المقدمة
الحمد الله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
أما بعد :
فتحتوي هذه المذكرة على تعليق لكتاب الصيام من كتاب آداب المشي إلى الصلاة لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله_ . قام بالتعليق عليها الشيخ المحدث : عبد الله بن عبدالرحمن السعد حفظه الله فجزاه الله خيراً .
فقد استفدت منها كثيراً ورأيت تفريغها لما احتوته من فوائد كثيرة مع سهولة في شرحها.
واجتهدت في تنسيقها مع حذف المكرر وهي على اختصارها قد حوت علماً مباركاً . الفضل فيه يعود إلى الله عز وجل أولاً ثم إلى شيخنا حفظه الله من كل سوء وجميع المسلمين .اللهم اجعل عملي كله صالحاً واجعله لوجهك خالصاً ولا تجعل لأحد فيه شيئاً
والحمد لله رب العالمين .
خالد بن محمد الحربي
الرياض
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب _ رحمه الله _ :(1/1)
صوم رمضان أحد أركان الإسلام ( فهو الركن الرابع ) وفرض في السنة الثانية من الهجرة فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات ( لأنه فرض في العام الثاني من الهجرة,فحتى توفي صام تسع رمضانات عليه الصلاة والسلام ) ويستحب ترائي الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ( لأن الشهر إنما يثبت برؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما,فيستحب ترائي الهلال حتى يعرف دخول شهر رمضان ) ويجب صوم رمضان برؤية هلاله ( إذا رئي الهلال يجب على المسلمين أن يصوموا رمضان لقوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } (185) سورة البقرة ) فإن لم ير مع الصحو أكملوا ثلاثين يوماً ثم صاموا (فإذا كانت السماء صحوا ولم يرو الهلال فعليهم إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما ,كما جاء في حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما) من غير خلاف ( أي أنه لا يوجد فيه خلاف بين المسلمين في هاتين القضيتين , والخلاف بينهم إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو قتر , يعني ليلة الثلاثين كانت السماء غائمة ,فذهب بعض أهل العلم إلى وجوب صوم نهار هذه الليلة التي حال دون رؤية الهلال فيها غيم أو قتر , وهذا هو المشهور عند من تأخر من الحنابلة , يعني من طبقة القاضي أبي يعلى أو الخرقي ومن أتى بعده , وأما الإمام أحمد رحمه الله فاستحب الصيام احتياطا ولم يوجب الصيام كما ذكر ذلك الإمام ابن تيمية رحمه الله, والصحيح أنه لا يجوز صيام هذا اليوم لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرنا برؤية الهلال فإذا لم نره نكمل العدة ثلاثين يوما سواء حال دون منظره شيء أو لم يحل كما جاءت بذلك النصوص ) وإذا رأى الهلال كبر ثلاثاً وقال : "اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضاه ربي وربك الله هلال خير ورشد" ( هذا الحديث لا يصح , له طرق كثيرة مرسلة وموصولة ولا يصح منها شيء كما ذكره أبو داود رحمه الله , وبعض أهل العلم قواه بمجموع طرقه لكن(1/2)
الأقرب انه لا يصح كما قال أبو داود , وإنما الذي صح عند الحاكم وغيره من حديث عائشة رضي الله عنها أن الرسول عليه الصلاة والسلاو "نظر للهلال وقال استعيذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب ) ويقبل فيه قول واحد عدل حكاه الترمذي عن أكثر العلماء (في دخول الشهر يكتفى بواحد , وإذا وجد أكثر من واحد فبها ونعمت , ولكن إذا لم يوجد إلا واحد يكتفى به لحديث ابن عمر رضي الله عنه الذي رواه أبو داود وغيره أن الناس تراءوا الهلال فرأيته فأخبرت الرسول عليه الصلاة والسلام فصام وأمر الناس بصيامه "ففي هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام أخذ برؤية ابن عمر رضي الله عنه , وأما حديث ابن عباس رضي الله عنه أن أعرابيا رأى الهلال فجاء للرسول عليه الصلاة والسلام وأخبره فقال : أتشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال : نعم , فأمر بلال بأن ينادي بالصيام أو يأمرهم بالصيام "فهذا الحديث لا يصح و الأقرب أنه مرسل كما ذكر ذلك أبو عيسى الترمذي , فهو جاء من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس , ورواية سماك متكلم فيها , وقد اختلف على سماك فمنهم من أرسله ومنهم من وصله والأقرب أنه مرسل, وأما فيما يتعلق في خروج الشهر فقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لابد من رؤية اثنين لما رواه النسائي والدارقطني وغيرهم من اشتراط اثنين ) وإن رآه وحده وردت شهادته (ماذا يفعل قال )لزمه الصوم ولا يفطر إلا مع الناس(هذا قول لبعض أهل العلم , والقول الثاني انه إذا رآه وردت شهادته أنه لا يصوم لحديث عائشة وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما "الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون " أو في رواية "الصوم يوم يصوم الناس "فالصيام يوم يصوم الناس عندما يشتهر عند الناس أن غدا من رمضان فهنا نعم , أما إذا كان رآه لوحده وردت شهادته فيقول أنا أريد أن أصوم صبيحة هذه الليلة وأعتبره من رمضان بينما الناس كلهم يقولون لا, إن صبيحة هذه الليلة هو الثلاثين من شعبان ليس من(1/3)
رمضان فهنا لا يعتبر قوله ولا يصوم لأن الشهر إنما سمي شهرا لاشتهاره وهنا لم يشتهر حتى لو رآه حقيقة , فإذا ردت شهادته فعليه أن يصوم مع الناس ويفطر مع الناس , مثال إفطاره مع الناس : إنسان صام في بلد وتأخروا في الصيام وجاء إلى بلده أو إلى بلد آخر وهو قد أكمل الثلاثين وعندما وصل عندهم وجدهم في اليوم الثامن والعشرين فعليه أن يصوم معهم ولا يفطر , أو العكس فيما يتعلق بالفطر مثل إنسان صام ثمان وعشرين يوما وجاء إلى بلده وهم سابقين بالصوم يوم أو يومين فعليه أن يفطر معهم لأن الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون , لكن من صام ثمان وعشرين يقضي يوم , لأن الشهر إما ثلاثين أو تسع وعشرين فيفطر معهم لأن الناس يقولون عيد وهو يقول لا هذا اليوم يوم التاسع والعشرين من رمضان والناس صلوا صلاة العيد وعيدوا فعليه أن يفطر معهم ويقضي يوما بدله ) وإذا رأى هلال شوال( وردت شهادته) لم يفطر(فهذا لا يجوز له أن يقطر وعليه أن يصوم لأن الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس) .
والمسافر يفطر إذا فارق بيوت قريته ( الله عز وجل يقول { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (184) سورة البقرة , فالمسافر يحق له الإفطار , ومتى يفطر ؟ هل من حين يعزم على السفر وإن كان في بلده أو إذا خرج وشرع في السفر ؟ قولان لأهل العلم :
هناك قول يقول إذا عزم على السفر يحق له أن يفطر قبل أن يركب ويغادر بلده وجاء في ذلك حديث أنس رضي الله عنه .(1/4)
والقول الثاني وهو قول الجمهور أنه لا يفطر حتى يشرع في السفر , قالوا لأن المسافر لا يترخص برخص السفر حتى يخرج عن بلده , فقصر الصلاة وجمع الصلاة لا تكون إلا بعد أن يخرج من بلده وهذا بالاتفاق , أما الصوم ففيه خلاف , والأقرب والله أعلم هو القول الثاني :أنه لا يفطر حتى يخرج من بلده , وأما حديث أنس رضي الله عنه فقد قواه بعض أهل العلم , لكن وقع فيه بعض الاختلاف في متنه ولعل الأقرب والله أعلم أنه موقوف على أنس , والأصل أن الإنسان لا يترخص برخص السفر حتى يخرج من بلده , وقد ينوي إنسان السفر الآن ويفطر ثم لا يسافر , وقد حدثني شخص من الإخوان بأنه أفتى إنسان بالفطر وقد كان يريد أن يسافر بالطائرة فأفتاه بالفطر في بيته في رمضان ثم خرج وجاء للمطار ووجد أن الطائرة قد غادرت فلا هو سافر ولا هو صام ذلك اليوم , فالأصل والله أعلم أن الإنسان لا يفطر حتى يغادر إلى بلده , وحديث أنس الذي أشرت إليه أن أنس -رضي الله عنه-" أراد أن يسافر وكان ذلك في رمضان فدعا بطعام فأكل ثم خرج فقيل له سنة فقال :سنة" وكما ذكرت الأقرب أن هذا الحديث والله أعلم لعله موقوف على أنس ,وقد اختلف في متنه) والأفضل له الصوم خروجاً من خلاف أكثر العلماء ( إذا خرج الإنسان وهو صائم من بلده مثل أن يخرج الضحى أو بعد الزوال ذهب بعض أهل العلم أنه عليه أن يكمل ولا يفطر , والقول الثاني أن له الحق بالإفطار وهذا هو الأرجح لأن الله عز وجل قال { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (185) سورة البقرة- ولم يخص مسافر دون مسافر , لأن بعض أهل العلم يحمل هذه الآية على إنسان دخل عليه شهر رمضان وهو مسافر أو طلع الفجر وهو مسافر بخلاف ما لو خرج بعد نصف النهار مثلا , لكن الأقرب أن الآية شاملة للأمرين لأن الآية عامة لم تخص مسافر دون آخر) والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما أبيح لهما الفطر (لأنهما بمنزلة(1/5)
المريض)فإن خافتا على ولديهما فقط أطعمتا عن كل يوم مسكيناً (هذا مع القضاء , فالأول إذا خافت على نفسها وولدها تفطر وتقضي , والمسألة الثانية لم تخف على نفسها وإنما خافت على ولدها فهنا تفطر وتكفر مع القضاء , وهذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم معلوم ) والمريض إذا خاف ضرراً كره صومه للآية ( فالله عز وجل يقول { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (184) سورة البقرة - فالمريض يحق له الفطر , لكن طبعا ليس أي مريض , فمثلا إنسان عنده صداع خفيف أو في يده جرح فهذا لا يحق له الفطر , وإنما الذي يحق له الفطر هو الذي يشق عليه ويتضرر بالصيام أو يتأخر برؤ المرض بسبب الصيام فهنا يحق له الفطر ويكره له الصيام في هذه الحالة ) ، ومن عجز عن الصوم لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً (عندنا نوع آخر وهم كبار السن الذين يشق عليهم الصيام أو المريض مرضا لا يرجى برؤه نسأل الله يعافينا وإياكم من ذلك , فهؤلاء يفطرون وهم لا يستطيعون القضاء فيطعمون عن كل يوم مسكينا كما أفتى بذلك ابن عباس وأنس من الصحابة -رضي الله عنهم-)وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار أو دخل إلى حلقه ماء بلا قصد لم يفطر (لأنه لم يتعمد).
ولا يصح الصوم الواجب إلا بنية من الليل ، ويصح صوم النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده ( الصيام كما تعلمون إما فرض أو سنة ليس بواجب , فالفرض لابد أن ينويه قبل الفجر وأما بالنسبة للسنة يحق له أن ينوي الصيام من الضحى مثلا قبل الزوال أو بعد الزوال , فمثلا إنسان لم يأكل ثم بدا له الصوم فهنا يصح صيامه , لكن الأجر متى يكتب له ؟ يكتب له الأجر من حين نوى .(1/6)
والتفريق بين الفرض والنفل للأحاديث , فقد جاء في حديث حفصة -رضي الله عنها- " أن من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له " هذا الحديث الصواب أنه موقوف , ذهب بعض أهل العلم إلى صحة رفعه كالحاكم والخطابي لكن كبار الحفاظ من أحمد وغيره ذهبوا إلى أنه موقوف وهذا هو الصواب , وهو قول حفصة وجاء عن ابن عمر ولم يأت عن الصحابة ما يخالفه.
أما بالنسبة للنفل فجاء في حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم "أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-كان يسأل عن الطعام فإذا لم يجد قال : إني صائم , وإذا وجد أكل عليه الصلاة والسلام , وجاء عن جمع من الصحابة أنهم كانوا ينوون الصيام من النهار .).
(أي المفطرات)
من أكل أو شرب أو استعط بدهن أو غيره فوصل إلى حلقه ( هناك منفذان طبيعيان للجوف الفم والأنف , فإذا قطر الإنسان في أنفه ووصل إلى جوفه فقد أفطر , كما أنه إذا شرب أو قطر في فمه وبلع ذلك فهذا أيضا يفطر )
أو احتقن ( الحقنة الصواب أنها لا تفطر وهي الحقنة التي كانت معروفة من قبل , أما الحقنة الآن وهي الإبرة فهذه فيها خلاف بين أهل العلم , أما الإبر المغذية فهذه الصحيح أنها مفطرة , وأما التي ليست بمغذية فهناك خلاف بين أهل العلم والأحوط للإنسان أن يدع ذلك في وقت الصيام خروجا من الخلاف ) .
أو استقاء فقاء ( عندنا فيما يتعلق بالقيء قسمان :
القسم الأول : هو الذي يستقيئ ويتعمد فهذا عليه أن يقضي , لأن الإنسان ما يتعمد أن يستقيئ إلا وهو مريض أو في حاجة تدعوه إلى ذلك وفي الغالب أنه ما يفعل هذا إلا مريض , فهذا عليه أن يقضي كما جاء في حديث أبي هريرة الذي رواه النسائي وغيره .
القسم الثاني : لا يتعمد القيء وإنما يغلبه فهذا لا يجب عليه القضاء , وحديث أبي هريرة الأقرب أنه معلول ).(1/7)
أو حجم أو احتجم فسد صومه (للحديث الوارد "أفطر الحاجم والمحجوم " وهذه المسألة فيها خلاف مطول بين أهل العلم , ومثل الحجامة التبرع بالدم والأقرب والله أعلم أنها لا تفطر لثلاثة أدلة :
الدليل الأول :حديث ثابت عن أنس الذي رواه البخاري "قيل له كنتم تكرهون الحجامة على عهد رسول الله قال :لا إلا من أجل الضعف" .
ولحديث عكرمة عن ابن عباس وهو في البخاري أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- "احتجم وهو صائم ,و احتجم وهو محرم " فهذان الحديثان أصح من حديث أفطر الحاجم والمحجوم .
والدليل الثاني : الذي يدل على عدم الفطر ما جاء بأن حديث أفطر الحاجم والمحجوم بأنه منسوخ وأن هذا كان في أول الإسلام أو بداية هذه الفريضة ثم بعد ذلك نسخ .
والدليل الثالث : أن أكثر الصحابة كانوا يرون أن الحجامة لا تفطر , أنا راجعت من قبل فوجدت أن أكثر الصحابة والله أعلم كانوا يذهبون إلى أن الحجامة لا تفطر .
و الأحوط للإنسان أن لا يحتجم خروجا من الخلاف) .
ولا يفطر ناسٍ بشيء من ذلك وله الأكل والشرب مع شك في طلوع الفجر لقوله تعالى :
{ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر }( عندنا حالتان :
الحالة الأولى : أن الإنسان يشك في طلوع الفجر فالأصل بقاء الليل ,فهنا يأكل ويشرب حتى يتيقن طلوع الفجر .
الحالة الثانية : شك في غياب الشمس فهذا لا يجوز له أن يأكل ولا يشرب , لأن الأصل بقاء النهار بخلاف الحالة الأولى الأصل بقاء الليل .
لكن لو إنسان غلب على ظنه أو جزم أن الشمس غابت ثم تبين أن الشمس لم تغب فهذا الصواب أنه لا يقضي لقوله تعالى "ربنا لا تؤاخذنا بما نسينا أو أخطأنا "وهذا أخطأ , وقد ثبت في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم-أن هناك من أفطر وظن الشمس قد غابت وقد كانت السماء غائمة ثم خرجت الشمس فما جاء الأمر بالقضاء كما جاء في حديث أنس الذي في البخاري ) .(1/8)
ومن أفطر بالجماع فعليه كفارة ظهار مع القضاء ( وهو أن يعتق رقبة فإن لم يستطع فيصوم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكينا )
وتكره القُبْلَةُ لمن تتحرك شهوته (الرسول -صلى الله عليه وسلم-كما جاء في حديث عائشة الذي في الصحيح " أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم " , لكن قالت عائشة :" كان أملككم لإربه " فإذا كان الإنسان يخشى أنه إذا فعل ذلك أن يجامع أهله او ينزل فلا يفعل ذلك)
ويجب اجتناب كذب وغيبة وشتم ونميمة كل وقت لكن للصائم آكد ( لاشك أن هذه الأشياء محرمة في كل وقت وحين ,لكن في حالة الصيام أشد لما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي في البخاري "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه" ) ويسن كفه عما يكره (بأن يبتعد عما ينافي الصيام لئلا يقدح في صومه)
وإن شتمه أحد فليقل : إني صائم ( حتى يمنع المقابل أن يسبه أو يعتدي عليه )
ويسن تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب ( هذه هي السنة , وجاء عند ابن خزيمة أن ابن عباس كان يضع إنسان على سطح الدار حتى يراقب الشمس فإذا غابت أخبر ابن عباس حتى يبادر إلى الفطر وجاء عنده مرفوعا والأقرب أنه موقوف على ابن عباس) وله الفطر بغلبة الظن ( إنسان غلب على ظنه أن الشمس غابت ولا يراها بسبب غيم أو مانع أو حاجز فهنا يشرع له الفطر , أما إذا كان شاك فلا لأن الأصل بقاء النهار).(1/9)
ويسن تأخير السحور ما لم يخش طلوع الفجر ( السنة تأخير السحور إلا إذا خشي أن يطلع الفجر فليبادر إلى السحور) ، وتحصل فضيلة السحور بأكل أو شرب وإن قل ( حتى لو شربه كما جاء في بعض الروايات) ويفطر على رطب (هذه هي السنة كما جاء في حديث أنس وحديث سلمان الضبي ) فإن لم يجد فعلى التمر فإن لم يجد فعلى الماء ويدعو عند فطره ( جاءت أحاديث ولعل من أقواها حديث ابن عمر الذي رواه الدار قطني وأبو داود وحسنه الدار قطني "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله "وجاء حديث آخر " اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت " لكن هذا الحديث رواه أبو داود و لا يصح )
ومن فطر صائماً فله مثل أجره (كما جاء في ذلك حديث زيد بن خالد رواه الترمذي من حديث عطاء عن زيد بن خالد وصححه لكن ذكر علي بن المديني أن عطاء لم يسمع من زيد بن خالد لكن له ما يشهد له من نص خاص أو عام)
ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في رمضان والذكر والصدقة ( لأن هذا الشهر شهر عبادة وطاعة وجاءت النصوص بذلك)
وأفضل صيام التطوع صيام يوم وإفطار يوم (كما جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وهذا صيام داود عليه السلام)
ويسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر وأيام البيض أفضل (الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر )
ويسن صوم يوم الخميس والاثنين وستة أيام من شوال(كما جاء في حديث أبي أيوب الأنصاري الذي رواه مسلم من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر كله "أي كأنما صام سنة كاملة , لأن شهر رمضان بعشرة أشهر , وستة أيام كل يوم بعشرة فيكون المجموع ستين يوما أي شهرين فيكون المجموع سنة كاملة) ولو متفرقة (لو فرق بينها فلا بأس )(1/10)
وصوم تسع ذي الحجة ( يستحب صيام تسع ذي الحجة لحديث ابن عباس رضي الله عنه "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني الأيام العشر- قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله"فيدخل في استحباب لعمل الصيام )
وآكدها التاسع وهو يوم عرفة (أفضل الأيام صيامه صيام يوم عرفة بعد الفريضة لحديث ابي قتادة أن صيام عرفة يكفر سنتين كما جاء في مسلم, وصيامه أفضل من صيام عاشوراء لأن صيامه كفارة سنة وعرفة كفارة سنتين)(1/11)
وصوم المحرم (كما جاء في حديث أبي هريرة)وأفضله التاسع والعاشر ، ويسن الجمع بينهما(أي يصوم التاسع والعاشر هذا الأفضل وإن أفرد العاشر فلا بأس على القول الصحيح ) وكل ما ذكر في يوم عاشوراء من الأعمال غير الصيام فلا أصل له بل هو بدعة(يقصد المصنف رحمه الله حديث التوسعة على الأهل والعيال في عاشوراء وهذا الحديث لا يصح وكل طرقه ضعيفة قواه العراقي وغيره لكن الأقرب أن كل طرقه ضعيفة كما ذكر ذلك ابن تيمية رحمه الله , ومعلوم أن الرافضة في عاشوراء يضربون أنفسهم ويلطمون ويفعلون الأفعال القبيحة والمنكرة وهذا من البدع ) ويكره إفراد رجب بالصوم ( لأنه لم يأت تخصيصه بالصيام فإذن يكره إفراده بالصوم كانسان يتعمد ويتقصد , لأن من البدع أن الإنسان يجعل لعبادة زمن لم يخص الشارع هذه العبادة بهذا الزمن , مثل أن يخصص رجب بالصوم , فالشارع لم يخصه , ولكن يستحب الصوم كما تقدم في كل الأيام ما عدا يومي العيد الفطر والأضحى وأيام التشريق أو إفراد الجمعة بصيام هذا كله منهي عنه ,أما باقي الأيام فيشرع صيامها وكذلك صيام الدهر أيضا ممنوع ) ، وكل حديث في فضل صومه والصلاة فيه فهو كذب ( لا يصح شيء في فضل رجب كما بين ذلك ابن حجر وغيره ) ويكره إفراد الجمعة بالصوم ( لما جاء في الصحيح من النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام إما إن الإنسان يصوم يوما قبله أو يوما بعده فيصوم الخميس والجمعة أو الجمعة والسبت )
ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين (كما جاء في حديث أبي هريرة إلا رجل كان يصوم صوما , مثل إنسان معتاد يصوم الخميس أو الاثنين فوافق فهذا لا بأس )
ويكره الوصال ( المقصود بالوصال انه لا يفطر عند مغيب الشمس بل يواصل فهذا مكروه وجاء الترخيص إلى وقت السحور كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الذي رواه البخاري )(1/12)
ويحرم صوم العيدين ( فلا يجوز صيام العيدين الفطر والأضحى ) وأيام التشريق (الثلاثة إلا رجل حج متمتعا ولا عنده قيمة الهدي ولم يصم قبل عرفة فهنا رخص له أن يصوم أيام التشريق )
ويكره صوم الدهر (كما جاء في النصوص)
وليلة القدر معظمة يرجى إجابة الدعاء فيها لقوله : { ليلة القدر خير من ألف شهر } قال المفسرون : في قيامها والعمل فيها خير من قيام ألف شهر خالية منها وسميت ليلة القدر لأنه يقدر فيه ما يكون في تلك السنة وهي مختصة بالعشر الأواخر وليالي الوتر ( ليلة القدر على القول الصحيح أنها في العشر الأواخر وأرجى ما تكون في الأوتار كما جاء في الحديث الصحيح في سابعة تبقى أو خامسة تبقى الخ ) وآكدها ليلة سبع وعشرين ويدعو فيها بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) (كما في حديث عائشة الذي رواه أبو داود وغيره , وهذا الحديث جاء من حديث ابن بريدة عن أبيه والدار قطني يقول أن ابن بريدة لم يسمع من أبيه لكن لهذا الحديث ما يشهد له )
والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين .،،،(1/13)