شرح كتاب غاية البيان شرح ابن رسلان
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أظهر زبد دينه القويم وهدى من وفقه إلى الصراط المستقيم أحمده على ما أنعم وعلم وسدد إلى الصراط وقوم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار الكريم الستار وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ختام الأنبياء الأبرار صلى الله عليهم وسلم وعل آله وأصحابه صلاة وسلاما دائمين على ممر الليالي والنهار وبعد فإن صفوة الزبد في الفقه للشيخ الإمام العالم العلامة ولي الله تعالى أحمد بن رسلان من أبدع كتاب في الفقه صنف وأجمع موضوع فيه على مقدار حجمه ألف طلب مني بعض السادة الفضلاء والأذكياء النبلاء أن أضع عليها شرحا يحل ألفاظها ويبرز دقائقها ويحرر مسائلها ويجود دلائلها فأجبته إلى ذلك بعون القادر المالك ضاما إليه من الفوائد المستجادات ما تقربه أعين أولى الرغبات راجيا من الله جزيل الثواب ومؤملا منه أن يجعله عمدة لأولي الألباب وسميته غاية البيان في شرح زبد ابن رسلان والله أسأل وبنبيه أتوسل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم موجبا للفوز بجنات النعيم قال الناظم بسم الله الرحمن الرحيم أي أؤلف إذ كل فاعل يبدأ في فعله ببسم الله يضمر ما جعل التسمية مبدأ له كما أن المسافر إذا حل أو ارتحل فقال بسم الله كان المعنى بسم الله أحل وبسم الله أرتحل والاسم مشتق من السمو وهو العلو والله علم للذات الواجب الوجود وأصله إله حذفت همزته وعوض عنها حرف التعريف ثم جعل علما وهو عربي عند الأكثر والرحمن الرحيم إسمان بنيا للمبالغة من رحم والرحمة لغة رقة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان فالتفضل غايتها وأسماء الله تعالى المأخوذة من نحو ذلك إنما تؤخذ باعتبار الغايات دون المبادى التي تكون انفعالات والرحمن أبلغ من الرحيم لأن زيادة البناء تدل على زيادة المعنى كما في قطع وقطع ونقض بحذر فإنه أبلغ من حاذر وأجيب لأن ذلك اكثرى لاكلى وبأنه لا ينافي أن يقع في الأنقص(1/1)
زيادة معنى لسبب آخر كالإلحاق بالأمور الجبلية مثل شره ونهم وبأن الكلام في ما إذا كان المتلاقيان في الاشتقاق متحدى النوع في المعنى كغرث وغرثان وصد وصديان لا كحذر وحاذر للاختلاف الحمد للإله بدأ بالحمدلة بعد البسملة اقتداء بالكتاب العزيز وعملا بخبر كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع وفي رواية بالحمد لله وجمع الناظم كغيره بين الابتداءين عملا بالروايتين وإشارة إلى أنه لا تعارض بينهما إذ الابتداء حقيقي وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة وقدم البسملة عملا بالكتاب والإجماع وجملة الحمدلة خبرية لفظا إنشائية معنى(1/2)
والحمد أي اللفظي لغة الثناء باللسان على الجميل الاختياري على جهة التبجيل سواء تعلق بالفضائل أم بالفواضل والشكر لغة فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الشاكر سواء كان ذكرا باللسان أم اعتقادا ومحبة بالجنان أم عملا وخدمة بالأركان فمورد الحمد هو اللسان وحده ومتعلقه النعمة وغيرها ومورد الشكر اللسان وغيره ومتعلقه النعمة وحدها فالحمد أعم متعلقا وأخص موردا والشكر بالعكس والحمد عرفا فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث أنه منعم على الحامد أو غيره والشكر عرفا صرف العبد جميع ما أنعم الله به عليه من السمع وغيره إلى ما خلق لأجله فهو أخص متعلقا من الثلاثة قبله لاختصاص متعلقه بالله تعالى ولاعتبار شمول المآلات فيه والشكر اللغوي مساو للحمد العرفي وبين الحمدين عموم من وجه والآله المعبود بحق ذي الجلال أي العظمة وشارع الحرام والحلال أي مبينهما قال تعالى شرع لكم من الدين الآية وفيها براعة الاستهلال وشمل متعلقات الأحكام كلها إذ الحرام ضد الحلال فيتناول الواجب والمندوب والمباح وخلاف الاولى والمكروه وكذا الصحيح كما يتناول الحرام والباطل بناء على تناول الحكم لهما ثم صلاة الله مع سلامي أتى بهما امتثالا لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقد فسر قوله تعالى ورفعنا لك ذكرك بأن معناه لا أذكر إلا وتذكر معي والصلاة من الله رحمة مقرونة بتعظيم ومن الملائكة استغفار ومن المكلفين تضرع ودعاء وقرن بينها وبين السلام خروجا من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر على النبي هو إنسان أوحى إليه بشرع وإن لم يؤمر بتبليغه فإن أمر بذلك فرسول أيضا فالرسول أخص من النبي وعبر بالنبي دون الرسول لأنه أكثر استعمالا ولفظه بلا همز وهو الأكثر أو به من النبأ وهو الخبر والرسالة أفضل من النبوة المصطفى المختار وحذف المعمول يؤذن بالعموم فيؤخذ منه أنه أفضل المخلوقين من إنس وجن وملك وملك وهو كذلك التهامي نسبة إلى تهامة(1/3)
محمد علم منقول من إسم مفعول المضعف سمي به نبينا بإلهام من الله تعالى بأنه يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله الجميلة كما روى في السير أنه قيل لجده عبد المطلب وقد سماه في سابع ولادته لموت أبيه قبلها لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك قال رجوت أن يحمد في السماء والأرض وقد حقق الله رجاءه كما سبق في علمه الهادي من الضلال أي الدال بلطف والضلال نقيض الهدى وهو دين الإسلام قال تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم وأفضل الصحب إسم جمع لصاحب بمعنى الصحابي وهو من اجتمع مؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم ومات على ذلك وخير آل فآله أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب ابنى عبد مناف وقوله وأفضل الصحب وخير آل عطف على النبي وأفاد به أن أصحابه أفضل من أصحاب غيره من الأنبياء وإن آله أفضل من آل غيره وظاهر أن المفضل عليه فيهما غير الأنبياء وبعد هذى زبد نظمتها جمع زبدة وعنى بها مهمات الفن ولفظة بعد يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بأصلها في خطبه وهو أما بعد بدليل لزوم الفاء في حيزها غالبا لتضمن أما معنى الشرط والعامل فيها أما عند سيبويه لنيابتها عن الفعل أو الفعل نفسه عند غيره والأصل مهما يكن من شيء بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام وهذى اسم إشارة أشير بها إلى موجود في الخارج وهو زبد العلامة البارزى تغمده الله تعالى برحمته وقد تأخر نظم هذا البيت عن نظم الزبد بدليل تعبيره بلفظ الماضي في قوله نظمتها وزدتها أبياتها ألف أي تقريبا فأنها تزيد عليه نحو أربعين بيتا بما قد زدتها الباء بمعنى مع أي مع ما قد زدتها من المقدمة(1/4)
والخاتمة وغيرهما ثم وصف الزبد بأوصاف ترغب فيها منها أنها يسهل حفظها على الأطفال لحلاوة نظمها وبراعته ومنها أنها نافعة لمبتدى الرجال بأن تبصره ولما كان نفعها للمبتدى من الذكور أتم لنقلها إياه من الجهل إلى العلم اقتصر عليه وإلا فهي نافعة لغيره أيضا إذ هي مذكرة له ويحتمل أنه اقتصر عليه تواضعا وهضما والمبتدى هو الذي ابتدأ في ذلك العلم ولم يصل فيه إلى حالة يستقل فيها بتصوير مسائل ذلك فهو المتوسط وإن استقل بالتصوير واستحضر غالب أحكام ذلك العلم فهو المنتهى ومنها أنها تكفي مع التوفيق من الله تعالى للمشتغل والتوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد قال تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله وقد ورد لا يتوفق عبد حتى يوفقه الله ولما كان عزيزا لم يذكره الله في القرآن إلا في محل واحد في قوله وما توفيقي إلا بالله وما ورد من نحو قوله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا فذاك من مادة الوفاق لا من مادة التوفيق إن فهمت وأتبعت بالعمل وعد منه بأن من اتقاه علمه بأن يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه وفرقانا أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل قال تعالى يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا فبتقوى الله تزداد المعارف فاعمل ولو بالعشر كالزكاة تخرج بنور العلم من ظلمات أي يندب للإنسان أن يعمل بما يعلمه من مسنونات الشرع فإن لم يعمل بجميعها فليعمل ولو بالعشر منها تخفيفا عليه كما اكتفى الشارع في زكاة النبات المسقى بغير مؤنة بعشره تطهيرا له وتنمية وأنه يخرج بنور العلم بسبب العمل المذكور من ظلمات الجهل وفي بعض النسخ لنور باللام بدل الباء والظلمات بضم اللام وفتحها وسكونها كما في النظم جمع ظلمة وهي عدم النور وقد قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إنكم في زمان من ترك منكم فيه عشر ما يعلم هلك وسيأتي زمان من عمل فيه بعشر ما يعلم نجا أما العمل بما يعلمه من الواجبات فقد ذكره بقوله فعالم بعلمه لم يعملن معذب من قبل عباد الوثن(1/5)
أي أن العالم إذا لم يعمل بعلمه بأن ترك شيئا مما تعين عليه عمله أو ارتكب محرما يعذبه الله إن لم يعفو عنه قبل تعذيبه عابد الوثن وهو الصنم إذ العالم ارتكب المعصية عالما بتحريمها وعابد الوثن غير عالم بتحريم عبادته وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الزبانية أسرع إلى فسقة القراء منهم إلى عبدة الأوثان فيقولون يبدأ بنا قبل عبدة الأوثان فيقال لهم ليس من يعلم كمن لا يعلم رواه الطبراني وأبو نعيم وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال هو جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم وقرأت القرآن ليقال هو قاريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتى به فعرفه نعمته فعرفها قال فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار رواه مسلم وغيره وعن الوليد بن عقبة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسل إن أناسا من أهل الجنة ينطلقون إلى أناس من أهل النار فيقولون(1/6)
بما دخلتم النار فوا الله ما دخلنا الجنة إلا بما تعلمنا منكم فيقولون إنا كنا نقول ولا نفعل رواه الطبراني في الكبير وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه رواه الطبراني في الصغير والبيهقي والأحاديث في وعيده كثيرة وقال أبو الدرداء ويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن يعلم سبع مرات وقيل لابن عيينة أي الناس أطول ندامة قال أما في الدنيا فصانع المعروف إلى من لا يشكره وأما عند الموت وبعده فعالم مفرط والله أرجو أي أؤمل المن أي الإنعام بالإخلاص لكي يكون موجب الخلاص والإخلاص في الطاعة ترك الرياء فيها وهو سبب الخلاص من أهوال يوم القيامة لما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده لا شريك له وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض رواه ابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وعن ثوبان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عيه وسلم يقول طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء رواه البيهقي والأحاديث في فضل الاخلاص كثيرة مقدمة بكسر الدال كمقدمة الجيش للجماعة المتقدمة منه من قدم اللازم بمعنى تقدم وبفتحها على قلة كمقدمة الرجل في لغة من قدم المتعدي في علم الأصول أي أصول الدين والفقه فإنه ذكر فيها شيئا من كل منهما أول واجب مقصود لذاته على الإنسان البالغ العاقل ولو أنثى ولو رقيقا معرفة الإله تعالى باستيقان أي يقينا لقوله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله وليعلموا أنما هو إله واحد ولأنها مبنى سائر الواجبات إذ لا يصح بدونها واجب ولا مندوب والمراد بها معرفة وجوده تعالى وما يجب له من إثبات أمور ونفي أمور وهي المعرفة الإيمانية أو البرهانية لا الإدراك والإحاطة بكنه الحقيقة لامتناعه شرعا وعقلا واليقين حكم الذهن الجازم المطابق لموجب وما ذكره من(1/7)
أن ذلك أول واجب هو الأصح من بضعة عشر قولا والنطق بالشهادتين اعتبرا أي أن النطق بالشهادتين معتبر لصحة الإيمان للخروج من عهده التكليف به ممن قدرا أي من القادر عليه إن صدق القلب إذ الإيمان تصديق القلب بما علم ضرورة مجيء الرسول به من عند الله كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء وافتراض الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج والمراد بتصديق القلب إذعانه وقبوله ولما كان تصديق القلب أمرا باطنا لا اطلاع لنا عليه جعله الشارع منوطا بالشهادتين وهل النطق بالشهادتين شرط لإجراء أحكام المؤمنين في الدنيا من الصلاة عليه والتوارث والمناكحة وغيرها داخل في مسمى الإيمان أو جزء منه داخل في مسماه قولان ذهب جمهور المحققين إلى أولهما وعليه من صدق بقلبه ولم يقر بلسانه مع تمكنه من الإقرار فهو مؤمن عند الله وهذا أوفق باللغة والعرف وذهب كثير من الفقهاء إلى ثانيهما وألزمهم الأولون بأن من صدق بقلبه فاخترمته المنية قبل اتساع وقت الإقرار بلسانه يكون كافرا وهو خلاف الإجماع على ما نقله الرازي وغيره لكن يعارض دعواه قول الشفاء الصحيح أنه مؤمن مستوجب للجنة حيث أثبت فيه خلافا وخرج بقوله ممن قدرا العاجز لخرس أو سكتة أو إخترام منية قبل التمكن منه فيصح إيمانه وأما الإسلام فهو أعمال الجوارح من الطاعات كالتلفظ بالشهادتين والصلاة والزكاة وغير ذلك لكن لا تعتبر الأعمال المذكورة في الخروج عن عهدة التكليف بالإسلام إلا مع الإيمان الذي هو(1/8)
التصديق المار فهو شرط للإعتداد بالعبادات فلا ينفك الإسلام المعتبرعن الإيمان وإن انفك الإيمان عنه فيمن اخترمته المنية قبل اتساع وقت التلفظ وأما ما ورد من إثبات أحدهما ونفي الآخر من نحو قوله تعالى قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا فهو وارد في المنافقين وأما العطف في قوله تعالى إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات فإنما هو بالنظر إلى معنيهما اللغويين ولذلك ذكر الصدقة والصوم وغيرهما بعدهما بطريق العطف مع الإجماع على عدم خروجها عن الإسلام والإيمان هذا كله بالنظر لما عند الله أما بالنظر لما عندنا فالإسلام هو النطق بالشهادتين فقط فمن أقر بهما أجريت عليه أحكام الإسلام في الدنيا ولم يحكم عليه بكفر إلا بظهور إمارات التكذيب كسجوده اختيارا لكواكب أو صورة أو استخفاف بنبي أو بمصحف أو بالكعبة أو نحو ذلك والصحيح صحة إيمان المقلد واللام في قوله لصحة الإيمان للتعليل أو بمعنى في وألف اعتبرا وقدرا للإطلاق وبالأعمال يكون الإيمان ذا نقص وذا كمال أي الإيمان يزيد بسبب زيادة الأعمال ككثرة النظر ووضوح الأدلة وزيادة الطاعة وينقص بسبب نقصها والأدلة في ذلك كثيرة وما قيل من أن حقيقة الإيمان لا تزيد ولا تنقص لما مر أنه التصديق القلبي الذي بلغ حد الجزم والاذعان وهو لا يتصور فيه زيادة ولا نقص حتى إن من حصل له حقيقة التصديق القلبي فسواء عمل الطاعات أو ارتكب المعاصي فتصديقه لا تغير فيه أصلا رد بأنا لا نشك أن تصديق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أعلى وأكمل من تصديق غيرهم وإن تصديق أبي بكر أعلى من تصديق غيره من بقية الناس ويؤيده أن كل أحد يعلم أن ما في قلبه يتفاضل حتى يكون في بعض الأحوال أعظم يقينا وإخلاصا وتوكلا منه في بعضها وكذلك في التصديق والمعرفة بحسب ظهور البراهين وكثرتها فكن من الإيمان في مزيد وفي صفاء القلب ذا تجديد أي كن أيها المكلف المخاطب في نفيس عمرك من الإيمان في تحصيل مزيد منه بكثرة الصلاة(1/9)
والطاعات فرضها ونفلها وترك ما للنفس من شهوات نفسانية أو بهيمية محرمة أو مكروهة وإياك ثم إياك أن يقع منك نقص في إيمانك بارتكاب معصية من معاصي الله تعالى فتقع في خسران عمرك النفيس الذي لا يعدل منه لحظة منه الدنيا وما فيها وهو رأس مالك الذي تربح فيه السعادة الأبدية والعيشة المرضية وكن دائما ساعيا في صفاء قلبك من الكدورات البشرية ذا تجديد له فكلما صفيته من كدر وحدث فيه كدر آخر من جنسه أو من غير جنسه سعيت في تنقيته منه حتى لا يزال قلبك صافيا وأنت بالإجتهاد في إصلاحه ساعيا بكثرة الصلاة والطاعات وترك ما لنفسك من الشهوات فكلما تحركت إلى شهوة فتداركها ببصيرتك وفر منها بصدق التجائك إلى مولاك وكن مستنصرا بربك على قلبك ومستعينا على نفسك بقلبك فبدوام تصفيتك تحصل جمعيتك ولهذا كان أكثر الصوفية على أنه إنما سمي الصوفى بذلك لكثرة تصفيته قلبه قال سهل بن عبد الله الصوفي من صفا من الكدر وامتلأ من العبر وانقطع إلى الله عن البشر وتساوى عنده الذهب والمدر وقال الغزالي كان اسم الفقيه في العصر الأول لمن علم طريق الآخرة ودقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال واستيلاء الخوف على القلب دون من علم الفروع العربية وأحكام الفتاوى وقول الناظم بكثرة وترك متعلق بكل من مزيد وتجديد وفي بعض النسخ فشهوة النفس مع الذنوب موجبتان قسوة القلوب أي ارتكاب المكلف لشهوات نفسه وارتكابه الذنوب الطالبة لها مقتضيات قسوة قلبه(1/10)
وإن أبعد قلوب الناس من ربنا الرحيم قلب قاسي أي أبعد الناس من رحمه ربنا الرحيم صاحب القلب القاسي لخبر الترمذي عن عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي وفي مسند البزار عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة من الشقاء جمود العين وقساوة القلب وطول الأمل والحرص على الدنيا وفي ذكر ربنا ووصفه بالرحيم مبالغة في التعبد وفي نسخة بدل هذا البيت وإن من أبعد قلوب الناس لربنا الرحيم قلب قاسي فدال أبعد ساكنة ووصلها بنية الوقف واللام في لربنا متعلقة بأبعد وهو بمعنى من أوعن وقلب مرفوع على أنه مبتدأ خبره قاسى والجملة خبر لأن واسمها ضمير الشأن وعليه حمل خبر إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ولا يحمل على زيادة من خلافا للكسائي وسائر الأعمال لا تخلص إلا مع النية أي إن سائر الأعمال لا يخلص فاعلها من عهدة تكليفه بها بأن تقع صحيحة مجزئة مثابا عليها إلا مع النية والأعمال جمع عمل وهو يتناول عمل اللسان والجنان والأركان وظاهر أن النية لا تحتاج إلى نية أخرى فتندرج فيها العبادات وغيرها كطهارة الحدث والصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة والأضحية والهدى والعقيقة والكفارة والجهاد والصدقات وقضاء حوائج الناس وعيادة المرضى واتباع الجنائز وابتداء السلام ورده وتشميت العاطس وجوابه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإجابة الدعوى وحضور مجلس العلم والإذكار وزيارة الأخوان والقبور والنفقة على الأهل والضيفان وإكرام أهل الفضل وذوي الأرحام ومذاكرة العلم والمناظرة فيه وتكريره وتدريسه وتعلمه وتعليمه ومطالعته وكتابته وتصنيفه والفتوى والقضاء وإماطة الأذى عن الطريق والنصيحة والإعانة على البر والتقوى وقبول الأمانات وأداؤها وأما الواجب الذي لم يشرع عبادة كرد المغصوب والمباح(1/11)
والمكروه والمحرم فلا يفتقر إلى نية ولكن لا يثاب عليها إلا مع النية فينبغي استحضار النية عند الأكل والشرب والنوم بأن يقصد بها التقوى على الطاعة وعند جماع موطوءته بأن يقصد به المعاشرة بالمعروف وإيصال المرأة حقها وإعفافها وإعفاف نفسه وتحصيل ولد صالح ليعبد الله وعند عمل حرفة كالزراعة بأن يقصد بها إقامة فرض الكفاية ونفع المسلمين والضابط أنه متى قصد بالعمل امتثال أمر الشارع وبتركه الإنهاء بنهي الشارع كان مثابا عليه وإلا فلا فعلم أن التروك ونحوها وإن كانت لا تفتقر إلى نية في عهدة الخروج من التكليف بها لكنه لا يثاب عليها إلا بها والكلام على النية من سبعة أوجه نظمها بعضهم في قوله حقيقة حكم محل وزمن كيفية شرط ومقصود حسن والمرجح أن إيجادها ذكرا في أول العمل ركن واستصحابها حكما بأن لا يأتي بمناف لها شرط فما أفهمه ظاهر قوله مع النية من أنها شرط للصحة خارج عن الماهية مصاحب لها إنما هو باعتبار شرطها حتى لا يخالف المشهور من أنها ركن واللام فيها للعهد أو معاقبة للضمير على رأي والتقدير إلا مع نياتها ككون العمل صلاة أو غيرها ظهرا مثلا أو غيرها وكونه فرضا مثلا حيث تخلص أي أنه لا بد في حصول الثواب على العمل من إخلاص نية فاعله مع الله تعالى بأن لم يشرك فيها غيره وقد عبر عن الإخلاص بعبارات شتى ترجع إلى أنه تصفية الفعل عن الملاحظة للمخلوق وما أفاده كلام المصنف من أن العامل إذا شرك في عمله بين أمر ديني ودنيوي لا أجر له مطلقا هو مااختاره ابن عبد السلام وغيره واستظهره الزركشي والأوجه ما اختاره الغزالى من اعتبار الباعث فإن كان الأغلب الديني(1/12)
فله أجر بقدرة أو الدنيوى فلا أجر له وإن تساويا تساقطا وقول الناظم حيث تخلص مبني للمفعول فصحح النية قبل العمل وائت بها مقرونة بالأول أي يجب على من أراد عملا تصحيح نيته قبل عمله وقرنها بأول واجب منه كالوجه في الوضوء فلا يكفي قرنها بما بعده لخلو أول الواجبات عنها ولا بما قبله لأنه سنة تابعة للواجب الذي هو المقصود وإنما لم يوجب المقارنة في الصوم لعسر مراقبة الفجر وتطبيق النية عليه فيصح بنية متراخية عن العمل إن كان تطوعا ومتقدمة عليه إن كان فرضا وليس لنا في العبادات ما يجوز تقديم النية عليه غير الصوم والزكاة والكفارة والأضحية نعم شرطوا في الزكاة أن تكون النية صدرت بعد تعيين القدر الذي يخرجه فإن كانت قبله فلا والكفارة والأضحية كذلك والتحقيق أنه ليس لنا ما تمتنع مقارنته ويجب تقديمه غير الصوم وأما ما يجوز تقدمه فهو الباقي والضابط أن ما دخل فيه بفعله اشترطت فيه المقارنة كالصلاة وما دخل فيه لا بفعله لا تشترط كالصوم فإنه لو نوى ثم طلع الفجر وهو نائم صح صومه فقد دخل فيه بدون فعله وألحقت الزكاة والكفارة والأضحية بالصوم لأنها قد تقع بغير فعله بالنيابة وإن تدم النية حتى بلغت آخره أي العمل حزت الثواب كاملا في الآخرة أي يندب استدامة نية العمل ذكرا إلى إتمامه لئلا يخلو عنها حقيقة أما استدامتها حكما بأن لا يأتي بما ينافيها فواجب كما مر وقوله تدم بضم التاء وكسر الدال أو بفتح التاء وضم الدال ففاعلة على الأول ضمير المخاطب وعلى الثاني ضمير النية ونية والقول ثم العمل بغير وفق سنة لا تكمل أي أن النية والقول والعمل إن وقعت على غير وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شريعته لا تكمل أي لا تعتبر لأنها معصية أو قريبة منها لقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا فلو عبر بلا تحصل لكان أنسب من لم يكن يعلم ذا فليسأل أي من لم يعلم ما مر بأن جهله أو شيئا منه فالإشارة بذا إليه فليسأل أهل(1/13)
العلم وجوبا إن كان واجبا وندبا إن كان مندوبا لقوله تعالى فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وهم أهل العلم من لم يجد معلما فليرحل أي من لم يجد معلما يعلمه ما يحتاج إليه من أمر دينه ومعاشه فليرحل وجوبا لتعلم الواجب وندبا للمندوب فقد رحل الكريم للاستفادة من الخضر ورحل جابر ابن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد وطاعة ممن حراما يأكل مثل البناء فوق موج يجعل أي أن فعل الطاعة من صلاة وصوم وحج وغير ذلك ممن يأكل أو يشرب أو يلبس حراما عالما به مثل واضع بناء فوق موج بحر عجاج بأن يجعله أساسا له ومعلوم أنه لا يثبت عليه فقد روى من حديث ابن عمر رضي الله عنهما من لم يبالي من أين اكتسب المال لم يبال الله من أين أدخله النار وتخصيص الناظم الأكل لأنه أغلب الإنتفاعات ثم شرع في ذكر شيء من أصول الدين وهي العلم بالعقائد الدينية عن الأدلة اليقينية فقال فاقطع يقينا من غير تردد بالفؤاد أي القلب واجزم بحدث بفتح الحاء أي تجدده بعد أن لم يكن العالم بعد العدم أي يجب على المكلف أن يتيقن بفؤاده وبحزم بلسانه بكون العالم حادثا وهو ما سوى الله تعالى أوصائه وقد أجمع على ذلك أهل الملل إلا الفلاسفة وقوله يقينا منصوب على الحال أي متيقنا أو مفعول مطلق أحدثه أوجده لا لاحتياجه الإله أي أن(1/14)
المحدث للعالم هو الله تعالى كما جاء به السمع ودل عليه العقل فإن احدنا ليس بقادر على خلق جارحة لنفسه أورد سمع أو بصر في كمال قدرته وتمام عقله ففي كونه نطفة أو عدما أولى فوجب أن الخالق هو الله سبحانه وتعالى ودل على أنفراده بذلك دلالة التمانع المشار إليها في قوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا إذ لو جاز كونه اثنين لجاز أن يريد أحدهما شيئا والآخر ضده الذي لا ضد له غيره كحركة زيد وسكونه بأن تتعلق الإرادتان معا بإيجادهما في وقت واحد لأن كلا منهما أمر ممكن في نفسه ولذا تعلقت الإرادة بكل منهما إذ لا تضاد بين الإرادتين بل بين المرادين والممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال فيمتنع وقوع المرادين وعدم وقوعهما لامتناع اجتماع الضدين المذكورين وارتفاعهما فيتعين وقوع أحدهما فيكون مريده هو الإله دون الآخر لعجزه فلا يكون الإله إلا واحدا ولو أراد تركه لما ابتداه أي أنه فاعل بالاختيار لا بالذات إن اراد فعل وإن أراد ترك إذ الكل متعلق بإرادته ومشيئته فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن فهو لما يريده فعال أى أنه فعال لما يريده خلافا للفلاسفة القائلين بأنه موجد بالذات وقد نطق القرآن العظيم بأنه فعال لما يريد وهو كما قاله أهل السنة عام في الخير والشر خلافا اللمعتزلة حيث قالوا إنما يريد الخير فهو فعال له دون الشر وقد أشار إلى مذهبهم عبد الجبار مخاطبا للأستاذ أبي إسحاق بقوله سبحان من تنزه عن الفحشاء فأجابه الأستاذ بقوله سبحان من لا يجرى في ملكه إلا ما يشاء وليس في الخلق له مثال أي أنه ليس في الخلق بأسرهم له مثال لأنه لو حصلت المماثلة بينه وبين خلقه لم يكن واحدا لأن الواحد هو الذي لا مثل له إذ لو كان له مثل لزم كونه خالقا ومخلوقا وقديما وحادثا معا لأن ما وجب للمثل وجب لمثله وكل ذلك محال عقلا فليس كذاته ذات ولا كفعله فعل ولا كصفاته صفة جلت ذاته القديمة عن أن يكون لها صفة حادثة كما استحال أن يكون للذات(1/15)
الحادثة صفة قديمة ولهذا أعظم المنة على أهل التوحيد وأجزل النعمة على ذوى التحقيق حيث أعتق أسرهم عن رق عبودية ماله مثل وعبادة ماله شكل ولما كان المعبود سبحانه لا مثل له حق للعابدين أن لا يذروا مقدورا إلا بذلوه ولا يغادروا معسورا في طلبه إلا تحملوه إذ لايجوز بذل المهج إلا في طلب العزيز الذي لا مثل له سبحانه وتعالى قال أبو إسحاق الاسفراينى جمع أهل الحق جميع ما قيل في التوحيد في كلمتين إحداهما اعتقاد أن كل ما تصور في الأوهاو فالله تعالى بخلافه لأن الذي يتصور في الأوهام مخلوق لله تعالى والله تعالى خالقه والثانية اعتقاد أن ذاته ليست مشبهة بذات ولا معطلة عن الصفات وقد أكد ذلك بقوله ولم يكن له كفوا أحد وهذا غاية في الإيجاز والجودة قدرته لكل مقدور جعل أي أن قدرته تعالى شاملة لكل مقدور من الممكنات الجواهر والأعراض الحسنة والقبيحة النافعة والضارة فتعلقات قدرته لا تتناهى وإن كان كل ما تعلقت به بالفعل متناهيا فمتعلقاتها بالقوة غير متناهية وبالفعل متناهية وهكذا القول في متعلقات علمه تعالى وأشار بقوله لكل مقدور جعل إلى أن متعلق القدرة الممكنات أما المستحيلات فلعدم قابليتها للوجود لم تصلح أن تكون محلا لتعلق القدرة لا لكلال فيها قال تعالى إنا كل شيء خلقناه بقدر وخلق كل شيء فقدره تقديرا وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله أي بقضائه وقدره ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وفي الخبر الصحيح كل شيء بقضاء وقدر وعلمه لكل معلوم شمل اى إن علمه تعالى شامل لكل معلوم مكانا أو متمكنا جوهرا أو عرضا وجودا أو عدما جزئيا أو كليا واجبا أو جائزا أو محالا قديما أو حادثا يعلم ذلك بعلم واحد قديم لا بتعدد بتعداد المعلومات ولا يتجدد بتجددها(1/16)
وليس بمكتسب ولا ضرورى لقوله تعالى أحاط بكل شيء علما وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين وأطبق المسلمون على أنه تعالى يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وأن علمه محيط بجميع الأشياء جملة وتفصيلا وكيف لا وهو خالقها وقد قال تعالى ألا يعلم من خلق وقول الناظم جعل مبنى للمفعول أو للفاعل وقوله شمل بكسر الميم وبجوز فتحها منفرد بالخلق والتدبير أى أنه تعالى منفرد باختراع الأعيان والآثار والجواهر والأعراض لا يخرج حادث عن أن يكون مخلوقا له فأفعال العباد الاختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها وليس لقدرتهم تأثير فيها بل الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة واختيارا فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله تعالى إبداعا وإحداثا ومكسوبا للعبد والمراد بكسبه له مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلا له وهو منفرد بالتدبير للأمور من غير مشارك له ولا معين فلا يحدث حادث في العالم العلوي ولا السفلي إلا بتدبيره وإرادته وقضائه وحكمته قال تعالى يدبر الأمر أى يبرمه وينفذه بما يريده عبر عنه به تقريبا إذ هو عالم بعواقب الأمور كلها من غير نظر ولا فكر يعلم ما يكون قبل أن يكون ومالا يكون إذ لو كان كيف كان يكون ومن علم أنه منفرد بالتدبير لا يفكر في تدبير نفسه بل يكل تدبيره إلى خالقه فمن لا خلق لا تدبير له قال أهل المعرفة من لم يدبر دبرله وإن كان لابد من التدبير فدبر أن لا تدبر جل عن الشبيه والنظير أى أنه تعالى جل عن الشبيه والنظير في ذاته وصفاته وأفعاله قال الفاكهى الظاهر أن الشبيه والنظير والمثيل ونحو ذلك أسماء مترادفة ويحتمل أن يقال هنا تعالى(1/17)
عن الشبيه في ذاته والنظير في صفاته حى والحياة صفة أزلية تقتضى صحة العلم لموصوفها مريد والإرادة صفة أزلية تخصص أحد طرفى الشيء من الفعل والترك بالوقوع قادر والقدرة صفة أزلية تؤثر في الشيء عند تعلقها به علام والعلم صفة أزلية لها تعلق بالشيء على وجه الإحاطة به على ما هو عليه له البقاء وهو استمرار الوجود فلا أول له ولا آخر والسمع وهو صفة أزلية تحيط بالمسموعات واكتفى بذكر السمع عن البصر وهو صفة أزلية تحيط بالمبصرات والكلام وهو صفة أزلية عبر عنها بالنظم المعروف المسمى بكلام الله أيضا ويسميان بالقرآن أيضا وقول الناظم علام صيغة مبالغة وهذه الصفات نظمها بعضهم في قوله حياة وعلم قدرة وإرادة كلام وابصار وسمع مع البقا فهذى صفات االله جل قديمه لدى الأشعرى الحبر ذي العلم والتقى هذا مذهب أهل الحق إلا أن بعض أئمتنا أنكر الثامنة وهي البقاء وقال هو باق بذاته لا ببقاء وهذه الصفات زائدة على مفهوم الذات وليست عينها ولا غيرها كما مر أما صفات الأفعال كالخلق والرزق والإحياء والإماتة وبجمعها اسم التكوين فليست أزلية خلافا لبعض الحنفية بل هي حادثة أى متجددة لأنها إضافات تعرض للقدرة وهى تعلقاتها بوجودات المقدورات لأوقات وجوداتها ولا محذور في اتصاف البارى سبحانه بالإضافات ككونه قبل العالم ومعه وبعده وأزلية أسمائه الراجعة إلى صفات الأفعال من حيث رجوعها إلى القدرة لا الفعل فالخالق مثل من شأنه الخلق أى الذي هو بالصفة التى يصح بها الخلق وهي القدرة كما يقال الماء في الكوز مروأى هو بالصفة التى يحصل بها الإرواء عند مصادفة الباطن والسيف في الغمد قاطع أى هو بالصفة التى يحصل بها القطع عند ملاقاة المحل فإن(1/18)
أريد بالخالق منه من صدر منه الخلق فليس صدوره أزليا وقول الناظم البقا بالقص بالقصر للوزن كلامه كوصفه القديم أى كلام الله تعالى النفسي صفة قديمة كبقية صفاته القديمة بحرف ولا صوت لأنهما عرضان حادثان ويستحيل اتصاف القديم بالحادث وهذا مذهب أهل الحق وقد ذكر الإنسان في ثمانية وعشرين موضعا وقال إنه مخلوق وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا ولم يقل إنه مخلوق ولما جمع بينهما نبه على ذلك فقال الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان ثم تارة يدل عليه بالعبارة وتارة يدل عليه بالكتابة فإذا عبر عنه بالعربية كان قرآنا وبالعبرانية فتوارة وبالسريانية فإنجيل كما إذا ذكر الله تعالى بلغات مختلفة فالمسمى واحد وإن كانت اللغات مختلفة أما العبارات الدالة عليه فمخلوق حادثة لكن امتنع العلماء من إطلاق الخلق والحدوث عليها إذا سميت قرآنا لما فيه من الإيهام لم يحدث المسموع للكليم أى الكلام الذي سمعه الكليم موسى صلى الله عليه وسلم كلام الله تعالى حقيقة لا مجازا فلا يكون محدثا لما مر وهذا معنى قوله لم يحدث المسموع للكليم أى لم يوصف الكلام المسموع للكليم بأنه محدث بل هو قديم لأنه الصفة الأزلية الحقيقية ولأنه كما لم تتعذر رؤيته تعالى مع أنه ليس جسما ولا عرضا كذلك لا يتعذر سماع كلامه مع إنه ليس حرفا ولا صوتا وقوله يحدث بضم الياء من أحدث أو بفتحها من حدث فالمسموع منصوب على الأول بكونه مفعولا ومرفوع على الثاني بالفا لمية يكتب في اللوح وباللسان يقرأ كما حفظ بالأذهان أى أن القرآن العزيز يطلق عليه شرعا إطلاقا حقيقيا لا مجازيا أنه مكتوب في ألواحنا ومصاحفنا بأشكال الكتابة وصور الحروف الدالة عليه قال صلى الله عليه وسلم لا تسافرو في القرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو ولهذا قال بعض أصحابنا أن ينعقد اليمين بالمصحف في حالة الإطلاق وأنه مقروء بألسنتنا بحروفه الملفوظة المسموعة بآذاننا ولهذا حرمت قراءة القرآن على ذى(1/19)
الحدث الأكبر و أنه لمحفوظ بأذهاننا في صدورنا واتصاف القرآن بهذه الأوصاف الثلاثة وبأنه غير مخلوق أى موجود أزلا وابدا اتصاف له باعتبار وجودات الموجودات الأربعة فان لكل موجود وجودا في الخارج ووجودا في الذهن ووجودا في العبارة ووجودا في الكتابة فهي تدل على العبارة وهو على ما في الذهن وهو على ما في الخارج فالقرآن باعتبار الوجود الذهنى محفوظ في الصدور وباعتبار الوجود اللساني مقروء بالألسنة وباعتبار الوجود البياني مكتوب في المصاحف وباعتبار الوجود الخارجي وهو المعنى القائم بالذات المقدسة ليس في الصدور ولا في الألسنة ولا في المصاحف أرسل رسله بمعجزات ظاهرة للخلق باهرات أى يجب على كل مكلف اعتقاد أن الله تعالى أرسل الرسل من البشر إلى البشر مبشرين لأهل الإيمان والطاعة بالثواب والجنة ومنذرين لأهل الكفر والعصيان بالعقاب والنار لتبليغ الرسالة وبيان ما أنزل عليهم مما يحتاجون إليه من أمر الدنيا والدين ولإقامة حجة الله على خلقه لقوله تعالى لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وبدونهم لا يمكن الوصول إلى الله ولا يصح سلوك الطريق إليه لأن العقل لا يستقل بإدراك الأحكام الشرعية وأحوال القيامة وأيدهم بالمعجزات الظاهرات الباهرات إذ مدعى الرسالة لا بد له من دليل على دعواه والمعجزة دليله والمراد الحجة الظاهرة التي يشاركه في العلم بها خلقه أما الحجة الحقيقية المنفرد هو بعلمها فهي قائمة على الخلق بدون الرسل لأنه سبحانه حكم عدل وقد روى أن عدد الأنبءيا مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا وقيل مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا وقيل ألف ألف ومائتا ألف وخمسة وعشرون ألفا عدد المرسلين منهم ثلثمائة وثلاثة عشر وقيل وأربعة عشر والمذكور منهم في القرآن بأسماء الأعلام ثمانية وعشرون نبيا آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق(1/20)
ويعقوب ويوسف ولوط وموسى وهرون وشعيب وزكريا ويحيى وعيسى وداود وسليمان وإلياس وأليسع وذو الكفل وأيوب ويونس ومحمد صلى الله عليه وسلم وذو القرنين وعزيز ولقمان و على القول بنبوة الثلاثة وقال بعضهم لم ينحصر عدد الأنبياء ولا الرسل لقوله تعالى منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك والمعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدى مع عدم المعارضة من المرسل إليهم وسميت معجزة لتضمنها تعجيزهم عن الإتيان بمثلها على أن تسميتها بذلك مجاز لأن العجز تبين بها فان المعجز في الحقيقة خالق العجز والأمر يشمل القول وغيره والمراد بخرقه للعادة ظهوره على خلافها كإحياء ميت وإعدام جبل وانفجار الماء من بين الأصابع والتحدي دعوى الرسالة إذ ليس الشرط الاقتران بالتحدى بمعنى طلب الإتيان بالمثل الذي هو المعنى الحقيقي للتحدي فمن قيل له إن كنت رسولا فأت بمعجزة فأظهر الله على يديه معجزا كان ظهوره دليلا على صدقه نازلا منزلة التصريح بالتحدى وخرج بقولهم خارق العادة وغيره كطلوع الشمس كل يوم على العادة وخرج بقولهم مقرون بالتحدى الخارق من غير تحد وهو كرامة الولى والخارق المتقدم على التحدى كالموجود من النبي قبل النبوة وهو المسمى عند أهل الأصول إرهاصا أى تأسيسا للنبوة من أرهصت الحائط إذا أسسته كشق صدر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وغسل قلبه في زمن الصبا وإظلال الغمام وتكليم الشجر والحجر قبل النبوة وفي المواقف ان هذه تسمى كرامات أيضا والخارق المتأخر عنه بما يخرجه عن المقارنة العرفية وقولهم مع عدم المعارضة من المرسل إليهم معناه أن تتعذر معارضته مع كونه موافقا لدعوى الرسول دالا على صدقه وخرج السحر والشعبذة من المرسل إليهم إذلا معارضة بذلك والظاهرة الواضحة والباهرات الغالبات لمن تحدى بهن لأن البهر لغة الغلبة أو الأتيان بما يتعجب منه من البهر بمعنى العجب والبالغات في الظهور الغاية من قولهم ابهر فلان في كذا إذا بالغ فيه ولم يدع جهدا(1/21)
وخص من بينهم محمدا أى أن الله تعالى خص من بين الرسل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة لا تكاد تنحصر ذكر الائمة غالبها في مؤلفاتهم المختصة بها وقد أشار الناظم رحمه الله تعالى إلى ذلك بحذف المتعلق لأنه يؤذن بالعموم فقال فليس بعده نبي أبدا أى إن مما خصه الله به أنه خاتم النبيين فلا نبي بعده وأن الله تعالى بعثه إلى كافة الخلق من الإنس والجن وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى بأنه لم يبعث إلى الملائكة ففي تفسير الإمام الرازي والبرهان النسفي حكاية الاجماع على أنه لم يرسل إليهم أما غيره فكانت رسالته خاصة وعموم رسالة نوح بعد الطوفان لانحصار الباقين فيمن كان معه في السفينة وأنه فضله على جميع من سواه من المرسلين والأنبياء والملائكة وغيرهم ففي الصحيحين أنا سيد ولد آدم ويؤخذ منه تفضيله على آدم بالأولى لأن أفضل الأنبياء والرسل أولو العزم وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم على أنه ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أنا سيد الناس يوم القيامة وخصها بالذكر لظهوره لكل أحد بلا منازعة لقوله تعالى لمن الملك اليوم ونوع الآدمى أفضل الخلق فهو صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وقد حكى الرازي الاجماع على أنه مفضل على جميع العالمين وأما خبر لا تفضلونى على يونس لا تفضلوا بين الأنبياء ونحوهما فهو محمول على نهى عن تفضيل يفضى لنقص بعضهم فانه كفر أو عن تفضيل في نفس النبوة التى لا تتفاوت في ذوات الأنبياء المتفاوتين بالخصائص أو نهى عن ذلك تأدبا وتواضعا أو قبل علمه بأنه أفضل الخلق وبعده في التفضيل الانبياء ثم الملائكة فخواص البشر أفضل من خواص الملائكة وخواص الملائكة أفضل من عوام البشر وعامة البشر أفضل من عامة الملائكة وهم أجسام لطيفة لهم قوة التشكل والتبدل قادرون على أفعال شاقة عباد مكرمون مواظبون على الطاعة معصومون عن المخالفة والفسق لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة(1/22)
فهو صلى الله عليه وسلم الشفيع يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم أنا أول شافع وأول مشفع وله شفاعات أعظمها في تعجيل الحساب والإراحة من هول الموقف حين يفزعون إليه بعد الأنبياء وهي مختصة به بالإجماع وهي المراد بالمقام المحمود في قوله تعالى عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون الثانية في إدخال قوم الجنة بغير حساب ولا عقاب قال القاضي عياض والنووي وغيرهما وهي مختصة به قال بعضهم والعجب ممن توقف في هذه الخصوصية وقال لا دليل عليها إذ الدليل عليها الاجماع على أن هذه الأمور لا تدرك بالعقل ولم يرد النقل إلا في حقه والأصل العدم والبقاء على ما كان الثالثة في أناس استحقوا دخول النار فلا يدخلونها قال القاضي عياض وغيره ويشركه فيها من يشاء الله وتردد النووي في ذلك قال السكبي لأنه لم يرد تصريح بذلك ولا بنفيه قال وهى في إجازة قال وهي في إجازة الصراط بعد وضعه ويلزم منها النجاة من النار الرابعة في إخراج من أدخل النار من الموحدين وفي قلبه مثقال ذرة من إيمان وهي مختصة به الخامسة في إخراج من أدخل النار من الموحدين غير هؤلاء ويشاركه فيها الأنبياء والملائكة والمؤمنون السادسة في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها وجوز النووي اختصاصها به السابعة في تخفيف العذاب عن بعض الكفار كأبى طالب وجعل ابن دحية منه التخفيف عن أبي لهب في كل يوم اثنين لسروره بولادة النبي صلى الله عليه وسلم وإعتاقه ثويبة حين بشرته به ومن شفاعاته أنه يشفع لمن مات بالمدينة رواه الترمذي وصححه وأن يشفع في التخفيف من عذاب القبر وفي العروة الوثقى للقزوينى أنه يشفع لجماعة من صلحاء المسلمين يتجاوز عنهم في تقصيرهم في الطاعات وذكر بعضهم أنه يشفع في أطفال المشركين حتى يدخلوا الجنة وعبارة المصنف شاملة لجميع ذلك والحبيب للاله أى أنه صلى الله عليه وسلم حبيب الله لخبر ألا وأنا حبيب الله ولا فخر وظاهر الأحاديث يدل على(1/23)
أن المحبة أتم من الخلة لأن سياق الفضائل التي أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم يدل على أن كل ما ذكر له أتم فضلا من كل ما ذكر لغيره وقد اختص بالمحبة كما اشتهر إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالخلة فدل على أن المحبة أفضل لأن صاحبها أفضل وفرق النيسابوري بين الخليل والحبيب بأن الخليل الذي أمتحنه ثم أحبه والحبيب الذي أحبه ابتداء تفضلا والخليل الذي جعل ما يملكه فداء خليله والحبيب الذي أحبه تفضلا والخليل الذي جعل ما تملكه فداء خلية والحبيب الذي جعل الله مملكته فداءه ووجد إبراهيم الخلة ولم يجدها أحد غيره بسببه ووجد محمد المحبة ووجدتها أمته بسببه قال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله وقال يحبهم ويحبونه والمحبة اسم جامع به تجمع الخلة وغيرها والعام أكبر من الخاص وبعده أى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء فالأفضل أبو بكر الصديق وهذا مجمع عليه ولا مبالاة بما يخالفه وسمى بالصديق لأنه صدق بالنبي صلى الله عليه وسلم في نبوته ورسالته من غير تلعثم وصدقه في المعراج بلا تردد فيما أخبر به والأفضل التالى له عمر بن الخطاب الفاروق لما روى أنه قال كان إسلام عمر عزا وهجرته نصرة وأمارته رحمة والله ما استطعنا أن نصلى حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر وروى ابن سعد عن صهيب أنه قال لما اسلم عمر قال المشركون انتصف القوم منا وقال حذيفة لما أسلم عمر كان الاسلام كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربا ولما قتل كان الإسلام كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدا وورد أن جبريل نزل عند إسلام عمر وقال يامحمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر وسمى بالفاروق لأنه فرق بين الحق والباطل في القضايا والخصومات ثم عثمان بن عفان بعده كذا على بن أبي طالب لاطباق السلف على أفضليتهم عند الله على هذا الترتيب وفي صحيح البخاري وغيره عن محمد بن الحنفية قال قلت لأبي أى الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قلت ثم من قال(1/24)
عمر قلت ثم من قال عثمان
قلت وأنت قال أنا إلا رجل من المسلمين وفي البخاري عن ابن عمر كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان بن عفان وهو في حكم المرفوع عند الأكبرين فالستة الباقون من العشرة وهم طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح فالبدري أى فالأفضل بعد العشرة شهد وقعة بدر وهم ثلثمائة وبضعة عشر والبضع بكسر الباء وقد تفتح ما بين الثلاث إلى التسع وعبارة إمام الحرمين وغيره وثلاثه عشر وزاد أهل السير على القولين وأربعة عشر وخمسة عشر وستة عشر وثمانية عشر وتسعة عشر وقال بعضهم ثمانية من الثلاثة عشر لم يحضروها وإنما ضرب لهم بسهمهم وأجرهم وكانوا كمن حضرها وهي البطشة الكبرى التي أعز الله بها الإسلام ثم بعد البدريين أصحاب أحد ثم أهل بيعة الراضوان والشافعي أمام الأئمة ومالك بن انس إمام دار الهجرة والنعمان الإمام أبو حنيفة المنعوت بالخشية والخيفة وأحمد بن حنبل المتعمق في التقوى وسفيان الثوري وغيرهم من سائر الأئمة كابن عيينة والليث بن سعد والاوزاعي وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري على هدى من ربهم في العقائد وغيرها ولا أعتبار بمن تكلم فيهم بما هم بريئون منه ومناقبهم مأثورة وفضائلهم مشهورة ويكفى فيها أنتشار علمهم وتقرر جلالتهم على مدى الأزمان وذلك لايقدر أحد على أن يضعه لنفسه ولا لغيره ومناقبهم أكثر من أن تحصى رضي الله عنهم والاختلاف بينهم فيما طريقه الاجتهاد رحمه لقوله صلى الله عليه وسلم اختلاف أصحابي رحمه والمراد بهم المجتهدون قيس بهم غيرهم فلو اختلف جواب مجتهدين متساوين فالأصح أن للمقلد أن يتخير فيعمل بقول من شاء منهما وقول الناظم والشافعي باسكان الياء والأولياء ذوو كرامات رتب أى أن الأولياء وهم العارفون بالله تعالى حسبما يمكن المواظبون على الطاعة المجتنبون للمعاصي(1/25)
المعرضون عن الانهماك في اللذات والشهوات أصحاب كرامات فهي جائزة وواقعة وقد دل على ذلك الكتاب والسنة قال تعالى كلما دخل عليها زكريا المحراب الآيه وقال تعالى قال الذي عنده علم من الكتاب الآيه وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها إذ التفتت البقرة له فقالت له إني لم أخلق لهذا إنما خلقت للحراثة فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني أؤمن بهذا وأبو بكر وعمر الحديث ويؤخذ مما مر في تعريف المعجزة امتيازها عن الكرامة بالتحدي ويؤخذ مما هنا أن الكرامة هي الخارق المقرون بالعرفان والطاعة وخرج به ما لا يكون مقرونا بذلك ويسمى استدراجا ومؤكدات تكذيب الكذابين كما روى أن مسيلمة دعى لأعور لتصح عينه العوراء فذهب ضوء الصحيحة أيضا ويسمى هذا إهانة وقد تظهر الخوارق من قبل عوام المسلمين تخليصا لهم من المحن والمكاره وتسمى معونة وقد تلخص من هذا مع ما سبق أن الخارق للعادة ستة أنواع معجزة وإرهاص وكرامه واستدراج ومعونة وإهانه وكرامات الأولياء متفاوته كتفاوت معجزات الأنبياء كجريان النيل بكتاب عمر ورؤيته وهو على المنبر بالمدينة جيشه بنهاوند حتى قال لأمير الجيش يا سارية الجبل الجبل محذرا له من وراء الجبل لمكر العدو هناك وسماع سارية كلامه مع بعض المسافة وكشرب خالد السم من غير تضرر به وغير ذلك مما وقع للصحابة وغيرهم وما انتهوا لولد من غير أب أي ان الألياء لا ينتهون إلى ولد من غير أب ونحوه كقلب جماد بهيمة قال الأستاذ أبو القاسم القشيري في الرسالة إن كثيرا من المقدورات(1/26)
نعلم اليوم قطعا أنه لا يجوز أن تظهر كرامة لولى لضرورة أو شبه ضرورة منها حصول الإنسان لا من أبوين وقلب جماد بهيمه وأمثال هذا يكثر هذا قال التاج السبكي وهذا حق يخصص قول غيره ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي لافارق بينهما إلا التحدي وقد جرى عليه المصنف لكنه راى مرجوح فقد قال الزركشي إنه مذهب ضعيف والجمهور على خلافه وقد أنكروه على القشيري حتى ولده أبو نصر في كتابه المرشد فقال قال بعض الأئمة ما وقع معجزة لنبي لا يجوز تقدير وقوعه كرامة لولي كقلب العصى ثعبانا وإحياء الموتى والصحيح تجويز جملة خوارق العادات كرامات للأولياء وفي الأرشاد لأمام الحرمين مثله وفي شرح مسلم للنووي في باب البر والصلة أن الكرامات تجوز بخوارق العادات على أختلاف أنواعها ومنعه بعضهم وادعى أنها تختص بمثل إجابة دعاء ونحوه وهذا غلط من قائله وانكار للحس بل الصواب جريانها بقلب الأعيان ونحوها اه ولم يجز في غير محض الكفر خروجنا على ولى الأمر أى يحرم الخروج على ولى الأمر وقتاله باجماع المسلمين لما يترتب على ذلك من فتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه ولأننا تحت طاعته في أمره ونهيه ما لم يخالف حكم الشرع وإن كان جائرا قال النووى في شرح مسلم إن الخروج عليهم وقتالهم حرام باجماع المسلمين وإن كانوا فسقه ظالمين اهو هو محمول على الخروج عليهم بلا عذر ولا تأويل وخرج بقول المصنف ولى الأمر مالو طرأ عليه كفر فإنه يخرج عن حكم الولاية وتسقط طاعته ويجب على المسلمين القيام عليه وقتاله ونصب غيره إن أمكنهم ذلك ويمكن أن يستفاد هذا من قوله في غير محض الكفر بجعل في للتعليل كما في قوله تعالى لمسكم فيما أفضتم أى لم يجز لأجل غير محض الكفر خروجنا على ولى الأمر وما جرى بين الصاحب نسكت عنه وأجر الاجتهاد نثبت أى أنه يجب سكوتنا عما جرى بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم من المنازعات والمحاربات التى(1/27)
قتل بسببها كثير منهم فتلك دماء طهر الله منها أيدينا فلا نلوث بها ألسنتنا كمنازعة معاوية عليا بسبب تأخير تسليم قتلة عثمان إلى عشيرته ليقتصوا منهم لأن عليا رأى تأخير تسليمهم أصوب لأن المبادرة بالقبض عليهم مع كثرة عشيرتهم واختلاطهم بالعسكر تؤدى إلى أضطراب أمر الأمامة فان بعضهم عزم على الخروج على علي وقتله لما نادى يوم الجمل بأن يخرج عنه قتله عثمان ورأى معاوية المبادرة وتسليمهم للاقتصاص منهم أصوب وذلك لأن لهم تأويلات ظاهرة ومحامل قوية وعد التهم ثابتة بنص الكتاب والسنة فلا تزول بالاحتمال ونثبت أجر الإجتهاد لكل منهم لأن ذلك مبنى على الاجتهاد في مسئلة ظنية للمصيب فيها أجران على اجتهاده وإصابته وللمخطىء أجر على اجتهاده وقد ورد في فضلهم أدلة كثيرة وقول الناظم الصحاب بكسر الصاد جميع صاحب كجائع وجياع فرض على الناس إمام ينصب أى أنه يجب على الناس نصب إمام يقوم بمصالحهم كتنفيذ أحكامهم وإقامة حدودهم وسد ثغورهم وتجهيز جيوشهم وأخذ صدقاتهم إن دفعوها وقهر المتغلبة والمتلصصة وقطاع الطريق وقطع المنازعات بين الخصوم وقسمة الغنائم وغير ذلك لإجماع الصحابة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم على نصبه حتى جعلوه أهم الواجبات وقدموه على دفنه صلى الله عليه وسلم ولم تزل الناس في كل عصر على ذلك وشرط الإمام كونه بالغا عاقلا مسلما عدلا حرا ذكرا مجتهد شجاعا ذا رأى وكفاية قرشيا سميعا بصيرا ناطقا سليم الأعضاء من نقص يمنع استيفاء الحركه وسرعة النهوض فإن لم يوجد قرشى مستجمع للشروط فكناني مستجمع فإن لم يوجد فمستجمع من ولد إسمعيل فإن لم يكن فجرهمي مستجمع وجرهم أصل العرب فإن لم يوجد فمستجمع من ولد(1/28)
اسحق فإن لم يوجد مستجمع أصلا فمستجمع الأكثر من قريش أو كنانة أو ولد إسمعيل أو غيرهم على الترتيب المذكور والجاهل العادل أولى من العالم الفاسق ولا يشترط في الامام كونه معصوما ولا كونه هاشميا أو علويا ولا كونه أفضل أهل زمانه بل يجوز نصب المفضول مع وجود الفاضل ولا ينعزل بالفسق وما على الإله شيء يجب أي لايجب شيء على الله ومن يوجب عليه ولا حكم الإله لأنه خالق الخلق فكيف يجب للمخلوقين المملوكين له بجملة هوياتهم وأفعالهم لعملهم المستحق عليهم أجر أو رعاية مصلحة فضلا عما هو الأصلح تعالى الله عن أن يجب عليه شيء وأما نحو قوله تعالى كتب ربكم على نفسه الرحمة وقوله وكان حقا علينا نصر المؤمنين فإنما هو إحسان وتفضل لا إيجاب وإلزام يثيب من أطاعه بفضله ومن يشأ عاقبه بعدله أي أنه تعالى يثيب من اطاعه من عباده بفضله ويعاقب من عصاه من مكلفيهم إن شاء بعدله ومعنى الثواب إيصال النفع إلى العبد على طريق الجزاء ومنه قوله تعالى فأثابهم الله بما قالوا أي جزاهم والإثابه على الطاعة مجمع عليها لكنها عند أهل السنة فضل وعند المعتزلة وجوب ومعنى العقاب إيصال الألم إلى المكلف على طريق الجزاء وهو متحتم في الشرك كما يأتى ومتوقف في غيره من المعاصى على انتفاء العفو لإخباره بذلك وقوله يشأ بالإسكان وصله بنية الوقف يغفر ما يشاء دون الشرك به خلود النار دون شك أى أنه تعالى يغفر ما يشاء من المعاصى غير الشرك أما هو فلا يغفره ومن مات مشركا فهو مخلد في العذاب بالإجماع وخرج به غيره من المعاصى وإن كانت كبائر لم يتب منها فلا يخلد بها أحد ممن مات مؤمنا في العذاب له عقاب من أطاعه كما يثبيبمن عصى ويولى نعما أى أن له تعالى أن يعاقب من أطاعه كما له أن يثيب من عصاه ويوليه نعما كثيرة عظيمة لأنه ملكه يتصرف فيه كيف يشاء لكنه لا يقع منه ذلك لإخباره بإثابة المطيع وتعذيب العاصي كما مر قال أصحابنا وليست المعصية علة العقاب والطاعة علة(1/29)
الثواب وإنما هما أمارتان عليهما وإنكار المعتزلة ذلك بناء على أصلهم في التقبيح العقلي فإنه يؤدى إلى الظلم وهو نقص محال على الله تعالى رد بلزوم النقص على قولهم فإنهم أوجبوا عليه تعالى حقا لغيره ولو وجب ذلك لكان في قيده وهو نقص واحتج العز بن عبد السلام في قواعده بخبر إن الله يخلق في النار أقواما وكذلك لااستبعاد في إثابة من لم يطع ففي الخبر الصحيح إن الله تعالى ينشىء في الجنة أقواما وكذلك الحكم في الحور العين واطفال المسلمين وغيرهم ممن يتفضل عليهم من غير اثابة على عمل سابق وليست الربوبية مقيدة بمصالح العبودية كذا له أن يؤلم الأطفال أى أنه له إيلام الأطفال والدواب في الآخرة أما في الدنيا فنحن نشاهد من لاذنب له يبتلى من أطفال ودواب وذلك عدل منه تعالى لتصرفه في ملكه بما يريد وفي ذلك حكم لكنه لا يقع إذ لم يرد إيلام الاطفال والدواب في غير قصاص والأصل عدمه أما في القصاص فلخبر لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء رواه مسلم وقال يقتص للخلق بعضهم من بعض حتى للجماء من القرناء وحتى الذرة من الذرة وقال ليختصمن كل شيء يوم القيامة حتى الشاتان فيما انتطحتا وقضية هذه الأخبار أنه يتوقف القصاص يوم القيامة على التكليف والتمييز فيقتص من طفل لطفل وغيره ووصفه بالظالم استحالا أى أنه تعالى يستحيل وصفه بالظالم وهذا جواب عن سؤال مقدر إذ قد يتخيل من تعذيب المطيع وإيلام الأطفال أن ذلك ظلم(1/30)
فصرح باستحالته عليه أى عقلا وسمعا أما الأول فلأن الظلم إنما يعرف بالنهى عنه ولا يتصور في أفعاله تعالى ما ينهى إذ لا يتصور له ناه ولأن العالم خلقه وملكه ولا ظلم في تصرف المالك في ملكه ولأنه وضع الشيء في غير موضعه وذلك مستحيل على المحيط بكل شيء علما وأما الثاني فلما لا يحصى من الآيات والأخبار والألف في قوله الأطفال واستحالا للإطلاق يرزق من يشأ ومن شا أحرما أى أنه يرزق من يشاء ما شاء من الرزق ومن شاء أحرمه ما شاء منه وفي نسخة حرما وكلاهما بمعنى منع والألف فيهما للإطلاق أو أنه تعالى يرزق من يشاء بأن يوسع عليه فيه ومن يشاء حرمه بأن يضيق عليه فيه لأنه تعالى هو الرازق فلا رازق غيره وكل يستوفى رزق نفسه ولا يتصور أن يأكل رزق غيره ولا أن يأكل غيره رزقه لأن ما قدره الله تعالى غذاء الشخص يجب أن ياكله ويمتنع أن يأكله غيره فمن حق من عرف أنه الرازق أن لايسأل حوائجه قلت أم كثرت إلا منه تعالى والرزق ما ينفع ولو محرما أى أن الرزق بمعنى المرزوق ما ينتفع به حتى في التغذى وغيره ولو كان حراما بغصب أو غيره لقوله تعالى قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا إذ لو لم نقل بذلك لزم أن المتغذي بالحرام طول عمره لم يرزقه الله أصلا وأن الدواب لا ترزق لأنها لا تملك ويرده قوله تعالى وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها لأنه تعالى لا يترك ما أخبر أنه عليه وقول الناظم من يشا ومن شا بالإسكان وصلة بنية الوقف وعلمه بمن يموت مؤمنا فليس يشقى بل يكون آمنا أى من علم الله تعالى موته مؤمنا فليس يشقى بل يكون سعيدا آمنا من عذاب الكفار وإن تقدم منه كفر وقد غفر ومن علم موته كافرا فيشقى وإن تقدم منه إيمان وقد حبط عمله وقد قال الأشعري إنه تبين أنه لم يكن إيمانا فالسعادة الموت على الإيمان ويترتب عليها الخلود في الجنة والشقاوة الموت على الكفر ويترتب عليها الخلود في النار وقال الله تعالى وأما الذين(1/31)
سعدوا ففي الجنة خالدين فيها وقال تعالى فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها لم يزل أبو بكر الصديق رضي الله عنه فيما قد مضى من عمره عند إلهه تعالى بحالة الرضا وإن لم يتصف بالإيمان قبل تصديقه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يثبت عنه حالة كفر كما ثبتت عن غيره ممن آمن وظن بعض الحنفية أن الأشعري يقول بأنه كان مؤمنا قبل المبعث وليس كذلك إن الشقي الشقي الأزل وعكسه السعيد لم يبدل أى أن الشقى من كتبه الله شقيا في الأزل لا في غيره والسعيد من كتبه الله سعيد في الأزل لا في غيره وإن كلا منهما لا يبدل إذ من كتبه في الأزل شقيا يستحيل أن ينقلب سعيدا ومن كتبه في الأزل سعيدا يستحيل أن ينقلب شقيا بخلاف المكتوب في غيره كاللوح المحفوظ قال تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب أي أصله وهو العلم القديم الذي لا يغير منه شيء كما قاله ابن عباس وغيره وفي جامع الترمذي حديث مرفوع فرغ ربك من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير وفي عقائد النسفي وغيرها أن السعيد قد يشقى بأن يرتد بعد الإيمان والعياذ بالله تعالى والشقى قد يسعد بأن يؤمن بعد الكفر والتغيير يكون على السعادة والشقاوة دون الاسعاد والاشقاء فانهما من صفاته تعالى والحاصل أنه يحمل ما دل على التبدل على أنه بالنسبة إلى علم الملائكة المستند إلى ما في المصحف وما دل على عدم التبدل على أنه بالنسبة إلى علمه تعالى ولم يمت قبل انقضا العمر أحد أى أنه لا يموت أحد قبل انقضاء أجله وهو الوقت الذي كتب الله في الأزل انتهاء حياته فيه بقتل أو غيره قال الله تعالى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون(1/32)
والعطف في قوله ولايستقدمون على الجملة الشرطية مع الظرف لا الجزائية والمعنى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة فما الظن بما زاد ولو كان عطفا على الجملة الجزائية لورد أن الاستقدام عند المجىء لا يتصور والموت فائم بالميت مخلوق الله تعالى لا صنع للعبد فيه خلقا ولا كسبا ومبنى هذا على أن الموت وجودي بدليل قوله تعالى خلق الموت والحياة والأكثرون على أنه عدمى ومعنى خلق الموت قدره وأما نقص العمر المشار إليه بقوله تعالى وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب فليس المراد به النقص من عمر ذلك المعمر بل المراد وما ينقص من عمر معمر آخر والضمير له وإن لم يذكر لدلالة مقابله وقيل في تأويله غير ذلك وأما خبر الطبراني أن المقتول يتعلق بقاتله يوم القيامة ويقول يا رب ظلمني وقطع أجلى فمتكلم في اسناده وبتقدير صحته فهو محمول على مقتول سبق في علمه تعالى أنه لو لم يقتل لكان يعطى أجلا زائدا والنفس تبقى ليس تفنى للأبد أى أن النفس وهى الروح تبقى بعد موت البدن منعمة أو معذبة فلا تفنى عند النفخة الأولى ولا غيرها لأن الأصل في بقائها بعد الموت استمراره وتكون من المستثنى بقوله إلا من شاء الله كما قيل في الحور العين والجسم يبلى غير عجب الذنب أى أن الجسم جميعه يفنى ويصير ترابا إلا عجب الذنب فإنه لا يبلى لخبر ليس شىء من الأنسان إلايبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب منه يركب الخلق يوم القيامة وهو في أسفل الصلب عند رأس العصعص يشبه في المحل محل أصل الذنب من ذوات الأربع ولهذا قال بعضهم أنه بالنسبة إلى جسم الأنسان كالبذر بالنسبة إلى جسم النبات وهو بفتح العين وسكون الجيم وآخره باء موحده وقد تبدل ميما وحكى اللحيان تثليث العين فيهما فهي ست لغات وما شهيد باليا ولا نبى أى ان الأرض لا تاكل لحم الأنبياء ولا الشهداء تكريما لهم فهم إحياء في قبورهم عند ربهم يرزقون لقوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله الآية للخبر(1/33)
الصحيح أن الأرض لا تأكل لحوم الأنبياء إذ هم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما ورد وقول الناظم ولا نبي أى باليا وزاد بعضهم المؤذن المحتسب لخبر عبد الله بن عمر والمؤذن المحتسب كالمتشحط في دمه وأن مات لم يدود في قبره رواه الطبراني في الكبر ويدود بكسر الواو المشددة اى لم يأكله الدود وقول الناظم انقضا بالقصر للوزن والروح ما أخبر عنها المجتبى أي المصطفى صلى الله عليه وسلم فنمسك المقال عنها ادبا أى أن حقيقة الروح وهي النفس ما أخبر عنها صلى الله عليه وسلم وقد سئل عنها لعدم نزول الأمر ببيانها قال تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي فنمسك المقال عنها أدبا معه صلى الله عليه وسلم ولا نعبر عنها بأكثر من موجود كما قال الجنيد الروح شيء أستأثر الله بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه فلا يجوز لعباده البحث عنه بأكثر من أنه موجود وإلى هذا ذهب أكثر المفسرين والخائضون فيها أختلفوا على أكثر من ألف قول فقال جمهور المتكلمين أنها جسم لطيف متشبك بالبدن كاشتباك الماء بالعود الأخضر واجاب الخائضون عن الآية بأنه ترك جواب ذلك لقول اليهود فيما بينهم أن لم يجب عنها فهو صادق لأن ذلك عندهم من علامات نبوته فكان ترك الجواب تصديقا لما تقدم في كتبهم من وصفه بذلك ولأن سؤالهم كان سؤال تعجيز وتغليط لأن الروح مشترك بين روح الأنسان وجبريل وملك آخر يقال له الروح وصنف من الملائكة والقرآن وعيسى بن مريم فلو أجيب عن واحد منها لقالت اليهود لما نرد هذا تغتا منهم وأذى فجاء الجواب مجملا على وجه يصدق على كل من معاني الروح والعلم أسنى سائر الأعمال أى أن(1/34)
العلم أرفع وأفضل من سائر الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى لأدلة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر كقوله تعالى شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط وقوله تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء وخبر الصحيحين أذ مات أبن آدم أنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جاريه أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له وخبر أبن حبان والحاكم في صحيحهما أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وخبر الترمذي وغيره فضل العالم على العابد كفضلي علي أدناكم وللأن أعمال الطاعة مفروضة ومندوبه والمفروض افضل من المندوب والعلم منه لأنه إما فرض عين وإما فرض كفايه وقال سفيان ما أعلم عملا أفضل من طلب العلم وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه طلب العلم أفضل من صلاة النافلة وقال بعضهم وكل فضيلة فيها سناء وجدت العلم من هاتيك أسنى فلا تعتد غير العلم ذخرا فإن العلم كنز ليس يفنى والألف واللام في العلم وللإستغراق أو للجنس أو للعهد الذكرى أو الذهنى أى الشرعي الصادق بالتفسير والحديث والفقه وهو دليل الخير والإفضال أى أن العلم دليل الخير أى الفوز بالسعادة الأخروية والافضال الانعام قال صلى الله عليه وسلم من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ثم العلم ينقسم إلى فرض عين وفرض كفايه وقد شرع في ذكرهما مبتدئا بالأول منهما فقال ففرضه علم صفات الفرد أي أن من فروض العين علم صفات الله تعالى وما يجب له ويمتنع عليه ككونه موجودا واحدا قديما ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا مختص بجهة ولا مستقر على مكان حي قادر عليما مريد سميع بصير باقيا متكلما قديم الصفات خالقا أفعال العباد منزها عن حلول الحوادث ولا يعتبر فيها العلم بالدليل بل يكفى فيها الأعتقاد الجازم مع كل ما يحتاجه المؤدي أى المكلف بفرائض الله تعالى من فرض دين الله في الدوام أى فرائض الله تعالى مما لا يتأتى فعلها إلا به كالطهر عن الحدث بوضوء(1/35)
أو غسل او تيمم والخبث مغلظا أو متوسطا أو مخففا والصلاة والصيام فإن من لا يعلم أركان العبادة وشروطها لا يمكنه أداؤها وإنما يتعين تعلم الأحكام الظاهره دون الدقائق والمسائل التى لا تعم بها البلوى وخرج بقوله في الدوام ما لا يجب في العمر إلا مرة وهو الحج والعمرة وما لا يجب في العام إلا مرة وهو الزكاة فلا يتعين علم ما يحتاج إليه في أدائها إلا على من وجبت عليه فمن له مال زكوى يلزمه تعلم ظواهر أحكام الزكاة وأن كان ثم ساع يكفيه الأمر فقد يجب عليه ما لا يعلمه الساعى و كالفرض في ما ذكره النفل إذا اراد فعله إذ تعاطى العبادة الفاسدة حرام والبيع للمحتاج للتبايع فيتعين على متعاطى البيع والشراء تعلم أحكامهما حتى يتعين على الصيرفي أن يعلم عدم جواز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا مع الحلول والمماثلة والقبض قبل التفرق ولا بيع أحداهما بالآخر إلا مع الحلول والقبض قبل التفرق وظاهر الأحكام في الصنائع فيتعين تعلم ظاهر الأحكام الغالب فيها على من يعانيها دون الفروع النادرة والمسائل الدقيقة حتى يتعين على الخباز أن يعلم أنه لا يجوز بيع خبز البر بالبر ولا بدقيقه ويتعين علم ما يحتاج إليه في المناكحات ونحوها وعلم داء للقلوب مفسد لها ليحترز عنه وهو علم(1/36)
أمراضها التى تخرجها عن الصحة فيعلم حدها وسببها وعلاجها كالعجب وهو استعظام الآدمي نفسه على غيره والركون إليها مع نسيان أضافتها للمنعم والكبر وهو أن يتعدى الشخص طوره وقدره وهو خلق في النفس وأفعال تصدر من الجوارح وداء الحسد وهو كراهتك نعمة الله على غيرك ومحبتك زوالها عنه وما ذكره المصنف نقله في الروضة عن الغزالي ثم قال وقال غيره فيه تفصيل فمن رزق قلبا سليما من هذه الامراض المحرمة كفاه الله ذلك ومن لم يسلم وتمكن من تطهير قلبه بغير تعلم العلم المذكور وجب تطهيره وأن لم يتمكن إلا بتعلمه وجب اهثم ذكر القسم الثاني وهو فرض الكفايه وبه شرع في أصول الفقه فقال وما سوى هذا من الأحكام فرض كفايه على الأنام أى ما سوى فرض العين من علو أحكام الله كالتوغل في علم الكلام بحيث يتمكن من إقامة الأدلة وأزالة الشبه فرض كفايه على جميع المكلفين الذين يمكن كلا منهما فعله فكل منهم مخاطب لفعله لكن إذا فعله البعض سقط الحرج عن الباقين فإن امتنع جميعهم من فعله أثم كل من لا عذر له ممن علم ذلك وأمكنه القيام به أو لم يعلم وهو قريب يمكنه العلم به بحيث ينسب إلى التقصير ولا أثم على من لم يتمكن لعدم وجوبه عليه قال الإمام في المحصول وأعلم أن التكليف فيه أى في فرض الكفايه موقوف على حصول الظن الغالب فإن غلب على ظن جماعة أن غيرها يقوم بذلك سقط عنها وأن غلب على ظنهم أن غيرهم لا يقوم به وجب عليهم وأن غلب على ظن كل طائفة أن غيرهم يقوم به سقط الفرض عن كل واحد من تلك الطوائف وأن كان يلزم منه أن لا يقوم به أحد لأن تحصيل العلم بأن غيري هل يفعل هذا الفعل أما لا غير ممكن إنما الممكن تحصيل الظن أهو ما ذكره الناظم من أن فرض الكفايه يتعلق بجميع الأنام هو الأصح وعليه الجمهور ونص عليه الشافعي في الأم والألف والام في قوله الأحكام للعهد أى أحكام دين الله وهي العلوم الشرعية وآلتها وخرج بها غيرها لأنه محرم أو مكروه أو مباح فالأول(1/37)
كالفلسفة والشعبدة والتنجيم والرمل وعلوم الطبائعيين وكذا السحر على الصحيح والثاني كأشعار المولودين المشتمله على الغزل والبطاله والثالث كأشعارهم التي ليس فيها سخف ولا شيء مما يكره أو ينشط على الشر أو يثبط عن الخير ولا يحث عليه أو يستعان به عليه كل مهم قصدوا تحصله من غير أن يعتبروا من فعله أى ان فرض الكفايه يعرف بأنه كل مهم قصدوا في الشرع تحصيله من غير أن يعتبروا عين من يفعله أى يقصد حصوله في الجملة فلا ينظر إلى فاعله إلا بتبع للفعل ضرورة أنه لا يحصل بدون فاعل فيتناول ما هو ديني كصلاة الجنازة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ودنيوي كالحرف والصنائع وخرج فرض العين فإنه منظور بالذات إلى فاعله حيث قصد حصوله من كل واحد من المكلفين أو من عين مخصوصه كالنبي صلى الله عليه وسلم في ما فرض عليه دون أمته ولم يقيد الناظم التحصل بالجزم أحترازا عن السنة لأن الغرض تمييز فرض الكفاية عن فرض العين وذلك حاصل بما ذكره والقائم بفرض العين أفضل من القائم بفرض الكفايه لشدة أعتناء الشارع به بقصده حصوله من كل مكلف في الأغلب ثم مثل لفرض الكفاية بقوله كأمر معروف ونهى المنكر المجمع عليه إذ هو من أعظم قواعد الإسلام والمراد به الأمر بواجبات الشرع والنهى عن محرماته فإن نصب الأمام لذلك رجلا تعين عليه بحكم الولاية وهو المحتسب وسواء في ذلك تعلق بحقوق الله تعالى جميعا كالأمر بإقامة الجمعة إذا توفرت شروطها أو أفرادا كمن أخر الصلاة المكتوبة عن وقتها فإن قال نسيتها حثه على المراقبة ولا يعترض على من أخرها ووقتها باقى أو تعلق بحق آدمي عام كبلد تعطل شربه أو أنهدم سوره أو طرقه أبناء السبيل المحتاجون وتركوا معونتهم فإن كان في بيت المال مال وأمكن(1/38)
الأخذ منه لم يؤمر الناس بذلك وإلا أمر أهل المسكنة برعايتها أو بحق خاص كمطل المدين الموسر فالمحتسب يأمره بالخروج منه إذا طلبه ربه من غير ضرب ولا حبس أو تعلق بحقوق مشتركة كأمر الولياء بنكاح الأكفاء وإلزام النساء أحكام العدد وأخذ السادة بحقوق الأرقاء وأصحاب البهائم بتعهدها وأن لا يستعملوها فيما لا تطيقه أو من تصدى للتدريس أو الوعظ وليس هو من أهله ولا يؤمن اعتزاز الناس به في تأويل أو تحريف أنكر عليه المحتسب وشهر أمره لئلا يفتر به وإذا رأى رجلا واقفا مع امرأة في شارع يطرقه الناس لم ينكر عليه أو خال فمحل ريبة فينكره ويقول له إن كانت محرمك فصنها عن مواقف الريبة ولا ينكر في حقوق الآدميين كتعديه في جدار جاره إلا بطلب صاحب الحق وأن يظن النهى لم يؤثر أى لا يسقط الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بظنه أنه لا يفيد أو بعلمه ذلك بالعادة بل يجب عليه الأمر والنهى فإن الذكرى تنفع المؤمنين وليس الواجب عليه قبوله ذلك منه لقوله تعالى وما على الرسول إلا البلاغ ولا يشترط في الآمر والناهي كونه ممتثلا ما أمر به مجتنبا ما نهى عنه بل يجب عليه الأمر والنهى في حق نفسه وحق غيره فإن أخل بأحدهما لم يجز الاخلال بالآخر ولا يختص المأر والنهى بأرباب الولايات والمراتب بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين واجب عليهم وعلى المكلف تغيير المنكر بأى وجه أمكنه ولا يكفى الوعظ لمن أمكنه إزالته باليد ولا تكفى كراهة القلب لمن قدر على النهى باللسان وإنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف بحسب الأشياء فإن كان من الواجبات الظاهرة أو المحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها فلكل المسلمين علماء بها وإن كان من دقائق الأقوال والأفعال وما يتعلق بالاجتهاد لم يكن للعوام الابتداء بانكاره بل ذلك للعاملين بها ويلتحق بهم من أعلمه العلماء بكونه مجمعا عليه ثم العلماء إنما ينكرون المجمع على تحريمه أو ما أعتقد(1/39)
فاعله تحريمه وأما الأمر بالمندوب فمندوب أما المختلف فيه إذا فعله من لا يعتقد تحريمه فلا ينكره عليه لكن إن ندبه على وجه النصح للخروج من الخلاف فمحبوب ويكون برفق لأن العلماء متفقون على أستحباب الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة ثابتة أو وقوع في خلاف آخر وينبغي أن يرفق في تغيير المنكر بالجاهل وبالظالم الذي يخاف شره فان ذلك أدعى إلى قبول قوله وإزالة المنكر وإن قدر على الاستعانة بغيره ولم يستقل به استعان ما لم يؤد إلى إظهار سلاح وحرب فإن عجز رفع ذلك إلى صاحب الشوكة فإن عجز عن جميع ذلك كرهه بقلبه قال جمع من علم خمرا في بيت رجل أو طنبور أو علم شربه أو ضربه فعليه أن يهجم على صاحب البيت ويريق الخمر ويفصل الطنبور ويمنع أهل البيت الشرب والضرب فإن لم ينتهوا فله قتالهم وإن أتى القتال عليهم وهو مثاب على ذلك حتى لو رأى مكبا على معصية كزنا وشرب خمر فله منعه وإن أتى الدفع عليه فلا ضمان وليس للآمر والناهي البحث والتنقيب والتجسس واقتحام الدور بالظنون بل إن رأى شيئا غيره قال الماوردي فإن غلب على ظن المحتسب أو غيره استسرار قوم بالمنكر بأمارة أو آثار ظهرت فذلك ضربان أحدهما أن يكون فيه انتهاك حرمة يفوت تداركها كأن أخبره من يثق بصدقه بأن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها فيجوز له التجسس والإقدام على الكشف والإنكار والثاني ما قصر على هذه المرتبة فلا يجوز فيه الكشف والتجسس ولا يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بأن يخاف منه على نفسه أو عضوه أو منفعته أو ماله أو يخاف على غيره مفسدة أعظم من مفسدة المنكر الواقع أحكام شرع الله جمع حكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بفعل المكلف بالاقتضاء أو التخيير فالخطاب توجيه الكلام نحو الغير للأفهام والمراد به هنا كلامه النفسي الأزلي المسمى في الأزل خطابا وبإضافته إلى الله تعالى خرج خطاب من سواه إذ لا يحكم إلا حكمه والمكلف البالغ العاقل ويتعلق(1/40)
بفعله تعلقا معنويا قبل وجوده أو بعده قبل البعثة وتنجيزيا بعد وجوده بعد البعثة إذ لا حكم قبلها وخرج بفعل المكلف خطاب اله تعالى المتعلق بذاته وصفاته وأفعاله وذوات المكلفين وبالجمادات وبفعل المكلفين
لا بالاقتضاء والتخيير ولا خطاب يتعلق بفعل غير البالغ العاقل وولي الصبي والمجنون مخاطب بأداء ما وجب في ما لهما منه كالزكاة وضمان المتلف كما يخاطب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفته حيث فرط في حفظها لتنزل فعلها في هذه الحالة منزلة فعله وصحة عبادة الصبي كصلاته وصومه المثاب عليها ليس لأنه مأمور بها كما في البالغ بل ليعتادها فلا يتركها بعد بلوغه سبع تقسم الفرض والمندوب والمحرم والرابع المكروه ثم ما أبيح والسادس الباطل وأختم بالصحيح وسيأتي بيانها وما جرى عليه من أن الأحكام سبعة بأدراج الصحيح والباطل من خطاب الوضع فيها وهو جعل الشيء سببا أو شرطا أو مانعا أو صحيحا أو باطلا رأى مرجوح والمشهور عدم شمول الحكم للخطاب الوضعي ووجهه الحصر فيما ذكره أن الحكم إن تعلق بالمعاملات فإما بالصحة أو بالبطلان أو بغيرهما فهو إما طلب أو إذن في الفعل والترك على السواء والطلب إما طلب فعل أو ترك وكل منهما إما جازم أو غير جازم فطلب الفعل الجازم الإيجاب وغير الجازم الندب وطلب الترك الجازم التحريم وغير الجازم الكراهة والإذن في الفعل والترك على السواء الإباحة وزاد جمع متأخرون خلاف الأولى فقالوا إن كان طلب الترك الغير الجازم بنهي مخصوص فكراهة والإفخلاف الأولى وأما المتقدمون فيطلقون المكروه على ذي النهى المخصوص وغيره وقد يقولون في الأول مكروه كراهة شديدة وعلم مما قررناه أن جعل المصنف الأحكام هذه السبعة فيه تجوز لأنها متعلقاتها لا أنفسها إذ الإيجاب هو الحكم والوجوب أثره والواجب متعلقة وكذا البقية فالحكم الذي هو خطاب الله تعالى إذا نسب إلى الحاكم سمى إيجابا أو تحريما أو إلى ما فيه الحكم وهو الفعل سمى وجوبا أو واجبا أو حرمة(1/41)
أو حراما فالإيجاب والواجب مثلا متحدان بالذات مختلفان بالإعتبار ويأتي مثل ذلك في الندب والكراهة والإباحة والمندوب والمكروه والمباح ويسمى الفرض واجبا ومحتوما ومكتوبا خلافا لأبي حنيفة حيث ذهب إلى أن الفرض أثبت بدليل قطعي والواجب ما ثبت بدليل ظني ويسمى المحرم حراما ومحظورا وذنبا ومعصية ومزجورا عنه ومتوعدا عليه أي من الشرع ويسمى المباح حلالا وطلقا وجائزا وإنما لم يتعرض المصنف للرخصة والعزيمة لاندراجهما فيما ذكره لأن الحكم الشرعي إن تغير تعلقه من صعوبة على المكلف إلى سهوله عليه كأن تغير من الحرمة إلى الإباحة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي المتخلف عنه للعذر فالحكم المتغير إليه السهل المذكور يسمى رخصة واجبا كان كأكل الميتة للمضطر أو مندوبا كالقصر للمسافر سفرا مباحا يبلغ ثلاثة أيام أو مباحا كالسلم أو خلاف الأولى كفطر المسافر الذي لا يجهده الصوم وإن لم يتغير الحكم كما ذكره فعزيمة وبعضهم خص العزيمة بالواجب وبعضهم عممها للأحكام الخمسة فالفرض ما في فعله الثواب كذا على تاركه العقاب أي إن الفرض من حيث وصفه بالفرضية ما يثاب فاعله على فعله ويعاقب على تركه وتناول قوله ما في فعله الثواب الفرض والمندوب وخرج به الحرام والمكروه والمباح وخرج بقوله كذا على تاركه العقاب المندوب ويكفى في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره فلا يخرج من تعريف المصنف الواجب المعفو عنه أو يريد بالعقاب ترتبه على تركه فلا ينافى العفو وهذا تعريف رسمي فيصح باللازم وظاهر أن الواجب الذي لا يتوقف أجزاؤه على نية كنفقة الزوجات والأقارب والأرقاء ورد المغصوب والعوارى والودائع يعتبر في الآية فاعله قصده التقرب به ومنه مفروض على الكفاية أي أن الفرض المذكور يشمل فرض العين والكفاية لسقوط الفرض فيه بفعل البعض ولا منافاة كما قاله النووي بين قول الأصوليين أن فرض الكفاية يسقط بفعل البعض وقول الفقهاء لو صلى على الجنازة طائفة(1/42)
أخرى
وقعت صلاتهم فرضا أيضا وإذا سقط الفرض بالأولى كيف يقع غيرها فرضا لأن عبارة المحققين أسقط الحرج عن الباقين أي لا حرج عليهم في ترك هذا الفعل فلو فعلوه وقع فرضا كما لو فعلوه مع الأولين دفعة واحدة وأجيب عنه أيضا بأن فرض الكفاية قسمان أحدهما ما يحصل بفعله تمام المقصود منه ولا يقبل الزيادة كغسل الميت وتكفينه فهذا هو الذي يسقط بفعل البعض والثاني تتجدد مصلحته بتكرار الفاعلين له كالاشتغال بالعلم وحفظ القرآن وصلاة الجنازة إذ مقصودها الشفاعة فهذا كل أحد مخاطب به وإذا فعله يقع فرضا سواء أتقدمه غيره بفعله أم لا ثم مثل فرض الكفاية بقوله كرد تسليم من الجماعة أي كرد تسليم المسلم الواحد على الجماعة فيكفى في جوابه رد مكلف واحد منهم في إسقاط الإثم عنهم بخلاف ما إذا كان السلام على واحد فقط فإن رده فرض عين فإذا تركه أثم هو وحده والسنة المثاب من قد فعله ولم يعاقب امرؤ إن أهمله أي أن السنة من حيث وصفها بها ما يثاب فاعله عليه ولا يعاقب على تركه فشمل قوله المثاب من قد فعله الفرض والسنة وخرج به الحرام والمكروه والمباح وخرج بما بعده الواجب ومنه مسنون على الكفاية كالبدء بالسلام من جماعة أي أن السنة تنقسم إلى سنة عين كالوتر وصلاة العيدين وإلى سنة كفاية وقد مثل لها بابتداء السلام من جماعة وأشار بالكاف إلى عدم الحصر فمنه الأذان والإقامة وتشميت العاطس والأضحية والتسمية عند الأكل من جماعة وكذا ما يفعل بالميت مما يسن كتوجيهه للقبلة وتغميض عينيه وشد لحييه وتثليث غسله ولفائفه وتوضيئه وتغسيله بسدر أو خطمى وغير ذلك مما يكثر تعداده وأحكام السلام كثيرة فابتداؤه على كل مسلم ولو صبيا سنة عين إن كان المسلم واحدا وسنة كفاية إن كان جماعة ورده ولو كان المسلم صبيا فرض عين إن كان المسلم عليه واحدا مكلفا وفرض كفاية إن كان جماعة وشرطه ابتداء وردا إسماع له واتصال كاتصال الإيجاب بالقبول فإن شك في سماعه زاد في الرفع فإن(1/43)
كان عنده نيام خفض صوته بحيث لا يوقظهم والقارىء كغيره في ندب السلام عليه ووجوب رده باللفظ ولا يكفى رد صبي ومجنون مع وجود مكلف ولا رد غير المسلم عليهم ويجب الجمع بين اللفظ والإشارة على من رد على أصم ومن سلم عليه جمع بينهما وتجزيء إشارة الأخرس ابتداء وردا وصيغته ابتداء السلام عليكم أو سلام عليكم ويجزىء عليكم السلام مع الكراهة وتسن صيغة الجمع في السلام على الواحد لأجل الملائكة ويحصل أصل السنة فيه بالإفراد والإشارة به بلا لفظ خلاف الأولى ولا يجب لها رد والجمع بينها وبين اللفظ أفضل وصيغته ردا وعليكم السلام أو وعليك السلام للواحد وكذا لو ترك الواو فإن عكس جاز ولا يجزىء وعليكم فقط وتعريفه أفضل وزيادة ورحمة الله وبركاته ابتداء وردا أكمل وإن سلم كل على الآخر معا لزم كلا منهما الرد أو مرتبا كفى الثاني سلامه رد أو إن سلم عليه جماعة كفاه وعليكم السلام بقصدهم ويندب أن يسلم الراكب على الماشي والماشي على الواقف والصغير على الكبير والقليل على الكثير في حالة تلاقي فلو عكس لم يكره ويسلم الوارد مطلقا على من ورد عليه ويكره تخصيص البعض من الجمع بالسلام ابتداء وردا ويسن السلام للنساء مع بعضهن وغيرهن إلا مع الرجال الأجانب فيحرم السلام على الأجنبي من الشابة ابتداء وردا ويكرهان عليها ولا يكره سلام الجمع الكثير من الرجال عليها ويسن ابتداء السلام من العجوز وجمع من النسوة على غيرهن وعكسه ويجب الرد كذلك ولو سلم بالعجمية جاز إن أفهم المخاطب ولا يبدأ به فاسقا ولا مبتدعا ولا يرده عليهما إلا لعذر ولا يجب رده على مجنون وسكران ويحرم ابتداء الكافر به فإن بأن من سلم عليه كافر فليقل له استرجعت سلامي وإن سلم الذمي على مسلم قال له وعليك ويجب استثناؤه(1/44)
بقلبه إن كان بين مسلمين ولا يبدأ بتحية غير السلام إلا لعذر ولو قام عن مجلس فسلم وجب الرد ويندب لمن دخل داره أن يسلم على أهله أو موضعا خاليا فليقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولا يسلم على من في حمام أو يقضى حاجته أو يأكل أو يصلى أو يؤذن والضابط أن يكون الشخص بحالة لا يليق بالمروءة القرب منه فيها فيدخل النائم والناعس والخطيب ولا يلزم من لا يستحب السلام عليه رده نعم يجب الرد على مستمع خطبة الجمعة مع كون السلام عليه غير مسنون ويستحب للملبى رده باللفظ ويكره الرد لمن يبول أو يجامع أو نحوهما ويسن لمن يأكل أو في الحمام ويسن للمصلى ونحوه بالإشارة ويسن إرسال السلام إلى غائب برسول أو كتاب ويجب على الرسول التبليغ وعلى المرسل إليه الرد فورا ويستحب الرد على المبلغ أيضا ويندب أن يحرص كل من المتلاقيين على البداءة به ويتكرر بتكرر التلاقي ويبدأ به قبل الكلام وإن كان مارا فى سوق أو جمع لا ينتشر فيهم السلام الواحد سلم على من يليه فقط أولا وإن تخطى وجلس إلى من لم يسمع سلامه سلم ثانيا ولا يسقط الفرض عن الأولين برد الآخرين ولا يترك السلام خوف عدم الرد أما الحرام فالثواب يحصل لتارك وآثم من يفعل أي أن الحرام ولو باعتبار ظن المكلف من حيث وصفه بالحرمة ما يثاب تاركه إذا تركه امتثالا ويأثم فاعله إذا أقدم عليه عالما بتحريمه وتناول قوله فالثواب يحصل لتارك سائر أنواع الحرام وخرج به الواجب والمندوب والمباح وخرج بقوله وآثم من يفعل المكروه وعدل هنا عن قول غيره ويعاقب على فعله لاحتياجه إلى التأويل بأنه يكفى في صدق العقاب وجوده لواحد من العصاة مع العفو عن غيره أو يريد ترتب العقاب على فعله فلا ينافى العفو وفاعل المكروه لم يعذب بل أن يكف لامتثال يثب أي إن فاعل المكروه لا يعذب على فعله ويثاب على تركه إن تركه امتثالا وخرج بما ذكره الحرام والواجب والمندوب والمباح وفي نسخة بدل لم يعذب لم يعاقب وخص ما يباح(1/45)
باستواء الفعل والترك على السواء أي إن المباح من حيث وصفه بالإباحة خص باستواء فعله وتركه على السواء بأن أذن الشارع في فعله وتركه على السواء من غير ترجيح أحدهما على الآخر باقتضاء مدح أو ذم وخرج به الواجب والمندوب والحرام والمكروه لكن إذا نوى بأكله القوي لطاعة الله له ما قد نوى أي إن المكلف إذا نوى بفعل المباح التقوى لطاعة الله تعالى له ما قد نوى فيثاب عليه كأن نوى بأكله المباح التقوى على العبادة أو بنومه النشاط لها وكما يثاب على المباح إذا فعله بقصد التقوى على العبادة كذلك يأثم به إذا فعله بالتقوى على المعصية واللام في قوله لطاعة الله تعليلية أو بمعنى على أو في أما الصحيح في العبادات فما وافق شرع الله فيما حكما أي أن الصحيح في العبادات ما وافق شرع الله في وقوعه بأن استجمع ما يعتبر فيه شرعا من أركان وشروط ولو في ظن فاعله وإن لم يسقط القضاء وقيل هو ما أسقط القضاء فمن صلى محدثا ظانا طهارته ثم تبين له حدثه صلاته صحيحة على الأول لموافقتها الشرع اعتمادا على ظنه باطلة على الثاني وكذلك صلاة فاقد الطهورين لوجوبها عليه حين إذ على حسب طاقته فهي موافقة للشرع وفي المعاملات ما ترتبت عليه آثار بعقد ثبتت أي أن الصحيح في المعاملات ما ترتبت عليه آثاره وهي ما شرع ذلك العقد له كالملك في البيع وحل الوطء في النكاح وحل الانتفاع في الإجارة وعدم الضمان واستحقاق المشروط من(1/46)
الربح في القراض وبينونة الزوجة في الخلع فالصحة موافقة الفعل ذي الوجهين في وقوعه الشرع عبادة كان أو معاملة والباطل الفاسد للصحيح ضد وهو الذي بعض شروطه فقد أي إن الباطل هو الفاسد وهو ضد الصحيح ما فقد بعض معتبراته وهي مرادة بالشروط فهما اسمان مترادفان لمسمى واحد خلافا للحنفية وقول إمامنا الشافعي وكل فعل محرم يقصد به التوصل إلى استباحة ما جعل الشرع أصله على التحريم أو رد عليه العقد في وقت ضيق المكتوبة فإن المتلفظ بالعقد تارك لتكبيرة الإحرام وتركها حينئذ محرم فهذا محرم توصل به إلى استباحة الأملاك وأصلها على الحظر مع أنه ليس بفاسد أهم وأجاب عنه الوالد رحمه الله تعالى بأنه غير وارد لخروجه بقوله ما جعل الشرع أصله على التحريم إذ الأصل في المنافع الحل فلم يتوصل بالعقد المذكور إلى استباحة ما جعل الشرع أصله على التحريم وبقوله فعل محرم فإن المحرم حيث أطلق انصرف إلى ما حرم لذاته والتلفظ بالعقد المذكور إنما حرم لعارض وفرق أصحابنا بين الفاسد والباطل في أربعة مواضع الحج والعارية والخلع والكتابة وزاد الشيخ زين الدين الكتنانى أربعة أخر وهي الوكالة والإجارة والجزية والعتق قال بعضهم ولا ينحصر فيها بل يجري في سائر العقود ومن صوره ما لو نكح بلا ولى فهو فاسد يوجب مهر المثل لا الحد ولو نكح السفيه بلا إذن فباطل لا يترتب عليه شيء وقول الناظم فقد الأنسب بناؤه للمفعول ويوجد في بعض النسخ واستثن موجودا كما لو عدما كواجد الماء إذا تيمما أشار باستثناء هذه وما بعدها إلى ما زاده القرافي وغيره على الأصوليين في الأحكام الوضعية وهو التقديرات الشرعية وهي ضربان أحدهما إعطاء الموجود حكم المعدوم كالماء الموجود مع مريض يخاف عليه من استعماله على نفس أو عضو أو منفعته فإنه ينتقل إلى التيمم ويقدر أن هذا الماء الموجود معدوم لوجود العذر ومنه معدوم كموجود مثل كدية تورث عن شخص قتل أي أن المعدوم يعطى حكم الموجود كالدية(1/47)
الموروثة عن قتيل فإنه يقدر وجودها ودخولها في ملك الموروث في آخر جزء من حياته في الأصح حتى يقضى منها ديونه مع أنها معدومة حال التقدير المذكور ووجه استثناء هاتين الصورتين من ضابط الباطل أنهما فقدتا بعض شروطها ومع ذلك فهما صحيحتان باعتبار التقدير و ما في قول الناظم كما لو عدما مصدريه والألف في قوله عدما وتيمما للإطلاق وقوله مثل مبني للمفعول وخفف الثاء المثلثة للوزن وهذا آخر زيادة الناظم المتوالية كتاب الطهارة الكتاب لغة الضم والجمع وفي الاصطلاح اسم لجملة مختصة من العلم مشتملة على أبواب وفصول ومسائل غالبا والطهارة مصدر طهر بفتح الهاء وضمها والفتح أفصح يطهر بضمها فيهما وهي في اللغة النظافة والخلوص من الأدناس حسية كانت كالأنجاس أو معنوية كالعيوب وشرعا زوال المنع المترتب على الحدث أو الحبث أو الفعل الموضوع لإفادة ذلك أو لإفادة بعض آثاره كالتيمم فإنه يفيد جواز الصلاة الذي هو من آثار ذلك فهي قسمان ولهذا عرفها النووي وغيره باعتبار القسم الثاني بأنها رفع حدث أو إزالة نجس أو ما في معناهما وعلى صورتهما كالتيمم والأغسال المسنونة وتجديد الوضوء والغسلة الثانية والثالثة وإنما يصح تطهير بما أطلق بالبناء لما لم يسم فاعله أي إنما يصح التطهير في غير الاستحالة والتيمم بالماء المطلق وأفاد تعبيره بأنما المفيدة للحصر حصر التطهير في الماء المطلق وهو كذلك لقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا ذكر الماء امتنانا فلو طهر غيره فات الامتنان ولما غاية البيان(1/48)
يأتي أما في الحدث وهو هنا أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع صحة الصلاة حيث لا مرخص فلقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا الآية وأما في النجس فلخبر صبوا عليه أي بول الأعرابي ذنوبا من ماء والأمر للوجوب فلو رفع غير الماء لم يجب التيمم عند فقده ولا غسل البول به ولا يقاس به غيره لاختصاص الطهر به تعبدا أو لما حوى من الرقة واللطافة التي لا توجد في غيره ودخل في عبارته تطهير دائم الحدث والغسلة الثانية والثالثة والوضوء المجدد والأغسال المسنونة وتناول الماء جميع أنواعه بأي صفة كان من أحمر وأسود ومنحل ثلج أو برد ومنعقد ملح أو حجر ومتصاعد من غليان الماء لأنه ماء حقيقة وينقص الماء بقدره وخرج به مالا يسمى ماء كتراب تيمم وحجر استنجاء وأدوية دباغ وشمس وريح غيرها حتى التراب في غسلات النجاسة المغلظة فإن المطهر لها هو الماء بشرط امتزاجه بالتراب في غسلة منها كما سيأتي في بابها والمطلق ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد وإن قيد لموافقة الواقع كماء بئر وثلج وبرد فدخل فيه المتغير كثيرا بما لا يؤثر كطين وطحلب وخرج به المقيد بإضافة نحوية كماء الورد وبصفه كماء دافق أي مني وبلام عهد كقوله في الخبر نعم إذا رأت الماء أي المني لا مستعمل أي لا يصح التطهير بماء مستعمل قليل في فرض من رفع حدث وإزالة نجس والمراد بالفرض ما لا بد منه آثم تاركه أولا فشمل ما توضأ به الحنفي الذي لا يعتقد وجوب النية وما اغتسلت به الكافرة ليحل وطؤها وما توضأ به الصبي واقتضى كلام الناظم أنه غير مطلق وهو كذلك ولا يحنث بشربه من حلف لا يشرب ماء ولا يقع شراؤه إن وكل في شراء ماء ولا بما موصولة أو نكرة موصوفة بطاهر مخالط تغيرا تغيرا إطلاق الاسم غيرا في طعمه أو ريحه أو لونه ويمكن استغناؤه بصونه أي لا يصح التطهير بماء تغير بطاهر مخالط له تغيرا كثيرا يمنع إطلاق اسم الماء عليه ويحدث له اسما آخر سواء أكان في طعمه أم ريحه أم لونه وسواء أكان التغير حسيا أم(1/49)
تقديريا كما لو وقع فيه موافق له في صفاته كماء مستعمل أو ماء شجر أو عرق فلم يغيره لكنه لو قدر مخالفا له لغيره كثيرا ويعتبر تقديره بأوسط الصفات كلون العصير وطعم الرمان وريح اللاذن بخلاف النجس كبول انقطع ريحه واختلط بماء كثير ولم يظهر به تغير فأنا نقدره بأشد الصفات كلون الحبر وطعم الخل وريح المسك وخرج به مالم يتغير أو تغير لا بأحد الأوصاف الثلاثة كالمسخن والمبرد أو بأحدها لا بمخالط كالمتغير بما قرب منه أو بطول المكث أو بمجاور كدهن وكافور صلب وقطران إن لم يختلط بالماء أو بما يخالطه ولا غنى للماء عنه كالمتغير بطين أو طحلب متفتت أو نورة أو زرنيخ بمقر الماء أو ممره أوله عنه غنى وغيره يسيرا فكل منها يطهر لبقاء إطلاق اسم الماء عليه وحيث لم يتغير الخليط جاز استعمال الجميع لاستهلاكه وبقاء الاسم وعلى هذا يجب تكميل الناقص عن الطهر بالمستهلك حيث لم يجاوز ثمنه ثمن الماء المعجوز عنه والمخالط مالا يتميز في رأى العين والمحاور بخلافه وفي تعلق بما بتغيرا تضمين وهو أن لا يظهر معنى البيت إلا بآخر وهو عيب في الشعر خلافا للأخفش وقس عليه نظائره والألف في قوله تغيرا وغيرا للإطلاق واستثن أيها الناظر مما تقدم تغييرا بمجاور تغيرا كثيرا بعود صلب فإنه يصح التطهير به لأن تغيره بذلك تروح لا يمنع إطلاق اسم الماء عليه أوورق من شجر تناثر وتفتت ولو كان ربيعيا أو بعيدا عن الماء فإنه يصح التطهير به لعسر الاحتراز عنه فإن طرح ولو صحيحا وتفتت ضر لكونه مخالطا مستغنى عنه أما غير المتفتت فمجاور وقد مر أنه لا يضر وخرج بالورق الثمار الساقطة ونحوها فتضر لإمكان الاحتراز عنها غالبا أو طحلب بضم الطاء مع ضم اللام وفتحها وكل ما في مقر الماء وممره فإنه يصح التطهير به لتعذر صون الماء عنه أو ترب ولو مستعملا ما لم يسم طينا فإنه يصح التطهير به لأن التغير به مجرد كدورة وهي لا تسلب الطهورية ومما يستثنى أيضا المتغير بملح مائي وإن(1/50)
طرح
فإنه يصح التطهير به لانعقاده من الماء كالجمد بخلاف الملح الجبلي إذا لم يكن في مقر الماء وممره وقوله واستثن بمعنى استدرك إذ هو استثناء منقطع ويمكن أن يجعل منقطعا فيما عدا الرابعة متصلا فيها بناء على رأى من يجعل التغير فيما عداها سالبا للإسم وقد مر ما يؤخذ منه أن الراجح خلافه وقول الناظم ترب إحدى لغات التراب ولا بماء مطلق حلته عين نجاسة وهو دون القلتين أي لا يصح التطهير بماء مطلق حلت فيه عين نجاسة والحال أنه قليل ولو جاريا ولم يتغير لتنجسه بها للخبر الآتي وخرج بالماء غيره من المائع وإن كثر ومن الجامد بتوسط رطوبة فإنه ينجس فإن بلغ ما تنجس بالملاقاة قلتين بماء ولو طاهرا أو متنجسا فطهور ووصف الناظم الماء بالاطلاق قبل حلولها فيه أفاد به تنجس الماء الطاهر غير الطهور بحلولها فيه بالأولى وفي بعض النسخ وهو بدون القلتين واستثن أيها الواقف ميتا دمه لم يسل عند شق عضو منه في حياته كذباب ونمل ونحو وعقرب وبق وقمل وبرغوث ووزغ فلا ينجس ماء قليلا ولو مائعا مالم يطرح فيه ميتا أو غيره لخبر البخاري إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء زاد أبو داود وأنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء أمر بغمسه وقد يفضى إلى موته فلو نجس الماء لما أمر بذلك وقيس بالذباب ما في معناه مما لا يسيل دمه بخلاف نحو حية وضفدع فلو شككنا في سيل دمه امتحن بجنسه فيجرح للحاجة كما قاله الغزالى ولو كان مما يسيل دمه لكن لا دم فيه أو فيه دم لا يسيل لصغره فله حكم ما يسيل دمه كما ذكره القاضي أبو الطيب فإن طرح فيه ميتا ولو كان مما نشئوه منه نجسه لندرته إذ لا يشق الاحتراز عنه وكذا إن غيره أو لا يرى بالطرف أي البصر لما يحصل لقلته كرشاش بول أو خمر فلا ينجس ما حل فيه لمشقة الاحتراز عنه ولو رأى قوي البصر ما لا يراه غيره فالظاهر العفو كما قاله الزركشي وغيره كما في سماع نداء الجمعة وكالماء في هاتين(1/51)
الصورتين المائع والرطب ويستثنى أيضا مسائل منها الحيوان غير الآدمي إذا وقع في ماء قليل وعلى منفذه نجاسة وخرج منه حيا فإنه لا ينجسه بخلاف المستجمر فإنه ينجسه ومنها اليسير عرفا من دخان النجاسة ومن شعر نجس من غير كلب وخنزير ومن غبار السرجين وقوله يحصل بكسر اللام للوزن ثم عطف على قوله وهو بدون القلتين قوله أو قلتين وقدرهما بالرطيل الرملي نسبة لبلدة بالشام فوق ثمانين قريب رطل أي الذي وزنه ثمانمائة درهم قريب أحد وثمانين رطلا والقلتان بالدمشقي ميه ونحو أرطال أتت ثمانيه والرطل على هذا في مرجح الرافعي في رطل بغداد مائة وثلاثون درهما فيكون مائة رطل وثمانية أرطال وثلث رطل وعلى ما صححه النووي من أنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم مائة وسبع رطل وبالبغدادي خمسمائة رطل وبالمصري على مرجح الرافعي أربعمائة وأحد وخمسون رطلا وثلث رطل وثلثا أوقية لا أربعة أخماس أوقية كما توهمه بعضهم وعلى ما صححه النووي أربعمائة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل وبالمساحة في المربع ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا وفي بعض النسخ بدل هذا البيت أو قلتين بالدمشقي ميه ثمان أرطال أتت بعد ميه والنجس الواقع قد غيره أي لا يصح التطهير بماء مطلق حلت فيه عين نجاسة وهو دون القلتين وإن كان جاريا ولم تغيره لتنجسه بها لخبر مسلم إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده نهاه عن الغمس خشية النجاسة ومعلوم أنها إذا خفيت لا تغير الماء فلولا أنها تنجسه بوصولها لم ينهه ولمفهوم خبر أبي داود وغيره وقال النووي إنه حسن(1/52)
والحاكم أنه صحيح على شرط الشيخين إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا وفي رواية صحيحة كما قال البيهقي لم ينجس فمعنى لم يحمل خبثا لم يقبله لهذه الرواية وخرج بالماء المائع وإن كثر والجامد بتوسط رطوبته فإنه ينجس وفارق كثير الماء كثير غيره بأن كثيره قوى ويشق حفظه من النجس بخلاف غيره وإن كثر فإن بلغ ما تنجس بالملاقاة قلتين بماء طاهر أو متنجس ولا تغير به عاد طهورا وأما الماء الجاري فإنه وإن كانت جرياته متصلة حسا فهي منفصلة حكما إذ كل جرية طالبة لما أمامها هاربة عما وراءها فلو وقع فيها نجس فكما لو وقع في راكد حتى لو كانت قليلة تنجست بوصوله إليها وإن بلغت مع ما أمامها وخلفها قلتين لتفاصل أجزاء الجاري فلا يتقوى بعضه ببعض بخلاف الراكد والجرية إذا بلغ كل منهما قلتين ولو وقع فيها وهي قليلة نجس جامد فإن كان موافقا لجرياتها تنجست دون ما أمامها وما خلفها أو واقفا أو جريها أسرع فمحله وما أمامه مما مر عليه نجس وإن امتد فراسخ حتى يجتمع في حفرة أو يتراد وعليه يقال ماء ألف قلة ينجس بلا تغير والجرية التي تعقب جرية النجس الجاري تغسل المحل فلها حكم الغسالة حتى لو كانت النجاسة مغلظة فلا بد من سبع جريات واختير دليلا عند النووي في روضته وغيرها وصححه في تنقيحه وقال في مجموعه إنه الصواب الموافق للدليل ولنص الأم والخبر ضعيف باتفاق المحدثين وكذا لأثر فإنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى وقد اتفقوا على تضعيفه وجرحوه إلا الشافعي فوثقه فثبت أنه لا أصل للكراهة ولم يثبت عن الأطباء فيه شيء اه وأجيب بأن دعواه أن الموافق للدليل ولنص الأم عدم الكراهة ممنوعة وأثر عمر رواه الدار قطني بإسناد آخر صحيح على أن الحصر في قوله إلا الشافعي فوثقه ممنوع بل وثقه ابن جريج وابن عدي وغيرهما كما ذكره الأسنوى وقوله ولم يثبت عن الأطباء فيه شيء شهادة نفي لا يرد بها قول الشافعي أو يكفى في إثباته قول سيدنا عمر الذي أعرف بالطب من غيره(1/53)
وتمسكه به من حيث إنه خبر لا تقليد في مشمس لا يكره استعماله والمذهب كراهة ماسخنته الشمس بحدتها وإن لم يكن بفعل أحد حيث كان بمنطبع أي منطرق غير ذهب أو فضة في قطر حار كمكة ولو في ميت أو أبرص مالم يبرد ووجد غيره والكراهة شرعية وسواء كان في طهارة أم شرب أم طعام مائع والأصل فيه ما رواه البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة وقد سخنت ماء بالشمس يا حميراء لا تفعلي هذا فإنه يورث البرص وروى الشافعي عن عمر أنه كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال إنه يورث البرص والمراد به ما أثرت فيه لا ما انتقل من حالة إلى حالة أخرى والمعنى أن الشمس بحدتها تفصل من المنطبع زهومة تعلو الماء فإذا لاقت البدن خيف عليه البرص بخلاف المسخن بالنار ابتداء لذهاب الزهومة بها والعلة تقتضي أن غير الماء من المائعات كالماء وبه جزم الزركشي قال البلقيني وغير الآدمي من الحيوانات إن كان البرص يدركه كالخيل أو يتعلق بالآدمي منه ضرر اتجهت للكراهة وإلا فلا ومما يكره استعماله شديد الحرارة والبرودة لمنعه الإسباغ فإن فقد غيره وضاق الوقت وجب أو خاف منه ضررا حرم كما نبه عليه المحب الطبري وكل ماء مغضوب عليه كمياه ثمود إلا بئر الناقة وماء ديار قوم لوط لخسفها وماء ديار بابل لخبر أبي داود إنها أرض ملعونة وماء بئر ذي أروان التي وضع فيها السحر للنبي صلى الله عليه وسلم لمسخ مائها حتى صار كنقاعة الحناء وماء بئر برهوت لخبر ابن حبان شر بئر في الأرض برهوت وإن بنفسه انتفى التغير والماء أي إذا انتفى تغير الماء الكثير بالنجس بأن لم يدرك بنفسه ولا بعين كطول مكث وهبوب ريح أو بماء نبع فيه أو صب عليه ولو متنجسا طهر لانتفاء علة التنجس وهي التغير ولا يضر عود تغيره إذا خلا عن نجس جامد لا كزعفران يطهر أي إذا زال التغير ظاهرا بعين ساترة له كأن زال بنحو جص أو تراب أو زال تغير لونه بزعفران أو ريحه بمسك أو طعمه(1/54)
بخل لم يطهر للشك في أن تغيره زال أو استتر بل الظاهر الاستتار وقضية العلة أنه لو صفا الماء ولم يبق به تغير طهر وبه صرح في المجموع في التراب وغيره مثله وكل مستعمل في تطهير فرض من رفع حدث أو إزالة نجس ولو معفوا عنه إذ هو فرض أصالة وقل بأن كان دون القلتين ليس بالطهور لانتقال المنع إليه ولأن السلف لم يجمعوه في أسفارهم لاستعماله ثانيا مع أحتياجهم إليه وعدم استقذاره في الطهارة بل عدلوا إلى التيمم والمراد بالفرض مالا بد منه أثم تاركه أم لا فشمل ما أغتسلت به الكتابية من حيض أو نفاس ليحل وطؤها وطهارة حنفى ولو بلانية كما مر وتطهير الوجه قبل بطلان التيمم وغسل الميت وخرج بالفرض كالماء المستعمل في نفل كالغسلة الثانية والوضوء المجدد والغسل المسنون وغسل الرجلين في الخف قبل بطلان مسحمها فإنه طهور وخرج بقوله وقل ما لو كان كثيرا فهو طهور ولو انغمس ذو حدث أكبر في ماء دونهما ثم نوى ارتفع حدثه وصار مستعملا بالنسبة لغيره لا بالنسبة له حتى يخرج منه حتى لو أحدث حالة إنغماسه فلو رفع حدثه به لبقاء صورة الاستعمال والماء حال استعماله باق على طهوريته ولو نوى قبل تمام انغماسه ارتفع حدثه عن الجزء الملاقى وله تتميم انغماسه ويرتفع حدثه فلو غرف بأناء أو يده ثم غسل الباقي لم يرتفع حدثه ولو انغمس فيه جنبان ونويا معا بعد تمام انغماسهما ارتفعت جنابتهما أو مرتبا ارتفعت عن الأول لا الثاني ولو نويا معا بعد غسل جزء منهما ارتفعت جنابة الجزء وصار الماء مستعملا بالنسبة لهما والماء حال تردده على عضو غير مستعمل بالنسبة له فإن جرى من عضو المتوضىء إلى عضو آخر ولو من يد إلى أخرى صار مستعملا ولو انفصل من عضو الجنب إلى عضو آخر فيما لا يغلب فيه التقاذف كان مستعملا ولو غمس المتوضىء يده في إناء قبل فراغ الوجه لم يصر مستعملا وكذا بعده إن نوى الاغتراف والإصار مستعملا والجنب بعد النية كالمحدث بعد غسل وجهه ولو غسل كل منهما بماء في(1/55)
كفه باقى يده أجزأه بخلاف ما لو غسل به نميرها فإنه لا يكفى باب النجاسة أى وإزالتها والباب أسم لجملة من العلم مشتملة على فصول غالبا والفصل أسم لجملة من العلم مشتملة على مسائل و النجاسة لها إطلاقان أحدهما على الحكم الشرعي الذى هو نقيض الطهارة وثانيهما على العين النجسة وهى بهذا الاطلاق لغة المستقذر وشرعا كل عين حرم تناولها على الأطلاق حالة الاختيار مع سهولة تمييزها لحرمتها ولا لاستقذارها ولا لضررها في بدن أو عقل فخرج بالاطلاق ما يباح قليله كبعض النباتات السمية وبحالة الاختيار حالة الضرورة فيباح فيها تناول النجاسة وبسهولة تمييزها دود الفاكهة ونحوها فيباح تناوله معها وهذان القيدان للإدخال لا للإخراج وبالبقية الآدمي والمخاط ونحوه والحشيشة المسكرة والسم الذي يضر كثيره وقليله والتراب فإن تناولها لم يحرم لنجاستها بل لحرمة الآدمى واستقذار المخاط ونحوه وضرر البقية وعرفها الناظم بالعد ليعلم طهارة غيرها على الأصل فقال المسكر المائع كنبيذ وخمر ولو مستحيلة في الحبات ومحترمة وهى ما عصرت لا بقصد الخمرية اما الخمر فتغليظا وزجرا عنها كالكلب ولقوله تعالى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس والرجس شرعا هو النجس خرجت الثلاثة المقرونة بها بالإجماع فبقيت هي على النجاسة وأما النبيذ فقياسا إلى الخمر بجامع الإسكار بمائع وخرج بالمائع البنج والحشيشة ونحوهما فإنها حرام مع إسكارها وطهارتها ولا يرد عليه الخمر المنعقدة ولا الحشيشة المذابة نظرا إلى الأصل فيهما وقوله المسكر وما عطف عليه خبر مبتدا محذوف تقديره هى أي النجاسة والخنزير لأنه أسوأ حالا من الكلب لأنه يقتنى بحال ولندب قتله من غير ضرر فيه والنص على تحريمه و الكلب ولو معلما لخبر الصحيحين إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرات ولخبر مسلم طهور إناء أحدكم(1/56)
إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب وجه الدلالة أنه لو لم يكن نجسا لما أمر بإراقته لما فيها من إتلاف المال المنهى عن إضاعته وأن الطهارة إما عن حدث أو خبث والأول منتف عن الإناء فتعين كون طهارته عن الخبث فثبتت نجاسة فمه مع إنه أطيب أجزائه بل هو اطيب الحيوان نكهة لكثرة ما يلهث فبقيتها اولى وفي الخبر أنه صلى الله عليه وسلم دعى إلى دار قوم فأجاب ثم دعى إلى دار أخرى فلم يجب فقيل له في ذلك فقال إن في دار فلان كلبا قيل وان في دار فلان هرة فقال الهرة ليست بنجسة رواه الدارقطني والحاكم وإراقة ما ولغ فيه واجبة إن أريد استعمال الإناء الإ فمندوبة كسائر النجاسة إلا الخمر غير المحترمة فتجب إراقتها لطلب النفس تناولها مع فرعيهما أى الكلب والخنزير مع الآخر او مع حيوان طاهر تبعا له و تغليبا للنجاسة وعلله في المهذب بأنه مخلوق من نجاسة فكان مثلها قال في شرحه ولا ينتقض بالدود المولد منها لأنا نمنع انه مخلوق من نفسها وإنما تولد فيها كدود الخل لا يخلق من نفس الخل بل يتولد فيه قال ولو ارتضع جدى كلبه أو خنزيره فنبت لحمه على لبنها لم ينجس على الأصح والفرع يتبع أباه في نسبه وامه في رقها وحريتها وأشرفهما في الدين وإيجاب البدل و تقرير الجزية وأخفهما في عدم وجوب الزكاة وأخسها في النجاسة وتحريم الذبيحة والمناكح والسؤر بالهمزة وتبدل واوا البقية أى بقية الكلب والخنزير وفرعهما كعظم وشعر ودم وبول ودمع وعرق وسائر فضلاتها إذ ما انفصل من نجس العين فهو نجس وقيل السؤر فضله الشراب وميتة وإن لم يسل دمها لقوله تعالى حرمت عليكم الميتة وتحريم ما ليس بمحترم ولا مستقدر ولا ضرر فيه يدل على نجاسته وهي ما زالت حياتها لا بذكاة شرعية مع العظام والشعر والصوف أى جميع ذلك نجس لأن كلا منها تحله الحياة ولأن العظم جزء النجس والشعر والصوف متصلان بالحيوان اتصال خلقه فكانا كالأعضاء وكالعظم الظلف والظفر والحافر والقرن(1/57)
ومثل الشعر والصوف الوبر والريش لا مأكولة من سمك وجراد وجنين مذكاة مات بتذكية أمه وصيد لم تدرك ذكاته وبغير ناد مات بالسهم فإنها طاهرة لقوله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه ولقوله صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته رواه الترمذي وغيره وصححوه ولخبر الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل معه الجراد وصح عن ابن عمر أحل لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال وهو في حكم المرفوع بل رفعه ابن ماجه وغيره ولكن بسند ضعيف ولخبر ابن حبان وصححه ذكاة الجنين ذكاة أمه وفي الصحيحين إذا أرسلت كلبك وسميت وأمسك وقتل فكل وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه وفيهما أيضا من رواية رافع ابن خديج أن بعيرا ند فرماه رجل بسهم فحبسه الله تعالى فقال صلى الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم فاصنعوا به هكذا على ان الجنين والصيد والبعير ليست ميتة بل جعل الشارع هذا ذكاتها ولهذا صرح في خبر الجنين بأنه مذكى وإن لم تباشره السكين ذكره في المجموع ولا بشر أى ميتة البشر ولو كافرا طاهرة لخبر الحاكم وصححه على شرط الشيخين لا تنجسوا موتاكم فإن المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا ولقوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم وقضية تكريمهم عدم تنجيسهم بموتهم وأما قوله تعالى إنما المشركون نجس فالمراد به نجاسة الاعتقاد أو أجتنابهم كالنجس لا نجاسة الأبدان ولهذا ربط النبي صلى الله عليه وسلم الأسير الكافر في المسجد وقد أباح الله تعالى طعام أهل الكتاب واعلم أن فضلة الحيوان قسمان أحدهما ماله مقر واستحالة في الباطن كالدم وهو نجس من مأكول اللحم وغيره إلا ما أستثنى ثانيهما ما ليس كذلك بل يرشح رشحا كالعرق والدمع واللعاب والمخاط وهو طاهر من كل حيوان طاهر نجس من النجس وسيأتى في كلامه الإشارة إلى القسم الثانى وقد ذكر من القسم الأول(1/58)
أمورا فقال والدم أى المسفوح نجس ولو من سمك أو جراد أو متحليا من كبد وطحال لقوله تعالى أو دما مسفوحا أى سائلا ولقوله صلى الله عليه وسلم في دم الاستحاضة فاغسلي عنك الدم وصلى رواه الشيخان وأما الكبد والطحال والدم المحبوس في ميتة السمك والجراد والجنين فطاهرة وكذلك المنى واللبن إذا خرجا على هيئة الدم والدم الباقى على اللحم وعظامه نجس معفو عنه لأنه من الدم المسفوح وإن لم يسل لقلته ولعله مراد من عبر بطهارته و القىء وإن لم يتغير لأنه من الفضلات المستخيلة نعم لو أكل حبا وخرج منه متصلبا بحيث لو زرع لنبت فهو متجنس كما لو أكلته بهيمة وخرج من دبرها كذلك وكل ما ظهر من السبيلين أى القبل والدبر أو أحدهما مما له اجتماع واستحالة في الباطن كبول وروث ولو من سمك وجراد ومأكول اللحم وعذرة ومذى وودى ونجاسة بعضها بالنص وبعضها بالإجماع وبعضها بالقياس وأما أمره صلى الله عليه وسلم في خبر العرنيين بشرب أبوال الإبل فللتداوى وهو جائز بالنجاسات غير الخمر والدود الخارج من الفرج طاهر العين وفي المجموع أن الماء السائل من فم النائم نجس إن كان من معدته ويعرف نبتنه وصفرته طاهر إن إن كان من لهواته ويعرف بانقطاعه بطول النوم وكذا إن شك وقياس المذهب العفو عمن عمت بلواه به كدم البراغيث قال وسألت الأطباء عنه فأنكروا كونه من المعدة ثم استثنى مما تقدم قوله سوى أصل البشر من منية وعلقته ومضغته فإنه طاهر تكرمه له لأنه مبدأ خلقه كالتراب وفي مسلم عن عائشة كنت أفرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلى فيه وفي رواية لابنى خزيمة وحبان في صحيحهما وهو يصلى وما ورد من أنها كانت تغسله محمول على الندب وما أفاده كلامه من نجاسة منى غير الآدمى من كل حيوان طاهر تبع فيه كأصله ترجيح الرافعي والأصح عند النووى طهارته لأنه أصل حيوان طاهر فأشبه أصل الآدمى والأصح طهارة العلقه والمضغة ورطوبة الفرج من كل حيوان طاهر وجزء حي كيد مفصول(1/59)
كميته أى الجزء المنفصل من الحيوان حال حياته حكمه كحكم ميتته إن طاهرة فطاهر وإن نجسه فنجس كاليد المنفصلة من الحيوان فهي طاهرة من الآدمى ولو مقطوعة في سرقة نجسة من غير لخبر ما قطع من حى فهو ميت رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين فجزء البشر والسمك والجراد طاهر دون جزء غيرها وقوله مفصول فيه تذكير اليد على تأويلها بنحو الجزء وإلا فهى مؤنثة وقوله كميته ليست هاؤها للتأنيث بل هى ضمير أضيف إليها ميت بفتح الميم وإسكان الياء لا شعر المأكول وصوفه وريشه أى شعر المأكول وصوفه وريشه ووبره المنفصلات حال حياته ليست كميتته في النجاسة بل هي طاهرة لعموم الحاجة إليها ولقوله تعالى ومن أصوافها وأوبارها الآية وهى مخصصة للخبر المار وما على العضو المبان من شعر ونحوه نجس كما يؤخذ من كلامه لأنه شعر العضو والعضو غير مأكول وخرج شعر غير المأكول فهو نجس نعم يعفى عن كثيره من مركوب وريقته وعرق أى ما ليس له اجتماع واستحالة في الباطن بل يرشح رشحا كالريق والعرق والدمع والمخاط طاهر من كل حيوان طاهر نجس من غيره والمسك ثم فأرته بالهز وتركه أى المسك وفأرته طاهران إذا انفصلا حال حياة الظبية أو بعد ذكاتها لخبر المسك أطيب الطيب وفي الصحيحين أن وبيص المسك كان يرى من مفرقة صلى الله عليه وسلم ولا انفصال الفارة بالطبع كالجنين ولئلا يلزم نجاسة المسك وهى خراج بجانب سرة الظبية كالسلعة فتحتك حتى تلقيها أما إذا انفصلا بعد الموت فنجسان كاللبن وفارقا بيض الميتة المتصلب بنموه بعد الموت بخلافهما وعلم من حصره النجاسة فيما ذكره طهارة العنبر كما(1/60)
نص عليها في الأم وطهارة الزباد كما صوبها في المجموع نعم يحترز عن شعره لأنه شعر سنور برى وتطهر الخمر إذا تخللت بنفسها أى نجس العين يطهر في صورتين أحدهما الخمر ولو غير محترمة إذا تخللت بنفسها أى صارت خلا من غير مصاحبة عين لمفهوم خبر مسلم عن أنس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أتتخذ الخمر خلا قال لا وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه خطب فقال لا يحل خل من خمر أفسدت حتى يبدأ الله إفسادها لزوال الشدة من غير نجاسة خلقتها وأفسدت بضم الهمزة أى خللت ويبدأ إفسادها بفتح الياء أى يجعلها خلا بلا علاج آدمى وحيث حكم بطهارتها حكم بطهارة دنها تبعا لها للضرورة وإلا لم يوجد خل طاهر من خمر والخمر حقيقة هو المعتصر من العنب أما النبيذ فخمر مجازا ويؤخذ من كلام البغوي أنه يطهر لأن الماء من ضرورته وقد قال الرافعي لو ألقى في عصير العنب ماء حالة عصره لم يضر بلا خلاف لأن الماء من ضرورته اهو مراده بعصير العنب العنب الذي اعتصر ماؤه بقرينة قوله حالة عصره إذ يحتاج في استقصاء عصيره إلى صب ماء عليه لإخراج ما يبقى فيه فالماء من ضرورتة وما أفاده كلام البغوي من طهارته اختاره السكبى وغيره وهو الأصح وبه افتى الوالد رحمه الله تعالى بل جرى عليه الشيخان وغيرهما في السلم حيث جزموا بصحة السلم في خل التمر والزبيب وإن غلت فارتفعت إلى رأس الدن ثم عادت إلى أسفل وتخللت حكم بطهارة ما أرتفعت إليه من الدن للضرورة قال البغوي في فتاويه أما لو أرتفعت بفعله فلا يطهر الدن إذ لا ضرورة وكذا الخمر لاتصالها بالمرتفع النجس أو نقلت من ظل إلى شمس وعكسه أو بفتح رأس الدن استعجالا للحموضة فإنها تطهر لأن الفعل الخالى عن العين لا يؤثر بناء على أن علة النجاسة تنجسها بالعين كما سيأتى لا تحريم التخليل الدال عليه الخبر والأثر السابقان أما إذا تخللت بمصاحبة عين طرحت فيها أو وقعت فيها بنفسها حال خمريتها أو قبلها وإن لم تؤثر في التخليل كحصاة(1/61)
وماء فلا تطهر لتنجسها بعد تخللها بالعين التي تنجست بها ولا ولا ضرورة بخلاف الدن قال البغوى في فتاويه ولو نقلت من دن إلى آخر طهرت بالتخلل بخلاف ما لوأخرجت منه ثم صب فيه عصير آخر فتخمر ثم تخلل لا يطهر ومفهول كلامهم أنها تطهر بالتخلل إذا نزعت العين منها قبله وهى طاهرة ولم يتحلل منها شيء وهو كذلك بخلاف ما لو كانت نجسة إذ النجس يقبل التنجيس أو تحلل منها شيء وغلت بالغين المعجمة أو المهملة ثانيهما ما ذكره بقوله وجلد ميتة أي الجلد الذي تنجس بالموت يطهر باندباغه ولو بلا فعل فاعل ظاهره وباطنه بالدباغ وهو نزع الفضلات كالدم واللحم بحريف طاهر أو نجس كقرظ وذرق طير بحيث لو نقع الجلد في ماء لم يعدله النتن والفساد لخبر مسلم إذا ذبغ الإهاب فقد طهر وخبر أبى داود وغيره بإسناده حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال في شاة ميتة لو أخذتم إهابها قالوا إنها ميتة فقال يطهرها الماء والقرظ ورووا أيضا بإسناد حسن أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستمتع بجلود الميتة إذا دبغت وخرج بالجلد الشعر فلا يطهر لعدم تأثره بالدباغ قال النووي ويعفى عن قليله سوى خنزير بر وكلب أن يدبغ بحريف طهر أى أن جلد الكلب والخنزير وفرعهما وفرع إحدهما لا يطهر بالدبغ لأن سبب نجاسة الميتة تعرضها للعفونة والحياة أبلغ في دفعها فاذا لم تفد الطهارة فالدبغ أولى وخرج بالدبغ تجميده وتمليحه وتشميسه ونحوها فإنها لا تطهره وأفهم كلامه أنه يجب الماء في أثناء الدبغ وهو الأصح لأنه إحالة كالتخليل لا إزالة ولهذا جاز بالنجس المحصل لذلك وأما خبر يطهرها الماء والقرط فمحمول على الندب أو الطهارة المطلقة إذ يجب غسله بعد دبغه لتنجسه بالدابغ النجس أو المتنجس بملاقاته أما خنزير البحر الذى لا يعيش إلا فيه وإذا خرج منه صار عيشه عيش مذبوح فطاهر وعلم من الاقتصار على هذين الشيئين أن غيرهما من نجس العين لا يطهر وهو كذلك حتى لو صار النجس ملحا بوقوعه في مملحة أو(1/62)
رمادا أو دخانا بالنار لم يطهر ولا
ترد طهارة المنى واللبن والمسك لأن أصلها لا يحكم عليه بالنجاسة ما دام في الجوف ما لم يتصل بخارج وقول الناظم أن يدبغ بدرج الهمزة للوزن ولما انهى الكلام على نجس العين ذكر المتنجس وهو على ثلاثة أقسام إما نجاسة مغلظة أو متوسطة أو مخففه وبدأ بالأولى فقال نجاسة الخنزير مثل نجاسة الكلب تغسل سبعا مرة بترب ممزوج بماء لخبر مسلم طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب وفي رواية صحيحة للترمذي أولاهن أو أخراهن بالتراب وفي أخرى لمسلم وعفروه الثامنة بالتراب والمراد أن التراب يمزج بالسابعة كما في رواية أ أبي داود السابعة بالتراب وهى معارضة لرواية أولاهن في محل التراب فيتساقطان في تعيين محله ويكتفى بوجوده في واحدة من السبع كما في رواية الدارقطنى إحدا هن بالبطحاء ولكنه يسن في غير الأخيرة والأولى أولى ليستغنى عن تتريب ما يصيبه شيء من الغسلات وقيس بالكلب الخنزير وفروعهما كما أشار إليه بقوله مثل الكلب وبولوغه غيره كبوله وعرقه ولو جرى الماء الكدر على المتنجس بذلك سبع جريات أو تحرك سبعا في ماء كثير كدر طهر كما قاله البغوي وغيره وأفهم كلام المصنف الاكتغاء بالسبع وإن أصابه نجس آخر وأنه لا يكفى ذر التراب على المحل ولا مزجه بغير ماء إلا أن يمزجه بالماء بعد مزجه بذلك ولا مزج غير التراب وأنه لا تقوم ثامنه أو غيرها مقام التراب وهو كذلك ولا يكفى مزج تراب غير طاهر إلى نظرا إلى أن القصد بالتراب التطهير وهو لا يحصل بذلك فتشترط طهورية التراب فلا يكفى التراب المستعمل كما صرح به الكمال سلار شيخ النووي أى وإن غسل سبعا والغسلات المزيلة للعين تعد واحدة ولو في النجاسة المغلظة حتى لو لم تزل إلا بست غسلات مثلا حسبت مرة وتكفى السبع وإن تعدد الولوغ أو الوالغ فأل في كلامه للجنس والواجب من التراب ما يكدر الماء ويصل بواسطته إلى جميع أجزاء المحل سواء أمزجه به(1/63)
قبل وضعهما على المحل أم بعده بأن يوضعا ولو مترتبين ثم يمزجا قبل الغسل وإن كان المحل رطبا إذا الطهور الوارد على المحل باق على طهوريته وبذلك جزم ابن الرفعة فيما لو وضع التراب أولا ومثله عكسه بلا ريب وهذا مقتضى كلامهم وهو المعتمد كما قاله البلقينى وغيره وما وقع للأسنوى ومن تبعه من أنه يجب المزج قبل الوضع كما صرح به الجوينى في التبصرة وأن ما قاله ابن الرفعة مردود بأنه خلاف مقتضى كلامهم فلا يرتكب بلا ضرورة وكلام الجويني عليه لاله إذ عبارته ليس كيفية التعفير تعفير الثوب بغبار التراب ثم غسله بعد نفضه وإنما التعفير أن يخلط التراب بالماء خلطا ثم يغسل المحل وهى دالة على أن الممنوع إنما هو غسله بعد نفض التراب أو بلا مزج وأن المعتبر مزجه قبل الغسل سواء أكان قبل الوضع أم بعده وهو المطلوب وليس في قوله ثم يغسل ما يقتضى اعتبار مزجه قبل الوضع انتهى ولا يجب تتريب الأرض الترابية ويكفى تسبيعها إذ لا معنى لتتريب التراب نعم لو تطاير شىء من غسلاتها فلا بد من تتريبه أخذا من قاعدة أن كل نجاسة مغلظة لا بد في طهرها إلا الأرض الترابية والاستثناء معيار العموم كماأفنى به الوالد رحمه الله تعالى واستقر رايه عليه آخرا ولو ولغ كلب في أناء فيه ماء كثير لم ينقص بلوغه لم ينجس الماء ولا الإناء وإن أصاب جرمه المستور بالماء وتكون كثرة الماء مانعة من تنجسه بخلاف ما لو كان به ماء قليل فإنه ينجس الماء والإناء فإن كوثر فبلغ قلتين طهر الماء لا الإناء والترب إحدى لغات التراب ثم ذكر النجاسة المتوسطة وهي غالب النجاسات فقال وما سوى ذين أى نجاسة الكلب والخنزير وفرعهما ففردا أى مرة يغسل بالماء ثم النجاسة إما حكمية وهى التى يتقين وجودها ولا تحس أو عينية وهى ما تحس فالأولى يكفى فيها جرى الماء على المحل مرة واحدة من غير اشتراط أمر زائد والثانية يجب فيها مع جرى الماء زوال عينها وزوال أوصافها من طعم ولون وريح فلا تطهر مع بقاء(1/64)
شىء منها ولا يضر بقاء لون أو ريح عسر زوالة للمشقة ولو من مغلطة فإن
بقيا معا ضر لقوة دلالتهما على بقاء العين وإن بقى الطعم وحده ضر وإن عسرت إزالته لسهولتها غالبا فألحق بها نادرها ولأن بقاءه يدل على بقاء العين والحث بالمثناة والقرص بالمهملة لمحل النجاسة أفضل حيث لم تتوقف إزالتها على ذلك وإلا وجبا مثلهما الاستعانة بأشنان أو نحوه والتثليث فيه أفضل أى يندب بعد طهر محل النجاسة غسله ثانية وثالثة استظهارا كطهر الحدث ولأمر المستيقظ بالتثليث مع توهم النجاسة فمع تيقنها أولى أما النجاسة المغلظة فلا يندب تثليثها على الأصح لأن المكبر لا يكبر كما أن المصغر لا يصغر وفي بعض النسخ بدل قوله والحت إلى آخره وغسلتين اندب لطهر يكمل و بين ما قدمناه بقوله يكفيك جرى الماعلى الحكميه وأن تزال العين من عينيه ثم ذكر النجاسة المخففة فقال وبول طفل ذكر غير در بالمهملة أى لبن ما أكل ما ذكر على وجه التغذى وإن كان اللبن المأكول نجسا يكفيه رش الماء وإن لم يسل إن يصب كل المحل بأن يعمه ويغمره بخلاف الأنثى والخنثى لا بد في بولهما من الغسل على الأصل ويحصل بالسيلان مع الغمر والأصل في ذلك خبر يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام رواه الترمذي وحسنه وابن خزيمه والحاكم وصححاه وفرق بينهما بأن الابتلاء بحمله أكثر وبأن بوله أرق من بولها فلا يلصق بالمحل لصوق بولها وألحق ببولها بول الخنثى من أى فرجيه خرج وعلم مما تقرر أنه لا يمنع النضح تحنيك الصبى بتمر ونحوه ولا تناوله السفوف والأدوية ونحوهما للإصلاح ومحل النضح قبل تمام الحولين إذالرضاع بعده كالطعام كما نقل عن النص ويندب في هذه التثليث أيضا ولا بد فيها من إزالة عينها وأوصافها كغيرها وخرج ببول الصبى غائطه فيجب غسله على الأصل ثم ذكر حكم غسالة النجاسة فقال وماء مغسول له حكم المحل إذ لا تغير به حتى انفصل أى أن حكم الماء الذى غسل به نجاسة ولو معفوا عنها وانفصل عن محلها حكمه(1/65)
عند انفصاله عنه غير متغير أى ولا زائد الوزن إن طاهر فطاهر وإن نجسا فنجس لأن بلل المحل بعض ذلك الماء والماء الواحد القليل لا يتبعض طهارة ونجاسة فيغسل ما أصابه شىء من الأولى من مرات المغلظة ستا ومن الثانية خمسا وهكذا إلى السابعة فلا يغسل منها شىء فإن انفصل متغيرا أو زا ئد الوزن بعد اعتبار ما يأخذه المحل من الماء ويعطيه من الوسخ الطاهر فهو نجس والمحل كذلك هذا في غسالة المفروض أما ماء غسالة المندوب كالتثليث فهو طهور وإذا غسل فمه المتنجس فليبالغ في الغرغرة يغسل كل ما في حد الظاهر ولا يبتلع طعاما ولا شرابا قبل غسله لئلا يصيرا آكلا للنجاسة وليعف عن نذر أى قليل دم غير مغلظ و قليل قيح من بثرة وهى بفتح الموحدة وسكون المثلثة خراج صغير و من دمل و من قرح بفتح القاف وضمها الجرح ومن فصد وحجامة من نفسه وغيره أى من غير كلب ونحوه لمشقة الاحتراز عنه أما الكلب والخنزير وفرعهما فلا يعفى عن شىء منه وخرج بقوله عن نزر الكثير عرفا فلا يعفى عنه إن كان من غيره أو حصل بفعله كأن عصره أو انتقل عن محله والا عفى عنه أيضا ويعفى عن دم البراغيث والبق والبعوض ونحوها وونيم الذباب وبول الخفاش روثة وإن كثرت إلا إن كانت بفعله فيعفى عن قليلها ويعفى عن قليل طين الشارع النجس ولو ممغلظ وهو ما يتعذر الاحتراز عنه غالبا وهو ما لا ينسب صاحبه إلى سقطة أو كبوة أو قلة تحفظ ويرجع في ذلك إلى العادة ويختلف باختلاف موضعه والزمان والمكان وأما طين الشارع الذى تظن نجاسته ظنا غالبا لغلبتها فيه فطاهر عملا بلأصل وأما ماء القروح والنفاطات فإن تغير فنجس وإلا فطاهر(1/66)
باب الآنية جميع إناء كسقاء وأسقية وبناء وأبنية يباح منها أتخاذ واستعمالا طاهر من خشب وغيره كخزف ونحاس وحديد ورصاص وجلود من حيث كونه إناء طاهرا ففي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من إناء من صفر ومن إناء من شبه ومن تور من حجارة والصفر بضم الصاد النحاس والشبه بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة النحاس الأحمر الذى يشبه الذهب في لونه فلا يرد تحريم استعمال جلد أو غيره من آدمى ولا مغصوب أو مسروق لأن تحريمها ليس من الحيثية المذكورة بل من حيث حرمة الآدمى والاستيلاء على حق الغير بغير إذنه خرج بالطاهر النجس فلا يباح استعماله إلا في جاف أو ماء كثير لا فضة أو ذهب فيحرم استعماله على الذكور والإناث والخناثى والصبيان حتى يحرم على المكلف سقى نحو طفل في إناء منهما أو من أحدهما وسواء أكان الاستعمال في طهارة أو غيرها لخبر الصحيحين لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها وقيس غير الأكل والشرب عليهما لأن علة التحريم وجود عين الذهب والفضة مراعى فيها الخيلاء وقد يعللون بالخيلاء مراعين فيها العين ولا فرق في الإناء بين كونه كبيرا أو صغيرا كمرود لامرأة وملعقة للأكل أو الشرب وخلال الأسنان نعم لو احتاج إلى الاكتحال بميل منهما أو من أحدهما لجلاء العين جاز ومحل التحريم إذا وجد غيره وإلا جاز استعماله نعم يقدم الفضة على الذهب عند وجودهما ويؤخذ من كلامه صحة طهارته منه وكون المأكول أو المشروب حلالا وهو كذلك ويحرم الاحتواء على مجمرة منه أو كونها بقربه بحيث يعد متطيبا بها عرفا والتطيب بماء الورد أو غيره منه فليفرغه في يده اليسرى ثم في يده اليمنى ثم يستعمله وكما يحرم استعماله يحرم اتخاذه لأنه يجر إلى استعماله كآلة اللهو واقتناؤه أيضا ويحرم التزيين به ولو في البيوت والحوانيت والكعبة فلا أجرة لصانعه ولا أرش على كاسره ويحل إناء ذهب أو فضة موه بنحاس أو غيره إن حصل منه شىء بالعرض على النار وإلا حرم(1/67)
ويحل إناء نحاس أو نحوه موه بذهب أو فضة إن لم يحصل منه شىء بالعرض على النار وإلا حرم وجاز من زبرجد بدال مهملة وفيروزج وياقوت وبلور وكل جوهر ولو من طيب مرتفع كمسك وعنبر وكافور بناء على أن علة تحريم إناء النقدين العين مع أن الجوهر النفيس لا يعرفه إلا الخواص فلا خيلاء وكما يجوز استعمال الإناء الذى نفاسته لصنعته لا لذاته كزجاج وخشب محكم الخرط وتحرم الضبة من هذين أي من ذهب أو فضة بكبر عرفا مع التزيين أى تحرم الضبة منهما أو من أحدهما مع كبرها وكونها كلها أو بعضها للتزيين لوجود المعنيين العين والخيلاء ومرجع الكبر وضده العرف على اللأصح فان شك في الكبر فالأصل الإباحة إن فقدا أى الكبر والزينة بأن كانت صغيرة لحاجة حلت بلا كراهة وفردا يكره والحاجة التى تساوى كسرى أى أن كانت الضبة كبيرة لحاجة أو صغيرة فوق الحاجة كره استعمالها والتزيين بها واتخاذها للكبر والزينة ولم تحرم للحاجة فى الأولى والصغر في الثانية والمراد بالحاجة غرض إصلاح كسر الإناء دون التزيين ولا يعتبر العجز عن غير الذهب والفضة لأن العجز عن غيرهما يبيح استعمال الإناء الذى كله ذهب أو فضة فضلا عن المضبب به كما مر وأصل ضبة الإناء ما يصلح به خلله من صفيحة أو غيرها وإطلاقها على ما هو للزينة(1/68)
توسع والأصل في ذلك خبر البخاري عن أنس أن قدحه صلى الله عليه وسلم الذي يشرب فيه كان مسلسلا بفضة أى مشعبا بخيط فضة لانشقاقه وما ذكره كأصله من مساواة ضبة الذهب لعنبة الفضة تبع فيه الرافعي ورجح النووى تحريمها مطلقا لأن الدليل المخصص للتحريم إنما ورد في الفضة ولا يلزم من جوازها جوازه لأن الخيلاء فيه أشدوبابه أضيق وفي بعض النسخ بدل قوله والحاجة الخ لحاجة ما لم تجاوز كسره ويستحب في الأواني التغطية ولو بعود حط فوق الانية مع تسمية الله تعالى ليلا كان أو نهارا سواء أكان فيها ماء أو غيره لخبر الصحيحين عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غطوا الإناء وأوكئوا السقاء وفي رواية لهما خمر آنيتك واذكر اسم الله ولو تعرض عليها عودا قال الأئمة وفائدة ذلك من ثلاثة أوجه أحدها ما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال فان الشيطان لا يحل سقاء ولا يكشف إناء ثانيها ما جاء في رواية لمسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء الا نزل فيه من ذلك الوباء قال الليث بن سعد أحد رواته في مسلم فالأعاجم يتوقون ذلك في كانون الأول قال بعض المتأخرين وهو كيهك ثالثها صيانتها من النجاسة ونحوها وقد عمل بعضهم بالسنة في التغطية بعود فأصبح وأفعى ملتفة على العود ولم تنزل في الإناء ولكن لا يعرض العود على الإناء إلا مع ذكر اسم الله فإن السر الدافع هو اسم الله تعالى مع صدق النية ويسن أيضا إيكاء السقاء وإطفاء النار عند النوم وإغلاق الباب بعد المغرب وجمع الصبيان والمواشي ثم شرع في ذكر الاجتهاد فقال ويتحرى جوازا إن قدر على طهور بيقين ووجوبا إن لم يقدر عليه ويجتهد لاشتباه طاهر بنجس ولو لأعمى قادر الاجتهاد والتحرى والتآخى بذل المجهود في طلب المقصود فيجتهد الاشتباه طاهر من ماء أو ثوب أو طعام أو شراب أو غيرها بآخر نجس بأن يبحث عما يبين النجس(1/69)
بالأمارات المغلبة على الظن كرشاش حول إنائه أو ابتلال طرفه أو تحركه أو قرب الكلب منه أو زيادته أو نقصه ويستعمل ما ظن طهارته لأن الحل شرط للمطلوب يمكن التوصل إليه بالاجتهاد فجاز كالقبلة وقد يجب بأن لا يجد غيرهما وضاق وقت الصلاة أو أضطر للتناول وشمل إطلاقه ما لو حصل الاشتباه بإخبار ثقة ولو أنثى وعبدا كأن أخبره بتنجس أحدهما مبهما وكذا إن أخبره به معينا ثم التبس عليه فإن لم يلتبس عليه وبين سبب النجاسة أو كان فقيها في المياه موافقا له لزمه قبول خبره وامتنع عليه الاجتهاد كالمفتى يجد النص و كالقبلة وغيرها وكما يجتهد البصير يجتهد الأعمى القادر على الاجتهاد على الأصح كما في الوقت ولأن له طريقا غير البصر كالشم واللمس والذوق وفارق منعه في القبلة بأن أدلتها بصرية فإن تخير قلد بصيرا ثقة كالعامى يقلد مجتهدا بخلاف ما لو اشتبه عليه الوقت فإن له أن يقلده إن لم يتحير لأن الاجتهاد هناك إنما يتأتى بتعاطى أعمال مستغرقة للوقت وفيه مشقة ظاهرة بخلافه هنا فإن لم يجده أو اختلف عليه بصيران أو تحرى بصير وتحير لم يصح تيممه إلا أن لا يبقى معه ماء طاهر بيقين وخرج بقوله قادر الأعمى العاجز عن الاجتهاد لفقد شمه ولمسه وذوقه وسمعه أو لبلادة ونحوها فإنه لا يجتهد بل يقلد ثقة عارفا لا الكم أى لو أشتبه عليه أحد كمى ثوب متنجس بالآخر فلا اجتهاد فيه بل يجب غسلهما معا لتصح صلاته فيه لأنه ثوب واحد تيقن نجاسته فلا تزول بالشك كما لو خفى محل النجاسة فيه ولم تنحصر في محل منه فلو اجتهد وغسل المتنجس عنده لم تصح صلاته فيه بعمة في الثوبين فيهما معا على الأصح وفرق بأن محل الاجتهاد الاشتباه بين شيئين فتأثيره في أجزاء الواحد أضعف فلو انفصل الكمان أو أحدهما كانا كالثوبين والبول وميتة وماء ورد وخمر در أتن لو أشتبه ماء وبول منقطع الرائحة أو ميتة بمذكاة أو ماء ورد بماء أو خمر يحل(1/70)
أو لبن بدر أى لبن أتن بضم الهمزة والتاء جمع أتان بالمثناة وهى الأنثى من الحمر الأهلية فلا اجتهاد إذ لا أصل للخمسة في حل المطلوب بل في مسئلة البول يريقها أو أحدهما أو يصب منه في الآخر ثم يتيمم فلو تيمم قبل ذلك لم يصح لأنه تيمم بحضرة طاهر بيقين له طريق إلى إعدامه فلا يشكل بصحة اليمم بحضرة ماء منع منه نحو سبع وفي مسئلة ماء الورد يتوضأ بكل منهما مرة ويعذر في تردده في النية وإن قدر على طهور بيقين ولا يجب عليه إزالة التردد بان يأخذ غرفة من هذا وغرفة من الآخر ويستعملها دفعة في وجهه ناويا ولو اشتبهت ميتة بمذكيات بلد أو إناء بول بأواني بلد فله أخذ بعضها بلا اجتهاد إلى أن يبقى واحد ومحرما أى لا يتحرى فيها لو اشتبهت بأجنبيات محصورات إذ لا علامة تمتاز بها المحرم عن غيرها فإن ادعى امتيازها بعلامة فلا اجتهاد أيضا لأنها إنما تعتمد عند اعتضاد الظن بأصل الحل والأصل في الأبضاع الحرمة فإن اشتبهت بغير محصورات فله أن ينكح منهن إلى أن يبقى عدد محصور لئلا ينسد عليه باب النكاح وكل عدد لو اجتمع في صعيد واحد يعسر على الناظر عده بمجرد النظر كالمائتين فغير محصور وإن سهل عدة كعشرة وعشرين فمحصور وبينهما وسائط تلحق بأحدهما بالظن وما وقع فيه الشك استفتى فيه القلب ولو اشتبهت زوجته بأجتناب حرم عليه أن يطأ منهم مطلقا لأن الوطء لا يباح إلا بالعقد ولأن الأصل في الأبضاع الحرمة فيحتاط لها والاجتهاد خلاف الاحتياط وقد أشار الناظم بكلامه إلى بعض شروط الاجتهاد فمنها أن يكون بين متعدد وأن يكون باقيا على الأصح خلافا للرافعي وأن يكون لكل من المشتبهين أصل في حل المطلوب وأن يكون للعلامة في المتعدد مجال أى مدخل وكلها تعلم من كلامه على هذا الترتيب وأما ظهور العلامة فإنما هو شرط للعمل وبالاجتهاد باب السواك وهو لغة الدلك وآلته وشرعا استعمال عود أو نحوه كأشنان في الأسنان وما حولها يسن السواك مطلقا لخبر السواك مطهرة للفم(1/71)
مرضاة للرب رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحيهما ورواه البخاري تعليقا بصيغة الجزم لكنه لا يسن بعد زوال الصائم أى زوال شمس يومه بل يكره لخبر الصحيحين لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والخلوف بضم الخاء تغير رائحة الفم والمراد الخلوف بعد الزوال لغير أعطيت أمتى في شهر رمضان خمسا ثم قال وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب عند الله من ريح المسك رواه السمعاني وقال حديث حسن كما ذكره في المجموع من حكاية ابن الصلاح والمساء بعد الزوال وأطيبيه الخلوف تدل على طلب إبقائه فكرهت إزالته فيما ذكر وأما خبر أبى داود وغيره عن عامر بن ربيعة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستاك وهو صائم مالا أعد فليس فيه أنه فعله بعد الزوال وتزول الكراهة بغروب الشمس في الأصح والمعنى في أختصاصها بما بعد الزوال أن تغير الفم بسبب الصوم إنما يظهر غالبا حينئذ ولو واصل وأصبح صائما كره له ذلك قبل الزوال وبعده أخذا من العلة كما قاله الجيلى في الإعجاز وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ولو تغير فمه بعد الزوال بسبب آخر غير الخلوف كنوم أو وصول شىء كريه الريح إلى فمه فاستاك لذلك لم يكره كما قاله المحب الطبري في شرح التنبيه وأكدوه لانتباه النائم أى يتأكد طلب السواك لانتباه النائم من نومه ليلا كان أو نهارا لخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك أى يدلكه وقيس بالنوم المذكور غيره بجامع(1/72)
التغير ولتغير رائحة فم بنوم أو أكل أو كلام أو تركه أو غيره لما روى الطبراني في معجمه الكبير وغيره عن العباس بن عبد المطلب أنه قال كانوا يدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستاكوا فقال تدخلون على قلحا استاكوا وللصلاة أي عند إرادة القيام لها سواء كانت فرضا أو نفلا وسواء أكان متوضأ أو متيمما أم فاقدا للطهورين لخبر الصحيحين لولا أن أشق على أمتى أو على الناس لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة وفى رواية لهما بالسواك مع كل صلاة أى أمر إيجاب بدليل خبر لفرضت عليهم عند كل صلاة ويتأكد أيضا للوضوء وإن لم يصل به وللتيمم أيضا وللقراءة ولصفرة الأسنان ويمكن إدراجها في قول الناظم ولتغير فم ولدخول منزل وللطواف بأنواعه ولسجدة التلاوة أو الشكر قال الشيخ أبو حامد وعند الأكل وعند إرادة النوم قال الزركشى وبعد الوتر وفي السحر كما قاله ابن عبد البر وللصائم قبل أوان الخلوف كما يسن التطيب قبل الإحرام كما ذكره الإمام في كتاب الحج وعند الاختصار كما دل عليه خبر الصحيحين ويقال إنه يسهل خروج الروح وليس له إذا أراد أن يستاك ثانيا غسل سواكه إن حصل عليه وسخ أو ريح أو نحوهما كما ذكره في المجموع وسن الاستياك باليمنى وإن كان لإزالة قلح والبداءة بالجانب الأيمن من فمه لشرف الأيمن ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه رواه أبو داود ويسن عرضا ويجزىء طولا ويمره على كراسى أضراسه وأطراف أسنانه وسقف حلقه بلطف ولينوبه السنة ويعوده الصبى ليألفه و الأراك أولاه ثم النخل ثم العود ذو الريح الطيب ثم مطلق العود واليابس المندى بماء أولى ويحصل بكل مزيل للوسخ طاهر ولو خرقة أو أصبعا متصلة من غيره خشنة إلا أصبعه لأنها لا تسمى سواكا ويستحب الاكتحال بالإثمد لخبر الترمذي عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم قال اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر ورواه النسائى وابن حبان(1/73)
بلفظ إن من خير أكحالكم الإثمد وعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالإثمد فإنه منبتة للشعر مذهبه للقذى مصفاة للبصر وفي حديث عليكم بالإثمد المروح عند النوم أى المطيب بالمسك ويستحب كونه وترا لخبر أبى داود وغيره باسناد جيد من اكتحل فليوتر واختلفوا في قوله فليوتر فقيل يكتحل في اليمنى ثلاثا وفي اليسرى مرتين فيكون المجموع وترا والأصح أنه يكتحل في كل عين ثلاثا لخبر الترمذى عن ابن عباس وحسنة قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها في كل عين ثلاثا واستدل للأول بخبر الطبراني عن ابن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحل جعل العين اليمنى ثلاثا وفي العين اليسرى مرودين فجعلهم وترا لكن في أسناده العمرى ومن لا يعرف وقد علم أنه لو اكتحل شفعا حصل له أصل السنة روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم قال من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج وغبا ادهن أى وقتا بعد وقت بحسب الحاجة لخبر الترمذى وصححه عن عبد الله بن مغفل قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الادهان إلا غبا وفي الشمائل للترمذي عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته وما يروى في كتب الفقهاء مرفوعا استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا فغريب قال في المجموع الادهان غبا بكسر الغين هو أن يدهن ثم يترك حتى يجف الدهن وقال في نكته قول الشيخ ويدهن غبا أي وقتا بعد وقت فيدهن ثم يتركه حتى يجف رأسه ونقل ابن الرفعة عن بعضهم وقال قبله الغب كما قال ابن فارس ان ترد الإبل الماء يوما و تدعه يوما و بهذا فسر الإمام أحمد الحديث وبه قال بعض الشارحين وقلم ظفرا أي يسن تقليم الأظافر أى قصها بمقص أو نحوه لعده من الفطرة ولأنها تتفاحش بتركها وقد يمنع الوسخ الحاصل(1/74)
تحتها من وصول ماء الطهارة إلى ما تحته ومحل ندب أزالة الظفر والشعر الآتى في غير عشر ذى الحجة لمريد التضحية ووقت قصها عند طولها ويوم الجمعة أولى ولا يعارضه ما روى عن أنس قال وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين يوما وروى عن وصية على أن التقليم في كل عشرة أيام ونتف الإبط في كل أربعين وحلق العانة في كل عشرين وقص الأنف في كل ثلاثين والحق في الجميع اتباع الحاجة الأولى في قصها أن يكون مخالفا لخبر من قص أظفاره لم ير في عينيه رمدا وفسره جماعة منهم أبو عبيدة الله بن بطة بأن يبدأ بخنصر اليمنى ثم الوسطى ثم الأبهام ثم البنصر ثم المسبحة ثم إبهام اليسرى ثم الوسطى ثم الخنصر ثم السبابة ثم البنصر وفي الإحياء أنه يبدأ في اليدين بمسبحة اليمنى ويختم بإبهامها وفي الرجلين بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى قال النووى لا بأس به إلا تأخيره إبهام اليمنى فإن السنة إكمال اليمنى أولا ويسن غسل رءوس الأصابع بعد قص أظفارها فقد قيل إن الحك بالأظفار قبل غسلها يضر بالجسد والظفر بضم الظاء والفاء وإسكانها وبكسر الظاء مع إسكان الفاء وكسرها ويقال فيه أظفور وانتن لإبط بكسر الهمزة وسكون الباء أى يندب ذلك إن اعتاده وإلا فيحلقه ويقص بالبناء للمفعول الشارب بحيث يظهر طرف الشفة ولا يحفيه من أصله والعانة بالنصب احلق من الرجل أما الأنثى فالمستحب لها نتفها كما ذكره النووى وغير لخبر الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الفطرة الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد هو حلق العانة قال الغزالى ويستحب نتف الإبط في كل أربعين يوما مرة قال وذلك سهل على من تعود في الابتداء نتفه فأما من تعود الحلق فيكفيه إذ في النتف تعذيب وإيلام والمقصود النظافة وهى تحصيل بالحلق واختص النتف بالإبط والحلق بالعانة لأن الإبط محل الرائحة الكريهة والنتف(1/75)
يضعف الشعر فتخف الرائحة الكريهة والحلق يكثر الشعر فتكثر فيه الرائحة قال الجيلى وشعر العانة إذا طال يعشش فيه الشيطان ويذهب قوة الجماع والختان واجب على الذكر والأنثى لبالغ عاقل محتمل له ساتر بالنصب كمرة قطع وهى الغلفة من الذكر والاسم بنصبه أيضا من أنثى لقوله تعالى ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وكان من ملته الختان ففي الصحيحين أنه اختتن وعمره ثمانون سنة وفي صحيح ابن حبان والحاكم مائة وعشرون سنة وقيل سبعون سنة ولخبر أبى داود أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم ألق عنك شعر الكفر واختتن والأمر للوجوب ولأنه قطع جزء من البدن لا يستخلف تعبدا فلا يكون إلا واجبا كقطع السرقة واحترزوا بالقيد الأول من الشعر والظفر فإنه يستخلف وبالثاني عن القطع للأكلة فإنه لا يجب ولأنه قطع عضو سليم فلو لم يجب لم يجز كقطع الأصبع في القصاص وأما خبر أحمد والبيهقى أنه صلى الله عليه وسلم قال الختان سنة في الرجال مكرمة في النساء فأجيب عنه بأن المراد منه أنه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه فعله وأمر به فيكون واجبا وأما ختان الصبى والمجنون ومن لا يحتمله فليس بواجب لأن الأولين ليسا من أهل الوجوب والثالث يتضرر به وكما يجب الختان يجب قطع السرة لأنه لا يتأتى ثبوت الطعام إلا به وربطها إلا أن وجوبهما على الغير لأنه لا يفعل إلا في الصغر ويجب على المالك ختن رقيقه أو تخليته ليكتسب ويختتن ويسن كونه يوم السابع الذى يلى ولادته إن أطاقه فإن أخر استحب أن يكون في الأربعين فإن أخر عنها ففي السنة السابعة لأنه الوقت الذي يؤمر فيه بالطهارة والصلاة عند تمييزه وأما الخنثى المشكل فيحرم ختنه ولو بعد بلوغه لأنه جرح مع الشكولم يصدر منه جناية فلا يشكل بقطع إحدى يدين اشتبهت بأصلية وقد سرق ما يقطع به ومن له ذكران عاملان ختنا جميعا أو أحدهما عامل ختن فقط ويعرف عمل الذكر بالبول ومؤنة الختان في مال المختون فإن لم يكن له مال(1/76)
فعلى من تلزمه مؤنته ويجبر الإمام بالغا عاقلا على الختان إذا احتمله وامتنع منه ولو مات قبل الختان حرم ختنه وإن كان
بالغا وإن ولد مختونا لم يختن وأما تثقيب آذان الصبية لتعليق الحلق فحرام لأنه جرح لم تدع إليه حاجة صرح به الغزالى في الإحياء وبالغ فيه مبالغة شديدة قال إلا أن يثبت فيه من جهة النقل رخصة ولم تبلغنا وفي الرعاية في مذهب أحمد يجوزتثقيب آذان الصبية للزينة ويكره ثقب آذان الصبي وفي فتاوى قاضيخان من الحنفية أنه لا بأس بتثقيب آذان الصبية لأنهم كانوا يفعلونه في الجاهلية ولم ينكر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكره القزع تنزها لخبر الصحيحين عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن القزع وهو بقاف وزاى مفتوحتين وعين مهملة وهو حلق بعض الرأس سواء كان من موضع واحد أم متفرقا مأخوذ من قزع السحاب وهو تقطعه قال النووي في شرح مسلم أجمع العلماء على كراهة القزع إذ كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة أو نحوها وهى للتنزيه وقال بعض أصحاب مالك لا بأس به في القصة أو القفا للغلام قال العلماء والحكمة فى النهى عنه أنه تشويه للخلقة قال الغزالي في الإحياء لا بأس بحلق جميع الرأس لمن أراد التنظيف ولا بأس بتركه لمن أراد أن يدهن ويرجل وادعى ابن المنذر الإجماع على إباحة حلق الجميع وهو رواية عن أحمد وروى عنه أنه مكروه لما روى أنه من وصف الخوارج ولا خلاف أنه لا تكره إزالته بالمقراض ولا خلاف أن اتخاذه أفضل من إزالته إلا عند التحلل من النسك والأخذ من جوانب عنفقة ولحية وحاجب أي يكره للرجل أخذ الشعر من جوانب عنفقته ومن لحيته وحاجبيه كذا في التحقيق وغيره لأنه في معنى التنميص المنهى عنه لكن قال ابن الصلاح لا بأس بأخذ ما حول العنفقة وفهم من كلام الناظم كراهة حلق الرجل لعينه ونتفها بطريق الأولى خصوصا أول طلوعها إيثارا للمرودة وحلق شعر رأس امرأة لأن بقاءه يزينها نعم إن عجزت عن معالجته(1/77)
ودهنه وتأذت بهوامه فلا كراهة ونتف لحيتها وشاربها مستحب لأن بقاء كل منهما يشينها ورد طيب وريحان على من يهدى أي يكره تعاطي رد الطيب أو الريحان على من أهداه إليه كما صرح به النووي في تحقيقه وقد علم أن قول المصنف ورد مجرور بالمضاف الذي قدرناه وحذف المضاف سائغ شائع في الكلام الفصيح وحرموا خضاب شعر بسواد لرجل وامرأة أي يحرم خضاب شعر أبيض من رأس رجل أو امرأة أو لحية رجل بالسواد لخبر أبي داود والنسائي وابن حيان في صحيحه والحاكم عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة وكالرجل والمرأة الخنثى نعم يجوز للمرأة ذلك بإذن زوجها أو سيدها لأن له غرضا في تزيينها به وقد أذن لها فيه والظاهر كما قاله بعض المتأخرين أنه يحرم على الولي خضب شعر الصبي أو الصبية إذا كان أصهب بالسواد أي لما فيه من تغيير الخلقة وإن عزى للناظم في شرحه لنظمه أنه قال إن الظاهر أنه لا يحرم انتهى لا للجهاد أي يجوز خضب الشعر الأبيض بالسواد لأجل الجهاد لما فيه من إرهاب العدو وخرج بالسواد خضبه بغيره كالحناء فلا يحرم بل هو سنة للذكر والأنثى(1/78)
باب الوضوء هو بضم الواو الفعل وبفتحها الماء الذي يتوضأ فيه وقيل بالفتح فيهما وقيل بالضم فيهما والمبوب له الوضوء بمعنى الفعل وهو من الوضاءة وهي الحسن وفي الشرع استعمال الماء في أعضاء مخصوصة مفتتحا بنية قال الإمام وهو تعبدي لا يعقل معناه لأن فيه مسحا ولا تنظيف فيه والأصح أنه معقول المعنى وكان فرضه مع فرض الصلاة كما رواه ابن ماجة والأصح أنه ليس من خصائص هذه الأمة وإنما الخاص بهم الغرة والتحجيل موجبه الخارج من سبيل أي موجب الوضوء بكسر الجيم أي أسبابه لأنه مفرد مضاف ليعم أربعة أحدها الخارج من سبيل معتاد قبلا كان أو دبرا ريحا كان الخارج ولو من قبل أو عينا نادرا كان أو معتادا نجسا كان أو طاهرا ولو دوده أخرجت رأسها ثم رجعت أما الغائط والبول والريح والمذى فبالنص وأما ما عداها فبالقياس عليها وفي موجبه أوجه أصحها بالخروج مع الانقطاع وجوبا موسعا ومع القيام إلى الصلاة وجوبا مضيقا ويجري ذلك في موجب الغسل من الحيض والنفاس وشمل كلام الناظم إيجاب الوضوء بخروج الخارج من دبر المشكل أو من قبليه جميعا ومن ثقبه انفتحت في معدة أو فوقها أو تحتها وقد خلق مسدود المخرج الأصلي أو انفتحت تحت المعدة وقد انسد الأصلي فصار لا يخرج منه شيء وإن لم يلتحم وهو كذلك ومحل ما ذكر في الانسداد العارض فيقوم مقام الأصلي في النقض فقط دون إجزاء الحجر وإيجاب الوضوء تمسها والغسل بالإيلاج فيها وإيجاب سترها وتحريم النظر إليها فوق العورة لكن رجح في المجموع عدم انتقاض الوضوء إذا نام ممكنا لها من مقره والمنسد حينئذ كعضو زائد من الخنثى لا وضوء بمسه ولا غسل بإيلاجه والإيلاج فيه أما إذا كان الانسداد خلقيا فمنفتحه كالأصلي في الأحكام كلها كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ويؤخذ من قولنا فمنفتحه أنه لا أثر لخروج من منفتح بأصل الخلقة كالفم وخرج مما مر خروج الخارج من غيره كأحد قبلى المشكل وثقبه انفتحت تحت المعدة مع انفتاح الأصلي أو(1/79)
انفتحت فيها أو فوقها ولو مع انسداد الأصلي فلا يوجب الوضوء لأن الأصل عدم النقض حتى يثبت شرعا ولم يثبت إلا فيما مر غير منى موجب التغسيل استثنى الناظم من إيجاب الوضوء بخروج الخارج المني الموجب للغسل وهو مني الشخص نفسه الخارج منه أول مرة كأن أمنى بمجرد نظر أو احتلام ممكنا مقعدته فإنه لا يوجب الوضوء لأنه أوجب أعظم الأمرين وهو الغسل بخصوصه فلم يوجب أدونهما بعمومه كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدين وهو الرجم بكونه زنا محصن لم يوجب أدونهما بكونه زنا ويلحق به ولادة بلا بلل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وفرق بينه وبين إيجاب الحيض والنفاس الوضوء مع إيجابهما الغسل بأمور منها أنهما لا فائدة لبقاء الوضوء معهما وأنهما يمنعان صحة الوضوء فلا يجامعانه مع إيجابهما الغسل بخلاف خروج المنى يصبح معه الوضوء في صورة سلس المنى فيجامعه ومنها أن كلا منهما يخرج صاحبه عن كونه مكلفا بالصلاة فلا معنى لبقاء الوضوء حينئذ ولا كذلك المنى وخرج بقوله موجب التغسيل ما لا يوجبه كأن جومعت في دبرها أو في قبلها ولم تنقض شهوتها واغتسلت ثم خرج منها أو استدخل شخص من منيه أو منى غيره ثم خرج منه فإنه يوجب الوضوء كما شمله المستثنى منه أيضا ومثله ما لو ألقت بعض ولد كيد فينتقض وضوءها ولا غسل به كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى كذا زوال العقل وهو ثانيها أي التمييز فإن فسر بآلة التمييز كما حكى عن إمامنا الأعظم أو أنه صفة يميز بها بين الحسن وبين القبيح فالمراد زوال تصرفه وهو التمييز إما بارتفاعه بالجنون أو انغماره بالإغماء أو السكر ونحوه أو استتاره بالنوم ونحوه كما أشار إليه بقوله لا بنوم كل ممكن لخبر العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ رواه أبو داود وغيره وحسنه الترمذي وغيره وأخرجه ابن السكن في صحاحه وغير النوم مما ذكر أبلغ منه في الذهول الذي هو مظنة لخروج شيء من دبره كما أشعر به الخبر إذ السه الدبر ووكاءه حفاظه عن أن يخرج(1/80)
منه شيء لا يشعر غاية البيان
وبه العينان كناية عن اليقظة ولا يضر في النقض بزوال العقل الذي هو مظنة لخروج الخارج كون الأصل عدم خروج شيء لأنه لما جعل مظنة لخروجه من غير شعور به أقيم مقام اليقين كما أقيمت الشهادة المفيدة للظن مقام اليقين في شغل الذمة وقوله لا بنوم إلى آخره أي لا يجب الوضوء بنوم كل شخص ممكن مقعدته من مقره ولو مستندا إلى ما لو زال لسقط أو محتبيا بأن يجلس على آلييه رافعا ركبتيه محتويا عليهما بيديه أو غيرهما لخبر مسلم عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون ولفظ أبي داود ينتظرون العشاء فينامون حتى تخفق رؤوسهم الحديث وحمل على نوم الممكن مقعده جمعا بينه وبين خبر العينان وكاء السه ولأمنه حينئذ خروج الخارج ولا عبرة باحتمال خروج ريح من قبله لندرته ولو زالت إحدى ألييه قبل انتباهه أنتقض وضوءه ولو كان مستشعرا أو مع انتباهه أو بعده أو شك فلا ولا يلحق الإغماء ونحوه مع تمكين المقعدة بالنوم لأن عدم الشعور معهما أبلغ كما مر ولا تمكين لمن نام على قفاه ملصقا مقعده بمقره ولا لمن نام قاعدا وهو هزيل بحيث يكون بين مقعده ومقره تجاف وكان بحيث لو خرج منه شيء لا يحس به وخرج بزوال العقل بعض النعاس وحديث النفس وأوائل نشوة السكر فلا نقض بها ويقال للنعاس سنة والفرق بينه وبين النوم أن الناعس يسمع كلام الحاضرين وإن لم يفهمه بخلاف النائم ومن علامة النوم الرؤيا فلو شك في أنه متمكن أولا أو في أنه نام أو نعس لم ينتقض وضوءه أو رأى رؤيا وشك هل نام أو نعس انتقض ثالثها ما ذكره بقوله ولمس مرأة رجل أي لمس ذكر أنثى أجنبيين كبيرين ببشرتهما وهي ما سوى السن والشعر والظفر أو في معناها عمدا أو سهوا بشهوة أو غيرها سواء في ذلك اللامس والملموس والأصلي والزائد والعامل والأشل من أعضاء الوضوء أو غيرها والخصى والعينين والمحبوب والمسموح والشيخ الهرم والعجوز لقوله تعالى أو لامستم(1/81)
النساء أي لمستم كما قرىء به لا جامعتم والمعنى في إيجابه الوضوء أنه مظنة الإلتذاذ المثير للشهوة ورجل في كلامه منصوب ووقف عليه بحذف الألف على لغة ربيعة أو مجرور بإضافة لمس إليه وفصل بينهما بمفعوله وهو امرأة على لغة كما في قراءة ابن عامر قوله تعالى وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم بنصب أولادهم وجر شركائهم بإضافة قتل إليه مفصولا بينهما بمفعوله لا محرم أي لا لمس حرم وهي من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها سواء كانت من نسب أو رضاع أو مصاهرة ولو بشهوة فلا يوجب الوضوء لانتفاء المظنة بينهما وحائل للنقض كف أي لا نقض مع وجود حائل بين بشرتي الذكر والأنثى ولو رقيقا وخرج بذلك اللمس الواقع بين ذكرين أو أنثيين أو خنثى وأنثى أو ذكر ولمس العضو المقطوع والشعر ولو على فرج والسن والظفر ومن لم يبلغ حد الشهوة عرفا فلا يوجب شيء منها الوضوء وشمل كلامه لمس الميت فينتقض به وضوء الحي وقوله وحائل ليس معطوفا على محرم بل مبتدأ خبره كف وفي قوله كف وكف الآتية جناس تام مستوفى لاتفاقهما في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها وهما من نوعين رابعها ما ذكره في قوله ومس فرج بشر ببطن كف أي ينقض الوضوء مس فرج آدمي ببطن كف قبلا كان أو دبرا من نفسه أو غيره عمدا أو سهوا متصلا أو ذكرا مقطوعا لخبر من مس ذكره فليتوضأ وفي رواية من مس فرجه وفي رواية ذكرا رواه الترمذي وقال حسن صحيح وخبر ابن حبان في صحيحه إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ ومس فرج غيره أفحش من مس فرجه لهتك حرمة غيره والمراد بمس قبل المرأة ملتقى الشفرين على المنفذ وبمس الدبر ملتقى المنفذ وببطن الكف مااستتر عند وضع إحدى الكفين على الأخرى مع تحامل يسير وخرج بالفرج مس أحد قبلى المشكل فلا نقض به لا أن يمس الواضح منه مثل آلته وبالآدمي البهيمة فلا ينقض مس فرجها كما لا يجب ستره ولا يحرم النظر إليه ولا يتعلق به(1/82)
ختان ولا استنجاء ولأن لمس إناث البهائم ليس يحدث فكذلك مس فرجها فعلى هذا لو أدخل يده في فرجها
لم ينتقض طهره في أصح الوجهين وببطن الكف رءوس الأصابع وما بينها وحرف الكف فلا نقض بمس شيء منها لأنها خارجة عن سمت الكف ولأنه لا يعتمد على المس بها وحدها من أراد معرفة لين الممسوس أو خشونته ولا ينتقض الممسوس ولو كان له كفان أو ذكران انتقض الوضوء بمس كل منهما لا بمس الزائد مع العامل وينقض مس الأصبع الزائدة إذا كانت على سنن الأصابع واختير من أكل للحم الجزر أي المختار عند النووي وجماعة وجوب الوضوء من أكل لحم الجزر أي الإبل نيئا أو مطبوخا قال النووي وهو وإن شذ مذهبا فهو قوى دليلا لصحة حديثين فيه واختاره المحققون واعتقدوا رجحانه أهو قد أشار الناظم إلى حكاية ذلك بلفظ اختير بالبناء للمفعول فليس في كلامه دلالة على اختياره له ولكن القول الجديد المشهور وهو المذهب أنه لا يوجب الوضوء لخبر جابر قال كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار وأجيب عن دليل القديم بحمله على الندب أو على الوضوء اللغوي قال النووي وهو جواب غير شاف ومع يقين حدث أو طهر إذا طرا شك بضده عمل يقينه أي إذا تيقن حدثا أو طهرا ثم طرأ عليه شك عمل بضده أي بيقينه استصحابا له لخبر مسلم إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أولا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا قال النووي وغيرة الشك هنا وفي معظم أبواب الفقه هو التردد سواء المستوى والراجح انتهى والباء في قوله بضد متعلقة بقوله طرأ أو بقوله شك فتكون ظرفية ويقينه منصوب بنزع الخافض ويصح رفعه على أنه فاعل عمل أي عمل يقينه عمله وسابق إذا جهل خذ ضد ما قبل يقين أي إذا جهل السابق من الحدث والطهر كأن وجدا منه بعد الفجر مثلا وجهل السابق منهما أخذ بضد ما تيقنه قبلهما من حدث أو طهر فإن تذكر أنه كان قبلهما محدثا فهو الآن متطهر سواء اعتاد(1/83)
تجديد الوضوء أم لا لأنه تيقن الطهارة وشك في تأخر الحدث عنه والأصل عدم تأخره وإن تذكر أنه كان قبلهما متطهرا فهو الآن محدث إن اعتاد تجديد الوضوء ولو مرة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأنه تيقن الحدث وشك في تأخر الطهارة عنه والأصل عدم تأخرها فإن لم يعتد تجديده لم يأخذ بالضد بل بالمثل فيكون الآن متطهرا لأن الظاهر تأخر طهره عن حدثه و حيث لم يعلم بشيء فالوضوء ملتزم أي إذا لم يعلم ما قبلهما فالوضوء لازم له لتعارض الاحتمالين من غير مرجح ولا سبيل إلى الصلاة مع التردد المحض في الطهر وهذا خاص بمن يعتاد التجديد فإن غيره يأخذ بالطهر مطلقا كما مر فلا أثر لتذكره وإن خالف فيه بعض المتأخرين فرضه النية أي فروض الوضوء ستة أحدها النية لما مر ويجب قرنها بأول جزء من الوجه كأن ينوي رفع الحدث أو استباحة الصلاة أو غيرها مما لا يباح إلا بالوضوء أو أداء فرض الوضوء أو فرض الوضوء أو الوضوء ودائم الحدث لا تجزئه نية رفع الحدث ولو نوى غيره رفع غير حدثه أجزأه إن غلط لا إن تعمد واغسل وجهكا ثانيها غسل الوجه قال تعالى فاغسلوا وجوهكم والمراد انغساله وكذا في بقية الأعضاء والمراد ظاهر الوجه إذ لا يجب غسل داخل العين والفم والأنف وحده طولا ما بين منابت شعر رأسه غالبا وأسفل طرف المقبل من اللحيين وعرضا ما بين أذنيه وشعور الوجه إن لم تخرج عن حده وكانت نادرة الكثافة كعذار وهو ما حاذى الأذنين وهدب وشارب وعند وعنفقة ولحية امرأة وخنثى وجب غسلها ظاهرا وباطنا وإن كثفت وإن لم تكن نادرة الكثافة وهي لحية الرجل وعارضاه أو خرجت عن حده كشعر اللحية والعارض والعذار والسبال وجب غسل ظاهرها وباطنها إن خفت وإلا(1/84)
وجب غسل ظاهرها فقط فلو خف بعض اللحية مثلا وكثف بعضها فلكل حكمة إن تميز وإلا فكالخفيف والخفيف ما ترى بشرته في مجلس التخاطب ويجب غسل جزء من الرأس وسائر الجوانب المجاورة للوجه احتياطا وغسلك اليدين مع مرفقكا ثالثها غسل اليدين مع المرفقين بكسر الميم وفتح الفاء وعكسه قال تعالى وأيديكم إلى المرافق ودل على دخولهما في الغسل الآية والإجماع وفعله صلى الله عليه وسلم المبين للوضوء المأمور به كما رواه مسلم وغيره فإن لم يكن له مرفق اعتبر قدره فإن قطعت من المرفق وجب غسل رأس العضد أو من فوقه ندب غسل باقي عضده ويجب غسل شعر اليدين وإن كثف وظفرهما وإن طال ويد زائدة إن نبتت في محل فرض وإن نبتت في غيره وجب غسل ما حاذى منها محله إن تميزت فإن لم تتميز بفحش قصر أو نقص أصبع أو ضعف بطش أو نحوه وجب غسلها وتجري هذه الأحكام في الرجلين والألف في قوله وجهكا ومرفقك للإطلاق ومسح بعض الرأس رابعها مسح بعض رأسه لقوله تعالى وامسحوا برؤوسكم ولا فرق بين مسح بشرة الرأس والشعر الذي عليها بحيث يطلق عليه اسم المسح ولو بعض شعرة واحدة بيد وغيرها ولو من صاحب رأسين أصليين بشرط كون الشعر الممسوح لو مد لم يخرج عن حد الرأس وفي مسلم أنه صلى اله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته فدل على الاكتفاء بمسح البعض ولأنه المفهوم عند الإطلاق ولم يقل أحد بوجوب خصوص الناصية وهي الشعر الذي بين النزعتين وهما بياضان يكتنفانها والاكتفاء بها يمنع وجوب الاستيعاب ويمنع وجوب التقدير بالربع أو أكثر لأنه دونه والباء كما في المجموع عن جماعة من أهل العربية إذا دخلت على متعدد كما في الآية تكون للتبعيض أو على غير متعدد كما في قوله تعالى وليطوفوا بالبيت تكون للإلصاق وإنما وحب التعميم في التيمم مع أن آيته كهذه الآية لثبوته بالسنة ولأنه بدل فاعتبر مبدله ومسح الرأس أصل فاعتبر لفظه وأما عدم وجوبه في الخف فللإجماع ولأن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني(1/85)
على التخفيف لجوازه مع القدرة على الغسل بخلاف التيمم ولو قطر الماء على رأسه أو وضع يده المبتلة عليه أو تعرض للمطر ولم يمسح أجزأه وكذا لو غسله ثم اغسل وعم رجليك مع كعبيك خامسها غسل رجليه مع كعبيه من كل رجل وهما العظمان الناتئان من الجانبين عند مفصل الساق والقدم قال تعالى وأرجلكم إلى الكعبين وقرىء بالنصب والجر عطفا على الوجوه لفظا في الأول ومعنى في الثاني لجره على الجوار وجعله بعضهم عطفا على الرأس حملا له على لابس الخف ودل على دخولهما في الغسل ما دل على دخول المرفقين فيه ويأتي ما مر في اليدين هنا والترتيب سادسها الترتب في أفعاله لفعله صلى الله عليه وسلم المبين للوضوء المأمور به رواه مسلم وغيره ولقوله صلى الله عليه وسلم في حجته ابدءوا بما بدأ الله به رواه النسائي بإسناد صحيح والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ولأنه تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات وتفريق المتجانس لا ترتكبه العرب إلا لفائدة وهي هنا وجوب الترتيب لاندبه بقرينه الأمر في الخبر ولأن الآية بيان الوضوء الواجب ولهذا لم يذكر فيها شيء من سننه فلو عكس ولو ساهيا أو وضأه أربعة دفعة حصل الوجه فقط إن نوى عنده ولو توضأ أربع مرات منكسا أجزأه ولو اغتسل ذو الحدث الأصغر نية رفع الحدث أو نحوها أو بنية الجنابة أو نحوها غالطا ورتب أو انغمس أجزأه وإن لم يمكث ولو أحدث وأجنب أجزأه الغسل عنهما ولو اغتسل ذو الحدث الأكبر إلا رجليه أو إلا يديه مثلا ثم أحدث وجب غسلهما للجنابة والأعضاء الثلاثة مرتبة للحدث وله تقديم الرجلين أو اليدين ثم له أي الوضوء شروط خمسة أولها طهور ما أي أن يعلم أو يظن المتوضىء كونه مطلقا لأن ما عداه لا يرفع الحدث وقوله طهور ما من إضافة الصفة إلى الموصوف كجرد قطيفة أو من إضافة الأعم إلى الأخص فإن التراب طهور أيضا و ثانيها كونه أي المتوضىء مميزا و ثالثها كونه مسلما لأن وضوء غيرهما(1/86)
غير صحيح لعدم صحة نيته إذ شرطها إسلام الناوى وتمييزه كما مر وإنما صح غسل الكتابية والمجنونة من الحيض والنفاس كما سيأتى لضرورة حق الزوج والسيد ولهذا تجب إعادته عند الإسلام والافاقة و رابعها عدم المانع الحسى كدهن جامد وشمع من وصول ماء إلى بشرة المغسول إذ جرى الماء على العضو المغسول شرط لصحة تطهيره ويقاس بالمانع الحس المانع الشرعى من حيض أو نفاس ويدخل الوقت لدائم الحدث خامسها دخول الوقت في وضوء دائم الحدث كمستحاضة وسلس بول أو مذى لأن طهارته طهارة ضرورة ولا ضرورة قبل الوقت ومن شروطه عدم الصارف ويعبر عنه بدوام النية فلو قطعها في أثناء الوضوء احتاج إلى نية جديدة والعلم بفرضيته وبسنيته فلو اعتقد العامى كل أفعاله فرضا صح أو سنة فلا أو البعض ولم يميز صح إن لم يقصد بفرض نفلا ويجرى هذا التفصيل في الصلاة وعد منها الرافعى بسكون الياء وصله بنية الوقف رفع الخبث أى عد الرافعى من شروط الوضوء رفع الخبث الذي يزول بالغسلة الواحدة عن أعضاء وضوئه إن كان فلا يكفى لهما غسلة واحدة لأن الماء يصير مستعملا في الخبث فلا يستعمل في الحدث والمعتمد ما صححه النووي من أنها تكفى لهما كما في الحيض والجنابة لأن مقتضى الطهرين واحد والماء ما دام مترددا على العضو لا يحكم عليه بالاستعمال وسواء أكانت عينية أم حكمية وما صورها في مجموعة في الحكمية جرى على الغالب ويجرى الخلاف بتصحيحه في الحدث الأكبر مع الخبث أما إذا لم يزل الخبث بالغسلة الواحدة فالحدث أيضا باق ويؤخذ منه أيضا أن عضوه لو تنجس بمغلظ لم يرتفع حدثه إلا بتمام الغسلات السبع والسنن السواك أوله لما مر في بابه ثم بسملا أى بعده عند غسل الكفين كما سيأتى لخبر كل أمر ذى بال ولخبر النسائى بإسناد جيد كما في المجموع عن أنس قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا فلم يجدوا فقال صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فأتى بماء فوضع يده في الإناء الذي فيه الماء(1/87)
ثم قال توضئوا باسم الله فرأيت الماء يفور من بين أصابعه حتى توضأوا وكانوا نحو سبعين رجلا وقوله صلى الله عليه وسلم بسم الله أى قائلين ذلك وأقلها بسم الله وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم زاد الغزالى بعدها في بداية الهداية رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وحكى المحب الطبرى عن بعضهم التعوذ قبلها ويسن أن يقول بعدها الحمد لله الذى جعل الماء طهورا فإن ترك البسملة أوله استحب أن يقول في أثنائه بسم الله أوله وآخره وقوله بسملا بفتح الميم بصيغة الماضى وفاعله المتوضىء وألفه للإطلاق أو بكسرها بصيغة الأمر وهو الأنسب بما بعده ففاعله المخاطب وألفه بدل من نون التوكيد الخفيفة واغسل يديك قبا ان تدخلا إنا أى يسن غسل كفيه ثلاثا قبل المضمضة وإن تيقن طهرهما أو لم يرد غمسهما للاتباع رواه الشيخان ثم إن شك في طهرهما سن غسلهما قبل أن يدخلهما إناء فيه ماء قليل أو مائع بل يكره غمسهما فيه قبل غسلهما ثلاثا وهذا محمل كلام الناظم فإن تيقن طهرهما بإستنادلغ بإستناد لغسل ثلاثا لم يكره غمسهما فيه قبل غسلهما بل ولا يسن غسلهما قبله وقوله بتشديد الخاء ثم إن بنى للمفعول فألفه ضمير تثنية عائد على اليدين أو للفاعل فألفه للإطلاق وإنا بالقصر للوزن ومضمض وانتشق أى يسن أوله المضمضة ثم الاستنشاق للأتباع ويحصلان بوصول الماء إلى الفم والأنف وإن ابتلعه أو لم يدره وتقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق لا مستحب فلو قدم الاستنشاق عليها حسب وفاتت وتسن المبالغة فيهما للمفطر والمبالغة في المضمضة أن يبلغ الماء إلى أقصى الحنك واللثات ويسن إمرار أصبعه اليسرى عليها ومج الماء وفي الاستنشاق أن يصعد الماء بالنفس إلى الخيشوم ويسن الاستنثار(1/88)
بأن يخرج بعد الاستنشاق ما فى أنفه من ماء وأذى ويسن كونه بيده اليسرى أما الصائم ولو نفلا فتكره له المبالغة والأفضل جمعهما وأن يكون بثلاث غرف يتمضمض من كل ثم يستنشق فيحصل أصل السنة بفعلهما بست غرفات أو بغرفتين يتمضمض من واحدة ثلاثا ثم يستنشق منها ثلاثا أو يتمضمض منها ثم يستنشق مرة ثم كذلك ثانية وثالثة وعمم الرأس ندبا بالمسح للأتباع رواه السيخان وخروجا من خلاف من أوجبه والحكم عليه بالسنية لا ينافى وقوعه فرضا على قول ولكن الأصح أن قدر الواجب يقع فرضا وما زاد يقع نفلا وأبدأه من المقدم أى يسن أن يبدأ بالمسح من مقدمه بأن يضع يديه على المقدم ويلصق مسبحته بالأخرى وإبهاميه على صدغيه ثم يذهب بهما إلى قفاه ثم يردهما إلى المبدإ للاتباع رواه الشيخان وهذا لمن له شعر ينقلب بالذهاب والرد ليصل البلل إلى جميعه وذلك مرة واحدة فإن لم يكن له شعر ينقلب لم يسن له الرد لعدم فائدته فإن رد لم يحسب ثانية ذا الماء صار مستعملا لعدم الحاجة له لكونه تافها هنا لم ينظر لفوات ماليته وبه فارق مالو أحدث منغمس في ماء قليل حيث كان له رفع حدثه المتجدد به حفظا لماليته التى لها وقع بالنسبة لماء المسح و سن مسح أذن بعد مسح الرأس باطنا وظاهرا بما غير بلل الرأس وللصماخين أى مسح خرقيهما بماء آخرا أى جديد غير الماءين للأتباع رواه في مسح الأذنين وصماخيهما أبو داوود بإسناد حسن أو صحيح وفي كونه بغير ماء الرأس البهيقي بإسناد جيد و لأن الصماخ من الأذن كا لفم والأنف من الوجه والأحب في كيفية مسح ذلك كما قال الرافعي أن يدخل مسبحتيه في صماخيه ويديرهما على المعاطف ويمر إبهاميه على ظهورهما ثم يلصق كيفية مبلولتين بالأذنين أستظهارا ونقلها في المجموع عن الأمام والغزالي وجماعات ثم نقل عن آخرين أنه يمسح بالإبهامين ظاهر الأذنين وبالمسبحتين باطنهما ويمر رءوس الأصابع في المعاطف ويدخل الخنصر في صماخيه وكلامه في نكت التنبيه يقتضى اختيار هذه(1/89)
الكيفية والمراد من الأول أن يمسح برأس مسبحتيه صماخيه وبباطن أنمليتهما باطن الأذنين ومعاطفهما فاندفع ما قيل إنها لا تناسب سنية مسح الصماخين بماء جديد وأفهم كلام الناظم عدم سن مسح العنق وهو كذلك خلافا للرافعي بل هو بدعة وألف آخر للأطلاق وخللن أصابع اليدين إذ هو من سنن الوضوء ويحصل بالتشبيك بينهما واللحية الكثة بالمثلثة أي الكثيفة فيسن للرجل تخليلها ما ما لم يكن محرما للاتباع رواه الترمذي وصححه وذلك بأن يخللها بالأصابع لم يكن محرما للاتباع رواه الترمذي وصححه وذلك بأن يخللها بالأصابع من أسفلها ومثل اللحية كل شعر كثيف لا يجب إيصال الماء إلى منبته والرجلين يسن تخلليهما للأمر بكل من اليدين والرجلين في خبر الترمذي وغيره والأحب أن يخللهما بخنصر اليسرى من أسفل الأصابع يبدأ بخنصر الرجل اليمنى ويختم بخنصر اليسرى وقيل يخلل بخنصر اليمنى وقيل هما سواء فلو ألتفت أصابعه فلم يصل الماء إليها إلا بالتخليل وجب لا لذاته ولو التحمت وخاف من فتقها ضررا حرم واستكمل الثلاث باليقين أى يسن للمتوضىء تثليث أفعال الوضوء من غسل ومسح وتخليل وغيرها فالأولى واجبة والثنتان سنتان لخبر مسلم عن عثمان أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا وخبر أبى داود بإسناد حسن كما في المجموع أنه صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه ثلاثا ولخبر البهيقى بإسناد جيد كما في المجموع عن عثمان أنه توضأ فخلل بين أصابع قدميه ثلاثا وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين وتناول كلام المصنف القول كالتسمية والتشهد فيسن تثليثه وصرح الرويانى في التشهد آخره ورواه أحمد وابن ماجه فلو شك في العدد أخذ بالأقل عملا باليقين كالشك في عدد الركعات(1/90)
والزيادة على الثلاث إنما تكون بدعة إذا علم بزيادتها ولو توضأ مرة ثم مرة ثم مرة لم تحصل فضيلة التثليث بخلاف نظيره في المضمضة والاستنشاق لأن الوجه واليدين متباعدان فينبغي الفراغ من احدهما ثم الانتقال إلى الآخر والفم والأنف كعضو فجاز تطهيرهما معا كاليدين كذا نقله في المجموع عن الشيخ أبى محمد الجوينى وأقره وبه أفتى البارزى وهو المعتمد خلافا للرويانى والفورانى وغيرهما وقد يجب الاقتصار على مرة فقط لضيق وقت أو احتياج لنحو عطش لا تتأتى إزالته إلا بفعل الوضوء مرة مرة وابدا بيمناك أى يندب للمتوضىء البداءة بيمناه لخبر إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم رواه ابنا خزيمة وحبان في صحيحه ولخبر الصحيحين عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في تنعله وترجله أى أى تسريح شعره وطهوره وفي شأنه كله أى مما هو من باب التكريم كاكتحال ونتف إبط وحلق رأس واليسرى بضد ذلك كامتخاض ودخول خلاء ونزع ملبوس لما رواه أبو داود وقال في المجموع إنه صحيح كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه واليسرى لخلائه وما كان من أذى سوى الأذنين أي أن العضوين إذا سهل إمرار الماء عليهما معا كالأذنين والخدين والكفين سن عسلها معا ومحله في غير الأقطع أما هو فيقدم اليمنى مطلقا واستصحب النية من بدء إلى آخره أى يندب للمتوضىء استصحاب النية ذكرا من ابتداءسنن الوضوء ليحصل ثوابها إلى آخره كالصلاة ولئلا يخلو جزء منه عنها حقيقة فينوى مع التسوية عند غسل الكفين كما صرح به أبن الفركاح بأن يقرنها بها عند أول غسلهما كما يقرنها بتكبيرة الإحرام فاندفع ما قيل إن قرنها بها مستحيل لأنه يسن التلفظ بالنية ولا يعقل التلفظ معه بالتسمية وممن صرح بأنه ينوى عند غسل الكفين الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الطيب وابن الصباغ فالمراد بتقديم التسمية على غسل الكفين تقديمها على الفراغ منه ودلك عضو أى يندب دلك كل عضو مغسول من أعضاء(1/91)
الوضوء بأن يمر يده عليه بعد إفاضة الماء احتياطا وتحصيلا للنظافة وخروجا من خلاف من أوجبة والولا بين أعضاء وضوئه ندبا في وضوء الرفاهية بأن يغسل العضو الثاني قبل أن يجف الأول مع أعتدال الهواء والزمان والمزاج للأتباع وخروجا من خلاف من أوجبة وإذا غسل ثلاثا فالعبرة بالأخيرة ويقدر الممسوح مغسولا وإذا ترك الولاء وقد عزبت النية لم يجب تجديدها في الأثناء والتفريق الطويل مكروه وللوضو بسكون الواو وصلة بنية الوقف مد أى يسن أن يتوضأ بمد تقريبا وزنه رطل وثلث بغدادى وللتغسيل صاع أى ويغتسل بصاع كذلك وهو أربعة أمداد ولو توضأ أو أغتسل بأقل من ذلك كفى فقد قال الشافعى رضى الله عنه قد يرفق الفقيه بالقليل فيكفى ويخرق الآخر بالكثير فلا يكفى وهذا فيمن حجمه كحجم النبى صلى الله عليه وسلم وإلا فيعتبر بالنسبة له زيادة ونقصا وطول الغر بحذف التاء ترخيما ويجوز في الراء الفتح والكسر والتحجيل أى من سنن الوضوء إطالة الغرة بغسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه وإطالة التحجيل بغسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب لخبر الصحيحين إن أمتى يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل وخبر مسلم أنتم الغر المجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله وغاية الغرة غسل مقدمات الرأس وصفحة العنق وغاية التحجيل إلى المنكب والركبة ثم الوضوء سنة للجنب أى يسن للجنب الوضوء مع غسله الفرج قبله لنومه أو إن يطأ أى لوطئه أو يشرب بكسر الباء للوزن أى لشربه أو أكله لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا كان جنبا فأراد أن يأكل أوينام(1/92)
توضأ وضوءه للصلاة وقيس بالأكل الشرب وقال إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا رواهما مسلم وزاد البيهقى في الثاني فإنه أنشط للعود والحكمة في ذلك تخفيف الحدث غالبا والتنظيف ودفع الأذى وقيل لعله ينشط للغسل ويزيد الجماع فإن ذلك أنشط له كما مر في الخبر فلو فعل شيئا من هذه الأمور من غير وضوء كره ومثل الجنب في ذلك الحائض والنفساء إذا انقطع دمهما وليس الأمر منحصرا فيما ذكره إذ يسن الوضوء في نحو أربعين موضعا كذاك تجديد الوضو إن صلى فريضة أو سنة أو نفلا أى يسن تجديد الوضوء إذا صلى به فريضة أو سنة أو نفلا مطلقا أى بخلاف الغسل والتيمم لأن موجب الوضوء أغلب وقوعا واحتمال عدم الشعور به أقرب فيكون الاحتياط به أهم ولخير أبي داود وغيره من توضأ على طهر كتب له عشر حسنات والظاهر كما قال بعضهم إلحاق الطواف بالصلاة فرضا أو نفلا إذ هو في معناها لأنه صلى الله عليه وسلم سمى الطواف بالبيت صلاة قال ولم أر أحدا ذكره وركعتان للوضوء أى يسن للوضوء ركعتان بأن يصليهما عقبة ينوى بهما سنته لخبر مسلم عن عثمان قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قال من توضأ نحو وضوئى هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه إلا غفر له ما تقدم من ذنبه ويقرأ بعد الفاتحة في الأولى ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم إلى قوله تعالى رحيما وفي الثانية ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه إلى قوله رحيما ويحصلان بفرض أو نفل آخر ركعتين أو اكثر كما في ركعتي التحية والإحرام والطواف والاستخارة والدعاء من بعده أى يسن الدعاء بعد الوضوء بأن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت أستغفرك وأتوب إليك لخبر مسلم من توضأ فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل(1/93)
من أيهما شاء وزاد الترمذى عليه اللهم أجعلنى من التوابين واجعلنى من المتطهرين وروى الحاكم الباقى بسند صحيح بلفظ من توضأ فقال سبحانك اللهم إلى آخر ما تقدم كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة أى لا يتطرق إليه إبطال ويسن أن يقول ذلك متوجها إلى القبلة وأن يقول معه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل محمد في أى وقت وقعا فألف وقعا ضمير تثنيه عائد على ركعتى الوضوء أى لا فرق في استحباب ركعتيه بين وقوعهما وقت كراهة الصلاة أو لأن لهما سببا وهو الوضوء ثم شرع الناظم يتكلم على بعض آداب الوضوء وتبع في كونه أدبا جماعة نظرا إلى أن السنة ما تأكد أمره والأدب دونه ولكن المعروف أن ما طلب طلبا غير جازم يعبر عنه بالسنة وتارة وبالأدب أخرى فقال آدابه استقبال قبله أى يندب للمتوضىء استقبال القبلة في وضوئه لأنها أشرف الجهات وقيل إن استقبالها ينور البصر كما يجلس حيث لم ينله رش ما أى يندب له الجلوس على مكان مرتفع بحيث لا يناله رشاش ماء الوضوء تحرزا عنه ووضع إناء الماء عن يمينه إن كان يعترف منه وعن يساره إن كان يصب منه على يده لأن ذلك أمكن فيهما وعدم استعانة بأحد ووقوف المعين له بالصب على اليسار إن استعان لأنه أعون وأمكن وأحسن أدبا ويبتدى اليدين بالكفين وبأصابع من الرجلين أى يندب له أن يبتدىء في غسل وجهه بأعلاه لأنه أشرف لكونه محل السجود وفي غسل اليدين بالكفين وفي غسل الرجلين بأصابعهما إن صب على نفسه أو صب عليه غيره كما في المجموع واختاره في التحقيق وفي المهمات أن الفتوى عليه(1/94)
لكن في الروضة كأصلها تبعا للصيمري والماوردي أنه يبدأ حينئذ بالمرفق والكعب مكروهه في الماء حيث أسرفا ولو من البحر الكبير اغترفا أي مما يكره إسراف المتوضىء أي والمغتسل في مائه وإن اغترف من البحر الكبير الملح أو العذب لخبر الترمذي عن أبي بن كعب إن للوضوء شيطانا يقال له الولهان وخبر ابن ماجة عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ فقال ما هذا السرف فقال أفي الوضوء سرف قال نعم وإن كنت على نهر وقيل إنه حرام ومحل ذلك إذا كان في مملوك له أو مباح وإلا فهو حرام ما لم يأذن فيه مالكه أو يعلم إذنه والألف في قوله أسرفا واغترفا للإطلاق أو قدم اليسرى على اليمين أي يكره له تقديم اليسرى على اليمين للنهي عنه في صحيح ابن حبان أو جاوز الثلاث باليقين أي تكره الزيادة على الثلاث والنقص عنها لخبر أبي داود وغيره وهو صحيح كما في المجموع أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أي في كل من الزيادة والنقص وقيل أساء في النقص وظلم أي في الزيادة وقيل عكسه ومحل الكراهة إذا علم زيادتها فإن شك أخذ بالأقل لأنه اليقين ولا يقال ترك سنة أسهل من ارتكاب بدعة لأنا نقول إنما تكون بدعة إذا علم أنها رابعة ويكره أيضا المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم والاستعانة بمن يطهر أعضاءه من غير عذر وأما غسل الرأس بدل المسح فغير مكروه ولما كان المتوضىء مخيرا بين غسل الرجلين وبين مسح الخفين ذكره المصنف عقب باب الوضوء فقال باب المسح على الخفين هو أولى من تعبير كثير بالمسح على الخف وإن كان المراد به الجنس إذ لو أراد أن يغسل رجلا أو يتيمم عنها لعلتها ويمسح على الأخرى امتنع فلو لم يكن له سوى رجل واحدة جاز له اللبس عليها والمسح نعم إن بقى من محل الفرض بقية لم يجز المسح حتى يوارى الباقي بما يجزي المسح فوقه ويمسح عليه رخص أي المسح على الخفين بدلا عن غسل الرجلين في(1/95)
وضوء كل شخص حاضر رخصة لا عزيمة حتى لو كان عاصيا بسفره لم يمسح إلا مسح مقيم يوما وليلة وللمسافر في سفر القصر إلى ثلاث أي من الأيام مع لياليها من الإحداث بكسر الهمزة أي الحدث الواقع بعد اللبس فما دام بطهر الغسل لم يحسب عليه شيء من مدته والعبرة لأول الحدث إن كان قطعة باختياره كاللمس وإلا فبآخره كالبول وإنما اعتبر ذلك لأنه لا معنى لوقت العبادة غير الزمن الذي يجوز فعلها فيه كوقت الصلاة والأصل في ذلك خبر ابني خزيمة وحبان أنه صلى الله عليه وسلم أرخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما وخبر مسلم عن شريح بن هنيء قال سألت علي بن أبي طالب عن المسح على الخفين فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم وأفاد قوله رخص أن الأصل جوازه مع كون غسل الرجلين أفضل منه وقد يندب كأن تركه رغبة عن السنة أو شكا في جوازه لنحو دليل وقد يكون واجبا كأن خاف فوت عرفة أو إنقاذ محترم مشرف على الهلاك إن لم يمسح أو كان لابس الخف بشرطه فأحدث ومعه ماء يكفيه لو مسح عليهما بخلاف ما لو لم يكن لابسهما فإنه لا يجب(1/96)
عليه لبسهما ليمسح عليهما حينئذ وخرج بقوله في وضوء التيمم المحض لفقد الماء وإزالة النجاسة فلا يجوز المسح فيهما والغسل فيمتنع المسح فيه واجبا كان أو مندوبا وسوغ حذف تاء ثلاثة حذف معدودها ومراد الناظم بلياليها ثلاث ليال متصلة بها سواء أسبق اليوم الاول ليلته بأن أحدث وقت الغروب أم لا كأن أحدث وقت الفجر ولو أحدث في أثناء الليل أو النهار اعتبر قدر الماضي منه من الليلة الرابعة أو اليوم الرابع وعلى قياس ذلك يقال في مدة المقيم وما ذكره الناظم من كون المقيم يمسح يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام بلياليها محله إذا مسح خفيه في السفر وإن أحدث في الحضر أو خرج وقت الفريضة فيه فلو مسح حضرا ولو أحد خفيه أتم مسح مقيم ولو مسح سفرا ثم أقام لم يستوف مدة سفر ومحله أيضا في غير دائم الحدث والمتيمم لا لفقد الماء فأما دائم الحدث كمستحاضة فأنه إذا أحدث بعد لبس خفيه غير حدثه الدائم وقبل أن يصلي به فرضا جاز له المسح على خفيه واستباح به ما كان يستبيحه بطهره الذي لبس خفه عليه وهو فرض ونوافل فلو صلى بطهره فرضا قبل أن يحدث استباح بهذا المسح النوافل فقط والمتيمم لغير فقد الماء كمرض أو جراحة يمسح على خفيه لفرض ونوافل فقط إن أحدث قبل أن يصلي بطهره فرضا وإلا استباح النوافل فقط سواء أكان تيممه مكملا لوضوءه أو غسل أو مستقلا وأفهم كلامه أنه لو توضأ بعد حدثه وغسل رجليه في الخف ثم أحدث كان ابتداء مدته من حدثه الأول وبه صرح الشيخ أبو علي في شرح الفروع فإن يشك في انقضاء غسلا أي إذا شك في انقضاء مدة المقيم بأن كان غير مسافر سفر قصر سواء أشك في الابتداء كما إذا شك هل أحدث وقت الظهر أو العصر أو لم يشك كأن تردد هل مسح حاضرا أو مسافرا غسل رجليه وجوبا لأن المسح رخصة بشروط منها المدة فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل فلو شك مسافر هل مسح سفرا أو حضرا اقتصر على مدة الحضر فلو خالف وصلى في اليوم الثاني بالمسح ثم تبين له في(1/97)
اليوم الثالث أنه ابتدأ المسح في السفر جاز له المسح والصلاة في اليوم الثالث ويعيد مسحه وصلاته في اليوم الثاني لوقوعهما مع التردد وشرطه اللبس بطهر كملا أي شرط المسح على الخفين أن يلبسهما على طهر كامل من الحدثين لخبر الصحيحين دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فلو لبسهما قبل غسل رجليه لم يجز المسح إلا أن ينزعهما من موضع القدم ثم يدخلهما فيه ولو أدخل إحداهما بعد غسلهما ثم غسل الأخرى وأدخلها لم يجز المسح إلا أن ينزع الأولى من موضع القدم ثم يدخلها فيه ولو غسلهما في ساق الخف ثم أدخلهما في موضع القدم جاز المسح ولو ابتدأ اللبس بعد غسلهما ثم أحدث قبل دخولهما إلى موضع القدم لم يجز المسح ولو أخرجهما بعد اللبس من مقرهما ومحل الفرض مستور والخف معتدل لم يضر وفارقت ما قبلها بالعمل بالأصل فيهما وبأن الدوام أقوى من الابتداء كالإحرام والعدة يمنعان ابتداء النكاح دون دوامة ويؤخذ من قوله بطهر كملا اشتراط كون الخفين طاهرين فلا يجزيء المسح على نجس ولا متنجس لعدم صحة الصلاة فيه التي هي المقصود الأصلي من المسح وما عداها من مس المصحف ونحوه كالتابع لها ولأن الخف بدل عن الرجل وهي لا تغسل عن الوضوء ما لم تزل نجاستها فكذا بدلها نعم لو كان بأسفل الخف نجاسة معفو عنها مسح منه ما لا نجاسة عليه والألف في قوله غسلا وكملا للإطلاق يمكن مشي حاجة عليهما أي يعتبر كونهما بحيث يمكن متابعة المشي عليهما لتردد مسافر لحاجاته عند الحط والترحال وغيرهما مما جرت به العادة وإن كان لابسه مقعدا بخلاف ما لا يمكن فيه ذلك لغلظة كالخشبة العظيمة أو ورقته كجورب الصوفية أو المتخذ من جلد ضعيف أو لسعته أو ضيقه فلا يكفي المسح عليه إلا أن يكون ضيقا يتسع بالمشي فيه عن قرب ويعتبر فيه هذه القوة من غير مداس تحته لمقيم يوما وليلة ومسافر ثلاثة أيام بلياليها عند حاجته الواقعة في ذلك عادة وشمل كلامه ما لو كان الخف مشقوقا قدم شد بالعرى لحصول الستر(1/98)
والإرتفاق به وما
لو كان غير حلال كمسروق ومغصوب فيكفي المسح عليه كالوضوء بماء مغصوب بخلاف محرم مسح على خف فلا يجزأه كما ذهب إليه بعضهم وما لو كان خفا فوق خف قوبين ومسح أسفلهما أو الأعلى ووصل البلل إلى الأسفل لا بقصد الأعلى فقط وكذا لو كان الأعلى غير صالح للمسح ويؤخذ من كلامه أنه يشترط كونهما يمنعان نفوذ ماء الغسل لو صب عليهما من غير محل الخرز لأن ما لا يمنعه خلاف الغالب من الخفاف المنصرف إليها نصوص المسح فلو تخرقت ظهارة الخف أو بطانته أو هما ولم يتحاذيا والباقي في الثلاثة صفيق أجزأه وإن نفذ الماء منه إلى محل الفرض لو صب عليه في الثانية بخلاف ما إذا لم يكن الباقي صفيقا أو تحاذى الخرقان والستر وللرجلين مع كعبيهما أي يعتبر كون الخفين ساترين للرجلين مع كعبيهما من كل الجوانب وهو محل الفرض لا من الأعلى فلو رؤي منه بأن يكون واسع الرأس لم يضر عكس ستر العورة لأن اللبس هنا من أسفل وهناك من أعلى والمراد بالساتر الحائل لا مانع الرؤية فيكفي الشفاف كالزجاج عكس ساتر العورة لأن القصد هنا منع نفوذ الماء وثم منع الرؤية والفرض مسح بعض علو أي إن الفرض مسح بعض علو كل خف لتعرض النصوص المطلقة كما في مسح الرأس في محل الفرض لأنه بدل عن الغسل وخرج بعلوه بضم أوله وكسره أسفله كذلك وباطنه الذي يلي الرجل وحرفه وعقبه لأن اعتماد الرخصة الإتباع ولم يرد الاقتصار على غير علوه وندب للخف مسح السفل منه والعقب أي يسن مسح أسفل الخف أي مع أعلاه وعقبه وهو مؤخر الرجل قياسا على أسفله بل أولى لأنه بارز يرى والأسفل لا يرى غالبا وعدم استيعابه أي يسن عدم استيعاب الخف بالمسح بأن يمسحه خطوطا لما رواه ابن ماجة وغيره أنه صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه خطوطا من الماء والأولى في كيفيته أن يضع كفه اليسرى تحت عقبه واليمنى على ظهر أصابعه ويمر اليسرى إلى أطراف أصابعه من أسفل واليمنى إلى الساق مفرجا بين أصابع يديه لأثر عن ابن عمر(1/99)
رواه البيهقي وغيره ولأنه أسهل وأليق باليمنى واليسرى ويكره الغسل للخف لأنه يعيبه من غير فائدة ومسح كرره لأنه يعرضه للتعييب ولأنه بدل كالتيمم بخلاف مسح الرأس ويؤخذ من العلة الأولى أنه لو كان من نحو خشب وتوفرت فيه الشروط لم يكره غسله ولا تكرار مسحه يبطله خلع أي يبطل المسح خلع الخفين أو أحدهما وهو بطهر المسح ومثله طهور رجله أو الخرق الذي تحته أو بعض الرجل أو الخرق ومدة الكمال فقدميك اغسل أي تنتهي مدة المسح بانقضاء المدة فيجب غسل القدمين لبطلان طهرهما بالخلع أو لانتهاء وخرج بطهر المسح طهر الغسل بأن لم يحدث بعد الغسل أو أحدث لكن توضأ وغسل رجليه في الخف فصارت ظهارته كاملة ولا يلزمه شيء وله أن يستأنف لبس الخف في الثانية بهذه الطهارة ذكره في المجموع قال في المهمات وأشار بقوله وله أن يستأنف إلى وجوب النزع إذا أراد المسح حتى لو كان المقلوع واحدة فقط فلا بد من نزع الأخرى وهو كذلك والألف واللام في قوله ومدة الكمال للعهد أي بمعنى الضمير على رأى أي مدة كماله أي المسح وموجب اغتسال أي موجب اغتسال من جنابة وحيض ونفاس وولادة جاف يوجب نزع الخف وتجديد لبسه إن أراد المسح بأن ينزعه ويتطهر ثم يلبسه واللبس الأول انقطعت مدة المسح فيه بالجنابة ونحوها لأمر الشارع بنزع الخف من أجلها في خبر صفوان بن عسال وصححه الترمذي وغيره دل الأمر بالنزع على عدم جواز المسح في الغسل والوضوء لأجل الجنابة فهي مانعة من المسح في الغسل قاطعة لمدته حتى لو اغتسل لابسا لا يمسح بقيتها كما هو مقتضي كلام الشيخين وغيرهما وقيس للجنابة ما في معناها ولأن ذاك لا يتكرر تكرر الحدث الأصغر فلا يشق النزع وخرج بكلامه اغتسال طرق(1/100)
النجاسة فلا يوجب نزعه إن أمكن إزالتها فيه فله تمام المدة لعدم الأمر بالنزع لها بخلاف الجنابة وليست في معناها فإن لم يمكن إزالتها فيه وجب النزع باب الاستنجاء أي وآداب قاضي الحاجة وهو والاستطابة يعمان الماء والحجر وهو من نجوت الشجرة إذا قطعتها لأن المستنجي قطع الأذى عن نفسه والإستجمار خاص بالحجر تلويث فرج موجب استنجاء أي يوجب الاستنجاء بماء أو حجر كما يأتي ما خرج من القبل والدبر وهو ملوث إزالة النجاسة لا على الفور بدليل جواز تأخيره عن وضوء الرفاهية بخلاف التيمم وسواء في الملوث أكان معتادا كالبول أم نادرا كالدم والقيح والمذى والودى فلا يجب الاستنجاء بخروج ريح ولا نحو بعر جاف لفوات مقصوده من إزالة النجاسة أو تخفيها وسن بالأحجار ثم الماء بأن يجمع بينهما مقدما الأحجار لإزالة العين والماء يزيل الأثر من غير مخامرة لعين النجاسة ولا فرق كما اقتضاه كلامه في استحباب الجمع بين البول والغائط ولا بد لكمال السنة من طهارة الأحجار وجمعها أما بالنسبة لأصلها فتحصل بدون ذلك فإن أراد الاقتصار على إحدهما فالماء أفضل و يجزىء في الاستنجاء ماء على الأصل في إزالة النجاسة أو ثلاث أحجار لأن الشارع جوز الاستنجاء بها حيث فعله رواه البخاري وأمر بفعله بقوله فيما رواه الشافعي وغيره ليستنج بثلاثة أحجار الموافق لما رواه مسلم وغيره من نهيه صلى الله عليه وسلم عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار ينفي بها أفاد به أن الشرط أمر أن ثلاثة أحجار وإنقاء المحل بها فلا يكفي الانقاء بدونها وإلا لم يكن لاشتراطها معنى فإن لم يحصل الإنقاء بها وجبت الزيادة إلى حصوله وشمل كلامه أحجار الذهب والفضة والحرم والجواهر وإجزاء الأحجار في دم حائض أو نفساء ولو ثيبا وهو كذلك وفائدته فيمن انقطع دمها وعجزت عن استعمال الماء لسفر أو مرض أو نحوه فاستنجت بالأحجار ثم تيممت فإنها تصلي بلا إعادة والأصح تعين الماء لاستنجاء قبلى المشكل وثقبة منفتحة(1/101)
ينقض الخارج منها وبول ثيب تحققت وصوله لمدخل الذكر ولا يجزيء الحجر في بول الأقلف إذا وصل البول إلى الجلدة كما هو الغالب عينا أي يجب إنقاء المحل بالأحجار من عين النجاسة بحيث لا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء أو صغار الخزف وسن الايتار بالمثناة في الاستنجاء بعد الانقاء المذكور إن لم يحصل بوتر كأن حصل برابع فيأتى بخامس قال صلى الله عليه وسلم إذا استجمر أحدكم فليوتر متفق عليه ولو بأطراف ثلاثة من حجر واحد حيث حصل الانقاء لأن المقصود عدد المسحات بخلاف رمى الجمار حصل بكل بالتنوين مسحه بإضافته لضمير كل ورفعه على أنا فاعل حصل أو بإضافة كل لمسحة بتاء التأنيث لسائر المحل أي يجزىء ثلاثة أحجار أو ثلاثة أطراف حجر ينقى بها عين النجاسة حصل بكل منها مسح سائر المحل ويسن في تعميم المحل بكل مسحة أن يبدأ بأول من مقدم الصفحة اليمنى ويديره قليلا قليلا إلى أن يصل إلى موضع ابتدائه وبالثاني من مقدم الصفحة اليسرى ويديره إلى أن يصل إلى موضع ابتدائه ويمر بالثالث على الصفحتين والمسربة جميعا وهذا هو الأصح وقيل واحد لليمنى وآخر لليسرى والثالث للوسط وقيل واحد للوسط مقبلا وآخر له مدبرا ويحلق بالثالث والخلاف في الأفضل لا في الوجوب ولا بد في كل قول من تعمم المحل بكل مسحة ليصدق أنه مسحه(1/102)
ثلاث مسحات كما علم من كلام الناظم وقول ابن المقرى في تمشيته والأصح أنه لا يشترط أن يعم بالمسحة الواحدة المحل وإن كان أولى بل تكفى مسحة لصفحة وأخرى للأخرى والثالثة للمسربة مردود والوجه الثاني الذي أخذ منه ذلك غلط الأصحاب كما في المجموع قائله من حيث الاكتفاء بما لا يعم المحل بكل حجر لا من حيث الكيفية ه قال المتولي فإن احتاج إلى رابع وخامس فصفة استعماله كصفة الثالث والشرط لا يجف خارج فإن جف تعين الماء ولا يطرأ غيره عليه فإن طرأ عليه غيره ولو بللا بالحجر تعين الماء نعم لو جف بوله ثم بال ثانيا فوصل بوله إلى ما وصل إليه بوله الأول كفى فيه الحجر صرح به القاضي والقفال قال ومثله الغائط أي إذا كان مائعا ولن ينتقلا أي عن الموضع الذي أصابه عند الخروج واستقر فيه فإن انتقل تعين الماء وعلم من كلامه جزاء الحجر في النادر وفي الخارج المنتشر حول المخرج فوق عادة الناس إن اتصل ولم يجاوز الحشفة في البول والصفحتين في الغائط وهو كذلك فإن تقطع تعين الماء في المنفصل عن المخرج وأجزأ الحجر في غيره أو جاوز متصلا تعين الماء في الجميع أو منقطعا أجزأ الحجر فيما اتصل بالمخرج ويندب للمستنجى بالماء البدء بقبله وبالحجر بدبره وأن يعتمد في الدبر على إصبعه الوسطى ولا يتعرض للباطن ويسن بعد الاستنجاء أن يدلك يده بالأرض أو نحوها وأن ينضح فرجه وإزاره من داخله دفعا للوسواس ويكفي المرأة في استنجائها غسل ما ظهر منها بجلوسها على قدميها والألف في قوله ينتقلا للإطلاق والندب في البناء لا مستقبلا أو مدبرا أي السنة لقاضي الحاجة في البناء أن لا يستقبل القبلة ولا يستدبرها إكراما لها وحرموه أي الأئمة في الفلا وحملوا عليه الأحاديث الدالة على التحريم والدالة على الجواز على ما قاله والمراد بالبناء أن يكون بينه وبين القبلة ساتر مرتفع ثلثي ذراع فأكثر بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل سواء كان في بناء أم لا وبالفلا أن يكون كذلك فالإعتبار(1/103)
بالساتر وعدمه لا بالبناء والفلا على الأصح فيحرم الاستقبال والاستدبار في البناء إذا لم يستتر على الوجه المذكور إلا أن يكون في بناء مهيأ لقضاء الحاجة ذكر ذلك في المجموع وغيره ولو هبت الريح عن يمين القبلة وشمالها جاز ذلك قاله القفال في فتاويه ولا بماء راكد أي من آداب قضاء الحاجة أن لا يقضيها سواء أكانت بولا أم غائطا بماء راكد أي فيه قليلا كان أم كثير لخبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم نهى أن يبال في الماء الراكد والنهي فيه للكراهة وهي في القليل وبالليل أشد لتنجيسه القليل ولما قيل أن الماء بالليل مأوى الجن أما الجاري فبكره في القليل منه لا الكثير وما بحثه في المجموع من انه ينبغي حرمة البول في القليل مطلقا لإتلافه أجيب عنه بإمكان طهره بالمكاثرة أما الكثير من الجاري فالأولى اجتنابه وجزم في الكفاية بالكراهة في الليل لما مر قال في المجموع ويكره البول بقرب القبر ويحرم عليه وعلى ما يمتنع الاستنجاء به لحرمته كعظم ومثله التغوط بل أولى قال ويكره البول والتغوط بقرب الماء ولا مهب أي لا يقضيها في مهب الريح فيكره أن يستقبلها بالبول بأن تكون هابة لئلا يترشش منه ومنه المراحيض المشتركة وتحت شجر مثمر مأكولا أو مشموما ولو مباحا وفي غير وقت الثمرة صيانة لها عن التلويث عند الوقوع فتعافها الأنفس وفعله مكروه ولم يحرموه لأن تنجيس الثمرة غير متيقن نعم لو علم طهر المحل قبل مجيئها بنحو سيل أو نيل لم يكره وثقب بفتح المثلثة أفصح من ضمها فلا يقضيها فيه وهو مااستدار للنهي عنه في خبر أبي داود وغيره ومثله الجحر فإنه ربما يكون مسكن حيوان قوي فيثب عليه أو ضعيف فيتأذى به أو يكون مسكنا للجن وسرب بفتح السين والراء وهو مااستطال ويقال له الشق إلحاقا(1/104)
له بالثقب والنهي فيهما للكراهة والظل أي من الآداب أن لا يقضي حاجته في الظل وهو موضع اجتماع الناس في الصيف ومثله الشمس وهو موضع اجتماعهم في الشتاء والطريق لخبر مسلم اتقوا اللعانين قالوا وما اللعانان قال الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم تسببا بذلك في لعن الناس لهما كثيرا عادة فنسب إليهما بصيغة المبالغة ورواه أبو داود اللاعنين والمعنى إحذروا سبب اللعن المذكور والحق بظل الناس في الصيف موضع اجتماعهم في الشتاء والنهي فيهما للكراهة وكلام الناظم شامل للبول والغائط وهو كذلك وإن نقل النووي في الروضة كأصلها عن صاحب العدة أنه حرام ومثل الطريق المتحدث وطرق الماء وليبعد عند إرادة قضائها عن الناس إلى حيث لا يسمع للخارج منه صوت ولا يشم له ريح للإتباع رواه أبو داود ولا يحمل ذكر الله تعالى أي مكتوب ذكره أو من أرسلا ببنائه للفاعل أو المفعول أي ولا اسم نبي قال في الكفاية تبعا للإمام وكل اسم معظم إكراما لذلك ولأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء نزع خاتمه رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححوه وكان نقش خاتمه ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر رواه ابن حبان عن أنس والحمل المذكور مكروه وشمل كلامهم حمل القرآن لا مع الحدث ومن سها عن ذلك أي تركه ولو عمدا حتى قعد لقضاء الحاجة ضم عليه باليد أو وضعه في عمامته أو غيرها ويستعيذ بالله بأن يقول عند دخوله اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث للإتباع رواه الشيخان زاد القاضي اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم ويندب أن يقول قبله باسم الله للإتباع رواه ابن السكن وغيره وفارق تعوذ القراءة حيث قدموه على البسملة بأنه هناك لقراءة القرآن والبسملة منه فقدم عليها بخلافه هنا والخبث بضم الخاء مع ضم الباء وإسكانها جمع خبيث والخبائث جمع خبيثة والمراد بذلك ذكران الشياطين وإنائهم وبعكس المسجد فقدم اليمنى خروجا أي أو بدلها خروجا من(1/105)
الخلاء ويقدم اليسرى أي أو بدلها عند دخوله وفي معنى محل قضاء الحاجة فيما ذكر من تقديم اليمنى أو بدلها خروجا واليسرى أو بدلها دخولا عند دخوله كل مكان خسيس كمكان أخذ المكوس والصاغة وذلك لأن اليسرى للأذى واليمنى لغيره وهذا بعكس المسجد إذ السنة تقديم اليمنى عند دخوله واليسرى عند خروجه منه واسأل مغفرة وأحمد باليسرى أدخل أي يندب له أن يقول عند خروجه غفرانك الحمد لله الذي أذهب عنى الأذى وعافاني للإتباع رواه أصحاب السنن الأربعة والتعبير بالدخول والخروج جرى على الغالب فلا يختص الحكم بالبناء وقول الناظم واسأل وأحمد وأدخل بلفظ الأمر واعتمد اليسرى أي يندب له أن يعتمد على يساره حال جلوسه لقضائها دون يمناه فينصبها لأن ذلك أسهل لخروج الخارج ولو بال قائما فرج بينهما واعتمدهما وثوبا أحسرا والألف فيه للإطلاق وفي بعض النسخ أحسرا بلفظ الأمر فألفه بدل من نون التوكيد شيئا فشيئا بأن يكشفه أدبا شيئا فشيئا حتى يدنو من الأرض فإن خاف تنجيسه كشفه بقدر حاجته فإذا فرغ أسبله قبل انتصابه تحرزا من الكشف بقدر الإمكان فلو رفع ثوبه دفعة واحدة لم يحرم بلا خلاف كما في المجموع وما في نكت التنبيه والكفاية وشرح المحب الطبري من تخريجه على كشف العورة في الخلوة فيكون محرما رد بأن الخلاف إنما هو في كشفها بلا حاجة إذ أطبقوا على جواز الاغتسال عاريا مع إمكان الستر ومراعاة رفع الثوب شيئا فشيئا أشد حرجا من الستر عند الاغتسال ساكتا عن الكلام من ذكر وغيره إذ يكره الكلام إلا لضرورة كأن رأى أعمى يقع في بئر أو(1/106)
حية أو عقربا تقصد حيوانا محترما فلا يكره بل قد يجب فإن عطس حمد الله بقلبه ولا يحرك لسانه وقد روى ابن حبان وغيره النهي عن التحدث على الغائط وأفهم كلامه جواز قراءة القرآن حال قضاء الحاجة وهو كذلك خلافا لابن كج نعم تكره كسائر أنواع الكلام مستترا عن العيون للأمر به في خبر أبي داود وغيره ويحصل بمرتفع ثلثي ذراع فأكثر بينه وبينه ثلاثة أذرع فأقل إن كان بقضاء أو بناء لا يمكن تسقيفه فغن كان ببناء مسقف أو يمكن تسقيفه حصل الستر بذلك وإن تباعد عن جداره أكثر من ثلاثة أذرع وإن لم يحصل بذلك الستر عن القبلة ومحل عد الستر من الآداب إذا لم يؤد عدمه إلى أن ينظر عورته من يحرم نظره إليها وإلا فيجب ومن بقايا البول يستبري عند انقطاعه أدبا لئلا يقطر عليه ويحصل بالتنحنح ونتر الذكر ثلاثا بأن يمسح بيسراه من دبره إلى رأس ذكره وبنتره بلطف فيخرج ما بقى إن كان قال ابن الصباغ وغيره يكون ذلك بالإبهام والمسبحة لأنه يتمكن بهما من الإحاطة بالذكر وتضع المرأة أطراف أصابع يدها اليسرى على عانتها ويختلف ذلك باختلاف الناس والقصد أن يظن أنه لم يبق بمجرى البول شيء يخاف خروجه وما ذهب إليه القاضي والبغوى جرى عليه النووي في شرح مسلم من وجوب الاستبراء لصحة التحذير من عدم التنزه من البول محمول على ما إذا غلب على ظنه خروج شيء منه بعد استنجائه إن لم يستبر ولا يستنج بالماء على ما نزلا أي نزل منه من بول أو غائط بل ينتقل عنه لئلا يترشش به لا ماله بني أي وهذا في غير الأخلية المتخذة لذلك لانتفاء العلة فيها ولأن في انتقاله إلى غيرها مشقة ومثلها المكان المرتفع ونحوه مما يؤمن فيه عود الرشاش وخرج بالماء الحجر لانتفاء العلة فيه بل قد يكون انتقاله عنه مانعا من الاستجمار لانتقال الخارج حينئذ والألف في قوله نزلا للإطلاق ولا يتعين الماء بل إما به أو بجامد لأنه في معناه طهر فلا يكفي المائع غير الماء والنجس والمتنجس لا قصب أي يعتبر كونه(1/107)
قالعا فخرج غيره كالقصب الأملس والزجاج وذي احترام كالثمر وكل مطعوم مختص بنا أو غالب أو مساو ومنه العظم وجلد المذكي ما لم يدبغ بخلاف المختص بالبهائم أو الغالب فيها ومثل ذلك ما كتب عليه علم محترم وجلد وحيوان وجزؤه المتصل به فلا يجزي الاستنجاء بواحد مما ذكر ويعصي به في المحترم وعلم مما تقرر أن التنصيص على الحجر في الخبر جرى على الغالب لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستنجاء بالروث والرمة أي العظم وعلل منع الاستنجاء بكونها غير حجر وإنما تعين الحجر في رمي الجمار والتراب في التيمم لأن الرمي لا يعقل معناه بخلاف الاستنجاء والتراب فيه الطاهرية والطهورية ولا يوجدان في غيره بخلاف الإنقاء يوجد في غير الحجر وتمثيل الناظم للمحترم بالثمر للإشارة إلى عدم الانحصار فيه وقد قاله النووي نقلا عن الماوردي واستحسنه وأما الثمار والفواكه فمنها ما يؤكل رطبا لا يابسا كاليقطين فلا يجوز الاستنجاء به رطبا ويجوز به يابسا إذا كان مزيلا ومنها ما يؤكل رطبا ويابسا وهو أقسام أحدها مأكول الظاهر والباطن كالتين والتفاح والسفرجل فلا يجوز برطبه ولا بيابسه والثاني ما يؤكل ظاهره دون باطنه كالخوخ والمشمش وكل ذي نوى فلا يجوز بظاهره ويجوز بنواه المنفصل والثالث ما له قشر ومأكوله في جوفه فلا يجوز بلبه وأما قشره فإن كان لا يؤكل رطبا ولا يابسا كالرمان جاز الاستنجاء به سواء أكان فيه الحب أم لا وإن أكل رطبا ويابسا كالبطيخ لم يجز في الحالتين وإن أكل رطبا فقط كاللوز والباقلا جاز يابسا لا رطبا انتهى وإنما جاز بالماء مع أنه مطعوم لأنه يدفع عن نفسه النجس بخلاف غيره وقوله بجامد متعلق بقوله مسحه أو بسائر من قوله فيما مر بكل مسحه لسائر المحل(1/108)
باب الغسل هو بفتح الغين مصدر غسل الشىء وبمعنى الاغتسال كقوله غسل الجمعة سنة وبضمها مشترك بينهما وبين الماء الذى يغتسل به ففيه على الأول لغتان وهو أفصح وأشهر لغة والضم وهو ما يستعمله الفقهاء أو أكثرهم وأم بالكسر فاسم لما يغسل به من سدر ونحوه وهو بالمعنيين الأوليين لغة سيلان الماء على شىء وشرعا سيلانه على جميع البدن بنية موجبة المنى حين يخرج أى يوجب الغسل خروج منى الشخص نفسه أول مرة رجل أو امرأة ولو بعد أن بال ثم اغتسل من الجنابة لخبر مسلم إنما الماء من الماء ولخبر الصحيحين عن أم سلمة قالت جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن الله لا يستحى من الحق هل على المرأة من غسل إذا هى احتلمت قال نعم إذا رأت الماء سواء أخرج من محله المعتاد أم من صلب الرجل أم أسفل منه أم من بين ترائب المرأة مع انسداد الأصلى فيهما فإن لم يستحكم بأن خرج لمرض لم يجب الغسل بلا خلاف والمراد بخروج المنى في حق الرجل والبكر بروزة عن الفرج إلى الظاهر وفي حق الثيب وصوله إلى ما يجب غسله فى الأستنجاء أما لو خرج منه منى غيره بعد غسله عليه فلا غسل عليه والموت يوجبه أيضا في حق المسلم غير الشهيد والسقط إذا ظهر فيه مبدأ خلق آدمى يجب غسله وإن لم تظهر فيه أمارة الحياة والكمرة بفتح الكاف وسكون الميم الحشفة حيث تولج ببنائه للمفعول أو قدرها من فاقدها فرجا ولو دبرا ولو بلا قصد وإن كان الذكر أشل أو غير منتشر أو ملفوفا عليه خرقة ولو غليظة وسواء أكان كل من الذكر والفرج من آدمى أم من غيره صغيرا أو كبيرا لقوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا ولخبر الصحيحين وإذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وفي رواية لمسلم وإن لم ينزل وذكر الختان جرى على الغالب بدليل إيجاب الغسل بإيلاج ذكر لا حشفة له لأنه جماع في فرج فكان في معنى المنصوص عليه وليس المراد يالتقاء الختانين انضمامهما لعدم إيجابه الغسل باللإجماع بل تحاذيهما يقال التقى(1/109)
الفارسان إذا لم تحاذيا وإن لم ينضما وذلك إنما يحصل بتغييب الحشفة في الفرج إذ الختان محل القطع وختان المرأة فوق مخرج البول ومخرج البول فوق مدخل الذكر ولو ميتا بسكون الياء أى واو ولو كان صاحب الكمرة أو الفرج ميتا بأن استدخل الحي حشفته أو اولج في فرجه فإنه يوجب الغسل على الحي بلا إعادة لغسل الميت لانقطاع تكليفه وإنما غسله بالموت تنظيفا وإكراما له وأفهم كلامه وجوب الغسل على الفاعل والمفعول فيما عدا الميت أي والبهيمة وهو كذلك والحيض لآية فاعتزلوا النساء في المحيض أى الحيض ولخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة بنت أبى حبيش إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي وفي رواية للبخاري فاغتسلي وصلي والنفاس لأنه دم حيض مجتمع ويعتبر في إيجاب الغسل بخروج ما ذكر أنقطاعه والقيام إلى الصلاة أو نحوها كما مر والولادة وإن كان الولد جافا لأنه منى منعقد ولأنه لا يخلو عن بلل وأن خفى وتفطر بها المرأة على الأصح ويلحق بالولادة القاء العلقة او المضغة وأفاد كلامه ان ما عدا هذه الأمور من جنون وإغماء واستدخال منى وتغييب بعض الحشفة وخروج بعض الولد كيده وغيرها لا يوجب الغسل وهو كذلك واعترض على الحصر في المذكورات يتنجيس جميع البدن أو بعضه مع الاشتباه وأجيب عنه بأن ذلك ليس موجبا للغسل بل لإزالة النجاسة حتى لو فرض كشط جلده حصل الفرض وبأن الكلام في الغسل عن الأحداث فإن أريد الغسل عنها وعن النجاسة وجب عد ذلك كما صنع(1/110)
الشيخ أبو حامد والمحاملي وغيرهما ثم شرع في بيان ما يعرف به المنى فقال ويعرف المنى باللذة بالمعجمة حين خروجه أي خواصه بثلاث كل واحدة منها كافية في معرفته أحدها وجود اللذة حين خروجه وإن لم يتدفق لقلته مع فتور الذكر عقب ذلك و ثانيها ريح طلع أو عجين رطبا وبياض بيض جافا وثالثها تدفقه بأن يخرج على دفعات قال تعالى من ماء دافق ولا عبرة في منى الرجل بكونه ابيض ثخينا ولا منى المرأة بكونه اصفر رقيقا وإن كانت من صفاته لأنها ليست من خواصه لوجود الثخن في الودى وهو ماء أبيض ثخين كدر لا ريح له يخرج عقب البول إذا استمسكت الطبيعة أو عند حمل شىء ثقيل والرقة في المذى وهو ماء رقيق لزج يخرج عند الشهوة بلا شهوة وقد لا يحس بخروجه ولا يضر فقدها فقد يحمر منى الرجل بكثرة الجماع وربما خرج دما عبيطا أو يرق أو يصفر لمرض ويبيض منى المرأة لفضل قوتها ومقتضى كلامه اشتراك الخواص بين الرجل والمرأة قال الشيخان وهو ما ذكره الأكثرون وعضده الأسنوى ونقله الماوردى عن النص لكن قال الإمام والغزالى لا يعرف منى المرأة إلا باللذة وأنكر ابن الصلاح التدفق في منيها واقتصر على اللذة والريح وبه جزم النووى في شرح مسلم واقتضاه كلامه في المجموع ورجحه جماعة كالسبكى والأذرعى وابن النقيب ومن يشك هل منى ظهرا أو هو مذى بين ذين خيرا أى من يشك في الخارج منه هل هو منى أو مذى لا شتباههما عليه خير بينهما فيجعله منيا ويغتسل منه أو مذيا ويتوضأ منه مرتبا ويغسل ما أصابه لأنه إذا أتى بمقتضى أحدهما برىء منه يقينا والأصل براءته من الآخر ولا معارض له بخلاف من نسى صلاة من صلاتين حيث يلزمه فعلهما لاشتغال ذمته بهما جميعا والأصل بقاء كل منهما وإنما أوجبوا الاحتياط بتزكية الأكثر ذهبا وفضة في الإناء المختلط لأن اليقين هناك ممكن بسبكه بخلافه هنا وألف ظهرا وخيرا ببنائه للمفعول للإطلاق والفرض تعميم لجسم ظهرا الألف للاطلاق شعرا وظفرا منبتا وبشرا أى أن(1/111)
الفرض في الغسل من جنابة او حيض أو نفاس أو ولادة تعميم ظاهر البدن شعرا وان كثف وظفرا ومنبتا بين شعر وبشرة ومنه تعميم صماخ وشق وما ظهر من أنف مجدوع ومن ثيب قعدت لقضاء حاجتها وموضع شعره لم يغسلها ثم نتفها وما تحت قلفة غير المختون لأنها مستحقة الإزالة ولهذا لو أزالها إنسان لم يضمنها والأصل في ذلك فعله صلى الله عليه وسلم المبين للتطهير المأمور به في قوله تعالى وإن كنتم جنبا فاطهروا وإنما وجب غسل منبت الكثيف هنا دون الوضوء لقلة المشقة هنا وكثرتها في الوضوء لتكرره كل يوم ويؤخذ من كلامه عدم وجوب غسل باطن عين وفم وأنف وشعر نبت فيها هو كذلك ولا يجب نقض الضفائر إلا أن لا يصل الماء إلى باطنها إلا به ويسامح بباطن العقد التى على الشعرات على الأصح ونية بالابتداء اقترنت أى إن الفرض في الغسل نية مقترنة بأول مغسول من البدن فلو نوى بعد غسل جزء منه وجب إعادة غسله كالحيض بأن تنوي الحائض رفع حكم الحيض أو النفساء رفع حكم النفاس أو جنابة تعينت أى فيما قدمه من حصولها بخروج المنى أو تغييب الخشفة بأن ينوى الجنب رفع حكم الجنابة أو ينوى كل رفع الحدث عن جميع البدن أو رفع الحدث مطلقا أو استباحة الصلاة أو غيرها مما يتوقف على الغسل أو فرض الغسل أو لغسل المفروض أو الواجب أو أداء الغسل ولو نوى غير ما عليه مطلقا وإن لم يتصور منه فيما يظهر صح دون ما إذا تعمد نعم لو نوى رفع النفاس عن الحيض وعكسه ولو عمدا صح لأن النفاس دم حيض مجتمع ولأنه من أسماء الحيض ولو نوى ذو الحدث الأكبر رفع الحدث الاصغر متعمدا لم يصح أو غالطا لم(1/112)
يرتفع عن غير أعضاء الوضوء لأنه لم ينوه ويرتفع عنها إلا الرأس لأن غسلها واجب في الحدثين وقد غسلها بنية وإنما لم يرتفع عن الرأس لأن غسله وقع بدلا عن مسحه الذي فرضه في الأصل وهو إنما نوى المسح وهو لايغني عن الغسل وإنما ارتفع عن باطن لحية الرجل الكثيفة لإتيانه بالغسل الذي هو الأصل في غسل الوجه والشرط رفع نجس قد علما أي إن الشرط في الغسل رفع نجس أي إزالته إذا كان لا يزول بالغسلة الواحدة قد علم وجوده عن بدنه إن كان أما إذا كان النجس يزول بالغسلة الواحدة فلا يكفى لهما غسلة واحدة كما صححه الرافعي وصحح النووى الاكتفاء بها لهما وقد مر إيضاحه في الوضوء وعطف على قوله رفع نجس قوله وكل شرط في الوضوء قدما أى الشرط في الغسل أيضا كل شرط تقدم ذكره في الوضوء كاسلام المغتسل إلا في كتابية اغتسلت من حيض أو نفاس لتحل لحليلها للضرورة ولهذا يجب إعادته أسلمت وتمييزه إلا في إغتسال مجنونة من حيض أو نفاس ليحل وطؤها للضرورة ولهذا يجب إعادته إذا هي أفاقت وعدم المانع الحسي والمانع الشرعي وألف علما وقدما للإطلاق ولما أنهى الكلام على معتبرات الغسل شرع في سننه فقال وسن باسم الله أى من سننه التسمية بأن يقولها أوله غير قاصد بها قرآنا لما مر في الوضوء وارفع قذرا بالمعجمة أى الطاهر كمنى وبصاق قبل الغسل استظهارا أما النجس فقد تقدم حكمه ثم الوضو بسكون آخره للاتباع رواه الشيخان وإنما لم يجب لأن الله تعالى أمر بالتطهير من غير ذكر الوضوء ولللأخبار الصحيحة الدالة على عدم وجوبه كقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة يكفيك أن تفيضي عليك الماء وقوله لأبي ذر فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك والرجل لن تؤخرا يعنى أن الأفضل تقديم الوضوء كاملا فقد قال في المجموع نقلا عن الأصحاب وسواء أقدم الوضوء كله أم بعضه أم أخره أم فعله في أثناء الغسل فهو محصل للسنة لكن الأفضل تقديمه وألف تؤخرا للإطلاق أو بدل من نون التوكيد الخفيفة بناء على جواز(1/113)
دخولها على المضارع حينئذ ويجرى هذا في نظائره السابقة واللاحقة وإن نوى المغتسل بغسله فرضا كالجنابة والحيض ونفلا كالجمعة والعيد حصلا عملا بنيته ولا يضر التشريك بخلاف نحو الظهر مع سنته إذ مبنى الطهارة على التداخل دون الصلاة أما إذا نوى الفرض لم يحصل النفل كعكسه كما أفهمه كلامه عملا بما نواه وإنما لم يندرج النفل في الفرض لأنه مقصود فأشبه سنة الظهر مع فرضه وفارق ما لو نوى بصلاته الفرض حيث تحصل به التحية وإن لم ينوها بأن القصد هناك شغل البقعة بالصلاة وقد حصل وليس القصد هنا النظافة فقط بدليل أنه يتيمم عند عجزه عن الماء أو فبكل مثله تحصلا أى يحصل بكل من الفرض والنفل مثله في الفرضية أو النفيلة فيما إذا نوى فرضا أو نفلا فيحصل بنية الجنابة مثلا كل غسل مفروض وبنية الجمعة مثلا كل غسل مسنون وألف تحصلا للإطلاق وسنة الغسل نوى لأكبرا جرد عن ضد أى ينوى لحدث اكبر جرد عن ضده وهو الحدث الأصغر كأن أنزل بنظر او فكر أو احتلم قاعدا متمكنا بوضوئه سنة الغسل وإلا بأن اجتمع عليه الحدثان ينوى الأصغر أى رفع الحدث الأصغر خروجا من الخلاف وسنة الغسل في كلامه مفعول مقدم لنوى ولأكبرا متعلق بنوى وجرد عن ضد جملة وقعت صفة لأكبر ونائب فاعل جرد ضمير عائد عليه ولا يصح جعل قوله لأكبرا إلى آخره جملة(1/114)
حالية من الغسل وألف لأكبرا والأصغرا للإطلاق ثم شرع يأمر المغتسل بشيء من سنن الغسل فقال وشعرا أى يسن له تعهد شعر رأسه ولحيته بأن يخلله بالماء قبل إفاضته عليه ليكون أبعد عن الأسراف في الماء ومعطفا تعهد أى و يتعهد معاطف بدنه أى أمكنه الالتواء بالغسل خوفا من عدم وصول الماء إليها فيأخذ كفا من الماء ويضع الأذن برفق عليه ليصل إلى معاطفتها وادلك أي ويدلك من بدنه ما تصل إليه يده خروجا من خلاف من أوجبه وثلث غسل جميع البدن كالوضوء فيغسل رأسه ثلاثا ثم شقه الأيمن ثلاثا ثم الأيسر ثلاثا فإن اغتسل في ماء جار حصل التثليث بجريان الماء عليه ثلاث جريات أو في ماء راكد حصل بإنغماسه فيه ثلاثا بأن يرفع راسه وينقل قدميه أو يتحرك فيه ثلاثا وبيمناك ابتدى للخبر المتفق عليه فيبتدىء بشق رأسه الأيمن قبل الأيسر ثم بشق بدنه الأيمن قبل الأيسر وتتبع المرأة ولو بكرا وخلية الحيض أي أثره ومثله النفاس بمسك بعد غسلها بأن تجعله على قطنة أو نحوها وتدخله في قبلها إلى المحل الذي يجب غسله تطييبا للمحل ولللأمر بما يؤدي ذلك في الصحيحين من حديث عائشة وتفسيرها قوله صلى الله عليه وسلم لسائلته عن الغسل من الحيض خذي فرصة من مسك فتطهري بها بقولها لها تتبعي بها أثر الدم والمسك اولى من غيره فإن لم تفعل فطيبا فإن لم تفعل فطينا فإن لم تفعل فالماء كاف عن رفع الحدث وهذه سنة مؤكدة يكره تركها من غير عذر وتستثنى المحرمة فلا تستعمل شيئا من الطيب لقصر زمن الإحرام غالبا والمحدة لا تطيب المحل إلا بقليل قسط أو أظفار لقطع الرائحة الكريهة والولا أي يسن الولاء بين أفعاله كما في الوضوء خروجا من خلاف من أوجبه ومن سننه الترتيب بأن يرفع الاذى ثم يتوضأ ثم يتعهد ثم يغسل أعضاء الوضوء ثم الرأس ثم البدن مبتدئا بأعلاه وبالأيمن ويجوز له الغسل مكشوف العورة خاليا وبحضرة من يجوز له نظره إليها والستر أفضل أما غسله مكشوفها بحضرة من يحرم نظرة إليها فحرام كما(1/115)
يحرم كشفها في الخلوة من غير حاجة ثم ذكر جملة من الأغسال المسنونة فقال مسنونة حضور جمعة أي يسن الغسل لمريد حضورها وإن لم تلزمه كامرأة ومسافر لما سيأتي في باب الجمعة من الأمر به في الصحيحين وغيرهما وصرفه عن الوجوب خبر من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت ومن أغتسل فالغسل أفضل رواه أبو داود وغيره وحسنه الترمذى وصححه أبو حاتم الرازي ويدخل وقته بالفجر وتقريبه من ذهابه أفضل أما من لم يرد حضورها فلا يسن له الغسل ويؤخذ من بداءته به أنه آكد الأغسال المسنونة وهو كذلك على الأصح ثم غسل غاسل ميت كلا عيدين أي يسن لكل أحد غسل لعيد الفطر وغسل لللأضحى وإن لم يحضر صلاتهما لاجتماع الناس لهما كالجمعة ويدخل وقت غسلهما بنصف الليل لأن أهل القرى الذين يسمعون النداء يبكرون لصلاتهما من قراهم فلو لم يجز الغسل قبل الفجر لشق عليهم والفرق بينهما وبين الجمعة تأخير صلاتها وتقديم صلاتهما ويبقى إلى آخر يوم العيد لأنه يوم سرور وكلا في قوله كلا عيدين إسم مقصور للإضافته إلى ظاهر والإفاقة أي يسن الغسل لها من جنون أو إغماء للإتباع في اللإغماء رواه الشيخان وقيس به الجنون وقال الشافعي قلما جن إنسان إلا وأنزل الإسلام أي يسن الغسل للكافر إذا أسلم لأمره صلى الله عليه وسلم بالغسل قيس بن عاصم وثمامة بن أثال لما أسلما رواهما ابنا خزيمة وحبان وغيرهما وهو أمر ندب لأن جماعة اسلموا ولم يأمرهم بالغسل من جنابة وهذا حيث لم يعرض له في الكفر ما يوجب الغسل من جنابة او حيض أو نفاس أو ولادة فإن عرض له ذلك وجب عليه الغسل بعد إسلامه ولا عبرة بغسل مضى في كفره وفارق عدم لزوم إخراج ما أداه من كفاره حال كفره بأن مصرفها متعلق بالآدمى فأشبه الدين والخسف أي يسن الغسل لصلاة خسوف الشمس أو القمر لاجتماع الناس لهما كالجمعة ويدخل وقت غسله بأوله و الاستسقاء أي يسن الغسل لصلاته لما مر قال في الروضة قال أصحابنا يسن الغسل لكل اجتماع وفي كل حال يغير رائحة(1/116)
البدن والإحرام أي يسن الغسل له
للإتباع رواه الترمذى وحسنه وسواء في ذلك الإحرام بحج أم بعمرة أم بهما ولا فرق بين الدكر والانثى والخنثى والحر والرقيق والحائض والنفساء ودخول مكة أي يسن الغسل لدخول مكة للاتباع رواه الشيخان سواء أكان محرما بحج أم بعمرة أم بهما ويسن للحلال أيضا وهو داخل في كلامه ويسن لدخول الحرم أيضا ولدخول المدينة ولو أحرم من مكان قريب من مكة كالتنعيم واغتسل لم يندب له الغسل لدخول مكة كما قاله الماوردي ووقوف عرفه أي يسن الغسل للوقوف بها ويدخل وقته بالفجر والرمي أي يسن الغسل للرمي في أيام التشريق الثلاثة ولا يسن الغسل لرمي جمرة العقبة لقربها من غسل العيد والمبيت بالمزدلفة أي يسن الغسل لها لأنها مواطن تجتمع لها الناس فسن الغسل لها قطعا للروائح الكريهة وما ذكره من استحبابه لها وتبعه عليه الوالد رحمه الله تعالى في شرحه رأى مرجوح والأصح عدمه نعم يمكن حمل كلامه على أن مراده بالمبيت بها الوقوف بها غداة النحر بالمشعر الحرام وهو مستحب حينئذ ولعل الشارع أشار إلى ذلك بقوله غداة النحر وغسل من غسل ميتا أي يسن له ذلك سواء أكان الميت مسلما أم كافرا لخبر من غسل ميتا فليغتسل رواه ابن ماجه وحسنه الترمذى وصححه ابن حبان والصارف للأمر عن الوجوب خبر ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه صححه الحاكم على شرط البخاري كما لداخل الحمام أي كما يسن الغسل لداخل الحمام عند إرادة خروجه سواء تنور أم لا أو من حجما أي كما يسن الغسل لمن حجم بضم الحاء وكسر الجيم لما روى البيهقي بسند صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص كنا نغتسل من خمس من الحجامة والحمام ونتف الإبط ومن الجنابة ويوم الجمعة وحكمته كما أشار إليه الشافعي أن ذلك يغير الجسد ويضعفه والغسل يشده وينعشه ويؤخذ منه أنه يسن الغسل للفصد ونحوه من الأغسال المسنونة الغسل للإعتكاف كما في لطيف ابن خيران عن النص ولكل ليلة من رمضان كما قاله الحليمى(1/117)
وقيده الاذرعي بمن يحضر الجماعة ولحلق العانة كما في رونق الشيخ أبي حامد ولباب المحاملي ولبلوغ الصبي بالسن كما في الرونق والغسل في الوادي عند سيلانه وألف حجما للإطلاق والغسل في الحمام جاز للذكر أي يباح له مع ستر عورة له عمن يحرم نظره إليها إذ كشفها حينئذ حرام فيجب تركه وعدم مسها من يحرم مسه لها وغض للبصر عن عورة من يحرم نظره إليها وعدم مسه لها لأن كلا من الكشف والنظر والمس المذكورات حرام فيجب تركه ويجب عليه أن ينهى من ارتكب شيئا من ذلك وإن ظن أنه لا ينتهى ويكره الدخول فيه للنسا والخناثي إلا لعذر مرض أو نفسا أي كمرض أو حيض أو نفاس أو خوف ضرر فيباح لهن حينئذ مع ستر عورتهن عمن يحرم نظره إليها وعدم مسها ممن يحرم مسه لها وغض بصرهن عن عورة يحرم نظرهن إليها وعدم مسهن إياها والأصل في ذلك خبر أبي داود وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال ستفتح عليكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلنها الرجال الابازار وامنعوها النساء إلا المريضة أو نفساء وخبر الترمذى وحسنه ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى وخبر النسائي والحاكم وصححه عن عائشة الحمام حرام على نساء أمتى ولأن أمرهن مبنى على المبالغة في الستر لما في خروجهن واجتماعهن من الفتنة والشر ثم ذكر أول آداب داخل الحمام فقال وقبل أن يدخل يعطى أجرته لأن ما يستوفيه مجهول وكذا ما ينتظره الحمامي فإعطاء الأجرة حينئذ دفع للجهالة من أحد العوضين(1/118)
وتطييب لنفسه ومن ذلك أيضا قصد التنظف والتطهير والتسمية لدخوله ثم التعوذ كأن يقول بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث وتقديم يساره لدخوله ويمينه لخروجه وتذكر الجنة والنار بحرارته ورجوعه إذا رأى عريانا فيه وأن لا يعجل بدخول البيت الحار حتى يعرق وان لا يكثر الكلام وأن يدخل وقت الخلوة أو بتكلف إخلاء الحمام فإنه وان لم يكن فيه إلا أهل الدين فالنظر إلى الأبدان مكشوفة فيه شوب من قلة الحياء وهو مذكر للفكر في العورات ثم لا يخلو الناس في الحركات عن إنكشاف العورات فيقع البصر واستغفاره عند خروجه وصلاته ركعتين ويكره دخوله قبيل المغرب وبين العشاءين ودخوله للصائم وصب الماء البارد على الرأس وشربه عند الخروج ولا بأس بذلك غيره إلا عورة أو مظنة شهوة ولا بقوله لغيره عافاك الله ولا بالمصافحة ولم يجاوز في اغتسال حاجته أي يجب على المغتسل فيه أن يقتصر في صب الماء على قدر حاجته فلا يجوز له أن يزيد عليه فإنه المأذون فيه بقرينة الحال والزيادة عليه لو علمها الحمامي لكرهها لاسيما الماء الحار فله مؤنة وفيه تعب وقال ابن عبد السلام ليس له أن يقيم فيه أكثر مما جرت العادة به لعدم الإذن اللفظي والعرفي باب التيمم هو لغة القصد وشرعا إيصال التراب إلى الوجه واليدين بشرائط مخصوصة وهو من خصائص هذه الأمة وهو رخصة وقيل عزيمة وقيل إن كان لفقد الماء فعزيمة أو لعذر فرخصة والأصل فيه قبل الأجماع قوله تعالى وإن كنتم مرضى أو على سفر الآية وخبر مسلم جعلت لنا الأرض كلها مسجدا وتربتها طهورا وغيره من الأخبار الأتي بعضها في الباب تيمم المحدث أو من أجنبا أي تيمم المحدث حدثا أصغر أو أكبر من حيض أو نفاس أو ولادة والجنب أما المحدث فبالاجماع وأما الجنب فلما في الصحيحين عن عمار بن ياسر وغيره فقوله أو من أجنبا من عطف الخاص على العام واقتصر على المحدث والجنب لأنهما الأصل ومحل النص وإلا فالمأمور بغسل مسنون(1/119)
يتيمم له ايضا والقياس كما قاله جمع من المتأخرين أن الوضوء المسنون كذلك ويمم الميت أيضا وخرج بما ذكره المتنجس فلا تيمم للنجاسة لأن التيمم رخصة فلا تتجاوز محل ورودها يباح في حال وحال وجبا أي تيمم من ذكر يباح في حال وهو وجود عذر يسوغه مع قدرة المتيمم على أستعمال الماء كقادر على شراء الماء وحده يباع بأكثر من ثمن مثله وكمن تيمم أول الوقت وقد علم أو ظن وجود الماء آخره ويجب في حال وهو عجز المتيمم عن استعمال الماء وتيمم في كلامه مبتدأ خبره يباح إلى آخره وألف أجننبا ووجبا للإطلاق وشرطه أي تيمم خوف من استعمال ما كمرض أو شدة برد أو تلف نفس أو عضو أو منفعة مرضا مخوفا أو زيادة التألم وإن لم تزد المدة أو بطء برء و إن لم يزد الألم أو شدة الضنى أو بقاء شنن فاحش في عضو ظاهر لقوله تعالى في المرض وإن كنتم مرضى الآية أي حيث خفتم من أستعمال الماء ما ذكر والشين الأثر المستكره من تغير لون أو نحول أو استحشاف وثغرة تبقى ولحمة تزيد والظاهر ما يبدو عند المهنة غالبا كالوجه واليدين ويعتبر فيما ذكره أن يخبره به طبيب مسلم بالغ عدل عارف أو يعلم ذلك بنفسه وإلا فلا يجوز له التيمم وخرج بما ذكر ما لو خاف شيئا يسيرا أو قبيحا في عضو باطل أو تألم في الحال أو مرضا يسيرا كالصداع فإنه لا يتيمم لوجود الماء وعدم الضرر الشديد أو فقد ماء فاضل عن الظما أي وشرط التيمم أيضا فقد ماء فاضل عن الظمأ حسا أو شرعا بأن يتوهمه فوق حد الغوث أو يتيقنه فوق(1/120)
حد القرب أو يخاف من طلبه فوت نفس أو عضو أو منفعته أو مال أو وقت أو أنقطاعا عن رفقة أو وجد ماء مسبلا للشرب أو يباع بأكثر من ثمن مثله في ذلك الزمان والمكان أو بثمن مثله وهو محتاج إليه لشراء سترة او لدين أو مؤنة سفر أو حيوان محترم أو ملكه وهو محتاج إلى ثمنه لذلك أو إليه لعطش حيوان محترم من نفسه وغيره حالا أو مآلا وخرج بالمحترم وغيره كمرتد وكلب عقور دخول وقت أي وشرطه دخول وقت ما يتمم له سواء كان فرضا ولو نذرا أو نفلا لأن التيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة قبل الوقت فلو نقل التراب قبله ومسح به الوجه بعده لم يصح وكذا لوشك هل نقل قبله أو فيه وإن تبين أنه نقل فيه فيصح التيمم للثانية في جمع التقديم وقت الأولى عقب فعلها فلو دخل وقت الثانية قبل أن يصليها بطل التيمم بخلاف ما لو تيمم لفائتة قبل وقت الحاضرة فإنها تباح به لأنه استباح انوى فاستباح غيره بدلا وهنا لم يستبح ما نوى بالصفة التي نوى فلم يستبح غيره ويتيمم للأولى في جمعع التأخير في وقتها أو في وقت الثانية ويتيمم للفائتة بعد تذكرها ويصح التيمم في وقت الكراهة للمؤقتة وذات السبب أيضا لا للنافلة المطلقة ولا يبطل تيممها بدخول وقت الكراهة وسؤال ظاهر لفاقد الماء أي شرطه فقد الماء بأن يطلبه في الوقت بنفسه أو مأذونه إذا لم يتيقن عدمه لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا ولا يقال لم يجد إلا بعد الطلب أما إذا تيقن عدمه فلا طلب لأنه عبث فإن جوز وجوده في شيء وجب عليه طلبه منه كأن يفتش رحله وينظر مواليه يمينا وشمالا وأماما وخلفا ويتأمل موضع الخضرة والطير إن كان بمستو وإلا تردد إلى حد الغوث وهو ما يلحقه فيه غوث الرفاق مع ما هم عليه من التشاغل بأشغالهم والتفاوض في أقوالهم وعبر عنه في الشرح الصغير بغلوة سهم ويعتبر في سؤاله كونه ظاهرا بأن ينادى في رفقة منزله المنسوب إليه نداء يعمهم إلا أن يضيق وقت الصلاة من معه ماء أو من يجود بالماء أو من يبيع الماء ولا(1/121)
يجب أن يطلب من كل واحد بعينه ولو أذن الرفقة لثقة يطلب لهم كفى وإن تيقنه لزمه طلبه إن كان بحد القرب وهو ما يقصده الرفقة للاحتطاب ونحوه وإلا فلا ولو تيقنه آخر الوقت ولو في منزله فانتظاره أفضل أو جوز وجوده فتعجيل التيمم أفضل كمريض ينتظر القدرة و عار ينتظر السترة واما المقيم فعليه أن يسعى وإن خرج الوقت ولا تيمم ولا ينتظر مزاحم على بئر أو ثوب أو مقام نوبة علم أنها لا تصل إليه بعد الوقت بل يصلى فيه بتيمم أو عاريا أو قاعدا ولا إعادة ولو كان معه ثوب متنجس ولو اشتغل بغسله لخرج الوقت لزمه غسله والصلاة بعد الوقت ولا يصلي عاريا ولو وجد ماء لا يكفيه وجب استعماله ثم تيمم للباقي ويراعى المحدث الترتيب لاذ والحدث الأكبر وأعضاء الوضوء أولى ولو لم يجد إلا ثلجا أو برد لا يقدر على أذابته لم يلزمه استعماله ولو لم يجد إلا ترابا لا يكفيه وجب استعماله ولو لم يجد إلاثمن بعض الماء لزمه شراؤه ومن وجد ماء يغسل بعض نجاسات به وجب عليه غسله ولو وجد من عليه حدث ونجاسة ماء يكفى أحدهما تعين للنجاسة ووجب غسلها قبل التيمم وأما إذا تيمم لمرض أو نحوه فلا طلب وترب طاهر أي شرط التيمم كونه بتراب طاهر لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا أي ترابا طاهرا كما فسره ابن عباس وغيره والطاهر هنا بمعنى الطهور لما سيأتى من أنه لا يصح التيمم بالتراب المستعمل وسواء في التراب الأعفر والأصفر والأسود والأحمر والسبخ وهو الذي لا ينبت وما يداوي به كالطين الإرمنى بكسر الهمزة ولو كان التراب غبار الرمل لأنه من طبقات الأرض والتراب جنس له وخرج بالتراب غيره كمعدن وسحاقة خزف ولو قليل مختلطا بالتراب وبالطاهر المتنجس بأن أصابه مائع نجس فلا يصح التيمم بشيء منها لما مر لا مستعملا أي لا إن كان التراب مستعملا(1/122)
متصلا بالعضو الممسوح أو منفصلا عنه بعد إصابته فلا يصح التيمم به كالماء لأنه قد تأدى به فرض فانتقل إليه المنع بخلاف ما انفصل ولم يصب العضو ويؤخذ من حصر المستعمل فيما ذكره جواز تيمم الواحد والجماعة من تراب يسير مرات كثيرة ولا مانع منه ومن شروطه إسلام المتيمم لا في كتابية انقطع حيضها أو نفاسها ليحل وطؤها وتمييزه لا في مجنونة لتحل لواطىء وعدم الحيض والنفاس لا في تيمم مسنون لا حرام ونحوه وعدم ما يمنع وصول التراب إلى البشرة وتقديم الاستنجاء وإزالة النجاسة عن بدنه ولو في غير أعضاء التيمم وتقديم الاجتهاد في القبلة على رأي مرجوح وفرضه أي التيمم فهو مفرد مضاف لمعرفة فيعم أي فروضه ستة كما في المجموع وغيره وزاد في أصل الروضة كالوجيز التراب وجعل في المنهاج كأصله القصد شرطا قال الرافعي وحذفهما جماعة وهو أولى إذ لو حسن عد التراب ركنا لحسن عد الماء ركنا في الطهر به وأما القصد فداخل في النقل الواجب قرب النية به أهم أولها نقل التراب بنفسه أو مأذونه ولو بلا عذر حيث كان له غبار إلى عضو تيممه لقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا أي اقصدوه بأن تنقلوه إلى العضو فلو كان بعضوه تراب فردده عليه لم يكف وإن قصد بوقوفه في مهب الريح التيمم لانتفاء القصد بانتفاء النقل المحقق له ولو أحدث بين نقله والمسح بطل وعليه النقل ثانيا بخلاف نظيره في الوضوء وفيما لو نقل ما دونه لعدم وجوب نقل الماء في الأولى وعدم وجوب القصد الحقيقي منه في الثانية فصار فيها كما لو أكتراه ليحج عنه ثم جامع في زمن إحرام الأجير لا يفسد حجه ذكره القاضي و لو نقل التراب من وجهه لليد بأن حدث عليه بعد مسحه أي الوجه أو بالعكس أي نقله من يده إلى وجهه حل أي جاز وصح كما لو نقله من غير عضو التيمم وكذا لو أخذه من العضو ثم رده إليه أو نقله من إحدى يديه إلى الأخرى يكفى في الأصح و ثانيها قصده أي المتيمم التراب لما مر وثالثها نية استباح فرض من صلاة وطواف أو(1/123)
استباحة الصلاة المسنونة أو غيرها مما يفتقر إلى التيمم كمس مصحف بخلاف ما لو نوى رفع الحدث أو فرض التيمم ثم إن نوى به فرضا أو نفلا أو فروضا استباح الفرض والنفل قبل الفرض وبعده في الوقت وبعده والفائتة والحاضرة والمعينة وغيرها فإن عين وأخطأ كمن نوى فائتة ولا شيء عليه أو ظهرا وعليه عصر لم يصح وإن نوى نفلا أو الصلاة استباح النفل لا الفرض على المذهب ولو نوى نافلة معينة أو صلاة جنازة جاز له فعل غيرها من النوافل معها وله نية النفل صلاة الجنازة في الأصح وسجود التلاوة والشكر ومس المصحف وحمله لأن النفل آكد منها ولو نوى استباحة مس المصحف أو حمله ولو بدار كفر أو مفازة وضطر إلى حمله أو سجوده تلاوة أو شكر أو منقطعة حيض أو نفاس استباحة الوطء أو ذو الحدث الأكبر استباحة الأعتكاف أو قراءة القرآن استباح ما نوى لا نحو استباحة فرض أو نفل ووقت النية أول الأركان وهو نقل التراب والمراد به الضرب كما في المجموع والكفاية ووجودها أيضا عند مسح شيء من الوجه وإن غربت بينهما وهو مراد من عبر باستدامها إليه لأن اول الأركان في التيمم مقصود بغيره بخلافه في الوضوء و رابعها انمساح الوجه أي وجه المتيمم وظاهر لحيته وإن خرج عن حد الوجه ولو بغير يده بأن يستوعبه بالمسح حتى ما يقبل من أنفه على شفته لقوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم لا المنبت للشعر وإن خف أو نزر فلا يجب إيصال التراب إليه ولا يندب لما في فيه من المشقة و خامسها انمساح اليدين مع مرفق أي مرفقيه لآية التيمم وقد صح عنه صلى(1/124)
صلى الله عليه وسلم أنه مسح وجهه وذراعيه قال الشافعي هذا الخبر هو الذي منعنا أن نأخذ برواية عمار في الوجه واليدين و سادسها أن المتيمم رتب المسحين أي مسحى الوجه واليدين ولو في التمعك كما في الوضوء وإن كان حدثه أكبر وخرج بالمسحين النقلان فلا يجب الترتيب بينهما إذ المسح أصل والنقل وسيلة ولو ضرب بيديه على الترتيب ومسح بالثانية وجهه وبالأولى يده جاز ولما أنهى الكلام على معتبرات التيمم شرع في ذكر بعض مسنوناته فقال وسن للمتيمم تفريج لأصابعه وفي بعض النسخ تفريق أول كل ضربة لأنه أبلغ في إثارة الغبار فلا يحتاج إلى الزيادة على الضربتين والغبار الحاصل في الأولى بين الأصابع لا يمنع صحة التيمم وإن منع وصول الغبار في الثانية إذ لو اقتصر على التفريج في الأولى أجزأه فحصول التراب الثاني إن لم يزد الأول قوة لم ينقصه وأيضا الغبار على المحل لا يمنع المسح بدليل أن من غشيه غبار السفر لا يكلف نفضه للتيمم كما ذكره الرافعي وقول البغوي يكلف نفض التراب محمول على تراب يمنع وصول التراب إلى المحل و سن له أن يبسملا أول التيمم ولو جنبا او حائضا أو نفساء كما في الوضوء والف يبسملا للاطلاق وقدم اليمنى أي وسن له تقديم اليمنى على اليسار وأعلى وجهه على أسفله كما في الوضوء ويسن إذا مسح اليمنى أن يضع أصابع اليسرى سوى الإبهام على ظهور أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا يخرج أنامل اليمنى عن مسبحه اليسرى ولا تجازو مسبحة اليمنى أطراف أنامل اليسرى ويمرها على ظهر الكف اليمنى فإذا بلغ الكوع ضم أطراف أصابعه على حرف الذراع ويمرها إلى المرفق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ثم يمرها عليه وإبهامه مرفوعة فإذا بلغ الكوع أمر إبهام اليسرى على إبهام اليمنى ثم يفعل باليسرى كذلك ثم يمسح إحدى الراحتين بالأخرى ندبا لا وجوبا لتادى فرضهما بضربهما بعد مسح الوجه وإنما جاز مسح الذراعين بترابهما لعدم اتصاله وللحاجة إذ لا يمكن مسح الذراع بكفها(1/125)
فصار كنقل الماء من بعض العضو إلى بعضه ذكر في المجموع ومراده بنقل الماء تقاذفه الذي يغلب كما عبر به الرافعي حيث قال و إنما يثبت للمتناثر حكم الاستعمال إذا انفصل بالكلية وأعرض المتيمم عنه لعسر إيصاله إلى العضو فيعذر في رفع اليدين وردهما كما في رد المتقاذف الذي يغلب في الماء وخلل أي ويسن له أن يخلل بين أصابع يديه بالتشبيك كما في الوضوء ويجوز في كل من قدم وخلل أن يكون ماضيا وفاعله المتيمم وأن يكون أمرا والولا أي ويسن له الولاء بين المسحتين كما في الوضوء بتقدير التراب ماء وبين التيمم والصلاة خروجا من خلاف من أوجبه ويجب الولاء في تيمم دائم الحدث ووضوئه ونزع خاتم لأولى يضرب أي يسن ذلك ليكون مسح جميع الوجه بجميع اليد اتباعا للسنة ويجوز في يضرب كونه مبنيا للفاعل أي يضرب بها المتيمم فيكون بمثناة تحتية وهو أنسب بآخر البيت وكونه مبنيا للمفعول ونائب الفاعل ضمير يعود على الأولى فيكون بمثناة فوقية أما لثاني ضربة فيجب أي أما نزعه في الضربة الثانية فيجب ليصل التراب إلى محله ولا يكفى تحريكه بخلافه في الوضوء لأن التراب لا يدخل تحته بخلاف الماء فايجاب النزع إنما هم عند المسح لا عند الضرب كما نبه عليه السبكي واللام في الثاني ضربة يصح كونه للتعليل وبمعنى في وعند وبعد أي بعد الضربة الثانية عند المسح فيكون موفيا بما نبه عليه السبكى ومن سننه تخفيف التراب وعدم الزيادة على ضربتين وإدامة يده على العضو حتى يفرغ من مسحه وإمرار التراب على العضد تطويلا للتحجيل وإتيانه بالشهادتين مع ما بعدهما كما في الوضوء والغسل آدابه هو من إطلاق الجمع على الواحد مجازا القبلة أن يستقبلا أي المتيمم لشرفها كالوضوء مكروهه أي التيمم الترب الكثير استعمالا لأنه(1/126)
يشوه الخلقة إذ السنة تخفيف الغبار بأن ينفضه إن كان كثيرا أو ينفخه بحيث لا يبقى إلا قدر الحاجة وأن لا يكرر المسح ويكره له الزيادة على مسحه واحدة للوجه وواحدة لليدين وألف يستقبلا واستعملا للإطلاق ويصح بناء كل منهما للفاعل وهو المتيمم وللمفعول وهو القبلة في الأول فيكون بمثناة فوقية والترب في الثاني والترب لغة في التراب حرامه أي التيمم تراب مسجد وهو الداخل في وقفه تعظيما له لا لمجتمع فيه من ريح ونحوه وما في الشرع الاستعمال منه حرما كمغصوب ومسروق لما فيه من استعمال ملك غيره بغير إذنه ويؤخذ من كلامه صحة التيمم بالتراب المذكور وإن حرم استعماله لإضافته حرام لضمير التيمم وهو كذلك وحينئذ فقوله وما في الشرع إلى آخره من عطف العام على الخاص فإن تراب المسجد مما حرم الشارع استعماله وألف حرما للإطلاق ويصح بناؤه للفاعل وللمفعول ثم شرع في ذكره ما يبطل التيمم فقال مبطله ما ابطل الوضوء من الأسباب السابقة ويزيد على ذلك أنه يبطل مع توهم الماء بأن وقع في وهم المتيمم أي ذهنه وجوده بأن جوزه وإن زال سريعا أو لم يكفه الماء كأن سمع قائلا يقول عندي ماء أو دعنيه فلان أو ماء نجس أو ماء ورد بخلاف ما لو قال عندي لفلان ماء وهو يعلم غيبته وقول الوالد رحمه الله تعالى أوضاق الوقت ظاهرة إن ضيق الوقت كاف في بطلان التيمم بالتوهم مع أنه إنما يبطل به إذا اتسع الوقت ولا بد أن يكون ذلك بلا شيء منع أي بلا مانع حسي أو شرعي وأن يكون قبل ابتدا بالقصر للوزن الصلاة بأن لم يفرغ من تكبيرة الإحرام لوجوب الطلب حينئذ ولأنه لم يشرع في المقصود فصار كما لو توهمه في أثناء تيممه وهذا بخلاف توهمه السترة لعدم وجوب طلبها وفهم من كلامه بطلان التيمم بتيقن الماء وبالأولى وخرج بقوله بلا شيء منع ما لو اقترن بمانع من استعماله كعطش وسبع يحول بينه وبينه وسماع من يقول أودعني فلان وهو يعلم غيبته فلا يبطل التيمم حينئذ وبقوله قبل ابتداء الصلاة ما(1/127)
لو شرع فيها فلا يبطل تيممه بتوهم ولا شك ولا ظن وقد ذكر حكم اليقين في قوله أما فيها يعني إن تيقن القدرة على استعمال الماء في الصلاة فرضا كانت أو نفلا بأن تيقن وجوده إن تيمم لفقده أو حصل الشفاء إن تيمم لمرض أو نحوه يبطل التيمم إن وجب عليه قضاء فرضها كما أفاده بقوله فمن عليه واجب يقضيها أبطل بأن تيمم الأول بموضع يندر فيه فقد الماء كالحضر والثاني لبرد أو كان بجرحه دم كثير أو وضع الساتر على حدث أو عضو تيمم كما يأتي أو نحو ذلك إذ لا فائدة في استمراره فيها حينئذ وأبطل يصح كونه ماضيا مبنيا للفاعل وهو ضمير يعود على التيقن الذي قدرته ومفعوله ضمير يعود على التيمم أي أبطل تيقن القدرة على استعمال الماء تيمم المتيقن أو مبينا للمفعول وهو التيمم ويصير التقدير إما تيمم متيقن القدرة على استعمال الماء فيها إلى قوله أبطل أي التيمم أو أمر اي إما تيمم المتيقن المذكور فأبطله أنت وإلا لا بأن لم يجب عليه قضاء فرضها بأن تيمم الأول بموضع يكثر فيه فقد الماء كالسفر والثاني لغير ذلك فلا يبطل تيممه لتلبسه بالمقصود بلا مانع من استمراره فيه كوجود المكفر الرقبة في الصوم ولأن إحباط الصلاة أشد ضررا عليه من تكليفه شراء الماء بزيادة يسيرة ويبطل تيممه بسلامه من صلاته وإن علم تلفه قبله لأنه ضعف بوجود الماء وكان مقتضاه بطلان الصلاة التي هو فيها ولكن بقاؤها لحرمتها واعلم أنه لا يتوهم أن الناظم توسع بحذف الفاء من قوله و إلا لا إذ الإتيان فيه بالفاء جائز لا واجب ولكن أفضل إبطالها كي بالوضوء تفعل أي الأفضل قطعها ليتوضأ ويصلي بدلها لإتمامها فرضا كانت أو نفلا(1/128)
كوجود المكفر الرقبة في أثناء الصوم وللخروج من خلاف من حرم إتمامها ويحرم قطع فريضة ضاق وقتها لئلا يخرجها أو بعضها عنه مع إمكان أدائها فيه ولا يشكل عدم البطلان فيما ذكر ببطلانها فيما لو قلد الأعمى غيره في القبلة ثم أبصر في الصلاة مع زوال الضرورة فيهما لأنه هنا قد فرغ من البدل وهو التيمم بخلافه هناك فإنه ما دام في الصلاة فهو مقلد ولم يمم ميت وصلى عليه ثم وجد الماء وجب غسله والصلاة عليه سواء أكان في أثناء الصلاة أم بعدها ذكره البغوي في فتاويه ثم قال ويحتمل أن لا يجب وما قاله في الحضر أما في السفر فلا يجب شيء من ذلك كالحي جزم به ابن سراقة في تلقينه لكنه فرصه في الوجدان بعد الصلاة فعلم أن صلاة الجنازة كغيرها وأن تيمم الميت كتيمم الحي ومن نوى شيئا أئمنه وإن لم ينو اقتصر وجوبا على ركعتين فإن رآه في ثالثه مثلا اتمها ولو رأت حائض الماء وهو يجامعها وجب النزع لا إن رآه هو ولو رأه مسافر قاصر فنوى الأقامة أو الإتمام بطلت صلاته وعلم مما قررناه عدم صحة حمل قول الناظم أما فيها على توهم الماء كما سبق إلى بعض الأوهام من ظاهرة ويدل لتقريرنا تقييده بطلان التيمم بتوهم الماء بما قبل ابتداء الصلاة وردة تبطل التيمم لا التوضى والغسل فلا تبطلهما لأن التيمم للإباحة ولا إباحة مع الردة والوضوء والغسل يرفعان الحدث جدد أنت وجوبا تيمما لكل فرض صلاة أو طوافا أو نذرا لقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة إلى قوله تعالى فتيمموا فاقتضى وجوب الطهر لكل صلاة خرج الوضوء بالسنة فبقى التيمم على مقتضاه لما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن عمر أنه قال تيمم لكل صلاة وإن لم يحدث ولأنه طهارة ضرورة فيتقدر بقدرها أما تمكين الحائض مرارا وجمعة مع فرض آخر بتيمم فإنهما جائزان وخرج بفرض النفل فيستبيح معه بالتيمم ما شاء وصلاة الجنائز كالنفل وأن تعينت وله جمع الطواف الواجب مع ركعتيه بتيمم لا الجمعة وخطبتيها ولو صلى بتيمم فرضا و أعادة به(1/129)
ولو وجوبا جاز في الأصح يمسح ذو جبيرة بالماء مع تيمم أي أن صاحب الجبيرة يمسحها جميعها بالماء إذا كانت أعضاء الطهر ومثلها اللصوق حين يغسل المحدث حدثا أصغر العليل فلا ينتقل عن عضو حتى يكمله غسلا ومسحا وتيمما عنه ويمسحها ذو الحدث الأكبر متى شاء مع تيممه أما مسحها فلقوله صلى الله عليه وسلم في مشجوج احتلم واغتسل فدخل الماء شجته ومات إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب رأسه بخرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده رواه أبو داود وغيره وأما تعميمها به فلأنه يمسح للضرورة كالتيمم وفهم من تقييده بالماء أنها لو كانت في عضو التيمم لم يجب مسحها بالتراب لأنه ضعيف فلا يؤثر من فوق حائل بخلاف الماء فإن تأثيره فوقه معهود في الخف لكنه يسن خروجا من الخلاف والتيمم بدل غسل العليل ومسح الساتر له بدل عن غسل ما تحت أطرافه من الصحيح كما في التحقيق وغيره وعليه يحمل قول الرافعي إنه بدل عما تحت الجبيرة وقضية ذلك أنه لو كان الساتر بقدر العلة فقط أو بأزيد غسل الزائد كله لا يجب المسح وهو ظاهر فإطلاقهم وجوب المسح جرى على الغالب من أن الساتر يأخذ زيادة على محل العلة ومعلوم أنه يجب غسل الصحيح من أعضاء الطهر ولو ما تحت أطراف الساتر من صحيح ولو بأجره فاضله عما مر في نظيره في الوضوء لأن علة بعض العضو لا تزيد على فقده ولو فقد وجب غسل الباقي ولم يعده إن وضع على طهارة أي أن غسل الصحيح ومسح الساتر وصلى لا يعيد ما صلاه بذلك إن وضع الساتر على طهر كامل ولم يأخذ من الصحيح إلا ما لا بد منه للإستمساك وخرج بذلك ما لو وضعه على حدث فيجب عليه الإعادة لوجوب نزعه عليه إن لم يخف ضررا ليتطهر فيضعه على طهر ولكن من على عضو تيمم لصوقا جعلا أي أن من وضع الجبيرة أو اللصوق على عضو تيمم ومسحه وغسل الصحيح وتيمم كما(1/130)
مر وصلى يجب عليه إعادة ما صلاه لنقصان البدل والمبدل والجبيرة ألواح تهيأ للكسر أو الانخلاع واللصوق بفتح اللام ما كان على جرح من قطنه أو خرقة أو نحوهما وجنبا خيره أى أن العليل إذا لم يكن عليه ساتر فالواجب حينئذ أمران غسل الصحيح والتيمم ثم إن كان حدثه أكبر خيره بين أن يقدما الغسل على التيمم أو يقدم التيمما والألف فيهما للإطلاق إذ لا ترتيب بينهما لأن بدنه كعضو واحد وليتيم محدث إذ غسلاه عليله ثم الوضوء كملا أى أنه إن كان حدثه أصغر وجب عليه التيمم وقت غسل العليل رعاية لترتيب الوضوء ثم يكمل الوضوء والأولى في القسمين تقديم التيمم ليزيل الماء أثر التراب وأفهم كلامه أنه لو كانت العلة على أكثر من عضو في الوضوء وجب لكل عضو عليل تيمم وقت غسله وهو كذلك نعم اليدان كعضو والرجلان كذلك لانتفاء وجوب الترتيب بينهما ويسن تعدد التيمم لذلك قال في المجموع فإن قيل إذا كانت العلة في وجهه ويديه وغسل صحيح الوجه أولا جاز توالى تيممهما فلم لا يكفيه تيمم واحد كمن عمت العلة أعضاءه فالجواب أن التيمم هنا في طهر تحتم فيه الترتيب فلو كفاه تيمم واحد حصل تطهير الوجه واليدين فى حالة واحدة وهو ممتنع بخلاف التيمم عن الأعضاء كلها لسقوط الترتيب بسقوط الغسل اهو ما قيل من أن هذا الجواب لا يفيد لأن حكم الترتيب باق فيما يمكن غسله ساقط في غيره فيكفيه تيمم واحد عن الوجه واليدين رد بأن الطهر في العضو الواحد لا يتجزأ ترتيبا وعدمه ومن ثم لو عمت الرأس دون الثلاثة وجب أربع تيممات وإن يرد من بعده فرضا وما أحدث فليصل إن تيمما عن حدث أو عن جنابة أى إن يرد من غسل الصحيح وتيمم كما مر وصلى به فريضة فرضا آخر ولم يحدث صلاة إن أعاد التيمم وحده وما قيل إنه لو تعدد كأن تيمم في الأول أربع تيممات أعادها مفرع على مرجوح ولا يعيد غسل الصحيح سواء كان حدثه أصغر أم أكبر لأن الوضوء الكامل لا يعاد فكذا بعضه ولأن ما غسله ارتفع حدثه وناب التيمم عن(1/131)
غيره فتم طهره وإنما أعيد التيمم لضعفه عن أداء الفرض لا لبطلانه وإلا لم ينتقل به واللازم باطل بخلاف إغفال اللمعة وخرج بالفرض النفل فلا يعيد له شيئا وبقوله وما أحدث ما إذا أحدث فانه يعيد الطهر كله ولو غسل ذو الحدث الأكبر الصحيح وتيمم عن علة فى غير أعضاء الوضوء ثم أحدث قبل أن يصلى فرضا لزمه الوضوء لا التيمم لأن تيممه عن غير أعضاء الوضوء فلا يؤثر فيه الحدث ولو صلى فرضا ثم أحدث توضأ للنفل ولا يتيمم وألف تيمما للاطلاق وقيل يعيد محدث لما بعد العليل على ما رجحه الرافعى فانه لما وجب إعادة تطهير عضو خرج ذلك العضو عن كونه تام الطهر فاذا أتمه وجب إعادة ما بعده كما لو أغفل لمعة من وجهه مثلا بخلاف الغسل إذ لا ترتيب فيه ومن لماء وتراب فقدا كأن حبس بمحل لم يجد فيه واحدا منهما أو وجد التراب ندبا ولم يقدر على تجفيفه بنار ونحوها الفرض صلى وجوبا لحرمة الوقت حيث لم يرج وجود أحدهما قبل خروج وقته ولاستطاعة فعله كالعاجز عن السترة وإزالة النجاسة والاستقبال وتكون صلاته صحيحة ولهذا تبطل ولو بسبق الحدث وكذا برؤية أحد الطهورين فى أثنائها وخرج بفرض الوقت المشار إليه بآلة التعريف الفائتة والنافلة ومس المصحف وحمله ومكث ذى الحدث الأكبر في المسجد وقراءته القرآن في غير الصلاة وقراءته فيها غير الفاتحة ووطء منقطعة حيض أو نفاس فانها تحرم ولا يعرف من يباح له فرض دون نفل إلامن عدم الماء والتراب أو عليه نجاسة عجز عن إزالتها ثم مهما وجدا(1/132)
من ذين أى الماء والتراب فردا أى واحدا منهما حيث يسقط القضاء به أى بالتيمم فتجديد أى إعادة عليه فرضا بخلاف ما إذا وجد التراب بمحل لا يسقط به القضاء فلا تجوز له الإعادة وألف فقدا ووجدا وفرضا للإطلاق ويجوز بناؤه للفاعل وهو الله تعالى وللمفعول وهو التجديد باب الحيض أي والنفاس والاستحاضة وترجم الباب بالحيض لأن أحكامه أغلب وهو لغة السيلان وشرعا دم جبلة يخرج من أقصى رحم المرأة في أوقات مخصوصة والاستحاضة دم علة يخرج من عرق فمه في أدنى الرحم يسمى بالعاذل بالذال المعجمة وحكى ابن سيده إهمالها والجوهري بدل اللام راء وسواء أخرج اثر الحيض أم لا والنفاس الدم الخارج بعد فراغ رحم المرأة من الحمل ولو سقطا إمكانه من بعد تسع قمرية تقريبا للاستقراء لأن مالا ضابط له فى الشرع ولا فى اللغة يرجع فيه للوجود وقد قال الشافعى رضى الله عنه أعجل من سمعت من النساء يحضن نساء تهامه يحضن لتسع سنين فلو رأت الدم قبل استكمال التسع بما لا يسع حيضا وطهرا كان حيضا وما دامت المرأة حية فحيضها ممكن كما قاله الماوردى وقال المحاملى آخره ستون سنة والأقل يوم وليلة أى قدر ذلك متصلا وهو أربع وعشرون ساعة ولا يشترط انسحاب الدم بل يكفى أن تدخل المرأة القطنة فرجها فتخرج ملوثه وأكثر الأجل خمس إلى عشرة أي أكثره خمسة عشر يوما بلياليها وإن تقطع والغالب ست وإلا سبعة تقارب للإستقراء فيها وحذف المصنف التاء من خمس وست لكون المعدود محذوفا إذ هو سائغ حينئذ لا للنظر إلى الليالي وإلا لحذفها أيضا من عشرة وسبعة وحذفه الفاء من سبعة جائز على ندور كما في خبر البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم فإن جاء صاحبها وإلا استمتع بها أدنى النفاس لحظة أي أقله لحظة وعبر في التحقيق والتنبيه وغيرهما بدلها بالمجة أي الدفعة وفي الروضة وأصلها بأنه لاحد لأقله أي لا يتقدر بل ما وجد منه وإن قل يكون نفاسا ولا يوجد أقل من مجة ويعبر عن زمانها باللحظة فالمراد من(1/133)
العبارات واحد وأكثره ستونا يوما أي أقصاه والغالب أربعونا يوما للاستقراء وألف ستونا وأربعونا للإطلاق إن عبر الأكثر وهو خمسة عشر يوما واستداما أي جاوزها أو جاوز أكثر النفاس فمستحاضة حوت أحكامها كثيرة منها أنه حدث دائم تصلى معه وتصوم وتوطأ والدم يجري وتغسل فرجها أو تستعمل الأحجار وتحشوه بنحو قطنة إن كانت مفطرة ولم تتأذ به فإن احتاجت إلى الشد فعلته إن لم تتأذ به فتتوضأ في الوقت وتستبيح فرضا ونوافل كالمتيمم وتجدد الاحتياط لكل فرض ولو لم تزل العصابة كما لو انتقض طهرها وتبادر بالصلاة نعم إن أخرت لمصلحة الصلاة كستر وانتظار جماعة لم يضر ولو خرج الدم من غير تقصير لم يضر والسلس يحتاط مثلها فإن أخرت لغيرها بطل وضوءها ويبطل بالشفاء وبانقطاع يسع الطهارة والصلاة ومنها أنها تنقسم إلى مبتدأة مميزة وهي ذات قوى وضعيف فالقوى حيض إن لم ينقص عن أقله ولم يجاوز أكثره ولم ينقص الضعيف عن خمسة عشر يوما متصلة والقوة سواد ثم حمرة ثم شقرة ثم صفرة والثخانة والنتن فإذا استويا فالسابق وغير(1/134)
مميزة لفقد شرط أو اتحاد وصف فإن لم تعرف ابتداءه فكمتحيرة وإن عرفته فحيضها يوم وليلة من أوله وطهرها تسع وعشرون وإلى معتادة مميزة فيقدم التمييز على العادة فإن أمكن الجمع بينهما عمل بهما وغير مميزة فترد إليها قدرا ووقتا وتثبت بمرة وأما العادة المختلفة فبمرتين ثم إن اتسقت وعلمت اتساقها عملت به وإلا اغتسلت آخر كل نوبة واحتاطت إلى أكثر النوب وإلى متحيرة بأن لم تعلم قدر عادتها ولا وقتها فيلزمها ما يلزم الطاهر ويحرم عليها ما يحرم على الحائض إلا القراءة في الصلاة ولها صلاة النافلة وصومها وطوافها ويجب أن تغتسل لكل فرض في وقته ولا يبطل الغسل بتأخير وتصوم رمضان ثلاثين يوما فيبقى عليها يومان وإن نقص لا إن علمت أنه كان ينقطع ليلا والضابط أن من عليها سبعة أيام فما دونها تصومها بزيادة يوم متفرقة في خمسة عشر يوما ثم تعيد صوم كل يوم غير الزيادة يوم سابع عشرة ولها تأخيره إلى خامس عشر ثانية ومن عليها أربعة عشر فما دونها تصومه ولاء مرتين والثانية من السابع عشر وتزيد يومين بينهما فإن حفظت الوقت فهي حائض حين لا يحتمل الطهر وطاهر حين لا يحتمل الحيض وإن احتملهما احتاطت ولا يلزمها الغسل إلا لاحتمال الإنقطاع وإن حفظت قدر عادتها فلا يخرجها عن التحير المطلق إلا إن حفظت معه قدر الدور وابتداءه وترد المبتدأة في النفاس إلى التمييز بشرط أن لا يزيد القوى على ستين يوما ولا ضبط في الضعيف وغير المميزة إلى اللحظة في الأظهر والمعتادة المميزة إلى التمييز لا العادة وغير المميزة الحافظة إلى العادة وتثبت بمرة وتحتاط المتحيرة وألف استداما للإطلاق لم ينحصر أكثر وقت الطهر أي لاحد لأكثر الطهر بالإجماع لأن المرأة قد لا تحيض أصلا أو تحيض في عمرها مرة أما أقله فنصف الشهر أي أقل المطهر المعهود وهو الذي بين الحيضتين خمسة عشر يوما وهي نصف الشهر الكامل لأنه إذا كان أكثر الحيض خمسة عشر يوما لزم أن يكون أقل الطهر خمسة عشر يوما(1/135)
والمراد بالشهر في هذا الباب ثلاثون يوما واحترزوا بقولهم بين الحيضتين عن الطهر بين حيض ونفاس فيجوز أن يكون دون خمسة عشر يوما سواء تقدم الحيض على النفاس بناء على الأظهر أن الحامل تحيض بل لو اتصلت ولادتها بالدم كان حيضا أيضا أم تأخر بأن رأت أكثر النفاس ثم انقطع الدم ثم عاد قبل خمسة عشر يوما وغالب الطهر باقي الشهر بعد غالب الحيض ثم شرع يبين أحوال الحمل بقوله ثم أقل الحمل ست أشهر لأن عثمان أتى بامرأة قد ولدت لستة أشهر فشاور القوم في رجمها فقال ابن عباس أنزل الله تعالى وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وأنزل وفصاله في عامين فالفصل في عامين والحمل في ستة أشهر فرجعوا إلى قوله فصار إجماعا وسكت الناظم عن لحظة العلوق ولحظة الوضع للعلم بهما وأربع الأعوام أقصى الأكثر للاستقراء فقد قال مالك هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها أيضا رجل صدق وحملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة كل بطن أربع سنين وثلث عام غاية التصور أي غاية تصور الجنين أي نهايته أربعة أشهر أي مائة وعشرون يوما لخبر الصحيحين إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح وأما ما رواه مسلم من أنه إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها الحديث فأجاب عنه ابن الأستاذ وغيره بأن بعثه الملك في الأربعين الثانية للتصوير وخلق السمع والبصر والجلد واللحم والعظام والتمييز بين الذكر والأنثى وبعثه بعد الأربعين الثالثة لنفخ الروح وقد حصلت المغايرة بين البعثين اه والحديثان كالصريحين في هذا الجمع ويمكن حمل كلام الناظم عليه بمعنى أن غاية تصور الجنين نفخ الروح فيه وغالب مدة حمل الولد الكامل تسع أشهر للاستقراء وحذف التاء من ست وتسع للنظر لليالي(1/136)
أو الوزن بالحدث الصلاة أي حرمها به للإجماع سواء أكانت فرضا أم نفلا وصلاة الجنازة وخطبة الجمعة وما ألحق بذلك من سجدة تلاوة أو شكر ولخبر الصحيحين لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ قال النووي وأما سجود عوام الفقراء بين يدي المشايخ فحرام بالإجماع ولو بالطهر وقال ابن الصلاح ويخشى أن يكون كفرا وقوله تعالى وخروا له سجدا منسوخ أو مؤول وقوله الصلاة مفعول مقدم لفعل الأمر وهو حرام وظاهر أن التحريم المرتب على الحدث الأصغر والأكبر يرتفع بطهارة دائم الحدث وبالتيمم وإن فاقد الطهورين يجب عليه أن يصلي الفريضة المؤداة مع تطوف حرم أي حرم به الطواف بالبيت بأنواعه لأنه صلى الله عليه وسلم توضأ له وقال لتأخذوا عني مناسككم رواه مسلم ولخبر الطواف بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم وللبالغ حمل المصحف ومسه أي عليه منصوب وما بعده إلى ولبث مسجد بحرم والكافر في ذلك كالمسلم أما مسه ولو للبياض المتخلل والحواشي ومن وراء حائل وبغير أعضاء الوضوء فلقوله تعالى لا يمسه إلا المطهرون بمعنى المتطهرين وهو خبر بمعنى النهي كقوله تعالى لا تضار والدة بولدها على قراءة الرفع ولو كان باقيا على أصله لزم الخلف في كلامه تعالى لأن غير المتطهر يمسه وأما حمله فلأنه أبلغ من مسه وخرج بالحمل والمس قلب أوراقه بعود أو نحوه فإنه يجوز كما صححه النووي لأنه ليس بحمل ولا في معناه خلافا للرافعي ومثل المصحف في التحريم جلده وإن انفصل عنه وظرفه المعدله إذا كان فيه وما كتب لدرس كاللوح وخرج بالبالغ الصبي المميز ولو جنبا فلا يمنع من ذلك لحاجة تعلمه ومشقة استمراره متطهرا وبالمصحف الحديث والفقه ونحوهما والتفسير إذا كان قرانه أقل منه فلا يحرم حملها ومسها ويجوز حمل المصحف في متاع إذا لم يكن هو المقصود وحده بالحمل ويجب على العاجز عن الطهارة أخذ مصحف خاف عليه تنجسا أو كافرا أو(1/137)
تلفا بنحو غرق أو حرق للضرورة ويجوز له أخذه إن خاف عليه ضياعا ومع ذي الأربعة للجنب اقتراء بعض آية قصدا أي يحرم على الجنب قراءة شيء من القرآن ولو بعض آية كحرف قاصدا أي في حال كونه قاصدا القراءة للإخلال بالتعظيم ولخبر الترمذي وغيره لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن ويقرأ روى بكسر الهمزة على النهي وبضمها على الخبر المراد به النهي ذكره في المجموع ولا فرق بين أن يقصد مع ذلك غيرها أم لا فإن لم يقصدها بأن قصد غيرها أو لم يقصد شيئا فلا يحرم لعدم الإخلال لأنه لا يكون قرآنا إلا بالقصد كما قاله النووي وغيره وظاهره أن ذلك جار فيما يوجد نظمه في غير القرآن كالبسملة والحمدلة وما لا يوجد نظمه إلا فيه كسورة الإخلاص وآية الكرسي وهو كذلك خلافا لبعضهم في الشق الثاني وخرج بما ذكر إجراء القرآن على قلبه ولو بنظره في المصحف وتحريك لسانه وهمسه بحيث لا يسمع نفسه وقراءة ما نسخت تلاوته فلا تحرم لأنها ليست قرآنا بخلاف إشارة الأخرس بها ومر أن فاقد الطهورين الجنب يقرأ الفاتحة فقط في الصلاة ولبث مسجد الإضافة فيه بمعنى في للمسلم اللام فيه وفي الجنب والبالغ بمعنى على ولو بالتردد فيه لقوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية أي مواضعها قال ابن عباس وغيره ونظيره قوله تعالى لهدمت صوامع وبيع وصلوات ولخبر إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب رواه أبو داود وغيره وحسنه ابن القطان وخرج باللبث العبور فإنه جائز للآية ولأنه لا قربة فيه وفي اللبث قربة الاعتكاف ومع جوازه لا كراهة فيه لكن الأولى أن لا يعبر إلا الحاجة قاله في المجموع ثم نقل كراهته بلا حاجة عن المتولي والرافعي وبه جزم في الروضة قيل وهو الموافق لما نقله في المجموع عن النص من كراهة عبور الحائض في المسجد انتهى والفرق بينهما واضح(1/138)
وخرج بالمسجد غيره كمصلى العيد والمدرسة والرباط فلا يحرم لبثه فيها ومحل حرمة اللبث حيث لا ضرورة أما معها فلا يحرم كما لو احتلم ولم يمكنه الخروج لخوف أو غلق باب أو نحوه ويتيمم وجوبا إن وجد غير تراب المسجد أما ترابه وهو الداخل في وقفه فلا يتيمم به كما لو لم يجد إلا ترابا مملوكا لغيره وقد مر في كلام الناظم في باب التيمم تحريم التيمم به وخرج بالمسلم الكافر فلا يمنع من اللبث بالمسجد وإن كان مكلفا بفروع الشريعة إذ لا يعتقد حرمته بخلاف المسلم كالحربي لا يضمن ما أتلفه لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي والمعاهد والمؤمن والمرتد إذا أتلفوا لكن يمتنع على الكافر ولو غير جنب دخول المسجد إلا لحاجة كإسلام وسماع قرآن لا كأكل وشرب وأن يأذن له مسلم في دخوله إلا أن يكون له خصومة وجلس الحاكم فيه للحكم ولا يجوز تعليم القرآن لكافر معاند ويمنع من تعلمه أما غير المعاند فيجوز إن رجى إسلامه وإلا فلا وبالمحيض والنفاس حرم الست المتقدمة مع تمتع برؤية والمس بين سرة ركبة يصح أن يكون مجرورا عطفا على رؤية وأن يكون منصوبا بفعل الأمر وهو حرام أي يحرم بالحيض والنفاس هذه الأمور التي تقدمت مع زيادة تحريم تمتع بوطء أو غيره كلمس بلا حائل بين سرة وركبة لآية فاعتزلوا النساء في المحيض ولخبر أبي داود بإسناد حسن كما في المجموع أنه صلى الله عليه وسلم سئل عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض فقال ما فوق الإزار وخص بمفهومه عموم خبر مسلم اصنعوا كل شيء إلا النكاح ولأن المباشرة بما تحت الإزار تدعو إلى الجماع فحرمت إذ من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه أما التمتع بما عدا ما بين السرة والركبة ولو بوطء فيهما بلا حائل أو بما بينهما بحائل بغير وطء في الفرج فجائز فتعبيره بالتمتع تبعا للشرحين والمحرر والروضة والكفاية وهو يشمل الرؤية بشهوة كما صرح بذلك إنما يتمشى على القول بتحريمها والأصح خلافه إذ مراد الكتب المذكورة بالتمتع(1/139)
المباشرة وهي التقاء البشرة بشهوة ولهذا عبر بها النووي في مجموعه وتحقيقه إلى اغتسال أو بديل عنه وهو التيمم أي يستمر تحريم ما مر بالجنابة والحيض والنفاس إلى الاغتسال بالماء أو التيمم عند العجز عنه أما في غير التمتع فلأن تحريمه للحدث وهو باق إلى الطهر وأما فيه فلآية ولا تقربوهن حتى يطهرن يمتنع الصوم والطلاق حتى ينقطع أي يمتنع الصوم للإجماع على منعه وعدم صحته ويجب قضاؤه بخلاف الصلاة ويمتنع بهما أيضا الطلاق من الزوج لقوله تعالى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن أي في الوقت الذي يشرعن فيه في العدة وبقية الحيض والنفاس لا تحسب من العدة والمعنى فيه تضررها بطول مدة التربص ويستمر المنع من الصوم والطلاق حتى ينقطع الدم لأن المنع من الصوم للحيض والنفاس ومن الطلاق لتطويل العدة وقد زال ذلك بالانقطاع وبقاء الغسل لا يمنع ذلك كالجنابة كتاب الصلاة هي لغة الدعاء بخير قال تعالى وصل عليهم أي ادع لهم وشرعا أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم غالبا والمفروض منها كل يوم وليلة خمس وهي أحد أركان الإسلام من جحد وجوبها فقد كفر والأصل فيها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى وأقيموا الصلاة أي حافظوا عليها دائما بإكمال واجباتها وسننها وقوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أي محتمة مؤقتة وأخبار في الصحيحين كقوله صلى الله عليه وسلم فرض الله على أمتي ليلة الإسراء خمسين صلاة فلم أزل أراجعه وأسأله التخفيف حتى جعلها خمسا في كل يوم وليلة وقوله للأعرابي(1/140)
خمس صلوات في اليوم والليلة قال الأعرابي هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع فرض على مكلف بالغ عاقل قد أسلما وعن محيض ونفاس سلما أي وقد سلم عن حيض ونفاس وإن لم يغتسل الإجماع ومثل المكلف من زال عقله بسبب محرم كشرب دواء مزيل للعقل بلا حاجة أو مسكر وقد علم حالها فخرج بالمكلف الصبي والمجنون فلا تجب عليهما لعدم تكليفهما ولخبر رفع القلم عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وبمن قد أسلم الكافر الأصلي فلا تجب عليه وجوب مطالبة بها في الدنيا لعدم صحتها منه ولكن تجب عليه وجوب عقاب عليها في الآخرة لتمكنه من فعلها بالإسلام بأن يسلم ثم يأتي بها بناء على أن الكافر مخاطب بالفروع وهو الأصح ولقوله وعن محيض ونفاس سلما الحائض والنفساء فلا تجب عليهما ولو في زمن الردة والسكر لعدم صحتهما منهما وإسقاطها عنهما عزيمة وشمل قوله قد أسلما المرتد فتجب عليه لأنه التزمها بالإسلام فلا تسقط عنه بالردة كحق الآدمي فيلزمه قضاؤها بعد إسلامه تغليظا عليه فتعبيره به أحسن من تعبير غيره بمسلم وقوله فرض خبر مبتدأ محذوف عائد على الصلاة وألف أسلما وسلما للإطلاق وواجب على الولي الشرعي أبا كان أو جدا أو وصيا أو قيما قال في المهمات وفي معناه الملتقط ومالك الرقيق وكذا المودع والمستعير ونحوهما فيما يظهر أن يأمر الطفل ذكرا كان أو أنثى بها أي الصلاة لسبع سنين أي لتمامها بشرط تمييزه بأن يصير بحيث يأكل وحده ويشرب وحده ويستنجي وحده قال الطبري ولا يقتصر في الأمر على مجرد صيغة بل لا بد معه من التهديد ه والضرب في العشر من السنين ولو عقب استكمال التسع لخبر أبي داود بإسناد حسن مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع رواه الحاكم وصححه وكذا الترمذي بدون وفرقوا بينهم في المضاجع وحكمة اختصاص الضرب بالعشر أنه مظنة احتمال البلوغ بالاحتلام وأنه حينئذ يحتمل الضرب وعدل الناظم عن تعبير غيره لعشر(1/141)
لئلا يتوهم استكمالها ويجب على الولي أيضا نهيه عن المحرمات وتعليمه الواجبات كالطهارة وأجره تعليم الفرائض من ماله ثم على الأب ثم على الأم والأصح أن للولي أن يصرف من مال الطفل أجرة ما سوى الفرض كالقرآن والحديث والأدب لأنه يستمر معه وينتفع به وفيها إن بلغ بالسن أجزت ولو عن الجمعة وإن أمكنه إدراكها لأنه صلاها بشرائطها فلزمه إتمامها وأجزأته وقد يجب إتمام العبادة وإن كان أولها تطوعا كحج تطوعا وصوم مريض في رمضان وشفى في أثناءه وحذف المصنف همزة أجزأت تخفيفا ولم تعد إذا منها فرغ أي لو بلغ بعد فراغه من الصلاة بالسن أو الاحتلام أو الحيض أجزأته ولو عن الجمعة ولا تجب إعادتها لأنه أداها صحيحة مع مراعاة معتبراتها كأمة صلت مكشوفة الرأس ثم عتقت في الوقت بخلاف نظيره من الحج لأنه لا يتكرر فاعتبر وقوعه حال الكمال وتستحب له الإعادة في الصورتين ليؤديها حال الكمال لا عذر في تأخيرها أي الصلاة لأحد من أهل فرضها عن وقتها لئلا تفوت فائدة التأقيت إلا لساه أي ناس لخبر ابن حبان والحاكم في صحيحيهما عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين أو نوم استغرق الوقت به أو عليه أو ظن تيقظه قبل خروج وقتها بزمن يسعها لخبر مسلم عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى أما نومه بعد دخول وقتها وقد ظن عدم تيقظه فيه(1/142)
أو قبل خروجه بزمن لا يسعها أوشك فيه فحرام أو للجمع بالسفر بأن أخر الظهر بنية جمعها مع العصر أو المغرب بنية جمعها مع العشاء لما سيأتي في بابه وأما تأخيرها للجمع بالمطر أو بالنسك فحرام على الأصح أو للإكراه على تأخيرها للخبر المار واستشكل تصويره إذ من أكره على ترك الأفعال الظاهرة يمكنه إجراؤها على قلبه وحمله في المجموع على الإكراه على التلبس بما ينافي الصلاة ويفسدها وحمله بعضهم على الإكراه على أن يأتي بها على غير الوجه المجزىء من الطهارة ونحوها وقد يمنع المحدث عن الوضوء والتيمم وقال التاج السبكي المكره قد يدهش حتى بالإيماء بالطرف ويكون مؤخرا معذورا كالمكره على الطلاق ولا تلزمه التورية إذا اندهش قطعا وكذا إن لم يندهش على الأصح وأما قولهم لا يترك الصلاة ما دام عقله ثابتا فإن الدهشة مانعة من ثبوت عقله في تلك الحالة ويعذر في تأخيرها عن وقتها أيضا للجهل بوجوبها عليه من غير تفريط في التعلم كمن أسلم في دار الحرب وتعذرت هجرته أو نشأ منفردا ببادية ونحوها ولخوف فوات الوقوف بعرفة على الأصح بل يجب عليه وللاشتغال بإنقاذ غريق ودفع صائل عن نفس أو مال أو بالصلاة على ميت خيف انفجاره كما أفتى به القاضي صدر الدين موهوب الجزري وقول الناظم أو للجمع بدرج الهمزة للوزن ثم شرع في بيان أوقات الصلاة لأنها تجب بدخولها وتفوت بخروجها فقال ووقت ظهر وبدأ بها لأنها أول صلاة ظهرت وتأسيا بإمامة جبريل الآتية من زوالها أي الشمس وأعاد الضمير إليها وإن لم يتقدم لها ذكر للعلم بها كما في قوله تعالى حتى توارت بالحجاب إلى أن زاد عن مثل أي زاد ظل الشيء عن ظله حالة الاستواء مثله لشيء ظللا وهو جرى على الغالب من وجود ظل عند الاستواء وظللا أي صار ذا ظل عند الاستواء فاعتبر ذلك بقامتك أو شاخص تقيمه في أرض مستوية من عصى أو نحوها قال العلماء رضي الله تعالى عنهم وقامة الإنسان ستة أقدام ونصف بقدمه والأصل فيها قوله تعالى فسبحان(1/143)
الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون قال ابن عباس أراد بحين تمسون صلاة المغرب والعشاء وبحين تصبحون صلاة الصبح وبعشيا صلاة العصر وبحين تظهرون صلاة الظهر وخبر أمنى جبريل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكان الفيء قدر الشراك والعصر حين صار ظل الشيء مثله والمغرب حين أفطر الصائم أي دخل وقت إفطاره والعشاء حين غاب الشفق والفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله أي الشيء مثله والعصر حين كان ظله مثليه والمغرب حين أفطر الصائم والعشاء إلى ثلث الليل والفجر فأسفر وقال هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت ما بين هذين الوقتين رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم وغيره وقوله صلى الله عيه وسلم صل بي الظهر حين كان ظل كل شيء مثله أي فرغ منها حينئذ كما شرع في العصر في اليوم الأول حينئذ قاله الشافعي نافيا به اشتراكهما في وقت واحد ويدل له خبر مسلم وقت الظهر إذا زالت الشمس ما لم تحضر العصر والزوال ميل الشمس عن وسط السماء المسمى بلوغها إليه بحالة الاستواء إلى جهة المغرب لا في الواقع بل في الظاهر لأن التكليف إنما يتعلق به وذلك بزيادة ظل الشيء عن ظله حالة الاستواء أو حدوثه إن لم يبق عنده ظل كما في بعض البلاد التي على خط الإستواء وقد يتصور في غيرها كمكة وذلك في ستة وعشرين يوما قبل انتهاء طول النهار ومثلها بعده أو في يوم واحد وهو أطول أيام السنة نقلهما في المجموع و بالثاني جزم في الروضة كأصلها واليوم الذي ينتهي فيه الطول هو سابع عشر حزيران والألف في ظللا للإطلاق ثم به أي بمصير ظل الشيء مثله بعد ظل الاستواء إن كان يدخل غاية البيان(1/144)
وقت العصر وهي الوسطى واختير مثلى ظل ذلك القدر أي ووقت اختيارها إلى مصير ظل الشيء مثليه بعد ظل الاستواء جاز إلى غروبها أن تفعلا أي يبقى وقت جوازها إلى غروب جميع الشمس لخبر جبريل مع خبر الصحيحين من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر وخبر ابن أبي شيبة وقت العصر ما لم تغرب الشمس وإسناده في مسلم وخبر مسلم ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى ظاهره يقتضى امتداد وقت كل صلاة إلى دخول وقت الأخرى من الخمس أي في غير وقت صلاة الصبح لما سيأتي في وقتها وقوله في خبر جبريل بالنسبة إليها وإلى العشاء والصبح والوقت ما بين هذين محمول على وقت الاختيار جمعا بين الأدلة قال في المجموع وللعصر خمسة أوقات وقت فضيلة من أول الوقت إلى أن يصير ظل الشيء مثله ونصف مثله ووقت اختيار إلى أن يصير مثليه ووقت جواز بلا كراهة إلى اصفرار الشمس ووقت جواز بكراهة إلى الغروب ووقت عذر وقت الظهر لمن يجمع ووقت مغرب بهذا أي بغروب الشمس أي بتكامله دخلا وإن بقى الشعاع ويعرف في العمران بزوال الشعاع وإقبال الظلام من المشرق والألف في تفعلا ودخلا للإطلاق والوقت أي وقت المغرب يبقى في القول القديم الأظهر إلى دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر قال في المجموع بل هو الجديد أيضا لأن الشافعي رضي الله عنه علق القول به في الإملاء وهو من الكتب الجديدة على ثبوت الحديث فيه وقد ثبت فيه أحاديث في مسلم منها حديث وقت المغرب ما لم يغب الشفق ومنها حديث ليس في النوم تفريط وأما حديث صلاة جبريل إنه صلاها في اليومين في وقت واحد فمحمول على وقت الاختيار وأيضا أحاديث مسلم مقدمة عليه لأنها متأخرة بالمدينة وهو متقدم بمكة ولأنها أكثر رواة وأصح إسنادا ولهذا أخرجها مسلم في صحيحه دونه وقال وعلى هذا للمغرب ثلاثة أوقات وقت فضيلة واختيار أول الوقت ووقت(1/145)
جواز ما لم يغب الشفق ووقت عذر ووقت العشاء لمن يجمع ومقابل الأظهر أن وقتها يمتد بقدر تطهر وستر وسد جوع وخمس ركعات وأذان وإقامة والاعتبار فيها بالوسط المعتدل وغاية العشاء فجر يصدق معترض يضيء منه الأفق أي يدخل وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر وغايته الفجر الصادق والاختيار إلى ثلث الليل والجواز إلى الفجر الصادق وهو معترض أي منتشر يضيء منه الأفق أي نواحي السماء لخبر جبريل مع خبر ليس في النوم تفريط وخرج بالأحمر ما بعده من الأصفر والأبيض وبالصادق الكاذب وهو ما يطلع مستطيلا يعلوه ضوء كذنب السرحان وهو الذئب ثم يذهب ويعقبه ظلمة ثم يطلع الفجر الصادق وفي بلاد المشرق نواح تقصر لياليهم فلا يغيب الشفق عندهم فأول وقت العشاء في حقهم أن يمضى بعد غروب الشمس قدر ما يغيب الشفق في مثله في أقرب البلاد إليهم واختير للثلث وجوزه إلى صادق فجر قال في المجموع وللعشاء أربعة أوقات وقت فضيلة أول الوقت ووقت اختيار إلى ثلث الليل على الأصح ووقت جواز إلى طلوع الفجر الصادق ووقت عذر وقت المغرب لمن يجمع وبه أي بالفجر الصادق قد دخلا الصبح واختير إلى الإسفار بكسر الهمزة أي الإضاءة جوازه يبقى إلى الإدبار بأول طلوع الشمس لما مر مع خبر مسلم وقت صلاة الصبح(1/146)
من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس وله أربعة أوقات وقت فضيلة أول الوقت ووقت اختيار إلى الإسفار ووقت جواز بلا كراهة إلى الحمرة التى قبل طلوع الشمس ووقت جواز بكراهة إلى الطلوع وهى نهارية يندب تعجيل الصلاة ولو عشاء في الأول بضم الهمزة وفتح الواو جمع أول باعتبار الأوقات الخمسة أى أول وقتها إذ أول الوقت بالأسباب اشتغل وأول منصوب باشتغل وبالأسباب بنقل حركه همزتها إلى الساكن قبلها متعلق به أيضا وإذ في كلامه ظرفية أو تعليلية أي اشتغل بأسبابها أول وقتها كالطهارة والستر والأذان لقوله تعالى حافظوا على الصلوات ومن المحافظة عليها تعجيلها وقوله تعالى فاستبقوا الخيرات ولخبر ابن مسعود سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فقال الصلاة لأول وقتها رواه الدارقطني وغيره وصححوه ولخبر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء لسقوط القمر لثالثة رواه أبو داود بإسناد صحيح ولو لم يحتج إلى أسبابها وأخر بقدرها حصلت الفضيلة ولا يكلف عجلة زائدة على العادة ولا يضر التأخير لأكل لقم وكلام قصير وتحقيق الوقت وتحصيل الماء وإخراج خبث يدافعه ونحو ذلك لأنه حينئذ لا يعد متوانيا ولا مقصرا وقد علم أن الصلاة تجب بأول وقتها وجوبا موسعا فلا يأثم بتأخيرها إن عزم على فعلها فيه ولو مات قبل فواتها حيث بقى من وقتها ما يسع جميعها وما تقرر من سن تعجيلها أول وقتها محله ما لم يعارضه ما هو أرجح منه فإن عارضه سن تأخيرها وذلك في مسائل كثيرة ذكر الناظم منها هنا مسئلة الإبراد بالظهر فقال وسن الإبراد بنقل حركته للساكن قبلها بفعل الظهر أي وسن لمريد الصلاة الإبراد بفعل الظهر أي تأخيره لشدة الحر إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه قاصد الجماعة ولا يجاوز به نصف الوقت واللام في لشدة الحر تعليلية أو بمعنى في أو عند بقطر الحر فلا يسن في غير شدة الحر ولو بقطر حار ولا في قطر بارد أو معتدل وإن اتفق فيه شدة الحر لطالب الجمع أي الجماعة إما(1/147)
ما كان أو مأموما خرج به من يصلي منفردا وجماعة ببيت بمسجد أو نحوه من أمكنة الجماعة أتى إليه من بعد لكثرة الناس فيه أو فقه إمامه أو نحوه ولا يجد كنا يمشي فيه وخرج به ما لو كان بمسجد حضره جماعة لا يأتيهم غيرهم أو يأتيهم غيرهم من قرب أو من بعد لكن يجد كنا يمشي فيه إذ ليس في ذلك كثير مشقة والأصل فيه خبر الصحيحين إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة وفي رواية للبخاري بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم أي هيجانها ولأن في التعجيل في شدة الحر مشقة تسلب الخشوع أو كماله وما ورد مما يخالف ذلك فمنسوخ ويسن الإبراد أيضا لمنفرد يريد فعل الظهر في المسجد كما أشعر به كلام الرافعي ونبه عليه الأسنوي ويؤخذ مما تقرر أن المراد بالبعد ما يذهب معه الخشوع أو كماله خلاف الجمعة بإسكان الميم فلا يسن الإبراد بها لخبر الصحيحين عن سلمة كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ولشدة الخطر في فواتها المؤدى إليه تأخيرها بالتكاسل لكون الجماعة شرطا في صحتها وقد لا يدركها بعضهم ولأن الناس مأمورون بالتبكير إليها فلا يتأذون بالحر وما في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم كان يبرد بها بيان للجواز فيها جمعا بين الأخبار وخرج بقوله بفعل الظهر أذانها فلا يسن الإبراد به صلاة ما لا سبب متقدم ولا مقارن لها امنعا أي يحرم ولا تنعقد بعد فعلين وفي ثلاثة أوقات وصلاة ما لا سبب لها مفعول مقدم لا منعا وألفه بدل من نون التوكيد بعد فعل صلاة الصبح أداء حتى تطلعا أي الشمس وألف تطلعا للإطلاق وأعاد الضمائر فيها وغربت وتطلعا(1/148)
وارتفعت على الشمس وإن لم يتقدم لها ذكر للعلم بها وبعد فعل العصر أداء ولو في وقت الظهر لجمع التقديم حتى غربت الشمس للنهي عن الصلاة فيهما في خبر الصحيحين وخرج بفرض الصبح والعصر سنتهما فلا تحرم الصلاة بعد فعلها وعند ما تطلع الشمس حتى ارتفعت قدر رمح تقريبا في رأى العين وإلا فالمسافة طويلة جدا و عند الاستوا ء وقصره للوزن بأن تصير في وسط السماء إلى الزوال للنهي عنه وهو وقت لطيف جدا لا يسع الصلاة إلى أن التحرم بها قد يقع فيه فلا تنعقد لا جمعة إلى الزوال و عند الاصفرار لغروب الشمس بغروب ذي كمال أي لكمال غروبها للنهي عنها في خبر مسلم وليس فيه ذكر الرمح ويستثنى من تحريم الصلاة عند الاستواء يوم الجمعة فلا تحرم الصلاة فيه على أحد وإن لم يحضر الجمعة لاستثنائه في خبر أبي داود وغيره وفيه إن جهنم لا تسجر يوم الجمعة أي لا توقد ولا يضر كونه مرسلا لاعتضاده بأنه صلى الله عليه وسلم استحب التبكير إليها ثم رغب في الصلاة إلى خروج الإمام من غير استثناء أما الصلاة التي لسبب مقدم أي أو مقارن كالنذر والفائت ولو نفلا اتخذه وردا لم تحرم أي لا تحرم وركعتا طواف والوضوء والتحية أي بأن دخل المسجد بنية غيرها كاعتكاف أو بنيتهما أو بلا نية شيء أما الداخل بنيتهما فقط فتحرم منه كما لو أخر الفائتة ليقضيها في تلك الأوقات وسجدة التلاوة والشكر و صلاة الكسوف للشمس أو للقمر و صلاة الجنازة أما التحية فلخبر الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وأما الفائتة فلخبر فليصلها إذا ذكرها وخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم صلى بعد صلاة العصر ركعتين وقال هما اللتان بعد الظهر وأما الجنازة فقد نقل ابن المنذر الإجماع على أنها تفعل بعد الصبح والعصر وأما غير الفائتة فقياسا عليها ولأن الأدلة الطالبة لهذه الصلوات عامة في الأوقات خاصة بتلك الصلوات وأحاديث النهي بالعكس ورجحت الأولى بأنها لم يدخلها تخصيص وأحاديث النهى(1/149)
دخلها التخصيص بالفائتة للحديث وبصلاة الجنازة للإجماع أيضا كما مر وحرم الكعبة أي الحرم المكي لا تحرم الصلاة فيه بحال لخبر يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار رواه الترمذي وقال حسن صحيح ولما فيه من زيادة فضل الصلاة نعم هي خلاف الأولى كما في مقنع المحاملي خروجا من خلاف مالك وأبي حنيفة وخرج بحرم مكة حرم المدينة فهو كغيره في ذلك لا الإحرام أي الصلاة التي سببها متأخر كركعتي الإحرام أو الاستخارة فتحرم فيها والمراد بالمتقدم قسيميه بالنسبة إلى الصلاة كما في المجموع وإلى الأوقات المكروهة كما في الروضة وأصلها والأول منهما أظهر كما قاله الأسنوي وغيره وعليه جرى ابن الرفعة فعليه صلاة الجنازة سببها متقدم وعلى الثاني قد يكون متقدما وقد يكون مقارنا بحسب وقوعه في الوقت أو قبله وتكره الصلاة تنزيها في الحمام مع مسلخ له وعطن للإبل أي الموضع الذي تنحى إليه الإبل الشاربة ليشرب غيرها كما قاله الشافعي وغيره أو لتشرب هي عللا بعد نهل كما قاله الجوهري وغيره ومقبرة بتثليث حركة الباء ما نبشت وطرق أي في البنيان دون البرية مجزره بفتح الزاي أي موضع جزر الحيوان أي ذبحه للنهي عن الصلاة في المذكورات رواه الترمذي وألحق بالحمام(1/150)
مواضع المكس والخمر والحانة والكنائس والبيع والحشوش ونحوها والمعنى في الكراهة فيها أنها مأوى الشياطين وفي عطن الإبل نفارها السالب للخشوع والحق به مأواها ليلا للمعنى المذكور فيه بخلاف عطن الغنم ومراحها أي مأواها ليلا والبقر كالغنم كما قاله ابن المنذر وغيره وفي المقبرة والمجزرة ونحوهما كالمزبلة نجاستها فيما يحاذى المصلى ومن هنا يعلم أنها لا تكره في مقابر الأنبياء صلى الله عليهم وسلم وفي الطرق اشتغال القلب بمرور الناس فيها وقطع الخشوع ومحل كراهة الصلاة فيما مر إذا اتسع وقت الصلاة وإلا فلا تكرم وخرج بما ذكر الصلاة على سطح الحمام والحش ونحوهما فلا تكره وبقوله ما نبشت المنبوشة فلا تصح الصلاة فيها ما لم يحل طاهر والمشكوك في نبشها كالتي ما نبشت مع صحة أي وتصح الصلاة في الأمكنة المكروهة لخبر الصحيحين وجعل لي الأرض مسجدا بخلافها في الأوقات المكروهة والفرق أن تعلقها بالوقت أشد من تعلقها بالمكان لتوقفها على أوقات مخصوصة دون أمكنة مخصوصة فكان الحال في الوقت أعظم ولهذا صحت في المكان المغصوب كحاقن بالنون أي مدافع للبول فإن صلاته تكره كراهة تنزيه مع صحتها وحازق بالزاي وهو المدافع للريح وقيل هو الحازق خفه على رجليه لضيقه وفي معناه الحاقب بالموحدة وهو المدافع للغائط وكراهة الصلاة مع ما ذكر لإذهاب الخشوع فيندب أن يفرغ نفسه من هذه الأشياء ثم يصلي وإن فاتته الجماعة وأما تحريم هذه الأشياء عند غلبة الظن بحصول الضرر بها فلأمر خارج عن الصلاة وعند مأكول صلاة التائق بالمثناة أي المشتاق إلى المأكول أو المشروب وقد حضره أو قرب حضوره لخبر مسلم لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ولخبر الصحيحين إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه ومحل الكراهة عند اتساع الوقت فإن ضاق الوقت وجب عليه أن يصلي مدافعا وجائعا وعطشانا لحرمة الوقت ولا كراهة ثم شرع في بيان الصلاة المسنونة(1/151)
فقال مسنونها المسنون والنفل والتطوع والمندوب والمستحب والمرغب فيه ما عدا الفرض وأفضل عبادات البدن بعد الإسلام الصلاة ونفلها أفضل النوافل وهو قسمان قسم تسن الجماعة فيه وهو أفضل من القسم الآخر لأن مشروعية الجماعة فيه تدل على تأكد أمره ومشابهته للفرائض لكن الأصح تفضيل الراتبة على التراويح وأفضل القسم الأول العيدان أي صلاة عيد الفطر وصلاة عيد الأضحى لشبههما بالفرض في الجماعة وتعيين الوقت وللخلاف في أنهما فرض كفاية وأما خبر مسلم أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل فمحمول على النفل المطلق وجرى ابن المقرى في شرح إرشاده على تساوي العيدين في الفضيلة وعن ابن عبد السلام أن عيد الفطر أفضل وكأنه أخذه من تفضيلهم تكبيره على تكبير الأضحى لأنه منصوص عليه ولكن الأرجح في النظر كما قاله الزركشي ترجيح عيد الأضحى لأنه في شهر حرام وفيه نسكان الحج والأضحية وقيل إن عشره أفضل من العشر الأخير من رمضان انتهى وبه جزم ابن رجب الحنبلي يدل له خبر أبي داود عن عبد الله بن قرط أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر لكن أفتى الوالد رحمه الله تعالى بأن عشر رمضان أفضل من عشر ذي الحجة لأنه سيد الشهور والكسوف أي ثم صلاة كسوف الشمس كذاك الاستسقاء والخسوف أي ثم صلاة خسوف القمر لخوف فوتهما بالانجلاء كالمؤقت بالزمان لدلالة القرآن عليهما قال الله تعالى لا تسجدوا للشمس ولا للقمر الآية ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يترك الصلاة لهما بخلاف الاستسقاء فأنه تركه أحيانا وأما تقديم الكسوف على الخسوف فلتقديم الشمس على القمر في القرآن والأخبار ولأن الانتفاع بها أكثر من الانتفاع به وقد قيل إن نوره مستمد من نورها وقد اشتهر اختصاص الكسوف بالشمس والخسوف بالقمر فأطلقهما المصنف بناء على ما اشتهر من الاختصاص وعلى قول الجوهري إنه الأجود وإن كان(1/152)
الأصح عند الجمهور انهما بمعنى واحد ثم صلاة الاستسقاء لطلب الجماعة فيها كالفريضة ثم شرع في بيان القسم الذي لا تسن الجماعة فيه فقال والوتر ركعة هو بدل من الوتر أو خبر مبتدأ محذوف وهو بكسر الواو وفتحها أي هو ركعة لإحدى عشر أي ثم الأفضل بعدما مر صلاة الوتر لخبر أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر رواه أبو داود وصححه الترمذي ولخبر الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل أو بثلاث فليفعل أو بواحدة فليفعل رواه أبو داود بإسناد صحيح وصححه الحاكم على شرط الشيخين والصارف له عن الوجوب قوله تعالى والصلاة الوسطى إذ لو وجب لم يكن للصلوات وسطى وخبر إن الله افترض عليكم خمس صلوات في اليوم والليلة وخبر هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع فإن شاء أوتر بواحدة والاقتصار عليها خلاف الأولى أو بثلاث وهي أدنى الكمال أو بخمس أو بسبع أو بتسع أو بإحدى عشرة وهي الأكثر للأخبار الصحيحة كخبر الصحيحين عن عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ووقته بين فعل صلاة للعشا بالقصر للوزن وإن جمعها تقديما أو لم يصل بعدها نافلة و طلوع الفجر للإجماع ولخبر إن الله قد أمدكم بصلاة هي خيرا لكم من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم من العشاء إلى طلوع الفجر رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم وابن السكن ولمن صلى الوتر أكثر من ركعة الفصل بأن يسلم من كل ركعتين وهو الأفضل لأنه أكثر أخبارا وعملا وظاهر أن العدد الكثير الموصول أفضل من العدد القليل المفصول لزيادة العبادة والوصل بتشهد أو بتشهدين في الأخيرتين للإتباع رواه مسلم فيمتنع تشهده في غير الأخيرتين وزيادته على تشهدين لأنه خلاف المنقول وأصح الأوجه أن التشهد أفضل من التشهدين وتأخير الوتر أفضل لمن كان له تهجد ووثق بيقظته لخبر الصحيحين اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا ولخبر مسلم بادروا الصبح بالوتر ومن خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر(1/153)
أوله ومن طمع أن يقوم آخره ليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل فإن لم يكن له تهجد ولم يثق بيقظنه فتقديم الوتر أفضل مر وإما خبر أبي هريرة أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وإن أوتر قبل أن أنام فإنه محمول على من لم يثق بالقيام آخر الليل جمعا بين الأخبار ولو أوتر ثم تهجد لم يعده لخبر لا وتران في ليلة رواه أبو داود والترمذي وحسنه ثنتان قبل الصبح أي رواتب الفرائض المؤكدة عشر ركعات ركعتان قبل فرض الصبح وهما أفضلها لخبر الصحيحين عن عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر وخبر مسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها والظهر كذا وبعده أي ركعتان قبل فرض الظهر وركعتان بعده و ركعتان بعد فرض مغرب ثم ركعتان بعد فرض العشاء للإتباع رواه الشيخان وثم في كلامه للترتيب الذكرى لا المعنوي إذ الثمان ركعات في مرتبة واحدة وسن ركعتان قبل الظهر تزاد أي وركعتان بعده لخبر من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار رواه الترمذي وغيره وصححوه والجمعة كالظهر كالأربع قبل العصر أي وأربع قبل العصر لخبر رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا رواه الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه ويسن أيضا ركعتان خفيفتان قبل المغرب كما سيأتي في كلامه وركعتان قبل العشاء ثم التراويح أي ثم الأفضل بعد الرواتب التراويح لسنة الجماعة فيها فندبا تفعل تأكدا وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات وذلك خمس ترويحات كل ترويحة أربع ركعات بتسليمتين والأصل فيها خبر الصحيحين عن(1/154)
عائشة أنه صلى الله عليه وسلم صلاها ليالي فصلوها معه ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر وقال خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ولأن عمر جمع الناس على قيام شهر رمضان الرجال على أبي بن كعب والنساء على سلمان بن أبي خيثمة رواه البيهقي وأما خبر ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على أحدى عشرة ركعة فمحمول على الوتر قال الحليمى والسر في كونها عشرين أن الرواتب المؤكدة في غير رمضان عشر ركعات فضوعفت فيه بأن وقت جد وتشمير ولو صلاها أربعا أربعا بتسليمة لم تصح لشبهها بالفرائض في طلب الجماعة فلا تغير عما ورد بخلاف الرواتب والضحى ولأهل المدينة فعلها ستا وثلاثين ركعة لأن العشرين خمس ترويحات وكان أهل مكة يطوفون بين كل ترويحتين سبعة أشواط فجعل لأهل المدينة بدل كل أسبوع ترويحة ولا يجوز ذلك لغيرهم لأن لأهل المدينة شرفا بهجرته صلى الله عليه وسلم ومدفنه ووقتها بين فعل فرض العشاء وطلوع الفجر ثم الأفضل بعد التراويح الضحى لأنها مؤقتة بزمان وهي ثمان افضل أي وأكثرها ثنتا عشرة ركعة على ما في الروضة كأصلها والأكثرون كما في المجموع وصححه في التحقيق أن أكثرها ثمان وهو المعتمد لخبر الصحيحين عن أم هاني ء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ثمان ركعات وعنها أيضا أنه صلى الله عليه وسلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثمان ركعات سلم من كل ركعتين رواه أبو داود بإسناد صحيح وما قيل من أن هذا لا يدل على أن أكثرها ثمان رد بإن الأصل في العبادات التوقيف ولم تصح الزيادة عن ذلك تنتان أدناها أي أقلها لخبر أبي هريرة السابق ولخبر مسلم يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة ويجزىء من ذلك ركعتان يصليهما من الضحى وأدنى الكمال أربع وأكمل منه ست ويسن أن يسلم من كل ركعتين و وقتها المختار هوا من ارتفاع الشمس حتى الاستوا أى إلى استوائها كما جزم به الرافعي وفي المجموع والتحقيق إلى الزوال ووقتها المختار ربع النهار وألف هوا للإطلاق والنفل في الليل من المؤكد(1/155)
أي النفل المطلق وهو غير المؤقت وذي السبب في الليل من المسنون المؤكد فهو أفضل من النفل المطلق في النهار لخبر مسلم أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ولقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الصلاة خير موضوع استكثر منها أوأقل رواه ابن حبان والحاكم في صحيحيهما والأفضل أن يسلم من كل ركعتين لخبر صلاة الليل والنهار مثنى مثنى صححه البخاري والخطابي والبيهقي وغيرهم وإذا زاد على ركعة فله أن يتشهد في كل ركعتين أو ثلاث أو أكثر لأن ذلك معهود في الفرائض في الجملة وليس له أن يتشهد في كل ركعة وإن جاز له أن يتنفل بركعة مفردة لأنه اختراع صورة في الصلاة لم تعهد وندبوا تحية المسجد أي غير المسجد حرام أي لداخله وإن لم يرد الجلوس ومن ذكره جرى على الغالب لأن الأمر بذلك معلق على مطلق الدخول تعظيما للبقعة وإقامة للشعار كما يسن لداخل مكة الإحرام وإن لم يرد الإقامة بها لخبر الصحيحين إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فيكره له أن يجلس من غير تحية بلا عذر ثنتان في تسليمة أي هي ثنتان فهو خبر مبتدأ محذوف لا أكثرا أي لا يزيد على تسليمة واحدة فله أن يصليها مائة ركعة فأكثر بتسليمة وتكون كلها تحية لاشتمالها على الركعتين فإن سلم من ركعتين وزاد عليهما بنيتهما في وقت الكراهة لم تصح أو سلم في غير ذلك فكذلك إن علم امتناعه وإلا انعقدت نافلة مطلقة مطلقة تحصل بالفرض ولو قضاء أو نذرا ونفل آخرا سواء نواها مع ذلك أم أطلق لأن القصد بها أن لا تنتهك حرمة المسجد بلا صلاة وكلامهم كالصريح أو صريح في حصول فضلها وإن لم تنو(1/156)
لما مر وان بحث بعض المتأخرين كالأذرعى عدم حصوله حينئذ وألف أكثرا وآخرا للإطلاق لا فرد ركعة ولا صلاة جنازة وسجدة للشكر أو تلاوة للخبر المار وتحصل بركعتين ولو من جلوس فيهما كرر بتكرير دخول يقرب أي ويكرر التحية بتكرر الدخول وأن قرب كما تكرر عند بعده لتجدد السبب كتكرر سجدة التلاوة بتكرر آيتها ولو قربت وتفوت بجلوسه قبل فعلها وإن قصر الفصل إلا بجلوس قصير سهوا أو جهلا وتكره تحية المسجد في صور كأن دخل والإمام في مكتوبة أو في إقامة أو و قد قربت بحيث تفوته تكبيرة الإحرام لو اشتغل بها او دخل المسجد الحرام بل يطوف والأصح عدم ندبها للخطيب عند صعوده المنبر وركعتان إثر شمس تغرب أي تسن ركعتان قبل المغرب لخبر الصحيحين بين كل أذانين صلاة والمراد الأذان والإقامة ولخبر البخاري صلوا قبل صلاة المغرب أي ركعتين كما رواه أبو داود ويسن تخفيفهما في المنهاج قال في المجموع واستحبابهما قبل شروع المؤذن في الإقامة فإن شرع فيها كره الشروع في غير المكتوبة وفائت النفل المؤقت اندب أنت قضاءه مطلقا من غير تقييد بوقت كقضاء الفرائض جامع التأقيت وإن لم تشرع له جماعة كنفل أتحذه وردا لخبر الصحيحين من نام عن صلاة أونسيها فليصلها إذا ذكرها ولأنه صلى الله عليه وسلم قضى بعد الشمس ركعتى الفجر وبعد العصر الركعتين اللتين بعد الظهر ولخبر أبي داود بإسناد حسن من نام عن وتره أونسيه فليصله إذا دكره لا فائتا ذا سبب ككسوف واستسقاء واستخارة وتحية فلا تقضى إذ فعله لعارض وقد زال وكذلك النفل المطلق لا يقضى كما اقتضاه كلامه نعم إن شرع فيه ثم أفسده قضاه كما ذكره الرافعي في صوم التطوع والقضاء فيه بمعناه اللغوي والفور أولى في قضاء ما فاته من الصلوات بعذر كنوم ونسيان تعجيلا لبراءة ذمته وتداركا لما فاته من الخلل فإن أخره جاز لأنه صلى الله عليه وسلم فاتته صلاة الصبح في الوادي فلم يقضها حتى خرج منه أما ما فاته بغير عذر فالفور في قضائه واجب(1/157)
لأن توسعة الوقت في القضاء رخصة والرخص لا تناط بالمعاصي ولأنه مفرط في تأخيره بغير عذر والترتيب فيما فاتا أي فاته من الصلوات أولى لترتيبه صلى الله عليه وسلم فوائت الخندق حين أخر الظهر والعصر والمغرب والعشاء إلى هوى الليل وللخروج من خلاف من أوجبه وإنما لم يجب ترتيبها لأنها عبادات مستقلة وترتيبها من توابع الوقت وضروراته فلا يعتبر في القضاء كصيام أيام رمضان ولأنها ديون عليه فلا يجب ترتيبها إلا بدليل وفعله صلى الله عليه وسلم المجرد إنما يدل على الاستحباب لمن لم يختش الفواتا أي أن أولوية فورية قضاء ما فاته وأولوية ترتيبه كلاهما لمن لم يخف فوات الصلاة الحاضرة بأن اتسع وقتها فإن خاف فوتها قدمها على الفائتة وجوبا لئلا تصير فائتة فإن الشرع في الفائتة ثم بان ضيق وقت الحاضرة وجب عليه قطعها ولو تذكر الفائتة في أثناء الحاضرة لم يقطعها ضاق وقتها أم اتسع وشمل تعبيره بالفوات كالرافعي في كتبه والنووي في منهاجه ما لو كان قدم الفائتة أدرك ركعة من الحاضرة في وقتها وهو كذلك بناء على أنها كلها أداء وإن اقتضى تعبير الروضة بالضيق خلافه ولو خاف فوات جماعة الحاضرة مع اتساع وقتها فالأفضل عند النووي تقديم الفائتة منفردا ثم إن ادرك مع الجماعة شيئا من الحاضرة فعله والإ صلاها منفردا لأن الترتيب مختلف في وجوبه والقضاء خلف الأداء مختلف في جوازه ورد الأسنوي لذلك مردود بأن النووي لم ينفرد به بل سبقه إليه جماعة وبأن الخلاف في الترتيب خلاف في الصحة فرعايته أولى من الجماعة التي هي من التكميلات وشمل إطلاقهم أولوية ترتيب الفوائت ما زاد(1/158)
على صلوات يوم وليلة خروجا من خلاف أحمد وإن قال مالك وأبو حنيفة لا يجب الترتيب فيما زاد على صلوات يوم وليلة وما إذا فاتت كلها بعذر أو بغيره أو بعضها بعذر وبعضها بغيره وإن تأخر وهو كذلك وإن استشكل بعض المتأخرين القسم الأخير منها وألف فاتا والفواتا للإطلاق وجاز تأخير مقدم أدا أى جاز تأخير راتب مقدم على الفرض عن فعله حال كونه أداء لامتداد وقته بامتداد وقت فرضه وإن خرج وقته المختار بفعله وقد يؤمر بتأخيره عنه كمن حضر والامام فيه لخبر إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ولم يجز لما يؤخر ابتدا أي لا يجوز الابتداء بالراتب المؤخر عن الفرض قبل فعله لأن وقته إنما يدخل بفعله ويخرج النوعان أي الراتب المقدم والراتب المؤخر جمعا أي جمعيا بانقضاء ما وقت الشرع لما قد فرضا أي بانقضاء وقت الفرض المقدر له شرعا لأنهما تابعان له وألف فرضا للإطلاق ثم القعود جائز في صلاة النفل ولو كانت عيدين أو كسوفين أو استسقاء لغير عذر أي من قادر على القيام فيها من غير مشقة شديدة وهو أي فضل فعله قاعدا نصف الفضل أي نصف فضله قائما كما أن فضل فعله مضطجعا نصف فضله قاعدا لخبر البخاري من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما أي مضطجعا فله نصف أجر القاعد وهو وارد فيمن صلى النفل كذلك مع قدرته على القيام أو القعود وهذا في حقنا أما في حقه صلى الله عليه وسلم فثواب نفله قاعدا مع قدرته على القيام كثوابه قائما وهو من خصائصه وخرج بقوله لغير عذرا ما إذا فعله قاعدا أو مضطجعا لعذر فإنه لا ينقص أجره كالفرض بل أولى ولو صلى مع القدرة عشرة من قيام وعشرين من قعود اتجه تفصيل العشرة لأنها أشق وإن كان ظاهر الحديث التساوي ولا يجوز قعود الصبي القادر في المكتوبة ولا القعود في الفريضة المعادة على الأصح فيهما ولما كانت الصلاة تشتمل على فروض وتسمى أركانا وعلى سنن تنقسم إلى أبعاض وهيئات بدأ بذكر أركانها فقال(1/159)
أركانها ومن المعلوم اشتراط الركن والشرط في أنه لا بد منهما ولكن الفرق بينهما أن الشرط ما اعتبر في الصلاة بحيث يقارن كل معتبر سواه كالطهر والستر واستقبال القبلة فإنهما تعتبر مقارنتها للركوع وغيره والركن ما اعتبر فيها لا بهذا الوجه كالقيام والركوع وغيرهما فأركانها ثلاث عشر كما في المنهاج وأصله بجعل الطمأنينة في محالها الأربعة من الركوع وما بعده كالهيئة التابعة وجعلها في الروضة والتحقيق سبعة عشر بجعل الطمأنينة في محالها الأربعة أركانا ويؤيد الأول كلامهم في التقدم والتأخر بركن أو أكثر وبه يشعر خبر إذا قمت إلى الصلاة والمعنى لا يختلف الأول النية لأنها واجبة في بعض الصلاة وهو أولها فكانت ركنا كالتكبير وقد مر الكلام عليها في المقدمة في الفرض أي أوجب أنت في الفرض ولو كفاية أو نذرا قصد الفعل أي فعل الصلاة لتمتاز عن بقية الأفعال وهي هنا ما عدا النية لأنها لا تنوى فلا يكفي إحضارها في الذهن مع الغفلة عن الفعل لأنه المطلوب والفرضية أي إن كان المصلى بالغا تمييزا لها عن صلاة الصبي أوجب مع التعيين له من كونه ظهرا أو عصرا أو جمعة مثلا فلا تصح الجمعة بنية الظهر كعكسه ولا تكفى نية فرض الوقت لصدقه بالفائدة التي تذكرها وصوب في المجموع عدم وجوب نية الفرضية في صلاة الصبي وصححه في التحقيق إذ كيف ينوي فرض ما لا يقع فرضا وهذا هو الأصح وإن سوى في الروضة وأصلها بين البالغ والصبي أما النفل ذو سبب كالكسوف والاستسقاء(1/160)
والوقت كالعيدين والرواتب فالقصد أي قصد فعله تعيين له وجب ولا تجب نية النفلية لأنها ملازمة للنفل كالوتر وإن زاد على ركعة وفصله فينوى في الركعتين وإن كانتا شفعا الوتر كما ينوى في جميع ركعات التراويح وله أن ينوى فيما سوى الأخيرة منه إذا فصله صلاة الليل او مقدمة الوتر أو سنته وهي أولى وأفاد بقوله كالوتر عدم إضافته للعشاء لأنه سنة مستقلة ويميز عيد الفطر عن الأضحى أو سنة الظهر التي قبلها عن التي بعدها وإن لم يؤخرها ولا يجب التعيين في تحية المسجد وركعتي الوضوء والطواف والإحرام و الاستخارة ونحوها أما مطلق من نفلها وهو ما لا وقت له ولا سبب ففيه تكفي نية لفعلها لأنه أدنى درجات الصلاة فإذا نواها وجب أن يحصل له دون إضافة لذي الجلال فلا تجب لأن العبادة لا تكون إلا له تعالى وعدد الركعات لكن لو عين وأخطأ لم تنعقد لأنه قد نوى غير الواقع ولأن ما يجب التعرض له جملة أو تفصيلا يضر الخطأ فيه واستقبال للقبلة فلا يجب إذ التعرض للشرط غير واجب ولا كونها أداء وقضاء ولو ظن خروج الوقت فصلاها قضاء فبان قضاؤه أو ظن بقاءه فصلاها أداء فبان خروجه أجزأته لأن كلا من الأداء والقضاء يأتي بمعنى الآخر مع كونه معذورا بخلاف المتعمد لتلاعبه ثان من الأركان قيام قادر القيام في الفرض وإن كان معاد أو الفاعل له صبيا لخبر البخاري عن عمران بن حصين قال كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب زاد النسائي فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وخرج بالفرض النفل وقد مر وبالقادر العاجز وسيأتى وشرطه نصب فقار الظهر فلو استند إلى شيء أجزأ ولو تحامل عليه وإن كان بحيث يرفع قدميه أو انحنى قريبا من حد الركوع أو مائلا على أحد جنبيه بحيث لا يسمى قائما لم يصح ولو قدر العاجز عن القيام مستقلا على القيام متكئا على شيء أو قدر على القيام على ركبتيه أو قدر على(1/161)
النهوض بمعين ولو بأجرة مثل وجدها فاضلة عن مؤنته ومؤنة ممون يومه وليلته لزمه ذلك وثالث من الأركان تكبيرة الإحرام في القيام أو بدله لخبر المسيء صلاته إذا قمت إلى صلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها رواه الشيخان وفي رواية للبخاري ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تسوى قائما ثم افعل ذلك في صلاتك كلها وفي صحيح ابن حبان بدل قوله حتى تعتدل قائما حتى تطمئن قائما ولو معرفا عن التنكير أي كيفية التكبير الله أكبر والله أكبر منكرا ومعرفا وأشار بذلك إلى أن الزيادة التي لا تمنع الاسم لا تضر كالله الجليل أكبر والله عز وجل أكبر بخلاف ما إذا طال به الفصل كالله لا إله إلا هو أكبر كما في التحقيق خلافا للماوردي وأولى منه بالبطلان زيادة شيخ الإسلام زكريا الذي بعد الجلالة ولو تخلل غير النعوت كالله ضر يا أكبر مطلقا كما قاله ابن الرفعة وغيره ومثله الله يارحمن أكبر ونحوه فيما يظهر لإيهامه الاعراض عن التكبير إلى الدعاء وعلم أنه لو فات أفعل كالله كبير أو عكس فقال أكبر الله أو الأكبر الله لم تنعقد لأنه لا يسمى تكبيرا بخلاف عليكم السلام وأنه لو طال سكوته بين كلمتي التكبير أو زاد حرفا فيه حتى تغير المعنى كمد همزة الله أو ألفا بعد الباء أو واوا ساكنة او متحركة بينهما لم تنعقد أيضا ويجب أن يكبر قائما حيث يلزمه القيام وأن يسمع نفسه إن كان صحيح السمع لا عارض عنده من لغط أو غيره وأن يكبر بالعربية فإن عجز عنها وهو ناطق ترجم عنها بأي لغة شاء ولا يعدل إلى غيره من الأذكار ووجب التعلم إن قدر(1/162)
عليه ولو بالسفر إلى بلد آخر وبعد التعلم لا يلزمه قضاء ما صلاه بالترجمة قبله إلا إن كان اخره مع التمكن منه فإنه لا بد من صلاته بالترجمة عند ضيق الوقت لحرمته ويجب عليه القضاء لتفريطه بالتأخير ويجب على الأخرس تحريك لسانه وشفتيه ولهاته بالتكبير قدر أمكانه قال في المجموع وهكذا حكم تشهده وسلامه وسائر أذكاره وقارن النية بالتكبير في كله حتما أي وجوبا لأنه أول الأركان بأن يستحضر جميع ما أوحببناه عند أوله ويستمر ذاكرا له إلى آخره بحيث يقارن كل حرف منه كما يجب حضور شهود النكاح إلى الفراغ منه ومختار الإمام أي إمام الحرمين والنووي بسكون الياء إجراء للوصل مجرى الوقف وحجة الإسلام الغزالي الاكتفاء بالمقارنة العرفية عند العوام وهي أنه يكفى بأن يكون قلب الفاعل مستحضر النية للصلاة عرفا غير غافل عنها اقتداء بالأولين في تسامحهم بذلك وقال ابن الرفعة إنه الحق والسبكي إنه الصواب والمعتمد الأول ثم انحنى لعجزه أن ينتصب أي ثم انحنى مصلى الفرض ولو كانحناء الراكع لعجزه عن أن ينتصب قائما لأنه أقرب إلى القيام ويزيد انحناءه لركوعه إن قدر ليتميز الركنان ولو أمكنه القيام والاضطجاع دون القعود أتى به قائما لأنه قعود وزيادة فيومىء بالركوع والسجود قدر امكانه ويتشهد قائما ولا يضطجع من لم يطق القيام في الفرض بان يشق عليه مشقة شديدة كخوف هلاك أو زيادة مرض أو غرق أو دوران رأس في ذلك يقعد كيفما يجب لكن افتراشه أفضل من تربعه وغيره لأنه قعود للعبادة فكان أولى من قعود العادة ولأنه قعود لا يعقبه سلام كالقعود للتشهد الأول وقال الماوردي إن تربع المرأة أفضل لأنه أستر لها لكن قال في المجموع لم أره لغيره وإطلاق الشافعي والأصحاب يخالفه ومن صلى قاعدا انحنى لركوعه بحيث يحادي جبهته ما قدام ركبتيه والأكمل أن تحادى موضع سجوده ولو جلس الغزاة أو رقيبهم في مكمن ولو قاموا لرآهم العدو أو فسد التدبير صلوا قعودا وأعادوا لندرة العذر ولو(1/163)
صلوا قعود لخوف قصد العدو فلا إعادة كما في الروضة قال في زيادتها الذي اختاره الإمام في ضبط العجز أن تلحقه مشقة شديدة تذهب خشوعه وقال في المجموع إنه لا بد من مشقة ظاهرة قال المصنف وقد كنت أخذت بقول الإمام في النظم فقلت ومن خشوعه إذا قام ذهب صلى وجوبا قاعدا كما أحب ثم لما رأيت الجماعة خالفوه عدلت عنه انتهى وعاجز عن القعود في الفرض بما مر في العجز عن القيام صلى لجنبه أي عليه متوجها بمقدمة البدن القبلة لخبر عمران السابق باليمين أي والصلاة على الجنب اليمين أولى لينال فضيلة التيامن بل تكره على اليسار بلا عذر كما في المجموع ثم يصلى الفرض عاجز عن الاضطجاع على قفاه للخبر المار ويجعل رجليه إلى القبلة ويرفع رأسه قليلا وبالركوع والسجود أو ماه بالرأس أي أومأ المضطجع والمستلقي بالركوع والسجود إن عجز عن إتمامهما بأن يقرب جبهته من الأرض ما أمكنه ويكون سجوده أخفض من ركوعه تمييزا بينهما ولو قدر القاعد على أقل ركوع القاعد أو أكمله من غير زيادة أتى بالممكن(1/164)
مرة عن الركوع ومرة عن السجود ولا يضر استواؤهما ولو قدر على زيادة على اكمل الركوع تعينت للسجود ولو عجز أن يسجد إلا بمقدم رأسه أو صدغه وكان بذلك أقرب إلى الأرض وجب إن يعجز بكسر الجيم ويجوز فتحها عن الإيماء بالرأس فبالأجفان يومىء للعجز عن الإيماء بها اجرى القلب وجوبا بالأركان بأن يمثل نفسه قائما ثم راكعا وهكذا لأنه الممكن فإن اعتقل لسانه اجرى القرآن والأذكار على قلبه وأما إجراء سننها على قلبه فسنه ولا يجوز تركها أي الصلاة لمن عقل أي ما دام عقله باقيا كالإيمان وإنما عبر الناظم بأركانها دون أفعالها الشاملة لسننها لأن كلامه فيمايجب على المصلى فعله والباء في بالأركان بمعنى على أو في وهو بمعنى قول غيره أجرى أركانها على قلبه فإن معنى إجراء القلب على أركانها أو فيها استحضارها فلا حاجة إلى ادعاء كونه مقلوبا وبعد عجز إن يطق شيئا فعل أي أن المصلى على هيئة من الهيئات السابقة إذا أطاق شيئا فعله وجوبا وبنى على صلاته ولا يلزمه استئنافها فإذا قدر في أثناء القراءة على القيام أو القعود أتى بالمقدور وكذلك لو عجز عنه وبنى على قراءته ولا تجزىء في نهوضه لقدرته على القراءة فيما هو أعلى منه وتجب في هوى العاجز لأنه أكمل مما بعده وإن قدر بعدها وجب قيامه ليركع ولا تجب الطمأنينة في هذا القيام لأنه غير مقصود لنفسه أو في الركوع قبل الطمأنينة ارتفع لها إلى حد الركوع فإن انتصب بطلت صلاته أو في الاعتدال قبل الطمأنينة قام واطمأن وكذا بعد أن أراد قنوتا وإلا فلا فان قنت قاعدا بطلت صلاته والحمد أي ركنها الرابع الحمد أي قراءة سورة الفاتحة في القيام أو بدله للمنفرد وغيره في السرية والجهرية فرضا كانت أو نفلا حفظا أو تلقينا أو نظرا في مصحف أو نحوه لخبر الصحيحين ولا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وخبرا بنى خزيمة وحبان في صحيحيهما لا تجزىء صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب أي في كل ركعة لما في خبر المسىء صلاته وفي(1/165)
رواية ابن حبان وغيره ثم اقرأ بأم القرآن إلى أن قال ثم أصنع ذلك في كل ركعة وأما قوله تعالى فاقرؤوا ما تيسر منه فوارد في قيام الليل لا في قدر القراءة أو محمول مع خبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن على الفاتحة أو على العاجز عنها جمعا بين الأدلة وهي ركن في كل ركعة كما مر لا في ركعة لمن سبق بها بأن لم يدرك بعد تحرمه مع الإمام زمنا يسعها فليست ركنا فيها لأنه يدركها بإدراكه ركوع الإمام وليس المراد أنها لا تجب عليه أصلا بل تجب عليه ويتحملها الإمام عنه على الأصح ولهذا لا تحسب ركعته إذا كان إمامه محدثا أو في ركعة زائدة لأنه حينئذ ليس أهلا للتحمل وفي معنى المسبوق كل من تخلف عن الإمام بعذر بأكثر من ثلاثة أركان طويلة وزال عنه عذره والإمام راكع كما لو كان بطىء القراءة أو نسى كونه في الصلاة أو امتنع عن السجود بسبب رحمة او شك بعد ركوع إمامه في قراءة الفاتحة فتخلف ببسم أي البسملة آية كاملة من الفاتحة فيجب النطق بها لعده صلى الله عليه وسلم إياها آية منها صححه ابن خزيمة والحاكم وهي آية من أول كل سورة سوى براءة لخبر مسلم عن أنس بينما النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إعفاءه ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يابنى الله قال أنزلت على آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر إلى آخرها ولاجماع الصحابة على إثباتها في المصحف بخطه أوائل السور سوى براءة دون الأعشار وتراجم السور والتعوذ فلو لم تكن قرآنا لما أجازوا ذلك لأنه يحمل على اعتقاد ما ليس بقرآن قرآنا والقول بأن إثباتها للفصل يلزم عليه ما ذكر وأن تكتب أول براءة وأن لا تكتب أول الفاتحة والفصل كان ممكنا بتراجم السور كأول براءة والتواتر إنما يشترط فيما ثبت قرآنا قطعا أما ما ثبت قرآنا حكما فيكفى فيه الظن كما يكفى في كل ظنى وأما قول أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم(1/166)
وأبو بكر وعمر يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين فمعناه كانوا يفتتحون بسورة الحمد يبينه ما صح عنه كما قاله الدارقطني أنه كان يجهر بالبسملة وقال لا آلو أن أقتدي بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأما قوله صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم كما رواه مسلم فقال أئمتنا إنه رواية اللفظ الأول بالمعنى الذي عبر عنه الراوي بما ذكر بحسب فهمه ولو بلغ الخبر بلفظه كما في البخاري لأصاب واللفظ الأول هو الذي اتفق عليه الحفاظ والحروف أي يجب النطق بحروفها وهي مائة وأحد وأربعون حرفا بقراءة ملك بلا ألف والشد نطق أي بالتشديدات وهي أربع عشرة شدة لأن الفاتحة جملة الكلمات المنظومة والجملة تنتفى بانتفاء جزئها كما تنتفي بانتفاء كلها فلو خفف حرفا مشددا من الفاتحة بطلت قراءته لإخلاله بحرف إذ المشدد حرفان ولو شدد المخفف أساء وأجزأه وقوله ببسم متعلق بنطق مبينا للفاعل أو للمفعول وهو أنسب بقوله سبق لأنه مبني للمفعول لو أبدل الحرف بحرف أبطلا الألف فيه للإطلاق أي لو أبدل مع سلامة لسانه حرفا من الفاتحة أو بدلها بحرف كابدال ضاد الضالين بالظاء وذال الذين المعجمة بالمهملة أبطل قراءته لتلك الكلمة لتغيره النظم ولو نطق بالقاف مترددة بينهما وبين الكاف كما تنطق بها العرب صح مع الكراهة كما قاله نصر المقدسي والروياني وغيرهما وجزم به في الكفاية وإن نظر فيه في المجموع فإن لحن ولم يغير معنى كره فإن تعمد حرم وصحت صلاته وإن غيره كضم تاء أنعمت أو كسرها لم تصح قراءته وتبطل صلاته إن تعمد وتجوز القراءة بالسبع دون الشواذ فإذا قرأ شاذا صحت صلاته إن لم يغير معنى ولا زاد حرفا ولا نقص انتهى فالشاذ ما وراء السبعة خلافا للبغوي أنه ما وراء العشرة وإن تبعه السبكي وصححه ولده الشيخ تاج الدين قال في المجموع وإذا قرأ بقراءة كمل بها ندبا ويجوز التنويع إن لم يرتبط الثاني(1/167)
بالأول وواجب ترتيبها أي الفاتحة بأن يأتى بها على نظمها المعروف لأن النظم والترتيب مناط البلاغة والإعجاز فلو عكس بنى إن سها ولم يطل الفصل والإ استأنف إن لم يخل بالمعنى وإلا بطلت صلاته إن تعمد واستشكال وجوب الاستئناف عند العمد بالوضوء والأذان والطواف والسعى أجيب عنه بأن الترتيب هنا لما كان مناط الاعجاز كما مر كان الاعتناء به أكثر فجعل قصد التكميل بالمرتب صارفا عن صحة البناء بخلاف تلك الصور مع الولا بين كلمات الفاتحة للاتباع وبالسكوت عمدا في أثنائها ولو لعائق غير ما يأتى انقطعت قراءتها إن كثرا ألفه للاطلاق أي طال سكوته عرفا وإن لم يقصد قطعها أو أتى بذكر لا يتعلق بالصلاة كحمده عند العطاس وإن كان مندوبا في الصلاة أيضا لإشعاره بالاعراض عنها أو قل سكوته مع قصد منه لقطع ما قرا به لاقتران الفعل بنية القطع كنقل الوديعة بقصد التعدي فإن لم يقصد القطع ولم يطل السكوت لم يؤثر كنقل الوديعة بلا قصد تعد ولأن ذلك قد يكون لتنفس أو سعال وكذا لو ترك الولاء ناسيا كتركه إياه في الصلاة بأن طول ركنا قصيرا ناسيا أو طال سكوته لتذكر آية نسيها أو للإعياء وعلم بذلك أن قصد القطع بلا سكوت لا يؤثر لأن القراءة باللسان ولم يقطعها بخلاف ما لو قصد قطع الصلاة لأن النية ركن فيها تجب إدامتها حكما ولا يمكن ذلك مع نية القطع وقراءة الفاتحة لا تفتقر إلى نية خاصة فلا تتأثر بنية القطع لا بسجوده لتلاوة وتأمين منه ولا سؤاله الرحمة لما إمامه تلا في الصور الثلاث فلا ينقطع به الولاء لكونه مطلوبا في الصلاة لمصلحتها أما إذا فعل شيئا من ذلك لما تلاه غير إمامه فينقطع به الولاء بل تبطل(1/168)
بسجوده إن تعمد ولو سأل الرحمة لما تلاه هو لم ينقطع الولاء والبيتان الأخيران ساقطان من بعض النسخ ثم إن عجز عن الفاتحة التي هي ركن فالركن بدلها من الآيات سبع من غيرها ولو متفرقة مع حفظه متوالية كما في قضاء رمضان والولا في الآيات أولى من التفريق لأنها أشبه بالفاتحة وللخروج من الخلاف ولو قرأ العاجز عنها سبع آيات متفرقة لا تفيد معنى منظوما كثم نظر لم يكف عند إمام الحرمين وأقره في الروضة وأصلها لكن اختار في المجموع والتنقيح الاكتفاء بها كما أطلقه الجمهور ومن يحسن بعض الفاتحة يأتى به ويبدل الباقي إن أحسنه والإ كرر في الأصح وكذا من يحسن بعض بدلها من القرآن ويجب الترتيب بين الأصل والبدل ثم إن عجز عن القراءة فالركن الذكر لخبر الترمذى وحسنه إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد وأقم فإن معك قرآن فاقرأ والإ فاحمد الله وهلله وكبره قال البغوي يجب سبعة أنواع من الذكر ليكون كل نوع مكان آية وقال الإمام لا يجب قال الشيخان والأول أقرب تشبها لمقاطع الأنواع بغايات الآي قال الإمام والأشبه إجزاء دعاء يتعلق بالآخرة دون الدنيا ورجحه في المجموع فإن لم يعرف غير ما يتعلق بالدنيا آتى به وأجزأه قال في الروضة كأصلها ويشترط أن لا يقصد بالذكر المأتى به غير البدلية كمن استفتح أو تعوذ لا بقصد سنيتها لكن لا يشترط قصد البدلية فيهما ولا في غيرهما من الأذكار على الأصح لا ينقص عن حروفها أي لا يجوز نقص حروف البدل من قرآن أو غيره عن حروف الفاتحة وهي مائة وستة وخمسون حرفا بقراءة مالك بالألف كالمبدل بخلاف صوم يوم قصير عن يوم طويل لعسر مراعاة الساعات وأفهم كلامه أنه لا تضر زيادة البدل ولا التفاوت بين حروف الآيات والأنواع وهو كذلك ثم إن عجز عن الذكر بترجمة وغيرها وقف وجوبا بقدرها أي الفاتحة في ظنه لأنه المقدور وهو مقصود ولا يترجم عنها بخلاف الذكر لفوات الاعجاز فيها ويتجه وقوفه ندبا بعد ذلك بقدر سورة حيث سنت(1/169)
له لو كان قارنا واركع هذا الركن الخامس وهو الركوع لقوله تعالى اركعوا ولخبر إذا قمت إلى الصلاة وأقله في حق القائم بأن تنال كف لركبة يعنى راحتيه ركبتيه لو أراد ذلك عند اعتدال الخلقة وسلامة اليدين والركبتين بالانحنا بظهره لا بالانخناس ولا بهما أما ركوع القاعد فتقدم والاعتدال وهو الركن السادس ولو في نفل لخبر إذا قمت إلى الصلاة وهو عود ه إلى ما كان عليه قبله فزال عنه بالركوع من قيام أو غيره ويشترط فيه وفي سائر الأركان عدم صرفه إلى غيره حتى لو رفع من ركوعه فزعا من شيء لم يكف بل يعود للركوع ثم يعتدل منه والسابع من الأركان السجود مرتين في كل ركعة لخبر إذا قمت إلى الصلاة مع شيء من الجبهة مكشوفا يضع على مسجده لخبر إذا سجدت فمكن جبهتك ولا تنقرا نقر رواه ابن حبان عن ابن عمر وصححه وخبر لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء إلى أن قال ويسجد فيمكن جبهته من الأرض وخبر خباب بن الأرت شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في حباهنا وأكفنا فلم يشكنا أي لم يزل شكوانا رواهما البيهقي بسندين صحيحين وجه الدلالة منه أنه لو لم يجب كشف الجبهة لأرشدهم إلى سترها واعتبر كشفها دون بقية الأعضاء لسهولته فيها دون البقية نعم إن سترها لعذركجراحة وشق عليه إزالة الساتر كفى السجود عليه بلا إعادة ويجزىء السجود على شعر بجبهته وإن لم يستوعبها ويجب أن يتحامل على مسجده في جبهته بثقل رأسه وعنقه بحيث لو سجد على قطن أو نحوه لا ندرك وأن لا يسجد على ما يتحرك بحركته من ملبوسه لقيامه وقعوده وإن صلى قاعدا ولم يتحرك وكان(1/170)
لو صلى قائما لتحرك بحركته كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأنه كالجزء منه فإن سجد عليه عامدا عالما بتحريمه بطلت صلاته أو ناسيا أو جاهلا فلا يجب إعادة السجود وأما خبر الصحيحين عن أنس كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه فمحمول على ثوب منفصل فإن لم يتحرك بحركته كطرف عمامته أو لم يكن من ملبوسه كعود أو منديل في يده كفى السجود عليه ولو سجد على خرقة بالأرض فالتصقت بجبهته ورفع وهي ملتصقة فإن أزالها وسجد الثانية أجزأه وإلا فلا وأن يضع فيه يديه وركبتيه وقدميه لخبر الصحيحين أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة واليدين والركبتين وأطراف القدمين وإنما لم يجب الإيماء بها عند العجز كالجبهة لأن معظم السجود وغايته الخضوع بالجبهة دونها ويكفى وضع جزء من كل واحد منها والاعتبار في اليدين بباطن الكفين سواء الأصابع والراحة وفي الرجلين ببطون الأصابع ونما لم يجب وضع الأنف لورود الأمر به وزيادة الثقة مقبولة لما يترتب عليه من منافاة الجملة للتفصيل وهو سبعة أعظم فيحمل على الندب نعم لو كان له رأسان وأربعة أيد وأرجل فإن علم الأصلي من الزائد فالعبرة بالأصلي دون الزائد وأن التبس فلا بد من وضع جزء من كل منها وإن علمت أصالة الجميع كفى وضع سبعة اعضاء منها ولا بد أن ترتفع أسافله على أعاليه فيه للاتباع رواه ابن حبان وصححه مع خبر صلوا كما رايتموني أصلى فلا يكفى أن ترفع أعاليه على أسافله ولا تساويهما لعدم اسم السجود كما لو أكب ومد رجليه فلو تمكن العاجز من التنكيس وضع وسادة وجب وإلا فلا والثامن من الأركان الجلوس بين السجدتين كما أشار لذلك بقوله وقعدة بينهما أى بين السجدتين في كل ركعة للفصل بينهما ولو في النفل لخبر إذا قمت إلى الصلاة وأشار بقوله للفصل أنه ركن قصير كالاعتدال فيجب أن لا يطوله ولا الاعتدال ويطمئن وجوبا لحظة في الكل أى في(1/171)
الركوع والاعتدال والسجود مرتين والجلوس بينهما للخبر المذكور والطمأنينة سكون بعد حركة ففي الركوع مثلا يكون بحيث ينفصل رفعه عن هويه بأن تستقر أعضاؤه قبل رفعه ثم ذكر الركن التاسع والعاشر والحادى عشر وهى التشهد الأخير والقعود فيه وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أي وفي التسليمة الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه فقال ثم التشهد الأخير فاقعد فيه مصليا على محمد أي ثم التشهد الأخير يعنى الذي في آخر الصلاة كتشهد الصبح والجمعة والمقصورة فاقعد فيه في حال كونك مصليا عقبه على محمد أما التشهد فلخبر الدارقطنى والبيهقي بسند صحيح عن ابن مسعود قال كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل السلام على فلان فقال صلى الله عليه وسلم لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام ولكن قولوا التحيات لله إلى آخره والمراد فرضه آخر الصلاة لخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قام من ركعتين من الظهر ولم يجلس فلما قضى صلاته كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل السلام ثم سلم دل عدم تداركه على عدم وجوبه ولأن محله لا يتميز كونه عبادة عن العادة فيوجب فيه ذكرا ليتميز كما في القراءة بخلاف الركوع والسجود وسمى التشهد تشهدا لما فيه من الشهادتين من باب تسمية الكل باسم الجزء مجازا وأقله التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأما القعود فلأن من أوجب التشهد أوجب القعود فيه وأما الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم فلقوله تعالى صلوا عليه قال أئمتنا أجمع العلماء على أنها لا تحب في غير الصلاة نتعين وجوبها فيها والقائل بوجوبها مرة في غيرها محجوج بإجماع من قبله وفي الصحيحين عن كعب بن عجهة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم(1/172)
فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلى عليك قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد خرج الزائد على الصلاة عليه بالإجماع كما في المهذب فبقي وجوبها عليه وفي رواية صححها ابن حبان وغيره كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا قال قولوا إلى آخره وأولى المحال بها خاتمة الأمر وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلى وأما عدم ذكرها في خبر إذا قمت إلى الصلاة فمحمول على أنها كانت معلومة له ولهذا لم يذكر له النية والتشهد والجلوس له والسلام وأقلها اللهم صل على محمد أو صلى الله على محمد أو على رسول الله أو على النبي دون أحمد أو عليه على الصحيح ذكره في التحقيق وغيره وأكملها اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ذكره في الروضة وأصلها وفي الأذكار وغيره الأفضل أن يقول اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وأكمل التشهد التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله رواه مسلم من خبر ابن عباس وجاء في الصحيحين عن ابن مسعود بلفظ التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك إلى آخره إلا أنه قال أشهد أن محمدا عبده ورسوله وفيه أخبار أخر بنحو ذلك قال النووي وكلها مجزئة يتأدى بها الكمال وأصحها خبر ابن مسعود ثم خبر ابن عباس لكن الأفضل تشهد ابن عباس لزيادة لفظ المباركات فيه ولموافقته قوله تعالى تحية من عند الله مباركة طيبة ولتأخره عن تشهد ابن مسعود(1/173)
ولقوله كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن وإنما كان أقله ما مر لأن ما بعد التحيات من الكلمات الثلاث توابع لها بل سقط أولاها في خبر غير ابن عباس قال النووي وإثبات أل في السلام أفضل من تركها لكثرته في الأخبار وكلام الشافعي ومقتضى كلام الرافعي أنه لا يكفى وأن محمدا رسوله وصرح به النووي في مجموعه وغيره لكن في الروضة أنه يكفي ورجحه السبكي وغيره وهو المعتمد ثم السلام أولا لا الثاني الركن الثاني عشر السلام أي التسليم الأول لا التسليم الثاني فإنه سنة كما سيأتى لخبر تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وأقله السلام عليكم أو عليكم السلام لكنه يكره ولا يكفى سلام عليكم ولا عليهم ولا السلام عليكما ولا عليك ولا سلام الله عليكم ولا السلم عليكم بكسر السين وسكون اللام بل تعمد ذلك مبطل إلا في السلام عليهم فإنه دعاء لا خطاب فيه واما أكمله فسيأتى والآخر وهو الثالث عشر الترتيب في الأركان أي بينهما كما مر في عدها المشتمل على وجوب قرن النية بالتكبير وجعلهما مع القراءة في القيام والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليمة الأولى في القعود وأما تقديم الاتتصاب على ابتداء تكبيرة الإحرام فشرط للتكبير لا ركن لخروجه عن الماهية فالترتيب المراد فيما عدا ذلك ودليل وجوبه الإتباع في الأخبار الصحيحة مع خبر صلوا كما رأيتمونى أصلي وعد الناظم الترتيب من الأركان بمعنى الفروض صحيح وبمعنى الإجزاء فيه تغليب وقضية كلامه وجوب الترتيب بين التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لأنهما ركنان وهو كذلك فلو تعمد تركه في الفعلى بطلت صلاته كبقية الأركان فإن كان ساهيا لم يعتد بما فعله حتى يأتى بما تركه فإن تذكره قبل بلوغ مثله فعله أو بعده تمت به ركعته ولغا ما بينهما هذا إن علم عينه ومكانه وإلا أخذ بالأسوأ وبنى وفي الأحوال كلها يسجد للسهو إلا إذا وجب الاستئناق بأن ترك ركنا وجوز(1/174)
أن يكون النية أو تكبيرة الإحرام وإلا إذا كان المتروك هو السلام فإنه إذا تذكر سلم ولم يسجد للسهو أما الركن
القولي غير السلام فتقديمه غير مبطل وخرج بقول الناظم في الأركان ترتيب السنن بعضها على بعض كالافتتاح والتعوذ أو ترتيبها على الفرائض كالسورة والفاتحة فإنه شرط للأعتداد بها سنة لا في صحة الصلاة ولم يتعرض المصنف لعد الموالاة وعدم الصارف ركنين لأن الأصح انهما شرطان ولما فرغ من أركان الصلاة شرع في ذكر سننها وهي أبعاض وهيئات وبدأ بالأول فقال ابعاضها ستة تشهد إذ يبتديه ثم القعود للأخبار الصحيحة فيهما وصرفها عن وجوبهما أنه صلى الله عليه وسلم قام من ركعتين من الظهر ولم يجلس فلما قضى صلاته كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل السلام ثم سلم رواه الشيخان دل عدم تداركهما على عدم وجوبهما ويكره كما في المجموع أن يزيد في التشهد الأول على لفظه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن فعله لم يسجد للسهو وصلاة الله فيه أي التشهد على النبي و الصلاة على آله في التشهد الآخر للأخبار الصحيحة فيهما ثم القنوت في الصبح وفي وتر النصف الأخير من رمضان وقيام القادر في الأعتدال الثان من صبح وفي وتر لشهر الصوم إذ ينتصف للاتباع فيهما رواه الشيخان في الأولى والبيهقي في الثانية وقال الحسن بن علي علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر اللهم اهدني إلى آخره رواه الترمذى وحسنه الحاكم وصححه على شرط الشيخين وروى البيهقي عن ابن عباس وغيره أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذه الكلمات ليقنتوا بها في الصبح والوتر قال وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع أيضا لكن رواة القنوت بعده أكثر وأحفظ فهو أولى وعلى هذا درج الخلفاء الراشدون في أشهر الروايات عنهم وأكثرها فلو قنت قبله لم يجزه ويسجد للسهو إن قنت بنيته لأنه عمل من أعمال الصلاة أوقعه في غير محله كما لو قرأ في غير محلها ولا يشكل بدعاء الافتتاح(1/175)
والتسبيح والدعاء في غير محلها حيث لا يسجد للسهو فيها لأن الأبعاض آكد من باقي السنن وقراءة غير الفاتحة في غير محلها كالفاتحة ويوجه بتأكيدها وشبهها بالفاتحة والأبعاض المذكورة يجيز تركها عمدا أو سهوا بالسجود وسميت أبعاضا لتأكد شأنها بالجبر تشبيهها بالبعض حقيقة وفي بعض النسخ بدل هذا البيت في الصبح ثاني ركعة والوتر في نصف شهر ومضان الآخر وقنوت الصبح مشهور والإمام يأتى فيه بلفظ الجمع في ضمير المتكلم وتكره إطالة القنوت كالتشهد الأول ويسن لمنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل الجمع في قنوت الوتر بين قنوت الصبح وقنوت عمر وهو اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثنى عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد لك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق اللهم عذب الكفرة والمشركين الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثبتهم على ملة رسولك وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه ونصرهم على عدوك وعدوهم إله الحق واجعلنا منها والأولى تأخيره عن قنوت الصبح الوارد عنه صلى الله عليه وسلم فان اقتصر على أحدهما فالأول أفضل ويسن رفع يديه في القنوت وكذا في كل دعاء وجعل ظهرهما إلى السماء إن دعا برفع بلاء وعكسه إن دعا لتحصيل شيء ولا يندب مسح وجهه والأولى أن لا يفعله في الصلاة وأما مسح غيره كالصدر وغيره فمكروه ويجهر الإمام بالقنوت دون المنفرد وإن كانت الصلاة سرية وليكن جهره به دون جهره بالقراءة ويؤمن المأموم(1/176)
للدعا ء ومنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولو جمع بين موافقته والدعاء فحسن ويقول الثناء فإن لم يسمعه أو سمع صوتا لم يفهمه قنت ويندب القنوت في سائر المكتوبات غير المنذور للنازية كوباء وقحط وجراد وعدو لا مطلقا على المشهور سننها أي الصلاة المكتوبة من قبلها الأذان مع إقامة فهما سنتا كفاية في المكتوبة ولو فائتة دون النافلة والأصل في مشروعيتهما قبل الإجماع قوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة وقوله تعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة وأخبار كثيره كخبر الصحيحين إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم وخبر عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به الناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس فقال وما تصنع به فقلت ندعو به إلى الصلاة قال أولا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى قال تقول الله أكبر الله أكبر الله اكبر الله أكبر إلى آخره الفاظ الأذان ثم استأخر عنى غير بعيد قال وتقول إذا قمت إلى الصلاة الله أكبر الله أكبر إلى آخر الفاظ الإقامة فلما أصبحت اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها رؤيا حق إن شاء الله تعالى قم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فأنه أندى صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه وهو يؤذن به فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه وهو يقول والذي بعثك بالحق نبيا يا رسول الله لقد رأيت مثل ما راى فقال صلى الله عليه وسلم فلله الحمد وإنما لم يجبا وإن كانا من شعائر الإسلام الظاهرة لأنهما إعلام بالصلاة ودعاء إليها كقوله الصلاة جامعة حيث يسن في نفل تشرع فيه الجماعة ولأنه لم يؤمر بهما في خبر المسيء صلاته كما ذكر فيه الوضوء والاستقبال وأركان الصلاة ولأنه ترك الأذان في ثانية الجمع ولو كان واجبا لما ترك للجمع الذي ليس بواجب(1/177)
وأقل ما تحصل به السنة أن ينتشر الأذان في جميع أهل ذلك المكان حتى إذا كبر أذن في كل جانب واحد لينتشر في جميعهم فإن أذن واحد فقط حصلت السنة في جانب السامعية دون غيرهم وكما أن الأذان والإقامة سنتان للجماعة فيهما سنتان للمنفرد ولو كان بصحراءيقع ذلك منه أو بلغه أذان غيره على الأصح خلافا لما في شرح مسلم أنه لا يؤذن إذا سمع أذان غيره على الأصح ويكفى في أذانه إسماع نفسه بخلاف أذان الإعلام ويسن رفع صوته به لخبر البخاري عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أن أبا سعيد الخدري قال له أني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فأنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي سمعت ما قلت لك بخطاب لي كما فهمه الماوردي وإلامام والغزالي وأوردوه باللفظ الدال على ذلك ليظهر الاستدلال به على أذان المنفرد ورفع صوته به نعم يستثنى من رفع صوته به ما إذا أذن في مكان وقعت فيه جماعة وأن لم ينصرفوا وقول الروضة وأصلها وانصرفوا مثال لا قيد لأنه إن كان بعد طول الفصل أوهمهم دخول وقت صلاة أخرى أو قبل طوله أوهمهم كون الأذان الأول لم يقع في الوقت شرطهما أي الأذان والإقامة الولا بين كلماتها وترتيب لهما ظهرا لمجيئهما كذلك في خبر مسلم وغيره ولأن ترك كل منهما يوهم اللعب ويخل بالإعلام فلو ترك الترتيب لم يصح ويبني على المنتظم والاستئناف أولى إذ الولاء لم يصح ولا يضر سكوت يسير لوقوع مثله للتنفس والاستراحة ولا كلام يسير إذ لا يخل بالغرض ولا يسر نوم وإغماء لكن يندب الاستئناف فيهما وأن لا يتكلم ولو لمصلحة فلو عطس حمد الله في نفسه وبني ولا يرد السلام فلو رد أو شمت العاطس أو تكلم لمصلحة لم يكره لكنه ترك سنة ولو خاف وقوع أعمى في بئر أو لدغ حية أو عقرب لغافل أو نحوهما وجب إنذاره وشرط كل منهما أيضا عدم صدوره من(1/178)
شخصين فلا يصح بناء غيره
على ما أتى به وإن قصر الفصل واشتبها صوتا وفي مؤذن مميز بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي والشرط في مؤذن مميز أي تمييز من اطلاق اسم الفاعل على المصدر فلا يصح أذان غير مميز من صبي ومجنون وطافح السكر لعدم أهليته للعبادة ذكر أي ولو عبدا أو صبيا فلا يصح أذان أنثى ولا خنثى للرجال والخناثي كما لا تصح إمامتهما لهما أما أذانهما لغير الرجال والخناثي فلا يسن فلو أذنت امرأة لنفسها او للنساء سرا لم يكره وكان ذكرا لله تعالى لا أذانا او جهرا بأن رفعت صوتها فوق ما تسمع صواحبها حرم وإن لم يكن ثم إلا محرم لها ولا يلحق بذلك رفع صوتهما بالقراءة فإنه جائز مطلقا أسلم فلا يصح أذان كافر لعدم أهليته للعبادة ولأنه لا يعتقد مضمونه ولا الصلاة التي هو دعاء إليها فإتيانه به ضرب من الاستهزاء فلو أذن حكم بإسلامه بالشهادتين أي إن لم يكن عيسويا ويعتد بأذانه إن أعاده أما العيسوى فلا يحكم بإسلامه بهما بل لا بد أن يتبرأ معهما من كل دين يخالف دين الإسلام أو يعترف بأن محمدا صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى كافة الخلق ولا يعتد بأذانه وإن أعاده والعيسوية فرقة من اليهود تنسب إلى أبي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصبهاني كان في خلافة المنصور يعتقد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى العرب خاصة والتمييز والإسلام شرطان للإقامة أيضا والمؤذن المرتب معرفة الأوقات بالرفع خبر لذلك المبتدأ المحذوف أي والشرط في المؤذن والمرتب معرفة الأوقات ويصح كونها مرفوعة على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه أي وشرط المؤذن المرتب معرفة الأوقات وقد يجوز جرها على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه على جره والحاصل أن شرط جواز نصب مؤذن راتب معرفته بالمواقيت لا المحتسب بالجر عطفا على مؤذن فلا يشترط فيه ذلك بل إذا علم دخول الوقت صح أذانه ولو أذن جاهلا بدخول الوقت فصادفه اعتد به على الأصح وفارق التيمم والصلاة باشتراط النية فيهما وقد(1/179)
علم أن شرط الأذان الوقت فيحرم قبله ولا يصح إلا الصبح فيدخل من نصف الليل ويسن له مؤذنان واحد قبل الفجر وآخر بعده وسنة ترتيله أي الأذان وهو التأني فيه بأن يأتي بكلماته مبينة بلا تمطط لخبر إذا أذنت فرتل في أذانك وإذا أقمت فاحذر أي بمهملات ومعناه أسرع رواه الحاكم في المستدرك وأبو داود والترمذي ولأن الأذان للغائبين فالترتيل فيه أبلغ والإقامة للحاضرين فالإدراج فيها أشبه ويسن أن يقف على كلمات الأذان إلا التكبير فعلى كل كلمتين بعج أي مع رفع صوت المؤذن ما أمكنه بلا ضرر للأمر به في خبر أبي سعيد المار والخفض في إقامة بدرج أي مع إسراع من المقيم بكلماتها لما مر ولو أسر المؤذن لجماعة بشيء غير الترجيع الآتي لم يجزه لانتفاء الاعلام فيجب الإسماع ولو لواحد وإسماع النفس يجزىء المؤذن لنفسه لأن الغرض منه الذكر لا الإعلام وعلى هذا حمل ما نقل عن النص من أنه لو أسر ببعضه أجزأه ولا يجزىء إسماع النفس المقيم للجماعة كما في الأذان وإن كان الرفع بها أخفض منه كما مر و سن الالتفات فيهما أي الأذان والإقامة إذ حيعلا الألف فيه للإطلاق أي وقت حيعلتيه يمينا في الأولى وشمالا في الثانية بعمقه ولا يحول صدره عن القبلة وقدميه عن مكانهما بأن يلتفت عن يمينه فيقول حي على الصلاة مرتين ثم يساره فيقول حي على الفلاح مرتين ويلتفت المقيم عن يمينه فيقول حي على الصلاة ثم يلتفت عن يساره فيقول حي على الفلاح والأصل في ذلك خبر الصحيحين عن أبي جحيفة رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا فيقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح وفي رواية لأبي داود بإسناد جيد صحيح فلما بلغ حي على الصلاة حي(1/180)
على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر وفي رواية للترمذي صححها وأصبعاه في أذنه ولا يلتفت في غيرهما لأنه ذكر الله وهما خطاب الآدمي كالسلام يلتفت فيه دون غيره من الأذكار وفارق كراهة الالتفات في الخطبة بأن المؤذن داع للغائبين والالتفات أبلغ في إعلامهم والقصد من الإقامة أيضا الإعلام والخطيب واعظ للحاضرين فالأدب أن لا يعرض عنهم ولا يلتفت في قوله الصلاه خير من النوم كما اقتضاه كلامهم و السنة في المؤذن أن يكون طاهرا من الحدث ولو أصغر ومن الخبث لخبر كرهت أن أذكر الله إلا على طهر أو قال على طهارة رواه أبو داود وغيره وقال في المجموع إنه صحيح ولأنه يدعو إلى الصلاة فليكن بصفة من يمكنه فعلها وإلا فهو واعظ غير متعظ فيكره أذان المحدث غير المتيمم وأذان الجنب أشد كراهة وكراهة الإقامة من كل منهما أشد من كراهة الأذان منه ويجزىء أذان الجنب وإقامته وإن كان في المسجد ومكشوف العورة لحصول الإعلام والتحريم لمعنى آخر فإن أحدث ولو حدثا أكبر في أذانه استحب إتمامه ولا يقطعه ليتوضأ فإن توضأ ولم يطل بني وأن يكون مستقبلا للقبلة لأنه المنقول سلفا وخلفا ولأنها أشرف الجهات وأن يكون عدلا أمينا ليقبل خبره عن الأوقات ويؤمن نظره إلى العورات فيكره أذان الصبي والفاسق لأنه لا يؤمن أن يؤذن في غير الوقت ولا أن ينظر إلى العورات لكن تحصل السنة بأذانه وإن لم يقبل خبره في الوقت وقوله أمينا بدل من وقوله عدلا أفاد به أن أصل السنة يحصل بعدل الرواية أما كمالها فلا يحصل إلا بعدل الشهادة ويسن كونه حرا أيضا لأنه أكمل من غيره وأن يكون صيتا أي عالي الصوت لقوله صلى الله عليه وسلم في خبر عبد الله بن زيد بن عبد ربه ألقه على بلال فإنه أندى صوتا منك أي أبعد مدى وقيل أحسن صوتا ولهذا يسن كونه حسن الصوت ولأنه صلى الله عليه وسلم اختار أبا محذورة لحسن صوته ولأنه أرق لسماعيه فيكون ميلهم إلى الإجابة أكثر ولزيادة الإبلاغ وأن يكون مثوبا(1/181)
بالمثلثة لفجره اللام فيه للتعليل أو بمعنى في بأن يقول بعد الحيعلات في أذانه الصلاة خير من النوم مرتين لوروده في خبر أبي داود وغيره بإسناد جيد كما في المجموع وهو من ثاب أي رجع لأن المؤذن دعا إلى الصلاة بالحيعلتين ثم عاد فدعا إليها بذلك وخص بالصبح لما يعرض للنائم من التكاسل بسبب النوم وشمل إطلاقه كالغزالي وغيره أذاني الصبح فيثوب فيهما وصححه في التحقيق قال في المجموع إنه ظاهر كلام الأصحاب وفي التهذيب إن ثوب في الأول لا يثوب في الثاني وأقره في الروضة وأصلها واقتصر على نقله في الشرح الصغير ويثوب في أذان الفائتة أيضا كما صرح به ابن عجيل اليمني نظرا إلى أصله ويكره التثويب في غير الصبح لخبر الصحيحين من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد وأن يكون مرجعا في أذانه بأن يخفض صوته بكلمات الشهادتين وهن أربع بأن يسمع من بقربه أو أهل المسجد إن كان واقفا عليهم وكان المسجد يقتصد الخطة قبل رفعه بهما كما رواه مسلم عن أبي محذورة وسمى ترجيعا لأنه رجع إلى الرفع بعد أن تركه أو إلى الشهادتين بعد ذكرهما وحكمته تدبر كلمتي الشهادتين والإخلاص فيهما لكونهما المنجيتين من الكفر المدخلتين في الإسلام وتذكر خفائهما في أول الإسلام ثم ظهورهما وظاهر كلام الروضة وأصلها إنه اسم للمجموع لكن صرح النووي في مجموعه وتحقيقه ودقائقه وتحريره بأنه اسم للأول وصوبه بعضهم وفي شرح مسلم كحاوي الماوردي بأنه اسم للثاني فكلمات الأذان بالترجيع تع عشرة كلمة وكلمات الإقامة إحدى عشر وأن يكون محتسبا بأذانه أجرا عند الله تعالى بأن لا يأخذ عليه أجرا لخبر الترمذي وغيره من أذن سبع سنين محتسبا كتب الله له براءة من النار ولقول عثمان بن أبي العاص آخر ما عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا رواه الترمذي وحسنه ولكل أحد الرزق عليه من ماله وللإمام(1/182)
عند فقد محتسب الرزق عليه من مال المصالح عند الحاجة بقدرها قال في المجموع قال أصحابنا ولا يجوز أن يرزق مؤذنا وهو يجد متبرعا عدلا كما نص عليه لأن الإمام في بيت المال كالوصي في مال اليتيم لو وجد متبرعا لم يجز له أن يستأجر عليه من مال اليتيم فكذاالإمام فلو احتسب فاسق فله رزق أمين أو أمين فله رزق من هو أحسن منه صوتا إن رآه مصلحة ويجوز الاستئجار عليه ثم إن كان من بيت المال لم يشترط بيان المدة بل يكفي كل شهر بكذا كالجزية والخراج أو من مال الإمام أو كان المستأجر أحد الرعية اشترط بيانها والرزق أن يعطيه ما يكفيه وعياله والأجرة ما يقع به التراضي وأن يكون مرتفعا على شيء عال كمنارة وسطح لزيادة الإعلام بخلاف الإقامة لا نسن على عال إلا في مسجد كبير يحتاج فيه إلى علو للإعلام بها كقوله له أجابه ندبا مستمع أي وسامع بأن يجيب كل كلمة عقبها ولو مع الجنابة أو الحيض أو النفاس لكنه يبدل لفظ الحيعلة إذا حكى أذانه أو إقامته بالحوقله أي بلا حول ولا قوة إلا بالله أربعا في إجابة المؤذن ومرتين في إجابة المقيم والمعنى لا حول لي عن المعصية ولا قوة لي على ما دعوتني إليه إلا بك ويقول في كلمتي الإقامة أقامها الله وأدامها وجعلني من صالحي أهلها ويقول في التثويب صدقت وبررت والأصل في ذلك خبر إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر قال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة رواه مسلم وهو مبين لخبره الآخر إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ولأن إجابته تدل على رضاه به وموافقته في ذلك وإنما يسن للجنب ونحوه(1/183)
ذلك لأنه ذكروهم من أهله وأفهم كلامه كغيره أنه لو علم أذانه ولم يسمعه لصمم أو نحوه لا تسن له إجابته وقال في المجموع إنه الظاهر لأنها معلقة بالسماع في خبر إذا سمعتم المؤذن وكما في نظيره من تشميت العاطس ولو تركها بغير عذر حتى فرغ المؤذن فالظاهر تداركه إن قصر الفصل وإذا لم يسمع الترجيع سن له الإجابة فيه خلافا لما أفتى به البارزي وإذا سمع مؤذنا بعد آخر فالمختار كما في المجموع أن أصل الفضيلة في الإجابة شامل للجميع إلا أن الأول متأكد يكره تركه وقال ابن عبد السلام إجابة الأول أفضل إلا أذاني الصبح فلا أفضلية فيهما لتأكد الأول ووقوع الثاني في الوقت وإلا أذاني الجمعة لتقدم الأول ومشروعية الثاني في زمنه صلى الله عليه وسلم انتهى وشمل كلامه القارىء فيقطع قراءته ويجيب بخلاف المصلى ولو نفلا يكره له الإجابة في صلاته بل تبطل بإتيانه بشيء من الحيعلتين أو بالصلاة خير من النوم أو بصدقت وبررت لأنه كلام آدمي نعم تندب له الإجابة عقب فراغه منها إن لم يطل الفصل ومثله المجامع وقاضي الحاجة ويسن لكل من المؤذن والسامع أن يصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان ثم يقول اللهم رب هذا الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته وأن يقول عقب الفراغ من أذان المغرب اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهارك وأصوات دعائك فاغفر لي ومن أذان الصبح اللهم هذا إقبال نهارك وإدبار ليلك إلى آخره وأن يقول المؤذن بعد فراغه في ليلة مطيرة أو ريح أو ظلمة ألا صلوا في رحالكم فإن قاله بعد الحيعلتين فلا بأس قاله في الروضة وغيرها ويجيب السامع بلا حول ولا قوة إلا بالله قياسا على الحيعلتين قاله في المهمات وألف حيعلا للإطلاق وتعبيره كالأزهري بالحوقلة بأخذ الحاء والواو من حول والقاف من قوة واللام من اسم الله تعالى قال بعضهم إنه حسن لتضمنه جميع الألفاظ ويجوز التعبير فيه بالحوقلة كما عبر به(1/184)
الجوهري بتركيبه من حاء حول وقاف قوة وما قيل
من أن الصواب إدخال الباء بعد لفظ الإبدال على المتروك لا المأخوذ كما عبر به المصنف كغيره مردود والرفع لليدين للإحرام سن بحيث يكون إبهام حذا شحم الأذن مستقبلا بكفيه لخبر ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة يرفع يديه حذو منكبيه متفق عليه ومعنى حذو منكبيه أن تحاذى أطراف أصابعه أعلى أذنيه وإبهاماه شحمتى أذنيه وراحتاه منكبيه وذال حذو وما تصرف منه معجمة فلو قطعت يده من الكوع رفع الساعد أو من المرفق رفع العضد لأن الميسور لا يسقط بالمعسور فإن عجز عن رفع يديه أو إحداهما إلى هذا الحد وأمكنه الزيادة أو النقص فعل الممكن أو أمكناه فالزيادة أولى مكشوفة أي يسن كشف الكفين عند الرفع أي حال كون كل من كفيه مكشوفة وفرق الأصابعا تفريقا وسطا ويبتدى التكبير ندبا حين رفعا أي يديه بأن يبتدئه مع ابتداء تحرمه وبنهيه مع انتهائه كما صححه في التحقيق وشرحى المهذب والوسيط وهو المعتمد وإن صحح في الروضة أنه لا استحباب في الانتهاء ولركوع أي يسن رفع يديه للركوع بأن يبتدىء الرفع مع ابتداء التكبير فإذا حاذى كفاه منكبيه انحنى واعتدال بالفقار أي بنصبه بأن يبتدىء الرفع مع ابتداء رفع رأسه من الركوع فإذا استوى أرسلهما إرسالا خفيفا إلى تحت صدره فقط فلو ترك الرفع سهوا أو عمدا تداركه في أثناء التكبير أو التسميع وإن أتمه لم يرفع قال في الأم ولو تركه في جميع ما أمرته به أو فعله حيث لم آمره به كرهت له ذلك وأفهم كلام الناظم عدم سن الرفع للسجود والقيام من جلوس الاستراحة والتشهد الأول وهو كذلك فيما عدا الأخير فقد قال النووي إن سن الرفع فيه هو الصحيح أو الصواب وثبت في البخاري وغيره ونص عليه الشافعي والفقار بفتح الفاء عظام الظهر جمع فقرة بفتح الفاء وكسرها وسكون القاف ووضع يمناه أي يسن للمصلى في القيام أو بدله وضع يمناه على كوع اليسار وبعض ساعده ورسغه باسطا أصابعها في(1/185)
عرض المفصل أسفل صدر لأنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة ثم وضع يده اليمنى على يده اليسرى والقصد من وضع اليمنى على اليسرى تسكين يديه فإن أرسلهما بلا عبث فلا بأس والحكمة في جعلهما تحت الصدر أن تكونا فوق أشرف الأعضاء وهو القلب فإنه تحت الصدر والكوع والكاع العظم الذي يلي إبهام اليد كما أن البوع العظم الذي يلي إبهام الرجل وأما الذي يلي الخنصر فكرسوع بضم الكاف والرسغ بالسين المهملة أفصح من الصاد هو المفصل بين الكف والساعد واليد مؤنثة ولهذا توصف باليمنى واليسرى ناظرا محلا سجوده أي يسن إدامة نظره في جميع صلاته إلى محل سجوده أي حال كونه ناظرا إلخ ولو في ظلمة لأن جمع النظر في مكان واحد أقرب إلى الخشوع ومكان سجوده أشرف من غيره إلا في التشهد فالسنة أن لا يجاوز بصره مسبحته وشمل ذلك المصلى في المسجد الحرام إلى الكعبة والمصلى على جنازة وهو كذلك وجهت وجهي الكلا أي يسن للمصلى بعد تحرمه ولو بالنفل وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين ولا فرق في التعبير بذلك بين الرجل والمرأة والخنثى على إرادة الشخص وفي مستدرك الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة قومي واشهدي أضحيتك وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي إلى قوله وأنا من المسلمين وفي الروضة ويزيد المنفرد وإمام محصورين علم رضاهم بالتطويل اللهم أنت المالك لا إله إلا أنت سبحانك ونحمدك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت(1/186)
بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعها إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك إنابك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك وقد صح في دعاء الافتتاح أخبار أخر منها ما ذكر ومنها اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ومنها الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ومنها الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا قال النووي وبأيها افتتح حصل أصل السنة لكن أفضلها الأول فلو ترك الافتتاح حتى تعوذ لم يأت به لفوات محله ويأتى به المسبوق بعد تأمينه مع الإمام لقصره لا بعد جلوسه أو سجوده معه لطوله ولا ما إذا خشى عدم إكماله الفاتحة ولا المصلى على جنازة ولو غائبا أو على قبر والألف في قوله الأصابعا ورفعا ومحلا والكلا للإطلاق وكل يصح رفعه ونصبه ركعة تعوذ أي يسن بعد الافتتاح تعوذ في كل ركعة لقوله تعالى فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم أي إذا أردت قراءته ولحصول الفصل بين القراءتين بالركوع وغيره لكنه في الأولى آكد لأن افتتاح قراءته في الصلاة إنما يكون فيها ويحصل بكل ما اشتمل على التعوذ من الشيطان وأفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويستثنى المأموم إذا خاف عدم كمال الفاتحة كما مر ومقتضى كلام الشيخين استحباب التعوذ لمن أتى بالذكر لعجزه عن القراءة وإن قال في المهمات إن المتجه خلافه وخرج بقول الناظم كل ركعة ما لو فصل بين القراءتين بسجود التلاوة فإنه لا يسن إعادة التعوذ يسر بالبناء للمفعول أي يسن الإسرار في التعوذ ولو في الجهرية كالافتتاح بجامع تقدمهما على الفاتحة بخلاف خارج الصلاة فإنه يجهر به قلعا ويكفيه تعوذ واحد ما لم يقطع قراءته بكلام أو سكوت طويل(1/187)
ومع إمامه بآمين بالمدمع التخفيف وهو الأشهر وبه مع الإمالة وبه مع التشديد وهي شاذة وهو على غير الثالثة اسم فعل بمعنى استحب وعلى الثالثة بمعنى قاصدين ذلك قال النووي هي شاذة لكن لا تبطل بها الصلاة لأن القصد بها الدعاء جهر بها في الصلاة الجهرية موافقة له أما ندب التأمين فلخبر الصحيحين إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وفيهما أيضا إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه زاد مسلم إذا قال أحدكم في الصلاة آمين على أن ندب التأمين لا يختص بالصلاة لكنه فيها آكد وأما ندب الجهر فلا تباع رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان وغيره مع خبر صلوا كما رأيتموني أصلي وأما ندب المعية فللخبرين الأولين فإن ظاهرهما الأمر بها بأن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة ولأن المأموم لا يؤمن لتأمين إمامه بل لقراءته وقد فرغت فإن لم تتفق موافقته للإمام أمن عقبه فإن لم يعلم تأمينه أو أخره عن وقته المندوب أمن قال في المجموع ولو قرأ معه وفرغا معا كفى تأمين واحد أو فرغ قبله قال البغوي ينتظره والمختار أو الصواب أنه يؤمن لنفسه ثم للمتابعة قال ولو قال آمين رب العالمين وغيره من ذكر الله كان حسنا ومتى اشتغل بغيره فات وإن قصر الفصل وجهر الأنثى والخنثى به كجهرهما بالقراءة وسيأتي في باب التأمين والجهر به يستوي فيه المنفرد وغيره إلا المأموم فيسر به لقراءة نفسه و يسن بعد الفاتحة سورة غيرها أي لغير فاقد الطهورين ذي الحدث الأكبر ومأموم سمع قراءة إمامه في الركعتين الأوليين دون غيرهما ومن سبق بالأخيرتين قراها فيهما حيث يتداركهما لئلا تخلو صلاته عن سورة ويتأدى أصل السنة بقراءة شيء من القرآن لكن السورة أفضل حتى أن السورة القصيرة أولى من قدرها من طويلة وهذا في غير التراويح أما فيها فقراءة بعض الطويلة أفضل كما أفتى به ابن(1/188)
عبد السلام وعلله بأن السنة فيها القيام بجميع القرآن ويسن لمنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل
للصبح طوال المفصل وللظهر قريب منها وللعصر والعشاء أوساطه وللمغرب قصاره ولصبح الجمعة الم تنزيل السجدة وهل أتى بكمالهما فان ضاق الوقت أتى منهما بقدر ما أمكنه وفي المفصل عشرة اقوال أصحها من الحجرات إلى عم طواله ومنها إلى الضحى أوساطه ومنها إلى آخر للقرآن قصاره والمراد بذلك بالنسبة للمجموع ويسن أن يقرأ على ترتيب المصحف فلو خالف فخلاف الأولى والمتنقل بأكثر من ركعتين إن اقتصر على تشهد له يسن له السورة في كل ركعة وإن أتى بتشهدين ففيه خلاف الأخيرتين في الفرض والجهر أي يسن الجهر بالقراءة أو سر فيها حيث أثر ببنائه للمفعول أى نقل عن السنة فيسن الجهر بها في الصبح والجمعة وأولي المغرب والعشاء وفي المقضية يعتبر فيها وقت القضاء وفي العيدين وخسوف القمر والاستسقاء والتراويح والوتر بعدها وركعتي الطواف وقت الجهر ويسن الإسرار بها للمأموم مطلقا ولغيره في الظهر والعصر وأخيرتى العشاء وأخيرة المغرب والمقضية في وقت الإسرار والجنازة وفي الراتبة ولو ليلية ويتوسط في بقية نوافل الليل بين الجهر والإسرار ويعرف بالمقايسة بهما كما أشار إليه قوله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا قال الزركشي والأحسن في تفسيره ما قاله بعض الأشياخ أن يجهر تارة ويخفي أخرى كما ورد في فعله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل ولا يستقيم تفسيره بغير ذلك لعدم تعقل الواسطة بينهما إذ حد الجهر أن يسمع من يليه والأسرار أن يسمع نفسه فإن كان به صمم وثم شاغل حرك لسانه وشفتيه بحيث لو خلا عن ذلك لسمع وعند أجنبي بها الأنثى تسر أي تسر المرأة عند الأجنبي رجلا كان أو خنثى لأن صوتها وإن لم يكن عورة على الأصح يخشى منه الفتنة فلو جهرت لم تبطل صلاتها ويكره وتجهر فيما عداه والخنثى كالأنثى قال البندنيجي وحيث قلنا المرأة تجهر فليكن جهرها دون(1/189)
جهر الرجل ه ومثلها الخنثى وكبرن لسائر انتقال أي يسن التكبير لسائر انتقالات الصلاة للإتباع رواه الشيخان مع قوله صلوا كما رأيتموني أصلي ويجهر به الإمام والمبلغ لكنما التسميع لاعتدال من الركوع بأن يقول سمع الله لمن حمده مع رفع رأسه ثم إن كان إماما أو مبلغا جهر به وإلا أسر ومعنى سمع الله لمن حمده تقبله منه فإذا اعتدل سن له أن يقول سرار بنا ولك الحمد أو ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ويسن لمنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل زيادة أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد وإن لم يرضوا كره له ذلك وإنما ندب التسميع للمأموم للإتباع كما في الصحيحين مع قوله صلوا كما رأيتموني أصلي ولأنه ذكر يسن للإمام فيسن لغيره كذكر الركوع وغيره وأما خبر إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقالوا ربنا لك الحمد فمعناه قولوا ذلك مع ما علمتوه من سمع الله لمن حمده لعلمهم بقوله صلوا كما رأيتموني أصلي مع قاعدة التأسي به مطلقا وإنما خص ربنا لك الحمد بالذكر لأنهم كانوا لا يسمعونه غالبا ويسمعون سمع الله لمن حمده ويستحب مد التكبير إلى آخر الركوع وكذا في سائر الانتقالات فيمتد التكبير من الفعل المنتقل عنه إلى الحصول في المنتقل إليه ولو فصل بينهما بجلسة الاستراحة حتى لا يخلو فعل من الصلاة عن ذكر والرجل أي الذكر الراكع جافى ندبا مرفقه وبطنه عن فخذيه للإتباع رواه مسلم وكا يفعل ذلك في ركوعه يفعله في سجوده كما سيأتي للإتباع رواه مسلم فإن ترك ذلك كره نص عليه في الأم أما المرأة والخنثى فيسن لهما ضم بعضهما إلى بعض وإلصاق بطنيهما بفخذيهما لأنه أستر لها وأحوط له كما يسوى الراكع ظهره وعنقه ندبا بحيث يصيران كالصفيحة للإتباع رواه مسلم فإن ترك ذلك كره نص عليه في الأم ويسن له جعل كفيه على ركبتيه ويأخذهما بهما منصوبتي الساقين والفخذين(1/190)
وتفرقة أصابعه تفريقا وسطا للقبلة رواه ابن حبان
في صحيحه والبيهقي ولأن ذلك أعون للمصلي فلو عجز عن جعل كفيه على ركبتيه كما ذكر أتى بالممكن أو عن وضعهما عليهما أصلا أرسلهما ولو قطع من الزندين لا يبلغ بهما الركبتين إذ به يفوت استواء الظهر بخلاف نظيره من رفع اليدين للتحرم وغيره ذكره في المجموع والوضع لليدين بعد الركبة أي يسن للمصلي إذا هوى لسجوده أن يضع ركبتيه أولا ثم يضع يديه أي كفيه على الأرض في سجوده حذو منكبيه لخبر وائل بن حجر كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه رواه الترمذي وحسنه وابنا خزيمة وحبان وصححاه ثم يسن له أيضا أن يضع جبهته وأنفه للإتباع رواه أبو داود ويضعهما دفعة واحدة وجزم به في المحرر ونقله في المجموع عن البندنيجي وغيره وفي موضع آخر منه عن الشيخ أبي حامد يقدم أيهما شاء وإنما لم يجب وضع الأنف كالجبهة وحملنا الأخبار الصحيحة الدالة على وضعه على الندب مع أن زيادة الثقة مقبولة لئلا ينافى جملة القول تفصيله وهو أمرت أن أسجد على سبعة أعظم منشورة أي يسن له في سجوده أن تكون أصابعه منشورة لا مقبوضة مضمومة لا متفرقة للكعبة أي القبلة للإتباع فيهما وحيث استحب نشر الأصابع فالسنة فيها التفريج المقتصد إلا في السجود فإنها تضم ولا تفرق لأن التفريق عدول عن القبلة ويسن أن تكون مكشوفة وإنما لم يجب كشفها كالجبهة لأنها إنما تكشف للحاجة فكانت كالقدم ورفع بطن ساجدا عن فخذيه أي يسن للذكر الساجد رفع بطنه عن فخذيه ومرفقيه عن جنبيه لما مر مفرقا كالشبر بين قدميه أي يسن للمصلي أن يفرق بين قدميه في قيامه وركوعه واعتداله وسجوده تفريقا وسطا بأن يكون بينهما قدر شبر فيكون تفريق ركبتيه في سجوده بقدر شبر وجلسة الراحة خففتها أي يندب تخفيف جلسة الاستراحة بأن تكون بقدر الجلوس بين السجدتين ويكره تطويلها بأن يزيد على ذلك فلا تبطل به الصلاة واجعل ذلك في كل(1/191)
ركعة تقوم عنها للخبر الصحيح وشمل كلامه ما لو صلى أربع ركعات بتشهد فإنه يجلس للاستراحة في كل ركعة يقوم عنها لأنها ثبتت في الأوتار فمحل التشهد أولى ولو فعلها المأموم دون إمامه أو عكسه لم يضر تخلفه لأنه يسير بخلاف التشهد الأول ولا تسن بعد سجدة التلاوة في الصلاة ولا للمصلي قاعدا وهي فاصلة بين الركعتين كالتشهد الأول وجلوسه وسبح إن بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ركعت أو إن تسجد أي يندب للمصلي التسبيح في ركوعه وسجوده بأن يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم وفي سجوده سبحان ربي الأعلى للإتباع ويسبح في كل منهما ثلاثا ويحصل أصل السنة في كل منهما بواحدة والثلاث أدنى الكمال وأكمله لمنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل إحدى عشرة ويندب أن يضيف إليه وبحمده كما جزم به في التحقيق ويزيد منفرد وإمام محصورين راضين في الركوع اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين وفي السجود اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين رواه مسلم وضع ندبا على الفخذين في التشهد يديك قريبا من ركبتيه اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى واضمم ناشرا أصابع يسراكا ليتوجه جميعها للقبلة لا متفرقة واقبض سوى سبابة وهي التي تلى الإبهام يمناكا وذلك(1/192)
بأن تقبض من يمناك الخنصر والبنصر والوسطى وترسل السبابة وتضع الإبهام على حرف راحته والألف في يسراكا ويمناكا للإطلاق وعند إلا الله أي عند بلوغ همزة إلا الله فالمهللة أي المسبحة ارفع لتوحيد الذي صليت له لتجمع في توحيده بين القول والفعل والاعتقاد وتكون منحنية قليلا لأنه أبلغ في الخضوع وخصت المسبحة بذلك لأن لها اتصال بنياط القلب فكأنها سبب لحضوره ولا يسن تحريكها بل يكره وما ورد من تحريكها محمول على بيان الجواز لأنه فعل خفيف ويندب كون رفعها للقبلة وأن ينوي به الإخلاص بالتوحيد وأن يقيمها ولا يضعها ويكره رفع مسبحة اليسرى لفوات سنة بسطها ولهذا لم يرفعها ولا غيرها لو قطعت اليمنى وسميت سبابة لأنه يشار بها عند المخاصمة والسب وتسمى أيضا بالمسبحة لأنه يشار بها إلى التوحيد والتنزيه إذ التسبيح التنزيه والثان بحذف الياء للتخفيف من تسليمه أي تسن للأخبار بذلك وأما أخبار التسليمة الواحدة فضعيفة أو محمولة على بيان الجواز وأيضا فأخبار الثنتين زيادة ثقة فيجب قبولها وقد يجب الاقتصار على واحدة إذا عرض له عقبها منافي الصلاة كأن خرج وقت الجمعة بعد الأولى أو انقضت مدة المسح أو شك فيها أو تخرق الخف أو نوى القاصر الإقامة أو انكشفت عورته أو علم خطأ اجتهاده ولا تسن زيادة وبركاته على الصحيح والتسليمة الثانية من توابع الصلاة لا أنها منها وإلا بطلت بوجود منافيها قبلها التفاته أي يسن التفات المصلي في تسديمتيه في الأولى حتى يرى خده الأيمن وفي الثانية الأيسر للإتباع ويسن أن يبتدىء بالتسليمة مستقبل القبلة ثم يلتفت بحيث يكون انقضاؤها مع تمام الالتفات والابتداء باليمين مستحب و يسن لكل مصل نية الخروج من صلاته بالتسليمة الأولى مقارنة لها كتكبيرة التحرم خروجا من خلاف من أوجبها كنية التحرم لأن السلام ذكر واجب في أحد طرفي الصلاة كالتكبير وأجاب من لم يوجبها بالقياس على سائر العبادات حيث لا يجب فيها نية الخروج لأن النية(1/193)
تليق بالإقدام دون الترك ولأن السلام جزء من أجزاء الصلاة غير أولها فلم يفتقر إلى نية تخصه كسائر الأجزاء ولهذا لايضر الخطأ في تعيين غير ما هو في كما لو دخل في ظهر وظنها في الركعة الثانية عصرا ثم تذكر في الثالثة صحت صلاته ويسن للمأموم أن يسلم بعد تسليمتي إمامه ولو قارن سلامه سلام إمامه جاز مع الكراهة ينوي الإمام ندبا حاضريه بالسلام على من التفت إليه من ملائكة ومسلمي إنس وجن بأن ينويه بمرة اليمين على من عن يمينه وبمره اليسار على من عن يساره وبأيتهما شاء على من خلفه وبالأولى أفضل وكالإمام في ذلك المأموم والمنفرد وهم أي المأمومون نووا ندبا ردا على هذا الإمام فينويه منهم من على يمينه بالتسليمة الثنية ومن على يساره بالأولى ومن خلفه بأيتهما شاءوا وبالأولى أفضل ويندب أن ينوي بعض المأمومين الرد على بعض ويندب درج السلام فلا يمده مدا ولما فرغ من سننها ذكر شروطها فقال شروطها الشروط جمع شرط وهو لغة العلامة واصطلاحها ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم وهي اثنا عشر على ما ذكره المصنف أولها الإسلام فلا تصح من كافر كغيرها من العبادات و ثانيها التمييز للسبع من السنيه في الغالب فلا تصح من غيرمميز كمجنون لعدم أهليته للعبادة و ثالثها التمييز وفي هذا البيت من أنواع البديع الجناس التام المماثل وهو أن يتفق اللفظان من نوع واحد في أنواع الحروف وأعدادها وهيئاتها وترتيبها ومنه قوله تعالى ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة للفرض من نفل لمن يشتغل(1/194)
بالفقه وهو غير العامي فلو اعتقد أن جميع أفعالها سنة أو بعضها فرض وبعضها سنة ولم يميز لم تصح صلاته قطعا والفرض لا ينوى به التنفل اي من العامي الذي لا يميز فرائض الصلاة من سننها بأن يعتقد أن جميع افعالها فرض أو بعضها فرض وبعضها سنة ولم يقصد التنفل بما هو فرض فقد قال الغزالي في فتاويه العامي الذي لا يميز فرائض صلاته من سننها تصح صلاته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض فإن نوى النفل بفرض لم يحتسب به فلو غفل عن التفصيل فنيه الجملة في الابتداء كافية حكاه عنه النووي في الروضة وغيرها وقال وهو الصحيح الذي يقتضيه ظاهرا أحوال الصحابة فمن بعدهم ولم ينقل انه عليه الصلاة والسلام ألزم الأعراب ذلك ولا أمر بإعادة صلاة من لم يعلم ذلك و رابعها طهر مالم يعف عنه من خبث أي نجس مغلظا كان أو متوسطا أو مخففا ثوبا أي في ثوب المصلي مكانا أي مكانه بدنا أي بدنه لقوله تعالى وثيابك فطهر ولخبر الصحيحين إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي ولخبر تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبرمنه ثبت الأمر باجتناب الخبث وهو لا يجب في غير الصلاة فيجب فيها والأمر بالشيء نهى عن ضده والأصل في النهي الفساد على أنه صحح في الروضة كأصلها تحريم التضمخ بالخبث في البدن والثوب بلا حاجة في غير الصلاة أيضا وصحح في التحقيق تحريمه به في البدن دون غيره ومراده بالبدن ما يعم ملاب من الثوب ليوافق ما في الروضة وأصلها فلو تنجس ثوبه بما لا يعفى عنه ولم يجد ما يغسله به وجب قطع موضع النجاسة إن لم تنقص قيمته أكثر من أجرته وأن جهل مكانها في جميع البدن أو الثوب وجب غسل جميعه لأن الأصل بقاء النجاسة ما بقي منه جزء بغير غسل ومن مس بعضه رطبا لم يتنجس ولو شق الثوب نصفين لم يجز التحري ولو غسل نصفه أو نصف ثوب متنجس بالصب عليه في غير إناء ثم غسل النصف الباقي مع ما جاوره طهر كله ولو اقتصر عليه دون المجاور فالمنتصف باق على تنجسه(1/195)
فإن غسله في أناء لم يطهر إلا بغسله دفعة واحدة كما في المجموع ولو وقعت نجاسة في موضع ضيق كبساط أو بيت وأشكل وجب غسله كله أو واسع كالصحراء اجتهد ولو تنجس أحد كمي الثوب أو أحدى يديه وأشكل فغسل أحدهما بالاجتهاد وصلى لم تصح صلاته إلا إن فصل احد الكمين قبل الاجتهاد وإن اشتبه ثوبان فغسل أحدهما بالاجتهاد فله الصلاة فيهما ولو جمعهما عليه فإن تحير أجتنبهما فلو لم يجد غيرهما ولا ماء يغسلهما به صلى عاريا واعاد وتبطل صلاة من لاقي ثوبه أو بدنه أو محمولة نجسا وإن لم يتحرك بحركته كمن قبض على حبل متصل بميته أو مشدود بكلب أو بساجوره أو بدابة حاملة نجسا أو بسفينة فيها نجس إن انجرت بجره وأن لا تبطل كما لو جعل الحبل تحت رجله و خامسها الطهارة من حدث أكبر أو أصغر فتبطل بغير الحدث الدائم وإن سبقه بلا اختيار كمن تنجس ثوبه أو تخرق خفه أو أبعدت الريح ثوبه بلا تقصير فإن نحى النجاسة أو رد الثوب فور لم يضر وإن نحاها بكمه بطلت والأصل في ذلك خبر مسلم لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولخبر إذا فسى أحدكم في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليعد صلاته فلو صلى بلا طهارة ناسيا أثيب على قصده دون فعله إلا القراءة والذكر ونحوهما مما لا يتوقف على الطهر فإنه يثاب على فعله ونظر ابن عبد السلام في أثابة الجنب الناسي على القراءة سادسها ستر العورة كما قال وغير حرة من رجل حرا كان أو رقيقا بالغا أو صبيا وأمة ومبعضة وخنثى إذا كان رقيقا عليها وجوبا الستره لعورة ولو كان المصلى في خلوة وظلمة ويجب سترها خارج الصلاة أيضا بين الناس وكذا في خلوة وظلمه لأن الله أحق أن يستحيى منه ولا يجب في غير الصلاة ستر عورته عن نفسه بل نظره اليها مكروه ويباح كشفها لغسل ونحوه خاليا وهي من ركبة لسره(1/196)
أما الرجل فلخبر عورة المؤمن ما بين سرته الى ركبته وإن كان في سنده رجل مختلف فيه فله شواهد تجبره وقيس بالرجل الأمة بجامع أن رأس كل منهما ليس بعورة وروى إذا زوج احدكم أمته عبده أو أجيره فلا تنطر الأمة إلى ما دون السرة وفوق الركبة ويوخذ من كلامه أن الركبة والسرة ليستا من العورة لكن يجب ستر بعضهما ليحصل سترها وحرة ولو صغيرة عليها ستر جميع بدنها وجوبا لا الوجه والكف ظهرا وبطنا إلى الكوعين لقوله تعالى ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال ابن عباس وغيره وجهها وكفيها ولخبر لا يقبل الله صلاة حائض أي بالغة إلا بخمار ويؤخذ منه ومن قوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد يعني الثياب في الصلاة كما قاله ابن عباس اشتراط ستر العورة وإنما لم يكن الوجه والكفان عورة لأن الحاجة قد تدعو إلى إبرازهما أما الخنثى الحر فكالحرة حتى لو اقتصر على ستر عورة الرجل لم تصح صلاته على الأصح في زوائد الروضة وفي المجموع هنا أنه الأفقه للشك في الستر سواء كان ذلك في الابتداء أو طرأ في الأثناء وإن صحح في التحقيق صحتها ونقل في المجموع في نواقص الوضوء عن البغوي وكثير القطع به للشك في عورته بما لا يصف اللون للبشرة للرائى بمجلس التخاطب وإن وصف الحجم ولو كان كدرة ما لحصول الستر بذلك وصورته في الماء فيمن يمكنه الركوع والسجود وفي صلاة الجنازة فلو قدر أن يصلى في الماء ويسجد على الشط لم يلزمه للمشقة أما مالا يمنع وصف اللون كزجاج فلا يكفى وشرط الساتر أن يشمل المستور لبسا ونحوه كالتطيين فلا تكفى الخيمة الضيقة ونحوها ويكفى الجب الضيق الرأس كثوب واسع الذيل والحفرة إذا لم يرد عليها ترابها كحب واسع الرأس ولا تكفى الظلمة وإن منعت وصف اللون وكذا الاصباغ التي لا جرم لها من حمرة وصفرة وغيرهما بخلاف ما له جرم وخرج بالكدر الصافي فلا يكفي إلا إذا غلبت خضرته ويكفي الستر بلحاف التحف به امرأتان وبازارا تزر به رجلان ولو فقد الثوب ونحوه لزمه(1/197)
التطين ويجب الستر من الأعلى والجوانب لا من الأسفل فلو صلى على طرف سطح في قميص متسع الذيل يرى الواقف تحته عورته منه صحت صلاته ولو كانت عورته بحيث ترى من طوقه في ركوع أو غيره لم تصح فليزره أو يشد وسطه ولو ستر بلحيته أو ستر خرق ثوبه بكفه كفى ولو عدم السترة أو وجدها متنجسة ولا ماء يغسلها أو حبس على نجاسة واحتاج فرش سترة عليها صلى عاريا وأتم الأركان ولا إعادة ولو وجد بعض سترة لزمه البداءة بالسوأتين القبل والدبر فإن وجد أحدهما تعين القبل والخنثى يبدأ بما شاء من قبليه والأولى أن يستر ذكره عند النساء وفرجه عند الرجال ولو أمر بدفع سترة لأولى الناس قدمت المرأة الخنثى أما مالك السترة المحتاج إليها فلا يؤثر بها غيره فإن آثره وصلى عاريا لم تصح صلاته وسابعها ما ذكره بقوله وعلم اوظن بحذف الهمزة للوزن لوقت دخلا ليصح تحريمه بصلاة ذلك الوقت فلو صلاها بدون ذلك لم تصح وإن وقعت في وقتها واستقبلن أي وثامنها استقبال الكعبة القادر عليه فلا تصح صلاته بدونه إجماعا لقوله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره اي جهته والاستقبال لا يجب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها ولخبر الصحيحين إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة وعبد وخبرهما ط أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين قبل الكعبة وقال هذه القبلة مع خبر صلوا كما رأيتموني اصلي وقيل بضم القاف والباء الموحدة ويجوز أسكانها وأما خبر الترمذي ما بين المشرق والمغرب قبله فمحمول على أهل المدينة ومن داناهم أما العاجز عنه كمريض لم يجد من يوجهه ومربوط على خشبة فيصلي على حسب حاله ويعيد والمعتبر الاستقبال بالصدر لا بالوجه أيضا لأن الالتفات به غير مبطل للصلاة وإنما هو مكروه لا في قتال حللا أي أبيح في شدة الخوف كقتال المسلمين للكفار وأهل العدل للبغاة والرفقة لقطاع الطريق فلا يشترط الاستقبال فيه في الفرض ولا في النفل للضرورة كما يأتى(1/198)
في صلاة الخوف وألف
دخلا وحلالا لإطلاق او نافلات سفر مباح وإن قصر ولو عيدا واستسقاء فلا يشترط الاستقبال فيها فله أن يصليها صوب مقصدة المعين راكبا أو ماشيا لأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به أي في جهة مقصده رواه الشيخان وفي رواية لهما غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة وفي رواية للبخاري ط فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل وقيس بالراكب الماشي والسفر القصير قال الشيخ أبو حامد وغيره مثل أن يخرج إلى ضيعه مسيرتها ميل أو نحوه والقاضي والبغوي أن يخرج إلى مكان لا يلزمه فيه الجمعة لعدم سماعه النداء وهما متقاربان نعم راكب نحو سفينه أو هودج يجب عليه الاستقبال وإتمام الأركان لتمكنه منهما ويستثنى منه ملاح السيفينة الذي يختل سيرها بدونه فلا يشترط استقباله ومن ركب على سرج أو نحوه لا يلزمه الاستقبال إلا عند إحرامه إن سهل عليه كأن كانت دابته سهلة غير مقطورة أو يستطيع الانحراف بنفسه بخلاف ما أذا عسر عليه كأن كانت عسرة أو مقطورة أو لا يستطيع الانحراف فلا يلزمه الاستقبال في أحرامه أيضا للمشقة واختلال امر السير عليه قال ابن الصباغ والقياس أنه ما دام واقفا لا يصلي إلا إلى القبلة قال في المهمات وهو متعين وفي الكفاية أنه لو وقف لاستراحة أو انتظار رفقة لزمه الاستقبال ما دام واقفا فإن سار أتم صلاته إلى جهة سفره إن كان سفره لأجل سير الرفقة ة وإن كان مختارا له بلا ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهى صلاته لأنه بالوقوف لزمه فرض التوجه وفي المجموع عن الحاوي نحوه اهأما الماشي فيستقبل في إحرامه وركوعه وسجوده وجلوسه بين السجدتين ويلزمه أتمامها وله المشي في القيام والتشهد والاعتدال ولو أنحرف عن مقصده إلى القبلة وأن كانت خلف ظهره لم يضر او إلى غيره عمدا ولو قهرا بطلت صلاته وكذا النسيان أو خطأ أو جماح إن طال زمنه وإلا فلا تبطل ولكنه يسجد للسهو ولو توجه إلى مقصده في غير الطريق لم(1/199)
يضر ومن لا مقصد له معين كالهائم أو له مقصد معين غير مباح كالآبق والناشزة لا رخصة له فإن بلغ المسافر المكان الذي ينقطع به السير أو بنيان بلد الإقامة لزمه أن ينزل عن دابته إن لم يستقر في نحو هودج ولم يمكنه أن يتمها مستقبلا وهي واقفة لا المار ولو بقرية له فيها أهل وله الركض لحاجة فلو أجرى الدابة أوعدا الماشي بلا حاجة بطلت ولو أوطأها نجاسة لم يضر لا أن وطئها الحاشي ناسيا وهي رطبة لا يعفى عما تعلق به منها أو عامدا ولو يابسة وإن لم يجد عنها مصرفا ويشترط في صحة صلاة الفرض الاستقرار والاستقبال وإتمام الأركان فلو صلاها في هودج على دابة واقفة وسرير يحمله رجال وإن مشوا به أو في الأرجوحة أو في الزورق الجاري صحت وتركه عمدا كلاما للبشر تاسعها الإمساك عن الكلام عامدا بما يصلح لخطاب البشر وإن لم يقصد خطابهم أو تعلق بمصلحة الصلاة كقوله للإمام لم تصل إلا ثلاثا بطلت صلاته والأصل فيه ما رواه مسلم عن زيد بن ارقم كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام وعن معاوية بن الحكم بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أماه ما شأنكم تنظرون إلى مجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني سكت فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس وخرج بالعمد ما لو سبق لسانه إليه فلا تبطل بقليله وتبطل بكثيره وما لو كان جاهلا بتحريمه لقرب عهده بالإسلام أو نشئته بعيدا عن العلماء او جهل تحريم ما أتى به مع علمه بتحريم الكلام أو جهل كون التنحنح مبطلا على الأصح نفاه حكمه على العوام وخرج بقوله كلام للبشر الذكر والدعاء فلا تبطل بهما إذا لم يكن فيه خطاب على ما يأتى ويرجع في القلة والكثرة للعرف ولو سلم إمامه فسلم معه ثم سلم الإمام ثانيا فقال له المأموم قد سلمت قبل(1/200)
هذا فقال له كنت ناسيا لم تبطل صلاته لأن اسلامة الأول سهوة ولا صلاة للمأموم لأنه لم يخرج منها بسلامه الأول وتكليمه الإمام سهو لأنه يظن أنه تحلل فيسلم ثانيا ويندب له سجود السهو لأنه تكلم
سهوا بعد انقطاع القدوة وفي نسخة وتركه عمدا كلاما للبشر وهي لا يناسبها ما بعدها من جهة الأعراب ثم بين المصنف كلام البشر بقوله حرفين فأكثر ولو بغير إفهام لأن ذلك من جنس كلامهم والكلام يقع على المفهم وغيره مما هو حرفان فأكثر وتخصيصه بالمفهم اصطلاح للنحاة أو حرف بمد صوتكا وإن لم يفهم نحو آو المد ألف أو واو أو ياء وهي حروف مخصوصة فضمها إلى الحرف كضم حرف آخر إليه والف صوتكا لإطلاق أو حرف مفهم نحوق من الوقاية ونحوع من الوعي لأنه كلام تام لغة وعرفا وإن أخطأ بحذف هاء السكت بخلاف غير المفهم فاعتبر فيه أقل ما بيني عليه الكلام وهو حرفان ولا تبطل الصلاة بإجابة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة اذا دعا في عصره مصليا قولا او فعلا ولا بالنذر لأنه مناجاة فهو من جنس الدعاء حيث خلا عن خطاب آدمى أو تعليق وتبطل بإنذار مشرف على الهلاك إذا لم يمكن إلا به مع وجوبه على الأصح في الروضة خلافا لما في التحقيق وإن اقتضاه كلام المجموع ولو بكره فتبطل به لأنه نادر كما لو أكره على الصلاة بلا طهارة أوقاعدا فإن الإعادة تجب وهذا بخلاف النسيان وإنما لم تبطل الصلاة بغصب ثوب المصلي لأن للغاصب فيه غرضا وفي بعض النسخ ولو بضحك او بكا أي تبطل بكل ما ذكر ولو كان ببكاء ولو من خشية الله أو ضحك أو تنحنح أو نفخ أو انين ولو من الأنف أو ذكر أو قراءة لشيء لم ينسخ لفظه وإن نسخ حكمه في غير محله أو فيه وثم قرينه صارفة تجردا للفهم عن غيره بأن قصد المصلي به تفهيم الغير فقط او لم ينو به شيئا أبدا لأنه حينئذ من كلام البشر كقوله لعاطس يرحمك الله او لبشارة الحمد لله أو لتنبيه إمامه سبحان الله أو لتبليغ الانتقال ولو من إمام او مبلغ الله أكبر و كقوله(1/201)
لجماعة يستأذنون أدخلوها بسلام آمنين بخلاف ما إذا قصد الذكر او القراءة فقط أو قصد إحدهما مع التفهيم وشمل قوله أو قراءة القرآن للفتح على إمامه ففيه التفصيل خلافا لبعضهم قال في المجموع ولو أتى بكلمات من القرآن من مواضع متفرقة كقوله يا ابراهيم سلام كن بطلت فلو اتى بها متفرقة لم تبطل ان قصدها بها القراءة اه وقضيته انه لو قصد بها القراءة في الشق الأول بطلت صلاته أي إذا لم يقصد القراءة بكل كلمة على أنفرادها ومثل الذكر والقراءة فيما ذكر الدعاء وألف تجردا يصح كونها للتثنية أو للإطلاق أو خاطب المصلي العاطس بالترحم كقوله له يرحمك الله أو رد تسليما على المسلم بقوله عليك السلام فتبطل به لأنه حينئذ من كلام البشر بخلاف قوله يرحمه الله او عليه السلام مما لا خطاب فيه وخرج بما ذكر خطاب الله ورسوله فإنه لا تبطل الصلاة به لوروده فلا في التشهد لا بسعال أو تنحنح أو ضحك أو بكاء أو نفخ أو أنين أو عطاس غلب فلم يستطع رده فلا تبطل به لأنه معذور إلا أن يكثر عرفا فتبطل به حينئذ كما قال الشيخان في الضحك والسعال والباقي في معناهما وما بحثه جمع متأخرين كالأسنوى من عدم بطلانها مع الكثرة يمكن حمله على من صار ذلك عادة مزمنه له والأول على خلافه بأن كان يوجد وقتا دون آخر مع تمكنه من فعلها زمن خلوة عنها أو دون ذين لم يطق ذكرا وجب أي لا تبطل صلاة من لم يطق ذكرا واجبا أي اتيانه به كالفاتحة أو بدلها من قرآن أو ذكر أو تشهد أخير أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه بدون السعال والتنحنح وخرج بذلك ما لو لم يطق الجهر به ولو مبلغا أو النطق بالذكر المندوب كالسورة والقنوت بدون التنحنح والسعال فأتى به وخرج منه حرفان فإن صلاته تبطل به كما علم مما مر أيضا لأنه ليس بعذر إذ هو سنة بخلاف الواجب(1/202)
الذي لا تصح الصلاة إلا به وإن تنحنح الإمام في صلاته فبدا منه حرفان فأكثر فالأولى للمأموم دواء الاقتدا به في تلك الصلاة لا مفارقته إذ الأصل بقاء العبادة على صحتها وعدم المبطل حتى يتحقق والظاهر أنه معذور و عاشرها ترك فعله الكثير الذي ليس من جنس الصلاة ولو بسهو مثل موالاة ثلاث خطو ولو بقدر خطوة واحدة أو ثلاث ضربات متوالية سواء كانت الفعلات من جنس واحد كما مر أم جنسين أم أجناس كضربة وخطوة وخلع نعل فإن لم يترك المصلي ذلك بطلت صلاته لاشعاره بالإعراض عن الصلاة والسهو لا يؤثر في خطاب الوضع ويعفي عن الأفعال الكثيرة في صلاة شدة الخوف واحترز بقوله الكثير عن الفعل القليل عرفا غير ما مر كإشارة برد سلام وخلع نعل ولبس ثوب خفيف ونزعه وفعلتين كضربتين فلا تبطل ولو عمدا لأنه صلى الله عليه وسلم فعل القليل وأذن فيه فأخذ بأذن ابن عباس وهو في الصلاة فأداره عن يساره إلى يمينه وسلم عليه نفر من الأنصار فرد عليهم بالإشارة وخلع نعليه في الصلاة ووضعهما عن يساره وصلى وهو حامل أمامه بنت أبي العاص من ابنته زينب فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها رواه الشيخان زاد مسلم وهو يؤم الناس في المسجد وأذن في تسوية الحصا وأمر بقتل الأسودين الحية والعقرب في الصلاة وفارق الفعل القول حيث يستوى قليله وكثيره في الإبطال بأن الفعل يتعذر أو يتعسر الاحتراز منه فيعفى عن القدر الذي لا يخل بالصلاة بخلاف القول واحترز بقوله موالاة عن الأفعال المتفرقة فلا تؤثر كما لو خطا خطوة ثم بعد زمان خطا أخرى وهلم جرا لما مر في خبر أمامه وحد التفريق أن يعد الثاني منقطعا عن الأول عرفا ولو نوى فعلات متواليات وفعل واحدة بطلت صلاته وخرج بقوله مثل موالاة إلى آخره الحركات الخفيفة كتحريك أجفانه أو أصابعه في سبحه أو حك أو عد واليد قارة في محل واحد فلا تؤثر لأنها لا تخل بنظم الصلاة بخلاف ما إذا حرك اليد ثلاثا فتبطل به إلا أن يكون به حكة لا يمكنه الصبر عنها(1/203)
ومراليد وجذبها مرة واحدة وكذا رفعها عن الصدر ووضعها على محل الحك أما إذا فعل في صلاته غيرها من جنسها كزيادة ركوع لا للمتابعة فإن لم كان عامدا بطلت أو ناسيا فلا وخطو مصدر خطا يخطو و ترك وثبة تفحش بل لا تكون إلا فاحشة أي أو تصدر للعب ولو غير وثبة فإن لم يترك ذلك بطلت صلاته لمنافاة كل منهما للصلاة و حادي عشرها المفطر للصائم وإن قل أي تركه فتبطل بالمفطر كبلع ذوب سكرة لإشعاره بالاعراض عنها إلا أن يكون ناسيا أو جاهلا تحريمه فلا تبطل به إلا أن يكثر عرفا فتبطل به وفارق نظيره في الصوم بأن المصلي متلبس بهيئه يبعد معها النسيان بخلاف الصائم وأن الصلاة ذات أفعال منظومة والفعل الكثير يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف و ثاني عشرها نية الصلاة إذ تغير فتبطل بتغييره لها فإن لم يترك ذلك كأن نوى الخروج منها ولو في ركعة أخرى بطلت لمنافاة نيته قصده بخلاف ما لو نوى في الأولى أن يفعل في الثانية منافيا للصلاة كأكل فلا تبطل والفرق أنه غير جازم بالنية وناوي الفعل في الثانية جازم والحرام فعل منافي ولم يوجد وحاصلة أن منافي النية يؤثر في الحال ومنافي الصلاة إنما يؤثر عند وجوده بأن يشرع فيه فلو نوى فعلات متوالية وفعل واحد بطلت صلاته وكأن تردد في قطعها أو علقه بشيء وإن لم يعلم وجوده لمنافاته الجزم كتعلق قطع الإيمان ولا عبر ة بما يجرى في الفكر أنه لو تردد كيف يكون الحال فإن الموسوس قد يبتلي به وقد يقع في الإيمان فلا عبرة به وكأن نقل النية من فرض إلى فرض آخر أو من فرض إلى نفل بلا مسوغ أو من نفل إلى نفل آخر وخالفت الصلاة فيما تقرر الصوم والاعتكاف فلا يبطلان بشيء منه لأن الصلاة يتعلق تحرمها وتحللها بالاختيار فيكون تأثرها بضعف النية فوق تأثر الصوم ولأنها ا أفعال وهي أحوج(1/204)
إلى النية من الترك والحق الاعتكاف بالصوم لأنه أشبه به ومثلهما الحج والعمرة ولما كان الفعل القليل قد يندب في الصلاة ذكره بقوله ندبا لما ينوبه يسبح الذكر كتنبيه امامه وأذنه لداخل وانذاره أعمى وهي أي الأنثى ومثلها الخنثى بظهر كفها تصفح أي تصفق لذلك ندبا بضرب ظهر كفها اليمنى على بطن اليسرى أو ظهر كفها اليسرى على بطن اليمنى أو ظهرها او بضرب بطن كفها اليمنى على ظهر اليسرى أو عكسه كحبر الصحيحين من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه أو انما التصفيق للنساء فلو صفق الرجل وسبح غيره جاز مع مخالفتهما السنة ومحل التسبيح أخذا مما مر إذا قصد الذكر ولو مع الإعلام وإلا ر والتسبيح والتصفيق مندوبان لمندوب وواجبان لواجب وجائزان لجائز ولا ينبغي للأنثى ضرب بطن كفها على بطن كفها الأخرى فإن فعلت ذلك عمدا مع العلم بتحريمه على وجه اللعب بطلت الصلاة ولو بمرة واحدة كما علم مما مر ويندب أن يصلي الشخص إلى سترة كجدار أو سارية أو عصا مغرورة ويميلها عن وجهه فإن لم يجد افترش مصلى فإن لم يجد خط خطا ويعتبر في السترة أن يكون بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل وكون أرتفاع الشاخص ثلثي ذراع فأكثر قال في المهمات والقياس ان بين المصلي والخط كقدر السترة وحينئذ فيحرم المرور بين المصلي وسترته وإن لم يجد المار سبيلا وللمصلي وغيره حينئذ الدفع بل يندب وإن أدى إلى قتله بالتدريج نعم لو رأى فرجه أمامه خرق الصفوف ليصلها ولا تبطل صلاته بمرور شيء بين يديه ومحل تحريم المرور إذا لم يقصر المصلي فإن قصر كأن وقف بقارعة الطريق فلا تحريم بل ولا كراهة كما قاله في الكفاية أخذا من كلامهم وحينئذ فلا دفع فإن لم يصل إلى سترة أو تباعدا عنها فوق ثلاثة أذرع أو كانت دون ثلثي ذراع لم تحصل السنة ولم يحرم مرور ولم يكن له الدفع ويبطل االصلاة ترك الركن من اركانها كالاعتدال والجلوس بين السجدتين ولو في النافلة لأن الماهية تنتفي بنفي جزء من(1/205)
أجزائها أو فوات شرط من شروط قد مضوا أي ويبطلها أيضا فوات شرط من شروط لها قد مضت كاستقبال القبلة لاستحالة حصول المشروط بدون شرط من شروطه ولما فرغ من ذكر شروطها ذكر مكروهاتها فقال مكروهها بكف ثوب أو شعر بدرج الهمزة للوزن لخبر أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوبا ولا شعرا والمعنى في النهي عن كفه أنه يسجد معه والنهي لكل من صلى كذلك سواء أتعمده للصلاة أم كان قبلها لمعنى وصلى على حاله ومن ذلك أن يصلي وشعره معقوص أو مردود تحت عمامته أو كمه مشمر ورفعه وما عطف عليه إلى آخره يجوز جره عطفا على المجرور بالباء ورفعه عطفا على الجار والمجرور فإنه في محل رفع خبر قوله مكروهها إلى السماء بالبصر لخبر ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم لينتهن عن ذلك أو لتحفظن أبصارهم ولخبر الحاكم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون فطأطأ رأسه ووضعه يدا على خاصرته لخبر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يصلي الرجل مختصرا والمرأة في ذلك كالرجل ولخبر ط الأختصار في الصلاة راحة اهل النار يعنى فعل اليهود والنصارى وهم أهل النار لأنه فعل المتكبرين ويقال ان إبليس أهبط من الجنة كذلك ويستثني ما إذا وضعها لحاجة كعلة بجنبه ومسح ترب وحصا عن جبهته لخبر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوى التراب حيث يسجد أن كنت فاعلا فواحدة وحطه أي المصلي اليدين في الأكمام أي وضع يديه في كميه أو غيرهما في حالة السجود والإحرام لأن كشفهما أنشط(1/206)
للعبادة وأبعد عن التكبر وظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين البرد والحر وغيرهما قال في الأم أحب أن يباشر براحتيه الأرض في الحر والبرد والنقر في السجود كالغراب أي كما ينقر بمنقاره فيما يريد التقاطه والمراد كراهة تخفيف المصلى سجوده بحيث لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منفاره على الأرض لخبر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نقر الفراب وافتراش السبع وجلسه الاقعاء كالكلاب في جميع جلسات الصلاة بحيث تكون ألتياه مع يديه بالأرض لكن ناصبا ساقيه للنهي عنه وما ذكره في تعبيره من وضع يديه على الأرض تبع فيه أباه عبيدة معمر بن المثنى وظاهر كلام الشيخين وغيرهما أن كراهته لا تتقيد بذلك ومعناه أن يلصق ألييه بالأرض وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستو فزووجه النهي عنه ما فيه من التشبيه بالكلاب والقردة كما وقع التصريح به في بعض الروايات والالتفات يمينا أو شمالا من غير تحويل صدره عن القبلة لخبر البخاري عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الألتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ولخبر أبي هريرة رضي الله عنه أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث نهاني عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب لا لحاجة له أي الالتفات فلا يكره لخبر أنه صلى الله عليه وسلم كا في سفر فارسل فارسا إلى شعب من اجل الحرس فجعل يصلي وهو يلتفت إلى الشعب والبصق لليمين أو للقبلة لخبر إذا كان احدكم في الصلاة فإنه يناجى ربه فلا يبصقن بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم ان كان في المسجد بصق في ثوبه وفركه أو حك بعضه ببعض أو في غيره بصق في ثوبه أو تحت قدمه والاول أولى والبصاق في المسجد حرام يجب الإنكار على فاعله وعلى من دلكها بأسفل نعله المتنجس أو مس به قذرا لأنه ينجس المسجد أو بقذرة وينبغي كما قاله بعض المتأخرين أن يشتثني من كراهة البصاق عن يمينه ما إذا كان في مسجده صلى الله(1/207)
عليه وسلم فإن بصاقه عن يمينه أولى لأن النبي صلى الله عليه وسلم عن يساره ومما يكره أيضا وضع يده على فمه بلا حاجة والقيام على رجل من غير حاجة والمبالغة في خفض الرأس في ركوعه والإشارة بما يفهم لا لحاجة كرد سلام ونحوه والجهر في غير موضعه والإسرار في غير موضعه والجهر خلف الإمام باب سجود السهو قبيل تسليم من الصلاة ولو نافلة تسن سجدة تاه لخبر إذا شك أحدكم فلم يدر أصلى ثلاثا أم أربعا فليلق الشك وليبن على اليقين وليسجد سجدتين قبل السلام فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافله له وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما للصلاة والسجدتان ترغمان أنف الشيطان ط رواه أبو داود بإسناد صحيح ومسلم بمعناه ثبت به سنية السجود وأنه سجدتان وأنه قبل السلام أي بحيث لا يتخلل بينهما شيء من الصلاة كما افاده تصغير الناظم لقبل وإنما لم يجب السجود كجبر الحج لأنه لم يشرع لترك واجب بخلاف جبر الحج ويدل لكون قبل السلام أيضا أخبار أخر كخبر أنه صلى الله عليه وسلم بهم الظهر فقام من الأوليين ولم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم وقال الزهري إنه آخر الأمرين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنه سجود وقع سببه في الصلاة فكان فيها كسجود(1/208)
التلاوة ولأنه لمصلحة الصلاة فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة منها ولا فرق في كونه قبل السلام بين كونه لنقص أو زيادة أولهما وأما خبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا وسجد للسهو بعد السلام فأجاب عنه أئمتنا بأنه تدارك للمتروك قبل السلام سهوا لما في خبر أبي سعيد الآمر بالسجود قبل السلام من التعرض للزيادة وسجدتا السهو كسجدتى الصلاة في واجباتهما ومندوباتهما وحكى بعضهم أنه يقول فيهما سبحان من لا ينام ولا يسهو وهو لائق بالحال فإن تركهما وسلم فإن كان عامدا لم يعد إليهما وكذا إن كان ساهيا وطال الفصل وإن تذكر عن قرب فله العود ثم يسلم لخبر أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا فلما انتقل قيل له ذلك فسجد سجدتين ثم سلم وإذا سجد بان أن السلام لم يكن محللالا كتذكرة ترك ركن بعد السلام حتى لو أحدث أو تكلم عمدا قبل السلام بطلت صلاته ولو نوى الإقامة لزمه الإتمام ولو خرج وقت الجمعة كملها ظهرا لكن يحرم العود اليه إن ضاق الوقت لإخراجه بعض الصلاة عن وقتها ذكره البغوي في قتاويه في المجمع والقاصر وبما تقرر علم أنه تبين بعوده إلى السجود أنه لم يخرج من الصلاة لاستحالة الخروج منها ثم العود إليها بلا تحرم وبه صرح الإمام وغيره وإنما يسن السجود لأحد أمرين أولهما لسهو ما يبطل عمده الصلاة دون سهوه كزيادة ركوع أو سجود بخلاف ما يبطلها سهوه أيضا ككلام كثير لأنه ليس في صلاة وبخلاف سهو ما لا يبطلها عمدة كالتفات وخطوتين لأنه صلى الله عليه وسلم فعل الفعل القليل فيها ورخص فيه كما مر ولم يسجد ولا أمر به وشمل كلامه ما أفتى به القفال من أنه لو قعد للتشهد الأول يظن أنه الثاني فقال ناسيا السلام أي ناويا به الخروج من الصلاة فقبل أن يقول عليكم تنبه فقام فإنه يسجد للسهو فإن لم ينوى به الخروج من الصلاة لم يسجد للسهو وهو محمل ما أفتى به البغوي وعلله بأنه لم يوجد منه خطاب والسلام اسم من أسماء الله تعالى فلا يبطل(1/209)
عمدة الصلاه ويستثنى من منطوق كلامه انحراف المتنفل في السفر عن مقصده إلى غير القبلة ناسيا مع عوده على الفور فلا يسجد له على ما في الروضة والمجموع والتحقيق مع أن عمده مبطل لكن صحح في الشرح الصغير السجود قال الأسنوى وغيره إنه القياس وقال في البهجة في الاستقبال إنه الأصح ومن مفهومه ما سيأتى في كلامه من نقل الركن القولى وما لو قنت قبل الركوع بنية القنوت وما لو فرقهم في الخوف أربع فرق وصلى بكل فرقة ركعة أو فرقتين وصلى بفرقه ركعة وبأخرى ثلاثا وترك بعض أي ثانيهما أنه يسجد لترك بعض من أبعاض الصلاة المتقدمة عمدا أو لذهل بالمعجمة ودرج الهمزة للوزن أي لذهول وهو السهو أما التشهد الأول فلأنه صلى الله عليه وسلم تركه ناسيا وسجد قبل أن يسلم رواه الشيخان وقيس بالنسيان العمد بجامع الخلل بل خلل العمد أكثر فكان للجبر أحوج والمراد بالتشهد الأول اللفظ الواجب في الأخير اما ما هو سنة فيه فلا سجود له وقياس ما يأتى في القنوت إلحاق ترك بعضه بترك كله وشمل كلامه الفرض والنفل فلو صلى نفلا أربعا بتشهد سجد للسهو لترك التشهد الأول إن كان على عزم الإتيان به وتركه وإلا فلا كما أفتى به البغوي وإن جرى في الذخائر على خلافه ونقله ابن الرفعة عن الإمام وأما قعود التشهد الأول فلأن السجود إذا شرع لترك التشهد شرع لترك قعوده لأنه مقصود له وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه فلأنها ذكر يجب الاتيان به في الجلوس الأخير فيسجد لتركه في الأول وأما الصلاة على آله في جلوس التشهد الاخير فكالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بأن تيقن ترك إمامه لها بعد أن سلم إمامه وقبل ان يسلم هو أو بعد سلم وقصر الفصل واما القنوت وقيامه في أعتدال الثانية من الصبح والرك الأخيرة من وتر نصف رمضات الثاني فقياسا لهما على ما مر وترك بعض القنوت كترك كمله ولا يلزم من ذلك القول بتعين كلماته إذ محله ما لم يشرع في قنوت وإلا تعين لأداء السنة ما لم(1/210)
يعدل إلى بدله
وشمل كلامهم سن السجود لترك إمامه الحنفي له وهو كذلك اعلى الأصح من ان العبرة بعقيدة المأموم وصورة السجود لترك قعود التشهد الأول فقط وقيام القنوت فقط أن يحسنهما فإنه يسن له أن يقعد أو يقوم بقدره فإذا لم يفعل سجد للسهو وخرج بما ذكر قنوت النازلة فلا يسجد له لعدم تأكد أمره لأنه سنة في الصلاة لا منها أي لا بعضها والكلام فيما هو بعض منها ولو شك في ترك بعض سجد أو ارتكاب منهى فلا لا سنة أي لا يسن السجود لترك سنة من سنن الصلاة غير أبعاضها عمدا أو سهوا لأن سجود السهو زيادة في الصلاة فلا يجوز إلا بتوقيف ولم يرد إلا في بعض الإبعاض وقسنا باقيها عليه لتكافئها وبقى ما عداها على الأصل فلو فعله ظانا جوازه بطلت صلاته إلا إن قرب عهده بالإسلام أو نشأ في بادية بعيدة عن العلماء لأنه قد يعرف مشروعية سجود السهو ولا يعرف مقتضيه بل نقل ركن قولي أي بل يسن السجود لنقل ركن قولي لا يبطل عمد نقله الصلاة عن محله كقراءة الفاتحة أو التشهد أو بعضهما في غير محلهما من ركن طويل أو قصير لم يبطل بذلك وسواء اكان عمدا أم سهوا لتركه التحفظ المأمور به في الصلاة مؤكدا كترك التشهد الأول أما ما يبطلها تعمد نقله كالسلام فداخل في قوله ما يبطل عمده الصلاة وخرج بنقل الركن نقل غيره كتسبيح ركوع أو سجود أو سورة نعم يسن السجود لنقل القنوت كما مر وكل ركن قد تركت إيها المصلي ساهيا ما بعده لغو لوقوعه في غير محله إلى أن تأتيا بمثله من ركعة أخرى وتأتى بمجرد التذكر بما تركته وأن لم تتذكر حتى فعلت مثله مما شملته نية الصلاة وألف تأتيا للإطلاق فهو ينوب عنه أي المتروك لوقوعه في محله ولو بقصد النقل تفعلنه كأن جلست للتشهد الأخير وأنت تظنه الأول ثم تذكرت عقبة فإنه يجزىء عن الفرض هذا إذا عرف عين الركن وموضعه فإن لم يعرف أخذ باليقين وأتى بالباقي على الترتيب وسجد للسهو وإن كان المتروك النية أو تكبيرة الإحرام أو جوز أن يكون أحدهما(1/211)
استأنف الصلاة والشك في ترك الركن قبل السلام كتيقن تركه فلو تيقن ترك سجدة من الركعة الأخيرة سجدها وأعاد تشهده أو من غيرها او شك فيهما لزمه ركعة ولو علم في قيام ثانية ترك سجدة فإن كان جلس بعد سجدته و او للاستراحة سجدوا وإلا فليجلس مطمئنا ثم يسجدوا ولو علم في آخر رباعية ترك سجدتين او ثلاث جهل موضعها لزمه ركعتان او اربع لزمه سجدة ثم ركعتان او خمس أو ست لزمه ثلاث أو سبع لزمه سجدة ثم ثلاث أو ثمان لزمه سجدتان ثم ثلاث وتذكر المتروك بعد السلام إذا لم يطل الفصل عرفا ولم يطأ نجاسة كهو قبله وشمل تعبيرهم بترك السجدات الترك الحسي والشرعي ومن نسي بسكون الياء وصلة بنية الوقف التشهد المقدما مع جلوسه أو دونه وعاد له بعد الانتصاب قائما حرما فلا يعود له لتلبسه بفرض فلا يقطعه لسنة فإن عاد له عامدا عالما بالتحريم حرم عوده لزيادة قعوده والألف في المقدما وحرما للإطلاق وجاهل التحريم أو ناس له فلا يبطل عوده عوده الصلاة اما الناسي فلرفع القلم عنه وأما الجاهل فلأنه مما يخفى على العوام وإلا بأن كان عالما بالتحريم عامدا أبطلا عوده الصلاة لما مر وعلى الجاهل أن يقوم عند تعلمه والناسي عند تذكره هذا إن كان المصلي إماما او منفردا أو مأموما وقد انتصب(1/212)
هو وإمامه وإن عاد إمامه والأولى أن ينوي مفارقته حينئذ ولو انتظره قائما جاز لاحتمال كونه معذورا لكن على المأموم حتما يرجع إلى الجلوس للإمام يتبع أي لأن متابعته فرض آكد من التلبس بالفرض ولهذا سقط بها القيام والقراءة عن المسبوق إذا أدرك الإمام راكعا فإن لم يعد بطلت صلاته لمخالفته الواجب فلو لم يعلم حتى قام إمامه لم يعد ولم تحسب قراءته كمسبوق سمع حسا ظنه سلام إمامه فقام وأتى بما فاته ثم بان أنه لم يسلم لا يحسب له ما أتى به قبل سلام إمامه أما لو انتصب المأموم عامدا فعوده لمتابعة إمامه مندوب وفرق بين حالتيه بأن العامد انتقل إلى واجب وهو القيام فيخير بين العود وعدمه لأنه تخيير بين واجبين بخلاف الناسي فإن فعله غير معتد به لأنه لما كان معذورا كان قيامه كالعدم فتلزمه المتابعة كما لو لم يقم ليعظم أجره والعامد كالمفوت لتلك السنة بتعمده فلا يلزمه العود إليها واستشكل ما تقرر بما قالوه في صلاة الجماعة من أنه إذا تقدم على إمامه بركن لا يجب العود بل يندب في العمد ويتخير في السهو وفرق بفحش التقدم هنا وعائد قبل انتصاب يندب سجوده للسهو إذ للقيام يقرب يعني أن المصلي إذا نسي التشهد الأول وذكره قبل انتصابه عاد له لأنه لم يتلبس بفرض فإن عاد وهو إلى القيام أقرب منه إلى القعود سجد للسهو لأنه لو فعل ذلك عامدا بطلت صلاته أما إذا كان إلى القعود أقرب أو كانت نسبته إليهما على السواء فلا يسجد لقلة ما فعله حينئذ حتى لو فعله عامدا لم تبطل صلاته كذا رجحاه في الشرحين والروضة وجزما به في المحرر والمنهاج وهو المعتمد وإن كان صدر كلام الروضة يقتضي أن الراجح عند الأصحاب أنه لا يسجد مطلقا ولأجل ذلك جعل في التحقيق هذا التفصيل وجها ضعيفا وجعل الأظهر أنه لا يسجد وقال في المجموع إنه الأصح عند جمهور الأصحاب وصححه في تصحيح التنبيه قال الأسنوي وبه الفتوى ولو تخلف المأموم عن إمامه للتشهد بطلت صلاته للمخالفة الفاحشة وفارق(1/213)
ما لو قام وحده كما مر بأنه في تلك اشتغل بفرض وفي هذه بسنة ما لو ترك إمامه القنوت فله أن يتخلف ليقنت بل يندب له ذلك إن علم لحوقه في السجدة الأولى بأنه في تلك لم يحدث في تخلفه قياما وهنا أحدث فيه جلوسا ولو صلى قاعدا فافتتح القراءة بعد الركعتين فإن كان على ظن أنه فرغ من التشهد وإن وقت الثالثة قد حضر لم يعد إلى قراءة التشهد وإن علم عدم تشهده ولكن سبق لسانه للقراءة فله العود إلى التشهد لأن تعمد القراءة كتعمد القيام وسبق اللسان بها غير معتد به وترك القنوت يقاس بما ذكرناه في التشهد فإن نسيه وعاد له قبل وضع أعضاء سجوده على مصلاه جاز أو بعده فلا ويسجد للسهو إن بلغ حد الراكع وإلا فلا ومقتد لسهوه حال قدوته لن يسجدا لتحمل إمامه عنه ذلك كما يتحمل عنه القنوت والجهر والسورة وغيرها ولأن معاوية شمت العاطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم كما مر ولم يسجد ولا أمره بالسجود ولخبر الإمام ضامن رواه أبو داود وصححه ابن حبان فلو ظن سلام إمامه فسلم فبان خلافه سلم معه ولا سجود لأن سهوه في حال قدوته ولو ذكر في تشهده ترك ركن غير النية والتكبير قام بعد سلام إمامه وأتى بركعة ولا يسجد لما مر وشمل كلامه ما لو سها حال تخلفه عن إمامه بعذر كزحام فإنه لا يسجد لسهوه لبقاء حكم القدوة وخرج بقوله مقتد بسهوه بعد سلام إمامه كأن سلم المسبوق بسلام إمامه ساهيا أو قبل اقتدائه به فإنه يسجد له لعدم اقتدائه به حال بسهوه وإنما لم يتحمله الإمام في الأخيرة كما أنه يلحقه سهو إمامه الواقع قبل اقتدائه لأنه قد عهد تعدى الخلل من صلاة الإمام إلى صلاة المأموم دون عكسه ولو شك المسبوق في إدراك الركوع مع إمامه لم يحسب له ويسجد للسهو كما لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا ولا يقال يتحمله الإمام لأنه بعد سلام الإمام شاك في عدد ركعاته وألف يسجدا للإطلاق(1/214)
لكن لسهو من به قد اقتدى أي أن المأموم يلحقه سهو إمامه كما يحمل الإمام سهوه فإن سجد إمامه لزمه متابعته فإن تركها عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته ويستثنى ما لو تبين له حدث إمامه فلا يلحقه سهوه ولا يتحمل الإمام سهوه وما لو تيقن غلط الإمام في ظنه وجود مقتض للسجود فلا يتابعه فيه فلو لم يتيقن تابعه بخلاف ما لو قام إلى خامسة لا يتابعه حملا على تركه ركنا لأنه وإن تحقق تركه ركنا لم تجز متابعته لإتمامه الصلاة يقينا بل لو كان على المأموم ركعة لم يتبعه فيها وشمل كلامه ما لو سها قبل اقتدائه به فإنه يسجد معه متابعة ثم يسجد آخر صلاته إذ هو محل سجود السهو وما لو اقتدى به بعد انفراده مسبوق آخر وبهذا ثالث فكل يسجد للمتابعة ثم في آخر صلاته وما لو ترك الإمام السجود لسهوه أو واحدة من سجدتيه فيسجد المأموم في الأول ويكمل في الثاني لتطرق الخلل لصلاته بخلاف تركه التشهد الأول وسجدة التلاوة لا يأتي المأموم بهما لأنهما يفعلان خلال الصلاة فلو انفرد بهما لخالف الإمام وما لو تركه الإمام لرأيه كحنفي لا يرى السجود لتركه القنوت فيسجد المأموم اعتبارا بعقيدته وحينئذ فلا فرق بين أن يوافقه المأموم في تركه وأن يأتي به وشكه أي المصلى قبل السلام في عدد من ركعاته أو سجداته لم يعتمد فيه أي لم يجز له ذلك على قول أحد وإن كان جمعا كثيرا وراقبوه ولتردده في فعله كالحاكم الناسي لحكمه لكن يعتمد على يقينه وهو الأقل وليأت بالباقي ويسجد ندبا سجود السهو للخلل وهو أن المأتى به إن كان زائدا فذاك وإلا فالمتردد في أصالته يضعف النية ويحوج إلى الجبر وما اعترض به الإمام من أنه لو شك في قضاء الفائتة أعادها أجيب عنه بأن النية فيها لم تتردد في باطل بخلاف هذا ومحل ما تقرر ما لم يخبره عدد التواتر بشيء وإلا عمل به لإفادته اليقين ولا يكون فعلهم كقولهم لأن الفعل لا يدل بوضعه ولو شك في ركعة ثالثة هي أم رابعة فزال شكه فيها لم يسجد لان ما فعله(1/215)
حال الشك أصلى بكل تقدير فلا تردد في أصالته وفيما بعدها سجد لفعله حال الشك زائدا بتقدير ولو شك في تشهد أهو الأول أم الأخير فإن زال شكه بعد تشهده سجد لفعله زائدا بتقدير أو فيه فلا وخرج بقوله قبل السلام شكه في ترك فرض بعد السلام فإنه لا يؤثر وإن قصر الفصل لأن الظاهر وقوع السلام عن تمام ولأنه لو أثر لعسر الأمر على الناس خصوصا على ذوي الوسواس ومقتضاه أن الشك في الشروط ولو طهارة لا يؤثر وهو كذلك وكذلك الأركان إلا في النية وتكبيرة الإحرام نعم لو شك في نية الطهارة بعد فراغها أثر بالنسبة لها باب صلاة الجماعة أقلها في غير الجمعة إمام ومأموم والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية أمر بها في الخوف ففي الأمن أولى ولمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها كما هو معلوم بعد الهجرة ولأخبار كخبر الصحيحين صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وفي رواية بخمس وعشرين درجة قال في المجموع ولا منافاة لأن القليل لا ينفي الكثير أو أنه أخبر أولا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها أو أن ذلك يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة وقال فيه في باب هيئة الجمعة إن من صلى في عشرة آلاف له سبع وعشرون درجة ومن صلى مع اثنين له ذلك لكن درجات الأول أكمل تسن في مكتوبة بالأصالة وهي الصلوات الخمس لا جمعه لأنها فيها فرض عين كما يأتي في بابها وأقل الجماعة فيما عداها إمام ومأموم وخرج بقولي بالأصالة(1/216)
المنذورة فلا تسن فيها الجماعة والمراد بالمكتوبة المؤداة والمقضية خلف مقضية من نوعها كأن يفوت الإمام والمأموم ظهر أو عصر فتسن فيها الجماعة لخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الصبح جماعة حين فاتتهم بالوادي أما المؤداة خلف المقضية وعكسه والمقضية خلف مقضية أخرى فلا تسن الجماعة فيها بل الانفراد فيها أفضل للخلاف في صحة الاقتداء ولا يتأكد الندب للنساء تأكده للرجال لمزيدهم عليهن لقوله تعالى وللرجال عليهن درجة فيكره تركها للرجال دون النساء وما ذكره من كونها سنة تبع فيه الرافعي لكن الأصح المنصوص كما قاله النووي انها فرض كفاية لخبر ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان أي غلب رواه أبو داود وغيره وصححه ابن حبان وغيره وليست فرض عين لخبر صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ فإن المفاضلة تقتضي جواز الانفراد وأما خبر أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار فوارد في قوم منافقين يتخلفون عن الجماعة ولا يصلون فرادى والسياق يؤيده ولأنه صلى الله عليه وسلم لم يحرقهم وإنما هم بتحريقهم لكن لعله باجتهاد ثم نزل الوحي بالمنع أو كان قبل تحريم المثلة ولو تركها أهل بلد أو قرية قاتلهم الإمام على كونها فرض كفاية ولا يسقط عنهم الحرج إلا بإقامتهم لها بحيث يظهر شعارها فيما بينهم ففي القرية الصغيرة يكفي إقامتها بموضع واحد وفي الكبيرة تجب إقامتها بمواضع ولو بطائفة يسيرة بحيث يظهر الشعار في المحال وغيرها فلا تكفي إقامتها في البيوت وإن ظهرت في الأسواق وحينئذ فالمدار على ظهورها والشعار بها لا على ظهورها فقط ومحل كونها فرض كفاية في حق المؤداة للرجال المكلفين الأحرار المقيمين المستورين(1/217)
فلا تجب في مقضية ولا على أنثى ولا على خنثى ولا عبد ولا مسافر ولا عار بل صحح النووي أنها في حق العراة مساوية للانفراد وقال لو كانوا عميا أو في ظلمة استجبت لهم بلا خلاف وآكد الجماعات بعد الجمعة صبحها ثم صبح غيرها ثم العشاء ثم العصر ثم الظهر في أوجه احتمالين وأما الجماعة في الظهر والمغرب قال الزركشي يحتمل التسوية بينهما ويحتمل تفضيل الظهر لاختصاصها ببدل وهو الجمعة وبالإبراد ثم المغرب و تسن الجماعة في التراويح للإتباع فيها كما مر وفي الوتر معه أي مع فعل التراويح جماعة أو فرادى فعله عقبها أم لا إلا إذا كان له تهجد فالسنة تأخير الوتر عنه كما مر ومقتضى كلامه أنه لو صلاه بدون التراويح لا تسن فيه لكن مقتضى كلام الرافعي سنها فيه أيضا وهو المعتمد كأن يعيد الفرض المؤدى ولو في جماعة مرة واحدة في الوقت ولو كان إمامها مفضولا والوقت وقت كراهة لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الصبح فرأى رجلين لم يصليا معه فقال ما منعكما أن تصليا معنا قالا صلينا في رحالنا فقال إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلياها معهم فإنها لكما نافلة رواه داود وغيره وصححه الترمذي وغيره وقوله صليتما يصدق بالانفراد والجماعة وسواء استوت الجماعتان أم زادت الثانية بفضيلة ككون الإمام أعلم أو أورع أو الجمع أكثر أو المكان أشرف أم زادت الأولى بها وقد علم من كلام الناظم سن إعادة الفرض مع المصلي منفردا لصدق إعادته بجماعة وقد أخذ من خبر من يتصدق على هذا فيصلي معه استحباب إعادة الصلاة في جماعة لمن صلاها جماعة وإن كانت الثانية أقل من الأولى وأنه يستحب الشفاعة إلى من يصلي مع الحاضر ممن له عذر في عدم الصلاة معه وأن الجماعة تحصل بإمام ومأموم وأن المسجد المطروق لا تكره فيه جماعة بعد جماعة قال الأذرعي إنما تسن الإعادة بغير من الانفراد له أفضل كالعاري والظاهر أنه إنما تستحب الإعادة إذا كان الإمام ممن لا يكره الاقتداء به وأن الإعادة(1/218)
إنما تستحب لمن لو اقتصر عليها أجزأته
أما لو كانت لا تغني عن القضاء كمقيم تيمم لفقد ماء أو لبرد فلا ه وخرج بالفرض النفل لسكن القياس في المهمات أن ما تسن فيه الجماعة من النفل كالفرض في سن الإعادة ويستثنى من سن الإعادة صلاة الجنازة إذ لا يتنفل بها وصلاة الجمعة إذ لا تقام بعد أخرى فإن فرض الجواز لعسر الاجتماع فالقياس كما في المهمات أنها كغيرها ينوي نيته مع الجماعة أي ينوي المعيد بالمعادة الفرض لأنه إنما أعادها لينال ثواب الجماعة في فرض وقته وإنما ينال ذلك إذا نوى الفرض وهذا ما صححه الأكثرون والنووي في المنهاج تبعا لأصله وهو المعتمد والمراد به ما هو فرض على المكلف لا ما هو فرض عليه كما في صلاة الصبي قاله الرازي ولو تذكر خللا في الأولى قبل شروعه في الإعادة أجزأته الثانية وإلا فلا أعتقد نفليته أي أن المعادة تقع نفلا للخبر المار ولسقوط الخطاب بالأولى وعلم مما مر أنه إنما يكون فرضه الأولى إذا أغنت عن القضاء وإلا ففرضه الثانية المغنية له على المذهب والجماعة للرجال أفضل منها للنساء ولهم في المساجد أفضل منها خارجها وإن كان أكثر جماعة لاشتمالها على الشرف وإظهار الشعار وكثرة الجماعة وأما النساء فالجماعة لهن في بيوتهن أفضل منها في المساجد وغيرها بل يكره حضور الشابة والكبيرة المشتهاة ويكره للزوج والولي تمكينها منه وإذا أرادت المرأة حضورها كره لها الطيب وفاخر الثياب فإن لم يكن لها زوج ولا سيد ووجدت شروط الحضور حرم المنع وإمامة رجل لهن بغير خلوة محرمة أفضل من إمامة امرأة وكثرة الجمع استحبت على قلته لخبر صلاة الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى حيث لا بالقرب منه مسجد تعطلا بسبب غيبته لكونه إماما أو يحضر الناس بحضوره والألف في تعطلا للإطلاق أو فسق الإمام ذو بدعة كرافضي أو كان مخالفا في بعض الأركان أو الشروط فإن الجماعة في الجمع(1/219)
القليل في المسجد القريب أو الخالي أمامه عما ذكر أفضل لتكثير الجماعة في المسجد في الأول وليأمن الخيانة في الثاني وفي معنى الفاسق كل من يكره الاقتداء به كولد الزنا والتمتام واللاحن لحنا لا يغير المعنى فإن لم تحصل الجماعة إلا بفاسق أو نحوه فالصلاة معه أفضل كما ذكره الدميري وقال السبكي إن كلامهم يشعر به وهو المعتمد وإن نقل في الروضة كأصلها عن أبي إسحاق المروزي أن صلاته منفردا أفضل لكن في مسئلة الحنفي فقط ومثلها البقية بل أولى فقد نقله نقل الأوجه الضعيفة والجمع القليل في أحد المساجد الثلاثة أفضل من الجمع الكثير في غيرها بل الانفراد فيها أفضل كما قاله المتولي ولو كان لو صلى منفردا خشع في بعض صلاته ولو صلى في جماعة لم يخشع فالجماعة أفضل خلافا لما أفتى به الغزالي قال في البحر ولو تساوت جماعة مسجدي الجوار قدم ما يسمع نداءه ثم الأقرب ثم يتخير ه وهذا جرى على الغالب فلو فرض أنه يسمع نداء الأبعد دون الأقرب لحيلولة ما يمنع السماء أو نحوها قدم الأقرب وجمعة يدركها مع الإمام بركعة لا بما دونها لخبر من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى وعلى هذا لو أدرك ركوع الثانية المحسوب للإمام واطمأن معه قبل ان يرفع الإمام رأسه عن أقل الركوع أدرك الجمعة فيصلي ركعة أخرى جهرا وإن أدرك الإمام بعد ركوعها نوى الجمعة تبعا للإمام وأتمها ظهرا وخرج بالجمعة غيرها فتدرك الجماعة فيها يجزىء منها وإن قل ما لم يشرع الإمام في السلام لكن فضيلتها دون فضيلة من يدركها من أولها إذ لو لم تحصل بذلك لمنع من الاقتداء لأنها حينئذ تكون زيادة بلا فائدة ومتى فارق الإمام فاتته فضيلة الجماعة إلا إذا فارقه بعذر والفضل في تكبيرة الإحرام يحصل بالاشتغال بالتحرم عقب تحرم الإمام(1/220)
بشرط حضوره تكبيرة الإمام إذ الغائب عن تحرمه والشاهد له من غير تعقب إحرامه له لا يسميان مدركين له والأصل فيه خبر إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وقيد ذلك في المجموع بأن يكون بغير وسوسة ظاهرة وإلا فلا يدرك الفضل ولا يسرع الساعي إلى الجماعة وإن خاف فوت فضيلة التحرم بل ولو خاف فوات الجماعة كما نقله في المجموع عن الأصحاب نعم لو خاف فوت الجمعة أو الوقت إلا بالإسراع أسرع ويندب للإمام انتظار من أحس به في الركوع غير الثاني من الكسوف أو التشهد الأخيران كأن قد دخل محل الصلاة ولم يبالغ في الانتظار ولم يميز بين الداخلين لملازمة أو دين أو صداقة أو استمالة وأن يقصد به التقرب إلى الله تعالى للإعانة على إدراك الركوع في الأولى وفضل الجماعة في الثانية فإن فقد شرط منها كره الانتظار ولم تبطل الصلاة والمبالغة في الانتظار أن يشق به على الحاضرين بحيث لو وزع على كل الصلاة لظهر به أثر محسوس قال في المجموع إذا لم يدخل الإمام في الصلاة وقد جاء وقت الدخول وقد حضر بعض المأمومين ورجوا زيادة ندب له أن يعجل ولا ينتظرهم لأن الصلاة أول الوقت بجماعة قليلة أفضل منها آخره بجماعة كثيرة وإدراك الصف الأول أولى من إدراك غير الركعة الأخيرة وعذر تركها أي الجماعة و ترك جمعة مطر بشرط المشقة به بحيث يبل الثياب ليلا أو نهارا فإن كان خفيفا أو وجد كنا يمشي فيه لم يعذر والثلج عذر إن بل الثياب وإلا فلا ووحل بفتح الحاء ليلا أو نهارا لأنه أشق من المطر وترك المصنف التقييد بالشديد كالمجموع والتحقيق ومقتضاه أنه لا فرق بينه وبين الخفيف قال الأذرعي وهو الصحيح والأحاديث دالة عليه وشدة البرد والحر ليلا أو نهارا للمشقة بخلاف الخفيف منهما ومرض مشقته كمشقة المطر لم يبلغ حدا يسقط القيام في الفريضة للحرج بخلاف ما لو كان خفيفا كوجع ضرس وصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر وعطش وجوع قد ظهرا لخبر لا صلاة بحضرة طعام قال ابن الرفعة تبعا(1/221)
لابن يونس أو لم يحضر الطعام أي وقرب حضوره وإذا أكل من به جوع فليأكل لقيمات يكسر بهن سورة الجوع إلا أن يكون الطعام مما يؤتى عليه مرة واحدة كالسويق واللبن وصوب في شرح مسلم إكمال حاجته من الأكل أو غلب الهجوع وهو النوم وفي معناه غلبة النعاس وإنما يعذر المكلف في تأخير الصلاة مع اتساع وقتها فإن ضاق عنها بدأ بها لأن إخراج بعضها عنه حرام وعرى بأن لا يجد ثوبا يليق به كأن وجد الفقيه قباء أو لم يجد ما يستر به رأسه وإن وجد ساتر العورة وكذا لو لم يجد ما يلبسه في رجله ولم يكن الحفاء عادته للمشقة فإن اعتاد سترها فقط كبعض أطراف الحجار والسودان واليمن فليس بعذر وأكل ذي الريح الكريه الرائحة كثوم وبصل وفجل وهو ني إن لم يزل في بيته فليقعد أي حيث لم يمكنه زواله بغسل ومعالجة فليقعد في بيته حينئذ لخبر من أكل بصلا أو ثوما أو كراثا فلا يقربن مسجدنا وفي رواية المساجد فإن الملائكة تتأذى منه بنو آدم زاد البخاري قال جابر ما أراه يعني إلا نيئه وزاد الطبراني أو فجلا قال في المهمات ويؤخذ منه سقوطها بالبخر والصنان المستحكم بطريق الأولى وخرج بالنيء المطبوخ لزوال ريحه ونيء بالمد والهمز لكن الأنسب هنا قصره وإبدال همزته ياء وإدغامها فيما قبلها ومن الأعذار رجاء من عليه عقوبة تقبل العفو بتغييبه كقصاص وحد قذف والخوف على النفس أو مال وخوف معسر من غريمه إن عسر عليه إثبات إعساره والخوف من الانقطاع عن رفقته واشتغاله بالتمريض وهو تعهد المريض الذي لا متعهد له أو اشتغل متعهده بشراء الأدوية ونحوها قريبا كان أو أجنبيا وحضور نحو قريب محتضر أو يأنس به والريح الشديدة(1/222)
بالليل دون النهار ونشد ضالة برجوها واسترداد مال مغصوب وزلزلة وسمن مفرط وجذام وبرص قال الأسنوي وإنما يتجه جعل هذه الأمور أعذارا لمن لا يتأنى له إقامة الجماعة في البيت وإلا لم يسقط عنه طلبها لكراهة الانفراد للرجل وإن قلنا إنها سنة قال في المجموع ومعنى كونها أعذارا سقوط الإثم على قول الفرض والكراهة على قول السنة لا حصول فضلها لخبر الأعمى وهو كما قال السبكي ظاهر فيمن لم يكن يلازمها وإلا فيحصل له فضلها لخبر إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما وقيده جمع بما إذا كان ناويا الجماعة لولا العذر وحمل بعضهم كلام المجموع على متعاطي السبب كأكل بصل وثوم وكون خبزه في الفرن وكلام هؤلاء على غيره كمطر ومرض وجعل حصولها له كحصولها لمن حضرها لا من كل وجه بل في أصلها لئلا ينافيه خبر الأعمى ولا تصح قدوة بمقتدى حال اقتدائه ولا بمن شك في كونه مقتديا كأن رأى رجلين يصليان جماعة وشك أيهما الإمام إذ لا يجتمع وصفا الاستقلال والتبعية وما في الصحيحين من أن الناس اقتدوا بأبي بكر خلف النبي صلى الله عليه وسلم محمول على أنهم كانوا مقتدين به صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسمعهم التكبير كما في الصحيحين أيضا ولو ظن كل من المصلين أنه مأموم لم تصح لأن كلا مقتد بمن يقصد الاقتداء به أو إمام صحت أو شكا فلا أو أحدهما صحت للظان أنه إمام دون غيره وهذا من المواضع التي فرق الفقهاء فيها بين الظن والشك قال في الكفاية والبطلان بمجرد الشك بناء على طريق العراقيين أما على طريق المراوزة ففيه التفصيل في الشك في أصل النية ولا بمن تلزمه إعادة أي لا تصح قدوة بمن تلزمه إعادة لصلاته وإن كانت صحيحة صلاته كفاقد الطهورين والمتيمم للبرد والمقيم المتيمم لفقد الماء ولو كان المقتدى مثله إذ هي لحق الوقت لا للاعتداء بها ولا تصح قدوة بمن قام إلى زيادة على صلاته كخامسة من عالم بسهوه بأن يتابعه فيها لتلاعبه فلو قام إمامه إليها(1/223)
فارقه أو انتظره على المعتمد أما إذا اقتدى به وتابعه فيها جاهلا بها فتحسب له تلك الركعة إن بقي عليه شيء لعذره وإن لم تحسب للإمام فإذا سلم الإمام تدارك باقي صلاته حتى في الجمعة فيضيف إليها أخرى كما لو بان إمامه محدثا بل أولى والشرط أي شرط القدوة علمه أي المأموم بأفعال الإمام ليتمكن من متابعته والمراد بالعلم ما يشمل الظن ويحصل علمه برؤية له من أمامه أو من عن يمينه أو عن يساره أو للصف الذي خلفه أو لأحد الصفوف المقتدين به أو لبعض صف أو سمع صوت الإمام أو صوت تابع الإمام وهو المبلغ الثقة خلفه وإن لم يكن مصليا أو بهداية ثقة بجنب أعمى أصم أو بصير أصم في ظلمة أو نحوها ثم لاجتماع المأموم مع الإمام أحوال لأنهما إما أن يكونا بغير مسجد في فضاء أو في بناء أو بمسجد أو يكون أحدهما بمسجد والآخر بغيره كما أشار إليه بقوله وليقترب منه بغير مسجد ودون حائل إذا لم يزد على ثلثمائة من الذراع فإن كانا بغير مسجد اشترط في الفضاء ولو محوطا أو مسقفا مملوكا أو مواتا أو وقفا أو مختلفا فيها أن لا يزيد ما بين الإمام ومن خلفه أو من على أحد جانبيه ولا بين كل صفين أو شخصين ممن يصلى خلفه أو بجانبه على ثلثمائة ذراع الآدمي وهو شبران تقريبا فلا تضر زيادة أذرع يسيرة كثلاثة ونحوها ولا بلوغ ما بين الإمام والأخير من صف أو شخص فراسخ وهذا التقدير مأخوذ من العرف ويشترط مع ذلك فيما إذا كانا في بناءين أو أحدهما في بناء والآخر في فضاء ولو كان أحدهما في علو والآخر في سفل أو كان البناء مدرسة غاية البيان(1/224)
أو رباطا أن لا يحول بينهما حائل يمنع الاستطراق أو المشاهدة للإمام أو لمن خلفه كشباك أو باب مردود أو جدار صفة شرقية أو غربية لمدرسة إذا كان الواقف فيها لا يرى الإمام ولا من خلفه إذ الحيلولة بذلك تمنع الاجتماع بخلاف حيلولة النهر والشارع كما سيأتي وكذا إذا كان أحدهما خارج المسجد والآخر داخله وبينهما منفذ أو كانا في بيتين من غير المسجد وبينهما منفذ اشترط مع ما مر لصحة اقتداء من ليس في بناء الإمام ولم يشاهده ولا من يصلي معه في بنائه أن يقف واحد من المأمومين مقابل المنفذ يشاهد الإمام أو من معه في بنائه فتصح صلاة من في المكان الآخر تبعا له ولا يضر الحائل بينهم وبين الإمام ويصير المشاهد في حقهم كالإمام فلا يحرمون قبله لكن لو فارقهم أو زال عن موقفه لم يضر إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ولم يحل نهر وطرق وتلاع أي لم يحل بين الإمام والمأموم نهر وإن احتاج عابره إلى سباحة وطرق وإن كثر طروقها وتلاع لأنها لم تعد للحيلولة قال في الصحاح التلعة ما ارتفع من الأرض وما انهبط أيضا وهو من الأضداد والتلاع مجاري أعلى الأرض إلى بطون الأودية واحدتها تلعة وإن كانا في مسجد صح الاقتداء وإن بعدت مسافته واختلفت أبنيته كبئر وسطح ومنارة بشرط تنافذ أبوابها وإن أغلقت لانه كله مبنى للصلاة فالمجتمعون فيه مجتمعون لإقامة الجماعة مؤدون لشعارها أما إذا لم تنفذ أبوابها إليه فلا يعد الجامع لها مسجدا واحدا والمساجد المتلاصقة المتنافذة كالمسجد الواحد ورحبة المسجد منه ومن شروط القدوة أن لا يتقدم المأموم على إمامه في الموقف والاعتبار بالعقب للقائم وبالألية للقاعد وبالجنب للمضطجع وللمستلقي بالرأس ويندب للذكر أن يقف عن يمين الإمام وأن يتأخر عنه قليلا فإن جاء آخر أحرم عن يساره ثم يتقدم الإمام أو يتأخر أن حالة القيام وهو أفضل إن أمكن وأن يصطف الذكر إن خلفه وإن أم امرأة وقفت خلفه وكذا النساء أو رجلا وامرأة وقف(1/225)
الرجل عن يمينه والمرأة خلف الرجل أو رجلين وامرأة وقفا خلفه وهي خلفهما أو رجلا وامرأة وخنثى وقف الذكر عن يمينه والخنثى خلفهما والمرأة خلف الخنثى فإن كثروا فالرجال ثم الصبيان ثم الخناثى ثم النساء ومن شروطها أيضا توافق نظم الصلاتين في الأفعال الظاهرة فلا تصح المكتوبة خلف جنازة أو كسوف ولا عكسه وتصح نحو ظهر خلف صبح أو مغرب وله مفارقته عند القنوت والتشهد وتصح الصبح خلف نحو الظهر وانتظاره ليسلم معه أفضل نعم لو صلى مغربا خلف نحو ظهر لزمه مفارقته عند قيامه للرابعة ويتشهد ويسلم وتصح العشاء خلف التراويح والأولى إتمامها منفردا فإن اقتدى به ثانيا جاز ومن شروطها الموافقة فإن ترك إمامه فرضا لم يتابعه أو سنة أتى بها إن لم يفحش تخلفه لها كجلسة الاستراحة وقنوت يدرك معه السجدة الأولى ومنها المتابعة في أفعال الصلاة فينبغي أن لا يسبقه بالفعل ولا يقارنه فيه ولا يتأخر إلى فراغه منه فإن قارنه لم تبطل وكره وفاته فضل الجماعة إلا في تكبيرة الإحرام فإنه إن قارنه فيها أو في بعضها أو شك في أثنائها أو بعدها ولم يتذكر عن قريب هل قارنه فيها أولا أو ظن التأخير فبأن الخلافة لم تنعقد صلاته ولو تخلف عن المتابعة بلا عذر كاشتغال بالسورة أو التسبيحات بركنين فعلين وإن لم يكونا طويلين بطلت لا بأقل منهما والتخلف بركنين أن يتمهما الإمام والمأموم فيما قبلهما كما لو ركع واعتدل ثم هوى إلى السجود والمأموم قائم فإن كان لعذر كإبطاء قراءة لعجز لا لوسوسة واشتغال باستفتاح لزمه إتمام الفاتحة ويسعى خلف الإمام على نظم صلاة نفسه ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة وهي الطويلة فإن سبقه به وافقه فيما هو فيه وفعل ما فاته بعد سلام إمامه هذا كله في الموافق أما مسبوق ركع الإمام في فاتحته فالأصح أنه إن لم يشتغل بافتتاح وتعوذ تابعه وأجزأه فإن تخلف لإتمامه وفاته الركوع فاتته الركعة وإن اشتغل بافتتاح أو تعوذ لزمه قراءة بقدره حيث غلب(1/226)
على ظنه أنه يدرك الإمام في الركوع فإن لم يدركه فاتته الركعة ولا يركع بل يتابعه وإن سبقه بركن لم تبطل أو بركنين بأن فرغ منهما والإمام فيما قبلهما بطلت صلاته إن كان عامدا
عالما بالتحريم وإلا فركعته وسيأتي في كلام الناظم الإشارة الى هذا الشرط وبية الإقتداء أو الائتمام أو الجماعة يؤم عبد حرا وإن لم يأذن له سيده وصبي يعقل أي مميز بالغا وفاسق عدلا للاعتداد بصلاتهم لخبر أن عائشة كان يؤمها عبدها ذكوان وأن عمرو بن سلمة بكسر اللام كان يؤم قومه في عهده صلى الله عليه وسلم وهو ابن ست أو سبع سنين ولخبر البخاري أن ابن عمر كان يصلي خلف الحجاج قال الشافعي وكفى به فاسقا ولخبر صلوا خلف كل بر وفاجر وفى تاريخ البخاري عن عبد الكريم البكاء قال أدركت عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يصلون خلف أئمة الجور لكن سواهم أفضل أي فالحر أولى من العبد والبالغ أولى من الصبي المميز والعدل أولى من الفاسق وإن اختص الصبي والفاسق بكونه أفقه وأقرأ لكما لهم وخروجا من خلاف من منع اقتداء بالصبي والفاسق ولخبر إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم خياركم فانهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم ولو اجتمع عبد فقيه وحر بضده فهما سواء وفارق نظيره في صلاة الجنازة حيث جعلوا الحر أولى بأن القصد منها الدعاء والشفاعة والحر أولى بهما والمبيض أولى من كامل الرق ويقدم في الامانة الأعظم ثم بقية من له الولاية الأعلى فالأعلى ثم إمام المسجد الراتب ثم الساكن بحق لا المستعير فيقدم عليه المعير وإلا العبد غير المكاتب والمبعض فيقدم عليه سيده ثم لكل من هؤلاء أن يقدم غيره ثم الأفقه الأقرأ ثم الأفقه ثم الأقرأ ثم الأورع ثم من له هجرة أو سبق بها ثم الأسن في الأسلام ثم النسيب ثم احسنهم ذكرا ثم أنظفهم ثوبا وبدنا ثم أطيبهم صنعة ثم احسنهم صوتا ثم صورة ثم يقرع والمقيم أولى من المسافر إلا إن كان السلطان ومعروف النسب أولى من غيره ولا بد من إذن(1/227)
الشريكين وإذن أحدهما لصاحبه أما المقيم بالصفات فلا حق له في تقديم غيره لا مرأة بذكر أي لا تؤم امرأة ولا خنثى ذكرا او صبيا ولا خنثى لخبر لن يفلح قوم ولوا أمرهم امراة مع خبر ابن ماجه لا يؤمن امرأة رجلا فقوله رجلا شامل للصبي لأنه في مقابلة المرأة والحتمال أنوثة الخنثى ولا تتبين الصحة إلا إذا بان الإمام ذكرا والمأموم امرأة ويصح الأقتداء كل من الرجل والخنثى والمرأة بالرجل والمرأة الخنثى بالمرأة ولا المحل بالحرف من فاتحة بالمكتمل أي لا يؤم المي وهو من لا يحسن الفاتحة أو بعضها ولو حرفا أو شدة كأرت يدغم في غير موضع الادغام وألثغ حرفا بحرف بمن يحسنها أو ما جهله إمامه منها ولو في السرية لأن الإمام بصددتحمل القراءة وهذا لا يصلح للتحمل وكذا من يصلي بسبع آيات غير الفاتحة لا يقتدي بمن يصلي بالذكر فلو عجز إمامه في أثناء الصلاة إن القراءة لخرس فارقه بخلاف عجزه عن القيام لصحة اقتداء القائم بالقارىء بالأخرس قاله البغوي في فتاويه يقال ولو لم يعلم بحدوث الخرس حتى فرغ من الصلاة أعاد لأن حدوث الخرس ونادر وخرج بقوله بالمكتمل غيره فيصح اقتداء أمي بمثله إن اتفقا عجزا لاستوائهما نقصانا كالأرثين ولا يشكل بمنع اقتداء فاقد الطهورين ونحوه بمثله لوجوب القضاء هناك بخلافه هنا ولا يصح اقتداء قارئ أول الفاتحة دون آخرها بقارئ آخرها دون اولها وإن كثر ولا عكسه ولا ألثغ بأرت ولا عكسه ولا الثغ الراء بألثغ السين ولا عكسه امالو كانت اللثغة يسيرة لا تمنع إتيانه بالحرف على معناه فهي غير مؤثرة في صحة القدوة وإن تأخر المأموم عنه أي غمامه او نقدما عليه بركنى الفعلين ثم علما بأن فرغ إمامه منهما وهو فيما قبلهما وعكسه ناسيا او جاهلا ثم تذكر أو علم فإن صلاته لا تبطل ولكن لا يحسب للمأموم الركنان اللذان سبق إمامه بهما وخرج بقوله ثم علما ما إذا تأخر عن إمامه بركنين فعلين وإن لم يكونا طويلين بغير عذر او تقدم عليه بهما عامدا(1/228)
عالما بالتحريم فإن صلاته تبطل الفحش
المخالفة كما مر وتقدم المأموم في الفعل بلا عذر وإن تبطل كان تقدم بركن أو بعضه وتقدمه بالسلام يبطل إلا أن ينوى المفارقة ففيه الخلاف فيمن نواها وما وقع لابن الرفعة ومن تبعه من أنه لا يبطل خلاف المنقول وألف تقدما وعلما للإطلاق وأربع تمت من الطوال للعذر اي وإن تأخر المأموم عن إمامه بأربعة من الأركان تامة طويلة للعذر لم تبطل صلاته لعذره والأقوال كالأفعال يعنى أن القول كالفاتحة معدود من الأربعة بأن يسبقه الإمام بالفاتحة والركوع والسجدتين فيجب عليه متابعة إمامه بعدها فيما هو ثم ياتى بركعة بعد سلامه والعذر كشكه أي المأموم في قرائته الواجبة قبل ركوعه والبطء منه دون إمامه في أم القران بنقل حركة الهمزة إلى الراء أو بدلها فيختلف لقراءته بعد ركوع إمامه وزحم وضع جبهة للمأموم بأن منعته الزحمة من سجود على الأرض أو ظهر إنسان أو قدمه أو نحوها وذكر الزحمة هنا إشارة إلى عدم اختصاصها بالجمعة وإنما ذكرها كثير فيها لكثرة الزحام فيها غالبا ولا ختصاصها بأمور أخر كالتردد في حصولها بالركعة الملفقة والقدوة الحكيمة وفي بناء الظهر عليها عند تعذر إتمامها ونسيان من المأموم بأن ينسى كونه في الصلاة فتخلف ولو انتظر سكته إمامه ليقرأ الفاتحة فركع عقبها فهو كالناسي خلافا لبعض المتنأخرين في قوله بسقوط للفاتحة وهذه الأبيات الثلاثة ساقطة من بعض النسخ ثم اشار إلى السابع من شروط القدوة فقال ونية المأموم الاقتداء او الائتمام أو الجماعة بالإمام ولو في الجمعة لأن التبيعة عمل فافتقرت إلى نية إذ ليس للمرء إلا ما نوى أولا يجب أي إن أراد الاقتداء به ابتداء بأن يقرنها بتكبيرة الإحرام كسائر ما ينويه من صفات الصلاة واو أحرم منفردا ثم نوى القدوة في خلال صلاته جاز فإن لم ينو ذلك انعقدت صلاته منفردا إلا أن في الجمعة فلا تنعقد أصلا إذ تكون فرادى فإن تابعه من غير نية أو وهو شاك فيها بطلت صلاته(1/229)
إذا أنتظر طويلا ليفعل مثله لأنه ربط صلاته بمن ليس بامام له فأشبه الارتباط بغير المصلي حتى لو عرض له الشطك في تشهده الخير لم يجز له أن يقف سلامه فإن تابعه اتفاقا أو بعد انتظار يسير عرفا لم يضر شكه فيما ذكر بعد السلام كما في التحقيق وغيره بخلاف الشك في أصل النية لأنه شك في الانعقاد بخلافه هنا ولا يشترط تعيين الإمام فلو نوى الاقتداء بالإمام الحاضر صحت صلاته لأن مقصود الجماعة لا يختلف بتعيينه وعدمه بل قال الامام وغيره الأولى ان لا يعينه لأنه ربما أخطا فإن عينه وأخطأ لم تصح صلاته لأنه ربطها بمن لم ينو الاقتداء به كمن عين الميت في صلاته عليه أو نوى العتق عن كفارة ظهار فأخطأ فيهما ولو علق القدوة بشخصه سواء عبر عنه بمن في المحراب أم يزيد هذا أم بهذا الحاضر أم بهذا أم بالحاضر فظنه زيدا فبان عمرا اصحت صلاته لأن الخطا لم يقع في الشخص لعدم تأتيه فيه بل في الظن ولا عبرة في بالظن البن خطؤه بخلاف ما لو نوى الاقتداء بالحاضر ولم يعلقها بشخصه لأن الحاضر صفة لزيد الذي عينه وأخطأ فيه والخطأ في الموصوف يستلزم الخطأ في الصفة فبان أنه اقتدى بغير الحاضر وفهم من كلام المصنف جواز اقتداء المؤدى بالقاضي والمفترض بالمتنفل وبالعكس وهو كذلك إذ لا يتغير نظم الصلاة باختلاف النية وللإمام غير جمعة ندب له نية الأمامه او الجماعة ولا تجب لأن أفعاله غير مربوطة بغيره بخلاف أفعال المأموم فإنه إذا لم يربطها بصلاة إمامه كان موقفا صلاته على صلاة من ليس إماما له لكن لو تركها لم يجز فضيله الجماعة وأن اقتدى به جمع ولم يعلم بهم ونالوها بسببه إذ ليس للمرء من عمله إلا ما نوى فتستحب له ليجوز الفضيلة وتصح نيته لها مع تحرمه وإن لكم يكن إماما في الحال لأنه سيصير إماما وبصحتها صرح الجوينى وقال الاذرعي إنه الوجه وإذا نواها(1/230)
في أثناء صلاته حاز الفضيلة من حين نيته ولم تنعطف على ما قبلها واما الجمعة فتجب نيته فيها فلو تركها لم تصح جمعته لعدم استقلاله فيها سواء كان من الأربعين ام زائدا عليهم نعم إن لم يكن من اهل وجوبها ونوى الجمعة صحت صلاته فإن نواها في غيرها وعين المؤتم به فاخطأ لم يضر لأن خطأه في النية لا يزيد على تركها وأن نوى فيها كذلك فأخطأ ضر لأن ما يجب التعرض له يضر الخطا فيه ولو أدرك الإمام راكعا كبر للإحرام ثم للهوى فإن اقتصر على تكبيرة ونوى بها الإحرام فقط وأتمها قيل هوية انعقدت صلاته والافلا وتكره مفارقة الإمام من غير عذر ويعذر ب بما يعذر به في الجماعة وبترك الإمام سنة مقصودة وبتطويله وبالماموم ضعف أوله شغل وتدرك الركعة بادراك ركوع محسوب للإمام حيث اطمان قبل رفع الإمام رأسه عن أقل الركوع ولو شك في أدراك حد الإجزاء لم يدركها كمن أدركه بعد الركوع وعليه متابعته في الفعل الذي أدركه فيه ويكبر إن كان محسوبا للمأموم أو وافقه في التكبير وتستحب موافقته في التشهد والتسبيحات وما أدركه المسبوق مع الإمام فهو أول صلاته وما يأتى به بعد سلامة فهو آخرها فيعيد فيه القنوت وسجود السهو باب صلاة المسافر أي كيفيتها شرعت تخفيفا لما يلحقه من تعب السفر وهي نوعان القصر والجمع وذكر فيه الجمع بالمطر للمقيم وأهمها القصر ولهذا بدأ المصنف به كغيره فقال رخص قصر صلاة ذات أربع من الركعات فرض من الصلوات الخمس إدا أي مؤدي ولو بادراك ركعة منه في وقته وفائت في سفر سواه قضاه في ذلك السفر أم في سفر آخر إلى ركعتين بالاجماع وقال تعالى وإذا ضربتم في الأرض الآية وعلم من كلامه أنه لو أتم جاز وهو كذلك وأما خبر فرضت الصلاة ركعتين ط أي في السفر فمعناه لمن أراد الاقتصار عليهما جمعا بين الأخبار لكن القصر أفضل من الإتمام إذا بلغ السفر ثلاث مراحل للإتباع وللخروج من خلاف من يوجب القصر حينئذ كأبى حنيفة إلا الملاح يسافر في البحر ومعه أهله(1/231)
وأولاده ومن لا وطن له وعادته السير أبدا فالافضل لهما الأتمام فإن لم يبلغها فالاتمام أفضل لأنه الأصل إلا في صلاة الخوف فالقصر افضل وكذا في حق من وجد نفسه كراهة القصر بل يكره له الاتمام إلى أن تزول الكراهة وكذا القول في سائر الرخص وخرج بما ذكر الثنائية والثلاثية والنافلة والمنذورة فلا تقصر اجماعا وفائتة لحضر فلا تقصر في السفر كالحضر ولاستقرار الأربع في ذمته وما شك في أنه فائتة سفر أو حضر فلا تقصر احتياطا لأن الأصل الاتمام وأما خبر مسلم فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة فمحمول على أن المراد ركعة مع الإمام ويفرد بالأخرى أن قصد ستة عشر فرسخا اي لا يترخص بقصر ونحوه إلا بما ذكر يقينا أو ظنا ولو باجتهاد وهي اربعة برد كل بريد أربعة فراسخ وكل فرسخ ثلاثة أميال فهي ثمانية وأربعون ميلا هاشمية نسبة لبني هاشم وقت خلافتهم لا هشم نفسه والميل اربعة الأف خطوة والخطوة ثلاثة أقدام فهو اثنا عشر ألف قدم وبالذراع ستة ألآف ذراع والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضات والأصبع ست شعيرات معتدلات معترضات والشعيرة ست شعرات من شعر البرذون فمسافة القصر بالبرد أربعة برد وبالفراسخ ستة عشر فرسخا وبالأميال ثمانية وأربعون ميلا وبالأقدام خمسمائة ألف وستة وسبعون ألفا وبالأذرع مائتا ألف وثمانية وثمانون ألفا وبالأصبع ستة الآف ألف وتسعمائة ألف وأثنتا عشر ألفا بالشعيرات إحدى وأربعون ألف(1/232)
ألف وأربعمائة ألف واثنان وسبعون ألفا وبالشعرات مائتا ألف ألف وثمانية وأ ربعون ألف ألف وثمانمائة ألف واثنان وثلاثون ألفا والزمن يوم وليلة مع المعتاد من نزول واستراحة وأكل وصلاة ونحوها وذلك مرحلتان بسير الأثقال ودبيب الأقدام وضبطها بما ذكر تحديد والبحر كالبر في ذلك حتى لو قطع الأميال فيه في لحظة لشدة جري السفينة بالهواء قصر فيها كما يقصر لو قطعها في البر في يوم بالسعي وشرط الترخص بالقصر ونحوه قصد موضع معين أول سفره فلا ترخص لهائم وهو الذي لا يدري أين يتوجه وإن سلك طريقا سواء أطال سفره أم لا وهو عاص لأن إتعاب النفس بلا غرض حرام ومثله راكب التعاسيف بل أولى وخرج بقوله إن قصد ستة عشر فرسخا ما لو قصد دونها فلا يترخص ما لو شك في بلوغ سفره لها كرقيق وزوجة وجندي تبعوا متبوعهم ولم يعرفوا مقصده فلا ترخص لهم فلو نووا مسافة القصر قصر الجندي دونهما لأنه ليس تحت قهر الأمير بخلافهما فنيتهما كالعدم ولا يخالفه في الجندي قول الشيخين لو نوى العبد أو الزوجة أو الجيش إقامة أربعة أيام ولم ينو السيد ولا الزوج ولا الأمير فأقوى الوجهين أن لهم القصر لأنهم لا يستقلون فنيتهم كالعدم لأنه لا يلزم من عدم حجر الأمير على الأجناد عدمه على الجيش لعظم الفساد بمخالفة الجيش دون الجندي فلو ساروا مرحلتين قصروا ذكره في المجموع أخذا من مسئلة النص المذكور في الروضة وهي لو أسر الكفار رجلا فساروا به ولم يعلم أين يذهبون به لم يقصر وإن سار معهم يومين قصر بعد ذلك ويؤخذ مما مر أنهم لو عرفوا أن سفرة مرحلتان قصروا كما لو عرفوا أن مقصده مرحلتان ذهابا أي إنما تعتبر المسافة ذهابا فلو قصد مكانا على مرحلة بعزم العود من غير إقامة لم يترخص وإن نالته مشقة سفر مرحلتين ثم إن سافر من بلد لها سور في جهة مقصده فابتداء سفره مجاوزته وإن تعدد كما قاله الإمام وإن كان داخله مزارع وحراب لأن ذلك معدود من البلد فإن كان وراءه عمارة لم تشترط(1/233)
مجاوزتها لأنها لا تعد من البلد ولو جمع سور قرى متفاصلة لم تشترط مجاوزته وكذا لو قدر ذلك في بلدتين متقاربتين وإن لم يكن لها سور أو لم يكن في صوب مقصده فمجاوزة العمران وإن تخلله خراب أو نهر أو ميدان ليفارق موضع الإقامة ولو خرب طرف البلد فإن لم يبق له بقايا أو اتخذوه مزارع أو هجروه بالتحويط عليه لم تشترط مجاوزته وإلا اشترطت ولا يشترط مجاوزة البساتين والمزارع المتصلة بالبلد ولو محوطة وإن كان فيها دور أو قصور تسكن في بعض فصول السنة كما في المجموع لأن ذلك لا يجعلها من البلد والقريتان المتصلتان تشترط مجاوزتهما دون المنفصلتين أو من صحراء فمجاوزة بقعة رحلة أم من خيام فمجاوزة حلته وضابطها أن يجتمع أهلها للسمر في ناد واحد ويستعير بعضهم من بعض وإن تفرقت منازلهم ومنها مرافقها كمطرح رماد وملعب صبيان وناد وعطن وماء ومحتطب إلا أن يتسعا بحيث لا يختصان بالنازلين والحلتان كالقريتين أو من واد وسافر في عرضه فمجاوزة العرض إلا أن تفرط سعته فيشترط مجاوزة ما بعد من منزله أو من حله هو فيها كما لو سافر في طوله أو من ربوة فإن يهبط أو وهده فإن يصعد إن اعتدلتا وإلا فما بعد من منزله أو من حلة هو فيها وألف قصد للإطلاق في السفر أي إنما يترخص المسافر في السفر المباح أي الجائز وإن عصا فيه واجبا كان كحجة الإسلام والجهاد أو مندوبا كزيارة قبره صلى الله عليه وسلم أو مباحا كالتجارة أو مكروها كسفر من تلزمه الجمعة ليلتها أو خلاف الأولى فلا يترخص العاصي بسفره كرقيق هرب من سيده وزوجة من زوجها وغريم موسر من غريمه أو سافر يسرق أو يزني أو يقتل بريا أو يأخذ المكوس بقصر ولا جمع ولا إفطار ولا تنفل على راحله ولا مسح على الخف ثلاثا ولا سقوط جمعة ولا أكل ميتة ونحوها لما فيه من الإعانة على المعصية حتى آبا بألف الإطلاق أي بترخص بالقصر ونحوه حتى يرجع إلى مكان شرط مجاوزته ابتداء من سور أو عمران أو غير ذلك فينقطع ترخصه بعودة إلى(1/234)
وطنه وإن نوى أنه إذا رجع إليه خرج حالا وبوصوله لموضع عزم
على إقامته به مدة تمنع الترخيص وبنيته إقامة أربعة أيام صحاح وإن لم يصلح لها ولا يحسب منها يوما دخوله وخروجه لو أقام بمكان بنية أن يرحل إذا حصلت حاجة يتوقعها كل وقت ترخص ثمانية عشر يوما صحاحا وشرطه أي القصر النية في الإحرام لئلا تنعقد صلاته على الأصل وهو الإتمام وترك ما خالف حكم نية القصر في الدوام للصلاة كنية الإتمام أو الإقتداء بمن صلاته تامة ولو لحظة فلو نوى الإتمام أو لم ينو قصرا ولا إتماما أو تردد في أنه يقصر أو يتم ولو في بعض الصلاة لزمه الإتمام لأنه المنوي في الأولى والأصل في الأخيرتين ويشترط أيضا علمه بجوازه فلو قصر جاهلا به لم تصح صلاته لتلاعبه إذ هو عابث في اعتقاده غير مصل وجاز أي ويجوز للمسافر سفرا طويلا مباحا أن يجمع بين العصرين تثنية الظهر والعصر تغليبا وغلبت العصر لخفة لفظها وشرفها في وقت إحدى ذين تقديما أو تأخيرا كالعشاءين تثنية المغرب والعشاء وغلبت العشاء لما مر تقديما أو تأخيرا وخرج بما ذكره الصبح مع غيرها والعصر مع المغرب فلا يجمعان لأنه لم يرد ويجوز جمع الجمعة والعصر بالسفر تقديما كما اعتمده الزركشي ويستثنى من جمع التقديم المتحيرة كما يجوز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء للمقيم لمطر ولو ضعيفا إن بل ثيابه لكن مع التقديم أي جمع تقديم لا تأخير إذ استدامته ليست إليه بخلاف السفر ومثل المطر الشفان وكذا الثلج والبرد إذا ذابا لتضمنهما القدر المبيح من بل الثوب إن أمطرت أي شرط الجمع بالمطر تقديما وجوده عند ابتداء البادية أي التي بدأ بها و عند ختمها أي سلامها المحال منها وفي ابتداء الثانية أما اشتراط وجوده عند التحرمين فليقارن الجمع العذر وأما عند تحلل الأولى فليتحقق اتصال آخرها بأول الثانية مقرونا بالعذر وعلم أنه لا يضر انقطاعه في أثناء الأولى أو الثانية أو بعدها وإنما يجوز الجمع بالمطر تقديما لمن(1/235)
يصلي مع جماعة إذا جا بالقصر للوزن من بعيد مسجدا بخلاف من يصلي منفردا أو مع جماعة بيته أو بمسجد قريب فلا يجمع لانتفاء المشقة كغيره عنه نال الأذى بالمطر في طريقه وأما جمعه صلى الله عليه وسلم مع أن بيوت أزواجه كانت بجنب المسجد فأجيب عنه بأن بيوتهن كانت مختلفة وأكثرها كانت بعيدة فلعله حين جمع لم يكن بالقريب وبأن للإمام أن يجمع بالمأمومين وإن لم يتأذ بالمطر كما صرح به ابن أبي هريرة وغيره قال المحب الطبري ولمن خرج إلى المسجد قبل وجود المطر فاتفق وجوده وهو في المسجد أن يجمع لأنه لو لم يجمع لاحتاج إلى صلاة العصر أيضا في جماعة وفيه مشقة في رجوعه إلى بيته ثم عوده أو في إقامته بالمسجد انتهى وذكر المسجد جرى على الغالب إذ مثله في ذلك الرباط ونحوه من أمكنه الجماعة وشرطه أي الجمع بالسفر أو المطر تقديما النية للجمع في الصلاة الأولى تمييزا للتقديم المشروع عن التقديم سهوا أو عبثا سواء أنواه عند التحرم أم التحلل أم بينهما لأن الجمع ضم الثانية إلى الأولى فيكفي سبق النية حالة الجمع ويفارق القصر بأنه لو تأخرت نيته لتأدى جزء على التمام فيمتنع القصر وشمل كلامه ما لو نوا ثم نوى تركه ثم نواه وما لو شرع في البلد فسارت السفينة فنوى الجمع وما رتب أي يشترط في ذلك الترتيب بين الصلاتين وهو تقديم الظهر على العصر والمغرب على العشاء لأنه المأثور عنه صلى الله عليه وسلم ولأن الوقت لها والثانية تبع فلو صلى الثانية قبل الأولى لم تصح أو الأولى(1/236)
باب صلاة الخوف قبل الثانية وبان فسادها فسدت الثانية أيضا لانتفاء الترتيب والولا بينهما بالقصر للوزن أي يشترط لذلك أيضا الموالاة بينهما لأن الجمع يجعلهما كصلاة واحدة فوجب الولاء كركعات الصلاة ولأنه صلى الله عليه وسلم لما جمع بين الصلاتين بنمرة وإلى بينهما وترك الرواتب وأقام الصلاة بينهما ولولا اشتراط الولاء لما ترك الرواتب وإن تيمما أي لا يمنع الولاء تيممه للثانية أو أقام لها أو صلاها بعد أن طلب من الماء ولم يطل الفصل عرفا فالولاء حاصل أما الإقامة فللخبر المار وأما التيمم والطلب فلأن كلا منهما فصل يسير لمصلحة الصلاة كالإقامة بل أولى لأنه شرط دونها بخلاف ما إذا طال الفصل ولو بعذر كسهو وإغماء ولو جمع تأخيرا لم تجب نية الجمع والترتيب والولاء لكن تستحب ويجب كون التأخير بنية الجمع قبل خروج وقت الأولى بزمن لو ابتدئت فيه كانت أداء وإلا فيعصى وتكون قضاء نقله في الروضة كأصلها عن الأصحاب وفي المجموع وشرح مسلم عنهم بزمن يسعها أو أكثر وهو مبين أن المراد بالأداء في الروضة الأداء الحقيقي بأن يؤتى بجميع الصلاة قبل خروج وقتها بخلاف الإتيان بركعة منها في الوقت والباقي بعده فتسميته أداء بتبعية ما بعد الوقت لما مر فيه وهذا هو المعتمد وإن جرى جمع متأخرون على ما اقتضاه كلام الروضة وأصلها من الاكتفاء بقدر ركعة ولو جمع تقديما فصار قبل الشروع في الثانية مقيما بطل الجمع أو في الثانية أو بعدها فلا لانعقادها أو تمامها قبل زوال العذر أو تأخيرا فأقام بعد فراغها لم يضر وقبله يجعل الأولى قضاء لأنها تابعة للثانية في الأداء للعذر وقد زال قبل تمامها قال صاحب التعليقة وإنما اكتفى في جمع التقديم بدوام السفر إلى عقد الثانية ولم يكتف به في جمع التأخير بل شرط دوامه إلى تمامها لأن وقت الظهر ليس وقت العصر إلا في السفر وقد وجد عند عقد الثانية فيحصل الجمع وأما وقت العصر فيجوز فيه الظهر بعذر السفر وغيره فلا ينصرف فيه(1/237)
الظهر إلى السفر إلا إذا وجد العذر في كل منهما وإلا جاز أن ينصرف إليه لوقوع بعضها فيه وأن ينصرف إلى غيره لوقوع بعضها في غيره الذي هو الأصل وألف تيمما للإطلاق والجمع الفاضل بالتقديم والتأخير كئن بحسب الأرفق للمعذور أي المسافر فإن كان سائرا وقت الأولى فتأخيرها أفضل وإن لم يكن سائرا وقت الأولى فتقديمها أفضل فإن كان سائرا فيهما أو نازلا فيهما فجمع التأخير أفضل كما هو ظاهر كلام كثير لظاهر الأخبار ولانتفاء سهولة جمع التقديم مع الخروج من خلاف من منعه في مرض قول إنه يجوز الجمع به تقديما وتأخيرا جلى وقوى لما في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر وفي رواية من غير خوف ولا سفر اختاره حمد الخطابي ويحيى النووي والماوردي في الإقناع وعليه فيندب أن يراعى الأرفق للمريض والأسهل عليه في مرضه كالمسافر فإن كان يحم في وقت الثانية قدمها إلى الأولى بالشروط المارة وإن كان يحم في وقت الأولى أخرها إلى الثانية فإن استوى في حقه الأمران فالتأخير أولى لأنه أخذ بالاحتياط وخروج من الخلاف ولكن المشهور أنه لا يجمع بمرض ولا ريح ولا ظلمة ولا خوف ولا وحل ولا نحوها لأنه لم ينقل ولخبر المواقيت فلا يخالف إلا بصريح باب صلاة الخوف أي كيفيتها من حيث أنه يحتمل في الفرائض فيه في الجماعة وغيرها ما لا يحتمل في غيره على ما يأتي بيانه وقد وردت في الأخبار على ستة عشر نوعا اختار الشافعي منها أربعة أنواع ترجع إلى الثلاثة(1/238)
الآتية والأصل فيها قوله تعالى وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية والاخبار الآتية مع خبر صلوا كما رأيتوني اصلي واستمرت الصحابة رضي الله عنهم على فعلها بعده صلى الله عليه وسلم ودعوى المزني نسخها لتركه صلى الله عليه وسلم لها يوم الخندق أجيب عنه بتأخر نزولها عنه لأنها نزلت سنة ست والخندق سنة أربع وقيل خمس وتجوز في الحضر خلافا لمالك أنواعها ثلاثة فإن لم يكن عدونا في غير قبله أي في غير وجهتها أو فيها وحال دونهم حائل يمنع رؤيتهم فسن تحرس بتقدير أن في محل رفع نائب فاعل سن أي سن حراسة فرقة وصلى من يؤم بالفرقة الركعة الأولى بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وتتم وحرست أي يسن أن يفرقهم الإمام فرقتين تقف فرقة في وجه العدو وتحرس وينحاز بالفرقة الأخرى بحيث لا يبلغهم سهام العدو فيصلي بهم الركعة الأولى فإذا قام للثانية فارقته بنية المفارقة وأتمت لنفسها وذهبت إلى وجه العدو لتحرس ولو فارقته عند رفع لرأسه من السجدة الثانيه جاز ثم يصلي ركعة بالفرقة الأخرى ولو في جمعة ثم أتمت وبهم يسلم أي تأتى الفرقة الأخرى التي كانت في وجه العدو فاقتدوا به في الثانية ويطيل القراءة ليلحقوا ويصلي بهم الثانية فإذا جلس للتشهد قاموا واتمموا ثانيتهم فإذا لحقوه سلم بهم فتحوز الفرقة الأولى فضيلة التحرم مع الإمام والثانية فضيله التسليم معه ويقرأ الإمام في أنتظاره الفرقة الثانيه في القيام ويتشهد في أنتظارها في الجلوس لأنه لو لم يقرأ ولم يتشهد فإما أن يسكت أو يأتى بغير القراءة والتشهد وكل ذلك خلاف السنة ويندب لهم تخفيف ثانيتهم لئلا يطول الانتظار وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع رواها الشيخان ولو لم تفارقه الأولى بل ذهبت إلى العدو وجاءت الأخرى إلى محل الصلاة وأتمت وذهبت إلى العدو وجاءت الأولى وأتمت صحت على المشهور وهذه رواية ابن عمر والأولى رواية سهل بن ابي خيثمة واختارها الشافعى لأنها أوفق للقرآن(1/239)
ولإشعار ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك بصلاة الأولى ولأنها أليق بالصلاة لقلة الأفعال ولأنها أحوط للحرب فإنها أخف على الطائفتين وأنما صحت الصلاة على رواية ابن عمر مع كثرة الأفعال فيها من غير غرض لصحة الخبر بها مع انتفاء المعارضة إذ إحدى الرواتين كانت في يوم والأخرى في آخر ودعوى النسخ غير صحيحة لاحتياجه لمعرفة التاريخ وتعذر الجمع وليس هنا واحد منهما وأما صلاة ذات الرقاع لو كانت في جمعه بأن يكون الخوف ببلده فإنها تجوز بشرط أن يخطب بجميعهم ثم يفرقهم فرقتين لا تنقص كل منهما عن اربعين أو بفرقة ثم بجعل منها مع كل فرقة أربعين فلو خطب بفرقة وصلى بأخرى أو نقص العدد فيهما أو في الأولى ولم تنعقد الجمعة أو الثانيه لم يضر ولو أقيمت الجمعة بعسفان صحت أيضا لا ببطن نخل إذ لا تقام جمعه بعد أخرى فإن صلى مغربا فبفرقة ركعتين وبالثانية ركعة وهو الأفضل من عكسه الجائز له أيضا لأن السابقة أحق بالتفصيل ولسلامته من التطويل في عكسه بزيادة التشهد في أولى الثانية وينتظر في جلوس تشهده أو قيام الثالثه وهو أفضل لأنه محل للتطويل بخلاف جلوس التشهد الأول أو رباعية فبكل ركعتين ولو صلى بكل فرقة ركعة صحت صلاة الجميع وتجوز في هذه الحالة صلاة بطن نخل وهي أن يجعل الإمام الناس فرقتين فرقة في وجه العدو وفرقة ينحاز بها بحيث لا تبلغها سهام العدو ويصلي بها جميع الصلاة سواء أكانت ركعتين أم ثلاثة أم أربعا فإذا سلم بها ذهبت إلى وجه العدو وجاءت الأخرى فيصلى بهم مرة ثانيه وهذه الصلاة وإن جازت في غير الخوف ندب إليها فيه عند كثرة المسلمين وقلة عدوهم وخوف هجومهم عليهم في الصلاة لكن صلاة ذات الرقاع افضل منها لسلامتها من اقتداء المفترض بالمتنفل المختلف فيه ولأنها اخف وأعدل بين(1/240)
الفريقين وإن يكن عدونا في قبلة أي في جهتها ولا حائل دونهم وفي المسلمين كثرة صفهم الإمام صفين ثم بالجميع أحرما ويقرأ ويركع ويعتدل بهم وألف أحرما للإطلاق ومعه يسجد صف منهما وحرس الصف الآخر ثم حيث قام فليسجد الثاني ويلحق الإمام فيقرا و يركع ويعتدل بهم فإذا سجد سجدة معه صف سجدتيه وحرس الصف الآخر فإذا قاموا سجد من حرس ولحقوه وقرأ واعتدل بالجميع فإذا سجد سجد معه من حرس أولا وحرس الآخرون فإذا جلس سجد من حرس وتشهد بالجميع وسلم وهذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان رواها مسلم ذاكرا فيها سجود الصف الأول في الركعة الأولى والثاني في الركعة الثانية وعبارة المصنف ككثير صادقة بذلك وبعكسه وهو جائز أيضا ويجوز فيه أيضا أن يتقدم في الركعة الثانية الصف الثاني وبتاخر الأول إذا لم تكثر أفعالهم بأن يكون كل من التقدم والتأخر بخطوتين ينفذ كل واحد في التقدم بين اثنين وهل هذا التقدم والتأخر افضل او ملازمة كل واحد منهما مكانه أفضل وجهان والأول موافق للوارد في العكس في الحديث المذكور ويجوز أن يزاد على صفين ويحرس صفان ولو حرس في الركعتين فرقتا صف على المناوبة وقام غيرهما على المتابعة جاز وكذا فرقة في الأصح ويسن حمل السلاح في هذه الأنواع حيث كان طاهرا ولم يمنع ركنا ولم يتأذ به احد وظهرت السلامة مع احتمال الخطر أحتياطا وخروجا من خلاف من أوجبه وإنما لم يجب لأن وضعه لا يفسد الصلاة فلم يجب حمله كسائر ما لا يفسد تركه وقياسا على صلاة الأمن وحملوا الآية على الاستحباب وخرج بما ذكر السلاح المتنجس والمانع من الركن كالحديد المانع من الركوع والبيضة المانعة من مباشرة الجبهة فيحرم حملها والسلاح المؤذى كالرمح وسط القوم فيكره حمله فإن غلب على ظنه إيذاء الغير به حرم وخرج بظهور السلامة إذا ظهر الهلاك فيجب حمله وإلا فهو استسلام للكفار ووضع السلاح بين يديه كحمله إن سهل تناوله كالمحمول بل يتعين وضعه إذا منع حمله(1/241)
الصحة وفي التحام الحرب أي إذا انتهى الخوف إلى حيث لا يتمكن أحد من ترك القتال بأن التحم القتال والعدو كثير أو اشتد الخوف ولم يؤمن هجومه ولو انقسمنا صلو مهما امكنهم ركبانا ومشاة أو بالايما بحذف الهمزة للوزن ولا تؤخر الصلاة عن الوقت ولو ترك القبلة عند العجز بسبب العدو فإن كان لجماح دابة وطال بطلت قال تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال ابن عمر مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال نافع لا أراه إلا مرفوعا رواه البخاري ويجوز اقتداء بعضهم ببعض مع أختلاف الجهة وهو أفضل من الأنفراد فإن عجزوا عن ركوع وسجود أو مأوا والسجود أخفض ويعذر في الأعمال الكثيره لحاجه لا في صياح ويلقى السلاح إذا ادمى فإن احتاجه أمسكه وقضى خلافا للأمام ويصلي عيد وكسوف في شدة الخوف لا الاستسقاء وتجوز صلاة شدة الخوف في كل قتال وهزيمة مباحين وهرب من سبع أو سيل أو حريق لا معدل عنها وكذا غريم عند إعساره وخوف حبسه ومن عليه قصاص يرجو العفو عنه لو تغيب ودفع من قصد نفسا أو حريما أو مالا ولو غير حيوان ولا يصليها محرم خاف فوت الحج بل يؤخرها وجوبا ويدرك الحج وحرموا اي العلماء على الرجال ومثلهم الخناثي العسجدا أي استعمال حلي الذهب واتخاذه ليستعمله لخبر ط أنه صلى الله عليه وسلم أخذ في يمينه قطعة حرير وفي شماله قطعة ذهب وقال هذان حرام على ذكور امتى حل لإناثهم وعلة تحريمه العين بشرط الخيلاء واستثنى منه أتخاذ الأنف لمن قطع أنفه وإن أمكن أتخاذه من فضة لن(1/242)
عرفجة بن سعد قطع أنفه يوم الكلاب بضم الكاف اسم لماء كانت الوقعة عنده في الجاهلية فأتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب والسن وإن تعددت والأنملة ولو كان لكل أصبع قياسا على الأنف وقد شد عثمان وغيره أسنانهم به ولم ينكره أحد وجاز ذلك بالذهب وأن أمكن بالفضة الجائزة لذلك بالأولى لأنه لا يصدأ ولا يفسد المنبت ولا يجوز له تعويض كف وأصبع وأنملتين من أصبع وأنملة سفلى من ذهب ولا فضة لأنه لا تعمل فتكون مجرد الزينة بخلاف السن والأنملة وألف العسجد للأطلاق بالنسج أي وحرموا على الرجال لبس المنسوج بالذهب اي أو بالفضة والتمويه أي المطلى بواحد منهما إن حصل منه شيء بالعرض على النار لما فيه من الخيلاء وكسر قلوب الفقراء فإن لم يحصل منه شيء حل وخرج بالذهب والفضة فيحل للرجل منها لبس الخاتم وتحلية آله الحرب كسيف ورمح وتحرم تحلية السرج واللجام والركاب وقلادة الدابة والسكين والكتب والدواة وسرير الصحف ونحوها وبالرجل المرأة فيحل لها استعمال حلى الذهب والفضة ولو تاجا لم يعتدنه ولبس ما نسج بهما إلا أن تسرف كخلخال زينته مائتا مثقال والا تحلية آلة الحرب ويجوز تحلية المصحف بفضة وكذا للمرأة بذهب والخنثى في كل من حلى الرجل والمرأة كالآخر فيحرم عليه ما يحرم على كل منهما احتياطا لا حال الصدا أي أن صدى بحيث لا يظهر لون الذهب أو الفضة لغلبة الصدأ عليه جاز استعماله لا يقال الذهب لا يصدأ لنا نقول محله إذا كان منفردا أما إذا كان مشوبا بغيره فيصدأ و يحرم على الرجل والخنثى استعمال خالص القز أو الحرير من عطف العام على الخاص فأو بمعنى الواو إذا كان خالصا أو غالبا أي مما غالبه من القز والحرير لخبر لا تلبسوا الحرير والديباج بخلاف ما إذا كان غيره أكثر أو استويا وزنا فلا يحرم لأنه لا يسمى ثوب حرير والأصل الحل ويجوز لبسه لضرورة كفجأة حرب إذا لم يجد غيره ولحاجة كحكة وقمل إلا على الصغير أي(1/243)
ويحل للولي إلباس الصبي ولو مميزا الحرير والمزعفر وتزيينه بحلى الذهب والفضة ولو في غير يوم العيد إذ ليس له شهامة تنافى خنوثة ذلك ولأنه غير مكلف ألحق به الغزالى في الإحياء المجنون باب صلاة الجمعة بضم الميم وإسكانها وفتحها وحكى كسرها وهي كغيرها من الخمس في الأركان والشروط وتختص باشتراط أمور في لزومها وامور في صحتها والباب معقود لذلك مع آداب تشرع فيها والأصل فيها قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة أي فيه فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع وقال صلى الله عليه وسلم لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات او ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من المنافقين وخبر رواح الجمعة واجب على كل محتلم وقال الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة عبد مملوك أو أمرأة أو صبي أو مريض وقال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة الإ امرأة أو مسافر أو عبد أو مريض وركعتان أي والجمعة ركعتان فرضها فرض عين لمؤمن أي على كل مؤمن كلف أي بالغ عاقل حر ذكر مستوطن أي مقيم اقامة تمنع حكم السفر بمحل الجمعة وإن لم يتوطن بها أو حيث يبلغ نداؤها وعبر بمستوطن لأنه أحال عليه فيما سيأتى اختصارا والا فالشرط هنا(1/244)
الإقامة كما حملنا عليه كلامه ذى صحة فلا جمعة على كافر ولا صبي ومجنون كغيرها من الصلوات والمغمى عليه كالمجنون بخلاف السكران فإنه يلزمه قضاؤها ظهرا كغيرها ولا على رقيق ولو مكاتبا أو مبعضا وإن كان ثم مهايأة ووقع زمنها في نوبته ولا على امرأة وخنثى ومسافر سفرا مباحا ولو قصيرا ومريض أي ومعذور بمرض في ترك الجماعة ويسن لمسافر وعبد وصبي حضورها عند تمكنهم منها ولهم الأنصراف وصلاة الظهر وكذا النساء إلا المريض او نحوه فيحرم انصرافه ان حضر في الوقت ولم يزد ضرره بانتظار والفرق ان مانع المريض ونحوه من وجوب حضور الجمعة المشقة وقد حضر متحملها وتعب العود لا بد منه ومانع غيرهم صفات قائمة بهم لا تزول بالحضور نعم يمتنع على المعذورين الانصراف بعد إقامة الصلاة فإن أحرم بها المريض والمسافر ونحوهما وكذا المرأة والخنثى والعبد أجزأتهم وحرم ا لخروج منها وتلزم شيخا هرما وزمنا وجدا مركبا ولم يشق الركوب وأعمى وجد قائد واهل القرية إن كان فيهم جمع تصح فيه الجمعة لزمتهم فيها فإن صلوها في مصر سقط الفرض وأتموا وإلا فإن بلغهم صوت عال في هدو من طرف يليهم لبلد الجمعة والمستمع مصغ معتدل السمع لزمتهم وإلا فلا ولو سمعوا من بلدين تخيروا بينهما ويشترط استواء الأرض فلو سمعوا لكونهم في علو لم تجب أولم يسمعوا لكونهم في وهدة وجبت ولو لازم أهل الخيام موضعا فإن سمعوا النداء لزمتهم وإلا فلا والعذر الطارئ بعد الزوال يبيح تركها إلا السفر فيحرم إنشاؤه إلا أن تمكنه الجمعة في طريقه أو يتضرر بتخلفه عن الرفقة وقبل الزوال كعبده وأن كان السفر طاعة ومتى حلرم فسافر لم يترخص حتى تفوت الجمعة فمنه ابتداء سفره ويندب لمن أمكن زوال عذره تأخير ظهره إلى الياس منها برفع الإمام رأسه من الركوع الثاني ولغيره كزمن وامرأة تعجيلها وتسن الجماعة في ظهرهم وإخفاؤها و إن خفى عذرهم ولو زال العذر بعد فراغه من الظهر وأمكنته الجمعة لم تلزمه إلا الخنثى وغير(1/245)
المعذور لا يصح ظهره قبل اليأس منها وذلك بسلام الإمام وشرطها أي الجمعة كونها في أبنية من خطة أوطان المجتمعين سواء اكانت من حجر أم طين أم خشب أم قصب أم سعف أو غيرها وسواء في ذلك المسجد والفضاء والدار بخلاف خارج الخطة الذي يترخص منه المسافر قبل وصوله لأنها لم تقم في عصره صلى الله عليه وسلم ومن بعده إلا في دار الإقامة بخلاف الخيام وإن استوطنها أهلها دائما ولو انهدمت الابنية أو احترقت فأقام أهلها على عمارتها لزمتهم الجمعة فيها بخلاف ما لو أرادوا إنشاء أبنية جديدة حادثة وسواء أكانوا في مظال أم لا ولا تنعقد في غير بناء إلا في هذه جماعة أي وشرطها كونها في جماعة لأنها لم تفعل في عصره صلى الله عليه وسلم والخلفاء ومن بعدهم إلا كذلك وشرطها فيها كشرطها في غيرها كنية الاقتداء والعلم بانتقالات الإمام وعدم التقدم عليه وغير ذلك مما مر زيادة أن تقام بأربعين رجلا ولو بالأمام في كل من الخطبة والجمعة لخبر كعب بن مالك قال أول من جمع بنا في المدينة اسعد بن زرارة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في بقيع الخضمات وكنا أربعين واعلم أنه لا يلزم من اشتراط العدد اشتراط الجماعة ولا العكس لانفكاك كل منهما عن الاخر أما العدد فلأنه قد يحضر أربعون من غير جماعة وأما الجماعة فإنها للأرتباط الحاصل بين صلاتي الإمام والمأموم وهو لا يستدعى عدد الأربعين وهيه بهاء السكت أي الجماعة الأربعون بصفة الوجوب بأن يكون كل منهم مسلما مكلفا حراد ذكرا مستوطنا بمحل الجمعة أي لا يظعن عنه شتاء ولا صيفا إلا لحاجة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يجمع بحجة الوداع مع عزمه على الإقامة أياما لعدم الاستيطان وكان يوم عرفة فيها يوم الجمعة ولكن الصحيح انعقادها بالمرضى لكمالهم وإنما لم تجب عليهم تخفيفا ولا يشترط تقدم إحرام الكاملين على إحرام الناقصين وأعلم أن الناس في الجمعة ستة أقسام الأول من تلزمه وتنعقد به وتصح منه وهو من اجتمعت فيه(1/246)
هذه الصفات المعتبرة ولا عذر له والثانى من لا تلزمه ولا
تنعقد به ولا تصح منه وهو من به جنون أو اغفاء أو كفر اصلى أو سكر وإن لزم الأخير القضاء والثالث من لا تلزمه ولا تنعقد به وتصح منه وهو العبد والمبعض والمسافر والمقيم خارج البلد إذا لم يسمع النداء والصبي والأنثى والخنثى والرابع من لا تلزمه وتنعقد به وهو من له عذر من أعذارها غير السفر والخامس من تلزمه ولا تصح منه وهو المرتد والسادس من تلزمه وتصح منه ولا تنعقد به وهو المقيم غير المتوطن والمتوطن خارج بلدها إذا سمع نداءها و شرطها الوقت اي وقت الظهر بأن تفعل مع خطبتها كلها فيه لخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس فإن يخرج وقتها يصلوا الظهر بالبنا ولو شرعوا فيه ووقع بعض الصلاة ولو بتسليمة المسبوق خارجه صلوا الظهر وجوبا لأنها عبادة لا يجوز الابتداء بها بعده فتنقطع بخروجه كالحج وإلحاقا للدوام بالابتداء كدار الإقامة بناء على ما فعل منها فيسر القراءة من حينئذ لأنهما صلاتان في وقت واحد فجاز بناء أطولهما على أقصرهما كالأتمام والقصر ولو شك في أثنائها في خروجه أتمها جمعة لأن الأصل بقاؤه ومن شروطها تقديم خطبتين و يجب أن يقعد بين تين أي بينهما مطمئنا للاتباع ولأن خطبة الجمعة شرط والشرط مقدم على المشروط ولأن الجمعة إنما تؤدى جماعة فأخرت ليدركها المتأخر وللتميز بين الفرض والنفل ولو خطب قاعدا لعجزه عن القيام لم يضطجع بينهما للفصل بل يفصل بينهما بسكته قدر الطمأنينة للجلوس وعلم من قوله ومن عدم استفاء الشروط إذ منها أن لا يسبقها ولا يقارنها جمعة في بلدتها إلا إذا كبرت وعسر اجتماعهم فيها في موضع واحد فيجوز التعدد بحسب الحاجة وحيث منع التعدد فسبقت جمعه فهي الصحيحة وإن كان السلطان مع الثانية والعبرة في السبق بالراء من اكبر فإن أخبروا فيها بكونهم مسبوقين سن استئنافها ظهرا ولهم أتمام الجمعة ظهرا وأن وقعتا معا أو شك بطلتا(1/247)
واستؤنف جمعه وإن سبقت إحداهما ولم تتعين أو تعينت ونسيت صلوا ظهرا ثم شرع في ذكر أركان الخطبتين وعد عشرة أشياء ومراده بذلك ما لا بد منه وإلا فأركانهما خمسة وهي حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى وقراءة آية في أحداهما والدعاء للمؤمنين في الثانية وما عداها من شروطهما فقال ركنهما القيام فيهما للقادر للاتباع ولأنه ذكر يختص بالصلاة وليس من شرطه القعود فيشترط فيه القيام كالقراءة والتكبيرة فإن عجز عنه خطب قاعدا فإن عجز فمضطجعا كالصلاة والأولى أن يستنيب ويجوز الاقتداء به سواء قال لا أستطيع القيام أم سكت لأن الظاهر أنه إنما ترك القيام لعجزه فإن بان أنه كان قادرا فهو كما لو بان محدثا والحكمة في جعل القيام والقعود شرطين لهما وركنين للصلاة أن الخطبة ليست إلا الذكر والوعظ ولا شك أن القيام والقعود ليسا بجزأين لها بخلاف الصلاة فإنها جملة أعمال وهي كما تكون أذكارا تكون غير أذكار والله احمد كالحمد لله أو احمد الله أو نحمد الله أو حمدا لله او لله الحمد أو حمدت الله أو أنا حامد لله وخرج بلفظ الحمد نحو لفظ التكبير والثناء وبلفظ الله نحوه لفظ الرحمن الرحيم وبعده صلى على محمد فيهما كأصلى أو نصلي على الرسول أو محمد أو الماحي أو العاقب أو الحاشر أو البشير أو النذير لأن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله افتقرت إلى ذكر نبيه صلى الله عليه وسلم كالأذان والصلاة وخرج بلفظ الصلاة نحو لفظ الرحمة و بالصلاة عليه الإتيان فيها بلفظ الضمير وإن تقدم اسمه عليه والصلاة على غيره وليوص بالتقوى فيهما للاتباع ولأن معظم مقصود الخطبة الوصية وذلك إما بلفظها أو المعنى كما نحو أطيعوا الله أو امتثلوا أمره واجتنبوا نهيه لأن غرضها الوعظ وهو حاصل بغير لفظها فلا يكفى التحذير من الاغترار بالدنيا وزخرفها فقد يتواصى به منكر والمعاد بل لا بد من الحث على طاعة الله واجتناب معاصيه في كلتيهما أي يجب القيام(1/248)
وحمد الله
والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والوصية بالتقوى في كل واحد من الخطبتين والستر للعورة في الخطبتين كالصلاة كما جرى عليه السلف والخلف في الجمعة والولاء بين تين اي الخطبتين وكلماتهما وبين ما صلى أي بينهما وبين الصلاة كما جرى عليه السلف والخلف ولأن له اثرا طاهرا في استمالة القلوب والصلاة والخطبة شبهتا بصلاتي الجمع وبالطهرين في الخطبتين أي طهر الحدث الأصغر والأكبر وطهر الخبث في البدن والثوب والمكان كما جرى عليه السلف والخلف فلو تطهر وعاد وجب استئناف الخطبة وإن لم يطل الفصل كالصلاة ويطمئن قاعدا بينهما أي بين الخطبتين كما في الجلوس بين السجدتين كما جرى عليه السلف والخلف ويقرا الآية في إحداهما للاتباع رواه الشيخان وسواء في الآية الوعد والوعيد والحكم والقصة في إحدى الخطبتين لا بعينها لأن المنقول القراءة في الخطبة دون تعيين ويعتبر فيها كونها مفهمة فلا يكفي ثم نظر وإن عد آية ولو قرأ شطر آية طويلة جاز ولا تجزىء آية موعظة بقصد إيقاعها عن الوعظ والقراءة بل عن القراءة فقط ولا آيات شاملة للأركان لانها لا تسمى خطبة ولو اتى ببعضها في ضمن آية جاز واسم الدعا بالقصر للوزن أي ما يقع عليه اسم دعاء ثانية أي في الثانية للمؤمنين والمؤمنات إذ المراد بهم الجنس لأن الدعاء يليق بالخواتيم ولا بد من كونه متعلقا بأمور الآخرة غير مقتصر على أوطار الدنيا وحسن تخصيصه بالسامعين كأن يقول رحمكم الله أما الدعاء للسلطان بخصوصه فلا يستحب وفي شرح المهذب اتفق أصحابنا على أنه لا يجب ولا يستحب والمختار انه لا بأس به إذا لم يكن فيه مجازفة في وصفه ونحوها ويستحب بالاتفاق الدعاء لأئمة المسلمين وولاة أمورهم بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل ونحو ذلك ولجيوش الإسلام ومن شروطها كونها عربية فإن لم يكن من يحسن العربية خطب أحدهم بلسانه ويجب على كل منهم تعلم العربية فإن مضت مدة إمكان التعلم ولم يتعلم أحد(1/249)
منهم عصوا كلهم به ولا جمعة بل يصلون الظهر وفائدة الخطبة بالعربية إذا لم يعرفها القوم العلم بأنه يعظهم في الجملة ويدل لذلك ما في الروضة أنهم لو سمعوا الخطبة ولم يفهموا معناها صحت ولا بد من إسماع العدد الذي تنعقد به الجمعة بالقوة أركان الخطبتين لأن مقصودها الوعظ وهو لا يحصل إلا بالإبلاغ فلا يكفى الاسرار كالأذان فلو كانوا كلهم أو بعضهم صما لم تصح كبعدهم عنه وكشهود النكاح وعلم من ذلك انه يجب عليهم السماع فيشترط الاسماع والسماع وبه صرح الشيخان وغيرهما سننها اى الجمعة الغسل لمن أراد حضورها وإن لم تجب عليه بل يكره تركه لخبر من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل وهو صارف للأحاديث الدالة على الوجوب ووقته من الفجر وتقريبه من ذهابه أفضل لأنه أفضى إلى الغرض من انتفاء الرائحة الكريهة حال الاجتماع فإن عجز عن الغسل حسا أو شرعا يتيمم بنية الغسل وجاز الفضيلة كسائر الأغسال المسنونة وتنظيف الجسد بإزالة الشعر والظفر والروائح الكريهة كالصنان لأنه يتأذى به فيزال بالماء ونحوه ولبس أبيض بصرفه للوزن لخبر ألبسوا من ثيابكم البياض فإنها خيار ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم فإن لبس مصبوغا فما صبغ غزله ثم نسج كالبرد لاعكسه ويستحب أن يزيد الإمام في حسن الهيئة والتعمم ويرتدى للاتباع ولأنه منظور إليه وطيب أى تطيب إن وجد لخبر من اغتسل يوم الجمعة ولبس من أحسن ثيابه ومس من طيب إن كان عنده ثم أتى الجمعة فلم يتخط أعناق الناس ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التى قبلها رواه ابن حبان والحاكم وصححه على شرط(1/250)
باب صلاة العيدين مسلم وأحب طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفى لونه وطيب النساء ما ظهر لونه وخفى ريحه قال إمامنا رضى الله عنه من نظف ثوبه قل همه ومن طاب ريحه زاد عقله ولا بأس بحضور العجوز بإذن زوجها أو سيدها بلا طيب وتزين وبكر أي يسن التبكير إليها لخبر الصحيحين على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول ومن اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة أي كغسلها ثم راح أي في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنه اي واحدا من الإبل ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر وروى النسائي في الخامسة كالذي يهدى عصفورا وفي السادسة بيضة والساعات من طلوع الفجر كما جرى عليه المصنف لا الشمس ولا الزوال على الأصح لأنه أول اليوم شرعا وبه يتعلق جواز غسل الجمعة قال في الروضة وليس المراد الساعات الفلكية وإلا لاختلف الأمر باليوم الشاتى والصائف وفي خبر أبي داود والنسائي بإسناد صحيح يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة وهو شامل لجميع أيامه بل المراد ترتيب الدرجات وفضل السابق على من يليه لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة وقال في شرحى المهذب ومسلم بل المراد الفلكية لكن بدنة الأول أكمل من بدنه الآخر وبدنه المتوسط متوسطة وعلى هذا القياس كما في درجات الجمع الكثير والقليل ثم محل ندب التكبير في المأموم أما الإمام فيندب له التأخير إلى وقت الخطبة اتباعا له صلى الله عليه وسلم وخلفائه والمشي لها من فجر أي يسن المشي لها بل ولغيرها من العبادات كعيادة المريض فلا يركب إلا لعذر للحث على ذلك ومع غيره في خبر رواه أصحاب السنن الأربعة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين وازداد من قراءة وذكر أي يكثر من ذلك في اي والصلاة على رسول الله صلى الله(1/251)
عليه وسلم في طريقه وحضوره قبل الخطبة ويسن ان يكثر من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها وليلتها وأن يقرا سورة الكهف فيهما وسنة الخطبة بالإنصات لقوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا فسره كثيرون بالخطبة وسميت قرآنا لاشتمالها عليه والإنصات السكوت والاستماع شغل السمع بالسماع وصرف الأمر عن الوجوب خبر إن رجلا دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال متى الساعة فأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل وأعاد الكلام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة ماذا أعددت لها قال حب الله ورسوله قال إنك مع من أحببت وجه الدلالة عدم إنكار الكلام عليه ولم يبن له وجوب السكوت وأما خبر مسلم إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت فمعناه تركت الأدب وندب الإنصات لا ينافى في ما مر من وجوب السماع ويستوى في ندب الإنصات سامع الخطبة وغيره كما في الروضة كأصلها ثم نقلا عن الأكثرين أن غير السامع بالخيار بين الإنصات والأشتغال بالذكر والتلاوة وكلام المجموع يقتضى أولوية الثاني والخف في تحية الصلاة لداخل المسجد حال الخطبة ليتفرغ لسماعها قال في الأمام وأرى لإمام أن يأمر بها فإن لم يفعل كرهت له ذلك فإن لم يكن صلى الراتبة صلاها وحصلت التحية أما غير التحية من الصلوات فيحرم ابتداؤها إذا جلس الخطيب على المنبر وإن لم يسمع الخطبة باب صلاة العيدين أي عيد الفطر وعيد الأضحى والأصل فيهما قبل الاجماع قوله تعالى فصل لربك وانحر أي صل صلاة العيد والمشهور في التفسير أن المراد به صلاة الأضحى وأول عيد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة(1/252)
الثانية من الهجرة تسن ركعتان مؤكدتان لما مر ولمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها وإنما لم تجب لخبر على غيرها قال لا إلا أن تطوع وتسن جماعة لغير الحاج بمنى أما هو فتسن له فرادى وفي المسجد ان اتسع لو منفردا أي يستوى في ندبها المنفرد والعبد والمرأة والمسافر كسائر النوافل والمنفرد لا يخطب ويخطب أمام المسافرين بين طلوع أي الشمس وزوالها أد لأن مبنى المواقيت على أنه إذا خرج وقت صلاة دخل وقت غيرها وبالعكس إلا أنه يسن تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس كرمح تكبير سبع أول الركعة الأولى يسن والخمس في ثانية من بعد أن كبر في إحرامه في الأولى وقومته في الثانية قبل القراءة ويندب وقوفه بين كل ثنتين كآية معتدلة يهلل ويكبر ويمجد ويحسن في ذلك سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهي الباقيات الصالحات في قول ابن عباس وجماعة ويسن أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى ق أو سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية اقتربت الساعة أوهل أتاك حديث الغاشية بكمالها جهرا وخطبتان بعدها أي الصلاة كجمعته في أركانهما فلو قدمت على الصلاة لم يعتد بها كالسنة الراتبة البعدية لو قدمت أما الشروط فيعتبر منها لأداء السنة الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية ويندب له تعليمهم أحكام زكاة الفطر في عيد الفطر وأحكام الأضحية في الأضحى كبر في الأولى بنقل الهمزة إلى الساكن قبلها منهما تسعا ولا والسبع في ثانية أي أولا أي أول الخطبة الأولى وأول الثانية ولو فصل بينهما بالحمد والتهليل والثناء جاز قال في الروضة ونص الشافعي وكثيرون من الأصحاب على أنها ليست من الخطبة وإنما هي مقدمة لها ومن قال من الأصحاب يفتتح الخطبة بها يحمل على ذلك لأن افتتاح الشيء قد يكون ببعض مقدماته التي ليست من نفسه وسن من قبل صلاة الفطر فطر كذا الإمساك حتى النحر للاتباع والحكمة امتياز يوم العيد عما قبله بالمبادرة بالأكل أو تأخيره وبكر الخروج أي يسن التبكير في الخروج لصلاة(1/253)
العيد بعد صلاة الصبح ليأخذوا مجالسهم إلا الخطيب فيتأخر إلى وقت الصلاة للاتباع والمشي في الذهاب لصلاة العيد بسكينة فلا يركب إلا لعذر سواء كان إماما أو مأموما أما الإياب فيتخير فيه بين المشي والركوب ما لم يتأذ به أحد ويسن لكل منهما الذهاب في طريق الرجوع في أخرى لأنه صلى الله عليه وسلم كان يذهب في أطول الطريقين تكثيرا للأجر ويرجع في أقصرهما ومثل العيد في ذلك الجمعة وغيرها كما ذكره النووي في رياضه والتزيين بالغسل ويدخل وقته بنصف الليل ويبقى إلى آخر اليوم ويخرج بالغروب ولبس أحسن ثيابه وإزالة شعره وظفره ورائحته الكريهة والتطيب باجود ما عنده من الطيب كالجمعة وسواء في الغسل وما بعده القاعد في بيته والخارج للصلاة لأنه يوم زينة وسرور وأحسن الثياب هنا أولى من الأبيض الأدون فإن لم يجد سوى ثوب ندب له غسله للجمعة والعيد هذا حكم الرجال أما النساء فيكره لذوات الجمال والهيئة الحضور ويندب للعجائز ويتنظفن بالماء بلا تطيب وفاخر ثياب بل يجرجن من في ثياب بذلتهن وكبروا ليلتى العيد فطرا أو نحرا من غروب الشمس في المنازل والطرق والمساجد والأسواق ليلا ونهارا إلى تحرم بها أي لصلاة العيدين ويندب للذكر رفع صوته به ويسمى هذا التكبير مرسلا ومطلقا لأنه لا يتقيد بحال ولا يكبر(1/254)
الحاج ليلة الأضحى بل يلبى وأما التكبير المقيد فيسن عقب الصلوات ولو فائتة أو نافلة أو جنازة أو منذورة لكل أحد حاج أو غيره مقيم أو مسافر ذكر أو غير منفر أو غيره ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات لعدم وروده كذا لما تلا الصلوات بعد صبح التاسع إلى انتهاء عصر يوم الرابع أي غير الحاج يكبر من صبح يوم عرفه إلى آخر أيام التشريق واما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر لأنها اول صلاته بعد انتهاء وقت التلبية ويختم بصبح آخر ايام التشريق لأنها آخر صلاته بمنى فجمله الصلوات التي يكبر خلفها غير الحاج ثلاث وعشرون ولو خالف اعتقاد الامام المأموم عمل باعتقاد نفسه بخلاف تكبير الصلاة لانقطاع القدوة بالسلام ولا يكبر عقب فائتة هذه الأيام إذا قضاها في غيرها لأن التكبير شعارها وقد فات وجميع ما ذكر هو في التكبير الذي يرفع به صوته ويجعله شعارا أما لو استغرق عمره بالتكبير في نفسه فلا منع منه باب صلاة الخسوف للقمر والكسوف للشمس هذا هو الأشهر وقد استعمله المصنف أيضا فيما يأتى ويقال فيهما أيضا خسوفان وكسوفان وفي الأول كسوف وفي الثاني خسوف ذى ركعتان أى هذه الصلاة ركعتان فأقلها كسنة الظهر ولا ينافى هذا ما يأتى من أنه يمتنع نقص ركوع منها لأنه بالنسبة لمن قصد فعلها بالركوعين وأدنى الكمال ما تضمنه قوله وكلا هاتين حوت ركوعين وقومتين فيأتى في كل ركعة بقيامين وركوعين وسجودين للاتباع فهي سنة مؤكدة يحرم بنية صلاة الكسوف ويقرأ الفاتحة ثم يركع ثم يرفع ثم يقرأ الفاتحة ثم يركع ثم يعتدل ثم يسجد السجدتين ويأتى بالطمأنينة في محالها فهذه ركعة ثم يصلي ثانية كذلك ولا يجوز زيادة ركوع لتمادى الكسوف ولا نقصه للانجلاء ولا أعادة الصلاة إذا تأخر الانجلاء ومن أدرك الإمام في الركوع الأول من الركعة أدركها وإلا فلا ولو صلاها ووجد جماعة تفعلها أعادها معهم ندبا وتفوت صلاة كسوف الشمس بالأنجلاء لأنه المقصود بها وقد حصل ولو أنجلى بعضها فله الشروع(1/255)
فيها كما لو لم ينكسف إلا ذلك البعض ولو حال سحاب وشك في الانجلاء صلى لأن الأصل بقاؤه ولو كانت تحت غمام وظن الكسوف لم يصل إلا إن تيقنه بغروبها كاسفة لعدم الانتفاع بها بعد غروبها وتفوت صلاة خسوف القمر بانجلائه كما مر وبطلوع الشمس لعدم الانتفاع به بعد طلوعها ولا تفوت الفجر لبقاء الانتفاع به والأكمل أنه يسن تطويلا اقترا بالقصر للوزن أي قراءة القومات وسبحة أي تسبيح الركعات والسجدات فيقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة وما يتقدمها من دعاء الافتتاح والتعوذ البقرة أو قدرها إن لم يحسنها وفي الثاني كمائتي آية منها والثالث مائة وخمسين منها والرابع مائة منها تقريبا وفي نص آخر في الثانى آل عمران أو قدرها وفي الثالث النساء أو قدرها وفي الرابع المائدة أو قدرها وهما متقاربان والأكثرون على الأول ويسبح في كل من الركوع والسجود الأول قدر مائة آية من البقرة والثاني ثمانين والثالث سبعين والرابع خمسين تقريبا ويقول في الرفع من كل ركوع سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد للاتباع في كل ذلك وخروج بما ذكر الجلوس بين السجدتين والاعتدال من(1/256)
الركوع الثاني فلا يطولهما وتسن الجماعة فيها وتندب للمنفرد والعبد والمرأة والمسافر والجهر في قراء الخسوف لقمر لأنها صلاة ليلية والسر في الكسوف للشمس لأنها صلاة نهارية لها مثل من صلاة الليل و يسن خطبتان بعدها للاتباع رواه الشيخان كالجمعة اى كخطبتها في اركانهما وفي الإسماع والسماع وكون الخطبة عربية ويندب له حث الناس على التوبة والخير وتحريضهم على الأعتاق والصدقة وتحذيرهم الغفلة والأغترار ويخطب أمام المسافرين ولا يخطب المنفرد ولا إمامة النساء ولو قامت واحدة ووعظتهن فلا بأس وأفهم كلامه كغيره عدم إجزاء خطبة واحدة وهو كذلك قدم على الفرض بوقت وسعه أي لو اجتمع كسوف وفرض عينى من جمعة أو غيرها واتسع وقته لفعله قدم أنت عليه الكسوف ندبا لخوف فوته بالانجلاء ولأنه لا يقضي قال الشافعى في الأم وإذا بدأ بالكسوف قبل الجمعة خففها وقرأ بالفاتحة وقل هو الله أحد وما أشبهها ثم يخطب للجمعة متعرضا للكسوف ولا يحتاج إلى أربع خطب ويقصد بالخطبتين الجمعة فقط ولا يجوز قصد الجمعة والكسوف معا لأنه تشريك بين فرض ونقل بخلاف العيد والكسوف فإنه يقصدهما لانهما سنتان وتنظير المجموع بأن السنتين إذا لم تتداخلا لا تصح نيتهما بفعل واحد كسنة الصبح والضمى بخلاف سنة الصبح والتحية قال السبكي كأنهم اغتفروا ذلك في الخطبة لحصول القصد بها بخلافه في الصلاة وخرج بقوله بوقت وسعة ما لو خيف فوت الفرض فإنه يقدمه وجوبا لتعينه ولضيق وقته ففي الجمعة يخطب لها ثم يصليها ثم يصلي الكسوف ثم يخطب لها ولو اجتمع عيد أو كسوف وجنازة قدمت صلاة الجنازة وإن خيفت فوت غيرها لما يخشى من تغير الميت بتأخيرها ولأنها فرض كفاية ولأن فيها حق الله تعالى وحق الآدمى وإن اجتمع فرض وجنازة ولم يضق وقته قدمت الجنازة وإن ضاق قدم أو خسوف ووتر قدم الخسوف وإن خيف فوات الوتر لأنها آكد باب صلاة الاستسقاء هو لغة طلب السقيا وشرعا طلب سقيا العباد من الله تعالى عند(1/257)
حاجتهم إليها والأصل في الباب قبل الاجماع الاتباع رواه الشيخان وغيرهما والاستسقاء ثلاثة أنواع ثابتة بالأخبار الصحيحة أدناها بالدعاء خاليا عما يأتى وأوسطها بالدعاء بعد صلاة أو في خطبة جمعة أو نحوها وأفضلها بصلاة وخطبة وقد ذكر الناظم هذا النوع فقال صلى أي المحتاج ندبا كعيد بعد أمر الحاكم بتوبة والرد للمظالم أي يندب للإمام أمر الناس بالتوبة من المعاصي والرد للمظالم من دم أو عرض أو مال لأنه أقرب للإجابة قال تعالى فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ومعلوم أن التوبة واجبة أمر بها الإمام أولا وذكر الرد للمظالم اهتماما بشأنه وإلا فهو داخل في التوبة والبر وهو أسم جامع لكل خير والاعتاق والصيام ولكونهما أرجى للإجابة صرح بهما وبالاعتاق للرقاب لأن المعاصي سبب للجذب والطاعات سبب للبركات كما قال تعالى ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض والصيام ثلاثة ورابع الأيام وهو يوم خروجهم لأنه معين على رياضة النفس وخشوع القلب وقد ورد ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والامام العادل والمظلوم ويصير الصوم لازما امتثالا لأمر الأمام(1/258)
فيجب فيه التبييت ويتعدى إلى كل ما يأمرهم به من صدقة وغيرها كما مال إليه الرافعى ولو فات لم يقض ولو صام عن قضاء أو نذر كفى فليخرجوا ببذله التخشع أي يخرجون إلى الصحراء في الرابع صياما في ثيات بذله وتخشع في مشيهم وجلوسهم وغيرهما وثياب البذلة هى التي تلبس حال الشغل ومباشرة الخدمة وتصرف الأنسان في بيته فعلم أنهم لا يتزينون ولا يتطيبون بل يتنظفون بالماء والسواك وقطع الروائح الكريهة وفارق العيد بأنه يوم زينة وهذا يوم مسئلة واستكانة مع رضع ورتع وركع لأن دعاءهم أقرب إلى الاجابة إذ الشيخ أرق قلبا والطفل لا ذنب له لخبر لولا عباد الله ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ولخبر هل ترزقون وتنصرون إلا بضعفافكم ولما روى أن نبى الله سليمان صلى الله عليه وسلم خرج يستسقى فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقالت اللهم أنت خلقتنا فإن رزقتنا وإلا فأهلكنا وروى أنها قالت اللهم أنا خلق من خلقك لا غنى بنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بنى آدم فقال ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن النملة وخرج بما ذكره الناظم أهل الذمة فلا يستحب خروجهم لكن لا يمنعون منه لا في يومنا ولا في غيره لأنهم مسترزقون وفضل الله واسع وقد يجيبهم استدراجا لهم قال تعالى سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ولا يختلطون بنا لأنهم قد يحل بهم عذاب بسبب كفرهم المتقرب به في اعتقادهم فإن خالطونا كره وصلاة الاستسقاء سنة وهي ركعتان عند الحاجة لانقطاع ماء الزرع أو قلته بحيث لا يكفى أو صيرورته مالحا او نحوها بخلاف انقطاع ماء لا يحتاج إليه في ذلك الوقت ولو انقطع عن طائفة من المسلمين واحتاجت سن لغيرهم أن يصلوا ويستسقوا لهم ويسألو الزيادة لأنفسهم حيث لم يكونوا أهل بدعة وضلالة لأن المؤمنين كالعضو الواحد حتى يسقوا إذا اشتكى بعضه اشتكى كله و سواء في منها أهل الأمصار والقرى والبوادى والمسافرون لاستواء الكل في الحاجة ولو تركها الأمام فعلها الناس(1/259)
وتعاد ثانيا وثالثا وأكثر لأن الله يحب الملحين في الدعاء فإن تأهبوا للصلاة فسقوا قبلها اجتمعوا للشكر والدعاء ويصلون شكرا ومثله لو أرادوا الصلاة للإستزادة وأشار بقوله كعيد أي كصلاة فيكبر في أول الركعة الأولى سبعا وأول الثانية خمس ويرفع يديه ويقف بين كل تكبيرتين مسبحا حامدا مهللا مكبرا او يجهر بالقرأة ويقرأ في الأولى ق وفي الثانية اقتربت لكن لا تختص بوقت بل جميع الليل والنهار وقت لهما كما لا تخص بيوم واخطب كما في العيد خطبتين كخطبتي العيد في الأركان وغيرها باستدبار بهما للقبلة للاتباع ولو قدم الخطبة على الصلاة جاز كما أفاده تعبير الناظم بالواو في قوله واخطب وأبدل أنت في خطبتك للاستسقاء التكبير المشروع في خطبتى العيد باستغفار فيقول أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه لأنه أليق بالحال ويكثر فيهما من الأستغفار ومن قوله استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ومن دعاء الكرب وهو لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات الأرض ورب العرش الكريم ويبذل أيضا ما يتعلق بالفطر والأضحية بما يتعلق بالاستسقاء ويدعو في الخطبة الأولى اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا غدقا مجللا سحا طبقا دائما اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانتين اللهم أنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا ويستقبل القبلة بعد صدر الخطبة الثانية وهو نحو ثلثها ويبالغ حينئذ في الدعاء سرا وجهرا فإذا أسر دعا الناس سرا اذا وجهر أمنوا ويرفعون كلهم أيديهم في الدعاء مشيرين بظهور أكفهم إلى السماء والحكمة فيه أن القصد دفع البلاء بخلاف قاصد حصول شيء فيجعل بطن كفيه إلى السماء ويحول رداءه عند استقباله فيجعل يمينه ويساره وعكسه وينكسه فيجعل أعلاه أسفله وعكسه ويحصل التحويل والتنكيس بجعل الطرف الأسفل الذي على شقه الأيسر على عاتقه الأيمن والطرف(1/260)
الأسفل الذي على شقه الأيمن على عاتقه الأيسر ويفعل الناس مثله ولو تضرروا بكثرة المطر سن لهم أن
يقولوا اللهم حوالينا ولا علينا ولا يصلي لذلك ويندب البروز لأول مطر السنة ويكشف غير عورته ليصيبه وأن يغتسل في السيل أو يتوضأ وأن يسبح للرعد والبرق بقوله سبحان الذي ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ونقل عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته ولا يتبع بصره البرق ويقول اللهم صيبا نافعا ويكره سب الريح فإن ذكرها قال اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ويندب الدعاء عند نزول المطر ويشكر الله تعالى عليه ويقول بعده مطرنا بفضل الله ورحمته ويكره مطرنا بنوء كذا فإن اعتقد كون النوء فاعلا كفره باب الجنائز بالفتح جمع جنازة بالفتح والكسر اسم للميت في النعش وقيل بالفتح اسم لذلك وبالكسر اسم للنعش وعليه الميت وقيل عكسه فإن لم يكن عليه ميت فهو سرير ونعش وهي من جنزه إذا ستره وذكرها هنا دون الفرائض لاشتمالها على الصلاة الغسل للميت والتكفين له والصلاة عليه ثم الدفن مفروضات كفاية بالنصب والجر في حق الميت المسلم بالإجماع أما الكافر حربيا أو ذميا أو معاهدا أو مؤمنا أو مرتدا فتحرم الصلاة عليه لقوله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا يجب غسله علينا ولا على غيرنا ذميا كان أو حربيا نعم يجوز ويجب تكفين الذمي ودفنه وأشار بثم إلى وجوب تقديم الصلاة على الدفن لكن لو دفن قبلها لم ينبش بل يصلى على قبره ويسقط الفرض بها وتصح بعده والأصح تخصيص الصحة بمن كان من أهل فرضها وقت الموت أو بعده وتمكن من فعلها قبل الدفن ولا يصلى على قبور الأنبياء بحال ويشترط لصحة الصلاة على الميت تقدم غسله أو تيممه فلو مات بهدم ونحوه وتعذر إخراجه وغسله لم يصل عليه ويشترط أن لا يتقدم على الجنازة الحاضرة ولا القبر وأقل الغسل تعميم بدنه بالماء مرة ولا يجب على الغاسل نية فيكفى غسل(1/261)
الكافر ونحوه والمخاطب بهذه الأمور كل من علم بموته قريبا كان أو أجنبيا ويندب المبادرة بها إذا علم موته بظهور أماراته مع وجود العلة كأن تسترخي قدماه فلا ينتصبا أو يميل أنفه أو ينخسف صدغاه أو تمتد جلدة وجهه أو تنخلع كفاه من ذراعيه أو تتقلص خصيتاه مع تدلي الجلدة فإن شك في موته بأن احتمل عروض سكتة أو ظهرت أمارات فزع أو غيره وجب التأخير إلى العلم بموته بتغيير الرائحة أو غيره ومن شهيد يقتل في معرك الكفار أي قتال الحربيين بسبب من أسبابه ولو امرأة أو رقيقا أو صبيا أو مجنونا كأن قتله كافر أو أصابه سلاح مسلم خطأ أو عاد إليه سلاحه أو تردى في حملته في وهدة أو سقط عن فرسه أو رمحته دابته فمات فيه أو بعده إذا انقضى ولم تبق فيه حياة مستقرة أو وجد قتيلا عند انكشاف الحرب ولا يعلم سبب موته وإن لم يكن عليه أثر دم لأن الظاهر أن موته بسببه لا يغسل ولا يصلى عليه أي يحرمان وإن كان جنبا أو حائضا أو نفساء لأنه صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم بدمائهم ولم يغسلهم ولم يصل عليهم وفي لفظ ولم يغسلوا ولم يصل عليهم بفتح اللام ولخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كلم أو دم يفوح مسكا يوم القيامة ولم يصل عليهم وحكمة ذلك إبقاء أثر الشهادة عليهم وتعظيمهم باستغنائهم عن دعاء القوم لهم مع التخفيف عليهم وإنما سقط غسل الجنب ونحوه بالشهادة لأن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد وهو جنب ولم يغسله صلى الله عليه وسلم وقال رأيت الملائكة تغسله(1/262)
فلو كان واجبا لم يسقط إلا بفعلنا ولأنه طهر عن حدث فسقط بالشهادة كغسل الميت وخرج بما ذكر من انقضى القتال وفيه حياة مستقرة وإن قطع بموته بذلك فإنه يغسل ويصلى عليه لأنه عاش بعده فأشبه ما لو مات بغيره ومن قتله كافر ولو في غير القتال ولو في أسره ومن قتل في قتال أهل الذمة أو البغاة أو قطاع الطريق فهم كغيرهم كما أشار لذلك بقوله بل على الغريق والهدم أي المهدوم والمبطون والحريق والمطعون والميت عشقا وقد عف وكتم أو في غربة أو في دار الحرب والميتة طلقا أو نحو ذلك فيجب غسلهم والصلاة عليهم لأن الأصل وجوبهما وإنما خالفناه في شهيد المعركة تعظيما لأمره وترغيبا فيه وبالجملة فالشهداء ثلاثة أقسام شهيد في أحكام الدنيا بمعنى أنه لا يغسل ولا يصلى عليه وفي حكم الآخرة بمعنى أن له ثوابا خاصا وهو من قتل في قتال الحربيين بسببه وقد قاتل لتكون كلمة الله هي العليا وشهيد في الآخرة دون الدنيا وهو من قتل ظلما بغير ذلك من نحو غرق أو هدم أو حرق أو بطن وشهيد في الدنيا دون الآخرة وهو من قتل في قتال أهل الحرب بسببه وقد غل من الغنيمة أو قتل مدبرا أو قاتل رياء أو نحوه وكفن السقط بتثليث السين والكسر أفصح وهو الولد النازل قبل تمام أشهره بكل حال من أحواله فإن لم يظهر فيه مبدأ خلق آدمي سن مواراته بخرقة ودفنه وبعد نفخ الروح باغتسال أي ظهور خلق آدمي يجب مع تكفينه غسله ودفنه ولا يصلى عليه لأنها أوسع بابا من الصلاة بدليل أن الذمي يغسل ويكفن ويدفن ولا يصلى عليه وإن تيقنت حياته بأن يصح أو بكى أو ظهرت أماراتها كاختلاج أو تحرك فكالكبير يجعل فيجب غسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه لتيقن حياته وموته بعدها أو لظهورها بالأمارة وسن ستره أي الأكمل في غسل الميت وضعه بموضع خال من الناس مستور عنهم لا يدخله إلا الغاسل ومعينه والولي لأنه كان يستتر عند الاغتسال فيستر بعد موته ولأنه قد يكون ببعض بدنه ما يكره ظهوره وقد تولى غسله صلى الله(1/263)
عليه وسلم على والفضل ابن العباس وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف ثم رواه ابن ماجة وغيره على لوح أو سرير على قفاه وأخمصاه إلى القبلة وموضع الرأس أعلى ويغسل في قميص بال أو سخيف فإن كان واسعا أدخل يده في كمه أو ضيقا فتق رأس التخاريص وأدخلها وإن لم يوجد أو لم يتأت ستر ما بين سرته وركبته وحرم النظر إليه ويكره للغاسل النظر لما لا حاجة له في نظره ولا ينظر المعين إلا لضرورة والبارد أولى من المسخن إلا لحاجة ويكون إناء الماء كبيرا وينبغي إبعاده بحيث لا يصيبه رشاش ويعد الغاسل خرقتين نظيفتين ويجلسه على المغتسل برفق مائلا إلى ورائه ويضع يمينه على كتفه وإبهامه في نفرة قفاه ويسند ظهره إلى ركبته اليمنى ويمر يسراه على بطنه إمرارا بليغا ليخرج ما فيه ويكون عنده مجمرة متقدة بالطيب ويكثر المعين من صب الماء لئلا تظهر رائحة ما يخرج ثم يضجعه مستلقيا ويغسل بيساره وعليها خرقة سوأتيه وعانته ثم يلقيها ويغسل يده بماء وأشنان إن تلوثت ثم يتعهد ما على بدنه من قذر ونحوه ثم يلف أخرى ويدخل أصبعه فمه بماء ويمرها على أسنانه ولا يفتحها وكذلك منخريه ليزيل ما فيهما ثم يوضئه كالحي بتثليث وكذا مضمضة واستنشاق ويميل فيهما رأسه ثم يغسل رأسه ثم لحيته بسدر أو خطمى ويسرحهما بمشط واسع الأسنان إن تلبدا برفق ويرد المنتتف إليه ثم يغسل شقه الأيمن المقبل من عنقه إلى قدميه ثم الأيسر كذلك ثم يحوله إلى جنبه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي القفا والظهر ثم يحوله إلى جنبه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك ويجب الاحتراز عن كبه على وجهه وهذه غسلة ويسن التثليث فإن لم ينق وجب الإنقاء ووترا أي يسن الإيتار يغسل بالسدر في الأولى أي ويسن أن(1/264)
يستعان في الأولى بسدر أو خطمي ثم يصب عليه ماء قراحا من فرقه إلى قدميه بعد زوال السدر والأصح أنه لا يسقط الغرض بالغسلة المتغيرة بسدر ولا بتاليتها فيغسل بعد زوال السدر بالماء الخالص ثلاثا وبالكافور الصلب اي يسن أن يجعل في الماء القراح كافورا لا يفحش التغير به صلبا والآكد في الأخير ويتعهد مسح بطنه في كل مرة بأرفق مما قبلها ثم ينشفه تنشيفا بليغا ولو خرج آخر غسلة أو بعدها نجس وجبت إزالته فقط ولا يقرب المحرم طيبا بخلاف المعتدة وذكر كفن المراد أنه يكفن بماله لبسه حيا فيجوز تكفين المرأة بالحرير والمزعفر بخلاف الرجل الخنثى ويعتبر حال الميت سعة وتوسطا وضيقا وتكره المغالاة فيه والمغسول والقطن أولى من غيرهما وأقله ثوب يستر جميع بدنه إلا رأس المحرم ووجه المحرمة ومن جرى على أن الواجب ستر العورة فقط فهو محمول على محض حقه تعالى وأما ستر باقي البدن ففيه حقان حق له تعالى وحق للميت فلم يملك إسقاطه بالوصية لعدم تمحض حقه فيه في عراض لفائف بصرفه للوزن ثلاثة بياض لخبر عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث أثواب يمانية بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ويجوز رابع وخامس بلا كراهه والأفضل للمرأة والخنثى خمسة رعاية لزيادة الستر فيهما والزيادة على الخمسة مكروهة في الذكر وغيره لها لفافتان والإزار ثم القميص البيض والخمار فالإزار والمئزر وما تستر به العورة والخمار ما يغطى به الرأس وتبسط أحسن اللفائف وأوسعها والثانية فوقها والثالثة فوق الثانية ويذر على كل واحدة حنوط وكافور ويذر على الأول قبل وضع الثانية وعلى الثانية قبل وضع الثالثة ويوضع الميت فوقها مستلقيا على ظهره وعليه حنوط وكافور يندب تبخير الكفن بعود أولا ويدس بين أليتيه قطن عليه حنوط وكافور ثم يشدان بخرقة ويجعل على منافذ بدنه من المنخرين والأذنين والعينين قطن عليه حنوط وكافور وتلف عليه اللفائف بأن يثنى كل منها من طرف شقه الأيسر على الأيمن(1/265)
ثم من طرف شقه الأيمن على الأيسر كما يفعل الحي بالقباء ويجمع الفاضل عند رأسه ورجليه ويكون الذي عند رأسه أكثر ويشد بشداد خوف الانتشار عند الحمل فإذا وضع في قبره نزع الشداد ولا يلبس المحرم الذكر مخيطا ومر أنه لا يستر رأسه ولا وجه المحرمة ولو أوصى أن يكفن في ثوب واحد نفذت وصيته ويقتصر على ثوب إذا طلب غرماؤه المستغرقون أو كفنه من تلزمه نفقته أو من بيت المال حيث وجب فيه أو مما وقف على الأكفان ويكفن في ثلاث من تركته فيما سوى ذلك وإن اتفق الورثة على خلافه والفرض للصلاة كبر تكبيرة الإحرام وثلاث التكبيرات بعدها ناويا كغيرها لخبر إنما الأعمال بالنيات ويعنى مطلق الفرض عن الفرض الكفاية ولا يجب تعيين الميت ولا معرفته بل لو نوى على من صلى عليه الإمام جاز ولو عينه وأخطأ لم يصح إلا مع الإشارة ولو نوى أحدهما غائبا والآخر حاضرا صح إذ توافق النيات ليس بشرط كما مر ثم اقرأ الحمد وكبر ثانيا أي الفاتحة كغيرها من الصلوات ولخبر البخاري أن ابن عباس قرأها في صلاة الجنازة وقال لتعلموا أنها سنة وهذا باعتبار الأكمل وإلا فتجزىء بعد غير الأولى وحينئذ فيستفاد من ذلك جواز خلاء التكبيرة الأولى عن ذكر وجواز جمع ركنين في تكبيرة وعدم الترتيب بين الفاتحة وغيرها وبعدها صل على المقفى بكسر الفاء المشددة أي النبي صلى الله عليه وسلم عقب التكبيرة الثانية لخبر لا يقبل الله صلاة إلا بطهور والصلاة على رواه البيهقي وغيره وضعفوه لكن به ما يعضده وأقلها اللهم صل على محمد عبدك أو نحوه وثالثا تدعو لمن توفى أي الدعاء بعد الثالثة للميت بخصوصه(1/266)
بما يقع عليه اسم الدعاء نحو اللهم ارحمه اللهم اغفر له لخبر أبي داود والبيهقي وابن حبان إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء فلا يكفي الدعاء للمؤمنين والمؤمنات ولا يجب عقب الرابعة ذكر ويندب إكثار الدعاء للميت بعد الثالثة فيقول اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم هذا عبدك وابن عبديك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر وما هو لا قيه كان يشهد أن لا إله الا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك وانت غني عن عذابه وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك رضاك وقه فتنة القبر وعذابه وافسح له في قبره وجاف الأرض عن جنبيه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه آمنا إلى جنتك برحمتك يا أرحم الراحمين ويقول في المرأة هذه أمتك وبنت عبديك ويؤنث الضمائر ولو ذكرها على إرادة الشخص جاز ويثنيها إن كان مثنى ويجمعها إن كان جمعا إلا في قوله وأنت خير منزول به فيذكره ويوحده مطلقا لرجوعه للباري عز وجل ويقول في الطفل بعد الأول اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وأفرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما أجره وبعده التكبير أي بعده التكبيرة الرابعة والسلام كغيرها من الصلوات في كيفيته وتعدده ونية الخروج معه وغير ذلك ويقول ندبا بعد الرابعة اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ويصلي ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات وقادر يلزمه القيام كغيرها من الفرائض ويشترط شروط الصلوات ويسقط فرضها بواحد ولا يسقط بالنساء وهناك ذكر مميز ودفنه يجوز رفعه ونصبه لقبلة قد أوجبوا ويكون بقبر(1/267)
وأقله حفرة تمنع الرائحة والسبع ويجب وضعه فيه للقبلة بوجهه كما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم فلو دفن مستديرا أو مستلقيا على قفاه نبش ووجه للقبلة ما لم يتغير فإن تغير لم ينبش وجوبا أما إضجاعه على جنبه الأيمن فمندوب فلو وضع على الأيسر مستقبلا كره ويندب أن يوسع القبر ويعمق قامة وبسطة بأن يقوم رجل معتدل ويبسط يديه مرفوعتين وهي أربعة أذرع ونصف بذراع الآدمي وسن في لحد بأرض تصلب أي يسن دفنه في لحد بأرض صلبة بأن يحفر في أسفل حائط القبر الذي من جهة القبلة مقدار ما يسع الميت فإن كانت الأرض رخوة فالشق أفضل بأن يحفر في وسط القبر كالنهر ويبنى الجانبان باللبن أو غيره ويوضع الميت بينهما ويسقف عليه باللبن أو غيره ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت ويحرم نبش القبر قبل بلاء المدفون ويعرف بقول أهل الخبرة أو دفن لغير قبلة كما مر أو بلا غسل أو تيمم حيث لم يتغير أو دفن في أرض مغصوبة وشح صاحبها ويندب له تركه أو كفن بمغصوب أو مسروق أو وقع في القبر خاتم أو نحوه أو بلع مال غيره وطولب به فإنه يشق جوفه ويرد ما لم يضمن الورثة بدله فلا ينبش فإن بلع مال نفسه فلا أو لحق الأرض سيل أو نداوة أو قال إن ولدت ذكرا فأنت طالق طلقة أو أنثى فطلقتين فولدت ميتا ودفن ولم يعرف أو ماتت ودفنت وفي جوفها جنين ترجى حياته فإنه يشق جوفها ويخرج فإن لم ترج ولم تكن دفنت تركت حتى يموت أو دفن الكافر في أرض حرم مكة لا إن دفن بلا كفن أو كفن في حرير ويحرم نقل الميت إلى بلد آخر إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس وحيث منع لم تنفذ وصيته ويندب(1/268)
جمع الأقارب بموضع وزيارة القبور للرجال وتكره للنساء والدفن في المقبرة أفضل ويكره المبيت بها تعزية المصاب بالميت ويلحق بها كل ما يحصل له عليه تأسف وجزع كتلف مال كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى والمراد جميع من أصيب به من أقاربه وغيرهم ولو صبيانا ونساء قبل الدفن وبعده سنة ولكن تأخيرها أفضل لاشتغال أهل الميت بتجهيزه إلا أن يرى من أهل الميت جزعا شديدا فيختار تقديمها ليصبرهم ومعناها لغة التسلية عمن يعز عليه ومعناها أصطلاحا الأمر بالصبر والحمل عليه بوعد الإجر والتحذير من الوزر بالجزع والدعاء للميت بالمغفرة وللمصاب بجبز المصيبة للاتباع ولا يعزى الشابة من الرحال إلا محارمها وزوجها ومن يباح نظره إليها كعبدها فيها السنة ثلاث أيام توالى دفنه أى تمتد التعزية ثلاثة أيام تقريبا لأن الحزن موجود فيها وتكره بعدها لأنها تجدد الأحزان وابتداؤها من الموت وظاهر عبارة الناظم أنها من الدفن وليس كذلك ومحل ما تقرر إذا كان المعزى والمعزى حاضرا أما الغائب فتمتد إلى قدومه وبعده ثلاثة أيام وحذف الناظم التاء من ثلاث للوزن أو باعتبار الليالي ويقال في تعزية المسلم بالمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وبالكافر أعظم الله أجرك وصبرك واخلف عليك وفي تعزية الكافر بالمسلم غفر الله لميتك وأحسن عزاءك وجوزوا أي العلماء البكا بالقصر وهو الدمع وأما بالمد فهو رفع الصوت كما قاله الجوهري قبل الدفن وبعده بغير ضرب وجه ولا نوح وشق ثوب أي ونحوها لما روى عن أنس قال دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبراهيم ولده يجود بنفسه فجعلت عيناه تذرفان أي يسيل دمعهما ولخبر البخاري عن أنس قال شهدنا دفن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت عينيه تدمعان وهو جالس على القبر وخبر مسلم عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم زار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله أما ضرب الوجوه والندب بتعديد شمائله والنوح وهو رفع الصوت بالندب والجزع بشق(1/269)
الثوب ونشر الشعر وضرب الصدر فيحرم كل منها لخبر ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية واعلم أن مما يتعلق بجميع الباب وذكر تتميما للفائدة أن الرجل أولى بغسل الرجل والمرأة بالمرأة وللرجل غسل زوجته ولها غسله من غير مس لئلا ينتقض طهر الحي وإن انقضت عدتها وتزوجت لا مطلقة ولو رجعية وله غسل أمته لا معتدة ومزوجة ومستبرأة وليس لأمته غسله وللرجال المحارم غسلها ولو مات رجل ولم يوجد إلا أجنبية أو عكسه يمما والصغيرة التي لا تشتهي والخنثى يغسله الفريقان والرجال يقدمون على الزوجة وأولادهم بغسل الرجل أولاهم بالصلاة عليه ثم الرجال الأجانب ثم الزوجة ثم النساء المحارم والأولى بغسل المرأة نساء القرابة وأولاهن ذات رحم محرم وإن كانت حائضا وإن تساويا فالتي في محل العصوبة فالعمة أولى من الخالة فإن عدمت المحرمية فالقربى ثم ذات الولاء ثم الأجنبيات ثم الزوج ثم رجال المحارم كترتيبهم في الصلاة وأولى الناس بالصلاة على الميت وإن أوصى لغيره الأب ثم أبوه وإن علا ثم الابن ثم ابنه وإن سفل ثم العصبات على ترتيب الإرث ويقدم الأجنبي على امرأة قريبة ولو اجتمع ابنا عم أحدهما أخ لأم قدم كما يقدم الأخ من الأبوين ثم المولى المعتق ثم عصبته ثم السلطان ثم ذوو الأرحام الأقرب فالأقرب فيقدم أبو الأم ثم الأخ للام ثم الخال ثم العم للام فإن استوى اثنان في درجة قدم الأسن العدل ويدخل الميت القبر أولاهم بالصلاة عليه لكن الزوج أحق ثم الأفقه القريب على الأقرب ثم الأقرب فالأقرب من المحارم ثم عبيدها ثم الخصيان ثم العصبة ثم ذوو الأرحام الذين لا محرمية لهم ثم صالح الأجانب ويندب أن يكون عددهم وعدد الغاسلين وترا ويجزىء كافر(1/270)
كتاب الزكاة هي لغة التطهير والإصلاح والنماء وشرعا اسم لما يخرج عن مال أو بدن على وجه مخصوص والأصل في وجوبها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى وآتوا الزكاة وقوله تعالى خذ من أموالهم صدقة وأخبار كخبر بني الإسلام على خمس وهي نوعان زكاة بدن وهي الفطرة وزكاة مال وهي ضربان زكاة تتعلق بالقيمة وهي زكاة التجارة وزكاة تتعلق بالعين في ثمانية أصناف من أجناس الأموال وهي زكاة الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة والزرع والنخل والكرم ولذلك وجبت لثمانية أصناف من طبقات الناس وإنما الفرض على من أسلما أي إنما فرض الزكاة في الأموال الآتية على من أسلم وإن ارتد بعد وجوبها أو كان غير مكلف فلا تجب على كافر أصلى وجوب مطالبة بها في الدنيا لكن تجب عليه وجوب عقاب عليها في الآخرة كما تقرر في الأصول ويسقط عنه بالإسلام ما مضى ترغيبا فيه أما المرتد قبل وجوبها فإن عاد إلى الإسلام لزمته لتبين بقاء ملكه وإن هلك مرتدا فلا ويجزئه الإخراج في حال الردة في هذه والتي قبلها نظرا إلى جهة المال حر كله أو بعضه لأن ملكه تام على ما ملكه ببعضه الحر ولهذا يكفر كالحر الموسر على ما سيأتي ويزكى فطرة حريته فلا تجب على الرقيق ولو مكاتبا إذ ملك المكاتب ضعيف وغيره لا ملك له فإن عجز المكاتب صار ما بيده لسيده وابتداء حوله من حينئذ وإن عتق ابتدأ حوله من حين عتق معين حتى في ريع ما وقف عليه فلا تجب على غيره كالفقراء الموقوف عليهم ضيعة مثلا فلا زكاة عليهم في ريعها كما لا زكاة في بيت المال من فيء وغيره ومال المساجد والربط وكالحمل فلا زكاة في المال الموقوف له لأنه غير معين وغير موثوق بوجوده وحياته وملك تمما أي والحال أن ملك من ذكر لما يأتي تام فتجب في الضال والمغصوب والمسروق والمجحود والمرهون والغائب وما اشتراه قبل قبضه أو حبس دونه لكن لا يجب إخراجها إلا عند تمكنه منه وفي كل دين لازم من نقد وعرض تجارة لا ماشية ونحوها فإن كان حالا على ملىء باذل(1/271)
أو جاحد عليه بينة لزمه إخراجها في الحال وإلا فعند القدرة على قبضه كالضال ونحوه ولا يمنع الدين وجوبها وإن استغرق النصاب وخرج بملك تام غيره كنجوم الكتابة وجعل الجعالة ومال المجحود عليه بفلس إذا عين الحاكم لكل من غرمائه منه شيئا وسلطه على أخذه فلم يتفق الآخذ حتى حال عليه الحول فلا زكاة فيها لأن الملك فيها غير تام في إبل وبقر وأغنام أي وهي النعيم متعلق بقوله الفرض وإنما اختصت بها من الحيوان لأنها تتخذ للماء غالبا لكثرة منافعها وللإجماع فلا تجب في غيرها كالخيل والمتولد من غنم وظباء لخبر ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة والأصل عدم الوجوب في المتولد المذكور بشرط حول أي مضيه في ملكه لخبر لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول لكن ما ينتج من نصاب يزكى بحوله بأن وجد فيه في ملك شخص ملكه بسبب ملك أصله كمائة شاة نتج منها إحدى وعشرون فتجب شاتان وكأربعين شاة ولدت أربعين ثم ماتت وتم حولها على النتاج والأصل في ذلك ما روي عن عمر أنه قال لساعيه اعتد عليهم بالسخلة وهو اسم يقع على الذكر والأنثى ويوافقه أن المعنى في اشتراط الحول أن يحصل النماء والنتاج نماء عظيم فيتبع الأصول في الحول وإن ماتت فيه ولو زال ملكه في الحول أو بادل بمثله استأنف الحول لانقطاع الحول بما فعله وإن قصد به الفرار من الزكاة والفرار منها مكروه ونصاب كما سيأتي واستيام لها من مالكه أو ممن يخلفه شرعا كوكيل وولي على ما يأتي بيانه والأصل في ذلك ما سيأتي في خبر البخاري وفي صدقة الغنم غاية البيان(1/272)
في سائمتها إلى آخره دل مفهومه على نفي الزكاة في معلوفة الغنم وقيس عليها معلوفة الإبل والبقر وفي خبر أبي داود وغيره في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون واختصت الزكاة بالسائمة لتوفر مؤنتها بالرعي في كالأ مباح فلو أسيمت في كلأ مملوك فسائمة إن لم تكن له قيمة أو كانت قيمته يسيرة لا يعد مثلها كلفة في مقابلة نمائها وإلا فمعلوفة كما قاله السبكي خلافا للجلال البلقيني ولو أسامها في أرضه الخراجية وجبت الزكاة قاله القاضي أبو الطيب قال القفال ولو كان له غنم فاشترى كلأ ورعاها فيه فسائمة فلو جزه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد فمعلوفة ولو رعاها ورقا تناثر فسائمة فلو جمعه وقدمه لها فمعلوفة ونقل في المهمات كلام القفال واستحسنه وقال ينبغي الأخذ به انتهى ويمكن حمله على كلام السبكي المار فإن علفت معظم الحول ليلا ونهارا فلا زكاة وإلا فالأصح إن علفت قدرا تعيش بدونه بلا ضرر بين ولم يقصد به قطع السوم وجبت زكاتها وإلا فلا تجب ولو أسامها الغاصب أو المشتري شراء فاسدا أو سامت بنفسها أو اعتلفت السائمة أو كانت عوامل في حرث أو نضح أو نحوه فلا زكاة وذهب وفضة مضروبا كان أو غير مضروب كالتبر والقراضة والسبائك فلا تجب في غيرهما من سائر الجواهر كاللؤلؤ والياقوت لعدم ورودها فيها لخبر ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنباه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار رواه مسلم غير حلى جاز استعماله فلا زكاة فيه لحاجة الانتفاع بعينه ولأنه معد لاستعماله مباح فأشبه العوامل من الإبل والبقر لأن زكاة النقدين تناط بالاستغناء عن الانتفاع بهما لا بجوهرهما إذ لا غرض في ذاتهما وصح عن ابن عمر أنه كان يحلى بناته وجواريه بالذهب ولا يخرج زكاته وصح نحوه عن عائشة(1/273)
وغيرها وما ورد مماظاهره يخالف ذلك فأجابوا عنه بأن الحلى كان محرما في اول الإسلام أو بأن فيه أسرافا أما الحلى المحرم لعينه كالأوانى أو بالقصد كحلى النساء اتخذه الرجل ليلبسه وبالعكس كما في السيف والمنطقة فتجب زكاته إجماعا لأن الممنوع منه كالمعدوم وكذا المكروه كالضبة الصغيرة للزينة ويخالف ما لو قصد بعرض التجارة استعمالا محرما أو مكروها لتعلق الزكاة بعين النقد ولو أوجر للمستعمل لمن يحل له أستعمال بلا كراهة فإنه لا زكاة فيه سواء أتخذه بلا قصد أو بقصد إجارته او أعارته لمن يحل له أستعماله لأنها أنما تجب في مال نام والنقد غير نام وإنما التحق بالنامى لتهيئه للاخراج وبالصياغة بطل تهيؤه ويخالف نية كنزه لصرفها هيئة الصياغة عن الأستعمال فصار مستغنى عنه كالدراهم المضروبة ويستثنى من كلامه حلى مباح مات عنه مالكه ولم يعلم به وأرثه حتى مضى عليه عام فتجب زكاته ولو انكسر الحلى المباح ولم يحوج انكساره إلى صوغ بل إلى إصلاح باللحام وقصد إصلاحه فلا زكاة فيه وإن تعذر فيه أستعماله ودارت عليه أحوال لبقاء صورته وقصد إصلاحه فإن لم يعلم بانكساره إلا بعد عام فقصد إصلاحه فكذلك لأن القصد يبين أنه كان مرصدا له قاله في الوسيط وذكر العام مثال فما فوقه كذلك فإن لم ينو إصلاحه بل نوى جعله تبرا أو دراهم أو كنزه أو لم ينوى شيئا أو احوج انكساره إلى صوغ وإن نوى صوغه فتجب زكاته وينعقد حوله من حين انكساره لأنه غير مستعمل ولا معد للأستعمال وعرض متجر أي تجارة وهي تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح وربح حصلا أي من مال المتجر لخبر في الابل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته وهو بفتح الموحدة وبالزاى ويعلق على الثياب المعدة للبيع بشرط حول ونصاب كملا أي يشترط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة وعرض المتجر وربحه حول ونصاب كامل كغيرها لخبر لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول نعم زكاة التجارة يعتبر فيها النصاب بآخر(1/274)
الحول كما سيأتى لأنه وقت الوجوب دون ما عدا
لأن المعتبر فيها القيمة ومراعاتها كل وقت عسر لاضطراب الأسعار ارتفاعا وأنخفاضا فلو بيع مال التجارة في أثناء الحول بالنقد واشترى به سلعة انقطع الحول وابتدئ حوله من حين شرائها ولو تم الحول وقيمة العرض دون نصاب بطل الأول وابتدى حول ولو كان معه من أول الحول ما يكمل به النصاب زكاهما به آخره ويصير عرض التجارة للقنية بنيتها لأنها أصل وأنما يصير العرض للتجارة إذا أقترنت نيتها بكسبه بمعارضة كشراء سواء أكان بعرض أم نقد حال أو مؤجل ومنه الهبة بثواب وكذا المهر وعوض الخلع كأن زوج أمته أو خالع زوجته بعرض نوى به التجارة فيها يصير مال تجارة بنيتها لا بالهبة المحضه والاحتطاب والاستراد بعيب كأن باع عرض قنية بما وجد فيه عيبا فرده واسترد عرضه فالمكسوب بما ذكر ونحوه كاحتشاش واصطياد وإرث ورد العرض بعيب لا يصير مال تجارة بنيتها لانتفاء المعاوضة عنه ولو تأخرت نيتها عن كسبه بمعاوضه لم تؤثر واذا بثت حكم التجارة لم يحتج في كل معاملة الى نية جديدة واذا ملك عرض التجارة بعين نقد نصاب كأن كأنه اشتراه بعين عشرين دينار او م مائتي درهم فحول من حين ملك ذلك النقد بخلاف ما إذا اشتراه بنصاب في الذمة ثم نقده فإنه ينقطع حول النقد ويبتدأ حول بعرض قنية فمن الشراء وإن ملكه بنصاب سائمة فكذلك في الأصح ويضم الربح إلى الأصل في الحول إن لم ينض فلو اشترى عرضا بمائتى درهم فصارت قيمته في الحول ولو قبل آخره بلحظة ثلثمائة زكاها آخره لا أن صار الكل ناضا دراهم او دنانير من جنس رأس المال الذي هو نصاب وأمسكه الى آخر الحول او اشترى به عرضا قبل تمامه فيفرد الربح بحوله فإذا اشترى عرضا بمائتى درهم وباعه بعد ستة أشهر بثلثمائة وأمسكها إلى تمام الحول أو اشترى بها عرضا يساوي ثلثمائة آخر الحول فيخرج الزكاة عن مائتين فإذا مضت ستة أشهر أخرى أخرج عن المائة ولو كان الناض المبيع به غير جنس رأس المال(1/275)
فهو كبيع عرض بعرض فيضم الربح إلى الأصل ولو كان رأس المال دون نصاب بأن اشترى عرضا بمائة درهم وباعه بعد ستة أشهر بمائتى درهم وأمسكها إلى تمام الحول للشراء زكاهما والأصح أن ولد العرض وثمره مال تجارة تجارة وأن حوله حول الأصل وواجبها ربع عشر القيمة فإن ملكها ينقد قوم به وإن كان دون نصاب أو غير نقد البلد الغالب أو بعرض قوم بغالب نقد البلد من الدراهم والدنانير وكذا لو ملكه بنكاح أو خلع فإن غلب نقدان على السواء وبلغ بأحدهما نصابا دون الآخر قوم به فإن بلغ نصابا بهما تخير المالك فيقوم بما شاء منهما كما في الروضة والمجموع وقال في المهمات عليه الأكثرون وبه الفتوى وصحح في المنهاج كأصله أنه يقوم بالأنفع للمستحقين وأن ملك بنقد وعرض قوم ما قابل النقد به والباقى بالغالب من نقد البلد وجنس قوت كباقلاء وحنطة وشعير وأرز وعدس وحمص ودخن وزرة ولوبيا وماش وجلبان لورودها في بعضها في الأخبار الآتية وألحق بها الباقي فلا تجب في السمسم والتين والجوز واللوز والرمان والتفاح ولا في الزيتون والزعفران والورس والقرطم والعسل باختيار طبع الآدمى من رطب وعنب وزرع بخلاف ما يقتات في حال الضرورة كحب الحنظل والغاسول لما روى أبو داود والترمذي وابن حبان عن عتاب بن أسد بفتح الهمزة قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا وما روى الحاكم وقال إسناده صحيح عن أبي موسى الأشعري أنه صلى الله عليه وسلم قال له ولمعاذ حين بعثهما إلى اليمن لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة الشعير والحنطة والتمر والزبيب وهذا الحصر إضافي لما روى الحاكم وقال صحيح الاسناد عن معاذ أنه صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والسيل والبعل العشر وفيما يسقى بالنضح نصف العشر وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب وأما القثاء والبطيخ والرمان والقضب فعفو عفا(1/276)
عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والقضب المعجمة الرطب بسكون الطاء وشرطه النصاب الآتى وهو خمسة أوسق أي شرط وجوب الزكاة في المقتات المذكور النصاب وقت أشتداد الحب وزهو الثمار إذ يشتد حب لأنه حينئذ طعام وقبل ذلك بقل وزهو في الثمار يبدو أي يبدو صلاحها لأنه حينئذ ثمرة كاملة وهو قبل ذلك بلح زحصرم ولا يشترط تمام الاشتداد كما لا يشترط تمام الصلاح في الثمر فاشتداد بعض الحب كاشتداد كله وبدو صلاح بعض الثمر كبدو كله فلو اشترى أو ورث نخيلا مثمرة وبدا الصلاح عنده كانت الزكاة عليه لا على البائع أو المورث وليس المراد بوجوب الزكاة بما ذكر وجوب الإخراج في الحال بل المراد انعقادسبب وجوب إخراج التمر والزبيب والحب المصفى عند الصيرورة كذلك ولو أخرج في الحال الرطب والعنب مما يتتمر أو يتزبب جيدا لم يجز ولو أخذ الساعى لم يقع الموقع وإن جف في يده وخرج منه قدر الواجب في الأصح لفساد القبض ومؤنة جذاذ التمر وتجفيفه وحصاد الحب وتصفيته من خالص مال المالك لا يجب شيء منها من مال الزكاة ثم شرع في زكاة الحيوان وبدأ بالابل لشرفها ولأنها أكثر أموال العرب فقال في أبل أدنى أي أقل نصاب الأس بضم الهمزة وهو أولها خمس لها أي فيها شاة فلا زكاة فيما دونها وهي أصل لا بدل حتى لو كانت إبله مراضا وجبت صحيحه وكل خمس منها لأربع مع العشرين أي وفي عشر شاتان وخمسة عشر ثلاث وعشرين أربع إلى أربع وعشرين ضان أي يتخير المالك بين إخراج ضأن تم له عام أو اجذع قبله وعنزه تم له عامان ولا يتعين غالب غنم البلد ويجزئ الذكر أي جذع الضأن أوثنى المعز لصدق الشاة على الذكر وإنما وجب الشاة فيما ذكر رفقا بالفريقين لأنه لو وجب بعير لاضر بالملاك أوجزء لأضربهم والمستحقين بالتشقيص في الخمس والعشرين بنت للمخاض ويعبر عنها ببعيز الزكاة وتجزىء عما دونها بالأولى ولو أخرجه وقع كله فرضا والبعير يطلق على الذكر والأنثى والمراد به بنت المخاض فما فوقها وسنها سنة(1/277)
سميت بذلك لأن أمها آن لها أن تكون من ذوات المخاض أى الحوامل وفي الثلاثين وست افتراض بنت لبون سميت بذلك لأن أمها آن لها أن تلد ولدا فتكون لبونا سنتين استكملت ست وأربعون حقه سميت بذلك لأنها استحقت أن يطرقها الفحل ثبت لها ثلاث سنين وجذعه سميت بذلك لأنها أسقطت مقدم أسنانها للفرد مع ستين لها أربع سنين ست وسبعون ابنتا لبون في الفرد والتسعين ضعف الحقة أي في أحدى وتسعين حقتان والفرد مع عشرين بعد المائة ثلاثة البنات من لبون أي وفي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون بنت اللبون كل اربعين وكسر نون أربعين وستين لغة والأفصح فتحها وحقه بالرفع والنصب لكل خمسين احسب أي ثم في الأكثر من ذلك في كل أربعين بنت لبون وكل خمسين حقه(1/278)
والأصل في ذلك خبر الشيخين ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقه وخبر البخاري وغيره عن أنس أن أبا بكر كتب له لما وجهه إلى البحرين بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتى أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعط في أربع وعشرين فما دونها من الأبل في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإن لم يكن فيها بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس واربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقه طروقة الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقه واعف عن الأوقاص بين النصب فلا يتعلق به شيء من الزكاة ولو اتفق فرضان كمائتى بعير فواجبها أربع حقاق بنات لبون فإن وجدا عنده تعين الأعبط للمستحقين أو أحدهما أخذ ولا يكلف الآخر ولا يجوز الصعود والنزول مع الجبران وإن وجد بعض الآخر سليما او كله معيبا فكالعدم وإن فقد أو كانا عيبين فله تحصيل أيهما وله الصعود من الحقائق إلى أربع جذاع وأخذ أربع جبرانات لا النزول إلى أربع بنات مخاض ودفع ثمان جبرانات وله النزول من بنات اللبون إلى خمس بنات مخاض ودفع خمس جبرانات لا الصعود إلى خمس جذاع وأخذ عشر جبرانات ولو وجدهما الساعي بلا عيب وأخذ غير الأغبظ فإن كان بتقصير منه أو تدليس من المالك لم يجزه وعليه رده أو قيمته إن تلف وإلا أجزأ ويجب عليه قدر التفاوت بين القيمتين يخرجه دراهم من نقد البلد كما يجوز إخراج القيمة عند تعذر تحصيل الواجب وإن أخرج شقصا جاز وإن وجد بعض كل كثلات حقاق وأربع بنات لبون فإن شاء دفع الحقاق مع بنت اللبون(1/279)
وجبران أو مع جذعه ويأخذ جبرانا وكذا حقه مع ثلاث بنات لبون وثلاث جبرانات وأن وجد بعض أحدهما فقط كحقتين أخرجهما مع جذعتين ويأخذ جبرانين أو خمس بنات مخاض مع خمس جبرانات ولو أخرج حقتين وبنتى لبون ونصفا لم يجز للتشقيص ومن لزمه سن من الأبل وعدمه أخذ منها سن أسفل مع شاتين أو عشرين درهما أو أعلى ورد عليه شاتان أو عشرون درهما والخبرة في الشاتين والدراهم لدافعها لكن يراعى الساعى مصلحة المستحقين وفي الصعود والنزول للمالك فإن دفع ولو غير الأغبط لزم الساعى أخذه ولو كانت إبله معيبة فله النزول ودفع الجبران لا الصعود وأخذه ولو أخرج ثنية بدل جذعة بلا جبران وإن طلبه فكذا في الأصح وله صعود درجتين وأخذ جبرانين ونزولهما مع جبرانين بشرط تعذر الدرجة القربى في تلك الجهة أما وجود الدرجة القربى في غير تلك الجهة فلا تؤثر نصاب أبقار ثلاثون أي أول نصاب البقر ثلاثون وفيها تبيع ابن سنة وطعن في الثانية وسمى بذلك لأنه يتبع أمه في المرعى وفي كل ثلاثين تبيع يقتفى و مسنة في كل أربعين أي ذات ثنتين من السنين وطعنت في الثالثة لخبر الترمذى وغيره وصححه الحاكم وغيره عن معاذ قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرنى أن آخذ من كل أربعين بقرة مسنة ومن كل ثلاثين تبيعا والبقرة تطلق على الذكر والانثى ففي ستين تبيعان وفي سبعين تبيع ومسنة وفي ثمانين مسنتان وفي تسعين ثلاث أتبعة وفي مائة مسنة وتبيعان وفي مائة وعشرة مسنتان وفي مائة وعشرين ثلاث مسنات او أربع أتبعة وحكمها حكم بلوغ الابل مائتين في جميع ما مر لكن(1/280)
لا جبران في البقر وضعف عشرين نصاب الغنم شاة لها أي أول نصاب الغنم أربعون وفيها شاة كشاة إبل النعم في أنها جذعة ضأن أو ثنية معز وضعف ستين إلى واحدة شاتان أي وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان والإحدى وضعف المائة ثلاثة من الشياه أي وفي مائتين وواحدة ثلاث ثما بألف الاطلاق شاة لكل مائة أي وفي كل مائة شاة اجعل وفي نسخة بدل أجعل قل حتما والأصل في ذلك خبر أبي بكر المار وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين ففيها شاتان فإذا زادت على مائتين الى ثلثمائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ثم سرع في الخلطة فقال مال الخليطين كمال مفرد أى مال الخليطين خلطة شيوع وهي مالا يتميز فيها مال أحد الخليطين عن مال الآخر كموروث ومشترى شركة أو جوار وهى ما يتميز أحدهما عن الآخر كصفي نخيل أو زرع بحائط واحد كمال شخص مفرد في أنه يضم الجنس بعضه إلى بعض فيعتبر دوامها سنه وأن لا يتميز مال أحدهما عن الآخر في شىء مما يأتي إن مشرع هو الموضع الذى تجمع فيه إذا أريد سقيها والذي تنحى إليه إذا شربت ليشرب غيرها ومسرح وهو الموضع الذي تسرح إليه لتجتمع وتساق إلى المرعى والموضع الذي ترعى فيه وطريقها إليه لأنها مسرحه إليها يتحد بخلاف مالو انفرد كل عن الآخر في ذلك فلا تؤثر والفحل سواء كان مملوكا لأحدهما أم مشتركا أم مستعارا نعم إن اختلف نوع الماشية كضأن ومعز فلا يضر اختلافه للضرورة كما جزم به في المجموع والراعي بأن لا يختص أحدهما براع ولا بأس بتعدد الرعاة وأرض الحلب بفتح اللام مصدر وحكي سكونها وهو المحلب بفتح الميم و يتحد في مراح ليلها بضم الميم أي مأواها ليلا والمشرب موضع شربها بأن تسقى من ماء واحد من نهر أو عين أو بئر أو حوض أو من مياه متعددة ويشترط أن لا يتميز(1/281)
الناطور والجرين والدكان والحارس والماء والحراث والعامل وجذاذ النخل والملقح واللقاط والحمال والكيال والوزان والميزان للتاجرين في حانوت واحد ونحوها ولا يشترط نية الخلطة ولا اتحاد الحال ولا المحلب بكسر الميم أي الإناء الذي يحلب فيه والأصل في ذلك ما روى البخاري عن أنس في كتاب أبى بكر السابق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ومن الجمع بين متفرق أن يكون لكل واحد أربعون شاة فيخلطاها ومن مقابله أن يكون لهما أربعون شاة فيفرقاها فخلط عشرين بمثلها يوجب الزكاة وأربعين بمثلها يقللها ومائة وواحدة بمثلها يكثرها ثم شرع في زكاة النقد وله إطلاقان يطلق على الذهب والفضة مضروبا كان أو غيره وهو المراد هنا وعلى المضروب فقط فقال عشرون مثقالا نصاب للذهب ومائتا درهم فضة وحب بوزن مكة في ذين أي الذهب والفضة ربع العشر و لو حصل ذلك من معدن سمى معدنا لعدونه أي سكونه في الأرض وله إطلاقان أحدهما على المخرج وثانيهما على المحل المخرج منه ويشترط في المعدن النصاب لا الحول وما يزيد بالحساب البين سواء المضروب وغيره كما مر وأشار بقوله ولو من معدن إلى الخلاف(1/282)
فيه ففي قول زكاته الخمس كالركاز وقول إن حصل بتعب فربع عشره وإلا فخمسه وعلم من كلامه أنه لا وقص في الذهب والفضة كالقوت لإمكان التجزى بلا ضرر بخلاف النعم كما مر والأصل في ذلك خبر الشيخين ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وأواق كجوار وإذا نطق بيائه تشدد وتخفف وخبر وفي الرقة ربع العشر والرقة والورق الفضة والهاء عوض من الواو والأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء أربعون درهما وخبر ليس في أقل من عشرين دينارا شيء وفي عشرين نصف دينار وخبر المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن مكة والدرهم ستة دوانق والمثقال درهم وثلاثة أسباعه فكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ولو نقص عن النصاب حبة أو بعضها فلا زكاة وإن راج رواج التام ولو نقص في ميزان وتم في آخر فلا زكاة ولا يكمل نصاب أحد النقدين بالآخر ولا شيء في المغشوش منهما حتى يبلغ خالصه نصابا فإذا بلغه أخرج الواجب خالصا أو أخرج من المغشوش منهما ما يعلم اشتماله على خالص بقدر الواجب وفي ركاز جاهلي الضرب كأن يكون عليه اسم ملك منهم أو صورة منهما أي من الذهب والفضة الخمس حالا فلا يشترط الحول فيه لأنه إنما اشترط للنماء وهذا كله نماء في نفسه كالزكاة قسما بألف الإطلاق أي يصرف مصرفها لأنه حق واجب في المستفاد من الأرض فأشبه الواجب في التمر والزرع سواء أوجده في مكان أحياه أم أقطعه أم في موات بدار الإسلام أو الحرب وإن كانوا يذبون عنه وبلغ ذلك نصابا ولو بما عنده من جنسه لخبر الشيخين وفي الركاز الخمس وهو المال المدفون في الأرض بخلاف المعدن فإنه المخلوق فيها كما مر واستشكال الرافعي له بأنه لا يلزم من ضرب الجاهلية دفنها لجواز أن يظفر مسلم بكنز جاهلي ويكنزه ثانيا بهيئته فمدار الحكم على دفن الجاهلية لا ضربها أجيب عنه بأنه لا سبيل إلى العلم بدفنها والمعتبر إنما هو وجود علامة من ضرب أو غيره وليس دفين كافر بلغته الدعوة ركازا بل فيء خمسة لأهل الخمس وبقيته لواجده لأن الركاز(1/283)
إنما هو أموال الجاهلية الذين لا يعرف هل بلغتهم الدعوة أم لا وخرج بضرب الجاهلية ما وجده بضرب الإسلام وما إذا لم يعلم من أي الضربين هو فإنه لقطة لاحتمال أنه لمسلم وبالمكان المحيي وما بعده ما وجده بشارع أو مسجد فإنه لقطة أيضا أو بملك أهل الحرب فإنه فيء أو غنيمة إلا إذا أدخله بأمان فلا يجوز له أخذه وما وجده بملك غيره او بملك له تلقاه من غيره فهو للمالك في الأولى ولمن تلقى منه في الثانية بلا يمين إن أدعياه كأمتعة الدار وإلا فلمن فوقهما وهكذا حتى ينتهي إلى المحيى فله وإن لم يدعه لأنه بإحيائه الأرض ملك ما فيها فلا يدخل في البيع لأنه منقول وتقييد الملك لمن ذكر بدعواه له ذكره الشيخان وهو المعتمد وما وجده في موقوف بيده فهو ركاز له واشتشكله والد الجار بردى بأنه ليس أقوى من الموجود في الملك المنتقل إليه من غيره قال وأظن أن عليه عرضه على واقفه وهكذا حتى ينتهي إلى المحيى النصاب الرملي قل خمسة حتى وربع ألف رطل أي أقل النصاب في الثمر والزرع بالرطل القدسي والرملي مائتا رطل وخمسة وخمسون رطلا لأن الرطل ثمانمائة درهم وهذا بناء على أن رطل بغداد مائة وثلاثون درهما على ما قاله الرافعي وهو خمسة أوسق جمع وسق وهو ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بالبغدادي فالأوسق الخمسة ألف وستمائة رطل بالبغدادي وهي بالمن الصغير ثمانمائة من لأن المن رطلان وبالكبير الذي وزنه ستمائة درهم كالرطل الدمشقي ثلثمائة من وستة وأربعون منا وثلثا من على قول الرافعي وأما على قول النووي إن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم فهي ثلثمائة من واثنان وأربعون منا وستة أسباع من وحيث اختلفا فالعبرة بالكيل لا الوزن والتقدير بذلك تحديد وقدر النصاب كما قاله القمولي وغيره ستة أرادب وربع أردب بالكيل المصري بجعل القدحين صاعا كزكاة الفطر وكفارة اليمين فالنصاب(1/284)
على هذا ستمائة قدح خلافا للسبكي وزائد جف أي ان ما زاد بحسابه فلا وقص فيه وأن النصاب يعتبر حالة جفافه تمرا إن تتمر وزبيبا إن تزبب جيدا وإلا فرطبا وعنبا ومن غير نقى أي يعتبر الحب مصفى منقى من تبن ونحوه والعشر إذ بلا مؤونة سقى أي ان واجب ما سقى بلا مؤنة كما إذا سقي بالمطر أو ماء قناة أو بما ينصب إليه من جبل أو عين كبيرة أو عروقة لقربه من الماء من تمر وزرع العشر ونصفه مع مؤن للزرع أو بهما أن ما سقى بلا مؤنة فيه وبما فيع مؤنة وزع أنت الواجب بحسب بسكون السين النفع أي باعتبار نشو الزرع ونمائه وإنما اعتبر النشو دون عدد السقيات لأنه المقصود فلو كانت المدة من يوم الزرع إلى يوم الأدراك ثمانية أشهر وأحتاج في ستة أشهر زمن الشتاء والربيع إلى سقيتين وفي شهرين من زمن الصيف إلى ثلاث سقيات فسقى بما فيه مؤنة وجب ثلاث أرباع العشر وربع نصف العشر فإن سقى بهما سواء وجب ثلاثة أرباع العشر ولو سقى بهما وجعل مقدار كل منهما وجب فيه ثلاثة أرباع العشر أخذا بالأسوأ وسواء في جميع ما ذكر في المسقى بماءين أنشأ الزرع على قصد السقى بهما أم أنشاه قاصد السقى بأحدهما ثم عرض السقى بالآخر وقبل في الحال الثانى يستصحب حكم ما قصده ولو أختلف المالك والساعى في أنه بماذا سقى صدق المالك لأن الأصل عدم وجوب الزيادة عليه فإن اتهمه الساعى حلفه ندبا ولو كان له زرع يسقى بماء السماء وآخر بالنضح ولم يبلغ واحد منهما نصابا ضم أحدهما للآخر لتمام النصاب وإن أختلف قدر الواجب وهو العشر في الأول ونصفه في الثانى ولا يكمل في النصاب جنس بجنس فلا يضم التمر إلى الزبيب ولا الحنطة إلى الشعير ويضم النوع إلى النوع كأنواع التمر وأنواع الزبيب وغيرهما ويخرج من كل بقسطه فإن عسر لكثرة الأنواع وقلة مقدار كل نوع منها جاز له أخراج الوسط منها ويضم العلس إلى الحنطة لأنه نوع منها وهو قوت صنعاء اليمن والسلت بضم السين وسكون اللام جنس مستقل فلا يضم إلى غيره(1/285)
وهو حب يشبه الحنطة في اللون والنعومة والشعير في برودة الطبع فلما اكتسب من تركب الشبهين طبعا انفرد به صار أصلا برأسه ولا يضم ثمر عام وزرعه إلى ثمر وزرع عام آخر في أكمال النصاب وإن فرض إطلاع ثمرة العام الثاني قبل جذاذ ثمرة العام الأول ويضم تمر العام بعضه إلى بعض وإن إختلف أدراكه أو طلع الثانى بعد جذاذ الأول نعم ولو أثمر في العام مرتين فهما كثمرة عامين وزرعا العام يضمان وذلك كالذرة تزرع في الخريف والربيع والصيف ويعتبر وقوع حصاديهما في سنة وإن كان الزرع الأول خارجا عنها والمراد بها أثنا عشر شهرا فإن وقع حصاد الثانى بعدها فلا ضم لأن الحصاد هو المقصود وعنده يستقر الوجوب ولو اختلف المالك والساعى في أنه زرع عام أو عامين صدق المالك في قوله عامين فإن اتهمه الساعى حلف ندبا لأن ما أدعاه ليس مخالفا للظاهر ويسن خرص التمر الذي تجب فيه الزكاة على مالكه فيطوف الخارص بكل نخلة ويقدر ما عليها رطبا ثم تمرا ولا يقتصر على رؤية البعض وقياس الباقى به وإن اتحد النوع جاز أن يخرص الجميع رطبا ثم تمرا والمشهور إدخال جميعه في الخرص وأنه يكفى خارص واحد لأن الخرص ينشأ عن اجتهاد وشرطه كونه عدل رواية حرا ذكرا خبيرا فإذا خرص أنقطع حق المستحقين من عين التمر ويصير في ذمة المالك التمر والزبيب ليخرجهما بعد جفافهما إن صرح الخارص بتضمين المالك حقهم وقبله وإلا فحقهم باق بحاله ومتى انقطع حقهم من المخروص جاز تصرف المالك في جميعه بالبيع وغيره ولو ادعى هلاك المخروص أو بعضه بسبب خفى كسرقة أو ظاهر عرف كالبرد والنهب والجراد ونزول العسكر واتهم في الهلاك به صدق بيمينه وإن لم يتهم صدق بلا يمبن وإن لم يعرف الظاهر طولب ببينة بوقوعه لإمكانها ثم يصدق في الهلاك به بيمينه واليمين فيهما مستحبة ولو أقتصر على دعوى الهلاك قبل وقوله بيمينه حملا على وجه يغنى عن البينة ولو قال هلك بحريق وقع(1/286)
في الجرين وعلمنا أنه لم يقع فيه حريق لم يبال بكلامه ولو ادعى حيف الخارص فيما خرصه لم يلتفت إليه كما لو أدعى جوز الحاكم او كذب الشاهد لا يقبل الا ببينة أو ادعى غلطه بما يبعد لم يقبل في حط جميعه ويقبل في حط المحتمل أو بمحتمل بفتح الميم فإن كان فوق ما يقع بين الكيلين كخمسة أوسق في مائة قبل فإن اتهم حلف ندبا وأن كان قدر ما يقع بينهما كوسق في مائة وادعاه بعد الكيل حط لأن الكيل يقين والخرص تخمين فالاحالة عليه أولى هذا إن تلف المخروص وإلا أعيد كيله وعمل به ولو أدعى غلط الخارص ولم يبين قدرا لم تسمع دعواه وعرض متجرا أخيرا حوله قومه مع ربح أي يقوم عرض التجارة مع ربحه آخر الحول بنقد أصله وإن أبطله السلطان وقد أمر أنه إن ملكه بدون نصاب أو بعرض فابتداء حوله من حين الشراء أو بنقد نصاب فحوله من حين ملك النقد والنقد ضد العرض فشمل التبر والسبائك والحلى التى تجب فيها الزكاة باب زكاة الفطر سميت بذلك لأنها تجب بدخول الفطر ويقال لها زكاة الفطرة أي الخلقة ولهذا ترجمها بعضهم بزكاة البر والمشهور أنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة عام فرض صوم رمضان والأصل فيها قبل الاجماع خبر ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر او صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكرا او انثى من المسلمين وخبر أبى سعيد كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه ما عشت رواهما الشيخان وقد تكلم الناظم في هذا الباب على وقت وجوبها ثم وقت أدائها ثم قدر المؤدى ثم جنسه ثم صفة المؤدى عنه فقال إن غربت شمس تمام الشهر تجب أي تجب الفطرة بادراك آخر جزء من رمضان وأول جزء من شوال لإضافتها إلى الفطرة فتخرج عمن مات أو ارتدا أو بيع أو بانت بعد الغروب دون من ولد أو ملك أو أسلم أو نكح(1/287)
ولو مات مالك الرقيق ليلة العيد فالفطرة في تركته إلى غروب يوم الفطر أداء أي يجب اداؤها قبل غروب الشمس يوم العيد فيحرم تأخيرها عنه بلا عذر كغيبة ماله أو الآخذ لها لأن القصد إغناء المستحقين عن الطلب فيه ويلزمه قضاؤها فورا وظاهر كلامهم أن زكاة المال المؤخرة عن التمكين تكون أداء وتفارق الفطرة بأنها مؤقتة بزمن محدود كالصلاة ولو مات المؤدى عنه قبل التمكين بقى وجوبها بخلاف ما لو تلف المال قبله كزيادة المال ويندب إخراجها يوم العيد قبل صلاته والتعبير بالصلاة جرى على الغالب من فعلها أول النهار فإن أخرت استحبت إخراجها أول النهار للتوسعة على المستحقين ويجوز تعجيلها من اول رمضان مثل صاع خير الرسل صلى الله عليه وسلم خمسة ارطال وثلث رطل رطل العراق وهو مائة وثلاثون درهما على الأصح عند الرافعي ومائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة اسباع درهم على الأصح عند النووي فالصاع على الأول ستمائة درهم وثلاثة وتسعون درهما وثلث درهم وعلى الثانى ستمائة درهم وخمسة وثمانون درهما وخمسة أسباع درهم والأصل في ذلك الكيل وإنما قدره العلماء بالوزن استظهارا قال في الروضة قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال(1/288)
فإن الصاع المخرج به في زمنه صلى الله عليه وسلم مكيال معروف ويختلف قدره وزنا باختلاف جنس ما يخرج كالذرة والحمص وغيرهما والصواب ما قاله الدارمى أن الاعتماد على الكيل بصاع معاير بلصاع الذي كان يخرج به في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن لم يجده وجب عليه أخراج قدر يتيقين انه لا ينقص عنه وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب كما أشار إليه الناظم بقوله بالأحفان قريب أربع يدى أنسان معتدلتين وهو مراد الروضة بكفى رجل وعتدل الكفين وجنسه القوت من المعشر الذي يجب فيه العشر أو نصفه غالب قوت بلد المطهر بفتح الهاء أي المؤدى عنه لا غالب قوت المؤدى او بلده كثمن المبيع ولتشوف النفوس إليه ويختلف ذلك باختلاف النواحى فأوفى خبر صاعا من تمرا أو صاعا من شعير لبيان الأنواع لا للتخيير كما في آية إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله وإنما اعتبر بلد المؤدى عنه بناء على أنها تجب عليه إبتداء ثم يتحملها المؤدى وهو الأصح فإن لم يكن في بلده غالب أدى ما شاء والأعلى أولى فإن لم يكن قوت البلد مجزئا أعتبر أقرب البلاد إليه فإن كان بقربه بلدان متساويان قوتا من أيهما شاء وإذا أوجبنا غالب قوت البلد فالمراد قوت السنة وفي معنى المعشر الأقط والجبن واللبن أن بقى زبدها لثبوت الأقط في الخبر المار وقيس عليه الجبن واللبن والأقط لبن يابس فيه زبدة فإن أفسد الملح جوهره لم يجز وإن ظهر عليه ولم يفسد وجب بلوغه خالصة صاعا ولا يجزئ المصل وهو ماء الأقط أو لبن منزوع الزبد أو المخيض ولا السمن ولا القيمة ولا الدقيق والسويق والخبز والعنب واللحم وإن كان قوت البلد لأنه ليس في معنى ما ورد به النص ويجزئ الأعلى عن الأدنى ولا عكس وتخالف زكاة المال حيث لا يجزئ جنس أعلى لتعلقها بالمال والاعتبار بزيادة الاقتيات لا القيمة فالبر أعلى ثم الشعير ثم الرز ثم التمر ثم الزبيب ويجوز أخراج الفطرة عن أحد عبديه أو قريبيه من قوت واجب وعن الآخر أعلى(1/289)
منه كما يؤدى لأحد جبرانين شاتين وللآخر عشرين درهما ولا يبعض الصاع المخرج عن واحد وإن تعدد المؤدى كعبد لأثنين لأنه واجب واحد فلا يبعض كالكفارة والمسلم الحر عليه فطرته وفطرة الذي عليه مؤنته بضم الميم وسكون الواو وذلك بملك ولو آبقا ومغصوبا ومؤجرا ومرهونا ومنقطع الخبر ما لم تنته غيبته إلى مدة يحكم بموته أو قرابة أو نكاح وهذه الثلاثة جهات التحمل بالشرط الآتى وخرج بالمسلم الكافر الأصلى فلا تلزمه فطرته لقوله في الخبر من المسلمين وتجب عليه فطرة رقيقة وقريبه وزوجته المسلمين بناء على أنها تجب على المؤدى عنه ابتداء ثم يتحملها عنه المؤدى وتجب النية على الكافر للتميز لا للعبادة أما المرتد ففطرته موقوفة كملكه إن عاد إلى الأسلام وتبينا بقاءه فتجب وإلا فلا خرج بالحر الرقيق فلا فطرة عليه أما غير المكاتب فلعدم ملكه وفطرته على سيده كما افاده كلامه قا كان أو مدبرا أو أم ولد أو معلق العتق بصفة وأما المكاتب فلنصف ملكه ولا فطرة على سيده عنه لنزوله معه منزله والأجنبي واما المبعض فيلزمه منها قسط الحرية وأن لم يكن بينهما مهايأة فإن كانت في المسئلتين اختصت بمن وقع زمن وجوبها في نوبته واستثن من يكفر أي يشترط إسلام المؤدى عنه فلا يلزم المسلم فطرة رقيقة وقريبه وزوجته الكفار ومما يستثنى أيضا انه لا يلزم الفرع فطرة زوجة الأصل ولا أم ولده وإن لزمته مؤنتهما لأن الأصل في المؤنة والفطرة الأصل وهو معسر ولا فطرة على معسر بخلاف المؤنة فيتحملها الفرع ولن عدم الفطرة لا يمكن الزوجة من الفسخ بخلاف المؤنة وأنه لا فطرة لرقيق(1/290)
بيت المال ولا للموقوف ولو على معين ولا للحرة الخادمة إن كانت مستأجرة أو في معناها وإلا وجبت عنها بخلاف ما لو كانت مملوكة له أولها فتجب فطرتها وأنه تجب فطرة المكاتب كتابة فاسدة ولا تجب عليه نفقته مهما يفضل أي يشترط يسار المؤدى بأن وجد ما يفضل عن قوته و عن خادم ومنزل يحتاجهما ويلقيان به وعن دست ثوب يليق به كالكفارة لأنها من الحوائج المهمة فلو كان الخادم والمنزل نفيسين يمكن إبدالهما بلائقين ويؤدى التفاوت لزمه ذلك لا يجرى الوجهان في الكفارة فيما إذا كانا مالوفين لأن للكفارة بدلا في الجملة فلا ينتقص بالمرتبة الأخيرة منها ومحل اعتبار كونها فاضلة عن خادم ومنزل في الابتداء فلو ثبت في ذمته بيعافيها لالتحاقها بالديون والمراد بحاجته للخادم أن يحتاجه لخدمته أو خدمة من تلزمه خدمته لا لعمله في أرضه وما شيته و عن دينه كذا جزم به كالحاوى الصغير والنووي في نكته ونقل الشيخان عن الإمام الاتفاق عليه كنفقة القريب قالا لكن قول الشافعى والأصحاب أنه لو مات بعد أن هل شوال فالفطرة في ماله مقدمة على الديون يقتضى أن الدين لا يمنع وجوبها قال في الشرح الصغير وهو الأشبه بالمذهب اه وهو الموافق لما في زكاة المال وقال ابن العماد وبه الفتوى وقوت من مؤونته يحمل يوم عيده وليلته أي لا بد من كونها فاضلة أيضا عن قوت من تلزمه مؤنته وكسوته دون ما وراءهما لعدم ضبطه وخرج بالموسر المعسر فلا تجب عليه الفطرة ويلزم سيد زوجته فطرتها ولا تلزم زوجته الحرة فطرتها ولو كان في نفقته ابن كبير فوجد قوت ليلة العيد ويومه فقط لم تجب فطرته أو صغير لم تجب على الأب ولو أدتها زوجة الموسر أو من فطرته على قريبه بلا أذن أجزأته ومن أيسر ببعض صاع لزمه إخراجه ولو وجد بعض الصيعان قدم نفسه ثم زوجته ثم ولده الصغير ثم أباه ثم امه ثم ولده الكبير فإن استووا درجة كزوجات وبنين أخرج عمن شاء ولو باع رقيقا ووقع زمن الوجوب في زمن الخيار وقلنا الملك(1/291)
للبائع فعليه الفطرة وأن أمضى البيع أو للمشترى فعليه وان فسخ أو موقوف وتم البيع فعلى المشترى ولإلا فعلى البائع ولو أخرج من ماله فطرة ولده الصغير الغنى جاز بخلاف الكبير ولو اشترك موسر ومعسر في رقيق فعلى الموسر قسط ما يخصه منها باب قسم الصدقات أي الزكوات على مستحقيها وسميت بذلك لإشعارها بصدق باذلها والأصل في الباب آية إنما الصدقات للفقراء وأضاف فيها الصدقات إلى الأصناف الأربعة الأولى بلام الملك وإلى الأربعة الأخيرة بفى الظرفية للاشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى وتقييده في الأخيرة حتى إذا لم يحصل الصرف في مصارفها استرجع بخلافه في الأولى على ما ياتى وقد ذكر الناظم آخر الباب صدقة النفل أصنافه أن وجدت ثمانية للآية فيجب استيعابهم بها عند وجودهم حتى في زكاة المال لإضافة الصدقات إليهم باللام وفي كالإقرار والوصية فإن فرقها المالك بنفسه أو الأمام ولا عامل فالقسمة على سبعة وإذا قسم الإمام لزمه أن يستوعب من الزكاة الحاصلة عنده آحاد كل صنف لقدرته عليه لا من زكاة كل واحد وله أن يخص بعضهم بنوع وآخرين بنوع وكذا يلزم المالك استيعابهم إن انحصر المستحقون في البلد ووفي بهم المال وإلا فيجب إعطاء ثلاثة من كل صنف كما سيأتى إلا العامل فإنه يجوز أن يكون واحدا كما سيأتى فلو صرف ما عليه لإثنين مع وجود ثالث غرم له أقل متمول وتجب التسوية بين الأصناف وإن كان بعضهم أحوج لكن لا يزاد(1/292)
العامل على أجرة عمله ويسن التسوية بين آحاد الصنف عند تساوى الحاجات إلا أن يقسم الإمام فيحرم عليه التفضيل مع تساوى الحاجات لأنه نائبهم فلا يفاوت بينهم عند تساوى حاجاتهم من يفقد أردد سهمه للباقية أي من يفقد من الأصناف غير العامل أو من آحاد صنف بأن لم يوجد منه إلا واحد أو أثنان اردد سهمه وجوبا لبقية الأصناف في الأولى ومن الصنف في الثانية فلا ينقل إلى غيرهم لانحصار الاستحقاق فيهم ولأن عدم الشيء بموضعه كالعدم المطلق كما في عدم الماء المبيح للتيمم وليس هذا كما لو أوصى لإثنين فرد أحدهما حيث يكون المردود للورثة لا للآخر لأن المال للورثة لولا الوصية وهي تبرع فإذا لم تتم أخذ الورثة المال والزكاة حق لزمه فلا يرد إليه ولهذا لو لم توجد المستحقون لم تسقط الزكاة بل توقف حتى يوجدوا أو يوجد بعضهم ولو فضل نصيب بعضهم عن كفايته ونقص نصيب بعضهم ببعض عنها لم ينقل الفاضل إلى ذلك الصنف بل يرد إلى من نقص سهمه كما اقتضاه كلام الروضة وأصلها فلو أستغنى بعضهم ببعض المردود قسم الباقي بين الأخيرين بالسوية ولو زاد نصيب جميعهم على الكفاية أو نصيب بعضهم ولم ينقص البعض الآخر نقل الفاضل إلى ذلك الصنف ولما ذكر أن أصناف الزكاة ثمانية شرع في تفصيلها فقال فقير العادم أي الفقير هو العادم للمال والكسب الذي يقع موقعا من حاجته كمن يحتاج إلى عشرة ولا يملك أو يكتسب إلا درهمين أو ثلاثة ولا يشترط فيه الزمانة ولا التعفف عن المسئلة على الجديد ولا يمنع الفقر مسكنه وثيابه ولو للتجمل ورقيقه المحتاج له لخدمته وماله الغائب في مرحلتين والمؤجل فيأخذ عفايته إلى حاوله وكسب مباح لا يليق به ولو كان له مال يستغرقه الدين لم يعط كما قاله البغوي حتى يصرفه في الدين فلو اعتاد السكنة بالأجرة أو في المدرسة فالظاهر كما قاله السبكى خروجه عن أسم الفقر بثمن المسكن ولو اشتغل بعلم شرعى والكسب يمنعه ففقير أو بالنوافل فلا وكذا المعطل المعتكف في(1/293)
مدرسة ومن لا يتأتى منه تحصيله مع القدرة على الكسب والمسكين له ما يقع الموقع دون تكملة أي مال أو كسب مباح لائق يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه كمن يملك أو يكسب سبعة أو ثمانية ولا يكفيه إلا عشرة فهو أحسن حالا من الفقير دل على ذلك قوله تعالى أما السفينة فكانت لمساكين وقوله صلى الله عليه وسلم اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا مع انه كان يتعوذ من الفقر وسواء أكان ما يملكه نصابا ام أقل أم أكثر والمعتبر فيما يقع موقعا من حاجته المطعم والملبس والمسكن وسائر ما لا بد منه على ما يليق بالحال من غير أسراف ولا تقتير للشخص ولمن هو في نفقته والعبرة عند الجمهور في عدم كفايته بالعمر الغالب بناء على انه يعطى ذلك وأما ما جزم به البغوى وصححه ابن الصلاح في فتاويه وأفتى به النووى في فتاويه غير المشهورة واستنبطه الأسنوى من كلامهم من أن العبرة بعدم كفايته بالسنة فإنما يأتى على قول من قال كالبغوى أنه إنما يعطى كفاية سنة قال في الروضة قال الغزالى في الأحياء لو كان له كتب فقه لم يخرجه عن المسكنة ولا تلزمه زكاة الفطر كأثاث البيت لأنه محتاج إليها والكتاب يطلب غالبا أما للتفرج بالمطالعة ككتب الشعر والتواريخ ونحوهما مما لا ينفع في الدارين فهذا يمنع المسكنة وأما للاستفادة كطب يعالج به نفسه أو وعظ يتعظ به فإن لم يكن في البلد طبيب وواعظ فكذلك وإلا فمستغن عنه فإن كان له من كتاب نسختان فهو مستغن عن إحداهما فإن كانت إحداهما أصح والأخرى احسن باع الأحسن وأن كانتا من علم وإحداهما وجيزة فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالبسيطة أو التدريس احتاج إليهما هذا كلام الغزالى والمختار في الوعظ أنه لا أثر لوجوده وعامل كحاشر الأنعام أي العامل في الزكاة ساع وكاتب وقاسم وحاشر بجمع ذوى الأموال أو ذوى السهمان وعريف وحاسب وحافظ للمال وجندى(1/294)
الا الإمام والقاضى ويجب على الإمام بعث السعاة لأخذ الزكوات فإذا لم يكف زيد قدر الحاجة وأجرة الكيال والوزان وعاد النعم على المالك إن كان يميز الزكاة عن المال فإن كان يميز بين الأصناف فمن سهم العامل وأجرة الراعى والحافظ بعد قبضها في جملة الزكاة لا من سهم العامل وأجرة الناقل والمخزن في الجملة ومؤنة إحضار الماشية للعد على المالك مؤلف يضعف في الأسلام أي المؤلفة من أسلم ونيته ضعيفة أو له شرف يرجى بإعطائه إسلام غيره أو من يقاتل من وراءه من الكفار أو مانعى الزكاة ويعتبر في الصنفين الأخيرين الذكورة والحاجة بأن يكون ما يعطاه أقل من تجهيز جيش لهم أما مؤلفة الكفار كمن يرجى إسلامه بإعطائه أو يخاف شره فلا يعطون من الزكاة ولا غيرها رقابهم مكاتب أي الرقاب هم المكاتبون فيدفع لهم ما يعينهم على العتق بشرط أن لا يكون معهم ما يوفى بالنجوم وصحت الكتابة لا إذن السيد والأحوط الصرف إليه بإذن المكاتب ولا يجزئ بغير إذنه لكن يسقط عنه بقدره ويجوز الصرف له قبل حلول النجم وليس له الصرف لمكاتبه ولا لمن كوتب بعضه ولو استغنى عن المعطى بإعتاق أو ابراء أو أداء عن الغير أو أدانه من مال آخر استرد ويجزئ في غارم استغنى وإن تلف بعد العتق غرمه أو قبله فلا قال الغزالى وكذا لو أتلفه ولو عجز استرد منه وإن كان تالفا غرمه ويتعلق بذمته لا برقبته ولو دفعه إلى السيد وعجز ببقية النجوم أتى فيه ما مر ولو افترض وأدى فعتق لم يعط من سهم الرقاب بل الغارمين كما لو قال لعبده أنت حر على ألف فقبل والغارم من للمباح ادان وهو عادم للغارم أنواع ثلاثة غارم استدان لنفسه لمباح أي غير معصية من مؤنته ومؤنة عياله كأكل وشرب وتزوج وهو عادم للمال أي عاجز عن وفاء دينه بما يزيد على كفايته فإن لم يعجز عن وفائه بما يزيد عليها لم يعط لأنه يأخذ لحاجته إلينا فاعتبر عجزه كالمكاتب وابن السبيل بخلاف الغارم للاصلاح كما يأتى فإنه يأخذ لحاجتنا إليه للاصلاح(1/295)
لتسكين الفتنة فعلم أنه يعطى مع قدرته على وفاء دينه ببيع ملبوسه أو فراشه أو مركوبه أو خادمه المحتاج إليه وأنه لو لم يملك شيئا لكن يقدر على كسب يفى بدينه أعطى أيضا كالمكاتب ويفارق الفقير والمسكين بأن حاجتهما إنما تتحقق بالتدريج والكسوب يحصلها كل يوم وحاجة المكاتب والغارم ناجزة لثبوت الدين في ذمتهما والكسب لا يدفعها إلا بالتدريج غالبا وخرج بقوله من المباح ادان من استدان لمعصية كأن اشترى خمرا وصرفه في زنا أو قمار فلا يعطى إلا إن تاب وغلب على الظن صدق توبته وإن قصرت المدة كالخارج لمعصية إذا تاب واراد الرجوع فإنه يعطى من سهم ابن السبيل قال الأمام ولو استدان لمعصية ثم صرفه في مباح اعطى وعكسه كذلك إن عرف قصد الإباحة أولا لكنا لا نصدقه فيه ولو كان الدين مؤجلا لم يعط لأنه غير محتاج إلى وفائه حينئذ والفرق بينه وبين المكاتب اعتناء الشارع بالحرص على تعجيل العتق وربما يعجز السيد مكاتبه عند الحلول وغارم استدان لاصلاح ذات البين كتحمل دية قتيل أو قيمة متلف تخاصم فيه قبيلتان أو شخصان فسكن الفتنة بذلك فيعطى مع الغنى ولو بالنقد لعموم الآية ولأنا لو أعتبرنا فيه الفقر لقلت الرغبة في هذه المكرمة وحكم من استدان لعمارة مسجد أو قرى صيف كالمستدين لمصلحة نفسه كما قاله السرخسى وحكى الرويانى أنه يعطى مع الغنى بالعقار قال و هو الاختيار ونقل الشيخان ذلك وأقراه وجزم صاحب الأنوار بالأول وصاحب الروض بالثانى وغارم للضمان لدين على غيره فيعطى مع بقائه عليه ما يقضيه به أن اعسرا وهو والأصيل أو وحده وكان متبرعا لعدم زجوعه حينئذ على الأصيل فإن أيسرا او الضامن لم يعط او بالعكس أعطى الأصيل لا الضامن فإن أدي الغارم الدين من ماله أو بذل ماله ابتداء لم يعط واذا وفي الضمامن من سهم الغارمين لم يرجع على الأصيل وان ضمنه بإذنه وانما يرجع اذا غرم من عنده قال الماوردى فلو أخذ سهمه فلم يصرفه في دينه حتى أبرئ منه او قضى عنه من(1/296)
غير ما اخذه استرجع إلا أن يقضيه من
قرض فلا يسترجع إذ لم يسقط عنه دينه وإنما صار لآخر كالحوالة عليه فلو أبرئ منه أو قضاه من غير قرض فلم يسترجع منه ما أخذه حتى لزمه دين صار به غارما فوجهان أحدهما لا يسترجع منه لأنه لا يجوز دفعه إليه والثاني يسترجع لأنه صار له كالمستلف له قبل غرمه وفي سبيل الله غاز احتسب أي في سبيل الله غاز محتسب بغزوه بأن لا يأخذ شيئا من الفئ فيعطى مع الغنى لعموم الآية أما المرتزقة فلا يعطى شيئا من الزكاة وإن لم يوجد ما يصرف له من الفئ وتجب على اغنياء المسلمين إعانته حينئذ وابن السبيل ذو افتقار اغترب أي ابن السبيل وهو معسر بما يوصله مقصده أو موضع ما له غريب مجتاز بمحل الزكاة أي أو منشئ سفر منه فيعطى ولو كسوبا إذا كان سفره مباحا بخلاف مالو كان معصية ومن طلب زكاة وعلم الإمام استحقاقه الزكاة أو عدمه عمل بعلمه ويصدق مدعى فقر أو مسكنة أو ضعف نيته في الإسلام ومن عرف له مال وادعى تلفه أو عبالا كلف البينة ويعطى غاز وابن سبيل بقولهما فإن لم يخرجهما استرد يطالب عامل ومكاتب وغارم ببينة وكذا مؤلف ادعى أنه شريف مطاع والمراد بالبينة إخبار عدلين ويعنى عنها استفاضة وتصديق المولى ورب الدين ويعطى مكاتب وغارم قدر دينهما أو ما عجزا عنه وفقير ومسكين كفايتهما فيعطى المحترف ما يشترى به آلة حرفته قلت أو كثرت والتاجر رأس مال يفى ربحه بكفايته غالبا ومن لا يحسن الكسب كفاية العمر الغالب لا سنة في الأصح فيعطى ما يشترى به عقارا تكفيه غلته وابن السبيل ما يوصله مقصده أو موضع ماله من نفقة أو كسوة يحتاجها لشتاء أو صيف ومركوب إن كان ضعيفا عن المشى أو سفره طويلا وما ينقل ذاته ومتاعه إلا أن اعتاد مثله حمله بنفسه فإن ضاق المال أعطى أجرة للمركوب وإلا اشترى له وإذا تم سفره استرد على الصحيح ويعطى كذلك لرجوعه إن أراده ولا مال له بمقصده ولا يعطى لمدة الأقامة إلا أقامة المسافرين ويعطى الغازى نفقته(1/297)
وكسوته ونفقته عياله ذهابا ورجوعا وإقامة في السفر وإن طالت ويعطى وهو وابن السبيل جميع المؤنة وما يشترى به السلاح وآله القتال وكذا الفرس إن كان يقاتل فارسا ويصير ملكا له ان يستأجر له ويختلف الحال بكثرة المال وقلته وأما ما يحمل عليه الزاد ومتاعه ويركبه في الطريق فكابن السبيل وإنما يعطى إذا حضر وقت الخروج ليهئ به أسباب سفره وإن مات في الطريق أو أمتنع استرد ما بقى وإن غزا ورجع وبقى معه بقية صالحة ولم يقتر على نفسه استردت أو يسيرة أو قتر فلا في مثله في مثل وفي أبن السبيل يسترد مطلقا ويتخير الأمام بين دفع الفرس والسلاح إلى الغازى ملكا وبين أن يستأجر له مركوبا وبين أن يشترى خيلا من السهم ويقفها في سبيل الله تعالى ويعيرهم إياها عند الحاجة فإذا انقضت استردت ويعطى المؤلف ما يراه الإمام والعامل أجرة مثل عمله فإن زاد سهم العاملين عليها رد الفاضل على بقية الأصناف أو نقص عنها كمل من مال الزكاة ويجوز من سهم المصالح بل للامام جعل الأجرة كلها من بيت المال وتقسم الزكاة على بقية الأصناف ثلاثة أقل كل صنف أي أقل ما يجزئ من الزكاة إعطاء ثلاثة من كل صنف إن وجدهم عملا بأقل الجمع في غير الأخيرين في الآية وبالقياس عليه فيهما ومحله كما علم مما مر إذا قسم الإمام أو المالك ولم ينحصر المستحقون في البلد أو أنحصروا ولم يوف بهم المال أما إذا قسم الإمام أو المالك وانحصر المستحقون في البلد ووفي بهم المال فيجب استيعاب الآحاد ومحل أعتبار الثلاثة في غير عامل أما هو فيجوز أن يكون واحدا اذا حصلت به الكفاية لحصول المقصود به ويجوز الاستغناء عنه بأن يقسم المالك أو الأمام ولا عامل بأن حمل أصحاب الأموال زكاة أموالهم إلى الأمام وليس يكفى دفع أي دفع شيء من الزكاة لكافر لخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم لكن يجوز أن يكون(1/298)
الكيال والحمال والحافظ ونحوهم كفارا مستأجرين من سهم العاملين لأن ذلك أجرة لا زكاة ذكره الاذرعي والزركشى وغيرهما ولا ممسوس رق ولو مبعضا إلا المكاتب كما مر ولا دفع نصيبين من زكاة واحدة لو صفى مستحق اجتمعا فيه من أوصاف الاستحقاق كفقير غاز بل يدفع اليه بما يختاره منهما الاقتضاء العطف في الآية المغايرة ومحل منع اعطائه بوصفين كما يؤخذ من الروضة عن الشيخ نصر المقدسى إذا أعطى بهما دفعة واحدة أو مرتبا ولم يتصرف فيما أخذه أولا ولا يكفى دفع شئ منها لبنى هاشم غير منون للوزن و بنى المطلب ولو انقطع عنهما خمس الخمس لخلو بيت المال عن الفئ والغنيمة أو استيلاء الظلمة عليهما لخبر إن هذه الصدقات إنما هى أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد لا لآل محمد رواه مسلم وخبر لا أحل لكم أهل البيت من الصدقات شيئا ولا غسالة الأيدى إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم ومثلهم مولاهم لخبر مولى القوم منهم صححه الترمذى وغيره نعم لو استعملهم الإمام في الحفظ أو النقل وقد استؤجروا لذلك فلهم أجرتهم ولا الغنى بسكون الياء إجراء للوصل مجرى الوقف بمال أو تكسب بإسقاط الهمزة للوزن حلال لائق به فلا يكفي دفع شىء منها له من سهم الفقراء أو المساكين ومن بإنفاق من الزوج أى لا تعطى المكفية بنفقة زوجها ولو كانت ناشزه لتقصيرها وللزوج إعطاؤها من سهم مكاتب أو غارم أو مؤلفة لا من سهم ابن السبيل إن سافرت معه وإن سافرت وحدها بغير إذنه لم تعط منه وتعطى هي والعاصي بسفره من سهم الفقراء أو المساكين بخلاف الناشزة المقيمة فأنها قادرة على الغنى بالطاعة فأشبهت القادر على الكسب والمسافر لا يقدر على العود في الحال فان تركت السفر وعزمت على العود إليه أعطت من سهم ابن السبيل أو بإذنه أعطيت منه مؤنه السفر فقط إن سافرت لحاجته وإلا فكفايتها ولا تكون عاملة ولا غازية ومن حتما من القريب مكفي المؤن أى ولا المكفى بنفقة قريب تلزمه نفقته لا يعطيه غيره من سهم(1/299)
الفقراء والمساكين لأستغنائه بالنفقة ويجوز من غيرهما ولا يعطيه المنفق منهما ويجوز من غيرهما لا من سهم المؤلفة وإن كان فقيرا ويعطيه من سهم ابن السبيل مؤنة السفر فقط والنقل من موضع رب الملك في فطرة والمال مما زكى لا يسقط الفرض أي نقل الزكاة من موضع رب الملك في الفطرة حال وجوبها ومن موضع رب المال حال وجوبها فيما زكى منه مع وجود الأصناف أو بعضهم فيه إلى غيره وإن قربت المسافة لا يسقط فرضها لأنه حرام لخبر معاذ ولأن نقلها يوحش أصناف البلد بعد امتداد أطماعهم إليها ولو كان له من تلزمه فطرته فالعبرة ببلد المؤدى عنه لأن الوجوب بسببه لأنها صدقة البدن هذا إن نقلها المزكي فان نقلها الإمام ولو بنائبه سقط الفرض لأن له النقل ولو كان له مال ببلدين وكان في تفرقة زكاة كل طائفة ببلدها تشقيص كأن ملك أربعين شاة بكل بلد عشرون فالأصح جواز إخراج شاة في إحداهما حذرا من التشقيص وأهل الخيام الذين لا قرار لهم يصرفون زكاتهم لمن معهم فإن لم يكن معهم مستحق فلاقرب بلد إليهم عند تمام الحول وإن كان لهم مسكن وربما ارتحلوا عنه منتجعين ثم عادوا فإن لم يتميز بعضهم عن بعض في الماء والمرعى صرفوه إلى من دون مرحلتين من موضع المال والصرف الى من معهم في الإقامة والظعن افضل وان تميز فالأصح ان كل حلة كقرية و النقل من بلد المال في التكفير في التكفير يسقط الفرض و كذا في الإيصاء والمنذور إذ الأطماع لا تمتد إليها امتدادها إلى الزكاة وكذا الوقف على صنف ومحله فيها وفي اللتين قبلها إذا لم ينص رب المال على بلد ثم شرع في صدقة التطوع فقال(1/300)
وصدقات النفل سنة لقوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الاية ولخبر ما تصدق احد من كسب طيب إلا أخذها الله بيمينه فيربيها كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون أعظم من الجبل وخبر ليتصدق الرجل من ديناره ليتصدق من درهمه وليتصدق من صاع بره رواهما مسلم وخبر كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس رواه ابن حبان والحاكم وصححاه وهى في الإسرار بكسر الهمزة أي السر أولى منها في الجهر لقوله تعالى أن تبدوا الصدقات الآية ولما في الصحيحين في خبر السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه من قوله صلى الله عليه وسلم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تدرى شماله ما أنفقت يمينه وهذا بخلاف الزكاة فإن إظهارها أفضل و الصدقة في قريبه وأن لزمته نفقته أولى منها في غيره لخبر الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة رواه الترمذى وحسنه والحاكم وصححه و الصدقة في الجار أولى منها في غيره لخبر البخاري عن عائشة قلت يا رسول الله أن لى جارين فإلى ايهما أهدى قال إلى أقربهما منك بابا و الصدقة وقت حاجة أي أمامها أولى من غيره لأنه أقرب إلى قضائها وإلى الإجابة و الصدقة في شهر رمضان أي رمضان أولى منها في غيره لخبر البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان أجود ما يكون في رمضان وخبر الترمذى سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال صدقة في رمضان ولأن الناس فيه مشغولون بالطاعات فلا يتفرغون لمكاسبهم وتتأكد الصدقة أيضا عند الأمور المهمة وفي الغزو والحج والكسوف والمرض والسفر وسائر الأوقات الفاضلة كعشر ذي الحجة وأيام العيد وفي الأماكن الشريفة كمكة والمدينة وبيت المقدس والأولى أن يبدأ بذى رحم محرم الأقرب فالأقرب والحق بهم الزوجات ثم بذى رحم غير محرم كأولاد العم والخال ثم بمجرم الرضاع ثم المصاهرة ثم المولى من أعلى ثم المولى من أسفل الأقرب فالأقرب ثم جار أقرب ثم أبعد ويقدم قريب بعدت داره على جار أجنبي إلا أن يكون(1/301)
خارج البلد فيقدم الأجنبي ويقصد بصدقته من أقاربه أشدهم له عداوة لخبر الدارقطنى أفضل الصدقة الصدقة على ذى الرحم الكاشح إذ المراد بالكاشح العدو كما جزم به الهروى وليتالف قلبه ولما فيه من سقوط الرياء وكسر النفس ويكره التصديق بالردئ وبما فيه شبهة وينبغي أن لا يمتنع من الصدقة بالقليل أحتقارا له ويسن أن يدفعها بطيب نفس وأن يتصدق بما يحبه وتتأكد بالمال ويحرم المن بها ويبطل به ثوابها وتحل لغنى وكافر ويندب للغنى التنزه عنها ويكره له التعرض لها ويحرم عليه أخذها مظهرا للفاقة وعليه حمل قوله صلى عليه وسلم في الذى مات من أهل الصفة فوجدوا له دينارين كيتان من نار وأما سؤالهما فإن كان محتاجا لم يحرم وإن كان غنيا بمال أو صنعة فحرام وما ياخذه حرام ويكره لمن تصدق بشيء أن يتملكه من جهة المدفوع له بمعاوضة أو هبة ولا بأس بملكه منه بالأرث ولا بتملكه من غيره وهو أي التصدق بما أحتاج إليه عياله الذين تلزمه مؤنتهم حرام وكذا يحرم عليه التصدق بما يحتاجه لدين لا يرجو له وفاء لأن كلا منهما حق واجب فلا يترك لسنة فإن رجا وفاءه من جهة أخرى واستند ذلك إلى سبب ظاهر فلا بأس بالتصدق أما التصدق بما يحتاجه لمؤنة نفسه فصحح في الروضة عدم استحبابه وفي المجموع تحريمه وفاضل الحاجة أي حاجة دينه ومؤنة نفسه وممونه فيه أي في التصدق به أجر لمن له على اضطرار صبر بلا مشقة لقضية الصديق في التصدق بجميع ماله وقبول رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك منه صححه الترمذى فإن شق عليه الصبر على الأضطرار والفاقة فليس له في التصدق أجر لأنه غير مستحب حينئذ بل هو مكروه وأما قوله صلى الله عليه وسلم ط خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى فالمراد به غنى النفس وصبرها على الفقر قال بعض المتأخرين والظاهر أن المراد بما يحتاجه ما يلزمه من نفقة ليومه وكسوة لفصله لا ما يلزمه في الحال فقط ولا ما يلزمه في سنة بأن يدخر قوتها ويتصدق بالفاضل(1/302)
كتاب الصيام هو في اللغة الإمساك قال تعالى فقولي إني نذرت للرحمن صوما أي أمساكا عن الكلام وفي الشرع إمساك مسلم عاقل مميز عن المفطرات سالم عن الحيض والولادة والنفاس في جميعه وعن الأغماء والسكر في بعضه والأصل في وجوبه قبل الأجماع مع ما يأتى آية كتب عليكم الصيام وخبر بنى الإسلام على خمس وفرض في شعبان في السنة الثانية من اللهجرة وقد ذكر الناظم ما يجب به صوم رمضان فقال يجب صوم رمضان بأحد أمرين باستكمال شعبان العدد وهو ثلاثون يوما لخبر صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم عدة فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما أو رؤية العدل الواحد هلال الشهر المذكور لقول ابن عمر أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنى رأيت الهلال فصام وأمر الناس بصيامه والمعنى في ثبوته بواحد الاحتياط للصوم والمراد بالعدل عدل الشهادة لا الرواية ولا بد من الأداء عند القاضى ومن لفظ الشهادة نعم يكتفى بظاهر العدالة كما في المجموع وهو من لم يزك عند الحاكم ويجب العدد في الشهادة على الشهادة به وأن لم تتوقف على دعوى لكونها شهادة حسبة هذا كله بالنسبة للوجوب العام فلا ينافيه وجوب الصوم على انفرد برؤيته ولو فاسقا ولا من عرفه بحسابه أو تنجيمه ولا من أخبره من يثق برؤيته واعتقا صدقة ويكفى الشاهد أن يقول أشهد أنى رأيت الهلال وإن كانت شهادة على فعل نفسه وخرج برمضان غيره فلا يثبت بواحد والصوم غيره كوقوع ما علق من طلاق ونحوه بالهلال وحلول الدين به فلا يثبت بواحد في حق غير الرائى وقول الرافعى لو قيل هلا يثبت ضمنا كما يثبت شوال بثبوت رمضان بواحد والنسب والإرث ويثبت الولادة بالنساء لأحوج إلى الفرق يقال عليه قد فرق وهو في الشهادات بأن الضمنى في هذه الأمور لازم للمشهود به بخلاف الطلاق ونحوه والأمارة الظاهرة الدالة في حكم الرؤية مثل أن يرى أهل القرى القناديل المعلقة بمنابر المصر ليلة الثلاثين من شعبان كما هو العادة وسماع الطبول الجارى بها عادة(1/303)
تلك البلدة أو إيقاد النار على رءوس الجبال وخرج به أيضا ما لو أخبر به صلى الله عليه وسلم شخصا في المنام فلا يصح الصوم به بالإجماع لاختلاط ضبط الرائى لا للشك في الرؤية وشمل ثبوته بعدل أو عدلين ما لو قال الحساب لا تمكن رؤيته لأنه صلى الله عليه وسلم ألغى قولهم بقوله إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا ولا يكره ذكر رمضان بغير شهر كما صوبه في المجموع وإذا ثبت رمضان برؤية الهلال بمكان ثبت في حق من قرب منه دون من بعد وقد نبه على القريب بقوله في حق من دون مسير القصر أي مسافته من محل الرؤية لأن من بدونها كالحاضر بدليل القصر والفطر وغيرهما بخلاف من فوقه وهذا ما صححه الرافعي في المحرر والشرح الصغير والنووي في شرح مسلم وصحح في بقية كتبه اعتبار المطالع إذ لا تعلق للرؤية بمسافة القصر فيثبت حكمه في حق من بمكان اتحد مطلعه بمطلع مكان الرؤية دون غيره فان شك في اتحاده فلا وجوب لأن الأصل عدمه نعم يلزم من رؤيته بالمشرق رؤيته بالمغرب بخلاف العكس فرؤيته بالشام لكونها غربية بالنسبة للمدينة لا تستلزم رؤيته بالمدينة وإذا صمنا بعدل ولم نر الهلال بعد ثلاثين افطرنا وإن كانت السماء مصحبة لكمال العدة اذ الشيء يثبت ضمنا بما لا يثبت ره أصلا بدليل ثبوت النسب والإرث ضمنا للولادة بشهادة النساء عليها كما مر ومن سافر من بلد الرؤية إلى البلد البعيد فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا لأنه صار منهم ومن سافر من البلد الآخر إلى بلد الرؤية عيد معهم وقضى يوما إن صام ثمانية وعشرين يوما وإلا فلا قضاء عليه ومن أصبح معيدا(1/304)
فسارت سفينته إلى بلدة بعيدة أهلها صيام فالأصح أنه يمسك بقية اليوم وتتصور المسألة بأن يكون ذلك اليوم يوم الثلاثين من صوم أهل البلدين لكن المتنقل إليهم لم يروه وبأن يكون التاسع والعشرين من صومهم لتأخر ابتدائه بيوم ورؤية الهلال نهارا لا أثر لها ومن انفرد برؤية هلال شوال لزمه مقتضاها وأخفى فطره لئلايتهم ولا تقبل شهادته بعده لتهمة دفع تعزيره بخلاف ما لو شهد فردت شهادته ثم أكل لا يعزز لعدم التمهة حالة الشهادة ثم شرع في ذكر من يجب عليه صوم رمضان فقال وإنما الفرض أي فرض صوم رمضان على شخص قدر عليه مسلم مكلف أي بالغ عاقل طهر عن حيض ونفاس بخلاف العاجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى له برؤه فلا يجب عليه وتجب عليه الفدية كما سيأتى وبخلاف الكافر فلا يجب عليه وجوب مطالبة به في الدنيا لعدم صحته منه ان وجب عليه وجوب عقاب في الآخرة لتمكنه من فعله بالإسلام ولا قضاء عليه إذا أسلم ترغيبا له فى الأسلام ويلزم المرتد إذا عاد إلى الأسلام قضاء ما فاته في زمن الردة حتى زمن جنونه او أغمائه فيها لالتزامه بالإسلام ويلزم القضاء من تعدى بسكره و بخلاف الصبي والمجنون لعدم تكليفهما ويؤمر به الطفل لسبع إذا أطاقه وميز ويضرب على تركه لعشر كالصلاة بحلاف الحائض والنفساء لعدم صحة الصوم منهما ويجب عليهما قضاء ما فاتهما في زمن الردة والسكر وشرط صوم نفل ومراده بالشرط ما لا بد منه فيشمل الركن كما هنا نية للصوم بالقلب كالصلاة ولخبر إنما الأعمال بالنيات قبل زوالها أي الشمس وأعاد الضمير عليها وإن لم يتقدم لها ذكر للعلم بها لكل يوم وأن لم ينو ليلا لأنه صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله تعالى عنها يوما هل عندكم من غداء قالت لا قال فإنى إذا أصوم قالت وقال لي يوما آخر أعندكم شئ قلت نعم قال إذا أفطر وإن كنت فرضت الصوم رواه الدارقطني وصحح إسناده واختص بما قبل الزوال للخبر إذ الغداء بفتح الغين اسم لما يؤكل قبل الزوال والعشاء اسم(1/305)
لما يؤكل بعده ولأنه ضبوط بين ولإدراك معظم النهار به كما في ركعة المسبوق وهذا جرى على الغالب ممن يريد صوم النفل وإلا فلو نوى قبل الزوال وقد مضى معظم النهار صح صومه والأصح ان صومه من اول النهار حتى يثاب على جميعيه اذ صوم اليوم لا يمكن تبعيضه كما في الركعة بإدراك الركوع فلا بد من إجتماع الشرائط أوله ولو تمضمض ولم يبالغ فسبق الماء جوفه صحت نيته بعده وإنما اشترطت النية لكل يوم لأنه عبادة لتخلل البومين بما يناقض الصوم كالصلاتين يتخللهما السلام وإن يكن صومه فرضا رمضان أو غيره شرطنا نيته أي الفرض حالة كونها قد عينت كقوله من رمضان كما في الصلاة وكمال التعيين فيه ان ينوى صوم غد عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالى وفي الأداء والفرضية في رمضان والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة لكن صحح في المجموع عدم اشتراط نيه الفرضية في رمضان فلو أطلق النية كما لو اقتصر على نية صوم الغد لم يصح وكذا لو أخطأ في التعيين فنوى في رمضان قضاء أو كفارة ولا يشترط تقييد رمضان بالسنة والشهر لإغناء التبييت عنه بل لو أخطأ في صفة المعين فنوى الغد وهو الأحد بظن الأثنين أو رمضان سنته وهى سنة اثنين بظن سنة ثلاث صح بخلاف ما لو نوى الحد ليلة الثنين أو رمضان سنة اثنتين في سنة ثلاث لأنه لم يعين الوقت ولا يشترط التعيين في النفل المؤقت وماله سبب بخلاف الصلاة لأن الصوم في الأيام المتأكد صومها منصرف إليها بل لو نوى به غيرها حصلت كتحية المسجد لأن المقصود وجود صوم فيها ولو كان عليه قضاء رمضانين فنوى صوم غد عن قضاء رمضان جاز وإن لم يعين كونه عن قضاء أيهما لأنه كله جنس واحد وكذا إذا كان عليه صوم نذر من جهات مختلفة فنوى صوم النذر جاز وإن لم يعين نوعه وكذا الكفارات من ليلة أي شرطنا نية الفرض مبينة من ليلة كل يوم وإن كان الناوى صبيا لخبر من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له رواه(1/306)
الدارقطنى وغيره وصححوه وهو محمول على الفرض بقرينة خبر عائشة المار فلا تجزئ النية مع طلوع الفجر لظاهر الخبر ولا تختص بالنصف الثاني من الليل لإطلاقه ولا يضر الأكل أو الجماع ولا يجب تجديدها إذا نام ثم تنبه قبل الفجر ولو شك في تقدمها على الفجر لم يصح صومه لأن الأصل عدم التقدم نعم إن تذكرها بعد ذلك صح وكذا لو نوى ثم شك أطلع الفجر أم لا ولو علم أن عليه صوما وجهل عينه فنوى صوما واجبا صح للضرورة كنظيره من الصلاة وعلم من قوله من ليلة عدم الاكتفاء بنية واحدة من أول الشهر ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه فكان منه وصامه لم يقع عنه للشك في انه منه حال النية فلم تكن جازمة إلا إن اعتقد كونه منه بقول من يثق به ولو عبدا أو أمرأة فإنه يقع عنه عملا بظنه حال نيته وللظن في مثل هذا حكم اليقين فتصبح النية المبنية عليه ولو نوى ليلة ثلاثى رمضان صوم غد منه وإن كان منه أجزأه إن كان منه لأن الأصل بقاؤه ولو اشتبه رمضان على نحو محبوس صام شهرا بالاجتهاد ولا يكفيه صوم شهر بدون اجتهاد وإن وافق رمضان فإن ما فق صومه بالاجتهاد رمضان فذاك واضح وإن وافق ما بعده أجزأه وهو القضاء على الأصح لأنه بعد الوقت فلو نقص وكان رمضان تاما لزمه يوم آخر ولو كان الأمر بالعكس فله إفطار اليوم الأخير إذا عرف الحال ولو وافق صومه شو الاحصل منه تسعة وعشرون إن كمل وثمانية وعشرون إن نقص فإن كان رمضان ناقصا فلا شئ عليه على التقدير الأول ويقضى يوما على التقدير الثانى وإن كان كاملا قضى يوما على التقدير الأول ويومين على التقدير الثاني ولو وافق صومه ذا الحجة حصل منه ستة وعشرون يوما إن كمل وخمسة وعشرون إن نقص فإن كان رمضان ناقصا قضى ثلاثة أيام على التقدير الأول وأربعة على التقدير الثانى وإن كان كاملا قضى أربعة على التقدير الأول وخمسة على التقدير الثانى ولو غلط بالتقديم وادرك رمضان بعد بيان الحال لزمه صومه ولو أدرك(1/307)
بعضه لزمه صومه فإن لم يتبين له الحال إلا بعد رمضان وجب عليه قضاؤه ولو نوت الحائض صوم غد قبل انقطاع دمها ثم انقطع ليلا صح صومها بهذه النية إن تم لها في الليل أكثر الحيض مبتدأة كانت أو معتادة وكذا إن تم لها قدر عادتها التى هى دون أكثر الحيض فإنه يصح صومها بتلك النية لأن الظاهر استمرار عادتها وإن لم يتم لها ما ذكر لم يصح صومها بتلك النية لعدم بنائها على أصل وكذا لو كانت لها عادات مختلفة وبانتفاء مفطر الصوم أي وشرط الصوم كائن بانتفاء مفطر الصيام حيض نفاس ردة الإسلام جنون كل اليوم فعلم أن شرط الصوم من حيث الفاعل النقاء عن الحيض والنفاس والولادة ولو بلا بلل فلا يصح صوم الحائض والنفساء ومن ولدت والإسلام فلا يصح صوم الكافر أصليا أكان أو مرتدا والعقل أي التمييز فلا يصح صوم غير المميز من صبي ومجنون كل اليوم أي يوم الصوم فلو حاضت أو نفست أو ولدت او ارتدا أو جن في أثناء اليوم بطل صومه كالصلاة لكن من ينام جميع يومه فصحح يصح كونه فعل أمر أو ماضيا مبنيا للمفعول الصيام لبقاء أهليته للخطاب بخلاف المغمى عليه إذ النائم يتنبه إذا نبه ولهذا يجب قضاء الصلاة الفائتة به دون الفائتة بالإغماء وإن يفق مغمى عليه بعض يوم الجمعة ولو لحيظة تصغير لحظة يصح منه صوم ات لزمن الإغماء زمن الإفاقة فجعلوا الإغماء لقصوره عن الجنون وزيادته على النوم بينهما في الحكم فإن لم يفق لم يصح صومه ولو شرب دواء ليلا فزال عقله نهارا لم يصح صومه لأنه يفعله ولو شرب المسكر ليلا وصحا في بعض النهار ولم يزل عقله صح كالإغماء وكل عين عطف على قوله حيض أي وشرط الصوم من حيث الفعل كائن بانتفاء كل(1/308)
عين وصلت من الظاهر وإن لم تؤكل عادة كحصاة مسمى جوف وإن لم يحل الغذاء أو الدواء بمنفذ بفتح الفاء مفتوح والباء بمعنى في أومن أو سببية فلا يضر وصول الدهن إلى الجوف بتشرب المسام كما لو طلى رأسه أو بطنه به كما لا يضر اغتساله بالماء وإن وجد له أثرا في باطنه ولا يضر الاكتحال وإن وجد طعم الكحل بحلقه لأنه لا منفذ من العين إلى الحلق وإنما الواصل إليه من المسام وذكر صوما فلا يفطر بالأكل ناسيا وإن كثر ويشترط أيضا كونه مختارا فلا يبطل بالأكل مكرها عليه وإن كثر كالناسي وقصده وصول العين جوفه فلا يضر الإيجار والطعن في الجوف بلا اختيار وإن تمكن من دفع الطاعن إذ لا فعل له ولا وصول ذباب وغربلة دقيق وغبار طريق لعسر تجنبها بل لو تعمد فتح فيه للغبار حتى وصل جوفه لم يضر لأنه معفو عن جنسه ولو خرجت مقعدة المبسور ثم عادت لم يفطر وكذا إن أعادها لاضطراره إليه كما لا يبطل طهر المستحاضة بخروج الدم والجوف المذكور كالبطن والدماغ ثم المثن بضم الميم والثاء المثلثة جمع مثانة المثلثة وهي مجمع البو ودبر وباطن من أذن ووصول العين إلى الأول يحصل بأكل أو شرب أو جائفة وإلى الثاني باستعاط أو مأمومة أو دامغة وإلى الثالث بتقطير في إحليل وإن لم يجاوز الحشفة وإلى الرابع بحقنة أو نحوها وإلى الخامس بنحو التقطير ولا بد أيضا من كونه عالما بالتحريم فلا يفطر بأكل مع جهل تحريمه لقرب عهده بالإسلام أو نشئه ببادية بعيدة عن العلماء ولا ببلع ريقه من معدنه لأنه لا يمكن الاحتراز عنه فلو خرج عن فمه لأعلى لسانه ثم رده إليه وابتلعه أو بل خيطا بريقه ورده إلى فمه كما يعتاد عند الفتل أو الغزل وعليه رطوبة تنفصل وابتلعها أو ابتلع ريقه مخلوطا بغيره أو متنجسا أفطر ولو سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه من باطن أو دماغ فإن بالغ أفطر وإلا فلا لأنه متولد من مأمور به بغير اختيار فلو سبق من نحو رابعة أفطر وغسل الفم من النجاسة كالمضمضة بلا(1/309)
مبالغة والعمد للوطء أي وشرط الصوم انتفاء الوطء عمدا فيفطر بالوطء عمدا ولو بغير إنزال فلا يفطر بالوطء ناسيا أو مكرها أو جاهلا تحريمه بشرطه المار وباستقياء أي تكلف القيء فيفطر بعمده وإن لم يعد منه شيء إلى جوفه فهو مفطر لعينه لا لعود شيء منه بخلاف سهوه كالأكل سهوا وبخلاف غلبة القيء ولو اقتلع نخامة ولفظها لم يفطر لأن الحاجة إليه مما يتكرر فيرخص فيه فلو نزلت من دماغه وحصلت في حد الظاهر من الفم فليقطعها من مجراها وليمجها فإن تركها مع القدرة على ذلك فوصلت الجوف أفطر لتقصيره ولو لم تحصل في حد الظاهر من الفم أو حصلت فيه ولم يقدر على مجها وقطعها لم يضر قال الغزالي ومخرج الحاء المهملة من الباطن والخاء المعجمة من الظاهر قال الرافعي وهو ظاهر لأن المهملة تخرج من الحلق والحلق باطن والمعجمة تخرج مما يلي الغلصمة قال ويشبه أن يكون قدره مما بعد مخرج الحاء من الظاهر أيضا قال النووي والمختار أن المهملة أيضا من الظاهر وعجيب ضبطه بها وهي من وسط الحلق لا بالهاء والهمزة التي كل منهما من أقصاه وأما المعجمة فمن أدناه انتهى أو أخرج المنى باستمناء أي وهو تعمد إخراج المنى بغير جماع فيفطر به إذا كان مختارا عالما بتحريمه عامدا ولو كان بنحو قبلة ولمس ومباشرة فيما دون الفرج لأنه إذا أفطر بالوطء بلا إنزال فبالإنزال بمباشرة فيها نوع شهوة أولى بخلاف خروج المنى بنظر أو فكر أو ضم المرأة إلى نفسه بحائل وإن تكررت الثلاثة بشهوة إذ لا مباشرة كالاحتلام مع أنه يحرم تكريرها وإن لم ينزل ولو لمس شعرها فأنزل لم يفطر وكذا لو حك ذكره لعارض فأنزل لتولده من مباشرة مباحة ولو قبلها وفارقها ساعة ثم أنزل فإن كانت الشهوة مستصحبة والذكر قائما أفطر وإلا فلا ولو أنزل بلمس عضوها المبان لم يفطر هذا كله في الواضح أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال(1/310)
زيادته وسن لصائم فرضا أو نفلا مع علم الغروب للشمس يفطر تقديره أن يفطر كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه بسرعة بتناول المأكول أو المشروب وإلا فقد أفطر بالغروب لخبر لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وخرج بعلم الغروب ظنه فلا يسن إسراع الفطر به ولكنه يجوز وفي الشك فيه فيحرم به وعكسه التسحر أي يسن له تأخير السحور مع علمه ببقاء الليل لخبر لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ويسن للصائم السحور لخبر تسحروا فإن في السحور بركة والسحور بفتح السين المأكول في السحر وبضمها الأكل حينئذ ويدخل وقته بنصف الليل ويحصل بقليل المطعوم وكثيره ولو بجرعة ماء وخرج بعلم بقاء الليل ظنه والشك فيه فالأفضل تركه والفطر بالماء لفقد التمر أي يسن له أيضا الفطر بالتمر ويقدم عليه الرطب ويحصل أصل السنة بتمرة وكمالها بجمع فإن لم يجد ذلك فبالماء والقصد بذلك أن لا يدخل جوفه أو لا ما مسته النار و يسن غسل من أجنب أو انقطع حيضها أو نفاسها قبل الفجر ليلا ليؤدي العبادة من أولها على الطهارة ولا يفسد بتأخيره الصوم وأن يقول عند فطره اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت وأن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة والمشاتمة ونحوها وترك الشهوات التي لا تبطل الصوم كشم الرياحين والنظر إليها ولمسها لما في ذلك من الترفه الذي لا يناسب حكمة الصوم وأن يحترز عن القبلة إن لم تحرك شهوته وإلا فهي في صوم الفرض حرام وأن يكثر الصدقة وتلاوة القرآن في رمضان والاعتكاف فيه لا سيما في العشر الأخير منه ويكره العلك بفتح العين أي مضغه لأنه يجمع الريق فإن ابتلعه أفطر في وجه ضعيف وإن ألقاه عطشه ويكره أيضا مضغ الخبز وغيره إلا إن دعت له حاجة لنحو طفل ليس له من يقوم به أو يمضغ التمر لتحنيكه وذوق للطعام أو غيره خوف وصوله إلى جوفه واحتجام وفصد لأنهما يضعفانه وللخروج من الخلاف في الفطر بهما وما تقرر من كراهتهما هو ما جزم به في الروضة وأصلها لكن جزم في(1/311)
المجموع بأنهما خلاف الأولى قال الأسنوي وهو المنصوص وقول الأكثرين فلتكن الفتوى عليه وهو مقتضى كلام المنهاج وأصله ويكره أن يحجم غيره أيضا كما جزم به المحاملي ومج ماء عند فطر من صيام أي يكره له أن يتمضمض بماء ويمجه عند فطره وأن يشربه ويتقايأه إلا لضرورة وكره بعضهم أن يتمضمض بماء ويمجه أما استياك صائم فرضا أو نفلا بعد الزوال فمكروه على المشهور ومقابله قومه فاختير لم يكره ونقله الترمذي عن الشافعي وبه قال المزني واختاره جماعة منهم النووي وابن عبد السلام وأبو شامة ويحرم الوصال في الصوم نفلا كان أو فرضا وهو أن يصوم يومين أو أكثر ولا يتناول في الليل مطعوما عمدا بلا عذر ذكره في المجموع ومقتضاه أن الجماع ونحوه لا يمنع الوصال وهو ظاهر المعنى لأن تحريم الوصال للضعف وترك الجماع ونحوه لا يضعف بل يقوى لكن قال في البحر هو أن يستديم جميع أوصاف الصائمين وذكر الجرجاني وابن الصلاح نحوه قال وتعبير الرافعي بأن يصوم يومين يقتضى أن المأمور بالإمساك كتارك النية لا يكون امتناعه ليلا من تعاطي المفطر وصالا لأنه ليس بين صومين إلا أن الظاهر أنه جرى على الغالب ه وسنة صيام يوم عرفة لغير الحاج وهو التاسع من ذي الحجة لخبر صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده رواه مسلم وفيه تأويلان أحدهما أن الله يغفر له ذنوب سنتين(1/312)
وثانيهما أن الله يعصمه في هاتين السنتين عن المعصية والمعنى في تكفير هذا سنتين أن الله اختص بصيامه هذه الأمة فأكرموا بتكفير سنتين أن الله اختص بصيامه هذه الأمة فأكرموا بتكفير سنتين بخلاف عاشوراء فإنه شاركهم فيه الأمم قبلهم والمكفر الصغائر كما قاله الإمام ويوم عرفة أفضل أيام السنة أما الحاج فلا يسن له صيامه بل يسن له فطره إلا لمن في الحج حيث أضعفه بخلاف ما إذا يضعفه صومه عن الدعاء وأعمال الحج فيسن له صومه وهذا وجه والأصح أنه يسن له فطره وإن كان قويا ليقوى على الدعاء فصومه له خلاف الأولى وفي نكت التنبيه للنووي أنه يسن صومه لحاج لم يصل عرفة إلا ليلا لفقد العلة وهو محمول على غير المسافر أما هو فيسن له فطره مطلقا ويسن صوم ثامن الحجة احتياطا لعرفة بل يسن صوم عشر ذي الحجة غير العيد وست شوال بعد يوم العيد لخبر من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر رواه مسلم وروى النسائي خبر صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام من شوال بشهرين فذلك صيام السنة وخص شوال بذلك لمشقة الصيام مع تشوف النفس إلى الأكل وصبرها على طول الصوم وحذف تاء التأنيث عند حذف المعدود جائز كما سلكه الناظم تبعا للخبر وبالولاء أولى من تفريقها ومتصلة بيوم العيد أولى من صومها غير متصلة به مبادرة للعبادة و يسن صوم عاشورا ممدود وقصره في النظم وهو عاشر المحرم وتاسوعاء وهو تاسعة لخبر صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله وقال لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع فمات قبله رواهما مسلم ويسن صوم الحادي عشر أيضا وحكمة صوم تاسوعاء مع عاشوراء الاحتياط لعاشوراء ولمخالفة اليهود و يسن صوم الاثنين و كذا يوم الخميس لأنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صومهما وقال تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم والمراد عرضها على الله تعالى وأما رفع الملائكة لها فإنه الليل مرة وبالنهار مرة ولا ينافي ذلك(1/313)
رفعها في شعبان لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام جملة مع أيام بيض أي يسن صومها أيضا وهي الثالث عشر من غير ذي الحجة وتالياه أما منه فيصوم بدله السادس عشر والمعنى أن الحسنة بعشرة أمثالها فصومها كصوم الشهر ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض والحاصل أنه يسن صوم ثلاثة أيام وأن تكون أيام البيض فإن صامها أتى بالسنتين ويسن صوم أيام السود الثامن والعشرين وتالييه فإن نقص الشهر عوض بأول الشهر لأن ليلته كلها سوداء وخصت أيام البيض وأيام السود بذلك لتعميم ليالي الأولى بالنور والثانية بالسواد فناسب صوم الأولى شكرا والثانية لطلب كشف السواد ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل فناسب تزويده بذلك والاحتياط صوم الثاني عشر مع أيام البيض وصوم السابع والعشرين مع أيام السود ويكره إفراد الجمعة وإفراد السبت وإفراد الأحد بالصوم وأما صوم الدهر غير العيدين والتشريق فمكروه لمن خاف به ضررا أو فوات حق ومستحب لغيره وعلى الحالة الأولى حمل خبر مسلم لا صام من صام الأبد وأجزا أي جوز لمن شرع في صوم النفل أو غيره أو في فرض كفاية أن يقطعه بلا قضا لئلا يغير حكم المشروع فيه ولخبر الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر ويقاس بالصوم غيره ويكره له قطع ذلك بلا عذر وإذا قطعه أثيب على ما مضى إن كان بعذر وإلا فلا وإنما وجب إتمام الحج والعمرة لأن نفلهما كفرضهما نية وكفارة وغيرهما وإتمام صلاة الميت والجهاد لئلا تنتهك حرمة الميت ويحصل الخلل بكسر قلوب الجند ولم يجز قطع لما قد فرضا وألف فرضا للإطلاق عينا سواء أكان صوما أم صلاة أم غيرهما أداء كان أم قضاء ولو موسعا لأنه شرع في الفرض(1/314)
ولا عذر له في الخروج منه ومن شرط صوم أيضا قبول اليوم لذلك الصوم وقد أشار إلى ذلك فقال ولا يصح صوم يوم العيد الفطر أو الأضحى لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى ويوم تشريق أي ولا أيام التشريق الثلاثة ولو للمتمتع العادم للهدى لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامها ولأنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ولا ترديد أي ولا يوم شك في أنه من رمضان لأنه غير قابل للصوم بلا سبب كما سيأتي لقول عمار بن ياسر من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أصحاب السنن الأربعة وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وعلقه البخاري وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث الناس برؤية الهلال ليلته ولم يثبت أو شهد به عدد من النساء أو العبيد أو الفساق أو الصبيان وظن صدقهم والسماء مصحية بخلاف ما إذا أطبق الغيم فليس بشك وإن تحدث الناس برؤيته أو شهد بها من ذكر ولا أثر لظننا الرؤيا لولا الغيم نعم من اعتقد صدق من قال إنه رآه ممن ذكر يجب عليه الصوم كما تقدم أول الباب وصحة نية المعتقد لذلك الباب ومحل عدم قبوله للصوم إذا كان بغير سبب وإلا فيصح صومه كما أشار إليه بقوله لا أن يوافق عادة له كمن يسرد الصوم أو يصوم يوما معينا كالاثنين والخميس فوافق أحدهما فيصح صومه نظرا للعادة ولخبر لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه وتقدموا أصله تتقدموا بتاءين حذفت منه إحداهما تخفيفا أو نذرا أي إلا أن يوافق نذرا بأن صامه عن نذر أي أو قضاء أو كفارة فإنه يصح صومه قياسا على الورد ولا يشكل الخبر بخبر إذا انتصف شعبان فلا تصوموا لتقدم النص على الظاهر وسواء في القضاء الفرض والنفل ولا كراهة في صومه لورد وكذا الفرض فلو أخر صوما ليوقعه يوم الشك فقياس كلامهم في الأوقات المكروهة تحريمه وعدم انعقاده ولا خلاف في أنه لا يجوز صومه احتياطا لرمضان أو وصل الصوم بصوم مرا والألف للإطلاق أي يصح صومه(1/315)
إذا وصله بما قبل نصف شعبان بخلاف ما إذا وصله بما بعده فلا يصح صومه لأنه إذا انتصف شعبان حرم الصوم بلا سبب إن لم يصله بما قبله ولا يصح صوم شيء من رمضان عن غيره ولو في سفر أو مرض لتعين الوقت له فلو لم يبيت النية فيه ثم أراد أن يصومه نفلا لم يصح بل يلزمه الإمساك والقضاء ولو نذر صوم يوم معين قبل غير النذر يكفر وجوبا المفسد صوم يوم من رمضان وإن انفرد برؤية هلاله إن يطأ بإدخال الحشفة ولو بحائل في قبل أو دبر أو بهيمة وإن لم ينزل مع إثم أي أثم به بسبب الصوم لخبر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما أهلكك قال واقعت امرأتي في رمضان قال هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا ثم جلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر والعرق بالفتح مكتل ينسج من خوص النخل فقال تصدق بهذا فقال على أفقر منا يا رسول الله فوا الله لأبتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال اذهب فأطعمه أهلك ويؤخذ منه أن محل عدم أكل المكفر من كفارته إذا كفر عن نفسه فإن كفر عنه غيره وأذن المكفر في إطعام أهله منه جاز وخرج بالمفسد غيره كمن جامع ناسيا أو مكرها أو جاهلا بشرطه وبالصوم غيره من سائر العبادات وبرمضان غيره كقضاء ونذر وكفارة لورود النص في رمضان وهو مختص بفضائل لا يشاركه فيها غيره إذ هو سيد الشهور وبالجماع غيره كاستمناء وأكل لورود النص في الجماع وهو أغلظ من غيره وبقوله مع إثم ما إذا لم يأثم به كجماع المسافر والمريض بنية الترخص والصبي ومن ظن الليل وقت جماعه فبان نهارا فبان نهارا أو من جامع عامدا بعد أكله ناسيا وظن أنه أفطر به وإن كان الأصح(1/316)
بطلان صومه بالجماع وبقولنا بسبب صومه ما لو أفسد المسافر والمريض صومهما بالزنا أو بغيره لكن بغير نية الترخص فإن إثمهما ليس للصوم بل له مع عدم نية الترخص في الثانية وللزنا في الأول فلا تجب الكفارة لأن الإفطار مباح فيصير شبهة في درئها والكفارة الواجبة بالجماع المذكور مرتبة كمثل كفارة من ظاهر كما سيأتي الكلام عليها في باب الظهار وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا والكفارة على الواطىء لا على المرة لغة في المرأة وإن كانت صائمة وبطل صومها إذ لم يؤمر بها إلا الرجل المواقع مع الحاجة إلى البيان ولنقصان صومها بتعرضه للبطلان بعروض الحيض أو نحوه فلم تكمل حرمته حتى تتعلق به الكفارة ولأنها غرم مالى يتعلق بالجماع فيختص بالرجل الواطىء كالمهر فلا تجب على االموطوءة ولا على الرجل الموطوء في دبره وأورد على الضابط ما لو طلع الفجر وهو مجامع فاستدام فإنه تلزمه الكفارة مع انه لا إفساد إذ هو فرع الانعقاد ولم ينعقد و ما لو جامع معذور امرأته فإنه لا كفارة بإفساد صومها كما مر وما لو جامع شاكا في الغروب فإنه لا كفارة وإن بان له الحال للشبهة كما في التهذيب وأجيب عن الأولى لأنها مفهومة من الضابط بالمساواة وعن الثانية بمنع صدق الضابط إذ محله في إفساد صومه ولأن المفسد لصومها هي بتمكينها لا الوطء مع أنها إذا مكنت ابتداء إنما يبطل صومها بدخول بعض الحشفة باطنها لا بالجماع وعن الثالثة بأن الكلام تعريفه السياق فيما إذا علم حالة الجماع بأنه وطىء وهو صائم وكررت وجوبا لكفارة إن الفساد كرره بأن جامع في يومين ولو من رمضان واحد وإن لم يكفر عن الأول إذ كل يوم عبادة برأسها فلا تتداخل كفارتهما كالحجتين إذا جامع فيهما بخلاف الحدود المبنية على التساقط وبخلاف ما إذا تكرر الجماع في يوم واحد لعدم تكرر الفساد وحدوث السفر بعد الجماع لا يسقط الكفارة وكذا المرض لأنهما لا ينافيان الصوم(1/317)
فتتحقق هتك حرمته ويجب معها قضاء يوم الإفساد وتستقر في ذمة العاجز عنها كجزاء الصيد لأن حقوق الله المالية إذا عجز عنها وقت وجوبها فإن كانت بغير سبب من العبد كزكاة الفطر لم تستقر في ذمته وإن كانت بسبب منه استقرت في ذمته سواء أكانت على وجه البدل كجزاء الصيد وفدية الحلق أم لا ككفارة الظهار والقتل والجماع واليمين ودم التمتع والقران ولازم بالموت دون صوم بعد تمكن من قضاء رمضان أو صوم الكفارة أو النذر ولم يصم في تركته لكل يوم مد طعام غالب في القوت من أرض وجوبه وجنسه جنس الفطرة سواء أترك الأداء بعذر أم بغيره لخبر من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا وأفهم كلامه عدم الصوم عنه وهو الجديد لأنه عبادة بدنية لا تدخلها النيابة في الحياة فكذلك بعد الموت كالصلاة وفي القديم يجوز لوليه أن يصوم عنه وصححه النووي وصوبه بل قال يسن له ذلك لخبر الصحيحين من مات وعليه صيام صام عنه وليه والمراد بالولي مطلق القرابة لخبر مسلم إن امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها قال صومي عن أمك وهو يبطل اعتبار ولاية المال والعصوبة ولو صام عنه ثلاثون بالإذن في يوم واحد أجزأ كما قاله الحسن البصري وكالولي في ذلك مأذونه ومأذون الميت أما من مات قبل تمكنه من قضاء الصوم كأن مات عقب رمضان أو استمر به العذر إلى موته فلا فدية عليه إن فاته الصوم بعذر وإلا فكمن مات بعد تمكنه منه ومصرف المدهنا وفيما يأتي الفقراء أو المساكين لأن المسكين ذكر في الآية والخبر والفقير أسوأ حالا منه أو داخل فيه على ما هو المعروف من أن كلا منهما منفردا يشمل الآخر وله صرف إمداد إلى شخص واحد ولا يجوز صرف مد منها إلى شخصين لأن كل مد كفارة ومد الكفارة لا يعطي أكثر من واحد ومن أخر قضاء رمضان مع تمكنه حتى دخل رمضان آخر(1/318)
لزمه مع القضاء لكل يوم مد بمجرد دخول رمضان والأصح تكرر بتكرر السنين وأنه لو أخر مع تمكنه منه فمات أخرج من تركته لكل يوم مد للفوات ومد للتأخر وجوز يصح كونه أمرا وماضيا مبنيا للفاعل أو للمغعول الفطر من الصوم الواجب لخوف موت على نفسه أو غيره كأن رأى غريقا لا يتمكن من إنقاده إلا بفطرة والتعبير بالجواز لا ينافيه تصريح الغزالى وغيره بوجوب الفطر بذلك لأنه يجامعه أو خوف مرض وهو ما مر بيانه في التيمم لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر أي فأفطر فعدة من أيام أخر ثم أن أطبق المرض كان له ترك النية وإن كان يحن تارة وينقطع أخرى فإن كان ذلك وقت الشروع فله تركها وإلا فعليه أن ينوى فإن عادو احتاج إلى الإفطار ومن غلبه الجوع أو العطش فحكمه حكم المريض وسفر أي يجوز الفطر أيضا من الصوم الواجب لسفر إن يطل وهو سفر القصر وكان مباحا ثم إن تضرر به فالفطر أفضل وإلا فالصوم أفضل لقوله تعالى وأن تصوموا خير لكم ولبراءة الذمة وفضيلة الوقت نعم إن شك في جواز الفطر به أو كره الأخذ به أو كان ممن يقتدى به فالفطر أفضل وخرج بالسفر المذكور السفر القصير وسفر المعصية ولو أصبح المقيم صائما فمرض أفطر وإن سافر فلا تغليبا للحضر ولو أصبح المريض والمسافر صائمين ثم أراد الفطر جاز لهما لدوام عذرهما ولم يكره فلو أقام المسافر وشفي المريض حرم عليكما الفطر لزوال عذرهما وكل من أفطر بعذر أو غيره لزمه القضاء سوى صبى ومجنون وكافر أصلى فيقضى المريض والمسافر والحائض والنفساء ومن ولدت ولدا جافا وذو إغماء وسكر استغرقا والمجنون زمن سكره ويقضى المرتد زمن جنونه ويندب للمرتد حتى زمن التتابع في القضاء ولو بلغ الصبي بالنهار مفطرا أو أفاق المجنون فيه أسلم الكافر فيه فلا قضاء عليهم لأن ما أدركوه منه لا يمكن صومه ولم يؤمروا بالقضاء ولا يلزمهم إمساك بقية النهار ويلزم الإمساك من تعدى بالفطر أو نسى النية لأن نسيانه يشعر بترك اهتمامه(1/319)
بالعبادة فهو ضرب تقصير وكذا من أكل يوم الشك ثم ثبت كونه من رمضان بخلاف مسافر أو مريض زال عذره بعد الفطر او قبله ول ينو ليلا وإمساك بقية اليوم من خواص رمضان بخلاف النذر والقضاء والكفارة وخوف مرضع على الرضيع وإن لم يكن ولدها وذات حمل منه على نفسها وخدهما أو مع ولديهما يبيح الفطر من الصوم الواجب ضرا بدا أي ظهر بأن يبيح التيمم ويوجب فطرهما القضاء عليهما دون الافتدا أي الفدية كالمريض ومفطر لهرم أي كبر لا يطيق معه الصوم أو تلحقه به مشقة شديدة يجب عليه لكل يوم مد طعام وكذا من لا يطيقه لمرض لا يرجى برؤه كما مر بلا قضاء صوم والمد واجب ابتداء فلو قدر بعد الصوم لم يلزمه القضاء ولا ينعقد نذره الصوم و لو عسر بالفدية استقرت في ذمته كما مر أما استقرارها كالقضاء في حق المريض والمسافر فمقتضى النظم كأصله والروضة وأصلها الاستقرار لكن قال في المجموع ينبغي تصحيح سقوطها لأنها ليست في مقابلة جناية بخلاف الكفارة والمد والقضا بالقصر لازم لذات الحمل او مرضع أي لكل منهما إن خافتا للطفل واللام في للطفل تعليليه أو بمعنى على والضر المخوف هنا معلوم من المرض نعم المتحيرة لا فدية عليها لاحتمال كونها حائضا ويؤخذ من العلة أن محله إذا أفطرت ستة عشر يوما فأقل أما إذا زادت عليها فيلزمها الفداء عن الزائد لأنه المتيقن فيه طهرها بدليل أنه لا يصح لها من رمضان التام إلا(1/320)
أربعة عشر يوما ولا تتعدد الفدية بتعدد الولد ويلحق بالمرضع في لزوم الفدية مع القضاء من أفطر لانقاد مشرف على هلاك بغرق أو غيره لأنه فطر ارتفق به شخصان فيتعلق به بدلان القضاء والفدية كما في الحامل والمرضع ولو أفطر لانقاد مال محترم غير حيوان فلا فدية ومراد الرافعى في المحتاج إلى الفطر لانقاد المذكور بأن له ذلك أنه واجب عليه باب الاعتكاف هو لغة اللبث والحبس والملازمة على الشئ خيرا كان أو شرا وشرعا لبث شخص مخصوص في مسجد بنية والأصل فيه الاجماع والأخبار وهو من الشرائع القديمة وأركانه لبث ونية ومعتكف ومعتكف فيه كما يعلم من كلامه سن الاعتكاف كل وقت لا يجب إلا بالنذر وهو في العشر الأخيرة من رمضان أفضل منه في غيره طلبا لليلة القدر التى هي خير من الف شهر وميل الشافعى إلى أنها ليلة الحادى أو الثالث والعشرين وتلزم ليلة بعينها وهى باقية إلى يوم القيامة وعلاماتها انها ليلة طلقة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها بيضاء ليس لها شعاع ويسن لمن رآها كتمها وأن يكثر فيها من قول اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى وأن يجتهد في يومها كليلتها ويحصل أصل فضلها لمن صلى العشاء والصبح في جماعة وإن لم يعلمها وإنما يصح الاعتكاف إن نوى في ابتدائه كالصلاة لأنها تميز العبادة عن العادة وإن في كلامه شرطية أو مصدرية اي بأن نوى ويتعرض في نذره للفرضية أو النذر ليمتاز عن النفل وإذا أطلق الاعتكاف كفت نيته وإن طال مكثه نعم لو خرج من المسجد ولو لقضاء الحاجة ولم يكن قدر زمنا لاعتكافه احتاج إلى أستئناف النية لأن ما مضى عبادة تامة والثانى اعتكاف جديد إلا أن يعزم عند خروجه على العود فلا يجب تجديدها وأن طال زمن خروجه ووجد منه منا في الاعتكاف لا منافى النية ويصير كنية المدتين ابتداء كما في زيادة عدد ركعات النافلة ولو نوى مدة كيوم أو شهر فخرج فيها وعاد فإن خرج لغير قضاء الحاجة لزمه استئناف النية وإن لم يطل الزمان لقطعه(1/321)
الاعتكاف أولها فلا يلزمه وأن طال الزمان لأنها لا بد منها فهى كالمستثنى عند النية ولو نذر مدة متتابعة فخرج لعذر لا يقطع التتابع وعاد لم يجب استئناف النية لشمولها جميع المدة أو لعذر يقطع التتابع كعيادة المريض وجب استئنافها عند العود بالمسجد متعلق بقوله نوى أى إنما يصح الاعتكاف في المسجد للاتباع وللاجماع ولقوله تعالى ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد إذ ذكر المساجد لا جائز أن يكون لجعلها شرطا في منع مباشرة المعتكف لمنعه منها وإن كان خارج المسجد ولمنع غيره أيضا منها في المسجد فتعين كونها شرطا لصحة الاعتكاف وليس لنا عبادة تتوقف صحتها على مسجد إلا التحية والاعتكاف والطواف ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين وكذا مسجد المدينة والمسجد الأقصى إذا عينهما في نذره تعينا فلا يقوم غيرها مقامها لمزيد فضلها فقد قال صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى ويقوم المسجد الحرام مقامها ولا عكس لمزيد فضله عليهما ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس لأن مسجد المدينة أفضل من المسجد الأقصى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدى هذا أفضل من الف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا رواه أحمد وصححه ابن ماجه ولو عين زمن الاعتكاف في نذرة تعين على الصحيح فلا يجوز التقديم عليه ولو تأخر كان قضاء المسلم فاعل نوى أي شرط المعتكف الإسلام أى والعقل والنقاء عن حيض ونفاس وجنابة ولو صبيا ورقيقا وزوجة لكن يحرم بغير إذن السيد والزوج فلهما إخراجهما منه وكذا من تطوع أذنا فيه نعم للمكاتب أن يعتكف بغير إذن سيده إذ لا حق له في منفعته كالحر وكذا للرقيق إذا اشتراه سيده بعد نذره اعتكاف زمن معين بإذن بائعه وقياسه(1/322)
في الزوجة كذلك والمبعض إن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة فكالرقيق وإلا فهو في نوبته كالحر وفي نوبة سيده كالرقيق وخرج بالمسلم الكافر وبالعاقل المجنون والسكران والمغمى عليه والصبي غير المميز فلا يصح اعتكافهم إذ لا نية لهم وبالنقاء عما ذكر الحائض والنفساء والجنب فلا يصح اعتكافهم لحرمة المكث في المسجد عليهم بعد أن ثوى بالمثلثة أي أقام يقال ثوى يثوى مثل مضى يمضى إذ لا بد لصحة الاعتكاف من لبث في مسجد لو لحظة ومترددا قدر ما يسمى عكوفا أي إقامة لإشعار لفظه به وذلك بأن يزيد على قدر طمأنينة الصلاة فلا يكفى مجرد عبوره ولا أقل ما يكفى في طمأنينة الصلاة وسن يوما يكمل خروجا من خلاف القائل بأن الصوم شرط في صحته وجامع أفضل من بقية المساجد للخلاف ولكثرة الجماعة وللاستغناء عن الخروج للجمعة بل يتعين فيما لو نذر اعتكاف مدة متتابعة تتخللها جمعة وهو من أهلها لأن الخروج لها يقطع التتابع و الاعتكاف بالصيام أفضل منه بدونه لما مر وإذا نذر مدة متتابعة لزمه التتابع لأنه وصف مقصود ويلزمه اعتكاف الليالي المتخللة بينها ولا يجب بدون شرط وفارق ما لو حلف لا يكلم زيدا شهرا بأن المقصود في اليمين الهجران ولا يتحقق بدون التوالي ولو نوى التتابع ولم يتلفظ به لم يلزمه كما لو نذر أصل الاعتكاف بقلبه ويخرج من عهدة التفريق بالتتابع لأنه أفضل لو ونذر يوما لم يجز تفريق ساعاته لأنه المفهوم من لفظ اليوم المتصل ولو نذر مدة متتابعة وفاتت لزمه التتابع في قضائها وإذا ذكر التتابع وشرط الخروج لعارض مباح مقصود غير مناف صح الشرط فإن عين العارض خرج لما عينه دون غيره وإن كان أهم وإن أطلق فقال لا أخرج إلا لعارض أو شغل خرج لكل شغل ديني كالعبادة أو دنيوي مباح كلقاء السلطان وليست النزهة من الشغل ولو نذر اعتكافا وقال إن اخترت جامعت أو إن اتفق لي جماع لم ينعقد نذره ويلزمه العود بعد قضاء الشغل ولا يجب قضاء الزمن المصروف لعارض إن عين المدة(1/323)
كهذا الشهر لأن النذر في الحقيقة لما عداه وإلا فيجب تداركه لتتم المدة وتكون فائدة الشرط تنزيل ذلك العارض منزلة قضاء الحاجة في أن التتابع لا ينقطع به وأبطلوا أي العلماء الاعتكاف إن نذر التوالي فيه بالوطء وإن لم ينزل إن كان ذكرا عالما بتحريم الجماع فيه مختارا سواء أجامع في المسجد أم عند الخروج منه لقضاء الحاجة لانسحاب حكم الاعتكاف عليه حينئذ وبالمباشرة بشهوة كالوطء فيما دون الفرج واللمس والقبلة مع الإنزال لزوال الأهلية بمحرم كالصوم فإن لم ينزل أو أنزل بنظر أو فكر أو لمس بلا شهوة أو احتلام لم يبطل اعتكافه ومحل ذلك في الواضح أما المشكل فلا يضر وطؤه وإمناؤه بأحد فرجيه لاحتمال زيادته كالصوم ويبطل أيضا بالخروج من المسجد من غير عذر وإن قل زمنه لمنافاته اللبث حيث كان عامدا عالما مختارا لا بخروج منه بالنسيان وإن طال زمن خروجه أو الإكراه ولا يضر إخراج بعض أعضائه كرأسه أو يده أو إحدى رجليه أو كلتيهما وهو قاعد ماد لهما لأنه لا يسمى خارجا فإن أخرج إحداهما واعتمد عليها وحدها ضر بخلاف ما لو اعتمد عليهما أو لقضاء حاجة الإنسان من بول أو غائط لأنه لابد منه فهو كالمستثنى أولا ولا يضر بعد داره عن المسجد مالم يفحش بعدها منه فيضر إذ قد يأتيه البول إلى أن يرجع فيبقى طول يومه في الذهاب والرجوع ويستثنى ما إذا لم يجد في طريقه موضعا لقضاء حاجته أو كان لا يليق به قضاؤها في غير داره فلا ينقطع حينئذ ولا يكلف فعلها في سقاية المسجد لما فيه من خرم المروءة ولا بدار صديقه بجوار المسجد للمنة والظاهر كما قاله الأذرعي أن من لا يحتشم السقاية لا يجوز له مجاوزتها(1/324)
كتاب الحج والعمرة إلى منزله ولو كان له منزلان لم يفحش بعدهما تعين أقربهما لاستغنائه عن أبعدهما ولو عاد مريضا أو صلى على جنازة في طريقه لقضاء الحاجة لم ينقطع ما لم يطل وقوفه أو يعدل عن طريقه ولو كثر خروجه لقضاء الحاجة لعارض اقتضاه لم ينقطع التتابع نظرا إلى جنسه ولا يكلف في الخروج الإسراع بل يمشي على سجيته المعهودة وإذا فرغ منها واستنجى فله أن يتوضأ خارج المسجد لأنه تبع لها بخلاف ما لو خرج له مع إمكانه في المسجد فإنه يقطع في الأصح أو مرض شق مع المقام بضم الميم الإقامة أي لا ينقطع التتابع للخروج لمرض شق معه المقام أي الإقامة في المسجد سواء أكان ذلك للحاجة إلى الفراش والخادم وتردد الطبيب أم لخوف تلويث المسجد منه كالإسهال وإدرار البول بخلاف الحمى الخفيفة والصداع ونحوهما وفي معنى المرض الجنون والإغماء اللذان يشق معهما المقام فيه والحيض أي لا ينقطع التتابع بخروج المرأة لحيض وقد طالت مدة الاعتكاف بأن كانت لا تخلو عنه غالبا كشهر لكونها معذورة فتبنى على المدة الماضية إذا طهرت كما لو حاضت في صوم الشهرين عن الكفارة فإن كانت بحيث تخلو عنه انقطع لأنها بسبيل من أن تشرع في الاعتكاف عقب طهرها منه فتأتي به زمن الطهر والنفاس كالحيض وفي حكمهما كل ما لا يمكن معه اللبث في المسجد من النجاسات كدم وقيح والغسل من احتلام أي لا ينقطع التتابع بخروجه للغسل من الاحتلام وإن أمكن اغتساله في المسجد من غير لبث لأن الخروج أقرب إلى المروءة والصيانة للمسجد لحرمته ويلزمه أن يبادر به لئلا يبطل تتابع اعتكافه والأكل أي لا ينقطع أيضا بخروجه للأكل لأنه يستحيا منه في المسجد والشرب عند العطش ولم يجد الماء في المسجد أو لم يمكنه الشرب فيه فإن أمكنه الشرب فيه لم يجز الخروج له فإن خرج له التتابع لأنه لا يستحيا منه فيه ولا يخل بالمروءة أو الأذان من راتب بمنارة للمسجد منفصلة عنه وعن رحبته قريبة منهما لإلفه صعودها للأذان(1/325)
وإلف الناس صوته بخلاف خروج غير الراتب للأذان وخروج الراتب لغير الأذان أو للأذان لكن بمنارة ليست للمسجد أو له لكن بعيدة عنه وعن رحبته أما التي بابها في المسجد أو في رحبته فلا يضر صعودها للأذان ولا لغيره كسطح المسجد وسواء أكانت في نفس المسجد أم الرحبة أم خارجة عن سمت البناء وتربيعه والخوف من سلطان أي لا ينقطع الاعتكاف بالخروج للخوف من سلطان ظالم أو نحوه وإن طال استتاره وفهم من كلامه أنه لا ينقطع التتابع بالخروج مكرها وهو كذلك نعم إن خرج مكرها بحق مطل به قطع لتقصيره بعدم الوفاء كتاب الحج والعمرة وهو بفتح الحاء وكسرها لغة القصد وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي بيانه والعمرة لغة الزيارة وشرعا قصد الكعبة للنسك الآتي بيانه الحج فرض على المستطيع للإجماع ولقوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ولقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله أي ائتوا بهما تامين ولخبر بني الإسلام على خمس وخبر مسلم عن أبي هريرة خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل يا رسول الله أكل عام فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت ذلك لوجبت ولما استطعتم والحج مطلقا إما فرض عين وهو ما هنا أو فرض كفاية وقد ذكر في السير أو تطوع وأشكل تصويره وأجيب بأنه يتصور في العبيد والصبيان لأن الفرضين لا يتوجهان عليهم وبأن في حج من ليس عليه فرض عين جهتين جهة تطوع من(1/326)
حيث إنه ليس عليه فرض عين وجهة فرض كفاية من حيث إحياء الكعبة وفيه كما قاله الزركشي التزام السؤال إذ لم يخلص لنا حج تطوع على حدته وكذاك العمرة فرض على المستطيع لقوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله أي ائتوا بهما تامين ولا يغنى عنها الحج وإن اشتمل عليها ويفارق الغسل حيث يغنى عن الوضوء بأن الغسل أصل إذ هو الأصل في حق المحدث وإنما حط إلى الأعضاء الأربعة تخفيفا فأغنى عن بدله والحج والعمرة أصلان لم يجبا في العمر غير مرة واحدة ووجوبهما أكثر من مرة بنذر أو قضاء عارض ووجوبهما على التراخي وتضيقهما بنذر أو بخوف عضب أو بقضاء لزمه عارض ثم جواز تأخيرهما وكل واجب موسع مشروط بالعزم على الفعل في المستقبل وشرط صحه كل منهما الإسلام فقط فللولي في المال أن يحرم عن الصبي أو المجنون ويصح إحرام المميز بإذن وليه وإنما تصح مباشرته من مسلم مميز وإنما يقع عن فرض الإسلام بالمباشرة إذا باشره المكلف الحر فيجزىء من الفقير دون الصبي والرقيق إذا كملا بعده وإنما يلزم حرا دون الرقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا أو أم ولد لنقصه مسلما فلا يجبان على كافر وجوب مطالبة في الدنيا وإن وجب عليه وجوب عقاب في الآخرة حتى لو استطاع حالة كفره ثم أسلم وهو معسر لم يجب عليه إلا أن يكون مرتدا فيستقر في ذمته باستطاعته في الردة كلف فلا يجبان على صبي لرفع القلم عنه ذا استطاعة أي يعتبر في لزومهما الاستطاعة لقوله تعالى من استطاع إليه سبيلا وهي نوعان استطاعة مباشرة واستطاعة تحصيلهما بغيره وقد ذكر الناظم الأولى بقوله لكل ما يحتاج من مأكول أو مشروب بدرج الهمزة للوزن أي وملبوس وأوعيتهما حتى السفرة التي يأكل عليها في ذهابه وإيابه إلى رجوعه إلى وطنه وإن لم يكن له به أهل وعشيرة لما في الغربة من الوحشة وانتزاع النفوس إلى الأوطان فلو لم يجد ما ذكر لكن كان يكسب في سفره ما يفي بمؤنته وسفره طويل أي مرحلتان فأكثر لم يكلف الحج لأنه قد ينقطع عن الكسب(1/327)
لعارض وبتقدير أن لا ينقطع عنه فالجمع بين تعب السفر والكسب تعظم فيه المشقة وإن قصر سفره وهو يكسب في يوم كفاية ستة أيام كلف الحج بأن يخرج له لقلة المشقة فيه بخلاف ما إذا كان لا يكسب في يوم إلا كفاية يومه فلا يلزمه لأنه قد ينقطع عن كسبه في أيام الحج فيتضرر ومن مركوب لاق به بأن يصلح لمثله ويثبت عليه ويكون شراؤه بثمن مثله أو استئجاره بأجرة مثله هذا إن كان بينه وبين مكة مرحلتان أو دونهما وضعف عن المشي وسواء أقدر الأول على المشي أم لا وركوبه أفضل من مشيه لكن يندب له الركوب على القتب والرحل دون المحمل والهودج فإن لحقه بالركوب مشقة شديدة اشترط وجود محمل وشريك يجلس في الشق الآخر فإن فقد الشريك لم يلزمه الحج وإن وجد مؤنة المحمل بتمامه ولو لحقه مشقة عظيمة في ركوب المحمل اعتبر في حقه الكنيسة أما المرأة فيعتبر في حقها المحمل مطلقا لأنه أستر لها وأما من بينه وبين مكة دون مرحلتين وهو قوي على المشي فيلزمه الحج ولا يعتبر في حقه وجود المركوب ولا بد فيما مر من كونه فاضلا عن دينه ومؤنة ممونه مدة ذهابه وإيابه وسواء أكان الدين حالا أم مؤجلا إذ وفاء الأول ناجز والحج على التراخي وأما الثاني فلأنه إذا صرف ما معه للحج فقد لا يجد ما يقتضيه منه بعد حلوله وقد تخترمه المنية فتبقى ذمته مرتهنة ولو كان ماله في ذمة إنسان فإن أمكنه تحصيله في الحال فكالحاصل وإلا فكالمعدوم ولا بد من كونه فاضلا عن مسكنه ورقيق يحتاج إليه لخدمته لزمانته أو منصبه ومحل ذلك إذا كانت الدار مستغرقة لحاجته وكانت سكنى مثله والرقيق رقيق مثله وأما إذا أمكن بيع بعض الدار والرقيق ووفى ثمنه بمؤنة الحج أو كانا نفيسين لا يليقان بمثله ولو(1/328)
أبدلهما لو في التفاوت بمؤنة الحج فإنه يلزمه ذلك جزما ولا يلزم أن تأتى في النفيسين المألوفين الخلاف فيهما في الكفارة لأن لها بدلا ويلزمه صرف مال تجارته فيما ذكر وفارق المسكن والرقيق باحتياجه لهما حالا وهذا يتخذ ذخيرة للمستقبل ولو كان له مستغلات يحصل له منها نفقته لزمه بيعها وصرفها فيما ذكر نعم الفقيه لا يلزمه بيع كتبه في الحج إلا أن يكون له بكل كتاب نسختان فيلزمه بيع إحداهما فإن كانت وجيزة والأخرى مبسوطة أبقى الثانية وباع الأولى إن كان متعلما فإن كان معلما أ أبقاهما ولو خاف العنت إن لم ينكح وملك ما يمكنه صرفه له أو للحج كان صرف المال إلى النكاح أهم ويجب عليه الحج لأن النكاح من الملاذ فلا يمنع وجوبه وخيل الجندي وسلاحه ككتب الفقيه بشرط أمن الطرق ظنا بحسب ما يليق به فلو خاف في طريقه على نفسه أو ماله سبعا أو عدوا او رصديا وهو من يأخذ مالا على المراصد ولا طريق له سواه لم يجب عليه الحج وأن كان ما يأخذه يسيرا ويكره بذل المال لهم لأنه يحرضهم على التعرض للناس نعم إن كان الباذل الأمام او نائبه وجب الحج وسواء أكان من يخافهم مسلمين أم كفارا لكن إن كانوا كفارا وأطاقوا مقاومتهم استحب لهم الخروج للحج ويقاتلونهم لينالوا ثواب الحج والجهاد وإن كانوا مسلمين لم يستحب الخروج والقتال ولو كان له طريق آخر آمن لزمه سلوكه وإن كان أبعد من الأول إذا وجد ما يقطعه به وكما يعتبر الأمن يعتبر الخاص حتى لو كان الخوف في حقه وحده لم يقض من تركته خلافا للسبكى ومن تبعه ويجب ركوب البحر إن تعين طريقا وغلبت السلامة كسلوك طريق البر عند غلبتها فإن غلب الهلاك أو استوى الأمر إن حرم ركوبه ولا يلحق به الأنهار العظيمة كجيحون لأن القيام فيه لا يطول وخطره لا يعظم وتلزمه أجرة الخفارة لأنها من أهبته فلا بد من قدرته عليها ويشترط وجود الزاد والماء في المواضع المعتاد حمله منها بثمن المثل وهو القدر اللائق به في ذلك المكان(1/329)
والزمان فلو لم يوجد بها لخلوها من أهلها وانقطاع الماء أو كان يوجد بها بأكثر من ثمن المثل لم يجب الحج ويشترط وجود علف الدابة في كل مرحلة لأن المؤنة تعظم بحمله لكثرته نعم يعتبر في ذلك العادة كالماء كما بحثه في المجموع ويشترط في حق المرأة خروج زوج معها أو محرم أو نسوة ثقات أو عبدها الأمين لتأمين على نفسها ولا يشترط وجود محرم أو زواج لإحداهن لأن الأطماع تنقطع بجماعتهن وتلزمها أجرة المحرم إن لم يخرج إلا بها لأنه من أهبة سفرها فيشترط في وجوب الحج عليها قدرتها على أجرته وأجرة الزوج كأجرة المحرم والمتجه كما في المهمات الاكتفاء باجتماع امرأتين معها ثم اعتبار العدد إنما هو بالنسبة للوجوب وإلا فلها الخروج مع الواحد لفرض الحج والخنثى المشكل يعتبر في حقه من المحرم ما يعتبر في المرأة وسيأتى جواز خلوة رجل بنسوة ثقات لا محرم له فيهن فالخنثى أولى ويشترط في حق الأعمى مع ما مر وجود قائد له وهو كالمحرم في حق المرأة والمحجور عليه بسفة كغيره لكن لا يدفع المال إليه لتبذيره بل يخرج معه الوالى أو ينصب له شخصا ينفق عليه في الطريق المعروف واجرته كأجرة المحرم ويدخل في شرط أمن الطريق وجود رفقة يخرج معهم على العادة فإن كانت الطريق بحيث لا يخاف الواحد منها فلا حاجة إلى الرفقة ويمكن المسير في وقت بقى أي بشرط إمكان السير وهو أن يبقى بعد لاستطاعة زمن يمكن فيه السير إلى الحج السير المعهود فلو أحتاج إلى أن يقطع كل يوم أو في بعض الأيام أكثر من مرحلة لم يلزمه فإمكان السير شرط لوجوب الحج وقال ابن الصلاح إنما هو شرط لاستقراره في ذمته فيجب قضاؤه من تركته ولو مات قبل الحج إنما وجبت الصلاة بأول الوقت قبل مضى زمن يسعها وتستقر في الذمة بمضى زمن التمكن من فعلها لإمكان تتميمها خارج الوقت النوع الثانى استطاعة تحصيله بغيره فالعاجز عن الحج بالموت أو عن الركوب إلا بمشقة شديدة لكبر أو زمانه يحج عنه ويجب على المعضوب أن(1/330)
يستأجر من يحج عنه ولو أجبرا ما شيا بأجرة المثل حيث وجدها فاضلة عن دينه ومسكنه وخادمه وكسوته ونفقته لكن اليوم الاستئجار فقط ولو
وجد دون الأجرة رضى بها لزمه ويشترط لاستنابة المعضوب أن يكون بينه وبين مكة مر حلتان ولو بذل ولده أو اجنبي ما لا للأجرة لم يجب قبوله للمنة الثقيلة ولو بذل ولده الطاعة في الحج وجب قبوله بالإذن له وكذا الأجنبي والمنة في ذلك ليست كالمنة في المال ألا ترى أن الأنسان يستنكف عن الأستعانة بمال الغير ولا يستنكف عن الأستعانة ببدنه في الأشغال ويشترط لوجوب قبول الطاعة كون المطيع موثوقا به مؤديا لفرضه ولو نذرا غير معضوب وكذا كونه راكبا وغير معول على الكسب أو السؤال إن كان أصلا أو فرعا غير معول بنفسه مطلقا ويجب التماس الحج من ولده توسم طاعته أركانه أي الحج خمسة الإحرام وهو الدخول في النسك بالنية بالقلب ويندب التلفظ بما نواه وأن يلبى فيقول بقلبه ولسانه نويت الحج وأحرمت به لله تعالى لبيك اللهم لبيك إلى آخره وسمى بذلك لاقتضائه دخول الحرم أو تحريم الأنواع الآتية وينعقد معينا بأن ينوى حجة أو عمرة أو كليهما أو مطلقا بأن لا يزيد في النية على نفس الإحرام و التعين أفضل ليعرف ما يدخل فيه فإن أحرم مطلقا في أشهر الحج صرفه بالنية لما شاء من النسكين أو كليهما ثم اشتغل بالأعمال ولا يجزئه العمل قبل النية وإن أطلق في غير أشهره انعقد عمرة فلا يصرفه إلى الحج في أشهره ويجوز أن يحرم كإحرام زيد فإن كان زيد محرما انعقد إحرامه كإحرامه إن كان حجا فحج وإن كان عمرة فعمرة وأن كان قرانا فقران وأن كان مطلقا فمطلق ويتخير كما يتخير زيد ولا يلزمه الصرف إلى ما يصرفه زيد إلا إذا أراد إحراما كإحرامه بعد تعينيه ولا التمتع إن كان زيد متمتعا فلو كان إحرام زيد فاسدا انعقد إحرام عمرو مطلقا وكذا لو أحرم زيد مطلقا ثم عينه قبل إحرام عمرو ولو أحرم زيد بعمرة ثم أدخل عليها الحج كان معتمرا ولو أخبره زيد بما(1/331)
إحرم به ووقع فى نفسه خلافه عمل بخبره لو قال أحرمت بعمرة فعمل بقوله فبان حجا تبين إحرام عمرو بحج فإن فات الوقت تحلل وأراق دما من ماله وإن لم يكن زيد محرما أو كان كافرا انعقد إحرامه مطلقا وإن علم عدم إحرام زيد فإن تعذر معرفة إحرامه بموته أو جنونه أو غيبته جعل نفسه قارنا وعمل أعمال النسكين ليتحقق الخروج مما شرع فيه ولكل من الحج والعمرة ميقاتان زمانى ومكانى فالزمانى في الحج شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذى الحجة فإن أحرم به في غير أشهره انعقد عمرة كما مر أو أحرم بحجتين أو عمرتين أو بنصف حجة أو عمرة انعقدت واحدة ولا تلزمه الأخرى ووقت العمرة جميع السنة إلا لمحرم بالحج أو عاكف بمنى للمبيت والرمى ويندب الأكثار منها ولا تكره في وقت ويكره تأخيرها عن سنة الحج والميقات المكانى للحج في حق من بمكة نفس مكة ومن باب داره أفضل وياتى المسجد محرما ولو جاوز البنيان وأحرم أساء وعليه دم إن لم يعد أو في الحل فمسئ وعليه دم إلا أن يعود قبل الوقوف إلى مكة وأما غيره فميقات المتوجه من المدينة ذو الحليفة ومن الشام ومصر والمغرب الجحفة ومن تهامة اليمن يلملم ومن نجد الحجاز ونجد اليمن قرن ومن المشرق ذات عرق ومن العتقيق أفضل والعبرة بمواضعها ومن مسكنه بين مكة والميقات فميقاته مسكنه والأفضل أن يحرم من أوله ويجوز من آخره ومن سلك البحر أو طريقا لا ميقات به فان حاذى ميقاتا أحرم من محاذاته فإن اشتبه تحرى ولا يخفى الاحتياط أو ميقاتين أحرم من محاذاتهما إن تساوت مسافتهما إلى مكة وإن تفاوتا أو تساويا في المسافة إلى طريقه احرم من محاذاة أبعدهما وإن تقاوتا في المسافة إلى مكة وإلى طريقه فالعبرة بالقرب إليه وإن لم يحاد ميقاتا أحرم على مرحلتين من مكة إذ ليس شئ من المواقيت أقل مسافة من هذا القدر ومن مر بميقات غير مريد نسكا ثم أراده فميقاته موضعه أو مريده لم تجز مجاوزته بغير إحرام والأفضل أن يحرم من الميقات لا من دويرة أهله(1/332)
وميقات العمرة لمن هو خارج الحرم ميقات الحج ومن بالحرم يلزمه الخروج إلى أدنى الحل ولو يسيرا من اي جهة شاء فإن لم يخرج وأتى بأعمال العمرة أجزائه وعليه دم ولو خرج إلى الحل بعد إحرامه ثم اتى بأفعالها اعتد بها قطعا ولا دم على المذهب وأفضل بقاع الحل
الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية الثانى من الأركان ما ذكره بقوله قف بعد زوال التسع إذ تعرف فواجب الوقوف بعرفة أن يحضر بجزء من ارضها وإن كان مارا في طلب آبق أو نحوه وأول وقته بعد زوال الشمس يوم عرفة وهو اليوم التاسع حين يعرف بها ويمتد وقته إلى فجر يوم النحر ويشترط أهليته للعبادة فلو حضرها ولم يعلم أنها عرفة أو كان نائما أو قبل الزوال ونام حتى خرج الوقت أجزاه ولا يصح وقوف المغمى عليه وحج المجنون يقع نفلا كحج الصبى غير المميز إذ الجنون لا ينافى الوقوع نفلا فإنه إذا جاز للولى أن يحرم عنه أبتداء ففي الدوام أولى أن يتم حجته فيقع نفلا بخلاف المغمى عليه إذ ليس له ولى يحرم عنه ابتداء فليس له أن يتم حجه ولو اقتصر على الوقوف ليلا صح على المذهب أو نهارا وأفاض قبل الغروب صح قطعا نعم إن لم يعد أراق دما استحبابا لا وجوبا وإن عاد فكان بها عند الغروب فلا دم ولو غلطوا فواقفوا اليوم العاشر أجزأهم إلا أن يقلوا على خلاف العادة أو تأتى شرذمة يوم النحر على ظن أنه عرفه فيقضون وليس من الغلط المراد لهم ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب أو وقفوا الحادى عشر أو في غير عرفه فلا يجزئهم أو في الثامن فكذلك ثم أن علموا قبل فوات الوقت وجب الوقوف فيه أو بعده وجب القضاء ولو قامت بينة برؤية الهلال ليلة العاشر وهم بمكة ولو يتمكنوا من الوقوف ليلا وقفوا من الغد ومن ردت شهادت في هلال ذى الحجة لزمة أن يقف في التاسع عنده الثالث من الأركان ما ذكره بقوله وطاف بالكعبة سبعا من المرات ولو متفرقة وفي الأوقات المنهى عن الصلاة فيها ماشيا كان أو راكبا بعذر أو غيره فلو اقتصر على ست لم يجزه(1/333)
ويدخل وقته بانتصاف ليلة النحر بعد الوقوف ثم للطواف بأنواعه واجبات وسنن أما الواجبات فيشترط ستر العورة وطهارة الحدث والنجس حتى ما يطؤه في المطاف بخلاف السعى والوقوف وباقى الأعمال فلو طاف عاريا مع القدرة أو محدثا أو على بدنه أو ثوبه نجاسة غير معفو عنها لم يصح طوافه وكذا لو كان يطأ في مطافه النجاسة نعم لو عمت النجاسة المطاف وشق الأحتراز عنها ولم يتعمد المشى عليها ولا رطوبة صح طوافه ولو أحدث فيه تطهر وبنى بخلاف الصلاة لأنه يحتمل فيه مالا يحتمل في الصلاة كالفعل الكثير والسلام وأن يجعل البيت عن يساره ويمر تلقاء وجهه مبتدئا في ذلم بالحجر الأسود محاذيا له في مروره عليه ابتداء بجميع بد نه بأن لا يقدم جزءا من بدنه على جزء من الحجر ويندب استقباله ويجوز جعله عن يساره والمراد بجميع بدنه جميع الشق الأيسر فلو بدأ بغير الحجر لم يحسب فإذا انتهى إليه أبتدأ منه ولو حاذاه ببعض بدنه وبعضه مجاور إلى جانب الباب فالجديد أنه لا يعتد بهذه الطوفه ولو حاذى بجميع بدنه بعض الحجر دون بعض أجزأه إن أمكن ذلك وظاهر أن المراد بمحاذاته الحجر في المسئلتين استقباله وأن عدم الصحة في الأولى لعدم المرور بجميع البدن فلا بد من أستقباله المعتد به كما تقدم وهو أن لا يقدم جزاء من بدنه على جزء من الحجر المذكور ولو استقبل البيت أو استدبره أو جعله عن يمينه ومشى نحو الركن اليمانى أو نحو الباب أو عن يساره ومشى القهقرى نحو الركن اليمانى لم يصح طوافه ولو مشى على الشاذروان وهو الجدار البارز عن علوه بين ركن الباب والركن الشامى أو كان يضع رجلا عليه أحيانا ويقفز بالأخرى او دخل من إحدى فتحى الحجر وخرج من الأخرى لم تصح طوفته أو مس جزء من البيت في محاذاته فكذا على الصحيح والحجر قبل كله من البيت والصحيح قدرسته أذرع فقط وأن يطوف داخل المسجد وإن زيد فيه حتى بلغ طرف الحل سبعا ولو في أخرياته ولا بأس بالحائل فيه كالسقاية والسوارى ولا تجب(1/334)
له نية لشمول نية الحج أو العمرة له وأنه لا بد أن لا يصرفه لغيره وأنه لو نام فيه على هيئة لا تنقض الوضوء صح ولو حمل حلال محرما أو محرمين وطاف حسب للمحمول بشرطه وكذا لو حمل محرم طاف عن نفسه أو لم يدخل وقت طوافه وإلا فالأصح أنه إن قصده للمحمول فله أو لنفسه أو لهما او لا قصد فللحامل فقط ولو طاف
المحرم بالحج معتقدا أنه في عمره أجزاه عن الحج كما لو طاف عن غيره وعليه طواف وأما السنن فأن يطوف ماشيا إلا لعذر كمرض ونحوه أو يحتاج لظهوره ليستفتى فإن ركب بلا عذر لم يكره وأن يستلم الحجر الأسودبيده أول طوافه ويقبله ويضع جبهته عليه عجز استلمه فإن عجز أشار إليه بيده لا بفمه ولا يقبل الركنين الشاميين ولا يستلمهما ولا يقبل اليمانى بل يستلمه ثم يقبل يده وكذا إذا اقتصر على استلام الحجر الأسود لزحمه أو استلم بخشبة للعجز ويراعى ذلك كل طوفه الأوتار آكد لأنهما أفضل ولا يسن للنساء استلام ولا تقبيل إلا عند خلو المطاف وأن يقول أول على طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبين الركنين اليمانيين اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما شاء ومأثور الدعاء أفضل من القراءة وهى أفضل من غير المأثور وأن يرمل في الأشواط الثلاثة الأول بأن يسرع مشيه مع تقارب خطاه والمشهور استيعاب الثلاث بالرمل ويمشى في الأخيرة على هينته ويختص الرمل بطواف يعقبه سعى ولا رمل ولا طواف الوداع ويرمل المعتمر والحاج الآفاقى الذى لم يدخل مكة إلا بعد الوقوف وكذا قبله إن سعى عقب طواف القدوم وإلا فلا وإذا رمل فيه وسعى بعده لم يقضه في طواف الإفاضة أو طاف ورمل ولم يسع رمل في طواف الإفاضة ويرمل مكى أنشأ حجه من مكة ولو ترك الرمل في الثلاثة الأولى لم يقضه في الأربعة الأخيرة وليقل اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وأن يقرب من البيت(1/335)
فلو تعذر الرمل مع القرب لزحمه فإن رجا فرجه وقف ليرمل وإلا فالرمل مع البعد أفضل إلا أن يخاف صدم النساء فالقرب بلا رمل أولى ولو خافه مع القرب أيضا وتعذر في جميع المطاف فتركه أولى ويسن أن يتحرك في مشيته ويرى أنه لو أمكنه لرمل ولو طاف محمولا أو راكبا فالأظهر أنه يرمل به الحامل ويحرك الدابة وأن يضطبع في كل طراف يرمل فيه وكذا في السعى على المذهب لافي ركعتى الطواف وهو جعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على الأيسر ولا ترمل المرأة ولا تضطبع وكذا الخنثى وأن يصلى بعد الطواف ركعتين يقرأ في الأولى قل ياأيها الكافرون وفي الثانية الأخلاص خلف المقام وإلا ففى الحجر وإلا ففى المسجد وإلا ففى الحرم وإلا ففى أي موضع شاء من جهره ويجهر ليلا ويسر نهارا وأن يوالى بين الطوفات فلو فرق كثيرا لو يبطل ويكره قطع طواف واجب لجنازة أو راتبة وسيأتى بعض هذه السنن في كلام الناظم ويسن أن يستلم الحجر بعد الطواف وصلاته ثم يخرج من باب الصفا للسعى وهو الركن الرابع المذكور في قوله وسعى من الصفا ولمروة مسبعا ولو متفرقة ذهابه من الصفا إلى المروة مرة وعوده منها إليه أخرى ويشترط أن يلصق عقبه بأصل ما يذهب منه ورءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه والراكب يلصق حافر دابته وأن يسعى بعد طواف ركن أو قدوم بحيث لا يتخلل بينهما الوقوف بعرفه ومن سعى بعد قدوم لم يعده ولو شك فى عدد السعى أو الطواف أخذ بالأقل ولو اعتقد التمام فأخبره ثقة ببقاء شئ لم يلزمه لكن يسن ويندب أن يرقى الذكر على الصفا والمروة قدر قامه فإذا رقى استقبل البيت وقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شئ قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون(1/336)
ثم يدعو بما احب دينا ودنبا ويعيد الذكر والدعاء ثانيا وثالثا وأن يمشى أول السعى وآخره ويعدو في الوسط وموضع النوعين معروف هناك فيمشى حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع فيعدو حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين أحدهما في ركن المسجد والآخر متصل بجدار العباس فيمشى حتى ينتهى إلى المروة وإذا عاد منها إلى الصفا مشى في موضع مشيه وسعى في موضع سعيه أولا ولا ترقى المرأة والخنثى على الصفا والمروة ولا يعدو كل منهما في وسط المسعى ويقول في سعيه رب أغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز وأن يسعى(1/337)
ماشيا ويجوز راكبا وأن يوالى بين مرات السعى وبين الطواف والسعى فلو تخلل فصل طويل لم يضر بشرط أن لا يتخلل ركن فلو طاف للقدوم ثم وقف بعرفه ثم سعى لم يصح السعى وأن يتحرى لسعيه وقت خلوة وإذا عجز عن العدو لزحمه فليتشبه وأشار إلى الركن الخامس بقوله ثم أزل شعرا ثلاثا نزره من شعر الرأس وهو أقل ما يجزئ حلقا أو تقصيرا أو نتفا أو أحراقا أو قصا أو بنورة ولو في دفعات كما فى المجموع والإيضاح والحلق للذكر أفضل وتقصر المرأة والخنثى بقدر انملة من جميع جوانب الرأس ويندب أن يبدأ بالشق الأيمن ثم الأيسر وأن يستقبل القبلة وأن يدفن شعره ومن لا شعر برأسه لا شئ عليه ويسن إمرار الموسى على رأسه وإن أخذ من شاربه أو شعر لحيته شيئا كان أحب ومن برأسه علة تمنعه من التعرض لشعره لزمه الصبر إلى الأمكان ولا يفدى إذ الركن لا يجبر به ولأن الماهية لا تحصل إلا بجميع أركانها ومن نذر الحلق في وقت لزمه ووقت حلق المعتمر إذا فرغ من السعى وما سوى الوقوف ركن العمرة لشمول الأدلة لها وينبغى كما وينبغى كما قال الشيخان عد ترتيب الأركان ركنا لأنه معتبر فى معظمها فيقدم الإحرام والوقوف على الطواف والحلق يؤخر السعى عن الطواف والدم جابر لواجبات النسك لا لأركانه وإن كان الواجب والفرض مترادفين كما في المقدمة أولها الإحرام من ميقات لأن من بلغه مريدا للنسك لم تجز مجاوزته بغير أحرام فإن فعل ولو ناسيا أو جاهلا لزمه العود ليحرم منه إلا لعذر كخوف الطريق أو أنقطاع عن الرفقة أو ضيق الوقت فإن لم يعد لزمه دم وهو شاة أضحية فإن عجز فهو كالمتمتع يصوم ثلاثة أيام في أيام الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وإن عاد ثم أحرم منه لم يلزمه دم وكذا إن أحرم ثم عاد قبل تلبسه بنسك ثانيها ما ذكرة بقوله والجمع بين الليل والنهار بعرفة بسكون الهاء إجراء للوصل مجرى الوقف لأنه ترك نسكا والأصل في ترك النسك إيجاب الدم إلا ما خرج بدليل وما ذكره من لزوم الدم بترك الجمع(1/338)
بين الليل والنهار بعرفه قول مرجوح صححه جماعة منهم ابن الصلاح والأظهر أن الجمع بينهما سنة وأن الدم لتركه مندوب ثالثها ما ذكره بقوله والرمى للجمار اي رمى جمرة العقبة بسبع حصيات ورمى الجمار الثلاث إذا عاد إلى منى وبات بها ليالى التشريق الثلاث وهى الحادى عشرة وتالياه كل جمرة بسبع حصيات فمجموع الرمى سبعون جمرة حصارة برمي جمرة العقبة ويدخل وقت رميها بنصف ليلة النحر لمن الوقف قبل ذلك والأفضل أن يرمى بعد طلوع الشمس ويبقى وقت الأختيار إلى أخر يوم النحر ويدخل رمى التشريق بزوال الشمس ويخرج وقت الأختيار بغروبها وإذا ترك رمى يوم أو يومين عمدا أو سهوا تداركه في باقى الأيام ولا دم فيتدارك الأول في الثانى أو الثالث والثانى أو الأولين في الثالث ويكون اداء ويخرج وقت الأختيار رمى كل يوم بغروب شمسه وجملة الأيام كاليوم الواحد فإن لم يتدارك وجب الدم كما مر فإن ترك رمى يوم النحر أو يوم من أيام التشريق فدم وكذا لو ترك الكل ويكمل الدم في ثلاث حصيات كحلق ثلاث شعرات وفي حصاه مد وحصتاتين مدان ويشترط رمى السبع واحدة واحدة وترتيب الجمرات بأن يرمى أولا إلى الجمرة التى تلى مسجد الخيف ثم إلى الوسطى ثم إلى جمرة العقبة وكون المرمى حجرا فيجزى بأنواعه ككدان وبرام ومرمر وكذا ما يتخذ منه الفصوص كيا قوت وعقيق لا لؤلؤ وما ليس بحجر من طبقات الأرض كإثمد وزرنيخ وجص وما ينطبع كذهب وفضة وأن يسمى رميا فلا يكفى الوضع في المرمى ولا بمقلاع وأن يقصد المرمى فلو رمى في الهواء فوقع في المرمى لم يكف ولو رمى إلى العلم المنصوب ثم سقط في المرمى أجزأه في أوجه احتمالين والسنة أن يرمى بقدر حصا الخذف ولا يشترط بقاء الحجر في المرمى فلو تدحرج وخرج منه لم يضر ولا كون الرامى خارجا عن الجمرة فلو وقف بطرفها ورمى إلى(1/339)
الطرف الآخر جاز وسيأتى هذا مع زيادة بسط ومن عجز عن الرمى لعله لا يرجى زوالها قبل خروج وقت الرمى استناب ولا يمنع زوالها بعده ولا يصح رمى النائب حتى يرمى جميع ما عليه عن نفسه فلو خالف وقع عن نفسه ولو زال عذر المستنيب بعد رمى النائب والوقت باق فليس عليه إعادة الرمى ثم المبيت بمنى في لياليها ويحصل بمعظم الليل وإنما يلزم مبيت الليلة الثالثة لمن غربت عليه الشمس وهو مقيم بمنى وحينئذ يلزمه رمى اليوم الثالث فمن ترك المبيت في الليالي الثلاث لزمه دم أو في ليلة فمد أو ليلتين فمدان نعم يجوز للمعذور تركه ولا دم عليه كرعاة الإبل وأهل السقاية ولو من غير بنى هاشم فللصفين ان يدعوا رمى يوم ويقضوه في تاليه قبل رميه لا رمى يومين متوالين فلو نفروا يوم النحر بعد رميه عادوا في ثانى التشريق ولهم النفر مع الناس ولأهل السقاية فقط وإن احدثت للحاج إذا كانوا بمنى عند الغروب النفر بعده وترك المبيت ورمى الغد ومن العذر خوفه ضياع ماله لو بات أوله مريضا يحتاج إلى تعهده أو طلب آبق أو أمر يخاف منه فوته فلا شئ عليه ولهم النفر بعد الغروب وشرط جوازه لغير المعذور قبل غروب شمس اليوم الثانى أن يكون بات الليلتين قبله أو تركه لعذر والتأخر إلى اليوم الثالث أفضل وللإمام آكد ولو نفر فغربت قبل انفصاله من منى أو عاد لشغل قبل الغروب أو بعده لم يلزمه المبيت فلو تبرع به لم يلزمه الرمى في الغد ولو غربت وهو في شغل الارتحال جاز النفر على ما في الروضة معولا فيه على ما ذكره الرافعى في الشرح واعترض بأنه تبع فيه النسخ السقيمة والذى في النسخ الصحيحة عدمه والجمع أي المبيت بالمزدلفة للاتباع ومن دفع منها قيل نصف الليل وعاد قبل الفجر فلا دم عليه وإن لم يعد أو ترك المبيت أصلا لزمه دم وشرط مبيتها أن يكون بها ساعة من النصف الثانى نعم يستثنى المعذور بما مر في المبيت بمنى ومن جاء عرفة ليلا فاشغل بالوقوف عنه ومن أفاض من عرفة إلى مكة وطاف(1/340)
ففاته المبيت وآخر الست طواف الودع اي الوداع لمن أراد الخروج من مكة أو الأنصراف من منى سواء أكان حاجا أم آفاقيا يقصد الرجوع إلى وطنه او مكيا يسافر لحاجة ثم يعود وسواء أكان سفره طويلا أم قصيرا لخبر أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف إلا أنه خفف عن المرأة الحائض أي ومثلها النفساء فمن تركه لزمه دم فم لم يرد الخروج من مكة لا يسوغ له طواف الوداع ومن خرج بلا وداع وعاد قبل مسافر القصر وطاف سقط الدم او بعدها فلا ويجب العود في الحالة الأولى لا الثانية وللحائض والنفساء النفر بلا وداع فلو طهرت قبل مفارقتها خطة مكة لزمها العود والطواف أو بعد مسافة القصر فلا وكذا قبلها وعليه فالمسقط للعود مفارقة مكة لا الحرم وينبغى وقوعه بعد فراغ الأشتغال ولا يمكث بعده فإن مكث لغير عذر أو لشغل غير أسباب الخروج أعاده أو لأسبابه كشراء زاد وشد رحل فلا ولو أقيمت الصلاة فصلاها لم يعده والأصح أنه ليس من المناسك وسن بدء الحج أي يسن أن يبتدئ بالحج ثم يعتمر بعد فراغه وهذا هو المسمى بالإفراد وهو أفضل من التمتع والقران إن اعتمر في سنته أما إذا لم يعتمر في سنته فكلاهما أفضل منه لأن تأخير العمرة عن سنة الحج مكروه والتمتع كأن يحرم بالعمرة ويفرغ منها ثم ينشىء حجا من مكة والقران كان يحرم بهما معا من الميقات ويعمل عمل الحج فيحصلان أو يحرم بعمرة ثم يحج قبل الطواف ولا يصح عكسه وقد قام الإجماع على جواز هذه الكيفيات الثلاث والتمتع افضل من القران لأنه بعملين كاملين بخلاف القران وليتجرد محرم أي يتجرد المحرم الذكر وجوبا لإحرامه عن مخيط الثياب والجفاف والنعال لينتفى عنه لبسها في الإحرام الذي هم محرم عليه كما يأتى ويتزر استحبابا ويرتد البياض أي يسن أن يلبس إزارا ورداء ابيضين جديدين وإلا(1/341)
فمغسولين ونعلين ويصلى ركعتين لإحرام ويغنى عنهما الفريضة والنافلة ويسن أن يطيب بدنه لإحرامه ويجوز تطييب ثوبه ولا بأس باستدامته بعد الإحرام ولا بطيب له جرم نعم لو نزع ثوبه المطيب ثم لبسه لزمته الفدية كما لو أخذ الطيب من بدنه ثم رده إليه ويسن للمرأة خضب يديها تعميما إلى الكوع وأن تمسح وجهها بشئ من الحناء ثم الأفضل أن يحرم إذا استوت راحلته قائما أو توجه لطريقه ماشيا ثم التلبية ويندب إكثارها وان يرفع الرجل صوته بها بحيث لا يضر نفسه ما دام محرما في جميع أحواله خصوصا عند تغاير أحواله كركوب ونزول وصعود وهبوط واختلاط رفقة وفراغ صلاة وإقبال ليل ونهار ووقت سحر فالاستحباب في ذلك متأكدا أما المراة ومثلها الخنثى فلا يرفعان صوتهما بل يقتصران عن إسماع أنفسهما فإن رفعاه كره ولا يستحب في الطواف والسعى وتستحب في المساجد ويرفع الصوت فيها ولفظها لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وإذا راى ما يعجبه أو يكرهه قال لبيك إن العيش عيش الآخرة وإذا فرغ من تلبيته صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله تعالى الجنة ورضوانه واستعاذ به من النار وأن يطوف قادم حلال أو محرم دخل مكة قبل الوقوف ويبدأ به قبل اكتراء منزله وتغيير ثيابه نعم لو دخل والناس في مكتوبة صلاها معهم أولا ولو أقيمت الجماعة وهو في أثناء الطواف قدم الصلاة وكذا لو خاف فوت فريضة أو سنة مؤكدة ولو قدمت المرأة نهارا وأمنت فجأة الحيض وهى جميلة أو شريفة أخرته إلى الليل ولو كان له عذر بدأ بإزالته كما في الكفاية عن الماوردى وهو تحية البقعة وفي فواته بالتأخير وجهان أوجههما عدم فواته إلا بالوقوف أما الداخل مكة بعد الوقوف والمعتمر فلا يطلب منهما طواف قدوم لدخول وقت طواف الفرض عليهما فلا يصح تطوعهما بطواف قبل ادائه قياسا على اصل الحج والعمرة ويسن لمن قصد مكة لا لنسك كان دخل لتجارة او رسالة أو زيارة أن يحرم بحج أو(1/342)
عمرة كتحية المسجد لداخله و تسن الأدعية المأثورة لدخول المسجد والطواف بالبيت وغير ذلك فيقول أول طوافه بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وقوله إيمانا مفعول له لأطوف مقدرا ويقول إذا وصل إلى الجهة التى تقابل باب الكعبة اللهم البيت بيتك والحرم حرمك والأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار ويشير بلفظ هذا إلى مقام إبراهيم عليه السلام ويقول عند الانتهاء إلى الركن العراقى اللهم إنى أعوذ بك من الشك والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد وعند الأنتهاء إلى تحت الميزاب اللهم أظلنى في ظلك يوم لا ظل إلا ظلك وسقنى بكأس محمد صلى الله عليه وسلم شرابا هنيئا لا أظمأ بعده أبدا يا ذا الجلال والكرام وبين الركن الشامى واليمانى اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا وعملا مقبولا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور والمناسب للمعتمر أن يقول عمرة مبرورة ويحتمل استحباب التعبير بالحج مراعاة للخبر ويقصد المعنى اللغوى وهو القصد فإن لم يكن في نسك لم يبعد أن يقول طوافا مبرورا الخ ويقول بين الركنين اليمانين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما شاء في جميع طوافه ومأثور الدعاء أفضل من القراءة وهى أفضل من غير المأثور يرمل في ثلاثة مهرولا أي يسن للذكر أن يرمل في الأشواط الثلاثة الأول مهرولا أي مسرعا في مشيه مع تقارب خطاه ويسمى الخبب والمشى في باقى سبعة تمهلا أي ويمشى في الأربعة الباقية على الهينة والاضطباع في طواف يرمل فيه وفى سعى بأن يجعل وسط ردائه تحت منكبه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر ويكشف الأيمن(1/343)
كدأب أهل الشطارة به يهرول للاتباع وركعتا الطواف بعده من ورا المقام لإبراهيم ويتأديان بالفريضة والنافلة ويقرأ في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص فإن لم يصلهما خلف المقام فالحجر تحت الميزاب فالمسجد الحرام أن يكن زحام اي ثم في الحرام ثم في غيره متى شاء ولا تفوت إلا بمو وبات ندبا فى منى بليل يوم عرفه لأنه يندب له الخروج من مكة في ثامن ذى الحجة إلى منى وجمعه بها بين الظهر والعصر فإذا طلعت الشمس على ثبير سار إلى نمره بقرب عرفات حتى تزول الشمس فإذا زالت اغتسل للوقوف ولو أغتسل من الفجر كفى ثم يقصد مسجد إبراهيم ويصلى به الظهر والعصر ويسمع خطبة الإمام ثم يبادر للوقوف ويستحب أن يسيروا ميلين ذاكرين الله تعالى وأن يسيروا على طريق ضب ويعودوا على طريق المأزمين للاتباع ولا يدخل عرفه إلا في وقت الوقوف بعد الزوال وأما ما يفعله الناس في هذا الزمان من دخولهم أرض عرفات في اليوم الثامن فمخالف للسنة ويفوتهم بسببه سنن كثيرة منها الصلوات بمنى والمبيت بها والتوجه منها إلى نمرة والنزول بها والخطبة والصلاة قبل دخول عرفات مع الإمام الظهر ثم العصر جامعا بينهما فإذا فرغ من الصلاة سار إلى الموقف بعرفات وكلها موقف ففي أي محل منها وقف أجزأه لكن أفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات الكبار المفروشة في اسفل جبل الرحمة الذى بوسط عرفه وليس منها مسجد إبراهيم الذي يصلى فيه الإمام وبين هذا المسجد وجبل الرحمة قدر ميل ويندب كما مر للأمام إذا غربت الشمس يقينا أن يفيض من عرفات ويفيض معه الناس إلى المزدلفه ويؤخروا صلاة المغرب بنية الجمع إلى العشاء ليصليهما جمعا بمزدلفة ليلة العيد والجمع هنا للسفر لا للنسك وإذا سار إلى المزدلفة سار ملبيا مكثرا منها على هينة ووقار فإذا وجد فرجه أسرع فإذا وصل إلى المزدلفة ندب له أن يصلى قبل حط رحله وبالمزدلفة بت وجوبا للاتباع وارتحل فجرا يعنى(1/344)
يندب لغير النساء والضعفة الارتحال منها في الفجر بعد صلاة الصبح يغلس إلى منى ويتأكد التغليس هنا على باقى الأيام ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر أما النساء والضعفة فيندب تقديمهم إليها بعد نصف الليل ليرموا قبل الزحمه ويسن لهم أخذ ما يرمون به يوم النحر من مزدلفة ليلا وياخذوا بقية ما يرمى به من وادى محسر أو غيره وقف ندبا بالمشعر الحرام هو كما قال ابن الصلاح والنووى جبل صغير بآخر المزدلفة يقال له قزح وهو منها لأنها ما بين مازمى عرفة ووادى محسر وقد استبدل الناس الوقوف به على بناء محدث هناك يظنونه المشعر الحرام وليس كما يظنون لكن يحصل بالوقوف عنده أصل السنة وكذا بغيره من مزدلفة وقال المحب الطري هو بأوسط المزدلفة وقد بنى عليه بناء ثم حكى الأول ثم قال الظاهر أن البناء أنما هو على الجبل والمشاهدة تشهد له قال ولم أر ما ذكره ابن الصلاح لغيره ويحصل أصل السنة بالمرور وإن لم يقف كما في عرفه والمشعر بفتح الميم ويجوز كسرها ومعنى الحرام الذي يحرم فيه الصيد وغيره فإنه من الحرم ويجوز أن يكون معناه ذا الحرمة تدعو أي تذكر الله تعالى فيه مستقبل البيت إلى الإسفار وتقول اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك وقولك الحق فإذا أفضتم من عرفات إلى قوله غفور رحيم ويكثر من قوله ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما أحب ويصعد الجبل إن امكن وإلا وقف تحته ثم يسير بعد الإسفار بسكينة ومن وجد فرجه أسرع كالدفع من عرفة وأسرع وادى المحسر أي يسرع في مشيه إن كان ماشيا ومشى ومشى دابته إن كان راكبا حتى يقطع عرض وادى محسر وهو(1/345)
قدر رميه بحجر للاتباع ولنزول العذاب فيه على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت ولأن النصارى كانت تقف فيه فأمرنا بمخالفتهم ووادى محسر بكسر السين موضع فاصل بين مزدلفة ومنى سمى به لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه اي أعيا ونقل في المجموع عن الأزرقى أن وادى محسر خمسمائة ذراع وخمس وأربعون ذراعا انتهى والإضافة للبيان كما في جبل أحد وشجرا أراك وفي منى للجمرة الأولى وهى جمرة العقبة التى تلى مسجد مكة رميت بسبع رميات الحصا أي بالحجر حين انتهت أي وصلت إلى منى بعد طلوع الشمس ولو بنحو ياقوت وزمرد وزبرجد وبلور وعقيق ورخام وبرام وحجر حديد وذهب وفضة وخرج بالحجر غيره كاثمد ولؤلؤ وزرنيخ ومدر وجص ونوره وآجر وخزف وملح وجواهر منطبعة من ذهب أو فضة أو نحاس أو رصاص فلا يكفى الرمى به وكذا ما ليس من طبقات الأرض ويكفى حجر النورة قبل الطبخ ويسن أن يرمى بقدر حصا الخزف وهو قدر الباقلا ويكره أن يرمى بأصغر من ذلك أو أكثر وبالمتنجس وبالمأخوذ من الحل أو المسجد إن لم يكن جزء منه وإلا حرم وبالمرمى به لما قيل إن المقبول يرفع والمردود يترك فإن رمى بشئ منها جاز ويعتبر تعدد الرمى كما أفهمه تعبيره بسبع رميات فلو رمى عددا معا فرمية واحدة سواء وقع معا أم مرتبا ولو رمى بسبعة دفعة واحدة ثم أخذها ثم رماها سبع مرات أجزأه وكذا لو رمى واحدة ثم أخذها ورماها وهكذا سبعا ولو رمى حصاه ثم اتبعها أخرى حسبتنا له معا وإن وقعتا معا أو وقعت الثانية قبل الأولى ولو رمى ثنتين معا إحداهما باليمنى والأخرى باليسرى حسبت واحدة اتفاقا وفهم من تعبيره بالرمى عدم الأكتفاء بوضع الحجر في المرمى ولا بد من قصد المرمى فلو رمى في الهواء فوقع فيه لم يكف وكذا تحقق وقوع الحجر فيه فلو شك لم يكف ولا يشترط بقاؤه فلو تدحرج وخرج منه لم يضر ولاكون الرامي خارجا عن الجمرة فلو وقف في طرف منها ورمى إلى طرف آخر اجزأه ويجب كون الرمى باليد فلا يجزئ بقوس أو مقلاع أو رجل ولو(1/346)
انصدم الحجر بمحمل أو بعير أو ثوب إنسان فحرك المحمل أو الثوت صاحبه أو تحرك البعير فدفعه فوقع فى المرمى لم يعتد به وكذا لو وقع على المحل أو العير فتدحرج إلى المرمى لاحتمال تأثره به بخلاف مالو انصدم الحجر بذلك أو بأرض خارج الحرم ثم رجع فوقع في المرمي وكذا لو وقع في غير المرمى ثم تدحرج إليه أورده الريح إليه لحصوله فيه لا بفعل غيره ويندب غسل الحصا وأن لا يكسرها مكبرا للكل أي لكل حصاة للاتباع واقطع تلبية أي عند ابتداء الرمى لأخذه في اسباب التحلل حيث سلك الأفضل من تقديم الرمى فلو قدم الطواف أو الحلق قطع التلبية من حينئذ ثم أذبح الهدى أي ثم بعد الرمى اذبح الهدى بها أي بمنى إن كان معك هدى كالأضحية في صفاتها وفي ذبحها فيها واحلق بها أو قصر ن أي احلق أيها الذكر بمنى أو قصرن للاتباع والحلق أفضل التقصير وتقصير المرأة بقدر أنملة من جميع جوانب رأسها اسها ولا تؤمر بالحلق والخنثى كالأنثى في ذلك مع دفن شعر استحبابا وبعده أي بعد الحلق أو التقصير طواف الركن المسمى أيضا بطواف الإفاضة والزيارة والفرض والصدر بفتح الدال ويسعى بعده إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم والأفضل أن يكون قبل الزوال ويسن له بعد فراغ طوافه الشرب من سقاية العباس وبعد يوم العيد للزوال ترمى الجمار الكل بالتوال أي يدخل رمي كل يوم من أيام التشريق الثلاثة بزوال شمسه وتندب الموالاة في رمي الجمار وأما ترتيب الجمرات فشرط(1/347)
من حلق أو تقصير ورمي يوم النحر أو الطواف المتبوع بالسعي إن لم يفعل قبل حصول التحلل الأول من تحللى الحج و حل قلم الظفر والحلق إن لم يفعل واللبس أي وستر رأس الرجل ووجه المحرمة وصيد وطيب بل يندب التطييب لحله بين التحللين ويباح بثالث وطء وعقد ونكاح عطف تفسير لحصول التحلل الثاني ولو فات الرمي توقف التحلل على بدله ولو صوما ويفارق المحصر إذا عدم الهدى حيث كان الأصح عدم توقف تحلله على بدله وهو الصوم بأن التحلل إنما أبيح للمحصر تخفيفا عليه حتى لا يتضرر ببقائه على إحرامه إذ لو أمرناه بالصبر إلى أن يأتى بالبدل لتضرر والحكمة في أن للحج تحللين طول زمنه وكثرة أفعاله فأبيح بعض محرماته في وقت دون آخر كالحيض لما طال زمنه جعل له تحللان انقطاع الدم والغسل بخلاف العمرة ليس لها إلا تحلل واحد لقصر زمنها كالجنابة واشرب ندبا لما تحب من مطلوبات الدنيا والآخرة ماء زمزم للإتباع وطف وداعا وجوبا كما مر وادع بالملتزم أي بعد فراغك من طواف الوداع وهو بين الركن والباب سمى بذلك لأن الداعين يلتزمونه عند الدعاء وهو من الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء ويسن للحاج وغيره ويتأكد له بعد فراغ حجه زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وليكثر المتوجه لها في طريقه من الصلاة والتسليم عليه ويزيد منهما إذا أبصر أشجارها مثلا ويغتسل ندبا قبل دخوله ويلبس أنظف ثيابه فإذا دخل المسجد قصد الروضة وهي ما بين القبر الشريف والمنبر فيصلى تحية المسجد بجنب المنبر ثم يأتي القبر الشريف فيستقبل رأسه ويستدبر القبلة ويبعد منه نحو أربعة أذرع ونصف ناظرا إلى أسفل ما يستقبله في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علق الدنيا ويسلم من غير رفع صوت فيقول السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم وهذا أقله ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه عند منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتأخر قدر ذراع فيسلم على عمر رضي الله(1/348)
عنه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه جل وعلا ثم يستقبل القبلة ويدعو لنفسه ومن شاء من المسلمين ولازم لمتمتع دم لقوله تعالى فمن تمتع بالعمرة أي بسببها إلى الحج فما استيسر من الهدي إذ التمتع بما كان حراما عليه بعد تحلله من العمرة أو قارن قياسا على المتمتع لأنه صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر يوم النحر قالت عائشة وكن قارنات ووجوب الدم فيه أولى من وجوبه في المتمتع وإنما يلزم كلا منهما الدم إن كان عنه أي عن مسكنه الحرم مسافة القصر لقوله تعالى في المتمتع ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وقيس عليه القارن فعلم أنه لا دم على حاضريه ومن جاوز الميقات غير مريد نسكا ثم بدا له فأحرم بالعمرة قرب دخوله مكة أو عقب دخولها لزمه دم التمتع ولا بد في وجوب الدم عليه من وقوع عمرته في أشهر الحج من سنته فإن وقعت في غير أشهره أو فيها والحج في سنة قابلة فلا دم ولو أحرم بها قبل أشهره وأتى بجميع أفعالها في أشهره فلا دم ولا بد أيضا أن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات الذي أحرم بالعمرة منه فلو عاد إليه أو إلى مثل مسافته وأحرم بالحج فلا دم وكذا لو عاد إلى ميقات أقرب إلى مكة من ميقات عمرته وأحرم منه لا دم عليه لانتفاء تمتعه وترفهه ولو أحرم به من مكة ثم عاد إلى ميقات سقط عند الدم ولا تعتبر هذه الشروط في التسمية بالتمتع ولو دخل القارن مكة قبل يوم عرفة ثم عاد(1/349)
إلى الميقات سقط عنه الدم كما يسقط عن المتمتع إذا عاد بعد الإحرام بالحج إلى الميقات ووقت وجوب الدم إحرامه بالحج لأنه حينئذ يصير متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا تتأقت إراقة الدم بوقت وهو شاة بصفة الأضحية ويقوم مقامها سبع بدنة أو سبع بقرة والأفضل ذبحه يوم النحر ويجوز قبل الإحرام بالحج بعد تحلله من العمرة لا قبله وعند العجز عنه في الحرم بان لم يجده أو ما يشتريه به أو وجده بأكثر من ثمن مثله صام بدله من قبل نحره ثلاث أيام ويندب قبل يوم عرفة لأنه يندب للحاج فطره كما مر في صوم التطوع ولا يجوز صوم شيء منها في يوم النحر ولا في أيام التشريق وسبعة في داره إذا رجع إليها للآية الشريفة ولة توطن مكة بعد فراغه من الحج صام بها وإلا امتنع صومه بها ولا يجوز صومها في الطريق إذا توجه إلى وطنه لأنه تقديم للعبادة البدنية على وقتها ويندب تتابع الثلاثة والسبعة ولو فاتته الثلاثة في الحج ورجع إلى أهله لزمه أن يفرق في قضائها بينها وبين السبعة كما في الأداء ويكون بأربعة أيام ومدة إمكان سيره إلى أهله على العادة الغالبة إذ القضاء يحكى الأداء ليتحلل أي يتحلل وجوبا لفوت وقفة أي الوقوف وبفواته يفوت الحج بعمرة عمل أي بعمل عمرة من طواف وسعى إن لم يكن سعى وحلق لأن في بقائه محرما حرجا شديدا يعسر احتماله فيحرم عليه استدامة إحرامه إلى قابل لزوال وقته كالابتداء فلو استدامه حتى حج به من قابل لم يجزه أما من سعى بعد طواف قدوم لم يحتج في تحلله إلى سعى وما تحلل به ليس بعمرة حقيقية ولهذا لم يجزه عن عمرة الإسلام لأن إحرامه انعقد لنسك فلا ينصرف إلى آخر كعكسه وبما فعله من عمل العمرة يحصل التحلل الثاني وأما الأول فيحصل بواحد من حلق وطواف متبوع بسعي لسقوط حكم الرمي بالفوات فصار كمن رمى ولا يحتاج إلى نية العمرة وليقض الحج وجوبا وإن كان تطوعا لأنه لا يخلو عن تقصير كالمفسد وبهذا فارق المحصر والقضاء على الفور والمراد به القضاء(1/350)
اللغوي مع دم أي مع وجوب دم في القضاء ومحصر أحل أي من أحصر عن إتمام حج أو عمرة أو قران بأن منعه عن ذلك عدو مسلم أو كافر من جميع الطرق جاز له التحلل والأفضل له تأخيره إن اتسع الوقت وإلا فتعجيله نعم لو علم انكشافه في مدة الحج بحيث يمكنه إدراكه أو في العمرة إلى ثلاثة أيام لم يجز له التحلل وكذا لو منع من غير الأركان كرمي ومبيت لإمكان الجبر بالدم والتحلل بالطواف والحلق وتجزئه عن حجة الإسلام ومن صد عن عرفة دون مكة فليدخلها ويتحلل بعمل عمرة أو عكسه وقف ثم تحلل ولا قضاء فيهما ولا فرق بين حصر الكل والبعض لأن مشقة كل واحد منهما لا تختلف بين أن يتحمل غيره مثلها أو لا ولو منعوا ولم يتمكنوا من المضي إلا ببذل مال فلهم أن يتحللوا أو لا يلزمهم بذل المال وإن قل إذ لا يجب احتمال الظلم في أداء النسك ولو منعوا من الرجوع أيضا جاز لهم التحلل بنية أي للتحلل والحق مع دم حصل أي ذبح شاة أو ما قام مقامها حيث أحصر من حل أو حرم ويفرق لحمها على مساكين ذلك الموضع ولا يلزمه إذا أحصر في الحل أن يبعث بها إلى الحرم ولا بد من مقارنة النية لكل منهما ومن تقديم الذبح على الحلق فإن فقد الدم حسا وشرعا فالأظهر أن له بدلا وأنه طعام بقيمة الشاة فإن عجز عنه صام عن كل مد يوما فإن انكسر مد صام عنه يوما وله إذا انتقل إلى الصوم التحلل في الحال بحلق ونية عنده ولا تحلل بعذر كمرض لأنه لا يفيد زواله بخلاف التحلل بالإحصار فإن شرطه تحلل به ولا يجب الهدى إلا أن شرطه ولا قضاء على المحصر المتطوع إذا تحلل لعدم وروده فإن كان فرضا مستقرا كحجة الإسلام بعد السنة الأولى من سنى الإمكان وكالقضاء والنذر بقى في ذمته أو غير مستقر كحجة الإسلام في السنة الأولى من سنى الإمكان(1/351)
اعتبرت الاستطاعة بعد ومتى أحرم الرقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا بلا مهايأة أو أم ولد بلا إذن سيده فله تحليله بأن يأمره به فيحلق وينوي التحلل وللزوج تحليل زوجته من نسكها ولو فرضا لم يتضيق ولم يأذن فيه لأن بقاءها يعطل حقه من الاستمتاع بها باب محرمات الإحرام أي ما يحرم بسبب الإحرام حرم أنت بإحرام ولو مطلقا على الرجل مسمى لبس خيط وما في معناه كمنسوج ومعقود في سائر بدنه وإن بدت البشرة من ورائه كزجاج شفاف إلا إذا لم يجد غيره فيجوز له لبس السراويل منه والخفين إذا قطعا أسفل من الكعبين ولا فدية وإن احتاج إلى لبس المخيط لمداواة أو حر أو برد جاز ووجبت الفدية وسيأتي تحريم القفا عليه وألحق به ما لو اتخذ لساعده مثلا مخيطا أو للحيته خريطة يلفها بها إذا خضبها وأما المرأة فلها لبس المخيط في الرأس وغيره إلا القفاز وهو مخيط محشو بقطن يعمل لليدين ليقيهما من البرد ويزر على الساعدين ثم اللبس مرعى في وجوب الفدية على ما يعتاد في كل ملبوس فلو ارتدى بقميص أو اتزر بسراويل فلا فدية كما لو اتزر بإزار ملفق من رقاع ولو لم يجد رداء لم يجز له لبس القميص بل يرتدي به ولو لم يجد إزارا ووجد سراويل يتأتى الاتزار به على هيئته اتزر به ولم يجز له لبسه والمراد بعدم وجدان الإزار والنعل أن لا يكون في ملكه ولا يقدر على تحصيله بشراء أو استئجار بعوض مثله أو استعارة بخلاف الهبة لا يلزمه قبولها لعظم المنة فيها وإذا وجد الإزار أو النعلين بعد لبس السراويل أو الخفين الجائز له وجب نزع ذلك فإن أخر وجبت الفدية ويجوز له عقد إزار وشد خيط عليه ليثبت وجعله مثل الحجرة له وإدخال التكة فيها إحكاما وغرز طرف ردائه في طرف إزاره ولا يجوز عقد الرداء ولا حله بخلال أو مسلة ولا ربط طرفيها بطرفه بخيط ونحوه فإن فعل ذلك لزمته الفدية لأنه في معنى المخيط من حيث إنه يستمسك بنفسه و حرم بإحرام للراجل بمعنى الرجل عليه ستر الرأس أو بعضه حتى ما وراء(1/352)
أذنه وامرأة وجها أي ستره بما يعد ساترا عرفا من المخيط أو غيره كقلنسوة وعمامة وخرقة وعصابة وطين ثخين نعم تستر منه ما يتوقف عليه ستر الرأس لأن شعار الإحرام يحصل بما عداه ولأن رأسها عورة ويؤخذ منه أن الأمة لا تستر ذلك لأن رأسها ليس بعورة ولا ينافيه قول المجموع لم يفرقوا في إحرام المرأة ولبسها بين الحرة والأمة لأنه في مقابلة قوله وشذ القاضي أبو الطيب فحكى وجها أن الأمة كالرجل ووجهين في المبعضة هل هي كالأمة أو كالحرة ه وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبا متجافيا عنه بنحو خشبة وإن احتاجت لذلك كحر وفتنة وكذا إن لم تحتج لذلك فإن وقعت من غير اختيارها فأصاب وجهها فإن وقعته فورا فلا فدية وإلا أثمت ووجبت ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعين طريقا لدفع نظر محرم ويحرم على الخنثى المشكل ستر وجهه مع رأسه وتلزمه الفدية وليس له ستر وجهه مع كشف رأسه خلافا لمقتضى كلام ابن المقرى في روضه ولا فدية عليه إذ لا نوجبها بالشك نعم لو أحرم بغير حضرة الأجانب جاز له كشف رأسه كما لو لم يكن محرما ولا يحرم ستر الرأس بما لا يعد ساترا كوضع يده أو يد غيره أو زنبيل أو حمل والتوسد بوسادة أو عمامة والانغماس في الماء والاستظلال بالمحمل وإن مس رأسه وشده بخيط لمنع الشعر من الانتشار وغيره و حرم بإحرام على المحرم ولو امرأة دهن الشعر من رأس أو لحية وإن لم يكن مطيبا كسمن وزبد وشحم وشمع ذائبين ومعتصر(1/353)
من نحو حب كزيت وشيرج وألحق المحب الطبري باللحية سائر شعور الوجه وسواء في الشعر أكان كثيرا أم قليلا إذ التحريم منوط بما يقصد به التزين بخلاف اللبن وإن كان يستخرج منه السمن أما رأس الأقرع وذقن الأمرد فلا لانتفاء المعنى وإنما حرم تطييب الأخشم ولزمته الفدية كما مر لأن المعنى هنا منتف بالكلية بخلافه ثم فإن المعنى فيه الترفه بالتطيب وإن كان المتطيب أخشم على أن لطيفة الشم قد تبقى منها بقية وإن قلت لأنها لم تزل وإنما عرض مانع في طريقها فحصل الانتفاع بالشم في الجملة وإن قل ولو كان بعض الرأس أصلع جاز دهنه هو فقط دون الباقي وخرج بالرأس واللحية وما ألحق بهما ما عدا ذلك من البدن ظاهرا وباطنا وسائر شعوره وأكله من غير أن يصيب اللحية أو الشارب أو العنفقة كما هو ظاهر وجعله في شجة بنحو رأسه وفارق حرمة الاستعاط بالطيب بأن القصد هنا تنمية الشعر ولم يحصل منه شيء بوجه وهناك ظهور الرائحة وهي تظهر بالجشاء وغيره والمحرم هنا ما يوجب الفدية أما خضب شعر الرأس واللحية بحناء رقيق ونحوه فلا يوجبها لأنه ليس بطيب ولا في معناه و حرم بإحرام الحلق للشعر من الرأس أو غيره من إحراق أو قص أو نورة من نفسه أو محرم آخر والمراد بالشعر الجنس فيصدق بالواحد وببعضه وتكمل الفدية في ثلاث شعرات ويعتبر إزالتها في مكان واحد ولو حلق جميع شعر رأسه دفعة واحدة لم تلزمه إلا فدية لأنه يعد فعلا واحدا وكذا لو حلق شعر رأسه وبدنه على التواصل ولو حلق شعر رأسه في مكانين أو مكان واحد لكن في زمانين متفرقين وجب فديتان ولو أزال ثلاث شعرات في ثلاثة أمكنة أو ثلاثة أوقات وجب في كل واحدة مد طعام وفي الثنتين مدان ويجوز قطع ما غطى عينه من شعر حاجبه أو رأسه أو نبت داخل عينيه وتأذى به ولا فدية ولو قطع عضوا أو جلدة عليها شعر فلا فدية كما لو قطع محرم مجنون أو مغمى عليه أو صبي لا يميز شعرا ويجوز للمعذور أن يحلق ويفدى كاحتياجه إليه وكثره وسخ أو قمل أو(1/354)
حاجة أخرى في رأسه أو سائر بدنه و حرام بإحرام الطيب أي استعماله في بدنه أو ملبوسه ولو نعلا كمسك وكافوروورس وهو أشهر طيب في بلاد اليمن وزعفران ويلحق بذلك ما الغرض منه رائحته الطيبة كورد وياسمين ونرجس وبنفسج وريحان فارسي وما اشتمل على الطيب من الدهن كدهن ورد وبنفسج وعد من استعمال الطيب أكله والاحتقان به واستعاطه أو أن يحتوي على مجمرة عود فيبخر به أو أن يشد المسك أو العنبر في طرف ثوبه أو تضعه المرأة في جيبها أو تلبس الحلى المحشو به وأن يجلس أو ينام على فراش مطيب أو أرض مطيبة وأن يدوس الطيب بنعله لأنها ملبوسة ولا بد في استعمال الطيب من إلصاقه به تطيبا فلا استعمال بشم ماء الورد ولا بحمل المسك في كيس أو نحوه مشدود الرأس ولا بأكل العود أو شده في ثوبه لأن التطيب إنما يكون بالتبخر به ولا فدية على جاهل كونه طيبا ولا ظان أنه يابس لا يعلق به منه شيء ولا ناس لإحرامه ولا على من ألقت عليه الريح طيبا نعم إن أخر إزالته لزمته و حرم بإحرام قلم الظفر من يده أو رجله أو من محرم آخر قلما أو غيره قياسا على الحلق بجامع الترفه والمراد به الجنس الشامل للواحد وبعضه نعم إن قطع عضوا فلا فدية فيه أو انكسر وتأذى وقطع المنكسر فكذلك و حرم بإحرام اللمس بالشهوة يعنى مقدمات الجماع بشهوة كقبلة ومفاخذة قبل التحللين فإن فعل ذلك عمدا لزمته الفدية سواء أنزل أم لا ولا يحرم بغير شهوة ولا شيء على الناسي والاستمناء حرام يوجب الفدية إن أنزل كل من لبس المخيط وما ذكر بعده يوجب تخييره أي المحرم ما بين شاة مجزئة في الأضحية تعطب أي تذبح أو آصع ثلاثة لستة مسكين لكل مسكين نصف صاع أو صوم ثلاث من الأيام بيت أنت نية صومها بليل ولو(1/355)
عبر الناظم بدل أو الجارية على الألسنة في مثل هذا الكلام بالواو كان أقوم بل ادعى بعضهم أنه الصواب لأن بين إنما تكون بين شيئين ومثل فدية الحلق فدية الاستمتاع كالطيب والادهان واللبس ومقدمات الجماع لاشتراكها في الترفه وهذا دم تخيير وتقدير وعمد وطء بالنصب عطفا على مسمى لبس وبالرفع مبتدأ خبره للتمام حققا فيحرم بالإحرام من عاقل عامد عالم بالتحريم ولو لبهيمة أو في دبر ولو بحائل وإن لم ينزل للتمام حققا بألف الإطلاق إن كان ماضيا وإلا فبدل من نون التوكيد مع الفساد فتفسد به العمرة مطلقا وكذا الحج قبل التحلل الأول بعد الوقوف أو قبله ولا يفسد به بين التحللين ولا تفسد به العمرة في ضمن القرآن أيضا لتبعها له وإن لم يأت بشيء من أعمالها ولا فساد بجماع الناسي والجاهل بالتحريم ومن جن بعد أن أحرم عاقلا ويجب إتمام ذلك النسك من حج أو عمرة أو قران والمراد بالمضي فيه أن يأتى بما كان يفعله قبل الجماع ويجتنب ما كان يجتنبه قبله فإن ارتكب محظورا لزمته الفدية ولا يمضى في فاسد غير النسكين من العبادات إذ يحصل الخروج منه بالفساد و يجب القضا اتفاقا مضيقا وإن كان نسكه تطوعا وتعبير الناظم بما ذكر أحسن من تعبير كثير بالقضاء من قابل لشموله القضاء قبله إذ العمرة يمكن قضاؤها في عام الإفساد وكذا الحج فيما إذا أحصر عن إتمامه قبل وطئه أو بعده ثم تحلل ثم زال الحصر والوقت باق فيلزمه القضاء في عامه والمراد بالقضاء القضاء اللغوي وهو مطلق الإعادة كالصوم تكفير صلاة باعتدا أي كترك الصوم والصلاة باعتداء فإن قضاءهما مضيق بخلاف تركهما بلا اعتداء وتكفير ما ارتكب موجبه باعتداء فإنه مضيق وإن كان أصل الكفارات على التراخي لأن المعتدى لا يستحق التخفيف بخلاف غيره وبالقضا يحصل ماله الأدا أي من فرض أو نفل فلو أفسد النفل ثم نذر حجا وأراد تحصيل المنذور بحجة القضاء لم يحسن له ذلك ومحل وجوب القضاء إذا كان ما أفسده غير قضاء فإن أفسد قضاء(1/356)
لم يقضه وإنما يقضي ما أفسده أولا لأن المقضي واحد وصح القضاء في الصبي ورق اعتبارا بالأداء وإن لم يكن الصبي والرقيق من أهل الفرض وإذا أحرما بالقضاء فكملا قبل الوقوف انصرف إلى فرض الإسلام وعليهما القضاء وفي بعض النسخ بعد قوله مضيقا عليه كالتكفير للذي اعتدى وبالقضا يحصل ماله الأدا كترك صوم واعتدى وكفره وقوله كفره أي عمد الوطء المفسد بدنة وهي الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى فأما ما يفسد كالوطء في الحج بين التحللين فتجب به شاة وكذا لو كرر الوطء في الحج قبل التحلل الأول لأن الأول هو المفسد ولا كفارة على المرأة ولو محرمة وإن فسد حجها ثم إن لم يجد ها فبقرة ثم الشياه السبع من الغنم ولا بد من إجزاء كل منها في الأضحية ثم إن عجز عنها فالطعام بقيمة البدنة بأن يقومها بدراهم ويخرج بقيمتها طعاما يتصدق به ويستحب أن لا يزيد في الدفع إلى كل مسكين على مدين ولا ينقصه عن مد فإن عجز فالصيام بالعد من أمداده فيصوم عن كل مد يونا وهذا ترتيب وتعديل وحرما بألف الإطلاق على ما مر نظيره في قوله حققا لمحرم ومن يحل الحرما تعرض الصيد أي وحرم على محرم ولو خارج(1/357)
الحرم وحده أو مع الصيد وعلى الحلال بالحرم ولو غير محرم أو كان الصيد بالحل كعكسه المفهوم بالأولى تعرض الصيد أي منه ولو بتنفير أو إعارة آلة نصب أو شبكة أو وضع يد بشراء أو عارية أو وديعة أو غيرها إلى صيد مأكول برى أو متولد منه ومن غيره من طير أو دابة وخرج بالبرى البحري وهو ما لا يعيش إلا في البحر وإذا خرج منه يصير عيشه عيش مذبوح فلا يحرم التعرض له وإن كان البحر في الحرم وبالمأكول وما عطف عليه ما لا يؤكل وما لا يكون في أصله ما ذكر ولا فرق بين المستأنس وغيره ولا بين المملوك وغيره ولو توحش إنسي لم يحرم التعرض له وشمل كلامه التعرض لجزء البرى المذكور كلبنه وشعره وريشه بقطع أو غيره فإن حصل مع التعرض للبن نقص في الصيد ضمنه وبيض المأكول مضمون بقيمته ولا شيء في المذرة إلا بيض النعامة ففيه قيمته ولو نفر صيدا عن بيض حضنه فقد لزمته قيمته ولو أخذ بيض دجاج مثلا فأحضنه صيدا ففسد بيض الصيد أو لم يحضنه ضمنه أو بيض صيد وأحضنه دجاجة فهو في ضمانه حتى يفرخ ويمتنع فلو مات قبل الامتناع لزمه مثله من النعم ولو كسر بيضة فيها فرخ فطار وسلم فلا شيء عليه فإن مات فمثله من النعم ومحل تحريم التعرض المذكور إذا كان عامدا عالما بالتحريم مختارا ولو رمى صيدا من الحل إلى الحل فقطع السهم هواء الحرم ضمن أو أرسل كلبا في الحل إلى صيد في الحل فدخل الحرم وقتله فيه أو قتل فيه صيدا غيره وتعين الحرم درباله فكذلك وإلا فلا ولو رمى صيدا بعض قوائمه في الحرم أو تحلل قبل أن يصيبه أو عكسه ضمن وكذا لو نصب شبكة ثم تحلل فوقع فيها صيد للتعدي بخلاف عكسه ولو وضع يده لا لمداواة أو نحوها فتلف هو أو جزؤه ضمنه ولو صال عليه فأدى دفعه إلى قتله فلا وكذا لو عم الجراد الطريق ولم يجد بدا من وطئه ففعل أو باض حمام أو غيره في فراشه أو نحوه وفرخ ولم يكن دفعه إلا بالتعرض له أو انقلب عليه في نومه فأفسده وكذا لو جن فقتله لأنه وإن كان إتلافا لكنه حق له(1/358)
تعالى ففرق فيه بين من هو من أهل التمييز وغيره وفي الأنعام المثل فالبعير كالنعام أي ففي النعامة الذكر أو الأنثى بدنة أي واحد من الإبل وفي بقر الوحش وحماره بقرة أي واحد من البقر والكبش كالضبع وهو ذكر الضأن والأنثى نعجة وعنز ظبي وهي أنثى المعز التي تم لها سنة وكالحمام وهو ما عب وهدر الشاة من ضأن أو معز ضب جدي وفي الأرنب عناق وهي أنثى المعز ما لم تستكمل سنة وفي اليربوع جفرة وهي الأنثى من المعز إذا بلغت أربعة أشهر وما لا نقل فيه يحكم بمثله من النعم عدلان فقيهان فطنان ويفدى الكبير بكبير والصغير بصغير ويجوز فداء الذكر بالأنثى وعكسه والمريض بمريض والمعيب بمعيب إن اتحد جنس العيب وإن كان عور أحدهما في اليمين والآخر في اليسار فإن اختلف كعور وجرب فلا ولو قابل المريض بصحيح أو المعيب بسليم فهو أفضل ويفدى السمين بسمين والهزيل بهزيل وفيما لا مثل له كالجراد والعصافير القيمة وتعتبر القيمة بمحل الإتلاف ويقاس به محل التلف أو الطعام قيمة أي يتخير في الصيد المثلى بين ذبح مثله والصدقة به على مساكين الحرم وبين أن يقوم المثل دراهم ويشترى بها طعاما يجزىء في الفطرة أو يخرج بقدرها من طعامه لهم أي لأجلهم بأن يتصدق به عليهم ولا يجوز أن يتصدق بالدراهم وأقل ما يجزىء الدفع إلى ثلاثة من الفقراء أو المساكين والصرف إلى القاطنين بالحرم أولى من الغرباء أو صوما بعدها عن كل مد يوما أي أو يصوم عن كل مد يوما وغير المثلى يتصدق بقيمته طعاما لمساكين الحرم ولا يتصدق بالدراهم ويصوم عن كل مد يوما كالمثلى فإن انكسر مد في القسمين صام عنه يوما والعبرة في قيمة غير المثلى بمحل الإتلاف قياسا على كل متلف متقوم وفي قيمة مثل المثلى بمكة يوم إرادة تقويمه لأنها محل ذبحه لو أريد ويعتبر(1/359)
كتاب البيع وفي العدول إلى الطعام سعره بمكة لا بمحل الأتلاف بالحرم اختص طعام والدم لقوله تعالى هديا بالغ الكعبة بأن يفرق الطعام على مساكينه واللحم عليهم أو يملكهم جملته مذبوحا لاحيا لأن المقصود من الذبح إعطاء اللحم لا مجرد تلويث الحرم بالذبح إذ هو مكروه ولا يجوز الأكل منه لا الصوم فلا يختص بأرض الحرم بأن يصوم حيث شاء إذ لا غرض فيه للمساكين إن يعقد نكاحا محرم فباطل أي ولو مع حلال وليا كان العاقد ولو سلطانا أو زوجا أو وكيلا عن أحدهما وكذا لو كان العاقد حلالا والزوجة محرمة وسواء كان محرما بحج أم بعمرة أم بهما لخبر مسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح والنهى للفساد وقطع نبت حرم رطب وقلعا دون عذر حرم أي على الحلال والمحرم ويتعلق الضمان به والمستنبت كغيره فيحرم قطع كل شجر رطب غير مؤذ حرمى لا اليابس وكذا العوسج وكل ذي شوك ولو نقل شجرة منه إلى الحل حرم وعليه ردها أو إلى موضع منه فلا رد عليه ولو نقل الشجرة أو الأغصان إلى الحل أو الحرم فيبست ضمن أو نبتت فلا فلو قلعها قالع ضمن ولو غرس شجرة حلية في الحرم فنبتت لم تصر حرمية بخلاف الصيد ولو كان أصل الشجرة في الحرم وأغصانها في الحل فقطع غصنا ضمنه وإن أخذ صيدا عليه فلا أو العكس فبالعكس أو بعض أصلها في الحل وبعضها في الحرم فكلها حرميه ولو انتشرت أغصان الحرمية ومنعت الناس الطريق وآذتهم قطع المؤذى منها ولو أخذ غصنا من حرميه ولم يخلف ضمنه وإن أخلف في سنته فلا ويحل أخذ الأوراق بلا خبط ويضمن الشجرة الكبيرة ببقرة أو ببدنة ودونها إلى قربها من سبع الكبيرة شاة وإن صغرت جدا فالقيمة ويضمن الكلأ بالقيمة فان أخلف فلا وإن كان يابسا فقطعه فلا بأس أو قلعه ضمن حيث لم يكن أصلها يابسا ويجوز ذلك لعذر كرعي البهائم فيه وأخذه لعلفها أو لدواء ويحل الإذخر وصيد المدينة وشجرها حرام وكذا وج وهو واد في الطائف ولا ضمان في ذلك واعلم أن المحرمات إما أن تكون استهلاكا كالحق أو(1/360)
استمتاعا كالطيب وهماأنواع ولا تداخل إلا إن اتحد النوع والزمان والمكان ولم يتخلل تكفير ولم يكن مما يقابل بمثل فان حلق وقلم وتطيب ولبس تعددت مطلقا لا إن لبس ثوبا مطيبا أو طلى رأسه بطيب لاتحاد الفعل وإن اختلف مكان الحلقين أو اللبسين أو الطيبين أو زمانهما تعددت وتتعدد أيضا بتخلل التفكير ولا يتداخل الصيد ونحوه وإن اتحد نوعه والطيب كله نوع وكذا اللباس والله أعلم كتاب البيع هو لغة مقابلة شىء بشىء وشرعا عقد يتضمن مقابلة مال بمال بشرطه الآتي باستفادة ملك عين أو منفعة مؤبدة وهو المراد بالترجمة هنا وقد يطلق على قسيم الشراء فيجد بانه نقل ملك بثمن على وجه مخصوص والشراء بأنه قبوله على أن لفظ كل يقع على الآخر والأصل فيه قبل الأجماع آيات كقوله تعالى وأشهدوا إذا تبايعتم وقوله وأحل الله البيع وهي عامة تتناول كل بيع إلا ما خرج بدليل وأركانه ثلاثة عاقد ومعقود عليه وصيغة وبدأ بها لأنها أهم للخلاف فيها فقال وإنما يصح بالإيجاب من البائع وهو صريحا ما يدل على التملك بعوض دلالة ظاهرة مما اشتهر وتكرر على ألسنة حملة الشرع وستأتى الكناية وسواء أكان هازلا أم لا ولو في بيع ماله لولده محجورة وعكسه وبيع مال أحد محجور به للآخر وكذا في البيع الضمني لكن تقديرا فلا ينعقد بالمعاطاة ولو في محقر وما بعده الناس(1/361)
بيعا والصريح كبيعتك ذا بكذا أو هذا مبيع منك بكذا أو أنا بائعة لك بكذا أو وهبتك هذا بكذا ووليتك في التولية وأشركتك في الأشتراك وصارفتك في عقد الصرف ولا بد من إسناد البيع إلى جملة المخاطب فلو قال بعت يدك أو نصفك أو ربعك لم يصح وكذا لو قال تبيعني أو أتبيعنى للاستفهام ولو مقدرا ويؤخذ من كلامه أنه لا يشترط اتفاق لفظ الإيجاب والقبول فلو قال ملكتك فقال اشتريت صح وبقبوله أي المشترى وهو صريحا مادل على التملك دلالة قوته كما مر كاشتريت وتملكت وقبلت وفعلت وأخذت وابتعت ورضيت ويؤخذ من عطفه القبول بالواو جواز تقديم لفظ المشترى على لفظ البائع ولو بقبلت وهو كذلك وانه ينعقد بالكناية مع النية كجعلته لك بكذا أو سلطتك عليه بكذا أو بارك الله فيه بكذا ومحله في غير البيع المشروط نية الأشهاد إذ الشهود لا اطلاع لهم على النية ما لم تتوفر القرائن والكتابة ولو على أرض أو حجر أو مدر لغائب أو حاضر كناية لا على المائع والهواء ويؤخذ من قوله وبقبوله أشتراط توافق الإيجاب والقبول في المعنى فلو قال بعتك بألف فقبل بألف وخمسمائة لم يصح بخلاف ما لو قبل نصفه بخمسمائة ونصفه بخمسمائة ويعتد باشارة الأخرس في العقود والفسوخ والحلول ونحوها ثم أن فهمها كل واحد فصريحه أو الفطن ونحوه فكناية ولا بد أن لا يطول الفصل بين الإيجاب والقبول بما يشعر بالإعراض وأن لا يتخلل بينهما كلمة أجنبيتة ولو ممن لا يطلب جوابه نعم لو قال المتوسط للبائع بعت هذا بكذا فقال نعم أو بعت ثم قال للمشترى اشتريت بكذا فقال نعم أو اشتريت صح البيع لوجود الصيغة والتراضى فإن كانت من مقتضى العقد أو مصالحه أو مستحباته كبسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلت صح وان يقع الإيجاب بلفظ الخطاب وأن يصر البادئ على ما أتى به من الإيجاب والقبول فلو أوجب بمؤجل أو بشرط خيار ثم أسقط الأجل أو الخيار قبل القبول وإن يبقيا على الأهلية إلى تمامه فلو(1/362)
جن أحدهما أو أغمى عليه أو حجر عليه بسفه قبل تمامه لم يصح وأن يتكلم بحيث يسمعه من بقربه وإن لم يسمعه صاحبه وإلا لم يصح وأن لا يكون معلقا إلا في نحو بعتك إن شئت فيصح ما لم يكن متقدما على الايجاب وإن كان في ملكي فقد بعتكه ونحوها وأن لا يكون مؤقتا ولو بعمرك أو حياتك أو استيجاب فيقوم مقدم الإيجاب كالاستقبال فإنه يقوم مقام القبول الركن الثانى العاقد ومن شروطه أن يكون بالغا عاقلا أو زائل العقل بما تعدى به غير محجور عليه بسفه مختارا أو مكرها بحق بصيرا حلالا إن كان المبيع صيدا معصوما إن كان المبيع سلاحا أو خيلا مسلما إن كان المبيع رقيقا مسلما أو مرتدا أو مصحفا أو حديثا أو فقها فيه آثار السلف الركن الثالث المعقود عليه وله شروط بينها بقوله في طاهر أي إنما يصح البيع في طاهر ولو بالاجتهاد أو يطهر بالغسل كثوب تنجس بما لم يستر شيئا منه فلا يصح بيع كلب ولو معلما وخنزير وميتة وخمر ونحوها ولا بيع ما لا يطهر بالغسل وإن طهر بالاستحالة كجلد ميتة أو مكاثرة كماء قليل تنجس أو لم يطهر أصلا كمائع ويصح بيع القز وفيه الدود ميتا وزنا وجزافا منتفع به أي ولا بد من كون المبيع منتفعا به حسا وشرعا في الحال كالماء بالشط والتراب بالصحراء والحجر بالجبل أو في المآل كالجحش الصغير فما لا نفع فيع لا يصح بيعه أما لقلته كحبتي حنطة أو زبيب وإ ن حرم أخذهما ووجب ردهما وإما لخسته كحدأة ورخمة وغراب وإن كان في أجنحة بعضها تفع وحشرات لا نفع فيها وإن ذكرها لها منافع في الخواص وكل سبع لا ينفع كأسد وذئب ونمر كبير نعم يصح بيع العلق لامتصاص الدم وما يؤكل من الحشرات كأم جين وضب ويربوع وكل سبع ينتفع به كضبع للأكل وفهد وهرة للصيد وفيل للقتال وزرافة للحمل وقرد للحراسة وطاوس للأنس يلونه ويصح بيع العبد الزمن لا الحمار الزمن ويحرم بيع السم فإن نفع قليله كالسمقمونيا والأفيون جاز ولا يصح بيع آلة(1/363)
لهو وصور ولو من ذهب ولا بيع النرد ما لم يصلح بيادق شطرنج ويصح بيع جارية مغنية وكبش نطاح وديك هراش وإن زاد الثمن بذلك وبيع إناء ذهب وفضة لأن المقصود وعين النقد قدر تسليمه أي وأن يكون مقدورا على تسليمه حسا وشرعا فلا يصح بيع ضال وآبق ومغصوب فإن كان البيع ضمنيا صح وكذا إن كان المشترى قادر على تسلمه بلا مؤنة فإن جهل أو عجز ثبت له الخيار ويصدق بيمينه في عجزه ويصح بيع في بركة وحمام في برج سهل أخذه وإلا لم يصح بيع بعض معين تنقص قيمته بفصله ولا بيع بعض معين من إناء أو سيف أو ثوب نفيس أو جذع في بناء أو فص في خاتم اما بيع بعض شائع أو معين مما لا ينقص بفصله ككرباس أو ينقص بتفريقه كفرد خف فيصح ويصح بيع النحل خارج الكوارة إذا رآه قبل ذلك وكانت أمه في الخلية ولا يصح بيع مرهون مقبوض من غير مرتهنه ولا بغير إذنه ولا جان متعلق برقبته مال قبل اختيار الفداء بغير إذن المجنى عليه ملك لذى العقد أي أن يكون مملوكا لصاحب العقد الواقع وهو العاقد او موكله أو موليه أي يكون مملوكا لأحد الثلاثة فلا يصح بيع الفضولى ولا سائر تصرفاته لأنه ليس بمالك ولا وكيل ولا ولى نعم لو تصرف في مال مورثه ظانا حياته فبان ميتا صح كما لو باع رقيقه ظانا بقاء كتابته أو إباقه فاسخا أو راجعا نظر أي من العاقدين فلا يصح بيع مالم يرياه أو أحدهما وإن وصف بصفات السلم وتكفى الرؤية قبل العقد فيما لا يتغير غالبا إذا كان حال العقد ذاكرا للأوصاف وذلك كالأوانى والأراضى فإن بان متغيرا ولو بقول المشترى ثبت له الخيار بخلاف ما يغلب تغيره من وقت الرؤية إلى العقد كالأطعمة التى يسرع فسادها وتكفى رؤية بعض المبيع إن دل على باقيه كظاهر صبرة نحو البر وأعلى السمن والخل والمائعات في الظروف وكأنموذج المتماثل إذخاله في العقد وإن لم يخلطه بالمبيع أو كان صوانا للباقي كقشر الرمان والبيض والخشكنان بخلاف جوز القطن وجلد الكتان والفأرة وفيها المسك وإن كانت(1/364)
مفتوحة ولا تكفى رؤية ما في القارورة ومن ورائها بخلاف السمك في البركة والأرض تحت الماء الصافى إذ به صلاحهما وتعتبر رؤية كل شئ بما يليق به ففي الداررؤية البيوت والسقوف والسطوح والجدران والمستحم والبالوعة والبستان رؤية الأشجار والجدران ومسايل الماء والعبد والأمة ما عدا العورة واللسان والأسنان والدابة رؤية مقدمها ومؤخرها وقوائمها وظهرها والثوب النفيس رؤية جميعه والغليظ رؤية أحد وجهيه والكتب والورق البياض والمصحف رؤية جميع أوراقه ويتسامح في كوز الفقاع إن عينه مع الممر تعلم أي بأن يعلم العاقدان عينه في المعين وممره ثمنا كان أو مثمنا فلو باع أحد عبيده او صيعانه مبهما لم يصح وإن تساوت قيمتهما وقال على أن تختار ايها أو أيهم شئت وكذا لو باع دارا محفوظة بملكه من كل الجوانب وشرط للمشترى حق المرور إليها من جانب سهم لتفاوت الأغراض باختلاف الجوانب فيفضى إلى المنازعة فجعل إبهامه كإبهام المبيع بخلاف ما إذا عينه أو أثبته له من كل الجوانب او أطلق أو قال بعتكها بحقوقها فيصح البيع ويتعين في الأولى ما عينه وله في البقية المرور من كل جانب فإن كانت الأرض في صورة الإطلاق ملاصقة للشارع او لملك المشترى لم يستحق المرور في ملك البائع بل يمر من الشارع او ملكه القديم ولو باع ذراعا من أرض أو ثوب وذرعه معلوم لهما صح ونزل على الأشاعة وإن أراد معينا لم يصح فإن اختلفا في الأرادة صدق المعين أو غير معلوم لم يصح ويصح بيع صاع من صبرة فإن علو صيعانها نزل على الأشاعة وإن جهلت نزل على صاع مبهم وله أن يعطيه من أسفلها ولو لم يبق منها إلا صاع تعين ولو باعه الصبرة إلا صاعا صح إن علم صبعانها وإلا فلا أو وصفه وقدر ما فى الذمم أي بأن يعلم العاقدان قدر المبيع ووصفه أي وجنسه في الذمة ثمنا كان أو مثمنا فلو قال بعتك بملء أو ملء ذا البيت حنطة أو بزنة هذه(1/365)
الحصاة ذهبا لم يصح للجهل بالقدر فلو عين العوض كأن قال بعتك بملء أو ملء ذا البيت من هذه الحنطة صح ولو باع بألف أو نقد مطلقا وثم نقود ولا غالب فيها لم يصح لجهالة الجنس في الأولى والوصف في الثانية نعم إن تساوت قيمة النقود صح البيع وسلم المشترى ما شاء منها وأفهم كلامه أن المعين لا يعتبر العلم بقدره وهو كذلك فيصح بيع المشاهد من غير تقدير كصبرة الطعام والبيع به كصبرة الدراهم لكنه يكره لأنه قد يوقع في الندم فإن علم أن تحتها دكة أو منخفضا أو أختلاف أجزاء الظرف لم يصح وإن جهل خير ولو قال بعتك هذه الصبرة أو القطيع أو الأرض كل صاع أو شاة أو ذراع بدرهم صح ولا يصح بيع عشرة شياه من هذه المائة بخلاف مثله من الصبرة والأرض ولو قال بعتك من هذه الصبرة كل صاع بدرهم أو كل صاع من هذه الصبرة بدرهم أو بعتك صاعا من باطنها لم يصح أو بعتكها بعشرة دراهم كل صاع بدرهم صح إن خرجا سواء وإلا فلا وعلم مما قررناه ان شروط المعقود عليه غير الربوى ستة طهارته ونفعه والقدرة على تسليمه وكونه مملوكا لصاحب العقد ورؤيته والعلم به قال العراقى والتحقيق أن اشتراط الرؤية داخل فى اشتراط العلم فإنه لا يحصل بدون الرؤية ولو وصف فوراء الوصف أمور تقصر عنها العبارة أي فتكون الشروط خمسة وما أورد على الحصر من انها موجودة في حريم الملك مع انه لا يصح بيعه وحده رد بأنه إن أمكن إحداث حريم للملك فالوجه الصحة وإلا فالمنع لعدم القدرة على تسليمه كبيع بعض معين من ثوب ينقص بالقطع ثم شرع في بيان الربا وهو لغة الزيادة وشرعا عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما وهو ثلاثة أنواع ربا الفصل وهو زيادة أحد العوضين على الآخر وربا اليد وهو البيع مع تأخير قبض أحدهما وربا النساء وهو البيع لأجل وكل منها حرام فقال وشرط بيع النقد بالنقد تقابض العوضين في مجلس العقد وحلولهما وعلم العاقدين بتماثلهما(1/366)
كما سيأتي كما في بيع مطعوم بما قد طعما والألف للاطلاق أي اتحد جنسهما لخبر مسلم الطعام مثلا بمثل وأنه قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد أي مقابضة أي ومن لازمه الحلول غالبا وإلا لجاز تأخير التسليم إلى زمنه وعلة الربا في الذهب والفضة جوهرية الثمن وفي المطعوم الطعم لأنه علق في الخبر الأول الحكم باسم الطعام الذي هو بمعنى المطعوم والمعلق بمشتق معلل بما منه الاشتقاق كالقطع أو الجلد المعلقين باسم السارق والزاني والطعام ما قصد غالبا لطعم الآدمي إقتياتا أو تأدبا أو تفكها أو تداويا وإنما لم يعد في الأيمان طعاما لعدم تناول العرف له وهي مبنية عليه وهذه الأقسام مأخوذة من الخبر السابق فإنه نص على أربعة أشياء مختلفة المقاصد إذ المقصود من البر اقتيات الآدمى فألحق به الفول ونحوه والمقصود من التمر التأدم والتفكه فألحق به ما في معناه كالزبيب والفواكه ونحوها والمقصود من الملح الإصلاح به في معناه كالزعفران والمصطكى والسقمونيا والطين الأرمنى والزنجبيل ودهن البنفسج والورد ولا فرق بين ما يصلح الغذاء وما يصلح البدن فإن الأغذية لحفظ الصحة والأدوية لردها فلا ربا فيما اختص بالجن كالعظم أو البهائم كالحشيش والتبن أو غلب تناولها له أو لم يقصد للطعم كالجلود والتراب المأكول سفها وكدهن الكتان ودهن السمك لأنهما معدان للاستصباح ودهن السفن للأكل ولا ربا في الحيوان وإن جاز بلعه كصغار السمك بخلاف ما يؤكل نادرا كالبلوط وتناول التداوى بالماء العذب فإنه ربوى مطعوم والنقد هنا ضد العرض فتناول التبر والحلى وغيرهما وخرج به الفلوس وإن راجت تقابض المجلس(1/367)
والأضافة في ذلك بمعنى في المراد بالتقابض ما يشمل القبض حتى لو كان العوض معينا كفى الاستقلال يقبضه ولا بد من القبض الحقيقى فلا تكفى الحوالة وإن حصل القبض بها في المجلس وتكفى الوكالة إن قبض الوكيل قبل مفارقة الموكل المجلس ولو تقابضا البعض صح فيه فقط ولو كان العاقد عبدا مأذونا فقبض سيده أو وكيلا فقبض موكله لم يكف ولو مات أحدهما في المجلس قام وراثه مقامه في القبض ولو أجاز العقد قبل القبض بطل العقد وإن حصل القبض قبل التفريق والحلول فلو أجله ولو بلحظة لم يصح زد أيها الواقف علو تماثل فالجهل بالمماثلة كحقيقة المفاضلة بجنس يتحد أي ان أعتبار الأمور الثلاثة حيث اتحد الجنس فإن اختلف كذهب وفضة أعتبر أمران الحلول والتقابض قبل التفريق والمماثلة تعتبر في المكيل كيلا والموزون وزنا بغالب عادة الحجاز في عهده صلى الله عليه وسلم فلا يباع المكيل بمثله وزنا وعكسه فالذهب والفضة والجوز والسمن وقطع الجامد وقطع الملح الكبار واللحم موزونة والحبوب والزبيب واللوز واللبن والعسل والخل والعصير والدهن والملح ونحوها مكيله وما لم يكن في ذلك العهد أو بالحجاز أو لم يعلم حاله أو استعملا فيه ولم يتعين أغلبهما وكان أكبر من التمر فالوزن أو مثله أو دونه فعادة بلد البيع وقته وعلم من قوله زد إلى آخره أنه لو بيع ربوى بجنسه جزافا تخمينا لم يصح ولو خرجا سواء وأنه لا يصح البع في قاعدة مدعجوة وهى أن يقع في جانبى العقد ربوى شرطه التماثل ومعه جنس آخر ولو غير ربوى فيهما أو في أحدهما أو نوع آخر أو ما يخالفه في الصفة كمد عجوة ودرهم أو ثوب بمثلهما أو مد عجوة ودرهمين صحاح أو مكسرة تنقص قيمتهما بمائة دينار جيدة ومائة رديئة أو بمائة صحيحة ومائة مكسرة وتعدد الصفقة هنا بتعدد البائع والمشترى كالاتحاد ويصح بيع دار فيها بئر ماء عذب بمثلها وإن وجب التعرض له ليدخل في البيع بل لا يصح بدونه وبيع الحنطة بشعير وفيهما أو أحدهما حبات من الآخر(1/368)
يسيرة بحيث لا يقصد تمييزها لتستعمل وحدها وبيع حنطة بمثلها وفيهما أو أحدهما قليل زوان أو تبن أو شعير بحيث لو ميز لم يظهر في الكيل تفاوت وكذا لا يضر قليل تراب ونحوه في المكيلات وبيع دار موهت بذهب فظهر فيها معدن وبيع دار موهت بذهب تمويها لا يحصل منه شئ بالنار بذهب وإنما يعتبر التماثل في بيع الربوى بجنسه حال كمال النفع به بأن يتهيأ لأكثر الانتفاعات المطلوبة منه أو يكون على هيئة يتأتى معها ادخاره وهو أي حال كمال النفع حاصل في لبن التمر فيباع اللبن باللبن ولو حامضا رائبا وخاثرا ومخيضا ما لم يغل بالنار أو يختلط بالماء أو نحوه ولا يبالى بكون ما يحويه المكيال من الخاثر أكثر وزنا لكن لا يباع الحليب إلا بعد سكون رغوته ويباع التمر بالتمر ولا تضر نداوة لا يظهر أثر زوالها في الكيل ونزع نوى التمر والزبيب يبطل به كماله لأنه يسرع إليه الفساد بخلاف مفلق المشمش والخوخ ونحوها لأن الغالب في تجفيفها نزع النوى وكمال الحبوب بتناهى جفافها وبقائها على هيئتها وفيما يتخذ منه الدهن كالسمسم التناهى والبقاء أو الدهن وكماله الفواكه التناهى والبقاء أو العصير أو الخل الصرف وكمال اللحم التناهى والخلو من ملح يؤثر في الوزن ونزع عظمه ولا كمال المطبوخ ومشوى ومقلى ومعروض على النار للعقد لا للتمييز وما لا كمال له كحنطة مقلية أو مبلولة وإن جفت ودقيق وسويق وخبز وكشك ونشا ولبن مشوب بماء ومصل وأقط وجبن وبطيخ وسفرجل ورمان وحبة الرطب ومشمش وخوخ رطبين وكمثرى ورطب وعنب وقثاء وبقل وخل وتمر وزبيب وعصيرهما ودبس وسكر وفانيذ وليأ ولحم طرى لا يجوز بيع بعضه ببعض من جنسه وهو بالرطب(1/369)
رخص في العرايا ولو للاغنياء وهوبيع الرطب أو العنب على شجره خرصا بمثله على الأرض تمرا أو زبيبا كيلا في دون نصاب الزكاة وهو خمسة أوسق كالعنب قياسا على الرطب الذى ورد النص به بجامع أن كلا منهما زكوى يمكن خرصه ويدخر يابسه ومثلهما البسر بخلاف سائر الثمار متفرقة مستورة بالأوراق فلا يمكن خرصها وبخلاف الزائد على ما دون النصاب في صفقة واحدة وسكت عن أشتراط التماثل والتقابض للعلم به مما مر فإن تلف الرطب أو العنب بأكل أو غيره فذاك وإن جف وظهر تفاوت بينه وبين التمر أو الزبيب فإن كان قدر ما يقع بين الكيلين لم يضرو وإلا لم يصح البيع وقبض ما على الشجر بالتخلية وما على الأرض بالكيل وعلم مما قررناه أمتناع بيع كل من رطب وعنب بمثله على الشجر او الأرض لانتفاء حاجة الرخصة وأمتناع بيعه على الأرض بمثله يابسا إذ من جملة المعانى فيهاأكله طريا على التدريج وهو منتف هنا وامتناع بيعه على الشجر بمثله يابسا خرصا لئلا يعظم الغرر في البيع وامتناع بيع كل من رطب وعنب على الأرض بمثله جافا على الشجر أو الأرض ثم ذكر حكم بيع الثمر والزرع فقال واشرط أنت لبيع ثمر أو زرع من قبل طيب الأكل قبل بدو صلاح الثمر واشتداد الحب منفردا عن الأرض شرط القطع وإن كان المشترى مالك الأرض ويجوز بيعه بعد بدو الصلاح مطلقا وبشرط قطعه وبشرط إبقائه والمعنى الفارق بينهما أمن العاهة بعده غالبا وقبله تسرع إليه لضعفه فيفوت بتلفه الثمن أما بيعه مع الأرض فصحيح بدون شرط قطعه لتبعيته لما يؤمن فيه العاهة بل لا يجوز شرطه لما فيه من الحجر على المشترى في ملكه فلو قال بعتك الشجر أو الأرض بعشرة والثمر أو الزرع بدينار لم يجز إلا بشرط القطع لأنه فصل فانتفت التبعية ويشترط لبيع التمر بعد بدو صلاحه والحب بعد اشتداد ظهور المقصوده منه كتين وعنب وشعير وأرز ليكون مرئيا بخلاف الحنطة والعدس في السنبل ولا بأس بكمام لا يزال إلا عند الأكل كقشرة الرمان لأن بقاءه فيه(1/370)
من مصلحته وماله كمامان كجوز ولوز وباقلاء يباع في قشره الأسفل لا الأعلى نعم بيع قصب السكر في قشره الأعلى صحيح صحيح كما في المطلب عن الماوردى ووجه بأن قشرة الأسفل كباطنه لأنه قد يمص معه فصار كأنه فى قشر واحد كالرمان ويصح بيع طلع النخل مع قشره وبدو الصلاح في الأشياء صيرورتها إلى الصفة التى تطلب فيها غالبا ففى الثمار ظهور أول الحلاوة بأن يتموه ويلين وفى التلون بانقلاب اللون وفي نحو القثاء بأن يجنى مثله للأكل وفي الحبوب باشتدادها وفى ورق الفرصاد بتناحيه وقد قسم ذلك إلى أقسام كصفرة المشمش وحمرة العناب أو بالطعم كحلاوة القصب وحموضة الرمان مع زوال المرارة وإما بالنضج في البطيخ والتين وإما بالقوة والاشتداد كالبر والشعير وإما بالطول والامتلاء كالعلف والبقول وإما بالكبر كالقثاء في البطيخ وإما بانشقاق كمامه كالقطن والجوز وإما بانفتاحه كورد وورق توت بيع المبيع قبل قبض أبطلا الألف للاطلاق وسواء اكان منقولا أم غيره وإن أذن فيه البائع وقبض الثمن لضعف الملك قبل القبض بدليل انفساخ العقد بالتلف قبله وشمل كلامه بيعه لبائعه لعموم الأخبار ولضعف االملك ومحل ذلك إذا باعه بغير جنس الثمن أو بزيادة أو نقص أو تفاوت صفة وإلا فهو إقالة بلفظ البيع وكالبيع الرهن ولو من البائع على الثمن وله حق الحبس والاجارة والكتابة والقرض وجعله صداقا وعوض خلع وصلح ورأس مال سلم ويصبح إعتاقه وإيلاده وتزويجه وقسمته وكذا بيع العبد من نفسه لأنه عقد عتاقة كما بحثه بعضهم وهو ظاهر وتصح الوصية به وتدبيره وإباحته للفقراء إذا كان طعاما واشتراه جزافا ومثل البيع كل عوض مضمون عليه في يد الغير ضمان عقد يصح بيعه ماله تحت يده أمانة كوديعة ومشترك وقراض ومرهون بعد انفكاكه وموروث وباق بيد وليه بعد رشده وكذا عارية ومأخوذ بسوم ويصح بيع ما عادله بفسخ عقد قبل استرداده كسلم(1/371)
أو بيع أن رد الثمن ويجوز الاستبدال عما في الذمة من ثمن وقرض وبدل متلف ونحوها فإن استبدل موافقا في علة الربا كدراهم عن دنانير اشترط قبض البدل في المجلس لا تعيينه في العقد أو ما لا يوافق اشتراط تعيينه في المجلس لاقبضه فيه ويرجع في حقيقة القبض إلى العرف فما لم ينفل كالأرض والثمرة على الشجر ولو بعد بدو صلاحها فقبضه بالتخلية مع تسليم مفتاح الدار وتفريغها من متاع غير المشترى لازرع من الأرض بلا إعجال فوق العادة وإن جمع الأمتعة بمخزن منها فما سواه مقبوض وما ينفل فقبضه بالنقل وإن ملك موضعه أو أشتراهما معا يتناول باليد فقبضه بالتناول والمبيع قبل القبض من ضمان البائع فإن أتلفه أو تلف انفسخ وسقط الثمن وإتلاف المشترى من حيث كونه ملكا قبض ويتخير فورا بإتلاف الأجنبي بين الفسخ والرجوع عليه بالبدل كالحيوان إذ بلحم قوبلا الألف للاطلاق أي يبطل بيع اللحم بالحيوان ولو لحم سمك سواء أكان من جنسه كلحم غنم بغنم أم بغير جنسه من مأكول وغيره كلحم غنم ببقر أو بعبد ومثل اللحم في ذلك سائر أجزاء الحيوان المأكولة كطحال وكبد وجلد قبل دبغ او بيع بيض الدجاج ونحوه أو اللبن بالحيوان فجائز وظاهر كلامهم منع بيع اللحم بالسمك والجراد وبه صرح صاحب الخصال وفرضه في بيع لحم الحيتان بالحيتان وبيع لحم الجراد بالجراد فما قيل من أنه ينبغى جواز بيع السمك الصغير بلحم السمك مخالف لذلك ثم شرع في بيان الخيار وهو ضربان خيار نقص وسيأتى وخيار ترو وهو ما يتعلق بمجرد التشهى وله سببان المجلس والشرط وبدأ بالأول منهما لثبوته بالشرع بلا شرط فقال والبيعان بالخيار في انواع البيع كالصرف وبيع الطعام بالطعام والسلم والتولية والتشريك وصلح االمعاوضة وشرائه من يعتق عليه والهبة بثواب وبيعه ماله من فرعه وعكسه قبل ان يفترقا من مجلس العقد عرفا وطوعا بالبدن وإن طال مكثهما وتماشيا منازل وزادت المدة على ثلاثة أيام ولا يثبت خيار المجلس في بيع عبد من(1/372)
نفسه وقسمة لا رد فيها وحوالة وإبراءه ونكاح وهبة بلا ثواب وشفعة وإجارة مطلقا ومساقاة وصداق وعوض خلع اما إذا افترقا من المجلس عرفا وطوعا ببدئهما ولو نسايا أو جهلا فينقطع خيارهما ويحصل التفريق بان يفارق أحدهما الآخر من مجلس العقد وإن استمر الآخر فيه لأن التفريق لا يتبعض ويعتبر العرف فيه فإن كانا فى نحو دار صغيرة فبأن يخرج احدهما منها أو يصعد السطح أو كبيرة فبأن يخرج احدهما من بيت إلى صحن أو عكسه ولو كانا في صحراء أو سوق أو دار متفاحشة الاتساع وولى أحدهما الآخر ظهره ومشى قليلا حصل التفرق ولا يحصل بارخاء ستر وبناء جدار لبقاء المجلس ولو تباعيا متباعدين ثبت الخيار وأنه متى فارق أحدهما موضعه بطل خيارهما ولو تبايعا ببيتين من دار أو صحن أو صفة فكالمتباعدين أو بالمكاتبة وقبل المكتوب إليه فله خيار المجلس ما دام في مجلس القبول ويتمادى خيار الكاتب إلى أن ينقطع خيار المكتوب إليه وخرج بطوعا افتراقهما بالأكراه لهما أو لأحدهما فلا ينقطع به خيارهما بخلاف الناسى والجاهل كما مر لتقصيرهما فلو فارق أحدهما مكرها لم يبطل خياره وإن لم يمنع من النطق بالفسخ إذ فعل المكره كلا فعل والسكوت عن الفسخ لا يبطل الخيار كما في المجلس ولا يبطل خيار الماكث إن منع من الخروج معه وإلا بطل ولو هرب أحدهما بطل خيارهما مطلقا لتمكن من لم يتمكن من اتباع صاحبه من الفسخ بالقول ولأن الهارب فارق مختارا بخلاف المكره فإنه لا فعل ولو باع مال محجوره لنفسه او عكسه وفارق المجلس انتهى خيارهما وخرج بفرقة البدن الموت والجنون والأغماء فلا ينقطع بها الخيار بل يقوم الوارث ولو عاما مقام الميت والولى ولو عاما مقام المجنون والسيد مقام المكاتب والعبد المأذون له والموكل مقام الوكيل كخيار الشرط والعيب ويفعل الولى ما فيه المصلحة من فسخ أو أجازة فإن إجازة فإن كان الوارث طفلا أو مجنونا نصب الحاكم من يفعل له ذلك ثم إن كان القائم بذلك في المجلس(1/373)
فواضح أو غائبا عنه وبلغه الخبر امتد خياره امتداد مجلس بلوغ الخبر ولو ورثه
أثنان فأكثر في المجلس فلهم الخيار حتى يفارقوا العاقد ولا ينقطع بمفارقة بعضهم ومتى فسخ بعضهم وأجاز بعضهم انفسخ في الكل كما لو فسخ المورث في البعض وأجاز في البعض وسواء أفسخ بعضهم في نصيبه فقط أم في الكل ولو أجاز الوارث أو فسخ قبل علمه بموت مورثه نفذ فسخه وإجازته وكما ينقطع الخيار بالتفرق ينقطع بالتخاير بأن يختار لزوم العقد كأجزناه أو أمضينا أو أفسدنا الخيار فلو أختار أحدهم لزوم العقد والآخر فسخه قدم الفسخ ولو تنازعا في التفريق أو الفسخ قبله صدق النافى بيمينه لموافقته الأصل ويشرط الخيار في غير السلم ثلاثة ودونها من حين تم أي يجوز شرط الخيار في غير السلم ثلاثة أيام ودونها من حين تم العقد بالإيجاب والقبول ومثل السلم في ذلك غيره من الربويات لأنه إذا امتنع في السلم لاعتبار القبض فيه من جانب واحد واحد فامتناعه فيما اشترط فيه القبض من الجانبين بالأولى وشمل كلامه شرط الخيار للبائعين ولأحدهما ولغيرها حتى للرقيق المبيع ولو كافرا في بيع عبد مسلم أو محرما في صيد وإنما يشرطه الوكيل نفسه أو لموكله فلو شرطه للآخر لم يصح العقد وما لا يثبت فيه خيار المجلس كالحوالة يمتنع شرط الخيار فيه وكذا للمشترى وحده في مبيع يعتق عليه وشرط الثلاث في مصراة للبائع أو فيما يسرع فساده في تلك المدة وعلم من كلامه اشتراط كون المدة المشروطة معلومة لا تزيد على ثلاثة أيام اي متوالية متصلة بالعقد وتحسب من العقد نعم إن شرطت في أثناء المجلس فإبتداؤها من الشرط وإن شرط ابتداؤها من التفرق أو التخاير بطل العقد للجهالة وإن انقضت المدة وهما بالمجلس بقى خيارة فقط وإن تفرقا والمدة باقية فبالعكس ويجوز أسقاط الخيارين أو أحدهما فإن أطلقا سقطا وله الفسخ في غيبة صاحبه وبلا إذن حاكم ومتى كان الخيار لهما فملك المبيع موقوف فإن تم العقد بان أنه للمشترى من حين(1/374)
العقد وإلا فللبائع وإن كان لإحدهما فملك المبيع له وتصرفه فيه نافذ وله فوائده وعليه مؤنته وحيث حكم يملك المبيع لأحدهما يحكم بملك الثمن للآخر وحيث وقف وقف وذلك في الثمن ويحصل الفسخ والأجازة من الخيار بلفظ يدل عليهما ففى الفسخ نحو فسخت البيع أو رفعته أو استرجعت المبيع وفي الأجارة نحو أجزته أو أمضيته ووطء البائع الأمة المبيعة وإعتاقه المبيع زمن الخيار المشروط له أولهما فسخ وكذا بيعه وإجارته وتزويجه وهى نافذة والتصرفات المذكورة من المشترى إجازة لكنها غير نافذة والعرض على البيع والتوكيل فيه ليس فسخا من البائع ولا إجازة من المشترى وأما خيار النقص فهو ما تعلق بفوات مقصود مظنون نشأ الظن فيه من التزام شرطى أو تعرير فعلى أو قضاء عرفى الأول كشرط كون الرقيق كاتبا أو خبازا أو مسلما أو كافرا أو فحلا أو مختونا أو خصيا أو بكرا أو جعدة الشعر لا عكسها ويكفى في الوصف ما يقع عليه الأسم ولا تعتبر النهاية فيه وخيار خلفه على الفور فلو تعذر الرد بهلاك او غيره فله الأرش كما في العيب والثانى كالتصرية وهى حرام تثبت الخيار فورا إذا علم بها ولو بعد ثلاثة أيام فإن رد اللبن على الحد الذى أشعرت به التصرية واستمرت فلا خيار ولو علم بها بعد الحلب ردها وصاعا من تمر بدل لبنها إن تلف أو لم يتراضيا على رده ويتعين التمر والصاع وإن قل اللبن فإن تراضيا بغيره جاز فإن فقد فقيمته بالمدينة الشريفة ولو حبس ماء القناة أو الرحا وارسله عند البيع أو الأجارة أو حمر وجنة الرقيق أو ورم وجهه أو سود أو جعده فللمشترى الخيار بخلاف مالو لطخ ثوبه بالمداد أو ألبسه ثوب خباز مثلا أوورم ضرع البهيمة ولا خيار بالغبن وإن فحش كمن اشترى زجاجة ظنها جوهرة لتقصيره والثالث ما يظن حصوله بالعرف المطرد وهو السلامة من العيب وضابطه أن الرد يثبت بكل ما ينقص العين أو القيمة نقصا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه كما أشار إليه بقوله وإن بما(1/375)
أبيع يظهر من قبل قبض من المشترى للمبيع سواء أوجد قبل العقد أم حدث أي أو حدث
بعد القبض واستند إلى سبب متقدم جهله المشترى فجائز للمشترى يرده فورا على المعتاد فلا يكلف غيرها فلو علمه وهو يصلى ولو نفلا أو ياكل أو في حمام أو قضاء حاجة أو ليل فاخر لذلك جاز بل لو دخل وقت هذه الأمور واشتفل بها لم يضر ولا يتوقف الرد على حكم حاكم ولا حضور الخصم وله الرد بوكيل إلى وكيل وله الرفع إلى الحاكم وهو آكد فإن كان البائع غائبا ولا وكيل له حاضر ورفع المشترى إلى الحاكم وأثبت الشراء منه وتسليم الثمن إليه والعيب والفسخ به وحلف قضى له بالثمن من ماله ووضع المبيع عند عدل وإن لم يكن له مال باع المبيع ولو أمكنه الاشهاد على الفسخ في طريقه أو حال عذره لزمه وسقط الاشهاد إلا لفصل الخصومة فإن عجز عن الاشهاد لم يلزمه التلفظ بالفسخ ومحل اعتبار الفورية في الرد في بيع الأعيان أما في الذمة فلا ويعذر في تأخيره لجهله إن قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ولجهل فوريته أيضا إن كان ممن يخفى عليه وكذا الحكم في الشفعة ولو اشترى عبدا فأبق قبل القبض فأجاز المشترى البيع ثم أراد الفسخ فله ذلك ما لم يعد له ككون من تباع في اعتداد فمن العيوب كون الأمة معتدة أو الرقيق خصيا ولم يغلب في جنس المبيع عدمه أو مجنونا أو زانيا أو سارقا أو آبقا وإن لم تتكرر هذه الثلاثة وتاب منها أو أبخر من معدته أو إذا صنان مستحكم مخالف للعادة أو أعتيار البول في الفراش وهو ابن سبع سنين أو مريضا أومجنونا أو مخبلا أو أبله أو أشل أو أقرع أو أصم أو أعور أو أخفش أو أجهر أو أعسى أو أخشم أو أبكم أو أرت لا يفهم أو فاقد الذوق أو أنملة أو ظفر أو شعر أو في رقبته دين أو له اصبع زائدة أو سن شاغية أوسن مقلوعة أو به قروح أو ثآليل كثيرة أو أبهق أو ابيض الشعر في غير سنة أو نماما أو كذابا أو ساحرا أو قاذفا للمحصنات أو مقامرا أو تاركا للصلاة ولم يغلب في جنس(1/376)
المبيع عدمه أو شاربا للخمر أو مزوجا أو خنثى مشكلا أو واضحا أو مخنثا أو ممكنا من نفسه أو كونها رتقاء أو قرناء أو مستحاضة او يتطاول طهرها فوق العادة الغالبة أو لا تحيض في سنة الغالب أو حاملا لا في البهائم أو محرمة بأذن وكذا كفر رقيق لم يجاوره كفار أو كافرة يحرم وطؤها أو اصطكاك الكعبين وانقلاب القدمين إلى الوحشى وسواد الأسنان وتراكم وسخ فاحش في أصولها وكلف يغير البشرة وكون الدابة رموحا أو جموحا أو عضوضا أو تشرب لبنها أو تسقط راكبها واختصاص الدار بنزول الجند ومجاورة قصارين يؤذونها بالدق أو يزعجونها كتاب السلم سمى سلما لتسليم رأس المال في المجلس وسلفا لتقديمه يقال أسلم وسلم وأسلف وسلف والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين الآية فسرها ابن عباس بالسلم وخبر الصحيحين من اسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى إجل معلوم وهو بيع موصوف في الذمة بلفظ السلم أو نحوه فيعتبر له ما يعتبر للبيع إلا الرؤية ويختص بأمور أخذ في بيانها فقال الشرط كونه منجزا أي شرط صحته زيادة على ما مر كون الثمن الذي هو راس المال منجزا أي حالا لا مؤجلا ولو بلحظة فلا يصح وإنما لم يحمل كلامه على ظاهره من اشتراط كون السلم منجزا لا معلقا حتى لو قال إذا جاء رأس الشهر أسلمت إليك في كذا لم يصح لأن هذا الشرط غير مختص بالسلم بل البيع ونحوه من العقود كذلك وأن يقبض في المجلس سائر الثمن أي جميع رأس المال بأن(1/377)
يقبضه المسلم إليه أو وكيله ولو استوفى المسلم فيه إذ لو تأخر لكان ذلك في معنى بيع الكالى وبالكالئ لنزول التأخير منزله الدينية في الصرف وغيره ولأن السلم عقد غرر فلا يضم إليه غرر آخر ولأنه جوز للحاجة فاشترط ذلك تعجيلا لقضائها فلو تفرقا قبل القبض بطل وكذا لو تخايرا قبله كنظيره في الربا ولو قبض بعضه في المجلس صح منه بقسط ما قبض دون غيره ويجوز كون رأس المال منفعة كأن يقول أسلمت إليك منفعة هذه الدار شهرا في كذا وتقبض بقبض العين في المجلس لأنه الممكن في قبضها فيه فلا يعكر عليه ما يأتى أن المعتبر هنا القبض الحقيقى وبما تقرر علم أنه لو جعل رأس المال عقارا غائبا ومضى في المجلس زمن يمكن فيه المضى إليه صح لأن القبض فيه بذلك وأنه لو جعل المال الذي له في ذمة المسلم إليه رأس مال لم يصح لتعذر قبضه من نفسه وأنه لا يشترط تعيينه في العقد كما يعلم مما يأتي أيضا وأن المسلم إليه أو قبضه وأودعه لجاز وصح العقد رده إليه عن دين صح أيضا وأنه لو أعتق العبد الذي هو رأس المال في المجلس قبل قبضه ثم قبض في المجلس صح ونفذ العتق وأنه لو كان رأس المال في الذمة فأبر أمنه مالكه أو صالح عنه على مال لم يصح وإن قبض ما صالح عليه ولو أحال المسلم المسلم إليه برأس المال وقبضه في المجلس لم يصح وإن أذن فيه المحيل لأن بالحوالة يتحول الحق إلى ذمة المحال عليه يؤديه عن جهة نفسه لا عن جهة السلم نعم إن قبضه المسلم من المحال عليه أو من المسلم إليه بعد قبضه بإذنه وسلمه إليه في المجلس كفى ولو أحال المسلم إليه برأس المال على المسلم فإن تفرقا قبل التسليم بطل العقد وإن جعلنا الحوالة قبضا لأن المعتبر في السلم القبض الحقيقى وإن قبضه المحتال في المجلس بإذن المسلم إليه صح ويكون وكيلا عنه في القبض والفرق أن المقبض في تلك أقبض عن غير جهة السلم كما مر بخلافه في هذه والحواله في المسئلتين فاسدة بكل تقدير لتوقف صحتها على صحة الاعتياض عن(1/378)
المحال به وعليه وهى منتفية في رأس المال وإذا فسخ السلم بسبب يقتضيه كانقطاع المسلم فيه عند محله ورأس المال باق استرده بعينه سواء عين في العقد أم في المجلس وليس له إبداله مع بقائه لأن المعين في مكان العقد كالمبين في العقد فإن كان تالفا رجع ببدله من مثل في المثلى وقيمة في المتقوم وإن يكن رأس المال في ذمة يبين وجوبا قدرا له ووصفا له بصفات السلم ليعلم ثم يعين ويسلم في المجلس دون ما يعين فلا يشترط معرفة قدره بل يكفى كونه جزافا اكتفاء بالعيان كما في البيع وكون ما أسلم فيه دينا لأنه الذي وضع له لفظ السلم فلو قال قال أسلمت إليك هذا الثوب في هذا العبد لم يكن سلما لانتفاء شرطه ولا بيعا لاختلال لفظه لن لفظ السلم يقتضى الدينية ولو قال اشتريت منك ثوبا صفته كذا بهذه الدراهم فقبل انعقد بيعا اعتبارا باللفظ هذا كله ما لم يذكر بعد لفظ السلم فإن قال بعتك سلما أو اشتريته سلما فسلم حلولا أو مؤجلا بدرج الهمزة للوزن أي كون المسلم فيه دينا حال كونه حالا بأن شرط حلوله في العقد أو اطلق مؤجلا بأجل معلوم لقوله تعالى إلى أجل مسمى وخبر من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وإذا جاز السلم مؤجلا فالحال أولى لبعده عن الغرر وفائدة العدول عن البيع إلى السلم الحال رخص السعر وجواز العقد مع غيبة المبيع والأمن من الأنفساخ ونحوها فلا يصح فإن عين شهور العرب أو الفرس أو الروم جاز لأنها معلومة مضبوطة وإن أطلق الشهر حمل على الهلالي لأنه عرف الشرع وذلك بأن يقع العقد أوله فإن انكسر بأن وقع في أثنائه وأجل بأشهر حسب الباقى بعد الأول المنكسر بالأهلة وتمم الأول وثلاثين مما بعدها ولا يكفى المنكسر لئلا يتأخر ابتداء الأجل عن(1/379)
العقد نعم لو عقد في اليوم الآخر من الشهر اكتفى بالأشهر الهلالية بعده ولا يتمم اليوم بما بعدها فإنها عربية كوامل فإن تم الأخير منها لم يشترط انسلاحه بل يتمم المنكسر ثلاثين ولو أجل إلى شهر ربيع أو إلى أوله صح بخلاف قوله يحل فيه فلا يصح لأنه جعله ظرفا فكأنه قال محله جزء من أجزائه وذلك مجهول ولو أجله بالعيد أو جمادى أو ربيع أو النفر صح وحمل على ما ولى العقد من العيدين وجمادين وربيعين والنفريين لتحقق الاسم به والوجدان عم أي يعتبر المسلم كون المسلم فيه مما يعم وجوده وعندما يحل يؤمن العدم ليقدر على تسليمه عند وجوب التسليم وهو بالعقد في السلم الحال ويحاول الأجل في المؤجل فلو أسلم فيما يندر وجوده كلحم الصيد بموضع العزة أم فيما لو استقصى وصفة عز وجوده كالؤلؤ الكبار واليواقيت وجارية وأختها أو ولدها أو في منقطع عند الحلول كالرطب في الشتاء أو مظنون الحلول عنده لكن بمشقة شديدة لم يصح فإن كان يوجد ببلد آخر صح أن اعتيد نقله للبيع ولو من مسافة بعيدة للقدرة عليه وإلا فلا ولو أسلم فيما يعم ثم انقطع وقت حلوله تخير المسلم بين فسخه والصبر إلى وجوده ولو علم انقطاعه عنده فلا خيار قبله لعدم مجئ وقت وجوب تسليمه ثم الانقطاع الحقيقي للمسلم فيه الناشئ بتلك البلدة أن تصيبه جائحة تستأصله ولو وجد في غير ذلك البلد لكن يفسد بنقله أو لم يوجد إلا عند قوم امتنعوا من بيعه فهو انقطاع بخلاف ما إذا كانون يبيعونه بثمن غال ولم يزد على ثمن مثله فيجب تحصيله ويجب نقل الممكن نقله مما دون مسافة القصر دون ثمار من صغيرة القرى فلا يصح فلو أسلم في قدر معلوم من ثمر أو زرع قرية صغيرة أو ثمر بستان معين لم يصح لأنه يؤمن عدمه عند حلوله إذ قد ينقطع فلا يحصل منه شئ بخلافه في عظيمه لأنه يؤمن عدمه غالبا فيصح في قدر معلوم منه والمراد بالعظيمة ما يؤمن فيها الانقطاع غالبا وبالصغيرة غيرها معلوم مقدار بمعيار جرى أي يعتبر كون المسلم فيه(1/380)
معلوم القدر بالوزن فيما كبر جرمه بحيث يتجافى في المكيال كالبيض والسفرجل والبطيخ والرمان والباذنجان والبقل والقصب فلا يجوز السلم فيه بالكيل للتجافى فيه ولا بالعد لكثرة التفاوت في أفراده ولا تقبل أعالى القصب التى لا حلاوة فيها ويقطع مجامع عروقه من أسفله ويطرح ما عليه من القشور وفيما لا يكال عادة وإن صغر جرمه كفتات المسك والعنبر إذا لليسير منه مالية كثيرة والكيل لا يعد ضبطا فيه ولا ينافيه جواز السلم في اللآلىء الصغار إذا عم وجودها كيلا ووزنا لأن فتات المسك والعنبر إنما لم يعد الكيل فيهما ضبطا لكثرة التفاوت بالثقل على المحل أو تركه وفى االلؤلؤ لا يحصل بذلك تفاوت كالقمح والفول فيصح فيه كيلا ويجمع ندبا في اللبن بين وزنه وعده لكن لا بد من ذكر طوله وعرضه وثخانته وأنه من طين معروف وبالوزن وإن كان ميكلا أو بالكيل وإن كان كان موزونا فيما يصغر جرمه مما لا يتجافى في المكيال ويعد الكيل فيه ضبطا كالجوز واللوز والمائعات بخلاف ما مر في الربويات لا يباع الموزون إلا بالوزن والمكيل وإلا بالكيل لأن المقصود هنا معرفة القدر وثم المماثلة بعادة عهده صلى الله عليه وسلم كما مر ويمتنع التقدير بالكيل والوزن معا في كبير الجرم وصغيره نحو الحنطة لأن ذلك يعز وجوده وفى معناه الثياب ونحوها فلا تقدر بالوزن مع وصفها بخلاف الخشب فإن زائده ينحت وبالعد والذرع في الثياب ونحوها كالبسط لأنها منسوجة بالاختيار وما لا يوزن ولا يكال ولا يصنع بالاختيار يكفى فيه العد كالحيوان ولو عين كيلا أو ميزانا أو ذراعا فسد السلم إن لم يكن معتادا على أي لا يعلم قدرة لأنه قد يتلف قبل المحل ففيه غرر بخلاف مثله في البيع فإنه يصح لعدم الغرر والسلم الحال كالمؤجل وإن كان معتادا بأن عرف قدره لم يفسد وإن فسد التعيين كسائر الشروط التى لا غرض فيها ويقوم(1/381)
مثل المعين مقامه فلو شرطا عدم إبداله فسد العقد والجنس أي يعتبر كونه معلوم الجنس كالحنطة والشعير والنوع كالتركى والزنجى كذا صفات لأجلها تختلف القيمات اختلافا ظاهرا بخلاف ما يتسامح الناس باهمال ذكره غالبا كالكحل والسمن والدعج والتكاتم ونحوها فلا يشترط ذكره ويشترط معرفة العاقدين صفات المسلم فيه في العقد فإن جهلاها أو أحدهما لم يصح العقد وكذا معرفة غيرهما ليرجع إليه عند تنازعهما وهو عدلان فيذكر في الرقيق نوعه كتركى وزنجى فإن اختلف صنف النوع وجب ذكره ولونه من بياض وسواد ويصف بياضه بسمرة أو شقرة وسوداء بصفاء أو كدرة إن اختلف لون الصنف وذكورته أو أنوثته وثيوبته أو بكارته وسنه كمحتلم أو ابن ست أو سبع والأمر فيه على التقريب وتحديده مبطل حتى لو شرطه ابن سبع من غير زيادة ولا نقص بطل ويرجع لقول العبد في الاحتلام وكذا في السن إن كان بالغا ولسيده إن ولد في الإسلام وإلا فالنخاسين بحسب ظنونهم ويجوز شرط التهود أو التنصر وقده كطويل أو قصير أوربعة وفي الابل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير ذكورتها أو أنوثتها وسنها ولونها ونوعها وفي اللحم جنسه كلحم بقر أو غنم ونوعه كعراب أو جواميس ضأن أو معز وذكورته أو أنوثته وكونه من فحل أو خصى وسنه كصغير أو كبير ورضيع أو فطيم جذع أو أنثى راع أو معتلف من كنف أو جنب وسمن أو هزال ويجوز في الملح والقديد ويقبل بالمعتاد من العظم ما لم يشرط نزعه ويجوز في الشحم والألية والكبد والطحال والكلية والرئة لا الرءوس والأكارع ولحم الصيد كما قدمناه في اللحم سواء المعلوف والخصى ويبين انه صيد بأحبولة أو سهم أو خارجة وأنها كلب أو فهد وفي لحم الطير والسمك جنسه ونوعه وصغره وكبره من حيث الجثة لا الذكورة والأنوثة إلا إذا أمكن التمييز وتعلق به غرض وموضع اللحم إذا كان الطير والسمك كبيرين ولا يلزمه قبول الرأس والرجل من الطير والذنب من السمك وفي التمر لونه ونوعه وبلده وعتقه أو(1/382)
حداثته وصغر الحبات أو كبرها أو توسطها والحنطة وسائر الحبوب كالتمر والرطب كذلك إلا الحداثة والعتق والدقيق كالحنطة وزيادة قرب زمن الطحن أو بعده وما يطحن به وخشن أو ناعم وفي العسل بلده وناحيته من البلد والمرعى وجبلى أو بلدى صيفى أو خريفى أبيض أو أصفر وفى السكر ناحيته ونوع القصب ولونه والقوة أو اللبن وحداثته أو عتقه وقده ويجوز في قصب السكر وزنا شرط قطع أعلاه الذي لا حلاوة فيه وقطع مجامع العروق من أسفله واللبن كاللحم سوى الثالث والسادس ويبين نوع العلف لا الحلاوة فالمطلق ينصرف إلى الحلو بل لو أسلم في اللبن الحامض لم يجز إلا أن يكون مخيضا لا ماء فيه فلا يضر وصف الحموضة حينئذ والسمن كاللبن ويذكر بياضه أو صفرته ومثله الزبد لكن يبين أنه زبد يومه أو أمسه والجبن كاللبن ويذكر بلده وأنه رطب أو يابس وفي الصوف والشعر والوبر بلده ولونه ووزنه وطوله أو قصره وأنه خريفى أو ربيعى من ذكر أو أنثى ولا يقبل إلا خالصا من شك أو بعر وإن كان الغسل لا يعيبه جاز شرطه وفي القطن بلده ولونه وكثرة لحمه او قلته وخشونته أو نعومته وعتقه أو حداثته إن اختلف به غرض ومطلقه يحمل على الجفاف وعلى ما فيه الحب ويجوز في كل منهما وحده لا في القطن في الجوز لاستتاره ولا في الأرز في قشرته العليا والعلس لاستتارهما بالكمام وفي الابريسم لونه وبلده ودقته أو غلظه لا نعومته أو خشونته ويجوز السلم في القز الخالى من الدود والغزل كالقطن ويذكر دقته أو غلظه ويجوز شرط كونه مصبوغا مع بيان الصبغ فيذكر لونه وما يصبغ به وبلده الذي يصبغ فيه وإنه صبغ الصيف أو الشتاء وفي الثياب جنسها ونوعها وبلدها وطولها وعرضها وخشونتها أو نعومتها وغلظها أو دقتها وصفاقتها أو رقتها فالغلظ والدقة يرجعان إلى الغزل والصفاقة يرجعان إلى كيفية النسج فالصفاقة إنضمام الخيوط والرقة تباعدها ويجوز في المقصور والمطلق محمول على الخام ويجوز في القمص والسراويلات إذا(1/383)
ضبط طولها وعرضها وضيقها أوسعتها ويجوز فيما صبغ غزله قبل النسج لافي المصبوغ بعده وأما الأخشاب فما يطلب للحطب نوعه وغلظه أو رقته وأنه من نفس الشجرة أو من أغصانها ووزنه ولا يجب التعرض للرطوبة والجفاف والمطلق محمول على الجفاف ويجب قبول المعوج والمستقيم وما يطلب للبناء والغراس او للقسى والسهام النوع والعدد والطول والغلظ أو الدقة ولا يشترط الوزن وفي الحديد نوعه ولونه ووزنه وخشونته وأنه ذكر أو أنثى ويجوز في الدراهم والدنانير إن كان رأس المال غيرهما ويذكر السكة ومن ضرب فلان وفي أنواع العطر كالمسك والعنبر والكافور ويذكر نوعه ووزنه وفي الزجاج والطين والجص والنورة وحجارة الأرحية والأبنية نوعه وطوله وعرضه وسمكه لا وزنه وفي الكاغد نوعه وطوله وعرضه وبلده وزمانه وعدده والوزن فيه أحوط ولا يجوز في الرق والجلود وكونها أي الصفات التي تختلف بها القيمة مضبوطة الأوصاف فيصح في المختلط المقصود الأركان المنضبطة كعتابى وخز من الثياب الأول مركب من القطن والحرير والثانى من الإبريسم والوبر أو الصوف وهما مقصود أركانهما وفي المختلط الذي لا يقصد إلا أحد خليطيه والآخر من مصلحته كجبن وأقط كل منهما فيه مع اللبن المقصود الملح والأنفحة من مصالحه وخل وتمرا أو زبيب هو يحصل من اختلاطهما بالماء وفي المختلط خلقه كالشهد لا مختلطا أي لا يصح في مختلط مقصود الأركان مما لا ينضبط كهريسة ومعجون وغالية وهى مركبة من مسك وعنبر وعود وكافور وخف ونعل وترياق مخلوط أو فيه نار دخلا بألف الإطلاق وأثرت فيه كمطبوخ ومشوى لاختلاف الغرض باختلاف تأثير النار فيه وتعذر الضبط ولا يضر تأثير الشمس فيجوز السلم في العسل المصفى بها ويصح السلم في الجص والنورة والزجاج والآجر وماء الورد ويجوز في المصفى بالنار في السكر والفانيد والدبس واللبا وكل ما دخلته نار لطيفة أي مضبوطة عين لذى التأجيل موضع الأدا إن لم يوافقه مكان عقدا بألف الإطلاق أي يعتبر(1/384)
مكان أداء المسلم فيه المؤجل إن لم يصلح موضع العقد له كالمفازة أي أو يصلح ولكن لحمله مؤنة لتفاوت الأغراض فيما يراد من الأمكنة فإن صلح وليس لحمله مؤنة فلا يشترط التعيين ويتعين مكان العقد للتسليم وإن عينا غيره جاز وتعين اما الحال فيتعين فيه موضع العقد للأداء قال ابن الرفعة والظاهر تقييده بالصالح للتسليم وإلا شرط البيان ولو او ولو عينا غيره جاز وتعين والمراد بموضع العقد تلك المحلة لا ذلك المواضع بعينه ولا يجوز أن يستبدل عن المسلم فيه غير جنسه ونوعه ويجب قبول الأجود ويجوز قبول الأردا ولا يجبر المسلم على قبول المسلم فيه قبل حلوله إن كان امتناعه لغرض صحيح كأن كان حيوانا أو ثمرة أو لحما يريد أكله عند المحل طريا أو كان الوقت وقت إغارة وإلا أجبر على القبول أو الأبراء فإن أصر على الأمتناع أخذه الحاكم ولا يلزم المسلم إليه الأداء في غير محل التسليم إن كان لنقله مؤنة لكن للمسلم الفسخ والرجوع برأس المال ولا يلزم المسلم الأخذ في غير المحل إن كان لنقله مؤنة أو كان الموضع مخوفا والرطب والثمر وما سقى بماء السماء وماء الأرض والعبد التركى والهندى تفاوت نوع لا تفاوت صفه باب الرهن هو لغة الثبوت ومنه الحالة الراهنة أي الثانية وقال الإمام الاحتباس ومنه كل نفس بما كسبت رهينة وشرعا جعل عين مال متمول وثيقة بدين يستوفى منه عند تعذر استيفائه والأصل فيه الإجماع قوله تعالى فرهان مقبوضة وخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودى بالمدينة يقال له أبو الشحم على ثلاثين صاعا(1/385)
من شعير يجوز فيه بيعه جاز أي يجوز رهن ما جاز بيعه من الأعيان عند حلول الدين الذين ليستوفى من ثمنها فاستيفاؤه مقصود الرهن أو من مقاصده ويصح رهن المشاع من الشريك وغيره كالبيع وإن لم يأذن الشريك كالبيع وقبضه بتسليم كله فإن كان مما لا ينقل خلى الراهن بين المرتهن وبينه وإن كان مما ينقل لم يحصل قبضة إلا بالنقل ويمتنع نقله من غير إذن الشريك فإن أذن قبض وإن امتنع فإن رضى المرتهن بكونه في يد الشريك جاز وناب عنه في القبض وإن تنازعا نصب الحاكم عدلا يكون في يده لهما فلو رهن نصيبه من بيت من دار صح ولو بغير إذن شريكه فلو قسمت الدار فوقع البيت في نصيب شريكه لم يكن كتلف المرهون بآفة سماوية بل يغرم الراهن قيمة ما رهنه وتكون رهنا مكانه لأنه قد حصل له بدله وخرج بالأعيان الديون فلا يصح رهنها ولو ممن هى عليه لعدم القدرة على تسليمها والمنفعه كسكنى دار سنة فلا يصح أيضا لأنها تتلف كلها أو بعضها فلا يحصل بها توثق نعم قد يصح رهن الدين إنشاء كما لو جنى عليه فإن بدله في ذمة الجانى رهن وخرج بما جاز بيعه عند الحلول وغيره كمكاتب وأم ولد وموقوف ومتنجس لا يمكن طهره بغسلة وجان تعلق برقبته مال فلا يصح رهن شئ منها لعدم جواز بيعها ولا يصح رهن المدبر ولو بدين حال للغرر إذ قد يموت السيد المعلق بموته عتق المدبر فجأة قبل التمكن من بيعه وكذا معلق العتق بصفة يحتمل مقارنتها حلول الدين للغرر ويصح رهن الجانى المتعلق برقبته قصاص والمرتد والأم دون ولدها عكسه وعند الحاجة يباعان ويوزع الثمن عليهما ويقوم المرهون وحده ثم الآخر فالزائد قيمته ولو رهن ما يسع فساده فإن أمكن تجفيفه كرطب فعل وصح الرهن وفاعله ومالكه تجب عليه مؤنثه قاله ابن الرفعة وإلا فإن رهنه على دين حال أو مؤجل يحل قبل فساده أو شرط بيعه وجعل الثمن رهنا صح ويباع عند خوف فساده ويكون ثمنه رهنا وإن شرط منع بيعه قبل الحلول لم يصح الرهن لمناقاة الشرط لمقصود التوثق وإن(1/386)
أطلق فسد كما في المنهاج وهو العتمد وإن لم يعلم هل يفسد المرهون قبل حلول الأجل صح الرهن لأن الأصل عدم فساده إلى الحلول وإن رهن ما لا يسرع فساده فطرأ ما عرضه للفساد قبل حلول الأجل كحنطة ابتلت وتعذر تجفيفها لم ينفسخ الرهن بحال ويجوز أن يستعير شيئا ليرهنه بدينه لأن الرهن توثق وهو يحصل بما لا يملك بدليل الإشهاد والكفالة بخلاف بيع ملك غيره لنفسه لا يصح لأن البيع معاوضة فلا يملك الثمن من لا يملك المثمن وهو ضمان دين في رقبة ذلك الشئ لا عارية فيشترط ذكر جنس الدين وقدره وصفته والمرهون عنده لاختلاف الأغراض بذلك فلو تلف في يد المرتهن فلا ضمان ولا رجوع للمالك بعد قبض المرتهن فإذا حل الدين أو كان حالا روجع المالك للبيع لأنه لو رهنه بدينه لوجبت مراجعته فهنا أولى ويباع إن لم يقبض الدين ثم يرجع مالكه على الراهن بما بيع به كما صح بدين ثابت قد لزما بألف الإطلاق أي شرط المرهون به كونه دينا ثابتا لازما أي ومعلوما لكل منهما وشمل ذلك المنافع في الذمة فيصح الرهن بها ويباع المرهون عند الحاجة وتحصل المنافع بثمنه وخرج به العين مضمونة كانت أو أمانة ومنافعها في إجارة العين ولا يصح الرهن بما سيقرضه ولا بثمن ما يشتريه ولا بالزكاة قبل تمام الحول وعن ذلك الداخل في الدين بتجور احترز بقوله ثابت ولو قال أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها عندك فقال اقترضت ورهنت أو قال بعتكه بكذا أو ارتهنت به الثوب فقال اشتريت ورهنت صح لأن شرط الرهن فيهما جائز فمزجه أولى لأن التوثق فيه آكد لأنه قد لا يفى بالشرط واغتفر تقدم احد طرفيه على ثبوت الدين لحاجة التوثق وإنما اشترط تأخير طرفى الرهن عن طرفى البيع أو القرض ليتحقق سبب ثبوت الدين من كل من العاقدين فلو قدم طرفاه على طرفيهما أو وسطا بينهما لم يصح ولا يصح الرهن بنجوم الكتابة ولا بجعل الجعالة قبل فراغ العمل ولو بعد الشروع فيه وعن المستئلين احترز بقوله قد لزما ويجوز الرهن بالثمن مدة(1/387)
الخيار لأنه آبل إلى اللزوم والأصل في وضعه اللزوم بخلاف جعل الجعالة ومحل ذلك
إذا كان الخيار للمشترى وحده معلوم أنه يباع المرهون في الثمن مالم تمض مدة الخيار ودخلت المسئلة في قوله قد لزما بتجوز ولا فرق في اللازم بين المستقر كدين القرض وثمن المبيع المقبوض وغير المستقر كثمن المبيع قبل قبضه والأجرة قبل اسيفاء المنفعة ويجوز الدين رهن بعد رهن وهو كما لو رهنهما به معا ولا يجوز أن يرهنه المرهون عنده بدين آخر في الجديد وإن وفي بهما كما لا يجوز رهنه عند غير المرتهن إذ هذا شغل مشغول وذلك شغل فارغ نعم لو جنى المرهون ففداه المرتهن بإذن الراهن ليكون مرهونا بالدين والفداء صح لأنه من مصالح الرهن لتضمنه استيفاءه ومثله ما لو انفق على المرهون بإذن الحاكم لعجز الراهن عن النفقة أو غيبته ليكون مرهونا بالدين والنفقة وظاهر أن الراهن في صورة عجزه كالحاكم فيكفى إذنه ومن أركان الرهن الصيغة فلا يصح إلا بإيجاب وقبول كالبيع والاستيجاب كالإيجاب والاستقبال كالقبول فلو شرط فيه مقتضاه كتقدم المرتهن بثمنه أو مصلحة للعقد كالاشهاد أو مالا غرض له فيه صح أو ما ينفع المرتهن ويضر الراهن كشرط منفعته منفعة للمرتهن بطل الشرط والرهن ولو شرط في البيع رهن منفعته للمرتهن سنة مثلا فهو جمع بين بيع وإجارة وهو جائز أو ينفع الراهن ويضر المرتهن بطل أو أن تحدث زوائده مرهونة فسد الشرط والرهن ومن أركانه أيضا العاقد ويعتبر كونه مطلق التصرف فلا يرهن ولى مال صبى أو مجنون او سفيه ولا يرتهن له إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة أبا كان أو جدا أو وصيا أو حاكما أو أمينة مثالهما للضرورة أن يرهن على ما يقترضه لحاجة النفقة أو الكسوة ليوفى مما ينتظر من حلول دين أو إنفاق مال كاسد وأن يرتهن على ما يقرضه أو يبيعه مؤجلا لضرورة نهب ومثالهما للغبطة أن يرهن ما يساوى مائة على ثمن ما اشتراه بمائة نسيئة وهو يساوى مائتين وأن يرتهن على ثمن ما يبيعه من موسر ثقة(1/388)
بغبطة رهنا واقيا ويشهد عليه فإن لم يفعل ضمن للراهن الرجوع ما لم يقبض مكلف يصح ارتهانه بإذنه أي الراهن لعدم لزومه أما بعد قبضه المذكور فلا رجوع له فيه للزومه بقبضه فلا يصح قبض صبى ومجنون وسفيه وتجرى فيه النيابة كالعقد لكن لا يستنيب المرتهن راهنا مقبضا لما فيه من تولى طرفى القبض والأقباض وعلم مما تقرر أنه لو كان الراهن وكيلا في الرهن فقط جاز للمرتهن أن يوكله في القبض من المالك لانتفاء العلة ولا رقيق الراهن لأن يده كيد سيده سواء أكان قنا أم مدبرا أم مأذونا أم غيرهم إلا المكاتب لاستقلاله باليد والتصرف كالاجنبى ومثله المبعض إذا كان بينه وبين سيده مهايأة ووقع التوكيل والقبض في نوبته وقبض المرهون كقبض المبيع ولو رهن نحو وديعة عند مودع أو مغصوب عند غاصب لم يلزم هذا الرهن مالم يمض زمن إمكان قبضه حين رضى أي ولا بد من إذن الراهن في قبضه لأن اليد التى كانت عن غير جهة الرهن ولم يقع تعرض للقبض عنه ولا يبرئه ارتهانه عن نحو الغصب وإن لزم ويبرئه الإيداع لأنه إئتمان ينافى الضمان والارتهان توثق لا ينافيه فإنه لو تعدى في المرهون صار ضامنا مع بقاء الرهن بحاله ولو تعدى في الوديعة ارتفع كونها وديعة ويحصل الرجوع عن الرهن قبل قبضه بتصرف يزيل الملك كبيع وبرهن مقبوض وكتابة وتدبير وبإحبالها لا الوطء والتزويج ولو مات العاقد أو جن أو أغمى عليه أو تخمر العصير أو أبق العبد قبل القبض لم يبطل الرهن وعلم من كلامه أنه ليس لراهن مقبض تصرف يزيل الملك كبيع فلا يصح وأما إعتاقه فينفذ من الموسر ويغرم قيمته تكون رهنا مكانه من غير عقد ولا ينفذ من معسر وإن انفك الرهن بعده ولو علقه بصفه فوجدت وهو رهن فكالإعتاق أو بعد فكه نفذ ولا رهنه لغير المرتهن ولا التزويج لأنه ينقص القيمة ويقلل الرغبة فيه فلو خالف وفعل لم يصح التزويج ولا الإجارة إن كان الدين حالا أو يحل قبلها قنبطل بخلاف ما إذا كان يحل بعد مدتها أو مع فراغها فتصح(1/389)
الإجارو وتجوز للمرتهن مطلقا ولا يبطل الرهن ولا الوطء خوفا من الحبل فيمن تحبل وحسما للباب في غيرها فإن وطئ وأحبل فالولد حر نسيب ولا قيمة عليه ولا حد ولا مهر وعليه أرش البكارة إن أزالها فإن شاء جعله رهنا وإن شاء قضاه
من الدين وينفذ استيلاد الموسر فيلزمه قيمتها تكون رهنا مكانها لا المعسر فالرهن بحاله ولا تباع حاملا لحرية حملها فإن انفك الرهن ولم تبع أو بيعت ثم ملكها نفذ الاستيلاد لأنه فعل فكان أقوى من القول المقتضى نفوذه حالا فإذا رد لغا ولو ماتت بالولادة غرم قيمتها تكون رهنا مكانها لأنه تسبب إلى هلاكها بالاحبال من غير استحقاق وله كل انتفاع لا ينقص المرهون كركوب وسكنى لا البناء والغراس نعم لو كان الدين مؤجلا وقال الراهن أنا أقلع عند الأجل لم يمنع منهما فإن فعل لم يقلع قبل حلول الأجل وبعده يقلع إن لم تف قيمة الأرض بالدين وزادت بالقلع ويشترط للقلع أيضا عدم الحجر على الراهن وأن لا يأذن في بيع الغراس والبناء مع الأرض وإلا بيعا ووزع الثمن ثم إن أمكن الانتفاع بالمرهون بغير استرداد كأن يكون للرقيق حرفة يعملها في يد المرتهن لم يسترد لعملها ويسترد للخدمة وإلا فيسترد وكأن يكون دارا فتسكن أو دابة فتركب ويردها وعبدا لخدمة في وقت الاستعمال المعتاد ويشهد المرتهن عليه بالاسترداد للانتفاع شاهدين إن اتهمه أول مرة وإلا لم يشهد أصلا وله بإذن المرتهن ما منعناه من التصرف والانتفاع فيحل الوطء فإن لم تحبل فالرهن بحاله وإن أحبل أو أعتق أو باع أو وهب وأقبض نفذت وبطل الرهن وله الرجوع قبل تصرف الراهن وكذا إن وهب ولم يقبض أو وطىء ولم يحبل فإن تصرف جاهلا برجوعه لم يصح ولو أذن في بيعه ليعجل المؤجل من ثمنه لم يصح البيع لفساد الإذن بفساد الشرط وكذا لو شرط في الإذن في بيعه رهن الثمن مكانه لم يصح البيع وإذا لزم الرهن فاليد في المرهون للمرتهن وهي يد أمانة فلا يضمنه لو تلف في يده ولا يسقط بتلفه شيء من الدين ولا(1/390)
تزال يده عنه إلا للانتفاع كما سبق ثم يرده إليه بعد فراغه مما أراده منه في العادة أو انقضى زمنه حتى لو كان العبد يعمل ليلا كالحارس رده نهارا وإنما يضمنه المرتهن إذا تعدى في الذي يؤتمن كسائر الأمناء عند تعديهم وقد لا تكون اليد للمرتهن كما لو رهن مسلما أو مصحفا من كافر أو سلاحا من حربى فإنه يوضع عند عدل ولو رهن جارية كبيرة فإن كان المرتهن محرما لها أو امرأة أو أجنبيا ثقة وعنده زوجة أو أمة أو نسوة ثقات وضعت عنده وإلا فعند محرم أو امرأة ثقة أو عدل بالصفة المذكورة فإن شرط خلافه فشرط فاسد والخنثى كالأنثى لكن لا يوضع عند امرأة ولو شرطا وضعه في يد ثالث جاز أو عند اثنين ونصا على اجتماعهما على الانفراد بحفظه أو الاجتماع عليه فذاك وإن أطلقا فليس لأحدهما الانفراد بحفظه ولو مات العدل أو فسق أو كان فاسقا فزاد في فسقه جعلاه حيث يتفقان وإن تشاحا وضعه الحاكم عند عدل ويستحق بيع المرهون عند الحاجة ويقدم المرتهن يثمنه ويبيعه الراهن أو وكيله بإذن المرتهن فإن لم يأذن قال له الحاكم ائذن في بيعه أو أبرئه منه ولو طلب المرتهن بيعه فأبى الراهن ألزمه الحاكم قضاء الدين أو بيعه فإن أصر باعه الحاكم وقضى الدين من ثمنه ولو باعه المرتهن بإذن الراهن صح إن باعه بحضرته أو قدر له الثمن أو كان مؤجلا وإلا فلا ولو شرط أن يبيعه العدل جاز ولا يشترط مراجعة الراهن فإذا باع فالثمن عنده من ضمان الراهن حتى يقبضه المرتهن ولو تلف في يد العدل ثم استحق المرهون فإن شاء المشتري رجع على العدل وإن شاء على الراهن والقرار عليه ولا يبيع العدل إلا بثمن مثله حالا من نقد بلده كالوكيل فإن اختل شيء من ذلك لم يصح البيع ولا يضر النقص عن ثمن المثل بقدر يتسامح به الناس فيه فإن زاد راغب قبل لزوم العقد وجب فسخه فإن لم يفعل انفسخ ومؤنة المرهون على مالكه ويجبر عليها لحق المرتهن ولا يمنع الراهن من مصلحة المرهون كفصد وحجامة ويصدق المرتهن في دعوى(1/391)
التلف بيمينه دون دعوى الرد ينفك الرهن بالإبرا بالقصر للوزن من جميع الدين فإن بقى شيء منه فلا إلا إن تعدد رب الدين كأن رهن عبدا من اثنين بدينهما عليه صفقة واحدة ثم برىء عن دين أحدهما أو الصفقة وإن اتحد الدائن والمدين كأن رهن نصف عبد
في صفقة وباقيه في أخرى أو من عليه الدين كأن رهن اثنان من واحد بدينه عليهما وإن اتحد وكيلهما لأن المدار على اتحاد الدين وتعدده كما مر أو صاحب العارية وإن اتحد العاقدان والدين كأن استعار عبدا من مالكيه ليرهنه فرهنه فينفك نصيب أحدهما بأداء قدر حصته من الدين بان قصد المؤدى الأداء عن نصيب أحدهما بعينه أو أطلق ثم جعله عنه بخلاف ما إذا قصد الشيوع أو أطلق ثم جعله عنهما أو لم يعرف حاله وفسخ الرهن فينفك به بأن فسخه الراهن والمرتهن أو المرتهن وحده كذا إذا زال جميع الدين بأداء أو حوالة أو غيرهما باب الحجر هو لغة المنع وشرعا المنع من التصرف المالي والأصل فيه قوله تعالى وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح الآية وقوله تعالى فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا الآية والسفيه المبذر والضعيف الصبي والذي لا يستطيع أن يمل المغلوب على عقله وهو نوعان أحدهما ما شرع لمصلحة المحجور عليه لنفسه والثاني ما شرع لمصلحة غيره كالحجر على من عنده ماء يتطهر به وقد دخل وقت الصلاة فلا يصح بيعه ولا هبته مع احتياجه له وكذلك السترة والمصحف لغير الحافظ والحجر على معير الأرض للدفن بعده إلى أن يبلى الميت وعلى المشتري في المبيع قبل القبض وعلى المردود عليه بالعيب إلى رد الثمن والحجر الغريب وهو الحجر على المشتري في المبيع وجميع أمواله إلى إعطاء الثمن وكذلك المستأجر والحجر على المشتري بشرط الاعتاق فليس له بيعه ولو بهذا الشرط وعلى العبد المأذون لحق الغرماء وعلى المشتري في نعل الدابة المردودة بالعيب المتروك للبائع إذا كان قلعه يحدث عيبا إلى حين سقوطه وعلى الراهن لحق المرتهن وعلى المرتهن في(1/392)
بيع الجارية المرهونة إذا أحبلها الراهن المعسر إلى أن تضع وتسقى الولد اللبأ ويستغنى بغيرها وعلى الممتنع من إعطاء الدين وماله زائد إن التمسه الغرماء وعلى الغاصب في المغصوب المخلوط بما لا يتميز إلى إعطاء البدل وعلى مالك الرقيق المغصوب الذي أدى الغاصب قيمته لإباقه ثم وجده إلى استرداد القيمة وعلى المالك فيما استأجر على العمل فيه كما لو استأجر صباغا لصبغ ثوب وسلمه له فليس له بيعه إلا بعد انتهاء العمل وتوفية الأجرة وعلى المريض لحق الورثة وعلى الورثة في التركة لحق الميت والغرماء وعلى الأصل الواجب إعفافه في الامة التي ملكها له فرعه حتى لا يعتقها وعلى الموصى له بعين ممن ماله غائب وعلى السيد في نفقة أمته وكسب عبده الذين زوجهما إلى إعطاء البدل وعلى الورثة في الدار التي استحقت المعتدة بالحمل أو بالأقراء السكنى فيها إلى انقضاء العدة وعلى المرتد لحق المسلمين وعلى السيد في بيع أم الولد وعلى من نذر إعتاق عبد بعينه فلا يخرج عنه إلا بالإعتاق ومع ذلك ليس له التصرف فيه بخلاف ما إذا نذر الصدقة بدرهم بعينه فإنه يزول ملكه عنه للفقراء وعلى السيد في الرقيق المكاتب وعلى الرقيق ولو مكاتبا لحق سيده ولله تعالى وقد أشار الناظم إلى النوع الأول وبعض أقسام الثاني جميع من عليه شرعا يحجر أي جميع من يحجر عليه شرعا لمصلحة نفسه صغير أو مجنون أو مبذر بدرج الهمزة فيهما للوزن وهو المضيع للمال باحتمال غبن فاحش في المعاملة أو رمية في بحر أو إنفاقة في محرم نعم صرفه في المطاعم والملابس والصدقة ووجوه الخير ليس بتبذير وإن لم تلق بحاله ويرتفع حجر الصبي ببلوغه رشيدا وهو صلاح الدين والمال فلا يفعل محرما يبطل العدالة من ارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة ولم تغلب طاعاته معاصيه ولو بذر بعد رشده أعاد الحاكم الحجر عليه إذ هو وليه حينئذ ولو فسق لم يحجر عليه ويرتفع حجر المجنون بالإفاقة ومن له أدنى تمييز كالصبي(1/393)
المميز والبلوغ باستكمال خمس عشرة سنة قمرية أو بخروج المنى لإمكانه وأقله تسع سنين وإنبات شعر العانة الخشن دليل على بلوغ ولد الكافر لا المسلم بخلاف شعر الإبط واللحية لندورهما قبل خمس عشرة سنة ويجوز النظر للعانة للشهادة وتزيد المرأة بالحيض والحبل فيحكم ببلوغه قبل الولادة بستة أشهر وشيء فلو أتت المطلقة بولد يلحق الزوج حكمنا ببلوغها قبل الطلاق ولو أمنى الخنثى من ذكره وحاض من فرجه حكم ببلوغه لا إن وجد من أحدهما ولا بد من اختبار الرشد فيختبر ولد التاجر بالمماكسة في البيع والشراء وولد الزراع بالزراعة والنفقة على القوام بها والمرأة بما يتعلق بالغزل والقطن وصون الأطعمة عن الهرة والفأرة وحفظ متاع البيت مرات وكل بما يليق به حتى يغلب على الظن رشده وذلك قبل البلوغ ويسلم إليه المال ليماكس لا ليعقد فإن تلف في يده لم يضمن الولي ثم ولي الصبي والمجنون ومن بلغ سفيها الأب وإن علا ثم وصى من تأخر موته منهم ثم الحاكم ولا تلى الأم ويتصرف الولي بالمصلحة ويبنى له دوره بالطين والآجر لا اللبن والجص ولا يبيع العقار وآنية النقية كنحاس ونحوه إلا لضرورة أو غبطة ظاهرة وله بيع ماله بعرض ونسيئة للمصلحة وإذا باع نسيئة زاد على ثمنه قدرا لائقا بالأجل وأشهد وارتهن رهنا وافيا من مشتر ثقة موسر لأجل قصير عرفا ويأخذ له بالشفعة أو يترك بحسب المصلحة ثم أشار إلى نتيجة الحجر على الثلاثة وفائدته بقوله تصريفهم لنفسهم قد أبطلا بألف الإطلاق أي تصرفهم في المال بيعا وشراء وقرضا وغيرها من التصرف القولي والفعلي قد أبطله الشارع لمصلحة أنفسهم ويؤاخذون بما يتلفونه لأنه من باب خطاب الوضع في غير السفيه وتصح وصية سفيه وتدبيره وطلاقه وخلعه زوجته ونفيه النسب ولو صالح عن قصاص لزمه على الدية فأكثر لم يمنعه الولي وله عقد الجزية بدينار بلا إذن وليه ويمتنع منه ومن وليه على أكثر منه ويصح قبوله الهبة ولو نذر التصدق بمال في ذمته صح أو بعين فلا(1/394)
ولا تصح تصرفاته المالية بإذنه ويصح إقراره بحد أو قصاص وحكمه في العبادات كرشيد لكن لا يفرق الزكاة بنفسه ومفلس قد زاد دينه الذي عليه لآدمي وهو حال لازم على أمواله بحجر قاض عليه بطلا بألف الإطلاق تصريفه المالي المفوت لتعلق حق الغرماء به حينئذ في كل ما تمولا ويحجر الحاكم وجوبا بسؤاله أو بسؤال الغرماء أو بعضهم ودينه يحجر به وله الحجر من غير سؤال إذا كان الدين لصبي أو مجنون أو سفيه ولا تحل الديون بالحجر ولا بالجنون وخرج بقوله قد زاد دينه على أمواله من زاد ماله على دينه واستويا فإنه لا يحجر عليه وإن لم يكن كسوبا وكانت نفقته من ماله ويندب للقاضي أن يشهد على حجره ليحذر الناس معاملته لا ذمة أي يبطل تصرفه بعد الحجر في عين ماله لا تصرفه الكائن في ذمته فانه لا يبطل إذ لا حجر عليه فيها ولا ضرر فيه على الغرماء فلو باع سلما أو اشترى في الذمة صح وثبت المبيع الثمن في ذمته ويتعدى الحجر إلى ما حدث بعده ويصح إقراره بعين مطلقا أو دين أسنده إلى ما قبل الحجر وإن أطلق روجع فان تعذرت مراجعته فكالإسناد إلى ما بعد الحجر فلا يقبل إلا إذا أسنده لإتلاف أو جناية وإن نكل المفلس أو وارثه عن اليمين المردودة أو عن اليمين مع الشاهد لم يحلف غريم المفلس ثم القاضي يبيع مال المفلس أو يكرهه على البيع وكذا المديون الممتنع من أداء ما عليه ويستحب أن يكون ذلك بحضور المفلس ومستحقي الدين ويقدم بيع ما يخاف فساده ثم ما تعلق بعينه دين ثم الحيوان ثم المنقول ثم العقار ويباع مسكنه وخادمه وإن احتاج إليهما وكذا مركوبه ويبيع كل شىء في سوقه فلو باع في غيره بثمن المثل من نقد البلد صح ويقسم الأثمان بين الغرماء بنسبة ديونهم الحالة من غير طلب بينة بانحصار الغرماء وإن ظهر دين بعد القسمة رجع صاحبه بما يخص دينه ولو ظهر ما باعه الحاكم مستحقا رجع المشترى بكل الثمن في مال المفلس وينفق الحاكم على المفلس وعلى(1/395)
ممونه من زوجة سابقة الحجر وقريب وإن حدث بعد الحجر نفقة المعسرين إلى الفراغ من بيع ماله ويكسوهم بالمعروف إن لم يكن له كسب يفي بذلك ويترك له دست ثوب يليق به ولمن تلزمه مؤنته وسكنى ونفقة يوم القسمة ويؤجر القاضي الموقوف عليه وأم ولده وتصرف الأجرة للغرماء والمرض المخوف بأن ظنناه مخوفا و إن أي إن مات المريض فيه يوقف التصريف أي تصرفه فيما على ثلث أي ثلث ماله يزيد عنده أي عند الموت أي أو كان تبرعا لوارثه على إجازة الوريث بعده أي بعد الموت والوريث بفتح الواو وكسر الراء بوزن فعيل بمعنى الوارث أو بقيتهم في الثانية وخرج بالمخوف ما إذا ظنناه غير مخوف فمات فإنه إن حمل على الفجأة كوجع الضرس نفذ تصرفه وإلا كإسهال يوم أو يومين فمخوف وبقوله إن مات فيه ما لو برىء منه فإنه ينفذ وعلم من كلامه أن المعتبر في قدر الثلث وقت الموت وأنه لا عبرة بإجازة الوارث أو رده قبله والإجازة تنفيذ لا ابتداء عطية فلا يحسب من ثلث من يجيز في مرضه القدر الذي أجازه ولا يتوقف على إجازة ورثته ومن المخوف قولنج وذات جنب ورعاف دائم وإسهال متواتر أو ينحرف البطن فلا يمكنه الاستمساك ويخرج الطعام غير مستحيل أو يكون معه زحير وهو الخروج بشدة ووجع أو بعجلة ويمنعه النوم أو يكون معه دم من كبد أو عضو شريف ودق وابتداء فالج ويلحق بالمخوف أسر من اعتادوا قتل الأسرى والتحام قتال بين متكافئين أو قريبي التكافؤ وتقديم لقصاص أو رجم واضطراب ريح وهيجان موج في حق راكب سفينة وطلق حامل وبعد الوضع ما لم تنفصل المشيمة ووقوع الطاعون في بلده إذا وقع في أمثاله وفشو الوباء مخوف ولو في حق من لم يصبه وإذا اختلف الوارث والمتبرع عليه في كون المرض مخوفا فالقول قول المتبرع عليه وعلى الوارث البينة ولا يثبت إلا بشهادة رجلين فإن كانت العلة بامرأة على وجه لا يطلع عليه الرجال غالبا يثبت برجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة مع العلم بالطلب وضابط ما يحسب من الثلث(1/396)
في غير الوارث كل تصرف فوت ما لا حاصلا أو كمينا كما في ثمر المساقاة ومنافع غير بدن المريض بغير عوض المثل ككونه بغبن فاحش أو مجانا بلا استحقاق شرعي أو فوت يدا كما في البيع بمؤجل ولو بأكثر من قيمته أو اختصاصا كما في السرجين ونحوه وإذا اجتمع تبرعات متعلقة بالموت وعجز عنها الثلث فإن تمحض العتق أقرع أو غيره قسط عليه الثلث أو اجتمع هو وغيره قسط عليهما بالقيمة أو منجزة قدم الأول فالأول حتى يتم الثلث فإن بقى شيء وقف على إجازة الوارث فإذا وجدت تلك التبرعات دفعة واتحد الجنس كعتق عبيد وإبراء جمع أقرع في العتق وقسط في غيره والعبد أي الرقيق إن لم يؤذن له في متجر من سيده يتبع بالتصريف للتحرر أي العتق واللام فيه بمعنى في أو عند أو بعد فلا يصح تصرفه ببيع ولا شراء ولا قرض ولا ضمان ولا غيرها لأنه محجور عليه لحق سيده فيتبع بما تلف تحت يده أو أتلفه بعد عتقه لأنه لزمه برضا مستحقه نعم يصح خلعه وقبوله الهبة والوصية بغير إذن سيده إلا إن كان الموصى به أو الموهوب أصل سيده أو فرعه وكانت نفقته واجبة على سيده في الحال أما إذا أذن سيد الرقيق له في التجارة فله ذلك بيعا وشراء ولازمهما كالرد بالعيب والمخاصمة في العهدة ولو أبق لم ينعزل فله التجارة ولو في موضع الإباق إلا أن يخص سيده الإذن بغيره ولا يصير بسكوت سيده على تصرفه مأذونا له وإذا أذن له في نوع من المال لم يصر مأذونا له في غيره أو قيد الإذن بوقت كسنة لم يكن مأذونا له بعد انقضاء ولا يستفيد بالإذن في التجارة التصرف في رقبته ببيع ولا غيره ولا في منفعتها بإجارة أو جعالة ولا فيما اكتسبه بنحو احتطاب واصطياد وقبول هبة ونحوها ولا يعامل سيده ولا مأذونه وله الإذن لعبد التجارة في تصرف معين لا في(1/397)
التجارة ويكفى في جواز معاملة الرقيق بينة بإذن سيده له أو إخبار عدل به أو شيوع ذلك بين الناس أو سماع من يعامله ذلك من سيده ولا يكفى فيه قول الرقيق أما لو قال حجر على سيدي لم تجز معاملته ولو نفى ذلك السيد وقال لم أحجر عليه لأنه هو العاقد وهو يقول إن عقده باطل ويحصل الحجر على الرقيق المأذون باعتاقه أو بيعه ولو عرف أن الرقيق مأذون له وعامله فله أن يمتنع من تسليم المبيع له حتى يشهد بالإذن له عدلان كما أن له الامتناع من الدفع إلى الوكيل ولو صدقه على الوكالة حتى يثبت ذلك بالبينة ثم لو أعتق المأذون كان لصاحب الدين مطالبته بدين التجارة كما يطالب بذلك عامل القراض والوكيل ولو بعد عزلهما مع رب المال فلصاحب الدين مطالبته في الصور الثلاث ولو أدى العامل أو الوكيل رجع على المالك بما أدى بخلاف العبد لا يرجع على السيد بما أداه بعد عتقه ويؤدى المأذون ديون التجارة من كسبه الحاصل قبل حجر السيد كاحتطاب واصطياد ومن مال التجارة أصلا وربحا من كسبه بعد الحجر عليه ولا يتعلق برقبته ولا ذمة سيده باب الصلح وما يذكر معه وهو لغة قطع النزاع وشرعا عقد يحصل به ذلك وهو أنواع صلح بين المسلمين والكفار وبين الإمام والبغاة وبين الزوجين عند الشقاق وصلح في المعاملة وهو مقصود الباب والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى والصلح خير وخبر الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا والكفار كالمسلمين وإنما خصهم بالذكر لانقيادهم إلى الأحكام غالبا فالصلح الذي يحل الحرام كأن يصالح على خمر أو نحوه والذي يحرم الحلال كأن يصالح على أن لا يتصرف في المصالح به ولفظه يتعدى للمتروك بمن وعن وللمأخوذ بعلى والباء غالبا الصلح عما يدعى به عينا أو دينا على غير المدعى به أو على بعضه جائز مع الإقرار به من المدعى عليه إن سبقت خصومة الإنكار وفي نسخة بدل هذا بعد خصومة بلا إنكار وخرج به ما إذا جرى من غير سبق خصومة كأن قال من غير سبقها(1/398)
صالحني من دارك على كذا فلا يصح لكنه كناية في البيع فإن نوياه به صح وخرج بقوله مع الإقرار الصلح مع إنكار المدعى عليه أو مع سكوته فلا يصح سواء أصالح على نفس المدعى به أو على بعضه عينا كان أو دينا أو على غيره إذ لا يمكن تصحيح التمليك مع الإنكار لاستلزامه أن يملك المدعى به ما لا يملكه ويتملك المدعى عليه ما يملكه وسواء أصالحه عن المدعى به أم عن الدعوى فلو قال المنكر صالحني عن دعواك على كذا لم يصح بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الإقرار أيضا إذ الدعوى لا يعتاض عنها ولا يبرأ منها ولو أقام المدعى بينة بعد الإنكار صح الصلح لثبوت الحق بها كثبوته بالإقرار ولو أنكر فصولح ثم أقر لم يصح الصلح ولو ادعى عينا فقال رددتها إليك ثم صالحه صح إن كانت مضمونة إذ قوله في الرد غير مقبول وقد أقر بالضمان بخلاف ما إذا كانت أمانة فلا يصح الصلح لأن القول قوله فيكون صلحا على إنكار نعم إذا قال أجنبي إن المدعى عليه أقر عندي سرا ووكلني في مصالحتك فصالحه صح لأن قول الإنسان في دعوى الوكالة مقبولة في المعاملات ومحله إذا لم يعد المدعى عليه الإنكار بعد دعوى الوكالة فلو أعاد كان عزلا فلا يصح الصلح منه ولو قال هو منكر ولكنه مبطل في إنكاره فصالحني له لتنقطع الخصومة بينكما فصالحه صح إن كان المدعى به دينا لا عينا وإن قال فصالحني لنفسي فإن كان المدعى به دينا لم يصح وإن كان عينا فهو شراء مغصوب إن قدر على انتزاعه(1/399)
صح وإلا فلا وهو أي الصلح عما يدعى به ببعض المدعى به في العين كأن صالح من دار على بعضها هبة للبعض الآخر لصدق الهبة عليه فيثبت فيه ما يثبت فيها من إيجاب وقبول وقبض بإذن أو مضى زمن إمكانه ويصح بلفظ الهبة أيضا أو براءة بدرج الهمزة للوزن في الدين كأن صالح من ألف في الذمة على بعضها فيثبت فيه ما يثبت في الإبراء ويصح بلفظ الإبراء والحط والإسقاط ونحوها نحو أبرأتك من خمسمائة من الألف الذي لي عليك أو حططتها عنك أو أسقطتها وصالحتك على الباقي ولا يشترط في ذلك القبول وإن اقتصر على لفظ الصلح كقوله صالحتك عن العشرة التي لي عليك على خمسة اشترط القبول لأن لفظ الصلح يقتضيه وهذان القسمان يسميان صلح الحطيطة وفي سواه أي المدعى به لفظة في فيه بمعنى الباء أو على بيع كأن صالح من دار أو دين على ثوبه أو عشرة في الذمة فهو بيع من المدعى للمدعى عليه للشيء المدعى به بلفظ الصلح يثبت فيه أحكامه كالخيار والشفعة والرد بالعيب ومنع تصرفه في المصالح عليه قبل قبضه واشتراط التقابض في المصالح عنه والمصالح عليه إن اتفقا في علة الربا أو إجارة بدرج الهمزة للوزن كأن صالح من دار أو ثوب على خدمة عبده شهرا فهو إجارة على المنفعة بالعين المدعاة تثبت فيها أحكامها والدار للسكنى هو الإعارة يعنى إذا صالح على منفعة المدعى به أو منفعة بعضه كسكنى الدار المدعاة فهو إعارة للمدعى به يرجع فيها متى شاء فإن عين مدة كانت إعارة مؤقتة وإلا فمطلقة وقد يكون الصلح سلما بأن يجعل المدعى به رأس مال السلم وجعالة كقوله صالحتك من كذا على رد عبدي وخلعا كصالحتك من كذا على أن تطلقني طلقة ومعاوضة عن دم كصالحتك من كذا على ما أستحقه عليك من القصاص وفداء كقوله للحربي صالحتك من كذا على إطلاق هذا الأسير وفسخا كأن صالح من المسلم فيه على رأس المال وقربة في أرض وقفت مسجدا فادعاها شخص وأنكر الواقف فصالحه آخر بالشرط أبطل أنت الصلح كصالحتك بكذا على أن تبيعني أو(1/400)
تؤجرني المكان الفلاني بكذا أو على إبرائك من كذا إن أعطيتني الباقي لأنه إما هبة أو إبراء أو بيع أو إجارة وكل بهذا الشرط ونحوه غير صحيح فكذلك ما كان بمعناه ولو صالح من عشرة مؤجلة على خمسة حالة لم يصح لأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها والخمسة إنما تركها في مقابلة ذلك فإذا انتفى الحلول انتفى الترك وأجز في الشرع على مروره في درب مثلا منع أهله استطراق من لاحق له فيه لأنه انتفاع بالأرض ثم إن قدر مدة فإجارة وإن أطلق أو شرط التأبيد فبيع لجزء شائع من الدرب تنزيلا للمصالح منزلة أحدهم كما لو صالح على إجراء نهر في أرضه ويكون ذلك تمليكا للنهر ووضع الجذع بإعجام الذال بمال على جدار بين دارين يختص به أحد المالكين أو يكون مشتركا ولا يجبر عليه فلو رضى بالوضع بلا عوض فهو إعارة يرجع فيها قبل الوضع وبعده كسائر العوارى أو بعوض على مدة معلومة فإجارة وإن أذن فيه بلفظ البيع أو الصلح وبين الثمن فهذا عقد فيه شوب بيع وإجارة لكونه على منفعة لكنها مؤبدة للضرورة وجاز إشراع جناح أي خشب خارج وكذا ساباط وهو سقيفة على حائطين هو بينهما معتلى أي عال بحيث يمر تحته منتصبا وعلى رأسه الحمولة العالية سواء كان الشارع واسعا أم ضيقا وإن كان ممر الفرسان والقوافل اعتبر أيضا أن يمر تحته المحمل على البعير مع أخشاب المظلة لأن ذلك وإن ندر قد يتفق لمسلم فلا يجوز الإشراع للكافر في نافذ بإعجام الذال من سبل أي طرق أما غير النافذ فلا يجوز ذلك فيه إلا بإذن أهله لم يؤذ من مر فإن آذاه ولو بإظلام غاية البيان(1/401)
الموضع لم يجز ويزيله الحاكم ويمتنع الصلح على ذلك بمال وإن كان المصالح هو الإمام ولم يضر المارة إذ الهواء لا يفرد بالعقد وإنما يتبع القرار وما لا يضر في الشارع يستحق الإنسان فعله فيه من غير عوض كالمرور واحترز بالجناح أي وما في معناه من التصرف عن غيره كبناء دكة أو غرس شجرة فإن ذلك لا يجوز وإن لم يضر لأن شغل المكان بما ذكر مانع من الطروق وقد تزدحم المارة فيصطكون به وقدم بابكا بألف الإطلاق أي جوازا في درب غير نافذ إلى رأس الدرب لأنه تصرف في ملكك مع تركك لبعض حقك لكن يلزمك سد الأول وجاز لك تأخير لبابك عن رأس الدرب بإذن الشركا في الدرب وأهل الدرب غير النافذ من نقد باب داره إليه لا من لاصقه جداره وتختص شركة كل واحد بما بين رأس الدرب وباب داره باب الحوالة هو بفتح الحاء أفصح من كسرها من التحول والانتقال وفي الشرع عقد يقتضى نقل دين من ذمة إلى ذمة والأصل فيها قبل الإجماع خبر مطل الغنى ظلم وإذا أتبع أحدكم على ملىء فليتبع بإسكان التاء في الموضعين والامر للندب وصرفه عن الوجوب القياس على سائر المعاوضات ولها أركان محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحتال على المحيل ودين للمحيل على المحال عليه وصيغة وهي بيع دين بدين جوز للحاجة ولهذا لم يعتبر التقابض في المجلس وإن كان الدينان ربويين شرط صحتها رضا المحيل والمحتال لأن للمحيل أن يوفى دينه من حيث شاء فلا يلزم بجهة وحق المحتال في ذمة المحيل فلا ينتقل إلا برضاه والمراد برضاهما الإيجاب والقبول كما في البيع ونحوه وعبروا هنا بالرضا تنبيها على أنه لا يجب على المحتال الرضا بالحوالة كسائر المعاوضات وتوطئة لقولهم لا يشترط رضا المحال عليه أي لأنه محل الحق والتصرف كالعبد المبيع ولأن الحق للمحيل فله أن يستوفيه بغيره كما لو وكل غيره بالاستيفاء وصيغتها نحو أحلتك على فلان بالدين الذي لك على أو نقلت حقك إلى فلان أو جعلت ما أستحقه على فلان لك أو ملكتك الدين الذي لي(1/402)
عليه بحقك و لزوم دينين أي يشترط لزوم دينين من المحال به والمحال عليه وتصح بالثمن في مدة الخيار وعليه لأن الأصل اللزوم وتصح بالجعل قبل الفراغ ولا عليه وتصح بنجوم الكتابة لا عليها وتصح بدين معاملة للسيد على مكاتبه وعلم مما مر أنها لا تصح بدين السلم ولا عليه لعدم جواز بيعه وأنها تصح بالثمن قبل قبض المبيع والأجرة قبل مضي المدة والصداق قبل الدخول والموت ونحوها وعليها و اتفاق المال أي يشترط اتفاق الدينين جنسا وقدرا وصفة و أجلا وكسرا وقد يفهم من اعتبار التساوي في الصفة أنه لو كان بأحدهما رهن أو ضامن اعتبر كون الآخر كذلك وليس كذلك بل لو أحاله على دين به رهن أو ضامن انفك الرهن وبرىء الضامن لأن الحوالة كالقبض بدليل سقوط حبس المبيع والزوجة فيما إذا أحال المشتري بالثمن والزوج بالصداق ويشترط أيضا علمهما بتساوي الدينين في الجنس والقدر والصفة فلو جهلاه أو أحدهما لم تصح وإن تساوى الدينان في نفس الأمر لأنها معاوضة فلا بد من علمهما بحال العوضين وإنما اشترط استواء القدر في غير الربوي لما مر أن لحوالة عقد إرفاق إلى آخره فلا تصح بإبل الدية ولا عليها و بها أي الحوالة عن الدين الذي للمحتال المحيل يبرا عن دينه المذكور ويلزم من ذلك براءة ذمة المحال عليه عن دين المحيل فلا رجوع للمحتال على المحيل وإن كان المحال عليه مفلسا(1/403)
عند الحوالة وجهل إفلاسه أو أفلس أو أنكر الحوالة أو دين المحيل كما لا رجوع له فيما لو اشترى شيئا وغبن فيه أو أخذ عوضا عن دينه وتلف عنده ولأنه أوجب في الخبر اتباع المحال عليه مطلقا ولأنه لو كان له الرجوع لما كان لذكر الملاءة في الخبر فائدة لأنه إن لم يصل إلى حقه رجع به فعلم بذكرها أن الحق انتقل انتقالا لا رجوع به فيها وأن فائدة ذكرها حراسة الحق وإلا فهي صحيحه على غير الملىء بالإجماع فلو شرط الرجوع بشيء من ذلك فسد الشرط والحوالة وتبطل الحوالة بفسخ البيع في زمن الخيار أو بالإقالة أو بالتحالف أو بالعيب إن أحال المشتري البائع بخلاف ما إذا أحال البائع على المشتري لا تبطل الحوالة برد المبيع بشيء مما ذكر لتعلق الحق هنا بثالث فيبعد ارتفاعهما بفسخ يتعلق بالعاقدين ثم إذا أخذ المحتال حقه من المشتري رجع به المشتري على البائع ولا يرجع به قبل الأخذ منه وإن كانت الحوالة كالقبض لأن الغرم إنما يكون بعد القبض حقيقة لا حكما ولو باع رقيقا وأحال بثمنه ثم اتفق المتبايعان والمحتال على حريته أو ثبتت بينة بطلت الحوالة وإن كذبهما المحتال ولا بينة حلفاه على نفي العلم بحريته ثم يأخذ المال من المشتري ويرجع المشتري على البائع باب الضمان هو لغة الالتزام وشرعا يقال لالتزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة ويقال العقل الذي يحصل به ذلك ويسمى الملتزم لذلك ضامنا وضمينا وحميلا وزعيما وكفيلا وصبيرا وقبيلا والأصل فيه قبل الإجماع خبر الزعيم غارم واستؤنس له بقوله تعالى ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم وكان حمل البعير معروفا عندهم ويدل له خبر الزعيم غارم وخبر أنه صلى الله عليه وسلم تحمل عن رجل عشرة دنانير وخبر أنه صلى الله عليه وسلم أتى بجنازة فقال هل ترك شيئا قالوا لا قال هل عليه دين قالوا ثلاثة دنانير فقالوا صلوا على صاحبكم قال أبو قتادة صل عليه يا رسول الله وعلى دينه فصلى عليه وللضمان خمسة(1/404)
أركان ضامن ومضمون له ومضمون عنه ومضمون به وصيغة يضمن ذو تبرع مختار فلا يصح من مكره ولو رقيقا بإكراه سيده ولا من غير مكلف إلا السكران ولا من محجور عليه بسفه ولو بإذن وليه ولا من رقيق ولو مكاتبا أو أم ولد ولا من مبعض في غير نوبته بدون إذن سيده فإن ضمن الرقيق بإذن سيده صح ولو عن السيد لا له لأنه يؤديه من كسبه وهو لسيده ويؤخذ من العلة صحة ضمان المكاتب سيده وهو كذلك ولو ضمن المأذون له في التجارة وعليه ديون تتعلق بما فضل عنها ولو حجر عليه باستدعاء الغرماء لم يتعلق بما في يده قطعا ويصح ضمان المحجور عليه بفلس ويطالب بما ضمنه بعد فك حجره ولا يصح ضمان من عليه دين مستغرق في مرض موته فلو ضمن في مرضه ثم أقر بدين مستغرق قدم الدين ولا يؤثر تأخير الإقرار به وشمل كلامه صحة الضمان عن الحي ولو رقيقا أو معسرا وعن الميت وعن الضامن ولو ضمن في مرض موته بإذن المديون حسب من رأس المال لأن للورثة الرجوع على الأصيل أو بغير إذنه فمن الثلث ومحل حسبان ضمان المريض بالأذن من رأس المال إذا وجد مرجعا وإنما يضمن دينا ثابتا في الذمة سواء أكان مالا أم عملا فلا يصح ضمان ما ليس بثابت وإن تأخر سبب وجوبه كنفقة الغد للزوجة ونفقة القريب وإبل الدية على العاقلة قبل تمام السنة لأنه توثقة فلا يتقدم ثبوت الحق كالشهادة ويكفى ثبوته باعتراف الضامن وإن لم يثبت على المضمون عنه فلو قال لزيد على عمر وألف وأنا ضامنه لزمه وإن أنكر عمرو ويصح ضمان الزكاة عمن هي عليه ويعتبر الأذن عند الأداء لافتقار الزكاة إلى النية وصورته ما في المهمات في الضمان عن الحي أما الميت(1/405)
فيجوز أداء الزكوات والكفارات عنه وإن انتفى الإذن ولا فرق في ذلك بين أن يسبقه ضمان أولا ثم إن كانت الزكاة في الذمة فواضح أو في العين فيظهر صحتها أيضا كما أطلقوه كالعين المغصوبه و قد لزما أي كونه لازما أو آيلا إلى اللزوم كالثمن في مدة الخيار لا جعل الجعالة قبل فراغ العمل ولا نجوم الكتابة إذ للمكاتب إسقاطها ولا فرق في اللازم بين المستقر كثمن المبيع بعد قبضه وغير المستقر كثمنه قبل قبضه يعلم أي يشترط كونه معلوما للضامن جنسا وقدرا وصفة فلا يصح ضمان المجهول ولا غير المعين كأحد الدينين ويصح ضمان إبل الدية لأنها معلومة السن والعدد ويرجع في صفتها إلى غالب إبل البلد ولو ضمن من واحد إلى عشرة لزمه تسعة ويصح ضمان الحال مؤجلا وعكسه ويثبت الأجل دون الحلول ويشترط فيه أيضا كونه قابلا لأن يتبرع به الإنسان على غيره فلا يصح ضمان القود وحد القذف والأخذ بالشفعة ومعرفة الضامن المضمون له أو وكيله لتفاوت الناس في الإيفاء والاستيفاء تشديدا وتسهيلا وتكفى معرفة عينه وإن لم يعرف نسبه ولا يعتبر رضا المضمون عنه لأن الضمان محض التزام ولا معرفته لجواز أداء دين الغير بدون إذنه ومعرفته فالتزامه في الذمة أجوز كالابراء أي يشترط في الابراء كون المبر أمنه معلوما للمبرئ فقط في غير إبل الدية فلا يصح من مجهول نعم إن كان الابراء في مقابلة طلاق اعتبر علمهما لأنه يؤول إلى معاوضة وإذا أراد أن يبرء من مجهول فطريقه أن يذكر عددا يعلم أنه لا يزيد الدين عليه فلو كان يعلم أنه لا يزيد على مائة مثلا فيقول أبرأتك من مائة ولو قال أبرأتك من درهم إلى مائة لم يبرأ من الواحد ويحتاج إلى إبرائه من درهم ثانيا ولا يصح الابراء من الدعوى وله العود إليها بعد الابراء منها والمضمون له طالب ضامنا ومن تأصله أي للمضمون له مطالبة كل من الضامن والأصيل بالدين له مطالبة الضامن وإن كان الأصيل حاضرا موسرا وإذا طالب المستحق الضامن فله مطالبته الأصيل(1/406)
بتخليصه بالأداء إن ضمن بإذنه وإلا فلا وليس له أن يطالبه قبل أن يطالب لأنه لم يغرم شيئا ولو طولب به ولو كان الأصيل محجورا عليه كصبى فللضامن باذن وليه إن طولب طلب الولى بتخليصه ما لم يزل الحجر فإن زال توجه الطلب إلى المحجور عليه ويقاس بالصبى المجنون والمحجور عليه بسفه سواء أكان الضامن بأذنهما قبل الجنون والحجر أم بإذن وليهما بعد وليس للضامن حبس الأصيل وإن حبس ولا ملازمته إذ لا يثبت به حق على الأصيل بمجرد الضمان وفهم من التخيير في المطالبة بينهما عدم صحة الضمان بشرط براءة الأصيل ولو أبرأ المستحق الأصيل برأ الضامن ولا عكس ولو مات أحدهما حل عليه دون الآخر وإذا مات الأصيل وخلف تركه فللضامن بالإذن مطالبة صاحب الحق بأن يبرئه ولو بابراء الأصيل أو بأخذ حقه من تركته لأنها قد تتلف فلا يجد مرجعا إذا غرم ويرجع الضامن بالاذن بما أدى على الأصيل إن أذن له في الضمان والأداء أو في الضمان فقط أو في الأداء بشرط الرجوع عليه وإلا فلا يرجع نعم إن ثبت الضمان بالبينة وهو ينكر كأن ادعى على زيد وغائب ألفا وان كلا منهما ضمن ما على الأخر باذنه فأنكر زيد فأقام المدعى بينة وغرمه لم يرجع زيد على الغائب بالنصف إذا كان مكذبا للبينة لأنه مظلوم بزعمه فلا يرجع على غير ظالمه ولو أدى الضامن من سهم الغارمين فلا رجوع له ومن أدى دين غيره من غير إذن ولا ضمان لم يرجع به وإن أذن له في الأداء والرجوع أو في الأداء فقط رجع وفرق بينه وبين مسئلة الغسال ونحوها بأن المسامحة في المنافع أكثر من الأعيان وحيث ثبت الرجوع فحكمه حكم القرض حتى يرجع في التقوم بمثله صورة ولو أدى مكسرا عن صحاح لم يرجع إلا بما غرم ولو صالح رجع بالأقل من قيمة ما أداه يوم الأداء ومن الدين ولو باعه ثوبا قيمته خمسة بعشرة قدر الدين وتقاصا رجع بالعشرة لثبوتها في ذمته وكذا لو قال بعتكه بما ضمنته وإنما يرجع الضامن والمؤدى إذا أشهد كل منهما حين سلما رجلين أو(1/407)
رجلا و امرئتين أو رجلا ليحلف معه إذا لشاهد مع اليمين حجة
كافية ولا يضر احتمال الرفع إلى حنفى كما لا تضر غيبته ولا موته ولا بد في شاهدى الأداء من العدالة نعم لو أشهد مستورين فبان فسقهما ولا يكفى إشهاد من يعلم قرب سفره ولو قال أشهدت وماتوا أو غابوا رجع إن صدقه أو أشهدت فلانا وفلانا فكذباه فكما لو لم يشهد ولو قالا لا ندرى وربما نسينا فلا رجوع ولو أذن المدين للمؤدى في تركه فتركه وصدقه على الأداء وأدى بحضرته أو صدقه المستحق في الأداء رجع والألف في لزما وسلما للاطلاق والدرك المضمون صحيح ويسمى ضمان العهدة وإن لم يكن بحق ثابت للحاجة إليه وهو أن يضمن للمشترى الثمن بتقدير خروج المبيع مستحقا او متصفا بشئ مما يأتى ويصح ضمان الدرك للمكترى للرداءة للثمن أو المبيع يشمل أي يشملها ويشمل العيب في الثمن أو المبيع و يشمل نقص الصنجة التى وزنها بها الثمن او المبيع من غير ذكر استحقاق أو فساد أو رداءة او عيب أو نقص صنجة وتبع الناطم في ذلك الحاوى الصغير والأصح في الشرح الصغير والروضة عدم شموله للفساد والرداءة والعيب ونقص الصنجة لأن المتبادر منه الرجوع بسبب الاستحقاق ولو قال ضمنت لك خلاص المبيع لم يصح لأنه لا يستقبل بتخليصه إذا استحق بخلاف ضمنت لك خلاصك منه فإنه كضمان الدرك وإنما يصح درك أي ضمان الدرك بعد قبض للثمن فإن لم يقبض لم يصح ضمانه لأنه إنما يضمن ما دخل في ضمان المضمون عنه ولزمه رده بالتقدير المار ولو عبر الناظم بالعوض بدل الثمن لتناول كلامه ضمان الدرك للبائع بأن يضمن له المبيع إن خرج االثمن المعين مستحقا إلا أنه تبع الجمهور في فرض ذلك للمشترى وبالرضا من المكفول أو من وليه إن كان غير مكلف أو وارثه إن كان ميتا صحت كفالة البدن للحاجة إليها في كل من حضوره إلى الحاكم استحقا عند الاستدعاء لحق آدمى لازم ولو عقوبة أو لحق مالى لله تعالى كالمدعى زوجيتها والمبيت قبل دفنه ليشهد على عينه من لا يعرف(1/408)
نسبه بخلاف من لاحق عليه أو عليه حق آدمى غير لازم كنجوم الكتابة أو عقوبة لله تعالى و تصح كفالة كل جزء دونه لا يبقى كالرأس والروح والقلب والكبد والدماغ والجزء الشائع كالثلث والربع من حى لأنه لا يمكن تسليم ذلك إلا بتسليم كل البدن فكان كالكفالة بكلات تلاف ما يبقى الشخص بدونه كاليد والرجل وتصح الكفالة بالعين المضمونة دون غيرها إذا اذن فيها واضع اليد أو كان الكفيل قادرا على أنتزاعها منه ويبرأ الكفيل بتسليم المكفول للمكفول له في مكان عيناه للستليم أو في مكان العقد الصالح له عند الاطلاق بلا حائل كمتغلب فلوسلمه له في غير ما ذكر فله الامتناع من تسلمه إن كان له غرض في الأمتناع كفوت حاكم أو معين وإ لزمه قبوله فإن أبى رفعه إلى الحاكم ليتسلمه عنه فإن لم يكن حاكم أشهد شاهدين أنه سلمه ولو أحضره له قبل زمانه المعين فامتنع المستحق من قبوله نظر هل له غرض كغيبة بينته أو تأجيل دينه أولا والحكم في ذلك كما في المكان وبأن يحضر المكفول في مكان التسليم ويقول سلمت نفسى عن جهة الكفيل ولو سلمه اجنبى عن جهة المكفول باذنه أو قبله المستحق برئ وإلا فلا وموضع المكفول الغائب إن يعلم أي علمه الكفيل والطريق أمن ولم يكن ثم من يمنعه منه لزمه إحضاره ولو فوق مسافة القصر سواء أكان غائبا حين الكفالة أو غاب بعدها مهل أي يجب إمهاله قدر ذهاب وإياب أي رجوع اكتمل وينبغى كما قاله الأسنوى أن يعتبر مع ذلك مدة إقامة المسافرين ثلاثة أيام غير يومى الدخول والخروج للاستراحة وتجهيز المكفول ومتى أعطى الكفيل ما على المكفول ثم قدم استرد ما أعطاه(1/409)
المكفول له وأن يمت المكفول أو اختفى أي أو هرب فلم يعرف مكانه أو تلف العين المضمومة لا يغرم الكفيل شيئا من المال إذ لم يلزمه كما لو ضمن المسلم فيه فانقطع لا يطلب برأس المال وبطلت الكفالة بشرط مال يلزم الكفيل إذا مات المكفول او اختفى أو هرب أو تلفت العين المكفولة لأنه شرط يخالف مقتضاها ولا التزام المال لأنه صبر الضمان معلقا وإنما لم يبطل الشرط فقط كما لو أقرضه بشرط رد مكسر عن صحيح أو شرط الخيار للمضمون له أو ضمن المؤجل بشرط الحلول بجامع أنه زاد خبرا لأن المشروط في تلك صفة تابعة وفى هذه أصل يفرد يعقد ويغتفر في التابع ما لا يغتفر في الأصل ومن اركان الضمان والكفالة الصيغة وهي لفظ أو نحوه يشعر بالالتزام كضمنت دينك عليه أو تحملته أو تقلدته أو تكفلت ببدنه أو أنا بالمال أو باحضار الشخص ضامن أو كفيل أو زعيم أو حميل ولو قال أؤدى المال أو أحضر الشخص فهو وعد لا يجوز تعليقهما ولا توقيتهما نعم لو نجز الكفالة وشرط للاحضار وقتا معلوما جاز باب الشركة بكسر الشين وإسكان الراء وحكى فتح الشين وكسر الراء وإسكانها وهى لغة الامتزاج وشرعا ثبوت الحق لأثنين فأكثر على جهة الشيوع بشروط مخصوصة وهى أنواع شركة الأبدان كشركة الحمالين وسائر المحترفة ليكون بينهما كسبهما متساويان أو متفاضلا اتفقت صنعتهما أم لا وشركة المفاوضة ليكون بينهما كسبهما وعليهما ما يعرض من غرم وشركة الوجوه وأشهر صورها أن يشترك وجيهان ليبتاع كل منهما بمؤجل لهما فإذا باع كان الفاضل عن الأثمان بينهما وكلها باطلة نعم وإن استعملا لفظ المفاوضة وأراد شركة العنان جاز وأما شركة العنان بكسر العين من عن الشيء ظهر فصحيحة سميت بذلك لأنها أظهر أنواعها لأنه ظهر لكل من الشريكين مال الآخر أو من عنان الدابة أما لاستواء الشريكين في ولاية التصرف والفسخ واستحقاق الربح بقدر المالين كاستواء طرفى العنان أو لمنع كل منهما الآخر من التصرف كما يشاء كمنع العنان(1/410)
الدابة والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالة واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وخبر يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما ومعنى أنا ثالث الشريكين أمدهما بالحفظ والإعانة في أموالهما وإنزال البركة في تجارتهما فإذا وقعت الخيانة بينهما رفعت البركة والأمانة عنهما وهو معنى خرجت من بينهما ولها أربعة أركان عاقد ومعقود عليه وصيغة وعمل وقد أشار إلى ذلك فقال تصح ممن جوزوا تصرفه بأن يكون أهلا للتوكيل والتوكل لأن كلا منهما يتصرف في ماله بالملك وفي مال الآخر بالاذن فكل منهما موكل ووكيل نعم لو كان أحدهما هو المنصرف اشترط فيه أهلية التوكل وفى الآخر أهلية التوكل فقط حتى يجوز كون الثانى أعمى كما في المطلب وتكره مشاركة الكافر ومن لا يحترز من الربا ونحوه هذا إن شارك لنفسه فإن فعل ذلك لمحجوره اعتبر كون الشريك ممن يجوز إيداع المحجور عنده كما قاله الأذرعى واتحد المالان جنسا وصفة من نقد أو عرض بحذف الهمزة للوزن من المثليات ولو دراهم مغشوشة وخلط ينتفى تمييزه بحيث لا يتميز مال أحدهما عن مال الآخر عند العقد فلو عقدا من غير خلط أو معه مع إمكان التمييز لم يصح العقد حتى لو تلف مال أحدهما قبل التصرف تلف على ملكه وفهم من ذلك عدم الصحة في المتقوم وهو كذلك لانتفاء الحيثية المذكورة هذا إذا أخرجا مالين وعقدا(1/411)
باب الوكالة فإن ملكا مشتركا بارث أو شراء أو غيرهما وأذن كل للآخر في التجارة فيه تمت الشركة والحلية في شركة العروض المتقومة أن يبيع بعض عرضه ببعض عرض الآخر ويأذن كل للآخر في التصرف بالاذن من كل منهما في التصرف بالبيع والشراء ليحصل التسلط على التصرف حتى أذن أحدهما دون الآخر لم يتصرف الآذن إلا في حصته فقط ولو شرط عليه أن لا يتصرف في نصيب نفسه لم يصح العقد لما فيه من الحجر على المالك في ملكه ولو قال اشتركنا وحده لم يكف إلا إن نويا به الشركة وأفهم كلامه عدم اشتراط تساوى قدر مالى الشركة وأنه لا يشترط العلم بقدرها عند العقد إذا أمكنت معرفته بعده وهو كذلك ومتى صحت الشركة تسلط كل منهما على التصرف بالمصلحة كالوكيل فلا يبيع نسيئه ولا بغير نقد البلد ولا يسافر به ولا ببعضه بلا إذن ولا يبيع ولا يشترى بغبن فاحش بلا إذن فإن باع به بطل في نصيب شريكه لا في نصيبه وانفسخت الشركة في المبيع وصار مشتركا بين المشترى والشريك أو اشترى به بعين مال الشركة فكالبيع أو في الذمة لم يقع للشريك وعليه وزن الثمن من خالص ماله والربح والخسر اعتبر أنت تقسيمه بقدر مال شركة بالقيمة أي باعتبارها لا باعتبار الأجزاء تساويا في العمل أو تفاوتا فلو كان لأحدهما رطل زيت أو قفيز برقيمته مائة وللآخر مثله قيمته خمسون فالربح والخسران بينهما أثلاثا فلو شرطا خلافه فسد العقد لمخالفته وضع الشركة والتصرف صحيح للأذن ويقسم الربح على قدر ماليهما ولكل على الأخر اجرة مثل عمله فإن تساويا في المال والعمل تقاصا وإن تفاوتا في العمل مع التساوى في المال فكان عمل احدهما يساوى مائتين وعمل الاخر يساوى مائة فإن كان عمل المشروط له الزيادة أكثر رجع على الآخر بخمسين وإن كان عمل الآخر أكثر لم يرجع بشيء لتبرعه بعمله وكذا لو أختص أحدهما بأصل التصرف وكل من الشريكين أمين فيقبل قوله بيمينه في أنه أشترى ذلك للشركة وإن كان خاسرا أو أنه لنفسه وإن كان رابحا(1/412)
وفي الربح والخسر وفي التلف إن ادعاه بلا سبب أو سبب خفى كالسرقة فإن ادعاه بظاهر وجهل طولب ببينة ثم يصدق في التلف به وفي الرد إلا إن ادعى رد الكل وأراد طلب نصيبه فلا يقبل قوله في طلب نصيبه ولا يقبل مدعى القسمة ولو ادعى أحدهما أن هذا المال لى وقال الآخر للشركة صدق صاحب اليد بيمينه فسخ الشريك أي أحد الشريكين عقد الشركة موجب إبطاله والموت والإغماء مبطل له كالوكالة لأن هذا شأن العقد الجائز من الطرفين باب الوكالة بفتح الواو وكسرها لغة الحفظ والتفويض وشرعا استنابة جائزة التصرف مثله فيما يقبل النيابة في حال حياته والأصل فيها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى فابعثوا حكما من أهله الآية وأخبار كارساله صلى الله عليه وسلم السعاة لقبض الزكوات وتوكيله عمرو بن أمية في نكاح أم حبيبة وأبا رافع في نكاح ميمونة وعروة البارقى في شراء الشاة والحاجة داعية إليها فإن الشخص قد يعجز عن القيام بمصالحه ومعاملاته كلها فهى جائزة بل ذهب القاضى الحسين وغيره إلى أنها مندوب إليها لأنها من التعاون على البر ولأنها قيام لها بمصلحة الغير وفي الخبر الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ولها أربعة أركان موكل ووكيل وموكل فيه وصيغة وقد أشار إليها(1/413)
فقال ما صح ان يباشر الموكل بنفسه جاز له التوكل فيه فأفاد كلامه أن شرط الموكل صحة مباشرته بما وكل فيه بملك أو ولاية فيصح توكيل الولي في حق محجورة أبا كان أو جدا في التزويج والمال أو وصيا أو قيما فى المال مما لم تجر العادة بمباشرته لمثله واستثنى من هذا مسائل منها ليس للظافر بحقه التوكيل في كسر الباب ونقب الجدار وأخذه ومثله العبد المأذون والسفينة المأذون في النكاح وكذا من أسلم على أكثر من اربع في الأختيار إلا أن عين للوكيل المختارات وأن ما لا يصح أن يباشره الموكل بنفسه لا يجوز له أن يوكل فيه فلا يصح توكيل صبي ولا مجنون في شيء ولا توكيل المرأة غير وليها في تزويجها ولا المحرم في تزويجه أو تزويج موليته واستثنى توكيل الأعمى في نحو البيع فيصح للضرورة وتوكيل المحرم حلالا في التزويج سواء قال بعد التحلل أم أطلق والحلال محرما في التوكيل فيه والمشترى البائع فى أن يوكل من يقبض منه والمسلم إليه كذلك والتوكيل في استيفاء قصاص الطرف وحد القذف وأن شرط الوكيل صحة مباشرته التصرف لنفسه فيصح توكيل عبد وسفيه في قبول نكاح لا في إيجابه واستثنى من هذا مسائل منها توكيل الولى فاسقا في بيع مال محجوره وأن مالا تصح مباشرته لنفسه لا يصح توكله فيه واستثنى منه مسائل منها اعتماد قول الصبى فى الأذن في دخول دار وإيصال هدية إذا كان مميزا مأمونا لاعتماد السلف عليه في ذلك وتوكيل الزوج شخصا في قبول نكاح محرمة وموسرا في قبول النكاح أمه وتوكيل أصناف الزكاة في قبضها لهم من لا يجوز له اخذها وأن شرط الموكل أن يملك الموكل فيه حين التوكيل فلا يصح في بيع رقيق سيملكه وطلاق من سينكحها ولو وكل فيما لا يملكه تبعا لمملوك صح أو في بيع عين يملكها وأن يشترى له بثمنها صح وجاز في المعلوم أي الموكل فيه من وجه يقبل معه الغرر كوكلتك في بيع أموالى وعتق أرقائى ولا يشترط علمه من كل الوجوه لأن تجويز الوكالة للحاجة يقتضى المسامحة فيه بخلاف(1/414)
ما إذا كثر الغرر كوكلتك في كل قليل وكثير أو في امورى أو فوضت إليك في كل شيء أو اشتر لى عبدا أو حيوانا ويشترط فيه ايضا أن يكون قابلا للنيابة سواء كان عباده كالحج والعمرة وتوابعها والصوم عن الميت وذبح الأضحية والهدى والعقيقة وتفرقة الزكاة والكفارة والصدقة ونحوها أو عقدا كبيع أم فسخا كرد بعيب أو غيرها كقبض الديون وإقباضها والدعوى والجواب واستيفاء عقوبة وإثبات عقوبة آدمى وتملك مباح بخلاف سائر العبادات البدنية كالصلاة والمعاصى كالقتل وإثبات عقوبة لله تعالى وشهادة ويمين وإيلاء ولعان ونذر وظهار وتعليق ولا بد من صيغة كوكلتك في كذا أو فوضته إليك أو أنت وكيلى فيه أو بع أو اعتق ولا يشترط القبول لفظا بل يكفى الفعل ولا يصح تعليقها فإن نجزها وشرط للتصرف وقتا جاز وتصح مؤقتة ولو قال وكلتك ومتى عزلتك فأنت وكيلى صحت في الحال ولا يعود بعد العزل وكيلا ولا يصح تعليق العزل أيضا ولا يصح إقرار على من وكلا بألف الإطلاق أي لا يصح إقرار الوكيل عن موكله بما يبطل حقه من قبض أو تأجيل أو نحوه ويصير الموكل مقرا بنفس التوكيل ولأن الوكيل إنما يفعل ما فيه الحظ لموكله وينعزل باقراره على موكله في الخصومة ولا ينعزل بابرائه الخصم ومتى وكله في البيع ولم يقيده بثمن ولا حلول ولا تأجيل ولا نقد لم يجز له نظرا لعرف البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئه ولا بغبن فاحش وهو ما لا يحتمل غالبا بخلاف السير وهو ما يحتمل غالبا كبيع ما يساوى عشرة دراهم بتسعة فلو باع بشيء منها وسلم المبيع ضمنه لتعديه بتسليمه ببيع باطل فيسترده إن بقى وإلا غرم الموكل قيمته من شاء من الوكيل والمشترى والقرار عليه وإذا استرده فله بيعه بالأذن السابق ولا يكون ضامنا لثمنه ولو كان بالبلد نقدان لزمه البيع بأغلبهما فإن استويا فبأنفعهما للموكل فإن استويا تخير بينهما أما إذا قيد بشيء مما ذكر فيتعين فلو أطلق الأجل صح(1/415)
وحمل على المتعارف في مثله فإن لم يكن في المبيع عرف راعى الوكيل الأنفع للموكل ولو قال الموكل بعه بكم شئت فله البيع بالغبن الفاحش ولا يجوز بالنسيئة ولا بغير نقد البلد ولا يجوز بالغبن ولا بالنسيئة او كيف شئت فله البيع بالنسيئة ولا يجوز بالغبن ولا بغير البلد وللوكيل بالبيع بيعه لأصوله وفروعه وصديقه ولم يبع من نفسه ولا ابن طفل أي محجور لصبا أو سفه ومجنون ولو بأذن من موكله له فيه أى لا يصح لتصاد غرضى الاسترخاص لهما والاستقصاء للموكل والاتحاد الموجب والقابل بغير جهة الأبوة وشمل كلامه ما لو قدر له مع ذلك الثمن ونهاه عن الزيادة وإن انتفت التهمة لاتحاد الموجب والقابل ولهذا لو وكله ليهب من نفسه لم يصح ويمتنع على الوكيل شرط الخيار لغير نفسه وموكله متى باع بثمن المثل وزاد راغب قبل لزوم البيع انفسخ فإن رجع الراغب بها قبل تمكن الوكيل من بيعه منه بقى البيع بحاله وإلا ارتفع فلا بد من بيع جديد وللوكيل بالبيع مطلقا قبض الثمن وتسليمه لكن لا يسلمه ما لم يقبض الثمن فإن خالف ضمن قيمته لموكله وإن كان الثمن أكثر منها وإذا قبض الثمن دفعه واسترد القيمة أما لو كان الثمن مؤجلا فله قبل قبضه تسليم المبيع إذ لا حبس بالمؤجل فإن حل لم يملك قبضه إلا بأذن جديد وحيث نهاه عن التسليم والقبض فليس له ذلك وإذ وكله في شراء شيء موصوفا كان أو معينا فاشترى معينا بثمن في الذمة جاهلا بعيبه وقع الشراء للموكل وإن لم يساو ما اشتراه به كما لو اشتراه لنفسه جاهلا وفارق عدم صحة بيعه بغبن فاحش بأن الغبن لا يثبت الخيار فيتضرر الموكل أو عالما لم يقع لموكله وإن ساوى ما اشتراه به لأن الاطلاق يقتضى السلامة ولا عذر وإذا وقع للموكل فلكل من الموكل والوكيل الرد بالعيب وإن رضى الموكل به فليس للوكيل الرد بخلاف العكس وإن اشترى بعين مال الموكل وقع له حال الجهل وليس للوكيل الرد وبطل حال العلم ويمتنع على الوكيل التوكيل بلا إذن إن تأتى منه ما(1/416)
وكل فيه وإن قال له الموكل افعل فيه ما شئت أو أوكل ما تصنعه فيه جائز وإن لم يتأت لكونه لا يحسنه أو لا يليق به فله التوكيل ولو كثر وعجز عن الإتيان بكله وكل فيما زاد على الممكن ولو أذن في التوكيل وقال وكل عن نفسك ففعل فالثانى وكيل الوكيل فينعزل بعزله وانعزاله وأنه يتعزل بعزل الموكل أو عنى فالثانى وكيل الموكل وكذا إن أطلق وفي الصورتين لا يعزل أحدهما الآخر ولا ينعزل بانعزاله وحيث جوزنا للوكيل اشتراط أن يوكل أمينا إلا أن يعين الموكل غيره ولو وكل أمينا ففسق لم يملك الوكيل عزله لأنه ليس نائبا عنه ولو عين للمبيع شخصا أو زمانا أو مكانا تعين ولو قدر له الثمن فباع في مكان غيره بالقدر جاز وإن قال بع بمائة لم يبع بأقل وله أن يزيد عليها إلا إن عين المشترى أو صرح بالنهى عن الزيادة وليس له البيع بمائة وهناك زيادة ولو قال اشتر عبد فلان بمائة فاشتراه بأقل جاز ولو قال اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها فاشترى شاتين بالصفة فإن لم تساو واحدة دينارا لم يصح الشراء للموكل وإن ساوته إحداهما أو كل منهما وحصل الملك للوكل فيهما ولو أمره بالشراء بعين مال فاشترى في الذمة لم يقع للموكل وكذا عكسه ومتى خالف الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه كان أمره ببيع عبد فباع غيره أو بشراء ثوب بهذا الدينار فاشترى به آخر لم يصح تصرفه ولو اشترى غير المأذون فيه في الذمة ولم يسم الموكل وقع الوكيل وإن سماه فقال البائع بعتك فقال اشتريت لفلان فكذلك ولو قال بعت موكلك فقال اشتريت له لم يصح بخلاف النكاح فإنه لا يصح إلا كذلك ووكيل المتهب يجب أن يسمى موكله وإلا وقع له ولا تصرفه النية ولو وكله في بيع شيء لزيد فباعه لوكيله لم يصح وهو أي الوكيل أمين ولو بجعل فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط لأن الوكالة عقد إرفاق ومعونة والضمان ينافيه وينوب عنه وبتفريط ضمن كأن تصرف على(1/417)
غير الإذن أو المصلحة عند الاطلاق للاذن وسلم العين للغير أو أستعملها أو وضعها في غير حرزها كسائر الأمناء فإنهم لا يضمنون إلا بالتفريط ولا ينعزل بذلك لأن حقيقة الوكالة الإذن في التصرف والأمانة حكم مرتب عليه فلا يلزم من رفعها رفعه وإذا باع وسلم المبيع زال الضمان عنه ولا يضمن الثمن ولو رد المبيع بعيب عليه عاد الضمان ولو دفع لوكيله دراهم ليشترى له بها شيئا فتصرف فيها قرضا عليه ضمنها وليس له أن يشترى للموكل بدراهم نفسه ولا في الذمة فان فعل فالشراء له فلو عادت الدراهم إليه فاشترى بها للموكل صح والمشترى غير مضمون عليه فلو رده بعيب واسترد الثمن عاد الضمان ومتى طالبه الموكل برد ماله لزمه التخلية بينه وبينه فإن امتنع من غير عذر ضمن وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل من رؤية ولزوم عقد بمنارقة المجلس والفسخ فيه والتقابض قبل التفرق حيث يشترط وتسليم رأس مال السلم وإذا اشترى الوكيل طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل والا فلا إن كان الثمن معينا وإن كان في الذمة طالبه به إن أنكر وكالته أو قال لا أعلمها وإن اعترف بها طالب به أيهما شاء والوكيل كضامن والموكل كأصيل وإذا قبض الوكيل بالبيع الثمن وتلف في يده وخرج المبيع مستحقا رجع المشتري عليه ببدل الثمن وإن اعترف بوكالته لم يرجع الوكيل على الموكل بما غرمه وللمشتري الرجوع على الموكل ابتداء لأن الذي تلف في يده غيره ويده كيده ثم شرع فيما ينعزل به فقال يعزل بالعزل أي منه أو من موكله كقول الوكيل عزلت نفسي أو أخرجتها من الوكالة أو رددتها أو الموكل عزلته أو رفعت الوكالة أو فسختها أو أبطلتها أو أخرجته منها لأن الوكالة جائزة من الجانبين ولو بجعل وإن وجدت فيها شروط الأجارة لتضرر المتعاقدين بلزومها ولا يتوقف انعزاله على علمه بخلاف القاضي لأن شأن تصرفه العموم وأما الوكيل فشأن تصرفه على الخصوص وإن كان الموكل فيه عاما وينبغي للموكل إذا عزل وكيله في(1/418)
غيبته أن يشهد على العزل لأن قوله بعد تصرف الوكيل كنت عزلته لا يقبل نعم محله إذا أنكر الوكيل العزل فان وافقه لكن قال كان بعد التصرف فهو كدعوى للزوج تقدم الرجعة على القضاء العدة وفيه تفصيل معروف قاله الرافعى في خلاف الموكل وأشار بقوله وإغماء وجن أي جنون إلى أن الوكيل ينعزل بزوال أهلية واحد منهما لذلك التصرف بأن مات أو جن أو أغمى عليه أورق أو فسق فيما تعتبر فيه العدالة أو حجر عليه بسفه أو فلس فيما لا ينفذ منهما ويستثنى من ذلك إغماء الموكل برمى الجمار فلا ينعزل به الوكيل لأنه قد زاد عجزه وينعزل أيضا بخروج محل التصرف عن ملك الموكل بتلف أو بيع أو عتق أو نحوها أو عن منفعته كما لو أجره أو زوج الأمة لإشعار الاجارة والتزويج بالندم على البيع أو عن الوكيل إذا كان رقيق الموكل بخلاف زوال الملك عن رقيق غيره فليس بعزل وينعزل بالإيصاء والتدبير وتعليق العتق بصفة وبزوال الإسم كطحن الحب لا بالعرض على البيع ولا بتوكيل وكيل الآخر ولو عزل أحد وكيليه مبهما منع كل منهما من التصرف حتى لا يميز للشك في أهليته ومن يقبل قوله في الرد كوكيل ومودع ليس له ان يقول لا ارد المال إلا بالأشهاد دون من لا يقبل قوله في الرد كغاصب له الانتفاع وإن لم تكن عليه بينة ولو قال شخص وكلنى زيد بقبض ماله عليك من دين وعندك من عين وصدقة فله دفعه إليه ولا يلزم إلا بينة على وكالته فلو دفع وحضر زيد وأنكر الوكالة صدق بيمينه ثم إن كان الحق عينا أخذها وإن تلف فله تغريم من شاء منهما ولا رجوع للغارم على الاخر إذا تلف بتفريط القابض وغرم الدافع فإنه يرجع على القابض أو دينا فله مطالبة الدافع بحقه ويسترد هو المدفوع فإن تلف بتفريط غرمه وإلا فلا وليس له مطالبة القابض إن تلف المدفوع عنده وكذا إن بقى وإن لم يصدقه لم يكلف الدفع إليه فإن دفع ثم حضر زيد وحلف على نفي الوكالة غرم الدافع ثم يرجع هو على القابض ولو أنكر الوكالة أو الحق وكان الوكيل(1/419)
مأذونا له فى أقامة البينة أقامها وأخذ الحق وإلا فليس له التحليف ولو قال أنا وارثه المستغرق أو أحالنى عليك وصدقه وجب الدفع وإن كذبه ولا بينة فله تحليفه
باب الاقرار هو لغة الإثبات من قر الشئ يقر قرارا إذا ثبت وشرعا إخبار عن حق سابق ويسمى اعترافا أيضا والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم وفسرت شهادة المرء على نفسه بالإقرار وقوله أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا وقوله وليملل الذي عليه الحق إلى قوله فليملل وليه بالعدل أي فليقر بالحق ولعل صحة إقرار الولى محمول على فعل نفسه وخبر الشيخين أغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها والقياس لأنا إذا قبلنا الشهادة على الإقرار فلأن نقبل الإقرار أولى وله أربعة أركان مقر ومقر له ومقر به وصيغة وإنما يصح مع تكليف المقر بان يكون بالغا عاقلا فلا يصح إقرار صبى ولا مجنون نعم إقرار السكران المتعدى بسكره صحيح طوعا فلا يصح إقرار مكره ويصح ولو مع مرض مخوف من المقر سواء كان بعين أو دين لأجنبي أو وارث لأنه في حالة يصدق فيها الكذوب ويتوب فيها الفاجر فالظاهر صدقه ولو أقر في صحته بدين لإنسان وفي مرضه بدين لآخر لم يقدم الأول بل يتساويان كما لو أقر بهما في الصحة أو المرض ولو أقر في صحته أو مرضه بدين لإنسان وأقر وارثه بعد موته بدين لآخر لم يقدم الأول لأن إقرار الوارث كإقرار الموروث فكأنه أقر بالدينين والرشد من المقر إذ اي حين إقراره بالمال فلا يصح إقرار محجور عليه بسفه بمال عين أو دين أسنده إلى ما قبل الحجر أو بعده وكذا باتلاف المال وخرج بذلك إقراره بغير كحد وقصاص وخلعه وطلاقه وظهاره ونفيه النسب ونحوها وأما المفلس فيصح إقراره بعين أو بدين أسند وجوبه إلى ما قبل الحجر بمعاملة أو مطلقا أو إتلاف أو إلى ما بعده بجناية فيزاحم المقر له فيها الغرماء وأما الرقيق فيقبل إقراره بموجب عقوبة ويضمن مال السرقة في ذمته(1/420)
تالفا كان أم باقيا في يده أو يد السيد إذا لم يصدقه فيها ولو أقر بدين جناية لا توجب عقوبة كجنايه الخطأ وإتلاف المال فكذبه السيد تعلق بذمته دون رقبته فيتبع به بعد عتقه وإن صدقه تعلق برقبته فيباع فيها ما لم يفده سيده بالأقل من قيمته وقدر الدين وإذا بيع وبقى شئ من الدين لا يتبع به بعد عتقه وإن أقر بدين معاملة لم يقبل على السيد إن لم يكن مأذونا له في التجارة بل يتعلق المقر به بذمته ويتبع به بعد عتقه وإن صدقه السيد ويقبل على السيد إن كان ماذونا له في التجارة ويؤدى من كسبه وما في يده إلا أن يكون المقر به مما لا يتعلق بالتجارة كالقرض فلا يقبل على السيد ولو أقر بعد حجر السيد عليه بدين معاملة أضافة إلى حال الإذن لم تقبل إضافته قبل الحجر ولو أطلق الدين لم ينزل على دين المعاملة ولا بد من أهلية المقر له ولاستحقاق المقر به فلو قال لهذه الدابة على كذا لغا لانتفاء أهليتها للاستحقاق فإن قال على بسببها لمالكها كذا صح وحمل على أنه جنى عليها أو اكتراها أو على بسببها لم يلزم لمالكها الآن بل يسئل ويعمل ببيانه ولو أقر لرقيق فلسيده أو لحمل بسبب إرث أو وصية صح لأن ما أسنده ممكن فإن انفصل ميتا فلا حق له ويكون لورثة الموروث أو الموصى أو حيا وانفصل لستة أشهر استحق أو لأكثر من اربع سنين فلا أو لما بينهما وهى فراش فكذلك وإلا استحق والمدة معتبرة من الإقرار كما قاله الشيخان وصوب الأسنوى والبلقينى اعتبارها من سبب الاستحقاق ثم إن استحق بوصية فله الكل أو بإرث من اب وهو ذكر فكذلك أو أنثى فلها النصف وإن أسنده إلى جهة لا تمكن في حقه كقوله أقرضنى أو باعنى به شيئا لغا الإقرار وقيل يصح ويلغو الاسناد فإن أطلق صح(1/421)
وحمل على الجهة الممكنة في حقه وعدم تكذيب المقر فلو كذب المقر ترك المال في يده وتكون اليد يد ملك لا استحفاظ فلو رجع المقر له وصدق المقر لم يسلم إليه إلا باقرار جديد أو المقر وقال غلطت أو تعمدت الكذب قبل وتعيينه نوع تعيين بحيث يتوقع منه الدعوى والطلب فلو قال لإنسان او واحد من بنى آدم أو من اهل البلد على ألف لم يصح فلو قال على مال لأحد هؤلاء الثلاثة مثلا صح فلو قال واحد أنا المرادولى عليك ألف صدق المقر بيمينه ولا بد أن لا يكون المقر به ملكا للمقر وقت الاقرار فلو قال دارى أو ثوبى أو دينى الذي على زيد لعمرو فلغو لأن الإضافة إليه تقتضى الملك له فتتنافى الإقرار لغيره إذ هو اخبار بحق سابق عليه ويحمل كلامه على الوعد بالهبة ولو قال مسكنى لزيد فهو إقرار لأنه قد يسكن ملك غيره ولو قال هذا لفلان وكان ملكى إلى أن أقررت فأول كلامه إقرار وآخره لغو فيطرح ويعمل بأوله ولو قال الدين الذي لى على زيد لعمرو واسمى في الكتاب عارية صح ولا بد من كون المقر به في يد المقر ليسلم بالإقرار للمقر له في الحال وإن لم يكن في يده فهو دعوى أو شهادة فلو صار في يده عمل بمقتضى الإقرار بأن يسلم للمقر له في الحال فلو قال العبد الذي في يد زيد مرهون عند عمرو بكذا ثم حصل العبد في يده امر ببيعه في دين عمرو ولو أقر بحرية عبد في يد غيره أو شهد بها فردت ثم اشتراه صح وحكم بحريته فترفع يده عنه ثم إن قال أعتقته فشراؤه افتداء من جهة المشترى وبيع من جهة البائع فيثبت له وحده الخياران وولاؤه موقوف فإن مات وترك مالا وله وارث بنسب فله وإلا فان صدقه البائع أخذه ورد الثمن أو أصر فللمشترى منه قدر الثمن والباقى موقوف وإن قال هو حر الأصل أو اعتق قبل شرائك فافتداء من جهته وبيع من جهة البائع وإذا مات ولا وارث له فماله لبيت المال وليس للمشترى أخذ شيء منه ولو مات قبل القبض لم يكن للبائع مطالبته بالثمن ولو أقر بحريته ثم أستأجر لم يحل له(1/422)
استخدامه وللمؤجر مطالبته بالأجرة ولا بد في الإقرار من صيغة كقوله لفلان على أو عندى أو معى كذا ثم على وفي ذمتى للدين ظاهرا فلا يقبل تفسيره بوديعة ولا دعواه التلف بل يضمنه ومعى وعندى للعين أى محمول عند الإطلاق على الإقرار بالعين حتى إذا ادعى أنها وديعة وأنها تلفت أوردها يقبل قوله بيمينه ولو قال لى عليك ألف فقال زن أو خذ أو استوف فليس باقرار أوزنه أوخذه أو هى صحاح او اختم عليه أو شده في هميانك أو اجعله في كيسك فكذا على الصحيح لأنه يذكر للاستهزاء أو بلى أو نعم أو أجل أو صدقت او أنا مقر به أو بما تدعيه أو لست منكرا له أو لا أنكر ما تدعيه أو لا أنكر ان تكون محقا فيما تدعيه أو أبرأتنى منه أو قضيته أو له على ألف في علمى أو فيما أعلم أو أشهد فاقرار بالألف وعليه بينة الإبراء أو القضاء أو أنا مقر أو أقر به ولست منكرا أولا أقر ولا أنكر أن تكون محقا أو أقررت بأنك أبرأتنى أو استوفيت منى أو لعل أو عسى أو أظن أو أحسب أو أقدر أو لا اقر به ولا انكره فليس باقرار نعم إن انضم إلى اللفظ قرائن تشعر بالأستهزاء أو التكذيب كالأداء والإبراء وتحريك الرأس الدال على شدة التعجب والأنكار لم يكن إقرارا ويحمل قولهم إن صدقت وما فى معناه إقرار على غير هذه الحالة ولو قال أليس لى عليك كذا فقال بلى أو نعم فاقرار واقض الألف الذي عليك فقال نعم أو أقضى غدا أو امهلنى يوما أو حتى أتغذى أو افتح الكيس أو أجد المفتاح فاقرار ويصح بكل لغة فهمها المقر فلو أقر عجمى بعربية أو بالعكس وقال لقنت وأمكن إخفاؤه عليه صدق بيمينه وكذا حكم جميع العقود والحلول ولو قال كنت يوم الإقرار صبيا أو مجنونا وأمكن الصبا وعهد الجنون صدق بيمينه أو مكرها فكذلك إن قامت قرينة على صدقه والإ لم يقبل ولو تعرضت البينة لبلوغه وعقله واختياره لم يقبل قوله ولا يشترط في الشهادة تعرض لبلوغ وعقل واختيار وحرية ورشد وما يكتب فيه الوثائق فهو احتياط ولو قيدت بينة(1/423)
الإقرار بالأختيار وأقام الخصم بينه بالإكراه قدمت ولا تقبل شهادة الإ كراه إلا مفصله وصح الاستثناء وهو إخراج ما لولاه لدخل فيما قبله بإلا أو إحدى أخواتها من متكلم واحد لوروده في الكتاب وغيره باتصال أي حال كونه متصلا بالاقرار بحيث يعد معه كلاما
واحدا فلو فصل بينهما بكلام أجنبي أو سكوت لم يصح نعم يغتفر الفصل اليسير بسكتة تنفس أوعى أو تذكر أو انقطاع صوت والاتصال المعتبر هنا أبلغ مما يشترط بين الأيجاب والقبول لأنه يحتمل بين كلام الاثنين ما لا يحتمل بين كلام الواحد ولو قال على ألف أستغفر الله إلا مائة صح الاستثناء لأنه فصل يسير ولأنه ملائم لما سبق فلم يمنع الصحة بخلاف قوله على ألف يا فلان إلا مائة ويعتبر لصحة الاستثناء قصده قبل فراغ الاقرار فلا يكفي بعده وعدم استغراقه للمستثنى منه كعشرة إلا تسعة فان استغرقه كعشرة إلا عشرة لم يصح لأنه رفع لما أثبته وليس من المستغرق له على مال إلا مالا أو شىء إلا شيئا أو نحوها لإمكان حمل الثاني على أقل من الأول ومحل ذلك ما لم يخرجه عن الاستغراق وإلا صح فلو قال له على عشرة إلا عشرة إلا خمسة لزمه خمسة ومهما كان في المستثنى أو المستثنى منه عددان معطوفان أحدهما على الآخر لم يجمع بينهما لأن واو العطف وإن اقتضت الجمع لا تخرج الكلام عن كونه ذا جملتين من جهة اللفظ الذي يدور عليه الاستثناء فلو قال له على درهم ودرهم ودرهم إلا درهما أو له على درهمان ودرهم إلا درهما لزمه ثلاثة دراهم لأن المستثنى منه إذا لم يجمع مفرقه لم يلغ إلا ما يحصل به الاستغراق وهو درهم ولو قال له على عشرة إلا تسعة إلا ثمانية وهكذا إلى الواحد لزمه خمسة ولو قال ليس له على عشرة إلا خمسة لم يلزمه شيء أو ليس له على شيء إلا عشرة لزمه عشرة أوله على شيء إلا خمسة لزمه تفسير الشيء بما يزيد على الخمسة وإن قلت الزيادة لتلزمه تلك الزيادة ولا فرق بين تقديم المستثنى منه على المستثنى وتأخيره كقوله له على(1/424)
إلا عشرة مائة ويصح الاستثناء من غير الجنس كقوله له على ألف درهم إلا ثوبا أو عبدا وعليه أن يبينه بما لا تستغرق قيمته الألف فإن استغرقته بطل الاستثناء عن حقنا ليس الرجوع يقبل سواء كانت مالية أم غيرها كالقتل والقذف وغيرهما لبنائه على المشاحة بل حق ربي من كل عقوبة لله تعالى سواء كانت حدا أم تعزيرا كالزنا وشرب الخمر وغيرهما لبنائهما على المسامحة فالرجوع عن إقراره بها أفضل لقصة ماعز ولهذا استحب لمن ارتكب معصية توجب عقوبة لله تعالى أن يستر على نفسه بخلاف من قتل أو قذف مثلا فإنه يستحب له أن يقر بل يجب عليه ليستوفي منه الحق لما في حقوق الآدمي من التضييق بخلاف عقوبة الله تعالى أما رجوعه عما أقر به من حق مالي لله تعالى كزكاة وكفارة فلا يقبل ومن بمجهول أقر قبلا كقوله له على شيء لأنه إخبار عن حق سابق كما مر والشيء قد يخبر عنه معينا وقد يخبر عنه مبهما إما للجهل به أو لثبوته مجهولا بوصية أو نحوها ويلزمه بيانه أي بيان ما أبهمه فيطالب بتفسيره فإن امتنع منه حبس لامتناعه من أداء ما وجب عليه كما يحبس من امتنع من أداء الحق بكل ما تمولا وإن قل كرغيف وفلس إذ الشيء صادق عليه ولو فسره بما لا يتمول لكنه من جنسه أو بما يحل اقتناؤه ككلب معلم وسرجين قبل لأن ذلك يحرم غصبه ويجب رده ويقبل تفسيره بحق شفعة وحد قذف لا بما لا يقتنى كخنزير وكلب لا نفع فيه إذ لا يجب رده فلا يصدق به قوله على بخلاف ما إذا قال له عندي شيء فيصدق به ولا يقبل أيضا تفسيره بعيادة ورد سلام لبعد فهمهما في معرض الإقرار إذ لا مطالبة بهما ولو أقر بمال أو بمال عظيم أو كبير أو جليل أو أكثر من مال السلطان قبل تفسيره بما قل منه وإن لم يتمول كحبة حنطة ويكون وصفه بالعظم ونحوه من حيث أثم غاصبه وكفر مستحله وكذا يقبل تفسيره بأم الولد لأنها ينتفع بها وتستأجر وإن كانت لا تباع ولا يقبل تفسيره بمنفعة وكلب وجلد ميتة لأنها لا يصدق عليها اسم المال وقوله(1/425)
له على كذا كقوله له على شيء وقوله شيء شيء أو كذا كذا كما لو لم يكرر لأن الثاني تأكيد فإن قال شيء وشيء أو كذا وكذا وجب شيئان يقبل كل منهما في تفسير شيء لاقتضاء العطف المغايرة ولو بين المبهم بما يقبل وكذبه المقر له في أنه
حقه فليبين جنس المقر به وقدره وليدع به والقول قول المقر في نفيه فإذا بين المقر به بمائة درهم فقال المقر له مالي عليك إلا مائة دينار وادعى بها حلف المقر أنه ليس له عليه إلا مائة درهم ولو قال له على كذا درهما أو رفع الدرهم أو جره أو سكنه لزمه درهم ولو قال كذا وكذا درهما بالنصب وجب درهمان وإن لم ينصبه أو حذف الواو فدرهم في الأحوال كلها باب العارية بتشديد الياء وقد تخفف وفيها لغة ثالثة عارة وهي اسم لما يعار وحقيقتها شرعا إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه والأصل فيها قبل الإجماع آية ويمنعون الماعون قال كثير من المفسرين المراد ما يستعيره الجيران بعضهم من بعض وآية وتعاونوا على البر والتقوى وخبر أنه صلى الله عليه وسلم استعار فرسا من أبي طلحة فركبه وخبر أنه صلى الله عليه وسلم استعار درعا من صفوان بن أمية يوم حنين فقال أغصب يا محمد فقال بل عارية مضمونة وكانت واجبة أول الإسلام للآية السابقة ثم نسخ وجوبها فصارت مستحبة بالأصالة وقد تجب كإعارة ثوب لدفع حر أو برد وإعارة حبل لإنقاذ غريق وسكين لذبح حيوان محترم يخشى موته وقد تحرم كإعارة صيد من محرم وأمة من أجنبي وقد تكره كإعارة عبد مسلم من كافر ولها أربعة أركان معير ومستعير ومعار وصيغة تصح العارية إن وقتها بمدة معلومة أو أطلقا بألف الإطلاق بأن لم يقيدها بمدة كأن أعاره أرضا للبناء أو الغراس ولم يذكر مدة فللمستعير البناء أو الغراس فيها ما لم يرجع المعير فإن رجع امتنع عليه ذلك فلو فعل عالما بالرجوع قلع مجانا وعليه تسوية الأرض كالغاصب أو جاهلا فكذا في الأصح وما بنى أو غرس قبل الرجوع إن أمكن رفعه من غير نقص يدخله(1/426)
رفع وإلا فإن شرط القلع عند رجوعه وتسوية الحفر لزمه فإن امتنع قلعه المعير مجانا أو شرط القلع فقط لم يلزمه تسوية الحفر وإن لم يشترط القلع فإن اختار المستعير القلع قلع ولزمته التسوية وإن لم يختر القلع لم يكن للمعير قلعه مجانا لأنه محترم والأصح أن للمعير أن يبقيه بأجره مثله أو يقلع ويغرم أرش نقصه أو يتملكه بقيمته حال تملكه وإذا اختار ماله اختياره لزم المستعير موافقته فإن أبى كلف تفريغ الأرض فإن لم يختر المعير شيئا مما ذكر لم يقلع مجانا سواء أبذل المستعير الأجرة أم لا ولكن يعرض الحاكم عنهما حتى يختارا شيئا وللمعير دخولهما والانتفاع بها والاستظلال بالبناء والشجر في مدة التوقف ولا يدخلها المستعير بغير إذن لتفرج وله ذلك لسقي وإصلاح فلو تعطلت منفعة الأرض بدخوله لم يكن إلا بأجرة ولكل بيع ملكه لصاحبه أو الثالث والمشتري من المعير كهو فيتخير أو من المستعير فكهو وللمشتري الفسخ إن جهل ولو اتفق المعير والمستعير على بيع الأرض بما فيها بثمن واحد جاز للحاجة ويوزع كما قاله البغوي على الأرض مشغولة بالغراس أو بالبناء وعلى ما فيها وحده فحصة الأرض للمعير وحصة ما فيها للمستعير خلافا للمتولي ومحل ما مر من التخيير بين الأمور الثلاثة ما لم يقف المستعير البناء والغراس فإن فعله تخير بين القلع وغرم أرش النقص والإبقاء بالأجرة ولو كان على الشجر ثمر لم يبد صلاحه كان كنظيره في الإجارة من التخيير فإن اختار التملك ملك الثمرة أيضا إن لم تكن مؤبرة وأبقاها إلى أوان الجذاذ إن كانت مؤبرة وشرط المعير صحة تبرعه فلا تصح من صبي وسفيه ومفلس ومكاتب بدون إذن سيده وملكه المنفعة ولو بإجارة أو وصية أو وقف وشرط المستعير صحة التبرع عليه بعقد معه فلا إعارة لصبي ونحوه وشرط الصيغة أن تدل على الإذن في الانتفاع بلفظ أو نحوه ويكفي فعل من الآخر في عين انتفاعها مع البقا كالعبيد والدور فلا تصح فيما لا نفع فيه كحمار زمن وما فيه نفع لكن(1/427)
مع استهلاكه كالأطعمة لانتفاء المعنى المقصود
من العارية ولو دفع شاة لرجل وقال ملكتك درها ونسلها فهما موهوبان هبة فاسدة والشاة مضمونة بالعارية الفاسدة فإن قال أبحتك درها ونسلها كانت إباحة صحيحة والشاة عارية صحيحة ويصح إعارة الشاة للبنها والشجرة لثمرتها فتكون العارية لاستفادة عين وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة بخلاف الإجارة وحينئذ فالشرط في العارية أن لا يكون فيها استهلاك المعار لا أن يكون فيها استيفاء عين ولا يشترط تعين العين فلو قال أعرني دابة فقال أدخل الاصطبل وخذ ما أردت صحت بخلاف الإجارة لأن الغرر لا يحتمل في المعاوضات ولا بد في المعار أن تكون منفعته قوية فلا تصح إعارة النقد إلا أن يعيره للتزين به أو الضرب على طبعه فتصح لاتخاذه المنفعة مقصدا وإن ضعفت وكونها مباحة فلا تصح إعارة صيد لمحرم ولا أمة كبيرة حسناء لأجنبي بخلاف إعارتها من محرم بنسب أو غيره أو من امرأة أو ممسوح أو زوج أو مالك فتصح كأن يستعيرها من مستأجرها أو موصى له بمنفعتها فإن كانت صغيرة لا تشتهى أو قبيحة جازت وإعارة العبد لامرأة كعكسه كما قاله الأسنوي ولو كان المستعار أو المستعير خنثى امتنعت احتياطا وحيث امتنعت فسدت ووجبت الأجرة وتكره تنزيها إعارة أصل وإن علا لفرعه للخدمة ويكره له قبولها كما يكره له استئجاره لها لأن استخدامه مكروه فإن قصد باستعارته لها ترفهه لم تكره بل هي مندوبة وتكره إعارة عبد مسلم لكافر وقد تجوز إعارة ما لا تجوز إجارته كالفحل للضراب والكلب للصيد وينتفع المستعير بحسب الإذن فإن أعاره لزراعة حنطة زرعها ومثلها ودونها إن لم ينهه لا ما فوقها وحيث زرع ما ليس له فللمعير قلعه مجانا فلو أطلق الزراعة صح وزرع ما شاء ولو أعاره لزراعة لم يبن ولم يغرس أو لأحدهما فله الزراعة وليس له الأجرة وإذا صلحت العين لمنافع فلا بد من تعيين المنفعة ما لم يعمم يضمنها أي يضمن المستعير العارية إذا تلفت بغير(1/428)
الاستعمال المأذون فيه وإن لم يستعملها ولم يفرط لخبر بل عارية مضمونة نعم إن استعار من مستأجر إجارة صحيحة أو موصى له بمنفعة لم يضمنها أما تلفها بالاستعمال المأذون فيه كانسحاق الثوب أو انمحاقه باللبس وتلف الدابة بالحمل المعتاد وانكسار السيف في القتال فلا يضمنها إلا في الهدى والأضحية المنذورين ومؤن الرد يضمنهما المستعير حيث كان له مؤنة نعم إن استعار من مستأجر أو موصى له بالمنفعة أو نحوهما ورده على المالك فمؤن الرد على المالك كما لورد عليه المعير بخلاف ما إذا رد على المعير وفي سوم فيضمن قيمة ما أخذه بالسوم ومؤن رده والرد المبرىء من الضمان أن يسلم العين لمالكها أو وكيله في ذلك فلورد الدابة للاصطبل أو الثوب ونحوه للبيت الذي أخذه منه لم يبرأ ولو لم يجد المالك فسلمها لزوجته أو ولده فأرسلها إلى المرعى فضاعت تخير بين مطالبة الراد والمتسلم منه والقرار عليه بقيمة ليوم التلف لا بأقصى القيم ولا بيوم القبض وسواء أكانت مثلية أو متقومة على المعتمد والدر أي اللبن والنسل أي أولاد العارية بلا ضمان لأنه لم يأخذها للانتفاع بهما ولا يعير أول لثاني بغير إذن مالكها لأنه لم يملك الانتفاع وإنما أبيح له ذلك أما إذا أذن له المالك في الإعارة فإنها تجوز فإن يعر وهلكت تحت يديه يضمنها ثان ولم يرجع عليه أي على معيره وإن جهل كونه مستعيرا(1/429)
باب الغصب هو لغة أخذ الشيء ظلما وشرعا حقيقة وحكما وضمانا الاستيلاء على مال الغير عدوانا وضمانا الاستيلاء على مال الغير بغير حق وإن ظن ملكه وعصيانا الاستيلاء على حق الغير عدوانا وهو مجمع على تحريمه والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل أي لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل وأخبار كخبر إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام وخبر من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين وإثبات اليد العادية سبب الضمان وينقسم إلى مباشرة كأخذه من مالكه وإلى سبب كولد المغصوب وزوائده ولو ركب دابة أو جلس على فراش فغاصب وإن لم ينقل ولو أزعجه عن داره فغاصب لها وإن لم يدخلها ولو دخلها بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها فغاصب وإن كان ولم يزعجه فغاصب لنصفها إلا أن يكون ضعيفا لا يعد مستوليا على صاحبها وقد ذكر الناظم شيئا منها فقال يجب رده أي المغصوب على المغصوب منه وإن غرم عليه أضعاف قيمته لخبر على اليد ما أخذت حتى تؤديه فإن كان دار أوجب ردها بخروجه منها ليتسلمها مالكها وإن كان منقولا وجب رده ولو بنقله إن احتيج إليه إلى الموضع المغصوب منه كما لو نقل المغصوب المثلى إلى دار أو بلد فيجب على الغاصب رده وكذا لو انتقل بنفسه ويجب الرد ولو كان غير مال كاختصاص للخبر لأنه حق المغصوب منه ويبرأ بالرد على المالك أو وكيله أو وليه وأرش نقصه أي المغصوب مع الأرش ولو كان الأرش بسبب غير الاستعمال كأن غصب ثوبا أو رقيقا فنقصت قيمته بآفة سماوية كسقوط عضو منه لمرض وأجر مثله مدة وضع يده ولو فاتت منفعته بغير استعمال وهي أجرة مثله سليما قبل النقص ومعيبا بعده و يضمن المال المغصوب التالف عند الغاصب مثلى بمثله لأنه أقرب إلى التالف سواء تلف بنفسه أو متلف لا يختلف الحال في ذلك ويستثنى من ذلك مسائل كما لو غصب حربي مال مسلم أو ذمي ثم أسلم أو عقدت له ذمة بعد تلفه أو كان المغصوب غير متمول كحبة حنطة أو رقيقا وجب(1/430)
قتله لحق الله بردة أو نحوها فقتله أو غصب رقيق غير مكاتب مال سيده وهو أي المثلى الذي فيه أجازوا السلما بألف الإطلاق وحصره بالكيل والوزن الواو بمعنى أو كما بالقصر لغة في الممدود ولو حارا وتراب ونحاس وحديد وتبر ومسك وعنبر وكافور وثلج وجمد وقطن ولو بحبة ودقيق وحبوب وتمر وزبيب وعنب ورطب وكل فاكهة رطبة ودراهم ودنانير ولو مكسرة أو مغشوشة وخرج بقيد الكيل أو الوزن ما يعد كالحيوان أو يذرع كالثياب وبقيد جواز السلم نحو الغالية والمعجون وإنما اشترطوا جواز السلم لأنه بعد تلفه يشبه المسلم فيه ومحل ضمان المثلى بمثله إذا وجد الغاصب بمحل للماء فيه قيمة لا في مفازة ولاقاه بيم في ذا أي في الماء ولو تلف في يده والمثل موجود فلم يسلمه حتى فقد في البلد وحواليه حسابان لم يجده أو شرعا بأن وجده بأكثر من ثمن مثله أو منعه من الوصول مانع فالقيمة و المعتبر في مقوم أقصى القيم من وقت غصبه لتلف الذي انغصب ولو وجد بعد غرم القيمة فلا ترد لواحد منهما ولو نقل(1/431)
باب الشفعة المغصوب المثلى إلى بلد آخر فللمالك تكليفه رده وله مطالبته بقيمته في الحال فإذا رده ردها فإن تلف في البلد المنقول إليه طالبه بالمثل فيما وصل إليه من المواضع فإن فقد فقيمته أكثرها قيمة ولو ظفر بالغاصب في غير بلد التلف ولم يكن لنقله مؤنة كالنقد طالبه بالمثل وإلا فلا ولو غصب ثوبا قيمته عشرة ثم عاد إلى درهم ثم لبسه فعاد بلبسه إلى نصف درهم فالفائت بالرخص لا يضمن فيرد الثوب مع خمسة النصف التالف باللبس لأنها أقصى قيمة ولو أتلف مقوما بلا غصب ضمنه بقيمته وقت التلف فإن حصل بتدريج وسراية فبأقصى قيم تلك المدة فإن الإتلاف أبلغ من اليد العادية وفي الاباق ونحوه كضياع الثوب يضمن بالأقصى من الغصب إلى المطالبة وعلم من كلامه أنه لو تكرر الارتفاع والانخفاض لا يضمن كل زيادة بل بالأقصى ومحله في الأعيان أما المنافع فتضمن في كل بعض من أبعاض المدة بأجرة مثلها فيه من نقد أرض تلف وفي بعض النسخ بلد فيها غلب أي من نقدها إن كان بها نقد واحد فإن كان بها نقدان فمن نقدها الغالب لأنها محل وجود الضمان واعتبر صاحب التنبيه بلد الغصب قال في المهمات واعتبار نقد بلد التلف محمول على ما إذا لم ينقله وإلا فيتجه كما في الكفاية اعتبار نقد البلد الذي تعتبر قيمته وهو أكثر البلدين قيمة ولا تضمن الخمرة ولو محترمة ولا تراق على ذمي ما لم يظهر شربها أو بيعها وترد عليه في غير ذلك إن بقيت العين وترد المحترمة على المسلم والأصنام وآلات الملاهي لا يجب شيء بإبطالها ولا تكسر الكسر الفاحش بل تفصل لتعود كما قبل التأليف فإن عجز المنكر عن رعاية هذا الحد لمنع صاحب المنكر أبطله كيف تيسر ويضمن كل ما يصح استئجاره كالدار والعبد بالتفويت والفوات تحت يد عادية ولا تضمن منفعة البضع والحر بالفوات بل بالتفويت والأيدي المترتبة على أيدي الغاصب أيدي ضمان وإن جهل صاحبها الغصب وكانت أيدي أمانة ثم إن علم الغصب فكغاصب من غاصب فيستقر عليه ضمان(1/432)
ما تلف عنده وكذا إن جهل وكانت يده أصلها يد ضمان كعارية فإن كانت يد أمانة كوديعة فالقرار على الغاصب ولو أخذ الحاكم أو أمينه المغصوب من الغاصب فتلف في يده لم يضمن وكذا من انتزعه ممن لم يضمن كحربي ورقيق المالك غير المكاتب ليرده على مالكه ولو كانت قيمة المغصوب عند الثاني أقل منها عند الغاصب فالمطالب بالزيادة الغاصب وتستقر عليه ولو صال المغصوب على آخر فأتلفه فضمانه على الغاصب مستقرا فلو كان مالكه لم يبرأ الغاصب ومن تزوج المغصوبة جاهلا بالغصب فتلفت عنده لم يضمنها ولو كان هو المالك ولم يولدها لم يبرأ الغاصب ولو أسند لجدار غيره خشبة بغير إذن ضمن الجدار إن سقط بإسناده والتالف بوقوعه عليه وإن وقعت الخشبة وأتلف أو كان الجدار له أو لغيره وقد أذن فإن وقعت حالا ضمن وإلا فلا ولو غصب دار أفنقضها وأتلف النقض ضمنه وما نقص من قيمة العرصة وأجرة مثلها دارا إلى وقت النقض أو بهيمة وأنزى عليها فحلا فالولد للمغصوب منه أو فحلا وأنزاه على بهيمة فالولد له ولا شيء عليه للإنزاء فإن نقص غرم الأرش أو جارية ناهدا فتدلى ثديها أو شابا فشاخ أو أمرد فالتحى ضمن النقص أو ثوبا ونجسه أو تنجس عنده لم يجز له تطهيره ولا المالك تكليفه ذلك فإن غسل ضمن النقص أو رده نجسا فمؤنة التطهير والنقص اللازم منه عليه وتنجس مائع لا يمكن تطهيره هلاك ولو وضع في مسجد متاعا وأغلقه لزمه أجرة جميعه وإن لم يغلقه فأجره ما شغله باب الشفعة بإسكان الفاء وحكى ضمها وهي لغة الضم على الأشهر من شفعت الشيء ضممته فهي ضم نصيب إلى نصيب ومنه شفع الأذان وشرعا حق تملك قهرى يثبت للشريك القديم على الشريك الحادث فيما ملكه بعوض والأصل غاية البيان(1/433)
فيها خبر البخاري عن جابر قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة وفي رواية له في أرض أو ربعة أو حائط وفي رواية لمسلم قضى بالشفعة في كل شريك لم يقسم ربعة أو حائط ولا يحل له أن يبيع حتى يأذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يأذن له فهو أحق به والمعنى فيه دفع ضرر مؤنة القسمة واستحداث المرافق في الحصة الصائرة إليه ومعنى لا يحل أي حلا مستوى الطرفين والربعة تأنيث الربع وهو المنزل والحائط البستان ولها أربعة أركان آخذ ومأخوذ منه ومأخوذ وصيغة وقد ذكر الناظم بعض أحكامها فقال تثبت في المشارع أي المشترك من عقار وإن بيع مع منقول منقسم قسمة يجبر عليها أحد الشريكين بطلب الآخر وهو ما ينتفع به بعدها من الوجه الذي كان ينتفع به قبلها ولا عبرة بالانتفاع به من وجه آخر للتفاوت العظيم بين أجناس المنافع مع تابع القرار الذي يندرج في بيعه كأبنية وأشجار ثابتة فيه وثمرة بها غير مؤبرة وقت البيع وأبواب منصوبة لا في بناء أرضه محتكره أو موقوفة ولا فيما لا يندرج في البيع كشجر جاف وزرع فهي كمنقول وإن بيع من عقار لانه لا يدوم فلا يدوم ضرر الشركة فيه ولا مستأجره ولا في أشجار بيعت مع مغارسها فقط ولا في جدران مع أسها فقط ولا في طاحونة وحمام وبئر لا يمكن جعلها طاحونين وحمامين وبئرين فلا شفعة فيها ولو كان بينهما دار صغيرة لأحدهما عشرها فباع حصته لم تثبت للآخر لأمنه من القسمة إذ لا فائدة فيها فلا يجاب طالبها لتعنته بخلاف العكس ويعتبر في الآخذ بها كونه شريكا في رقبة العقار سواء أكان مسلما أم ذميا حرا أم مكاتبا حتى لو كان السيد والمكاتب شريكين فلكل منهما الشفعة على الآخر فلا شفعة لمالك المنفعة فقط ولا لجار ولو ملاصقا فلو كان بينهما أرض ولأحدهما فيها أشجار أو أبنية فباعها مع حصته من الأرض لم تثبت الشفعة إلا في الأرض لعدم الشركة في الأشجار والأبنية ولو قضى(1/434)
بها حنفي لجار لم ينقض ولو قضى بها الشافعي لم يعترض ولو باع دارا وله شريك في ممرها فلا شفعة له فيها وتثبت في الممر إن كان ينقسم أو كان للمشتري طريق آخر إلى الدار أو أمكن فتح باب إلى شارع وإلا فلا وإن باع نصيبه من الممر فقط لم تثبت فيه الشفعة ولو باع ذمي شقصا لذمي بخمر أو خنزير وترافعوا إلينا بعد الأخذ بالشفعة لم نرده أو قبله لم نحكم بها ولو باع نصيبه من دار وباقيها لمسجد اشتراه قيمه أو وهب له ليصرف في عمارته فللقيم أخذه بالشفعة إن رآه مصلحة كما للإمام في شركة بيت المال ولو اشترى للمسجد شقص فللشريك الأخذ بالشفعة ويعتبر في المأخوذ منه الذي هو المشتري ومن في معناه طر وملك على ملك الآخر فلو اشتريا دارا أو شقصا منها معا فلا شفعة لأحدهما على الآخر ولزومه فلو باع بشرط الخيار لهما أو للبائع فلا شفعة زمن الخيار أو للمشتري فللشفيع الأخذ في الحال ولو باع شريكه حصته بشرط الخيار له أولهما ثم باع الآخر حصته في زمن الخيار بيع بت لم تثبت للمشتري الثاني على الأول وإن طرأ على ملكه ملك الأول لأن سبب الشفعة البيع وهو متقدم على ملكه ولو وجد المشتري بالشقص عيبا وأراد رده به وأراد الشفيع أخذه ويرضى بعيبه أجيب الشفيع فلو رده ثم طلب الشفيع أجيب وارتفع رده ويعتبر أن يملكه بمعاوضة كبيع وأجرة ورأس مال سلم ومهر وعوض خلع ومتعة وصلح عن دم فلو ملكه بإرث أو هبة أو وصية فلا شفعة ولو باع الوصي أو القيم شقص الصبي وهو شريكه فلا شفعة له ولو اشتراه له فله الشفعة وللأب والجد الشريكين الشفعة باعا أو اشتريا ولو كان للوصي يتيما فباع نصيب أحدهما فله آخذه بالشفعة للآخر ولو وكله المشتري في شراء الشقص أو بيعه فله الشفعة ولو كان المشتري شريكا فالشفعة بينه وبين الشريك الآخر ولا يشترط في التملك بها حكم حاكم ولا حضور الثمن ولا رضاه ويعتبر لفظ أو مقام مقامه من الشفيع كتملكت(1/435)
أو اخترت الأخذ أو أخذت بالشفعة ونحو ذلك لا أنا مطالب بها ولا بد من رؤية الشقص وليس للمشتري منعه منها وعلمه بالثمن في التملك لا في الطلب ويملكه إما بتسليم العوض إلى المشتري فإذا امتنع المشتري من القبض أخلا بينه وبينه أو رفع الأمر إلى الحاكم ليلزمه التسلم أو يقبض عنه وإما بتسليم المشتري الشقص ورضاه بكون الثمن في ذمته حيث لا ربا وإما بقضاء القاضي له بالشفعة إذا حضر مجلسه وأثبت حقه واختار التملك وإذا ملك الشفيع بغير الطريق الأول لم يكن له أن يتسلمه حتى يؤدي الثمن وإن كان المشتري تسلمه قبل أدائه وإذا لم يكن الثمن حاضرا وقت التملك أمهل ثلاثا فإن لم يحضره فسخ الحاكم تملكه ولو اتفق المتبايعان على حط أو زيادة لحقة قبل لزوم العقد فلو حط كل الثمن فلا شفعة يدفع الشفيع المأخوذ منه الشقص مثل ثمن إن بيع بمثلى وإن قدره بغير معياره الشرعي كمائة رطل حنطة فيدفع مثله وزنا لا كيلا فلو فقد المثل وقت الأخذ فالقيمة أو بذل بسكون الذال المعجمة مصدر بذل بمعنى أعطى قيمة أن بيع بدرج الهمزة للوزن بمتقوم وإن بيع بمؤجل تخير بين أن يعجل ويأخذ في الحال وأن يصبر إلى المحل ويأخذ ولا يبطل حقه بالتأخير ولو مات المشتري وحل عليه الثمن فالشفيع على خيرته أو مات الشفيع فالخيرة لوارثه ولو باعه المشتري صح وإن شاء الشفيع أخذ بالبيع الثاني أو نقصه وأخذ بالأول وإن بيع شقص وغيره أخذه بحصته من الثمن ولا خيار للمشتري وإن جعل الشقص رأس مال سلم أخذه بمثل المسلم فيه ومهر مثل إن أصدقت المرأة والاعتبار به يوم النكاح ويوم الخلع أو متعة فمتعة مثلها أو أجره فبأجره مثل ولو صولح من دين عليه فبمثل الدين أو قيمته أو من دم عليه فبقيمة الدية يوم الجناية لكن على الفور أخصص الأخذ بها لأنه خيار ثبت بنفسه لدفع الضرر فكان على الفور كالرد بالعيب فإذا علم الشفيع بها فليبادر في طلبها على العادة فلا يكلف العدو ونحوه فإن كان مريضا لا يمكنه(1/436)
المطالبة أو غائبا عن بلد المشتري أو خائفا من عدو أو حبس ظلما أو بدين وهو معسر عاجز عن إثبات إعساره فليوكل إن قدر وإلا فليشهد على الطلب فإن ترك المقدور عليه منهما بطل حقه لتقصيره والحر والبرد المفرط عذر وكذا خوف الطريق حتى توجد رفقة تعتمد ولا يجب الإشهاد إذا سار طالبا في الحال ولو كان في صلاة أو حمام أو قضاء حاجة أو طعام فله الإتمام ولو دخل وقت هذه الأمور فله الاشتغال بها على العادة فلا يلزمه تخفيف الصلاة ولو ترك الشفيع المشتري وتوجه للحاكم جاز أو أشهد على الطلب ولم يراجع المشتري ولا الحاكم لم يكف وإن كان المشتري غائبا رفع الأمر إلى الحاكم وأخذ كما في البيع ولو تلاقيا في غير بلد الشقص فأخر إلى بلده بطل حقه ولو أخره وقال لم أصدق المخبر لم يعذر إن أخبره عدلان أو ثقة أو من يؤمن تواطؤهم على الكذب ويعذر إن أخبره من لا يقبل خبره كفاسق وكافر وصبي ولو أخبر بالبيع بألف فترك فبان بخمسمائة بقي حقه أو بأكثر فلا ولو كذب في تعيين المشتري أو في جنس الثمن أو أو نوعه أو حلوله أو تأجيله كشهر فبان إلى شهرين أو في قدر المشتري أو بالبيع من رجل فبان من رجلين أو عكسه بقي حقه أو بمقدار مؤجل فبان حالا أو بيع كله بألف فبان بألف بطل ولو لقى المشتري فسلم عليه أو قال له بارك الله لك في صفقتك أو بكم اشتريت لم يبطل حقه بخلاف قوله اشتريته رخيصا ولو أخر ثم اعتذر بمرض أو حبس أو غيبة صدق إن علم العارض أولا فالمصدق المشتري أو أنه لم يعلم ثبوت حق الشفعة أو أنها على الفور فكما في الرد بالعيب ولو باع الشفيع نصيبه أو وهبه ولو جاهلا ثبوت شفعته بطل حقه أو بعضه عالما فكذا في الأظهر أو جاهلا فلا وتثبت الشفعة للشركا بقدر ملك الحصص لأنها من مرافق الملك فنقدر بقدرة ككسب المشترك ونتاجه وثماره فلو كانت دار بين ثلاثة لواحد نصفها وللآخر ثلثها وللآخر سدسها فباع الأول(1/437)
حصته أخذ الثاني سهمين والثالث سهما واحدا ولأن الشفعة إنما تثبت لدفع مؤنة القسمة لا لدفع سوء المشاركة والمؤنة تختلف باختلاف الحصص فأخذوا بقدرها لأن كلا يدفع عن نفسه ما يلزمه بالقسمة باب القراض مشتق من القرض وهو القطع سمي بذلك لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح ويسمى أيضا مضاربة لأن كلا منهما يضرب له بسهم في الربح ومقارضة وهي المساواة لتساويهما في الربح وهو أ ن يدفع لغيره مالا ليتجر فيه والربح مشترك بينهما والأصل فيه الإجماع والحاجة واحتج له بقوله تعالى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وبقوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وبأنه صلى الله عليه وسلم ضارب لخديجة بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدها ميسرة وله خمسة أركان عاقد وصيغة ورأس مال وعمل وربح وقد أشار إليها الناظم فقال صح القراض بإذن مالك أهل للتوكيل بنحو قارضتك أو ضاربتك أو عاملتك على أن الربح بيننا نصفين ولا بد من قبول العامل متصلا الاتصال المعتبر في سائر العقود للعامل الذي فيه أهلية التوكل وللولي أبا أو جدا أو وصيا أو حاكما أو أمينة أن يقارض لموليه من طفل أو مجنون أو محجور سفه ويجوز في مرض الموت وللعامل ما شرط له ولو أكثر من أجره مثله غير معتبر من الثلث ولو قارض الواحد اثنين متساويا أو متفاوتا جاز إذا تبين ما لكل وإن لم يثبت لكل منهما الاستقلال وكذا لو قارض اثنان واحدا والربح بعد نصيب العامل بينهما على قدر ماليهما ولو قالا لك من نصيب أحدنا الثلث ومن الآخر الربع فإن أبهما لم يجز وإن عينا وهو يعلم ما لكل جاز وإذا فسد القراض نفذ تصرف العامل والربح للمالك وعليه أجرة المثل للعامل وإن لم يكن ربح إلا إذا قال قارضتك وجميع الربح لي فلا أجرة له ولو قال نصفه لك وسدسه لي صح وكان بينهما نصفين ويشترط كون رأس المال معلوما فلا يصح على مجهول ولا على دين ولو في ذمة العامل في متجر أي تجارة بأن يأذن(1/438)
له فيها أو في البيع والشراء فلو قارضه ليشتري حنطة فيطحنها أو يخبزها أو غزلا ينسجه أو ثوبا يقصره أو يصبغه أو نخلا أو دواب أو مستغلات ويمسك رقابها لثمارها ونتاجها وغلاتها والفوائد بينهما أو شبكة يصطاد بها والصيد بينهما ففاسد والصيد للصائد وعليه أجرة الشبكة ولو اشترى العامل حنطة وطحنها بلا شرط لم ينفسخ القراض لكن إن استقل العامل بالطحن ضمنه فإن نقص لزمه أرش نقصه فإن باعه لم يضمن ثمنه ولا يستحق بهذه الصناعات أجره ولو استأجر عليها فالأجرة عليه والربح بينه وبين المالك عين فلا يصح على أحد هذين الألفين نعم إن عينه في المجلس صح و نقد الحاصلى أي يعتبر كون رأس المال نقدا مضروبا فلا يصح على مغشوش ولا فلوس وإن راجت كسائر العروض نعم إن كان الغش مستهلكا صح ولو كان بين اثنين دراهم مشتركة فقال أحدهما للآخر قارضتك على نصيبي منها صح لأن الإشاعة لا تمنع صحة التصرف وكذا لو خلط ألفين بألف لغيره وقال قارضتك على أحدهما وشاركتك على الآخر فقبل لم ينفرد العامل بالتصرف في ألف القراض وينصرفان في باقي المال ولا بد أن يكون مسلما للعامل ومستقلا بالتصرف فيه فلا يجوز شرط كونه في يد المالك أو مشرفه يوفى منه ثمن مااشتراه العامل وأطلق التصريف أي يشترط أن لا يكون العمل مضيقا عليه بالتعيين أو التوقيت أو فيما يعم وجوده بأن يطلق أو يعين شيئا يعم وجوده فإن عين نوعا يندر كياقوت أحمر أو خيل بلق لم يصح(1/439)
كما أشار إليه بقوله لا كشرا بنت أو أخت وأم لأنه تضييق يخل بمقصود العقد غير مقدر لمدة العمل كسنة وكذا لو أقته أو أقت البيع كقارضتك أن لا تتصرف أو لا تبيع بعد عام بخلاف ما لو أقت الشراء فقط لحصول الاسترباح بالبيع الذي له فعله بعد المدة كقارضتك على أن لا تشتري بعد عام مثلا وإن لم يقل ولك البيع وإن يعلقه بطل لأن التأقيت أسهل منه بدليل احتماله في الإجارة والمساقاة ويمتنع أيضا تعليق التصرف بخلاف الوكالة لمنافاته غرض الربح ولو شرط عمل المالك أو مشرفه مع العامل فسد ويجوز شرط عمل مملوك المالك معه لأنه مال فجعل عمله تبعا للمال نعم إن ضم إلى ذلك أن لا يتصرف العامل دونه أو يكون المال أو بعضه بيده لم يصح ويشترط أن يكون معلوما بالرؤية أو بالوصف معلوم جزء ربحه بينهما كالنصف أو الثلث أو الربع فلو قال على أن لك فيه شركة أو نصيبا لم يصح وإن قال مثل ما شرط فلان لفلان فإن كانا عالمين به صح وإلا فلا وخرج بالجزئية العلم بقدره فلو شرط أن لأحدهما درهما والباقي للآخر أو بينهما لم يصح فقد لا يربح إلا الدرهم فيفوز به أحدهما وكذا لو شرط لأحدهما نصف الربح إلا درهما أو أنه يختص بربح صنف أو بربح أحد الألفين مختلطين أو متميزين ولو قال على أن ثلثه لي وثلثى باقيه لك صح وإن لم يعلما عند العقد قدره وهو سبعة اتساعه لسهولة معرفته ويشترط اختصاصه بالمتعاقدين واشتراكهما فيه فلو شرطاه لأحدهما أو لثالث بطل وكذا إن شرطا شيئا منه لثالث إلا أن يكون مملوك أحدهما لرجوع ما شرطه لمملوكه إليه ولو قال نصف نصيبي لزوجتي مثلا صح وكان وعد هبة ويلزم العامل التصرف بالمصلحة لا بغبن ونسيئة بلا إذن فإن باع نسيئة بإذن وجب الأشهاد فإن تركه ضمن وله البيع بعرض وشراء معيب فيه ربح وله الرد بعيب للمصلحة وإن رضي به المالك وإن اقتضت الإمساك فلا وحيث ثبت الرد للعامل فللمالك أولى وإن اختلفا عمل بالمصلحة وعلى العامل فعل ما يعتاده كنشر الثوب(1/440)
وذرعه وطيه وإدراجه في السفط وإخراجه ووزن الخفيف كذهب ومسك وعود وقبض الثمن وحمله وحفظ المتاع على باب الحانوت وفي السفر بالنوم عليه ونحوه لا وزن الأمتعة الثقيلة وحملها ولا نقل المتاع من حانوت إلى آخر والنداء عليه ولو استأجر على ما عليه فالأجرة له في ماله وإلا ففي مال القراض فإن باشر فلا أجرة له ولا يتصدق من مال القراض ولا ينفق منه على نفسه ولو في السفر ويجبر الخسر بربح قد نما أي يجبر النقص الحاصل بالرخص أو بالمرض والتعيب الحادثين أو بتلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة وتعذر أخذ بدله بعد تصرف العامل بيعا وشراء أو شراء فقط بربح زاد ما أمكن لأنه وقاية لرأس المال ولاقتضاء العرف ذلك فإن تلف قبل تصرفه فمن رأس المال لأن العقد لم يتأكد بالعمل فإن تلف كله بآفة أو أتلفه المالك ارتفع القراض أو أتلفه أو بعضه أجنبي أخذ بدله واستمر فيه وثمار الشجر والنتاج وكسب الرقيق والولد والمهر وبدل المنافع يفوز بها المالك ويملك العامل ربح حصته بالفسخ لعقد القراض والنضوض مثل قسمته ما القراض بعد فسخ عقده فلا يملكه بظهوره وإن ثبت له به حق يورث عنه ويتقدم به على الغرماء وإلا لصار شريكا فيشيع النقص الحادث بعده في جميع المال أصلا وربحا فلما انحصر في الربح دل على عدم الملك ولأن القراض عقد جائز ولا ضبط للعمل فيه فلا يملك العوض إلا بتمام العمل كالجعالة ولا يملكه بالنضوض ولا بالقسمة قبل الفسخ لبقاء العقد حتى لو حصل بعد ذلك نقص جبر بالربح ولكل فسخه متى شاء وإن لم يحضر ولم يرض صاحبه وينفسخ بموت أحدهما أو جنونه أو إغماءه(1/441)
أو الحجر عليه بسفه وليس للعامل الشراء بعد الفسخ ثم إن كان المال دينا لزمه استيفاؤه أو نقدا من جنس رأس المال أخذه المالك واقتسما الربح إن كان أو مكسرا ورأس المال صحاحا فإن وجد من يبدلها بوزنها صحاحا وإلا باعها بنقد غير الجنس أو بعوض واشترى به الصحاح وإن كان نقدا من غير الجنس أو بعوض ثم ربح لزم العامل بيعه إن طلبه مالكه وله بيعه وإن أباه المالك وليس له تأخير إلى موسم ولو ترك العامل حقه ليكفى البيع لم تلزمه إجابته وحيث لزمه البيع إنما يلزمه تنضيض رأس المال والزائد كعرض مشترك فلا يكلف الشريك البيع وإنما يبيع بنقد البلد فإن كان من غير جنس رأس المال فعل المصلحة فإن باع بنقد البلد حصل به رأس المال فإن لم يكن في المال ربح كلفة المالك البيع فإن رضى المالك بأمساكه فللعامل البيع إذا توقع ربحا ولو اخذ المالك العرض باتفاقهما ثم ظهر به ربح بارتفاع السوق فلا شيء للعامل فيه ويصدق في دعوى التلف كالوديعة وفي أنه اشتراه لنفسه أو للقراض وفي انه لم ينهه عن شراء كذا وفي جنس المال وعدم الربح أو قدره ولو قال ربحت ثم ادعى غلطا أو تبين أن لا ربح أو انه كذب خوف انتزاع المال منه لم يقبل أو أنه خسر بعده صدق إن احتمل وهو على أمانته ولو اختلفا في المشروط تحالفا ثم يفسخ العقد كالبيع ويختص الربح والخسر بالمالك وللعامل أجرة مثل عمله أو في قدر رأس المال صدق العامل سواء أكان ربح أم لا باب المساقاة مأخوذة من السقى المحتاج إليه فيها غالبا لأنه أنفع أعمالها وأكثرها مؤنة وحقيقتها أن يعامل غيره على نخل أو شجر عنب ليتعهده بالسقى والتربية على أن الثمرة لهما والأصل فيها قبل الإجماع أنه صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع والمعنى فيه أن مالك الأشجار قد لا يحسن تعهدها أولا يتفرغ له ومن يحسن أو يتفرغ قد لا يملك الأشجار فيحتاج ذلك إلى الاستعمال وهذا إلى العمل ولو اكترى المالك لزمته الاجرة في(1/442)
الحال وقد لا يحصل شيء من الثمار ويتهاون العامل فدعت الحاجة إلى تجويزها ولها خمسة أركان عاقد وصيغة وشجر وتمر وعمل وقد اشار الناظم إليها فقال صحت على اشجار نخل أو عنب لأن كلا منهما زكوى يمكن خرصه ويدخر يابسه دون غيرها من الزروع والبقول والأشجار المثمرة وغيرها نعم ان ساقى عليها تبعا لنخل أو عنب صحت كالمزرعه ولا تصح على شجر المقل ويشترط أن تكوت مغروسة فلا يصح أن يساقيه على ودى ليغرسه ويكون الثمر بينهما فلو وقع ذلك وعمل العامل فله اجرة عمله إن توقعت الثمرة في المدة وإلا ولا بد من كون المعقود عليه مرئيا للعاقدين فلا تصح على غير مرئى لهما معينة فلو ساقاه على أحد الحائطين لم تصح ويشترط في العاقد ما يشترط في القراض فتصح لصبى ومجنون ومحجور سفه بالولاية وأما الصيغة فنحو قول المالك ساقيتك على هذا النخل او العنب بكذا أو سلمته إليك لتتعهذه بكذا أو تعهده بكذا اعمل عليه بكذا وهى صريحة لا كناية ولا بد من قبول العامل إن وقتت بمدة معلومة لأنها عقد لازم كالإجارة فلا تصح بمدة مجهولة كإدراك الثمار فيها غلب تحصيل ريعه في المدة غالبا فلو وقت بمدة مجهولة لا يحصل ريعه فيها غالبا لم تصح لخلوها عن العوض ولو ساقاه على ودي مغروس فإن قدر مدة يثمر فيها غالبا صحت فإن لم يثمر فيها لم يستحق شيئا كما لو قارضه فلم يربح أو ساقاه على(1/443)
مثمر فلم يثمر أو لا يثمر فيها غالبا لم تصح ولا اجرة له وأن أحتمل الأمران لم تصح وله اجرة مثل عمله بجزء علما بألف الإطلاق من ثمر لعامل فيشترط تخصيصه بهما واشتراكهما فيه فلو شرط بعض الثمر لغيرهما أو كله لأحدهما أو جزء منه للعامل أو المالك غير معلوم فسدت ولو قال على أن الثمر بيننا أو أن نصفه لى أو نصفه لك وسكت عن الباقى صحت في الأولى مناصفة والثالثة دون الثانية أو على أن ثمر هذه النخلة أو النخلات لى او لك والباقى بيننا فسدت وتصح بعد ظهور الثمر قبل بدو صلاحه لأنه أبعد عن الغرر بالوثوق بالثمر الذى منه العوض فهو أولى بالجواز أما بعد بدو صلاحه فلا تصح لفوات معظم الأعمال ولا تصح مع شرط عمل على العامل ليس من جنس أعمالها ولا بد أن ينفرد باليد والعمل في الحديقة ولو شرط المالك دخوله عليه وسلم له المفتاح جاز أو أن يعمل معه غلامه ويكون تحت تدبير العامل جاز بشرط رؤية الغلام أو وصفه فإن شرط نفقته على العامل جاز ويحمل على الوسط المعتاد وليس للعامل استعمال الغلام في عمل نفسه وإنما عليه أعمال تزيد في الثمر وفي أصلاحها وتتكرر كل سنة وإنما أعتبرنا التكرر لأن مالا يتكرر يبقى أثره بعد فراغ المساقاة فيما يجب عليه السقى وما يتبعه من إصلاح طرق الماء والأجاجين التى يقف فيها الماء وتنقيه الآبار والأنهار من الحجارة ونحوها وإدارة الدولاب وفتح رأس الساقية وسدها عند السقى على ما يقتضيه الحال والتلقيح ثم الطلع الذى يلقح به على المالك لأنه عين مال وإنما يكلف العامل العمل ومنه تنحيه الحشيش المضر والقضبان المضرة ومنه تصريف الجريد وهو سعف النخل وتعريش شجر العنب حيث جرت العادة به ووضع حشيش فوق العناقيد عند الحاجة وكذا حفظ التمر حتى عن طير وزنبور اعتيد وجذاذه وتجفيف اعتيد أو شرطاه وتهيئة جرين ونقل الثمر إليه وتقليبه في الشمس وتقليب الأرض بالمساحى وحرثها فى الزراعة ومالك يحفظ أصلا كالشجر فعليه ما قصد به حفظ(1/444)
الأصل ولا يتكرر كل سنة كحفر بئر أو نهر وبناء حيطان ونصب أبواب ودولاب ونحوها وخراج وقوصرة لطير وطلع تلقيح وكل عين تتلف في العمل وآلة يوفى بها العمل كفأس ومعول ومنجل ومسحاة وثيران وفدان في المزرعة وثور دولابها ويتبع العرف في وضع الشوك على راس الجدار وردم ثلمة يسيرة فيه ولو شرط شئ مما على العامل على المالك أو عكسه فسدت ولو عمل العامل ما على الممالك بلا إذن فلا شئ له وإلا فله والإجرة والمساقاة لازمة ويملك حصته بالظهور ولو هرب العامل قبل فراغ العمل وأتمه المالك متبرعا بقى استحقاق العامل وإلا رفع إلى الحاكم وأثبت عنده المساقاة وهربه ليطلبه فإن وجده أجبره عليه وإلا أستأجر عليه من يتمه من ماله فإن لم يكن له مال باع نصيبه أو بعضه من الثمرة أن بدا صلاحها وإلا اقترض عليه ولو من بيت المال ثم يقضيه العامل بعد رجوعه أو يقضى من نصيبه من الثمرة بعد إدراكها ولو وجد أجيرا بمؤجل استغنى به ولو عمل المالك بنفسه أو أنفق باذن الحاكم ليرجع رجع فإن عجز عن الحاكم رجع إن أشهد على العمل أو الاستئجار وأنه فعله ليرجع وسواء اكانت المساقاة على العين أم الذمة إلا أن الفسخ فى الأولى عند الهرب دون الثانية والعجز بمرض ونحوه كالهرب إجارة الأرض ببعض ما ظهر من ريعها باطلة والمراد بذلك المخابرة والمزارعة عنه نهى خير البشر ففى الصحيحين عن جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة وفى مسلم أنه نهى عن المزارعة فالمخابرة إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل والمزارعة إجارتها ببعض ما يخرج منها والبذر من المالك فلو كان بين الشجر أرض خالية من زرع وغيره صحت المزرعة عليها مع المساقاة على الشجر تبعا بشرط اتحاد عاملهما وعسر أفراد الشجر بالسقى والبياض بالزراعة(1/445)
وجمعهما في عقد وتقديم المساقاة وسواء أكان البياض كثيرا أم قليلا ولا يشترط تساوى الجزء المشروط من الزرع والثمر وتمتنع المخابرة تبعا للمساقاة لعدم ورود ذلك والفرق بينهما وبين المزارعة أنها أشبه بالمساقاة وورد الخبر بصحتها ومتى أفرد عقد مزارعة أو مخابرة فإن كان البذر للمالك فالغلة له وعليه للعامل أجرة عمله وآلاته ودوابه أو العامل فالغلة له وعليه لمالك الأرض أجرة مثلها أو لهما وعلى كل أجرة مثل عمل صاحبه في حصته والحبلة في تصحيحيه والبذر لهما أن يعير نصف الأرض للعامل ويتبرع هو بمنفعته وآلته في حصة الآخر أو يؤجره نصف الأرض بنصف منفعته وآلته وهو أحوط وإن كان البذر لصاحب الأرض أقرضه نصفه وأجره نصف الأرض بنصف منفعته وآلته أو أستأجره بنصف البذر ليزرع نصف الأرض ويعيره باقيها أو بنصف البذر ونصف منفعته الأرض ليزرع له باقيه في باقيها وإن كان البذر للعامل إكترى منه نصف الأرض بنصف البذر ونصف منفعته وآلته أو بنصف البذر ويتبرع بمنفعته وآلته أو بنصف منفعته وآلته ويقرضه نصف البذر باب الإجارة بكسر الهمزة وحكى ضمها وفتحها وهى لغة اسم للأجرة وشرعا عقد على منفعة معلومة مقصودة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم فالمعقود عليه المنفعة لأنها التي تستحق بالعقد ويتصرف فيها المستأجر والأصل فيها قبل الإجماع خبر البخاري أنه صلى الله والصديق أستأجرا رجلا من بنى الدبل وخبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة والحاجة داعية إليها وله أربعة أركان عاقد وصيغة واجرة ومنفعة وقد أشار إليها فقال شرطهما أي شرط عاقديها كبائع ومشترى من رشد وعدم إكراه بغير حق وأعاد الناظم ضمير التثنية عليهما لفهمهما من لفظ الإجارة بضعة من مؤجر ومكترى كآجرتك هذا سنة بكذا وأكريتك سنة بكذا أو ملكتك او أعطيتك منفعته سنة بكذا أو آجرتك منفعة سنة بكذا لأن المنفعة مملوكة بالإجارة فذكرها فيها تأكيد كما في بعتك رقبة هذا أو(1/446)
عينه ولا تنعقد بلفظ البيع مطلقا وتنعقد بالكناية مع النية كاسكن الدار شهرا أو سنة بكذا وقبول من المكترى متصل بالإيجاب كسائر عقود المعاوضات كاستأجرته وأكريته واستأجرت منفعته لا اشتريتها وهى قسمان واردة على العين كالعقار ودابة وشخص معينين وعلى الذمة كاستئجار دابة موصوفة أو بأن يلزم ذمته خياطة أو بناء ولو قال استأجرتك لكذا أو لتفعل كذا فإجارة عين كما لو قال استأجرت عينك أو نفسك أو لتفعل بنفسك صحتها أما باجرة ترى اي الإجارة إما بأجرة ترى بأن يراها المتعاقدان إن كانت معينة ولا يضر الجهل بقدرها كثمن المبيع أو علمت للمتعاقدين جنسا وقدرا وصفة إن كانت في ذمة الذي أكترى كالثمن فلو قال أجرتك هذا بنفقته أو كسوته لم تصح ويجوز الحج بالرزق وليس باجارة بل نوع من التراضى والمعونة وأما إيجار عمر رضى الله عنه أرض السواد بأجرة مجهولة فلما فيه من المصلحة العامة المؤبدة ولو أجر دارا بعمارتها أو دابة بعلفها أو أرضا بخراجها أو مؤنتها أو بدراهم معلومة على أن يعمرها من عنده أو على أن يصرفها في العمارة لم تصح فإن أطلق العقد ثن أذن له في الصرف جاز ويصدق بيمينه في قدر ما صرفه إن كان محتملا ولا يجوز جعل الأجرة شيئا يحصل بعمل الأجير(1/447)
فلو استأجر ليسلخ بالجلد أو يطحن ببعض الدقيق أو بالنخالة أو لترضع رقيقا ببعضه بعد الفطام أو ليقطف الثمر بجزء منه بعد القطاف أو لينسج الثوب بنصفه فسدت وله اجرة مثله في محض نفع أي يشترط كون المنفعة محضة مع عين بقيت مدة الإجارة فلو تضمنت استيفاء عين قصدا أو اسهلاكا لم تصح إذ هى عقد يراد به المنافع دون الأعيان فلو أستأجر بستانا لثماره او شاة لنتاجها أو صوفها أو لبنها أو شمعا لوقوده أو طعاما لأكله لم تصح واستئجار المرأة للإرضاع مطلقا يتضمن استيفاء اللبن والحضانة الصغرى وهى وضع الطفل في الحجر وإلقامه الثدى وعصره له لبقدر الحاجة والأصل في الذى يتناوله العقد فعلها واللبن تابع لا عكسه والمراد بالنفع النفع الحال فلا يصح اكتراء الجحش الصغير لأن وضع الإجارة على تعجيل المنافع مقدورة التسليم حسا و شرعا كالبيع فلا يصح استئجار آبق ومغصوب واخرس للتعليم وأعمى لحفظ ما يتوقف على البصر وحائض أو نفساء لتعليم القرآن أو خدمة مسجد إجارة عين وكذا من لا يحسن القرآن لتعليمه وإن وسع الوقت لتعلمه قبل التعليم وأرض للزراعة لا ماء لها دائم ولا يكفيها المطر المعتاد فإن كفاها أو كان لها ماء دائم او ماء ثلج أو مطر في الجبل والغالب حصوله جاز ولو استأجر أرضا للزراعة على شط النيل أو الفرات أو نحوهما بعد ما علاها الماء أو انحسر وكان يكفى لزراعتها جاز وكذا قبل انحساره إذا كان مرجوا وقت الزراعة عادة وإن كانت الأرض غير مرئية أو قبل أن يعلوها ووثق بحصوله كالمد بالبصرة صح وكذا إن كان الغالب حصوله قومت أي يشترط كون المنفعة متقومة ليحسن بذل المال في مقابلتها فلا يصح استئجار تفاحة للشم لأنها لا تقصد له فهى كحبة بر في البيع فإن كثر التفاح فالوجه الصحة ولو استأجر دراهم ودنانير وأطلق أو للتزيين أو الأطعمة للتزين لم تصح أو الأشجار للتجفيف أو لظلها أو لربط الدواب بها صحت لأنها منافع مهمة واستئجار الببغاء للآستئناس بصوتها(1/448)
والطاووس للأستئناس بلونه والعندليب بصوته صحيح واستئجار البياع على كلمة لا تتعب باطل وأن روجت السلعة إذ لا قيمة لها وقول محمد بن يحي إن هذا فى مستقر القيمة كالخبز واللحم أما في الثياب والعبيد وما يختلف ثمنه باختلاف المتعاقدين فللبائع فيه مزيد نفع فتحوز فيه الإجارة له محمول على ما فيه تعب وحيث منعنا ولم يتعب فلا أجرة له وإن تعب بكثرة التردد والكلام فله أجرة المثل لا ما تواطأ عليه البياعون ويشترط حصول المنفعة للمستأجر لئلا يجتمع العوضان في ملك واحد فلو قال اكتريت دابتك لتركبها بمائة لم تصح ولا يصح استئجار مسلم ولو صبيا لجهاد ولا لعبادة تجب لها نية إلا لنحو حج وتفرقة زكاة وذبح أضحية وتصح لفرض كفاية كتجهيز ميت ودفنه وتعلم قرآن وإن تعين عليه ولشعار كأذان والأجرة للأذان بجميع صفاته لا الإقامة في صلاة فرض أو نفل ولا لقضاء وتدريس فإن استأجر لتعليم مسألة أو مسائل مضبوطة صح ويشترط العلم بها عينا وقدرا وصفة فإن لم يكن للعين إلا منفعة حمل العقد عليها أو منافع وجب البيان فلا يصح إيجار أحد الشيئين منهما ولا إيجار ما تعددت منفعته بلا تعيين نعم لو قال في إجارة الأرض إن شئت فازرع وإن شئت فاغرس أو قال أجرتكها لتنتفع بها ما شئت صح بخلاف مالو قال أجرتك الدابة لتحمل عليها ما شئت للضرر ولا يصح إيجار العين التى لم تر إن قدرت بمدة أو عمل أي يشترط تقدير المنفعة إما بمدة كسكنى دار سنة او بعمل كخياطة هذا الثوب فعلم أن أو في قوله بمدة أو عمل للتخيير نحو تزوج عائشة أو أختها لا للاباحة نحو جالس الحسن أو ابن سيرين إذ يمتنع الجمع فيه دونها ثم قد يتعين الطريق الأول كاستئجار العقار فإن منفعته لا تنضبط إلا بالزمان وكالإرضاع فإن تقدير اللبن لا يمكن ولا سبيل فيه إلا بالضبط بالزمان ويجب فيه تعيين الصبى(1/449)
لاختلاف الغرض باختلافه وتعيين موضع الإرضاع أهو بيته أم بيتها وقد تتأتى الطريقان كما إذا استأجر عين شخص أو دابة فيمكن ان يقول في الشخص لتعمل لى كذا شهرا أو تخيط لى هذا الشهر وفي الدابة لأتردد عليها في حوائجى يوما أو لأركبها إلى موضع كذا قد علما أي شرط المدة والعمل أن يكونا معلومين للمتعاقدين وجمع ذين أبطل أي أبطل أنت جمع الزمان والعمل في الإجارة كأن استأجره ليخيط له هذا الثوب بياض النهار إذ العمل قد يتقدم أو يتأخر وشمل ذلك ما لو كان الثوب صغيرا بحيث يمكن الفراغ من خياطته قبل مضى النهار نعم إن ذكر الزمان على سبيل التعجيل لم يضرو تجوز الإجارة بالحلول و التأجيل للأجرة في إجارة العين إذا كانت الذمة كالثمن في البيع فلا يشترط تسليمها في المجلس ويجوز الأستبدال عنها والحوالة بها وعليها والابراء منها كالثمن وياتى الكلام على أجرة إجارة الذمة ويجوز تأجيل المنفعة في إجارة الذمة كألزمت ذمتك الحمل إلى مكة غرة شهور كذا وإن أطلقت فحالة ولا تؤجل في إجارة العين كأجرتك الدار سنه أولها غدا لأن منفعتها في الغد غير مقدور على تسليمها في الحال لكن تجوز إجارة العين ليلا لعمل لا يعمل إلا نهارا إذا لم يصرح بالاضافة لأول المدة وإجارة عين الشخص للحج عند خروج الناس وإن كان قبل أشهره إذا لم يتأت الاتيان به من بلد العقد إلا بالسير قبله وفي اشهر ليحرم في الميقات وإجارة دار ببلد آخر وإن كان التسليم لا يتأتي إلا بقطع المسافة ودار مشحونة بأمتعة يمكن تفريغها منها لا في مدة تقابل بأجرة وإلا لم تصح ولو أجر داره مثلا لزيد سنة ثم أجرها لغيره في أثناء المدة مدة تلى مدة الاجارة لم تصح أوله جاز لاتصال المدتين ويصح كراء العقب كأن يؤجر شخصا دابة ليركبها بعض الطريق أو اثنين ليركبها ذا زمنا وذا زمنا ويبين البعضين ثم يقتسمان فإنا انضبطت الطريق عادة كيوم ركوب ويوم مشى أو فرسخ وفرسخ حمل العقد عليه وليس لو أحد طلب ركوب ثلاث(1/450)
ومشى ثلاث وإن لم يكن عادة مضبوطة وجب البيان وان اختلفا في البداءة اقرع بينهما وإن أكراهما وأطلق واحتملت ركوبهما معا ركبا وإلا فالمهاياة ومطلق الأجر على التعجيل أي مطلق الأجر بان لم يقيد بتعجيل أو تأجيل يحمل على التأجيل كالثمن فإن قيد بتعجيل أو تأجيل فهو كما قيد إلا إذا كان لا يحتمل التأجيل بأن كان معينا فيتعين بتعجيله فلا يجوز تأجيله ويملك المؤجر الأجرة بنفس العقد سواء أكانت في الذمة او معينة تبطل إن تتلف عين مؤجرة كدار أو دابة معينة فيها لفوت محل المنفعة هذا في الزمن المستقبل بخلاف الماضى إذا كان لمثله أجرة لاستقراره بالقبض فيستقر قسطه من المسمى بأعتبار أجرة المثل وكما تبطل الاجارة بتلف العين المؤجرة يثبت الخيار بعينها وخرج بما ذكره العين في إجارة الذمة فلا تبطل بتلفها ولا يثبت الخيار بعيبها بل على المؤجر إبدالها والدابة المسلمة عما في الذمة يثبت للمستأجر فيها حق الاختصاص حتى يجوز لها إيجارها وليس للمؤجر إبدالها وللمستاجر الاعتباض عن حقه فيها لا قبل تسليمها لا عاقد أي لا تبطل الإجارة بموت عاقديها أو أحدهما بل يقوم وارث من مات منهما مقام موروثه وإنما انفسخت بموت الأجبر المعين لأنه مورد العقد لا لأنه عاقد نعم لو مات البطن الأول من الموقوف عليهم بعد ان أجر الوقف تبين بطلانها فيما بعد موته لأن المنافع بعد موته لغيره ولا ولاية له عليه ولا نيابة إذ البطن الثانى لا يتلقى من الأول بل من المواقف فلا ينفذ تصرفه في حق من بعده وصورة ذلك أن يشترط الواقف النظر لكل بطن في حصته مدة استحقاقه فلا نظر له من بعده وكذا لو كان الناظر هو المستحق ثم أجر الموقوف بدون أجرة مثله ثم مات في أثناء المدة أو أجر مالك المنفعة باقطاع أو وصية أو أجر رقيقة المعلق عتقه بصفة فوجدت مع موته أو أجر مدبره ثم مات لكن يغصب خبره أي خبر الشارع بغضب العين المؤجرة أو إباقها في الإجارة العينية إذا لم تنقص المدة فيهما(1/451)
وإلا فتنفر الإجارة ومثل الغصب في ثبوت الخيار للمستأجر كل نقص بها تتفاوت به الأجرة كمرض الدابة وانكساره دعائم الدار أو انهدام بعض جدرانها نعم إن بادر المؤجر إلى ازالة ذلك قبل مضى مدة لمثلها أجرة فلا خيار للمستاجر لزوال موجبه فإن كانت الاجارة في الذمة فلا خيار ولا انفساخ بل على المؤجر الإبدال والشرط في إجارة في الذمم تسليمها أي الأجرة في المجلس لعقدها وحلولها كالسلم أي كرأس ماله لأن الإجارة في الذمة سلم في المنافع وإن لم تعقد بلفظه فلا يجوز لمالك أجرتها الاستبدال عنها ولا الابراء منها ولا الحوالة بها ولا عليها ويضمن الأجير العين المؤجرة بالعدوان أي بتعديه فيها كأن ضرب الدابة أو نخعها باللجام فوق العادة أو أركبها أثقل منه أو اكتراها لحمل مائة رطل حنطة فحملها مائة شعيرا أو عكس أو لعشرة أقفره شعير فحملها حنطة أو نام في الثوب أو ألبسه من هو دونه كقصار أو دباغ أو أسكن أضر منه كقصار او حداد ويده فيها يد ائتمان على ما اكتراه ولو بعد أنقضاء أمدها سواء أكان منفردا و هو المعين أم مشتركا وهو الملتزم للعمل في الذمة إذ ليس أخذ العين اغرضه خاصة فاشبه عامل القراض والأرض بالرفع والنصب إن أجرتها بمطعم أي طعام أو غيره كذهب وفضة صحت إجارتها لأنها كالبيع فكل ما صح بيعه بالطعام وغيره صحت إجارته بذلك ولو كانت في الذمم لا شرط جزء علما بألف الاطلاق يعنى لا تصح الاجارة بشرط جزء معلوم من محل العمل يستحقه من بعد العمل كشرط جزء من ربعه أي من ريع ما يحصل من الأرض لزارع وصاع من دقيق الحنطة وجلده الشاة لسالخها ونصف رقيق لمرضعته أما إذا كان قبل العمل كأن استأجره لطحن الحنطة بصاع منها أو لارضاع الرقيق بنصفه الان فيجوز ولا بقدر شبعة أي لا تصح الإجارة بقدر شبع الأجير ولا بغدائه وعشائه لأنه غير معلوم وقد علم مما مر أن الأجرة لا بد أن تكون معلومة باب الجعالة بثلثيث الجيم كما قاله ابن مالك وغيره وهى لغة اسم لما(1/452)
يجعل للإنسان على فعل شيء وكذا الجعل والجعيلة وشرعا التزام عوض معلوم على عمل معين معلوم أو مجهول والأصل فيها الاجماع خبر اللديغ الذى رقاه الصحابى بالفاتحة على قطيع من الغنم وأركانها عاقد وصيغة وعمل وجعل كما يؤخذ من كلامه صحتها من مطلق التصرف بأن يكون بالغا عاقلا غير محجور عليه بسفه فلا يصح التزام صبى وزائل العقل بما لم يتعد به والسفيه ولا شيء للراد عليهم ويعتبر في العامل المعين أهلية العمل بأن يقدر عليه فيدخل فيه العبد وغير المكلف ويخرج عنه العاجز عن العمل كصغير لا يقدر عليه لأن منفعته معدومة فأشبه استئجار الأعمى للحفظ كما قاله ابن العماد بصيغة وهو كل لفظ دال على الإذن في العمل بعوض معلوم سواء أكان الإذن عاما ام خاصا وهو بأن يشرط في ردود آبق وما قدشا كله أي ماثله كقوله من رد آبقى أو آبق زيد مثلا فله درهم ولا يشترط القبول لفطا وإن كان العامل معينا فلو رد آبقا(1/453)
أو ضالا بغير إذن مالكه أو باذن بلا ألتزام فلا شئ له ولو قال لزيد إن رددته فلك دينار أو رده ولك دينار فرده عمرو فلا شئ له ولو رده عبد زيد استحقه زيدا أو وكيله أو مكاتبه فلا شئ لواحد منهم لأن النيابة لا تجرى فيها ولو قال من رده فله كذا فرده من لم يبلغه النداء لم يستحق وإن اعتقد أن العوض لازم على هذا العمل ولو قال إن رده زيد فله كذا فرده زيد جاهلا بإذنه فلا شئ له ولو ألتزم غير المالك وقال من رد عبد زيد فله كذا استحقه الراد على القائل ولو قال كاذبا قال فلان من رد عبدى فله كذا لم يستحق الرد شيئا على أحد فإن كان القائل صادقا وهو ممن يعتمد قوله استحق الراد ذلك على المالك وإلا فلا شئ له ولو شهد المخبر على المالك بالإذن لم يقبل وإن كان عدلا لأنه متهم بترويج قوله ويعتبر في العمل ان تكون فيه كلفة او مؤنة كرد آبق أو ضال أو حج أو خياطة أو تعليم علم أو حرفة أو إخبار فيه تعب فلو قال من رد مالى فله كذا فرده من هو في يده استحقه أو من دلنى عليه فدله من هو في يده فلا أو غيره استحق إن كان فيها كلفة وتعب وما شرط في عمل الإجارة يعتبر في عمل الجعالة إلا كونه معلوم قدر أي يشترط في الجعل كونه معلوما فإن كان معينا أعتبر فيه ما يعتبر في المبيع المعين أو في الذمة فيما في المبيع في الذمة فلو قال من رد عبدى فله ثوب أو دابة أو أرضية أو أعطيه شيئا أو خنزيرا او خمرا أو مغصوبا فسدت وله أجرة مثله ولو قال فله سلبه أو ثيابه فإن كانت معلومة أو وصفها بما يفيده العلم استحقها وإلا فأجرة المثل ولو قال من رده من بلد كذا فله دينار فرده من نصف الطريق واستوت سهولة أو حزونة فله نصف المسمى أو من ثلثه فثلثه وهكذا أو من ابعد منه فلا شيء للزيادة حازه أي جمعه يعنى ملكه أي العوض من عمله أي العمل كله بنفسه أو بعبده أو بمعاون له بعد بلوغه النداء فلا شيء لمن لم يتم العمل كأن رد الآبق فمات على باب دار مالكه أو غصب أو هرب إذ لم(1/454)
يحصل شيء من المقصود بخلاف ما إذاأكترى من يحج عنه فأتى ببعض الأعمال ومات فإنه يستحق من الإجرة بقدر عمله لأن المقصود من الحج الثواب وقد حصل ببعض العمل نعم إن وقع العمل مسلما أو ظهر أثره على المحل استحق بقسطه من الجعل كالإجارة والجعالة جائزة من الجانبين ما لم يتم العمل لأنها تعليق استحقاق بشرط كالوصية فتنفسخ بفسخ أحدهما وجنونه وأغمائه وموته ولا شئ لما عمله بعد موت المالك ولا أثر للفسخ بعد تمام العمل و إما فسخها قبل تمام العمل من جاعل عليه أجر المثل لما قبل الفسخ وإن فسخ العامل قبل تمامه فلا شيء له إلا أن يكون بسبب زيادة الملتزم في العمل أو نقص في الجعل باب إحياء الموات هو مستحب ويحصل به الملك والموات الأرض التى لم تعمر أو عمرت في الجاهلية ولا هي حريم لمعمور والأصل فيه قبل الإجماع أخبار كخبر من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها وخبر من أحيا أرضا ميتة فهى له ليس لعرق ظالم حق يجوز للمسلم إحيا بالقصر للوزن ما قدر على إحيائه إذ لا لملك مسلم به أثر أي من كل أرض لا يرى بها أثر ملك مسلم من عمارة وغيرها ولا دل عليها دليل كأصل شجر سواء أذن الإمام أم لا وخرج بالمسلم الكافر فلا يجوز له ذلك وإن أذن له الإمام لما فيه من الآستعلاء ويجوز للكافر غير الحربى أصطياد واحتطاب واحتشاش في دار الإسلام وخرج بقوله إذ لا لملك مسلم به أثر ما كان معمورا فإن عرف مالكه فله مسلما كان أو ذميا أو لو ارثه فإن لم يعرف والعمارة إسلامية فكالإموال الضائعة لإمام حفظها إلى ظهور مالكها أو بيعها و حفظ ثمنها أو استقراضه على بيت(1/455)
المال وإن كانت جاهلية ملكها المسلم بإحيائها كالركاز لأنه لا حرمة لملك الجاهلية وإن كانت الأرض لموات ببلاد كفار دار حرب أو غيرها فلهم إحياؤها لأنه من حقوق دارهم ولا ضرر علينا فيه فملكوه بالإحياء كالصيد وكذا المسلم إن كانت مما لا يدفعون المسلمين عنها كموت دارنا وإلا فليس له إحياؤها كالعامر من دارهم بما لإحياء عمارة للمحى يعد في العرف و يختلف الحكم بحسب من قصد الإحياء فإن أراد مسكنا فلا بد من تحويطه بلبن أو آجر أو طين أو خشب أو قصب وتسقيف البعض ونصب الباب أو زريبة دواب أو حظيرة لتجفيف الثمار أو لجمع الحطب أو العلف فيها فلا بد من التحويط ونصب الباب لا التسقيف ولا يكفى نصب سعف وقصب واحجار من غير بناء ولا حفر خندق ولا التحويط في طرف ونصب الأحجار أو السعف في طرف أو مزرعة فلا بد من جمع التراب أو القصب أو الحجر أو الشوك حولها وتسوية الأرض بطم المنخفض وكسح المستعلى وحراثتها وتليين ترابها فإن لم يتيسر ذلك إلا بما يساق إليها فلا بد منه لتهيئه الزراعة وترتيب ماء إليها بشق ساقية من نهر أو حفر بئر أو قناة إن لم يكفها المطر المعتاد وإن كفاها فلا وحبس الماء عنها إن كانت من البطائح ولا يشترط التحويط ولا إجراء الماء ولا الزراعة أو بستانا فلا بد من جمع التراب حول الأرض كالزراعة إن لم تجر العادة بالتحويط و التحويط حيث جرت العادة به وتهيئة ماء كما مر في المزرعة ولا بد من غرسه بحيث يسمى بستانا ومالك البئر او العين أو نحوهما يجب عليه بذل ما فضل عن حاجنه على ألمواشي التى لغيره مجانا لحرمة الروح بشرط أن لا يجد مالكها ماء آخر مباحا وأن يكون هناك كلأ ترعاه وأن يكون الماء في مستقره وأن يفضل عن مواشيه وزرعه واشجاره وأن لا يتضرر بورود المواشى في زرع أو غيره لا الزروع ما فضل أي لا يجب بذل الفاضل لزرع غيره والمعدن الظاهر فهو الخارج جوهره من غير ما يعالج موصول حر فى أي من غير علاج وإنما العلاج في تحصيله(1/456)
كالنفط بكسر النون أفصح من فتحها والكبريت بكسر أوله وهو عين تجرى ويضئ في معدنه فإذا فارقه زال ضوؤه ثم القار وهو الزفت والملح والكحل والجص يجب أن لا يمنع غيره من الفاضل عن حاجته وهو ما يقتضيه عادة أمثاله فيما إذا ضاق نيله ولو طلب زيادة عليها أزعج فإن جاءا إليه معا أقرع فإنه لا يملك بإحياء ولا يثبت عليه اختصاص بتحجر ولا أقطاع وكذا الواصل إلى شئ من المباحات كصيد وسمك وما يثبت في الموات من كللأ وحطب و كذا ساقط الزروع والثمار أي ما يسقطه الناس ويرمونه رغبة عنه او يتناثر منها فيكون من سبق إلى شئ منه أحق به من غيره والمعدن الباطن ما كان مستترا لا يظهر جوهره إلا بالعمل كالذهب والفضة والفيروزج والياقوت والعقيق والرصاص والنحاس والحديد يملكه بالإحياء ولا يملكه بالحفر والعمل وأخذ النيل وإن ملك النيل به ولو أحيا بقعة وهو جاهل بأن بها معدنا ملكها ومعدنها ظاهرا أو باطنا على الراجح فإن علم به لم يملكه ولا البقعة لفساد قصده ويجوز له الوقوف في الشوارع والجلوس للمعاملة والمحرفة وغيرهما إن لم يضيق على المارة والسابق إلى مكان منها أحق به كالمقطع إلى ان يفارقه تاركا لحرفته أو منتقلا إلى غيره أو منقطعا عنه معاملوه وكذا الأسواق المقامة في كل أسبوع أو شهر أو سنة مرة إذا أتخذ فيها مقعدا كان احق به في النواب الآيتة والجوال الذي يقعد كل يوم في موضع من السوق يبطل حقه بمفارقته ولو جلس في مسجد لتعليم قرآن أو عم أو ليستفتى فالحكم كما في مقاعد الأسواق أو لصلاة لم يصر أحق به في غيرها وهو أحق به فيها وإن فارقه لعذر(1/457)
باب الوقف هو لغة الحبس يقال وقفت كذا أي حبسته ويقال أوقفته في لغة رديئة وشرعا حبس مال يمكن الأنتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته على مصرف مباح والأصل فيه خبر مسلم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف وله أربعة أركان واقف وموقوق وموقوف عليه وصيغة وقد أشار إليها فقال صحته أي الوقف من مالك تبرعا في رقبة الموقوف فلا يصح من صبى ومجنون ووليهما ولا من محجور سفه أو فلس ولا من مستأجر وموصى له بالمنفعة مؤقتا أو مؤبدا بكل عين أي شرط الموقوف أن يكون عينا معينة مملوكة قابلة للنقل يحصل منها عين أو منفعة يستأجر لها غالبا فلا يصح وقف المنفعة المجردة ولا وقف الجنين ولا احد عبديه ولا وقف مالا يملك ولا وقف الحر نفسه ولا وقف أم الولد والمكاتب والموقوف جاز أن ينتفعا مبنى للفاعل أو للمفعول بها مع البقا بقصره للوزن فلا يصح وقف آلات اللهو والكلب المعلم والطعام والرياحين المشمومة المحصودة ولا وقف الدراهم والدنانير ويصح وقف عقار ومنقول وشائع ومقسوم والمصائد والعيون والآبار والآشجار للثمار والبهائم للبن والصوف والوبر والبيض والإنزاء والعبد والهر والجحش الصغار والزمن المرجو الزوال وشرط الوقف أن يكون منجزا فلو علق كقوله إذا قدم زيد فقد وقفت كذا لم يصح و على كل موجود فلو وقف على من سيولد له أو على مسجد سيبنى ثم الفقراء أو على أولادى ولا ولد ثم الفقراء أو على أم ولدى ثم الفقراء ويسمى منقطع الأول لم يصح وشرطه أيضا التأبيد بأن يقف على من لا ينقرض كالفقراء والعلماء والمساجد والقناطر والربط أو على من ينقرض ثم على من لا ينقرض كزيد ثم الفقراء فلو قال وقفت هذا سنة مثلا لم يصح أما منقطع الوسط أو الآخر فسيأتى وشرطه الإلزام فلو وقف بشرط الخيار أو بأن يبيعه أو يرجع فيه متى شاء أو أن يحرم من شاء أو يزيده أو يقدمه(1/458)
أو يؤخره لم يصح وبيان المصرف أيضا فلو اقتصر على قوله وقفت كذا أو وقفت على من أشاء لم يصح وقوله موجود إن بدرج الهمزة للوزن تمليكه تأهلا بألف الإطلاق أي يعتبر في الموقوف عليه معينا أو جماعة إمكان تمليكه فيصح على ذمى ومدرسة ورباط ومسجد ولا يصح على حربى ومرتد وجنين إلا تبعا ولا على العبد نفسه والوقف عليه مطلقا وقف على سيده ويعتبر لصحته صيغة نحو وقفت كذا على كذا أو حبسته أو سبلته أو جعلته وقفا أو ارضى موقوفة أو محبسة أو مسبلة أو حبيسة أو تصدقت على فلان صدقة محرمة أو محبسة او حبيسة أو موقوفة أو صدقة لاتباع ولا توهب او تصدقت على فلان مدة حياته ثم على الفقراء ولو قال تصدقت لم يحصل به الوقف إلا أن يضيف إلى جهة عامة كالفقراء وينوى الوقف فيحصل به وقوله جعلت البقعة مسجدا تصير به مسجدا والأصح أن الوقف على معين يشترط فيه قبوله نظرا إلى انه تمليك فليكن متصلا بالإيجاب كالهبة ووسط أي إن انقطع وسط الوقف كوقفت على أولادى ثم بهيمة أو رجل أو عبد فلان نفسه ثم الفقراء وآخر إن انقطع كوقفت على أولادى ولم يزد فهو إلى اقرب واقف يوم الانقطاع رجع فيصير وقفا عليهم لأن وضع الوقف القربة ودوام الثواب وأوله صحيح موجود فيدام سبيل(1/459)
الخير والصدقة على الأقارب أفضل لما فيه من صلة الرحم والمعتبر قرب الرحم لا الإرث فيقدم ابن البنت على ابن ابن الابن وعلى ابن العم ويختص بفقرائهم وجوبا فإن عدمت أقاربه صرف الإمام ريعه لمصالح المسلمين نص عليه وقيل إلى الفقراء والمساكين ومحل ما ذكره في منقطع الوسط إن أمكن معرفة أمد انقطاعه أما إذا وقف على زيد ثم رجل مجهول ثم الفقراء فإنه يصرف بعد زيد للفقراء ولا أثر لهذا الانقطاع والشرط فيما عم نفى المعصية بأن كانت جهة قربة كالمساكين والحجاج والمجاهدين والعلماء والمتعلمين والمساجد والمدارس والربط والخانقاه والقناطر أو جهة لا تظهر فيها القربة كالأغنياء فإن كانت جهة معصية كعمارة الكنائس والبيع وكتابة التوراة والإنجيل لم يصح لأنه إعانة على معصية وشرط لا يكرى أصلا أو أكثر من سنة مثلا اتبع ذلك وجوبا نعم لو شرط أن لا يؤجر اكثر من كذا وخرب ودعت ضرورة إلى إيجاده مدة زائدة على ما شرطه بأن توقفت عمارته على ذلك جازت مخالفته بحسب الضرورة ويكون في عقود متفرقة وإذا شرط منع الإجارة واستحقه جماعة تهايأوا في السكن وأقرع بينهم قاله الجوهرى والتسوية بين الذكور والإناث وهو مرفوع بالإبتداء وما بعده معطوف عليه وخبره محذوف أي كذلك أي اتبع شرط الواقف فيها والضد وهو تفضيل الذكور على الإناث أو عكسه فلو أطلق حمل على التسوية والتقديم كتقديم البطن الأول على الثانى والتأخر كمساواته له كسائر شروطه ناظره يعمره ويؤجر ويحصل ريعه ويقسمه ويحفظ أصوله وغلاته على الأحتياط فإن عين له بعض هذه الأمور اقتصر عليه ويجوز أن ينصب واحدا لبعض هذه الأمور وآخر لبعض آخر ولو نصب اثنين لم يستقل أحدهما والوقف لازم فلا يفتقر إلى قبض ولا إلى حكم حاكم به و رقبة الموقوف ملك البارى جل وعلا أي ينفك الوقف عن الاختصاص الآدمى كالعتق فلا يكون للوقف ولا للموقوف عليه ومنافعه ملك للموقوف عليه يستوفيها بنفسه وبغيره والمسجد والجامع كالأحرار لأنها(1/460)
تملك ويوقف عليها باب الهبة هي شاملة للصدقة والهدية وهي التمليك بلا عوض فإن ملك محتاجا أو لثواب الآخرة فصدقة وإن نقله إلى مكان الموهوب له إكراما له فهدية فكل من الصدقة والهدية هبة ولا عكس وغيرهما اقتصر فيه على اسم الهبة وانصرف الأسم عند الإطلاق إليه ومن ذلك ما سيأتى في كلامه من اشتراط الصيغة فيها والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا وأخبار كخبر الصحيحين لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة أي ظلفها تصح الهبة فيما بيعه قد صحا ويستثنى الموصوف في الذمة يصح بيعه ولا يصح هبته وما لا يصح بيعه كمجهول ومغصوب وآبق وضال لغير قادر على انتزاعها لا تصح هبته بجامع انها تمليك في الحياة واستثن أيضا نحو حبتين قمحا فإنهما لا يصح بيعهما وتصح هبتهما وكذا بيع جلد الأضحية ولحمها وما تحجره المتجر ونوبة إحدى الضرتين للأخرى وما أخذه المتبسط من طعام الغنيمة وتصح هبة كل منها وبيع الكلب ونحوه وجلد(1/461)
الميتة قبل الدباغ والدهن النجس وتصح هبة كل منها على معنى نقل الاختصاص واليد بصيغة أي تصح هبة ما صح بيعه بصيغة وهى الإيجاب من الواهب كوهبتك كذا أو ملكتكه أو أعطيتكه والقبول من المتهب باللفظ متصلا كاتهبت وتملكت أو قبلت أو رضيت والاستيجاب كالإيجاب والاستقبال كالقبول كقوله أي تنعقد بقوله أعمرتكا بألف الإطلاق فيها و فيما قبلها وما بعدها هذه الدار ما عشت أو عمرك أو جعلتها لك عمرك وإن زاد فإذا مت عادت إلى وإن مت قبلك استقرت لك أو أرقبتكا كذا أو جعلتها لك رقبى أي إن مت قبلى عادت إلى وإن مت قبلك استقرت لك وسميت رقبى لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه ولا تشترط الصيغة في الهدية ولا في الصدقة وإنما يملكه اي الوهون المتهب بقبضه والإذن ممن يهب إن لم يقبضه بنفسه لا بالعقد لإنه عقد إرفاق كالقرض فإن كان الموهوب بيد المتهب اعتبر في قبضه مضى زمن يتأتى فيه من وقت الإذن فيه وقبض العقار والنقول كما مر في البيع ولو مات أحدهما قبل قبضه ل تنفسخ بل يقوم وارثه مقامه لأنه يئول إلى اللزوم كالبيع بخلاف نحو الشركة والوكالة ولا رجوع لأحد بعده أي القبض أي لا يصح وإن وهبه لأعلى منه لا الأصول ترجع سواء أكان ابا أم أما أم جدا أم جدة من جهة الأب أو الأم اتفقا دينا أو اختلفا إذ ملك الفروع لا يزول أي يشترط للرجوع عدم زوال ملك الفرع المتهب عن الموهوب فلو زال وعاد فلا رجوع لأن ملكه الان غير مستفاد منه وأن لا يتعلق به حق يمنع البيع كالكتابة وأن يكون الرجوع منجزا وأن يكون باللفظ لا بالفعل كرجعت فيما وهبت أو ارتجعت أو نقضت الهبة أو أبطلتها باب اللقطة بضم اللام وفتح القاف وإسكانها ويقال لقاطة بضم اللام ولقط بفتحها بلا هاء وهى لغة الشيء الملتقط وشرعا ما وجد من حق ضائع لا يعرف الواجد مستحقه والأصل فيها قبل الإجماع خبر الصحيحين عن زيد بن خالد الجهنى أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن لقطة الذهب والورق فقال اعرف عفاصها(1/462)
ووكاءها ثم عرفها سنة فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك فإن جاء صاحبها يوما من الدهر فأدها إليه وإلا فشأنك بها وسأله عن ضالة الإبل فقال مالك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها وسأله عن الشاة فقال خذها فإنما هى لك أو لأخيك أو للذئب وفي الالتقاط معنى الأمانة والولاية من حيث أن الملتقط أمين فيما التقطه والشارع ولاه حفظه كالولى وفيه معنى الاكتساب من حيث أن له التملك بعد التعريف والمغلب من المعنيين الثانى لصحة التقاط الفاسق والذمى والصبى وأخذها للحر من موات أو طرق في دار الإسلام أو دار حرب فيها مسلم أو دخلها الملتقط بأمان أو مسجد الصلاة أفضل من تركها إذ خيانة لنفسه فيها قد أمنا بألف الإطلاق فيه وفيما بعد بأن وثق بأمانة نفسه بل تركها حينئذ مكروه ولا عليه أخذها تعينا أي إنما يكون الالتقاط أفضل إذا لم يتعين عليه أخذها بأن كان هناك من يأخذها ويحفظها فإن لم يكن هناك غيره وجب عليه أخذها كما في الوديعة بل هو هنا أولى لأن(1/463)
الوديعة تحت يد صاحبها ولا يستحب لغير واثق بأمانة نفسه ويجوز له ويكره لفاسق لئلا تدعوه نفسه إلى الخيانة ويندب الإشهاد على الالتقاط ويصح التقاط صبى وفاسق وذمى في دار الإسلام وتنزع منهما وتوضع عند عدل وينزع الولى لقطة الصبى ويعرف ويتملكها للصبى إن راى ذلك حيث جاز الاقتراض له ويصح التقاط المبعض لا الرقيق بغير إذن سيده إلا المكاتب يعرف بفتح الياء الملتقط ندبا منها أي من اللقطة الجنس أذهب هى أم فضة ام ثياب والوعاء من جلد أو خرقة أو غيرهما وقدرها بوزن أو عدد والوصف كهروية أو مروية والوكاء أي خيطها المشدودة به وذلك ليعرف صدق واصفها وحفظها أي اللقطة في حرز مثل لها عرفا أي بأعتبار العرف واجب على الملتقط أبدا إن أخذها للحفظ وهى أمانة في يده ولو دفعها للحاكم لزمه القبول ويجب عليه في هذه الحالة تعريفها على الراجح لئلا يكون كتمانها مفوتا للحق على صاحبه ويضمن بتركه وإن يرد بالياء التحتية أي الملتقط تمليك نزر أي قليل متمول عرفا فعل ماضى والألف للإطلاق أو بتاء الخطاب للملتقط فقوله عرفا فعل امر وألفه بدل من نون التوكيد أي عرفه زمنا بقدر طالب بحيث يغلب على الظن أن فاقده لا يعرض عنه فيه غالبا ويختلف ذلك باختلاف المال فدانق الفضة يعرف في الحال ودانق الذهب يعرف يوما أو يومين أو ثلاثة أما القليل الذي لا يتمول كحبة حنطة وزبيبة فلا يعرف بل يستبد به واجده وغيره أي القليل يعرف وجوبا سنة ولو مفرقة وليست على الأستيعاب بل على العادة فيعرف أولا كل يوم طرفي النهار ثم كل يوم مرة ثم كل أسبوع مرة أو مرتين ثم كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار للأول ولا يجب اتصال السنة بالالتقاط لكن يعتبر أن يبين في التعريف زمن الوجدان لينجبر التأخير المنسى ويندب للملتقط ذكر بعض أوصافها في التعريف ولا يستوعبها لئلا يعتمدها كاذب ولو التقط اثنان عرفها كل واحد نصف سنة وتعريفها يكون فى الأسواق وأبواب المساجد ومجامع الناس في بلد(1/464)
الالتقاط أو قريته أو أقرب البلاد إلى موضعه من الصحراء وإن جازت به قافلة تبعهم وعرف ولا يعرف في المساجد كما لا تطلب اللقطة فيها إلا المسجد الحرام وتكره تنزيها في بقية المساجد وله أن يعرفها بنفسه ونائبه وليس له المسافرة بها ولا تسليمها لغيره من غير ضرورة إلا بإذن الحاكم فإن خالف ضمنها ولا بد في المعرف من التكليف وكونه غير مشهور بالخلاعة وليتملك الملتقط اللقطة إن أراده وعرفها بعد قصد تملكها بالقول كتملكتها إن يرد تضمنه أي قصد أن يضمنها إن جاء صاحب لها وتكون قرضا عليه ويثبت بدلها في ذمته وإذا تملكها وظهر مالكها وهى باقية بحالها فإن اتفقا على ردها أو رد بدلها فذاك ظاهر وإلا أجيب طالب ردها ولو ردها الملتقط لزم مالكها قبولها فإن تلفت غرم بدلها من مثل في المثلى وقيمة في المتقوم يوم تملكها إذ هو وقت دخولها في ضمانه فإن نقصت ضمن أرش نقصها وله العدول إلى بدلها سليمة ولو أراد أحدهما ردها مع الأرش وأراد الآخر الرجوع إلى البدل أجيب الأول وإن زادت أخذها بزيادتها المتصلة لا المنفصلة ولو ظهر مالكها قبل التملك أخذها بزوائدها المتصلة والمنفصلة وإذا ادعاها ولم يصفها ولا بينة له بها ما لم تدفع له ما لم يعلم الملتقط أنها له فيلزمه الدفع له وإن وصفها وظن الملتقط صدقه جاز دفعها له ولا يجب والقول قوله بيمينه في أنه لا يلزمه التسليم أولا يعلم أنها له فإن نكل وحلف المدعى وجب دفعها له فإن دفعها له واقام آخر بينة بها حولت له عملا بالبينة فإن تلفت عنده فلصاحب البينة تضمين الملتقط والمدفوع له والقرار عليه ومحل ذلك في لقطة غير حرم مكة أما هى فلا تحل إلا للحفظ أبدا لا للتملك وما لم يدم بأن كان يسرع فساده(1/465)
كالبقل والبطيخ الأصفر والهريسة والرطب الذي لا يتتمر فإن شاء باعه استقلالا إن لم يجدحا كما وبإذنه إن وجده أو عرفه بعد بيعه ليتملك ثمنه بعد التعريف وإن شا يطعم بفتح الياء والعين أي يتملكه في الحال ويأكله مع غرمه اي ويغرم قيمته سواء أوجده في مفازة أم عمران ويجب التعريف فيه لا في المفازة لانتفاء فائدته فيها وذو علاج للبقا كرطب فيجفف يفعل فيه وجوبا الأليقا من بيعه رطلا وحفظ ثمنه أو التجفيف ثم إن تبرع بمؤنته فذاك وإلا بيع بعضه وأنفق على تجفيف باقيه والفرق بينه وبين الحيوان حيث يباع جميعه كما ياتى أن النفقة تكرر فيؤدى إلى أن يأكل الحيوان نفسه بنفقته وحرموا أي الأئمة لقطا من المكان المخوف كالمفازة لملك حيوان منوع أي ممتنع من أذاه من صغار السباع كالذئب والنمر والفهد بقوته كبعير وفرس أو بحرية كأرنب وظبى أو بطيرانه كحمام لأنه مصون بالأمتناع عن أكثر السباع مستغن بالرعى إلى أن يجده صاحبه لتطلبه فمن أخذه ليملك ضمنه ولا يبرأ من ضمانه برده إلى موضعه فإن دفعه للحاكم برئ وخرج بقوله لملك التقاطه للحفظ فيجوز وإن لم يكن الملتقط قاضيا لئلا يأخذه خائن فيضيع وبقوله من المخوف التقاطه من بلد أو قرية أو موضع قريب منها فيجوز للتملك لئلا يضيع بامتداد اليد الخائنة إليه ولا يجد ما يكفيه بخلاف المفازة فإن طروق الناس بها لا يعم ولو وجد في زمن نهب وفساد جاز التقاطه للتملك في المفازة والعمران بل الذي لا يحتمى أي يمتنع منها أي من صغار السباع كشاه وعجل وفصيل وكسير من إبل أو خيل خير أي ملتقطه من مفازة بين أخذه وإمساكه عنده مع العلف بفتح اللام تبرعا أي متبرعا بذلك أو إذن قاض إن لم يتبرع بالسلف أي في الإتفاق عليه بالسلف منه او من غيره ليرجع به على مالكه فإن لم يجد حاكما أشهد أو باعها أي اللقطة استقلالا إن لم يجد حاكما أو بإذنه إن وجده وحفظ الأثمانا أي ثمنها وعرفها ثم تملكه أو أكلها أي خيره بين ما مر وبين أكلها(1/466)
متملكا لها ملتزما ضمانا بأن يغرم قيمتها إن ظهر مالكها والخصلة الأولى أولى من الثانية والثانية أولى من الثالثة ويتعين فعل الأحظ للمالك ولم يجب إقرارها أي إفراز ثمنها لو أكلها إذ ما في الذمة لا يخشى تلفه فإن أفرزه كان أمانة في يده والملتقط من العمران في الأوليين بضم الهمزة وهما أخذها وإمساكها مع العلف أو بيعها وحفظ ثمنها فقط فيه تخيير فقط دون الخصلة الثالثة وهى أكلها فلا يجوز بخلاف المفازة لأنه قد لا يجد فيها من يشترى بخلاف العمران ويشق النقل إليه ولو كان الحيوان غير مأكول كالجحش ففيه الخصلتان الأوليان ولا يجوز تملكه في الحال(1/467)
باب اللقيط ويقال له ملقوطا ومنبوذ ودعى وسمى لقيطا وملقوطا بأعتبار أنه يلقط ومنبوذا بأعتبار انه نبذ أي القى في الطريق ونحوه وهو صغير ضائع لا يعلم له كافل للعدل المكلف الحر المسلم الأمين الرشيد أن يأخذ طفلا ولو مميزا نبذا أي ألقى في الطريق أو نحوه وهو فرض كفاية حفظا للنفس المحترمة عن الهلاك لقوله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى وقوله ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا إذ باحيائها أسقط الحرج عن الناس فأحياهم بالنجاة من العذاب وحضنه كذا أي فرض كفاية وقوته أي مؤنته من ماله أي اللقيط إن كان له مال خاص أو عام بمعنى أنه مستحق فيه أي ينفق عليه منه بمن قضى أي بإذن الحاكم فإن لم يجده لفقده أشهد أول مرة ثم أقترضا أي الحاكم عليه إن لم يكن له مال من أغنياء البقعة إذ يفقد بيت المال وهو نفقة لا قرض فلا رجوع عليه به والقرض أي ما اقترض خذ منه أي اللقيط لدى أي عند الكمال أي ويوفى المقرض من مال سيده إن كان رقيقا ومن ماله إن كان له مال أو مال من يجب عليه نفقته إن لم يظهر له مال وإلا قضاه الحاكم من سهم الفقراء أو المساكين أو الغارمين ولا يصح التقاط رقيق ولو مكاتبا بدون إذن سيده وينزع منه فإن علم به السيد وأقره فهو الملتقط فإن قال التقط لى فالسيد الملتقط ولمسلم وكافر التقاط كافر ولو التقط فاسق أو محجور عليه بسفه انتزع منه ولو أراد ظاهر العدالة السفر به انتزع منه وعند إقامته يوكل الحاكم به رقيبا بحيث لا يشعر به فإذا وثق به فكعدل ومثل الطفل المجنون ولو عجز الملتقط عن حفظه أو تبرم مع القدرة سلمه للحاكم ولو أزدحم اثنان على أخذه جعله الحاكم عند من يراه منهما أو من غيرهما وإن أخذاه وليس أحدهما أهلا سلم للآخر وإن سبق أحدهما منع الآخر من مزاحمته وإن التقطاه معا وهما أهل قدم الغنى على الفقير وظاهر العدالة على مستور العدالة فإن استويا أقرع ولا يخير الطفل بينهما وإن كان مميزا ولا يقدم المسلم على الكافر في(1/468)
الكافر ولا المرأة على الرجل بخلاف الحضانة والوجه كما قاله الأذرعى تقديم البصير على الأعمى والسليم على المجذوم والأبرص إن قيل بأهليتهم للانتقاط وإذا وجد بلدى لقيطا ببلد فله نقله إلى بلد لا إلى قرية أو بادية ولغريب التقطه ببلد نقله إلى بلده ولقروى التقطه بقرية نقله إلى قرية أو بلدة وإن وجده بدوى ببلدة أو قرية فكالحضرى أو ببادية أقر بيده ويثبت إسلام اللقيط وغيره بإتيانه بالشهادتين وهو بالغ عاقل أو أخرس باشارة وأما الصبي والمجنون فبالتبعية ولها ثلاث جهات إحداها الولادة ثانيتها سبى المسلم له إن انفرد عن أبويه ثالثتها الدار فإن وجد لقيط بدار الإسلام وفيها أهل ذمة أو بدار فتحوها وأقروها بيد كفار صلحا أو بعد تملكها بجزية وفيها مسلم حكم بإسلامه وإذا لم يقر اللقيط برق ولم يدعه أحد فهو حر ومن ادعى رق صغير ليس في يده أو فيها بالتقاط لم يقبل إلا ببينة أو بغيره قبل فإن بلغ وأقر بالرق لغير ذى اليد لم يقبل وكذا إن قال أنا حر إلا ببينة لكن له تحليف السيد ومن أقام بينه برقة عمل بها ويشترط تعرضها السبب الملك(1/469)
باب الوديعة تقال على الإيداع وعلى العين المودعة من ودع الشيء يدع إذا سكن لأنها ساكنة عند المودع وقيل من قولهم فلان في دعة أي في راحة لأنها في راحة المودع ومراعاته والأصل فيها قوله تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وقوله تعالى فليؤد الذي اؤتمن أمانته وخبر أد الأمانة إلى من أئتمنك ولا تخن من خانك ولأن بالناس حاجة بل ضرورة إليها وأركانها أربعة مودع ومودع ووديعة وصيغة سن له قبولها أي الوديعة إذا ما أمنا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده على نفسه خيانة فيها وقدر على حفظها لأنها من باب التعاون على البروالتقوى المأمور به وهذا إن لم يكن تعينا عليه حفظها فإن تعين بأن لم يكن ثم غيره وجب عليه قبولها كأداء الشهادة ولكن لا يجبر حينئذ على إتلاف منفعته ومنفعة حرزه بغير عوض ويحرم عليه أخذها عند عجزه عن حفظها لأنه يعرضها للتلف ويكره عند القدرة لمن لم يثق بنفسه إلا أن يعلم المالك بحاله فلا يحرم ولا يكره والإيداع صحيح والوديعة امانة واثر التحريم مقصورة على الإثم نعم لو كان المودع وكيلا أو ولى يتيم حيث جاز له الإيداع فهى مضمونة بمجرد الأخذ قطعا ولم يتعرضوا له قاله الزركشى بحرز المثل أي يجب على المودع ولو عند إطلاق المودع حفظ الوديعة في حرز مثلها ودفع متلفاتها فلو أخر إحرازها مع التمكن او وضعها في غير حرز مثلها أو وقع الحريق في الدار فتركها حتى احترقت أو ترك علف الدابة أو سقيها حتى ماتت به أو ترك نشر ثياب الصوف والأكسية وكل ما يفسده الدود أو لبسها إذا لم يندفع إلا به حتى تلفت ضمنها وهو أمين مودع في الأصل أي أصلها الأمانة فلو تلفت من غير تقصير لم يضمنها لأن المودع يحفظها للمالك فيده كيده ولو ضمن لرغب الناس عن قبول الودائع سواء كانت بجعل أم لا كالوكالة ولا فرق في عدم الضمان بين الصحيحة والفاسدة نعم لو أودعه بهيمة وأذن له في ركوبها أو ثوبا واذنه في استعماله فهو إيداع فاسد فإنه شرط فيه ما(1/470)
ينافي مقتضاه فإذا تلفت قبل الركوب والاستعمال لم يضمن أو بعده ضمن لأنه عارية فاسدة ولكون الوديع أمينا يقبل باليمين قول الرد لمودع لأنه أئتمنه ولو ادعى التلف قبل إجماعا فكذا الرد وشملت العبارة الرد على من له الإيداع من مالك وولى وقيم حاكم حتى لو ادعى الجابي تسليم ما جباه للذي استأجره على الجباية صدق بيمينه وخرج بما ذكر ما لو ادعى رد الوديعة على غير من ائتمنه كأن ادعى المودع ردها على وارث المودع أو ادعى وارث المودع الرد على المالك أو أودع عند سفره أمينا فادعى الأمين الرد على المالك فإن كلامهم يطالب بالبينة وكل أمين من مرتهن ووكيل وشريك وعامل قراض وولى محجور وملتقط لم يتملك وملتقط لقيط ومستأجر وأجير وغيرهم مصدق باليمين في التلف على حكم الأمانة إن لم يذكر له سببا أو ذكر سببا خفيا او ظاهرا عرف دون عمومه وإن لم يعرف فلا بد في إثباته من البينة ثم يصدق في التلف به بيمين وإن عرف وقوعه وعمومه ولم يحتمل سلامتها صدق بلا يمين لا الرد بعد الجحد أي يضمن المودع بجحود الوديعة بعد طلب مالكها كأن قال لم تودعنى شيئا لخيانته ولو جحدها ثم قال كنت غلطت أو نسيت لم يبرأ إلا أن يصدقه المالك ولو أقام المالك عليه بينة بها فادعى ردها عليه لم يقبل قوله منه أما لو أقام بينة بردها على مالكها سمعت لأنه ربما نسى ثم تذكر كما لو قال المدعى لشيء لا بينة لى به ثم أتى ببينة فإنها(1/471)
تسمع وسواء أجحد أصل الايداع أم لزوم تسليم شيء إليه وإنما يضمن المودع بالتعدى فيها كأن خالف مالكها فيما أمره به في حفظها وتلفت بسبب المخالفة كأن قال له لا ترقد على الصندوق فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه أو خلطها بمال نفسه أو مال المالك ولم يتميز أو انتفع بها كأن ركبها او لبسها بغير عذر أو سافر بها مع وجود مالكها أو وكيله ثم الحاكم أيضا ثم الأمين والمطل أي ويضمنها بالمطل في تخلية بينها وبين مالكها من بعد طلبها من غير عذر بين أي ظاهر لتقصيره بترك التخلية الواجبة عليه حينئذ فإن ما طل في تخليتها لعذر ظاهر كصلاة أو طهارة أو أكل أو قضاء حاجة أو حمام أو ملازمة غريم يخاف هربه أو نحوها مما لا يطول زمنه أو لغير عذر لكن لم يطلبها مالكها لم يضمنها لعدم تقصيره وإطلاق المطل عليه حيث لا طلب مجاز سلم منه تعبير غيره بالتأخير وعبر بالتخلية لأنه لا يجب على المودع مباشرة الرد وتحمل مؤنته بالتخلية بينها وبين مالكها بشرط أهليته للقبض فلو حجر عليه بسفه أو كان نائما فوضعه في يده لم يكف ولو أودعه جماعة مالا وقالوا إنه مشترك ثم طلبه بعضهم لم يكن له تسليمه ولا قسمته لاتفاقهم على الإيداع فكذا في الاسترداد بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليقسمه ويدفع إليه نصيبه وارتفعت الوديعة بالموت منهما او من أحدهما والتجنن والإغماء لأنها وكالة في الحفظ وهذا حكم الوكالة وترتفع أيضا بطريان حجر السفه وبعزل المالك وبالجحود المضمن وبكل فعل مضمن وبالإقرار بها ولآخر وبنقل المالك الملك فيها ببيع أو نحوه وفائدة الأرتفاع أنها تصير أمانة شرعية كثوب طيرته الريح إلى داره فعليه رده مع تمكنه وإن لم يطلب وإلا ضمن والمراد به وجوب إعلام مالكه به إن لم يعلمه وللمودع استرداد الوديعة وللمودع ردها كل وقت نعم يتجه تقيبد جواز ردها على المودع حيث لا يلزم المودع قبولها ابتداء وإلا حرم فإن كانت بحيث يندب قبولها فالرد بغير رضا مالكها خلاف الأولى كتاب(1/472)
الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة أي مقدرة لما فيها من السهام المقدرة فغلبت على غيرها والأصل فيها آياتها والأخبار الآتية كخبر الصحيحين ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر وورد في الحث على تعلمها وتعليمها أخبار منها تعلموا الفرائض وعلموها الناس فأنى امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف اثنان في الفريضة فلا يجدان من يقضى بينهما وروى طتعلموا الفرائض فإنها من دينكم وإنه نصف العلم وإنه أول علم ينزع من أمتى وسمى نصفا لتعلقه بالموت المقابل للحياة وقيل النصف بمعنى الصنف كقول الشاعر إذا مت كان الناس نصفان شامت وآخر مثن بالذى كنت أصنع وقيل غير ذلك ويتعلق بالتركة خمسة حقوق مترتبة وقد بدأ ببيانها فقال يبدأ وجوبا من تركة ميت بحق تعلق بعينها لتأكد تعلقه بها وذلك كالرهن بأن رهن عينا بدين عليه أو على غيره فيقدم المرتهن بها على مؤن التجهيز والزكاة بالعين اعتلق فيقدم مستحقوها على مؤن التجهيز ولما كان المتعلق بالعين لا تكاد تنحصر صورة أشار الناظم إلى ذلك بإدخاله الكاف على أول المثالين فمنها الجانى المتعلق برقبته مال بأن أتلف ما لا أو جنى على آدمى خطأ أو شبه عمد أو عمدا لا قود فيه أو عفى عنه بمال والمبيع إذا مات مشتريه بثمن في ذمته مفلسا ولم يتعلق(1/473)
به حق لازم ككتابة سواء أحجر عليه قبل موته أم لا فمؤن التجهيز للميت وتجهيز من تلزمه مؤنته إذا مات في حياته كثمن كفن وأجرة غسل وحفر ودفن لاحتياجه إلى ذلك كالمحجور عليه بالفلس بل أولى لانقطاع كسبه بالمعروف بحسب يساره أو اعساره ولا عبرة بما كان عليه في حال حياته من إسرافه أو تقتيره فدينه الذي عليه لله تعالى أو لآدمى فإنه حق واجب عليه ثم الوصايا توفى من ثلث باقى الإرث ومثلها ما ألحق بها من عتق علق بالموت وتبرع نجز في مرضه المخوف أو الملحق به وقدمت على الإرث لقوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين وتقديمها لمصلحة الميت كما في الحياة ومن كلامه ابتدائية لا تبعيضه فتدخل الوصايا بالثلث وببعضه والنصيب للوارث من حيث أنه يتسلط عليه بالتصرف ليصح تأخره عن بقية الحقوق وإلا فتعلقها بالتركة لا يمنع الأرث ولهذا عطفه بالواو دون بقية الحقوق فرض مقدر أو التعصيب أي الوارث إن كان له سهم مقدر في الكتاب أو السنة فهو صاحب فرض وإلا فعاصب فالفرض بمعنى المفروض المقدر في كتاب الله ستة الربع والثلث وضعف كل ونصفه وأشاروا بقولهم في كتاب الله تعالى إلى أن المراد الحصر بالنسبة لما في القرآن وإلا فمطلق الفروض تزيد على ستة كثلث ما بقى في الجد وفي مسئلتى زوج أو زوجة وأبوين فنصف أكتمل وهو فرض خمسة للبنت أو لبنت الابن ما مصدرية سفل والأخت من أصلين أو من الأب إذا انفردن عن ذكر يعصبهن وعمن يساويهن من الاناث قال تعالى في البنت وإن كانت واحدة فلها النصف وبنت الابن كالبنت بالإجماع أو لفظ البنت يشملها إعمالا للفظ في حقيقته ومجازه وقال في الأخت فلها نصف ما ترك والمراد أخت لابوين أو لاب كما سيأتى أن للأخت للأم السدس وهو أي النصف نصيب الزوج إن لم يحجب أي عنه بولد لزوجته أو ولد ابن علما لها قال تعالى ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد وولد الابن كالولد بما مر والمراد به هنا وفيما يأتى من يرث بخصوص القرابة فيخرج غير(1/474)
الوارث والوارث بعمومها كولد بنت الابن وقد أشار إلى ذلك بقوله علما والربع فرض اثنين الزوج مع فرعهما أي مع ولد الزوجة أو ولد ابنها وزوجة فما علا إلى أربع إن عدما أي ولد زوجها وولد ابنه قال تعالى ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد وولد الابن كالولد بما مر وقد ترث الأم الربع فرضا في حال يأتى فيكون الربع فرض ثلاثة وثمن هن أي للزوجات مع فرعهما أي مع ولد الزوج أو ولد ابنه قال تعالى فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم وولد الابن كالولد بما مر والثلثان فرض من قد ظفرا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده بالنصف أي فازت به مع مثل لها فأكثرا فيهما فرض أربعة بنتين فأكثر وبنتى ابن فأكثر وأختين لأبوين فأكثر وأخت لأب فأكثر قال تعالى في البنات فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وقيس بالبنات بنات الابن بل هن داخلات في لفظ البنات على القول بإعمال اللفظ في حقيقته ومجازه وبالإختين البنتان وبنتا الابن وبالبنان في عدم الزيادة(1/475)
على الثلثين الأخوات والثلث فرض اثنين من أولاد أم فصاعدا قال تعالى وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث والمراد أولاد الأم بدليل قراءة ابن مسعود وغيره وله أخ أو أخت من ام وهى وإن لم تتواتر فهى كالخبر في العمل بها لأن مثل ذلك إنما يكون توقيفا أنثى تساوى ذكرهم أي سواء كان الأثنان ذكرين أم أنثيين أم خنثيين أم مختلفين إذ لا تعصيب فيمن أدلوا بها بخلاف الأشقاء أو لأب فإن فيهم تعصيبا فكان للذكر ضعف الأنثى ماللأنثى وهو أي الثلث لامه أي الميت إذا لم تحجب بأن لم يكن للميت ولد ولا ولد ابن ولا اثنان من الأخوة والأخوات ولا أب مع أحد الزوجين قال تعالى فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس وولد الابن كالولد لما مر والمراد من الأخوة عدا ممن له إخوة ولو من الإناث على التغليب الشائع وعلى أن أقل الجمع أثنان كما عليه جمع أو ثلاثة على الأصح لكنه استعمل في الإثنين مجازا للاجماع على أنهما كالثلاثة هنا ولأنه حجب يتعلق بعدد فكان الاثنان كالثلاثة كما في حجب البنات لبنات الابن وقد يفرض للجد مع الإخوة كما يأتى وثلث الباقى لها مع الأب واحد الزوجين ليكون للأب مثلاها على الأصل في إجتماع الذكر مع الانثى المتحدى الدرجة من غير أولاد الأم ولاتفاق الصحابة على ذلك قبل اظهار إبن عباس الخلاف ولأن كل ذكر وأنثى لو انفرد اقتسما المال أثلاثا فإذا اجتمعا مع الزوج أو الزوجة اقتسما الفاضل كذلك كالأخ والأخت فالأولى من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم ثلث الباقى وثلثاه للأب وعبروا عن حصة الأم فيهما بثلث الباقى مع أنه في الأولى السدس وفي الثانية الربع تأدبا مع لفظ القرآن في قوله وورثه أبواه فلأمه الثلث وتسمى المسألتان بالغراوين لشهرتهما بينهم وبالعمريتين لأنهما دفعتا إلى عمر فحكم بينهما بما ذكر وبالفريبتين لغرابتهما وخرج بالأب الجد فللأم معه الثلث كاملا لا(1/476)
ثلث الباقى لأنه لا يساويها في الدرجة وقد يرث الجد إذا كان معه إخوة ثلث الباقى والسدس برفعه ونصبه حبوا أي اعطاه العلماء سبعة إما مع الفرع أي مع الولد وفرع الابن أواثنين من أخوات أو بدرج الهمزة للوزن من إخوة لقوله تعالى فإن كان له إخوة فلأمه السدس كما مر بيانه وسواء أكانا من الأب والأم أم من الأب وسواء أكاناوارثين أم محجوبين بغيرهما بغيرهما أما بنو الإخوة فلا يحجبونها عن الثلث كما أفهمه كلامهم للأنهم ليسوا إخوة بخلاف ولد الابن لإطلاق لفظ الابن عليه مجازا شائعا بل قيل حقيقة والفرد من أولاد أم الميت ذكرا كان أو أنثى أو خنثى لما مر في آيته وقد علم أن أولاد الأم يخالفون بقية الورثة في خمسة أشياء استواء ذكرهم وانثاهم ويرثون مع من يدلون به ويحجبون من يدلون به حجب نقصان ويدلون بأنثى ويرثون وذكرهم المنفرد كأنثاهم المنفرد وجدة فصاعدا لأم أو لأب لأنه صلى الله عليه وسلم اعطى الجدة السدس وقضى به للجدتين وروى أبو داود في مراسيله أنه أعطى السدس ثلاث جدات ثنتن من قبل الأب وواحدة من قبل الأم ويرث منهن أم الأم وأمهاتها المدليات بإناث خلص لإدلائهن بوارث وضابط وإرث الجدات أن يقال كل جدة أدلت بمحض إناث كأم أم الأم أو بمحض ذكور كأم أبى الأب أو بمحض إناث إلى ذكور إناث إلى ذكور كأم أم الأب ترث لا مدلية بذكر من بين ثنتين هيه كأم أبى الأم لا ترث لأنها مع الذكر من ذوى الأرحام ويسوى بين ذات الجهة والجهتين فلا تفضل الثانية على الأولى(1/477)
بزيادة الجهة لأن الجدودة قرابة واحدة بخلاف ابنى عم أحدهما أخ لأم لاختلاف القرابتين فلو نكح ابن ابن هند بنت بنتها فأولدها ولدا فهند أم أم وأمة وأم أبى أبيه فهي ذات جهتين فلو خلف معها أم أم أبيه فالسدس بينهما مناصفة لا مثالثة وكذا لو كانت ذات جهات كأن نكح هذا الولد بنت بنت بنت أخرى لهند فأولدها ولدا فهند جدته من ثلاث جهات لأنها أم أم امه وأم أم أم أبيه وأم أم أبي أبيه والجدة للأم لا يحجبها إلا الأم كما يأتى وللأب يحجبها الأب أو الأم لأن إرثها بالأمومة والأم أقرب منها والقربى من كل جهة تحجب البعدى منها والقربى من جهة الأم تحجب البعدى من جهة الأب والقربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأم بل يشتركان في السدس و أعطى العلماء السدس بنت الابن صاعدا مع بنت فرد أي فردة فحذف الهاء للترخيم وأختا فصاعدا من اب مع أخت أصلين أي شقيقة والأب وجدا مع ولد أو ولد ابن سفلا بفتح الفاء وضمها وألفه للإطلاق قال تعالى ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد وولد الأبن كالولد لما مر وقيس بالأب الجد وخرج بأبى الأب أبو الأم وإن علا فإنه من ذوى الأرحام ولما أنهى الكلام على ذوى الفروض شرع في ذكر العصبات فقال لأقرب العصبات جمع عصبة وهو من ليس له سهم مقدر حال تعصيبه من جهة تعصبيه بعد الفرض وإن تعدد ما يقى وهذا صادق بالعصبة بنفسه وهو كل ذى ولاء وذكر نسيب ليس بينه وبين الميت أنثى وبغيره وهو كل أنثى عصبها ذكر ومع غيره وهو كل أنثى تصير عصبة باجتماعهما مع أخرى فإن يفقد صاحب الفرض فكلا غنما أي التركة بألف الإطلاق وهذا صادق بالعصبة بنفسه وبنفسه وغيره معا والأصل في ذلك خبر ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقى فلأولى رجل ذكر الإبن أقرب العصبات لقوة عصوبته لأنه قد فرض للأب معه السدس وأعطى هو الباقى ولأنه يعصب أخته بخلاف الأب بعده ابنه ما سفلا بألف الإطلاق وإن سفل فهو مقدم على الأب لما مر ومؤخر عن الإبن سواء(1/478)
أكان أباه أم عمه لادلائه به أو لأنه عصبة أقرب منه فالأب لإدلاء سائر العصبة به فالجد له أي للأب وإن علا وفي درجته ولد الأبوين وولد الأب وإن يكن أي وجد مع الجد أولاد أصلين أي الأب والأم وأب أي أولاد الأب فالواو بمعنى أو إذا لا يستقيم ما ذكره في اجتماع الصنفين معه شاركهم كما سيأتي لمساواتهم له في الإدلاء بالأب ولا يسقطون به بل كان القياس تقديمهم عليه لأنهم أبناء أبى الميت والجد أبو أبيه والبنوة أقوى من الأبوة ولأن فرعهم وهو ابن الأخ يسقط فرع الجد وهو العم وقوة الفرع تقتضي قوة الأصل إلا أن الإجماع منع منه فلا أقل من أن يشاركوه وزاد ثلثه على قسم وجب إذ ليس فرض معهم أو يكون راقى بسدسه أو زاد ثلث الباقى وكان في القسمة فرض وجدا فالجد يأخذ الأحظ الأجودا أي حيث لم يكن معهم صاحب فرض فله الاكثر من ثلث المال ومقاسمتهم كأخ اما الثلث فلأن له مع الأم مثلى مالها والإخوة لا ينقصونها عن السدس فلا ينقصونه عن مثليه وأما القسمة فلأنه كالأخ والقسمة خير له إن كانوا اقل من مثليه بأن يكون معه اخ أو أخت أو أختان او ثلاث أخوات(1/479)
أو أخ وأخت والثلث خير له إن زادوا على مثليه ولا تنحصر صوره ويستوي له الأمران ان كانوا مثليه بأن كان معه أخوان أو اخ وأختان أو أربع أخوات والفرضيون يعبرون في هذا بالثلث لأنه أسهل ويأخذه الجد بالعصوبة كما هو ظاهر كلام الغزالي والرافعي وقال السبكى وعندي أنه أقرب وإن صرح ابن الهائم بأنه يأخذه فرضا وقال ابن الرفعة إنه ظاهر نص الأم وإن كان معهم صاحب فرض فله الأكثر من سدس التركة لأن البنين لا ينقصونه عنه فالإخوة أولى وثلث الباقي بعد الفرض الذي هو مستحق كما يجوز ثلث الكل بدون ذي الفرض والقسمة لما مر وضابط معرفة الأكثر من الثلاثة أنه إن كان الفرض نصفا أو أقل فالقسمة خير إن كان الإخوة دون مثليه وإن زادوا على مثليه فثلث الباقي خير وإن كانوا مثليه استووا وقد تستوي الثلاثة وإن كان الفرض ثلثين فالقسمة خير إن كان معه أخت وإلا فله السدس وإن كان الفرض بين النصف والثلثين كنصف وثمن فالقسمة خير مع أخ أو أخت أو أختين فإن زادوا فله السدس وحيث أخذ السدس أو الثلث الباقي أخذه فرضا وحيث استوت القسمة وغيرها فما يأخذه يكون تعصيبا كما مر ولا يتصور أن يرث بالفرض مع الجد والإخوة إلا ستة البنت وبنت الابن والأم والجدة والزوج والزوجة ثم اقسم الحاصل للإخوة بين جملتهم لذكر كأنثيين وقد لا يبقى بعد الفرض شيء كبنتين وأم وزوج فيفرض له سدس ويزاد في العول وقد يبقى دون سدس كبنتين وزوج فيفرض له ويعال وقد يبقى سدس كبنتين وأم فيفوز به الجد وتسقط الأخوة في هذه الأحوال ولو كان مع الجد إخوة وأخوات لأبوين ولأب فحكم الجد ما سبق ويعد أولاد الأبوين عليه أولاد الأب في القسمة فإذا أخذ حصته فإن كان في أولاد الأبوين ذكر فالباقي لهم ويسقط أولاد الأب وإلا فتأخذه الواحدة إلى النصف والثنتان فصاعدا إلى الثلثين ولا يفضل عن الثلثين شيء وقد يفضل عن النصف فيكون لأولاد الأب ثم إن لم يكن جد ولا من ذكر قبله فالأخ للأصلين أي الأبوين فالناقص(1/480)
أم بالوقف بلغة ربيعة أي ثم الأخ للأب فابن أخي الاصلين أي للأبوين ثم الأصل أي ابن الأخ للأب ثم العم للأبواين فابنه فعم للأب ثم ابنه أي ابن العم للأبوين ثم ابن العم للأب ثم عم الأب للأبوين ثم عم الأب للأب ثم ابن عم الأب للأبوين ثم ابن عم الأب لأب ثم عم الجد لأبوين ثم عم الجد لأب وهكذا وظاهر عبارته تقديم ابن العم لأبوين على العم لأب وليس كذلك فمعتق سواء أكان رجلا أم امرأة فالعصب بنسب المتعصبين بأنفسهم لا كبنته وأخته وترتيبهم كترتيبهم في النسب لكن الأظهر أن أخا المعتق وابن اخيه يقدمان على جده فإن لم يكن له عصبة فلمعتق المعتق ثم عصبته كذلك وهكذا ولا ترث امرأة بولاء إلا معتقها أو منتميا إليه بنسب أو ولاء ثم بعد من ذكر من ورثة الميت المسلم تصرف تركته أو باقيها لبيت المال إرث الفاني أي الميت للمسلمين إرثا كما يتحملون عنه الدية فلا يجوز صرف شيء منه للقاتل والكافر والمكاتب ويجوز تخصيص طائفة من المسلمين به وصرفه للموصى له ولمن ولد أو أسلم أو عتق بعد موته هذا إن انتظم أمر بيت المال بأن يلي إمام عادل يصرف ما فيه في مصارفه كما كان في زمن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ثم بعده ذوي الفروض إرث الفاني بأن يرد عليهم الباقي بعدها إرثا لأن التركة مصروفة لهم أو لبيت المال إتفاقا فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر والتوقف عرضة للفوات لا الزوجان فلا يرد عليهما إذ لا قرابة بينهما فان وجد فيهما قرابة دخلا في ذوي الأرحام ثم إن كان من يرد عليه شخصا واحدا أخذ فرضه والباقي بالرد أو جماعة من صنف كبنات(1/481)
فالبسوية أو من صنفين فأكثر رد الباقي بنسبة الفروض التي لهم ثم ذي الرحم قرابة فرضا وتعصيبا عدم أي حيث عدم من يرثه بالفرضية ممن يرد عليه ومن يرثه بالتعصيب صرفت أو ما بقى لذي الرحم ولو غنيا إرثا وهو كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة وهو عشرة أصناف أبو الأم وكل جد وجدة ساقطين وأولاد البنات وبنات الإخوة وأولاد الأخوات وبنو الإخوة للأم والعم للأم وبنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات والمدلون بالعشرة ومن انفرد من ذوي الأرحام ذكرا أو أنثى أخذ جميع المال وإن اجتمعوا نزل كل فرع منزلة أصله ويقدم الأسبق إلى الوارث فإن استووا قدر أن الميت خلف من يدلون به ثم يجعل نصيب كل واحد للمدلين به على حسب ميراثهم منه لو كان هو الميت وعصب الأخت الشقيقة والأخت للأب أي يماثل أي يساويها قربا فيكون المال أو ما بقى منه بعد الفروض للذكر مثل حظ الأنثيين كما يعصب الابن البنت قال تعالى وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين وقال يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين وخرج بالمساوى غيره فلا يعصب الأخ لأب الأخت الشقيقة بل يفرض لها معه ويأخذ الباقي بالتعصيب ولا الأخ لأبوين الأخت لأب بل يحجبها وبنت الابن مثلها فيعصبها أخ يساويها في الدرجة كأخته وبنت عمه مطلقا سواء أفضل لها شيء من الثلثين أم لا كما يعصب الابن البنات والأخ والأخوات وخرج بقوله مثلها من هو أعلى منها فإنه يسقطها و يعصب بنت الابن أيضا الذكر النازل عنها من أولاد الابن إن لم يكن لها شيء من الثلثين كبنتي صلب وبنت ابن وابن ابن ابن فإن كان لها شيء من الثلثين لم يعصبها كبنت وبنت ابن وابن ابن ابن بل لبنت الصلب النصف ولبنت الابن السدس تكمله الثلثين والباقي له لأن لها فرضا استغنت به عن تعصيبه ولو كان في هذا المثال بنت ابن ابن أيضا كان الباقي بينها وبين ابن ابن الابن أثلاثا قال الفرضيون وليس في الفرائض من يعصب أخته وعمته وعمه أبيه وجده وبنات(1/482)
أعمامه وبنات أعمام أبيه وجده إلا المستقل من أولاد الابن وعصبت البنت أو بنت الابن أختا شقيقة أو أختا لأب فيأخذان مابقى بعد الفرض وتسقطان بالاستغراق فلو خلف بنتا أو بنت ابن وإحدى الأختين فللبنت أو بنت الابن النصف والباقي للأخت بالتعصيب ولو خلفهما مع الأخت فللبنت النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للأخت بالتعصيب والأخت لا فرض مع الجد لها سواء كانت لأبوين أم لأب كما لا يفرض لها مع أخيها لوجود معصبها ولا تعول المسألة بسببها وإن كان قد يفرض للجد وتعول المسئلة بسببه كما مر لأنه صاحب فرض بالجدودة فيرجع إليه للضرورة في غير أكدرية وهي جد وأخت شقيقة أو لأب كملها أي المسألة بما ذكره بقوله زوج وأم فللزوج نصف وللأم ثلث لعدم من يحجبها عنه وللجد سدس لعدم من يحجبه وللأخت النصف لعدم من يسقطها أو يعصبها إذ الجد لو عصبها نقص حقه فتعين الفرض لها فتعول بنصيب الأخت وهو النصف إلى تسعة لأن أصلها من ستة ثم باق يقتسمه الجد والأخت أثلاثا كما ذكره بقوله يورث ثلثاه للجد وأخت بالجر عطفا على الجد ثلث ونصيبهما أربعة لا تنقسم على ثلاثة فاضرب ثلاثة في تسعة تبلغ سبعة وعشرين للزوج تسعة وللأم ستة وللأخت أربعة وللجد ثمانية وسميت أكدرية لنسبتها إلى أكدر وهو اسم السائل عنها أو المسئول أو الزوج أو بلد الميتة أو لأنها كدرت على زيد مذهبه فإنه لا يفرض للأخوات مع الجد ولا يعيل وقد فرض فيها وأعال وقيل لتكدر أقوال الصحابة فيها وقيل غير ذلك ثم لما أنهى الكلام على العصبة بغيره(1/483)
باب الوصية والعصبة مع غيره شرع في ذكر الحجب وهو لغة المنع وشرعا من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه ويسمى الثاني حجب نقصان وقد مر والأول حجب حرمان وهو المراد بقوله وكل جدة سواء أكانت لأم أم لأب فبالأم أحجب للإجماع ويحجب الأخ الشقيق ومثله الشقيقة بالأب والابن وابنه وإن سفل بالإجماع وأولاد الأب بالنصب ويجوز رفعه ذكورا كانوا أو إناثا أحجبهم بهم أي بهؤلاء لأنهم حجبوا الشقيق فهم أولى وبالأخ الشقيق فاحجب لقوته بزيادة قربه وكسر الناظم باء أحجب فيه وفيما قبله للوزن وولد الأم بالنصب بفعل مقدر دل عليه أحجب أي يحجب ولد الأم ذكرا كان أو أنثى أب أو جد لأب وولد ذكرا كان أو أنثى وولد ابن ولو أنثى كما مر يبدو والكلالة اسم لما عدم الوالد والولد فدل على أنهم إنما يرثون عند عدمها ولما أنهى الكلام على حجب الحرمان بالأشخاص شرع في ذكره بالأوصاف وهي موانع الإرث فقال لا يرث الرقيق قنا كان أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد لأنه لو ورث لكان الملك لسيده وهو أجنبي من الميت ومثل الرقيق المبعض لكنه يورث عنه ما ملكه بحريته لتمام ملكه عليه و لا يرث المرتد من مسلم وإن عاد إلى الإسلام بعد موته لتركه دين الإسلام وعدم تقريره على ما انتقل إليه وكما لا يرث لا يورث بل تركته فيء وقاتل لا يرث من مقتوله شيئا سواء كان القتل بمباشرة أم سبب أم شرط وسواء أكان عمدا أم خطأ أم شبه عمد وسواء كان القاتل مكلفا أم لا مختارا أم مكرها وإن لم يضمنه كحاكم يحد كأن قتل موروثه حدا لكونه زانيا محصنا أو قتله دفعا لصياله أو قصاصا أو بإيجار دواء أو بشهادته عليه بماله دخل في قتله لتهمة استعجال قتله في بعض الصور وسدا للباب في الباقي وقد يرث المقتول من قاتله كأن جرحه ثم مات الجارح قبل المجروح ولا تورث مسلما ممن كفر فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إذ لا موالاة بينه وبين غيره سواء أكان ذميا أم معاهدا أم مؤمنا أم حربيا(1/484)
ولا العكس ولا فرق بين الولاء وغيره نعم لو مات كافر عن زوجة حامل فوقفنا الإرث للحمل فأسلمت ثم ولدت ورثه ولده مع أنه محكوم بإسلامه لأنه كان محكوما بكفره يوم الموت وقد ورث منه إذ ذاك وأفهم كلامه أن الكافر يرث من الكافر وإن اختلفت عقيدتهما فيرث اليهودي النصراني والنصراني المجوسي والمجوسي الوثني وبالعكس لأن ملل الكفر كالملة الواحدة لقوله تعالى لكم دينكم ولي دين وقوله فماذا بعد الحق إلا الضلال وسواء في توريثهم اتفقت دارهم أو اختلفت ولا معاهد بكسر الهاء وفتحها وحربى ظهر أي ظهرت محاربته وهو من عطف الخاص على العام فلا يرث الذمي والمعاهد والمؤمن الحربي ولا الحربي من أحد منهم لانتفاء الموالاة بينهم باب الوصية هي لغة الإيصال لأن الموصى وصل خير دنياه بخير عقباه وشرعا تبرع بحق مضاف ولو تقديرا لما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق بصفة وإن التحقا بها كالتبرع المنجز في مرض الموت أو الملحق به والأصل فيها قبل(1/485)
الإجماع قوله تعالى من بعد وصية يوصي بها أو دين وأخبار كخبر ما حق امرىء مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده وأركانها أربعة موص وموصى له وموصى به وصيغة وتصح من مكلف حر كله أو بعضه مختار ولو محجورا عليه بفلس أو سفه أو كافر ولو حربيا فلا تصح من صبي ولو مميزا ولا مجنون والسكران المتعدى بسكره كالمكلف ولا مكاتب وإن عتق ثم مات ولا مكره تصح بالمجهول كشاة من شياهه وأحد أرقائه وبعينه الوارث وبالأعيان الغائبة ربما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والعبد الآبق والمعدوم كالوصية بما تحمله هذه الدابة أو هذه الأشجار ويشترط في الموصى به كونه مقصودا قابلا للنقل مختصا بالموصى عند موته لا يزيد على الثلث إذا لم يكن له وارث خاص فلا تصح بما يحرم اقتناؤه والانتفاع به ولا بقصاص وحد قذف وخيار وشفعة ولا بما لا يختص بالموصى عند موته كأن أوصى برقيق من أرقائه ولا رقيق له عند موته ولا بزائد على الثلث إذا كان وارثه بيت المال وتصح بالحمل إن انفصل حيا حياة مستقرة وعلم وجود عندها فلو انفصل ميتا بجناية نفذت في بلده ويصح القبول قبل الوضع وتصح بالمنافع مؤبدة ومؤقتة والإطلاق يقتضي التأبيد وبنجس يحل الانتفاع به ككلب معلم وزيت نجس وخمر محترمة وجلد ميتة وشحمها وبنجوم الكتابة فإن عجز فلا شيء له لجهة توصف بالعموم ليست باثم أي معصية قربة كانت كالمساجد والفقراء أو غير قربة كالأغنياء وأهل الذمة بخلاف الوصية لأهل الحرب أو الردة أو لمن يحارب أو يرتد أو لموجود أي معين عند الوصية أهل للملك بتحريك الهاء للوزن عند موته أي للموصى كمن قتل الموصى ولو تعديا بأن أوصى لجارحه ثم مات بالجرح أو لإنسان فقتله لعموم الأدلة ولأنها تمليك بصيغة كالهبة بخلاف الإرث وكالوصية للقاتل الوصية لعبده وتسميته ذلك وصية لقاتل باعتبار ما يئول إليه من كونه يصير قاتلا وتصح لحمل موجود عندها بأن انفصل لدون ستة أشهر أو لأكثر منها ولم(1/486)
يزد على أربع سنين والمرأة خلية عن زوج وسيد ويقبل للحمل من يلي أمره بعد خروجه ولا تصح لحمل سيوجد أو احتمل حدوثه بعدها بأن انفصل لأكثر من أربع سنين أو لستة أشهر فأكثر والمرأة غير خلية ولا للمبهم كأوصيت لأحد الرجلين كسائر التمليكات نعم لو قال أعطوا أحد الرجلين كذا صح ولا لميت لعدم أهليته للملك ولو أوصى لعبد أجنبي صحت ثم استمر رقة فالوصية لسيده ويصح قبول العبد وإن منعه السيد لا قبول السيد عنه مع أهليته له فإن عتق قبل موت الموصى فله أو بعده فلسيده ولو أوصى لدابة غيره وقصد الصرف في علفها صحت لمالكها كما لو أوصى بعمارة داره ويشترط قبوله فيتعين صرفه لها فيتولاه الوصي بنفسه أو نائبه من مالك أو غيره فإن لم يكن موصى فالحاكم كذلك ولو انتقل ملك الدابة إلى غيره فإن كان قبل الموت فللثاني وإلا فللأول أما إذا لم يقصد الصرف في علفها بأن قصد تمليكها أو أطلق فباطلة وتصح لمسجد وإن قصد تمليكه وتصرف في عمارته ومصالحه ويصرفه القيم في الأهم والأصلح باجتهاده وتصح لحربي ومرتد وإنما تصح الوصية للوارث إن أجاز ها باقي ورث بضم الواو وتشديد الراء جمع وارث إذا كان المحيزون أهلا للإجازة وإن كان الموصى به أقل من الثلث فإن ردوا لم تصح للوارث لمن دفن تنازعه الوارث وأجاز فلو أوصى لوارث عند الوصية ثم حجب لم يفتقر إلى إجازة وإن عكس افتقر إليها ولو أجازوا قبل الموت فلهم الرد بعده وبالعكس إذ لاحق قبله للموصى له فلو كان فيهم صبي أو مجنون أو محجور عليه بسفه لم تصح الإجازة منه ولا من وليه وفي المعنى الوصية للوارث الهبة له والوقف عليه وإبراؤه من دين عليه في مرض موته وخرج بالوارث الأجنبي فلا تفتفر وصيته إلى(1/487)
إجازة إلا في ما زاد على الثلث وينبغي للوارث أن يعرف قدر التركة والزائد على الثلث فلا تصح إجازته مع جهله بأحدهما ولو أجاز وقال اعتقدت قلة التركة وقد بان خلافه حلف وتنفذ فيما كان يتحققه ولو أقام الموصى له بينة بعلمه بقدرها عند الإجازة لزمت ولو كانت بعين فأجاز ثم قال ظننت كثرتها فبان قلتها أو تلف بعضها أو ظهر دين صحت الإجازة ولم يقبل قوله ولا بد لصحة الوصية من صيغة كأوصيت له بكذا أو أعطوه أو ادفعوا له أو جعلته له بعد موتي فلو اقتصر على وهبته له ولو بنية الوصية فهبة أو هو له فإقرار وإذا أوصى لغير معين كالفقراء لزمت بالموت بلا قبول أو لمعين اشترط القبول ولا يصح قبول ولا رد في حياة الموصى ولا يشترط فور بعد الموت ولو رد بعد الموت والقبول لم يصح وملك الموصى به لمعين موقوف عليه فإن قبل بأن أنه ملكه بالموت وإلا بأن للوارث وفوائده ومؤنته لمن له الملك وعليه باب الوصاية وهي إثبات تصرف مضاف لما بعد الموت يقال أوصيت لفلان بكذا وأوصيت إليه ووصيته إذا جعلته وصيا ولها أربعة أركان موص وموصى وموصى فيه وهو التصرف المالي المباح كما سيأتي وصيغته كأن يقول أوصيت إليك أو فوضت إليك أو أقمتك مقامي أو جعلتك وصيا ويشترط القبول وهل يقوم العمل مقامه كالوكالة وجهان ومقتضاه نعم ولا يعتد به في حياة الموصى ولا يعتبر الفور بعد الموت ولو رد في حياته وقبل بعد موته صحت ولو رد بعد الموت بطلت سن لتنفيذ الوصايا إن أوصى بشيء ووفا ديونه ورد الودائع والعواري والمغصوب ونحوها إيصاء حر كله أو بعضه كلفا بأن يكون بالغا عاقلا فإن لم يوص بها نصب الحاكم من يقوم بها ومحل سن الإيصاء برد المظالم إذا لم يعجز عنه في الحال وإلا وجب إلا أن يعلم من يثبت بقوله من غير الورثة ويكفي علم شاهد واحد لإمكان الحلف معه وإشهاد ظاهرى العدالة وخرج بالحر الرقيق وبالمكلف غيره فلا يصح إيصاؤهما و سن الإيصاء من ولي أب وأبيه وإن علا و من وصا إذ أذنن(1/488)
بأن أذن له الولي في أن يوصي عن نفسه أو عن الموصى فيه على الطفل أو السفيه الذي بلغ كذلك ومن تجننا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فلا يصح الإيصاء على غيرهم مطلقا ولا عليهم من غير المذكورين ولو أما أو أخا لأنه لا يلي أمرهم فكيف يثبت فيه ولا يصح الإيصاء على الطفل أو نحوه من أبيه والجد حي بصفة الولاية لأنه ولي شرعا فليس للأب نقل الولاية عنه أما الإيصاء بتنفيذ الوصايا ووفاء الديون ونحوها فيصح في حياة الجد ويكون الوصي أدنى منه ويجوز فيه التوقيت والتعليق كقوله أوصيت إليك إلى بلوغ ابني وقدوم زيد فإذا بلغ أو قدم فهو الوصي وإنما يصح الإيصاء بالتصرف المالي المباح كقضاء الديون وتنفيذ الوصايا وأمور الأطفال المتعلقة بأموالهم فلا يصح الإيصاء بتزويجهم ولا بتزويج أرقائهم ولا بعمارة بيع التعبد وكنائسه ونحوهما ولو قال أوصيت إليك أقمتك مقامي في أمر أطفالي ولم يذكر التصرف كان له التصرف وإنما يصح الايصاء مما ذكر فيما ذكر إلى مكلف يكون عدلا أي وكافيا للتصرف الموصى به فلا يصح الايصاء إلى صبي ولا مجنون ولا من فيه رق وكافر من مسلم ويصح ايصاء ذمي على أولاده الكفار ولو لغير من هو من(1/489)
ملته حيث كان الوصي عدلا في دينه ولو أوصى لمسلم جاز ولا يصح لفاسق ولا عاجز عن التصرف لهرم ونحوه ولا بد أن لا يكون عدوا للموصي عليه وتعتبر هذه الشروط عند الموت حتى لو أوصى إلى من خلا عن هذه الشروط أو بعضها كصبي ورقيق ثم استكملها عند الموت صح ويؤخذ منه ما قاله البلقيني أنه لو أوصى إلى غير الجد في حياة الجد وهو بصفة الولاية ثم زالت ولايته عند الموت كأن فسق صح ولا يضر العمى ويوكل فيما لا يتمكن من مباشرته وأم الأطفال المتصفة بالشروط حال الايصاء بهذا أولا بالايصاء عليهم لأنها أشفق من غيرها فالذكورة ليست شرطا ولو أوصى إلى اثنين فصاعدا فإن كان في أمر ينفرد صاحب الحق بأخذه كالودائع والعوارى فلكل الانفراد وإلا فإن أثبت لكل الاستقلال بأن قال أوصيت إلى كل منكما أو كل منكما وصى أو أنتما وصياى فلكل منهما الانفراد بالتصرف وإن شرط اجتماعهما فيه أو أطلق فلا انفراد ولو مات أحدهما أو جن أو فسق أو غاب أو رد نصب الحاكم بدلا عنه والمراد بالاجتماع صدور التصرف عن رأيهما لا تلفظهما بصيغ العقود معا والوصاية جائزة فللوصي عزل نفسه إلا أن يتعين أو يغلب على ظنه تلف المال باستيلاء ظالم وله أن يوكل فيما لم تجر العادة بمباشرته لنفسه وإذا بلغ الطفل ونازعه في الإنفاق عليه صدق الوصي بيمينه أو في قدره صدق إن كان لائقا ولو ادعى أنه باع ماله من غير حاجة ولا غبطة صدق المدعي بيمينه ولو ادعى الولي دفع ماله له بعد البلوغ أو الإفاقة والرشد لم يقبل إلا ببينة كتاب النكاح هو لغة الضم وشرعا عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ إنكاح أو تزويج أو بترجمته وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء والأصل فيه قبل الإجماع آيات كقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وأخبار كخبر تناكحوا تكثروا وخبر من أحب فطرتي فليستسن بسنتي ومن سنتي النكاح رواهما الشافعي بلاغا والنكاح لازم ولو من جهة الزوج سن لمحتاج أي النكاح بأن تتوق نفسه إلى الوطء ولو خصيا مطيق(1/490)
للأهب بأن يجد مؤنة من مهر وكسوة فصل التمكين ونفقته يوم النكاح وسواء أكان مشتغلا بالعبادة أم لا تحصينا للدين فإن فقد مؤنة سن له تركه ويكسر شهوته بالصوم إرشادا فإن لم تنكسر به لم يكسرها بالكافور ونحوه بل ينكح وأما غير المحتاج إليه فإن فقد أهبته كره له وسواء أكان به علة أم لا وكذا إن وجدها وبه علة كهرم أو مرض دائم أو تعنين وإن لم يكن به علة لم يكره لكن تخليته للعبادة أفضل منه وإن كان متعبدا وإلا فالنكاح أفضل له من تركه كي لا تفضى إليه به البطالة إلى الفواحش ونص في الأم وغيرها على أن المرأة التائقة يندب لها النكاح وفي معناها المحتاجة إلى النفقة والخائفة من اقتحام الفجرة وسن لمريد النكاح نكاح بكر إلا لعذر كضعف آلته عن الاقتضاض أو احتياجه إلى من يقوم على عياله ذات دين لخبر الصحيحين تنكح المرأة لأربع لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك أي افتقرتا إن خالفت ما أمرتك به بخلاف الفاسقة ونسب لخبر تخيروا لنطفكم ويكره نكاح بنت الزنا وبنت الفاسق الأجنبية ويلحق بها اللقيطة ومن لا يعرف أبوها ويسن أيضا كونها ولودا ودودا ذات قرابة غير قريبة أو أجنبية والبعيدة أولى من بالغة إلا لحاجة أو مصلحة ذات جمال خفيفة المهر ذات خلق حسن وأن لا يكون لها ولد من غيره إلا لمصلحة وأن لا تكون شقراء ولا مطلقة يرغب فيها مطلقا وأن يعقد في شوال وأول النهار وأن يدخل في شوال وأن لا يزيد(1/491)
على وحدة إلا لحاجة وجاز للحر بأن يجمع الباء زائدة بين أربعة بالتاء بمعنى أربعة أشخاص أي يجوز للحر أن يجمع بين أربع من الزوجات لقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ولخبر غيلان وقد أسلم وتحته عشرة نسوة أمسك أربعا وفارق سائرهن والعبد بين زوجتين لأنه على النصف من الحر والمبعض كالعبد فإن نكح الحر خمسا معا وليس فيهن نحو أختين بطلن أو مرتبا فالخامسة وتحل الأخت والخامسة في عدة بائن لا رجعى لأنها في حكم الزوجة وإنما ينكح حر مسلم ذات رق أي رقيقة غير أمة فرعه ومكاتبه وموقوفة عليه وموصى له بمنافعها بشرط أن تكون مسلمة فلا يحل نكاح أمة كافرة ولو كتابية ومملوكة لمسلم لقوله تعالى فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات بل لا ينكها الرقيق المسلم لأن المانع من نكاحها كفرها فساوى الحر ويجوز للحر الكتابي نكاح الأمة الكتابية لاستوائهما في الدين بشرط أن يخاف زنا وأن يفقد حرة صالحة للاستمتاع و خوف الزنا وإن لم يغلب على ظنه وقوعه بل يتوقعه ولو على ندور بأن تغلب شهوته وتضعف تقواه بخلاف من ضعفت شهوته أو قوى تقواه أو قدر على التسري بشراء أمة قال الله تعالى ذلك لمن خشي العنت منكم أي الزنا وأصله المشقة سمى به الزنا لأنه سببها بالحد في الدنيا والعقوبة في الآخرة وعلم من هذا الشرط أن من تحته أمة لا ينكح أخرى ولم يطق صداق حرة تصلح للاستمتاع ولو كتابية أو رضيت بأقل من مهر مثل قال تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات والطول السعة والمراد بالمحصنات الحرائر وذكر المؤمنات في الآية جرى على الغالب من أن المؤمن إنما يرغب في المؤمنة ومن أن من عجز عن مهر المؤمنة عجز عن مهر الكتابية لأنها لا ترضى بالمؤمن إلا بمهر كثير أما لو كان تحته حرة لا تصلح بالاستمتاع أو قدر عليها كأن تكون صغير أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو قرناء أو هرمة أو مفضاة لا تحتمل الجماع فإنه يحل له نكاح الأمة(1/492)
ولو قدر على غائبة حلت له أمة إن لحقه مشقة ظاهرة في قصدها أو خاف زنا مدته وإلا فلا تحل له الأمة وضابط المشقة المعتبرة أن ينسب متحملها في طلب الزوجة إلى الإسراف ومجاوزة الحد ولو وجد حرة ترضى بلا مهر أو بمؤجل وهو يتوقع القدرة عليه عند المحل أو وجد من يقرضه أو يبيعه نسيئة أو يستأجره بأجرة معجلة أو له مسكن وخادم حلت له الأمة ولو وهب له مال أو أمة لم يلزمه القبول ومن بعضها رقيق كالرقيق وحرم مسا من رجل لامرأة أي يحرم على الرجل الفحل مس شيء من امرأة أجنبية من شعر وغيره وإن أبين منها لأنه إذا حرم النظر إليه كما يأتي فالمس أولى لأنه أبلغ في اللذة وقد يحرم المس دون النظر كبطن محرمه وكذا يحرم عليه النظر إلى ما ذكر وشمل كلامه الخصى والمحبوب والهرم والمخنث والعنين والمراهق كالبالغ فيلزم وليه منعه من مس الأجنبية ونظرها ويلزمها الاحتجاب عنه ونظر الممسوح وهو ذاهب الذكر والانثيين ونظر العبد إلى سيدته الأمينين كنظر المحرم الآتي وشمل كلامه الأمة فهي كالحرة فيحل النظر إلى صغيرة إلا الفرج أما هو فيحرم نظره من غير حاجة سواء الذكر والأنثى وقضية كلام الناظم حرمة نظر الرجل الفحل إلى وجه المرأة الأجنبية وكفيها عند أمن الفتنة وهو كذلك كما في المنهاج لاتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه وبأن النظر مظنة الفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشرع سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية ولذا قال البلقيني الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج ونظر المرأة إلى الفحل الأجنبي كنظره إليها وأفهم كلام الناظم أنه يحل نظر الرجل إلى الرجل ونظر المرأة إلى المرأة وهو كذلك فيما عدا ما بين السرة والركبة وأنه يحل نظر الكافرة للمسلمة(1/493)
وهو كذلك في مملوكها ومحرمها وأما في غيرهما فالأصح تحريمه فلا تدخل الحمام مع المسلمة والذي تراه منها هو ما يبدو في حال المهنة وهو مالا يعد كشفه هتكا للمروءة لا عرسا بكسر العين أي مس عرس فلا يحرم على الرجل مس زوجته أو أمة له اللتين يجوز تمتعه بهما ولا عكسه وقد مر حكم مباشرة الحائض والنفساء فيما بين السرة والركبة ولا يحرم نظر الرجل إليهما ولا عكسه وإن عرض مانع قريب الزوال كحيض ورهن ونظرا حتى إلى فرج ولو باطنا ولكن كرهه قد نقلا عن الأئمة بألف الإطلاق فيه وفيما بعده وشمل كلامهم الدبر فيحل لهما نظرة ومسه والمحرم يجوز فيه وفيما بعده الرفع والنصب انظر أي يجوز للرجل النظر إلى محرمه وعكسه ونظر الزوج إلى زوجته التي امتنع تمتعه بها كمعتدة عن شبهة وإماء زوجت أي يجوز للسيد النظر إلى أمته التي امتنع تمتعه بها كمرتدة ومجوسية ووثنية ومزوجة ومكاتبة ومشتركة وعكسه إلى جميع البدن لا بين سرة وركبة بدت أي ظهرت فلا ينظر إليه وسواء المحرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة والنظر بشهوة حرام لكل منظور إليه غير زوجته وأمته ومن يرد منها النكاح نظرا ندبا وجها وكفا باطنا وظاهرا قبل خطبتها وإن لم تأذن له فيه وخرج بالوجه والكفين غيرهما فلا ينظره لأنه عورة منها وفي نظرهما غنية إذ يستدل بالوجه على الجمال وبالكفين على خصب البدن ومن هنا علم أن محل نظره إليهما إذا كانت ساترة لما عداهما وله تكرير نظره لتتبين له هيئتها فلا يندم بعد نكاحها عليه وإنما كان النظر قبل الخطبة لئلا يعرض عنها بعدها فيؤذيها وله النظر وإن خاف الفتنة لغرض التزوج وإن لم تعجبه فليسكت ولا يقل لا أريدها لأنه إيذاء وهي أيضا تنظر إلى وجهه وكفيه وباقي بدنه ما سوى ما بين سرته وركبته إذا عزمت على نكاحه لأنه يعجبها منه ما يعجبه منها وخرج بالنظر من الجانبين المس إذ لا حاجة إليه ومن لم ينظر بعث من يباح له نظر المخطوبة كمحرم ينظر ويصف له وللمبعوث أن يصف للباعث(1/494)
زائدا على ما ينظر هو فيستفيد بالبعث ما لا يستفيده بنظره وجاز للشاهد النظر إلى وجه الأجنبية لأجل الشهادة تحملا وأداء للحاجة أو من عاملا أي عاملها ببيع أو غيره نظر وجه للحاجة ولو خاف من النظر للشهادة الفتنة امتنع فإن تعين نظر واحترز ويجوز النظر إلى فرج الزانيين لتحمل الشهادة بالزنا وإلى فرجها وثديها للشهادة بالولادة والرضاع ومثله نظر العانة لمعرفة البلوغ أو يداوى عللا كفصد وحجامة أو يشتريها قدر حاجة نظر أي يجوز لمن أراد شراء رقيق أن ينظر منه قدر الحاجة وهو ما عدا ما بين سرته وركبته لأن ما جاز للضرورة يقدر بقدرها وقوله قدر حاجة قيد في مسئلة المداواة والشراء ومثله مس بشرط حضور محرم أو نحوه وفقد معالج من كل صنف ولذا قال الناظم وإن تجد أنثى أي تداوى فلا يرى الذكر لذلك وأن لا يكون ذميا مع وجود مسلم وكشف قدر الحاجة فقط وأصل الحاجة يبيح النظر إلى الوجه والكفين ويجوز إلى بقية الأعضاء إذا تأكدت بحيث تبيح التيمم وإلى السوأتين إذا زاد الأمر وصار بحيث لا يعد الكشف هتكا للمروءة ولا يصح العقد للنكاح إلا بولي وشاهدين وزوجين خاليين من موانع النكاح وإيجاب كقول الولي زوجتك أو أنكحتك ابنتي أو تزوجها أو أنكحها وقبول كقول الزوج قبلت نكاحها أو تزويجها أو هذا النكاح أو التزويج أو نكحت أو تزوجت بنتك(1/495)
ويجوز تقدم لفظ الزوج كقوله زوجني أو أنكحني ويصح بغير العربية وإن أحسنها اعتبارا بالمعنى ومحله إذا فهم كل من العاقدين كلام الآخر فإن لم يفهمه وأخبره ثقة بمعناه لم يصح وقد علم أنه لا يصح النكاح بغير لفظ التزويج أو الإنكاح كلفظ البيع والتمليك والإحلال والإباحة إذ لم يرد الشرع إلا بهما وأن الزوج لو اقتصر على قبلت لم يصح بخلاف البيع ولو قال قبلتها لم يصح النكاح أو قبلت النكاح أو التزويج صح ولا بد من تعيين كل من الزوجين والعلم بذكورة الزوج وأنوثة الزوجة فالخنثى المشكل لا يصح أن يكون زوجا وإن اتضحت بعد العقد ذكورته ولا زوجة وإن اتضحت بعده أنوثته ولا يصح تعليقه كالبيع بل أولى لاختصاصه بوجه الاحتياط نعم لو بشر ببنت فقال إن صدق المخبر فقد زوجتكها صح ولا يكون ذلك تعليقا بل هو تحقيق كقوله إن كنت زوجتي فأنت طالق وتكون إن بمعنى إذ كقوله تعالى وخافون إن كنتم مؤمنين وكذا لو أخبر بموت إحدى نسائه فقال إن صدق المخبر فقد تزوجت بنتك ويجب فرضه فيما إذا تيقن صدق المخبر وإلا فلفظ إن للتعليق ولا يصح نكاح المتعة وهو المؤقت كأن ينكح إلى سنة أو قدوم يد ولا نكاح الشغار نحو زوجتكما على أن تزوجني بنتك وبضع كل واحدة وألف صداق الأخرى و الشرط في كل من الولي والشاهدين إسلام جلى أي ظاهر فلا يكفى مستور الإسلام وهو من لا يعرف إسلامه لا في ولي زوجة ذمية فلا يشترط إسلامه فالكافر يلي نكاح وليته الكافرة وإن اختلفت ملتهما واشترط أيضا في الولي والشاهدين التكليف والحرية فلا ولاية لصبي ولا مجنون وإن تقطع جنونه ولا رقيق ومبعض لنقصهم و ذكورة فلا ولاية لامرأة ولا خنثى نعم لو عقد بخنثيين فبانا ذكرين صح ومثل الشاهدين في ذلك الولي فلا تزوج امرأة نفسها بإذن ولا غيرها بولاية ولا وكالة ولا تقبل نكاحا لأحد فطما لها عن هذا الباب إذ لا يليق بمحاسن العادات دخولها فيه لما قصد منها من الحياء وعدم ذكره أصلا عدالة في الأعلان أي الظاهر(1/496)
فينعقد بالمستور من كل من الولي والشاهدين وهو المعروف بها ظاهرا لا باطنا بأن عرفت بالمخالطة دون التزكية عند الحاكم لأن الظاهر من المسلمين العدالة ولأن النكاح يجري بين أوساط الناس والعوام ولو اعتبر فيه العدالة الباطنة لاحتاجوا إلى معرفها ليحضروا من هو متصف بها فيطول الأمر عليهم ويشق ويعتبر في الشاهدين أيضا سمع وبصر وضبط وتطق وفقد لحرف الدنيئة ومعرفة لغة العقدين فان كانا يضبطان اللفظ وإن أخبرهما ثقة بمعناه لم ينعقد على الأصح وينعقد بابنى الزوجين ولذويهما لا سيد لأمة فلا يعتبر في حقه العدالة الظاهرة لأنه يزوجها بالملك لا بالولاية فيزوج الفاسق أمته وكذا المكاتب والمبعض وسلطان لأنه لا ينعزل بالفسق فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة وإن كان فاسقا ولو بان فسق الشاهد عند العقد تبين بطلانه لانتفاء العدالة وإنما يتبين ببينة أو اتفاق الزوجين عليه بأن نسياه عند العقد وتذكراه بعده أو لم يعرفا عين الشاهد ثم عرفاه مع معرفتهما بفسقه أو عرفا عينه وفسقه عند العقد ولا أثر لقول الشاهدين كنا فاسقين عند العقد لأن الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما على الزوجين ولو اعترف به الزوج وأنكرت فرق بينهما لأعترافه بما يتبين به بطلان نكاحه وعليه نصف المسمى إن لم يدخل بها وإلا فكله ولا يقبل قوله عليها في المهر وهي فرقة فسخ لا تنقص عدد الطلاق لو نكحها ولو اعترفت الزوجة بالفسق وأنكره الزوج لم يقبل قولها لأن العصمة بيده وتريد رفعها والأصل بقاؤها فان طلقت قبل وطء فلا مهر لها لانكارها أو بعده فلها أقل الأمرين من المسمى ومهر المثل وبندب الاشهاد على رضا المرأة بالنكاح حيث يعتبر رضاها بأن تكون غير مجبرة احتياطا ليؤمن إنكارها ويقدم في الولاية القرابة(1/497)
لمزيد الشفقة ثم الولاء ثم السلطنة فان تعذر الولي والسلطان فحكمت عدلا يزوجها جاز وإن لم يكن مجتهدا ثم بين الناظم ترتيب الأولياء فقال ولي حرة أب فيقدم على غيره لأنه أشفق من سائر العصبات ولأنهم يدلون به فالجد أبوه وإن علا إلى حيث ينتهي لأن لكل منهم ولاية وعصوبة فقدموا على من ليس لهم إلا عصوبة ويقدم الأقرب فالأقرب ثم أخ لأبوين كالإرث لزيادة القرب والشفقة ثم الأخ لأب ثم ابن الأخ لأبوين ثم لأب وإن سفل ثم عم للأبوين ثم لأب ثم ابن عم لأبوين ثم لأب وإن سفل فكالعصبات رتب إرثهم وقد علم أن الجد مقدم هنا على الأخ وإن شاركه في الإرث وأنه لا يزوج ابن ببنوة وإن كان أولى العصبات في الإرث لأنه لا مشاركة بينه وبين أمه في النسب فلا يعتنى بدفع العار عنه ولهذا لم تثبت الولاية للأخ للأم فإن وجد فيه سبب ككونه ابن عم أو معتقا أو قاضيا أو له قرابة أخرى تولدت من أنكحة المجوس أو وطء الشبهة فإنه يزوج به ولا تضره البنوة لأنها غير مقتضية ولا مانعة فإن لم يوجد نسيب فمعتق يزوج فعاصب بحق الولاء كالنسب أي كترتيبهم في الإرث وقد مر بيانه في بابه ويزوج عتيقة المرأة من يزوج المعتقة ما دامت حية لأنه لما انتفت ولاية المرأة للنكاح استتبعت الولاية عليها الولاية على عتيقتها فيزوجها أبو المعتقة ثم جدها على ترتيب الأولياء ولا يزوجها ابن المعتقة ويعتبر في تزويجها رضاها ولا يعتبر إذن المعتقة لأنه لا ولاية لها وظاهر أنه لو كانت العتيقة مسلمة ومعتقتها كافرة لا يزوجها وليها الكافر وأنها لو كانت كافرة والمعتقة مسلمة زوجها وليها الكافر فإذا ماتت زوج من له الولاء فيقدم ابنها على أبيها فإن لم يوجد عصبة من جهة الولاء فحاكم يزوج المرأة التي تحت حكمه وإن كان مالها في غيره بالولاية العامة بخلاف الغائبة عن محل حكمه وإن كان ما لها فيه كفسق غير منون لإضافته لمثل ما أضيف له عضل وحذف منه العاطف عضل الأقرب أي يزوجها الحاكم أيضا عند فسق(1/498)
الأقرب منه في الولاية من نسيب أو ذوي ولاء وما ذكره من أن فسق الأقرب ينقل الولاية للحاكم دون الأبعد غير صحيح والظاهر أن عبارة الناظم كانت كعند عضل الأقرب فتصحفت لفظة عند بفسق وهذا هو اللائق بمقامه ويزوج الحاكم أيضا عند عضل الأقرب من العصبة أي منعه من تزويجه موليته فإن الحاكم يزوجها لا الأبعد كما في غيبته لمسافة القصر أو إرادته نكاحها أو إحرامه ويأثم بالعضل وتزويج الحاكم لها بنيابة اقتضتها الولاية وإنما يزوجها بالعضل ما لم يتكرر فإن تكرر ولم تغلب طاعته معاصيه فسق وزوجها الأبعد وإنما يحصل العضل إذا دعت بالغة عاقلة إلى كفء وامتنع الولي من تزويجه بعد خطبته وإن كان امتناعه لنقص المهر أو لكونه من غير نقد البلد لأن المهر محض حقها بخلاف ما إذا دعته إلى غير كفء فلا يكون امتناعه عضلا لأن له حقا في الكفاءة ويؤخذ من التعليل أنها لو دعته إلى عنين أو مجبوب بالباء فامتنع كان عاضلا وهو كذلك إذ لا حق له في التمتع ولو دعته إلى رجل وادعت كفاءته وأنكرها الولي رفع إلى الحاكم فإن ثبتت كفاءته لزمه تزويجها منه فإن امتنع زوجها الحاكم منه ولا بد من ثبوت العضل عند الحاكم ليزوج بأن يمتنع الولي من التزويج بين يديه أو يسكت بعد أمره به والمرأة والخاطب حاضران أو تقام البينة عليه بتوار أو تعزز أو غيبة كما في سائر الحقوق بخلاف ما إذا حضر فإنه إن زوج فقد حصل الغرض وإلا فعاضل فلا معنى للبينة عند حضوره ولو عينت كفؤا وعين المجبر غيره فله ذلك بخلاف غير المجبر فيتبع معينها فإن امتنع فهو عاضل حرم صريح خطبة بكسر الخاء المعتدة رجعية كانت أو بائنا بطلاق أو فسخ أو موت أو كانت معتدة عن شبهة كذا الجواب أي التصريح بجواب خطبتها حرام(1/499)
للإجماع فيهما لا لرب العدة أي صاحبها الذي يحل له نكاحها فلا يحرم عليه التصريح بخطبة تلك المعتدة ولا يحرم عليها التصريح بجوابه لأنه يحل له نكاحها في عدته وجاز تعريض بالخطبة لمن قد بانت بكسر التاء للوزن وتعريض بجوابها بخلاف التصريح لأنه إذا صرح تحققت رغبته فيها فلربما تكذب في انقضاء العدة وبخلاف الرجعية فيحرم التعريض لها لأنها في معنى المنكوحة ونكحت جوازا عند انقضاء العدة من شاءت وأفهم كلامه جواز خطبة الخلية عن نكاح وعدة تعريضا وتصريحا وتحرم خطبة المنكوحة والموطوءة بملك اليمين حيث لم يعرض عنها سيدها وهو كذلك والتصريح ما يقطع بالرغبة في النكاح كأريد أن أنكحك أو إذا انقضت عدتك نكحتك والتعريض ما يحتمل الرغبة في النكاح وغيرها كرب راغب فيك أو من يجد مثلك أو أنت جميلة وبعض التعريض حرام كعندي جماع يرضى من جومعت وتحرم خطبة على خطبة من صرح بإجابته إذا لم يأذن فيها أو لم يعرض أعرض عنه المجيب نعم يشترط للتحريم أيضا العلم بالخطبة وبالإجابة وبالنهي وكون الأولى جائزة وسواء أكان الأول مسلما أم كافرا محترما والمعتبر رد الولي وإجابته إن كانت مجبرة وإلا فردها وإجابتها وفي الأمة غير المكاتبة السيد أو وليه وفي المجنونة السلطان وفي المكاتبة إجابتها مع السيد والأب والجد لبكر أجبرا أي يجبر الأب والجد موليته البكر أي التي لم توطأ في قبلها وليس بينها وبينه عداوة ظاهرة على النكاح بمهر المثل من نقد البلد من كفء لها موسر بحال صداقها صغيرة كانت أو كبيرة باقية البكارة أو فاقدتها بلا وطء كأن زالت بأصبع أو سقطة أو خلقت بلا بكارة وخرج بالقبل الدبر فلا يعتبر عدم وطئه ويندب استئذان البكر تطييبا لقلبها أما الموطوءة في قبلها حلالا أو حراما أو شبهة ولو في حال جنونها أو إحرامها أو نومها فلا تجبر وإن عادت بكارتها نعم إن كانت مجنونة ولو صغيرة فله تزويجها ومقتضى كلام الجمهور أن الغوراء إذا غابت في قبلها الحشفة ولم(1/500)
تزل بكارتها فهي بكر وثيب صغيرة عاقلة زواجها تعذرا لأن الثيب لا تزوج إلا بإذنها نطقا والصغيرة لا إذن لها بل إذنها أي الثيب بعد البلوغ قد وجب فلا يزوجها أب ولا غيره إلا بصريح الإذن وإذن الخرساء بإشارتها المفهمة والظاهر كما قاله الاذرعي الاكتفاء بكتبها ومن على حاشية النسب كأخ وعم لا يزوج صغيرة أو مجنونة بحال بكرا كانت أو ثيبا لأنه إنما يزوج بالإذن ولا إذن لها وأما البكر البالغة إذا استؤذنت في التزويج فيكفي سكوتها وإن لم نعلم أن ذلك إذنها وسواء أضحكت أم بكت إلا إذا بكت مع صياح وضرب خد فإن ذلك يشعر بعدم الرضا ويكفي سكوتها في تزويجها بغير كفء لا بغير نقد البلد ولا بأقل من مهر مثلها ثم شرع في بيان المحرمات في النكاح على التأبيد من نسب أو رضاع فقال وحرموا من الرضاع والنسب لا ولد يدخل في العمومة أو ولد الخؤولة المعلومة في ضبط القرابة عبارتان إحداهما لأبي إسحاق الاسفرايني تحرم عليه أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول فالأصول الأمهات والفصول البنات وفصول أول الأصول الأخوات وبنات الأخ والأخت وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول كالعمات والخالات العبارة الثانية لتلميذه أبي منصور البغدادي تحرم نساء القرابة إلا من دخلت في اسم ولد العمومة أو ولد الخؤولة وهو أرجح لايجازها ولأن الأولى لا تنص على الإناث لأن لفظ الأصول والفصول يتناول الذكور والإناث ولأن اللائق بالضابط أن يكون(2/1)
أقصر من المضبوط والأولى بخلافه ولذا اقتصر في النظم ككثير على الثانية فأمك من النسب كل أنثى ولدتك أو ولدت من ولدك بواسطة أو بغيرها وبنتك منه كل أنثى ولدتها أو ولدت من ولدها بواسطة أو بغيرها وقس عليهما الباقيات وأمك من الرضاع كل امرأة أرضعتك أو أرضعت من أرضعتك أو أرضعت من ولدك بواسطة أو بغيرها أو ولدت المرضعة أو الفحل وبنتك منه كل امرأة ارتضعت بلبنك أو بلبن من ولدته أو أرضعتها امرأة ولدتها وكذا بناتها من النسب والرضاع وقس عليهما الباقيات أما ولد العمومة الشامل لولد الأعمام والعمات وولد الخؤولة الشامل لولد الأخوال والخالات وإن بعدوا فتحل منا كحتهم وتحل له المخلوقة من ماء زناه وإن تقين أنها منه نعم يكره ذلك خروجا من الخلاف وإذا لم تحرم على صاحب الماء فغيره من جهته أولى وخرج بالأب الأم فيحرم عليها وعلى سائر محارمها نكاح ابنها من الزنا لثبوت النسب والإرث بينهما ولو تزوج امرأة مجهولة النسب فاستلحقها أبوه ثبت نسبها ولا ينفسخ النكاح إن لم يصدقه الزوج ولا تحرم مرضعة الأخ وولد الولد ولا أم مرضعة الولد وبنتها ولما ذكر سببي التحريم المؤبد ذكر الثالث وهو المصاهرة فقال ومن صهارة بعقد صحيح من غير توقف على وطء حرما فعل أمر وألفه بدل من نون التوكيد فزوجات وما عطف عليه منصوب أو ماض مبني للمعلوم أي حرم الشارع فزوجات وما عطف عليه منصوب أو للمجهول فزوجات وما عطف عليه مرفوع وألفه للإطلاق زوجات فرعه من ابن وحافد وإن سفل من نسب أو رضاع و زوجات أصل من أب أو جد قد نما أي انتسب من نسب أو رضاع وأمهات زوجة له إذ تعلم أي إذا علمت من أم وجدة وإن علت من نسب أو رضاع أما الفاسد فلا تتعلق به حرمة كما لا يتعلق به حل المنكوحة وبالدخول بالزوجة فرعها من بنت وحافدة وإن سفلت محرم نكاحها وكوطئه في ذلك استدخال مائة المحترم فإن لم يكن وطء ولا إستدخال لم تحرم فروعها بخلاف أمهاتها كما مر والفرق أن الرجل يبتلي عادة(2/2)
بمكالمة أمهاتها عقب العقد ليرتبن أموره فحرمن بالعقد ليسهل ذلك بخلاف فروعها وعلم مما ذكر عدم تحريم بنت زوج الأم أو أمه أو بنت زوج البنت أو أمه أو أم زوجة الأب أو بنتها أو زوجة الربيب أو زوجة الراب لخروجهن عن المذكورات وبقي من أسباب التحريم المؤبد أمران أحدهما الوطء بملك اليمين فمن وطىء امرأة بملك حرم عليه أمهاتها بناتها وحرمت هي على آبائه وأبنائه ثانيهما الوطء بشبهة فمن وطيء امرأة بشبهة في حقه كأن ظنها زوجته أو أمته بنكاح وشراء فاسدين أو غير ذلك حرم عليه أمهاتها وبناتها وحرمت على آبائه وأبنائه كما يثبت هذا الوطء النسب ويوجب العدة وسواء أظنته كما ظن أم لا لا في حقها فقط ولا مباشرة بشهوة كمفاخذة ولمس ولو اختلطت محرمة بنسوة قرية كبيرة جاز أن ينكح منهن وإلا امتنع عليه باب النكاح فإنه وإن سافر إلى بلد آخر لم يأمن من مسافرتها إلى ذلك البلد أيضا لا بمحصورات كالعشرة والعشرين ولو طرأ مؤبد تحريم على نكاح قطعه كوطئه زوجة أبيه أو ابنه بشبهة أو وطيء الزوج أم زوجته أو بنتها بشبهة ثم التحريم لأعلى التأبيد له خمسة أسباب ذكر أحدها بقوله يحرم جمع امرأة وأختها أو عمة المرأة أو خالتها من نسب أو رضاع في نكاح أو وطء بملك وضابط من يحرم جمعهما كل امرأتين بينهما قرابة أو رضاع لو قدرت إحداهما ذكرا لحرم تناكحهما ثانيهما استيفاء عدد الطلاق فإذا طلق الحر ثلاثا وغيره طلقتين لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويغيب بقبلها حشفته أو قدرها من فاقدها مع زوال بكارتها والانتشار بالفعل ثالثها الملك فلا يصح نكاح الرجل مملوكته ولا المرأة مملوكها لتناقض(2/3)
أحكام النكاح والملك فلو ملك أحد الزوجين الآخر ملكا لازما أو بعضه انفسخ نكاحه ورابعها الرق فلا يصح نكاح الرجل أمة فرعه ولا أمة مكاتبه ولا أمة الموصي له بمنافعها ولا الأمة الموقوفة عليه ولا غيرها إلا بشروط كما مر خامسها الكفر فيحرم نكاح من لا كتاب لها كوثنية ومن لها شبهة كتاب وهي المجوسية وتحل كتابية وهي يهودية أو نصرانية لا متمسكة بالزبور وغيره فإن كانت إسرائيلية اشترط أن لا يعلم دخول أول آبائها في دين موسى أو عيسى عليهما الصلاة والسلام بعد نسخه أو غيرها اشترط العلم بدخول أول آبائها في ذلك قبل نسخه وتحريفه أو بينهما وتجنبوا المحرف وتحرم متولدة بين كتابية ووثني وعكسه وإن وافقت السامرة اليهود والصابئون النصارى في أصل دينهم حل نكاحهن وإلا فلا ولو انتقل كافر من ملة إلى ملة لم يقر ولم يقبل منه إلا الإسلام ولا تحل مرتدة لأحد لا من المسلمين ولا من الكفار ولو ارتد زوجان أو إحداهما قبل الدخول تنجزت الفرقة أو بعده وقفت فإن جمعها الإسلام في العدة دام النكاح وإلا فالفرقة من الردة ويحرم الوطء في مدة التوقف ولا حد فيه وتجب العدة منه ولو أسلم كافر وتحته كتابية يحل نكاحها دام نكاحه أو غيرها وتخلفت قبل دخول أو لم تسلم في العدة تنجزت الفرقة ولو أسلمت وأصر فعكسه أو أسلما معا دام النكاح وحيث أدمنا النكاح لا تضر مقارنة العقد لمفسد زال عند الإسلام ونكاح الكفار محكوم بصحته ومن قررت فلها المسمى الصحيح ولا شيء لها في فاسد إن قبضته قبل الإسلام وإلا فمهر مثل وإن قبضت بعضه فلها قسط ما بقي من مهر مثل ومن اندفعت بإسلام بعد دخول فلها مهرها أو قبله بإسلامها فنصفه أو بإسلامها فلا شيء لها ثم ذكر حكم خيار النكاح فقال وبالجنون ولو متقطعا وهو زوال الشعور من القلب مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء والجذام وإن قل وهو علة يحمر منها العضو ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر والبرص وإن قل وهو بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته(2/4)
كل من الزوجين أن يختر فسخ النكاح خلص به منه وإن قام به ما قام بالآخر لأن الإنسان يعاف من غيره ما لا يعافه من نفسه وتناول إطلاقهم الثلاثة المستحكم وغيره وبه صرح الماوردي والمحاملي في الجذام والبرص لكن شرط الجويني استحكامهما وتبعه ابن الرفعة قالا والاستحكام في الجذام يكون بالتقطع وتردد الإمام فيه وجوز الاكتفاء باسوداده وحكم أهل المعرفة باستحكام العلة كرتقها بفتح التاء أو قرن بها بفتح الراء وإسكانها وهما انسداد محل الجماع منها في الأول بلحم وفي الثاني بعظم وقيل بلحم ينبت فيه بخيرته أي الزوج بكل منهما كما يثبت لها الخيار بجبه أي قطع ذكره بحيث لا يبقى منه قدر الحشفة ولو يجبها أو عنته أي عجزه عن الوطء لعدم انتشار آلته وإن حصل ذلك بمرض يدوم ولو عن امرأة دون أخرى أو عن المأتي دون غيره إن كانت قبل وطء منه في قبلها في ذلك النكاح بخلاف عنته بعد ذلك لأنها عرفت قدرته ووصلت إلى حقها منه والعجز بعده لعارض قد يزول بخلاف الجب بعد الوطء يثبت الخيار لأنه يورث اليأس من الوطء ويحصل الوطء بتغييب الحشفة أو قدرها من مقطوعها إن كانت الزوجة ثيبا فإن كانت بكرا لم يزل حكم العنة إلا الافتضاض بآلته كما مر في التحليل والمراد عنه المكلف كما يعلم مما يأتي فلا تسمع دعواها على غيره لان المدة التي تضرب والفسخ يعتمدان إقراره أو يمينها بعد نكوله وقوله ساقط ولأنه غالبا لا يجامع وربما يجامع بعد الكمال وشمل كلامه ما لو حدث غير العنة ولو بعد الوطء والمعنى في ثبوت الخيار بما ذكر أن كلا منها يخل بالتمتع المقصود من النكاح بل بعضها يفوته بالكلية وخرج بها غيرها من بهق وإغماء وبخر وصنان واستحاضة وعمى وزمانة وبلة وخصاء وخنوثة واضحة وإفضاء وعذيطة وهي التغوط عند الجماع وعيوب تجتمع فتنفر تنفير البرص وتكسر شهوة التائق كقروح سيالة فلا تثبت الخيار بخلاف نظيره في البيع لفوات(2/5)
المالية ويستثنى من ثبوت الخيار بغير العنة ما إذا علمه عند العقد فلا خيار له به وإن زاد لأن رضاه به رضا بما يتولد منه أو علم به بعد زواله أو بعد موت من قام به وخرج بالزوجين الولي فانه لا خيار له بحادث ولا بمقارن جب أو عنه ويتخير بمقارنة غيرهما والخيار على الفور كخيار العيب في البيع والفسخ بعيبه أو عيبها قبل وطء يسقط المهر وبعده يوجب مهر المثل إن فسخ بمقارن أو بحادث بين العقد والوطء وإلا فالمسمى كانفساخه برده بعد وطء ولا يرجع بعد الفسخ بالمهر الذي غرمه على من غره لاستيفائه منفعة البضع المتقوم عليه بالعقد ولا بد في الفسخ بالعيوب من الرفع إلى الحاكم ليفسخ بحضرته بعد ثبوته وتثبت العنة بإقراره عند الحاكم أو بينة على إقراره ولا يتصور ثبوتها بالبينة إذ لا اطلاع للشهود عليها وكذا بيمينها بعد نكوله وإذا ثبت ضرب القاضي له سنة يطلبها كما فعله عمر فلو سكتت لجهل أو دهشة فلا بأس بتنبيهما ويكفى في الضرب قولها إنى طالبة حقى على موجب الشرع وإن جهلت الحكم على التفصيل ولا فرق في ضرب السنة بين الحر والعبد فإذا تمت السنة رفعت إليه فإن قال وطئت ولم تصدقه حلف فإن نكل حلفت فإن حلفت أو أقر وقال له القاضى ثبتت العنة أو حق الفسخ استقلت به وأعتزلته أو مرضت أو حبست في المدة لم تحسب وتستأنف سنة أخرى بخلاف ما لو وقع مثل ذلك للزوج في السنة فإنها تحسب ولو رضيت به بعدها أو اجلته بطل حقها باب الصداق هو بفتح الصاد وكسرها ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهر كرضاع ورجوع شهود والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة وقوله وآتوهن أجورهن وقوله صلى الله عليه وسلم لمريد التزويج التمس ولو خاتما من حديد يسن تسمية الصداق في العقد ولو كان قليلا في غير تزويج عبده بأمته ويسن أى ينقص عن عشرة دراهم خالصة ولا يزاد على خمسمائة درهم خالصة فيجوز إخلاؤه منه إجماعا وقد يتعين على الولى ذكره في العقد مراعاة(2/6)
لمصلحة موليه مهر كنفع أي المهر كالثمن فما صح ثمنا صح صداقا وما لا فلا فلا يصح أن يصدقها ما لا يتمول لم يكن مجهولا أي لا يصح أن يصدقها مجهولا ويجوز الاعتياض عنه إن كان دينا ويضمنه الزوج قبل تسليمه ضمان عقد حتى يمتنع بيعه قبل قبضه وترجع المرأة إلى مهر المثل لا إلى قيمته أو مثله إذا تلف قبل قبضه إلا إذا أتلفته فتكون قابضة له أو أتلفه أجنبى فتتخير بين الفسخ والرجوع إلى مهر المثل وبين الإجارة وتغريم الأجنبى مثل المهر او قيمته وحتى تخير عند تلف البعض كأحد العبدين بين الفسخ والرجوع إلى مهر المثل وبين الإجازة والرجوع إلى قيمة حصة التالف من مهر المثل وحتى عند التعيب كالعمى بين الإجارة بلا أرش وبين الفسخ والرجوع إلى مهر المثل وإن لم يكن ركنا كالثمن لأن معظم الغرض من النكاح التمتع ولهذا سماه الله نحلة ولم لم يسم الصداق صح عقد بالإجماع ويجب مهر المثل بالعقد إن لم تكن مفوضة وانحتم أي وجب مهر بفرض منهما أي الزوجين كأن فرض لها قدرا ورضيت به وإن جهلا أو أحدهما قدر مهر المثل أكتفاء بما تراضيا عليه ولأن المفروض ليس بدلا عن مهر المثل ليشترط العلم به بل الواجب أحدهما مبهما ولا فرق فيما فرضاه بين أن يساوى مهر مثلها أو يزيد عليه ولو من جنسه او بنقص عنه حالا أو مؤجلا كالمسمى في العقد فإن لم يرض بما فرضه الزوج(2/7)
فكأنه لم يفرض لأنه حق يجب لها فتوقف على رضاها كالمسمى في العقد نعم إن فرض لها مهر مثلها حالا من نقد البلد لم يشترط رضاها إذ إشتراطه حينئذ عبث أو من حكم أي إن امتنع الزوج من الفرض أو تنازعا في قدره فرض الحاكم لها مهر مثلها من نقد البلد حالا وإن رضيت بالتأجيل فتؤخر هي إن شاءت ويشترط علمه بقدر مهر مثلها حتى لا يزيد عليه ولا ينقص عنه نعم القدر اليسير الواقع في محل الاجتهاد لا اعتبار به ولا يتوقف لزوم ما يفرضه على رضاها به لأنه حكم وأفهم كلامه عدم صحة فرض أجنبي من ماله وأن الفرض الصحيح كالمسمى في العقد فيتشطر بالطلاق قبل الوطء وأنه لو طلق قبلهما فلا شطر وإن يطأ أو مات فرد أي أحدهما قبل الوطء أوجب لها مهر مثلها بكسر باء أو أوجب للوزن كمهر مثل عصبات النسب أي أن الاعتبار في مهر مثلها وهو ما يرغب به في مثلها بنساء عصبات النسب فيراعي أقرب من تنسب من نساء العصبات إلى من تنسب هذه إليه فتقدم أخوات لأبوين ثم لأب ثم بنات أخ ثم بنات ابنه ثم عمات ثم بنات أعمام كذلك فان تعذر الاعتبار بهن لعدمهن أو جهل مهرهن أو نسبهن أو لأنهن لم ينكحن اعتبر بذوات الأرحام كجدات وخالات تقدم الجهة القربى منهن على غيرها وتقدم القربى من الجهة الواحدة على غيرها وتقدم من ذوات الأرحام الأم ثم الأخت للأم ثم الجدات ثم الخالات ثم بنات الأخوات ثم بنات الأخوال ويعتبر في المذكورات البلد أيضا فلو كن ببلدين وهى بأحدهما اعتبر بمن ببلدها فان كن كلهن ببلد أخرى اعتبر بهن لا بأجنبيات بلدها ويعتبر سن وعقل ويسار وبكارة وثيوبة وما اختلف به غرض كجمال وعفة وعلم وفصاحة وشرف ونسب فيعتبر مهر من شاركتهن المطلوب مهرها في شيء مما ذكر فان اختصت عنهن بفضل أو نقص زبد في مهرها أو نقص منه لائق بالحال فان تعذر الاعتبار بهن اعتبر بمن يساويها من نساء بلدها ثم أقرب البلاد إليها ثم أقرب النساء بها شبها وتعتبر العربية بعربية مثلها والقروية بقروية(2/8)
مثلها والأمة بأمة مثلها وبنظر إلى شرف سيدها وخسته ولو سامحت واحدة منهن لم تجب موافقتها اعتبارا بالغالب ولو خفضن للعشيرة فقط اعتبر ذلك في المطوب مهرها في حق العشيرة دون غيرهم ويعتبر في مهر المثل الأكثر من العقد إلى الوطء أو الموت ومحل ما ذكره بقوله وانحتم إلى آخره ما إذا جرى تفويض صحيح بأن قال سيد أمة زوجتكها بلا مهر أو سكت عنه أو قالت رشيدة بكرا كانت أو ثيبا زوجني بلا مهر أو على أن لا مهر لي فزوجها بلا مهر أو سكت عنه أو زوجها بدون مهر المثل أو بغير نقد البلد فلا يجب لها شيء بنفس العقد وخرج بالرشيدة غيرها فتفويضها لاغ نعم يستفيد به الولي من السفيهة إذنها في النكاح وبقر لها بلا مهر ما إذا أطلقت فليس بتفويض أما إذا زوجها وليها بمهر مثلها من نقد البلد فانه يصح بالمسمى ولها قبل الوطء ومطالبة زوجها بفرض مهر لها أو حبس نفسها ليفرض لتكون على بصيرة في تسليم نفسها وكذا التسليم المفروض كالمسمى في العقد ويجب بوطء في نكاح فاسد مهر مثل يوم الوطء كوطء الشبهة نظرا إلى يوم الإتلاف لا يوم العقد إذ لا حرمة للفاسد فان تكرر الوطء فمهر واحد في أعلى الأحوال ولو تكرر وطء بشبهة واحدة فمهر واحد فان تعدد جنسها تعدد المهر بعدد الوطآت ولو تكرر وطء مغصوبة أو مكرهة على الزنا تكرر المهر بتكرر الوطء ولو تكرر وطء الأصل أمة فرعه أو الشريك الأمة المشتركة أو السيد المكاتبة فمهر واحد لشمول شبهة الإعفاف والملك جميع الوطأت وبالطلاق ونحوه قبل وطئه سقط نصف من مهر إن كان دينا ويعود إليه نصفه بنفس الطلاق إن كان عينا ولم يزد ولم ينقص وإن لم تختر عوده ولم يقض به قاض أو زال ملكها عنه ثم عاد سواء أطلقها بنفسه أم بوكيله أم فوضه إليها فطلقت نفسها أم علقه بفعلها ففعلت كما إذا تخالعا فانه يحط(2/9)
عنه نصف المهر وشمل تعبيره بالمهر ما وجب بالعقد بتسمية صحيحة أو فاسدة أو غيرها أو بفرض صحيح بعده وقيس بالطلاق غيره من كل فرقة في الحياة لا منها ولا بسببها كإسلامه وردته وشرائه إياها ولعانه وإرضاع أمه لها وهي صغيرة أو أمها له وهو صغير ولأن قضية ارتفاع العقد قبل تسليم المعقود عليه سقوط كل الفرض كما في البيع إلا أن الزوجة كالمسلمة لزوجها بالعقد من وجه لنفوذ تصرفاته التى يملكها بالنكاح من غير توقف على قبض فاستقر لذلك بعض العوض وسقط بعضه لعدم اتصاله بالمقصود وخرج بالفرض الصحيح الفاسد كخمر إذ لا عبرة به بعد إخلاء العقد عن العوض بالكلية أما إذا لم يجب مهر بأن فارق المفوضة قبل الفرض والوطء فلا تشطير كما مر فإن كانت الفرقة منها أو بسببها كفسخها بعيبه أو بعتقها تحت رقيق أو إسلامها أو ردتها أو إرضاعها زوجة له صغيرة أو بسببها كفسخه بعيبها فإنها تسقط المهر لأنها من جهتها وكذا شراؤها إياه ولو طلق والمهر تالف حسا أو شرعا بعد قبضها فنصف بدله من مثل في المثلى أو قيمة في المتقوم وإن تعيب في يدها فإن قنع به أخذه بلا أرش وإلا فنصف بدله سليما دفعا للضرر عنه وإن تعيب قبل قبضها ورضيت به فله نصفه ناقصا بلا خيار ولا أرش لأنه نقص حال كونه من ضمانه وإن تعيب بجناية فله نصف الأرش لأنه بدل الفائت ولها زيادة منفصلة كاللبن والكسب وخيار في متصلة كالسمن وتعلم صنعة وحرث أرض لزراعة فإن شحت فيها فنصف قيمته بلا زيادة وإن سمحت بها لزمه القبول وليس له طلب نصف القيمة وإن زاد ونقص ككبر عبد وطول نخلة مع قلة ثمرتها وحمل أمة وبهيمة وتعلم صنعة مع برص فإن اتفقا بنصف العين فذاك وإلا فنصف قيمة العين خالية عن الزيادة والنقص ولا تجبر على دفع نصف العين للزيادة ولا هو على قبول النقص ومتى ثبت خيار له أولها أو لهما لم يملك نصفه حتى يختار ذو الاختيار ومتى رجع بقيمته اعتبر الأقل من يوم الإصداق إلى القبض ولو وهبته له ثم طلق كان له(2/10)
نصف بدله من مثل أو قيمة لأنه ملكه قبل الطلاق عن غير جهته فلو وهبته نصفه فله نصفه الباقى وربع بدل كله لأن الهبة وردت على مطلق الجملة وإن كان دينا أو أبرأته لم يرجع عليها لأنها لم تأخذ منه مالا ولم تتحصل على شيء ويجب لمطلقة قبل وطء متعة إن لم يجب لها شطر مهر وكذا الموطوءة وفرقة لا بسببها كطلاق وإن اشترى زوجته ويندب أن لا تنقص عن ثلاثين درهما وأن لا يزيد على خادم ولا حد للواجب وإذا تراضيا بشيء عمل به وإن تنازعا قدرها الحاكم بما يراه معتبرا حالها يسارا أو إعسارا في الزوج ونسبا وصفة فيها وفي بعض النسخ وحبسها لنفسها وفاقها حتى تراها قبضت صداقها أي وحنس الزوجة البالغة العاقلة الحرة الرشيدة ثابت لها وفاقها أي لتظاهرها حتى تراها قبضت صداقها المعين أو الحال كما في البيع سواء أخر الزوج تسليمه لعذر أم لا والحبس في غير الرشيدة لوليها وفي الأمة لسيدها أو وليه فإن كان مؤجلا فلا حبس وإن حل قبل تسليمها لوجوب تسليمها قبل الحلول لأنها رضيت بالتأجيل ولو قال كل لا أسلم حتى تسلم أجبرا فيؤمر بوضعه عند عدل وتؤمر بالتمكين فإن أسلمت أعطاها العدل ولو بادرت فمكنت طالبته بالصداق فإن لم يطأ امتنعت حتى يسلمه وإن وطئها مختارة فلا ولو بادر فسلم فلتمكن فإن امتنعت ولو بلا عذر لم يسترده ولو استمهلت لتنظف ونحوه وجب إمهالها ما يراه الحاكم ولا يجاوز ثلاثة أيام لا لجهاز وسمن وانقطاع حيض ولو في ثلاثة أيام فما دونها ولا تسلم صغيرة ولا مريضة حتى يزول مانع وطء فإن قال سلموها لى ولا أقربها اجيب في المريضة إن كان ثقة لا في الصغيرة ويستقر المهر بوطء وإن حرم حكائض وبموت أحدهما لا يخلوة ولا بموت أحدهما في نكاح فاسد(2/11)
باب الوليمة هى من الولم وهو الاجتماع وتقع على كل طعام يتخذ لسرور حادث من عرس وإملاك وغيرهما لكن استعمالها في العرس أشهر وليمة العرس بشاة قد ندب لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا واعتبار الشاة إنما هو باعتبار أقلها للمتمكن أما غيره فأقلها ما يقدر عليه ولذا قال في التنبيه وبأى شيء أولم من الطعام جاز لكن إجابة بلا عذر تجب عينا على من دعى إليها دون غيرها من الولائم ويعتبر للوجوب أمور كون الداعى مسلما فلا تجب على مسلم بدعوة كافر وأن يكون المدعو مسلما أيضا فلو دعا مسلم كافرا لم تلزمه الإجابة وإن يدعوه في اليوم الأول فلو أولم ثلاثة وجبت في الأول وسنت في الثانى وكرهت في الثالث وأن تكون الدعوة عامة بأن يدعو جميع عشيرته او جيرانه أو أهل حرفته وإن كانوا كلهم أغنياء فلو خص الأغنياء منهم لم تجب الإجابة وأن لا يدعوه لخوف منه أو طمع في جاهه أو إعانته على باطل وأن لا يكون معذورا فإن كان له عذر لم تجب عليه الإجابة كأن يكون هناك من يتأذى به أو لا يليق به مجالسته كالأراذل أو يكون هناك منكر لا يقدر على إزالته كشرب خمر وضرب ملاه واستعمال اوانى الذهب أو الفضة وافتراش مسروق أو مغصوب وجلود نمور بقى وبرها وصورة حيوان على سقف أو جدار أو وسادة منصوبة أو ستر معلق أو يكون له عذر يرخص في ترك الجماعة وأن يكون طعامه حلالا وأن لا يكون المدعو غير قاض وأن لا يعارض الداعى غيره فلو دعاه اثنان قدم أسبقهما ثم الأقرب رحما ثم الأقرب دارا ثم يقرع وأن يخصه بالدعوة فلو فتح الباب وقال ليحضر من شاء أو قال لغيره أدع من شئت لم تجب الإجابة ولم تسن وأن يكون الداعى مطلق التصرف فلا تجب إجابة غيره وأن لا يعتذر المدعو للداعى ويرضى بتخلفه وإن أراد من دعاه يأكل منه ليتبرك به أو نحوه وهو صائم نفلا وشق عليه صومه ففطره من صوم نفل أفضل من صومه لما فيه من جبر خاطره وإدخال السرور عليه وإن لم يشق عليه فإتمامه أفضل أما صوم الفرض(2/12)
فلا يجوز الخروج منه موسعا كان او مضيقا ويندب للمفطر الأكل وأقله لقمة وياكل الضيف مما قدم بلا لفظ من المصنيف أكتفاء بقرينة التقديم نعم إن كان ينتظر حضور غيره فلا يأكل حتى يحضر أو بإذن المضيف لفظا ولا يتصرف إلا بالأكل فلا يطعم هرة ولا سائلا ما لم يعلم رضاه وللضيف تلقيم صاحبه ما لم يفاضل طعامهما ويكره تفاضله ويحرم التطفل وله أخذ ما يعلم رضاه به ويجوز نثر سكر ودراهم ودنانير ونحوها في إملاك أو ختان والتقاط باب القسم والنشوز بفتح القاف وسكون السين لكل من الزوجين حق على صاحبه فحقه عليها كالطاعة وملازمة المسكن وحقها عليه كالمهر والنفقة والمعاشرة بالمعروف التى منها القسم قال تعالى ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وبين زوجات وزوجتين فقسم حتما بألف الإطلاق فيه وفيما بعده أي وجب على الزوج إذا أراد المبيت عند واحدة ولم امتنع(2/13)
الوطء طبعا أو شرعا ولو مريضة ورتقا بالقصر للوزن وقرناء وحائضا أو نفساء أو محرمة كالنفقة فيحرم التفضيل وإن ترجحت إحداهما على الأخرى بإسلام أو شرف لكن لحرة مثلا مالأمة وإنما وجب القسم مع امتناع الجماع لأن المقصود منه الأنس والتحرز عن التخصيص الموحش لا الجماع لأنه يتعلق بالنشاط ولا يملكه ولهذا لا تجب التسوية فيه ولا في غيره من التمتعات وخرج بالزوجات الإماء لو مستولدات نعم يستحب لئلا يحقد بعض الإماء على بعض والمراد من القسم للزوجات والأصل فيه الليل كما يأتى أن يبيت عندهن ولا يلزمه ذلك ابتداء لأنه حقه فله تركه وإنما يلزمه إذا بات عند بعض نسوته سواء أبات بقرعة أم لا ويأتى وجوبها لذلك ولو أعرض عنهن أو الواحدة ابتداء أو بعد القسم جاز ويندب أن لا يعطلهن بأن يبيت عندهن ويحضنهن وكذا الواحدة وأدنى درجاتها ان لا يخليها كل أربع ليال من ليلة اعتبارا بمن له أربع زوجات فإن لم ينفرد بمسكن دار عليهن في بيوتهن والأفضل ذلك صونا لهن عن الخروج من المساكن وله دعاؤهن إلى مسكنه و عليهن الإجابة ويحرم ذهابه إلى بعض ودعاء بعض إلا لغرض كقرب مسكن من ذهب إليها وإقامته بمسكن واحدة ودعاؤهن إليه لما في إتيانهن إليه من المشقة عليهن وتفضيلها عليهن وجمع ضريتن في مسكن إلا برضاهما لأن جمعهما فيه مع تباعضهما يولد كثرة المخاصمة ويشوش العشرة فإن رضيتا به جاز لكن يكره وطء إحداهما بحضرة الأخرى لأنه بعيد عن المروءة ولا تلزمها الإجابة إليه ولو اشتملت دار على حجر مفردة المرافق جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن وكذا إسكان واحدة في علو واخرى في سفل مع تمييز المرافق لأن كلا مما ذكر مسكن وله أن يرتب القسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها والليل أصل والنهار تبع إذ الليل وقت السكون والنهار وقت التردد في الحوائج فإن عمل ليلا وسكن نهارا كحارس فالأصل في حقه النهار والليل تابع وأما المسافر بزوجاته فالقسم في حقه وقت النزول ليلا كان(2/14)
او نهارا قليلا كان أو كثيرا و إنما لغير مقسوم لها يغتفر دخوله أي الزوج لها في حق من عادة قسمه الليل حيث ضرر كمرضها المخوف ولو ظنا قال الغزالى أو احتمالا وكحريق وشدة طلق وحينئذ إن طال مكثه قضى مثل ما مكث من نوبة المدخول عليها وإلا فلا يقتضى وكذا إن تعدى بالدخول يقضي وإن طال مكثه وإلا فلا ولكنه يقضى ولا يتقدر الطويل بثلث الليل وفي النهار يجوز له دخوله على غير صاحبه النوبة عند حاجته دعت كأن يعودها إذا مرضت وكتسليم نفقة ووضع متاع أو اخذه وينبغى أن لا يطول مكثه فإن طوله قال في المهذب يجب القضاء ولم يذكره الشيخان ولا يقضى زمن الحاجة وله استمتاع بغير وطء ويقضى إن دخل بلا سبب ولا تجب عليه تسوية في إقامته نهارا لتبعيه لليل وأقل نوب القسم ليلة وهو أفضل لقرب عهده بكلهن فلا يجوز ببعض ليلة وبعض أخرى ولا بليلة وبعض أخرى ويجوز ليلتين وثلاثا ولا تجوز الزيادة عليها وإن تفرقن في البلاد إلا برضاهن لأن فيه إيحاشا وهجرا لهن وإنما بقرعة يسافر أي إنما يجوز للزوج السفر لغير نقله ولو قصيرا ببعض نسائه بقرعة فإن سافر بها لم يقض مدة ذهابه وإيابه نعم لا بد من كون السفر مرخصا فيجب القضاء في سفر المعصية نعم يقضى مدة الإقامة إن لم يعتزلها فيها وأما من سافر لنقلة فيحرم عليه أن يستصحب بعضهن بقرعة ودونها وأن يخلفهن حذرا من الإضرار بل ينقلهن أو يطلقهن فإن سافر ببعضهن ولو بقرعة قضى للمتخلفات حتى مدة السفر ومن سافرت وحدها بدون إذنه ناشزة أو بإذنه لغرضه كأن أرسلها في حاجته ولو مع حاجة غيره يقضى لها ما فاتها ولغرضها فلا ويبتدي ببعضهن الحاضر أي لا يجوز للزوج ان(2/15)
يبتدئ بالمبيت عند بعض زوجاته إلا بقرعة تحرزا عن الترجيح فيبدأ بمن خرجت قرعتها وبعد تمام نوبتها بقرع بين الباقيات ثم بين الأخريين فإذا تمت النوب راعى الترتيب ولا يحتاج إلى اعادة القرعة ولو بدأ بواحدة من غير قرعة فقد ظلم ويقرع بين الثلاث فإذا تمت النوب أقرع بين الجميع وكأنه ابتدأ بالقسم والبكر الجديدة وهي من يكتفى بسكوتها في استئذانها في النكاح تختص وجوبا حيث وجب القسم على زوجها بسبع أولا ولا بلا قضاء وثيب ثلاثة على الولا بلا قضاء والمعنى فيه زوال الحشمة بينهما وزيد للبكر لأن حياءها أكثر ولا فرق في الجديدة بين الحرة والأمة والمسلمة والكافرة حتى لو وفاها حقها وأبانها ثم جدد نكاحها وجب لها ذلك العود الجهة وكذا لو أعتق أم ولده أو موطوءته ثم نكحها ولو أقام عند البكر ثلاثا وافتضها ثم أبانها ونكحها فلها حق الثيب وخرج بالجديد الرجعية لبقائها على النكاح الأول وإنما اعتبر ولاء المدتين المذكورتين لأن الحشمة لا تزول بالمفرق فلو فرق لم تحسب فيوفيها حقها ولاء ثم يقضى ما فرق ويندب تخيير الثيب بين ثلاث بلا قضاء وسبع بقضاء ولو زاد البكر على سبع ولو بطلبها قضى الزائد للأخريات وكذا لو زاد الثيب على ثلاث بغير اختيارها يقضى الزائد كما يقضي السبع إذا اختارتها لأنها طمعت في حق غيرها فبطل حقها ومن وهبت حقها من القسم لغيرها لم يلزم الزوج الرضا لأن الاستمتاع بها حقه فلا يلزمه تركه وله أن يبيت عندها في ليلتها فإن رضى ووهبت لمعينة بات عندها ليلتهما كل ليلة في وقتها متصلتين كانتا أو منفصلتين أو لهن سوى والواهبة كالمعدومة ويقسم بين الباقيات أوله فله التخصيص ومن أمارات النشوز لحظا من زوجة أي ظهرت له قولا كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين وفعلا كأن يجد منها إعراضا أو عبوسا بعد لطف وطلاقة وجه وعظا ندبا لآية واللاتي تخافون نشوزهن ولا يهجر مضجعهما ولا يضربها فلعلها تبدى عذرا أو تتوب عما جرى منها من عذر(2/16)
والوعظ كأن يخوفها بالله تعالى ويذكرها ما أوجب الله عليها من الحق والطاعة وما يلحقها من الإثم والمعصية و ما يسقط بذلك من القسم لها والنفقة ويباح له ضربها وهجرها وليهجرن مضجعها حيث النشوز حققه وفي نسخة بدل وليهجرن وهجرها والمعنى فيه ان له أثرا ظاهرا في تأديب النساء وله ضربها في هذه الحالة وإن اقتضى كلامه تحريمه أما هجرها في الكلام فيباح ثلاثة أيام وتحرم الزيادة إلا لعذر شرعى كبدعة المهجور أو فسقه أو صلاح دين أحدهما به فإن أصرت على نشوزها جاز ضرب لها إن نجع أي إن أفاده في ظنه في غير وجه ونحوه بحيث لا يخاف منه تلف ولا ضرر مع ضمان ما وقع منه لتبين أنه إتلاف لا إصلاح والأولى له ترك الضرب أما إذ ا لم ينجع الضرب فحرام كالتعزير وإن منعها حقها كقسم أو نفقة ألزمه الحاكم وفاءه فإن أساء خلقه وآذاها بضرب او غيره بلا سبب نهاه فإن عاد إليه عزره وإن قال كل منهما إن صاحبه متعد وأشكل الحال على القاضى تعرفه من جاز ثقة خبير بهما فإن لم يكن اسكنهما بجنب ثقة يتعرفه ويعلمه به ليمنع الظالم من ظلمه فإن اشتد الشقاق بينهما بعث الحاكم حكما من أهله وحكما من أهلها لينظرا في أمرهما بعد اختلاء حكمه به وحكمها بها ومعرفة ما عندهما في ذلك ويصلحها بينهما أو يفرقا إن عسر الإصلاح والبعث واجب وكونه من الأهل مستحب وهما وكيلان لهما فيشترط رضاهما ببعث الحكمين فيوكل حكمه بطلاق وقبول عوض خلع وتوكل حكمها ببذل عوض وقبول طلاق به ويفرق الحكمان بينهما إن رأياه صوابا وإذا رأى حكمه الطلاق استقل به ولا يزيد على طلقه وإن رأى الخلع ووافقه حكمها عليه تخالعا ويعتبر فيهما تكليف وإسلام وحرية وعدالة وإن قيل بوكالتهما لتعلقهما بنظر الحاكم كما في امينه واهتداء إلى ما بعثا له لا اجتهاد وذكورة(2/17)
باب الخلع بضم الخاء من الخلع بفتحها وهو النزع سمى به لأن كلا من الزوجين لباس الآخر قال تعالى هن لباس لكم وأنتم لباس لهن وهو في الشرع فرقة بعوض راجع الجهة الزوج أو سيده والأصل فيه قبل الأجماع قوله تعالى فإن خفتم ألا يقيما حدود الله الآية وقوله تعالى فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا الآية وخبر البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنها قال أتت امرأة ثابت بن قيس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب وفي رواية ما أنقم عليه في خلق ولا دين ولكنى أكره الكفر في الإسلام أي كفران النعمة فقال أتردين عليه حديقته قالت نعم قال أقبل الحديقة وطلقها تطليقة وفي رواية فردتها وامره بفراقها وزاد النسائى أنه ضربها فكسر يدها وهو أول خلع جرى في الإسلام والمعنى فيه أنه لما جاز أن يملك الزوج الانتفاع بالبضع بعوض جاز أن يزيل ذلك الملك بعوض كالشراء والبيع فالنكاح كالشراء والخلع كالبيع وفيه دفع الضرر عن المرأة غالبا ويجوز في حالتى الشقاق والوفاق وذكر الخوف في الآية جرى على الغالب أو هو مكروه إلا أن يخافا أو أحدهما أن لا يقيما حدود الله التى افترضها في النكاح أو أن يحلف بالطلاق الثلاث على أن لا يفعل ما لا بد له من فعله فيخالع ثم يفعل المحلوف عليه لأنه وسيلة للتخلص من وقوع الثلاث وله ثلاثة أركان عاقد ومعقود عليه وصيغة يصح من زوج دون غيره من غير إذنه مكلف بأن يكون بالغا عاقلا ولو مع سكر تعدى به فلا يصح من صبى أو مجنون بلا كره بأن يكون مختارا فلا يصح من مكره وولى وسيد فلو خالع عبدا أو محجورا سفه صح لوجود الشرط وإن لم يأذن السيد والولى ووجب دفع العوض دينا كان أو عينا إلى سيده ووليه يبرأ الدافع منه ويملكه السيد كسائر أكساب العبد نعم لو كان مكاتبا سلم العوض أو مبعضا وبينه وبين سيده مهايأة فلصاحب النوبة وإلا دفع للعبد ما يخص حريته ولو قال السفيه إن دفعت لى كذا فأنت طالق لم تطلق إلا(2/18)
بالدفع إليه وتبرأ به ومثله العبد ويصح خلع المحجور عليه بفلس وشرط قابله من زوجة أو أجنبي بجواب أو سؤال إطلاق تصرفه في المال بأن يكون بالغا عاقلا غير محجور عليه فإن اختلعت رقيقة بغير إذن مالكها بدين في ذمتها أو عين له بانت لذكر العوض وللزوج في ذمتها مهر مثل في صورة العين والمسمى في صورة الدين لا مهر مثل وما ثبت في ذمتها تتبع به بعد عتقها وإن أذن لها السيد وعين عينا من ماله أو قدر دينا في ذمتها فامتثلت تعلق بالعين وبذمتها في الدين وإن زادت على ما قدره تعلق بذمتها وتطالب به بعد عتقها وإن اطلق الإذن اقتضى مهر مثل من كسبها فإن زادت طولبت بالزائد بعد العتق وإن قال اختلعى بما شئت اختلعت بمهر المثل و أكثر منه وتعلق الجميع بكسبها ثم ما يتعلق بكسبها يتعلق بما في يدها من مال التجارة إن كانت مأذونا لها فيها ولا يصير السيد بإذنه في الخلع بالدين ضامنا له وإن قال المحجور عليها بسفه خالعتك على كذا أو طلقتك عليه فقبلت طلقت رجعيا ولا مال وإن أذن لها وليها فيه لانتفاء أهليتها لالتزام المال وظاهر أنه لو كان قبل الدخول وقع بائنا فإن لم يقبل لم تطلق لأن الصيغة تقتضى القبول فأشبه المعلق على صفة واختلاع المريضة مرض الموت صحيح إذ لها التصرف في مالها ولا يحسب من الثلث إلا ما زاد على مهر المثل بخلاف مهر المثل أو أقل منه فمن رأس المال وخلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل صحيح إذ البضع لا يبقى للوارث لو لم يخالع واعلم أن شرط المعوض وهو البضع أن يكون مملوكا للزوج فخلع الرجعية صحيح بخلاف البائن ويشترط في عوضه شروط سائر الأعواض ككونه متمولا مملوكا ملكا مستقرا مقدورا على تسليمه معلوما فيصح عوضه قليلا وكثيرا دينا وعينا ومنفعة كالصداق إذا عوض ما لم يجهلا(2/19)
والألف بدل من نون التوكيد إن بنى للمفعول أو للفاعل وأعيد على الزوج وإن أعيد على المتخالعين المفهومين من الخلع فضمير تثنية أي لا يصح إصداق مجهول كثوب غير معين ولا موصوف أما الذي بالخمر او مع جهل فإنه يوجب مهر المثل لأنه المراد عند فساد العوض فلو جرى الخلع مع أبيها أو اجنبي على نحو خمر فرجعى ولا مال نعم ما قبض من ذلك في حال الكفر معتد به إن أسلما بعده ولو جرى على غير مقصود كدم وقع رجعيا بخلاف الميتة فإنها قد تقصد للجوارح وللضرورة ولكل من الزوجين التوكيل فيه فإن قال لوكيله خالعها بمائة لم ينقص منها فلو نقص لم تطلق لمخالفته لما أذن له فيه وله أن يزيد عليه من جنسه وغيره وإن أطلق لم ينقص عن مهر مثل وله أن يزيد من جنسه وغيره فلو نقص وقع بمهر المثل لفساد المسمى بنقصه عن المراد ولو قالت لوكيلها اختلع بألف فاختلع به أو بأقل نفذ وإن زاد فقال أختلعتها بألفين من مالها بوكالتها بانت ولزمها مهر مثل لفساد المسمى بزيادته على المأذون فيه وإن أضاف الوكيل الخلع إلى نفسه فخلع أجنبى وهو صحيح وإن أطلق فعليها ما سمت وعليه الزيادة والخلع طلقة بائنة لأن العوض إنما بذل للفرقة والفرقة التى يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ فوجب أن يكون طلاقا بائنا ويبنى عليه أنها تملك نفسها به ويمتنع طلاقها بعده ولو في العدة لبينونتها وماله أن يرتجع فلا تحل له إلا بعقد جديدة ولا بد من الخلع من صيغة فلفظه مع ذكر المال صريح وبدونه كناية ويصح بباقى كنايات الطلاق مع النية وبغير العربية وإذا بدأ الزوج بصيغة معاوضة كطلقتك أو خالعتك بكذا فقبلت فهو معاوضته له فيها شوب تعليق لتوقف وقوع الطلاق فيه على القبول وله الرجوع قبل قبولها نظرا لجهة المعاوضة ويعتبر قبولها بلفظ غير منفصل بكلام أو زمن طويل فلو اختلف إيجاب وقبول كطلقتك بألف فقبلت بألفين أو طلقتك ثلاثا بألف فقبلت واحدة بثلث الألف فلغو فلو قال طلقتك ثلاثا بألف فقبلت(2/20)
واحدة به طلقت ثلاثا ولزمها الألف لأن الزوج يستقل بالطلاق والزوجة إنما يعتبر قبولها بسبب المال وقد وافقته في قدره وإن بدأ بصيغة تعليق كمتى أو متى ما أعطيتنى كذا فأنت طالق فتعيلق فلا رجوع له قبل الإعطاء ولا يعتبر القبول لفظا ولا الإعطاء على الفور وإن قال إن أو إذا أعطيتنى كذا فأنت طالق فكذلك لكنه يعتبر إعطاؤه فورا لأنه قضية العوض في المعاوضة وإنما تركت هذه القضية في متى لأنها صريحة في جواز التأخير شاملة لجميع الأوقات كأى وقت بخلاف إن وإذا وإن بدأت بطلب طلاق كأن قالت طلقنى على كذا فأجاب فمعاوضة مع شوب جعالة لأنها تبذل المال في تحصيل ما يستقل به الزوج من الطلاق المخل للغرض كما في الجعالة يبذل المجاعل المال في تحصيل ما يستقل به العامل من الفعل المحصل للغرض فلها الرجوع قبل جوابه لأنه شأن المعاوضة والجعالة كلتيهما ويعتبر جوابه فورا لأنه شأن المعاوضة ولا فرق بين أن تطلب بصيغة معاوضة وتعليق ولا بين أن يكون التعليق بأن ومتى نحو إن طلقتنى أو متى طلقتنى فلك كذا وإن أجابها بأقل مما ذكرته لم يضر فلو طلبت ثلاثا بألف وهو يملكها فطلق طلقة بثلثه أو سكت عن العوض فواحدة بثلثه تغليبا لشوب الجعالة ولا يضر تخلل كلام يسير بين إيجاب وقبول باب الطلاق هو لغة حل القيد والإطلاق وشرعا حل عقدة النكاح بلفظ الطلاق أو نحوه والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى الطلاق مرتان وقوله صلى الله عليه وسلم أتانى جبريل فقال راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك(2/21)
في الجنة وله أربعة أركان صيغة وزوج وقصد الطلاق وزوجة صريحه سرحت أو طلقت خالعت أو فاديت أو فارقت لاشتهار بعضها لغة وشرعا ولورود بعضها في القرآن بمعناه وقضية كلامه كالحاوى الصغير والمنهاج وأصله أن لفظ الخلع صريح لكن المعتمد عند عدم المال لفظا أو نية أنه كناية إذ الاشتهار لا يقتضى الصراحة ويعتبر في نحو طلقت إذا ابتدأ به ذكر الزوجة فلو قال ابتداء طلقت أو سرحت ونواها لم تطلق لعدم الإشارة والاسم ومثل ما ذكره الناظم أنت طالق ومطلقة ويا طالق وأنت مفارقة ويا مفارقة وأنت مسرحة ويا مسرحة لا أنت طلاق والطلاق وفراق والفراق وسراح السراح لأن المصادر إنما تستعمل في الأعيان توسعا فتكون كنايات وترجمة الطلاق بغير العربية صريح لشهرة استعمالها عند أهلها شهرة استعمال العربية عند أهلها وترجمة الفراق والسراح كناية لأنها بعيدة عن الأستعمال ولو أشتهر لفظ للطلاق كالحلال أو حلال الله على حرام أو أنت على حرام فكناية وكل لفظ لفراق احتمل فهو كناية بنية تقترن به حصل الفراق به كأطلقتك وأنت مطلقة بسكون الطاء خلية برية بتة بتلة بائن اعتدى استبرئ رحمك وإن لم تكن مدخولا بها الحقى بأهلك حبلك على غاربك لا أنده سربك اغربى اغربى دعينى ودعينى تزودى تجرعى ذوقى اذهبى كلى اشربي اخرجى ابعدى سافري تجنبي تقنعي تجردي تستري الزمى الطريق برئت منك ملكتك نفسك أحللتك لا حاجة لى فيك أنت وشأنك أنت طلقة أو نصف طلقة أو لك الطلاق أو عليك الطلاق أو أنت والطلاق أو وطلقة ولا تصير ألفاظ الكناية صرائح بقرينة من نحو غضب وسؤال طلاق فيكفى اقتران النية بجزء من الكناية على الراجح وينقسم الطلاق إلى سنى وبدعى على المشهور فالأول الجائز والثانى الحرام كما أشار إليه بقوله والسنة الطلاق في طهر لمدخول بها خلا عن وطئه فيه وعن حيض قبله ولم تستدخل ماءه المحترم أو باختلاع حصلا أي ولم تختلع نفسها وهو لمن لم توطء بحذف الألف المبدلة من الهمزة ثم إن كان(2/22)
الإبدال قبل وجود الجازم فهو إبدال شاذ فحذفها جائز نظرا إلى صيرورتها حرف علة وإن كان الأكثر إثباتها نظرا إلى أصلها المبدلة عنه فكما لا تحذف الهمزة لا يحذف ما انقلب عنها وإن كان بعده إبدال قياسى ويمتنع حينئذ حذفها لاستيفاء الجازم مقتضاه فحذفها حينئذ للوزن أو من يئست أو ذات حمل لا ولا أو صغرت أي وليست بحامل ولا صغيرة ولا آبسة وهى ممن تعتد بالأقراء وذلك لاستعقابه الشروع في العدة وعدم الندم أما البدعى فطلاق مدخول بها بلا عوض منها في حيض أو نفاس ولو في عدة طلاق رجعى وهى ممن تعتد بالأقراء أو في طهر جامعها فيه ولو في الدبر أو استدخلت ماءه المحترم او في حيض قبله وكانت ممن تحبل ولم يتبين حملها وكذا طلاق من لم يستوف دورها من القسم نعم لو طولب المولى بالطلاق فطلق في الحيض لم يحرم وكذا لو طلق عليه الحكمان في الشقاق فلا تحريم ويندب لمن طلق بدعيا المراجعة ما لم يدخل الطهر ا لثانى أما من لم يستوف دورها فرجعتها واجبة وقول الناظم لا ولا يفيد به أن الاصطلاح الثانى أن الطلاق ينقسم إلى سنى وبدعى وما ليس بسنى ولا بدعى كالآيسة والحامل والصغيرة وأما المختلعة فظاهر كلامه أن طلاقها سنى والمعتمد خلافه من أنه لا ولا للحر تطليق الثلاث تكرمه بكسر الراء مفعلة من الكرامة لحريته والعبد بالجر عطفا على الحر أو بالرفع على الابتداء ثنتان وإن كانت زوجته حرة والمبعض كالقن ومحل ما ذكره إن كان رقيقا عند الطلقة الثانية فلو طلق الذمي طلقتين ثم نقص العهد وحارب فاسترق ملك الثالثة ولو من الأمة أي(2/23)
وإن كانت زوجة الحر أمة وإنما يصح الطلاق من مكلف فلا يصح من صبى ولا مجنون زوج أو وكيله فلا يصح من سيد وولى نعم يصح من الحاكم أما من أثم بمزيل عقله من شراب أو دواء فينفذ طلاقه وتصرفه له وعليه قولا وفعلا كنكاح وعتق وبيع وشراء وإسلام وردة وقتل وقطع وإن كان غير مكلف من قبيل ربط الأحكام بالأسباب وضابط السكران العرف وقيل إنه الذي اختل كلامه المنظوم وانكشف سره المكتوم بلا إكراه ذى تخوف بغير حق وشرط إلاكراه أن يكون بمخوف يؤثر العاقل الإقدام عليه حذرا مما هدده به ويختلف باختلاف المطلوب والأشخاص والتعيين فلو قال طلق إحداهما فطلق معينة وقع وكون المحذور عاجلا غير مستحق وقدرة المكره على تحقيق ما هدد به بولاية أو تغلب وعجز المكره عن دفعه بهرب أو غيره وظنه أنه إن امتنع حققه ومحل ذلك ما لم ينو المكره الطلاق أو ظهرت قرينة اختياره كأن أكره على ثلاث فوحد أو صريح فكنى أو تعليق فنجز أو على طلقة فسرح أو بالعكس وقع ولا بد من قصد الطلاق لمعناه ليقع به فلا حنث بحكايته ولا بما يصدر من نائم وإن قال أجزته أو أوقعته وكذا سبق اللسان لكن يؤاخذ به ولا يصدق ظاهرا إلا بقرينة ولو ظنت صدقه بأمارة فلها تصديقه وكذا للشهود وأن لا يشهدوا فإن كان اسمها طالعا أو طالقا أو طالبا فناداها يا طالق طلقت ما لم يدع سبق لسانه أو كان اسمها طالقا فناداها لم تطلق إلا ان نوى ويقع طلاق هازل وعتقه وسائر تصرفاته ظاهرا وباطنا ولو لمن في عدة الرجعية أي يقع الطلاق على معتدة رجعية لبقاء الولاية على المحل والملك بدليل التوارث بينهما لا إن تبن بعوض العطية أي أو غيره فلا يلحقها الطلاق لأنها ليست بزوجة بدليل عدم صحة ظهارها والإيلاء منها وعدم التوارث بينهما وصح تعليق الطلاق بصفة كتعليقه بفعله أوفعل غيره كإن دخلت الدار فأنت طالق وأدوات التعليق إن وإذا ومتى ومتى ما وكلما ونحوها ولا يقتضين فورا إن علق بمثبت كالدخول في غير خلع إلا أنت طالق إن(2/24)
شئت ولا تكرارا إلا كلما ولو قال إذا طلقتك فأنت طالق ثم طلق أو علق بصفة فوجدت فطلقتان أو كلما وقع طلاقى فأنت طالق فطلق فثلاث في موطوءته واحدة بالتنجيز وثنتان بالتعليق بكلما واحدة بوقوع المنجز وأخرى بوقوع هذه الواحدة وفي غيرها طلقة ولو علقه بنفى فإن علق بإن كإن لم تدخلى الدار فأنت طالق وقع عند اليأس من الدخول أو بغيرها كإذا فعند مضى زمن يمكن فيه ذلك الفعل من وقت التعليق ولم يفعل يقع الطلاق ولو قال أنت طالق إن دخلت الدار وأن لم تدخلى بفتح ان وقع في الحال لأن المعنى للدخول أو لعدمه بتقدير لام التعليل وسواء أكان صادقا فيما علل به أم كاذبا إلا في غير نحوى فتعليق ولو علق بفعل نفسه كإن دخلت الدار ففعل المعلق به ناسيا أو جاهلا أنه هو أو مكرها لم تطلق أو بفعل غيره ممن يبالى بتعليقه لصداقه أو نحوها وعلم به أو لم يعلم وقصد إعلامه به وفعله ناسيا او مكرها أو جاهلا أنه هو أو مكرها لم تطلق أو بفعل غيره ممن يبالى بتعليقه لصداقة أو نحوها وعلم به أو لم يعلم وقصد إعلامه به وفعله ناسيا أو مكرها أو جاهلا لا يقع الطلاق وإن لم يبال بتعليقه كالسلطان أو كان يبالى به ولم يعلم به ولم يقصد الزوج إعلامه به وقع الطلاق بفعله وإن اتفق في بعض صور نسيان أو نحوه لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير أن ينضم إليه قصد المنع منه إلا إذا بالمستحيل وصفه أي فإنه يقع في الحال لاستحالة ذلك فيلغو التعليق ولا فرق في كل ذلك بين ما استحال عقلا كالجمع بين الضدين وما استحال شرعا كإن نسخ صوم شهر رمضان وما استحال عرفا كإن صعدت السماء أو طرت وما جرى عليه الناظم رأى مرجوح والأصح لا وقوع في المستحيل عقلا وشرعا كالمستحيل عرفا لأنه لم ينجزه وإنما علقه بصفة لم توجد وقد يكون الغرض من التعليق بالمستحيل امتناع الوقوع لامتناع وقوع المعلق به كما في قوله تعالى حتى يلج الجمل في سم الخياط والأقرب أن معنى كلام المصنف أن تعليق الطلاق(2/25)
بالمستحيل الشامل لأقسامه الثلاثة لا يصح فلا يقع به طلاق لأنه لاغ
فقد صحح الرافعى في الأيمان فيما لو حلف لا يصعد السماء أن يمينه لا تنعقد ومقتضاه عدم انعقاد التعليق هنا وصح الاستثنا وهو أخراج بإلا أو احدى أخواتها من متكلم واحد في الطلاق كأنت طالق ثلاثا إلا واحدة فيقع ثنتان لوروده في الكتاب والسنة وكلام العرب وقد قال النحاة إن اللفظ قبل الاستثناء يحتمل المجاز فإذا جاء الاستثناء رفع المجاز فاللفظ قبل الاستثناء ظنى وبعده قطعى إذا ما وصله أي إنما يصح إذا اتصل الاستثناء بالمستثنى منه فإذا انفصل لم يؤثر نعم سكته التنفس والعى مغتفرة لأنها لا تعد فاصلة بخلاف الكلام اليسير الأجنبى فيضر ولا بد أن يسمع نفسه وإلا لم يقبل ولم يدين إن ينوه من قبل أن يكلمه أي لا بد من نية الاستثناء قبل فراغ يمينه وأن لا يكون مستغرقا للمستثنى منه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثلاثا لم يصح ووقع الثلاث وأن لا يجمع المفرق في المستثنى ولا في المستثنى منه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين وواحدة فواحدة ولا يجمع المستثنى ليكون مستغرقا ويلغى قوله واحدة لحصول الاستغراق بها أو أنت طالق طلقتين وواحدة إلا واحدة فثلاث ولا يجمع المستثنى منه فتكون الواحدة مستثناة من الواحدة فيلغو الاستثناء وهو من نفى إثبات وعكسه فلو قال أنت طالق ثلاثا إلا ثنتين إلا طلقة فثنتان لأن المستثنى الثانى مستثنى من الأول فيكون المستثنى حقيقة واحدة أو ثلاثا إلا ثلاثا إلا ثنتين فثنتان لما ذكر أو خمسا إلا ثلاثا فثنتان أو ثلاثا إلا نصف طلقه فثلاث ولو قال أنت طالق إن شاء الله وإن لم يشأ الله أي طلاقك وقصد التعليق لم يقع وكذا أنت طالق إلا أن يشاء الله لأن استثناء المشيئة يوجب حصر الوقوع في حالة عدم المشيئة وذلك تعليق بعدمها ويمنه التعليق بها أيضا انعقاد تعليق وعتق ويمين ونذر وكل تصرف كبيع وغيره ولو قال يا طالق إن شاء الله وقع نظرا لصورة النداء المشعر(2/26)
بحصول الطلاق جالته والحاصل لا يعلق بالمشيئة باب الرجعة بفتح الراء وكسرها والفتح أفصح عند الجوهرى والكسر أكثر عند الأزهرى وهى لغة المرة من الرجوع وشرعا الرد إلى النكاح في عدة طلاق غير بائن على وجه مخصوص والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك أي في العدة إن أرادوا إصلاحا أي رجعة ولها أربعة أركان مرتجع وزوجة وطلاق وصيغة وقد أخذ في بيانها فقال تثبت الرجعة لمن له أهلية النكاح بنفسه وبنحو راجعتك أو رجعتك أرتجعتك أو أمسكتك وتندب الإضافة معها كراجعتك إلى أو إلى نكاحى ولا بد منها في رددتك في عدة تطليق بأن وطئها أو استدخلت ماءه المحترم بلا تعوض أي بلا عوض وإن شرط نفى الرجعة أو قال أسقطتها وخرج بقوله في عدة من طلقت قبل ذلك وبعدة التطليق عدة الفسخ لأن الرجعة إنما وردت في الطلاق ولأن الفسخ شرع لدفع الضرر فلا يليق به جواز الرجعة وما لو وطئها في العدة فلا رجعة له إلا في البقية التى دخلت في عدة الوطء نعم لو خالطها في عدة أقراء أو أشهر مخالطة الآزواج من غير وطء لم تنقض عدتها ولا رجعة له بعد انقضاء عدتها بالأقراء أو الأشهر ويلحقها الطلاق ما دام معاشرها وبقوله بلا عوض عدة الطلاق بعوض لبينونتها ويشترط كونها منجزة فلا يصح تعليقها كالنكاح ونحوه فلو قال راجعتك إن شئت فقالت شئت لم يصح بخلاف نظيره في البيع لأن ذلك من مقتضاه بخلاف الرجعة وأن تكون المرتجعة معينة فلو طلق إحدى امرأتيه مبهمة قال رجعت المطلقة أو طلقتهما جميعا ثم قال راجعت إحداكما لم تصح إذ ليست الرجعة في احتمال الإبهام كالطلاق لشبهها بالنكاح وهو لا يصح معه إذ عدد لم يكملا(2/27)
الألف بدل من نون التوكيد بأن لا تكون ثالثه للحر وثانية لغيره وبانقضا بالقصر للوزن عدتها يجدد نكاحها لبيونتها ولم تحل المطلقة لمطلقها إذ يتم العدد أي عدد طلاقها بأن طلقها الحر ثلاثا وغيره طلقتين إلا إذا العدة منه تكمل بالأقراء أو الأشهر أو الوضع ونكحت سواه ثم يدخل بها وبعد وطء ثان فورقت بأن طلقها وعدة الفرقة من هذا انقضت أي انقضت عدتها لقوله تعالى فإن طلقها أي الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره مع خبر الصحيحين جاءت امرأة رفاعة القرظى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقنى فبت طلاقى فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإن معه مثل هدبة الثوب فقال أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة قالت نعم قال لا حتى تذوقى عسيلته ويذوق عسيلتك والمراد بها الوطء والمعتبر في الوطء إيلاج الحشفة أو قدرها من فاقدها ولو بحائل كخرقة بقبلها ممن يمكن جماعه ولو عبدا أو خصيا أو مجنونا وصبيا ولو في نهار رمضان او في عدة شبهة أو إحرام أو في حال نومه أو نومها بشرط انتشار الآلة بالفعل ولو انتشارا ضعيفا وأدناه في البكر بأن يفتضها بآلته ويزيل بكارتها حتى لو كانت غوراء لم يكف تغييب الحشفة مع بقاء البكارة ولا يحصل التحليل بالوطء حال ضعف النكاح بأن وطئها في عدة طلاقها الرجعى وإن راجعها أو في عدة الردة وإن أسلم المرتد فيها وتتصور العدة من غير دخول بأن وطئها في دبرها أو استدخلت ماءه المحترم ويشترط في تحليل الكافر الكافرة للمسلم كون وطئه في وقت لو ترافعوا إلينا لقررناهم على ذلك النكاح وعلم أنه لا يكفى الوطء بملك اليمين ولا بالنكاح الفاسد ولا في الدبر ولو طلق زوجته الأمة ثلاثا ثم ملكها لم يحل له وطؤها بملك ليمين حتى يحللها ولو لم يكن انتشار أصلا لعنة أو مرض لم يكف تغييب الحشفة وليس الأشهاد بحذف الهمزة بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها بها أي بالرجعة يعتبر نص عليه الأم والمختصر ولو لم ترض الزوجة بها ولم(2/28)
يحضر الولى ولم يعلم بها لأنها في حكم استدامة النكاح السابق ولقوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ولخبر أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر مرة فليراجعها ولم يذكر فيهما إشهادا وإنما اعتبر الأشهاد على النكاح لإثبات الفراش وهو ثابت هنا فتصح بالكناية مع النية وفي القديم لا ارتجاع إلا بشاهدين قاله في الإملا أي وهو من الجديد لا لكونها بمنزلة ابتداء النكاح بل بظاهر قوله تعالى فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم أي على الامساك الذي هو بمعنى الرجعة وعلى المفارقة وأجيب بحمل ذلك على الندب وهو أي وجوب الاشهاد كما قال الربيع آخر قوليه فيكون مذهبه والترجيح فيه أجدر أي أحق وهو أي الاشهاد عليها على القولين مستحب اي مطلوب شرعا وأعلم الزوجة فهو ندب أي ويندب إعلام الزوجة بالرجعة دفعا للأختلاف فيها وعلى الأول لو ترك الأشهاد عليها ندب له الاشهاد على إقراره بها فقد يتنازعان فلا يصدق فيها ومتى ادعت انقضاء عدة أشهر وأنكر صدق بيمينه أو وضع حمل لمدة إمكانه وهى ممن تحيض لا آيسة صدقت بيمينها فإن ادعت ولادة ولد تام فإمكانه ستة أشهر ولحظتان من وقت إمكان اجتماع الزوجين أوولادة سقط مصور فمائة وعشرون(2/29)
يوما ولحظتان من وقت النكاح أو ولادة مضغة بلا صورة فثمانون يوما ولحظتان من ذلك الوقت أو ادعت انقضاء أقراء وهى حرة وطلقت في طهر مسبوق بحيض فأقل الإمكان اثنان وثلاثون يوما ولحظتان وإلا فثمانية وأربعون يوما ولحظة أو في حيض فسبعة وأربعون يوما ولحظة أو أمة وطلقت في طهر مسبوق بحيض فستة عشر يوما ولحظتان وإلا فاثنان وثلاثون يوما ولحظة ويحرم الاستمتاع بها فإن وطئها فلا حد ولو يعزر إلا معتقد التحريم وعليه ومهر مثلها وإن راجعها ومتى ادعى انقضاء عدة رجعية وأنكرت فإن اتفقا على وقت الانقضاء كيوم الجمعة وقال راجعت يوم الخميس فقالت بل السبت صدقت بيمينها أو على وقت الرجعة كيوم الجمعة وقالت انقضت يوم الخميس وقال السبت صدق بيمينه وإن تنازعا في السبق بلا اتفاق صدق من سبق بالدعوى وإن لم تكن بين يدى حاكم فإن ادعت الانقضاء ثم ادعى رجعة قبله معا صدقت بيمينها ولو ادعاها قبل انقضاء فقالت بعده صدق بيمينه وإن ادعيا صدقت بيمينها ومتى ادعياها فيها صدق بيمينه ومتى ادعاها وأنكرت وصدقت ثم اعترفت بها قبل اعترافها بال الإيلاء هو لغة الحلف قال الشاعر وأكذب ما يكون أبو المثنى إذا آلى يمينا بالطلاق وكان طلاقا في الجاهلية فغير الشرع حكمه وخصه بالحلف عن الأمتناع من وطء الزوجة مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر كما يعلم مما يأتى والأصل فيه قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية وهو حرام للإيذاء وليس منه إيلاؤه و صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا وله ستة أركان حالف ومحلوف به ومحلوف وعليه وزوجة وصيغة ومدة حلفه أي زوج يصح طلاقه بالله أو صفة من صفاته أو بتعليق طلاق أو عتق او بالزام ما يلزم بالنذر ولو كافرا أو خصيا أو رقيقا أو مريضا أو سكران أن لا يطأ في العمر زوجته في قبلها ووطؤه لها ممكن ولو رقيقة أو رجيعة أو صغيرة أو مريضة أو متحيرة لاحتمال الشفاء أو محرمه لاحتمال التحلل بالحصر وغيره أو مظاهرا منها قبل(2/30)
التكفير لإمكان الكفارة فخرج بالحلف امتناعه بدون حلف وبالزوج السيد والأجنبي فلو قال لأجنبية والله لا أطؤك فليس إيلاء بل يمينا محضة وإن نكحها فيلزمه بالوطء قبل النكاح أو بعده ما تقتضيه اليمين الخالية عن الايلاء وبمن يصح طلاقه الصبي والمجنون والمكره وبقوله أن لا يطأ امتناعه من بقية التمتعات أو من الوطء في غير القبل إذ لا إيذاء بذلك وبقولنا ووطؤه لها ممكن غير الممكن كأن كان الزوج أشل الذكر أو مجبوبه ولم يبق منه قدر الحشفة أو كانت الزوجة رتقاء أو قرناء لعدم تحقق قصد الايذاء بخلاف ما لو جب ذكره بعد الايلاء لا يبطل لعروض العجز أو كانت صغيرة لا يمكن وطؤها فيما قدره وألفاظه صريحة وكناية فمن الصريح إيلاج الحشفة أو إدخالها أو تغييبها في فرجها واللفظ المركب من الألف والنون والياء والكاف ولا يدين في شيء منها والوطء والجماع والاصابة واقتضاض البكر فلو قال أردت بالوطء الوطء بالقدم وبالجماع الاجتماع في المكان وبالإصابة الافتضاض بغير الذكر لم يقبل في الظاهر ويدين نعم لو ضم إليها بذكرى التحقت بما لا يدين فيه ومن كنايته الملامسة والمباضعة والمباشرة والاتيان والغشيان والقربان والأفضاء واللمس أو زائدا عن أشهر(2/31)
أربعة كأن يقول والله لا أطؤك أبدا أو مدة عمري أو عمرك أو خمسة أشهر أو لا أطؤك مدة ونوى تلك المدة فيمهل أربعة أشهر ثم تطالبه بالوطء أو الطلاق كما يأتي ولو قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فاذا مظت فو الله لا أطؤك أربعة أربعة أشهر وهكذا مرارا لم يكن موليا لعدم تأتي المطالبة وبأثم إثم الايذاء فلو لم يكرر اسم الله تعالى بل قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فإذا مضت لا أطؤك أربعة أشهر فهذه يمين واحدة اشتملت على أكثر من أربعة أشهر فيكون موليا وجها واحدا قاله ابن الرفعة وخرج بقوله أو زائدا على أربعة أشهر الأربعة الأشهر فأقل لأن المرأة تصبر عن الزوج أربعة أشهر وبعد ذلك يفنى صبرها أو يقل ولو قيد الامتناع من الوطء بمستبعد الحصول في أربعة أشهر كنزول عيسى عليه الصلاة والسلام أو خروج الدجال أو الدابة أو الشمس من مغربها فمول لظن تأخر حصول المقيد به عن الأربعة أشهر بخلاف ما إذا لم يظن ذلك ولو قال إن وطئتك فعبدي حر فزال ملكه عنه كأن مات أو أعتقه أو باعه أو وهبه وأقبضه زال الايلاء لأنه لا يلزمه بالوطء بعد ذلك شيء فلو عاد إلى ملكه لم يعد الأيلاء ولو قال إن وطئتك فعبدي حر عن ظهارى وكان ظاهر فمول وإلا فلا ظهار ولا إيلاء باطنا ويحكم بهما ظاهرا لإقراره بالظهار وإذا وطىء عتق العبد عن الظهار ولو قال عن ظهارى إن ظاهرت فليس بمول حتى يظاهر فان مضت الأربعة أشهر من وقت الايلاء إن كان من غير رجعية ولو مبهمة ومن الرجعة في الرجعية لا من الإيلاء لاحتمال أن تبين وإنما لم يحتج في الامهال إلى قاض لثبوته بالآية السابقة وهذا فيمن يمكن جماعها حالا وإلا فمن زمان إمكانه كما في صغيرة ومريضة ومتحيرة ومحرمة ومظاهر منها على ما مر ولم ينحل الايلاء بزوال المحذور كبينونة زوجته التى علق طلاقها على وطء هذه ولم يطأها في قبلها في مدة الايلاء ولم يكن بها مانع وطء كان لها الطلب على زوجها بالوطء في قبل أي قبلها لأنه محل الاستمتاع وهو(2/32)
المراد بالفيئة في آية الايلاء وتكفير وجب أي يجب عليه كفارة يمين لحنثه كما لو وطئها في المدة أو بطلاقها وما ذكره من أنها تردد الطلب بين الوطء والطلاق هو ما حكاه الشيخان عن الإمام وعليه اقتصر في الطرف الثاني وجزم به في المنهاج كالمحرر وحكى الرافعي عن المتولى أنها تطالبه بالوطء أو لا لأن حقها فيه فان أبي طالبته بالطلاق واعتمده وتبعه في الروضة في الطرف الثالث أما إذا انحل الايلاء أو كان بها مانع وطء إبتداء أو دواما حسا أو شرعا من نحو غيبة وحبس وجنون ونشوز ومرض وصغر يمنعان الوطء وفرض إحرام أو اعتكاف أو صوم فلا طلب لها وليس الحيض والنفاس أو نفل صوم أ و اعتكاف بمانع أما إذا كان المانع به فلا يمنع الاحتساب لأنها ممكنة والمانع منه ولا مطالبة لسيد الأمة لأن الاستمتاع حقها ولا لولى المراهقة بل ينتظر بلوغها ولو تركت حقها فلها المطالبة بعده لتجدد الضرر وإن كان به مانع طبعي كعنة ومرض يتعذر معه الوطء أو يخاف منه زيادة الضعف أو بطء البرء طالبته بأن يفيء بلسانه بأن يقول إذا قدرت فئت أو شرعى كصوم وإحرام وظهار قبل التكفير لم يطالب بالوطء بل بالطلاق فإن عصى بوطء سقطت المطالبة وتحصل الفيئة بتغييب الحشفة أو قدرها من فاقدها بقبلها مع زوال بكارة البكر ولا يكفى الوطء في الدبر نعم إن لم يصرح في إيلائه بالقبل ولا نواه بأن أطلق انحل بالوطء في الدبر ولو حصل تغييب الحشفة أو قدرها من فاقدها بقبلها مع زوال بكارة البكر مع نزولها عليه أو إجباره على ذلك أو جنونه سقطت المطالبة من غير حنث ولا انحلال ليمينه فلو وطئها ثانيا مختارا عاقلا حنث وانحلت اليمين ولا يمهل عند المطالبة ثلاثة أيام إلا إذا استمهل ليفيء أو يطلق فيها بخلاف ما دونها كيوم ونحوه بقدر ما يستعد به للوطء كزوال صوم أو جوع أو شبع ولا يقع طلاق الحاكم في مدة إمهاله فإن أباهما أي الفيئة والطلاق بعد أمر الحاكم طلق الحاكم نيابة عنه لأنه حق توجه عليه(2/33)
وتدخله النيابة
فإذا امتنع منه ناب عنه الحاكم كقضاء الدين والعضل فرد طلقة من حكما لحصول الغرض بها فلو زاد لم يقع الزائد ويقع طلاقه معينا إن عين الزوج في إيلائه المولى منها ومبهما إن أبهمها باب الظهار هو لغة مأخوذ من الظهر لأن صورته الأصلية أن يقول لزوجته أنت على كظهر أمي وخص الظهر لأنه موضع الركوب والمرأة مركوب الزوج وكان طلاقا في الجاهلية كالايلاء فغير الشارع حكمه إلى تحريمه بعد العود حتى يكفر والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى والذين يظاهرون من نسائهم الآية نزلت في أوس بن الصامت لما ظاهر من زوجته خولة بنت ثعلبة على اختلاف في اسمها ونسبها وله أربعة أركان مظاهر ومظاهر منها وصيغة ومشبه به وقد أخذ في بيانها مع تعريفه شرعا فقال قول مكلف أي بالغ عاقل ولو كان ذلك القول من ذمي أي أو رقيق أو مجبوب أو خصي لعرسه بكسر العين أي زوجته ولو رجعية وكافرة ومعتدة عن شبهة وصغيرة ومجنونة وحائضا ونفساء أنت على كظهر أمي أو نحوه من تشبيهها بجملة أنثى أو بجزء منها لم يذكر للكرامة محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة لم تكن حلاله كقوله أنت على أو منى أو عندي كظهر أمي أو جسمك أو بدنك أو نفسك كبدن أمي أو جسمها أو جملتها أو أنت كيد أمي أو صدرها أو شعرك أو رأسك أو يدك أو رجلك أو نصفك أو ربعك كظهر أمي أو يدها أو شعرها لأنه تصرف يقبل التعليق فتصح إضافته إلى بعض محله كالطلاق والعتق بخلاف ما لا يقبله كالبيع فخرج تشبيه غير المكلف إلا السكران فكالمكلف والتشبيه بجزء ذكر كالأب لأنه ليس محلا للتمتع أو بجزء أنثى غير محرم كالملاعنة وزوجاته صلى الله عليه وسلم أو محرم لكن كانت حلاله كمرضعته وزوجة أبيه بعد ولادته وأم زوجته لأنهن لا يشبهن المحارم في التحريم المؤبد والتشبيه بما يذكر للكرامة كقوله أنت كأمي أو كرأسها أو عينها أو كروحها فإنه كناية في الظهار لأنه يذكر في معرض الإكرام فلا ينصرف إلى الظهار إلا بنية وتصريح الناظم(2/34)
بالذمي مع دخوله في المكلف لخلاف أبي حنيفة فإنه لا يصح ظهاره لأن الكفارة لا تصح منه وهي الرافعة للتحريم ويبطل هذا بكفارة الصيد إذا قتله في الحرم ولا نسلم أن التكفير لا يصح منه إذ يصح منه الإعتاق والإطعام ولا تمتنع صحة ظهاره بامتناع بعض أنواع الكفارة كما في حق العبد وبصح تعليقه كقوله إن ظاهرت من زوجتي الأخرى فأنت على كظهر أمي فظاهر منها صار مظاهرا منها ولو قال إن دخلت الدار فأنت على كظهر أمي فدخلتها صار مظاهرا منها ولو قال إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت على كظهر أمي فخاطبها بظهار لم يصر مظاهرا من زوجته ما لم يرد التلفظ فيصير مظاهرا من زوجته فلو نكحها وظاهر منها صار مظاهرا من زوجته تلك ولو قال إن ظاهرت منها وهي أجنبية فأنت على كظهر أمي فخاطبها بظهار قبل النكاح أو بعده ولو قال أنت طالق كظهر أمي ولم ينو به شيئا أو نوى الطلاق أو الظهار أو هما أو نوى الظهار بأنت طالق والطلاق بكظهر أمي طلقت ولا ظهار أو الطلاق بأنت طالق والظهار بالباقي طلقت وحصل الظهار إن كان طلاق رجعة فإن يكن لا يعقب طلاقها فعائد أي بأن أمسكها بعد ظهاره زمن إمكان فرقة وليست رجعية فهو عائد هذا إذا لم يعلقه بفعل غيره وإلا فإنما يصير عائدا بإمساكها عقب معرفته بوجود المعلق به الظهار فتحرم عليه المرأة حتى(2/35)
يكفر كما يأتي والكفارة وجبت بالظهار والعود وخرج بما تقرر ما لو قطع النكاح عقب الظهار بطلاق ولو رجعيا أو بموت أو فسخ أو انفساخ أو شراء بأن تكون رقيقة أو تعذر قطعه بجنون أو نحوه وما لو لم يعرف وجود المعلق به فهو عود فيهما وما لو علق بفعل نفسه حتى لو علق به ففعل عالما ثم نسى عقبه الظهار كان عائدا إذ نسيانه الظهار عقب فعله عالما به يعد نادرا أما لو فعل ناسيا للظهار فلا ظهار كما في الطلاق وإذا اشتغل بالقطع لم يضر طول الفصل فلو قال يا فلانة بنت فلان أنت طالق كان كقوله طلقتك في منع العود ولو قال أنت زانية أنت طالق كان عائدا لاشتغاله بالقذف قبل الطلاق لا إن قال يا زانية أنت طالق كما لو قال يا زينب أنت طالق وأما الرجعية فإنما يصير عائدا برجعتها سواء أظاهر بعد طلاقها رجعيا أم قبله أمسكها بعد ذلك أم لا لأنها قبل رجعتها صائرة إلى البينونة بخلاف ما لو ارتد عقب الظهار ثم أسلم في العدة لا يكون عائدا بالإسلام بل بالإمساك بعده لأن الرجعة إمساك في ذلك النكاح والإسلام بعد الردة تبديل للدين الباطل بالحق والحل تابع له فلا يحصل به إمساك وأما الظهار المؤقت فلا يحصل العود فيه بإمساك بل بوطء في المدة لحصول المخالفة لما قاله به دون الإمساك لاحتمال أنه ينتظر به الحل بعد المدة ويجب النزع بمغيب الحشفة لحرمة الوطء قبل التكفير أو انقضاء المدة واستمرار الوطء وطء على رأي مرجوح والوطء الأول جائز ولو لم يطأ أصلا حتى مضت المدة فلا شيء وبعوده بالإمساك أو بالرجعة أو بالوطء في المدة يجتنب وجوبا الوطء كالحائض فتحرم مباشرتها فيما بين سرتها وركبتها دون ما عدا ذلك حتى كفرا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده أي استمر التحريم حتى يكفر ومراده لزوم الخفارة مع توقف الحل عليها وتتعدد الكفارة بتعدد الزوجات وإن اتحد اللفظ كقوله لأربع أنت على كظهر أمي فإذا عاد لزمه أربع كفارات أو بعدد اللفظ وإن اتحد المحل كقوله لامرأته أنت على(2/36)
كظهر أمي وكرره وفصل أو وصل وقصد الاستئناف فإن وصل وقصد التأكيد أو أطلق فلا تعدد والكفارة مرتبة فيكفر أولا بالعتق ينوى الفرض أي لزوما عما ظاهرا ولو بصوم أو إطعام أو بنية الكفارة فلا تكفى نية العتق الواجب لأنه قد يكون عن نذر وكذا يقال في الصوم والإطعام فيشترط نيتها لا تعيينهما بأن يقيد بالظهار أو غيره حتى لو كان عليه كفارة ظهار وجماع وصوم رمضان فأعتق عبدا بنية الكفارة وقع محسوبا عن واحدة منهما وكذا الحكم في الصوم والإطعام وإنما لم يشترط تعيينها بخلاف الصلاة لأنها في معظم خصالها نازعة إلى الغرامات فاكتفى فيها بأصل النية فإن عين وأخطأ لم تجزئه عما عليه ويشترط في إعتاق الذمي وإطعامه النية وحيث لزمه العتق اشترط أن يعتق رقبة مؤمنة بالله عز و جل حملا للمطلق على المقيد فلا تجزئة كافرة سليمة عما يضر يخل بالعمل وإن كان بها عيب مبيع ليقوم بكفايته فيتفرغ للعبادات ووظائف الأحرار فيأتي بها تكميلا لحاله وهو مقصود العتق والعاجز عن العمل والكسب لا يتأتى له ذلك فلا يحصل بعتقه مقصود العتق فلا يجزىء وعلم من ذلك إجزاء صغير وأقرع وأعرج يمكنه تتابع مشي بأن يكون عرجه غير شديد وأعور لم يضعف عوره نظر السليمة وأصم وأخرس له إشارة مفهمة وأخشم وفاقد أنفه وفاقد أذنيه وفاقد أصابع رجليه وفاقد خنصر من يده وبنصر من أخرى وفاقد أنملة من غير إبهام أو أنامله العليا من أصابعه الأربع لأن كلا مما ذكر لا يخل بالعمل والكسب وأنه لا يجزىء زمن ولا هرم ولا فاقد رجل أو يد أو أصابعها ولا فاقد إصبع من الإبهام والسبابة والوسطى أو خنصر وبنصر من يد أو أنملتين من غيرهما أو أنملة إبهام لا خلال كل من الصفات المذكورة بالعمل والكسب وأنه لا يجزىء الجنين وإن انفصل لدون ستة أشهر من الإعتاق لأنه لا يعطى حكم الحي ولا مريض لا يرجى برؤه وزمن وإن مات بعد إعتاقه فإن برىء بعده بأن الإجزاء ولا يجوز شراء من يعتق عليه بنية(2/37)
كفارة ولا إعتاق أم ولد ولا مكاتب كتابة صحيحة ويجزىء مدبر ومعلق عتقه بصفة ينجز عتقهما بنية الكفارة ولو علق عتق الكفارة بصفة كان دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي جاز وعتق عنها بالدخول وله إعتاق عبديه عن كفارتيه عن كل نصف ذا ونصف ذا ويقع كما أوقعه ولو أعتق معسر نصفي عبديه عن كفارته أجزأ إن كان باقيهما أو باقي أحدهما حرا ولو أعتق عبدا عن كفارة بعوض لم يجز عنها وإن لم يجد رقبة بأن لم يملكها ولا ثمنها فاضلا عن كفاية نفسه وعياله نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا لا بد منه وقت الأداء كأن يقدر عليها ببيع ضيعة ورأس مال لا يفضل دخلهما عن كفايته أو ببيع عبد ومسكن نفيسين ألفهما أو ملكهما وهو محتاج إلى خدمته لمرض أو كبر أو ضخامة مانعة من خدمته نفسه أو منصب يأبى أن يخدم نفسه وتقدر المدة بالعمر الغالب كالزكاة على الراجح يصوم شهرين على تتابع أي متتابعين بنية كفارة لكل يوم في ليلته فيجب الاستئناف بفوت يوم ولو اليوم الأخير أو اليوم الذي مرض فيه أو نسي النية له إلا لعذر حصلا كجنون أو إغماء أو حيض أو نفاس وحيث وجب الاستئناف انقلب ما مضى نفلا ولا تشترط نية التتابع فإن بدأ بالصوم في أثناء شهر حسب الشهر بعده بالهلال وتمم الأول من الثالث ثلاثين يوما والرقيق يكفر بالصوم فقط وليس لسيده منعه من صوم الظهار لضرر استمرار التحريم عليه بخلاف صوم كفارة اليمين على تفصيل فيه وعاجز عن الاعتاق ثم الصيام بهرم أو مرض يدوم شهرين ولو ظنا بقول الأطباء أو لحوقه به مشقة شديدة أو لخوفه زيادة مرضه به أو بشدة الشبق يكفر بإطعام ستين مدا ملكا ستين مسكينا أو فقيرا وذلك بدل عن ستين يوما فلا يكفى دفع ذلك لأكثر من ستين ولا لأقل منهم ولو في ستين دفعة ولو وضع ستين مدا بين يدي ستين مسكينا وقال لهم ملكتكم هذا وأطلق أو قال بالسوية فقبلوه كفى وظاهر أنه لا يشترط لفظ التمليك حتى لو قال خذوه ونوى به الكفارة وأخذوه بالسوية كفى وبالتفاوت فمن علم أنه(2/38)
أخذ مدا أجزأه ومن لزمه تمليكه له نعم لو أخذوه مشتركا ثم اقتسموه فقد ملكوه قبل القسمة وهو كاف كفطرة حكى بأن يكون من حب ونحوه من غالب قوت بلد المكفر مما يجزىء في الفطرة والمكفى بنفقة قريب وزوج ليس فقيرا ولا مسكينا ولا يعطى من الكفارة كافر ولا هاشمي ومطلبي ورقيق ومكاتب ومن تلزمه مؤنته من زوجة وقريب فإن عجز عن جميع خصالها استقرت في ذمته فإن قدر على خصلة فعلها باب اللعان هو لغة مصدر لاعن وشرعا كلمات معلومة جملت حجة إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفى ولد كما يأتي وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن ولأن كلا من من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها إذ يحرم النكاح حينئذ بينهما أبدا واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب وإن اشتملت عليهما الكلمات أيضا لأن اللعن كلمة غريبة في قيام الحجج من الشهادات والأيمان والشيء قد يشتهر بما يقع فيه من الغريب والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم الآيات وسبب نزولها قصة هلال بن أمية لما قذف زوجته بشريك بن سحماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة أو حد في ظهرك فتلاعنا عنده صلى الله عليه وسلم واللعان يسبقه قذف صريح كالزنا وإيلاج الحشفة في الدبر أو الفرج مع وصف بتحريم وإن لحن بتذكير أو تأنيث ليس بمؤثر فيه وكذا قوله زنى فرجك أو ذكرك أو قبلك أو دبرك أو أنت أزنى من الناس إن قال وفيهم زناة أو أنت أزنى من زيد إن قال وزيد(2/39)
زنى أو ثبت زناه بإقراره أو ببينة وعلمه القاذف أو قال لست ابن زيد لمن هو لاحق بزيد أو كناية كقوله لابنه لست ابني أو لست مني وأما نحو أما أنا فلست بزان أو أمي ليست بزانية فتعريض ليس بقذف وإن نواه يقول الزوج أربعا إن القاضي أمر به لأن اللعان يمين واليمين لا يعتد بها قبل أمر الحاكم بها وإن غلب فيه معنى الشهادة فهي لا تؤدى إلا عنده بإذنه إذا علم زنا زوجته أو ظنه ظنا مؤكدا كأن رآه أو أقرت به أو أخبر به عن عيان من يثق به وإن لم يكن من أهل الشهادة أو عنها اشتهر بين الناس أنها زنت بفلان مع قرينة كأن رآها في خلوة أو تخرج من عنده ولا يكفى مجرد شيوع إذ قد يشيعه نحو عدو ولا مجرد القرينة لاحتمال دخوله عليها لنحو خوف أو سرقة أو ألحق الطفل به حال كونه من الزنا وهو يعلم أنه من الزنا مع احتمال كونه منه بأن لم يطأها أو ولدته لدون ستة أشهر من وطئه أو لفوق أربع سنين التي هي أكثر مدة الحمل إذ يلزمه حينئذ نفيه وطريق نفيه اللعان المسبوق بالقذف فيلزمان أيضا فإن لم يعلم زناها ولا ظنه لم يقذفها لجواز كون الولد من وطء شبهة واللعان قول الزوج أربع مرات أشهد بالله لصادق أنا فيما رميتها أي زوجتي هذه به من الزنا فإن غابت سماها ورفع نسبها بما يميزها عن غيرها وأنا بألف الإطلاق ذا أي الولد من زنا ليس مني ويشير إليه إن كان حاضرا فلو اقتصر على قوله من زنا كفى حملا للفظ الزنا على حقيقته ولا يكفى ليس مني لاحتمال أن يريد لا يشبهني خلقا أو خلقا ولا بد من ذكر الولد في الكلمات الخمس فلو أغفل ذكره في بعضها احتاج في نفيه إلى إعادة اللعان فلا يحتاج المرأة إلى إعادة لعانها وحيث علم كون الولد ليس منه واحتمل كونه من شبهة لم يقذفها بل يقول في اللعان لنفيه أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من إصابة غيري لها على فراشي وأن هذا الولد من تلك الإصابة ما هو مني إلى آخر كلمات اللعان ولا تلاعن المرأة إذ لا حد عليها بهذا(2/40)
اللعان حتى يسقط بلعانها خامسا أن لعنا عليه من خالقه إن كذبا أي يقول في الخامسة وأن لعنة الله على إن كنت من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا يشير أن تحضر لها مخاطبا فيقول هذه أو سميت إن غابت مثلا كما علم مما مر وهي تقول أربعا أشهد بالله لكذبا ادعى فيما رمى أي أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا وخامسا بالغضب إن صادقا فيما رمى به بالكذب أي تقول الزوجة في الخامسة إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا وتأتى بضمير المتكلم فتقول غضب الله على إلى آخره ولا تحتاج إلى ذكر الولد لأن لعانها لا يؤثر فيه ولو بدل لفظ شهادة بحلف أو نحوه كأن قال أحلف أو أقسم بالله إلى آخره أو لفظ غضب بلعن وعكسه أو ذكرا قبل تمام الشهادات لم يصح اتباعا لنظم الآيات ويشترط الولاء بين الكلمات الخمس فيؤثر الفصل الطويل ولا بد من تأخر لعانها عن لعانه كما اقتضاه كلام الناظم لأن لعانها لإسقاط الحد الذي وجب عليها بلعان الزوج ويلاعن الأخرس بإشارة مفهمة أو كناية كالبيع فإن لم يكن له ذلك لم يصح قذفه ولا لعانه ولا غيرهما لتعذر الوقوف على ما يريده ويصح بغير العربية وإن عرفها لأن المغلب فيه معنى اليمين أو الشهادة وهما باللغات سواء وتراعى ترجمة الشهادة واللعن والغضب ثم إن أحسنها الحاكم ندب أن يحضره أربعة ممن يحسنها وإن لم يحسنها فلا(2/41)
يد ممن يترجم ويكفى من جانب المرأة اثنان لأن لعانها لنفي الزنا كجانب الزوج كما يثبت الإقرار بالزنا باثنين وسن تغليظ اللعان بالمكان بالجامع عند المنبر ويصعدان عليه فإن كانت حائضا أو نفساء فبباب المسجد لحرمة مكثها فيه ويخرج القاضي إليهما أو يبعث نائبا نعم إن لم يكن الطلب حثيثا ورأى الحاكم تأخير اللعان إلى زوال ذلك جاز ومحله في المسلم أما الذمي إذا أريد لعانه في المسجد ولو مع الحيض والنفاس مع أمن تلويثه أو الجنابة فيمكن منه وإن كان الملاعن بمكة فبين الركن الأسود والمقام وهو المسمى بالحطيم أو بالمدينة فعلى المنبر أو ببيت المقدس فعند الصخرة ويغلظ بالزمان وهو بعد عصر جمعة فيؤخر إليها إن لم يكن له طلب أكيد وإلا فبعد عصر أي يوم كان أما الذمي إذا غلظ عليه بالمكان فإن كان نصرانيا فبالبيعة أو يهوديا فبالكنيسة أو مجوسيا فببيت النار ويحضره القاضي رعاية لاعتقادهم لا ببيت أصنام وثني إذ اعتقادهم فيه غير مرعي فيلاعن في مجلس الحاكم وصورته أن يدخل دارنا بأمان أو هدنة بمجمع عن أربع لم ينزر أي ينقص أي ويسن أن يغلظ بحضور جمع من أعيان البلد والصلحاء للاتباع ولأن فيه ردعا للكاذب وأقله أربعة وخوف الحاكم أي يسن للحاكم وعظهما وتخويفهما ويذكرهما بأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويقرأ عليهما إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا الآية وأن يقول لهما ما قاله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين وهو حسابكما على الله والله يعلم أن أحدكما لكاذب هل منكما من تائب ويبالغ في وعظ كل منهما حين ينهيه أي عند الخامسة فيقول له اتق الله فإن قولك على لعنة الله يوجب اللعنة إن كنت كاذبا ويقول لها مثل ذلك بلفظ الغضب لعلهما ينزجران ويتركان فإن أبيا لقنهما الخامسة الكل أي من المتلاعنين مع وضع يد ندبا من فوق فيه فيأتى من ورائه ويضع الرجل يده على فم الرجل والمرأة يدها على فم المرأة ويندب أن يتلاعنا قائمين ليراهما الناس(2/42)
ويشتهر أمرهما وتجلس هي وقت لعانه وهو وقت لعانها وبلعانه أي الزوج الذي يصح طلاقه فلو ارتد بعد وطء فقذف وأسلم في العدة لاعن لبقاء النكاح فلولا عن ثم أسلم فيها صح أو أصر فلا وقد علم أن له اللعان مع إمكان بينة بزناها وأن له اللعان لنفي الولد وإن عفت عن الحد وزال النكاح ولدفع حد القذف وإن زال النكاح ولا ولد ولرفع تعزير القذف إن كانت الزوجة غير محصنة كذمية ورقيقة وصغيرة لا يوطأ مثلها بخلاف تعزير التأديب لكذب معلوم كقذف صغيرة لا توطأ أو صدق ظاهر كقذف كبيرة ثبت زناها بالبينة أو بإقرارها والتعزير في ذلك يقال فيه تعزير تكذيب ولو عفت عن الحد أو سكتت عن طلبه أو جنت بعد قذفه أو أقام بينة بزناها أو صدقته فيه ولا ولد لم يلاعن لعدم الحاجة إليه انتفى عنه النسب أي بلعانه انتفى النسب حيث كان ثم ولد نفاه فيه وحده أي ينتفى عنه به أيضا حد قذفها أو تعزيره إن كانت غير محصنة وإنما يحتاج إلى نفي ممكن عنه فإن تعذر كونه منه بأن ولدته لدون ستة أشهر من العقد أو طلق في مجلسه أو نكح وهو بالمشرق وهي بالمغرب لم يلحقه وشمل كلامه انتفاء حد قذف الأجنبي المعين أو تعزيره الذي قذفها به حيث ذكره في لعانه كأن قال فيما رميتها به من الزنا بفلان فإن لم يذكره لم تسقط عنه عقوبة قذفه كما في الزوجة لو ترك ذكرها وطريقه أن يعيد اللعان ويذكره لكن عليها الحد قد وجب لثبوت الحجة عليها وحرمة بينهما تأبدت لخبر المتلاعنان لا يجتمعان أبد ولذا سئل الوالد رحمه الله تعالى عن الملاعنة هل تعود لزوجها في الجنة فأجاب بأنها لا تعود عملا بقوله في الخبر أبدا وهي فرقة فسخ وتحصل ظاهرا وباطنا وإن(2/43)
كانت الزوجة صادقة وسقوط حصانتها في حقه حتى لو قذفها بعد ذلك بتلك الزنية أو أطلق لم يحد وشطر المهر أي يترتب عليه تشطر صداقها قبل الدخول وأخت حللت أي يحل نكاح أختها ونحوها وأربع سواها في عدتها لبنونتها وبلعانها سقوط الحد عن الزنا من رجمها أو جلد ها لقوله تعالى ويدرأ عنها العذاب الآية وانتفاء فسقها فتقبل شهادتها وتبقى ولايتها لما تليه بنظر أو وصية أو حضانة ونحوها ولو أقام بينة بزناها أو بإقرارها به لم يمكنها دفع الحد باللعنان لأنه حجة ضعيفة لا تقاوم البينة باب العدة مأخوذة من العدد لاشتمالها عليه غالبا وهي مدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوج كما يأتي وذلك يحصل بالأقراء وبالأشهر وبالولادة والأصل فيها قبل الإجماع الآيات والأخبار الآتية والعدة ضربان الأول يتعلق بفرقة وفاة والثاني يتعلق بفرقة حياة بطلاق أو فسخ وبدأ بالأول فقال لموت زوجها أي عدتها لموت زوجها ولو من قبل الوطء باستكمال وضع الحمل يمكن من ذي عدة أي حيث كان ممكنا كونه من ذي العدة لقوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن فهو مخصص لقوله تعالى والذين يتوفون منكم الآية ولأن القصد من العدة براءة الرحم وهي حاصلة بالوضع وخرج بوضع الحمل خروج بعضه ولو بعد خروج أحد التوأمين بأن يكون بينهما دون ستة أشهر فلا تنقضي به العدة بل حكمه حكم الجنين في بقاء العدة والرجعة ولحوق الطلاق والتوارث بين أبويه وعدم توريثه وسراية عتق الأم إليه ووجوب الغرة بالجناية عليها وعدم إجزائه عن الكفارة وتبعيته للأم في إزالة الملك وعدم تعلق التحريم بارتضاعه وكذا سائر أحكام الجنين نعم لو خرج رأس جنين وصاح فحر رجل رقبته وجب قصاص أو دية واعلم أن قوله باستكمال كتعبير غيره بتمام تأكيد وإيضاح لأن الغرض منه مفهوم من الوضع وخرج بإمكان كونه من ذي العدة إذا لم يمكن بأن كان الزوج صبيا لا يولد لمثله أو ممسوحا أو ولدته لدون ستة(2/44)
أشهر من العقد أو لأكثر ودون أربع سنين وكانت بينهما مسافة لا تقطع في تلك المدة أو لفوق أربع سنين من الفرقة فلا تنقضي العدة بوضعه لكن لو ادعت في الأخيرة أنه راجعها أو وطئها بشبهة وأمكن فهو وإن انتفى عنه تنقضي به العدة وشمل كلامه المنفى بلعان ولهذا لو استلحقه لحقه وما إذا كان الزوج مجبوبا أو خصيا وشمل الحي والميت والمضغة حيث كان فيها صورة خفية أخبر بها القوابل أي قلن هي أصل آدمي وخرج به العلقة إذ لا تسمى حملا وإنما وجبت عدة الوفاة على من لم توطأ بخلاف عدة الطلاق لأن عدة الحياة لحق الزوج صيانة لمائة وعدة الوفاة لحقه تعالى فإن فقد الحمل فثلث عام وهو أربعة أشهر قبل عشر من الليالي بأيامها تستعد من حرة أي تعتد بها للآية الكريمة الناسخة لقوله تعالى متاعا إلى الحول وسواء الكبيرة والصغيرة والموطوءة وغيرها وذات الأقراء وغيرها وزوجة الصبي وغيره لإطلاق الآية المحمولة على الغالب من الحرائر والحائلات وتعتبر الأشهر بالأهلة ما أمكن فإن مات أول الهلال فظاهر أو في خلال شهر بقى منه عشرة أيام أو أقل ضمت إلى ذلك أربعة أشهر بالأهلة وأكملت بقية العشر مما بعدها أو أكثر من(2/45)
عشرة ضمت إلى ذلك ثلاثة أشهر بالأهلة وأكملت عليه مما بعدها بقية أربعين يوما ونصفها وهو شهران وخمسة أيام بلياليها من الأمة الحائل ولو مكاتبة ومبعضة ومدبرة وأم ولد و العدة للطلاق بعد وطء تممه ولو بتغييب الحشفة بوضع حملها سواء أكانت حرة أم غيرها ذات أقراء أم أشهر رأت الدم في مدة الحمل أم لا وكالوطء استدخال ماء الزوج المحترم أما قبل ذلك فلا عدة عليها وكالطلاق الفسخ كلعان ورضاع ولو ظهر في عدة أقراء أو أشهر حمل للزوج اعتدت بوضعه ولا اعتبار بما مضى من الإقراء أو الأشهر لوجود الحمل ولو ارتابت في العدة لثقل وحركة نجدهما لم تنكح حتى تزول الريبة فإن نكحت لم يصح أو بعدها وبعد نكاح آخر استمر النكاح لانقضاء العدة ظاهرا مع تعلق حق الزوج ما لم تلد لدون ستة أشهر من عقده فيتبين بطلانه والولد للأول بخلاف ما إذا ولدت لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني أو بعدها قبل نكاح سن لها أن تصبر على النكاح لتزول الريبة فإن نكحت قبل زوالها لم تبطل في الحال بل تقف فإن ولدت لدون ستة أشهر منه تبين بطلانه وإلا فلا بالوضع إن يفقد أي الحمل وهي ممن لم تحض أو يئست فربع السنة من حرة وهي ثلاثة أشهر هلالية إن انطبق الطلاق على أول الشهر كأن علقه به أو بانسلاخ ما قبله فإن طلقت في أثناء شهر فبعده هلالان وتكمل المنكسر ثلاثين يوما من الربع فإن حاضت فيها وجبت الإقراء ونصفها من أمه أو مبعضة إن لم تحيضا أي الحرة والأمة أو إياس حلا بألف الإطلاق بشهر ونصف لكن بشهوة الإماء أولى خروجا من خلاف من أوجبهما لأنهما بدل عن القرءين في ذات الإقراء كما أن الأشهر الثلاثة للحرة بدل عن الإقراء ثلاث أطهار أي أقراء لحرة تحيض لقوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء والأمة بالرفع على الابتداء أو بالجر عطفا على الحرة ولو مبعضة اثنان لفقد التبعيض أي لأن القرء لا يتبعض فكمل وإن عتقت في عدة رجعية كملت عدة حرة أو بينونة فأمة فإن طلقت الحرة طاهرة(2/46)
وقد بقى من زمن الطهر شيء انقضت عدتها بالطعن في حيضه ثالثة أو حائضا فبالطعن في رابعه ولا يحسب طهر من لم تحض قرءا وعدة مستحاضة غير متحيرة بأقرائها المردودة إليها حيضا وطهرا ومتحيرة بثلاثة أشهر في الحال وتعتبر بالأهلة إن انطبق الطلاق على أول الهلال وإلا فإن بقى منه أكثر من خمسة عشر يوما حسب قرءا وتعتد بعده بشهرين بالأهلة وإلا لم يحسب قرءا فتعتد بعده بثلاثة أشهر هلالية والمراد بالأكثر يوم وليلة فأكثر ومن انقطع حيضها ولو لغير علة تصبر حتى تحيض فتعتد بالأقراء أو تيأس فبالأشهر فلو حاضت بعد اليأس في الأشهر وجبت الأقراء ويحسب ما مضى من الطهر قرءا أو بعدها فكذلك إن لم تنكح وإلا فلا شيء عليها والمعتبر في اليأس يأس كل النساء بحسب ما يبلغنا خبره ويعرف وأقصاه اثنتان وستون سنة ولو لزمها عدتا شخص من جنس واحد تداخلتا فإن كانت إحداهما حملا والأخرى أقراء تداخلتا فتنقضيان بوضعه ويقع عن الجهتين ويراجع قبله إن كان الطلاق رجعيا وإن كان الحمل من الوطء أو الشخصين فلا تداخل فإن كان حمل قدمت عدته سابقا إن كان أو لاحقا وإلا قدمت عدة الطلاق وإن تأخر ولو عاشر مطلقته كزوج بلا وطء في عدة أقراء أو أشهر فإن كان بائنا انقضت وإلا فلا ولا رجعة بعد الإقراء أو الأشهر وإن لم تنقض بهما العدة احتياطا ويلحقها الطلاق ما دام يعاشرها وهي كالبائن بعد انقضاء عدتها الأصلية إلا(2/47)
في الطلاق ولو نكح معتدة يظن الصحة ووطئها انقضت عدتها من حين وطىء ولو راجع حائلا ثم طلق استأنفت وإن لم يطأها بعد الرجعة أو حاملا فبالوضع فلو وضعت ثم طلق استأنفت وإن لم يطأها بعد الوضع لحامل وذات رجعة مؤن أي يجب لحامل ولو بائنا بخلع أو ثلاث بسبب الحمل ولرجعية مؤن النكاح لبقاء حق حبس الزوج عليها وسلطنته كنفقة وكسوة وغيرهما إلا مؤنة تنظف فلا تجب لهما فتجب على زوج ولو رقيقا لا لحامل عن شبهة أو نكاح فاسد ولا لمعتدة وفاة ولو حاملا لأنها بانت ونفقة الحمل القريب تسقط بالموت ونفقة العدة مقدرة كزمن النكاح ولا يجب دفعها قبل ظهور حمل فإذا ظهر وجب دفعها يوما بيوم ولو ادعت ظهوره وأنكر فعليها البينة ويقبل فيها النساء ولو ظنت حاملا فأنفق فبانت حائلا استرجع ما دفعه بعد عدتها وتصدق في قدر أقرائها بيمينها إن كذبها وإلا فلا يمين ولا تسقط بمضي الزمن وخرج بالرجعية البائن بخلع أو غيره إذا لم تكن حاملا فلا تجب لها تلك المؤن وذات عدة عن طلاق أو فسخ سواء أكان بردة أم إسلام أم رضاع أم عيب مقارن أم طارىء أم وفاة ولو بائنا بخلع أو ثلاث حاملا كانت أم حائلا تجب لها السكنى ما لم تكن ناشزة فإن عادت للطاعة عاد لها حق السكنى وكالناشزة الصغيرة التي لا تحمل الوطء والأمة التي لم تسلم ليلا ونهارا و تلازم وجوبا السكن حيث الفراق اللائق بها إلى انقضاء عدتها فلا تخرج منه ولا يخرجها منه صاحب العدة حتى لو اتفقا على الخروج منه من غير حاجة لم يجز وعلى الحاكم المنع وكالمعتدة عما ذكر المعتدة عن وطء شبهه أو نكاح فاسد وإن لم تستحق السكنى على الواطىء والناكح وشمل كلامه الرجعية وهو المعتمد والمسكن المملوك له ولا يصح بيعه إلا في عدة ذات أشهر والمستعار والمستأجر وكذا المملوك للمعتدة فيلزمها ملازمته وتطلب الأجرة على ما في المنهاج كأصله لكن المعتمد كما في أصل الروضة أنها تتخير بين بقاتها بإعارة أو إجارة وبين طلب النقلة إلى غيره(2/48)
إذ لا يلزمها بذل منزلها بإعارة ولا إجارة ولو انتقلت إلى مسكن ما أو بلد بإذن الزوج فوجبت العدة قبل وصولها إليه اعتدت فيه وإن لم تنقل شيئا من أمتعتها لأنها مأمورة بالمقام فيه حتى لو وصلت إليه ثم رجعت إلى الأول لنحو نقل أمتعتها فحصلت الفرقة اعتدت في الثاني فإن انتقلت بلا إذن أو وجبت قبل خروجها من الأول اعتدت فيه ما لم يأذن لها في الإقامة في الثاني فتعتد فيه ولو أذن لها في سفر نحو حج أو تجارة ثم رجعت في الطريق فلها الرجوع والمضي وهي معتدة في سيرها فإن مضت أقامت لقضاء حاجتها ثم يلزمها الرجوع وإن كانت عدتها تنقضي في الطريق ولو خرجت من مسكنها فطلق وقال ما أذنت في الخروج أو أذنت لحاجة لا نقله صدق بيمينه وإن اختلفت هي ووراثة في كيفية الإذن صدقت بيمينها ومنزل بدويه وبيتها من شعر كمنزل حضرية أما إذا كان المسكن نفيسا فله النقل إلى لائق بها أو خسيسا فلها طلب لائق بها وإن رجع معير المسكن أو انقضت إجارته ولم يرض بأجره نقلت ثم استثنى المصنف مما اقتضاه وجوب ملازمتها للمسكن من حرمة خروجها منه ما ذكره بقوله لا لحاجة شراء الطعام أو نحوه كشراء قطن وبيع غزل ونحوه نهارا لا ليلا إلا أن لا يمكن ذلك نهارا نعم الرجعية والبائن الحامل تجب مؤنتهما فلا يخرجان إلا بإذن أو لضرورة ومحله إذا حصل ذلك لهما لكن لهما الخروج لباقي حوائجهما من شراء قطن وبيع غزل ونحوهما وكذا لو أعطيتا النفقة دراهم واحتاجتا إلى الخروج لشراء الأدم وأشار بقوله لحاجة الطعام إلا أنه إذا كان لها من يقضيها حاجتها لم يجز خروجها لها وخوفها نفسا ومالا كانهدام أي يجوز خروجها أيضا لخوفها على نفسها أو مالها من هدم أو غرق لأن الخروج لذلك أشد من الخروج للطعام ونحوه وشمل قوله نفسا ومالا نفسها وما لها ونفس غيرها المحترمين كولد ووديعة عندها ويؤخذ من كلامه جواز المهاجرة من دار الحرب إلى(2/49)
دار الإسلام إذا خافت على نفسها أو دينها أو مالها أو بضعها لوجوبها عليها حينئذ وخروجها لإقامة الحد عليها إن كانت برزة وانتقالها منه إذا تأذت بالجيران أو هم بها أذى شديد ووجوب تغريبها إذا زنت في العدة وهي بكر ولها إن كانت غير رجعية الخروج ليلا إلى دار جاره لغزل وحديث ونحوهما للتأنس بها بشرط أن ترجع وتبيت في بيتها ويمتنع على صاحب العدة مساكنتها ومداخلتها حيث فضلت الدار عن سكنى مثلها لما يقع فيها من الخلوة المحرمة به كالخلوة بالأجنبية فإن كان في الدار محرم لها مميز ذكر أو محرم له مميز أنثى أو زوجة أخرى أو أمة جاز ما ذكر لانتفاء المحذور فيه لكن يكره لأنه لا يؤمن معه النظر ولا عبرة بالمجنون والصغير الذي لا يميز ولو كان في الدار حجرة فسكنها أحدهما والآخر الأخرى فإن اتحدت المرافق كمطبخ ومستراح ومصعد إلى السطح اشترط محرم حذرا من الخلوة فيما ذكر وإلا فلا يشترط ويشترط أن يغلق ما بينهما من باب وأن لا يكون ممر إحداهما على الأخرى حذرا من الخلوة في ذلك وسفل وعلو كدار وحجرة فيما ذكر من أنه إن اتحدت المرافق اشترط محرم وإلا لم يشترط محرم و يجب للوفاة الإحداد وهو الطيب والتزيين أي تركهما يحرم أي فيحرم عليها الطيب في البدن والثوب والطعام والكحل الذي ليس بمحرم والمراد بالتطيب ما يحرم بالإحرام نعم إن احتاجت إليه جاز ويستثنى حالة طهرها من الحيض أما الطيب الكائن معها حالة شروعها في العدة فتلزمها إزالته أيضا بخلاف المحرم ويحرم عليها التزين بأحد أمور منها المصبوغ من اللباس للتزين من قطن وحرير وغيرهما ولو غليظا قبل النسج كالأحمر والأصفر والوردي والأزرق والأخضر الصافيين والبرود وخرج بما ذكر ما لم يصبغ وإن كان نفيسا إذ نفاسته من أصل خلقته لا من زينة دخلت عليه وما صبغ لا للتزيين بل لنحو حمل وسخ أو مصيبة كالأسود والكحلي والأخضر والأزرق المشبعين الكدرين أما الطراز فإن كثر حرم وإلا فإن نسج مع الثوب جاز(2/50)
وإن ركب عليه حرم لأنه محض زينة ومنها التحلي بالحب الذي يتزين به كاللؤلؤ والمصبوغ من ذهب أو فضة أو غيرهما من خلخال وسوار وخاتم وغيرها حتى لو تحلت بنحاس ونحوه وموهته بذهب أو فضة أو ما يشبههما بحيث لا يظهر إلا بالتأمل أو كانت ممن يتحلى بالنحاس ونحوه حرم نعم إن لبست ذلك ليلا ونزعته نهارا جاز فإن كان لحاجة كإحرازه لم يكره وإلا كره ومنها الخضاب بحناء أو زعفران أو غيرهما في جميع البدن على ما قاله ابن يونس لكن حكى الشيخان عن الروياني إنما يحرم فيما يظهر كالوجه واليدين والرجلين لا فيما تحت الثياب واقتصرا عليه نعم نظر فيه البلقيني ومنها الاكتحال بالأثمد وهو الكحل الأسود والصبر وهو الأصفر وإن لم يكن فيهما طيب لما فيهما من الزينة سواء أكانت بيضاء أم سوداء إلا لحاجة كرمد فتفعله ليلا وتمسحه نهارا فإن دعت حاجتها إليه نهارا جاز أما الكحل الأبيض كالتوتياء فجائز إذ لا زينة فيه كالشعر فليس يدهن أي يحرم عليها دهن شعر رأسها ولحيتها إن كانت وإن لم يكن فيه طيب لما فيه من الزينة أما سائر البدن فلا يحرم دهنه بما لا طيب فيه كالشيرج والسمن لا بما فيه طيب كدهن البان والبنفسج وعلم مما تقرر حرمة تحمير الوجه وتبييضه بالإسفيذاج أو تصفيره بما له صفرة وتسويد الحاجب وتصغيره وتطريف الأصابع ونقش الوجه وجواز التزين بفرش وستور وأثاث البيت وغسل الرأس وامتشاطه ودخول الحمام إن لم يكن فيه خروج محرم وإزالة الوسخ وقلم الإظفار وأنه لا يجب الاحداد على المعتدة لغير الوفاة لأنها إن كانت مطلقة فهي مجفوة بالطلاق أو مفسوخا نكاحها فالفسخ منها أو لمعنى فيها فلا يليق بها فيهما إيجاب التفجع أو موطوءة بشبهة أو نكاح فاسد أو أم ولد لأن التفجع لإظهار ما فات من عصمة النكاح ولم توجد نعم يندب ذلك للمطلقة وفي معناها المفسوخ نكاحها ولو تركت من وجب عليها الإحداد عصت وانقضت عدتها كما لو فارقت المسكن الذي يجب عليها الإقامة به ولو بلغتها(2/51)
الوفاة بعد مدة العدة كانت منقضية وتحل للمرأة الإحداد على غير زوج ثلاثة أيام فأقل وتحرم الزيادة عليها
باب الإستبراء هو التربص بالمرأة مدة بسبب ملك اليمين حدوثا أو زوالا لمعرفة براءة رحمها من الحمل أو للتعبد واقتصروا على ذلك لأنه الأصل وإلا فقد يجب الاستبراء بغيره كأن وطىء أمة غيره ظانا أنها أمته وسيأتي ما يؤخذ منه أنه يجب أيضا بسبب حدوث حل التمتع في الملك كما في المكاتبة والمرتدة وغيرهما إن يطر بحذف الألف ملك أمة غير زوجة بشراء أو إرث أو هبة أو رد بعيب أو تحالف او إقالة أو قبول وصية أو غيرها فيحرم عليه أي على سيدها الاستمتاع بها بوطء أو غيره إلى مضي الاستبراء بل يستخدم إذ لا مانع منه وسواء البكر ومن استبرأها البائع قبل البيع والمنتقلة من صبي أو امرأة والصغيرة والآيسة وغيرهن وطريقه في دفع الاستبراء إن لم تكن موطوءة أو كان البائع استبرأها أن يعتقها ويتزوجها أو يزوجها غيره وخرج بقوله ملك أمة ملك بعضها فلا استبراء إذ لا استباحة وبغير زوجة ما لو ملك زوجته فله الاستمتاع بها بعد لزوم العقد بلا استبراء لعدم تجدد الحل نعم يندب له كما يأتي وفي معنى حدوث الملك في وجوب الاستبراء رفع الكتابة الصحيحة لأمته بفسخها أو بتعجيزه لها لعود ملك الاستمتاع بعد زواله بالكتابة بخلاف الكتابة الفاسدة وإسلام المرتد من السيد أو أمته لما مر ورفع الزوجية لأمته بموت زوجها أو فراقه ولو قبل الدخول نعم إن كانت مستولدة وفارقها وانقضت عدتها فله الاستمتاع بها بلا استبراء لعودها حينئذ فراشا بلا استبراء وخرج بالمذكورات ما لو حرمت عليه أمته بصلاة أو إحرام أو حيض أو نحوها ثم حلت إذ لا خلل في الملك والتحريم في ذلك لعارض سريع الزوال وكذا لو حرمت عليه برهن ثم انفك لبقاء ملك الاستمتاع بدليل حل القبلة والنظر بشهوة وإنما حرم الوطء مراعاة لحق المرتهن حتى لو أذن فيه حل وحل غير الوطء من ذي سبي أي من المسبية أما وطؤها فإنه(2/52)
حرام وفارقت المسبية غيرها بأن غايتها أن تكون مستولدة حربى وذلك لا يمنع الملك كما مر وإنما حرم وطؤها صيانة لمائة لئلا يختلط بماء حربي لا لحرمة ماء الحربي أو هلك السيد بعد وطي أمته قبل زواجها أي إن هلك السيد بعد وطىء أمته سواء أكانت مستولدة أم لا أي أو أعتقها وليست في نكاح ولا عدة نكاح فيجب استبراؤها قبل زواجها بخلاف البيع لأن المشتري يقصد الوطء وغيره لأنها كانت فراشا وزواله بعد الوطء يوجب التربص كالعدة للحرة وشمل كلامه ما لو مضت مدة الاستبراء على مستولدته قبل موته أي أو إعتاقه لأنها تشبه المنكوحة بخلاف غير المستولدة ولو أعتق موطوءته فله نكاحها في الحال بلا استبراء كما ينكح المعتدة منه ويحرم تزويج أمة موطوءة ومستولدة قبل استبراءها حذرا من اختلاط الماءين ولو أعتقها أو مات عنها وهي متزوجة أو في عدة نكاح فلا استبراء عليها لأنها ليست فراشا للسيد بوضع الحامل لو كان ذلك من زنا لان الغرض من ذلك معرفة براءة الرحم وهي حاصلة بذلك بخلاف العدة لاختصاصها بالتأكيد بدليل إشتراط التكرر فيها دون الاستبراء والحمل الحادث من الزنا كالمقارن كما بحثه الزركشي نعم لو كانت ذات أشهر وحملت من الزنا حصل الاستبراء بمضي شهر كما جزموا به في العدة لأن حمل الزنا كالعدم و بمضي حيضه كاملة للحائل ذات الأقراء فلو ملكها في الطهر ثم حاضت حيضة ارتفع التحريم ولو ملكها في أثناء حيضتها لم يعتد ببقيتها بل لا بد أن تطهر ثم تحيض حيضة بخلاف بقية الطهر في العدة فإنها تستعقب الحيض الدال على البراءة وهنا(2/53)
تستعقب الطهر ولا دلالة على البراءة ولو وطئها في حيضتها وانقطعت بحبلها فإن مضى منها قبل وطئه أقل الحيض حصل الاستبراء وإلا فلا يحصل إلا بالوضع كما لو وطأها في الطهر وحبلت منه واستبر أنت أمة ذات أشهر وهي الصغيرة والآيسة بشهر لأنه بدل عن القرء حيضا وطهرا في الغالب ويعتبر في الاستبراء وقوعه بعد لزوم العقد ولو قبل القبض فلا يكفي وقوعه في زمن الخيار وإن قلنا الملك للمشتري لعدم تمامه وبعد انقضاء عدتها بأن ملكها معتدة عن زوج أو وطء بشبهة أو مزوجة وطلقت وبعد إسلام مجوسية ووثنية ومرتدة وبعد وفاء دين المأذون إذا اشترى أمة وتعلق بها حق الغرماء لأن الاستبراء لحل التمتع فلا تعتد إلا بما يستعقب حله ومنه ما لو اشترا محرمة فحاضت ثم تحللت وأندب لشاري العرس أي زوجته بأن كانت أمة فانفسخ نكاحها أن يستبري ليتميز ولد النكاح عن ملك اليمين ولا تصير أمة فراشا لسيدها إلا بوطئه ويعلم الوطء بإقراره به أو بالبينة عليه فإذا ولدت للإمكان من وطئه لحقه وإن لم يعترف به وهذا فائدة كونها فراشا بالوطء ولو أقر بالوطء ونفى الولد وادعى استبراءها بعد الوطء بحيضه وأتى الولد لستة أشهر من الاستبراء لم يلحقه فإن أنكرت الاستبراء حلف أن الولد ليس منه ولا يجب تعرضه للاستبراء ولو ادعت استيلادا فأنكر أصل الوطء وهناك ولد لم يحلف لموافقته للأصل من عدم الوطء ولو قال وطئت وعزلت لحقه لأن الماء قد يسبق إلى الرحم من غير إحساس به باب الرضاع هو بفتح الراء وكسرها اسم لحصول لبن امرأة أو ما حصل منه في جوف طفل كما يأتي والأصل في تحريمه قبل الإجماع قوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وخبر الشيخين يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وله أربعة أركان مرضعة ورضيع ولبن وحصوله في جوف طفل كما يأتي ويعتبر في ثبوت تحريم الرضاع المحرم كونه من لبن ابنه التسع فأكثر فلا يثبت بلبن رجل ولا خنثى ما لم تظهر أنوثته ولا بلبن من لم تبلغ التسع(2/54)
سنين وسواء البكر والخلية وغيرهما ولا بلبن بهيمة حتى لو شرب منها صغير إن لم تثبت بينهما أخوة وكونه حلب منها في حياتها وإن أوجر بعد موتها فلا يثبت بلبن ميتة لطفل أي ويعتبر وصوله إلى معدة طفل ذكر أو أنثى حي وإن تقايأه في الحال أو وصل إلى دماغه لأنه محل التغذي كالمعدة فلا أثر لوصوله إلى معدة ميت أو دماغه لخروجه عن التغذي ولا لوصوله لجوف غير معدة ولا دماغ كالحاصل بصبه في جراحه في بطنة أو إحليله أو أذنه ويعتبر حصوله فيما ذكر من منفذ ولو من معي منخرق بجراحه ببطنه أو أنف أو مأمومة فلا يحرم حصوله فيه بصبه في العين بواسطة المسام وشمل قولهم من امرأة ما حصل منه كالزبد والأقط والجبن ولو كان الحاصل فيما ذكر مخلوطا بمائع حرم إن كان غالبا وإن كان مغلوبا لما خلط به بأن زالت أوصافه من طعم ولون وريح حسا وتقديرا بالأشد كلبن عجن به دقيق وخبز خرم إن حصل الجميع فيما ذكر وإلا لم يحرم إلا إذا تحقق حصول اللبن منه كأن بقى أقل من قدر اللبن فيحرم كما يحرم مطلقا إذا كان غالبا ويعتبر كون اللبن قدرا يمكن أن يسقى منه خمس رضعات لو انفرد دونا حولين أي يعتبر كونه قبل بلوغ الرضيع حولين فلو حصل بعدهما لم يحرم ولو تم الحولان في الرضعة الخامسة حرم ويعتبر الحولان بالأهلة فإن انكسر الشهر الأول كمل بالعدد من الشهر الخامس والعشرين وابتداؤهما من تمام خروج الولد وكونه خمس رضعات لخبر كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخن بخمس رضعات معلومات هنا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله مفترقات ويرجع فيهن إلى العرف فلو قطع إعراضا تعدد أو للهو وعاد في الحال أو تحول من ثدي إلى ثدي فلا تعدد ولو حلب(2/55)
منها دفعة أو أوجرة خمسا أو حلب منها في خمس مرات وأوجره مره فرضعه نظرا إلى انفصاله في الأولى وإيجاره في الثانية ولو شك هل رضع خمسا أو أقل أو هل رضع في حولين أو بعد فلا تحريم للشك في سببه صيرتها أمه أي تصير المرضعة أم الرضيع وزوجها صاحب اللبن أبا له و أخاه عمه وأخته عمته وآباءه من نسب أو رضاع أجدادا للرضيع وأمهاته من نسب أو رضاع جداته فأولاده من نسب أو رضاع إخوته وآخواته وتسرى الحرمة إلى فروع الرضيع وأولاده من نسب أو رضاع أحفاد للمرضعة والفحل ولو كان لرجل خمس مستولدات أو أربع نسوة وأم ولد فرضع طفل من كل رضعة صار ابنه ولا أمومة لهن من جهة الرضاع ولو كان بدل المستولدات بنات أو أخوات فلا حرمة بين الرجل والطفل إذ الجدودة والخؤولة فرع الأمومة لا أمومة هنا وآباء المرضعة من نسب أو رضاع أجداد للرضيع فإن كان أنثى حرم عليهم نكاحها وأمهاتها من نسب أو رضاع جداته فإن كان ذكرا حرم عليه نكاحهن وأولادها من نسب أو رضاع إخوته وأخواته وإخوتها وأخواتها من نسب أو رضاع أخواله وخالاته فيحرم التناكح بينه وبينهم وكذا بينه وبين أولاد الأولاد بخلاف أولاد الإخوة والإخوات لأنهم أولاد أخواله وخالاته وهذا معنى قوله تثبت تحريما كماض في النكاح و يباح له نظر إلى محرمه و كذا خلوة بذا أي بالرضاع يباح وسفره معها ولا ينقض لمسها الوضوء و لا تتعدى حرمة إلى أصول طفل أي آبائه وامهاته ولا تسرى لتحريم الفصول فيجوز لأبيه وأخيه أن ينكحا مرضعته ويدفع الرضاع الطارئ النكاح فلو أرضعت من يحرم عليه بنتها زوجته الصغيرة انفسخ نكاحها ولها نصف المسمى إن كان صحيحا حينئذ وإلا فنصف مهر مثلها وله على المرضعة نصف مهر المثل ولو رضعت من نائمة فلا غرم عليها لأنها لم تضع شيئا ولا مهر للمرضعة لأن الانفساخ حصل بفعلها وذلك يسقط المهر قبل الدخول ولو نكحت مطلقته صغير و أرضعته بلبنه حرمت على المطلق والصغير أبدا لأنها صارت زوجة ابن المطلق وام(2/56)
الصغير وزوجة أبيه ولو قال هند بنتى أو أختى برضاع أو قالت هو ابنى أو أخى برضاع حرم تناكحهما ولو قال زوجان بيننا رضاع محرم فرق بينهما عملا بقولهما وسقط المسمى ووجب مهر مثل إن وطئ وإلا فلا شئ وإن ادعى رضاعا فأنكرته انفسخ النكاح مؤاخذة له بقوله ولها المسمى إن وطئ وإلا فنصفه ولا يقبل قوله عليها وله تحليفها قبل الوطئ وكذا بعده إن كان مهر المثل أقل من المسمى فإن نكلت حلف هو ولزمه مهر المثل بعد الوطء ولا شيء قبله وإن ادعت فأنكر صدق بيمينه إن زوجت برضاها لتضمن رضاها الإقرار بحله وكذا لها وكذا لو زوجت بغير رضاها ثم مكنته وإن لم تمكنه صدقت بيمينها ولها مهر المثل إن وطئ وإلا فلا شئ لها ويحلف منكر رضاع على نفى علمه ومدعيه على بنت رجلا كان أو امرأة لأن الرضاع فعل الغير وفعل الغير يحلف مدعيه على البت ومنكره على نفى العلم ويثبت الرضاع بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة والإقرار له شرطه رجلان وتقبل شهادة المرضعة وإن ذكرت فعلها ولم تطلب أجرة ولا يكفى في الشهادة به بينهما رضاع محرم لاختلاف المذاهب في شروط التحريم بل يجب ذكر وقت الرضاع وعدد الرضعات ووصول اللبن إلى جوفه ويعرف ذلك بمشاهدة حلب بفتح اللام وإيجاز وازدراد أو قرائن كالتقام ثدى ومصه وحركه حلقة بتجرع وازدراد بعد علمه بأنها لبون فإن لم يعلم ذلك لم يجز له أن يشهد(2/57)
باب النفقات جمع نفقة من الإنفاق وهو الإخراج وأسباب وجوبها ثلاثة ملك النكاح وقرابة البعضية وملك اليمين والأصل في وجوبها قبل الإجماع ما يأتى وبدأ بنفقة ملك النكاح لأنها أقوى لوجوبها بطريق المعاوضة فقال مدان أي يجب للزوجة كل يوم مسلمة أو ذمية حرة أو أمة فرض الموسر أي عليه إن مكنت أي إنما تجب للزوجة نفقتها وكسوتها بتمكين زوجها منها بأن تعرض نفسها عليه ولو بأن تبعث إليه إنى مسلمة نفسى إليك والمعتبر في عرض مراهقة ومجنونة عرض الولى نعم لو سلمت المراهقة نفسها للزوج بدون إذن وليها كفى وكذا لو سلمت البالغة العاقلة نفسها إلى المراهق بدون إذن وليه فلو اختلفا في التمكين صدق بيمينه لأن الأصل عدمه ولو اتفقا عليه وادعى النشوز أو أداء مؤنة المدة الماضية صدقت بيمينها لذلك ولو امتنعت من التمكين في ابتداء الأمر ليسلمها المهر الحال فقالت سلم المهر لأمكن فلها النفقة من حينئذ وشمل كلامه الرتقاء والقرناء والمفضاة والمريضة التى لا تحتمل الوطء والمجنونة التى لا يؤمن صيالها فتجب لها المؤنة لأنها معذورة في ذلك وقد حصل التسليم الممكن ويمكن التمتع بها من بعض الوجوه بخلاف المغصوبة لخروجها عن قبضة الزوج وفوات التمتع بالكلية وما لو كان الزوج صغيرا لا يمكن وطؤه والزوجة كبيرة فتجب مؤنتها إذ لا منع من جهتها فأشبه ما لو سلمت نفسها إلى كبير فهرب لا أن كانت صغيرة لا تحتمل لتعذره لمعنى فيها كالناشزة والمد فرض المعسر مد ونصف متوسط اليد والعبرة بحال الزوج لا الزوجة ولا تعتبر كفايتها كنفقة القريب لأنها تستحقها أيام مرضها وشبعها والمد رطل وثلث بالبغدادى وهو مائة وأحد وسبعون درهما وثلاثة أسباع درهم بناء على الأصح أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ومسكين الزكاة معسر ومن فوقه إن كان لو كلف مدين رجع مسكينا فمتوسط وإلا فموسر ويختلف ذلك بالرخص والغلاء والرقيق والمكاتب والمبعض وإن كثر مال الأخيرين(2/58)
ليس عليهم إلا نفقة المعسرين ويعتبر اليسار وغيره بطلوع الفجر من حب أي الواجب فيها الحب التسليم من العيب قوت غالب في البلد أي قوت غالب أهل البلد بحسب اللآئق به ويجب عليه مؤنة طحنه وخبزه ولو طلب أحدهما بدل الحب من خبز أو غيره لم يجبر الممتنع منهما فلا يجوز أما الجواز في غيرهما كالدراهم والدنانير والثياب فلأنه اعتياض عن طعام مستقر في الذمة لمعين كالاعتياض عن طعام مغصوب متلف وأما المنع في الدقيق والخبز فلأنه ربا ولو أكلت معه كالعادة سقطت نفقتها إن كانت غير محجور عليها أو كانت وأذن وليها في أكلها معه فإن كانت محجورة ولم يأذن وليها في ذلك لم تسقط عنه والأدم واللحم كعادة البلد أي يجب لها أدم من أدم غالب البلد كزيت وسمن وجبن وتمر وخل ويختلف بالفصول فيجب في كل فصل ما يناسبه ويقدره قاض باجتهاده ويفاوت في قدره بين موسر وغيره فينظر ما يحتاج إليه المد فيفرضه على المعسر وضعفه على الموسر وما بينهما على المتوسط واللحم كعادة البلد على ما يليق به يسارا إو إعسارا ثم إن كان المدفوع يكفى غداء وعشاء لم يجب في ذلك اليوم سواه وإلا وجب ولو كانت تأكل الخبز وحده وجب الأدم ولا نظر لهادتها لأن الله شرط معاشرتها بالمعروف وليس منه تكليفها الصبر على الخبز وحده ويخدم الرفيعة القدر أحد يعنى يجب على الزوج أن يخدم(2/59)
الرفيعة القدر بأن كانت حرة لا يليق بها خدمة نفسها واحدا وإن كان الزوج معسرا أو رقيقا وأشار برفيعة القدر إلى أن الاعتبار في استحقاقها الخدمة أن تكون ممن تخدم في بيت أهلها ويحصل بحرة أو أمة أو محرم أو ممسوح أوصى غير مراهق أو مملوكا لها لا شيخ وذمية وليس له أن يخدمها بنفسه ولو فيما لا يستحيا منه والإخدام ممن ذكر يكون بأجرة أو إنفاق فإن أخدم بأجرة فليس عليه غيرها أو بإنفاق فإن كانت الخادمة أمته انفق عليها بالملك أو غيرها انفق عليها المعسر والمتوسط مدا والموسر مدا وثلثا اعتبارا فيه وفي المتوسط بثلثى نفقة المخدومة واعتبر في المعسر مد وإن كان فيه تسوية بين الخادمة والمخدومة لأن العيش لا يتم بدونه غالبا ويكون من جنس أدم المخدومة ودونه نوعا كما في الكسوة وقدره بحسب الطعام ويجب اللحم لها أيضا وتملك الزوجة نفقة أمتها الخادمة كنفقة نفسها وأما الحرة الخادمة فيجوز أن يقال تملكها الزوجة لتدفعها للخادمة وعليه لها أن تتصرف في المأخوذ وتكفى مؤنة الخادمة وعلم من قول الناظم أحد بمعنى واحد أنه لا يلزمه زيادة على خادم واحد نعم إن كان بالزوجة مرض وجب إخدامها بقدر الحاجة ويجب للخادمة بالنفقة كسوة تليق بها من قميص ومقنعة وخف وملحفة وجبة في الشتاء وسراويل اعتبارا بعادة زمننا وما نقل عن الجمهور من عدم وجوبه هو باعتبار ذلك الزمن ويجب ما تفرشه وما تتغطى به كقطعة لبد وكساء في الشتاء وباردية في الصيف ومخدة ويكون ذلك دون ما يجب للمخدومة جنسا ونوعا لا آلة تنظيف لئلا تمتد إليها الأعين فإن كثر وسخ وتأذت بقمل وجب أن ترفعه بما يزيل ذلك من مشط ودهن وغيرهما ويجب على الزوج في أول كل من فصل الشتاء والصيف كسوة زوجته قال تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف على قدر كفايتها ذلك بطولها وقصرها وهزالها وسمنها وبإختلاف البلاد في الحر والبرد ولا يختلف عدد الكسوة بيسار الزوج وإعساره ولكنهما يؤثران في الجودة(2/60)
والرداءة فيجب لها خمار للرأس وقميص ولباس أي سراويل أو نحوه بحسب عادة لها وفي الصيف مداس بفتح الميم وكسرها وهو ما يسمى بالسر موزة أو نحوه بقى قدمها من شدة الحر وكذلك القبقاب في الشتاء إن اقتضاه العرف قال الماوردى إلا إذا كانت من نساء قرية اعتدن المشي في بيوتهن حفاة فلا يجب لرجليها شئ و يجب مثله أي مثل هذا مع جبة محشوة بالقطن أو نحوها مخيطة في فصل الشتا لحصول الكفاية بذلك فإن لم يكف لشدة برد زيد لقدر الحاجة و اعتبر العادة للزوج جنسا ثبتا بألف الاطلاق فيه وفيما بعده فلزوجة الموسر من لينه والمعسر من غليظه ولزوجة المتوسط مما بينهما فإن جرت عادة بلد الزوج لمثله بكتان أو حرير وجب ويفاوت بين الموسر وغيره في مراتب ذلك الجنس وحالة أي الزوج في لينها أي الكسوة وخشونتها وغليظ القطن والكتان ورفيعها ويجب ما تقعد عليه فلزوجة الموسر طنفسة في الشتاء ونطع في الصيف ولزوجة المتوسط زلية ولزوجة المعسر لبد في الشتاء وحصير في الصيف ويشبه كما قال الشيخان أن تكون الطنفسة والنطع بعد بسط زلية أو حصير للعادة وكذا فرش للنوم فتجب مضربة وثيرة أو قطيفة ومخدة ولحاف أو نحوه في الشتاء في البلاد الباردة وذكر الغزالى الملحفة أي في الصيف وسكت غيره عنها والحكم في جميع ذلك مبنى على العادة نوعا وكيفية حتى قال الرويانى لو لم يعتادوا لنومهم في الصيف غطاء غير لباسهم لم يلزمه شئ وليكن ما يلزم من ذلك لامرأة الموسر من المرتفع ولا امرأة المعسر من النازل ولا امرأة المتوسط مما بينهما ويجب لها آلة تنظيف كمشط ودهن من زيت أو نحوه ومرتك أو نحوه لإزالته صنان إذا لم ينقطع بالماء والتراب لا كحل وخضاب وما يزين فإن أراد الزينة به هيأه لها تتزين به ودواء مرض وأجرة طبيب وحاجم وفاصد ولها طعام أيام المرض وأدمها وصرف ذلك إلى الدواء ونحوه(2/61)
وتجب أجرة حمام على العادة فإن لم تعتد دخوله فلا ويجب ثمن ماء غسل جماع ونفاس لا حيض واحتلام إذ الأول من قبل الزوج بخلاف الثانى ويقاس به من ماء الوضوء ويجب آلات أكل وشرب وطبخ كقدرة وقصعة وكوز وجرة ومغرفة ونحوها ويجب لها عليه تهيئة مسكن لائق بها عادة من دار أو حجرة أو غيرها ولو مستأجرا ومستعارا وما يستهلك من طعام وآدم ودهن تمليك تتصرف فيه بالبيع وغيره فلو قترت بما يضرها منعها منه وكذا ما دام نفعه ككسوة وظروف طعام ومشط والمسكن والخادم إمتناع لا تمليك ومر أنها تعطى كسوتها أول كل ستة أشهر وما يبقى سنة فأكثر كالفراش وجبة الحرير بحدد وقت تجديده عادة وإن تلفت فيه ولو بلا تقصير لم يبدل وإن ماتت فيه لم ترد ولو لم ينفق او لم يكس مدة فدين ويسقط ما يجب للزوجة بنشوزها وهو الخروج عن طاعة زوجها ولو بمنع لمس بلا عذر فتسقط نفقة كل يوم بالنشوز بلا عذر ولو في بعضه وكسوة الفصل بالنشور فيه ونشور المجنونة والمراهقة كالبالغة العاقلة وخروجهما بلا إذن منه نشوز إلا لعذر وسفرها بإذنه معه أو لحاجته لا يسقط ولحاجتها كحج وعمرة يسقط ولو سافرت معه بغير إذنه لم تسقط نعم إن منعها من الخروج فخرجت سقطت نفقتها ونحوها فإن سافرت بإذنه لحاجتهما معا وحدها لم تسقط ولو خرجت في غيبته أي سفره لزيارة أهلها أو نحوها كعيادة لهم لم تسقط ويمنعها الزوج صوم نفل مطلقا كالإثنين والخميس ومن صوم مطلق النذر ومن معين نذرته في نكاحه بلا إذنه ومن قضاء موسع ومن صوم الكفارة وله قطعة إن شرعت فيه فإن منعها ففعلته فناشزة لامتناعها من التمكين بما فعلته وليس له منعها من صوم عرفه وعاشوراء ولا من تعجيل مكتوبة أول وقتها لحيازة فضيلة أول الوقت ولا من فعل سنن راتبة لتأكدها وإن كان له المنع من تطويلها وقررا بدل من نون التوكيد إن بنى للفاعل وإلا فللإطلاق الفسخ بالقاضى لها أن أعسرا أي الزوج بأن ثبت أعساره عند قاض أو بإقرار أو ببينة ولو بغيبة بمسافة(2/62)
القصر أو بكونه مؤجلا بقدر مدة إحضاره منها أو حالا على معسر عن قوتها أي زوجته الواجب على المعسر أو كسوة لها كذلك أو منزل يليق بها أمهله القاضى ثلاث أيام لأقصى المهل لأنها مدة مغتفرة شرعا يتوقع فيها القدرة بفرض أو غيره وإن لم يستمهله ليتحقق عجزه فإنه قد يعجز لعارض ثم يزول و لها الفسخ قبل وطئها بالمهر أي بسببه سواء المسمى والمفروض ومهر المثل ثم في صبيحة اليوم الرابع يفسخ القاضى نكاحه بطلبها أو يمكنها من فسخه قال الإمام ولا حاجة إلى إيقاعه في مجلس الحكم لأن الذي يتعلق بمجلس الحكم إثبات حق الفسخ واحترز بقوله إن أعسر عن القادر على ما ذكر ولو بالكسب أو كأن يجد بالغداة غداءها وبالعشى عشاءها حتى لو امتنع من أداء الواجب فلا فسخ لتمكنها من وصولها إلى حقها بالحاكم أو يدها إن قدرت وعما لو غاب موسرا ولم يعلم حاله فلا فسخ بل يبعث حاكم بلدها إلى حاكم بلده ليطالبه إن علم موضعه ومتى ثبت عجزه جاز الفسخ ولا يتوقف على بعث ولا فسخ بعجزه عن نفقة الموسرين والمتوسطين وكسوتهم لأن واجبه الآن واجب المعسرين ولا بعجزه عن ذلك الزمن الماضى لتنزيله منزلة دين أخر له واحترز بقوله قبل وطئها عن إعساره بالمهر بعد وطئها فلا فسخ به لتلف المعوض بخلاف ما قبله ولو أعسر ببعض المهر وقد قبضت بعضه كان له الفسخ على المعتمد وإعساره عن المذكورات إعساره بالأدم فلا فسخ به لأن النفس تقوم بدونه وكذا إعساره بمؤن الخادم لأنه غير ضروري وبقوله لها عن وليها وسيدها فلا حق لهما في الفسخ نعم للسيد حق الفسخ بالمهر لأنه حقه وعلم من قوله بالقاضى أنه لا بد مع ثبوت إعساره من الرفع للحاكم فلو استقلت به لم ينفذ ظاهرا ولا باطنا حيث كان ثم حاكم أو محكم وإلا فالوجه استقلالها ولو عجز عن الأوانى والفرش فلا فسخ أو عن بعض الكسوة فإن كان المعجوز عنه مما(2/63)
لا بد منه كالقميص والخمار وجبة في الشتاء فلها الفسخ أو مما منه بد كالسراويل والنعل فلا ولو سلم الزوج نفقة اليوم الرابع فلا فسخ فلو سلمها لها عما مضى فظاهر كلامهم أن لها الفسخ قال الأذرعى وهو المتبادر ورجح ابن الرفعة عكسه وللرافعى في ذلك احتمالان ولو سلمها عن الرابع وعجز عنها في الخامس أو السادس جاز الفسخ في الخامس أو السادس ولا تستأنف المدة لتضررها ولو مضى يومان وأنفق الثالث وعجز عن الرابع بنت على اليومين وفسخت صبيحة الخامس ولو عجز في يوم وقدر في الثانى وعجز في الثالث وقدر في الرابع لفقت أيام العجز فإذا تمت مدة المهلة كان لها الفسخ ولها الخروج زمن المهلة لتحصيل النفقة بكسب أو سؤال وليس له منعها من ذلك الانتقاء الأنفاق المقابل لحبسها ويلزمها الرجوع ليلا لأنه وقت الدعة وليس لها منعه من التمتع بها في غير زمن التحصيل ولها ذلك زمنه ولو رضيت بإعساره العارض أو نكحته عالمة بإعساره فلها الفسخ بعده لتجدد ضررها بخلاف رضاها بإعساره بمهرها لعدم تجدده ثم شرع في كفاية الأصول والفروع فقال وأفرض كفاية على حر ذى يسر بفاضل عن مؤنته ومؤنة عياله يومه وليلة لأصل أو فرع بدرج الهمزة ويجوز جعل ألف صجبا للتثنية عائد على الأصل والفروع ولا بد في الأصل والفرع من أن يكونا من النسب لفقر صحبا أي حيث كان محتاجا نفقة وأدما وكسوة وسكنى ومؤنة خادم احتاجه وأجرة طبيب وثمن دواء وغيرها إذ الواجب الكفاية وهى غير مقدرة ويعتبر في السن والرغبة والزهادة ويلزم الكسوب كسبها كما يلزمه كسب نفقة نفسه ويباع فيها ما يباع في الدين من عقار وغيره ويقترض في العقار أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له فيباع حينئذ لا الفرع أن يبلغ ولا مكتسبا أي لا يجب لمالك كفايته ولا مكتسبها وتجب لفقير غير مكتسب وإن كان زمنا أو صغيرا أو مجنونا وإلا فتجب لأصل لا لفرع لعظم حرمة الأصل وخرج بأصله وفرعه الحرين الرقيقان ولو مكاتبين وإخوته وأخواته ونحوهم فإن(2/64)
كانا مبعضين لزمه نفقتهما بقدر حريتهما أو هو مبعض لزمته نفقة تامة وتسقط بمضى الزمان ولو استغنى في بعض الأيام بضيافة أو غيرها لم تجب ولو تلفت في يده وجب الإبدال وكذا لو أتلفها بنفسه لكن يؤخذ منه بدلها إذا أيسر وتصير دينا بفرض قاض أو إذنه في افتراض لغيبة أو منع واقترضت ويلزم الأم إرضاع ولدها اللبأ بالهمزة لأنه لا يعيش غالبا بدونه وهو اللبن أول الولادة ومدته يسيرة ولها أخذ أجرة عليه ثم بعده أن لم يوجد إلا هى أو أجنبية وجب عليها إرضاعه وإن وجدت لم تجبر الأم سواء أكانت في نكاح أبيه أم لا فإن رغبت في الإرضاع وهى منكوحة أبيه لم يمنعها لأنها أشفق ولبنها له أصلح وأوفق فإن اتفقا على إرضاعه وطلب أجرة المثل أجيبت أو فوقها أو تبرعت به أجنبيه أو رضيت بأقل من أجرة مثل لم تجب إلى ذلك ومن استوى فرعاه في القرب والإرث أو عدمهما أنفقا بالسوية بينهما وإن تفاوتا في اليسار كابنين أو بنتين وكابنى ابن أو بنت وإن اختلفا فيما ذكر كأن كان أحدهما أقرب والآخر وارثا لزمت أقربهما فإن استوى قربهما لزمت الوارث ويوزع على الوارثين الإرث بحسب الإرث لإشعار زيادة الإرث بزيادة قوة القرابة ومن له أبوان فعلى الإب أو أجداد وجدات لزمت الأقرب منهم وإن لم يدل بعضهم ببعض ومن له أصل وفرع فعلى الفرع وإن بعد أوله محتاجون ولم يقدر على كفايتهم قدم زوجته ثم الأقرب فالأقرب ثم شرع في كفاية المملوك والرقيق فقال لدابة قدر كفاها أي يجب على مالكها كفايتها لعلفها وسقيها لحرمة الروح ويقوم مقامها تخليتها لترعى وترد الماء إن ألفت ذلك فإن امتنع أجبر في المأكولة على إزالة ملك أو علف أو ذبح وفي غيرها على إزالة ملك أو علف صونا عن التلف فإن لم يفعل ذلك ناب عنه الحاكم في ذلك على ما يراه ويقتضيه الحال ولا يحلب من لبنها ماضر ولدها وهذا كالرقيق تجب كفايته(2/65)
على سيدة ولو آبقا وزمنا وأم ولد ومرهونا ومستأجرا ومعارا نفقة وكسوة وسائر المؤن بحسب العرف ويستثنى المكاتب ولو فاسد الكتابة فلا تجب نفقته على سيده لاستقلاله بالكسب وكذا تستثنى الأمة المزوجة إذا وجبت نفقتها على زوجها ويؤخذ من تعبيره بالكفاية سقوطها بمضى الزمان كنفقة القريب ويحب كفايته من غالب قوت رقيق البلد وأدمهم وكسوتهم من حنطة وشعير وزيت وسمن وقطن وكتان وصوف وغيرها ويراعى حال السيد يسارا وإعسارا فيجب ما يليق بحاله من رفيع الجنس وخسيسه فلو كان يستعمل دون اللائق به المعتاد غالبا بخلا أو رياضة أو فوقه تنعما لزمه رعاية الغالب للرقيق ولا يلزمه ان يسويه بنفسه إذا اختلفت عادتهما ويسن أن يناوله ما يتنعم به من طعام وأدم وأن يسوى بين العبيد في الطعام والكسوة وكذا بين الإماء وأن يفضل الجميلة فإن امتنع من الإنفاق على على رقيقه باع الحاكم ماله في نفقته فإن لم يكن أمره ببيعه أو إجارته أو أعتاقه فإن أبى باعه الحاكم أو أجره بحسب المصلحة ويستدين عليه إلى أن يجتمع شئ صالح فبلغ ما يفى به ولا يكلفا بحذف نون الرفع لغير ناصب ولا جازم وهو لغة والتثنية راجعة للدابة والرقيق سوى شئ يطيق من الأعمال ويجوز تكليفه الأعمال الشاقة في بعض الأوقات وإذا سافر لا يكلفه المشى إلا أن تكون المسافة قريبة وإن استعمله نهارا أراحه ليلا وكذا بالعكس ويريحه في الصيف بالقيلولة ويستعمله في الشتاء النهار مع طرفيه ويتبع في جميع ذلك العادة الغالبة وعلى المملوك بذل المجهود وترك الكسل ويجوز المخارجة برضاهما وهى ضرب خراج معلوم يؤديه كل يوم أو أسبوع من كسبه وليكن له كسب مباح دائم يفى بذلك فاضلا عن نفقته وكسوته إن جعلهما في كسبه فإن زاد كسبه على ذلك فالزيادة بر وتوسيع من سيده له وهى جائزة فلكل منهما نقضها وللسيد إجبار أمته على إرضاع ولدها منه أو من غيره لأن لبنها ومنافعها له وكذا غيره إن فضل عنه وعلى فطمه قبل حولين إن لم يضره(2/66)
وعلى إرضاعه بعدهما إن لم يضرها فليس لها استقلال بفطام ولا إرضاع وما لا روح له كدار وقناة لا تجب عمارتها ولا يكره تركها إلا إذا أدى إلى الخراب فيكره ويكره ترك سقى الزرع والشجر عند الامكان حذرا من إضاعة المال باب الحضانة هي بفتح الحاء من الحضن بكسرها وهو الجنب فإن الحاضنة ترد إليه المحضون وتنتهى بالبلوغ وقيل بالتمييز وبعده كفالة وهى حفظ من لا يستقل بأموره وتربيته بما يصلحه ولا يختص بها الإناث لكنها بهن أليق لأنهن أشفق وأهدى إلى التربية وأصبر على القيام بها ومؤنة الحضانة على من عليه النفقة ولها شروط أخذ في بيانها فقال وشرطها أي الحضانة حرية فلا حضانة لمن فيه رق رجلا كان أو امرأة ولو مبعضا لأنها ولاية وليس هو من أهلها ولاشتغاله بخدمة سيده فلا يتفرغ لها ولا يؤثر رضا سيده وإذنه له فيها لأنه قد يرجع إليها فيتضرر الولد ويستثنى مالو أسلمت أو ولد الكافر فإن ولدها يتبعها وحضانته لها ما لم تنكح ولعل المعنى فيه فراغها لمنع السيد من قربانها ووفور شفيقتها وعقل فلا حضانة لمن به جنون ولو متقطعا إلا أن يقل كيوم في سنة فهو كمرض يطرأ ويزول وفي معنى المجنون مريض برؤه كمن به سل أو فالج إن شغله ألمه عن كفالته وتدبيره أمره فإن أثر في مجرد عسر الحركة والتصرف فكذلك فيمن يباشر بنفسه دون من يدبر بنظره ولا حضانة لأبرص وأجذم بتعهده بنفسه وخيف لحوق ضرر منه مسلمة حيث كذاك الطفل أي يشترط في الحضانة الإسلام حيث كان المحضون مسلما فلا حضانة لكافر على مسلم إذلا ولاية له عليه بحال اما المحضون الكافر فللمسلم والكافر(2/67)
حضانته أمينة فلا حضانة لفاسق لأنه لا يلى ولا يؤتمن وكذا السفيه والصبي والمغفل وتكفى العدالة الظاهرة وترضع الرضيعا بألف الإطلاق أم إن كان لها لبن فإن امتنعت منه فلا حضاته لها فإن لم يكن لها لبن بقى حقها وعلى من عليه مؤنة الرضيع أن يأتى لها بمن ترضعه عندها ويشترط خلوها من نكاح من لاحق له في حضانة الولد كما يأتى ولو كان المحضون رقيقا فحضانته لسيده أو مبعضا فله الحضانة بنسبه رقة ولقريبه بنسي به حريته فإن رضى أحدهما بالآخر أو رضيا بمهايأة أو باكتراء حاضن فذاك وإلا أكترى الحاكم حاضنا وأوجب المؤنة عليهما ولا حضانة لذى الولاء ثم إذا بلغ الولد عاقلا انقطعت عنه الحضانة والكفالة ويبقى إسكانه فإن كان ذكرا يحسن تدبيره لو يجبر على أن يكون عند أبويه أو أحدهما والأولى أن لا يفارقهما بل يخدمهما ويصلهما او أنثى مزوجة فعند زوجها وإلا فإن كانت بكرا فعند أبويها أو أحدهما وتجبر على ذلك فإن افترقا خيرت بينهما وإن كانت ثيبا فالأولى أن تكون عندهما أو عند أحدهما ولا يجبر على ذلك إلا إذا لم تكن تهمة ولا ريبة وإلا فللإب والجد ومن يلى تزويجها منعها من الإنفراد والمحرم منهم يضمها إلى نفسه أن رأى ذلك وغيره يسكنها موضعا لائقا بها ويلاحظها وللأم ضمها إليها عند الريبة ولو فرضت الريبة في حق البكر فهى أولى بالاحتياط والأمرد إن خيف عليه من الانفراد وانقدحت تهمة منع من مفارقة أبويه والجد كالأب في حقه وكذا الأخ والعم ونحوهما فلو ادعى الولى ريبة وأنكرت قبل قوله ويحتاط بلا بينة وإذا اجتمع عدد من مستحقى الحضانة فإن تراضوا بواحد فذاك أو تدافعوها فحضانته على من عليه نفقته فيجبر عليها ولو امتنع المقدم في الحضانة منها أو غاب انتقلت لمن يليه كما لو مات أو جن ولو لم يوجد أحد من أقارب الولد ممن له الحضانة فحضانته على المسلمين والمؤنة من ماله فإن لم يكن له مال فهو من محاويجهم وإن طلب حضانة الولد كل من مستحقيها وهو بالصفة(2/68)
المعتبرة قدمت أمه لقربها ووفور شفقتها فأمهاتها المدليات وباناث جميعا قدم الأم القربى فالقربى وخرج بالمدليات ساقطات الإرث وهى المدلية بذكر بين أنثتين كأم أبى الأم فلا حضانة لها لادلائها بمن لا حق له فيها فهى كالأجنبية بخلاف أم الأم إذا كانت فاسقة أو مزوجة لاستحقاقها الحضانة في الجملة فالأب فأمهات الأب وقدم على أمهاته لادلائهن به وقدم عليه الأم وأمهاتها لاختصاصهن بالولادة المحققة ولانهن اليق بالحضانة منه كما مر ولأنه لا يستغنى في الحضانة عن النساء غالبا وإنما قدمن على أمهاته لتحقق ولادتهن ولقربهن من الإرث إذ لا يحجبن بالأب بخلاف أمهاته فالجد أبو الأب وإن علا فوالدات جد المدليات باناث يقدم الأقرب فالأقرب من الأجداد والقربى فالقربى من امهاتهم ويقدم كل جد على أمهاته فما للأبوين يولد أي بعد من مر ولد الأبوين أخا كان أو أختا لو فور شفيقه مع زيادة قرابته ثم ولد الأب اخا أو اختا ولد الأم أخا أو أختا لقوة قرابته بالإرث وبعده الخالات لأبوين ثم لأب ثم لأم لادلائهن بالأم التى هى أقوى في الحضانة من الأب ثم الولد لولد للأبوين ذكر أو أنثى فلأب أي ولد الأب كذلك لا ابن الأخت لأبوين أو أب كما يؤخذ من قوله بعد فولد عم حيث إرث عمه ثم بنات ولد بضم الواو وسكون اللام فيه وفيما بعد أم انتسبت أخا أو أختا لمزيد الشفقة والقرب واحترز ببنات ولد الأم عن أبنائه لضعف القرابة مع بعد الأهلية للحضانة وإنما تثبت لبنت ولد الأم والخالة ونحوهما لانضمام الأنوثة التى هى أليق بالحضانة إلى القرابة يتلوه فرع الجد الأصلين أي ولد الجد للأبوين من العم والعمة ثم الفرع للجد من أب من العم والعمة فعمه لأم بخلاف العم للأم لاحضانة(2/69)
له لأنه ذكر غير وارث فبنت خاله فبنت عمه لهدايتهما بالأنوثة إلى الحضانة وإن لم يكن لهما محرمية تقدم منهما التى لأبوين ثم التي لأب ثم التي لأم لكن أن كان المحضون ذكرا فإنما يكون لهن حضانته ما لم يبلغ حدا يشتهى مثله وخرج ببناتهم بنوهم فلا حضانة لهم لأنهم ذكور غير وارثين وعد في الروضة من الحاضنات بنت الخال ورد جمع متأخرون له بأنه غير مستقيم مع ما تقدم لادلائها بذكر غير وارث ومن كان كذلك فلا حضانة له بخلاف بنت الخالة والعمة فأنها تدلى بأنثى وبخلاف بنت العم أي العصبة فإنها تدلى بذكر وارث أجاب عنه الوالد رحمه الله تعالى بأن في الجدة الساقطة الحضانة ثابتة لأقوياء النسب فانتقلت عنها الحضانة وأما بنت الخال فقد تراخى فيها النسب فلم يؤثر فيها عدم إدلائها بوارث فولد عم وارث ذكرا كان أوأنثى لوفور شفقته وخرج بقوله حيث إرث عمه ولد عم لا إرث له وهو ولد العم للأم فلا حضانة له كأبيه تقدم الأنثى بكل حال أي بكل منزلة على الذكر بها كما قدمت الأم على الأب فيقدم كل من الأخوات الثلاث على اخيها الذي في مرتبتها وكذا في الباقى لما مر أن الحضانة بالإناث أليق وأن الذكور لا يستغنون فيها عن النساء غالبا وتقدم بنت أنثى كل مرتبة على بنت ذكرها فإن كانا في مرتبيتين فالعبرة بالمرتبة المقدمة فتقدم بنت أخ لأبوين على بنت أخ لأب كما يقدم أخ لأبوين على أخت لأب لأن مرتبته مقدمة بالمرتبة على مرتبتها وإذا استوى اثنان من كل وجه كأخوين لأبوين وتنازعا قدم بالقرعة ولا يقدم خنثى كل مرتبة على ذكرها للشك ولو أخبر بذكورته وأنوثته عمل به في الاسقاط وكذا في الاستحقاق أخواته أولى من الأخوال أي أخواته من أي وجهة كانت لأبوين أو لأب أو لأم أولى من خالاته كذلك لقربهن وإرثهن وهذا قد علم مما قدمه مع انه يجوز إطلاق الأخوال على الخالات ولو كان للمحضون زوج كبير أو زوجة كبيرة ولأحدهما تمتع بالآخر قدمت الزوجية على القرابة ولأبنه المعصون(2/70)
المجنون حضانته بعد الأبوين فهى مقدمة على الجدات ولا حضانة لأنثى محرم أدلت بذكر غير وارث كبنت ابن البنت ولا لذكر غير وارث سواء كان محرما كالخال والعم وللام وابن الاخت أم غير محرم كابنى الخال والخالة وابن العم وللأم ووالد مسافر لنقله أولى بحضانة الولد من أمه فيأخذه منها وإن قصر سفره حفظا للنسب ورعاية لمصلحة التعليم والتأديب وسهولة الانفاق بشرط أمن الطريق والمقصد بخلاف ما إذا خيفا أو أحدهما فلا يأخذه من أمه ويلحق بالخوف السفر في شدة حر أو برد وفي الكفاية عن تعليق القاضى ولو أراد النقلة من بلد إلى بادية فالأم أحق قال الاذرعى ولو أره في تعليقه ولا كتب أتباعه فإن رافقته الأم في سفره استمر حقها وإن اختلفا مقصدا وكذا إن لم ترافقه واتحدا مقصدا وخرج بتعبيره بوالد ما لو سافرت الأم لنقله أو حاجة وبنقله ما لو سافر لحاجة أو نحوها كتجارة ونزهة فليس للمسافر أخذه من المقيم فيهما لخطر السفر مع توقع العود ولو سافرا معا للحاجة واختلفا طريقا ومقصدا دام حقها ولو قال أريد سفر نقلة فقالت بل تجارة صدق بيمينه لأنه أعرف بقصده فإن نكل حلفت وامسكت الولد أو نكحت لغير حاضن له فلا حضانة لها وإن لم يدخل بها الزوج لخبر أنت أحق به ما لم تنكحى ولأنها مشغولة عنه بحق الزوج ولأن على الولد وعصبته عارا في مقامه مع زوج أمه وسواء أرضى الزوج بدخول الولد داره أو لا نعم لو رضى الأب معه بقى حقها وسقط حق الجدة وكذا لو اختلعت بالحضانة وحدها أو مع غيرها مدة معلومة فنكحت في أثنائها لأنها إجارة لازمة لكن ليس الاستحقاق في هذه بالقرابة بل بالإجارة أما إذا نكحت من له حق في حضانة الولد كعمه وابن عمه فلا يبطل حقها كما لو كانت في نكاح الأب ومحله إذا رضى من نكحها بحضانتها(2/71)
لأن له الأمتناع فإن طلقت منكوحة عاد حقها لزوال المانع كما لو كملت ناقصة بأن عتقت أو أفاقت أو تابت أو اسلمت وما ذكره المصنف في سفر الأب للنقلة يأتى في محارم العصبة كالجد والأخ والعم فهم فيه أولى من الأم بالحضانة حفظا للنسب وكذا ابن عم لذكر كذلك أيضا ولا يعطى أنثى حذرا من الخلوة بها لانتفاء المحرمية بينهما فإن رافقته بنته سلمت له وبذلك تؤمن الخلوة وما ذكره في نكاح الأم يأتى في غيرها من الحاضنات وإن يميزو وأباه اختاره يأخذ أي ما مر كله في طفل غير مميز اما المميز إن افترق أبواه من النكاح حضنه من اختاره منهما لأنه صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه فإن قام بأحدهما جنون او كفر أو فسق أو رق او نكحت أجنبيا فالحق للآخر فقط ويخير بين أم وجد وكذا أخ أو عم أو اب مع أخت أو خالة فإن أختار أحد الأبوين أو من ألحق بهما أختار الآخر حول إليه لأنه قد يظهر له الأمر على خلاف ظنه او يتغير حال من اختاره اولا ولأنه المتبع شهوته ولو رجع عن اختيار الثاني إلى الأول أعيد إليه ما لم يكثير التردد بحيث يظن قلة تمييزه فيترك عنده مستحق التقديم ويعتبر كما قاله ابن الرفعة أن يكون عالما بأسباب الاختيار وذلك موكول إلى نظر الحاكم والأم لها الزيادة حيث اختار الأب فلا يمنعها منها لئلا يكون قاطعا للرحم ولا يمنعه زيارتها لكيلا يكلفها الخروج لزيارته إلا أن يكون أنثى فله منعها زيارتها لتألف الصيانة وعدم البروز والأم أولى منها بالخروج لزيارتها والزيارة مرة على العادة لا كل يوم وإذا زارت لا يمنعها الدخول لبيته ويخلى لها الحجرة فإن كان البيت ضيقا فرج ولا تطيل المكث في بيته ولو مرض الولد فالأم أولى بتمريضه ذكرا كان أو أنثى لأنها أشفق وأهدى فإن رضى به في بيته فذاك وإلا ففي بيتها ويعوده وإذا مات لم تمنع من حضور غسله وتجهيزه إلى الدفن ولو مرضت الأم لم يمنع الولد عيادتها ذكرا كان أو أنثى فإن أحسنت البنت التمريض(2/72)
مرضتها وإن اختار الذكر أمه فعندها ليلا وعند الأب نهارا يؤدبه بالإمور الدينية والدنيوية ويسلمه لمكتب وصاحب حرفة يتعلم منهما الكتابة والحرفة وإن أختارتها الأنثى فعندها ليلا ونهارا ويزورها الأب على العادة ولا يطلب إحضارها عنده وإن أختارهما الولد أقرع بينهما ويكون عند من خرجت قرعته منهما وإن لم يختر واحدا منهما فالأم أولى لأن حضانته لها ولم يجبر غيرها كتاب الجنايات جمع جناية هي أعم من تعبيره غيره بالجراح لشموله المثقل وشهادة الزور وغيرهما وهي على ثلاثة أقسام عمد وخطأ وشبه عمد وقد أخذ في بيانها فقال فعمد محض أي العمد المحض هو قصد الضارب أي الجاني شخصا أي أنسانا معينا بما يقتله في الغالب عدوانا فقتله سواء كان بجارح كسيف وسكين أو بمثقل كحجر ودبوس أو بغيرهما والخطأ الرمي لشاخص بلا قصد كأن زلق فوقع على إنسان فمات أو بلا قصد لإنسان وقد أصاب بشرا فقتلا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده أو قصد شخصا فأصاب غيره فمات ومشبه العمد بأن يرمى إلى شخص بما أي بشيء في غالب لن يقتلا فقتل ولم يجب قصاص غير العمد أي إنما يجب القصاص في العمد إذ يحصل الإزهاق للروح بالتعدي فلا قصاص في الخطأ وشبه العمد ولا بد في العقد من قصد(2/73)
الفعل والشخص بما يقتل غالبا فلو غرز إبرة بمقتل فعمدا وكذا بغيره إن تألم حتى مات فإن لم يظهر أثر ومات في الحال فشبه عمد واعلم أن موجب العمد القود والديه بدل عند سقوطه بعفو عليها أو نحوه لأنه متلف فتعين جنسه كسائر المتلفات فلو عفا عنه على أخذ الدية من يستحق وجبت ولو محجور سفه أو فلس ولو عفا كل منهما مجانا جاز وشمل تعبيره بعفا ما لو ثبت لصبي أو مجنون فيؤخر حتى يبلغ أو يفيق نعم إن كان المجنون فقيرا فلأبيه أو جده العفو عنه على المال بحسب المصلحة كما هيه بهاء السكت أي كما في الدية المعروفة لكن مع التغليظ والحلول بقوله تجب مغلظة حالة في مال القاتل ولو بسخط قاتل المقتول وعدم رضاه بالدية وخرج بقوله على أخذ الدية ما لو أطلق العفو ولم يعف عليها على الفور فإنها لا تجب لأن القتل لم يوجبها والعفو إسقاط ثابت لا اثبات معدوم ولو عفا عن الدية فإ ن عفوه لاغ بناء على أن الواجب القود المحض وله العفو بعده عليها وما لو عفا على غير جنس الدية أو على أكثر منها كمائتى بعير فان المال يثبت ويسقط القصاص إن قبل الجانى وإلا لم يثبت ولم يسقط القصاص وما لو عفا على بعض الدية كنصفها فانه لا يجب إلا ما عفى عليه وفي الخطأ وعمده مؤجله أي تجب الدية في الخطأ وعمد الخطأ المسمى بشبه العمد مؤجله ثلاث أعوام على من عقله أي على عاقله القاتل في آخر كل سنة ثلثها لأنها دية كاملة فدية المرأة تؤجل في سنتين ففي أخر الأولى ثلثها وفى آخر الثانية الباقى ودية الكتابى والمجوس ونحوه في سنة تؤخذ في آخرها وقيمة العبد كل سنة قدر ثلث دية ولو قتل رجلين ففي ثلاث ودية ما دون النفس وأرش الجراحات والحكومات في كل سنة قدر ثلث دية أبتداء أجل دية النفس من زهوقها وغيرها من الجناية فإن سرت إلى عضو أخر فمن سقوطه ومحل تحمل العاقلة دية الخطأ وشبه العمد إذا صدقوا القاتل أو قامت به بينه وهم عصبته إلا الأصل والفرع وبقدم الأقرب فالأقرب بأن ينظر في(2/74)
الواجب آخر الحول وفي الأقربين فإن وفوا بالواجب موزعا عليهم لم يشاركهم من بعدهم وإلا شاركهم في التحمل ثم الذين يلونهم ثم المعتق ثم عصبته ثم معتق معتق الأب ثم معتق الجد ثم عصبته كذلك وهكذا فإن لم تكن عصبة أو فضل عنه شئء من الواجب ففي بيت المال إن كان الجانى مسلما فإن فقد فكله على الجانى بناء على انه يجب عليه ابتداء ثم تتحملها العاقلة وشروط العاقلة التكليف والذكورة والحرية واتفاق الدين والغنى أو التوسط وعلى الغنى في آخر كل سنة نصف دينار وعلى المتوسط في أخر كل سنة ربع دينار ويعتبران آخر الحول ومن مات في اثناء الحول فلا شئ عليه وخففت في الخطأ المحض ومن أوجهها الثلاثة من حيث كونها مخمسة كما يأتى مؤجلة وعلى العاقلة ودية شبه العمد مغلظة من وجه وهو كونها مثلثة مخففة من وجهين كونها مؤجلة على العاقلة ومثلها دية الخطأ الواقع في حرم مكة أو الأشهر الحرم ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب أو كان المقتول ذا رحم محرم من النسب كما قد غلظت في العمد فيما قدما بألف الإطلاق أي دية العمد وإن لم توجب القود كقتل الأصل فرعه مغلظة من أوجهها كلها كونها مثلثة حالة الجانى يقتص في غير أب أي يقتص في غير قتل الأصل فرعه كما يأتي من محرم كان قتل أصله أو أخاه أو عمه أو في الشهور الحرم أو في الحرم المكى لأنه قتل لو وقع فيه لم يضمن فلا يمنع منه كقتل الحية أو العقرب وسواء التجأ القاتل إلى الحرم فرارا من القتل أم لا نعم لو التجأ إلى المسجد الحرام أو غيره من المساجد(2/75)
أخرج منه في الأصح ثم قتل لأنه تأخير يسير لصيانة المسجد ولو التجأ إلى الكعبة وأخرج قطعا في الحال أي يقتص على الفور ولو في الحر والبرد والمرض وسواء في جميع ما ذكر قصاص النفس والطرف وغيرهما لأن القصاص موجب الاتلاف كتغريم المتلفات ويثبت القصاص لكل وارث بنسب او سبب كالمال وينتظر غائبهم إلى حضوره وصغيرهم إلى بلوغه ومجنونهم إلى إفاقته فلا يجوز للحاضر الكامل استيفاؤه ويحبس القاتل حينئذ ولا يخلى بكفيل وتحبس الحامل في قصاص النفس أو الطرف حتى ترضعه اللبأ ويستغنى بغيرها ولو بهيمة او فطام لحولين ولا يستوفى قصاص إلا بأذن الإمام أو نائبه لأن أمر الدماء خطر ولأن وجوبه يفتقر إلى الاجتهاد للاختلاف في شروط وجوبه واستيفائه فإن استقل عزر لافتيانه على الإمام ويستثنى من اعتبار الإذن ما لو وجب للسيد على رقيقة قصاص وما لو اضطر المستحق فله قتله قصاص وأكله ما لو قتل في الحرابة فلكل من الإمام والمستحق الانفراد بقتله وما لو انفرد بحيث لا يرى ويأذن الإمام للمستحق إذا كان أهلا للاستيفاء في نفس لاطرف ونحوه وليتفقوا على مستوف وإلا فقرعة بين القادرين فمن خرجت قرعته استوفاه باذن الباقين ولو قتله أحدهم قبل العفو فلا قصاص عليه وللباقين قسط الدية في تركة الجانى أو بعد عفو غيره لزمه القصاص مطلقا لسقوط حقه من القصاص بالعفو ومن قتل بمحدد أو نحو تجويع اقتص به رعاية للمماثلة أو بسحر أو خمر أو لواط فبسيف ومن عدل إلى سيف فله والجمع بالنصب أو بالرفع بفرد فاقتل أي يقتل الجمع بواحد إن كان فعل كل قاتلا لو انفرد أو توطأوا لأن القتل عقوبة تجب للواحد على الواحد فتجب للواحد على الجماعة كحد القذف ولأنه لو لم يجب القود لاتخذ الناس الاشتراك في القتل ذريعة إلى أنتفاء القود وللولى أخذ حصة بعضهم من الدية باعتبار الرءوس في الجراحات وباعتبار عدد الضربات في غيرها ولا يقتل شريك بخطأ وشبه عمد بخلاف من سقط عنه القود لمعنى قائم به كالأصل(2/76)
فيقتص من شريكه ويقتص من الواحد والجمع في النفس أو في عضوه ذى الفصل بفتح الميم وكسر الصاد لأن القود خطر فاختص بما يؤمن فيه الحيف والتعدى وذلك في الأعضاء المنتهية إلى المفاصل كالأنامل والكوع والمرفق والركبة والكف وكذا في أصل فخذ ومنكب إن أمكن بلا إخافة وكما يقتص في كل عضو ينضبط بمفصل يقتص أيضا في كل طرف بمفصل ينضبط بحيزه كالعين والأذن والجفن والمارن واللسان والذكر والأنثيين والحشفة والشفرين والأليين ويجب في إبطال المنافع كسمع وبصر وشم وذوق وكلام وبطش ولا قصاص في العقل ولا يقتص في شئ من الجراحات إلا في الموضحة وهى الجراحة النافذة إلى العظم إن يكن القاتل ذا تكلف أي يعتبر لقصاص النفس وغيرها أن يكون الجانى مكلفا بأن يكون بالغا فلا قصاص على صبي ومجنون ويجب على متعد بمزيل عقله كالخمر لتعدية ولو قال كنت عند الجناية صبيا أو مجنونا صدق بيمينه إن أمكن الصبا وعهد الجنون قبله لو قال أنا صبي الأن فلا قصاص ولا يحلف أنه صبي وأن يكون الجانى ملتزما للأحكام فلا قصاص على حربى لعدم التزامه ويجب على المعصوم بعهد أو غيره والمرتد لالتزام الأول وبقاء علقة الإسلام في الثانى وأن يكون المجنى عليه معصوما بإسلام أو أمان فيهدر الحربى وكذا المرتد في حق مسلم وذمى ومن عليه قصاص معصوم في حق غير مستحقه والزانى المحصن إن قتله ذمي قتل به أو مسلم فلا وأصل من يجنى عليه ينتفى عنه القصاص أي يعتبر أن لا يكون الجانى أصلا للمجنى عليه فلا قصاص على الأصل بجنايته على فرعه وإن سفل سواء أكان من جهة الأب أو الأم والمعنى فيه أن الوالد كان سببا في وجوده فلا يكون الولد سببا في عدمه وكما لا قصاص على الأصل بجنايته على فرعه(2/77)
لا قصاص عليه بجنايته على مورث فرعه كأن قتل عتيقه أو زوجه نفسه وله منها ابن لأنه إذا لم يقتص منه بجنايته على مورثه أولى كانتفا من نزلا بألف الإطلاق فيه وفيما بعده عنه بكفر أي يعتبر أن لا يكون الجانى مسلما والمجنى عليه كافرا فلا يقتل مسلم بكافر ويقتل الذمى بالمسلم وبالذمى وإن اختلفت عقيدتهما فلو أسلم القاتل أو الجارح لم يسقط القصاص للمكأفاة حال الجناية ويقتص الإمام باذن الوارث ويقتل مرتد بذمى وبمرتد لا ذمى بمرتد وقوله بكفر أو بدرج الهمزة للوزن برق حصلا أي يعتبر أن لا يكون الجانى حرا والمجنى عليه رقيقا فلا يقتل حر بمن فيه رق لأنه لا يقطع طرفه فأولى أنه لا يقتل به لأن حرمة النفس أعظم من حرمة ة الأطراف ويقتل قن ومدبر مكاتب وأم ولد بعضهم ببعض ولا يسقط القود بعتق القاتل أو الجارح ولا يقتص من مبعض المبعض ولا قصاص بين عبد مسلم وحر ذمى ويعتبر أن لا يكون الجانى سيدا للمجنى عليه فلو قتل المكاتب أباه وهو ملكه فلا قصاص واشرط في قصاص الطرف بالطرف والجرح بالجرح مع ما شرط في النفس تساوى بسكون الياء وتقدير الفتحة عليها كما هى لغة الطرفين أي العضوين في الأسم و المحل فلا تقطع الإبهام بالسبابة والخنصر بالبنصر ولا عكسه ولا يسار بيمنى ولا شفة سفلى بعليا ولا عكسه ولا أنملة بأخرى ولا زائد بزائد في محل آخر كزائد بجنب الخنصر وزائد بجنب الإبهام لانتفاء المساواة في الجميع في المحل المقصود في القصاص ولا يضر تفاوت كبر وصغر وطول وقصر وقوة بطش وضعف ولا بد في قطع الزائد بالزائد أن لا تكون زائدة الجانى أتم كأصبع لها ثلاثة مفاصل ولزائدة المجنى عليه مفصلان ولو كانت أصابع إحدى يديه وكفها أقصر من الأخرى فلا قصاص في القصيرة على مستويها بل تجب فيها دية كاملة ويعتبر قدر الموضحة طولا وعرضا ولا يضر تفاوت غلظ لحم وجلد لم تنقطع صحيحه بذي شلل أي لا تؤخذ صحيحة من يد أو رجل بشلاء وإن رضى به الجانى فلو فعل بغير إذنه لم(2/78)
يقع قصاصا بل عليه ديتها وله حكومة ولو سرى فعليه قصاص النفس او بأذنه فلا قصاص في النفس ولا دية في الطرف إن أطلق الإذن ويجعل مستوفيا لحقه وقيل عليه ديتها وله حكومة وقطع به البغوى كذا في الروضة كأصلها وتؤخذ الشلاء من يد أو رجل بالصحيحة إلا أن يقول أهل الخبرة لا ينقطع الدم لو قطعت وتجب دية الصحيحة وتؤخذ شلاء بشلاء مثلها أو أقل شللالإن لم يخف نزف الدم والشلل بطلان العمل ويقطع سليم يد أو رجل بأعصم أو أعرج ولا أثر لخضرة أظفارها وسوادها وتؤخذ ذاهبة الأظفار بسليمتها دون عكسه والذكر صحة وشللا كاليد فيما مر والأشل منقبض لا ينبسط أو عكسه ولا أثر للانتشار وعدمه ويؤخذ أنف صحيحب أخشم وأذن سميع بأصم لا عين صحيحة بحدقة عمياء ولا لسان ناطق بأخرس ودية واجبة في كامل النفس وهو المحقون الدم المسلم الحر الذكر غير الجنين مائة إبل أي من الإبل وهو في الأصل اسم جمع مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي هي الإبل أو منصوب تمييزا لمائة على لغة ووقف عليه بلغة ربيعة وإن كان حقه ان يضاف إليه فيكون مجرورا والعبرة في كونها كاملة بوقت الموت وإن كانت ناقصة عند الإصابة أو بعدها كأن جرح ذميا أو مسلما فارتدا ثم أسلما أو رقيقا ثم عتق وماتوا فإن غلطتها أي الدية وذلك في العمد وشبه العمد والخطأ فيما مر فالمجزئة منها ستون بين جذعة وحقه وأربعون ذات حمل ولو قبل خمس سنين وهى الخلفة حقه هو جناس محرف سواء اكان العمد موجبا(2/79)
القصاص فعفى على مال أو لا كقتل الأصل فرعه ويثبت حمل الخلفة بعدلين من أهل الخبرة وإ تخفف في الخطأ المحض في غير ما مر فابنة المخاض عشرون كابنة اللبون الماضى وابن اللبون قدرها ومثلها من حقه وجذعه إذ كلها من إبل صحيحة سليمة من عيبها أي الدية وهو ما يرد به في البيع وإن كانت إبل دفعها مريضة أو معيبة لتعلقها بالذمة بخلاف الزكاة لتعلقها بالعين فلا يقبل مريض أو معيب إلا برضا المستحق به بدلا عن حقه في الذمة السالم من المرض والعيب لأن له إسقاط الأصل فكذا صفته وتجب الدية من غالب إبل الدافع إن شاء وإن خالف إبل االبلد وإن شاء من غالب إبل البلد أو القبيلة لذى البادية وإن تفرقوا فإن لم يكن في البلد أو القبيلة إبل فمن غالب أقرب البلاد إليه ويلزمه النقل إن قربت المسافة ولانعدام قيمه أي تجب قيمهما فعل حسا أو شرعا من غالب نقد بلد الأعواز يوم وجوب التسليم إن لم يمهل المستحق والنصف من الدية للأنثى والخنثى نفسا وجرحا لأن زيادته عليها مشكوك فيها وللكتابى وهو لليهودي أو النصرانى اللذان تحل مناكحتهما ثلثها أي ثلث دية المسلم وهى ثلاثة وثلاثون بعيرا وثلث بعير كشبهة الكتاب وهو التوارة والإنجيل وفي كلامه جناس تام مماثل والسامرة من اليهود والصابئون من النصارى إن لم يكفروهم وإلا فحكمة حكم المجوس و دية عابد الشمس والقمر وذي التمجس وعابد الأوثان جمع وثن بالمثلثة اي ضم ثلث الخمس أي دية المسلم وهو ستة أبعرة وثلثا بعير ويعبر عنه أيضا بثلثي عشر دية المسلم وبخمس دية الكتابى وهو من له كتاب ودين كان حقا وتحل ذبيحته ومناكحته ويقر بالجزية وليس للمجوسي من هذه الخمسة لا الخامس فكانت ديته خمس ديته والمرأة والخنثى منهما على النصف مما ذكر قوم رقيقا أي تجب في الرقيق قيمته بالغة ما بلغت عبدا كان أو أمة لأنهما مال فأشبها سائر الأموال الملتزمة والمبعض تجب قيمة جزئه الرقيق ودية جزئه الحر وفي أطراف الرقيق ما نقص من قيمته إن(2/80)
لم تتقدر في الحر وإلا وجبت فيها من قيمته بتلك النسبة ففي قطع يده نصف قيمته وفي ذكره وأنثييه قيمتان وجنين الحر ولو أنثى أو خنثي أو ناقص الاعضاء أو مجهول النسب يضمن بغرة سواء انفصل كله أم بعضه أم ظهر بلا أنفصال فلو جنى على امرأة فماتت ولم يظهر منه شئ أو كان بها أنتفاخ أو حركة فزال فلا غرم للشك ولو ضرب بطن ميته بالشك فألقت جنينا لم تجب كما قاله الماوردي والبغوي لأن الظاهر موته بموتها ورجحه البلقينى لأن الايجاب لا يكون بالشك أما لو علمنا حياة الجنين كأن صاح أو تنفس فمات أو بقى متألما حتى مات ففيه الدية ولو ألقت ميتا وحيا فمات فدية وغرة أو بدنين ولو ملتصقين فغرتان أو أربع أيد أو أرجل ورأسين فغرة لا مكان كونها لجنين واحد بعضها أصلى وبعضها زائد ويعتبر في الجنين كونه معصوما حال الجناية وظهور تخطيط بعضه ولو للقوابل والغرة رقيق مميز سليم من عيب مبيع ساوت لنصف العشر أي عشر دية الأم المسلمة لأنه لا يمكن تكميل الدية فيه لعدم كمال حياته ولا الإهدار فقدرت بأقل دية وردت وهو الخمس في الموضحة والسن فإن لم توجد أو وجدت بأكثر من ثمن المثل وجب الخمس من الإبل فإن فقد بعضها أخذت قيمته من الموجود وفي الجنين الكتابي غرة كثلث غرة الجنين المسلم فيجب فيه رقيق يعدل بعير أو ثلثين وفي الجنين المجوسي ونحوه غرة كثلث خمس غرة الجنين(2/81)
المسلم فيجب رقيق يعدل ثلث بعير ودية الرقيق عشر غرمه من قيمه الأم أي يجب في الجنين الرقيق عشر قيمة أمه وإن كانت حرة لسيد الأمه ولو ألقت الأمة بالجنياية عليها ميتا ثم بعد عتقها آخر وجب في الأول عشر قيمة الأم وفي الثانى غرة ويعتبر أقصى قيمتها من الجناية إلى الاجهاض وخرج بالرقيق المبعض فالتوزيع فيه بالحصة وتحمل عاقلة الجانى الغرة لانتفاء العمد في الجناية على الجنين وإن تعمد الجناية على أمه في العقل أي إزالته دية كدية نفس صاحبه لأنه أشرف المعانى وبه يتميز الانسان عن البهيمة والمراد العقل الغريزي الذي يناط به التكليف دون المكتسب الذي به حسن التصرف ففيه الحكومة ومحل ما ذكر إذا تحقق أهل الخبرة عدم عودة فإن توقعوه انتظر إن قدروا مدة لا يظن انقراض العمر قبل فراغها فإن مات قبل الاستقامة وجبت دية ويأتى ما ذكر في سائر المعانى ولو نقص وأمكن ضبطه بالزمن أو بغيره وجب قسطه وإلا فحكومة ولو ادعى وليه زوال عقله وأنكره الجانى فإن لم ينتظم قوله وفعله في خلقه فله دية بلا يمين وإلا صدق الجانى واللسان في قطعه أو إشلاله من ناطق دية كدية نفس صاحبه وشمل كلامه لسان الأرت والألثع والطفل وإن لم يبلغ أو ان نطفه فإن بلغه ولم ينطق لم تجب إلا الحكومة كقطع لسان الأخرس وشمل كلامه أيضا لسان من تعذر نطقه لخلل في لسانه ككونه ولد أصم فلم يحسن لسانه لأنه لم يسمع شيئا ففيه الدية كما جزم به في الأنوار و في إبطال التكلم بالجناية على اللسان مثلا كدية نفس صاحبه لأنه عضو مضمون بالدية فكذا منفعته العظمى كاليد فإن أخذت ديته فعاد ردت ولو أبطل نطقه بقطع لسانه لزمه دية واحدة وفي إبطال بعض الحروف قسطه فإن بقي له كلام مفهوم وإلا فالدية والموزع عليها في لغة العرب ثمانية وعشرون حرفا ولو عجز عن بعضها بغير كناية كملت الدية في إبطال كلامه وذكر أي في قطعه أو أشلاله دية كدية نفس صاحبه ويشمل الصغير والشيخ والعنين و في ابطال الصوت مع(2/82)
بقاء اللسان على اعتداله وتمكنه من التقطيع والتردد كدية نفس صاحبه لأنه من المافع المقصودة فلو أبطل صوته وحركه لسانه فعجز عن التقطيع والترديد فديتان لأنهما منفعتان في كل منهما دية و في إبطال التطعم وهو الذوق دية كدية نفس صاحبه كغيره من الحواس وتدرك به حلاوة وحموضة ومرارة وملوحة وعذوبة وتوزيع الدية عليها وإن نقص الإدراك فحكومة فلو أبطل مع الذوق النطق وجب ديتان لاختلاف المنفعة ولاختلاف المحل فالذوق في طرف الحلقوم والنطق في اللسان كما جزم به في أصل الروضة وكمره أي الحشفة دية كدية النفس لأن معظم منافع الذكر وهى لذة الجماع تتعلق بها واحكام الوطء تدور عليها وهى مع الذكر كالأصابع مع الكف ولو قطع بعضها وزعت الدية عليها لا على الذكر كالمارن والحلمة وتجب الدية في المضغ وفي إبطال قوة الإماء بكسر الصلب أو بغيره وفي إبطال قوة الاحبال وفي إبطال لذة الجماع لذة الطعام وفي أفضاء المرأة من الزوج أو غيره وهو رفع الحاجز بين مدخل الذكر والدبر ولما فرغ من بيان ما بدله كبدل نفس صاحبه المجنى عليه شرع في بيان ما بدله كنصف بدلها اللازم منه ما بدله مع مثله كبدلها فقال وفي أذن أي في قطعها أو قلعها أو إشلالها نصف الدية لأن فيها مع الجمال منفعتين جمع الصوت ليتأدى إلى محل السماع ودفع الهوام فإن صاحبها يحسن بسبب معاطفها بدبيب الهوام فيطردها وهذه هى المنفعة المعتبرة في إيجاب الدية وإن عللوا قطع الأذن الصحيحة بالشلاء ببقاء الجمال منفعة جمع الصوت أو استماعها للأحرف أي في إبطال سماع أذن واحدة نصف دية صاحبها لا لتعدد السمع فإنه واحد وإنما التعد في منفذة بخلاف ضوء البصر إذ تلك الطبقة متعددة ومحلها الحدقة بل لأن ضبط نقصانه بالمنفذ أقرب(2/83)
منه بغيره وفي إبطاله من الإذنين الدية ولو ازال أذنيه وسمعه فديتان ولو أدعى زواله وانزعج للصياح في نوم وغفلة حلف الجانى والإحلف المجنى عليه وأخذ دية وإن نقص فسقطه إن عرف وإلا فحكومة باجتهاد قاض وإن نقص من إذن سدت وضبط منتهى سماع الأخرى ثم عكس ووجب قسط التفاوت من الدية واليد أي في كل يد نصف دية صاحبها إن قطعت من كف فإن قطعت من فوقه فحكومة أيضا و في إبطال البطش لكل يد نصف دية صاحبها لأنه من المنافع المقصودة و في إزالة شم المنخر بفتح الميم وكسرها مع كسر الخاء فيهما أي الواحد بالجناية على الرأس او غيره نصف دية صاحبها وفي إزالة شم المنخرين دية صاحبهما لأنه من الحواس التي هي طلائع البدن فكان كغيره منها إن نقص وعلم قدر الذاهب في جب قسطه وإلا فحكومة و في قطع كل شقة أو إشلالها نصف دية صاحبها سواء العليا والسفلى وإن تفاوتت منفعهما كما في اليدين والأصابع ولأن فيهما جمالا ومنفعة ظاهرة وفي الشفتين الدية وحدها في العرض إلى الشدقين وفي الطول إلى ما يستر لحم الأسنان والعين أي في قلع العين الباصرة نصف دية صاحبها ولو كانت جهراء وهي التي لا تبصر في الشمس وحولاء وهي التي كأنها ترى غير ما تراه أو عمشاء وهي ضعيفة الرؤية مع سيلان الدمع غالبا او عشياء وهي التي لا تبصر ليلا أو خفشاء وهي صغيرة ضعيفة البصر خلقة يقال هي التي تبصر ليلا فقط أو بها بياض لا ينقص الضوء لأن المنفعة باقية ولا نظر إلى مقدارها كمنفعة المشي أما إذا نقص الضوء فقسطه إن انضبط النقص بالأعتبار بالصحيحة التي لا بياض فيها فإن لم ينضبط فحكومة وسواء أكان البياض على البياض أم السواد على السواد أم الناظر ثم البصر أي في إبطال بصر العين نصف دية صاحبه وفي إبطال بصر العينين الدية لأنه من المنافع المقصودة سواء الأحول والأعمش والأعشى وغيرهم فلو فقأ العين لم تتعدد الدية وإن ادعى زواله وأنكره الجانى سئل أهل الخبرة فإنهم إذا أوقفوا الشخص في مقابلة(2/84)
عين الشمس ونظروا في عينيه عرفوا أن البصر قائم أم ذاهب ثم يمتحن بتقريب عقرب أو حية بغتة ونظر هل ينزعج أولا فإن انزعج صدق الجاني بيمينه وإلا فالمجنى عليه وإن نقص فكالسمع و في قطع الرجل من القدم نصف دية صاحبها فإن قطعت من فوق فحكومة أيضا وفي الرجلين الدية أو مشي لها من رجل واحدة نصف دية صاحبها وفي إبطال مشيهما الدية أو خصية بضم الخاء من كسرها وهى البيضة نصف دية صاحبها سواء أكان أقطعها أم أشلها أم دقها بحيث زالت منفعتها وفي الخصيتين الدية وألية وهى الناتئ من البدن عند استواء الظهر والفخذ نصف دية صاحبها وإن لم يصل القطع إلى العظم وفي الآليتين الدية كالخصيتين سواء فيه الرجل والمرأة ولو قطع بعض إحداهما وجب قسطه إن عرف قدره وإلا فحكومة واللحى بفتح اللام أفصح من كسرها أي في إزالته نصف الدية لصاحبه لأن فيه جمالا ومنفعة وإشلاله كازالته وفي اللحيتين وهما منبت الأسنان السفلى وملتقاهما الذقن الدية ولو كان عليهما الأسنان كما هو الغالب وجب مع ديتهما أرش الأسنان ولو فكهما أو أشلهما لزمه ديتهما كنصف الدية أي في جميع ما مر من قوله وفي إذن وحلمة الأنثى وهو رأس الثدي نصف ديتها سواء أقطعها أم أشلها لأن منفعة الارضاع بها وفي الحلمتين الدية ولو قطع الثدي مع الحلمة لم تجب إلا الدية وتدخل فيها حكومة الثدي كالكف مع الإصابع أما حلمة غيرها ففيها الحكومة وفي قطع شفرها وإشلاله نصف ديتها وفي الشفرين الدية كالخصيتين سواء شفر الرتقاء والقرناء وغيرهما لأن النقصان فيهما ليس في الشفر بل داخل الفرج ثم أخذ في بيان ما بدله كثلث دية صاحبه فقال وطبقة من مارن وهو مالان من الإنف وهو ثلاث طبقات طرفان ووترة(2/85)
حاجزة بينهما ثلث دية صاحبها سة اء أقطعها أم أشلها لأن في كل منها جمالا ومنفعة وفي المارن الدية وفي الأنف إذا استؤصل المارن الدية الكاملة سواء في ذلك الأخشم والسليم ولا يزاد بقطع القصبة معه شئ وتندرج حكومتها في ديته وجائفة ثلثها أي ثلث دية صاحبها وهي جرح ينفذ إلى جوف فيه قوة تحيل الغذاء أو الدواء كبطن وصدر وثغرة نحر وجبين وخاصرة ونحوها بخلاف الفم والأنف واللحى ونحوها لأنها ليست من الأجواف الباطنة بدليل أنه لا يحصل الفطر بما يصل إليها ولأنه لا يعظم فيها الخطر كتلك وبخلاف العين وممر البول من الذكر ونحوهما إ ليس فيها قوة تحيل الغذاء أو الدواء ثم بين ما بدله كربع دية صاحبه فقال والجفن ربع الدية السالفة أي في االجفن الواحد من الأجفان الأربعة ربع دية صاحبه وإن كان لأعمى سواء أقطعه أم أشله وفي الأربعة الدية لأن فيها جمالا ومنفعة وفي جفنين نصف الدية لأن كل متعدد من الأعضاء تجب في جنسه الدية توزع على عدده كاليدين والرجلين والأصابع ثم بين ما بدله كعشر دية صاحبه فقال لأصبع عشر أي لكل أصبع من أصابع اليدين والرجلين عشر دية صاحبه ففي أصبع الذكر الحر المسلم عشرة أبعرة ومنها الأنملة ثلث أي في كل أنملة سوى الإبهام ثلث العشر ثم أخذ في بيان ما بدله كنصف عشر دية صاحبه فقال ومن بهم بفتح الباء وهى الإبهام عشر دية صاحبها لأن واجب الإبهام التي هي أنملتان عشر الدية وفي المنقلة والسن أو موضحة وهاشمه أي في كل من الموضحة وهي التي توضح العظم والهاشمبة وهي الت تهشمه والمنقلة وهي التي تنقله منها في الراس أو الوجه نصف عشر دية صاحبها وفي المنقلة الموضحة والهاشمة خمسة عشر من الإبل والمراد هنا بالرأس ما يعم العظم الناتيء خلف الأذن ويسمى الخشاء بضم المعجمة الأولى وأدغام الثانية في مثلها والمد والخششاء بفك الأدغام وبالوجه ما يعم اللحيين ولو من تحت المقبل منهما وخرج بعظم الرأس والوجه عظم سائر البدن فلا تقدير(2/86)
فيه لأن أدلة ذلك لا تشمله لاختصاص أسماء الثلاثة المذكورة بجراحة الرأس والوجه وليس غيرهما في معناهما لزيادة الخطر والقبح وفي السن ممن سقطت رواضعه ثم نبتت أو ظهر فساد منبتها بالجناية نصف عشر دية صاحبها سواء أكسر الظاهر منها دون اصلها المستتر باللحم أم قلعها به وسواء أكانت صغيرة أم كبيرة ثابتة أم متحركة نعم إن بطل نفعها ففيها الحكومة فلو قلعها كلها وعدتها في الغالب ثنتان وثلاثون فبحسابه وإن زاد على ذلك كل خمسة أبعرة ولو خلقت قطعتان إحداهما من أعلى والأخرى من أسفل لم تزد على دية صاحبه وفي الشاغية أي الزائدة الحكومة فنصف عشرها بلا مخاصمة أي في كل مما ذكر نصف عشر دية صاحبه بلا مخاصمة أي مدافعة في ذلك عضو بلا منفعة معلومة والجرح لم يقدر به أي مالا يتقدر من الحرفية الحكومة وهي جزء نسبته إلى دية النفس نقص الجناية من قيمته لو كان رقيقا بصفته فمن ذلك قطع عضو لا منفعة فيه بأن كان أشل والجرح الذي لا مقدر فيه وجملة شجاع الرأس والوجه عشر حارصة وهي ما شق الجلد قليلا ودامية تدميه من غير سيلان دم وقيل معه وباضعة تقطع اللحم ومتلاحمة تغوص فيه وسمحاق تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم وموضحه وهاشمه ومنقله وقد مر بيانها وحكمها ومأمومة تبلغ خريطة الدماغ ودامغة تخرقها وفي كل منهما ثلث الدية كما علم من قوله وجائفة ففي هذه الشجاج ما عدا الخمسة المذكورة الحكومة ثم إن كانت الحكومة لطرف له أرش مقدر اشترط أن لا تبلغ مقدره فإن بلغته نقص الحاكم شيئا باجتهاده ولا يكفى حط أقل متمول ويقوم بعد اندماله فإن لم يبق نقص اعتبر(2/87)
أقرب نقص إلى الاندمال فإن لم يبق نقص أوجب الحاكم شيئا باجتهاده في القتل تكفير وخرج بالقتل الأطراف والجراحات فلا كفارة فيها لأن النص ورد بها في القتل وليس غيره بمعناه فتجب الكفارة على القاتل فإن كان صبيا أو مجنونا فتجب في مالها فيعتق الولي منه فإن أعتق من مال نفسه عنهما وكان أبا أو جدا جاز أو عبدا كفر بالصوم أو ذميا فتكفيره بالعتق بأن يسلم عبده فيعتقه وسواء أكان القتل عمدا أم خطأ أم شبه عمد مباشرة أم سببا ويشترط لوجوبها أن يكون المقتول آدميا معصوما بإيمان أو أمان فتجب بقتل مسلم ولو بدار الحرب وذمي ومعاهد ومؤمن وجنين ورقيق نفسه ونفسه ولا تجب بقتل حربي ولا نساء أهل الحرب وصبيانهم ولا بقتل صائل دفعا ولا بقتل باغ عادلا وعكسه ولا جلاد قتل بأمر الإمام ظلما وهو جاهل به ولا على العائن وعلى كل من الشركاء كفارة لأنها لا تتجزأ ففرض الباري العتق ككفارة الظهار في أن من قدر على إعتاق رقبة مؤمنة سليمة من عيب يخل بالعمل فاضله عن كفايته لزمه ثم إن لم يقدر على الإعتاق الصوم أي صوم شهرين متتابعين كالظهار لكن لا إطعام فيها اقتصارا على الوارد فيها ولا يحمل المطلق على المقيد لأن ذاك في الأوصاف وما هنا في الأشخاص باب دعوى القتل يعتبر في دعوى القتل أن يفصل ما يدعيه من عمد وخطأ وشبه عمد وانفراد وشركة فإن أطلق ندب للحاكم أن يستفصله وأن يعين المدعى عليه فلو قال قتله أحدهم لم تسمع وأن لا يكذبها الحس فلو ذكر جماعة لا يتصور إجتماعهم على القتل لم تسمع وأن لا تتناقض فلو ادعى انفراد شخص بالقتل ثم ادعى على آخر لم تسمع وأن يكون كل من المدعى والمدعى عليه مكلفا إن قارنت دعواه لوث سمعت أي يعتبر في تحليف المدعى القتل كونه بمحل لوث وهي قرينة لظن غلبت كأن وجد قتيل في محله أو قرية صغيرة لاعدائه وأن لا يساكنهم غيرهم أو تفرق عنه جمع محصورون ولو تقاتل صفان وانكشفا عن قتيل فإن التحم قتال أو وصل سلاح أحد الصفين للآخر(2/88)
فلوث في حق الصف الآخر وإلا فلوث في حق أهل صفه وشهادة عبيد أو نساء أو فسقه أو صبيان أو كفار لوث بل وقول راو كذلك فإذا قارنت الدعوى لوثا يحلف خمسين يمينا مدعى القتل للآتباع وهو مخصص لخبر البينة على المدعى ولا تشترط موالاتها فيجوز تفريقها في خمسين يوما ولو تخللها جنون أو أغماء بنى بخلاف ما إذا مات في أثنائها أو عزل القاضي أو مات في أثنائها ولو كان للقتيل ورثة وزعت الخمسون بحسب الارث وجبر الكسر ولو نكل أحدهما أو غاب حلف الآخر خمسين وأخذ حصته وله الصبر إلى حضور الغائب فيحلف معه ما يخصه ولو حضر الغائب بعد حلفه حلف خمسا وعشرين ولو كان الوارث غير حائز حلف خمسين ويمين المدعى عليه بلا لوث والمردودة منه على المدعى أو المردودة من المدعى على المدعي عليه مع لوث واليمين مع شاهد خمسون ودية العمد إذا حلف المدعى واجبه على جان دعى عليه ولا قصاص فإن يكن المدعى عن اليمين أي الأيمان أو بعضها ولو يمينا واحدة امتنعا بألف الإطلاق حلفها الذي عليه يدعى وإذا حلف المدعى في الخطأ أو شبه العمد فالدية على العاقلة مخففة في الأولى ومغلظة في الثاني(2/89)
باب البغاة جمع باغ سموا بذلك لمجاوزتهم الحد وقيل لطلب الاستعلاء والأصل فيه قوله تعالى وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية وليس فيها ذكر الخروج على الإمام لكنها تشمله لعمومها أو تقتضيه لأنه إذا طلب القتال لبغى طائفة على طائفة فللبغي على الإمام أولى وأجمع الصحابة على قتالهم وهو واجب فإن رجعوا إلى الطاعة قبلت توبتهم وترك قتالهم وأطلق الأصحاب أن البغي ليس بأسم دم وأن البغاة ليسوا فسقة كما أنهم ليسوا كفرة لكنهم مخطئون في تأويلهم وبعضهم سماهم عصاة وقال ليس كل معصية فسقا وعلى الأول فالتشديدات في مخالفة الإمام كخبر من حمل علينا السلاح فليس منا وخبر من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه محمولة على المخالف بلا عذر ولا تأويل مخالفو الإمام الأعظم بخروج عليه وترك الانقياد له أو منع حق توجه عليهم وسواء أكان قصاصا أم حدا أم مالا كالزكاة كما هو معنى قوله الآتى مع المنع لأشيا لازمه وسواء أنصبت لها إماما أم لا وسواء أكان إمامنا عادلا أم جائرا لأنه لا ينعزل بالجور إذ تأولوا شيئا أي لأجل أن تأويلوا تأويلا يسوغ تأويله ويعتقدون به جواز الخروج على الإمام وهو ظن باطل أي ظني البطلان كتأويل الخارجين على على رضي الله عنه بأنه يعرف قتله عثمان رضي الله عنه ويقدر عليهم ولا يقتص منهم لمواطأته إياهم وتأويل بعض مانعي الزكاة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه بأنهم لا يدفعون الزكاة إل لمن صلاته سكن لهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بذلك المخالفون بغير تأويل كمانعي حق الشرع كالزكاة عنادا أم بتأويل باطل قطعا كتأويل المرتدين فليسوا كالبغاة وكذا الخوارج وهم صنف من المبتدعة يكفرون من أتى كبيرة ويطعنون بذلك من الأئمة ولا يحضرون معهم في الجمعة والجماعات وحكمهم أنهم إن لم يقاتلوا وكانوا في قبضة الإمام تركوا نعم إن تضررنا بهم تعرضنا لهم حتى يزول الضرر ثم إن صرحوا بسبب الإمام أو واحدا منا عزروا وإن(2/90)
عرضوا به فلا وإن قاتلوا فهم فسقة وأصحاب نهب فحكمهم حكم قطاع الطريق إن قصدوا إخافة الطريق مع شوكة لهم بحيث يمكنها المقاومة له أي للأمام ويحتاج الإمام إلى احتمال كلفة من بذل مال وإعداد رجال ونصب قتال ليردهم إلى الطاعة واستغنى المصنف بالشوكة عن اشتراط مطاع فيهم لأنها لا تحصل إذا لم يكن لهم متبوع مطاع إذ لا قوة لمن لم يجمع كلمتهم مطاع وخرج بذلك ما إذا كانوا أفراد يسهل الظفر بهم فليسوا بغاة وللبغاة حكم أهل العدل في قبول شهادتهم ونفوذ قضاء قاضيهم والحكم بسماع البينة واستيفائهم حقوق الله تعالى والعباد وصرفهم سهم المرتزقة إلى جندهم وعدم ضمان ما أتلفوه بسبب القتال من نفس أو مال وحكم ذوي الشوكة بلا تأويل حكم البغاة في الضمان مع المنع لأشيا بالقصر للوزن لازمه أي مع منع حق لزمهم وعلى الإمام أن لا يقاتلهم حتى ينذرهم وينبغي أن يبعث لهم أمينا فطنا ناصحا يسألهم ما ينقمون فإن ذكروا مظلمة أو شبهة أزالها فإن أصروا بعد الإزالة وعظهم وأمرهم بالعود إلى الطاعة ثم أعلمهم بالقتال فإن استمهلوا فيه اجتهد وفعل ما رآه صوابا فإن ظهر له أن استمهالهم للتأويل في إزالة الشبهة أمهلهم أو لاستلحاق مدد لم يمهلهم وإذا قاتلهم دفعهم بالأخف فالأخف فإن أمكن أسر فلا قتل أو أثخان فلا تذفيف فإن التحم الحرب واشتد الخوف دفعهم بما يمكن ويلزم الواحد منا مصابرة اثنين من البغاة ولا يولى عنهما إلا متحرفا القتال أو متحيزا إلى فئة ولم يقاتل مدبر منهم للنهي عنه(2/91)
وشمل تعبيره بالمدبر من تحيز إلى فئة بعيدة أو أعرض عن القتال أو بطلت قوته أما من ولي متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة قريبة فإنه يتبع ويقاتل وكذا لو ولوا مجتمعين تحت راية زعيمهم ولا يقتل جريحهم ولا أسير هم للنهي عنه حصلا بألف الإطلاق أي حصل في قبضتنا ولو قتل منا رجل أسيرهم فلا قود للشبهة وعند أمن العود أي عودهم لنا إذ تفرقوا عند انقضا الحرب الأسير منهم يطلق حيث كان صالحا للقتال وإن لم يكن كاملا كمراهق وعند أمن عودهم عند انقضاء الحرب أما غير الصالح للقتال كأمرأة وصبي مراهق فيطلق بعد انقضاء الحرب وإن لم تؤمن عائلتهم نعم إن قاتلت النساء فكالرجال لا يطلقن إلا بعد أمن غائلتهم وما لهم من خيل وسلاح وغيرهما يرد عليهم بعد الحرب أي نقضائه وأمن غائلتهم بعودهم إلى الطاعة أو تفرق جمعهم في الحال من غير تأخير واستعماله كالغصب فلا يجوز استعماله إلا لضرورة بأن لم يجد أحدنا ما يدفع به إلا سلاحهم أو ما يركبه وقد وقعت هزيمة إلا خيلهم ولا يقاتلون بعظم كنار ومنجنيق إلا لضرورة كأن قاتلوا به واحتجنا إلى المقاتلة بمثله دفعا أو احاطوا بنا واحتجنا في دفعهم إلى ذلك ولا يستعان عليهم بكافر ولا بمن يرى قتلهم مدبرين كالحنفى فإن احتج إلى ذلك جاز إن كان فيهم جراءة وحسن أقدام وكنا متمكنين من منعهم لو اتبعوهم ولو استعانوا علينا بأهل حرب وأمنوهم ليقاتلونا معهم لم ينفذ أمانهم علينا ونغذ عليهم نعم إن قالوا ظننا أن الحق معهم وأن لنا أعانة الحق أو ظننا جواز إعانتهم أو أنهم استعانوا بنا في قتال كفار وأمكن صدقهم في ذلك قاتلناهم كقتال البغاة ونبلغهم المأمن ولو أعانهم أهل ذمة عالمين بتحريم قتالنا مختارين فيه انتقض عهدهم أو مكرهين فلا والإمامة فرض كفاية فإن لم يصلح لها إلا واحد تعين عليه طلبها ما لم يبتدئ وتنعقد ببيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يعتبر حضورهم وشرطهم صفة الشهود ولا يشترط عدد حتى(2/92)
لو تعلق الحل والعقد بواحد كفى وباستخلاف الإمام قبله فلو جعل الأمر شورى بين جمع فكاستخلاف فيرتضون أحدهم وباستيلاء جامع الشروط وكذا فاسق وجاهل فتجب طاعته فيما لا يخلف للشرع وشرطه كونه مسلما مكلفا حرا ذكرا عدلا قرشيا مجتهدا سميعا بصيرا ناطقا كافيا سليما من نقص ويمنع استيفاء الحركة وسرعة النهوض ولا يؤثر الغشاء ولا ضعف البصر الذي لا يمنع معرفة الأشخاص ولا فقد الشم والذوق ولا قطع الذكر والأنثيين باب حد الردة أعاذنا الله منها هي لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره وشرعا ما سيأتى وهي أفحش انواع الكفر وأغلظها حكما لقوله تعالى ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر الآية ولقوله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ولخبر البخاري من بدل دينه فاقتلوه كفر المكلف البالغ العاقل اختيارا خرج المكره لقوله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ذي هدى أي المسلم بجحود مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة ولو كان لفرض من صلاة جحدان أو حلل محرما بالإجماع معلوما من الدين بالضرورة كالزنا وشرب الخمر أو حرم حلالا بالإجماع معلوما من الدين بالضرورة كالنكاح أو اعتقد وجوب ما ليس بواجب بالإجماع كذلك كصلة سادسة او القي مصحفا بقاذورة(2/93)
باب حد الزنا أو سجد لصنم أو شمس أو قذف سيدتنا عائشة بعد نزول القرآن أو ادعى نبوة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم أو صدق مدعيها أو أستخف باسم الله أو رسوله أو رضى بالكفر أو أشار به وسواء في ذلك أكان بنية كفر أم قول مكفر أم فعل مكفر سواء في القول أكان استهزاء أم اعتقادا أما عنادا كأن تردد في الكفر أم عزم عليه في المستقبل أو اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو كذب رسولا وتجب استتابة للمرتد قبل قتله لأنه كان محترما بالإسلام وربما عرضت له شبهة فتزال إذ لو مات على حاله مات كافرا بخلاف تارك الصلاة فانه لو مات مسلما لن يمهلا أي في الحال إن لم يتب فواجب أن يقتلا لخبر من بدل دينه فاقتلوه وهو شامل للمرأة وغيرها ولا يقتل المرتد في جنونه أو سكره فربما رجع فلو قتله إنسان قبل الاستتابة أساء فيعزر ولا شيء عليه ويندب تأخير توبة السكران إلى إفاقته ولا يدفن المرتد في مقابر المسلمين لخروجه بالردة عنهم ولا في مقابر الكفار لما تقدم له من حرمة الإسلام ومتى أسلم المرتد ذكرا أو أنثى صح إسلامه ولو زنديقا أو سكران أو تكررت ردته ويعزر من تكررت ردته ومن كفر بقذف نبي صح إسلامه وترك كغيره ولا بد في إسلام المرتد وغيره من الشهادتين وإن كان مقرا بإحداهما وتكفيان ممن ينكر الرسالة إلا من خصها بالعرب فلا بد مع ذلك أن يقول أشهد أن محمدا رسول الله إلى سائر الخلق أو يبرأ من كل دين مخالف للإسلام فلو كان كفره بجحود فرض أو إستباحة محرم لم يصح إسلامه حتى يأتي بالشهادتين ويرجع عما اعتقده ويندب أن يمتحن عند إسلامه بإقراره بالبعث وإذا ترك المسلم المكلف صلاة من الخمس من دون جحد عامدا بلا عذر ما صلى عن وقت جمع أي تركها حتى خرج وقتها أو وقت ما تجمع معه استتبه أنت ندبا فان لم يتب فالقتلا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله ويكون بالسيف ويقتل حدا لا كفرا وقد علم أنه لا يقتل بترك الظهر حتى تغرب الشمس ولا بترك المغرب حتى يطلع الفجر ويقتل(2/94)
في الصبح بطلوع الشمس وفي العصر بغروبها وبالعشاء بطلوع الفجر فيطالب بأدائها إذا ضاق وقتها ويتوعد بالقتل إن أخرجها عن الوقت فإن أصر وأخر استوجب القتل ومن ترك الصلاة ترك ركن من أركانها أو شرط مجمع عليه من شروطها وعلم أن تارك الجمعة يقتل وإن قال أصليها ظهرا بعد ذا صلاتنا عليه أي بعد أن يقتل تارك الصلاة يغسل ويكفن ويصلى عليه ثم الدفن في قبورنا أي ثم يدفن في مقابر المسلمين ولا يطمس قبره كسائر أصحاب الكبائر من المسلمين بل أولى لما ذكرناه من سقوط الإثم بالحدود باب حد الزنا وهو رجم المحصن وجلد غيره وتغريبه كما يأتي والزنا بالقصر أفصح من مده هو الإيلاج الآتي بيانه وهو حرام وقد أجمع على تحريمه سائر الملل وهو إيلاج مكلف مختار عالم بتحريمه حشفة ذكره الأصلي المتصل أو قدرها من مقطوعها بفرج أصلي متصل محرم لعينه خال عن الشبهة مشتهى فخرج بالإيلاج المفاخذة ومساحقة المرأتين والإيلاج في غير فرج أو في فرج زائد أو مشكوك فيه أو مبان فلا يوجب الحد بل التعزير وخرج إيلاج الزوج والسيد الخالي عن الحرمة وإيلاج شبهة الفاعل وإيلاج غير المكلف لأنه لا يوصف بتحريم وإيلاج المكره والجاهل بالتحريم والإيلاج المحرم لعارض وشبهة المحل والطريق وهي كل جهة أباح بها عالم والإيلاج في البهيمة والميتة إذ ليس فيهما سوى(2/95)
التعزير يرجم الزاني الذي هو حر محصن ولو ذميا رجلا أو امرأة بالوطء بأن غيب حشفته في عقد صحيح وهو ذو تكلف ولو في حيض أو إحرام وبغير إنزاله فلا رجم على من فيه رق ولا على من زنا وهو غير مكلف لكن اعتبار التكليف غير مختص بالرجم بل هو شرط في أصل الحد ولا رجم على من غيب وهو ناقص ثم زنا وهو كامل ويرجم من كان كاملا في الحالين ومقتضى كلامه أن إحصان أحد الزوجين لا يؤثر فيه نقص الآخر وهو كذلك وأفهم قوله يرجم عدم قتله بالسيف ونحوه لأن القصد التنكيل بالرجم بأن يأمر به الإمام ليحيطوا به فيرمونه من الجوانب بمدر وحجارة معتدلة لا بحصيات خفيفة ولا بصخرة مذففة ولا يحفر للرجل سواء أثبت زناه بالبينة أو بالإقرار ويندب للمرأة إن ثبت زناها بالبينة لا بالإقرار ولا يؤخر لبرد وحر مفرطين وإن ثبت بالإقرار لأن النفس مستوفاة به وإنما يثبت الزنا بأربعة رجال أو إقراره ويشترط التفسير في كل منهما والبكر جلد مائة للحر ونفى عام قدر ظعن القصر أي إلى مسافة القصر فما فوقها للأتباع والرق أي حد الرقيق ومثله المبعض نصف الجلد وهو خمسون جلدة و نصف التغرب وهو نصف سنة ولا يكفي نفي الزاني نفسه لأن القصد التنكيل وإنما يحصل بنفي الإمام ولو قدم النفي على الجلد جاز وأول مدته ابتداء السفر لا وقت وصوله لما غرب إليه وتعتبر موالاة المائة والعام فلا يجوز تفريقهما ولو في حق ضعيف الخلق نعم لو جلد الزاني في يوم خمسين متوالية وفي ثانية خمسين كفى إذ الخمسون قدر حق الرقيق ولا تغرب امرأة وحدها بل مع زوج أو محرم أو نسوة ثقات مع أمن الطريق وعليها أجرته إن لم يخرج بدونها فإن امتنع لم يجبر ويغرب القريب من بلد الزنا إلى غير بلده بحيث لا يكون بينه وبين بلده دون مسافة قصر ولو رجع المغرب رد إلى الموضع الذي غرب إليه واستؤنفت المدة ويستوفى الحد الإمام أو نائبه فيه من حر ومبعض ومكاتب ويستحب حضور الإمام وشهود الزنا ويحد الرقيق سيده عند الاستيفاء(2/96)
رجلا كان أو امرأة والإمام فإن تنازعا فيمن يحده فالإمام ويغربه السيد أيضا وللفاسق والمكاتب والكافر حد أرقائهم لإصلاح ملكهم ودبر العبد زنا كالأجنبي أي إيلاج الحشفة أو قدرها في دبر عبده زنا كإيلاجها في دبر الأجنبي ذكرا كان أو غيره فيرجم الفاعل إن كان محصنا وللسيد تعزير رقيقه في حقوق الله تعالى وله سماع البينة بموجب العقوبة ويؤخر الجلد لمرض يرجى برأة فإن لم يرج جلد بعثكال عليه مائة غصن فإن كان عليه خمسون ضرب به مرتين وتمسه الأغصان أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم ولو برىء بعد أجزأه فإن انتفى لم يسقط الحد ويجب تأخير الجلد لحر وبرد مفرطين إلى إعتدال الوقت لكن لو جلده الإمام فيهما فهلك لم يضمنه ومن أتى بهيمة أو دبر زوجته أي بعدما منعه الحاكم عنه أو دون فرج كمفاخذة ومقدمات وطء أو أتى ميتة عزرا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله أي عزر فاعله والقاعدة الأكثرية في ذلك أنه يعزر في كل معصية لأحد فيها ولا كفارة كمباشرة أجنبية بغير وطء وسرقة ما دون النصاب وسب إيذاء بغير قذف وشهادة زور أو ضرب بغير حق بما يراه الحاكم من ضرب أو صفع ولا يبلغ به أدنى حدود المعزر أو حبس أو نفي ولا يبلغ به سنة للحر ونصفها لغيره أو توبيخ على ما يؤدي إليه اجتهاده من جمع واقتصار على واحد وعليه رعاية الترتيب والتدريج كدفع الصائل فلا يرقى إلى مرتبة وهو يرى ما دونها كافيا ولو علم أن التأديب لا يحصل إلا بالضرب المبرح امتنع هو وغيره ولو عفى مستحق حد فلا تعزير للإمام أو مستحق تعزير فللإمام إقامته(2/97)
باب حد القذف بالمعجمة أي الرمي بالزنا وهو كبيرة لقوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الآية أوجب لرام بمعنى علا كما في وللرقيق باللواط والزنا كقوله لغيره لطت أو زنيت والرامي مكلف مختار غير أصل جلد ثمانين لحر أحصنا بألف الإطلاق وللرقيق والمبعض النصف بالنصب عطفا على مفعول أوجب أو برفع مبتدأ خبره للرقيق وهو أربعون جلدة لأنه على النصف من الحر فيما يمكن تبعيضه فلا حد على صبي ومجنون ويعزر المميز من صبي ومجنون له نوع تمييز ولا على مكره وأصل بقذف فرع وإن سفل ذكرا كان أو أنثى لأنه لا يقتل به نعم يعزر وسواء أكان القاذف مسلما أم مرتدا أم ذميا أم معاهدا أم ذكرا أم أنثى عرف محصنا بأن يكون مكلفا أسلم حرا ما زنا ولم يطأ وطأ محرما أبدا فلو كان المقذوف صبيا أو مجنونا أو رقيقا أو غير عفيف عن الزنا أوالوطء المذكور لم يكن محصنا فلا حد على قاذفه بل يعزر للإيذاء وإن تقم بينة على زناه أي المقذوف ولو بعد القذف يسقط الحد بخلاف ما لو ارتد بعده كأن صدق المقذوف القاذف قذفا على قذفه أو عفاه أي عفا عن القذف فإنه يسقط ولو أباح قذفه لغيره كأن قال لغيره اقذفني لم يجب الحد ولو قذف واحدا بالزنا مرتين لزمه حد واحد ولو استوفى المقذوف الحد بلا حاكم أو الحاكم بلا طلب من مستحقه لم يقع الموقع ولو شهد دون أربعة بالزنا أو ثلاثة مع زوج المرأة بزناها حدوا وكذا لو شهد أربع نسوة أو عبيد أو ثلاثة رجال وامرأة أو عبد أو ذمي ولو شهد أربعة من الفسقة أو ثلاثة عدول وفاسق أو أربعة من أعدائه أو عدو ومع ثلاثة فلا حد على الشهود ولو شهد واحد على إقراره فلا حد عليه باب حد السرقة بفتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها وهي لغة أخذ المال خفية وشرعا أخذه خفية من حرز مثله بشروط تأتي وهي كبيرة موجبة للقطع والأصل في القطع بها قبل الإجماع قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء(2/98)
بما كسبا وغيره مما يأتي ولها أركان سارق ومسروق وسرقة وقد أشار إليها مصنف بقوله وواجب بسرقة لمكلف أي يشترط في السارق كونه مكلفا مختارا وملتزما الأحكام وعالما بالتحريم سواء أكان مسلما أم ذميا رجلا أم امرأة حرا أم رقيقا فيقطع مسلم أو ذمي بمال مسلم أو ذمي فلا قطع على صبي ومجنون لانتفاء تكليفهما أو مكره للشبهة وحربي ومعاهد ومؤمن لانتفاء التزامهم للأحكام ولا مسلم أو ذمي بسرقة ما لهم لغير أصله وفرع أي يشترط أيضا أن يكون مملوكا لغير أصله وفرعه فلا قطع بسرقة مال أصل وفرع للسارق لما بينهم من الاتحاد وأن يكون مملوكا لغيره فلا قطع على من سرق مال نفسه من يد مرتهن أو مستأجر أو مستعير أو مودع أو عامل أو وكيل ما تفي قيمته ربع دينار أي يشترط كون قيمة المسروق تجمع ربع دينار ذهب(2/99)
وقف عليه بلغة ربيعة وهو منصوب على التمييز أي ذهبا مضروبا خالصا أو يبلغ قيمة ذلك ولو كان الذهب قراضة أو تبرا تبلغ قيمته ربع دينار مضروب والدينار المثقال بغير لم يشب أي يشترط أن يبلغ خالص المغشوش ربع دينار وإلا لم يقطع والتقويم يعتبر بالمضروب فلو سرق شيئا يساوي ربع دينار من غير المضروب كسبيكة وحلي ولا يبلغ ربعا مضروبا فلا قطع به ولو سرق ربعا سبيكة أو حليا لا يساوي ربعا مضروبا فلا قطع به نظرا للقيمة فيما هو فيه كالسلعة ولو سرق ما وزنه دون ربع دينار وقيمته بالصنعة ربع دينار فلا قطع به نظرا للوزن ولو سرق دنانير ظنها فلوسا لا تساوي ربعا قطع ولا أثر لظنه من حرز مثله أي يشترط كون المسروق مأخوذا من حرز مثله لان الجناية تعظم بمخاطرة أخذه من الحرز فحكما بالقطع زجرا فلا قطع بسرقة ما ليس محرزا ويختلف الحرز باختلاف الأموال والأحوال فيرجع فيه إلى العرف وقد يكون الشيء محرزا في مكان دون مكان وفيه وقت دون وقت فلا قطع إلا بسرقة ما أحرز في موضع يستحق المحرز منفعته ولو بالعارية من السارق أو غيره فلا قطع بسرقة من حرز مغصوب ولا بسرقة ما أحرز مع مغصوبه فإن كان بمسجد أو نحوه اشترط دوام لحاظ ولا يقدح فيه الفترات العارضة عادة أو بحصن كدار كفى لحاظ معتادو اصطبل متصل بالدور حرز دواب ونحوها وعرصة دار وصفة حرز آنية وثياب بذلة لإثياب نفيسة أو نحوها وما نام عليه أو توسده فمحرز ويعتبر في الملاحظ قدرته على منع السارق بقوة أو استغاثة ودار منفصلة حرز يحافظ فيها يقظان أو نائم مع إغلاقها ومتصلة حرز لا مع فتحها ونومه ولو نهارا فإن لم يكن فهي حرز نهارا مع أمن وإغلاقها وخيمة بصحراء محرزة بشد أطنابها وحافظ وما فيها لشد أطنابها وإرخاء أذيالها معه ولا شبهة فيه لسارق أي يشترط أن لا يكون للسارق فيه شبهة كشركة فلا يقطع مسلم بمال المصالح ولا مستحقا للزكاة بمالها ولا بسرقة ما وهب له قبل قبضه ولا بسرقة ما ظنه ملكه أو ملك(2/100)
بعضه أو سيده أو يدعيه وإن لم يثبت مدعاه ولو سرق سيد المبعض ما ملكه بحريته لم يقطع على الأصح لأن ما ملكه في الحقيقة لجميع بدنه فصار شبهة ولا شبهة في كون المسروق مباح الأصل كحطب وحشيش ولا في طعام عام المجاعة إن وجد ولو عزيزا بثمن غال ولو ادعى نقص القيمة لم يقطع ما لم تقم بينه بخلافه فلو ملك السارق المسروق قبل الرفع إلى الحاكم فلا قطع لتوقفه على طلب المسروق منه وقد تعذر ولا قطع على مختلس وهو من يعتمد الهرب ومنتهب وهو من يعتمد الغلبة والقوة ومودع ومستعير إذا جحدوا سواء في هتك الحرز أكان بنقب أم كسر باب وقلعة وفتح المغلاق والقفل وتسور الجدار ولو أدخل يده في النقب أو مخحبنا وأخرج المتاع أو أرسل حبلا من السطح أو الكوة في رأسه كلاب وأخرج به متاعا قطع ولو أرسل قردا وأخرج فلا قطع ولو حمل أعمى زمنا وأدخله الحرز فدله الزمن على المال فأخذه وخرج به قطع الأعمى دون الزمن تقطع يمناه من الكوع أي يده اليمنى وتمد اليد مدا عنيفا لتخلع ثم تقطع بحديده ماضية ويضبط جالسا حتى لا يتحرك ولا تمنع زيادة أصابعها ولو كانت شلاء فإن قال أهل الخبرة ينقطع دمها قطعت وإلا فكمن لا يمين له ويكتفي بفاقدة الأصابع ولو سرق مرارا كفى قطعها ويجب على السارق رد ما سرقه فإن تلف لزمه بدله فإن عاد لها أي سرق بعد قطعها أو كانت مفقودة فرجله اليسار من مفصلها بخلاف ما إذا قطعت بعد السرقة بآفة أو جناية فلا قطع عليه لأنه تعلق بعينها وقد فاتت ومثله لو شلت وتعذر قطعها فإن بعد بعد قطع رجله اليسرى قطعت يسرى من يد فإن عاد فيمناه أي رجله اليمنى فإن(2/101)
يعد بعد قطع الأربع فتعزير بغير قتل والأمر بقتله منسوخ أو مؤول بالمستحل ويغمس القطع أي محله بزيت أو دهن مغلي فإن جرت عادتهم بالحسم بالنار فعل وليس ذلك تتمة للحد بل حق للمقطوع فلا يفعل إلا بإذنه وهو مندوب ومؤنته عليه كأجرة الجلاد وفي بعض النسخ بدل هذا البيت يعد فتعزير وقيل قتلا ويغمس القطع بزيت مغلى باب قاطع الطريق قطع الطريق البروز لأخذ مال أو لقتل أو إرعاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما يأتي والأصل فيه قوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية وقاطع بالنصب ويجوز الرفع الطريق إذا لم يقتل ولم يأخذ مالا بالإرعاب أي اقتصر على إرعاب الرفقة أي خوفهم وفي معناه من أغاثهم وكثر جمعهم عزره أي عزره الإمام باجتهاده بحبس أو تغريب أو غيرهما ولا يحده وحبسهم في غير مكانهم أولى ويعتبر في قاطع الطريق التزامه للأحكام وتعبير الشيخين بالإسلام مرادهما أن جميع أحكام الباب من وجوب غسل وصلاة إنما يثبت للمسلم وخرج غير المكلف ومعتمد الهرب ولا يشترط شهر السلاح بل القاصدون بالعصا والحجارة قطاع ولا يشترط فيهم الذكورة فالنسوة إذا كان فيهم فضل قوة قاطعات طريق بل الواحد إذا كان كذلك وتعرض للأنفس والأموال مجاهرا فهو قاطع طريق والأخذ للنصاب في السرقة وهو ربع دينار مضروب خالص أو ما قيمته من حرز مثله لا شبهة له فيه وطلب مالكه كف اليمين اقطع ورجل اليسرى كذلك للآية السابقة وإنما تقطع من خلاف لئلا يفوت جنس المنفعة عليه فإن فقدت إحداهما ولو قبل أخذ المال اكتفى بالأخرى ويقطعان على الولاء فإن يعد لقطع الطريق بعد قطعهما أو فقدتا قبل أخذ المال فاقطع كفا ورجل الأخرى أي يده اليسرى ورجله اليمنى أما إذا فقدتا بعده فيسقط القطع كما في السرقة إن يقتل أو يجرح بدرج الهمزة للوزن بعمد ينحتم قتل أي إذا لم يأخذ القاطع مالا وقتل مكافئا له عمدا أو جرحه عمدا فسرى إلى نفسه تحتم قتله للآية فلا يسقط وإن عفا(2/102)
عنه مستحقه بمال فيقتل حدا حتما ويسقط قتله قصاصا ويثبت ما عفا به والمغلب فيه معنى القصاص فلا يقتل بغير كفء ولو مات أخذ من تركته دية الحر وقيمة غيره ولو قتل جمعا معا قتل بأحدهم وللباقين ديات أو مرتبا فبالأول ولو عفا وليه بمال لم يسقط قتله ولو قتل بمثقل أو نحوه فعل به مثله ولو كان القتل أو الجرح لغير أخذ المال لم يتحتم قتله ولو جرح فاندمل لم يتحتم قصاصه وبالأخذ للمال مع القتل لزم قتل فصلبه على خشبة أو نحوها بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه ثلاثة أيام ليشتهر حاله ويتم نكاله نعم إن خيف تغيره قبلها أنزل وإنما لم يصلب قبل القتل لأن فيه تعذيبا فإن مات قبل قتله سقط الصلب بسقوط متبوعه وإذ يتوب قاطع الطريق قبل ظفر به وقدرة عليه نبذ وجوب حد لا حقوق آدمي أي يسقط عنه وجوب حده تعالى وهو القطع وتحتم(2/103)
القتل والصلب بخلاف ما لو تاب بعدها لمفهوم الآية ولتهمة الخوف ولا يسقط بها حقوق الآدمي من قود وضمان مال فللولي القود والعفو على مال أو مجانا ومثل الحد فيما ذكر التعزير وأفهم كلامه أن التوبة لا تسقط باقي الحدود كحد الزنا والسرقة والقذف في حق قاطع الطريق وغيره إلا قتل تارك الصلاة فأنه يسقط بالتوبة ولو بعد رفعه إلى الحاكم لأن موجبه الإصرار على الترك لا الترك الماضي وغير قتل فرقن أي إذا اجتمع على شخص عقوبتان فأكثر غير قتل فرقت وجوبا فلو اجتمع عليه حد قذف وقطع أو حد قذف لاثنين فرق بينهما حتى يبرأ من الأول لئلا يهلك بالموالاة أما القتل فيوالي بينه وبين غيره لأن النفس مستوفاة وقدم غير القتل عليه وإن تقدم القتل ليحصل الجمع بين الحقين فيجلد ثم يقطع ثم يقتل ويبادر بقتله بعد قطعه لا قطعه بعد جلده لما مر فلو أخر مستحق الجلد حقه فعلى الآخرين الصبر إلى أن يستوفى فلا يقطع ولا يقتل قبل الجلد ولو أخر مستحق الطرف حقه جلد وعلى مستحق النفس الصبر حتى يستوفى الطرف حقه حذرا من فواته فإن بادر بقتله فلمستحق الطرف ديته لفوات استيفائه وقدم حق العباد أي إن كان في العقوبات حق لله تعالى وحق للعباد ولم يكن فيها قتل أو لم يكن فيها إلا القتل قدم ما للعباد على ماله تعالى وإن كان ما لله أخف لبناء حقهم على المشاحة وحقوق الله على المسامحة فيقدم حد القذف على حد الشرب والزنا ويقدم قتل القصاص على قتل الزنا فالأخف موقعا أي إن تمحضت لله تعالى أو للعبادة قدم الأخف فالأخف موقعا فمن زنى وشرب وسرق قدم حد الشرب ثم الزنا ثم قطع السرقة ولا يوالي بينهما كما مر ومن قذف وقطع عضوا حد للقذف ثم قطع فالأسبق الأسبق أي إن استوت خفة وغلظا قدم الأسبق فالأسبق كما لو قذف جماعة على الترتيب فيحد للأول فالأول وكما لو قتل جماعة مرتبا يقتل بالأول وللباقين الديات ثم اقرعا هو فعل أمر وألفه بدل من نون التوكيد أو ماض مبني للمفعول وألفه للإطلاق(2/104)
أي إن لم يكن السبق معينا بأن وقعت معا أوشك في المعية أو علم سبق ولم يعلم عين السابق أقرع وجوبا ويستوفى من خرجت له القرعة وتجب الدية للباقين باب حد الخمر الأصل في تحريم الشرب قوله تعالى إنما الخمر والميسر الآية وخبر الشيخين كل شراب أسكر فهو حرام وخبر مسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام وكانت مباحة في صدر الإسلام ولو إلى حد يزيل العقل وكانت إباحتها باستصحاب لحلها في الجاهلية أحد وكان تحريمها في السنة الثانية من الهجرة بعد وهي بإجماع المتخذة من عصير العنب وأما وقوعها في سائر الأنبذة فمجاز بناء على أن اللغة لا تثبت بالقياس يحد كامل أي البالغ العاقل المختار العالم بالتحريم الملتزم للأحكام بإسلام لشرب مسكر جنسه من خمر أو غيره وإن لم يسكر القدر المشروب منه بأربعين جلدة أي بأن يضربه الإمام أربعين جلدة بسوط أو غيره وهذا في الحر أما غيره فعلى النصف من ذلك وفي معنى شربه أكله بأن كان ثخينا أو أكله بخبز أو طبخ به لحما وأكل مرقة فخرج بذلك أكل اللحم المطبوخ به لذهاب العين فيه وأكل أو شرب ما اختلط به واستهلك هو فيه وكذا الاحتقان والاستعاط وخرج الصبي والمجنون والمكره على تناوله وخرج بالعالم بالتحريم الجاهل لقرب عهده بالإسلام أو بنشئه ببادية بعيدة عن العلماء فلا حد وبملتزم الأحكام أي أحكام الشرب وغيره الكافر فلا يحد به وبما يسكر جنسه غيره كالدواء المجنن فلا حد بتناوله ويحرم(2/105)
شرب المسكر لدواء أو عطش إذا لم يجد غيره بخلاف شرب البول والدم لهما هذا إن لم ينته الأمر إلى الهلاك وإلا فيتعين شربه ولا حد في شربه للتداوي والعطش ومن غص بلقمة وجب عليه إساغتها بخمر إن لم يجد غيرها ولا حد ويعتبر في السوط اعتداله فيكون بين قضيب وعصا ورطب ويابس وفي معنى السوط الخشبة المعتدلة والنعل واليد وطرف الثوب ويفرق الضرب على الأعضاء ويتقي الوجه والمقاتل لا الرأس ولا تجرد ثيابه بل يترك له قميص أو قميصان دون جبة محشوة وفروة ويوالي الضرب عليه بحيث يحصل زجره وتنكيله ولا يحد حال سكره بل يجب تأخيره إلى إفاقته وعزر إلى ثمانين أجز أي إذا رأى الإمام بلوغ ضرب الحر إلى ثمانين جاز والزيادة تعزيرات لجنايات تولدت من الشارب وإلا لما جاز تركها والعبد ومن بعضه حر بنصفه وهو عشرون جلدة فلو رأى الإمام بلوغه أربعين جاز وإنما يحد إن شهد العدلان عليه بالشرب أو أقرا بألف الإطلاق ولا يحتاج إلى تفصيلهما بأن يقول وهو مختار عالم به أو أنه شرب من إناء شرب منه غيره فسكر لا نكهة فلا يحد بريح فمه وإن تقايا خمرا لاحتمال كونه غالطا أو مكرها باب حد الصائل وفي بعض النسخ الصيال وهو الاستطالة والوثوب والأصل فيه قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وخبر البخاري انصر أخاك ظالما أو مظلوما ونصر الظالم منعه من ظلمه وخبر من قتل دون أهله فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن على نفس أو مال سواء أكان مسلما أو كافرا حرا أم قنا مكلفا أم غير مكلف ولو بهيمة من معصوم يصول أو طرف أو بضع أو غيرهما دفع أنت بالأخف فالأخف فإن أمكن بكلام أو استغاثة حرم الضرب أو بضرب بيد حرم سوط أو بسوط حرم عصا أو بقطع عضو حرم قتل فإن أمكن الهرب وجب وحرم قتل فإن دفع بالأثقل من يندفع بما دونه فهلك ضمنه إلا إذا فقد آلة الأخف كأن كان يندفع بالعصا ولم يجد إلا سيفا فله الدفع به ولا ضمان وكذا إذا التحم القتال بينهما لخروج(2/106)
الأمر عن الضبط وشمل اعتبار رعاية التدريج ما لو وجده يزني بأهله ومحل التدريج في المعصوم أما غيره كالحربي والمرتد فله العدول إلى قتله لعدم حرمته ولو صال مكرها على إتلاف مال غيره لم يجز دفعه بل يلزم المالك أن بقى روحه بماله ولكل منهما دفع المكره ولا فرق في الدافع بين المصول عليه وغيره ولو سقطت جرة من علو على إنسان ولم تندفع عنه إلا بكسرها فكسرها ضمنها إذ لا قصد لها ولا اختيار والدفع أوجب إن يكن عن بضع محترم سواء أكان بضعه أم بضع أهله أم أجنبية ولو أمة ومحل ذلك إذا أمن على نفسه أو عضوه أو منفعته وإلا لم يجب ويجب الدفع أيضا عن النفس المحترمة إذا قصدها بهيمة أو كافر ولو معصوما بخلاف ما لو كان السائل مسلما ولو مجنونا فلا يجب دفعه بل يجوز الاستسلام له لحرمة الآدمي ورضا بالشهادة وقيده الإمام وغيره بمحقون الدم ليخرج غيره كالزاني المحصن وتارك الصلاة قال الشيخان والقائلون بجواز الاستسلام منهم من يزيد عليه ويصفه بالاستحباب وهو ظاهر الأخبار لا المال أي لا يجب الدفع عن مال لا روح فيه نعم إن كان مال محجور عليه أو وقف أو مودعا وجب على من بيده الدفع عنه وأهدر بدرج الهمزة للوزن تالفا بالدفع أي يهدر الصائل إذا أتلف بالدفع(2/107)
فلا يضمن بقود ولا دية ولا قيمة ولا كفارة واضمن أنت لما تتلفه البهيمة في الليل لا النهار قدر القيمة أي إذا لم يكن صاحب اليد على البهيمة معها ضمن ما أتلفته من زرع أو غيره في الليل بالمثل في المثلى والقيمة في المتقوم سواء المالك والوكيل والمودع والمستعير والغاصب وغيرهم دون النهار لأن العادة حفظ الزرع ونحوه نهارا والدابة ليلا فلو جرت عادة بلد بالعكس انعكس الحكم ويؤخذ منه أنه لو جرت عادة بلد بحفظها ليلا ونهارا ضمن متلفها مطلقا كما بحثه البلقيني نعم إن لم يفرط في ربطها بأن أحكمه وعرض حلها أو حضر صاحب الزرع وتهاون في دفعها أو كان الزرع في محوط له باب وتركه مفتوحا لم يضمن ولو كانت المراعى في وسط المزارع أو في حريم السواقي فلا يعتاد إرسالها بلا راع فإن أرحلها ضمن إتلافها ليلا ونهارا ولو أرسل دابته في البلد أو ربطها بطريق ولو واسعا فأتلفت شيئا ضمنه مطلقا أما من كان مع البهيمة فإنه يكون ضامنا لما أتلفته من نفس أو مال في ليل أو نهار سواء أكان مالكا أم أجيرا أم مستأجرا أو مستعيرا أم غاصبا أم غيره وسواء اكان راكبها أم سائقها أم قائدها ولو نخس شخصا دابة غيره بغير إذن راكبها فأسقطته أو رمحت فأتلفت شيئا ضمنه الناخس أو بإذنه ضمنه ولو غلبته فاستقبلها إنسان فردها فأتلفت في انصرافها شيئا ضمنه الراد ولو بالت أو راثت في طريق فتلف به نفس أو مال فلا ضمان ويحترز عما لا يعتاد كركض شديد في وحل فإن خالف ضمن ما تولد منه ومن حمل على ظهره حطبا أو بهيمة فحك بناء محترما فسقط ضمنه وإن دخل سوقا فتلف به نفس أو مال ضمنه إن كان زحام أو تمزق به ثوب أعمى أو مغصوب العين أو مستدبر البهيمة ولم ينهه وإنما يضمنه إذا لم يقصر صاحب المال فإن قصر كأن وضعه بطريق أو عرضه للدابة فلا ولو أرسل طيرا فأتلف شيئا لم يضمنه ويضمن متلف هرته إن اعتيد إتلافها كتاب الجهاد المتلقى تفصيله من سير النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته ولهذا(2/108)
ترجم عنه بعضهم بالسير وبعضهم بقتال المشركين والأصل فيه قبل الاجماع آيات كقوله تعالى كتب عليكم القتال وقاتلوا المشركين كافة واقتلوهم حيث وجدتموهم وأخبار كخبر أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وخبر لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وكان الجهاد قبل الهجرة محرما ثم أمر صلى الله عليه وسلم بعدها بقتال من قاتله ثم أبيح الابتداء به في غير الأشهر الحرم ثم أمر به مطلقا والجهاد قد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية لأن الكفار إن دخلوا بلادنا وأسروا مسلما يتوقع خلاصه منهم ففرض عين وإن كانوا ببلادهم ففرض كفاية وهو مهم يقصد حصوله من غير نظر بالذات إلى فاعله فإذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين والكفاية إنما تحصل بأحد أمرين إما بأن يشحن الإمام الثغور بجماعة يكافئون من بارزهم من الكفار أو بأن يدخل الإمام أو نائبه دار الكفر غازيا بنفسه أو يبعث جيشا يؤمر عليهم من يصلح لذلك فرض على الكفاية مؤكد على كل ذكر مكلف مسلم حر ذى بصر وصحة يطيقه أي الجهاد فلا يجب على امرأة ولا خنثى ولا على صبي ومجنون وكافر ومن فيه رق ولو مبعضا وأعمى ومريض يتعذر قتاله أو يشق عليه مشقة شديدة ومن لا يطيقه كذي عرج بين وإن قدر على الركوب وأقطع وأشل وفاقد معظم أصابع يديه والظاهر كما قاله الأزرعى أن فاقد(2/109)
الإبهام والمسبحة معا أو الوسطى والبنصر كفاقد معظم الأصابع ولا على فاقد أهبة قتال من سلاح ونفقة وراحلة لسفر القصر فاضل جميع ذلك عن مؤنة من تلزمه مؤنته وما ذكر معها في الحج وكل عذر منع وجوب الحج منع وجوب الجهاد إلا خوف طريق ولو من لصوص المسلمين والدين الحال على موسر لم يستنبت من يوفيه من مال حاضر يحرم عليه سفر جهاد وغيره إلا بإذن ربه ويحرم على الرجل جهاد إلا بإذن أصوله المسلمين أو من وجد منهم لا سفر تعلم فرض ولو كفاية ورجوع رب الدين أو الأصل عن إذنه يوجب الرجوع ما لم يحضر الصف إلا أن يخاف على نفسه أو ماله ويكره غزو بغير إذن الإمام أو نائبه ويسن للإمام إذا بعث سرية أن يؤمر عليهم ويأخذ البيعة عليهم بالثياب ويأمرهم بطاعة الأمير ويوصيه بهم فإن أسر أحد من أهل الحرب رق النسا بالقصر للوزن أي والخنائي وذا الجنون والصغر ومن فيه رق فيصيرون بنفس السبي أرقاء لنا فيكونون كسائر أموال الغنيمة الخمس لأهل الخمس والباقى للغانمين وغيرهم أي الرجل الحر العاقل رأي فيهم الإمام الأجودا الألف فيه وفيما بعده للإطلاق من قتل له بضرب الرقبة أورق له ومن عليه بتخليه سبيله أو فدا بمال أو اسرى بدرج الهمزة فيهما للوزن مسلمين فيلزم الإمام ان يجتهد ويفعل منها ما هو الأحظ للمسلمين فإن لم تبن له المصلحة حبسه حتى تبين له ويكون مال الفداء ورقابهم إذا استرقوا كسائر أموال الغنيمة ويجوز فداء مشرك بمسلم أو مسلمين أو مشركين بمسلم وسواء في الأرتقاء الكتاني والوثنى والعربي وغيره وما له بال الرفع اعصما الألف فيه بدل من نون التوكيد الخفيفة من قبل خيرة الإمام أسلما أي إذا أسلم الاسير قبل أن يختار الإمام فيه شيئا عصم دمه وماله ويبقى الخيار في الباقى كما أن من عجز عن الإعتاق في كفارة اليمين يبقى محيرا بين الإطعام والكسوة لكن يشترط في فدائه حينئذ أن يكون له عندهم عز أو عشيرة يسلم بها دينه ونفسه وقبل أسر طفل ولد النسب وماله أي(2/110)
إذا أسلم قبل أسرة يعصم دمه وماله وولده من النسب صغيرا أو مجنونا حيث كانا حرين وعتيقه من السبي رجلا أو امرأة وحملها كالمنفصل ولا يعصم زوجته وأما زوجة المسلم الحربية فصحح في المنهاج كأصله عدم جواز إرقاقها مع تصحيحه جوازه في زوجة من أسلم والذي في الروضة كأصلها انه يجرى فيها خلاف زوجه من أسلم وقضيته جواز إرقاقها تسوية بينهما في الجواز كما سوى بين عتيق من أسلم وعتيق المسلم في عدم الجواز ولو سبيت حرة منكوحة لمسلم انقطع نكاحها في الحال وإن كانت موطوءة لزوال ملكها عن نفسها فزوال ملك الزوج عنها أولى ولو سبى الزوجان الحران أو احدهما نقطع نكاحهما ومحله في سبي الزوج الكامل وحده إذا رق وكذا لو كان إحدهما حرا والآخر رقيقا ومن لزمه دين قضى مما غنمناه من ماله بعد رقه ولا يسقط إلا أن كان لحربي ويبقى دين من رق إلا على حربي ولو أسلم أو أمن حربيان معا أو مرتبا ولأحدهما على الآخر دين عقد لا إتلاف لم يسقط واحكم باسلام صبي أو صبية أسلم من بعض أصوله أحد وقت العلوق به أو أسلم قبل بلوغه وسواء المميز وغيره والمجنون المحكوم عليه بكفره كالصغير في تبعيته لأحد أصوله في الإسلام وإن طرأ جنونه بعد بلوغه وشمل كلامه أحد الأجداد والجدات الوارث وغيره(2/111)
كأبي الأم ولو مع حياة الأب والأم فإن بلغ ووصف كفرا فمرتد لسبق الحكم باسلامه فأشبه من أسلم بنفسه ثم ارتد أو أن سباه مسلم حين انفرد عنهم أي يحكم باسلام المسبي إذا سباه مسلم ولم يكن معه أحد من أصوله لأنه صار تحت ولايته كالأبوين وخرج بذلك ما لو كان معه أحد أصوله فلا يحكم باسلامه لأن تبعيتة له أقوى من تبعيته للسابى فلو مات أحد أصوله بعد سبيه معه أستمر كفره ولم يحكم باسلامه إذ التبعية إنما يثبت حكمها في ابتداء السبي والمراد بكونه معهم أن يكونوا في جيش واحد وغنيمة واحدة وأن يكونوا في ملك رجل واحد وكالصغير فيما ذكر المجنون وخرج بقوله إن سباه مسلم ما لو سباه ذمى قاطن ببلاد الاسلام فلا يحكم باسلامه إذا دخل به دار الاسلام كذا اللقيط مسلم بأن يوجد حيث مسلم بها سكن أي إذا وجد صغير لقيط بدار الاسلام ولو كان فيها أهل ذمة كدار فتحها المسلمون ثم أقروها بيد كفار صلحا أو بعد ملكها يجزية أو دار غلبهم عليها الكفار وسكنوها أو بدار كفر وقد سكنها مسلم يمكن أن يولد له ذلك اللقيط تغليبا لدار الاسلام وخرج بقوله حيث مسلم بها سكن ما إذا لم يسكن بها او كان فيها مجتازا فإنه كافر باب الغنيمة وفي بعض النسخ قسم الفئ والغنيمة أي بفتح القاف والمشهور تغايرهما كما يعلم مما يأتى والأصل فيها قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله وقوله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الآيتين ولم تحل الغنيمة إلا لهذه الأمة والغنيمة كما يؤخذ من كلام الناظم الآتى في تعريف الفيء ما أخذناه من الحربيين قهرا كالماخوذ بقتال الرجالة وفي السفن أو التقى الصفان فانهزموا عنه قبل شهر السلاح وما صالحوه عليه عند القتال وما أهدوه لنا والحرب قائمة وما أخذه واحد أو جميع من دار الحرب سرقة أو وجده كهيئة اللقطة ولم يكن لمسلم يختص منها أي الغنيمة مسلم قاتل للحربي المقبل على القتال في الحرب بالسلب وإن كان كل منهما رقيقا أو أنثى أو صغيرا بقيده(2/112)
الآتى سواء أشرطه له الامام أم لا وسواء أكان قتال الحربي معه أو مع غيره لأن ذلك مسلوب من يد الحربي وطمع القاتل يمتد إليه غالبا وخرج بالمسلم الكافر فلا سلب له وإن قاتل بإذن الامام ومثل القاتل من ارتكب غررا كفى به شر حربى في حال الحرب فيستحق سلبه كان قطع يديه أو رجليه أو يدا ورجلا أو قلع عينيه أو أسرة فلو قتله غيره من أسرة فلا سلب له إذا كفى بالأسرة شره بخلاف ما لو أمسكه واحد ومنعه الهرب ولم يضبطه وقتله آخر فإنهما يشتركان في السلب لأن كفاية شره إنما حصلت بهما أما إذا لم يرتكب غررا في قتله كأن قتله نائما أو مشغولا بالأكل أو غيره أو رماه من حصن أو صفنا فلا سلب له لأنه في مقابلة الخطر وهو منتف فإن كان المقتول صبيا أو أو مجنونا أو امراة أو عبدا لم يقاتل لم يستحق سلبه لأن قتله حرام والسلب ما يصحبه الحربي من ثيابه الملبوسة وخف وسراويل وطوق وسوار ومنطقة وهميان أي كيس ودراهم نفقة وآلات حرب كدرع وسلاح ومركوب وإن كان ماسكا بعنانه وهو يقاتل رجلا وآلاته كسرج ولجام وجنيبة تقاد معه فلو كان معه جنائب استحق واحدة يختارها ولا يدخل في السلب المهر التابع لمركوبه ولا حقيبة مشدودة على الفرس ولا ما فيها من امتعة ودراهم ولا الغلام الذي معه وخمس الباقى من الغنيمة بعد السلب واخراج مؤنها كأجرة(2/113)
الجمال خمسة أقسام متساوية ويكتب على واحدة منها لله أو للمصالح وعلى أربع للغانمين ثم تدرج في بنادق مستوية ويخرج لكل قسم رقعة فما خرج عليه سهم الله تعالى أو المصالح جعله بين أهل الخمس يقسم على خمسه فتكون الغنيمة من خمسة وعشرين ويقدم عليه قسمة ما للغانمين لحضورهم وانحصارهم وتستحب القسمة بدار الحرب بل تأخيرها إلى دار الإسلام بلا عذر مكروه فخمس للنبي ينفق منه على نفسه وأهله ومصالحه بعده يجعل في السلاح عدة في سبيل الله وسائر المصالح وإضافته لله للتبرك بالابتداء باسمه تعالى وكان يملكه لكن جعل نفسه فيه كغيره تكرما ولا يورث عنه بل يصرف بعده في مصالح المسلمين كسد الثغور وعمارة الحصون والقناطر والمساجد وارزاق القضاء والعلماء والمؤذنين ويجب تقديم الأهم فالأهم ومن نسب من جهة الأب لهاشم ولأخيه المطلب دون من نسب لعبد شمس ونوفل وإن كان الأربعة أولاد عبد مناف لاقتصاره صلى الله عليه وسلم في القسمة على بنى الأولين مع سؤال بنى الآخرين أما من نسب لهما من جهة الأم فلا شيء له وسواء في ذلك غنيهم وفقيرهم وكبيرهم وصغيرهم وقريبهم وبعيدهم والحاضر بموضع الفيء والغائب عنه لذكر أضعف أي يعطي للذكر ضعف ما للأنثى لأنه عطية من الله فيستحق بقرابة الأب كالإرث قال الإمام ولو كان الحاصل قدرا أو وزع عليهم لا يسد مسدا قدم الأحوج فالأحوج ولا يستوعب للضرورة ولليتامى بلا أب شمل ذلك ولد الزنا واللقيط الذي لا يعرف له أب إن لم ير احتلاما أي هو صغير ذكرا كان أو أنثى أو خنثى معسر وإن كان له جد أو أم فلو اختل شيء من ذلك لم يعط من سهم اليتامى والفقراء والمساكين كما لابن السبيل في الزكاة قدما ببنائه للفاعل أو للمفعول وألفه للإطلاق كما سبق بيانها في قسم الصدقات قال الماوردى ويجوز للامام أن يجمع للمساكين بين سهمهم من الزكاة وسهمهم من الخمس وحقهم من الكفارات فيصير لهم ثلاثة أموال قال وإذا اجتمع في واحد يتم ومسكنة أعطى باليتيم(2/114)
لأنه وصف لازم والمسكنة زائلة ولا يجوز الاقتصار من كل وصف على ثلاثة بل يعم كما في الزكاة إذا صرفها الإمام ولو فقد بعضهم وزع سهمه على الباقين ويجوز التفاوت بين آحاد كل صنف غير الثانى لأن استحقاقهم بالحاجة وهي تتفاوت بخلاف الثاني لا تفاوت فيه بغير الذكورة والأنوثة كما مر ولا يجوز الصرف لكافر إلا من سهم المصالح عند المصلحة ومن ادعى أنه فقير أو مسكين أو ابن سبيل قبل قوله بلا بينة أو أنه قريب أو يتيم فلا بد من بينة وأربع الخماس عقارها ومنقولها للغانمين قسم المال يكون لشاهد الوقعة في القتال أي وإن لم يقاتل بل حضر في اول القتال أو أثنائه ومن شهدها لا لأجل القتال وقاتل كالأجير لحفظ أمتعة والتاجر والمحترف ومن شهدها غير كامل وله الرضخ ولا شيء لمن حضر بعد انقضاء القتال ولو قبل حيازة المال ولو حضر قبل انقضائها فلا حق له فيما غنم قبل حضوره لراجل سهم كما الثلاثة لفارس سهمان للفرس وسهم له فلا يزاد عليه وان حضر بأفراس كما لا ينقص عنها فلو قاتل في سفينة ومعه فرس بقرب الساحل واحتمل أن يخرج ويركب أسهم لها وإلا فلا ولو ضاع فرسه فأخذه غيره وقاتل عليه فسهمه لمالكه فإنه حضر وقاتل ولا إخبار له في إزالة يده ولو حضر أثنان بفرس مشترك بينهما أعطيا سهمه فإن ركباه وهو يصلح للكر والفر مع ركوبهما أسهم له فله سهمان ولهما سهمان وسواء في ذلك الفرس العتيق وهو عربي(2/115)
الأبوين والبرذون وهو عجميهما والهجين وهو العربي أبوه فقط والمقرف وهو العربي أمه فقط ويعتبر كونه جذعا أو ثنيا ولا يسهم لفرس مهزول أولا نفع فيه لكونه كسيرا أو هرما أو صغيرا أو وضعيفا أو نحوها ولا لبعير وفيل وبغل وغيرها نعم يرضخ لها ورضخ الفيل فوق رضخ البغل ورضخ البغل فوق رضخ الحمار إن مات للوراثة أي إذا مات بعضهم بعد انقضاء القتال والحيازة فحقه لوراثة أو في القتال فلا شيء له بخلاف موت فرسه حينئذ فإنه يستحق سهمه لأنه متبوع والفرس تابع والعبد بالجر هو وما عطف عليه عطف على لراجل والأنثى وطفل يغنى أي ينفع في القتال وكافر حضرها أي الوقعة بإذن إمامنا بلا إجرة سهم اقل ما بدا أي أقل من سهم راجل وإن كانوا فرسانا وهذا هو المسمى بالرضخ قدره الإمام حيث أجتهدا بالف الإطلاق ويفاوت بين أهله بحسب نفعهم فيرجح المقاتل ومن قتاله أكثر على غيره والفارس على الراجل والمرأة التي تداوى الجرحى وتسقى العطاش عن التي تحفظ الرجال لأنهم ليسوا من أهل فرض الجهاد ولكنهم كثروا السواد فلا يحرمون وأما المجنون الذي لم يميز فيرضخ له كالصبي لأنه قد يكون أجرأ وأشد قتالا من كثير من العقلاء فإن لم يإذن الإمام للكافر فلا سهم له وإن أذن له غيره من الأجناد لكونه متهما بموالاة أهل دينه بل يعزره على ذلك إن رآه وإن أذن بأجرة أقتصر عليها والمشكل والزمن والاعمى ونحوهم كالطفل في الرضخ وشمل تعبير المصنف بالكافر المعاهد والمؤمن والحربي إذا حضروا بإذن الإمام حيث تجوز الاستعانة بهم كالذمى وأما المبعض فكالعبد كما بحثه الزركشى ولو زال نقص أهل الرضخ قبل أنقضاء الحرب أسهم لهم بل لو بان بعد انقضائها ذكورة الخنثى أسهم له ولا سلب ولا سهم ولا رضخ لمخذل ولا مرجف ولا خائن والفى ما يؤخذ من كفار في امنهم بلا قتال ولا إيجاب خيل ولا ركاب من منقول وعقار كالعشر من تجار الذي يؤخذ منه والجزية وما أهدوه في غير الحرب ومال ذمى مات بلا وارث أو فضل عن(2/116)
وارثه ومال مرتد قتل أو مات فخمسه كالخمس من غنيمة كما مر والباقى بحذف الياء للوزن للجند المرصدين للجهاد حووا تقسيمه أي تقسيمه عليهم ويندب أن يضع الإمام ذفتر وينصب لكل قبيلة أو جماعة عريفا ويبحث عن حال كل واحد وعياله وما يحتاجون إليه فيعطى كل واحد مؤنته ومؤنتهم ويراعى الزمان والمكان والرخص والغلاء ومروءة الشخص وضدها ولا يثبت في الدفتر أعمى ولا زمنا ولا صبيا ولا مجنونا ولا امرأة ولا عبدا ولا كافر ولا جاهلا بالقتال ولا من يعجز عنه كالأقطع وإذا طرأ على بعض المقاتلة مرض او جنون يرجى زواله أعطى ولم يسقط من الدفتر وإن لم يرج أسقط وأعطى وإذا مات أعطيت زوجته حتى تنكح وأولاده إلى أستقلالهم باب الجزية تطلق على العقد وعلى المال الملتزم وهي مأخوذة من المجازاة لكفنا عنهم والعقود التي تفيد الكافر الأمان ثلاثة أمان وهدنة وجزية لأن التأمين أن تعلق بمحصور فهو الأمان أو بغير محصور كأهل إقليم أو بلد فإن كان إلى(2/117)
غاية فهو الهدنة أو لا إلى غاية فالجزية وهما مختصان بالإمام بخلاف الأمان وتأمين الإمام غير محصورين أمان والجزية لمحصورين صحيحة وإن اقتضى كلام الأكثرين خلافه لأنه غير مراد والأصل في الجزية قبل الإجماع قوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله وباليوم الآخر إلى قوله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقد أخذ صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر ومن أهل نجران أما الأمان فيصح أمان حربي محصور من كل مسلم مكلف مختار ولو امرأة ورقيقا لكافر بكل لفظ يفيد الغرض كأجرتك أو أمنتك وتكفى إشارة مفهمة ورسالة ويشترط قبول الكافر له وأن لا تزيد مدته على أربعة أشهر فإن زاد بطل في الزائد وبلغ بعدها المأمن وأن لا يترتب على المسلمين به ضرر كجاسوس ومغتال ولا يبلغ المأمن وأن لا يكون المؤمن أسيرا معهم ولا يتعدى الأمان إلى أهله وماله الذين ليسوا معه إلا بشرط ممن يعتد بشرطه ولا يجوز نبذ الأمان حيث لم يخف خيانة والمسلم بدار الحرب إن أمكنه إظهار له دينه سن الهجرة وإلا وجبت مع القدرة والإعذار إلى قدرته ولو قدر الأسير على الهرب لزمه وإن أمكنه إظهار دينه ولو أطلقوه بلا شرط فله اغتيالهم أو على أنهم في أمانه حرم فإن تبعه قوم دفعهم ولو بقتلهم وشرطوا أن لا يخرج من دارهم حرم الوفاء به ولو قالوا لا نطلقك حتى تحلف أن لا تخرج فحلف لم يحنث بالخروج وأما الهدنة فشرطها أن يهادن الإمام أو نائبه العالم أهل إقليم أو يهادن وإلى الإقليم أهل بلد وأن يكون فيها مصلحة وأن تكون إلى أربعة أشهر فأقل إن لم يكن بنا ضعف وإلا جازت إلى عشر سنين بحسب الحاجة ولا تجوز الزيادة عليها نعم إن انقضت المدة والحاجة باقية استؤنف العقد ويجوز أن يؤقت الإمام الهدنة ويشترط انقضاؤها متى شاء ويجوز أن يقول هادنتكم ما شاء فلان وهو مسلم عدل ذو رأي وأن تخلو عن شروط فاسدة كشرط أن تنزع أسرى المسلمين منهم أو ترد إليهم الذي أسروه وأفلت منهم أو يقيموا(2/118)
بالحجاز أو يدخلوا أو يظهروا الخمر في دارنا أو نرد إليهم النساء إذا جئن مسلمات وإذا انقضت أو نقضت فحكمهم كما قبلها ولو نقض بعضهم ولم ينكر الباقون بقول ولا فعل انتقض فيهم أيضا وإن اعتزلوهم أو أعلموا الإمام ببقائهم على العهد فلا ولو خاف خيانتهم فله نبذ العهد ويبلغهم المأمن وللجزية خمسة أركان صيغة وعاقد ومعقود له ومعقود عليه ومكان قابل للتقرير فيه فالصيغة أن يقول الإمام أو نائبه أقررتكم أو أذنت لكم في الإقامة بدار الإسلام على أن تبذلوا كذا وكذا وتنقادوا لحكم الإسلام ولا بد من التعرض لقدرها لا لكف اللسان عن الله ورسوله ويشترط القبول لفظا كقبلت أو رضيت بذلك ولا يصح مؤقتا وإذا عقد فاسدا لم يجب الوفاء به ولا يغتال ولو بقى على حكم ذلك العقد سنة أو أكثر وجب لكل سنة دينار ولو دخل دارنا وبقى مدة ثم اطلعنا عليه لم يلزمه شيء لما مضى ويجوز قتله وإراقة دمه وأخذ ماله والمن عليه وتقريره بالجزية ولو قال دخلت لرسالة أو بأمان مسلم صدق بيمينه وأما العاقد فشرطه أن يكون الإمام أو نائبه فلو عقدها واحد من الرعية لم تصح ولو أقام سنة فأكثر فلا شيء عليه وإنما تؤخذ الجزية من حر فلا تؤخذ ممن فيه رق ذكر فلا تؤخذ من امرأة ولا خنثى مكلف فلا تؤخذ من صبي ومجنون لأن بذلها لحقن الدم وهو حاصل لهم فلو عقد للخنثى قبل اتضاحه ثم بانت ذكورته أخذت منه جزية ما مضى له كتاب اشتهر أي يشترط أن يكون للمكلف المذكور كتاب اشتهر أمره بأنه من الكتب المنزلة كالتوراه والانجيل وصحف إبراهيم وزبور داود صلى الله عليهما وسلم أو المجوس أي أو له شبهة كتاب وهم المجوس فانه كان لهم كتاب ورفع وخرج عبده الأوثان والملائكة والكواكب فتعقد لليهود والنصارى أو نحوهما ممن يزعم التمسك بكتاب كمن أحد أبويه كتابي والآخر وثنى وإن دخل جده الأعلى في ذلك الدين قبل(2/119)
نسخة ولو بعد تحريفه وإن لم يجتنب المبدل منه وشككنا في وقته تغليبا لحقن الدم دون من تهودا آباؤه من بعد بعثة الهدى أي لا يقر بالجزية من تهود بعد بعثة عيسى صلى الله عليه وسلم أو تهود أو تنصر بعد بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى من قبله من الانبياء والصابئة فرقة من النصارى والسامرة فرقه من اليهود ويقرون بها إن وافقوهم في أصل دينهم وإلا فلا ولو عقدت لمن زعم التمسك بكتاب ثم أسلم اثنان من أهل ذلك الدين وحسن حالهما بحيث تقبل شهادتهما وشهدا بخلاف ما زعم اغتيل ولم يبلغ المأمن لتدليسه والأمان الفاسد إنما يمنع الاغتيال عند ظن الكافر صحته وهو منتف هنا أقلها في الحول دينار ذهب في كل سنة لكل واحد ممن ذكر وضعفه من متوسط الرتب وهو ديناران ومن غنى أربع دنانير إذا قبل ذلك نعم إن مضى حول ولم يدفع الإمام عنهم ما يجب لهم بالعقد من الذب عنهم لم تجب جزية ذلك الحول وإذا عقد بدينار فله أن يأخذ عنها عوضا كسائر الديون المستقرة بشرط أن ينقص عن قدر دينار لأن الحق للمسلمين وإنما امتنع عقدها بما قيمته دينار لأنها قد تنقضي عند آخر المدة ويستحب للإمام مماكسة العاقد لنفسه أو لموكله حتى يزيد على دينار بل إذا أمكنه أن يعقدها بأكثر من دينار لم يجز أن يعقدها بدونه إلا لمصلحة فإن امتنعوا من الزيادة وجب قبول الدينار والعبرة بالغنى وضده حالة الأخذ لا العقد ثم يحتمل أن يكون ضابط الغنى والمتوسط بالنفقة ويحتمل الرجوع فيه إلى العرف ولو قال بعضهم أنا فقير أو متوسط قبل قوله ما لم تقم بينة بخلافه وإذا عقدت بأكثر ثم علموا جواز دينار لزمهم ما التزموه فإن امتنعوا من أداء الزيادة فهم ناقضون ونبلغهم مأمنهم فإن عادوا وطلبوا العقد بدينار وجبت إجابتهم ومن تقطع جنونه قليلا كساعة من شهر لزمته أو كثيرا كيوم ويوم لفقت الإفاقة فإذا بلغت سنة وجبت ولو أسلم أو مات أو جن في أثناء سنة وجب قسط الماضي ولو اجتمع دين آدمي وجزية في تركة(2/120)
سوى بينهما وتجب على زمن وشيخ وهرم وأعمى وراهب وأجير وفقير عجز عن كسب فإذا تمت سنة وهو معسر ففي ذمته حتى يوسر وكذا حكم السنة الثانية فما بعدها واشرط ندبا عليهم ضيافة لمن بهم نزل أي لمن يمر بهم من المسلمين بحيث أمكن ذلك وقد صولحوا في بلدهم زائدا على أقل الجزية على غنيهم ومتوسطهم لا فقيرهم ثلاثة أيام من الطعام والأدم كخبز وسمن والعلف كتبن وحشيش ولا يحتاج إلى ذكر قدره فإن ذكر الشعير بين قدره وليكن المنزل بحيث يدفع الحر والبرد ولا يخرجون أهل المنازل منها وتؤخذ الجزية برفق كسائر الديون ويكفي في الصغار إجراء الحكم عليهم بما لا يعتقدونه ومن أركان الجزية المكان وهو كون قراره غير الحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة والطائف ووج الطائف وما يضاف إلى ذلك فيمنع كل كافر من الإقامة به ولو بطرقه الممتدة ومتى صح العقد لزمنا الكف عنهم وضمان ما نتلفه عليهم نفسا ومالا ودفع أهل الحرب عنهم إن لم يستوطنوا دار الحرب ونمنعهم وحربا إحداث كنيسة وبيعة ببلد أحدثناه أو أسلم أهله عليه أو فتح عنوة أو صلحا بشرط الأرض لنا ويلبسوا الغيارا بكسر الغين المعجمة أو فوق ثوب جعلوا زنارا بضم الزاي سواء الرجال والنساء بدارنا وإن لم يشرط ذلك عليهم للتمييز والغيار أن يخيطوا على ثيابهم الظاهرة ما يخالف لونها لونها بموضع لا تعتاد الخياطة عليه وإلقاء منديل ونحوه على الكتف كالخياطة ثم الأولى باليهودي العسلى وهو الأصفر وبالنصراني الأزرق أو الأشهب ويسمى الرمادي وبالمجوسي الأسود أو الأحمر والزنار خيط غليظ يشد به أوساطهم خارج الثياب وليس لهم إبداله بمنطقة(2/121)
ومنديل ونحوهما ويجعل الزنار فوق إزار المرأة كالرجل قاله أبو حامد رحمه الله تعالى وفي التهذيب وغيره تحته لأنه أستر لكن لا بد من ظهور شيء منه وإذا خرجت بخف فلتكن إحداهما بلون والأخرى بلون آخر وإن لبسوا قلانس ميزوها عن قلانسنا ويستفاد من تعبير الناظم بأو الاكتفاء بالغيار أو الزنار فجمعها المنقول عن عمر رضي الله عنه تأكيد فإن انفردوا بمحلة فلهم تركه وإذا دخل حماما فيه مسلمون متجردون أو تجرد عن ثيابه في حمام بين مسلمين جعل في عنقه خاتم حديد أو رصاص أو طوقا أو جلجلا من حديد ويلجأ إلى أضيق الطرق عند زحمة المسلمين فيه بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ولا يوقر ولا يصدر في مجلس فيه المسلمون ويتركوا ركوب خيل حربنا أي يلزمهم ترك ركوب خيل حرب المسلمين حتى البراذين النفيسة لأن في ركوبنا إياها إرهابا للأعداء وعزا للمسلمين نعم إن انفردوا ببلد أو قرية في غير دارنا لم يمنعوا ولو استعنا بهم في حرب بحيث يجوز مكنوا من ركوبها زمن القتال وخرج بالخيل الحمير والبغال فلهم ركوبها با كاف وركاب خشب لا حديد أو نحاس أو نحوه عرضا تمييزا له عنا ويمنع من تقليد السيف وحمل السلاح وتختم الذهب والفضة ويمنعون من خدمة الأمراء والملوك كما يمنعون من ركوب الخيل ولا يساووا المسلمين في البنا فلا يجوز لهم رفع بنائهم على بناء جار مسلم ولا مساواته وإن رضى المسلم بذلك سواء أكان بناء المسلم معتدلا أم في غاية الانخفاض نعم لو كان قصيرا لا يعتاد السكن فيه لعدم تمام بنائه أو لأنه هدمه أو انهدم إلى أن صار قصيرا كذلك لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد في السكنى لئلا يتعطل حقه الذي عطله المسلم باختياره أو تعطل عليه لإعساره قال البلقيني وخرج بالجار غيره كأن انفرد بمحل بطرف البلد منفصل عنا فيجوز رفع البناء وانتقض العهد أي عقد الذمة بجزية منع أي يمنع أداء الجزية مع قدرته عليه أما العاجز إذا استمهل فلا ينتقض عهده بذلك(2/122)
وتؤخذ من الموسر قهرا ولا ينتقض عهده ويختص قولهم بالمتغلب القاتل وحكم شرع بتمرد دفع به حكم الشرع وهو الامتناع من الانقياد لأحكامنا بالقوة والحدة لا هرب من أداء الجزية أو من الانقياد لحكم الشرع سواء أشرط الانتقاض بذلك أم لا ويؤخذ منه انتقاض العهد بقتال المسلمين من باب أولى بالطعن في الإسلام أي ينتقض العهد بالطعن في الإسلام أو القرآن أو النبي صلى الله عليه وسلم بما لا يعتقده كنسبته إلى الزنا أو الطعن في نسبه بخلاف ما لو وصفه على وفق اعتقاده كقوله إنه ليس بنبي أو أنه قتل اليهود بغير حق فلا ينتقض العهد بذلك وإن شرط الانتقاض به أو فعل يضر المسلمين كأن زنى بمسلمة أو أصابها باسم نكاح عالما بإسلامها أو لاط بمسلم عالما بإسلامه أو دل أهل الحرب على عورة المسلمين أو فتن مسلما عن دينه أو دعاه إلى دينه أو قطع عليه الطريق النقض مبتدأ مؤخر خبره قوله بالطعن أي والنقض حاصل أو يحصل بالطعن لو شرط ترك ببنائه للمفعول وإدغام الطاء في التاء وترك مرفوع به أي إن شرط ترك الطعن والفعل المذكور في العقد وشرط انتقاضه بفعل أحدهما وإلا فلا ينتفض به وخرج بما ذكر إسماعه المسلمين شركا وقولهم في المسيح وعزير و إظهار الخمر والخنزير والناقوس والعيد فلا ينتقض العهد بها وإن شرط والإمام خيرا فيه أي من انتقض عهده بين قتل ورق ومن وفداء كما في كامل قد أسرا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فإن أسلم قبل الاختيار امتنع(2/123)
كتاب الصيد والذبائح جمع ذبيحة والأصل فيه قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وقوله تعالى إلا ما ذكيتم وقوله تعالى وإذا حللتم فاصطادوا ويعتبر في حل الحيوان المأكول البري بالصيد والتذكية أن يكونا من مسلم وذي كتاب حلا أي أو كتابي تحل مناكحته نعم تحل ذكاة أمة كتابية وصيدها وإن لم تحل مناكحتها إذ لا أثر للرق في الذبيحة بخلاف المناكحة وسواء في حل ذكاة الكتابي ما اعتقد حله كالبقر والغنم أو تحريمه كالإبل لا وثني والمجوس أصلا أي لا اعتبار بالصيد والتذكية من الوثني والمجوسي ونحوهما فلو شارك مجوسي مسلما في ذبح أو اصطياد قاتل كأن أمرا سكينا على حلق شاة أو قتلا صيدا بسهم أو كلب حرم تغليبا للحرام ولو أرسلا سهمين أو كلبين فإن سبق آلة المسلم فقتله أو أنهاه إلى حركة مذبوح حل أو انعكس أو جرحاه معا أو جهل أو مرتبا ولم يذفف أحدهما حرم ويعتبر في الذابح أيضا أن لا يكون محرما والمذبوح صيد وفي الصائد أيضا أن يكون بصيرا فيحرم صيد الأعمى برمي وكلب إذ ليس له قصد صحيح ويحل ذبح أعمى وصبي ولو غير مميز ومجنون وسكران لأن لهم قصدا وإرادة في الجملة وتحل ميتة السمك والجراد ولو صادهما مجوسي وكذا الدود المتولد من الطعام كخل وفاكهة إذا أكل معه ميتا ولا يقطع بعض سمكة حية فإن فعل ذلك أو بلع سمكة حية حل والشرط فيما حللوا إي العلماء أن يقدر عليه قطع كل حلق أي حلقوم وهو مجرى النفس ومري بالمد والهمز وهو مجرى الطعام والشراب فلو ترك شيئا من الحلق أو المريء وإن قل ومات الحيوان حرم حيث الحياة مستقر الحكم أي يشترط كون القطع المذكور حال استقرار الحياة في المقطوع إما قطعا وإما ظنا ويحصل الظن بانفجار الدم وتدفقه وشدة الحركة بعد القطع وبعلامات أخر كصوت الحلق وقوام الدم على طبيعته ويكفي ما يحصل به غلبة الظن منها من شدة الحركة واعتبرت الحياة المستقرة ليخرج ما إذا فقدت وكان لفقدها سبب من جرح أو انهدام سقف أو أكل نبات ضار أو نحوهما(2/124)
لوجود ما يحال عليه الهلاك أما إذا كان لمرض فيحل مع فقدها بجارح كحديد ونحاس وذهب وفضة ورصاص وخشب وقصب وحجر وزجاج لا ظفر أو عظم للخبر الصحيح وألحق بهما باقي العظام ومعلوم حل ما قتله الكلب أو نحوه بظفره أو نابه وغير مقدور عليه من الحيوان صيدا أي في الابتداء حالة كونه صيدا أو البعير ند أي ذهب على وجهه شاردا أو تردى في بئر أو نحوها وتعذر قطع حلقومه ومريئه فتصير أعضاؤه كلها مذبحا ففي أي عضو منه حصل الجرح أجزأ الجرح إن يزهق أي يعتبر في الجرح كونه مزهقا للحياة المستقرة بغير عظم وظفر كما علم مما مر أو جرحه إن لم يزهق أو موته بالغم أي غم الجارحة من كلب أو طير و إرسال كلب جارح أو غيره من سبع معلم أو طيره ككلب أو فهد أو باز وشاهين والمراد بالمعلم أ ن(2/125)
باب الأضحية يطيع غير مرة بأن تتكرر منه الأمور الآتية بحيث يظن تأدب الجارحة ويرجع في ذلك لأهل الخبرة بالجوارح إذا أؤتمر أي لا بد من كونه يأتمر بأمر صاحبه بأن يهيج بإغرائه ودون أكل أي بأن يمسك الصيد ليأخذه الصائد ولا يأكل منه و ينتهي أن ينزجر أي لا بد أن تنزجر جارحة السباع بزجر صاحبها أما جارحة الطير فلا مطمع في انزجارها بعد طيرانها ولو ظهر كونه معلما ثم أرسله على صيد فأكل منه عقب إمساكه أو صار يقاتل دونه لم يحل ذلك الصيد فيشترط تعليم جديد ولا ينعطف التحريم على ما مضى ولا يحل المتردي بإرسال الكلب أو نحوه وفارق إرسال السهم بأن الحديد يستباح به الذبح مع القدرة بخلاف عقر الكلب وإنما يحل صيد أدركه ميتا بسبب الجرح المزهق أو بغم الجارحة أو المذبوح حال الحركة أي إذا أدركه في حال حركة المذبوح أو أدركه وفيه حياة مستقرة وتعذر ذبحه بلا تقصير منه كأن سل السكين فمات قبل إمكان ذبحه أو اشتغل بطلب المذبح أو بتوجهه للقبلة أو وقع منكسا أو احتاج إلى قلبه ليقدر على الذبح أو حال بينهما سبع أو امتنع منه بقوته ومات قبل القدرة عليه ولو شك في التمكن من ذكاته حل وإن مات لتقصيره كأن لم يكن معه سكين أو غصبت أو نشبت في الغمد حرم وسن أن يقطع الذابح الأوداج ينقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها جمع ودج بفتح الواو والدال وليس في كل حيوان غير ودجين وهما عرقان في صفحتي العنق يحيطان بالحلقوم فلو لم يقطعهما الذابح حل كما ينحر لبة البعير ويذبح البقر والغنم للأتباع ولطول عنق الإبل فيكون أسرع لخروج روحها ولو عكس فقطع حلقوم الإبل ولبة غيره لم يكره ويلحق بالإبل كل ما طال عنقه كالنعام والكركى واللبة بفتح اللام من أسفل العنق قائما أي يندب أن يكون البعير قائما على ثلاث معقول الركبة اليسرى وإلا فباركا وأن تكون البقرة والشاة مضجعة على جنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى لتستريح بتحريكها وتشد باقي القوائم لئلا تضطرب حال الذبح(2/126)
فبنزل الذابح ووجه المذبوح نحو القبلة لأنها أشرف الجهات وقبل أن تصل بحذف الياء لعلة الوزن قل بسم الله أي يسن أن يقول عند الذبح بسم الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز أن يقول بسم الله واسم محمد لإيهامه التشريك ويندب أن يتوجه الذابح للقبلة أيضا وسم أنت وفي أضحية خاصة عند ذبحها وكبرا الألف في ذلك وفيما بعده بدل من نون التوكيد لأنها أيام تكبير وبالدعاء بالقبول فيقول اللهم هذا منك وإليك فتقبل ولو قال كما تقبلت من إبراهيم خليلك ومحمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم لم يكره ولم يسن فاجهرا أي يقول ذلك جهرا باب الأضحية بضم الهمزة وكسرها مع تخفيف الياء وتشديدها ويقال ضحية بفتح الضاد وكسرها ويقال أضحاة بفتح الهمزة وكسرها وهي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق والأصل في ذلك قبل الإجماع قوله تعالى فصل لربك وانحر أي صل صلاة العيد وانحر النسك وخبر مسلم ضحى رسول الله صلى الله عليه(2/127)
وسلم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله على صفحتهما وليست الضحية بواجبة وإنما هي سنة كفاية فتتأدى بفعل واحد من أهل البيت لها ويكره تركها وإنما تسن لمسلم قادر حر كله أو بعضه وأما المكاتب فيفعلها إن أذن سيده ووقتها قدر صلاة ركعتين من الطلوع أي طلوع الشمس يوم العيد تنقضي وخطبتين خفيفات وسن من بعد ارتفاعها أي وتأخيرها لترتفع كرمح أفضل ولا يدخلها كراهة لأنها ذات وقت وسبب إلى ثلاثة التشريق أن تكملا أي ويبقى حتى تغرب الشمس آخر أيام التشريق الثلاثة سواء الليل والنهار نعم يكره الذبح ليلا لأنه قد يخطىء المذبح ولأن الفقراء لا يحضرون فيه حضورهم بالنهار فلو ذبح قبل ذلك أو بعده لم تقع أضحية نعم إن لم يذبح الواجب حتى خرج الوقت ذبحه قضاء عن واحد ضأن فإن كان له أهل بيت حصلت السنة لجميعهم له حول كمل وطعن في الثانية أو أجذع قبلها أو معز له سنتان و في ثالث الحول دخل سواء الذكر والأنثى في ذلك كبقر أي لا يجزىء منه إلا ما استكمل سنتين وشرع في الثالثة لكن عن السبع كفت وإبل خمس سنين استكملت دخلت في السادسة أن يجزىء الثنى من الإبل والبقر عن سبعة من الأشخاص وإن كان لكل واحد منهم أهل بيت ولم يرد التضحية وأفضلها سبع شياه ثم بعير ثم بقرة ثم ضأن وشاة أفضل من مشاركة بقدرها في بدنة أو بقرة للانفراد بإراقة الدم وشرط إجزاء الأضحية سلامتها من عيب ينقص لحمها ولم تجز بينة الهزال أي لا تجزىء الأضحية بها وهي التي ذهب مخها من شدة هزالها و بينة مرض و بينة عرج بحيث تسبقها الماشية إلى الكلأ الطيب في الحال أي العبرة بالعيب الموجود عند الذبح حتى لو كانت سليمة فاضطربت عند إضجاعها للذبح فعرجت عرجا بينا لم تجز ولا يضر يسيرها بخلاف يسير الجرب لأنه يفسد اللحم والودك وناقص الجزء ولو فلقة يسيرة كبعض أذن أو ذنب كعور في العين أو العمى أو قطع بعض الألية أو ضرع أو غيرها لذهاب جزء مأكول منه نعم لا يضر قطع فلقة(2/128)
لحم يسيرة من عضو كبير كفخذ لأن ذلك لا يظهر وجاز نقص قرنها والخصية وتجزىء المخلوقة بلا ضرع أو ألية كما يجزىء ذكر المعز بخلاف المخلوقة بلا أذن لأن الأذن عضو لازم والذنب كالألية وذات القرون أفضل من غيرها نعم إن انكسر القرن وأثر في اللحم انكساره ضر وتجزىء العشواء وهي التي لا تبصر شيئا ليلا والعمشاء وهي ضعيفة البصر مع سيلان الدمع وذات كي وصغر أذن والتي ذهب بعض أسنانها والفرض في الأضحية المندوبة بعض اللحم لولا بنزر أي التصدق به ولو قليلا لأنها شرعت لإرفاق المساكين ولا يحصل ذلك بمجرد إراقة الدم والمراد به تمليك الفقير المسلم الشامل للمسكين ولو واحدا حرا أو مكاتبا شيئا من لحمها نيئا ليتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره فلا يكفى جعله طعاما ودعاء الفقراء إليه لأن حقه في تملكه لا في أكله ولا تمليكه مطبوخا ولا تمليكه غير اللحم من جلد وكرش وكبد وطحال وعظم ونحوها فلو أكل الكل ضمن القدر الذي كان يلزمه أن يتصدق به ابتداء ومؤنة الذبح على المضحى كمؤنة(2/129)
الحصاد فلا يعطى الجزار منها شيئا وله إطعام الأغنياء منهم لا تمليكهم وكل من المندوب فيأكل ثلثا ويتصدق بالباقي والأفضل التصدق بكلها إلا لقما يتبرك بأكلها فإنها مسنونة ويتصدق بجلدها أو ينتفع به في أستعماله وله إعارته لا بيعه وإجارته دون النذر أي لا يجوز له أن يأكل شيئا من المنذور يعنى الواجب بنذر أو غيره كما في الكفارة سواء أوجب بالتزام كالواجب بالنذر أم بغيره كدم القران والتمتع فلو أكل منه شيئا غرم بدله وقول الشيخين غرم قيمته مفرع على أن اللحم متقوم والأصح أنه مثلى على أنه تطلق القيمة ويراد بها البدل فيشتمل المثلى باب العقيقة من عق بعق العين وضمها وهي لغة الشعر الذي على رأس المولود وشرعا ما يذبح عند حلق رأسه وهى كالأضحية في سنها وجنسها وسنيتها وسلامتها والأفضل منها والأكل والتصدق والإهداء وامتناع بيعها وتعينها إذا عينت واعتبار النية وغير ذلك لكن لا يجب التمليك من لحمها نيئا كما يأتى ويندب أن يعطى للقابلة رجلها ووقتها من حين الولادة إلى بلوغه فلا تجزئ قبلها وتأخيرها عن بلوغه يسقط حكمها عن العاق وهو مخير في العاق عنه ولو مات الولد قبل السابع لم يسقط الطلب والعاق عنه من تلزمه نفقته بتقدير عسره وأما عقه صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين فيحتمل أنه أمر أباهما به أو أنه أعطاه ما عق به عنهما أو أن أبويهما كانا معسرين فيكونا في نفقة جدهما ولا يعق العاق عنه من ماله فإن كان معسرا عند الولادة وأيسر في السبعة خوطب بها أو بعد مدة النفاس فلا أو بينهما فاحتمالان أقربهما ترجيح مخاطبته بها تسن العقيقة في سابعه أي في سابع ولادته فهو أفضل من غيره ويحسب يوم ولادته منها ويسن ذبحها في صدر النهار عند طلوع الشمس وأن يقول عند ذبحها بسم الله الله أكبر اللهم منك وإليك اللهم هذه عقيقة فلان واسم حسن أي يسن تسميته يوم سابع ولادته ولو سقطا أو ميتا وأن يكون باسم حسن كعبد الله وعبد الرحمن ويكره باسم قبيح(2/130)
وما يتطير بنفيه كنافع ويسار وأفلح ونجيح وبركة وست الناس أو العلماء ونحوه أشد كراهة وحلق الشعر ذكرا كان أو أنثى أو خنثى ويندب كون الحلق بعد الذبح والتصدق بزنته ذهبا فإن لم يتيسر ففضة والأذان في الأذن اليمنى والأقامة في اليسرى ويحنك بتمر فإن لم يكن فبحلو والشاة للأنثى وللغلام شاتان والخنثى كالذكر احتياطا وهى أحب من شرك في بدنه أو بقرة فيجزئ سبع إحداهما ويسن طبخها بحلو تفاؤلا بحلاوة أخلاق الولد وأن لا يتصدق به نيئا دون الكسر للعظام أي يندب أن لا يكسر عظما من العقيقة ما أمكن تفاؤلا بسلامة أعضاء المولود فلو كسره لم يكره باب الأطعمة أي حلها وتحريمها قال تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية وقال تعالى ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وقال يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات أي ما تستطيه النفس وتشتهيه ولا يجوز أن يراد الحلال لأنهم سألوا عما يحل لهم فكيف يقول أحل لكم الحلال وقد أشار الناظم إلى بيان شئ(2/131)
منها فقال يحل منها أي من الأطعمة طعام طاهر لمن ملك سواء أكان جمادا أم حيوانا سمكا أو حيوان بر مذكى لأنه من الطيبات بخلاف غير الطعام كزجاج وحجر وثوب ومخاط وبصاق وبخلاف النجس كدقيق عجن بماء نجس وخبز نعم دور الفاكهة والجبن والخل ونحوها يحل أكله معها وإن مات فيها لا منفردا والطعام الطاهر كميتة من الجراد والسمك وهو ما يعيش في البحر وإذا خرج منه صار عيشه عيش مذبوح وإن كان نظيره في البر محرما ككلب ويكره ذبح السمك إلا كبيرا يطول بقاؤه فيسن ذبحه إراحة له ومذكى البر ما يستطاب ولو ذبح لغير مأكله مع الجنين الذي وجد ميتا في بطنه أو خرج متحركا حركة مذبوح سواء أشعر أم لا إذا ظهرت صورة الحيوان فيه ولو بقى الولد بعد الذبح زمنا طويلا يتحرك في البطن ثم سكن حرم ولو خرج رأسه وبه حياة مستقرة حل ويحل العضو الأشل من المذكى والذي يحل من حيوان البر كضبع وأرنب وفنك ودلق وثعلب وفاقم وأم حبين وحوصل وزاغ ويربوع ووبر ودلدل وبنت عرس وقنفذ وضب وكركى وإوز ودجاج وكل ذى طوق كالفاختة والقمري والدبسى واليمام والقطا وكل ذي لقط حب وإن لم يكن ذا طوق كزرزور وعصفور وصعوة ونغر وعندليب وبط وسمور وسنجاب وظبي ونعام وبقر وحش وحماره فيحل أكلها لأنها من الطيبات وما بمخلب يتقوى به بكسر الميم من الطير كباز وصقر وشاهين ونسر وعقاب ونحوها من جوارح الطير ونب يقوى به يحرم كالتمساح وابن آوى بالمد بعد الهمزة وهو فوق الكلب طويل المخالب والأظفار فيه شبه من الثعلب والأسد وخرج بقوله يقوى به مانابه ضعيف كضبع وثعلب ويحرم أيضا ماله سم وإن لم يكن له ناب كحية أوله إبرة كعقرب وزنبور لضررهما وما أمر بقتله كحدأة أو فأرة وغراب أبقع أو أسود ويسمى بالغداق الكبير وعقعق ووزع أو نهى عن قتله كخطاف وصرد وهدهد وبغاثة وببغاء وبوم ولقلق ونمل سليمانى ونحل وضفدع أو نص تحريم به من كتاب أو سنة والمتولد بين مأكول وغير حرام أو يقرب منه كالمتولد من الحمر(2/132)
الأهلية وغيرها والمتولد من شئ له حكمه في التحريم كذا ما استخبثته العرب بضم العين وإسكان الراء أو بفتحها مما لا نص فيه في حال رفاهية إذا كانوا أهل يسار وطباع سليمة واحترز بحال الرفاهية عن حال الضرورة وبالطبع السليم عن طبع أهل البوادى الذين يتناولون مادب وما درج والعبرة بالعرب الذين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم ويرجع في كل زمن إلى عربه حيث لم يسبق فيه كلام العرب الذين كانوا في عهده صلى الله عليه وسلم والمستخبث لهم كالحشرات وهى صغار دواب الأرض كذباب ونمل ونحل وضفدع وسرطان وسلحفاة ولو جهل اسم حيوان عمل بتسميتهم له فإن سموه باسم حيوان حلال حل أو حرام حرام فإن اختلفوا اتبع الأكثر فإن استووا فقريش فإن اختلفوا ولا ترجيح أو شكوا أو لم نجدهم ولا غيرهم من العرب أو لم يكن له اسم عند الجميع اعتبر بالأشبه به صورة أو طعما أو طبعا فإن لم يكن له شبه أو تعادل الشبهان حل والظاهر الاكتفاء بخبر عدلين منهم كما في جزاء الصيد لا ما استطابته العرب فيحل وللمضطر المعصوم حل من ميتة أي يحل له تناول الميتة كلحم خنزير ماسد بالسين المهملة وقال الطبري في شرح التنبيه إن إعجامها انسب من إهمالها والمراد من ذلك ما يحصل معه قوة العمل أي القوة على العمل إذا لم يجد حلالا يأكله وخاف تلف نفسه أو مرضا مخوفا أو أجهده الجوع وعيل صبره أو جوز تلف نفسه وسلامتها على السواء أو نحو ذلك نعم العاصي بسفره ولا يباح له ذلك وكذا المشرف على الموت لأنه حينئذ لا ينفع(2/133)
وله قتل طفل حربي ومجنون وكذلك ورقيق وأنثى وخنثى أهل حرب ليأكلهم إذا لم يجد غيرهم ويمتنع قتلهم في غير حال الضرورة لحق الغانمين لا لعصمتهم وله قتل حربي ومرتد وتارك صلاة وزان محصن ولو بغير إذن الإمام وإنما اعتبر إذنه في غير حالة الضرورة تأدبا معه فلو لم يجد إلا آدميا معصوما ميتا حل أكله ما لم يكن الميت نبيا فلا يباح وكذا إذا كان مسلما والمضطر ذميا وحيث أبحنا ميتة الآدمى المعصوم وحرم طبخه وشيه ويتخير في غيره وله قطع بعضه لا كله إن فقد الميتة ونحوها وكان الخوف في قطعه أقل من الخوف في ترك الأكل ويحرم قطعه لغيره وقطعه من معصوم لنفسه ولو وجد طعام غائب أكل منه ما يسد رمقه وغرم قيمته أو حاضر مضطر لم يلزمه بذله إن لم يفضل عنه فإن آثر مسلما جاز بخلاف الكافر وإن كان ذميا أو غير مضطر لزمه إطعام مضطر مسلم أو ذمى أو نحوه فإن منع فللمضطر قهره وأخذ الطعام وإن قتله فلا شيء في قتله إلا أن كان مسلما والمضطر كافرا و المقهور عليه ما يسد الرمق وإنما يلزمه بعوض ناجز إن حضر وإلا فبنسيئه ولا يلزمه مجانا فلو أطعمه ولم يذكر عوضا فلا ولو وجد مضطر ميتة وطعام غائب أو محرم ميتة وصيدا اكلها وإنما يجب عليه شراء الطعام بثمن مثله أو بزيادة يتسامح بمثلها باب المسابقة على الجيل والسهام ونحوهما فالمسابقة تعم المناضلة وهى سنة حيث قصد بها التأهب للجهاد والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة الاية وفسر صلى الله عليه وسلم القوة فيها بالرمى ولم يسبق أحد الشافعى رضي الله عنه إلى التصفيف في هذا الباب تصح في الدواب من خيل وفيل وإبل وبغل وحمار لا طير وصراع و تصح أيضا على السهام بأنواعها سواء العربية وهي النبل والعجمية وهى النشاب والمسلات والإبر ومزاريق ورماح ورمى بأحجار بيد ومقلاع ومنجنيق وكل نافع في الحرب غير ما ذكر لا على كره صولجان وبندق وسباحة وشطرنج وخاتم ووقوف على رجل ومعرفة ما بيده من زوج(2/134)
وفرد لأن هذه الأمور لا تنفع في الحرب وتصح على ما ذكر إن علمت مسافة المرامى أي الرمى بالذراع أو بالمشاهدة وهو الموضع الذي يبتدئان منه والغاية التى ينتهيان إليها ولو كان فيها عادة غالبة نزل العقد عليها وقدر العرض طولا وعرضا إلا أن يعقد بموضع فيه عوض معلوم فيحمل المطلق عليه ولا بد من تساويهما في الموقف والغاية فلو شرط تقدم موقف أحدهما أو غايته لم يصح ويعتبر إمكان سبق كل منهما وتعيين المركوبين بالمشاهدة أو الوصف والاستباق عليهما وأن يمكنهما قطع المسافة وصفة الرمى في الأصابة من قرع وهو إصابة السن بلا خدش له أو خزق بالمعجمة والزاى وهو أن يثقبه ولا يثبت فيه أو خسق وهو أن يثبت فيه أو مرق وهو أن ينفذ من الجانب الآخر ومتى بيناه اتبع وإن أطلقا اقتضى القرع لأنه المتعارف ولا يشترط بيان صفة المرمى من كونه مبادرة أو محاطة والإطلاق محمول على المبادرة ويشترط بيان عدد نوب الرمى وعدد الأصابة سواء يظهر المال المعلوم جنسا وقدرا وصفة شخص منهما كقوله إن سبقتنى فلك كذا وإن سبقتك أحرزت مالى ولا شيء لى عليك أو آخر غيرهما كقول الامام أو غيره من سبق منكما فله في بيت المال كذا أوله على كذا إن أخرجا أي أخرج كل واحد منهما مالا فهو قمار بكسر القاف منهما محر لأن كل واحد منهما متردد بين أن يغنم أو يغرم والمقصود المال لا الركض والفروسة إلا إذا محلل ثالث بينهما(2/135)
ويكفى واحد ولو بلغوا مائة وسمى محللا لأنه حلل المال بعد أن كان حراما وشرط المحلل أن يكون ما تحته من المركوب كفء لما تحتهما من المركوبين ويمكن أن يسبقهما يغنم إن يسبقهما فيأخذ مالها جاءا معا أو مرتبا لن يغرما بألف الإطلاق أي وإن سبق لم يغرم شيئا وإن سبقاه وجاءا معا فلا شيء لأحد وإن جاء مع إحدهما وتأخر الاخر فمال هذا لنفسه ومال المتأخر للمحلل والذي معه لأنها سبقاه وإن جاء إحدهما ثم المحلل ثم الآخر فمال الآخر للأول لسبقه الاثنين فالصور الممكنة ثمانية أن يسبقهما وهما معا أو مرتبا أو يسبقاه وهما معا أو مرتبا أو يتوسط بينهما أو يكون مع أولهما أو ثانيهما أو تجئ الثلاثة معا باب الأيمان جمع يمين والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم الآية وقوله تعالى إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا وأخبار كخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحلف لا ومقلب القلوب واليمن والحلف والإيلاء والقسم ألفاظ مترادفة وهي شرعا تحقيق ما لميجب وقوعه ماضيا كان او مستقبلا نفيا أو إثباتا ممكنا كحلفه ل ليدخلن الدار أو ممتنعا كحلفه ليقتلن زيدا الميت صادقه كانت اليمين أم كاذبة مع العلم بالحال أو الجهل به والكاذبة مع العلم بالحال هى اليمين الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو النار وهى كبيرة وخرج بالتحقيق لغو اليمين وبما لم يجب الواجب كوالله لأموتن أو لا أصعد السماء فليس يمينا لتحققه في نفسه وفارق انعقادها بما لا يتصور فيه البر كلأ قتلن الميت أو لأصعدن السماء بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل به فيحوج إلى التكفير وقد ذكر الناظم شيئا منها فقال وإنما تصح وتنعقد باسم الله وهو ما لا يحتمل غيره ولهذا لو قال أردت به غير الله تعالى لم يقبل ظاهرا ولا باطنا لأن اللفظ لا يصلح لغيره وسواء أكان من اسماءه الحسنى كالله والرحمن ورب العالمين ومالك يوم الدين أم لا(2/136)
كالذي أعبده أو أسجد له أو أصلى له أم الغالب إطلاقه على الله تعالى بأن ينصرف إليه عند الإطلاق كالرحيم والخالق والرب إلا أن يريد به غيره وأماما استعمل فيه وفي غيره سواء كالشيء والموجود والعالم والحى والغنى فليس بيمين إلا بنيته له تعالى أو صفة تختص بالإله تعالى عوظمة الله وعزته وجلاله وكبريائه وكلامه وعلمه وقدرته وسمعه وبقائه ومشيئته وحقه والقرآن والمصحف فتنعقد بكل منها اليمين إلا أن يريد به ظهور آثارها على الخلق وبالعلم المعلوم وبالقدرة المقدور وبالحق العبادات وبالقرآن الخطبة أو الصلاة وبالمصحف الورق والجلد وبالكلام الحروف والأصوات الدالة عليه وبالسمع المسموع وخرج بذكر اسم الله تعالى وصفته الحلف بغيرهما كالنبي والكعبة فلا ينعقد به بل يكره وعقوله الشخص لمن حلف يمينى في يمينك أو يلزمنى مثل ما يلزمك أو أن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو برئ من الله ورسوله فلا كفارة بفعل ذلك ثم إن قصد تبعيد نفسه أو أطلق لم يكفر وليقل ندبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويستغفر الله وإن قصد الرضا بذلك إذا فعله كفر في الحال وتنعقد اليمين بالكناية مع النية كما لو قال الله ورفع أو نصب أو جر لأفعلن كذا فيمين إن نواها ولو قال أقسمت أو أقسم أو حلفت أو أحلفم أو آليت أو أولى بالله لأفعلن فيمين إن نواها أو أطلق وإن قصد خبرا ما ضيا أو مستقبلا صدق ولو قال لغيره أحلف أو حلفت أو أقسم أو أقسمت أو أولى أو آليت عليك بالله أو أسالك أو سألتك بالله لتفعلن كذا وأراد يمين نفسه فيمين يستحب للمخاطب إبراره فيها وإلا لا يحمل كلامه(2/137)
على الشفاعة في فعله وتنعقد اليمين بما مر أو التزم قربة أو نذر أو كفارة يمين كان كلمت زيدا أو أن لم اكلمه فعلى صلاة مثلا أو نذرا أو كفارة يمين وهما كنذر اللجاج فإذا وجد المعلق به لزمه كفارة يمين أما في الثالث فللتصريح بها وأما في الأولين فلخبر مسلم كفارة النذر كفارة يمين ولأن القصد منهما المنع أو الحث فأشبها اليمين بالله تعالى وما ذكره هنا من لزوم الكفارة فيهما هو ما صححه الرافعى وصحح النووي التخيير وبين ما التزمه وعليه بتخيير في قوله فعلى نذر بين كفارة يمين وقربة من القرب التى تلتزم بالنذر وخرج بالنذر اللجاج نذر التبرر الشامل لنذر المجازات فيجب فيهما التزامه لا اللغو إذ سبق اللسان يجري أي وخرج بالتحقيق لغو اليمين بأن سبق لسانه إلى لفظها بلا قصد كقوله في حال غضب أو لجاج أو أو صلة كلام لا والله تارة وبلى والله أخرى وإن جمعها فى كلمة واحدة فلا تنعقد وجعل منه صاحب الكافى ما إذا دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له فقال لا والله وهو مما تعم به البلوى وفى معنى اللغو ما لو حلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره ولو حلف وقال لم أقصد اليمين صدق ولا يصدق ظاهرا فى الطلاق والعتاق لتعلق حق الغير به ولو اقترن باليمين ما يدل على القصد لم يقبل قوله في الحكم ولو حلف لا يدخل الدار ثم قال أردت شهرا فإن كانت بطلاق أو عتاق لم يقبل في الحكم ويلحق بهما الإيلاء وإن كانت بالله تعالى ولم تتعلق بحق آدمى قبل ظاهرا وباطنا وحالف لا يفعل الأمرين كأن لا يلبس هذين الثوبين أولا يأكل هذين الرغيفين أو اللحم والعنب او التمر والزبيب أو لا يدخل الدارين لا حنث عليه بالواحد من هذين وخرج بقوله وحالف لا يفعل الأمرين ما لو حلف لا يفعل كلا منهما بأن أعاد حرف النفى كقوله والله لا آكل اللحم ولا العنب أولا آكل التمر ولا الزبيب فإنه يحنث بأحدهما كما لو أعاد المحلوف به كوالله لا آكل اللحم والله لا آكل العنب هذا كله إذا كان العطف(2/138)
بالواو فإن كان بالفاء أو بثم كأن حلف على عدم أكل العنب بعد اللحم أو الزبيب بعد التمر بلا مهملة في الفاء وبمهملة في ثم فلا يحنث إذا أكلها معا أو العنب قبل اللحم أو الزبيب قبل التمر أو بعده بلا مهملة في الفاء أو بمهملة في ثم وليس حانثا إذا ما وكلا في فعل ما يحلف أن لا يفعلا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فلو حلف لا يبيع أو لا يشترى أولا يزوج أولا يطلق أو لا يعتق أو لا يضرب فوكل من فعله لم يحنث لأنه لم يفعله سواء أجرت عادته بالتوكيل فيه أم لا وسواء اللائق به أم لا نعم أن نوى أن لا يفعل ذلك بنفسه ولا بغيره حنث أولا ينكح أو لا يتزوج أو لا يراجع حنث بفعل وكيله لا بقبوله هو لغيره إذ الوكيل فيه سفير محض بدليل وجوب تسمية الموكل ولو حلف لا يبيع مال زيد فباعه بإذنه حنث وإلا فلا أولا يهب له فأوجب له فلم يقبل أو قبل ولم يقبض لم يحنث ويحنث بعمرى ورقبى وصدقة لا باعارة ووصية ووقف أولا يتصدق لم يحنث بهبة أو لا يأكل طعاما اشتراه زيد أو من طعام اشتراه لم يحنث بما اشتراه مع غيره شركة ويحنث بما اشتراه سلما ولو اختلط ما اشتراه بمشترى غيره لم يحنث بالأكل من المختلط حتى يتيقن اكله من ماله بأن يأكل كثيرا كالكف والكفين بخلاف القليل كعشر حبات وعشرين حبة فيمكن أن يكون من مال الآخر كفارة اليمين مخيرة ابتداء مرتبة انتهاء إما عتق رقبة مؤمنة سليمة من معيبه أي من عيب يخل بالعمل أو يطعم عشرة تمسكنوا قد أدى أي الحالف من غالب الأقوات التى بالبلد ويكون لكل واحد منهم مدامدا(2/139)
فلا يجوز أن يصرفه إلى دون عشرة ولو في عشرة أيام ولا إلى عشرة أو أكثر لكل واحد دون مد أو كسوة مما يسمى كسوة فلا يجوز أن يطعم خمسة ويكسو خمسة ويجوز التفاوت بينهم في الكسوة وبين نوعها بقوله ثوبا قباء أوردا بالتنوين أو فروة أو أزارا أو عمامة أو سراويل أو منديلا أو مقنعة أو طيلسان صوفا وكتانا وقطنا وشعرا ولبدا اعتيد لبسه ولو نادرا أو حريرا للذكور والإناث وإن لم يكن لهم لبسه ولو كان ذلك عتيقا لم تذهب قوته أو ملبوس طفل أعطي لكبيرلا يصلح له لوقوع اسم الكسوة عليه كما يعطى ما للمرأة للرجل وعكسه ولا يشترط كونه مخيطا ولا ساتر العورة بخلاف الخف والمنطقة أو الدرع من حديد أو نحوه من الآت الحرب أو النعل أو المداس أو القبع أو الخاتم أو التكة أو الفصادية إذ لا تسمى هذه الأشياء كسوة والمبعض لا يعتق وإن كان له مال وعاجز حر صام ثلاثا كالرقيق ولو مكاتبا لم يأذن سيده له فيه فإن أذن له في غير الأعتاق حاز أو فيه فلا والأفضل الولا بكسر الواو وبالقصر للوزن بين صومها خروجا من خلاف من أوجبه وجاز التفريق بينها لإطلاق الآية والسفيه يصوم كالعبد فلوفك حجره قبل لم يجزه حيث اعتبرنا حال الأداء فإن كان الرقيق الحانث عبدا أو أمة وضره الصوم ووجد إذن السيد في الحلف والحنث صام بلا إذن أو وجدا بلا إذن لم يصم إلا بإذن منه وإن أذن في أحدهما اعتبر الحنث باب النذر بالمعجمة هو لغة الوعد بخير أو شر وشرعا الوعد بخير خاصة أو التزام قربة غير واحبة كما عينا يأتى والأصل فيه قوله تعالى وليوفوا نذورهم وقوله يوفون بالنذر يوفون بالنذر وخبر البخاري من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه وخبر مسلم لانذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم وهو قسمان نذر لجاج ويسمى يمين لجاج ويمين غضب وضابطه أن لا يرغب في حصوله وهو مكروه ونذر تبرر وهو ما يرغب في حصوله وهو غير مكروه وسواء المعلق وغيره وقد أخذ في بيانها فقال يلزم(2/140)
بالتزامه لقربة أعلم أن للنذر ثلاثة أركان ناذر ويعتبر فيه كونه بالغا عاقلا مسلما ولو رقيقا او سفيها او مفلسا على ما يأتى نعم نذر السكران صحيح كما في تصرفاته وصيغة كقوله لله على كذا أو على كذا بدون لله إذ العبادات إنما هى لله فالمطلق منها كالمقيد بخلاف قوله مالى صدقة لعدم الالتزام ولو قال لله على كذا إن شاء الله تعالى أو أن شاء زيد لم ينعقد وإن شاء زيد أو نذرت لله لأفعلن كذا فإن نوى اليمين فيمين وإن أطلق فنذر كما في الأنوار ولو قال نذرت لفلان كذا لم ينعقد لا واجب العين أي لا ينعقد نذر الواجب بالعين وهو المنذور الذي هو الركن الثالث وهو قربة غير واجبة وجوب عين سواء أكانت عبادة مقصودة بأن وضعت للتقرب بها كصلاة وصوم وحج واعتكاف وصدقة أو فرض كفاية وإن لم يحتج في أدائه إلى بذل مال ومشقة كصلاة الجنازة أم لا بأن لم تكن كذلك كعيادة مريض وتطييب الكعبة وكسوتها وتشميت العاطس وزيارة القادم والقبور وإفشاء السلام على المسلمين وتشييع الجنائز وخرج بالقربة المعصية فلا يصح نذرها وذى الإباحة كأكل ونوم فلا يصح نذرها فلو نذر وخالف لم تلزمه كفارة كما في الروضة وأصلها وصوبه في المجموع وإن رجح في المنهاج لزوجها ويشترط في المال المعين من صدقة وإعتاق وغيرهما أن يكون ملكه وإلا لم يصح نذره إلا أن علقه بملكه كأن ملكت عبد فلان فعلى عتقه(2/141)
فيصح ثم إن قصد الشكر على تملكه فنذر تبرر أو الامتناع منه فنذر لجاج باللفظ أي إنما ينعقد النذر باللفظ وإن علقه بنعمة حادثة أو باندفاع نقمه أي وإنما يلزم النذر بالتزامه قربة الخ إن علقه بنعمة كإن رزقنى الله ولدا أو شفى الله مريضى فعلى كذا أو نجز النذر كالله على صوم أو صدقة أو عتق فيلزمه كما لو قال لله على أن أضحى أو أعتكف نذر المعاصى ليس بشىء لخبر لانذر في معصية الله ومن يعلق فعل شيء بالغضب أو ترك شيء منها بالتزامه القرب ويسمى نذر لجاج وغضب أن وجد الشرط أي المشروط الزم فعل أمر أو ماض مبني للفاعل فكفارة منصوب به أو مبنى للمفعول فكفارة مرفوعة به من حلف كفارة اليمين مثل ما سلف كما به أفنى الإمام الشافعى وذهب إليه الإمام أحمد وهو قول جمع من الصحابة رضي الله عنهم وبعض أصحاب له كالرافعى واعتمده جمع متأخرين أما النوواي رحمهم الله تعالى باثبات الألف ويجوز حذفها فقال خيرا أي الحالف ما بين تكفير وما قد نذرا ومطلق القربة نذر لزما يعنى أقل واجب في الشرع من ذلك نذر الصلاة أي لو نذر الصلاة وأطلق لزمه أن يصلى ركعتين قائما فلا يجوز للقادر القعود فيهما فإن قال اصلى قاعدا جاز له القعود كما لو صرح بركعة فتجزئه و إن نذر العتق وأطلق لزمه ما كفارة قد حصلا وهو عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب حملالها على واجب الشرع هذا مقتضى كلام الرافعى لكن صحح النووى حمل نذره على جائز الشرع فتجزئ الكافرة والمعيبة وهو المعتمد صدقة أقل ما تمولا أي لو نذر صدقة وأطلق لزمه أقل متمول ولو نذر عتق كافرة معينة أجزأه كاملة فإن عين ناقصة تعينت لتعلق النذر بالعين كتاب القضاء أي الحكم وهو في الأصل يقال لاتمام الشئ وإحكامه وإمضائه والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى وأن احكم بينهم بما أنزل الله وقوله فاحكم بينهم بالقسط وقوله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وخبر إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وأن أصاب(2/142)
فله أجران وفي رواية فله عشرة أجور وما جاء في التحذير منه كقوله من جعل قاضيا ذبح بغير سكين محمول على عظم الخطر فيه او على من يكره له أو يحرم وهو فرض كفاية في حق الصالح له في الناحية فيولى الإمام فيها أحدهم ليقوم به فإن تعين له واحد بأن لم يصلح معه غيره فإن كان غيره أصلح وكان يتولاه فللمفضول القبول ويكره طلبه ويندب للفاضل الطلب والقبول وإن كان الأصلح لا يتولاه فهو كالمعدوم وإن كان مثله فله القبول ويندب له الطلب إن كان حاملا يرجو به نشر العلم أو كان محتاجا إلى الرزق ويحصل له من بيت(2/143)
المال وإلا فالأولى له تركه ويكره له الطلب والاعتبار في التعيين وعدمه بالناحية وإنما يليه مسلم فلا يتولاه كافر ولو على كفار وما جرت به عادة الولاة من نصب حاكم لهم فهو تقليد رئاسة وزعامة لا تقليد حكم وإنما يلزمهم حكمه بالالتزام لا بالزامه ذكر فلا يصح من امرأة إذ لا يليق بها مجالسة الرجال ورفع صوتها بينهم ولا خنثى مكلف فلا يصح من صبى أو مجنون لأنه لا يعتبر قوله على نفسه فعلى غيره أولى حر فلا يصح من رقيق أو مبعض لنقصه وعدم فراغه سميع فلا يصح من أصم ذو بصر فلا يصح من أعمى ذو يقظة فلا يصح من مغفل عدل فلا يصح من فاسق وناطق فلا يصح من أخرس وإن فهمت إشارته ولا جاهل أو مقلد أو مختل الرأي بكبر أو مرض لعجزهم عن تنفيذ الأحكام وإلزام الحقوق والاجتهاد لغة استفراغ الوسع في تحقيق ما يستلزم الثقة واصطلاحا استفراغ الوسع في تحصيل ظن بحكم شرعى و شرطه أن يعرف أحكام القران بنقل حركة الهمزة إلى الراء والسنن ولغة العرب مفرداتها ومركباتها لورود الشريعة بها لأن بها يعرف عموم اللفظ وخصوصه والحلف بأن يعرف أقوال العلماء من الصحابة فمن بعدهم إجماعا واختلافا لئلا يخالفهم في اجتهاده مع إجماع وطرق الاجتهاد بنقل حركة الهمزة إلى اللام بالأنواع بأن يعرف حال الرواة قوة وضعفا والقياس مع الأنواع المذكورات فمن أنواع القرآن العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين والنص والظاهر والناسخ والمنسوخ ومن أنواعه السنة المتواتر والآحاد والمسند والمرسل ومن أنواع القياس الأولى والمساوى والأدون فيعمل بها كقياس الضرب للوالدين على التأفيف لهما وقياس إحراق مال اليتيم على أكله في التحريم فيهما وقياس التفاح على البر في باب الربا بجامع الطعم المشتمل عليه مع القرب والكيل في البر ويقدم الخاص على العام والمعارض له والمقيد على المطلق والناسخ والمتصل والقوى قال القاضي ولا يشترط أن يكون في كل نوع من هذه مبرزا حتى يكون في النحو(2/144)
كسيبويه وفي اللغة كالخليل بل يكون في الدرجة الوسطى في جميع ما مر قال الشيخان قال الأصحاب وأن يعرف أصول الاعتقاد قال الغزالى وعندى أنه يكفى اعتقاد جازم ولا التبحر في هذه العلوم بل يكفى معرفة جمل منها ولا يشترط حفظها عن ظهر قلب بل يكفى أن يعرف مظانها في ابوابها فيراجعا وقت الحاجة إليها ثم إجتماع هذه الأمور إنما يشترط في المجتهد والمطلق ويجوز تحرى الاجتهاد بأن يكون الشخص مجتهدا في باب دون باب فيكفيه علم ما يتعلق بالباب الذي يجتهد فيه فإن تعذر جمع هذه الشروط كما في زمننا فولى سلطان ذو شوكة فاسقا أو مقلدا صحت ولايته ونفذ قضاؤه للضرورة لئلا تتعطل مصالح الناس ويندب للإمام إذا ولى قاضيا أن يأذن له في الاستخلاف إعانة له فان نهاه عنه لم يستخلف ويقتصر على ما يمكنه إن كانت توليته أكثر منه فإن اطلق توليته فيما لا يقدر إلا على بعضه استخلف فيما يعجزه عنه لا فيما يقدر عليه والقادر على ما وليه لا يستخلف فيه أيضا ولو أذن له الإمام في الاستخلاف في المقدور عليه وغيره وما ذكر في الاستخلاف العام أما الخاص كتحليف وسماع بينة فقطع القفال بجوازه وقال غيره هو على الخلاف وهو مقتضى إطلاق الأكثرين كذا في الروضة كأصلها وشرط المستخلف كالقاضى إلا أن يستخلف في أمر خاص كسماع بينة فيكفى علمه بما يتعلق به ويحكم باجتهاده إن كان مجتهدا أو اجتهاد مقلده إن كان مقلدا حيث ينفذ قضاء المقلد ولا يجوز أن يشرط عليه خلافه فلو شرطه لم يصح الاستخلاف وكذا لو شرطه الإمام في تولية القاضى لم تصح توليته ولو حكم خصمان رجلا في غير حدود الله تعالى جاز مطلقا بشرط أهليته للقضاء ولا ينفذ إلا على راض به فيشترط رضا العاقلة في ضرب االدية عليهم وإن رجع أحدهما قبل الحكم ت امتنع الحكم ولا يشترط بالرضا بعده ولو نصب الإمام(2/145)
قاضيين ببلد وخص كل واحد منهما بمكان منه أو زمن أو نواع كالأموال أو الدماء أو الفروج جاز وكذا إن لم يخص كالوكيلين والوصيين ما لم يشرط اجتماعهما على الحكم فلا يجوز ويستحب كاتبا أي يستحب كون القاضى كاتبا لأنه قد يكتب إلى غيره ويكتب غيره له فلا يحتاج إلى كاتب ولا قارئ ولا يشترط ويندب أن يكون وافر العقل حليما متثبتا ذا فطنة وتيقظ كامل الحواس والأعضاء عالما بلغة من يقضى بينهم بريئا من الشحناء بعيدا من الطمع صدوق اللهجة ذا رأي وسكينة ووقار ولا يكون جبارا تهابه الخصوم فلا يتمكنون من الحجة ولا ضعيفا يستخفون به والأولى أن يكون قرشيا ورعاية العلم والتقوى أهم من رعاية النسب ويشترط معرفته الحساب لتصحيح المسائل الفقهية بالنسبة للمفتى ويندب للامام أن يكتب لمن يوليه القضاء ببلد كتابا بما يحتاج إليه فيه ويشهد بالكتاب شاهدين يخرجان معه إلى البلد بخبران بالحال من التولية وغيرها ويكفى إخبارهما بهما من غير كتاب وتكفى الاستفاضة بها لا مجرد كتاب ويبحث عن علماء البلد وعدوله قبل دخوله فإن لم يتيسر فحين يدخل ويدخل بكرة الاثنين بنقل حركة الهمزة إلى اللام فإن تعسر فالخميس وإلا فالسبت ووسطا ينزل ليتساوى أهله في القرب منه إلا أن يكون للقضاة محل معدلهم وينظر أولا في أهل الحبس لأنه عذاب حيث لا أهم منه ويتسلم من المعزول المحاضر والسجلات واموال الأيتام والضوال والأوقاف ويقدم على ذلك ما كان أهم منه كالنظر في المحاجير الجائعين الذين تحت نظره وما أشرف على الهلاك من الحيوان في التركات وغيرها وما أشرف من الأوقاف وأملاك محاجيره على السقوط بحيث يتعين الفور في تداركه وقبل جلوسه للنظر في المحبوسين يأمر مناديا ينادى يوما أو أكثر بحسب الحاجة ألا أن القاضي ينظر في أمر المحبوسية يوم كذا فمن له محبوس فليحضر ويبعث إلى الحبس أمينا أو أمينين ليكتب اسم كل محبوس وما حبس به ومن حبس له في ورقة فإذا جلس اليوم الموعود وحضر الناس(2/146)
صبت الأوراق بين يديه وأخذ واحدة واحدة ونظر في الاسم المثبت فيها وسأل عن خصمه فمن قال أنا خصمه بعث معه ثقة إلى الحبس ليأخذ بيده محبوسة ويحضره فإذا حضر عنده سأل المحبوس عن سبب حبسه فإذا اعترف بالحق عمل معه بمقتضى اعترافه وإن قال حبست ظلما فعلى خصمه حجة بأنه حبسه بحق فإن لم يقمها صدق المحبوس بيمينه ويطلقه إن ثبت مدعاه بحلفه أو ببينة أو اعتراف خصمه أو بعلم القاضي أو قال لا خصم لى نودى عليه بطلب الخصم ثلاثة أيام ولا يحبس مدة النداء ولا يخلى بالكلية بل يراقب فإن حضر خصمه في هذه والتى قبلها وأقام حجة على الحق أو على أن القاضى حكم عليه بذلك فذاك وإلا أطلقه ويحلف النافى على ما يدعيه ويطلق من خبس لتعزير إن رأى إطلاقه والا فان رأى مصلحة في إدامه حبسه أدامه ثم في اوصياء الأطفال ونحوهم فمن ادعى وصاية سأل عن حالها وحالة وتصرفه فمن وجده مستقيما قويا أقره أو فاسقا أخذ المال منه أو ضعيفا عضده بمعين فان ادعى الوصى تفرقة القدر الموصى به وكان لمعينين لم يتعرض له أو لجهة عامه أمضاه إن كان عدلا فإن كان فاسقا ضمنه بتعديه وغير الوصى لو فرق لمعينين وقع الموقع الأن لهم أخذه بلا واسطه أو لجهة عامة ضمن ومجلس الحكم يكون بارزا أي ظاهرا ليتهدى إليه كل أحد متسعا فسيحا حتى لا يزدحم فيه الخصوم ويتضرر الشيخ الكبير والعجوز ونحوهما من هج حر أو أذى برد يكون حاجزا أي مصونا من ذلك وريح وغبار ودخان كأن يكون في الصيف في مهب الرياح وفي الشتاء في كن هذا إن اتحد المجلس فإن تعدد وحصل زحام اتخذ مجالس بعدد الأجناس فلو أجتمع رجال وخناثى ونساء اتخذ ثلاثة مجالس وينبغى ارتفاع محل جلوسه كدكة وأن يتوجه للقبلة غير متكئ وحسن أن يوضع له فراش ووسادة ليعرفه الناس ويكون(2/147)
أهيب للخصوم وأرفق به فلا يمل و يكره بالمسجد حيث قصدا حكم صونا عن ارتفاع الأصوات واللغظ الواقعين بمجلس الحكم وقد يحتاج لاحضار المجانين والصغار والحيض والكفار بخلاف ما لو أتخذه مجلسا للفتوى وتعليم القرآن والعلم فلا يكره فلو اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره في المسجد لصلاة أو غيرها فلا بأس بفصلها خلاف مالك واحمد حيث قالا لا يكره القضاء في المسجد و يكره للقاضى نصب حاجب يحجب الناس عن الوصول إليه واتخاذ بواب يمنع الناس ويغلق الباب لا سيما إن كان يغلقه على الفقراء ويفتحه للأغنياء وللرؤساء هذا إن كان بلا عذر فإن كان كزجام أو لم يجلس للحكم بأن كان وقت خلوته لم يكره نصيبهما وإنما يكره الحاجب إذا كان وصول الخصم موقوفا على إذنه وأما من وظيفته ترتيب الخصوم وإعلامه بمنازل الناس وهو المسمى بالنقيب في الزمن السابق فلا بأس باتخاذه بل صرح جمع باستحبابه وإلا بأن لم يكره فأمينا عدلا عاقلا عفيفا ويندب كونه كهلا كثير الستر على الناس وسكمه أي القاضى مع ما يخل فكره كغضب لحظ نفس يكره و مثله مرض مؤلم وعطش وجوع وحق ونعاس و ملل وشبع و حر وبرد و فرح وهم والقاضي في ذي نافذ للحكم وخرج بقوله لحظ نفس الغضب لله تعالى وقد استثناه البغوي والإمام وغيرهما واعتمده البلقينى لكن قال الأذرعى إنه الراجح من حيث المعنى والموافق لاطلاق الأحاديث وكلام الشافعى والجمهور أنه لا فرق لأن المحذور تشويش الفكر وهو لا يختلف بذلك وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى بل ربما يكون الغضب لله تعالى من أهل الخير أشد منه لحظ نفسه نعم تنتفى الكراهة إذا دعت الحاجة إلى الحكم في الحال وقد يتعين الحكم على الفور في صور كثيرة ولو حكم في هذه الأحوال نفذ حكمه تسوية الخصمين في الأكرام فرض على القاضي في دخول عليه بأن يأذن لهما فيه وقيام لهما ونظر إليهما واستماع لكلامهما وطلاقة وجه لهما وجواب سلام منهما ومجلس بأن يجلسهما إن كانا شريفين بين يديه أو أحدهما(2/148)
عن يمينه والآخر عن يساره وكذا سائر أنواع الاكرام فلا يخص أحدهما بشئ منها لأن تخصيص أحدهما يكسر قلب الأخر ويمنعه أن يلحن بحجته فلو سلم الخصمان معا أجابهما أو أحدهما انتظر سلام الآخر فيجيبهما معا ولا بأس أن يقول للآخر سلم فإذا سلم أجابهم وكأنهم أغتفروا ذلك لئلا يبطل معنى التسوية وإن كان فيه اشتغال منه بغير الجواب ومثله يقطع الجواب عن الخطاب وجاز للقاضى الرفع بالإسلام على الكافر بأن يجلس المسلم أقرب إليه ويجرى ذلك في سائر وجوه الاكرام حتى في التقديم بالدعوى ويقدم القاضى عند اجتماع الخصوم والمسافر الذي تهيأ للسفر وخاف انقطاعه عن رفقيه إن تأخر على المقيم لئلا يتضرر ثم المرأة إلا أن يكثر المسافرون أو النساء فيقدم بالسبق ثم بالقرعة وينبغى أن لا يفرق بين كونهم مدعين ومدعى عليهم وتقديمهم مندوب ثم بعد المرأة يقدم وجوبا بالسابق لمجلس الحكم والعبرة بسبق المدعى دون المدعى عليه ثم من خرجت له القرعة فإن عسر الاقراع لكثرتهم كتب أسماءهم في رقاع ووضعت بين يديه ليأخذ واحدة فيسمع دعوى من خرج اسمه ويقدم السابق والقارع بدعوى واحدة وأما المقدم بالسفر فان كانت دعاويه قليلة أو خفيفة بحيث لا تضر بالباقين إضرار بينا قدم بجميعها وإلا فبواحدة والظاهر أن المرأة في ذلك كالمسافر(2/149)
وأن الخنثى كالمرأة وما ذكره من جواز رفع المسلم على الكافر جواز بعد منع فيصدق بالواجب إذ المعتمد وجوبه هدية الخصم أي من له الخصومة لمن لم يعتد قبل القضا ذلك حرم عليه قبول ما هدى لخبر هدايا العمال سحت ولأنها تدعو إلى الميل إليه فلا يملكها القاضى لو قبلها ويجب عليه ردها إلى مالكها فإن تعذر وضعها في بيت المال كمن لم يعتد قبل القضاء الهدية له ولا خصومة له فيحرم عليه قبولها في محل ولايته بخلافها في غير محل ولايته فلا يحرم قبولها وإن كان يهدى له قبل ولايته القضاء ولا خصومة له جاز قبولها إذا كانت بقدر العادة والأولى عدم قبولها أو يثيب عليها أما لو زادت على العادة فكما لو لم تعهد منه وقضيته تحريم الجميع وقال الرويانى نقلا عن المذهب أن كانت الزيارة من جنس الهدية جاز قبولها لدخولها في المألوف وإلا فلا والضيافة والهبة كالهدية وأما الرشوة وهى ما يبدل القاضي ليحكم بغير الحق أو ليمتنع من الحكم بالحق فحرام مطلق ولا ينفذ حكمه لنفسه ورقيقه وشريكه في المشترك وأصله وفرعه ورقيق كل منهما وشريكه في المشترك ويحكم له ولهؤلاء الامام أو نائبه أو قاض آخر وإذا أقر المدعى عليه او نكل فحلف المدعى أو أقام بينه وسأل القاضي أن يشهد على إ قراره أو يمينه أو الحكم بما ثبت الإشهاد به لزمه وكذا إذا حلف المدعى عليه وسأل الاشهاد ليكون حجة له فلا يطالب مرة أخرى وإذا حكم باجتهاد ثم بان خلاف نص كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جلى تبين بطلانه بخلاف القياس الخفى والقضاء فيما باطن الامر فيه بخلاف ظاهره ينفذ ظاهرا لا باطنا فلو حكم بشهادة زور بظاهرى العدالة لم يحصل بحكمه الحل باطنا سواء المال والنكاح وغيرهما وما باطن الامر فيه كظاهره بأن ترتب على أصل صادق ينفذ القضاء فيه باطنا أيضا قطعا إن كان في محل اتفاق المجتهدين وعلى الأصح إن كان في محل اختلافهم وإن كان القضاء لمن لا يعتقده ولا يقضى بخلاف علمه بالاجماع كأن علم أن المدعى(2/150)
أبرأ المدعى عليه مما ادعاه وأقام عليه بينة به أو أن المدعى قتله وقامت بينة بأنه حى فلا يقضى بالبينة ويقضى بعلمه ولو في الطلاق والعتق ولا ينفذ الحكم بالعلم إلا مع التصريح بان مستنده علمه بذلك كأن يقول قد علمت أن له عليك ما ادعاه وحكمت عليك بعلمى كما يقضى بعلمه في التعديل والجرح والتقويم وإن لم يكن معه مقوم آخر إلا في حدوده تعالى وتعازيره لندب الستر في أسبابها بخلاف عقوبة الآدمى وحقوقه تعالى المالية ولم يجز للقاضي تلقين مدع كيف يدعى لما فسر من كسر قلب الآخر ولا تعيين قوم من الشهود غيرهم لن يقبلا لقوله تعالى وأشهدوا ذوي عدل منكم ولما فيه من الإضرار بالناس وإنما يقبل قاض في بلد الخصم ما كتب قاض إليه حين مدع طلب منه ذلك ويكتب فإذا وصل الكتاب إلى القاضى لا يقبله إلا بشاهدين عدلين ذكرين شهد ا على القاضى بما حواه كتابه حين أشهدهما على نفسه وختم الكتاب وذكر فيه نقش خاتمه الذي ختم به مع نسخة مع الشاهدين غير مختومة للمراجعة ويكتب القاضى اسم نفسه واسم المكتوب إليه في باطن الكتاب وعلى العنوان ثم يحضر المكتوب إليه الخصم فإن أ قر استوفى منه الحق وإن جحد ذلك شهد عليه الشاهدان بما يعلمانه كما ذكره بقوله حين خصم جحدا(2/151)
باب القسمة هي تمييز الحصص بعضها من بعض والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى وإذا حضر القسمة والآية وخبر الشفعة فيما لم يقسم وكان صلى الله عليه وسلم يقسم الغنائم بين أربابها والحاجة داعية إليها فقد يتضرر الشريك من المشاركة ويقصد الاستبداد بالتصرف واعلم أن الأعيان المشتركة قسمان أحدهما ما يعظم الضرر في قسمته كجوهر وثوب نفيسين وزوجى خف إن طلب الشركاء كلهم قسيمة لم يحبهم الحاكم ولم يمنعهم إن قسموا بأنفسهم إن لم تبطل منفعته كسيف يكسر بخلاف ما تبطل منفعته فانه يمنعهم لأنه سفه أولا يبطل نفعه المقصود كحمام وطاحونة صغيرين لإيجاب طالب قسمته ولا يجبر عليها الآخر وما لا يعظم ضرره وقسمته أنواع ثلاثة ما يجبر حاكم عليها الممتنع ولا يعظم ضرره وهى في قسمة متشابهة في الأجزاء كمثلى من حبوب ودراهم وأدهان ونحوها ودار متفقه الأبنية وأرض مشتبهة الأجزاء فتعدل السهام كيلا في المكيل ووزنا في الموزون وذرعا في المذروع بعدد الأنصباء إن استوت به كالأثلاث ويكتب في كل رقعة اسم شريك أو جزء مميز بحد أو جهة وتدرج في بنادق ويخرجها من لم يحضر الكتابة والادراج ويحترز عن تفريق حصة واحد و يكون في قسمة تعديل شرع بأن تعدل السهام بالقيمة كأرض مختلفة الأجزاء بحسب قوة إنبات وقرب ماء ويجبر الحاكم على القسمة الممتنع منها في قسمة المتشابهات وقسمة التعديل وهي بيع والأولى إفراز وإنما يجبر الممتنع في التعديل إن لم يصر طالبا للقسمة فلو كان له عشر دار لا يصلح للسكنى والباقى صالح لها لآخر وطلبها لم يجبر الآخر لأن طلبه تعنت بخلاف الآخر و في قسم رد أي يكون في قسمة الرد وهى بيع لكن لا إجبار فيها بل بالرضا والقرعة والرضا بما تخرجه كقولهما رضينا بهذه القسمة أو بما أخرجته القرعة ثم قد يقسم الشركاء أو منصوبهم ومنصوب الامام وينصب الحاكم حرا ذكرا كلف أي مكلفا عدلا في الحساب مهرا أي حاذقا فيه ولألف للإطلاق بأن يعلم المساحة والحساب لأنه(2/152)
يلزم كالحاكم وليوصل إلى كل ذى حق حقه قال الماوردى وأن يكون نزها قليل الطمع حتى لا يدلس ولا يخون ولا يشترط معرفته التقويم وأما منصوب الشركاء لا يشترط فيه عدالة ولا حرية لأنه وكيلهم ولا ذكورة ومحكمهم كمنصوب الامام ويشرط للقسمة اثنان إذ يقوم أي إذا كان فيها تقويم لأنهما شاهدان بالقيمة نعم إن جعل الامام القاسم حاكما في التقويم جاز فيعمل فيه بعدلين ويقسم بنفسه وله القضاء بعلمه وحيث لا تقويم في القسمة فرد يقسم أي يكفى قاسم واحد كالحاكم سواء نصبه الامام أم الشركاء ويجعل الامام رزق منصوبه من بيت المال فان لم يكن فأجرته على الشركاء بحسب حصصهم المأخوذة لا بعدد رؤوسهم(2/153)
باب الشهادة مصدر شهد وهى لغة الخبر القاطع وشرعا إخبار بحق لغير المخبر على غيره على وجه مخصوص والأصل فيه قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم وقوله ولا تكتموا الشهادة وخبر ليس لك إلا شاهداك أو يمينه وسئل صلى الله عليه وسلم عن الشهادة فقال للسائل ترى الشمس فقال نعم فقال على مثلها فاشهد أو دع وتتحقق بشاهد ومشهود له ومشهود عليه ومشهود به وإنما تقبل ممن أسلما فلا تقبل من كافر ولو على أهل دينه كلف فلا تقبل من صبي ولا مجنون كإقرارهما بل أولى حرا فلا تقبل من رقيق مدبرا أو مكاتبا أو مبعضا كسائر الولايات إذ في الشهادة نفوذ على الغير ناطقا فلا تقبل من أخرس وإن فهمت إشارته وإنما صحت تصرفاته بها للحاجة قد علما بالعدالة وظهورها فلا تقبل شهادة من لم تثبت عدالته كالفاسق عدلا على كبيرة ما أقدما بألف الاطلاق فيه وفيما بعده وهي ما لحق صاحبها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة كالقتل والزنا واللواط وشرب المسكر والسرقة والغصب والقذف والنميمة وشهادة الزور واليمين الفاجرة وقطيعة الرحم والعقوق والفرار وإتلاف مال اليتيم والربا والسحر والوطء في الحيض وخيانة الكيل والوزن وتقديم الصلاة على وقتها وتأخيرها عنه بغير عذر والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب المسلم بغير حق وسب الصحابي وكتمان الشهادة والرشوة والدياثة والقيادة ومنع السعاية والزكاة واليأس من الرحمة والأمن من مكر الله وأكل لحم الخنزير والميتتة والفطر في رمضان بغير عذر والغلول والمحاربة وإنما تكون كبيرة إذا قدم عليها طوعا بخلاف ما لو كان مكرها فانه باق على عدالته ولا على صغيرة قد لزما أي العدل من لم يلازم على صغيره مع الاصرار عليها وهي كل ذنب غير كبيرة فان أصر عليها سواء أكانت من نوع أو أنواع انتفت بها العدالة ما لم تغلب طاعاته على معاصيه فلا يضر والصغيرة كالنظر إلى ما لا يجوز والغيبة في حق غير أهل العلم وحملة القرآن والسكوت عليها وكذب لا حد(2/154)
فيه ولا ضرر والإشراف على بيوت الناس وهجر المسلم فوق ثلاث بلا عذر والجلوس مع الفساق إيناسا لهم واللعب بالنرد واستعمال آلة من شعار شربة الخمر من طنبور وعود وصنج ومزمار عراقي واستماعها واللعن ولو لكافر أو بهيمة ولبس ذكر مكلف حريرا وجلوسه عليه وهجو وسفاهة أو تاب أي من أقدم على كبيرة مختارا أولا أصر على صغيرة أو فعل ذلك لكنه تاب مع قرائن ان قد بصرفه ودرج همزة إن للوزن صلح فيشترط في توبته من معصية تولية القول فيقول القاذف قذفي باطل أو ما كنت محقا وأنا نادم عليه ولا أعود إليه وشاهد الزور شهادتي باطلة وأنا نادم عليها ولا أعود إليها وفي توبة المعصية الفعلية كالزنا والشرب إقلاع وندم عليها وعزم على أن لا يعود إليها ورد ظلامة آدمي قدر على ردها وإلا كفاه العزم على أنه متى قدر فعل فيؤدي الزكاة لمستحقها والمغضوب الباقي لمالكه وإلا فبدله ويمكن مستحق القصاص والقذف من الاستيفاء ولا بد أن لا يصل إلى حال الغرغرة ولا أن تطلع الشمس من مغربها والاختبار سنة على الأصح أي يشترط اختباره بعد توبته مدة يظن فيها صدقه وهي سنة على الأصح لأن لها أثرا في تهييج النفوس لاشتمالها على الفصول الأربعة فاذا مضت مع السلامة أشعر بحسن سيرته نعم من قذف بصورة شهادة لم يتم نصابها أو خفى فسقه وأقر به ليحد تقبل شهادته عقب توبته وكذا من أسلم بعد ردته لإتيانه بضد(2/155)
الكفر فلم يبق معه احتمال وقيده الماوردي بمن أسلم مرسلا فان أسلم عند تقديمه للقتل اعتبر مضي المدة ومقابل الأصح أنها تقدر بستة أشهر وقيل لا تتقيد بمدة ولا يختلف الظن بالأشخاص وأمارات الصدق وما ذكر في التوبة محله في التوبة في الظاهر وهي المتعلق بها الشهادة والولاية أما التوبة فيما بينه وبين الله تعالى كالزنا والشرب فان لم يظهر عليه أحد فله أن يظهره ويقربه ليقام عليه الحد والأفضل أن يستر على نفسه وإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الإمام ويقر به ليقيم عليه الحد مروءة المثل له وهي تخلقه بخلق أمثاله في زمانه ومكانه فمن لا مروءة له لا حياء له ومن لا حياء له يقول ما شاء فالأ كل في السوق والشرب فيه لغير سوقي إلا إذا غلبه الجوع أو العطش والمشي فيها مكشوف الرأس أو البدن غير العورة ممن لا يليق به مثله وقبله زوجته أو أمته بحضرة الناس وإكثار حكايات مضحكة بينهم ولبس فقيه قباء أو قلنسوة في بلد لا يعتاد للفقيه لبسه وإكباب على لعب شطرنج أو على لعب بحمام بتطيير والمسابقة من غير أخذ حمام غيره أو على غناء أو استماع أو إدامة رقص يسقطها ويختلف مسقطها بالأشخاص والأحوال والأماكن فيستقبح من شخص دون آخر وفي حال دون حال وفي بلد دون آخر وحرفة دنيئة كحجامة وكنس ودبغ مما لا يليق به يسقطها إن لم يعتدها وإلا فلا ولو ترك خارم المروءة ما أسقطها اعتبر لقبول شهادته مضي سنة كما في التنبيه وليس جار أي يشترط لقبول الشهادة عدم التهمة بأن لا يجر لنفسه بها نفعا ولا دافع ضار أي ولا يدفع عنه ضررا فترد شهادته لعبده المأذون له في التجارة ولمكاتبه وغريم له ميت أو عليه حجر فلس وبما وكل فيه وبابراء من ضمنه وبجراحة مورثه قبل اندمالها وترد شهادة عاقلة بفسق شهود قتل يحملونه وغرماء مفلس بفسق شهود دين آخر أو أصل أو فرع برفعهما أو جرهما عطفا على المجرور على التوهم كقولهم ليس زيد قائما ولا قاعدا بالخفض على توهم دخول الباء في خبر ليس(2/156)
وكقول زهير بدا لي أني لست مدرك ما مضى ولا سابق شيئا إذا كان جائيا فيكون التقدير هنا وليس الشاهد بأصل أو فرع لمن يشهد له أي ترد شهادته لأصله وإن علا وفرعه وإن سفل ولو لأحدهما على الآخر فتقبل عليهما ومنه أن تتضمن شهادته دفع ضرر عنه كأن شهد للأصيل الذي ضمنه أصله أو فرعه بالأداء أو الإبراء نعم لو ادعى السلطان على آخر بمال لبيت المال فشهد له به أصله أو فرعه قبل لعموم المدعي به ولو شهد لأصله وفرعه وأجنبي قبلت للأجنبي وتقبل لكل من الزوجين ولأخ وصديق كما على عدوه دينا لن نقبله وإن قبلت له للتهمة فترد شهادته بزنا زوجته ولو مع ثلاثة وتقبل شهادة مسلم على كافر وسني على مبتدع وعكسه والعدو من تبغضه بحيث تتمنى زوال نعمته وتحزن بسروره وتفرح بمصيبته وذلك قد يكون من الجانبين وقد يكون من أحدهما فيختص برد شهادته على الآخر وإن أفضت العداوة إلى الفسق ردت مطلقا ومن خاصم من يريد أن يشهد عليه وبالغ فلم يجبه ثم شهد عليه قبلت شهادته ولو زالت العداوة ثم أعادها لم تقبل ولا تقبل من مغفل لا يضبط ولا يبادر بها قبل أن يسألها إلا في شهادة الحسبة في حقوقه تعالى كصلاة وزكاة وصوم بأن يشهد بتركها وفيما له فيه حق مؤكد كطلاق وعتق وعفو عن قصاص وبقاء عدة وانقضائها بأن يشهد بما ذكر ليمنع من مخالفة ما يترتب عليه جد له تعالى بأن يشهد بموجبه والأفضل فيه الستر وكذا النسب لأن في وصله حقا له تعالى وصورتها أن تقول الشهود ابتداء للقاضي نشهد على فلان بكذا فأحضره لنشهد عليه فلان بكذا فأحضره لتشهد عليه فإن ابتدءوه وقالوا فلان زنى فهم قذفة وإنما تسمع عند الحاجة إليها فلو شهد اثنان أن فلانا أعتق عبده أو أنه أخو فلانة من الرضاع لم يكف حتى يقولا وهو يسترقه أو يريد نكاحها وما تقبل فيه تسمع فيه الدعوى إلا في محض حدود الله غاية البيان(2/157)
تعالى ويشهد الأعمى ويروي إن سبق تحمل منه قبل عماه أي تقبل شهادة الأعمى وروايته إن سبق تحمله عماه وكان المشهود له وعليه معروفي النسب والاسم بخلاف مجهوليهما أو أحدهما أو بمقر في أذنه بطلاق أو عتق أو مال لآخر معروف الاسم والنسب اعتلق به حتى يشهد عليه عند قاض و تقبل شهادته أيضا فيما يثبت بالاستفاضة كالبصير وبتسامع من جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب لكثرتهم فيقع العلم أو الظن القوي بخبرهم من أي مع نكاح وحمام بكسر الحاء أي موت و وقف و ولاء و نسب معطوفات على نكاح بحذف العاطف وعتق وملك بلا اتهام أي معارض وبما يثبت به أيضا ولاية القضاء ونحوه والجرح والتعديل والرشد والإرث بأن يشهد بالتسامع أن فلانا وارث فلان لا وارث له غيره أما إذا كان هناك معارض كإنكار المنسوب إليه نسبه أو طعن فيه بعض الناس أو منازع له في الملك المشهود به فلا تجوز له الشهادة بالتسامع لاختلال الظن حينئذ ولا يكفى في التسامع قول الشاهد أشهد أني سمعت الناس يقولون كذا وإن كانت شهادته مبنية عليه بل يشهد أن هذه زوجة فلان أو أن فلانا مات أو أن هذا وقف على كذا أو أن هذا ابن فلان لأنه قد يعلم خلاف ما سمعه ولأن ذكره يشعر بعدم جزمه بالشهادة وللزنا أربعة ومثله اللواط ووطء الميتة والبهيمة من الرجال الموصوفين بما مر للكتاب العزيز ولما فيه وفي آثاره من القبائح الشنيعة فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر ولا بد من ذكر المزني بها أن بفتح الهمزة أدخله أي يشهدون بأنه أدخل ذكره أو حشفته أو قدرها منه في فرجها على سبيل الزنا فقد يظنون المفاخذة زنا وقوله كمرود في مكحلة ليس بشرط بل أحوط واعتبر القاضي وابن الصلاح وغيرهما ذكر مكان الزنا وزمانه ورأى الماوردي أنه إن صرح بعض الشهود بذلك وجب سؤال الباقين عنه وإلا فلا وغيره مما ليس مالا ولا ما يئول إليه ويطلع عليه الرجال غالبا اثنان أي رجلان موصوفان بما مر وذلك كإقرار الزنا أو غيره والطلاق والرجعة والعتق(2/158)
والإسلام والشهادة على الشهادة والنكاح والموت والإعسار والعتق وانقضاء العدة بالأشهر والخلع من جانب المرأة والولاية والجرح والتعديل والكتابة من جهة الرقيق والتدبير والايلاد والوكالة والوصاية والإحصان واللعان والظهار والنسب واستيفاء العقوبات وكفالة البدن وعقوبة الله تعالى كحد شرب وقطع طريق وقتل بردة أو لآدمي كقصاص نفس أو طرف وإن عفى على مال وبهلال الصوم عدل واحد بينا أي ظهرت عدالته وظاهر كلامه عدم الاكتفاء بالمستور لكن الأصح في المجموع الاكتفاء به ومثل هلال الصوم ما لو نذر صوم شهر معين ولو ذا الحجة فشهد به عدل فيكفى ورجل وامرأتان أو رجل ثم اليمين المال أي للمال أو مما يؤل بحذف الواو للوزن إليه كالموضحة التي جهل بالبناء للمفعول أو الفاعل تعيينها بأن شهدوا بها وعجزوا عن تعيين محلها فإنها لا توجب قصاصا وإنما توجب المال فقط والتمثيل بالموضحة صحيح فقد صرح الشيخان بأن كل جناية موجبة للمال كقتل الوالد ولده والحر العبد يثبت بالحجة الناقصة فما قيل من أن التمثيل بالموضحة المذكورة معدود من مفردات الحاوي الصغير وأن صريح كلام الغزالي والرافعي وغيرهما في الجنايات(2/159)
أن البينة الناقصة لا تثبت الأرش في هذه الصورة ممنوع أو حق مال كالأجل والخيار والشفعة وسبب للمال مجروران عطف على قوله بتسامع كالإقالة والبيع والضمان والحوالة والإجارة والوصية بالمال والرد بالعيب وفهم من قوله رجل وامرأتان أنه لا فرق بين أن تتقدم شهادة الرجل على المرأتين وبين أن تتأخر ولا بين أن يقدر على رجلين وبين أن لا يقدر وأنه لا يقدر وأنه مخير فيما يثبت برجل وامرأتين بين إثباته بهم وبرجل ويمين وهو كذلك وفهم من قوله ثم اليمين أنه يشترط أن يأتي بيمينه بعد شهادة الرجل بما يدعيه وتزكيته وتعديله ويجب أن يذكر في حلفه صدق شاهده فيقول والله وإن شاهدي لصادق وإني لمستحق لكذا ولو قدم ذكر الحق وأخر تصديق الشاهد فلا بأس وذكر صدق الشاهد ليحصل الارتباط بين اليمين والشهادة المختلفتي الجنس ورجل وامرأتان أو أربع نسا بالتنوين وحذف الهمزة للوزن أي نسوة لما الرجال لا تطلع عليه كالرضاع من الثدي أو أن اللبن الذي شرب منه من هذه المرأة الولادة وعيبها كرتق وقرن وبرص ولو في وجهها وكفيها والحيض والاستحاضة والبكارة والثيوبة واستهلال الولد وعلم مما مر أن ما لا يثبت برجل وامرأتين لا يثبت برجل ويمين وأن ما يثبت بهم يثبت برجل ويمين إلا عيوب النساء ونحوها وأنه لا يثبت شيء بامرأتين باب الدعوى هي لغة الطلب وشرعا إخبار بحق للمخبر على غيره والمدعى به قد يحتاج في إثباته إلى البينة وهي الشهود وسموا بها لأن بهم يتبين الحق والأصل في ذلك أخبار كخبر مسلم لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه إن تمت الدعوى بشيء علما سأل قاض خصمه أي المدعى عليه فالجواب فيطالب العبد بالجواب فيما يقبل إقراره به كقصاص وحد قذف والسيد في غيره كأرش تعلق برقبته والحرة والمجبر في دعوى النكاح ولا يتوقف سؤاله على طلب المدعى وتمامها بأن يكون المدعى والمدعى عليه مكلفين ملتزمين للأحكام إلا ما استثنى وأن(2/160)
يذكر التلقي إن أقر بالمدعى به للمدعى عليه أو ملكه له وأن لا يسبقها ما يناقضها وكونها ملزمة فلو قال غصب مني كذا أو باعنيه لم تسمع حتى يقول ويلزمه التسليم إلى وفى الدين لي في ذمته كذا وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه ولا تسمع بدين مؤجل إلا إن قصد به تصحيح العقد وأن لا يكون بحق الله تعالى إلا أن يتعلق بها حق آدمي كقذف فتسمع ولو ادعى سرقة مال سمعت دعواه بالمال وحلف المدعي عليه فإن نكل حلف المدعى وثبت المال ولا يقطع لأن حدود الله تعالى لا تثبت باليمين وعلم من قوله بشيء علما وجوب ذكر الجنس والنوع والقدر والصفة إن اختلف بها الغرض ومطلق الدرهم والدينار منصرف للشرعي فلا حاجة إلى بيان وزنه وفي العين التي تنضبط بالصفة كمحبوب وحيوان وثياب ذكر صفات السلم وجوبا في المثلى ويندب معها ذكر القيمة وفي المتقوم ذكر القيمة ويندب أن يذكر معها صفات السلم وفي العقار السكة والناحية والبلد والحدود التي تتميز بها وهذا إذا ادعى بمعين فإن ادعى ليعين له القاضي صحة دعواه مع كون المدعى به مجهولا(2/161)
كالمفوضة تطلب الفرض والزوجة النفقة والكسوة والمطلقة تطلب المتعة وكالغرة والحكومة والوصية بمجهول والإقرار به ونحو ذلك من مسائل كثيرة وفي النكاح أنه تزوجها بولي وشاهدي عدل ورضاها إن اعتبر وفي نكاح الأمة العجز عن طول حرة وخوف العنت وفي دعوى الرضاع أنه ارتضع منها أو معها في الحولين خمس رضعات متفرقات ووصل اللبن إلى جوفه وحكما إن يعترف خصم أي إن اعترف الخصم بعد الدعوى حكم عليه القاضي بطلب المدعى منه ذلك ويلزم المقر بالخروج من الحق الذي عليه ويثبت الحق بالإقرار من غير قضاء القاضي وإن يجحد المدعى عليه يعني أنكر كأن قال لا يستحق على شيئا أو أصر على السكوت جعل المنكر ناكلا فللقاضي أن يقول للمدعى ألك بينة وإن سكت و كان ثم بفتح المثلثة أي هناك بينة تشهد بحق مدع حكم بها بطلب المدعى كأن يقول حكمت بكذا أو نفذت الحكم به أو ألزمت خصمه الحق ولا يجوز له الحكم قبل أن يسأل ومن قامت عليه بينة بحق لا يحلف المدعى على استحقاقه فإن ادعى أداء أو إبراء أو شراء عين من مدعيها أو هبتها أو إقباضها منه حلف خصمه على نفيه وكذا لو ادعى علمه بفسق شاهده أو كذبه فإن استمهل من قامت عليه البينة ليأتي بدافع أمهل ثلاثة أيام وحيث لا بينة للمدعى أو كانت وطلب المدعى يمينه فالمدعى عليه يحلف حيث مدع دعا فإن لم يطلبها لم يحلفه القاضي فإن حلفه بدون طلبه لم يعتد بيمينه فإن أبى أي امتنع المدعى عليه من اليمين كان قال أنانا كل أو قال له القاضي احلف فقال لا أحلف ردت اليمين على من ادعى فيحلف لتحول الحلف عليه وباليمين يستحق المدعى به أي إذا حلف اليمين المردودة عليه استحق ما ادعاه ويقضى له به ولا يقضى له بنكوله وهي إقرار حكم فلا تسمع من المدعى عليه بعدها بينة بأداء أو إبراء وسواء في ذلك الدين والعين فإن لم يحلف المدعى ولم يتعلل بشيء سقط حقه من اليمين وليس له مطالبة الخصم في ذلك المجلس ولا غيره ويصير امتناعه كحلف المدعى عليه وإلا(2/162)
لرفع خصمه كل يوم إلى القاضي والخصم ناكل وهو لا يحلف اليمين المردودة ويطول الخطب وله أن يقيم البينة وإن تعلل بإقامة البينة أو مراجعة حساب أمهل ثلاثة أيام وإن استمهل المدعى عليه حين استحلف لينظر حسابه لم يمهل إلا برضا المدعى لأنه مقهور بطلب الإقرار أو اليمين بخلاف المدعى والمدعى عينا ونازعه الآخر فيها ولا بينة لأحدهما بها ينفرد أحدهما باليد عليها فهي لمن له ثم اليد بيمينه وعلى هذا فتسمع دعوى الشخص بما في يده ويحلف عليه وكذا لو كانت بيده وأقام غيره بها بينة ثم أقام هو بها بينة قدمت بينة ذي اليد وعمل بها لكن لا تسمع إلا بعد بينة الخارج وإن لم تتعدل وإن أزيلت يده ببينة ثم أقام بينة مستندا إلى ما قبل إزالة يده واعتذر بغيبة شهود سمعت وقدمت وحيث كانت العين معهما أي في يدهما وشهدت بينتان بأن شهدت كل بينة لواحد بأنها له بقيت كما كانت لتساقطهما و حلفا أي كل منهما بأنها ملكه دون غريمه وقسمت بينهما بالسوية وكذا لو كانت في يد ثالث وأقام كل منهما بينة بها تساقطتا وكأن لا بينة وتقسم بينهما ومتى أقاما بينتين متعارضتين رجحت إحداهما على الأخرى بأسباب منها اليد كما مر ومنها إقرار صاحب(2/163)
اليد لأحدهما ومنها قوة البينة كما لو أقام أحدهما شاهدين والآخر شاهدا وخلف معه رجح الشاهدان إلا إذا كانت اليد مع الآخر فيرجح باليد ومنها زيادة العلم فلو قال الخارج هو ملكي اشتريته منك وأقام به بينة وأقام الداخل بينة بأنه ملكه قدمت بينه الخارج ومنها زيادة التاريخ فلو أقام أحدهما بينه بأنها ملكه من سنة والآخر بينه بأنها ملكه من سنة والآخر بينه بأنها ملكه من سنتين قدمت بينته وله الأجرة والزيادة الحادثة من يومئذ إلا إذا كان لصاحب متأخرة التاريخ يد فأنها تقدم ولو أطلقت بينه وأرخت فهما سواء ولو شهدت بينه بإقرار المدعي عليه أمس بالملك للمدعي استديم الإقرار وإن لم تصرح البينة بالملك في الحال ولو أقامها بملك جارية أو شجرة لم يستحق ثمرة موجودة ولا ولدا منفصلا ويستحق حملها ولو اشترى شيئا فأخذه منه بحجة مطلقة رجع على بائعه منه بالثمن ولو ادعى ملكا مطلقا فشهدوا له مع سببه لم يضر وحلف الحاكم وجوبا كل من توجهت عليه دعوى صحيحة كدعوى ضرب أو شتم أوجبا تعزيزا لو أقر بمطلوبها ألزم به واستثنى من ذلك صور أشار إلى بعضها بقوله في سوى حد ثبت لله تعالى كحد الزنا والشرب فلا يحلف فيها المدعي عليه بل لا تسمع بها الدعوى نعم إن تعلق بالحد حق آدمي كما إذا قذف إنسانا فطلب المقذوف حد القذف فقال القاذف حلفوه أنه مازنى حلف كما مر في القذف والقاضي فلا يخلف على تركه الظلم في حكمه ولو كانت الدعوى عليه حال كونه معزولا لأن منصبه يأبى التحليف والابتذال وشاهد ادعى عليه أنه تعمد الكذب في شهادته أو نحو ذلك فلا يحلف والمنكر بالجر عطف على حد التوكيلا فلا يحلف على نفى علمه بها لأنه لو اعترف بها لم يلزمه التسليم إليه إذ لا يأمن جحد المستحق فلا معنى لتحليفه ولو قال المدعى عليه أنا صبي وهو محتمل لم يحلف ووقف الأمر إلى بلوغه لأن حلفه يثبت صباه والصبي لا يحلف وإذا حلف على فعل نفسه حلف بتا أي قطعا في حالتي النفي والإثبات كما(2/164)
أجاب دعوى حلفا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله فإن ادعى عليه عشرة مثلا أو أنه أقرضه عشرة أو أنه غصبها منه فإن اقتصر على الجواب المطلق كأن قال لا يستحق على شيئا أو لا يلزمني تسليم ما ادعى به إليه حلف كذلك وإن تعرض في الجواب للجهة كأن قال ما اقترضتها منه أو ما غصبتها منه حلف كذلك فإن أراد أن يحلف على النفي المطلق لم يمكن منه ونفى علم بالنصب فعل غيره نفى أي يحلف على فعل غيره بتا في الإثبات وعلى نفي علمه به في النفي فإن حلف فيه على البت اعتد به ويجوز له الحلف على البت بظن مؤكد كأن اعتمد خطه أو خط مورثه ويحلف على البت في نفي جناية رقيقة وبهيمته كتاب العتق بمعنى الإعتاق وهو إزالة الرق عن الآدمي والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى فك رقبة وأخبار كقوله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أعتق امرأ مسلما استنفذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى الفرج بالفرج وهو قربة وله ثلاثة أركان معتق وعتيق وصيغة يصح عتق من مكلف مطلق التصرف ولو كافرا فلا يصح إعتاق غير مكلف إلا السكران ولا غير مطلق التصرف ملك فلا يصح إعتاق غير المالك بغير إذن ولا إعتاق رقيق تعلق به حال(2/165)
الإعتاق حق لازم كجناية ورهن ومالكه معسر ولا يصح الاعتاق إلا بلفظ صريح أو كناية و صريحه عتق وتحرير وفك رقبة والمراد الصيغ المشتملة على المشتقات من هذه الألفاظ كأنت عتيق أو معتق أو أعتقتك أو حر أو محرر أو حررتك أو يا حر إذا لم يقصد مدحه ولم يقصد نداءه باسمه القديم أو فكيك الرقبة أو فككتها فلو قال أنت إعتاق أو تحرير أو فك رقبة فهو كناية ولا أثر للخطأ في التذكير والتأنيث وصح بالكناية مع نية منه كيا مولايه بهاء السكت لا ملك لي عليك لا سلطان لا خدمة أنت سائبة ويا حر للمسمى به في الحال وألفاظ الطلاق والظهار مما يمكن مجيئه هنا ولو قال عتقك إليك أو خيرتك ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في الحال أي المجلس عتق ولو قال أعتقتك على ألف فقبل أو بعتك نفسك بألف فقبل أو أعتقني على ألف فأجابه عتق في الحال ولزمه الألف والولاء لسيده ولو أعتق حاملا عتق حملها إن كان له وإن استثناه ولو أعتقه وقد نفخ فيه الروح عتق دونها وإلا لغى ولو قال مضغة هذه حر فهو إقرار بانعقاد الولد حرا وتصير به أم ولد إن أقر بوطئها في ملكه وعتق جزء شائع كنصف أو بعض أو معين كيد أو رجل من رقيقه سرى إلى باقيه بعد عتق ذلك الجزء موسرا كان أم معسرا لقوته كالطلاق أو شركة مع غيره أي إذا ملك حصة من رقيق وباقيه لغيره وأعتق ما يملكه عتق مطلقا إذ أيسرا فأعتق عليه فعل أمر حذفت همزته للوزن ما بقى بسكون الياء وصله بنية الوقف بقيمته في الحال أي ويسرى عليه العتق إلى حصة غيره إن كان موسرا ويغرم قيمتها له في الحال وإن أيسر بقيمة بعضه سرى إليه كذلك والمعسر يعتق عليه قدر حصته والقول في قدر القيمة قول المعتق ولا فرق في السراية بين كون المعتق مسلما أم كافرا واستيلاد أحد الشريكين الموسر يسرى كالعتق وعليه قيمة حصة شريكه وقسطها من مهر المثل لا قيمتها من الولد فإن كان معسرا لم يسر ولا يسرى تدبير ولا يمنع السراية دين مستغرق ومالك الأصول والفروع من(2/166)
النسب تعتق أبا كان أم جدا أم أما أم جدة أم ولد أم ولد ولد وإن علا الأصل وسفل الفرع كالميراث والمبيع أي سواء أملكهم بالاختيار أم بالقهر كالإرث وخرج غيرهم من الأقارب كالإخوة فلا يعتق أحد منهم عليه ولا يشترى لطفل أو نحوه بعضه ولو وهب له أو أوصى له فإن كان كاسبا فعلى الولي قبوله ويعتق عليه وينفق من كسبه وإلا فإن لم تلزمه نفقته وجب على الوجه القبول ونفقته في بيت المال وإن لزمته حرم عليه القبول ولو ملك في مرض موته بعضه بلا عوض عتق من رأس المال لمعتق حق الولاء وجبا على عتيقه وإن أعتقه بعوض أو عتق عليه فيرثه إن لم يكن له وارث من النسب أو لم يستغرق فيرث الفاضل ثم الولاء لمن بنفسه تعصبا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله يقدم الأقرب فالأقرب ويثبت الولاء للمعتق ولو مع اختلاف دين أوجبه وإن لم يتوارثا ولعصباته في حياته ولا يصح بيعه أي الولاء ولا الهبة لأنه معنى يورث به فلا ينتقل بالبيع والهبة كالقرابة(2/167)
باب التدبير هو لغة النظر في عواقب الأمور وشرعا تعليق عتق بالموت والأصل فيه قبل الإجماع خبر الصحيحين أن رجلا دبر غلاما ليس له مال غيره فباعه النبي صلى الله عليه وسلم فتقريره له وعدم إنكاره يدل على جوازه وأركانه ثلاثة محل وصيغة وأهل فلا يصح تدبير غير مكلف إلا السكران وتدبير مرتد موقوف إن أسلم صح وإلا فلا كقوله أي الشخص لعبده أو أمته دبرتك أو أنت حر أو مدبر بعد موتى أو أعتقتك بعد موتى وينعقد بالكناية مع النية كخليت سبيلك بعد موتى ومضافا إلى جزء كدبرت ربعك ولا يسرى كما مر ومقيدا كإن مت في ذا الشهر أو المرض فأنت حر فإن مات على الصفة المذكورة عتق وإلا فلا أو إن قرأت القرآن فأنت حر بعد موتى فقرأه جميعه صار مدبرا أو بعضه فلا ومعلقا كان دخلت الدار فأنت حر بعد موتى فيعتق بعد موته إن دخلها قبله فإن قال إن مت ثم دخلت اشترط دخوله بعد الموت وهو على التراخي وليس للوارث بيعه قبل الدخول ولو قال إذا مت ومضى شهر فأنت حر فللوارث استخدامه في الشهر لا بيعه ولو قال إن شئت فأنت حر أو مدبر بعد موتى اشترطت المشيئة فورا فلو قال متى شئت فللتراخي وتشترط المشيئة في الصورتين قبل موت السيد ذلكا بألف الإطلاق فيه وفيما قبله يعتق بعده أي بعد موت السيد من الثلث لمال خلفه بعد الدين كالوصية فيعتق كله إن خرج من الثلث وإلا عتق منه بقدره وسواء أوقع في الصحة أم المرض وإن احتملت الصحة والمرض فوجدت في المرض عتق من رأس المال إن لم توجد باختيار السيد وإلا فمن الثلث ويبطل التدبير حيث الملك زال ببيع أو نحوه ولو عاد ملكه إليه لم يعد التدبير ولا يصح رجوعه عنه بالقول ولو علق عتقه بصفة صح وعتق بالأسبق ففي سبق الموت العتق بالتدبير وله وطء مدبرته ولا يكون رجوعا عن التدبير فإن أولدها بطل تدبيره ويتبع المدبرة حملها الحاصل عند التدبير أو موت السيد ولو ادعى رقيقه التدبير فأنكر فليس برجوع بل يحلف أنه ما دبره ولو وجد مع مدبر مال(2/168)
فقال كسبته بعد موت السيد وقال الوارث قبله صدق المدبر بيمينه لأن اليد له وتقدم بينته باب الكتابة بكسر الكاف وقيل بفتحها كالعتاقة وهي لغة الضم والجمع و شرعا عقد عتق بلفظها بعوض منجم بنجمين فأكثر وهي خارجة عن قواعد المعاملات لدورانها بين السيد ورقيقه ولأنها بيع ماله بماله والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وخبر من أعان غارما أو غازيا أو مكاتبا في فك رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وخبر المكاتب قن ما بقى عليه درهم وله أربعة أركان مكاتب ومكاتب وعوض وصيغة إذا كسوب ذو أمانة طلبها وإنما لم تجب حينئذ قياسا على التدبير وشراء القريب ولا تكره بحال نعم إن كان الرقيق فاسقا وعلم سيده أنه لو كاتبه مع عجزه عن الكسب لاكتسب بطريق الفسق حرمت كما قاله الأذرعي من غير محجور عليه يستحب أي يعتبر في السيد أهلية التبرع فلا تصح من صبي(2/169)
ومجنون ومحجور عليه بسفه وأوليائهم ومكروه ولا كتابة مرهون ومكرى وشرطها معلوم مال أي شرط الكتابة كونها على مال وكونه معلوما وأجل أي يعتبر كون مالها مؤجلا وكونه نجمان أو أكثر منها بإفراد الضمير بإطلاق الجمع على اثنين وهو صحيح لا أقل منهما ولا بأس بكون المنفعة في الذمة ومن ذلك أن يكاتبه على بناء دارين موصوفتين في وقتين معلومين وشرط المنفعة التي يمكن الشروع فيها في الحال كالخدمة اتصالها بالعقد ولا بد من ضميمة معها كخدمة شهرين من الآن أو دينار بعد يوم منه بخلاف ما لو اقتصر على خدمة شهرين وصرح بأن كل شهر نجم وتصح كتابة من باقيه حر ولو كاتبه كله صح في الرق دون غيره ولو كاتب بعض رقيق فسدت مطلقا لأنه لا يستقل فيها بالتردد لاكتساب النجوم نعم لو أوصى بكتابة رقيقه فلم يخرج من الثلث إلا بعضه ولم تجز الورثة صحت في ذلك البعض ولو كاتب في مرض موته بعض رقيقه وذلك البعض ثلث ماله صح وصيغتها كاتبتك على كذا منجما إذا أديته فأنت حر ويبين عدد النجوم ووقت كل منجم ولو ترك لفظ التعليق ونواه كفى ويقول المكاتب قبلت والفسخ للعبد أي للرقيق فهي جائزة من جهته لأنها عقدت لحظه متى شاء وحيث فعل ذلك انفصل منها وله ترك الأداء وإن كان معه وفاء فلا يجبر على الأداء لا سيد فليس له فسخها لأنها لازمة من جهته إلا إذا عجز عن أداء النجم أو بعضه حصل من المكاتب عند محله فللسيد فسخها بنفسه وإن شاء بالحاكم وليس على الفور وكعجزه امتناعه من الأداء مع القدرة عليه وحلول النجم وهو غائب أو غيبته بعد حلوله بغيرإذن السيد ولو استمهل عند الحلول سن إمهاله وإن كان معه عروض لزم إمهاله إلى بيعها فإن عرض كساد فله أن لا يزيد على ثلاثة أيام وإن كان ماله غائبا في دون مرحلتين أمهل إلى إحضاره وإلا فلا ولو غاب وله مال حاضر امتنع على الحاكم الأداء منه بل يمكن السيد من الفسخ ولا تنفسخ بجنون المكاتب ويؤدى عنه الحاكم إن وجد له مالا ورأى له مصلحة في(2/170)
الحرية وإن لم يجد له مالا مكن سيده من الفسخ ثم أفاق وظهر له مال دفعه إلى السيد وحكم بعتقه ونقض التعجيز ولا تنفسخ بجنون السيد فإن دفع المال إلى وليه عتق أولا فلا فإن تلف في يده لم يضمنه ولوليه تعجيزه ولا بإغمائه ولا بالحجر عليه بسفه ولا بإغماء المكاتب أجزله أي المكاتب تصرفا كالحر في معظم التصرفات فيبيع ويشترى ويؤجر ويستأجر ويأخذ بالشفعة ويقبل الهبة والصدقة والوصية ويصطاد ويحتطب ولو آجر نفسه أو ماله مدة فعجزه السيد فيها انفسخ العقد لا تبرعا وخطرا إذ فعلا أي لا يصح منه تصرف فيه تبرع أو خطر إلا بإذن سيده كهبته وإقراضه وقراضه وتصدق وتبسطه في الملابس والمآكل وإنفاقه على الأقارب وشرائه بالمحاباة وتسليمه الثمن قبل قبض المبيع واتهام من يعتق عليه إن عجز عن الكسب وإلا ندب له قبوله ويكاتب عليه ولا يعتق ولا يطأ أمته وإن أذن له السيد وحط شيء لازم للمولى عنه من نجوم الكتابة ويقوم مقامه دفعه إليه بعد قبضه وغيره من جنسه والحط أولى من الدفع وفي النجم الأخير أولى لأنه أقرب إلى العتق ويكفى ما يقع عليه الاسم ولا يختلف بكثرة المال وقتله فإن اختلفا فيه قدره الحاكم باجتهاده ووقت وجوبه قبل العتق ويجوز من حين الكتابة وبعد الأداء والعتق قضاء ويستحب الربع وإلا فالسبع وهو أي المكاتب رقيق ما بقى عليه شيء وإن قل من مال الكتابة إلى أدائه إليه أو إبرائه منه فإنه يعتق به كما(2/171)
يعتق بالأداء ولو أتى المكاتب بمال فقال السيد هو حرام صدق المكاتب ويقال للسيد خذه أو أبرئه من قدره فإن أبى قبضه الحاكم فإن كان قدر النجم عتق فإن نكل حلف السيد وتسمع بينته ولو خرج المؤدى مستحقا رجع السيد ببدله وهو مستحقه فإن كان في النجم الأخير بان أن لا عتق وإن قال عند أخذه أنت حر أو معيبا رده وأخذ بدله وله أن يرضى به وما تقرر كله في الكتابة الصحيحة وأما غيرها فباطلة أو فاسد فالباطلة ما اختل بعض أركانها كأن كان السيد صبيا أو مجنونا أو مكرها أو الرقيق كذلك أو كاتب الولي رفيق موليه أو كان عوضها غير مقصود كدم وحشرات أو لم يجر فيها ذكر عوض فهي لاغية وأما الفاسد فهي ما اختل بعض شروطها كعوض محرم مقصود أو شرط فاسد كشرط أن تبيعه بكذا أو أجل فاسدة فهي كالصحيحة في أمور منها استقلاله بالكسب وأخذ أرش جناية عليه ومهر شبهة وعتقه بالأداء وتبعية كسبه له وكالتعليق في أمور منها أنه لا يعتق بإبراء ولا بأداء غيره عنه تبرعا وتبطل بموت سيده قبل الأداء وتصح الوصية برقبته ولا يصرف له من سهم المكاتبين وتخالفهما في أمور منها أن للسيد فسخها بنفسه أو بالحاكم وأنه لا يملك ما يأخذه بل يرجع المكاتب به أو قيمته إن كان متقوما بخلاف غيره كالخمر فلا يرجع فيه بشيء فإن تلف جمع عليه بمثله أو قيمته ويرجع عليه السيد بقيمته يوم عتقه فإن كان من جنس واحد من نقد البلد تقاصا فيسقط أحد الدينين المتساويين بالآخر بلا رضا ويرجع صاحب الفضل به وتبطل الفاسدة بجنون السيد وإغمائه والحجر عليه بسفه لا بجنون الرقيق وإغمائه باب الإيلاد وفي نسخة عتق أم الولد لامة له ولو وثنية أو مجوسية أو مرتدة أو محرمة أو صائمة تكون ملكا له أو بعضها بوطء مباح أو حرام بسبب نسب أو رضاع أو مصاهرة أو حيض أو نكاح أو باستدخال ذكره أو منيه المحترم يوجب عتق تلكا بموته ولو بقتلها له والولد حر والأصل في ذلك مجموع أحاديث عضد بعضها بعضا كقوله صلى الله عليه(2/172)
وسلم في مارية أم ولده أعتقها ولدها أي أثبت لها حق الحرية وقوله أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبر منه وقوله أمهات الأولاد لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها سيدها ما دام حيا فإذا مات فهي حرة وقول عائشة رضي الله عنها لم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة وكانت مارية من جملة المخلف عنه فدل على أنها عتقت بموته وسبب عتق أم الولد انعقاده حرا بالإجماع وخبر إن من أشراط الساعة أن تلد الأمة ربتها وفي رواية ربها أي سيدها وولد المشتركة ينعقد حرا ويسرى الايلاد إلى حصة شريكه منها إذا أيسر بقيمتها وعتقت بموته وإلا عتق نصيبه وكأمته أمة فرعه التي لم يستولدها وأمة مكاتبه ومحل ما ذكره ما لم يمنع من ذلك مانع وإلا لم ينعقد كإيلاد المعسر المرهونة أو الجانية ولم يكن فرعا للمولد ونسلها أي أولاد أم الولد من زوج أو زنا بها التحق من غيره فحكمهم حكمها في الحرية فيعتقون بموت السيد وإن ماتت في حياته لأن الولد يتبع أمه في الرق والحرية وكذا في بيعها من بعد الايلاد ينقل حركة الهمزة إلى اللام قبلها أي إنما يلحقون بها إذا حدثوا بعد إيلادها أما لو حدثوا قبله من زوج أو زنا(2/173)
فلا يعتقون بموت السيد وله بيعهم لحدوثهم قبل ثبوت حق الحرية للأم عتق من رأس المال أي تعتق أم الولد من رأس مال سيدها قبل دين أي يقدم عتقها على ديونه ووصاياه لأن إلادها بمنزلة استهلاكها وكما يثبت الايلاد بانفصال الولد حيا أو ميتا يثبت حكمه واكتفى بوضع ما فيه تصور خفى من خلقة الآدميين ولو لأهل الخبرة وخرج به ما لو قالوا أنه أصل آدمى ولو بقى لتصور فلا يثبت به إيلاد ولا تجب به غرة لأنه لا يسمى ولدا جاز الكرا أي جاز للسيد كراء المستولدة وخدمة أي أستخدامها جماع أي وطؤها إن لم يمنع منه مانع وأرش جناية عليها وعلى أولادها التابعين لها وقيمتهم إن قتلوا لبقاء ملكه عليهم وله تزويجها بغير إذنها لا هبة أي لا يجوز له هبتها والرهن أي رهنها وابتياع أي ولا بيعها ولو ممن تعتق عليه لما مر ولأن الهبة والبيع ينتقل الملك للغير بهما والرهن يسلط عليها وكما تحرم عليه هذه الأمور لا تصح نعم يصح بيعها من نفسها لأنه عقد عتاقه في الحقيقة ومولد بالآختيار بيان لكون الوطء بزنا لا لكون ولد المكره ينعقد حرا جاريه مملوكة لغير منكوحة أي بنكاح أو زانية أي بزنا فالنسل أي ولدها قن مالك لها أي مملوك له والفرع أي الولد حر حيث حصل من وطئه بشبهة كأن ظن أنها زوجته الحرة أو أمته أو حيث غر كأن حصل بنكاح غير بحريتها فيه أو بشراء فاسد ظن صحته عملا بظنه فان ملك المولد ذى أي أمه الغير بعد أن أولدها لم يعتق عليه إن هلك لكن عليه قيمة الولد الحر ثبت ويعتبر وقت انفصاله لمالك أمه لتفويته رقه بظنه بحمد ربي زبد الفقه انتهت قد مضى معنى الحمد لغة وعرفا ولما كانت هذه المنظومة مسماة بالصفوة التى اشتق منها علم التصوف ناسب أن لا تخلو عن قطعة منه ليوافق الاسم المسمى وكان الختم به أولى ليكون خاتمه الفقيه تطهير قلبه وتصفية سريرته ليلقى الله الكريم بقلب سليم ولهذا ختمها الناظم به فقال خاتمة وفي بعض النسخ في علم التصوف المصفى للقلوب وهو كما(2/174)
قاله الغزالي رضي الله عنه تجريد القلب لله واحتقار ما سواه قال وحاصله يرجع إلى عمل القلب والجوارح من نفسه شريفة أبيه أي تأبى إلا العلو الأخروي يربأ بالهمزة أي يرتفع عن أموره الدنيه من الأخلاق المذمومة كالكبر والغضب والحقد والحسد وسوء الخلق وقلة الاحتمال ولم يزل يجنح بفتح النون وضمها أي يميل للمعالى من اموره من الأخلاق المحمودة كالتواضع والصبر وسلامة الباطن والزهد وحسن الخلق وكثرة الأحتمال يسهر فى طلابها الليالي كما يقال(2/175)
ومن طلب العلا سهر الليالي وحاصله أن يتعاطى معالي الأمور في الظاهر والباطن ويجتنب رديئها والدنيا التي قال فيها صلى الله عليه وسلم لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافر أشربه ماء وقال الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه وعالما أو متعلما ولو لم يكن في محبة الدنيا من المفسدة إلا الاشغال بها عن الله تعالى وقد قال بعضهم لولده يا بنى لا تغبطن أهل الدنيا على دنياهم فوالله ما نالوها رخيصة ووالله ما نالوها حتى فقدوا الله وما ذكره الناظم هو عالي الهمة وسيأتى دنيئها وهذا مأخوذ من حديث أن الله يحب معالى الأمور ويكره سفسافها أي دنيئها فالمعالى والمسفساف كلمتان جامعتان لأسباب السعادة والشقاوة ومن يكون عارفا بربه أي بما يعرف به من صفاته تصور ابتعاده لعبده باضلاله وإرادة الشر به من قوبه له بهدايته وتوفيقه فخاف عقابه وارتجى ثوابه وكان صاغيا به لما يكون آمرا به وناهيا عنه فكل ما أمره به يرتكب وما نهى عن فعله يجتنب فصار محبوبا لخالق البشر والمخلوقات بأسرها له به سمع وبطش وبصر فتترتب على محبة الله صيانة جوارحه وحواسه فلا يسمع إلا لله ولا يبصر إلا له ولا يبطش إلا لأجله كما قال صلى الله عليه وسلم من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وكما كانت حالته صلى الله عليه وسلم أنه ما انتقم لنفسه في شئ يوتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله فيكون هو المنتقم لله وكان لله وليا يحتمل أن يكون فعيل بمعنى فاعل أي ولي أمر الله أو بمعنى مفعول أي ولى الله أمره إن طلب منه أعطاه وإن استعاذ به أعاذه ثم زاده مما أحب قال بعضهم العارف عند أهل التصوف من عرف الحق بأسمائه وصفاته ثم صدق الله تعالى في جميع معاملاته ثم تنفى عن أخلاقه المذمومة وآفاته ثم طال بالباب وقوفه ودام بالقلب عكوفه فحظى من الله بجميع آماله وصدق الله تعالى في جميع أعماله وأحواله وانقطعت عنه هواجس نفسه(2/176)
ولم يصغ بقلبه إلى خاطر يدعوه إلى غيره وقاصر الهمة أي دنيئها بأن جنح إلى سفساف الأمور وعدل عن معامليها فلا يرفع نفسه بالمجاهدة لأنه أسرته الشهوة وميل النفس إلى الراحة فصار لا يبالى هل قربه الله أو أبعده فلا يتعلم أمره ولا نهيه ولا يعمل بمقتضى واحد منهما لو علمه ولا يبالى بما أكتسبه من المال هل هو من حلال أو حرام ولا ما عمله من الأعمال هل يوافق الشرع أولا ولا يبالى في أفعاله هل تسخط الرب أو ترضيه وقد أعرض عن اخراه وانهمك في دنياه وقد قال العلماء رضي الله عنهم الخسيس من باع دينه بدنياه وأخس الأخساء من باع دينه بدنيا غيره وهو متكل بجهله وغروره على عفو الله وكرمه بلا خوف ولا عمل وحينئذ يجهل فوق الجهل كالجهال فالجهل أول داء النفس ثم حب الأشياء ثم قلة المبالاة ثم الجرأة ثم قلة الحياء ثم المنى بفوز الآخرة وهذا حال من ركبته النفس الأمارة بالسوء وأول منزل من منازل السالك ذبح نفسه بسكين الرياضة فدونك أيها المخاطب بعد أن عرفت عالى الهمة ودنيئها وعلمت أن الله مطلع على أقوالك وأعمالك وما في قلبك ومجازيك على سائر(2/177)
أعمالك من ثواب أو عقاب فخذ لنفسك وانظر أيهما ترضاه لنفسك الصلاح الموجب للفوز بالنعيم المقيم أو فسادا تستحق به العذاب الأليم في نار الجحيم أو رضا أو سخطا أو تقريبا من الجنة أو إبعادا بحذف الهمزة فيهما للوزن عنها أو سعادة من الله أو شقاوة ونعيما منه أو جحيما وأفاد بذلك الاغراء بالنسبة للصلاح وما يناسبه والتحذير بالنسبة إلى الفساد وما يناسبه ونظير اعملو ا ما شئتم إنه بما تعملون بصير وزن أنت بحكم الشرع كل خاطر لك فان يكن مأموره وجوبا او ندبا فبادر إلى فعله أو منهى عنه فبادر إلى الكف عنه فإنك إن توقفت برد الأمر وهبت ريح التكاسل ولا تخف أي لا تترك المأمور به من صلاة أو غيرها وسوسة الشيطان فإنك لا تقدر على صلاة بلا وسوسة فقد اجتهد الأكابر أن يصلوا ركعتين بلا وسوسة من الشيطان وحديث النفس بأمور الدنيا فعجزوا ولا مطمع فيه لأمثالنا فانه أمر من الرحمن رحمك به حيث أخطره ببالك ثم الخاطر الذي من الرحمن ينقسم إلى ملكى وإلهامى فالملكى ما يلقيه الملك الذي على يمين القلب فيه والالهامى إيقاع شئ في القلب ينشرح له الصدر والفرق بينهما أن إلقاء الملك قد تعارضه النفس والشيطان بالوساوس بخلاف الخواطر الإلهية فانها لا يردها شئ بل تنقاد لها النفس والشيطان طوعا او كرها وإذا كان الخاطر مباحا كأكل ونوم وغيرهما فجدد له نية صالحة ليصير مأمورا به كأن تنام وقت القيلولة لتنشط للعبادة في الليل كما مر في المقدمة في قوله لكن إذا نوى بأكله القوى البيت فان تخف وقوعه أي المأمور به منك على منهى وصف مثل إعجاب أو رياء فلا يكون ذلك مانعا لك من المبادرة إليه بل أتم الأمر واحترز عن المنهى عنه وخرج بقوله وقوعه إيقاعه بأن أوقعته عليه قاصدا له فإن ذلك محبط للعمل موجب للاثم فاستغفر الله وتب إليه منه وقد قال الفضيل بن عياض العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لأجل الناس رياء والاخلاص أن يعافيك الله منهما وإن يك استغفارنا يفتقر(2/178)
لمثله أي لاستغفار مثله لنقصه بغفلة قلوبنا معه بخلاف استغفار الخلص ورابعه العدوية منهم وقد قالت استغفارنا يحتاج إلى استغفار هضما لنفسها لا يوجب ترك الأستغفار منا المأمور به بأن يكون الصمت خيرا منه فإننا نستغفر وإن احتاج إلى الاستغفار لأن اللسان إذا ألف ذكرا أو شك أن يألفه القلب فوافقه فيه فاعمل وداو العجب حيث يخطر لك بأن تعلم ظهوره من النفس مستغفرا الله منه إذا وقع قصدا فإنه يكفر أي فإن ذلك كفارته ولا تدع العمل رأسا فإنه من مكايد الشيطان وإن يكن الخاطر مما نهيت عنه فهو من الشيطان أي من وسوسته أو من دسيسة النفس الأمارة بالسوء فاحذرنه والفرق بينهما أن خاطر النفس لا ترجع عنه وخاطر الشيطان قد ينقله إلى غيره إن صمم الانسان على عدم فعله لأن قصده الاغراء لا خصوص قضية معينة فان تمل نفسك إليه أي إلى فعله أو فعلته كن مستغفرا ربك جل وعلا أي تائبا إليه خائفا وقد حذف الناظم الفاء(2/179)
الداخلة على الجواب من كن للضرورة عند الجمهور وأجازه المبرد في الاختيار قال بعضهم لا يجوز إلا في ضرورة أو ندور ويقاس بهذا نظائره السابقة واللاحقة من ذنبه ولا تيأس من رحمة الله عساه أن يكفرا بألف الإطلاق فيغفر الحديث للنفس وما هم إذا لم يعمل أو تكلما بنقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وألفه للاطلاق وما يقع للنفس من المعصية له مراتب الأولى الهاجس وهو ما يلقى فيها ولا يؤخذ به بالاجماع الثانية الخاطر وهو جريانه فيها وهو مرفوع أيضا الثالثة حديث النفس وهو ترددها بين فعل الخاطر المذكور وتركه وهو مرفوع أيضا الرابعة الهم وهو قصد الفعل وهو مرفوع أيضا لقوله تعالى إذ همت طائفتان الآية إذ لو كانت مؤاخذة لم يكن الله وليهما ولخبر من هم بسيئة ولم يعملها لم تكتب أي عليه وخبر أن الله تعالى تجاوز لامتى ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم به وتصنيه أنه إذا تكلم كالغيبة أو عمل كشرب الخمر انضم إلى المؤاخذة بذلك مؤاخذة حديث النفس والهم به وفي هذه المرتبة تفترق الحسنة والسيئة فإن الحسنة تكتب له السيئة لا تكتب عليه بخلاف الثلاثة الأول فانها لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب واقتصر الناظم على هاتين المرتبتين لوضوح الأمر في الأوليين الخامسة العزم وهو قوة القصد والجزم به وهو مؤاخذ به لقوله تعالى ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم فجاهد النفس أي الأمارة بالسوء وجوبا إذا همت بمعصيه الله تعالى بأن لا تفعلا لحبها بالطبع ما نهيت عنه لتطيعك في الاجتناب كما تجاهد من يقصد اغتيالك بل أعظم لأنها تقصد لك الهلاك الأبدي باستدراجها لك من معصية إلى أخرى حتى توقعك فيما يؤديك إلى ذلك فإنها أكبر أعدائك وفي الخبر أعدى عدوك نفسك التى بين جنبيك ط وقال بعضهم معالجة المعصية إذا خطرت حتى لا تقع أهون من معالجة التوبة حتى لا تقبل لأن ذلك بكف النفس والتوبة بالندم والأسف والبكاء ثم لا يدرى أقبلت توبته أم لا فان فعلت الخاطر المذكور لغلبة(2/180)
الأمارة عليك فتب على الفور وجوبا واقلع عن المعصية عاجلا ليرتفع عنك إثم فعله بالتوبة التى وعد الله بقبولها فضلا منه وبما يتحقق به الإقلاع كما سيأتى وقبول التوبة من الكفر قطعى ومن المعصية ظنى على الأصح والواقع في المعصية إن كان لاهيا عن النهى والوعيد فهو من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم وإن ستحضر النهى والوعيد وأقدم عليها تجريا فهو هالك أو تسويفا فمغرور لتركه ما وجب عليه وتعلقه بما لا يقدر عليه وهو التوبة والنفوس ثلاثة الأولى الأمارة وهى أشرهن الثانية اللوامة التى يقع منها الشر لكنها تساء به وتلوم عليه وتسر بالحسنة الثالثة المطمئنة التى أطمأنت إلى الطاعة ولم تواقع المعصية وحيث لا تقلع من فعل الخاطر المذكور لاستلذاذ به الشيطان وبقاء حلاوته في قلبك يدعوك إليه أوكسل عن الخروج منه يدعوك إلى ترك العمل ويكون ذلك باستحواذ الشيطان عليك فالباء سببية فاذكر هجوم هاذم اللذات وفجأة الزوال والفوات للتوبة وغيرها من الطاعات فان تذكر ذلك باعث شديد على الإقلاع عما يستلذ به أو ما يكسل عن الخروج منه لخبر أكثروا من ذكر هاذم اللذات فانه ما ذكره أحد في ضيق إلا وسعه ولا ذكره أحد في سعة إلا ضيقها عليه وهاذم اللذات ا بالذال المعجمة أي قاطع وأعرض التوبة وهى الندم على ارتكاب ما عليك يحرم من حيث أنه محرم فالندم على شرب الخمر(2/181)
لإضراره بالبدن ليس بتوبة تحقيقها أي التوبة إقلاعه عن المعصية بالندم عليها لأنه روحها الذي تحيا به وركنها الأعظم في الحال من غير تأخير وعزم ترك العود في أستقبال كما لا يعود اللبن إلى الضرع بعد أن يخرج منه هذه هى التوبة النصوح فان قلت إنما يمنعنى من التوبة أنى أعلم من نفسي أنى أعود إلى الذنب ولا أثبت على التوبة فلا فائدة في ذلك فاعلم أن هذا كما قال الغزالى من غرور الشيطان فمن أين لك هذا العلم فعسى أن تموت تائبا قبل معاودة الذنب واما خوف العود فعليك العزم والصدق في ذلك فبذلك تتخلص من ألم الذنب وتكون بين إحدى الحسنيين والله ولى التوفيق والهداية وإن تعلقت بحق آدمى وهى أنكل وأصعب من غيرها لا بد فيها من تبرئة للذمم سواء أكانت في مال ام نفس أم عرض أم حرمة أم دين فما كان في المال فيجب أن يرده إلى مالكه أو من يقوم مقامه من ولى أو وصي أو غيرهما وما كان في نفس فيمكن المستحق من القصاص إن أراده وإلا فيحلله وما كان في عرض كغيبة أو شتم فحقك أن تكذب نفسك بين يدى من فعلت ذلك عنده وتستحل من صاحبه أن أمكنك إن لم تخش هيجان فتنة وإلا فالرجوع إلى الله تعالى ليرضيه عنك والاستغفار الكثير لصاحبه وما كان في حرمه بأن خنته في اهله أو ولده أو أمته أو نحوها فلا وجه للاستحال والاظهار فانه يولد فتنة وحقدا في القلوب بل تتضرع إلى الله تعالى ليرضيه عنك ويجعل له خيرا في مقابلته فان أمنت الفتنة وهيجانها وهو نادر فتستحل منه وما كان في الدين بأن كفرته أو بدعته أو ضللته في دينه فهو أصعب فتحتاج إلى تكذيب نفسك بين يدى من قلت له ذلك أو تستحل من صاحبه أن أمكنك وإلا فلابتهال إلى الله تعالى ليرضيه عنك والندم على فعله وواجب عليك إعلامه أي المستحق بما وجب له عليك إن جهلا بألف الاطلاق أي استحقاقه بأن تعترف عند ولى الدم مثلا وتحكمه في نفسك فان شاء عفا عنك وإن شاء قتلك ولا يجوز لك الأخفاء بخلاف ما لو زنى أو شرب أو باشر ما(2/182)
يجب فيه حد الله تعالى فإنه لا يلزمه أن يفضح نفسه بل عليه أن يسترها فان يغب أي المستحق عن البلد فابعث إليه أي ابعث له ما يستحقه في ذمتك أو ما يحصل به الإبراء عجلا بلا تأخير فان انقطع خبره رفع أمره إلى قاض مرضى فان يمت المستحق فهي أي الظلامة أو تبرئة ذمتك لوارث ترى أي تعلمه بدفع الحق أو إبرائه إياك منه فان لم يكن له وارث أو انقطع خبره فادفعه إلى قاض تعرف سيرته وديانته فان تعذر الحاكم المرضي فأعطها للفقرا صدقة عن المستحق ولا تختص بالصدقة كما قاله الأسنوي بل هو مخير بين دفعها لمصالح المسلمين ودفعها إلى قاض بشرطه لتصرف في المصالح إن وجده وبين التصدق بها عن المستحق مع نية الغرم له أي للمالك إن قدر عليه أو على وارثه وقدر على وفائه فان كان معسرا نوى الغرم إذا حضر أي قدر على ذلك أو شيء منه وإن لم يمكن شيء من ذلك فليكثر من الحسنات ليأخذ منها عوضا عنه يوم القيامة ويكثر الرجوع إلى الله بالتضرع والابتهال إليه ليرضى خصمه عنه يوم القيامة ويعوضه عنه ومعسر ينوى الأدا إذا قدر كما مرت الإشارة إليه وإن يمت من عليه الظلامة من قبلها أي استيفائها ترجى له مغفرة الله أن تناله المغفرة قال النورى ظواهر السنة الصحيحة تقتضي ثبوت المطالبة بالظلامة وإن مات معسرا عاجزا(2/183)