قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد تقدم حديث أبي هريرة وفيه فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقا على مسلم سمعه أن يقول يرحمك الله
وترجم الترمذي على حديث أنس
باب ما جاء في إيجاب التشميت
بحمد العاطس وهذا يدل على أنه واجب عنده وهو الصواب للاحاديث الصريحة الظاهرة في الوجوب من غير معارض والله أعلم
فمنها حديث أبي هريرة وقد تقدم
ومنها حديثه الآخر خمس تجب للمسلم على أخيه وقد تقدم
ومنها حديث سالم بن عبيد وفيه وليقل له من عنده يرحمك الله
ومنها ما رواه الترمذي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للمسلم على المسلم ست بالمعروف يسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه ويشمته إذا عطس ويعوده إذا مرض ويتبع جنازته إذا مات ويحب له ما يحب لنفسه وقال هذا حديث حسن قد روى من غير وجه عن النبي صلى الله عليه و سلم وقد تكلم بعضهم في الحارث الأعور وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أيوب والبراء وأبي مسعود
ومنها ما رواه الترمذي عن أبي أيوب
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا عطس أحدكم فليقل الحمد (13/258)
لله وليقل على كل حال وليقل الذي يرد عليه يرحمك الله وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم
فهذه أربع طرق من الدلالة
أحدهما التصريح بثبوت وجوب التشميت بلفظه الصريح الذي لا يحتمل تأويلا
الثاني إيجابه بلفظ الحق
الثالث إيجابه بلفظة على الظاهرة في الوجوب
الرابع الأمر به ولا ريب في إثبات واجبات كثيرة بدون هذه الطرق والله تعالى أعلم (13/259)
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله ولفظ النسائي فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول إذا أصبح اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور فقط
ورواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه وقال إن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول إذا أصبح اللهم بك (13/276)
أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور وإذا أمسى قال اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير
فرواية أبي داود فيها النشور في المساء والمصير في الصباح
ورواية الترمذي فيها النشور في المساء والمصير في الصباح
ورواية ابن حبان فيها النشور في الصباح والمصير في المساء وهي أولى الروايات أن تكون محفوظة لأن الصباح والانتباه من النوم بمنزلة النشور وهو الحياة بعد الموت
والمساء والصيرورة إلى النوم بمنزلة الموت والمصير إلى الله ولهذا جعل الله سبحانه في النوم الموت والانتباه بعده دليلا على البعث والنشور لأن النوم أخو الموت والانتباه نشور وحياة قال تعالى ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون
ويدل عليه أيضا ما رواه البخاري في صحيحه عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور (13/277)
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله وقد أخرجا في الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق عشرة أنفس من ولد إسماعيل
وقال البخاري رقبة من ولد إسماعيل رواه تعليقا (13/283)
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر من ذلك ومن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر
فهذا الحديث يدل على أن كل رقبة يعدلها عشر مرات تهليلا وهو يوافق رواية
البخاري في الحديث الذي قبله
وحديث ابن عباس يدل على أن كل مرة برقبة ويوافقه حديث أبي أيوب الذي رواه مسلم ولكن حديث أبي أيوب قد اختلف فيه البخاري ومسلم كما ذكرناه
وحديث أبي هريرة صريح بأن المائة تعدل عشر رقاب ولم يختلف فيه
فيترجح من هذا الوجه على خبر أبي أيوب وتترجح رواية مسلم لحديث أبي أيوب بحديث ابن عباس المتقدم
فقد تقابل الترجيحان (13/284)
وقد يقال خبر ابن عباس قد تكلم فيه وأنه لا يصح وخبر أبي أيوب قد اختلف في لفظه وخبر أبي هريرة صحيح لا علة فيه ولا اختلاف فوجب تقديمه والله أعلم
وقد روى الترمذي من حديث زيد بن أبي أنيسة عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب له عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه وحرس من الشيطان ولم ينبغي لذنب أن يدركه ذلك اليوم إلا الشرك بالله وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه
وأما الحديث الذي رواه الترمذي في جامعه عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة فهو حديث معلول لا يثبت مثله وذكره له الترمذي طرقا
أحدها أحمد بن منيع حدثنا أزهر بن سنان حدثنا محمد بن واسع قال قدمت مكة فلقيني أخي سالم بن عبد الله بن عمر فحدثني عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكره وقال هذا حديث غريب
والثاني رواه عمر بن دينار
قهرمان آل الزبير عن سالم نحوه
قال الترمذي حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا حماد بن عبدة حدثنا حماد بن زيد والمعتمر بن سليمان قالا حدثنا عمرو بن دينار وهو قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه عن جده وقال وبني له بيت في الجنة ولم يقل ألف ألف درجة
والثالث رواه يحيى بن سليم الطائفي عن عمران بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم ولم يذكر عمر
ذكره الترمذي تعليقا عن يحيى (13/285)
فأما الطريق الأولى فهي أمثل طرقه وأزهر بن سنان لا بأس به وقد تكلم فيه بعض الأئمة وقد ذكر حديثه هذا الحافظ أبو عبد الله المقدسي في المختارة
وأما الطريق الثانية ففيها عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير قال البخاري في التاريخ فيه نظر
وذكر هذا الإسناد بعينه ولم يذكر له متنا فقال قال موسى ابن عبد الرحمن حدثنا زيد بن خباب حدثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى الأنصاري عن سالم عن أبيه عن عمر وقال الترمذي تكلم فيه بعض أصحاب الحديث وقد روى عن سالم أحاديث لا يتابع عليها
وأما الطريق الثالثة ففيها عمران بن مسلم وليس هو عمران بن مسلم القصير فإن ذاك من رجال الصحيح وهذا منكر الحديث
قاله البخاري وغيره
وقد قيل إلى القصير والله أعلم
14 (13/286)
قال الشيخ شمس الدين بن القيم رحمه الله
وقد تكلم في نكح الجن للأنس الإمام أحمد وغيره والكلام فيه في أمرين في وقوعه وفي حكمه
فأما حكمه فمنع منه أحمد ذكره القاضي أبو يعلى (14/8)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى في الصحيحين أن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم يتكلموا أو يعملوا به (14/10)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وقد أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها الناس (14/15)
رجلان مؤمن تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله تعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير وقال هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن دينار إلا من هذا الوجه وعبد الله بن جعفر والدعلي يضعف ضعفه يحيى بن معين وغيره وفي الترمذي أيضا من حديث الحسن عن سمرة يرفعه الحسب المال والكرم والتقوى وقال هذا حديث حسن صحيح غريب (14/16)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وأخرج الترمذي عن يزيد بن نعامة الضبي
قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا آخى الرجل الرجل فليسأله عن اسمه واسم أبيه وممن هو فإنه أصل للمودة وقال هذا حديث غريب
وفي الصحيحين عن أنس أن أعرابيا قال لقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم متى الساعة قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أعددت لها حب
ورسوله قال أنت مع من أحببت
وفي رواية ما أعددت لها من كثير صوم ولا صدقة ولكني أحب ورسوله
وفي الصحيحين عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال المرء مع من أحب
وروى الترمذي من حديث زر بن حبيش عن صفوان بن عسال قال جاء أعرابي جهوري الصوت قال يا محمد الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم المرء مع من أحب قال الترمذي حديث حسن صحيح
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون لجلالي اليوم أظلهم في ظلى يوم لا ظل إلا ظلي
وفي الترمذي عن معاذ بن جبل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقولقال الله تعالى المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء قال وفي الباب عن أبي الدرداء وأبي مسعود وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وأبي مالك الأشعري
وهذا حديث حسن صحيح
وفي الصحيحين عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قالثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق في المساجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم
وروى مالك في الموطأ بإسناد صحيح عن أبي إدريس الخولاني قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه وإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل فلما كان من الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي فانتظرته حتى قضى (14/21)
صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه
ثم قلت والله إني لأحبك فقال الله قلت الله فقال الله قلت الله فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه فقال أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قال الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك عليه نعمة تربها قال لا غير أني أحببته في الله تعالى قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه
وحديث المرء مع من أحب رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري وعلي بن أبي طالب وأبو سعيد الخدري وأبو ذر وصفوان بن عسال وعبد الله بن يزيد الخطمي والبراء بن عازب وعروة بن مضرس وصفوان بن قدامة الجمحي وأبو أمامة الباهلي وأبو سريحة الغفاري وأبو هريرة ومعاذ بن جبل وأبو قتادة الأنصاري وعبادة بن الصامت وجابر بن عبد الله وعائشة رضي الله عنهم أجمعين
فحديث أنس متفق عليه
وحديث ابن مسعود متفق عليه أيضا
وكذلك حديث أبي موسى وقد تقدمت
وأما حديث علي رضي الله عنه فرواه أبو داود الطيالسي عن شعبة عن مسلم الأعور عن حبة بن جوين العرني عن علي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه و سلم الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم قال المرء مع من أحب
وأما حديث أبي سعيد الخدري فرواه ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عنه مختصرا المرء مع من أحب
وأما حديث أبي ذر فذكره أبو داود وإسناده صحيح
وأما حديث صفوان بن عسال فرواه الترمذي وصححه وقد تقدم
وأما حديث عبد الله بن يزيد الخطمي فرواه جماعة عن مسلم الأعور عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم فذكره
وأما حديث البراء بن عازب فرواه سعيد بن منصور عن علي بن يزبد الصدائي عن العرزمي عن أبي إسحاق عن البراء (14/22)
وأما حديث عروة بن مضرس فرواه زيد بن الجرشي الأهوازي عن عمران ابن عيينة أخي سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عنه مرفوعا المرء مع من أحب
وأما حديث صفوان بن قدامة فرواه الطبراني في الكبير من حديث موسى بن ميمون المرئي عن أبيه ميمون بن موسى عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن صفوان ابن قدامة قال هاجر أبي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فبايعه على الإسلام وقال إني أحبك يا رسول الله فقال له النبي صلى الله عليه و سلم المرء مع من أحب
قال العلاء بن ميمون صدوق ضعيف
وأما حديث أبي أمامة الباهلي فرواه محمد بن عرعرة وطالوت بن عباد عن فضال ابن جبير عنه يرفعه لا يحب عبد قوما إلا بعثه الله معهم
وأما حديث أبي سريحة فمن رواية عبد الغفار بن القاسم متروك عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن حبيب بن حماد عنه مرفوعا المرء مع من أحب
وأما حديث أبي هريرة فرواه غسان بن الربيع عن موسى بن مطير عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا العبد عند ظنه بالله وهو مع أحبابه يوم القيامة
وأما حديث معاذ بن جبل فروى عنه بإسناد لا يثبت مرفوعا المرء مع من أحب
وأما حديث أبي قتادة الأنصاري فمن رواية ابن لهيعة حدثني أبو صخر عن يحيى ابن النضر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم نحو حديث أنس
وأما حديث عبادة بن الصامت فرواه عبد القدوس بن محمد بن شعيب حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت مرفوعا المرء مع من أحب
وهو في البخاري عن عمرو بن عاصم عن قتادة عن أنس من حديثه
وعبد القدوس هذا روى عنه البخاري
وأما حديث جابر فرواه الحارث بن أبي أسامة من حديث عكرمة بن عمار حدثني سعيد حدثني جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله متى تقوم الساعة قال فما أعددت لها قال والله يا رسول الله ما أعددت لها إني لضعيف العمل وإني أحب الله ورسوله قال فأنت مع من أحببت
وسعيد إن كان هو ابن المسيب فمنقطع وإن كان هو ابن مينا فقد أدرك جابرا
وأما حديث عائشة فقال عبد الله بن أحمد حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن إسحاق بن (14/23)
عبد الله بن أبي طلحة عن شيبة الحضرمي عن عروة عن عائشة مرفوعا لا يحب أحد قوما إلا حشر معهم يوم القيامة
ورواه الطبراني في معجمه أطول منه من حديث عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ترفعه ثلاث أحلف عليهن والرابعة لو حلفت لرجوت أن لا آثم ما جعل الله ذا سهم في الإسلام كمن لا سهم له ولا يتولى الله عبد في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة والمرء مع من أحب
والرابعة لو حلفت عليها لرجوت أن لا آثم لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة فقال عمر ابن عبد العزيز إذا سمعتم بهذا الحديث عن عروة عن عائشة فاحفظوه (14/24)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى قال الإمام أحمد للأم ثلاثة أرباع البر
وقال أيضا الطاعة للأب والبر للأم واحتج بحديث ابن عمر أطع أباك لما أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه بطلاق زوجته
وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث القاسم بن محمد عن أبي أمامة أن رجلا قال يا رسول الله ما حق الوالدين على ولدهما قال هما جنتك ونارك
وأخرج أيضا عن أبي الدرداء سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو احفظه (14/34)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى وقد أخرج مسلم في صحيحه عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها فسألتني فلم تجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا ثم قامت فخرجت وابنتاها فدخل على النبي صلى الله عليه و سلم فحدثته حديثها فقال النبي صلى الله عليه و سلم من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار
وقد أخرج ابن ماجه في سننه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من عال ثلاثة من الأيتام كان كمن قام ليله وصام نهاره وغدا وراح شاهرا سيفه في سبيل الله وكنت أنا وهو في الجنة أخوان كهاتين أختان وألصق إصبعيه السبابة والوسطى
وأخرج أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه
وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه
وقد أخرجا في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه
وفيهما عن أبي شريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن
قيل يا رسول الله ومن هو قال الذي لا يأمن جاره بوائقه لفظ البخاري (14/39)
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا ذر إذا طبخت مرقا فأكثرها وتعاهد جيرانك
وفي لفظ له إن خليلي أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة (14/40)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وقد أخرج ابن ماجه في سننه من حديث مرة الطيب عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يدخل الجنة سيء الملكة قالوا يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين ويتامى قال نعم فأكرموهم ككرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون
قالوا فما ينفعنا في الدنيا قال فرس ترتبطه تقاتل عليه في سبيل الله مملوكك يكفيك فإذا صلى فهو أخوك
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاءه به وقد ولى حره ودخانه فليقعده معه فليأكل فإن كان الطعام مشقوها قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين لفظ مسلم
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق
وأخرجا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أدى العبد حق الله وحق مواليه كان له أجران زاد مسلم فحدثت به كعبا فقال كعب ليس عليه حساب ولا على المؤمن من هذا
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للعبد المملوك المصلح أجران والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك (14/44)
زاد مسلم عن ابن المسيب وبلغنا أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها
وأخرج البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال للمملوك الذي يحسن عبادة ربه ويؤدي إلى سيده الذي له عليه من الحق والنصيحة والطاعة أجران
ولمسلم بمعناه
وفي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بمحمد والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ورجل كانت له أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران (14/45)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وقد أخرجا في الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بسبع ونهانا عن سبع أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ونصر الضعيف وعون المظلوم وإفشاء السلام وإبرار القسم
وفي جامع الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام قال الترمذي حديث صحيح
وفي الموطأ بإسناد صحيح عن الطفيل بن أبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيغدو معه إلى السوق قال فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبد الله على سقاط ولا صاحب بيعة (14/68)
ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه قال الطفيل فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت له وما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق قال وأقول اجلس بنا ها هنا نتحدث
قال فقال لي عبد الله بن عمر يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقينا (14/69)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله قلت معنى ما أشار إليه الخطابي في قوله لأن الواو حرف العطف والجمع بين الشيئين أن الواو في مثل هذا تقتضي تقرير الجملة الأولى وزيادة الثانية عليها كما إذا قلت زيد كاتب فقال المخاطب وشاعر وفقيه اقتضى ذلك تقرير كونه كاتبا وزيادة كونه شاعرا وفقيها وكذلك إذا قلت لرجل فلان أخوك
فقال وابن عمي كان ذلك تقريرا لكونه أخاه وزيادة كونه ابن عمه
ومن ههنا استنبط أبو القاسم السهيلي أن عدة أصحاب الكهف سبعة قال لأن الله تعالى حكى قول من قال ثلاثة وخمسة ولم يذكر الواو في قوله رابعهم سادسهم وحكى قول من قال إنهم سبعة ثم قال وثامنهم كلهم قال لأن الواو عاطفة على كلام مضمر تقديره نعم وثامنهم كلهم
وذلك أن قائلا لو قال إن زيدا شاعر فقلت له وفقيه كنت قد صدقته كأنك قلت نعم هو كذلك وفقيه أيضا
وفي الحديث سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال وبما أفضلت السباع يريد نعم وبما أفضلت السباع أخرجه الدارقطني
وفي التنزيل وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير هو من هذا الباب
وفيما قاله السهيلي نظر
فإن هذا إنما يتم إذا كان حرف العطف بين كلامين لمتكلمين
وهو نظير ما استشهد به من الآي (14/76)
وأما إذا كان من متكلم واحد لم يلزم ذلك كما إذا قلت زيد فقيه وكاتب وشاعر
والآية ليس فيها أن كلامهم انتهى إلى قوله سبعة ثم قررهم الله على ذلك ثم قال وثامنهم كلبهم بل سياق الآية يدل على أن الجملتين من كلامهم وأن جميعه داخل تحت الحكاية فهو كقول من قبلهم مع اقترانه بالواو
وأما هذا الحديث في رد السلام فإدخال الواو فيه لا يقتضي اشتراكا معهم في مضمون هذا الدعاء وإن كان كلامين لمتكلمين بل غايته التشريك في نفس الدعاء
وهذا لأن الدعاء الأول قد وجد منهم وإذا رد عليهم نظيره حصل الاشتراك في نفس الدعاء
ولا يستلزم ذلك الاشتراك معهم في مضمونه ومقتضاه إذ غايته أنا نرد عليكم كما قلتم لنا
وإذا كان السام معناه الموت كما هو المشهور فيه فالاشتراك ظاهر
والمعنى أنا لسنا نموت دونكم بل نحن نموت وأنتم أيضا تموتون فلا محذور في دخول الواو على كل تقدير وقد تقدم أن أكثر الأئمة رواه بالواو (14/77)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وروى الترمذي في جامعه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله الرجل يلقى أخاه أو صديقه أينحني له قال لا قال أفيلتزمه ويقبله قال لا قال فيأخذ بيده ويصافحه قال نعم
قال الترمذي هذا حديث حسن
وله عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من تمام التحية الأخذ باليد وله علتان
إحداهما رواية يحيى بن سليم له
والثانية أن رواية عن ابن مسعود رجل مجهول قال الترمذي وسألت محمد ابن إسماعيل يعني البخاري عن هذا الحديث فلم يعده محفوظا
وأخرج الترمذي أيضا من حديث عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده فيسأله كيف هو وتمام تحياتكم المصافحة
قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي
قال محمد يعني البخاري عبيد الله بن (14/80)
زحر ثقة وعلي بن يزيد ضعيف
والقاسم بن عبد الرحمن يكنى أبا عبد الرحمن شامي وهو ثقة وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية والقاسم الشامي (14/81)
قال الحافظ الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه و سلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه النبي صلى الله عليه و سلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله وقال حديث حسن
وأخرج أيضا بإسناد على شرط مسلم عن أنس قال لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه و سلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه
وأخرج أيضا من حديث سفيان وهو الثوري عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال خرج معاوية فقام عبد الله بن الزبير وابن صفوان حين رأوه فقال اجلسا سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار قال هذا حديث حسن
حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز عن معاوية عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله
وهذا الإسناد على شرط الصحيح قال وفي الباب عن أبي أمامة
وفيه رد على من زعم أن معناه أن يقوم الرجل للرجل في حضرته وهو قاعد فإن معاوية روى الخبر لما قاما له حين خرج
وأما الأحاديث المتقدمة فالقيام فيها عارض للقادم
مع أنه قيام إلى الرجل للقائه لا قياما له وهو وجه حديث فاطمة
فالمذموم القيام للرجل
وأما القيام إليه للتلقي إذا قدم فلا بأس به
وبهذا تجتمع الأحاديث
والله أعلم (14/85)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وحكى عن شعبة قال سألت عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة فقال يعرف وينكر
هذا آخر كلامه
وهذا الحديث يرويه شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن صفوان بن عسال
وفي نفس الحديث ما يدل على أنه منكر جدا فإن فيه أنهم سألوه عن تسع آيات بينات فقال لهم لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق إلى آخره والآيات التسع اتي أرسل بها موسى إلى فرعون إنما كانت آيات نبوته ومعجزات صدقه كالعصا واليد وباقي الآيات
ولهذا قال تعالى ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم
فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا فهذه آيات النبوة قبل نزول آيات الحكم والشرع
وهذا بين بحمد الله تعالى (14/86)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وقد أخرجا في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس على المنبر
فقال إن عبدا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر وقال فديناك بآبائنا وأمهاتنا الحديث
وهذ كان بعد إسلام أبي قحافة فإنه خطب بهذه الخطبة قبيل وفاته صلى الله عليه و سلم بقليل
وهذا أصح من حديث الزبير وأولى أن يؤخذ به منه
والله أعلم (14/92)
قال الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى على قول المنذري
وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر أنهم لما صلوا خلفه صلى الله عليه و سلم
قال فلما سلم قال إن كدتم آنفا أن تفعلوا فعل فارس والروم الحديث
وحمل أحاديث النهي عن القيام على مثل هذه الصورة ممتنع
فإن سياقها يدل على خلافه وأنه صلى الله عليه و سلم كان ينهي عن القيام له إذا خرج عليهم
ولأن العرب لم يكونوا يعرفون هذا وإنما هو من فعل فارس والروم
ولأن هذا لا يقال له قيام للرجل إنما هو قيام عليه
ففرق بين القيام للشخص المنهي عنه
والقيام عليه المشبه لفعل فارس والروم والقيام إليه عند قدومه الذي هو سنة العرب
وأحاديث الجواز تدل عليه فقط (14/95)
قال الحافظ الشيخ شمس الدين ابن القيم رحمه الله وفي صحيح البخاري عن أم شريك رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبراهيم
وفي الصحيحين عنها رضي الله عنها استأمرت النبي صلى الله عليه و سلم في قتل الأوزاغ فأمر بقتلها (14/115)