بذلك من يرى منه خللاً في تسوية الصف فإنه من الأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى قال في المجموع والمراد بتسويتها إتمام الأول فالأول وسد الفرج وتحري القائمين فيها بحيث لا يتقدم صدر واحد ولا شيء منع على من هو بجنبه.
196 أحسنوا إلى محسن الأنصار و اعفوا عن مسيئهم ( صحيح )
( طب ) عن سهل بن سعد وعبدالله بن جعفر معا .
الشرح:
(أحسنوا إلى محسن الأنصار) بالقول والفعل قال ابن الكمال: والإحسان فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير (واعفوا عن مسيئهم) ما فرط منه من زلة وحذف المفعول للتعميم وذلك لما لهم من المآثر الحميدة من نصرة الدين وإيواء المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه وبإيثارهم من الأموال والأنفس وهذا وإن كان عاماً في التجاوز فما هو إلا على منهاج التكرمة وزيادة المبالغة في العفو وإلا فلا مزية لهم إلا فيما كان من إساءة لا تتعلق بحد حر ولا بحد عبد فهو من قبيل خبر "أقيلوا ذوي الهيآت عثراتهم" وهذا من جوامع الكلم لأن الحال منحصر في الضر والنفع وفي الشخص المحسن والمسيء وفيه من أنواع البديع الطباق.
197 احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن فقرأ ( قل هو الله أحد و قال: ألا إنها تعدل ثلث القرآن ) . ( صحيح ) ( حم م ت ) عن أبي هريرة .
198 ( أحصوا هلال شعبان لرمضان ) ( حسن ) ت ك عن أبي هريرة .
الشرح:(1/159)
(أحصوا) بضم الهمزة (قوله أحصوا بضم الهمزة: هو خطأ، والصواب بفتح الهمزة، لأنه من الاحصاء. أهـ) عدوا واضبطوا والاحصاء أبلغ من العد في الضبط لما فيه من إعمال الجهد في العد (هلال شعبان لرمضان) أي لأجل صيامه والهلال ما يرفع الصوت عند رؤيته فغلب على الشهر الذي هو الهلال ذكره الحراني وفي القاموس الهلال غرة القمر أو لليلتين أو لسبع والمراد أحصوا هلاله حتى تكملوا العدة إن غم عليكم أو تراؤوا هلال شعبان وأحصوه ليترتب عليه رمضان بالاستكمال أو الرؤية فإن قيل حديث العدد لا يقع فيه اضطراب فالأخذ به أولى ورد بالمنع وإن سلم فحديث الرؤية مثله بل أولى وقد قال أحصوا إلى آخره لأن فيه إظهار الشعار دونه.
199( أحصوا هلال شعبان لرمضان و لا تخلطوا برمضان إلا أن يوافق ذلك صياما كان يصومه أحدكم و صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين يوما فإنها ليست تغمى عليكم العدة ) ( صحيح ) قط هق عن أبي هريرة .
200 ( احضروا الجمعة و ادنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة و إن دخلها ) صحيح( حم د هق ك ) عن سمرة .
الشرح:
(احضروا) بضم الهمزة (الجمعة) أي خطبتها وصلاتها وجوباً على من هو أهلها ندباً لغيره في رواية بدل الجمعة الذكر (وادنوا) ندباً (من الإمام) أي اقتربوا منه بأن تكونوا في الصف الأول بحيث تسمعون الخطبة (فإن الرجل لا يزال يتباعد) عن الإمام أو عن استماع الخطبة أو عن مقام المقربين أو عن مقاعد الأبرار (حتى يؤخر) بضم أوله وفتح ثانيه أي عن الدرجات العالية (في الجنة) 000وفيه توهين أمر المتأخرين وتسفيه رأيهم حيث وضعوا أنفسهم من أعالي الأمور إلى سفسافها 000(وإن دخلها) بغير سبق تعريض بأن الداخل قنع من الجنة ومن تلك الدرجات والمقامات الرفيعة بمجرد الدخول 0000وإذا كان هذا حال المتأخر فكيف بالتارك.(1/160)
201 احضروا الجمعة و ادنوا من الإمام فإن الرجل ليتخلف عن الجمعة حتى أنه يتخلف عن الجنة وإنه لمن أهلها(حسن)(حم هق الضياء)عن سمرة
202 احفروا و أعمقوا و أوسعوا و ادفنوا الاثنين و الثلاثة في قبر واحد و قدموا أكثرهم قرآنا( صحيح ) ( حم 4 هق ) عن هشام بن عامر .
203 احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قيل: إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال: إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا يرينها قيل: إذا كان أحدنا خاليا ؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس ( حسن)
( حم ع ك هق ) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده .
الشرح:(1/161)
(احفظ عورتك) صنها عن العيون 00 (إلا من زوجتك) بالتاء لغة وبدونها جاء القرآن (أو ما) أي والا الأمة التي (ملكت يمينك) وحل لك وطؤها 000والمرأة تحفظ عورتها حتى مما ملكت يمينها إلا من زوجها 000 وفيه أن للزوج نظر فرج زوجته وحلقة دبرها وأخذ بعضهم منه أنه يجب على الرجل تمكين حليلته من الاستمتاع به ورد بأن معنى قوله إلا من إلى آخره أي فهو أولى أن لا تحفظ عورتك منها وذاك لأن الحق في التمتع له لا لها فيلزمها تمكينه ولا عكس (قيل) يعني قال معاوية الصحابي يا رسول الله (إذا كان القوم) أي الجماعة (بعضهم في) وفي نسخ من والأول هو ما في خط المؤلف (بعض) كأب وجد وابن وابنة أو المراد المثل لمثله كرجل لرجل وأنثى لأنثى وعليه فالقوم اسم كان وبعضهم بدل منه ومن بعض خبرها (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن استطعت أن لا يرينها أحداً) بنون التوكيد شديدة أو خفيفة فلا يريها أحد اجتهد في حفظها ما استطعت وإن دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها (قيل) أي قلت يا رسول الله (إذا كان أحدنا خالياً) أي في خلوة فما حكم ستر عورته حينئذ (قال) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (الله أحق) أي أوجب (أن يستحيا) بالبناء للمجهول (منه من الناس) عن كشف العورة وهو تعالى وإن كان لا يحجبه شيء ويرى المستور كما يرى العاري لكن رعاية الأدب تقتضي الستر قال العلائي وغيره وهذا إشارة إلى مقام المراقبة فإن العبد إذا امتنع عن كشف عورته حياء من الناس فلأن يستحيي من ربه المطلع عليه في كل حال وكل وقت أولى والداعي إلى المراقبة أمور أعظمها الحياء 000000 ولذلك كان الصديق رضي الله تعالى عنه يقنع رأسه عند دخوله الخلاء حياء من الله تعالى وكان عثمان رضي الله تعالى عنه يغتسل في بيت مظلم حتى لا يرى عورة نفسه قال الماوردي ومن خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم أنه لم تر عورته قط 00وعدوا من خصائص هذه الأمة حرمة كشف العورة وكما يؤمر بحفظ عورته يؤمر بحفظ عورة(1/162)
غيره بترك النظر إليها قال ابن جرير إلا لعذر كحد يقام عليه وعقوبة تدرأ وظاهر الخبر وجوب ستر العورة في الخلوة لكن المفتى به عند الشافعية جواز كشفها فيها لأدنى غرض كتبريد وخوف غبار على نحو ثوب فينزل الخبر على ندب الستر في الخلوة لا وجوبه وممن وافقهم ابن جرير فأول الخبر في الآثار على الندب قال: لأن الله تعالى لا يغيب عنه شيء من خلقه عراة أو غير عراة.
204 احفظ لسانك( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن مالك بن يخامر .
الشرح:
(احفظ) بكسر الهمزة (لسانك) صنه عن النطق بما لا يعنيك فإن من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه فهو في النار وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم وخص اللسان لأن الأعضاء كلها تابعة له فإن استقام استقامت وإن اعوج اعوجت ولكثرة الكلام مفاسد يتعذر إحصاؤها أو المراد لا تتكلم بما يهجس في نفسك من الوساوس فإنك غير مؤاخذ به ما لم تتلفظ أو تصمم أو لا تتفوّه بما ستره الله عليك فإن التوبة منه أرجى قبولاً والعفو عنه أقرب وقوعاً ذكره القاضي وهذا ما لم يتعلق بالكلام مصلحة كإبلاغ عن الله ورسوله وتعليم علم شرعي وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإصلاح بين الناس ونحو ذلك من كل أمر ديني أو دنيوي يترتب على السكوت عنه فوت مصلحة وقد تطابقت الملل وتضافرت النحل على مدح حفظ اللسان في غير ذلك لإيراثه جميل المعاشرة ومليح المعاملة 00000
205 احفظ لسانك ثكلتك أمك معاذ ! و هل يكب الناس على وجوههم إلا ألسنتهم ؟( صحيح ) ( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن الحسن مرسلا .
206 احفظوني في أصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب حتى يشهد الرجل وما يستشهد و يحلف و ما يستحلف(صحيح)(ه)عن عمر.
207 أحفوا الشوارب و اعفوا اللحى ( صحيح )
( م ت ن ) عن ابن عمر ( عد ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/163)
(احفوا) قال النووي بقطع الهمزة ووصلها من أحفاه وحفاه استأصله (الشوارب) أي اجعلوها حفاف الشفة أي حولها وحفاف الشيء حوله، ومنه {وترى الملائكة حافين من حول العرش} كذا ذكره الغزالي واقتصر عليه وقال القاضي من الإحفاء وأصله الاستقصاء في أخذ الشارب وفي معناه أنهكوا الشوارب في الرواية الأخرى والإنهاك المبالغة في الشيء والمراد بالغوا في قص ما طال منها حتى تتبين الشفة بياناً ظاهراً ندباً وقيل وجوباً، أما حلقه بالكلية فمكروه على الأصح عند الشافعية وصرح مالك بأنه بدعة وقال يوجع فاعله ضرباً وأخذ الحنفية والحنابلة بظاهر الخبر فسنوا حلقه ونقل بعضهم عن الشافعي ندب حلقه باطل (وأعفوا) بفتح الهمزة (اللحى) بالضم والكسر أي اتركوها بحالها لتكثر وتغزر لأن في ذلك جمالاً للوجه وزينة للرجل ومخالفة لزي المجوس، والإعفاء التكثير 0000
208 أحفهما جميعا أو انعلهما جميعا و إذا لبست فابدأ باليمنى و إذا خلعت فابدأ باليسرى( صحيح ) ( حب ) عن أبي هريرة .
209 أحل الذهب و الحرير لأناث أمتي و حرم على ذكورها( صحيح )
( حم ن ) عن أبي موسى .
الشرح:
(أحل) بالبناء لما لم يسم فاعله بضبط المؤلف والفاعل هو الله (الذهب والحرير) أي الخالص أو الزائد وزناً (لإناث أمتي) لبساً وتحلية وغير ذلك من وجوه الاستعمال (وحرم) بالبناء للمفعول أيضاً (على ذكورها) المكلفين غير المعذورين أن يستعملوهما لأن في ذلك خنوثة لا تليق بشهامة الرجال وألحق بالرجال الخناثى والمراد من الذهب هنا لبسه أما استعماله في أكل أو شرب فلا فرق في تحريمه بين الذكر والأنثى والفضة كالذهب.
210 أحلت لنا ميتتان و دمان فأما الميتتان: فالحوت و الجراد و أما الدمان: فالكبد و الطحال(صحيح) ( ه ك هق ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/164)
(أحلت لنا) أي لا لغيرنا من الأمم (ميتتان) تثنية ميتة وهي ما أدركه الموت من الحيوان عن زوال القوة وفناء الحرارة ذكره الحراني وعرفها الفقهاء بأنها ما زالت حياته بغير ذكاة شرعية (ودمان) تثنية دم بتخفيف ميمه وشدها أي تناولهما في حالة الاختيار (فأما الميتتان فالحوت) يعني حيوان البحر الذي يحل أكله ولو لم يسم سمكاً وكان على غير صورته بالكلية ولو طافياً ورفع لابن الرفعة هنا أنه ساق الحديث وأبدل الحوت بالسمك فاعترضه الذهبي بأنه لم يرد وإنما الوارد الحوت ومراده بعدم الورود عدم الثبوت وإلا فقد ورد لفظ السمك في رواية منكرة ذكرها ابن مردويه في تفسيره (والجراد) من الجرد لأنه يجرد الأرض ففي الجمهرة لابن دريد سمي جراداً لأنه يجرد الأرض أي يأكل ما فيها وفي التنزيل {كأنهم جراد منتشر} الآية وذكر نحوه الزمخشري فتحل ميتته، هبه مات باصطياد أم بقطع رأسه أم بحتف أنفه على ثبوت ضرره من بين جراد البلاد 0000
211 احلفوا بالله و بروا و اصدقوا فإن الله يحب أن يحلف به ( صحيح )
( حل ) عن عمر .
الشرح:(1/165)
(احلفوا) ندباً إذا كان الداعي للحلف مصلحة (بالله) أي باسم من أسمائه أو صفة من صفاته لأن الحلف به مما تؤكد به العهود وتشد به المواثيق (وبروا) بفتح الموحدة (واصدقوا) في حلفكم (فإن الله) أكد بأن ووضع الظاهر موضع المضمر تفخيماً ودفعاً لتوهم المنع (يحب أن يحلف به) أي يرضاه إذا كان غرض الحالف طاعة كفعل جهاد أو وعظ أو زجر عن إثم أو حث على خير، وقد حكى الله تعالى عن يعقوب عليه الصلاة والسلام أنه طلب من بنيه الحلف حين التمسوا إرسال أخيهم معهم فهو إذن منه في ذلك ولا يأذن إلا فيما هو محبوب مطلوب ولا يناقضه {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} فإن معناه لا تكثروا منها أو يحمل الحديث على ما إذا كانت في طاعة أو دعت إليها حاجة والآية على خلافه وبذلك علم أنه لا تدافع قال النووي يستحب الحلف ولو بغير تحليف لمصلحة كتوكيد مبهم وتحقيقه ونفي المجاز عنه وقد كثرت الأخبار الصحاح في حلف المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا النوع لهذا الغرض، وخرج بالحلف بالله الحلف بغيره فهو مذموم كما جاء مصرحاً به في أخبار أخر0000000
212 احلقوه كله أو اتركوه كله ( صحيح ) ( د ن ) عن ابن عمر .(1/166)
(احلقوه) بكسر اللام (كله) أي شعر الرأس أي أزيلوه بحلق أو غيره كقص أو نورة وخص الحلق لغلبته وسلامته من الأذى وغيره قد يؤذي. قال الحراني: والحلق إزالة ما يتأتى الزوال فيه بالقطع من الآلة الماضية في عمله والرأس مجتمع الخلقة ومجتمع كل شيء رأسه (أو اتركوه) وفي رواية أو ذروه (كله) فإن الحلق لبعض الرأس وترك بعضه مثله ويسمى القزع فهو مكروه مطلقاً تنزيهاً إلا لعذر سواء كان لرجل أو امرأة ذكره النووي وسواء كان في القفا أو الناصية أو الوسيط خلافاً لبعضهم وأكده بقوله كله دفعاً لتوهم التجوز بإرادة الأكثر وذلك لما فيه من التشويه وتقبيح الصورة والتعليل بذلك كما قال القرطبي أشبه منه بأنه زي أهل الدعارة والفساد وبأنه زي اليهود وفهم من إطلاقه عموم النهي كما لو ترك منه مواضع متفرقة أو حلق الأكثر وترك محلاً واحداً وهذا من كمال محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه فنهاه عن حلق بعض وترك بعض لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسياً وبعضه عارياً ونظيره المشي في نعل واحدة وقوله احلقوه كله يدل على جواز الحلق وهو مذهب الجمهور وذهب بعض المالكية إلى تخصيصه بحالة الضرورة محتجاً بورود النهي عنه إلا في الحج لكونه من فعل المجوس والصواب الحل بلا كراهة ولا خلاف الأولى وأما قول أي شامة الأولى تركه لما فيه من التشويه ومخالفة طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ لم ينقل عنه أنه كان يحلقه بل إذا قصد به التقرب في غير نسك أثم لأنه شرع في الدين ما لم يأذن به الله ففي حيز المنع بلا ريب كيف وقد حلق المصطفى صلى الله عليه وسلم رؤوس أبناء جعفر بن أبي طالب، وفي أبي داود أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ثائر الرأس فقال مه أحسن إلى شعرك أو احلقه، فانظر كيف سوى بين ترجيله وحلقه وخيره بينهما؟ وأعدل حديث في هذا المقام قول حجة الاسلام لا بأس بحلقه لمريد التنظيف ولا بأس بتركه لمن يدهن ويترجل(1/167)
يعني من قدر على دهنه وترجيله فبقاؤه له أولى ومن عسر عليه كضعيف وفقير منقطع علم من بقائه أنه يتلبد ويجمع الوسخ والقمل فالتنظيف منه بحلقه أولى والكلام كله في الذكر أما الأنثى فحلقها له مكروه حيث لا ضرر بل إن كانت مفترشة ولم يأذن الحليل حرم بل عده في المطامح من الكبائر0000
213 أحيانا يأتيني - يعني الوحي - في مثل صلصلة الجرس و هو أشده علي فيفصم عني و قد وعيت ما قال و أحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول( صحيح )
( مالك حم ق ت ن ) عن عائشة زاد ( طب ) في آخره: وهو أهونه علي .
214 أخاف على أمتي من بعدي ثلاثا: حيف الأئمة و إيمانا بالنجوم و تكذيبا بالقدر( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن أبي محجن .
الشرح:(1/168)
(أخاف على أمتي من بعدي) في رواية بعدي بإسقاط من (ثلاثاً: حيف الأئمة) أي جور الإمام الأعظم ونوابه، قال الراغب: الحيف الميل في الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين (وإيماناً بالنجوم) أي تصديقاً باعتقاد أن لها تأثيراً في العالم، ونكره ليفيد الشيوع فيدل على التحذير من التصديق بأي شيء كان من ذلك جزئياً أو كلياً مما كان من أحد فسمى علم النجوم وهو علم التأثير لا التسيير فإنه غير ضار (وتكذيباً بالقدر) أي إسناد أفعال العباد إلى قدرهم قال الغزالي العلم لا يذم لعينه وإنما يذم في حق العباد لأسباب ككونه مضراً بصاحبه أو غيره غالباً كعلم النجوم فإنه غير مذموم لذاته إذ هو قسمان حسابي وقد نطق القرآن العزيز بأن علم تسيير الكواكب محبوب {الشمس والقمر بحسبان} وأحكامي وحاصله يرجع إلى الاستدلال على الحوادث بالأسباب وذلك يضاهي استدلال الطبيب بالنبض على ما يحدث من المرض وهو معرفة مجاري سنة الله تعالى في خلقه لكن ذمه الشرع لإضراره بأكثر الخلق حسماً للباب فإنه إذا ألقى إليهم أن هذه الآثار تحدث عند قران الكواكب أو تناظرها أو صعودها أو هبوطها أو غير ذلك وقع في نفوسهم أنها هي المؤثرة وأنها آلهة لكونها جواهر شريفة سماوية يعظم وقعها في القلوب فيبقى القلب ملتفتاً إليها ويرى الخير والشر منها وينمحي ذكر الله من قلبه إذ الضعيف يقصر نظره على الوسائط والعالم الراسخ مطلع على أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره وأن أفعالها وتأثيرها بأقداره وبمشيئته لا بقدرها فلا يتزلزل ولا يضطرب بحال وإن شاهد منها عجائب الأحوال.
215 أخاف على أمتي من بعدي خصلتين: تكذيبا بالقدر و تصديقا بالنجوم
( صحيح ) ( ع عد خط في كتاب النجوم ) عن أنس .
الشرح:(1/169)
0000 (تكذيباً بالقدر وتصديقاً بالنجوم) فإنهم إذا صدقوا بتأثيراتها مع قصور نظرهم على الأسباب القريبة السافلة والانقطاع عن الترقي إلى مسبب الأسباب هلكوا بلا ارتياب فمعرفة الأسباب من حيث كونها معرفة غير مذمومة لكنها تجر إلى الإضرار بأكثر الخلق والوسيلة إلى الشر فلما نظر المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى ما يتولد منه من الشر خاف على أمته منه وفيه كمال شفقته عليهم ونظره بالرحمة إليهم. قال منجم لعلي كرم الله وجهه لما قصد النهروان: لا تسر في موضع كذا وسر في موضع كذا فقال: ما كان محمد يعلم ما ادعيت اللهم لا طير إلا طيرك وما كان لعمر منجم وقد فتح بلاد كسرى وقيصر.
216 أخاف عليكم ستا: إمارة السفهاء و سفك الدم و بيع الحكم و قطيعة الرحم و نشوا يتخذون القرآن مزامير و كثرة الشرط( صحيح )
( طب ) عن عوف بن مالك .
217 أخبرك بعمل إن أخذت به أدركت من كان قبلك و فت من يكون بعدك إلا أحدا أخذ بمثل ذلك تسبح خلف كل صلاة ثلاثا و ثلاثين و تكبر ثلاثا و ثلاثين وتحمد أربعا وثلاثين(صحيح)(حم ه ابن خزيمة الضياء)عن أبي ذر.
218 أخبرني جبريل أن الحجم أنفع ما تداوى به الناس( صحيح )
( ك ) عن أبي هريرة .
219 أخبرني جبريل أن حسينا يقتل بشاطئ الفرات( صحيح )
( ابن سعد ) عن علي .
الشرح:
(أخبرني جبريل أن حسيناً) ابن فاطمة (يقتل بشاطئ الفرات) بضم الفاء أي بجانب نهر الكوفة العظيم المشهور وهو يخرج من آخر حدود الروم ثم يمر بأطراف الشام ثم بأرض الطف وهي من بلاد كربلاء فلا تدافع بينه وبين خبر الطبراني بأرض الطف وخبره بكربلاء وهذا من أعلام النبوة ومعجزاتها وذلك أنه لما مات معاوية أتته كتب أهل العراق إلى المدينة أنهم بايعوه بعد موته فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل فبايعوه وأرسل إليه فتوجه إليهم فخذلوه وقتلوه بها يوم الجمعة عاشر محرم سنة إحدى وستين 0000(1/170)
قال القرطبي وماذكر من أنه في عسقلان في مشهد هناك أو بالقاهرة فباطل لم يصح ولا يثبت 0000
220 أخبروني بشجرة شبه الرجل المسلم لا يتحات ورقها و لا و لا و لا تؤتي أكلها كل حين ؟ هي النخلة ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر .
الشرح:
000 (الرجل المسلم) هذا هو المشبه به والنخلة مشبهة وكان القياس تشبيه المسلم بها ليكون وجه الشبه فيها أظهر لكن قلب التشبيه إيذاناً بأن المسلم أتم منها في الثبات وكثرة النفع 0000 (لا يتحات) أي لا يتساقط (ورقها) وكذا المسلم لا تسقط له دعوة (ولا) ينقطع ثمرها فإنها من حين يخرج طلعها يؤكل منه إلى أن يصير تمراً يابساً يدخر فكذا المسلم لا ينقطع خيره حياً ولا ميتاً (ولا) يبطل نفعها (ولا) يعدم فيؤها بل ظلها دائم ينتفع به هكذا كرر النفي ثلاثاً على طريق الاكتفاء ووقع في مسلم ذكر النفي مرة واحدة فظن الراوي عنه تعلقه بما بعده فاستشكله وقال: لعل لا زائدة ولعله وتؤتي إلى آخره وليس كما ظن بل معمول النفي محذوف اكتفاء كما قدر وقرر ثم ابتدأ كلاماً على طريق التفسير لما قبله (تؤتي أكلها كل حين) بإذن ربها فإنها تؤكل من حين تطلع إلى أن تيبس ثم ينتفع بجميع أجزائها حتى النوى في العلف والليف في الحبال والجذع في البناء والخوص في نحو آنية وزنبيل وغير ذلك وكذا المؤمن ثابت بإيمانه متحل بإيقانه جميل الخلال والصفات كثير الصلاة والصلات جزيل الإحسان والصدقات وما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح وينتفع بكل صادر عنه حياً وميتاً قال ابن عمر راوي الخبر فوقع الناس في شجرة البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة وأردت أن أقولها فإذا أنا أصغر القوم فاستحييت ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله قال: (هي النخلة) وفيه أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة في السؤال وأن الملغز ينبغي أن لا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للغز باباً يدخل منه بل كلما قربه كان أعذب في نفس سامعه وامتحان العالم أذهان(1/171)
طلبته بما يدق مع بيانه إن لم يفهموه ولا ينافيه النهي عن الأغلوطات المفسرة بصعاب المسائل لحمله على ما لا نفع فيه أو ما خرج على طريق تعنت المسؤول أو تعجيزه والتحريض على الفهم في العلم وبركة النخلة وما تثمر000
221 اختتن إبراهيم و هو ابن ثمانين سنة بالقدوم( صحيح )
( حم ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(اختتن) بهمزة وصل مكسورة (إبراهيم) الخليل أي قطع فلقة ذكر نفسه والختان اسم لفعل الخاتن وقيل مصدر ويسمى به محل الختن أيضاً ومنه خبر إذا التقى الختانان 000000 (بالقدوم) بفتح القاف والتخفيف آلة النجار يعني الفأس كما في رواية ابن عساكر وروي بالتشديد أيضاً عن الأصيلي وغيره وأنكره بعضهم وقيل ليس المراد الآلة بل المكان الذي وقع فيه وهو بالوجهين أيضاً قرية بالشام أو جبل بالحجاز بقرب المدينة أو قرية بكلب أو موضع بعمان أو ثنية في جبل ببلاد سدوس أو حصن باليمن والأكثر على أنه بالتخفيف وإرادة الآلة ورجحه البيهقي والقرطبي وقال الزركشي وابن حجر أنه الأصح بدليل رواية أبي يعلى أنه عجل قبل أن يعلم الآلة فاشتد عليه انتهى وذكر ابن القيم وأبو نعيم والديلمي ونحوه وقال: قد يتفق الأمران فيكون أختتن بالآلة وفي الموضع قال: وممن اختتن أيضاً المسيح قال القرطبي: وأول من اختتن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم لم يزل ذلك سنة عامة معمولاًبها في ذريته وأهل الأديان المنتمين لدينه وهذا حكم التوراة على بني إسرائيل كلهم ولم تزل أنبياء بني إسرائيل يختتنون حتى عيسى عليه الصلاة والسلام غير أن طوائف من النصارى تأولوا ما في التوراة بأن المقصود زوال قلفة القلب لا جلدة الذكر فتركوا المشروع من الختان بضرب من الهذيان وليس هو أول جهالتهم فكم لهم منها وكم وكم ويكفيك أنهم زادوا على أنبيائهم في الفهم وغلّطوا فيما عملوا عليه وقضوا به من الحكم.
222 اختر منهن أربعا و فارق سائرهن( صحيح )
( د ) عن الحارث بن زيد الأسدي .(1/172)
223 أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذها خالد عن غير إمرة ففتح الله عليه و ما يسرني أنهم عندنا - أو قال - و ما يسرهم أنهم عندنا( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أنس .
224 أخذ الله عز و جل مني الميثاق كما أخذ من النبيين ميثاقهم و بشر بي عيسى ابن مريم و رأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام( حسن )
( طب أبو نعيم في الدلائل ابن مردويه ) عن أبي مريم الغساني .
225 أخذنا فألك من فيك(صحيح)( د ) عن أبي هريرة ( ابن السني أبو نعيم معا في الطب) عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده ( فر ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أخذنا فألك) بالهمز وتركه أي كلامك الحسن أيها المتكلم (من فيك) وإن لم تقصد خطابنا قال الزمخشري: الفأل أن تسمع الكلمة الطيبة فتتيمن بها وتقول دون الغيب أقفال لا يفتحها الزجر والفأل وفي القاموس ضد الطيرة كأن يسمع مريض يا سالم أو طالب ضالة يا واجد ويستعمل في الخير والشر وهذا قاله لما خرج في عسكر فسمع قائلاً يقول يا حسن أو لما خرج لغزو خيبر فسمع علياً يقول يا خضرة فقال أخذنا فألك من فيك، اخرجوا بنا إلى خضرة فما سلّ فيها سيف، ولا مانع من التعدد.
226 أخر الكلام في القدر لشرار أمتي في آخر الزمان ( حسن )
( طس ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/173)
(أخر) بالبناء للمفعول (الكلام في القدر) محركاً أي في نفيه (أي في نفي كون الأشياء كلها بتقدير الله سبحانه وتعالى) (لشرار أمتي) وفي رواية لشرار هذه الأمة وأول من تكلم فيه معبد الجهني وأبو الأسود الدؤلي أو سيبويه أو رجل آخر عند احتراق الكعبة فقال قائل هذا من قضاء الله تعالى فقال آخر ما هو من قضائه (في آخر الزمان) أي زمن الصحابة رضي الله تعالى عنهم فزمنهم هو الزمان لكونه خير الأزمان وهذه من معجزاته صلى الله عليه وسلم لأنه إخبار عن غيب وقع قال الطيبي: مذهب الجبرية إثبات القدرة لله سبحانه وتعالى ونفيها عن العبد أصلاً ومذهب المعتزلة بخلافه وكلاهما في الإفراط والتفريط على شفا جرف هار والطريق المستقيم القصد انتهى والزمان مدة قابلة للقسمة تطلق على قليل الوقت وكثيره.
227 أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت قد قيل لي استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت( صحيح ) ( ت ن ) عن عمر .
228 أخروا الأحمال فإن الأيدي مغلقة و الأرجل موثقة ( صحيح )
( د في مراسيله ) عن الزهري ووصله ( البزار ع طس ) عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة نحوه .
الشرح:(1/174)
(أخروا) بفتح الهمزة وكسر المعجمة (الأحمال) إلى وسط ظهر الدابة ولا تبالغوا في التأخير بل اجعلوها متوسطة بحيث يسهل حملها على الدابة لئلا تتأذى بالحمل (فإن الأيدي) أي أيدي الدواب المحمول عليها (مغلقة) بضم الميم وسكون المعجمة أي مثقلة بالحمل كأنها ممنوعة من إحسان السير لما عليها من الثقل كأنه شبه بالباب إذا أغلق فإنه يمنع من الدخول والخروج أو من قولهم استغلق عليه الكلام إذا ارتج عليه (والأرجل موثقة) بضم فسكون أي كأنها مشدودة بوثاق من أوثقه شده بوثاق والوثاق ما يشد به من نحو قيد وحبل فينبغي جعل الحمل في وسط ظهر الدابة فإنه إن قدم عليها أضر بيديها وإن أخر أضر برجليها وإنما أمر بالتأخير فقط لأنه رأى بعيراً قد قدم عليه حمله فأمر بالتأخير وأشار إلى مقابله بقوله والأرجل موثقة لئلا يبالغ في التأخير فيضر، وفيه الرفق بالدابة وحفظ المال وتعليم الإخوان ما فيه الخير لهم ولدوابهم وتدبر العواقب والنظر لخلق الله سبحانه وتعالى بالشفقة ويحرم إدامة تحميل الدابة ما لا تطيقه دائماً وضربها عبثاً.
229 اخرج فناد في الناس: من شهد أن لا إله إلا الله وجبت له الجنة
( صحيح ) ( ع ) عن أبي بكرة .
230 أخرجوا المخنثين من بيوتكم (صحيح )
( حم خ ) عن ابن عباس ( خ د ه ) عن أم سلمة .
231 أخرجوا المشركين من جزيرة العرب و أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم( صحيح ) ( خ د ) عن ابن عباس .
232 أخرجوا اليهود و النصارى من جزيرة العرب(صحيح)(م)عن عمر .
233 أخرجوا يهود الحجاز و أهل نجران من جزيرة العرب و اعلموا أن شر الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ( صحيح )
( حم ع حل الضياء ) عن أبي عبيدة بن الجراح .
234 اخرجي إليه فإنه لا يحسن الاستئذان فقولي له: فليقل: السلام عليكم أأدخل ؟( صحيح ) ( حم ) عن رجل من بني عامر .
235 اخرجي فجذي نخلك لعلك أن تصدقي منه أو تفعلي خيرا( صحيح )
( د ن ه ك ) عن جابر .(1/175)
236 اخفضي و لا تنهكي فإنه أنضر للوجه و أحظى عند الزوج( صحيح )
( طب ك ) عن الضحاك بن قيس .
الشرح:
(اخفضي) بكسر الهمزة خطاباً لأم عطية التي كانت تخفض الجواري بالمدينة أي تختنهن (ولا تنهكي) بفتح المثناة فوق وسكون النون وكسر الهاء لا تبالغي في استقصاء محل الختان بالقطع بل أبقي ذلك الموضع. قال الزمخشري: وأصل النهك المبالغة في العمل (فإنه أنضر) بفتح الهمزة والمعجمة (للوجه) أي أكثر لمائه ودمه وأبهج لبريقه ولمعته (وأحظى عند الزوج) ومن في معناه من كل واطئ كسيد الأمة يعني أحسن لجماعها عنده وأحب إليه وأشهى له لأن الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فكرهت الجماع فقلت حظوتها عند حليلها كما أنها إذا تركتها بحالها فلم تأخذ منها شيئاً بقيت غلمتها فقد لا تكتفي بجماع زوجها فتقع في الزنا فأخذ بعضها تعديل للشهوة والخلقة قال حجة الاسلام انظر إلى جزالة هذا اللفظ في الكناية وإلى إشراق نور النبوة من مصالح الآخرة التي هي أهم مقاصد النبوة إلى مصالح الدنيا حتى انكشفت له وهو أمي من هذا الأمر النازل قدره ما لو وقعت الغفلة عنه خيف ضرره وتطاير من غب عاقبته شرره وتولد منه أعظم القبائح وأشد الفضائح فسبحان من أرسله رحمة للعالمين ليجمع لهم ببعثته مصالح الدارين؟ وفيه أنه لا استحياء من قول مثل ذلك للأجنبية فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها ومع ذلك قاله تعليماً للأمة ومن استحيا من فعل فعله أو قول قاله فهو جاهل كثيف الطبع ولعله يقع في عدة كبائر ولا يستحي من الله ولا من الخلق.
237 أخنع الأسماء عند الله يوم القيامة رجل تسمى ملك الأملاك لا مالك إلا الله ( صحيح ) ( ق د ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/176)
(أخنع) بفتح الهمزة والنون بينهما معجمة ساكنة وفي رواية أخنى أي أفحش (الأسماء) أي أقتلها لصاحبه وأهلكها له يعني أدخلها في النخوع وهو الذل والضعة والهوان ذكره الزمخشري (عند الله يوم القيامة) قيد به مع كونه في الدنيا كذلك إشعاراً بترتب ما هو مسبب عنه من إنزال الهوان وحلول العذاب (رجل) أي اسم رجل قال الطيبي: لا بد من هذا التأويل ليطابق الخبر ويمكن أن يراد بالاسم المسمى مجازاً أي أخنع الرجال رجل 000(تسمى) أي سمى نفسه أو سماه غيره فأقروه ورضي به (ملك) بكسر اللام (الأملاك) أو ما في معناه نحو شاه شاهان أو شاهان شاه والعجم تقدم المضاف إليه على المضاف وألحق به ملك شاه قيل وإذا امتنع التسمي بما ذكر فباسم من له هذا الوصف كالله والجبار والرحمن أولى 000000 (لا مالك) لجميع الخلائق (إلا الله) فلا يصدق هذا الاسم بالحقيقة إلا عليه سبحانه وتعالى فعوقب على ذلك من الاذلال والاسترذال بما لم يعاقب به مخلوق والمالك من له الملك والملك أمدح والمالك أخص وكلاهما واجب لله تعالى انتهى 000 قال ابن القيم وتحرم التسمية بسيد الناس وسيدة الكل كما تحرم بسيد ولد آدم فإن ذا ليس لأحد إلا للرسول عليه الصلاة والسلام فلا يحل إطلاقه على غيره قال ولا تجوز التسمية بأسماء الله الحسنى كالأحد والصمد ولا تسمية الملوك بالظاهر والقاهر والقادر وظاهر الوعيد يقتضي التحريم الشديد000
238 إخوانكم خولكم جعلهم الله قنية تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه و ليلبسه من لباسه و لا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعنه ( صحيح ) ( حم ق د ت ه ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/177)
(إخوانكم) جمع أخ وهو الناشئ مع أخيه من منشأ واحد على السواء بل بوجه مّا، قال الحراني (خولكم) بفتح المعجمة والواو وضم اللام أي خدمكم جمع خائل أي خادم سمي به لأنه يتخول الأمور أي يصلحها ومنه الخولي لمن يقوم بإصلاح البستان والتخويل التمليك وأخبر عن الأخوة بالخول مع أن القصد عكسه اهتماماً بشأن الإخوان أو الحصر الخول في الإخوان أي ليسوا إلا لإخوانكم أي من جهة تفرع الكل عن أصل واحد وهو آدم عليه الصلاة والسلام ومن قال في الدين لم يصب إذ يلزم قصر طلب المواساة في الأرقاء على المسلمين مع عمومها وحينئذ ففي الكلام معنى التشبيه أو إخوانكم مبتدأ و (جعلهم الله) خبره 00 (قنية) بكسر القاف وتضم أي ملكاً (تحت أيديكم) يعني قدرتكم فاليد الحسية كناية عن اليد الحكيمة (فمن كان أخوه تحت يده) أي فمن كان مملوكه في قبضته وتحت حكمه وسلطانه وفي رواية للبخاري يديه بلفظ التثنية (فليطعمه) بضم المثناة التحتية فيه وفيما بعده أي وجوباً والأفضل كونه (من طعامه) الذي يأكله هو (وليلبسه) مما يليق (من لباسه) قال الرافعي لا مناقضة بينه وبين الخبر الآتي للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف لأن ما هنا في حق العرب الذين طعامهم وطعام عبيدهم وكسوتهم متقاربة وذلك في حق المترفهين في الطعام واللباس فليس عليهم لمماليكهم إلا المتعارف لهم بالبلد سواء كان من جنس نفقة السيد أو فوقه أو دونه انتهى وخرج بما ذكر نحو عفاف القن فلا يؤمر به سيده والواجب الكفاية (ولا يكلفه) من التكليف وهو تحميل الشخص شيئاً معه كلفة وقيل هو الأمر بما يشق أي لا يكلفه من العمل (ما يغلبه) أي ما لا يطيقه في بعض الأحيان (فليعنه) عليه بنفسه أو بغيره فيحرم على السيد أن يكلف قنه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام وله تكليفه عملاً شاقاً في بعض الأحيان لكن عليه إعانته أي مساعدته ومثل القن نحو خادم وأجير ودابة ولم يصب في التعبير من قال كابن جماعة تدخل في الخول الرقيق(1/178)
والخادم الحر وكذا الدواب انتهى وما ذاك إلا لأن لفظ الخول في الحديث لا يشمل الدابة لوصفه بالأخوة فالشمول ممنوع وليس إلا القياس وفيه الأمر بالعطف على المملوك والشفقة عليه والتذكير بالنعمة والقيام بشكرها والمحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك.
239 أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ( صحيح )
( عد ) عن عمر .
الشرح:
(أخوف) أي من أخوف (ما أخاف على أمتي) وفي رواية أحمد على هذه الأمة (كل منافق عليم اللسان) أي عالم للعلم منطلق اللسان به لكنه جاهل القلب فاسد العقيدة يغر الناس بشقشقة لسانه فيقع بسبب تباعه خلق كثير في الزلل وقد كان بعض العارفين لا يظهر لتلميذه إلا على أشرف أحواله خوفاً أن يقتدي به فيها أو بسوء ظنه به فيها فلا ينتفع. قال الحراني: والخوف حذر النفس من أمور ظاهرة
تضرها000000000
240 أدالأمانة ألى من ائتمنك ولا تخن من خانك ( صحيح )
( تخ د ت ك ) عن أبي هريرة ( قط الضياء ) عن أنس ( طب ) عن أبي أمامة ( د ) عن رجل من الصحابة ( قط ) عن أبي بن كعب .
الشرح:(1/179)
(أدّ) وجوباً من الأداء. قال الراغب: وهو دفع ما يحق دفعه وتأديته (الأمانة) هي كل حق لزمك أداؤه وحفظه وقصر جمع لها على حق الحق وآخرين على حق الخلق قصور قال القرطبي: والأمانة تشمل أعداداً كثيرة لكن أمهاتها الوديعة واللقطة والرهن والعارية. قال القاضي: وحفظ الأمانة أثر كمال الإيمان فإذا نقص الإيمان نقصت الأمانة في الناس وإذا زاد زادت (إلى من ائتمنك) عليها وهذا لا مفهوم له بل غالبي والخيانة التفريط في الأمانة. قال الحراني: والائتمان طلب الأمانة وهو إيداع الشيء لحفظه حتى يعاد إلى المؤتمن ولما كانت النفوس نزّاعة إلى الخيانة رواغة عند مضايق الأمانة وربما تأولت جوازها مع من لم يلتزمها أعقبه بقوله (ولا تخن من خانك) أي لا تعامله بمعاملته ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقه إذ لا تعدي فيه أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان حسناً بل قابله بالأحسن الذي هو العفو وادفع بالتي هي أحسن وهذا كما قاله الطيبي أحسن قال ابن العربي: وهذه مسألة متكررة على ألسنة الفقهاء ولهم فيها أقوال الأول لا تخن من خانك مطلقاً الثاني خن من خانك قاله الشافعي الثالث إن كان مما ائتمنك عليه من خانك فلا تخنه وإن كان ليس في يدك فخذ حقك منه قاله مالك الرابع إن كان من جنس حقك فخذه وإلا فلا قاله أبو حنيفة. قال: والصحيح منها جواز الاعتداء بأن تأخذ مثل مالك من جنسه أو غير جنسه إذا عدلت لأن ما للحاكم فعله إذا قدرت تفعله إذا اضطررت.
241 أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر و عبد صغير و كبير( صحيح )
( حم قط الضياء ) عن عبدالله بن ثعلبة .
242 أدوا صاعا من طعام في الفطر( صحيح )( حل هق ) عن ابن عباس .
243 ( أدخل الله الجنة رجلا كان سهلا مشتريا و بائعا و قاضيا و مقتضيا )
( حسن ) حم ن ه هب عن عثمان .
الشرح:(1/180)
(أدخل الله) بصيغة الماضي دعاء وقد يجعل خبراً، وعبر عنه بالماضي إشعاراً بتحقق الوقوع (الجنة) دار الثواب وقدم الجزاء لمزيد التشويق والترغيب (رجلاً) يعني إنساناً ذكراً أو أنثى والمراد كل مؤمن (كان سهلاً) أي ليناً في حال كونه (مشترياً وبائعاً وقاضياً) أي مؤدياً ما عليه (ومقتضياً) طالباً ماله ليأخذه والقصد بالحديث الإعلام بفضل اللين والسهولة في المعاملات من بيع وشراء وقضاء واقتضاء وغير ذلك وأنه سبب لدخول الجنة موصل للسعادة الأبدية، وخص المذكورات لغلبة وقوعها وكثرة المضايقة فيها حتى في التافه لا لإخراج غيرها فجميع العقود والحلول كذلك.
244 ادع إلى ربك الذي إن مسك ضر فدعوته كشف عنك و الذي إن أضللت بأرض قفر فدعوته رد عليك و الذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك( صحيح ) ( حم د هق ) عن أبي جري .
245 ادعوا الله و أنتم موقنون بالإجابة و اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه ( حسن ) ( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/181)
(ادعوا) بهمزة وصل مضمومة (الله) المنفرد بالإعطاء والمنع والضر والنفع فذكره هنا أنسب من ذكر الرب أي اسألوه من فضله من الدعاء وهو استدعاء العبد ربه العناية واستمداده منه المعونة وحقيقته إظهار الإفتقار إليه والتبرؤ من الحول والقوة وهو سمة العبودية واستشعار الذلة البشرية وبه رد على من كره الدعاء من الصوفية وقال الأولى السكوت والرضا والجمود تحت جريان الحكم والقضاء وهذا الحديث نص في رده والذي عليه جمهور الطوائف أن الدعاء أفضل مطلقاً لكن بشرط رعاية الأدب والجد في الطلب والعزم في المسألة والجزم بالإجابة كما أشار إليه بقوله (وأنتم موقنون) جازمون (بالإجابة) بأن تكونوا على حال تستحقون فيه الإجابة بخلوص النية وحضور الجنان وفعل الطاعات بالأركان وتجنب المحظور والبهتان وتفريغ السر عما سوى الرحمن، أما سمعته يقول {وجاء بقلب منيب} أي راجع إليه عما سواه من إظهار الانكسار والاضطرار ورفض الحول والقوة وغلبة ظن الإجابة بحيث تكون أغلب على القلب من الرد لأن الداعي إذا لم يكن جازماً لم يكن رجاؤه صادقاً وإذا لم يصدق الرجاء لم يخلص الدعاء، إذ الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع بدون تحقق الأصل ولأن الداعي إذا لم يدع ربه على يقين أنه يجيبه فعدم إجابته إما لعجز المدعو أو بخله أو عدم علمه بالابتهال وذلك كله على الحق تقدس محال0000 (واعلموا أن الله) زاد في رواية الترمذي تبارك وتعالى (لا يستجيب) أي لا يجيب قال في النهاية: المجيب الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء (دعاء) بالمد (من قلب غافل) بالإضافة ويجوز عدمها وتنوينها (لاه) أي لا يعبأ بسؤال سائل غافل عن الحضور مع مولاه مشغوف بما أهمه من دنياه، ونظيره قوله تعالى {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} نهاهم عن الموت على غير دين الإسلام وليس بمقدورهم لكنه أمر بالثبات عليه بحيث إذا أدركهم الموت على تلك الحالة والتيقظ والجد في الدعاء من أعظم آدابه، قال(1/182)
الإمام الرازي: أجمعت الأمة على أن الدعاء اللساني الخالي عن الطلب النفساني قليل النفع عديم الأثر. قال: وهذا الاتفاق غير مختص بمسألة معينة ولا بحالة مخصوصة (تنبيه) قال الكمال ابن الهمام: ما تعارفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغة في الصياح والإشنغال بتحريات النغم إظهاراً للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الرد وهذا معلوم إن كان قصده إعجاب الناس به فكأنه قال اعجبوا من حسن صوتي وتحريري، ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء كما يفعله القراء في هذا الزمان يصدر ممن يفهم معنى الدعاء والسؤال وما ذاك إلا نوع لعب فإنه لو قدر في الشاهد سائل حاجة من ملك أدى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه من الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغني نسب البتة إلى قصد السخرية واللعب إذ مقام طلب الحاجة التضرع لا التغني فاستبان أن ذاك من مقتضيات الخيبة والحرمان.
246 ادعوا الناس و بشروا و لا تنفروا و يسروا و لا تعسروا( صحيح )
( م ) عن أبي موسى .
247 ادعي أبا بكر أباك و أخاك حتى أكتب كتابا فإني أخاف أن يتمنى متمن و يقول قائل: أنا أولى و يأبى الله و المؤمنون إلا أبا بكر( صحيح )
( حم م ) عن عائشة .
248 ادفعوها إلى خالتها فإن الخالة أم( صحيح ) ( ك ) عن علي .
249 ادفنوا القتلى في مصارعهم( صحيح ) ( 4 ) عن جابر .
الشرح:
(ادفنوا القتلى) بفتح فسكون أي قتلى أحد والحكم عام
(في مصارعهم) وفي رواية في مضاجعهم أي في الأماكن التي قتلوا فيها، والصريع من الأغصان ما تهدل وسقط إلى الأرض ومنه قيل للقتيل صريع وهذا قاله لما نقلوا بعضهم ليدفنوه بالبقيع مقبرة المدينة ولا يصح تعليله لكونه محل الشهادة والأرض تشهد لمن قتل فيها لأن الشهادة لا تتوقف منها على الدفن ولعله لبقاء دمائهم ودفنها معهم قال في المطامح والصحيح أن ذلك كان قبل دفنهم وحينئذ فالأمر للندب.(1/183)
250 ( أدن اليتيم منك و ألطفه و امسح برأسه و أطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك و يدرك حاجتك ) ( حسن )
الخرائطي في مكارم الأخلاق ابن عساكر عن أبي الدرداء .
251 أدن يا بني فسم الله و كل بيمينك و كل مما يليك( صحيح )
( د ت حب ) عن عمر بن أبي سلمة .
252 أدنى أهل النار عذابا ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه( صحيح ) ( م ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(أدنى أهل النار) أي أهونهم (عذاباً) وهو أبو طالب كما يأتي التصريح به في خبر (ينتعل بنعلين من نار يغلي دماغه من حرارة نعليه) أي بسبب حرارتهما أو من أجلهما فيرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم وفيه أن عذاب أهل النار متفاوت فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم إلى ركبتيه، ومنهم ومنهم وكفر من كفر فقط ليس ككفر من كفر وطغى وتمرد وعصى، وكفر من قاتل الأنبياء وفتك فيهم وأفسد في الأرض ليس ككفر من كفر وسالمهم وأحسن إلى أحدهم كأبي طالب 0000
253 أديموا الحج و العمرة فإنهما ينفيان الفقر و الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ( صحيح ) ( الدارقطني في الأفراد طس ) عن جابر .
الشرح:(1/184)
(أديموا) واظبوا وتابعوا ندباً (الحج والعمرة) أي ائتوا بهما على الدوام والمواظبة لوجه الله تعالى (فإنهما ينفيان) ينحيان (الفقر) بفتح الفاء وتضم وكل منهما على حدته ينفي الفقر ففي خبر يأتي ما أمعن حاج قط أي ما افتقر ولا احتاج وتخلفه في بعض الأفراد لعارض (والذنوب) أي ويمحون الذنوب بمعنى أنه سبحانه وتعالى يكفرها بهما، أما الحج فيكفر الصغائر والكبائر وأما العمرة فيظهر أنها إنما تكفر الصغائر ثم شبه ذلك تشبيه معقول بمحسوس بقوله (كما ينفي الكير) بكسر الكاف وسكون المثناة تحت زق ينفخ فيه الحداد والمعنى من الطين كور (خبث الحديد) بفتحات وسخه الذي يخرجه النار فإنه في كل مرة يخرج منه خبث فلا ينفي خبثه إلا تتابع دخوله وتكرره وخص الحديد الذي هو أشد المنطبعات صلابة وأكثرها خبثاً إشارة إلى أن الفقر وإن اشتد والذنوب وإن خبثت وعظمت يزيلهما المداومة على النسكين ويأتي في خبر أن متابعتهما أيضاً تزيد في العمر والرزق واقتصر هنا على ذينك ليتم وجه التشبيه وفيه مشروعية إدامة الحج والعمرة وإحياء الكعبة وإيقاع المناسك بهما وهو في كل عام فرض كفاية على القادرين وإن حجوا وقد جبلت القلوب على محبة ذلك ويعتبر وقوف جمع بعرفة يحصل بهم الشعار.
254 إذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك و كرامته ( صحيح )
( 3 ك ) عن والد أبي الأحوص .
الشرح:(1/185)
(إذا آتاك الله) بالمد أعطاك (مالاً) أي شيئاً له قيمة يباع بها سمي مالاً لأنه يميل القلوب أو لسرعة ميله أي زواله (فلير) بالبناء للمجهول أي فلير الناس (أثر) بالتحريك (نعمة الله عليك) أي سمة إفضاله وبهاء عطائه فإن من شكر النعمة إفشاؤها كما في خبر ولما كان من النعم الظاهرة ما يكون استدراجاً وليس بنعمة حقيقية أردفه بما يفيد أن الكلام في النعم الحقيقية فقال (وكرامته) التي أكرمك بها وذلك بأن يلبس ثياباً تليق بحاله نفاسة وصفاقة ونظافة ليعرفه المحتاجون للطلب منه مع رعاية القصد وتجنب الإسراف ذكره المظهر وكان الحسن يلبس ثوباً بأربعمائة وفرقد السنجي يلبس المسح فلقي الحسن فقال ما ألين ثوبك قال يا فرقد ليس لين ثيابي يبعدني عن الله ولا خشونة ثوبك تقربك منه إن الله جميل يحب الجمال. فإن قلت: الحديث يعارضه حديث البس الخشن من الثياب وحديث تمعددوا واخشوشنوا قلت لا فإن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم طبيب الدين وكان يجيب كلا بما يصلح حاله فمن وجده يميل إلى الرفاهية والتنعم فخراً وكبراً يأمره بلبس الخشن ومن وجده يقتر على نفسه ويبالغ في التقشف مع كونه ذا مال يأمره بتحسين الهيئة والملبس فلا ينبغي لعبد أن يكتم نعمة الله تعالى عليه ولا أن يظهر البؤس والفاقة بل يبالغ في التنظيف وحسن الهيئة وطيب الرائحة والثياب الحسنة اللائقة ولله در القائل:
فرثاث ثوبك لا يزيدك زلفة * عند الإله وأنت عبد مجرم
وبهاء ثوبك لا يضرك بعد أن * تخشى الإله وتتقي ما يحرم
255 ( إذا آتاك الله مالا فلير عليك فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنا و لا يحب البؤس و لا التباؤس ) ( حسن )
تخ طب الضياء عن زهير بن أبي علقمة .
الشرح:(1/186)
(إذا آتاك الله مالاً) أي متمولاً وإن لم تجب فيه الزكاة (فلير) بسكون لام الأمر (عليك فإن الله يحب أن يرى أثره) محركاً أي أثر إنعامه (على عبده حسناً) بحسن الهيئة والتجمل0000 (ولا يحب) يعني يبغض (البؤس) بالهمز والتسهيل أي الخضوع والذلة ورثاثة الحال أي إظهار ذلك للناس (ولا التباؤس) بالمد وقد يقصر أي إظهار التمسكن والتخلقن والشكاية لأن ذلك يؤدي لاحتقار الناس له وإزدرائهم إياه وشماتة أعدائه فأما إظهار العجز فيما بينه وبين ربه بلا كراهة لقضائه ولا تضجر فمطلوب.
256 إذا آتاك الله تعالى مالا لم تسأله و لم تشره إليه نفسك فاقبله فإنما هو رزق ساقه الله إليك( صحيح ) ( هق ) عن عمر .
257 إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه( صحيح ) ( م ) عن جابر .
258 إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله عز و جل: أكتب له صالح عمله فإن شفاه غسله و طهره و إن قبضه غفر له و رحمه( حسن )
( حم ) عن أنس .
259 إذا أبردتم إلي بريدا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ( صحيح )
( البزار ) عن بريدة
الشرح:(1/187)
(إذا أبردتم إليّ بريداً) أي أرسلتم إليّ رسولاً. قال الزمخشري: البريد الرسول المستعجل وفي محل آخر فارسية وهي في الأصل البغل أصلها بريدة دم أي محذوف الذنب لأن بغال البريد كانت كذلك فعربت وخففت ثم سمي الرسول الذي يركبها بريد (فابعثوه حسن الوجه) أي جميله قال قيصري والحسن معنى روحاني تنجذب إليه القلوب بالذات حاصل من تناسب الأعضاء (حسن الاسم) للتفاؤل بحسن صورته واسمه وأهل اليقظة والإنتباه يرون أن الأشياء بأسرها من الله فإذا ورد وارد حسن الوجه حسن الاسم تفاءلوا به وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه من مكان أو قبيلة أو جبل أو شخص ومن تأمّل معاني السنة وجد معاني الأسماء مرتبطة بمسمياتها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة منها، ألا ترى إلى خبر أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله ومما يدل على تأثير الأسماء في مسمياتها خبر البخاري عن ابن المسيب عن أبيه عن جده أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ما اسمك قلت: حزين قال: أنت سهل قلت: لا أغير اسماً سماني به أبي. قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد بعد، والحزونة الغيظة قال ابن جني: مرّ بي دهر وأنا أسمى الاسم لا أدري معناه إلا من لفظه ثم أكشفه فإذا هو كذلك قال ابن تيمية: وأنا يقع لي كثيراً 000
260 إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة ( صحيح ) ( م ) عن جرير .
الشرح:
(إذا أبق) بفتح الموحدة أفصح من كسرها (العبد) يعني هرب القن من مالكه بغير إذن شرعي والآبق مملوك فر من مالكه قصداً(1/188)
(لم تقبل له صلاة) وإن لم يستحل الأباق بمعنى أنه لا يثاب عليها لكن تصح ولا تلازم بين القبول والصحة كما مر وقيل المنفي كمال القبول لا أصله والأصح كما قاله النووي الأوّل فصلاته غير مقبولة لاقترانها بمعصية وصحيحة لوجود شروطها وأركانها كما حققه النووي كابن الصلاح زاد ابن علي المازري وعياض تأويله بالمستحل وزاد في رواية حتى يرجع لمواليه. قال العراقي: ونبه بالصلاة على غيرها انتهى وقد عظم في هذا الخبر وما أشبهه جرم الإباق وهو جدير بذلك ذلك لأن الحق تعالى وضع من الحقوق التي على الحر كثيراً عن العبد لأجل سيده وجعل سيده أحق به منه بنفسه في أمور كثيرة فإذا استعصى العبد على سيده فإنما يستعصي على ربه إذ هو الحاكم عليه بالملك لسيده {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} أما لو أبق لعذر كفراره من لواطه به كما غلب في هذا الزمان وكما لو كلفه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام فلا ضير.
261 إذا أتى أحدكم الصلاة و الإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام
( صحيح ) ( ت ) عن علي ومعاذ .
262 إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة و لا يولها ظهره و لكن شرقوا أو غربوا ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن أبي أيوب .
الشرح:(1/189)
(إذا أتى أحدكم) وفي رواية إذا أتيتم (الغائط) محل قضاء الحاجة كنى به عن العذرة كراهة لاسمه فصار حقيقة عرفية غلبت على الحقيقة اللغوية (فلا يستقبل القبلة) الكعبة قال القاضي: القبلة في الأصل الحالة التي عليها الإنسان من الاستقبال فصارت عرفاً للمكان المتوجه نحوه للصلاة. وقال الحراني: أصل القبلة ما يجعل قبالة الوجه والقبل ما أقبل من الجسد في مقابلة الدبر لما أدبر منه ولا هناء هية بقرينة قوله (ولا يولها) بحذف الياء (ظهره) أي لا يجعلها مقابل ظهره ولمسلم لا يستدبرها وزاد ببول أو غائط فأفاد تخصيص التحريم بحالة خروجه (شرقوا أو غربوا) 00 والمعنى توجهوا إلى جهة الشرق أو الغرب وفيه إلتفات من الغيبة إلى الخطاب وهو لأهل المدينة ومن قبلتهم على سمتهم كالشام واليمن فمن قبلته إلى المشرق أو المغرب ينحرف إلى الجنوب أو إلى الشمال وفيه دلالة على عموم النهي في الصحراء والبنيان وهو مذهب النعمان وخصه مالك والشافعي بالصحراء للحوق المشقة في البنيان بتكليف الانحراف عن سمت البناء إذا كان موضوعاً للقبلة بخلاف الصحراء ولما رواه الشيخان أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قضى حاجته في بيت حفصة مستقبل الشام مستدبر الكعبة ولما رواه ابن ماجه بإسناد حسن أنه قضاها مستقبل الكعبة فجمع الشافعي بين الأخبار بحمل أولها المفيد للتحريم على غير البناء لأنه لا يشق فيه تجنب الاستقبال والاستدبار بخلاف البنيان قد يشق فيحل فعله كما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز وإن كان الأولى لنا تركه 000000
263 إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ ( صحيح )
( حم م 4 ) عن أبي سعيد زاد ( حب ك هق ) : فإنه أنشط للعود .
الشرح:(1/190)
(إذا أتى أحدكم أهله) أي جامع حليلته (ثم أراد العود) للجماع وفي رواية بدا له أن يعود (فليتوضأ) بينهما أي الجماعين وضوءاً تاماً كوضوء الصلاة بدليل رواية البيهقي وابن عدي إذا أتيت أهلك فإن أردت أن تعود فتوضأ وضوءك للصلاة ولا ينافيه قوله في آخر فليغسل فرجه بدل فليتوضأ لأن كمال السنة إنما يحصل بكمال الوضوء الشرعي وأصلها يحصل بالوضوء اللغوي وهو تنظيف الفرج بالغسل، والأمر للندب عند الأربعة وللوجوب عند الظاهرية.
264 إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه قد كفاه علاجه و دخانه فليجلسه معه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكله أو أكلتين(صحيح)( ق د ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا أتى أحدكم خادمه) بالرفع وأحدكم منصوب مفعول به (بطعامه) ليأكله والخادم يطلق على القن والحر. قال الزمخشري: وهو بغير تاء التأنيث لإجرائه مجرى الأسماء غير المأخوذة من الأفعال ومثلها امرأة عاشق (قد كفاه علاجه) أي تحمل المشقة من تحصيل آلاته ومزاولة عمله (ودخانه) بالتخفيف مقاساة شم لهب النار حال الطبخ نص عليه مع شمول ما قبله له لعظم مشقته (فليجلسه) ندباً ليأكل (معه) كفايته مكافأة له على كفايته حره وعلاجه وسلوكاً لسبيل التواضع المأمور به في الكتاب والسنة هذا هو الأفضل(1/191)
(فإن لم يجلسه) للأكل (معه) لعذر كقلة طعام أو لكون نفسه تعاف ذلك قهراً عليه ويخشى من إكراهها محذوراً أو لغير ذلك كمحبته للاختصاص بالنفيس أو لكون الخادم يكره ذلك حياء منه أو تأدباً أو كونه أمرد يخشى من التهمة به بإجلاسه معه أو لغير ذلك (فليناوله) ندباً مؤكداً من الطعام (أكلة) بضم الهمزة ما يؤكل دفعة واحدة كلقمة (أو أكلتين) ما يؤكل كذلك بحسب حال الطعام والخادم ليرد ما في نفسه من شهوة الطعام وتنكسر سورة الجوع، ولفظ رواية البخاري لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين قال الدماميني فإن قلت ما هذا العطف قلت لعل الراوي شك هل قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أو هذا فجمع وأتى بحرف الشك ليؤدي كما سمع ويحتمل أنه من عطف أحد المترادفين على الأخر بكلمة أو وقد صرح بعضهم بجوازه والخادم يشمل الذكر والأنثى لكنه كما قال المحقق أبو زرعة فيها محمول فيما إذا كان السيد رجلاً على أن تكون أمته أو محرمه فإن كانت أجنبية فليس له ذلك قال: وفي معنى الطباخ حامل الطعام في الإجلاس والمناولة لوجود المعنى فيه وهو تعلق نفسه به وشم ريحه وإراحة صاحب الطعام من حمله فتخصيصه من ولى الطعام ليس لإخراج غيره من الخدم بل لكونه آكد وهذا كله للندب أما الواجب فإطعامه من غالب قوت الأرقاء بذلك البلد.
265 إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذن فإن أذن له فليحتلب و ليشرب و إن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحد فليستأذنه فإن لم يجبه أحد فليحتلب و ليشرب و لا يحمل ( حسن )
( د ت هق الضياء ) عن سمرة .
266 إذا أتى الرجل القوم فقالوا له: مرحبا فمرحبا به يوم القيامة يوم يلقى ربه و إذا أتى الرجل القوم فقالوا له: قحطا فقحطا له يوم القيامة ( صحيح )
( طب ك ) عن الضحاك بن قيس .
الشرح:(1/192)
(إذا أتى الرجل القوم) أي جاء أو لقي العدول الصلحاء كما يدل عليه السياق فلا اعتبار بأهل الفجور والفساق (فقالوا) له بلسان المقال أو الحال (مرحباً) نصب بمضمر أي صادفت أو لقيت رحبا بضم الراء أي سعة وهي كلمة إكرام وإظهار مودة ومحبة وتلقي الأخيار بها مندوب. قال العسكري وأول من قالها سيف بن ذي يزن (فمرحباً به يوم القيامة) أي فذلك ثابت له يوم القيامة أو فيقال له ذلك فهو علم لسعادته فإن الله تعالى إذا أحب عبداً ألقى محبته في قلوب العباد وهو إشارة وبشارة بنظره إليه تعالى (وإذا أتى الرجل القوم فقالوا له قحطاً) بفتح فسكون أو فتح نصب على المصدر أيضاً أي صادفت قحطاً أي شدة وحبس غيث (فقحطاً له يوم القيامة) أصله الدعاء عليه بالجدب فاستعير لانقطاع الخير وجدبه من العمل الصالح والمراد أنه إذا كان ممن يقول فبه العدول عند قدومه عليهم هذا القول فإنه يقال له مثله يوم القيامة أو هو كناية عن كونه يلقى شدة وأهوالاً وكرباً في الموقف، وفي الخبر هم شهداء الله في الأرض فهو كناية عن كونه مغضوباً عليه وذكر اللقاء في الأول وإضافته للربوبية دون الثاني إشارة إلى أن ربه يتلقاه بالإكرام ويربيه بصنوف البر والإنعام وأما الثاني فيعرض عنه وحذف له من الأول لدلالة الثاني عليه.
267 إذا أتاكم السائل فضعوا في يده و لو ظلفا محرقا ( صحيح )
( عد ) عن جابر .
الشرح:(1/193)
(إذا أتاكم السائل) يعني إذا وجدتم من يلتمس الصدقة بقاله أو بحاله فخصوص الإتيان غير مراد (فضعوا في يده) أي أعطوه شيئاً يعني أوصلوه ومناولته أفضل (ولو ظلفاً) بكسر فسكون للبقر والغنم كالقدم للآدمي والحافر للفرس (محرقاً) بضم الميم وفتح الراء أي أعطوه ولو قليلاً ولا تردوه خائباً فذكره الظلف مع كونه لا يغني من جوع للمبالغة في القلة ومزيد التحذير من حرمانه الموجب للخيبة وعدم النجاح المؤدي إلى فقد الفلاح، ففي خبر يأتي لولا أن المساكين يكذبون ما أفلح من ردهم، والأمر للندب وإن كان مضطراً فللوجوب.
268 إذا أتاكم المصدق فلا يصدر عنكم إلا و هو راض( صحيح )
( حم م ت ن ه ) عن جرير .
269 إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ( حسن ) ( ه ) عن ابن عمر
( البزار ابن خزيمة طب عد هب ) عن جرير ( البزار ) عن أبي هريرة
( عد ) عن معاذ وأبي قتادة ( ك ) عن جابر ( طب ) عن ابن عباس وعبدالله بن ضمرة ( ابن عساكر)عن أنس وعدي بن حاتم ( الدولابي في الكنى ابن عساكر ) عن أبي راشد عبدالرحمن بن عبد بلفظ: شريف قومه .
الشرح:(1/194)
(إذا أتاكم كريم قوم) أي رئيسهم المطاع فيهم المعهود منهم بإكثار الإعظام وإكثار الاحترام (فأكرموه) برفع مجلسه واجزال عطيته ونحو ذلك مما يليق به لأن الله تعالى عوده منه ذلك ابتلاء منه له فمن استعمل معه غيره فقد استهان به وجفاه وأفسد عليه دينه فإن ذلك يورث في قلبه الغل والحقد والبغضاء والعداوة وذاك يجر إلى سفك الدماء وفي إكرامه إتقاء شره وإبقاء دينه فإنه قد تعزز بدنياه وتكبر وتاه وعظم في نفسه فإذا حقرته فقد أهلكته من حيث الدين والدنيا وبه عرف أنه ليس المراد بكريم القوم عالمهم أو صالحهم كما وهم البعض، ألا ترى أنه لم ينسبه في الحديث إلى علم ولا إلى دين؟ ومن هذا السياق انكشف أن استثناء الكافر والفاسق كما وقع لبعضهم منشؤه الغفلة عما تقرر من أن الاكرام منوط بخوف محذور ديني أو دنيوي أو لحوق ضرر للفاعل أو للمفعول معه فمتى خيف شيء من ذلك شرع إكرامه بل قد يجب فمن قدم عليه بعض الولاة الظلمة الفسقة فأقصى مجلسه وعامله معاملة الرعية فقد عرض نفسه وماله للبلاء فإن أوذي ولم يصبر فقد خسر الدنيا والآخرة، وقد قيل: دارهم ما دمت في دارهم * وحيهم ما دمت في حيهم
270 إذا أتاكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض و فساد عريض ( حسن ) ( ت ه ك ) عن أبي هريرة
( عد ) عن ابن عمر ( ت هق ) عن أبي حاتم المزني وماله غيره .
الشرح:(1/195)
(إذا أتاكم) أيها الأولياء (من) أي رجل يخطب موليتكم (ترضون خلقه) بالضم وفي رواية بدله أمانته (ودينه) بأن يكون مساوياً للمخطوبة في الدين أو المراد أنه عدل فليس الفاسق كفأ لعفيفة (فزوجوه) إياها وفي رواية فأنكحوه أي ندباً مؤكداً بل إن دعت الحاجة وجب كما مر (إن لا تفعلوا) ما أمرتم به وفي رواية تفعلوه. قال الطيبي: الفعل كناية عن المجموع أي إن لم تزوجوا الخاطب الذي ترضون خلقه ودينه (تكن) تحدث (فتنة في الأرض وفساد) خروج عن حال الاستقامة النافعة المعينة على العفاف (عريض) كذا في رواية البيهقي وغيره وفي رواية كبير والمعنى متقارب وفي رواية كرره ثلاثاً يعني أنكم إن لم ترغبوا في الخلق الحسن والدين المرضي الموجبين للصلاح والاستقامة ورغبتم في مجرد المال الجالب للطغيان الجار للبغي والفساد تكن إلى آخره أو المراد إن لم تزوجوا من ترضون ذلك منه ونظرتم إلى ذي مال أو جاه يبق أكثر النساء بلا زوج والرجال بلا زوجة فيكثر الزنا ويلحق العار فيقع القتل ممن نسب إليه العار فتهيج الفتن وتثور المحن000000
271 إذا اتسع الثوب فتعطف به على منكبيك ثم صل و إن ضاق عن ذلك فشد به حقوك ثم صل بغير رداء( صحيح ) ( حم الطحاوي ) عن جابر .
الشرح:(1/196)
(إذا اتسع الثوب) غير المخيط وهو الرداء بقرينة قوله الآتي ثم صل بغير رداء (فتعطف) أي توشح (به) بأن تخالف بين طرفيه كما في رواية البخاري (على منكبيك) فتلقي كل طرف منهما على الطرف الآخر(ثم صل) الفرض أو النفل لأن التعطف به كذلك أصون للعورة وأبلغ في الستر مع ما فيه من المهابة والإجلال وعدم شغل البال بإمساكه لستر عورته وفوته سنة وضع اليمنى على اليسرى (وإن ضاق عن ذلك) بأن لم تمكن المخالفة بين طرفيه كذلك (فشد به حقوك) بفتح الحاء وتكسر معقد الإزار وخاصرتك (ثم صل بغير رداء) محافظة على الستر ما أمكن والأمر كله للندب عند الثلاثة وللوجوب عند أحمد فلو صلى في ثوب واحد ليس على عاتقه منه شيء لم تصح صلاته عنده، حكاه عنه الطيبي وغيره وقال الشافعية: إذا اتسع الثوب الواحد للرجل التحف به وخالف بين طرفيه على كتفيه والا ائتزر به وجعل على عاتقه شيئاً ولو حبلاً فيكره تركه أما المرأة فتصلي بقميص سابغ وخمار وجلباب كثيف فوق الثياب.
272 إذا أتيت الصلاة فأتها بوقار و سكينة فصل ما أدركت و اقض ما فاتك
( صحيح ) ( طس ) عن سعد .
273 إذا أتيت أهلك فاعمل عملا كيسا ( صحيح ) ( خط ) عن جابر .
274 إذا أتيت على راعي إبل فناد يا راعي الإبل ثلاثا فإذا أجابك و إلا فاحلب و اشرب من غير أن تفسد و إذا أتيت على حائط فناد يا صاحب الحائط ثلاثا فإن أجابك و إلا فكل من غير أن تفسد ( صحيح )
( حم ه حب ك ) عن أبي سعيد .
275 إذا أتيتم الصلاة فعليكم بالسكينة و لا تأتوها و أنتم تسعون فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فأتموا ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي قتادة .(1/197)
276 إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوئك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك رغبة و رهبة إليك لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت و بنبيك الذي أرسلت فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة و اجعلهن آخر ما تتكلم به ( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن البراء .
277 إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن و إذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء ( صحيح )( ابن عساكر) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إذا أثنى) بتقديم المثلثة على النون (عليك جيرانك) الصالحون للتزكية ولو اثنان فلا أثر لقول كافر وفاسق ومبتدع (أنك) أي بأنك (محسن) أي من المحسنين يعني المطيعين لله تعالى (فأنت محسن) عند الله تعالى (وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء) أي عملك غير صالح (فأنت) عند الله (مسيء) ومحصوله إذا ذكرك صلحاء جيرانك بخير فأنت من أهله وإذا ذكروك بسوء فأنت من أهله فإنهم شهداء الله في الأرض فأحدث في الأول شكراً وفي الثاني توبة واستغفاراً فحسن الثناء وضده علامة على ما عند الله تعالى للعبد وإطلاق ألسنة الخلق التي هي أقلام الحق بشيء في العاجل عنوان ما يصير إليه في الآجل والثناء بالخير دليل على محبة الله تعالى لعبده حيث حببه لخلقه فأطلق الألسنة بالثناء عليه وعكسه عكسه00
278 إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا (صحيح)(حم هق الضياء)عن جابر .
279 إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه( صحيح)( حم خد د ت حب ك ) عن المقداد بن معدي كرب ( حب ) عن أنس( خد)عن رجل من الصحابة .
الشرح:(1/198)
(إذا أحب أحدكم) محبة دينية قال الحراني: من الحب وهو إحساس بوصلة لا يدرك كنهها (أخاه) في الدين كما يرشد إليه قوله في رواية صاحبه وفي أخرى عبداً (فليعلمه) ندباً مؤكداً أنه أي بأنه (يحبه) لله سبحانه وتعالى لأنه إذا أخبره به فقد استمال قلبه واجتلب وده فإنه إذا علم أنه يحبه قبل نصحه ولم يرد عليه قوله في عيب فيه أخبره به ليتركه فتحصل البركة.قال البغدادي:إنما حث على الإعلام بالمحبة إذا كانت لله لا لطمع في الدنيا ولا هوى بل يستجلب مودته فإن إظهارالمحبة لأجل الدنيا والعطاء تملق وهو نقص والله أعلم00
280 إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه فإنه أبقى في الألفة و أثبت في المودة( حسن ) ( ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان ) عن مجاهد مرسلا .
281 إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله
( صحيح ) ( حم الضياء ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إذا أحب أحدكم صاحبه) أي لصفاته الجميلة لأن شأن ذوي الهمم العلية والأخلاق السنية إنما هو المحبة لأجل الصفات المرضية لأنهم لأجل ما وجدوا في ذاتهم من الكمال أحبوا من يشاركهم في الخلال فهم بالحقيقة ما أحبوا غير ذواتهم وصفاتهم وقد يدعي شموله للمحبة الذاتية أيضاً إذا عرت عن المقاصد الفاسدة {والله يعلم المفسد من المصلح}(فليأته) وفي (منزله) أفضل (فليخبره أنه يحبه) بأن يقول له إني أحبك(لله)أي لا لغيره من إحسان أو غيره فإنه أبقى للألفة وأثبت للمودة وبه يتزايد الحب ويتضاعف وتجتمع الكلمة
وينتظم الشمل بين المسلمين وتزول المفاسد والضغائن وهذا من محاسن الشريعة، وجاء في حديث أن المقول له يقول له أحبك الذي أحببتني من أجله.
282 إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء
( صحيح ) ( ت ك هب ) عن قتادة بن النعمان .
الشرح:(1/199)
(إذا أحب الله عبداً حماه) أي حفظه من متاع (الدنيا) أي حال بينه وبين نعيمها وشهواتها ووقاه أن يتلوث بزهرتها لئلا يمرض قلبه بها وبمحبتها وممارستها ويألفها ويكره الآخرة (كما يحمي) أي يمنع (أحدكم سقيمه الماء) أي شربه إذا كان يضره، وللماء حالة مشهورة في الحماية عند الأطباء بل هو منهي عنه للصحيح أيضاً إلا بأقل ممكن فإنه يبلد الخاطر ويضعف المعدة ولذلك أمروا بالتقليل منه وحموا المريض عنه فهو جلّ اسمه يذود من أحبه عنها حتى لا يتدنس بها وبقذارتها ولا يشرق بغصصها، كيف وهي للكبار مؤذية وللعارفين شاغلة وللمريدين حائلة ولعامة المؤمنين قاطعة والله تعالى لأوليائه ناصر ولهم منها حافظ وان أرادوها.
283 إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
284 إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إني قد أحببت فلانا فأحبه فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض فذلك قوله تعالى: ( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) و إذا أبغض الله عبدا نادى جبريل إني أبغضت فلانا فينادي في السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض
. ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
285 إذا أحب الله قوما ابتلاهم( صحيح ) ( طس هب الضياء ) عن أنس .
الشرح:
بأنواع البلايا حتى يمحصهم من الذنوب ويفرغ قلوبهم من الشغل بالدنيا غيرة منه عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة وجميع ما يبتليهم به من ضنك المعيشة وكدر الدنيا وتسليط أهلها ليشهد صدقهم معه وصبرهم في المجاهدة قال {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}.
286 إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف( صحيح )
( ه ك حب هق ) عن عائشة .
الشرح:(1/200)
(إذا أحدث أحدكم) أي انتقض طهره بأي شيء كان، وأصل أحدث من الحدث وفي المحكم الحدث الإيذاء وفي المغرب أما قول الفقهاء أحدث إذا أتى منه ما ينقض الطهارة لا تعرفه العرب ولذلك قال الأعرابي لأبي هريرة رضي الله عنه ما الحدث قال فساء أو ضراط (في صلاته) وفي رواية في الصلاة (فليأخذ) ندباً (بأنفه) أي يتناول ويقبض عليه بيده موهماً أنه رعف والأولى اليسرى (ثم لينصرف) فليتوضأ وليعد الصلاة كذا هو في رواية أبي داود وذلك لئلا يخجل ويسول له الشيطان بالمضي فيها استحياء عن الناس فيكفر لأن من صلى متعمداً بغير وضوء فقد كفر وليس هو من قبيل الكذب بل من المعاريض بالفعل وفيه إرشاد إلى إخفاء القبيح والتورية بما هو أحسن ولا يدخل في الرياء بل هو من التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس ومشروعية الحيل التي يتوصل بها إلى مصالح ومنافع دينية بل قد يجب إن خيف وقوع محذور لولاه كقول إبراهيم هي أختي ليسلم من الكافر: وما الشرائع كلها إلا مصالح وطرقاً للتخلص من الوقوع في المفاسد0000
287 إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها يكتب له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف و كل سيئة يعملها يكتب له مثلها حتى يلقى الله( صحيح )
( حم ق ) عن أبي هريرة .
288 إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع و المبتاع بالخيار( صحيح )
( ت هق ) عن ابن مسعود .
289 إذا اختلف البيعان و ليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان( صحيح ) ( د ن ك هق ) عن ابن مسعود .
290 إذا اختلف البيعان و ليس بينهما بينة و المبيع قائم بعينه فالقول ما قال البائع أو يتركان البيع( صحيح ) ( ه ) عن ابن مسعود .
291 إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع ( صحيح )
( حم م د ت ه ) عن أبي هريرة ( حم ه هق ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/201)
(إذا اختلفتم) أي تنازعتم أيها المالكون لأرض وأردتم البناء فيها قال ابن جرير أو قسمتها ولا ضرر على أحد منهم فيها (في الطريق) أي في قدر غرس الطريق التي تجعلونها بينكم للمرور فيها فإذا أراد البعض جعلها أقل من سبعة أذرع وبعضهم سبعة أو أكثر مع اجتماع الكل على طلب فرض الطريق (فاجعلوه) وجوباً بمعنى أنه يقضي بينهم بذلك عند الترافع كما بينه ابن جرير الطبري فليس المراد الإرشاد كما وهم (سبعة) وفي رواية سبع. قال النووي: وهما صحيحان فالذراع يذكر ويؤنث (أذرع) بذراع البنيان المعروف وقيل بذراع اليد المعتدلة ورجحه ابن حجر وأصل الذراع كما قال المطرزي من المرفق إلى طرف الأصابع ثم سمى به الخشبة أو الحديدة التي يذرع بها وتأنيثه أفصح وذلك لأن في السبعة كفاية لمدخل الأحمال والأثقال ومخرجها ومدخل الركبان والرحال ومطرح الرماد وغيره ودونها لا يكفي لذلك قال الإمام الطبري وتبعه الخطابي هذا إذا بقي بعده لكل واحد من الشركاء فيه ما ينتفع به بدون مضرة وإلا جعل على حسب الحال الدافع للضرر0000
292 إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ ( قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك ) . ( حسن ) ( حم د ت ك هب ) عن نوفل بن معاوية ( ن البغوي ابن قانع الضياء ) عن جبلة بن حارثة .
الشرح:
(إذا أخذت) أي أتيت كما في خبر البراء (مضجعك) بفتح الجيم وكسرها محل نومك والمضجع موضع الضجوع يعني وضعت جنبك بالأرض لتنام (من الليل) بيان لزمن الاضطجاع وذكره للغالب فالنهار كذلك فيما أظن بل يظهر أنه لو أراد النوم قاعداً كان كذلك (فاقرأ) ندباً سورة (قل يا أيها الكافرون) أي السورة التي أولها كذلك (ثم نم على خاتمتها) أي نم على خاتمة قراءتك لها أو اجعلها خاتمة كلامك ثم نم (فإنها) أي السورة المذكورة (براءة من الشرك) أي متضمنة للبراءة من الشرك وهو عبادة الأوثان 00000(1/202)
293 إذا أدخل أحدكم رجليه في خفيه و هما طاهرتان فليمسح عليهما ثلاثا للمسافر و يوما للمقيم( صحيح ) ( ش ) عن أبي هريرة .
294 إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته و إذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته ( صحيح ) ( خ ن ) عن أبي هريرة .
295 إذا أدى العبد حق الله و حق مواليه كان له أجران( صحيح )
( حم م ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا أدى العبد) أي الإنسان المؤمن الذي به رق أو كان أنثى أو خنثى (حق الله) أي ما أمره به من نحو صلاة وصوم واجتناب منهي (وحق مواليه) أي ملاكه من نحو خدمة ونصح (كان له أجران) أجر قيامه بحق الله وأجر نصح سيده وإحسانه خدمته 000
296 إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا و اشربوا و إذا أذن بلال فلا تأكلوا و لا تشربوا ( صحيح) ( حم ن ابن خزيمة حب ) عن أنيسة بن خبيب .
297 إذا أذن المؤذن فلا يخرج أحد حتى يصلي( صحيح )
( هب ) عن أبي هريرة .
298 إذا أذنت المغرب فاحدرها مع الشمس حدرا(صحيح )
( طب ) عن أبي محذورة .
299 إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء و أقيمت الصلاة فليذهب إلى الخلاء (صحيح ) ( حم د ن ه حب ك ) عن عبدالله بن أرقم .
الشرح:
(إذا أراد أحدكم أن يذهب) أي يسير ويمضي إذ الذهاب السير والمضي. قال الراغب: ويستعمل في الأعيان والمعاني (إلى الخلاء) ليبول أو يتغوط وهو بالمد المحل الخالي ثم نقل لمحل قضاء الحاجة (وأقيمت الصلاة) الفرض وكذا نفل فعل جماعة أي شرع فيها أو أقيم لها (فليذهب) ندباً (إلى الخلاء) قبل الصلاة إذا أمن خروج الوقت ليفرغ نفسه لأنه إذا صلى قبل ذلك تشوش خشوعه واختل حضور قلبه فإن خالف وصلى حاقباً كره تنزيهاً وصحت.
300 إذا أراد أحدكم أن يزوج ابنته فليستأمرها ( صحيح)
( طب ) عن أبي موسى .
301 إذا أراد أحدكم من امرأته حاجته فليأتها و إن كانت على تنور
( صحيح) ( حم طب ) عن طلق بن علي .
الشرح:(1/203)
(إذا أراد أحدكم من امرأته حاجة) أي جماعاً وهي ممن يجوز له جماعها بخلاف نحو حائض ومريضة مرضاً لا تطيق معه الجماع ومن بفرجها قروح تتأذى به ومعتدة عن شبهة وغير ذلك من الصور التي للرجل فيها الطلب وعلى المرأة الهرب وكنى بالحاجة عن الجماع لمزيد احتشامه وعظيم حيائه وهو من لطيف الكنايات (فليأتها) فليجامعها إن شاء ولتطعه وجوباً (وإن كانت على تنور) بفتح التاء وشد النون أي وإن كانت تخبز عليه مع أنه شغل شاغل لا نتفرغ منه إلى غيره إلا بعد انقضائه ذكره القاصي00000
302 إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق إن نسي ذكره و إن ذكر أعانه و إذا أراد به غير ذلك جعل له وزير سوء إن نسي لم يذكره و إن ذكر لم يعنه ( صحيح ) ( د هب ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا أراد الله بالأمير) على الرعية وهو الإمام ونوابه (خيراً جعل له وزيراً) من الوزر وهو الثقل لتحمله عن الملك أو من الوزير وهو الملجأ لاعتصامه برأيه وإلتجائه إليه أو من المؤازرة وهي المعاونة (صدق) أي صالحاً صادقاً في نصحه ونصح رعيته قال الطيبي: أصله وزير صادق ثم قيل وزير صدق على الوصف به ذهاباً إلى أنه نفس الصدق ثم أضيف لمزيد الاختصاص بالقول ولم يرد بالصدق الاختصاص بالقول فقط بل بالأقوال والأفعال (إن نسي) شيئاً من أحكام الشرع وآدابه أو نصر المظلوم أو مصلحة الرعية (ذكره) بالتشديد أي ما نسيه ودله على الأصلح والأنفع والأرفق (وإن ذكر) بالتخفيف أي الأمير واحتاج لمساعدة (أعانه) بالرأي أو اللسان أو البدن أو بالكل (وإذا أراد به غير ذلك) أي شراً ولم يعبر به استهجاناً للفظه واستقباحاً لذكره (جعل له وزير سوء) بالفتح والإضافة (إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه) على ما فيه الرشد والفلاح بل يحاول ضده وذلك علامة سوء الخاتمة كما أن الأول علامة حسنها قال في الكشاف:والسوء الرداءة والقبح في كل شيء0
303 إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق( صحيح )(1/204)
( حم تخ هب ) عن عائشة ( البزار ) عن جابر .
الشرح:
0000 وذلك بأن يرفق بعضهم ببعض والرفق لين الجانب واللطف والأخذ بالأسهل وحسن الصنيع. قال الزمخشري: الرفق اللين ولطافة الفعل ومن المجاز هذا الأمر رفق بك وعليك ورفيق نافع وهذا أرفق بك وقال الغزالي: الرفق محمود وضده العنف والحدة والعنف ينتجه الغضب والفظاظة والرفق واللين ينتجهما حسن الخلق والسلامة والرفق ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلق ولا يحسن الخلق إلا بضبط قوة الغضب وقوة الشهوة وحفظهما على حد الاعتدال ولذلك أثنى المصطفى صلى الله عليه وسلم على الرفق وبالغ فيه.
304 إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قيل: ما يستعمله ؟ قال: يفتح له عملا صالحا بين يدي موته حتى يرضي عليه من حوله( صحيح )
( حم ك ) عن عمرو بن الحمق .
الشرح:
(إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله، قيل) أي قال بعض الصحب يا رسول الله (وما استعمله) أي ما المراد به (قال يفتح له عملاً صالحاً) بأن يوفقه له (بين يدي موته) أي قرب موته فسمى ما قرب منه باليدين توسعاً كما يسمى الشيء باسم غيره إذا جاوره ودنا منه وقد جرت هذه العبارة هنا على أحسن سنن ضرب المثل (حتى يرضى عنه) بضم أوله والفاعل الله تعالى ويجوز فتحه والفاعل (من حوله) من أهله وجيرانه ومعارفه فيبرؤن ذمّته ويثنون عليه خيراً فيجيز الرب شهادتهم ويفيض عليه رحمته0000
305 إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قيل: كيف يستعمله ؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت ثم يقبضه عليه( صحيح ) ( حم ت حب ك ) عن أنس .
الشرح:
أي يلهمه التوبة وملازمة العمل الصالح كما يحب وينبغي حتى يملّ الخلق ويستقذر الدنيا ويحن إلى الموت ويشتاق إلى الملأ الأعلى فإذا هو يرسل الله تعالى يردون عليه بالروح والريحان والبشرى
والرضوان من رب راض غير غضبان فينقلونه من هذه الدار الفانية إلى الحضرة العالية الباقية فيرى لنفسه الضعيفة الفقيرة نعيماً مقيماً وملكاً عظيماً.(1/205)
306 إذا أراد الله بعبد خيرا طهره قبل موته قالوا: و ما طهور العبد ؟ قال: عمل صالح يلهمه إياه حتى يقبضه عليه( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إذا أراد الله بعبد خيراً طهره قبل موته قالوا) له (وما طهور العبد) بضم الطاء أي ما المراد بتطهيره (قال عمل صالح يلهمه) أي يلهمه الله تعالى (إياه) والإلهام ما يلقى في الروع بطريق الفيض ويدوم كذلك (حتى يقبضه عليه) أي يميته وهو متلبس به قال في المصباح قبضه الله أماته 000فيلهمه الله تعالى التوبة ولزوم الطاعات وتجنب المخالفات أو يصاب بالمصائب وأنواع البلاء المكفرات ليطهر من خبائثه مع كراهته لما أصابه000000
307 إذا أراد الله بعبد خيرا عسله قيل: و ما عسله ؟ قال: يفتح له عملا صالحا قبل موته ثم يقبضه عليه( صحيح ) ( حم طب ) عن أبي عنبة .
الشرح:
(إذا أراد الله بعبد خيراً عسله) بفتح العين والسين المهملتين تشدّد وتخفف أي طيب ثناءه بين الناس من عسل الطعام يعسله إذا جعل فيه العسل ذكره الزمخشري (قيل) أي قالوا يا رسول الله (وما عسله) أي ما معناه (قال يفتح له عملاً صالحاً قبل موته ثم يقبضه عليه) فهذا من كلام الراوي لا المصطفى صلى الله عليه وسلم شبه ما رزقه الله من العمل الصالح الذي طاب ذكره وفاح نشره بالعسل الذي هو الطعام الصالح الذي يحلو به كل شيء ويصلح كل ما خالطه ذكره الزمخشري00000000
308 إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا و إذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة ( صحيح )
( ت ك ) عن أنس ( طب ك هب ) عن عبدالله بن مغفل
( طب ) عن عمار بن ياسر ( عد ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/206)
000 فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافى به يوم القيامة كما يعلم من مقابلة الآتي ومن فعل ذلك معه فقد أعظم اللطف به لأن من حوسب بعمله عاجلاً في الدنيا خف جزاؤه عليه حتى يكفر عنه بالشوكة يشاكها حتى بالقلم الذي يسقط من الكاتب فيكفر عن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه حتى يموت على طهارة من دنسه وفراغ من جنايته كالذي يتعاهد ثوبه وبدنه بالتنظيف قاله الحراني (وإذا أراد بعبده الشر) وفي رواية شراً (أمسك عنه بذنبه) أي أمسك عنه ما يستحقه بسبب ذنبه من العقوبة في الدنيا (حتى يوافى به يوم القيامة) إن لم يدركه العفو {ولعذاب الآخرة أشد وأبقى} والله تعالى لم يرض الدنيا أهلاً لعقوبة أعدائه كما لم يرضها أهلاً لمثابة أحبابه 000000
309 إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا أراد الله بقوم عذاباً) أي عقوبة في الدنيا كقحط وفناء وجور (أصاب) أي أوقع (العذاب) بسرعة وقوة (من كان فيهم ثم بعثوا) بعيد الممات عند النفخة الثانية (على أعمالهم) ليجازوا عليها فمن أعماله صالحة أثيب عليها أو سيئة جوزي بها فيجازون في الآخرة بأعمالهم ونياتهم وأما ما أصابهم في الدنيا عند ظهور المنكر فتطهير للمؤمنين ممن لم ينكر وداهن مع القدرة، ونقمة لغيرهم000
310 إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء( صحيح ) ( م ) عن أبي سعيد .
الشرح:
فإذا أراد خلق الولد من المني لم يمنعه العزل بل يكون وإن عزل وهذا قاله لما سئل عن العزل فأخبر أنه لا يغني حذر من قدر. وفي إفهامه أن العزل لا يحرم مطلقاً فإنه لم ينههم وهو مذهب الإمام الشافعي والنهي عنه محمول على التنزيه جمعاً بين الأدلة.
311 إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها حاجة ( صحيح )
( طب حم حل ) عن أبي هريرة .
الشرح:
0000 وفي ضمنه إعلام بأن العبد لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً وأنه لا رادّ لقضائه بالنقض، ولا معقب لحكمه بالرد.(1/207)
312 إذا أردت أن تبزق فلا تبزق عن يمينك و لكن عن يسارك إن كان فارغا فإن لم يكن فارغا فتحت قدمك( صحيح )
( البزار ) عن طارق بن عبدالله .
الشرح:
(إذا أردت أن تبزق) بزاي وسين وصاد وإنكار السين غلط أي تخرج الريق من فمك (فلا تبزق) حيث لا عذر (عن) جهة (يمينك) فيكره تنزيهاً لشرف اليمين وأدباً مع ملكه (ولكن) أبصق (عن) جهة (يسارك إن كان فارغاً) أي خالياً من آدمي ونحوه لأن الدنس حق اليسار واليمين بعكسه قال القاضي: خص اليمين بالنهي مع أن عن شماله ملكاً أيضاً لأنه يكتب الحسنات فهو أشرف (فإن لم يكن فارغاً) كأن كان على يسارك إنسان (فتحت قدمك) أي اليسرى كما في خبر هبة في صلاة أو لا قالوا وبصقه في ثوبه من جهة يساره أولى والكلام في غير المسجد أما البصاق فيه فحرام كما يأتي0000
313 إذا أرسلت كلابك المعلمة و ذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك و إن قتلن إلا أن يأكل الكلب فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه و إن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فإنك لا تدري أيها قتل و إن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل و إن وقع في الماء فلا تأكل( صحيح ) ( ق 4 ) عن عدي بن حاتم .
314 إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل و إذا أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه و إن وجدت معه كلبا آخر فلا تأكل فإنما سميت على كلبك و لم تسم على كلب آخر( صحيح ) ( ق ) عن عدي بن حاتم .
315 إذا أرسلت كلبك المكلب و ذكرت و سميت فكل ما أمسك عليك كلبك المكلب و إن قتل و إن أرسلت كلبك الذي ليس بمكلب و أدركت ذكاته فكل و كل ما رد عليك سهمك و إن قتل و سم الله( صحيح )
( حم ق 3 ) عن أبي ثعلبة .(1/208)
316 إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله فإن أمسك عليك فأدركته حيا فاذبحه فإن أدركته قد قتله و لم يأكل منه فكله و إن وجدت مع كلبك كلبا غيره قد قتل فلا تأكل فإنك لا تدري أيها قتله و إن رميت بسهمك فاذكر اسم الله فإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت و إن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك ؟( صحيح )
( م ن ) عن عدي بن حاتم .
317 إذا أسأت فأحسن ( حسن ) ( ك هب ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إذا أسأت) أي عملت سيئة (فأحسن) بفتح الهمزة أي قابل الفعلة السيئة بخصلة حسنة كأن تقابل الخشونة باللين والغضب بالكظم والسورة بالأناة وقس عليه ذكره الزمخشري وشاهده أن الحسنات يذهبن السيئات وهذا إشارة إلى أن الإنسان مجبول على الشهوات ومقتضى البهيمية والسبعية والملكية فإذا ارتكب من تلك الرذائل رذيلة يطفيها بمقتضى الملكية: أتبع السيئة الحسنة تمحها، ومن البين أن الكبيرة لا يمحوها إلا التوبة00000
318 إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع( صحيح)( مالك حم ق د ) عن أبي موسى وأبي سعيد معا ( طب الضياء ) عن جندب البجلي .
الشرح:
(إذا استأذن أحدكم ثلاثاً) أي طلب الأذن في الدخول وكرره ثلاث مرات بالقول أو بقرع الباب قرعاً خفيفاً (فلم يؤذن له) فيه (فليرجع) وجوباً إن غلب على ظنه أنه سمعه وإلا فندباً وبه يحصل التوفيق بين الكلامين ولا يلح في الإذن ولا يقف على الباب منتظراً لأن هذا يجلب الكراهية ويقدح في قلوب الناس سيما إذا كانوا ذوي مروءة مرتاضين بالآداب الحسنة0000000
319 إذا استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها ( صحيح )
( حم ق ن ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/209)
(إذا استأذنت أحدكم امرأته) أي طلبت منه الإذن ويظهر أن المراد ما يشمل نحو أمته وموليته ممن هو مالك أمرها (إلى المسجد) أي في الخروج إلى الصلاة ونحوها في المسجد أو ما في معناه أو شهود عيد وزيارة مريض ليلاً (فلا يمنعها) بل يأذن لها ندباً حيث أمن الفتنة لها وعليها وذلك هو الغالب في ذلك الزمن عكس ما بعد ذلك كما مر. قال الكمال: هذا الحديث خصه العلماء بأمور مخصوصة ومقيسة فمن الأول خبر أيما أمرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء وكونه ليلاً ففي مسلم: لا تمنعوا النساء من الخروج إلى المساجد إلا بالليل والثاني حسن الملابس ومزاحمة الرجال والطيب فإنهنّ يتكلفن للخروج ما لم يكن عليهن في المنزل فمنعن مطلقاً لا يقال هذا حينئذ نسخ بالتعليل لأنا نقول المنع يثبت حينئذ بالعمومات المانعة من التعيين أو هو من باب الإطلاق بشرط فيزول بزواله كإنتهاء الحكم بإنتهاء علته وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدثته النساء بعده لمنعهنّ المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل 00000
320 إذا استؤذن على الرجل و هو يصلي فإذنه التسبيح و إذا استؤذن على المرأة و هي تصلى فإذنها التصفيق( صحيح ) ( هق ) عن أبي هريرة .
321 إذا استجمر أحدكم فليوتر( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
الشرح:
(إذا استجمر أحدكم) أي مسح مخرجه بالجمار وهو الحجارة الصغار، والاستجمار التمسح بالجمار وهي الأحجار سمي به لأنه يطيب الريح كما يطيبه البخور وقيل المراد به استعمال البخور للتطيب (فليوتر) أي فليجعله وتراً ثلاثاً فأكثر فعلى الأول المراد المسحات وعلى الثاني أن يأخذ من البخور كما قال العراقي ثلاث قطع أو يأخذ منه ثلاث مرات يستعمل واحدة بعد أخرى 0000
322 إذا استطاب أحدكم فلا يستطب بيمينه ليستنج بشماله ( صحيح )
( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/210)
(إذا استطاب أحدكم فلا يستطب بيمينه) أي إذا استنجى فلا يستنجي بيده اليمنى وسمى الاستنجاء استطابة لتطييبه للبدن بإزالة الخبث الضار كتمه. قال الخطابي: فمعنى الطيب الطهارة ومنه {سلام عليكم طبتم} (ليستنج) بلام الأمر وتسمى لام الطلب لابتدائه وحذف العطف لأن الجملة استئنافية وفي القرآن {لينفق ذو سعة من سعته} (بشماله) لأنها للأذى واليمين لغيره والاستنجاء عند أحمد والشافعي واجب وعند مالك وأبي حنيفة سنة والنهي عنه باليمين للتنزيه وتمسك أهل الظاهر بظاهره فجعلوه للتحريم وفي كلام بعض الشافعية ما يوافقه لكنه ضعيف وعلى التحريم يجزي وقال الظاهرية وبعض الحنابلة، لا ومحل الخلاف ما لم تباشر اليد الإزالة بلا حائل وإلا حرم ولم يجز اتفاقاً واليسرى في هذا مثلها وشرع الاستنجاء مع الوضوء ليلة الإسراء وقيل أول البعثة حين علمه جبريل الوضوء والصلاة.
323 إذا استعطرت المرأة فمرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية
( صحيح ) ( 3 ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إذا استعطرت المرأة) استعملت العطر أي الطيب الظاهر ريحه في بدنها أو ملبوسها (فمرت على القوم) الرجال (ليجدوا) أي لأجل أن يشموا (ريحها) أي ريح عطرها (فهي زانية) أي هي بسبب ذلك متعرضة للزنا ساعية في أسبابه داعية إلى طلابه فسميت لذلك زانية مجازاً، ومجامع الرجال قلما تخلو ممن في قلبه شدة شبق لهن سيما مع التعطر فربما غلبت الشهوة وصمم العزم فوقع الزنا الحقيقي ومثل مرورها بالرجال قعودها في طريقهم ليمروا بها.
324 إذا استقبلت القبلة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك و امدد ظهرك و مكن لركوعك فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها فإذا سجدت فمكن سجودك فإذا جلست فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع كذلك في كل ركعة و سجدة ( حسن ) ( حم حب ) عن رفاعة بن رافع الزرقي .(1/211)
325 إذا استلج أحدكم في اليمين فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها
( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا استلج) بتشديد الجيم استفعال من اللجاج وهو التمادي في الأمر ولو بعد تبين الخطأ وأصله الاصرار على الشيء مطلقاً (أحدكم في اليمين) أي في الشيء المحلوف فيه سمي يميناً لتلبسه بها (فإنه آثم له) بالمد (عند الله من الكفارة التي أمر بها) قال الزمخشري: معناه إذا حلف على الشيء فرأى غيره خير منه ثم لج في إبرارها وترك الحنث والكفارة كان ذلك آثم له من أن يحنث ويكفره انتهى. وقال القاضي: المراد إذا حلف على شيء يتعلق بأهله وأصر عليه كأن أدخل في الوزر وأفضى إلى الإثم من الحنث لأنه جعل الله لذلك عرضة الامتناع عن البر ومواساة الأهل والاصرار على اللجاج وقد نهي عن ذلك بقوله تعالى {ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} الآية قال: وآثم اسم تفضيل أصله أن يطلق للجاج الإثم فأطلقه للجاج الموجب للإثم اتساعاً والمراد به أنه يوجب إثم كبير إثم مطلقاً لأنه بالإضافة إلى ما نسب إليه من أمر مندوب لا إثم فيه وقيل معناه أنه إن كان يتحرج من الحنث والتأثم فيه ويرى ذلك فاللجاج إثم في زعمه وحسبانه إلى هنا كلام القاضي رحمه الله تعالى. وقال النووي: معناه إذا حلف يميناً تتعلق بأهله وتضرر بعدم حنثه فالحنث ليس إثماً فيحنث ويكفر فإن تورع عن الحنث فهو مخطئ فإدامة الضرر أكثر إثماً من الحنث أي في غير محرم فقوله آثم خرج عن المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم عليه باللجاج أكثر لو ثبت الإثم، فهذا خلاصة ما للأئمة الأعلام في هذا المقام فلا يلتفت إلى ما وراءه من الأوهام.
326 إذا استلقى أحدكم على قفاه فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى
( صحيح ) 000 ( حم ) عن جابر ( البزار ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/212)
(إذا استلقى أحدكم على قفاه) أي طرح نفسه على الأرض ملصقاً مؤخر عنقه وظهره بها لاستراحة أو نوم، والإلقاء الطرح والقفا مؤخر العنق (فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى) حيث لم يأمن من انكشاف شيء من عورته كالمؤتزر فإن أمن كالمتسرول فلا بأس ولو في المسجد لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم فعله فيه كما رواه البخاري ومسلم وإنما أطلق النهي لأن الغالب فيهم الائتزار لا التسرول وهذا أولى من ادعاء أن الحديث المشروح منسوخ بحديث البخاري لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وإلى معنى ما تقرر أشار بعضهم بقوله وضع إحدى الرجلين على الأخرى نوعان أن يكون رجلاه ممدودتين فلا بأس بوضع إحداهما على الأخرى فإنه لا ينكشف من عورته شيء بهذه الهيئة وأن يكون ناصباً ركبة إحدى الرجلين ويضع الأخرى على الركبة المنصوبة فإن أمن من انكشاف عورته لكونه بسراويل أو لكون إزاره أو ردائه طويلين جاز وإلا فلا.
327 إذا استنشقت فاستنثر و إذا استجمرت فأوتر( صحيح )
( طب ) عن سلمة بن قيس .
الشرح:(1/213)
(إذا استنشقت) أيها المتوضئ بدليل خبر الطيالسي إذا توضأ أحدكم واستنثر فليفعل ذلك مرتين أو ثلاثاً (فاستنثر) ندباً أخرج الماء الذي استنشقت به ليخرج معه ما في الأنف من نحو مخاط ويخرجه بريح الأنف إن لقي إلا فبيده ويسن كونه باليسرى كما في رواية النسائي وذلك لما فيه من تنقية مجرى النفس الذي به تلاوة القرآن ولإزالة ما فيه من الثقل ليفتح مجاري العروق ولما فيه من طرد الشيطان. قال الطيبي: خص الاستنثار لأن القصد خروج الخطايا وهو مناسب للاستنثار لأنه إخراج (وإذا استجمرت) أي مسحت محل النجو بالجمار (فأوتر) بثلاث أو خمس أو أكثر والواجب عند الشافعية ثلاث فإن لم ينق زيد ويسن الإيتار وحملوا الخبر على الوجوب في الثلاث وعلى الندب فيما زاد استعمالاً للأمر في حقيقته ومجازه وهو شائع عندهم والاستنشاق إبلاغ الماء إلى خياشيمه والاستنثار استفعال من النثر بنون ومثلثة وهو طرح الماء الذي يستنشقه المتطهر أي يجذبه بريح الأنف لتنظيف ما في داخله فيخرجه ريح أنفه سواء كان بإعانة يده أو لا0000000
328 إذا استهل المولود ورث ( صحيح ) ( د هق ) عن أبي هريرة .
329 إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رد على روحي و عافاني في جسدي و أذن لي بذكره ( حسن ) ( ابن السني ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا استيقظ أحدكم) أي رجعت روحه لبدنه بعد نومه (فليقل ندباً الحمد لله) أي الثناء على الله سبحانه وتعالى (الذي ردّ علي روحي) احساسي وشعوري، والنوم أخو الموت، قال الله تعالى {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} الآية، ومن ثم قيل النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل (وعافاني) سلمني من الآفات والبلاء (في جسدي) أي بدني وظاهره أنه يقوله وإن كان مريضاً أو مبتلى لأنه ما من بلاء إلا وفوقه أعظم منه (وأذن لي بذكره) أي فيه بأن أيقظ قلبي وأجري لساني به، وفيه ندب الذكر عند الانتباه من النوم وأفضله المأثور وهو كثير ومنه هذا المذكور.(1/214)
330 إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه ( صحيح ) ( ق ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا استيقظ أحدكم من منامه)ليلاً أو نهاراً(فتوضأ)أي أراد الوضوء. قال ابن أبي شريف: والفاء عاطفة (فليستنثر) بأن يخرج ما على أنفه من أذى بنفسه بعد الاستنشاق. قال القاضي: استنثر حرك النثرة وهي طرف الأنف ويجوز كونها بمعنى نثرت الشيء إذا بذرته. والفاء للجواب (ثلاث مرات) وتحصل سنة الاستنشاق بلا استنثار لكن الأكمل إنما تحصل به (فإن) الفاء لبيان العلة (الشيطان) الظاهر أن المراد الجنس (يبيت) حقيقة أو مجازاً على ما سيأتي إن شاء الله تعالى (على خياشيمه) بخاء وشين معجمة جمع خيشوم فيعول وهو أقصى الأنف المتصل بالبطن المقدم من الدماغ الذي هو محل الحس المشترك ومستقر الحياة فإذا نام اجتمعت فيه الأخلاط وانعقد المخاط وكل الحس وتشوش حتى ينسد مجاري النفس فيتعرض له الشيطان حينئذ لمحبته محل الأقذار بأضغاث أحلام فإذا قام من نومه وترك الخيشوم بحاله استمر الكسل والكلال واستعصى عليه النظر الصحيح وعسر عليه القيام على حقوق الصلاة من نحو خضوع وخشوع، هذا هو المراد بالبيتوتة أو أن المراد أن الشيطان يترصد للإنسان في اليقظة ويوسوس له في الأحوال مع سمع وبصر ونطق وغيرها فإذا نام انسدّت تلك المنافذ إلا منفذ النفس من الخيشوم وهو باب مفتوح إلى قبة الدماغ فيبيت دون ذلك الباب وينفث بنفخه ونفثه في عالم الخيال ليريه من الأضغاث ما يكرهه فأرشد المصطفى صلى الله عليه وسلم أمّته أن تمحو باستعمال الطهور على وجه التعبد آثار تلك النفحات والنفثات عن مجاري الأنفاس00000
330 / 1 إذا استيقظ أحدكم من نومه فرأى بللا و لم ير أنه احتلم اغتسل و إذا رأى أنه قد احتلم و لم ير بللا فلا غسل عليه(حسن)(ش ه) عن عائشة .
331 إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده الإناء حتى يغسلها( صحيح ) ( ه ) عن ابن عمر .(1/215)
332 إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ( صحيح )
( مالك الشافعي حم ق 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا استيقظ) أي انتبه وفي رواية إذا قام (أحدكم) خطاب في عمومه خلف والأصح عدمه لكن العموم هنا بدليل آخر ذكره الطيبي وغيره (من نومه) فائدة ذكره من نومه مع أن الاستيقاظ لا يكون إلا من نوم دفع توهم مشاركة الغشي فيه وفائدة إضافة النوم إلى أحدنا مع أن أحداً لا يستيقظ من نوم غيره الإيماء إلى أن نومه مغاير لنومنا إذ لا ينام قلبه، وفيه شمول لنوم النهار وقول ابني جرير وراهويه وداود خاص بنوم الليل لقوله في رواية ابن ماجه إذا استيقظ أحدكم من الليل رده ابن دقيق العيد بأن في ذكر السبب المترتب على النوم ما يشعر بتعميم المعنى والحكم يعم بعموم علته فيكون من مفهوم الموافقة أي الأولوية، نعم قال الرافعي الكراهة في نوم الليل أشد لأن احتمال الافضاء فيه أظهر (فلا يدخل) وفي رواية فلا يضع أي ندباً فلو فعل لم يتنجس الماء خلافاً لداود والحسن البصري والطبري، فعلم أن النهي للتنزيه وصرفه عن التحريم التعليل بأمر يقتضي الشك إذ الشك لا يقتضي وجوباً في هذا الحكم استصحاباً للطهارة ولهذا قال بعضهم هذا يرده القاعدة المتفق عليها أن التردد لا يوجب العمل بخلاف الأصل وهو الطهارة (يده) مفرد مضاف فيعم كل يد ولو زائده (في الإناء) الذي فيه ماء الوضوء أو الغسل وبين به أن النهي مخصوص بالآنية المعدة للطهر وما فيها ماء قليل بخلاف نحو بركة وحوض إذ لا يخاف فساد مائه بغمس اليد فيه بقرض نجاستها لكثرته (حتى يغسلها ثلاثاً) فيكره إدخالها قبل استكمال الثلاث ولا تزول الكراهة بمرة مع تيقن الطهر لها لأن الشارع إذا غيا حكماً بغاية وعقبه وصفاً مصدراً بالفاء وأن أو بأحدهما كان إيماء إلى ثبوت الحكم لأجله فلا يخرج عن عهدته إلا باستيفائها فاندفع استشكاله بأنه لا كراهة عند تيقن الطهر(1/216)
ابتداء (فإن) قال الكمال ابن أبي شريف: الفاء فيه لبيان أن ما بعدها علة الحكم (أحدكم لا يدري أين باتت يده) من جسده أي هل لاقت محلاً طاهراً أم نجساً كبثرة أو جرح أو محل نجو أو غيرها والتعليل به غالبي إذ لو نام نهاراً أو علم أن يده لم تلق نجساً كأن لفها في خرقة أو شك في نجاستها بلا نوم ندب غسلها 0000 والنهي للتنزيه لا للتحريم عند الجمهور ومعقول لا تعبدي خلافاً لبعض المالكية والحنابلة000 (تتمة) قال النووي في بستانه عن محمد بن الفضل التيمي في شرحه لمسلم إن بعض المبتدعة لما سمع بهذا الحديث قال متهكماً به أنا أدري أين باتت يدي ياتت في الفراش، فأصبح وقد أدخل يده في دبره إلى ذراعه. قال ابن طاهر فليتق امرؤ استخفافاً بالسنن ومواضع التوقيف لئلا يسرع إليه شؤم فعله قال النووي: ومن هذا المعنى ما وجد في زماننا وتواترت الأخبار به وثبت عند الثقات أن رجلاً بقرية بلاد بصرى في سنة خمس وستين وستمائة كان سيء الاعتقاد في أهل الخير وابنه يعتقدهم فجاءه من عند شيخ صالح ومعه سواك فقال مستهزئاً أعطاك شيخك هذا السواك فأخذه وأدخله في دبره استحقاراً له فبقي مدة ثم ولد ذلك الرجل الذي استدخل السواك جرواً قريب الشبه بالسمكة فقتله ثم مات الرجل حالاً أو بعد يومين.
333 إذا استيقظ الرجل من الليل و أيقظ أهله و صليا ركعتين كتبا من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات( صحيح )
( د ن ه حب ك ) عن أبي هريرة وأبي سعيد معا .
الشرح:(1/217)
(إذا استيقظ الرجل من الليل) أي انتبه من نومه من الليل أو في الليل أو ليلاً فمن تبعيضية أو بمعنى في. قال الولي العراقي: ويحتمل أنها لابتداء الغاية من غير تقدير وهذا معنى التهجد عرفاً فإنه صلاة تطوع بعد نوم (وأيقظ أهله) حليلته، وزعم أنه شامل للأبوين والولد والأقارب لا يلائم قوله (وصليا) بألف التثنية وفي رواية فقاما وصليا (ركعتين) فأكثر ولفظ رواية أبي داود وابن ماجه قصليا أو صلى ركعتين جميعاً قال الطيبي: وقوله جميعاً حال مؤكدة من فاعل فصليا على التثنية لا الإفراد لأنه ترديد من الراوي والتقدير فصليا له ركعتين جميعاً (كتبا) أي أمر الله الملائكة بكتابتهما (من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات) الذين أثنى الله تعالى عليهم في القرآن ووعدهم بالغفران أي يلحقان بهم ويبعثان يوم القيامة معهم ويعطيهما ما وعدوا به، ومن تبعيضية فيفيد أن الذاكرين أصناف، وهذا من تفسير الكتاب بالسنة فإنه بيان لقوله تعالى {والذاكرين الله كثيراً } قال الزمخشري: الذاكرون الله من لا يكاد يخلو بلسانه أو بقلبه أو بهما عن الذكر والقراءة قال الولي العراقي: وقراءة القرآن والاشتغال بالعلم الشرعي من الذكر والمعنى والذاكرين الله كثيراً والذاكرات فحذف لدلالة الظاهر عليه.
334 إذا استيقظت فصل ( صحيح ) ( حم د حب ك ) عن أبي سعيد .
335 إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه و ماله( حسن )
( حم ) عن صخر بن عبلة .
336 إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أسلفها و محيت عنه كل سيئة كان أزلفها ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف و السيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها(صحيح ) ( مالك ن هب ) عن أبي سعيد .
337 إذا أسلم العبد فحسن إسلامه يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها و كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف و السيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها( صحيح ) ( خ ن ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/218)
(إذا أسلم العبد) أي صار مسلماً بإتيانه بالشهادتين وانقياده للأحكام، هذا ما في النسخ، وفي رواية إذا أسلم الكافر، وهذا الحكم يشترك فيه الرجال والنساء، فذكره بلفظ المذكر تغليب (فحسن اسلامه) أي قرن الإيمان بحسن العمل وقيل بأن أخلص فيه وصار باطنه كظاهره واستحضر عند عمله قرب ربه منه واطلاعه عليه
(يكفر الله عنه) بالرفع لأن إذا وإن كانت أداة شرط لا تجزم إلا في الضرورة واستعمل الجواب مضارعاً لأن الشرط بمعنى الاستقبال وإن كانت بلفظ الماضي ذكره ابن حجر وغيره، وقال الكرماني: الرواية إنما هي بالرفع وإن جاز الجزم. قال الزمخشري: والتكفير إماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد أو بتوبة وفي رواية كفر الله فواخى بينهما (كل سيئة كان زلفها) قال الخطابي بالتخفيف وقال النووي بالتشديد أي قدمها من الزلف وهو التقديم وفي رواية النسائي أزلفها أي محى عنه كل خطيئة قدمها على إسلامه بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه لأن الإسلام يجب ما قبله لكن الكلام في خطيئة متعلقة بحق الله تعالى من العقوبات بخلاف الحق المالي نحو كفارة ظهار ويمين وقتل فإنه لا يسقط (وكان بعد ذلك) أي بعد ما علم من المجموع أو بعد حسن الإسلام (القصاص) المقاصصة والمجازاة واتباع كل عمل بمثله والقصاص مقابلة الشيء بالشيء أي كل شيء يعمل يوضع في مقابلة شيء آخر إن خيراً فخير وإن شراً فشر وهو بالرفع اسم كان ويجوز جعلها تامّة وعبر بالمعاصي لتحقق الوقوع، ثم فسر القصاص بقوله (الحسنة بعشر أمثالها) مبتدأ وخبر والجملة استئنافية تقديره تكتب بعشر أمثالها كما يدل له خبر: اكتبوها لعبدي عشراً (إلى سبعمائة ضعف) أي منتهية إلى ذلك وأخذ الماوردي بظاهر الغاية فزعم أن نهاية التضعيف سبعمائة ورد بعموم قوله تعالى {والله يضاعف لمن يشاء} وبخبر البخاري كتب الله له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة (والسيئة بمثلها) أي فيؤاخذ بها مؤاخذة مثلها فلا يزاد عليها فضلاً منه تعالى(1/219)
حيث جعل الحسنة بعشر والسيئة كما هي (إلا أن يتجاوز الله عنها) بقبول التوبة أو بالعفو عن الجريمة 000000000 وفي آخره رد على الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة الموقنين بخلود المؤمن في النار. وقال ابن حجر: ثبت في جميع الروايات ما سقط في رواية البخاري وهو كتابة الحسنات المتقدمة قبل الإسلام فقيل أسقطه لاشكاله لأن الكافر لا تصح عبادته لفقد النية ورده النووي بأن الذي عليه المحققون بل حكي عليه الإجماع أنه إذا فعل قربة كصدقة وصلة ثم أسلم أثيب عليها. قال ابن حجر: ويحتمل أن القبول يعلق على إسلامه فإن أسلم أثيب وإلا فلا وهذا أقوى.
338 إذا أشار الرجل على أخيه بالسلاح فهما على جرف جهنم فإذا قتله وقعا فيه جميعا ( صحيح ) ( الطيالسي ن ) عن أبي بكرة .
الشرح:
(إذا أشار الرجل) أي حمل كما بينته رواية من حمل علينا السلاح (على أخيه) في الإسلام وإن كان أجنبياً (بالسلاح) بالكسر آلة القتال والحرب كسيف وقوس والمراد أنه حمل عليه السلاح ليقتله وكان قصد المحمول عليه قتل الحامل أيضاً (فهما على جرف) بالجيم وضم الراء وسكونها وبحاء مهملة وسكون الراء جانب أو طرف (جهنم) أي هما قريب من السقوط فيها (فإذا قتله وقعا فيها جميعاً) أما القاتل فظاهر وأما المقتول فلقصده قتل أخيه وفيه أن من نوى معصية وأصر أثم وإن لم يفعلها.
339 إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم( صحيح )
( حم ق 3 ) عن أبي هريرة ( حم ق د ت ) عن أبي ذر ( ق)عن ابن عمر0 الشرح:(1/220)
(إذا اشتد) أي قوي (الحر فأبردوا) من الإبراد أي الدخول في البرد فالباء في (بالصلاة) للتعدية وقيل زائد، أي أدخلوا الصلاة في البرد والمراد صلاة الظهر كما بينته الرواية المارة أي أخروها إلى انحطاط قوة الوهج من حر الظهيرة إلى أن يقع للحيطان ظل يمشي فيه قاصد الجماعة بشروط مر التنبيه عليها وأشار إلى بعض منها بقوله (فإن شدة الحر من فيح جهنم) أي من سطوع حرها وثوران لهبها وانتشاره سميت جهنم لبعد قعرها وهي عربية أو معربة فارسية أو عبرانية واستشكل بأن فعل الصلاة مظنة وجود الرحمة ففعلها مظنة طرد العذاب فكيف أمر بتركها؟ وأجيب بأن وقت صهور الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه 000
340 إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم
( صحيح ) وتقدم برقم: 30 ( ه ) عن أبي هريرة .
341 إذا اشترى أحدكم الجارية فليقل: اللهم إني أسألك خيرها و خير ما جبلتها عليه و أعوذ بك من شرها و شر ما جبلتها عليه و ليدع بالبركة و إذا اشترى أحدكم بعيرا فليأخذ بذروة سنامه و ليدع بالبركة و ليقل مثل ذلك
( حسن ) ( ه ) عن ابن عمرو .
342 إذا اشتريت مبيعا فلا تبعه حتى تقبضه ( صحيح )
( حم ن حب ) عن حكيم بن حزام .
343 إذا اشتكى العبد المسلم قال الله تعالى للذين يكتبون: اكتبوا له أفضل ما كان يعمل إذا كان طلقا حتى أطلقه ( صحيح ) ( حل ) عن ابن عمرو .
344 إذا اشتكى المؤمن أخلصه من الذنوب كما يخلص الكير خبث الحديد
( صحيح ) ( خد حب طس ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا اشتكى المؤمن) أي أخبر عما يقاسيه من ألم المرض، هذا أصله، والمراد هنا إذا مرض، سمى المرض شكوى لأنه يشكو منه غالباً إلى غيره، وقوله المؤمن إشارة إلى البالغ في الإيمان الذي كملت فيه أخلاقه لأنه الذي يتلقاه بحسن صبر ورضا (أخلصه) ذلك(1/221)
(من الذنو)أي الصغائر قياساً على النظائر(كما تخلص الكير خبث الحديد) أي صفاه تألمه بمرضه من ذنوبه كتصفية الكير للحديد من الخبث فإسناد التصفية إلى المرض مجازية كأنبت الربيع البقل فإن أسند الفعل إلى الله فهو على الحقيقة 00000 وقال الحكيم الترمذي: المريض قد توسخ وتدنس وتكدر طيبه فأبى الله أن يضيعه فسلط عليه السقم حتى إذا تمت مدة التمحيص خرج منها كالبردة في الصفاء وفي وجهه طلاوة وحلاوة وقد تقدم أمر الله إلى العباد أن يحفظوا جوارحهم عن الدنس ليصلحوا لجوار القدس فتركوا الرعاية وضيعوا الحفظ فدلهم على أن يتطهروا بالتوبة فلم يفعلوا وأصروا على جهد من نفوسهم الشهوانية ثم دعاهم إلى الفرائض ليتطهروا بها فخلطوها وغشوها وأدّوها على النقصان والوسوسة والمكاسب الرديئة فلم تكن مطهرة لهم إذ لا تطهر النجاسة بالنجاسة ولا ينقى الدنس بالوسخ فلما رأى حالتهم هذه رحمهم فداواهم بالأسقام ليطهرهم فإذا قابل المريض ذلك بالصبر أخرجه صافياً طاهراً.
345 إذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدهما بالصبر(صحيح)(م)عن عثمان.
346 إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي ثم قل: بسم الله أعوذ بعزة الله و قدرته من شر ما أجد من وجعي هذا ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك وترا
( صحيح ) ( ت ك ) عن أنس .
الشرح:(1/222)
(إذا اشتكيت) أي مرضت (فضع يدك حيث تشتكي) على الموضع الذي يؤلمك ولعل حكمة الوضع أنه كبسط اليد للسؤال (ثم قل) ندباً (بسم الله) ظاهره أنه لا يزيد الرحمن الرحيم ويحتمل أن المراد البسملة بكمالها (أعوذ) أي أعتصم بحضور قلب وجمع همة. قال الزمخشري: والعياذ واللياذ من واد واحد (بعزة الله وقدرته من شر ما أجد) زاد في رواية لابن ماجه وأحاذر (من وجعي هذا) أي مرضي وألمي هذا تأكيد لطلب زوال الألم، وأخر التعوذ لاقتضاء المقام ذلك (ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك) أي الوضع والتسمية والاستعاذة بهذه الكلمات (وتراً) أي ثلاثاً كما بينه في رواية مسلم وفي حديث آخر سبعاً كما يأتي إن شاء الله تعالى وفي أخرى التسمية ثلاثاً والاستعاذة سبعاً يعني فإن ذلك يزيل الألم أو يخففه بشرط قوة اليقين وصدق النية ويظهر أنه إذا كان المريض نحو طفل أن يأتي به من يعوذه ويقول من شر ما يجد هذا ويحاذر وإطلاق اليد يتناول اليسرى فتحصل السنة بوضعها لكن الظاهر من عدة أحاديث تعين اليمنى للتيمن أي إلا لعذر00000
347 إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها من أعظم المصائب
( صحيح ) ( عد هب ) عن ابن عباس ( طب ) عن سابط الجمحي .
الشرح:(1/223)
(إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر) أي يتذكر (مصيبته بي) أي بفقدي من بين أظهر هذه الأمة وانقطاع الوحي والإمداد السماوي (فإنها من أعظم) وفي رواية من أشد (المصائب) بل هي أعظمها بدليل خبر ابن ماجه إن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي وكونها من أعظم لا ينافي كونها أعظم إذ بعض الأعظم قد يكون أعظم بقية أفراده. ألا ترى إلى قول أنس رضي الله تعالى عنه كان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً مع كونه أحسنهم خلقاً إجماعاً ولم ينتبه لهذا من تكلف وزعم زيادة من وإنما كانت أعظم المصائب لانقطاع الوحي وظهور الشر بارتداد العرب وتحزب المنافقين وكان موته أول نقصان الخير قال أنس رضي الله تعالى عنه ما نفضنا أيدينا من التراب من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ومن أحسن ما كتب بعضهم لأخيه يعزيه بابنه ويسليه قوله: اصبر لكل ملمة وتجلد * واعلم بأن المرء غير مخلد
وإذا ذكرت محمداً ومصابه * فاذكر مصابك بالنبي محمد
مقصود الحديث أن يذكر المصاب وقوع المصيبة العظمى العامة بفقد المصطفى صلى الله عليه وسلم يهون عليه ويسليه 0000
348 ( إذا أصاب أحدكم هم أو لأواء فليقل: الله الله ربي لا أشرك به شيئا )
( حسن ) طس عن عائشة .
الشرح:(1/224)
(إذا أصاب أحدكم هم) أطلق القاموس إنه الحزن وقال التوربشتي أنه الحزن الذي يذيب الإنسان قال والحزن خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم أخذاً من حزونة الأرض وعليه فالهم أخص وأبلغ من الحزن وقيل الهم مختص بالآتي والحزن بالماضي وقال المظهر الغم الحزن الذي يغم الرجل أي يصيره بحيث يقرب أن يغمى عليه والحزن أسهل منه (أو لأواء) بفتح فسكون فمد: شدة وضيق معيشة (فليقل) ندباً (الله الله) وكرره استلذذاً بذكره واستحضاراً لعظمته وتأكيداً للتوحيد فإنه الاسم الجامع لجميع الصفات الجلالية والجمالية والكمالية (ربي) أي المحسن إليّ بإيجادي من العدم وتوفيقي لتوحيده وذكره والمربي لي بجلائل نعمه والمالك الحقيقي لشأني كله ثم أفصح بالتوحيد وصرح بذكره المجيد فقال (لا أشرك به شيئاً) وفي رواية لا شريك له أي في كماله وجلاله وجماله وما يجب له وما يستحيل عليه والمراد أن ذلك يفرج الهم والغم والضنك والضيق إن صدقت النية وخلصت الطوية (تتمة) وقع أن عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم المحدث الراحلة رضي الله تعالى عنه أسرته الروم في جماعة في البحر وساروا به إلى قسطنطينية فرفعوه إلى الطاغية فبينما هم في حبسه إذ غشيهم عيد فأقبل عليهم فيه من الحار والبارد ما يفوق المقدار إذ دخلت امرأة نفيسة على الملك وأخبرت بحسن صنيعه بالعرب فمزقت ثيابها ونثرت شعرها وسودت وجهها وأقبلت نحوه فقال: مالك. قالت: إن العرب قتلوا ابني وأخي وزوجي وتفعل بهم الذي رأيت فأغضبه فقال: عليّ بهم فصاروا بين يديه مسمطين فضرب السياف عنق واحد واحد حتى قرب من عبد الرحمن فحرك شفتيه فقال: الله الله ربي لا أشرك به شيئاً فقال: قدموا شماس العرب أي عالمهم فقال: ما قلت فأعلمه فقال: من أين علمته فقال: نبينا صلى الله عليه وسلم أمرنا به فقال: وعيسى عليه الصلاة والسلام أمرنا بهذا في الإنجيل فأطلقه ومن تبعه.(1/225)
349 إذا أصاب المكاتب حدا أو ورث ميراثا فإنه يورث على قدر ما عتق و يقام عليه بقدر ما عتق منه ( صحيح ) ( د ت ك ) عن ابن عباس .
350 إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بالماء ثم لتصلي فيه( صحيح ) ( ق د ) عن أسماء بنت أبي بكر .
351 ( إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا ) ( حسن )
ت ابن خزيمة هب عن أبي سعيد .
الشرح:
(إذا أصبح ابن آدم) دخل في الصباح (فإن الأعضاء) جمع عضو بضم العين وكسرها كل عظم وافر بلحمه (كلها) تأكيد لدفع توهم عدم إرادة الشمول (تكفر اللسان) تذل وتخضع له من قولهم كفر اليهودي إذا خضع وطأطأ رأسه وانحنى لتعظيم صاحبه مأخوذ من الكافرة وهي الكاذبة التي هي أصل الفخذ ذكره القاضي وأصله للزمخشري حيث قال وهو من تكفير الذمي وهو أن يطأطئ رأسه ويحني ظهره كالراكع عند تعظيم صاحبه قال:
تكفر باليدين إذا التقينا * وتلقى من مخافتنا عصاكا(1/226)
كأنه من الكافرتين وهما الكاذبتان لأنه يضع يديه عليهما أو ينثي عليهما أي يحكي في ذلك من يكفر شيئاً أي يغطيه ويستره انتهى (فتقول) أي بلسان الحال وزعم أن المراد لسان القال جمود (اتق الله فينا) أي خفه في حفظ حقوقنا فلا تقتحم منهياً فيهلك معك (فإنما نحن بك) أي نستقيم ونعوج تبعاً لك (فإن استقمت) أي اعتدلت على الصراط المستقيم (استقمنا) اعتدلنا وفي التنزيل {وكان بين ذلك قواماً} أي عدلاً (وإن اعوججت) ملت عن الاعتدال (اعوججنا) ملنا عنه قال الغزالي رضي الله تعالى عنه: المعنى فيه أن نطق اللسان يؤثر في أعضاء اإنسان بالتوفيق والخذلان فاللسان أشد الأعضاء جماحاً وطغياناً وأكثرها فساداً وعدواناً ويؤكد هذا المعنى قول مالك بن دينار رضي الله تعالى عنه إذا رأيت قساوة في قلبك ووهناً في بدنك وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك، قال الطيبي: وهذا لا تناقض بينه وبين خبر إن في الجسد لمضغة إذا صلحت صلح الجسد إلى آخره لأن اللسان ترجمان القلب وخليفته في ظاهر البدن فإذا أسند إليه الأمر فهو مجاز في الحكم كقولك سقى الطبيب المريض الدواء قال الميداني: المرء بأصغريه قلبه ولسانه أي تقوم معانيه بهما قال الشاعر:
لسان الفتى نصف فؤاده * فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
352 إذا أصبح أحدكم فليقل: أصبحنا و أصبح الملك لله رب العالمين اللهم أني أسألك خير هذا اليوم فتحه و نصره و نوره و بركته و هداه و أعوذ بك من شر ما فيه و شر ما قبله و شر ما بعده ثم إذا أمسى فليقل مثل ذلك
( حسن ) د عن أبي مالك الأشعري .
353 ( إذا أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا و بك أمسينا و بك نحيا و بك نموت و إليك المصير و إذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا و بك أصبحنا و بك نحيا و بك نموت و إليك النشور ) ( حسن ) ت عن أبي هريرة .(1/227)
354 إذا أصبحتم فقولوا: اللهم بك أصبحنا و بك أمسينا و بك نحيا و بك نموت و إليك المصير( صحيح ) ( ه ابن السني ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا أصبحتم) أي قاربتم الدخول في الصباح والصباح أول النهار وهو من طلوع الفجر وقبل الشمس، والمساء من الغروب وقبل الزوال لكن في ذيل فصيح ثعلب للبغدادي الصباح من نصف الليل الأخير إلى الزوال والمساء منه إلى آخر نصف الليل الأول (فقولوا) ندباً (اللهم بك) قدمه للاختصاص والباء للاستعانة أو المصاحبة أو السببيةأي بسبب إنعامك علينابالإيجاد والإمداد(أصبحنا وبك أمسينا) دخلنا في المساء والباء تتعلق بمحذوف وهو خبر أصبح ولا بد من تقدير مضاف أي أصبحنا وأمسينا متلبسين بنعمتك أو بحياطتك وكلاءتك أو بذكرك واسمك (وبك نحيا وبك نموت) حكاية عن الحال الآتية أي يستمر حالنا على هذا في جميع الأزمان وسائر الأحيان إلى أن نلقاك (وإليك) لا إلى غيرك (المصير) المرجع في نيل الثواب مما نكتسبه في حياتنا.
355 إذا اصطحب رجلان مسلمان فحال بينهما شجر أو حجر أو مدر فليسلم أحدهما على الآخر و يتباذلوا السلام(حسن)(هب) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/228)
(إذا اصطحب) أي تلازم وكل شيء لازم شيئاً فقد اصطحب (رجلان مسلمان) ذكر الرجل غالبي فالانثيان والرجل مع محرمه أو حليلته كذلك (فحال) أي حجز (بينهما شجر) هو ما له ساق صلب يقوم به والمراد هنا ما يمنع الرؤية (أو حجر) بالتحريك أي صخرة (أو مدر) جمع مدرة كقصبة تراب ملبد أو قطع طين يابسة أو نحو ذلك (فليسلم أحدهما على الآخر) لأنهما يعدان عرفاً متفرقين (ويتباذلوا) بذال معجمة من البذل أي والعطاء أي يعطي كل منهما لصاحبه والقياس يتباذلا ولعله إشارة إلى أن الاثنين مثال وأن الجماعة كذلك (السلام) ندباً للمبتدئ ووجوباً للراد ومثل الاثنين فيما ذكر الجمع وفيه أن السلام يتكرر طلبه بتكرر التلاقي ولو على قرب جداً ويندب إذا التقى اثنان أن يحرص كل منهما على أن يكون البادئ بالسلام وأن يسلم الراكب على الماشي والماشي على الواقف والصغير على الكبير والقليل على الكثير وإن عكس فخلاف السنة لا مكروه.
356 إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا(صحيح)(حم ق)عن جابر .
الشرح:(1/229)
(إذا أطال أحدكم الغيبة) في سفر أو غيره ومن قيد بالسفر فكأنه لم ينتبه لما نقله هو عن أهل اللغة الآتي على الأثر ومرجع الطول العرف (فلا يطرق) بفتح أوله وفي رواية للشيخين فلا يطرقن (أهله) أي لا يفجأ حلائله بالقدوم عليهم بالليل لتفويت التأهب عليهم. والطروق المجيء بالليل من سفر أو غيره من الطرق وهو الدق سمى الآتي بالليل طارقاً لحاجته إلى دق الباب، قالوا: ولا يقال في النهار إلا مجازاً فقوله (ليلاً) للتأكيد دفعاً لمجاز استعمال الطرق في النهار ولا ينافيه خبر البخاري عن جابر كنا في غزوة فلما قفلنا ذهبنا لندخل فقال صلى الله عليه وسلم أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً أي عشاء لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة لأن الأمر بالدخول ليلاً لمن علم أهله بقدومه فاستعدوا، والنهي لمن فاجأ قبل ذلك، وأفهم تقييده بالطول أنه لو قرب سفره بحيث تتوقع حليلته إتيانه فتتأهب أنه لا يكره. وبه جزم جمع منهم الطيبي وجرى عليه ابن حجر حيث قال: التقييد بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فلما كان الذي يخرج لحاجة مثلاً نهاراً ويرجع ليلاً لا يتأدى به له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة لم يكن مثله أهـ000000
357 إذا اطمأن الرجل إلى الرجل ثم قتله بعدما اطمأن إليه نصب له يوم القيامة لواء غدر( صحيح ) ( ك ) عن عمرو بن الحمق .
الشرح:(1/230)
(إذا اطمأن الرجل إلى الرجل) أي سكن قلبه بتأمينه له وذكر الرجل غالبي فالمرأة كذلك (ثم قتله بعد ما اطمأن إليه) بغير مقتض والمراد أنه أمنه ثم غدره (نصب) أي رفع (له) بالبناء للمفعول لتذهب النفس كل مذهب تهويلاً للأمر وتفخيماً للشأن (يوم القيامة) خصه وإن كان قد يعاقب في الدنيا لأن ما يسوء إذا ظهر في جمع كان أوجع للقلب وأعظم تنكيلاً (لواء) بمد وكسر أي علم (غدر) يعرف به في ذلك الموقف الأعظم تشهيراً له بالغدر على رؤوس الأشهاد فلما كان إنما يقع مكتوماً مستوراً اشتهر صاحبه بكشف ستره لتتم فضيحته وتشيع عقوبته وذكر في رواية أخرى أن ذلك اللواء ينصب عند أسته مبالغة في غرابة شهرته وقبيح فعلته وعلى هذا فاللواء حقيقي وقيل هو استعارة قال بعضهم والمشهور أن هذا الغدر والقتل والحروب من نقض عهد وأمان
358 إذا أعطى الله أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه و أهل بيته( صحيح )
( حم م ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:
(إذا أعطى الله أحدكم خيراً) أي مالاً (فليبدأ) وجوباً (بنفسه) أي بالإنفاق منه على نفسه لأنه المنعم عليه به (وأهل بيته) يعني من يلزمه مؤنتهم فإن ضاق قدم نفسه كما مر والخير المال أو الكثير أو الطيب قال الراغب: سمي خيراً إشارة إلى أن المال الذي يحسن الإنفاق منه ما جمع من وجه محمود.
359 إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل فكل و تصدق ( صحيح )
( م د ن ) عن عمر .
الشرح:(1/231)
(إذا أعطيت) بضم الهمزة بضبط المؤلف (شيئاً) من جنس المال (من غير أن تسأل) فيه (فكل) منه أي اقبله وانتفع به في مؤنتك ومؤنة أهلك وغير ذلك وإن كان من السلطان إن لم يغلب الحرام فيما في يده، والحاصل أنه إن علم حرمة المال حرم قبوله أو حله جاز وكذا إن شك لكن الورع تركه وعبر بالأكل لأنه أغلب وجوه الانتفاع (وتصدق) منه، بين به أن شرط قبول المبذول كونه حلالاً لأن الصدقة لا تكون صدقة متقبلة إلا منه فشرط قبول المبذول علم حله كما تقرر أي باعتبار الظاهر، والحاصل أنه عند الجهل لا يلزم البحث عن الأصول 000000
360 ( إذا أفاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها و ليدع بالبركة و ليقل: اللهم إني أسألك من خيرها و خير ما جبلت عليه و أعوذ بك من شرها و شر ما جبلت عليه و إن كان بعيرا فليأخذ بذروة سنامه )
( حسن ) ك هق عن ابن عمرو .
361 إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ( صحيح )
( ن ) عن بسرة بنت صفوان .
362 إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه و ليس بينه و بينها حجاب و لا ستر فقد وجب عليه الوضوء(صحيح)(الشافعي حب قط ك هق)عن أبي هريرة .
363 ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فإن لم يجد تمرا فليفطر على الماء فإنه طهور ) ( ضعيف )
حم 4 ابن خزيمة حب عن سلمان بن عامر الضبي .
364 إذا أقبل الليل من هاهنا و أدبر النهار من هاهنا و غربت الشمس فقد أفطر الصائم ( صحيح ) ( ق د ت ) عن عمر .
الشرح:(1/232)
(إذا أقبل الليل) يعني ظلمته (من ههنا) أي من جهة المشرق إذ الظلمة تبدو منه (وأدبر النهار) أي ضوؤه (من ههنا) من جهة المغرب وزاد (وغربت الشمس) مع أن ما قبله كاف إيماء إلى اشتراط تحقق كمال الإقبال والإدبار وأنهما بواسطة الغروب لا غيره فالأمور الثلاثة وإن كانت متلازمة لكن قد يعرض لبعضها انفكاك فيظن إقبال الليل من جهة المشرق ولا يكون إقباله حقيقة كأن يكون بمحل لا يشهد غروبها كواد فيعتمد إقبال الظلام أو إدبار الضياء فلذلك جمع بينهما (فقد أفطر الصائم) أي انقضى صومه أو تم شرعاً أو أفطر حكماً بدليل الاحتياج لنية الصوم للغد وإن واصل لأنه صار مفطراً حقيقة كما قيل000000
365 إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا الرجل المسلم تكذب و أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا( صحيح ) ( ق ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا اقترب) افتعل من القرب وروي تقارب (الزمان) أي دنت الساعة وقبض أكثر أهل العلم ودرست معالم الديانة بالهرج والفتن فكان الناس على مثل الفطرة محتاجين إلى مذكر ومجدد لما درس من الدين 0000 (لم تكد رؤيا الرجل المسلم) في منامه (تكذب) أي لا تكون إلا صادقة لأن المغيبات تنكشف حينئذ والخوارق تظهر ولأن أكثر العلم يقبض بقبض العلماء وتندرس معالم الدين فيكون في الرؤيا الصادقة حينئذ بعض غنى ولو كان المراد بالاقتراب الاعتدال لما قيده بالمسلم 0000(وأصدقهم) أي المسلمون المدلول عليهم بلفظ المسلم (رؤيا أصدقهم حديثاً) أي قولاً ولفظ رواية مسلم فيما وقفت عليه في نسخ صحيحة أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً وذلك لأن من كثر صدقه تنور قلبه وقوي إدراكه فانشقت فيه المعاني على وجه الصحة والاستقامة وظاهره أنه على إطلاقه وقيل يكون آخر الزمان عند ارتفاع العلم وموت الصلحاء فجعل جبراً وعوضاً والأول أظهر لأن غير الصادق في حديثه يتطرق الخلل إلى رؤياه وحكايته إياها ذكره النووي 00000(1/233)
366 إذا أقعد المؤمن في قبره أتي ثم شهد أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله فذلك قوله: ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) ( صحيح )
( خ ) عن البراء .
367 إذا أقيمت الصلاة فطوفي على بعيرك من وراء الناس( صحيح )
( ن ) عن أم سلمة .
368 إذا أقيمت الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن أبي هريرة .
369 إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها و أنتم تسعون و أتوها و أنتم تمشون و عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فأتموا ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/234)
(إذا أقيمت الصلاة) أي إذا نادى المؤذن بالإقامة فأقيم المسبب مقام السبب ذكره الطيبي. ونبه بالإقامة على ما سواها لأنه إذا نهى عن إتيانها سعياً حال الإقامة مع خوف فوت بعضها فقبل الإقامة أولى (فلا تأتوها وأنتم تسعون) تهرولون وإن خفتم فوت التكبير أو التبكير فإنكم في حكم المصلين المخاطبين بالخشوع والخضوع فالقصد من الصلاة حاصل لكم وإن لم تدركوا منها شيئاً والنهي للكراهة وأما قوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} فليس المراد به الاسراع بل الذهاب أو هو بمعنى العمل والقصد كما تقول سعيت في أمري. قال الطيبي: وقوله وأنتم تسعون حال من ضمير الفاعل وهو أبلغ في النهي من لا تسعوا وذلك لأنه مناف لما هو أولى به من الوقار والأدب ثم عقبه بما ينبه على حسن الأدب بقوله (وائتوها) في رواية ولكن ائتوها (وأنتم تمشون) بهينة لقوله تعالى {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً} ثم ذيل المفهومين بقوله (وعليكم السكينة) أي الزموا السكينة في جميع أموركم سيما في الوفود على رب العزة فالزموا الوقار في الهيئة بغض البصر وخفض الصوت وعدم الالتفات والعبث000(فما) أي فإذا فعلتم ما أمرتم به من السكينة فما (أدركتم) مع الإمام من الصلاة (فصلوا) معه (وما فاتكم) منها (فأتموا) وقد حصلت لكم فضيلة الجماعة بالجزء المدرك وإن قلّ فقوله فأتموا أي فأكملوه وحدكم وفي رواية بدل فأتموا فاقضوا 000 وفيه أنه يندب لقاصد الجماعة المشي إليها بسكينة ووقار وإن خاف فوت التحريم وأن لا يعبث في طريقه إليها ولا يتعاطى ما لا يليق بها لخبر مسلم: إن أحدكم في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة.
370 إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني ( صحيح )
( حم ق د ن ) عن أبي قتادة زاد ( 3 ) : قد خرجت إليكم .
الشرح:(1/235)
(إذا أقيمت الصلاة) أي شرع المؤذن في الإقامة فأقام المسبب مقام السبب (فلا تقوموا) للصلاة ندباً (حتى تروني) تبصروني فإذا رأيتموني فقوموا وذلك لئلا يطول قيامكم وقد يعرض له ما يؤخره وأما خبر مسلم أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا فبيان للجواز أو لعذر أو كان قبل النهي ولا ينافي ما اقتضاه هذا من أن الصلاة كانت تقام قبل خروجه ما في مسلم أن بلالاً كان لا يقيم حتى يخرج لأنه كان يراقب خروجه فأول ما يراه يشرع في الإقامة قبل أن يراه الناس فإذا رأوه قاموا، ووقت القيام للصلاة عند الشافعي الفراغ من الإقامة ومالك أولها والحنفي حي على الصلاة والحنبلي قد قامت الصلاة.
371 إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة(صحيح)(م4)عن أبي هريرة.
الشرح:
(إذا أقيمت الصلاة) أي شرع في إقامتها بدليل رواية ابن حبان إذا أخذ المؤذن في الإقامة (فلا صلاة) كاملة سالمة من الكراهة (إلا المكتوبة) فلا ينبغي إنشاء صلاة حينئذ غيرها أي المفروضة الحاضرة التي أقيم لها بدليل رواية أحمد إلا التي أقيمت وجعل بعضهم النفي بمعنى النهي أي فلا تصلوا حينئذ واختاره المؤلف فإنه سئل هل المراد هنا الكمال أو عدم الصحة فأجاب بأنه ليس المراد هذا ولا هذا لأن ذلك إنما يكون في النهي المراد به النفي على ظاهره والنفي هنا المراد به النهي أي لا تصلوا إلا المكتوبة وذلك لئلا يفوته فضل تحرمه مع الإمام الذي هو صفوة الصلاة وما يناله من أجر الفعل لا يفي بما يفوته من صفوة فرضه ولأنه يشبه المخالفة للجماعة وأما زيادة إلا ركعتي الفجر في خبر فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتي الفجر فلا أصل لها كما بينه البيهقي وبفرضه حمل على الجواز000 قال ابن الهمام: وأشد ما يكون كراهة أن يصلي سنة أو غيرها عند إقامة المكتوبة مخالطاً للصف كما يفعله كثير من الجهلة.(1/236)
372 إذا أقيمت الصلاة و أحدكم صائم فليبدأ بالعشاء قبل صلاة المغرب و لا تعجلوا عن عشائكم ( صحيح ) ( حب ) عن أنس .
373 إذا أقيمت الصلاة و أراد الرجل الخلاء فليبدأ بالخلاء( صحيح )
( مالك الشافعي حب ت ن ه حب ك هق ) عن عبدالله بن أرقم .
374 إذا أقيمت الصلاة و حضر العشاء فابدءوا بالعشاء( صحيح )
( حم ق ت ن ه ) عن أنس ( ق ه ) عن ابن عمر ( خ ه ) عن عائشة ( حم طب ) عن سلمة بن الأكوع ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إذا أقيمت الصلاة وحضر العشاء) كسماء ما يؤكل عند العشاء والمراد بحضوره وضعه بين يدي الآكل أو قرب حضوره لديه وقد تاقت نفسه له (فابدؤوا) ندباً (بالعشاء) إن إتسع الوقت فيأكل لقيمات يكسر بها حدة الجوع على وجه لكن الأصح يأكل حاجته وذلك لما في تركه من فوت الخشوع أو كماله وأراد يالصلاة هنا المغرب للصائم بدليل رواية ابن حبان إذا أقيمت الصلاة وأحدكم صائم فليبدأ بالعشاء قبل صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم وفي رواية للبخاري فابدأوا به قبل أن تصلوا المغرب لكنه يطرد في كل صلاة نظراً للعلة وهو خوف فوت الخشوع وأما خبر أنه كان يحتز من ذراع شاة بسكين ويأكل فأعلمه بلال بالصلاة فطرح السكين فصلى فأجيب بأنه إنما قطع الأكل للصلاة مع كونه أمر غيره بتقديم الأكل لأنه قضى حاجته منه أو لأنه أخذ في خاصة نفسه بالعزيمة وأمر غيره بالرخصة لأن غيره لا يقوى على مدافعة الشهوة قوته وفيه رد على الظاهرية الزاعمين أنه لا يجوز صلاة من حضر الطعام بين يديه.
375 ( إذا اكتحل أحدكم فليكتحل وترا و إذا استجمر فليستجمر وترا )
( حسن ) حم عن أبي هريرة .
الشرح:(1/237)
(إذا اكتحل) أي أراد (أحدكم) أي يكتحل افتعل من كحل عينه كنصر جعل فيها الكحل (فليكتحل) ندباً (وتراً) أي اكتحالاً وتراً في كل عين وكونه ثلاثاً وليلاً أولى ويحصل أصل السنة بثنتين في كل عين وواحدة بينهما لوروده من فعله في حديث أنس (وإذا استجمر) أي تجمر بنحو عود أو استنجى والأول أنسب بما قبله (فليستجمر وتراً) قال بعضهم فيه ندب الاكتحال، وليس كما قال إذ ليس مفاده إلا أن الاكتحال إن وقع فالمطلوب كونه وتراً فالمستفاد منه ندب الوترية لا أصل الاكتحال، نعم ثبت ندب الاكتحال بالأثمد بنصوص أخر قولاً وفعلاً قال بعض شراح أبي داود ولا فرق في حصول السنة بين اكتحاله بنفسه أو بأمره قال وينشأ عنه جواز التوكيل في العبادة وفيه إن قلنا أن المراد بالاستجمار الاستنجاء بالأحجار وجوب الإيتار بثلاث والصارف للأول عن الوجوب خبر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج، وجواز العمل بالمفهوم حتى لا يجب الإيتار إذا استنجى بالماء ووجوب تعدد المسحات لضرورة تصحيح الإيتار بما تقدمه من الشفع إذ لا قائل بتعيين الإيتار بمسحة واحدة.
376إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل واستبقوا نبلكم(صحيح)(خ د)عن أبي أسيد.
377 إذا اكفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ( صحيح )(م)عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا اكفر الرجل أخاه) أي نسبه إلى الكفر بأن قال أنت كافر أو يا كافر أو قال عنه فلان كافر وذكر الرجل وصف طردي (فقد باء) بالمد أي رجع (بها) أي بالمعصية المذكورة حكماً يعني رجع (أحدهما) بمعصية إكفاره على حد {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} فالمراد خصمه لكن تلطف في القول كذا قرره بعض الأعاظم ومنه أخذ جمع قولهم الراجح التكفير لا الكفر 0000
378 إذا أكل أحدكم طعاما فسقطت لقمته فليمط ما رابه منها ثم ليطعمها و لا يدعها للشيطان( صحيح ) ( ت ) عن جابر .
الشرح:(1/238)
(إذا أكل أحدكم طعاماً فسقطت لقمته) أي الآكل أو من يطعمه (فليمط) أي فليأخذها وليزل ما بها (ما رابه منها) أي ما حصل عنده من شك مما أصابه مما يعافه وفي رواية فليمط عنها الأذى (ثم ليطعمها) بفتح التحتية وسكون الطاء أي ليأكلها ندباً (ولا يدعها) أي لا يتركها (للشيطان) جعل تركها إبقاءها للشيطان لأنه تضييع للنعمة وازدراء بها وتخلق بأخلاق المترفين، والمانع من تناول تلك اللقمة غالباً إنما هو الكبر وذلك من عمل الشيطان كذا قرره بعض الأعيان فراراً من نسبة حقيقة الأكل إلى الشيطان وحمله بعضهم على الحقيقة وانتصر له ابن العربي فقال: من نفى عن الجن الأكل والشرب فقد وقع في حبالة إلحاد وعدم رشاد بل الشيطان وجميع الجان يأكلون ويشربون وينكحون ويولد لهم ويموتون وذلك جائز عقلاً ورد به الشرع وتظاهرت به الأخبار فلا يخرج عن المضمار إلا حمار. ومن زعم أن أكلهم شم فما شم رائحة العلم. قال: وقوله ولا يدعها للشيطان دليل على أنه لم يسم أولاً ولذلك اختطفها منه. قال العراقي: وفيه نظر فإن ظاهر الحديث أن ما سقط من الطعام على الأرض أو ترك في الإناء يتناوله الشيطان سواء سمى على الطعام أم لا، قال: وقد حمل الجمهور الأمر بأكل اللقمة الساقطة بعد إماطة الأذى عنها على الندب والإرشاد وذهب أهل الظاهر على وجوبه. قال النووي: والمراد بالأذى المستقذر من نحو تراب وهذا إن لم تقع بمحل نجس وإلا فإن أمكن تطهيرها فعل وإلا أطعمها حيواناً ولا يدعها للشيطان
379 إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها
( صحيح ) ( حم ق د ه ) عن ابن عباس ( حم م ن ه ) عن جابر بزيادة: فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة .
الشرح:(1/239)
(إذا أكل أحدكم طعاماً)ملوثاً وفرغ من الأكل(فلا يمسح يده بالمنديل) بكسر الميم(حتى يلعقها) بفتح أوله يلحسها بنفسه (أو يلعقها) غيره بضم أوله يلحسها غيره ممن لا يتقذر ذلك كحليلته وخادمه وولده وتلميذه لأن المسح بالمنديل قبل اللعق عادة الجبابرة والمراد باليد الأصابع بدليل خبر مسلم كان يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها فأطلق اليد على الأصابع ويحتمل أن المراد الكف كلها فيتناول من أكل بكل كفه أو بأصابعه أو ببعضها قال في محاسن الشريعة وأراد بالمنديل هنا المعد لإزالة الزهومة لا للمسح بعد الغسل وظاهر الخبر أنهم كان لهم مناديل معدة لمسح الأيدي ولا ينافيه ما في خبر أنهم لم يكن لهم مناديل لأن ذلك كان في أول الأمر قبل ظهور الإسلام وانتشاره فلما ظهر وحث على النظافة اتخذوا لهم مناديل لما قبل الغسل ولما بعده ففيه ندب اتخاذ ذلك ورد على من كره لعق الأصابع استقذاراً، نعم لا يفعله أثناء الأكل لأنه يعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه فيستقذر فإن احتاج لإزالة ما بيده مسحها بالمنديل ومحل ندب مسح اليد بعد الطعام كما قال عياض في ما لم يحتج فيه للغسل لغمر أو لزوجة وإلا غسلها أي بعد اللعق لإزالة الريح. قال العراقي: والأمر بلعق الأصابع حمله الجمهور على الندب والارشاد وحمله الظاهرية على الوجوب 00000
380 إذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله فإن نسي أن يذكر الله في أوله فليقل: بسم الله على أوله و آخره ( صحيح ) ( د ت ك ) عن عائشة .
الشرح:(1/240)
(إذا أكل أحدكم طعاماً) أي تناول شيئاً لشبعه ومثل الأكل الشرب بدليل خبر الديلمي إذا أكلت طعاماً أو شربت فقل بسم الله وبالله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء يا حي يا قيوم، لم يصبك منه داء ولو كان فيه سم (فليذكر) ندباً عند الشافعية ولو حائضاً أو جنباً (اسم الله) عليه بأن يقول بسم الله في ابتداء الأكل 00 (فإن نسي) أو تعمد بالأولى (أن يذكر اسم الله في أوله فليقل) ولو بعد الفراغ من الأكل ليقيء الشيطان ما أكله على ما بحثه بعض مشايخنا لكنه مضعف وأخذ بظاهره جمع حنابلة فأوجبوه قالوا لصحة الخبر بلا معارض (بسم الله على) وفي رواية في (أوله وآخره) أي آكل أوله وآخره بسم الله فالجار والمجرور حال من فاعل الفعل المقدر ذكره الطيبي وفي رواية أوله وآخره بدون على وعليه قال أبو البقاء الجيد النصب فيها والتقدير عند أوله وعند آخره ويجوز جره بتقدير في أوله وآخره أي جميع أجزائه كما يشهد له المعنى الذي شرعت التسمية له 0000 وألحق الشافعي بالناسي ما لو تعمد أو جهل أو أكره وليس لقائل أن يقول الناسي معذور فمكن من تدارك ما فاته بخلاف المتعمد لأن القصد إضرار الشيطان بمنعه من طعامنا ولو نظر للعذر لمنع الشيطان من مؤاكلة الناسي ولم يحتج إلى أن يجعل له طريقاً فالملحظ ليس العذر فقط.
381 إذا أكل أحدكم طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه و أبدلنا خيرا منه و إذا شرب لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه فإنه ليس شيء يجزي من الطعام و الشراب إلا اللبن( حسن ) ( حم د ت ه هب ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/241)
(إذا أكل أحدكم) أي أراد أن يأكل ويحتمل جعله على ظاهره (طعاماً) غير لبن (فليقل) ندباً (اللهم بارك لنا فيه) من البركة وهي زيادة الخير ودوامه (وأبدلنا) بفتح الهمزة (خيراً) اسم تفضيل وأصله أخير فلا يراد أنها ليست على وزن أفعل (منه) من طعام الجنة أو أعم فيشمل خير الدارين ويؤيده أن النكرة في سياق الدعاء تعم وإن كانت للإثبات (وإذا شرب) أي تناول (لبنا) ولو غير حليب وعبر بالشرب لأنه الغالب (فليقل) ندباً (اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه) ولا يقل خيراً منه لأنه ليس في الأطعمة خير منه (فإنه ليس بشيء يجزئ) بضم أوله أي يكفي يقال جزأت الإبل بالرطب عن الماء اكتفت (من الطعام والشراب إلا اللبن) يعني لا يكفي في دفع العطش والجوع معاً شيء واحد إلا هو لأنه وإن كان بسيطاً في الحس لكنه مركب من أصل الخلقة تركيباً طبيعياً من جواهر ثلاث جبنية وسمنية ومائية فالجبنية باردة رطبة مغذية للبدن والسمنية معتدلة في الحرارة والرطوبة ملائمة للبدن الإنساني الصحيح كثيرة المنافع والمائية حارة رطبة مطلقة للطبيعة مرطبة للبدن فلذلك لا يجزئ من الطعام غيره 0000 (تنبيه) سيأتي في خبر اللبن فطرة قال القرطبي يعني بها فطرة دين الإسلام كما قال تعالى {فطرة الله} الآية ثم قال {ذلك الدين القيم} وقد جعل الله ذلك لجبريل علامة على هداية هذه الأمة لأن اللبن أول ما يتغذى به الإنسان وهو قوت خلي عن المفاسد به قوام الأجساد ولذلك آثره المصطفى صلى الله عليه وسلم على الخمر ليلة الإسراء ودين الإسلام كذلك بل هو أول ما أخذ على بني آدم وهو كالذر ثم هو قوت الأرواح به قوامها الأبدي وصار اللبن عبارة مطابقة لمعنى دين الإسلام من جميع جهاته فكان العدول عنه إلى الخمر لو وقع علامة على الغواية وقد أعاذ الله تعالى نبيه من ذلك طبعاً وشرعاً.
382 إذا أكل أحدكم طعاما فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة ( صحيح )(1/242)
( حم م ت ) عن أبي هريرة ( طب ) عن زيد بن ثابت ( طس ) عن أنس .
الشرح:
(إذا أكل أحدكم طعاماً فليلعق أصابعه) قال العراقي: أطلق الأمر بلعق الأصابع والمراد بها الثلاث التي أمر بالأكل بها في حديث مسلم وغيره وهو دال على أن أكله عليه الصلاة والسلام كان بهذه الثلاث فقط وقول ابن العربي: إن شاء أحد أن يأكل بخمس فليأكل فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتعرق العظم وينهش اللحم ولا يمكن ذلك عادة إلا بخمس غير قويم إذ لا يسلم أنه لا يمكن تعرق العظم ونهش اللحم إلا بالكل بل يمكن بثلاث وبفرض عدم إمكانه ليس هذا أكلاً بكل الأصابع بل هو مسك بالأصابع فقط لا أكل بها وتقدير كونه أكل بها فهل محل ضرورة كمن لا يمين له فأكل بشماله انتهى وفي خبر الطبراني كان يأكل بأصابعه الثلاث بالإبهام والتي تليها والوسطى ثم رأيته يلعق الثلاث قبل أن يمسحها الوسطى ثم التي تليها ثم الإبهام. قال المؤلف في شرح الترمذي: والوسطى تكون مثالاً فيبقى فيها الطعام أكثر ولأنها لطولها أول ما ينزل فيه ويحتمل أن الذي يلعق يكون بطن كفه إلى جهة وجهه فإذا ابتدأ بالوسطى انتقل إلى السبابة على جهة يمينه ثم الإبهام (فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة) أي ما يحصل به التغذي ويقوى به على الطاعة كما تقرر، ومنه أخذ أن الكلام فيما يحل تناوله وذكر اسم الله عليه قيل وقد يراد بالبركة صلاحية كون الطعام بصفة صالحة للإنسانية.
383 إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه و إذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله و يشرب بشماله ( صحيح )
( حم م د ) عن ابن عمر ( ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/243)
(إذا أكل أحدكم) أي أراد أن يأكل (فليأكل) قال الحراني: في تقديم الأكل على الشرب إجراء الحكم على هذا الشرع على وفق الطباع ولأنه سبب العطش (بيمينه) من اليمين وهو للبركة (وإذا شرب فليشرب بيمينه) لأن من حق النعمة القيام بشكرها ومن حق الكرامة أن يتناول باليمين ويمميز بها بين ما كان من النعمة وما كان من الأذى فيكره تنزيهاً لا تحريماً عند الجمهور فعلهما بالشمال إلا لعذر كما أرشد إلى بيان وجه العلة بقوله (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) حقيقة إذ العقل لا يحيله والشرع لا ينكره أو المراد يحمل أولياءه من الإنس على ذلك ليصاد به الصلحاء وأخذ جمع حنابلة ومالكية منهم ابن العربي من التعليل به حرمة أكله أو شربه بها لأن فاعله إما شيطان أو يشبهه وأيدوه بما عند مسلم وغيره عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن أكل عنده بشماله كل بيمينك فقال: لا أستطيع فقال: لا استطعت فما رفع يده إلى فيه بعدها فلو جاز لما دعا عليه وجوابه أن مشابهته للشيطان لا تدل على الحرمة بل للكراهة ودعاؤه على الرجل إنما هو لكبره الحامل له على ترك الإمتثال كما هو بين
384 إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه و ليشرب بيمينه و ليأخذ بيمينه و ليعط بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله و يشرب بشماله و يأخذ بشماله و يعطي بشماله( صحيح ) ( الحسن بن سفيان في مسنده ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/244)
(إذا أكل أحدكم) أي أراد أن يأكل (فليأكل بيمينه) أي بيده اليمنى (وإذا شرب) أحدكم (فليشرب بيمينه) كذلك (وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه) قال العراقي: هذا خرج مخرج الغالب في أكل كل أحد بيده فلو أطعمه غيره بشماله كان داخلاً في النهي بدليل خبر لا تأكلوا بالشمال (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويعطي بشماله) فخالفوه أنتم لما ذكر قال العراقي في شرح الترمذي: حمل أكثر الشافعية الأمر بالأكل والشرب باليمين على الندب وبه جزم الغزالي والنووي لكن نص الشافعي في الرسالة وموضع من الأم على الوجوب قال ابن حجر وكذا ذكره عنه الصيرفي في شرح الرسالة ونقل البويطي في مختصره أن الأكل رأس الثريد والتعريس على الطريق والقران في التمر وغير ذلك مما ورد الأمر بضده حرام وميل القاضي في منهاجه للندب لخبر كل مما يليك وتعقبه التاج السبكي بأن الشافعي نص في موضع على أن من أكل مما لا يليه عالماً بالنهي عصى قال وقد جمع والدي نظائر هذه المسئلة في كتاب سماه كشف اللبس عن المسائل الخمس ونصر القول بأن الأمر فيها للوجوب. قال ابن حجر: ويدل لوجوب الأكل باليمين ورود الوعيد في الأكل بالشمال في مسلم وغيره 00000
385 إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل( صحيح )
( ه ) عن عائشة وعن ابن عمرو .
الشرح:
(إذا التقى الختانان) أي تحاذيا لا تماسا والمراد ختان الرجل وخفاض المرأة فجمعهما بلفظ واحد تغليباً (فقد وجب الغسل) أي على الفاعل والمفعول وإن لم يحصل إنزال كما صرح به في رواية فالموجب تغييب الحشفة والحصر في خبر إنما الماء من الماء منسوخ كما صرح به خبر أبي داود مثل به أصحابنا في الأصول لنسخ السنة بالسنة كما يأتي، وذكر الختان غالبي فيجب الغسل بدخول ذكر لا حشفة له في دبر أو فرج بهيمة عند الشافعي لأنه في معنى المنصوص 0000000
386( إذا التقى الختانان و غابت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أم لم ينزل) ( حسن ) طس عن ابن عمرو .(1/245)
387 إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل و المقتول في النار قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه(صحيح)(حم ق د ن)عن أبي بكرة ( ه ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إذا التقى) من اللقاء قال الراغب: وهو مقابلة الشيء ومصادفته معاً وقد يعبر به عن كل منهما قال الإمام: اللقاء أن يستقبل الشيء قريباً منه (المسلمان بسيفيهما) فيضرب كل منهما الآخر قاصداً قتله عدواناً بغير تأويل سائغ ولا شبهة فالمراد أنهما التقيا يتقاتلان بآلة القتال سيفاً أو غيره وإنما خص السيف لأنه أعظم آلاته وأكثرها استعمالاً (فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل) بالفاء جواب إذا (والمقتول في النار) إذا كان قتالهما على عداوة دنيوية أو طلب ملك ونحوه ومعنى في النار أن حقهما أن يكونا فيها وقد يعفو الله (قيل) أي قال أبو بكرة رواية لما استغرب ذلك من جهة عدم تعدي المقتول
(يا رسول الله هذا القاتل) يستحق النار (فما بال المقتول) أي فما ذنبه حتى يكون فيها (قال) صلى الله عليه وسلم (إنه) أي المقتول (كان حريصاً على قتل صاحبه) أي جازماً بذلك مصمماً عليه حال المقاتلة فلم يقدر على تنفيذه كما قدر صاحبه القاتل فكان كالقاتل لأنه في الباطن قاتل فكل منهما ظالم متعد ولا يلزم من كونهما في النار كونهما في رتبة واحدة فالقاتل يعذب على القتال والقتل والمقتول يعذب على القتال فقط وأفاد قوله حريصاً أن العازم على المعصية يأثم وأن كلا منهما كان قصده القتل كما تقرر لا الدفع عن نفسه فلو قصد أحدهما الدفع فلم يندفع إلا بقتله فقتل هدر المقتول لا القاتل، وخرج بقولنا بلا تأويل ما لو كان به كقتال علي وطلحة فإن كلاً منهما لديانته وفرط صيانته كأن يرى أن الإمامة متعينة عليه لا يسوغ له تركها 00000(1/246)
388 إذا التقى المسلمان و حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما على جرف جهنم فإذا قتل أحدهماصاحبه دخلاها جميعا(صحيح)(حم م ه)عن أبي بكرة.
389 إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها
( صحيح ) ( حم ه ك هق ) عن محمد بن مسلمة .
الشرح:
(إذا القى الله في قلب امرئ) زاد في رواية منكم (خطبة امرأة) بكسر الخاء أي التماس نكاحها (فلا بأس أن ينظر إليها) أي لا حرج عليه في ذلك بل يسن وإن لم تأذن هي ولا وليها اكتفاء بإذن الشارع وإن خاف الفتنة بالنظر إليها على الأصح عند الشافعية وظاهر الخبر أنه يكرر النظر بقدر الحاجة فلا يتقيد بثلاث خلافاً لبعضهم وإضافة الإلقاء إلى الله تعالى تفيد أن الندب بل الجواز مقصور على راجي الإجابة عادة بأن مثله ينكح مثلها000000
390 إذا أمذى أحدكم و لم يمسها فليغسل ذكره و أنثييه ثم ليتوضأ و ليصل
( صحيح ) ( عب طب ) عن المقداد بن الأسود .
391 إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم الصغير و الكبير و الضعيف و المريض و ذا الحاجة و إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء ( صحيح )
( حم ق ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/247)
(إذا أمّ أحدكم الناس) بأن كان منصوباً للإمامة بنصب الإمام أو الناس أو أهل المحلة أو تقدم للإمامة بنفسه أو صار إماماً ولو بغير قصد منه سمي إماماً لأن الناس يأتمون بأفعاله أي يقصدونها (فليخفف) صلاته ندباً وقيل وجوباً بأن لا يخل بأصل سننها ولا يستوعب الأكمل كما في المجموع وقيل بأن ينظر ما يحتمله أضعف القوم فيصلي مراعياً له وأيده ابن دقيق العيد بأن التطويل والتخفيف من الأمور الاعتبارية فرب تطويل لقوم تخفيف لآخرين وعلم من ذلك أنه ليس المراد بالتخفيف الاختصار والنقصان بدليل أنه نهى عن نقرة الغراب ورأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده فقال ارجع فصل فإنك لم تصل وقال لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده (فإن فيهم) وفي رواية منهم (الصغير) الطفل (والكبير) سناً (والضعيف) خلقة بدليل تعقيبه بقوله (والمريض) مرضاً يشق معه احتمال التطويل (وذا الحاجة) عطف عام على خاص قال ابن حجر وهذه أشمل الأوصاف وزاد الطبراني والحامل والمرضع والعابر السبيل وحذف المعمول ليفيد العموم فيتناول الأوصاف وزاد الطبراني فيتناول أية صلاة كانت ولو نفلاً جماعة وليس لك أن تقول مفهوم الخبر أه إذا لم يكن ثم من هو متصف بما ذكر لا يخفف لأن الأحكام إنما تناط بالغالب لا النادر فليس التخفيف وإن علم عدم طرو من هذه صفته، نعم له التطويل إذا أمّ محصورين راضين لم يتعلق بعينهم حق كما بين في الفروع (وإذا صلى لنفسه) أي منفرداً (فليطول ما شاء) فلا حرج عليه في ذلك 000000
392 إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم( صحيح )
( د هق ) عن حذيفة .
393 إذا أممت الناس: فاقرأ ب ( الشمس و ضحاها ) و ( سبح اسم ربك الأعلى ) و( الليل إذا يغشى ) . ( صحيح ) ( م عن جابر) .
394 إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة ( صحيح )
( م ه ) عن عثمان بن أبي العاص .(1/248)
395 إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح ) ( مالك حم ق 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا أمّن) بالتشديد (الإمام) أي أراد التأمين أي أن يقول آمين عقب الفاتحة في جهرية (فأمّنوا) أي قولوا آمين مقارنين له لأن التأمين لقراءة الإمام لا لتأمينه فلا يتأخر عنه وفيه ندب التأمين للإمام خلافاً لمالك ورفع صوته به إذ لو لم يجهر به لما علم تأمينه المأموم وظاهر الحديث أنه إذا لم يؤمن لا يؤمن المقتدي وهو غير مراد 00 (فإنه) أي الشأن وهذا كالتعليل لما قبله (من وافق تأمينه تأمين الملائكة) قولاً وزمناً وقيل إخلاصاً وخشوعاً واعترض والمراد جميعهم لأن أل الداخلة على الجمع تفيد الاستغراق أو الحفظة أو الذين يتعاقبون أو من يشهد تلك الصلاة ممن في الأرض أو في السماء ورجحه ابن حجر ولا يعد في سماع تأمين من في الأرض لقوة الإدراك المودعة فيهم والمراد بتأمينهم قولهم عقب القراءة آمين ومعناه استجب للمصلين ما سألوه من نحو طلب الهداية والاستعانة وقد خفي هذا مع ظهوره على من أول التأمين بالاستغفار (غفر له ما تقدم) زاد في رواية للجرجاني في أماليه وما تأخر قال ابن حجر وهي شاذة (من ذنبه) أي من الصغائر لا الكبائر لأنه صح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فإذا لم تكفر الفروض الكبائر فكيف يكفرها سنة التأمين لكن نازع فيه التاج السبكي بأن المكفر ليس التأمين الذي هو صنع المؤمن بل وفاق الملائكة وليس صنعه بل فضل الله وعلامة على سعادة الموافق 00
396 إذا أمن القارئ فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح ) ( ن ه ) عن أبي هريرة .
397 إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى يكون رمضان ( صحيح )
( حم 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/249)
(إذا انتصف شعبان) أي مضى نصفه الأول ولفظ رواية الترمذي والنسائي إذا بقي النصف من شعبان (فلا تصوموا) أي يحرم عليكم ابتداء الصوم بلا سبب (حتى يكون رمضان) أي حتى يجيء 000 وحكمة النهي التقوي على صوم رمضان واستقباله بنشأة وعزم وقد اختلف في التطوع بالصوم في النصف الثاني من شعبان على أربعة أقوال أحدها الجواز مطلقاً يوم الشك وما قبله سواء صام جميع النصف أو فصل بينه بفطر يوم أو إفراد يوم الشك بالصوم أو غيره من أيام النصف. الثاني قال ابن عبد البر وهو الذي عليه أئمة الفتوى لا بأس بصيام الشك تطوعاً كما قاله مالك، الثالث عدم الجواز سواء يوم الشك وما قبله من النصف الثاني إلا أن يصل صيامه ببعض النصف الأول أو يوافق عادة له وهو الأصح عند الشافعية، الرابع يحرم يوم الشك فقط ولا يحرم عليه غيره من النصف الثاني وعليه كثير من العلماء.
398 إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى و إذا خلع فليبدأ باليسرى لتكون اليمنى أولهما تنعل و آخرهما تنزع ( صحيح ) ( حم م د ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/250)
(إذا انتعل أحدكم) أي لبس نعله (فليبدأ) ندباً (باليمنى) أي بإنعال رجله اليمنى وفي رواية باليمين (وإذا خلع) نعله أي نزعه وبه جاءت رواية (فليبدأ) ندباً (باليسرى) أي يخلعها لأن اللبس كرامة للبدن إذ هو وقاية من الآفات واليمين أحق بالإكرام فبدئ بها في اللبس وأخرت في النزع ليكون الإكرام بها أدوم وصيانتها وحفظها أكثر كما أشار إليه بقوله (لتكن) الرجل (اليمنى أولهما) قال الطيبي متعلق بقوله (تنعل) وهو خبر كان وذكره بتأويل العضو أو هو مبتدأ وتنعل خبر والجملة خبر كان (وآخرهما تنزع) ونقل ابن التين عن ابن وضاح أن قوله لتكن إلى آخره مدرج وأن المرفوع إلى باليسرى وضبط قوله أولهما وآخرها بالنصب خبر كان أو حال قال وتنعل وتنزع بمثناتين فوقيتين وبتحتيتين مذكرين باعتبار الفعل والخلع. قال النووي: يندب البداءة باليمين في كل ما فيه تكريم وزينة كوضوء وغسل وتيمم ولبس ثوب ونعل وخف وسراويل ودخول مسجد وسواك واكتحال وقلم ظفر وقص شارب ونتف إبط وحلق رأس وسلام من صلاة وأكل وشرب ومصافحة واستلام الحجر الأسود والركن اليماني وخروج من خلاء وأخذ وإعطاء ونحو ذلك مما هو في معناه وباليسار في ضده كخلع نعل وخف وسراويل وثوب ودخول خلاء وخروج من مسجد واستنجاء وفعل كل مستقذر. وقال الترمذي الحكيم: اليمين محبوب الله ومختاره من الأشياء فأهل الجنة عن يمين العرش يوم القيامة وأهل السعادة يعطون كتبهم بأيمانهم وكاتب الحسنات وكفة الحسنات عن اليمين إلى غير ذلك، فابتدئ باليمين في اللبس ونحوه وفاء بحقه بأن الله اختاره وفضله ثم يستصحب ذلك الحق فلا ينزع اليمين إلا آخراً ليبقى ذلك الفضل أكثر.
399 إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فإن وسع له فليجلس و إلا فلينظر إلى أوسع مكان يراه فليجلس فيه(حسن)(البغوي طب هب)عن شيبة بن عثمان .
الشرح:(1/251)
(إذا انتهى أحدكم) أي انتهى به السير حتى وصل (إلى المجلس) أي مجلس التخاطب والمسامرة بين القوم المجتمعين للتحدث فيه وهو النادي (فإن وسع له) ببنائه للمفعول أي فسح وفي رواية للفاعل أي فسح له أخوه المسلم كما في رواية (فليجلس) فيه ولا يأبى الكرامة (وإلا) أي وإن لم يوسع له (فلينظر إلى أوسع مكان) يعني مكان واسع (يراه) في المجلس (فليجلس فيه) إن شاء وإلا انصرف ولا يزاحم غيره فيؤذيه 00 ولا يقيم أحداً ليجلس مكانه منهي عنه كما يأتي في أخبار ولا يستنكف أن يجلس في أخريات الناس بل يقصد كسر النفس ومخالفة الشيطان ويسلك سبيل أولياء الرحمن فإن الرضا بالدون من شرف المجالس كما في خبر يأتي وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يجلس حيث ينتهي به المجلس كما يأتي وقد عم الابتلاء بالتنافس في ذلك وطم في هذا الزمان وقبله بأزمان سيما العلماء ولو علموا أن الصدر صدر أينما حل لما كان ما كان ويندب القيام لمن دخل عليه ذو فضل ظاهر كعلم وصلاح بقصد البركة والإكرام لا الرياء والاعظام ويحرم على الداخل محبة القيام له.
400 إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى أحق من الآخرة( صحيح )
( حم د ت حب ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/252)
(إذا انتهى أحدكم إلى المجلس) بحيث يرى الجالسين ويرونه ويسمع كلامهم ويسمعون كلامه (فليسلم) عليهم ندباً مؤكداً نقل ابن عبد البر الإجماع على أن ابتداء السلام سنة ورده فرض (فإن بدأ) أي عنّ (له أن يجلس) معهم (فليجلس) معهم إن شاء (ثم إذا قام) لينصرف (فليسلم) عليهم أيضاً ندباً مؤكداً وإن قصر الفصل بين سلامه وقيامه وإن قام فوراً وعلله بقوله (فليست) التسليمة (الأولى بأحق) أي بأولى (من) التسليمة (الآخرة) وفي نسخة الأخرى أي كلا التسليمتين حق وسنة وكما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور فكذا الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة. قال النووي: ظاهر الحديث أنه يجب على الجماعة رد السلام على من سلم عليهم وفارقهم وقول القاضي والمتولي السلام عند المفارقة دعاء يندب رده ولا يجب لأن التحتية إنما تكون عند اللقاء رده الشاشي بأن السلام سنة عند الانصراف كما هو سنة عند الجلوس قال أعني النووي وهذا هو الصواب.
401 إذا أنزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم( صحيح ) ( حم خ ) عن ابن عمر .
402 إذا أنفق الرجل على أهله نفقة و هو يحتسبها كانت له صدقة
( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أبي مسعود .
الشرح:
(إذا أنفق الرجل) وفي رواية بدله المسلم (على أهله) أي زوجته وأقاربه أو زوجته وهم ملحقون بها بالأولى لأنه إذا ثبت في الواجب ففي غيره أولى (نفقة) حذف المقدر لإرادة العموم فشمل الكثير والقليل (وهو يحتسبها) أي والحال أنه يقصد بها الاحتساب وهو طلب الثواب من الوهاب (كانت) وفي رواية للبخاري فهي(1/253)
(له صدقة) أي يثاب عليها كالصدقة وإطلاق الصدقة على الثواب مجاز والصارف عن الحقيقة الإجماع على جواز النفقة على الزوجة الهاشمية التي حرمت الصدقة عليها أي الفرض، والعلاقة بين المعنى الموضوع له وبين المعنى المجازي ترتب الثواب عليهما وتشابههما فيه والتشبيه في أصل الثواب لا في كميته وكيفيته فسقط ما قيل الإنفاق واجب والصدقة لا تطلق إلا على غيره فكيف يتشابهان وافهم قوله يحتسبها أن الغافل عن نية التقرب لا تكون له صدقة كتسمية الصداق نحلة فلما كان احتياج المرأة للرجل كاحتياجه إليها في اللذة والتحصين وطلب الولد كان الأصل أن لا يلزمه لها شيء لكنه تعالى خصه بالفضل والقيام عليها فمن ثم أطلق على الصداق والنفقة صدقة وفيه حث على الإخلاص وإحضار النية في كل عمل ظاهر أو خفي.
403 إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها عن غير أمره فلها نصف أجره
( صحيح ) ( ق د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا أنفقت المرأة من بيت) في رواية من كسب وفي أخرى من طعام (زوجها عن) وفي رواية من (غير أمره) أي في ذلك القدر المعين بعد وجود إذن سابق عام صريح أو عرف (فلها) أي المرأة وفي رواية للبخاري فله أي الزوج (نصف أجره) يعني قسم مثل أجره وإن كان أحدهما أكثر على حد *إذا مت كان الناس نصفان* والمراد عدم المساهمة والمزاحمة في الأجر، وتنزيل الحافظ ابن حجر ذلك على ما تعطاه المرأة نفقة لها فإذا أنفقت منه بغير علمه كان الأجر بينهما لكونه يؤجر على ما ينفقه عليها: ليس في محله لاقتضائه أنه إذا لم يحتسبها لا يكون بينهما لأن الاحتساب شرط حصول الثواب له كما نص عليه في الحديث المار وهو قد صور ذلك بغير علمه على أن الأجر له إنما هو في دفع النفقة لها وأما إذا قبضتها واستقر ملكها عليها ثم أنفقت منها فلا أحسب أحداً يقول إنه يكون له أجر فيما تنفقه هي من مال نفسها خالصاً وفيه فضل الإنفاق وسخاوة النفس والحث على فعل الخير.(1/254)
404 إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت و لزوجها أجره بما كسب و للخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا( صحيح ) ( ق 4 ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا أنفقت المرأة) على عيال زوجها أو ضيف أو نحو ذلك (من) الطعام الذي في (بيت زوجها) أي مما فيه من نحو طعام وقد أذن لها بالتصرف فيه بصريح أو ما ينزل منزلته كاطراد عرف وعلم رضاً حال كونها (غير مفسدة) له بأن لم تجاوز العادة ولم تقصر ولم تبذر، وقيد الطعام لأن الزوج سمح به عادة بخلاف النقد ونحوه فإن اضطرب العرف أو شكت في رضاه حرم وليس في الخبر تصريح بجواز التصدق بغير إذنه بل ولا في خبر مسلم المصرح فيه بأنه بغير أمره لأن المراد أمره الصريح في ذلك القدر المعين أو يكون معها إذن سابق متناول لهذا القدر ولغيره بصريح أو مفهوم قوي (كان لها) أي المرأة (أجرها بما) أي بسبب الذي (أنفقت) غير مفسدة والباء للسببية (ولزوجها) عبر به لكونه الغالب والمراد الحليل ونحوه (أجره بما كسب) أي بسبب كسبه (وللخارن) الذي النفقة بيده أو الحافظ للطعام أي المسلم، إذ الكافر لا ثواب له وكذا يقال في الزوجة (مثل ذلك) الأجر بالشرط المذكور (لا ينقص) بفتح أوله وضم ثالثه (بعضهم من أجر) وفي رواية أجر بدون من (بعض) فهم في أصل الأجر سواء وإن اختلف مقداره فلو أعطى المتصدق خادمه مائة ليدفعها لفقير على باب داره فأجر المتصدق أكثر ولو أعطاه رغيفاً ليدفعه له بمحل بعيد فأجر مشي الخادم فوق قيمة الرغيف فأجر الخادم أوفر، وإن تساويا تساويا وقوله (شيئاً) بالنصب مفعول ينقص إذ ينقص يتعدى إلى مفعولين الأول أجر والثاني شيئاً كـ{زادهم الله مرضاً}.
405 إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه و لا يمشي في خف واحد و لا يأكل بشماله و لا يحتب بالثوب الواحد و لا يلتحف الصماء ( صحيح ) ( م د ) عن جابر .
406 إذا انقطع شسع نعل أحدكم فلا يمش في الأخرى حتى يصلحها(1/255)
( صحيح ) ( خد م ن ) عن أبي هريرة ( طب ) عن شداد بن أوس .
الشرح:
(إذا انقطع شسع نعل أحدكم) بكسر الشين المعجمة سيرها الذي بين الأصابع (فلا يمش) ندباً (في) النعل (الأخرى) التي لم تنقطع (حتى يصلحها) أي النعل التي انقطع شسعها قال ابن حجر وهذا لا مفهوم له حتى يدل على الأذن في غير هذه الصورة بل هو تصوير خرج مخرج الغالب ويمكن كونه من مفهوم الموافقة وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى لأنه إذا منع مع الاحتياج فمع عدمه أولى فيكره تنزيهاً المشي في نعل واحدة أو خف أو مداس بلا عذر ولا يحرم إجماعاً على ما حكاه النووي لكن نوزع بقول ابن حزم لا يحل وقد يجاب بأن مراده الحل المستوي الطرفين ومثل النعل إخراج إحدى اليدين من إحدى الكمين وترك الأخرى داخلة وإرسال الرداء من إحدى الكتفين وإعراء الأخرى منه ذكره النووي وإنما كره ذلك في النعل ونحوه لأنه يؤدي إلى العثار ومخالفة الوقار ويفوت العدل بين الجوارح ويصير فاعله ضحكة لمن يراه 000000
407 إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه ثم ليضطجع على شقه الأيمن ثم ليقل: باسمك ربي وضعت جنبي و بك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها و إن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين( صحيح ) ( ق د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/256)
(إذا أوى) بقصر الهمزة على الأفصح قال الزين زكريا كغيره إن كان أوى لازماً كما هنا فالقصر أفصح وإن كان متعدياً كما في الحمد لله الذي آوانا فالمد أفصح عكس ما وقع لبعضهم انتهى. (أحدكم إلى فراشه) أي انضم إليه ودخل فيه لينام كما تفسره الرواية الأخرى الواردة بهذا اللفظ وقال القاضي: أوى إلى فراشه انقلب إليه ليستريح (فلينفضه) بضم الفاء قبل أن يدخل فيه ندباً وإرشاداً (بداخلة) بتاء التأنيث على ما في نسخ هذا الكتاب كأصله لكن في كثير من الأصول بدونها (إزاره) أي أحد جانبيه الذي يلي البدن، خص النفض بالإزار لا لأنه لا يكون إلا به لأن العرب لا تترك الائتزار فهو به أولى لملازمته للرجل فمن لا إزار له ينفض بما حضر، وأمره بداخلة الإزار دون خارجته لا لأنه أبلغ وأجدى وإنما ذلك على جهة الخبر عن فعل الفاعل لأن المؤتزر إذا ائتزر يأخذ أحد طرفي إزاره بيمينه على ما يلي جسده والآخر بشماله فيردّ ما أمسكه بشماله على بدنه وذلك داخلة الإزار ويرد ما أمسك بيمينه على ما يلي جسده من الإزار فإذا صار إلى فراشه فحل ببمينه خارجة الإزار وتبقى الداخلة معلقة وبها يقع النفض0000000 (فإنه لا) وفي رواية ما (يدري ما خلفه) بالتشديد وبالتخفيف. قال الزمخشري: ما مبتدأ ويدري معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام (عليه) أي على الفراش يعني لا يدري ما حصل في فراشه بعد خروجه منه إلى عوده من قذر وهوام مؤذية (ثم ليضطجع) ندباً و (على شقه الأيمن) أولى (ثم ليقل) ندباً (باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه) أي بك أستعين على وضع جنبي ورفعه فالباء للاستعانة وقد استدل جمع متأخرون به على أن متعلق البسملة يقدر فعلاً مؤخراً مناسباً لما جعلت التسمية مبدأ كما جنح إليه الكشاف وفيه إشعار بأنه لا يقول إن شاء الله إذ لو شرعت المشيئة هنا لذكرها فالاقتصار على الوارد أولى ذكره السبكي (إن أمسكت نفسي) أي قبضت روحي في نومي (فارحمها) وفي رواية البخاري فاغفر لها (وإن(1/257)
أرسلتها) أي رددت الحياة لي وأيقظتني من النوم (فاحفظها) إشارة إلى آية {الله يتوفى الأنفس حين موتها} (بما) أي بالذي (تحفظ به عبادك الصالحين) أي القائمين بحقوقك. وذكر المغفرة للميت والحفظ عند الإرسال لمناسبته له، والتاء في بما تحفظ مثلها في كتبت بالقلم وما موصولة مبهة وبيانها ما دل عليه صلتها لأنه تعالى إنما يحفظ عباده الصالحين من المعاصي وأن لا يهنوا في طاعته بتوفيقه، وفيه ندب هذه الأذكار عند الأوي إلى الفراش ليكون نومه على ذكر وتختم يقظته بعبادة.
408 إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح
( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/258)
(إذا باتت المرأة) أي دخلت في المبيت يعني أوت إلى فراشها ليلاً للنوم حال كونها (هاجرة) بلفظ اسم الفاعل وهو ظاهر وفي رواية مهاجرة وليس لفظ المفاعلة على ظاهره بل المراد أنها هي التي هجرت وقد يأتي لفظها ويراد به نفس الفعل وإنما يتجه عليها اللوم إذا بدأت بالهجر فغضب (فراش زوجها) بلا سبب بخلاف ما لو بدأ بهجرها ظالماً لها فهجرته كذلك (لعنتها الملائكة) الحفظة أو من وكل منهم بذلك أو أعم ويرشد إلى التعميم قوله في رواية مسلم الذي في السماء إن كان المراد به سكانها ثم هذا مقيد بما إذا غضب الزوج عليها كما تقرر بخلاف ما لو ترك حقه، ثم لا تزال تلعنها في تلك الليلة (حتى تصبح) أي تدخل الصباح لمخالفتها أمر ربها بمشاقة زوجها وخص الليل لأنه المظنة لوقوع الاستمتاع فيه فإن وقع نهاراً لعنتها حتى تمسي بدليل قوله في رواية حتى ترجع. قال في الكشاف: البيتوتة خلاف الظلول وهي أن يدركك الليل نمت أو لم تنم وليس الحيض عذراً إذ له حق التمتع بما فوق الإزار ذكره النووي وبه علم أن قول ابن أبي جمرة: الفراش كناية عن الجماع ليس في محله وليس المراد باللعن اللغوي الذي هو الطرد والبعد عن رحمة الله لأنه لا يجوز على مسلم بل العرفي وهو مطلق السب والذم والحرمان من الدعاء لها والاستغفار إذ الملائكة تستغفر لمن في الأرض كما جاء به القرآن فتبيت محرومة من ذلك وفيه أن سخط الزوج يوجب سخط الرب وإذا كان هذا في قضاء الشهوة فكيف به في أمر دينها وأن الملائكة تدعوا على العصاة وأن دعاءهم من خير أو شر مقبول لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم خوف بذلك وأن السنة أن يبيت الرجل مع أهله في فراش واحد ولا يجري على سنن الأعاجم من كونهم لا يضاجعون نساءهم بل لكل من الزوجين فراش فإذا احتاجها يأتيها أو تأتيه.
409 إذا باع أحدكم الشاة أو اللقحة فلا يحفلها(صحيح)(ن)عن أبي هريرة .(1/259)
410 إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه و إذا دخل الخلاء فلا يتمسح بيمينه و إذا شرب فلا يتنفس في الإناء(صحيح)( حم ق 4 ) عن أبي قتادة .
الشرح:
(إذا بال أحدكم) أي شرع في البول والمراد به مس الذكر عند الاستبراء منه ولا يصح كون بال بمعنى فرغ إذ يكون معناه النهي عن مس الذكر باليمين في الاستنجاء ولا يصح إذ يصير حينئذ قوله بعده وإذا دخل الخلاء فلا يتمسح تكراراً ذكره العراقي (فلا يمس ذكره بيمينه) تكريماً لليمين فيكره مسه بها بلا حاجة تنزيهاً عند الشافعية وتحريماً عند الحنابلة والظاهرية تمسكاً بظاهر النهي وافهم تقييده المس بحالة البول عدم كراهته في غير تلك الحالة وبه أخذ بعضهم فقال: ووجه التخصيص أن مجاور الشيء حكمه فلما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته في تلك الحالة ولا ينافيه ما في مسلم والترمذي والنسائي من إطلاق النهي لوجوب حمل المطلق على المقيد فإن الحديث واحد والمخرج واحد لا خلاف في حمل المطلق على المقيد عند اتحاد الواقعة انتهى لكن الأصح كما قال النووي لا فرق بين حالة الاستنجاء وغيرها ولا يلزم منه ترك حمل العام على الخاص إذ لا محذور فيه هنا لأن ذلك محله إذا لم يخرج القيد مخرج الغالب ولم يكن العام أولى بالحكم وإنما ذكر حالة الاستنجاء في الحديث تنبيهاً على ما سواها لأنه إذا كره المس باليمين حالة الاستنجاء مع مظنة الحاجة فغيره أولى ولأن الغالب أنه لا يحصل مس الذكر إلا في تلك الحالة فخصت بالذكر لغلبة حضورها في الذهن وما خرج مخرج الغالب لا مفهوم له والحق أن هذا من ذكر بعض أفراد العموم لا من المطلق والمقيد لأن الأفعال في حكم النكرات والنكرة في سياق النفي نعم والحديث لا يشمل النساء لأن لفظ أحد هنا بمعنى واحد فلو أريد المؤنث لقيل إحدى لكنهن ملحقات بهم قياساً لأن علة النهي إكرام اليمين وصونها عن النجس والقذر ومحله وهو موجود في الأنثى والمنهي عنه المس بغير حائل فلو مس ذكره به لم يكره لأن(1/260)
لم يسمه حقيقة بل الثوب، والدبر كالذكر بل أولى فإن الذكر يحتاج لمسه في نحوالاستبراء بخلاف الدبر000 (وإذا دخل الخلاء) أي فبال أو تغوط (فلا يتمسح) أي يستنجي (بيمينه) بل يفعل ذلك بيساره لأن اليمين لما شرف وعلا واليسار لما خس ودنا ولأنه إذا باشر النجاسة بها فقد يذكر عند تناول الطعام ما باشر بيمينه فينفر طبعه. وعلم بما تقرر أن معنى لا يتمسح بيمينه لا يجعلها آلة لاستعمال الماء والحجر الذي يستنجى به فإنه مكروه تنزيهاً أو تحريماً على ما تقرر أما الاستنجاء بها بمعنى جعلها بمنزلة الجامد فحرام غير مجزئ بها وباليسار بل وسائر أجزائه كما هو بين والنهي عن التمسح بها يشمل الفرجين (وإذا شرب فلا يتنفس) جملة خبرية مستقلة إن كانت لا نافية ومعطوفة إن كانت ناهية لكن لا يلزم من كون المعطوف عليه مقيداً بقيد كون المعطوف مقيداً به لأن التنفس لا يتعلق بحالة البول بل حكم مستقل. وحكمة ذكره هنا أن غالب أخلاق المؤمنين التأسي بأفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد كان إذا بال توضأ وثبت أنه شرب فضل وضوئه والتنفس في الإناء خاص بحالة الشرب (في) داخل (الإناء) أي لا يخرج نفسه فيه بل يفصل القدح عن فيه ثم يتنفس لئلا يتقذر الماء أو نحوه به وليأمن خروج شيء تعافه النفس من الفم وكل ذي رئة يتنفس بالمعنى المذكور. واعلم أن هذا لفظ الجماعة ولفظ أبي داود وحده وإذا شرب فلا يشرب نفساً واحداً فيكره الشرب بنفس واحد تنزيهاً لأنه إذا استوفى شربه نفساً واحداً تكابس الماء في موارد حلقه وأثقل معدته 00 فإذا قطع شربه في أنفاس ثلاثة كان أنفع وأخف، ولا منافاة بين هذا وحديث أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتنفس في الإناء ثلاثاً لأن المنهي التنفس في نفس الإناء وأما خارجه فلا نزاع في ندبه، نقله الولي العراقي عن ابن المنذر.
411 إذا بايعت فقل لا خلابة ( صحيح )
( مالك حم ق د ن ) عن ابن عمر ( 4 ) عن أنس .(1/261)
412 إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز و إذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب ( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
413 إذا بعثتم إلى رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم ( صحيح )
( البزار طس ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا بعثتم إليّ رجلاً) وفي رواية بدله بريداً وفي أخرى رسولاً (فابعثوه حسن الوجه) لأن الوجه القبيح مذموم والطباع عنه نافرة وحاجات الجميل إلى الإجابة أقرب وجاهة في الصدور أوسع وجميل الوجه يقدر على تنجز الحاجة ما لا يمكن القبيح وكل معين على قضاء الحوائج في الدنيا معين على الآخرة بواسطتها ولأن الجمال أيضاً يدل غالباً على فضيلة النفس إذ نور النفس إذا تم إشراقه تأدى إلى البدن فالمنظر والمخبر كثيراً ما يتلازمان ولذلك عول أهل الفراسة في معرفة مكارم النفس على هيآت البدن وقالوا الوجه والعين مرآة الباطن ولذلك يظهر فيه أثر الغضب والسرور والغم. ومن ثم قيل طلاقة الوجه عنوان ما في النفس. واستعرض المأمون جيشاً فعرض عليه رجل قبيح فاستنطقه فوجده ألكن فأسقط اسمه من الديوان وقال الروح إن أشرق على الظاهر فصباحة أو على الباطن ففصاحة وذا ليس له ظاهر ولا باطن ولهذا قال تعالى مثنياً {وزاده بسطة في العلم والجسم} قال الغزالي: وليس يعني بالجمال ما يحرك الشهوة فإنه أنوثة وإنما عني ارتفاع القامة على الاستقامة مع الاعتدال في اللحم وتناسب الأعضاء وتناصف خلقة الوجه بحيث لا تنبو الطباع عن النظر إليه (حسن الاسم) لأجل التفاؤل فإن الفأل الحسن حسن وبين الاسم والمسمى علاقة ورابطة تناسبه وقلما تخلف ذلك فإن الألفاظ قوالب المعاني والأسماء قوالب المسميات فقبيح الاسم عنوان قبح المسمى كما أن قبح الوجه عنوان قبح الباطن وبه يعرف أن ذا ليس من الطيرة في شيء000000
414 إذا بلغ الرجل من أمتي ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر
( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .(1/262)
415 إذا بلغ الله العبد ستين سنة فقد أعذر إليه و أبلغ إليه في العمر
( صحيح ) ( عبد بن حميد ) عن سهل بن سعد .
416 إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث ( صحيح )
( حم 3 حب قط ك هق ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا بلغ الماء قلتين) بقلال هجر كما في رواية أخرى ضعيفة، وفي رواية: إذا كان الماء قلتين. وفيه مضاف محذوف أي ملأ قلتين، أو قدر قلتين وهما خمس قرب وقدرهما بالوزن خمسمائة رطل بغدادي تقريباً وبالحلبي تسع وثمانون رطلاً وثلاث أواق وخمسة وعشرون درهماً وخمسة أسباع درهم. قال الولي العراقي عن شيخه البلقيني: الأصح أنها تقريب أرطالاً، تحديد قرباً (لم يحمل الخبث) أي النجس يعني يدفعه ولا يقبله. يقال: فلان لا يحمل الضيم أي يدفعه عن نفسه، وزعم أن المراد أنه يضعف عن حمله فينجس بوقوعه فيه يرده رواية أي داود: فإنه لا ينجس. ورواية غيره لم ينجسه شيء. على أن الضعف إنما يكون في الأجسام لا المعاني. وفي الخبر من البلاغة والفخامة ما لا يخفى. فإنه سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع، فأورد الجواب معللاً بذكر السبب المانع من نجاسته وهو بلوغه قلتين، ولو أجابه بأنه طاهر أو نجس حصل الغرض لكنه عدل إلى الجواب المعلل المحدد لها فيه من زيادة البيان وتقرير البرهان وأنه لو لم يحدّه بذلك استوى القليل والكثير في الحكم، وذلك في محل الابهام. ذكره ابن الأثير وغيره، قال القاضي: والحديث بمنطوقه يدل على أن الماء إذا بلغ قلتين لم ينجس بملاقاة النجس وذلك إذا لم يتغير وإلا كان نجساً لخبر "خلق الله الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه" وبمفهومه على أن ما دونه ينجس بالملاقاة وإن لم يتغير لأنه علق عدم التنجيس ببلوغه قلتين، والمعلق بشرط يعدم عند عدمه ويلزم تغير الحالين في المتنجس وعدمه والمفارقة بين الصورتين حال التغير منتفية إجماعاً، فتعين أن يكون حين ما لم يتغير وذلك ينافي عموم الحديث المذكور، فمن قال(1/263)
بالمفهوم وجوز تخصيص المنطوق به كالشافعي خصص عمومه به، فيكون كل واحد من الحديثين مخصصاً للآخر ومن لم يجوز ذلك لم يلتفت إليه وأجرى الحديث الثاني على عمومه كمالك، فإنه لا ينجس الماء، إلا بالتغير قل أو كثر وهو مذهب ابن عباس وابن المسيب والحسن البصري وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجابر بن زيد ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي والأوزاعي وسفيان الثوري وداود ونقل عن أبي هريرة والنخعي، قال ابن المنذر: وبهذا المذهب أقول، واختاره الغزالي في الإحياء والروياني في كتابيه البحر والحلية. وطعنوا في حديث القلتين بأنه مشترك بين قلة الجبل وقامة الرجل وشموله نحو كوز وجرة والمشترك لا يصح حداً، ولأنه روي قلتان وثلاث وأربع، فالأخذ بالقلتين ترجيح بلا مرجح رد الأول بأنه للآنية لأنه أشهر في الخطاب وأكثر عرفاً، والثاني بأنه لما قدر بعدد دل على أنه أكثرها. والثالث بأنه ورد من قلال هجر وهي تسع قربتين وشيئاً فحمل الشيء على النصف احتياطاً وخبر الثلاث والأربع على ما يقل باليد شك فيه الراوي، ومعنى لم يحمل خبثاً لم يقبله، لقوله تعالى {حملوا التوراة ثم لم يحملوها} أي لم يقبلوها للعمل بها ولأنه روى "لا ينجس" فحمل "لم يحمل خبثاً" على عدم قبول النجاسة جمعاً، ولأنه لولاه لم يكن لذكر القلتين وجه
417 إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء( صحيح ) ( ه ) عن ابن عمر .
418 إذا بلغ أولادكم سبع سنين ففرقوا بين فرشهم و إذا بلغوا عشر سنين فاضربوهم على الصلاة( صحيح ) ( قط ك ) عن سبرة بن معبد .
419 إذا بلغ بنوا أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا عباد الله خولا و مال الله دولا و كتاب الله دغلا(صحيح)(حم ع ك) عن أبي سعيد ( ك) عن أبي ذر .
420 إذا بلغت حي على الفلاح فقل: الصلاة خير من النوم ( صحيح )
( أبو الشيخ في كتاب الأذان ) عن أبي محذورة .
421 إذا بويع خليفتان فاقتلوا الآخر منهما ( صحيح )(1/264)
( حم م ) عن أبي سعيد .
422 إذا تبايع الرجلان فكل واحد منها بالخيار ما لم يتفرقا و كانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع و إن تفرقا بعد أن تبايعا و لم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع
( صحيح ) ( ق ن ه ) عن ابن عمر .
423 إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ( صحيح )
( د ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا تبايعتم بالعينة) بكسر العين المهملة وسكون المثناة تحت ونون: وهو أن يبيع سلعة بثمن معلوم لأجل ثم يشتريها منه بأقل ليبقى الكثير في ذمته، وهي مكروهة عند الشافعية والبيع صحيح وحرمها غيرهم تمسكاً بظاهر الخبر، سميت عينة لحصول العين أي النقد فيها (وأخذتم أذناب البقر) كناية عن الاشتغال عن الجهاد بالحرث (ورضيتم بالزرع) أي بكونه همتكم ونهمتكم (وتركتم الجهاد) أي غزو أعداء الرحمن ومصارعة الهوى والشيطان (سلط الله) أي أرسل بقهره وقوته (عليكم ذلاً) بضم الذال المعمجة وكسرها ضعفاً واستهانة (لا ينزعه) لا يزيله ويكشفه عنكم (حتى ترجعوا إلى دينكم) أي الاشتغال بأمور دينكم، وأظهر ذلك في هذا القالب البديع لمزيد الزجر والتقريع حيث جعل ذلك بمنزلة الردة والخروج عن الدين، وهذا دليل قوي لمن حرم العينة ولذلك اختاره بعض الشافعية وقال أوصانا الشافعي باتباع الحديث إذا صح بخلاف مذهبه.
424 إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع(صحيح)(م)عن أبي سعيد .
الشرح:(1/265)
(إذا تبعتم الجنازة) أي مشيتم معها مشيعين لها والجنازة اسم للميت في النعش (فلا تجلسوا) ندباً (حتى توضع) بالأرض كما في أبي داود عن أبي هريرة وتبعه النووي ورجحه البخاري بفعل الراوي أو باللحد كما رواه أبو معاوية عن سهل وذلك لأن الميت كالمتبوع فلا يجلس التابع قبله ولأن المعقول من ندب الشرع لحضور دفنه إكرامه وفي قعودهم قبل دفنه إزراء به. هذا في حق الماشي معها أما القاعد بالطريق إذا مرت به أو على القبر إذا أتي بها فقيل يقوم وقيل لا وقد صح عن المصطفى أنه قام وأمر بالقيام وصح أنه قعد فقيل القيام منسوخ والقعود آخر الأمرين وقيل هما جائزان وفعله بيان للندب وتركه للجواز قال ابن القيم وهو أولى من دعوى النسخ ولهذا اختار في المجموع القيام من حيث الدليل لكن جرى في الروضة على الكراهة من حيث المذهب.
425 إذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال: ها ضحك منه الشيطان( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا تثاءب أحدكم) أي عنّ له التثاؤب (فليرده) أي ليأخذ ندباً في أسباب رده لأن المراد أنه يملك دفعه (ما استطاع) رده (فإن أحدكم إذا قال ها) أي بالغ في التثاؤب فظهر منه هذا الحرف (ضحك منه الشيطان) أي حقيقة فرحاً بنفوذ تصرفه فيه أو هو كناية عن سروره وفرحه به وكلام النووي يميل للحقيقة وفيه ندب ترك كثرة الأكل التي هي سبب التثاؤب. قال القاضي: والتثاؤب تفاعل من الثوباء بالمد وهو فتح الحيوان فمه لما عراه من تمط وتمدد للكسل وامتلاء ولهذا السبب قيل ما تثاءب نبي قط.
426 إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب
( صحيح ) ( حم ق د ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/266)
(إذا تثاءب) بهمزة بعد الألف قال القاضي: وبالواو غلط. أي فتح فاه للتنفس لدفع البخار المختنق في عضلات الفك الناشئ عن نحو امتلاء (أحدكم فليضع) ندباً حال التثاؤب (يده) أي ظهر كف يسراه كما ذكره جمع ويتجه أنه للأكمل وأن أصل السنة يحصل بوضع اليمين. قيل لكنه يجعل بطنها على فيه عكس اليسرى (على فيه) ستراً على فعله المذموم الجالب للكسل والنوم الذي هو من حبائل الشيطان. وفي معنى وضع اليد وضع نحو ثوب مما يرد التئاؤب فإن لم يندفع إلا باليد تعينت والأمر عام لكنه للمصلي آكد، فالتقييد به في بعض روايات الصحيحين لذلك لا لإخراج غيره ولذاكره للمصلي وضع يده على فيه إذا لم تكن حاجة كالتئاؤب ونحوه، ثم علل النهي بقوله (فإن الشيطان يدخل) جوفه إذا فتح فاه والمراد بالشيطان إبليس أو واحد يسمى خترب كمنبر موكل بذلك أو الجنس (مع التئاؤب) يعني يتمكن منه في تلك الحالة ويغلب عليه أو يدخله حقيقة ليثقل عليه صلاته ليخرج منها أو يترك الشروع في غيرها بعدها، وخص هذه الحالة لأن الفم إذا انفتح لشيء مكروه شرعاً صار طريقاً للشيطان والأول أقرب فإن الشيطان متمكن من جوف ابن آدم يجري منه مجرى الدم، وورد أنه واضع خطمه على قلبه فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقمه وذلك الوسواس الخناس فالتارك لما أمر به من رد التثاؤب والإمساك بيده على فمه في حكم الغافل الناسي فيتمكن منه في هذه الحالة00000
427 إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما ستطاع فإن الشيطان يدخل
( صحيح ) ( م د ) عن أبي سعيد .
428 إذا تزوج أحدكم فليقل له: بارك الله لك و بارك عليك ( صحيح )
( الحارث طب ) عن عقيل بن أبي طالب .
الشرح:(1/267)
(إذا تزوج أحدكم فليقل له) بالبناء للمفعول أي فليقل له ندباً عند العقد أو الدخول أو عندهما أهله وجيرانه وصحبه ومعارفه (بارك الله لك) في زوجك (وبارك عليك) أي أدخل عليك البركة في مؤنتها ويسرها لك وأعاد العامل لزيادة الابتهال وكانت عادة العرب إذا تزوج أحدهم قالوا له بالرفاء والبنين فنهى عن ذلك وأبدله بالدعاء المذكور. قال النووي: ويكره أن يقال بالرفاء والبنين لهذا الحديث ويظهر أن التسري كالتزوج وأن المرأة كالرجل لكنه آكد لما لزمه من المؤنة فتخصيص التزوج والرجل غالبي وزاد في رواية وجمع بينكما في خير.
429 إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا و إذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ( صحيح ) ( هق ) عن أنس .
430 إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي ( حسن ) هب عن أنس .
431 إذا تسميتم بي فلا تكنوا بي ( صحيح ) ( ت ) عن جابر .
الشرح:
(إذا تسميتم بي) أي باسمي وهو محمد وليس مثله أحمد خلافاً لمن وهم (فلا تكنوا) بحذف إحدى التاءين تخفيفاً (بي) أي بتكذيبي يعني لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي لواحد قال جمع وهذا في عصره لئلا يشتبه فيقال يا أبا القاسم فيظن أنه المدعو فيلتفت فيتأذى {وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله} واسمه قد سمي به قبل مولده نحو خمسة عشر وسمى به في حياته محمد بن أبي بكر وابن أبي سلمة وغيرهما فإذا سمعه لم يلتفت إليه حتى بتحقق أنه المدعو وأما كنيته فلم يتكنّ بها أحد غيره والأصح عند الشافعية حرمة التكني به مطلقاً في زمنه وبعده لمن اسمه محمد وغيره 00000
432 إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع: من عذاب جهنم و عذاب القبر و فتنة المحيا و الممات و من شر المسيح الدجال ثم يدعو لنفسه بما بدا له
( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة .
433 إذا تصافح المسلمان لم تفرق أكفهما حتى يغفر لهما( صحيح )
( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:(1/268)
(إذا تصافح المسلمان) الرجلان أو المرأتان أو رجل ومحرمه أو حليلته يعني جعل كل منهما بطن يده على بطن يد الآخر إذ المصافحة كما في النهاية إلصاق صفح الكف بالكف. وقال التلمساني: وضع باطن الكف على باطن الأخرى مع ملازمة بقدر ما يقع من سلام أو كلام (لم تفرق) بحذف إحدى التاءين (أكفهما) يعني كفاهما كقوله تعالى {فقد صغت قلوبكما} (حتى يغفر لهما) أي الصغائر لا الكبائر لما مر فيتأكذ المصافحة كذلك وهي كما في الأذكار سنة مجمع عليها انتهى ولا تحصل السنة إلا بوضع اليمين في اليمين حيث لا عذر كما مر وظاهر الحديث لا فرق بين كون الوضع بحائل ككم قميص ودونه، وهو عن بعضهم خلافه ويكره اختطاف اليد ومصافحته الأمرد ومعانقته كنظره فإن كان بشهوة حرم اتفاقاً أو بدونها جاز عند الرافعي وحرم عند النووي وخرج بالمسلم الكافر فتكره مصافحته لندب الوضوء من مسه.
434 إذا تطهر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات و القاعد يرعى الصلاة كالقانت و يكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه( صحيح )
( حم حب ك هق ) عن عقبة بن عامر .
435 إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي( حسن ) ( ت ) عن علي .
436 إذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك ؟ فيقول: الحق فيقولون: الحق الحق ( صحيح ) ( د ) عن ابن مسعود .
437 إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه( صحيح )( طس ) عن عائشة .
الشرح:(1/269)
(إذا تمنى أحدكم) على ربه من خير الدارين (فليكثر) الأماني (فإنما يسأل ربه) الذي رباه وأنعم عليه وأحسن إليه (عز وجل) فيعظم الرغبة ويوسع المسألة ويسأله الكثير والقليل حتى شسع النعل فإنه إن لم ييسره لا يتيسر كما في الحديث الآتي: فينبغي للسائل إكثار المسألة ولا يختصر ولا يقتصر فإن خزائن الجود سحاء الليل والنهار أي دائمة لا ينقصها شيء ولا يفنيها عطاء وإن جل وعظم لأن عطاءه بين الكاف والنون {إنما أمرنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} قال الزمخشري: وليس ذا بمناقض لقوله سبحانه وتعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} فإن ذلك نهي عن تمني ما لأخيه بغياً وحسداً وهذا تمني على الله عز اسمه خيراً في دينه ودنياه وطلب من خزائنه فهو نظير {واسألوا الله من فضله}.
438 إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قبل وجهه و لا عن يمينه و ليبصقن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى(صحيح)( خ ه ) عن أبي هريرة وأبي سعيد .
439 إذا تنخم أحدكم و هو في المسجد فليغيب نخامته لا تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه ( حسن ) ( حم ع ابن خزيمة هب الضياء ) عن سعد .
الشرح:(1/270)
(إذا تنخم) بالتشديد (أحدكم) أي دفع النخامة من صدره أو رأسه، والنخامة البصاق الغليظ (وهو في المسجد فليغيب نخامته) بتثليث أوله وهو النون ومن اقتصر على الضم فإنما هو لكونه الأشهر بأن يواريها (في التراب) أي غير تراب المسجد أو يبصق في طرف ثوبه أو ردائه ثم يحك بعضه ببعض ليضمحل، ومثل النخامة البصاق وكل ما نزل من الرأس أو صعد من الصدر قال يغيب دون يغطي إشارة إلى عدم حصول المقصود بالتغطية إذ قد يزلق بها أحداً أو يقعد عليها وذلك مطلوب في غير المسجد أيضاً وإنما خصه لأن البصاق في أرضه أو جزء من أجزائه حرام ومواراته في غير ترابه أو إخراجه واجب وتركه حرام وأما مواراته في غير المسجد فمندوحة لما بينه بقوله(لا يصيب) بالدفع أي لئلا يصيب(جلد مؤمن) أي شيئاً من بدنه (أو ثوبه) يعني ملبوسه ثوباً أو رداءاً أو عمامة أو غيرها (فيؤذيه) أي فيتأذى به بإصابتها له ونحن مأمورون بكف الأذى عن خلق الله فإن تحقق الأذى حرم، وخص المؤمن لأهميته كف الأذى عنه وإلا فكف الأذى عن الذمي واجب.
440 إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز و جل له حسنة و لم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عنه سيئة فليقرب أحدكم أو ليبعد فإن أتي المسجد فصلى في جماعة غفر له فإن أتي المسجد و قد صلوا بعضا و بقي بعض صلى ما أدرك و أتم ما بقي فإن أتي المسجد و قد صلوا فأتم الصلاة كان كذلك ( صحيح )
( د هق ) عن رجل من الأنصار .
441 إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا ينزعه إلا الصلاة لم تزل رجله اليسرى تمحو عنه سيئة و تكتب له اليمنى حسنة حتى يدخل المسجد و لو يعلم الناس ما في العتمة و الصبح لأتوهما و لو حبوا
( صحيح ) ( طب ك هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/271)
(إذا توضأ أحدكم) في نحو بيته (فأحسن الوضوء) بأن راعى فروضه وسننه وآدابه وتجنب منهياته (ثم خرج) زاد في رواية عامداً (إلى المسجد) يعني محل الجماعة (لا ينزعه) بفتح أوله وكسر الزاي (إلا الصلاة) أي لا يخرجه ويذهبه من محله إلا قصد فعلها فيه، يقال نزع إلى الشيء نزاعاً ذهب إليه، والمراد أن يكون باعث خروجه قصد إقامتها وإن عرض له في خروجه أمر دنيوي فقضاه، والمدار على الإخلاص فحسب (لم تزل رجله اليسرى تمحو) وفي رواية تحط (عنه سيئة وتكتب له اليمنى حسنة) يعني يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة وتمحى عنه بالأخرى سيئة لكن لما كان مشيه برجليه سبباً لذلك صارت كأنها فاعلة وهذا أبلغ في الترغيب وأشوق إلى الأعمال الصالحة. قال العراقي: وخص تحصيل الحسنة باليمنى لشرف جهة اليمين وحكمة ترتب الحسنة على رفعها حصول رفع الدرجة بها وحكمة ترتب حط السيئة على وضع اليسرى مناسبة الحط للوضع فلم يترتب حط السيئة على رفع اليسرى كما فعل باليمنى بل على وضعها أو يقال إن قاصد المشي للعبادة أول ما يبدأ برفع اليمنى للمشي فترتب الأجر على ابتداء العمل انتهى وفيه إشعار بأن هذا الجزاء للماشي لا للراكب أي بلا عذر، ، وذكر الرجل غالبي فبدلها في حق فاقدها مثلها ويستمر المحو والكتب (حتى) ينتهي مشيه إليه بأن (يدخل المسجد) أي محل الجماعة وفيه تكفير للسيئات مع رفع الدرجات وسببه أنه قد يجتمع في العمل شيئان أحدهما رافع والآخر مكفر كل منهما باعتبار فلا إشكال فيه ولا حاجة لتأويل كما ظن. ولما حث على لزوم الجماعة نبه على أن آكد الجماعة جماعة الصبح والعشاء لعظم المشقة فيهما كما مر بقوله (ولو يعلم الناس ما في) صلاة (العتمة) العشاء وسميت باسم وقتها لأنهم يعتمون فيها بحلاب الإبل ولعل هذا قبل نهيه عن تسميتها به (و) صلاة (الصبح) أي ما فيها من جزيل الثواب (لأتوهما) أي سعوا إلى فعلهما (ولو حبواً) أي زاحفين على الركب وفيه أن المساجد بنيت للصلاة أي الأصل(1/272)
ذلك وأن المعنى المترتب عليه الجزاء هو المشي وهو أمر زائد على إدراك فضل الجماعة فلو كان المصلي معتكفاً حصل له ثواب الجماعة دون ذلك.
442 إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة( صحيح )( حم د ت ) عن كعب بن عجرة .
الشرح:
(إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه) أي أتى به تاماً كاملاً غير طويل ولا قصير بل متوسط بينهما ذكره القاضي (ثم خرج) من محله (عامداً إلى المسجد) أي قاصداً لمحل الجماعة يقال عمد للشيء قصد له (فلا يشبكن بين أصابع يديه) ندباً أي لا يدخل أصابع إحداهما في أصابع الأخرى 0000 (فإنه في صلاة) أي في حكم من فيها والتشبيك من هيآت التصرفات الاختيارية والصلاة تصان عن ذلك 00000 والنهي عن التشبيك في الصلاة لا يتقيد بكونه في المسجد بل لو صلى في بيته أو سوقه فكذلك لتعليله النهي عن التشبيك في الصلاة إذا خرج من بيته بأنه في صلاة فإذا نهى من يكتب له أجر المصلي لكونه قاصدها فحالة الصلاة الحقيقية أولى بترك العبث سواء كانت الصلاة بالمسجد وغيره.
443 إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم يستنثر و إذا استجمر فليوتر
( صحيح ) ( مالك حم ق د ن ) عن أبي هريرة .
444 إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر و إذا استنثر فليستنثر وترا( صحيح ) ( أبو نعيم في المستخرج ) عن أبي هريرة .
445 إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا: و شبك بين أصابعه ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/273)
(إذا توضأ أحدكم في بيته) يعني في محل إقامته (ثم أتى المسجد) يعني محل الجماعة (كان في صلاة) أي حكمه حكم من هو في صلاة من جهة كونه مأموراً بترك العبث واستعمال الخشوع وللوسائل حكم المقاصد ويستمر هذا الحكم (حتى يرجع) أي إلى أن يعود إلى محله. قال الراغب: والرجوع العود إلى ما كان البدء منه مكاناً أو فعلاً أو قولاً بذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه أو بفعل من أفعاله (فلا يقل هكذا) أي لا يشبك بين أصابعه فالمشار إليه قول الراوي (وشبك) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بين أصابعه) أي أدخل أصابع يديه في بعض من اشتباك النجوم وهو كثرتها وانضمامها وكل متداخلين متشابكان ومنه شباك الحديد وإطلاق القول على الفعل جائز شائع ذائع في استعمال أهل اللسان ومطارح البلغاء 0000 ثم إن هذا الخبر لا يعارضه ما ورد من أن المصطفى شبك بين أصابعه لأن النهي لمن كان في صلاة أو قاصدها أو منتظرها لأنه في حكم المصلي وقال ابن المنير: التحقيق أنه لا تعارض إذ المنهي فعله عبثاً وما في الحديث قصد به التمثيل وتصوير المعنى في اللفظ بصورة الحس وفيه كراهة تشبيك من خرج إلى المسجد للصلاة. في الطريق والمسجد، في الصلاة وغيرها، كما في التحقيق وأنه يكتب لقاصد المسجد لصلاة أجر المصلي من حين يخرج حتى يعود.
446 إذا توضأ أحدكم للصلاة فلا يشبك بين أصابعه( صحيح )
( طس ) عن أبي هريرة .
447 إذا توضأ أحدكم و لبس خفيه فليصل فيهما و ليمسح عليهما ثم لا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة ( صحيح ) ( قط ك ) عن أنس .
448 إذا توضأ الرجل المسلم خرجت خطاياه من سمعه و بصره و يديه و رجليه فإن قعد قعد مغفورا له ( حسن ) ( حم طب ) عن أبي أمامة .(1/274)
449 إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أضفار يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أضفار رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد و صلاته له نافلة
( صحيح ) ( مالك حم ن ه ك ) عن عبدالله الصنابحي .
450 إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ( صحيح )
( مالك الشافعي م ت ) عن أبي هريرة .
451 إذا توضأت فانتثر و إذا استجمرت فأوتر( صحيح )
( حم ت ن ه حب ) عن سلمة بن قيس الأشجعي .
452إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك(صحيح)(ت ك)عن ابن عباس
453 إذا توضأت فخلل الأصابع ( صحيح ) ( ت ك ) عن لقيط بن صبرة .
454 إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا توضأتم) أي أردتم الوضوء (فابدأوا) ندباً (بميامنكم) وفي رواية بأيامنكم فأيامن جمع أيمن وميامن جمع ميمنة أي بغسل يمين اليدين والرجلين لأن اليمنى أشرف وتقديم الفاضل عن المفضول مما تطابق عليه المعقول والمنقول فإن عكس بلا عذر كره وصح وضوءه وصرف الأمر عن الوجوب. نقل ابن المنذر الإجماع على عدمه ولأنه لا يعقل في ذلك إلا تشريف اليمين ولا يقتضي عدمه العقاب وما نقل عن الشافعي في القديم من الوجوب لم يثبت وبفرض ثبوته فمراده تأكد الندب من قبيل غسل الجمعة واجب قال الراغب: والبدء والابتداء تقديم الشيء على غيره ضرباً من التقديم.(1/275)
455 إذا توفي أحدكم فوجد شيئا فليكفن في ثوب حبرة ( صحيح )
( د الضياء ) عن جابر .
الشرح:
(إذا توفي أحدكم) أي قبضت روحه قال في الكشاف: التوفي استيفاء النفس وهي الروح وهو أن يقبض كله لا يترك منه شيء من توفيت حقي من فلان واستوفيته أخذته وافياً كاملاً والتفعل من الاستفعال يلتقيان في مواضع (فوجد شيئاً) أي خلف تركة لم يتعلق بعينها حق لازم وإسناد الوجدان إلى الميت مجاز والمراد وليه أو من يقوم مقامه في تجهيزه (فليكفن) جوازاً (في ثوب حبرة) بالإضافة وعدمها كعنبة ثوب يماني من قطن أو كتان مخطط وهذا قد يعارضه الأمر بالتكفين في البياض وقد يقال مراده هنا لبيان جنس ما يكفن فيه من كونه من نحو قطن لا مع رعاية الحبرة بسائر صفاتها التي منها التخطيط بدليل تعلقه على الوجدان وكأنه قال إن وجد في مخلف الميت ما يفي بثوب من نحو قطن فليكفن فيه ولا يعدل لتكفينه في نحو حصير أو جلد أو حشيش أو كرباس فإنه إزراء به أو أن الحبرة من التحبير وهو التحسين 000000
456 إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها و أنتم تسعون و أتوها و عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا و ما فاتكم فأتموا فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة( صحيح ) تقدم ب: إذا اقيمت انظر صحيح الجامع ( 369 )
( م ) عن أبي هريرة .
457 إذا جاء أحدكم الجمعة فلا يقيمن أحدا من مقعده ثم يقعد فيه
( صحيح ) ( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن جابر .
458 إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل(صحيح)( مالك ق ن ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/276)
(إذا جاء أحدكم الجمعة) أي أراد المجيء إلى صلاتها وهو بضم الميم اتباعاً لضم الجيم اسم من الاجتماع أضيف إليه اليوم أو الصلاة 000 (فليغتسل) ندباً عند الجمهور وقيل وجوباً وعليه الظاهرية وعزى لمالك ونص عليه الشافعي في القديم واختاره السبكي ويأتي فيه مزيد وخرج به من لم يحضرها فلا يطلب منه الغسل بناء على الأصح عند الشافعية والحنفية والمالكية أن الغسل للصلاة لا لليوم فلو اغتسل بعد الصلاة لم يكن للجمعة وظاهر قوله فليغتسل أن الغسل يتصل بالمجيء فيقربه من ذهابه ويوصله به وبه قال مالك لكن أخذ الشافعية والحنفية بما اقتضاه حديث أبي هريرة من اغتسل يوم الجمعة ثم راح أن الرواح متأخر عن الغسل فلو اغتسل بعد الفجر أجزأ عند الشافعية والحنفية لا المالكية لكن تقريبه من ذهابه أفضل عند الشافعي.
459 إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فليمش على هينة فليصل ما أدرك و ليقض ما سبقه ( صحيح ) ( حم د هق الضياء ) عن أنس .
460 إذا جاء أحدكم المسجد فليصل سجدتين من قبل أن يجلس ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته( صحيح ) ( د ) عن أبي قتادة .
461 إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه و ليصل فيهما ( صحيح ) ( د ) عن أبي سعيد .
462 إذا جاء أحدكم إلى مجلس فأوسع له فليجلس فإنها كرامة أكرمه الله بها و أخوه المسلم فإن لم يوسع له فلينظر أوسع موضع فليجلس فيه ( حسن )
( خط ) عن ابن عمر .
463 إذا جاء أحدكم فأوسع له أخوه فإنما هي كرامة أكرمه الله بها
( حسن ) ( تخ هب ) عن مصعب بن شيبة .
الشرح:(1/277)
(إذا جاء أحدكم) زاد في رواية أبي أسامة إلى القوم إلى محل به جماعة يريد الجلوس معهم (فأوسع له أخوه) أي تفسح له أخوه في الدين محلاً يجلس فيه فإنما هي أي الوسعة أو التوسعة أو الفعلة أو الخصلة (كرامة أكرمه الله بها) بواسطة أخيه حيث ألهمه ذلك ولو شاء لألهمه ضد ذلك إذ الفاعل حقيقة إنما هو الله تعالى والخلق ستائر على العقول فينبغي قبول تلك الكرامات مع شهود أنها من فضله تعالى ولا يأبى الكرامة إلا لئيم، وبما تقرر علم أنه لا تعارض بين قوله هنا أكرمه الله بها وقوله في حديث الحجرات وإكرام القادم المسلم والاهتمام بشأنه وعدم التغافل عنه لأن التهاون به يفضي إلى الحقد والضغائن وكسر الخواطر وتغير البواطن والظواهر. وخرج بما إذا أوسع له ما لو لم يوسع له فينظر إلى موضع أوسع فيجلس فيه كما أفصح به في الحديث الآخر. ومن آداب الشريعة إيثار الجلوس في طرف المحافل دون صدورها سلوكاً لطريق التواضع لكن لا يقصد أن يقال متواضعاً بل لشهوده حقارة نفسه حقيقة وليحذر من الكذب في قوله صدر الحلقة وطرفها عندي سواء.
464 إذا جاء أحدكم يوم الجمعة و الإمام يخطب فليصل ركعتين و ليتجوز فيهما ( صحيح ) ( حم ق د ن ه ) عن جابر .
الشرح:
(إذا جاء أحدكم يوم الجمعة) يعني دخل المحل الذي تقام فيه الجمعة وهو بضم الميم وفتحها وسكونها فالأولان لكونها جامعة والثالثة لجمعهم فيها فإن فعله بالتحريك للفاعل كهمزة وفعله للمفعول ذكره الزركشي (والإمام يخطب) خطبتها جملة حالية (فليصل) ندباً قبل أن يقعد (ركعتين) فقط تحية المسجد فيكره الجلوس قبلها عند الشافعي ويحتاج من ذهب إلى كراهة التحية لداخله كأبي حنيفة ومالك إلى جواب شاف عن هذا الحديث وأجاب بعض الحنفية بأجوبة سبعة أطيل في ردها بما يشفي الغليل ويوضح السبيل (وليتجوز) أي يخفف فيهما بأن يقتصر على الواجب وجوباً 0000
465 إذا جاء أحد يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا ( صحيح )
( د هق ) عن ابن عباس .(1/278)
466 إذا جاء الرجل يعود مريضا فليقل: اللهم اشف عبدك فلانا ينكأ لك عدوا أويمش لك إلى الصلاة(حسن)(حم دابن السني طب ك)عن ابن عمرو.
467 إذا جئت فصل مع الناس و إن كنت قد صليت ( صحيح )
( مالك الشافعي ن حب ) عن محجن .
468 إذا جئتم الصلاة و نحن سجودا فاسجدوا و لا تعدوها شيئا و من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ( صحيح ) ( د ك هق ) عن أبي هريرة .
469 إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليقعده معه أو ليناوله منه فإنه هو الذي ولي حره و دخانه ( صحيح ) ( حم ه ) عن ابن مسعود .
470 إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة و غلقت أبواب النار و صفدت الشياطين ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة .
471 إذا جاء رمضان فتحت أبواب الرحمة و غلقت أبواب جهنم و سلسلت الشياطين ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة .
472 إذا جاء رمضان فصم ثلاثين إلا أن ترى الهلال قبل ذلك( صحيح )
( طب ) عن عدي بن حاتم .
473 إذا جاءك من هذا المال شيء و أنت غير مستشرف و لا سائل فخذه و ما لا فلا تتبعه نفسك( صحيح ) ( خ ) عن عمر .
474 إذا جامع الرجل امرأته ثم أكسل فليغسل ما أصاب المرأة منه ثم ليتوضأ ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي بن كعب .
475 إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل( صحيح ) ( حم ت ) عن عائشة(طب)عن أبي أمامة ورافع بن خديج(الشيرازي في الألقاب)عن معاذ
476 إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك
( صحيح ) ( د ) عن طلحة بن عبيدالله .
477 إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة و لا يستدبرها
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
478 ( إذا جلس إليك الخصمان فسمعت من أحدهما فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء ) ( حسن ) حم ك هق عن علي .
479 إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل و إن لم ينزل( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن أبي هريرة .
480 إذا جلس بين شعبها الأربع و مس الختان الختان فقد وجب الغسل(1/279)
( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
481 إذا جمرتم الميت فأوتروا ( صحيح ) ( حب ك ) عن جابر .
الشرح:
(إذا جمرتم الميت) المسلم أي بخرتموه يقال جمر ثوبه تجميراً أبخر والمجمرة بكسر الميم وفي المصباح عن بعضهم أن المجمر بحذف الهاء ما يتبخر به من نحو عود وهي لغة في المجمرة وقال الكمال ابن الهمام وكيفية تجميره أن يدور من بيده المجمرة حول سريره وتراً كما قال (فأوتروا) أي بخروه وتراً ثلاثاً فإن الله وتر يحب الوتر قال: وجميع ما يتبخر به الميت ثلاثاً عند خروج روحه لإزالة الريح الكربه وعند غسله وعند تكفينه ولا يبخر خلفه ولا في القبر لخبر لا تتبعوا الجنازة بصوت ولا نار انتهى.
482 ( إذا جمع الله الأولين و الآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك ) ( حسن )حم ت ه عن أبي سعيد بن أبي فضالة .
483 إذا جمع الله الأولين و الآخرين يوم القيامة يرفع لكل غادر لواء فقيل: هذه غدرة فلان ابن فلان( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
484 إذا حاك في نفسك شيء فدعه (صحيح) (حم حب ك)عن أبي أمامة .
الشرح:
(إذا حاك) بحاء مهملة وكاف مخففة اختلج والحيك أخذ بقول في القلب (في نفسك) وفي رواية في صدرك أي في قلبك (شيء) ولم يمازج نوره بل حصل عندك اضطراب وقلق ونفور منه وكراهة (فدعه) أي اتركه لأن الله فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وركز في الطباع محبته وخلافه يؤثر في القلب حزازة واضطراباً ويكون خطوره للبال على وجه شاذ وتأويل محتمل000 وذلك من جميل عوائد المصطفى صلى الله عليه وسلم مع صحبه فإنه كان يخاطب كلاً منهم على حسب حاله000000
485 إذا حج الصبي فهي له حجة حتى يعقل فإذا عقل عليه حجة أخرى و إذا حج الأعرابي فهي له حجة فإذا هاجر فعليه حجة أخرى ( صحيح )
( ك ) عن ابن عباس .
486 ( إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة ) ( حسن )(1/280)
حم د ت الضياء عن جابر ( ع ) عن أنس .
الشرح:
(إذا حدّث الرجل) أي الإنسان فذكر الرجل غالبي (الحديث) وفي رواية أخاً له بحديث وفي أخرى إذا حدث رجل رجلاً بحديث (ثم التفت) أي غاب عن المجلس أو التفت يميناً وشمالاً فظهر من حاله بالقرائن أن قصده أن لا يطلع على حديثه غير الذي حدثه به (فهي) أي الكلمة التي حدثه بها (أمانة) عند المحدث أودعه إياها فإن حدث بها غيره فقد خالف أمر الله حيث أدّى الأمانة إلى غير أهلها فيكون من الظالمين فيجب عليه كتمها إذ إلتفاته بمنزلة استكتامه بالنطق قالوا وهذا من جوامع الكلم لما في هذا اللفظ الوجيز من الحمل على آداب العشرة وحسن الصحبة وكتم السر وحفظ الود والتحذير من النميمة بين الإخوان المؤدية للشنآن ما لا يخفى قال في الإحياء: وإفشاء السر خيانة وهو حرام إذا كان فيه إضرار وقال الماوردي: إظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهار سر نفسه لأنه يبوء بإحدى وصمتين الخيانة إن كان مؤتمناً والنميمة إن كان مستخبراً فأما الضرر فيما استويا فيه أو تفاضلا فكلاهما مذموم وهو فيهما ملوم وقال الراغب: السر ضربان أحدهما ما يلقى الإنسان من حديث يستكتم وذلك إما لفظاً كقولك لغيرك اكتم ما أقول لك وإما حالاً وهو أن يتحرى القائل حال انفراده فيما يورده أو خفض صوته أو يخفيه عن مجالسه وهو المراد في هذا الحديث.
487 ( إذا حضر أحدكم الأمر يخشى فواته فليصل هذه الصلاة - يعني الجمع بين الصلاتين - ) ( حسن ) ن عن ابن عمر .
488 إذا حضر أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا ( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
489 إذا حضر العلماء ربهم يوم القيامة كان معاذ بن جبل بين أيديهم بقذفة حجر( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن عمر .(1/281)
490 إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون: اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح و ريحان و رب غير غضبان فيخرج كأطيب ريح المسك حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به باب السماء فيقولون: ما أطيب هذا الريح التي جاءتكم من الأرض ! فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه: ماذا فعل فلان ؟ ماذا فعل فلان ؟ فيقولون: دعوه فإنه كان في غم الدنيا فإذا قال: أما أتاكم ؟ قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية و إن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون: اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله فيخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا بها باب الأرض فيقولون: ما أنتن هذه الريح ؟ حتى يأتوا بها أرواح الكفار( صحيح ) ( ن ك ) عن أبي هريرة .
491 إذا حضرتم الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون
( صحيح ) ( حم 4 حب ك ) عن أم سلمة .
492 ( إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح و قولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما يقول أهل البيت ) ( حسن )
حم ه ك عن شداد بن أوس .
الشرح:(1/282)
(إذا حضرتم موتاكم) عند خروج أرواحهم (فأغمضوا البصر) أي أطبقوا الجفن الأعلى على الأسفل بعد تيقن خروج روحه كما قال القرطبي عن الداودي قال محمد بن المقري سمعت أبا ميسرة وكان رجلاً عابداً يقول غمضت جعفراً المعلم وكان رجلاً عابداً حال الموت فرأيته في النوم فقال أعظم ما كان عليّ تغميضك لي قبل أن أموت (فإن البصر يتبع الروح) هذا علة الأمر بالإغماض يعني أن ذهاب الباصرة في ذهاب الروح فهي تابعة لها فإذا ذهبت الروح ذهبت الباصرة فلم يبق لانفتاح البصر فائدة فلهذا ينبغي تغميضه كذا قرره الهروي تبعاً للبيضاوي وجرى على نحوه في المطامح 0000(وقولوا) حال التغميض وبعده (خيراً) أي قولوا خيراً: من الدعاء للميت بنحو مغفرة وللمصاب بجبر المصيبة ولا يحملكم الجزع على الدعاء على أنفسكم وهذا كما قال القرطبي أمر ندب أو إرشاد وتعليم لما ينبغي أن يقال عند المصيبة (فإن الملائكة) الموكلين بقبض روحه أو من حضر منهم أو أعم (تؤمن على ما يقول أهل البيت) أي بيت الميت وفي نسخ أهل الميت أي تقول آمين يعني استجب يا ربنا فلا تقولوا شراً فتؤمن الملائكة فيستجاب ففيه إشارة إلى النهي عن نحو: واكهفاه واجسراه لا عشت بعده ونحو ذلك. والروح عند أكثر أهل السنة جسم لطيف مغاير للأجسام ماهية وصفة متصرف في البدن حال فيه حلول الدهن في الزيتون يعبر عنه بأنا وأنت وإذا فارق البدن مات00000
493 إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران و إذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد ( صحيح )
( حم ق د ن ه ) عن عمرو بن العاص ( حم ق 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/283)
(إذا حكم الحاكم فاجتهد) يعني إذا أراد الحكم فاجتهد فحكم فهو من باب القلب على حد {وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا} قال عياض: والاجتهاد بذل الوسع في طلب الحق والصواب في النازلة، وابن الحاجب: استفراغ الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي (فأصاب) أي طابق ما عند الله (فله أجران) أجر لاجتهاده وأجر لإصابته. فإن قيل: الإصابة مقارنة للحكم فما معنى الفاء المفيدة للترتيب والتعقيب؟ فالجواب أن فيه إشارة إلى علو رتبة الإصابة والتعجب من حصولها بالاجتهاد (وإذا حكم فاجتهد) فيه التأويل المار (فأخطأ) أي ظن أن الحق في نفس الأمر في جهة فكان خلافه (فله أجر واحد) على اجتهاده لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة وفيه أن المجتهد يلزمه تحديد الاجتهاد لوقوع الحادثة ولا يعتمد على المتقدم فقد يظهر له خلاف ما لم يكن ذاكراً للدليل الأول وأن الحق عند الله واحد لكن وسع الله للأمة وجعل اختلاف المجتهدين رحمة وأن المجتهد يخطئ ويصيب وإلا لما كان لقوله فأخطأ معنى00000
494(إذا حكمتم فاعدلوا و إذا قتلتم فأحسنوا فإن الله محسن يحب المحسنين) ( حسن ) طس عن أنس .
الشرح:
(إذا حكمتم فاعدلوا) إن الله يأمر بالعدل والإحسان (وإذا قتلتم) قوداً أو حداً أو ما يحل قتله (فأحسنوا القتلة) بالكسر هيئة القتل بأن تختاروا أسهل الطرق وأسرعها إزهاقاً كأن تراعى المثلية في القاتل في الهيئة والآلة إن أمكن ويجب في القتل بنحوسيف كونه حاداً000 495 ( إذا حلف أحدكم فلا يقل ما شاء الله و شئت و لكن ليقل ما شاء الله ثم شئت ) ( حسن ) ه عن ابن عباس .
496 إذا حلم أحدكم فلا يحدث الناس بتلعب الشيطان في المنام
( صحيح ) ( م ه ) عن جابر .
الشرح:(1/284)
(إذا حلم أحدكم) بفتح اللام رأى في منامه رؤيا يقال حلم يحلم من باب قتل (حلماً) بضمتين ويسكن الثاني تخفيفاً واحتلم رأى في منامه رؤيا وأما حلم بضم اللام فمعناه صفح وعفا، فالحلم والرؤيا مترادفان لكن غلبت في الخير وغلب الحلم في الشرومنه {أضغاث أحلام} وهي الرؤيا التي لا يصح تأويلها لاختلاطها وهي المرادة هنا (فلا يحدث الناس بتلعب) كذا بخط المؤلف في هذا الكتاب لكنه قال في الكبير بتقلب وهي ملحقة بخطه فيه (الشيطان) به كذا هي في رواية ابن ماجه وألحقها المؤلف بخطه بالهامش (في المنام) كان الظاهر أن يقول فلا يخبر به أحداً لكن وضع ذلك موضعه إشارة إلى أنها رؤيا من الشيطان يريه إياها ليحزنه فيسيء ظنه بربه تعالى ويقل ذكره فينبغي أن لا يخبر ولا يلتفت إليه وقيل إنما نهى عنه لأنه لو أخبره ربما فسره غير عارف على ظاهر صورته فوقع ما فسر بتقدير الله وقد أرشد الشارع في خبر آخر إلى أن دواء ذلك أن يتفل ويتعوذ ويكتم فلا تضره.
497 إذا حم أحدكم فليسن عليه الماء البارد ثلاث ليال من السحر
( صحيح ) ( ن ع ك الضياء ) عن أنس .
الشرح:(1/285)
(إذا حمّ أحدكم) بالضم والتشديد أصابه الحمى وهي كما قال ابن القيم حرارة تشتعل بالقلب وتنتشر منه بتوسط الروح والدم في العروق إلى كل البدن وهي أنواع كثيرة (فليسن) بسين مهملة مضمومة في خط المؤلف ونقطها من تحت بثلاث نقط لئلا تشتبه بمعجمة أو بشين معجمة وعليه اقتصر في النهاية وادعى الضياء أنه تحريف (عليه من الماء البارد) أي فليرش عليه منه رشاً متفرقاً، قال في النهاية: والشن بالمعجمة الصب المنقطع والسن بالمهملة الصب المتصل وهو يؤيد رواية المعجمة وبما أيد به أيضاً أن أسماء بنت الصديق رضي الله عنها كانت ترش على المحموم قليلاً من الماء بين ثدييه وثوبه وهي لملازمتها للمصطفى صلى الله عليه وسلم داخل بيته أعلم بمراده وقال العسكري بمهملة وقال بمعجمة (ثلاث ليال من) أي في (السحر) بفتحتين أي قبيل الصبح فإنه ينفع في فصل الصيف في القطر الحار في الحمى العرضية أو الغب الخالصة الخالية عن الورم والفتق والأعراض الرديئة والمواد الفاسدة فتطفئها بإذن الله تعالى إذا كان الفاعل لذلك من أهل الصدق واليقين فالخبر ورد على سؤال سائل حالة ذلك ولا يطرد في غيره.
498 ( إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة و أحب إلى البعل )
( حسن ) هق عن أم عطية .
499 إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول و لا قوة إلا بالله فيقال له: حسبك قد هديت و كفيت و وقيت فيتنحى له الشيطان فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي و كفي و وقي ؟( صحيح )
( د ن حب ) عن أنس .
500 إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ( صحيح )
( د الضياء ) عن أبي هريرة وأبي سعيد .
الشرح:(1/286)
(إذا خرج ثلاثة) فأكثر (في سفر) يحتمل تقييده بغير القصر لعدم الاحتياج فيه لما يجيء (فليؤمروا) ندباً وقيل وجوباً وفي حاوي الشافعية ما يقتضيه (أحدهم) أي فليتخذوه أميراً عليم يسمعون له ويطيعونه وعن رأيه يصدرون لأن ذلك أجمع لرأيهم وأدعى لاتفاقهم وأجمع لشملهم فالتأمير سنة مؤكدة لما تقرر من حصول الانتظام به لكن ليس للأمير إقامة حدود ولا تعزير وألحق بعضهم الاثنين بالثلاثة.
501 إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا
( صحيح ) ( حم ) عن زينب الثقفية .
502 ( إذا خرجت اللعنة من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكا في الذي وجهت إليه و إلا عادت إلى الذي خرجت منه ) ( حسن )
هب عن عبدالله .
503 إذا خرجت المرأة إلى المسجد فلتغتسل من الطيب كما تغتسل من الجنابة ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا خرجت المرأة) أي أرادت الخروج (إلى المسجد) أو غيره بالأولى (فلتغتسل) ندباً (من الطيب) إن كانت متطيبة (كما تغتسل من لجنابة) إن عم الطيب بدنها وإلا فمحله فقط لحصول المقصود وزوال المحذور بالاقتصار عليه ذكره المظهر وهذا بحسب الجليل من النظر وأدق منه قول الطيبي شبه خروجها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوة الرجال وفتح باب عيونهم التي هي بمنزلة رائد الزنا بالزنا وحكم عليها بما يحكم على الزاني من الاغتسال من الجنابة مبالغة وتشديداً عليها ويعضد هذا التأويل خبر يأتي وإذا كان هذا حكم تطيبها للذهاب إلى المسجد فما بالك بتطيبها لغيره؟ وفيه جواز خروج المرأة إلى المسجد لكن بشروط مرت.(1/287)
504 إذا خرجت روح العبد المؤمن تلقاها ملكان يصعدان بها - فذكر من ريح طيبها - و يقول أهل السماء: روح طيبة جاءت من قبل الأرض صلى الله عليك و على جسد كنت تعمرينه فينطلق به إلى ربه ثم يقول: انطلقوا به إلى آخر الأجل و إن الكافر إذا خرجت روحه - فذكر من نتنها - و يقول أهل السماء: روح خبيثة جاءت من قبل الأرض فيقال: انطلقوا به إلى آخر الأجل( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
505 ( إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين تمنعانك مخرج السوء و إذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتين تمنعانك مدخل السوء ) ( حسن )
البزار هب عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا خرجت من منزلك) أي أردت الخروج وفي رواية من بيتك (فصل) ندباً (ركعتين) خفيفتين وتحصل بفرض أو نفل ثم ذكر حكمة ذلك وأظهرها في قالب العلة فقال (تمنعانك مخرج) بفتح الميم والراء (السوء) بالضم أي ما عساه خارج البيت من السوء
(وإذا دخلت) إلى (منزلك فصلّ ركعتين تمنعانك مدخل السوء) وعبر بالفاء في الموضعين ليفيد أن السنة الفورية بذلك أي بحيث ينسب الصلاة إلى الدخول عرفاً فتفوت بطول الفصل بلا عذر، واستدل به الغزالي على ندب ركعتين عند الخروج من المنزل وركعتين عند دخوله قال وفي معنى هذا كل أمر يبتدئ به مما له وقع ويحصل فضلهما بصلاة فرض أو نفل نويا أو لا كالتحية.
506 ( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل ) ( حسن ) د ك هق عن جابر .
507 إذا خطب أحدكم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته و إن كانت لا تعلم( صحيح )
( حم طب ) عن أبي حميد الساعدي .
الشرح:(1/288)
(إذا خطب أحدكم) أي أراد أن يخطب بدليل قوله في الخبر المار إذا ألقى الله في قلب امرئ (المرأة) حرة أو أمة (فلا جناح) أي لا إثم ولا حرج (عليه) في (أن ينظر إليها) أي إلى وجهها وكفيها لا إلى غير ذلك لأن ذلك يدل على ما يريده منها فلا حاجة لما عداه وإنما يكون الجناح عنه مرفوعاً (إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته) أي إذا كان محض قصده لذلك بخلاف ما إذا كان قصده برؤيتها لا يتزوجها بل ليعلم هل هي جميلة أم لا مثلاً وجعل الخطبة وسيلة إلى ذلك فعليه الإثم فالمأذون فيه النظر بشرط قصد النكاح إن أعجبته وحينئذ ينظر إليها (وإن كانت لا تعلم) أي وإن كانت غير عالمة بأنه ينظر إليها كأن يطلع عليها من كوة وهي غافلة أو المراد لا تعلم أنه يريد خطبتها وفيه ردّ على من كره استغفالها كمالك وإبطال لمن اشترط إذنها، وعلم مما تقرر من أن معنى خطب أراد أنه لا يندب النظر بعد الخطبة لأنه قد يعرض فتتأذى هي أو أهلها لكنه مع ذلك سائغ لأن فيه مصلحة أيضاً، فما زعمه بعضهم من حرمته تمسكاً بأن إذن الشرع لم يقع إلا فيما قبل الخطبة ممنوع 00000
508( إذا خفضت فأشمي و لا تنهكي فإنه أحسن للوجه و أرضى للزوج )
( حسن ) خط عن علي .
509 ( إذا خفضت فأشمي و لا تنهكي فإنه أسرى للوجه و أحظى عند الزوج ) ( حسن ) طس عن أنس .
510 إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة و النار فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا و هذبوا أذن لهم بدخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم بمسكنه في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي سعيد .
511 إذا دبغ الإهاب فقد طهر( صحيح ) ( م د ) عن ابن عباس .
512 إذا دبغ جلد الميتة فحسبه فلينتفع به(صحيح)(عب)عن عطاء مرسلا .
513 إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين( صحيح )
( حم ق 4 ) عن أبي قتادة ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/289)
(إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس) ندباً مؤكداً إذا كان متطهراً أو تطهر عن قرب (حتى يصلي) فيه (ركعتين) تحية المسجد والصارف عن الوجوب خبر هل عليّ غيرها قال لا إلا أن تطوع وأخذ بظاهره الظاهرية ثم هذا العدد لا مفهوم لأكثره اتفاقاً وفي أقله خلاف الصحيح اعتباره فلو قعد شرع تداركهما إن سها وقصر الزمن وكذا لو دخل زحفاً أو حبواً فقوله فلا يجلس غالبي إذ القصد تعظيم المسجد ولذلك كره تركها بلا عذر ثم هذا عام خص منه داخل المسجد الحرام ومن اشتغل إمامه بفرض ومن دخل حال الإقامة وغير ذلك من الصور التي لا تشرع فيها التحية وظاهر الحديث تقديم نحية المسجد على تحية أهله وقد جاء صريحاً من قوله وفعله فكان يصليها ثم يسلم على القوم. قال ابن القيم: وإنما قدم حق الحق على حق الخلق هنا عكس حقهم المالي لعدم اتساع الحق المالي لأداء الحقين فنظر لحاجة الآدمي وضعفه بخلاف السلام فعلى داخل المسجد ثلاث تحيات مرتبة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فالتحية فالسلام على من فيه 000000
514 إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج فليسلم على النبي و ليقل: اللهم اعصمني من الشيطان
( صحيح ) ( ن ه حب ك ) عن أبي هريرة .
515 إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج فليسلم على النبي و ليقل: اللهم إني أسألك من فضلك
( صحيح ) ( د ) عن أبي حميد أو أبي أسيد ( ه ) عن أبي حميد .
الشرح:(1/290)
(إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم) ندباً مؤكداً أو وجوباً (على النبي) صلى الله عليه وسلم لأن المساجد محل الذكر والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم منه (وليقل اللهم) أي يا الله (افتح لي أبواب رحمتك) زاد في رواية الديلمي وأغلق عني أبواب سخطك وغضبك واصرف عني الشيطان ووسوسته، وابن السني بعد رحمتك وأدخلني فيها (وإذا خرج) منه (فليسلم) بعد التعوذ كما في رواية أبي داود (على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل اللهم أني أسألك من فضلك) أي من إحسانك مزيد إنعامك، وسر تخصيص ذكر الرحمة بالدخول والفضل بالخروج أن الداخل اشتغل بما يزلفه إلى الله وإلى ثوابه وجنته من العبادة فناسب أن يذكر الرحمة فإذا خرج انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله من الرزق فناسب ذكر الفضل 0000
516 إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي صلى الله عليه وسلم و ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك و إذا خرج فليسلم على النبي و ليقل: اللهم إني أسألك من فضلك ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي حميد أو أبي أسيد ( حم ن حب هق ) عن أبي حميد وأبي أسيد معا .
517 ( إذا دخل أحدكم إلى القوم فأوسع له فليجلس فإنما هي كرامة من الله أكرمه بها أخوه المسلم فإن لم يوسع له فلينظر أوسعها مكانا فليجلس فيه )
( حسن ) الحارث عن أبي شيبة الخدري .
الشرح:(1/291)
(إذا دخل أحدكم إلى القوم) جماعة الرجال ليس فيهم امرأة والواحد رجل أو امرؤ من غير لفظه سموا به لقيامهم بالعظائم والمهمات. قال الصغاني: وربما دخل النساء تبعاً (فأوسع له) بالبناء للمجهول أي أوسع له بعض القوم مكاناً يجلس فيه (فليجلس) فيه ندباً (فإنما هي) أي الفعلة أو الخصلة التي هي التفسح له (كرامة من الله تعالى أكرمه بها أخوه المسلم) يعني إكرام من الله أجراه على يد ذلك الأخ المسلم، والتوسعة للقادم أمر محبوب مندوب وكان الأحنف إذا أتاه رجل أوسع له سعة وأراه أنه يوسع له (فإن لم يوسع له فلينظر أوسعها مكاناً) أي مكاناً هو أوسع أمكنة تلك البقعة (فليجلس فيه) وإن كان نازلاً بالنسبة لغيره ولا يزاحم أحداً ولا يحرص على التصدر ويتهافت على تعظيم نفسه ويتهالك على الشموخ والترفع كما هو ديدن فقهاء الدنيا وعلماء السوء.
518 إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه من طعامه فليأكل و لا يسأل عنه و إن سقاه من شرابه فليشرب و لا يسأل عنه ( صحيح )
( طس ك هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم) لزيارة أو غيرها (فأطعمه) من (طعامه فليأكل) منه ندباً هكذا هو ثابت في الحديث وإن كان صائماً نفلاً جبراً لخاطره (ولا يسأل عنه) أي عن الطعام من أي وجه اكتسبه ليقف على حقيقة حله فإن ذلك غير مكلف به ما لم تقو الشبهة في طعامه والمراد لا يسأل منه ولا من غيره (وإن سقاه من شرابه فليشرب) منه أيضاً (ولا يسأل عنه) كذلك لأن السؤال عن ذلك يورث الضغائن ويوجب التباغض والظاهر أن المسلم لا يطعمه ولا يسقيه إلا حلالاً فينبغي إحسان الظن وسلوك طريق النوادر فيتجنب عن إيذائه بسؤاله وإنما نهى عن أكل طعام الفاسق زجراً له عن ارتكاب الفسق لطفاً به في الحقيقة كما ورد "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" ومن ثم قيد جمع ما ذكر هنا من النهي عن السؤال بما إذا غلب على ظنه توقيه للمحرمات 00000(1/292)
519 إذا دخل الرجل بيته فذكر اسم الله تعالى حين يدخل و حين يطعم قال الشيطان: لا مبيت لكم و لا عشاء هاهنا و إن دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت و إن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال: أدركتم المبيت و العشاء( صحيح ) ( حم م د ه ) عن جابر .
520 إذا دخل العشر و أراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره و لا من بشره شيئا( صحيح ) ( م ن ه ) عن أم سلمة .
الشرح:
(إذا دخل العشر) عشر ذي الحجة فاللام للعهد كأنه لا عشر إلا هو (فأراد أحدكم) وهو غير محرم (أن يضحي) قال في المنضد الفاء للتعقيب كأن الإرادة كانت عقب دخول العشر مقارنة لأول جزء منه وكذا قوله (فلا يمس) لأن المنع من المس معقب للإرادة فإنه مع اتصاف كونه مريداً للتضحية ينبغي أن لا يمس (من شعره) أي شعر بدنه رأساً أو لحية أو شارباً أو إبطاً أو عانة أو غيرها (ولا) من (بشره) كظفر وجلد بل قال الإسنوي أو دم لكن اعترض بأنه لا يصلح لعده من الأجزاء هنا وإنما المراد الأجزاء الظاهرة نحو جلدة لا يضر قطعها شيئاً بل يبقيه ليشمل المغفرة والعتق من النار جميع أجزائه فإنه يغفر له بأول قطرة من دمها كما في أخبار تأتي وأما توجيه بعضهم بأنه يفعل ذلك تشبهاً بالمحرمين فلا يخفى فساده إذ لو كان كذلك كره نحو الطيب والمخيط ولا قائل به. ثم إن خالف وأزال شيئاً من ذلك كره عند الشافعية وحرم عند أحمد وغيره 000000 ثم إنه في هذا الخبر لم يتعرض لانقضاء مدة المنع وقد بينه في خبر آخر بقوله عقب ما ذكر حتى يضحي والأول اكتفى بدلالة اللفظ عليه لأن تقديم ذكر العشر والتضحية يدل على أن الأمد انقضاء العشر ووقوع التضحية ولأنه حكم قارنه ذكر العشر وإذا تعلق حكم الشيء بأمد له نهاية علم أن منتهاه منتهى ذلك الأمد 00000000(1/293)
521 إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه فيقولون: و ما هو ؟ ألم يثقل الله موازيننا و يبيض وجوهنا و يدخلنا الجنة و ينجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه و لا أقر لأعينهم( صحيح ) ( حم ه ابن خزيمة حب ) عن صهيب .
522 إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة و النار فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون و يقولون: نعم هذا الموت و كلهم قد رآه ثم ينادى: يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون فينظرون فيقولون: نعم هذا الموت و كلهم قد رآه فيؤمر به فيذبح و يقال: يا أهل الجنة خلود و لا موت و يا أهل النار خلود و لا موت ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن أبي سعيد .
523 إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى: تريدون شيئا أزيدكم ؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا ؟ ألم تدخلنا الجنة و تنجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم ( صحيح )
( م ت ) عن صهيب .
524 إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله عز و جل: هل تشتهون شيئا فأزيدكم ؟ فيقولون: ربنا و ما فوق ما أعطيتنا ؟ فيقول: رضواني أكبر
( صحيح ) ( ك ) عن جابر .
525 إذا دخلت ليلا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة و تمتشط الشعثة ( صحيح ) ( خ ) عن جابر .
526 ( إذا دخلتم بيتا فسلموا على أهله فإذا خرجتم فأودعوا أهله بسلام )
( حسن ) هب عن قتادة مرسلا .
الشرح:(1/294)
(إذا دخلتم بيتاً) أي مكاناً يعني إذا وصلتم إلى محل فيه مسلمون فالتعبير بالدخول وبالبيت غالبي وكذلك لفظ الجمع (فسلموا على أهله) أي سكانه بدلاً للأمان وإقامة لشعار أهل الإيمان وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يواظب على ذلك (فإذا خرجتم منه) أي أردتم الخروج (فأودعوا أهله) أي فارقوهم واتركوهم (بسلام) أي سلموا عليهم عند مفارقتكم إياهم فليست الأولى بأحق من الآخرة قال الطيبي: قوله أودعوا من الإيداع أي اجعلوا السلام وديعة عندهم كي ترجعوا إليهم وتستردوا وديعتكم فإن الودائع تستعاد وتفاؤلاً للسلامة والمعاودة مدة بعد أخرى 000 وتسمى الثانية سلام توديع ومتاركة يقال ودعته أودعه ودعا تركته وابتداء السلام على من لقيه أو فارقه من المسلمين ولو صبياً سنة ومن الجماعة سنة كفاية ولا يترك خوفاً من عدم الرد كما اقتضاه إطلاق الحديث وأفضل صيغه السلام عليكم أو سلام عليكم بالتنوين ولو على واحد.
527 إذا دخلت مسجدا فصل مع الناس و إن كنت قد صليت
( صحيح ) ( ص ) عن محجن الديلي .
الشرح:
(إذا دخلت) بفتح التاء خطاباً لمحجن الذي أقيمت الصلاة فصلى الناس ولم يصل معهم وقال صليت مع أهلي (مسجداً) يعني محل جماعة (فصل مع الناس) أي مع الجماعة (وإن كنت قد صليت) قبل ذلك تقرير لقوله كنت صليت أو تحسين للكلام 000 وزعم بعضهم أن فيه صحة الصلاة بدون جماعة لأنه لم يأمره بالإعادة ممنوع، لاحتمال قوله وإن كنت صليت أي في جماعة، ويدل له صليت مع أهلي والاحتمال يسقط الاستدلال، وفيه الأمر بالمعروف ولو في غير واجب والسؤال عن العذر قبل الإنكار وتعليم الجاهل وذكر العذر والأمر بالإعادة في جماعة حكمته الائتلاف وعدم المخالفة الموجبة لنفرة القلوب وندب إعادة الصلاة لمن صلى جماعة أو
فرادى.
528 إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة و غلقت أبواب جهنم و سلسلت الشياطين( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/295)
(إذا دخل شهر) سمي به لاشتهاره (رمضان) من الرمض لأنه ترمض فيه الذنوب أي تحرق أو لموافقة ابتداء الصوم فيه وقتاً حاراً أو لغير ذلك، وذكر الطلقاني في حظيرة القدس له ستين اسماً (فتحت) بالتشديد والتخفيف أي تفتح (أبواب الجنة) وفي رواية أبواب السماء وهي كناية عن تواتر هبوط غيث الرحمة وتوالي صعود الطاعة بلا مانع ومعاوق ويشهد له قوله (وغلقت أبواب جهنم) كناية عن تنزه أنفس الصوام عن رجس الآثام وكبائر الذنوب العظام وتكون صغائره مكفرة ببركة الصيام والحمل على الحقيقة يبعده ذكره في معرض الامتنان على الصوام بما أمروا به وبالحمل على الحقيقة لم تقع المنة موضعها بل تخلو عن الفائدة إذ المرء ما دام في هذه الدار لا يمكنه دخول إحدى الدارين فأي فائدة له في فتح أبوابها؟ ذكره القاضي أخذاً من قول التوربشتي هذا كناية عن تنزل الرحمة وإزالة الغلق عن مصاعد الأعمال تارة ببذل التوفيق وأخرى بحسن القبول وغلق أبواب جهنم هنا كناية عن تنزه الصوام عن رجس الآثام بقمع الشهوات إلى آخر ما تقرر000 (وسلسلت) لفظ رواية مسلم صفدت (الشياطين) شدت بالأغلال لئلا يوسوسوا للصائم وآية ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن الذنوب فيه وإنابتهم إليه تعالى، وأما ما يوجد فيه من خلاف ذلك في بعض الأفراد فتأثيرات من تسويلات المردة أغرقت في عمق تلك النفوس الشريرة وباضت في رؤوسها وقيل خص من عموم قوله سلسلت زعيم زمرتهم وصاحب دعوتهم لمكان الأنظار الذي أجيب فيه حين سأله فيقع ما يقع من المعاصي بإغوائه 000000
529 إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه ( صحيح )
( حم د ) عن ابن عمر .
530 إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت و ليعزم المسألة و ليعظم الرغبة فإن الله لا يعظم عليه شيء أعطاه ( صحيح )
( خد ) عن أبي سعيد ( م ) عن أبي هريرة .(1/296)
531 إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة و لا يقل: اللهم إن شئت فأعطني فإن الله لا مستكره له ( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أنس .
الشرح:
(إذا دعا أحدكم) ربه (فليعزم) بلام الأمر (المسألة) لفظ رواية مسلم وليعزم في الدعاء أي فليطلب طلباً جازماً من غير شك ويجتهد في عقد قلبه على الجزم بوقوع مطلوبه إحساناً للظن بكرم ربه تعالى ثم بين العزم بقوله (ولا) يعلق ذلك بنحو مشيئته (فلا يقل اللهم إن شئت فأعطني) بهمزة قطع أي لا يشترط المشيئة بعطائه لأن من اليقينيات أنه لا يعطي إلا إن شاء فلا معنى لذكر المشيئة بل فيه صورة استغناء عن المطلوب والإخلاص في العبودية يقتضي الجزم بالطلب فيطلب طلب مفتقر مضطر من قادر مختار وفي رواية بدل فأعطني اغفر لي وفي أخرى ارحمني وفي أخرى ارزقني وفي رواية تقديم المشيئة كما هنا وفي رواية تأخيرها قال ابن حجر: وهذه كلها أمثلة تتناول جميع ما يدعى به قال الزمخشري: والعزم التصميم والمضي على فعل شيء أو تركه بعقد القلب عليه وأن يتصلب فيه (فإن الله) يعطي ما يشاء لمن يشاء ومن هو كذلك
(لا مستكره) بكسر الراء وفي رواية لا مكره (له) أي يستحيل أن يكرهه أحد على شيء لأن الأسباب إنما تكون بمشيئته فما شاء كان ما لم يشأ لم يكن وهو إذا أراد إسعاد عبد من عبيده ألهمه الدعاء وليس في الوجود من يكرهه على خلاف مراده فالتعليق بالمشيئة وغيرها من قبيل العبث الذي ينزه جناب المدعو المقدس عنه فيكره ذلك تنزيهاً0000 وفيه ندب إلى رجاء الإجابة. قال ابن عيينة: لا يمنعن أحدكم الدعاء ما يجد في نفسه من التقصير فإنه تعالى أجاب دعاء شر خلقه إبليس حين قال {أنظرني.. إلخ} وفيه أن الرب لا يفعل إلا ما يشاء لا يكرهه أحد على ما يختاره كما قد يكره الشافع المشفوع له عنده وكما يكره السائل المسؤول إذا ألح عليه فالرغبة يجب أن تكون إليه كما قال {وإلى ربك فارغب} والرهبة تكون منه كما قال {وإياي فارهبون}.(1/297)
532 إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ( صحيح ) ( حم ق د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه) ليطأها (فأبت) امتنعت بلا عذر وليس حقيقة الإباء هنا بمرادة إذ هو أشد الامتناع والشدة غير شرط كما تفيده أخبار أخر (فبات) أي فبسبب ذلك بات وهو (غضبان عليها) فقد ارتكبت جرماً فظيعاً ومن ثم (لعنتها الملائكة حتى تصبح) يعني ترجع كما في رواية أخرى قال ابن أبي حمزة: وظاهره اختصاص اللعن بما إذا وقع ذلك ليلاً، وسره تأكيد ذلك الشأن ليلاً، وقوة الباعث إليه فيه، ولا يلزم منه حل امتناعها نهاراً وإنما خص الليل لكونه المظنة، وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح، ولذلك حث المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة أهـ00000000
533 إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلتجب و إن كانت على ظهر قتب
( صحيح ) ( البزار ) عن زيد بن أرقم .
الشرح:
000 قال أبو عبيدة: كنا نرى أن معناه وهي تسير على ظهر بعير فجاء التفسير في حديث: إن المرأة كانت إذا حضر نفاسها أقعدت على قتب فيكون أسهل لولادتها نقله الزمخشري وأقره، والقصد الحث على طاعة الزوج حتى في هذه الحالة، فكيف غيرها؟ 00000
534إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته و إن كانت على التنور( صحيح ) ( ن ت ) عن طلق بن علي .
الشرح:(1/298)
(إذا دعا الرجل زوجته) أو أمته (لحاجته) كناية عن الجماع (فلتأته) أي فلتمكنه من نفسها وجوباً فوراً حيث لا عذر (وإن كانت على) إيقاد (التنور) الذي يخبز فيه لتعجيل قضاء ما عرض له فيرتفع شغل باله ويتمخض تعلق قلبه، فالمراد بذكر التنور حثها على تمكينه وإن كانت مشغولة بما لا بد منه كيف كان، وهذا حيث لم يترتب على تقديم حظه منها إضاعة مال أو اختلاف حال كما مر. قال الراغب: والدعاء كالنداء، لكن النداء قد يقال إذا قال يا أو أيا ونحوه من غير أن ينضم له الاسم، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم كيا فلان، وقد يستعمل كل محل الآخر: قيل فيه، إن الأحب أن يبيت الرجل مع زوجته في فراش واحد 000
535 إذا دعا الغائب لغائب قال له الملك: و لك مثل ذلك ( صحيح )
( عد ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا دعا الغائب لغائب) ظاهره يشمل الغائب عن البلد وهو المسافر، وعن المجلس، فمن قصره على الأول فقد قصر، وفي رواية: إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب (قال له الملك) الموكل بنحو ذلك كما يرشد إليه تعريفه وبه جاء التصريح في أخبار، وفي رواية: قالت الملائكة (ولك مثل ذلك) وفي رواية: ولك بمثل: بالتنوين بدون ذلك: أي أدعو الله أن يجعل لك بمثل ما دعوت به لأخيك، وذلك يكاد يكون فيما بين أهل الكشف متعارفاً بل محسوساً، ولهذا كان بعضهم إذا أراد الدعاء لنفسه بشيء دعا به أولاً لبعض إخوانه ثم يعقبه بالدعاء لنفسه، وشمل الغائب ما إذا كان كافراً ودعا له بالهداية ونحوها.
536 إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ( صحيح )
( مالك حم ق د ) عن ابن عمر .
537 إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم و إن شاء لم يطعم 0
( صحيح ) ( م د ) عن جابر .
الشرح:(1/299)
(إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب) أي إلى الإتيان إلى ذلك المكان عند الإمكان (فإن شاء طعم) كتعب: أي أكل وشرب (وإن شاء لم يطعم) لفظ رواية مسلم: وإن شاء ترك، وفيه جواز الأكل وتركه، وردّ لما وقع للنووي في شرح مسلم من اختياره وجوبه الذي عليه أهل الظاهر، والطعم بالفتح يقع على كل ما يساغ حتى الماء وذوق الشيء، والطعم بالضم الطعام.
538 إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل و إن كان صائما فليدع بالبركة ( صحيح ) 0( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
000 (وإن كان صائماً فليدع بالبركة) لأهل الطعام ومن حضر، قال في المطامح: وفيه دليل على أن الإجابة تجب بكل حال وأنه لا بأس بإظهار العبادة عند دعاء الحاجة وإرشاد إلى تألف القلوب بالأعذار الصادقة وندب الدعاء للمسلم سيما إذا فعل معروفاً.
539 إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل و إن كان صائما فليصل0( صحيح ) ( حم م د ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/300)
(إذا دعي أحدكم إلى طعام) كثر أو قل كما يفيده التنكير وصرح به في الخبر الآتي بقوله: إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا (فليجب) أي إلى الإتيان إليه وجوباً إن كان طعام عرس وندباً إن كان غيره، وهذا في غير القاضي، أما هو فلا يجب عليه في محل ولايته بل إن كان للداعي خصومة أو غلب على ظنه أن سيخاصم حرمت، قال في الإحياء: وينبغي أن يقصد بالإجابة الاقتداء بالسنة حتى يثاب وزيارة أخيه وإكرامه حتى يكونا من المتحابين والمتزاورين في الله تعالى (فإن كان مفطراً فليأكل) ندباً، وتحصل السنة بلقمة (وإن كان صائماً) فرضاً (فليصل) أي فليدع لأهل الطعام بالبركة، كذا فسره بعض رواته وجاء هكذا مبيناً في رواية تأتي، ونقله في الرياض عن العلماء فقال: قال العلماء ولم يذكر غيره لكن قال جمع الأولى إبقاؤه على ظاهره الشرعي تشريفاً للمكان وأهله وأيده آخرون بأن في حديث أنس ما يصرح بأن المراد الصلاة الشرعية وغالب مخاطبات الشريعة إنما تحمل على عرفه الخاص لا المقاصد اللغوية والأولى ما ذهب إليه في المطامح من ندب الجمع بينهما عملاً بمقتضى الروايات كلها ونقل عن جمع من السلف.
540 إذا دعي أحدكم إلى طعام و هو صائم فليقل: إني صائم ( صحيح )
( م د ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
اعتذاراً للداعي فإن سمح ولم يطالبه بالحضور فله التخلف وإلا حضر وليس الصوم عذراً في التخلف. وإنما أمر المدعو حيث لا يجيب الداعي أن يعتذر له بقوله إني صائم، وإن ندب إخفاء النفل لئلا يجر إلى عداوة أو تباغض بينه وبين الداعي.
541 إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب(صحيح)( م ه )عن ابن عمر.
الشرح:(1/301)
وجوباً إن توفرت الشروط، وهي عند الشافعة نحو عشرين فإن فقد بعضها سقط الوجوب ثم قد يخلفه الندب وقد لا، بل يحرم كما لو كان ثم منكر وعجز عن إزالته [فإن قيل] الوليمة حيث أطلقت اختصت بوليمة العرس فإن أريد غيرها قيدت فما فائدة تقييدها بكونها للعرس [قلنا] هذا هو الأشهر لغة لكن منهم من جعلها شاملة للكل فلم يكتف في الحديث بإطلاقها دفعاً لتوهم إرادته وأطلقت في خبر آخر جرياً على الأكثر الأشهر0
542 إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجب و إن كان صائما0( صحيح )
( ابن منيع ) عن أبي أيوب .
(إذا دعي أحدكم) إلى وليمة عرس (فليجب) إلى حضورها إن توفرت شروط الإجابة (وإن كان صائماً) فإن الصوم غير عذر ولو فرضاً، فإن كان نفلاً سن للمدعو الفطر إن شق على الداعي صومه عند أكثر الشافعية وبعض الحنابلة بناء على حل الخروج منه وينبغي أن لا يقصد بالإجابة قضاء شهوة فتكون من عمل الدنيا بل يحسن القصد ليثاب كما مر فينوي الإقتداء وإكرام الداعي وإدخال السرور عليه وزيادة التحابب وصون نفسه عن ظن امتناعه تكبراً أو سوء ظن أو احتقار للداعي ونحو ذلك.
543 إذا دعي أحدكم فجاء مع الرسول: فإن ذلك له إذن ( صحيح )
( خد د هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إلى الطعام فجاء مع الرسول) أي رسول الداعي يعني نائبه ولو صبياً (فإن ذلك له إذن) أي قائم مقام إذنه اكتفاء بقرينة الطلب فلا يحتاج لتجديد إذن أي إن لم يطل عهد بين المجيء والطلب أو كان المستدعي بمحل لا يحتاج فيه إلى الإذن عادة وإلا وجب استئناف الاستئذان، وعليه نزلوا الأخبار التي ظاهرها التعارض وتختلف بإختلاف الأحوال والأشخاص. ولهذا قال البيهقي: هذا إذا لم يكن في الدار حرمة ولا امرأة وإلا وجب الاستئذان مطلقاً، والدعاء النداء، ودعاه سأله، ويستعمل استعمال التسمية نحو دعوت ابني زيداً أي سميته والمراد هنا الأول.
544 إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا ( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/302)
(إذا دعيتم إلى كراع) بالضم والتخفيف أي كراع شاة وهو يدها على ما قاله الجمهور أو كراع الغميم بمعجمة محل بين الحرمين أو جانب مستطيل من الحرم على ما قاله شرذمة وغلطهم الأولون (فأجيبوا) ندباً فالمعنى على الأول إذا دعيتم إلى طعام ولو قليلاً كيد شاة فأجيبوا وعلى الثاني إذا دعيتم إلى محل ولو بعيداً كالموضع المذكور فأجيبوا، وليست القلة أو البعد عذراً فأطلق ذلك على طريق المبالغة في الإجابة وإن بعد لكن المبالغة في الإجابة مع حقارة الشيء أوضح في المراد ولهذا ذهب الجمهور إلى الأول وفيه الحث على الإجابة ولو قل المدعو إليه أو بعد والحض على المواصلة والتحابب لكن إذا دعي إلى وليمة في مكان بعيد يشق عليه الذهاب مشقة تسقط الجمعة والجماعة لم يجب.
545 إذا ذكر أصحابي فأمسكوا و إذا ذكرت النجوم فأمسكوا و إذا ذكر القدر فأمسكوا ( صحيح ) 0( طب ) عن ابن مسعود
( عد ) عن ابن مسعود وثوبان ( عد ) عن عمر .
الشرح:(1/303)
(إذا ذكر أصحابي) بما شجر بينهم من الحروب والمنازعات (فأمسكوا) وجوباً عن الطعن فيهم والخوض في ذكرهم بما لا يليق فإنهم خير الأمة والقرون لما جرى بينهم محامل (وإذا ذكرت النجوم) أي أحكامها ودلالتها وتأثيراتها (فأمسكوا) عن الخوض فيها لما مرّ (وإذا ذكر القدر) بالفتح وبالسكون ما يقدره الله تعالى من القضاء، وبالفتح اسم لما صدر مقدوراً عن فعل القادر كالهدم لما صدر من فعل الهادم، ذكره الطيبي00(فأمسكوا) عن محاورة أهله ومقاولتهم لما في الخوض في الثلاثة من المفاسد التي لا تحصى كما مر، قال البغوي: القدر سر الله لم يطلع عليه ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً لا يجوز الخوض فيه والبحث عنه من طريق العقل بل يعتقد أنه تعالى خلق الخلق فجعلهم فريقين: أهل يمين خلقهم للنعيم فضلاً، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلاً. قال تعالى {ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس} وسأل علياً رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر. قال: طريق مظلم لا تسلكه، فأعاد السؤال، فقال: بحر عميق لا تلجه، فأعاد، فقال: سر الله قد خفي عليك فلا تفشه. فأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بالإمساك عن الخوض فيه لأن من يبحث فيه لا يأمن أن يصير قدرياً أو جبرياً ولذلك شدّد فيه غاية التشديد فقال في حديث الترمذي: عزمت - أي أقسمت - عليكم أن لا تتنازعوا فيه، إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر. فأشار إلى أن من تكلم من الأمم الماضية فيه عجل الله إهلاكهم (تنبيه) قال بعض العارفين: دخل ابن قانع على بلال بن أبي بردة في يوم حار وهو في روضة وعنده الثلج فقال بلال: كيف ترى بيتنا هذا؟ قال: إنه لطيب والجنة أطيب منه وذكر النار يلهي عنه، قال: ما تقول في القدر؟ قال: جيرانك أهل القبور تفكر فيهم فإن فيهم شغلاً عنه، قال: ادع لي، قال: ما تصنع بدعائي وببابك جمع كل منهم يقول إنك ظلمته يرتفع دعاؤهم قبل دعائي؟ لا تظلم فلا تحتاج لدعائي.(1/304)
546 إذا ذكرتم بالله فانتهوا ( حسن ) البزارعن أبي سعيد المقبري مرسلا
الشرح:
(إذا ذكرتم بالله) بالبناء للمفعول مشدّداً أي إذا ذكركم أحد بوعيد الله وأليم عقابه وقد عزمتم على فعل شيء (فانتهوا) أي كفوا عنه إجلالاً لذكره تعالى وإعظاماً له، وهذا كقول المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد أقبل على أبي مسعود وهو يضرب غلاماً له: اعلم أبا مسعود أن الله أقدر منك عليك على هذا الغلام.
547 إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار يستطيب بهن فإنها تجزي عنه ( صحيح ) ( حم د ن ) عن عائشة .
548 إذا رأى أحدكم الرؤيا الحسنة فليفسرها و ليخبر بها و إذا رأى الرؤيا القبيحة فلا يفسرها و لا يخبر بها ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا رأى أحدكم الرؤيا) هي بمعنى الرؤية لكنها خصت بما يرى في النوم دون اليقظة وفرق بينهما بحرفي التأنيث كقربة وقربى كذا في الكشاف (الحسنة) وهي ما فيه بشارة أو نذارة أو تنبيه على تقصير أو غفول أو نحو ذلك (فليفسرها) أي فليقصها ندباً (وليخبر بها) وادّاً أو عارفاً كما يأتي في خبر ولا يستلزم أحد المعطوفين الآخر، فقد يراد بالثاني الإخبار على وجه الحكاية عما يسر لا لطلب التفسير (وإذا رأى) أحدكم (الرؤيا القبيحة) ضد الحسنة (فلا يفسرها) أي لا يقصها على أحد ليفسرها له (ولا يخبر بها) أحداً فيكره ذلك بل يستعيذ بالله من شرها وشر الشيطان ويتفل عن يساره ثلاثاً ويتحول لجنبه الآخر، قيل ويقرأ آية الكرسي0000000
549 إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها و ليحدث بها و إذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله و لا يذكرها لأحد فإنها لا تضره0( صحيح ) ( حم خ ت ) عن أبي سعيد .(1/305)
550 إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها و ليحدث بها و إذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها و لا يذكرها لأحد فإنها لا تضره (صحيح)(حم خ ه)عن أبي سعيد
الشرح:
بأن يقول الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يحبه قال ذلك (وليحدّث بها) غيره (وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي ) أي الرؤيا (من الشيطان) ليحزنه ويشوش عليه فكره ليشغله عن العبادة فلا يخبر بها ولا يشتغل بها. قال النووي: جعل ما هو علامة عل ما يضر منتسباً للشيطان مع أن الله هو خالق للرؤيا مجازاً لحضوره عندها، لا على أن الشيطان يفعل ما يشاء. وقيل: إضافة الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف، وإضافة المكروهة إلى الشيطان لأنه يرضاها (فليستعذ بالله) من شرها وشر الشيطان (ولا يذكرها لأحد) فإنه ربما فسرها تفسيراً مكروهاً على ظاهر صورتها وكان ذلك محتملاً فوقعت كذلك بتقدير الله (فإنها لا تضره) فإنه تعالى جعل فعله من التعوذ والتفل وغيره سبباً لسلامته من مكروه يترتب عليها كما جعل الصدقة وقاية للمال وسبباً لدفع البلاء. 00000 وقال بعضهم: محصل الحديث أن الرؤيا الصالحة آدابها ثلاثة: حمد الله وأن يستبشر بها وأن يتحدّث بها لمن يحب لا لغيره، وآداب الحلم الرديء أربعة: التعوّذ من شره وشر الشيطان. ويتفل حين ينتبه، ولا يذكرها لأحد. واستثنى الداودي من نوم ما يكره ما يكون في الرؤيا الصادقة لكونها قد تقع إنذاراً كما تقع تبشيراً وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي فلا يشرع التعوّذ إذا عرف أنها صادقة بدليل ما رآه المصطفى صلى الله عليه وسلم من البقر التي تنحر وثلم ذباب سيفه لكن لا يلزم من ترك التعوذ ترك التحول والصلاة فقد يكون سبباً لدفع مكروه الإنذار مع حصول مقصوده، على أن المنذرة قد ترجع لمعنى المبشرة 00(1/306)
551 إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثا و ليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا و ليتحول عن جنبه الذي كان عليه( صحيح )
( م د ه ) عن جابر .
الشرح:
(إذا رأى أحدكم) في منامه 00 (فليبصق) بالصاد ويقال بسين وبزاي (عن يساره) أي عن جانبه الأيسر (ثلاثاً) كراهة لما رأى وتحقيراً للشيطان الذي حضرها واستقذاراً له وخص اليسار لأنه محل الأقذار والمكروهات والتثليث للتأكيد (وليستعذ بالله) بجمع همة وحضور قلب وصفاء باطن وصحة توجه فلا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان كما أشار إليه بعض الأعيان (من الشيطان) الرجيم (ثلاثاً) بأن يقول أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم ومن شرها لأنها بواسطته (وليتحول) أي ينتقل (عن جنبه الذي كان) مضطجعاً (عليه) حين رأى ذلك تفاؤلاً بتحول تلك الحالة ومجانبة لمكانه ولهذا أمر الناعس يوم الجمعة بالتحول، والتحول التنقل من شيء إلى غيره، والجنب ما تحت الإبط إلى الكشح0000
552 إذا رأى أحدكم المرأة التي تعجبه فليرجع إلى أهله حتى يقع بهم فإن ذلك معهم ( صحيح ) ( حب ) عن جابر .
553 إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه( صحيح ) ( ق ن ) عن عامر بن ربيعة .
554 إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فليتحول و ليتفل عن يساره ثلاثا و ليسأل الله من خيرها و ليتعوذ بالله من شرها( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
555 ( إذا رأى أحدكم مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به و فضلني عليك و على كثير من عباده تفضيلا كان شكر تلك النعمة )
( حسن ) هب عن أبي هريرة .
الشرح:(1/307)
(إذا رأى أحدكم مبتلى فقال الحمد لله الذي عافاني) أي نجاني وسلمني، قال في الصحاح: العافية دفاع الله عن العبد (مما ابتلاك به) قال الطيبي: فيه إشعار بأن الكلام ليس في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلقة بل لكونه عاصياً متخلفاً خلع العذار ولذلك خاطبه بقوله مما ابتلاك به ولو كان المراد المريض لم يحسن الخطاب بقوله (وفضلني عليك) أي صيرني أفضل منك أي أكثر خيراً أو أحسن حالاً، وفي الصحاح فضله على غيره: حكم له بذلك أو صيره كذلك (وعلى كثير من عباده) مصدر مؤكد لما قبله (كان شكر تلك النعمة) أي كان قوله ما ذكر قياماً بشكر تلك النعمة المنعم بها عليه، وهي معافاته من ذلك البلاء، والخطاب في قوله: ابتلاك، وعليك: يؤذن بأن يظهر له ذلك ويسمعه إياه، وموضعه ما إذا لم يخف فتنته 000
556 إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة فإن العين حق ( صحيح ) ( ع طب ك ) عن عامر بن ربيعة .
الشرح:
(إذا رأى) أي علم (أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه) من النسب أو الإسلام (ما يعجبه) أي ما يستحسنه ويرضاه من أعجبه الشيء رضيه (فليدع له بالبركة) ندباً بأن يقول اللهم بارك فيه ولا تضره ويندب أن يقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لخبر رواه أبو داود (فإن العين) أي الإصابة بالعين (حق) أي كائن يقضي به في الوضع الإلهي لا شبهة في تأثيرها في النفوس فضلاً عن الأموال وذلك لأن بعض النفوس الإنسانية يثبت لها قوة هي مبدأ الأفعال الغريبة 00000
557 إذا رأى المؤمن ما فسح له في قبره فيقول: دعوني أبشر أهلي فيقال له: اسكن ( صحيح ) ( حم الضياء ) عن جابر .
558 إذا رأت فأنزلت فعليها الغسل ( صحيح ) ( ه ) عن أنس .
559 إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ( صحيح ) ( خ ) عن عمر .(1/308)
560 إذا رأيت الأمة ولدت ربتها و رأيت أصحاب البنيان يتطاولون بالبنيان و رأيت الحفاة الجياع العالة كانوا رءوس الناس فذلك من معالم الساعة و أشراطها ( صحيح )( حم ) عن ابن عباس .
561 إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب و هو مقيم على معاصيه فإنما ذلك منه استدراج(صحيح)(حم طب هب)عن عقبة بن عامر0
الشرح:
(إذا رأيت الله تعالى) أي علمت أنه (يعطي العبد) عبر بالمضارع إشارة إلى تجدد الإعطاء وتكرره (من الدنيا) أي من زهرتها وزينتها (ما يحبه) أي العبد من نحو مال وولد وجاه (وهو مقيم) أي والحال أنه مقيم (على معاصيه) أي عاكف عليها ملازم لها (فإنما ذلك) أي فاعلموا أنما إعطاؤه ما يحب من الدنيا (منه) أي من الله (استدراج) أي أخذ بتدريج واستنزال من درجة إلى أخرى، فكلما فعل معصية قابلها بنعمة وأنساه الاستغفار فيدنيه من العذاب قليلاً قليلاً ثم يصبه عليه صباً. قال إمام الحرمين: إذا سمعت بحال الكفار وخلودهم في النار فلا تأمن على نفسك فإن الأمر على خطر، فلا تدري ماذا يكون وما سبق لك في الغيب، ولا تغتر بصفاء الأوقات فإن تحتها غوامض الآفات. وقال علي كرم الله وجهه: كم من مستدرج بالإحسان وكم من مفتون بحسن القول فيه. وكم من مغرور بالستر عليه، وقيل لذي النون: ما أقصى ما يخدع به العبد؟ قال: بالألطاف والكرامات {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} وفي الحكم: خف من وجود إحسانه إليك ودوام إساءتك معه أن يكون ذلك استدراجاً. والاستدراج الأخذ بالتدريج لا مباغتة. والمراد هنا تقريب الله العبد إلى العقوبة شيئاً فشيئاً، واستدراجه تعالى للعبد أنه كلما جدد ذنباً جدد له نعمة وأنساه الاستغفار فيزداد أشراً وبطراً فيندرج في المعاصي بسبب تواتر النعم عليه ظاناً أن تواترها تقريب من الله، وإنما هو خذلان وتبعيد.
562 إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك و توضأ وضوءك للصلاة و إذا نضحت الماء فاغتسل( صحيح ) ( د ن حب ) عن علي .(1/309)
563 إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم و خفت أماناتهم و كانوا هكذا - و شبك بين أنامله - فالزم بيتك و املك عليك لسانك و خذ ما تعرف و دع ما تنكر و عليك بخاصة أمر نفسك و دع عنك أمر العامة0 ( صحيح )
( ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إذا رأيت الناس) أي وجدتهم (قد مرجت) بميم وجيم مفتوحتين بينهما راء مكسورة (عهودهم) جملة حالية أي اختلفت وفسدت وقلت فيهم أسباب الديانات والأمانات000 والعهود جمع عهد، وهو اليمين والأمان والذمّة والحفاظ ورعاية الحرمة والوصية. قال ابن الأثير: ولا تخرج الأخبار الواردة فيه عن أحدهما (وخفت) بالتشديد، قلت من قولهم خفت القوم قلوا (أماناتهم) جمع أمانة ضد الخيانة (وكانوا هكذا) وبين الراوي ما وقعت عليه الإشارة بقوله (وشبك) أي خلط (بين أنامله) أي أنامل أصابع يديه إشارة إلى تموج بعضهم في بعض وتلبيس أمر دينهم، فلا يعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر (فالزم بيتك) يعني اعتزل الناس وانحجب عنهم في مكانك إلا لما لا بدّ فيه (وأملك) بقطع الهمزة وكسر اللام (عليك لسانك) أي احفظه وصنه ولا تجره إلا فيما لك لا عليك أو امسكه عما لا يعنيك. قال الزمخشري: من المجاز اخزن لسانك وسرك. وخصه لأن الأعضاء تبع له، فإن استقام استقامت وإن اعوج اعوجت كما مر(وخذ ما تعرف)من أمر الدين: أي الزم فعل ما تعرف كونه حقاً من أحوالك التي تنتفع بها دنيا وأخرى (ودع ما تنكر) من أمر الناس المخالف للشرع وانظر إلى تدبير الله فيهم بقلبك فإنه قسم بينهم أخلاقهم كما قسم بينهم أرزاقهم ولو شاء لجمعهم على خلق واحد فلا تغفل عن النظر إلى تدبيره تعالى فيهم فإذا رأيت معصية فاحمد الله إذ صرفها عنك في وقتك وتلطف في الأمر والنهي في رفق وصبر وسكينة فإن قبل منك فاحمد الله وإلا فاستغفره لتفريطك {واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} (وعليك بخاصة نفسك) وفي رواية بخويصة مصغراً واستعملها في المشروع وكفها عن المنهي والزم أمر نفسك(1/310)
والزم دينك واترك الناس ولا تتبعهم000(ودع عنك أمر العامة) أي كافة الناس فليس المراد العوام فقط فإذا غلب على ظنك أن المنكر لا يزول بإنكارك لغلبة الابتلاء لعمومه أو تسلط فاعله وتحيره أو خفت على نفسك أو محترم غيرك محذوراً بسبب الإنكار فأنت في سعة من تركه والإنكار بالقلب مع الانجماع وهذا رخصة في ترك الأمر بالمعروف إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار 0000
564 ( إذا رأيتم آية فاسجدوا ) ( حسن ) د ت عن ابن عباس .
الشرح:
(إذا رأيتم آية) علامة تبدو بنزول بلاء ومحنة وانقشاع سحب الرحمة ومنه انقراض الأنبياء وأزواجهم الآخذات عنهم إذ هن ذوات البركة الناقلات لنا عنهم بواطن الشريعة ما لا يظهر عليه الرجال فبحياتهم يندفع العذاب عن الناس (فاسجدوا) لله التجاءاً إليه ولياذاً به في دفع ما عساه يحصل من العذاب عند انقطاع بركتهن فالسجود لدفع الخلل الحاصل 000
قال الطيبي: وقوله إذا رأيتم آية فاسجدوا مطلق فإن أريد بالآية كسوف الشمس والقمر فالمراد بالسجود الصلاة وإن كانت غيرها كمجيء نحو ريح شديد وزلزلة فالسجود هو المتعارف ويجوز الحمل على الصلاة أيضاً لما ورد كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة00000
565 إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع ( صحيح )
( حم ق 3 ) عن أبي سعيد ( خ ) عن جابر .
566 إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن عامر بن ربيعة .
الشرح:(1/311)
(إذا رأيتم الجنازة) بفتح الجيم وكسرها أي الميت في النعش (فقوموا لها) هبها مسلمة أم ذمية ففي البخاري أن المصطفى صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له إنه يهودي فقال أليست نفساً؟ وذلك إكراماً لقابض روحها أو لأجل ما معها من الملائكة والمراد في الكافر ملائكة العذاب أو لصعوبة الموت وتذكره، لا لذات الميت، فالقيام لتعظيم أمر الموت وإجلال حكم الله. وقال القاضي: الباعث على القيام إما تعظيم الميت أي المسلم وإما تهويل الموت والتنبيه على أنه بحال ينبغي أن يفر من رأى ميتاً رعباً منه (حتى تخلفكم) بضم الفوقية وفتح المعجمة وكسر اللام مشددة أي تترككم خلفها وفي نسبة ذلك إليها تجوز لأن المخلف حاملها لا هي (أو توضع) عن الأعناق على الأرض أو في اللحد، وأو للتنويع والأمر بالقيام إنما هو للقاعد أما الراكب فيقف وفيه أن القيام للجنازة مشروع لما ذكر وبه أخذ جمع من السلف والخلف وتبعهم النووي في المجموع فاختار ندبه من حيث الدليل مخالفاً لما جرى عليه في روضته من الكراهة. وقال الشافعي وأبو حنيفة وصاحباه أن الأمر بالقيام منسوخ لخبر مسلم عن علي رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا وخبر أبي داود قام في الجنازة ثم قعد. قال القاضي: والحديث محتمل لمعنيين أحدهما أنه كان يقوم للجنازة ثم يقعد بعد قيامه إذا تجاوزت وبعدت عنه والثاني أنه كان يقوم أياماً ثم لم يكن يقوم بعد ذلك وعليه يكون فعله الأخير قرينة وإمارة على أن الأمر الوارد في الخبر للندب ويحتمل أن يكون ناسخاً للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر وإن كان مخصوصاً بنا دونه لأن الآمر لا يكون مأموراً بأمره والفعل صورة تختص بمن يتعاطاه إلا أن فعله المتأخر من حيث أنه يجب علينا الأخذ به عارضه فنسخه والأول أرحج لأن احتمال المجاز أقرب من النسخ انتهى. ثم هذا كله في القاعد إذا مرت به أما مشيعها فيندب أن لا يقعد حتى توضع كما جزم به بعضهم لكن يرده ما في(1/312)
أبي داود والترمذي وابن ماجه عن عبادة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا شيع جنازة لم يقعد حتى توضع في اللحد فعرض له حبر من اليهود فقال له إنا هكذا نصنع يا محمد فجلس وقال خالفوهم.
567 إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه و لا تكنوا0 ( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي .
الشرح:
(إذا رأيتم الرج ليتعزى) أي ينتسب (بعزاء الجاهلية) أي بنسبها والانتماء إليها، يقال: اعتزى إليه أي انتسب وانتمى وتعزى كذلك (فأعضوه) أي اشتموه (بهن أبيه) أي قولوا له: اعضض بِهَنِّ أبيك أو بذَكَرِهِ، وصَرِّحُوا بلفظ الذكر (ولا تكنوا) عنه بالهن تنكيراً وزجراً، وقيل معناه من انتسب وانتمى إلى الجاهلية بإحياء سنة أهلها واتباع سبيلهم في الشتم واللعن والتعبير ومواجهتكم بالمنكر فاذكروا له قبائح آبائه من عبادة الأصنام وشرب الخمر وغيرهما صريحاً لا كناية ليرتدع به عن التعرض للأعراض. وقال ابن جرير: معنى الاعتراض هنا إنما هو دعوى القائل يا آل فلان: أي تعريضاً بنجدتهم وتذكيراً بشجاعتهم. قال: وهذا مخصوص بغير الحرب، فلا بأس بذكر القبائل فيه، لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر في وقعة هوازن العباس أن ينادي بأعلى صوته: أين أصحاب الشجرة يا بني الحارث؟ أين الخزرج يا كذا يا كذا؟ فهو منهي عنه إلا في هذا الموضع. وخص الأب لأن هتك عورته أقبح.
568 إذا رأيتم الليل قد أقبل من هاهنا فقد أفطر الصائم ( صحيح )
( ق د ) عن عبدالله بن أبي أوفى .
569 إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب ( صحيح )
( حم خد م د ت ) عن المقداد بن الأسود ( طب هب ) عن ابن عمر
( طب ) عن ابن عمرو ( الحاكم في الكنى ) عن أنس .
الشرح:(1/313)
(إذا رأيتم المداحين) أي الذين صناعتهم الثناء على الناس والمدح كما في الصحاح الثناء الحسن قال التبريزي من قولهم تمدحت الأرض إذا اتسعت فكان معنى مدحته وسعته شكراً (فاحثوا في وجوههم التراب) الحثو في التراب بمنزلة الصب في الماء والمراد زجر المادح والحث على منعه من المدح لإيرائه الغرور والتكبر أو أنه يخيب ولا يعطي أو معناه أعطوهم قليلاً، يشبه التراب لقلته وخسته أو اقطعوا ألسنتهم بالمال فإنه شيء حقير كالتراب وهذا يؤذن بذم الاحتراف بالشعر وقيل لا تؤاخ شاعراً فإنه يمدحك بثمن ويهجوك مجاناً 000000
570 إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم و خفت أماناتهم و كانوا هكذا
- و شبك بين أصابعه - فالزم بيتك و املك عليك لسانك و خذ بما تعرفه و دع ما تنكر و عليك بأمر خاصة نفسك و دع عنك أمر العامة( صحيح )
( د ) عن ابن عمرو .
571 إذا رأيتم الهلال فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له( صحيح ) ( ق ن ه حب ) عن ابن عمر .
572 إذا رأيتم الهلال فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين يوما( صحيح) ( حم ق)عن جابر( حم م ن ه )عن أبي هريرة ( ن ) عن ابن عباس ( د ) عن حذيفة ( حم ) عن طلق بن علي .
573 إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك و إذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك ضالتك( صحيح )
( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/314)
(إذا رأيتم من) أي مكلفاً (يبيع أو يبتاع) أي يشتري (في المسجد فقولوا) أي ادعوا عليه ندباً وقيل وجوباً بنحو (لا أربح الله تجارتك) فإن المسجد سوق الآخرة، فمن عكس وجعله سوقاً للدنيا فحري بأنه يدعى عليه بالخسران والحرمان، وليس الوقف على قوله: لا كما يتوهمه بعض الجاهلين - بل المراد الدعاء عليه بعدم الربح والوجدان كما صرح به مع وضوحه بعض الأعيان منهم النووي في الأذكار حيث قال: باب إنكاره ودعائه على من ينشد ضالته في المسجد أو يبيع فيه: ثم أورد فيه أحاديث هذا منها، قال جمع من أئمتنا: يندب لمن راى من يبيع أو يشتري أو ينشد ضالته في المسجد أن يقول: لا أربح الله تجارتك، ولا وجدت: ثم إن هذا وما بعده من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويشترط له شروطه، وإذا دعا عليه بذلك فإن انزجر وكف فذاك، وإلا كرره، وعليه حمل ما وقع في حديث ثوبان من أنه يكرره ثلاثاً (وإذا رأيتم من ينشد) بفتح أوله يتطلب(1/315)
(فيه ضالة) بالتاء، يقع على الذكر والأنثى، يقال ضللت الشيء إذا أخطأته فلم تهتد له، ويختص أصالة بالحيوان، والمراد هنا شيء ضاع (فقولوا) له (لا ردّها) الله (عليك) أو لا وجدت كما في رواية - زجراً له عن ترك تعظيم المسجد، زاد مسلم: فإن المساجد لم تبن لهذا: أي وإنما بنيت لذكر الله تعالى والصلاة والعلم والمذاكرة في الخير ونحو ذلك، ولما وضع الشيء في غير محله ناسب الدعاء عليه بعدم الربح والوجدان معاقبة له بنقيض قصده وترهيباً وتنفيراً من مثل فعله، فيكره ذلك بالمسجد تنزيهاً عند الشافعي إلا لضرورة وقيده الحنفية بما إذا أكثر ذلك فيه، ونبه بذكر البيع والشراء على كل معاملة واقتضاء حق ورام زيادة التنبيه على ذلك بذكر النشد فإن صاحب الضالة معلق القلب بها، وغيره مأمور بمعاونته فإذا منع فغيرة من كل أمر دنيوي أولى للكلام فيمن بلغه النهي فخالف إذا أمكنه التعلم ففرط، أما غيره فمعذور فلا يدعى عليه، بل يعلم، وألحق جمع - منهم الحافظ العراقي بإنشاد الضالة تعريفها. ولذلك قال الشافعية: يعرفها على باب المسجد قال النووي: وفيه كراهة نشد الضالة ورفع الصوت فيه000
574 إذا رأيتم هلال ذي الحجة و أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره و أظفاره ( صحيح ) ( م ) عن أم سلمة .
الشرح:
(إذا رأيتم هلال ذي الحجة) بكسر الحاء أفصح من فتحها أي علمتم بدخوله (وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره) أي فليجتنب المضحي إزالة شعر نفسه ليبقى كامل الجزاء فيعتق كله من النار. قال التوربيشي: كأن سر ذلك أن المضحي يجعل أضحيته فدية لنفسه من العذاب حيث رأى نفسه مستوجبة العقاب وهو القتل ولم يؤذن فيه ففداها وصار كل جزء منها فداء كل جزء منه فلذلك نهى عن إزالة الشعر والبشر لئلا يفقد من ذلك قسط مّا عند تنزل الرحمة وفيضان النور الإلهي لتتم له الفضائل وينزّه عن النقائص والرذائل00000(1/316)
575 إذا رأيتني على مثل هذه الحالة - يعني البول - فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك ( صحيح ) ( ه ) عن جابر .
576 إذا ركبتم هذه البهائم العجم فانجوا عليها فإذا كانت سنة فانجوا و عليكم بالدلجة فإنما يطويها الله( صحيح ) ( طب ) عن عبدالله بن مغفل .
الشرح:
(إذا ركبتم هذه الدواب) وفي نسخة البهائم (العجم) بضم فسكون (فانجوا عليها) أي أسرعوا والنجاء بالمد والقصر السرعة أي اطلبوا النجاء من مفاوزكم بسرعة السير عليها سواء كانت سنة جدب أو لا إذ الطريق يطلب الإسراع في قطعه حيث المرعى موجود والقدرة حاصلة ثم فصل أحوال السير بقوله (فإذا كانت سنة) بالتحريك أي جدباء بحيث لم يكن في طريقكم ما ترعاه لو تأنيتم (فانجوا) أي أسرعوا أي زيدوا في الإسراع بحيث لا يضرها (وعليكم بالدلجة) بالضم والفتح أي الزموا سير الليل وأولج مخففاً سار من أول الليل ومشدداً من آخره ومنهم من جعل الإدلاج لليل كله ولعل المراد بقوله (فإنما يطويها الله) أي لا يطوي الأرض للمسافر فيها حينئذ إلا الله عز وجل إكراماً له حيث أتى بهذا الأدب الشرعي (فإن قلت) قد أمر بالنجاء على الدابة والأمر مطلق فكيف خصه بعد ذلك بما إذا كانت سنة؟ (قلت) أمر أولاً في شأنها بأمر واحد وهو السرعة عليها هبه في جدب أو خصب وأمر ثانياً فيما إذا كان جذب بأمرين السرعة والدلجة معاً 000
577 إذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن و إذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتى تجد حجم الأرض( حسن )( حم ) عن ابن عباس .
578 إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء( صحيح )
( د ) عن عائشة .
579 إذا رميت الصيد فأدركته بعد ثلاث ليال و سهمك فيه فكله ما لم ينتن
( صحيح ) ( د ) عن أبي ثعلبة .
580 إذا رميت بالمعراض الصيد فخرق فكله و إن أصابه بعرضه فلا تأكله فإنه وقيذ( صحيح ) ( حم م د ت ه ) عن عدي بن حاتم .
581 إذا رميت بسهمك و غاب ثلاثة أيام و أدركته فكله ما لم ينتن(1/317)
( صحيح ) ( حم م ) عن أبي ثعلبة .
582 إذا رويت أهلك من اللبن غبوقا فاجتنب ما نهى الله عنه من ميتة
( صحيح ) ( ك هق ) عن سمرة .
583 إذا زار أحدكم أخاه فجلس عنده فلا يقومن حتى يستأذنه ( صحيح ) ( فر ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا زار) أي قصد (أحدكم أخاه) في الدين للزيارة إكراماً له وإظهاراً لمودته وشوقاً للقائه (فجلس عنده) أي في محله والفاء سببية أو تعقيبية وفيها معنى الواو على وجه (فلا يقومن حتى يستأذنه) أي لا يقوم لينصرف إلا بإذنه لأنه أمير عليه كما في الخبر المار ولئلا يفوته ما عساه يشرع فيه من إكرامه بنحو ضيافة والأمر للندب وهذا من مكارم الأخلاق وحسن الإخاء، والزيارة عرفاً قصد المزور إكراماً له وإيناساً به وآدابها بضعة عشر أن لا يقابل الباب عند الاستئذان وأن يدقه برفق وأدب وأن لا يبهم نفسه كأن يقول أنا وأن لا يحضر في وقت غير لائق كوقت الاستراحة مع الأهل والخلوة بهم ويخفف الجلوس ويغض البصر ويظهر الرقة ويدعو بإخلاص ويقبل إكرام المزور ويوسع للمريض في الأجل ويطمعه في الحياة ولا يتكلم عنده بما يزعجه ويشير إليه بالصبر ويحذره من الجزع00
584 إذا زار أحدكم قوما فلا يصل بهم و ليصل بهم رجل منهم
( صحيح ) ( حم 3 ) عن مالك بن الحويرث .
الشرح:
(إذا زار أحدكم قوماً) مثلاً والمراد زار بعض إخوانه متعدداً أو واحداً (فلا يصل بهم) أي لا يؤمهم في منزلهم بغير إذنهم لأن رب الدار أولى بالتقدم (وليصل بهم) ندباً (رجل منهم) لأن أصحاب المنزل أحق بالإقامة فإن قدموه فلا بأس والمراد بصاحب المنزل مالك منفعته 000
585 ( إذا زخرفتم مساجدكم و حليتم مصاحفكم فالدمار عليكم ) ( حسن ) الحكيم عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/318)
(إذا زخرفتم مساجدكم) أي حسنتموها بالنقش والتزويق قال الراغب: الزخرف الزينة المزوقة ومنه قيل للذهب زخرف وفي الصحاح الزخرف الذهب ثم شبه به كل مموه مزوق (وحليتم) زينتم (مصاحفكم) بالذهب والفضة جمع مصحف مثلث الميم وأصله الضم كما في الصحاح 000 (فالدمار) بفتح الدال المهملة مخففاً الهلاك. قال الزمخشري: الدمار الهلاك المستأصل (عليكم) دعاء أو خبر فزخرفة المساجد وتحلية المصاحف منهي عنها لأن ذلك يشغل القلب ويلهي عن الخشوع والتدبر والحضور مع الله تعالى والذي عليه الشافعية أن تزويق المسجد ولو الكعبة بذهب أو فضة حرام مطلقاً وبغيرهما مكروه ويحرم مما وقف عليه وأن تحلية المصحف بذهب يجوز للمرأة لا للرجل وبالفضة يجوز مطلقاً.
586 إذا زنى العبد خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلة فإذا أقلع رجع إليه ( صحيح ) ( د ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/319)
(إذا زنى العبد) أي أخذ في الزنا (خرج منه الإيمان) أي نوره أو كماله (فكان على رأسه كالظلة) بضم الظاء وشد اللام السحابة فلا يزول حكمه ولا يرتفع عنه اسمه ما دام فيه لأن للإيمان أنواراً في القلب وآثاراً في الجوارح فيقبل عند مقارفة المعاصي ويظلم عند التلبس بالذنوب والمؤمن لا يزني إلا إذا استولى شبقه واشتعلت شهوته بحيث تغلب إيمانه وتشغله عنه فيصير في تلك الحالة كالفاقد للإيمان لا يرتفع عنه اسمه ولا يزول حكمه بل هو في كنف رعايته وظل عصمته والإيمان مظل عليه كالظلة وهي أول سحابة تظل على الأرض فإذا فرغ منه زال الشبق المعاوق عن الثبات على ما يأمره إيمانه والموجب لذهوله ونسيانه عاد الإيمان وأخذ في القوة والازدياد كما قال(فإذا أقلع)أي نزع عن المعصية وتاب منها توبة صحيحة بشروطها 00 (رجع إليه) الإيمان أي نوره وكماله فالمسلوب اسم الإيمان المطلق لا مطلق الإيمان ولا يلزم من ثبوت جزء من الإيمان أن يسمى مؤمناً كما أن من يكون معه جزء من الفقه لا يسمى فقيهاً فكذا يكون معه شيء من التقوى ولا يسمى متقياً فالحديث على ظاهره 000
587 إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها و لا يثرب ثم إن زنت فليجلدها و لا يثرب ثم إن زنت الثالثة فليبعها و لو بحبل من شعر
( صحيح ) ( حم ق ن د ه ) عن أبي هريرة وزيد بن خالد .
588 إذا سافرتما فأذنا و أقيما و ليؤمكما أكبركما ( صحيح )
( ت ن حب ) عن مالك بن الحويرث .
589 إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض و إذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير و إذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها طرق الدواب و مأوى الهوام بالليل ( صحيح ) ( م د ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/320)
(إذا سافرتم في الخصب) بكسر الخاء المعجمة وسكون المهملة زمن كثرة النبت والعلف (فأعطوا الإبل) ونحوها من الخيل والبغال والحمير وخص الإبل لأنها غالب مراكب العرب (حظها) أي نصيبها (من الأرض) أي من نباتها بأن تمكنوها من الرعي في بعض النهار وفي أثناء السير جعله حظاً لأن صاحبها إذا أحسن رعيها سمنت وحسنت في عينه فينفس بها ولم ينحرها ذكره الزمخشري وفي رواية بدل حظها حقها قال القاضي: حظها من الأرض رعيها فيها ساعة فساعة (وإذا سافرتم في السنة) بفتح المهملة الجدب والقحط وانعدام النبت أو قلته (فأسرعوا عليها السير) لتصل المقصد وبها بقية من قوتها لفقد ما يقويها على السير. قال القاضي: معناه إذا كان الزمان زمان قحط فأسرعوا السير عليها ولا تتعوقوا في الطريق لتبلغكم المنزل قبل أن تضعف وقد صرح بهذا في رواية أخرى وهي إذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها وأسرعوا عليها السير ما دامت قوية باقية النقى وهو المخ (وإذا عرستم) بالتشديد نزلتم (بالليل) أي آخره لنحو نوم واستراحة والتعريس نزول المسافر للاستراحة آخر الليل (فاجتنبوا الطريق) أي اعدلوا وأعرضوا عنها وانزلوا يمنة أو يسرة (فإنها طرق الدواب ومأوى الهوام) أي محل ترددها (بالليل) لتأكل ما فيه من الرمة وتلتقط ما سقط من المارة من نحو مأكول فينبغي التعريج عنها حذراً من أذاها 000وفيه حث على الرفق بالدواب ورعاية مصلحتها وحفظ المال وصيانة الروح والتحذير من المواضع التي هي مظنة الضرر والأذى ويكره النزول بالطريق نهاراً أيضاً وخص الليل لأنه أشد كراهة والهوام جمع هامة ما له سم يقتل كحية وقد يطلق على ما لا يقتل كالحشرات على الاستعارة بجامع الأذى.
590 إذا ساق الله إليك رزقا من غير مسألة و لا إشراف نفس فخذه فإن الله أعطاكه( صحيح ) ( حب ) عن عمر .
591 إذا سأل أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه( صحيح )( حب ) عن عائشة .(1/321)
592 إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه سر الجنة ( صحيح )
( طب ) عن العرباض .
الشرح:
(إذا سألتم الله تعالى) أي أردتم سؤاله (فاسألوه الفردوس) لفظ سرياني أو رومي أو قبطي (فإنه سر الجنة) بكسر السين وشدّ الراء: أفضل موضع فيها والسر جوف كل شيء ولبه خالصه والمراد أنه وسط الجنة وأوسعها وأعلاها وأفضلها والوسط أبعد من الخلل والآفات من الأطراف. قال ابن القيم: والجبة مقببة أعلاها أوسعها وكلما علت اتسعت وهذا الحديث ورد بألفاظ أخر منها ما في الصحيحين إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلا الجنة أي في الارتفاع وفوقه عرش الرحمن واستشكل بخبر أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً إذا صليتم عليّ فاسألوا الله لي الوسيلة أعلى درجة في الجبة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو وفي حديث آخر الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة فاسألوا الله لي الوسيلة فقضيته أن الوسيلة أعلى درجات الجنة وهي خاصة به فهي أعلى الفردوس وجمع بأن الفردوس أعلى الجنة وفيه درجات أعلاها الوسيلة ولا مانع من انقسام الدرجة الواحدة إلى درجات بعضها أعلى من بعض0000
593 إذا سألتم الله تعالى فاسألوه ببطون أكفكم و لا تسألوه بظهورها
( صحيح ) ( د ) عن مالك بن يسار السكوني ( ه طب ك ) عن ابن عباس وزاد: وامسحوا بها وجوهكم .
الشرح:(1/322)
(إذا سألتم الله تعالى) جلب نعمة (فاسألوه ببطون) قال الطيبي: الباء للآلة ويجوز كونها للمصاحبة كما مر (أكفكم) لا بظهورها فإنه غير لائق بالأدب ولذلك زاد الأمر تأكيداً بتصريحه بالنهي عن ضده فقال (ولا تسألوه بظهورها) وذلك لأن من عادة من طلب شيئاً من غيره أن يمد بطن كفه إليه ليضع النائل فيها كما مر ولأن أصل شرعية الدعاء إظهار الانكسار بين يدي الجبار والثناء عليه بمحامده والاعتراف بغاية الذلة والمسكنة وذلك ابتهال قولي ولا بد في كمال إظهار الانكسار والافتقار من ضم الابتهال الفعلي إليه وذلك بمد بطن الكف على سبيل الضراعة إليه ليصير كالسائل المتكفف لأن يملأ كفه بما يسد به حاجته ولا ينافيه خبر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم استسقى وأشار بظهر كفه إلى السماء لأن معناه رفعها رفعاً تاماً حتى ظهر بياض إبطيه وصارت كفاه محاذيتين لرأسه ملتمساً إلى أن يغمره برحمته وذلك لمساس الحاجة إلى الغيث عند الجدب {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد} أما لو دعى بدفع نقمة فبظهورها كما في أخبار كثيرة.
594 إذا سبك رجل بما يعلم منك فلا تسبه بما تعلم منه فيكون أجر ذلك لك و وباله عليه( صحيح ) ( ابن منيع ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا سبك) أي شتمك (رجل) يعني إنسان (بما يعلم منك) من النقائص والمعايب معيراً لك بذلك قاصداً أذاك (فلا تسبه) أنت (بما تعلم منه) من ذلك يعني إذا شتمك وعيرك بما فيك فلا تكافئه بشتمه ولا تعيره بما فيه وعلله بقوله (فيكون أجر ذلك) السب (لك) بتركك لحقك وعدم انتصارك لنفسك وكف عن مقابلته بما يستحقه من إذاعة نقائصه ومواجهته بها واحتمل أذاه (و) دعه يكون (وباله) أي سوء عاقبته في الدنيا والآخرة (عليه) {وما الله بغافل عما تعملون} ولله در القائل:
لا تهتكن من مساوي الناس ما سترا * فيهتك الله ستراً عن مساويكا
واذكر محاسن ما فيهم إذا ذكروا * ولا تعب أحداً منهم بما فيكا(1/323)
595 إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير و ليضع يديه قبل ركبتيه
( صحيح ) ( د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) أي لا يقع على ركبتيه كما يقع البعير عليهما حين يقعد (وليضع يديه) أي كفيه (قبل أن يضع ركبتيه) لأنه أحسن في الخضوع وأفخم في الوقار وبه أخذ مالك0000000
596 إذا سجد أحدكم فليعتدل و لا يفترش ذراعيه افتراش الكلب ( صحيح )
( حم ت ه ابن خزيمة الضياء ) عن جابر .
الشرح:
(إذا سجد أحدكم فليعتدل) أي فليتوسط بين الافتراش والقبض في السجود بوضع كفيه على الأرض ورفع ذراعيه وجنبيه عنها لأنه أمكن وأشد اعتناء بالصلاة وفيه أنه يندب أن يجافي بطنه ومرفقيه عن فخذيه وجنبيه لكن الخطاب للرجال كما دل عليه تعبيره بأحدكم أما المرأة فتضم بعضها لبعض لأن المطلوب لها الستر (ولا يفترش) بالجزم على النهي أي المصلي (ذراعيه) بأن يجعلها كالفراش والبساط (افتراش الكلب) لما فيه من شوب استهانة بالعبادة التي هي أفضل العبادات فإن فعل كان مسيئاً مرتكباً لنهي التنزيه والكلب كل سبع عقور وغلب على هذا النائح 00000
597 إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه و كفاه و ركبتاه و قدماه
( صحيح ) ( حم م 4 ) عن العباس ( عبد بن حميد ) عن سعد .
الشرح:
(إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب) بالمد بوزن أفعال جمع إرب بكسر فسكون العضو (وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه) وجهه بالرفع مع ما عطف عليه بدل من سبعة بدل كل من كل وفيه أن أعضاء السجود سبعة فلا بد لوجود صورته الشرعية في الوجود من وضع بعض الجبهة على مصلاه ويجب مع ذلك وضع بعض بطن كفيه من ركبتيه وقدميه فلو لم يفعل لم تصح صلاته كما اقتضاه هذا الحديث وهو المفتي به عند الشافعية والسجود في الأصل تذلل مع تطامن وشرعاً وضع الجبهة على قصد العبادة.
598إذا سجدت فضع كفيك و ارفع مرفقيك( صحيح) ( حم م )عن البراء0
الشرح:(1/324)
000 بكسر الميم عن جنبيك وعن الأرض لأنه أشبه بالتواضع وأبعد من هيئة الكسالى وهذا مندوب للرجال كما تقرر000
599 إذا سرتم في أرض خصبة فأعطوا الدواب حظها و إذا سرتم في أرض مجدبة فانجوا عليها و إذا عرستم فلا تعرسوا على قارعة الطريق فإنها مأوى كل دابة ( صحيح ) ( البزار ) عن أنس .
الشرح:
(إذا سرتم في أرض خصبة) بكسر الخاء (فأعطوا الدواب حظها) من نبات الأرض وحظها الرعي منه (وإذا سرتم في أرض مجدبة) بدال مهملة ولم يكن معكم ولا في الطريق علف (فانجوا عليها) أي أسرعوا عليها السير لتبلغكم المنزل قبل ضعفها (وإذا عرستم فلا تعرسوا على قارعة الطريق) أعلاها أو أوسطها (فإنها مأوى كل دابة) أي مبيت كل دابة من الحشرات ونحوها التي تأوي إليها ليلاً.
600 إذا سرتك حسنتك و ساءتك سيئتك فأنت مؤمن ( صحيح )
( حم حب طب ك هب الضياء ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إذا سرتك) أي أفرحتك وأعجبتك وأصل السرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه (حسنتك) أي عبادتك لكونك جازماً بصدق الشارع فيما جاء به عن الله تعالى من حصول الثواب عليها سميت حسنة لأن بها يحسن حال فاعلها وهي سبب إحسان الله تعالى وإضافتها له من حيث الكسب (وساءتك سيئتك) أي أحزنك ذنبك لكونك قاطعاً بصدق الشارع فيما توعد به من العقاب عليها سميت سيئة لأن بها يسوء حال فاعلها وهي سبب كل سوء {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} (فأنت مؤمن) أي فذلك علامة إيمانك بل ذلك هو حقيقة الإيمان وليس الإيمان إلا تصديق الشارع فيما جاء به وفي الحزن على السيئة إشعار بالندم الذي هو أعظم أركان التوبة فكأنه قال إذا أتيت بالطاعة المأمور بها وكلما أذنبت ذنباً تبت منه كان ذلك علامة حسن الخاتمة وأنك تموت على الإيمان حقاً وقد أشار إلى ما قررته أولاً قول الطيبي يعني إذا صدرت منك طاعة وفرحت بها متيقناً بأنك تثاب عليها وإذا أصابتك معصية وحزنت عليها فذلك علامة الإيمان.(1/325)
601 إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى و ليأكلها و لا يدعها للشيطان و ليسلت أحدكم الصحفة فإنكم لا تدرون في أي طعامكم تكون البركة ( صحيح ) ( حم م 3 ) عن أنس .
602 إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما بها من الأذى و ليأكلها و لا يدعها للشيطان و لا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها فإنه لا يدري في أي طعامه البركة ( صحيح ) ( حم م ن ه ) عن جابر .
الشرح:
(إذا سقطت) وفي رواية وقعت (لقمة أحدكم) عند إرادة أكلها قال ابن العربي: وذلك إما من منازعة الشيطان فيها حين لم يسم الله عليها أو بسبب آخر ويرجح الأول قوله الآتي ولا يدعها للشيطان إذ هو إنما يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه انتهى وهو صريح في أنه لم يذكر اسم الله عليه ثم سقطت لا يندب له أخذها وأكلها ويكاد يكون باطلاً لمنافرته لإطلاق الحديث بلا موجب (فليمط) بلام الأمر (ما بها من الأذى) من تراب ونحوه مما يعاف وإن تنجست طهرها إن أمكن وإلا أطعمها حيواناً (وليأكلها) أو يطعمها غيره (ولا يدعها) أي يتركها ندباً (للشيطان) إبليس أو الجنس لما فيه من إضاعة نعمة الله واحتقارها والمانع من تناول تلك اللقمة الكبر غالباً وذلك مما يحبه الشيطان ويرضاه للإنسان ويدعو إليه إلا أنه يأخذها ويأكلها ولا بد00000 (ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعقها) بفتح أوله يلحسها هو (أو يلعقها) بضمه أي يلسحها لغيره من إنسان لا يستقذرها كزوجة وولد وخادم أو حيوان طاهر (فإنه لا يدري في أي طعامه) تكون (البركة) أي الخير الكثير والتغذية والقوة على الطاعة أو هو فيما بقي على الأصابع أو الإناء أو في اللقمة الساقطة؟ فإن كان فيها فيفوته بفوتها خير كثير، وفيه حل التمندل بعد الطعام0000
602 / 1 إذا سقى الرجل امرأته الماء أجر ( ضعيف )
( تخ طب ) عن العرباض . كان هذا الحديث فى ضعيف الجامع 646(1/326)
603 إذا سكر أحدكم فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه( صحيح ) ( د ه ) عن أبي هريرة .
604 إذا سل أحدكم سيفا لينظر إليه فأراد أن يناوله أخاه فليغمده ثم يناوله إياه ( حسن ) ( حم طب ك ) عن أبي بكرة .
605 إذا سلم عليكم أحدا من أهل الكتاب فقولوا: و عليكم ( صحيح )
( حم ق ت ه ) عن أنس .
الشرح:
(إذا سلم عليكم) أيها المسلمون (أحد من أهل الكتاب) اليهود والنصارى ولفظ أهل الكتاب وإن كان أعم بحسب المفهوم من التوراة والإنجيل لكنه خص استعمال الشرع بهما لأن غير اليهود والنصارى لم يوجد زمان البعثة (فقولوا) وجوباً في الردّ عليهم (وعليكم) فقط روي بالواو وبدونها. قال القرطبي: وحذفها أوضح معنى وأحسن وإثباتها أصح رواية وأشهر. قال الزركشي: الرواية الصحيحة عن مالك وابن عيينة بغير واو وهي أصوب وقال النووي إثباتها أجود فمعناه بدونها: عليكم ما تستحقونه، وبها: أنهم إن لم يقصدوا دعاء علينا فهو دعاء لهم بالإسلام فإنه مناط السلامة في الدارين، وإن قصدوا التعريض بالدعاء علينا فمعناه ونقول لكم وعليكم ما تريدون بها أو تستحقونه أو ندعو عليكم بما دعوتم به علينا ولا يكون عليكم عطفاً على عليكم في كلامهم وإلا فتضمن ذلك تقرير دعائهم علينا، وإنما اختار هذه الصيغة ليكون أبعد من الإيحاش وأقرب إلى الرفق المأمور به. قال النووي: اتفقوا على الرد على أهل الكتاب بما ذكر إذا سلموا، وقال غيره: فيه أنه لا يشرع ابتداء الكافر بالسلام لأنه بين حكم الجواب ولم يذكر حكم الابتداء وأن هذا الرد خاص بالكفار فلا يجزي في الرد على مسلم لاشتهار الصيغة في الرد على غيره. وقيل بإجزائها في أصل الرد وإنما امتنع السلام على الكافر لأنه لا سلامة له، إذ هو مخزي في الدنيا بالحرب والقتل والسبي وفي الآخرة بالعذاب الأبدي.
606 إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك فقل: و عليك(1/327)
( صحيح ) ( مالك حم ق ) عن ابن عمر .
607 إذا سمع أحدكم النداء و الإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه ( صحيح ) ( حم ك د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا سمع أحدكم النداء) أي الأذان للصبح وهو يريد الصوم (والإناء) مبتدأ (على يده) خبره (فلا يضعه) نهي أو نفي بمعناه (حتى يقضي حاجته) بأن يشرب منه كفايته ما لم يتحقق طلوع الفجر أو يظنه يقرب منه وما ذكر من أن المراد به أذان الصبح هو ما جزم به الرافعي فقال: أراد أذان بلال الأول بدليل إن بلالاً يؤذن بلبل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم 000
608 إذا سمعت الرجل يقول: هلك الناس فهو أهلكهم ( صحيح )
( مالك حم خد م د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا سمعت الرجل) يعني الإنسان (يقول هلك الناس) ودلت حاله على أنه يقول ذلك إعجاباً بنفسه وتيهاً بعلمه أو عبادته واستصغاراً لشأن الناس وازدراءاً لما هو عليه (فهو أهلكهم) بضم الكاف أشدهم هلاكاً وأحقهم بالهلاك أو أقربهم إليه لذمه الناس وذكره عيوبهم وتكبره وبفتحها فعل ماض أي فهو جعلهم هالكين إلا أنهم هلكوا حقيقة أو فهو أهلكهم لكونه أقنطهم عن رحمة الله وأيأسهم من غفرانه. قال النووي: والمشهور الرفع ويؤيده رواية أبي نعيم فهو من أهلكهم قال الغزالي: إنما قاله لأن هذا القول يدل على أنه مزدر لخلق الله مغتر بالله آمن من مكره غير خائف من سطوته وقهره حيث رأى الناس هالكين ورأى نفسه ناجياً وهو الهالك تحقيقاً لما رأى ذلك ويكفيه شراً احتقار الغير فالخلق يدركون النجاة بتعظيمهم إياه لله فهم متقربون إلى الله بالدنو منه وهو متمقت إلى الله بالتنزه والتباعد منهم كأنه يترفع عن مجالستهم فما أجدره بالهلاك انتهى أما لو قاله تفجعاً وإشفاقاً عليهم فليس محل الذم.
609 إذا سمعت النداء فأجب داعي الله(صحيح)(طب)عن كعب بن عجرة .
الشرح:(1/328)
(إذا سمعت النداء) أي الأذان فاللام عهدية ويجوز أن يقدر نداء المؤذن (فأجب داعي الله) وهو المؤذن لأنه الداعي لعبادته لقوله الحيعلتين والمراد أن يقول مثله ثم يجئ إلى الجماعة حيث لا عذر فالمراد الإجابة بالقول وبالفعل والسمع محل القوة السامعة من الأذن.
610 إذا سمعت جيرانك يقولون: قد أحسنت فقد أحسنت و إذا سمعتهم يقولون: قد أسأت فقد أسأت ( صحيح )
( حم ه طب ) عن ابن مسعود ( ه ) عن كلثوم الخزاعي .
الشرح:
(إذا سمعت جيرانك) بكسر الجيم أي الصلحاء منهم (يقولون قد أحسنت فقد أحسنت) أي كنت من المحسنين ستراً من الله وتجاوزاً عما عرف من المثني عليه مما انفرد بعلمه لأن العفو من صفاته وإذا تجاوز عمن يستحق العذاب في علمه وحكم بشهادة الشهود كان ذلك منه مغفرة وفضلاً و {هو أهل التقوى وأهل المغفرة} (وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت) أي كنت من المسيئين لأنهم إنما شهدوا بما ظهر من سيء عمله وهو به عاص فإذا عذبه الله بحق ما ظهر من عمله السيء الموافق للشهادة ولا يجوز أن يعذبه بما شهدوا عليه وهو عنده على عمل صالح كذا ذكره الكلاباذي 0000
611 إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا و إذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا( صحيح )
( حم ق د ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/329)
(إذا سمعتم أصوات الديكة) بكسر ففتح جمع ديك ويجمع قليلاً على أدياك وكثيراً على ديوك (فسلوا الله من فضله) أي زيادة إنعامه عليكم (فإنها رأت) أي الديكة (ملكاً) بفتح اللام نكرة إفادة للتعميم 000(وإذا سمعتم نهيق الحمير) أي أصواتها زاد النسائي ونباح الكلب والمراد سماع واحد مما ذكر (فتعوذوا) ندباً (بالله من الشيطان) بأي صيغة كانت والأولى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فإنها) أي الحمير والكلاب (رأت شيطاناً) وحضور الشيطان مظنة الوسوسة والطغيان وعصيان الرحمن فناسب التعوذ لدفع ذلك. قال الطيبي: لعل السر فيه أن الديك أقرب الحيوان صوتاً إلى الذاكرين الله لأنها تحفظ غالباً أوقات الصلوات وأنكر الأصوات صوت الحمير فهو أقربها صوتاً إلى من هو أبعد من رحمة الله وفيه أن الله خلق للديكة إدراكاً تدرك به النفوس القديسة كما خلق للكلاب والحمير إدراكاً تدرك به النفوس الشريرة الخبيثة ونزول الرحمة عند حضور الصلحاء والغضب عند حضور أهل المعاصي000
612 إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم و تلين له أشعاركم و أبشاركم و ترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به و إذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم و تنفر منه أشعاركم و أبشاركم و ترون أنه بعيد منكم فأنا أبعدكم منه
( حسن ) ( حم ع ) عن أبي أسيد وأبي حميد .
الشرح:(1/330)
(إذا سمعتم) أيها المؤمنون الكاملون الإيمان الذي استضاءت قلوبهم من مشكاة النبوة (الحديث عني تعرفه قلوبكم) أي تقبله وتشهد بحسنه (وتلين له أشعاركم) جمع شعر (وأبشاركم) جمع بشرة (وترون) أي تعلمون (أنه منكم قريب) أي قريب إلى أفهامكم وأحكام دينكم ولا يأبى قواعد علومكم أيها المتشرعة (فأنا أولاكم به) أحق به في القبول المؤدي إلى العمل بمقتضاه لأن ما أفيض على قلبي من المعارف وأنوار اليقين أكثر من بقية الأنبياء فضلاً عنكم (وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه بعيد منكم فأنا أبعدكم منه) لما ذكر ولذلك جزم أئمتنا الشافعية بأن كل حديث أوهم باطلاً ولم يقبل التأويل فمكذوب عليه لعصمته أو نقص منه من جهة رواية ما يزيل الوهم الحاصل بالنقص منه 0000
613 إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله و أرجوا أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة ( صحيح ) ( حم م 3 ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/331)
(إذا سمعتم المؤذن) أي أذانه بأن فسرتم اللفظ فلو رآه على المنارة في الوقت أو سمع صوتاً وعلم أنه يؤذن لكن لم يسمع ألفاظه لنحو بعد أو صمم لم تشرع الإجابة كما مر (فقولوا) ندباً (مثل ما يقول) أي شبهه في مجرد القول لا الصفة كما مر (ثم) بعد فراغ الإجابة (صلوا عليّ) ندباً وصرفه عن الوجوب الإجماع على عدمه خارج الصلاة والعطف على ما ليس بواجب ليس بواجب على الصحيح ودلالة الاقتراب على مقابله (فإنه) أي الشأن (من صلى عليّ صلاة) أي مرة بقرينة المقام مع ما ورد مصرحاً به (صلى الله عليه بها) أي بالصلاة (عشراً) رتبها على الأولى لأنها من أعظم الحسنات، و {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} 000(ثم سلوا الله لي الوسيلة) مر معناها لغة لكنه فسرها بقوله (فإنها منزلة في الجنة) سميت به لأن الواصل إليها يكون قريباً من الله (لا ينبغي) أي لا يليق إعطاؤها (إلا لعبد) أي عظيم كما يفيده التنكير (من عباد الله وأرجو) أي أؤمل (أن أكون أنا هو) أي أنا ذلك العبد، وذكره على طريق الترجي تأدباً وتشريعاً لأنه إذا كان أفضل الأنام فلمن يكون ذلك المقام. قال الطيبي: قيل إن هو: خبر كان وضع بدل إياه، ويحتمل أن لا يكون أنا للتأكيد بل مبتدأ وهو خبر والجملة خبر أكون، ويمكن أن هذا الضمير وضع موضع اسم الإشارة: أي أن أكون أنا ذلك العبد (فمن سأل) الله (لي) من أمتي (الوسيلة) أي طلبها لي (حلت عليه الشفاعة) أي وجبت وجوباً واقعاً عليه أو نالته ونزلت به سواء كان صالحاً أو طالحاً. فالشفاعة تكون لزيادة الثواب وإسقاط العقاب، ففيه حجة على المعتزلة حيث خصوها بالصالح لزيادة الثواب00000
614 إذا سمعتم المؤذن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول( حسن )
( حم ) عن معاذ بن أنس .
615 إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن ( صحيح )
( مالك حم ق 4 ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/332)
(إذا سمعتم النداء) أي الأذان لأنه نداء دعاء (فقولوا) ندباً عند الشافعية ووجوباً عند الحنفية ووافقهم ابن وهب المالكي قال في فتح القدير ظاهر الأمر الوجوب إذ لا تظهر قرينة تصرف عنه بل ربما يظهر استنكاراً تركه لأنه يشبه عدم الالتفات إليه والتشاغل عنه وقال الشافعية الصارف عن الوجوب الإجماع على عدم وجوب الأصل وهو الأذان والإقامة وأما زعم أن الصارف قوله في خبر الصحيحين ثم صلوا عليّ ثم سلوا لي الوسيلة وهما مندوبان فالإجابة مندوبة فردّ بأن دلالة الإقتران ضعيفة عند الجمهور (مثل ما يقول المؤذن) لم يقل مثلهما (قال) ليشعر بأنه يجيبه بعد كل كلمة بأن يقول سامعه عقب كل كلمة مثلها فإن لم يجبه حتى فرغ سنّ له التدارك إن قصر الفصل والمراد بالمماثلة المشابهة في مجرد القول لا صفته كرفع الصوت والمراد بما يقول المؤذن ذكر الله والشهادتين إلا الحيعلتين لما في خبر مسلم أن السامع يقول في كل منهما لاحول ولا قوة إلا بالله وإلا التثويب لما في خبر أنه يقول فيه صدقت وبررت وحكمة استثناء الحيلعة أنها دعاء لا ذكر فلو قالها السامع لكان الناس كلهم دعاة فلا يبقى مجيب فحسن من السامع الحوقلة لأن المؤذن لما دعا الناس إلى الحضور أجابوا بأنهم لا يقدرون عليه إلا بعون الله وتأييده000000
616 إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه و إذا وقع و أنتم بأرض فلا تخرجوا فرارا منه( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أسامة بن زيد
( حم ق ) عن عبدالرحمن بن عوف ( د ) عن ابن عباس .
617 إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه و إذا وقع و أنتم بأرض فلا تخرجوا منها فرارا منه( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أسامة بن زيد .
الشرح:(1/333)
(إذا سمعتم بالطاعون) فاعول، قال في النهاية وهو المرض العام والوباء الذي يفسد به الهوى فتفسد به الأمزجة (بأرض) أي بلغكم وقوعه ببلد ومحلة. قال الطيبي: الباء الأولى زائدة على تضمن سمعتم معنى أخبرتم وبأرض حال (فلا تدخلوا عليه) أي يحرم عليكم ذلك لأن الإقدام عليه تهور وجرأة على خطر وإيقاع النفس في معرض التهلكة والعقل يمنعه والشرع يأباه قال القاضي: وفيه النهي عن استقبال البلاء لما ذكر (وإذا وقع وأنتم بأرض) أي والحال أنكم فيها (فلا تخرجوا منها فراراً) أي بقصد الفرار منه يعني يحرم عليكم ذلك 000واستدل البخاري به على بطلان الحيل قالوا: وهو من دقة فهمه فإنه إذا نهى عن الفرار من قدر الله إذا نزل رضي بحكمه فكيف الفرار من أمره ودينه إذا نزل.
618 إذا سمعتم بقوم قد خسف فيهم هاهنا قريبا فقد أظلت الساعة( حسن )
( حم الحاكم في الكنى طب ) عن بقيرة الهلالية .
الشرح:
(إذا سمعتم بقوم) في رواية بركب، وفي أخرى بجيش (قد خسف بهم) أي غارت بهم الأرض وذهبوا فيها ويحتمل أنهم جيش السفياني ويحتمل غيره (ههنا قريباً) أي بالبيداء اسم مكان بالمدينة (فقد أظلت الساعة) أي أقبلت عليكم ودنت منكم كأنها ألقت عليكم ظلة يقال أظلك فلان إذا دنا منك وكل شيء دنا منك فقد أظلك. قال الزمخشري: ومن المجاز أظل الشهر والشتاء وأظلكم فلان أقبل، وفيه دليل للذاهبين إلى وقوع الخسف في هذه الأمّة، وتأويل المنكرين بأن المراد خسف القلوب يأباه ظاهر الحديث وإن أمكن في غيره.
619 إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه و لا تكنوا( صحيح )
( حم ن حب طب الضياء ) عن أبي .
الشرح:
(إذا سمعتم من يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه) أي قولوا له اعضض بظر أمّك (ولا تكنوا) عن ذلك بما لا يستقبح فإنه جدير بأن يستهان به ويخاطب بما فيه قبح وهجر زجراً له عن فعله الشنيع وردعاً له عن قوله الفظيع.(1/334)
620 إذا سمعتم نباح الكلاب و نهيق الحمير بالليل فتعوذا بالله من الشيطان فإنهن يرين ما لا ترون و أقلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله عز و جل يبث في ليلة من خلقه ما يشاء و أجيفوا الأبواب و اذكروا اسم الله عليها فإن الشيطان لا يفتح بابا أجيف و ذكر اسم الله عليه و غطوا الجرار و أوكئوا القرب و أكفئوا الآنية( صحيح ) ( حم خد د حب ك ) عن جابر .
الشرح:
(إذا سمعتم نباح الكلاب) بضم النون وكسرها صياحه (ونهيق الحمير) صوتها جمع حمار، والنهاق بضم النون(بالليل) خصه لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر وكثرة فسادهم فيه أظهر فهو بذلك أجدر وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ (فتعوذوا بالله) ندباً (من الشيطان فإنهن يرين) من الجن والشياطين (ما لا ترون) أنتم يا بني آدم فإنهم مخصوصون بذلك دونكم (وأقلوا الخروج) من منازلكم (إذا هدأت) بالتحريك سكنت ففي القاموس هدأ كمنع: سكن (الرجل) بكسر فسكون أي سكن الخلق عن المشي بأرجلهم في الطرق (فإن الله عز وجل يبث) يفرق وينشر (في ليله من خلقه ما يشاء) من إنس وجن وشياطين وهوام وغيرها، فمن أكثر الخروج حين ذاك لغير غرض شرعي أوشك أن يحصل له أذى لمخالفته للمشروع. قال الطيبي: وقوله ما يشاء مفعول لقوله يبث وهو عام في كل ذي شر ومن خلقه بيان مات (وأجيفوا الأبواب) أغلقوها (واذكروا اسم الله عليها فإن الشياطين لا تفتح باباً أجيف) أي أغلق (وذكر اسم الله عليه) يعني لم يؤذن لهم في ذلك من قبل مخالفتهم (وغطوا الجرار) جمع جرة وهو إناء الماء المعروف (وأوكثوا) بالقطع والوصل كما في القاموس وكذا ما بعده (القرب) جمع قربة وهو وعاء الماء (وأكفئوا الآنية) جمع إناء أي اقلبوها لئلا يدب عليها شيء أو تتنجس.
621 إذا سميت الكيل فكله ( صحيح ) ( ه ) عن عثمان .(1/335)
622 إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث و ليسجد سجدتين قبل أن يسلم ( صحيح ) ( ت ) عن عبدالرحمن بن عوف .
623 إذا سها الإمام فاستتم قائما فعليه سجدتا السهو و إذا لم يستتم قائما فلا سهو عليه ( صحيح ) ( طب ) عن المغيرة .
624 إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريده( حسن ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء) عام في كل إناء فإنه يقذره فتعافه النفس ولأنه من فعل البهائم فمن فعله فقد تمثل بهم، قال العراقي: فالنهي محمول على الكراهة لا التحريم اتفاقاً والمراد به أن يتنفس في أثناء شربه من الإناء من غير أن يرفع فمه عنه (فإذا أراد أن يعود) إلى الشرب (فلينح الإناء) أي يزيله ويبعده عن فيه ثم يتنفس (ثم ليعد) بعد تنحيته (إن كان يريد) المزيد0000
625 إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء و إذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه و لا يتمسح بيمينه( صحيح ) ( خ ت ) عن أبي قتادة .
الشرح:
(إذا شرب أحدكم) الماء كما يدل عليه قوله في حديث: إذا شربتم الماء، ويلحق به غيره من المائع كلبن وعسل (فليتنفس) ندباً (في) داخل (الإناء) فيكره لأنه يقذره ويغير ريحه (وإذا أتى الخلاء) أي المحل الذي تقضى فيه الحاجة (فلا يمس) الرجل (ذكره بيمينه) أي بيده اليمنى حال قضاء الحاجة ولا تمس المرأة فرجها بيمينها فيكره، ولو خلق له ذكران أو فرجان تعلقت الكراهة بهما وإن تحققت زيادة أحدهما كما اقتضاه إطلاقه (ولا يتمسح بيمينه) أي لا يستنجي بها فيكره عند الجمهور كما مر، أما التمسح بها بأن يجعلها مكان الحجر فيزيل بها النجاسة فحرام 0000
626 إذا شرب أحدكم فلا يشرب بنفس واحد( صحيح)( ك) عن أبي قتادة .
627 إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات( صحيح )
( مالك ق ن ه ) عن أبي هريرة .(1/336)
628إذا شربتم اللبن فتمضمضوا منه فإن له دسما(صحيح)(ه)عن أم سلمة0
الشرح:
(إذا شربتم اللبن) أي فرغتم من شربه (فتمضمضوا) إرشاداً أو ندباً بالماء (منه) أي من أثره وفضلته، وعلل ذلك بقوله (فإن له دسماً) وقيس باللبن المضمضة من ذي دسم بل أخذ من مضمضته صلى الله عليه وسلم من السويق ندبها في غير ما له دسم أيضاً إذا كان يعلق منه شيء بين الأسنان أو نواحي الفم، وذكر بعض الأطباء أن بقايا اللبن يضر باللثة والأسنان، وللمضمضة عند الأكل وشرب غير الماء فوائد دينية منها سلامة الأسنان من الحفر ونحوه إذ بقايا المأكول يورثه، وسلامة الفم من البخر وغير ذلك، والصارف للأمر بالمضمضة هنا عن الوجوب ما رواه الشافعي عن ابن عباس أنه شرب لبناً فمضمض فمه ثم قال لو لم أتمضمض ما باليت، وما رواه أبو داود بإسناد حسن عن أنس أنه عليه السلام شرب لبناً فلم يتمضمض ولم يتوضأ000
629 إذا شربوا الخمر فاجلدوهم ثم إن شربوها فاجلدوهم ثم إن شربوها فاجلدوهم ثم إن شربوا فاقتلوهم( صحيح ) ( حم د ه حب ) عن معاوية .
630 إذا شك أحدكم في الاثنتين و الواحدة فليجعلها واحدة و إذا شك في الاثنتين و الثلاث فليجعلها اثنتين و إذا شك في الثلاث و الأربع فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة ثم ليتم ما بقي من صلاته ثم يسجد سجدتين و هو جالس قبل أن يسلم( صحيح )
( حم ه ك هق ) عن عبدالرحمن بن عوف .
631 إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر اثنتين صلى أو ثلاثا فليلق الشك و ليبن على اليقين( صحيح ) ( هق ) عن أنس .
632 إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا ؟ فليطرح الشك و ليبن على ما استيقن ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته و إن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان
( صحيح ) ( حم م د ن ه ) عن أبي سعيد .(1/337)
633 إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك و ليبن على اليقين فإن استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة و السجدتان نافلة و إن كانت ناقصة كانت الركعة تمام الصلاة و السجدتان ترغمان أنف الشيطان ( حسن ) ( حب ك ) عن أبي سعيد .
634 إذا شهدت إحداكن العشاء فلا تمس طيبا ( صحيح )
( حم م ن ) عن زينب الثقفية .
الشرح:
(إذا شهدت إحداكن العشاء) أي أرادت حضور صلاتها مع الجماعة بنحو مسجد. وفي رواية مسلم بدل العشاء المسجد (فلا تمس طيباً) من طيب النساء قبل الذهاب إلى شهودها أو معه لأنه سبب للافتتان بها بخلافه بعده في بيتها، وفيه إشعار بأنهن كن يحضرن العشاء مع الجماعة، ولجواز شهودهن العشاء مع الجماعة شروط مرت، وتخصيص العشاء ليس لإخراج غيرها بل لأن تطيب النساء إنما يكون غالباً في أول الليل، قال ابن دقيق العيد: ويلحق بالطيب ما في معناه لأن سبب المنع ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة 000
635 إذا شهر المسلم على أخيه سلاحا فلا تزال ملائكة الله تلعنه حتى يشيمه عنه ( حسن ) ( البزار ) عن أبي بكرة .
الشرح:
(إذا شهر المسلم على أخيه) في النسب أو الدين (سلاحاً) أي انتضاه من غمده وهوى إليه به لقتله ظلماً (فلا تزال الملائكة تلعنه) أي تدعو عليه بالطرد والبعد عن الرحمة إن استحل ذلك وإلا فالمراد بلعنها إياه سبه وشتمه والدعاء عليه بالإبعاد عن منازل الأبرار (حتى) أي إلى أن (يشيمه) بفتح المثناة تحت وكسر المعجمة أي يغمده والشيم من الأضداد يكون سلاً ويكون إغماداً (عنه) وهذا في غير العادل مع الباغي فللإمام وحزبه قتال البغاة بشرطه وفي غير دفع الصائل فللمصول عليه الدفع عن نفسه بالأخف وإن أفضى إلى قتل الصائل هدر والسلاح كل نافع في الحرب، وتقييده بالأخ المسلم يؤذن بأن من له ذمة أو عهد وأمان ليس كذلك وهو غير مراد لكنه أخف.(1/338)
636 إذا صار أهل الجنة إلى الجنة و أهل النار إلى النار جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة و النار ثم يذبح ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة خلود لا موت يا أهل النار خلود لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم و يزداد أهل النار حزنا إلى حزنهم( صحيح ) ( حم ق ) عن ابن عمر .
637 إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يمر الشيطان بينه و بينها
( صحيح ) ( طب الضياء ) عن جبير بن مطعم .
638 إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان( صحيح )
( حم ق د ن ) عن أبي سعيد .
639 إذا صلى أحدكم الجمعة فلا يصل بعدها شيئا حتى يتكلم أو يخرج
( صحيح ) ( طب ) عن عصمة بن مالك .
الشرح:
(إذا صلى أحدكم الجمعة فلا يصلي) ندباً (بعدها شيئاً) يعني لا يصلي سنتها البعدية (حتى يتكلم) بشيء من كلام الآدميين ويحتمل الإطلاق
(أو يخرج) من محل الجمعة والمراد حتى يفصل بينهما بكلام أو يخرج من محل إقامتها إلى نحو بيته فيندب حينئذ أن يصلي ركعتين أو أربعاً فإن حكمها في الراتبة كالظهر فيما قبلها وبعدها وكالجمعة غيرها من كل فرض 0000 عن علي: من السنة ألا يتطوع الإمام في الموضع حتى يتحول عن مكانه، وروى ابن قدامة عن أحمد أنه كرهه والمعنى فيه خشية التباس النفل بالفرض فأرشد في الحديث إلى طريق الأمن من الالتباس (فإن قيل) إذا كان غير الجمعة مثلها فلم خصها؟ (قلت) هذا خرج جواباً تعليماً لرجل رآه يصلي عقب الجمعة فليس للتخصيص.
640 إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا( صحيح )
( حم م ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/339)
(إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل) ندباً (بعدها أربعاً) ولا يناقضه رواية الركعتين لأن النصين محمولان على الأقل والأكمل كما يصرح به قول التحقيق أنها في ذلك كالظهر وقوله في شرح مسلم: كانت صلاته صلى الله عليه وسلم لها أربعاً أكثر تعقبه العراقي بأنه لا دليل له ومذهب الشافعية أنها كالظهر يسن قبلها أربع وبعدها أربع والمؤكد من ذلك ركعتان قبل وركعتان بعد، قال العراقي ولم أر للأئمة الثلاثة ندب سنة قبلها.
641 إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و ليدن منها و لا يدع أحدا يمر بين يديه فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنما هو شيطان ( صحيح )
( حم ق د ه حب هق ) عن أبي سعيد .
642 إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على جنبه الأيمن( صحيح )
( د ت حب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر) أي سنته (فليضطجع) ندباً وقيل وجوباً (على جنبه الأيمن) أي يضع جنبه الأيمن على الأرض000
643 إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحدا ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما ( صحيح ) ( د حب ك هق ) عن أبي هريرة .
644 إذا صلى أحدكم فلا يبصق بين يديه و لا عن يمينه و ليبصق عن يساره أو تحت قدمه ( صحيح )( حم حب ) عن جابر (ن)عن أبي هريرة .
645 إذا صلى أحدكم فلا يضع نعليه عن يمينه و لا عن يساره فتكون عن يمين غيره إلا أن لا يكون عن يساره أحد و ليضعها بين رجليه( صحيح )
( د ك هق ) عن أبي هريرة .
646 إذا صلى أحدكم فلم يدري كيف صلى فليسجد سجدتين و هو جالس
( حسن ) ( ت ه ) عن أبي سعيد .
647إذا صلى أحدكم فليأتزر و ليرتد ( صحيح) ( حب هق) عن ابن عمر .
648 إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله تعالى و الثناء عليه ثم ليصل على النبي ثم ليدع بعد بما شاء(صحيح) (د ت حب ك هق) عن فضالة بن عبيد .
الشرح:(1/340)
(إذا صلى أحدكم) غير صلاة الجنازة (فليبدأ بتحميد الله تعالى) وفي رواية يبدأ بتحميد ربه سبحانه، وعطف عليه عطف عام على خاص قوله (والثناء عليه) أي بما يتضمن ذلك، والحمد الثناء بالجميل على جهة التمجيد والتحميد حمداً لله مرة بعد أخرى، والثناء بالفتح والمد: فعل ما يشعر بالتعظيم قال بعضهم: وأريد به بطلب المحامد هنا التشهد أي ابتداء التشهد بالتحيات (ثم ليصل على النبي) صلى الله عليه وسلم :يريد أن يجعله خاتمة تشهده (ثم ليدع) ندباً (بعد) أي بعد ما ذكر (بما شاء) من دين أو دنيا مما يجوز طلبه000 وفيه تعليم الجاهل وذم العجلة والإسراع في الصلاة ووجوب التشهد الأخير والقعود له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، كذا استدل به جمع منهم ابن خزيمة وابن حزم، ومن ثم قطع به الشافعي مخالفاً لأبي حنيفة ومالك في قولهما بعدم الوجوب000000
قال ابن حجر: وهذا أقوى شيء يحتج به الشافعي على وجوب الصلاة عليه في التشهد، وفيه جواز الدعاء في الصلاة بديني أو دنيوي لقوله بما شاء.
649 إذا صلى أحدكم فليتم ركوعه و لا ينقر في سجوده فإنما مثل ذلك كمثل الجائع يأكل التمرة و التمرتين فماذا يغنيان عنه ؟ ( حسن )
( تمام ابن عساكر ) عن أبي عبدالله الأشعري .
650 إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و ليدن من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته( صحيح ) ( حم د ن حب ك ) عن سهل بن أبي حثمة .
الشرح:(1/341)
(إذا صلى أحكم) فرضاً أو نفلاً أي أراد الصلاة (فليصل إلى سترة) من نحو سارية أو عصى ولو أدق من رمح 000 (وليدن من سترته) بحيث لا يزيد وأما بينه وبينها على ثلاثة أذرع وكذا بين الصفين (لا يقطع) بالرفع على الاستئناف والنصب بتقدير لئلا ثم حذفت لام الجر وأن الناصبة، والكسر لالتقاء الساكنين على أنه جواب الأمر وهو: وليدن (الشيطان) أي المار: سمي شيطاناً لأن فعله فعل الشيطان لإتيانه بما يشوش على المصلي أو لأن الحامل له على ذلك الشيطان، وقيل الشيطان نفسه هو المار والشيطان يطلق حقيقة على الجني ومجازاً على الإنسي المار ومن تعقب ذلك لم يأت بطائل (عليه صلاته) يعني ينقصها بشغل قلبه بالمرور بين يديه وتشويشه فليس المراد بالقطع البطلان، وفيه تحريم المرور بين يدي المصلي إذا جعل له سترة ومحله إن لم يقصر وإلا كأن وقف بالطريق فلا حرمة بل ولا كراهة كما في الكفاية، ولو صلى بلا سترة أو تباعد عنها أو لم تكن السترة بالنعت المذكور فلا حرمة لتقصيره لكنه خلاف الأولى أو مكروه، وفيه تنبيه على عظمة الصلاة واحترام المصلي لأنه مناج ربه000
651 إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة و ليدن منها و لا يدع أحدا يمر بين يديه فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنه شيطان ( صحيح )
( د ه حب هق ) عن أبي سعيد .
652 إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله تعالى أحق من تزين له
( صحيح ) ( طس ) عن ابن عمر .
653 إذا صلى أحدكم فليلبس نعليه أو ليخلعهما بين رجليه و لا يؤذ بهما غيره ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/342)
(إذا صلى أحدكم) أي أراد أن يصلي (فليلبس نعليه) أي فليصل بهما بدليل رواية البخاري كان يصلي في نعليه وهو محمول عند الجمهور على ما إذا لم يكن فيهما نجاسة قال ابن دقيق العيد: وهذا من الرخص لا من المستحبات وذهب بعض السلف إلى أن النعل المتنجسة تطهر بدلكها بالأرض وتصح الصلاة فيها وهو قول قديم للشافعي ومن يرى خلافه أوّله بما ذكر (أو ليخلعهما) أي ينزعهما وليجعلهما ندباً (بين رجليه) إذا كانتا طاهرتين أو بعد دلكهما بالأرض على القول به (ولا يؤذي) ناهية وإثبات حرف العلة إما لغة أو الجزم مقدر وهو خبر بمعنى النهي بهما (وغيره) وضعهما أمام غيره أو عن يمينه أو يساره، وما ورد أن المصطفى صلى الله عليه وسلم وضع نعليه عن يساره حمل على أنه كان منفرداً وفيه المنع من أذى الآدمي وإن قل التأذي.
654 إذا صلى أحدكم في بيته ثم دخل المسجد و القوم يصلون فليصل معهم تكون له نافلة ( صحيح ) ( طب ) عن عبدالله بن سرجس .
الشرح:
(إذا صلى أحدكم) مكتوبة (في بيته) أي في محل سكنه ولو نحو خلوة أو مدرسة أو حانوت (ثم دخل المسجد) يعني محل إقامة الجماعة (والقوم يصلون) المراد صلى منفرداً في أي موضع كان ولو مسجداً ثم وجد جماعة تقام في أي محل كان (فليصل معهم) واحدة فإن ذلك مندوب (وتكون له نافلة) وفرضه الأولى. قال النووي: ولا يناقضه خبر لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. لأن معناه لا تجب في يوم مرتين000000
655 إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليخالف بطرفيه على عاتقيه
( صحيح ) ( حم د حب ) عن أبي هريرة ( حم ) عن أبي سعيد .
656 إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليشده على حقويه و لا تشتملوا كاشتمال اليهود ( صحيح ) ( ك هق ) عن ابن عمر .
657 إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام و لم يصل فليصل معه فإنها له نافلة( صحيح ) ( د ك هق ) عن يزيد بن الأسود .(1/343)
658 إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف و السقيم و الكبير و إذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء ( صحيح )
( مالك حم ق د ن ) عن أبي هريرة .
659 إذا صلى الأمير جالسا فصلوا جلوسا( صحيح ) ( ش ) عن معاوية .
660 إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت فرجها و أطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ( صحيح )
( حب ) عن أبي هريرة .
661 إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حفظت فرجها و أطاعت زوجها دخلت الجنة( صحيح ) ( البزار ) عن أنس ( حم )
عن عبدالرحمن الزهري ( طب ) عن عبدالرحمن ابن حسنة .
الشرح:
(إذا صلت المرأة خمسها) المكتوبات الخمس (وصامت شهرها) رمضان غير أيام الحيض إن كان (وحفظت) وفي رواية أحصنت (فرجها) عن الجماع المحرم والسحاق (وأطاعت زوجها) في غير معصية (دخلت) لم يقل تدخل إشارة إلى تحقق الدخول (الجنة) إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر أو تابت توبة نصوحاً أو عفي عنها، والمراد مع السابقين الأولين وإلا فكل مسلم لا بدّ أن يدخل الجنة وإن دخل النار (فإن قلت) فما وجه اقتصاره على الصوم والصلاة ولم يذكر بقية الأركان الخمسة التي بني الإسلام عليها (قلت) لغلبة تفريط النساء في الصلاة والصوم وغلبة الفساد فيهن وعصيان الحليل، ولأن الغالب أن المرأة لا مال لها تجب زكاته ويتحتم فيه الحج فأناط الحكم بالغالب وحثها على مواظبة فعل ما هو لازم لها بكل حال والحفظ والصون والحراسة، والفرج يطلق على القبل والدبر لأن كل واحد منفرج أي منفتح. وأكثر استعماله عرفاً في القبل.
662 إذا صلوا على جنازة فأثنوا خيرا يقول الرب: أجزت شهادتهم فيما يعلمون و أغفر له ما لا يعلمون ( صحيح ) ( تخ ) عن الربيع بنت معوذ .
الشرح:(1/344)
(إذا صلوا) المؤمنون (على جنازة فأثنوا) عليها (خيراً يقول الرب أجزت شهادتهم فيما يعلمون) أي أجزتها فيما علموا به من عمله (وأغفر له ما لا يعلمون) فإن المؤمنين شهداء الله في أرضه كما أن الملائكة شهداء الله في السماء، والصلاة على الميت توجع لفراقه وفزع إلى الدعاء والله لا يخيب من قصده 000000
663 إذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس فإنها تطلع بين قرني الشيطان فإذا طلعت فصل فإن الصلاة محضورة متقبلة حتى تعتدل على رأسك مثل الرمح فأمسك فإن تلك الساعة التي تسجر فيها جهنم و تفتح فيها أبوابها حتى ترتفع الشمس على حاجبك الأيمن فإذا زالت عن حاجبك الأيمن فصل فإن الصلاة محضورة متقبلة حتى تصلي العصر ثم دع الصلاة حتى تغيب الشمس( صحيح)(حم ه ك) عن صفوان بن المعطل .
664 إذا صليت فلا تبزقن بين يديك و لا عن يمينك و لكن ابزق تلقاء شمالك إن كان فارغا و إلا فتحت قدمك اليسرى و ادلكه ( صحيح )
( حم 4 حب ك ) عن طارق بن عبدالله المحاربي .
الشرح:(1/345)
(إذا صليت) أي دخلت في الصلاة (فلا تبزقن) بنون التوكيد وأنت فيها (بين يديك) وفي رواية أمامك: أي جهة القبلة (ولا) تبزقن (عن يمينك) زاد في رواية فإن عن يمينك ملكاً. قال التوربشتي: يحتمل أن يراد الملك الذي يحضره عند الصلاة للتأييد والالهام والتأمين لأنه زائر والزائر يكرم فوق اللازم كالكاتبين ويحتمل تخصيص صاحب اليمين بالكرامة تنبيهاً على ما بين الملكين من المزية وتمييزاً بين ملائكة الرحمة والعذاب، قيل ويحتمل أن كاتب السيئات يتنحى عنه حال الصلاة لكونه لا دخل له فيها (ولكن ابزق تلقاء) بكسر الفوقية والمدّ (شمالك) أي جهته (إن كان فارغاً) من آدميّ محترم يتأذى به (وإلا) بأن لم يكن فارغاً من ذلك (فـ) ابزق تحت قدمك اليسرى (وادلكه) أي امرسه بيدك أو برجلك ليدفن في التراب أو الرمل ويغيب أثره وسواء فيما ذكر كله من بالمسجد وغيره لأن البصاق إنما يحرم فيه إن بقي جرمه لا إن استهلك 000 وما ذكر من الاكتفاء بالدلك جار على ما كانت المساجد عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من كونها رملية أو ترابية فإن كان المسجد مبلطاً أو مرخماً تعين إخراجه لأن دلكه فيه تقذير له وتقذيره ولو بطاهر حرام.
665 إذا صليت فلا تبسط ذراعيك بسط السبع و ادعم على راحتيك و جاف مرفقيك عن ضبعيك ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمر .
666 إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما الإمام فصليا معه فتكون لكما نافلة و التي في رحالكما فريضة ( صحيح ) ( فر ) عن ابن عمرو .
667 إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ( صحيح ) ( حم ت ن هق ) عن يزيد بن الأسود .
668 إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعا(صحيح) (د ه)عن أبي هريرة .
669 إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء( حسن )
( د ه حب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/346)
(إذا صليتم على الميت) صلاة الجنازة (فأخلصوا له الدعاء) أي ادعوا له بإخلاص وحضور قلب لأن المقصود بهذه الصلاة إنما الاستغفار والشفاعة للميت، وإنما يرجى قبولها عند توفر الإخلاص والابتهال ولهذا شرع في الصلاة عليه من الدعاء ما لم يشرع مثله في الدعاء للحيّ. قال ابن القيم: هذا يبطل قول من زعم أن الميت لا ينتفع بالدعاء.
670 إذا صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم و بارك على محمد النبي الأمي و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ( حسن ) ( حم حب قط هق ) عن أبي مسعود .
671 إذا صليتم فاتزروا و ارتدوا و لا تشبهوا باليهود( صحيح )
( عد ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا صليتم) أي أردتم الصلاة (فاتزروا) أي البسوا الإزار (وارتدوا) أي اشتملوا بالرداء، والرداء بالمد: ما يرتدي به مذكر. قال ابن الأنباري: ولا يجوز تأنيثه (ولا تشبهوا) بحذف إحدى التاءين تخفيفاً (باليهود) فإنهم لا يتزرون ولا يرتدون بل يشتملون اشتمال الصماء. قال في المطامح: اللباس المأمور به في الصلاة له صفتان: صفة إجزاء، وصفة كمال، فصفة الإجزاء كونه مستور العورة، والصفة الكمالية كونه مؤتزراً مرتدياً في أحسن زي وأكمل هيئة.(1/347)
672 إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا و إذا قرأ فأنصتوا و إذا قال ( غير المغضوب عليهم و لا الضالين فقولوا: آمين يحبكم الله و إذا كبر و ركع فكبروا و اركعوا فإن الإمام يركع قبلكم و يرفع قبلكم فتلك بتلك و إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد يسمع الله لكم و إذا كبر و سجد فكبروا و اسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم و يرفع قبلكم فتلك بتلك و إذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام علينا و على عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد عبده و رسوله ) . ( صحيح ) ( حم م د ن ه ) عن أبي موسى .
673 إذا صمت من الشهر ثلاثا فصم ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة( صحيح ) ( حم ت ن حب ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إذا صمت) يا أبا ذر (من الشهر) أيّ شهر كان (ثلاثاً) أي أردت صوم ذلك تطوعاً (فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) أي صم الثالث عشر من الشهر وتالييه إلا الحجة فصم منها الرابع عشر وتالييه، وسمى هذه الثلاثة الأيام البيض أي أيام الليالي البيض لإضاءتها بالقمر وصومها من كل شهر مندوب 0000
674 إذا ضرب أحدكم خادمه فليتق الوجه ( حسن )( د )عن أبي هريرة
الشرح:(1/348)
(إذا ضرب أحدكم خادمه) أو مواليه أو حليلته أو نحو ولده، وذكر الخادم في بعض الروايات والعبد في بعضها ليس للتخصيص، وإنما خص لأن سبب ذكره أن إنساناً ضرب خادمه وآخر عبده على وجهه، فالسبب خاص والحكم عام، فشمل الحكم إذا ضرب حداً أو تعزيراً لله أو لآدمي ونحو ولي وسيد وزوج (فليتق) في رواية لمسلم فليتجنب وهي مبينة لمعنى الإتقاء (الوجه) من كل مضروب معصوم وجوباً لأنه شين، ومثله له للطافته وتشريفه على جميع الأعضاء الظاهرة لأنه الأصل في خلقة الإنسان، وغيره من الأعضاء خادم، لأنه الجامع للحواس التي بها تحصل الإدراكات المشتركة بين الأنواع المختلفة، ولأنه أول الأعضاء في الشخوص والمقابلة والتحدث والقصد، ولأنه مدخل الروح ومخرجه ومقر الجمال والحسن، وبه قوام الحيوان كله ناطقه وصامته فلما كان بهذه المثابة احترمه الشرع وأمر بعدم التعرض له في عدة أخبار بضرب أو إهانة أو تقبيح أو تشويه 000 وفيه أنه يحرم ضرب الوجه وما ألحق به في الحد والتعزير والتأديب وألحق بالآدمي كل حيوان محترم، أما الحربيون فالضرب في وجوههم أنجح للمقصود وأردع لأهل الجحود.
675 إذا ضن الناس بالدينار و الدرهم و تبايعوا بالعينة و تبعوا أذناب البقر و تركوا الجهاد في سبيل الله أدخل الله تعالى عليهم ذلا لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم ( صحيح ) ( حم طب هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/349)
(إذا ضن) بشد النون بضبط المصنف (الناس) أي بخلوا (بالدينار والدرهم) فلم ينفقوها في وجوه البر (وتبايعوا بالعينة) بالكسر، وهي أن تبيع بثمن لأجل ثم يشتريه بأقل، وقال البيهقي: هي أن يقول المشتري ذا بكذا وأنا أشتريه منك بكذا (وتبعوا أذناب البقر) كناية عن اشتغالهم بالزرع وإهمالهم القيام بوظائف العبادات (وتركوا الجهاد في سبيل الله) لإعلاء كلمة الله (أدخل الله عليهم ذلاً) بالضم، هواناً وضعفاً (لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم) أي حتى يرجعوا عن ارتكاب هذه الخصال المذمومة وفي جعلها إياها من غير الدين وأن مرتكبها تارك للدين، مزيد زجر وتهويل وتقريع لفاعله وهذا من أقوى أدلة من حرم بيع العينة0000
676 إذا طبخ أحدكم قدرا فليكثر مرقها ثم ليناول جاره منها( صحيح )
( طص ) عن جابر .
677 إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق فإنه أوسع و أبلغ للجيران( صحيح )
( ش ) عن جابر .
الشرح:
(إذا طبختم اللحم) أي نضجتموه بمرق، وفي المصباح عن بعضهم لا يسمى طبيخاً إلا إذا كان بمرق (فأكثروا المرق) بالتحريك (فإنه) أي إكثاره (أوسع وأبلغ للجيران) وفي رواية بالجيران، وهي أوضح أي أكثر بلاغاً في التوسعة عليهم وتعميمهم فلم ينص الأمر بالغرف للجيران منه كأنه أمر متعارف، والأمر للندب عند الجمهور وللوجوب عند الظاهرية. قال العلائي: وفيه تنبيه لطيف على تسهيل الأمر على مزيد الخير حيث لم يقل فأكثروا لحمها أو طعامها، إذ لا يسهل ذلك على كثير. 00000 وفيه ندب الإحسان إلى الجار، وفيه يندب أن يفرق لجاره من طعامه، وأفرد في رواية الترمذي ذكر الجار فإنه أراد الواحد، فينبغي أن يخص به أولاً الأقرب وإن أريد الجنس وأمكن التعميم فهو أولى. وإلا فينبغي تقديم الأحوج والأولى.
678 إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر ( صحيح )
( طس ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/350)
(إذا طلع الفجر) الصادق (فلا صلاة إلا ركعتي الفجر) أي لا صلاة تندب حينئذ إلا ركعتي الفجر سنة الصبح، لأن سلطان الليل أدبر وأقبل سلطان النهار فيصلي سنته ثم صلاته، وبعده تحرم صلاة لا سبب لها حتى تطلع الشمس كرمح في رأي العين، ويظهر أن مراده بالصلاة قيام الليل، فلو تذكر فائتة بعذر عند طلوع الفجر قدمها.
679 إذا ظهر الزنا و الربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله( صحيح ) ( طب ك ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إذا ظهر الزنا) بزاي ونون (والربا) بالراء والموحدة (في قرية) أي في أهل قرية أو نحوها كبلدة أو محلة (فقد أحلوا) بفتح الحاء وشد اللام من الحلول (بأنفسهم عذاب الله) أي تسببوا في وقوعه بهم لمخالفتهم ما اقتضته حكمة الله من حفظ الأنساب وعدم اختلاط المياه. وأن الناس شركاء في النقديين والمطعوم، لا اختصاص لآحد به إلا بعقد لا تفاضل فيه.
680 إذا ظهر السوء في الأرض أنزل الله بأسه بأهل الأرض و إن كان فيهم قوم صالحون يصيبهم ما أصاب الناس ثم يرجعون إلى رحمة الله و مغفرته( صحيح ) ( طب حل ) عن أم سلمة .
681 إذا عاد أحدكم مريضا فليقل: اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا أو يمشي لك إلى صلاة ( حسن ) ( ك ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا عاد أحدكم مريضاً) أي زاره في مرضه، والمراد المسلم المعصوم (فليقل) في ذهابه له ندباً (اللهم اشف عبدك ينكأ) بفتح الياء المثناة وآخره يهمز ولا يهمز: أي ليخرج ويولم من النكاية بالكسر: القتل والإثخان، وهو مجزوم على أنه جواب الأمر، ويجوز رفعه بتقدير فإنه ينكأ (لك عدواً) من الكفار، وقدمه على ما بعده لعموم نفعه (أو يمشي لك إلى صلاة) وفي رواية إلى جنازة: جمع بين النكاية وتشييع الجنازة، لأن الأول كدح في إنزال العقاب على عدو الله والثاني سعي في إنزال الرحمة. وعيادة المريض المسلم سنة مؤكدة وأوجبها الظاهرية ولو مرة في مرضه تمسكاً بظاهر الأمر في الأخبار.(1/351)
682 إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن كان عشيا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح( صحيح )
( حم ع هق ) عن علي .
683 إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه و إذا لم يحمد الله فلا تشمتوه
( صحيح ) ( حم خد م ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إذا عطس أحدكم) بفتح الطاء (فحمد الله) وأسمع من بقربه حيث لا مانع، وذلك شكراً لله على نعمته بالعطاس لأنه بخرات الرأس الذي هو معدن الحس وهو الفكر وبسلامته تسلم الأعضاء فهو جدير بأن يشكر عليه (فشمتوه) بشين معجمة من الشوامت وهي القوائم، هذا هو الأشهر والذي عليه الأكثر، وروي بمهملة من السمت وهو قصد الشيء وصفته: أي ادعوا الله بأن يرد شوامته أي قوائمه أو سمته على حاله لأن العطاس يحل مرابط البدن ويفصل معاقده، فمعنى رحمك الله أعطاك رحمة ترجع بها إلى حالك الأول أو يرجع بها كل عضو إلى سمته، والأمر للندب عند الجمهور وقال ابن دقيق العبد: ظاهر الخبر الوجوب، ومال إليه وأيده ابن القيم، وعليه فقيل هو عيني، وقيل كفاية وإذا لم يحمد فلا تشمتوه فيكره تنزيهاً لأن غير الشاكر لا يستحق الدعاء. ويسن لمن عنده ذكر الحمد ليحمده.وقال النووي: وأخطأ ابن العرب في قوله لا يفعله. قال النووي: وأقل الحمد والتشميت أن يسمع صاحبه. وأخذ منه أنه لو أتى بلفظ عير الحمد لا يشمت0000
684 إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه فإن زاد على ثلاث فهو مزكوم و لا يشمت بعد ثلاث( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/352)
(إذا عطس أحدكم فليشمته جليسه) أي الجالس معه ولو أجنبياً (فإن زاد) العاطس (على ثلاث) من العطسات (فهو مزكوم) أي به داء الزكام، وهو مرض معروف (ولا يشمت بعد ثلاث) أي لا يدعى له بالدعاء المشروع للعاطس. بل بدعاء يناسبه من جنس دعاء المسلم للمسلم بنحو شفاء وعافية، فمن فهم النهي عن مطلق الدعاء فقد وهم ولذلك قال ابن القيم في قوله وهو مزكوم تنبيه على الدعاء له بالعافية لأن الزكمة علة. وأشار إلى الحث على تدارك هذه العلة ولا يهملها فيعظم أمرها، وكلام المصطفى صلى الله عليه وسلم كله حكمة ورحمة 000
685 إذا عطس أحدكم فليضع كفيه على وجهه و ليخفض صوته
( حسن ) ( ك هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا عطس أحدكم) أي هم بالعطاس (فليضع) ندباً (كفيه) أو كفه الواحدة إن كان أقطع أو أشل (على وجهه) فإنه لا يأمن أن يبدو من فضلات دماغه ما يكرهه الرائي فيتأذى برؤيته، وهذا نوع من الأدب بين الجلساء (وليخفض) ندباً (صوته) بالعطاس فإن الله يكره رفع الصوت به 0000
686 إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين و ليقل له: يرحمك الله و ليقل هو: يغفر الله لنا و لكم( صحيح ) ( طب ك هب ) عن ابن مسعود
( حم 3 ك هب ) عن سالم بن عبيد الأشجعي .
الشرح:(1/353)
(إذا عطس أحدكم فليقل) ندباً (الحمد لله رب العالمين) ولا أصل لما اعتيد من بقية قراءة الفاتحة. ويكره العدول عن الحمد إلى: أشهد أن لا إله إلا الله أو تقديمها على الحمد. فهو مكروه. كذا ذكره ابن حجر 000 (وليقل له) بإسناد قال ابن حجر صحيح يقول عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله (وليقل هو) أي العاطس مكأفأة لدعائه وتأليفاً له (يغفر الله لنا) لفظ رواية الطبراني: لي (ولكم) وفي رواية البخاري يهديكم الله ويصلح بالكم: أي حالكم. واختير الجمع ورجح، واعترض بأن الدعاء بالهداية للمسلم تحصيل الحاصل وهو محال، ومنع بأنه ليس المراد بالدعاء وبالهداية ما متلبس به من الإيمان، بل معرفة تفاصيل أجزائه وإعانته على أعماله، وكل مؤمن يحتاج إلى ذلك في كل طرفة عين ومن ثم أمر الله أن نسأله الهداية في كل ركعة من الصلاة اهدنا الصراط المستقيم.
687 إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله على كل حال و ليقل له من حوله: يرحمك الله و ليقل هو لمن حوله: يهديكم الله و يصلح بالكم( صحيح )
( حم ت ن ك ) عن أبي أيوب ( ه ك هب ) عن علي .
688 إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله فإذا قال فليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يهديكم الله و يصلح بالكم
( صحيح ) ( حم خ ه ) عن أبي هريرة .
689 إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها و من غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها( حسن )
( د ) عن العرس بن عميرة .
الشرح:(1/354)
(إذا عملت) بالبناء للمجهول (الخطيئة) المعصية (في الأرض كان من شهدها) أي حضرها (فكرهها) بقلبه، وفي رواية أنكرها (كمن غاب عنها) في عدم الإثم له، والكلام فيمن عجز عن إزالتها بيده أو لسانه (ومن غاب عنها فرضيها) لفظ رواية ابن حبان فأحبها (كان كمن شهدها) أي حضرها في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما. لأن الراضي بالمعصية في حكم العاصي، والصورة الأولى فيها إعطاء الموجود حكم المعدوم والثانية عكسه0000
690 إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها ( صحيح ) ( حم ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/355)
(إذا عملت) يا أبا ذر القائل يا رسول الله أوصني (سيئة فأتبعها) بقطع الهمزة (حسنة تمحها) أي فإنها تذهبها. قال القاضي: صغار الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات. وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله {إن الحسنات يذهبن السيئات} وقوله عليه السلام "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة. اهـ. وأقره الطيبي. قال الغزالي والأولى إتباعها بحسنة من جنسها لكي تضادها، قال: فيكفر سماع الملاهي بسماع القرآن ومجالس الذكر، والقعود في المسجد جنباً بالاعتكاف فيه 000 وقس عليه. والقصد سلوك طريق المضادة فإن المرض يعالج بضده فكل ظلمة ارتفعت إلى القلب بمعصية لا يمحوها إلا نور يرتفع إليه بحسنة تضاده. والمتضادات هي المتناسات، فإن البياض يزال بالسواد لا بالحرارة مثلاً. وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه، ولا كذلك، بل بقيته عند أحمد وغيره. قال أبو ذر قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا إله إلا الله؟ قال هي أفضل الحسنات (تنبيه) قال القونوي: الطاعات كلها مطهرات، فتارة بطريق المحو المشار إليه بقوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} وبقوله هنا: إذا عملت سيئة إلخ، وتارة بطريق التبديل المشار إليه بآية {إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} فالمحو المذكور عبارة عن حقيقة العفو والتبديل عن مقام المغفرة، وإن تنبهت لذلك عرفت الفرق بين العفو والمغفرة. ثم اعلم أن لكل من المعاصي والطاعات خواص تتعدى من ظاهرالإنسان لباطنه وبالعكس، ثم منها ما يقبل الزوال بسرعة وما لا يقبل إلا ببطء وكلفة، ومنها ما يستمر حكمه إلى الموت ويزول في البرزخ، ومنها ما لا يزول إلا في المحشر، ومنها ما لا يزول إلا بعد دخول النار وقد نهت الشريعة على كل ذلك.
691 إذا عملت مرقة فأكثر ماءها و اغرف لجيرانك منها ( صحيح )
( ه ) عن أبي ذر .(1/356)
692 إذا غابت الشمس فكفوا صبيانكم فإنها ساعة ينتشر فيها الشياطين
( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إذا غربت الشمس) في كل يوم (فكفوا صبيانكم) أي أطفالكم عن الانتشار في الدخول والخروج (فإنها ساعة ينشر فيها الشيطان) لامه للجنس بدليل رواية الشياطين، وليس فيه ذكر نهاية الكف، وذكره في حديث آخر بقوله: حتى تذهب فوعة العشاء000
693 إذا غضب أحدكم فليسكت ( صحيح ) ( حم ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إذا غضب أحدكم) لشيء نابه (فليسكت) عن النطق بغير الذكر المشروع، لأن الغضب يصدر عنه من قبيح القول ما يوجب الندم عليه عند سكون سورة الغضب: ولأن الانفعال ما دام موجوداً فنار الغضب تتأجج وتتزايد، فإذا سكت أخذت في الهدوء والخمود، وإن انضم إلى السكوت الوضوء كان أولى، فليس شيء يطفىء النار كالماء.
694 إذا غضب أحدكم و هو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب و إلا فليضطجع ( صحيح ) ( حم د حب ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس) ندباً (فإن ذهب عنه الغضب) فذاك (وإلا) بأن استمر (فليضطجع) على جنبه لأن القائم متهيء للانتقام، والجالس دونه، والمضطجع دونهما. والقصد أن يبتعد عن هيئة الوثوب والمبادرة للبطش ما أمكن حسماً لمادة المبادرة. وحمل الطيبي (قوله وحمل: بفتح الحاء وسكون الميم مبتدأ) الاضطجاع هنا على التواضع والخفض، لأن الغضب منشؤه الكبر والترفع00وهذا إذا لم يكن الغضب لله، وإلا فهو من الدين، وقوة النفس في الحق: فبالغضب قوتل الكفار وأقيمت الحدود وذهبت الرحمة عن أعداء الله من القلوب وذلك يوجب أن يكون القلب عاقداً والبدن عاملاً بمقتضى الشرع. وفي الحديث وما قبله أن الغضبان مكلف. لأنه كلفه بما يسكنه من القول والفعل، وهذا عين تكليفه بقطع الغضب000
695 إذا غضب الرجل فقال: أعوذ بالله سكن غضبه ( صحيح )
( عد ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/357)
(إذا غضب الرجل) يعني الإنسان، ولو أنثى (فقال أعوذ بالله) زاد في رواية الطبراني: من الشيطان الرجيم (سكن غضبه) لما يأتي في خبر: إن الغضب من الشيطان: أي من إغوائه ووسوسته، والاستعاذة من أقوى سلاح المؤمن على دفع كيد اللعين إبليس ومكره. وإذا تأمل معنى الاستعاذة وهو الإلتجاء إلى الله تعالى والاعتصام به وضم له التفكر فيما ورد في كظم الغيظ وثوابه واستحضر أن الله أعظم قدرة من قدرته على من غضب عليه سكن غضبه لا محالة.
696 إذا غضبت فاجلس ( صحيح )
( الخرائطي في مساوئ الأخلاق ) عن عمران بن حصين .
697 إذا فتحت عليكم فارس و الروم أي قوم أنتم ؟ قيل: نكون كما أمر الله قال: أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض
( صحيح ) ( م ه ) عن ابن عمرو .
698 إذا فتحت مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة و رحما
( صحيح ) ( طب ك ) عن كعب بن مالك .
الشرح:(1/358)
(إذا فتحت مصر) أرض جامعة كليتها وجملة أقليمها نازلة منزلة الأرض كلها، فلها إحاطة بوجه ما فلذلك أعظم شأنها في القرآن: أي والسنة0000 (فاستوصوا بالقبط) كسبط أهل مصر وقد تضم القاف في النسبة (خيراً) أي اطلبوا الوصية من أنفسكم بإتيان أهلها خيراً. أو معناه: اقبلوا وصيتي فيهم، يقال أوصيته فاستوصى أي قبل الوصية يعني إذا استوليتم عليهم وتمكنتم منهم فأحسنوا إليهم وقابلوهم بالعفو عما تنكرون، ولا يحملنكم سوء أفعالهم وقبح أقوالهم على الإساءة إليهم. فالخطاب للولاة من الأمراء والقضاة، ثم علله بقوله (فإن لهم ذمة) ذماماً وحرمة وأماناً من جهة إبراهيم بن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإن أمه مارية منهم (ورحماً) بفتح فكسر: قرابة، لأن هاجر أم إسماعيل منهم، وفي رواية قرابة وصهراً، فالذمة بإعتبار إبراهيم، والرحمة بإعتبار هاجر. ذكره جمع. وقال الزركشي: المتجه أنه أراد بالذمة العهد الذي دخلوا به في الإسلام زمن عمر، فإن مصر فتحت صلحاً، وهذا مما كوشف به من الغيب ومن معجزاته حيث أوقع الحال موقع الاستقبال ففتحت على أتم الأحوال في سنة عشرين من الهجرة ثم فيه معجزة أخرى هي إخباره بأن سيقع منهم ما يوجب العقاب بخروج المصريين على عثمان أولاً، وقتلهم محمد بن أبي بكر ثانياً، وهو وال عليها من قبل علي الإمام الحق، ومع ذلك ففيه إشعار بمحبته لأهل مصر، وإن فرط منهم ما فرط. ومن فضائلهم أن أكثر المجددين على رأس كل قرن منهم.
699 إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم و من عذاب القبر و من فتنة المحيا و الممات و من شر فتنة المسيح الدجال ( صحيح ) ( حم م د ه ) عن أبي هريرة .
700 إذا فرغ أحدكم من صلاته فليدع بأربع ثم ليدع بعد بما شاء: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم و عذاب القبر و فتنة المحيا و الممات و فتنة المسيح الدجال ( صحيح ) ( هق ) عن أبي هريرة .(1/359)
701 إذا فزع أحدكم من النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه و عقابه و شر عباده و من همزات الشياطين و أن يحضرون فإنها لن تضره
( حسن ) ( ت ) عن ابن عمرو .
702 إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم و لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة( صحيح )
( حم ت حب ) عن قرة بن أياس .
703 إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه( صحيح ) ( حم ) عن أبي سعيد .
704 إذا قال أحدكم في الصلاة: آمين و قالت الملائكة في السماء: آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح )
( مالك ق ن ) عن أبي هريرة .
705 إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح )
( مالك ق 3 ) عن أبي هريرة .
706 إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا و لك الحمد
(صحيح)( ه ك)عن أبي سعيد ( ه حب ) عن أنس ( حب ) عن أبي هريرة .
707 إذا قال الإمام: ( غير المغضوب عليهم و لا الضالين فقولوا: آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) . ( صحيح )
( مالك خ د ن ) عن أبي هريرة .
708 إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء( صحيح )
( ابن منيع خط ) عن أبي هريرة ( خط ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/360)
(إذا قال الرجل) يعني الإنسان(لأخيه) أي في الإسلام الذي فعل معه معروفاً (جزاك الله خيراً) أي قضى لك خيراً وأثابك عليه: يعني أطلب من الله أن يفعل ذلك بك (فقد أبلغ في الثناء) أي بالغ فيه وبذل جهده في مكأفاته عليه بذكره بالجميل وطلبه له من الله تعالى الأجر الجزيل، فإن ضم لذلك معروفاً من جنس المفعول معه كان أكمل هذا ما يقتضيه هذا الخبر، لكن يأتي في آخر ما يصرح بأن الاكتفاء بالدعاء إنما هو عند العجز عن مكافأته بمثل ما فعل معه من المعروف. ثم إن الدعاء المذكور إنما هو للمسلم كما تقرر، أما لو فعل ذمي بمسلم معروفاً فيدعو له بتكثير المال والولد والصحة والعافية.
709 إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما ( صحيح )
( خ ) عن أبي هريرة ( حم خ ) عن ابن عمر .
710 إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فهو كقتله و لعن المؤمن كقتله
( صحيح ) ( طب ) عن عمران بن حصين .
711 إذا قال الرجل للمنافق: يا سيدي فقد أغضب ربه ( حسن )
( ك هب ) عن بريدة .
الشرح:
(إذا قال الرجل) يعني الإنسان (للمنافق) أي الذي يخفي الكفر ويظهر الإسلام (يا سيد) بغير إضافة، وفي رواية يا سيدي (فقد أغضب ربه) أي فعل ما يستحق العقاب من مالك أمره المنعم بالإيجاد والتربية لأنه إن كان سيده وهو منافق فحاله دون حاله: وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يكره استعمال اللفظ الشريف المصون في حق من ليس كذلك واستعمال اللفظ المهين المكروه فيمن ليس من أهله. وهذا من ذلك القبيل. قال الطيبي: ومولانا داخل في هذا الوعيد. بل أشد. وكذا قوله أستاذي. والكلام في حر قال ذلك عند أمن الفتنة. أما لو قال عبداً وأمة لمالكه أو مالكها أو قاله حر لخوف الفتنة لو لم يقله فلا يدخل في هذا الوعيد والغضب من الله إرادة الانتقام من المغضوب عليه. وفي الحديث إشعار بأنه لا يذم قول ذلك للمؤمن. ويدل له الخبر الآتي: قوموا إلى سيدكم.(1/361)
712 إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم( صحيح )
( حم م د ) عن أبي هريرة .
713 إذا قال العبد: لا إله إلا الله و الله أكبر قال الله: صدق عبدي لا إله إلا أنا و أنا أكبر فإذا قال: لا إله إلا الله وحده قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا وحدي فإذا قال: لا إله إلا الله لا شريك له قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا و لا شريك لي فإذا قال: لا إله إلا الله له الملك و له الحمد قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا لي الملك و لي الحمد فإذا قال: لا إله إلا الله و لا حول و لا قوة إلا بالله قال: صدق عبدي لا إله إلا أنا و لا حول و لا قوة إلا بي من رزقهن عند موته لم تمسه النار(صحيح)(ت ن ه حب ك)عن أبي هريرة وأبي سعيد
714 إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله قال: أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال: حي على الصلاة قال: لا حول و لا قوة إلا بالله ثم قال: حي على الفلاح قال: لا حول و لا قوة إلا بالله ثم قال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر ثم قال: لا إله إلا الله قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة( صحيح ) ( م د ) عن عمر .
715 إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبزق أمامه فإنما يناجي الله تبارك و تعالى ما دام في مصلاه و لا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا و ليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي هريرة .
716 إذا قام أحدكم عن فراشه ثم رجع إليه فلينفضه بصنفة إزاره ثلاث مرات فإنه لا يدري ما خلفه عليه بعده و إذا اضطجع فليقل: باسمك ربي وضعت جنبي و بك أرفعه فإن أمسكت نفسي فارحمها و إن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين فإذا استيقظ فليقل: الحمد لله الذي عافاني في جسدي و رد على روحي و أذن لي بذكره( حسن )
( ت ) عن أبي هريرة .(1/362)
717 إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع( صحيح ) ( حم م د ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا قام أحدكم من الليل) أي للتهجد في بعض الليل أو للقراءة فيه (فاستعجم) بفتح المثناة فوق: استغلق (القرآن) بالرفع فاعل استعجم
(على لسانه) إي ثقلت عليه القراءة كالأعجمي لغلبة النعاس (فلم يدر ما يقول) أي صار لنعاسه لا يفهم ما ينطق به ولا يدري لشدة نعاسه ما بعد اللفظ المتلو ليأتي به أو لا يقدر على النطق أصلاً (فليضطجع) للنوم ندباً إن خف النعاس بحيث يعقل المعقول ووجوباً إن غلبه بحيث يفضي إلى الإخلال ببعض الواجبات ذكره العراقي دافعاً به التعارض000 وخص الليل والصلاة لا لإخراج الغير، بل لأنه الغالب، فيمنع الناعس من القراءة ولو نهاراً وفي غير الصلاة حذراً من تغير النظم القرآني، وإن كان في الصلاة قدر زائد، وهو أنه ما لم تتحقق قراءة الواجب لا صلاة.
718 إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده و لا على ما وضعها ( صحيح )
( ه قط الضياء ) عن جابر .
719 إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار و المرأة و الكلب الأسود قيل: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر ؟ قال: الكلب الأسود شيطان( صحيح ) ( م ن ) عن أبي ذر .
720 إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليستك فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه و لا يخرج من فيه شيء إلا دخل فم الملك
( صحيح ) ( هب تمام الضياء ) عن جابر .
الشرح:(1/363)
(إذا قام أحدكم يصلي من الليل) أي إذا أراد القيام للصلاة فيه كقوله تعالى {فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله} عبر عن إرادة الفعل بالفعل المسبب عنها للإيجاب. قال الزجاج: والقيام اسم لهذه الحركة المخصوصة من هذا المتحرك الذي بها يسمى قائماً. فتلك الهيئة هي التي سميت قياماً بالنظر لحال انفصالها ويقوم وقم بالنظر لتوهم وقوعها (فليستك) أي يستعمل السواك (فإن أحدكم إذا قرأ في صلاته وضع ملك فاه على فيه) يحتمل أن المراد به كاتب الحسنات ويحتمل غيره (فلا يخرج من فيه) أي القارىء (شيء) من القرآن (إلا دخل فم الملك) لأن الملائكة لم يعطوا فضيلة التلاوة كما في خبر آخر، وأنهم حريصون على استماع القرآن من البشر، وفي إطلاقه القراءة في الصلاة إشارة إلى أن ذلك يكون في أي صلاة كانت فرضاً أو نفلاً: ليلاً أو نهاراً، فذكره الليل أولاً لكون التهجد إنما هو ليلاً وهو يزيد على صلاة النهار بالنسبة للكمال، فوجه الكلام نحو الغالب. وإلا فالنهار كذلك، بدليل ما رواه محمد بن نصر عن الزهري مرسلاً: إذا قام الرجل يتوضأ ليلاً أو نهاراً فأحسن الوضوء واستن ثم قام يصلي أطاف به الملك ودنا منه حتى يضع فاه على فيه فما يقرأ إلا فيه. وإذا لم يستن أطلق به ولم يضع فاه على فيه. ثم قضية الحديث أن تلقف الملك القراءة إنما يكون فيما وقع في الصلاة بخلافه خارجها، وقد يوجه بأن الصلاة مظنة الفيوض الرحمنية فاجتماع شرف القرآن وشرف الصلاة يزيد دنو الأرواح القدسية. وفيه ندب الإكثار من القراءة سيما في الصلاة وبيان فضيلة قراءة القرآن والسواك وإن كان الإنسان نقي الأسنان قويم المزاج واعتناء الملأ الأعلى بذلك وحرصهم عليه وفيه أن للملك جوفاً فهو رد على ابن عبد الهادي في قوله: الملائكة صمد لا أجواف لهم.
721 إذا قام الإمام في الركعتين فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس فإن استوى قائما فلا يجلس و يسجد سجدتي السهو( صحيح )
( حم د ه هق ) عن المغيرة .(1/364)
722 إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به( صحيح )
( حم خد م د ه ) عن أبي هريرة ( حم ) عن وهب بن حذيفة .
الشرح:
(إذا قام الرجل) أي الجالس لنحو إفتاء أو قراءة أو إقراء علم شرعي
(من مجلسه) زاد إمام الحرمين في النهاية وصححه وأقره في الروضة في المسجد (ثم رجع إليه فهو أحق به) أي من غيره إن كان قام منه ليعود إليه لأن له غرضاً في لزوم ذلك المحل ليألفه الناس. قال النووي: قال أصحابنا هذا فيمن جلس بمحل من نحو مسجد أو غيره لنحو صلاة ثم فارقه ليعود كإرادة وضوء أو شغل يسير فلا يبطل اختصاصه به وله أن يقيم من قعد فيه، وعلى القاعد أن يطيعه، وهل يجب؟ وجهان أصحهما الوجوب والثاني يستحب وهو مذهب مالك. قال - أعني النووي - وإنما يكون أحق في تلك الصلاة فقط. ومن ألف من مسجد محلاً ليفتي أو يقرىء فله أن يقيم من قعد فيه، ومثله من سبق إلى محل من الشارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. وظاهر الحديث عدم اشتراط إذن الإمام.
723 إذا قام الرجل يتوضأ ليلا أو نهارا فأحسن الوضوء و استن ثم قام فصلى أطاف به الملك و دنا منه حتى يضع فاه على فيه فما يقرأ إلا في فيه و إذا لم يستن أطاف به و لا يضع فاه على فيه( صحيح )
( محمد بن نصر في الصلاة ) عن ابن شهاب مرسلا .(1/365)
724 إذا قبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر و للآخر النكير فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: ما كان يقول هو: عبد الله و رسوله أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمد عبده و رسوله فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ثم يقال: نم فيقول: أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان: نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك و إن كان منافقا قال: سمعت الناس يقولون قولا فقلت مثله لا أدري فيقولان: قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض: التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك
( حسن ) ( ت ) عن أبي هريرة .
725 إذا قدم أحدكم ليلا فلا يأتين أهله طروقا حتى تستحد المغيبة و تمتشط الشعثة( صحيح ) ( م ) عن جابر .
726 إذا قدم العشاء و حضرت الصلاة فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب و لا تعجلوا عن عشائكم( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
727 إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة و أمرت بالسجود فعصيت فلي النار
( صحيح ) ( حم م ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/366)
(إذا قرأ ابن آدم السجدة) أي آيتها (فسجد) للتلاوة (اعتزل) أي تباعد، وكل من عدل إلى جانب فهو معتزل ومنه سميت الفرقة العدلية معتزلة (الشيطان) إبليس فأل عهدية (يبكي يقول) حالان من فاعل اعتزل مترادفان أو متداخلان (يا ويله) في رواية مسلم: يا ويلتي، وفي أخرى يا ويلي، وفي أخرى يا ويلنا. وألفه للندبة والتفجع: أي يا هلاكي ويا حزني. احضر فهذا أوانك. جعل الويل منادى لكثرة حزنه وهو لما حصل له من الأمر الفظيع (أمر ابن آدم بالسجود) وهذا استئناف جواب عن من سأله عن حاله (فسجد فله الجنة) بطاعته (وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار) وفي رواية مسلم بدل فعصيت فأبيت. وفيه بيان فضيلة السجدة ودليل على كفر إبليس00قال الطيبي:ونداء الويل للتحسرعلى ما فاته من الكرامة وحصول اللعن والطرد والخيبة في الدارين وللحسد على ما حصل لآدم من القرب والكرامةوالفوز.
728 إذا قرأ الإمام فأنصتوا( صحيح ) ( م ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إذا قرأ الإمام) في الصلاة (فأنصتوا) لقراءته أيها المقتدون: أي استمعوا لها ندباً حيث بلغكم صوته بالقراءة فلا يسن لمقتد سمع قراءة إمامه سورة بعد الفاتحة بل يكره أما لو لم يسمعه أو سمع صوتاً لا يفسر حروفه فيقرأ سراً. وظاهر الحديث أنه لو جهر الإمام في سريته أو عكس: اعتبر فعله وهو الأصح عند الشافعية ففيه رد لمن ذهب منهم إلى اعتبار المشروع. ثم هذا الحديث مما استدل به على عدم القراءة خلف الإمام وعلى ما قدرناه لا دليل فيه.
729 إذا قرأتم ( الحمد لله فاقرءوا ( بسم الله الرحمن الرحيم ) إنها أم القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني و ( بسم الله الرحمن الرحيم ) إحدى آياتها ) .
( صحيح ) ( قط هق ) عن أبي هريرة .
730 إذا قسمت الأرض و حدت فلا شفعة فيها( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة .
731 إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته خيرا( صحيح )(1/367)
( حم م ه ) عن جابر ( الدارقطني في الأفراد ) عن أنس .
الشرح:
(إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده) يعني أدى الفرض في محل الجماعة، وخص المسجد لأن الغالب إقامتها فيه (فليجعل لبيته) أي محل سكنه (نصيباً) أي قسماً (من صلاته) أي فليجعل الفرض في المسجد والنفل في بيته لتعود بركته على البيت وأهله كما قال (فإن الله تعالى جاعل في بيته من صلاته) أي من أجلها وبسببها (خيراً) أي كثيراً عظيماً كما يؤذن به التنكير لعمارة البيت بذكر الله وطاعته وحضور الملائكة واستبشارهم وما يحصل لأهله من ثواب وبركة وفيه أن النفل في البيت أفضل منه في المسجد ولو بالمسجد الحرام: أي إلا ما سن جماعة وركعتا الإحرام والطواف وسنة الجمعة القبلية فبالمسجد أفضل عند الشافعية. قال العراقي: وفيه أيضاً أن الصلاة جالبة للرزق كما قال تعالى {وأمر أهلك بالصلاة وأصبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك} قال ابن الكمال: وفيه أن المكتوبة حقها أن تقضى في المسجد.
732 إذا قضى أحدكم حجه فليعجل الرجوع إلى أهله فإنه أعظم لأجره
( حسن ) ( ك هق ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا قضى أحدكم) أي أتم (حجه) أو نحوه من سفر طاعة كغزو (فليعجل) أي فليسرع ندباً (الرجوع إلى أهله) أي وطنه وإن لم يكن له أهل (فإنه أعظم لأجره) لما يدخله على أهله وأصحابه من السرور بقدومه لأن الإقامة بالوطن يسهل معها القيام بوظائف العبادات أكثر من غيرها، وإذا كان هذا في الحج الذي هو أحد دعائم الإسلام فطلب ذلك في غيره من الأسفار المندوبة والمباحة أولى. ومنه أخذ أبو حنيفة كراهة المجاورة بمكة وخالفه صاحباه كالشافعي. وفيه ترجيح الإقامة على السفر غير الواجب.
733 إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد ثم رجع إلى بيته فليصل في بيته ركعتين و ليجعل لبيته نصيبا من صلاته فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرا( صحيح ) ( حم ع ) عن أبي سعيد .(1/368)
734 إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال الحق و هو العلي الكبير فيسمعها مسترقوا السمع و مسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه و ربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مئة كذبة فيصدق فيقولون: ألم تخبرنا يوم كذا و كذا يكون كذا و كذا فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء( صحيح )
( خ ت ه ) عن أبي هريرة .
735 إذا قضى الله تعالى لعبد أن يموت بأرض جعل الله له إليها حاجة
( صحيح ) ( ت ك ) عن مطر بن عكامس ( ت ) عن أبي عزة .
الشرح:
(إذا قضى الله تعالى) أي أراد وقدر في الأزل (لعبد) من عباده (أن يموت بأرض) وليس هو فيها (جعل له إليها حاجة) زاد في رواية الحاكم فإذا بلغ أقصى أثره توفاه الله بها، فتقول الأرض يوم القيامة يا رب هذا ما استودعتني. قال القرطبي: قال العلماء وهذا تنبيه للعبد على التيقظ للموت والاستعداد له بالطاعة والخروج من المظالم وقضاء الدين والوصية بماله وعليه في الحضر فضلاً عن الخروج إلى سفره، فإنه لا يدري أين كتبت منيته من البقاع0000
736 إذا قعد بين شعبها الأربع و ألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل
( صحيح ) ( حم ) عن عائشة ( د ) عن أبي هريرة .
737 إذا قلت لصاحبك و الإمام يخطب يوم الجمعة: أنصت فقد لغوت
( صحيح ) ( مالك حم ق د ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/369)
(إذا قلت لصاحبك) أي جليسك، سمي صاحباً لأنه صاحبه في الخطاب (والإمام يخطب) جملة حالية مشعرة بأن ابتداء الإنصات من الشروع في الخطبة لا من خروج الإمام، خلافاً لأبي حنيفة (يوم الجمعة) ظرف لقلت (أنصت) اسكت واستمع (فقد لغوت) من لغا يلغو لغواً إذا قال باطلاً أي تركت الأدب أو تكلمت بما لا ينبغي أي خبت أو ملت عن الصواب أو عدلت عن اللائق، لأن الخطبة أقيمت مقام ركعتين، فكما لا ينبغي التكلم في المنوب فكذا النائب، هذا في حق من أمر بمعروف فكيف بالمتكلم ابتداء؟ فخليق بمثله أن يلحق بالحمار الذي يحمل الأسفار. فالكلام منهي عنه عند الشافعية تنزيهاً، وتحريماً عند الثلاثة. قال في الكشاف: واللغو فضول الكلام وما لا طائل تحته. وفي رواية لغيت.قال الكرماني: وظاهر القرآن يقتضيها، إذ قال {والغوا فيه} وهو من لغى يلغي ولو كان يلغو قال الغو بضم الغين - وقد اختلفت الروايات في ألفاظ هذا الخبر. ففي رواية قدم الإنصات على الجمعة وفي أخرى عكس، وفي أخرى قدم الإمام. وفي أخرى قدم المأموم قال ابن الأثير وكل من هذه له فائدة. فمن كانت عنايته بأخذ الأشياء الثلاثة قدمه في الذكر. والكل سواء. فإنه لابد من ذكر الإنصات والجمعة والإمام، وبذكرها يحصل الغرض. وأيها قدم أصاب (تنبيه) أخذ الحنفية منه منع تحية المسجد حال الخطبة. لأن المنع من الأمر بالمعروف وهو أعلى من السنة فمنعها أولى. وعارضهم الشافعية بأمر الداخل بالتحية في أخبار أخر.
738 إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تستوي قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها( صحيح ) ( ق ه ) عن أبي هريرة .
739 إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء و اجعل الماء بين أصابع يديك و رجليك( صحيح ) ( ه ) عن ابن عباس .(1/370)
740 إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم قم فاستقبل القبلة ثم كبر فإن كان معك قرآن فاقرأه و إن لم يكن معك قرآن فاحمد الله و هلله و كبره فإذا ركعت فاركع حتى تطمئن ثم ارفع رأسك فاعتدل قائما ثم اسجد فاعتدل ساجدا ثم ارفع رأسك فاعتدل قاعدا حتى تقضي صلاتك فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك و إن انتقصت من ذلك شيئا فإنما انتقصت من صلاتك
( صحيح ) ( 3 ) عن رفاعة البدري .
741 إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن أبي هريرة .
742 إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع و لا تكلم بكلام تعتذر منه و اجمع الإياس مما في أيدي الناس( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي أيوب .
الشرح:
(إذا قمت في صلاتك) أي شرعت فيها (فصل صلاة مودع) أي إذا شرعت فيها فأقبل على الله وحده ودع غيره لمناجاة ربك (ولا تكلم) بحذف إحدى الناءين تخفيفاً (بكلام تعتذر) بمثناه فوقية أوله بضبط المصنف (منه) أي لا تتكلم بشيء يوجب أن يطلب من غيرك رفع اللوم عنك بسببه (وأجمع) بقطع الهمزة وجيم ساكنة وميم مكسورة لأنه من أجمع الذي هو متعلق بالمعاني دون الأعيان: لا من جمع. فإنه مشترك بينهما. قال في النهاية: الاجماع إحكام النية والعزيمة (الإياس) بكسر الهمزة وخفة المثناة تحت (مما في أيدي الناس) أي اعزم وصمم على قطع الأمل مما في يد غيرك من جميع الخلق فإنه يريح القلب والبدن000
743 إذا قمتم في الصلاة فلا تسبقوا قارئكم بالركوع و السجود و لكن هو يسبقكم( صحيح ) ( البزار ) عن سمرة .
744 إذا كان اثنان يتناجيان فلا تدخل بينهما
( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/371)
(إذا كان اثنان يتناجيان) أي يتحادثان سراً (فلا تدخل) أنت وجوباً (بينهما) أي لا تشاركهما فيما أسرا به ولا تصغ إليهما زاد في رواية أحمد إلا بإذنهما وعلله في خبر أبي يعلى بأنه يؤذي المؤمن والله يكره أذى المؤمن.
745 إذا كان أجل أحدكم بأرض أتى له حاجة إليها فإذا بلغ أقصى أثره قبضه الله إليه فتقول الأرض يوم القيامة رب هذا ما استودعتني( صحيح )
( ه الحكيم ك ) عن ابن مسعود .
746 إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإن الماء طهور( صحيح ) ( د ك هق ) عن سلمان بن عامر .
747 إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى ذي قرابته فإن كان فضل فهاهنا و هاهنا( صحيح )
( حم م ن د ) عن جابر .
الشرح:
(إذا كان أحدكم فقيراً) أي لا مال له ولا كسب يقع موقعاً من كفايته (فليبدأ بنفسه) أي يقدمها بالإنفاق عليها مما أتاه الله كما مر (فإن كان فضل) أي بسكون الضاد: أي شيء زائد بأن فضل بعد كفايته زيادة (فعلى عياله) أي الذين يعولهم وتلزمه نفقتهم (فإن كان فضل فعلى ذي قرابته) من أصوله وفروعه وذي رحمه يقدم الأقرب فالأقرب، والأحوج فالأحوج (فإن كان فضل فهاهنا وهاهنا) كناية عن الإنفاق في وجوه الخير المعبر عنه في رواية باليمين والشمال. قال النووي: إن الابتداء في النفقة على هذا الترتيب وأن الحقوق إذا تزاحمت قدم الآكد فالآكد وأن الأفضل في صدقة التطوع في تنويعها في جهات البر بالمصلحة.
748 إذا كان أحدكم في الشمس فقلص عنه الظل و صار بعضه في الظل و بعضه في الشمس فليقم ( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/372)
(إذا كان أحدكم في الشمس) في رواية في الفيء (فقلص) بفتحات أي ارتفع وزال (عنه الظل وصار) أي بقي (بعضه في الظل وبعضه في الشمس فليقم) أي فليتحول إلى الظل ندباً وإرشاداً لأن الجلوس بين الظل والشمس مضر بالبدن إذ الإنسان إذا قعد ذلك المقعد فسد مزاجه لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين كما هو مبين في نظائره من كتب الطب 00000
749 إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يرفع بصره إلى السماء أن يلتمع بصره
( صحيح ) ( حم ن ) عن رجل من الصحابة .
750 إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد حركة في دبره أحدث أو لم يحدث ؟ فأشكل عليه فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة .
751 إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
752 إذا كان أحدكم في صلاة فإنه يناجي ربه فلينظر أحدكم ما يقول في صلاته و لا ترفعوا أصواتكم فتؤذوا المؤمنين( صحيح )
( البغوي ) عن رجل من بني بياضة .
753 إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلى ( صحيح ) ( مالك ق ن ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق) أي لا يسقط البصاق (قبل وجهه) أي جهته بل يساره أو تحت قدمه لا عن يمينه للنهي عنه كما مر00000
(إذا صلى) فلا يقابل هذه الجهة بالبصاق سواء كان بمسجد أو خارجه لأنه يعد استخفافاً بها 0000
754 إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه و ليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ( صحيح ) ( م د ن ) عن أبي سعيد .
755 إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه و ليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين( صحيح ) ( حم م ه ) عن ابن عمر .
756 إذا كان أحدكم يصلي فلا يرفع بصره إلى السماء لا يلتمع( صحيح )
( طس ) عن أبي سعيد .
757 إذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع( صحيح )( د )عن ابن عباس .(1/373)
758 إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس( صحيح ) ( د ه ك ) عن ابن عمر .
759 إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين و مردة الجن و غلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب و فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب و ينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل و يا باغي الشر أقصر و لله عتقاء من النار و ذلك كل ليلة( حسن )( ت ه حب ك هق ) عن أبي هريرة .
760إذا كانت الفتنة بين المسلمين فاتخذسيفا من خشب(حسن)(ه)عن أهبان.
الشرح:
(إذا كانت الفتنة) أي الاختلاف والحروب واقعة (بين) طائفتين أو أكثر من (المسلمين فاتخذ سيفاً من خشب) أي من شيء لا ينتفع به ولا يقطع فهو كناية عن العزلة والكف عن القتال والانجماع عن الفريقين. قال الطبري: هذا في فتنة نهينا عن القتال فيها وأمرنا بكف الأيدي والهرب منها إذ لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين طائفتين من المسلمين الهرب منه وكسر السيوف لما أقيم حد ولا أبطل باطل ووجد أهل الشقاق والنفاق سبيلاً إلى استحلال ما حرم من أموال الناس وسفك دمائهم بأن يتحزنوا عليهم ونكف أيدينا عنهم ونقول هذه فتنة فما نقاتل فيها وذلك مخالف لخبر خذوا على أيدي سفهائكم فتعين أن محل الأمر بالكف إذا كان القتال على الدنيا أو لإتباع الهوى أو عصبية.
761 إذا كانت عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة و شقه ساقط( صحيح ) ( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/374)
(إذا كانت عند رجل امرأتان) أي زوجتان أو أكثر (فلم يعدل بينهما) أو بينهن في القسم (جاء) أي حشر (يوم القيامة وشقه) بكسر أوله نصفه وجانبه (ساقط) أي ذاهب أو أشل ولفظ رواية الترمذي فيما وقفت عليه من النسخ مائل قال ابن العربي يعني به كفة الميزان فترجح كف الخسران على كفة الخير إلا أن يتداركه الله بلطفه انتهى وعلى ما هو المتبادر من الحمل على الحقيقة فحكمته أن النساء لما كانت شقائق الرجال وكانت الزوجة نفس الرجل ومسكنه ولباسه وعطل واحدة من بينهن جوزي بتعطيل نصفه وفيه مافيه للزوم تعطيل ربعه لواحدة من أربع وثلاثة أرباعه لثلاثة فالأول أظهر فعدم العدل بينهن حرام فيجب القسم للعدد ولو لنحو رتقاء وقرناء وحائض ونفساء ومجنونة لا يخافها ومحرمة وصغيرة لا تشتهى إلا لناشزة أي خارجة عن طاعته بأن تخرج بغير إذنه وتمنعه التمتع بلا عذر أو تغلق الباب دونه ولا يلزمه التسوية في الاستمتاع كالجماع لتعلقه بالميل القهري.
762 إذا كان ثلاثة جميعا فلا يتناجى اثنان دون الثالث ( صحيح )
( حم ) عن أبي هريرة .
763 إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ( صحيح )
( هق ) عن أبي هريرة .
764 إذا كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم و أغلقوا الأبواب و اذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا و أوكئوا قربكم و اذكروا اسم الله و خمروا آنيتكم و اذكروا اسم الله و لو أن تعرضوا عليه شيئا و أطفئوا مصابيحكم ( صحيح )
( حم ق د ن ) عن جابر .
الشرح:(1/375)
(إذا كان جنح الليل) بضم الجيم وكسرها أي أقبل ظلامه قال الطيبي جنح الليل طائفة منه وأراد به هنا الطائفة الأولى منه عند امتداد فحمة العشاء (فكفوا صبيانكم) ضموهم وامنعوهم من الخروج ندباً فيه وفيما يأتي وقال الظاهرية وجوباً (فإن الشيطان) يعني الجن وفي رواية للشيطان ولامه للجنس (تنتشر حينئذ) أي حين فحمة العشاء لأن حركتهم ليلاً أمكن منها نهاراً إذ الظلام أجمع لقوى الشيطان وعند ابتداء انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به فخيف على الأطفال من إيذائهم (فإذا ذهب ساعة من الليل) وفي رواية من العشاء (فحلوهم) بحاء مهملة مضمومة في صحيح البخاري وفي رواية له أيضاً بخاء معجمة مفتوحة وحكي ضمها أي فلا تمنعوهم من الخروج والدخول (وأغلقوا) بفتح الهمزة (الأبواب) أي ردوها وفي رواية البخاري لها وأغلق بابك بالإفراد خطاب لمفرد والمراد به كل واحد فهو عام من حيث المعنى (واذكروا اسم الله) عليها (فإن الشيطان) أي الجنس (لا يفتح باباً مغلقاً) أي وقد ذكر اسم الله عليه ولا يناقضه ما ورد أنه يخطر بين المرء وقلبه وأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم فإن هذه أطوار وأحوال ولله أن يشكلها في أي صورة شاء وليس لها التصرف بذاتها وقد يجعل الله هذه الأسباب قيوداً لها وتصديق من لا ينطق عن الهوى فيما جاء به واجب (وأوكثوا قربكم) سدوا أفواهها بنحو خيط (واذكروا اسم الله) على ذلك فإنه السور العظيم والحجاب المنيع الدافع للشيطان والوباء والحشرات والهوام والأولى أن يقال ما ورد بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء (وخمروا) غطوا (آنينكم) جمع قلة وجمع الكثرة أواني (واذكروا اسم الله) عليها فإن السور العريض والحجاب المنيع بين الشيطان والإنسان ولو شاء ربك لكان الغطاء كافياً أو ذكر اسم الله كافياً لكنه قرن بينهما ليعلم كيفية فعل الأسباب في دارها وليبين أنها إنما تفعل بذكر الله عليها لا بذاتها (ولو أن تعرضوا) بفتح أوله وضم(1/376)
الراء وكسرها والأول كما قاله العيني أصح والمذكور بعد لو فاعل فعل مقدر أي ولو ثبت أن تعرضوا أي تضعوا (عليه) الإناء (شيئاً) أي على رأسه قال الطيبي: جواب لو محذوف أي لو خمرتموها عرضاً بشيء كعود وذكرتم اسم الله عليه كان كافياً والمقصود أن يجعل نحو عود على عرضه فإن كان مستدير الفم فهو كله عرض وإن كان مربعاً فقد يكون له عرض وطول فيجعله عليه عرضاً لا طولاً والمراد وإن لم يغطه فلا أقل من ذلك أو إن فقدتم ما يغطيه فافعلوا المقدور ولو أن تجعل عليه عوداً بالعرض وقيل المعنى اجعلوا بين الشيطان وبين آنيتكم حاجزاً 000 (وأطفئوا مصابيحكم) اذهبوا نورها ولا يكون مصباحاً إلا بالنور وبدونه فتيلة والمراد إذا لم تضطروا إليه لنحو برد أو مرض أو تربية طفل أو نحو ذلك والأمر في الكل للإرشاد وجاء في حديث تعليل الأمر بالطفي بأن الفويسقة تجر الفتيلة فتحرق البيت وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أشفق على أمته من الوالدة بولدها ولم يدع شفقته دينية ولا دنيوية إلا أرشد إليها قال النووي رحمه الله وفيه جمل من أنواع الخير وآداب جامعة جماعها تسمية الله في كل فعل وحركة وسكون لتصل السلامة من آفات الدارين. وقال القرطبي: تضمن هذا الحديث أن الله أطلع نبيه على ما يكون في هذه الأوقات من المضار من جهة الشياطين والفأر والوباء وقد أرشد إلى ما يتقي به ذلك فليبادر إلى فعل تلك الأمور ذاكراً لله ممتثلاً أمر نبيه صلى الله عليه وسلم شاكراً لنصحه فمن فعل لم يصبه من ذلك ضرر بحول الله وقوته. وفيه رد علي من كره غلق الباب من الصوفية وقال الصوفية يفتحون ولا يغلقون.
765 إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة و إذا كان الآخر فتوضئي و صلي فإنما هو عرق( صحيح )
( د ن ك ) عن فاطمة بنت أبي حبيش ( ن ) عن عائشة .
766 إذا كان رمضان فاعتمري فيه فإن عمرة فيه تعدل حجة( صحيح )
( ن ) عن ابن عباس .(1/377)
767 إذا كان شيء من أمر دنياكم فأنتم أعلم به و إذا كان شيء من أمر دينكم فإلي ( صحيح ) ( حم م ) عن أنس ( ه ) عن أنس وعائشة .
768 إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما فإن لم يكن إلا ثوب فليأتزر و لا يشتمل اشتمال اليهود( صحيح ) ( د ) عن ابن عمر .
769 إذا كان لأحدكم خادم قد كفاه المشقة فليطعمه فإن لم يفعل فليناوله اللقمة( صحيح ) ( طص ) عن جابر .
770 إذا كان لأحدكم شعر فليكرمه( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة ( هب ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا كان لأحدكم شعر) بفتح العين أفصح (فليكرمه) ندباً بأن يصونه من نحو وسخ وقذر ويتعهده بالتنظيف فيفرق شعر الرأس ويمشطه بماء أو دهن أو غيره مما يلينه ويرسل سائره ويمد منقبضه إن أراد عدم إزالته ويسرح اللحية لكن إنما يسن غباً كما يأتي تركها شعثة إظهاراً للزهد أو لقلة المبالاة بنفسه وتصفيفها طاقة فوق طاقة ولا بأس بحلق الرأس كما مر سيما إن شق تعهده.
771 إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين و يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه ( حسن )
( هب ) عن أبي ثعلبة الخشني .
772 إذا كانوا ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث ( صحيح )
( مالك ق ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/378)
000 لأنه يوقع الرعب في قلبه وفيه مخالفة لما توجبه الصحبة من الألفة والأنس وعدم التنافر ومن ثم قيل إذا ساررت في مجلس فإنك في أهله متهم، وتخصيص النهي بما كان في صدر الإسلام حين كان المنافقون يتناجون دون المؤمنين: وهم إذ لو كانوا كذلك لم يكن للتقيد بالعدد معنى وتقييده بالسفر والمواطن التي لا يأمن المرء فيها على نفسه لا دليل عليه ومخالف للسياق بلا موجوب ولا حجة لزاعمه في مشاورة المصطفى صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها عند أزواجه لأن علة النهي إيقاع الرعب والمصطفى صلى الله عليه وسلم لا يتهمه أحد على نفسه والنهي للتحريم عند الجمهور فيحرم تناجي اثنين دون الثالث أي بغير إذنه إلا لحاجة. وقال في الرياض: وفي معناه ما لو تحدثا بلسان لا يفهمه.
773 إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم و أحقهم بالإمامة أقرؤهم( صحيح )
( حم م ن ) عن أبي سعيد .
الشرح:
0000(فليؤمهم أحدهم) أي يصلي بهم إماماً (وأحقهم بالإمامة أقرؤهم) أي أفقههم لأن الأقرأ إذ ذاك كان هو الأفقه بدليل تقديم المصطفى صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه مع نصه على أن غيره أقرأ منه هذا ما عليه الشافعية وأخذ الحنفية بظاهره فقدموا الأقرأ على الأفقه ثم هذا لا ينافي أن أقل الجماعة اثنان لأن ماهنا في أقل الكمال.
774 إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد يكتبون من جاء من الناس على قدر منازلهم فرجل قدم جزورا و رجل قدم بقرة و رجل قدم شاة و رجل قدم دجاجة و رجل قدم عصفورا و رجل قدم بيضة فإذا أذن المؤذن و جلس الإمام على المنبر طووا الصحف و دخلوا المسجد يستمعون الذكر ( صحيح ) ( حم الضياء ) عن أبي سعيد .(1/379)
775 إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس على قدر منازلهم الأول فالأول فإذا جلس الإمام طووا الصحف و جاءوا يستمعون الذكر و مثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ثم كالذي يهدي بقرة ثم كالذي يهدي الكبش ثم كالذي يهدي الدجاجة ثم كالذي يهدي البيضة( صحيح ) ( ق ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا كان) هي هنا تامة وفيما مر فلا تحتاج إلى خبر، والمعنى إذا وجد (يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد) لامه للجنس أو للاستغراق. فالمراد جميع المساجد، وخصها لأن الغالب إقامة الجمعة في مسجد (ملائكة) بالتنكير للتكثير لمناسبة المصلين أي جمع كثير من الملائكة، وهم هنا غير الحفظة كما يفيده قوله الآتي طووا الصحف فوظيفة هؤلاء كتابة من يحضر الجمعة أولاً فأولاً واستماع الذكر (يكتبون الناس) أي أجور المجتمعين (على قدر منازلهم) أي مراتبهم في المجيء. ولهذا قال (الأول) أي ثواب من يأتي في الوقت الأول (فالأول) أي يكتبون ثواب من يجيء بعده في الوقت الثاني سماه أولاً لأنه سابق على من يجيء في الوقت الثالث فالأول هنا بمعنى الأسبق 000 فإذا جلس الإمام أي صعد المنبر وجلس عليه للخطبة (طووا) أي الملائكة (الصحف) صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة لا غيرها من أعمالها، فإنه إنما يكتبها الحافظان، وهي جمع صحيفة الورقة التي يكتب فيها وفي استماع الملائكة الخطبة حث على استماعها لنا وهو سنة وإن كان سماعها واجباً (وجاؤوا يستمعون الذكر) أي الخطبة، فلا يكتبون ثواب من يجيء في ذلك الوقت (ومثل المهجر) أي وصلاة الآتي في أول ساعة، وهو اسم فاعل من هجر يهجر: إذا بكر وأتى الأمر من أوله، أو من هجر منزله إذا تركه أي وقت كان 00 (كمثل) بزيادة الكاف أو مثل (الذي يهدي) بضم أوله: أي يقرب (بدنه) أي يتصدق ببعير ذكراً أو أنثى متقرباً إلى الله: فالهاء للوحدة لا للتأنيث، قال في الكشاف: سميت به لعظم بدنها، وهي للإبل(1/380)
خاصة، وقال غيره للتبدن وللبدانة: السمن وفي رواية ابن جريج عن عبد الرزاق فله من الأجر مثل الحزور وظاهره أن الثواب لو تجسد كان قدره (ثم كالذي يهدي بقرة) ذكراً أو أنثى، فالهاء للوحدة، سميت به لأنها تبقر الأرض: أي تشقها، 00 (ثم كالذي يهدي الكبش) فحل الضأن في أي سن كان أو إذا أربع أو إذا أثنى ووصفه في رواية بكونه أقرن لكماله وحسن صورته ولأن قرنه ينتفع به وفي صحيح ابن خزيمة شاة بدل كبش وهي محمولة عليه (ثم كالذي يهدي الدجاجة) بتثليث الدال والفتح أفصح وفي صحيح ابن خزيمة طائر بدل دجاجة وهي محمول عليها 00 (ثم كالذي يهدي البيضة) بيضة دجاجة كما هو المتبادر وفي النسائي بعد الكبش بطة ثم دجاجة ثم بيضة وفي رواية بعد الكبش دجاجة ثم عصفوراً ثم بيضة وإسنادهما صحيح وبذلك يتضح استيعاب الست ساعات التي هي نصف النهار وليس المراد بها الفلكية كما في الروضة تبعاً للنص لئلا يستوي الإتيان في طرفي ساعة بل أوقات تترتب فيها درجات السابقين على من يليهم في الفضيلة لكن في المجموع وشرح مسلم المراد الفلكية لكن بدنة الأول أكمل من بدنة الأخير وبدنة المتوسط متوسطة وفي إعتناء الملائكة بكتابه السابق دلالة على ندب التبكير إليها وهو ما عليه الأئمة الثلاثة 0000
776 إذا كان يوم الجمعة و ليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علي ( حسن )
( الشافعي ) عن صفوان بن سليم مرسلا .
777 إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم فمنهم من يأخذه إلى عقبيه و منهم من يأخذه إلى ركبتيه و منهم من يأخذه إلى حقويه و منهم من يلجمه إلجاما( صحيح ) ( حم ت ) عن المقداد .
778 إذا كان يوم القيامة أعطى الله تعالى كل رجل من هذه الأمة رجلا من الكفار فيقال له: هذا فداؤك من النار( صحيح ) ( م ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/381)
(إذا كان يوم القيامة أعطى الله تعالى كل رجل) يعني إنسان ولو أنثى أو خنثى (من هذه الأمة) أمة الإجابة (رجلاً) يعني إنساناً (من الكفار فيقال له هذا فداؤك من النار) فيورث الكافر مقعد المؤمن من النار بكفره ويورث المؤمن مقعد الكافر من الجنة بايمانه إذ كل مكلف له مقعد في الجنة ومقعد في النار قال القرطبي: وظاهر هذه الأحاديث الإطلاق وليست كذلك وإنما هي في أناس مذنبين يتفضل الله عليهم بمغفرته فأعطى كل واحد منهم فكاكاً من النار كما يدل له خبر مسلم يجئ يوم القيامة أناس من المؤمنين بذنوب أمثال الجبال يغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى.
779 إذا كان يوم القيامة بعث الله إلى كل مؤمن ملكا معه كافر فيقول الملك للمؤمن: يا مؤمن هاك هذا الكافر فهذا فداؤك من النار( صحيح )
( طب الحاكم في الكنى ) عن أبي موسى .
الشرح:
أي فكاكك منها به يعني كان لك منزل في النار لو كنت استحقيته دخلت فيه فلما استحقه هذا الكافر صار كالفكاك لك من النار لأنك نجوت منه وتعين الكافر له فألقه في النار فداءك.
780 إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة من إيمان فيدخلون ثم يقول: أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء
( صحيح ) ( خ ) عن أنس .
781 إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين و خطيبهم و صاحب شفاعتهم غير فخر( حسن ) ( حم ت ه ك ) عن أبي بن كعب .
الشرح:(1/382)
(إذا كان يوم القيامة) خصه لكونه يوم ظهور سؤدده (كنت إمام النبيين) بكسر الهمزة قال القاضي: كالتوربشتي ولم يصب من فتحها ونصبه على الظرفية وذلك لأنه لما كان أفضل الأولين والأخريين كان إمامهم فهم به مقتدون وتحت لوائه داخلون (وخطيبهم) بما يفتح الله عليه من المحامد التي لم يحمده بها أحد قبله فهو المتكلم بين الناس إذا سكتوا عن الاعتذار فيعتذر لهم عند ربهم فيطلق اللسان بالثناء على الله بما هو أهله ولم يؤذن لأحد في التكلم غيره (وصاحب شفاعتهم) أي الشفاعة العامة بينهم أو صاحب الشفاعة لهم ذكره الرافعي في تاريخ قزوين (غير فخر) أي لا أقول ذلك تفاخراً به وادعاءاً للعظمة بل اعتداداً بفضله وتحدثاً بنعمته إذ المراد لا أفتخر بذلك بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة ومنحني هذه المنحة فهو إعلام بما خفي من حاله 000000
782 إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من عمل عملا لغير الله فليطلب ثوابه ممن عمله له ( حسن ) ( ابن سعد ) عن أبي سعد بن أبي فضالة .
الشرح:
أي يأمر الله بعض ملائكته أن ينادي في الموقف بذلك أو يجعلهم خلفاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل حقيقة أو يقوله رب العزة وتسمعه ملائكته فيتحدثون به أو يلهمهم ذلك فيحدثوا نفوسهم به وفيه حجة لمن ذهب إلى أن نحو الرياء يحبط العمل وإن قل ولا يعتبر غلبة الباعث.
783 إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لا يجهل فإن امرء شاتمه أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم (صحيح) ( مالك ق د ه )عن أبي هريرة .
الشرح:(1/383)
(إذا كان يوم صوم أحدكم) فرضاً أو نفلاً (فلا يرفث) مثلث الفاء أي لا يتكلم بفحش قال أبو زرعة ويطلق في غير هذا المحل على الجماع ومقدماته وعلى ذكره مع النساء ومطلقاً (ولا يجهل) أي لا يفعل خلاف الصواب من قول أو فعل فهو أعم مما قبله أو لا يعمل بخلاف ما يقتضيه العلم أو لا يقل قول أهل الجهل والمراد أن ذلك في الصوم آكد وإن كان منهياً عنه في غيره أيضاً (فإن امرؤ شاتمه) أي شتمه امرؤ متعرضاً لمشاتمته (أو قاتله) أي دافعه ونازعه أو لاعنه متعرضاً لمثل ذلك منه فالمفاعلة حاصلة في الجملة (فليقل) بلسانه (إني صائم) أي عن مكافأتك أو عن فعل مالا يرضاه من أصوم له بحيث يسمعه الصائم وجمعه بين اللسان والجنان أولى فيذكر نفسه بإحضاره صيامه بقلبه ليكف نفسه وينطق بلسانه لينكف عنه خصمه00000
784 إذا كبر الإمام فكبروا و إذا ركع فاركعوا و إذا سجد فاسجدوا و إذا رفع رأسه من الركوع فارفعوا و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين
( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة .
785 إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها ( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة .
786 إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس فإن ذلك يحزنه ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/384)
(إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى)00والتناجي التحادث سراً (رجلان) يعني اثنان كما في رواية (دون الآخر) بغير إذنه فيحرم فقد يظن أنهما يريدانه بقبيح أو أنهما لم يشاركاه في الحديث احتقاراً له وظاهره عموم النهي في كل زمن حضراً أو سفراً وعليه الجمهور كما مر ثم بين غاية المنع. وهو أن يحدث الثالث من يتحدث معه كما فعل ابن عمر كان يتحدث مع رجل فجاء آخر يريد أن يناجيه فلم يفعل حتى دعا رابعاً بأن يتحدث مع الآخر وناجى الطالب للمناجاة فقال (حتى تختلطوا بالناس) أي تنضموا إليهم وتمتزجوا ويتحدث بعضهم مع بعض ثم علل ذكر النهي بقوله (فإن ذلك) أي التناجي 00 (يحزنه) بضم المثناة تحت وكسر الزاي وبفتحها أي يوقع في نفسه ما يحزن لأجله أي بسببه لما تقرر من أنه يظن الحديث عنه بما يؤذيه وذلك كله ناشىء عن بقائه وحده فإذا كان معه غيره أمن ذلك وعليه يستوي في ذلك كله الأعداد كما ذكره القرطبي فلا يتناجى أربع دون واحد ولا عشرة ولا ألف لوجود المعنى في حقه بل وجوده في الكثير أقوى وإنما خص الثالث بالذكر لأنه أقل عدد يتأتى فيه ذلك المعنى ذكره القرطبي 00000
787 إذا لبستم و إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم ( صحيح )
( د حب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا لبستم) أي أردتم لبس نحو ثوب فابدؤا بميامنكم (وإذا توضأتم) الوضوء الشرعي (فابدؤا) ندباً (بميامنكم) 000 وذلك لأن اللبس والتطهر من باب الإكرام واليمين أولى كما مر غير مرة 00000
788 إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به الناس( صحيح )
( م ه ) عن جابر .
الشرح:
(إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه) بأن أراه رؤيا تحزنه أو خلط عليه فيه (فلا يحدث به الناس) ندباً لئلا يستقيله المعبر في تفسيرها بما يزيده هماً ويورثه غماً مع أن ما من الشيطان أضغاث أحلام لا أثر له ولا عبره بتعبيرة بل يفعل ما مر من الاستعاذة والتفل والتحول.(1/385)
789 إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو حائط أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه( صحيح ) ( د ه هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا لقي أحدكم أخاه) في الدين (فليسلم عليه) من اللقاء وهو كما قال الحراني اجتماع بإقبال (فإن حالت بينهما شجرة أو حائط) لفظ أبي داود أو جدار (أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه) ندباً وإن تكرر عن قرب قال الطيبي فيه حث على السلام وإن تكرر عند كل تغير حال ولكل جاء وغاد وقال المناوي قضية الأمر بالسلام عليه وإن قربت مفارقته ثانياً وثالثاُ وأكثر وقيل بث السلام رفع للضغينة بأيسر مؤنة واكتساب أخوة بأهون عطية.
790 إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل: السلام عليكم و رحمة الله( صحيح ) ( ت ) عن رجل من الصحابة .
791 إذا لقيتم المشركين في الطريق فلا تبدءوهم بالسلام و اضطروهم إلى أضيقها ( صحيح ) ( ابن السني ) عن أبي هريرة .
792 إذا مات أحدكم عرض عليه مقعده بالغداة و العشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة و إن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة( صحيح ) ( ق ت ه ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/386)
(إذا مات أحدكم) أيها المؤمنون الأبرار والكافرون الفجار، وفي عصاة المؤمنين تردد (عرض عليه مقعده) أي محل قعوده من الجنة أو النار بأن تعاد الروح إلى بدنه أو إلى بعض منه يدرك به حال العرض ولا مانع منه وشاهده {النار يعرضون عليها غدواً وعشياً} وقيل العرض إنما هو على الأرواح لا الأشباح ورجح ابن حجر أن العرض يقع على الروح حقيقة وعلى ما يتصل به من البدن (بالغداة والعشي) أي وقتهما (إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار) أي إن كان من أهل الجنة فمقعده من مقاعد أهل الجنة يعرض عليه وإن كان من أهل النار فمقعده من مقاعد أهل النار يعرض عليه فليس الجزاء والشرط متحدين معنى بل لفظاً ولا ضير فيه بل يدل على الفخامة (ثم يقال له من قبل الله) أي يأمر الله الملك أو من شاء من خلقه يقول له ذلك (هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه) أي إلى ذلك المقعد (يوم القيامة) أي لا تصل إليه إلا بعد البعث ويحتمل رجوع الضمير إلى الله. كذا قرره التوربشتي 000وفيه إثبات عذاب القبر، لأن عرض مقعده من النار عليه نوع عظيم من العذاب.
793 إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له( صحيح ) ( خد م 3 ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/387)
(إذا مات الإنسان) وفي رواية: ابن آدم (انقطع عمله) أي فائدة عمله وتجديد ثوابه يعني لا تصل إليه فائدة شيء من عمله كصلاة وحج (إلا من ثلاث) أي ثلاثة أشياء فإن ثوابها لا ينقطع لكونه فعلاً دائم الخير متصل النفع، ولأنه لما كان السبب في اكتسابها كان له ثوابها (صدقة) لفظ رواية مسلم: إلا من صدقة وتبع المصنف في إسقاطها المصابيح مع ثبوتها في مسلم والحميدي وجامع الأصول والمشارق. قال الطيبي: وهو بدل من قوله: إلا من ثلاث، وفائدة التكرير مزيد تقرير واعتناء بشأنها والاستثناء متصل تقديره ينقطع ثواب أعماله من كل شيء كصلاة وزكاة وحج ولا ينقطع ثواب عمله منهذه الثلاثة (جارية) دائمة متصلة كالوقوف المرصدة فيدوم ثوابها مدة دوامها (أو علم ينتفع به) كتعليم وتصنيف. قال السبكي: والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان لكن شرط بعض شراح مسلم لدخول التصنيف فيه اشتماله على فوائد زائدة على ما في الكتب المتقدمة فإن لم يشتمل إلا على نقل ما فيها فهو تحبير للكاغد فلا يدخل في ذلك وكذا التدريس فإن لم يكن في الدرس زيادة تستفاد من الشيخ مزيدة على ما دونه الماضون لم يدخل0000قال المنذري: ونسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو كتبه أو عمل ما يقي خطه، وناسخ ما فيه إثم: عليه وزره ووزر ما عمل به ما بقي خطه (أو ولد صالح) أي مسلم (يدعو له) لأنه هو السبب لوجوده وصلاحه وإرشاده إلى الهدى وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحريض الولد على الدعاء للوالد. وقيد بالصالح أي المسلم، لأن الأجر لا يحصل من غيره وأما الوزر فلا يلحق الأب من إثم ولده 000000(1/388)
وبدأ بالصدقة لأن المال زينة الدنيا والنفوس متعلقة بحبه فايثار الخروج عنه لله آية صدق فاعله ونعني بالعلم لاشتراكه معها في عموم منافعه وجموم مناقبه وختم بدعاء الولد تنبيهاً على أن شرف الأعمال المتقدمة لا ينكر، ولأنها أرجح من الأعمال القاصرة قال النووي: وفيه دليل على صحة الوقف وعظم ثوابه، وبيان فضيلة العلم والحث على الإكثار منه والترغيب في توريثه بنحو تعليم وتصنيف وأنه ينبغي أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع، وأن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذا الصدقة وهو إجماع وكذا قضاء الدين.
794 إذا مات صاحبكم فدعوه لا تقعوا فيه ( صحيح ) ( د ) عن عائشة .
الشرح:
(إذا مات صاحبكم) أي المؤمن الذي كنتم تصاحبونه لقرابة أو صهارة أو جوار أو صدقة أو نحوها (فدعوه) اتركوه من الكلام فيه بما يؤذيه لو كان حياً ولما كان الترك قد لا يستلزم ترك الوقيعة قال (ولا تقعوا فيه) أي لا تتكلموا في عرضه بسوء ولا تتكلموا بعده بشيء من أخلاقه الذميمة فإنه قد أفضى إلى ما قدم. وغيبة الميت أفظع من غيبة الحي لأنه يرجى استحلاله بخلافه وزعم أن المراد اتركوا محبته بعد موته ولا تقلقوا قلوبكم به بأن تجلوا المصيبة والبكاء عليه والتعزية بعيد من السياق، وقد ورد في عدة أخبار الكف عن مساوىء الأموات مطلقاً فتخصيص الصاحب للاهتمام وبيان أنه بذلك أحق 0000
795 إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون: نعم فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون: نعم فيقول: ماذا قال عبدي ؟ فيقولون: حمدك و استرجع فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتا في الجنة و سموه بيت الحمد ( حسن ) ( ت ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/389)
(إذا مات ولد العبد) أي الإنسان ولو أثنى (قال الله لملائكته) الموكلين بقبض الأرواح (قبضتم ولد عبدي) أي روحه (فيقولون نعم فيقول قبضتم ثمرة قؤاده) أي نتيجته كالثمرة تنتجها الشجرة (فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي فيقولون حمدك واسترجع) أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الطيبي: رجع السؤال إلى تنبيه الملائكة على ما أراد اله من التفضل على عبده الحامد لأجل تصبره على المصائب وعدم تشكيه بل إعداده إياها من النعم الموجبة للشكر ثم استرجاعه وأن نفسه ملك لله وإليه المصير، وقال أولاً : ولد عبدي: أي فرع شجرته ثم ترقى إلى ثمرة فؤاده أي نقاوة خلاصته فإن خلاصة المرء الفؤاد إنما يعتد به لمكان اللطيفة التي خلق لها فحقيق لمن فقد تلك النعمة فتلقاها بالحمد أن يكون هو محموداً حتى المكان الذي يسكنه ولذلك قال (فيقول الله تعالى لملائكته) أو لمن شاء من خلقه (ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة) يسكنه في الآخرة (وسموه بيت الحمد) أخذ من تسميته به أن الأسقام والمصائب لا يثاب عليها لأنها ليست بفعل اختياري بل هو على الصبر 00000قال المصنف موت الأولاد فلذ الأكباد ومصابهم من أعظم مصاب وفراقهم يقرع القلوب والأوصال والأعصاب، يا له من صدع لا يشعب يوهي القوي ويقوي الوهي ويوهن العظم ويعظم الوهن مر المذاق صعب لا يطاق يضيق عنه النطاق شديد على الإطلاق لاجرم أن الله تعالى حث فيه على الصبر الجميل ووعد عليه بالأجر الجزيل وبنى له في الجنة ذاك البناء الجليل.
796 إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا و معه نبل فليمسك على نصالها بكفه لا يعقر مسلما( صحيح ) ( ق د ه ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/390)
(إذا مر أحدكم في مسجدنا) أيها المسلمون فالمراد جميع مساجد الإسلام لا مسجده عليه السلام (أو في سوقنا) تنويع من الشارع لا شك من الراوي أي مسجد المسلمين أو سوقهم فأضاف إلى الضمير إيذاناً بالشرف (ومعه نبل) بفتح فسكون سهام عربية وهي مؤنثة (فليمسك) بضم أوله أي المار (على نصالها) حمع نصل حديدة السهم وعداه بعلى للمبالغة (بكفه) متعلق بقوله يمسك (لا يعقر) بمثناة تحتية بخط المصنف بالرفع استئنافاً وبالجزم جواب الأمر أي لئلا يجرح (مسلماً) أو غيره كذمي أو حيوان محترم وإنما خص المسلم اهتماماً بشأنه وقيل أراد بالكف اليد أي لا يعقر بيده أي باختياره مسلماً أو المراد كف النفس أي لا يعقر بكفه نفسه عن إمساكها أي لا يجرح بسبب تركه إمساك نصالها مسلماً. وليس المراد خصوص شيء من ذلك بل أن لا يصيب معصوماً بأذى بوجه كما دل عليه التعليل وفي رواية البخاري، فليقبض بكفه أن يصيب أحداً من المسلمين منها شيء، وفي رواية لمسلم: لئلا يصيب به أحداً من المسلمين وفيه تحريم قتال المسلم وقتله وتغليظ الأمر فيه وحجة للقول بسد الذرائع، وإشارة إلى تعظيم قليل الذنب وكثيره وتأكيد حرمة المسلم وجواز إدخال المسجد السلاح00000
797 إذا مر بالنطفة اثنتان و أربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها و خلق سمعها و بصرها و جلدها و لحمها و عظامها ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء و يكتب الملك ثم يقول: يا رب أجله فيقول ربك ما شاء و يكتب الملك ثم يقول: يا رب رزقه فيقضي ربك ما شاء و يكتب الملك ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على أمر و لا ينقص
( صحيح ) ( م ) عن حذيفة بن أسيد .
798 إذا مر رجال بقوم فسلم رجل من الذين مروا على الجلوس و رد من هؤلاء واحد أجزأ عن هؤلاء و عن هؤلاء( صحيح )
( حل ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/391)
(إذا مر رجال بقوم) أي بجماعة (فسلم رجل) أهل لابتداء السلام (من الذين مروا على الجلوس) أي على من لقوهم والجلوس غالبي (ورد من هؤلاء واحد) أهل للرد (أجزأ) البادىء (عن هؤلاء) المارين (و) أجزأ الراد
(عن هؤلاء) الجالسين لأن ابتداء السلام من الجماعة سنة كفاية والجواب من الجماعة فرض كفاية. قال ابن بطال: اتفقوا على أن المبتدىء لا يشترط تكريره السلام بعدد من سلم عليهم وأنه لا يجب الرد على كل فرد000
799 إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إذا مرض العبد) المسلم أي عرض لبدنه ما أخرجه عن الاعتدال الخاص به فأوجب الخلل في أفعاله 00 أي إذا مرض المؤمن وكان يعمل عملاً قبل مرضه ومنعه منه المرض ونيته لولا المانع إدامته (أو سافر) سفراً مباحاً ومنعه السفر مما قطعه على نفسه من الطاعة ونيته المداومة عليه وخصه بعضهم بما فوق مسافة العدوى واعترض (كتب الله له) أي قدر أو أمر الملك أن يكتب في اللوح المحفوظ أو الصحيفة (من الأجر مثل ما كان) أي قدر ثواب الذي كان (يعمل) حال كونه (مقيماً) وحال كونه (صحيحاً) لعذره في فوت ذلك النفل والعبد مجزي بنيته. قال ابن تيمية: وهذه قاعدة الشريعة أن من صمم على فعل وفعل مقدوره منه بمنزلة الفاعل فيكتب له ثوابه. قال البلقيني وغيره: وهذا مقيد بما إذا اتفق له ذلك ولم يعتده وبأن لا يكون سفر معصية وأن لا يكون المرض بفعله 00000
800 إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين: اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه( صحيح ) ( ش ) عن عطاء بن يسار مرسلا .
801 إذا مشت أمتي المطيطاء و خدمها أبناء الملوك أبناء فارس و الروم سلط شرارها على خيارها( صحيح ) ( ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/392)
(إذا مشت أمتي المطيطا) أي تبختروا في مشيتهم عجباً واستكباراً، والمطيطا بضم الميم وفتح الطاء، قال الزمخشري: ممدودة ومقصورة بمعنى التمطي وهو التبختر ومد اليدين0000(وخدمها أبناء الملوك أبناء فارس والروم) بدل مما قبله (سلط) بالبناء للمفعول (شرارها) أي الأمة (على خيارها) أي مكنهم الله منهم وأغراهم بهم، ونكتة حذف الفاعل لاتخفى، وإنما كان ذلك سبباً للتسلط المذكور لما فيه من التكبر والعجب 00قالوا وذا من دلائل نبوته فإنه إخبار عن غيب وقع فإنهم لما فتحوا بلاد فارس والروم وأخذوا مالهم واستخدموا أولادهم سلط عليهم قتلة عثمان فقتلوه ثم سلط بني أمية على بني هاشم ففعلوا ما فعلوا.
802 إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فيعطى ؟ هل من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟ حتى ينفجر الصبح( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
803 إذا نادى المنادي فتحت أبواب السماء و استجيب الدعاء( صحيح )
( ع ك ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إذا نادى المنادى) أي أذن المؤذن للصلاة أية صلاة كانت (فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء) ما دام المؤذن فالفتح كناية عن رفع الحجب وإزالة الموانع وتلقي الدعاء بالقبول0000
804 إذا نام أحدكم و في يده ريح غمر فلم يغسل يده فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
805 إذا نزل أحدكم منزلا فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل عنه( صحيح )
( م ) عن خولة بنت حكيم .
الشرح:(1/393)
(إذا نزل أحدكم منزلاً) مظنة للهوام والحشرات ونحوها مما يؤذي (فليقل) ندباً لدفع شرها (أعوذ) أي أعتصم (بكلمات الله) أي صفاته القائمة بذاته التي بها ظهر الوجود بعد العدم وبها يقول للشيء كن فيكون، وقيل هي العلم لأنه أعم الصفات ذكره بعضهم وقال القاضي كلماته جميع ما أنزله على أنبيائه لأن الجميع المضاف إلى المعارف يقتضي العموم000(التامات) أي التي لا يعتريها نقص ولا خلل تنبيهاً على عظمها وشرفها وخلوها عن كل نقص إذ لا شيء إلا وهو تابع لها يعرف بها فالوجود بها ظهر وعنها وجد، ذكره القاضي000 (لا يضره شيء) من الهوام والمخلوقات (حتى يرتحل عنه) أي عن ذلك المنزل. قال القرطبي: خبر صحيح وقول صادق فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء فتركته ليلة فلدغنتي عقرب00000
806 إذا نسي أحدكم اسم الله على طعامه فليقل إذا ذكر: باسم الله أوله و آخره( صحيح ) ( ع ) عن امرأة .
الشرح:
(إذا نسي أحدكم) أن يذكر (اسم الله على طعامه) أي جنس أكله (فليقل) ندباً (إذا ذكر) وهو في أثنائه (بسم الله أوله وآخره) فإن الشيطان يقيء ما أكله كما في خبر، وإذا طلب ذلك عند السهو فالعمد أولى، أما بعد فراغه فلا يسن الإتيان بها على ما عليه جمع شافعية وذهب بعضهم إلى أنه يقوله مطلقاً.
807 إذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصليها إذا ذكرها( صحيح )
( ت ) عن أبي قتادة .
808 إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه من المال و الخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/394)
00 (في المال والخلق) بفتح الخاء الصورة. والمراد به ما يتعلق بالدنيا من مال وولد وزينة وغيرها، قال ابن حجر: ورأيت في نسخة معتمدة من الغرائب للدارقطني: الخلق بضم الدال والخاء واللام (فانظر إلى من هو من أسفل منه) أي دونه فيهما، وفي رواية إلى من تحته. لأنه إذا نظر إلى من فوقه استصغر ما عنده وحرض على المزيد فيداويه النظر إلى من دونه فيرضى فيشكر ويقل حرصه إذ الإنسان حسود بطبعه فإذا ما قاده طبعه للنظر إلى أعلى حملته نفسه على الكفران والسخط فاذا رد النفس إلى النظر للدون حمله حبه للنعمة على الرضى والشكر0000000
809 إذا نعس أحدكم و هو في المسجد فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره
( صحيح ) ( د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا نعس) بفتحتين (أحدكم) زاد في رواية الترمذي: يوم الجمعة (وهو في المسجد) أو نحوه مما تقام فيه الجمعة (فليتحول) ندباً (من مجلسه) أي محل جلوسه وذلك إلى غيره يعني ينتقل منه إلى غيره، لأن الحركة تذهب الفتور الموجب للنوم، فإن لم يكن في الصف محل يتحول له قام وجلس، قال في الأم ولو ثبت في مجلسه وتحفظ من النعاس لم أكرهه والتحول الانتقال من موضع لآخر وهذا عام في جميع الأيام، وتخصيصه بالجمعة في خبر الترمذي إنما هو لإطالة مكث المبكر بل أجراه بعضهم في كل من قعد ينتظر عبادة في أي يوم كان، وفيه وما قبله حث على استقبال الصلاة بنشاط وخشوع وفراغ قلب وتعقل لما يقرأه أو يدعو به والمحافظة على الإتيان بالأركان والسنن والآداب.
810 إذا نعس أحدكم و هو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى و هو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه( صحيح )
( مالك ق د ت ه ) عن عائشة .
الشرح:(1/395)
(إذا نعس أحدكم) بفتح العين وغلط من ضمها (وهو يصلي) فرضاً أو نفلاً (فليرقد) وفي رواية فلينم، وفي أخرى فليضطجع، والنعاس أول النوم والرقاد بالضم المستطاب من النوم ذكره الراغب (حتى يذهب عنه النوم) وهو غشي ثقيل يهجم على القلب فيقطعه عن المعرفة بالأشياء، والأمر للندب لا للوجوب لأن النعاس إذا اشتد انقطعت الصلاة فلا يحتاج لوجوب قطع بحصوله بغير اختيار المصلي، ذكره الولي العراقي مخالفاً لأبيه في تفصيله بين شدة النعاس وخفته (فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس) أي في أوائل النوم (لا يدري) أي لا يدرك ما يفعل فحذف المفعول للعلم به ثم استأنف قوله (لعله يذهب يستغفر) برفعهما أي يقصد أن يستغفر لنفسه كأن يريد أن يقول اللهم اغفر لي (فيسب) بالنصب جواباً لقوله لعله (نفسه) أي يدعو عليها كأن يقول: اعفر لي: بعين مهملة والعفر التراب،فالمراد بالسب: قلب الدعاء لا الشتم إذ لا مجال له هنا وعلل الأمر بالرقاد هنا بما ذكر000
811 إذا نعس أحدكم و هو يصلي فلينصرف فلينم حتى يعلم ما يقول
( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أنس .
812 إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحول إلى مقعد صاحبه و ليتحول صاحبه إلى مقعده ( صحيح ) ( هق الضياء ) عن سمرة .
813 إذا نعس الرجل و هو يصلي فلينصرف لعله يدعو على نفسه و هو لا يدري ( صحيح ) ( ن حب ) عن عائشة .
814 إذا نكح العبد بغير أذن مولاه فنكاحه باطل (حسن)( د )عن ابن عمر .
815 إذا نمتم فأطفئوا المصباح فإن الفأرة تأخذ الفتيلة فتحرق أهل البيت و أغلقوا الأبواب و أوكئوا الأسقية و خمروا الشراب( صحيح )
( طب ك ) عن عبدالله بن سرجس .
الشرح:(1/396)
(إذا نمتم) أي أردتم النوم (فأطفئوا) أخمدوا واسكتوا (المصباح) السراج (فإن الفأرة) بالهمز وتركه (تأخذ الفتيلة) تجرها من السراج (فتحرق) بضم الفوقية وسكون المهملة (أهل البيت) أي المحل الذي به السراج، وعبر بالبيت لأنه الغالب (وأغلقوا الأبواب) فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً (وأوكؤ الأسقية) اربطوا أفواه القرب (وخمروا الشراب) غطوا الماء وغيره من المائعات ولو بعرض عود كما مر. قال ابن دقيق العيد كالنووي: وقضية العلة أن السراج لو لم تصل إليه الفأرة لا يكره بقاؤه وقد يجب الإطفاء لعارض. قال ابن حجر: وكذا لو كان على منارة من نحو نحاس أملس لا يمكن الفأرة صعودها، لكن قد يتعلق به مفسدة أخرى غير جر الفتيلة كسقوط شرره على بعض متاع البيت، فإن أمن زال المنع لزوال العلة. قال ابن دقيق العيد: وهذه الأوامر لا يحملها الأكثر على الوجوب، ومذهب الظاهرية أولى بالالتزام به لأنهم لا يلتفتون إلى المفهومات والمناسبات، وهذه الأوامر تتنوع بحب مقاصدها، فمنها ما يحمل على الندب وهو التسمية على كل حال ومنها ما يحمل على الإرشاد والندب كغلق الباب لتعليله بأن الشيطان لا يفتح باباً مغلقأً إذ الاحتراز من مخالطته مندوب، وإن كان تحته مصالح دنيوية وكذا ربط السقاء وتخمير الإناء.
816 إذا نمتم فأطفئوا سرجكم فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم
( صحيح ) ( د حب ك هب ) عن ابن عباس .
817 إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان و له ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء و نفسه يقول: اذكر كذا و اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى( صحيح )
( مالك ق د ن ) عن أبي هريرة .
818 إذا نودي بالصلاة فتحت أبواب السماء و استجيب الدعاء( صحيح )
( الطيالسي ع الضياء ) عن أنس .
الشرح:(1/397)
(إذا نودي للصلاة) أي أذن مؤذن بأي صلاة كانت (فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء) قال الحليمي: معناه أن الله يستجيب للذين يسمعون النداء للصلاة فيأتونها ويقيمونها كما أمروا به إذا دعوه ويسألون ليكون إجابته إياهم إلى ما سألوه ثواباً عاجلاً - لمسارعتهم لما أمرهم به. اهـ00000
819 إذا نهق الحمار فتعوذا بالله من الشيطان الرجيم ( صحيح )
( طب ) عن صهيب .
الشرح:
(إذا نهق الحمار) أي علمتم بنهيقه بسماع أو خبر (فتعوذوا) ندباً (بالله) أي اعتصموا به (من الشيطان الرجيم) فإنه رأى شيطاناً كما جاء تعليله في عدة أخبار من بعضها00000
820 إذا وجد أحدكم ألما فليضع يده حيث يجد ألمه و ليقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله و قدرته على كل شيء من شر ما أجد( صحيح )
( حم طب ) عن كعب بن مالك .
الشرح:
(إذا وجد أحدكم ألماً) أي وجعاً في عضو ظاهر أو باطن (فليضع يده) ندباً والأولى كونها اليمين (حيث يجد ألمه) أي في المكان الذي يحس بالوجع فيه (وليقل) باللفظ ندباً (سبع مرات) أي متواليات كما يفيده السياق (أعوذ بعزة الله وقدرته على كل شيء) ومنه هذا الألم (من شر ما أجد) زاد في رواية وأحاذروفيها أنه يرفع يده في كل مرة ثم يعيدها فيحمل المطلق على المقيد..
821 إذا وجد أحدكم ذلك يعني المذي فلينضح فرجه و ليتوضأ وضوءه للصلاة( صحيح ) ( مالك حم ه حب ) عن المقداد بن الأسود .
822 إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة .
823 إذا وجد أحدكم في صلاته رزا فلينصرف فليتوضأ ( صحيح )
( طس ) عن ابن عمر .
824 إذا وجدت المرأة في المنام ما يجد الرجل فلتغتسل( صحيح )
( سمويه ) عن أنس .
825 إذا وزنتم فأرجحوا ( صحيح ) ( ه الضياء ) عن جابر .
826 إذا وسد الأمرإلى غيرأهله فانتظرالساعة(صحيح)(خ)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/398)
(إذا وسد) بالتشديد وفي رواية في البخاري للقابسي أوسد بهمزة مضمومة أوله وفي رواية له إذا أسند (الأمر) أي فوض الحكم المتعلق بالدين كالخلافة ومتعلقاتها من إمارة وقضاء وإفتاء وتدريس وغير ذلك (إلى غير أهله) أي إلى من ليس له بأهل. والمعنى إذا سود وشرف من لا يستحق السيادة والشرف أو هو من الوسادة: أي إذا وجدت وسادة الأمر والنهي لغير مستحقها وكان شأن الأمير عندهم إذا جلس أن يثني تحته وسادة، فإلى بمعنى اللام، وعبر بها ليدل على تضمين معنى أسند (فانتظروا الساعة) لأنه قد جاء أشراطها. والفاء للتفريع أو جواب الشرط. والتوسيد في الأصل أن يجعل للرجل وسادة، ثم استعمل في تفويض الأمر وإسناده إلى غيره، وإنما دل على دنو الساعة لإفضاءه إلى اختلال الأمر والنهي ووهن الدين وضعف الإسلام وغلبة الجهل ورفع العلم وعجز أهل الحق عن القيام به ونصرته. وللساعة أشراط كثيرة كبار وصغار، وهذا منها.
827 إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل و لا يبال من مر وراء ذلك( صحيح ) ( م ت ) عن طلحة .
828 إذا وضع السيف في أمتي لم يرتفع عنها إلى يوم القيامة ( صحيح )
( ت ) عن ثوبان .
الشرح:
(إذا وضع السيف) أي المقاتلة (في أمتي) أمة الإجابة (لم يرفع عنها) وفي رواية عنهم (إلى يوم القيامة) أي تسلسل فيهم وإن قل أحياناً أو كان في بعض الجهات دون بعض، وذلك إجابة لدعوته أن يجعل بأسهم بينهم وأن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم. قال ابن العربي: وكانت هذه الأمة معصومة منه مدة من صدر زمانها مسدوداً عنها باب الفتنة حتى فتحت بقتل إمامها عثمان، فكان أول وضع السيف.
829 إذا وضع الطعام فخذوا من حافته و ذروا وسطه فإن البركة تنزل في وسطه( صحيح ) ( ه ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/399)
(إذا وضع الطعام فخذوا) أي تناولوا الأكل ندباً (من حافته) أي من جانب القصعة (وذروا وسطه) أي اتركوه ولا تأكلوا منه أولاً (فإن البركة) أي الخير الإلهي والنمو تنزل في وسطه ثم تسري. قال الخطابي: يحتمل إطلاق النهي واختصاصه بمن أكل مع غيره، لأن أفضل الطعام وأطيبه وجهه، وإذا قصده بالأكل استأثر به. وهو ترك أدب وسوء عشرة. وأخذ بقضية الإطلاق في الإحياء فعد من آداب الأكل أن لا يأكل من ذروة القصعة ولا يأكل من وسط الطعام مطلقاً.
830 إذا وضعت الجنازة و احتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني و إن كانت غير صالحة قالت لأهلها: يا ويلها أين تذهبون بها ؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان و لو سمعها الإنسان لصعق( صحيح )
( حم خ ن ) عن أبي سعيد .
831 إذا وضع عشاء أحدكم و أقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء و لا يعجل حتى يفرغ منه( صحيح ) ( حم ق د ) عن ابن عمر .
832 إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا: بسم الله و على سنة رسول الله
( صحيح ) ( حم حب طب ك هق ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إذا وضعتم موتاكم) أيها المسلمون (في القبور) وفي رواية في قبورهم (فقولوا) ندباً أي ليقل من يضجعه في لحده حال إلحاده، ويحتمل أن غيره يقول ذلك أيضاً 0000 (بسم الله) ظاهره فقط، فلا يزيد: الرحمن الرحيم، ويحتمل أن المراد الآية بتمامها وهو الأقرب لكمال مناسبة ذكر الرحمة في ذلك المقام (وعلى ملة) وفي رواية بدله وعلى سنة (رسول الله) أي أضعه ليكون اسم الله وسنة رسوله زاداً له وعدة يلقى بها الفتانين 0000
833 إذا وطئ الأذى أحدكم بنعله فإن التراب له طهور( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة وعائشة .
834 إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب( صحيح )
( د ك ) عن أبي هريرة .
835 إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء و في الآخر شفاء و إنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء فليغمسه كله ثم لينزعه
( صحيح ) ( د حب ) عن أبي هريرة .(1/400)
836 إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله فيه فإن في أحد جناحيه سما و في الآخر شفاء و إنه يقدم السم و يؤخر الشفاء( صحيح )
( حم ن ك ) عن أبي سعيد .
837 إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء و في الآخر شفاء( صحيح ) ( خ ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إذا وقع) أي سقط (الذباب) بذال معجمة، واحده ذبابة (في شراب أحدكم) ماءاً أو غيره من المائعات، وفي رواية ابن ماجه: إذا وقع في الطعام، وفي أخرى: وقع في إناء أحدكم، والإناء يكون فيه كل مأكول ومشروب (فليغمسه) وفي رواية فليمقله زاد الطبراني: كله وفيه دفع توهم المجاز في الاكتفاء بغمس بعضه. والأمر إرشادي لمقابلة الداء بالدواء (ثم لينزعه) وفي رواية البخاري: لينزعه -بزيادة فوقية قبل الزاي - وفي الطبراني: ثم ليطرحه، وفي البزار برجال ثقات: أنه يغمس ثلاثاً مع قول بسم الله (فإن في إحدى) بكسر الهمزة وسكون الحاء (جناحيه) وهو الأيسر على ما قيل، وإنما قال إحدى: لأن الجناح يذكر ويؤنث لقولهم في جمعه أجنحة وأجنح، فأجنح جمع المذكر، وأجنحة جمع المؤنث (داء) أي قوة سمية يدل عليها الورم. والحكة العارضة عند لدغه وهي بمنزلة سلاحه فإذا سقط في شيء تلقاه بها. قال الزركشي: وداء منصوب اسم إن (وفي الأخرى) بضم الهمزة، قيل وهي اليمنى، وفي رواية: الآخر بالتذكير (شفاء) حقيقة فأمر الشارع بمقابلة السمية بما في جناحه الأخر من الشفاء؟ ولا بعد في حكمة الله أن يجعلهما في جزء الحيوان الواحد كالعقرب بإبرتها السم ويداوي منه بجزء منها، فلا ضرورة للعدول عن الحقيقة هنا وجعله مجازاً، كما وقع للبعض حيث جعله من الطب الروحاني بمعنى إصلاح الأخلاق وتقويم الطباع بإخراج فاسدها وتبقية صالحها. قال التوربشتي: ووجدنا لكون أحد جناحي الذباب داء والآخر دواء فيما أقامه الله لنا من عجائب خلقه وبدائع فطرته شواهد ونظائر، منها النحلة يخرج من بطنها شراب نافع وبث في إبرتها(1/401)
السم الناقع. والعقرب تهيج الداء بإبرتها، ويتداوى من ذلك بجرمها. وأما اتفاؤه بالجناح الذي فيه هذا الداء على ما ورد في رواية فإنه تعالى ألهم الحيوان بطبعه ما هو أعجب منه. فلينظر المتعجب من ذلك إلى النملة كيف تسعى لجمع القوت وتصون الحب على المدى وتجفف الحب إذا أثر فيه الندى ثم تقطع الحب لئلا ينبت وتترك الكزبرة بحالها لكونها لا تنبت وهي صحيحة. فتبارك الله. وفيه أن الماء القليل والمائع لا ينجس بوقوع مالا نفس له سائلة فيه، إذ غمسه يفضي لموته. فلو نجسه لم يأمر به، لكن شرطه ألا يغير ولا يطرح، وبهذا أخذ الشافعي00000
838 إذا وقعت الحدود و صرفت الطرق فلا شفعة(صحيح)(ت)عن جابر .
839 إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج و خير المخرج باسم الله ولجنا و باسم الله خرجنا و على الله ربنا توكلنا ثم يسلم على أهله
( صحيح ) ( د طب ) عن أبي مالك الأشعري .
840 إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات و عفروه الثامنة بالتراب
( صحيح ) ( حم م د ن ه ) عن عبدالله بن مغفل .
841 إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات
( صحيح ) ( م ن ) عن أبي هريرة .
842 إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات( صحيح )
( ن ه ) عن أبي هريرة ( ه ) عن ابن عمر ( البزار ) عن ابن عباس .
843 إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب
( صحيح ) ( حم ن ) عن أبي هريرة .
844 إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه ( صحيح )
( حم م د ن ) عن جابر ( ت ه ) عن أبي قتادة .
الشرح:
(إذا ولى) بفتح فكسر، وفي رواية إذا كفن (أحدكم أخاه) في الدين أي تولى أمره وتجهيزه. وكل من تولى أمر واحد فهو وليه كما في الصحاح (فليحسن كفنه) بالتشديد وضبطه الأكثر بفتح الفاء، وفي الديباج أنه الأشهر وحكى عياض سكونها: أي فعل التكفين منه إسباغ وعموم وتحسين وتعطير ونحوها، وليس المراد المغالاة في ثمنه فإنه مكروه.(1/402)
845 إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يبعثون في أكفانهم و يتزاورون في أكفانهم( صحيح ) ( سمويه عق خط ) عن أنس .
الشرح:
(إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه) بأن يختار له من الثياب أنظفها وأسبغها. قال التوربشتي: وما يؤثره المبذرون من الثياب الرفيعة منهي عنه بأصل الشرع لإضاعة المال (فانهم) أي الموتى، على حد {حتى توارت بالحجاب} (يبعثون من قبورهم في أكفانهم) التي يكفنون عند موتهم فيها.
ولا ينافضه حشرهم عراة لأنهم يقومون من قبورهم بثيابهم ثم يجردون (ويتزاورون) في القبور (في أكفانهم) التي يكفنون عند موتهم فيها ولا ينافيه قول الصديق: الكفن إنما هو للصديد لأنه كذلك في رؤيتنا لا في نفس الأمر، ولا خبر: لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً - لاختلاف أحوال الموتى، فمنهم من يعجل له الكسوة لعلو مقامه، ومنهم من لم يبلغ ذلك فيستمر في كفنه ويتزاور فيه في البرزخ00000
846 إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده و إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده و الذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله( صحيح )
( حم ق ) عن جابر بن سمرة ( حم ق ت ) عن أبي هريرة .
847 إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك و أسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر و لا أقدر و تعلم و لا أعلم و أنت علام الغيوب اللهم فإن كنت تعلم هذا الأمر و تسميه باسمه خيرا لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري فاقدره لي و يسره لي ثم بارك لي فيه اللهم و إن كنت تعلمه شرا لي في ديني و معاشي و عاقبة أمري فاصرفني عنه و اصرفه عني و اقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به ( صحيح ) ( حم خ 4 ) عن جابر .
848 اذبحوا لله في أي شهر كان و بروا لله و أطعموا( صحيح )
( د ن ه ك ) عن نبيشة .
الشرح:(1/403)
(اذبحوا لله) أي اذبحوا الحيوان الذي يحل أكله إن شئتم واجعلوا الذبح لله (في أي شهر كان) رجباً أو غيره (وبروا) بفتح الموحدة وشد الراء أي تعبدوا (لله وأطعموا) بهمزة قطع أي الفقراء وغيرهم كان الرجل منهم إذا بلغت إبله مائة نحر بكراً في رجب لصنمه، يسمونه الفرع، فنهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الذبح للصنم وأمر بالذبح لله000أما تفرقة اللحم للفقراء فبر وصدقة في أي وقت كان.
849 اذكر الموت في صلاتك فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحري أن يحسن صلاته و صل صلاة رجل لا يظن أنه يصلي صلاة غيرها و إياك و كل أمر يعتذر منه ( حسن ) ( فر ) عن أنس وحسنه ابن حجر وهو نادر في مفاريد مسند الفردوس فإن أكثرها ضعاف .
850 أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه و من لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء( صحيح )
( حم ق ن ) عن سلمة بن الأكوع ( م ) عن الربيع بنت معوذ .
851 أذن في الناس أنه من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصا دخل الجنة ( صحيح ) ( البزار ع ) عن عمر .
852 إذنك علي أن يرفع الحجاب و أن تستمع لسوادي حتى أنهاك
( صحيح ) ( حم م ه ) عن ابن مسعود .
853 أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى و على قرنه العرش و بين شحمة أذنيه و عاتقه خفقان الطير سبعمائة عام يقول ذلك الملك سبحانك حيث كنت(صحيح)(طس) عن أنس .
854 أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة (صحيح)(د الضياء) عن جابر .
الشرح:(1/404)
(أذن لي) بالبناء للمفعول والآذن له هو الله ولولا الإذن لم يجز له التحديث، فهو تنبيه على أن من اطلعه الله على شيء من الأسرار ثم أفشاه بغير إذن عذب بالنار. وهذا محتمل لأن يكون رآه وأن يكون أوحى إليه به (عن ملك) بفتح اللام: أي عن شأنه أو عظم خلقه (من ملائكة الله تعالى) قيل هو إسرافيل، أضيف إليه لمزيد التفخيم والتعظيم (من حملة العرش) أي من الذين يحملون عرش الرحمن الذي هو أعظم المخلوقات المحيط بجميع العوامل.والعرش السرير (ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة) وفي رواية سبعين عاماً. أي بالفرس الجواد كما في خبر آخر فما ظنك بطوله وعظم جثته؟ قال الطيبي: والمراد بسبعمائة عام هنا التكثير لا التحديد، لأنه أليق بالكلام وأدعى للمقام، وقال اذن لي ليفيد أن علم الغيب مختص به تعالى لكنه يطلع منه من شاء على ما شاء. وليس على من أطلعه أن يحدث إلا بإذنه. وشحمة الآذن ما لان من أسفلها، وهو معلق القرط، والعاتق ما بين المنكب والعنق، وهو موضع الرداء، يذكر ويؤنث 0000
855 أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما( صحيح ) ( حم د ه ) عن ابن مسعود ( حم ه ) عن عائشة .
856 اذهبا و توخيا ثم استهما ثم اقتسما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه
( حسن ) ( ك ) عن أم سلمة .
857 اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
858 اذهب فاغتسل بماء و سدر و ألق عنك شعر الكفر( حسن )
( طب ) عن واثلة .
859 اذهب فانظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ( صحيح )
( حم قط ك هق ) عن أنس ( حم ه قط طب هق ) عن المغيرة بن شعبة .
860 اذهب فإن في البيت ثلاثة منهم غلام قد صلى فخذه و لا تضربه فإنا قد نهينا عن ضرب أهل الصلاة( حسن ) ( هب ) عن أبي أمامة .
861 اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن(حسن)(ق ن)عن سهل بن سعد.(1/405)
862 اذهبوا إلى صاحبكم فأخبروه أن ربي قدقتل ربه الليلة - يعني كسرى- ( صحيح ) ( أبو نعيم ) عن دحية .
863 اذهبوا بهذا الماء فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم و انضحوا مكانها من هذا الماء و اتخذوها مسجدا ( صحيح ) ( حم حب ) عن طلق بن علي .
864 اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة و أتوني بأنبجانيته فإنها ألهتني آنفا في صلاتي( صحيح ) ( ق د ن ه ) عن عائشة .
865 اذهبوا به - يعني بأبي قحافة - إلى بعض نسائه فليغيره بشيء و جنبوه السواد( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
866 أرى أن تجعلها في الأقربين( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
867 أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر( صحيح ) ( مالك حم ق ) عن ابن عمر .
868 أرأف أمتي بأمتي أبو بكر و أشدهم في دين الله عمر و أصدقهم حياء عثمان و أقضاهم علي و أفرضهم زيد بن ثابت و أقرؤهم أبي و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ بن جبل ألا و إن لكل أمة أمينا و أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح( صحيح ) ( ع ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/406)
(أرأف) في رواية للطبراني وغيره: أرحم (أمتي بأمتي) أي أكثرهم رأفة: أي شدة رحمة (أبو بكر) لأن شأنه العطف والرحمة واللين والقيام برعاية تدبير الحق تعالى ومراقبة صنعه، فكان يدور مع الله في التدبير ويستعمل اللين مع الكبير والصغير. والرأفة أرق الرحمة000 (وأشدهم) ذكره نظيراً للمعنى: أقواهم صرامة وأصلبهم شكيمة (في دين الله عمر) لغلبة سلطان الجلال على قلبه، فأبو بكر مع المبتدأ وهو الإيمان، وعمر مع ما يتلوه وهو الشريعة لأن حق الله على عباده أن يوحدوه، فإذا وحدوه فحقه أن يعبدوه بما أمر ونهى، ولذا قبل لأبي بكر: الصديق، لأنه صدق بالإيمان بكمال الصدق، وعمر فاروق لأنه فرق بين الحق والباطل.وأسماؤهما تدل على مراتبهما بالقلوب وشأن درجتهما في الأخبار متواترة (وأصدقهم حياء) من الله ومن الخلق (عثمان) بن عفان فكان يستحي حتى من حلائله وفي خلوته. ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن، وسيجيء في خبر: إن الحياء من الإيمان فكأنه قال أصدق الناس إيماناً عثمان، وفي خبر: الحياء لا يأتي إلا بخير فكأنه قال عثمان لا يأتي منه إلا الخير أو لا يأتي إلا بالخير (وأقضاهم علي) أي أعرفهم بالقضاء بأحكام الشرع. قال السمهودي: ومعلوم أن العلم هو مادة القضاء000 (وأفرضهم) أي أكثرهم علماً بمسائل قسمة المواريث وهو علم الفرائض (زيد بن ثابت) أي أنه يصير كذلك، ومن ثم كان الحبر ابن عباس يتوسد عتبة بابه ليأخذ عنه (وأقرؤهم) أي أعلمهم بقراءة القرآن (أبيّ) بن كعب بالنسبة لجماعة مخصوصين أو وقت من الأوقات، فإن غيره كان أقرأ منه أو أكثرهم قراءة، أو أنه أتقنهم للقرآن وأحفظهم له (وأعلمهم بالحلال والحرام) أي بمعرفة ما يحل ويحرم من الأحكام (معاذ بن جبل) الأنصاري: يعني أنه سيصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة وأكابرهم، وإلا فأبو بكر وعمر وعلي أعلم منه بالحلال والحرام وأعلم من زيد بن ثابت في الفرائض، ذكره ابن عبد الهادي. قال ولم يكن زيد(1/407)
على عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم مشهوراً بالفرائض أكثر من غيره، ولا أعلم أنه تكلم فيها على عهده ولا عهد الصديق رضي الله عنهم. (ألا وإن لكل أمة أميناً) أي يأتمنونه ويثقون به ولا يخافون غائلته (وأمين هذه الأمة) المحمدية (أبو عبيدة عامر بن الجراح) أي أشدهم محافظة على الأمانة وتباعداً عن مواقع الخيانة. والأمين المأمون، وهو مأمون الغائلة: أي ليس له غدر ولا مكر. وقال ابن حجر: الأمين الثقة الرضي، وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره، لكن السياق يشعر بأن له مزية فيها، لكن خص النبي صلى الله عليه وسلم كل واحد من الكبار بفضيلة وصفه بها فأشعر بقدر زائد فيها على غيره. اهـ000000
869 أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من أدم الرجال له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي تقطر ماء متكئا على رجلين يطوف بالبيت فسألت من هذا ؟ فقيل لي: المسيح ابن مريم ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية فسألت من هذا ؟ فقيل لي: المسيح الدجال( صحيح ) ( مالك حم ق ) عن ابن عمرو .
870 أراني في المنام أتسوك بسواك فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لي: كبر فدفعته إلى الأكبر منهما
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
871 أرأيتكم ليلتكم هذه ؟ فإن على رأس مئة سنة منها لا يبقى من هو على ظهر الأرض أحدا( صحيح ) ( حم ق د ت ) عن ابن عمر .
872 أربى الربا شتم الأعراض ( و أشد الشتم الهجاء و الراوية أحد الشاتمين ) ( صحيح ) ما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 745 . ( عب هب ) عن عمرو بن عثمان مرسلا .
873 أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا صدق الحديث و حفظ الأمانة و حسن الخلق و عفة مطعم ( صحيح ) ( حم طب ك هب )
عن ابن عمر ( طب ) عن ابن عمرو ( عد ابن عساكر ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/408)
(أربع) من الخصال (إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا) أي لا بأس عليك وقت فوت الدنيا إن حصلت هذه الخصال (صدق الحديث) أي ضبط اللسان وعفته عن الكذب والبهتان (وحفظ الأمانة) بأن يحفظ جوارحه وما اؤتمن عليه، فإن الكذوب والخائن لا قدر لهما عند لله (وحسن الخلق) بالضم بأن يكون حسن العشرة مع خلق الله (وعفة مطعم) بفتح الميم والعين: بأن لا يطعم حراماً ولا ما قويت الشبهة فيه ولا يزيد عن الكفاية حتى من الحلال ولا يكثر من الأكل. وأطلق الأمانة لتشيع في جنسها، فيراعى أمانة الله في التكاليف. وأمانة الخلق في الحفظ والأداء000
874 أربع أفضل الكلام لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر( صحيح ) ( ه ) عن سمرة .
الشرح:
(أربع أفضل الكلام) أي كلام الآدميين (لا يضرك) في حيازة ثواب الإتيان بهن (بأيهن بدأت) وهي (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) أما كلام الله فهو أفضل من التسبيح والتهليل المطلق، والاشتغال بالمأثور في وقت أو حال مخصوص أفضل منه بالقرآن.قال البغوي: وهذا الحديث حجة لمن ذهب إلى من حلف لا يتكلم فسبح او هلل أو كبر يحنث لأنه كلام، وذهب قوم إلى خلافه.
875 أربع بقين في أمتي من أمر الجاهلية ليسوا بتاركيها: الفخر بالأحساب و الطعن في الأنساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة على الميت و إن النائحة إذا لم تتب قبل الموت جاءت يوم القيامة عليها سربال من قطران و درع من لهب النار( صحيح ) ( حم طب ك ) عن أبي مالك الأشعري . الشرح:(1/409)
(أربع في أمتي من أمر الجاهلية) أي من أفعال أهلها: يعني أنها معاصي يأتونها مع اعتقاد حرمتها. والجاهلية: ما قبل البعثة، سموا به لفرط جهلهم (لا يتركونهن) أي لا تترك أمتي شيئاً من تلك الخصال الأربع. قال الطيبي: قوله في أمتي: خبر لأربع: أي خصال أربع كائنة في أمتي ومن أمر الجاهلية. ولا يتركونهن: حالان من الضمير المتحول إلى الجار والمجرور، وهذا خرج مخرج الذم والتعييب لها، فأولها (الفخر في الأحساب) أي الشرف بالآباء والتعاظم بعدّ مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم، وذلك جهل، فلا فخر إلا بالطاعة، ولا عز لأحد إلا بالله. والأحساب جمع حسب وهو ما يعده المرء من الخصال له أو لآبائه من نحو شجاعة، وفصاحة، والثاني (الطعن في الأنساب) أي الوقوع فيها بنحو ذم وعيب: بأن يقدح في نسب أحد من الناس، فيقول ليس هو من ذرية فلان، وذلك يحرم، لأنه هجوم على الغيب ودخول فيما لا يعني، والأنساب لا تعرف إلا من أهلها 0000 (الاستسقاء بالنجوم) أي اعتقاد أن نزول المطر بظهور كذا، وهو حرام، لأنه إشراك ظاهر، إذ لا فاعل إلا الله، بل متى اعتقد أن للنجم تأثيراً كفر، قال الحراني: فالمتعلق خوفهم ورجاؤهم بالآثار الفلكية هم صابئة هذه الأمة كما أن المتعلق خوفهم ورجاؤهم بأنفسهم وغيرهم من الخلق مجوس هذه الأمة (و) الرابع (النياحة) أي رفع الصوت بالندب على الميت، لأنها سخط لقضاء الله ومعارضة لأحكامه. قال ابن العربي: هذه من أخبار الغيب التي لا يعلمها إلا الأنبياء فإنهم أخبر بما يكون قبل كونه، فظهر حقاً، فالأربع محرمات ومع حرمتها لا يتركونها هذه الأمة - أي أكثرهم - مع العلم بحرمتها.
876 أربعة أنهار من أنهار الجنة سيحان و جيحان و النيل و الفرات
( صحيح ) ( الشيرازي في الألقاب ) عن أبي هريرة .(1/410)
877 أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت: من مات مرابطا في سبيل الله و من علم علما أجري له عمله ما عمل به و من تصدق بصدقة فأجرها يجري له ما وجدت و رجل ترك ولدا صالحا فهو يدعو له( حسن )
( حم طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(أربعة) أي أربعة أشخاص (تجري) بفتح أوله (عليهم أجورهم بعد الموت) أي لا ينقطع ثواب أعمالهم بموتهم بل يستمر (من مات مرابطاً في سبيل الله) أي إنسان مات حال كونه ملازماً ثغر العدو بقصد الذب عن المسلمين (و) الثاني (من علم علماً أجرى له عمله ما عمل به) أي وأي إنسان علم علماً وعمله غيره ثم مات فيجري عليه ثوابه مدة دوام العمل به من بعده (و) الثالث (من) أي إنسان (تصدق بصدقة) جارية مستمرة من بعده كوقف (فأجرها يجري له ما وجدت) أي فيجري له أجره مدة بقاء العين المتصدق بها وزاد بيان الجزاء في هذين لخفاء النفع فيه أو إيماء إلى تفضيلهما على الأول والأخير (و) الرابع (رجل) وصف طردي، والمراد إنسان مات (ترك ولداً صالحاً) أي فرعاً مسلماً.هبه ذكراً أو أنثى أو ولد ولد كذلك وإن سفل (فهو يدعو له) بالرحمة والمغفرة، فإن دعاءه أرجى إجابة وأسرع قبولاً من دعاء الأجنبي00000
878 أربعة دنانير: دينار أعطيته مسكينا و دينار أعطيته في رقبة و دينار أنفقته في سبيل الله و دينار أنفقته على أهلك أفضلها الذي أنفقته على أهلك
( صحيح ) ( خد ) عن أبي هريرة .
879 أربعة من الدواب لا يقتلن: النملة و النحلة و الهدهد و الصرد
( صحيح ) ( هق ) عن ابن عباس .
880 أربعة يبغضهم الله تعالى: البياع الحلاف و الفقير المختال و الشيخ الزاني و الإمام الجائر( صحيح ) ( ن هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/411)
(أربعة يبغضهم) أي ممن يبغضهم (الله) تعالى يعذبهم ويحيلهم دار الهوان (البياع الحلاف) بالتشديد. صيغة مبالغة: أي الذي يكثر الحلف على سلعة لقد أعطى فيها أكثر من كذا (والفقير المختال) بخاء معجمة: أي المتكبر المعجب بنفسه (والشيخ الزاني) أي الرجل الذي قد أمسى وهو مصر على الوطء بغير عقد شرعي، ومثله الشيخة الزانية (والإمام الجائر) أي الحاكم الظالم المائل عن الحق إلى الباطل، يقال جار في حكمه يجور جوراً وظلم عن الطريق مال. وإنما أبغضهم لأن الحلاف الكثير الحلف انتهك ما عظم الله من أسمائه وجعله سبباً وحيلة لدرك ما حقره من الدنيا لعظمها في قلبه. فبغضه ومقته، هذا في الحلف الصادق فما بالك بالكاذب ؟ والفقير المختال: أي المتكبر قد زوى الله عنه أسباب الكبر بحمايته له عن الدنيا فأبى لؤم طبعه إلا التكبر ولم يشكر نعمة الفقر000والشيخ الزاني عمر عمراً يحصل به الإنزجار واستولت أسباب الضعف وكلها حاجزة عن الزنا فأبى سوء طبعه إلا التهافت في معصية ربه. والإمام الجائر أنعم الله عليه بالسيادة والقدرة فأبى شؤم شح طبعه إلا الجور وكفر النعمة. وتعبيره بالبغض في هذه الأربعة وبعدم النظر في الأربعة قبلها يؤذن بأن هذه أقبح من تلك: فإن البغض أشد. ألا ترى أن الشخص قد لا ينظر إلى الشيء ويعرض عنه احتقاراً وعدم مبالاة به ولا يبغضه؟
881 أربعة يحتجون يوم القيامة: رجل أصم لا يسمع شيئا و رجل أحمق و رجل هرم و رجل مات في فترة: فأما الأصم فيقول: رب لقد جاء الإسلام و ما أسمع شيئا و أما الأحمق فيقول: رب جاء الإسلام و ما أعقل شيئا و الصبيان يحذفونني بالبعر و أما الهرم فيقول: رب لقد جاء الإسلام و ما أعقل شيئا و أما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من لم يدخلها سحب إليها ( صحيح )
( حم حب ) عن الأسود بن سريع وأبي هريرة .(1/412)
882 أربع ركعات قبل الظهر يعدلن بصلاة السحر( حسن )
( ش ) عن أبي صالح مرسلا .
883 أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن: الفخر في الأحساب و الطعن في الأنساب و الاستسقاء بالنجوم و النياحة( صحيح )
( م ) عن أبي مالك الأشعري .
884 أربع في أمتي من أمر الجاهلية لم يدعهن الناس: الطعن في الأنساب و النياحة على الميت و الأنواء مطرنا بنوء كذا و كذا و الإعداء جرب بعير فأجرب مئة بعير فمن أجرب البعير الأول؟!(حسن)(حم ت)عن أبي هريرة.
885 أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء( حسن )
( د الترمذي في الشمائل ابن خزيمة ) عن أبي أيوب .
الشرح:
(أربع) من الركعات يصليهن الإنسان (قبل الظهر) أي قبل صلاته أو قبل دخول وقته ويؤيد الأول ما في رواية أخرى للترمذي بعد أن تزول الشمس قبل الظهر وهو عند الزوال (ليس فيهن تسليم) أي ليس بعد كل ركعتين منها فصل بسلام فالمعنى فيه كما قال البغوي التشهد قال الطيبي سمى التشهد بالتسليم لاشتماله عليه (تفتح لهن أبواب السماء) كناية عن حسن القبول وسرعة الوصول. وقال بعضهم: هذا الفتح نظير النزول المنزه عن الحركة والانتقال بعد نصف الليل إذ كل منهما وقت قرب ورحمة وتسمى هذه سنة الزوال وهي غير سنة الظهر نص عليه في الإحياء، وقال بعضهم هذه الأربع ورد مستقل سببه انتصاف وزوال الشمس.
886 أربع لا يجزين في الأضاحي: العوراء البين عورها و المريضة البين مرضها و العرجاء البين ظلعها و العجفاء التي لا تنقي( صحيح )
( مالك حم 4 حب ك هق ) عن البراء .
887 أربع من السعادة: المرأة الصالحة و المسكن الواسع و الجار الصالح و المركب الهنيء و أربع من الشقاء: المرأة السوء و الجار السوء و المركب السوء و المسكن الضيق( صحيح ) ( ك حل هب ) عن سعد .(1/413)
888 أربع من عمل الأحياء تجري للأموات: رجل ترك عقبا صالحا يدعو له ينفعه دعاؤهم و رجل تصدق بصدقة جارية من بعده له أجرها ما جرت بعده و رجل علم علما فعمل به من بعده له مثل أجر من عمل به من غير أن ينقص من أجر من يعمل به شيء( حسن ) ( طب ) عن سلمان .
889 أربع من كن فيه كان منافقا خالصا و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتمن خان و إذا حدث كذب و إذا عاهد غدر و إذا خاصم فجر( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
890 أربع من كن فيه كان منافقا خالصا و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف و إذا عاهد غدر و إذا خاصم فجر( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/414)
(أربع) من الخصال قال الكرماني مبتدأ بتقدير أربع خصال وإلا فهو نكرة صرفة والشرطية خبره ويحتمل كون الشرطية صفة وإذا حدث إلخ خبره وقال التفتازاني أربع مبتدأ والجملة بعده صفة له قال: والأحسن أن يجعل أربع خبراً مقدماً أو مبتدأ لخبر وخصاله من إذا مفسر أي في الوجود أربع (من كن فيه كان منافقاً خالصاً) نفاق عمل لا نفاق إيمان (ومن كانت فيه خصلة) بفتح الخاء (منهن) أي من هؤلاء الأربع (كان فيه خصلة) بفتح الخاء أي خلة (من النفاق حتى يدعها) أي يتركها قال الحافظ ابن حجر النفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر فإن كان في اعتقاد اإيمان فهو نفاق الكفر وإلا نفاق العمل ويدخل فيه الفعل والترك وستفاوت مراتبه وقوله خالصاً أي شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال لغلبتها عليه ومصيرها خلقاً وعادة وديدناً له (إذا حدث) أي أخبر عن ماضي الأحوال (كذب) لتمهيد معذورته في التقصير (وإذا وعد) بإيفاء عهد الله (أخلف) أي لم يف (وإذا عاهد غدر) أي نقص العهد (وإذا خاصم فجر) مال في الخصومة عن الحق وقال الباطل قال البيضاوي يحتمل أن يكون هذا مختصاً بأبناء زمانه فإنه علم بنور الوحي بواطن أحوالهم وميز بين من آمن صدقاً ومن أذعن له نفاقاً وأراد تعريف أصحابه بحالهم ليحذروهم ولم يصرح بأسمائهم لعلمه بأن منهم من يتوب فلم يفضحهم ولأن عدم التعيين أوقع في النصيحة وأجلب للدعوة إلى الإيمان وأبعد عن النفور والمخاصمة ويحتمل كونه عاماً لينزجر الكل عن هذه الخصال على آكد وجه إيذاناً بأنها طلائع النفاق الذي هو أسمج القبائح فإنه كفرتموه باستهزاء وخداع مع رب الأرباب ومسيب الأسباب فعلم من ذلك أنها منافية لحال المسلمين فينبغي للمسلم أن لا يرتع حولها فإن من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ويحتمل أن المراد بالمنافق العرفي وهو من يخالف سره عليه مطلقاً ويشهد له قوله من كان فيه خصلة منهن إلخ لأن الخصائل التي تتم بها المخالفة بين السر والعلن لا يزيد على(1/415)
هذا فإن نقص منها خصلة نقص الكمال إلى هنا كلامه. قال الطيبي والكذب أقبحها لتعليله تعالى عذابهم به في قوله {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} ولم يقل بما كانوا يصنعون من النفاق إيذاناً بأن الكذب قاعدة مذهبهم وأسه فينبغي للمؤمن المصدق اجتنابه لمنافاته لوصف الإيمان انتهى ويليه الخلف في الوعد قال الغزالي والخلف في الوعد قبيح فإياك أن تعد بشيء إلا وتفي به بل ينبغي أن يكون إحسانك للناس فعلاً بلا قول فإن اضطررت إلى الوعد فاحذر أن تخلف إلا لعجز أو ضرورة فإن ذلك من أمارات النفاق وخبائث الأخلاق والفجور لغة الميل والشق فهو هنا إما ميل عن القصد المستقيم أو شق ستر الديانة ولا تناقض بين قوله هنا أربع وآنفا آية المنافق ثلاث إذ قد يكون لشيء واحد علامات كل منها يحصل بها صفته فتارة يذكر بعضها وأخرى أكثرها وطوراً كلها قال النووي والقرطبي حصل من مجموع الروايتين خمس خصال لأنهما تواردا على الكذب والخيانة وزاد الأول خلف الوعد والثاني الغدر والفجور في الخصومة
891 أربعون خصلة أعلاهن منحة العنز لا يعمل عبد بخصلة منها رجاء ثوابها و تصديق موعودها إلا أدخله الله تعالى بها الجنة ( صحيح )
( خ د ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/416)
(أربعون) مبتدأ (خصلة) تمييز وعند الإمام أحمد أربعون حسنة بدل خصلة (أعلاهن) أي أعظمهن ثواباً وهذا مبتدأ ثان خبره (منحة) بكسر فسكون وفي رواية منيحة (العنز) بفتح فسكون أنثى المعز والجملة خبر الأول والمنيحة كالعطية لفظاً ومعنى والمراد ما يعطى من المعز رجلاً لينتفع بلبنه وصوفه زمناً ثم يعيده وإنما كانت أعلى لشدة الحاجة إليها (لا يعمل عبد) لفظ رواية البخاري ما من عامل يعمل (بخصلة منها رجاء ثوابها) بالنصب مفعول له (وتصديق موعودها) بميم أوله بخط المصنف أي مما وعد لفاعلها من الثواب على وجه الإجمال (إلا أدخله الله تعالى بها) أي بسبب قبوله لها تفضلاً (الجنة) فالدخول بالفضل لا بالعمل ونبه بالأدنى على الأعلى. فمنحة البقرة والبدنة كذلك بل أفضل ولم يفصل الأربعين بالتعيين خوفاً من اقتصار العاملين عليها وزهدهم في غيرها من أبواب الخير
وتطلبها بعضهم في الأحاديث فزادت عن الأربعين منها السعي على دي رحم قاطع وإطعام جائع وسقي ظمآن ونصر مظلوم. ونوزع بأن بعض هذه أعلى من المنحة وبأنه رجم بالغيب فالأحسن أن لا يعد لأن حكمة الإبهام أن لا يحتقر شيء من وجوه البر وإن قل كما أبهم ليلة القدر وساعة الإجابة يوم الجمعة.
892 ارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد و إلا فبرهما( صحيح )
( حم د ك ) عن أبي سعيد .
893 ارجعوا إلى أهليكم فكونوا فيهم و علموهم و مروهم و صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم و ليؤمكم أكبركم
( صحيح ) ( حم ق ن ) عن مالك بن الحويرث .
894 أرحامكم أرحامكم ( صحيح ) ( حب ) عن أنس .
الشرح:(1/417)
(أرحامكم) أي أقاربكم من الذكوروالإناث (أرحامكم) أي صلوهم واستوصوا بهم خيراً واحذروا من التفريط في حقهم والتكرير للتأكيد. قال في الإتحاف: هذا أعز من المخاطب بلزوم ما يحمد أي صلوا أرحامكم أي أكرموها وفيه من المبالغة في طلب ذلك ما لا يخفى ويصح أن يكون تحذيراً من القطيعة ويلوح به قوله تعالى {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}.
895 أرحم أمتي بأمتي أبو بكر و أشدهم في أمر الله عمر و أصدقهم حياء عثمان و أقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب و أفرضهم زيد بن ثابت و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ بن جبل و لكل أمة أمين و أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح( صحيح ) ( حم ت ن ه حب ك هق ) عن أنس .
896 أرحم من في الأرض يرحمك من في السماء ( صحيح )
( طب ) عن جرير ( طب ك ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(أرحم من في الأرض) بصيغة العموم يشمل جميع أصناف الخلائق فيرحم البر والفاجر والناطق والمبهم والوحش والطير (يرحمك من في السماء) اختلف بالمراد بمن في السماء فقيل هو الله أي ارحموا من في الأرض شفقة يرحمكم الله تفضلاً 00000وفيه ندب إلى العطف على جميع أنواع الحيوان وأهمها وأشرفها الآدمي المسلم والكافر المعصوم فيعطف عليهم بالمواساة والمعونة والمواصلة فيوافق عموم رحمة الله للكل بالإرقاق وإدرارالأرزاق وقال وهب: من يرحم يرحم ومن يصمت يسلم ومن يجهل يغلب ومن يعجل يخطىء ومن يحرص على الشر لا يسلم ومن يكره الشر يعصم 000000
897 ارحموا ترحموا و اغفروا يغفر لكم ويل لأقماع القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا و هم يعلمون( صحيح )
( حم خد هب ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/418)
(ارحموا ترحموا) لأن الرحمة من صفات الحق التي شمل بها عباده فلذا كانت أعلاماً اتصف بها البشر فندب إليها الشارع في كل شيء حتى في قتال الكفار والذبح وإقامة الحجج وغير ذلك (واغفروا يغفر لكم) لأنه سبحانه وتعالى يحب أسمائه وصفاته التي منها الرحمة والعفو ويحب من خلقه من تخلق بها (ويل لأقماع القول) أي شدة هلكة لمن لا يعي أوامر الشرع ولم يتأدب بآدابه، والأقماع بفتح الهمزة جمع قمع بكسر القاف وفتح الميم وتسكن الإناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع، شبه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئاً مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجتازاً كما يمر الشراب في القمع كذلك قال الزمخشري: من المجاز ويل لأقماع القول وهم الذين يستمعون ولا يعون انتهى (ويل للمصرين) على الذنوب أي العازمين على المداومة عليها (الذين يصرون على ما فعلوا) يقيمون عليها فلم يتوبوا ولم يستغفروا (وهم يعلمون) حال أي يصرون في حال علمهم بأن ما فعلوه معصية أو يعلمون بأن الإصرار أعظم من الذنب أو يعلمون بأنه يعاقب على الذنب.
898 أرسل ملك الموت إلى موسى فلما جاءه صكه ففقأ عينه فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت فرد الله إليه عينه و قال ارجع إليه و قل له: يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعرة سنة قال: أي رب ! ثم ماذا ؟ قال: ثم الموت قال: فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب الأحمر( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أبي هريرة .
899 أرض الجنة خبزة بيضاء(صحيح)(أبو الشيخ في العظمة) عن جابر .
900 ارضخي ما استطعت و لا توعي فيوعي الله عليك ( صحيح )
( م ن ) عن أسماء بنت أبي بكر .
الشرح:(1/419)
(إ رضخى) بهمزة مكسورة إذا لم توصل وبراء: من الرضخ بمعجمتين العطاء اليسير والخطاب لأسماء بنت أبي بكر أي انفقي بغير إجحاد ولا إسراف (ما استطعت) ما دامت قادرة مستطيعة للإعطاء، فما مصدرية. قال الكرماني: لكن الظاهر أنها موصولة أو نكرة موصوفة أي الذي استطعتيه (ولا توعى) تمسكي المال في الوعاء والإيعاء حفظ الأمتعة بالوعاء وجعلها فيه أي لاتمنعي فضل المال عن الفقراء (فيوعى الله عليك) أي يمنع عنك فضله ويسد عليك باب المزيد00والمراد النهي عن منع الصدقة خوف الفقر
ومن علم أن الله تعالى يرزقه من حيث لايحتسب فحقه أن يعطي ولايحسب
901 أرضوا مصدقيكم ( صحيح ) ( حم م د ن ) عن جرير .
الشرح:
(ارضوا) أيها المزكون (مصدقيكم) السعاة ببذل الواجب وملاطفتهم وترك مشاقهم. وسبب الحديث أنه جاء ناس من الأعراب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقالوا إن ناساً من المصدقين يأتونا فيظلمونا فقال ارضوا مصدقيكم قالوا وإن ظلمونا؟ قال ارضوا مصدقيكم وإن ظلمتم. ولا ريب أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يستعمل ظالماً قط بل كانت سعاته على غاية من تحري العدل، كيف ومنهم علي وعمر ومعاذ؟ ومعاذ الله أن يولي المصطفى صلى الله عليه وسلم ظالماً. فالمعنى سيأتيكم عمالي يطلبون منكم الزكاة والنفس مجبولة على حب المال فتبغضوهم وتزعمون أنهم ظالمون وليسوا بذلك00000
902 ارفع إزارك و اتق الله ( صحيح ) ( طب ) عن الشريد بن سويد .
الشرح:
إلى أنصاف الساقين يا من أسبله حتى وصل إلى الأرض (واتق الله) أي خفف عقابه على تعاطيما حرمه عليك من جر إزارك تيهاً وخيلاء وفيه كالذي بعده حرمة إنزال الرجل إزاره ونحوه عن الكعبين بقصد الخيلاء، ويكره بدونه كما مر ويأتي، والسنة جعله إلى نصف الساقين.
903 ارفعوا عن بطن عرنة و ارفعوا عن بطن محسر( صحيح )
( ك هق ) عن ابن عباس .
904 ارفعوا عن بطن محسر و عليكم بمثل حصا الخذف ( صحيح )
( حم هق ) عن ابن عباس .(1/420)
905 أرقاءكم أرقاءكم فأطعموهم مما تأكلون و ألبسوهم مما تلبسون و إن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله و لا تعذبوهم( حسن )
( حم ابن سعد ) عن زيد بن الخطاب .
الشرح:
(أرقاءكم أرقاءكم) بالنصب أي الزموا الوصية بهم والإحسان إليهم، وكرره لمزيد التأكيد (فأطعموهم مما تأكلون) أي من جنسه (وألبسوهم) بقطع همزته وهمزة أطعموهم وكسر الموحدة (مما تلبسون) كذلك. فالواجب على السيد لرفيقه إطعامه ما يكفيه وكسوته، وجنس ذلك من غالب القوت والأدم لرقيق البلد وكسوتهم لائقاً بالسيد، ويستحب أن يطعمه من عين ما يأكل ويكسوه كذلك، ولا يجب، ويسن إجلاسه معه للأكل، فإن لم يفعل ندب ترويغ لقمة كبيرة أو لقمتين في دسم طعامه ودفعه إليه كما مر (وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه) كتقصير في خدمته أو افتتان بين أهل المنزل ومعاشرة أهل السوء (فبيعوا عباد الله) أي أزيلوا الملك عنهم بنحو بيع أو كتابة أو هبة أو عتق (ولاتعذبوهم) بضرب أو تهديد أو تقريع فظيع يمزق الأعراض ويذهب بهاء الوجه00000
906 ارقي ما لم يكن شرك بالله ( صحيح ) ( ك ) عن الشفاء بنت عبدالله .
الشرح:
(ارقى) خطاباً بالمؤنث، وهي دايته الشفاء، فالحكم عام، أي لا حرج عليك في الرقيا لشيء من العوارض: كلدغ عقرب بأي نوع من الرقى التي اعتيدت في الجاهلية (ما لم يكن شرك بالله) أي ما لم تشتمل الرقيا على ما فيه شيء من أنواع الكفر كالشرك أو ما يومىء إلى ذلك، فإنها حينئذ محظورة ممنوعة، وكذا إن اشتملت على لفظ جهلنا معناه.
907 اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا(صحيح)(حب)عن جابر .
908 اركبوا هذه الدواب سالمة و اتدعوها سالمة و لا تتخذوها كراسي
( لأحاديثكم في الطرق و الأسواق فرب مركوبة خير من راكبها و أكثر ذكرا منه ) ( صحيح ) ما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 783 . ( حم ع طب ك ) عن معاذ بن أنس .
الشرح:(1/421)
(اركبوا هذه الدواب سالمة) أي خالصة عن الكد والإتعاب (واتدعوها سالمة) ولفظ رواية الطبراني بدله ودعوها أي اتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها00(ولا تتخذوها كراسي)وفي رواية: منابر
909 اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم: السبحة بعد المغرب( حسن )
( ه ) عن رافع بن خديج .
الشرح:
(اركعوا) ندباً (هاتين الركعتين في بيوتكم) أي صلوها في منازلكم لا في المسجد. لأن صلاتهما في البيت أبعد عن الرياء، ثم بينهما بقوله (السبحة) بضم السين وسكون الموحدة (بعد المغرب) أي النافلة بعد المغرب، سميت النافلة سبحة لاشتمالها على التسبيح، واتفقوا على ندب ركعتين بعد المغرب، وهما من الرواتب واتفق الشافعية والحنفية على ندب جعلهما في البيت، وصرح الحنفية بكراهة فعلها في المسجد. قال في فتح القدير: ووقوعها سنة لا ينافي كراهة فعلها فيه، وذهب بعض العلماء إلى أنه يعصي. وحكي عن أبي ثور، ثم إنه لا اختصاص لذلك بسنة المغرب، بل جميع الرواتب يندب جعلها في البيت بدليل خبر النسائي الآتي: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وإنما خصها لأنه رأى رجلاً يصليها في المسجد.
910 ارموا الجمرة بمثل حصى الخذف( صحيح )
( حم ابن خزيمة الضياء ) عن رجل من الصحابة .
الشرح:
(ارموا الجمرة) في الحج (بمثل حصى الخذف) بفتح الخاء وسكون الذال المعجمتين: أي بقدر الحصا الصغار الذي يحذف: أي يرمى بها، ففي القاموس وغيره: المحذف كالضرب رميك بحصاة أو نواة أو نحوهما بأخذها بين سبابتيك فتحذف به. اهـ. وفي المصباح خذفت الحصاة ونحوها خذفاً من باب ضرب: رميتها بطرفي الإبهام والسبابة وقولهم يأخذ حصى الخذف معناه حصى الرمي، والمراد الحصى الصغار، لكنه أطلق مجازاً. اهـ. والمراد هنا دون الأنملة طولاً وعرضاً وهو بقدر الباقلا، فيكره تنزيهاً بدونه وفوقه، لكنه يجزىء0000000
911 ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا( صحيح )(1/422)
( حم خ ) عن سلمة بن الأكوع ( ك ) عن أبي هريرة .
912 أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر تعلق في أشجار الجنة حتى يردها الله إلى أجسادها يوم القيامة( صحيح )
( طب ) عن كعب بن مالك وأم مبشر .
913 أريت الجنة فرأيت امرأة أبي طلحة ثم سمعت خشخشة أمامي فإذا بلال ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
914 أريت قوما من أمتي يركبون ظهر البحر كالملوك على الأسرة
( صحيح ) ( م ) عن أم حرام .
915 أريتك في المنام مرتين يحملك الملك في سرقة من حرير فيقول: هذه امرأتك فأكشف عنها فإذا أنت هي فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه
( صحيح ) ( حم ق ) عن عائشة .
916 أريت ليلة القدر ثم أنسيتها و أراني صبيحتها أسجد في ماء و طين
( صحيح ) ( م ) عن عبدالله بن أنيس .
917 أريت ليلة القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنسيتها فالتمسوها في العشر الغوابر ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .
918 أريت ما تلقى أمتي من بعدي و سفك بعضهم دماء بعض و كان ذلك سابقا من الله كما سبق في الأمم قبلهم فسألته أن يوليني شفاعة فيهم يوم القيامة ففعل( صحيح ) ( حم طس ك ) عن أم حبيبة .
الشرح:(1/423)
(أريت) بالبناء للمفعول بضبط المصنف من الرؤيا العلمية لا البصرية لما يجيء، ونكتة حذف الفاعل هنا التعظيم (ما تلقى أمتي من بعدي) أي أطلعني الله بالوحي أو بالعرض التمثيلي على ما ينوبها من نوائب ونواكب وحذف كيفية الأداة لتذهب النفس كل مذهب ممكن، والتقييد بالظرف لا مفهوم له، فإنه عرضت عليه أمته وما تلقاه في حياته وبعد وفاته، لكن لما كان المقصود الإعلام بوقوع الفتن والقتال بينهم بعده وأنه مع ذلك شافع مشفع فيهم ذكر البعدية (وسفك بعضهم) مصدر مضاف لفاعله: أي أراني ما وقع بينهم من الفتن والحروب حتى أهرق بعضهم (دماء بعض) أي قتل بعضهم بعضاً (وكان ذلك سابقاً من الله) تعالى في الأزل (كما سبق في الأمم قبلهم) أي من أن كل نبي تعرض عليه أمته، أو من أن سفك بعضهم دم بعض سبق به قضاؤه كما وقع لمن قبلهم (فسألته أن يوليني) بفتح الواو وشد اللام أو سكون الواو من الولاية (شفاعة فيهم يوم القيامة) ليفوز بخلاصهم مما أرهقهم عسراً وعراهم من الشدائد نكراً (ففعل) أي أعطاني ما سألته، وتنكير شفاعة للتعظيم: أي شفاعة عظيمة0000000
919 إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ( صحيح )
( ن ) عن أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر ( الضياء ) عن أنس .
الشرح:
(إزرة المؤمن) بالكسر الحالة وهيئة الانزار كالجلسة يعني الحالة التي ترتضي منه في الإتزار وتحسن في نظر الشرع أن يكون الإزار(1/424)
(إلى أنصاف ساقيه) فقط لقوله في عدة أخبار: وأن ما أسفل من ذلك ففي النار، زاد في رواية الطبراني من حديث ابن معقل وليس عنده حرج فيما بينه وبين الكعبين وما أسفل من ذلك في النار قال الطيبي: وجميعها يشعر بالتوسعة، فإذا قصد الخيلاء بما زاد على ذلك حرم، وألحق بذلك القسطلاني كم القميص فمتى زاد فيه على المعتاد بقصد الخيلاء حرم. وقال الفاكهي: فيه رد لما يفعله فقهاء العصر من تكبير العمائم وتوسيع الثياب والأكمام وإطالتها وترفيعها وصقالتها حتى خرجوا إلى مجاوزة الكعبين ونسوا هذا الخبر ونحوه وهذا من أكبر دليل على أنهم لم يقصدوا بالعلم وجه الله 000
920 إزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه ثم إلى الكعبين فما كان أسفل من ذلك ففي النار ( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة .
921 إزرة المؤمن إلى نصف الساق و لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار من جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه( صحيح ) ( مالك حم د ه حب هق ) عن أبي سعيد .
922 ازهد في الدنيا يحبك الله و ازهد فيما أيدي الناس يحبك الناس
( صحيح ) ( ه طب ك هب ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(1/425)
(ازهد) من الزهد بكسر أوله وقد يفتح، وهو لغة: الإعراض عن الشيء احتقاراً، وشرعاً الاقتصار على قدر الضرورة مما يتيقن حله.وقيل أن لا يطلب المفقود حتى يفقد الموجود (في الدنيا) باستصغار جملتها واحتقار جميع شأنها لتحذير الله تعالى منها واحتقاره لها، فإنك إن فعلت ذلك (يحبك الله) لكونك أعرضت عما أعرض عنه ولم ينظر إليه منذ خلقه. وفي إفهامه أنك إذا أحببتها أبغضك، فمحبته مع عدم محبتها ولأنه سبحانه وتعالى يحب من أطاعه، ومحبته مع محبة الدنيا لا يجتمعان، وذلك لأن القلب بيت الرب فلا يحب أن يشرك في بيته غيره، ومحبتها الممنوعة هي إيثارها بنيل الشهوات لا لفعل الخير والتقرب بها، والمراد بمحبته غايتها من إرادة الثواب، فهي صفة ذاتية أو الإثابة فهي صفة فعلية (وازهد فيما عند الناس) منها (يحبك الناس) لأن قلوبهم مجبولة على حبها مطبوعة عليها ومن نازع إنساناً في محبوبه كرهه وقلاه، ومن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه ولهذا قال الحسن البصري لا يزال الرجل كريماً على الناس حتى يطمع في دنياهم فيستخفون به ويكرهون حديثه. وقيل لبعض أهل البصرة: من سيدكم؟ قال الحسن، قال بم سادكم؟ قال: احتجنا لعلمه واستغنى عن دنيانا.
923 ازهد في الدنيا يحبك الله و أما الناس فانبذ إليهم هذا يحبوك( صحيح )
( حل ) عن أنس .
924 أسامة أحب الناس إلي ( صحيح ) ( حم طب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/426)
(أسامة) بالضم: ابن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وابن مولاه وحبه وابن حبه (أحب الناس) من الموالي.أو المراد من أحب الناس (إلي) ولا يعارضه أن غيره أفضل منه كما مر وسيجيء، وكان اسامة يدعى الحب بن الحب وقد عرف ذلك له عمر وقام بالحق لأهله، وذلك أنه فرض لأسامة في العطاء خمسة آلاف ولابنه عبد الله ألفين، فقال له لم فضلت علي أسامة وقد شهدت مالم يشهد؟ فقال إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أبيك، ففضل محبوب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على محبوبه، وهكذا يجب أن يحب ما أحب ويبغض ما يبغض0000000
925 إسباغ الوضوء شطر الإيمان و الحمد لله تملأ الميزان و التسبيح و التكبير يملأ السموات و الأرض و الصلاة نور و الزكاة برهان و الصبر ضياء و القرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها( صحيح ) ( حم ن ه حب ) عن أبي مالك الأشعري .
الشرح:(1/427)
(إسباغ الوضوء) أي إكماله بإيصال الماء فوق الغرة إلى تحت الحنك طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً مع المبالغة في الاستنشاق والمضمضة وإيصال الماء إلى فوق المرفق والكعب مع كل من أصابع اليدين والرجلين والدلك والتثليث. ذكره الطيبي ثم قال: فتأمل في بلاغة هذا اللفظ الموجز (شطر الإيمان) يعني جزؤه واستعمال الشطر في مطلق الجزء تجوز أخف من إخراج الوضوء والإيمان عن معناهما الشرعي الذي عليه الأكثر، ولا ينافيه رواية أحمد: الطهور نصف الإيمان، لأن النصف قد يطلق ويراد به أحد قسمي الشيء على وزن إذا مت كان الناس نصفين. نعم مما يقرب إرادته هنا قول ابن الأثير: الإيمان يطهر خبث الباطن والوصف يطهر الظاهر فكان نصفاً، وترجيح النووي أن المراد بالإيمان الصلاة {وما كان الله ليضيع إيمانكم} أطيل في رده. قال مغلطاي: والحديث حجة على من يرى أن الوضوء لا يفتقر إلى نية (والحمد لله) أي هذا اللفظ وحده أو هذه الكلمة وحدها خلافاً لزاعم أن المراد الفاتحة (تملأ) بفوقية: أي هذه الكلمة، وقيل تطلق على الجمل المفيدة، أو بتحتية: أي هذا اللفظ. كذا ذكره بعضهم.(1/428)
لكن قال النووي ضبطناه بالفوقية، وظاهره أنه الرواية (الميزان) أي ثواب النطق بذلك مع الإذعان لمدلوله يملأ كفة الحسنات التي هي كطباق السماوات بل أوسع وذلك لاشتمال الحمد على التفويض والافتقار إليه تعالى، وفيه إثبات الميزان ذي كفتين ولسان ووزن الأعمال فيها بعد أن تجسم أو توزن الصحائف، قيل ولكل إنسان ميزان، والأصح الاتحاد (والتسبيح) أي تنزيه الله عما لا يليق به بنحو سبحان الله (والتكبير) أي تعظيم الله بنحو الله أكبر (تملأ) بالفوقية أو بالتحتية على ما تقرر (السماوات) السبع (والأرضين) لو قدر ثوابها جسماً، لأن العبد إذا سبح وكبر امتلأ ميزانه من الحسنات، والميزان أوسع من السماوات والأرض، فما يملؤه أكثر مما يملؤها: ويظهر أن المراد بذلك التعظيم ومزيد التكثير لا التحديد بدليل قوله في رواية مسلم الآتية بدل ما هنا يملأ ما بين السماء والأرض (والصلاة) الجامعة لمصححاتها ومكملاتها (نور) أي ذات نور أو منورة: إذ هي سبب لإشراق نور المعارف ومكاشفات الحقائق مانعة من المعاصي ناهية عن الفحشاء والمنكر هادية للصواب، أو ذاتها نور مبالغة في التشبيه (والزكاة) كذا هو بخط المؤلف. ولفظ رواية مسلم الآتية: الصدقة بدل الزكاة: أي الصدقة المفروضة بدليل هذه الرواية، ولأن الصدقة إذا أطلقت في التنزيل مقترنة بالصلاة فالمراد بها الزكاة، لكن يؤخذ من تعليلهم الآتي ذكرها للتصوير لا للتقيد (برهان) حجة ودليل قوي إلى إيمان المتصدق وحبه لربه ورغبته في ثوابه فإن النقس مجبولة على حب المال، والشيطان يعد الإنسان الفقر ويزين له الشح والنفس تساعده، فمخالفة النفس والشيطان من أقوى البراهين على حب الرحمن {ويطعمون الطعام على حبه} وهنا تكلفات يمجها السمع فاحذرها (والصبر) أي حبس النفس على مشاق الطاعة والنوائب والمكاره (ضياء) أي لا يزال صاحبه مستضيئاً بنور الحق على سلوك سبيل الهداية والتوفيق ليتحلى بضياء المعارف والتحقيق فيظفر بمطوبه(1/429)
ويفوز بمرغوبه. وخص الصلاة بالنور، والصبر بالضياء: مع أن الضياء أعظم بشهادة {هو الذي جعل لكم الشمس ضياء والقمر نوراً} لأن الصبر أس جميع الأعمال، ولولاه لم تكن صلاة ولا غيرها، ولأن الضوء فيه إحراق، والنور محض إشراق، والصبر شاق مر المذاق (والقرآن) أي اللفظ المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم للإعجاز بأقصر سورة منه (حجة لك) في تلك المواقف التي تسأل فيها عنه كالقبر والميزان وعقبات الصراط إن عملت بما فيه من امتثال المأمور وتجنب المنهي (أو عليك) في تلك المواطن إن لم تعمل به، وزعم أن المراد لك أو عليك في المباحث الشرعية والقضايا الحكمية مما يمجه السمع، ولما كان هذا مظنة سؤال سائل يقول قد تبين من هذا التقدير الرشد من الغي فما في حال الناس بعد ذلك حتم لذلك بجملة استئنافية فقال (كل الناس يغدو) أي كل منهم يبكر ساعياً في تحصيل أغراضه (فبائع نفسه) من ربها ببذلها فيما يرضاه (فمعتقها) من أليم العذاب {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} (أو) بائع نفسه من الشيطان بذلها فيما يؤذيها فهو (موبقها) أي مهلكها بسبب ما أوقعها فيه من استحقاق العذاب وكشف الحجاب والإبعاد عن حضرات رب الأرباب، والفاء في فبائع نفسه تفصيلية وفي فمعتقها سببية 00000وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام لاشتماله على مهمات قواعد الدين فكن له من المتدبرين.
926 إسباغ الوضوء في المكاره و إعمال الأقدام إلى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا ( صحيح )( ع ك هب ) عن علي .
الشرح:(1/430)
(إسباغ الوضوء) بالضم: أي الشرعي (في المكاره) جمع مكرهة: أي إتمامه وتكميله وتعميم الأعضاء حال ما يكره استعمال الماء لنحو شدة برد، والمكرهة بفتح الميم الكره، أي المشقة (وإعمال الأقدام) بفتح أوله: أي استعمالها في المشي بالتكرار أو لبعد الدار هو أفضل كما يأتي (إلى المساجد) أي مواضع الجماعة (وانتظار الصلاة) أي دخول وقتها لتفعل (بعد الصلاة) أي الجلوس في المسجد لذلك أو لتعلق القلب بالصلاة والاهتمام بها00 (تغسل الخطايا غسلاً) أي تمحها فلا تبقي شيئاً من الذنوب كما لا يبقي الغسل شيئاً من وسخ الثوب ودنسه: فكما أن الثوب يغسل بماء حار ونحو صابون لإزالة الدنس فكذا السيئات تغسل بالحسنات، فالمحو كناية عن الغفران، أو المراد محوها من صحف الملائكة التي يكون فيها المحو والإثبات لا في أم الكتاب التي هي علم الله الباقية على ما هي عليه، فلا يزاد فيها ولا ينقص منها أبداً.
ثم قضية ذلك وقفه على مجموع الخصال الثلاثة لكن في أخبار أخر ما يدل على استقلالها كل منها في ذلك، والمراد الصغائر بدليل قوله في الحديث الآتي: ما اجتنبت الكبائر. وأخذ بعض أهل القرن السابع بالتعميم رده مغلطاي بأنه جهل بين وموافقة للرجبية وكيف يجوز حمله على العموم مع قوله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً} و {توبوا إلى الله جميعاً} في آي كثيرة؟ فلو كانت أعمال البر مكفرة للكبائر لم يكن لأمره بالتوبة معنى وكان كل من توضأ وصلى يشهد له بالجنة وإن ارتكب كل كبيرة 00000000
927 أسبغ الوضوء و خلل بين الأصابع و بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما( صحيح ) ( الشافعي حم 4 حب ك ) عن لقيط بن صبرة .
928 أسبغوا الوضوء( صحيح ) ( ن ) عن ابن عمرو .
929 استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق
( حسن ) ( د ) عن أسيد الأنصاري .
930 استأمروا النساء في أبضاعهن( صحيح ) ( حم ن حب ) عن عائشة .(1/431)
931 استبرءوهن بحيضة - يعني السبايا - ( صحيح )
( ابن عساكر ) عن أبي سعيد .
932 استجيروا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق( صحيح )
( طب ) عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص .
933 استحيوا فإن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن
( حسن ) ( هق ) عن خزيمة بن ثابت .
934 استحيوا فإن الله لا يستحيي من الحق لا يحل مأتى النساء في حشوشهن ( حسن ) ( سمويه ) عن جابر .
935 استحيوا من الله تعالى حق الحياء من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس و ما وعى و ليحفظ البطن و ما حوى و ليذكر الموت و البلا و من أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء( حسن ) ( حم ت ك هب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(استحيوا من الله حق الحياء) بترك الشهوات والنهمات وتحمل المكاره على النفس حتى تصير مدبوغة فعندها تطهر الأخلاق وتشرق أنوار الأسماء في صدر العبد ويقرر علمه فيعيش غنياً بالله ما عاش.قال البيضاوي: ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه، بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لا يرضاه من فعل وقول. وقال سفيان بن عيينة: الحياء أخف التقوى ولا يخاف العبد حتى يستحي، وهل دخل أهل التقوى في التقوى إلا من الحياء؟ (من استحيى من الله حق الحياء فليحفظ الرأس) أي رأسه (وما وعى) ما جمعه من الحواس الظاهرة والباطنة حتى لا يستعملها إلا فيما يحل (وليحفظ البطن وما حوى) أي وما جمعه باتصاله من القلب والفرج واليدين والرجلين، فإن هذه الأعضاء متصلة بالجوف فلا يستعمل منها شيئاً في معصية الله فإن الله ناظر في الأحوال كلها إلى العبد لا يوازيه شيء وعبر في الأول بوعي وفي الثاني يحوي للتفنن.قال الطيبي: جعل الرأس وعاء وظرفاً لكل مالا ينبغي من رزائل الأخلاق كالفم والعين والأذن وما يتصل بها وأمر أن يصونها كأنه قيل كف عنك لسانك فلا تنطق به إلا خيراً. ولعمري أنه شطر الإنسان قال الشاعر:(1/432)
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده * فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
ولهذا سيجيء في خبر من صمت نجا. ولم يصرح بذكر اللسان ليشمل ما يتعلق بالفم من أكل الحرام والشبهات، وكأنه قيل: وسد سمعك أيضاً عن الإصغاء إلى ما لا يعنيك من الأباطيل والشواغل واغضض عينك عن المحرمات والشبهات ولا تمدن عينيك إلى ما تمتع به الكفار كيف لا وهو رائد القلب الذي هو سلطان الجسد ومضغة إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله؟ وهنا نكتة وهي عطف ما وعى على الرأس، فحفظ الرأس مجملاً عبارة عن التنزه عن الشرك، فلا يضع رأسه لغير الله ساجداً ولا يرفعه تكبراً على عبادة الله، وجعل البطن قطباً يدور على سرية الأعضاء من القلب والفرج واليدين والرجلين. وفي عطف وما حوى على البطن إشارة إلى حفظه من الحرام والاحتراز من أن يملأ من المباح، وقد تضمن ذلك كله قوله (وليذكر الموت والبلى) لأن من ذكر أن عظامه تصير بالية وأعضاؤه متمزقة هان عليه ما فاته من اللذات العاجلة، وأهمه ما يلزمه من طلب الآجلة، وعمل على إجلال الله وتعظيمه، وهذا معنى قوله (ومن أراد الآخرة) أي الفوز بنعيمها (ترك زينة الدنيا) لأن الآخرة خلقت لحظوظ الأرواح وقرة عين الإنسان، والدنيا خلقت لمرافق النفوس، وهما ضرتان: إذا أرضيت إحداهما أغضبت الأخرى، فمن أراد الآخرة وتشبث بالدنيا كان كمن أراد أن يدخل دار ملك دعاه لضيافته وعلى عاتقه جيفة والملك بينه وبين الدار، عليه طريقه وبين يديه ممره وسلوكه، فكيف يكون حياؤه منه؟ فكذا مريد الآخرة مع تمسكه بالدنيا، فإذا كان هذا حال من أراد الآخرة فكيف بمن أراد من ليس كمثله شيء؟ فمن أراد الله فليرفض جميع ما سواه استحياء منه بحيث لا يرى إلا إياه (فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء) قال الطيبي: المشار إليه بقوله ذلك جميع ما مر، فمن أهمل من ذلك شيئاً لم يخرج من عهدة الاستحياء وظهر من هذا أن جبلة الإنسان وخلقته من رأسه إلى قدمه ظاهره وباطنه(1/433)
معدن العيب ومكان المخازي، وأنه تعالى هو العالم بها0000000
936 استذكروا القرآن فهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقلها( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(استذكروا القرآن) أي استحضروه في قلوبكم وعلى ألسنتكم واطلبوا من أنفسكم المذاكرة والسين للمبالغة (فلهو أشد نقيصاً) بفاء وصاد مهملة ومثناة تحتية خفيفة: أي تفلتاً أو تخلصاً. (من صدور الرجال) أي من قلوبهم التي في صدورهم (من النعم) أي الإبل (من عقلها) أي أشد نفاراً من الإبل إذا انفلتت من العقال، فإن من شأن الإبل طلب التفلت مهما أمكنها، فمتى لم يتعاهد صاحبها رباطها تفلتت، فكذلك حافظ القرآن إن لم يتعاهد تفلت، بل هو أشد من ذلك، وفي نص القرآن إشارة إلى ذلك حيث قال {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} وقال {ولقد يسرنا القرآن للذكر} فمن حافظ على تلاوته بشراشره يسره له، ومن أعرض عنه تفلت منه. وروي بعقلها، والباء فيه بمعنى من. والعقل جمع عقال ككتاب وكتب يقال عقلت البعير أعقله عقلاً، وهو أن تنثني وظيفه على ذراعه فيشدان بحبل، وذلك الحبل هو العقال000
937 استرقوا لها فإن بها النظرة( صحيح ) ( ق ) عن أم سلمة .
الشرح:
(استرقوا) بسكون الراء من الرقية وهي العوذة كما في القاموس قال الطيبي ما يرقى به من الدعاء لطلب الشفاء (لها) أي اطلبوا لها من يرقيها والمراد بها من في وجهها سفعة بفتح المهملة وسكون الفاء ثم عين مهملة أي آثر سواد أو غبرة أو صفرة (فإن بها النظرة) بسكون الظاء المعجمة ولفظ رواية بعض مخرجيه نظرة بالتنكير أي بها إصابة عين من بعض شياطين الجن أو الإنس قالوا عيون الجن أنفذ من أسنة الرماح والشياطين تقتل بيديها وعيونها كبني آدم 00000
938 استعيذوا بالله من العين فإن العين حق( صحيح ) ( ه ك ) عن عائشة .
الشرح:(1/434)
(استعيذوا بالله من العين) أي التجئوا إليه من شر العين التي هي آفة تصيب الإنسان والحيوان من نظر العائن إليه فيؤثر فيه فيمرض أو يهلك بسببه (فإن العين حق) أي بقضاء الله وقدره لا بفعل العائن بل يحدث الله في المنظور علة يكون النظر بسببها فيؤاخذه الله بجنايته عليه بالنظر منها وينبغي التعوذ بما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعوذ به الحسن والحسين وهو "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة" رواه البخاري.
939 استعيذوا بالله من الفقر و العيلة و من أن تظلموا أو تظلموا( حسن )
( طب ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:
(استعيذوا بالله من الفقر والعيلة) من أعال كثرت عياله والواو بمعنى مع أي الفقر مع كثرة العيال فإن ذلك هو البلاء الأعظم والموت الأحمر ولما كان الفقر قد يلجىء إلى أخذ مال الغير عدواناً ويجر إلى التظالم عقبه بقوله (ومن أن تظلموا) أنتم أحداً من الناس (أو تظلموا) أي أو يظلمكم أحد بمنع الحق الواجب فالأول مبني للفاعل والثاني للمفعول وذلك لأن الظالم هالك في الدارين والمظلوم قد يسخط ولا يصبر لقضاء الله فيهلك وقد كان من دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا خرج من بيته قال اللهم إني أعوذ بك أن أظلم أو أظلم.
940 استعيذوا بالله من شر جار المقام فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زايل ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(اسعيذوا بالله من شر جار المقام) بالضم أي الإقامة فإنه ضرر دائم وأذى ملازم ووجهه بقوله (فإن جار المسافر إذا شاء أن يزايل زايل) بالزاي فيهما أي أن يفارق جاره ويتحول من جواره فارقه فيستريح منه. وشمل جار المقام الحليلة والخادم والصديق الملازم وفيه إيماء إلى أنه ينبغي تجنب جار السوء والتباعد عنه بالانتقال عنه إن وجد لذلك سبيلاً بمفارقة الزوجة وبيع الخادم وأن المسافر إذا وجد من أحد من رفقته ما يذم شرعاً فارقه.(1/435)
استعيذوا بالله من عذاب القبر استعيذوا بالله من عذاب جهنم استعيذوا بالله من فتنة المسيح الدجال استعيذوا بالله من فتنة المحيا و الممات( صحيح ) ( خد ت ن ) عن أبي هريرة .
942 استعيذوا بالله من عذاب القبر إنهم يعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم ( صحيح ) ( حم طب ) عن أم مبشر .
943 استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود
( صحيح)(عق عد طب حل هب)عن معاذ بن جبل(الخرائطي في اعتلال القلوب) عن عمر( خط) عن ابن عباس ( الخلعي في فوائده ) عن علي .
الشرح:
(استعينوا على إنجاح الحوائج) لفظ رواية الطبراني استعينوا على قضاء حوائجكم (بالكتمان) بالكسر أي كونوا لها كاتمين عن الناس واستعينوا بالله على الظفر بها ثم علل طلب الكتمان لها بقوله (فإن كل ذي نعمة محسود) يعني إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم فعارضوكم في مرامكم وموضع الخبر الوارد في التحدث بالنعمة ما بعد وقوعها وأمن الحسد وأخذ منه أن على العقلاء إذا أرادوا التشاور في أمر إخفاء التحاور فيه ويجتهدوا في طي سرهم قال بعض الحكماء من كتم سره كان الخيار إليه ومن أفشاه كان الخيارعليه وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ومنع من بلوغ مأربه ولو كتمه كان من سطوته آمناً ومن عواقبه سالماً وبنجاح حوائجه فائزاً وقال بعضهم سرك من دمك فإذا تكلمت فقد أرقته 000والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار قال الراغب: وإذاعة السر من قلة الصبر وضيق الصدور ويوصف به ضعف الرجال والنساء والصبيان والسبب في صعوبة كتمان السر أن للإنسان قوتين آخذة ومعطية وكلتاهما تتشوف إلى الفعل المختص بها ولولا أن الله وكل المعطية بإظهار ما عندها لما أتاك بالأخبار من لم تزوده فصارت هذه القوة تتشوف إلى فعلها الخاص بها فعلى الإنسان أن يمسكها ولا يطلقها إلا حيث يجب إطلاقها.
944 استغفروا ربكم إني استغفر الله و أتوب إليه كل يوم مئة مرة(صحيح )
( البغوي ) عن الأغر .(1/436)
945 استغفروا لأخيكم و سلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل( صحيح )
( ك ) عن عثمان .
946 استغفروا لماعز بن مالك لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم
( صحيح ) ( م د ن ) عن بريدة .
947 استغنوا عن الناس و لو بشوص السواك( صحيح )
( البزار طب هب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(استغنوا عن الناس) أي تعففوا عن مسألتهم والمراد أن العبد يشعر قلبه فقر الخلق إلى ربهم وعجزهم وأنهم تحت قهر قدرة موجدهم ويكف همم نفسه عن التطلع إليهم وإلى ما في أيديهم وجوارحه عن الإقبال عليهم ويقنع بما قسم له (ولو بشواص السواك) بضم الشين المعجمة وفتحها أي بغسالته أو بما تفتت منه عند التسوك يعني اقنعوا بأدنى ما يسد الرمق حتى لو فرض أنه يسده غسالة السواك أو ما تفتت منه فاقنعوا به وألزموا أنفسكم الاستغناء عنهم وكفوها عن الطمع فيهم والنظر إلى ما في أيديهم وقيل المراد لا تطلبوا منهم غسل السواك مبالغة000
948 استفت نفسك و إن أفتاك المفتون( حسن ) ( تخ ) عن وابصة .
الشرح:(1/437)
(استفت نفسك) المطمئنة الموهوبة نوراً يفرق بين الحق والباطل والصدق والكذب، إذ الخطاب لوابصة وهو يتصف بذلك وفي رواية قلبك أي عول على ما فيه لأن للنفس شعوراً بما تحمد عاقبته أو تذم (وإن) غاية لمقدر دل عليه ما قبله أي فالتزم العمل بما في نفسك ولو (أفتاك المفتون) بخلافه لأنهم إنما يطلعون على الظواهر وهم بضم الميم جمع مفتي وفي بعض الحواشي بالفتح من الفتنة بمعنى الاختبار والضلال لكن كل من رأيناه شرح الحديث إنما يبني كلامه على معنى الضم وعليه قال حجة الإسلام: ولم يرد كل أحد لفتوى نفسه وإنما ذلك لوابصة في واقعة تخصه انتهى قال البعض: وبفرض العموم فالكلام فيمن شرح الله صدره بنور اليقين فأفتاه غيره بمجرد حدس أو ميل من غير دليل شرعي وإلا لزمه اتباعه وإن لم ينشرح له صدره انتهى وبما بحثه صرح حجة الإسلام لكن بزيادة بيان وإحسان فقال ما محصوله ليس للمجتهد أو المقلب إلا الحكم بما يقع له أو لمقلده ثم يقال للورع استفت قلبك وإن أفتوك إذ للإثم حزازات في القلوب فإذا وجد قابض مال مثلاً في نفسه شيئاً منه فليتق الله ولا يترخص تعللاً بالفتوى من علماء الظاهر 00000
949 استقبل صلاتك فلا صلاة لمن صلى خلف الصف وحده( صحيح )
( ش ه حب ) عن علي بن شيبان .
950 استقرءوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود و سالم مولى أبي حذيفة و أبي بن كعب و معاذ بن جبل( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمرو .
951 استقم و ليحسن خلقك للناس( حسن ) ( طب ك هب ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/438)
(استقم) (قال الدقاق: كن طالب الاستقامة لا طالب الكرامة فإن نفسك تطلب منك الكرامة وربك يطلب منك الاستقامة قال السهروردي وهذا أصل كبير غفل عنه كثيرون) أي الزم فعل الطاعات وترك المنهيات، وقال القاضي المراد بالاستقامة اتباع الحق والقيام بالعدل وملازمة المنهج المستقيم وذلك خطب جسيم لا يتصدى لإحصائه إلا من استضاء قلبه بالأنوار القدسية وتخلص من كدورات البشرية والظلمات الأنسية الطبيعية وأيده الله بتأييد من عنده واسلم شيطانه بيده وقليل ما هم انتهى وقال الطيبي: الاستقامة التامة لا تكون إلا لمن فاز بالقدح المعلى ونال المقام الأسنى وهي رتبة الأنبياء (وليحسن) بفتح المثناة تحت (خلفك) بضمتين (للناس) بأن تلقاهم ببشر وطلاقة وجه وتتحمل أذاهم وتفعل بهم ما تحب أن يفعلوا معك وبين به أن الاستقامة نوعان استقامة مع الحق بفعل طاعته عقداً وفعلاً وقولاً، واستقامة مع الخلق بمخالقتهم بخلق حسن وبذلك تحصل الاستقامة الجامعة التي هي الدرجة القصوى التي بها كمال المعارف والأحوال وصفاء القلوب في الأعمال وتنزيه العقائد عن سفاسف البدع والضلال000
952 استقيموا و لن تحصوا و اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة و لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ( صحيح ) ( حم ه ك هق ) عن ثوبان ( ه طب ) عن ابن عمرو ( طب ) عن سلمة بن الأكوع .
الشرح:(1/439)
(استقيموا) أي الزموا الاستقامة والزموا المنهج المستقيم بالمحافظة على إيفاء حقوق الحق ورعاية حدوده والرضى بالقضاء (ولن تحصوا) ثواب الاستقامة {وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها} أو لن تطيقوا أن تستقيموا حق الاستقامة لعسرها أو لن تطيقوها بقوتكم وحولكم وإن بذلتم جهدكم بل بالله أو استقيموا على الطريق الحسنى وسددوا وقاربوا فإنكم لن تطيقوا الإحاطة في الأعمال ولابد للمخلوق من تقصير وملال، وكأن القصد به تنبيه المكلف على رؤية التقصير وتحريضه على الجد لئلا يتكل على عمله ولهذا قال القاضي: أخبرهم بعد الأمر بذلك أنهم لا يقدرون على إيفاء حقه والبلوغ إلى غايته لئلا يغفلوا عنه فكأنه يقول لا تتكلفوا على ما تأتون به ولا تيأسوا من رحمة الله ربكم فيما تذرون عجزاً وقصوراً لا تقصيراً وقال الطيبي: قوله ولن تحصوا إخبار وإعراض بين المعطوف والمعطوف عليه كما اعترض ولن تفعلوا بين الشرط والجزاء لما أمرهم بالاستقامة وهي شاقة جداً تدارك بقوله ولن تحصوا رأفة ورحمة منه على هذه الأمة المرحومة كما قال تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم} بعد ما نزل {اتقوا الله حق تقاته} أي فإن لم تطيقوا ما أمرتم به على ما يتيسر لهم من ذلك ولا يشق عليهم بقوله (واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة) أي فإن لم تطيقوا ما أمرتم به من الاستقامة فحق عليكم أن تلزموا بعضها وهو الصلاة الجامعة لكل عبادة من قراءة وتسبيح وتكبير وتهليل وإمساك عن كلام البشر والمفطرات وهي معراج المؤمن ومقربته إلى جناب حضرة الأقدس فالزموها وأقيموا حدودها سيما مقدمتها التي هي شطر الإيمان فحافظوا عليها فإنه لا يحافظ عليه إلا مؤمن راسخ القدم في التقوى كما قال (ولا) وفي رواية ولن (يحافظ على الوضوء) الظاهري والباطني (إلا مؤمن) كامل الإيمان فالظاهري ظاهر والباطني طهارة السر عن الأغيار والمحافظة على المجاهدة التي يكون بها تارة غالباً وتارة مغلوباً أي لن تطيقوا الاستقامة في تطهير سركم(1/440)
ولكن جاهدوا في تطهيره مرة بعد أخرى كتطهير الحدث مرة بعد أخرى فأنتم في الاستقامة بين عجز البشرية وبين استظهار الربوبية فتكونون بين رعاية وإهمال وتقصير وإكمال ومراقبة وإغفال وبين جد وفتور كما أنكم بين حدث وطهور وفيه ندب إدامة الوضوء وبه أخذ أصحابنا أنه يسن تجديده إذا صلى به صلاة.
953 استقيموا و نعما إن استقمتم و خير أعمالكم الصلاة و لن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن( صحيح )
( ه ) عن أبي أمامة ( طب ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:
(استقيموا ونعما إن استقمتم) فإن شأن الاستقامة عظيم وخطبها جسيم، ومن ثم قال الحبر ما نزل على المصطفى صلى الله عليه وسلم آية آشق من هذه الآية ولا أعظم وهي {فاستقم كما أمرت} وفي خبر رواه ابن أبي حاتم أنه لم ير بعد نزولها ضاحكاً أبداً وفي خبر الترمذي ما يفيد أن أعظم ما يراعى استقامة بعد القلب من الجوارح اللسان فإنه الترجمان، قال الحراني: وقد جمع لمن استقام الأمداح المبهمة لأن نعم كلمة مبالغة تجمع المدح كله وما كلمة مبهمة تجمع الممدوح فتطابقا في الإبهام قال ابن الأثير أصله نعم ما، فأدغم وشدد، ثم نبه على أن أعظم أركان الاستقامة الصلاة بقوله (وخير أعمالكم الصلاة ولن) وفي رواية ولا (يحافظ على الوضوء) بإسباغه وإدامته واستيفاء سننه وآدابه (إلا مؤمن) كامل الإيمان وفيه بيان شرف الصلاة وكونها أشرف الطاعات والمحافظة على الوضوء بمراقبة أوقاته وإدامته وإسباغه والاعتناء بآدابه.
954 استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما دام منتعلا( صحيح ) (حم تخ م ن)عن جابر(طب)عن عمران بن حصين (طس) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/441)
(استكثروا من النعال) أمر إرشاد والمراد الإكثار من إعدادها في السفر وكلما وهت نعل وتخرقت وجد في رجليه غيرها، فليس المراد باستكثارها لبس أكثر من نعل في حالة واحدة كما قد يظن ثم علل ذلك بقوله (فإن الرجل) وصف طردي وإنما خصه لأنه يكثر المشي فيحتاج للنعل (لا يزال راكباً ما دام منتعلاً) لفظ رواية مسلم ما انتعل: أي هو شبيه بالراكب مدة دوامه لابساً للنعل في خفة المشقة وقلة النصب وسلامة رجله من نحو أذى أو شوك وفيه إشارة إلى ندب الاستعداد لأهبة السفر وخص الرجل لأن السفر غالباً إنما يكون للرجال فإن سافرت أنثى أو خنثى فهي كالرجال قال القرطبي: هذا كلام بليغ ولفظ فصيح لا ينسج على منواله ولا يؤتى بمثاله وهو إرشاد إلى المصلحة وتنبيه على ما يخفف المشقة فإن الحافي المديم للحفا يلقي من الألم والمشقة بالعثار وغيره ما يقطعه عن المشي ويمنعه من الوصول لمقصده والمنتقل يمكنه إدامة المشي فيصل لمقصوده كالراكب فلذلك شبه به.
955 استمتعوا من هذا البيت فإنه قد هدم مرتين و يرفع في الثالثة(صحيح )
( طب ك ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/442)
(استمتعوا من) هي بمعنى الباء (هذا البيت) الكعبة غلب عليها كالنجم على الثريا والمراد من الاستمتاع به إكثار الطواف والحج والاعتمار والاعتكاف ودوام النظر إليه (فإنه قد هدم مرتين) قال في الكشاف أول من بناه إبراهيم ثم بناه قوم من العرب من جرهم ثم هدم فبنته العمالقة ثم هدم فبنته قريش انتهى وقال ابن حجر وغيره اختلف في عدد بناء الكعبة والتي تحصل أنها بنيت عشر مرات: بناء الملائكة قبل خلق آدم لما قالوا {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} ذكره مجاهد ثم آدم رواه البيهقي في الدلائل ثم بنوه من بعده ثم نوح ثم إبراهيم وزعم ابن كثير أنه أول من بناه وأنكر ما عداه ورد ثم العمالقة رواه الفاكهي عن علي (ويرفع في الثالثة) بهدم ذي السويقتين له والمراد رفع بركنه وقال في الإتحاف اقتصاره في الحديث عدم على مرتين أراد به هدمها عند مجىء للطوفان إلى أن بناها إبراهيم وهدمها في أيام قريش لما أجحف بها السيل وكان ذلك مع إعادة بنائها في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم وله من العمر خمس وثلاثون سنة والأمر بالاستمتاع به يشمل النظر إليه والطواف به والصلاة فيه.
956 استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا(صحيح)(حم د ه ك)عن ابن عباس .
الشرح:(1/443)
(استنثروا) بهمزة وصل أمر من النثر بفتح النون وسكون المثلثة وهو جذب ماء الاستنشاق بريح الأنف أو نحوه ثم طرحه. وقال العراقي: هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق وذكر أن الأول قول الخطابي والثاني قول جمهور أهل اللغة والفقهاء والمحدثين (مرتين بالغتين) أي إلى أعلا درجات الاستنثار (أو) قيل بمعنى الواو (ثلاثاً) قيل لم يذكر في الثالثة المبالغة دلالة على أن المبالغة في الثنتين قائمة مقام الثالثة والمراد أن ذلك يشرع في الوضوء كما بينه في حديث أبي داود الطيالسي وهو إذا توضأ أحدكم وانتثر فليفعل ذلك مرتين أو ثلاثاً قال ابن حجر: وإسناده حسن لكن قوله في الحديث المار إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاثاً فإن الشيطان إلخ يقتضي عدم اختصاص الأمر بالوضوء وعليه فالمراد الاستنثار في الوضوء للتنظيف وللمتيقظ لطرد الشيطان ذكره ابن حجر، وظاهر الأمر الوجوب فليزم من قال بوجوب الاستنشاق كأحمد القول بوجوبه واستدل الذاهبون للندب بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم للأعرابي في خبر الترمذي وغيره توضأ كما أمرك الله فأحاله على الآية ولا ذكر للاستنشاق ولا للانتثار فيها، ونوزع باحتمال أن يراد بالأمر ما هو أعم من آية الوضوء فقد أمر الله تعالى باتباع نبيه ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة وبه رد على من لم يوجب المضمضة أيضاً ذكره ابن حجر ويسن كونه بيده اليسرى كما بوّب عليه النسائي وأخرجه مقيداً بها.
957 أستودع الله دينك و أمانتك و خواتيم عملك( صحيح )
( د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/444)
(أستودع الله) أي استحفظ (دينك) خاطب به من جاء يودعه للسفر من الوداع بفتح الواو وهو الاستحفاظ وذلك لأن السفر محل الاشتغال عن الطاعات التي يزيد الدين بزيادتها وينقص بنقصانها، وقوله أستودع بقرينة السبب والسياق خبر لا أمر وإن كان معناه صحيحاً ويأتي حديث في باب كان أنه كان يقول ذلك وهو واضع يده في يده فيتأكد ذلك (وأمانتك) أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم ومالك التي تودعه وتستحفظ أمينك، وقدم الدين لأن حفظه أهم (وخواتيم عملك) أي عملك الصالح الذي جعلته آخر عملك في الإقامة فإنه يسن للمسافر أن يختم إقامته بعمل صالح كتوبة وقربة وخروج عن المظالم وصلاة وصدقة وصلة رحم وقراءة آية الكرسي ووصية واستبراء ذمة ونحوها فيندب لكل من يودع أحداً من المؤمنين أن يفارقه على هذه الكلمات وأن يكررها بإخلاص وتوجه تام فإذا ولى المسافر قال المقيم اللهم اطو له البعيد وهون عليه السفر كما يأتي.
958 أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه) أي الذي إذا استحفظ وديعة لا تضيع فإنه تعالى إذا استودع شيئاً حفظه كما في الحديث الآتي عن لقمان قال الحكيم أصل الوديعة التخلي عن الشيء وتركه وإذا تخلى العبد عن الشيء وتركه لله واستحفظه إياه فقد تبرأ من الحول والقوة ورفض الأسباب فحصل له الحفظ والعصمة ويندب لكل من المتوادعين أن يقول للآخر ذلك وأن يزيد المقيم زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير حيثما كنت.
959 استوصوا بالأنصار خيرا ( صحيح ) ( حم ) عن أنس .
الشرح:(1/445)
(استوصوا) قال الطيبي الأظهر أن السين للطلب مبالغة أي اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهم بخير (بالأنصار خيراً) زاد في رواية فإنهم كرشي وعيبتي وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم، وأخذ منه أن الخلافة ليست فيهم وإلا لأوصاهم ولم يوص لهم وقول ابن حجر لا دلالة فيه إذ لامانع من ذلك فيه تحامل لا يخفى قال القاضي: والتوصية التقدم إلى الغير بفعل فيه صلاح وقربة وأصلها الوصلة يقال وصاه إذا وصله وقصاه إذا فصله كأن الموصي يصل فعله بفعل
الوصي.
960 استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع و إن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته و إن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/446)
(استوصوا بالنساء خيراً) أي اطلبوا الوصية والنصيحة لهم من أنفسكم أو اطلبوا الوصية من غيركم بهن (أو اقبلوا) وصيتي فيهن واعملوا بها وارفقوا بهن وأحسنوا عشرتهن، والأول للطيبي والأخير للقاضي، قال ابن حجر: وهو أوجه الأوجه، والخير الموصى به لها أن يداريها ويلاطفها ويوفيها حقوقها المشار إليها بنحو خبر الحاكم وغيره: حق المرأة على الزوج أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا اكتسى ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجرها (فإن المرأة خلقت) أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة (من ضلع) بكسر ففتح أو فسكون. قال القاضي: والضلع بكسر فسكون واحد الأضلاع استعير للمعوج صورة ومعنى، وقيل أراد به أن أول النساء خلقت من ضلع فإن حواء خرجت من ضلع آدم قيل الأيسر وقيل القصرى كما تخرج النخلة من النواة ثم جعل محلها لحم (فإن ذهبت نفييمه كسرته) أي إن أرادت منها تسوية اعوجاجها أدى إلى فراقها، فهو ضرب مثل للطلاق (وإن تركته) أي لم تقمه (لم يزل أعوج) فلا يطمع في استقامتهن البتة (وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه) ذكر تأكيد لمعنى الكسر وإشارة إلى أنها خلقت من أعوج آخر الضلع مبالغة في إثبات هذه الصفة لهن أوضربه مثلاً لأعلى المرأة لأن أعلاها رأسها وفيه لسانها وهو الذي يحصل به الأذى00(فاستوصوا) أيها الرجال (بالنساء خيراً) ختم بما به بدأ إشعاراً بكمال طلب الوصية بهن وزاد التأكيد بالإظهار في محل الإضمار، وفيه رمز إلى أن التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه ولا يترك فيستمر أعوج فالمبالغة ممنوعة وتركها على العوج ممنوع وخير الأمور أوسطها 0000
961 استووا و لا تختلفوا فتختلف قلوبكم و ليلني منكم أولو الأحلام و النهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ( صحيح ) ( حم م ن ) عن أبي مسعود .
الشرح:(1/447)
(استووا) أي اعتدلوا في الصلاة بأن تقوموا على سمت واحد لأن التسوية للصفوف من شأن الملائكة، ولأن تقدم البعض ربما أوغر صدور الباقين وشوش خشوعهم كما أشار إليه بقوله (ولا تختلفوا) أي لا يتقدم بعضكم على بعض في الصفوف (فتختلف قلوبكم) وفي رواية صدوركم. قال الطيبي: وقوله فتختلف بالنصب من قبيل لا تدن من الأسد فيأكلك، وفيه أن القلب تابع للأعضاء فإن اختلفت اختلف وإذا اختلف فسد ففسدت الأعضاء لأنه رئيسها (وليليني منكم) أي ليقرب مني: من ولي إذا قرب، والولي القرب والدنو، وقوله ليليني بكسر اللامين وياء مفتوحة بعد اللام وشدة النون، وبحذف الياء وخفة النون: روايتان ذكرهما النووي في عدة كتب، وغيره، وبه رد قول الطيبي: وحق هذا اللفظ أن تحذف منه الياء لأنه صيغة أمر، وقد ورد بإثباتها وسكونها في سائر الكتب والظاهر أنه غلط (أولو الأحلام) أى ذوو التثبت (والنهى) جمع نهية بالضم وهي العقل، ذكره في المجموع، وفي شرح مسلم النهى العقول، وأولو الأحلام العقلاء، وقيل البالغون، وفي الرياض: أهل الفضل. فعلى الأول يكون اللفظان بمعنى، ولاختلاف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيداً. وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء وعلى الثالث البالغون (ثم الذين يلونهم) أي يقربون منهم في ذلك الوصف كالصبيان المراهقين ثم المميزين (ثم الذين يلونهم) كالخناثي ثم النساء، فإن نوع الذكر أشرف على الإطلاق، وزاد في رواية بعد ما ذكر: وإياكم وهيشات الأسواق: أي احذروا أن يكون حالكم وصفتكم كهيشات الأسواق أي مختلطاتها وجماعتها من الهيش وهو الخلط وفيه أنه يندب تقديم الرجال لفضلهم وشرفهم وليحفظوا صلاته إن نسيها فيجبرها أو يجعل أحدهم خليفة إن احتيج إليه ثم الصبيان لأنهم من جنسهم ثم الخناثى لاحتمال ذكورتهم وهذا كله مستحب لا شرط فلو خالفوا صحت صلاتهم مع الكراهة.(1/448)
962 أسرع قبائل العرب فناء قريش يوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول: هذه نعل قرشي( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة .
963 أسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا( صحيح ) ( م ن ) عن عائشة .
964 أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه و إن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أسرعوا) إسراعاً خفيفاً بين المشي المعتاد والخبب الذي هو العدو، لأن ما فوق ذلك يؤدي إلى انقطاع الضعفاء أو مشقة الحامل أو انتشار أكفان الميت ونحو ذلك فيكره (بالجنازة) أي بحمل الميت بنعشه إلى المصلى ثم إلى القبر، والأمر للندب اتفاقاً، ولا عبرة بمن شذ، نعم إن خيف التغير لولا الإسراع وجب، أو التغير بالإسراع وجب التأني (فإن تك) أي الجثة المحمولة وأصله تكون سكنت نونه للجازم ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين ثم حذفت النون تخفيفاً لكثرة دور ذلك في الكلام فصار تك (صالحة) بنصبه خبر كان (فخير) أي فهو خير أو فلها خير أو فهناك خير (تقدمونها إليه) أي إلى الخير باعتبار الثواب: أي تقدمونها إلى جزاء عملها الصالح والإكرام الحاصل لها في القبر، وفي رواية إليها، قال ابن مالك: القياس إليه لكن المذكور يجوز تأنيثه إذا أول بمؤنث كتأويل الخير بالرحمة أو بالحسنى أو بالبشرى (وإن تك سوى ذلك) أي غير صالحة (فشر) أي فهو شر أو هو مبتدأ وصح الابتداء به مع كونه نكرة لاعتماده على صفة مقدرة أي شر عظيم. وكذا يقال فيما سبق، وقوله (تضعونه) والضمير للميت: أي تستريحون منه لبعده من الرحمة. فلا حظ لكم في مصاحبته (عن رقابكم) أي أكتافكم، قال الطيبي: الجنازة بالكسر: الميت، وبالفتح السرير، جعل الجنازة عين الميت ووصفها بأعماله الصالحة ثم عبر عن الأعمال الصالحة بالخير وجعل الجنازة التي هي مكان الميت مقدمة إلى ذلك الخير فكنى بالجنازة عن العمل الصالح مبالغة في كمال هذا المعنى 0000 وفيه ترك صحبة أهل البطالة وغير الصلحاء وأن حمل الجنازة(1/449)
مختص بالرجال لكونه أتى فيه بضمير المذكر لكنه وإن كان الحكم متفقاً عليه غير حاسم، ففي هذا قد يدعى أنه خرج مخرج الغالب.
965 أسرف رجل على نفسه فلما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا أنا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروني في البحر فوالله لئن قدر علي ربي ليعذبني عذابا ما عذبه أحدا ففعلوا ذلك به فقال الله للأرض: أدي ما أخذت فإذا هو قائم فقال: ما حملك على ما صنعت ؟ قال خشيتك يا رب فغفر له بذلك( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
966 أسرق الناس الذي يسرق صلاته: لا يتم ركوعها و لا سجودها و أبخل الناس من بخل بالسلام( صحيح ) ( طس ) عن عبدالله بن مغفل .
967 أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا مخلصا من قلبه( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/450)
(أسعد الناس) أي أحظاهم (بشفاعتي) من الشفع وهو ضم الشيء إلى مثله كأن المشقوع له كان فرداً فجعله الشفيع شفعاً بضم نفسه إليه، والشفاعة الضم إلى آخره معاوناً له وأكثر ما يستعمل في انضمام الأعلى إلى الأدنى (يوم القيامة) يوم الجزاء الأعظم (من قال لا إله إلا الله) أي مع محمد رسول الله فجعل الجزاء من كلمة الشهادة شعاراً لمجموعها فالمراد الكلمة بتمامها كما تقول قرأت {آلم ذلك الكتاب} أي السورة بتمامها، والمراد من قال ذلك من إنس وجن وملك، ولا ينافيه التقيد بالناس لأنه مفهوم لقب ولا حجة فيه عند الجمهور (خالصاً) عن شوب شرك أو نفاق، فالمراد بالقول النفساني لا الكلامي فقط، أو ذكر تغليباً إذ الغالب أن من صدق بالقلب قال باللسان (مخلصاً من قلبه) أو نفسه، هكذا هو على الشك عند البخاري، وقوله مخلصاً تأكيد لخالصاً فالمراد الإخلاص المؤكد البالغ غايته ويدل على إرادة تأكيده ذكر القلب إذ الإخلاص معدنه القلب ففائدته التأكيد كما في {فإنه آثم قلبه} قال في الكشاف: لمن كان آثم مقترناً بالقلب أسند إليه لأن إسناده الفعل إلى الجارحة التي يعمل فيها أبلغ، ألا تراك إذا أردت التأكيد تقول أبصرته بعيني وسمعته بأذني، وقوله من قلبه متعلق بمخلصاً أو يقال، والأولى كما قاله الكرماني الثاني، ثم إن تعلق يقال فالظرف لغو وإلا فمستقر إذ تقديره ناشئاً عن قلبه00000 00 والأولى أن يقال كل أحد يحصل له سعادة بسبب شفاعته لكن المؤمن المخلص أكثر سعادة بها فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم يشفع في الخلق لاراحتهم من هول الموقف، ويشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كأبي طالب ويشفع في قوم من المؤمنين بالخروج من النار بعد دخولها، وفي بعضهم بعدم الدخول بعد استحقاقه، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات، فاستبان الإشراك في السعادة بالشفاعة فإن أسعدهم بها المؤمن الخالص المخلص.
968 اسعوا فإن الله قد كتب عليكم السعي ( صحيح )(1/451)
( حم ) عن حبيبة بنت أبي تجراة .
969 أسفر بصلاة الصبح حتى يرى القوم مواقع نبلهم
( صحيح ) ( الطيالسي ) عن رافع بن خديج .
الشرح:
(أسفر بصلاة الصبح) أي أخرها إلى الإسفار أي الإضاءة (حتى يرى القوم مواقع نبلهم) أي مواضع سهامهم إذا رموا بها فالباء للتعدية عند الحنفية وجعلها الشافعية للملابسة، والمعنى ادخلوا في وقت الإضاءة متلبسين بصلاة الصبح بأن تمد، يقال أسفر إذا دخل في ابيضاض النهار كما يقال أسحر إذا دخل في السحر، ذكره في المغرب 000
970 أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر( صحيح ) ( ت ن حب ) عن رافع .
الشرح:
(أسفروا) بهمزة قطع مفتوحة وفاء مكسورة (بالفجر) أي بصلاته (فإنه أعظم للأجر) أي أخرجوها إلى تحقق طلوع الفجر الثاني وإضاءته من سفر تبين وانكشف، أو أسفروا بالخروج منها بأن تطيلوا القراءة حتى تخرجوا منها مسفرين، كذا قرره الشافعية مجيبين عن تمسك الحنفية به في ذهابهم إلى ندب التأخير إلى الإضاءة. قال ابن حجر: وفي التأويل ينظر لقوله في حديث الطبراني بسند ضعيف نوروا بصلاة الصبح حتى يبصر القوم مواقع سبلهم من الإسفار لكن يعارضه حديث الشيخين أنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس، فأخذ الشافعية بذلك لصحته، وقول الطحاوي حديث الإسفار ناسخ لحديث الغلس: وهمه الحازمي وغيره بل الأمر بالعكس لخبر أبي داود: أنه صلى الصبح فأسفر ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى فارق الدنيا لم يعد إلى أن يسفر. رواته كلهم ثقات، وخبر الإسفار مختلف في إسناده ومتنه كما في خلافيات البيهقي.
971 أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص(حسن)(حم ت)عن عقبة بن عامر.
972 أسلمت على ما أسلفت من خير ( صحيح)(حم ق)عن حكيم بن حزام .
الشرح:(1/452)
(أسلمت) أي دخلت في الإسلام (على ما) أي مع أو مستعلياً على ما (أسفلت) وفي رواية بدله على ما سلف لك، وفي رواية للبخاري على ما سلف أي على وجدان ثواب ما قدمته (من خير) أي على قبوله فتثاب عليه ويضاف لما تعمله في الإسلام فضلاً منه تعالى وإن كان الكافر لا يصح عمله لفقد شرط النية أو المعنى أنك ببركة فعل الخير هديت إلى الإسلام لأن المبادىء عنوان الغايات أو أن فعل ذلك أورثك طباعاً جميلة فانتفعت بتلك الطباع في الإسلام لما حصل لك من التدرب على فعل القرب فلم تحتج لمجاهدة جديدة بعد الإسلام والفضل للمتقدم ومن أطلق عدم إثابة الكافر فكلامه منزل على ما إذا لم يسلم وعلى الإثابة في الآخرة بل قد يثاب وإن لم يسلم لكن في الدنيا خاصة لخبر مسلم: إن الكافر يثاب في الدنيا بالرزق على ما يفعله من حسنة.
973 أسلم ثم قاتل ( صحيح ) ( خ ) عن البراء .
الشرح:
(أسلم) بفتح الهمزة وكسر اللام (ثم قاتل) قاله لرجل جاء مقنعاً بالحديد يريد قتال الكفار وهو كافر فأسلم فقاتل فقتل فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: عمل قليلاً وأجر كثيراً، وسيجيء تعليله في خبر آخر بأنه لا يستعين بالمشركين.
974 أسلم و إن كنت كارها( صحيح ) ( حم ع الضياء ) عن أنس .
الشرح:
0000 قاله لرجل قال إني أجدني كارهاً للإسلام
975 أسلم سالمها الله و غفار غفر الله لها أما و الله ما أنا قلته و لكن الله قاله
( صحيح ) ( حم طب ك ) عن سلمة بن الأكوع ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/453)
(أسلم) بفتح الهمزة واللام: قبيلة من خزاعة، وهو مبتدأ والخبر قوله (سالمها الله) وفي رواية: سلمها الله: أي صالحها من المسالمة وهي ترك الحرب أو معنى سلمها (وغفار) بكسر المعجمة والتخفيف: قبيلة من كنانة، وهو مبتدأ والخبر قوله (غفر الله لها) خبر أراد به الدعاء أو هو خبر على بابه، وخصها بالدعاء لأن غفاراً أسلموا قديماً، وأسلم: سالموه عليه الصلاة والسلام (أما) بالتخفيف (والله ما أنا قلته) أي ما قلت ما ذكر من مناقب هاتين القبيلتين (ولكن الله قاله) وأمرني بتبليغه إليكم فاعرفوا إليهم حقهم وأنزلوا الناس منازلهم.
976 أسلم و غفار و أشجع و مزينة و جهينة و من كان من بني كعب موالي دون الناس و الله و رسوله مولاهم( صحيح ) ( ك ) عن أبي أيوب .
977 أسلم و غفار و شيء من مزينة و جهينة خير عند الله من أسد و تميم و هوازن و غطفان( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
978 أسلم و غفار و مزينة خير من تميم و أسد و غطفان و عامر بن صعصعة( صحيح ) ( ت ) عن أبي بكرة .
979 اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في ثلاث سور من القرآن في البقرة و آل عمران و طه( صحيح ) ( ه طب ك ) عن أبي أمامة .
الشرح:(1/454)
(اسم الله الأعظم) قيل الأعظم بمعنى العظيم، وليس أفعل للتفضيل لأن كل اسم من أسمائه عظيم وليس بعضها أعظم من بعض، وقيل هو للتفضيل لأن كل اسم فيه أكثر تعطيماً لله فهو أعظم فالله أعظم من الرب فإنه لاشريك له في تسميته به لا بالإضافة ولا بدونها وأما الرب فيضاف للمخلوق (الذي إذا دعى به أجاب) بمعنى أنه يعطى عين المسؤول بخلاف الدعاء بغيره فإنه وإن كان لا يرد لكونه بين إحدى ثلاث: إعطاء المسؤول في الدنيا أو تأخيره للآخرة أو التعويض بالأحسن (في ثلاث سور من القرآن: في البقرة وآل عمران وطه) قال أبو شامة: فالتمستها فوجدت في البقرة في آية الكرسي: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، وفي آل عمران: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، وفي طه: وعنت الوجوه للحي القيوم، كذا في الفردوس، وقد اختلف في الاسم الأعظم على نحو أربعين قولاً أفردها المصنف وغيره بالتأليف: قال ابن حجر: وأرجحها من حيث السند الله لا إله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد0000
980 اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ( و إلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم و فاتحة آل عمران ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) .
( حسن ) ( حم د ت ه ) عن أسماء بنت يزيد .
الشرح:(1/455)
(اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين) وهما (وإلهكم إله واحد) خطاب عام أي المستحق منكم للعبادة واحد لا شريك له فصح أن يعبد ويسمى إلهاً (لا إله إلا هو) تقرير للوحدانية (الرحمن الرحيم) كالحجة عليها فإنه لما كان مولى النعم كلها أصولها وفروعها وما سواه إما نعمة أو منعم عليه لم يستحق العبادة أحد غيره (وفاتحة) سورة (آل عمران الم الله لا إله إلا هو الحي) الحياة الحقيقية التي لا موت معها (القيوم) الذي به قيام كل شيء وهو قائم على كل شيء00000 وقال الإمام الرازي في لوامع البينات منهم من قال الاسم الأعظم الحي القيوم، ويدل عليه وجهان: أحدهما أن أبيّ بن كعب طلب من المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يعلمه الاسم الأعظم فقال هو في قوله تعالى {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وفي {الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قالوا وليس ذلك في قولنا: الله لا إله إلا هو، لأن هذه الكلمة موجودة في آيات كثيرة فلما خص الاسم الأعظم بهاتين الآيتين علمنا أنه الحي القيوم. الثاني: أن الحي يدل على كونه سبحانه عالماً متكلماً قادراً سميعاً بصيراً، والقيوم يدل على أنه قائم بذاته مقوم لغيره، ومن هذين الأصلين تتشعب جميع المسائل المعتبرة في علم التوحيد ففي هذين الاسمين من صفات العظمة والكبرياء والإلهية ما ليس في غيرهما، وذلك يقتضي أنهما أعظم الأسماء0000
981 اسمحوا يسمح لكم ( صحيح ) ( عب ) عن عطاء مرسلا .
الشرح:
(اسمحوا يسمح لكم) أي يسمح الله لكم في الدنيا بالإنعام وفي العقبى بعدم المناقشة في الحساب وغير ذلك، ولا يخفى كمال السماح على ذي لب، فجمع بهذا اللفظ الموجز المضبوط بضابط العقل الذي أقامه الحق حجة على الخلق ما لا يكاد يحصى من المصالح والمطالب العالية 00000
982 اسمح يسمح لك( صحيح ) ( حم طب هب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(أسمح) أمر من السماح (يسمح لك) بالبناء للمفعول.(1/456)
والفاعل الله: أي عامل الخلق الذين هم عيال الله وعبيده بالمسامحة والمساهلة يعاملك سيدهم بمثله في الدنيا والآخرة. وفي الإنجيل: إن غفرتم للناس خطاياهم غفر لكم أبوكم السماوي خطاياكم وإن لم تغفروا للناس خطاياهم لم يغفر لكم وفيه لا تحبوا الحكم على أحد لئلا يحكم عليكم، اغفروا يغفر لكم، أعطوا تعطوا، وقال بعض الحكماء: أحسن إن أحببت أن يحسن إليك، ومن قل وفاؤه كثر أعداؤه.وهذا من الإحسان المأمور به في القرآن المتعلق بالمعاملات، وهو حث على المساهلة في المعاملة وحسن الانقياد، وهو من سخاوة الطبع وحقارة الدنيا في القلب، فمن لم يجده من طبعه فليتخلق به فعسى أن يسمح له الحق بما قصر فيه من طاعته وعسر عليه في الانقياد إليه في معاملته إذا أوقفه بين يديه لمحاسبته.
983 اسمع و أطع و لو لعبد حبشي مجدع الأطراف( صحيح )
( حم م ) عن أبي ذر .
984 اسمعوا و أطيعوا فإنما عليهم ما حملوا و عليكم ما حملتم( صحيح )
( م ت ) عن وائل .
985 اسمعوا و أطيعوا و إن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة
( صحيح ) ( حم خ ه ) عن أنس .
الشرح:(1/457)
(اسمعوا) أي استمعوا كلام من تجب طاعته من ولاة أموركم وجوباً (وأطيعوا) أمرهم وجوباً فيما لا معصية فيه لأنهم نواب الشرع (فإن قلت) ذكر الأمر بالطاعة كاف، فما فائدة الأمر بالسمع معه (قلت) فائدته وجوب استماع كلامه ليتمكن بالإصغاء إليه من طاعة أمره على الوجه الأكمل، ولذلك أمر بالإنصات عند تلاوة القرآن وفي خطبة الجمعة ونهى عن رفع الصوت على صوت صاحب الشرع ليفهم كلامه ويتدبر ما في طيه ويطاع أمره جملة وتفصيلاً (وإن استعمل) بالبناء للمجهول (عليكم عبد) أعرب بالرفع نائب الفاعل (حبشي) أي وإن استعمله الإمام الأعظم أميراً إمارة خاصة أو عامة ليس من شرطها الحرية، وإرادة العتيق فسماه عبداً باعتبار ما كان، والمراد اسمعوا ولو لحبشي سواء كان ذلك الحبشي مفتوناً أو مبتدعاً كما اقتضاه تبويب البخاري عليه بباب إمامة المفتون والمبتدع، ثم زاد في المبالغة بوصف العبد بقوله (كأن رأسه زبيبة) بزاي مفتوحة حبة عنب سوداء: حالاً أو صفة لعبد: أي مشبهاً رأسه بالزبيبة في السواد والحقارة وقباحة الصورة، أو في الصغر، يعني وإن كان صغير الجثة حتى كأن رأسه زبيبة، وقد يضرب المثل بما لا يكاد يوجد تحقيراً لشأن الممثل، والمراد وشعر رأسه مقطقط إشارة إلى بشاعة صورته، وأجمعوا على عدم صحة تولية العبد الإمامة لكن لو تغلب عبد بالشوكة وجبت طاعته خوف الفتنة. وفي رواية بدل كان إلخ مجدع الأطراف: أي مقطوع الأعضاء، والتشديد للتنكير، ذكره ابن الأثير. وهذا حث على السمع والطاعة للإمام ولو جائراً. وذلك لما يترتب عليه من اجتماع الكلمة وعز الإسلام وقمع العدو وإقامة الحدود وغير ذلك، وفيه التسوية في وجوب الطاعة بين ما يشق على النفس وغيره، وقد بين ذلك في رواية بقوله فيما أحب وكره000
986 أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته لا يتم ركوعها و لا سجودها و لا خشوعها ( صحيح )
( حم ك ) عن أبي قتادة ( الطيالسي حم ع ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/458)
(أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته) قال الطيبي: أسوأ مبتدأ، والذي: خبره على حذف مضاف: أي سرقة الذي يسرق. ويجوز أن تكون السرقة جمع سارق كفاجر وفجرة. اهـ. قالوا وكيف يسرق منها يا رسول الله؟ قال (لا يتم) وفي رواية الذي لا يتم (ركوعها ولا سجودها) وأعاد - لا - في السجود دفعاً لتوهم الاكتفاء بالطمأنينة في أحدهما (ولا خشوعها) الذي هو روح الصلاة بأن لم يستحضر عظمة الله. قال الطيبي: جعل جنس السرقة نوعين: متعارفاً وغير متعارف، وهو ما ينقص من الطمأنينة والخشوع ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف، ووجه كونه أسوأ أن السارق إذا وجد مال الغير قد ينتفع به في الدنيا ويستحل صاحبه أو يحد فينجو من عذاب الآخرة، بخلاف هذا فإنه سرق حق نفسه من الثواب وأبدل منه العقاب في العقبى. قال الحراني: وأكثر ما يفسد صلاة العامة تهاونهم بعلم الطمأنينة والعمل بها في أركان الصلاة، وأصلها سكون على عمل لركن من ركوع أو سجود أو جلوس زمناً ما وإجماع من النفس على البقاء على تلك الحالة ليوافق بذلك المقدارمن الزمان حال الداعين في آحادتلك الأحوال من الملائكة الصافين، وفيه أن الطمأنينة في الركوع والسجود واجبة، وأجله في الفرض، وكذا في النفل عند الشافعي فعده ركناً، وأن الخشوع واجب، وبه قال الغزالي منهم فعده شرطاً، لكن المفتى به عندهم خلافه000
987أشبه من رأيت بجبريل دحية الكلبي(صحيح)(ابن سعد)عن ابن شهاب.
الشرح:(1/459)
(أشبه ما رأيت بجبريل) اسم سرياني معناه عبد الله (دحية) بفتح المهملة وكسرها: ابن خليفة بن فروة (الكلبي) بفتح فسكون: صحابي جليل مشهور أي أقرب الناس شبهاً إذا تصور بصورة إنسان هو. قال الزمخشري: دحية رئيس الجند، وبه سمى دحية الكلبي، وكأنه من دحاه يدحوه إذا بسطه ومهده، فإن الرئيس له التمهيد والبسطة، وقلب الواو ياء فيه نظير قلبها في قنية. قال أبو حاتم عن الأصمعي بفتح داله ولا تكسر، ولعله من تغيرات الأعلام كالحجاج على الإمالة. إلى هنا كلامه. وكان جبريل يأتيه على صورته بغير أجنحة وهو خلاف صورته التي خلق عليها وهو إذ ذاك جبريل قال تعالى{نزل به الروح الأمين} فالنازل بالوحي جبريل والصورة صورة دحية فجبريل هو جبريل والصورة غيره وإن كان الملك فيها0000
988 اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك لا ملك إلا الله
( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة ( الحارث ) عن ابن عباس .
الشرح:
(اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك) أي من تسمى بذلك ودعي به وإن لم يعتقده، فإنه (لا ملك) في الحقيقة (إلا الله) وغيره وإن سمى ملكاً أو مالكاً فإنما هو بطريق التجوز، وإنما اشتد غضبه عليه لمنازعته لله في ربوبيته وألوهيته، فهو حقيق بأن يمقته عليه فيهينه غاية الهوان ويذله غاية الذل ويجعله تجت أقدام خلقه لجرأته وعدم حياته في تشبهه به في الاسم الذي لا ينبغي إلا له، فهو ملك الملوك وحده حاكم الحكام وحده، فهو الذي يحكم عليهم كلهم لاغيره 0000000(1/460)
989 اشترى رجل من رجل عقارا له فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب فقال الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني إنما اشتريت منك الأرض و لم أبتع الذهب و قال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض و ما فيها فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد ؟ قال أحدهما: لي غلام و قال الآخر: لي جارية قال: أنكحوا الغلام الجارية و أنفقوا على أنفسكما منه و تصدقوا( صحيح ) ( حم ق ه ) عن أبي هريرة .
990 اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء و نفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر و أشد ما تجدون من الزمهرير( صحيح ) ( مالك ق ه ) عن أبي هريرة .
991 اشتكت النار إلى ربها و قالت: يا رب أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء و نفسا في الصيف فأما نفسها في الشتاء فهو زمهرير و أما نفسها في الصيف فسموم ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
992 أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه و إن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض و ما عليه خطيئة( صحيح ) ( حم خ ن ه ) عن سعد .
الشرح:(1/461)
(أشد الناس بلاء) أي محنة. ويطلق على المنحة، لكن المراد هنا بقرينة السياق المحنة، فإن أصله الاختبار، لكن لما كان اختبار الله تعالى لعباده تارة بالمحنة وتارة بالمنحة، أطلق عليهما (الأنبياء) المراد بهم ما يشمل الرسل وذلك لتتضاعف أجورهم وتتكامل فضائلهم ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم ولئلا يفتتن الناس بدوام صحتهم فيعبدوهم (ثم الأمثل فالأمثل) أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى، لأن البلاء في مقابلة النعمة، فمن كانت نعمة الله عليه أكثر فبلاؤه أشد، ولهذا ضوعف حدّ الحر على العبد فهم معرضون للمحن والمصائب وطروق المنغصات والمتاعب {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع} وقال بعضهم، جعل مقام المبتلى يلي مقام النبوة ولم يفصل بين بلاء الأبدان وبلاء الأعراض. فيشمل كل ما يتأذى به الإنسان. قال الطيبي: وثم للتراخي في الرتبة والفاء للتعاقب على سبيل التوالي تنزلاً من الأعلى إلى الأسفل. وقوله (يبتلى الرجل) بيان للجملة الأولى والتعريف في الأمثل للجنس وفي الرجل للاستغراق في الأجناس المتوالية (على حسب دينه) أي بقدر قوة إيمانه وشدة إبقائه وضعف ذلك (فإن كان في دينه صلباً) أي قوياً (اشتد بلاؤه) أي عظم للغاية (وإن كان في دينه رقة) أي ضعف ولين (ابتلي على قدر دينه) أي ببلاء هين لين، والبلاء في مقابلة النعمة كما مر، ومن ثم قيل لأمهات المؤمنين {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً} (فما يبرح البلاء بالعبد) أي الإنسان (حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة) كناية عن سلامته من الذنوب وخلاصه منها كأنه كان محبوساً فأطلق وخلي سبيله فهو يمشي وما عليه بأس، ومن ظن أن شدة البلاء هوان بالعبد فقد ذهب لبه وعمي قلبه فقد ابتلي من الأكابر ما لا يحصى. ألا ترى إلى ذبح نبي الله يحيى بن زكريا وقتل الخلفاء الثلاثة والحسين وابن الزبير وابن جبير000000(1/462)
993 أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الناس ما عليه خطيئة( صحيح )(حب)عن أبي سعيد .
994 أشد الناس بلاء الأنبياء الصالحون ثم الأمثل فالأمثل( صحيح )
( طب ) عن أخت حذيفة .
الشرح:
(أشد الناس بلاء الأنبياء) قالوا ثم من؟ قال (ثم الصالحون) أي القائمون بما عليهم من حقوق الحق والخلق، قالوا ثم من؟ قال (ثم الأمثل فالأمثل) قال الراغب: الأمثل يعبر به عن الأشبه بالفضل والأقرب إلى الخير، وأماثل القوم كناية عن خيارهم. وقال الأمثل أفعل من التماثل، والجمع أماثل، وهم الفضلاء 0000
995 أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون لقد كان أحدهم يبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها فيلبسها و يبتلى بالقمل حتى يقتله و لأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء( صحيح ) ( ه ع ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/463)
(أشد الناس بلاء الأنبياء) قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال (ثم الصالحون) لأن أعظم البلاء سلب المحبوب وحمل المكروه والمحبوبات مسكون إليها، ومن أحب شيئاً شغل به، والمكروه مهروب منه ومن هرب من شيء أدبر عنه، والأمثلون أحباء الله فيسلبهم محبوبهم في العاجل ليرفع درجتهم في الأجل (لقد) بلام التأكيد (كان أحدهم يبتلى بالفقر) الدنيوي الذي هو قلة المال وعدم المرافق (حتى ما يجد إلا العباءة يجوبها) بجيم وواو فموحدة: أي يخرقها ويقطعها، وكل شيء قطع وسطه فهو مجبوب (فيلبسها) ومع ذلك يرى أن ذا من أعظم النعم عليه علماً منه بأن المال ظل زائل وعارية مسترجعة وليس في كثرته فضيلة، ولو كان فيه فضيلة لخص الله به من اصطفاه لرسالته واجتباه لوحيه، وقد كان أكثر الأنبياء مع ما خصهم به من كرامته وفضلهم على سائر خلقه فقراء لا يجدون بلغة ولا يقدرون على شيء حتى صاروا في الفقر مثلاً000(ويبتلى بالقمل) فيأكل من بدنه (حتى يقتله) حقيقة أو مبالغة عن شدة الضنا ومزيد النحول والأذى (ولأحدهم كان أشد فرحاً بالبلاء من أحدكم بالعطاء) لأن المعرفة كلما قويت بالمبتلى هان عليه البلاء وكلما نظر إلى الأجر الناشىء عنه سهل، فلا يسألون رفعة بل يحصل الترقي لبعضهم حتى يتلذذ بالضراء فوق تلذذ أحدنا بالسراء000000
996 أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم
( صحيح ) ( حم طب ) عن فاطمة بنت اليمان .
997 أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة: الذين يضاهون بخلق الله
( صحيح ) ( حم ق ن ) عن عائشة .
الشرح:(1/464)
أي يشبهون عملهم التصوير بخلق الله من ذوات الأرواح، فمن صور الحيوان ليعبد أو قصد به المضاهاة لخلق ربه واعتقد ذلك فهو أشد الناس عذاباً لكفره، ومن لم يقصد ذلك فهو فاسق، فتصوير الحيوان كبيرة ولو على ما يمتهن كثوب وبساط ونقد وإناء وحائط. ولا يحرم تصوير غير ذي روح ولا ذي روح لامثل له كفرس أو إنسان بجناحين. ويستثنى من تحريم التصوير لعب البنات لهن، فيجوز عند المالكية والشافعية لورود الترخيص فيه، وشذ بعضهم فمنعها، ورأى أن حلها منسوخ بهذا الخبر ونحوه وهو كما قال القرطبي ممنوع منه مطالب بتحقيق التعارض والتاريخ 000
998 أشد الناس عذابا للناس في الدنيا أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة
( صحيح ) ( حم هب ) عن خالد بن الوليد ( ك ) عن عياض بن غنم وهشام بن حكيم .
الشرح:
(أشد الناس) أي من أشدهم (عذاباً للناس في الدنيا) أي بغير حق (أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة) فكما تدين تدان. وفي الإنجيل: بالكيل الذي تكتال به يكال لك. وقضيته أن لا يكون في النار أحد يزيد عذابه عليه. ويعارضه الأخبار الآتية عقبه وآية {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} وأجيب بأن الناس الذين أضيف إليهم أشد لا يراد بهم كل نوع بل من يشاركهم في ذلك المعنى المتوعد عليه بالعذاب، ففرعون أشد الناس الزاعمين للإلهية عذاباً ومن يقتدى به في ضلالة كفر أشد عذاباً ممن يقتدى به في ضلالة بدعة، والإمام الجائر الذي ولايته محيطة أشد عذاباً من حاكم بلدة أو قاضيها. ومن صور صورة تعبد - كما كانت تفعل الجاهلية وكما يفعل النصارى - أشد عذاباً ممن صورها لغير ذلك كالزينة. وهكذا00000
999 أشد الناس عذابا يوم القيامة: المصورون يقال لهم: أحيوا ما خلقتم
( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمر .
1000 أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي أو رجل يضل الناس بغير علم أو مصور يصور التماثيل( حسن )( حم ) عن ابن مسعود .(1/465)
1001 أشد الناس يوم القيامة عذابا إمام جائر( حسن )
( ع طس حل ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(أشد الناس يوم القيامة عذاباً) قد علم وجه التلفيق بينه وبين ما قبله وما بعده، وبين قوله {أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} وجمع أيضاً بأنه ليس في الآية ما يقتضي أن آل فرعون يختص بأشد العذاب بل هم في العذاب الأشد مع غيرهم وبأن المعنى من أشدهم، وإلا فإبليس أشد عذاباً من هؤلاء ومن غيرهم وكذا قابيل ومن قتل نبياً أو قتله نبي ونحو ذلك (إمام) أي خليفة أو سلطان، ومثله القاضي (جائر) لأن الله ائتمنه على عباده وأمواله ليحفظها ويراقب أمره في صرفها في وجوهها ووضع كل شيء في محله، فإذا تعدى في شيء من ذلك فهو خليق بأن يشتد الغضب عليه ويحاسب أشد الحساب ثم يعاقب أفظع العقاب0000وقد أفاد هذا الوعيد أن جور الإمام من الكبائر.
1002 أشد أمتي حياء: عثمان بن عفان( صحيح ) ( حل ) عن ابن عمر .
1003 أشد أمتي لي حبا قوم يكونون بعدي يود أحدهم أنه فقد أهله و ماله و أنه رآني( صحيح ) ( حم ) عن أبي ذر .
الشرح:
(أشد أمتي لي حباً) تمييز لنسبة أشد (قوم يكونون بعدي يود أحدهم) بيان لشدة حبهم له على طريق الاستئناف (أنه فقد أهله وماله وأنه رآني) حكاية لودادهم مع إفادة معنى التمني، وهذا من معجزاته لأنه إخبار عن غيب000
1004 أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد: ; ألا كل شيء ما خلا الله باطل( صحيح ) ( م ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/466)
(أشعر كلمة) أي قطعة من الكلام من تسمية الشيء باسم جزئه اتساعاً (تكلمت بها العرب) وفي رواية أصدق كلمة قالها شاعر، وفي أخرى أصدق بيت قاله الشاعر، وفي أخرى أصدق بيت قالته الشعراء، وفي أخرى أصدق كلمة قالتها العرب (كلمة لبيد) بن ربيعة بن عامر الصحابي المشهور كان شريفاً في الجاهلية والإسلام. قالوا يا رسول الله وما كلمته؟ قال (ألا) كلمة تنبيه تدل على تحقق ما بعدها، ويقال حرف افتتاح غير مركب (كل) المشهور أنه لا يخلو استعماله عن الإضافة لفظاً، فإن لم يكن اللفظ فهو مضاف في المعنى، وهو هنا مبتدأ وخبره قوله الآتي باطل (شيء) اسم للموجود، ولا يقال للمعدوم شيء (ما خلا) كلمة يستثنى وينصب ويجر بها، فإن نصبت فهي فعل، أو جرت فحرف، لكن إن تقدمها ما المصدرية فناصبة كما هنا (الله) أي ما عدا ذاته وصفاته الذاتية والفعلية من رحمته وعذابه وغيرهما وهو منصوب بخلا (باطل) أي فإن أو غير ثابت أو خارج عن حد الانتفاع أو آيل إلى البطلان أو كان باطلاً لكونه ين العدمين مشكل بصفات الباري لأن بقاءها معلوم من ذكر الذات لكونها غير قابلة للانفكاك، وهذا قريب من قوله سبحانه {كل شيء هالك إلا وجهه}00
1005 اشفع الأذان و أوتر الإقامة ( صحيح )
( خط ) عن أنس ( الدارقطني في الأفراد ) عن جابر .
الشرح:(1/467)
(اشفع) بهمزة وصل مكسورة فمعجمة ساكنة ففاء مفتوحة فعين مهملة، والأمر للندب (الأذان) أي ائت بمعظمه مثنى، إذ التكبير في أوله أربع والتهليل في آخره فرد والشفع ضد الوتر، يقال شفعت الشيء شفعاً ضممته إلى الفرد وشفعت الركعة جعلتها ثنتين والخطاب لبلال لكن الحكم عام (وأوتر) بقطع الهمزة (الإقامة) بكسرها: أي ائت بمعظم في ألفاظها مفرداً إذ التنكير في أولها اثنتان ولفظ الإقامة في أثنائها كذلك، وكرر لفظها لأنه المقصود فيها وأما التكبير فتثنيته صورية وهو مفرد حكماً، ولذا ندب أن يقال اللفظان بنفس واحد وإنما ثنى الأذان لأنه لإعلام الغائبين وأفردت لكونها للحاضرين، وبهذا الحديث أخذ الشافعي كالجمهور، وفيه خلاف لما ذهب إليه الحنفية من أن الإقامة كالأذان.
1006 اشفعوا تؤجروا( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن معاوية .
1007 اشفعوا تؤجروا و يقضي الله على لسان نبيه ما شاء( صحيح )
( ق 3 ) عن أبي موسى .
الشرح:
(اشفعوا) أي ليشفع بعضكم في بعض (تؤجروا) أي يثبكم الله تعالى (ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء) وفي رواية ما أحب: أي يظهر الله تعالى على لسان رسوله بوحي أو إلهام ما قدره في علمه أنه سيكون من إعطاء وحرمان، أو يجري الله على لسانه ما شاء من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها، فإذا عرض صاحب حاجة حاجته عليّ فاشفعوا له يحصل لكم أجر الشفاعة أي ثوابها وإن لم تقبل، فإن قضيت حاجة من شفعتم له فبتقدير الله، وإن لم تقض فبتقدير الله000000
1008 أشكر الناس لله أشكرهم للناس ( صحيح ) ( حم طب هب الضياء ) عن الأشعث بن قيس(طب هب)عن أسامة بن زيد ( عد ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/468)
(أشكر الناس لله) تعالى أي من أكثرهم شكراً له (أشكرهم للناس) لأنه سبحانه جعل للنعم وسائط منهم وأوجب شكر من جعله سبباً لإفاضتها كالأنبياء والصحابة والعلماء فزيادة العبد في شكرهم زيادة في شكر ربه، إذ هو المنعم بالحقيقة، فشكرهم شكره، ونعم الله منها بغير واسطة كأصل خلقته، ومنها بواسطة وهي ما على أيدي الناس فتتقيد بشكرهم ومكافأتهم فإذا شكر الوسائط ففي الحقيقة قد شكر المنعم بإيجاد أصل النعمة ثم بتسخير الوسائط 0000
1009 أشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .
1010 أشيدوا النكاح( حسن ) ( طب ) عن السائب بن يزيد .
1011 أشيدوا النكاح و أعلنوه ( حسن )
( الحسن بن سفيان طب ) عن هبار بن الأسود .
الشرح:
(أشيدوا) بفتح الهمزة وكسر المعجمة من الإشادة وهي رفع الصوت بالشيء (النكاح وأعلنوه) أظهروه، والنكاح في هذا الخبر وما قبله متعين للعقد ولا مجال لجريان أصل الخلاف هنا في كونه حقيقة في العقد مجازاً في الوطء أو عكسه. كذا قرره وذلك أن تقول لو تباعد ما بين العقد والدخول كما هو عادة أكثر الناس ووقعت الوليمة ليلته كما هو عادة الناس فالاشارة إما تقع للدخول وهذا نهي عن نكاح السر. واختلف في كيفيته فقال الشافعي كل نكاح حضره رجلان عدلان. وقال أبو حنيفة رجلان أو رجل وامرأتان خرج عن نكاح السر وإن تواصوا بكتمانه فالإشارة والإعلان المأمور به عندهم هو الإشهاد، وقالت المالكية نكاح السر أن يتواصوا مع الشهود على كتمانه وهو باطل. فالإعلان عندهم فرض ولا يغني عنه الاشهاد، والأقرب إلى ظاهر الخبر أن المراد بالإشادة والاعلان إذاعته وإشاعته بين الناس، وأن الأمر ندب.
1012 أصابع اليدين و الرجلين سواء ( صحيح ) ( د ) عن ابن عباس .
1013 أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ; ألا كل شيء ما خلا الله باطل
( صحيح ) ( ق ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/469)
(أصدق كلمة) بفتح فكسر أفصح من كسر فسكون: أي قطعة من الكلام. قال الزمخشري: المراد بالكلمة الطائفة من الكلام المنتظم بعضها مع بعض. وقال ابن حجر: المراد بالكلمة القصيدة، وقد أطلقها وأراد البيت (قالها الشاعر) وفي رواية لمسلم: شاعر، وفي رواية للبخاري أصدق بيت. قال ابن حجر: أطلق البيت على بعضه مجازاً فإن الذي ذكره نصفه (كلمة لبيد) وفي نسخ قالها شاعر، وهو خلاف ما في خط المصنف (ألا كل شيء ما خلا الله باطل) أي هالك مضمحل، لأنه موافق لأصدق الكلام، وهو قوله تعالى {كل من عليها فان} ولا ريب أن هذه الكلمة أصدق ما تكلم به ناظم أو ناثر0000000
1014 اصرف بصرك ( صحيح ) ( حم م 3 ) عن جرير .
الشرح:
(اصرف) بكسر همزة الوصل وبالفاء وفي رواية اطرق بالقاف (بصرك) أي اقلبه إلى جهة أخرى إذا وقع على أجنبية أو نحوها بلا قصد، فإن صرفته حالاً لم تأثم وإن استندمت أثمت. {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم} والغض عن المحارم يوجب حلاوة الإيمان، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته فإن النظر يولد المحبة في القلب ثم تقوى فتصير صبابة ينصب إليه القلب بكليته فيصير غراماً يلزم القلب كلزوم الغريم ثم يقوى فيصير عشقاً. وهو الحب المفرط، ثم يقوى فيصير شغفاً وهو الحب الذي وصل إلى شغاف للقلب ودواخله، ثم يقوى فيصير تتيماً، والتتيم التعبد: فيصير المتتيم عبداً إلى من لا يصلح أن يكون هو عبداً له فيقع القلب في الأسر فيصير أسيراً بعد ما كان أميراً، ومسجوناً بعد ما كان طليقاً، قيل وفيه أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في الطريق، وعلى الرجال غض البصر إلا لحاجة كشهادة وتطيب ومعاملة. ولا ينافي نقل الإمام الاتفاق على منعهن من الخروج سافرات لأنه ليس لوجوب الستر عليها لاحتمال أنها كشفته لعذر.
1015 اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم ما يشغلهم( حسن )
( حم د ت ه ك ) عن عبدالله بن جعفر .
الشرح:(1/470)
(اصنعوا لآل جعفر) بن أبي طالب الذي جاء نعيه (طعاماً) يشبعهم يومهم وليلتهم (فإنه قد أتاهم ما يشغلهم) عن صنع الطعام لأنفسهم في ذلك اليوم لذهولهم عن حالهم بحزنهم على ميتهم، وهذا قاله لنسائهم لما قتل جعفر وجاء الخبر بموته، فطحنت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم شعيراً ثم أدمته بزيت وجعلت عليه فلفلاً ثم أرسلوه إليهم0000000000
1016 اصنعوا ما بدا لكم فما قضى الله تعالى فهو كائن و ليس من كل الماء يكون الولد ( صحيح ) ( حم ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(اصنعوا ما بدا لكم) في جماع السبايا من عزل أو غيره (فما قضى الله تعالى) بكونه (فهو كائن) لا محالة عزلتم أم لا ففعل العزل وعدمه سواء (وليس من كل الماء) أي المني هذا المراق في الوحم (يكون الولد) وهذا قاله لما قالوا يا رسول الله إنا نأتي السبايا ونحب أثمانهن فما ترى في العزل؟ فذكره، وفيه جواز العزل لكنه في الحرة مكروه تنزيهاً إلا بإذنها عند الشافعي كما يأتي. وذهب ابن حزم إلى تحريم العزل مطلقاً تمسكاً بقوله في خبر ذلك الوأد الخفي. ورد بأنه لا يلزم من تسميته وأداً على طريق التشبيه كونه حراماً، وأما بأنه مخصوص بالعزل عن المرضع لإضرار الحبل بالولد بالتجرية.
1017 أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت و كان للنصارى يوم الأحد فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة فجعل الجمعة و السبت و الأحد و كذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا و الأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق ( صحيح )
( م ن ه ) عن حذيفة وأبي هريرة .
1018 اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم و أوفوا إذا وعدتم و أدوا إذا ائتمنتم و احفظوا فروجكم و غضوا أبصاركم و كفوا أيديكم ( حسن ) ( حم حب ك هب ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:(1/471)
(اضمنوا لي ستاً) من الخصال (من أنفسكم) بأن تداوموا على فعلها (أضمن لكم الجنة) أي دخولها (اصدقوا إذا حدثتم) أي لا تكذبوا في شيء من حديثكم إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة الصدق في أمر مخصوص كحفظ معصوم (وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم) {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} قال البيهقي ودخل فيه ما تقلد المؤمن بإيمانه من العبادات والأحكام وما عليه من رعاية حق نفسه وزوجه وأصله وفرعه وأخيه المسلم من نصحه وحق مملوكه أو مالكه أو موليه فأداء الأمانة في كل ذلك واجب (واحفظوا) أيها الرجال والنساء (فروجكم) عن فعل الحرام لثنائه تعالى على فاعليه بقوله {والحافظين فروجهم والحافظات} (وغضوا أبصاركم) كفوها عما لا يجوز النظر إليه (وكفوا أيديكم) امنعوها من تعاطي ما لا يجوز تعاطيه شرعاً فلا تضربوا بها من لا يسوغ ضربه ولا تناولوا بها مأكولاً أو مشروباً حراماً ونحو ذلك فمن فعل ذلك فقد حصل على رتبة الاستقامة المأمور بها في القرآن00000
1019 أطب الكلام و أفش السلام و صل الأرحام و صل بالليل و الناس نيام ثم ادخل الجنة بسلام( صحيح ) ( حب حل ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/472)
(أطب) بفتح الهمزة وكسر الطاء من أطاب (الكلام) أي تكلم بكلام طيب: يعني قل لا إله إلا الله خالصاً، أو حافظ على قول الباقيات الصالحات، أو خاطب الناس بالملاينة والملاطفة وتجنب الغلظة والفظاظة وخالق الناس بخلق حسن. وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وأصلح بين الناس وعلم الجاهل وأرشد الضال وقل الحق وإن كان مراً وانصح ونحو ذلك (وأفش السلام) انشره بين من تعرفه ومن لا تعرفه من المسلمين الذين يندب عليهم السلام شرعاً (وصل) بكسر الصاد: أمر من الصلة (الأرحام) أي أحسن إلى أقاربك بالقول والفعل (وصل بالليل والناس نيام) أي تهجد حال نيام غالب الناس (ثم) إذا فعلت ذلك (ادخل الجنة بسلام) أي مع سلامة من الآفات وأمن من المخوفات.والمراد أن فعل المذكورات من الأسباب الموصلة إلى الجنة، وهذا قاله قبل دخوله المدينة.
1020 أطت السماء و يحق لها أن تئط و الذي نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلا و فيه جبهة ملك ساجد يسبح لله بحمده( صحيح )
( ابن مردويه ) عن أنس .
الشرح:(1/473)
(أطت السماء) بفتح الهمزة وشد الطاء: صاحت وأنت وصوتت من ثقل ما عليها من ازدحام الملائكة وكثرة الساجدين فيها منهم من الأطيط، وهو صوت الرحل والإبل من حمل أثقالها. وأل للجنس (وحق لها) وفي رواية ويحقها (أن تئط) بفتح المثناة فوق وكسر الهمزة وشد الطاء: أي صوتت وحق لها أن تصوت لأن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت. قال ابن الأثير: وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة كثرة لا يسعها عقل البشر وإن لم يكن ثم أطيط وإنما هو تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. قال ابن حجر: وقوله تئط بفتح أوله وكسر الهمزة والأطيط صوت البعير المثقل (والذي) أي والله الذي (نفس محمد بيده) أي بقدرته وإرادته وتصريفه (ما فيها موضع بشر) ولا أقل منه بدليل رواية ما فيها موضع أربع أصابع (إلا وفيه جبهة ملك ساجد يسبح الله ويحمده) أي يقول حال سجوده سبحان الله وبحمده، فهذا هو الذكر المأثور للملائكة فيه، والذكر المأثور للبشر سبحان ربي الأعلى، وهذا على طريق الاستعارة بالكناية، شبه السماء بذي صوت من الإبل المقتوبة فأطلق المشبه وهو السماء وأراد المشبه به وهو الإبل ثم ذكر شيئاً من لوازم الإبل والأقتاب وهو الصوت المعبر عنه بقوله أطت السماء ينتقل الذهن منه. روى ابن عساكر أنّ في السماء ملائكة قياماً لا يجلسون أبداً، وسجوداً لا يرفعون أبداً، وركوعاً لا يقومون أبداً، يقولون: ربنا ما عبدناك حق عبادتك. أهـ. وقال ابن الزملكاني: وقد دلّ هذا الخبر ونحوه على أن الملائكة أكثر المخلوقات عدداً وأصنافهم كثيرة. وقد ورد في القرآن من ذلك ما يوضحه ومعرفة قدر كثرتهم وتفصيل أصنافهم موكول إليه سبحانه وتعالى {وما يعلم جنود ربك إلا هو} 000000
1021 أطعموا الطعام و أطيبوا الكلام(صحيح)(طب)عن الحسن بن علي .
الشرح:(1/474)
(أطعموا الطعام) للبر والفاجر (وأطيبوا الكلام) لهما فإنه سبحانه أطعم الكفار واصطنع للبر والفاجر وأمر بذلك0000وقيل المراد بإطعام الطعام السماح بالمال، وبطيب الكلام لا إله إلا الله.
1022 أطعموا الطعام و أفشوا السلام تورثوا الجنان ( صحيح )
( طب ) عن عبدالله بن الحارث .
الشرح:
(أطعموا الطعام وأفشوا السلام) بقطع الهمزة فيهما: أي أعلنوه بين المسلمين (تورثوا الجنان) أي فعلكم ذلك وإدامتكم له يورثكم دخول الجنان مع السابقين برحمة الرحمن.
1023 أطفال المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم و سارة حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة(صحيح)(حم ك هق في البعث)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/475)
(أطفال المؤمنين) أي أولادهم وذراريهم الذين لم يبلغوا الحلم (في جبل في الجنة) يعني أرواحهم فيه (يكفلهم) أي يحضنهم ويقوم بمصالحهم (إبراهيم) الخليل (و) زوجته (سارة) فنعم الوالدان ونعم الكاملان هما وهنيئاً مريئاً لولد فارق أبويه وأمسى عندهما. وسارة بسين مهملة وراء مشددة لأنها كانت لبراعة جملها تسر كل من يراها، وقيل إنها أعطيت سدس الحسن وهي بنت عمه وقيل بنت أخيه، وكان جائزاً في شرعه (حتى يردهم إلى آبائهم يوم القيامة) أي ويرد ولد الزنا إلى أمه: وأسند الكفالة لهما والرد إلى إبراهيم خاصة، لأن المخاطب بمثله الرجال ولا ينافي ما ذكر هنا من كفالة إبراهيم لهم ما في خبر آخر من كفالة جبريل وميكائيل وغيرهما لهم لأن طائفة منهم في كفالة إبراهيم وطائفة في كفالة غيره فلا تدافع كما بينه القرطبي وغيره00000 وفيه أن أطفال المؤمنين في الجنة.وقد حكى جمع عليه الإجماع، ومراده كما قال النووي إجماع من يعتد به.وأما خبر مسلم عن عائشة توفي صبي من الأنصار فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله خلق الجنة وخلق لها أهلاً، الحديث. فأجيب بأنه إنما نهاها عن التسارع إلى القطع بغير دليل أو أنه قبل علمه بأنهم في الجنة، وفيه أن الجنة موجودة الآن، وهو ما عليه أهل الحق، وأنها ذات جبال ولا ينافيه خبر أنها قيعان، لأن المراد أن أعظمها كذلك.
1024 أطفال المشركين خدم أهل الجنة( صحيح )
( طس ) عن أنس ( ص ) عن سلمان موقوفا .
الشرح:(1/476)
(أطفال المشركين) أي أولاد الكفار الصغار(خدم أهل الجنة) يعني يدخلونها فيجعلون خدماً لمن فيها، وبهذا أخذ الجمهور، قال النووي: وهو الصحيح المختار كمن لم تبلغه الدعوة وأولى، وأما خبر الله أعلم ما كانوا عاملين فلا تصريح فيه، فإنهم ليسوا في الجنة، وخبر أحمد عن عائشة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال في النار فضعيف وقيل بالوقف وقيل تحت المشيئة وقيل من علم الله كفره لو عاش في النار وخلافه في الجنة وقيل يصيرون تراباً وقيل غير ذلك والمعول عليه الأول.
1025 أطفئوا المصابيح إذا رقدتم و أغلقوا الأبواب و أوكئوا الأسقية و خمروا الطعام و الشراب و لو بعود تعرضه عليه (صحيح)( خ)عن جابر .
الشرح:
(أطفئوا المصابيح) من بيوتكم (إذا رقدتم) أي نمتم لئلا تجر الفويسقة الفتيلة فتحرق البيت (وأغلقوا الأبواب) أبواب بيوتكم (وأوكؤا الأسقية) اربطوا أفواه القرب (وخمروا الطعام والشراب) أي استروه وغطوه (ولو بعود تعرضه عليه) مع ذكر الله فإنه السر الدافع وقد سبق تقرير ذلك مبيناً.
1026 اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش و إقامة الصلاة و نزول الغيث ( صحيح ) ( الشافعي هق في المعرفة ) عن مكحول مرسلا .
1027 اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر فإن غلبتم فلا تغلبوا في السبع البواقي( صحيح ) ( عم ) عن علي .
1028 اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر في تسع يبقين و سبع يبقين و خمس يبقين و ثلاث يبقين ( صحيح ) ( حم ) عن أبي سعيد .
1029 اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان( صحيح )
( طب ) عن ابن عباس .
1030 اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء و اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء ( صحيح )
( حم م ت ) عن ابن عباس ( خ ت ) عن عمران بن حصين .
الشرح:(1/477)
(اطلعت) بهمزة وصل فطاء مفتوحة مشدودة فلام مفتوحة أي تأملت ليلة الأسراء أو في النوم أو في الوحي أو بالكشف لعين الرأس أو لعين القلب لا في صلاة الكسوف كما قيل (في الجنة) أي عليها (فرأيت أكثر أهلها الفقراء) أي فقراء المدينة. ضمن اطلعت معنى تأملت، ورأيت معنى علمت، وكذا عداه إلى مفعولين ولو كان الاطلاع بمعناه الحقيقي كفاه مفعول واحد ذكره الطيبي. وهذا من أقوى حجج من فضل الفقر على الغنى والذاهبون لمقابله أجابوا بأن الفقر ليس هو الذي أدخلهم الجنة بل الصلاح (واطلعت في النار) أي عليها والمراد نار جهنم (فرأيت أكثر أهلها النساء) لأن كفران العطاء وترك الصبر عند البلاء وغلبة الهوى والميل إلى زخرف الدنيا والإعراض عن مفاخر الآخرة فيهن أغلب لضعف عقلهن وسرعة انخداعهن - وعورض هذا بأن هذا في وقت كون النساء في النار أما بعد خروجهن بالشفاعة والرحمة حتى لا يبقى فيها أحد من قال لا إله إلا الله فالنساء في الجنة أكثر وحينئذ يكون لكل واحد زوجتان من نساء الدنيا وسبعون من الحور العين ذكره القرطبي وغيره000 وفيه حث على التقلل من الدنيا وتحريض النساء على التقوى والمحافظة من الدين على السبب الأقوى وأن الجنة والنار مخلوقتان الآن خلافاً لبعض المعتزلة.
1031 أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون(صحيح)( حم ) عن أنس .
الشرح:
(أطول الناس أعناقاً) بفتح الهمزة جمع عنق بالضم أي من أكثرهم
رجاءاً وتشوقاً إلى رحمة الله تعالى لأن المتشوق إلى الشيء يتطاول بعنقه إلى التطلع والناس يومئذ في الكرب (يوم القيامة المؤذنون) للصلوات فهم يتطلعون لأن يؤذن لهم في دخول الجنة أو المراد أكثرهم أعمالاً يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه وروي بكسرها أي أكثرهم إسراعاً إلى الجنة، والعنق بفتحتين السير بسرعة 00000
1032 أطيب الطيب المسك ( صحيح ) ( حم م د ن ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/478)
(أطيب الطيب) أي أفضله وأشرفه (المسك) بكسر الميم فهو أفخر أنواعه وسيدها قال ابن القيم وأخطأ من قدم عليه العنبر كيف وهو طيب الجنة والكثبان التي هي مقاعد الصديقين فيها منه لا من العنبر والذي غر قائله أنه لا يتغير على مر الزمان كالذهب وهذه خصيصة واحدة لا تقاوم ما في المسك من الخواص وقال المصنف أطيب الطيب المسك والعنبر والزعفران وللمسك من بينهم مزيد خصوصية وله عليهم الفضل والمزية حيث جاء ذكره في التنزيل وذلك غاية التشريف والتبجيل قال الله تعالى {يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} ومن منافعه أنه يطيب العرق ويسخن الأعضاء ويمنع الأرياح الغليظة المتولدة في الأمعاء ويقوي القلب ويشجع أصحاب المرة السوداء وفيه من التوحش تفريح ومن السدد تفتيح ويصلح الأفكار ويذهب بحديث النفس ويقوي الأعضاء الظاهرة والباطنة شرباً ويعين على الباه وينفع من باد الصداع ويقوي الدماغ وينفع من جميع علله الباردة ويبطل عمل السموم وغير ذلك0
1033 أطيب الكسب عمل الرجل بيده و كل بيع مبرور( صحيح )
( حم طب ك ) عن رافع بن خديج ( طب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/479)
(أطيب الكسب) أي أفضل طرق الاكتساب، قال ابن الأثير الكسب السعي في طلب الرزق والمعيشة (عمل الرجل بيده) في صناعته وزراعته ونحو ذلك من الحرف الجائرة غير الدنيئة التي لا تليق به وذكر اليد بعد العمل من قبيل قولهم رأيت بعيني وأخذت بيدي والمقصود منه تحقيق العمل وتقريره والتكسب بالعمل سنة الأنبياء، كان داود عليه السلام يعمل الزرد فيبيعه بقوته وكان زكريا نجاراً (وكل بيع مبرور) أي مقبول عند الله بأن يكون مثاباً به أو في الشرع بأن لا يكون فاسداً ولا غش فيه ولا خيانة لما فيه من إيصال النفع إلى الناس بتهيئة ما يحتاجونه ونبه بالبيع على بقية العقود المقصود بها التجارة، واعلم أن أصول المكاسب ثلاثة زراعة وصناعة وتجارة والحديث يقتضي تساوي الصناعة باليد والتجارة وفضل أبو حنيفة التجارة ومال الماوردي إلى أن الزراعة أطيب الكل والأصح كما اختاره النووي أن العمل باليد أفضل قال فإن كان زراعاً بيده فهو أطيب مطلقاً لجمعه بين هذه الفضيلة وفضيلة الزراعة.
1034 أطيعوني ما كنت بين أظهركم و عليكم بكتاب الله أحلوا حلاله و حرموا حرامه ( صحيح ) ( طب ) عن عوف بن مالك .
الشرح:(1/480)
(أطيعوني ما كنت) وفي رواية ما دمت (بين أظهركم) أي مدة كوني بينكم حياً فإني لا آمر ولا أنهى إلا بما أمر الله ونهى عنه لأن دعوتي إنما هي لطاعة الله فطاعتي طاعة الله، ومن خصائصه أن الله فرض طاعته على العالم فرضاً مطلقاً لا شرط فيه ولا استثناء {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وبين قوله ما دمت أو كنت بين أظهركم المبادرة إلى امتثال أمره ونهيه من غير نظر فيه ولا عرضه على الكتاب لأنه لا ينطق عن الهوى ويخاطب كل قوم وشخص بما يليق بالحال والمكان والزمان، وأما بعده فيجب عند التعارض ونحوه على الصحيح ويراجع الكتاب وينظر في الترجيح كما أشار إليه قوله (وعليكم بكتاب الله) أي الزموه ثم بين وجه لزومه على طريق الاستئناف بقوله (أحلوا حلاله وحرموا حرامه) يعني ما أحله افعلوه جازمين بحله وما حرمه دعوه ولا تقربوه فكأنه يقول ما دمت بين أظهركم فعليكم باتباع ما أقول وأفعل فإن الكتاب عليّ نزل وأنا أعلم الخلق وأما بعدي فالزموا الكتاب فما أذن في فعله فخذوا به وما نهى عنه فانتهوا به00000000
1035 أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه أو رجل من وراء الدروب أخذ بعنان فرسه يأكل من ظل سيفه ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
1036 أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين فأبشروا و أملوا ما يسركم فوالله ما الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن عمرو بن عوف الأنصاري .
1037 اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك و احسب نفسك مع الموتى و اتق دعوة المظلوم فإنها مستجابة( حسن )(حل)عن زيد بن أرقم .
الشرح:(1/481)
(اعبد الله كأنك تراه) ومحال أن تراه وتشهد معه سواه وهذا يسمى مقام المشاهدة والمراقبة وهو أن لا يلتفت العابد في عبادته بظاهره إلى ما يلهيه عن مقصوده ولا يشتغل باطنه بما يشغله عن مشاهدة معبوده فإن لم يحصل له هذا المقام هبط إلى مقام المراقبة المشار إليه بقوله (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أي أنك بمرأى من ربك لا يخفاه شيء من أمرك ومن علم أن معبوده مشاهد لعبادته تعين عليه تزيين ظاهره بالخشوع وباطنه بالإخلاص والحضور فإنه {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} وفيه حث على كمال الإخلاص ولزوم المراقبة. قيل راود رجل امرأة فقالت ألا تستحي فقال لا يرانا إلا الكواكب قالت فأين أنت من مكوكبها؟ 00 (واحسب نفسك مع الموتى) أي عد نفسك من أهل القبور وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل (واتق دعوة المظلوم) أي دعواته إذ هو مفرد مضاف (فإنها مستجابة) ولو بعد حين كما سبق.
1038 اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى و إياك و دعوات المظلوم فإنهن مجابات و عليك بصلاة الغداة و صلاة العشاء فاشهدهما فلو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما و لو حبوا ( حسن ) ( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/482)
(اعبد الله) وحده حال كونك (كأنك تراه) فإن العبد إذا علم أن الله مطلع على عبادته وسره وعلنه فيها اجتهد في إخلاصه وإتقانها على أكمل ما أمكنه وليس في هذا ونحوه ما يدل على جواز رؤيته تعالى في الدنيا كما وهم (وعد نفسك في الموتى) أي اقطع أطماعك في الدنيا وأهلها واخمل ذكرك واخف شأنك كما أن الموتى قد انقطعت أطماعهم من الدنيا وأهلها واشهد مشاهد القيامة وعد نفسك ضيفاً في بيتك وروحك عارية في بدنك خاشع القلب متواضع النفس بريء من الكبر تنظر إلى الليل والنهار فتعلم أنها في هدم عمرك ومن عقد قلبه على ذلك استراح من الهموم وانزاحت عنه الغموم (وإياك ودعوات المظلوم) أي احذرها واجتنب ما يؤدي إليها وفي رواية دعوة المظلوم بالإفراد (فإنهن مجابات) بلا شك لما مر أنها ليس بينها وبين الله حجاب وأنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة (وعليك بصلاة الغداة) أي الصبح (وصلاة العشاء فاشهدهما) أي احضر جماعتهما ودوام عليهما (فلو تعلمون) جمع بعد الإفراد إشارة إلى أن الخطاب وإن وقع لمفرد معين فالقصد التعميم (ما فيهما) من مزيد الفضل ومضاعفة الأجر وكثرة الثواب وقمع النفس والشيطان وقهر أهل النفاق والطغيان (لأتيتموهما) أي أتيتم محل جماعتهما (ولو) كان إتيانكم له إنما هو (حبواً) أي زحفاً على الإست أو على الأيدي والأرجل يعني لجئتم إلى محل الجماعة لفعليهما معهم ولو بغاية المشقة والجهد والكلفة فكنى بالزحف عن ذلك، ووجه تخصيصهما بذلك ما فيهما من المشقة كما مر.
1039 اعبد الله لا تشرك به شيئا و أقم الصلاة المكتوبة و أد الزكاة المفروضة و حج و اعتمر و صم رمضان و انظر ما تحب للناس أن يأتوه إليك فافعله بهم و ما تكره أن يأتوه إليك فذرهم منه ( صحيح )
( طب ) عن أبي المنتفق .
الشرح:(1/483)
(اعبد) بهمزة وصل مضمومة (الله) أي أطعه فيما أمر ونهى والعبادة الطاعة كما تقرر ولما كان أحد قسمي الكفار يأتون بصورة عبادة لكن يشركون معه غيره تعالى عقب العبادة بنفي الشرك صريحاً وإن كان ذلك من لوازم العبادة الصحيحة فقال (لا تشرك به شيئاً) حال من ضمير اعبد أي اعبد الله غير مشرك به شيئاً صنماً ولا غيره أو شيئاً من الإشراك جلياً أو خفياً وأعم من ذلك البراءة من الشرك العظيم بأن لا يتخذ مع الله إلهاً آخر لأن الشرك في الإلهية لا يصح معه المعاملة بالعبادة وأخص منه الإخلاص بالبراءة من الشرك الخفي بأن لا يرى لله فيه شريكاً في شيء من أسمائه الظاهرة لأن الشرك في سائر أسمائه الظاهرة لا يصح معه القبول، ذكره الحراني (وأقم الصلاة المكتوبة وأدّ الزكاة المفروضة) إلى مستحقيها قيد الزكاة به مع أنها لا تكون إلا مفروضة حثاً عليها لأن المال محبوب والطبيعة تشح به أو لأن الزكاة تطلق على إعطاء المال تبرعاً والتقرب بالفرض أفضل من التقرب بالنفل (وحج) البيت (واعتمر) أي ائت بالحج والعمرة المفروضتين وهي مرة في العمر إن استطعت إليهما سبيلاً ومن تطوع فهو خير له (وصم) كل سنة (رمضان) حيث لا عذر (وانظر) أي تأمّل وتدبر فهو من الرأي لا الرؤية (ما تحب للناس أن يؤتوه إليك) أي يعاملوك به (فافعله بهم) أي عاملهم به (وما تكره أن يأتوه إليك فذرهم) أي اتركهم (منه) أي من فعله بهم فإنك إن فعلت ذلك استقام لك الحال ونظروا إليك بعين الكمال والإجلال واستجلبت ودهم وأمنت شرهم، والأمر في الخمسة الأول للفرضية وفي الأخيرة للندب في المندوب والوجوب في الواجب، والقصد به الحث على مكارم الأخلاق والمحافظة على معالي الأمور والتحذير من سفسافها وأدانيها، والخطاب وإن وقع لواحد لكن المراد به كل مكلف ممن في زمنه ومن بعده.(1/484)
1040 اعبد الله و لا تشرك به شيئا و اعمل لله كأنك تراه و اعدد نفسك في الموتى و اذكر الله تعالى عند كل حجر و كل شجر و إذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر و العلانية بالعلانية( حسن )
( طب هب ) عن معاذ بن جبل .
الشرح:
(اعبد الله) مقصوده كما قال الحراني حمل الخلق على صدق التذلل أثر التطهير من رجسهم ليعود بذلك وصل ما انقطع وكشف ما انحجب ولما ظهر لهم خوف الزجر من زجر عبادة إله آخر أثبت لهم الأمر بالتفريد حيث قال (ولا تشرك به شيئاً) أي لا تشرك معه في التذلل له شيئاً أيّ كان وهذا أول ما أقام الله من بناء الدين وجمع بينهما لأن الكفار كانوا يعبدونه في الصورة ويعبدون معه أوثاناً يزعمون أنها شركاؤه (واعمل لله كأنك تراه) رؤية معنوية يعني كن عالماً متيقظاً لا ساهياً ولا غافلاً وكن مجداً في العبودية مخلصاً في النية آخذاً أهبة الحذر فإن من علم أنّ له حافظاً رقيباً شاهداً لحركاته وسكناته فلا يسيء الأدب طرفة عين ولا لمحة خاطر وهذا من جوامع الكلم وقال هنا اعمل لله وقال في حديث الصحيحين اعبد الله لأن العمل أعم فيشمل (واعدد نفسك في الموتى) وترحل عن الدنيا حتى تنزل بالآخرة وتحل فيها حتى تبقى من أهلها وأنك جئت إلى هذه الدار كغريب يأخذ منها حاجته ويعود إلى الوطن الذي هو القبر وقد قال علي كرم الله وجهه إن الدنيا قد ترحلت مدبرة والآخرة ترحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل انتهى، فكأنك بالموت وقد سقاك كأسه على غفلة فصرت من عسكر الموتى فنزل نفسك منزلة من قضى نحبه واترك الحرص واغتنم العمل وقصر الأمل ومن تصور في نفسه أنه يعيش غداً لا يهتم له ولا يسعى لكفايته فيصير حراً من رق الحرص والطمع والذل لأهل الدنيا قال ابن الجوزي إذا رأيت قبراً فتوهمه قبرك وعد باقي الحياة ربحاً (واذكر الله تعالى عند كل حجر وكل شجر) أي عند(1/485)
مرورك على كل شيء من ذلك فالمراد ذكره على كل حال قال العارفون: ومن علامات صحة القلب أن لا يفتر عن ذكر ربه ولا يسأم من خدمته ولا يأنس بغيره ولما كان ذلك كله يرجح إلى الأمر بالتقوى والاستقامة وكمال ذلك لا يكون إلا لمن اتصف بالعصمة وحفظ عن كل وصمة وأما غيره فلا بد له من سقطة أو هفوة: أرشد إلى تدارك ما عساه يكون من الذنوب بقوله (وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة) تمحها لأن الحسنات يذهبن السيئات (السر بالسر والعلانية بالعلانية) أي إن عملت سيئة فقابلها بحسنة سرية وإن عملت سيئة علانية فقابلها بحسة علانية، هذا هو الأنسب، وليس المراد أن الخطيئة السرية لا يكفرها إلا توبة جهرية وعكسه كما ظنّ وقيل أراد بتوبة السر الكفارة التي تكون للصغيرة بالعمل الصالح والقسم الثاني بالتوبة كما سبق موضحاً.
1041 اعبدوا الرحمن و أفشوا السلام و أطعموا الطعام تدخلوا الجنان
( صحيح ) ( خد ه حب ) عن ابن عمرو .
1042 اعتدلوا في السجود و لا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب
(صحيح ) ( حم ق 4 ) عن أنس .
الشرح:(1/486)
(اعتدلوا في السجود) أي كونوا فيه متوسطين، وأوقعوه على الهيئة المأمور بها من وضع أكفكم فيه على الأرض ورفع مرافقكم عنها وعن أجنابكم ورفع بطونكم عن أفخاذكم لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة بالأرض (ولا يبسط) بالجزم على النهي أي المصلي (ذراعيه) أي لا يبسطهما فينبسط (انبساط الكلب) يعني لا يفرشهما على الأرض في الصلاة فإنه مكروه لإشعاره بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة، ومن ذلك التقرير علم أن المراد بالاعتدال هنا إيقاع السجود على وفق الأمر وجوباً وندباً كما تقرر لا الاعتدال الجبلي المطلوب في الركوع فإنه استواء الظهر والعنق، والواجب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي وتمكين الجبهة مكشوفة بالأرض والتحامل عليها مع الطمأنينة فإذا حصل ذلك صحت صلاته وإن بسط ذراعيه ولم يجاف مرفقيه لكنه مكروه لهذا النهي والكلام من حيث التفريق في الذكر أما الأنثى فيسن لها الضم لأنه أستر لها كما مر. وقوله يبسط بمثناة فموحدة هو ما وقع في خط المؤلف تبعاً للعمدة وغيرها، وفي رواية يبتسط بزيادة مثناة فوقية بعد الموحدة، وفيه إيماء إلى النهي عن التشبه بالحيوانات الخسيسة في الأخلاق والصفات وهيئة القعود ونحو ذلك.
1043 أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم و لم تصلها أمة قبلكم ( صحيح ) ( د ) عن معاذ بن جبل .
الشرح:(1/487)
(اعتموا) بفتح الهمزة وكسر المثناة فوق (بهذه الصلاة) صلاة العشاء. والباء للتعدية: أي ادخلوها في العتمة وهي ما بعد غيبوبة الشفق أو للمصاحبة: أي ادخلوها في العتمة ملتبسين بها. قال البيضاوي: أعتم الرجل: دخل في العتمة وهي ظلمة الليل أي صلوها بعد ما دخلتم في الظلمة وتحقق لكم سقوط الشفق ولا تستعجلوا فيها فتوقعوها قبل وقتها وعليه فلا يدل على أفضلية التأخير، ويحتمل أنه من العتم الذي هو الإبطاء يقال أعتم الرجل إذا أخر أهـ (فإنكم قد فضلتم) بالبناء للمفعول (بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم) والمناسبة بين تأخيرها واختصاصها بنا المجوز لجعل الثاني علة للأول أنهم إذا أخروها منتظرين خروج النبي كانوا في صلاة وكتب لهم ثواب المصلي، وفيه أن تأخير العشاء أفضل وإليه ذهب جمع منا فقالوا تأخيرها إلى ثلث الليل أفضل0000000
1044 أعجز الناس من عجز عن الدعاء و أبخل الناس من بخل بالسلام
( صحيح ) ( طس هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أعجز الناس) أي من أضعفهم رأياً وأعماهم بصيرة (من عجز عن الدعاء) أي الطلب من الله تعالى لاسيما عند الشدائد لتركه ما أمره الله به وتعرضه لغضبه بإهماله ما لا مشقة عليه فيه، وفيه قيل:
لاتسألن بنيّ آدم حاجة * وسل الذي أبوابه لا تحجب
الله يغضب إن تركت سؤاله * وبني آدم حين يسأل يغضب(1/488)
وفيه رد على من زعم أن الأولى عدم الدعاء (وأبخل الناس) أي أمنعهم للفضل وأشحهم بالبذل (من بخل بالسلام) على من لقيه من المؤمنين ممن يعرفهم وممن لا يعرفهم، فإنه خفيف المؤنة عظيم المثوبة فلا يهمله إلا من بخل بالقربات وشح بالمثوبات وتهاون بمراسم الشريعة، أطلق عليه اسم البخل لكونه منع ما أمر به الشارع من بذل السلام، وجعله أبخل لكونه من بخل بالمال معذور في الجملة لأنه محبوب للنفوس عديل للروح بحسب الطبع والغريزة، ففي بذله قهر للنفس، وأما السلام فليس فيه بذل مال، فمخالف الأمر في بذله لمن لقيه قد بخل بمجرد النطق فهو أبخل من كل بخيل.
1045 اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم و بين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ( صحيح ) ( خ ) عن عوف بن مالك .
1046 اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر و اللطف ( صحيح ) ( طب ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:
(اعدلوا بين أولادكم في النحل) أي سووا بينهم في العطايا والمواهب. والنحل بضم النون وسكون المهملة: العطية بغير عوض مصدر نحلته من العطية أنحله كما في الصحاح والاسم النحلة بتثليث النون (كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر) لكم بالكسر الإحسان (واللطف) بضم فسكون الرفق بكم. فإن انتظام المعاش والمعاد إنما يدور مع العدل، والتفاضل بينهم يجر إلى الشحناء والتباغض ومحبة بعضهم له وبغض بعضهم إياه، وينشأ عن ذلك العقوق ومنع الحقوق.
1047 أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغ ستين سنة ( صحيح )
( خ ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/489)
(أعذر الله إلى امرئ) أي سلب عذر ذلك الإنسان فلم يبق له عذراً يعتذر به كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، فالهمزة للسلب، أو بالغ في العذر إليه عن تعذيبه حيث (أخر أجله) يعني أطاله (حتى بلغ ستين سنة) لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة والرجوع وترقب المنية ومظنة انقضاء الأجل فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار ولزوم الطاعات والإقبال على الآخرة بكليته، ثم هذا مجاز من القول فإن العذر لا يتوجه على الله وإنما يتوجه له على العبد، وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك له شيئاً في الاعتذار يتمسك به، وهذا أصل الإعذار من الحاكم إلى المحكوم عليه000
1048 اعرضوا علي رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك(صحيح)
( م د ) عن عوف بن مالك .
الشرح:
(اعرضوا علي رقاكم) جمع رقية بالضم وهي العوذة، والمراد ما كان يرقى به في الجاهلية استأذنوه في فعله فقال اعرضوها عليّ أي لأني العالم الأكبر المتلقي عن معلم العلماء ومفهم الحكماء فلما عرضوا عليه قال (لا بأس بالرقى) أي هي جائزة (ما لم يكن فيه) أي فيما رقى به (شرك) أي شيء يوجب اعتقاد الكفر أو شيء من كلام أهل الشرك الذي لا يوافق الأصول الإسلامية فإن ذلك محرم ومن ثم منعوا الرقى بالعبراني والسرياني ونحو ذلك مما جهل معناه خوف الوقوع في ذلك، قال ابن حجر: وقد أجمعوا على جواز الرقى بشروط ثلاثة: أن يكون بكلامه تعالى أو أسمائه أو صفاته، وأن يكون بالعربي أو بما يعرف معناه، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بتقديره تعالى، وفيه أن على المفتي أن يسأل المستفتي عما أبهمه في السؤال قبل الجواب.
1049 أعرضوا عن الناس ألم تر أنك إن ابتغيت الريبة في الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم( حسن ) ( طب ) عن معاوية .
الشرح:(1/490)
(أعرضوا) بهمزة مقطوعة مفتوحة وراء مكسورة من الإعراض يقال أعرضت عنه أضربت ووليت: أي ولوا (عن الناس) أي لا تتبعوا أحوالهم ولا تبحثوا عن عوراتهم (ألم تر) استفهام إنكاري: أي ألم تعلم (أنك إن ابتغيت) بهمزة وصل فموحدة ساكنة فمثناة فوق المعجمة كذا بخط المصنف في الصغير وجعله في الكبير: اتبعت بفوقية فموحدة فمهملة من الاتباع والمعنى واحد ولعلهما روايتان (الريبة) بكسر الراء وسكون المثناة التحتية (في الناس) أي التهمة فيهم لتعلمها وتظهرها (أفسدتهم) أي أوقعتهم في الفساد (أو كدت) أي قاربت أن (تفسدهم) لوقوع بعضهم في بعض بنحو غيبة أو لحصول تهمة لا أصل لها أو هتك عرض ذوي الهيئات المأمور بإقالة عثراتهم وقد يترتب على التفتيش من المفاسد ما يربو على تلك المفسدة التي يراد إزالتها، والحاصل أن الشارع ناظر إلى الستر مهما أمكن والخطاب لولاة الأمور ومن في معناهم بدليل الخبر الآتي: إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس، الحديث. قال الحراني: والإعراض صرف الشيء إلى العرض التي هي الناحية.
1050 اعرف عددها و وعاءها و وكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها و إلا فهي كسبيل مالك( صحيح ) ( مالك حم ق 4 ) عن أبي بن كعب .
1051 اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا قرب بالرحم إذا قطعت و إن كانت قريبة و لا بعد بها إذا وصلت و إن كانت بعيدة( صحيح )
( الطيالسي ك ) عن ابن عباس .
الشرح:
(اعرفوا) بهمزة مفتوحة (الصواب بهمزة وصل مكسورة) من عرف الشيء إذا تحققه وتعلمه: أي اعرفوا أيها الناس ندباً (أنسابكم) جمع نسب وهو القرابة: أي تعرفوها وافحصوا عنها وتعلموها (تصلوا أرحامكم) أي لتصلوا أرحامكم أو لأن ذلك يبعث على صلة أرحامكم بالإحسان وبذل الود ونحو ذلك من صنوف البر (فإنه) أي الشأن (لاقرب) بضم القاف (بالرحم إذا قطعت وإن كانت قريبة) في نفس الأمر (ولا بعد بها وإن كانت بعيدة) في نفس الأمر فالقطع يوجب النكران والإحسان يوجب العرفان00000(1/491)
1052 اعزل الأذى عن طريق المسلمين ( صحيح )
( م ه ) عن أبي برزة .
الشرح:
(أعزل) بفتح فسكون فكسر (الصواب بكسر فسكون: أمر من عزل) وفي رواية لمسلم: أخر (الأذى) بالمعجمة (عن طريق المسلمين) أي أزل من طريقهم ما يؤذيهم كشوك وحجر فإن تنحية ذلك من شعب الإيمان كما في عدة أخبار صحاح وحسان والأمر للندب وقد يجب ونبه بذلك على طلب إزالة كل مؤذ من إنسان أو حيوان، وفيه تنبيه على فضل فعل ما ينفع المسلمين أو يزيل ضررهم وإن كان يسيراً حقيراً، ويظهر أن المراد الطريق المسلوك لا المهجور وإن مر فيه على ندور، وخرج بطريق المسلمين طريق أهل الحرب ونحوهم فلا يندب عزل الأذى عنها بل يندب وضعه فيها ويظهر أنه يلحق بهم طريق القطاع وإن كانوا مسلمين حيث اختصت بهم وقد يشمل الأذى قطاع الطريق والظلمة. لكن ذلك ليس إلا للإمام والحكام.
1053 اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها(صحيح)(م)عن جابر .
الشرح:(1/492)
(اعزل) أيها المجامع (عنها) عن أمتك ماءك بأن تنزع عند الإنزال فتنزل خارج الفرج دفعاً لحصول الولد المانع للبيع. قال الحراني: والعزل في الأصل طلب الانفراد عما من شأنه الاشتراك (إن شئت) أن لا تحبل وذلك لا ينفعك (فإنه سيأتيها ما قدر لها) فإن قدر لها حمل حصل وإن عزلت أو عدمه لم يقع وإن لم تعزل والضمير للشأن، وفيه مؤكدات: إن، وضمير الشأن، وسين الاستقبال. ومذهب الشافعي حل العزل عن الأمة مطلقاً والحرة بإذنها بلا كراهة. وقال الثلاثة: له العزل عن الأمة لا الزوجة إلا بإذنها لما فيه من تفويت لذتها، وهذا قاله لمن قال: لي جارية هي خادمتنا وأنا أطوف عليها وأكره أن تحمل فذكره، واختلف في علة النهي عن العزل فقيل لتفويت حق المرأة وقيل لمعاندة القدر. قال ابن حجر: والثاني هو الذي يقتضيه معظم الأخبار الواردة في ذلك. وقال إمام الحرمين: موضع المنع أن ينزع بقصد الإنزال خارج الفرج خوف العلوق، ومتى فقد ذلك لم يمنع: أي فلو نزع لا بقصده فاتفق إنزاله خارج الفرج لم يتعلق به كراهة.
1054 أعط كل سورة حظها من الركوع و السجود( صحيح )
( ش ) عن بعض الصحابة .
الشرح:
(اعط) بفتح أوله من أعطى وفي رواية أبي العالية أعطوا (كل سورة) من القرآن (حظها) نصيبها (من الركوع والسجود) ويحتمل أن المراد إذا قرأتم سورة فصلوا عقبها صلاة قبل الشروع في أخرى. ويحتمل أن المراد أوفوا القراءة حقها من الخشوع والخضوع اللذين هما بمنزلة الركوع والسجود في الصلاة، وإذا مررتم بآية سجدة فاسجدوا
1055 أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه( حسن ) ( ه ) عن ابن عمر ( ع ) عن أبي هريرة ( طس ) عن جابر ( الحكيم ) عن أنس .
الشرح:(1/493)
(أعطوا الأجير أجره) أي كراء عمله (قبل أن يجف عرقه) أي ينشف لأن أجره عمالة جسده وقد عجل منفعته فإذا عجلها استحق التعجيل، ومن شأن الباعة إذا سلموا قبضوا الثمن عند التسليم فهو أحق وأولى. إذ كان ثمن مهجته لا ثمن سلعته فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب وإن لم يعرق أو عرق وجف، وفيه مشروعية الإجارة، والعرق بفتح المهملة والراء الرطوبة تترشح من مسام البدن.
1056 أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر و جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل و أحلت لي الغنائم و لم تحل لأحد قبلي و أعطيت الشفاعة و كان النبي يبعث إلى قومه خاصة و بعثت إلى الناس عامة
( صحيح ) ( ق ن ) عن جابر .
الشرح:(1/494)
(أعطيت خمساً) أي من الخصال، قاله في تبوك آخر غزواته (لم يعطهن) الفعلان مبينان للمفعول والفاعل الله (أحد من الأنبياء) أي لم تجتمع لأحد منهم أو كل واحدة لم تكن لأحد منهم (قبلي) فهي من الخصائص، وليست خصائصه منحصرة في الخمس بل هي تزيد على ثلاثمائة كما بينه الأئمة، والتخصيص بالعدد لا ينفي الزيادة، ولا مانع من كونه اطلع أولاً على البعض ثم على البقية كما مر (فإن قيل) ذا إنما يتم لو ثبت تأخر الدال على الزيادة، قلنا إن ثبت فذاك، والأكمل أنه إخبار عن زيادة مستقبلاً عبر عنه بالماضي تحققاً لوقوعه (نصرت) أي أعنت (بالرعب) بسكون العين المهملة وضمها الفرع أو الخوف مما يتوقع نزوله، زاد أحمد: يقذف في قلوب أعدائي (مسيرة شهر) أي نصرني الله بإلقاء الخوف في قلوب أعدائي من مسيرة شهر بيني وبينهم من سائر نواحي المدينة، وجعل الغاية شهراً إشارة إلى أنه لم يكن بين بلده وبين أحد من اعدائه مسافة أكثر من شهر إذ ذاك فلا ينافي أن ملك أمته يزيد على ذلك بكثير، وهذا من خصوصية له ولو بلا عسكر0000 (واعلم) أنه ليس المراد بالخصوصية مجرد حصول الرعب، بل هو وما ينشأ عنه من الظفر بالعدو كما ذكروه (وجعلت لي الأرض) زاد أحمد ولأمتي أي ما لم يمنع مانع (مسجداً) أي محل سجود ولو بغير مسجد وقف للصلاة فلا يختص بمحل بخلاف الأمم السابقة فإن الصلاة لا تصح منهم إلا في مواضع مخصوصة من نحو بيعة أو كنيسة، فأبيحت الصلاة لنا بأي محل كان، ثم خص منه نحو حمام ومقبرة ومحل نجس على اختلاف المذاهب تحريماً وكراهة (وطهوراً) أي مطهراً. وإن كان بمعنى الطاهر في قوله تعالى {وسقاهم ربهم شراباً طهوراً} إذ لا تطهر في الجنة فالخصوصية ههنا في التطهير لا في الطاهرية، والمراد تراب الأرض كما جاء في رواية بلفظ وترابها طهوراً وفي أخرى تربتها لنا طهوراً بفتح الطاء، فالتراب مطهر وإن لم يرفع وتقديم المشروط على شرطه لفظاً لا يستلزم تقديمه حكماً والواو لا تقتضي(1/495)
ترتيباً، وفسر المسجد بقوله (فأينما) أي مبتدأ فيه معنى الشرط وما زائدة للتأكيد (رجل) بالجر بالإضافة (من أمتي) بيان لرجل، وفائدة بشارتهم بهذا الحكم التيسيري (أدركته) أي الصلاة في محل من الأرض (الصلاة) أية صلاة كانت. قال الزركشي: وجملة أدركته في محل خفض صفة لرجل وجواب الشرط قوله (فليصل) بوضوء أو تيمم، ذكر ذلك لدفع توهم أنه خاص به، وقدم النصر الذي هو الظفر بالأعداء لأهميته إذ به قيام الدين، وثنى بجعل الأرض ذلك لأن الصلاة وشرطها أعظم المهمات الدينية وفي قوله فأيما إلى آخره إيماء إلى رد قول المهلب في شرح البخاري: المخصوص بنا جعل الأرض طهوراً، وأما كونها مسجداً فلم يأت في أثر أنها منعت منهم وقد كان عيسى عليه السلام يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة. (وأحلت لي الغنائم) جمع غنيمة بمعنى مغنومة، والمراد بها هنا ما أخذ من الكفار بقهر وغيره. فيعم الفيء، إذ كل منهما إذا انفرد عم الآخر، والمراد بإحلالها له أنه جعل له التصرف فيها كما يشاء وقسمتها كما أراد {قل الأنفال للّه والرسول} أو المراد اختصاصه بها هو وأمته دون الأنبياء فإن منهم من لم يؤذن له بالجهاد فلم يكن له غنائم، ومنهم المأذون الممنوع منها فتجئ نار فتحرقه إلا الذرية، ويرجح الثانية قوله (ولم تحل) يجوز بناؤه للفاعل وللمفعول (لأحد) من الأمم السابقة، وفائدة التقييد بقوله (قبلي) التنبيه على المخصوص عليه من الأنبياء وأنه أفضلهم حيث خص بما لم يخصوا (وأعطيت الشفاعة) العامة والخاصة الخاصتان به، فاللام للعهد: أي عهد اختصاص، وإلا فللجنس، والمراد المختصة بي. قال النووي: له شفاعات خمس: الشفاعة العظمى للفصل، وفي جماعة يدخلون الجنة بغير حساب، وفي ناس استحقوا النار فلا يدخلونها، وفي ناس دخلوا النار فيخرجون منها. وفي رفع درجات ناس في الجنة، والمختص به من ذلك الأولى(1/496)
والثانية ويجوز الثالثة والخامسة (وكان النبي يبعث إلى قومه) بعثة (خاصة) بهم، فكان إذا بعث في عصر واحد نبي واحد دعى إلى شريعته قومه فقط ولا ينسخ بها شريعة غيره، أو نبيان دعى كل منهما إلى شريعته فقط ولا ينسخ بها شريعة الآخر. وقال بعض المحققين: واللام هنا للاستغراق بدليل رواية وكان كل نبي فاندفع ما جوزه الإمام من أن يكون الخاصة مجموع الخمسة ولا يلزم اختصاص عموم البعثة لأن قوله وكل نبي صريح في الاختصاص واستشكل بآدم فإنه بعث لجميع بنيه وكذا نوح بعد خروجه من السفينة، وأجيب بأجوبة أوضحها أن المراد البعثة إلى الأصناف والأقوام وأهل الملل المختلفة وآدم ونوح ليسا كذلك لأن بني آدم لم يكن ثم غيرهم ونوح لم يكن عند الإرسال إلا قومه، فالبعثة خاصة بهم وعامة في الصورة لضرورة الانحصار في الموجودين حتى لو اتفق وجود غيرهم لم يكن مبعوثاً لهم (وبعثت إلى الناس) أي أرسلت إليهم رسالة (عامة) فهو نعت لمصدر محذوف أو حال من الناس أي معممين بها أو من ضمير الفاعل: أي بعثت معمماً للناس، وفي رواية لمسلم بدل عامة كافة، قال الكرماني أي جميعاً وهو مما يلزمه النصب على الحالية والمراد ناس زمنه فمن بعدهم إلى يوم القيامة، وقول السبكي من أولهم إلى آخرهم قال محقق غريب لا يوافقه من يعتد به ولم يذكر الجن لأن الإنس أصل ومقصود بالذات أو المتنازع فيه أو أكثر اعتناء أو الناس يشمل الثقلين بل خبر وأرسلت إلى الخلق يفيد إرساله للملائكة كما عليه السبكي، وختم بالبعث العام كلامه في الخصائص ليتحقق لأمته الجمع بين خيري الدنيا والآخرة وفيه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل لما ذكر من أن كل نبي أرسل إلى قوم مخصوصين وهو إلى الكافة، وذلك لأن الرسل إنما بعثوا لإرشاد الخلق إلى الحق وإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام وكل من كان في هذا الأمر أكثر تأثيراً كان أفضل فكان المصطفى صلى الله(1/497)
عليه وسلم فيه القدح المعلي، إذ لم يختص بقوم دون قوم وزمان دون زمان، بل دينه انتشر في المشارق والمغارب وتغلغل في كل مكان واستمر استمداده على وجه كل زمان، زاده الله شرفاً على شرف وعزاً على عز، ما در شارق ولمع بارق فله الفضل بحذافيره سابقاً ولاحقاً.
1057 أعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر قلوبهم على قلب رجل واحد فاستزدت ربي عز و جل فزادني مع كل واحد سبعين ألفا ( صحيح ) ( حم ) عن أبي بكر .
الشرح:
(أعطيت سبعين ألفاً من أمتي) أمة الإجابة (يدخلون الجنة بغير حساب) أي ولا عقاب (وجوههم) أي والحال أن ضياء وجوههم (كالقمر ليلة البدر) أي كضيائه ليلة كماله وهي ليلة أربعة عشر (قلوبهم على قلب رجل واحد) أي متوافقة متطابقة في الصفاء والجلاء (فاستزدت ربي عز وجل) أي طلبت منه أن يدخل من أمتي بغير حساب زيادة على السبعين (فزادني مع كل واحد) من السبعين ألفاً (سبعين ألفاً) قال المظهر: يحتمل أن يراد به خصوص العدد وأن يراد به الكثرة ورجحه بعضهم، قال ابن عبد السلام: وهذا من خصائصه ولم يثبت ذلك لغيره من الأنبياء.
1058 أعطيت فواتح الكلام و جوامعه و خواتمه ( صحيح )
( ش ع طب ) عن أبي موسى .
الشرح:
(أعطيت فواتح الكلام) أي البلاغة والفصاحة والتوصل إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات التي أغلقت على غيره، وفي رواية مفاتح الكلم. قال الكرماني: أي لفظ قليل يفيد معنى كثيراً وهذا معنى البلاغة وشبه في الخبر المار ذلك القليل بمفاتيح الخزائن التي هي آلة الوصول إلى مخزونات متكاثرة (وجوامعه) التي جمعها الله فيه فكان كلامه جامعاً كالقرآن في كونه جامعاً فإنه خلقه (وخواتمه) أي خواتم الكلام يعني حسن الوقف ورعاية الفواصل، فكان يبدأ كلامه بأعذب لفظ وأجزله وأفصحه وأوضحه ويختمه بما يشوق السامع إلى الإقبال على الاستماع مثله والحرص عليه.(1/498)
1059 أعطيت مكان التوراة السبع الطوال و أعطيت مكان الزبور المئين و أعطيت مكان الإنجيل المثاني و فضلت بالمفصل( صحيح )
( طب هب ) عن واثلة .
الشرح:
(أعطيت مكان التوراة) أي بدل ما فيها، وكذا يقال فيما بعده وهي فوعلة لو صرفت من الورى وهو قدح الزناد من الزند استثقل اجتماع الواوين فقلبت أولاهما تاء0000 (السبع الطوال) بكسر الطاء جمع طويلة وأما بضمها فمفرد كرجل طوال، وقال ابن الأثير: جمع طولى مثل الكبار في الكبرى وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة، وأولها البقرة وآخرها براءة - بجعل الأنفال وبراءة واحدة - وغير ذلك (وأعطيت مكان الزبور المئين) بفتح الميم وكسر الهمزة فمثناة تحت ساكنة أي السور التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص أو غير ذلك (وأعطيت مكان الانجيل) من النجل وضع على زيادة إفعيل المزيد، معنى ما وضعت له هذه الصيغة وزيادة يائها مبالغة في المعنى، وأصل النجل استخراج خلاصة الشيء، ومنه قيل للولد نجل أبيه كأن الانجيل استخلص خلاصة نور التوراة فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهره فإن التوراة كتاب إحاطة الأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح أمر الدنيا وحصول الفوز من عاقبة يوم الآخرة فهو جامع إحاطة الأمر الظواهر000
(والمثاني) وهي السور التي آيها مائة أو أقل أو ماعدا السبع الطوال إلى المفصل: سمي مثاني لأنها أثنت السبع، أو لكونها قصرت عن المئين وزادت على المفصل أو لأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني ثم المفصل وقيل غير ذلك (وفضلت بالمفصل) بضم الميم وفتح الفاء ومهملة مشددة ويسمى المحكم وآخره سورة الناس اتفاقاً، وهل أوله الحجرات أو الجاثية أو القتال أو ق أو الصافات أو الصف. أقوال، رجح النووي وتبعه القاموس: الأول، وله طوال وأوساط وقصار مفصلة في الفروع وغيرها.(1/499)
1060 أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي( صحيح )( حم طب هب ) عن حذيفة ( حم ) عن أبي ذر .
الشرح:
(أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة) أولها: آمن الرسول (من كنز تحت العرش) قال الحافظ العراقي معناه أنها ادخرت له وكنزت له فلم يؤتها أحد قبله وكثير من آي القرآن منزل من الكتب السابقة باللفظ أو بالمعنى وهذه لم يؤتها أحد وإن كان فيه أيضاً ما لم يؤت غيره لكن هذه خصوصية لهذه الأمة وهي وضع الأمر الذي على من قبل فلهذا قال (لم يعطها نبي قبلي) 000
1061 أعطي ولا توكي فيوكي عليك(صحيح) (د)عن أسماء بنت أبي بكر.
الشرح:
(أعطي) بإثبات الياء خطاباً لأسماء بنت أبي بكر (ولا توكي) بسكون الياء أي لا تدخري ولا تربطي الوكاء وهو الخيط يربط به (فيوكى عليك) بسكون الألف، قال ابن حجر: هو عند البخاري بفتح الكاف ولم يذكر الفاعل وفي رواية له: لا تحصي فيحصي الله عليك، فأبرز الفاعل، قال: وكلاهما بالنصب لكون جواب النهي بالفاء، والإيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو هنا مجاز عن الإمساك فالمعنى لا تمسكي المال في الوعاء وتوكي عليه فيمسك الله فضله عنك كما أمسكت فضل ما أعطاك الله فإن الجزاء من جنس العمل، ومن علم أن الله يرزقه من حيث لا يحتسب فحقه أن يعطي ولا يحسب، وفيه النهي عن منع الصدقة خشية النفاد وأنه أعظم الأسباب لقطع مادّة البركة وأنه تعالى يثيب على العطاء بغير حساب.
1062 أعطي يوسف شطر الحسن( صحيح ) ( ش حم ع ك ) عن أنس .
الشرح:
(أعطي) بالبناء للمجهول (يوسف) بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل (شطر الحسن) أي حظاً عظيماً من حسن أهل الدنيا00000أعطي يوسف شطر الحسن يتبادر إلى إفهام بعض الناس أن الناس يشتركون في الشطر الثاني وليس كذلك، بل المراد أنه أعطي شطر الحسن الذي أوتيه نبينا، فإنه بلغ النهاية ويوسف بلغ شطرها.
1063 أعطي يوسف و أمه شطر الحسن ( صحيح ) ( ك ) عن أنس .(1/500)
1064 أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر( صحيح )
( حم د ك ) عن عبدالله بن قرط .
الشرح:
(أعظم الأيام) أي أعظمها (عند اللّه يوم النحر) لأنه يوم الحج الأكبر، وفيه معظم أعمال النسك (ثم يوم القر) ثاني يوم النحر لأنهم يقرون فيه أي يقيمون ويستحمون مما تعبوا في الأيام الثلاثة ذكره الزمخشري. وقال البغوي: سمي به لأن أهل الموسم يوم التروية وعرفة والنحر في تعب من الحج فكان الغد من النحر قرا اهـ. وفضلهما لذاتهما أو فيما يخصهما من وظائف العبادة، والجمهور على أن يوم عرفة أفضل ثم النحر فمعنى قوله أفضل أي من أفضل كما يقال فلان أعقل الناس أي وأعلمهم.
1065 أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم و الذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام
( صحيح ) ( ق ) عن أبي موسى ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أعظم) لفظ رواية الشيخين فيما وقفت عليه إن أعظم (الناس أجراً) أي ثواباً وهو نصب على التمييز (في الصلاة أبعده) بالرفع خبر أعظم الناس (إليها ممشى) بفتح فسكون تمييز أي أبعدهم مسافة إلى المسجد لكثرة الخطا فيه المتضمنة للمشقة (فأبعدهم) أي أبعدهم ثم أبعدهم فالفاء هنا بمعنى ثم وأما قول الكرماني للاستمرار كلأمثل فالأمثل فمنعه العيني بأنه لم يذكر أحد من النحات أنها تجيء بمعناه واستثنى من أفضليته بعد الدار عن المسجد الإمام ومن تعطل القريب لغيبته 000(والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام) ولو في آخر الوقت (أعظم أجراً من الذي يصليها) في وقت الاختيار وحده أو مع الإمام بغير انتظار (ثم ينام) فكما أن بعد المكان مؤثر في زيادة الأجر فكذا طول الزمن للمشقة 00000
1066 أعظم الناس فرية اثنان: شاعر يهجوا القبيلة بأسرها و رجل انتفى من أبيه ( صحيح ) ( ابن أبي الدنيا في ذم الغضب ه ) عن عائشة .
الشرح:(2/1)
(أعظم الناس فرية) بالكسر أي كذباً (اثنان) أحدهما (شاعر يهجو) من الهجو (القبيلة) المسلمة (بأسرها) أي كلها لإنسان واحد منهم كان ما يقتضيه لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح فهاجي الكل قد تورط في الكذب على التحقيق فلذلك قال أعظم فرية (و) الثاني (رجل انتفى من أبيه) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الولد ولو أنثى وأراد بالأب من ولادة وإن علا ويظهر أن مثله الأم إذ لا فارق ويؤخذ منه أن ذلك كبيرة وبه صرحوا أما من هجا واحداً من قبيلة فإنه ليس أعظم الناس فرية وإن كان مفترياً أيضاً إذ يحرم هجو المسلم ولو تعريضاً وكذباً وصدقاً أما الكافر فيجوز هجوه وكذا مسلم مبتدع ومتظاهر بفسقه ذكره أصحابنا 00000
1067 أعفوا اللحى و جزوا الشوارب و غيروا شيبكم و لا تشبهوا باليهود و النصارى ( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة .
1068 اعقلها و توكل ( حسن ) ( ت ) عن أنس .
الشرح:
(اعقلها) أي شد ركبة ناقتك مع ذراعها بحبل (وتوكل) أي اعتمد على اللّه قاله لمن قال يا رسول اللّه أعقل ناقتي وأتوكل أو أطلقها وأتوكل وذلك لأن عقلها لا ينافي التوكل الذي هو الاعتماد على اللّه وقطع النظر عن الأسباب مع تهيئتها وفيه بيان فضل الاحتياط والأخذ بالحزم.
1069 اعلم أنك لا تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة و حط عنك بها خطيئة( صحيح ) ( حم ع حب طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:(2/2)
(اعلم أنك) خطاب لكل من يتأتى توجيه الكلام إليه أو لمعين وهو ثوبان أو المراد العموم وإنما صدر بالأمر مؤكداً بأن حثاً على التشمير إلى الإكثار من السجود الرافع للدرجات (لا تسجد للّه سجدة) أي في صلاة منفردة كسجدة تلاوة أو شكر (إلا رفع اللّه لك بها درجة) أي منزلة عالية المقدار (وحط عنك بها خطيئة) يعني فأكثر من الصلاة لترفع درجاتك وتمحى عنك سيئاتك قال الجنبد: ليس من طلب اللّه يبذل المجهود كمن طلبه من طريق الجود و لهذا قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لمن سأله أن يشفع له وأن يكون معه في الجنة أعني على نفسك بكثرة السجود 0000
1070 اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله مالك ما قدمت و مال وارثك ما أخرت( صحيح ) ( ن ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/3)
(اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله) قال بعض المخاطبين وكيف ذلك يا رسول اللّه قال (مالك ما قدمت) أي صرفته في وجوه القرب فصار أمامك تجازى عليه بعد موتك في الآخرة (ومال وارثك ما أخرت) أي ما خلفته بعدك فالذي تخلفه بعدك إنما هو لوارثك لهذا قال بعض العارفين قدموا بعضاً ليكون لكم ولا تخلفوا كلاً ليكون عليكم. قال الماوردي: وروي عن عائشة قالت ذبحنا شاة فتصدقنا بها فقلت يا رسول اللّه ما بقي منها إلا كتفها قال كلها بقي إلا كتفها فالحازم من عمد إلى ما زاد عن كفايته فيرى انتهاز الفرصة فيها فيضعها بحيث تكون له ذخراً معداً وغماً مستجداً ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقاً عليه من كد الطلب وسوء المنقلب استحق الذم واللوم من وجوه منها سوء الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته والثقة ببقاء ذلك على ولده مع غدر الزمان ومحنه ومنها ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله وقد قيل إنما مالك لك أو لوارثك أو للجانحة فلا تكن أشقى الثلاثة ومنها ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعياً محروماً وجاهداً مذموماً ومن ثم قالوا رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه ومنها ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء وترك لكم ما كسب وتركتم عليه ما اكتسب فعلم من هذا التقرير أن الحديث مسوق لذم من قتر على نفسه وعياله وشح بالمال أن ينفق منه في وجوه القرب وادخره لورثته. أما من وسع على عياله وتصدق قصداً بالمعروف ثم فضل بعد ذلك شيء فادخره لعياله فلا يدخل في الذنب بدليل خبر لأن تترك ورثتك أغنياء خير إلخ وقضيته أن من مات وخلف ديناً لوارثه فلم يقبضه ثم مات الكل كان المطالب به في الآخرة الوارث لكن صرح أئمتنا بأن المطالب فيها صاحب الحق أولاً.(2/4)
1071 اعلم يا أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام( صحيح ) ( م ) عن أبي مسعود .
الشرح:
(اعلم) بصيغة الأمر أي اعرف قال في الصحاح علمت الشيء أعلمه علماً عرفته فظاهره أن العلم هو المعرفة لكن فرق بأن المعرفة إدراك الجزيئات والعلم إدراك الكليات ولذلك لا يقال اللّه عارف كما يقال عالم (يا أبا مسعود) لفظ رواية مسلم وأبا داود بحذف حرف النداء (أن اللّه) وفي رواية أبا تمام واللّه إن اللّه (أقدر عليك منك على هذا الغلام) الذي تضربه أي أقدر عليك بالعقوبة من قدرتك على ضربه لكنه يحلم إذا غضب وأنت لا تقدر على الحلم إذا غضبت0000
1072 أعلنوا النكاح ( حسن ) ( حم حب طب حل ك ) عن ابن الزبير .
الشرح:
أي أظهروه إظهاراً وفرقا بينه وبين غيره من المآدب وهذا نهي عن نكاح السر وقد اختلف في كيفيته فقال الشافعي: كل نكاح حضره رجلان عدلان وقال أبو حنيفة: رجلان أو رجل وامرأتان خرج عن نكاح السر وإن تواصوا بكتمانه وذهبوا إلى أن الإعلان المأمور به هو الإشهاد وقال المالكية نكاح السر أن يتواصوا مع الشهود على كتمانه وهو باطل فالإعلان عندهم فرض ولا يغني عنه الإشهاد والأقرب إلى ظاهر الخبر أن المراد بالإعلان إذاعته وإشاعته بين الناس وإن الأمر للندب 000
1073 أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين و أقلهم من يجوز ذلك
( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة ( ع ) عن أنس .
الشرح:(2/5)
(أعمار أمتي) أمة الدعوة لا أمة الإجابة كما هو بين ولكل مقام مقال (ما بين الستين) من السنين (إلى السبعين) أي ما بين الستين والسبعين وإنما عبر بإلى التي للانتهاء ولم يقل والسبعين الذي هي حق التعبير ليبين أنها لا تدخل إلا على متعدد لأن التقدير ما بين الستين وفوقها إلى السبعين فإلى غاية الفوقية لدلالة الكلام عليه وقال بعضهم معناه آخر عمر أمتي ابتداؤه إذا بلغ ستين وانتهاؤه سبعين (وأقلهم من يجوز ذلك) قال الطيبي: هذا محمول على الغالب بدليل شهادة الحال فإن منهم من لم يبلغ ستين وهذا من رحمة اللّه بهذه الأمة ورفقه بهم أخرهم في الأصلاب حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاد الدنيا ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا بالدنيا إلا قليلاً فإن القرون السالفة كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك كان أحدهم يعمر ألف سنة وطوله ثمانون ذراعاً وأكثر وأقل وحبة القمح ككلوة البقرة والرمانة يحملها عشرة فكانوا يتناولون الدنيا بمثل تلك الأجساد وفي تلك الأعمار فبطروا واستكبروا وأعرضوا عن اللّه {فصب عليهم ربك سوط عذاب} فلم يزل الخلق ينقصون خلقاً ورزقاً وأجلاً إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم يأخذون أرزاقاً قليلة بأبدان ضعيفة في مدة قصيرة كيلا يبطروا فذلك رحمة بهم قال بعض الحكماء الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان وغالب ما تكون بين الستين والسبعين فحينئذ يظهر بالنقص ضعف القوة والانحطاط فينبغي له الإقبال على الآخرة لاستحالة رجوعه للحالة الأولى من القوة والنشاط.
1074 اعملوا فكل ميسر لما خلق له ( صحيح )
( طب ) عن ابن عباس وعمران بن حصين .
الشرح:(2/6)
(اعملوا ) بظاهر ما أمرتم ولا تتكلوا على ما كتب لكم من خير وشر (فكل) أي كل من خلق (ميسر) أي مهيئ ومصروف (لما خلق له) أي لأمر خلق ذلك المرء له فلا يقدر البتة على عمل غيره فذو السعادة ميسر لعمل أهلها بحكم القدر الجاري عليه وإذا غلبت مادة الحكم واستحكمت في إنسان فإنما تيسرله عمل الخبث فكان مظهراً للأفعال الخبيثة التي هي عنوان الشقاء00
1075 أعوذ بعزتك الذي لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عباس .
1076 اغتسلوا يوم الجمعة و اغسلوا رءوسكم و إن لم تكونوا جنبا و مسوا من الطيب( حسن ) ( حم حب ) عن ابن عباس .
1077 اغتنم خمسا قبل خمس:حياتك قبل موتك و صحتك قبل سقمك و فراغك قبل شغلك و شبابك قبل هرمك و غناك قبل فقرك(صحيح)(ك هب) عن ابن عباس ( حم في الزهد حل هب ) عن عمرو بن ميمون مرسلا .
الشرح:
(اغتنم خمساً قبل خمس ) أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء (حياتك قبل موتك ) يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك (وصحتك قبل سقمك) أي اغتنم العمل حال الصحة فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد (وفراغك قبل شغلك) أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان (وشبابك قبل هرمك) أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب اللّه (وغناك قبل فقرك) أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيراً في الدنيا والآخرة فهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها ولهذا جاء في خبرسيجيء نعمتان مغبون فيهما كثيرمن الناس الصحة والفراغ00(2/7)
1078 اغزوا باسم الله و في سبيل الله و قاتلوا من كفر بالله اغزوا و لا تغلوا و لا تغدروا و لا تمثلوا و لا تقتلوا وليدا و إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم و كف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم و كف عنهم ; ثم ادعهم أن التحول من دارهم إلى دار المهاجرين و أخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين و عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين و لا يكون لهم في الغنيمة و الفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم و كف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله و قاتلهم و إذا حاصرت أهل حصن و أرادوك أن تجعل لهم ذمة الله و ذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله و لا ذمة نبيه و لكن اجعل لهم ذمتك و ذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم و ذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله و ذمة رسوله و إذا حاصرت أهل الحصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله و لكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا(صحيح)(حم م 4)عن بريدة
1079 اغسلوه بماء و سدر و كفنوه في ثوبين و لا تمسوه طيبا و لا تخمروا رأسه و لا تحنطوه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن ابن عباس .
1080 أغلقوا أبوابكم و خمروا آنيتكم و أطفئوا سرجكم و أوكئوا أسقيتكم فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا و لا يكشف غطاء و لا يحل وكاء و إن الفويسقة تضرم البيت على أهله ( صحيح ) ( حم م د ت ) عن جابر .
1081 أغيظ رجل على الله يوم القيامة و أخبثه و أغيظه عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك لا ملك إلا الله( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .(2/8)
1082 افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة فواحدة في الجنة و سبعون في النار و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة فإحدى و سبعون في النار و واحدة في الجنة و الذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث و سبعين فرقة فواحدة في الجنة و اثنتان و سبعون في النار( صحيح )
( ه ) عن عوف بن مالك .
1083 افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة و تفرقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة و تفرقت أمتي على ثلاث و سبعين فرقة( صحيح )
( 4 ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/9)
(افترقت) بكسر الهمزة من الافتراق ضد الاجتماع (اليهود على إحدى) مؤنث واحد (وسبعين فرقة) بكسر الفاء وهي الطائفة من الناس (وتفرقت) هو بمعنى افترقت فمغايرة التعبير للتفنن (النصارى على اثنتين وسبعين فرقة) معروفة عندهم (وتفرقت أمتي) في الأصول الدينية لا الفروع الفقهية إذ الأولى هي المخصوصة بالذم وأراد بالأمة من تجمعهم دائرة الدعوة من أهل القبلة (على ثلاث وسبعين فرقة) زاد في رواية كلها في النار إلا واحدة زاد في رواية لأحمد وغيره والجماعة أي أهل السنة والجماعة وفي رواية هي ما أنا عليه اليوم وأصحابي وأصول الفرق ستة حرورية وقدرية وجهمية ومرجئة ورافضة وجبرية وانقسمت كل منها إلى اثنتي عشرة فرقة فصارت اثنين وسبعين وقيل بل عشرون روافض وعشرون خوارج وعشرون قدرية وسبعة مرجئة وواحدة نجادية وواحدة فرارية وواحدة جهمية وثلاث كرامية وقيل وقيل وقال المحقق الدواني وما يتوهم من أنه إن حمل على أصول المذاهب فهي أقل من هذه العدة أو على ما يشمل الفروع فهي أكثر توهم لا مستند له لجواز كون الأصول التي بينها مخالفة مقيد بها هذا العدد أو يقال لعلهم في وقت من الأوقات بلغوا هذا العدد وإن زادوا أو نقصوا في أكثر الأوقات. واعلم أن جميع المذاهب التي فارقت الجماعة إذا اعتبرتها وتأملتها لم تجد لها أصلاً فلذلك سموا فرقاً لأنهم فارقوا الإجماع وهذا من معجزاته لأنه إخبار عن غيب وقع وهذه الفرق وإن تباينت مذاهبهم متفقون على إثبات الصانع وأنه الكامل مطلقاً الغني عن كل شيء ولا يستغني عنه شيء (فإن قيل) ما وثوقك بأن تلك الفرقة الناجية هي أهل السنة والجماعة مع أن كل واحد من الفرق يزعم أنه هي دون غيره؟ قلنا ليس ذلك بالادعاء والتثبت باستعمال الوهم القاصر والقول الزاعم بل بالنقل عن جهابذة هذه الصنعة وأئمة أهل الحديث الذين جمعوا صحاح الأحاديث في أمر المصطفى صلى اللّه عليه و سلم وأحواله وأفعاله وحركاته وسكناته وأحوال الصحب(2/10)
والتابعين كالشيخين وغيرهما الثقات المشاهير الذين اتفق أهل المشرق والمغرب على صحة ما في كتبهم وتكفل باستنباط معانيها وكشف مشكلاتها كالخطابي والبغوي والنووي جزاهم اللّه خيراً ثم بعد النقل ينظر إلى من تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واهتدى بسيرتهم في الأصول والفروع فيحكم بأنهم هم وفيه كثرة أهل الضلال وقلة أهل الكمال والحث على الاعتصام بالكتاب والسنة ولزوم ما عليه الجماعة.
1084 أفرض أمتي زيد بن ثابت( صحيح ) ( ك ) عن أنس .
الشرح:(2/11)
(أفرض أمتي) أي أعرفهم بعلم الفرائض (زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري البخاري المدني أبو سعيد أو أبو خارجة روى عنه ابن عمر وأنس بن مالك وعروة وخلق وهو كاتب الوحي، قدم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المدينة وعمره إحدى عشرة سنة وكان حفظ قبل الهجرة سبع عشرة سورة فأعجب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك فقال يا زيد تعلم لي كتاب اليهود، فما مضى نصف شهر حتى حذق به وتعلم العبرانية والسريانية في سبع عشرة ليلة وكان من الراسخين في العلم وندبه الصديق لجمع الفرائض وكان عمر إذا حجّ استخلفه على المدينة وعدّه مسروق من الستة الذين هم أهل الفتوى من الصحابة وقد أخذ الشافعي بقوله في الفرائض لهذا الحديث ووافق اجتهاده اجتهاده قال القفال ما تكلم أحد في الفرائض إلا ووجد له القول في بعض المسائل هجره الناس إلا زيداً فإنه لم ينفرد بقول وما قال قولاً إلا تبعه عليه جمع من الصحابة وذلك يقتضي الترجيح قال الماوردي وفي معنى الحديث أقوال أحدها أنه قاله حثاً للصحب على منافسته والرغبة في تعليمه كرغبته لأنه كان منقطعاً إلى تعلم الفرائض بخلاف غيره، الثاني قاله تشريفاً له وإن شاركه غيره فيه كما قال أقرؤكم أبيَّ. الثالث خاطب به جمعاً من الصحب كان زيد أفرضهم، الرابع أراد به أن زيداً كان أشدّهم عناية وحرصاً عليه، الخامس قاله لأنه كان أصحهم حساباً وأسرعهم جواباً وقد كان الصحب يعترفون له بالتقدم في ذلك، وناهيك بتلميذه ترجمان القرآن فإنه أخذ عنه وبلغ من تعظيمه له أن زيداً صلى على جنازة أمه فقربت له بغلته ليركب فأخذ ابن عباس بركابه فقال زيد خلي عنها يا ابن عم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال هكذا نفعل بعلمائنا فقبّل زيد يده وقال هكذا نفعل بأهل بيت نبينا قال ابن الأثير كان زيد عثمانياً ولم يشهد مع علي شيئاً من حروبه وكان يعظمه جداً ويظهر فضله. مات سنة اثنين أو ثلاث أو ثمان وأربعين أو إحدى أو خمس أو ست وخمسين ولما مات قال(2/12)
أبو هريرة مات حبر الأمة.
1085 أفش السلام و أطعم الطعام و صل الأرحام و قم بالليل و الناس نيام و ادخل الجنة بسلام( صحيح ) ( حم حب ك ) عن أبي هريرة .
1086 أفشوا السلام بينكم تحابوا( صحيح ) ( ك ) عن أبي موسى .
الشرح:
يحذف إحدى التائين للتخفيف أي تأتلف قلوبكم وفيه مصلحة عظيمة من اجتماع قلوب المسلمين وتناصرهم وتعاضدهم ولهذا قال بعضهم إنه أدفع للضغينة بغير مؤنة واكتساب أخوة بأهون عطية، وصدر هذا الحديث لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا إلى آخره وإفشاؤه نشره لكافة المسلمين من عرف ومن لم يعرف قال النووي الإفشاء الإظهار والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته وأقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتياً بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه.
1087 أفشوا السلام تسلموا( حسن ) ( خد ع حب العقيلي ) عن البراء .
الشرح:
(أفشوا) بهمزة قطع مفتوحة (السلام) بينكم (تسلموا) من التنافر والتقاطع وتدوم لكم المودة وتجمع القلوب وتزول الضغائن والحروب فأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن السلام يبعث على التحابب وينفي التقاطع قال الماوردي وقد جاء في كتاب اللّه تعالى ما يفيده قال اللّه تعالى {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} فحكى عن مجاهد أن معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء 000000
1088 أفشوا السلام كي تعلوا( صحيح ) ( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(2/13)
(أفشوا السلام) قال القاضي إفشاء السلام رفع الصوت به وإشاعته قال ويستثنى من ندب رفع الصوت بالسلام ما لو دخل مكاناً فيه نيام فالسنة ما ثبت في صحيح مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان (كي تعلوا) أي يرتفع شأنكم فإنكم إذا أفشيتموه تحاببتم فاجتمعت كلمتكم فقهرتم عدوكم وعلوتم عليه، وأراد الرفعة عند اللّه.
1089 أفشوا السلام و أطعموا الطعام و كونوا إخوانا كما أمركم الله
( صحيح ) ( ه ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أفشوا السلام) قال بعضهم والحكمة فيه أن ابتداء التلاقي وما ألحق به من مواطن مشروعية السلام ربما نشأ عنه خوف أو كبر من إحدى الجانبين فشرع نفيهما بالبداءة بتحية السلام إزالة للخوف وتحلياً بالتواضع واستثنى بعضهم من طلب إفشاء السلام ما لو علم من إنسان أنه لا يرد عليه فلا يسلم عليه لئلا يوقعه في المعصية وتعقبه النووي بأن المأمورات الشرعيه لا تترك لمثل ذلك ولو نظرنا لذلك بطل إنكار كثير من المنكرات ورده ابن دقيق العيد بأن مفسدة توريط المسلم أشد من ترك مصلحة السلام سيّما وامتثال الإفشاء يحصل مع غيره (وأطعموا الطعام) فإن فيه قوام البدن قال البيهقي يحتمل إطعام المحاويج ويحتمل الضيافة أو هما معاً وللضيافة في التآلف والتحابب أثر عظيم (وكونوا إخواناً كما أمركم اللّه) بها من الإخاء في اللّه والحب فيه قال سبحانه وتعالى {إنما المؤمنون إخوة} قال أبو الدرداء فيما أخرجه الحكيم الترمذي عنه ما لكم عباد اللّه لا تحابون وأنتم إخوان على الدين ما فرق بين أهوائكم إلا خبث سرائركم ولو اجتمعتم على أمر تحاببتم ما هذا إلا من قلة الإيمان في صدوركم ولو كنتم توقنون بخير الآخرة وشرها كما توقنون بأمر الدنيا لكنتم للآخرة أطلب فبئس القوم أنتم إلا قليلاً منكم ما حققتم إيمانكم بما يعرف به الإيمان البالغ فنبرأ منكم.(2/14)
1090 أفضل الإسلام الحنيفية السمحة( حسن ) ( طس ) عن ابن عباس .
1091 أفضل الأعمال الإيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال كما بين مطلع الشمس إلى مغربها( صحيح ) ( طب ) عن ماعز .
1092 أفضل الأعمال الإيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة مبرورة تفضل سائرالأعمال كمابين مطلع الشمس إلى مغربها(صحيح)(حب حم)عن ماعز
الشرح:
(أفضل الأعمال الإيمان باللّه وحده) لأن به فضلت الأنبياء على غيرهم وهم إنما تفاضلوا فيما بينهم بالعلم به لا بغيره من الأعمال (ثم الجهاد ثم حجة مبرورة) أي مقبولة أو لم يخالطها إثم من الإحرام إلى التحلل الثاني أو لا رياء فيها أقوال رجح النووي ثانيها والحجة المبرورة (تفضل سائر الأعمال كما بين مطلع الشمس إلى مغربها) عبارة عن المبالغة في سموها على جميع أعمال البر قال النووي وذكر هنا الحج بعد الإيمان وفي خبر آخر بدل الحج العتق في آخر بدأ بالصلاة فالبر فالجهاد وفي آخر السلامة من نحو يد ولسان واختلاف الأجوبة باختلاف الأحوال والأشخاص كما تقدم وقدم الجهاد وليس بركن على الحج وهو ركن لقصور نفع الحج غالباً وتعدي نفع الجهاد أو كان حيث كان الجهاد فرض عين وكان أهم منه حالتئذ
1093أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها(صحيح)( د ت ك)عن أم فروة.
الشرح:
لأنها أعظم الوصل بين العبد وربه وهي عماد الدين وعصام النبيين مشتملة على ما لم يشتمل عليه غيرها من الكمالات ولهذا قال بعض أهل الكمال الصلاة طهرة للقلب واستفتاح لأبواب الغيوب تتسع فيها ميادين الأسرار وتشرق فيها شوارق الأنوار ثم ما أحسن تركيبها وما أبدع ترتيبها فكما أن الجنة قصورها لبنة من ذهب وأخرى من فضّة وملاطها المسك فالصلاة بناؤها لبنة من قراءة ولبنة من ركوع ولبنة من سجود وملاطها التسبيح والتحميد.
1094 أفضل الأعمال الصلاة لوقتها و بر الوالدين( صحيح )
( م ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/15)
(أفضل الأعمال) بعد الإيمان أي أكثرها ثواباً (الصلاة لوقتها) في رواية على وقتها واللام بمعنى في أو للإستقبال نحو {فطلقوهن لعدّتهن} وأما خبر أسفروا بالفجر فمؤول كما مر (وبر الوالدين) في رواية ثم بدل الواو ووجهه ظاهر، والصلاة أول وقتها أي المحافظة عليها المأمور به في آية {حافظوا على الصلوات} والمحافظة تكون بأدائها أول وقتها خوف فوت فضيلها وهذا حث على ندب المبادرة وخبر فصلى بي جبريل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله بيان للجواز واعلم أن اللّه تعالى قد عظم شأن الوالدين وقرن حقهما بحقه وشركه بواو العطف في قوله {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً} لأن اللّه تعالى خلق الولد وصوره وأخرجه إلى الدنيا ضعيفاً لا حيلة له ثم قيض له أبويه فتكفلا بتربيته لأنه لا قوام له بنفسه فلم يزالا يربيانه حتى أوصلاه إلى حد يقوم بنفسه ولو تركاه ونفسه هلك فكانا سبب تمام خلقه ونشأته فاللّه هو الخالق المصور حقيقة وهما المنشآن له مجازاً فلذلك لا يقدر أحد أن يقوم أحد بحق أبويه فإن من كان سبب نشأتك كيف تفي بحقه أو تفي بشكره ولذلك قرن تعالى عقوقهما بالشرك به كما قرن طاعتهما بطاعته ولما كان الشرك لا يغفر عظم قدر العقوق لاقترانه به فمن برّ والديه فقد برّ ربه لان في برهما برّه للإشتراك المتقدم ومن عقهما فقد عقه.
1095 أفضل الأعمال الصلاة لوقتها و بر الوالدين و الجهاد في سبيل الله
( صحيح ) ( خط ) عن أنس .
الشرح:(2/16)
(أفضل الأعمال الصلاة لوقتها) (تنبيه) قال ابن الزملكاني: أطلق جمع أن الفضل في الأعمال الصالحة باعتبار كثرة الثواب وليس على إطلاقه بل إن كانت ذات هذا الوصف أو هذا العمل أشرف وأعلا فهو أفضل وقد يخص اللّه بعض الأعمال من الوعد بما لا يخص به الآخر ترغيباً فيه إما لنفرة النفس عنه أو لمشقته غالباً فرغب فيه بمزيد الثواب أو لأن غيره مما يكتفى فيه بداعي النفس والثواب عليه فضل فالإنصاف أن المفاضلة تارة تكون بكثرة الثواب وتارة بحسب الوصفين بالنظر إليهما وتارة بحسب متعلقاتهما وتارة بحسب ثمراتهما وتارة بأمر عرضي لهما ويجمع ذلك أنه قد يكون لأمر ذاتي وقد يكون لأمر عرضي فإذا حاولنا الكلام في التفضيل فلا بد من استحضار هذه المقدمة فتدبرها فلا بد من ملاحظتها فيما مر وفيما يأتي انتهى وتحصل المبادرة باشتغاله بأسبابها كطهارة وغيرها أول الوقت ثم يصليها ولا تشترط السرعة خلاف العادة ولا يضر التأخير لقليل أكل وكلامه شامل للعشاء وهو الأصح عند جمهور الشافعية وذهب كثير منهم إلى ندب تأخيرها إلى ثلث الليل لحديث آخر ومحل ندب التعجيل ما لم يعارضه معارض مما هو مقرر في الفروع (وبرّ الوالدين) أي طاعتهما والإحسان إليهما فيما لا يخالف الشرع قال العراقي أخبر أن أفضل حقوق اللّه الصلاة لوقتها وأفضل حقوق العباد بعضهم على بعض برّ الوالدين فهما أحق بالبر من جميع الأقارب (والجهاد في سبيل اللّه) بالنفس والمال لإعلاء كلمة اللّه وإظهار شعائر دينه وقدّم برّ الوالدين لا لكونه أفضل من الجهاد لأن الجهاد وسيلة لإعلاء أعلام الإيمان وفضيلة الوسيلة بحسب فضيلة المتوسل إليه بل لتوقف حله على إذنهما وتوقفه عليه لا يوجب كونه أفضل منه وكم له من نظير أما طاعتهما فيما يخالف الشرع فليست من البرّ بل من الإثم فيجب على الإنسان أن يقاطع في دينه من كان به براً وعليه مشفقاً.هذا أبو عبيدة بن الجراح له المنزلة العالية في الفضل والأثر المشهور في(2/17)
الإسلام قتل أباه يوم بدر وأتى برأسه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم طاعة للّه ورسوله حين بقي على ضلاله وانهمك في طغيانه ولم يعطفه عليه رحم ولا كفه عنه إشفاق وإنما خص هذه الثلاثة بالذكر لكونها عنوان على ما سواها من الطاعات فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ ومن ضيعها كان لما سواها أضيع فمن أهمل الصلاة مع كونها عماد الدين فهو لغيرها أهمل ومن لم يبر والديه مع وفور حقهما عليه كان لغيرهما أقل براً ومن ترك جهاد الكفار مع شدة عدوانهم للدين كان لجهاد غيرهم من الفساق أترك.
1096 أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا أو تقضي عنه دينا أو تطعمه خبزا ( حسن ) ( ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج هب ) عن أبي هريرة ( عد ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أفضل الأعمال) أي من أفضلها أي بعد الفرائض كما ذكره في الحديث المار والمراد الأعمال التي يفعلها المؤمن مع إخوانه (أن تدخل) أي إدخالك (على أخيك المؤمن) أي أخيك في الإيمان وإن لم يكن من النسب (سروراً) أي سبباً لانشراح صدره من جهة الدين والدنيا (أو تقضي) تؤدي (عنه ديناً) لزمه أداؤه لما فيه من تفريج الكرب وإزالة الذل (أو تطعمه) ولو (خبزاً) فما فوقه من نحو اللحم أفضل وإنما خص الخبز لعموم تيسر وجوده حتى لا يبقى للمرء عذر في ترك الإفضال على الأخوان والأفضل إطعامه ما يشتهيه لقوله في الحديث الآتي من أطعم أخاه المسلم شهوته والمرادبالمؤمن المعصوم الذي يستحب إطعامه فإن كان مضطراً وجب إطعامه ولا يخفى أن قضاء الدين وإطعام الجائع من جملة إدخال السرور على المديون والجائع فهو عطف خاص على عام اللاهتمام. قيل لابن المنكدر ما بقي مما يستلذ قال الإفضال على الإخوان 00000
1097 أفضل الإيمان الصبر و السماحة( صحيح )
( فر ) عن معقل بن يسار ( تخ ) عن عمير الليثي .
الشرح:(2/18)
(أفضل الإيمان) أي من أفضل خصاله (الصبر) أي حبس النفس على كريه تتحمله أو عن لذيذ تفارقه وهو ممدوح مطلوب (والمسامحة) يعني المساهلة، في رواية السماحة بدل المسامحة وذلك لأن حبس النفس عن شهواتها وقطعها عن لذاتها ومألوفاتها تعذيب لها في رضا اللّه وذلك من أعلى خصال الإيمان وبذل المال وغيره من المقتنيات مشق صعب إلا على من وثق بما عند اللّه واعتقد أن ما أنفقه هو الباقي، فالجود ثقة بالمعبود من أعظم خصال الإيمان، قال الزركشي: والسماحة تيسير الأمر على المسامح. وروى نحو ذلك عن الحسن وأنه قيل له ما الصبر والسماحة؟ فقال: الصبر عن محارم اللّه والسماحة بفرائض اللّه، وفي الحديث وما قبله وما بعده أن من الإيمان فاضل ومفضول فيزيد وينقص إذ الأفضل أزيد، وفي خبر: من سامح سومح له.
1098 أفضل الأيام عند الله يوم الجمعة( صحيح )( هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/19)
(أفضل الأيام) أي أيام الأسبوع. قال أبو البقاء: أصل أيام أيوام اجتمعت الواو والياء وسبقت الأولى بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الأولى فيها (عند اللّه) العندية للتشريف (يوم الجمعة) لما له من الفضائل التي لم تجتمع لغيره فمنها أن فيه ساعة محققة الإجابة وموافقته يوم وقفة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم واجتماع الخلائق فيه في الأقطار للخطبة والصلاة، ولأنه يوم عيد كما في الخبر لموافقته يوم الجمع الأكبر والموقف الأعظم يوم القيامة، ومن ثم شرع الاجتماع فيه والخطبة ليذكروا المبدأ والمعاد والجنة والنار ولهذا سن في فجره قراءة سورتي السجدة وهل أتى، لاشتمالهما على ما كان ويكون في ذلك اليوم من خلق آدم والمبدأ والمعاد، ولأن الطاعة الواقعة فيه أفضل منها في سائر الأيام حتى أن أهل الفجور يحترمون يومه وليلته ولموافقته يوم المزيد في الجنة وهو اليوم الذي يجتمع فيه أهلها على كثبان المسك فلهذه الوجوه فضلت وقفة الجمعة على غيرها،لكن ما استفاض أنها تعدل اثنتين وسبعين حجة باطل لا أصل له كما بينه بعض الحفاظ، ثم الكلام في أفضل أيام الأسبوع، أما أفضل أيام العام فعرفة والنحر وأفضلهما عند الشافعي عرفة لأن صيامه يكّفر سنتين وما من يوم يعتق اللّه فيه الرّقاب أكثر منه فيه، ولأن الحق سبحانه يباهي ملائكته بأهل الموقف، وقيل الأفضل يوم النحر ففيه التضرع والتوبة وفي النحر الوفادة والزيادة.
1099 أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه و هواه ( صحيح )
( ابن النجار ) عن أبي ذر .
الشرح:(2/20)
(أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل) ذكر الرجل وصف طردي (نفسه) في ذات اللّه (وهواه) بأن يكفهما عن الشهوات ويمنعهما عن الاسترسال في اللذات ويلزمهما فعل الأوامر وتجنب المناهي فإنه الجهاد الأكبر والهوى اكبر أعدائك، وهو ونفسك أقرب الأعداء إليك لما أن ذلك بين جنبيك واللّه يقول {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين بلونكم من الكفار} ولا أكفر عندك من نفسك، فإنها في كل نفس تكفر نعمة اللّه عليها، وإذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك جهاد الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت شهيداً من الأحياء الذين عند ربهم يرزقون ولعمري إن جهاد النفس لشديد بل لا شيء أشد منه فإنها محبوبة وما تدعو إليه محبوب، فكيف إذا دعيت إلى محبوب فإذا عكس الحال وخولف المحبوب اشتد الجهاد بخلاف جهاد أعداء الدين والدنيا، ولهذا قال الغزالي: وأشد أنواع الجهاد الصبر على مفارقة ما هواه الإنسان وألفه، إذ العادة طبيعة خامسة، فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند اللّه ولا يقوى باعث الدين على قمعهما. فلذا كان أفضل الجهاد، وقال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى اللّه وهي تبكي حتى سقتها إليه وهي تضحك00000000
1100 أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر( صحيح ) ( ه ) عن أبي سعيد ( حم ه طب هب ) عن أبي أمامة ( حم ن هب) عن طارق بن شهاب .
الشرح:(2/21)
(أفضل الجهاد) أي من أفضل أنواع الجهاد بالمعنى اللغوي العام (كلمة حق) بالإضافة ويجوز تركها وتنوينها وفي رواية للترمذي: عدل: بدل حق، وأراد بالكلمة الكلام وما يقوم مقامه كالخط (عند سلطان جائر) أي ظالم لأن مجاهد العدو متردد بين رجاء وخوف، وصاحب السلطان إذا أمره بمعروف تعرض للتلف فهو أفضل من جهة غلبة خوفه، ولأن ظلم السلطان يسري إلى جم غفير فإذا كفه فقد أوصل النفع إلى خلق كثير بخلاف قتل كافر، والمراد بالسلطان: من له سلاطة وقهر، وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله، ولا كذلك بل تمامه عند مخرجه ابن ماجه كأبي داود: أو أمير جائر0000
1101 أفضل الحج العج و الثج( حسن )
( ت ) عن ابن عمر ( ه ك هق ) عن أبي بكر ( ع ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(أفضل الحج العج) بفتح العين المهملة (والثج) أي أفضل أعمال الحج رفع الصوت بالتلبية وصب دماء الهدي كذا في الكشاف. قال الطيبي: أراد بهما الاستيعاب فبدأ بالإحرام الذي هو الإهلال، وانتهى بالتحلل الذي هو إهراق دم الهدي فاكتفى بالمبتدأ والمنتهى عن سائر أعماله: يعني أفضل الحج ما استوعب جميع أعماله من أركان وشروط ومندوبات. قال ابن عبد السلام: وأفضل أركان الحج الطواف فهو أفضل من الوقوف لشبهه بالصلاة، والعج رعف الصوت بالتلبية والثج إراقة الدم وكل سائل، لكن سائل الحج هو الدم كما في العارضة.
1102 أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة و أفضل ما قلت أنا و النبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ( حسن )
( مالك ) عن طلحة بن عبيد بن كريز مرسلا .
1103 أفضل الدنانير: دينار ينفقه الرجل على عياله و دينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله و دينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله عز و جل( صحيح ) ( حم م ت ن ه ) عن ثوبان .
الشرح:(2/22)
(أفضل الدنانير) أي أكثرها ثواباً إذا أنفقت (دينار ينفقه الرجل على عياله) أي من يعوله وتلزمه مؤنته من نحو ولد وزوجة وخادم (ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل اللّه) أي التي أعدها للغزو عليها (ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل اللّه عز وجل) يعني على رفقته الغزاة، وقيل المراد بسبيله كل طاعة، وقدم العيال لأن نفقتهم أهم ما يجب عليه تقديمه ثم دابة الجهاد لمزيد فضل النفقة عليها كما سيجيء بيانه في عدة أخبار، ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجراً من جميع النفقات كما صرحت به رواية مسلم: أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك، وخص دابة الغزو وأصحابه الغزاة، لأن النفقة عليهم أهم مما ينفق في الجهاد وأعظمه أجراً غالباً.
1104 أفضل الذكر: لا إله إلا الله و أفضل الدعاء: الحمد لله ( حسن )
( ت ن ه حب ك ) عن جابر .
الشرح:(2/23)
(أفضل الذكر لا إله إلا اللّه) إذ لا يصح الإيمان إلا به، ولأن فيه إثبات الإلهية للّه ونفيها عما عداه وليس ذا في سواه من الأذكار، ولأن للتهليل تأثيراً في تطهير الباطن عن الأوصاف الذميمة التي هي معبودات في الظاهر {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} فيفيد نفي عموم الإلهية بقوله "لا إله" ويثبت الواحد بقوله "إلا اللّه" ويعود الذكر من ظاهر لسانه إلى باطن قلبه فيتمكن ويتولى على جوارحه ويجد حلاوة هذا من ذاق، وقال بعض العارفين: إنما كانت أفضل لأنها كلمة توحيد والتوحيد لا يماثله شيء، إذ لو ماثله شيء ما كان واحداً بل اثنين فصاعداً فما ثم ما يزنه إلا المعادل والمماثل، ولا معادل ولا مماثل، فذلك هو المانع للا إله إلا اللّه أن تدخل الميزان يوم القيامة، فإن الشرك الذي يقابل التوحيد لا يصح وجوده من العبد مع وجود التوحيد فإن الإنسان إما مشرك وإما موحد، فلا يزن التوحيد إلا الشرك، ولا يجتمعان في ميزان أبداً، فعليك بالذكر بها فإنه الذكر الأقوى وله النور الأضوى والمكانة الزلفى ولا يشعر بذلك إلا من لزمه وعمل به حتى أحكمه وحكمه (وأفضل الدعاء الحمد للّه) لأن الدعاء عبارة عن ذكر اللّه وأن تطلب منه الحاجة والحمد يشملها فإن الحامد للّه إنما يحمده على نعمه والحمد على النعم طلب المزيد، وفي الحديث القدسي إن اللّه يقول: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وسيجيء حديث: الحمد رأس الشكر، ما شكر اللّه عبد لا يحمده، فنبه به على وجه تسمية الحمد دعاء وهو كونه محصلاً لمقصود الدعاء فأطلق عليه دعاء مجازاً لذلك فإن حقيقة الدعاء طلب الإنعام، والشكر كفيل بحصول الإنعام للوعد الصادق بقوله {لئن شكرتم لأزيدنكم} وقال الطيبي: لعله جعل أفضل الدعاء من حيث إنه سؤال لطيف يدق مسلكه. قال: وقد يكون قوله الحمد للّه: تلميح وإشارة إلى {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم} وأي دعاء أفضل وأجمع وأكمل منه. قال المؤلف: دل(2/24)
هذا الحديث بمنطوقه على أن كلا من الكلمتين أفضل نوعه، ودل بمفهومه على أن لا إله إلا اللّه أفضل من الحمد للّه فإن نوع الذكر أفضل من نوعه00 قال البدر الدماميني: لا يمتنع أن يفوق الذكر مع سهولته الأعمال الشاقة الصعبة من الجهاد ونحوه وإن ورد: أفضل العبادات أشقها لأن في الإخلاص في الذكر من المشقة سيما الحمد في حال الفقر ما يصير به أعظم الأعمال وأيضاً فلا يلزم أن يكون الثواب على قدر المشقة في كل حال فإن ثواب كلمة الشهادة مع سهولتها أكثر من العبادات الشاقة.
1105 أفضل الرقاب أغلاها ثمنا و أنفسها عند أهله ( صحيح )
( حم ق ن ه ) عن أبي ذر ( حم طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(أفضل الرقاب) أي للعتق (أغلاها ثمناً) بغين معجمة عند الجمهور، وروي بمهملة أيضاً ومعناها متقارب. قال النووي: هذا فيمن يعتق واحدة، فلو أراد الشراء بألف للعتق فالعدد أولى، وفارق السمينة في الأضحية: بأن القصد هنا فك الرقاب وثم طيب اللحم اهـ. قال ابن حجر: ويظهر اختلافه باختلاف الأشخاص، والضابط أن الأفضل أيهما أكثر نفعاً قل أو كثر، وأخذ منه مالك ندب عتق كافرة هي أغلى ثمناً من مسلمة، قلنا قد قيد في حديث آخر بالمسلمة (وأنفسها) بفتح الفاء أحبها وأكرمها (عند أهلها) أي ما اغتباطهم به أشد فإن عتق مثله إنما يقع غالباً خالصاً {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وفيه أن من حق المتقرب إلى ربه أن يتفوق في اختيار ما يتقرب به بأن يكون بريئاً من العيب يونق الناظرين وأن يتغالى بثمنه، فقد ضحى عمر بنجيبة بثلاثمائة دينار.
1106 أفضل الساعات جوف الليل الأخير( صحيح )
( طب ) عن عمرو بن عبسة .
الشرح:(2/25)
(أفضل الساعات) أي ساعات التهجد والدعاء فيه (جوف الليل الآخر) روي بالنصب على الظرف أي الدعاء جوف الليل: أي ثلثه الآخر وهو الجزء الخامس من أسداس الليل كما في النهاية، وفي القاموس: جوف الليل الآخر ثلثه الأخير، ولو حذف ذكر الآخر لكان جوف الليل وسطه، وليس مراداً. قال بعض العارفين: فيناجي المصلي ربه في تلك الساعة بما يعطيه عالم الغيب والشهادة والعقل والفكر من الأدلة والبراهين عليه سبحانه وهو
خصوص دلالة بخصوص معرفة يعرفهاأهل الليل وهي صلاة المحبين00
1107 أفضل الشهداء الذين يقاتلون في الصف الأول فلا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة يضحك إليهم ربك فإذا ضحك ربك إلى عبد في موطن فلا حساب عليه( صحيح )
( حم طب ) عن نعيم بن همار .
1108 أفضل الشهداء من سفك دمه و عقر جواده ( صحيح )
( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(أفضل الشهداء من سفك دمه) أي أسيل دمه وأهلك في أول دفعة أي قطرة من الدم (وعقر جواده) أي جرح فرسه وضربت قوائمه بالسيف، وفي الصحاح: عقر الفرس بالسيف فانعقر: أي ضرب قوائمه. وقال الزمخشري: تقول إن بني فلان عقروا مراعي القوم إذا قطعوها وأفسدوها، والجواد الفرس الجيد. قال الزمخشري: تقول فرس جواد من خيل جياد، وأجاد فلان صار له فرس جواد، والمراد أنه عقر جواده ثم استشهدا وقتلا معاً فيكون له أجر نفسه وجواده، وأما إن قتل ثم عقر جواده فإنما يكون له أجر نفسه وأما أجر جواده فلوارثه فلذلك كان الأول أفضل، وتمسك به من فضل شهيد البر على شهيد البحر00000
1109 أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله عز و جل أو منحة خادم في سبيل الله أو طروقة فحل في سبيل الله ( حسن )
( حم ت ) عن أبي أمامة ( ت ) عن عدي بن حاتم .
الشرح:(2/26)
(أفضل الصدقات ظل فسطاط) بضم الفاء وتكسر: أي خيمة يستظل بها المجاهد (في سبيل اللّه عز وجل) أي أن ينصب خباء للغزاة يستظلون فيه (أو منحة) بكسر الميم (خادم في سبيل اللّه) أي هبة خادم للمجاهد أو قرضه أو إعارته والخادم يقع على الذكر والأنثى كما سلف (أو طروقة فحل في سبيل اللّه) بفتح الطاء فعولة بمعنى مفعولة أي مركوبة يعني ناقة أو فرس بلغت أن يطرفها الفحل يعطيه إياها ليركبها إعارة أو هبة. قال الطيبي وهذا عطف على منحة خادم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أي منحة ناقة، وكان الظاهر أن يقال منحة فسطاس كما في القرينتين فوضع الظل موضعها، لأن غاية منفعتها الاستظلال بها.
1110 أفضل الصدقة الصدقة على ذي الرحم الكاشح( صحيح)
( حم طب ) عن أبي أيوب وحكيم بن حزام ( خد د ت ) عن أبي سعيد
( طب ك ) عن أم كلثوم بنت عقبة .
الشرح:
0000 قال الزمخشري: هو الذي يضمر العداوة ويطوي عليها كشحه. أو الذي يطوي عنك كشحه ولا يألفك اهـ: يعني أفضل الصدقة على ذي الرحم المضمر العداوة في باطنه فالصدقة عليه أفضل منها على ذي الرحم الغير كاشح لما فيه من قهر النفس للإذعان لمعاديها وعلى ذي الرحم المصافي أفضل أجراً منها على الأجنبي لأنه أولى الناس بالمعروف.
1111 أفضل الصدقة أن تصدق و أنت صحيح شحيح تأمل الغنى و تخشى الفقر و لا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا و لفلان كذا ألا و قد كان لفلان كذا( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/27)
(أفضل الصدقة) أي أعظمها أجراً، قال الحراني: الصدقة الفعلة التي يبدو بها صدق الإيمان بالغيب (أن تصدق) بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين وبالتشديد على إدغامها (وأنت صحيح) أي والحال أنك سليم من مرض مخوف (شحيح) أي حريص على الضنة بالمال وهو صفة مشبهة من الشح وهو بخل مع حرص فهو أبلغ منه فهو بمنزلة الجنس والبخل بمنزلة النوع، وقيل هو وصف لازم من جهة الطبع (تأمل) بفتح المثناة فوق وبضم الميم (العيش) أي تطمع، كذا هو في جامع الفصولين للمؤلف وهي لفظ رواية النسائي، ورواية البخاري: الغنى: بغين معجمة مكسورة ثم وقفت على خط المؤلف فوجدته الغنى فتقول أترك مالي في بيتي لأكون غنياً وقد أعمر طويلاً (وتخشى) أي والحال أنك تخشى (الفقر) أي تقول في نفسك لا تتلف مالك لئلا تصير فقيراً، فمجاهدة النفس حينئذ على إخراج المال آية صحة القصد وقوة الرغبة فكان لذلك أفضل، لأن المراد أن شح النفس هو سبب هذه الأفضلية (ولا تمهل) بالجزم نهي وبالرفع نفي، فيكون مستأنفاً وبالنصب عطف على تصدق وكلاهما خبر مبتدأ محذوف: أي أفضل الصدقة أن تتصدق بها حال صحتك على احتياجك لما في يدك ولا تؤخر (حتى إذا بلغت) الروح يدل عليه السياق (الحلقوم) بضم الحاء المهملة الحلق أي قاربت بلوغه أي الوصول إلى مجرى النفس عند الغرغرة ولم تبلغه بالفعل إذ لو بلغته لما صح تصرفه (قلت لفلان كذا ولفلان كذا) كناية عن الموصى به والموصى له: أي إذا وصلت هذه الحالة وعلمت أن المال صار لغيرك تقول للورثة أعطوا فلاناً من مالي كذا، واصرفوا لعمارة المسجد كذا (وقد كان لفلان) أي والحال أن المال في تلك الحالة صار متعلقاً بالوارث فيبطله إن شاء فيما زاد على الثلث، وقيل كناية عن المورث أي خرج عن تصرفه واستقلاله بما شاء من التصرف، فليس له في وصيته كثير ثواب بالنسبة إلى ما كان وهو كامل التصرف، وحاصله أن الشح غالب في الصحة فالصدقة حينئذ أعظم أجراً، وفيه أن المرض يقصر يد(2/28)
المالك عن بعض ملكه، وأن سخاءه في مرضه لا يمحو عنه سمة البخل، ومعنى شحه بالمال أن يجد له وقعاً في قلبه لما يرجوه من طول العمر ويخافه من حدوث الفقر {الشيطان يعدكم الفقر} وفيه التحذير من التسويف بالإنفاق استبعاداً لحلول الأجل واشتغالاً بطول الأمل، والترغيب في المبادرة بالصدقة قبل هجوم المنية وفوات الأمنية.
1112 أفضل الصدقة جهد المقل و ابدأ بمن تعول( صحيح )
( د ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أفضل الصدقة) أي من أفضلها: وكذا يقال فيما يأتي (جهد) روي بضم الجيم وفتحها فبالضم الوسع والطاقة وهو الأنسب هنا، وبالفتح المشقة والمبالغة والغاية (المقل) بضم فكسر أي مجهود وقليل المال: يعني قدرته واستطاعته وإنما كان ذلك أفضل لدلالته على الثقة باللّه والزهد فصدقته أفضل الصدقة، وهو أفضل الناس بشهادة خبر: أفضل الناس رجل يعطي جهده، والمراد بالمقل الغني القلب ليوافق قوله الآتي: أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، أو يقال الفضيلة تتفاوت بحسب الأشخاص وقوة التوكل وضعف اليقين، فالمخاطب بهذا الحديث أبو هريرة وكان مقلاً متوكلاً على اللّه فأجابه بما يقتضيه حاله، والمخاطب بالحديث الآتي حكيم بن حزام وكان من أشراف قريش وعظمائها وأغنيائها ووجوهها في الجاهلية والإسلام (وابدأ) بالهمز وتركه (بمن تعول) أي بمن تلزمك مؤنته وجوباً فقدمه على التصدق تقديماً للواجب على المندوب ولا يتناول ترفه العيال وإطعامهم لذيذ المطاعم بما زاد على كفايتهم لأن من لم تندفع حاجته أولى بالصدقة ممن اندفعت حاجته في مقصود الشارع.
1113 أفضل الصدقة سقي الماء ( حسن )
( حم د ن ه حب ك ) عن سعد بن عبادة ( ع ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/29)
لمعصوم محتاج، وفسره في رواية الطبراني بأن يحمله إليهم إذا غابوا ويكفيهم إياه إذا حضروا، وقال الهيثمي: إن رجال هذه الرواية رجال الصحيح000 قال الطيبي: وإنما كان أفضل لأنه أعم نفعاً في الأجور الدينية والدنيوية ولذك امتن اللّه علينا بقوله: {وأنزلنا من السماء ماء طهوراً لنحيي به بلدة ميتة ونسقيه} الآية. وإنما وصف الماء بالطهور ليشير إلى أن الغرض أنه أصل في الأثر أي إزالة الموانع من العبادة وباقي الأغراض تابعة اهـ. وأقول محل أفضليته التصدق به على غيره إذا عظمت الحاجة إليه كما هو الغالب في قطر الحجاز لقلة المياه فيه، ومثله الطريق إليه للحجاج ونحو ذلك، وإلا فالتصدق بنحو الخبز أفضل منه سيما زمن الغلاء والمجاعة.
1114 أفضل الصدقة ما ترك غنى و اليد العليا خير من اليد السفلى و ابدأ بمن تعول; ( تقول المرأة: إما أن تطعمني و إما أن تطلقني و يقول العبد: أطعمني و استعملني ; و يقول الابن: أطعمني إلى من تدعني ؟ ! )
( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني . ( خ ) عن أبي هريرة .
1115 أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى و اليد العليا خير من اليد السفلى و ابدأ بمن تعول ( صحيح ) ( حم م ن ) عن حكيم بن حزام .
الشرح:(2/30)
(أفضل الصدقة) قال الراغب: ما يخرج من المال تقرباً كالزكاة، لكن الصدقة في الأصل للمتطوع به، والزكاة للواجب وقيل يسمى الواجب صدقة إذا تحرى الصدق في فعله (ما كان عن ظهر غنى) أي ما كان عفواً قد فضل عن غنى، فزاد لفظ ظهراً إشباعاً للكلام وتمكيناً، وقيل هذا عبارة عن تمكن المتصدق عن غنى ما، كقولهم هو على ظهر سير أي متمكن منه وتنكير غنى ليفيد أنه لا بد للمتصدق من غنى ما، إما غنى النفس وهو الاستغناء عما بذل بسخاء نفس ثقة باللّه كما كان للصديق، وإما غنى مال حاصل في يده، والأول أفضل اليسارين للخبر الآتي: ليس الغنى عن كثرة المال والعرض، وإلا لما ندب له التصدق بجميع ماله ويترك نفسه وعياله في الجوع والشدة (واليد العليا) المعطية وقيل المتعففة (خير من السفلى) أي الآخذة، ومحصول ما في الآثار إعلاء الأيدي المنفقة ثم المتعففة عن الأخذ، ثم الآخذة بلا سؤال وأسفل الأيدي المانعة والسائلة، وقد تقرر أنه لا تدافع بين ذا وما قبله لأن في الصابرين على الإضافة المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة والثاني فيمن ليس كذلك (وابدأ بمن تعول) قال الطيبي: يشمل النفقة على العيال وصدقتي الواجب والتطوع وأن يكون ذلك الإنفاق من الربح لا من صلب المال فعليه كان الظاهر 000000
1116 أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل و أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم( صحيح )
( م 4 ) عن أبي هريرة ( الروياني في مسنده طب ) عن جندب .
الشرح:(2/31)
(أفضل الصلوات بعد المكتوبة) أي ولواحقها من الرواتب وما أشبهها مما يسن فعله جماعة إذ هي أفضل من مطلق النفل على الأصح (الصلاة في جوف الليل) فهي فيه أفضل منها في النهار، لأن الخشوع فيه أوفر لاجتماع القلب والخلو بالرب {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ} {أمن هو قانت آناء الليل} ولأن الليل وقت السكون والراحة، فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق، وللبدن أتعب وأنصب فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند اللّه، ذكره الزمخشري، وبالصلاة ليلاً يتوصل إلى صفاء السرور ودوام الشكر وهي بعد نوم أفضل، والمراد بالجوف هنا السدس الرابع والخامس، فهما أكمل من بقيته، لأنه الذي واظب عليه المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ولأنه أشق الأوقات استيقاظاً وأحبها راحة، وأولاها لصفاء القلوب: وأقربها إلى الإجابة المعبر عنها في الأحاديث بالنزول (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان) المضاف محذوف أي أفضل شهور الصيام (شهر اللّه) قال الزمخشري: أضافه إليه عز اسمه تعظيماً له وتفخيماً كقولهم بيت اللّه وآل اللّه لقريش، وخص بهذه الإضافة دون بقية الشهور مع أن فيها أفضل منه إجماعاً، لأنه اسم إسلامي فإن اسمه في الجاهلية صفر الأول وبقية الشهور متحدة الأسماء جاهيلة وإسلاماً (المحرم) أي هو أفضل شهر يتطوع بصومه كاملاً بعد رمضان، فأما التطوع ببعض شهر فقد يكون أفضل من بعض أيامه كصوم عرفة وعشر الحجة ذكره الحافظ ابن رجب وذلك لأنه أول السنة المستأنفة وافتتاحها بالصوم الذي هو ضياء أفضل الأعمال، وقال الزمخشري: خصه من بين الأشهر الحرم لمكان عاشوراء فأفضل الأشهر لصوم التطوع المحرم ثم رجب ثم بقية الأشهر الحرم ثم شعبان، ولا يعارضه إكثار النبي صلى اللّه عليه وسلم صوم شهر شعبان دونه لأنه إنما علم فضل صوم المحرم آخراً ولعله لعارض، وتفضيل صوم داود باعتبار الطريقة وهذا باعتبار الزمن، فطريقة داود في المحرم أفضل من طريقته في غيره كذا وفق جمع وضعف،(2/32)
والظاهر أن التطوع المطلق بالصوم أفضله المحرم كما أن أفضل النفل المطلق صلاة الليل وما صيامه تبع كصوم ما قبل رمضان وما بعده فليس من المطلق بل صومه تبع لرمضان، ولذا قيل إن صوم ست شوال يلحق رمضان ويكتب معه بصيام الدهر فرضاً فهذا النوع صومه أفضل التطوع مطلقاً، والمطلق أفضله المحرم اهـ.
1117 أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة( صحيح )
( ن طب ) عن زيد بن ثابت .
الشرح:
(أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته) لأنه كما قال النووي أبعد عن الرياء وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة ويخرج الشيطان وعليه يمكن أن يخرج بقوله في بيته ببيت غيره ولو أمن من الرياء كذا في الفتح (إلا
المكتوبة) أي المفروضة فإنها ليست في بيته أفضل بل في المسجد أفضل لأن الجماعة تشرع لها فهي في محلها أولى إلا في صورة مبينة في الفروع وظاهره يشمل كل نفل لكنه محمول عليه ما لا يشرع له التجميع وما لا
يخص المسجد كالتحية كذا قرروه. قال ابن حجر: ويحتمل أنه أراد بالصلاة ما يشرع في البيت وفي المسجد معاً فلا تدخل التحية أو أنه لم يرد بالمكتوبة المفروضة بل ما تشرع فيه الجماعة وفيما وجب لعارض كمنذورة احتمال وأراد بالمرء جنس الرجل فخرج النساء بقرينة خبر مسلم وبيوتهن خير لهن.
1118 أفضل الصلاة طول القنوت ( صحيح ) ( حم م ت ه ) عن جابر
( طب ) عن أبي موسى وعمرو بن عبسة وعمير بن قتادة الليثي .
الشرح:(2/33)
أي أفضل الصلاة صلاة فيها طول القنوت: أي القيام، أو أفضل أحوال الصلاة طول القيام: أي لأنه محل القراءة المفروضة، وللقنوت أحد عشر معنى. قال النووي: والمراد هنا القيام اتفاقاً بدليل رواية أبي داود "أي الأعمال أفضل قال طول القيام"، وأخذ به أبو حنيفة والشافعية ففضلا تطويل القيام على تطويل السجود، وعكس آخرون تمسكاً بخبر أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وتوسط قوم فقالوا بالأول ليلاً وبالثاني نهاراً. قال الزين العراقي: وهذا في نفل لا يشرع جماعة وفي صلاة الفذ. أما إمام غير المحصورين فالمأمور بالنخفيف المشروع لخبر إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف. ثم إن ما ذكر من تفسير القنوت بالقيام هو ما عليه أهل النظر000000
1119 أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة
( صحيح ) ( حل هب ) عن ابن عمر .
الشرح:
لأن يوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع والصبح أفضل الخمس على ما اقتضاه هذا الحديث ونص عليه الشافعي لكن الأصح عند أصحابه أن أفضل
الصلوات العصر، إذ هي الوسطى على المعمول به الذي صح به الحديث من غير معارض ثم الصبح ثم العشاء ثم المغرب ثم الظهر على الأوجه للحديث الآتي، وأفضل الجماعات جماعة الجمعة ثم الصبح ثم العشاء لامتياز الجمعة بخصائص ليست لغيرها وعظم المشقة في جماعة الصبح والعشاء 0000000
1120 أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما و يفطر يوما و لا يفر إذا لاقى ( صحيح ) ( ت ن ) عن ابن عمرو .
الشرح:(2/34)
(أفضل الصوم صوم أخي) في النبوة والرسالة (داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً) فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس كما مر وربما فوت بعض الحقوق هذا مع ما في فطر يوم من الرفق بالبدن وعدم إنهاكه، وذكر بعض الشافعية أن من فعله فوافق فطره يوماً يسن صومه كالإثنين والخميس يكون فطره فيه أفضل ليتم له فطر يوم وصوم يوم (و) كان (لا يفر إذا لاقى) أي ولأجل تقويه بالفطر كان لا يفر من عدوه إذا لاقاه للقتال فلو أنه سرد الصوم فربما أضعف قوته وأنهك جسمه ولم يقو على قتال الأبطال فصوم يوم وفطر يوم جمع بين القربتين والقيام بالوظيفتين فإن اللّه لم يتعبد عبده بالصوم خاصة فلو استفرغ جهده قصر في غيره فالأولى الإقتصار ليبقى بعض قوة لغيره كالجهاد.
1121 أفضل الصيام بعد رمضان الشهر الذي تدعونه المحرم ( صحيح ) ( ن ) عن جندب .
1122 أفضل العبادة الدعاء ( صحيح ) ( ك ) عن ابن عباس
( عد ) عن أبي هريرة ( ابن سعد ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:
لأنه أمر مأمور به إذا أتى به المكلف قبل منه لا محالة وترتب عليه المقصود وترتب الجزاء على الشرط والمسبب على السبب وما كان كذلك فهو من أفضل العبادات وأتمها وأكملها ذكره القاضي وهو ذهاب منه إلى حمل العبادة على المعنى الشرعي قال الطيبي: ولكن حملها على اللغوي لأن الدعاء إظهار غاية التذلل والافتقار والاستكانة وما شرعت العبادة إلا للخضوع للباري وإظهار الافتقار إليه وفيه رد على من كره الدعاء وقال تركه أفضل.
1123 أفضل العمل الصلاة لوقتها و الجهاد في سبيل الله ( صحيح )
( هب ) عن ابن مسعود .
1124 أفضل العمل إيمان بالله و جهاد في سبيل الله
( صحيح ) ( حب ) عن أبي ذر .
1125 أفضل القرآن ( الحمد لله رب العالمين ).(صحيح)(ك هب)عن أنس.
الشرح:(2/35)
أي أعظم القرآن أجراً وأكثره مضاعفة للثواب قراءة سورة الحمد للّه ربّ العالمين وهي الفاتحة بمعنى أن اللّه سبحانه جعل قراءتها في الثواب كقراءة أضعافها من سورة أخرى قال التوربشتي: وإنما كانت أفضل اعتباراً لعظم قدرها وتعريفاً بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها ولاشتمالها على معان وفوائد كثيرة مع وجازة ألفاظها ولذلك سميت أم القرآن لاشتمالها على المعاني التي فيه من الثناء عليه والتعبد بالأمر وانهي والوعد والوعيد وغير ذلك وهذا ينبئك بتأويل ما عليه حجة الإسلام ومن على قدمه من أن بعض القرآن أفضل من بعض وردوا على من ذهب إلى المنع ولا حجة له عند التأمل في قوله التفضيل يوهم نقص المفضل عليه 000000
1126 أفضل الكسب بيع مبرور و عمل الرجل بيده ( صحيح )
( حم طب ) عن أبي بردة بن نيار .
الشرح:
(أفضل الكسب بيع مبرور) أي لا غش فيه ولا خيانة أو معناه مقبول في الشرع بأن لا يكون فاسداً أو مقبول عند اللّه بأن يكون مثاباً عليه (عمل الرجل بيده) من نحو صناعة أو زراعة وقيد العمل باليد لكون أكثر مزاولته بها وخص الرجل لأنه المحترف غالباً لا لإخراج غيره وظاهر الحديث تساويهما في الأفضلية قال بعضهم وقد قيل له لا تتبع التكسب فيدنيك من الدنيا فقال لئن أدناني من الدنيا فقد صانني عنها.
1127 أفضل الكلام: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر
( صحيح ) ( حم ) عن رجل .
الشرح:
(أفضل) وفي رواية أحب (الكلام) بعد القرآن كما في الهدي زاد في الرواية أربع أي أربع كلمات وهي (سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر) إذ هي أفضل الكلام الآدميين ذكره النووي وقال القاضي المراد كلام البشر لأن الثلاث الأول وإن وجدت قي القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه ولا يفضل ما ليس فيه على ما فيه 0000000
1128 أفضل المؤمنين أحسنهم خلقا( صحيح )
( ه ك ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/36)
(أفضل المؤمنين) أي أكثرهم ثواباً أو أرفعهم درجة يعني من أفضلهم في ذلك (أحسنهم خلقاً) بالضم لأن اللّه يحب الخلق الحسن كما ورد في السنن فمن عدم حسنه أو كماله أمر بالمجاهدة والرياضة ليصير محموداً أو كمال الخلق إنما ينشأ عن كمال العقل إذ هو يقتبس الفضائل ويجتنب الرذائل والعقل لسان الروح وترجمان العقل للبصيرة وقد طال النزاع بين القوم هل الخلق غريزي أو مكتسب والأصح أنه متبعض 0000000
1129 أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه و يده و أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و أفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله تعالى عنه و أفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله عز و جل ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(أفضل المؤمنين) أي المسلمين لأنه الملائم لقوله الآتي أفضل المؤمنين إيماناً (إسلاماً من سلم المسلمون) والمسلمات المعصومون وكذا من له ذمة أو عهد معتبر (من لسانه ويده) أي من التعدي بأحدهما أي المسلم الممدوح المفضل على غيره من ضم إلى أداء حقوق اللّه حق المسلمين ولم يذكر الأول لفهمه بالأولى، إذ من أحسن معاملة الناس أحسن معاملة ربه بالأولى فالمراد بمن سلم المسلمون منه من لم يؤذ مسلماً بقول أو فعل وخص اليد مع أن الفعل قد يحصل بغيرها لأن سلطنة الأفعال إنما تظهر بها إذ بها نحو البطش والقطع والأخذ والمنع والإعطاء أو لأن الإيذاء باليد واللسان أكثر وقوعاً فاعتبر الغالب قال الزمخشري: لما كانت أكثر الأعمال تباشر بالأيدي غلبت فقيل في كل عمل هذا مما عملت أيديهم وإن كان عملاً كان يمكن فيه المباشرة باليد وقدم اللسان لأن إيذاءه أكثر وأسهل ولأنه أشد نكاية، قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لحسان أهج المشركين فإنه أشد عليهم من رشق النبل قال الشاعر:
جراحات السنان لها التئام * ولا يلتام ما جرح اللسان(2/37)
قال البيضاوي: من لم يراع حكم اللّه في زمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ولم تكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية الحقوق وملازمة العدل فيما بينه وبين الناس فلعله لا يراعي ما بينه وبين اللّه فيخل بإيمانه، وعلم ما تقرر أنه أراد باليد ما يشمل المعنوية كالاستعلاء وليس من الإيذاء إقامة حد وإجراء تعزير بل هو في الحقيقة إصلاح له وطلب للسلامة لهم ولو في الاستقبال، واعلم أن الإسلام في الشرع يطلق على أمرين أحدهما دون الإيمان وهو الأعمال الظاهرة في قوله تعالى {قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا} والثاني فوقه وهو أن يكون مع الأعمال اعتقاد بالقلب مع الإخلاص والإحسان والاستسلام للّه فيما قضى وقدر فالمراد بالأفضل هنا المستسلم للقضاء والقدر فكأنه قال من أسلم وجهه للّه رضى بتقديره ولم يتعرض لأحد من المسلمين بإيذاء فهو أفضلهم (وأفضل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) بالضم، ذكر حسن الخلق مع الإيمان لأن محاسن الأخلاق هي الأوصاف الباطنة والإيمان تصديق القلب وهو باطن فحصلت المناسبة كما حصلت في ذكر اليد واللسان مع الإسلام (وأفضل المهاجرين) من الهجر أي الترك وهو بمعنى المهاجر وإن كان لفظ المفاعلة يقتتضي وقوع فعل من اثنين لكن المراد الواحد كالمسافر ويمكن كونه على بابه يتكلف (من هجر ما نهى اللّه عنه) أي أفضل المهاجرين من جمع إلى هجر وطنه هجر ما حرم اللّه عليه والهجرة ظاهرة وباطنة، فالباطنة ترك متابعة النفس الأمارة والشيطان والظاهرة الفرار بالدين من الفتن (وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات اللّه عز وجل) فإن مجاهدتها أفضل من جهاد الكفار والمنافقين والفجار لأن الشيء إنما يفضل ويشرف بشرف ثمرته وثمرة مجاهدة النفس الهداية {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وكفى به فضلاً وقد أمر اللّه بمجاهدة النفس فقال {وجاهدوا في اللّه حق جهاده} فإذا التقى القلب والنفس للمحاربة هذا بجنود اللّه من العلم والعقل وهذه بجنود الشيطان(2/38)
من الهوى والشهوة والغضب فتشعبت هذه الأنوار فأشرقت واشتعل الهوى والشهوة والغضب فاضطربا وتحاربا فلذلك وقت يباهي الرب بعبده ملائكته والنصرة موضوعة في ملك المشيئة في حجاب القدرة فيعطي نصره مشيئته فيصل إليه في أسرع من لحظة فإذا رأى الهوى النصرة ذل وانهزم فانهزم العدو بجنوده وأقبل القلب بجمعه وجنوده على النفس حتى أسرها وحبسها في سجنه وجمع جنوده وفتح باب الخزائن ورزق جنده من المال وقعد في ملكه {فأولئك يبدل اللّه سيئاتهم حسنات}
1130 أفضل الناس مؤمن بين كريمين(صحيح)(طب)عن كعب بن مالك .
الشرح:
أي بين أبوين مؤمنين سخيين فيكون قد اجتمع له الإيمان والكرم وفيه وفي أبويه فلحيازته شرف الإيمان والكرم وفي أبويه من جهة نفسه ومن جهة أبويه صار أفضل أو بين أب مؤمن هو أصله وابن مؤمن هو فرعه فهو بين مؤمنين هما طرفاه وهو مؤمن أو بين فرسين يغزو عليهما أو بين بعيرين يستقي عليهما ويعتزل الناس؟ أقوال وأصل الكرم من كرم نفسه أي نزهها وباعدها عن الدنس بشيء من مخالفة ربه.
1131 أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه و ماله ثم مؤمن في شعب من الشعاب يتقي الله و يدع الناس من شره( صحيح )
( حم ق ت ن ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:(2/39)
(أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل اللّه) قال ابن حجر أراد بالمؤمن هنا من قام بما تعين عليه ثم حصل هذه الفضيلة لا أن المراد من اقتصر على الجهاد وأهمل الفروض العينية (بنفسه وماله) لما فيه من بذلهما للّه مع النفع المتعدي قالوا ثم من يا رسول اللّه؟ قال (ثم) يلي المجاهد في الفضل (مؤمن) منقطع للتعبد (في شعب من الشعاب) بالكسر فرجة بين جبلين وليس بقيد بل مثال إذ الغالب على الشعاب الخلو من الناس فلذلك مثل به للعزلة والإنفراد (يتقي اللّه) أي يخافه فيما أمر ونهى (ويدع) أي يترك (الناس من شره) فلا يشاورهم ولا يخاصمهم بل ينفرد بمحل بعيد عنهم لأن من خالط الأنام قلما يسلم من ارتكاب الآثام وهذا صريح في تفضيل الانفراد لما فيه من السلامة من الغيبة واللغو وغير ذلك وأما اعتزال الناس بالكلية فجعله الجمهور ومنهم النووي محله في زمن الفتنة أو فيمن لا يصبر على أذى الناس.
1132 أفضل الهجرتين الهجرة البانة و الهجرة البانة: أن تثبت مع رسول الله و هجرة البادية: أن ترجع إلى باديتك و عليك السمع و الطاعة في عسرك و يسرك و مكرهك و منشطك وأثرة عليك(صحيح)(طب)عن واثلة.
1133 أفضل أيام الدنيا أيام العشر( صحيح ) ( البزار ) عن جابر .
الشرح:(2/40)
(أفضل أيام الدنيا) خرج به أيام الآخرة فأفضلها يوم المزيد يوم يتجلي اللّه لأهل الجنة فيرونه (أيام العشر) أي عشر ذي الحجة لإجتماع أمّهات العبادة فيه وهي الأيام التي أقسم اللّه بها في التنزيل بقوله {والفجر وليال عشر} ولهذا سنّ الإكثار من التهليل والتكبير والتجميد فيه ونسبتها إلى الأيام كنسبة مواضع النسك إلى سائر البقاع ولهذا ذهب جمع إلى أنه أفضل من العشر الأخير من رمضان لكن خالف آخرون تمسكاً بأنّ اختيار الفرض لهذا والنفل لذلك يدل على أفضليته عليه وثمرة الخلاف تظهر فيما لو علق نحو طلاق أو نذر بأفضل الأعشار أو الأيام. وقال ابن القيم: الصواب أن ليالي العشر الآخر من رمضان أفضل من ليالي عشر الحجة وأيام عشر الحجة أفضل من أيام عشر رمضان لأن عشر الحجة إنما فضل ليومي النحر وعرفة وعشر رمضان إنما فضل بليلة القدر، وفيه فضل بعض الأزمنة على بعض.
1134أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة(صحيح)(ت)عن زيد بن ثابت
1135 أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون( صحيح )
( حم طب ك ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/41)
(أفضل نساء أهل الجنة) (فائدة) ذكره الإيذان بأن هؤلاء الأربعة أفضل حتى من الحور العين ولو قال النساء لتوهم أن المراد نساء الدنيا فقط (خديجة بنت خويلد) تصغير خالد 00 (ومريم بنت عمران) الصديقة بنص القرآن (وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون) والثانية والثالثة أفضل من الأولى والرابعة والأولى أفضل من الأخيرة وفي الثانية والثالثة خلاف مشهور فرجح البعض تفضيل فاطمة لما فيها من البضعة الشريفة وبعضهم مريم لما قيل بنبوتها ولأنه تعالى ذكرها مع الأنبياء في القرآن قال القرطبي ظاهر القرآن والأحاديث يقتضي أن مريم أفضل من جميع نساء العالم من حواء إلى آخر امرأة عليها ويؤيده أنها صديقة ونبية بلغتها الملائكة الوحي من اللّه بالتكليف والأخبار والبشارة وغيرها كما بلغت جميع الأنبياء قال فهي نبية خلافاً لبعضهم وحينئذ فهي أفضل من فاطمة لأن النبي أفضل من الولي قال ابن حجر في الفتح هذا نص صريح في تفضيل خديجة على عائشة لا يحتمل التأويل 000
1136 أفطر الحاجم و المحجوم صحيح )
( حم د ن ه حب ك ) عن ثوبان وهو متواتر .
الشرح:
الصائمان أي تعرّضا للفطر إذ الحاجم عند المص لا يأمن وصول شيء من الدم جوفه والمحجوم يضعف قواه بخروج الدم فيؤول الحال لإفطاره. قال القاضي البيضاوي: ذهب إلى ظاهر الخبر جمع فقالوا بفطرهما منهم أحمد وذهب الأكثر للكراهة وصحة الصوم وحملوا الخبر على التشديد وذهب قوم إلى أنه منسوخ.
1137 أفطر عندكم الصائمون و أكل طعامكم الأبرار و صلت عليكم الملائكة ( صحيح ) ( ه حب ) عن ابن الزبير .
الشرح:(2/42)
(أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم) أي وشرب شرابكم (الأبرار) صائمين ومفطرين فمفاد هذه الجملة أعم مما قبلها (وصلت عليكم الملائكة) أي استغفرت لكم وهذا قاله لسعد بن معاذ لما أفطر عنده في رمضان وقيل بل إنه سعد بن عبادة ولا مانع من التعدد وأراد بالملائكة الموكلين بذلك بخصوصه إن ثبت وإلا فالحفظة أو المعقبات أو رافعي الأفعال أو الكل أو بعض غير ذلك وفيه أنه يندب بمن أفطر عنده صائم أن يدعو له بذلك بناء على أن الجملة دعائية وهو أقرب من جعلها خبرية وذلك مكافأة له على ضيافته إياه.
1138 أفلح من هدي إلى الإسلام و كان عيشه كفافا و قنع به ( صحيح )
( طب ك ) عن فضالة بن عبيد .
الشرح:
أي قدر الكفاية بغير زيادة ولا نقص يقال ليتني أنجو منك كفافاً أي رأساً برأس لا أرزاً منك ولا تزرأ مني وحقيقته أكف عنك وتكف عني وقد يبنى على الكسر فيقال دعني كفاف قال:
فليت حظي من يداك الصافي * والنفع أن تتركني كفاف
ذكره كله الزمخشري (وقنع به) أي رضى باليسير من ذلك والفلاح الظفر وإدراك البغية مما يطلب به الحياة الدنيوية أو مما يفوز به في الآخرة قال النووي: قد يحتج به من يفضل الفقر على الغنى واعترض بأنه ليس فيه ما يقتضي تفضيل صاحب الكفاف وإنما وصفه بالفلاح وهو معلق على القناعة والرضا والمعلق على المجموع لا يوجد بدون وجود ذلك المجموع لكن ينضم لهذا ما يترجح به.
1139 إقامة حد من حدود الله خير من مطر أربعين ليلة في بلاد الله
( حسن ) ( ه ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/43)
(إقامة حد من حدود اللّه) على من فعل موجبه وثبت عليه (خير من مطر أربعين) وفي رواية ثلاثين (ليلة) في بلاد اللّه تعالى لأن في إقامتها زجراً للخلق عن المعاصي وسبباً لفتح أبواب السماوات للمطر وفي العفو عنها والتهاون بها انهماكاً لهم في الإثم وسبباً لأخذهم بالجدب والسنين ولأن إقامتها عدل وخير من المطر أو المطر يحيي الأرض والعدل يحيي أهلها ولأن دوام المطر قد يفسد وإقامتها صلاح محقق، وخوطبوا به لأنهم لا يسترزقون إلا بالمطر {وفي السماء رزفكم وما توعدون}.
1140 اقبل الحديقة و طلقها تطليقة( صحيح ) ( خ ن ) عن ابن عباس .
1141 أقبل و أدبر و اتق الدبر و الحيضة ( حسن )( حم ) عن ابن عباس .
1142اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكروعمر(صحيح)(حم ت ه)عن حذيفة.
الشرح:(2/44)
(اقتدوا باللذين) بفتح الذال: أي الخليفتين اللذين يقومان (من بعدي: أبو بكر وعمر) أمره بمطاوعتهما يتضمن الثناء عليهما ليكونهما أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه المؤذن بحسن سيرتهما وصدق سريرتهما وإيماء لكونهما الخليفتين بعده، وسبب الحث على الإقتداء بالسابقين الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضية والطبيعة القابلة للخيور السنية، فكأنهم كانوا قبل الإسلام كأرض طيبة في نفسها، لكنها معطلة عن الحرث بنحو عوسج وشجر عضاة، فلما أزيل ذلك منها بظهور دولة الهدى أنبتت نباتاً حسناً، فلذلك كانوا أفضل الناس بعد الأنبياء وصار أفضل الخلق بعدهم من اتبعهم بإحسان إلى يوم الصراط والميزان (فإن قلت) حيث أمر باتباعهما فكيف تخلف علي رضي اللّه عنه عن البيعة؟ (قلت) كان لعذر ثم بايع، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما وإقامة الجمع والأعياد معهما والثناء عليهما حيين وميتين (فإن قلت) هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنه لم ينص على خلافه أحد (قلت) مرادهم لم ينص نصاً صريحاً، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الإقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة وغير ذلك.
1143 اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر و عمر و اهتدوا بهدي عمار و ما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه( صحيح ) ( ع ) عن حذيفة .
1144 اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي بكر و عمر و اهتدوا بهدي عمار و تمسكوا بعهد ابن مسعود ( صحيح )
( ت ) عن ابن مسعود ( الروياني ) عن حذيفة ( عد ) عن أنس .
الشرح:
(اقتدوا باللذين) بفتح الذال (من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار) بن ياسر:أي سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده فإنه ما(2/45)
عرض عليه أمران إلا اختار أرشدهما كما ياتي في حديث (وتمسكوا بعهد ابن مسعود) عبد اللّه أي ما يوصيكم به، قال التوربشتي: أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة فإنه أول من شهد بصحتها وأشار إلى استقامتها قائلاً: ألا نرضى لدنيانا من رضيه لديننا نبيينا كما يومىء إليه المناسبة بين مطلع الخبر وتمامه.
1145 اقتربت الساعة ولا تزداد منهم إلا بعدا(حسن)(طب)عن ابن مسعود.
الشرح:
(اقتربت الساعة) أي دنا وقت قيامها، وإذا اقترب وقت ما يكون فيها من حساب وثواب وعقاب وغير ذلك ونحوه {واقترب الوعد الحق} الساعة واقترابها إقبالها إلينا في كل لحظة بتقريب الآجال ونحن نقرب منها بقطع مسافة الأعمار، وإنما يدرك قربها بتكامل أنوار الإيمان ومن ضعف إيمانه بحب الدنيا قربت منه بصورتها فازداد حرصاً عليها لعماه عن عاقبتها، والساعة في الأصل تقال على جزء قليل من نهار أو ليل ثم استعيرت ليوم القيامة: أعني الوقت التي تقوم فيه وهي ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم ولقلته سمي ساعة (ولا تزداد منهم) يعني من الناس الحريصين على الاستكثار من الدنيا كما يفيده الخبر الآتي (إلا قرباً) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من معجم الطبراني والحلية إلا بعداً، وكلاهما له وجه صحيح. فالمعنى على الوجه الأول أنهم كلما مر بهم زمن وهم متمادون في غفلتهم ازداد قربها منهم، وعلى الثاني أنها كلما اقتربت ودنت كلما تناسوا قربها وعملوا عمل من الساعة أخذت في البعد عنه لما على قلوبهم من الأكنة والأغطية وعلى أبصارهم وبصائرهم من الأغشية بالغفلة مع الإعراض على معنى أنهم غافلون عن حسابهم ساهون عنه لا يتفكرون في عاقبتهم ولا يفطنون لما يرجع إليه خاتمة أمرهم مع اقتضاء عقولهم أن الجزاء كائن للمحسن والمسيء وإذا قرعت لهم العصا ونبهوا من سنة الغفلة وفطنوالذلك بما يتلى عليهم من الآيات والنذرأعرضوا وسدوا أسماعهم وما تزيدهم فنون الموعظة التي أحق الحق وأحد الحد إلا لهواً(2/46)
ولعباً وشحاً وحرصاً وتناسياً للساعة كأنها ولت عنهم دباراً وتناءت عنهم فراراً.
1146 اقتربت الساعة و لا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا و لا يزدادون من الله إلا بعدا ( حسن ) ( ك ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(اقتربت الساعة ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً) شحاً وإمساكاً لعماهم عن عاقبتها (ولا يزدادون من اللّه إلا بعداً) أي من رحمته لأن الدنيا مبعدة عن الآخرة لأنه يكرهها ولم ينظر إليها منذ خلقها والبخيل مبغوض إلى اللّه مبعود عنه لا يقال كيف وصف الساعة بالاقتراب وقد عددون هذا القول أكثر من ألف عام لأنا نقول هي مقتربة عند اللّه {وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون} ولأن كل آت آت، وإن طالت أوقات استقباله وترقبه قريب، ولأن ما بقي من الدنيا أقل مما سلف منها بدليل انبعاث خاتم النبيين الموعود ببعثه آخر الزمان. وبالجملة فهذه الأخبار الشافية الكافية مسوقة للبيان أنه لابد من طي البساط ورفع السماط وتبديل الأرض في الطول والعرض وتخريب العامر وتحريك الزاهر وشق الأثواب وطرق الأبواب وسفك الدماء وهتك النساء وشقاق العلماء وخلاف الأمراء أو قيام السيف في الشتاء والصيف وسوء الحال ورفض المال وارتفاع الصبيان ثم الصلبان وسقوط الفرسان وهبوط العربان لنفوذ القضاء والقدر كما جاء في الخبر: إذا نزل القضاء عمي البصر.
1147 اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية و العقرب( صحيح )
( د ت حب ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/47)
(اقتلوا الأسودين) سماهما بالأسودين تغليباً كالعمرين. قال الجوهري: الأسود العظيم من الحيات وفيه سواد وضم العقرب إليها تغليباً كإطلاقه الأسودين على التمر والماء، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان فيسميان معاً باسم الأشهر، والأمر للندب أو الإباحة لا للوجوب ما لم يتعرض ولم يخفها على نفسه ولا على غيره، (وإلا فللوجوب) حتى (في الصلاة) قالوا: وما الأسودان؟ قال (الحية والعقرب) ويلحق بهما كل ضار كزنبور، وفيه حل العمل القليل في الصلاة وأن ولاء الفعل مرتين في آن لا يفسدها، إذ قتلهما إنما يكون غالباً بضربة أو ضربتين، فإن تتابع وكثر أبطل، كذا قيل، وأنت خبير بأن الحديث لا يفيد ذلك لجواز أن يكون أمر بالقتل في الصلاة وإن أبطلها؟ وكم له نظير؟ ثم رأيت بعض المحققين قال الحق فيما يظهر الفساد إذا تتابع وكثر، والأمر بالقتل لا يستلزم بقاء الصحة على نهج ما قالوا في إنقاذ الغريق ونحوه بل أثره في دفع لإثم بمباشرة المفسد في الصلاة بعد أن كان حراماً.
1148 اقتلوا الحيات فإنا لم نسالمهن منذ حاربناهن ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمر .
1149 اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن فليس منا( صحيح )
( د ن ) عن ابن مسعود ( طب ) عن جرير وعثمان بن أبي العاص .
الشرح:(2/48)
(اقتلوا الحيات كلهن) أي بسائر أنواعهن في كل حال وزمان ومكان، وظاهره ولو غير مؤذيات: أي ولو في حال الإحرام كما يؤذن به كلمة التعميم، لكن نهى في حديث عن قتل ذات البيوت التي لا تضر (فمن خاف) من قتلهن (ثأرهن) بمثلثة وهمزة ساكنة (فليس منا) أي من جملة ديننا أو العاملين بأمرنا، يعني ليس من أهل طريقنا من يهاب الإقدام عليهن ويتوقى قتلهن خوفاً من أن يطلب بثأرهن أو يؤذي من قتلهن كما كان أهل الجاهلية يدينون به. ذكره الزمخشري، والمراد الخوف المتوهم. أما لو غلب على ظنه حصول ضرر منهن فلا ملام عليه بل يلزمه ترك قتلهن، ووهم شارح وهنا (تنبيه) قال المنذري: ذهب قوم إلى قتل الحيات أجمع في الصحراء والبيوت في المدينة وغيرها ولم يستثنوا نوعاً ولا جنساً ولا موضعاً تمسكاً بهذا الحديث. وقال قوم إلا سواكن البيوت بالمدينة وغيرها فلا يقتلن لخبر فيه، وقال قوم تنذر سواكن البيوت في المدينة وغيرها فلا يقتلن لخبر فيه، فإن بدين - أي ظهرن - بعد الإنذار قتلهن، وقال مالك يقتل ما وجد منها بالمساجد، وقال قوم لا تنذر إلا حيات المدينة فقط، ويقتل ما عداها مطلقاً، وقال قوم يقتل الأبتر ذو الطفيتين بغير إنذار بالمدينة وغيرها. قال: ولكل من هذه الأقوال وجه قوي ودليل ظاهر.
1150 اقتلوا الحيات و الكلاب و اقتلوا ذا الطفيتين و الأبتر فإنهما يلتمسان البصر و يسقطان الحبل( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
1151 اقتلوا الحية و العقرب و إن كنتم في الصلاة ( صحيح )
( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(اقتلوا الحية) قال في الكشاف اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والكبير والصغير (والعقرب وإن كنتم في الصلاة) أي وترتب على القتل بطلانها. قال الزين العراقي: وهذا محمله على الندب أو الإباحة وصرفه عن الوجوب خبرأبي يعلى عن عائشة أنه كان لا يرى بقتلها في الصلاة بأساً00
1152 اقتلوا ذا الطفيتين فإنه يلتمس البصر و يصيب الحبل( صحيح )
( خ ) عن عائشة .(2/49)
1153 اقتلوا ذا الطفيتين و الأبتر فإنهما يطمسان البصر و يسقطان الحبل
( صحيح ) ( حم ق د ت ه ) عن ابن عمر .
الشرح:
(اقتلوا) وجوباً (الحيات) بسائر أنواعها حتى في الحرم وحال الإحرام (اقتلوا ذا الطفيتين) تثنية طفية بضم الطاء المهملة وسكون الفاء: ما بظهره خطان أسودان وقيل: أبيضان. والطفية في الأصل خوصة المقل، فشبه الخطين على ظهر الحية بخوصتين من خوص المقل (والأبتر) الذي يشبه مقطوع الذنب لقصر ذنبه (فإنهما يطمسان) يعميان (البصر) أي بصر الناظر إليهما أو من نهشته، والطمس استئصال أثر الشيء، وفي رواية لمسلم بدل يطمسان يلتمسان: أي يطلبان يعني يخطفان (ويسقطان) كذا رأيته في نسخ، والذي وقفت عليه في الصحيحين ويستسقطان بسينين ونص على هذين مع دخولهما في الحيات اهتماماً بقتلهما لكونهما يطمسان ويسقطان، أو لأن الشيطان لا يتمثل بهما قالوا ومن الحيات نوع يسمى الناظر إذا وقع نظره على إنسان مات فوراً وآخر إذا سمع صوته مات وذكروا في خواص بعض الأفعى أن الجنين يسقط عند موافقة النظرين (الحبل) أي الحمل عند نظر الحامل إليهما بالخاصية لبعض الأشخاص جعل ما يفعلانه بالخاصية كالذي يفعلانه بقصد وفي رواية لمسلم الحبالى بدل الحبل
1154 اقرأ القرآن في أربعين ( حسن ) ( ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
ليكون حصة كل يوم نحو مائتي وخمسين آية، وذلك لأن تأخيره أكثر منها يعرضه للنسيان والتهاون به، وقد عهد ورد الأربعين أشياء كثيرة كخلق النطفة لأربعين فعلقة فمضغة لمثلها وبين النفختين أربعين ومكث آدم في طينته وميعاد موسى وسلطان الدجال وغالب النفاس وتمام الرباط وبلوغ الأشد إلى غير ذلك، إلا أن قراءته في أربعين: مدة الضعفاء ثم يرتقي الحال بسبب القوة إلى ثلاث.
1155 اقرأ القرآن في ثلاث إن استطعت( صحيح )
( حم طب ) عن سعد بن المنذر .
الشرح:(2/50)
(اقرأ القرآن في ثلاث) أي بأن تقرأ في كل يوم وليلة ثلثه (إن استطعت) قراءته في الثلاث مع ترتيل وتدبر، وإلا فاقرأه في أكثر، ومن ثم قال ابن مسعود: من قرأه في أقل من ثلاث فهو راجز، وكره ذلك معاذ0000
1156 اقرأ القرآن في خمس ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمر .
الشرح:
(اقرأ القرآن في خمس) أخذ به جمع من السلف، فاستحبوا الختم في كل خمس، ومنهم علقمة بن قيس، ولو تعارض الإسراع والترتيل روعي الترتيل عند الجمهور. قال ابن حجر: والتحقيق أن لكل منهما جهة فضل بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف والحركات والسكنات الواجبات. ولا يمنع أن يفضل أحدهما الآخر، وأن يستويا فإن من رتل وتأمل كمن تصدق بجوهرة ثمينة، ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة، وقد تكون قيمة الواحدة أكثر من قيمة الأخريات، وقد يكون بالعكس.
1157 اقرأ القرآن في كل شهر اقرأه في خمس و عشرين اقرأه في خمس عشرة اقرأه في عشر اقرأه في سبع لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث
( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمرو .
1158 اقرأ القرآن في كل شهر اقرأه في عشرين ليلة اقرأه في عشر اقرأه في سبع و لا تزد على ذلك ( صحيح ) ( ق د ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/51)
(اقرأ القرآن) اسم علم خاص بكلام اللّه (في كل شهر) بأن تقرأ في كل يوم وليلة جزءاً من ثلاثين (اقرأه في) كل (عشرين ليلة) في كل يوم وليلة ثلاثة أحزاب (اقرأه في عشر) بأن تقرأ في كل يوم وليلة ستة أحزاب (اقرأه في سبع) أي في كل أسبوع (ولا تزد على ذلك) فإن قارئه ينبغي أن يتفكر في معانيه وأمره ونهيه ووعده ووعيده وتدبر ذلك لا يحصل في أقل من أسبوع: وأنى به؟ ومن ثم رأى جمع قراءته في الأسبوع من الورد الحسن. قال في الأذكار: وهذا فعل الأكثر من السلف. قال الدماميني: ولهذا الحديث منع كثير من العلماء الزيادة على السبع. اهـ واختار النووي اختلاف القدر باختلاف الأشخاص بالنسبة لسريع الفهم وغيره قال فمن كان من ذوي الفهم وتدقيق الفكر يندب له الاقتصار على القدر الذي لا يخل به المقصود من التدبر واستنباط المعاني، وكذا من له شغل بعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يندب له الاقتصار على قدر لا يخل بما هو فيه، ومن يكن كذلك فالأولى له الإكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة. اهـ. وإنما اختلفت الأحاديث لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يأمر كل إنسان بما يناسب حاله 000000
1159 اقرأ المعوذات في دبركل صلاة(صحيح)(د حب)عن عقبة بن عامر
الشرح:
(اقرأ المعوذات) الفلق والناس ذهاباً إلى أن أفل الجمع اثنان أو والإخلاص تغليباً (في دبر) بضم الدال والموحدة (كل صلاة) من الخمس، فيه ندب قراءتها بعد التسليم من كل صلاة لأنه لم يتعوذ بمثلها. فإذا تعوذ المصلي بها كان في حراستها حتى تأتي صلاة أخرى.
1160 اقرأ المعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما( صحيح )
( طب ) عن عقبة بن عامر .
1161 اقرأ ( قل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك ) .
( صحيح ) ( هب ) عن أنس .
1162 أقرأني جبريل القرآن على حرف فراجعته فلم أزل استزيده فيزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف (صحيح ) ( حم ق ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/52)
(اقرأني جبريل القرآن على حرف) أي لغة أو وجه من الإعراب (فراجعته) أي فقلت له إن ذلك تضييق قأقرأني إياه على حرفين (فلم أزل أستزيده) أي أطلب منه أن يطلب لي من اللّه الزيادة على الحرف توسعة وتخفيفاً ويسأل جبريل ربه ويزيده في الحروف (فيزيدني) حرفاً حرفاً (حتى انتهى إلى سبعة أحرف) أي سبعة أوجه أو لغات تجوز القراءة بكل منها وليس المراد أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه والإختلاف اختلاف تنوع وتغاير لا تضاد وتنافر وتناقض. إذ هو محال في القرآن وذلك يرجع إلى سبعة وذلك إما في الحركات من غير تغيير في المعنى والصورة نحو النحل أو بتغيير في المعنى فقط نحو {فتلقى آدم من ربه كلمات} وأما في الحروف بتغيير في المعنى لا في الصورة أو عكسه وإما بتغييرهما وإما في التقديم والتأخير نحو {فيقتلون ويقتلون} أو في الزيادة والنقص نحو أوصى ووصى وفي المراد بالسبعة في هذا الحديث وما أشبهه نحو أربعين قولاً قال البعض أقربها أن المراد سبعة لغات أو سبعة أوجه من المعاني المتفقة وقال الطيبي: أصحها أن المراد كيفية النطق بكلماتها من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإمالة ومد وهمز وتليين لأن العرب مختلفة اللغات فيسر عليهم ليقرأ كل بموافقة لغته.
1163 اقرءوا القرآن على سبعة أحرف فأيما قرأتم أصبتم و لا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر( صحيح ) ( هب ) عن عمرو بن العاص .
1164 اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه أما إني لا أقول ( ألم حرف و لكن ألف عشر و لام عشر و ميم عشر فتلك ثلاثون ) .( صحيح)(أبو جعفر النحاس في الوقف والابتداء السجزي في الإبانة خط ) عن ابن مسعود .(2/53)
1165 اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين: البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا تستطيعها البطلة(صحيح) ( حم م ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(اقرأوا القرآن فإنه) أي القرآن (يأتي يوم القيامة شفيعاً) أي شافعاً (لأصحابه) بأن يتصور بصورة يراها الناس كما يجعل اللّه لأعمال العباد صورة ووزناً لتوضع في الميزان فليعتقد المؤمن هذا وشبهه بإيمانه لأنه لا مجال للعقل فيه (اقرؤوا الزهراوين) أي النيرتين. سميتا به لكثرة نور الأحكام الشرعية وكثرة أسماء اللّه تعالى فيهما أو لهديتهما قارئهما أو لما يكون له من النور بسببها يوم القيامة، والزهراوين تثنية الزهراء تأنيث أزهر وهو المضيء الشديد بالضوء (البقرة وآل عمران) أوقعه بدلاً منهما مبالغة في الكشف والبيان كما تقول هل أدلك على الأكرم الأفضل؟ فلان فإنه أبلغ من أدلك على زيد الأكرم الأفضل لذكره أولاً مجملاً ثم ثانياً مفصلاً، وكما جعل علماً في الكرم والفضل جعلا علماً في الإنارة، وفيه جواز قول سورة كذا ورد على من كرهه فقال إنما يقال السورة التي يذكر فيها كذا (فإنهما يأتيان) أي ثوابهما الذي استحقه التالي العامل بهما (يوم القيامة) قال النووي: أطلق اسمهما على هذا الذي يأتي يوم القيامة استعارة على عادة العرب في ذلك (كأنهما غمامتان) أي سحابتان تظلان قارئهما من حر الموقف وكرب ذلك اليوم المهول (أو غيابتان) مثنى غيابة بمثناة تحتية وهي ما أظل الإنسان. قال القاضي: ولعله أراد ما يكون له صفاء وضوء: إذ الغيابة ضوء شعاع الشمس (أو كأنهما فرقان) بكسر فسكون أي قطيعان وجماعتان (من طير) أي طائفتان منهما (صواف) باسطات أجنحتها متصلاً بعضها ببعض جمع صافة وهي الجماعة الواقعة على الصف وليست أو للشك كما وهم ولا للتخيير في(2/54)
تشبيه الصورتين كما ظن، ولا للترديد من بعض الرواة كما قيل لاتساق الروايات كلها على هذا المنهاج بل هي كما قاله البيضاوي وبعض أئمة الشافعية للتنويع وتقسيم أحوال القارئين فالأول لمن يقرأهما ولا يفهم معناهما والثاني للجامع بين تلاوة اللفظ ودراية المعنى، والثالث لمن ضم إليهما تعليم المستفيدين وإرشاد الطالبين وبيان حقائقهما وكشف ما فيهما من الرموز والحقائق واللطائف عليهم وإحياء القلوب الجامدة وتهييج نفوسهم الخامدة حتى طاروا من حضيض الجهالة والبطالة إلى أمواج العرفان واليقين. ذكره القاضي. وقال الطيبي: إذا تفاوتت المشبهات لزم تفاوت المشبه في التظليل بالغمامة دون التظليل بالغيابة، إذ الأول عام في كل أحد، والثاني يختص بمثل الملوك والثالث الرفع كما كان لسليمان عليه السلام (تحاجان) تدافعان الجحيم أو الزبانية. وقال القاضي تحاجان عن أصحابهما بالدلالة على سعيه في الدين ورسوخه في اليقين والإشعار بفضله وعلو شأنه.(اقرأوا سورة البقرة) قال الطيبي: تخصيص بعد تخصيص، عم أولاً بقوله اقرأوا القرآن وعلق به الشفاعة ثم خص الزهراوين وعلق بهما التخصيص من كرب يوم القيامة والمحاجة، وأفرد ثالثاً البقرة وعلق بها المعاني الثلاثة الآتية تنبيهاً على أن لكل مهنما خاصية لا يعرفها إلا صاحب الشرع (فإن أخذها) يعني المواظبة على تلاوتها والعمل بها بركة: أي زيادة ونماء (وتركها حسرة) أي تأسف على ما فات من الثواب (ولا تستطيعها البطلة) بفتح الباء والطاء: السحرة: تسمية لهم باسم فعلهم لأن ما يأتون به باطل، وإنما لم يقدروا على قراءتها لزيغهم عن الحق وانهماكهم في الباطل. وقيل البطالة أهل البطالة الذين لم يؤهلوا لذلك ولم يوفقوا له أي لا يستطيعون قراءة ألفاظها وتدبر معانيها لبطالتهم وكسلهم، أو المراد سحرة البيان من قوله إن من البيان لسحراً أي أنهم لا يستطيعونها من حيث التحدي فأتوا بسورة من مثله 0000000(2/55)
1166 اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فيه فقوموا
( صحيح ) ( حم ق ن ) عن جندب .
الشرح:
(اقرأوا القرآن) أي داوموا على قراءته (ما ائتلفت) أي ما اجتمعت (عليه قلوبكم) أي مادامت قلوبكم تألف القرآن: يعني اقرؤه على نشاط منكم وخواطركم مجموعة (فإذا اختلفتم فيه) بأن مللتم أو صارت قلوبكم في فكرة شيء سوى قراءتكم وحصلت القراءة بألسنتكم مع غيبة قلوبكم فلا تفهمون ما تقرؤون (فقوموا) عنه: أي اتركوه إلى وقت تعودون في محبة قراءته إلى الحالة الأولى فإنه أعظم من أن يقرأه أحد من غير حضور قلب، أو المعنى اقرؤوا ما دمتم متفقين في قراءته وتدبر معانيه وأسراره، وإذا اختلفتم في فهم معانيه فدعوه لأن الاختلاف يؤدي إلى الجدال، والجدال يؤدي إلى الجحد وتلبيس الحق بالباطل. قال الزمخشري. قال ولا يجوز توجيهه بالنهي عن المناظرة والمباحثة فإنه سد لباب الاجتهاد، وإطفاء لنور العلم وصد عما تواطأت العقول والآثار الصحيحة على ارتضائه والحث عليه ولم يزل الموثوق بهم من علماء الأمة يستنبطون معاني التنزيل ويستثيرون دقائقه ويغوصون على لطائفه وهو ذو الوجوه فيعود ذلك تسجيلاً له ببعد الغور واستحكام دليل الإعجاز، ومن ثم تكاثرت الأقاويل واتسم كل من المجتهدين بمذهب في التأويل: إلى هنا كلامه00000
1167 اقرءوا القرآن و ابتغوا به الله تعالى من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه و لا يتأجلونه( حسن ) ( حم د ) عن جابر .
الشرح:(2/56)
(اقرأوا القرآن وابتغوا به اللّه تعالى) على الكيفية التي يسهل على ألسنتكم النطق بها مع اختلافها فصاحة ولكنة ولثغة بلا تكلف ولا مشقة ولا مبالغة (من قبل أن يأتي قوم) أي قرون متتالية (يقيمونه إقامة القدح) بكسر القاف: السهم الذي يرمي به (يتعجلونه) أي يطلبون بقراءته العاجلة من عرض الدنيا والرفعة فيه، ولفظ رواية أحمد يتعجلان أجره (ولا يتأجلونه) أي لا يريدون به الآجلة وهو جزاء الآخرة، فمن أراد بها الدنيا فهو متعجل وإن ترسل في قراءته، ومن أراد به الآخرة فهو متأجل ومن أسرع في قراءته بعد إعطاء الحروف حقها. ومن قال أن المراد يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه فكأنه لم يتأمل السوق، إذ الخبر مسوق لذم أؤلئك الآتين، وأما إرادة مدحهم فبعيد عن المقام، وهذه معجزة لوقوع ما أخبر به.
1168 اقرءوا القرآن و اعملوا به و لا تجفوا عنه و لا تغلوا فيه و لا تأكلوا به و لا تستكثروا به( صحيح )(حم طب ع هب) عن عبدالرحمن بن شبل .
الشرح:
(اقرأوا القرآن واعملوا به) بامتثال أمره وتجنب نهيه (ولا تجفوا عنه) أي لا تبعدوا عن تلاوته (ولا تغلوا فيه) تجاوزوا حده من حيث لفظه أو معناه بأن تتأولوه بباطل، أو المراد لا تبذلوا جهدكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات، فالجفاء عنه التقصير، والغلو التعمق فيه، وكلاهما شنيع، وقد أمر اللّه بالتوسط في الأمور فقال {لم يسرفوا ولم يقتّروا} (ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به) أي لا تجعلوه سبباً للإكثار من الدنيا، ومن الآداب المأمور بها: القصد في الأمور وكلا في طرفي قصد الأمور ذميم. وقال الطيبي: يريد لا تجفوا عنه بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا بتأويله وتفسيره. ولا تغلوا فيه بأن تبذلوا جهدكم في قراءته وتجويده من غير تفكر كما قال في الحديث الآخر لم يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث.(2/57)
1169 اقرءوا القرآن و سلوا الله به قبل أن يأتي قوم يقرءون القرآن فيسألون به الناس( صحيح ) ( حم طب هب ) عن عمران بن حصين .
1170 اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم فإن الشيطان لا يدخل بيتا يقرأ فيه سورة البقرة( صحيح ) ( ك هب ) عن ابن مسعود .
1171 اقرءوا كما علمتم فإنما أهلك من كان قبلكم اختلافهم على أنبيائهم
( حسن ) ( ابن جرير في تفسيره ) عن ابن مسعود .
1172 اقرءوا هاتين الآيتين اللتين في آخر سورة البقرة فإن ربي أعطانيهما من تحت العرش( صحيح ) ( حم طب ) عن عقبة بن عامر .
1173 أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ( صحيح )
( ت ن ك ) عن عمرو بن عبسة .
الشرح:
(أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر) قال الطيبي: يحتمل أن يكون قوله في جوف الليل حالاً من الرب أي قائلاً في جوف الليل من يدعوني فأستجب له سدت مسد الخير، أو من العبد، أي قائماً في جوف الليل داعياً مستغفراً على نحو قولك ضربي زيداً قائماً، ويحتمل أن يكون خبراً لأقرب، وقوله الآخر: صفة لجوف على أن ينصف الليل ويجعل لكل نصف جوف والقرب يحصل في جوف النصف الثاني، فابتداؤه يكون من الثلث الأخير أهـ وقال هنا أقرب ما يكون الرب من العبد، وفيما قبله أقرب ما يكون العبد من ربه: لأن قرب رحمة اللّه من المحسنين سابق على إحسانهم فإذا سجدوا قربوا من ربهم بإحسانهم (فإن استطعت أن تكون ممن يذكر اللّه) ينخرط في زمرة الذاكرين للّه ويكون له مساهمة معهم (في تلك الساعة فكن) وهذا أبلغ مما لو قيل إن استطعت أن تكون ذاكراً فكن 000
1174 أقرب ما يكون العبد إلى الله و هو ساجد( صحيح )
( البزار ) عن ابن مسعود .
1175 أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد فأكثروا الدعاء
( صحيح ) ( م د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/58)
(أقرب ما) مبتدأ حذف خبره لسد الحال مسده (يكون العبد من ربه وهو ساجد) أي أقرب ما يكون من رحمة ربه حاصل في كونه ساجداً كذا قرره بعضهم. وقال الطيبي: التركيب من الإسناد المجازي أسند القرب إلى الوقت وهو للعبد مبالغة والمفضل عليه محذوف تقديره أن للعبد حالتين في العبادة حالة كونه ساجداً وحالة كونه متلبساً بغير السجود فهو حالة سجوده أقرب إلى ربه من نفسه في غير تلك الحالة (فأكثروا الدعاء) أي في السجود لأنها حالة غاية التذلل وإذا عرف العبد نفسه بالذلة والإفتقار عرف أن ربه هو العلي الكبير المتكبر الجبار، فالسجود لذلك مظنة الإجابة، ومن ثم حث على الدعاء فيه بقوله فأكثروا إلخ. وفي تعميم الدعاء وعدم تخصيصه بنوع ولا غيره رد على من منعه في المكتوبة بغير قرآن كطاوس، وجاء في رواية بدل قوله فأكثروا الدعاء واجتهدوا فيه في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم، وقمن بفتح القاف والميم وقد تكسر معناه حقيق، والأمر بالإكثار من الدعاء في السجود ويشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة كما جاء في خبر الترمذي: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى شسع نعله 0000000
1176 أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا( حسن )
( ابن النجار ) عن علي .
1177 أقروا الطير على مكناتها( صحيح ) ( د ك ) عن أم كرز .
الشرح:
(أقروا الطير على مكناتها) بفتح الميم وكسر الكاف وشد النون أو تخفف جمع مكنة: أي أقروها في أوكارها فلا تنفروها عن بيضها ولا تزعجوها عنه ولا تتعرضوا لها، فالمراد: أماكنها، من قولهم: الناس على مكاناتهم أي منازلهم ومقاماتهم، أو جمع مكنة بضم الميم والكاف بمعنى التمكن: أي أقروها على كل مكنة ترونها عليها ودعوا التطير بها، كان أحدهم إذا سافر نفر طيراً، فإن طار يميناً تفاءل وإن طار شمالاً تشاءم ورجع.
1178 اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر( صحيح ) ( م د ه ) عن ابن عباس .(2/59)
1179 أقصر من جشائك فإن أكثر الناس شبعا في الدنيا أكثرهم جوعا في الآخرة( حسن ) ( ك ) عن أبي جحيفة .
1180 اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عباس .
الشرح:
(اقضوا اللّه) حقه اللازم لكم من الفروض وغيرها (فاللّه أحق بالوفاء) له بالإيمان والطاعة وأداء الواجبات وللوفاء بهما عرض عريض، فأول مراتبه الإتيان بكلمتي الشهادة وآخرها الاستغراق في بحر التوحيد بحيث يغفل عن نفسه فضلاً عن غيره، وهذا التقدير لا يعكر عليه خصوص السبب الآتي لما عرف أن العبرة بعموم اللفظ.
1181 اقطعوا في ربع الدينار و لا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك
( صحيح ) ( حم هق ) عن عائشة .
1182 أقل أمتي أبناء السبعين ( صحيح ) ( الحكيم ) عن أبي هريرة .
الشرح:
أي البالغين من أمتي هذا القدر من العمر هم أقلهم، فإن معترك المنايا ما بين الستين والسبعين فمن جاوز السبعين كان من الأقلين. قال الحكيم: هذا من جملة رحمة اللّه على هذه الأمة وعطفه عليهم أخرهم في الأصلاب حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاذ الدنيا ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا بالدنيا إلا قليلاً ولا يتندسوا، فإن القرون الماضية كانت أعمارهم وأجسادهم على الضعف منا، كان أحدهم يعمر ألف سنة وجسمه ثمانون باعاً فيتناولون الدنيا بمثل هذه الصفة على مثل تلك الأجساد وفي مثل تلك الأعمار، فأشروا وبطروا واستكبروا فصب اللّه عليهم سوط عذاب {إن ربك لبالمرصاد}.
1183 أقل أمتي الذين يبلغون السبعين( حسن ) ( طب ) عن ابن عمر .
1184 أقلوا الخروج بعد هدأة الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن في الأرض في تلك الساعة ( صحيح ) ( حم د ن ) عن جابر .
الشرح:(2/60)
(أقلوا) ندباً وإرشاداً (الخروج) أي من الخروج من محلك (بعد هدأة) بفتح فسكون (الرجل) بكسر فسكون: أي بعد سكون الناس عن المشي في الطريق ليلاً، والهدوء السكون (فإن للّه تعالى دواب ينبثهن) أي يفرقهن وينشرهن (في الأرض تلك الساعة) أي بالليل فإذا خرجتم تلك الساعة فإما أن تؤذوهم أو يؤذوكم: أي يؤذي بعضكم بعضهم وبعضهم بعضكم، فالأحوط الأسلم الكف عن الانتشار ساعتئذ. وعبر بقوله أقل دون لا تخرج إشارة إلى أن الخروج لما لابد منه مأذون فيه، فالمأمور بالكف عنه ما عنه بد فحسب.
1185 أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود ( صحيح )
( حم خد د ) عن عائشة .
الشرح:(2/61)
(أقيلوا) أيها الأئمة: من الإقالة، وهي الترك (ذوي الهيئات) جمع هيئة، قال القاضي: وهي في الأصل صورة أو حالة تعرض لأشياء متعددة فتصير بسببها مقول عليها أنها واحدة ثم أطلق على الخصلة فيقال لفلان هيئات أي خصال، والمراد هنا أهل المروءة والخصال الحميدة التي تأتي عليهم الطباع وتجمع بهم الإنسانية والألفة أن يرضوا لأنفسهم بنسبة الفساد والشر إليها (عثراتهم) زلاتهم: أي ذنوبهم. وهل هي الصغائر أو أول زلة ولو كبيرة صدرت من مطيع؟ وجهان للشافعية وكلام ابن عبد السلام مصرح بترجيح الأول،فإنه عبر بالصغائر00 (إلا الحدود) أي إلا ما يوجب الحدود، إذا بلغت الإمام وإلا الحقوق البشرية فإن كلاً منهما يقام فالمأمور بالعفو عنه هفوة أو زلة لا حدّ فيها وهي من حقوق الحق فلا يعزر عليها وإن رفعت إليه. نعم يندب لمن جاءه نادم أقرّ بموجب حد أن يأمره بستر نفسه ويشير إليه بالكتم كما أمر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ماعزاً والغامدية، وكما لم يستفصل من قال: أصبت حداً فأقمه علي. قال البيضاوي: وقوله إلا الحدود إن أريد بالعثرات صغائر الذنوب وما يندر عنهم من الخطايا، فالاستثناء منقطع، أو الذنوب مطلقاً وبالحدود ما يوجبها فالاستثناء متصل. وخرج بذوي الهيئات من عرف بالأذى والعناد بين العباد فلا يقال له عثار بل تضرم عليه النار.
1186 أقيموا الركوع و السجود فوالله إني لأراكم من بعد ظهري إذا ركعتم و إذا سجدتم ( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
الشرح:(2/62)
(أقيموا الركوع والسجود) أي أكملوهما، وفي رواية أتموا (فو اللّه إني لأراكم) بقوة إبصار أدرك بها ولا يلزم رؤيتنا ذلك وإنما خص نفسه بالذكر ولم يسنده للحق لبعثه شهيداً عليهم وحضاً لهم على مقام الإحسان (من بعدي) وفي نسخ من بعد ظهري كما يفسره ما قبله: يعني بخلق حاسة باصرة فيه وقد انخرقت له العادة بأعظم من ذلك فلا مانع له من جهة العقل وقد ورد به الشرع فوجب قبوله ومن حمله على بعد موتي فقد خالف الظاهر (إذا ركعتم وإذا سجدتم) حث على الإقامة ومنع عن التقصير فإن تقصيرهم إذا لم يخف على الرسول فكيف يخفى على من أرسله وكشف له وفيه مراعاة الإمام لرعيته والشفقة عليهم وتحذيرهم من المخالفة وحثهم على طاعته.
1187 أقيموا الصفوف فإنما تصفون بصفوف الملائكة و حاذوا بين المناكب و سدوا الخلل و لينوا بأيدي إخوانكم و لا تذروا فرجات للشيطان و من وصل صفا وصله الله و من قطع صفا قطعه الله عز و جل( صحيح )
( حم د طب ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/63)
(أقيموا الصفوف فإنما تصفون بصفوف الملائكة) جاء بيانه في خبر كيف تصف الملائكة؟ قال: يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون (وحاذوا) قابلوا (بين المناكب) أي اجعلوا منكب كل مسامتاً لمنكب الآخر(وسدوا الخلل) بفتحتين: الفرج التي في الصفوف (ولينوا) بكسر فسكون من لان يلين ليناً فهو لين. ومنه خبر: خياركم ألينكم مناكب، فأفعل التفضيل لا يستعمل إلا من ثلاثي (بأيدي إخوانكم) أي إذا جاء من يريد الدخول في الصف فوضع يده على منكبه لان وأوسع له ليدخل. ومن زعم أن معنى لين المنكب السكون والخشوع فقد أبعد (ولا تذروا) لا تتركوا (فرجات) بالتنوين جمع فرجة، وهي كل فرجة بين شيئين (للشيطان) إبليس أو أعم. وفيه إيماء إلى منع كل سبب يؤدي لدخوله كما أمر بوضع يده على فيه عند التثاؤب (ومن وصل صفاً) بوقوفه فيه (وصله اللّه) برحمته ورفع درجته وقربه من منازل الأبرار ومواطن الأخيار (ومن قطع صفاً) بأن كان فيه فخرج منه لغير حاجة أو جاء إلى صف وترك بينه وبين من بالصف فرجة بلا حاجة (قطعه اللّه) أي أبعده من ثوابه ومزيد رحمته، إذ الجزاء من جنس العمل، فيسن انضمام المصلين بعضهم لبعض ليس بينهم فرجة ولا خلل كأنهم بنيان مرصوص.(تنبيه) قال ابن حجر: قد ورد الأمر بتعديل الصف وسد خللّه والترغيب في ذلك في أحاديث كثيرة أجمعها هذا الحديث.
1188 أقيموا الصفوف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/64)
(أقيموا الصفوف في الصلاة) عدلوها وسووها باعتدال القائمين بها: من أقام العود إذا قومه. ذكره القاضي، قال أبو زرعة: والأمر للندب بدليل قوله (فإن إقامة الصف من حسن) تمام إقامة (الصلاة) إذ لو كان فرضاً لم يجعله من تمام حسنها لأن حسن الشيء وتمامه أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها، وثبت قوله تمام في رواية البخاري لأبي الوقت، وإنما أمر به لما فيه من حسن الهيئة وعدم تخلل الشياطين بينهم وتمكنهم من صلاتهم مع كثرة جمعهم. والمراد بالصف الجنس ويدخل فيه استواء القائمين على سمت والتلاصق وتتميم الصفوف المقدمة الأول فالأول.
1189 أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و حجوا و اعتمروا و استقيموا يستقم بكم ( حسن ) ( طب ) عن سمرة .
الشرح:
(أقيموا الصلاة) أخبر بأقيموا دون صلوا إشارة إلى أن المطلوب أن يكون همك إقامة الصلاة لا وجود الصلاة فما كل مصل مقيم (وآتوا الزكاة وحجوا واعتمروا) إن استطعتم إلى ذلك سبيلاً (واستقيموا) دوموا على تلك الطاعة واثبتوا على الإيمان (يستقم بكم) بالبناء للمفعول: أي فإنكم إن استقمتم مع اللّه استقامت أموركم مع الخلق وهذا إشارة إلى طلب قطع كل ما سوى اللّه عن مجرى النظر.
1190 أقيموا حدود الله تعالى في البعيد و القريب و لا تأخذكم بالله لومة لائم ( صحيح ) ( ه ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:(2/65)
(أقيموا ) وجوباً (حدود اللّه) أيها الحكام إذا بلغتكم وثبت مقتضيها لديكم (في البعيد والقريب) في القوي والضعيف، وأبعد من قال البعد والقرب في النسب (ولا تأخذكم في اللّه لومة لائم) عطف على أقيموا تأكيداً للأمر ويجوز كونه خبراً بمعنى النهي سواء كان في الغزو أم غيره ويكفي العموم حجة، ومن خص الغزو طولب بحجة فالواجب علينا أن نتصلب في دين اللّه ونستعمل الجدّ والمتانة فيه ولا يأخذنا اللين والهوان في دين اللّه في استيفاء حدوده بل نسوي بين البعيد والقريب والبغيض والحبيب، وكفى برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أسوة حيث قال لو سرقت فاطمة بنت محمد صلى اللّه عليه وسلم لقطعتها. قال ابن حجر كالقرطبي: يندب الستر على المسلم ما لم يبلغ الإمام.
1191 أقيموا صفوفكم فوالله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم
( صحيح ) ( د ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:(2/66)
(أقيموا صفوفكم) سووها (فو اللّه لتقيمن) بضم الميم، أصله لتقيمون (صفوفكم أو ليخالفن اللّه) أي ليوقعن اللّه المخالفة (بين قلوبكم) قال البيضاوي: اللام فيه التي يتلقى بها القسم، وهنا القسم مقدر ولهذا أكده بالنون المشددة، وأو للعطف. ردد بين تسويتهم صفوفهم ومن هو كاللازم لنقيضها وهو اختلاف القلوب، فإن تقدم الخارج عن الصف يفوت على الداخل وذلك يجر إلى الضغائن بينهم فتختلف قلوبهم، واختلاف القلوب يفضي إلى اختلاف الوجوه المعبر به في خبر سيجيء بإعراض بعضهم عن بعض وهذا جزاء من جنس العمل كخبر من قتل نفسه بحديدة عذب بها. وقال النووي: الظاهر أن معناه يوقع بينكم العداوة واختلاف القلوب كما يقال: تغير وجه فلان إذا ظهر على وجهه كراهية لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في الظواهر واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن اهـ: وقال الطيبي: الوجه أن المراد باختلاف الوجوه اختلاف الكلمة وتهييج الفتن، ولعله أراد الفتن التي وقعت بين الصحابة اهـ. وتسوية الصفوف سنة مؤكدة، وصرفه عن الوجوب الدال عليه الوعيد على تركه الإجماع فهو من باب التغليظ والتشديد تأكيداً أو تحريضاً على فعلها، وفيه جواز الحلف باللّه لغير ضرورة.
1192 أقيموا صفوفكم لا تخللكم الشياطين كأنها أولاد الحذف قيل: يا رسول الله و ما أولاد الحذف ؟ قيل: سود جرد بأرض اليمن( صحيح )
( حم ش ك ) عن البراء .
1193 أقيموا صفوفكم و تراصوا فإني أراكم من خلف ظهري
( صحيح ) ( خ ن ) عن أنس .
الشرح:(2/67)
(أقيموا) سووا (صفوفكم) أيها الحاضرون لأداء الصلاة معي (وتراصوا) بضم المهملة المشددة: أي تضاموا وتلاصقوا حتى يتصل ما بينكم (فإني) الفاء للسببية (أراكم) رؤية حقيقية (من وراء ظهري) أي من خلفي، بأن خلق اللّه له إدراكاً من خلفه كما يشعر بذلك التعبير بمن الابتدائية، فمبدأ الرؤية من خلف. قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى سبب الأمر: أي إنما أمرت لتحققي منكم خلافه. والقول بأنه كان له عينان بين كتفيه كسم الخياط يبصر بهما ولا يحجبهما الثياب متعقب بالرد. قال ابن حجر: وفي حديث النعمان عند مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قال ذلك عندماكاد أن يكبر00
1194 أقيموا صفوفكم و تراصوا فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشياطين بين صفوفكم كأنها غنم عفر( صحيح ) ( الطيالسي ) عن أنس .
الشرح:
(أقيموا صفوفكم) باعتدال القائمين بها على سمت واحد وبسد الخلل منها (وتراصوا) بتشديد الصاد المهملة أي تلاصقوا بغير خلل. قال ابن حجر: ويحتمل كونه تأكيداً لقوله أقيموا، والمراد بأقيموا سووا (فوالذي نفسي بيده) أي بقدرته وفي قبضته (إني لأرى) بلام الابتداء لتأكيد مضمون الجملة (الشياطين) أي جنسهم (بين صفوفكم) يتخللونها (كأنهم غنم عفر) أي بيض ليس بياضها بناصع، قالوا: ومن خصائص نبينا صلى اللّه عليه وسلم الصف في الصلاة كصفوف الملائكة، وفيه جواز القسم بما ذكر أو نحوه من كل ما يفهم منه ذات اللّه تعالى ويكون يميناً أطلق أو نوى اللّه. قال الشافعية: ولو قال قصدت غيره لم يدين.
1195 أكبر الكبائر الإشراك بالله و قتل النفس و عقوق الوالدين و شهادة الزور( صحيح ) ( خ ) عن أنس .
الشرح:(2/68)
(أكبر الكبائر الإشراك باللّه) يعني الكفر. وآثر لفظ الإشراك لغلبته في العرف (وقتل النفس) المحترمة بغير حق (وعقوق الوالدين) أو أحدهما بقطع صلتهما أو مخالفتهما في غير معصية، قال ابن العربي: جعل بر الأصل ثاني التوحيد كما جعله في ضمن حق اللّه في حديث رضى الرب في رضى الوالد، وناهيك بذلك (وشهادة الزور) أي الشهادة بالكذب يتوصل بها إلى باطل وإن قل، وظاهر التركيب يقتضي حصر الكبائر فيها وليس بمراد بل ذكر الأربعة من قبيل ذكر البعض الذي هو أكبر كما سبق. والكفر أكبر مطلقاً ثم القتل والباقي على معنى من.
1196 اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ( صحيح )
( حم د ك ) عن ابن عمرو .
1197 اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلوا البصر و ينبت الشعر( صحيح )
( ت ) عن ابن عباس .
1198 أكثر الدعاء بالعافية ( حسن ) ( ك ) عن ابن عباس .
الشرح:
(أكثر) يا عباس (الدعاء بالعافية) أي بدوامها واستمرارها عليك فإن من كملت له العافية علق قلبه بملاحظة مولاه وعوفي من التعلق بسواه. قال الديلمي، وهذا قاله لعمه حين قال يا رسول اللّه علمني شيئاً أسأله اللّه.
1199 أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا في الآخرة
( حسن ) ( حل ) عن سلمان .
1200 أكثرت عليكم في السواك( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أنس .
الشرح:(2/69)
(أكثرت عليكم) في استعمال (السواك) أي في شأنه وأمره وبالغت في تكرير طلبه منكم. وحقيق أن أفعل، أو في إيراد الأخبار بالترغيب فيه وحقيق أن تطيعوا، أو أطلت الكلام فيه وحق له ذلك لكثرة فوائده وجموم فضائله، فمنها كما في الرونق: أنه يطهر الفم ويرضي الرب ويبيض الأسنان ويطيب النكهة ويشد اللثة ويصفي الحلق ويذكي الفطنة ويقطع الرطوبة ويحد البصر ويبطئ بالشيب ويسوي الظهر ويضاعف الأجر ويسهل النزع ويذكر الشهادة عند الموت وغير ذلك، قالوا: والحث عليه بتناول الفعل عند كل الصلوات والجمعة أولاها لأنه يوم ازدحام فشرع فيه تنظيف الفم تطيباً للنكهة الذي هو أقرب من الغسل 00000
1201 أكثر خطايا ابن آدم في لسانه ( حسن )( طب هب) عن ابن مسعود .
الشرح:
(أكثر خطايا ابن آدم من) وفي رواية في (لسانه) لأنه أكثر أعضائه عملاً وهو صغير جرمه عظيم جرمه، فمن أطلق عذبة لسانه مرخى العنان ملك به الشيطان في كل ميدان وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ولا ينجي من شر اللسان إلا أن يلجم بلجام الشرع.
1202 أكثر عذاب القبر من البول ( صحيح ) ( حم ه ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
أي من عدم التنزه منه لأن عدم التنزه منه يفسد الصلاة وهي عماد الدين وأفضل الأعمال وأول ما يحاسب عليه العبد، فعذاب القبر حق عند أهل السنة وهو ما نقل متواتراً فيجب اعتقاده ويكفر منكره. وقال الولي العراقي: وإنما كان أكثر عذاب القبر منه دون غيره من النجاسات لأن وقوع التقصير فيه أكثر لتكرره في اليوم والليلة، ويحتمل أن يقال نبه بالبول على ما سواه فجميع النجاسات في معناه. اهـ. وفيه وجوب إزالة النجاسة لأن الوعيد لا يكون إلا على الواجب بل على كبيرة.
1203 أكثر منافقي أمتي قراؤها ( صحيح ) ( حم طب هب ) عن ابن عمرو ( حم طب ) عن عقبة بن عامر ( طب عد ) عن عصمة بن مالك .
الشرح:(2/70)
أي الذين يتأولونه على غير وجهه ويضعونه في غير مواضعه أو يحفظون القرآن تقية للتهمة عن أنفسهم وهم معتقدون خلافه، فكان المنافقون في عصر النبي صلى اللّه عليه وسلم بهذه الصفة. ذكره ابن الأثير. وقال الزمخشري: أراد بالنفاق الرياء لأن كلاً منهما إرادة ما في الظاهر خلاف ما في الباطن. اهـ. وبسطه بعضهم فقال: أراد نفاق العمل لا الاعتقاد، ولأن المنافق أظهر الإيمان باللّه للّه وأضمر عصمة دمه وماله. والمرائي أظهر بعلمه الآخرة وأضمر ثناء الناس وعرض الدنيا، والقارئ أظهر أنه يريد اللّه وحده وأضمر حظ نفسه وهو الثواب ويرى نفسه أهلاً له وينظر إلى عمله بعين الإجلال فأشبه المنافق واستويا في مخالفة الباطن (تنبيه) قال الغزالي: أحذر من خصال القراء الأربعة: الأمل والعجلة والكبر والحسد قال وهي علل تعتري سائر الناس عموماً والقراء خصوصاً، ترى القارئ يطول الأمل فيوقعه في الكسل وتراه يستعجل على الخير فيقطع عنه، وتراه يحسد نظراءه على ما أتاهم اللّه من فضله فربما يبلغ به مبلغاً يحمله على فضائح وقبائح لا يقدم عليها فاسق ولا فاجر ولهذا قال النووي: ما أخاف على ذمي إلا القراء والعلماء فاستنكروا منه ذلك، فقال ما أنا قلته وإنما قاله إبراهيم النخعي. وقال عطاء: احذروا القراء واحذروني معهم فلو خالفت أودهم لي في رمانة أقول أنها حلوة ويقول إنها حامضة ما أمنته أن يسعى بدمي إلى سلطان جائر. وقال الفضيل لابنه: اشتروا داراً بعيدة عن القراء. ما لي والقوم إن ظهرت مني زلة قتلوني وإن ظهرت علي حسنة حسدوني! ولذلك ترى الواحد منهم يتكبر على الناس ويستخف بهم معبساً وجهه كأنما يمن على الناس بما يصلي زيادة ركعتين أو كأنما جاءه من اللّه منشور بالجنة والبراءة من النار أو كأنه استيقن السعادة لنفسه والشقاوة لسائر الناس ثم مع ذلك يلبس لباس المتواضعين ويتماوت وهذا لا يليق بالتكبر والترفع ولا يلائمه بل ينافيه لكن الأعمى لا يبصر.(2/71)
1204 أكثر من السجود فإنه ليس من مسلم يسجد لله تعالى سجدة إلا رفعه الله بها درجة في الجنة و حط عنه بها خطيئة( صحيح )
( ابن سعد حم ) عن أبي فاطمة .
الشرح:
(أكثر من السجود) أي من تعدده بالإكثار من الركعات أو من إطالته، والأول هو الملائم لقوله (فإنه) أي الشأن (وليس من مسلم يسجد للّه تعالى سجدة) صحيحة (إلا رفعه اللّه بها درجة في الجنة) التي هي دار الثواب (وحط عنه بها خطيئة) أي محا عنه بها ذنباً من ذنوبه فلا يعاقبه عليه ولا بدع في كون الشيء الواحد يكون رافعاً ومكفراً كما سبق ويجيء
1205 أكثر من لا حول و لا قوة إلا بالله فإنها من كنز الجنة ( صحيح )
( ع طب حب ) عن أبي أيوب .
الشرح:
(أكثر من) قول (لا حول) أي تحويل للعبد عن معصية اللّه (ولا قوة) على طاعته (إلا باللّه) أي إلا بأقداره وتوقيفه (فإنها) أي الحوقلة (من كنز الجنة) يعني لقائلها ثواب نفيس مدخر في الجنة فهو كالكنز في كونه نفيساً مدخراً لاحتوائها على التوحيد الخفي لأنه إذا نفيت الحيلة والاستطاعة عنه وأثبت للّه وحده على سبيل الحصر لم يخرج عن ملكه وملكوته.
1206 أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله و قدره بالعين ( حسن )
( الطيالسي تخ الحكيم البزار الضياء ) عن جابر .
الشرح:
وفي رواية بالنفس وفسر بالعين، وذلك لأن هذه الأمة فضلت باليقين على سائر الأمم فحجبوا أنفسهم بالشهوات فعوقبوا بآفة العين، فإذا نظر أحدهم بعين الغفلة كانت عينه أعظم والذم له ألزم {قل إن الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم} فلما فضلهم اللّه باليقين لم يرض منهم أن ينظروا إلى الأشياء بعين الغفلة وتتعطل منة اللّه عليهم وتفضيله لهم. ذكره الحكيم.
1207 أكثروا الصلاة علي فإن الله وكل بي ملكا عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال لي ذلك الملك: يا محمد إن فلان بن فلان صلى عليك الساعة( حسن ) ( فر ) عن أبي بكر .(2/72)
1208 أكثروا الصلاة علي في يوم الجمعة فإنه ليس يصلي علي أحد يوم الجمعة إلا عرضت على صلاته ( صحيح )
( ك هب ) عن أبي مسعود الأنصاري .
1209 أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة و ليلة الجمعة فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا( حسن ) ( هق ) عن أنس .
1210 أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت ( صحيح ) ( ت ن ه حل ) عن ابن عمر ( ك هب ) عن أبي هريرة ( طس حل هب ) عن أنس .
الشرح:
(أكثروا ذكر هاذم) بذال معجمة قاطع أما بمهملة فمعناه مزيل الشيء من أصله (اللذات الموت) بجره عطف بيان وبرفعه مبتدأ محذوف وبنصبه بتقدير أعني. قال الطيبي: شبه اللذات الفانية والشهوات العاجلة ثم زوالها ببناء مرتفع ينهدم بصدمات هائلة ثم أمر المنهمك فيها بذكر الهاذم لئلا يستمر على الركون إليها ويشتغل عما عليه من التردد إلى دار القرار وفيه ندب ذكر الموت بل أكثريته لأنه أزجر للمعصية وأدعى للطاعة.
1211 أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه و لا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه ( حسن )
( هب حب ) عن أبي هريرة ( البزار ) عن أنس .
الشرح:
(أكثروا ذكر هاذم) بذال معجمة قاطع وبمهملة مزيل وليس مراداً هنا كذا في روض السهيلي قال ابن حجر وفي ذا النفي نظر (اللذات) الموت (فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه) قال العسكري لو فكر البلغاء في قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك لعلموا أنه أتى بهذا القليل على كل ما قيل في ذكر الموت ووصف به نظماً ونثراً ولهذا كان عيسى عليه السلام إذا ذكر عنده الموت يقطر جلده دماً قيل ولا يدخل ذكر الموت بيتاً إلا رضي أهله بما قسم لهم وقال أبو نواس.
ألا يا ابن الذين فنوا وماتوا * أما واللّه ما ماتوا لتبقى(2/73)
وقال أبو حمزة الخراساني: من أكثر ذكر الموت حبب إليه كل باق وبغض إليه كل فان. وقال القرطبي: ذكر الموت يورث استشعار الانزعاج عن هذه الدار الفانية والتوجه في كل لحظة إلى الآخرة الباقية ثم إن الإنسان لا ينفك عن حالين ضيق وسعة ونعمة ومحنة فإن كان في حال ضيق ومحنة فذكر الموت يسهل عليه ما هو فيه من الاغترار بها والركون إليها. وقال الغزالي: الموت خطر هائل وخطب عظيم وغفلة الناس عنه لقلة فكرهم فيه وذكرهم له ومن يذكره ليس يذكره بقلب فارغ بل مشغول بالشهوات فلا ينجع ذكره فيه فالطريق أن يفرغ قلبه عن كل شيء إلا ذكر الموت الذي هو بين يديه كمن يريد السفر فإذا باشر ذكر الموت قلبه أثر فيه فيقل حركته وفرحه بالدنيا وينكسر قلبه وأنفع طريق فيه أن يذكر أشكاله فيتذكر موتهم ومصرعهم تحت التراب ويتذكر صورهم في أحوالهم ومناصبهم التي كانوا عليها في الدنيا ويتأمل كيف محى التراب حسن صورهم وتبددت أجزاؤهم في قبورهم ويتموا أولادهم وضيعوا أموالهم وخلت مجالسهم وانقطعت آثارهم.
1212 أكثروا من شهادة: أن لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم و بينها و لقنوها موتاكم( حسن ) ( ع عد ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أكثروا من شهادة أن لا إله إلا اللّه) أي أكثروا النطق بها على مطابقة القلب (قبل أن يحال بينكم وبينها) بالموت فلا تسطيعون الإتيان بها وما للعمر إذا ذهب مسترجع ولا للوقت إذا ضاع مستدرك (ولقنوها موتاكم) أي لا إله إلا اللّه فقط يعني من حضره الموت فيندب تلقينه لا إله إلا اللّه ولا يلقن محمد رسول اللّه خلافاً لجمع ويلقن كلمة الشهادة مرة فقط بلا إلحاح ولا يقال له قل بل يذكرها عنده.
1213 أكثروا من غرس الجنة فإنه عذب ماؤها طيب ترابها فأكثروا من غراسها: لا حول و لا قوة إلا بالله ( حسن ) ( طب ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/74)
(أكثروا من غرس الجنة فإنه عذب ماؤها طيب ترابها) بل هو أطيب الطيب إذ هو المسك والزعفران (فأكثروا من غراسها) وهو قول (لا حول ولا قوة) أي لا حركة ولا حيلة (إلا باللّه) أي إلا بمشيئته وأقداره وتمكينه.
1214 أكثروا من قول: لا حول و لا قوة إلا بالله فإنها من كنوز الجنة
( صحيح ) ( عد ) عن أبي هريرة .
1215 أكثروا من هذه النعال فإن الرجل لا يزال راكبا ما انتعل
( صحيح ) ( د ) عن جابر .
1216 أكرم الناس أتقاهم ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:
لأن أصل الكرم كثرة الخير فلما كان المتقي كثير الخير والفائدة في الدنيا وله الدرجات العليا في الآخرة كان أعم الناس كرماً فهو أتقاهم فلا عبرة بظاهر الصور {ومن يعظم شعائر اللّه فإنها من تقوى القلوب} {إن أكرمكم عند اللّه أتقاكم} فرب حقير أعظم قدراً عند اللّه من كثير من عظماء الدنيا.
1217 أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ( صحيح )
( ق ) عن أبي هريرة ( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
أي أكرمهم أصلاً يوسف فإنه جمع شرف النبوة وشرف النسب وكونه ابن ثلاثة أنبياء متناسقة فهو رابع نبي في نسق واحد ولم يقع ذلك لغيره وضم له أشرف علم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرغبة وشفقته عليهم وقد يوجد في المفضول مزايا لا توجد في الفاضل فلا ينافي كون غيره أكرم على ربه منه 00000
1219 أكرموا الخبز( حسن ) ( ك هب ) عن عائشة .
الشرح:
بسائر أنواعه لأن في إكرامه الرضى بالموجود من الرزق وعدم الاجتهاد في التنعم وطلب الزيادة 00وقد يقال المكروه ما يلوثه ويقذره أو يغير رائحته 0000
1220 أكرموا الشعر( صحيح ) ( البزار ) عن عائشة .
الشرح:
ندباً بترجيله ودهنه من نحو رأس ولحية وإزالته من نحو إبط وعانة.
1221 اكسروا فيها قسيكم - يعني في الفتنة - و اقطعوا فيها أوتاركم و الزموا فيها أجواف بيوتكم و كونوا فيها كالخير من ابني آدم ( صحيح )
( ت ) عن أبي موسى .(2/75)
1222 اكشف البأس رب الناس(صحيح)(د ن)عن ثابت بن قيس بن شماس.
1223 اكشف البأس رب الناس ! إله الناس(صحيح)(ه)عن رافع بن خديج.
1224 اكشف البأس رب الناس ! لا يكشف الكرب غيرك ( صحيح )
( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن عائشة .
1225 اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب و إذا ائتمن فلا يخن و إذا وعد فلا يخلف و غضوا أبصاركم و كفوا أيديكم و احفظوا فروجكم ( حسن ) ( البغوي طب ) عن أبي أمامة .
1226 أكل طعامكم الأبرار و صلت عليكم الملائكة و أفطر عندكم الصائمون ( صحيح ) ( حم د ن ) عن أنس .
1227 أكل كل ذي ناب من السباع حرام ( صحيح )( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أكل كل ذي ناب) يعدو به ويصول (من السباع) كأسد ونمر وذئب ومثله كل ذي مخلب من الطير (حرام) بخلاف غير العادي كثعلب، فمن للتبعيض، ويصح جعلها للجنس، إذ المراد بأن يعدو به كما تقرر بقرينة تعبيره بقوله كل ذي ناب ولم يقل كل سبع تنبيهاً على الافتراس والتعدي، وإلا فلا فائدة لذكر الناب إذ السباع كلها ذو أنياب ثم هذا لا ينافيه آية {قل لا أجد فيما أوحى إليّ} لأنها مكية وخبر التحريم بعد الهجرة0000
1228 اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا و إن أحب العمل إلى الله تعالى أدومه و إن قل ( صحيح ) ( حم د ن ) عن عائشة .
الشرح:(2/76)
(أكلفوا) أي أولعوا وأحبوا (من العمل ما تطيقون) الدوام عليه من الطوق وهو ما يوضع في العنق حلية فيكون ما يستطيعون من الأفعال طوقاً لهم في المعنى (فان اللّه لا يمل حتى تملوا) يعني لا يقطع ثوابه عمن قطع العمل ملالاً عبر عنه باسم الملال من تسمية الشيء باسم سببه أو المراد لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه (وإن أحب العمل إلى اللّه أدومه وإن قل) فالقليل الدائم أحب إليه من الكثير المنقطع، فأمرهم بالاقتصاد في الطاعة لئلا يطيعوا باعث الشغف فيحملوا أنفسهم فوق ما يطيقون فيؤدي لعجزهم عن الطاعة أو قيامهم بها بتكلف.
1229 اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن خير العمل أدومه و إن قل
( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
1230 أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ( صحيح )
( حم د حب ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أكمل المؤمنين) أي من أتمهم (إيماناً) تمييز (أحسنهم خلقاً) بالضم، لأن هذا الدين مبني على السخاء وحسن الخلق ولا يصلح إلا بهما فكمال إيمان الإنسان ونقصه على قدر ذلك، ولا يناقضه ما سلف أنه جبلي غريزي، لأنه وإن كان سجية أصالة لكن يمكن اكتساب تحسينه بنحو نظر في أخلاق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم والحكماء ثم بتصفية النفس عن ذميم الأوصاف وقبيح الخصال ثم برياضتها إلى تحليها بالكمال ومعالي الأحوال وحينئذ فيثاب على تلك الأخلاق لكونها من كسبه.
1231 أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا الموطئون أكنافا الذين يألفون و يؤلفون و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف( حسن ) ( طس )عن أبي سعيد .
1232 أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و خياركم خياركم لنسائهم
( صحيح ) ( ت حب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/77)
(أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) بالضم، قال الحليمي: دل على أن حسن الخلق إيمان وعدمه نقصان إيمان، وأن المؤمنين يتفاوتون في إيمانهم، فبعضهم أكمل إيماناً من بعض. ومن ثم كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحسن الناس خلقاً لكونه أكملهم إيماناً (وخياركم خياركم لنسائهم) أي من يعاملهنّ بالصبر على أخلاقهنّ ونقصان عقلهنّ، وطلاقة الوجه، والإحسان. وكف الأذى، وبذل الندى، وحفظهنّ من مواقع الريب، ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لعياله، وهل المراد بهن حلائل الرجل من زوجة وسرية، أو أصوله وفروعه وأقاربه، أو من في نفقته منهن، أو الكل؟ والحمل على الأعم أتم.
1233 ألبان البقر شفاء و سمنها دواء و لحومها داء ( صحيح )
( طب ) عن مليكة بنت عمرو .
الشرح:
(ألبان البقر شفاء) من الأمراض السوداوية والغم والوسواس ويحفظ الصحة ويرطب البدن ويطلق البدن باعتدال وشربه بالعسل ينقي القروح الباطنة وينفع من كل سم ولدغ حية وعقرب وتفصيله في الطب (وسمنها دواء) إذ هو ترياق السموم المشروبة كما في الموجز وغيره (ولحومها داء) مضرة بالبدن جالبة للسوداء0000
1234 البس جديدا و عش حميدا و مت شهيدا و يرزقك الله قرة عين في الدنيا و الآخرة - قاله لعمر بن الخطاب - ( حسن ) ( حم ه ) عن ابن عمر .
1235 البسوا الثياب البيض فإنها أطهر و أطيب و كفنوا فيها موتاكم
( صحيح ) ( حم ت ن ه ك ) عن سمرة .
الشرح:(2/78)
(البسوا) بفتح الموحدة (الثياب البيض) يعني آثروا ندباً الملبوس الأبيض في كل زمن على غيره من نحو ثوب وعمامة ورداء وإزار وغيرها حيث لا عذر (فإنها أطهر) لأنها تحكي ما يصيبها من النجس عيناً وأثراً (وأطيب) لغلبة دلالتها على التواضع والتخشع وعدم الكبر والعجب فجعله من عطف أحد الرديفين على الآخر قصور ولهذه الأطيبية ندب إيثارها في المحافل كشهود جمعة وحضور مسجد ولقاء الملائكة ولذلك فضلت في التكفين كما قال (وكفنوا فيها موتاكم) ندباً مؤكداً ويكره التكفين في غير أبيض.
1236 البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم و كفنوا فيها موتاكم و إن من خير أكحالكم الإثمد يجلوا البصر و ينبت الشعر( صحيح )
( حم د ت حب ) عن ابن عباس .
1237 التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس ( حسن ) ( ت ) عن أنس .
الشرح:
(التمسوا الساعة التي ترجى من يوم الجمعة) أي التي ترجى إجابة الدعاء فيها (بعد العصر إلى غيبوبة الشمس) أي سقوط جميع القرص وقد اختلف فيها على أقوال منها 000 أنها تنتقل في يومها ولا تلزم ساعة معينة ورجحه الغزالي والطبري 000أو ما بين خروج الإمام إلى أن تقام الصلاة00أو آخر ساعة من العصر00أو بعد العصر مطلقاً00000 وصوَّب النووي أنها ما بين قعود الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة وفائدة إبهامها كليلة القدر الحث على إكثار الصلاة والدعاء ولو تعينت لاتكل الناس وتركوا ما عداها.
1238 التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان ( صحيح )
( ابن نصر ) عن معاوية .
الشرح:(2/79)
قال الطيبي: يحتمل ليلة تسع وعشرين أو السلخ رجحنا الأول لقرينة الأوتار انتهى وأنت خبير بأنه ليس في اللفظ ما يحتمل ليلة تسع أصلاً فهذا الاحتمال فيه إشكال قال في شرح المهذب وليلة القدر من خصائصنا قال وأجمع من يعتد به على دوامها ووجودها إلى آخر الدهر ويراها ويتحققها من شاء اللّه من بني آدم كل سنة في رمضان وإخبار الصالحين بها ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصى وقول المهلب لا تمكن رؤيتها حقيقة غلطة وحكمة إخفائها كما في الكشاف أن من أرادها أحيا ليالي كثيرة طلباً لموافقتها فتكثير عبادته وأن لا يتكل الناس على إصابة الفضل فيها فيفرطوا فيها.
1239 التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان في وتر فإني قد رأيتها فنسيتها( صحيح ) ( حم طب الضياء ) عن جابر بن سمرة .
1240 التمسوا ليلة القدر ليلة سبع و عشرين( صحيح )(طب) عن معاوية .
الشرح:
000 قال الشافعي : كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يجيب على نحو ما يسأل يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا فعلى هذا تنوع إخبار كل فريق من العلم انتهى، وميله رضي اللّه تعالى عنه إلى أنها ليلة الحادي أو الثالث وعشرين وأنها تلزم ليلة بعينها وذهب الأكثر إلى سبع وعشرين ويحتمل أن فريقاً منهم علمها بتوقيف ولم يؤذن له بالكشف لما في عدم تعينها للعموم من حكمة بالغة ليزدادوا جداً واجتهاداً في التحري.
1241 التمس و لو خاتما من حديد (صحيح)(حم ق د) عن سهل بن سعد .
الشرح:(2/80)
(التمس) أيها الطالب للتزويج شيئاً تجعله صداقاً (ولو) كان إنما تجد (خاتماً) كأنه قال التمس شيئاً على كل حال وإن قل فإنه لما أمر بالالتماس أمراً مطلقاً خشي توهم خروج خاتم الحديد عن الملتمسات فأكد دخوله فيها بالواو المدخلة ما بعدها فيما قبلها فنصب بإضمار فعل دل عليه ما قبله. قال التوربشتي: وخاتم الحديد وإن نهى عن التختم به لكنه لم يدخل بذلك في جملة ما لا قيمة له وفي بعض نسخ مسلم ولو خاتم أي ولو هو خاتم أو ولو فص خاتم (من حديد) وفيه أنه ينبغي أن لا يعقد نكاح إلا بصداق لأنه أقطع للنزاع وأنفع للمرأة لو طلقت قبل دخول وأنه غير مقدر فيجوز بأقل متمول أو خاتم الحديد غالية القلة فهو رد على مالك في جعله أقله ما يجب فيه القطع وأبي حنيفة عشرة دراهم وحل نكاح المعسر واتخاذ خاتم حديد000
1242 التمسوها في العشر الأواخر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
1243 التمسوها في العشر الأواخر: في تسع تبقين أو سبع تبقين أو خمس تبقين أو ثلاث تبقين أو آخر ليلة( صحيح )( حم ت ك هب ) عن أبي بكرة .
1244 التمسوها في العشر الأواخر من رمضان: في تاسعة تبقى و في سابعة تبقى و في خامسة تبقى( صحيح ) ( حم خ د ) عن ابن عباس .
1245 التمسوها في العشر الأواخر من رمضان و التمسوها في التاسعة و السابعة و الخامسة ( صحيح ) ( د ) عن أبي سعيد .
1246 ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر( صحيح )
( حم ق ت ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/81)
(الحقوا الفرائض) أي الأنصباء المقدرة في كتاب اللّه وهي النصف ونصفه ونصف نصفه والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما (بأهلها) أي من يستحقها بنص التنزيل في رواية اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب اللّه على وفق ما أنزل اللّه في كتابه (فما بقي فهو الأولى) بفتح الهمزة واللام بينهما واو ساكنة أفعل تفضيل من الولي بالسكون القرب بأي فهو الأقرب (رجل) من عصبات الميت (ذكر) احتراز عن الخنثى فإنه لا يجعل عصبة ولا صاحب فرض جزماً بل يعطى أقل النصيبين وقيل ذكر ذكر بعد رجل لسان أن العصبة ترث ولو صغاراً رداً على الجاهلية حيث لم يعطوا إلا من في حد الرجولية والمحاربة وقيل ذكر وصف الأولى لا لرجل والأولى بمعنى القريب الأقرب فكأنه قال هو لقريب الميت ذكر من قبل رجل وصلب لا من بطن ورحم فالأولى من حيث المعنى مضاف إلى الميت فأفاد به نفي الإرث عن الأولى من قبل الأم كالخال ذكره السهيلي00000
1247 الزم بيتك ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمر .
الشرح:
(الزم) بكسر فسكون ففتح (بيتك) أي محل سكنك بيتاً أو خلوة أو غيرهما قاله لرجل استعمله على عمل فقال يا رسول اللّه خر لي، فعلي هذا فالمراد بلزوم البيت الانجماع عن الناس والعزلة، واحتج به من ذهب إلى ان العزلة أفضل من مخالطة الناس وذهب جمع إلى عكسه والمسألة مشهورة فيها كتب مفردة من الجانبين ورجح ابن أبي حمزة أفضلية العزلة لأهل البداية دون غيرهم أخذاً من خلوة المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم أولاً بغار حراء وتأويل البعض الزم بيتك: قلبك متكلف00000
1248 الزم رجلها فثم الجنة( حسن ) ( ه ) عن معاوية بن جاهمة .
1249 الزمها فإن الجنة تحت أقدامها - يعني الوالدة –
( حسن ) ( حم ن ) عن جاهمة .
1250 ألظوا بيا ذا الجلال و الإكرام( صحيح )
( ت ) عن أنس ( حم ن ك ) عن ربيعة بن عامر .
الشرح:(2/82)
بفتح الهمزة وكسر اللام وبظاء معجمة مشددة أي الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها كذا في الرياض وفي رواية سندها قوي من حديث ابن عمر ألحوا بحاء مهملة ثقيلة وكل منها بفتح الهمزة وكسر اللام ومعناها متقارب ذكره ابن حجر وأيما كان فالمراد دوموا على قولكم ذلك في دعائكم واجعلوه هجيراكم لئلا تركنوا أو تطمئنوا لغيره، قال الزمخشري: ألظ وألب وألج أخوات في معنى اللزوم والدوام000فجلاله صفة استحقها لذاته والإكرام أخص من الإنعام إذ الإنعام قد يكون على غير المكرم كالعاصي والإكرام لمن يحبه ويعزه ومنه سمي ما أكرم اللّه به أولياءه مما يخرج عن العادة كرامات فندب المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم إلى الإكثار من قولك يا ذا الجلال في الدعاء ليستشعر القلب من دوام ذكر اللسان ويقر في السر تعظيم اللّه وهيبته ويمتلىء الصدر بمراقبة جلاله فيكرمه في الدنيا والآخرة.
1251 ألق عنك شعر الكفر ثم اختتن( حسن )( حم د ) عن عثيم بن كليب .
الشرح:
(ألق) ندباً (عنك) أيها الجائي إلينا وقد أسلم (شعر الكفر) أي أزله بحلق وغيره كقص ونورة والحلق أفضل قال القاضي: والإلقاء طرح الشيء وهو شامل لشعر الرأس وغيره كشارب وإبط وعانة وقيس به قلم ظفر وغسل ثوب وما يلي جسده أكد فإن لم يكن له شعر أمرَّ الموسى عليه كالحج. قال في المطامح: وأخذ منه الصوفية حلق رأس المريد إذا تاب وهو بدعة (ثم) وفي رواية بالواو (اختتن) وجوباً إن أمنت الهلاك وخطاب الواحد يشمل غيره حتى يقوم دليل الخصوص وحمله على الندب في إلقاء الشعر لا يستلزم حمله عليه في الختن وإنما وجب ختانه لأنه شعار الدين وبه يعرف المسلم من الكافر ويحل كشف العورة له بلا ضرورة وأراد هنا الذكر المحقق وقيس به الأنثى أما خنثى مشكل فلا.
1252 الله الطبيب ( صحيح ) ( د ) عن أبي رمثة .
الشرح:(2/83)
أي هو المداوي الحقيقي بالدواء الشافي من الداء وهذا قاله لوالد أبي رمثة حين رأى خاتم النبوة وكان ناتئاً فظنه سلعة تولدت من الفضلات فرّد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كلامه بإخراجه مدرجاً منه إلى غيره يعني ليس هذا علاجاً بل كلامك يفتقر إلى العلاج حيث سميت نفسك طبيباً، واللّه هو الطبيب وإنما أنت رفيق ترفق بالمريض وتتلطف به وله فهو من الأسلوب الحكيم في فن البديع. وذلك لأن الطبيب هو العالم بحقيقة الدواء والداء والقادر على الصحة والشفاء وليس ذلك إلا اللّه لكن تسمية اللّه بالطبيب إذا ذكره في حالة الاستشفاء نحو أنت المداوي أنت الطبيب سائغ ولا يقال يا طبيب كما يقال يا حكيم لأن إطلاقه عليه متوقف على توقيف.
1253 الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى الله عنه و لزمه الشيطان
( حسن ) ( ت ) عن عبدالله بن أبي أوفى .
الشرح:(2/84)
(اللّه مع القاضي) بعونه وإرشاده وإسعافه وإسعاده (ما لم يجر) في حكمه: أي يتعمد الظلم فيه (فإذا جار) فيه (تخفى) أي قطع (عنه) تسديده وتوفيقه (ولزمه الشيطان) يغويه ويضله ليخزيه غداً ويذله لما أحدثه من الجور وارتكبه من الباطل وتحلى به من خبيث الشمائل وقبيح الرذائل. قال ابن العربي: القاضي يقضي بالحق ما كان اللّه معه فإذا تركه جار فالأمر أولاً بيد اللّه يبدأ عن بداية المقادير وحكمه بالتقدير وملكه للتدبير تحقيقاً للخلق وتوحيداً وقد يخبر عن مآل حالهم تخويفاً وإنذاراً بالمعاملات التي جعلها لأهل الفوز وأهل الهلكة وهو الحكيم الخبير. قال ابن بطال: دل الحديث على أن القضاء بالعدل من أشرف الأعمال وأجل ما يتقرّب به إلى الملك المتعال وأنه بالجور بضد ذلك {ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الفاسقون} قال ابن حجر: وفي الحديث ترغيب في ولاية القضاء من استجمع شروطه وقوي على إعمال الحق ووثق من نفسه بعدم الجور ووجد للحق أعواناً لما فيه من الأمر بالمعروف ونصر المظلوم وأداء الحق للمستحق وكف يد الظالم والإصلاح بين الناس وكل ذلك من آكد القربات ولذلك تولاه الأنبياء فمن بعدهم من الخلفاء الراشدين وكذلك اتفقوا على أنه فرض كفاية لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه، فقد أخرج البيهقي بسند قوي أن أبا بكر لما ولي الخلافة ولى عمر القضاء، وبسند آخر قوي أن عمر استعمل ابن مسعود على القضاء، وإنما فرّ منه من فرّ خوف العجز أو عدم المعين ومن ثم كان السلف يمتنعون منه أشدّ امتناع 0000
1254 الله و رسوله مولى من لا مولى له و الخال وارث من لا وارث له
( صحيح ) ( ت ه ) عن عمر .
الشرح:(2/85)
(اللّه ورسوله مولى من لا مولى له) أي حافظ وناصر من لا حافظ ولا ناصر له فحفظ اللّه لا يفارقه وكيف يفارقه مع أن اللّه وليه وحافظه وناصره فمن كان اللّه مولاه فلا يذل ولا يخزى فنعم المولى ونعم النصير. قال الفخر الرازي: من كان ربه هاديه لا يضل ومن كان ربه معينه لا يشقى ومن كان ربه مولاه لا يضيع (والخال وارث من لا وارث له) زاد في رواية يفك عائه أي عائنه يعني ما يلزمه وما يتعلق به من الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة هذا عند من يوّرث الخال ومن لا يورثه يقول معناه إنها طعمة أطعمها الخال لا أن يكون وارثاً كذا قرره ابن الأثير.
1255 اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني و انقطاع عمري
(حسن)( ك)عن عائشة 0استدرك الالبانى الحديث ونقله الى ضعيف الجامع
1256 اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة ( صحيح )
( حم ق ) عن أنس .
الشرح:
(اللّهم اجعل بالمدينة ضعفي) تثنية ضعف بالكسر قال في القاموس ضعف الشيء مثله وضعفاه مثلاه والضعف المثل إلى ما زاد ويقال ولك ضعفه يريدون مثليه وثلاثة أمثاله لأنه زيادة غير محصورة: أي اللّهم اجعل بالمدينة مثلي (ما جعلت بمكة من البركة) الدنيوية بدليل قوله في الخبر الآتي اللّهم بارك لنا في مدنا وصاعنا أو الأخروية أو هما على ما مر لكن هذا في غير ما خرج بدليل كتضعيف الصلاة بمكة على المدينة، قال النووي: حصلت البركة في نفس الكل بخيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها وذا محسوس عند ساكنيها.
1257 اللهم اجعل رزق آل محمد ( في الدنيا) قوتا ( صحيح )
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني . ( م ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/86)
(اللّهم) أصله يا اللّه حذفت ياؤه وعوض عنها الميم وشدّدت لتكون على حرفين كالمعوض عنه وقد يقال فيه لاهم بحذف أل (اجعل رزق) وفي رواية للعسكري: عيش (آل محمد) زوجاته ومن في نفقته أو هم مؤمنو بني هاشم والمطلب أو أتقياء أمته والحمل على الأعم أتم (في الدنيا قوتاً) وفي رواية: كفافاً: أي بلغة تسدّ رمقهم وتمسك قوتهم بحيث لا ترهقهم الفاقة ولا تذلهم المسألة والحاجة ولا يكون فيهم فضول يصل إلى ترفه وتبسط ليسلموا من آفات الغنى والفقر، والكفاف ما لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة، والقوت ما يسد به الرمق سمي قوتاً لحصول القوة به سلك المصطفى صلى اللّه عليه وسلم طريق الاقتصاد المحمود، فإن كثرة المال تلهي، وقلته تنسي، فما قل منه وكفى خير مما كثر وألهى، وفي دعاء المصطفى صلى اللّه عليه وسلم به إرشاد لأمته كل الإرشاد إلى أن الزيادة على الكفاف بكثير لا ينبغي أن يتعب العاقل في طلبه لكونه لا خير فيه وحكم الكفاف يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال0000 لكن المحمود ما يحصل به القوة على الطاعة والاشتغال به على قدر الحاجة0000000
1258 اللهم اجعل فناء أمتي قتلا في سبيلك بالطعن و الطاعون ( صحيح ) ( حم طب ) عن أبي بردة الأشعري .
الشرح:(2/87)
(اللّهم اجعل فناء أمتي) أمة الإجابة، وقول الزركشي أراد أمة الدعوة تعقبه ابن حجر (قتلاً في سبيلك) أي في قتال أعدائك لإعلاء دينك (بالطعن) بالرمح (والطاعون) وخز أعدائهم من الجن: أي اجعل فناء غالب أمتي بهذين أو بأحدهما. قال بعضهم: دعى لأمته فاستجيب له في البعض أو أراد طائفة مخصوصة أو صفة مخصوصة كالخيار، فلا تعارض بينه وبين الخبر الآتي: إن اللّه أجاركم من ثلاث أن يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً .الحديث. قال القرطبي: جاءت الرواية عن أبي قلابة بالواو، وقال بعض علمائنا الصحيح بأو، والروايتان صحيحتا المعنى، وبيانه أن مراده بأمته صحبه خاصة لأنه دعا لجميع أمته أن لا يهلكهم بسنة عامة، ولا يسلط أعداءهم عليهم، فأجيب فلا تذهب بيضتهم ولا معظمهم بموت عام ولا بعدو على مقتضى دعائه هذا والدعاء المذكور هنا يقتضي أن يفنوا كلهم بالقتل والموت عام فتعين صرفه إلى أصحابه لأن اللّه اختار لمعظمهم الشهادة بالقتل في سبيل اللّه بالطاعون الواقع في زمنهم فهلك به بقيتهم، فقد جمع لهم اللّه الأمرين، فالواو على أصلها من الجمع أو تحمل على التقسيمية، قال الراغب: نبه بالطعن على الشهادة الكبرى وهي القتل في سبيل اللّه وبالطاعون على الشهادة الصغرى000000
1259 اللهم اجعل في قلبي نورا و في لساني نورا و في بصري نورا و في سمعي نورا و عن يميني نورا و عن يساري نورا و من فوقي نورا و من تحتي نورا و من أمامي نورا و من خلفي نورا و اجعل لي في نفسي نورا و أعظم لي نورا( صحيح ) ( حم ق ن ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/88)
(اللّهم اجعل في قلبي نوراً) أي عظيماً كما يفيده التنكير ويدل له خبر إذا سأل أحدكم ربه فليعظم المسألة (وفي لساني) يعني نطقي (نوراً) استعارة للعلم والهداية فهو على وزان {فهو على نور من ربه}،{وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس} (وفي بصري نوراً) ليتحلى بأنوار المعارف وتتجلى له صفوف الحقائق فهو راجع إلى البيان والهداية {يهدي اللّه لنوره من يشاء} (وفي سمعي نوراً) ليصير مظهراً لكل مسموع ومدركاً لكل كمال لا مقطوع ولا ممنوع وخص القلب والسمع والبصر بنفي الظرفية لأن القلب مقر الفكر في آلاء اللّه ونعمائه ومكانها ومعدنها والبصر مسارح آيات اللّه المنصوبة المبثوثة في الآفاق والأنفس ومحلها والأسماع مراسي ألواح وحي اللّه ومحط آياته المنزلة على أوليائه (وعن يميني نوراً وعن يساري نوراً) خصهما بعن إيذاناً بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه وشماله من اتباعه (ومن فوقي نوراً ومن تحتي نوراً وعن أمامي نوراً ومن خلفي نوراً) لأكون محفوفاً بالنور من سائر الجهات فكأنه سأل أن يزج به في النور زجاً لتتلاشى عنه الظلمات وتنكشف له المعلومات ويشاهد بكل جارحة منه بسائر المبصرات000 (واجعل لي في نفسي نوراً) عطف عام على خاص أي اجعل لي نوراً شاملاً للأنوار السابقة وغيرها (وأعظم لي نوراً) أي أجزل من عطائك نوراً عظيماً لا يكتنه كنهه لأكون دائم السير والترقي في درجات المعارف فالمستنير بنور المعارف لا ينقطع مسيره ولا يضل سبيله فالقصد طلب مزيد النور ليدوم السير ويتضاعف الترقي وقيل أراد نوراً عظيماً جامعاً للأنوار كلها التي ذكرها وغيرها كأنوار الأسماء الإلهية وأنوار الأرواح وقال الطيبي رحمه اللّه معنى طلب النور للأعضاء عضواً عضواً أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعة ويتعرى عن الظلمة الجهالة والمعصية لأن الإنسان ذو سهو وطغيان رأى أنه قد أحاطت به خطيئة ظلمات الحيلة معتورة عليه من فرقه إلى قدمه والأدخنة الثائرة(2/89)
من ميزان الشهوات من جوانبه ورأى الشيطان يأتيه من الجهات الست بوساوسه وشبهاته ظلمات بعضها فوق بعض لم ير للتخليص منها مساغاً إلا بأنوار سادة لتلك الجهات فسأل اللّه أن يمده بها ليستأصل مسافة تلك الظلمات إرشاداً للأمة وتعليماً لهم وكل هذه الأنوار راجعة إلى هداية وبيان وضياء للحق وإلى مطالع هذه الأنوار قوله {اللّه نور السماوات والأرض - إلى قوله - نور على نور يهدي اللّه لنوره من يشاء} وإلى أودية تلك الظلمات تلمح قوله {أو كظلمات في بحر لجي - إلى قوله - ظلمات بعضها فوق بعض} وقوله {ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور} اللّهم إنا نعوذ بك من شر تلك الظلمات ونسألك هذه الأنوار.
1260 اللهم احفظني بالإسلام قائما و احفظني بالإسلام قاعدا و احفظني بالإسلام راقدا و لا تشمت بي عدوا و لا حاسدا اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك(حسن)(ك)عن ابن مسعود.
الشرح:
(اللّهم احفظني بالإسلام قائماً) أي حالة كوني قائماً وكذا يقال فيما بعده (واحفظني بالإسلام قاعداً واحفظني بالإسلام راقداً) أراد في جميع الحالات. قال الطيبي: يحتمل أن المراد طلب الكمال وإتمام النعمة عليه بإكمال دينه {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي} وأن يكون طلب المزيد والثبات على ما كان (ولا تشمت بي عدواً ولا حاسداً) أي لا تنزل بي بلية يفرح بها عدوي وحاسدي وفي الصحاح الشماتة الفرح ببلية العدو والحسد تمني زوال نعمة المحسود (اللّهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك) جمع مخزن كمجلس ما يخزن فيه الشيء 00
1261 اللهم أحيني مسكينا و أمتني مسكينا و احشرني في زمرة المساكين
( صحيح ) ( عبد بن حميد ه ) عن أبي سعيد
( طب الضياء ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:(2/90)
أي اجمعني في جماعتهم بمعنى اجعلني منهم قال في الصحاح: الحشر الجمع، والزمرة بالضم الجماعة قال اليافعي: وناهيك بهذا شرفاً للمساكين ولو قال احشر المساكين في زمرتي لكفاهم شرفاً وكيف وقد قال واحشرني في زمرتهم ثم أنه لم يسأل مسكنة ترجع للقلة بل إلى الإخبات والتواضع، ذكره البيهقي، وجرى على قضيته حجة الإسلام حيث قال: استعاذته من الفقر لا تنافي طلب المسكنة لأن الفقر مشترك بين معنيين: الأول الافتقار إلى اللّه والاعتراف بالذلة والمسكنة له، والثاني فقر الاضطرار وهو فقد المال المضطر إليه كجائع فقد الخبز فهذا هو الذي استعاذ منه. والأول هو الذي سأله اهـ وسئل الشيخ زكريا عن معنى هذا الحديث فقال: معناه طلب التواضع والخضوع وأن لا يكون من الجبابرة المتكبرين والأغنياء المترفين اهـ ومنه أخذ السبكي قوله المراد استكانة القلب لا المسكنة التي هي نوع من الفقر فإنه أغنى الناس باللّه.
1262 اللهم استر عورتي و آمن روعتي و اقض عني ديني ( حسن )
( طب ) عن خباب .
الشرح:
(اللّهم استر عورتي) أي ما يسوؤني إظهاره (وآمن روعتي) خوفي وفزعي (واقض عني ديني) بأن تقدرني على وفائه والقضاء لغة على وجوه ترجع إلى انقضاء الشيء وتمامه.
1263 اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري و أصلح لي دنياي التي فيها معاشي و أصلح لي آخرتي التي فيها معادي و اجعل الحياة زيادة لي في كل خيرواجعل الموت راحة لي من كل شر(صحيح)(م)عن أبي هريرة.
الشرح:(2/91)
(اللّهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري) أي الذي هو حافظ لجميع أموري فإن من فسد دسنه فسدت جميع أموره وخاب وخسر في الدنيا والآخرة (وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي) أي بإعطاء الكفاف فيما يحتاج غليه وكونه حلالاً معيناً على الطاعة (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي) أي ما أعود إليه يوم القيامة وهو إما مصدر أو ظرف ذكره ابن الأثير قال الحرالي: قد جمع في هذه الثلاثة صلاح الدنيا والدين والمعاد وهي أصول مكارم الأخلاق التي بعث لإتمامها فاستقى في هذا اللفظ الوجيز صلاح هذه الجوامع الثلاث التي حلت في الأولين بداياتها وتمت عند غاياتها فإصلاح الدين بالتوفيق لإظهار خطاب ربه من جهة أحوال قلبه وأخلاق نفسه وأعمال بدنه فيما بينه وبين ربه من غير التفات لعرض النفس والبدن إلا بالتطهر منه واستعمال الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته لتقويتها وإصلاح المعاد بخوف الزجر والنهي التي لا تصلح الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناها وخوف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناها والمقصود بالزجر والنهي الردع عما يضر في المعاد إلا أن الردع على وجهين خطاب لمعرض ويسمى زجراً كما يسمى في حق البهائم وخطاب المعتل على التفهم ويسمى نهياً فكان الزجر يزيغ الطبع والنهي يزيغ العقل انتهى (واجعل الحياة زيادة لي في كل خير) أي اجعل حياتي زيادة سبب طاعتي (واجعل الموت راحة لي من كل شر) أي اجعل موتي سبب خلاصي من مشقة الدنيا والتخلص من غمومها وهمومها لحصول الراحة. قال الطيبي: وهذا الدعاء من جوامع الكلم.
1264 اللهم اغفر لي خطيئتى و جهلي و إسرافي في أمري و ما أنت أعلم به مني اللهم اغفر لي خطئي و عمدي و هزلي و جدي و كل ذلك عندي اللهم اغفر لي ما قدمت و ما أخرت و ما أسررت و ما أعلنت أنت المقدم و أنت المؤخر و أنت على كل شيء قدير( صحيح ) ( ق ) عن أبي موسى .
الشرح:(2/92)
(اللّهم اغفر لي خطيئتي) أي ذنبي (وجهلي) أي ما لم أعلمه (وإسرافي في أمري) أي مجاوزتي الحد في كل شيء (وما أنت أعلم به مني) مما علمته وما لم أعلمه.(اللّهم اغفر لي خطئي وعمدي) وهما متقابلان (وهزلي وجدي) هما متضادان (وكل ذلك عندي) ممكن أي موجود أي أنا متصف بهذه الأمور فاغفرها لي قاله تواضعاً أو أراد ما وقع سهواً أو ما قبل النبوة أو محض مجرد تعليم لأمته.(اللّهم اغفر لي ما قدمت) قبل هذا الوقت من التقدمة وهي وضع الشيء قداماً وهي جهة القدام الذي هو الإمام فالتجاه أي قبالة الوجه قاله الحراني (وما أخرت) عنه(وما أسررت)أي أخفيت (وما أعلنت) أظهرت أو ما حدثت به نفسي وما تحرك به لساني قاله تواضعاً وإجلالاً للّه تعالى أو تعليماً لأمته وتعقب في الفتح الأخير بأنه لو كان للتعليم فقط كفى فيه أمرهم بأن يقولوا فالأولى أنه للمجموع (أنت المقدم) أي بعض العباد إليك بتوفيق الطاعة أو أنت المقدم لي بالبعث في الآخرة (وأنت المؤخر) بخذلان بعضهم عن التوفيق فتؤخره عنك أو أنت المؤخر لي بالبعث في الدنيا أو أنت الرافع والخافض أو المعز والمذل (وأنت على كل شيء قدير) أي أنت الفعال لكل ما تشاء ولذا لم يوصف به غير الباري ومعنى قدرته على الممكن الموجود حال وجوده أنه إن شاء أبقاه وإن شاء أعدمه ومعنى قدرته على المعدوم حين عدمه أنه إن شاء إيجاده أوجده وإلا فلا، وفيه أن مقدور العبد مقدور للّه حقيقة لأنه شيء
1265 اللهم اغفر لي ذنبي و وسع لي في داري و بارك لي في رزقي
( حسن ) ( ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/93)
(اللّهم اغفر لي ذنبي) أي ما لا يليق أو المراد إن وقع والعبد لا يأتي بما هو اللائق بجلال كبرياء اللّه، ومنه ما عبدناك حق عبادتك، فسمى هذا القصور بالنسبة لكمال القرب ذنباً مجازاً (ووسع لي في داري) محل سكني في الدنيا لأن ضيق مرافق الدار يضيق الصدر ويشتت الأمتعة ويجلب الهم ويشغل البال أو المراد القبر: إذ هو الدار الحقيقية، وعلى الأول فالمراد التوسعة بما يقتضيه الحال لا الترفه والتبسط في الدنيا بل إنما يسأل حصول قدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص. ولهذا قال بعض الحكماء: إما أن تتخذ لك داراً على قدر نجواك وتخبر على قدر دارك وإلا فهو سرف أو تقتير (وبارك لي في رزقي) أي اجعله مباركاً محفوفاً بالنماء والزيادة في الخير ووفقني بالرضى بما قسمته منه وعدم التلفت إلى غيره مع أني لا أنال إلا ما رزقتني وإن جهدت 0000000
1266 اللهم اغفر لي ذنوبي و خطاياي كلها اللهم أنعشني و اجبرني و اهدني لصالح الأعمال و الأخلاق فإنه لا يهدي لصالحها و لا يصرف سيئها إلا أنت( حسن ) ( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(اللّهم اغفر لي ذنوبي) جمع ذنب والذنب ما له تبعة دنيوية أو أخروية مأخوذ من الذنب ولما كان المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم معاتباً يترك ما هو الأولى تأكيداً لعصمته أطلق عليه اسم الذنب (وخطاياي) أي استرها وقضية العطف أن الخطايا غير الذنوب (كلها) أي صغيرها وكبيرها (اللّهم انعشني) أي ارفعني وقو جأشي وفي الصحاح نعشه اللّه رفعه وبابه قطع ولا يقال أنعشه. قال الزمخشري: من المجاز نعشه فانتعش إذا تداركه من ورطة وانتعش نعشك اللّه ونعشني نعشه كريم والكريم ينعش الناس 000(2/94)
(واجبرني) أي سد مفاقري قال في الصحاح الجبر أن تغني الرجل من فقر أو تصلح عظمه من كسر وجبر اللّه فلاناً سد مفاقره وجبر مصيبته رد عليه ما ذهب منه أو عوضه (واهدني لصالح الأعمال) أي للأعمال الصالحة (والأخلاق) جمع خلق بالضم وهو الطبع والسجية وجمعه باعتبار مخالقته الناس ومجاملتهم كما أشار إليه خبر وخالق الناس بخلق حسن (فإنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سيئها) عني (إلا أنت) لأنك المقدر للخير والشر فلا يطلب جلب الخير إلا منك ولا دفع الشر إلا منك وحدك وفيه حذف تقديره واصرف عني سيء الأعمال فإنه لا يهدي إلخ.
1267 اللهم اغفر لي و ارحمني و ألحقني بالرفيق الأعلى( صحيح )
( ق ت ) عن عائشة .
1268 اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا و بين معاصيك و من طاعتك ما تبلغنا به جنتك و من اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا و متعنا بأسماعنا و أبصارنا و قوتنا ما أحييتنا و اجعله الوارث منا و اجعل ثأرنا على من ظلمنا و انصرنا على من عادانا و لا تجعل مصيبتنا في ديننا و لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا و لا تسلط علينا من لا يرحمنا(حسن)
( ت ك ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/95)
(اللّهم اقسم لنا) أي اجعل لنا قسمة ونصيباً (من خشيتك) أي خوفك والخشية الخوف أو خوف مقترن بتعظيم (ما يحول) أي يحجب ويمنع (بيننا وبين معاصيك) لأن القلب إذا امتلأ من الخوف أحجمت الأعضاء جميعها عن ارتكاب المعاصي وبقدر قلة الخوف يكون الهجوم على المعاصي فإذا قلَّ الخوف جداً واستولت الغفلة كان ذلك من علامة الشقاء ومن ثم قالوا المعاصي بريد الكفر كما أن القبلة بريد الجماع والغناء بريد الزنا والنظر بريد العشق والمرض بريد الموت وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالعقل والبدن والدنيا والآخرة ما لا يحصيه إلا اللّه (ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك) أي مع شمولنا برحمتك وليست الطاعة وحدها مبلغة بدليل خبر: لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول اللّه؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه برحمته (ومن اليقين) أي وارزقنا من اليقين بك وبأنه لا راد لقضائك وقدرك (ما يهون) أي يسهل (علينا مصائب الدنيا) بأن نعلم أن ما قدرته لا يخلو عن حكمة ومصلحة واستجلاب مثوبة وأنك لا تفعل بالعبد شيئاً إلا وفيه صلاحه (ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا) قال القاضي: الضمير في اجعل للمصدر اجعل الجعل والوارث هو المفعول الأول، ومنا في محل المفعول الثاني بمعنى اجعل الوارث من نسلنا لا كلالة خارجة عنا أو الضمير للتمتع ومعناه اجعل تمتعنا بها باقياً عنا موروثاً لمن بعدنا أو محفوظاً لنا ليوم الحاجة0000(2/96)
(واجعل ثأرنا على من ظلمنا) أي مقصوراً عليه ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره فأخذ به غير الجاني كما في الجاهلية أو اجعل إدراك ثأرنا على من ظلمنا فندرك به ثأرنا (وانصرنا على من عادانا) أي ظفرنا عليه وانتقم منه (ولا تجعل مصيبتنا في دينينا) أي لا تصيبنا بما ينقص ديننا من أكل حرام واعتقاد سوء وفترة في عبادة (ولا تجعل الدنيا أكبر همنا) فإن ذلك سبب للّهلاك وفي إفهامه أن قليل الهم بما لا بد منه من أمر المعاش مرخص فيه بل مستحب (ولا مبلغ علمنا) بحيث تكون جميع معلوماتنا الطرق المحصلة للدنيا والعلوم الجالية لها بل ارزقنا علم طريق الآخرة (ولا تسلط علينا من لا يرحمنا) أي لا تجعلنا مغلوبين للظلمة والكفرة أو لا تجعل الظالمين علينا حاكمين أو من لا يرحمنا من ملائكة العذاب في القبر والنار وغيرهما ذكره كله القاضي00000
1269 اللهم أمتعني بسمعي و بصري حتى تجعلهما الوارث مني و عافني في ديني و في جسدي و انصرني ممن ظلمني حتى تريني فيه ثأري اللهم إني أسلمت نفسي إليك و فوضت أمري إليك و ألجأت ظهري إليك و خليت وجهي إليك لا ملجأ و لا منجى منك إلا إليك آمنت برسولك الذي أرسلت و بكتابك الذي أنزلت( صحيح ) ( ك ) عن علي .
الشرح:(2/97)
(اللّهم أمتعني بسمعي وبصري حتى تجعلهما الوارث مني) أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت أو أراد بقاءهما وقوتهما عند الكبر وانحلال القوى أو اجعل تمتعي بهما في مرضاتك باقياً فذكره بعد انقضاءأجلنا وانقطاع عملنا(وعافني في ديني وفي جسدي وانصرني ممن ظلمني) من أعداء دينك (حتى تريني فيه ثأري) أي تهلكه، وفي الصحاح الثأر الدخل يقال ثأر القتيل بالقتيل أي قتل قاتله.(اللّهم إني أسلمت نفسي) أي ذاتي (إليك) يعني جعلت ذاتي طائعة لحلمك منقادة لك في كل أمر ونهي (وفوضت) أي رددت (أمري إليك) أي حكمك (وألجأت ظهري إليك) أي أسندته إليك كأنه اضطر ظهره إلى ذلك لما علم لا سند يتقوى به سواه وخص الظهر لجري العادة بأن المرء يعتمد بظهره إلى ما يسند إليه (وخليت) بخاء معجمة أي فرغت (وجهي) أي قصدي (إليك) يعني براءته من الشرك والنفاق وعقدت قلبي على الإيمان (لا ملجأ) بالهمز ويترك للازدواج مع قوله (ولا منجا) فهذا مقصور لا يجوز مده ولا همزه إلا بقصد المناسبة للأول أي لا مهرب ولا مخلص ولا ملاذ لمن طلبته (منك إلا إليك) فأموري الداخلة والخارجة مفتقرة إليك (آمنت برسولك الذي أرسلت) يعني نفسه أو المراد بكل رسول أرسلته أو وقع منه ذلك تعليماً للغير (وبكتابك الذي أنزلت) أي أنزلته يعني القرآن أو كل كتاب سبق على ما سبق هكذا فسر القاضي الحديث00000
1270 اللهم أنت خلقت نفسي و أنت توفاها لك مماتها و محياها إن أحييتها فاحفظها و إن أمتها فاغفر لها اللهم إني أسألك العافية( صحيح )
( م ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/98)
(اللّهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها) بحذف إحدى التاءين للتخفيف (لك مماتها ومحياها) أي أنت المالك لإحيائها ولإماتتها أي وقد ثبت أنه لا مالك لهما غيرك (فإن أحييتها فاحفظها) أي صنها عن التورط فيما لا يرضيك (وإن أمتها فاغفر لها) ذنوبها فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت (اللّهم إني أسألك) أطلب منك (العافية) السلامة في الدين من الافتنان وكيد الشيطان والدنيا من الآلام والأسقام. وختم المصنف الأدعية بهذا الدعاء لمناسبته لافتتاحها بخبر لا عيش إلا عيش الآخرة من حديث خالد بن عبد اللّه بن الحرث.
1271 اللهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراما و إني حرمت المدينة ما بين مأزميها أن لا يراق فيها دم و لا يحمل فيها سلاح لقتال و لا يخبط فيها شجرة إلا لعلف اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم بارك لنا في صاعنا اللهم بارك لنا في مدنا اللهم اجعل مع البركة بركتين و الذي نفسي بيده ما من المدينة شعب و لا نقب إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها(صحيح )
( م ) عن أبي سعيد .
الشرح:(2/99)
(اللّهم إن إبراهيم حرم مكة فجعلها حراماً وإني حرمت المدينة) أي جعلتها حراماً (ما بين مأزميها) تثنية مأزم بالهمز وزاي مكسورة الجبل أو المضيق بين الجبلين وحرمتها (أن لا يراق فيها دم) أي لا يقتل فيها آدمي معصوم بغير حق (ولا يحمل فيها سلاح لقتال) عند فقد الاضطرار (ولا تخبط) أي تضرب (فيها شجرة) قال في الصحاح: خبط الشجرة ضربها بالعصى ليسقط ورقها (إلا لعلف) بسكون اللام ما تأكله الماشية.(اللّهم بارك لنا في مدينتنا ) أي أكثر خيرها (اللّهم بارك لنا في صاعنا) أي فيما يكال بصاع مدينتنا (اللّهم بارك لنا في مدنا) أي فيما يكال به ثم يحتمل كون البركة دينية وتكون بمعنى الثبات أي ثبتنا في أداء حقوق الحق المتعلقة بهذه المقادير وكونها دنيوية وتكون بمعنى الزيادة حيث يكفي المد لمن لا يكفيه في غيرها ويحتمل الأمران معاً.(اللّهم اجعل مع البركة) التي في غيرها (بركتين) فيها فتصير البركة فيها مضاعفة (والذي نفسي بيده) أي بتقديره وتدبيره (ما من المدينة شعب) بكسر الشين فرجة نافذة بين جبلين (ولا نقب) بفتح النون وسكون القاف طريق بين جبلين (إلا عليه ملكان) بفتح اللام (يحرسانها) من العدو (حتى تقدموا إليها) أي من سفركم هذا وكان هذا القول حين كانوا مسافرين للغزو وبلغهم أن بعض الطوائف يريد الهجوم عليها أو فعل وتمسك بهذا الخبر وما قبله من ذهب إلى تفضيل المدينة على مكة وقال: التضييق شامل للأمور الدينية أيضاً.
1272 اللهم إن إبراهيم كان عبدك و خليلك دعاك لأهل مكة بالبركة و أنا محمد عبدك و رسولك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في مدهم و صاعهم مثلي ماباركت لأهل مكة مع البركة بركتين(صحيح)(ت)عن علي.
الشرح:(2/100)
(اللّهم إن إبراهيم كان عبدك وخليلك) من الخلة الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فملأته (دعاك لأهل مكة) علم للبلد الحرام ومكة وبكة لغتان (بالبركة) بقوله {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم}. الآية. ولمكة أسماء كثيرة جمعها صاحب القاموس في مؤلف مستقل وفي تاريخ القطب أن من خواص اسمها أنه إذا كتب بدم الرعاف على جبين المرعوف مكة وسط البلاد واللّه رؤوف بالعباد انقطع الدم (وأنا محمد عبدك ورسولك) لم يذكر الخلة لنفسه مع أنه أيضاً خليل كما في خبر اتخد اللّه صاحبكم خليلاً تواضعاً ورعاية للأدب حيث لم يساو نفسه بأبيه (أدعوك لأهل المدينة- طيبة - أن تبارك لهم في مدهم وصاعهم) أي فيما يكال بهما بركة (مثل ما باركت لأهل مكة مع البركة بركتين) أي أدعوك لهم بضعف ما دعاك إبراهيم لمكة والمدً مكيال معروف وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز ورطلان عند أهل العراق والصاع خمسة أرطال وثلث عند أهل الحجاز وثمانية أرطال عند أهل العراق.
1273 اللهم إني أتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأيما مؤمن آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له صلاة و زكاة و قربة تقربه بها إليك يوم القيامة( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/101)
(اللّهم إني أتخذ عندك عهد) أي وعداً وعبر به عنه تأكيداً وإشعاراً بأنه من المواعيد التي لا يتطرق إليها الخلف كالمواثيق ولذا أستعمل فيه الخلف فقال (لن تخلفنيه) للمبالغة وزيادة التأكيد ذكره القاضي. وقال التوربشتي: العهد هنا الإيمان أسألك إيماناً لن تجعله خلاف ما أرتجيه فوضع الاتخاذ موضع السؤال تحقيقاً للرجاء. وقال الطيبي: أصله طلبت منك حاجة تسعفي إياها ولا تخيبني فيها فوقع العهد الموثق محل الحاجة مبالغة في تحقيق قضائها ووضع لن تخلفنيه محل لا تخيبني نظراً إلى أن الألوهية منافية لخلف الوعد (فإنما أنا بشر) أي خلق إنسان قدمه تمهيداً لعذره أي يصدر مني ما هو من لوازم البشرية من الغضب ثم شرع يبين ويفصل ما التمسه بقوله (فأيما مؤمن) الفاء جواب شرط محذوف أي إن كنت سببت مؤمناً فأيما مؤمن (آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته) تعزيراً له (فاجعلها) أي الكلمات المفهمة شتماً أو نحو لعنة (صلاة) أي رحمة وإكراماً وتعطفاً (وزكاة) أي طهارة من الذنوب (وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة) ولا تعاقبه بها في العقبى والمراد أسألك أن تجعله خلاف ما يراد منه بأن تجعل ما بدا مني تطهيراً ورفع درجة للمقول له ذلك. واعلم أن الذي رأيته في نسخ الكتاب أثبت أو في شتمته وما بعده وفي المصابيح بغير عطف وعليه قال القاضي: قابل أنواع الفظاظة والإيماء بما يقابلها من أنواع التعطف والألطاف 0000
1274 اللهم إني أسألك العفة و العافية في دنياي و ديني و أهلي و مالي اللهم استر عورتي و آمن روعتي و احفظني من بين يدي و من خلفي و عن يميني و عن شمالي و من فوقي و أعوذ بك أن اغتال من تحتي
( صحيح ) ( البزار ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/102)
(اللّهم إني أسألك العفة) بالكسر العفاف يعني التنزه عما لا يباح والكف عنه (والعافية في دنياي وديني) ويندرج تحته الوقاية من كل مكروه (وأهلي ومالي اللّهم استر عورتي) أي عيوبي وخللي وتقصيري والعورة سوءة الإنسان وكل ما يستحيي من ظهوره وهذا وما أشبهه تعليم للأمة (وآمن روعتي) من الروع بالفتح الفزع وفي رواية عوراتي وروعاتي بلفظ الجمع وفيه من أنواع البديع جناس القلب (واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي وأعوذ بك) وفي رواية وأعوذ بعظمتك (أن أغتال) بضم الهمزة أي أهلك. قال الراغب: الغول إهلاك الشيء من حيث لا يحس به (من تحتي) أي أدهى من حيث لا أشعر بخسف أو غيره استوعب الجهات الست بحذافيرها لأن ما يلحق الإنسان من نحو نكبة وفتنة إنما يصله من أحدها وتخصيص جهة السفل بقوله وأعوذ بعظمتك إلى آخره إدماج بمعنى قوله تعالى {ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب} وما أحسن قوله بعظمتك في هذا المقام.
1275 اللهم إني أسألك الهدى و التقى و العفاف و الغنى( صحيح )
( م ت ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(اللّهم إني أسألك الهدى) أي الهداية إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم، والتقى الخوف من اللّه والحذر من مخالفته والعفاف الصيانة عن مطامع الدنيا والغنى غنى النفس والاستغناء عن الناس. قال الطيبي: أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي أن يهدى إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق وكلما يجب أن يتقى منه من شرك ومعصية وخلق ديني.(2/103)
1276 اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله و آجله ما علمت منه و ما لم أعلم و أعوذ بك من الشر كله عاجله و آجله ما علمت منه و ما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك به عبدك و نبيك و أعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك و نبيك اللهم إني أسألك الجنة و ما قرب إليها من قول أو عمل و أعوذ بك من النار و ما قرب إليها من قول أو عمل و أسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا( صحيح ) ( ه ) عن عائشة .
الشرح:
(اللّهم إني أسألك من الخير كله عاجله وأجله ما علمت منه وما لم أعلم) الآجل على فاعل خلاف العاجل في الصحاح الآجل والآجلة ضد العاجل والعاجلة (وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم) هذا من جوامع الكلم والدعاء وأحب الدعاء إلى اللّه وأعجبه إليه الجوامع. قال الراغب: وفيه تنبيه على أن حق العاقل أن يرغب إلى اللّه أن يعطيه من الخيور ما فيه مصلحته مما لا سبيل بنفسه إلى اكتسابه وأن يبذل جهده مستعيناً باللّه في اكتساب ماله كسبه نافقاً عاجلاً وآجلاً ومطلقاً وفي كل حال وفي كل زمان ومكان قال: والخير المطلق هو المختار من أجل نفسه والمختار غيره لأجله وهو الذي يتشوفه كل عاقل.(اللّهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك اللّهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل) قال الحليمي: هذا من جوامع الكلم التي استحب الشارع الدعاء بها لأنه إذا دعا بهذا فقد سأل اللّه من كل خير وتعوذ به من كل شر ولو اقتصر الداعي على طلب حسنة بعينها أو دفع سيئة بعينها كان قد قصر في النظر لنفسه (وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيراً) 0000 وهذا خرج جواباً لسائل سأله أن يعلمه دعاءاً جامعاً يدعو به.
1277 اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه و ما لم أعلم و أعوذ بك من الشر كله ما علمت منه و ما لم أعلم( صحيح )
( الطيالسي طب ) عن جابر بن سمرة .(2/104)
الشرح:
(اللّهم إني أسألك من الخير كله) أي بسائر أنواعه وجميع وجوهه (ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم) طلبه الخير لا ينافي أنه أعطي منه ما لم يعطه غيره لأن ما منحه من صفات الكمال إنما هو بالنسبة للمخلوقات فهو كمال نسبي والكمال المطلق للّه، وكل صفة من صفات الحوادث قابلة للزيادة والنقص، ومن ثم أمر بطلب الزيادة في العلم 00000
1278 اللهم إني أسألك من فضلك و رحمتك فإنه لا يملكها إلا أنت(صحيح)
( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(اللّهم إني أسألك من فضلك) أي سعة جودك (ورحمتك) التي وسعت كل شيء (فإنه لا يملكهما إلا أنت) أي لا يملك الفضل والرحمة غيرك فإنك مقدرهما ومرسلهما فلا يطلبان إلا منك.
1279 اللهم إني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي اللهم فشفعه في( صحيح )
( ت ه ك ) عن عثمان بن حنيف .
الشرح:
(اللّهم إني أسألك) أطلب منك (وأتوجه إليك بنبيك محمد) صرح باسمه مع ورود النهي عنه تواضعاً لكون التعليم من جهته (نبي الرحمة) أي المبعوث رحمة للعالمين (يا محمد إني توجهت بك) أي استشفعت بك (إلى ربي) قال الطيبي: الباء في بك للاستعانة وقوله إني توجهت بك بعد قولك أتوجه إليك فيه معنى قوله تعالى {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (في حاجتي هذه لتقضى لي) أي ليقضيها ربي لي بشفاعته، سأل اللّه أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له ثم أقبل على النبي ملتمساً شفاعته له ثم كر مقبلاً على ربه أن يقبل شفاعته والباء في بنبيك للتعدية وفي بل للاستعانة وقوله (اللّهم فشفعه في) أي اقبل شفاعته في حقي ولتقضى عطف على أتوجه إليك بنبيك أي اجعله شفيعاً لي فشفعه وقوله اللّهم معترضة وما ذكر من أن سياق الحديث هو هكذا هو ما في نسخ الكتاب ووجهه ظاهر وفي المشكاة كأصلها لتقضي لي حاجتي 00000000(2/105)
1280 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك و بمعافاتك من عقوبتك و أعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك( صحيح )
( م 4 ) عن عائشة .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ برضاك من سخطك) أي بما يرضيك عما يسخطك فقد خرج العبد هنا عن حظ نفسه بإقامة حرمة محبوبة فهذا للّه ثم الذي لنفسه من هذا الباب قوله (وبمعافاتك من عقوبتك) استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره (وأعوذ بك منك) أي برحمتك من عقوبتك فإن ما يستعاذ منه صادر عن مشيئته وخلقه بإذنه وقضائه فهو الذي سبب الأسباب الذي يستفاد به منها خلقاً وكوناً وهو الذي يعيذ منها ويدفع شرها خلقاً وكوناً فمنه السبب والمسبب وهو الذي حرك الأنفس والأبدان وأعطاها قوى التأثير وهو الذي أوجدها وأعدّها وأمدها وهو الذي يمسكها إذا شاء ويحول بينها وبين قواها وتأثيرها فتأمّل ما تحت قوله أعوذ بك منك من محضر التوحيد وقطع الالتفات إلى غيره وتكميل التوكل عليه وإفراده بالاستعانة وغيرها (لا أحصي ثناء عليك) في مقابلة نعمة واحدة من نعمك {وإن تعدوا نعمة اللّه لا تحصوها} والغرض منه الاعتراف بتقصيره عن أداء ما أوجب عليه من حق الثناء عليه تعالى (أنت كما أثنيت على نفسك) بقولك {فللّه الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين} وغير ذلك مما حمدت به نفسك به وهذا اعتراف بالعجز عن التفصيل وأنه غير مقدور فوكله إليه سبحانه وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه إذ الثناء تابع للمثنى عليه فكل ثناء أثنى عليه به وإن كثر وطال وبولغ فيه فقدر اللّه أعظم وسلطانه أعز وصفاته أجل ذكره القاضي00000
1281 اللهم إني أعوذ بك من البرص و الجنون و الجذام و من سيء الأسقام( صحيح ) ( حم د ن ) عن أنس .
الشرح:(2/106)
(اللّهم إني أعوذ بك من البرص) داء معروف 0000 (والجنون والجذام) استعاذته منها تعليم للأمة وإظهار للعبودية (ومن سيء الأسقام) نص على تلك الثلاثة مع دخولها في الأسقام لكونها أبغض شيء إلى العرب ولهم عنها نفرة عظيمة ولهذا عدوا من شروط الرسالة السلامة من كل ما ينفر الخلق ويشوه الخلق.
1282 اللهم إني أعوذ بك من التردي و الهدم و الغرق و الحرق و أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت و أعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبرا و أعوذ بك أن أموت لديغا ( صحيح ) ( ن ك ) عن أبي اليسر .
الشرح:(2/107)
(اللّهم إني أعوذ بك من التردي) السقوط من عال كالوقوع من شاهق جبل أو في بئر والتردي تفعل من الردى وهو الهلاك (والهدم) بسكون الدال أي سقوط البناء ووقوعه على الشيء. قال القاضي: وروي بالفتح وهو اسم ما انهدم منه وفي النهاية الهدم محركاً البناء المهدوم وبالسكون الفعل (والغرق) بكسر الراء كفرح الموت بالغرق وقيل بفتح الراء (والحرق) بفتح الحاء والراء الإلتهاب بالنار استعاذ منها مع ما فيها من نيل الشهادة لأنها مجهدة مقلقة لا يثبت المرء عندها فربما استنزله الشيطان فأخل بدينه ولأنه يعد فجأة ومؤاخذة أسف كما يأتي ذكره القاضي. وقال الطيبي: استعاذ منها مع ما فيها من نيل الشهادة لأنها في الظاهر مصائب ومحن وبلاء كالأمراض السابقة المستعاذ منها أما ترتب ثواب الشهادة عليها فللبناء على أنه تعالى يثيب المؤمن على المصائب كلها حتى الشوكة وكان الفرق بين الشهادة الحقيقية وبين هذه الشهادة أنها متمني كل مؤمن ومطلوبه وقد يجب عليه توخي بهجة الشهادة والتحري لها بخلاف التردي والحرق والغرق ونحوها فإنه يجب التحرز عنها ولو سعى فيها عصى (وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان) أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي (عند الموت) بنزعاته التي تزل بها الأقدام وتصرع العقول والأحلام وقد يستولي على المرء عند فراق الدنيا فيضله أو يمنعه التوبة أو يعوقه عن الخروج عن مظلمة قبله أو يؤيسه من الرحمة أو يكره له الرحمة فيختم له بسوء والعياذ باللّه وهذا تعليم للأمة فإن شيطانه أسلم ولا تسلط له ولا لغيره عليه بحال سائر الأنبياء على هذا المنوال. قال القاضي: تخبيط الشيطان مجاز عن إضلاله وتسويله (وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً) عن الحق أو عن قتال الكفار حيث حرم الفرار وهذا تعليم للأمة (وأعوذ بك أن أموت لديغاً) فعيل بمعنى مفعول واللدغ بدال مهملة وغين معجمة يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب وبعين مهملة وذال معجمة يستعمل في الإحراق بنار كالكي 0000(2/108)
1283 اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع و أعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة( حسن ) ( د ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من الجوع) أي من ألمه وشدة مصابرته (فإنه بئس الضجيع) أي النائم معي في فراش واحد قلما كان يلازم صاحبه في المضجع سمي ضجيعاً (وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة) ومن ثم قيل أفحش الزمانة عدم الأمانة وقال الأحنف: الزم الأمانة يلزمك العمل وقيل الخيانة خزي وهوان {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ورب حيلة على صاحبها وبيله والبطانة بكسر الباء خلاف الظهارة ثم استعيرت لمن يخصه الرجل بالإطلاع على باطن أمره والتبطن الدخول في الأمر فلما كانت الخيانة أمراً يبطنه الإنسان ويستره ولا يظهره سماها بطانة.
1284 اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و الهرم و أعوذ بك من عذاب القبر و أعوذ بك من عذاب النار و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات ( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن أنس .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من العجز) ترك ما يجب فعله من أمر الدنيا (والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر) وما فيه من الأهوال الفظيعة والأشكال الشنيعة، سأله إرشاداً لأمّته ليقتدوا به في سؤاله لينجو منه (وأعوذ بك من فتنة المحيا) الابتلاء مع عدم الصبر والرضى والوقوع في الآفات والإصرار على الفساد وترك متابعة طريق الهدى (و) من فتنة (الممات) سؤال منكر ونكير مع الحيرة والخوف وهذا تعليم للأمة كما مر غير مرة.
1285 اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و الهرم و القسوة و الغفلة و العيلة و الذلة و المسكنة و أعوذ بك من الفقر و الكفر و الفسوق و الشقاق و النفاق و السمعة و الرياء و أعوذ بك من الصمم و البكم و الجنون و الجذام و البرص و سيء الأسقام ( صحيح )
( ك هق في الدعاء ) عن أنس .
الشرح:(2/109)
(اللّهم إني أعوذ بك من العجز) بسكون الجيم سلب القوة وتخلف التوفيق إذ صفة العبد العجز وإنما يقوى بقوة يحدبها اللّه فيه فكأنه استعاذ به أن يكله إلى أوصافه فإن كل من رد إليها فقد خذل (والكسل) التثاقل والتراخي مما ينبغي مع القدرة أو هو عدم انبعاث النفس لفعل الخير والعاجز معذور والكسلان لا ومع ذلك هو حالة رؤية ولو مع عذر فلذا تعوذ منه (والجبن) بضم فسكون الخور عن تعاطي الحرب خوفاً على المهجة وإمساك النفس والضن بها عن إتيان واجب الحق (والبخل) منع السائل المحتاج عما يفضل عن الحاجة (والهرم) كبر السن المؤدي إلى تساقط القوى وسوء الكبر ما يورثه كبر السن من ذهاب العقل والتخبط في الرأي وقال الموفق البغدادي: هو اضمحلال طبيعي وطريق للفناء ضروري فلا شفاء له (والقسوة) غلظ القلب وصلابته (والغفلة) غيبة الشيء عن البال وعدم تذكره واستعمل في تاركه إهمالاً وإعراضاً كما في قوله سبحانه {وهم في غفلة معرضون} (والعيلة والذلة) بالكسر الهوان على الناس ونظرهم إلى الإنسان بعين الاحتقار والاستخفاف به (والقلة) بالكسر قلة البصر أو قلة الأنصار أو القلة في أبواب الخير وخصال البر أو قلة المال بحيث لا يجد كفافاً من قوت فيعجز عن وظائف العبادة (والمسكنة) قلة المال وسوء الحال (وأعوذ بك من الفقر) أي فقر النفس لا ما هو المتبادر من معناه من إطلاقه على الحاجة الضرورية فإن ذلك يعم كل موجود {با أيها الناس أنتم الفقراء إلى اللّه} وأصله كسر فقار الظهر (والكفر) عناداً أو جحداً أو نفاقاً وأورده عقب الفقر لأنه قد يفضي إليه (والفسوق) الخروج عن الاستقامة والجور ومنه قيل للعاصي فاسق (والشقاق) مخالفة الحق بأن يصير كل من المتنازعين في شق أي ناحية كان كل فريق يحرص على ما يشق على الآخر (والنفاق) الحقيقي أو المجازي (والسمعة) بضم فسكون التنويه بالعمل ليسمعه الناس (والرياء) بكسر الراء والمد ومثناة تحتية إظهار العبادة ليراها الناس(2/110)
فيحمدوه فالسمعة أن يعمل للّه خفية ثم يتحدث بها تنويهاً والرياء أن يعمل لغير اللّه وذكر هذه الخصال لكونها أقبح خصال الناس فاستعاذته منها إبانة عن قبحها وزجر للناس عنها بألطف وجه وأمر بتجنبها بالالتجاء إلى اللّه (وأعوذ بك من الصمم) بطلان السمع أو ضعفه. قال القاضي: وأصله صلابة من اكتناز الأجزاء ومنه قيل حجر أصم وقناة صماء سمي به فقدان حاسة السمع لأن سببه أن يكون باطن الصماخ كنزاً لا تجويف فيه يشتمل على هواء يسمع الصوت بتموجه (والبكم) بالتحريك الخرس أو أن يولد لا ينطق ولا يسمع والخرس أن يخلق بلا نطق (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد منه (والبرص) علة تحدث في الأعضاء بياضاً رديئاً(وسيء الأسقام)الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى قرار الحميم وقلة الأنيس أو فقده كالاستسقاء والسل والمرض المزمن وهذا من إضافة الصفة للموصوف أي الأسقام السيئة قال التوربشتي ولم يستعذ من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد وإنما استعاذ من السقم المزمن فينتهي صاحبه إلى حال يفر منه الحميم ويقل دونه المؤانس والمداوي مع ما يورث من الشين وهذه الأمراض لا تجوز على الأنبياء بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليماً للأمة كيف تدعو.
1286 اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و الهرم و عذاب القبر و فتنة الدجال اللهم آت نفسي تقواها و زكها أنت خير من زكاها أنت وليها و مولاها اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع و من قلب لا يخشع و من نفس لا تشبع و من دعوة لا يستجاب لها( صحيح )
( حم عبد بن حميد م ن ) عن زيد بن أرقم .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من الكسل والعجز والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر وفتنة الدجال اللّهم آت) أعط (نفسي تقواها) أي تحرزها عن متابعة أهوى وارتكاب الفجور ذكره القاضي0000(2/111)
(وزكها) طهرها من كل خلق ذميم (أنت خير من زكاها) أي من جعلها زاكية يعني لا مزكي لها إلا أنت فإنه تعالى هو الذي يزكي النفوس فتصير زاكية أي عاملة بالطاعة فاللّه هو المزكي والعبد هو المتزكي. قال الطيبي: فإسناد التزكية إلى النفس في الآية هو نسبة الكسب إلى العبد لا خلق الفعل كما زعمه المعتزلة لأن الخبر به يقتضي المناسبة المشاركة بين كسب العبد وخلق القدرة فيه قال الحراني: والتزكية اكتساب الزكاة وهي نماء النفس بما هو لها وهو بمنزلة الغذاء للجسم (أنت وليها) التي يتولاها بالنعمة في الدارين (ومولاها) سيدها وهذا استئناف على بيان الموجب وأن إيتاء التقوى وتصليح التزكية فيها إنما كان لأنه هو المتولي أمرها وربها ومالكها فالتزكية إن حملت على تطهير النفس عن الأفعال والأقوال والأخلاق الذميمة كانت بالنسبة إلى التقوى مظاهرة ما كان مكمناً في الباطن وإن حملت على الإنماء والإعلان بالتقوى كانت تحلية بعد التخلية فإن المتقي شرعاً من اجتنب النواهي وأتى بالأوامر (اللّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) أي علم لا أعمل به ولا أعلمه ولا يبدل أخلاقي وأقوالي وأفعالي أو علم لا يحتاج إليه في الدين ولا في تعلمه إذن شرعي ذكره المظهري (ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع) أي لا تقنع بما آتاها اللّه ولا تفتر عن الجمع حرصاً أو المراد به النهمة وكثرة الأكل (ومن دعوة لا يستجاب لها) قال العلائي: تضمن الحديث الاستعاذة من دنيء أفعال القلوب وفي قرنه بين الاستعاذة من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع إشارة إلى أن العلم النافع ما أورث الخشوع وفيه أن السجع لا يذم لكن إذا حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر بل لكمال فصاحة والتكلف مذموم.
1287 اللهم إني أعوذ من الفقر و القلة و الذلة و أعوذ بك من أن أظلم أو أظلم( صحيح ) ( د ن ه ك ) عن أبي هريرة .(2/112)
1288 اللهم إني أعوذ بك من الكسل و الهرم و المأثم و المغرم و من فتنة القبر و عذاب القبر و من فتنة النار و عذاب النار و من شر فتنة الغنى و أعوذ بك من فتنة الفقر و أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل عني خطاياي بالماء و الثلج و البرد و نق قلبي من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و باعد بيني و بين خطاياي كما باعدت بين المشرق و المغرب( صحيح ) ( ق ت ن ه ) عن عائشة .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم) أي ما يأثم به الإنسان أو ما فيه أو ما يوجب الإثم أو الإثم نفسه وضعاً للمصدر موضع الاسم (والمغرم) أي مغرم الذنوب والمعاصي أو هو الدين فيما لا يحل أو فيما يحل لكن يعجز عن وفائه أما دين احتاجه وهو يقدر على أدائه فلا استعاذة منه أو المراد الاستعاذة من الاحتياج إليه واستعاذته تعليم لأمته وإظهار للعبودية والافتقار وفي حديث صحيح قال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول اللّه قال: الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف (ومن فتنة القبر) التحير في جواب منكر ونكير (وعذاب القبر) عطف عام على خاص فعذابه قد ينشأ عنه فتنة بأن يتحير فيعذب لذلك وقد يكون لغير ما كان يجيب بالحق ولا يتحير ثم يعذب على تفريطه في بعض المأمورات أو المنهيات كإهمال التنزه عن البول (ومن فتنة النار) سؤال خزنتها وتوبيخهم كما يشير إليه {كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها} الآية (وعذاب النار) أي إحراقها بعد فتنتها كذا قرر بعضهم وقال الطيبي: قوله فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار وإلى عذاب القبر لئلا يتكرر إذا فسر بالعذاب (ومن شر فتنة الغنى) أي البطر والطغيان والتفاخر وصرف المال في المعاصي (وأعوذ بك من فتنة الفقر) حسد الأغنياء والطمع في مالهم والتذلل لهم بما يدنس العرض ويسلم الدين ويوجب عدم الرضا بما قسم ذكره البيضاوي. وقال الطيبي: الفتنة إن فسرت بالمحنة والمصيبة فشرها أن لا يصير الرجل على لأوائها(2/113)
ويجزع منها وإن فسرت بالامتحان والاختبار فشرها أن لا يحمد في السراء ولا يصبر في الضراء وذكر لفظ شر في الفقرة الأولى دون الثانية وهو ما وقع في هذه الرواية وجاء في رواية إثباتها فيهما وفي أخرى حذفها فيهما (ومن فتنة المسيح) بفتح الميم وخفة السين وبحاء مهملة سمي به لكون إحدى عينيه ممسوحة أو لمسح الخير منه فعيل بمعنى مفعول أو لمسحه الأرض أو قطعها في أمد قليل فهو بمعنى فاعل وقيل هو بخاء معجمة ونسب قائله إلى التصحيف (الدجال) احتراز عن عيسى عليه السلام من الدجل الخلط أو التغطية أو الكذب أو غير ذلك وهو عدو اللّه المموه واسمه صافن وكنيته أبو يوسف وهو يهودي وإنما استعاذ منه مع كونه لا يدرك نشراً لخبره بين أمته جيلاً بعد جيل لئلا يلتبس كفره على مدركه.(اللّهم اغسل) أزل (عني خطاياي) أي ذنوبي لو فرض أن لي ذنوباً (بالماء والثلج والبرد) بفتحتين حب الغمام جمع بينهما مبالغة في التطهير أي طهر بي منها بأنواع مغفرتك وخصها لأنها لبردها أسرع لإطفاء حر عذاب النار التي هي غاية الحر وجعل الخطايا بمنزلة جهنم لكونها سببها فعبر عن إطفاء حرها بذلك وبالغ باستعمال المبردات مترقياً عن الماء إلى أبرد منه وهو الثلج ثم إلى أبرد منه وهو البرد بدليل جموده ومصيره جليداً والثلج يذوب (ونق) بفتح النون وشد القاف (قلبي) الذي هو بمنزلة ملك الأعضاء واستقامتها باستقامته (من الخطايا) تأكيد للسابق ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها (كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس) بفتح الدال والنون أي الوسخ وفي رواية لمسلم من الدرن (وباعد) أي أبعد وعبر بالمفاعلة مبالغة (بيني وبين خطاياي) كرر بين هنا دون ما بعده لأن العطف على الضمير المجرور يعاد فيه الخافض أي ذنوبي والخطىء بالكسر الذنب (كما باعدت) أي كتبعيدك (بين المشرق) موضع الشروق وهو مطلع الأنوار (والمغرب) أي محل الأفول وهذا مجاز لأن حقيقة المباعدة إنما هي في الزمان والمكان أي امح ما حصل(2/114)
من ذنوبي وحل بيني وبين ما يخاف من وقوعها حتى لا يبقى لها اقتراب مني بالكلية فما مصدرية والكاف للتشبيه وموقع التشبيه أن إلتقاء المشرق والمغرب محال فشبه بعد الذنب عنه ببعد ما بينهما والثلاثة إشارة لما يقع في الأزمنة الثلاثة فالمباعدة للمستقبل والتنقية للحال والغسل للماضي والنبي معصوم وإنما قصد تعليم الأمة أو إظهار العبودية.
1289 اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن و العجز و الكسل و البخل و الجبن و ضلع الدين و غلبة الرجال ( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن أنس .
الشرح:(2/115)
(اللّهم إني أعوذ بك من الهم والحزن) ليس العطف لاختلاف اللفظ مع اتحاد المعنى كما ظنَّ بل الهم إنما يكون في أمر متوقع والحزن فيما وقع والهم هو الحزن الذي يذيب الإنسان فهو أشد من الحزن وهو خشونة في النفس لما يحصل فيها من الغم فافترقا. وقال القاضي: الفرق بين الهم والحزن أن الحزن على الماضي والهم للمستقبل وقيل الفرق بالشدّة والضعف فإن الهم من حيث إن تركيبه أصل في الذوبان يقال أهمني المرض بمعنى أذابني وسنام مهموم مذاب وسمي به ما يعتري الإنسان من شدائد الغم لأنه ببدنه أبلغ وأشد من الحزن الذي أصله الخشونة (والعجز) القصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة، وأصله التأخر عن الشيء وصار في التعارف اسماً للقصور عن فعل الشيء، وللزومه الصعف والقصور عن الإتيان بالشيء استعمل في مقابلة القدرة واشتهر فيها (والكسل) التثاقل عن الشيء مع وجود القدرة والداعية (والبخل والجبن وضلع الدين) بفتحتين ثقله الذي يميل بصاحبه عن الاستواء والضلع بالتحريك الاعوجاج (وغلبة الرجال) شدة تسلطهم بغير حق تغلباً وجدلاً فالإضافة للفاعل أو هيجان النفس من شدة الشق فالإضافة للمفعول. قال ابن القيم: كل اثنين منها قرينتان فالهم والحزن قرينتان إذ المكروه الوارد على القلب إن كان من مستقبل يتوقعه أحدث الهم أو من ماض أحدث الحزن، والعجز والكسل قرينتان فإن تخلف العبد عن أسباب الخير إن كان لعدم قدرته فالعجز أو لعدم إرادته فالكسل، والجبن والبخل قرينتان فإن عدم النفع إن كان ببدنه فالجبن أو بماله فالبخل، وضلع الدين وقهر الرجال قرينتان فإن استعلا الغير عليه إن كان بحق فضلع الدين أو بباطل فقهر الرجال 0000
1290 اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول( حسن ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/116)
(اللّهم إني أعوذ) أصله أعوذ بسكون العين وضم الواو استثقلت الضمة على الواو فنقلت إلى العين فبقيت الواو ساكنة أي أستجير وأعتصم (بك من جار السوء) أي من شره (في دار المقامة) الإقامة فإنه هو الشر الدائم والأذى الملازم (فإن جار البادية يتحول) فمدته قصيرة يمكن تحملها فلا يعظم الضرر فيها، وفي رواية الطبراني جار السوء في دار الإقامة قاصمة الظهر وقد ينزل بسببه البلاء فيعم الصالح والطالح. قال الحرائي: والعوذ اللجأ من مخوف لكاف يكفيه.
1291 اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك و تحول عافيتك و فجأة نقمتك و جميع سخطك ( صحيح ) ( م د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك) أي ذهابها مفرد في معنى الجمع يعم النعم الظاهرة والباطنة، والنعمة كل ملائم تحمد عاقبته ومن ثم قالوا لا نعمة للّه على كافر بل ملاذه استدراج. والاستعاذة من زوال النعم تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي لأنها تزيلها. ألا ترى إلى قوله:
إذا كنت في نعمة فارعها * فإن المعاصي تزيل النعم
(وتحول عافيتك) أي تبدلها، ويفارق الزوال التحول كما قاله الطيبي بأن الزوال يقال في كل شيء ثبت لشيء ثم فارقه لفظ رواية أبي داود وتحويل بزيادة مثناة تحتية. والتحويل تغيير الشيء وانفصاله عن غيره فكأنه سأل دوام العافية وهي السلامة من الآلام والأسقام (وفجاءة) بالضم والمد وتفتح وتقصر بغنة (نقمتك) بكسر فسكون: غضبك وعقوبتك (وجميع سخطك) بالتحريك: أي سائر الأسباب الموجبة لذلك وإذا انتفت أسبابها حصلت أضدادها.
1292 اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي و من شر بصري و من شر لساني و من شر قلبي و من شر منيتي ( صحيح ) ( د ك ) عن شكل .
الشرح:(2/117)
(اللّهم إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني) أي نطقي فإن أكثر الخطايا منه وهو الذي يورد المرء في المهالك وخص هذه الجوارح لما أنها مناط الشهوة ومثار اللذة (ومن شر قلبي) يعني نفسي والنفس مجمع الشهوات والمفاسد بحب الدنيا والرهبة من الخلق وخوف فوت الرزق والأمراض القلبية من نحو حسد وحقد وطلب رفعة وغير ذلك 00000
1293 اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت و من شر ما لم أعمل(صحيح)
( م د ن ه ) عن عائشة .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك) قال الطيبي: استعاذ مما عصم منه ليلتزم خوف اللّه وإعظامه والافتقار إليه وليقتدى به وليبين صفة الدعاء، والباء للإلصاق المعنوي للتخصيص كأنه خص الرب بالاستعاذة، وقد جاء في الكتاب والسنة: أعوذ باللّه، ولم يسمع: باللّه أعوذ، لأن تقديم المعمول تفنن وانبساط، والاستعاذة حال خوف وقبض، بخلاف الحمد للّه وللّه الحمد لأنه حال شكر، وتذكير إحسان ونعم (من شر ما عملت) أي من شر عمل يحتاج فيه إلى العفو (ومن شر ما لم أعمل) أي بأن تحفظني منه في المستقبل، أو المراد شر عمل غيره {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} أو ما ينسب إليه افتراء ولم يعمله00000
1294 اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر و أعوذ بك من عذاب النار و أعوذ بك من فتنة المحيا و الممات و أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال
( صحيح ) ( خ ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/118)
(اللّهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) أي عقوبته (وأعوذ بك من عذاب النار) نار جهنم تعميم بعد تخصيص كما أن تالييه تخصيص بعد تعميم وهو قوله (وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات) قال القاضي: المحيا مفعل من الحياة والممات مفعل من الموت وفتنة المحيا ما يعتري الإنسان حال حياته من البلاء والمحن وفتنة الممات شدة سكرة الموت وسؤال القبر وعذابه (وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) فإنها أعظم الفتن وأشد المحن ولذلك لم يبعث اللّه نبياً إلا حذر أمته منه وفيه ندب التعوذ مما ذكر بعد الفراغ من التشهد أي الأخير كما صرح به في رواية مسلم بخلاف الأول لبنائه على التخفيف خلافاً لمن زعم أنه فيهما وكأنه لم يطلع على رواية مسلم وفيه إثبات عذاب القبر وهو مذهب أهل الحق خلافاً للمعتزلة وذكرت فتنة المسيح- مع شمول فتنة المحيا والممات لها لعظمها وكثرة شرها أو لكونها تقع في محيا جماعة مخصوصة وهم الموجودون حال خروجه.
1295 اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع و عمل لا يرفع و دعاء لا يسمع
( صحيح ) ( حم حب ك ) عن أنس .
الشرح:
(اللّهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع) وهو ما لم يؤذن في تعلمه شرعاً أو ما لا يصحبه عمل أو ما لا يهذب الأخلاق الباطنة فيسري منها إلى الأفعال الظاهرة ويفوز بها إلى الثواب الآجل وأنشد:
يا من تقاعد عن مكارم خلقه * ليس التفاخر بالعلوم الزاخرة
من لم يهذب علمه وأخلاقه * لم ينتفع بعلومه في الآخرة .
وقدم العلم على العمل لأن العمل بدون علم ضلال (وعمل لا يرفع) إلى اللّه رفع قبول لفقد نحو إخلاص ومصاحبة نحو رياء (ودعاء لا يستجاب) أي لا يقبله اللّه وإنما استعاذ من ذلك لأن العلم إذا لم ينفع لا يخلص صاحبه منه كفافاً بل يكون وبالاً، والعمل إذا لم يرفع كان مردوداً على فاعله مغضوباً عليه00000
1296 اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين و غلبة العدو و شماتة الأعداء
( صحيح ) ( ن ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:(2/119)
(اللّهم إني أعوذ بك من غلبة الدين) ثقله وشدته وذلك حيث لا قدرة على وفائه سيما مع الطلب وفي خبر أو أثر: ما دخل هم الدين قلباً إلا أذهب من العقل ما لا يعود (وغلبة العدو) من يفرح بمصيبته ويحزن بمسرته وقد يكون من الجانيين أو من أحدهما (وشماتة الأعداء) فرحهم ببلية تنزل بعد وهم كما قال تعالى حكاية عن هارون {ولا تشمت بي الأعداء} وختم بهذه الكلمة البديعة لكونها جامعة متضمنة لسؤال الحفظ عم جميع المعاصي 00000
1297 اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع و من دعاء لا يسمع و من نفس لا تشبع و من علم لا ينفع أعوذ بك من هؤلاء الأربع ( صحيح )
( ت ن ) عن ابن عمرو ( د ن ه ك ) عن أبي هريرة ( ن ) عن أنس .
الشرح:(2/120)
(اللّهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع) لذكر اللّه سبحانه ولا لاستماع كلامه وهو القلب القاسي الذي هو أبعد القلوب من حضرة علام الغيوب (ومن دعاء لا يسمع) أي لا يستجاب ولا يعتد به فكأنه غير مسموع (ومن نفس لا تشبع) من جمع المال أشراً وبطراً أو من كثرة الأكل الجالبة لكثرة الأبخرة الموجبة للنوم وكثرة الوساوس والخطرات النفسانية المؤدية إلى مضار الدنيا والآخرة (ومن علم لا ينفع) أي لا يعمل به أو لا يهذب الأخلاق الباطلة فيسري إلى الأفعال الظاهرة (أعوذ بك من هؤلاء الأربع) قال الطيبي: في كل من القرائن إشعار بأن وجوده مبني على غايته والغرض الغاية فإن تعلم العلم إنما هو للنفع به فإذا لم ينفعه لم يخلص كفافاً بل يكون وبالاً، وإن القلب إنما خلق ليخشع لبارئه فإذا لم يخشع كان قاسياً يستعاذ منه، {فويل للقاسية قلوبهم} وإنما يعتد بالنفس إذا تجافت عن دار الغرور وأنابت إلى دار الخلود، فإذا كانت نهمة لا تشبع كانت أعدى عدو للمرء فهي أهم ما يستعاذ منه، وعدم استجابة الدعاء دليل على أن الداعي لم ينتفع بعلمه ولم يخشع قلبه ولم تشبع نفسه00 1298 اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق و الأعمال و الأهواء و الأدواء ( صحيح ) ( ت طب ك ) عن عم زياد بن علاقة .
الشرح:(2/121)
(اللّهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق) كحقد وبخل وحسد وجبن ونحوها ولا مانع من إرادة السبب والمسبب معاً لأن المسبب قد يحصل فيعفى عنه {إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وهذا مقول على منهج التعليم لغيره (والأعمال) الكبائر من نحو قتل وزنا وشرب خمر وسرقة ونحوها. قال بعض حكماء الإسلام: وهذه المنكرات منها ما لا ينفك منه غير المعصوم في متقلبه ومنها ما يعظم الخطب فيه حتى يصير منكراً عليها متعارفاً، وذكر هذا مع عصمته تعليم لأمته كما سبق (و) منكرات (الأهواء) وهي الزيغ والانهماك في الشهوات جمع هوى مقصور هوى النفس وهو ميلها إلى المستلذات والمستحسنات عندها لأنه يشغل عن الطاعة ويؤدي إلى الأشر والبطر (والأدواء) من نحو جذام وبرص وسل واستسقاء وذات جنب ونحوها، فهذه كلها بوائق الدهر فيقول أعوذ بك من بوائق الدهر. قال الطيبي: والإضافة إلى القرينتين الأوليين من إضافة الصفة إلى الموصوف. قال الراغب: والإنكار ضد العرفان والمنكر كل فعل يتوقف في استقباحه واستحسانه العقول ويحكم بقبحه الشرع. وقال زين العرب منكر الخلق ما لم يعرف حسنه من جهة الشرع قال الحكيم: إنما استعاذ من هذه الأربع لأن ابن آدم لا ينفك منها في متقلبه ليلاً ونهاراً، وبها ما يعظم الخطب فيه حتى يصير منكراً غير متعارف فيما بينهم فذاك الذي يشار إليه في بالأصابع في ذلك الأمر ومنه يعظم الوبال0000
1299 اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء و من ليلة السوء و من ساعة السوء و من صاحب السوء و من جار السوء في دار المقامة( حسن )
( طب ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:(2/122)
(اللّهم إني أعوذ بك من يوم السوء) أي القبح والفحش أو يوم المصيبة أو نزول البلاء أو يوم الغفلة بعد المعرفة (ومن ليلة السوء ومن ساعة السوء ومن صاحب السوء) مفرد الصحابة بفتح الصاد ولم يجمع فاعل على فعالة إلا هذا (ومن جار السوء في دار المقامة) زاد في رواية فإن جار البادية يتحول، والمقامة بالضم الإقامة كما في الصحاح قال: وقد تكون بمعنى القيام لأنك إذا جعلته من قام يقوم فمفتوح أو من أقام يقيم فمضموم وقوله تعالى {لا مقام لكم} أي لا موضع لكم وقرىء {لا مقام لكم} بالضم أي لا إقامة لكم انتهى وفي المصباح أقام بالموضع إقامة اتخذه موطناً.
1300اللهم بارك لأمتي في بكورها(صحيح)(حم4حب)عن صخر الغامدي ( ه ) عن ابن عمر ( طب ) عن ابن عباس وابن مسعود وعبدالله بن سلام وعن عمران بن حصين وعن كعب ابن مالك وعن النواس بن سمعان .
الشرح:
(اللّهم بارك لأمتي) أمة الإجابة (في بكورها) في شرح السقط أول اليوم الفجر، وبعده الصباح فالبكرة فالضحى فالضحوة فالهاجرة فالظهر فالرواح فالمساء فالعصر فالأصيل فالعشاء الأول فالعشاء الآخر وذلك عند مغيب الشفق. قال النووي في رؤوس المسائل:يسن لمن له وظيفة من نحو قراءة أو علم شرعي وتسبيح أو اعتكاف أو صنعة فعله أول النهار وكذا نحو سفر وعقد نكاح وإنشاء أمر لهذا الحديث.
1301 اللهم بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة و أسألك كلمة الإخلاص في الرضا و الغضب و أسألك القصد في الفقر و الغنى و أسألك نعيما لا ينفد و أسألك قرة عين لا تنقطع و أسألك الرضا بالقضاء و أسألك برد العيش بعد الموت و أسألك لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان و اجعلنا هداة مهتدين (صحيح)( ن ك ) عن عمار بن ياسر .
الشرح:(2/123)
(اللّهم بعلمك الغيب) الباء للاستعطاف والتذلل أي أنشدك بحق علمك ما خفي على خلقك مما استأثرت به (وقدرتك على الخلق) أي جميع المخلوقات من إنس وجن وملك وغيرها (أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي) عبر بما في الحياة لاتصافه بالحياة حالاً وبإذا الشرطية في الوفاة لانعدامها حال التمني أي إذا آل الحال أن تكون الوفاة بهذا الوصف فتوفني (اللّهم وأسألك خشيتك) عطف على محذوف واللّهم معترضة (في الغيب والشهادة) أي في السر والعلانية أو المشهد والمغيب فإن خشية اللّه رأس كل خير والشأن في الخشية في الغيب لمدحه تعالى من يخافه بالغيب (وأسألك كلمة الإخلاص) أي النطق بالحق (في الرضا والغضب) أي في حالتي رضا الخلق مني وغضبهم علي فيما أقوله فلا أداهن ولا أنافق أو في حالتي رضاي وغضبي بحيث لا تلجئني شدّة الغضب إلا النطق بخلاف الحق ككثير من الناس إذا اشتد غضبه أخرجه من الحق إلى الباطل (وأسألك القصد) أي التوسط (في الغنى والفقر) وهو الذي ليس معه إسراف ولا تقصير فإن الغنى يبسط اليد ويطفىء النفس والفقر يكاد أن يكون كفراً فالتوسط هو المحبوب المطلوب (وأسألك نعيماً لا ينفد) أي لا ينقضي وذلك ليس إلا نعيم الآخرة (وأسألك قرة عين) بكثرة النسل المستمر بعدي أو بالمحافظة على الصلاة لقوله وجعلت قرة عيني في الصلاة (لا تنقطع) بل تستمر ما بقيت الدنيا وقيل أراد قرّة عينه أي بدوام ذكره وكمال محبته والأنس به. قال بعضهم: من قرت عينه باللّه قرت به كل عين (وأسألك الرضا بالقضاء) أي بما قدرته لي في الأزل لأتلقاه بوجه منبسط وخاطر منشرح وأعلم أن كل قضاء قضيته خير فلي فيه خير. قال العارف الشاذلي: البلاء كله مجموع في ثلاث خوف الخلق وهم الرزق والرضا عن النفس والعافية والخير مجموع في ثلاث الثقة باللّه في كل شيء والرضا عن اللّه في كل شيء واتقاء شرور الناس ما أمكن (وأسألك برد العيش بعد الموت) برفع الروح إلى منازل(2/124)
السعداء ومقامات المقربين والعيش في هذه الدار لا يبرد لأحد بل محشو بالغصص والنكد والكدر ممحوق بالآلام الباطنة والأسقام الظاهرة (وأسألك لذة النظر إلى وجهك) أي الفوز بالتجلي الذاتي الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الكمال الحقيقي قيد النظر باللذة لأن النظر إلى اللّه إما نظر هيبة وجلال في عرصات القيامة أو نظر لطف وجمال في الجنة إيذاناً بأن المسؤول هذا (والشوق إلى لقائك) قال ابن القيم: جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا وهو الشوق إلى لقائه وأطيب ما في الآخرة وهو النظر إليه ولما كان كلامه موقوفاً على عدم ما يضر في الدنيا ويفتن في الدين قال (في غير ضراء مضرة) قال الطيبي: متعلق الظرف مشكل ولعله يتصل بالقرينة الأخيرة وهي الشوق إلى لقائك. سأل شوقاً إليه في الدنيا بحيث يكون في ضراء غير مضرة أي شوقاً لا يؤثر في سلوكي وإن ضرني مضرة ما000000
(ولا فتنة مضلة) أي موقعة في الحيرة مفضية إلى الهلاك. وقال القونوي: الضراء المضرة حصول الحجاب بعد التجلي والتجلي بصفة تستلزم سدل الحجب والفتنة المضلة كل شبهة توجب الخلل أو تنقص في العلم والشهود (اللّهم زينا بزينة الإيمان) وهي زينة الباطن ولا معول إلا عليها لأن الزينة زينتين زينة البدن وزينة القلب وهي أعظمها قدراً وإذا حصلت حصلت زينة البدن على أكمل وجه في العقبى ولما كان كمال العبد في كونه عالماً بالحق متبعاً له معلماً لغيره قال (واجعلنا هداة مهتدين) وصف الهداة بالمهتدين لأن الهادي إذا لم يكن مهتدياً في نفسه لم يصلح كونه هادياً لغيره لأنه يوقع الناس في الضلال من حيث لا يشعر 00000
1302 اللهم حجة لا رياء فيها و لا سمعة ( صحيح ) ( ه ) عن أنس .
الشرح:(2/125)
(اللّهم حجة) أي أسألك حجة مبرورة وساقه في الإصابة بلفظ اللّهم اجعلها حجة (لا رياء فيها ولا سمعة) بل تكون خالصة لوجهك الكريم مقاربة إلى حضرة مجدك العظيم وفيه إبانة لعظيم فضل الحج ورفيع شرفه وذم للرياء وتقبيح للسمعة وإنما هي في غاية الشناعة كيف وهما محبطان للعمل موقعان في الخطل والزلل.
1303 اللهم رب الناس ! مذهب الباس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت اشف شفاء لا يغادر سقما( صحيح ) ( حم خ 3 ) عن أنس .
الشرح:
(اللّهم رب الناس) أي الذي رباهم بإحسانه وعاد عليهم بفضله وحذف حرف النداء إشهاراً بما له من القرب لأنه في حضرة المراقبة (مذهب) بضم فسكون مزيل (الباس) شدة المرض (إشف) ابرىء (أنت) لا غيرك (الشافي) المداوي من المرض المبرئ ومنه فيه جواز تسمية اللّه بما ليس في القرآن إذا ورد به خبر صحيح كما هنا وهو القول الذي عليه التعويل قال القرطبي: الشافي اسم فاعل من شفاء وأل فيه بمعنى الذي وليس باسم اللّه (لا شافي إلا أنت) فيه أن كل ما يقع في التداوي إنما ينجع بتقدير اللّه (اشف شفاء) مصدر منصوب باشف وقد يرفع خبر مبتدأ أي هو (لا يغادر) بغين معجمة لا يترك وفائدته أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر (سقماً) بضم فسكون وبفتحتين مرضاً ولا يشكل الدعاء بالشفاء مع أن المرض كفارة لأن الدعاء عبادة ولا ينافي الثواب والكفارة لحصولهما بأول المرض وبالصبر عليه والداعي ما يحصل له مطلوبه أو يعوضه.
1304 اللهم رب جبريل و ميكائيل و إسرافيل و محمد صلى الله عليه وسلم نعوذ بك من النار ( حسن ) ( طب ك ) عن والد أبي المليح .
الشرح:(2/126)
(اللّهم رب) أي يا رب (جبريل) قال الحراني: اسم عبودية، لأن إيل اسم اللّه في الملأ الأعلى وهو يد بسط لروح اللّه في القلوب بما يحييها اللّه من روح أمره إرجاعاً إليه في هذه الدار قبل إرجاع روح الحياة بيد القبض من عزرائيل (وميكائيل) اسم عبودية أيضاً، وهو يد بسط للأرزاق المقيمة للأجسام (وإسرافيل) وهو بسط يد للأرواح التي بها الحياة، قال الجزولي في شرح الرسالة: إنه إنما سمي إسرافيل لكثرة أجنحته وميكائيل لأنه موكل بالمطر والنبات يكيله ويزنه (ومحمد) الذي هو روح الأرواح (نعوذ) أي نعتصم (بك من النار) أي من عذابها فوجه تخصيص الأملاك الثلاثة أنها أشرف الملائكة وأنها الموكلة بالحياة وعليها مدار نظام هذا الوجود، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب، وميكائيل بالقطر والنبات الذي هو حياة الأرض والحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى الأشباح، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح الموكلة بالحياة له تاثير كبير في حصول المطلوب وهذا كما ترى أدق من قول البعض خص هؤلاء لكمال اختصاصهم واصطفائهم وكونهم أفضل الملائكة، والأول والأخير أفضل من الثاني وفي التفضيل بينهما أقوال: ثالثها الوقف.
1305 اللهم رب جبريل و ميكائيل و رب إسرافيل أعوذ بك من حر النار و من عذاب القبر( حسن ) ( ن ) عن عائشة .
الشرح:
(اللّهم رب) أي يا رب (جبريل وميكائيل ورب إسرافيل أعوذ بك من حر النار) جهنم (ومن عذاب القبر) قال عياض: تخصيصهم بربوبيته وهو رب كل شيء من إضافة العظيم له دون ما قد يحتقر عند الدعاء مبالغة في التعظيم ودليلاً على القدرة والملك وأشباهه كثير. وقال القرطبي: خصهم لانتظام هذا الوجود بهم.
1306 اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار
( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
الشرح:(2/127)
(اللّهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة) يعني الصحة والكفاف والعفاف والتوفيق للخير (وفي الآخرة حسنة) يعني الثواب والرحمة (وقنا) بالعفو والمغفرة (عذاب النار) الذي استحقيناه بسوء أعمالنا. وقول علي كرم اللّه وجهه: الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحور وعذاب النار امرأة السوء وقول الحسن: الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة، ومعنى وقنا عذاب النار احفظنا من كل شهوة وذنب يجر إليها: أمثلة للمراد بها.
1307 اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي(صحيح)( حم ) عن ابن مسعود.
الشرح:
(اللّهم كما حسنت) وفي رواية أحسنت (خلقي) أوله (فحسن خلقي) بضمتين أي لأقوى على أثقال الخلق وأتخلق بتحقيق العبودية والرضا بالقدر ومشاهدة الربوبية. قال الطيبي: ويحتمل أن يراد طلب الكمال وإتمام النعمة عليه بإكمال دينه. وفيه إشارة إلى قول عائشة كان خلقه القرآن وأن يكون قد طلب المزيد والثبات على ما كان وتمسك به من قال إن حسن الخلق غريزي لا مكتسب والمختار أن أصول الأخلاق غرائز والتفاوت في الثمرات وهو الذي به التكليف.
1308 اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ( صحيح )
( حم ق 3 ) عن أنس ( حم ق ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(2/128)
(اللّهم) الميم عوض من ياء، ولذا لا يجتمعان، وهو من خصائص هذا الاسم لدخولها عليه مع لام التعريف كما خص بالباء في القسم وقطع همزته في يا اللّه، وقيل أصله يا اللّه أمّنا بخير فخفف بحذف حرف النداء ذكره القاضي البيضاوي000 (لا عيش) أي لا عيش كاملاً أو باقياً أو معتبراً أو هنيئاً (إلا عيش) الدار (الآخرة) لا هذا العيش الفاني الزائل، لأن الآخرة باقية لا تزول وعيشها لا يعتريه اضمحلال ولا ذبول، وعيش الدنيا وإن كان محبوباً للنفوس معشوقاً للقلوب ظل زائل وسحابة صيف لا يرجى دوامها والعيش الحياة، قال الرافعي: والقصد بذلك فطم النفس عن الرغبة في الدنيا وحملها على الرغبة في الآخرة وتحمل أثقال مساعيها، وهذا لابن رواحة، وتتمته فأكرم الأنصار والمهاجرة، تمثل به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يوم الخندق وهو من مشطور الرجز والممتنع عليه إنشاء الشعر لا إنشاده على أن الخليل لم يعد مشطور الرجز شعراً، وقال بعضهم: هذه الكلمة قالها في أسر أحواله لما رأى جمع المسلمين بعرفة وفي أشدها عند حفر الخندق، وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته: فاغفر للأنصار والمهاجرة، ولفظ البخاري في باب التحريض على القتال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم فلما رأى ما بهم من النصب والجزع قال: اللّهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة.
1309 اللهم لك أسلمت و بك آمنت و عليك توكلت و إليك أنبت و بك خاصمت اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي الذي لا يموت و الجن و الإنس يموتون ( صحيح ) ( م ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/129)
(اللّهم لك أسلمت وبك آمنت) أي لك انقدت وبك صدقت. قال النووي: فيه إشارة إلى الفرق بين الإسلام والإيمان (وعليك توكلت) أي عليك لا على غيرك اعتمدت في تفويض أموري (وإليك أنبت) أي رجعت وأقبلت بهمتي (وبك خاصمت) أي بك أحتج وأدفع وأخاصم (اللّهم) إني أعوذ بعزتك أي بقوة سلطانك (لا إله إلا أنت أن تضلني) أي تهلكني بعدم التوفيق المرشاد، والتوفيق على طرق الهداية والسداد وفي الصحاح ضل الشيء ضاع وهلك وضله إذا لم يوفقه للرشاد انتهى وكلمة التهليل معترضة (أنت الحي القيوم) أي الدائم القائم بتدبير الخلق (الذي لا يموت) بلفظ الغائب للأكثر وفي بعض الروايات بلفظ الخطاب أي الحي الحياة الحقيقية التي لا يجامعها الموت بحال(والجن والإنس يموتون)عند تقضي آجالهم00
1310 اللهم متعني بسمعي و بصري و اجعلهما الوارث مني و انصرني على من ظلمني و خذ منه بثأري( حسن ) ( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(اللّهم متعني) انفعني زاد في رواية البيهقي من الدنيا (بسمعي
وبصري) الجارحتين المعروفتين وقيل العمرين وانتصر له بخير: هذان السمع والبصر، ويبعده ما في رواية البيهقي عقب وبصري وعقلي (واجعلهما الوارث مني) قال في الكشاف: استعارة من وارث الميت لأنه يبقى بعد فنائه (وانصرني على من ظلمني) تعدى وبغى عليّ (وخذ منه بثأري) أشار به إلى قوة المخالفين حثاً على تصحيح الالتجاء والصدق في الرغبة.
1311 اللهم من آمن بك و شهد أني رسولك فحبب إليه لقاءك و سهل عليه قضاءك و أقلل له من الدنيا و من لم يؤمن بك و يشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك و لا تسهل عليه قضاءك و كثر له من الدنيا( صحيح )
( طب ) عن فضالة بن عبيد .
الشرح:(2/130)
(اللّهم من آمن بك) أي صدق بأنك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك (وشهد أني رسولك) إلى الثقلين (فحبب إليه لقاءك وسهل عليه قضاءك) فيتلقاك بقلب سليم وخاطر منشرح ولا ينهمك في شيء من قضائك ويعلم أنه ما من شيء قدرته إلا وله وفيه خيور كثيرة دينية فيحسن ظنه بك (وأقلل له من الدنيا) أي من زهرتها وزينتها ليتجافى بالقلب عن دار الغرور ويميل به إلى دار الخلود (ومن لم يؤمن ويشهد أني رسولك فلا تحبب إليه لقاءك ولا تسهل عليه قضاءك وكثر له من الدنيا) وذلك هو غاية الشقاء فإن مواتاة النعم على وفق المراد من غير امتزاج ببلاء ومصيبة يورث طمأنينة القلب إلى الدنيا وأسبابها حتى تصير كالجنة في حقه فيعظم بلاؤه عند الموت بسبب مفارقته وإذا كثرت عليه المصائب انزعج قلبه عن الدنيا ولم يسكن إليها ولم يأنس بها فتصير كالسجن له وخروجه منها غاية اللذة كالخلاص من السجن. (تنبيه) قال في الحكم: ورود الفاقات أعياد المريدين، الفاقات بسط المواهب إن أردت ورود المواهب عليك صحح الفقر والفاقة لديك {إنما الصدقات للفقراء} تحقق بأوصافك يمدّك بأوصافه، تحقق بذلك يمدك بعزه، تحقق بعجزك يمدك بقدرته، تحقق بضعفك يمدك بحوله.
1312 اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه و من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
الشرح:(2/131)
(اللّهم من ولى من أمر أمتي) أمة الإجابة ولا مانع من إرادة الأعم هنا (شيئاً) من الولاية كخلافة وسلطنة وقضاء وإمارة ونظارة ووصاية وغير ذلك، نكره مبالغة في الشيوع وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل فهو من المشقة التي هي الإضرار لا من الشقاق الذي هو الخلاف قال في العين: شق الأمر عليه مشقة أضر به (فأشقق عليه) أي أوقعه في المشقة جزاءاً وفاقاً (ومن ولى من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم) أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة (فارفق بهم) أي افعل به ما فيه الرفق له مجازاة له بمثل فعله وهذا دعاء مجاب وقضيته لا يشك في حقيقتها عاقل ولا يرتاب فقلما ترى ذا ولاية عسف وجار وعامل عيال اللّه بالعتو والاستكبار وإلا كان آخر أمره الوبال وانعكاس الأحوال فإن لم يعاقب بذلك في الدنيا قصرت مدته وعجل بروحه إلى بئس المستقر سقر، ولهذا قالوا: الظلم لا يدوم وإن دام دمر، والعدل لا يدوم وإن دام عمر، وهذا كما ترى أبلغ زجر عن المشقة على الناس وأعظم حث على الرفق بهم، وقد تظاهرت على ذلك الآيات والأخبار.
1313 ألم تروا إلى الإنسان إذا مات شخص بصره فذاك حين يتبع بصره نفسه ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
1314 ألم تروا ما قال ربكم ؟ قال: ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين يقولون: الكواكب و بالكواكب ( صحيح )
( حم م ن ) عن أبي هريرة ( ن ) عن زيد بن خالد الجهني .
1315 ألم تعلموا ما لقي صاحب بني إسرائيل ؟ كانوا إذا أصابهم البول قطعوا ما أصابه البول منهم فنهاهم عن ذلك فعذب في قبره ( صحيح )
( د ن ه حب ك هق ) عن عبدالرحمن بن حسنة .
********************
أنتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثانى حرف الهمزة حديث1316(2/132)
مصابيح التنوير
على صحيح الجامع
الصغير للألباني
(مختصر فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمامِ عبد الرؤوف المناوي)
(أعده ورتبه أبو أحمد معتز أحمد عبد الفتاح)
ahmdmotaz@hotmail.com
الجزء الثانى
(حرف الهمزة الأحاديث من 1316: 2809)
الرموز المستخدمة في الكتاب خ للبخاري م لمسلم ق لهما
د لأبي داود ت للترمذي ن للنسائي ه لابن ماجه 4 لهؤلاء الأربعة 3 لهم إلا ابن ماجه ك للحاكم حم لأحمد في مسنده عم لابنه في زوائده خد للبخاري في الأدب المفرد تخ للبخاري في التاريخ ع مسند أبي يعلى
حب صحيح لابن حبان ش مصنف ابن أبي شيبة حل لأبي نعيم في الحلية
ص لسعيد بن منصور في سننه قط للدار قطني عق للعقيلي في الضعفاء
فر للديلمي في مسند الفردوس عب لعبد الرزاق في الجامع خط للخطيب
طب للطبراني في الكبير طس الطبراني في الأوسط طص الطبراني في الصغير
هب للبيهقي في شعب الإيمان هق سنن البيهقي عد لابن عدي فى الكامل
1316 أليس قد مكث هذا بعده سنة فأدرك رمضان فصامه و صلى كذا و كذا سجدة في السنة ؟ فلما بينهما أبعد مما بين السماء و الأرض ( صحيح )
( ه حب هق ) عن طلحة .
1317 أما إن ابنك هذا لا يجني عليك و لا تجني عليه ( صحيح )
( حم د ن ك ) عن أبي رمثة .
1318 أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك( صحيح ) ( م د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/1)
(أما إنك) أيها الرجل كالذي لدغته عقرب (لو قلت حين أمسيت) أي دخلت في المساء (أعوذ بكلمات اللّه التامات) أي التي لا نقص ولا عيب فيها وفي رواية كلمة بالإفراد قال الحكيم وهما بمعنى فالمراد بالجمع الجملة وبالواحدة ما تفرق في الأمور والأوقات ووصفها بالتمام إشارة إلى كونها خالصة من الريب والشبه {وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً} (من شر ما خلق) أي من شر خلقه وهو ما يفعله المكلفون من إثم ومضارة بعض لبعض من نحو ظلم وبغي وقتل وضرب وشتم وغيرها من نحو لدغ ونهش وعض (لم تضرك) بأن يحال بينك وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه00
1319 أما إنك لو لم تعطه شيئا كتب عليك كذبة( حسن )
( حم د ) عن عبدالله بن عامر بن ربيعة .
1320 أما إنها ستكون لكم الأنماط( صحيح ) ( ق د ت ) عن جابر .
1321 أما إنه لئن حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله و هو عنه معرض
( صحيح ) ( م د ت ) عن وائل بن حجر .
1322 أما إنه لم تهلك الأمم قبلكم حتى وقعوا في مثل هذا يضربون القرآن بعضه ببعض ما كان من حلال فأحلوه و ما كان من حرام فحرموه و ما كان من متشابه فآمنوا به( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمرو .
1323 أما إنه لو قال: بسم الله لكفاكم فإذا أكل أحدكم طعاما فليقل: بسم الله فإن نسي أن يقول: بسم الله في أوله فليقل: بسم الله أوله و آخره( صحيح )
( حم ه حب هق ) عن عائشة .
1324 أما إنه لو قال حين أمسى: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ما ضره لدغ عقرب حتى يصبح ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أما أنه) أي من لدغته عقرب فلم ينم ليلته (لو قال حين أمسى) في تلك الليلة (أعوذ بكلمات اللّه التامات من شر ما خلق لم يضره لدغ عقرب حتى يصبح) لأن الأدوية الإلهية تمنع من الداء بعد حصوله وتمنع من وقوعه وإن وقع لم يضر والدواء الطبيعي إنما ينجع بعد حصول الداء0000
1325 أما إنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم و لا مدكم( صحيح )
(ك)عن أبي سعيد .(1/2)
1326 أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها ؟ ( صحيح ) ( د ) عن جابر .
الشرح:
(أما بلغكم) أيها القوم الذين قد وسموا الحمار في وجهه (أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها) أي دعوت عليه باللعنة وهي الطرد والإبعاد عن الرحمة فكيف فعلتم ذلك به مع أن النهي للتحريم واقترانه باللعن يدل على التغليظ وكونه كبيرة فإنه تعذيب بلا طائل (أو ضربها) أي ولعنت من ضربها (في وجهها) لأن الوجه لطيف فربما شانه وشوهه وربما آذى الحواس أو بعضها فيحرم فعل ذلك بكل دابة محترمة وهو في الآدمي أشد. قال في الصحاح: وسمه إذا أثر فيه بسمة وكما قال الزمخشري: ومن المجاز وسمه بالهجاء.
1327أما ترضى أن تكون لهم الدنيا و لنا الآخرة؟(صحيح)(ق ه)عن عمر.
الشرح:
(أما) في رواية ألا (ترضى) يا عمر بن الخطاب (أن تكون لهم) في رواية لهما يعني كسرى وقيصر (الدنيا) أي نعيمها والتمتع بزهرتها ونضرتها ولذتها (ولنا الآخرة) أيها الأنبياء والمؤمنون ولم يقل لي مع كون السؤال عن حاله إشارة إلى أن الآخرة لأتباعه وهذا قاله لعمر وقد رآه عمر على حصير قد أثر في جنبه وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف وعند رجليه مرط وعند رأسه إهاب معلقة، فقال: كسرى وقيصر فيما هما فيه وأنت رسول اللّه هكذا فذكره وزاد في رواية يا ابن الخطاب أولئك عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا وذلك لأنه شاهد بعين الفؤاد موعود الجزاء فاستوى عنده ذهبها وترابها فترك الفاني للباقي على يقين ومشاهدة وآثر الصبر بحبس النفس عما تشتهيه طبعاً مما هو محلل لها شرعاً فلذا قال ما قال فتدبر شأن أهل الكمال.
1328 أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل ؟ هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه عز و جل أن يسلم علي و يبشرني أن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة و أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة( صحيح ) ( حم ت ن حب ) عن حذيفة .(1/3)
1329 أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله و أن الهجرة تهدم ما كان قبلها و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟ ( صحيح )( م ) عن عمرو بن العاص .
الشرح:
(أما علمت) يا عمرو الذي جاء إلينا يبايعنا وقد أراد وقوع المبايعة على اشتراط المغفرة (أن الإسلام يهدم ما كان قبله) من الكفر والمعاصي أي يسقط ويمحو أثره ويرفع خبره (وأن الهجرة) من أرض الكفر إلى بلاد الإسلام (تهدم) أي تمحو والمراد بالهجرة ما كان قبل الفتح (ما كان قبلها) من الخطايا المتعلقة بحق الحق تعالى من العقوبات أما الحق المالي كزكاة وكفارة يمين ففي سقوطها خلاف بين العلماء (وأن الحج يهدم ما كان قبله) الحكم فيه كسابقيه لكن ورد في خبر أنه يكفر حتى الدماء والمظالم، أخذ به جمع. وإنما ذكر الهجرة والحج مع الإسلام تأكيداً في بشارته وترغيباً في متابعته وفيه عظم موقع كل من الثلاثة وأن كل واحد بمفرده يكفر ما قبله ذكره شارحون. وقال الطيبي: فيه وجوه من التأكيد تدل على أن حكم الهجرة والحج حكم الإسلام أحدهما أنه من أسلوب الحكيم فإن غرض عمرو من إبائه عن المبايعة الآتي بيانه ما كان إلا حكم نفسه في إسلامه والهجرة والحج زيادة في الجواب فكأنه قال: لا تهتم بشأن الإسلام وحده وأنه يهدم ما قبله فإن الحج والهجرة كذلك "الثاني" أن همزة إما فيها معنى النفي وما نافية فإذا اجتمعا دلا على التقرير سيما وقد اتبعا بقوله علمت إيذاناً بأن ذلك أمر لا نزاع فيه ولا ينبغي أن يرتاب فيما يتلوهما "الثالث" لفظ يهدم فإنه قرينة الاستعارة المكنية شبه الخصال الثلاث في قلعها الذنوب من محلها بما يهدم البناء من أصله ثم أثبت للإسلام ما يلائم المشبه به من الهدم "الرابع" الترقي فإن قوله الحج يهدم ما قبله أبلغ في إرادة المبالغة من الهجرة لأنه دونها فإذا هدم الحج الذنوب فبالأولى أن يهدمها الهجرة لأنها مفارقة الوطن والأحباب "الخامس" تكرير يهدم في كل من الخصال دلالة على استقلال كل منهما(1/4)
بالهدم.
1330 أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة و أن من صنع الصور يعذب يوم القيامة فيقال: أحيوا ما خلقتم ؟( صحيح)(خ)عن عائشة .
1331 أما علمت أنك و مالك من كسب أبيك(حسن)(طب) عن ابن عمر .
1332 أما علمت أن ملكا ينادي في السماء يقول: اللهم اجعل لمال منفق خلفا و اجعل لمال ممسك تلفا ؟( حسن )( طب ) عن عبدالرحمن بن سبرة .
1333 أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه ؟ أما كان يجد هذا ما يغسل به ثيابه ؟ ( صحيح ) ( حم د حب ك ) عن جابر .
الشرح:
(أما كان يجد هذا) الرجل الشعث الذي تفرّق شعره وثار (ما يسكن به) بضم أوله وشد الكاف (رأسه) أي شعر رأسه أي يضمه ويلينه من زيت فعبر بالسكون عن ذلك (أما كان يجد هذا) الرجل الذي ثيابه وسخة دنسة (ما يغسل به ثيابه) من نحو غاسول أو صابون والاستفهام للإنكار أي كيف لا يتنظف ويحسن هيئته مع تيسر تحصيل الدهن والصابون أو ما يقوم مقامه مع أنه عام الوجود سهل التحصيل خفيف المؤنة والمنة. قال الطيبي: أنكر عليه بذاذته لما يؤدي إلى ذلته وأما خبر البذاذة من الإيمان فإثبات للتواضع للمؤمن كما ورد المؤمن متواضع وليس بذليل وله العزة دون الكبر ومنه حديث أبي بكر إنك لست ممن يفعله خيلاء وحينئذ فيندب التنظف مؤكداً وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم يحافظ على النظافة وكان يربط على بطنه الحجر من الجوع ولا يترك الطيب ويتعهد أحوال نفسه لا يفارقه في الحضر ولا في السفر المرآة والسواك والمقراض وكان إذا أراد الخروج للناس نظر في ركوة فيها ماء فيسوي من لحيته وشعر رأسه.
1334 أما مررت بوادي قومك ممحلا ثم تمر به خضرا ثم تمر به ممحلا ثم تمر به خضرا ؟كذلك يحيي الله الموتى .(حسن)(حم طب)عن أبي رزين.
1335 أما و الله إني لأتقاكم لله و أخشاكم له ( صحيح )
( م ) عن عمرو بن أبي سلمة .(1/5)
1336 أما و الله إني لأخشاكم لله و أتقاكم له لكني أصوم و أفطر و أصلي و أرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني(صحيح)(خ)عن أنس .
1337 أما و الله إني لأمين في السماء و أمين في الأرض( صحيح )
( طب ) عن أبي رافع .
الشرح:
(أما واللّه) صدره بكلمة التنبيه التي هي من طلائع القسم ومقدماته وقرنه بالقسم لتحقيق ما بعده وإثباته في خلد السامع ورداً على من عاند في كفره بعدما صار على جلية من أمره (إني لأمين في السماء) قدم السماء لعلوها ورمز إلى أن شهرته بهذه الصفة عند العالم العلوي لا خلاف فيه (أمين في الأرض) أي في نفس الأمر وعند كل عالم بحاله وذا على وزن {فورب السماء والأرض إنه لحق} وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يدعى في الجاهلية الأمين وإذا أطلقوه لا يعنون به إلا هو وفيه حل مدح المرء نفسه بهذا الوصف للتأكيد.
1338 أما و الله لو كان أسامة جارية حليتها و زينتها حتى أنفقها
( صحيح ) ( ابن سعد ) عن أبي السفر مرسلا .
1339 أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما( حسن )
( د ك ) عن نعيم بن مسعود .
1340 أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره ؟ ( صحيح ) ( حم م ه ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:
(أما يخشى أحدكم) أيها المصلون (إذا رفع رأسه) من الركوع أو السجود (في الصلاة) قبل إمامه (أن لا يرجع إليه بصره) بأن يعمى قبل رفع رأسه ثم لا يعود إليه بصره بعد ذلك وهذا زجر وتهويل ولا مانع من أن يراد بالبصر البصيرة وفيه كالذي قبله منع تقدم المأموم على الإمام في الرفع من الركوع والسجود وألحق به بعضهم التقدم عليه في الخفض بل أولى لأن الاعتدال والقعود بين السجدتين من الوسائل والركوع والسجود من المقاصد وإذا وجبت الموافقة في الوسيلة ففي المقصد أولى ونوزع بأن الرفع منهما يستلزم قطعه عن غاية كماله ودخول النقص في المقاصد أشد منه في الوسائل 00000(1/6)
1341 أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار أو يجعل الله صورته صورة حمار ؟(صحيح)(ق 4)عن أبي هريرة .
الشرح:
(أما يخشى) أي يخاف وفي رواية ألا يخشى (أحدكم) أيها المقتدون
(إذا رفع رأسه) أي من السجود فهو نص في السجود لحديث أبي داود الذي يرفع رأسه والإمام ساجد وألحق به الركوع لكونه في معناه ونص على السجود لمزيد مزيته فيه إذ المصلي أقرب ما يكون من ربه فيه وهو غاية الخضوع المطلوب كذا في الفتح ورده في العمرة بأنه لا يجوز تخصيص رواية البخاري برواية أبي داود لأن الحكم فيهما سواء (قبل) مع (الإمام) رأسه زاد في رواية ابن خزيمة في صلاته (أن يجعل اللّه رأسه) التي جنت بالرفع تعدياً (رأس حمار) وفي رواية ابن حبان كلب (أو) للشك (يجعل اللّه صورته صورة حمار) حقيقة بناء على ما عليه الأكثر من وقوع المسخ في هذه الأمة أو مجازاً عن البلادة الموصوف بها الحمار فاستعير ذلك للجاهل حيث لم يعلم أن الإئتمام المتابعة ولا يتقدم التابع على المتبوع أو أنه يستحق به من العقوبة في الدنيا. هذا ولا يلزم من الوعيد الوقوع وارتضى حجة الإسلام الثاني ورد ما عداه بأن تحويل رأس المقتدي من حيث الشكل لم يكن قط ولا يكون بل المراد قلب معنوي وهو مصيره كالحمار في معنى البلادة إذ غاية الحق الجمع بين الإقتداء والتقدم فعلم أنه كبيرة للتوعد عليه بأشنع العقوبات وأبشعها وهو المسخ لكن لا تبطل صلاته عند الشافعية وأبطلها أحمد كالظاهرية، قال القرطبي: وفيه ترك الأمن من تعجيل المؤاخذة على الذنوب.
1342 أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم و أما موسى فجعد آدم كأني أنظر إليه انحدر في الوادي يلبي على جمل أحمر مخطوم بخلبة ( صحيح )
( حم ق ) عن ابن عباس .
1343 أما الرجل فلينثر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر و أما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات تكفيها( صحيح )
( د ) عن ثوبان .(1/7)
1344 أما أنا فآخذ بكفي ثلاثا فأصب على رأسي ثم أفيض على سائر جسدي ( صحيح ) ( حم ق د ن ه ) عن جبير بن مطعم .
1345 أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا ( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
1346 أما أنا فلا آكل متكئا ( صحيح ) ( ت ) عن أبي جحيفة .
الشرح:
أي متمكناً معتمداً على وطاء تحتي أو مائلاً إلى أحد شقي ومن فهم أن المتكئ ليس إلا المائل إلى أحدهما فقد وهم إذ كل من استوى قاعداً على وطاء فهو متكئ وفي إفهام قوله أما أنا جعل الخيار لغيره على معنى أما أنا أفعل كذا وأما غيري فبالخيار فربما أخذ منه أنه غير مكروه لغيره.
1347 أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي و خلقي و أما أنت يا علي فمني و أنا منك و أما أنت يا زيد فأخونا و مولانا و الجارية عند خالتها فإن الخالة
والدة ( صحيح ) ( حم ) عن علي .
1348 أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقي و أشبه خلقي خلقك و أنت مني و شجرتي و أما أنت يا علي فختني و أبو ولدي و أنا منك و أنت مني و أما أنت يا زيد فمولاي و مني و إلي و أحب القوم إلي ( صحيح )
( حم طب ك ) عن أسامة بن زيد .
1349 أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق فتحشر الناس إلى المغرب و أما أول ما يأكل أهل الجنة فزيادة كبد الحوت و أما شبه الولد أباه و أمه فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع إليه الولد و إذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع إليها( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أنس .
الشرح:(1/8)
(أما أول أشراط الساعة) أي علاماتها التي يعقبها قيامها (فنار تخرج من المشرق) أي جهة شروق الشمس (فتحشر الناس) أي تجمعهم مع السوق (إلى المغرب) قيل لعله أراد نار الفتن وقد وقعت كفتنة التتار سارت من المشرق إلى المغرب وقيل بل تأتي واستشكل جعل النار أول العلامات بأن بعثة نبينا من الأشراط والنار لم تتقدمه وفي خبر أول الآيات طلوع الشمس من مغربها (وأجيب بأن) بعض علاماتها علامات لقربها وبعضها علامة غاية قربها وبعضها علامة وقوعها ومن الأول البعثة ومن الثاني النار والدخان والدجال ويأجوج ومأجوج والثالث طلوع الشمس وخروج الدابة سمي أولاً لأنه مبدأ ذلك القسم (وأما أول ما) أي طعام (يأكله أهل الجنة) أي فيها (فزيادة كبد حوت) أي زائدته وهي القطعة المنفردة المعلقة بالكبد وهي ألذه وأهناه وأمرأه (وأما شبه الولد أباه) تارة (وأمه) تارة أخرى (فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة) في النزول والاستقرار في رحمها (نزع إليه) أي نزع إلى الرجل (الولد) بنصبه على المفعولية أي جذب السبق إليه الولد (وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع) أي الولد (إليها) أي إلى المرأة. قال في الصحاح: نزع إلى أبيه في الشبه أي ذهب، وفي المصباح نزع إلى الشيء ذهب إليه وإلى أبيه ونحوه أذهبه أشبهه.
1350 أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها و لا يحيون و لكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم فأماتتهم إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل ( صحيح )
( حم م ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/9)
(أما أهل النار) في أكثر نسخ مسلم أهل النار بحذف أما وعليه فالفاء في فإنهم الآتية زائدة (الذين هم أهلها) أي المختصون بالخلود فيها المستوجبون لعذاب الأبد وفيه إيذان بأنه لا يسمى أهل النار إلا الكفار (فإنهم لا يموتون فيها) موتاً يريحهم (ولا يحيون) فيها حياة تريحهم كما قال تعالى {لا يموت فيها ولا يحيى} وهذا مذهب أهل السنة أن النعيم والعذاب دائم (ولكن ناس) من المؤمنين (أصابتهم النار بذنوبهم) في رواية بخطاياهم (فأماتتهم) بتاءين أي النار وفي رواية لمسلم فأماتهم اللّه (إمانة) أي بعد أن يعذبوا ما شاء اللّه وهي إماتة حقيقية وقيل مجازية عبارة عن ذهاب الإحساس بالألم ورجح الأول تأكيده بالمصدر وفائدة النار مع عدم الإحساس بعذابها حصول التأديب بصرفهم عن نعيم الجنة تلك المدة ثم يحبسون في النار بلا إحساس ما شاء اللّه كالمسبحون بدار عذاب الملك والإيمان على باب النار ينتظرهم (حتى إذا) بعثهم اللّه من تلك النوبة قد (صاروا فحماً) أي كالحطب الذي أحرق حتى اسود، في الصحاح الفحم معروف قال في المصباح: وقد تفتح الحاء وفحمت وجهه بالتثقيل سودته بالفحم (أذن) بالبناء للمفعول والفاعل اللّه تعالى (بالشفاعة) فيهم فحملوا وأخرجوا (فجيء بهم) أي فتأتي بهم الملائكة إلى الجنة بإذن ربهم (ضبائر ضبائر) بفتح الضاد المعجمة نصب على الحال هكذا وقعت مكررة في الروايات أي يحملون كالأمتعة جماعات منفردين في تفرقة عكس أهل الجنة فإنهم يدخلون يتحاذون بالمناكب لا يدخل آخرهم قبل أولهم ولا عكسه كما في خبر. وهؤلاء يدخلون متفرقين إظهاراً لأثر المخالفة عليهم ومع ذلك ففصل اللّه شملهم والضبائر جمع ضبارة بفتح الضاد المعجمة وكسرها الحزمة. قال في المصباح: ضبر الفرس جمع قوائمه وعنده إضبارة من كيت بكسر الهمزة جماعة وهي الحزمة انتهى (فبثوا) بباء موحدة مضمومة ثم مثلثة أي فرقوا (على أنهار الجنة) أي على حافاتها (ثم قيل) أي قالت الملائكة بأمر(1/10)
اللّه أو قال اللّه (يا أهل الجنة أفيضوا) صبوا (عليهم) من الماء ماء الحياة فيفيضون منه فيحيون (فينبتون نبات الحبة) ولفظ رواية مسلم فينبتون منه كما تنبت الحبة وهو بكسر الحاء وشدة الموحدة حب الرياحين والعشب وبزر البقول ونحوه مما ينبت في البرية والصحراء ما ليس بقوت يكون (في حميل السيل) بفتح الحاء وكسر الميم ما حمله السيل من نحو طين أو غثاء في معناه محمول السيل وزعم إرادة حب البقلة الحمقاء وهي الرجلة لأنها تنبت سريعاً على جانب السيل فيتلفه السيل ثم تنبت فيتلفه وهكذا ولهذه سميت بالحمقاء كأنه لا تمييز لها يرده رواية البخاري فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية وبقلة الحمقاء ليست صفراء وإنما كانت صفراء لأنها أحسن ألوان الرياحين ولهذا تسر الناظرين وسيد رياحين الجنة الحناء وهو أصفر والمراد التشبيه في سرعة النبات وطراوته وحسن لونه وضعف النبات فهو كناية عن سرعة نباتهم وحسن ألوانهم وضعف حالهم ثم يشتد قواهم بعد ويصيرون إلى منازلهم، شبه سرعة عود إنباتهم بسرعة نباتها وفي خبر يكتب على جباههم هؤلاء عتقاء الرحمن قيل وماء الحياة معنوي ولا مانع من كونه حسياً وفيه رد على المرجئة حيث أفاد دخول طائفة من الأمة النار وعلى المعتزلة لدلالته على عدم تخليد العاصي فيها.
1351 أما بعد ألا أيها الناس ! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب و أنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور من استمسك به و أخذ به كان على الهدى و من أخطأه ضل فخذوا بكتاب الله تعالى و استمسكوا به و أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي( صحيح ) ( حم عبد بن حميد م ) عن زيد بن أرقم .
الشرح:(1/11)
(أما بعد ألا أيها الناس) الحاضرون أو أعم (فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي) يعني ملك الموت (فأجيب) أي أموت كنى عنه بالإجابة إشارة إلى أنه ينبغي تلقيه بالقبول كأنه مجيب إليه باختياره (وأنا تارك فيكم ثقلين) سميا به لعظم شأنهما وشرفهما (أولهما كتاب اللّه) قدمه لأحقيته بالتقدم (فيه الهدى) من الضلال (والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى ومن أخطأه ضل) أي أخطأ طريق السعادة وهلك في ميادين الحيرة والشقاوة (فخذوا بكتاب اللّه واستمسكوا به) فإنه السبب الموصل إلى المقامات العلية والسعادة الأبدية (وأهل بيتي) أي وثانيهما أهل بيته وهم من حرمت عليهم الصدقة من أقربائه، قال الحكيم: حض على التمسك بهم لأن الأمر لهم معاينة فهم أبعد عن المحنة وهذا عام أريد به خاص وهم العلماء العاملون منهم فخرج الجاهل والفاسق وهم بشر لم يعروا عن شهوات الآدميين ولا عصموا عصمة النبيين وكما أن كتاب اللّه منه ناسخ ومنسوخ فارتفع الحكم بالمنسوخ هكذا ارتفعت القدرة بغير علمائهم الصلحاء وحث على الوصية بهم لما علم مما سيصيبهم بعده من البلايا والرزايا انتهى. (أذكركم اللّه في أهل بيتي) أي في الوصية بهم واحترامهم وكرره ثلاثاً للتأكيد00000000
1352 أما بعد أيها الناس ! فإن الناس يكثرون و يقل الأنصار حتى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا و ينفع فيه أحدا فليقبل من محسنهم و يتجاوز عن مسيئهم ( صحيح )
( خ ) عن ابن عباس .
1353 أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله و إن أفضل الهدي هدي محمد و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار أتتكم الساعة بغتة بعثت أنا و الساعة هكذا صبحتكم الساعة و مستكم أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله و من ترك دينا أو ضياعا فإلي و علي و أنا ولي المؤمنين( صحيح )( حم م ن ه ) عن جابر .
الشرح:(1/12)
(أما بعد) قال الطيبي: أما وضع للتفصيل فلا بد من التعدد ونقل عن أبي حاتم أنه لا يكاد يوجد في التنزيل أما وما بعدها إلا وتثنى وتثلث كقوله تعالى {أما السفينة، وأما الجدار} وعامله مقدر أي مهما يكن بعد تلك القضية (فإن أصدق) وفي رواية بدله خير (الحديث كتاب اللّه) اقتباس من قوله تعالى {اللّه نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً} فهو لإعجازه وإفهامه ما اشتمل عليه من أخبار الأمم والأحكام والمواعظ ومنفعة الخلق وتناسب الألفاظ وتناسقها في التخير والإصابة وتجاذب نظمه وتآليفه في الإعجاز والتبكيت أحسن حديث (وإن أفضل) وفي رواية وإن خير (الهدي هدي محمد) بفتح الهاء وسكون الدال فيهما أي أحسن الطرق طريقته وسمته وسيرته من هدى هديه سار بسيرته وجرى على طريقته ويقال فلان حسن الهدي أي الطريقة والمذهب ومنه خبر "اهتدوا بهدي عمار"، وبضم ففتح فيهما وهو بمعنى الدعاء والرشاد ومنه {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} إن هذا القرآن يهدي. وقال القاضي: هو من تهادت المرأة في مشيها إذا تبخترت ولا يكاد يطلق إلا على طريقة حسنة وسنة مرضية ولامه للاستغراق لأن أفعل التفضيل لا يضاف إلا إلى متعدد وهو داخل فيه ولأنه لو لم يكن للاستغراق لم يفد المعنى المقصود وهو تفضيل دينه وسنته على جميع السنن والأديان (وشر الأمور محدثاتها) جمع محدثة بالفتح وهي كما سبق ما لم يعرف من كتاب ولا سنة ولا إجماع. قال القاضي: روي شر الأمور بالنصب عطف على اسم إن وهو الأشهر وبالرفع عطف على محل إن مع اسمه (وكل بدعة ضلالة) أي وكل فعلة أحدثت على خلاف الشرع ضلالة لأن الحق فيما جاء به الشارع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال (وكل ضلالة في النار) فكل بدعة فيها وقد سبق ذا موضحاً بما منه أن المراد بالمحدث الذي هو بدعة وضلالة ما لا أصل له في الشرع والحامل عليه مجرد شهوة أو إرادة بخلاف محدث له أصل فيه إما بحمل النظير على نظيره أو لغير ذلك وقوله(1/13)
وكل إلى آخره عام مخصوص (أتتكم الساعة بغتة) بنصبه على المفعولية وجوّز رفعه. قال في الكشاف: الساعة القيامة سميت به لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وبديهة كما تقول في ساعة لمن تستعجله، وجرت علماً لها كالنجم للثريا والكوكب للزهرة (بعثت أنا والساعة هكذا) وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى. قال القاضي: يحتمل أنه تمثيل لمقارنتها وأنه ليس إصبع أخرى كما لا شيء بينه وبين الساعة ويحتمل أنه تقريب لما بينهما في المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الأصبعين تقريباً لا تحديداً (صبحتكم الساعة ومستكم) أي توقعوا قيامها فكأنكم بها وقد فجأتكم على بغتة صباحاً أو مساء فبادروا إلى التوبة لتسقط عنكم المعاصي وازهدوا في الدنيا ليخف حسابكم وتذكروا الآخرة وأهوالها وما هو إلا من نفس إلى نفس فتصيرون إليها {إنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين} (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) أي أحق. كان إذا احتاج لنحو طعام وجب على صاحبه بذله له {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} (من ترك مالاً فلأهله) الذين يرثونه (ومن ترك ديناً) عليه لم يوفه في حياته (أو ضياعاً) بفتح الضاد أي عيالاً وأطفالاً (فإلي وعليّ) أي فأمر كفاية عياله إليّ وعليّ قضاء دينه فهو لف ونشر غير مرتب (وأنا ولي المؤمنين) جميعاً، كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لا يصلي على مدين مات ولم يخلف وفاء زجراً للناس عن الاستدانة وإهمال الوفاء فلما فتح اللّه تعالى على المسلمين قال: من ترك ديناً فعليّ وفاؤه أي قضاؤه وهل كان يقضيه تكرماً أو وجوباً؟ وجهان الأصح الثاني ثم قيل إن ذا من خصائصه وقيل بل يقضى في كل زمن من المال وفيه أنه يسنّ أن يقال في الخطب أما بعد.(1/14)
1354 أما بعد فإن الله أنزل في كتابه ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة إلى آخر الآية ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و لتنظر نفس ما قدمت لغد ) إلى قوله: ( هم الفائزون ) تصدقوا قبل أن لا تصدقوا تصدق رجل من ديناره تصدق رجل من درهمه تصدق رجل من بره تصدق رجل من تمره من شعيره لاتحقرن شيئا من الصدقة و لو بشق تمرة ) .(صحيح )
( م ) عن جرير .
1355 أما بعد فإنه لم يخف على شأنكم الليلة و لكني خشيت أن يفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها ( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
1356 أما بعد فما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل و إن كان مائة شرط قضاء الله أحق و شرط الله أوثق و إنما الولاء لمن أعتق ( صحيح )( ق 4 ) عن عائشة .
الشرح:(1/15)
(أما بعد) قال القاضي: أما حرف يذكر لفصل الخطاب ويستدعي جواباً صدر بالفاء الجزائية لما فيها من معنى الشرط. قال سيبويه: إذا قلت أما زيد فمنطلق فكأنك قلت مهما يكن من شيء فزيد منطلق (فما) وفي رواية البخاري ما بدون فاء في الجواب. قال الزركشي: وهو عند اللغويين نادر (بال أقوام) أي ما حالهم أي أهل بريرة. أرادت عائشة شراءها منهم وتعتقها فشرطوا كون الولاء لهم ولم يشرط اللّه في كتابه ذلك فخطب فنبه على تقبيح فعلهم حيث (يشترطون شروطاً) جمع شرط وهو إلزام الشيء والتزامه (ليست في كتاب اللّه) أي في حكمه الذي كتب على عباده وشرعه لهم (ما كان من شرط ليس في كتاب اللّه) أي ليس في حكمه الذي يتعبد به عباده من كتاب أو سنة أو إجماع فليس المراد الفرقان لأن كون الولاء للمعتق ليس منصوصاً في القرآن وقال ابن خزيمة: أي ليس في حكمه جوازه أو وجوبه لا أن كل من شرط شرطاً لم ينطق به القرآن باطل لأنه قد يشترط في البيع (فهو باطل وإن كان مائة شرط) مبالغة وتأكيداً لأن العموم في قوله ما كان من شرط إلى آخره دل على بطلان جميع الشروط وإن زاد على المائة فالعدد خرج مخرج الكثير يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت (قضاء اللّه) المشروط أي حكمه (أحق) باتباع من غيره يعني هو الحق لا غيره (وشرط اللّه أوثق) أي هو القوي وما سواه باطل واه فافعل لا تفضيل فيه في الموضعين إذ لا مشاركة بين الحق والباطل (وإنما الولاء لمن أعتق) لا إلى غيره من مشترط أو غيره فهو منفي عنه شرعاً وفيه أنه لا ولاء لمن أسلم على يده رجل أو خالفه خلافاً للحنفية ولا لملتقط خلافاً لإسحاق.(1/16)
1357 أما بعد فما بال العامل نستعمله فيأتينا فيقول: هذا من عملكم و هذا أهدي إلي أفلا قعد في بيت أبيه و أمه فينظر هل يهدى له أم لا ؟ فوالذي نفس محمد بيده لا يغل أحدكم منها شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه إن كان بعيرا جاء به له رغاء و إن كانت بقرة جاء بها لها خوار و إن كانت شاة جاء بها تيعر فقد بلغت(صحيح)(حم ق د)عن أبي حميد الساعدي.
الشرح:
(أما بعد) أي بعد الحمد والثناء (فما بال العامل) أراد به عبد اللّه بن اللتيبة بضم اللام وسكون المثناة وكسر الموحدة وياء النسب استعمله على عمل فجاء حين فرغ فقال: يا رسول اللّه هذا لكم وهذا أهديّ لي فخطب موبخاً له على تأويله الفاسد مبيناً له بطلان رأيه الكاسد فقال (نستعمله) أي نوليه عاملاً (فيأتينا) عند انتهاء عمله (فيقول هذا من عملكم) أهدي إلي لخاصة نفسي (أفلا قعد) في رواية للبخاري فهلا جلس (في بيت أبيه وأمه فنظر) بضم النون ولأبي ذر بفتحها (هل يهدى له) بالبناء للمفعول (أم لا فوا الذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وتدبيره (لا يغل أحدكم) بغين معجمة مضمومة من الغلول وهي الخيانة في الغنيمة (منها) أي الصدقة (شيئاً إلا جاء به يوم القيامة) حال كونه (يحمله على عنقه) {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} (إن كان بعيراً جاء به) يومها (له رغاء) بضم الراء والتخفيف ومد له صوت (وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار) بضم أوله المعجم صوت (وإن كانت شاة جاء بها تيعر) بمثناة فوقية مفتوحة فتحتية ساكنة فمهملة صوت شديد (فقد بلغت) بشد اللام أي بلغت حكم اللّه الذي أرسلت به في هذا إليكم وبقية الحديث ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه، وفيه أن الإمام يخطب في الأمر المهم واستعمال أما بعد في الخطبة ومحاسبة المؤتمن ومنع العامل من قبول الهدية ممن له عليه حكم وإبطال كل طريق يتوصل به من يأخذ المال إلى محاباة المأخوذ منه والانفراد بالمأخوذ مع وجود الفاضل وأن من وجد متأولاً خطأ(1/17)
يشهر خطأه ليحذر.
1358 أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل و أدع الرجل و الذي أدع أحب إلي من الذي أعطي و لكني أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع و الهلع و أكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى و الخير منهم عمرو بن تغلب ( صحيح ) ( خ ) عن عمرو بن تغلب .
الشرح:
(أما بعد) أي حمد اللّه والثناء عليه قال عياض: هي كلمة يستعملها الخطيب للفصل بين ما كان فيه من حمد وثناء والانتقال إلى ما يريد التكلم فيه ويعوض عنها لفظتين هذا ولما كان كذا 000 (فو اللّه إني لأعطي) بلام بعدها همزة مضمومة فعين ساكنة فطاء مكسورة بلفظ المتكلم لا بلفظ المجهول من الماضي (الرجل وأدع) بفتح الهمزة والدال أي اترك (الرجل) الآخر فلا أعطيه شيئاً (والذي أدع) إعطاءه (أحب إليّ من الذي أعطى) عائد الموصول محذوف (ولكن) وفي رواية للبخاري ولكني (أعطي أقواماً لما) بمسر اللام (أرى) من نظر القلب لا من نظر العين (في قلوبهم من الجزع) بالتحريك أي الضعف عن تحمل ما نزل بهم من الإملاق (والهلع) بالتحريك أيضاً شدة الجزع أو أفحشه أو هما بمعنى وهو شدة الحرص فالجمع للاطناب (وأكل أقواماً) بفتح الهمزة وكسر الكاف (إلى ما جعل اللّه في قلوبهم من الغنى) النفسي (والخير) الجبلي الداعي إلى التصبر والتعفف عن المسئلة والشره (منهم) أي من الأقوام الذين لهم غنى النفس (عمرو بن تغلب) بفتح المثناة فوق وسكون المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة وهو النمري بالتحريك وفيه أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة وأما في الدنيا فتقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية وأن البشر جبلوا على حب العطاء وبغض المنع وأن المنع قد يكون خيراً للممنوع {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم} واستئلاف من يخشى جزعه أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه والاعتذار إلى من ظنّ ظناً والأمر بخلافه.(1/18)
1359 أما بعد يا معشر قريش ! فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله فإذا عصيتموه بعث عليكم من يلحاكم كما يلحى هذا القضيب ( صحيح )
( حم ) عن ابن مسعود .
1360 أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك يكتب الله لك بها حسنة و يمحو عنك بها سيئة ; و أما وقوفك بعرفة فإن الله عز و جل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة فيقول: هؤلاء عبادي جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق يرجون رحمتي و يخافون عذابي و لم يروني فكيف لو رأوني ؟ فلو كان عليك مثل رمل عالج أو مثل أيام الدنيا أو مثل قطر السماء ذنوبا غسلها الله عنك ; و أما رميك الجمار فإنه مدخور لك ; و أما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرة تسقط حسنة فإذا طفت بالبيت خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك(حسن)(طب)عن ابن عمر.(1/19)
1361 أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته و سأحذركموه بحديث لم يحذره نبي أمته إنه أعور و إن الله ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن ; و أما فتنة القبر فبي تفتنون و عني تسألون فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ثم يقال له: ما هذا الرجل الذي كان فيكم ؟ فيقول: محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله ثم يفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها و ما فيها فيقال له: هذا مقعدك منها و يقال له: على اليقين كنت و عليه مت و عليه تبعث إن شاء الله و إذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعا فيقال له: ما كنت تقول ؟ فيقول: لا أدري فيقال: ما هذا الرجل الذي كان فيكم ؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا فيفرج له فرجة من قبل الجنة فينظر إلى زهرتها و ما فيها فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا و يقال: هذا مقعدك منها على الشك كنت و عليه مت و عليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب( حسن )
( حم ) عن عائشة .
1362 أما قطع السبيل فإنه لا يأتي عليك إلا قليل حتى يخرج العير إلى مكة بغير خفير ; و أما العيلة فإن الساعة لا تقوم حتى يطوف أحدكم بصدقته و لا يجد من يقبلها منه ; ثم ليقفن أحدكم بين يدي الله ليس بينه و بينه حجاب و لا ترجمان يترجم له ثم ليقولن له: ألم أوتك مالا ؟ فليقولن: بلى ثم ليقولن: ألم أرسل إليك رسولا ؟ فليقولن: بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار ثم ينظر عن شماله فلا يرى إلا النار فليتقين أحدكم النار و لو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة ( صحيح ) ( خ ) عن عدي بن حاتم .(1/20)
1363 أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها و إن لم تجدوا غيرها فاغسلوها و كلوا فيها و ما صدت بقوسك و ذكرت اسم الله عليه فكله و ما صدت بكلبك المعلم و ذكرت اسم الله عليه فكل و ما صدت بكلبك غيرالمعلم فأدركت ذكاته فكل(صحيح)(حم ق ه)عن أبي ثعلبة.
1364 أمامكم حوض كما بين جرباء و أذرح (صحيح) (خد)عن ابن عمر.
الشرح:
(أمامكم) بفتح الهمزة (حوض) كي تردونه يوم القيامة قيل هو الكوثر والأظهر أنه غيره وهل هو بعد الصراط وقبله قولان وجمع بالتعدد (كما بين جرباء) بفتح الجيم وسكون الراء وموحدة يقصر ويمد قرية بالشام (وأذرح) بفتح الهمزة وسكون الذال المعجمة وضم الراء وحاء مهملة قرية بالشام أيضاً وفي الحديث حذف بينته رواية الدارقطني وهو ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وبين جرباء وأذرح. فالمسافة بين المدينة وبينهما ثلاثة أيام لا بينهما وقد غلط من قال بينهما ثلاثة أيام كما بينه صاحب القاموس اقتداء ببعض الأعلام لأن بين جرباء وأذرح ميل بل أقل بل الواقف في هذه ينظر هذه كما حرره بعض الثقات.
1365 أمثل ما تداويتم به الحجامة و القسط البحري ( صحيح )
( مالك حم ق ت ن ) عن أنس .
الشرح:(1/21)
(أمثل ما تداويتم به) أي أنفعه وأفضله (الحجامة) لمن احتمل ذلك سناً ولاق به قطراً ومرضاً (والقسط) بضم القاف بخور معروف وهو فارسي معرب (البحري) بالنسبة لمن يليق به ذلك ويختلف باختلاف البلدان والأزمان والأشخاص فهذا جواب وقع لسؤال سائل فأجيب بما يلائم حاله واحترز بالبحري وهو مكي أبيض عن الهندي وغيره وهو أسود والأول هو الأجود قال بعض الأطباء: القسط ثلاثة أنواع مكي وهو عربي أبيض وشامي وهندي وهو أسود وأجودها الأبيض وهو حار في الثالثة يابس في الثانية ينفع للرعشة واسترخاء العصب وعرق النسا ويلين الطبع ويخرج حب القرع ويجلو الكلف لطوفاً بعسل وينفع نهش الهوام والهندي أشد حرارة ولا ينافي تقييده هنا بالبحري وصفه للأسود وهو الهندي في خبر آخر لأنه كان يذكر لكل إنسان ما يوافق فحيث وصف الهندي كان الدواء يحتاج لمعالجته بما تشتد حرارته أو البحري كان دون ذلك.
1366 أمر ابن آدم أن يسجدعلى سبعة أعظم(صحيح)(طب)عن ابن عباس.
1367 أمرت الرسل أن لا تأكل إلا طيبا و لا تعمل إلا صالحا ( حسن )
( ك ) عن أم عبدالله بنت أخت شداد بن أوس .
الشرح:
(أمرت الرسل) الظاهر أن المراد به ما يشمل الأنبياء (أن لا تأكل إلا طيباً) أي حلالاً متيقن الحل فلا تأكل حراماً ولا ما فيه شبهة وإن جاز الثاني لغيرهم لأنهم لسمو مقامهم يشدد عليهم وحسنات الأبرار سيئات المقربين وهذا ناظر إلى قوله تعالى {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} (ولا تعمل إلا صالحاً) فلا يفعلون غير صالح من كبيرة ولا صغيرة عمداً أو سهواً قبل النبوة أو بعدها لعصمتهم، قال حكيم لآخر: أوصني. قال: اعمل صالحاً وكل طيباً.
1368 أمرت أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيها و لا نصب( صحيح ) ( حم حب ك ) عن عبدالله بن جعفر .
الشرح:(1/22)
(أمرت أن) بضم الهمزة مبنياً للمفعول أي أمرني اللّه بأن (أبشر خديجة) بنت خويلد زوجته (ببيت في الجنة) أعدّ لها (ومن قصب) بفتح القاف والصاد يعني قصب اللؤلؤ هكذا جاء مفسراً في رواية الطبراني في الأوسط وله فيه أيضاً من القصب المنظومة بالدر واللؤلؤ والياقوت انتهى وقال هنا أيضاً من قصب ولم يقل من لؤلؤ لمناسبة القصب لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الإيمان. قال ابن حجر: وفي القصب مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها إذ كانت حريصة على رضاه بكل ممكن ولم يصدر منها ما يغضبه كما وقع لغيرها انتهى (لا صخب فيه) أي لا اضطراب ولا ضجة ولا صياح إذ ما من بيت يجتمع فيه أهله إلا فيه صياح وجلبة وقال بعضهم يجوز كون قوله لا صخب أي هو مخصوص فيها بلا مشارك إذ لا يكاد المشترك يسلم من التنازع المؤدي للصخب (ولا نصب) أي لا تعب أي لا يكون لها ثم تشاغل يشغلها عن لذائذ الجنة ولا تعب ينغصها ذكره القاضي أو المراد أن ذلك ليس ثواب أعمالها بل زيادة بعد الجزاء على أعمالها، (فإن قيل) كيف لم يبشرها إلا ببيت وأدنى أهل الجنة له فيها مسيرة ألف عام (فالجواب) أن البيت عبارة عن القصر وتسمية الكل باسم الجزء معلوم في لسانهم فلما كانت خديجة رضي اللّه عنها أول من بنى بيتاً في الإسلام ولم يكن على ظهر الأرض بيت إسلام إلا بيتها عبر بلفظ البيت للمناسبة أو أنها بشرت ببيت زائد على ما أعد لها، وخص القصب لحيازتها قصب السبق فجاء على معنى المقابلة.
1369 أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة و اليدين و الركبتين و أطراف القدمين و لا نكفت الثياب و لا الشعر( صحيح )
( ق د ن ه ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/23)
(أمرت) بالبناء للمفعول والآمر هو اللّه تعالى قال القاضي: عرف ذلك بالعرف والأمر للوجوب في أحد قولي الشافعي وأحمد رضي اللّه عنهما والثاني أنه للندب لأن المعطوف على اسجد مندوب اتفاقاً ولأنه عليه السلام اقتصر على الجبهة في قصة رفاعة انتهى وبقوله عرفاً سقط النزاع فيه يخلوه من صيغة أفعل (أن أسجد على سبعة أعظم) سمي كل واحد عظماً نظراً للجملة وإن اشتمل كل على عظام فهو من تسمية الكل باسم البعض وفي رواية على سبعة أعضاء وفي أخرى آراب جمع إرب بكسر فسكون وهو العضو ثم أبدل من ذلك قوله (على الجبهة) فعلى الثانية بدل من الأولى التي في حكم الطرح أو الأولى متعلقة بنحو حاصلاً أي أسجد على الجبهة حال كون السجود على سبعة أعضاء ذكره الكرماني دافعاً به ما عساه يقال كيف يكون حرفاً واحداً بمعنى واحد متعلق بفعل واحد مكرراً قال الشافعية: ويكفي جزء منها ويجب كشفه (واليدين) أي باطن الكفين لئلا يدخل تحت المنهي من افتراش السبع ويدل له رواية مسلم بلفظ الكفين (والركبتين وأطراف) أصابع (القدمين) بأن يجعل قدميه قائمتين على بطن أصابعهما وعقبيه مرتفعتين ليستقبل بظهور قدميه القبلة فلو أخل المصلي بواحدة من السبعة بطلت صلاته قطعاً في الجبهة وعلى الأصح في البقية عند الشافعية وهو مذهب أحمد ويكفي وضع جزء من كل منها (ولا نكفت) بكسر الفاء وبالنصب أي لا نضم ولا نجمع فهو بمعنى ولا نكف ومنه {ألم نجعل الأرض كفاتاً} (الثياب) عند الركوع والسجود في الصلاة (ولا الشعر) الذي للرأس، والأمر بعدم كفهما للندب وإن كان الأمر بالسجود على السبعة للوجوب فالأمر مستعمل في معنييه وهو جائز عند الشافعي رضي اللّه عنه قال الطيبي: جمع الحديث بعضاً من الفرض والسنة والأدب تلويحاً إلى إرادة الكل 0000
1370 أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله(1/24)
( صحيح ) ( ق 4 ) عن أبي هريرة وهو متواتر .
الشرح:
(أمرت) أي أمرني اللّه إذ لا آمر سواه وحذف الفاعل تعظيماً وتفخيماً (أن) أي بأن (أقاتل) وحذف الجار من أن غير عزيز (الناس) أي بمقاتلة الناس وهذا عام خص منه من أقر بالجزية (حتى) أي إلى أن (يشهدوا) ويقروا ويبينوا أن (لا إله إلا اللّه) استثناء من كثرة متوهمة وجودها محال إذ مفهوم الإله كلي (وأني رسول اللّه) غاية لقتالهم فكلمة التوحيد هي التي خلق الحق الخلق لها وهي العبارة الدالة على الإسلام فكل من تلفظ بها مع الإقرار بالرسالة المحمدية فمسلم وظاهره بل صريحه أن قائلها مسلم وإن قلد بالمعنى الآتي في مبحث الإيمان. قال النووي رضي اللّه عنه وهو مذهب المحققين واشتراط معرفة أدلة المتكلمين خطأ وفي رواية للشيخين ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة (فإذا) آثرها على إن مع أن المقام لها لأن فعلهم متوقع لأنه علم إصابة بعضهم فغلبهم لشرفهم أو تفاؤلاً نحو غفر اللّه لك (قالوها) أي كلمة الشهادتين والتزموا أحكامها (عصموا) حفظوا (مني دماءهم وأموالهم) أي منعوها إذ العصمة المنعة والاعتصام الاستمساك افتعال منه فلا يحل سفك دمائهم ولا أخذ أموالهم وهي كلما صح إيراد نحو البيع عليه وأريد به هنا ما هو أعم ليشمل الاختصاص (إلا بحقها) أي الدماء والأموال يعني هي معصومة إلا عن حق يجب فيها كقود وردة وحدّ ترك صلاة وزكاة بتأويل باطل وحق آدمي فالباء بمعنى عن أو من أي فقد عصموها إلا عن حقها أو من حقها أو إلا بحق كلمة التوحيد وحقها ما تبعها من الأفعال والأقوال الواجبة التي لا يتم الإسلام إلا بها فالمتلفظ بكلمة التوحيد يطالب بهذه الفروض بعد ففائدة النص عليه دفع توهم أن قضية جعل غايته المقاتلة وجود ما ذكر أن من شهد عصم دمه وإن جحد الأحكام وقول أبي حنيفة إن تارك الصلاة كسلاً لا يقتل لظاهر هذا الحديث ولخبر لا يحل دم امرىء مسلم ولأنها أمانة بينه وبين اللّه ولأنها عبادة تقضى وتؤدى(1/25)
كصوم وزكاة وحج ولأن الاختلاف شبهة تدرأ بها الحدود ورد الأول بقوله في الحديث إلا بحقها والصلاة من حقها والثاني أن خلف الخارج بالثلاث أمراً آخر والثالث بالنقص بالعفة فإنها أمانة ويرجم بتركها وترك الصلاة أعظم والرابع بأن استيفاء الصوم وكل عبادة ممكن بخلاف الصلاة كالإيمان ولأنه يقتل بفعل منهي عنه كزنا المحصن فيقتل بترك ما أمر به ولأن كسل الاستهانة يبيح القتال ولأن الصلاة والإيمان يشتركان في الاسم والمعنى فكما يقتل بترك الإيمان يقتل بترك الصلاة والخامس بأنه لا شبهة للقاطع وإن سلم فضعيفة ومثلها مطروح لا يسقط استحقاق القتل عنه إذ لم يعد بالاستتابة ومن قتله قبلها عذر ثم دليلنا النص المزبور فإنه يدل على أنه كافر واستحق عقوبة الكافر فالأول منتف فتعين الثاني والجمع أولى وتاركها كسلاً بالنسبة إلى تاركها جحوداً غير معصوم بالنسبة إلى فاعلها ثم الحكم عليهم بما ذكر إنما هو باعتبار الظاهر أما باعتبار الباطن فأمرهم ليس إلى الخلق بل (حسابهم على اللّه) فيما يسرونه من كفر ومعصية يعني إذا قالوها بلسانهم وباشروا الأفعال بجوارحهم قنعت منهم به ولم أفتش عن قلوبهم وعلى بمعنى اللام فما أوهمه العلاوة من الوجوب غير مراد ولئن سلم فهو للتشبيه أي هو كالواجب في تحقق الوقوع فالعصمة متعلقة بأمرين كلمة التوحيد وحقها أي حق الدماء والأموال على التقديرين والحكم إذا تعلق بوجوده شرطان لا يقع دون استكمال وقوعهما وصدره بلفظ الأمر إيذاناً بأن الفعل إذا أمر به من جهة اللّه لا يمكن مخالفته فيكون آكد من فعل مبتدأ من الإنسان. قال الرافعي: وبين الشافعي أن الحديث مخرجه عام ويراد به الخاص والقصد به أهل الأوثان وهو أصل من أصول الإسلام 00000
1371 أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله( صحيح )(1/26)
( ق ) عن ابن عمر ( ن ) عن أبي بكرة ( ه ك ) عن أبي هريرة .
1372 أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله و يؤمنوا بي و بما جئت به فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها و حسابهم على الله عز و جل ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
1373 أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله و نفسه إلا بحقه و حسابه على الله( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة .
1374 أمرت أن أقرأ القرآن على سبعة أحرف كل شاف كاف ( صحيح )
( ابن جرير ) عن ابن مسعود .
1375 أمرت بالسواك حتى خشيت أن أدرد( صحيح )( البزار ) عن أنس .
1376 أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي (حسن)(حم) عن واثلة .
الشرح:
(أمرت) على لسان جبريل بالإلهام أو الرؤيا (بالسواك) بكسر السين الفعل ويطلق على العود ونحوه (حتى خشيت أن يكتب علي) أي يفرض وفيه حجة لمن ذهب إلى عدم وجوب السواك عليه 000
1377أمرت بالسواك حتى خفت على أسناني(صحيح)(طب)عن ابن عباس
الشرح:
(أمرت) أي أمرني اللّه قال القاضي: إذا قال الرسول أمرت فهم أن اللّه تعالى أمره وإذا قاله الصحابي فهم أن الرسول أمره فإن من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك فهم أن الرئيس أمره (بالسواك حتى خفت على أسناني) أراد ما يعم الأضراس0000
1378 أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب و هي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/27)
(أمرت بقرية) أي أمرني اللّه بالهجرة إليها إن كان قاله بمكة أو باستيطانها إن كان قاله بالمدينة ذكره السمهودي (تأكل القرى) أي تغلبها في الفضل حتى يكون فضل غيرها بالنسبة إليها كالعدم لاضمحلالها في جنب عظيم فضلها كأنها تستقري القرى تجمعها إليها أو الحرب بأن يظهر أهلها على غيرهم من القرى فيفنون ما فيها فيأكلونه تسلطاً عليها وافتتاحها بأيدي أهلها فاستعير الأكل لافتتاح البلاد وسلب الأموال وجلبها إليه (يقولون يثرب) أي تسميها الناس بذلك باسم رجل من العمالقة نزلها أو غيره وبه كانت تسمى قبل الإسلام (وهي) أي والحال أن اسمها اللائق إنما هو (المدينة) إذ هم كانوا يقولون ذلك والاسم المناسب الحقيق بأن تدعى به هو المدينة فإنها تليق أن تتخذ دار إقامة وأما يثرب فمكروه بما يؤول إليه التثريب. والتثريب الفساد والتوبيخ والملامة قال النووي رضي اللّه تعالى عنه فيكره تسميتها به وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره القبيح وتسميتها في القرآن بيثرب إنما هو حكاية قول المنافقين والذين في قلوبهم مرض وهي (تنفي الناس) أي شرارهم وهمجهم يدل عليه التشبيه بقوله (كما ينفي الكير) فإنه ينفي (خبث الحديد) رديئه والكور بضم الكاف موقد النار من حانوت نحو حداد والكير بالكسر زقه الذي ينفخ فيه والمراد ما بني من طين والخبث يفتحتين ما تبرزه النار من الجواهر المعدنية وبضم فسكون الشيء الخبيث جعل مثل المدينة وساكنيها مثل الكير ما يوقد عليه في النار فيميز به الخبيث من الطيب فيذهب الخبيث ويبقى الطيب كما كان في زمن عمر رضي اللّه عنه حيث أخرج أهل الكتاب وأظهر العدل والاحتساب فزعم عياض أن ذا مختص بزمنه غير صواب قيل وفيه أنها أفضل من مكة ورجح واعترض.
1379 أمركن مما يهمني بعدي و لن يصبر عليكن إلا الصابرون(صحيح)
( ك ) عن عائشة .
1380 أمرنا بإسباغ الوضوء ( صحيح ) ( الدارمي ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/28)
(أمرنا) بالبناء للمفعول أي أنا وأمتي (بإسباغ الوضوء) أي بإكماله على ما شرع فيه من السنن لا إتمام فروضه فإنه غير مخصوص بهم فإن إتمامه على غيرهم أيضاً على ما عليه التعويل وما تقرر من أن المأمور هو وأمته هو ما قرره جمع لكن الأوجه أن المراد الأنبياء كما أفصح به في خبر هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي. قال المؤلف في الخصائص: لم يكن الوضوء إلا للأنبياء دون أممهم.
1381 أمرنا بالتسبيح في أدبار الصلوات ثلاثا و ثلاثين تسبيحة و ثلاثا و ثلاثين تحميدة و أربعا و ثلاثين تكبيرة (صحيح)( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(أمرنا بالتسبيح في أدبار الصلوات) أي أعقاب الصلوات المفروضة بحيث ينسب إليها عرفاً والأمر هنا للندب (ثلاثاً وثلاثين تسبيحة) أي قول سبحان اللّه (وثلاثاً وثلاثين تحميدة) أي قول الحمد للّه (وأربعاً وثلاثين تكبيرة)أي قول اللّه أكبر، بدأ بالتسبيح لتضمنه نفي النقائص عنه تعالى ثم بالتحميد لتضمنه إثبات الكمال له ثم بالتكبير لإفادته أنه أكبر من كل شيء وإفراد كل من الثلاثة أولى من جمعها00000
1382 أمرني جبريل أن أكبر( صحيح ) ( الحكيم حل ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/29)
(أمرني جبريل) أي عن اللّه تعالى (أن) أي بأن (أكبر) أي أن أقدم الأكبر في السن في مناولة السواك وترجم له البخاري "باب دفع السواك إلى الأكبر" وذكر فيه فقيل لي كبر قال شراحه قائل ذلك جبريل عليه السلام وقوله كبر أي قدم الأكبر في السن ورواه في الغيلانيات بلفظ أمرني جبريل أن أقدم الأكابر وخرجه أحمد والبيهقي بلفظ رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يستن فأعطاه أكبر القوم ثم قال إن جبريل أمرني أن أكبر وروى أبو داود بإسناد قال النووي صحيح وابن العراقي رد على من نازع الراجح صحته عن عائشة رضي اللّه عنها أوحي اللّه إلي في فضل السواك أن أكبر وبذلك يعلم أن حمل التكبير على قول اللّه أكبر في العيدين غير قويم وفيه أن السن من الأوصاف التي يقدم بها فيستدل به في أبواب كثيرة من الفقه سيما في مورد النص وهو الإرفاق بالسواك ثم يطرد في جميع وجوه الإكرام كركوب وأكل وشرب وانتعال وطيب ومحله ما إذا لم يعارض فضيلة السن أرجح منها وإلا قدم الأرجح كإمامة الصلاة والإمامة العظمى وولاية النكاح وإعطاء الأيمن في الشرب ولا منافاة بين ذلك والحديث لأنه لم يدل على أن السن يقدم به على كل شيء بل إنه شيء يحصل به التقديم 000
1383 أمرني جبريل بالسواك حتى ظننت أني سأدرد( صحيح )
( طس ) عن سهل بن سعد .
1384 أمرني جبريل برفع الصوت في الإهلال فإنه من شعار الحج
( صحيح ) ( حم هق ) عن أبي هريرة .
1385 امسحوا رغام الغنم و طيبوا مراحها و صلوا في جانب مراحها فإنها من دواب الجنة ( صحيح ) ( هق في المعرفة ) عن أبي هريرة .
1386 امسحوا على الخفاف ثلاثة أيام(صحيح)(طب)عن خزيمة بن ثابت .
1387 أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك( صحيح )
( ق 3 ) عن كعب بن مالك .
الشرح:(1/30)
(أمسك عليك) يا كعب بن مالك الذي جاءنا تائباً معتذراً عن تخلفه عن غزوة تبوك مريداً للانخلاع من جميع ماله صدقة (بعض مالك) وانخلع عن بعضه بأن تتصدق به (فهو خير لك) من التصدق بكله لئلا تتضرر بالفقر وعدم الصبر على الفاقة فالتصدق بجميع المال غير محبوب إلا لمن قوي يقينه كالصديق ومن قاربه ممن له شدة صبر وكمال وثوق وقوة توكل وقليل ما هم فلذلك منع كعباً من التصدق بجميع ماله دون أبي بكر رضي اللّه عنه وفيه دلالة على صحة التصدق بالمشاع إذ لم يفرق فهو حجة على مانعه.
1388 أمسكوا عليكم أموالكم و لا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا و ميتا و لعقبه( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
1389 امشوا أمامي خلوا ظهري للملائكة(صحيح)(ابن سعد) عن جابر .
الشرح:
(امشوا أمامي) أي قدامي (خلوا) فرغوا (ظهري للملائكة) ليمشوا خلفي وهذا كالتعليل للأمر بالمشي أمامه وبه يعرف أن غيره من الأمة ليس مثله في ذلك لفقد المعنى المعلل به ومن ثم عد ذلك من خصائصه ولهذا صرحوا بأن الطالب إذا مشى مع الشيخ فليكن أمامه بالليل وورائه نهاراً إلا أن يقتضي الحال خلاف ذلك لنحو زحمة. قال المؤلف: ومن خصائصه سير الملائكة معه حيث سار يمشون خلف ظهره.
1390 أمط الأذى عن الطريق فإنه لك صدقة(صحيح)(خد) عن أبي برزة .
الشرح:
(امط) أزل ندباً (الأذى عن الطريق) من نحو شوك وحجر وكل ما يؤذي السالك فيه (فإنه لك صدقة) أي تؤجر عليه كما تؤجر على الصدقة فإنه تسبب إلى سلامة من يمر عليه من الأذى فكأنه تصدق عليه بذلك فحصل له أجر الصدقة وقد جعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم الإمساك عن الشر صدقة على النفس فإماطته مندوبة ندباً مؤكداً والظاهر أن المراد الطريق المسلوك أما المهجور فليس مثله في أصل الندب أو تأكده وأنه لو كان الطريق مختصاً بنحو قطاع أو حربيين أنه لا يندب فيه ذلك بل لو قيل يطلب أن يلقى فيه ما يؤذي لكان قريباً.(1/31)
1391 املك عليك لسانك( صحيح )(ابن نافع طب) عن الحارث بن هشام .
الشرح:
(أملك عليك) يا من سألت منا النجاة (لسانك) بأن لا تحركه في معصية بل ولا في فيما لا يعنيك فإن أعظم ما تطلب استقامته بهذا القلب اللسان فإنه الترجمان وقد سبق أن اللسان فاكهة الإنسان وإذا تعود اللسان صعب عليه الصبر عنها فبعد عليه النجاة منها ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع عن استناده إلى وسادة حرير أو قعوده عليه في نحو وليمة لحظة واحدة ولسانه يفري في الأعراض غيبة ونميمة وتنقيصاً وإزراءاً ويرمي الأفاضل بالجهل ويتفكه بأعراضهم ويقول على ما لا يعلم وكثيراً ممن نجده يتورع عن دقائق الحرام كقطرة خمر ورأس إبرة من نجاسة ولا يبالي بمعاشرة المرد والخلوة بهم وما هنالك وما هو إلا كأهل العراق السائلين ابن عمر عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين رضي اللّه تعالى عنه.
1392 املك عليك لسانك و ليسعك بيتك و ابك على خطيئتك( صحيح )
( ت ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:(1/32)
(أملك عليك لسانك) أي احفظه وصنه لعظم خطره وكثرة ضرره. قال ذو النون رضي اللّه عنه: أصوم الناس لنفسه أملكهم للسانه. وقال ابن مسعود أو عمر: ما على الأرض أحوج إلى طول سجن من اللسان. قال حجة الإسلام رضي اللّه عنه: معنى حفظ اللسان من الكذب فلا ينطق به في جد ولا هزل لأنه إن نطق به هزل تداعى إلى الجد والخلف بالوعد بل ينبغي أن يكون إحسانك فعلاً بلا قول والغيبة فإنها أشد من ثلاثين زنية والمراد الجدال والمنافسة وتزكية النفس واللعن والدعاء على الخلق والمزاح والسخرية والاستهزاء بالخلق ونحو ذلك انتهى. قال بعض الحكماء: لا شيء أحق بالسجن من اللسان وقد جعله خلف الشفتين والأسنان ومع ذلك يكثر القول ويفتح الأبواب (وليسعك بيتك) سيما في زمن الفتن. قال الطيبي: الأمر في الظاهر وارد على البيت وفي الحقيقة على المخاطبة أي تعرض لما هو سبب لزوم البيت من الاشتغال باللّه والمؤانسة بطاعته والخلو عن الأغيار (وابك على خطيئتك) أي ذنوبك، ضمن بكى معنى الندامة وعداه بعلى أي اندم على خطيئتك باكياً فإن جميع أعضاءك تشهد عليك في عرصات القيامة بلسان طلق ذلق تفضحك به على ملإ من الخلق {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} 00000
1393 املك يدك ( صحيح ) ( تخ ) عن أسود بن أصرم .
الشرح:
أي اجعلها مملوكة لك فيما عليك وباله وتبعته واقبضها عما يضرك وابسطها فيما لا ينفعك. قال الطيبي: هذا وما بعده من أسلوب الحكيم سأله رجل عن حقيقة النجاة فأجابه عن سببه لأنه أهم بحاله وأخرجه على سبيل الأمر المقتضي للوجوب زيادة في التقرير والتقريع.
1394 أم القرآن هي: السبع المثاني و القرآن العظيم ( صحيح )
( خ ) عن أبي بكر .
الشرح:(1/33)
(أم القرآن) الفاتحة سميت به لكونها مفتتح القراءة قال الخليل كل شيء ضم إليه ما يليه سمي أمّاً وهي مشتملة على كليات معاني القرآن وهو الثناء على اللّه والمعاش وهو العبادة والمعاد وهو الجزاء وقال القاضي: سماها أمّاً لأنها بينة في نفسها مبينة لما عداها من المتشابهات فهي كالأصل له (هي السبع المثاني) اللام للعهد قال تعالى {وقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم} سميت سبعاً لأنها سبع آيات باعتبار عد البسملة آية وهو المتصور والمثاني لتكررها في الصلاة أو الإنزال أو لأن غيرها يضم إليها أو لتكرر مضمونها في السور أو مقاصدها جمع مثنى أو مثناة من التثنية بمعنى التكرار فتكرر على مرور الأوقات فلا تنقطع وتدرس فلا تندرس وقيل جمع مثنى بمعنى الثناء كالمحمدة بمعنى الحمد لاشتمالها على الثناء فهي تثني على اللّه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أو لأنها أبداً تدعو بوصفها المعجز إلى غرابة النظم وغزارة المعنى إلى الثناء عليها ثم على من يتعلمها ويعمل بها ولا اختلاف بين قوله في الحديث السبع المثاني وقوله في القرآن سبعاً من المثاني لأن من للبيان ذكره التوربشتي (والقرآن العظيم) عطف على السبع عطف صفة الشيء على صفة أخرى له فليس هو من عطف الشيء على نفسه أو عطف على أم القرآن وإفراد الفاتحة بالذكر في الآية مع كونها جزءاً من القرآن يدل على مزيد اختصاصها بالفضيلة 000000
1395 أمتي الغر المحجلون ( صحيح ) ( سمويه الضياء ) عن جابر .
1396 أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة إنما عذابها في الدنيا الفتن و الزلازل والقتل والبلايا(صحيح)(دطب ك هب)عن أبي موسى
الشرح:(1/34)
(أمتي هذه) أي الموجودين الآن كما عليه ابن رسلان وهم قرنه ويحتمل إرادة أمة الإجابة (أمة مرحومة) أي جماعة مخصوصة بمزيد الرحمة وإتمام النعمة موسومة بذلك في الكتب المتقدمة (ليس عليها عذاب في الآخرة) بمعنى أن من عذب منهم لا يحس بألم النار لأنهم إذا دخلوها أميتوا فيها وزعم أن المراد لا عذاب عليها في عموم الأعضاء لكون أعضاء الوضوء لا تمسها النار تكلف مستغنى عنه (إنما عذابها في الدنيا الفتن) التي منها استيفاء الحد ممن يفعل موجبه وتعجيل العقوبة على الذنب في الدنيا أي الحروب والهرج فيهما بينهم (والزلازل) جمع زلزلة وأصلها تحرك الأرض واضطرابها من احتباس البخار فيها لغلظه أو لتكاثف وجه الأرض ثم استعملت في الشدائد والأهوال. قال الزمخشري: تقول العرب جاء بالإبل يزلزلها يسوقها بعنف وأصابته زلازل الدهر شدائده انتهى. (والقتل والبلايا) لأن شأن الأمم السابقة يجري على طريق العدل وأساس الربوبية وشأن هذه الأمة يجري على منهج الفضل والألوهية فمن ثم ظهرت في بني إسرائيل النياحة والرهبانية وعليهم في شريعتهم الأغلال والآصار وظهرت في هذه الأمة السماحة والصديقية ففك عنهم الأغلال ووضع عنهم الآصار.
1397 أمتي يوم القيامة غر من السجود محجلون من الوضوء ( صحيح )
( ت ) عن عبدالله بن بسر .
الشرح:(1/35)
(أمتي يوم القيامة غر) بضم المعجمة وشد الراء جمع أغر أي ذووا غرة (من السجود) أي من أثر السجود في الصلاة، قال تعالى {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} نصب على الظرفية (محجلون من الوضوء) أي من أثر وضوئهم في الدنيا وقد سجدت الأمم قبلهم فلم يظهر على جباههم وتطهروا فلم يظهر على أطرافهم من ذلك شيء فتلك إشارة هذه الأمة في الموقف يعرفون بها. ذكره الحكيم، وهذا لا تدافع بينه وبين خبر الشيخين الآتي إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، وما ذاك إلا لأن المؤمن يكسى في القيامة نوراً من أثر السجود، ونوراً من أثر الوضوء، نور على نور، فمن كان أكثر سجوداً أو أكثر وضوءاً في الدنيا كان وجهه أعظم ضياء وأشد إشراقاً من غيره فيكونون فيه على مراتب من عظم النور والأنوار لا تتزاحم، ألا ترى أنه لو أدخل سراج في بيت ملأه نوراً فإذا أدخل فيه آخر ثم آخر امتلأ بالنور من غير أن يزاحم الثاني الأول ولا الثالث الثاني وهكذا؟ والوضوء هنا بالضم وجوز ابن دقيق العيد الفتح على أنه الماء وجوز في من أن تكون سببية أو لابتداء الغاية، قال الراغب: والأمة كل جماعة يجمعهم أمر ما دين أو زمان أو مكان سواء كان الجامع تسخيراً أو اختياراً، وأصل الغرة لمعة بيضاء بجبهة الفرس ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه هذه الأمة والتحجيل بياض في ثلاث من قوائم الفرس أصله الحجل بكسر الحاء الخلخال والمراد به أيضاً هنا النور. ذكره جمع، وقال الأشرف: غر جمع أغر وهو الأبيض الوجه والمحجل من الدواب ما قوائمه بيض مأخوذ من الحجل وهو القيد كأنه مقيد بالبياض وأصله في الخيل ومعناه إذا دعوا إلى الجنة كانوا على هذا الشبه وتمسك به الحليمي على أن الوضوء من خصائصنا وتعقبه الحافظ ابن حجر بأن في البخاري في قصة سارة قامت تتوضأ وتصلي وفي قصة جريج الراهب قام فتوضأ قال: فالظاهر أن الخاص بنا الغرة والتحجيل لا(1/36)
أصل الوضوء 000000
1398 أم قومك و من أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير و إن فيهم المريض و إن فيهم الضعيف و إن فيهم ذا الحاجة فإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء ( صحيح ) ( م ) عن عثمان بن أبي العاص .
1399 أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب( حسن )
( حم د ت ك ) عن معاوية بن حيدة ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أمك) قال ابن السيد: سميت أماً لأنها أصل الولد وأم كل شيء أصله كما قالوا لمكة أم القرى (ثم أمك ثم أمك) بنصب الميم في الثلاثة أي قدمها في البر يا من جئتنا تسأل عمن تبر أولاً. قال الزين العراقي: هذا هو المعروف في الرواية فهو من قبيل {يسألونك ماذا ينفقون قل العفو} ويجوز الرفع هنا كما قرئ به ثم لكن يرجح النصب قوله الآتي ثم أباك إلا أن يقال إنه جاء على لغة القصر انتهى. والخطاب وإن كان لواحد لكنه عام وكرره للتأكيد أو إشعاراً بأن لها ثلاثة أمثال ما للأب من البر لما تكابده وتعانيه من المشاق والمتاعب في الحمل والفصال في تلك المدة المتطاولة فهو إيجاب للتوصية بالوالدة خصوصاً وتذكير لحقها العظيم مفرداً إذ لها من الحقوق مالا يقام به كيف وبطنها له وعاء وحجرها له حواء وثديها له سقاء (ثم) قدم (أباك) فهو بعد الأم وقوله ثم أباك قال في الرياض: نصب بفعل محذوف أي ثم برأ أباك قال في رواية ثم أبوك قال: وهذا واضح وقد حكى في الرعاية الإجماع على تقديمها عليه قال ابن بطال: وهذا إذا طلبا فعلاً في وقت واحد ولم يمكن الجمع وإلا وجب لأن فضل النصرة أهم ما يجب رعايته بعد فضل التربية (ثم) بعد الأب وأبيه أن علا قدم (الأقرب) منك (فالأقرب) فتقدم الأب فالأولاد فالأخوة والأخوات فالمحارم من ذوي الأرحام كالأعمام والعمات قال الزين العراقي: وجاء في حديث بعد الأب ثم أختك وأخاك وهل يؤخذ من تقديمه الأخت رجحان حقها في الصلة على الأخ كما ذكر في الأم أو هما سواء وإنما قدمها لمناسبة قوله أمك ثم أباك كل محتمل والأول أقرب(1/37)
وأراد بالبر ترك العقوق وكما أن العقوق له مراتب فالبر كذلك انتهى0000
1400 أمك و أباك و أختك و أخاك و أدناك أدناك ( حسن ) ( ع طب ك ) عن صعصعة المجاشعي ( ك ) عن أبي رمثة (طب)عن أسامة بن شريك .
1401 أمنوا إذا قرئ (غير المغضوب عليهم و لا الضالين) . ( صحيح )
( ابن شاهين في السنة ) عن علي
الشرح:
(أمّنوا) بالتشديد أي قولوا آمين ندباً (إذا قرئ) بالبناء للمفعول وفي نسخة للفاعل أي قرأ الإمام في الصلاة أو قرأ أحدكم خارجها (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) أي إذا انتهى في قراءته إلى ذلك وورد في غير ما حديث تعليله بأن الملائكة تؤمن على قراءته فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له.
1402 أمني جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس و كانت قدر الشراك و صلى بي العصر حين كان ظله مثله و صلى بي المغرب حين أفطر الصائم و صلى بي العشاء حين غاب الشفق و صلى بي الفجر حين حرم الطعام و الشراب على الصائم فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله و صلى بي العصر حين كان ظله مثليه و صلى بي المغرب حين أفطر الصائم و صلى بي العشاء إلى ثلث الليل و صلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي و قال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك و الوقت ما بين هذين الوقتين ( صحيح ) ( حم د ت ك ) عن ابن عباس
1403 أمناء المسلمين على صلاتهم و سحورهم هم المؤذنون( حسن )
( هق ) عن أبي محذورة .
الشرح:
أي هم حافظون عليهم دخول الوقت لأجل الصلاة والصوم فيه فمتى قصروا فيما عليهم من رعاية الوقت بتقدم أو تأخر فقد خانوا ما ائتمنوا عليه من أوقات الصلوات وما يتبعها من وظائف العبادات.
1404 أمهلوا حتى ندخل ليلا لكي تمتشط الشعثة و تستحد المغيبة(صحيح)
( ق د ن ) عن جابر .
1405 أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي ( صحيح ) ( حم خ ) عن أنس .
1406أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح(صحيح)(حم)عن خالدبن الوليد.(1/38)
1407 إن أبيتم إلا أن تجلسوا فاهدوا السبيل و ردوا السلام و أعينوا المظلوم ( صحيح ) ( حم ت ) عن البراء .
1408 إن اتخذت شعرا فأكرمه ( حسن ) ( هب ) عن جابر .
الشرح:
(إن اتخذت) يا جابر (شعراً) أي أردت إبقاء شعر رأسك وأن لا تزيله بنحو حلق (فأكرمه) أي عظمه بدهنه وتسريحه وهذا قاله لجابر أو لأبي قتادة فكان بعد ذلك يرجله كل يوم مرتين كذا في الشعب للبيهقي فالرجل مأمور ندباً إما بإزالة شعره أو بالإحسان إليه بدهنه وترجيله.
1409 إن أحببتم أن يحبكم الله تعالى و رسوله فأدوا إذا ائتمنتم و اصدقوا إذا حدثتم و أحسنوا جوار من جاوركم ( حسن )
( طب ) عن عبدالرحمن بن أبي قراد .
الشرح:
(إن أحببتم أن يحبكم اللّه تعالى) أي يعاملكم معاملة المحب لكم (ورسوله فأدوا) الأمانة (إذا ائتمنتم) عليها (واصدقوا إذا حدثتم) بحديث (وأحسنوا جوار من جاوركم) بكف طرق الأذى عنه ومعاملته بالإحسان وملاطفته وفي إفهامه أن من خان الأمانة وكذب ولم يحسن جوار جاره لا يحبه اللّه تعالى ولا رسوله بل هو بغيض عندهما.
1410 إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين و امسح رأس اليتيم
( حسن ) ( طب في مكارم الأخلاق هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن أردت أن يلين قلبك) أي لقبول امتثال أوامر اللّه وزاجره (فأطعم المسكين) المراد به ما يشمل الفقير ومن كلمات إمامنا البديعة إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا (وامسح رأس اليتيم) أي من خلف إلى قدام عكس غير اليتيم أي افعل به ذلك إيناساً وتلطفاً به فإن ذلك يلين القلب ويرضي الرب.
1411 إن أمر عليكم عبد مجدع أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له و أطيعوا ( صحيح ) ( م ه ) عن أم الحصين .
1412 إن أنتم قدرتم عليه فاقتلوه و لا تحرقوه بالنار فإنه إنما يعذب بالنار رب النار ( صحيح ) ( حم د ) عن حمزة بن عمرو الأسلمي .(1/39)
1413 إن بعت من أخيك تمرا فأصابه جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ !( صحيح ) ( م د ن ) عن جابر .
1414 إن بيتم فليكن شعاركم ( حم لا ينصرون ) . ( صحيح )
( د ت ك ) عن رجل من الصحابة .
1415 إن تصدق الله يصدقك ( صحيح ) ( ن ك ) عن شداد بن الهاد .
الشرح:
(إن تصدق اللّه يصدقك) قاله لأعرابي غزا معه فدفع إليه قسمه فقال: ما على هذا اتبعتك ولكن اتبعتك أن أرمي إلى هنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت فأدخل الجنة فقال له ذلك فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو فأتي به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار فقال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم: أهو هو؟ قالوا: نعم صدق اللّه فصدقه ثم كفنه في جبته ثم قدمه فصلى عليه فكان مما ظهر من صلاته اللّهم هذا عبدك خرج مجاهداً في سبيلك فقتل شهيداً أنا شهيد على ذلك هكذا رواه النسائي مطولاً فاختصره المؤلف.
1416 إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل و ايم الله إن كان لخليقا بالإمارة و إن كان لمن أحب الناس إلي و إن هذا لمن أحب الناس إلي بعده و أوصيكم به فإنه من صالحيكم- يعني أسامة بن زيد - ( صحيح ) ( حم ق ) عن ابن عمر .
1417 إن تغفر اللهم تغفر جما و أي عبد لك لا ألما ( صحيح )
( ت ك ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن تغفر اللّهم تغفر جماً) أي كثيراً (وأي عبد لك لا ألَمَّا) أي لم يلم بمعصية يعني لم يتلطخ بالذنوب وألمَّ إذافعل اللمم وهوصغارالذنوب واللمم في الأصل كما قال القاضي الشيء القليل وهذا بيت لأمية بن أبي الصلت تمثل به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم والمحرّم عليه إنشاء الشعر لا إنشاده ومعناه إن تغفر ذنوب عبادك فقد غفرت ذنوباً كثيرة فإن جميع عبادك خطاؤون.
1418 إن شئت حبست أصلها و تصدقت بها( صحيح )
( حم خ ت ن ه ) عن ابن عمر .(1/40)
1419 إن شئتما أعطيتكما و لا حظ فيها لغني و لا لقوي مكتسب( صحيح ) ( حم د ن ) عن رجلين .
1420 إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة و ما هي ؟ أولها ملامة و ثانيها ندامة و ثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل( حسن )( طب ) عن عوف بن مالك .
الشرح:
(إن شئتم أنبأتكم) أي أخبرتكم (عن الإمارة) بكسر الهمزة أي عن شأنها وحالها (وما هي أولها ملامة وثانيها ندامة وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل) لأنها تحرك الصفات الباطنة وتغلب على النفس حب الجاه ولذة الاستيلاء ونفاذ الأمر وهو أعظم ملاذ الدنيا فإذا كانت محبوبة كان الوالي ساعياً في حظ نفسه متبعاً لهواه ويقدم على ما يريد وإن كان باطلاً وعند ذلك يهلك 0000
1421 إن عشت إن شاء الله لأنهين أمتي أن يسموا نافعا و أفلح و بركة
( صحيح ) ( د حب ك ) عن جابر .
1422 إن عطب منها شيء فانحره ثم اغمس نعله في دمه ثم اضرب صفحته ثم خل بينه وبين الناس فليأكلوه(صحيح)(حم ده)عن ناجية الأسلمي.
1423 إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتا فاذبحها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب بها صفحتها و لا تطعم منها أنت و لا أحد من أهل رفقتك و اقسمها ( صحيح ) ( حم د ) عن ابن عباس
( حم م ه ) عنه عن ذؤيب بن حلحلة وليس لذؤيب حديث غيره .
1424 إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ( صحيح ) ( حم خد عبد بن حميد ) عن أنس .
الشرح:(1/41)
(إن قامت الساعة) أي القيامة سميت به لوقوعها بغتة أو لسرعة حسابها أو لطولها فهو تلميح كما يقال في الأسود كافوراً ولأنها عند اللّه تعالى على طولها كساعة من الساعات عند الخلائق (وفي يد أحدكم) أيها الآدميون (فسيلة) أي نخلة صغيرة إذ الفسيل صغار النخل وهي الودي (فإن استطاع أن لا يقوم) من محله أي الذي هو جالس فيه (حتى يغرسها فليغرسها) ندباً قد خفي معنى هذا الحديث على أئمة أعلام منهم ابن بزيزة فقال: اللّه أعلم ما الحكمة في ذلك انتهى. قال الهيثمي: ولعله أراد بقيام الساعة أمارتها فإنه قد ورد إذا سمع أحدكم بالدجال وفي يده فسيلة فليغرسها فإن للناس عيشاً بعد، والحاصل أنه مبالغة في الحث على غرس الأشجار وحفر الأنهار لتبقى هذه الدار عامرة إلى آخر أمدها المحدود المعدود المعلوم عند خالقها فكما غرس لك غيرك فانتفعت به فاغرس لمن يجيء بعدك لينتفع وإن لم يبق من الدنياإلا صبابة وذلك بهذا القصد لا ينافي الزهدوالتقلل من الدنيا00
1425 إن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر كفر الله عنك خطاياك إلا الدين كذلك قال لي جبريل آنفا( صحيح )
( حم م ت ن ) عن أبي قتادة ( ن ) عن أبي هريرة .
1426 إن قضى الله تعالى شيئا ليكونن و إن عزل ( صحيح )
( الطيالسي ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن قضى اللّه تعالى شيئاً) أي قدر في الأزل كون ولد (ليكونن) أي لا بد من كونه وإبرازه للوجود (وإن عزل) الواطئ ماءه عن الموطوءة بأن أنزل خارج فرجها وهذا قاله لمن سأله عن العزل يعني فلا فائدة للعزل ولا لعدمه كما سبق تقريره.
1427 إن كان الشؤم في شيء ففي الدار و المرأة و الفرس( صحيح )
( مالك حم خ ه ) عن سهل بن سعد ( ق ) عن ابن عمر ( م ن ) عن جابر .
الشرح:(1/42)
(إن كان الشؤم) ضد اليمن مصدر تشاءمت وتيمنت قال الطيبي: واوه همزة خففت فصارت واواً ثم غلب عليها التخفيف ولم ينطق بها مهموزة (في شيء) من الأشياء المحسوسة حاصلاً (ففي الدار والمرأة والفرس) يعني إن كان للشؤم وجود في شيء يكون في هذه الأشياء فإنها أقبل الأشياء له لكن لا وجود له فيها فلا وجود له أصلاً ذكره عياض أي إن كان في شيء يكره ويخاف عاقبته ففي هذه الثلاث قال الطيبي: وعليه فالشؤم محمول على الكراهة التي سببها ما في الأشياء من مخالفة الشرع أو للطبع كما قيل شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وشؤم المرأة عقمها وسلاطة لسانها وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها فالشؤم فيها عدم موافقتها له طبعاً أو شرعاً وقيل هذا إرشاد من النبي صلى اللّه عليه وسلم لمن له دار يكره سكناها أو امرأة يكره عشرتها أو فرس لا توافقه أن يفارقها بنقلة وطلاق ودواء ما لا تشتهيه النفس تعجيل بفراق أو بيع فلا يكون بالحقيقة من الطيرة 000000
1428 إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله و إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله و إن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله و إن كان خرج يسعى رياء و مفاخرة فهو في سبيل الشيطان ( صحيح ) ( طب ) كعب بن عجرة .
الشرح:(1/43)
(إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً) أي يسعى على ما يقيم به أودهم (فهو) أي الإنسان الخارج لذلك أو الخروج أو السعي (في سبيل اللّه) أي في طريقه وهو مثاب مأجور إذ الخروج فيه كالخروج في سبيل اللّه أي الجهاد أو السعي كالسعي فيه (وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين) أي أدركهما الكبر أي الهرم عنده (فهو في سبيل اللّه) بالمعنى المقرر (وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها) أي عن المسألة للناس أو عن أكل الحرام أو عن الوطئ الحرام (فهو في سبيل اللّه وإن كان خرج يسعى) لا لواجب أو مندوب بل (رياء ومفاخرة) بين الناس (فهو في سبيل الشيطان) إبليس أو المراد الجنس أي في طريقهم أو على منهجهم.
1429 إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شن فاسقنا و إلا كرعنا
( صحيح ) ( حم خ د ه ) عن جابر .
1430 إن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة ( صحيح )
( حم د ه ك ) عن أبي هريرة .
1431 إن كان في شيء من أدويتكم خير ففى شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار توافق داء و ما أحب أن أكتوي ( صحيح )
( حم ق ن ) عن جابر .
الشرح:(1/44)
(إن كان في شيء من أدويتكم خير) أي شفاء ذكره القرطبي وأتى هنا بصيغة الشرط من غير تحقق الإخبار وجاء في البخاري الشفاء في ثلاث وذكرها فحقق الخبر (ففي) أي فهو في أي فيكون في (شرطة محجم) أي استفراغ الدم وهو بفتح الشين ضربة مشراط على محل الحجم ليخرج الدم والمحجم بالكسر قارورة الحجام التي يجتمع فيها الدم وبالفتح موضع الحجامة وهو المراد هنا ذكره بعضهم وقال القرطبي: المراد هنا الحديدة التي يشترط بها قال في الفتح: وإنما خصه بالذكر لأن غالب إخراجهم الدم بالحجامة وفي معناه إخراجه بالفصد (أو شربة من عسل) أي بأن يدخل في المعجزات المسهلة التي تسهل الأخلاط التي في البدن والمراد به حيث أطلق عسل النحل وفيه شفاء للناس ومنافعه لا تكاد تحصى فمن أراد الوقوف عليها فعليه بكتب المفردات أو الطب واقتبس بعضهم من لفظ الشك أن ترك التداوي أفضل يعني أنه فضيلة تسليماً للقضاء والقدر (أو لذعة) وفي رواية أو كية (بنار) بذال معجمة وعين مهملة أي حرقتها والمراد الكي. قال الزمخشري: واللذع الخفيف مس الإحراق ومنه لذعه بلسانه وهو أذى يسير ومنه قيل للذكي الفهم الخفيف لوذع ولوذعي (توافق داء) فتذهبه قال بعضهم: أشار به إلى جميع ضروب المعالجات القياسية وذكر أن العلل منها ما هو مفهوم السبب وغيره فالأول لغلبة أحد الأخلاط الأربعة فعلاجه باستفراغ الإمتلاء مما يليق به من المذكورات في الحديث فمنها ما يستفرغ بإخراج الدم بالشرط وفي معناه نحو الفصد ومنها ما يستفرغ بالعسل وما في معناه من المسهلات ومنها ما يستفرغ بالكي فإنه يجفف رطوبة محل المرض وهو آخر الطب وأما ما كان من العلل عن ضعف بعض القوى فعلاجه بما يقوي تلك القوة من الأشربة ومن أنفعها العسل إذا استعمل على وجهه وما من العلل غير مفهوم السبب كسحر وعين ونظرة جني فعلاجه بالرقى وأنواع من الخواص وإلى هذا أشار بزيادته في رواية أو آية في كتاب اللّه وقال القرطبي: إنما خص المذكورات(1/45)
لأنها أغلب أدويتهم وأنفع لهم من غيرها بحكم العادة ولا يلزم كونها كذلك في حق غيرهم ممن يخالفهم في البلد والعادة والهوى والمشاهدة قاضية باختلاف العلاج والأدوية باختلاف البلاد والعادة (وما أحب أنا أن أكتوي) لشدة ألم الكي فإنه يزيد على ألم المرض فلا يفعل إلا عند عدم قيام غيره مقامه ولأنه يشبه التعذيب بعذاب اللّه انتهى00000
1432 إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه فإني إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن و لكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله
( صحيح ) ( م ) عن طلحة .
1433 إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه فإن التوبة من الذنب: الندم و الاستغفار ( صحيح ) ( هب ) عن عائشة .
الشرح:
(إن كنت) يا عائشة (ألممت بذنب) أي أتيته من غير عادة بل على سبيل الهفوة والسقطة وفي الصحاح الإلمام مقابلة المعصية من غير موافقة وهذا المعنى له هنا لطف عظيم معلوم بالذوق (فاستغفري اللّه تعالى) أي اطلبي منه الغفر أي الستر للذنب (وتوبي إليه) توبة صحيحة نصوحاً (فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار) وهذا بعض من حديث واتهام عائشة بصفوان والقصة مشهورة.
1434 إن كنت صائما فصم أيام الغر (حسن) (حم ن حب)عن أبي هريرة .
1435 إن كنت صائما فعليك بالغر البيض: ثلاث عشرة و أربع عشرة و خمس عشرة ( حسن ) ( ن ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/46)
(إن كنت صائماً) نفلاً (فعليك بالغر البيض) أي الزم صومها (ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة) أي ثالث عشر الشهر ورابع عشره وخامس عشره وهذا قاله لأبي ذر لما قال: يا رسول اللّه إني صائم قال: وأيُّ الصيام تصوم قال: أول الشهر وآخره فقال له: إن كنت صائماً إلخ قال أبو البقاء: أي هنا منصوبة بتصوم والزمان معها محذوف تقديره أيُّ زمان الصوم تصوم ولذلك أجاب بفطر أول الشهر ولو لم يرد حذف المضاف لم يستقم لأن الجواب يكون على وفق السؤال فإذا كان الجواب بالزمان كان السؤال عن الزمان ويجوز أن لا يقدر في السؤال حذف مضاف بل يقدر في الجواب وبقدر صيام أول الشهر.
1436إن كنت عبدا لله فارفع إزارك( صحيح )( طب هب ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن كنت عبدا للّه فارفع إزارك إلى أنصاف الساقين) قال الزمخشري: إن هذه من الشرط الذي يجيء به المدلى بأمره المتحقق لصحته هو كان متحققاً أنه عبد اللّه ومنه قوله تعالى {إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي وابتغاء مرضاتي} مع علمه بأنهم لم يخرجوا إلا لذلك واعلم أن إسبال الإزار بقصد الخيلاء حرام وبدونه مكروه ومثل الإزار كل ملبوس كقميص وسراويل وجبة وقباء ونحوها بل روي عن أبي داود الوعيد على إسبال العمامة قال الزين العراقي: والظاهر أن المراد به المبالغة في تطويلها وتعظيمها لأجرها على الأرض فإنه غير معهود فالإسبال في كل شيء يحسبه قال: ولو أطال أكمامه حتى خرجت عن المعتاد كما يفعله بعض المكيين فلا شك في تناول التحريم لما مس الأرض منها بقصد الخيلاء بل لو قيل بتحريم ما زاد على المعتاد لم يبعد فقد كان كم قميص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إلى الرسغ.
1437 إن كنتم آنفا تفعلون فعل فارس و الروم يقومون على ملوكهم و هم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم إن صلى قائما فصلوا قياما و إن صلى قاعدا فصلوا قعودا( صحيح ) ( ن ه ) عن جابر .(1/47)
1438إن كنتم تحبون حلية الجنة و حريرها فلا تلبسوها في الدنيا(صحيح ) ( حم ن ك ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:
(إن كنتم تحبون حلية الجنة) بكسر الحاء وسكون اللام زينتها والمراد حلي الذهب والفضة (وحريرها فلا تلبسوهما في الدنيا) فإن من لبسهما من الرجال ومثلهم الخناثى في الدنيا لم يلبسهما في الآخرة كما في خبر آخر ويحرم على الرجل والخنثى استعمال حلي النقدين والحرير لغير ضرورة أو حاجة.
1439 إن لم تجدوا إلا مرابض الغنم و أعطان الإبل فصلوا في مرابض الغنم و لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها خلقت من الشياطين( صحيح )
( ه ) عن أبي هريرة .
1440 إن لم تجدي له شيئا تعطينه إياه إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه في يده
( صحيح ) ( د ت ن حب ك ) عن أم بجيد .
1441 إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم( صحيح )
( حم ق د ه ) عن عقبة بن عامر .
1442 إن وجدتم غير آنيتهم - يعني أهل الكتاب - فلا تأكلوا فيها و إن لم تجدوا فاغسلوها و كلوا فيها( صحيح ) ( ت ) عن أبي ثعلبة الخشني .
1443 إن يعش هذا الغلام فعسى أن لا يبلغ الهرم حتى تقوم الساعة
( صحيح ) ( م ) عن أنس وعن المغيرة وعن عائشة .
1444 إن لم يكن هو فلن تسلط عليه و إن لم يكن هو فلا خير لك في قتله
( صحيح ) ( ق ت ) عن ابن عمر .
1445 إن يمنح أحدكم أخاه خير له من أن يأخذ عليه خرجا معلوما
( صحيح ) ( خ ) عن ابن عباس .
1446 أنا ابن العواتك من سليم( حسن)( ص طب) عن سبابة بن عاصم .
الشرح:(1/48)
(أنا ابن العواتك) جمع عاتكة (من سليم) قال في الصحاح ثم القاموس: العواتك من جداته تسع وقال غيره: كان له ثلاث جدات من سليم كل تسمى عاتكة وهنَّ عاتكة بنت هلال بن فالج بالجيم بن ذكوان أم عبد مناف وعاتكة بنت مرة بنت هلال بن فالج أم هاشم وعاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال أم وهب أبي آمنة وبقية التسع من غير بني سليم قال الحليمي: لم يرد بذلك فخراً بل تعريف منازل المذكورات ومنازلهنَّ كمن يقول كان أبي فقيهاً لا يريد به إلا تعريف حاله ويمكن أنه أراد به الإشارة بنعمة اللّه في نفسه وآبائه وأمهاته قال بعضهم: وبنو سليم تفخر بهذه الولادة وفي رواية لابن عساكر أن ابن الفواطم وهذا قاله يوم حنين قال في الروض: وعاتكة اسم منقول من الصفات يقال امرأة عاتكة وهي المصفرة بالزعفران والطيب وفي القاموس العاتك الكريم والخالص من الألوان وقال ابن سعد: العاتكة هي في اللغة الطاهرة.
1447 أنا أبو القاسم الله يعطي و أنا أقسم( حسن)( ك) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أنا أبو القاسم) هذا أشهر كناه وكنيته أيضاً أبو ابراهيم وأبو المؤمنين 000 (اللّه يعطي) عباده من ماله من نحو فيء وغنيمة (وأنا أقسم) ذلك بينهم والمراد أن المال مال اللّه والعباد عباد اللّه وأنا قاسم بإذن اللّه بينكم فمن قسمت له قليلاً أو كثيراً فبإذن اللّه وقد يشمل قسمة الأمور الدينية والعلوم الشرعية أي ما أوحى اللّه إليه من العلوم والمعارف والحكم يقسمه بينهم فيلقي إلى كل أحد ما يليق به ويحتمل واللّه يعطي فهم ذلك لمن شاء.
1448أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله(صحيح)(حم)عن رجل من الأنصار.
1449 إناء كإناء و طعام كطعام( صحيح ) ( ن ) عن عائشة .
1450 أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة و أنا أول من يقرع باب الجنة
( صحيح ) ( م ) عن أنس .
الشرح:(1/49)
(أنا أكثر الأنبياء تبعاً) بفتح المثناة الفوقية والباء الموحدة جمع تابع كخدم جمع خادم وهذا نصب على التمييز (يوم القيامة) خصه لأنه يوم ظهور ذلك بالجمع وهذا يوضحه حديث مسلم أيضاً إن من الأنبياء من يأتي يوم القيامة ما معه مصدِّق غير واحد ثم إن الجزم هنا لا ينافيه قوله في حديث أبي هريرة وأرجو أن أكون أكثرهم تبعاً فلعله قبل أن يكشف له عن أمته ويراهم ثم حقق اللّه له رجاءه (وأنا أوَّل من يقرع باب الجنة) أي يطرقه للاستفتاح فيفتح له فيكون أوَّل داخل كما سبق والقرع بالسكون الطرق يقال طرقت الباب بمعنى طرقته ونقرت عليه.
1451 أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب(صحيح)(حم ق ن)عن البراء .
الشرح:
(أنا النبي) عرفه باللام لحصر النبوة فيه (لا كذب) أي أنا النبي حقاً لا كذب فيه فلا أفر من الكفار ففيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب فكأنه قال أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أهزم بل وعدني اللّه بنصره فلا يجوز لي أن أفر (أنا ابن عبد المطلب) نسب لجده لا لأبيه لشهرته به وللتصريف والتذكير فيما أخبرهم به الكهنة قبيل ميلاده أنه آن أن يظهر من بني عبد المطلب نبي فذكرهم بأنه ذلك المقول عنه لا للفخر فإنه كان يكرهه وينهى عنه ولا للعصبية لأنه كان يذمها ويزجر عنها ولا يشكل ذا بحرمة الشعر عليه لأن هذا إنما هو من جنس كلامه الذي كان يرمي به على السليقة من غير صنعة ولا تكلف إلا أنه اتفق ذلك بغير قصد كما يتفق في كثير من إنشاءات الناس في خطبهم ورسائلهم وإذا فتشت في كل كلام عن نحو ذلك وجدت الواقع في أوزان البحور غير عزيز ومنه في القرآن كثير0000
1452 أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا و الآخرة ليس بيني و بينه نبي و الأنبياء أولاد علات أمهاتهم شتى و دينهم واحد( صحيح )
( حم ق د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/50)
(أنا أولى الناس) أي أخص (بعيسى ابن مريم) وصفه بأمه إيذاناً بأنه لا أب له أي الذي خلق منها بغير واسطة ذكر يعني أنا أقربهم إليه (في الدنيا) وفي رواية في الأولى لأنه بشر أنه يأتي من بعده ومهد قواعد دينه ودعى الخلق إلى تصديقه ولما كان ذلك قد لا يلازم الأولوية بعد الموت قال(وفي الآخرة) أيضاً، ثم كأن سائلاً قال: ما سبب الأولوية فأجاب بقوله (ليس بيني وبينه نبي) أي من أولي العزم فلا يرد خالد بن سنان بفرض تسليم كونه بينهما وإلا فقد قيل إن في سند خبره مقالاً وإنما دل بهذه الجملة الاستثنائية على الأولوية لأن عدم الفصل بين الشريعتين واتصال ما بين الدعوتين وتقارب ما بين الزمنين صيرهما كالنسب الذي هو أقرب الأنساب (والأنبياء أولاد علات) بفتح المهملة أي أخوة لأب والعلات أولاد الضرائر من رجل واحد والعلة الضرّة (أمهاتهم شتى) أي متفرقة فأولاد العلات هم أولاد الرجل من نسوة متفرقة سميت علات لأن الزوج قد علّ من المتأخرة بعد ما نهل من الأولى (ودينهم واحد) أي أصل دينهم واحد وهو التوحيد وفروع شرائعهم مختلفة شبه ما هو المقصود من بعثة جملة الأنبياء وهو إرشاد الخلق بالأب وشبه شرائعهم المتفاوتة في الصورة بأمهات. قال القاضي: والحاصل أن الغاية القصوى من البعثة التي بعثوا جميعاً لأجلها دعوة الخلق إلى معرفة الحق وإرشادهم إلى ما به ينتظم معاشهم ويحسن معادهم فهم متفقون في هذا الأصل وإن اختلفوا في تفاريع الشرائع فعبر عما هو الأصل المشترك بين الكل بالأب ونسبهم إليه وعبر عما يختلفون فيه من الأحكام والشرائع المتفاوتة بالصور المتقاربة في الغرض بالأمهات وأنهم وإن تباينت أعصارهم وتباعدت أعوامهم فالأصل الذي هو السبب في إخراجهم وإبرازهم كل في عصره واحد وهو الدين الحق الذي فطر الناس مستعدين لقبوله متمكنين من الوقوف عليه والتمسك به فعلى هذا المراد بالأمهات الأزمنة التي اشتملت عليهم 0000 وفيه إبطال لزعم أنه كان بعد(1/51)
عيسى عليه الصلاة والسلام أنبياء ورسل منهم خالد بن سنان.
1453 أنا أولى بالمؤمنين في كتاب الله فأيكم ما ترك دينا أو ضيعة فادعوني فأنا وليه و أيكم ما ترك مالا فليؤثر بماله عصبته من كان(صحيح)
( م ) عن أبي هريرة .
1454 أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فهو لورثته(صحيح)(حم ق ن ه)عن أبي هريرة
الشرح:
(أنا أولى بالمؤمنين) بنص رب العالمين قال تعالى{النبي أولى بالمؤمنين} 000(من أنفسهم) أي أنا أولى بهم من أنفسهم في كل شيء من أمر الدارين لأني الخليفة الأكبر الممد لكل موجود فيجب عليهم أن أكون أحب إليهم من أنفسهم وحكمي أنفذ عليهم من حكمها وهذا قاله عليه الصلاة والسلام لما نزلت الآية، ومن محاسن أخلاقه السنية أنه لم يذكر ما له في ذلك من الحظوظ بل اقتصر على ما هو عليه حيث قال: (فمن توفي) بالبناء للمجهول أي مات (من المؤمنين) إلى آخر ما يأتي 0000 (فترك) عليه (ديناً) بفتح الدال (فعلي) قال ابن بطال: هذا ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه دين (قضاؤه) من بيت المال قيل وجوباً لأن فيه حق الغارمين وقيل وعداً والأشهر عند الشافعية وجوبه مما يفيء اللّه عليه من غنيمة وصدقة ولا يلزم الإمام فعله بعده في أحد الوجهين وإلا أثم إن كان حق الميت من بيت المال بقدر الدين وإلا فيسقطه (ومن ترك مالاً) يعني حقاً فذكر المال غالبي إذ الحقوق تورث كالمال (فهو لورثته) لفظ رواية البخاري فليرثه عصبته من كانوا وعبر بمن الموصولة ليعمم أنواع العصبة وفي الأولوية فيما ذكر وجه حسن حيث ردّ على الورثة المنافع وتحمل المضار والتبعات وخص هذا القسم بالبيان دفعاً لتوهم الانحصار في جانب الأمّة وفيه أنه لا ميراث بالتبني ولا بالخلف وأن الشرع أبطلهما قال النووي: وحاصل معنى الحديث أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم أو موته أنا وليه في الحالين فإن كان عليه دين قضيته إن لم يخلف وفاء وإن كان له مال(1/52)
فلورثته لا آخذ منه شيئاً وإن خلف عيالاً محتاجين فعلي مؤونتهم.
1455 أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا أو ضيعة فإلي و من ترك مالا فلورثته و أنا مولى من لا مولى له أرث ماله و أفك عانيه و الخال مولى من لا مولى له يرث ماله و يعقل عنه ( حسن ) ( د ) عن المقدام .
1456 أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا فعلي و من ترك مالا فلورثته ( صحيح ) ( حم د ن ) عن جابر .
1457 أنا أول الناس يشفع في الجنة و أنا أكثر الأنبياء تبعا( صحيح )
( م ) عن أنس .
1458 أنا أول شفيع في الجنة لم يصدق نبي من الأنبياء ما صدقت و إن من الأنبياء نبيا ما يصدقه من أمته إلا رجل واحد( صحيح)( م )عن أنس .
1459أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها(صحيح)(حم ت)عن أنس.
1460 أنا بريء ممن حلق و سلق و خرق(صحيح)(م ن ه)عن أبي موسى.
الشرح:
(أنا بريء ممن حلق) أي من إنسان يحلق شعره عند المصيبة (وسلق) بسين وصاد أي رفع الصوت بالبكاء عندها أو الضارب وجهه عندها (وخرق) ثوبه عندها ذكراً أو أنثى وفي رواية والشاقة التي تشق ثوبها عندها أي أنا بريء من فعلهن أو من عهدة ما لزمني بيانه أو مما يستوجبن أو هو على ظاهره وهو البراءة من فاعل هذه الأمور.
1461 أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما
( حسن ) ( د ت الضياء ) عن جرير .
1462 أنا حرب لمن حاربتم و سلم لمن سالمتم( حسن )
( ت ه حب ك ) عن زيد بن أرقم .
1463 أنا دعوة إبراهيم و كان آخر من بشر بي عيسى بن مريم( صحيح )
( ابن عساكر ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:(1/53)
(أنا دعوة إبراهيم) أي صاحب دعوته بقوله حين بنى الكعبة {ابعث فيهم رسولاً منهم} وفائدته بعد فرض وقوعه نبياً مقدراً له ذلك التنويه بشرفه وكونه مطلوب الوجود تالياً للكتاب مطهراً للناس من الشرك معروفاً عند الأنبياء المتقدمين (وكان آخر من بشر بي) أي ببعثتي (عيسى ابن مريم) بشر بذلك قومه ليؤمنوا به عند مجيئه أو ليكون معجزة لعيسى عليه السلام عند ظهوره قال تعالى حكاية عنه {ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} وسماه لأنه مسمى به في الإنجيل ولأنه أبلغ من محمد.
1464 أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء و إن كان محقا و بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب و إن كان مازحا و بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه( حسن ) ( د الضياء ) عن أبي أمامة .
1465 أنا زعيم لمن آمن بي و أسلم و هاجر ببيت في ربض الجنة و بيت في وسط الجنة و بيت في أعلى غرف الجنة و أنا زعيم لمن آمن بي و أسلم و جاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة و بيت في وسط الجنة و بيت في أعلى غرف الجنة فمن فعل ذلك لم يدع للخير مطلبا و لا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت ( صحيح ) ( ن حب ك ) عن فضالة بن عبيد .(1/54)
1466 أنا سيد الناس يوم القيامة و هل تدرون مم ذلك ؟ يجمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي و ينفذهم البصر و تدنو الشمس منهم فيبلغ الناس من الغم و الكرب ما لا يطيقون و لا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبونا أنت أبو البشر خلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و أمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إنه نهاني عن الشجرة فعصيته نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح ; فيأتون نوحا فيقولون: أنت أول الرسل إلى أهل الأرض و سماك الله ( عبدا شكورا اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم ; فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم ؟ أنت نبي الله و خليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إني قد كنت كذبت ثلاث كذبات نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى ; فيأتون موسى فيقولون: يا موسى ! أنت رسول الله فضلك الله برسالاته و بكلامه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله و إني قتلت نفسا لم أومر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى ; فيأتون عيسى ! فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه و(1/55)
كلمت الناس في المهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله و لن يغضب بعده مثله نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد ; فيأتوني فيقولون: يا محمد ! أنت رسول الله و خاتم الأنبياء و غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ ; فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي و يلهمني من محامده و حسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي ثم يقال: يا محمد ! ارفع رأسك سل تعط و اشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول: يا رب ! أمتي أمتي فيقال: يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب و الذي نفسي بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة و هجر أو كما بين مكة و بصرى ) . (صحيح)(حم ق ت)عن أبي هريرة .
1467 أنا سيد ولد آدم يوم القيامة و أول من ينشق عنه القبر و أول شافع و أول مشفع( صحيح ) ( م د ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/56)
(أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) خصه لأنه يوم مجموع له الناس فيظهر سؤدده لكل أحد عياناً، وصف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في المقام الخطابي على ما تقرر في علم المعاني فيفيد تفوقه على جميع ولد آدم حتى أولو العزم من الرسل واحتياجهم إليه كيف لا وهو واسطة كل فيض وتخصيصه ولد آدم ليس للاحتراز فهو أفضل حتى من خواص الملائكة كما نقل الإمام عليه الإجماع ومراده إجماع من يعتد به من أهل السنة (وأول من ينشق عنه القبر) أي أول من يعجل إحياؤه مبالغة في إكرامه وتخصيصاً له بتعجيل جزيل إنعامه 00(وأول شافع) للعصاة أي لا يتقدمني شافع لا ملك ولا بشر في جميع أحكام الشفاعات (وأول مشفع) بشد الفاء أي مقبول الشفاعة ولم يكتف بقوله أول شافع لأنه قد يشفع الثاني فيشفع قبل الأول قال ذلك امتثالاً لقوله تعالى {وأما بنعمة ربك فحدث} وهو من البيان الذي يجب تبليغه.
1468 أنا سيد ولد آدم يوم القيامة و لا فخر و بيدي لواء الحمد و لا فخر و ما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي و أنا أول شافع و أول مشفع و لا فخر ( صحيح ) ( حم ت ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/57)
(أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) أي أقول ذلك شكراً لا فخراً من قبيل قول سليمان عليه الصلاة والسلام {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} أي لا أقوله تكبراً وتفاخراً وتعاظماً على الناس وقيل لا أتكبر به في الدنيا وإلا ففيه فخر الدارين وقيل لا أفتخر بذلك بل فخري بمن أعطاني هذه الرتبة والفخر ادعاء العظم والمباهاة وهذا قاله للتحدث بالنعمة وإعلاماً للأمة ليعتقدوا فضله على جميع الأنبياء وأما خبر لا تفضلوا بين الأنبياء فمعناه تفضيل مفاخرة وهنا أجوبة غير مرضية (وبيدي لواء الحمد) بالمد والكسر علمه والعلم في العرصات مقامات لأهل الخير والشر ينصب في كل مقام لكل متبوع لواء يعرف به قدره وأعلى تلك المقامات الحمد ولما كان أعظم الخلائق أعطي أعظم الألوية وهو لواء الحمد ليأوي إلى لوائه الأولون والآخرون وعليه فالمراد باللواء الحقيقة فلا وجه لعدول البعض عنه وحمله على لواء الجمال والكمال (ولا فخر) أي لا فخر لي بالعطاء بل المعطي ولهذا المعنى المقرر افتتح كتابه بالحمد واشتق اسمه من الحمد وأقيم يوم القيامة المقام المحمود وسيفتح عليه في ذلك المقام من المحامد ما لم يفتح على أحد قبله ولا بعده (وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه -) اعتراض بين النفي والاستثناء أفاد أن آدم عليه السلام بالرفع بدلاً أو بياناً من محله ومن فيه موصولة وسواه صلته وصح لأنه ظرف وآثر الفاء التفصيلية في من للترتيب على منوال الأمثل فالأمثل إلا تحت لوائي (وأنا أول من تنشق عنه الأرض) وفي رواية تنشق الأرض عن جمجمتي (ولا فخر) أي أول من يعجل اللّه إحياءه مبالغة في الإكرام وتعجيلاً لجزيل الإنعام قال الطيبي: قوله ولا فخر حال مؤكدة أي أقول هذا ولا فخر (وأنا أول شافع) يوم القيامة أو في الجنة لرفع الدرجات فيها بشهادة خبر مسلم أنا أول شافع في الجنة (وأول مشفع) بقبول شفاعته في جميع أقسام الشفاعة للّه ثم أراد أن يتواضع لربه ويهضم نفسه لئلا(1/58)
يكون لها مزكياً وبحالها في السيادة والشرف معجباً فقال (ولا فخر) أي لا أقوله افتخاراً وتبجحاً بل شكراً وتحدثاً بالنعمة وإعلاماً للأمة وأما قوله لمن قال له يا خير البرية قال: ذاك إبراهيم فعلى جهة التواضع وترك التطاول على الأنبياء عليهم السلام أو قبل أن يعلم بتفضيله عليه لا يقال كيف يصح من معصوم الإخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه لأجل تواضع أو آداب وكيف يكون ذلك خبراً عن أمر وجودي والأخبار الوجودية لا يدخلها نسخ لأن نقول نمنع أن هذا إخبار عن شيء بخلاف ما هو عليه فإنه تواضع يمنع إطلاق ذلك اللفظ عليه وتأدب مع أبيه بإضافة ذلك اللفظ إليه ولم يتعرض للمعنى فكأنه قال لا تطلقوا هذا اللفظ عليّ وأطلقوه على إبراهيم عليه الصلاة والسلام أدباً معه واحتراماً فهو خبر عن الحكم الشرعي لا عن المعنى الوجودي 0000
1469 أنا فرطكم على الحوض( صحيح )
( حم ق ) عن جندب ( خ ) عن ابن مسعود ( م ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:
(أنا فرطكم) بالتحريك أي سابقكم (على الحوض) أي إليه لأصلحه لكم وأهيئ لكم ما يليق بالوارد وأحوطكم وآخذ لكم طريق النجاة من قولهم فرس فرط متقدم للخيل ذكره الزمخشري وهذا تحريض على العمل الصالح المقرب له في الدارين وإشارة إلى قرب وفاته وتقدمه على وفاة صحبه.
1470 أنا فرطكم على الحوض أنتظركم ليرفع لي رجال منكم حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: رب أصحابي ! رب أصحابي ! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك( صحيح ) ( حم خ ) عن حذيفة .
1471 أنا فرطكم على الحوض و لأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم فأقول: يا رب أصحابي أصحابي ! فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك( صحيح )
( حم ق ) عن ابن مسعود .(1/59)
1472 أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله تعالى خلق الخلق فجعلني في خيرهم ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا فأنا خيركم بيتا و أنا خيركم نفسا( صحيح )(حم ت)عن المطلب بن أبي وداعة .
1473 أنا محمد و أحمد و المقفي و الحاشر و نبي التوبة و نبي الرحمة
( صحيح ) ( حم م ) عن أبي موسى زاد ( طب ) : ونبي الملحمة .
الشرح:
(أنا محمد وأحمد) أي أعظم حمداً من غيري لأنه حمد اللّه بمحامد لم يحمده بها غيره فهو أحق بهذين الاسمين من غيره (والمقفى) بشدة الفاء وكسرها لأنه جاء عقب الأنبياء وفي قفاهم أو المتبع آثار من سبقه من الرسل (والحاشر) أي أحشر أول الناس (ونبي التوبة) أي الذي بعث بقبول التوبة بالنية والقول وكانت توبة من قبله بقتلهم أنفسهم أو الذي تكثر التوبة في أمته وتعم أو أن أمته لما كانت أكثر الأمم كانت توبتهم أكثر من توبة غيرهم أو المراد أن توبة أمته أبلغ حتى يكون التائب منهم كمن لا ذنب له ولا يؤاخذ في الدنيا ولا في الآخرة وغيره يؤاخذ في الدنيا. قال القرطبي: والمحوج إلى هذه الأوجه أن كل نبي جاء بتوبة أمته فيصدق أنه نبي التوبة فلا بد من مزية لنبينا صلى اللّه عليه وعليهم وسلم (ونبي الرحمة) بميم أوله بخط المصنف أي الترفق والتحنن على المؤمنين والشفقة على عباد اللّه المسلمين فقد مرّ أن الرحمة ومثلها المرحمة إذ هما بمعنى واحد كما قاله القرطبي إفاضة النعم على المحتاجين والشفقة عليهم واللطف بهم وقد أعطي هو
وأمته منها ما لم يعطه أحد من العالمين ويكفي{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
1474 أنا وارث من لا وارث له أفك عانيه و أرث ماله و الخال وارث من لا وارث له يفك عانيه و يرث ماله ( صحيح ) ( د ك ) عن المقدام .
1475 أنا و كافل اليتيم في الجنة هكذا( صحيح )
( حم خ د ت ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(1/60)
(أنا وكافل اليتيم) أي القائم بأمره ومصالحه هبه من مال نفسه أو من مال اليتيم كان ذا قرابة أم لا (في الجنة هكذا) وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما أي أن الكافل في الجنة مع النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا أن درجته لا تبلغ بل تقارب درجته وفي الإشارة إشارة إلى أن بين درجته والكافل قدر تفاوت ما بين المشار به ويحتمل أن المراد قرب المنزلة حال دخول الجنة أو المراد في سرعة الدخول وذلك لما فيه من حسن الخلافة للأبوين ورحمة الصغير وذلك مقصود عظيم في الشريعة ومناسبة التشبيه أن النبي صلى اللّه عليه وسلم شأنه أن يبعث لقوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً ومرشداً لهم ومعلماً وكافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل فيرشده ويعقله وهذا تنويه عظيم بفضل قبول وصية من يوصى إليه ومحل كراهة الدخول في الوصايا أن يخاف تهمة أو ضعفاً عن القيام بحقها.
1476 أنا و كافل اليتيم له أو لغيره في الجنة و الساعي على الأرملة و المسكين كالمجاهد في سبيل الله ( صحيح ) ( طس ) عن عائشة .
1477 انبذوه على غدائكم و اشربوه على عشائكم و انبذوه على عشائكم و اشربوه على غدائكم و انبذوه في الشنان و لا تنبذوه في القلل فإنه إذا تأخر عن عصره صار خلا ( صحيح ) ( د ن ) عن الديلمي .
1478 أنت أحق بصدر دابتك مني إلا أن تجعله لي( صحيح )
( حم د ت ) عن بريدة .
الشرح:
(أنت أحق) أي أولى وهو أفعل من الحق الذي هو ملك الإنسان وجمعه حقوق تقديره أنت أثبت حقاً (بصدر دابتك) أي بمقدم ظهرها (مني) أيها الرجل الذي تأخر وعزم علي أن أركب حماره فلا أركب على صدره لأنه المالك له ولمنفعته فأنت بصدره أحق (إلا أن تجعله) أي صدرها (لي) فجعله له إكراما لعظيم منزلته والتماساً لجليل بركته وهذا من كمال إنصاف المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم وتواضعه وإظهار حق المرء حيث رضي أن يركب خلفه.
1479 أنت أخونا و مولانا - قاله لزيد بن حارثة - ( صحيح )(1/61)
( ق ) عن البراء ( ك ) عن علي .
1480 أنت إمامهم و اقتد بأضعفهم و اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا
( صحيح ) ( حم د ن ك ) عن عثمان بن أبي العاص .
1481 أنت رفيق و الله الطبيب ( صحيح ) ( حم ) عن أبي رمثة .
1482 أنت عتيق الله من النار- قاله لأبي بكر -(صحيح)(ت ك)عن عائشة.
1483 أنت مع من أحببت( صحيح)( ق)عن أنس(حم د حب)عن أبي ذر .
1484 أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي( صحيح )
( م ت ) عن سعد ( ت ) عن جابر .
1485 أنت مني وأنا منك - قاله لعلي-(صحيح)(ق)عن البراء(ك)عن علي.
1486أنت ومالك لأبيك(صحيح)(ه)عن جابر(طب)عن سمرة وابن مسعود.
الشرح:
(أنت) أيها الرجل القائل إن أبي يريد أن يجتاح مالي أي يستأصله (ومالك لأبيك) يعني أن أباك كان سبب وجودك ووجودك سبب وجود مالك فصار له بذلك حق كان به أولى منك بنفسك فإذا احتاج فله أن يأخذ منه قدر الحاجة فليس المراد إباحة ماله له حتى يستأصله بلا حاجة ولوجوب نفقة الأصل على فرعه شروط مبينة في الفروع فكأنه لم يذكرها في الخبر لكونها معلومة عندهم أو متوفرة في هذه الواقعة المخصوصة.
1487 أنت و مالك لوالدك إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم( صحيح ) ( حم د ه ) عن ابن عمرو .
1488 أنتم أعلم بأمر دنياكم( صحيح ) ( م ) عن أنس وعائشة .
الشرح:
مني وأنا أعلم بأمر أخراكم منكم فإن الأنبياء والرسل إنما بعثوا لإنقاذ الخلائق من الشقاوة الأخروية وفوزهم بالسعادة الأبدية000قال بعضهم: فبين بهذا أن الأنبياء وإن كانوا أحذق الناس في أمر الوحي والدعاء إلى اللّه تعالى فهم أسرج الناس قلوباً من جهة أحوال الدنيا فجميع ما يشرعونه إنما يكون بالوحي وليس للأفكار عليهم سلطان.
1489 أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء ( فمن استطاع منكم فليطل غرته و تحجيله ) ( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 1328 . ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/62)
(أنتم) أيها المتوضئون من المؤمنين (الغرّ المحجلون) الغرة هنا محل الواجب والزائد عليه مطلوب ندباً وإن كان قد يطلق على الكل غرة لعموم النور لجميعه سمي النور الذي على مواضع الوضوء (يوم القيامة) غرة وتحجيلاً تشبيهاً بغرة الفرس (من إسباغ الوضوء) أي من أثر إتمامه (فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله) ندباً 000 0
1490أنتم شهداء الله في الأرض و الملائكة شهداء الله في السماء(صحيح )
( طب ) عن سلمة بن الأكوع .
الشرح:
(أنتم شهداء اللّه في الأرض) {وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} فهم عدول بتعديل اللّه لهم فإذا شهدوا على إنسان بصلاح أو فساد قبل اللّه شهادتهم وتجاوز عن من يستحق العذاب في علمه فضلاً وكرماً لأوليائه. قال القاضي: والشهداء جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة أو الناصر والإمام كأنه سمي به لأنه يحضر النوادي ويبرم بحضرته الأمور إذ التركيب للحضور إما بالذات أو التصوّر ومنه قيل للمقتول في سبيل اللّه شهيد لأنه حضر ما كان يرجوه أو الملائكة حضوره (والملائكة شهداء اللّه في السماء) قال الطيبي: الإضافة للتشريف وأنهم بمكان ومنزلة عالية عند اللّه كما أن الملائكة كذلك وهذا تزكية من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأمته وإظهار معداتهم وأن اللّه يقبل شهادتهم ويصدق ظنونهم إكراماً وتفضيلاً 0000000
1491 انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي و تصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة و لو لا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية و لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أبي هريرة .(1/63)
1492 انتسب رجلان على عهد موسى فقال أحدهما: أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فمن أنت لا أم لك ؟ قال: أنا فلان بن فلان ابن الإسلام فأوحى الله إلى موسى أن قل لهذين المنتسبين: أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم في النار و أما أنت أيها المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة( صحيح ) ( ن هب الضياء ) عن أبي .
1493 انتعلوا و تخففوا و خالفوا أهل الكتاب(صحيح)(هب)عن أبي أمامة .
الشرح:
(انتعلوا وتخففوا) أي البسوا النعال والخفاف في أرجلكم (وخالفوا أهل الكتاب) اليهود والنصارى فإن أولئك لا ينتعلون ولا يتخففون والظاهر أنه أراد في الصلاة ويحتمل الإطلاق وأن نصارى زمانه ويهود زمانه كان دأبهم المشي حفاة والأوّل أقرب.
1494 انزعوا بني عبد المطلب ! فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم( صحيح ) ( م د ه ) عن جابر .
1495 أنزل القرآن على سبعة أحرف( صحيح )
( حم ت ) عن أبي ( حم ) عن حذيفة .
1496 أنزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف كلها شاف كاف
( صحيح ) ( طب ) عن معاذ .
الشرح:
(أنزل القرآن من سبعة أبواب) أي أبواب البيان كما في المنجد (على سبعة أحرف كلها) قال في الديباج: المختار أن هذا من متشابه الحديث الذي لا يدرك تأويله والقدر المعلوم منه تعدد وجوه القراءات (شاف كاف) أي كل حرف من تلك الأحرف شاف للغليل كاف في أداء المقصود من فهم المعنى وإظهار البلاغة والفصاحة وقيل المراد شاف لصدور المؤمنين لاتفاقها في المعنى وكونها من عند اللّه كاف في الحجة على صدق النبي صلى اللّه عليه وسلم لإعجاز نظمه.
1497 أنزلت صحف إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان و أنزلت التوراة لست مضت من رمضان و أنزل الإنجيل لثلاث عشرة مضت من رمضان و أنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان و أنزل القرآن لأربع و عشرين خلت من رمضان ( حسن ) ( طب ) عن واثلة .
الشرح:(1/64)
(أنزلت صحف إبراهيم) بضمتين جمع صحيفة وأصلها كما قال الزمخشري قطعة من جلد أو قرطاس كتب فيه وتقول أي العرب صحائف الكتب خير من صحاف الذهب وفي الصحاح الصحيفة الكتاب (أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان) قال الحليمي: يريد به ليلة خمس وعشرين نقله عنه البيهقي وأقره اهـ. ثم إن ما ذكر من إنزاله في تلك الليلة أراد به إنزاله إلى اللوح المحفوظ فإنه نزل عليه فيها جملة ثم أنزل منه منجماً في نيف وعشرين سنة وسره كما قال الفخر الرازي أنه لو نزل جملة واحدة لضلت فيه الأفهام وتاهت فيه الأوهام {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية اللّه} فهو كالمطر لو نزل دفعة لقلع الأشجار وخرب الديار وقال السيد: في تنزيله منجماً تسهيل ضبط الأحكام والوقوف على حقائق نظم الآيات قال ابن حجر: وهذا الحديث مطابق لقوله تعالى {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} ولقوله {إنا أنزلناه في ليلة القدر} فيحتمل أن تكون ليلة القدر في تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة إلى سماء الدنيا ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول {اقرأ باسم ربك}.
1498 أنزلت علي آنفا سورة ( بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك و انحر إن شانئك هو الأبتر أتدرون ما الكوثر ؟ فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوضي ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته كعدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول: رب إنه من أمتي فيقول: ما تدري ما أحدث بعدك ) . ( صحيح ) ( م د ن ) عن أنس .
1499 أنزل علي آيات لم ير مثلهن قط ( قل أعوذ برب الفلق) و ( قل أعوذ برب الناس ) . ( صحيح ) ( م ت ن ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:(1/65)
(أنزل عليّ آيات) أحد عشر (لم نر) بالنون وروي بياء مضمومة (مثلهن قط) من جهة الفضل كذا قال والأظهر أن المراد لم تكن سورة آياتها كلها تعويذ من شر الأشرار وغيرهما وعلى الأوّل فلا يعارض ما تقدم في آية الكرسي لأن تلك آية واحدة وهذه آيات أو يقال إنه عام مخصوص أو يقال ضمّ هذا إلى ذلك ينتج أن الجميع سواء في الفضل. ذكره الأبي (قل أعوذ برب الفلق) الصبح لأن الليل يفلق عنه وفي المثل هو أبين من فلق الصبح أو الخلق لأنه فلق عنهم ظلمة العدم أو جهنم أو جبّ أو سجن أو بيت فيها إذا فتح صاح أهل النار من شدة حره أو ما ينفلق من النوى والحب أو ما ينفلق من الأرض عن النبات أو الجبال عن العيون والسحاب عن المطر والأرحام عن الأولاد وقيل فلق القلوب بالأفهام حتى وصلت إلى الدلائل والأعلام والمراد هنا السورة بكمالها وهكذا فيما يأتي (وقل أعوذ برب الناس) أي مربيهم وخصه به تشريفاً ولاختصاص التوسوس به فالاستعاذة واقعة من شر الموسوس في صدور الناس فكأنه قيل أعوذ من شر الموسوس إلى الناس بربهم وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يتعوذ من شر الجان والإنسان بغيرهما فلما نزلتا ترك التعوذ بما سواهما ولما سحر استشفى بهما هذا وقد بين بهذا الخبر عظم فضل هاتين السورتين وأن لفظة قل من القرآن وعليه الإجماع قال عياض: وفيه رد على من نسب لابن مسعود كونهما ليستا من القرآن وعلى من زعم أن لفظ قل ليس من السورتين وإنما أمر أن يقول فقال.
1500 انزل عنه فلا تصحبنا بملعون لا تدعوا على أنفسكم و لا تدعوا على أولادكم و لا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
1501 انصر أخاك ظالما أو مظلوما إن يك ظالما فاردده عن ظلمه و إن يك مظلوما فانصره ( صحيح ) ( الدارمي ابن عساكر ) عن جابر .
الشرح:(1/66)
(انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً) قيل: كيف يا رسول اللّه ذلك؟ قال: (إن يك ظالماً فاردده عن ظلمه وإن يك مظلوماً فانصره) وفي رواية للبخاري انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. قالوا: هذا ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً فقال: تأخذ فوق يديه، كنى عن كفه عن الظلم بالفعل إن لم يكن بالقول وعبر بالفوقية إيماء إلى الأخذ بالاستعلاء والقوة وفيه وفيما قبله إشعار بالحث على محافظة الصديق والاهتمام بشأنه ومن ثم قيل حافظ على الصديق ولو على الحريق0000000
1502 انصر أخاك ظالما أو مظلوما قيل: كيف أنصره ظالما ؟ قال: تحجزه عن الظلم فإن ذلك نصره ( صحيح ) ( حم خ ت ) عن أنس .
الشرح:
(انصر أخاك) في رواية أعن أخاك في الدين (ظالماً) بمنعه الظلم من تسمية الشيء بما يؤول إليه وهو من وجيز البلاغة (أو مظلوماً) بإعانته على ظالمه وتخليصه منه (قيل) يعني قال أنس: (كيف أنصره ظالماً) يا رسول اللّه (قال: تحجزه عن الظلم) أي تمنعه منه وتحول بينه وبينه (فإن ذلك) أي منعه منه (نصرة) له أي منعك إياه من الظلم نصرك إياه على شيطانه الذي يغويه وعلى نفسه الأمارة بالسوء لأنه لو ترك على ظلمه جره إلى الاقتصاص منه فمنعه من وجوب القود نصرة له وهذا من قبيل الحكم للشيء وتسميته بما يؤول إليه وهو من عجيب الفصاحة ووجيز البلاغة.
1503 انطلق أبا مسعود ! لا ألفينك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته( صحيح ) ( د ) عن ابن مسعود .(1/67)
1504 انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم حتى أووا المبيت إلى غار فدخلوه فانحدرت عليهم صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم ; قال رجل منهم: اللهم كان لي أبوان شيخان كبيران و كنت لا أغبق قبلهما أهلا و لا مالا فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت و القدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة ؟ فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج ; و قال الآخر: اللهم كانت لي ابنة عم كانت أحب الناس إلى فأردتها على نفسها فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين و مائة دينار على أن تخلي بيني و بين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت: لا أحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها فانصرفت عنها و هي أحب الناس إلي و تركت الذهب الذي أعطيتها اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها ; و قال الثالث: اللهم استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له و ذهب فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أدني أجري فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل و البقر و الغنم و الرقيق فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي فقلت: إني لا أستهزئ بك فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
1505 انظر فإنك لست بخير من أحمر و لا أسود إلا أن تفضله بتقوى
( حسن ) ( حم ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/68)
(انظر) من النظر بمعنى إعمال الفكر ومزيد التدبر والتأمل. قال الراغب: والنظر إجالة الخاطر نحو المرئي لإدراك البصيرة إياه فللقلب عين كما أن للبدن عيناً (فإنك لست بخير من) أحد من الناس (أحمر) أي أبيض (ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى) أي تزيد عليه في وقاية النفس عما يضرها في الآخرة ومراتبها ثلاثة: التوقي عن العذاب المخلد ثم عن كل محرم ثم ما يشغل السر عن الحق تقدس.
1506 انظرن من إخوانكن ؟ فإنما الرضاعة من المجاعة ( صحيح )
( حم ق د ن ه ) عن عائشة .
الشرح:
(انظرن) بهمزة وصل وضم المعجمة من النظر بمعنى التفكر والتأمل والتدبر (من) استفهام (إخوانكنَّ) أي تأملنَّ أيها النساء في شأن إخوانكنَّ من الرضاع أهو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه ضمن الرضاعة وقدر الارتضاع فإن التحريم إنما يثبت إذا توفرت الشروط قاله لعائشة وقد رأى عندها رجلاً ذكرت أنه أخوها منه ثم علل الباعث على إمعان النظر بقوله (فإنما) الفاء تعليلية لقوله انظرن (الرضاعة) المحرّمة للخلوة (من المجاعة) بفتح الميم الجوع أي إنما الرضاعة المحرمة ما سدّ مجاعة الطفل من اللبن بأن أغذاه وأنبت لحمه وقوّى عظمه فلا يكفي بنحو مصتين ولا إن كان بحيث لا يشبعه إلا الخبز كأن جاوز الحولين لأن المدار على تقوية عظمه ولحمه من لبنها بحيث يصير كجزء منها وأدنى ما يحصل ذلك خمس رضعات تامات في حال يكون اللبن فيه كافياً للطفل مشبعاً له لضعف معدته وإنما يكون ذلك فيما دون حولين.
1507 انظروا إلى من هو أسفل منكم و لا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ( صحيح)( حم م ت ه)عن أبي هريرة .
الشرح:(1/69)
(انظروا إلى من هو أسفل منكم) أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك (ولا تنظروا إلى من هو فوقكم) فيها (فهو أجدر) أي فالنظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق (أن لا تزروا) أي بأن لا تحتقروا (نعمة اللّه عليكم) فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم اللّه وحرص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد. قال الغزالي: وعجب للمرء كيف لا يساوي دنياه بدينه أليس إذا لامته نفسه فارقها يعتذر إليها بأن في الفساق كثرة فينظر أبداً في الدين إلى من هو دونه لا لمن فوقه أفلا يكون في الدنيا كذلك. وقال الحكيم: لا يزال الإنسان يترقى في درجات النظر علواً علواً كلما نال درجة سما به حرصه إلى النظر إلى ما فوقها فإذا نظر إلى من دونه في درجات الدين اعتراه العجب فأعجب بنفسه فطال بتلك الدرجة على الخلق واستطال فرمى به من ذلك العلو فلا يبقى منه عضو إلا انكسر وتبدّد وكذا درجات الدنيا إذا رمى ببصره إلى من دونه تكبر عليه فتاه على اللّه بكبره وتجبر على عباده فخسر دينه 00000
1508 انظروا قريشا فخذوا من قولهم و ذروا فعلهم( صحيح )
( حم حب ) عن عامر بن شهر .
الشرح:
(انظروا قريشاً) قال الزمخشري: من النظر الذي هو التأمل والتصفح (فخذوا من قولهم وذروا فعلهم) أي اتركوا اتباعهم في أفعالهم فإنهم ذو الرأي المصيب والحدس الذي لا يخطئ ولا يخيب لكنهم قد يفعلون ما لا يسوغ شرعاً فاحذروا متابعتهم فيه.
1509 انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك( حسن )
( ابن سعد طب ) عن عمة حصين بن محصن .
الشرح:(1/70)
(انظري) أيتها المرأة التي هي ذات بعل (أين أنت منه) أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من مودّة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه كافرة لعشرته وإنعامه (فإنما هو) أي الزوج (جنتك ونارك) أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار بسخطه عليك فأحسني عشرته ولا تخالفي أمره فيما ليس بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم قال: كيف أنت منه؟ قالت: لا آلوه إلا ما عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز كبيرة.
1510 أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم(حسن)(د ه)عن حمنة بنت جحش.
1511 انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام و أخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدي الله بك رجل واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم( صحيح ) ( حم ق ) عن سهل بن سعد .
1512 أنفق يا بلال ! و لا تخش من ذي العرش إقلالا( صحيح )
( البزار ) عن بلال وعن أبي هريرة ( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(أنفق) بفتح الهمزة أمر بالإنفاق (يا بلال ولا تخشى من ذي العرش) قيد للمنفي (إقلالاً) فقراً من قلّ بمعنى افتقر وهو في الأصل بمعنى صار ذا قلة وما أحسن من ذي العرش في هذا المقام أي أتخاف أن يضيع مثلك من هو مدبر الأمر من السماء إلى الأرض؟ كلا. قال الطيبي: الذي يقتضيه مراعاة السجع أن يوقف على بلال وإقلال بغير ألف وإن كتب بالألف ليزدوجا000 وإنما أمره بذلك لأنه تعالى وعد على الإنفاق خلفاً في الدنيا وثواباً في العقبى فمن أمسك عن الإنفاق خوف الفقر فكأنه لم يصدق اللّه ورسوله. قال الطيبي: وما أحسن ذكر العرش في هذا المقام. قال الغزالي: قال سفيان: ليس للشيطان سلاح كخوف الفقر فإذا قبل ذلك منه أخذ بالباطل ومنع من الحق وتكلم بالهوى وظنَّ بربه ظنَّ السوء 00000
1513 أنفقي و لا تحصي فيحصي الله عليك و لا توعي فيوعي الله عليك
( صحيح ) ( حم ق ) عن أسماء بنت أبي بكر .(1/71)
الشرح:
(أنفقي) أي تصدقي يا أسماء بنت أبي بكر الصديق (ولا تحصي) لا تبقي شيئاً للإدخار أو لا تعدي ما أنفقتيه فتستكثريه فيكون سبباً لانقطاع إنفاقك (فيحصي اللّه عليك) أي يقلل رزقك بقطع البركة أو بحبس مادته أو بالمحاسبة عليه في الآخرة وهو بالنصب جواب النهي والإحصاء مجاز عن التضييق لأن العد ملزومه أو من الحصر الذي هو المنع (ولا توعي) بعين مهملة أي لا تحفظي فضل مالك في الوعاء وهو الظرف أو لا تجمعي شيئاً في الوعاء وتدخريه بخلاً به (فيوعي اللّه عليك) أي يمنع عنك مزيد نعمته عبر عن منع اللّه بالإيعاء ليشاكل قوله لا توعي فإسناد الإيعاء إليه تعالى المشاكلة والإحصاء معرفة قدر الشيء وزناً أو عداً أو كيلاً وكثيراً ما يراد بالإنفاق في كلام الشارع الأعم من الزكاة والصدقة فيشمل جميع وجوه الإنفاق من المعارف والحظوظ التي تكسب المعالي وتنجي من المهالك.
1514 انكحوا فإني مكاثر بكم ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
0000 (فإني مكاثر بكم) أي الأمم يوم القيامة كما يجيء في خبر آخر.
1515 إن آثاركم تكتب ( صحيح ) ( ت ) عن أبي سعيد .
1516 إن آدم خلق من ثلاث تربات: سوداء و بيضاء و حمراء ( حسن )
( ابن سعد ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إن آدم خلق) بالبناء للمفعول أي خلقه اللّه (من ثلاث تربات) بضم فسكون جمع تربة (سوداء وبيضاء وحمراء) فمن ثم جاء بنوه كذلك فيهم الأسود والأحمر والأبيض يتبع كل منهم الطينة التي خلق منها.
1517 إن آل بني فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله و صالحوا المؤمنين
( صحيح ) ( حم طب ) عن عمرو بن العاص .
1518 إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم فاصنعوا لهم طعاما ( حسن )
( ه ) عن أسماء بنت عميس .
1519 إن أبخل الناس من بخل بالسلام و أعجز الناس من عجز عن الدعاء
( صحيح ) ( ع ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/72)
(إن أبخل الناس من بخل بالسلام) ابتداءاً أو جواباً لأنه لفظ قليل لا كلفة فيه وأجر جزيل فمن بخل به مع عدم كلفة فهو أبخل الناس ومن ثم قيل:
إذا ما بخلت برد السلام * فأنت ببذل الندا أبخل
(وأعجز الناس من عجز عن الدعاء) أي الطلب من اللّه تعالى حيث سمع قول ربه في كتابه {ادعوني} فلم يدعه مع حاجته وفاقته وعدم المشقة عليه فيه واللّه سبحانه وتعالى لا يخيب من سأله واعتمد عليه فمن ترك طلب حاجاته من اللّه تعالى مع ذلك فهو أعجز العاجزين.
1520 إن إبراهيم ابني و إنه مات في الثدي و إن له ظئرين يكملان رضاعه في الجنة ( صحيح ) ( حم م ) عن أنس .
الشرح:
(إن إبراهيم ابني) من مارية القبطية ولدته في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة 00 (وإنه مات في الثدي) أي في سن رضاع الثدي وهو ابن ستة عشر شهراً أو ثمانية عشر قال القرطبي: هذا القول أخرجه فرط الشفقة والرحمة والحزن (وإن له ظئرين) بكسر الظاء مهموراً أي مرضعتين (يكملان رضاعه في الجنة) بتمام سنتين لمونه مات قبل كمال جسمانيته وأكد الظئرين بإن واللام تنزيلاً للمخاطب منزلة المنكر أو الشاك لكون الظئر بعد المفارقة مظنة الإنكار لمخالفة العادة وقدم الظرف إشارة إلى أنه حكم خاص بولده لا بمن ولا يكون لغيره وجعل القائم بخدمة الرضاع متعدداً إيماء لكمال العناية بكماله فإن الولد المعتنى به له ظئر ليلاً وظئر نهاراً 0000 قال القرطبي: وعليه فمن مات من صغار المسلمين بسبب من أسباب الشهادة السبعة كان شهيداً ويلحق بالشهداء الكبار وإن لم يبلغ سنهم ولا كلف تكليفهم قال فمن قتل من الصغار في الحرب حكمه حكم الكبير ولا يغسل ولا يصلى عليه وفيه أنه سبحانه وتعالى يكمل لأهل السعادة بعد موتهم النقص الكائن في الدنيا حتى إن طالب العلم أوالقارىء إذا مات كمل له حصوله بعد موته ذكره ابن القيم وغيره.(1/73)
1521 إن إبراهيم حرم بيت الله و أمنه و إني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقلع عضاهها و لا يصاد صيدها ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
الشرح:
(إن إبراهيم) الخليل عليه الصلاة والسلام (حرم بيت اللّه) الكعبة وما حولها من الحرم كما بينه رواية مسلم بدله حرم مكة (وأمّنه) بالتشديد أي صيره مأمناً يعني حرمها بإذن اللّه أي أظهر حرمتها بأمره فإسناد التحريم إليه من حيث التبليغ والإظهار لا من حيث الإيجاد فإن اللّه تعالى حرمها قبل ذلك كما يصرح به خبر الشيخين أو أنه دعى اللّه تعالى فحرمها بدعوته ولا ينافيه خبر إن اللّه حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض لأنها كانت محرمة يومئذ فلما رفع البيت المعمور من الطوفان اندرست حرمتها ونسيت معاهدتها فأظهر اللّه إحياءها على يد إبراهيم عليه الصلاة والسلام وبدعوته (وإني حرمت المدينة) فعيلة من مدن بالمكان أقام والمراد البلدة النبوية كما سبق (ما بين لابتيها) تثنية لابة وهي الحرة وهي أرض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها حرقت بنار وأراد بهما هنا حرتان يكتنفانها (لا يقطع عضاهها) بكسر العين المهملة وتخفيف الضاد المعجمة جمع عضاهة شجرة أم غيلان أو كل شجر له شوك (ولا يضاد صيدها) في أبي داود ولا ينفر صيدها أي لا يزعج فإتلافه أولى لكن لا يضمن صيد المدينة ولا نباتها لأن حرمها غير محل للنسك.
1522 إن إبراهيم حرم مكة و إني حرمت ما بين لابتيها - يريد المدينة -
( صحيح ) ( حم م ) عن رافع بن خديج .
1523 إن إبراهيم حرم مكة و دعا لها و إني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة و دعوت لها في مدها و صاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة
( صحيح ) ( حم ق ) عن عبدالله بن زيد المازني .
1524 إن إبراهيم لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت النار عنه غير الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه ( صحيح )( حم ه حب ) عن عائشة .
1525 إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب(1/74)
( صحيح ) ( حم خد م د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن أبر) وفي رواية من أبر (البر) أي الإحسان جعل البر باراً ببناء أفعل التفضيل منه وإضافته إليه مجازاً والمراد منه أفضل البر فأفعل التفضيل للزيادة المطلقة قال الأكمل: أبر البر من قبيل جل جلاله وجد جده بجعل الجد جاداً وإسناد الفعل إليه (أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه) بضم الواو بمعنى المودة (بعد أن يولي الأب) بكسر اللام المشددة أي يدبر بموت أو سفر قال التوربشتي: وهذه الكلمة مما تخبط الناس فيها والذي أعرفه أن الفعل مسند إلى أبيه أي بعد أن يموت أو يغيب أبوه من ولى يولي، قال الطيبي: وفي جامع الأصول والمشارق: يولي بضم الياء وفتح الواو وكسر اللام المشددة والمعنى أن من جملة المبرات الفضلى مبرة الرجل أحباء أبيه فإن مودة الآباء قرابة الأبناء أي إذا غاب أبوه أو مات يحفظ أهل وده ويحسن إليهم فإنه من تمام الإحسان إلى الأب قال الحافظ العراقي رحمه اللّه: جعله أبر البر أو من أبره لأن الوفاء بحقوق الوالدين والأصحاب بعد موتهم أبلغ لأن الحي يجامل والميت لا يستحي منه ولا يجامل إلا بحسن العهد 0000000
1526 إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا و كذا فيقول: ما صنعت شيئا و يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه و بين أهله فيدنيه منه و يقول: نعم أنت ! ( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
الشرح:(1/75)
(إن إبليس) أي الشيطان من أبلس إذا أيس {فإذا هم مبلسون}(يضع عرشه) أي سرير ملكه يحتمل أن يكون سريراً حقيقة يضعه (على الماء) ويجلس عليه وكونه تمثيلاً لتفرعنه وشدة عتوه ونفوذ أمره بين سراياه وجيوشه (والمراد جنوده وأعوانه أي يرسلهم إلى إغواء بني آدم وافتتانهم وإيقاع البغضاء والشرور بينهم.) وأياً ما كان فيظهر أن استعمال هذه العبارة الهائلة وهي قوله عرشه تهكماً وسخرية فإنها استعملت في الجبار الذي لا يغالب {وكان عرشه على الماء} والقصد أن إبليس مسكنه البحر (ثم يبعث سراياه) جمع سرية وهي القطعة من الجيش (فأدناهم منه) أي أقربهم (منزلة) وهو مبتدأ (أعظمهم فتنة) خبره (يجيء أحدهم) بيان لمن هو أدنى منه ولمن هو أبعد (فيقول فعلت كذا وكذا) أي وسوست بنحو قتل أو سرقة أو شرب (فيقول) له (ما صنعت شيئاً) استخفافاً بفعله فنكره في سياق النفي (ويجيء أحدهم فيقول) له (ما تركته) يعني الرجل (حتى فرقت بينه وبين أهله) أي زوجته (فيدنيه منه) أي يقربه منه وأوقعه مخبراً عنه وحذف الخبر وهو صنعت شيئاً لإدعاء أنه هو المتعين لإسناد الصنع الععظيم المدلول بالتنوين عليه أيضاً (ويقول) مادحاً شاكراً له (نعم أنت) بكسر النون وسكون العين على أنه أفعال المدح كذا جرى عليه جمع. قال بعض المحققين: ولعله خطأ لأن الفاعل لا يحذف وإضماره في أفعال المدح لا ينفصل عن نكرة منصوبة مفسرة وإنما صوابه بفتح النون على أنه حرف إيجاب ثم إن هذا تهويل عظيم في ذم التفريق حيث كان أعظم مقاصد اللعين لما فيه من انقطاع النسل وانصرام بني آدم توقع وقوع الزنا الذي هو أعظم الكبائر فساداً وأكثرها معرة كيف وقد استعظمه في التنزيل بقوله {يتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه}.
1527 إن ابن آدم إن أصابه حر قال: حس و إن أصابه برد قال: حس
( صحيح ) ( حم طب ) عن خولة .
الشرح:(1/76)
(إم ابن آدم إن أصابه حر قال حس) بكسر الحاء المهملة وشد السين المهملة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضه وأحرقه غفلة كجمرة وضربه كاوه (وإن أصابه برد قال حس) يعني من قلقه وجزعه أنه إن أصابه الحر تألم وتشوش وتضجر وقلق وإن أصابه البرد فكذلك ومن ثم قال امرىء القيس:
يتمنى المرء في الصيف الشتاء * فإذا جاء الشتاء أنكره
فهو لا يرضى بحال واحد * قتل الإنسان ما أكفره
1528 إن ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين( صحيح ) ( حم خ 3 ) عن أبي بكرة .
الشرح:
(إن ابني هذا) يعني الحسن بن علي (سيد) في رواية السيد باللام أي حليم كريم محتمل، قال في النهاية: السيد يطلق على الرب وعلى المالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومحتمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم وهو من السؤدد وقيل من السواد لكونه يرأس على السواد العظيم من الناس أي من الأشخاص العظيمة (ولعل اللّه) أي عساه واستعمال لعل في محل عسى مستفيض لاشتراكهما في الرجاء (أن يصلح به) يعني بسبب تكرمه وعزله نفسه عن الخلافة وتركها كذلك لمعاوية (بين فئتين عظيمتين من المسلمين) وكان ذلك، فلما بويع له بعد أبيه وصار هو الإمام الحق مدة ستة أشهر تكملة للثلاثين سنة التي أخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أنها مدة الخلافة وبعدها يكون ملكاً عضوضاً ثم سار إلى معاوية بكتائب كأمثال الجبال وبايعه منهم أربعون ألفاً على الموت فلما تراءى الجمعان علم أنه لا يغلب أحدهما حتى يقتل الفريق الآخر فنزل له عن الخلافة لا لقلة ولا لذلة بل رحمة للأمة واشترط على معاوية شروطاً التزمها0000 وفيه منقبة للحسن رضي اللّه تبارك وتعالى عنه ورد على الخوارج الزاعمين كفر علي كرم اللّه وجهه وشيعته ومعاوية ومن معه لقوله من المسلمين وأخذ منه جواز النزول عن الوظائف الدينية والدنيوية بمال وحل أخذ المال وإعطائه على ذلك مع توفر شروطه.
1529 إن ابني هذين ريحانتاي من الدنيا( صحيح)(1/77)
( عد ابن عساكر ) عن أبي بكرة .
1530 إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف( صحيح )
( حم م ت ) عن أبي موسى .
الشرح:
كناية عن الدنو من العدو في الحرب بحيث تعلوه السيوف فيصير ظلها عليه وقال أبواب الجنة ولم يقل الجنة لأن المراد أن الجهاد طريق لذلك وهذا التعبير أدل عليه وفيه دلالة على فضل الجهاد.
1531 إن أبواب الربا اثنان و سبعون حوبا أدناه كالذي يأتي أمه في الإسلام( صحيح ) ( طب ) عبدالله بن سلام .
1532 إن أبواب السماء تفتح إلى زوال الشمس فلا ترتج حتى يصلى الظهر فأحب أن يصعد لي فيها خير( صحيح ) ( حم ) عن أبي أيوب .
الشرح:
(إن أبواب السماء) كذا بخط المصنف فمن قال الجنة لم يصب (تفتح عند زوال الشمس) أي ميلها عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء (فلا ترتج) بمثناة فوقية وجيم مخففة والبناء للمفعول لا تغلق قال الزمخشري وغيره: أرتج الباب أغلقه إغلاقاً وثيقاً ومن المجاز صعد المنبر فأرتج عليه إذا استغلق عليه الكلام (حتى يصلي الظهر) ليصعد إليها عمل صلاته (فأحب أن يصعد لي) عمل (فيها) أي في تلك الساعة التي السماء فيها مفتحة الأبواب (خير) أي عمل صالح وتمامه عند مخرجه أحمد عن أبي أيوب قلت يا رسول اللّه تقرأ فيهن كلهن قال نعم قلت ففيها سلام فاصل قال لاوالمرادبالزوال هنا الميل كما تقرر فلا تعارض كراهة الصلاة حال الاستواء.
1533 إن أتقاكم و أعلمكم بالله أنا( صحيح ) ( خ ) عن عائشة .
الشرح:(1/78)
(إن أتقاكم) أي أكثركم تقوى (وأعلمكم) أي أكثركم علماً (باللّه أنا) لأن اللّه سبحانه وتعالى جمع له بين علم اليقين وعين اليقين مع الخشية القلبية واستحضار العظمة الإلهية على وجه لم يجتمع لغيره وكلما ازداد علم العبد بربه ازداد تقواه وخوفه منه ومن عرف اللّه صفا له العيش وهابه كل شيء فمعناه ما أنا عليه من التقوى والعلم أوفر وأكثر من تقواكم وعلمكم فلا ينبغي لأحد أن يتشبه بي ذكره القاضي. وقال القرطبي: إنما كان كذلك لما خص به في أصل خلقته من كمال الفطنة وجودة القريحة وسداد النظر وسرعة الإدراك ولما رفع عنه من موانع الإدراك وقواطع النظر قبل تمامه ومن اجتمعت له هذه الأمور سهل اللّه عليه الوصول إلى العلوم النظرية وصارت في حقه كالضرورية ثم إنه تعالى قد أطلعه من علم صفاته وأحكامه وأحوال العالم على ما لم يطلع عليه غيره وإذا كان في علمه باللّه تعالى أعلم الناس لزم أن يكون أخشاهم لأن الخشية منبعثة عن العلم {إنما يخشى اللّه من عباده العلماء} قال الكرماني: وقوله أتقاكم إشارة إلى كمال القوة العملية وأعلمكم إلى كمال القوة العلمية والتقوى على مراتب وقاية النفس عن الكفر وهو للعامة وعن المعاصي وهو للخاصة وعما سوى اللّه وهو لخاص الخواص والعلم باللّه يشمل ما بصفاته وهو المسمى بأصول الدين وبأحكامه وهو فروع الدين وما بكلامه وهو علم القرآن وتعلقاته وما بأفعاله وهو معرفة حقائق الأشياء ولما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم جامعاً لأنواع التقوى حاوياً لأقسام العلوم ما خصص التقوى ولا العلم وقد يقصد بالحذف إفادة العلوم والاستغراق اهـ 00000
1534 إن أحب أسمائكم عند الله: عبد الله و عبد الرحمن( صحيح )
( م ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/79)
وذلك لأن للّه سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى وفيها أصول وفروع فالأصول أصول والأصول هي الصفات السبع وأصول الأصول ما ينتهي إليه الأصول وهي اسمان: اللّه، الرحمن، وكا منهما يشتمل على الأسماء كلها ولذلك حمت العزة أن يتسمى بأحدهما أحد غير اللّه وما ورد من رحمن اليمامة فذاك مضاف إلى اليمامة والمطلق منه عن الإضافة منزه عن القول بالإشتراك، وهذيان شاعر بني حنيفة بقوله:
وأنت غيث الورى لازلت رحمنا * تعنت وتغال في الكفر لا يرد
لأن الكلام في أنه لم يتسم به أحداً ابتداءاً، وإطلاقه لم يكن على غير من هو متسم به ويختص الاسم الرحمن لا باعتبار الأسماء الداخلة تحته بأنه المتحرك بحركة له أزلية أبدية ديمومية تعطي الصور المعنوية والروحانية والمثالية والخيالية والحسية في أنواع غير متناهية للعدد وباعتبار دخولها تحته أقرب ما ينسب إليه حركة وجود متعين به ومنه وفيه الموجودات بأسرها فإذا انتهى موجود منها إلى حد طوره صار القهقرى إلى الاسم الأعظم {ألا إلى اللّه تصير الأمور} فعلى هذا التقدير اسم الباسط هو صاحب العطاء الصادر عن الرحمن واسم القابض هو صاحب الرد إلى اسم اللّه ويتبين من هذا دخول الأسماء تحت الاسمين العظيمين.
قال المناوي: وتفضيل التسمية بهذين محمول على من أراد التسمي بالعبودية فتقديره أحب أسمائكم إلى اللّه إذا تسميتم بالعبودية عبد اللّه وعبد الرحمن لأنهم كانوا يسمون عبد شمس والدار ولا ينافي أن اسم أحمد ومحمد أحب إلى اللّه من جميع الأسماء فإنه لم يختر لنبيه إلا ما هو الأحب إليه هذا هو الصواب ولا يجوز حمله على الإطلاق، إلى هنا كلامه 0000
1535 إن أحبكم إلي و أقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقا و إن أبغضكم إلي و أبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدقون( صحيح ) ( حم حب طب هب ) عن أبي ثعلبة الخشني .
1536 إن أحد جبل يحبنا و نحبه( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
الشرح:(1/80)
(إن أحداً) بضم الحاء وسكونها (جبل) معروف بالمدينة كما مر غير مرة (يحبنا ونحبه) حقيقة أو مجازاً على ما مر قال الطيبي: الظاهر أنه أراد جميع أرض المدينة وخصه لأنه أول ما يبدو له.
1537 إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه و إن ربه بينه و بين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته و لكن عن يساره أو تحت قدمه( صحيح )
( ق ) عن أنس .
الشرح:
(إن أحدكم) أيها المؤمنون (إذا كان في صلاته) المفروضة أو النافلة (فإنه يناجي ربه) أي يخاطبه ويسارره ومناجاته لربه من جهة إتيانه بالذكر والقراءة ومناجاة ربه له من جهة لازم ذلك وهو إرادة الخير مجازاً (فلا يبزقنّ) بنون التوكيد (بين يديه) أي لا يكون بزاقه إلى جهة القبلة لأنه استخفاف عادة فلا يليق بتعظيم الجهة وفي رواية للشيخين بدل بين يديه قبل القبلة وفي رواية أو تحت (ولا عن يمينه) أي لا يبزقنّ على ما في يمينه فعن بمعنى على تشريفاً لها لأن فيها ملائكة الرحمة ولهم مزية على ملائكة العذاب ألا ترى أن كاتب الحسنات أمير على كاتب السيئات والنهي يعم المسجد وغيره (ولكن) يبصق (عن يساره وتحت) وفي رواية أو تحت (قدمه) أي اليسرى وتمام الحديث عند الشيخين ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه خاص بغير من بالمسجد أما من فيه فلا يبصق إلا في نحو ثوبه وفي الحديث إشارة إلى أن قلب المصلي ينبغي كونه فارغاً من غير ذكر اللّه وفيه جواز الفعل القليل في الصلاة وطهارة البصاق.
1538 إن أحدكم إذا قام يصلي إنما يناجي ربه فلينظر كيف يناجيه ؟
( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/81)
(إن أحدكم إذا قام يصلي) فرضاً أو نفلاً (إنما) وفي رواية بدله فإنه (يناجي ربه) أي يخاطبه ويسارره ومناجاته لربه من جهة إتيانه بالذكر والقراءة ومناجاة ربه له من جهة لازم ذلك وهو إرادة الخير مجازاً (فلينظر كيف يناجيه) أي فليتأمل في جواب ما يناجيه من القول على سبيل التعظيم والتبجيل ومواطأة القلب اللسان والإقبال على اللّه تعالى بشراشره والإخلاص في عبادته وتفريغ القلب للذكر والتلاوة والتدبر فلا يليق لعاقل أن يتلقى شكر هذه النعمة الخطيرة السنية التي هي مناجاة هاتيك الحضرة العلية بشغل القلب بشيء من الدنيا الدنية قال الطيبي: وقوله إنما يناجي ربه تعليل للنهي شبه العبد وتوجهه إلى اللّه تعالى في الصلاة وما فيها من القراءة والأذكار وكشف الأسرار واستنزال الرحمة مع الخشوع والخضوع بمن يناجي مولاه ومالكه فمن شرائط حسن الأدب أن يقف محاذيه ويطرق رأسه ولا يمد بصره إليه ويراعي جهة إمامه حتى لا يصدر منه في تلك الجهات شيء وإن كان اللّه تعالى منزهاً عن الجهات لأن الآداب الظاهرة والباطنة مرتبط بعضها ببعض وفيه حث على إخلاص القلب وحضوره وتفريغه لما في صلاته من ذكر وغيره وإن الصلاة أفضل الأعمال لأن المناجاة لا تحصل إلا فيها.
1539 إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين و هو جالس ( صحيح )
( مالك ق د ن ) عن أبي هريرة .
1540 إن أحدكم إذا كان في الصلاة فإن الله قبل وجهه فلا يتنخمن أحد منكم قبل وجهه في الصلاة ( صحيح ) ( حم خ د ه ) عن ابن عمر .
1541 إن أحدكم إذا كان في صلاته فإنه يناجي ربه فلا يبزقن بين يديه و لا عن يمينه و لكن عن يساره و تحت قدمه ( صحيح ) ( ق ) عن أنس .
1542 إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول: من خلقك ؟ فيقول: الله فيقول: فمن خلق الله ؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله و رسوله فإن ذلك يذهب عنه ( صحيح ) ( حم ) عن عائشة .(1/82)
1543 إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكا و يؤمر بأربع كلمات و يقال له: اكتب عمله و رزقه و أجله و شقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار و إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه و بينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة(صحيح)(ق 4)عن ابن مسعود .
الشرح:(1/83)
(إن أحدكم) معشر الآدميين (يجمع خلقه) أي مادة خلق أحدكم أو ما يخلق منه أحدكم وأحد هنا بمعنى واحد لا بمعنى أحد التي للعموم لأن تلك لا تستعمل إلا في النفي ويجمع من الإجماع لا من الجمع يقال أجمعت الشيء أو جعلته جميعاً والمراد يجوز ويقرر مادة خلقه (في بطن) يعني رحم (أمه) وهو من قبيل ذكر الكل وإرادة البعض وهو سبحانه وتعالى يجعل ماء الرجل والمرأة جميعاً (أربعين يوماً) لتتخمر فيها حتى يتهيأ للخلق وهو فيها (نطفة) وذلك بأن أودع في الرحم قوتين قوة انبساط ينبسط بها عند ورود مني الرجل عليه فيأخذه ويختلط مع منيها وقوة انقباض يقبضهما بها لئلا ينزل منه شيء فإن المني ثقيل بطبعه وفم الرحم منكوس 0000 (ثم) عقب هذه الأربعين (يكون علقة) قطعة دم غليظ جامد (مثل ذلك) فإذا مضى عليه أربعون يوماً أفاض عليها صورة خلاف صورة العلقة وإليه الإشارة بقوله (ثم) عقب الأربعين الثانية (يكون) في ذلك المحل (مضغة) قطعة لحم بقدر ما يمضغ (مثل ذلك) الزمن وهو أربعون (ثم) بعد انقضاء الأربعين الثالثة (يرسل اللّه الملك) المعهود الموكل بالمضغة أو بالرحم ويجوز كومه ملكاً موكلاً بهما أو كون لكل ملك ومعنى إرساله إياه أن يأمره بالتصرف فيه كذا ذكره الأكمل وقال بعض الشراح المراد ملك النفوخات كما جاء مصرحاً به في خبر رواه ابن وهب فأل فيه عهدية فيبعث إليه حين يتكامل بنيانه وتتشكل أعضاؤه (فينفخ فيه الروح) وهي ما يحيى بها الإنسان وإسناد النفخ إليه مجاز عقلي لأنه من أفعال اللّه كالخلق وكذا ما ورد من قوله صوره أي الملك وخلق سمعه وبصره ونحو ذلك وفي الحديث إيماء إلى أن التصوير في الأربعين الثالثة قال الخطابي: روي عن ابن مسعود في تفسير هذا الحديث أن النطفة إذا وقعت في الرحم وأراد اللّه أن يخلق منها بشراً طارت في المرأة تحت كل ظفر وشعر ثم تمكث أربعين ليلة ثم تنزل دماً في الرحم فذلك جمعها قال الطبري: الصحابة أعلم بتغيير ما سمعوه وأحقهم(1/84)
بتأويله وأولاهم بالصدق وأكثرهم احتياطاً للتوفي عن خلاف، وقال ابن القيم: ما ذكر من تنقل الخلق في كل أربعين إلى طور هو ما دل عليه الوحي وما وقع في كلام أهل الطب والتشريح مما يخالفه لا يعول عليه إذ غاية أمرهم أنهم شرحوا الأموات فوجدوا الجنين في الرحم على صفة أخبروا بها على طريق الحدس والنظام الطبيعي ولا علم لهم بما وراء ذلك من مبدأ الحمل وتغير أحوال النطفة ثم الكلام في الروح طويل 000000 (ويؤمر) بالبناء للمفعول أي يأمر اللّه الملك (بأربع كلمات) أي بكتابة أربع قضايا مقدرة وكل قضية تسمى كلمة قولاً كان أو فعلاً وهو عطف على قوله علقة لا على ينفخ وإلا لزم كون الكتابة في الأربعين الثالثة وليس مراداً كما يشير إليه خبر مسلم (ويقال له) أي يقول اللّه للملك (اكتب) أي بين عينيه كما في خبر البزار (أجله) أي مدة حياته (ورزقه) كماً وكيفاً حراماً وحلالاً (وعمله) كثيراً أو قليلاً وصالحاً أو فاسداً (وشقي) وهو من استوجب النار (أو سعيد) من استوجب الجنة حيثما اقتضته الحكمة وسبقت به الكلمة وقدم الشقي لأنه أكثر ذكره الطيبي قال القاضي: وكان الظاهر أن يقول وشقاوته وسعادته ليناسب ما قبله فعدل عنه حكاية لصورة ما يكتبه الملك 0000وقوله ثم يقال له وفي رواية ثم يؤمر قال ابن العربي: هذه هي القاعدة العظمى لأنه لو أخبر فقال أجله كذا ورزقه كذا وهو شقي أو سعيد ما تغير خبره أبداً لأن خبر اللّه يستحيل أن يوجد بخلاف مخبره لوجوب الصدق له لكنه يأمر بذلك كله وللّه أن ينسخ أمره ويقلب ويصرف العباد فيه من وجه إلى وجه فافهمه فإنه نفيس وفيه يقع المحو والتبديل أما في الخبر فلا أبداً (ثم ينفخ فيه الروح) بعد تمام صورته (فوالذي) في رواية فواللّه الذي (لا إله غيره) وهو شروع في بيان أن السعيد قد يشقى وعكسه وذلك مما لا يطلع عليه أحد أما التقدير الأزلي فلا تغيير فيه (وإن الرجل منكم ليعمل بعمل أهل الجنة) من الطاعات الاعتقادية قولية(1/85)
أو فعلية (حتى ما يكون) حتى هي الناصبة وما نافية غير مانعة لها من العمل ذكره الطيبي وتعقب بأن الوجه أنها عاطفة ويكون بالرفع عطفاً على ما قبله 0000(بينه وبينها إلا ذراع) تصوير لغاية قربه من الجنة (فيسبق عليه الكتاب) قال الطيبي: والفاء للتعقيب يدل على حصول السبق بلا مهلة ضمن يسبق معنى يغلب أي يغلب عليه الكتاب سبقاً بلا مهلة والكتاب بمعنى المكتوب أي المقدر أو بمعنى التقدير أي التقدير الأزلي واللام للعهد (فيعمل بعمل) الباء فيه وفيما قبله زائدة أي يعمل عمل (أهل النار فيدخل النار) تفريع على ما مهده من كتاب السعادة والشقاوة عند نفخ الروح مطابقين لما في العلم الأزلي لبيان أن الخاتمة إنما هي على وفق الكتابة ولا عبرة بظواهر الأعمال قبلها بالنسبة لحقيقة الأمر وإن اعتد بها من حيث كونها علامة (وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) يعني شيء قليل جداً (فيسبق عليه الكتاب) كتاب السعادة (فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة) بحكم القدر الجاري المستند إلى خلق الدواعي والصوارف في قلبه إلى ما يصدر عنه من أفعال الخير فمن سبقت له السعادة صرف قلبه إلى خير يختم له به وعكسه عكسه وحينئذ فالعبرة بالخاتمة قال ابن عطاء اللّه: ربما يعطي الحق عبده والعطاء عين السلب والمنع وربما يمنع المنع عين العطاء إذ لا تبديل لما أراد في عالم القدم تمت الكلمة ونفذ القلم بما حكم ألا ترى إلى سحرة فرعون كان منعهم عين العطاء وحجابهم عين الوصول وإبليس أعطى العلم وقوة العبادة وكان العطاء عبن المنع والقطيعة وبلعام أعطي الاسم الأعظم وكان العطاء عين المنع وسبب الحجاب؟ {فريق في الجنة وفريق في السعير} فالخاتمة مرتبطة بالسابقة فمن زعم أن الصوفية عولوا على السابقة والفقهاء على الخاتمة وأنهما متباينان فقد وهم وفيه أنه سبحانه وتعالى لا يجب عليه الأصلح خلافاً للمعتزلة وأنه يعلم الجزئيات خلافاً للحكماء وأن الخير(1/86)
والشر بتقديره خلافاً للقدرية وأن الحسنات والسيئات أمارات لا موجبات وأن مصير الأمور في العاقبة إلى ما سبق به القضاء وجرى به القدر وأن العمل السابق غير معتبر بل الذي ختم به وفيه حث على لزوم الطاعات ومراقبة الأوقات خشية أن يكون ذلك آخر عمره وزجر عن العجب والفرح بالأعمال فرب متكل مغرور فإن العبد لا يدري ما يصيبه في العاقبة وأنه ليس لأحد أن يشهد لأحد بالجنة أو النار وأنه تعالى يتصرف في ملكه بما يشاء وكله عدل وصواب {لا يسأل عما يفعل}.
1544 إن أحساب أهل الدنيا: الذين يذهبون إليه هذا المال( حسن )
( حم ن حب ك ) عن بريدة .
الشرح:
(إن أحساب أهل الدنيا) جمع حسب بمعنى الكرم والشرف والمجد سماهم أهل الدنيا لشغفهم بها وطمأنينتهم إليها كما يشغف الرجل بأهله ويأنس إليهم فصاروا أهلاً لها وهي أهل وصارت أموالهم أحساباً لهم يفتخرون بها ويحتسبون بكثرتها عوضاً عن افتخاره وعن الأحساب بأحسابهم وأعرضوا عن الافتخار بنسب المتقين (الذين يذهبون إليه هذا المال) 000 ثم الحديث يحتمل كونه خرج مخرج الذم لأن الأحساب إنما هي بالأنساب لا بالمال فصاحب النسب العالي هو الحسيب ولو فقيراً ووضيع النسب غير حسيب وإن أثرى وكثر ماله جداً وكونه خرج مخرج التقرير له والإعلام بصحته وإن تفاخر المرء بآباء انقرضوا مع فقره لا يحصل له حسب وإنما حسبه وشرفه بماله فهو الرافع لشأنه في الدنيا ويتخرج على ذلك اعتبار المال في الكفاءة وعدمه. إلى هنا كلامه. وقال ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد بالحديث أنه حسب من لا حسب له فيقوم النسب الشريف لصاحبه مقام المال لمن لا نسب له.
1545 إن أحسن ما دخل الرجل على أهله إذا قدم من سفر أول الليل
( صحيح ) ( د ) عن جابر .
1546 إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب: الحناء و الكتم ( صحيح )
( حم 4 حب ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/87)
(إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب) وهو بياض الشعر (الحناء) بكسر فتشديد فمد (والكتم) بالتحريك نبت يخلط بالوسمة ويختضب به ذكره في الصحاح ورقه كورق الزيتون وله ثمرة قدر الفلفل وليس هو ورق النيل كما وهم ولا يشكل بالنهي عن الخضاب بالسواد لأن الكتم إنما يسوّد منفرداً فإذا ضم للحناء صير الشعر بين أحمر وأسود والمنهي عنه الأسود البحت وقيل الواو بمعنى أو على التخيير والتعاقب لا الجمع وهنا أجوبة مدخولة فاحذرها.
1547 إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:
(إن أحق الشروط أن توفوا به) نصب على التمييز أي وفاء أو مجرور بحرف الجر أي بالوفاء (ما استحللتم به الفروج) خبره يعني الوفاء بالشروط حق وأحق الشروط بالوفاء الذي استحللتم به الفروج وهو المهر والنفقة ونحوهما فإن الزوج التزمها بالعقد فكأنها شرطت هذا ما جرى عليه القاضي في تقريره ولا يخفى حسنه قال الرافعي رحمه اللّه: وحمله الأكثر على شرط لا ينافي مقتضى العقد كشرط المعاشرة بالمعروف ونحو ذلك مما هو من مقاصد العقد ومقتضياته بخلاف ما يخالف مقتضاه كشرط أن لا يتزوج أو يتسرى عليها فلا يجب الوفاء به وأخذ أحمد رضيّ اللّه عنه بالعموم وأوجب الوفاء بكل شرط.
1548 إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله(صحيح)(خ) عن ابن عباس .
الشرح:
فأخذ الأجرة على تعليمه جائز كالاستئجار لقراءته وأما خبر إن كنت تحب أن تطوق طوقاً من نار فاقبلها أي الهدية على تعليمه فمنزل على أنه كان متبرعاً بالتعليم ناوياً الاحتساب فكره تضييع أجره وإبطال حسنته فلا حجة فيه للحنفية المانعين أخذ الأجر لتعليمه وقياسه على الصوم والصلاة فاسد لأنهما مختصان بالفاعل وتعليم القرآن عبادة متعدية لغير المتعلم ذكره القرطبي قال ابن حجر: في هذا الخبر إشعار بنسخ الخبر الآتي من أخذ على تعليم القرآن قوساً قلده اللّه قوساً من نار.(1/88)
1549 إن أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه( صحيح ) ( م ن ) عن جابر(حم م ت ن ه)عن عمران بن حصين ( ه ) عن مجمع بن جارية .
1550 إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه ( صحيح )
( حم ه هق ) عن سعد بن الأطول .
1551 إن أخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلون ( صحيح )
( حم طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(إن أخوف ما أخاف) قال أبو البقاء: أخوف اسم إن وما نكرة موصوفة والعائد محذوف تقديره إن أخوف شيء أخافه (على أمتي) أمة الإجابة (الأئمة) جمع إمام وهو مقتدى القوم ورئيسهم ومن يدعوهم إلى قول أو فعل أو اعتقاد (المضلون) يعني إذا استقصيت الأشياء المخوفة لم يوجد أخوف منه قال في المطامح: كان صلى اللّه عليه وسلم حريصاً على إصلاح أمته راغباً في دوام خيرتها فخاف عليهم فساد الأئمة لأن بفسادهم يفسد النظام لكونهم قادة الأنام فإذا فسدوا فسدت الرعية وكذا العلماء إذا فسدوا فسد الجمهور من حيث أنهم مصابيح الظلام انتهى وساق العلائي بسنده إلى ابن عمر أنه قيل له ما يهدم الإسلام قال زلة عالم وجدال منافق وحكم الأئمة المضلين ومن هذا الجنس ما في الكشاف عن الحجاج أنه قيل له إنك حسود فقال أحسد مني من قال "وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي" وهذا من جرأته على اللّه وشيطنته كما حكى أنه قال طاعتنا أوجب من طاعة اللّه لأنه شرط في طاعته فقال اتقوا اللّه ما استطعتم وأطلق طاعتنا فقال وأولي الأمر منكم ومن ضلالهم وضلالاتهم ما نقل عن بعض خلفاء بني مروان أنه قال لابن عبد العزيز أو الزهري بلغنا أن الخليفة لا يجري عليه القلم ولا تكتب عليه معصية فقال يا أمير المؤمنين الخلفاء أفضل أو الأنبياء قال تعالى {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل اللّه} ولما مات ابن عبد العزيز أراد القائم من بعده أن يمشي على نمطه حتى شهد له أربعون شيخاً بأن الخليفة لا حساب عليه ولا عقاب.(1/89)
1552 إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط ( صحيح )
( حم ت ه ك ) عن جابر .
الشرح:
(إن أخوف ما أخاف على أمتي) قال الطيبي: أضاف أفعل إلى ما وهي نكرة موصوفة ليدل على أنه إذا استقصى الأشياء المخوفة شيئاً بعد شيء لم يجد أخوف من (عمل قوم لوط) عبر به تلويحاً بكونهم الفاعلين لذلك ابتداء وأنه من أقبح القبيح لأن كل ما أوجده اللّه في هذا العالم جعله صالحاً لفعل خاص فلا يصلح له سواه وجعل الذكر للفاعلية والأنثى للمفعولية وركب فيهما الشهوة للتناسل وبقاء النوع فمن عكس فقد أبطل الحكمة الربانية وقد تطابق على ذمه وقبحه شرعاً وعقلاً وطبعاً أما شرعاً فلآية {وأمطرنا عليهم حجارة} روي أن جبريل عليه السلام رفع قرى قوم لوط على جناحه حتى سمع أهل السماء نباح كلابهم وصياح ديكتهم ثم قلبها وأمطر عليهم الحجارة وأما عقلاً فلأنه تعالى خلق الإنسان أفضل الأنواع وركب فيه النفس الناطقة المسماة بالروح بلسان الشرع والقوة الحيوانية لمعرفته تعالى ومعرفة الأمور العالية التي منها معرفة وجه حكمته وفي ذلك إبطال حكمته كما تقرر، وأما طبعاً فلأن ذلك الفعل لا يحصل إلا بمباشرة فاعل ومفعول به والقبح الطبيعي هو ما لا يلائم الطبع وهذا الغعل لا يلائم المفعول به إلا لأحد أمرين إما فيضان صورة الأنوثة عليه وإما لتولد مادة المنفد فيحصل تآكل ورعدة بالمحل تسكن بالفعل به وذلك نقيصة لا يلائم طبع الفاعل إلا بجعل النفس الناطقة تابعة للقوة الحيوانية وهو نقص لا يكنته كنهه ثم هل اللواط أغلظ أم الزنا؟ أقوال ثالثها هما سواء00
1553 إن أخوف ما أخاف على أمتي في آخر زمانها: النجوم و تكذيب بالقدر و حيف السلطان ( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة .
1554 إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان ( صحيح )
( حم ) عن عمر .
الشرح:(1/90)
(إن أخوف ما أخاف على أمتي) قال الطيبي: أضاف أفعل إلى ما وهي نكرة موصوفة ليدل على أنه إذا استقصى الأشياء المخوفة لم يوجد أخوف من قول (كل منافق عليم اللسان) أي كثير علم اللسان جاهل القلب والعمل اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذا هيبة وأبهة يتعزز ويتعاظم بها يدعو الناس إلى اللّه ويفر هو منه ويستقبح عيب غيره ويفعل ما هو أقبح منه ويظهر للناس التنسك والتعبد ويسارر ربه بالعظائم إذا خلا به ذئب من الذئاب لكن عليه ثياب فهذا هو الذي حذر منه الشارع صلى اللّه عليه وسلم هنا حذراً من أن يخطفك بحلاوة لسانه ويحرقك بنار عصيانه ويقتلك بنتن باطنه وجنانه. قال الزمخشري رحمه اللّه: والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى اللّه تعالى وأمقتهم عنده لأنهم خلطوا بالكفر تمويهاً وتدلياً وبالشكر استهزاء وخداعاً ولذلك أنزل فيهم {إن المنافقين في الدرك الأسفل} انتهى. وكان يحيى بن معاذ يقول لعلماء الدنيا يا أصحاب القصور قصوركم قيصرية وبيوتكم كسروية وأبوابكم ظاهرية وأخفافكم جالوتية ومراكبكم قارونية وأوانيكم فرعونية ومآثمكم جاهلية ومذاهبكم شيطانية فأين المحمدية والعالمية وأكثر علماء الزمان ضربان ضرب منكب على حطام الدنيا لا يمل من جمعه وتراه شهره ودهره يتقلب في ذلك كالهج في المزابل يطير من عذرة إلى عذرة وقد أخذت دنياه بمجامع قلبه ولزمه خوف الفقر وحب الإكثار واتخذ المال عدة للنوائب لا يتنكر عليه تغلب الدنيا وضرب هم أهل تصنع ودهاء وخداع وتزين للمخلوقين وتملق للحكام شحاً على رئاستهم يلتقطون الرخص ويخادعون اللّه بالحيل ديدنهم المداهنة وساكن قلوبهم المنى طمأنينتهم إلى الدنيا وسكونهم إلى أسبابها اشتغلوا بالأقوال عن الأفعال وسيكافئهم الجبار المتعال.(1/91)
1555 إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر الرياء يقول الله يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء( صحيح ) ( حم ) عن محمود بن لبيد .
1556 إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان( صحيح )
( طب هب ) عن عمران بن حصين .
1557 إن أدنى أهل الجنة منزلا رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة و مثل له شجرة ذات ظل فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فأكون في ظلها فقال الله: هل عسيت أن تسألني غيره ؟ قال: لا و عزتك فقدمه الله إليها و مثل له شجرة ذات ظل و ثمر فقال: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فأكون في ظلها و آكل من ثمرها فقال الله: هل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره ؟ فيقول: لا و عزتك فيقدمه الله إليها فيمثل الله له شجرة أخرى ذات ظل و ثمر و ماء فيقول: أي رب قدمني إلى هذه الشجرة فأكون في ظلها و آكل من ثمرها و أشرب من مائها فيقول له: هل عسيت إن فعلت أن تسألني غيره ؟ فيقول: لا و عزتك لا أسألك غيره فيقدمه الله إليها فيبرز له باب الجنة فيقول: أي رب قدمني إلى باب الجنة فأكون تحت سجاف الجنة فأرى أهلها فيقدمه الله إليها فيرى الجنة و ما فيها فيقول: أي رب أدخلني الجنة فيدخل الجنة فإذا دخل الجنة قال: هذا لي ؟ فيقول الله له: تمن فيتمنى و يذكره الله عز و جل سل من كذا و كذا حتى إذا انقطعت به الأماني قال الله: هو لك و عشرة أمثاله ثم يدخله الله الجنة فيدخل عليه زوجتاه من الحور العين فيقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا و أحيانا لك فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت و أدنى أهل النار عذابا ينعل من نار بنعلين يغلي دماغه من حرارة نعليه( صحيح ) ( حم م ) عن أبي سعيد .(1/92)
1558 إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر لها قناديل معلقة تحت العرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا ؟ قالوا: أي شيء نشتهي و نحن نسرح من الجنة حيث شئنا ؟ فيفعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا فنقتل في سبيلك مرة أخرى ! فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا
( صحيح ) ( م ت ) عن ابن مسعود .
1559 إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمار الجنة ( صحيح )
( ت ) عن كعب بن مالك .
الشرح:(1/93)
(إن أرواح الشهداء في طير خضر) أي يكون الطائر ظرفاً لها لقوله في خبر أبي داود في أجواف طير وليس هذا بحصر ولا بحبس لأنها إما أن توسع عليها كالفضاء أو يجعل في تلك الحواصل من النعيم ما لا يوجد في فضاء واسع والمراد أنها نفسها تكون طيراً بأن تمثل بصورته كتمثل الملك بشراً سوياً وتحقيقه أن الأرواح بعد مفارقة البدن مجردة فهي في غاية اللطافة وما كان كذلك فظهوره وتعينه في حقيقة كل متعين ومرتية وعالم إنما يكون بحسب قابلية الأمر المعين والمرتبة المقتضية تعينه وظهوره فيها ويعرف بهذا سر تجسد الأرواح الملكية وكون جبريل يسعه أدنى جزء من الأرض كحجرة عائشة رضي اللّه عنها مع أن له ستمائة جناح كل جناح يسد الأفق وعلى الأول فالأرواح تنتقل إلى جسم آخر وعليه اتفق العقلاء 0000 (تعلق) بضم اللام أي تأكل تلك الطير بأفواهها (من ثمرة الجنة) فتجد بواسطة ريح الجنة ولذتها وبهجتها وسؤددها ما لم تحط به العقول، قال الطيبي: الظاهر أن يقال تعلق بشجر الجنة وتعديته بالباء تفيد الاتصال والإلحاق ولعله كنى عن الأول لأنها إذا اتصلت بشجر الجنة وتشبثت بها أكلت من ثمارها ووصف الطير بالخضرة يحتمل أن يراد به كون لونها كذلك فيحتمل أن يراد أنها غضة ناعمة، قال ابن القيم: وذا صريح في دخول الأرواح الجنة قبل القيامة وبه يمنع قول المعتزلة وغيرهم إن الجنة والنار غير مخلوقتين الآن00000000
1560 إن أرواح المؤمنين في طير خضر تعلق بشجر الجنة ( صحيح )
( ه ) عن أم بشر بن البراء بن معرور وكعب بن مالك .
1561 إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط إن مما يغنين: ; نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام ; ينظرن بقرة أعيان ; و إن مما يغنين به: ; نحن الخالدات فلا يمتنه نحن الآمنات فلا يخفنه ; نحن المقيمات فلا يظعنه ( صحيح ) ( طس ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/94)
(إن أزواج أهل الجنة) زاد في رواية من الحور (ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط) أي بأصوات حسان ما سمع في الدنيا مثلها أحد قط، وتمام الحديث وإن مما يغنين به نحن الخيرات الحسان أزواج قوم كرام وفي رواية وإن مما يغنين به: نحن الخالدات فلا يمتنه، نحن الآمنات فلا يخفنه، نحن المقيمات فلا يظعنه انتهى، فما اقتضاه صنيع المصنف من أن ما ذكر هو الحديث بكماله غير جيد.
1562 إن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم( صحيح )
( ك ) عن فاطمة بنت اليمان .
1563 إن أشد الناس عذابا يوم القيامة: المصورون ( صحيح )
( حم م ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إن أشد) وفي رواية لمسلم إن من أشد بزيادة من (الناس عذاباً) نصب على التمييز (يوم القيامة) الذي هو يوم وقوع الجزاء (المصورون) لصورة حيوان تام في نحو ورق أو قرطاس أو حجر أو مدر لأن الأصنام التي كانت تعبد كانت بصورة الحيوان وشمل النهي التصوير على ما يداس ويمتهن كبساط ووسادة وآنية وظرف ونمط وستر وسقف وغيرها ومن فهم اختصاص النهي بغير الممتهن فقد وهم وعجب من الإمام الطيبي مع كونه شافعياً وقع فيما ذهب إليه هذا القائل مع كون منقول مذهبه خلافه وخرج بالحيوان غيره كشجر وبالتام مقطوع نحو رأس مما لا يعيش بدونه وبتصويره على ما ذكر اسمه على نحو مائع أو هواء قال الحرالي: والتصوير إقامة الصورة وهي تمام المبادىء التي يقع عليها حسن الناظر لظهورها فصورة كل شيء تمام بدوه.
1564 إن أشد هذه الأمة بعد نبيها حياء: عثمان( صحيح )
( أبو نعيم في فضائل الصحابة ) عن أبي أمامة .
1565 إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم( صحيح)( مالك حم ق ن ه) عن عائشة ( ق ن ) عن ابن عمر .
1566 إن أطيب ما أكلتم من كسبكم و إن أولادكم من كسبكم ( صحيح )
( تخ ت ن ه ) عن عائشة .
الشرح:(1/95)
(إن أطيب ما أكلتم) أي أحله وأهنأه (من كسبكم) يعني إن أطيب أكلكم مما كسبتموه بغير واسطة لقربه للتوكل وتعدى نفعه كذا بواسطة أولادكم كما بينه بقوله (وإن أولادكم من كسبكم) لأن ولد الرجل بعضه وحكم بعضه حكم نفسه ويسمى الولد كسباً مجازاً وذلك لأن والده سعى في تحصيله والكسب الطلب والسعي في الرزق ونفقة الأصل الفقير واجبة على فرعه عند الشافعي قال وقوله من كسبكم خبر إن ومن ابتدائية يعني إن أطيب أكلكم مبتدئاً بما كسبتموه بغير واسطة أو بواسطة من كسب أولادكم.
1567 إن أعظم الذنوب عند الله رجل تزوج امرأة فلما قضى حاجته منها طلقها و ذهب بمهرها و رجل استعمل رجلا فذهب بأجرته و آخر يقتل دابة عبثا( حسن ) ( ك هق ) عن ابن عمر .
1568 إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما: من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته( صحيح) ( حم ق د) عن سعد .
1569 إن أعظم الناس عند الله فرية: لرجل هاجى رجلا فهجا القبيلة بأسرها و رجل انتفى من أبيه و زنى أمه( صحيح ) ( ه هق ) عن عائشة .
1570 إن أعمال العباد تعرض يوم الاثنين و يوم الخميس ( صحيح )
( حم د ) عن أسامة بن زيد .
الشرح:
(إن أعمال العبادتعرض) زاد في رواية على رب العالمين(يوم الإثنين ويوم
الخميس)فليستح عبد أن يعرض على من أنعم عليه من عمله ما نهاه عنه00
1571 إن أفضل عباد الله يوم القيامة: الحمادون ( صحيح )
( طب ) عن عمران بن حصين .
الشرح:
(إن أفضل عباد اللّه يوم القيامة) الذي هو يوم الجزاء وكشف الغطاء ونتيجة الأمر (الحمادون) للّه أي الذين يكثرون حمد اللّه أي وصفه بالجميل المستحق له من جميع الخلق على السراء والضراء فهو المستحق للحمد من كافة الأنام حتى في حال الانتقام قال في الكشاف والتحميد في الجنة على وجه اللذة لا الكلفة.
1572 إن أفضل ما تداويتم به: الحجامة و القسط البحري فلا تعذبوا صبيانكم بالغمز( صحيح ) ( م ) عن أنس .(1/96)
1573 إن أقربكم مني منزلا يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقا في الدنيا( حسن ) ( ابن عساكر ) عن أبي هريرة .
1574 إن أقل ساكني الجنة: النساء(صحيح)(حم م)عن عمران بن حصين .
الشرح:
أي في أول الأمر قبل خروج عصاتهن من النار فلا دلالة فيه على أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة وقال بعض المحققين: القلة يجوز كونها باعتبار ذواتهن إذا أريد ساكني الجنة المتقدمين في دخولها وكونها باعتبار سكناهن بأن يحبس في النار كثيراً فيكون سكناهن في الجنة قليلاً بالنسبة لمن دخل قبلهن وإنما قلنا ذلك لأن السكنى في الجنة غير متناهية فلا توصف بقلة ولا كثرة.
1575 إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا و لا واديا إلا و هم معنا حبسهم العذر( صحيح ) ( خ ) عن أنس .
1576 إن أقواما يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم حتى يدخلون الجنة ( صحيح ) ( حم م ) عن جابر .
1577 إن أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة( حسن )
( ه ك ) عن سلمان .
الشرح:(1/97)
(إن أكثر) بثاء مثلثة (الناس شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة)000 ومقصود الحديث التنفير من الشبع لكونه مذموماً فإن من كثر أكله كثر شربه فكثر نومه فتلبد ذهبه فقسا قلبه فكسل جسمه ومحقت بركة عمره ففتر عن عبادة الودود فطرد يوم القيامة عن مناهل الورود فإن لم يحفه لطف المعبود ورد النار وبئس الورد المورود وحكم عكسه عكس حكمه فمن اشتغل قلبه بما يصير إليه من الموت وما بعده منعه شدة الخوف وكثرة الفكر والإشفاق على نفسه من استيفاء شهوته فجاء يوم القيامة شبعان وفوائد الجوع العاجلة والآجلة المتكلفة بالرفعة في الدارين لا تحصى فإن أردت الوقوف عليها فعليك بنحو الإحياء ولا يعارضه خبر أنهم أكلوا عند أبي الهيثم حتى شبعوا لأن المنهي عنه الشبع المثقل للمعدة المبطىء بصاحبه عن العبادة كما تقرر والقسطاس المستقيم ما قاله المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فإن كان ولا بد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه000
1578 إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و إن حسن الخلق ليبلغ درجة الصوم و الصلاة ( صحيح ) ( البزار ) عن أنس .
1579 إن الإبل خلقت من الشياطين و إن وراء كل بعير شيطانا ( حسن )
( ص ) عن خالد بن معدان مرسلا .
(إن الإبل) بنوعيها عراباً وبخاتى (خلقت من الشياطين وإن وراء كل بعير شيطاناً) قال ابن جرير: معناه أنها خلقت من طباع الشياطين وأن البعير إذا نفر كان نفاره من شيطان يعدو خلفه فينفره ألا ترى إلى هيئتها وعينها إذا نفرت؟ انتهى 000000
1580 إن الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء
( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة ( ت ه ) عن ابن مسعود ( ه ) عن أنس ( طب ) عن سلمان وسهل بن سعد وابن عباس .
الشرح:(1/98)
( إن الإسلام بدأ) ضبطه النووي بالهمز من الابتداء في تاريخ قزوين للرافعي إن قرئ بغير همز فظاهر، يقال بدا الشيء يبدو أي ظهر (غريباً) أي في قلة من الناس ثم انتشر (وسيعود) أي وسيلحقه النقص والخلل حتى لا يبقى إلا في قلة (كما بدأ غريباً) هكذا ثبتت هذه اللفظة في رواية، ثم المراد أنه لما بدأ في أول وهلة نهض بإقامته والذب عنه ناس قليلون من أشياع الرسول ونزاع القبائل فشردوهم عن البلاد ونفورهم عن عقر الديار يصبح أحدهم معتزلاً مهجوراً ويبيت منبوذاً كالغرباء ثم يعود إلى ما كان عليه لا يكاد يوجد من القائمين به إلا الأفراد ويحتمل أن المماثلة بين الحالة الأولى والأخيرة قلة ما كانوا يتدينون به في الأول وقلة من يعملون به في الآخر ثم إنه أكد ذلك بقوله كما بدأ ولم يكتف بقوله وسيعود غريباً لما في الموصول من ملاحظة التهويل وأراد بالإسلام أهله لدلالة ذكر الغرباء بعده، ذكره جمع، وقال الطيبي: إما أن يستعار الإسلام للمسلمين فالغربة هي القرينة فيرجع معنى الوحدة والوحشة إلى نفس المسلمين وإما أن يجري الإسلام على الحقيقة فالكلام فيه تشبيه والوحدة والوحشة باعتبار ضعف الإسلام وقلته، فعليه غريباً إما حال أي بدأ الإسلام مشابهاً للغريب أو مفعولاً مطلقاً أي ظهر ظهور الغريب حين بدأ فريداً وحيداً ثم أتم اللّه نوره فأنبت في الآفاق فبلغ مشارق الأرض ومغاربها ثم يعود في آخر الأمر فريداً وحيداً شريداً إلى طيبة (فطوبى) فعلى من الطيب أي فرحة وقرة عين أو سرور وغبطة أو الجنة أو شجرة في الجنة (للغرباء) أي المسلمين المتمسكين بحبله المتشبثين بذيله الذين كانوا في أول الإسلام ويكونون في آخره وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولاً وآخراً ولزومهم دين الإسلام ذكره ابن الأثير وزاد الترمذي بعد الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي وفي خبر آخر قيل من الغرباء قال النزاع من القبائل أي الذين نزعوا عن أهلهم وعشيرتهم قيل(1/99)