بسم الله الرحمن الرحيم
عمدة الأحكام – كتاب الحج (1)
باب المواقيت - باب ما لا يلبس المحرم من الثياب
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل البدء نحي الجميع بتحية الإسلام ونقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بل ننبه إلى أمر مهم، وهو أن عدة الأحاديث تزيد على أربعين، والساعات خمس، فالوقت لا يستوعب شرح هذه الأحاديث، الوقت لا يكفي، وعلى هذا سوف نسلك مسلكاً مناسباً لإكمال هذه الأحاديث في هذه الليالي الخمس، وأشبه ما يكون بالتعليق حسب الحاجة، والبسط لمسائل الحج له مظانه، شُرِح كتاب المناسك من الزاد في سبعة عشر شريطاً، وشُرِح حديث جابر في الحج وشُرِح كتاب المناسك من صحيح البخاري في أشرطة كثيرة، من أراد التوسع في معرفة أحكام الحج ومسائلة يرجع إلى هذه الأشرطة وغيرها مما سجل لأهل العلم وما كتب في الباب، فنشرح شرحاً مناسباً تكون فيه الموازنة بين عدة الأحاديث مع ضيق الوقت.
العمدة للإمام الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن سرور المقدسي، كتاب عني به أهل العلم منذ تأليفه، فلا تكاد تجد ترجمة لعالم وجد بعد تأليف هذا الكتاب في القرن السابع إلى يومنا هذا إلا وتجد من أولويات محفوظاته العمدة، والمقصود بذلك العمدة الصغرى لا الكبرى، التي اقتصر فيها المؤلف على ما صح من أحاديث الأحكام، وشرطه فيها أن تكون هذه الأحاديث من الصحيحين، وتوسع في الشرط في العمدة الكبرى؛ ومن معه الكتابان يقارن، نجد على سبيل المثال في بداية كتاب الحج حديثان لا يوجدان في الصغرى وهما موجودان في الكبرى الأول منهما ضعيف والثاني كذلك، بل كل منهما ضعيف ضعفه شديد، لا يدخل تحت شرطه في العمدة الصغرى، ومن هنا تأتي أهمية كتاب العمدة، وإذا أطلقت فالمراد الصغرى، إذا أطلقت العمدة فالمراد به الصغرى.(1/1)
على كل حال العمدة الكبرى فيها أحاديث زائدة يستفاد منها، لكنها ليست على شرط المؤلف في الصغرى، فتنظر في العناية أولاً بالصغرى لصحة أحاديثها، وانتقاء متونها، نعم خرج عن شرطه شيء يسير؛ لأنه اشترط ألا يدخل في الكتاب إلا ما اتفق عليه الشيخان، أدخل في الكتاب بعض ما تفرد به البخاري، وبعض ما تفرد به مسلم، ووهم في بعض، وهذا شيء يسير جداً في بعض الروايات التي لا توجد عندهما.
على كل حال كتاب العمدة ليس بحاجة إلى التعريف؛ فهو معروف عند أهل العلم، مشروح من قبل جمع غفير من أهل العلم في المذاهب كلها، وإن كان صاحبه حنبلياً لكنه مشروح من قبل علماء شافعية وحنابلة ومالكية، وغيرهم، عندنا الترجمة، يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى:
كتاب الحج: الكتاب: كررنا مراراً أنه مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً وعرفنا أن المادة مادة الكتب، والكتابة تدل على الجمع، قالوا: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، ومنه قيل لجماعة الخيل كتيبة، وهذا كلام مكرور، يقال في كل كتاب من كتب العلم، هنا يطلق الكتاب ويراد به اسم المفعول المكتوب، الجامع لمسائل الحج، وكتاب الحج المراد به هنا المكتوب الجامع لمسائل الحج.
والحج: عرفوه في اللغة بأنه القصد، يحجون سِبَّ الزِّبرقانِ المُزَعْفَرا، يعني يقصدون.
وهو قصد مكة لأداء أحد النسكين هنا؛ لأن الحج المراد به هنا ما يشمل العمرة، لأنه أدخل أحاديث العمرة في الحج فيطلق الحج هنا بمعناه العام وهو القصد، ولذا أدرج في أحاديث هذا الكتاب أحاديث العمرة.(1/2)
كتاب الحج: الحج أحد أركان الإسلام، وأحد مبانيه العظام، جاءت النصوص التي تدل على أنه ركن من أركان الإسلام، ومن أشهرها حديث ابن عمر المتفق عليه: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان)) هذا في المتفق عليه، أعني تقديم الحج على الصيام، وهو المرجح عند الإمام البخاري ولذا بنى كتابه على ذلك، فقدم المناسك على الصيام.
جاء في صحيح مسلم من حديث ابن عمر أيضاً في الحديث نفسه أنه قال: ((بني الإسلام على خمسة شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والحج)).
فقال قائل، قال له رجل: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج"، والرواية التي فيها تقديم الحج على الصيام في الصحيحين، وهذا الاستدراك من ابن عمر على هذا القائل في مسلم، كأن ابن عمر -رضي الله عنهما- أراد أن يؤدب هذا القائل، وأن الحديث محفوظ عنده على الوجهين، محفوظ عنده عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على الوجهين، فلما استدرك عليه وقال: "الحج وصوم رمضان" قال: "لا صوم رمضان والحج" وهو متأكد من روايته عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على هذا الوجه، وإن كان لا ينفي الرواية الأخرى.
ومنهم من يقول: أن ابن عمر نسي، نسي الرواية الذي فيها تقديم الحج على الصيام، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على تقديم الصيام على الحج، وبنوا على ذلك مؤلفات، لكن الإمام البخاري كأنه رجح رواية تقديم الحج على الصيام فبنى على ذلك ترتيب الكتاب.
حول الأركان الخمسة:
الأركان الخمسة: بالنسبة للركن الأول من لم يأت به لم يدخل في الإسلام أصلاً، ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله))، أو((حتى يقولوا لا إله إلا الله)).
الصلاة: المنقول عن الصحابة تكفير تارك الصلاة، وكأن هذا اتفاق منهم على كفر تارك الصلاة.(1/3)
بقية الأركان من الزكاة والصيام والحج القول بكفر تارك كل واحد منها قول معروف عند أهل العلم، قال به جمع من أهل العلم، ولو اعترف بالوجوب، أما إذا أنكر الوجوب فهو كافر إجماعاًً، فتارك الزكاة الممتنع من دفع الزكاة كافر عند بعض أهل العلم ولو أقر بالوجوب، الذي لا يصوم كافر عند جمع من أهل العلم وإن كان مقراً بالوجوب، الذي لم يحج أولا يحج أو لا ينوي الحج كافر عند بعض أهل العلم وإن اعترف بالوجوب. والقول بكفره رواية عن الإمام أحمد نقلها شيخ الإسلام بن تيمية وغيره في كتاب الإيمان، وعلى كل حال جمهور أهل العلم على أنه لا يكفر إذا اعترف بالوجوب، لكن الأمر جد خطير، ولذا جاء في آية الوجوب: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} بعد ذلك قال: {وَمَن كَفَرَ} [(97) سورة آل عمران]، في هذا إشارة إلى القول الثاني، وإن لم تكن نص لكنها مؤذنة بأن له أصل.
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى الأمصار أن ينظروا من كانت له جدة يستطيع بها أن يحج فلم يحج أن تضرب عليه الجزية، "اضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بمسلمين"، فالأمر خطير.
والتساهل من كثير من الناس يستطيع أن يحج، قادر على الحج بنفسه وماله، ومع ذلكم يتأخر، الشاب يقول: إذا تخرجت، والشابة تقول: إذا تزوجت، ويتعللون ويتعذرون بأعذار لا قيمة لها، وأسماء بنت عميس في الطلق تطلق، جاءها المخاض وتخرج إلى الحج وتلد في المحرم عشرة كيلو عن المدينة، يعني اهتمام الصحابة وعناية الصحابة تختلف عن تساهلنا وتراخينا الله يعفو ويسامح، هذا ركن من أركان الإسلام ما تدري ما تحمله الأيام بالنسبة لك، لا تدري ماذا يقدر لك، هل تتمكن في غير هذا العام أن تحج أو لا تتمكن؟ ولذا المرجح عند أهل العلم أن الحج واجب على الفور، لا على التراخي.(1/4)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: كتاب الحج: باب المواقيت.
عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل المدينة ذي الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم، وقال: ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)).
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله ما يلبس...
حديث ابن عمر، الحديث الثاني، يهل أهل المدينة
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن المنازل)) قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
يقول -رحمه الله-: باب المواقيت، الباب في الأصل ما يدخل ويخرج منه، فالأصل هو للمحسوس مثل هذا الباب الذي يدخل ويخرج منه، ويستعمله أهل العلم لما يضم مسائل، وفصول غالباً، وهو في هذا الاستعمال حقيقة عرفية، عرف خاص عند أهل العلم.
باب المواقيت: المواقيت جمع ميقات، والمواقيت عند أهل العلم تنقسم إلى زمانية ومكانية، والمراد هنا المكانية، والمواقيت الزمانية للحج: شوال والقعدة، وعشر من ذي الحجة، على خلاف بينهم، هل الشهر الثالث كامل أو العشر الأول منه.(1/5)
المواقيت المكانية جاءت في حديث ابن عباس وابن عمر -رضي الله عنهم- وغيرها من الأحاديث، لكن عندنا أولاً حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقَّت: يعني حدد لأهل المدينة ذا الحليفة، وعلى هذا إذا حدد الشارع شيئاً هل يجوز تجاوزه؟ لا يجوز تجاوزه، وقت يعني حدد، فلا يجوز تجاوزه، خلافاً لمن يقول أن هذه الصيغة لا تدل على الوجوب.
وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة: وهو المعروف بالأبيار مكان معروف قرب المدينة وهو أبعد المواقيت من مكة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن، بإسكان الراء قرن المنازل وهي أماكن معروفة مطروقة، ووهِم صاحب الصحاح حيث زعم أن قرن بفتح الراء قرَن ونسب إليها أويس القرَني، وأخطأ في مكانه أيضاً.
المقصود أن صاحب الصحاح وهم في الضبط والتحديد، ونسبة أويس.
ولأهل اليمن يلملم، ويقال له ألملم، ويقولون الآن: لملم، بدون ياء ولا همز، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) هن: أي هذه المواقيت، لهن: أي لأهل تلك الجهات، أو لتلك الجهات والمراد أهلها، ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن))، شخص من أهل العراق مر بالمدينة يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل نجد يحرم من ذي الحليفة، شخص من أهل اليمن مر بالطائف يحرم من قرن المنازل وهكذا..
((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)).
((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)): شامي مر بالمدينة وتجاوز ذا الحليفة فلم يحرم منه إلى أن وصل إلى ميقاته، شامي أجَّل الإحرام وقد مر بذي الحليفة أجله إلى الجحفة، أو نجدي مر بذي الحليفة وتجاوزه وقال لا أحرم من السيل، بدلاً من لبس الإحرام أربع ساعات أذهب إلى السيل وألبس الإحرام أقل من ساعة، ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء أو لا يلزمه؟
طالب: ...............
(((1/6)
هنَّ لهن)) الأصل أن هذه المواقيت لأهل تلك الجهات، فإذا أحرم النجدي من قرن المنازل ولو مر بغيره يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) عمل بالظاهر، وإذا أحرم من ذي الحليفة يكون عمل بقوله -عليه الصلاة والسلام- ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) مقتضى تأجيل الإحرام إلى ميقاته الأصلي عمل بالطرف الأول، ((هن لهن)) وإحرامه من الميقات الذي مر به يقتضيه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكن إذا فعل هذا الفعل، شامي مر بالمدينة وقال: لن أحرم من الآن، الجحفة قدامي، وأجَّل الإحرام إلى أن وصل الجحفة، لا شك أنه مخالف لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) لكنه له أن يقول: أنا عملت بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((هن لهن)) فهل عليه من شيء؟ هل عليه من بأس؟
أولاً من تجاوز الميقات، بغض النظر عن هذه المسألة، تجاوز الميقات بالكلية، يُلزمه جمهور أهل العلم إن لم يرجع قبل إحرامه بدم، لخبر ابن عباس، عمدتهم في ذلك كله خبر ابن عباس، وهذا هو القول الوسط في هذه المسألة، وإن كان سعيد بن جبير يقول: لا شيء عليه، ومن السلف من يقول: فلا حج له، من تجاوز الميقات! قولان في طرفين، لكن القول المعتمد عند جمهور أهل العلم أن حجه صحيح لكن عليه دم يجبره، لأنه ترك نسك، وهو الإحرام من الميقات.(1/7)
نأتي إلى مسألتنا في الشامي الذي أجل الإحرام إلى الجحفة وقد مر بذي الحليفة، هو عمل بقوله: ((هن لهن)) وخالف قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) هل يلزمه شيء وإلا ما يلزمه؟ عند مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه أحرم من ميقاته المحدد له شرعاً، وهو الأصل فيه، وجمهور أهل العلم يلزمونه بالدم؛ لمخالفته لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) ما دام مر بهذه الميقات فهو ميقاته سواءً كان من أهل المدينة أو من غيرهم، ورأي الإمام مالك وجيه، لهذا أن يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لنا معاشر أهل الشام هذا الميقات وامتثلت، قال: ((هن لهن)) وعلى كل حال الأحوط في هذه المسألة ألا يتجاوز الميقات الذي يمر به أولاً. ... ...
((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة))، ((ممن أراد الحج أو العمرة)): معنى هذا أنه لا يلزمه الإحرام إلا بهذا القيد، بقيد إرادة النسك، إرادة الحج أو العمرة، وعلى هذا الذي يريد الدخول إلى مكة ممن لا يريد الحج أوالعمرة عليه إحرام، يلزمه أن يحرم؟
على هذا لا يلزمهم أن يحرم، وهذا قول الإمام الشافعي -رحمه الله- تعالى، لا يلزمه أن يحرم إلا إذا أراد الحج أو العمرة.
والأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك وأحمد على أنه يلزمه أن يحرم ما لم تتكرر حاجته، لكن الحديث صريح، مفهوم الحديث صريح في عدم إلزام من لا يريد الحج والعمرة بالنسك –بالإحرام- ولذا يقول: ((ممن أراد الحج أو العمرة)).
((ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)): يعني من كان منزله دون المواقيت، بين المواقيت وبين مكة يحرم من حيث أنشأ، يحرم من حيث أنشأ، شخص ساكن في جدة، نقول له ارجع إلى أقرب ميقات وأحرم من ميقاتك؟!(1/8)
يحرم من حيث أتى، ((حتى أهل مكة من مكة)) أهل مكة يحرمون بالحج من مكة، والعبارة –الجملة- تدل على أن المكي يحرم من مكة مطلقاً سواءً كانت حج أو عمرة؛ لأنه يقول: حتى أهل مكة من مكة، عموم اللفظ يتناول الحاج والمعتمر، فيحرم المكي من مكة سواءً كان نسكه حجاً أو عمرة، لكن جمهور أهل العلم على أن المعتمر لا بد أن يخرج إلى الحل، لا بد أن يخرج إلى الحل؛ ليجمع في نسكه بين الحل والحرم، أما الحاج لا يلزمه أن يخرج إلى الحل؛ لأنه سوف يخرج من وقوف، وعرفة من الحل، وعلى هذا حمل أهل العلم هذا الحديث على الحاج دون المعتمر، ما الذي يخرج المعتمر من هذا النص؟ نعم حديث عائشة وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم فتحرم من هناك، والرسول -عليه الصلاة والسلام- وصحابته معه في الانتظار، ولو كان الإحرام من مكة يجزئ أو يكفي لما تكلف وكلف غيره بأن تخرج إلى الحل فتحرم منه، فهذا من العام المخصوص.
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)): هذا خبر، والمراد به الأمر؛ يأتي الأمر بلفظ الخبر، وحينئذ يكون أبلغ، ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة)): الجحفة التي دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن تنقل إليها الحمى -حمى المدينة تنقل إلى الجحفة- وهل في مثل هذه الدعوة اعتداء؛ لأن الجحفة في ذلك الوقت قرية مأهولة، تنقل إلى الجحفة؟ يعني لو قدر أنه نزل وباء هنا فقلنا اللهم أنقله إلى الخرج، يجوز وإلا ما يجوز؟ يجوز، لا ما يجوز، لكن هنا انقل حماها إلى الجحفة يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا فعل المشرع -عليه الصلاة والسلام- لكن ما العلة؟ السبب؟
طالب..........
قرية مأهولة.
طالب.........
يهود نعم، فيها يهود. ((وأهل نجد من قرن المنازل)).(1/9)
قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)): بلغني هذه الصيغة تدل على الاتصال أو الانقطاع؟ بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم))؟
طالب........
نعم الانقطاع، ولذا بلاغات الزهري تحتاج إلى وصل، بلاغات مالك في الموطأ تحتاج إلى من يصلها، تولى ابن عبد البر وصلها؛ لأنها منقطعة.
هنا قال ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) والواسطة مذكور والمبلغ مذكور وإلا ما هو بمذكور؟ نعم.
طالب.......
هنا، غير مذكور، المبلغ غير مذكور، هذه جملة منقطعة، هنا هل نقول إن هذا مرسل صحابي، أو هو منقطع؟ أو متصل فيه راو مبهم؟ نعم.
طالب.........
هنا يقول ابن عمر: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) نعم.
طالب.........
كيف تفهم، المرسل ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، المرسل المطلق، مرسل الصحابي ما يرويه الصحابي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسمعه منه إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيبته، وله حكم الاتصال عند عامة أهل العلم، أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب، نعم.
بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وهنا الصيغة (أنَّ) الصيغة (أنَّ) ولها حكم عند أهل العلم، (عن)، عند أهل العلم حكم (أنَّ) حكم (عن) كأنه قال: بلغني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: خلافاً لمن فرق بين الصيغتين وقال: (عن) متصلة و (أن) منقطعة، وبسط هذه المسألة يأخذ الوقت.(1/10)
على كل حال الحديث وإن قال ابن عمر بلغني، إلا أنه يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة من غير واسطة؛ بدليل قوله، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقَّت لأهل المدينة إلى آخره ولأهل اليمن يلملم من غير شك ومن غير واسطة، الحديث الأول حديث ابن عباس وهو مروي أيضاً عن ابن عمر من غير جزم، من غير تردد، من غير تردد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه قال هذا الخبر، مروي من طرق عن ابن عمر عن ابن عباس، بالتردد المذكور بالواسطة وبدونها ولذا هو من أحاديث الصحيحين؛ لأنه ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من طريق ابن عمر.
قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
بقي أهل العراق، أهل العراق ما ميقاتهم؟ ذات عرق، من الذي وقت لهم ذات عرق؟!
لا إشكال في كون عمر -رضي الله عنه- وقت لأهل العراق ذات عرق، أما المرفوع ففيه ما فيه، وإن كان له طرق تدل على أن له أصل، جاء الصحابة لما فتح، أو لما مصرت الأمصار الكوفة والبصرة وغيرها، طلبوا أن يحدد عمر -رضي الله عنه- ويوقت لهم ميقات يحرمون منه، فوقت لهم ذات عرق، فمن طلب من عمر، وعمر بل عمر -رضي الله عنه- حينما وقت ولم يقل لهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم ذات عرق، قد يكون خفي عليهم التوقيت النبوي، قد خفي عليهم التوقيت النبوي فطلبوا من عمر وهذا من موافقاته، وإلا فكون النبي -عليه الصلاة والسلام- وقت لهم يروى من طرق متعددة تدل على أن له أصلاً.
نعم سم.
ما لا يلبس المحرم من الثياب:(1/11)
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد ما يجد نعلين فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)) وللبخاري: ((ولا تنتقب المرأة، ولا تلبس القفازين)).
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من لم يجد نعلين فليلبس خفين ومن لم يجد إزاراً فليلبس سراويل للمحرم)).
باب ما يلبس المحرم من الثياب، الترجمة مطابقة للسؤال أو للجواب؟.
مطابقة للسؤال أو للجواب، للسؤال، السؤال: ما يلبس المحرم من الثياب، والجواب: ((لا يلبس)) فلو كانت الترجمة بالنفي باب ما لا يلبسه المحرم من الثياب لطابقت الجواب.
وعلى كل حال ما يلبسه المحرم المسئول عنه يفهم من الجواب، سئل النبي -عليه الصلاة والسلام- عما يلبسه المحرم، الجواب المطابق لهذا السؤال أن يقول: يلبس –مثلاً- إزار ورداء، لكنه -عليه الصلاة والسلام- عدل عن المطابقة إلى ما هو أنفع وأهم؛ لأن الجواب المطابق لا يمكن حصره، بينما عدم المطابقة مع شدة الحاجة إلى ما أجاب به النبي -عليه الصلاة والسلام- فيه حصر.
لو قال: ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال: إزار ورداء ثم احتاج إلى اللون مثلاً، ثم احتاج إلى أمور كثيرة؛ ليحدد ما يلبس لكن لما ذكر الممنوعات دل على أن كل ما عدا هذه يلبسه المحرم، كل ما عدا ما ذكر يلبسه المحرم.(1/12)
ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يلبس القُمص))، وهو ما خيط على قدر البدن، أو نسج على قدر البدن ويلحق به ما نسج على بعضه، من يد أو رجل أو عنق أو ما أشبه ذلك، المقصود أن كل ما يخاف على جزء من البدن بالتحديد لا يلبسه المحرم، فلا يلبس القمص، وعلى هذا لو خيط الرداء، قال يشمل النصف الأعلى من البدن، خياط فصِّل على قدر النص الأعلى من البدن، يلبسه المحرم وإلا ما يلبسه؟
لا يلبسه المحرم، وكذا لو خيط النصف الأسفل لا يلبسه المحرم.
((لا يلبس القمص ولا العمائم)): ويشمل كل ما يغطي الرأس من عمامة وفي حكمها الطاقية والشماغ وما أشبه ذلك.
((ولا السراويلات)): لا يلبس سراويل، سواءً كانت سراويل طويلة أو قصيرة، طويلة أو قصيرة؛ لأنه يشملها اسم السراويل، وهي أيضاً مخيطة على قدر جزء من البدن.
وفي الصحيح عن عائشة أنها رأت أن لا بأس باللبس، السروال القصير يسمونه التبان، لكنه قول مرجوح، العمل على خلافه عند عامة أهل العلم، لكن هذا اجتهادها.
((ولا البرانس)): البرنس يغطي أيش؟ يغطي الرأس، وهو في الغالب متصل بالقميص.
((ولا الخفاف)) الخفاف التي تغطي الكعب.
((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين)): الذي لا يجد النعلين وهو محتاج إلى الخف، جاءت الرخصة بلبسه شريطة أن يُقطع، ولذا قال:
((إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين)): هذا الخبر قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- في المدينة.(1/13)
وحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب بعرفات: ((من لم يجد نعلين، فليلبس خفين)) ما في إشارة إلى القطع، ليس فيه إشارة إلى القطع، والحاجة داعية إلى البيان؛ لأنه بعرفات حضره من لم يحضر في المدينة، الحاجة داعية إلى البيان، ولكون الحاجة داعية بل ملحة إلى البيان في هذا الموطن لكثرة من حضر ممن لم يحضر التقييد، قال بعض العلماء: إن حديث ابن عمر منسوخ، منسوخ بحديث ابن عباس، وعلى هذا القول الذي لا يريد النعلين يلبس الخفين من غير قطع، والقول الآخر في المسألة أنه لا بد من القطع.
غاية ما هنالك أن حديث ابن عمر مقيد، وحديث ابن عباس مطلق، والمطلق يحمل على المقيد، لا سيما وقد اتحد الحكم والسبب، القاعدة عند أهل العلم إذا اتحد الحكم والسبب في المطلق والمقيد يحمل وإلا ما يحمل؟ يحمل اتفاقاً، إذا اتحد الحكم والسبب، وعلى هذا لا بد من القطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، اكتفاءً بالقيد الذي ورد في حديث ابن عمر، أما لو كان الظرف واحد في الحديثين، لا شك أن هذا من أوضح صور حمل المطلق على المقيد.
لكن الوجه الثاني أو القول الثاني له وجه وهو أن الحاجة داعية إلى البيان، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، نعم بُيِّن سابقاً لكن هل كل من حضر سمع هذا البيان، أو الذي يغلب على الظن أن أكثر من حضر في عرفة لم يحضر في المدينة؛ لأنه لما سمع الصحابة -رضوان الله عليهم- بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عازم على الحج -كما في حديث جابر في مسلم- أتوه من كل ناحية، اجتمع عنده خلائق مد البصر عن يمنيه وعن شماله من أمامه ومن خلفه، مد البصر، فهؤلاء أكثرهم لم يسمع القيد.
ما القول المتجه في هذه المسألة؟(1/14)
الآن عندنا مسألة حمل المطلق على المقيد لا سيما في مثل هذه الصورة مع اتحاد الحكم والسبب، ظاهر أنه يحمل المطلق على المقيد، وعلى هذا يقطع، ولو لم يذكر في حديث ابن عباس، لعله اختلف الحكم والسبب، أو الحكم فقط، لا يحمل المطلق على المقيد كما هو موضح مفصل، أما هنا اتحد الحكم والسبب، ولذا يختلف أهل العلم في القطع، فمن قائل بالنسخ حديث ابن عباس ناسخ لحديث ابن عمر لما ذكرنا، ومنهم من يقول: لا بد من القطع؛ وحديث ابن عباس مقيد بحديث ابن عمر، ويؤيَّد القول الأول بالنهي عن إضاعة المال وإتلافه، القطع إتلاف للمال أو ليس بإتلاف؟ إتلاف، لا شك أن الأحوط من أراد الاحتياط لنفسه أن يعمل بالأشد وهو القطع، لكن من عمل بالقول الآخر له وجه؛ لأنه يلزم من العمل بالمقيد؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت الحاجة إلى البيان ما بين في حديث ابن عباس.
((ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس)): الزعفران معروف، له لون ورائحة، ومثله الورس، نبت طيب الريح، وعلى هذا يمنع المحرم من الطيب بجميع ألوانه وأشكاله.
وللبخاري ((ولا تنتقب المرأة)): يعني لا تلبس النقاب.
((ولا تلبس القفازين)): وهو ما يغطي اليد.
((لا تنتقب المرأة)): والمراد بالمرأة هنا أيش؟ المحرمة، المرأة المحرمة، مفهومه أن غير المحرمة أيش؟ تنتقب، مفهومه أن غير المحرمة لها أن تنتقب، نعم أبو داود يقدح في هذه اللفظة، لكن ليس لأحد أن يقدح والخبر في البخاري.
ولا إشكال في كون غير المحرمة تنتقب، تلبس النقاب، لكن إيش النقاب، ما النقاب؟ ما النقاب الذي تلبسه المرأة المسلمة؟(1/15)
نقب في حجاب الوجه، نقب بقدر حدقة العين لترى منه الطريق بقدر الحاجة، ولو زاد على هذا القدر ولو مليم واحد من البشرة صار إيش؟ سفور وليس بنقاب، لا بد أن نفهم معنى النقاب، ما يجينا واحد يقول: خلاص النقاب حلال، النقاب حلال، ويكشفون نصف الوجه لا، لا هذا ولا أن نضعف ما في البخاري، ما في البخاري صحيح، ومفهومه صحيح، تنتقب غير المحرمة، لكن إذا أخرج قدر شعرة من البشرة فهو سفور، بل لو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم الواجب وهو تغطية البشرة إلا به لكان له وجه، لا يتوسع في معنى النقاب كما هو موجود الآن، ولا نضعف ما ثبت، أظنه كلام واضح وظاهر، ما يجي واحد يقول سمعنا واحد يقول إن النقاب حلال، إيش النقاب المقصود به، ما النقاب المقصود به؟
كلام على النقاب الشرعي الذي جاء في مثل هذه الرواية: نقب يكون في غطاء الوجه بقدر الحاجة، إن زاد ولو كان شيئاً يسيراً وتعدى العين إلى البشرة فهو سفور ما يسمى نقاب، ولو قيل بوجوب تغطية بعض العين؛ لأنه لا يتم ستر البشرة بالكامل إلا بستر بعض العين، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب مقرر عند أهل العلم هذا، فنفهم الموضوع بدقة، لا نضعف ما في الصحيح؛ لأن الناس توسعوا في النقاب، لا، لكن نفهم إذا أردنا أن نعمل بالنصوص لا بد أن نفهم النصوص، الواقع ما يغير من النصوص شيئاً أبداً، نعم الاحتياط مطلوب وسد الذرائع مطلوب ومقرر في الشرع، لكن يبقى أن كل شيء يقدر بقدره، ولا ننزل النصوص على أفهام العامة، لا ننزل النصوص على أفهام العامة: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج].(1/16)
العامة يقولون: المحروم الذي عنده الملايين لكن ما يستفيد منها، هذا محروم، مسكين يعطى من الزكاة!! ما يعطى من الزكاة، ولو فهم العامة أنه محروم، فالنصوص لا تنزل على أفهام العامة، ولا على أفهام أهل الأهواء، إنما الذي يفهم النصوص على حقيقتها وعلى وجهها هم سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين.
((ولا تلبس القفازين)): وهو ما خيط على قدر اليد، لكن هل لها أن تلبس ما يغطي القدمين؟ أو نقول القدمان مثل اليدين؟ تلبس المرأة المحرم شراب الرجلين؟
نعم تلبس، تلبس؛ لأنها ليست ممنوعة من المخيط إلا ما نص عليه.
حديث ابن عمر سم.
التلبية:
باب التلبية: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل.
هذه التلبية، والمراد بها إجابة النداء والدعوة، من الله -عز وجل- على لسان خليله إبراهيم: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [(27) سورة الحج]، ولذا شرع لكل حاج ومثله المعتمر أن يقول: لبيك؛ إجابة لهذه الدعوة، ولهذا النداء، ولهذا التأذين.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن تلبية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) ولذا يقول جابر -رضي الله عنه- وأهلَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتوحيد، مخالفاً لما كان يهل به المشركون، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، يقولون: إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، يشركون، نسأل الله العافية، الشرك الأكبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- خالفهم فأهل بالتوحيد، لا شريك لك.
((لبيك اللهم لبيك)): ثم ثنى، يعني إجابة واستجابة بعد استجابة.
((إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)): كرر التوحيد.(1/17)
قال: وكان ا بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل.
التلبية النبوية التي يقتصر عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يزيد عليها، لا يزيد على ما جاء في صدر هذا الحديث: ((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)) يقول جابر: وكان الناس يزيدون على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمعهم ولا ينكر عليهم.
تلبية ابن عمر، زيادة ابن عمر لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك والرغباء إليك والعمل، اكتسبت الشرعية من أين؟ نعم.
من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- والإقرار أحد وجوه السنن، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- لزم تلبيته، هل الأفضل للمسلم أن يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أو يتجاوزه إلى ما يقوله الصحابة مما لفظه صحيح وأقره النبي عليه الصلاة والسلام؟
يلزم ما لزمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى، لكنه إذا سمع أحداً يلبي بغير هذه التلبية ينكر عليه وإلا ما ينكر عليه؟ لا ينكر عليه، يختار لنفسه ما اختاره النبي -عليه الصلاة والسلام- لنفسه، فلا يزيد على تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لو سمع أحداً يلبي بالصيغ التي جاءت عن الصحابة مما سمعه النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم ينكره فإنه ليس له أن ينكر ما أقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالأمر ولو كان خلاف الأولى لا يُنكر، وقد اكتسب الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-.
حكم التلبية:
التلبية سنة عند جمهور أهل العلم، وقيل بوجوبها، ويرفع بها الملبي صوته، كان الصحابة -رضوان الله عليهم يصرخون بها- يرفعون أصواتهم بالتلبية، ويكررون التلبية، والمرأة تخفض صوتها؛ لئلا يفتتن بها، لئلا يفتتن بها من في قلبه مرض، فتخفض صوتها في التلبية بحيث تسمع نفسها ورفيقتها، ولا ترفع صوتها في التلبية، أما الرجل فالمشروع له أن يرفع صوته في التلبية.(1/18)
التلبية الجماعية:
التلبية الجماعية، بعض الناس إذا اجتمعوا يلبي واحد ثم يلبي الجميع بصوت واحد مرتفع، تلبية جماعية، مثلها تكبير جماعي، تهليل جماعي، كل هذا مما أُحدِث، كل هذا من المحدثات، ينبغي أن يكون كل واحد يلبي بمفرده، نعم.
سفر المرأة بدون محرم:
باب سفر المرأة بدون محرم: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم))، وفي لفظ للبخاري ((لا تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم)). لا بدون إلا،بدون إلا، ليس معها حرمة.
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يحل لامرأة))، لا يحل: معناه الذي لا يحل، الحل في مقابلة الحرمة، فإذا نفي الحل ثبتت الحرمة، لتتم المقابلة، لا يحل يعني يحرم؛ لأن المقابلة بين أمرين الحلال والحرام؛ لأن الحلال يقابله الحرام، لا يأتينا من يقول: أن الأحكام خمسة، إذا انتفى واحد فمقابله أربعة، يحتمل أن يكون ما دام لا يحل إذاً يكره، لا، نقول الحلال يقابله الحرام، فإذا انتفى الحلال ثبت الحرام، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ}[(116) سورة النحل]، فالمقابلة بين الحلال والحرام فقط، {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ}[(157) سورة الأعراف].
على كل حال مفهوم لا يحل ثبوت الحرمة لمن عملت هذا العمل ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة))، يحرم على المرأة أن تسافر تؤمن بالله واليوم الآخر يعني مسلمة، يحرم على المرأة المسلمة أن تسافر، قد يقول قائل أنه عنده خادمة كافرة، هل يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ يتجه إليها مثل هذا التحريم؟ لأنه قال: ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) هي تقول لا تؤمن بالله واليوم الآخر، يحل لها أن تسافر؟(1/19)
توجيه الخطاب للمسلمين؛ لأنهم هم الممتثلون للخطاب، وإلا فالكفار أيضاً مخاطبون بالفروع، في قول جماهير أهل العلم، وإذا كانت غير ممتثلة للخطاب فالخطاب يتجه على من مكنها من مزاولة هذا المحرم، وهو من أوفدها من غير محرم، وسافر بها بغير محرم، إضافة إلى كونها كافرة وإقامتها في هذه البلاد أيضاً فيها ما فيها.
المقصود أن قوله ((لا يحل)) يعني يحرم، و((لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) يعني مسلمة؛ لأنها هي الممتثلة لمثل هذه التوجيهات الشرعية، وهذا لا يعني أن غير المسلمة يجوز أن تسافر، أو يُسافَر بها من قبل المسلمين، لا، لأنها مخاطبة بفروع الشريعة، وهذا منها، وحينئذ يتجه الخطاب إلى من مكَّنَها.
قد يقول قائل: هو يسافر بالشغالة يمين ويسار من غير محرم، وهي المكلفة هي المخاطبة بهذا النفي وإثبات الحرمة؟
نقول هذا تعاون، إعانة لها على ارتكاب المحرم، والإعانة على ارتكاب المحرم محرمة، {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة].
((أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): قد يقول قائل: الآن ما هي مسيرة يوم وليلة؛ تسافر للحج ساعة، ساعة ونصف وهو واصلة في جدة، ما تحتاج إلى محرم.
نقول تحتاج إلى محرم؛ لأن قوله: ((مسيرة يوم وليلة)) لا مفهوم له، لا مفهوم له بدليل أنه اختلف التحديد، في بعض الروايات ثلاثة أيام، وفي بعضها مسيرة يوم، وفي بعضها مسيرة ليلة، المقصود أنها لا تسافر بدون محرم، لا تسافر بدون محرم.
ومع الأسف الشديد توسع الناس في ذلك، يجعل بنته، زوجته، أخته تسافر، ويومياً تسافر بدون محرم، تعمل في بلد آخر وتذهب وتأتي على اعتبار أنها مع جمع من النسوة.
نقول ما يكفي إلا مع ذي محرم منها، يعني من محارمها، ومحرمها زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد، هذا المحْرم، أما الجمع من النسوة هذا وإن قال به بعض أهل العلم، لكن ما يكفي إلا مع ذي محرم، يعني محرم منها.(1/20)
بعض الشراح قال: محرم منه، يعني محرم منه يعني امرأة من نسائه تكفي، التوسع في هذا الباب أورث مشاكل كثيرة، والتساهل والتسامح في مثل هذا يعرض الأعراض للانتهاك، والآن يبنى على مثل هذه المسائل مسائل أخرى، يسأل عنها لتكون شرعية ومبنية على أمور ممنوعة، شخص يسأل يقول: هل يجوز تأخير صلاة الفجر إلى الساعة السابعة؟ لماذا؟ يقول هو يسافر بمدرسات من بلد إلى بلد ولا يتمكن من الصلاة إلا إذا وصل البلد الثاني؟ يريد أن يبني مسائل شرعية على أمور غير مشروعة أصلاً، ما يمكن أن تنضبط الفتوى بهذه الطريقة، ابن نتائج شرعية على مقدمات شرعية، امرأة تسافر بدون محرم، يقول: لا أستطيع أن أقف في منتصف الطريق وأصلي، نقول له اترك هذه المهنة، طيب من يوصل هؤلاء المدرسات؟ يوصلونهن أولياء الأمور، أولياء أمورهن يوصلونهن، المسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، إذا كان يستطيع أن يوصلها امتثالاً لهذا الخبر((إلا مع ذي محرم)) وإلا تترك، ما هناك ضرورة ولله الحمد، أما أن ترتكب المحرمات لأمور لا ضرورة داعية إليها، ما وصل الأمر إلى حد الضرورة، ومع ذلك يبني عليه تأخير صلاة الصبح، طيب تصلي قبل ما تمشي، يقول: نطلع قبل صلاة الفجر بساعة، ولا نصل إلا بعد طلوع الشمس بساعة، يريد أن يؤخر صلاة الفجر لماذا؟ لأنه يوصل مدرسات بدون محرم، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النور].(1/21)
بعض الناس يتسامح يقول: سلم المرأة إلى المطار، سلمها حتى تركب الطائرة، وتُستَلم من المطار الثاني!!! كم حصل من عطل ومن خلل؟، كم حصل من مضايقة في الطائرات للنساء، كم حصل من مضايقة في القطار للنساء، يقول سلمها للقطار في محطة القطار، واستقبلها هناك، أو يستقبلها محرم آخر هناك، نقول: يا أخي اتق الله في محارمك، التسامح والتساهل إلى هذا الحد يورث مشاكل، طيب تعطل القطار، تعطل القطار في آخر السفر، قبل سنتين أو ثلاث في منتصف الطريق في الظلام وبين أشجار والقطار فيه أكثر من خمسمائة امرأة ولا فيه إلا يمكن خمسين رجل، هؤلاء النسوة بذمة من؟
أولياء الأمور، يتحمل أولياء الأمور، فمثل هذا التساهل يجر إلى كوارث، أيش المانع، يا أخي .... ألا تسافر البتة هو الحاجة أو الضرورة إلى هذا السفر.
الحج ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام إذا لم تجد المرأة محرم تُلزَم بالحج؟ ما تلزم بالحج بل من شروط وجوب الحج على المرأة وجود محرم، والله المستعان.
((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة)): كذا، نعم، هذا لفظه؟ ((ليس معها حرمة))؟
طالب: ((إلا ومعها ذو محرم)).............
ليس معها حرمة، وهو بمعنى واحد، المعنى ما يختلف، ويأتي من يقول، أو من يفسر النصوص على حسب فهمه أو العرف العامي عنده حرمه، ليس معها حرمة، إيش معنى حرمة؟ امرأة.
فالنصوص ما تفسر باصطلاحات العامة وأفهام العامة، وإنما تفسر بفهم السلف، لا بد من المحرم وهو الزوج أو من تحرم عليه على التأبيد ممن بلغ سن التكليف، ولم يتصف بالغفلة، والعلماء يختلفون في الأعمى، هل يكفي في المحرمية أو لا يكفي؟ والصواب أنه يكفي، عنده من الحساسية ما يجعله يحافظ على موليته.
وفي البخاري ((لا تسافر مسيرة)) أيش..
طالب..........
وفي لفظ للبخاري.
طالب: ((مسيرة يوم))..(1/22)
مسيرة يوم، فين مسيرة، وهذا ليس اللفظ للبخاري، هذا اللفظ لمسلم هذا لفظ مسلم وليس لفظ البخاري وإن وهم المؤلف -رحمه الله- تعالى. على كل حال هذا نهي صريح لا تسافر، والنهي يقتضي التحريم.
طالب......
كثير؟
طالب: نعم.
نجيب على واحد اثنين هاتها..
أسئلة:
يقول: ما وجه كون ما يلبس المحرم محصوراً، مع أنه إزار ورداء فقط، أما ما يمنع فهو أكثر؟
لكن ما لون هذا الإزار، وما لون ذلك الرداء، وما سمكه وما حجمه؟ يحتاج إلى توصيف، ولذا يكون الجواب بمحصور، فإذا ذكر ما يمنع فما عداه مباح، ولذا يقول أهل العلم في الجرح والتعديل: لا بد من بيان سبب الجرح، وأما التعديل فلا يشترط بيانه، لا يشترط بيان سبب التعديل، لماذا؟ لأنه لا يمكن حصره، أما الجرح فيحصل بشيء واحد يمكن حصره، إذا قيل فلان ثقة، هل يلزم بيان كونه ثقة لأنه يصلي ويصوم ويحج ويبر والديه ولا يتعامل بالربا، ولا .. ما يحتاج، لكن سبب الجرح لأنه يحصل بشيء واحد لا بد منه عند جمهور أهل العلم.
فلان ليس بثقة لماذا؟ لأنه يغش في المعاملة، لماذا؟ لأنه عاق، أو لأنه يشرب، أو ما أشبه ذلك.
يقول هل تعتبر جدة ميقات ومحاذية؟
لا ليست بميقات وليست بمحاذية للميقات إلا بالنسبة لمن جاء من سواكن من السودان، جدة محاذية للميقات، وما حكم من يأتي من الخارج وهو لا يحاذي الميقات؟؟ فهل عليه شيء؟
إذا أحرم من جدة نعم، هو يحاذي الميقات، إذا جاء من المغرب أو من مصر يحاذي الميقات قبل جدة.
ما صحة أثر ابن عباس: "لا يدخل أحد مكة إلا محرماً"؟
في كلام طويل لأهل العلم، لكن يمكن حمله لو صح على أنه لا يدخل أحد مكة ممن يريد الحج والعمرة إلا محرم؛ ليتفق مع الحديث.
هل يقال في التلبية: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً؟
لا، هذه ليست من التلبية.
من تعدى الميقات فهل يرجع إلى ميقاته أو إلى أقرب ميقات؟(1/23)
يأتي لذلك ما ذكرناه عن مالك وعن الجمهور، من تعدى الميقات عند الجمهور لا بد أن يرجع إلى نفس الميقات، وعند مالك يكفيه أن يرجع إلى أقرب المواقيت.
هل يجوز تكرار العمرة في سفرة واحدة ويوم واحد وهل هناك ضابط لتكرار العمرة؟
مسألة التكرار مسألة يختلف فيها أهل العلم لكن كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أذن لعائشة أن تعتمر وقد اعتمرت مع حجها؛ فهي حجت قارنة، ومع ذلك أذن لها أن تعتمر وأمر عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم، لكن لا يكون ديدنه ذلك يعتمر ويحل ويعتمر لا، لكن لو قدر أنه ممن يتأخر مجيئه إلى مكة أزمان ثم استغل هذا الوقت في أكثر من عمرة لا بأس إن شاء الله تعالى.
يقول: إذا كان الإزار مخيطاً من عند الخاصرة؟
هو مخيط إذا كان مخيط على النصف الأسفل من البدن هو مخيط، لا يجوز لبسه؛ لأنه إذا خطت الإزار بإمكانك أن تخيط الرداء، وبدل ما تلبس رداء يشغلك ويتعبك، تلبس فنيلة وتكفي يكفي إيش المانع؟ إذا خطت الإزار وأيش المانع أن تخيط الرداء، الحكم واحد.
يقول: أردت الحج العام الماضي ولكن أمي رفضت ذلك بحجة الخوف عليَّ فأطعتها فما حكم ذلك؟
نحن قلنا الحج على الفور والقول المعتمد عند أهل العلم، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، إذا كنت قادراً على الحج.
وأنا أريد أن أحج هذا العام ولكن والدتي تصر على الحج معي، ولكني لا أستطيع الحج بها؟ لسببين: قدراتي المادية..؟
على كل حال لا يلزمك أن تحج بها، حج بنفسك ولا يلزمك أن تحج بها، لكن إن حججت بها فهو من البر، ومن أعظم و جوه البر.
هنا يقول: ما حكم من اشتغل بهذه التجارة وهي القيام بحجه بالخادمات مع أنه يحصل من المحرمات ما الله به عليم، وما توجيهكم لمن لديه خادمة وشُرِط عليه الحج بها؟
أما من يشتغل بالأمور المحرمة فهذا معرض نفسه للعقوبة ولتجارته وكسبه بالمحق وعدم الإفادة منه، بل هذا المال وهذا الكسب يكون وبالاً عليه يوم القيامة، والخادمة كغيرها تحتاج إلى محرم.(1/24)
أما عند الشافعي إن كان مذهبها شافعي وترى ذلك أنها يجوز لها أن تحج مع رفقة مأمونة من النساء هذا كل عليه أن يعمل بما يدين الله به، من أفتاه إذا أفتاه من تبرأ الذمة بفتياه وقال هذا القول له وجه وأفتاه بذلك، إذا كانت الذمة تبرأ بهذا المفتي لا بأس، أما أن يجتهد بنفسه وهو ليس بأهل للاجتهاد لا يجوز له ذلك، فالأصل ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله وليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)).
يقول: مع العلم أنه يحصل من المحرمات ما الله به عليم؟
لا بد أن يحصل، مع التجاوزات الشرعية لا بد أن يحصل، والسيئات بعضها عقوبة لسيئة أخرى، ففي الخبر: "السيئة تقول أختي أختي" كما أن الإنسان إذا عمل حسنة خالصة لوجه الله -عز وجل- فإنها تقول أختي أيضاً فيوفق لعمل حسنة أخرى، وهكذا.
يقول: ما هو توجيهك لمن لديه خادمة ويشترط عليه الحج بها؟
هذا شرط ليس في كتاب الله، نقول: لا بأس إذا اشترط عليه أن يحج بها أن يدفع لها نفقات الحج وفاءً بهذا الشرط، لكن لا يخالِف، لا بد أن تحضر محرم يحج بها.
يقول: هل يأثم سائق السيارة التي تحمل المدرسات اللاتي يسافرن إلى خارج الرياض؟
على كل حال إذا كان سفر خارج البلد لا بد فيه من المحرم ومعنى لا يحل يعني يحرم، ولا تسافر نهي، والنهي يتقضي التحريم، فإذا حرم عليها حرم على من يعينها على ذلك.
يقول: سافرت إلى مصر، ومن ثم نويت العمرة وعدت إلى المملكة عن طريق المدينة، ثم ذهبت إلى جدة براً، ثم ذهبت إلى السيل الكبير وأحرمت وأديت العمرة فهل علي شيء؟(1/25)
الأصل أن تحرم من ميقات؟ أيش؟ هو نوى العمرة من مصر؟ من ميقات بلده، وينتقل من بلد إلى آخر بإحرامه، لكن لو تجاوز ميقات بلده، وتجاوز ميقات المدينة، وتجاوز ميقات... المواقيت التي يمر بها وذهب على كما قال إلى السيل الكبير، وأحرم إلى العمرة على رأي مالك لا يلزمه شيء؛ لأنه ميقات شرعي معتبر ومر به، ميقات شرعي ومر به، وعلى كل حال مذهب الجمهور يلزمه دم، على مذهب الأكثر يلزمه دم.
يقول: هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام؟(1/26)
هل فيه معارضة ولو من وجه بين الحج والصوم، لكي نقدم أحدهما على الآخر، هذا له وقت وهذا له وقت، لكن قد يقول قائل: إذا كان الحج أهم وعلي كفارة بسبب صيام، يقول: هو لا يستطيع الصيام فيعدل حينئذ إلى الكفارة ويملك ما قيمته إطعام ثلاثين مسكين، والحج يكلفه هذه القيمة، هل يصرف هذا المبلغ في الحج أو في كفارة الصيام؟ المسألة افتراضية، يعني ما يظهر وجه تعارض بين الحج والصوم إلا في هذه الصورة يمكن؟ يظهر وجه فيه تعارض بين الحج إلا في هذه الصورة؟ لأنه يقول هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام، نفترض أن شخص يملك ثلاثمائة ريال ها الثلاثمائة تمكنه من الإطعام ثلاثين مسكين أفطرها في رمضان وهو لا يستطيع الصيام، وتمكنه من أن يؤدي فريضة الحج، هل يقدم الحج أو يقدم كفارة الصيام لأنها بدل والبدل له حكم المبدل؟ غير مالك في مال الحج، هو عنده ثلاثمائة ريال حج بها، يمكن يحج بها، هذا الكلام، هذا الكلام على هذا السؤال، أنا أقول، هو يقول: هل يترتب على تقديم الحج على الصوم أمور وأحكام؟ يعني هل هناك وجه تعارض بين الحج والصيام لنحتاج إلى تقديم أحدهما على الآخر؟ في مثل هذه الصورة يتصور، فإذا قلنا أن الحج مقدم على الصيام نقدم الحج على الإطعام الذي هو بدل عن الصيام؛ لأن البدل له حكم المبدل، والذي يقول: لا، الصيام هو الركن الرابع والحج هو الخامس وعليه الأكثر يكفر عن ما أفطره في رمضان ثم إن وجد سعة يحج وإلا فهو معذور.
الوقت -وقت التكفير تقصد- التكفير موسع، يعني إلى إيش، والحج على الفور، له وجه وإلا ما له وجه؟
أنا أقول مثل هذا الاختلاف على بعده متصور، هذا مجرد تصوير وافتراض، متصور على بعده.
إنسان يحرم من بيته ويقول لا شيء في ذلك؟ يقول لكن الأفضل الإحرام من الميقات وهذا البيت في الرياض؟(1/27)
شخص أحرم قبل الميقات المكاني، وجاء عن علي -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ} [(196) سورة البقرة] قال: إتمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك، لكن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أحرم من الميقات.
لا شك أن الإحرام قبل الميقات زيادة على ما شرعه الله -عز وجل- فالمشروع أن تحرم من الميقات المحدد، فكما أنه لا يجوز لك أن تحرم بالحج قبل ميقاته الزماني فكذلك......
البقية في الجزء الثاني باب الفدية - باب حرمة مكة - باب ما يجوز قتله.(1/28)
بسم الله الرحمن الرحيم
عمدة الأحكام – كتاب الحج (2)
باب الفدية - باب حرمة مكة - باب ما يجوز قتله
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
المشروع أن تحرم من الميقات المحدد، فكما أنه لا يجوز لك أن تحرم بالحج قبل ميقاته الزماني، فكذلك لا يجوز لك أن تحرم به قبل ميقاته المكاني، وجمهور أهل العلم على الكراهة، يكره أن يحرم قبل الميقات، لعله يريد أن يقول: هو يحرم من بيته، يعني يلبس الإحرام ويتجهز بحيث إذا ركب الطائرة ما يحتاج إلى أن يتجهز لصعوبة التجهز في الطائرة، إذا كان المراد التجهز هذا ليس بإحرام، الإحرام نية الدخول في النسك، لا ينوي الدخول في النسك من بيته؛ فيكون قد زاد على ما شرعه الله وما فعله نبيه -عليه الصلاة والسلام- والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقي من الأمس أسئلة كثيرة جداً لا يمكن استيعابها، وكثير من الأسئلة له أهمية، منها ما يتعلق بالحج، ومنها ما لا علاقة له به، لكن الحاجة ماسة إلى الجواب عنه، لكن يشكل على ذلك الوقت، الوقت قصير جداً بالنسبة لمجموعة الأحاديث المقررة، المقرر شرحها في هذه الليالي، فما أدري كيف نسدد ونقارب، ما أدري هل تكون الإجابة في أول الوقت حتى يكتمل عدد الأخوة أو تكون الإجابة بين الأذان والإقامة؛ ليستفيد منها من يتقدم إلى الصلاة لا سيما أن بعض المسائل الناس بحاجة إليها والله المستعان، أيهما أفضل؟
طالب: بين الأذان والإقامة
بين الأذان والإقامة، نعم.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الفدية:(1/1)
عن عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية فقال: نزلت في خاصة وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي فقال: ((ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أو ما كنت أرى الجهد بلغ منك ما أرى، أتجد شاه؟)) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاع))، وفي رواية: أمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرَقاً بين ستة مساكين، أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الفدية:
الفدية: ما يلزم من تلبس بالنسك من حج أو عمرة إذا فعل محذوراً ممنوعاً، وهي أعم من الدم؛ بحيث تشمل الدم والإطعام والصيام.
حديث عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية: يعني عن آية الفدية {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[(196) سورة البقرة]، فقال نزلت فيَّ خاصة: نزلت فيَّ، يعني في قصتي التي سأذكرها، نزلت في قصتي خاصة، يعني هو سبب النزول، قصته هي سبب نزول آية الفدية، وهي لكم عامة، هذا فهم السلف أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، {فَمَن كَانَ مِنكُم} لفظ عام ولم يقصر على سببه وهو كعب بن عجرة؛ لأنه قد يرد اللفظ ويراد به الخصوص، لكن هنا هو باق على عمومه وإن كان السبب خاصاً.
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
هذه القاعدة -العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- نقل جمع من أهل العلم الاتفاق عليها، شذ بعض من يرى أن العبرة بخصوص السبب حتى يرد ما يدل على العموم، لكنه قول شاذ لا يعول عليه.(1/2)
قولهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هي قاعدة، هل هي باقية على عمومها أو لا بد من التقييد فيها؟ يعني كل ما رأينا من نص عام نحمله على عمومه أو خرج عن هذه القاعدة بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب، وألغي العموم؟ ومتى يكون ذلك؟ نعم، وجد بعض المسائل التي لوحظ فيها السبب وألغي العموم، ذلكم فيما إذا كان العموم مخالفاً بخصوص أقوى منه يوضح ذلك المثال -هذه القاعدة لأهميتها نستطرد بذكرها وإلا لا علاقة لها بما نحن فيه- في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) في حديث عمران بن حصين.
في الحديث الآخر: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) ((صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) ظاهرة عمومه يتناول الفريضة والنافلة، لكل مستطيع، كل من يستطيع القيام لا يجوز له أن يصلي قاعداً، إذاً علامَ يحمل حديث: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم))؟ على المتنفل، كيف حملناه على المتنفل؟ لماذا المتنفل؟(1/3)
من هذا الحديث، يجوز له من هذا الحديث، إذن يلزم على ذلك الدور، نحن نسأل عن هذا، لماذا حملناه على المتنفل؟ لأن المتنفل يجوز أخذاً من هذا الحديث ما سوينا شيء، ظاهر؟ أن تقول نحمله على المتنفل، نقول: نعم يحمل على المتنفل، لماذا حملنا هذا الحديث على المتنفل؟ هل في الحديث ما يدل على المتنفل، أو ظاهره يتناول الفرض والنفل؟ لكنه معارض بعموم حديث عمران بن حصين، ما الذي جعلنا نحمله على المتنفل؟ سبب الورود، سبب ورود الحديث، كون الحديث عمومه معارض بما هو أ قوى منه، جعلنا نرجع إلى السبب ونقصر الحديث على سببه، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة -يعني فيها حمى- فوجدهم يصلون من قعود، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فسبب الورود يدل على أن الصلاة نافلة؛ لأنه ما يمكن أن يصلوا حتى يحضر -عليه الصلاة والسلام- لا يمكن أن يصلوا الفريضة إلا خلفه.
والقيد الثاني: ما يدل عليه سبب الورود أنه في المستطيع -من يستطيع القيام- بدليل أنهم تجشموا القيام فقاموا، أما الذي لا يستطيع القيام أجره كامل، سواءً كان في النافلة أو في الفريضة.
إذن القاعدة التي يطلقها أهل العلم ليست على إطلاقها، وإن نقل الاتفاق عليها، وهذه القاعدة في غاية الأهمية؛ يحتاج إليها كل طالب علم، قل من يتنبه لها، يأخذون القواعد على إطلاقها مثل هذه القاعدة، لا مشاحة في الاصطلاح، يخالفون النصوص بالمصطلحات ويقولون: لا مشاحة في الاصطلاح، نقول: لا، هناك قواعد تطلق على ألسنة أهل العلم وهي بحاجة إلى تقييد، وهذه منها.
شرح الحديث:
يقول: نزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي رواية: رآني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي، ويمكن الجمع والتوفيق بينهما أنه رآه بعد أن حمل إليه، أو أنه رآه قبل ذلك فطلبه فحمل إليه.(1/4)
حملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والقمل يتناثر على وجهي: القمل معروف، فقال -عليه الصلاة والسلام-: ((ما كنت أَرى)) أو ((أُرى)) ما كنت أظن أو أعلم، أُرى يعني أظن، وضبطت باللفظين، أُرى: أظن، وأرى: أعلم ((ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى)) أو ((ما كنت أرى الجَهد)) ويضبط أيضاً بـ ((الجُهد)) الجَهد المشقة، والجُهد الطاقة بالسعة.
((بلغ منك ما أرى، أتجد شاة؟)) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)) وفي رواية فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين"
فرق: إناء يسع ثلاثة آصع، لكل مسكين نصف صاع -كما في الرواية السابقة- أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام.
متى تلزم الفدية:
التكفير الفدية، هذه تسمى فدية الأذى، فتحفظ؛ لأنه يحيل عليها أهل العلم كثيراً، من ارتكب كذا فعليه فدية أذى، هذا التكفير وهذه الفدية قبل الوقوع في المحذور أو بعده؟ أو يجوز الأمران؟
الآن ((أتجد شاة))، لكن هل في هذا أنه حلق قبل أو بعد؟ نعم؟ الآن الكفارات عموماً هل يجوز أ داؤها قبل فعل موجبها؟ نعم؟
هناك قواعد تضبط النصوص، ثم تأتي الذي هو خير، ويجوز أيضاً أن تأتي الذي هو خير ثم تكفر، وجاء النص بهذا وهذا، ((إلا كفرت عن يمني ثم أتيت الذي هو خير)) وجاء العكس.
هناك قاعدة تضبط إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب لم يجز فعلها قبل السبب، اتفاقاً ويجوز فعلها بعد الوقت اتفاقاً، والخلاف بينهما، لكن الدليل دل على أنه يجوز أن تفعلها بعد سبب الوجوب ووقت الوجوب، سبب الوجوب هنا الإحرام، هل يجوز أن تكفر كفارات محظورات الإحرام قبل أن تتلبس بالإحرام الذي هو سبب وجوب هذه، لا يجوز، لكن يجوز اتفاقاً أن تكفر بعد ارتكاب المحظور، والخلاف فيما بينهما والدليل دل على الجواز.(1/5)
نأتي إلى مسألة أخرى، يجرنا إليها هذا الكلام، ودم المتعة والقران سببه الإحرام، الإحرام بهما بالحج والعمرة، ووقته وقت الوجوب؟
طالب: ..........
لا تحل له الوقت على أساس.....، نعم.
السؤال من فروع هذه القاعدة ذكرت في قواعد ابن رجب وغيره، إذا كان للعبادة سبب وجوب ووقت وجوب جاز، على ما فصلنا سابقاً.
دم المتعة والقران سبب الوجوب الإحرام بالحج والعمرة، إما معاً في حال القران، أو بالعمرة ثم الحج، ووقت الوجوب لزوم الدم، متى يلزم؟ نعم؟
طالب: ........
أهل العلم يقولون وقته وقت الأضحية، لكن بين السبب والوقت يجوز فعله؟، يجوز ذبح دم المتعة والقران قبل يوم النحر بعد انعقاد السبب الذي هو الإحرام؟ هاه
على كل حال هو قول للشافعية ورواية عند الحنابلة، لكن الجمهور على خلافه -على أنه لا يجوز إلا في يوم النحر- نعم،
طالب: .........
على كل حال هو مندرج في القاعدة له سبب وله وقت، وأدرجه ابن رجب في القاعدة، لكنه فيه الخلاف المعروف، ولذا لا يجوز لأحد أن يذبح دم المتعة والقران قبل يوم النحر، وألف في ذلك رسائل منها (القول اليسِر في جواز ذبح الهدي قبل يوم النحر) ورد على هذه الرسالة، رسائل معروفة عند أهل العلم هنا في البلد، (إيضاح ما توهمه صاحب اليسر في يسره) للشيخ ابن حميد -رحمه الله-.
المقصود أن هذه من فروع القاعدة والجمهور على المنع، أما بالنسبة لكفارة اليمين جاء النص بها، وهنا يجوز أن يكفر قبل أن يتلبس بالمحظور ويجوز أن يكفر بعده.
((أتجد شاة؟)) فقلت: لا، قال: ((فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)): هذا الحديث يدل على إيش؟ على الترتيب، نعم على أن فدية الأذى على إيش؟ النص هنا الرواية هذه تدل على الترتيب، فيقدم الدم، ((أتجد شاة؟)) فقلت: لا، لم يوجهه إلى الخصال الأخرى إلا بعد أن عرف أنه لا يجد الشاة.(1/6)
الرواية التي تليها فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام، يدل على إيش؟ التخيير، الرواية الثانية تدل على التخيير، والآية تدل على {مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} أيضاً تخيير، فالرواية الأولى معارضة للرواية الثانية، كما أنها معارضة للآية، والرواية في الصحيحين ليس لأحد كلام، لكن كيف توجه هذه الرواية؟
طالب..........
نعم قيل في ذلك، قيل أنه وجهه أولاً إلى الأفضل، وجهه إلى الأفضل لا على سبيل التعيين، لا على سبيل اللزوم، إنما وجهه إلى الأفضل فلما عرف -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يجد الأفضل نقله إلى المفضول.
الرواية الثانية ((أن يطعم فرقاً بين ستة مساكين، أو يهدي أو يصوم)) وهي الموافقة لنص القرآن.
القصة واحدة أو أكثر، أكثر من قصة أو قصة واحدة؟ يعني أكثر من مرة رآه والقمل يتناثر على وجهه، نعم أو مرة واحدة؟
طالب: مرة واحدة.
القصة واحدة، ومخرجها واحد، فما جاء مما يدل على الترتيب أو التخيير كله من تصرف الرواة، لأن القصة مخرجها واحد وهي واحدة.
((أتجد شاة)): المقصود بالشاة ما يجزئ في الأضحية، كما قرر ذلك أهل العلم، وهل يجزئ ما فوق الشاة، لو ذبح بقرة أو بدنة، يجزئ وإلا ما يجزئ؟
طالب: من باب أولى.
المنصوص عليه شاة، نعم الأكثر على أنه يجزئ، ومقتضى قول من يقول بعدم إجزاء إخراج الإبل في زكاة الخمس من الإبل، من عنده خمس من الإبل زكاتها شاة، لو أخرج بعير يجزئ وإلا ما يجزئ؟
نعم يجزئ عند الأكثر، لكن الإمام مالك يقول: لا يجزئ، مقتضى قوله هناك يورد هنا.
على كل حال هو من باب أولى، وإذا قلنا بذلك فالقدر الزائد على الواجب ماذا يسمى؟ نعم؟
لو قلنا البعير، البعير عن سبع، البقرة عن سبع من الشياة لو أخذ بدنة كاملة، القدر الواجب عليه..
طالب: السبع.
السبع، والباقي نافلة، من يذكرنا بالقاعدة التي تضبط لنا هذا؟(1/7)
عندهم قاعدة: القدر الزائد على الواجب إن كانت الزيادة متميزة لها حكم، وإن كانت غير متميزة لها حكم، فالقواعد الظاهر أنه ما لها؟
طالب: ,,,,,,
نعم، كيف؟
طالب......
قاعدة كبرى عند أهل العلم ولها فروع كثيرة يترتب عليها فوائد كثيرة، لكن لو فصلنا كل شيء الظاهر ما ننتهي، على كل حال ننتقل إلى الخصلة الثانية.
قال: ((فصم ثلاثة أيام)): متتابعة وإلا متفرقة؟
طالب: .........
نعم يعني مثل كفارة اليمين ما في ما يدل إلا قراءة ابن مسعود؟ نعم؟
طالب: .....
مطلق، ما قيد بالتتابع ولا بالتفريق، وجاء الصيام في بعض الكفارات مقيد بالتتابع وفي بعضها مقيد بالتفريق، فبأيهما يلحق ما معنا؟ {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [(92) سورة النساء].
{فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [(196) سورة البقرة] مقيدة بالتفريق، وهناك مقيدة بالتتابع، فهل نلحق ما معنا بما قيد بالتتابع أو ما قيد بالتفريق؟ أو يبقى على إطلاقه، يبقى الإنسان مختار؛ لأن عندنا قاعدة حمل المطلق على المقيد إذا جاء نص مقيد وآخر مطلق.
((فصم ثلاثة أيام)) هل يصومها أثناء الحج أو إذا انتهى الحج؟ نعم؟
طالب........
ما تفكر هذا مسكوت عنه، فيبقى على إطلاقه.
((أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع)): سواءً كان من بر أو من تمر أو من غيرهما، بعض أهل العلم يرى التفريق بين البر وغيره، تكون الكفارة نصف صاع من تمر أو مد من بر، قياساًِ على قول معاوية في زكاة الفطر، عدلوا البر الصاع منه بصاعين من غيره.
سم.
حرمة مكة:(1/8)
باب حرمة مكة: عن أبي شريح -خويلد بن عمرو- الخزاعي العدوي -رضي الله عنه-: أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص - وهو يبعث البعوث إلى مكة -: "ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح، فسمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيناي، حين تكلم به: أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إن مكة حرمها الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله أذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أذن لرسوله ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، فليبلغ الشاهد الغائب)). فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصيا، ولا فاراً بدم ولا فاراً بخرَبة.
الخَرَبة: بالخاء المعجمة والراء المهملة قيل: الخيانة، وقيل البلية، وقيل التهمة، وأصلها في سرقة الإبل، قال الشاعر: والخارب اللص يحب الخاربا.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا))، وقال يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق الله السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحلَّ لي إلا ساعة من نهار، وهي ساعتي هذه، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرَّفها، ولا يُختلى خلاه)). فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر، فإنه لقينهم وبيوتهم، فقال: ((إلا الإذخر)). "القين" الحدَّاد.(1/9)
يقول -رحمه الله- تعالى: باب حرمة مكة: وذكر حديث أبي شريح، وحديث ابن عباس، وفيهما أن الله -عز وجل- هو الذي حرم مكة ولم يحرمها الناس.
أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي -رضي الله عنه- قال لعمرو بن سعيد بن العاص، المعروف بالأشدق، وهو يبعث البعوث إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير من قبل يزيد بن معاوية.
"ائذن لي أيها الأمير": أبو شريح يخاطب هذا الأمير عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق، ويبين له الحق -بحضور غيرهما- ما الدليل على أن عندهم من حضر غيرهما؟ أنه نُقل الخبر، لكن بأدب وعلى هذا لا مانع، بل قد يتعين الإنكار على المخالف مهما كانت منزلته ومرتبته لكن بالأسلوب المناسب الذي يحقق المصلحة ولا تترتب عليه مفسدة، ولذا قال: ائذن لي، استأذن أولاً، أيها الأمير، وجاء باللقب المحدد عنده أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهذا مقتضى حديث البيعة، حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، هذا أمر لا بد منه، نفس على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، لكن هل يمنع هذا من قول الحق؟، لا يمنع من قول الحق على أن نقول أو نقوم بالحق لا نخاف في الله لومة لائم، فعجز الحديث لا يخالف أوله، هذا لا يخالف السمع والطاعة، بل هو محض النصيحة، عين النصيحة لولي الأمر.
ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الغد من يوم الفتح يعني من الغد.
فسمعته أذناي: يوضح أنه متأكد من سماعه من نبي الله -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وأنه حفظه وضبطه كما سمعه، سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي، كل هذه مؤكدات.
حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه هذا فيه مشروعية البداءة بالحمد والثناء على الله -عز وجل- في الخطب.(1/10)
ثم قال: ((إن مكة حرمها الله يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمها الناس)): وأما ما جاء من أن إبراهيم -عليه السلام- هو الذي حرم مكة إنما هو بلغ تحريم الله -عز وجل- مكة إلى الناس، فهو مبلغ عن الله، ولذا قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ولم يحرمها الناس)).
((فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دم)): مكة حرمها الله -عز وجل- ومقتضى هذا التحريم أن تعظم، وإنما حرمت مكة من أجل البيت، أول بيت وضع للناس، الذي أمرنا بتطهيره: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ}[(125) سورة البقرة] إلى آخره والتطهير المقصود به: من النجاسات الحسية والمعنوية.
{طَهِّرَا بَيْتِيَ} لا بد من تطهير البيت، هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، لا بد من تطهير البيت من النجاسات كلها الحسية والمعنوية، فالتطهير من النجاسات الحسية أمره سهل وهو قائم ولله الحمد على وجه يقرب من الكمال، لكن على القائمين عليه أن يطهروه من النجاسات المعنوية، من الإلحاد فيه من الشرك والبدع، المعاصي، التبرج السفور مخالفات؛ فإذا كانت إرادة الإلحاد في الحرم رتب عليه الوعيد الشديد {نُذِقْهُ}، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ}[(25) سورة الحج] ولا يتصور أن الإلحاد هو الكفر، الإلحاد: الميل، والآية تدل على أنه ولو كان يسيراً؛ لأنه نكرة في سياق الشرط، فيعم جميع وجوه الإلحاد صغيرها وكبيرها، وهذا مجرد إرادة فكيف بالفعل؟(1/11)
وهذه الآية جاءت متعقبة للآية التي تدل على أن الناس سواء في البيت يستوي فيه العاكف والباد، الأعرابي الذي يرد إلى هذا المسجد ويصلي فيه فرض ويرجع، والمقيم فيه، كلاهما سواء {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[(25) سورة الحج] أدنى إلحاد، فالناس يستوون في هذا المكان، ولهذا ينبغي تنبيه من يضايق الناس في هذا المكان، كم حصل من مشاكل لا سيما في المواسم بسبب حجز الأماكن، يضع شيء يحجز المكان فإذا جاء حصل الشقاق والنزاع والخلاف، هذا إلحاد؛ لأنه مخالف لما قرر في الآية السابقة، بعض الناس يستأجر من يحجز له مكان، والغالب أن هؤلاء الأجراء ليسوا على مستوى أيضاً من حسن التعامل مع الناس، كم سمعنا من أصوات ترتفع في هذا المكان الطيب الطاهر الذي أمرنا بتطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود والعاكفين، محل عبادة هذا، ينبغي أن يهيئ فيه الجو للعبادة، والله المستعان.
فمقتضى تحريم مكة تعظيمها؛ أن يعظم شعائر الله، لا شك أن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب كما قال الله –عزَّ وجلَّ-. وإذا كان تعظيم مكة وتحريمها من أجل البيت، فتعظيم البيت أولى مما عظم وحرم من أجله. ((إن مكة حرمه الله يوم خلق السماوات و الأرض ولم يحرمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً)): يقتل، القتل إذا كان عن عمد لمؤمن موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب وجاء الوعيد الشديد {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ}[(93) سورة النساء] {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ}[(68) سورة الفرقان]، المقصود أن القتل شأنه عظيم.
(((1/12)
أن يسفك بها دماً)) :وهل يتناول القتل بحق من إقامة حد أو قصاص؟ العلماء يختلفون في ذلك، من زنى وهو محصن يرجم في مكة؟ من قتل يقتل في مكة؟ العلماء بينهم خلاف في هذه المسألة فمنهم من يقول: يقتل؛ لأن مكة يتناولها عموم النصوص التي جاءت في تنفيذ الحدود والقصاص، ومكة كغيرها، ومنهم من يقول: لا يقتل؛ لعموم قوله: ((أن يسفك بها دماً)) يعني سواءً كان بحق أو بغير حق، وهل معنى هذا أن الناس يتركون يتقاتلون في هذا المكان الطيب الطاهر ولا يردعون؟ نقول: لا، هناك حل يضيق على القاتل حتى يخرج، فإن لم يخرج أخرج منه وقتل خارجه.
((ولا يعضد بها شجرة)): أي ألا يقطع شجرة، وهل يشمل الشجر ما أنبته الله -عز وجل- وأنتبه الآدمي؟ أما ما أنتبه الله -عز وجل- فهو داخل دخولاً لا إشكال فيه، وأما ما أنبته الآدمي فمحل خلاف بين أهل العلم.
((فإن أحد ترخص بقتال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقولوا: إن الله قد ائذن لرسوله، ولم يأذن لكم، وإنما أُذن لي أو أذن لي ساعة من نهار)) يعني مقدار من الزمان وليس المراد به الساعة الفلكية المقدرة بستين دقيقة، لا، المراد بها المقدار من الزمان من غير تحديد.
((وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس)): رجعت، يعني مدة استثنيت من التحريم العام المطلق للنبي -عليه الصلاة والسلام-.
((فليبلغ الشاهد الغائب)): اللام لام الأمر، والتبليغ واجب وهو واجب كفائي، يعني على الكفاية، إذا حصل بمن يكفي صار في حكم الباقين سنة.
فقيل لأبي شريح: ما قال لك عمرو؟ يعني هل امتثل؟ قال: قال: أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح، إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ولا فاراً بدم، يرى أنه محق في قتال ابن الزبير، وأن ابن الزبير خارج وباغي فقتاله حق، والحرم لا يعيذه.
"إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم، ولا فاراً بخرَبة، أو خرِبة: وهي الخيانة أو البلية".(1/13)
هذا الكلام من أبي شريح في مقابلة النص المرفوع، هل نقول: إن هذا الرجل -الأمير عمرو بن سعيد- عاند وخالف النص مخالفة صريحة؟ أو نقول: هو متأول؟
هو خالف النص بلا شك؛ جمهور أهل العلم على أن ابن الزبير عنده بيعة شرعية، ولذا سُلط على عمرو بن سعيد من هؤلاء الذين بعثوه من يقتله صبراً، عوقب، لكن لو قدر أن شخص من البغاة اعتصم بمكة، يترك؟ أو نقول له مثل ما قال: إن الحرم لا يعيذ عاصياً، ويضيق عليه حتى يخرج أو يقتل في مكانه؟ يرد فيه الخلاف السابق.
الحديث الثاني:
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-ما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة: ((لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)) الهجرة هي الانتقال من بلد الشرك والكفر إلى بلد الإسلام.
((لا هجرة بعد الفتح)): مفهومه أن الهجرة نسخت بفتح مكة، لكن النصوص تدل على أن الهجرة باقية إلى قيام الساعة، الهجرة باقية وجوبها باق إلى قيام الساعة، وحديث الباب ((لا هجرة بعد الفتح)) إما أن يقال: لا هجرة من مكة بعد الفتح لأنه صار بلد إسلام، أو يقال: ((لا هجرة بعد الفتح)) فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح.
(ولكن جهاد ونية)): جهاد ونية الباقي الجهاد، إذا كان الجهاد قائم فالمشاركة متعينة على تفصيل عند أهل العلم في كتب الفروع، متى يتعين أو لا يتعين متى يكون فرض كفاية، المقصود أنه لا بد من المشاركة إذا كان قائماً بما يحقق المطلوب أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فإن كان الجهاد قائماً بالفعل لا بد من المشاركة ممن يتأدى به الغرض أو نية الجهاد إذا لم يكن قائماً، فلا بد من تحديث النفس بالجهاد.
والنية شأنها عظيم، العبادات مرتبط صحتها بالنية الصالحة الخالصة، فالنية شرط لكل عبادة.
((وإذا استنفرتم فانفروا)): وهذه صورة من الصور التي يتعين فيها الجهاد، إذا استنفر الإمام شخصاً أو طائفة تعين عليه الاستنفار، كما أنه يتعين عليه إذا دهمه العدو في بلده أو حضر الصف.
(((1/14)
وإذا استنفرتم فانفروا)): يعني طلب منكم النفير؛ لقتال العدو فانفروا.
وقال يوم فتح مكة: ((إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة)) كما تقدم ((وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، وهي ساعتي هذه، فهو حرام)) ومعناه مثل ما تقدم.
((بحرمة الله إلى يوم القيامة))، لا يعضد شوكه – لا يقطع الشوك- ولا ينفر صيده، ولا ينفر الصيد، ومن باب أولى لا يقتل، لا يتعرض له بأذى؛ ليشمله الأمن الذي هو من خصائص هذا البلد، لا ينفر صيده، وعلى هذا لو وجدت صيداً في الحرم فنفرته بقصد أو بغير قصد فأهل العلم يضربون مثال لمثل هذا إذا وقع طائر على ثوبك وأردت أن تأخذ هذا الثوب لتلبسه، فطار هذا الطائر فتعرض لأذى، يضمن وإلا ما يضمن؟ لا شك أنه متسبب، يعني نفترض أن شخص جاء حمامة وقعت على رأسه فطردها، أو على ثوبه وأراد أن يلبس الثوب طارت فضربت بالمروحة وماتت، يضمن وإلا ما يضمن؟ ((ولا ينفر صيده))؟ أو يقصر ذلك على المتعمد، يعني إذا كانت مباشرة القتل يشترط فيها العمد، فالتسبب فيه من باب أولى، هل يشترط العمد في قتل الصيد وإلا ما يشترط؟
طالب: .........
بدليل قوله {فَجَزَاء} [(95) سورة المائدة] إلى آخره فنص على العمد.
يذكرون فروع تحت قوله: ((ولا ينفر صيده))، أنه سواء كان بقصد أو بغير قصد، لكن إذا كانت مباشرة القتل يشترط فيها العمد فالتسبب من باب أولى.
((ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها)): هذا من خواص هذا المكان -البلد الطيب المبارك- لا تلتقط لقطته إلا من يعرفها، لا يملكها أبد الآباد لا بد أن يعرفها دائماً حتى يجدها صاحبها، أو يسلمها إلى جهة تحفظها وتقوم بتعريفها، أما اللقطة في غير مكة فحكمها معروف تعرف سنة ثم تملك وهي تختلف بحسب الملتقط.
((ولا يختلى خلاه)) الخلا الحشيش، ويختلى يعني يحتش.(1/15)
فقال العباس: يا رسول الله: العباس عم النبي -عليه الصلاة والسلام-: يا رسول الله، إلا الإذخر: هو نبت معروف يستعملونه، يستعمله أهل مكة في تسقيف البيوت يجعلونه بين الخشب والطين، يمسك الطين لا يقع من خلل الخشب ويستعملونه أيضاً في إيقاد النار، يستعملونه أيضاً... إلا الإذخر فإنه لقينهم، القين الحداد، يوقد به النار، وبيوتهم يجعلونه في السقوف، فقال: ((إلا الإذخر)) والقين: الحداد.
الاستثناء من النبي -عليه الصلاة والسلام- للإذخر هل كانت النية معقودة عليه قبل الكلام أو بعده؟ نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه)) هل كان في نيته أن يقول إلا الإذخر؟ أو لما قال له العباس إلا الإذخر، قال: ((إلا الإذخر))؟ عندما قال له العباس إلا الإذخر وعلل أيضاً ذكر مبرر لهذا الاستثناء فاستثنى النبي -عليه الصلاة والسلام-يرد عليه إشكال أو لا يرد إشكال؟ نعم.
طالب..........
كيف؟
طالب.........
إيه لكن لقائل أن يقول: أن لمن يحضر مجلس النبي -عليه الصلاة والسلام- أثر في التشريع، النبي ما كان في نيته أن يستثني ثم استثنى بطلب ممن حوله، نعم.
طالب..........
إيه لكن هذا دليل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن مستحضراً لهذا الإذخر، ولا ناوياً له، هذا الظاهر من النص، لكن يرد عليه أن لمن حضر أثر في الحكم، هذا وارد وإلا ما هو بوارد، أقول: من ظاهر النص يرد هذا، لكن كيف ندفع هذا الإيراد، كيف ندفع مثل هذا الإيراد؟ ونظيره إيش؟
طالب..........
كيف؟
طالب..........
شاورهم في الأحكام، يشاورهم في الأحكام في تقرير حكم شرعي؟!
فالمسألة دقيقة يا إخوان، وأدق منها المسألة الثانية المتعلقة بقول: ما شاء الله وشئت كلمة يمنعني الحياء، نعم, مشكلة وإلا ما هي بمشكلة مثل إيش؟
طالب: .........
تختلف، تختلف.
طالب: ألا يمكن أن يأتيه جبريل في هذه الفترة؟(1/16)
نعم، هم الشراح قالوا: إن الوحي نزل بتأييد الاستثناء، الوحي نزل بتأييد الاستثناء، أنه لما قال العباس: إلا الإذخر فإنه لقينهم وبيوتهم، نزل جبريل بالاستثناء فقال: إلا الإذخر، وعلى هذا لا يكون للحاضر دخل في الاستثناء، قد يكون الحاضر سبب في هذا الاستثناء.
المسألة الثانية المتعلقة بما شاء الله وشئت، ((كلمة يمنعني الحياء))، كان يمنعه الحياء -عليه الصلاة والسلام- وقصة اليهودية ((كلمة تقولونها، ما شاء الله وشاء محمد))، ثم قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بل ما شاء الله وحده)) فهل الحياء يمنع النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول الحق؟ كيف؟
طالب...........
ليس عنده وحي، إذاً كيف منعه؟ صار ما عنده وحي، ((بل قولوا ما شاء الله وحده)) نعم.
طالب: .... كان يعرف إيش.....
كيف؟
طالب........
النبي -عليه الصلاة والسلام- حياؤه لا نظير له، حياء شرعي لا نظير له فيه، لكن الكلام على الحياء الذي يمنع من التبليغ، المسألة من الدقائق تحتاج إلى شدة انتباه.
هل النبي -عليه الصلاة والسلام- يمنعه الحياء من التبليغ ولا سيما في مثل هذه المسائل التي هي شرك؟؟ كلمة يمنعني الحياء من إيش؟ نعم
إذن كيف ما منعه إلا الحياء؟
طالب..........
النبي -عليه الصلاة والسلام- يكره هذا القول لما فيه من المبالغة في احترامه -عليه الصلاة والسلام- المبالغة من احترامه -عليه الصلاة والسلام- لكن هو لا نص عنده فيه، ثم نزل من، هو يريد أن يمنعهم من المبالغة في هذا الاحترام الذي لم يرد نص بمنعه، ثم جاء المنع.(1/17)
نظيره شخص يرى أن تقبيل اليد جائز، لكن حياؤه يمنعه من منع هذه المبالغة، هذه مبالغة في الاحترام بلا شك وليس عنده ما يمنع، ليس عنده ما يمنع من هذا العمل، جيد، لكن النفوس السوية تمنع من المبالغة في الاحترام، نعم، تمنع من المبالغة في الاحترام، النفوس السوية الأبية تمنع من المبالغة في الاحترام، فكان يمنعه الحياء هذا الشخص الذي يرى أنه لا بأس بتقبيل اليد عنده يمنعه الحياء من أن ينكر على من يعمل هذا العمل؛ لأنه ما دفعه إلا احترامه، وهو يكره في الوقت نفسه هذا الاحترام الزائد، فيمنعه أن يبدي هذه الكراهة الحياء، يعني شخص يريد أن يحترمك فتمنعه يمنعك الحياء، لكنك في الوقت نفسه تكره المبالغة في الاحترام التي تصل إلى هذا الحد، لكن لو بلغك نص يدل على التحريم ما منعك حياء، حينئذ لا يمنعك حياء، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم.
طالب..........
ما أسمع، ما أسمع؟
طالب..........
هذه الأصل ما دام ليست ممنوعة، ما في نص يدل على منعها كيف تنكر؟ نعم، لكنها مبالغة في تقديره -عليه الصلاة والسلام- من قبل من يقوله، لأن أصل الشرك مبالغة، لكن هناك صور ممنوعة وصور لم يرد فيها شيء، نعم.
طالب........
نعم، ما أدري استطعت أعبر أدي المعلومة على..، واضحة وإلا؟ لأنها من الدقائق دقيقة جداً يستشكلها كثير من طلاب العلم، نعم.
طالب........
لا، لا المراد بها العهد، بعد الفتح يعني فتح مكة، لا هجرة من مكة بعد فتحها؛ لأنها صارت دار إسلام، أو لا هجرة بعد الفتح من أي بلد إلى النبي أو إلى غيره إلى بلاد المسلمين فضلها كفضل الهجرة قبل الفتح. نعم؟
طالب: إذا كان يا شيخ شرك ظاهر......؟.
كيف؟
طالب: إذا أصبح الشرك ظاهر.....؟.
الشرك.
طالب........
ترى الحديث لا، لا يهاجر منها، ولن يكون ذلك ما دامت، ولن يكون ذلك إن شاء الله تعالى؛ لأن البيت باقي ولا يهدم إلا في آخر الزمان، الله المستعان نعم.
طالب.......(1/18)
إيه على كل حال مسألة تقرير هذه المسألة أمرها سهل يعني؛ لأن فيها ثلاثة أحاديث صحيحة ما فيها إشكال، لكن يبقى أنها الحياء يمنع منها، تفضل.
باب ما يجوز قتله:
عن عائشة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ((خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)) ولمسلم ((يقتل خمس فواسق في الحل والحرم)).
باب دخول مكة والبيت.
يكفي، بارك الله فيك.
يقول -رحمه الله- تعالى: باب ما يجوز قتله: ما ذكر حرمة مكة وأن الأمن فيها تناول غير الإنسان المعصوم -معصوم الدم- بل تناول الحيوان والطير، ذكر -رحمه الله- تعالى ما يجوز قتله؛ لئلا يفهم من عموم ما تقدم أنه لا يقتل شيء على الإطلاق في ذلك المكان الطيب الطاهر، فقال: باب ما يجوز قتله، ثم ذكر حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((خمس من الدواب)).
الدواب جمع دابة، والأصل فيها ما يتناول جميع ما يدب على وجه الأرض: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}(6) سورة هود، بعضهم يستثني الطائر فليس من الدواب؛ لعطفه عليها، لكن معنى الدابة بالمعنى الأعم يشمل جميع ما يدب على وجه الأرض، ومعناها العرفي ذوات الأربع، حقيقتها العرفية في ذوات الأربع، لكن المراد منها في هذا الحديث ما هو أعم من ذلك.
((خمس من الدواب كلهن فاسق)): أصل الفسق الخروج، الخروج عن الطاعة، كما يقال فسقت الرطبة عن قشرها يعني خرجت، ((خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم))، وبعض الروايات ((في الحل والحرم)) وذكر الحل يغني عنه ذكر الحرم، فإذا قتلت في الحرم فالحل من باب أولى.
ثم ذكرها ((الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور))، ولمسلم: ((يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم)) هذا لفظه؟
طالب......(1/19)
طيب. أنا عندي يقتلن لكن الجاري على لغة البراغيث، ولمسلم ((يقتل خمس فواسق في الحل والحرم)) وعرفنا أنه ذكر الحل تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا التنصيص على الحرم يغني عنه.
هذه الدواب جواز القتل مختص بها أو يتعداها إلى غيرها مما يشاركها في العلة؟ وما العلة المبيحة لقتل هذه الفواسق؟
يجمعها الفسق، والفسق بالنسبة لها الأذى، الفسق بالنسبة لها الأذى يجمعها وصف آخر وهو عدم الأكل كلها مما لا يجوز أكله، ولذا يختلف أهل العلم في القياس عليها، فمنهم من يقول: إباحة القتل خاص بهذه الخمس، مع أنه جاء الزيادة عليها في روايات أخرى، وعلى هذا يقتصر على المنصوص عليه، يعني مثل ما قال أهل الظاهر في الربويات الإيش؟ الستة لا يقاس عليها، ولو شاركها غيره في العلة.
الذين يقولون بالقياس يقاس عليها ما شاركها في العلة، الشافعية يرون أن العلة عدم الأكل، فيرون جواز قتل كل ما لا يؤكل، وغيرهم يرى أن العلة الفسق وهو الأذى، فكل مؤذٍ يقتل، كل مؤذي يقتل، ولا شك أن هذه الخمسة المنصوص عليها يجمعها هذا الوصف الذي هو الفسق، وهي علة منصوصة ووصف مؤثر في الحكم، فما شارك هذه الخمس في الوصف يشاركها في الحكم، هذا هو القياس: إلحاق فرع بأصل لعلة تجمع بينهم –بين الفرع والأصل- فإذا تحققنا من وجود هذه العلة سرى عليها الحكم، وهل العلة هو الفسق الذي عبر عنه أهل العلم بالأذى كونها مؤذية أن يكون طبعها مؤذي أو بمجرد ما يحصل منها الأذى ولو لم تكن مؤذية طبعاً نعم؟
طالب..........
الحية ما تقتل؟ الحية في البيوت، تقصد الحية في البيوت؟ لا، لا، لا هذا غير.
نعم، أن يكون من طبعها الأذى، لكن لو وجد من الدواب ليس من طبعه الأذى لكنه آذى، أو مجرد وجوده مؤذي يخيف وهو بطبعه لا يؤذي هل نقول لأن الإنسان يتأذى بمنظره ويخاف منه فيجوز له قتله؟
طالب: لعله الصائل من هذه التي ليست منصوصة.(1/20)
العلة المنصوصة الآن الفسق، مستنبطة من الوصف المؤثر، وأهل العلم يعبرون عن هذا الفسق بأنه الأذى، بعض الحيوانات مؤذي بطبعه هذا يدخل بلا شك، والقاعدة عند أهل العلم أن ما آذى طبعاً قتل شرعاً، لكن هناك ما لا يؤذي بطبعه، قد يؤذي بشكله يخيف، له أن يقتل أو ليس له أن يقتل؟ نعم؟
طالب: ليس له أن يقتل.
نعم، لماذا؟ لأن هذا لا يمكن ضبطه، هذا لا ينضبط، إنسان يخاف من الجراد، إنسان يخاف من الصراصير، إنسان يخاف من كذا، بغض النظر هل هذه الأنواع تقتل أو لا تقتل شيء ثاني لكن هذا دليل على أن الخوف ليس منضبط، والناس يتفاوتون يتباينون في مسألة الخوف، وهذا يجرنا على الكلام على مسألة، وهي مسألة الخوف الذي لا حقيقة له، وهذه تورد في باب التيمم، متى يباح التيمم؟ إذا لم تجد الماء، نعم، أخذ من استعماله، نفترض أن الماء قريب جداً مائة متر عن البيت، لكن خارج البيت ظلام، يخاف الإنسان أن يخرج هذا خوف وهمي، خوف وهمي يتيمم أو لا يتيمم؟ لكن قد يصل الخوف ببعض الناس ولو كان وهمياً أضعاف مضاعفة من الخوف الحقيقي لبعض الناس، بعض الناس عنده استعداد يخرج ولو كان عند الباب أسد، وبعضهم بمجرد ما تغيب الشمس لا يستطيع أن يخرج، فهل نقول أن مثل هذا لا يستطيع الوصول إلى الماء؛ لأنه مذعور يخاف، وهذه نبه عليها بعض أهل العلم لكن يناسب أن يذكر لأن كتابه مفيد في هذا الباب منسك اللبدي، منسك صغير اسمه (منسك اللبدي) وإن كان صاحب الأعلام يقول: اللدي، فالمطبوع بهذا الاسم.
طالب: في أي قرن يا شيخ؟
القرن الماضي، أوائل القرن الماضي.
طالب..........
إيه، كذا، صاحب الأعلام يقول: اللدي من اللد، اسمه عبد الغني هو؟ إيش اسمه صاحبك؟
طالب........
أيوه جاء واحد درس هنا قبل ثلاثين سنة أو كذا يزعم أنه من أولاده، لَبدي كذا؟
طالب........
لا هم يضبطونها بالضم، نعم.
طالب.......(1/21)
طيب وذكر له منسك، جيد، على كل حال أهل مكة أدرى بشعابها، الكرماني، يقول بكسر الكافي -نفس الكرماني- والنووي يقول: لا بفتحها، نعم، وأهل مكة أدرى بشعابها.
طالب............
قول الفقهاء والصائل من كل نوع؟
الصائل معروف، هذا في الحل والحرم، الدفاع عن النفس هذا أمر مفروغ منه، الدفاع عن النفس معروف.
نشوف كم سؤال:
يقول: هل يلزم الاغتسال من عجز عنه لبرودة ماء الميقات، وهل يستعاض عنه بالوضوء؟
أولاً الاغتسال سنة وليس بواجب، الاغتسال سنة وليس بواجب، فإذا كان الماء بارد بحيث يشق عليه استعماله فلا مانع من أن ينتقل منه إلى الوضوء.
حكم صلاة ركعتين بعد الإحرام أو قبل الإحرام، ولبس الإزار والرداء؟
هذا يأتي إن شاء الله تفصيله.
هذا في المسح على الخفين.
السؤال الثاني: يقول: تعودت أن أقبل يد والدي فهل فيه شيء؟
لا شيء في ذلك.
يقول: لبست الخفين ومسحت عليه أول مرة صلاة العصر، ونسيت ومسحت العصر الثاني وصليت المغرب والعشاء بوضوئي ذلك مع العلم أني لم أمسح عليهما المغرب والعشاء، فهل في ذلك بأس، وماذا علي أن أفعل؟
إذا مسحت العصر في اليوم الأول لا تمسح في العصر الثاني، لأن مدة المسح تنتهي بمرور يوم وليلة من المسح الأول إذا مسحت العصر لا تمسح العصر الثاني، وعلى هذا -ولو بقيت الطهارة- لأنه حينئذ لو صلى بعد تمام المدة فإنه حينئذ يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، لا مغسولة ولا مأذون بمسحها.
طالب...........
نعم، يلزمه إعادة الصلاة نعم لا شك. طهارته ناقصة.
يقول: ما الصحيح في تسوية الصفوف هل هو إلصاق القدم بالقدم أم ترك الفرج والفجوات؟(1/22)
لا، التراص في الصف هذا هو المطلوب، المحاذاة بالمناكب والأقدام، أما ترك الفرج للشيطان هذا لا يجوز، أيضاً لا يحل الإشكال كون الإنسان يمد رجليه، ويوسع ما بينهما؛ لأن هذا يفوت المحاذاة بالمناكب؛ لأن بعض الناس إذا صار بينه وبين الثاني فرجة مد رجله مثلما الفرجار وقابل للزيادة بعد، وقد يفعل ذلك ابتداءً، هذا لا يحل الإشكال، ليس هذا تراص، ليس بتراص، بل المطلوب أن يشغل من الحيز بقدره، ولذا جاءت المحاذاة بالمناكب، وجاء عن الصحابة أنهم كانوا يلزقون القدم بالقدم والكعب بالكعب.
السترة للمصلي ليست بواجبة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، قال ابن عباس: يعني إلى غير سترة، لكنها متأكدة الاستحباب، للأمر بها.
طالب.........
على حد سواء، نعم.
يقول: نحن زملاء في العمل ونعمل جمعية بيننا بحيث يأخذها كل شهر شخص منا فما حكم الحج بهذا المال لو أخذته وحججت به، علماً أني لا أملك إلا هذا المبلغ من النقد، وهل يدخل فيه شك في حرمته حيث أني لا أعلم هل اكتسبه الآخر من الحلال أو من الحرام؟
زملاء في العمل يعني مقابل وظيفة مقابل عمل، وأنت تعرف زميلك إذا كان يؤدي العمل على الوجه المطلوب وما يأخذه، وأيضاً طبيعة العمل إذا كانت مباحة، ويؤدي العمل على الوجه المطلوب فهو حلال، أقرب ما تكون هذه الجمعيات إلى الاقتراض، وإن وجد من أهل العلم من يمنع هذه الجمعيات، ولم ير لها أصلاً يردها إليه، لكن هي أقرب ما تكون إلى الاقتراض فهي من عقود الإرفاق، وحينئذ إذا كان المال المكتسب بهذه الطريقة، تقرض زميلك هذا الشهر ويقرضك الشهر الثاني من غير...، لا أرى ما يمنع من وجود مثل هذه الجمعيات، وإن كان بعض أهل العلم ممن عرف بالتحري والتثبت يمنع من مثل هذا، وأما الأكثر فلا مانع عندهم من ذلك.
يقول: هل يدخل فيه شك في حرمته؟
على ما ذكرت، إن كان الإنسان يبي يحتاط هذا الأمر إليه، لكن المنع يحتاج إلى دليل.
طالب........(1/23)
لا، لا، أقرضك وترد علي قرضي، الأسئلة عن شركة الاتصالات، على كل حال وجد من يفتي بها، لكنهم يعترفون بأن عندهم نسب من الربا ومن العمولة أنها يسيرة فإن كان عندهم نسبة ولو يسيرة من الربا فالاشتراك فيها لا يجوز، ولو كانت يسيرة؛ لأن الإقدام على المحرم حرام، فرق بين أن تقدم على محرم وتعرف أنه محرم ولو كان يسيراً وبين أن يرد إليك المحرم من غير قصد فتتخلص منه، على كل حال أهل العلم بعضهم يفتي بجوازها ولعله لم يطلع أو لم يثبت عندهم أنها تتعامل بشيء من الربا، على كل حال المسألة أفتي بها وانتهت يعني، لكن من يحتاط لدينه ويريد أن يستبرئ لعرضه ودينه لا يشترك في مثل هذه الشركات الكبار كلها؛ لأنها لا تسلم.
هل تنصحون بإدخال قناة المجد أم تنصحون بتركها علماً أن البعض ليس لديه تلفزيون في الأصل؟
السلامة لا يعدلها شيء، السلامة لا يعدلها شيء، لكن إن كان الشخص عنده ضغوط لا يستطيع مواجهتها وهو مبتلى بمن يضغط عليه ممن لا يستطيع مقاومته أو يخشى على من تحت يده أن ينحرف أو يذهب يمين أو شمال، وأراد أن يقتصر على هذه القناة متأولاً من باب ارتكاب أخف الضررين فله وجه، لكن يبقى أن السلامة لا يعدلها شيء.
يقول: ما رأيكم بالفيديو في المنزل من أجل أطفال حيث لا يعرض به نساء أو موسيقى إنما أفلام تعليمية وترويحية وأفلام عن الجهاد؟(1/24)
هذا مثلما تقدم، حكمه حكم ما تقدم؛ لأن التصوير بجميع صوره وأشكاله حرام، وعلى هذا التصوير الشمسي والفيديو والثابت كله داخل تحت التحريم، ويبقى أن الإنسان إذا خشي ضرراً أكبر من ذلك على ولده وعلى أهله فهو يقدر المصلحة؛ ارتكاب أخف الضررين أمر مقرر بالشرع ومعتمد عند أهل العلم ويبقى أنه لو أكره وأجبر على إدخال، وليس معنى الإجبار أن يؤتى بسيف يقال له لا بد أن تدخل، لا، هذه الضغوط التي لا يستطيع أن يقف أمامها مشكلة بعدين إذا خشي وغلب على ظنه أن الأولاد أو البنات يتفلتون يذهبون إلى أماكن مشبوهة أو إلى جيران يتوسعون في استعمال الآلات، يبقى أنه مع ذلك يقدم الندم والاستغفار ولا يستعمله وهو مرتاح البال، لا، والله المستعان، هناك أمور ابتلي بها الناس وهم في الأصل في غنية عنها، لكن كثير من الناس يرى أنها الآن من ضرورات الحياة، ونعرف أناس لا يعرفون شيء من هذه الأمور وماشية أمورهم، وبعض الناس يسلك طريق الحزم، ويقول: إأنه أهم ما عليه براءة ذمته، بغض النظر عن أولاده وبناته ونسائه، يقول: نسلك طريق الحزم، ما علي من أحد، كون الابن يغلب على الظن أنه يطلع إلى الجيران من غير إذنه، أو المرأة تذهب إلى كذا أو إلى أقارب، هذا لا يعنيه، نقول: على الإنسان أن ينظر ويقدر المصالح والمفاسد.
لا شك أن الشرع جاء بجلب المصالح ودرء المفاسد بقدر الإمكان، فإذا كان يخشى على الولد مثلاً، وين فلان؟ والله طلع مع زملائه، أين يجده في استراحة في كذا، في كذا، هذا لا يبرر التوسع، لكن إذا كان الضرر يسير يعني ما في إلا مسألة التصوير المختلف فيه، تصوير الفيديو فالمسألة أرجو أن الأمر في ذلك سهل إن شاء الله، والله المستعان، هذه أمور لا شك أنها عمَّت بها البلوى، لكن لا يعني هذا أن يكون مبرر للتوسع أبداً.
الطلاب: ........(1/25)
على كل حال إذا، أنا أقول: إذا كان هو السبب نعم كانت المسئولية والتبعة عليه أكبر، فكل ما يرد من ممنوع منوط به ومعلق بذمته، عليه أن يتحرى ويحتاط ويشدد المراقبة والله المستعان، الله المستعان الأمر ثمة عظيم لكن الله يعفو ويسامح، الله يعفو ويسامح، كم باقي على الإقامة؟
طالب.........
يقول: حتى الآن لم أحج حجة الإسلام وأنا رجل أمن، وإذا أتى موعد الحج رابطنا في العمل وبعد... والله ما أدري؛ الكتابة ما هي بواضحة.. وحتى الآن لم أحج، وهذه السنة بإذن الله عام 1403هـ النية الحج بإذن الله، وأنا خائف من المرض في الحج، هل اشترط وماذا علي لو مرضت؟
إذا خفت من المرض واشترطت لا شيء عليك، إذا مرضت لك على ربك ما استثنيت، على أن تحج من العام القادم، يعني حجة الإسلام تبقى في ذمتك، إذا لم تتمكن من أدائها وعليك المبادرة بالحج، وعليك أن تبذل وسعك وجهدك من أجل أداء هذه الفريضة، ركن من أركان الإسلام، لا يجوز أن يُتذرع بعمل أو بغيره، نعم لو كان هناك ضرورة للأمة متعلقة بك، فقل: نعم النفع المتعدي أولى من القاصر، لكن أمور عامة ويوجد من ينوب عنك، ويوجد من يقوم بالعمل غيرك لا يجوز أن تترك الحج، مهما ترتبت الآثار، كونه يخصم عليك، كونك تفصل من عملك، هذا ركن من أركان الإسلام، من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والمسئولون يتفهمون، إذا قلت لهم أبديت لهم طلبت لهم بقوة أن هذه فريضة وأنك لم تحج تحج، ولو ترتب على ذلك ما ترتب؛ لأنه ركن من أركان الإسلام، والله المستعان، لكن بعض الناس يتساهل، شخص عمره يقرب من الستين عسكري ينتدب إلى مكة من أربعين سنة ولا يحج، يعني مثل هذا ما حاول ولا مرة نسأل الله العافية.
طالب: ..........
اللباس إذا ألزم به صار مكرهاً ما يصير متعمداً، يأتي في المحظورات إن شاء الله.
يقول: الصوت يسمع بعضه ولا يسمع الباقي؟
لعلي إذا بعدت شوية يمكن ينقطع الصوت، ما أدري والله، والله المستعان.(1/26)
يقول: هل الساحات الخارجية داخلة في حكم البيت الحرام؟
حكم البيت يعني، الساحات الخارجية خارج الأسوار، إذا كان المسعى خارج البيت، فما حكم الساحات؟ داخل وإلا خارج؟، خارج ما يرى، إذا كان المسعى خارج البيت فالساحات التي من ورائه من باب أولى.
ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها على الشريط التالي...(1/27)
بسم الله الرحمن الرحيم
عمدة الأحكام – كتاب الحج (3)
باب دخول مكة وغيره - باب التمتع
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
يقول: هل الساحات الخارجية داخلة في حكم البيت الحرام؟
حكم البيت الساحات الخارجية خارج الأسوار، إذا كان المسعى خارج البيت، فما حكم الساحات؟ داخل وإلا خارج، خارج من باب أولى، إذا كان المسعى خارج البيت فالساحات التي من ورائه من باب أولى، وعلى هذا لا يُصلَّى فيها إلا إذا اتصلت الصوف، ولا يجوز الطواف فيها، ولا الاعتكاف، وتمكث فيها الحائض؛ لأنه ليس لها أحكام المسجد، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب دخول مكة والبيت:
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: ((اقتلوه)).
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كَداء، من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت، وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم الباب، فلما فتحوا الباب كنت أول من ولج، فلقيت بلالاً، فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، بين العمودين اليمانيين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب دخول مكة وغيره، هكذا الترجمة.
طالب: والبيت.
كذا عندكم؟
طالب: ............
وغيره هذا و....
الحديث الأول:(1/1)
حديث أنس –رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة عام الفتح، وعلى رأسه المغفر: وهو شيء يصنع من حديد، يغطي الرأس للوقاية من السيوف والسهام وغيرها.
دخل مكة على هذه الكيفية -عليه الصلاة والسلام- دخلها فاتحاً غازياً، وهذا من أقوى الأدلة على أن مكة فتحت عنوة، وليست صلحاً، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وبعضهم يرى أنها فتحت صلحاً بدليل أن دورها لم تقسم على الغانمين، لكن لا يمنع أن يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- فتحها عنوة، ومنّ بالبيوت على أهلها كما منّ عليهم وقال لهم: ((أنتم الطلقاء)) فلم يأسر أحداً منهم.
فلما نزعه -نزع المغفر- وانتهى القتال، جاء رجل فقال: ابن خطل، واسمه عبد الله أسلم ثم ارتد، كان اسمه قبل أن يسلم عبد العزى أسلم ثم ارتد، وهجا النبي -عليه الصلاة والسلام- وجعل جواريه يغنين بهجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- فأهدر النبي -عليه الصلاة والسلام- دمه.
متعلق بأستار الكعبة: وهذه عادة عند العرب، الإنسان إذا حزبه أمر تعلق بأستار الكعبة.
فقال: ((اقتلوه)): فالكعبة لا تجير مثل هذا الذي أهدر النبي -عليه الصلاة والسلام- فعل ما فعل بهجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- وهجاء دعوته، وقتله إنما كان في الساعة التي أبيح للنبي -عليه الصلاة والسلام- القتال فيها، هذا قول من يقول إن الحدود والقصاص لا يكون بمكة وإنما من استحق القتل بحد أو قصاص يضيق عليه حتى يخرج فيقام عليه الحد، والذي يقول يقتل مستحق القتل بمكة، والنهي عن سفك الدم إذا لم يكن بحق، أما ما كان بحق فإنه لا يدخل في النهي، يقول: يستدل بهذا، يستدل بمثل هذا الحديث.
قد يقول قائل: النهي عن سفك الدم بغير حق منهي عنه بمكة وغيرها، إذاً فما الخصوصية التي لهذا المكان المعظم، إذا كنتم تقولون المراد بالنهي عن سفك الدم إذا كان بغير حق، أما إذا كان بحق من قصاص أو ارتكاب ما يوجب القتل فإنه يقتل ويحمل الحديث على ما إذا كان بغير حق.(1/2)
يقول القائل: النهي عن سفك الدم إذا كان بغير حق هذا في كل مكان في مكة وغيرها فما الخصوصية؟ ما هي الخصوصية لمكة، لماذا ينص عن النهي عن سفك الدم بمكة؟ وهو منهي عنه في كل مكان؟
طالب: ...........
لحرمة مكة، إذا قلنا بهذا قلنا ينهى عن سفك الدم بغير حق في مكة، لحرمة مكة إذن يجوز في المدينة؟!.
طالب:.......
يعني ينص عليه زيادة في تعظيم البيت، فيكون القتل فيه أعظم من القتل في غيرها، وهكذا سائر الذنوب والمعاصي تعظم بمكة، وهذا الأمر جعل بعض الصحابة والتابعين ينتقلون من مكة إلى غيرها، ابن عباس انتقل إلى الطائف، ويذكر عنه أنه لهذا السبب، وتفرق الصحابة والتابعون في الأمصار وتركوا مكة والمدينة مع المضاعفة العظيمة للحسنات لماذا؟
قد يكون الباعث لبعضهم هذا -وهو تعظيم الذنوب- على أن الباعث لأكثرهم نشر الدين، ومعلوم أن النفع المتعدي أفضل من النفع اللازم، وإلا قد يقول قائل: كيف يترك الناس مكة والصلاة بمائة ألف صلاة ويسكن البصرة والكوفة ومصر والشام، وهكذا من جاء بعدهم تفرقوا في الأمصار، والآن أهل العلم في كل مكان لا تجد هذه المضاعفة تنهزهم إلى المجاورة لمكة وترك الأمصار الأخرى، لما هم عليه من نفع متعدي، وهذا أعظم أجراً لمن تأهل لذلك وصلحت نيته.
فقال: ((اقتلوه)): حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء، -بالفتح والمد- من الثنية العليا التي بالبطحاء، وخرج من الثنية السفلى، بالضم كُداء كقُرى، هناك موضع آخر يقال له كُديّ، كثني.
يدخل مكة من أعلاها ويخرج من أسفلها: ولذا يقول الفقهاء: يسن دخول مكة من أعلاها -من كَداء- بالفتح- والخروج من أسفلها -من كُداء- بالضم- ويقولون أيضاً: افتح وادخل، واضمم واخرج، تسهيلاً للضبط؛ لأن الضبطين مشتبهان في الرسم، وأهل العلم يضبطون الكلمات بالشكل والحرف والضد والنظير، وغير ذلك.(1/3)
حرام بن عثمان ضد الحلال، الحكم بن عتيبة بتصغير عتبة الدار، وهكذا لهم طرق في الضبط، وهنا يقولون: افتح وادخل افتح الدخول مناسب للفتح، والمراد بذلك فتح الكاف ما هو بفتح باب، واضمم الكاف من كُداء كقُرى واخرج، يعني عند الخروج.
مشروعية الدخول من أعلى مكة والخروج من أسفلها:
نأتي إلى هذه المسألة وهي: مشروعية الدخول من أعلى مكة والخروج من أسفلها:
هل نقول النبي -عليه الصلاة والسلام- قصد الدخول من هذا الموضع، والخروج من ذلك الموضع، أو نقول: أن هذا طريقه؟، أو هذا الأيسر بالنسبة له؟ فإن كان الأيسر له أن يدخل من الأعلى ويخرج من الأسفل فعل، وإن كان الأيسر العكس فعل، هل هذا العمل متعبد به؟ مما يقتدى به، أو من الأفعال التي حصلت اتفاقاً فلا يتعبد به؟ هل هذا مثل خروج النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى العيد يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر فيتعبد به؛ لأنه تكرر؟ أو نقول هذا كونه دخل من أعلاها هذا المناسب لأهل المدينة، وكونه خرج من أسفلها؛ لأن النزول أيسر من الصعود، لا يقول قائل إذا كان الدخول من أعلاها هو المناسب لأهل المدينة لماذا لا يكون الخروج كذلك؟ النزول أيسر من الصعود، وقيل بهذا وهذا.
إذا تيسر الدخول من أعلاها والخروج من أسفلها فهو الأولى، لكنه قد لا يتيسر لكل الناس لا سيما في المواسم؛ لأنه قد يقصد الإنسان هذا الموضع ثم يصرف عنه، أو يشق عليه مشقة بالغة إذا جاء من الجهات الجنوبية، كيف يلتوي على مكة إلى أن يصل إلى شمالها ثم يدخل!
على كل حال من فعل ذلك مع اليسر متعبداً بذلك فلن يخيب ظنه ولن يعدم الأجر -إن شاء الله تعالى- ومن شق على ذلك فلا مانع ولا حرج -إن شاء الله- في المخالفة في مثل هذا.
الحديث الثاني:(1/4)
الحديث الذي يليه، حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وجرت العادة عند المؤلفين من المتأخرين يحرصون على الاختصار فإذا كان الحديث عن راو والذي يليه عن نفس الراوي قالوا: وعنه، كنوا عنه بالضمير، وهنا كرر، ومنهج الحافظ عبد الغني -رحمه الله- تعالى في هذا الكتاب البسط، ولذا تجدون الروايات فيه مبسوطة أكثر من المتون الأخرى، يعني البلوغ شديد الاختصار، لكن هذا فيه شيء من التوسع والبسط، ويمكن الاستغناء ببعضها عن بعض، لكن هذه طريقة المؤلف -رحمه الله-.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت.
والمراد بالبيت الكعبة، المراد بالبيت الكعبة، دخل الكعبة، وأسامة بن زيد، هو وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة، اثنان من الموالي والحاجب عثمان بن طلحة، أعظم مخلوق يدخل أشرف البقاع باثنين من الموالي، ما قال معي أبو بكر وعمر، الله المستعان.
دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت، وأسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة –الحاجب- فأغلقوا عليهم الباب، الناس خارج الباب، خارج البيت ينتظرون ماذا يصنع النبي -عليه الصلاة والسلام- فلما فتحوا الباب كنت أول من ولج -ابن عمر-؛ وذلك لحرصه الشديد على الاتباع والاقتداء والائتساء- كنت أول من ولج، فلقيت بلالا، فسألته: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم.
في بعض الروايات -غير الصحيح- فسألت بلالاً: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: بين العمودين اليمانيين.(1/5)
يعتني ابن عمر بمثل هذه الأسئلة، هل صلى؟ ليقتدي فيصلي مثله، وأين صلى؟ ليتم له الاقتداء بالفعل والمكان؛ كان ابن عمر -رضي الله عنهما- شديد الاقتداء في هذا الباب بتتبع آثار النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا اجتهاد منه، نعم هو لم يوافق عليه، كان -رضي الله عنه- يكفكف دابته لتقع مواطؤها على موطئ دابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ما ووفق على هذا، يبيت في المكان الذي بات فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو لم يقصد النبي -عليه الصلاة والسلام- المبيت، هذا من شدة تحريه، لكنه لم يوافق على هذا الاجتهاد -رضي الله عنه وأرضاه-.
فسألته هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وفيه صحة الصلاة داخل البيت، وإن حمله بعضهم على النافلة دون الفريضة، كمالك وأحمد، ويرى أبو حنيفة والشافعي أن النافلة والفريضة في ذلك على حد سواء، والصلاة لا شك أنها نافلة، واستقبال القبلة -الكعبة البيت- شرط لصحة الصلاة، فمن قال بأن الفريضة لا تصح فيها لا شك أنه احتاط للفريضة، والفريضة ينبغي أن يحتاط لها، والنافلة يتسامح فيها، وإن كان الأصل أن ما صح في النفل صح في الفرض، لكن الاحتياط مطلوب.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صلى فريضة داخل البيت، وهذا الاحتياط لا يؤدي إلى ترك مأمور ولا إلى فعل محظور، فإذا صلى الفريضة في البيت من أهل العلم من يقول لا تصح صلاته، فالاحتياط ألا تؤدى الفريضة داخل البيت؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- لم يفعل، والفريضة ينبغي أن يحتاط لها، لكن لو أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور، فالاحتياط كما يقول شيخ الإسلام في ترك هذا الاحتياط.(1/6)
البيت مبني على ستة أعمدة، ثلاثة أمام، وثلاثة في الخلف، ترك الأعمدة الثلاثة وراءه، واثنين من الأعمدة الأمامية عن يمينه، وواحد عن شماله، وتأخر عن جدار البيت ثلاثة أذرع، وبهذا يستدل بعضُ العلماء على عدم كراهة الصلاة بين السواري، ترجم عليه البخاري -رحمه الله- تعالى، وجاء النص على كراهة الصلاة بين السواري؛ ولعل العلة في ذلك أنها تقطع الصفوف، ولذا لو كان الإمام بين ساريتين والصف متصل خلفه بدون سواري فلا يظهر منع -إن شاء الله تعالى- منهم من يقول: أنها محل وضع الأحذية والنعال، منهم من يقول: أنها مصلى الجن، وغير ذلك من العلل، المقصود أنها إذا تسببت في قطع الصفوف كرهت الصلاة بينها، وإلا فلا.
طالب: بالنسبة لهذا الحديث؟
وين، ترك عمودين عن يمينه والثالث عن يساره، صلى بين السواري عليه الصلاة والسلام.
بين العمودين اليمانيين، اليمانيين: تثنية يماني، والياء إيش؟ ياء النسب نسبة إلى اليمن، والنسبة إلى اليمن
ياء كيا الكرسي زيدت للنسب
اليمن النسبة إليها يمنيٌّ بتشديد الياء، وهنا لا بد أن تكون الياء مخففة، فلا تقول: اليمانييّن بالتشديد، تقول: اليمانيين، والأصل أن الياء المشددة عن حرفين، اعتيض عن أحدهما بالألف؛ لأن الألف هذه زائدة، واضح وإلا ما هو بواضح؟
طالب.........
كيف؟
طالب........
الأصل أنها نسبة إلى اليمن جهة، جهة الجنوب جهة اليمن، والنسبة إلى اليمن يمني وياء النسب مشددة، لا كما يقول بعض الناس ابن تيمية، لا، ياء النسب مشددة.
ياء كيا الكرسي زيدت للنسب
يعني ياء مشددة تزاد للنسب، والياء هنا مخففة اليمانيين؛ لأنه حرف مشدد مكون من حرفين، يقول أهل العلم: اعتيض عن أحد المثلين بالألف فتخفف.
طالب: هل للتعلق بأستار الكعبة فضل؟ حكم التعلق بأستار الكعبة هل له فضل؟(1/7)
حكم التعلق بأستار الكعبة، بعض الشراح أخذ من مثل هذا الحديث الجواز، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما بين الحكم هنا، ما قال متعلق بأستار الكعبة، والتعلق بأستار الكعبة حكمه كذا، فأخذ منه الجواز، أخذ منه بعض الشراح جواز التعلق بأستار الكعبة؛ لأنه فعل، لا شك أنه فعل والنبي -عليه الصلاة والسلام- على علم من فعله، لكن من فعل أموراً بعضها أعظم من بعض، هل ينكر الأدنى ويترك الأعلى، أو ينكر الجميع في آن واحد، أو يبدئ بالأهم فالأهم؟؟
هذا فعل عظائم، هذا مستحق للقتل، نعم، يعني لو افترضنا أن شخص شرب الخمر وثبت عليه الزنا وهو محصن، نطالبه بحد الخمر أو بالرجم؟
بالرجم، على خلاف بين أهل العلم في الزاني المحصن هل يجلد ثم يرجم، كما في حديث عبادة في الصحيح، أو يكتفي برجمه كما في القصص الخمس التي حصلت في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر فيها جلد؟
أصل المسألة: هنا لو وجدت شخص مرتكب لمحرم أو لمحرمات بعضها أعظم من بعض، وليس بالإمكان تعداد هذه المحرمات، هو تارك للصلاة، تارك للصلاة، تذهب إليه تنصحه عن الدخان والإسبال وحلق اللحية؟ وإلا تكتفي الآن بالصلاة ثم بعد ذلك تنظر في الأمور الأخرى؟
طالب: الصلاة.
تعالج الأعظم.
هو الآن الرجل يسب النبي -عليه الصلاة والسلام- بحاجة إلى إقامة الحد، والتعلق بالأستار كغيره من مظاهر الغلو، مثل هذا مقرر في الشرع، أكثر أهل العلم على المنع، على منع مثل هذا، وإن لم ينقل عنه -عليه الصلاة والسلام- الإنكار على ابن خطل؛ لأنه كافر وليس بعد الكفر ذنب، فعل صدر من كافر وليس بعد الكفر ذنب أما المسألة فهي مقررة في النهي عن الغلو وتقديس المواضع، والمشاهد وغيرها، هذا كله ممنوع في الشرع.
يأتي من يقول الملتزم، الملتزم، حكم الالتزام بين الركن والبيت، لم يرد في حديث صحيح مرفوع، وهو ثابت عن ابن عباس، ويروى عن ابن عمر أيضاً، هذا دليل خاص، دليل خاص، ولا يسري على بقية جهات الكعبة.
أيش، أيش؟(1/8)
طالب.........
وأيش فائدة .......
إيه، لكن عموم التعلق يعني، وجد أصل، له أصل من يتعلق بأستار الكعبة متبركاً يقول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى ابن خطل ولم ينكر عليه، رأى ابن خطل متعلقاً بأستار الكعبة، هناك قصص وحوادث وجدت بعد التابعين كثيرة، في التعلق بأستار الكعبة، كان هذا مستفيض عند كثير من الناس، لكن يبقى أن هذه وسيلة إلى أمر محظور وهو الغلو والوسائل لها أحكام المقاصد.
يقول: هذا سؤال: ما رأيكم بمن يقول: أن القائم على معصية لا يسلَّم عليه أثناء مزاولته للمعصية، سواءً كان في الشارع أو في الأماكن العامة؟
أثناء مزاولته للمعصية، يعني مررت بشخص يدخن تقول له: السلام عليكم؟ على كل حال ترك السلام هجر، والهجر علاج، إن كان ينفع فيه هذا الهجر، لماذا ترك السلام عليّ؟! يتساءل، إن كان يجدي فيه مثل هذا يُترك؛ لأنه علاج إن كان ترك السلام عليه يزيده إصراراً وعناداً، وقد يحصل منه ما هو أعظم من ذلك يسلم عليه؛ لأنه مسلم وله من الحقوق ما للمسلمين.
طالب.........
ينكر الكفر أولاً، كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة -في قول جمهور أهل العلم- لا يعني أنهم يطالبون بها قبل أن يسلموا، فالكافر مطالب بالصلاة مطالب بالزكاة، مطالب بالصيام، لكنه لا يصح منه فعل شيء منها قبل إسلامه، لا بد أن يسلم ثم يطالب.
طالب........
من سب الله ورسوله وكتابه، يقال عند أهل العلم أنه لا يستتاب؛ يقتل، يعني لا تقبل توبته في الظاهر، في الظاهر، إن تمت توافرت شروطها وصدق فيها تنفعه عند الله -عز وجل- يُديَّن بها، أما في الظاهر لا تقبل توبته، والله المستعان، الله المستعان.
فيما يتعلق بالتعلق بأستار الكعبة يذكرون حديث المسلسل بالإجابة في فضل الدعاء حال التعلق بأستار الكعبة ما أدري عن صحة الحديث؟
هو مصحح؟
أنا أسأل عنه؟ المسلسل بالإجابة؟
لا أعرفه، لا أعرفه، أنا لا أعرفه، الآن لا يحضرني.
اقرأ الحديث الذي يليه؟
باب الطواف وآدابه:(1/9)
عن عمر -رضي الله عنه- أنه جاء إلى الحجر الأسود، وقبله، وقال: "إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك".
هذا عمر ثاني الخلفاء الراشدين المُحَدَّث الملهم، ماذا يقول؟ أمام جمع غفير من الطائفين، قبَّل الحجر اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين لمن حضر أنه حجر كغيره من الأحجار لا يضر ولا ينفع، فالنافع الضار هو الله -عز وجل-.
هذا الحجر إنما يقبّل اتباعاً تعبداً، لا لأنه ينفع أو يضر، ولذا قال عمر -رضي الله عنه-: "إني لأعلم أنك حجر، لا تضر ولا تنفع" قال ذلك مبيناً لهذه الجموع الغفيرة التي شهدت وحضرت طواف عمر -رضي الله عنه- وسمعت هذا الكلام؛ لأن حب البدع والتعلق بالأحجار والأشجار أسرع ما تكون إلى القلوب، فلولا وجود مثل هذا النص عن عمر -رضي الله عنه- لادعى كثير من الناس أن الحجر يضر وينفع، هذه المقالة جعلت كثير من الناس إلى الآن تقبل الحجر وهي تعتقد أنه لا يضر ولا ينفع، لكن ماذا عن المقام، والناس يقبلونه ويسجدون عليه ويتمسحون به، وأنا بنفسي قلت لامرأة: لا يضر ولا ينفع، شبك حديد لا يضر ولا ينفع، ماذا قالت؟ قالت: عندكم لا يضر ولا ينفع، لكن عندنا يضر وينفع، بالحرف يعني بهذا الكلام، لم أزد عليها كلمة، تقول: عندكم لا يضر ولا ينفع، وعندنا يضر وينفع، والله المستعان، فهذه من مناقب عمر -رضي الله عنه- أن يبين لأمثال هؤلاء، وأثر عنه إلى يومنا هذا، هذا الكلام الذي نفع الله به.
"ولولا أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك": يذعن ويقتدي ويعرف أنه لا يضر ولا ينفع، لكن يتعبد بتقبيله بالاتباع، باتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- يشرع تقبيله -تقبيل الحجر- وهو يمين الله في الأرض، فيشرع تقبيله إن تيسر، في بداية الطواف، إن لم يتيسر مسحه بيده أو بمحجن، على ما سيأتي، أو اكتفى بالإشارة إن لم يتيسر وسيأتي هذا إن شاء الله.(1/10)
طالب: البركة في الآية: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا}[(96) سورة آل عمران]؟
نعم، من بركة هذا البيت مضاعفة الحسنات، مضاعف بالحسنات؛ بقربه وتعظيم البلد الذي يحيط به، الأمن الذي يعيشه من يسكنه وغير ذلك، نعم.
طالب: .........
لا، لا هو في زمن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان لاحق لما قبله، لاصق بالبيت، اجترفه السيل في عهد عمر -رضي الله عنه- وأبعده عن البيت، والخلاف بين أهل العلم في جواز إبعاده وعدمه، مسألة خلافية بين أهل العلم، وألف فيها رسائل، فيها رسائل، تعرفون المعلمي –رحمه الله- ألف رسالة في الباب، وردَّ عليه الشيخ سليمان بن حمدان -رحمه الله- في رسالة أسماها: (نقض المباني من فتوى اليماني) ثم رد الشيخ محمد بن إبراهيم على الشيخ سليمان، له ردود علمية مفيدة نافعة في الباب.
على كل حال المقام هل المقصود به موضعه أو نفس الحجر؟ لأن الصيغة –مقام- تطلق ويراد بها مكان القيام، كما أنها تطلق أيضاً ويراد بها الشيء الذي حصل عليه القيام مثل الحجر، يترتب على هذا أننا إذا قلنا المراد المكان أننا نصلي في مكان المقام الأول، ولو رؤيا المصلحة بإبعادة وأدخل في الأروقة، لكن إذا قلنا المراد بالمقام {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] الحجر نفسه نتبع الحجر في أي مكان كان، يأتي هذا إن شاء الله الكلام عليه على الصلاة عنده إن شاء الله تعالى.
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، فقال المشركون: "إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب"، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا ما بين الركنين، ولم يمنعهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم.
الذي يليه:(1/11)
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود -أول ما يطوف- يخب ثلاثة أشواط".
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن" والمحجن: عصا محنية الرأس.
وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لم أر النبي -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين".
حديث بن عباس -رضي الله عنهما- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة –أي في عمرة القضاء- فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا الأشواط الثلاثة: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه مكة، كما قلنا هذا في عمرة القضاء في صلح الحديبية، من شروط الصلح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يمكن هو وأصحابه من العمرة في العام القادم، واعتمر -عليه الصلاة والسلام- عمرة سميت عمرة القضاء، فلما قدم -عليه الصلاة والسلام- مكة هو وأصحابه، قال المشركون هذه المقالة.
إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم: أضعفتهم حمى يثرب، ويثرب هي اسم من أسماء المدينة كان تعرف به قبل الهجرة، وهؤلاء المشركون لا يعلمون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد دعا بنقل الحمى إلى الجحفة، فلما قال المشركون هذه المقالة أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة الأول، والرمل: الإسراع في المشي مع تقارب الخطى، وهو الخبب على من سيأتي.
المشركون قالوا هذا الكلام وهم جلوس بإزاء الحجر بحيث يرون الطائف من الجهات الثلاث دون الجهة الرابعة التي بين الركنين.(1/12)
"أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين": لأن المشركين لا يرونهم، ومشروعية الرمل بسبب هذه المقالة؛ إغاظة للمشركين، حتى قال قائلهم: ما هم إلا كالغزلان، فهذا الرمل -الإسراع في المشي- أغاظ المشركين بلا شك، كون النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يمشوا بين الركنين؛ ليستريحوا كما أنه لم يأمرهم بالرمل في الأشواط السبعة كلها إبقاء عليهم، رأفة بهم، وشفقة عليهم -عليه الصلاة والسلام-.
الرمل سنة شرع لعلة، وهي مقالة المشركين، لكن العلة ارتفعت، العلة ارتفعت، ما في أحد بعد ذلك الوقت يقول أن المسلمين يأتون وقد وهنهم كذا أو أضعفهم كذا، فالعلة ارتفعت، وهنا هل بقي الحكم بعد ارتفاع العلة أو ارتفع؟
بقي الحكم بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل في حجة الوداع، هذا من الأحكام التي شرعت لعلة، ارتفعت العلة وبقي الحكم، نظيره القصر، أو اشتراط الخوف لقصر الصلاة، {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ}[(101) سورة النساء] بهذا الشرط، يعني هل قصر الصلاة مربوط بالخوف؟ أو شرع لهذه العلة وارتفعت العلة، أرتفع الخوف؟ ثم صار القصر صدقة تصدق الله بها على عباده.
فمن الأحكام ما يشرع لعلة تستمر العلة وهذا هو الكثير الغالب ويكون الحكم مرتبط بعلته إذا كانت العلة منصوصة يدور معها وجوداً وعدماً، أما إذا لم تكن منصوصة مستنبطة فلا أثر لها، هنا بقي الحكم وارتفعت العلة ونظيره مثل ما ذكرنا: القصر بالنسبة للخوف.
يمشوا بين الركنين؛ لأن المشركين لا يرونهم.
في الحديث الذي يليه حديث ابن عمر: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود - أول ما يطوف - يخب ثلاثة أشواط".(1/13)
والخبب: هو الإسراع في المشي كالرمل من الركن إلى الركن وهذا في حجة الوداع، من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود، بحيث يستوعب الرمل جميع الطواف، وفي عمرة القضاء من الحجر الأسود إلى الركن اليماني، وبين الركنين يمشي، والمشروع الآن استيعاب الشوط كله وإلا المشي بين الركنين؟
نعم؛ لأن حجة الوداع متأخرة، والعمل إنما هو بالآخر من أفعاله -عليه الصلاة والسلام-.
لو قال قائل: أنه ترك الرمل بين الركنين في طواف عمرة، واستوعب الرمل في جميع المطاف في طواف حج، فنستوعب في الحج دون العمرة، له وجه وإلا ليس له وجه؟
ننزل هذا على حاله وذاك على حالة أخرى؛ لأن القول الأول يقتضي، أو يستلزم نسخ الحديث السابق، والعمل بالحديثين إذا أمكن أولى من القول بالنسخ، نعم؟
طالب........
كيف؟
طالب.........
طيب، لا، لا هو مستمر، هو مستمر يعني الكلام.... هل نقول أن الرمل في العمرة وفي الحج نعم يستوعب المطاف كله؟
طالب..........
صحيح، طيب.
طالب........
أنت كأنك تستبعد القول الثاني.
طالب.........
استدلال واحد.
أنا أنظر لك من مسألة أخرى يقول بها أهل العلم ويفرقون أيضاً: الآن السعي في المسعى بين العلمين -السعي الشديد- مشروع وإلا ما هو مشروع؟ للرجال والنساء، وإلا للرجال فقط؟ نعم.
طالب: للرجال.
للرجال فقط، سببه وعلته؟ سعي امرأة ما هو سعي رجل؟
طالب:.....
نعم سعي امرأة لماذا لا نقول النساء لا تسعى.
طالب: ....
مثل كلامك، ترى نظير لما أوردت الآن، نعم.
طالب:.......
هو لا شك أنه متأخر، وعامة أهل العلم عليه أنه يشرع استيعاب المطاف كله بالرمل، لكن لو قال قائل: هذه عمرة وهذا حج وفعل في العمرة ما لم يفعله في الحج، له وجه وإلا ما له وجه؟
طالب: ......
الآن تنظير مطابق وإلا ما هو مطابق؟(1/14)
أنت تقول أننا استدللنا على استمرار الرمل من فعله في حجة الوداع، وفعله في حجة الوداع استوعب المطاف كله لماذا نقول، نستدل على الاستمرار بهذا ولا نستدل به على الاستيعاب، مثلما ذكرت لك أنا.
طالب:........
لا شك أن العمل هو بالآخر من فعله -عليه الصلاة والسلام- وآخر فعله مثل ما ذكر الأخ، أن استيعاب المطاف بالرمل فعل للأمرين وزيادة، فعل للأمر بكامله الأمر الثاني، والأول وزيادة، فهذا أولى بلا شك.
رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يقدم مكة، حين يقدم مكة، إذا استلم الركن الأسود -أول ما يطوف- يخب ثلاثة أشواط".
حين يقدم مكة: بهذا أخذ العلماء أن الرمل خاص بطواف القدوم، أول طواف يطوفه الإنسان إذا قدم مكة، يرمل فيه وما عداه يمشي.
في أوقات الزحام قد لا يتمكن من الرمل يكون زحام شديد في الثلاثة الأشواط الأولى ثم تنفرج ويحصل فرصة للرمل، لا يستطيع أن يرمل في الأشواط الثلاثة ثم يتمكن من الرمل بعد ذلك يقضي وإلا فات؟ نعم.
سنة، سنة فات محلها لا تقضى؛ لأن من وصف الأربعة الأشواط المشي لا الرمل.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "طاف النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن".
طواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة يستدل به من يقول بطهارة أبوال الدواب مما يؤكل، وهذا كالصريح، وأصرح منه حديث العرنيين؛ لأنها لا تؤمن أن تبول، طاف على بعير، وجاء في سنن أبي داود ما يدل على أنه كان شاكياً -عليه الصلاة والسلام- أما رواية الصحيح ما فيها ما يدل على ذلك، ويعللون بأن الناس كثروا على النبي -عليه الصلاة والسلام- ليروا شخصه -عليه الصلاة والسلام- ويروا كيف يفعل في هذا المكان المبارك، فمع كثرة الزحام يحتاج إلى أن يركب.
فالرواية التي ليس فيها إشارة -وهي رواية الصحيح- إلى أنه كان شاكياً، يستدل بها من يقول بجواز الركوب في الطواف، ومثله السعي من باب أولى.(1/15)
والذي يعمل بالرواية التي فيها الإشارة إلى ما كان شاكياً وهي في السنن يقول: الأصل في الطواف المشي، نعم، إن احتاج إلى الركوب لكونه محتاجاً إليه فلا بأس، فما حكم طواف من ركب من غير حاجة؟ ركب دابته من غير حاجة؟ طوافه صحيح وإلا ليس بصحيح؟
طالب...........
صحيح مع الكراهة، من غير حاجة نعم.
طالب...........
نعم.
طالب: أم سلمة أيضاً؟
شاكية.
طالب: شاكية؟
شاكية، نعم.
أقول الرواية التي في الصحيح ليس فيها إشارة، إلى أنه كان شاكياً، ولذا يرى كثير من أهل العلم صحة الطواف، طواف الراكب من غير حاجة، نعم،
طالب: .......
بوجود الخلاف يقولون بالكراهة، ومنهم من يمنع إلا إذا كان لحاجة، أدنى الحاجة أن يكون هذا الشخص مما يحتاج إليه، ليُرى شخصه وُيسأل ويتميز، كحال النبي -عليه الصلاة والسلام- وإلا فالأصل أن الطواف على الأقدام.
يستلم الركن بمحجن: وجاء أنه يقبل ما يستلم به الحجر، إن تمكن من تقبيل الحجر -وهو الأصل- إن لم يتمكن استلمه بيده فقبل يده، أو استلمه بمحجن وهو: عصا معطوف الرأس ثم قبل ذلك المحجن.
يقبل الحجر ويستلمه في كل شوط، ويكبر إذا حاذاه إن تمكن من تقبيله أو استلامه وإلا بالمجن أو أشار إليه وكبر، كلما حاذى الحجر كبر.
كم يكبر مرة في الأسبوع سبع وإلا ثمان؟ كل ما حاذى كبر، يحاذي ثمان إذن يكبر ثمان.
طالب.........
وهو ماشي لا بأس يكبر، كلما حاذى كبر، في المسند من حديث جابر -رضي الله عنه- قال: كنا نطوف مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة" إذن كم يكبر؟ ثمان.
من أهل العلم من يرى أنه لافتتاح الطواف فلا يكبر ثامنة، لكن مع مثل هذه النصوص كلما حاذى الحجر كبر، ومثله حديث جابر: الفاتحة والخاتمة.
إذن يكبر في البداية والنهاية الذي هي الفاتحة والخاتمة كما قال جابر -رضي الله عنه- والحديث قال ابن حجر إسناده حسن، ومعروف أن في إسناده ابن لهيعة لكن قابل للتحسين.
طالب: التكبير..... إذا حاذى.(1/16)
إذا حاذى، الخط محاذي.
طالب: لو كبر قبله؟
إن كبر قبله بيسير أو بعده بيسير محاذاة، لأن ضابط المحاذاة أن ترى الركنين الذي قبله والذي بعده، هذه محاذاته.
الخط الموجود للمحاذاة الموضوع لمحاذاة الحجر لا شك أنه يحقق مصلحة كبرى، يحقق مصلحة عظيمة، ولا شك أنه يترتب عليه بعض الآثار والمفاسد، ولو لم يكن من هذه المفاسد إلا أنه محدث، إضافة إلى أنه يورث ويوجد زحام يتصرف بعض الناس معه أو به تصرفات غير مشروعة، منهم من يقصد السجود عليه وهذا كثير، نعم.
طالب:.........
نعم، لكنه لا شك أنه يحقق مصلحة، لا شك أنه يحقق مصلحة كما تحققه هذه الخطوط، نعم في المساجد.
ما يفهمون أخونا اللي يجي من يسأل وهو في طواف الحج ركن الحج الأعظم بدأت بالطواف من ركن إسماعيل، ها وين ركن إسماعيل؟، يسأل بهذا اللفظ، لكن إذا عرفوا أن هناك بداية محددة ومعروفة عند الناس، من أين أكبر؟ من عند الخط، خلاص هو يحقق مصلحة بلا شك، ومن أشار به نظر إلى هذه المصلحة، وهناك من يطالب بإزالته وله وجه.
نأخذ الحديث؟
طالب: أحسن الله إليك، الخط أقول، الخط هذا يعني قد يقال أنه يشبه مثلاً المحاريب أو كذا في التعريم؟
يشبه المحاريب يشبه الخطوط الذي في المساجد هنا، القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كانت الحاجة داعية في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ما تدعو إليه هذه الحاجة أنه بدعة، ويمثلون أيضاً بالخطوط في المساجد التي تضبط الصفوف، لكن هل الحاجة الداعية الآن مساوية للحاجة الداعية في عصره عليه الصلاة والسلام؟
طالب: لا أكثر.
أكثر بكثير، فلا بد من تطبيق هذه القاعدة من استواء الحاجة، لا بد من استواء الحاجة، الحاجة الموجودة في عصره -عليه الصلاة والسلام- بالنسبة للحاجة القائمة فلا حاجة.
الحديث الأخير حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لم أرَ النبي -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين".(1/17)
الركن الذي فيه الحجر والذي قبله المحاذي لجهة اليمن، وكونهما يمانيين هذا من باب التغليب، وإلا الركن اليماني معروف قبل الركن الذي فيه الحجر، وأما الركنان الشاميان المقابلان -نقول الشاميَّان أو الشاميَان؟ التشديد لماذا؟ لأن الأل أصلية، الأل أصلية في الكلمة.
لا يستلم في البيت غير الركنين اليمانيين؛ لأنهما هما الباقيان على قواعد إبراهيم، أما الجهة الأخرى المقابلة لهذين الركنين فقصرت النفقة بالنسبة لقريش، فقصروا في عمارة البيت دون قواعد إبراهيم، ولذا غالب الحجر من البيت.
عاد ابن الزبير -رضي الله تعالى عنهما- بناء البيت على ما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم هدم وأعيد على البناية بناء قريش، ثم استفتي مالك هل يعاد على قواعد إبراهيم أو يترك؟ قال: يترك لئلا يكون ملعبة للملوك، من جاء هدم، ومن جاء فعل، ومن جاء زاد، من جاء نقص، تذهب هيبة البيت بهذه الطريقة، هيبة البيت تذهب بهذه الطريقة، والله المستعان، وهذا هو السبب في كونه -عليه الصلاة والسلام- لم يستلم من البيت إلا الركنين المذكورين.
طالب: .........
نعم أعاده ابن الزبير على قواعد إبراهيم، استوعب أغلب الحجر على قواعد إبراهيم، وجعله بابين، باب يدخل معه وجعله نازل، باب نازل ملاصق بالأرض يسهل الدخول والخروج، ثم بعد ذلك أعيد على صنيع قريش.
طالب..........
النافلة، النافلة مثل الصلاة داخل البيت.
طالب........(1/18)
من وقف على هذا النص قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يستلم إلا هذين الركنين فهذه مسألة افتراضية، يعني إعادة بنايته افتراضية، له ذلك، ومن نظر إلى العلة في كونه -عليه الصلاة والسلام- استلم الركنين؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، وقال هذه أيضاً على قواعد إبراهيم له ذلك، وجاء عن بعض الصحابة معاوية وغيره أنهم يستلمون الأركان الأخرى ويقولون أيضاً: ليس من البيت شيءٌ مهجور، على كل حال هذا فعله -عليه الصلاة والسلام- وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.
يقول: إذا كان تارك الصلاة كافراً ولا يصلى عليه كما هو معروف عند كثير من أهل العلم، فكيف نجمع بين هذا وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابة بالصلاة على النجاشي مع العلم أنه لم يصلي قط؟
أولاً: من يثبت أنه لم يصلي قط؟
الأمر الثاني: من يثبت أنه بلغته الصلاة على الكيفية المأمور بها، يعني شخص بعيد لم يبلغه من الدعوة إلا الشيء القليل وآمن وأوى المؤمنين وكان ردءاً للمسلمين يصلي عليه -عليه الصلاة والسلام-.
نعى النجاشي -عليه الصلاة والسلام- وضرب لهم موعداً يصلون عليه، فخرجوا وصلوا عليه، كبر -عليه الصلاة والسلام- أربعاً وهو غائب، وهو أصل في مشروعية الصلاة على الغائب عند جمع من أهل العلم، والخلاف في المسألة معروف.
... يعني لو أسلم شخص وما بلغته الصلاة، بلغه حكمها لكن لم يبلغه كيفيتها، ولم يتمكن من فعلها على الكيفية المطلوبة، يصلى عليه، لا يضيره ذلك -إن شاء الله تعالى- المسلم لو أسلم ثم مات فجأة يصلى عليه ولو لم يصلِّ قط.
يقول: هل يجوز تأخير المقام عن مكانه؟
مسألة خلافية بين أهل العلم، وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم -رحمه الله- رسالة مطولة في هذه المسألة. يقول: قال أحد السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له؟(1/19)
هذه أثرت عن أكثر من شخص، والعلم الشرعي عبادة، العلم الشرعي المتلقى من الكتاب والسنة عبادة محضة، لا يجوز فيه التشريك، ولا يجوز الدخول فيه بغير نية خالصة صالحة، لكن حال كثير من طلاب العلم اليوم يجاهدون، بل كثير منهم يصرح بأنه عجز عن أن يخلص في طلب العلم هل يترك؟ نقول: لا، لا تترك، جاهد، وإذا علم الله منك صدق النية أعانك، ووفقك؛ لأن الترك ليس بحل، ليس بحل الترك إطلاقاً، اطلب العلم وجاهد نفسك وحاول أن تخلص لله -عز وجل- ثم بعد ذلك يأبى إلا أن يكون لله، أما أن تقدم على طلب العلم لغير الله بهذه النية، ولا تجاهد نفسك، ولا تسعى تقول تبي تزيل النية ما هو بصحيح، ما هو بصحيح، بل من يطلب العلم لغير الله ليقال عالم أو ليتكسب به، هذا أمر عظيم، الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار: رجل طلب العلم تعلم وعلم إنما طلبه ليقال عالم، يتصدر المجالس هذا، نسأل الله العافية على خطر عظيم.
يقول في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة من كداء وخرج من الثنية السفلى، ألا يفيد الحديث أن دخول مكة يكون من طريق، والخروج منها من طريق آخر؟
نقول: نعم، هذا قررناه سابقاً، لكن هل يتعبد بذلك؟ أو نقول هذا حصل اتفاقاً من النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه أيسر له؟
العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من يقول أن ذلك حصل اتفاق من غير قصد، طريقه على الثنية العليا فدخل منها، خروجه من الثنية السفلى أسهل له، وعلى كل حال من فعل ذلك متعبداً به لم يعدم الأجر -إن شاء الله تعالى-.
هل يجوز للمرء أن يحج من مال ولي الأمر؟ وإذا لم يتيسر له ذلك وليس عنده مال فما الحكم؟
كيف من مال ولي الأمر؟ يعني من بيت المال؟
طالب: الدولة.(1/20)
يعني الدولة تأذن بأن يحج معها؟ نعم، إذا كان من أذن له يملك الإذن فلا مانع؛ لأن الحج إذا تبرع به أحد، الأصل أنه لا يلزم مع المنة، لكن لو قال زيد من الناس: أنا أريد عشرة أن يحجوا معي ممن لم يؤدي الفريضة وليكونوا من المحتاجين، وحجوا تسقط عنه حجة الإسلام، ومثله إذا كان من بيت المال بل أولى إذا كان من أذن له يملك الإذن، إذا كان يملك.
طالب: ذكر الشيخ -رحمه الله- في التحقيق والإيضاح الهدي ذكر الشيخ -رحمه الله- أنه لا ينبغي أخذ الهدي من الحكومة أو شيء من هذا؟
على كل حال إذا كان يملك، يعني إذا قال ولي الأمر: من بيت المال يحج عدد كذا، حجوا وإيش المانع، ما في ما يمنع إطلاقاً.
يقول: كيف نرد على من استدل بفعل ابن عمر في زيادته في التلبية على مشروعية الزيادة وإنكار استحسانها؟
أولاً: التلبية الذي زادها ابن عمر وغيره من الصحابة كانت بمحضر منه -عليه الصلاة والسلام- وإقرار، فاكتسبت المشروعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا فالزيادة على العبادات المقدرة شرعاً بدعة، ولا يستدل على هذا بمثل زيادة ابن عمر في التلبية؛ لأنها إنما اكتسبت المشروعية من إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام-.
ويقول: أيضاً من يستدل بذلك على أن البدع نوعان بدعة حسنة كفعل ابن عمر، وبدعة سيئة؟
من يرى تقسيم البدعة لا يستدل بمثل هذا؛ لأن هذا بحضور النبي -عليه الصلاة والسلام- وإقراره فله أصل شرعي، معه دليل شرعي.
من يقسم البدع يستدل بقول ابن عمر في صلاة التراويح: "نعمت البدعة" نعم من أهل العلم من قسم البدع إلى بدع حسنة وبدع قبيحة، ومنهم من قسمها إلى الأقسام الخمسة: بدع واجبة، وبدع مستحبة، وبدع محرمة، وبدع مكروهة، وبدع مباحة، ومثلوا على ذلك بأمثلة.(1/21)
من يقسم البدع عمدتهم في ذلك قول عمر -رضي الله عنه- في صحيح البخاري في التراويح: "نعمت البدعة" نعم مدح وإلا ذم؟ مدح، إذن مدح البدعة، فمن البدع ما يمدح، أخذاً من قول عمر -رضي الله عنه-، يعني من البدع ما يمدح، فهل من البدع ما يمدح مع قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وكل بدعة ضلالة))؟ فهل نقول في البدع ما يمدح مع قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((وكل بدعة ضلالة))؟ نعم.
طالب: هذا يدل على أن البدعة التي يقصدها عمر ليست البدع التي يقصدها النبي -صلى الله عليه وسلم-.
بلا شك، ولذا شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في اقتضاء الصراط -ويقول بقوله جمع غفير من أهل العلم من شيوخنا وغيرهم- يقول: إن المراد بالبدعة في قول عمر البدعة اللغوية، وليست البدعة الشرعية.
ما البدعة في اللغة؟ مناسب أن نتوسع في هذا وإلا..؟
ما البدعة في اللغة: البدعة في اللغة ما عمل على غير مثال سابق، ما عمل على غير مثال سابق، يعني المحدث.
والبدعة في الشرع: ما تعبد به مما لم يسبق له مشروعية من كتاب أو سنة.
نأتي إلى صلاة التراويح هل هي بالفعل بدعة لغوية، كما يقول شيخ الإسلام عملت على غير مثال سابق؟ أو لها مثال سبق من فعله عليه الصلاة والسلام؟
طالب: لها مثال.
لها مثال سبق، إذن ليست بدعة لغوية، وهل هي بدعة شرعية؟ ليست ببدعة شرعية؛ لأنها لها أصل مشروعية من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتركه -عليه الصلاة والسلام- لها لا عدولاً عنها، ولا نسخاًِ لها، إنما خشية أن تفرض، إذا كانت التراويح ليست ببدعة لغوية وليست ببدعة شرعية، يقول الشاطبي: مجاز، ماذا يقول: من ينفي المجاز؟
طالب: ..........
هذا الجواب صحيح لكن، لا، لا ما هي ببدعة لغوية، ولا شرعية من باب أولى، هناك أسلوب في البديع -في علم البديع- أسلوب يقال له المشاكلة، المشاكلة والمجانسة في التعبير: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [(40) سورة الشورى].(1/22)
السيئة الأولى جناية، جزاؤها معاقبة الجاني، فهل معاقبة الجاني سيئة؟ ليست بسيئة، إذن مشاكلة -مجانسة في التعبير- قالوا اقترح شيئاً –هذا مثال يمثل به أيضاً أهل البديع:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه *** قلت اطبخوا لي جبة وقميصا
القميص والجبة تطبخ وإلا..؟
طالب: تنسج.
إذن مجانسة مشاكلة.
نأتي إلى قول عمر: نعمت البدعة، هل قيل لعمر بالفعل هذه بدعة فقال: نعمت البدعة، فنقول مشاكلة، أو عمر -رضي الله عنه- توقع قول من يقول ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة؟
عمر -رضي الله عنه- توقع من يقول له ابتدعت، فقال: نعمت البدعة، وهم يقولون في المشاكلة: الموافقة في اللفظ حقيقة أو تقديراً، يعني سواء وجد اللفظ المجانس أو قدر، كما قلنا في فعل عمر، كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، فقال: نعمت البدعة.
نأخذ سؤالاً وإلا؟
نعم.
طالب........
تقصد نفس الباب كله، في كتب البديع، المشاكلة موجودة في كتب البديع، والبديع فرع من فروع علم البلاغة،
طالب: .....
تقصد ربطه بكلام عمر ما يوجد، لا تبحث عنه.
طالب........
ما ننازع في مشروعية التراويح، نحن لا ننازع في مشروعية التراويح، الكلام في قول عمر -رضي الله عنه-: نعمت البدعة، الذي يتمسك به جل المبتدعة يبتدع يحدث في الدين فيقول: نعمت البدعة، والبدع منها ما يمدح ومنها ما يذم.
يقول: هل يعتبر جري الأطفال الصغار وراء حمام الحرم وملاحقتها من باب اللعب من تنفير صيد الحرم، وهل يأثم وليه إذا كان يرى ذلك ويسكت؟
كل من رأى من ينفر يمنعه؛ لأنه لا ينفر، ((ولا ينفر صيده)) من قبل أي أحد كائن من كان، وعمد الصبي كخطأ المكلف، خطأ المكلف تترتب عليه عقوبات، ولذا لو قتله صبي، يلزمه الجزاء، يلزمه الجزاء، من باب ربط الأسباب بالمسببات، وليس من باب التكليف، على هذا يمنع.(1/23)
يقول: زوجته تريد الحج ولديها مال وهو لا يستطيع أن يحج، وقد حج عن نفسه سابقاً، يقول: فهل يصح أن أحج عن شخص بمقابل حتى أكون محرماً لزوجتي؟
يحج نيابة عن شخص آخر بمقابل، فيستفيد من وجوه:
أولاً يتمكن من الحج، ويسعى في إبراء ذمة هذا الشخص المحجوج عنه، وتتمكن زوجته من الحج مع محرمها، لكنه مع ذلك لا يلزمه أن يحج معها، المحرم لا شك أنه شرط، لكن هل يلزم الزوج أو ولي المرأة أبوها أو أخوها أن يحج بها؟ إن وجد المحرم -إن وجد من يتبرع- لزمها الحج وإلا فالمحرم شرط.
على كل حال إن أخذ حجة بمقابل عن غيره وحصل على هذه المصالح كلها فلا شك أنه فعل خيراً عظيماً لمن حج عنه، على ألا يشترط مبلغ معين أو يزيد على قدر نفقته وحاجته، أما إذا حج ليأخذ فحكمه معروف عند أهل العلم، الخلاف من أخذ ليحج.
يقول: أخي مصاب بمرض التدخين، وأنا دائماً أنصحه وهو لا يرتدع، وذات مرة أتاني وطلب مني مالاً ليشتري دخان فأشفقت عليه وأعطيته، والسؤال هو: هل علي إثم؟ وماذا يجب عليَّ تجاه أخي؟
أولاً يجب عليك أن تستمر بنصحه، الأمر الثاني: أن مسألة إعانته على هذه المعصية لا شك أنها من التعاون على الإثم والعدوان، إذا قال لك، طلب منك مالاً ليشتري به هذا الدخان المحرم لا يجوز لك أن تمكنه من ذلك، لكن لو خدعك أراد أن يشتري شيء مباح، طلب منك أن يشتري شيئاً للمدرسة، قال والله المدرسة طالبين هندسة، قلت: خذ هذه عشرة، راح اشترى دخان، نعم، يكون حكمه حكم من تصدق على غني وهو لا يعرف، أو من تصدق على بغي، ومن تصدق على سارق، والنص في ذلك ظاهر، لكن ينبغي أن يحتاط في مثل هذا لا يتساهل فيه.
يقول: ما أقوال العلماء بالنسبة لتغطية المرأة المحرمة لوجهها أمام الرجال الأجانب؟
الوجه عورة بلا شك فيلزمها التغطية، يلزمها أن تغطي وجهها إذا مرت بالرجال الأجانب أو مروا بها، وحديث عائشة صريح في هذا.
يقول: هل الحج واجب على الفور أم على التراخي؟(1/24)
الخلاف معروف، لكن المرجح عند أهل التحقيق أنه على الفور، ومرد ذلك الخلاف في وقت مشروعيته، هل شرع سنة ست، أو سنة تسع؟ الذي رجحه جمع من أهل التحقيق أنه فرض سنة تسع، وآية آل عمران كصدرها إنما نزل عام الوفود سنة تسع، ومن قال سنة ست قال على التراخي.
قد يقول قائل: حتى لو فرض سنة تسع لماذا لم يحج النبي -عليه الصلاة والسلام- سنة تسع، وأخر الحج إلى سنة عشر، ألا يدل ذلك على أنه للتراخي؟ حتى على القول بأنه فرض سنة تسع، لماذا أمر أبا بكر أن يحج بالناس، ولم يحج إلا سنة عشر؟ لئلا.. نعم
طالب...........
نعم فيه المشركون وفيه العراة، فأرسل أبا بكر وأتبعه بعلي -رضي الله عنه- كالمقدمة لحجته -عليه الصلاة والسلام- هذا من جهة، الأمر الثاني، أن حجة أبي بكر على طريقة العرب في النسيء، إنما كانت في شهر القعدة، وحجته -عليه الصلاة والسلام- وافقت وقتها المحدد شرعاً وفي هذا يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الزمان قد استدار)) فوقعت حجته -عليه الصلاة والسلام- في وقتها؛ لأن عادة العرب في النسيء تأخير شهر من كل سنة.
طالب: ماذا تكون لأبي بكر.
نعم.
طالب: إذا وقعت في ذي القعدة، وحج فريضة الإسلام؟
يعني لو وقف الناس كلهم غلط خطأ في الثامن أو في العاشر حجهم صحيح وإلا لا، الحج يوم يحجون، على كل حال هذه مسألة أشار إليها كثير من أهل العلم، نعم.
طالب............
حج عن أبيك واعتمر، يأتي هذا -إن شاء الله تعالى- لا تستعجل.
كم بقي للإقامة.
باقية والوقت قليل وإيش نسوي يا أخي؟ ما أذكر أننا أكملنا شيء في وقته، يحددون الإخوان وقت قصير ثم بعد ذلك والله الخميس عاوده وقت. شوفوا وقت.
الله يعفو ويسامح، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب التمتع:(1/25)
عن أبي حمزة نصر بن عمران جمرة، جمرة بالجيم.
عن أبي جمرة نصر بن عمران الضََّبعي الضُُّبعي.
عن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال: سألت ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، وسألته عن الهدي قال: فيه جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم، قال: وكأن أناس كرهوها فنمت، فرأيت في المنام كأن إنساناً ينادي: حج مبرور ومتعة متقبلة، فأتيت ابن عباس فحدثته فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين: الراوي التابعي أبو جمرة نصر بن عمران الضُّبعي كان يترجم بين يدي ابن عباس، بطلب من ابن عباس، يترجم بين يديه للحضور كما في كتاب العلم في صحيح البخاري، بجعل، ترجم هنا المراد بها تبليغ الكلام، وليس معناها نقل الكلام من لغة إلى أخرى، تبليغ الكلام، يبلغ كلام ابن عباس إلى من لا يصله الكلام.
يروي أبو جمرة عن ابن عباس المتعة -متعة الحج- يقول:
سألت ابن عباس، ابن عباس إذا أطلق المراد به الحبر، البحر ترجمان القرآن عبد الله، سأل أبو جمرة ابن عباس عن المتعة فأمرني بها، يعني قال له: تمتع، وسألته عن الهدي فقال: فيه بقرة أو جزور أو شاة أو شرك في دم.
يقول: وكان ناس كرهوها كرهوا المتعة؛ لأن عمر كان ينهى عنها على ما سيأتي -رضي الله عنه وأرضاه- وسيأتي أن المتعة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم.
سأله عن المتعة -عن حكمها- فأمره بها، وسأله عن الهدي، ما الهدي يا ابن عباس؟ فقال: هو من بهيمة الأنعام، فإما أن يكون جزوراً أو بقرة أو شاة، أو شرك في دم، سبع بدنة، أو سبع بقرة على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال: وكان ناس كرهوها؛ لنهي عمر -رضي الله عنه- عن المتعة، ولما بقي عند بعض الصحابة من كراهية أهل الجاهلية للمتعة...
أيها الأحبة في الله، ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها في الشريط التالي.(1/26)
بسم الله الرحمن الرحيم
عمدة الأحكام – كتاب الحج (4)
باب الهدي
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
لنهي عمر -رضي الله عنه- عن المتعة، ولما بقي عند بعض الصحابة من كراهية أهل الجاهلية للمتعة، إذ كانوا يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فأمر ابن عباس أبا نصر بها؛ لما بلغته كراهية بعض الناس كأنه حصل في نفسه شيء من التردد، فلما نام رأى في النوم إنساناً ينادي، يقول: حج مبرور: يعني متقبل، ومتعة متقبلة، حج مبرور: خالي مما يخرمه وينقص أجره، ومتعة متقبلة.
لا تثبت الأحكام الشرعية بالرؤى:
فأتيت ابن عباس فحدثته فقال: الله أكبر، فرح ابن عباس وسر بهذه الرؤيا.
سنة أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-: هذه سنة أبي القاسم، ابن عباس فرح بالرؤيا؛ لا لاستقلالها بالحكم، لا لاستقلالها بالحكم، هذه رؤيا صالحة، موافقة لما جاء في النصوص، والرؤيا الصادقة جاء في الحديث الصحيح أنها ((جزء من ستة وأربعين جزاءً من النبوة))، لكن لا يعتمد عليها في التشريع، إنما هذه جاءت موافقة لما في الشرع، فمثل هذه الرؤيا تسر الرائي.
قد يقول قائل: الأذان إنما ثبت برؤيا؛ عبد الله بن زيد راوي الأذان يقول: طاف بي طائف، طاف بي وأنا نائم رجل فقال: تقول: الله أكبر، الله أكبر... إلى آخره، فثبت الأذان بهذه الرؤيا؟
نقول: هذه الرؤيا التي رآها عبد الله بن زيد قصها على النبي -عليه الصلاة والسلام- فأقرها، فاكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام- لا بمجرد الرؤيا؛ فالرؤيا لا يتغير بها حكم، ولا يثبت بها حكم، نعم إذا جاءت موافقة لما جاء عن الله ورسوله تسر، لكن إذا جاءت مخالفة، مهما كان الرائي يضرب بها عرض الحائط.
حكم قول الصحابي من السنة كذا:(1/1)
فقال: الله أكبر، سنة أبي القاسم -صلى الله عليه وسلم-: إذا قال الصحابي هذه السنة، أو السنة، أو من السنة، أو هذه سنة أبي القاسم، فهو مرفوع –في حكم المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي: من السنة كذا، من السنة كذا، فله حكم الرفع عند جمهور أهل العلم:
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر
التمتع:
والمتعة وجه، أو أحد الأنساك الثلاثة، التمتع والإفراد والقران، المتعة والتمتع: عبارة عن الإتيان بالعمرة في أشهر الحج، ثم الحج في السنة نفسها، هذا هو التمتع، ويطلق التمتع بمعناه الأعم فيشمل القران، الذي هو الإتيان بنسكين معاً من غير فصل، التمتع فيه فصل، فاصل بين الحج والعمرة، القران يقرن بينهما، ويأتي بأفعالهما متداخلة على ما سيأتي، وأما الإفراد فهو الإحرام بالحج وحده.
طالب: .....
القران أن يحرم بهما معاً، الأعمال كالإفراد سواءً بسواء، طواف واحد وسعي واحد، نعم.
طالب: قوله فأمرني بها؟
فأمرني بها، هو تردد، يعني سألته عن المتعة يعني هل تجوز وإلا لا تجوز؛ لأنه يسمع من ينهى عنها، قال: تمتع، فأمرني بها يعني حج متمتعاً، يعني أبلغ من بيان الحكم فقط.
طالب: ابن عباس يرى وجوب التمتع؟
نعم يذكر عنه وجوب التمتع إيه، وهذا قول لجمع من أهل العلم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة على ما سيأتي نعم، وتأتي المفاضلة بين الأنساك، فسيأتي إن شاء الله، تأتي المفاضلة بين الأنساك الثلاثة.
عن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: يا رسول الله: ما شأن الناس حلو من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: ((إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر)).
هذا الحديث مؤخر في الأصل عن حديث ابن عمر، ويعني قدمه الشارح للمناسبة، فالذي يلي حديث ابن عباس حديث عبد الله بن عمر، فهو مقدم في الشرح قدمه الشارح للمناسبة.(1/2)
نقرأ حديث ابن عمر؟
اقرأ حديث ابن عمر على ترتيب المصنف.
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج، فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة إلى الحج، فكان من الناس من تمتع فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدي، فلمَّا قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة قال للناس: ((من كان منكم قد أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهدي، ومن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله))، فطاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم إلى مكة واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعة، وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم انصرف فأتى الصفا،..
وسلم، ثم سلم؟
ثم انصرف فأتى الصفا وطاف بين الصفا والمروة سبعة أشواط،، ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه، ونحر هديه يوم النحر، وأفاض فطاف بالبيت، ثم حل من كل شيء حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى فساق الهدي من الناس".
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج.(1/3)
ظاهر كلام ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً، والمتبادر إلى الذهن من التمتع المعنى الاصطلاحي، وهو الإتيان بالعمرة المستقلة ثم الإتيان بالحج، وقد اختلفت الروايات وجاء عن الصحابة بأسانيد صحيحة أنه تمتع -عليه الصلاة والسلام- وجاء عنهم أنه حج قارناً، وجاء عنهم أنه أفرد الحج، وكلها صحيحة، ثابتة عن الصحابة -رضوان الله عليهم- ولذا يختلف أهل العلم في أفضل الأنساك.
أولاً: كيف يوفق بين هذه النصوص المتعارضة حجة واحدة؟ هل يمكن أن يقال: أنه مرة حج قارناً، ومرة حج متمتعاًِ ومرة حج مفرداً؟!!
لا يمكن لأنها قضية واحدة، نعم ثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- حج قبل ذلك، لا على الصفة المشروحة في الحج الإسلامي، إنما حج تعظيماً للبيت والمشاعر على عادة العرب، وجاء في الصحيح أن جبير بن مطعم رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعرفات وقد أضل بعيره، يبحث عن بعير -جبير بن مطعم لم يحج- فضلَّ بعيره فوجد النبي -عليه الصلاة والسلام- قد وقف مع الناس بعرفات، استغرب جبير بن مطعم كيف يقف وهو من الحمس بعرفات، والحمس لا يخرجون عن الحرم، وعرفات من الحل، هذه حجة سابقة قبل الأمر بالحج، وقبل فرض الحج، وهذه في الصحيح، في البخاري.
المقصود أن الكلام كله في حجة الوداع، الحجة الوحيدة الذي حجها النبي -عليه الصلاة والسلام- ومثل ما أشرنا ثبت عنهم -عن الصحابة- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً كما هنا، وثبت عنهم أيضاً أنه حج قارناً، وثبت عنهم أيضاً أنه أفرد الحج.(1/4)
والتوفيق بين هذه الروايات -كما قال ابن القيم وغيره-: "من قال تمتع فالمراد به التمتع بمعناه العام، يعني أنه ترفه بترك أحد السفرين فأتى بالنسكين في سفرة واحدة، ومن قال أنه حج قارناً وهم الأكثر فكلامه طابق الواقع، فقد أتى النبي -عليه الصلاة والسلام- بالنسكين معاً، لم يفصل أحدهما عن الآخر لماذا؟ لأنه ساق الهدي، فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله -على ما سيأتي إن شاء الله تعالى-، من قال حج مفرداً نظر إلى الصورة، صورة حجه -عليه الصلاة والسلام- هي صورة حج المفرد، ولذا القول المرجح عند أهل العلم أن القارن لا يلزمه إلا طواف واحد وسعي واحد كالمفرد.
منهم من يقول: أنه أهلَّ مفرداً في أول الأمر، ثم أتاه الآتي فقال له: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: لبيك، إيش؟ ..نعم، ما يفيد القران، فبهذا تتفق وتأتلف النصوص.
يقول ابن عمر -رضي الله عنهما- تمتع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}[(196) سورة البقرة]، الرسول -عليه الصلاة والسلام- تمتع بالعمرة إلى الحج، والمراد بالتمتع هنا كالمراد به في الآية، المعنى الأعم للتمتع بحيث يشمل القران مع التمتع.
وأهدى: أهدى -عليه الصلاة والسلام- مائة من الإبل، ونحرها بيده، نحر منها ثلاثاً وستين، ووكل الباقي إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
فساق معه الهدي من ذي الحليفة: ساق معه الهدي من ذي الحليفة، وهذه سنة إن تيسرت، سوق الهدي.
وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج: هذه من النصوص التي تدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- حج متمتعاً، وهذا رأي ابن عمر -رضي الله عنه وأرضاه- فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهل بالعمرة إلى الحج، فأهلوا.
أيش عنكم؟
فتمتع الناس مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نعم.(1/5)
المقصود أنه يفيد أنهم صنعوا كما صنع -عليه الصلاة والسلام-، صنعوا كما صنع -عليه الصلاة والسلام-.
فكان من الناس من أهدى فساق الهدي من ذي الحليفة، ومنهم من لم يهدي، فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- مكة قال للناس: ((من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه)): من أهدى لا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، ومتى يبلغ الهدي محله؟
في يوم العيد، وفيه الإحلال فلا يحل له حينئذ شيء حتى يبلغ الهدي محله، هذا بالنسبة لمن ساق الهدي، ولذا يتعين على من ساق الهدي أن يقرن إن أراد أن يجمع بين النسكين، إن أراد أن يجمع بين النسكين يتعين عليه أن يقرن، لا يجوز له التمتع.
لكن هل يجوز أو هل يمكن أن يتمتع من ساق الهدي؟ هل يتصور؟
يقول: أفضل الأنساك التمتع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه به، والمحظور في سوق التمتع حلق الرأس، يقول: أتمتع أحرم بالعمرة ثم أطوف وأسعى للعمرة، لكن لا أحلق رأسي حتى يبلغ الهدي محله، ثم في يوم التروية أحرم بالحج، وهو باق على إحرامه، ثم يأتي بالحج كاملاً، يتصور أو لا يتصور؟
طالب: ...........
الآن شخص ساق الهدي، نقول له أقرن كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يجوز لك أن تحل حتى يبلغ الهدي محله، يقول: أريد أن أتمتع؛ لأن التمتع أفضل الأنساك، وآتي بجميع ما يفعله المتمتع إلا حلق الرأس الذي هو المحظور، ماذا يقال له؟
طالب: النبي -صلى الله عليه وسلم- ما فعل ذلك.
نعم، هذا ساق الهدي ما يستطيع أن يحل، لا يستطيع أن يحل، لا يستطيع أن يحل، هل نسميه متمتع أو هو قارن شاء أم أبى، هو قارن شاء أم أبى؛ لأن التمتع الاصطلاحي أن يحل بينهما الحل كله، الحل كله، يعود حلالاً كما كان قبل دخوله في النسك، بحيث يجوز له أن يطأ زوجته بين النسكين، نعم.
طالب........(1/6)
يقرن بدون سوق هدي، هذا يتصور فيما إذا ضاق عليه الوقت، أحرم بالعمرة، فلما وصل إلى البيت وجد أن الوقت ما يكفي، يدخل الحج على العمرة فيصير قارناً، أو امرأة أحرمت بالعمرة ثم حاضت ولا تتمكن من آدائها إلا بعد فوات الحج.
طالب........
لا ما يمكن.
طالب: مثل عائشة.
نعم، مثل عائشة إيه.
على كل حال يأتي هذا في ثنايا الحديث والذي بعده.
فلما قدم النبي -عليه الصلاة والسلام- قال للناس: ((من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه)) يعني موافقة للآية.
((ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا وبالمروة، وليقصر وليُحلل)): هذا قاله بعد الطواف عليه الصلاة والسلام.
((من لم يكن أهدى فليطف)): اللام لام الأمر، فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل.
((ثم ليهل بالحج)): يعني بعد ذلك في يوم التروية؛ ليكون متمتعاً، وبهذا يستدل من يقول بوجوب التمتع بالنسبة لمن لم يسق الهدي؛ لأن اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[(63) سورة النور]، الأمر للوجوب، لكن الجمهور حملوه على الاستحباب، وأنه ليس بلازم، بل منهم من قال إن الأمر بالإحلال خاص بالصحابة، ولذا بعض العلماء يرجح غير التمتع عليه، منهم من رجح القران ومنهم من رجح الإفراد، والأمر الوارد في هذا الحديث وغيره خاص بالصحابة؛ لأنهم حديثو عهد بجاهلية، والجاهلية يرون أن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، وأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبطل هذا الرأي وهذا الزعم، ينقض هذا الرأي بأمره لصحابته عليه الصلاة والسلام.
((ثم ليهل بالحج وليهدي)): هذا بالنسبة للتمتع يأتي بعمرة كاملة، يحرم بالعمرة، ثم يأتي بها –بأفعالها كاملة، يطوف ويسعى ويقصر- ثم يحل الحل كله، فإذا جاء يوم التروية أحرم بالحج، وجاء بالحج المستقل بجميع أفعاله.(1/7)
قد يقول قائل: إذا كان المتمتع له أن يحل الحل كله، هل له أن يرجع إلى بلده ويترك الحج؟ لما جاء أحرم بالعمرة وفي نيته التمتع، أحرم بالعمرة فحل الحل كله، وقال: زحام شديد أو طرأ له ظرف، وقال: أرجع ما دام لي الحل كله ما الذي يلزمني بالحج قبل الدخول فيه، هل له أن يرجع أو ليس له أن يرجع؟
طالب: ليس له أن يرجع.
هو ما دخل في الحج هو أتم العمرة.
طالب: له أن يرجع؛ لأنه ما شرع في الحج.
لكنه ناوي للتمتع.
طالب: ولو نوى.
طالب: هو لبى بالحج.
ما لبى إلى الآن، ما لبى بالحج، يلبي بالحج في اليوم الثامن يوم التروية، افترض أنه جاء في اليوم الأول وأدى العمرة وجلس بيجلس أسبوع بدون عمل.
طالب:..... مرة أخرى إذا رجع.
كيف؟
طالب.........
طيب.
ما هو براجع ثاني خلاص هو انتهى الحج هذه السنة يقول ما أنا بحاج، هل يلزم بالحج وإلا لا يلزم؟
طالب.........
لا، لا هذا متنفل، هذا متنفل.
طالب: .......
كيف؟
طالب...........
لا،هو يقول حجة الإسلام، نقول: لا، أصله جاء للنفل، حاج حجة الإسلام ومعتمر عمرة الإسلام، أدى عمرة التمتع بجميع أفعالها ولبس ثيابه ووطئ زوجته -كانت معه- وقال: ما الذي يلزمني بالحج وأنا ما قد دخلت؟
طالب:..........
أيوه.
طالب: ..........
كيف؟
طالب:.........
ما الصيغة التي يقولها المتمتع عند إرادته الدخول في العمرة قبل الحج، عمرة فقط، ينوي عمرة فقط، ثم يأتي بها -بجميع أفعالها- ويتحلل الحل كله، الآن ما الذي يلزمه بالحج وهو ما دخل؟
طالب: ما يلزم، ما يلزم، يرجع لبلاده.......
طالب: لكل نسك نية مستقلة.
والآن يجوز له أن يرجع؟
طالب: إيه، نعم.
نعم.
يقول صاحب الإنصاف: لا يجوز له الرجوع بلا نزاع. سبحان الله!!
نعم.
طالب: .......
كيف؟
طالب: ..........
لأن المسألة نظرياً يجوز له أن يرجع أيش المانع، ما دخل في النسك ما الذي يلزمه والحج نفل؟.
طالب........
ما لبى بشيء، لبى بعمرة وأتى بها.
طالب........(1/8)
ما قال إلى حج ولا فين أبى، ما قال متمتعاً بها إلى الحج.
طالب: ........
إلا هو جاي بيعتمر ويحج.
والكلام في قوله بلا نزاع هذا الذي يجعل الإنسان يلتزم بهذا الكلام، وإلا نظرياً نوى العمرة وأتى بها كاملة بجميع أفعالها ما الذي يلزمه بالحج وهو لم يدخل فيه؟
يعني إنما جاء للحج، الأصل مجيئه للحج الذي ينهزه للحج، خلنا على هذا الكلام، شخص جاء للحج، لما وصل إلى الطائف قال ما أنا بمحرم ويرجع، في أحد يلزمه؟
طالب.........
ما يلزم.
طالب: .......
يعني عمرة التمتع جزء من الحج، هم يقولون عمرة التمتع جزء من أجزاء الحج، فكأنه دخل في الحج، هذا التوجيه، وإلا نظرياً يعني قبل الدخول في النسك شنو الذي يلزمه؟
طالب.......
يقال إيش؟ يلزمه الحج بلا نزاع، بننازع أهل العلم وما عندهم نزاع؟
طالب: ..........
على أن العمرة جزء من حج المتمتع، نعم.
طالب: .............
صاحب الإنصاف قال: بلا نزاع، على كل حال ما وقفت على أحد خالف في هذا أبداً.
طالب.......
له ذلك نعم، له أن يرجع إلى بلده وبهذا ينقطع التمتع، لا يلزمه دم إذا رجع إلى بلده، نعم ينقطع التمتع، سفر جديد للحج، وهذا يقوي الكلام النظري؛ لأنه إذا وصل بلده وقد حج حجة الإسلام، من يوجب عليه حجة ثانية؟
كل هذه إشكالات تحتاج إلى بحث في إطار عدم النزاع أيضاً؛ لأنه ما نقعد نخالف أهل العلم أبداً، نعم، لكنها تحتاج إلى إجابة.
التمتع الاصطلاحي عند أهل العلم: أن يأتي بعمرة مستقلة ثم يحج من نفس العام، يأتي بالعمرة في أشهر الحج، ثم يأتي بالحج من نفس العام، بحيث لا يقطعه بسفر إلى بلده، لا يرجع إلى بلده.
طالب: ........
يسمى متعة ولو جاء في اليوم التاسع، وأدى العمرة كاملة، وتحلل منها ثم أهل بالحج متمتع.
طالب........
كيف؟ كيف، أقلها يؤدي العمرة بطوافها وسعيها والتقصير ثم يهل بالحج.
طالب: يعني بين النسكين قصده يا شيخ؟
كيف؟ العلماء يقولون: له أن يرجع، نعم.
طالب......(1/9)
هو الإشكال في عدم النزاع في أنه يلزمه الإهلال بالحج ولا يجوز له الرجوع، يرد على هذا أنه لو رجع إلى بلده يجيز له العلماء الرجوع، لكن ينقطع التمتع، إن حصل له ظرف طارئ، حصل مصيبة عند أهله مثلاً ورجع إليهم، بيمنعه أحد؟ ما حد يمنعه، يلزمه الرجوع على كلام العلماء، يلزمه أن يرجع.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، هذا كلام صاحب الإنصاف يبقى..
وين؟
محرم يعني.
أيش لون يبقى؟
لو رجع.
طالب آخر: حل من العمرة؟
لا، لا، حل الحل كله بين النسكين، ما في أحد يلزمه بشيء، بين النسكين يحل الحل كله.
طالب: إيه نعم، لكن سؤالنا يقول: لا نزاع؟
يعني أنه يلزمه الحج في هذه السنة؛ لأن العمرة جزء من أجزاء الحج الذي جاء من أجله.
طالب: لكن لو ما رجع أيش يترتب عليه؟
نقول: ما الذي يلزمه بحج وقد أدى الفريضة، نعم كونه دخل في الحج ملزم، {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ}[(196) سورة البقرة]، لكن المفترض أنه ما دخل في الحج، إلا أنه دخل بجزء من أجزاءه وهو العمرة التي ينوي بعدها الحج.
طالب................
لا، لا لا، هم يلزمونه ما استثنوا شيء، ما استثنوا شيء، ما دام دخل بعمرة وفي نيته التمتع يلزمه أن يهل بالحج من السنة نفسها، والله كثير هذا يحصل، كثير من الناس، الآن قد بعض الناس يرجع وهو محرم، ما كمل الحج، وبعضهم ما كمل العمرة إذا شاف الزحام، فمن باب أولى أنه إذا حل الحل كله يرجع إلى أهله، يكون بالخيار.
أحسن الله إليك، هل يجوز للمتمتع أن يرجع إلى بلده؟
ما الذي يمنعه، السفر ما يمنعون منه، لكنه إذا رجع إلى بلده انقطع التمتع.
طالب: إيه نعم، إذا كان مريداً للتمتع؟
على كلامهم، ما في ما يمنع.
طالب: يا شيخ إذا تمتع وأدى العمرة يجوز له يقضي شغل في الطائف ويرجع؟
إذا السفر لحاجة ما فيه إشكال عندهم، لكن إن كانت دون مسافة قصر فالتمتع باق، إذا كانت أكثر من مسافة قصر عند الأكثر ينقطع التمتع.
طالب: يعيد عمرة جديدة؟(1/10)
الظاهر أنه لا ينقطع التمتع إلا إذا رجع إلى بلده، يعني لو طرأ له سفر للمدينة مثلاً، ما زال في إطار الحج وأعماله، والله المستعان.
طالب: ........
إيه ما دام ناوي التمتع في هذه السنة يرجع.
طالب..........
لا هو الآن ما يلزمه إلا الحج، اعتمر وانتهى، أدى العمرة لا يلزمه....
يقول: ((ثم ليهل بالحج)): يعني في يوم التروية كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وكما فعل الصحابة الذين معه، بل أمرهم بالإحلال -الذين لم يسوقوا الهدي بأمره -عليه الصلاة والسلام-.
((فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)): يصوم ثلاثة أيام، والأولى أن تكون قبل عرفة، يعني على هذا يحرم بالحج متى؟
في السادس يصوم السادس والسابع والثامن، إن لم يتمكن من صيامها قبل عرفة يصومها أيام التشريق، وأيام التشريق لا يجوز صيامها إلا لمن لم يجد الهدي.
طالب: يشترط أن تكون متتالية يا شيخ؟
ثلاثة أيام ما فيه ذكر للشرط والقيد، وإنما هي ثلاثة أيام، لكن هي بقدر أيام التشريق، يعني إن فاتته قبل.
طالب: السادس والثامن ويوم من أيام التشريق؟
يعني ما تمكن، يعني في اليوم السادس يرجو أن يجد الهدي.
طالب: اليوم السابع عنده ظرف أو طارئ أو شيء حاجة حصلت له.
المهم، يرجو أن يجد هدي مثلاً، ما غلب على ظنه أنه لن يجد الهدي إلا في اليوم السابع، ليلة السابع وصام السابع والثامن ويوم من أيام التشريق، الأولى أن تكون متوالية هذا الأولى، لكن مفرقة لا أرى ما يمنع.
طالب........
يصوم ثلاثة أيام الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، يصوم أيام التشريق، على هذا لو كان متعجل، ونفر في اليوم الثاني عشر، نقول يلزمك أن تجلس تتأخر حتى تصوم الثالث عشر أو لا يلزمه؟ لأنها في الحج؛ لأن من وصفها أن تكون في الحج؟ وسبعة إذا رجع إلى أهله كما جاء في الآية.(1/11)
فطاف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قدم إلى مكة، واستلم الركن أول شيء، ثم خب ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعاً: الطواف الذي طافه النبي -عليه الصلاة والسلام- هو طواف القدوم، طواف القدوم، استلم الركن أول شيء هذا تقدم.
ثم خب: يعني رمل ثلاثة أشواط من السبع ومشى أربعاً وهذا تقدم الكلام فيه.
وركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، امتثالاً للأمر: {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[(125) سورة البقرة]، هاتان الركعتان هما ركعتا الطواف ما حكمهما؟
الجمهور على أنهما سنة، جمهور أهل العلم على أنهما من السنن، ومن أهل العلم من يوجبها، ومنهم من يفصِّل، فيقول: إن كان الطواف -هما تبعاً للطواف- إن كان الطواف واجباً فهما واجبتان، وإلا فسنة، لكن جمهور أهل العلم على أنهما سنة.
لو صلاهما خارج البيت، خارج المسجد، خارج المسجد، صلاهما في مكان آخر -في منزله في منى في أي جهة من جهات مكة-.
طالب: تعتبر قضاء يا شيخ؟
كيف؟
طالب: ........خارج المسجد.
يجوز وإلا ما يجوز؟
نعم.
طالب: يجوز يصلي هنا أو خارج.
يجوز؛ لأن عمر -رضي الله عنه- طاف وصلى الركعتين بذي طوى، طاف بعد صلاة الصبح، وصلى الركعتين بذي طوى، ولعله ينتظر ارتفاع الشمس، ولذا جعل البخاري هذا الأثر في باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر، وكأنه يميل إلى أن هاتان الركعتان لا تصليان في وقت النهي.
طالب..........
كيف؟
طالب........
طواف القدوم فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب..........
الوجوب، لا، ما في ما يدل على الوجوب، لا طواف القدوم سنة.(1/12)
ثم سلم وانصرف فأتى الصفا، فطاف بالصفا والمروة سبعة أشواط: يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط، ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر، وهكذا، يقف على الصفا يستقبل القبلة يكبر ويهلل ويدعو ثلاثاً، يطيل الدعاء، ومثله على المروة، كما في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم لم يحل من شيء، حلق أو قصر أو لم يحل، أو لم يحلق؟
طالب: لم يحلق
لم يحلق لماذا؟
طالب: لأنه قارن.
لأنه ساق الهدي،لأنه ساق الهدي، ثبت عن معاوية أنه قال: قصرت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على المروة بمشقص.
طالب..........
نعم، الإجابة نعم
طالب: ...........
في إحدى عمره -عليه الصلاة والسلام- في عمرة من العمر، ولعلها عمرة القضاء.
ثم لم يحل من شيء حرم منه حتى قضى حجه: وعرفنا السبب -أنه ساق الهدي- ونحر هديه يوم النحر، نحر هديه يوم النحر.
وعرفنا أن الهدي مائة من البدن، نحر منها ثلاثاً وستين بيده الشريفة -عليه الصلاة والسلام- ووكل الباقي إلى علي -نحر الباقي- وأمر ببضعة من كل واحدة منها فطبخت، فأكل منها وشرب من مرقها -كما في حديث جابر- عليه الصلاة والسلام، ونحر هديه وأفاض فطاف بالبيت، وكل هذا بعد الوقوف والمبيت بمزدلفة، والرمي، وأيضاً النحر، والحلق ثم بعد ذلك أفاض فطاف بالبيت، وهذا الطواف ركن الحج، يسمى طواف الإفاضة، ثم حل من كل شيء حرم منه، حل الحل كله، لماذا؟ لأنه فعل الثلاثة كلها، رمى وحلق،..
طالب: ونحر.
لا، طاف، لكن لو فعل اثنين رمى وحلق ولم يفض حل التحلل الأول، فإذا أضاف إليه الثالث حل التحلل الثاني، ثم حل من كل شيء حرم منه؛ لأنه فعل الثلاثة كلها.
وفعل مثل ما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أهدى فساق الهدي من الناس: لأنه قال: ((من كان منكم معه هدي فلا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ومن لم يكن معه هدي فليجعلها عمرة))، يعني يطوف ويسعى ثم يقصر.(1/13)
من أحرم بإحرام كإحرام النبي -عليه الصلاة والسلام- ماذا يصنع؟ إذا أحرم، علي -رضي الله عنه- وأبو موسى كل منهما بهذه النية، لبيك بإهلال -أو بإحرام- كإحرام النبي -عليه الصلاة والسلام-، نعم.
طالب: لا يتم التحلل إلا بعد....
نعم.
طالب..........
أهل، لماذا لم يسق الهدي، وما يدريك أنه ما ساق؟ جاء من اليمن واليمن ما فيها هدي؟
طالب..........
نعم
طالب...........
علي ما ساق هدي؟
طالب...........
كيف؟
طالب..........
علي ساق الهدي، أبو موسى ما ساق الهدي، وهنا يحسن التفريق بينهما، ولذا أمر علياً أن يبقى على إحرامه، وأمر أبا موسى بالإحلال.
وهل يسوغ مثل هذا اليوم أن يقال: لبيك بإهلال كإهلال فلان، نعم؟
طالب: لا يا شيخ.
لماذا؟
طالب: لأنه علم ....
نعم هو علم هدي النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه في إطار الأنساك الجائزة، الأنساك الثلاثة كلها جائزة عند أهل العلم والخلاف في الأفضل منها، لبيك بإهلال كإهلال فلان، يجوز وإلا ما يجوز؟
لا، لا من المعاصرين؛ هو ما يعرف كيف يحج، وقال: إذا لقيت فلان بأسوي مثله، عالم من العلماء يريد أن يقتدي كما فعل علي وأبو موسى.
أحسن الله إليك
أقول لو لم يتلفظ بالإهلال؟
لو لم يتلفظ بأي شيء؟
إي نعم ولكنها نية في قلبه؟
يعني معناه أنه تجاوز الميقات بدون إحرام.
أنا أقصد أنه فمن باب أولى إذا أهل بإهلال شخص أنه سائغ.
لا هو نوى الدخول في النسك من الميقات، يعني يختلف عن شخص لم يتكلم إطلاقاً، هذاك نقول له: تجاوزت الميقات بدون إحرام، وهذا أهل ولبى بإحرام كإحرام فلان، والاحتمالات كثيرة، احتمال أنه يكون فلان ما حج السنة هذه، احتمال أن يبحث عنه ولا يجده، احتمال أن يجده، أنت أورد هذه الاحتمالات كلها وأجب عنها واحداً بعد الآخر. نعم؟
طالب.........
لو أحرم بإحرام مطلق، نعم، له أن يحرم مطلقاً وقبل الطواف يصرفه إلى ما شاء، له أن يحرم بالإطلاق ثم يصرفه قبل الطواف لما شاء من الأنساك.(1/14)
طالب: صيغة الإطلاق يا شيخ؟.
وين؟
إذا أتى الميقات؟
صيغته، ينوي الدخول في النسك نسك مطلق مع التلبية.
حديث حفصة زوج النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي قدمه الشارح عندكم قبل حديث ابن عمر يقول: عن حفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت: يا رسول الله: ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: ((إني لبدت رأسي وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)): يعني امتثالاً لما جاء في القرآن: {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[(196) سورة البقرة] ومعروف حكم من ساق الهدي أنه لا يجوز له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، ولذا لا يجوز له أن يتمتع.
نعم الحديث الذي يليه.
التلبيد أحسن الله إليك، أقول تلبيد الرأس؟
تلبيد الرأس بشيء يتماسك به بحيث لا يشعث، نعم يلتم إما بزيت أو بعسل أو شيء من هذا.
لكن ما علاقته بالنسك؟ ما علاقته بالنسك؟
ما دام أحرم من أبيار علي، كم يحتاج من يوم حتى يصل إلى مكة، كم يحتاج إلى يوم إلى أن يحلق الشعر، تصور خمس لخمس بقين من القعدة ثم بعد ذلك عشرة أيام ليحل، خمسة عشر يوم، فإذا كان شعره مرسل يؤذيه، لكن إذا لبد نعم.
طالب..........
لا، لا ليس له علاقة، لكنه أيسر، يتعب لو كان غير ملبد، ما يلزم القِران، حتى المفرد حتى المتمتع له أن يلبد إذا كان أيسر له وأحفظ لشعره، نعم لها دخل في قضية الحلق أنه يتأخر حلقه لشعره.
نعم حديث عمران.
طالب...........
كيف؟
طالب..........
صفة تقليد الهدي، الهدي إذا كان من الغنم يقلد، بمعنى أنه يلبس قلادة، حبل يربط فيه حذاء أو يربط فيه قطعة من جلد، أو أدنى شيء يشعر بأنه هدي؛ لئلا يتعرض له أحد بسوء، إن كان من الإبل أو البقر يشعر، أيش معنى يشعر؟ نعم يجرح في صفحة سنامه اليمنى ويترك يسيل منه الدم، فيعرف الناس أنه هدي.
الحديث الذي يليه.(1/15)
عن عمران بن حصين –رضي الله عنه- قال: "أنزلت آية المتعة في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينزل قرآن بحرمتها، ولم ينه عنها حتى مات". فقال رجل برأيه ما شاء، قال البخاري "يقال: إنه عمر". ولمسلم: {نزلت آية المتعة -يعني متعة الحج- وأمرنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم تنزل آية تنسخ آية متعة الحج، ولم ينه عنها حتى مات} ولهما بمعناه.
حديث عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: أنزلت آية العمرة {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}[(196) سورة البقرة] إلى آخره، في كتاب الله، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بل بأمره -عليه الصلاة والسلام-؛ أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- من لم يسق الهدي أن يتمتع، ففعلناها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ينزل قرآن بحرمتها.
فقال رجل برأيه ما شاء: هذا الرجل بينه الإمام البخاري أنه عمر -رضي الله تعالى عنه- كان ينهى عن المتعة؛ لئلا ينقطع ترداد الناس على هذا البيت المعظم، يعني يهجر البيت في غير وقت الحج، إذا كان الإنسان يأتي بالنسكين في سفرة واحدة لا يضطر أن يسافر ثانية للعمرة، هذا اجتهاد من عمر -رضي الله عنه- و الاجتهاد إذا كان مخالفاً للنصوص الصحيحة الثابتة، مهما كان قائلة، ((عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، اقتدوا بالذين من بعدي)) متى؟ إذا لم يكن هناك نص، نأخذ بقول أبي بكر وعمر، لكن إذا خفي النص أو اجتهد عمر ورأى أن للاجتهاد مسرح في مثل هذه المسائل، ورأى غيره أنه لا اجتهاد مع النص -كما هو قول جماهير أهل العلم- فالعبرة بالمرفوع، ولا يتلفت حينئذ إلى الموقوف ولو كان قائله عمر -رضي الله عنه-، هذا اجتهاد من عمر، وإلا عمر ليس بالمعصوم.(1/16)
قد يقول قائل: عمر له اجتهادات كثيرة عمل بها أهل العلم، كإمضاء الثلاث في الطلاق، جمهور أهل العلم على قول عمر، مع أن الأمر في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر على خلافه، ماذا نقول؟ نعم.
طالب.............
لا، ينهى عن التمتع، وينهى عنه اجتهاداً منه ليكثر الوافد إلى البيت ويتكرر طول العام، الوفود إلى البيت، ولذا يقول ابن عباس لما نوقش في هذه المسألة: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول: قال رسول الله وتقولون: قال أبو بكر وعمر، نعم، كيف يعارض قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقول أبي بكر وعمر، وهما هما أبو بكر وعمر ((اقتدوا بالذين من بعدي)).
ويأتي من يأتي ممن يزعم أنه حامل راية الدعوة ولواءها ويقول: حديث: ((لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة)) وهو في البخاري، يقول: ليس بصحيح؛ الواقع يشهد بخلافه، ليس بصحيح، طيب ليس بصحيح معارض بقول أبي بكر وعمر؟ لنضرب بقولهم عرض الحائط؟ لا، معارض بأي شيء؟
يقول: جلدمائير هزمت العرب، تاتشر قادت الإنجليز، انديرا غاندي قادت الهنود ونجحت.
وبعدين، بمثل هذا تعارض النصوص؟ نسأل الله السلامة والعافية، ومثله كثير، مثله كثير، نسأل الله السلامة والعافية.
لكن لا نقول بقول من يقول: "والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر" عمر ما ابتدع، هذا يرى أن للاجتهاد فيه مجال وأخطأ في اجتهاده، ويقوله في شأن التراويح، لما قال عمر: نعمت البدعة، قال بعض الشراح: والبدعة مرفوضة ولو كانت من عمر، وقررنا سابقاً أنها ليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، والله المستعان.
ولمسلم نزلت آية المتعة يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم لم ينزل آية تنسخ آية المتعة ولم ينهَ عنها حتى مات، ولهما بمعناه.
هذا سؤال يقول: لماذا لم يذكر المصنف حديث جابر مع أنه أجمع حديث في الحج؟(1/17)
نعم جابر وصف حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- من خروجه من بيته إلى رجوعه إليه، بأجود سياق، نقول الحديث من أفراد مسلم، والمؤلف اشترط أن يكون الحديث مما اتفقا عليه، نعم إن احتاج إلى بيان لفظة أو زيادة أو شيء من هذا قد يأتي بما تفرد به أحدهما، لكن لا يأتي بحديث مستقل من أحدهم، شرطه أن يكون الحديث في الصحيحين.
نعم باب الهدي:
طالب..........
كيف؟
طالب........
نعم نأتي إلى المفاضلة بين الأنساك الثلاثة، عرفنا أن من أهل العلم من يوجب التمتع؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- به، ومنهم من يرى أن التمتع مفضول، وأن الأمر خاص بالصحابة.
مالك والشافعي في أحد قوليه يرى رجحان الإفراد، وأبو حنيفة يرى القران، وأحمد يرى التمتع، حجة الإمام أحمد أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به، وأبو حنيفة يقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، وأما من يرى الإفراد يقول: الأمر به خاص بالصحابة والإتيان بالحج بسفرة مستقلة أفضل، مالك وقول الشافعي.
ويقول شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "من أتى بالحج مفرداً بسفر مستقل والعمرة بسفر كان أفضل اتفاقاً" نقل على ذلك الإجماع، والمسألة مفترضة في شخص يقول: أنا لا أحج ولا أعتمر إلا مرة واحدة، حجة الإسلام مرة واحدة ولن أتنفل، عمرة الإسلام مرة واحدة ولن أتنفل، نقول: الإفراد أفضل اتفاقاً في هذه الصورة، لكن شخص يقول أنا أريد أن أكرر العمرة آتي بالعمرة كيفما اتفق، فهل أحرم متمتع أو قارن أو مفرد؟ نقول: أحرم متمتع؛ لأنها زيادة.
شيخ الإسلام ينقل الاتفاق على أن من أتى بالحج بسفر مستقل يعني مفرد أفضل اتفاقاً، وأقول قول شيخ الإسلام مفترض في شخص لم يزد على ما افترض الله عليه، فهل يأتي بالحج والعمرة في سفر واحد أو بسفرين؟ نقول: بسفرين.(1/18)
يميل بعض أهل التحقيق إلى أن التمتع أفضل لمن لم يسق الهدي، والقران أفضل لمن ساق الهدي، وهذا فيه شيء من التوفيق بين النصوص، وعلى هذا إذا قلنا بتفضيل التمتع مطلقاً هل يفضل سوق الهدي أو يكون مفضول؟ مفضول على قول من يرجح التمتع مطلقاً نقول الأفضل لا تسوق هدي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرة)) وعلى هذا لا يستحب سوق الهدي بل يأتي بالتمتع ويريق الدم في وقته دم المتعة.
طالب..........
إلا الأفضل، الذي يرى القران يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً ولم يكن الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، نقول: هو أفضل بالنسبة لمن كانت حالته كحال النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه ساق الهدي، لمن ساق الهدي، فعلاً ساق الهدي ثم جاء يسأل نقول أقرن، بل قد يتعين عليه القران إن لم يختر الإفراد؛ لأن التمتع ليس بمتصور، لا يتصور في حقه على ما ذكرنا.
أحسن الله إليك.
قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت)) يدل على أن هذا نسخ لفعله؟
نسخ لفعله
طالب: بعني في المستقبل أنه لا يفعل ذلك لو......
لا هذا يدل على الترجيح، على الرجحان، من أهل العلم من يقول أنه قال هذا الكلام تطييباً لخاطر أصحابه، أمرهم بأن يحلوا وهو لم يحل، يعني هل لمبرر أن يبرر أن يقول لمجرد سوق الهدي، أو لا بد أن يدعمه بكلام يقويه مثل قوله: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت... إلى آخره)) يعني مثل في الحديبية لما أمرهم بحلق رؤوسهم ما استجابوا، ما استجابوا معاندة وإلا رجاء أن يؤدوا نسك العمرة في هذه السنة؟
طمعاً في الخير، لكن لما حلق رأسه -عليه الصلاة والسلام- حلقوا رؤوسهم ما عاد هناك خيار، نعم.
طالب............
حق من؟
طالب.........
متمتع، المكي يعني يسوق هدي؟
طالب..........(1/19)
هل هناك متعة لحاضر المسجد الحرام؟ {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[(196) سورة البقرة] الضمير يعود إلى أيش؟ ذلك، التمتع أو لزوم الهدي الناشئ عن التمتع؟ أو أصل الهدي، أو أصل التمتع {ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ذلك التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، أو ذلك لزوم الهدي الناشئ عن التمتع لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام، ولذا يختلف أهل العلم هل للمكي أن يتمتع؟ وإذا تمتع ليس عليه هدي، أو ليس له أن يتمتع أصلاً، أو لا يتصور التمتع في حقه؟ أيش معنى التمتع؟ أن يأتي بالنسكين في سفر، وهو لم يسافر لأحدهما، فلا يسمى متمتعاً يأتي بعمرة عمرتين ثلاث خمس في أشهر الحج ثم يحج أيش يصير؛ لأن الهدي في مقابل الترفه بترك أحد السفرين وهو لم يسافر، فله أن يعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه لكن لا يلزمه هدي. نعم.
طالب: .....
الخلاف في مرجع اسم الإشارة، الخلاف لفظي ما يلزم عليه شيء.
طالب..........
من هو؟
طالب...........
أيوه، أيش المانع؛ لأن الهدي في مقابل ترك أحد السفرين، هو ما سافر أصلاً.
باب الهدي:
عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثُمَّ أََشْعَرْهَا وَقَلَّدَهَا -أَوْ قَلَّدْتُهَا- ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حَلَالَا".
وَعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة غنما".
نعم حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بيدَيِّ: القلائد إنما تكون إذا كان الهدي من الغنم، وأما إذا كان الهدي من الإبل أو البقر فالإشعار، وعرفنا الفرق بين التقليد والإشعار.(1/20)
فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم أشعرها، وقلدها أو قلدتها: وعلى هذا يمكن الجمع بين التقليد والإشعار، كما يدل عليه فتلت قلائد ثم أشعرها وقلدها، وإن كان أهل العلم يفرقون بين التقليد والإشعار فيجعلون التقليد للغنم والإشعار للإبل والبقر، ويمكن الجمع بينهما، أيش المانع أن يشعر البعير، تشعر البقرة مثلاً بأن تضرب صفحة سنامها الأيمن بالسكين حتى يسيل الدم، وهذا للمصلحة الراجحة، وإن كان فيه شيء من الضرر والتعذيب إلا أنه مغمور في جانب المصلحة الراجحة، إحياء السنة لكي يراها الناس ويقتدوا به -عليه الصلاة والسلام- من جهة، ولا يتعرضوا لها بأذى.
ثم بعث بها إلى البيت وأقام في المدينة لم يحج ولم يعتمر، بعث بها بمفردها، وكل بها من يذهب بها إلى مكة، وينحرها هناك وأقام -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان له حلاً، وفي هذا رداً على من يقول: أن من أهدى إلى البيت لا يجوز له أن يزاول شيء من المحظورات حتى يبلغ الهدي محلة، نقول: متى لا يجوز له ذلك حتى يبلغ الهدي محله؟ إذا أهل بحج أو عمرة، أما إذا لم يهل بحج ولا عمرة فإنه لا يمتنع من أي شيء من المحظورات ولو بعث الهدي، وبهذا ترد عائشة -رضي الله تعالى عنها- على من زعم ذلك.
وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "أهدى النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة غنماً": الغالب أن هديه -عليه الصلاة والسلام- كان من الإبل، كان من الإبل، وأهدى -عليه الصلاة والسلام- عن نسائه البقر، وأهدى -عليه الصلاة والسلام- مرة غنماً، فانحصر الهدي في أنواع بهيمة الأنعام الثلاثة الإبل والبقر والغنم، أفضلها الإبل ثم البقر ثم الغنم.
طالب: ...........
ترسل من الرياض هذا أيش المانع، القصد هو التوسعة على فقراء الحرم، من المقيمين والوافدين عليه.
طالب........(1/21)
هذه ليست أضحية هذا هدي ومحل الهدي مكة، لا، لا أبداً ليس بأضحية، هذا ليس بأضحية، هذا هدي، والهدي محله البيت الحرام.
يقول: أخذ الشعر والظفر؟
في أيش؟ إذا بعث الهدي؟
إي نعم.
هذا خاص بالأضحية، المنع خاص بالأضحية أو لمن دخل في النسك، ولذا تقول عائشة -رضي الله عنها-: "فما حرم عليه شيء كان له حلالاً" شوف "فما حرم عليه شيء كان له حلاً".
حديث أم سلمة أيضاً؟
حديث أم سلمة في الأضحية، هذا في الأضحية، هذه نكرة في سياق النفي فتعم جميع المحظورات.
طالب..........
ما يختلف الأمر بيدي أو بيدي، سواء كان مفرد مضاف أو مثنى ما يفرق؛ لأنه إذا قالت بيدي يراد به الجنس جنس اليد فيشمل اليدين.
طالب: .........
المقصود أنه سواء كانت بيدي أو بيديَّ الأمر سهل؛ ما يختلف.
أيش عندك؟
طالب...........
بيديَّ، فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديَّ.
طالب.........
إيه لكن علق عليها المعلق وقال أنها لم تثبت، ولا نبه عليها في الحاشية أنها توجد في بعض..؟
طالب.........
على كل حال هي موجودة في الطبعات القديمة موجودة، لكن الرجوع إلى الأصل سهل، وعلى ما أحفظ أنها موجودة.
أيش يقول؟
طالب........
نعم على ما أحفظ أنها موجودة، نعم؟
طالب..........
وين؟
طالب............
لا، لا أنا أحفظ أنها موجودة بيديَّ، أما بيدي أو بيديّ تختلف فيهال نسخ في الصحيح، ولا أثر لهذا الاختلاف؛ لأنه قد يطلق المفرد ويراد به الجنس، جاء في الحديث الصحيح: ((لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) وفي الصحيح نفسه في البخاري: ((ليس على عاتقيه منه شيء)) نعم، مفرد مضاف يعم، يراد به الجنس، جنس العاتق. نعم.
طالب........(1/22)
ما تبطل، هذا واجب يجب ستر العاتق يجب ستر المنكب لكنه ليس بشرط، هذا نهي عن أن يصلي الشخص، نهي أن يصلي الشخص مكشوف العاتق، على هذا يأثم من صلى مكشوف العاتق وصلاته صحيحة، ولذا لم يدرجه أهل العلم في الشروط، نعم، لم بدرجه أهل العلم في الشروط.
طالب: ........
كيف؟
طالب.......
يعدل، إذا جاء يصلي يعدل، يستر المنكبين
في الطواف؟
في الطواف، لكن إذا جاء الصلاة يستر المنكبين، نعم الحديث الذي يليه.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة، قال: ((اركبها))؟ قال: إنها بدنة، قال: ((اركبها)). فرأيته راكبها، يساير النبي صلى الله عليه وسلم} وفي لفظ قال في الثانية، أو الثالثة: ((اركبها ويلك، أو ويحك)).
نعم حديث أبي هريرة في الإفادة مما أخرجه الإنسان من ماله لله -عز وجل- هدي أو أضحية، أخرج لله -عز وجل-، هل له أن يستفيد منه، وما مقدار هذه الإفادة، وهل هي مقرونة بالحاجة؟ أو تجوز مطلقاً؟ وهل يتناول ما هو أعظم انتفاعاً من الركوب، كحلبها مثلاً أو إجارتها، شخص محتاج إلى ركوبها النص وارد فيها، ((اركبها)) إنها بدنة، قال: ((اركبها ويلك ويحك)) لكن شخص ما هو محتاج إلى الركوب، جاء شخص محتاج إلى الركوب، قال: هذه بدنة، قال: أركبها، أنا أحتاج إلى ركوبها؟ قال: تركبها بمائة إلى مكة يجوز له ذلك؟ بدنة أو بقرة أو شاة فيها حليب، يحلب ويشرب؟ ما مقدار هذا الانتفاع، الحديث دليل على جواز الانتفاع، الانتفاع بالركوب عند الحاجة نص في الحديث، لكن هل يسري إلى ما هو أعظم من ذلك من شرب الحليب مثلاً، ومثله لو ولدت هذه البدنة، ما مصير هذا الولد؟
طالب.........(1/23)
لا يؤجرها، بدليل أنه لا يعطي الجزار أجرته منها، أخرجها لله لا يجوز له أن يرجع بشيء منها، ولذا نُهي عمر -رضي الله عنه- أن يشتري الفرس الذي أخرجه لله، يعني لو إنسان تصدق على آخر بصدقة فرأى أن هذه الصدقة لا تناسبه، هل يجوز له أن يشتريه منه؟ تصدقت على زيد من الناس بكتاب، استلم هذا الكتاب وقال: ما شاء الله، هذا، وذهب إلى البيت وجد عنده نسخة، وعرضه للبيع يجوز أن تشتريه وإلا ما يجوز؟ ما يجوز أن تشتريه؛ وقصة عمر ظاهرة في هذا لأنك إن اشتريته منه رجعت بشيء من صدقتك، لكن هل له أن يوكل أحداً يشتريه، ويكون هذا الوكيل أسوة الزبائن؟
طالب..........
كيف؟
طالب........
لا، لا المسألة الأخرى الذي تصدق بكتاب مثلاً، فعرضه صاحبه للبيع، احتاج قيمته فعرضه للبيع، قلنا لا يجوز له أن يشتريه مثل ما فعل عمر، نهي عن أن يشتري الفرس، نعم؛ لأن الوكيل حكمه حكم الأصيل.
هنا رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- رجلاً يسوق بدنة فقال: ((اركبها)) قال: إنها بدنة، قال: ((اركبها)) فرأيته راكباً يساير النبي -عليه الصلاة والسلام-.
اللبن، بدنة فيها لبن وتتضرر ببقائه فيها، له أن يحلب، فإن كان محتاجاً إليه فهو كالركوب، إن لم يحتج إليه فليبعه ويتصدق بقيمته.
أحسن الله إليك: أقول هذه البدنة هدي؟
هدي إيه.
أيش يدل على أنها هدي؟
بدنة، قوله بدنة، عرف.
البدنة تطلق على الهدي؟
عرف، عرف نعم تطلق على الهدي.
طالب.........
في حكم البيع نعم، لا يجوز له أن يؤجرها في حكم البيع.
طالب...........
عندك؟
طالب نعم.
أبش يقول؟
طالب: .... تعليق يا شيخ.
لكنه أضافها في الأصل، يعني لا توجد في النسخ، أضافها من فتح الباري، له أن يفعل مثل هذا؟
طالب: لا وضعها بين قوسين ووضع حاشية.(1/24)
ما ينفع، ما ينفع أبداً، ولو رواها البخاري، الكلام على أصل، عندك كتاب ألفه صاحبه، يجوز أن تزيد عليه؟ زد في الحاشية ما شئت، أهل العلم يختلفون فيما إذا وجد الخطأ الذي لا يحتمل الصواب، هل لصاحبه لقارئه لمحققه أن يتصرف فيه ويصحح في الأصل؟ أو يثبته كما كان خطأ ويعلق في الحاشية؟
طالب.........
يعني عنده نسخة أصلية فيها هذا ما أشار إلى هذا، لا لا ما عنده شيء.
طالب:.........
أيش المعنى سقط من الأصل؟ هل عنده نسخ من العمدة فيها هذا الكلام؟
يقول: أتممته من فتح الباري، ما قال أتمتته من نسخة كذا من نسخة كذا، إذن أدخل في الكتاب، هم متفقون على أنه إذا كان الخطأ في آية عليه أن يصحح، أما إذا كان الخطأ في كلام البشر، ولو كان حديث يرويه كما هو وينبه على الصواب، ومن أهل العلم من يرى أن له التصحيح وينبه على الخطأ في الحاشية.
لكن ما يفتح الباب على مصراعيه لمن تصدى، أي شخص يتصدى لأي كتاب يصحح ويزيد وينقص على حسب فهمه هو؛ لأنه قد يكون خطأ على حسب فهمك أنت، يأتي بعدك من يستقيم له المعنى، وكم من كتاب خرج محققاً وأثبت في الأصل كلام وقال المحقق كذا في الأصل، أو كذا في كذا، والصواب كذا، والصواب ما أثبته، نقول: لا الصواب ما في الحاشية، هذا كثير جداً، يعني لو فتح المجال للتصرف في الكتب مسخت الكتب، فتبقى الكتب كما هي على مراد مؤلفيها، ثم ينبه على الصواب، الحاشية ما حد يمنعك من أن تكتب ما شئت.
الطبعة الأخيرة، طبعة ...... الفاريابي لا بأس بها، لا بأس بها.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا" وقال: ((نحن نعطيه من عندنا)).(1/25)
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أقوم على بدنه: تقدمت الإشارة إلى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نحر بيده الشريفة ثلاثاً وستين، وترك الباقي لعلي -رضي الله عنه- فنحرها.
أن أقوم على بدنه: أمرني، إذا قال الصحابي أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو نهاني فهو مرفوع بلا خلاف، بخلاف ما لو قال: أمرنا أو نهينا فالخلاف قائم، والجماهير على أنه مرفوع.
وأن أتصدق بلحمها وجلودها: هذا الأصل في الهدي والأضاحي أن يتصدق بها، وأن يؤكل منها، وأن يهدى منها،{كُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا}[(36) سورة الحج]. وأوجب بعض اهل العلم الأكل؛ للأمر به، {كُلُوا} فلذا أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- ببضعة من كل واحدة منها فطبخت فأكل منها وشرب من مرقها.
وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها: يجوز لصاحبها أن ينتفع بالجلد، لكن لا يجوز له أن يبيعها، ولا يجوز له أن يبع الجل، والجلال والأفضل أن يتصدق به.
وألا أعطي الجزار منها شيئاً: هذا إذا كان في مقابل الأجرة؛ لأنه إذا أعطى الجزار في مقابل الأجرة رجع بشيء منها، يكون قد رجع بشيء منها، وهو ما يقابل هذه الأجرة، لكن لو اتصف الجزار بوصف من يتصدق عليه بأن كان فقيراً وأعطي الأجرة كاملة وتصدق عليه كغيره من الفقراء فلا بأس.
طالب: أجلتها يا شيخ...؟
الجلال الذي يوضع عليها.
طالب: كساء؟
نعم، كساء يوضع عليها.
وألا أعطي الجزار منها شيء، وقال: ((نحن نعطيه من عندنا)) الأجرة يجب أن تكون من المؤجر. نعم؟
طالب..........
يعني من غير أجرة لا بأس، لا بأس هي تترك لأي آخذ، الآن والناس يعيشون في رخاء يتركون هذه الأمور يتركون الرأس يتركون الألية، يتركون المقادم، يتركون أشياء كثيرة، بعضهم يترك ما حواه البطن ويقتصر على اللحم، هذا كله سببه عدم الحاجة إليه، والله المستعان.(1/26)
عن زياد بن جبير قال: "رأيت ابن عمر قد أتى على رجل قد أناخ بدنته، فنحرها، فقال ابعثها قياما مقيدة؛ سنة محمد صلى الله عليه وسلم".
السنة بالنسبة للإبل أن تنحر قائمة واقفة، معقولة يدها اليسرى، تنحر نحراً، وموضع النحر في أصل العنق، تنحر قائمة؛ اتباعاً للسنة المؤيدة بالقرآن {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}[(36) سورة الحج]، وجبت: يعني سقطت، وهل تسقط وهي باركة؟ لا. تسقط متى؟ إذا كانت قائمة، فالسنة في الإبل أن تنحر قائمة، وأما بالنسبة للبقر والغنم تذبح، تضجع على جنبها الأيسر يستقبل بها القبلة ثم تذبح ذبحاً، لكن لو عكس ذبح الإبل ونحر الغنم والبقر؟ جاز، لكنه خالف السنة، خالف السنة.
طالب...........
لا استقبال القبلة سواءً في الذبح أو في النحر كله سنة، كله سنة استقبال القبلة سنة.
رأى ابن عمر، أو قال زياد بن جبير: "رأيت ابن عمر قد أتى على رجلٍ قد أناخ بدنته ينحرها": لكن لو افترض أن شخص يشق عليه النحر، قال: لا أستطيع أن أنحرها حتى تكون باركة، نقول: له ذلك؛ لأن نحرها باركة لا يعدو أن يكون مكروهاً؛ والكراهة عند أهل العلم تزول بأدنى حاجة.
فقال ابعثها قياماً مقيدة، يعني معقولة يدها اليسرى، وأيضاً مقيدة في رجليها، في رجليها القيد؛ لئلا تهيج عليه أو تهرب أو تحدث أضراراً له أو لغيره.
سنة محمد -صلى الله عليه وسلم-: هذه السنة، وعرفنا أن الصحابي إذا قال: من السنة كذا، فهو مرفوع:
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصر ... على الصحيح وهو قول الأكثر
نأخذ سؤال وإلا.
نعم.
طالب..........
القيد، الرجلين معاً أو يد مع رجل، المقصود أنها لا تتمكن من الهرب أو من الأذى.
طالب........
أيش هو؟
طالب: .......
اليد اليسرى معقولة، اليد اليسرى معقولة، لكن القيد؟ لأنه بإمكانها أن تهرب بالثلاث.
طالب..........
حكمه -إذا كان نفل- حكمه حكم الأضحية، إذا كان نفل.
طالب.........(1/27)
يؤكل منه ويتصدق ويهدى، إذا كان نفل أو كان هدي متعة وقران، بمعنى أنه هدي شكر، وليس بواجب بسبب محظور.
طالب.......
نعم هم يقولون: فإن أكلها كلها إلا أوقية جاز، فإن أكلها ضمنها، يضمن الأوقية.
والنذر يا شيخ؟
النذر على حسب ما وقر في نفسه وقت النذر، إن كان نذره للفقراء والمساكين لا يجوز له أن يأكل.
طالب........
يضمن، يضمن جزءاً منها للمساكين، يضمن جزءاً منها للمساكين.
طالب: يغرم منها شيئاً يا شيخ؟
كيف؟
طالب :يغرم منها شيئاً؟
إذا أكلها كلها، يضمن للمساكين نصيبهم.
باقي وقت للأسئلة؟
يقول: من حج عن غيره -يعني متمتعاً أو قارناً ممن يلزمه الهدي- ونفذت نفقة الحج التي معه قبل أن يهدي، فمن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، الموكِل أو الموكَل؟
الأصل الموكَل هو الذي يصوم، لا سيما إن حج بأجرة، على أن الحج لا يتجزأ من تولى بعضه يتولى الباقي، فمن حج عن غيره يلزمه أن يصوم عنه.
يقول: هل يجوز التحلل بفعل واحد من أفعال الحج؟
هذا عند جمع من أهل العلم، وهو مأخوذ من قول عمر -رضي الله عنه- أنه يتحلل بواحد، لكن جمهور أهل العلم على التحلل باثنين، فإذا رميت وحلقت فقد حللت.
هل كل من ساق الهدي يلزم بالتمتع؟ ولماذا؟
يُلزم بعدم التمتع، إنما له أن يقرن وله أن يفرد، والقران في حقه أفضل لفعل النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب..........
يمكن أيش المانع.
طالب: ......
كيف؟
طالب..........
إيه مسنون ساق هديه معه مسنون، يذبحه إذا بلغ محله يوم العيد؟ ولا يحل قبل ذلك.
طالب..........
كيف؟
طالب..........
صورة حج القارن والمفرد لا فرق بينهما، لكن لو قال: أنا قرنت العام الماضي، وبا أفرد هذه السنة، تقول: لا بد أن تقرن؟! هو ونيته.
طالب: وأيش يكون الهدي يا شيخ؟
في حقه مسنون لا، ليس بواجب، نعم.
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك...(1/28)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الغسل للمحرم:
عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه، قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك ابن عباس، يسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟
فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه، حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم- يفعل".
وفي رواية " فقال المسور لابن عباس: "لا أماريك بعدها أبدا".
"القرنان " العمودان اللذان تشد فيهما الخشبة التي تعلق عليها بكرة البئر"
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب الغسل للمحرم: يعني بعد تلبسه بالإحرام، وليس المراد بهذا الباب الغسل للإحرام، إنما بعد تلبس المحرم بالإحرام هل يغتسل أو لا يغتسل؟ هل يغسل رأسه أو لا يغسل رأسه؟ هذا هو سبب الإشكال الحاصل عند المسور حينما تمارى هو وابن عباس.
عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء: والأبواء مكان قريب من مستورة، قريب منها جداً بالأبواء.
فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه: ابن عباس يرى أن المحرم يغسل رأسه، والمسور يرى أنه لا يغسل رأسه، ما الذي أورد، أو أورث هذا الإشكال عند المسور؟(1/29)
أن غسل الرأس مظنة لسقوط بعض الشعر، والمحرم ممنوع من حلق رأسه وما في حكم الحلق، من إسقاط الشعر أو بعضه.
فقال ابن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه.
قال: فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري، وأبو أيوب من كبار الصحابة وخيارهم، ليكون مرجحاً؛ لأن كلاً من ابن عباس والمسور من الصحابة.
يقول: فوجدته -يقول عبد الله بن حنين-: فوجدته يغتسل بين القرنين، الآن الخلاف في الغسل أو في غسل الرأس؟
طالب: في غسل الرأس:
الخلاف في غسل الرأس.
أيها الأحبة في الله ما تبقى من مادة هذا الشريط تتابعونها في الشريط التالي...(1/30)
بسم الله الرحمن الرحيم
عمدة الأحكام – كتاب الحج (5)
باب الغسل للمحرم- باب فسخ الحج إلى العمرة- باب المحرم يأكل من صيد حلال
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
يقول: فوجدته يقول-عبد الله بن حنين- فوجدته يغتسل بين القرنين، الآن الخلاف في الغسل أو في غسل الرأس؟
طالب: .........
الخلاف في غسل الرأس، والترجمة: باب الغسل للمحرم، وما يخشى من سقوط الشعر في غسل الرأس يخشى من سقوطه من سائر البدن في الغسل، ولذا رأى المؤلف التعميم في الترجمة، المؤلف عمم الترجمة، لماذا؟ لأن حكم سائر البدن حكم الرأس عند الجمهور.
يقول عبد الله بن حنين: فوجدته –يعني أبا أيوب- يغتسل بين القرنين، والقرنان: هما العمودان اللذان هما على جانب البئر تشد فيهما الخشبة التي تعلق عليها البكرة، عمودان إما مبنيان من اللبِن -من الحصى- مبنيان من الحصى، أو من الخشب، وهذا يوجد وذاك يوجد، المهم أنهما عمودان إما من الحصى أو من الخشب، ويكون فوقهما الخشبة التي تكون فيها البكرة، التي يستنبط بها الماء من البئر.
البكرة معروفة وإلا ما هي معروفة؟
طالب: .....
نعم، يسمونها المحالة، نعم صحيح، يسمونها العوام محالة، البكرة التي يستنبط بها، وقد يقال لها: مكرة بالميم.
فالمقصود أنها معروفة وليست هي محل الفائدة من الحديث.
يقول: وهو يستتر بثوب: هذا من الأدب أن يستتر المغتسل ولو لم يكن بحضرة أحد، أما إذا كان بحضرة أحد يجب عليه أن يستتر، يستر عورته.
وهو يستتر بثوب فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، سلمت عليه، هل رد السلام أو ما رد؟ هل في الخبر ما يدل على رد السلام؟ وهل معنى هذا أن المغتسل إذا سلم عليه لا يرد السلام؟ نعم.
طالب: .......(1/1)
نعم جاء في الأدلة ما يدل على وجوب الرد، النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءته أم هانئ وهو يغتسل -أم هانئ بنت أبي طالب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- جاءت إليه وهو يغتسل فقالت: السلام عليك يا رسول الله، فسأل عنها فقالت: أم هانئ، فقال: ((مرحباً بأم هانئ)) ولم ينقل عنه أنه قال: وعليك السلام يا أم هانئ، فهل يكتفى بمثل هذا في رد السلام؟ يعني إذا قال شخص: السلام عليكم، تقول له: مرحباً، يكفي؟
ما نقل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رد السلام على أم هانئ، إنما قال: ((مرحباً بأم هانئ)) هل نقول: أنه لم ينقل من قبل الرواة اكتفاءً بثبوته في نصوص أخرى، وعلى هذا يجب رد السلام بمثله على الأقل؟ {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[(86) سورة النساء] هل نقول: أن مرحباً أفضل من وعليكم السلام؟ نعم.
بلا شك، إذن كيف اكتفى -عليه الصلاة والسلام- بقوله: ((مرحباً بأم هانئ))؟ الرواة ما نقلوا، والاحتمال الأقوى أنهم اكتفوا بما ورد من النصوص التي فيها الأمر برد السلام، ولذا رد السلام عند أهل العلم واجب، من أهل العلم من يرى أخذاً من هذا الحديث أن كلمة مرحباً تجزئ في رد السلام.
فسلمت عليه فقال: من هذا: لا نأخذ من هذا أن المغتسل لا يرد السلام، يرد، نعم الذي يقضي الحاجة لا يرد السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله، والمكان غير مناسب لرد السلام. نعم.
طالب.........
أيش هيه؟
طالب...........
من؟
طالب...........
لا، أبو أيوب، المكان طاهر، مكان غسل ما هو مكان قضاء حاجة، هذا مكان غسل وليس بمكان قضاء حاجة، هو طاهر، والغسل مزاولة عبادة ما هو، نعم ما في ما في ما يمنع من رد السلام.
طالب..........(1/2)
جاء في الخبر النهي عن البول في المستحم، وجاء التعليل بأن عامة الوسواس منه، لكن الخبر فيه كلام كونه يشترك المكان لقضاء الحاجة والاغتسال أو الوضوء هذا لا شك أنه يعرض الإنسان لأن يصله شيء من النجاسة، وإن لم يصله شيء من النجاسة ما يسلم من الوسواس، الأصل أن مكان قضاء الحاجة مستقل عن مكان الوضوء، ومكان الغسل.
فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس، يسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يغسل رأسه وهو محرم؟: فأجابه أبو أيوب بالقول أو بالفعل؟ بالفعل، وهو أبلغ، وهو أبلغ.
فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه -خفضه وأنزله عن مستوى رأسه- حتى بدا لي رأسه، ظهر رأس أبي أيوب وهو يغتسل.
ثم قال لإنسان يصب عليه الماء: في هذا جواز إعانة المغتسل والمتوضئ.
اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه: حرك رأسه بيديه، المقصود حرك الرأس وإلا الشعر؟ المقصود شعر الرأس، حرك شعر رأسه، ليس المعنى أنه حرك الرأس باليدين، هز رأسه بيديه، لا، إنما حرك الشعر هكذا لأي شيء؟ لكي يصل الماء إلى أصول الشعر، يحركه.
ثم أقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم- يفعل".
وجاء في وصف وضوءه -عليه الصلاة والسلام- في مسح الرأس، أنه أقبل بيديه وأدبر، بدأ من مقدم رأسه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ أقبل بيديه وأدبر، بدأ بمقدم رأسه، وهنا قال: أقبل بهما وأدبر، مقتضى أقبل وأدبر أنه بدأ من مؤخر الرأس، مقتضى ذلك أنه أقبل ثم أدبر، أنه بدأ من مؤخر الرأس، لكن الرواية في صفة الوضوء بدأ بمقدم رأسه، ولذا نقول أن الواو لا تقتضي الترتيب، هذا الكلام أقبل وأدبر لا يعني أن الإقبال قبل الإدبار؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.(1/3)
ابن دقيق العيد في الوضوء يقول: الإقبال والإدبار أمر نسبي، بمعنى أقبل بهما إلى قفاه وأدبر بهما عن قفاه؛ لكي تلتئم الروايات، لكن هذا فيه تكلف، أقول ما يسلم من تكلف هذا الكلام؛ لأن الإقبال واضح ظاهر، والإدبار –أيضاً- واضح وظاهر، فأولى ما يقال أن الواو لا تقتضي الترتيب، وهذه الرواية مجملة فسرها قوله: بدأ بمقدم رأسه.
ثم قال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل: العوام لهم طرق في كيفية مسح الرأس من باب الاحتياط، وكيفية حك الرأس إذا احتاج إلى حك، نعم، بعضهم إذا احتاج إلى الحك بطرف إصبعه يضربه هكذا؛ يخشى أن يقع منه شيء!! إذا احتيج إلى الحك يحك الرأس أيش المانع، إذا احتيج إلى تنظيفه ينظف، لكن يراعى مسألة سقوط الشعر.
طالب.......
يكد لكن برفق، كد، الحاجة إليه، إذا تشعث يكد، يعني يسرح، لكن برفق بحيث لا يؤدي ذلك إلى سقوط شيء من الشعر، إن سقط شيء من غير قصد هذا أمره ميسور إن شاء الله تعالى.
وفي رواية فقال المسور لابن عباس: لا أماريك بعدها أبداً: لا أجادلك ولا أخالفك، ابن عباس معروف أنه من فقهاء الصحابة، المسور نقل عنه بعض المسائل الفقهية لكن ما هو مثل ابن عباس، ليس مثل ابن عباس.
المضطرين مثلك ومثل هذا من أجل أن ننهي القدر الباقي إن شاء الله تعالى.
باب فسخ الحج إلى العمرة:
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "أهل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم هدي، غير النبي -صلى الله عليه وسلم- وطلحة، وقدم علي من اليمن، فقال: أهللت بما أهل به النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه: أن يجعلوها عمرة، فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، إلا من كان معه الهدي، فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟(1/4)
فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت، وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها، غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت وطافت بالبيت قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر: بأن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج}.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب فسخ الحج إلى العمرة: الفسخ: معناه قلب النية ممن أحرم بالحج وحده أو أحرم به مع العمرة معاً يفسخ كلاً منهما إلى العمرة -إلى الأكمل-، فمن أحرم بالحج الأفضل له أن يفسخ هذه النية إلى العمرة، ومن أحرم بهما معاً ولم يسق الهدي الأفضل له أن يقلب النية من الحج المقرون بالعمرة إلى العمرة؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه أن يجعلوها عمرة.
والأمر الأصل فيه الوجوب، الأمر الأصل فيه الوجوب، وقد قال بوجوب الفسخ ابن عباس -رضي الله عنهما- وابن حزم ورجحه ابن القيم، أن من أحرم بهما معاً وليس معه هدي يجب عليه أن يفسخ إحرامه ويجعلها عمرة؛ لأمر النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وجماهير أهل العلم على أن الفسخ سنة، وليس بواجب، ومن أهل العلم من يرى أن الفسخ والأمر به وتغيير النية خاص بالصحابة في تلك الحجة، لكن جاء ما يدل على الخصوصية وفيه كلام لا يثبته الإمام أحمد وغيره الخبر، وأصح منه قول سراقة ألعامنا هذا أم للأبد؟ فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((بل لأبد الأبد)) فدل على عدم الخصوصية، فمن أهل بهما معاً يفسخ نسكه ويجعلها عمرة، فإذا انتهى من أفعالها أهلَّ بالحج، لكن إن ضاق عليه الوقت ولم يستطع أن يؤدي العمرة إلا بفوات الحج فلا مانع من أن يدخل الحج على العمرة فيصير قارناً، ومثله لو حاضت المرأة وضاق عليها الوقت بحيث لا تتمكن من أداء العمرة كعائشة تدخل الحج على عمرتها فتصير قارنة.(1/5)
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "أهل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بالحج، وظاهره أنه حج مفرد، وظاهره أنه حج مفرد، وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج مفرداً، وسبق الجواب عن ذلك، لكن من أهل العلم من يرى أنه أهل بالحج مفرداً في أول الأمر ثم قيل له بعد ذلك: صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل: "حجة بعمرة": يعني أقرن بينهما.
وليس مع أحد منهم هدي غير النبي –عليه الصلاة والسلام-: عرفنا سابقاً أنه ساق الهدي من ذي الحليفة، وطلحة بن عبيد الله.
وقدم علي من اليمن، فقال: أهللت بما أهل به النبي –عليه الصلاة والسلام-: وسبق الكلام فيمن أهل بمثل ما أهل به فلان، والاحتمالات التي أوردناها بالأمس من احتمال كونه لا يجد فلان الذي أهل بمثل ما أهل به، واحتمال أن يكون فلان لم يحج في هذه السنة، ماذا يصنع؟ يقلبه إلى أفضل الأنساك، نعم؟
فأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أصحابه: أن يجعلوها عمرة، فيطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، إلا من كان معه الهدي، يطوفوا ثم يقصروا ويحلوا، ما فيه ويسعوا؟ فيه وإلا ما فيه؟ يعني يكفي أن يطوف المعتمر ويقصر ويحل، أو لا بد من السعي؟ لا بد من السعي، وهو ركن من أركان الحج والعمرة، وقيل بوجوبه، لكن المتجه أنه ركن.
لم يذكر هنا السعي، أو ذكر بما يشمله مع الطواف فيطوفوا، يعني بالبيت وبين الصفا والمروة، فالطواف أعم من الطواف بالبيت فقط، هذا اللفظ: فيطوفوا: يتناول الطواف بالبيت ويتناول أيضاً الطواف بين الصفا والمروة، {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[(158) سورة البقرة]، فالسعي طواف؟ ثم يقصروا ويحلوا إلا من كان معه الهدي، إلا من كان معه الهدي.
فقالوا: ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟: استبعاد، جاءوا للنسك وتلبسوا بالنسك ومن مقتضيات هذا النسك اعتزال النساء، وبعد ذلك يقال لهم: حلوا الحل كله، استبعدوا فقالوا مثل هذا الكلام، ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر؟!(1/6)
فبلغ ذلك النبي –عليه الصلاة والسلام- فقال: مبالغة وتأكيد في أن ما أمرهم به أفضل: ((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت)): فهذا يدل على تفضيل التمتع على القران.
وحاضت عائشة، فنسكت المناسك كلها؛ لأمره -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاجّ، غير ألا تطوفي بالبيت)): تأثرت لما حاضت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لها: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يطمئنها.
فنسكت المناسك كلها: هذا التعميم يدخل فيه السعي أو ما يدخل؟ نعم، يعني هل للحائض أن تصل إلى المسعى وتسعى ولا يبقى عليها إلا الطواف؟ نعم؟
طالب: ظاهره كذا.
الظاهر كذلك، لا سيما والمسعى ليس من البيت، إلا على قول من يشترط للسعي تقدم الطواف؛ جمع من أهل العلم يرون أن السعي لا يصح إلا بعد طواف ولو مسنون، المعتمد عند الحنابلة وغيرهم، هذا بالنسبة للسعي، ظاهر، لكن هل يتجه قول من يقول: أن الحائض تقرأ القرآن من هذا الكلام، من هذا التعميم، أو فيه بُعد؟ نعم، نسكت المناسك، ((افعلي ما يفعل الحاج)) الحاج يقرأ قرآن، نعم، ليس من أعمال المناسك، وإن استدل به بعضهم لكنه بعيد، بعيد جداً، استدلالٌ بعيد جداً.
فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت؛ لأنه قال لها: ((غير ألا تطوفي بالبيت))، والحائض لا تطوف بالبيت مهما كان ظرفها، ومهما ترتب على فعلها.
شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أورد احتمالات، قال: "هذه الحائض إما أن ترجع -والمسألة مفترضة في امرأة جاءت من بعيد- إما أن ترجع إلى بلدها بغير طواف، أو تجلس وتحبس الرفقة ويتضررون، ثم جاء بالتيسير، والمشقة تجلب التيسير.
نعم المشقة تجلب التيسير، لكن كيف تجلب مثل هذا التيسير، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟))؟!(1/7)
هذا دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، نحن نقول: لا، لا تحبس الرفقة يمشون، تطوف ويمشون! الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟)) على ما سيأتي، دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، وأيش المانع، ركن من أركان الإسلام لا بد من إكماله، والطواف ركن من أركان هذا الركن.
طالب: .........
تجلس وتطوف أو تذهب وترجع؟ هذا ركن من أركان ركن من أركان الإسلام.
طالب: .....
ترجع ما ترجع الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي؟)) دليل على أيش؟ على أنها تحبس، أيش المانع، نعم.
طالب..........
كيف؟
لا، لا ما يقبل التوكيل، لا، تذهب وترجع، تجلس، المقصود أنها لا بد أن تطوف.
طالب...........
من طافت وهي حائض، الكلام على وضعها هي ومن أفتاها، هل أفتاها من تبرأ الذمة بتقليده، أو اجتهاد منها؟ أخذت بفتوى من تبرأ الذمة بتقليده يتحمل يتحمل.
طالب..........
لا، وقوعها تقع، ما عندنا إشكال أنها تقع، يعني يفترض أن هذه المرأة وقومها من أقصى المشرق أو من أقصى المغرب، وعندهم تحديد وورائهم متابعة من قبل..، مسألة إقامة محددة وكذا وطيران والمشقة حاصلة، لكن مهما كانت المشقة والرسول يقول: ((أحابستنا هي؟)) يعني نص في الباب، ما في اجتهاد مع هذا النص.
طالب..........
هذا سيأتي -إن شاء الله تعالى- لكن ((أحابستنا هي؟)) نص في الباب كيف نجتهد مع وجود هذا النص؟ يعني القائل شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام شيخ الإسلام ما أحد يماريه في إمامته، لكن لا اجتهاد مع مثل هذا النص.
غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت طافت بالبيت قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة، وأنطلق بحج؟: عائشة -نوع النسك الذي أدته ظاهر هذا الكلام أنها، أنها أيش؟ أنطلق بحج، مفردة، ويؤيده قوله في بعض الروايات: ((ارفضي عمرتك)) لكن الذي دلت عليه النصوص أنها كانت قارنة- إذن كيف تنطلق بحج؟(1/8)
نعم؛ لأن القارن صورة عمله مثل صورة المفرد، ((ارفضي عمرتك)) المستقلة، أما العمرة الداخلة في الحج، الحج القارن موجودة.
طالب.........
مستقلة، إيه، مثل هذا لا بد من رفضه، لا بد من رفضه وإدخال الحج عليه إذا حاضت وهي في مكة.
طالب........
سواء، أبداً في الصورة ما في فرق.
فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر: أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج}: أمر عبد الرحمن بن أبي بكر: أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج، وفي هذا دليل على جواز إنشاء العمرة من مكة، جواز إنشاء العمرة من مكة، ومع وجود مثل هذا الدليل لا ينبغي أن ينازع فيه، كونه جبر لخاطرها... هذا تشريع عام، حكمه على الواحد حكمه على الجميع -عليه الصلاة والسلام- لكن إذا سئل عن الأفضل أو عدمه، مسألة ثانية، يعني هل يخرج المكي ويؤدي عمرة، أو الآفاقي الذي جاء وأدى عمرة، هل يخرج ثانية وثالثة، أو يمكث في البيت يطوف ويصلي ويتلو القرآن؟ مسألة أخرى، لكن كون الإنسان في مكة ويخرج لإنشاء عمرة ثانية ما الذي يمنع؟ والنبي -عليه الصلاة والسلام- أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمرها من التنعيم.
أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت: دل على أن عمرة المكي من الحل، ولذا أمر أخاها أن يعمرها، أن يخرج بها إلى التنعيم -مع أنه -عليه الصلاة والسلام- مع صحابته الكرام في الانتظار في انتظارها- فعمرة أو إحرام، عمرة المكي من الحل، وعلى هذا جماهير أهل العلم، وعلى هذا يكون قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((حتى أهل مكة من مكة)) خاص بالحج ما الذي أخرج العمرة؟ هذا النص.
المقصود الذي ينشئ من مكة -عمرته من مكة- لا بد أن يخرج إلى الحل، أما الحج فلا يحتاج إلى أن يخرج إلى الحل.
فاعتمرت بعد الحج.
الحديث الذي يليه.
طالب..........
لو استقبلت: تمني من النبي -عليه الصلاة والسلام- وهذا تمني خير، لا يدخل فيما جاء في (لو) أنها تفتح عمل الشيطان.
طالب..........(1/9)
هو ينتظر مع صحابته، ليش ما في مشقة؟
طالب.........
كيف؟
طالب..........
ما الذي يدل على أنه ما فيه اضطرار؟
طالب........
سيأتي، غضبه -عليه الصلاة والسلام- لمن حاضت بعد ذلك فقال: ((أحابستنا هي؟ عقرى حلقى)) هذا ما فيه مشقة؟
أحسن الله إليك.
عائشة على هذا ما هو نسكها؟
كيف؟
عائشة؟
نسكها، نسكها القران، ثم بعد ذلك جاءت بعمرة مفردة ليرتاح خاطرها، لتكون مثل بقية الصحابة جاءوا بعمرة مفردة وحج مفرد.
طالب........
لكن عندنا هذا أصل، أصل قائم برأسه، أصل، لكن كونه أفضل أو ما هو بأفضل مسألة ثانية، نقول: ليس من هدي السلف أنهم كرروا وفعلوا، لكن عندنا أصل يعمل به من يخرج من مكة ويأتي بعمرة، يكفي هذا في التشريع، لكن مسألة كونه أفضل من غيره مسألة أخرى، المفاضلة تأتي.
طالب.........
من اليمن جاء، على حسب علمه، هذا جابر على حسب علمه.
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: "قدمنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن نقول: لبيك بالحج، فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلناها عمرة".
هذا كسابقه، فيه الأمر بفسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي، نعم.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه صبيحة رابعة من ذي الحجة مهلين بالحج، فأمرهم أن يجعلوها عمرة، فقالوا: يا رسول الله أي الحل؟ قال: ((الحل كله)).
وهذا أيضاً فيه ما تقدم من الأمر بفسخ الحج إلى العمرة، وأنهم يحلون الحل كله بين النسكين، ولا مانع من أن يذهب أحدهم إلى منى وقد قارف زوجته على ما تقدم، نعم.
وعن عروة بن الزبير قال: "سئل أسامة بن زيد -وأنا جالس- كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير حين دفع؟ فقال: كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص". "العنق " انبساط السير. و" النص " فوق ذلك.(1/10)
عن عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: سئل أسامة بن زيد: حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن حبه، وكان رديفه في الانصراف من عرفة إلى مزدلفة.
سئل أسامة بن زيد –وأنا جالس- كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسير حين دفع، يعني من عرفة إلى مزدلفة؟ قال: كان يسير العنق.
العنق: ضرب من السير، انبساط وفيه شيء من التأني، وهذا هو الأصل في الأمور كلها، حتى في الأمور التي يظن أنها محل للعجلة والخفة كالجهاد، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لعلي، حين بعثه إلى خيبر قال: ((امض على رسلك)) الرفق لا يأتي إلا بالخير.
كان -عليه الصلاة والسلام- يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص، أسرع قليلاً؛ لأن السير على الدابة فيه شيء من المشقة عليه وعلى أصحابه، السير على الدواب فيه مشقة، فائدة النص هذا اليسير يسرع قليلاً؛ لكي يرتاح من عناء الركوب على الدابة، الذي حكمه حكم السفر، والسفر قطعة من العذاب.
فيسير العنق: هذا هو الأصل في سيره -عليه الصلاة والسلام- لا سيما في الزحام، وإذا وجد فجوة -فرجة متسع- يسرع قليلاً؛ ليرتاح من عناء الركوب ويريح أصحابه -عليه الصلاة والسلام- وهذا بخلاف ما عليه الناس اليوم.
كلكم شاهدتم ما يحصل بعد النفير من عرفة، من تصرفات من سرعة وطيش، من حوادث ورفع أصوات، وأحياناً مضاربة، يحصل مضاربة أحياناً والحوادث كثيرة، كل هذا مخالف لهديه عليه الصلاة والسلام.
هل في الحديث ما يدل على السرعة إذا كان الطريق خالياً؟ إذا وجد فجوة نص؛ لأن بعض الناس يستدل بهذا، يمشي مائة وخمسين ومائة وستين ومائة وثمانين ويقول: الرسول -الطريق فاضي- إذا وجد فجوة نص؟، كمقدار النص، نعم.
طالب..........
كيف؟
طالب.........(1/11)
هو يذكر عن الشيخ وعن غيره أيضاً، يذكر عن الشيخ وعن غيره، لكن الآثار المترتبة على هذه السرعة يأتي أمور ويطرأ أمور لا يحسب لها حساب، نعم، إما من نفس المركبة التي يركبها، أو من إنسان يخرج عليه وهو لم يحسب له حساب، المقصود أن الخطر وارد، فليس فيه دليل نعم، النص فوق العنق، يعني يفترض أنه إذا كان الزحام تمشي أربعين خمسين نعم إذا وجدت فرجة زد، لا بأس لكن ما تصل إلى حد يضر بك أو بغيرك، الله المستعان، وهذه عامة الناس وهو جالس بالأرض يقرر كلام نظري، لكن إذا ركب السيارة تغير وضعه، نعم، الناس في الطرقات إذا وقفوا ثم مرت السيارات بسرعة اندهش، كيف الناس يسرعون هذه السرعة؟ يدهش، لكن مجرد ما يركب سيارته يتقدمهم، الكلام النظري سهل، لكن الكلام على التطبيق، من يملك، وهي عادة الإنسان على ما تعود، الإنسان على ما تعود، السرعة في السير، السرعة في الحركة، السرعة في جميع التصرفات عادة، السرعة في القراءة عادة، بعض الناس يتمنى أن يتريث ويترسل ويرتل ويتدبر لكن ما اعتاد ذلك، يبدأ بالسورة على أساس أنه يتدبر، ثم لا يدري إلا وقد انتهت السورة، فهو على ما اعتاد، فعلى الإنسان أن يوطن نفسه على الرفق والهدوء في جميع أموره، والرفق لا يأتي إلا بخير.
والله المستعان، نعم.
طالب: أحسن الله إليك، سؤال: العمدة أوسع من البلوغ،
كيف؟
يقول: هذا الحديث بعض الأحاديث ليست في بلوغ المرام؟
يعني في العمدة ما ليس في البلوغ، وفي البلوغ وهو أكثر ما ليس في العمدة.
باب حكم تقديم الرمي والنحر والحلق والإفاضة بعضها على بعض:
الترجمة هذه ليست من أصل الكتاب، الترجمة ليست من أصل الكتاب نعم، وضعها الشارح.
ذكر في الحاشية.(1/12)
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال: رجل لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح؟ قال: ((اذبح ولا حرج))، وقال الآخرة: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟ فقال: ((ارم ولا حرج))، فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)).
ابن عمر، ابن عمر، أيش اللي عندك؟
ابن عمرو؟
يقول: نبه عليه في فتح الباري، يقول الشيخ ابن بسام: يقول: والحق أنه كما وضعناه عبد الله بن عمرو بن العاص كما نبه على ذلك الحافظ في فتح الباري.
لكن الكلام على أصل الكتاب، وهذا يأتي فيه ما سبق من التصرف في الكتب، يورد كما هو، وينبه على الصواب في الحاشية، الكلام على ما في أصل الكتاب.
يعني يثبت وضع المؤلف؟
يثبت كما في الأصل.
طالب: وينبه على الخطأ
وينبه على الخطأ.
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف في حجة الوداع يوم العيد، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح: والأصل أن يذبح قبل أن يحلق؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بدأ لما وصل إلى منى بالرمي، ثم بعد ذلك النحر، ثم بعد ذلك الحلق، ثم الطواف، على هذا الترتيب.
لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح: قال: ((اذبح ولا حرج)) وقال الآخر: لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي، فقال: ((ارم ولا حرج)): تقديم هذه الأعمال التي هي من أعمال يوم النحر، الرمي، النحر، الحلق، الطواف، تقديم بعضها على بعض من هذا الحديث ((افعل ولا حرج)) لا بأس به، لكن هل هو مقيد بالنسيان، والجهل؟ أو أنه رخصة حتى لمن عرف أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رتب هكذا وقال: ((خذوا عني مناسككم)) نعم.
إذن قوله لم أشعر.
طالب.........(1/13)
نعم، هذا واقع السائل، هذا واقع السائل، وقوله ((ولا حرج)) يوحي بأن هذا أمر عام، يؤيد ذلك القاعدة العامة، ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) هذه القاعدة تتناول الجاهل والناسي والعامد والذاكر، ما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) نعم.
الحديث الذي يليه.
طالب...........
السعي والطواف، تقديم السعي على الطواف يدخل في القاعدة العامة، وفيه أيضاً الحديث الخاص، حديث أسامة بن شريك نعم، "سعيت قبل أن أطوف" قال: ((افعل ولا حرج))، لكن هل هذا على إطلاقه في كل سعي وطواف، أو ما كان من أعمال يوم النحر، خاص بيوم النحر؟
يعني لو جاء المعتمر فقال: سعيت قبل أن أطوف، نقول افعل ولا حرج؟ أو نقول رتب، نعم.
طالب.........
يعني لو لم يرد إلا هذا الحديث العام قلنا هذا في يوم النحر خاص، لكن الذي قال سعيت قبل أن أطوف، قال: ((افعل ولا حرج))، فدل على أن التقديم والتأخير بالنسبة للطواف والسعي كغيره، وهذا يفيد العموم، يعني لو لم يرد إلا ما سئل ذلك اليوم لقلنا خاص بأعمال النحر.
طالب...........
إيه، ((خذوا عني مناسككم)) وهذه الأعمال التي حصلت.
طالب........
لو لم يرد النص الخاص، نعم، لو لم يرد النص الخاص في تقديم السعي على الطواف لحصل التعارض بين ما سئل عن شيء قدم ولا أخر -بين عمومه المتناول للسعي-؛ لأنه يتناوله بعمومه، والتناول بالعموم ما هو مثل التناول بالخصوص، التناول بالخصوص أقوى، فيتعارض هذا العموم مع عموم قوله: ((خذوا عني مناسككم)) فيحصل التقابل، لكن ورد ما يخصص -ما يدل على تقديم السعي على الطواف بخصوصه- فيتجه هذا لا سيما من حصل منه جهل أو نسيان، أو سأل بعدما حصل، أما إذا سأل قبل حصوله نقول له طف، طف قبل أن تسعى، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف قبل أن يسعى.
طالب............(1/14)
هذا ما فيه إشكال، ما سئل عن شيء قدم من عرفة أو من مزدلفة، سهل، المشقة تجلب التيسير، ومثل هذه المشقة الشديدة تجعل الأمر في سعة لا سيما وقد جاء الترخيص بذلك نعم.
طالب...........
ذكرنا سابقاً أن أهل العلم يقولون: لا بد أن يقع السعي بعد طواف، ومنهم من يشترط الموالاة بينهما؛ لأنه حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- هكذا بالموالاة، طاف صلى الركعتين ذهب إلى الصفا مباشرة، لكن لو كان هناك مبرر للفصل، تعب في المطاف ثم أراد أن يرتاح ثم يستأنف، هذا لا مانع، لا مانع إن شاء الله تعالى، نعم.
طالب...........
بالنسبة لأيش؟
طالب..........
أي مسجد، تقصد المسجد الحرام، هو الذي تترتب فيه أحكام.
طالب........
لا، لا له معالم، المسجد له معالم، له معالم لكن حده من جهة المسعى المسعى، المسعى خارج المسجد.
طالب............
المسعى، المسعى وادي، المسعى وادي.
طالب.....
كيف؟
طالب............
المسعى نفسه خارج الحرم، وكان بين المسعى والحرم محلات -دكاكين، بيع وشراء- بين المسعى والمسجد، لا، لا إلى الآن لم يدخل المسعى في المسجد، بدليل تصور وضعه الآن، شوف الخارطة كيف، هل المسجد محيط بالمسعى؟ المسعى في جهة ممتد في جهة والمسجد في جهة أخرى.
طالب.........
هذه إذا اتصلت الصوف فلا بأس، يعني حكمها حكم الشوارع، إذا اتصلت الصوف لا بأس، لكن إذا لم تتصل الصفوف.. خارج المسجد.
طالب.........
طافت أيش؟ أيش هيه؟
طالب.........
فصلنا مسألة الحائض أنه لا يجوز لها أن تطوف بحال، ولو حبست، ولو انحبست مهما ترتب على بقائها؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما سيأتي يقول: ((أحابستنا هي؟)) دل على أنها تحبس الرفقة.
نعم الذي يليه.
باب كيف ترمى جمرة العقبة:(1/15)
عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي {أنه حج مع ابن مسعود، فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات فجعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم}.
اللهم صلِّ على محمد.
كيف ترمى الجمرة، جمرة العقبة؟: الاتفاق حاصل على أنها إذا رميت ووقع الحصى في مكان الرمي أنه يجزئ من أي جهة كانت، لكن السنة كما قال ابن مسعود: جعل البيت عن يساره ومنىً عن يمينه هكذا البيت ومنى هنا، استقبل الجمرة فرماها بسبع حصيات، هذا من فعله الموقوف عليه، المؤيد بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال: "هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة وهو النبي عليه الصلاة والسلام".
هكذا السنة ترمى جمرة العقبة على هذه الطريقة، فتجعل منىً عن اليمين والبيت عن اليسار وتستقبل، فترمى بسبع حصيات متعاقبة، يكبر مع كل حصاة، وفي هذا جواز -كما قال أهل العلم- إطلاق سورة البقرة، سورة النساء، سورة النحل، وهكذا، ولا يلزم أن يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي تذكر فيها النساء، وهكذا، وإن قال به بعض السلف.
أحسن الله إليكم، يكون وجه الرامي شرقاً؟
الآن منى في أي الجهات؟
عن يمينه جهة الجنوب.
الجنوب، والبيت جهة الشمال عن يساره، والغرب من خلفه، إذن تكون جهته جهة الشرق، نعم.
طالب...........
إيه المناسبة؛ لأن أكثر أحكام المناسك مذكورة في سورة البقرة، ولعظمها ينص عليها، نعم.
طالب.........
كيف؟
طالب.........
جاء في بعض الروايات ما سئل في ذلك اليوم، أنا أقول لو القصد هذه القاعدة، لو لم يرد سوى هذه القاعدة عمومها يتناول تقديم السعي على الطواف، لكنه معارض بعموم قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((خذوا عني مناسككم)) يبقى تعارض عموم مع عموم، ممكن كون ترجيح أحدهما على الآخر، لكن يبقى أن كونه جاء نص يخص تقديم السعي على الطواف يقوي عموم ما سئل عن شيء في ذلك اليوم قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)).(1/16)
طالب.........
لا، هذا وقوف أيش؟ وقوف للرمي ما هو وقوف للدعاء، هذا وقوف الرمي، نعم.
باب فضل الحلق وجواز التقصير:
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((اللهم ارحم المحلقين))، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: ((والمقصرين)).
يعني ما يتعلق بالحلق والتقصير هذا يدل على أن الحلق، وهو استئصال الشعر من أصوله أفضل من التقصير، أفضل من التقصير؛ لأن فيه الدعاء للمحلقين ثلاثاً وفي النهاية قال: ((والمقصرين)) لكن قد يكون التقصير أفضل متى؟ في التمتع، إذا لم يكن بين الحج والعمرة مدة كافية لنبات الشعر.
وفي هذا دليل أيضاً على أن الحلق والتقصير نسك، خلافاً لمن يقول أنه إطلاق من محظور وليس بنسك، يعني مثل لبس الثوب، والصواب أنه نسك؛ لأنه رتب عليه ثواب.
فقال: ((اللهم ارحم المحلقين)) قالوا: والمقصرين... إلى آخره: والحلق أو التقصير واجب من واجبات الحج والعمرة، والعمرة يلزم أهل العلم من تركه بدم، نعم.
طالب: .......
ولو كانت صفر تقصير، ما دام يبقى تبقى الأصول فهو تقصير، إذا بقيت الأصول فهو تقصير نعم.
طالب.........
يعني الأخذ، أخذ شيء يسير من جهة واحدة، على كل حال المذاهب معروفة -مذاهب أهل العلم- يكفي ثلاث شعرات عند بعضهم، يكفي ربع الرأس عند بعضهم، نعم، لكن مقتضى الإطلاق هنا ((والمقصرين))، يقتضي أنه تقصير لجميع الشعر، وعلى هذا يقصر من مجموع الشعر، ولا يلزم أن يكون من كل شعرة بعينها، لكن المجموع يكفي، نعم.
طالب..........
من فعل هذا وقد اقتدى بإمام، أو فعل وهو جاهل ولم ينبه نرجو ألا بأس إن شاء الله.
طالب.........
ما دام في مكانه يؤمر به نعم.
طالب...........
في النسكين العام، نعم لا العام.
تفضل، تفضل
طالب........
وين؟
طالب............(1/17)
تقول: اللهم صلِّ على محمد.
طالب..........
هذا زيادة، زيادة زيادة، لكن في غير هذا الموضع، امتثال الأمر في آية الأحزاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[(56) سورة الأحزاب] يتم بقولك: صلى الله عليه وسلم، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، يتم بالجمع بين الصلاة والسلام، إن أفرد السلام دون الصلاة أو العكس أطلق بعضهم الكراهة، وخص الأكثر الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، إذا زدنا على ذلك فلا نقتصر على الآل، فإذا قلنا وآله لا بد أن نقول وصحبه، لماذا؟
لأن الاقتصار على الآل صار شعاراً لبعض المبتدعة، كما أن الاقتصار على الصحب دون الآل شعاراً لقوم آخرين من أهل البدع، فإذا زدنا على النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: وعلى آله وصحبه، لنخالف المبتدعة كلهم.
طالب...........
كيف؟
طالب...........
الآل إن عطف عليه الصحب فالمراد به أزواجه وذريته كما جاء في الحديث، وإن أفردوا فالمراد بهم أتباعه، لكن التنصيص على الصحب مخالفةً للمبتدعة فهو متعين، مسلك عند أهل السنة منهج، مخالفة أهل البدع. نعم.
طالب.........
هذه زيادة، زيادة منهم من يثبتها باعتبار أنها زيادة من ثقة، ومنهم من يحكم عليها بالشذوذ، لكن لا مانع من قولها.
باب طواف الإفاضة والواداع:
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض، فقال: ((أحابستنا هي؟)) فقالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: ((اخرجوا)). وفي لفظ: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((عقرى، حلقى، أطافت يوم النحر؟)) قيل: نعم. قال: ((فانفري)).
نعم حديث عائشة
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض".(1/18)
الحديث الأول عن عائشة -رضي الله عنها- قالت:
طالب.........
نعم النساء ليس عليهن حلق، وإنما عليهن التقصير، من كل ضفيرة قدر أنملة، كما قرر أهل العلم.
طالب.........
ما يلزم قدر أنملة، لكن هذا تحديد من أهل العلم لينضبط؛ لأنه لو ترك زاد بعضهن زيادة وبعضهن نقص، فمن باب الضبط فقط.
الحديث تقول عائشة -رضي الله عنها-: "حججنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فأفضنا يوم النحر، المراد: طفنا طواف الإفاضة يوم النحر، فحاضت صفية فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض، فقال: ((أحابستنا هي؟)).
قالوا: يا رسول الله، إنها قد أفاضت يوم النحر، قال: ((اخرجوا)): فهذا دليل على أن الحائض تحبس الرفقة، وهو نص في الباب لا يقابل بأي اجتهاد.
وفي لفظ: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: يريد صفية ((عقرى، حلقى))، دعاءً عليها بأن يصيبها الله -سبحانه وتعالى- في حلقها، دعاء عليها، هذه لما حاضت دعا عليها، مثل هذا الأسلوب بعض أهل العلم يقول: أنه لا يراد الدعاء، وإنما يقال في مثل هذه المناسبة من غير قصد للدعاء، مثل: ((تربت يمينك))، نعم.
طالب..........
كيف؟
طالب..........
مثل ثكلتك أمك، المقصود أن مثل هذه الأدعية لا يراد بها حقيقة الدعاء، لكن قد يقول قائل: لما حاضت عائشة وتأثرت، طمأنها النبي -عليه الصلاة والسلام- وقال لها: ((إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) يسليها بذلك، ولما حاضت صفية قال: ((عقرى حلقى)) ما سبب التفريق؟ هل هذا فيه ما يدل على جواز تفضيل بعض النساء على بعض؟ في مثل هذه المعاملة، وإلا المعاملة القلبية مفروغ منها، كون بعضهن أحب من بعض هذا شيء مفروغ منه، نعم.
طالب........(1/19)
نعم، بخلاف حيض صفية، عائشة -رضي الله عنها- حاضت قبل الدخول بمكة، وهناك متسع من الوقت، تطهر فيه قبل أن يرجعوا، وحينئذ لا تتسبب في تأخيرهم وحبسهم، أما حيض صفية فإن حبستهم فسببه تفريطها، لماذا لم تطف مع صواحبها، فإذا حاضت ولم تطف مع صواحبها تسببت في تأخيرهم، فرق بين امرأة تحيض مع عدم الحاجة إليها، في رجوعهم، وبين من تحيض في وقت هم محتاجون إلى الرجوع فيه، ولذا اختلف الأسلوب، هذا سبب اختلاف أسلوبه -عليه الصلاة والسلام- حينما سلى عائشة وحينما قال لصفية: ((عقرى حلقى)) قد يتبادر إلى بعض الأذهان أن النبي -عليه الصلاة والسلام- عامل عائشة معاملة تختلف عن معاملة صفية، لكن مرده ما ذكرنا، أن حيض عائشة لا يتسبب في تأخيرهم، بخلاف حيض صفية، والحيض كتبه الله على بنات آدم، سواءً كان سبباً في التأخير أو لم يكن سبباً، لكن الطباع البشرية كلها، النفوس مجبولة على حب ما يواكب ويناسب ويمشي مع مصالحها، وأيضاً كراهية ما يعارض إراداتهم ولو كان شيئاً جبلياً.
طالب..........
لا، هو إذا نظرت إلى المسألة يعني نظرة عابرة من دون تأمل، كيف قال لهذه هذا شيء، يسليها، ((هذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) ويقول لهذه: ((عقرى حلقى)) سببه ما نص عليه: ((أحابستنا هي؟)) نعم.
طالب........
كيف؟
طالب.........
أيش فيه، يأتي هذا الذي بعده حديث طواف الوداع.
نعم.
طالب..........
طافت، حاضت قبل.
طالب..........
يعني مثل هنا، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- يطوف على نسائه فكونه يريد واحدة لا يؤثر على الثانية؛ لأنه سوف يطوف عليها أو قد طاف عليها قبل ذلك، المقصود أنه من خصائصه أنه يطوف على نسائه في اليوم الواحد.(1/20)
عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض": أمر الناس: والآمر من هو؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر الناس، وحذف الفاعل للعلم به، وهذا هو الأصل في مسائل الشرع، أن الآمر والناهي هو النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا قال الصحابي أمرنا أو نهينا فهو مرفوع.
أمر الناس أن يكون آخر عهدهم البيت: متى أمروا؟ بعد حجة الوداع؟، أن يكون آخر عهدهم بالبيت، يكون آخر عهدهم بالبيت، الصلاة؟ يمرون البيت يصلون ويمشون؟ آخر عهدهم بالبيت أيش؟
طالب: الطواف.
الطواف، كما صرح به في بعض الروايات، فلا يكفي أن يأتي البيت فيصلي ويمشي، لا يكفي أن يأتي البيت يشرب ويمشي، لا يكفي أن يأتي البيت ويقرأ القرآن ويمشي، لا، لا بد أن يكون آخر عهده بالبيت الطواف، ولذا كان آخر العهد بالبيت لا بالمسجد، والعبادة المتعلقة بالبيت هي الطواف، وجاء مصرحاً به في بعض الروايات، والأمر هذا إنما جاء في حجة الوداع، ولم يأمر به النبي -عليه الصلاة والسلام- في عُمَرِه كلها، ولذا المرجح عند جمع من أهل العلم بل عند أكثر العلماء أن طواف الوداع إنما يجب على الحاج دون المعتمر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمر أكثر من مرة ولم يأمرهم بوداع؛ ولأن عائشة اعتمرت بعد حجها ولم تؤمر بوداع.
المقصود أن المسألة لا تسلم من خلاف، وطواف الوداع واجب بدليل التخفيف عن الحائض، ومن أهل العلم من يقول أنه سنة بدليل التخفيف على الحائض؛ إذ لو كان واجباً لما خفف عنها كغيرها، بل تنتظر لكن الصواب أنه واجب يأثم بتركه، ويلزمه أهل العلم بالدم إذا تركه، لكن هذا خاص بالحج دون العمرة.
الدليل يا شيخ أحسن الله إليك؟
طالب..........
يطوف طواف الوداع ما صار آخر عهده بالبيت، صار آخر عهده بالمسعى، يطوف للوداع.
طالب.............(1/21)
أنت الآن تقول: يؤخر الطواف والسعي معاً، طواف الحج، ثم يطوف للحج ويسعى ويمشي، هل هذا آخر عهد بالبيت؟ يعني لو طاف للوداع ،أخر رمي الجمرة في آخر يوم ثم ذهب وطاف للوداع ورجع ورمى الجمرة ومشى، يكون آخر عهده بالبيت وإلا بالجمرة؟
طالب: بالجمرة.
بالجمرة، إذا طاف للإفاضة، وقلنا إن العبادات تتداخل يدخل في طواف الوداع، ثم سعى بعده آخر عهده بالبيت وإلا بالمسعى؟ آخر عهده بالمسعى، فالأصل ألا يجزئ مثل هذا عن طواف الوداع، لكن المشقة تجلب التيسير، بعض أهل العلم يقول: إذا كان هناك سعة وأمكن أن ترجع لتطوف للوداع وإلا يرجى أن يكفي -إن شاء الله تعالى- هنا مشقة عظيمة، مشقة هائلة.
طالب.........
في آخره، لا بأس أيش المانع.
طالب........
هذا تقدم الخلاف في أشهر الحج، هل المراد شوال والقعدة والحجة كامل، أو ذي الحجة العشر الأول منه، خلاف معروف عند أهل العلم، مالك يرى أنه شهر كامل وغيره يقولون إن هي إلا عشر، نعم.
أحسن الله إليك: التخفيف عن الحائض، إلا أنه خفف عن الحائض.
يدل على يعني لا تطوف.
طالب: نعم خشية من تلويث؟
من أن تحبس، يتضرر أصحابها بحسبها إياهم.
لكن أيضاً ما يتعلق بتلويث المسجد؟
تلويث المسجد، هذا سهل يمكن القضاء عليه، لكن سببه أن الحائض لا يصح منها الطواف.
طالب: من أجل الطهارة؟
نعم من أجل الطهارة، شرط عند جمع من أهل العلم، لكن يبقى أن الحائض فيها نص، يعني لو اختلفنا في الطهارة في الحدث الأصغر، لا ينبغي أن يختلف في مثل الحيض.
باب وجوب المبيت بمنى:
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "استأذن العباس بن عبد المطلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيت بمكة ليالي منى؛ من أجل سقايته، فأذن له".(1/22)
نعم المبيت بمنى من واجبات الحج، ومن أدلة الوجوب كون النبي -عليه الصلاة والسلام- بات بمنى وقال: ((خذوا عني مناسككم))، وكونه أيضاً رخص للسقاة والرعاة أيضاً قي ترك المبيت، فدل على أن غيرهم يلزمه المبيت، والمبيت بمنى هذا القول الوسط فيه -أنه من واجبات الحج-.
من أهل العلم من يرى أنه سنة، ومنهم من يرى أنه ركن، لا يصح الحج إلا به، لكن القول الوسط في هذه المسألة أنه من واجبات الحج.
والمقصود بالمبيت بالليل، يعني لو ترك منى بالنهار لا يلزمه شيء، ولو ترك الميبت كله لزمه، يلزمه أهل العلم بما يلزم من ترك نسكاً؛ لأن المبيت من النسك.
ورخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى، لماذا؟ من أجل السقاية، يسقون الحاج، وهذا عمل ورثوه، توارثوه بنو عبد المطلب كابراً عن كابر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينزل فيسقي، فخشي -عليه الصلاة والسلام- أن يغلبوا على السقاية، كل يريد أن يقتدي بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فهذا مما اختص به بنو عبد المطلب، وانتقل منه إلى العباس لا إلى غيره من إخوانه، نعم.
طالب.........
ما في مانع.، الرصيف من منى، يصدق عليه أنه بات بمنى أيش المانع؟
على كل حال إذا لم يجد مكان ووجد أن مبيته بالرصيف يعرضه للتلف، المقصود أن المشقة تجلب التيسير، إذا لم يجد مكان فالعلماء يفتونه بأن يبيت في غير منى لا باس.
نعم.
طالب..........
المهم المقصود أن المطلوب المبيت بمنى فإذا بات بمزدلفة، خرج عن منى يخرج لأي مكان، ما في فرق.
باب جمع المغرب و العشاء في مزدلفة:
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: "جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين المغرب والعشاء بجمع، لكل واحدة منهما إقامة، ولم يسبح بينهما، ولا على أثر واحدة منهما".(1/23)
عنه يعني عن عبد الله بن عمر راوي الحديث السابق أن النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين المغرب والعشاء، بجمع: يعني بمزدلفة، كما جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم، قبل دخوله عرفه؛ ليتوفر له الوقت، ولكونه أيسر لهذه الجموع، يجعل جمع اسم من أسماء المزدلفة؛ لأنه يجتمع الناس فيها.
يجعل لكل واحدة منهما إقامة: يعني يجمع بين الصلاتين بإقامتين، ولم يتعرض هنا لذكر الأذان، فالأذان واحد، كما جاء في حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- بأذان واحد وإقامتين، وجاء في بعض الأحاديث أنه أذان لكل صلاة وإقامة لكل صلاة، المقصود أن المرجح عند أهل العلم أنه يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، يقيم لكل واحدة منهما.
ولم يسبح: يعني لم يتنفل بينهما، بين المغرب والعشاء، ولا على إثر واحدة منهما: ولا بعد العشاء يعني لا بعد المغرب ولا بعد العشاء، لماذا؟ لأن هذه الرواتب تسقط في السفر، هذه الرواتب تسقط في السفر، لكن هل صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الوتر ليلة جمع؟
جاء ما يدل على أنه نام حتى أصبح، نام حتى أصبح، في حديث جابر وغيره، هذا يستدل به من يقول بأن تلك الليلة لا صلاة فيها لا قيام ليل ولا وتر ولا نوافل ولا شيء إنما هو صلاة المغرب ثم العشاء ثم النوم.
لكن هل يتم الاستدلال بقوله -عليه الصلاة والسلام- نام حتى أصبح أنه لا وتر، مع أنه جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يترك الوتر سفراً ولا حضراً كركعتي الصبح؟؟
طالب: .......(1/24)
نعم، لم يتركها هذا الأصل، يبقى النص الذي معنا نام حتى أصبح، يعتريه من الاحتمالات ما يعتريه، أولاً: هذا على حد علم الراوي، وهل سبر الراوي حال النبي -عليه الصلاة والسلام- سبراً تاماً؟ صلى ثم نام حتى أصبح، أمر ونهى ورخص وفعل في تلك الليلة نعم، ولا يمنع أن يكون أوتر وخفي وتره على الراوي، وبعض الناس يسهر تلك الليلة كل الليل في القيل والقال، إذا جاء الوتر قال النبي نام حتى أصبح! ما وجد ما يقتدي به إلا هذا، والله المستعان!!
طالب..........
قيامه الطويل المعهود الذي يقرأ في الركعة البقرة ثم النساء ثم آل عمران، ما صلاها؛ لأن هذا لن يخفى على الراوي. نعم.
طالب..........
بلا شك؛ لما أمامه من أعمال يوم النحر.
طالب:..........
إذا نام غالب الليل، إذا رد، إذا صد عن مزدلفة نعم، محصور نعم.
طالب...........
كيف؟
طالب...........
أيش فيها؟
طالب........
يعني هل الجمع هذا سببه السفر أو سببه النسك؟ إذا كان سببه السفر فلا يجمعون؛ لأنهم غير مسافرين، وإذا كان سببه النسك فإنهم يجمعون، والجمهور على أن السبب السفر، السبب السفر، رأي الحنفية أن سببه النسك فيجمع كل من حج، وكان شيخ الإسلام يستروح إلى هذا -يميل إليه- على كل حال الأحوط في مثل هذا ألا يجمع إلا المسافر لأنه أحوط لصلاته، نعم.
طالب..........
رمي الجمرات، معروف أن الرمي في يوم النحر هو تحية منى وهو أول الأعمال، وهل يجوز قبل طلوع الشمس، قبل طلوع الصبح أو بعد؟ أو لا بد أن يكون بعد طلوع الشمس؟
المسألة خلافية بين أهل العلم، الأحوط أن يقع بعد طلوع الشمس، لكن إن وقع قبل ذلك فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن سبب الترخيص في الانصراف من مزدلفة قبل الصبح يتناول هذا أيضاً.
في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر جماهير أهل العلم على أن الرمي إنما يكون بعد الزوال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمى بعد الزوال، وقال: ((خذوا عني مناسككم)).(1/25)
طالب.........
ويرميها كلها في آخر يوم؟
طالب.........
عند الحنابلة يجوز له ذلك، وهو أداء أيضاً، وهو أداء وليس بقضاء، لكن عمله -عليه الصلاة والسلام- وترتيبه وتوقيته وجعل كل يوم بيومه في وقت محدد، وقوله: ((خذوا عني مناسككم)) يجعل هذا الأمر في إطار المنع إلا للضرورة القصوى يمكن أن يؤخذ بالرأي الثاني، فالمشقة تجلب التيسير، نعم.
طالب.........
إيه،
طالب.........
الجميع، الجميع نسك واحد، المبيت كله نسك واحد، فإذا ترك المبيت ثلاث ليالي يلزمه دم، إذا ترك واحدة يتبعض نعم.
طالب...........
يعيد، يعيد، نعم.
طالب.........
يرمي، الصغرى ثم الكبرى ثم العقبة عن اليوم الأول، ثم يرجع، وهكذا الثاني والثالث؟
طالب..........
الحاجة الحاجة الشديدة، الحاجة.
طالب...........
هذا المتنفل، السبحة النافلة، الصلاة نعم، صلاة النفل، نعم؟
طالب..........
لا، لا ليست هذا، مع أن أذكار المغرب إذا جمعت مع العشاء يفوت محلها.
طالب.........
لا، الثاني هو يسبح، أما أنه يذكر، فالأذكار سهل انتهى ،نعم، المقصود بالسبحة هنا النافلة.
نكمل باقي حديثين.
باب المحرم يأكل من صيد الحلال:(1/26)
عن أبي قتادة الأنصاري -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج حاجاً فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم -فيهم أبو قتادة- وقال: ((خذوا ساحل البحر حتى نلتقي))، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة، لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فعقر منها أتانا، فنزلنا وأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل من لحم صيد، ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عن ذلك؟ فقال: ((منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟)) قالوا: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فكلوا ما بقي من لحمها))، وفي رواية: ((هل معكم منه شيء؟)) فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكل منها، أو فأكلها".
وعن الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حماراً وحشياً، -وهو بالأبواء، أو بودان- فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم))، وفي لفظ لمسلم "رِجْل حمار" وفي لفظ "شق حمار" وفي لفظ "عجز حمار".
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: "وجه هذا الحديث أنه ظن أنه صيد لأجله، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله".
المحرم ممنوع من الصيد، فلا يجوز له الاصطياد.
في حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج حاجاً فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة -الذي هو راوي الحديث-.
فيهم أبو قتادة، المتكلم من هو؟ هو نفسه، كيف قال فيهم أبو قتادة؟ يقول: وأنا فيهم، هذا الأصل؟
فيهم أبو قتادة هذا الأسلوب يسمى أيش؟ ماذا يسمى؟ نعم
طالب: ......(1/27)
تجريد، تجريد أيش معنى تجريد؟ يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه، عن سعد -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أعطى رهطاً وسعد جالس، ما قال وأنا جالس، هذا يسمونه أيش؟ تجريد، عن أبي قتادة وفيهم أبو قتادة، يجرد المتكلم من نفسه شخصاً يتحدث عنه.
وقال: ((خذوا ساحل البحر حتى نلتقي)): أحرموا وإلا ما أحرموا؟ أبو قتادة محرم وإلا غير محرم؟ غير محرم.
((حتى نلتقي)): فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا أحرموا يعني بعد ذلك أحرموا، فلما انصرفوا أحرموا كلهم، إلا أبا قتادة لم يحرم: أبو قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فعقر منها أتاناً، أنثى الحمار يقال لها الأتان، أو حمار وحشي مخطط.
وأكلنا من لحمها: أكل أصحابه وهم محرمون، كون أبي قتادة يصيد الأتان ويعقرها ويأكل منها، فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ لا إشكال؛ لأنه ليس بمحرم وليس بالحرم، الإشكال في صحبه المحرمين، ولذا استشكل أكلنا من لحمها ثم قلنا: أنأكل من لحم صيد ونحن محرمون؟!: هل يحسن الاستشكال بعد الأكل أو قبله؟ نعم، قبل، الاستشكال قبل الأكل، لكن لعل الدافع إلى الأكل إما شدة الحاجة، أو الذهول والنسيان، يرد هذا.
فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عن ذلك؟ فقال: ((منكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟)): يعني الإعانة، إعانة الحلال على الصيد من قبل المحرم تحرمه من هذا الصيد، قالوا: لا.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فكلوا ما بقي من لحمها))؛ لأنه لم يصده محرم، ولم يصد من أجله.
وفي رواية: ((هل معكم منه شيء؟)) فقلت: نعم، فناولته العضد، فأكلها، أكلها لماذا؟ لأنه -عليه الصلاة والسلام- لم يقم باصطيادها ولم تصد من أجله.(1/28)
الحديث الثاني: حديث الصعب بن جثامة الليثي -رضي الله عنه- أنه أهدى إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- حماراً وحشياً، أو رجل حمار أو شق حمار أو عجز حمار -وهو بالأبواء أو بودان- فرده عليه: أكل من صيد أبي قتادة، ورد على الصعب بن جثامة هذا الحمار أو شق الحمار.
فلما رأى ما في وجهه -عليه الصلاة والسلام- جبر خاطره فقال: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم)): إلا أنا محرمون، وهذا محمول، يعني لما أعطاه أبو قتادة، لما أكل من صيد أبي قتادة هل كان محرم أو غير محرم؟ محرم، كيف رد على الصعب، أو جبر خاطر الصعب بن جثامة: ((إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم))؟؛ لأنه نعم استشف من حاله أنه صاده من أجله؛ لا سيما إذا كان الحمار بكامله فالقرينة قوية على أنه صاده من أجله، ولذا قال: أهدى حماراً وحشياً، قرينة إذا كان بكماله أنه صاده من أجله.
وفي لفظ "رجل حمار" وفي لفظ "شق حمار" وفي لفظ "عجز حمار".
قال المصنف: –يعني للتوفيق بين الحديثين-: "وجه هذا الحديث أنه ظن أنه صيد لأجله، يعني غلب على ظنه أن الصعب إنما صاده من أجله -عليه الصلاة والسلام- فتركه، وأبو قتادة لم يصده من أجله فأكل منه، والمحرم لا يأكل ما صيد لأجله"، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.(1/29)