13 - باب الوصية في المكاتب
1542- قال مالك: ان أحسن ما سمعت في المكاتب يعتقه سيده عند الموت ان المكاتب يقام على هيئته تلك التي لو بيع كان ذلك الثمن الذي يبلغ فإن كانت القيمة أقل مما بقي عليه من الكتابة وضع ذلك في ثلث الميت ولم ينظر إلى عدد الدراهم التي بقيت عليه وذلك أنه لو قتل لم يغرم قاتله إلا قيمته يوم قتله ولو جرح لم يغرم جارحة إلا دية جرحه يوم جرحه ولا ينظر في شيء من ذلك إلى ما كوتب عليه من الدنانير والدراهم لأنه عبد ما بقي عليه من كتابته شيء وإن كان الذي بقي عليه من كتابته أقل من قيمته لم يحسب في ثلث الميت إلا ما بقي عليه من كتابته وذلك أنه إنما ترك الميت له ما بقي عليه من كتابته فصارت وصية أوصى بها.
قال مالك: وتفسير ذلك أنه لو كانت قيمة المكاتب ألف درهم ولم يبق من كتابته إلا مائة درهم فأوصى سيده له بالمائة درهم التي بقيت عليه حسبت له في ثلث سيده فصار حرا بها.
قال مالك: في رجل كاتب عبده عند موته أنه يقوم عبدا فإن كان في ثلثه سعة لثمن العبد جاز له ذلك.
قال مالك: وتفسير ذلك ان تكون قيمة العبد ألف دينار فيكاتبه سيده على مائتي دينار عند موته فيكون ثلث مال سيده ألف دينار فذلك جائز له وإنما هي وصية أوصى له بها في ثلثه فإن كان السيد قد أوصى لقوم بوصايا وليس في الثلث فضل عن قيمة المكاتب بدئ بالمكاتب لأن الكتابة عتاقة والعتاقة تبدأ على الوصايا ثم تجعل تلك الوصايا في كتابة المكاتب يتبعونه بها ويخير ورثة الموصي فإن أحبوا ان يعطوا أهل الوصايا وصاياهم كاملة وتكون كتابة المكاتب لهم فذلك لهم وإن أبوا وأسلموا المكاتب وما عليه إلى أهل الوصايا فذلك لهم لان الثلث صار في المكاتب ولأن كل وصية أوصى بها أحد فقال الورثة الذي أوصى به صاحبنا أكثر من ثلثه وقد أخذ ما ليس له قال فإن ورثته يخيرون فيقال لهم: قد أوصى صاحبكم بما قد علمتم فإن أحببتم ان تنفذوا(2/476)
كتاب المدبر
باب القضاء في المدبر
...
"40 - كتاب المدبر"
"1 - باب القضاء في المدبر
1543- حدثني مالك أنه قال الأمر عندنا فيمن دبر جارية له فولدت اولادا بعد تدبيره إياها ثم ماتت الجارية قبل الذي دبرها ان ولدها بمنزلتها قد ثبت لهم من الشرط مثل الذي ثبت لها ولا يضرهم هلاك امهم فإذا مات الذي كان دبرها فقد عتقوا ان وسعهم الثلث.
وقال مالك: كل ذات رحم فولدها بمنزلتها ان كانت حرة فولدت بعد عتقها فولدها أحرار وإن كانت مدبرة أو مكاتبة أو معتقة إلى سنين أو مخدمة أو بعضها حرا أو مرهونة أو أم ولد فولد كل واحدة منهن على مثال حال أمه يعتقون بعتقها ويرقون برقها.
قال مالك: في مدبرة دبرت وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها ان ولدها بمنزلتها وإنما ذلك بمنزلة رجل اعتق جارية له وهي حامل ولم يعلم بحملها.
قال مالك: فالسنة فيها ان ولدها يتبعها ويعتق بعتقها.
قال مالك: وكذلك لو ان رجلا ابتاع جارية وهي حامل فالوليدة وما في بطنها لمن ابتاعها اشترط ذلك المبتاع أو لم يشترطه.
قال مالك: ولا يحل للبائع ان يستثني ما في بطنها لأن ذلك غرر يضع من ثمنها ولا يدري أيصل ذلك إليه أم لا وإنما ذلك بمنزلة ما لو باع جنينا في بطن أمه وذلك لا يحل له لأنه غرر.
قال مالك: في مكاتب أو مدبر ابتاع أحدهما جارية فوطئها فحملت منه وولدت قال ولد كل واحد منهما من جاريته بمنزلته يعتقون بعتقه ويرقون برقه.
قال مالك: فإذا اعتق هو فإنما أم ولده مال من ماله يسلم إليه إذا اعتق.
ـــــــ.
كتاب المدبر(2/478)
باب جامع ما في التدبير
...
2 - باب جامع ما جاء في التدبير
1544- قال مالك: في مدبر قال لسيده عجل لي العتق وأعطيك خمسين منها منجمة علي فقال سيده نعم أنت حر وعليك خمسون دينارا تؤدي إلي كل عام عشرة دنانير فرضي بذلك العبد ثم هلك السيد بعد ذلك بيوم أو يومين أو ثلاثة قال مالك: يثبت له العتق وصارت الخمسون دينارا دينا عليه وجازت شهادته وثبتت حرمته وميراثه وحدوده ولا يضع عنه موت سيده شيئا من ذلك الدين.(2/478)
3- باب الوصية في التدبير
1545- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا ان كل عتاقة اعتقها رجل في وصية أوصى بها في صحة أو مرض أنه يردها متى شاء ويغيرها متى شاء ما لم يكن تدبيرا فإذا دبر فلا سبيل له إلى رد ما دبر.
قال مالك: وكل ولد ولدته امة أوصى بعتقها ولم تدبر فإن ولدها لا يعتقون معها إذا عتقت وذلك ان سيدها يغير وصيته ان شاء ويردها متى شاء ولم يثبت لها عتاقة وإنما هي بمنزلة رجل قال لجاريته ان بقيت عندي فلانة حتى اموت فهي حرة.
قال مالك: فإن أدركت ذلك كان لها ذلك وإن شاء قبل ذلك باعها وولدها لأنه لم يدخل ولدها في شيء مما جعل لها قال والوصية في العتاقة مخالفة للتدبير فرق بين ذلك ما مضى من السنة قال ولو كانت الوصية بمنزلة التدبير كان كل موص لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتاقة وكان قد حبس عليه من ماله مالا يستطيع ان ينتفع به.
قال مالك: في رجل دبر رقيقا له جميعا في صحته وليس له مال غيرهم ان كان دبر بعضهم قبل بعض بدئ بالأول فالأول حتى يبلغ الثلث وإن كان دبرهم جميعا في مرضه فقال فلان حر وفلان حر وفلان حر في كلام واحد ان حدث بي في مرضي هذا حدث موت أو دبرهم جميعا في كلمة واحدة تحاصوا في الثلث ولم يبدأ أحد منهم قبل صاحبه وإنما هي وصية وإنما لهم الثلث يقسم بينهم بالحصص ثم يعتق منهم الثلث بالغا ما بلغ قال ولا يبدأ أحد منهم إذا كان ذلك كله في مرضه.
قال مالك: في رجل دبر غلاما له فهلك السيد ولا مال له إلا العبد المدبر وللعبد مال قال يعتق ثلث المدبر ويوقف ماله بيديه.
قال مالك: في مدبر كاتبه سيده فمات السيد ولم يترك مالا غيره.
قال مالك: يعتق منه ثلثه ويوضع عنه ثلث كتابته ويكون عليه ثلثاها.
قال مالك: في رجل اعتق نصف عبد له وهو مريض فبت عتق نصفه أو بت عتقه كله وقد كان دبر عبدا له آخر قبل ذلك قال يبدأ بالمدبر قبل الذي أعتقه وهو مريض وذلك أنه ليس للرجل ان يرد ما دبر ولا ان يتعقبه بأمر يرده به فإذا اعتق المدبر فليكن ما بقي من الثلث في الذي اعتق شطره حتى يستتم عتقه كله في ثلث مال الميت فإن لم يبلغ ذلك فضل الثلث عتق منه ما بلغ فضل الثلث بعد عتق المدبر الأول.(2/479)
"4 باب مس الرجل وليدته إذا دبرها"
1546- حدثني مالك عن نافع: ان عبد الله بن عمر دبر جاريتين له فكان يطؤهما وهما مدبرتان.
1547- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد ان سعيد بن المسيب كان يقول: إذا دبر الرجل جاريته فإن له ان يطأها وليس له ان يبيعها ولا يهبها وولدها بمنزلتها.(2/480)
5 - باب بيع المدبر
1548- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المدبر ان صاحبه لا يبيعه ولا يحوله عن موضعه الذي وضعه فيه وانه ان رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه لأنه استثنى عليه عمله ما عاش فليس له ان يخدمه حياته ثم يعتقه على ورثته إذا مات من رأس ماله وإن مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه لورثته فإن مات سيد المدبر وعليه دين محيط بالمدبر بيع في دينه لأنه إنما يعتق في الثلث قال فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين ثم عتق ثلث ما بقي بعد الدين.
قال مالك: لا يجوز بيع المدبر ولا يجوز لأحد ان يشتريه إلا ان يشتري المدبر نفسه من سيده فيكون ذلك جائزا له أو يعطي أحد سيد المدبر مالا ويعتقه سيده الذي دبره فذلك يجوز له أيضا.
قال مالك: وولاؤه لسيده الذي دبره.
قال مالك: لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر إذ لا يدري كم يعيش سيده فذلك غرر لا يصلح.
وقال مالك: في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته انهما يتقاومانه فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله وإن لم يشتره انتقض تدبيره إلا ان يشاء الذي بقي له فيه الرق ان يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته فإن أعطاه إياه بقيمته لزمه ذلك وكان مدبرا كله.
وقال مالك: في رجل نصراني دبر عبدا له نصرانيا فأسلم العبد.
قال مالك: يحال بينه وبين العبد ويخارج على سيده النصراني ولا يباع عليه حتى يتبين امره فإن هلك النصراني وعليه دين قضي دينه من ثمن المدبر إلا ان يكون في ماله ما يحمل الدين فيعتق المدبر.(2/480)
"6 - باب جراح المدبر"
1549- حدثني مالك أنه بلغه ان عمر بن عبد العزيز: قضى في المدبر إذا جرح ان لسيده ان يسلم ما يملك منه إلى المجروح فيختدمه المجروح ويقاصه بجراحه من دية جرحه فإن أدى قبل ان يهلك سيده رجع إلى سيده.(2/480)
7 - باب ما جاء في جراح أم الولد
1550- قال مالك: في أم الولد تجرح ان عقل ذلك الجرح ضامن على سيدها في ماله إلا ان يكون عقل ذلك الجرح أكثر من قيمة أم الولد فليس على سيدها ان يخرج أكثر من قيمتها وذلك ان رب العبد أو الوليدة إذا أسلم غلامه أو وليدته بجرح أصابه واحد منهما فليس عليه أكثر من ذلك وإن كثر العقل فإذا لم يستطع سيد أم الولد ان يسلمها لما مضى في ذلك من السنة فإنه إذا اخرج قيمتها فكأنه اسلمها فليس عليه أكثر من ذلك وهذا أحسن ما سمعت وليس عليه ان يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها.(2/481)
كتاب الحدود
باب ما جاء في الرجم
...
"41 - كتاب الحدود"
"1 - باب ما جاء في الرجم"
1551- حدثنا مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ان رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟" فقالوا: نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم ان فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما فقال عبد الله بن عمر فرأيت الرجل يحني على المرأة يقيها الحجارة.
قال مالك: يعني يحني يكب عليها حتى تقع الحجارة عليه.
1552- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: ان رجلا من أسلم جاء إلى أبي بكر الصديق فقال له ان الأخر زنى فقال له أبو بكر هل ذكرت هذا لأحد غيري فقال لا فقال له أبو بكر فتب إلى الله واستتر بستر الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده فلم تقرره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب فقال له مثل ما قال لأبي بكر فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر فلم تقرره نفسه حتى جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ان الأخر زنى فقال سعيد فأعرض عنه رسول
ـــــــ
كتاب الرجم والحدود
1551/1- ما تجدون في التوراة قال النووي: قال العلماء: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم وإنما هو لالزامهم بما يعتقدونه في كتابهم يحنى على المرأة قال في النهاية في حرف الجيم أي يكب عليها ليقيها الحجارة يقال أجنى يجني إجناء وجنا على الشيء يجنو إذا أكب عليه وقيل: هو مهموز وقيل: الأصل فيه الهمز من جنأ إذا مال عليه وعطف ثم خفف وهو لغة في أجنى ولو رويت بالحاء المهملة بمعنى أكب عليه لكان أشبه ثم قال في حرف الحاء قال الخطابي الذي جاء في كتاب السنن يجنى بالجيم والمحفوظ إنما هو يحنى بالحاء أي يكب عليها يقال حنا يحنا حنوا وقال بن عبد البر: أكثر شيوخنا قالوا: عن يحيى يحنى بالحاء وقال بعضهم عنه بالجيم والصواب فيه عند أهل العلم يجنأ بالجيم والهمز أي يميل عليها.
1552/2- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أسلم الحديث وصله البخاري ومسلم من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سيعد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة والرجل المذكور هو ماعز باتفاق الحفاظ إن الأخر زنى قال النووي: هو بهمزة مقصورة وخاء مكسورة ومعناه الأرذل والأبعد والأدنى وقيل: اللئيم وقيل: الشقي وكله متقارب ومراده نفسه فحقرها وعابها لما فعل أم به جنة بالكسر أي جنون.(2/482)
الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك يعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: "أيشتكي أم به جنة" فقالوا: يا رسول الله والله أنه لصحيح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبكر أم ثيب" فقالوا: بل ثيب يا رسول الله فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم.
1553- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من اسلم يقال له: هزال: "يا هزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك" قال يحيى: بن سعيد فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي فقال يزيد هزال جدي وهذا الحديث حق.
1554- حدثني مالك عن بن شهاب أنه أخبره: ان رجلا اعترف على نفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد على نفسه أربع مرات فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجم قال بن شهاب فمن أجل ذلك يؤخذ الرجل باعترافه على نفسه.
1555- حدثني مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي مليكة أنه أخبره: ان امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنها زنت وهي حامل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبي حتى تضعي" فلما وضعت جاءته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبي حتى ترضعيه" فلما أرضعته جاءته فقال اذهبي فاستودعيه قال فاستودعته ثم جاءت فأمر بها فرجمت.
1556- حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي
ـــــــ
1553/3- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم الحديث وصله النسائي من طريق ليث ع يحيى بن سعيد عن يزد بن نعيم بن هزال عن جده زال به ومن طريق شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن بن هزال عن أبيه به وفي بعض طرقه أن اسم المرأة فاطمة.
1555/5- عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة عن عبد الله بن أبي ملية أنه أخبره أ امرأة جاءت الحديث قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: فجعل الحديث لعبدالله بن أبي مليكة مرسلا عنه وقال القعنبي وابن القاسم وابن بكير عن مالك عن يعقوب بن زيد بن طلحة عن أبيه زيد بن طلحة بن عبد الله بن أبي مليكة فجعلوا الحديث كزيد بن طلحة مرسلا عنه قا ل وهذا هو الصواب إن شاء الله وقد رواه بن وهب عن مالك كذلك عن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي عن أبيه ان امرأة الحديث ثم قال وأخبرني بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن محمود بن لبيد الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله قال بن عبد البر: ويستند معناه من وجوه صحاح من حديث عمران بن حصين وبريدة وروي مرسلا من وجوه كثيرة وهو مشهور عند أهل العلم معروف وفي حديث عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أخرجه أبو داود ولمسلم امرأة من غامد وهو بطن من جهينة.
1556/6- عسيفا بالعين والسين المهملتين والفاء أي أجيرا لأقضين بينكما بكتاب الله قال النووي:(2/483)
هريرة وزيد بن خالد الجهني انهما اخبراه ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وقال الأخر وهو أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي في ان أتكلم فقال: "تكلم" فقال ان ابني كان عسيفا على هذا فزنى بأمرأته فأخبرني ان على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم اني سألت أهل العلم فأخبروني ان ما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأخبروني إنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد عليك" وجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيسا الأسلمي ان يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها.
قال مالك: والعسيف الأجير.
1557- حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو اني وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" .
1558- حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال سمعت عمر بن الخطاب يقول: الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.
1559- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن أبي واقد الليثي: ان عمر بن الخطاب أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا فبعث عمر بن الخطاب أبا واقد الليثي إلى امرأته يسألها عن ذلك فأتاها وعندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب وأخبرها أنها لا تؤخذ بقوله: وجعل يلقنها أشباه ذلك لتنزع فأبت ان تنزع وتمت على
ـــــــ.
يحتمل أن المراد بحكم الله وقيل: هو إشارة إلى قوله تعالى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} 1 وفسر النبي صلى الله عليه وسلم السبيل بالرجم في حق المحصن في حديث عبادة بن الصامت عند مسلم وقيل: هو إشارة إلى آية الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما وهو مما نسخ تلاوته وبقي حكمه فرد أي مردود وأمر أنيسا هو بن الضحاك الأسلمي وقال بن عبد البر: هو أنيس بن مرثد قال النووي: والأول هو الصحيح المشهور أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها قال النووي: هو محمول عند العلماء على إعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه وإن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو إلا أن تعترف بالزنا فلا يجب عليه حد القذف بل يجب عليها حد الزنا وهو الرجم قال ولا بد من هذا التأويل لأن ظاهره أنه بعث لاقامة حد الزنا وهذا غير مراد لأن حد الزنا لا يحتاط له بالبحث والتنقير عنه بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن الرجوع فحينئذ يتعين التأويل المذكور قال وقد اختلف أصحابنا في هذا البعث هل يجب على القاضي إذا قذف إنسان معين في مجلسه أن يبعث إليه ليعرفه بحقه من حد القذف أم لا والأصح وجوبه.
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 15.(2/484)
الاعتراف فأمر بها عمر فرجمت.
1560- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالأبطح ثم كوم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه واستلقى ثم مد يديه إلى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال أيها الناس قد سنت لكم السنن وفرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة إلا ان تضلوا بالناس يمينا وشمالا وضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال إياكم ان تهلكوا عن آية الرجم ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا والذي نفسي بيده لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها الشيخ والشيخة فارجموهما البتة فإنا قد قرأناها.
قال مالك: قال يحيى: بن سعيد قال سعيد بن المسيب فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر رحمه الله.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول قوله الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة فارجموهما البتة.
1561- وحدثني مالك أنه بلغه: ان عثمان بن عفان أتى بامرأة قد ولدت في ستة اشهر فأمر بها ان ترجم فقال له علي بن أبي طالب ليس ذلك عليها ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} 1 وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} 2 فالحمل يكون ستة اشهر فلا رجم عليها فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها قد رجمت.
000- حدثني مالك أنه سأل بن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط فقال بن شهاب عليه الرجم أحصن أو لم يحصن.
ـــــــ.
1560/10- لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها قال الزركشي في البرهان ظاهره وإنما منعه قول الناس والجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه وإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة لأن هذا شأن المكتوب قال وقد يقال لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر ولم يعرج على مقالة الناس لأنها لا تصلح مانعا قال وبالجملة فهذه الملازمة مشكلة.
ـــــــ
1 سورة الاحقاف الآية: 15.
2 سورة البقرة الآية: 233.(2/485)
"2 - باب ما جاء فيمن اعترف على نفسه بالزنى"
1562- حدثني مالك عن زيد بن اسلم: ان رجلا اعترف على نفسه بالزنى على عهد رسول
ـــــــ.
1562/13- عن زيد بن أسلم أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه جماعة الرواة مرسلا ولا أعلمه يستند بهذا اللفظ من وجه من الوجوه وقد روى معمر عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله سواء أخرجه عبد الرزاق وأخرج بن بن وهب في موطئه عن كريب مولى بن عباس مرسلا نحوه.
ثمرته أي طرفه وإذا ركب بالسوط ذهب طرفه تقول العرب ثمرة السوط وذباب السيف.(2/485)
الله صلى الله عليه وسلم فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتي بسوط مكسور فقال: "فوق هذا" فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته فقال: "دون هذا" فأتي بسوط قد ركب به ولان فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد ثم قال أيها الناس قد آن لكم ان تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله.
1563- حدثني مالك عن نافع ان صفية بنت أبي عبيد أخبرته ان أبا بكر الصديق: أتي برجل قد وقع على جارية بكر فأحبلها ثم اعترف على نفسه بالزنى ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر فجلد الحد ثم نفي إلى فدك.
قال مالك: في الذي يعترف على نفسه بالزنى ثم يرجع عن ذلك ويقول لم افعل وإنما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا لشيء يذكره ان ذلك يقبل منه ولا يقام عليه الحد وذلك ان الحد الذي هو لله لا يؤخذ إلا بأحد وجهين أما ببينة عادلة تثبت على صاحبها واما باعتراف يقيم عليه حتى يقام عليه الحد فإن أقام على اعترافه أقيم عليه الحد.
قال مالك: الذي أدركت عليه أهل العلم أنه لا نفي على العبيد إذا زنوا.(2/486)
"3 - باب جامع ما جاء في حد الزنى"
1564- حدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن فقال: "ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير" قال بن شهاب لا أدري ابعد الثالثة أو الرابعة قال يحيى: سمعت مالكا يقول والضفير الحبل.
1565- حدثني مالك عن نافع: ان عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وانه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد الوليدة لأنه استكرهها.
1566- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار أخبره ان عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي: قال أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الامارة خمسين خمسين في الزنى.
ـــــــ.
1564/15- سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال النووي: قال الطحاوي لم يذكر أحد من الرواة قوله ولم تحصن غير مالك وأشار بذلك إلى تضعيفها وأنكر الحفاظ هذا على الطحاوي قالوا: بل روى هذه اللفظة أيضا بن عيينة ويحيى بن سعيد عن بن شهاب كما قال مالك: فحصل ان هذه اللفظة صحيحة وليس فيها حكم مخالف لأن الأمة تجلد نصف جلد الحرة سواء أحصنت أم لا.(2/486)
4 - باب ما جاء في المغتصبة
000- قال مالك: الأمر عندنا في المرأة توجد حاملا ولا زوج لها فتقول قد استكرهت أو تقول تزوجت ان ذلك لا يقبل منها وإنها يقام عليها الحد إلا ان يكون لها على ما ادعت من النكاح.(2/486)
"5 - باب الحد في القذف والنفي والتعريض"
1567- حدثني مالك عن أبي الزناد أنه قال: جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في فرية ثمانين قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا فما رأيت أحدا جلد عبدا في فرية أكثر من أربعين.
1568- حدثني مالك عن زريق بن حكيم الأيلي: ان رجلا يقال له: مصباح استعان ابنا له فكأنه استبطأه فلما جاءه قال له يا زان قال زريق فاستعداني عليه فلما أردت ان اجلده قال ابنه والله لئن جلدته لأبوءن على نفسي بالزنى فلما قال ذلك اشكل علي أمره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ اذكر له ذلك فكتب إلي عمر أن أجز عفوه قال زريق وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز أيضا أرأيت رجلا افتري عليه أو على أبويه وقد هلكا أو أحدهما قال فكتب إلى عمر ان عفا فأجز عفوه في نفسه وإن افتري على أبويه وقد هلكا أو أحدهما فخذ له بكتاب الله إلا ان يريد سترا.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول وذلك ان يكون الرجل المفترى عليه يخاف ان كشف ذلك منه ان تقوم عليه بينة فإذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه.
1569- حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: في رجل قذف قوما جماعة أنه ليس عليه إلا حد واحد. قال مالك: وإن تفرقوا فليس عليه إلا حد واحد.
000- حدثني مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الأنصاري ثم من بني النجار عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن ان رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخر ون: قد كان لأبيه وأمه مدح غير هذا نرى ان تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين قال مالك: لا حد عندنا إلا في نفي أو قذف أو تعريض يرى ان قائله إنما أراد بذلك نفيا أو قذفا فعلى من قال ذلك الحد تاما.
قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا نفى رجل رجلا من أبيه فإن عليه الحد وإن كانت أم الذي نفي مملوكة فإن عليه الحد.(2/487)
باب مالا حد فيه
...
6 - باب ما لا حد فيه
1570- قال مالك: ان أحسن ما سمع في الأمة يقع بها الرجل وله فيها شرك أنه لا يقام عليه الحد وانه يلحق به الولد وتقوم عليه الجارية حين حملت فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن،(2/487)
باب مايجب فيه القطع
...
"7 - باب ما يجب فيه القطع"
1572- حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم.
1573- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل" فإذا أواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن.
1574- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن: ان سارقا سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان ان تقوم فقومت بثلاثة دراهم من صرف أثنى عشر درهما بدينار فقطع عثمان يده.
1575- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا.
1576- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها قالت: خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة ومعها مولاتان لها ومعها غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقه خضراء قالت فأخذ الغلام
ـــــــ.
1562/23 - في مجن بكسر الميم وفتح الجيم اسم لكل ما يستجن به أي يستتر.
1563/24- عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين المكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا قطع في ثمر" الحديث قال بن عبد البر: لم يختلف الرواة في إرسال هذا الحديث في الموطأ ويتصل معناه من حديث عبد الله بن عمرو وغيره ولا في حريسة جبل قال بن الأثير في النهاية أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع لأنه ليس بحرز والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها يقال حرس يحرس حرسا إذا سرق أي ليس فيما يسرق من الماشية بالجبل قطع فإذا أواه المراح بالضم موضع مبيت للغنم أو الجرين هو المربد وفيه لف وبشر غير مرتب.(2/488)
البرد ففتق عنه فاستخرجه وجعل مكانه لبدا أو فروة وخاط عليه فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد فكلموا المرأتين فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو كتبتا إليها واتهمتا العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف فأمرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا.
وقال مالك: أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم وإن ارتفع الصرف أو أتضع وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وإن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.(2/489)
"8 - باب ما جاء في قطع الآبق والسارق"
1577- حدثني عن مالك عن نافع: ان عبدا لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق فأرسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو أمير المدينة ليقطع يده فأبى سعيد ان يقطع يده وقال لا تقطع يد الآبق السارق إذا سرق فقال له عبد الله بن عمر في أي كتاب الله وجدت هذا ثم أمر به عبد الله بن عمر فقطعت يده.
1578- وحدثني عن مالك عن زريق بن حكيم أنه أخبره: أنه أخذ عبدا آبقا قد سرق قال فأشكل علي امره قال فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز أسأله عن ذلك وهو الوالي يومئذ قال فأخبرته انني كنت اسمع ان العبد الآبق إذا سرق وهو آبق لم تقطع يده قال فكتب إلي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي يقول كتبت إلي انك كنت تسمع ان العبد الآبق إذا سرق لم تقطع يده وإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} 1 فإن بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا فاقطع يده.
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه ان القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون: إذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطع.
قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان العبد الآبق إذا سرق ما يجب فيه القطع قطع.
ـــــــ
1 سورة المائدة الآية: 38.(2/489)
"9 - باب ترك الشفاعة للسارق إذا بلغ السلطان"
1579- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان: ان صفوان
ـــــــ.
1579/31- عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية الحديث قال بن عبد البر: هكذ رواه جمهور أصحاب مالك مرسلا ورواه أبو عاصم النبيل عن مالك عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن جده ولم يقل عن جده أحد غير أبي عاصم ورواه شبابة بن سوار عن مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه.(2/489)
"10 - باب جامع القطع"
1581- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: ان رجلا من أهل اليمن اقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكا إليه ان عامل اليمن قد ظلمه فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم انهم فقدوا عقدا لأسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق فجعل الرجل يطوف معهم ويقول اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلي عند صائغ زعم ان الأقطع جاءه به فاعترف به الأقطع أو شهد عليه به فأمر به أبو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي عليه من سرقته.
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الذي يسرق مرارا ثم يستعدى عليه أنه ليس عليه إلا ان تقطع يده لجميع من سرق منه إذا لم يكن أقيم عليه الحد فإن كان قد أقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب فيه القطع قطع أيضا.
1582- وحدثني عن مالك ان أبا الزناد أخبره: ان عاملا لعمر بن عبد العزيز أخذ ناسا في حرابة ولم يقتلوا أحدا فأراد ان يقطع أيديهم أو يقتل فكتب إلى عمر بن عبد العزيز في ذلك فكتب إليه عمر بن عبد العزيز لو أخذت بأيسر ذلك.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة قد أحرزها أهلها في أوعيتهم وضموا بعضها إلى بعض أنه من سرق من ذلك شيئا من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فإن عليه القطع سواء كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن ليلا ذلك أو نهارا.
قال مالك: في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه أنه تقطع يده.
قال مالك: فإن قال قائل كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه ودفع إلى صاحبه فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر وليس به سكر فيجلد الحد قال وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه وإن لم يسكره وذلك أنه إنما شربه ليسكره فكذلك تقطع يد السارق في(2/490)
السرقة التي أخذت منه ولو لم ينتفع بها ورجعت إلى صاحبها وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها.
قال مالك: في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعا فيخرجون بالعدل يحملونه جميعا أو الصندوق أو الخشبة أو بالمكتل أو ما أشبه ذلك مما يحمله القوم جميعا انهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعا فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع وذلك ثلاثة دراهم فصاعدا فعليهم القطع جميعا قال وإن خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فعليه القطع ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا فلا قطع عليه.
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه ليس معه فيها غيره فإنه لا يجب على من سرق منها شيئا القطع حتى يخرج به من الدار كلها وذلك ان الدار كلها هي حرزه فإن كان معه في الدار ساكن غيره وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه وكانت حرزا لهم جميعا فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئا يجب فيه القطع فخرج به إلى الدار فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه ووجب عليه فيه القطع. قال مالك: والأمر عندنا في العبد يسرق من متاع سيده أنه ان كان ليس من خدمه ولا ممن يأمن على بيته ثم دخل سرا فسرق من متاع سيده ما يجب فيه القطع فلا قطع عليه وكذلك الأمة إذا سرقت من متاع سيدها لا قطع عليها.
وقال مالك: في العبد لا يكون من خدمه ولا ممن يأمن على بيته فدخل سرا فسرق من متاع امرأة سيده ما يجب فيه القطع إنه تقطع يده.
فقال وكذلك أمة المرأة إذا كانت ليست بخادم لها ولا لزوجها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سرا فسرقت من متاع سيدتها ما يجب فيه القطع فلا قطع عليها.
قال مالك: وكذلك أمة المرأة التي لا تكون من خدمها ولا ممن تأمن على بيتها فدخلت سرا فسرقت من متاع زوج سيدتها ما يجب فيه القطع أنها تقطع يدها.
قال مالك: وكذلك الرجل يسرق من متاع امرأته أو المرأة تسرق من متاع زوجها ما يجب فيه القطع ان كان الذي سرق كل واحد منهما من متاع صاحبه في بيت سوى البيت الذي يغلقان عليهما وكان في حرز سوى البيت الذي هما فيه فإن من سرق منهما من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع فعليه القطع فيه.
قال مالك: في الصبي الصغير والأعجمي الذي لا يفصح أنهما إذا سرقا من حرزهما أو غلقهما فعلى من سرقهما القطع وإن خرجا من حرزهما وغلقهما فليس على من سرقهما قطع قال وإنما هما بمنزلة حريسة الجبل والثمر المعلق.
قال مالك: والأمر عندنا في الذي ينبش القبور أنه إذا بلغ ما أخرج من القبر ما يجب فيه القطع فعليه فيه القطع.(2/491)
وقال مالك: وذلك أن القبر حرز لما فيه كما أن البيوت حرز لما فيها قال ولا يجب عليه القطع حتى يخرج به من القبر.(2/492)
"11 - باب ما لا قطع فيه"
1583- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان: ان عبدا سرق وديا من حائط رجل فغرسه في حائط سيده فخرج صاحب الودي يلتمس وديه فوجده فاستعدى على العبد مروان بن الحكم فسجن مروان العبد وأراد قطع يده فانطلق سيد العبد إلى رافع بن خديج فسأله عن ذلك فأخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر" والكثر الجمار فقال الرجل فإن مروان بن الحكم أخذ غلاما لي وهو يريد قطعه وأنا أحب ان تمشي معي إليه فتخبره بالذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشى معه رافع إلى مروان بن الحكم فقال أخذت غلاما لهذا فقال نعم فقال فما أنت صانع به قال أردت قطع يده فقال له رافع سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا قطع في ثمر ولا كثر" فأمر مروان بالعبد فأرسل.
1584- حدثني عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد: ان عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له اقطع يد غلامي هذا فأنه سرق فقال له عمر ماذا سرق فقال سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهما فقال عمر: أرسله فليس عليه قطع خادمكم سرق متاعكم.
1585- وحدثني عن مالك عن بن شهاب ان مروان بن الحكم أتي بإنسان قد اختلس متاعا فأراد قطع يده فأرسل إلى زيد بن ثابت يسأله عن ذلك فقال زيد بن ثابت: ليس في الخلسة قطع.
1586- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال أخبرني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أنه أخذ نبطيا قد سرق خواتم من حديد فحبسه ليقطع يده فأرسلت إليه عمرة بنت عبد الرحمن مولاة لها يقال لها أمية قال أبو بكر فجاءتني وأنا بين ظهراني الناس فقالت تقول لك خالتك عمرة يا بن أختي أخذت نبطيا في شيء يسير ذكر لي فأردت قطع يده قلت: نعم قالت فإن عمرة تقول لك لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا قال أبو بكر فأرسلت النبطي.
قال مالك: والأمر المجتمع عليه عندنا في اعتراف العبيد أنه من اعترف منهم على نفسه بشيء يقع الحد والعقوبة فيه في جسده فإن اعترافه جائز عليه ولا يتهم ان يوقع على نفسه هذا.
قال مالك: واما من اعترف منهم بأمر يكون غرما على سيده فإن اعترافه غير جائز على سيده قال مالك: ليس على الأجير ولا على الرجل يكونان مع القوم يخدمانهم ان سرقاهم قطع لأن حالهما ليست بحال السارق وإنما حالهما حال الخائن وليس على الخائن قطع.
قال مالك: في الذي يستعير العارية فيجحدها أنه ليس عليه قطع وإنما مثل ذلك مثل رجل كان له على رجل دين فجحده ذلك فليس عليه فيما جحده قطع.(2/492)
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في السارق يوجد في البيت قد جمع المتاع ولم يخرج به أنه ليس عليه قطع وإنما مثل ذلك كمثل رجل وضع بين يديه خمرا ليشربها فلم يفعل فليس عليه حد ومثل ذلك رجل جلس من امرأة مجلسا وهو يريد ان يصيبها حراما فلم يفعل ولم يبلغ ذلك منها فليس عليه أيضا في ذلك حد قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه ليس في الخلسة قطع بلغ ثمنها ما يقطع فيه أو لم يبلغ.(2/493)
كتاب الأشربة
باب الحد في شرب الخمر
...
"42 - كتاب الأشربة"
"1 - باب الحد في الخمر"
1587- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد أنه أخبره: ان عمر بن الخطاب خرج عليهم فقال اني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شراب الطلاء وأنا سائل عما شرب فإن كان يسكر جلدته فجلده عمر الحد تاما.
1588- وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي: ان عمر بن الخطاب استشار في الخمر يشربها الرجل فقال له علي بن أبي طالب نرى أن تجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى أو كما قال فجلد عمر في الخمر ثمانين.
1589- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أنه سئل عن حد العبد في الخمر فقال بلغني ان عليه نصف حد الحر في الخمر وإن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف حد الحر في الخمر.
1590- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه سمع سعيد بن المسيب يقول ما من شيء إلا الله يحب ان يعفى عنه ما لم يكن حدا.
قال يحيى: قال مالك: والسنة عندنا ان كل من شرب شرابا مسكرا فسكر أو لم يسكر فقد وجب عليه الحد.(2/493)
"2 - باب ما ينهى ان ينبذ فيه"
1591- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس في بعض مغازيه فقال عبد الله بن عمر فأقبلت نحوه فانصرف قبل ان ابلغه فسألت ماذا قال فقيل: لي نهى ان ينبذ في الدباء والمزفت.
1592- وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان ينبذ في الدباء والمزفت.(2/493)
"3 باب ما يكره ان ينبذ جميعا"
1593- وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان ينبذ البسر والرطب جميعا والتمر والزبيب جميعا.
1594- وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري عن أبي قتادة الأنصاري: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان يشرب التمر والزبيب جميعا والزهو والرطب جميعا قال مالك: وهو الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا أنه يكره ذلك لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه.
ـــــــ.
كتاب الأشربة
1593/7- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينبذ اليسر الحديث بن عبد البر وصله عبد الرزاق عن بن جريج عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة.
1594/8- عن الثقة عنده عن بكير رواه الوليد بن أسلم عن مالك عن عبد الله بن لهيعة عن بكير.(2/494)
"4 - باب تحريم الخمر"
1595- وحدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع فقال: "كل شراب أسكر فهو حرام" .
1596- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الغبيراء فقال: "لا خير فيها" ونهى عنها.
قال مالك: فسألت زيد بن أسلم ما الغبيراء فقال هي الاسكركه.
1597- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من: "شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة" .
ـــــــ.
1595/9- البتع بكسر الموحدة وسكون المثناة الفوقية نبيذ العسل.
1596/10- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الغبيراء الحديث قال بن عبد البر: أسنده بن وهب عن مالك عن زيد عن عطاء عن بن عباس قال وما علمت أحدا أسنده عن مالك إلا بن وهب الأسكركة هي نبيذ الأرز وقيل: نبيذ الذرة.(2/494)
"5 - باب جامع تحريم الخمر"
1598- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن بن وعلة المصري أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب فقال بن عباس: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اما علمت ان الله حرمها؟" قال لا فساره رجل إلى جنبه فقال له صلى الله عليه وسلم: "بم ساررته" فقال أمرته ان يبيعها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان الذي حرم شربها حرم بيعها" ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.(2/494)
كتاب العقول
باب ذكر العقول
...
"43 - كتاب العقول"
"1 - باب ذكر العقول"
1601- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
ـــــــ.
كتاب العقول
1601/1- عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أ في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث قال بن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث وقد روي مسند من وجه صالح ورواه معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده ورواه الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث بها به مع عمرو بن حزم فقدم به على أهل اليمن وهذه نسخته بسم الله الرحمن الحيم من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قيل: ذي رعين ومعافير وهمدان أما بعد فذكر الحديث بطوله في الصدقات والديات وغير ذلك.(2/495)
أبيه: ان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول ان في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعى جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس.(2/496)
"2 - باب العمل في الدية"
1602- حدثني مالك أنه بلغه ان عمر بن الخطاب: قوم الدية على أهل القرى فجعلها على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم.
قال مالك: فأهل الذهب أهل الشام وأهل مصر وأهل الورق أهل العراق.
000- وحدثني يحيى عن مالك أنه سمع ان الدية تقطع في ثلاث سنين أو أربع سنين قال مالك: والثلاث أحب ما سمعت الي في ذلك قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا يقبل من أهل القرى في الدية الإبل ولا من أهل العمود الذهب ولا الورق ولا من أهل الذهب والورق ولا من أهل الورق الذهب.(2/496)
3 - باب ما جاء في دية العمد إذا قبلت وجناية المجنون
1603- حدثني يحيى عن مالك ان بن شهاب كان يقول في دية العمد إذا قبلت خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة.
1604- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد ان مروان بن الحكم: كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أنه أتي بمجنون قتل رجلا فكتب إليه معاوية ان اعقله ولا تقد منه فأنه ليس على مجنون قود.
قال مالك: في الكبير والصغير إذا قتلا رجلا جميعا عمدا ان على الكبير ان يقتل وعلى الصغير نصف الدية قال مالك: وكذلك الحر والعبد يقتلان العبد فيقتل العبد ويكون على الحر نصف قيمته.(2/496)
"4 - باب دية الخطأ في القتل"
1605- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عراك بن مالك وسليمان بن يسار: ان رجلا من بني سعد بن ليث أجرى فرسا فوطئ على أصبع رجل من جهينة فنزى منها فمات فقال عمر بن الخطاب للذي أدعي عليهم: أتحلفون بالله خمسين يمينا ما مات منها فأبوا وتحرجوا وقال للآخرين أتحلفون أنتم فأبوا فقضى عمر بن الخطاب بشطر الدية على السعديين قال مالك: وليس العمل على هذا.
000- وحدثني عن مالك ان بن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون: دية الخطأ عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بن لبون ذكرا وعشرون حقة وعشرون جذعة.(2/496)
5 - باب عقل الجراح في الخطأ
1606- حدثني مالك أن الأمر المجتمع عليه عندهم في الخطأ أنه لا يعقل حتى يبرأ المجروح ويصح وأنه إن كسر عظم من الإنسان يد أو رجل أو غير ذلك من الجسد خطأ فبرأ وصح وعاد لهيئته فليس فيه عقل فإن نقص أو كان فيه عثل ففيه من عقله بحساب ما نقص منه.
قال مالك: فإن كان ذلك العظم مما جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عقل مسمى فبحساب ما فرض فيه النبي صلى الله عليه وسلم وما كان مما لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم عقل مسمى ولم تمض فيه سنة ولا عقل مسمى فإنه يجتهد فيه.
قال مالك: وليس في الجراح في الجسد إذا كانت خطأ عقل إذا برأ الجرح وعاد لهيئته فإن كان في شيء من ذلك عثل أو شين فإنه يجتهد فيه إلا الجائفة فإن فيها ثلث دية عفي.
قال مالك: وليس في منقلة الجسد عقل وهى مثل موضحة الجسد.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا ان الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة ان عليه العقل وإن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة وإن كل ما أخطأ به الطبيب أو تعدى إذا لم يتعمد ذلك ففيه العقل.(2/497)
6 - باب عقل المرأة.
1607- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول تعاقل المرأة الرجل إلى ثلث الدية اصبعها كأصبعه وسنها كسنه وموضحتها كموضحته ومنقلتها كمنقلته.
000- وحدثني عن مالك عن بن شهاب وبلغه عن عروة بن الزبير انهما كانا يقولان مثل قول سعيد بن المسيب في المرأة أنها تعاقل الرجل إلى ثلث دية الرجل فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت إلى النصف من دية الرجل.
قال مالك: وتفسير ذلك أنها تعاقله في الموضحة والمنقلة وما دون المأمومة والجائفة واشباههما مما يكون فيه ثلث الدية فصاعدا فإذا بلغت ذلك كان عقلها في ذلك النصف من عقل الرجل.
000- وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول مضت السنة ان الرجل إذا أصاب امرأته بجرح ان عليه عقل ذلك الجرح ولا يقاد منه.(2/497)
"7 - باب عقل الجنين"
1608- وحدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة: أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها فقضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة عبد أو وليدة.
1609- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين يقتل في بطن أمه بغرة عبد أو وليدة فقال الذي قضي عليه كيف اغرم مالا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل ومثل ذلك بطل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هذا من إخوان الكهان" .
000- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه كان يقول الغرة تقوم خمسين دينارا أو ستمائة درهم ودية المرأة الحرة المسلمة خمسمائة دينار أو ستة آلاف درهم.
قال مالك: فدية جنين الحرة عشر ديتها والعشر خمسون دينارا أو ستمائة درهم.
قال مالك: ولم اسمع أحدا يخالف في ان الجنين لا تكون فيه الغرة حتى يزايل بطن أمه ويسقط من بطنها ميتا قال مالك: وسمعت أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه حيا ثم مات ان فيه الدية كاملة.
قال مالك: ولا حياة للجنين إلا بالإستهلال فإذا خرج من بطن أمه فاستهل ثم مات ففيه الدية كاملة ونرى ان في جنين الأمة عشر ثمن أمه.
قال مالك: وإذا قتلت المرأة رجلا أو امرأة عمدا والتي قتلت حامل لم يقد منها حتى تضع حملها وإن قتلت المرأة وهي حامل عمدا أو خطأ فليس على من قتلها في جنينها شيء فإن قتلت عمدا قتل الذي قتلها وليس في جنينها دية وإن قتلت خطأ فعلى عاقلة قاتلها ديتها وليس في جنينها دية.
ـــــــ.
1608/12- أن امرأتين من هذيل اسم القاتلة أم عفيف ابنة مسروح والمقتولة مليكة بنت عويمر.
1609/13- عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الجنين الحديث وصله مطرف وأبو عاصم النبيل كلاهما عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أ بي هريرة الحديث عن بن شهاب عنهما جميعا عن أبي هريرة فطائفة من أصحابه يحدثون به عنه هكذا وطائفة يحدثون به عنه عن سعيد عن أبي هريرة وطائفة يحدثون به عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة فقال الذي قضى عليه اسمه حمل بن مالك بن النابغة المذلي بطل أي يهدر.(2/498)
000- وحدثني يحيى سئل مالك عن جنين اليهودية والنصرانية يطرح فقال أرى ان فيه عشر دية أمه.(2/499)
باب مافيه الدية كاملة
...
8 - باب ما فيه الدية كاملة
1610- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول في الشفتين الدية كاملة فإذا قطعت السفلى ففيها ثلثا الدية.
000- وحدثني يحيى عن مالك أنه سأل بن شهاب عن الرجل الأعور يفقأ عين الصحيح فقال بن شهاب ان أحب الصحيح ان يستقيد منه فله القود وإن أحب فله الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان في كل زوج من الأسنان الدية كاملة وإن في اللسان الدية كاملة وإن في الأذنين إذا ذهب سمعهما الدية كاملة اصطلمتا أو لم تصطلما وفي ذكر الرجل الدية كاملة وفي الأنثيين الدية كاملة.
000- وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان في ثديي المرأة الدية كاملة.
قال مالك: واخف ذلك عندي الحاجبان وثديا الرجل.
قال مالك: الأمر عندنا ان الرجل إذا اصيب من اطرافه أكثر من ديته فذلك له إذا أصيبت يداه ورجلاه وعيناه فله ثلاث ديات قال مالك: في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت خطأ ان فيها الدية كاملة.(2/499)
9 - باب ما جاء في عقل العين إذا ذهب بصرها
1611- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار ان زيد بن ثابت كان يقول في العين القائمة إذا طفئت مائة دينار.
قال يحيى: وسئل مالك عن شتر العين وحجاج العين فقال ليس في ذلك إلا الاجتهاد إلا ان ينقص بصر العين فيكون له بقدر ما نقص من بصر العين.
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في العين القائمة العوراء إذا طفئت وفي اليد الشلاء إذا قطعت أنه ليس في ذلك إلا الاجتهاد وليس في ذلك عقل مسمى.(2/499)
10 - باب ما جاء في عقل الشجاج
1612- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سليمان بن يسار يذكر ان الموضحة في الوجه مثل الموضحة في الرأس إلا ان تعيب الوجه فيزاد في عقلها ما بينها وبين عقل نصف الموضحة في الرأس فيكون فيها خمسة وسبعون دينارا.
قال مالك: والأمر عندنا ان في المنقلة خمس عشرة فريضة قال والمنقلة التي يطير فراشها من العظم ولا تخرق إلى الدماغ وهي تكون في الرأس وفي الوجه.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا ان المأمومة والجائفة ليس فيهما قود وقد قال بن شهاب ليس في المأمومة قود.(2/499)
11 - باب ما جاء في عقل الأصابع
1613- وحدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال سألت سعيد بن المسيب كم في أصبع المرأة فقال عشر من الإبل فقلت كم في أصبعين قال عشرون من الإبل فقلت كم في ثلاث فقال ثلاثون من الإبل فقلت كم في أربع قال عشرون من الإبل فقلت حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها فقال سعيد اعراقي أنت فقلت بل عالم متثبت أو جاهل متعلم فقال سعيد هي السنة يا بن أخي.
قال مالك: الأمر عندنا في أصابع الكف إذا قطعت فقد تم عقلها وذلك ان خمس الأصابع إذا قطعت كان عقلها عقل الكف خمسين من الإبل في كل أصبع عشرة من الإبل قال مالك: وحساب الأصابع ثلاثة وثلاثون دينارا وثلث دينار في كل انملة وهي من الإبل ثلاث فرائض وثلث فريضة.(2/500)
"12 - باب جامع عقل الأسنان"
1614- وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن مسلم بن جندب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: ان عمر بن الخطاب قضى في الضرس بجمل وفي الترقوة بجمل وفي الضلع بجمل.
000- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قضى عمر بن الخطاب في الأضراس ببعير بعير وقضى معاوية بن أبي سفيان في الأضراس بخمسة.(2/500)
"13 - باب العمل في عقل الأسنان"
1615- وحدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أنه أخبره: أن مروان بن الحكم بعثه إلى عبد الله بن عباس يسأله ماذا في الضرس فقال عبد الله بن عباس فيه خمس من الإبل قال فردني مروان إلى عبد الله بن عباس فقال أتجعل مقدم الفم مثل الأضراس فقال عبد الله بن عباس لو لم تعتبر ذلك إلا بالأصابع عقلها سواء.
000- وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يسوي بين الأسنان في العقل ولا يفضل بعضها على بعض.
قال مالك: والأمر عندنا ان مقدم الفم والأضراس والأنياب عقلها سواء وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في السن خمس من الإبل والضرس سن من الأسنان لا يفضل بعضها على بعض" .(2/501)
باب ماجاء في دية جراح العبد
...
"14 - باب ما جاء في دية جراح العبد
1616- وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان في موضحة العبد نصف عشر ثمنه.
000- وحدثني مالك أنه بلغه ان مروان بن الحكم كان يقضي في العبد يصاب بالجراح ان على من جرحه قدر ما نقص من ثمن العبد.
قال مالك: والأمر عندنا ان في موضحة العبد نصف عشر ثمنه وفي منقلته العشر ونصف العشر من ثمنه وفي مأمومته وجائفته في كل واحدة منهما ثلث ثمنه وفيما سوى هذه الخصال الأربع مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه ينظر في ذلك بعد ما يصح العبد ويبرأ كم بين قيمة العبد بعد ان أصابه الجرح وقيمته صحيحا قبل ان يصيبه هذا ثم يغرم الذي أصابه ما بين القيمتين قال مالك: في العبد إذا كسرت يده أو رجله ثم صح كسره فليس على من أصابه شيء فإن أصاب كسره ذلك نقص أو عثل كان على من أصابه قدر ما نقص من ثمن العبد.
قال مالك: الأمر عندنا في القصاص بين المماليك كهيئة قصاص الأحرار نفس الأمة بنفس العبد وجرحها بجرحه فإذا قتل العبد عبدا عمدا خير سيد العبد المقتول فإن شاء قتل وإن شاء أخذ العقل فإن أخذ العقل أخذ قيمة عبده وإن شاء رب العبد القاتل ان يعطي ثمن العبد المقتول فعل وإن شاء اسلم عبده فإذا أسلمه فليس عليه غير ذلك وليس لرب العبد المقتول إذا أخذ العبد القاتل ورضي به ان يقتله وذلك في القصاص كله بين العبيد في قطع اليد والرجل وأشباه ذلك بمنزلته في القتل.
قال مالك: في العبد المسلم يجرح اليهودي أو النصراني ان سيد العبد ان شاء ان يعقل عنه ما(2/501)
15 - باب ما جاء في دية أهل الذمة
1617- وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان عمر بن عبد العزيز قضى ان دية اليهودي أو النصراني إذا قتل أحدهما مثل نصف دية الحر المسلم.
قال مالك: الأمر عندنا ان لا يقتل مسلم بكافر إلا ان يقتله مسلم قتل غيلة فيقتل به وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار كان يقول دية المجوسي ثماني مائة درهم.
قال مالك: وهو الأمر عندنا.
قال مالك: وجراح اليهودي والنصراني والمجوسي في دياتهم على حساب جراح المسلمين في دياتهم الموضحة نصف عشر ديته والمأمومة ثلث ديته والجائفة ثلث ديته فعلى حساب ذلك جراحاتهم كلها.(2/502)
16 - باب ما يوجب العقل على الرجل في خاصة ماله
1618- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول ليس على العاقلة عقل في قتل العمد إنما عليهم عقل قتل الخطأ.
000- وحدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أنه قال مضت السنة ان العاقلة لا تحمل شيئا من دية العمد إلا ان يشاءوا ذلك وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد مثل ذلك.
قال مالك: ان بن شهاب قال مضت السنة في قتل العمد حين يعفو أولياء المقتول ان الدية تكون على القاتل في ماله خاصة إلا ان تعينه العاقلة عن طيب نفس منها.
قال مالك: والأمر عندنا ان الدية لا تجب على العاقلة حتى تبلغ الثلث فصاعدا فما بلغ الثلث فهو على العاقلة وما كان دون الثلث فهو في مال الجارح خاصة.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا فيمن قبلت منه الدية في قتل العمد أو في شيء من الجراح التي فيها القصاص ان عقل ذلك لا يكون على العاقلة إلا ان يشاءوا وإنما عقل ذلك في مال القاتل أو الجارح خاصة ان وجد له مال فإن لم يوجد له مال كان دينا عليه وليس على العاقلة منه شيء إلا ان يشاءوا.
قال مالك: ولا تعقل العاقلة أحدا أصاب نفسه عمدا أو خطأ بشيء وعلى ذلك رأي أهل الفقه عندنا ولم اسمع ان أحدا ضمن العاقلة من دية العمد شيئا ومما يعرف به ذلك ان الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} 1 فتفسير ذلك فيما
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 178.(2/502)
"17 - باب ما جاء في ميراث العقل والتغليظ فيه".
1619- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب: ان عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى من كان عنده علم من الدية ان يخبرني فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال كتب الي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها فقال له عمر بن الخطاب ادخل الخباء حتى آتيك فلما نزل عمر بن الخطاب أخبره الضحاك فقضى بذلك عمر بن الخطاب قال بن شهاب وكان قتل أشيم خطأ.
1620- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: ان رجلا من بني مدلج يقال له: قتادة حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه فنزى في جرحه فمات فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فقال له عمر اعدد على ماء قديد عشرين ومائة بعير حتى اقدم عليك فلما قدم إليه عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين
ـــــــ.
1619/38 - عن بن شهاب أن عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه جماعة أصحاب مالك ورواه أصحاب بن شهاب عنه عن سعيد بن المسيب ورواة بن المسيب عن عمر تجري مجرى المتصل لأنه قد رآه وقد صحح بعض العلماء سماعه منه وفي طريق هشيم عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال جاءت امرأة إلى عمر تسأله أن يورثها من دية زوجها فقال: ما أعلم لك شيئا فنشد الناس الحديث وفي طريق معمر عن الزهري عن بن المسيب ان عمر بن الخطاب قال ما أرى الدية إلا للعصبة لأنهم يعقلون عنه فهل سمع منكم أحد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا فقال الضحاك بن سفيان الكلابي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الاعراب فذكر الحديث قال بن شهاب وكان قتل أشيم خطأ قال بن عبد البر: روى مشكوانة عن بن المبارك عن مالك عن الزهري عن أنس قال كان قتل أشيم خطأ قال وهو غريب جدا والمعروف أنه من قول بن شهاب فإنه كان يدخل كلامه في الأحاديث كثيرا.
1620/39- حذف ابنه بالسيف بالحاء المهملة أي رماه به أقل بن عبد البر ومن رواه بالخاء المنقوطة فقد صحف لأن الخذف بالخاء إنما هو الرمي بالحصى أو النوى.(2/503)
خلفة ثم قال أين أخو المقتول قال هأنذا قال خذها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس لقاتل شيء" .
000- وحدثني مالك أنه بلغه ان سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: سئلا أتغلظ الدية في الشهر الحرام فقالا لا ولكن يزاد فيها للحرمة فقيل: لسعيد هل يزاد في الجراح كما يزاد في النفس فقال نعم قال مالك: أراهما أرادا مثل الذي صنع عمر بن الخطاب في عقل المدلجي حين أصاب ابنه.
1621- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير: ان رجلا من الأنصار يقال له: أحيحة بن الجلاح كان له عم صغير هو أصغر من أحيحة وكان عند أخواله فأخذه أحيحة فقتله فقال أخواله كنا أهل ثمه ورمه حتى إذا استوى على عممه غلبنا حق امرئ في عمه قال عروة فلذلك لا يرث قاتل من قتل قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان قاتل العمد لا يرث من دية من قتل شيئا ولا من ماله ولا يحجب أحدا وقع له ميراث وإن الذي يقتل خطأ لا يرث من الدية شيئا وقد اختلف في ان يرث من ماله لأنه لا يتهم على أنه قتله ليرثه وليأخذ ماله فأحب الي ان يرث من ماله ولا يرث من ديته.(2/504)
"18 - باب جامع العقل"
1622- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جرح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس" قال مالك: وتفسير الجبار أنه لا دية فيه.
وقال مالك: القائد والسائق والراكب كلهم ضامنون لما أصابت الدابة إلا ان ترمح الدابة من غير ان يفعل بها شيء ترمح له وقد قضى عمر بن الخطاب في الذي أجرى فرسه بالعقل قال مالك: فالقائد والراكب والسائق أحرى ان يغرموا من الذي أجرى فرسه.
قال مالك: والأمر عندنا في الذي يحفر البئر على الطريق أو يربط الدابة أو يصنع أشباه هذا على طريق المسلمين ان ما صنع من ذلك مما لا يجوز له ان يصنعه على طريق المسلمين فهو ضامن لما اصيب في ذلك من جرح أو غيره فما كان من ذلك عقله دون ثلث الدية فهو في ماله خاصة وما بلغ الثلث فصاعدا فهو على العاقلة وما صنع من ذلك مما يجوز له ان يصنعه على طريق المسلمين فلا ضمان عليه فيه ولا غرم ومن ذلك البئر يحفرها الرجل للمطر والدابة ينزل عنها الرجل للحاجة فيقفها على الطريق فليس على أحد في هذا غرم.
وقال مالك: في الرجل ينزل في البئر فيدركه رجل آخر في أثره فيجبذ الأسفل الأعلى فيخران في البئر فيهلكان جميعا ان على عاقلة الذي جبذه الدية.
قال مالك: في الصبي يأمره الرجل ينزل في البئر أو يرقى في النخلة فيهلك في ذلك ان الذي امره ضامن لما أصابه من هلاك أو غيره.(2/504)
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه ليس على النساء والصبيان عقل يجب عليهم ان يعقلوه مع العاقلة فيما تعقله العاقلة من الديات وإنما يجب العقل على من بلغ الحلم من الرجال.
وقال مالك: في عقل الموالي تلزمه العاقلة ان شاؤوا وإن أبوا كانوا أهل ديوان أو مقطعين وقد تعاقل الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي زمان أبي بكر الصديق قبل ان يكون ديوان وإنما كان الديوان في زمان عمر بن الخطاب فليس لأحد ان يعقل عنه غير قومه ومواليه لأن الولاء لا ينتقل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الولاء لمن اعتق" قال مالك: والولاء نسب ثابت.
قال مالك: والأمر عندنا فيما اصيب من البهائم ان على من أصاب منها شيئا قدر ما نقص من ثمنها.
قال مالك: في الرجل يكون عليه القتل فيصيب حدا من الحدود أنه لا يؤخذ به وذلك ان القتل يأتي على ذلك كله إلا الفرية فإنها تثبت على من قيلت له يقال له: مالك لم تجلد من افترى عليك فأرى ان يجلد المقتول الحد من قبل ان يقتل ثم يقتل ولا أرى ان يقاد منه في شيء من الجراح إلا القتل لأن القتل يأتي على ذلك كله.
وقال مالك: الأمر عندنا ان القتيل إذا وجد بين ظهراني قوم في قرية أو غيرها لم يؤخذ به أقرب الناس إليه دارا ولا مكانا وذلك أنه قد يقتل القتيل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به فليس يؤاخذ أحد بمثل ذلك.
قال مالك: في جماعة من الناس اقتتلوا فانكشفوا وبينهم قتيل أو جريح لا يدري من فعل ذلك به ان أحسن ما سمع في ذلك ان عليه العقل وإن عقله على القوم الذين نازعوه وإن كان الجريح أو القتيل من غير الفريقين فعقله على الفريقين جميعا.(2/505)
"19 - باب ما جاء في الغيلة والسحر"
1623- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: ان عمر بن الخطاب قتل نفرا خمسة أو سبعة برجل واحد قتلوه قتل غيلة وقال عمر: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا.
1624- وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنه بلغه: أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قتلت جارية لها سحرتها وقد كانت دبرتها فأمرت بها فقتلت.
قال مالك: الساحر الذي يعمل السحر ولم يعمل ذلك له غيره هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 1 فأرى ان يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 102(2/505)
"20 - باب ما يجب في العمد"
1625- وحدثني يحيى عن مالك عن عمر بن حسين مولى عائشة بنت قدامة: ان عبد الملك بن مروان أقاد ولي رجل من رجل قتله بعصا فقتله وليه بعصا.
قال مالك: والأمر المجتمع عليه الذي لا اختلاف فيه عندنا ان الرجل إذا ضرب الرجل بعصا أو رماه بحجر أو ضربه عمدا فمات من ذلك فإن ذلك هو العمد وفيه القصاص.
قال مالك: فقتل العمد عندنا ان يعمد الرجل إلى الرجل فيضربه حتى تفيظ نفسه ومن العمد أيضا ان يضرب الرجل الرجل في النائرة تكون بينهما ثم ينصرف عنه وهو حي فينزى في ضربه فيموت فتكون في ذلك القسامة قال مالك: الأمر عندنا أنه يقتل في العمد الرجال الأحرار بالرجل الحر الواحد والنساء بالمرأة كذلك والعبيد بالعبد كذلك.(2/506)
"21 - باب القصاص في القتل"
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان مروان بن الحكم كتب إلى معاوية بن أبي سفيان يذكر أنه أتي بسكران قد قتل رجلا فكتب إليه معاوية ان اقتله به.
قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت في تأويل هذه الآية قول الله تعالى: {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} 1 فهؤلاء الذكور: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} 2 ان القصاص يكون بين الأناث كما يكون بين الذكور والمرأة الحرة تقتل بالمرأة الحرة كما يقتل الحر بالحر والأمة تقتل بالأمة كما يقتل العبد بالعبد والقصاص يكون بين النساء كما يكون بين الرجال والقصاص أيضا يكون بين الرجال والنساء وذلك ان الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} 3 فذكر الله تبارك وتعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [سورة المائدة: الآية45] فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر وجرحها بجرحه.
قال مالك: في الرجل يمسك الرجل للرجل: فيضربه فيموت مكانه أنه ان امسكه وهو يرى أنه يريد قتله قتلا به جميعا وإن امسكه وهو يرى أنه إنما يريد الضرب مما يضرب به الناس لا يرى أنه عمد لقتله فإنه يقتل القاتل ويعاقب الممسك أشد العقوبة ويسجن سنة لأنه امسكه ولا يكون عليه القتل.
قال مالك: في الرجل يقتل الرجل عمدا أو يفقأ عينه عمدا فيقتل القاتل أو تفقأ عين الفاقئ قبل ان يقتص منه أنه ليس عليه دية ولا قصاص وإنما كان حق الذي قتل أو فقئت عينه في الشيء بالذي ذهب وإنما ذلك بمنزلة الرجل يقتل الرجل عمدا ثم يموت القاتل فلا يكون لصاحب الدم إذا مات القاتل شيء دية ولا غيرها وذلك لقول الله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} 4.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 178.
2 سورة البقرة الآية: 178.
3 سورة المائدة الآية: 45.
4 سورة البقرة الآية: 178.(2/506)
قال مالك: فإنما يكون له القصاص على صاحبه الذي قتله وإذا هلك قاتله الذي قتله فليس له قصاص ولا دية.
قال مالك: ليس بين الحر والعبد قود في شيء من الجراح والعبد يقتل بالحر إذا قتله عمدا ولا يقتل الحر بالعبد وإن قتله عمدا وهو أحسن ما سمعت.(2/507)
22 - باب العفو في قتل العمد
1627- حدثني يحيى عن مالك أنه أدرك من يرضى من أهل العلم يقولون: في الرجل إذا أوصى ان يعفى عن قاتله إذا قتل عمدا ان ذلك جائز له وأنه أولى بدمه من غيره من أوليائه من بعده.
قال مالك: في الرجل يعفو عن قتل العمد بعد ان يستحقه ويجب له أنه ليس على القاتل عقل يلزمه إلا ان يكون الذي عفا عنه اشترط ذلك عند العفو عنه.
قال مالك: في القاتل عمدا إذا عفي عنه أنه يجلد مائة جلدة ويسجن سنة.
قال مالك: وإذا قتل الرجل عمدا وقامت على ذلك البينة وللمقتول بنون وبنات فعفا البنون وأبى البنات ان يعفون فعفو البنين جائز على البنات ولا أمر للبنات مع البنين في القيام بالدم والعفو عنه.(2/507)
23 - باب القصاص في الجراح
1628- قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا ان من كسر يدا أو رجلا عمدا أنه يقاد منه ولا يعقل قال مالك: ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه فيقاد منه فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول حين يصح فهو القود وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات فليس على المجروح الأول المستقيد شيء وإن برأ جرح المستقاد منه وشل المجروح الأول أو برأت جراحه وبها عيب أو نقص أو عثل فإن المستقاد منه لا يكسر الثانية ولا يقاد بجرحه قال ولكنه يعقل له بقدر ما نقص من يد الأول أو فسد منها والجراح في الجسد على مثل ذلك.
قال مالك: وإذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ عينها أو كسر يدها أو قطع اصبعها أو شبه ذلك متعمدا لذلك فإنها تقاد منه واما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو بالسوط فيصيبها من ضربه ما لم يرد ولم يتعمد فإنه يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه ولا يقاد منه.
000 - وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ.(2/507)
"24 - باب ما جاء في دية السائبة وجنايته"
1629- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار: ان سائبة أعتقه
ـــــــ.
1629/49- هو إذا كالأرقم أن يترك يلقم وإن يقتل ينقم هذا مثل من أمثال العرب مشهور قال القمي يقول إن قتلته كان له من ينتقم منك وإن تركته قتلك والأرقم الحية التي فيها سواد وبياض.(2/507)
كتاب القسامة
باب تبدئة أهل الدم في القسامة
...
"44 - كتاب القسامة"
"1 - باب تبدئة أهل الدم في القسامة"
1630- حدثني يحيى عن مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه: أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتي محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل وطرح في فقير بئر أو عين فأتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه فقالوا: والله ما قتلناه فأقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك ثم اقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن فذهب محيصة ليتكلم وهو الذي كان بخيبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كبر كبر" يريد السن فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أن يدوا صاحبكم واما أن يؤذنوا بحرب" فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فكتبوا انا والله ما قتلناه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم" فقالوا: لا قال: "أفتحلف لكم يهود" قالوا: ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار قال سهل لقد ركضتني منها ناقة حمراء قال مالك: الفقير هو البئر.
1631- قال يحيى: عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أنه أخبره: أن عبد الله بن سهل الأنصاري ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا في حوائجهما فقتل عبد الله بن سهل فقدم محيصة فأتى هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن ليتكلم لمكانه من أخيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كبر كبر" فتكلم حويصة ومحيصة فذكرا شأن عبد الله بن سهل فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم" قالوا: يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينا"
ـــــــ.
كتاب القسامة
1630/1- لحويصة ومحيصة بتشديد الياء فيهما في أشهر اللغتين فوداه بتخفيف الدال أي دفع ديته ركضتني أي رفستني الفقير هو البئر هو بفاء ثم قاف على لفظ الفقير من الآدميين قال النووي: هو البئر القريبة القعر الواسعة ألفم وقيل: الحفرة التي تكون حول النخل.
1631/2- فتبرئكم يهود أي تبرأ إليكم من دعواكم وقيل: عناه يخلصونكم من اليمين بحلفهم ويهود مرفوع غير منون لأنه غير منصرف للعلمية والتأنيث على إرادة اسم القبيلة والطائفة.(2/508)
فقالوا: يا رسول الله كيف نقبل إيمان قوم كفار. قال يحيى: بن سعيد فزعم بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وداه من عنده.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا والذي سمعت ممن أرضى في القسامة والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون وإن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين إما أن يقول المقتول دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة وإن لم تكن قاطعة على الذي يدعى عليه الدم فهذا يوجب القسامة للمدعين الدم على من ادعوه عليه ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذين الوجهين.
قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا والذي لم يزل عليه عمل الناس أن المبدئين بالقسامة أهل الدم والذين يدعونه في العمد والخطأ.
قال مالك: وقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارثيين في قتل صاحبهم الذي قتل بخيبر.
قال مالك: فإن حلف المدعون استحقوا دم صاحبهم وقتلوا من حلفوا عليه ولا يقتل في القسامة إلا واحد لا يقتل فيها اثنان يحلف من ولاة الدم خمسون رجلا خمسين يمينا فإن قل عددهم أو نكل بعضهم ردت الأيمان عليهم إلا أن ينكل أحد من ولاة المقتول ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عنه فإن نكل أحد من أولئك فلا سبيل إلى الدم إذا نكل أحد منهم.
قال يحيى: قال مالك: وإنما ترد الأيمان على من بقي منهم إذا نكل أحد ممن لا يجوز له عفو فإن نكل أحد من ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عن الدم وإن كان واحدا فإن الأيمان لا ترد على من بقي من ولاة الدم إذا نكل أحد منهم عن الأيمان ولكن الأيمان إذا كان ذلك ترد على المدعى عليهم فيحلف منهم خمسون رجلا خمسين يمينا فأن لم يبلغوا خمسين رجلا ردت الأيمان على من حلف منهم فإن لم يوجد أحد يحلف إلا الذي ادعى عليه حلف هو خمسين يمينا وبرئ.
قال يحيى: قال مالك: وإنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه وإن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة من الناس وإنما يلتمس الخلوة قال فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة ولو عمل فيها كما يعمل في الحقوق هلكت الدماء واجترأ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها ولكن إنما جعلت القسامة إلى ولاة المقتول يبدؤون بها فيها ليكف الناس عن الدم وليحذر القاتل أن يؤخذ في مثل ذلك بقول المقتول.
قال يحيى: وقد قال مالك: في القوم يكون لهم العدد يتهمون بالدم فيرد ولاة المقتول الأيمان عليهم وهم نفر لهم عدد أنه يحلف كل إنسان منهم عن نفسه خمسين يمينا ولا تقطع الأيمان عليهم بقدر عددهم ولا يبرءون دون أن يحلف كل إنسان عن نفسه خمسين يمينا.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك قال والقسامة تصير إلى عصبة المقتول وهم ولاة الدم الذين يقسمون عليه والذين يقتل بقسامتهم.(2/509)
2- باب من تجوز قسامته في العمد من ولاة الدم.
1632- قال يحيى: قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو.
قال يحيى: قال مالك: في الرجل يقتل عمدا أنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه فقالوا: نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم.
قال مالك: فإن أراد النساء أن يعفون عنه فليس ذلك لهن العصبة والموالي أولى بذلك منهن لأنهم هم الذين استحقوا الدم وحلفوا عليه.
قال مالك: وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم وأبي النساء وقلن لا ندع قاتل صاحبنا فهن أحق وأولى بذلك لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة إذا ثبت الدم ووجب القتل.
قال مالك: لا يقسم في قتل العمد من المدعين إلا اثنان فصاعدا تردد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يمينا ثم قد استحقا الدم وذلك الأمر عندنا.
قال مالك: وإذا ضرب النفر الرجل حتى يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعا فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة وإذا كانت القسامة لم تكن إلا على رجل واحد ولم يقتل غيره ولم نعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد.(2/510)
3- باب القسامة في قتل الخطأ
1633- قال يحيى: قال مالك: القسامة في قتل الخطإ يقسم الذين يدعون الدم ويستحقونه بقسامتهم يحلفون خمسين يمينا تكون على قسم مواريثهم من الدية فإن كان في الأيمان كسور إذا قسمت بينهم نظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك الأيمان إذا قسمت فتجبر عليه تلك اليمين.
قال مالك: فإن لم يكن للمقتول ورثة إلا النساء فإنهن يحلفن ويأخذن الدية فإن لم يكن له وارث إلا رجل واحد حلف خمسين يمينا وأخذ الدية وإنما يكون ذلك في قتل الخطأ ولا يكون في قتل العمد.(2/510)
4- باب الميراث في القسامة
قال يحيى: قال مالك: إذا قبل ولاة الدم الدية فهي موروثة على كتاب الله يرثها بنات الميت واخواته ومن يرثه من النساء فإن لم يحرز النساء ميراثه كان ما بقي من ديته لأولى الناس بميراثه مع النساء.
قال مالك: إذا قام بعض ورثة المقتول الذي يقتل خطأ يريد أن يأخذ من الدية بقدر حقه منها وأصحابه غيب لم يأخذ ذلك ولم يستحق من الدية شيئا قل ولا كثر دون أن يستكمل القسامة يحلف خمسين يمينا فإذا حلف خمسين يمينا استحق حصته من الدية وذلك أن الدم لا يثبت إلا بخمسين يمينا ولا تثبت الدية حتى يثبت الدم فإن جاء بعد ذلك من الورثة أحد حلف من الخمسين(2/510)
5 - باب القسامة في العبيد
1635- قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في العبيد أنه إذا اصيب العبد عمدا أو خطأ ثم جاء سيده بشاهد حلف مع شاهده يمينا واحدة ثم كان له قيمة عبده وليس في العبيد قسامة في عمد ولا خطإ ولم اسمع أحدا من أهل العلم قال ذلك.
قال مالك: فإن قتل العبد عبدا عمدا أو خطأ لم يكن على سيد العبد المقتول قسامة ولا يمين ولا يستحق سيده ذلك إلا ببينة عادلة أو بشاهد فيحلف مع شاهده قال يحيى :
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.(2/511)
كتاب الجامع
باب الدعاء للمدينة وأهلها
...
"45 - كتاب الجامع"
"1 - باب الدعاء للمدينة وأهلها"
1636- وحدثني يحيى بن يحيى قال حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم بارك لهم في مكيالهم وبارك لهم في صاعهم ومدهم" يعني أهل المدينة.
ـــــــ.
كتاب الجامع
قال بن العري في التفسير هذا كتاب اخترعه مالك في التصنيف لفائدتين إحاداهما أنه خارج عن رسم التكليف المتعلق بالأحكام التي صنفها أبوابا ورتبها أنواعا الثاني أنه لما لحظ الشريعة وأنواعها ورآها منقسمة إلى أمر ونهي وإلى عبادة ومعاملة وإلى جنايات وعادات نظمها أسلاكا وربط كل نوع بجنسه وشذت عنه من الشريعة معان مفردة لم يتفق نظمها في سلك واحد لأنها متغايرة المعاني ولا أمكن أن يجعل لكل واحد منها بابا لصغرها ولا أراد هو أن يطيل القول فيما يمكن إطالة القول فيها فجمعها أشتاتا وسمى نظامها كتاب الجامع فطرق للمؤلفين ما لم يكونوا قبل ذلك به عالمين في هذه الأبواب كلها ثم بدأ في هذا الكتاب بالقول في المدينة لأنها أصل الإيمان ومعدن الدين ومستقر النبوة.
1636/1- اللهم بارك لهم إلى آخره قال النوي الظاهر أن المراد البركة في نفس الكيل بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها.(2/511)
"2 - باب ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها"
1638- حدثني يحيى عن مالك عن قطن بن وهب بن عمير بن الأجدع أن يحنس مولى الزبير بن العوام: أخبره أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة فأتته مولاة له تسلم عليه فقالت اني أردت الخروج يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان فقال لها عبد الله بن عمر: اقعدي
ـــــــ.
1638/3- يحنس بضم المثناة تحت وفتح الحاء المهملة وكسر النون وفتحها وسين مهملة لكاع بفتح اللام والبناء على الكسر صيغة سب لا يصبر على لأوائها بالمد أي جوعها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة قال القاضي عياض: سئلت قديما عن هذ الحديث ولم خص ساكن المدينة بالشفاعة هنا مع عموم شفاعته رسول الله صلى الله عليه وسلم وادخاره إياها قال وأجبت عنه بجواب شاف مقنع في أوراق اعرف بصوابه كل واقف عليه قال وأذكر منه هنا لمعا تليق بهذا الموضع قال بعض شيوخنا: أو هنا للشك والأظهر عندنا أنها ليست للشك لأن هذا الحديث رواه جابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وأسماء بنت عميس وصفية بنت أبي عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ ويبعد اتفاق جميعهم أو رواتهم على الشك وتطابقهم فيه على صيغة واحدة بل الأظهر أنه قال صلى الله عليه وسلم هكذا فإما أن يكون أعلم بهذه الجملة هكذا وإما أن تكون أو للتقسيم وبكون شهيدا لبعض أهل المدينة وشفيعا لباقيهم إما شفيعا للعاصين وشهيدا للمطيعين وإما شهيدا لمن مات في حياته وشفيعا لمن مات بعد وغير ذلك وهذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعاصين في القيامة وعلى شهادته على جميع الأمة وقد قال صلى الله عليه وسلم في شهداء أحد "أنا شهيد على هؤلاء" فيكون تخصيصهم بهذا كله مزية زيادة منزلة وحظوة قال وقد تكون أو بمعنى الواو فيكون لأهل الميدنة شفيعا وشهيدا قال وإذا جعلنا أو للشك كما قال المشايخ فإن كانت اللفظة الصحيحة شهيدا اندفع الاعتراض لأنها زائدة على الشفاعة المدخرة المجردة لغيرهم وإن كانت شفيعا فاختصاص أهل المدينة بهذا أن هذه شفاعة أخرى غير العامة التي هي إخراج أمته من النار ومعافة بعضهم بشفاعته في القيامة وتكون هذه الشفاعة بزيادة الدرجات أو تخفيف السيآت أو بما شاء الله من ذلك أو باكرامهم يوم القيامة بأنواع من الكرامة كإيوائهم إلى ظل العرش أو كونهم في روح أو على منابر أو الإسراع بهم إلى الجنة أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دو بعض والله أعلم.(2/512)
لكع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة" .
1639- وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله: أن اعرابيا بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك بالمدينة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال اقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال اقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها" .
1640- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت أبا الحباب سعيد بن يسار يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أمرت بقرية تأكل القرى يقولون: يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد" .
1641- وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه" .
ـــــــ
1639/4- وعك بفتح العين وهو الحمى وقيل: ألمها إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها قال النووي: هو بفتح الياء والصاد المهملة الذي يصفو ويخلص ويتميز والناصع الصافي الخالص ومعنى الحديث أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه ويبقى فيها من خلص إيمانه.
1640/5- أمرت بقرية تأكل القرى قال النووي: معناه أمرت بالهجرة إليها واستيطانها وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين أحدهما أها مركز جيوش الإسلام في أول الأمر فمنها فتحت القرى وغنمت أموالها والثاني معناه أن أكلها وميراثها من القرى المفتحة وإليها تساق غنائمها يقولون: يثرب وهي المدينة قال الباجي: عني أن الناس يسمونها يثرب وأنا أسميها المدينة وفي مسند أحمد حديث من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله عز وجل هي طابة وإنما كره تسميتها يثرب لأنه من التثريب وهو التوريخ والملامة وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح واشتقاق المدينة من مدن بالمكان إذا أقام به أو من دان إذا أطاع تنفي الناس رجح القاضي عياض اختصاص هذا بزمنه صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه إلا من ثبت إيمانه ورجح النوي عمومه لما ورد أنها في زمن الدجال ترجف ثلاثة رجفات يخرج الله منها كل كافر ومنافق كما ينفي الكير خبث الحديد هو وسخه وقذره الذي تخرجه النار منه.
1641/6- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخرج أحد من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه" قال بن عبد البر: وصله معن عن مالك فقال: عن عائشة ولم يسنده غيره في الموطأ قال والحديث عندي خاص بحياته صلى الله عليه وسلم وأما بعده فقد خرج منها جماعة من أصحابه ولم تعوض المدينة بخير منهم وقال الباجي: المراد يخرج رغبة عن ثواب الساكن فيها وأما من خرج لضرورة شدة زمان أو فتنة فليس ممن يخرج رغبة عنها قال والمراد به من كان مستوطنا بها فرغب في استيطان غيرها وأما من كان مستوطنا غيرها فقدمها للقربة ورجع إلى وطنه أو كان مستوطنا بها فخرج مسافرا لحاجة فليس بخارج منها رغبة عنها قال والابدال إما بقدوم خير منه من غيرها أو مولود يولد فيها.(2/513)
1642- وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح الشام فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون وتفتح العراق فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" .
1643- وحدثني يحيى عن مالك عن بن حماس عن عمه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب أو الذئب فيغذي على بعض سواري المسجد أو على المنبر" فقالوا: يا رسول الله فلمن تكون الثمار ذلك الزمان قال: "للعوافي الطير والسباع" .
1644- وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال يا مزاحم: أتخشى أن نكون ممن نفت المدينة.
ـــــــ.
1642/7- يبسون بفتح المثناة تحت ثم باء موحدة تضم وتكسر وروي بضم التحتية مع كسر الموحدة فتكون اللفظة ثلاثية ورباعية ومعناه يتحملون بأهليهم وقيل: معناه يدعون الناس إلى بلاد الخصب وقال أبو عبيد معناه يسوقون والبس سوق الإبل.
1643/8- عن بن حماس كذا ليحيى ولغيره عن يونس بن يوسف بن حماس لتتركن المدينة الحديث قال النووي: الظاهر المختار أن هذا يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة وقال القاضي عياض: هذا مما وقع وانقضى حين انتقلت الخلافة عنها إلى الشام والعراق وذلك الوقت أحسن ما كانت للدين والدنيا أما الدين فلكثرة العلماء بها وكمالهم وأما الدنيا فلعمارتها وغرسها واتساع حال أهلها قال وذكر الأخباريون في بعض الفتن التي جرت بالمدنية وخاف أهلها أنه رحل عنها أكثر الناس وبقيت ثمارها أو أكثرها للموافي وخلت مدة ثم تراجع الناس إليها فيغذى على بعض سواري المسجد قال في النهاية أي يبول عليها لعدم سكانه وخلوه من الناس يقال غذا ببوله بالغين والذال المعجمتين إذا ألقاه دفعة.(2/514)
"3 - باب ما جاء في تحريم المدينة"
1645- حدثني يحيى عن مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم أن إبراهيم حرم مكة وأنا احرم ما بين لابتيها" .
1646- وحدثني مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يقول: لو رأيت الظباء بالمدينة ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما بين لابتيها حرام" .
ـــــــ.
1645/10- "هذا جبل يحبنا ونحبه" قال النوي قيل: معناه يحبنا أهل وهم أهل المدينة ونحبهم والصحيح أنه على ظاهره وإن معناه يحبنا هو بنفسه وجعل الله فيه تمييزا ما بين لابتيها هما الحرتان.
1646/11- ترتع أي ترعى ما ذعرتها أي ما نفرتها.(2/514)
1647- وحدثني مالك عن يونس بن يوسف عن عطاء بن يسار عن أبي أيوب الأنصاري: أنه وجد غلمانا قد ألجؤوا ثعلبا إلى زاوية فطردهم عنه قال مالك: لا أعلم إلا أنه قال أفي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هذا.
000/13- وحدثني يحيى عن مالك عن رجل: قال دخل علي زيد بن ثابت وأنا بالأسواف قد اصطدت نهسا فأخذه من يدي فأرسله.
ـــــــ.
000/13- بالأسواف قال الباجي: هو موضع ببعض أطراف المدينة بين الحرتين نهسا بضم النون وفتح لهاء وسين مهملة طائر يشبه الصرد يديم تحريك رأسه وذنبه يصطاد العصافير ويأوى إلى المقابر قاله في النهاية.(2/515)
باب ماجاء في وباء المدينة
...
"4 - باب ما جاء في وباء المدينة"
1648- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال قالت فدخلت عليهما فقلت يا أبت كيف تجدك ويا بلال كيف تجدك قالت فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول.
"كل امرئ مصبح في أهله.
والموت أدنى من شراك نعله".
وكان بلال إذا اقلع عنه يرفع عقيرته فيقول.
"ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة.
بواد وحولي أذخر وجليل".
"وهل أردن يوما مياه مجنة.
وهل يبدون لي شامة وطفيل".
قالت عائشة فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد وصححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها فاجعلها بالجحفة" .
000- قال مالك وحدثني يحيى بن سعيد أن عائشة قالت: وكان عامر بن فهيرة يقول:
لقد رأيت الموت قبل ذوقه
إن الجبال حتفه من فوقه
000- وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال" .
ـــــــ.
1648/14- يرفع عقيرته أي صوته إذخر وجليل بالجيم وهما شجرتان طيبتان يكونان بأودية مكة مجنة بفتح الجيم وكسر الميم وتشديد النون موضع بمر الظهران شامة وطفيل جبلان من جبال مكة وانفل حماها فاجعلها بالجحفة قال الخطابي وغيره كان ساكنو الجحفة في ذلك الوقت يهودا.
1649/16- أنقاب المدينة طرقها وفجاجها لا يدخلها الطاعون قال بعضهم هذه معجزة له صلى الله عليه وسلم لأن الأطباء من أولهم إلى آخرهم عجزوا أن يدفعوا الطاعون عن بلد من البلاد بل عن قربة من القرى وقد امتنع الطاعون من المدينة بدعائه وخبره هذه المدة المتطاولة.(2/515)
باب ماجاء في إجلاء اليهود من المدينة
...
"5 - باب ما جاء في اجلاء اليهود من المدينة"
1650- وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول: كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: "قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب" .
1651- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" .
قال مالك: قال بن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب" فأجلى يهود خيبر.
قال مالك: وقد أجلى عمر بن الخطاب يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها ليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالحهم على نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها.
ـــــــ.
1651/18- عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان الحديث وصله عبد الرزاق عن معمر عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب به جزيرة العرب هي مكة والمدينة واليمامة وقراها سميت جزيرة لاحاطة البحر بها وقال بن حبيب جزيرة العرب من أقصى عدن وما والاها من أرض اليمن كلها إلى ريف العراق في الطول وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام ومصر في المغرب والمشرق ما بين المدينة إلى منقطع السباوه الثلج هو اليقين الذي لا شك فيه.(2/516)
"6 - باب جامع ما جاء في أمر المدينة"
1653- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه" .
1654- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم: أن اسلم مولى عمر بن الخطاب أخبره أنه زار عبد الله بن عياش المخزومي فرأى عنده نبيذا وهو بطريق مكة فقال له اسلم أن هذا الشراب يحبه عمر بن الخطاب فحمل عبد الله بن عياش قدحا عظيما فجاء به إلى عمر بن الخطاب فوضعه في يديه فقربه عمر إلى فيه ثم رفع رأسه فقال عمر: أن هذا لشراب طيب فشرب منه ثم ناوله رجلا عن يمينه فلما أدبر عبد الله ناداه عمر بن الخطاب فقال أأنت القائل لمكة خير من المدينة فقال عبد الله فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر: لا أقول في بيت الله ولا في حرمه شيئا ثم قال عمر: أأنت القائل لمكة خير من المدينة قال فقلت هي حرم الله وأمنه وفيها بيته فقال عمر: لا أقول في حرم الله ولا في بيته شيئا ثم انصرف.(2/516)
"7 - باب ما جاء في الطاعون"
1655- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس: أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوبأ قد وقع بأرض الشام قال بن عباس فقال عمر بن الخطاب: ادع لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوبأ قد وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوبأ فقال عمر: ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم اثنان فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوبإ فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه فقال أبو عبيدة افرارا من قدر الله فقال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما مخصبة والأخرى جدبة أليس أن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان غائبا في بعض حاجته فقال أن عندي من هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه" قال فحمد الله عمر ثم انصرف.
1656- وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن سالم بن أبي النضر مولى عمر ابن.
ـــــــ.
1655/22- بسرغ بفتح السين المهملة ثم راء ساكنة في المشهور ثم غين معجمة مصروف وممنوع قرية في طرف الشام مما يلي الحجاز أمراء الأجناد هي مدن الشام الخمس وهي فلسطين والأردن ودمشق وحمص وقنسرين الوباء مهموز وقصره أفصح من مده ادع لي المهاجرين الأولين هم من صلى إلى القبلتين من مهاجرة الفتح قيل: هم الذين أسلموا قبل افتح إذ لا هجرة بعده وقيل: هم مسلمة الفتح الذين هاجروا بعده قال القاضي عياض: وهذا أظهر لأنهم الذين ينطلق عليهم مشيخة إني مصبح بسكون الصاد على ظهر أي مسافرا راكبا على ظهر الراحلة راجعا إلى وطني لو غيرك قالها قال النوي جواب لو محذوف وفي تقديره وجهان أحدهما لأدبته لإعراضه علي في مسألة اجتهادية وافقني عليها أكثر الناس والثاني لم أتعجب منه وإنما أتعجب من قولك أنت مع ما أنت عليه من العلم والفضل عدوتان تثنية عدوة بضم العين وكسرها وهي جانب الوادي جدبة بفتح الجيم وسكون الدال وكسرها وكذا الخصبة إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه قال العلماء: هو قريب المعنى من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا" قال بعضهم النهي عن الفرار من الطاعون تعبدي لا يعقل معناه لأن الفرار من المهالك مأمور به وقد نهي عن هذا فهو لسر فيه لا نعلم حقيقته.
1656/23- عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد قال بن عبد البر:(2/517)
عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون فقال أسامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه".
1657- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة: أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام فلما جاء سرغ بلغه أن الوبأ قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه" فرجع عمر بن الخطاب من سرغ.
1658- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب إنما رجع بالناس من سرغ عن حديث عبد الرحمن بن عوف.
1659- وحدثني عن مالك أنه قال بلغني: أن عمر بن الخطاب قال لبيت بركبة أحب إلي من عشرة أبيات بالشام قال مالك: يريد لطول الأعمار والبقاء ولشدة الوبأ بالشام.
ـــــــ.
لا وجه لذكر أبيه لأن الحديث إنما هو لعامر عن أسامة سمعه منه ولذا لم يقله بن بكير ومعن وجماعة من الرواة فلا يخرجوا إلا فرارا منه قال بن عبد البر: هكذا في الموطأ في حديث أبي النضر وقد جعله جماعة لحنا وغلطا لأنه استثناء من نفي فحفه الرفع وخرج على أنه نصب على الحال لا الاستثناء الطاعون رجز أي عذاب قال النووي: وكونه عذابا مختص بمن كان قبلنا وأما هذه الأمة فهو لها رحمة وشهادة كما بين في الأحاديث الصحيحة.
1659/26 - بركبة قال الباجي: هي أرض بني عامر وهي بين مكة والعراق.(2/518)
كتاب القدر
باب النهي عن القول بالقدر
...
"46 - كتاب القدر".
"1 - باب النهى عن القول بالقدر".
1660 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى قال له موسى أنت آدم الذي أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة فقال له آدم أنت موسى الذي أعطاه الله علم كل شيء واصطفاه على الناس برسالته قال:
ـــــــ.
كتاب القدر
1660/1 - أنت آدم الذي أغويت الناس قال الباجي: أي عرضتهم للاغواء لما كنت سبب خروجهم من الجنة أفتلومني على أمر قد قدر علي قال بن العربي ليس ما سبق من القضاء والقدر يرفع الملامة عن البشر ولكن معناه قدر علي وتبت منه والعاصي التائب لا يلام وذكر الباجي مثله.(2/518)
نعم قال أفتلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق" .
1661- وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه أخبره عن مسلم بن يسار الجهني: أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} 1 فقال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون" فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار" .
1662- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه" .
1663- وحدثني يحيى عن مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاوس اليماني أنه قال أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر قال طاوس وسمعت عبد الله بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز" .
1664- وحدثني مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن دينار أنه قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول في خطبته: أن الله هو الهادي والفاتن.
1665- وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك أنه قال: كنت اسير مع عمر ابن
ـــــــ.
1661/2- مسح ظهره بيمينه قال الباجي: أجمع أهل السنة على أن يده صفة وليس بجوارح كجوارح المخلوقين لأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وقال بن العربي عبر بالمسح عن تعلق القدرة بظهر آدم وكل معنى تتعلق به قدرة الخالق يعبر عنها بفعل المخلوق ما لم يكن دناءة.
1662/3- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تركت فيكم أمرين الحديث وصله بن عبدالب رمن حديث كثير بن عبد الله بنعمرو بن عوف عن أبيه عن جده.
1663/4- حتى العجز والكيس قال الباجي: لعله أراد العجز عن الطاعة والكيس فيها ويحتمل أن يريد به في أمر الدين والدنيا.
ـــــــ
1 سورة الأعراف الآية:172.(2/519)
عبد العزيز فقال ما رأيك في هؤلاء القدرية فقلت رأيي أن تستتيبهم فإن تابوا وإلا عرضتهم على السيف فقال عمر بن عبد العزيز: وذلك رأيي.
قال مالك: وذلك رأيي.(2/520)
"2 - باب جامع ما جاء في أهل القدر"
1666- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح فإنما لها ما قدر لها" .
1667- وحدثني عن مالك عن يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال قال معاوية بن أبي سفيان وهو على المنبر: أيها الناس أنه لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله ولا ينفع ذا الجد منه الجد من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ثم قال معاوية سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد.
1668- وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أنه كان يقال الحمد لله الذي خلق كل شيء كما ينبغي الذي لا يعجل شيء اناه وقدره حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله مرمى.
1669- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أنه كان يقال أن أحدا لن يموت حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب.
ـــــــ.
1666/7- لتستفرغ صحفتها أي لتنفرد بنفقة الزوج.
1667/8- ولا ينفع ذا الجد منه الجد أي لا ينفع صاحب الغنى عنده غناه إنما تنفعه طاعته.
1668/9- مالك أنه بلغه أنه كان يقال الحمد لله الخ قال الباجي: يقتضي أنه من قول أئمة الشرع لأن مالكا أدخله في كتابه المعتقد صحته الذي خلق كل شيء كما ينبغي قال الباجي: يريد أنه أحسنه وأتى به على أفضل ما يكون عليه الذي لا يعجل شيء أناه وقدره أي لا سبق وقته الذي وقت له ليس وراء الله مرمى أي غاية يرمى إليها أي يقصد بدعاء أو أمل أو رجاء تشبيها بغاية السهام.
1669/10- مالك أنه بلغه أنه كان يقال أن أحدا لن يموت حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب قال بن عبد البر: ذكر الحلواني قال حدثنا محمد بن عيسى حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق قال كان محمد بن سيرين إذا قال كان يقال لم يشك أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: وكذلك كان مالك إن شاء الله قال وهذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه حسان من حديث جابر بن عبد الله وأبي حميد الساعدي وعبد الله بن مسعود وأبي أمامة وغيرهم وفي حديث جابر بعد قوله فاجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم أخرجه بن ماجة والحاكم وفي حديث أبي أمامة بعده ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله أخرجه بن أبي الدنيا.(2/520)
كتاب حسن الخلق
باب ما جاء في حسن الخلق
...
"47 - كتاب حسن الخلق".
"1 - باب ما جاء في حسن الخلق"
1670- وحدثني عن مالك أن معاذ بن جبل قال: آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: "أحسن خلقك للناس يا معاذ بن جبل" .
1671- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج.
ـــــــ.
1670/1- مالك أن معاذ بن جبل قال آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رجلي في الغرز أن قال أحسن خلقك للناس قال بن عبد البر: هكذا رواي يحيى وتابعه بن القاسم والقعنبي ورواه بن بكير عن مالك عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن جبل وهو مع هذا منقطع جدا ولا يوجد مسندا من حديث معاذ ولا غيره بهذا للفظ لكن ورد معناه فأخرج الترمذي من طريق سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ بن جبل قال قلت: يا رسول الل علمني ما ينفعني قال اتق الله حيث كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن وأخرج من طريق حماد عن ثابت عن أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فقال: "يا معاذ اتق الله وخالق الناس بخلق حسن" وروى قاسم بن أصبغ من طريق مكحول عن جبير بن نفير عن مالك بن يخامر قال سمعت معاذ بن جبل يقول إن آخر كلمة فارقت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل قال: "لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله" والغرز بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وزاي في موضع الركاب من رحل البعير كالركاب للسرج قال الباجي: وتحسين خلقه أ يظهر منه لمن يجالسه أو ورد عليه البشر والحلم والاشفاق والصب على التعليم والتودد إلى الصغير والكبير قال وقوله للناس وإن كان لفظه عاما إلا أنه أراد بذلك من يستحق تحسين الخلق له فأما أهل الكفر والاصرار على الكبائر والتمادي على ظلم الناس فلا يؤمر بتحسين الخلق لهم بل يؤمر بأن يغلظ عليهم.
1671/2- ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين قط قال الباجي: يحتمل أن يكون المخير له هو الله فيما كلفه أمته من الأعمال أو الناس فعلى الأول يكون قوله ما لم يكن إنما استثناء منقطعا وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قال الباجي: روى بن حبي عن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعفو عمن شتمه إلا أن تنتهك حرمة الله قال الباجي: يريد أن يؤذى أذى فيه غضاضة على الدين فإن في ذلك انتهاكا لحرمة الله فينتقم لله بذلك إعظاما لحق الله وقال بعض العلماء: أنه لا يجوز أن يؤذى النبي صلى الله عليه وسلم بفعل مباح ولا غيره وأما غيره من الناس فيجوز أن يؤذى بمباح وليس له المنع منه ولا يأثم فاعل المباح وإن وصل بذلك أذى إلى غيره ولذلك لم يأذن صلى الله عليه وسلم نكاح على ابنة أبي جهل فجعل حكم ابنته حكمه في أنه لا يجوز أن يؤذى بمباح واحتج على ذلك بقوله: إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله إلى أن قال والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فشرط على المؤمنين أن يؤذوا يغير ما اكتسبوا وأطاق الأذى في خاصة النبي صلى الله عليه وسلم من غير شرط انتهى.(2/521)
النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان اثما كان ابعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها.
1672- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" .
1673- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة وأنا معه في البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس بن العشيرة" ثم أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فلم انشب أن سمعت ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم معه فلما خرج الرجل قلت: يا رسول الله قلت: فيه ما قلت: ثم لم تنشب أن ضحكت معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من شر الناس من أتقاه الناس لشره" .
1674- وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن كعب الأحبار أنه قال: إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء.
1675- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني: أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامي بالهواجر.
ـــــــ.
1672/3- عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" وصله الدارقطني من طريق خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن أبيه ومن طريق موسى بن داود الضبي عن مالك كذلك قال بن عبد البر: وخالد وموسى لا بأس بهما وقال الباجي: قال حمزة الكناني هذا الحديث ثلث الإسلام والثاني حديث الأعمال بالنيات والثالث حديث الحلال بين والحرام بين وقال بن العربي هذا الحديث إشارة إلى ترك الفضول لأن المرء لا يقدر أن يستقل باللازم فكيف أن يتعداه إلى الفاضل.
1673/4- مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: استأذن رجل الحديث وصله البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن عروة عن عائشة وفي المنتقى للباجي عن بن حبيب أن هذا الرجل هو عيينة بن حصن الفزاري بئس بن العشيرة قال الباجي: وصفه بذلك ليعلم حاله فيحذر وليس ذلك من باب الغيبة.
1674/5- فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء قال الباجي: يريد ما يجرى على ألسنة الناس من ذكره في حياته وبعد موته والمراد ما يذكره به أهل الدين والخير دون أهل الضلال والفسق لأنه قد يكون للإنسان العدو فيتبعه بالذكر القبيح.
1675/6- عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامئ بالهواجر قال بن عبد البر: هذا لا يجوز أن يكون رأيا ولا يكون مثله إلا توقيفا ثم أسنده من طريق زهير عن يحيى بن سعد عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه أبو داود من طريق يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن عائشة مرفوعا به قال بن العربي الخلق والخلق عبارتان عن جملة الإنسان فالخلق عبارة عن صفته الظاهرة والخلق عبارة عن صفته الباطنة والإشارة بالخلق إلى الإيمان والكفر.(2/522)
1676- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: إلا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة قالوا: بلى قال إصلاح ذات البين وإياكم والبغضة فإنها هي الحالقة.
1677- وحدثني عن مالك أنه قد بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت لأتمم حسن الأخلاق" .
ـــــــ.
والعلم والجهل واللين والشدة والمسامحة والاستقصاء والسخاء والبخل وما أشبه ذلك ولبابها في المحمود والمذموم تدور على عشرين خصلة وقال الباجي: المراد بذلك أنه يدرك درجة المتنفل بالصوم والصلاة بصبره على الأذى وكفه عن أذى غيره والمقارضة عليه مع سلامة صدره من الغل.
1676/7- عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يقول إلا أخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة الحديث وصله إسحاق بن بشير الكاهلي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم ووصله الدارقطني من طريق حفص بن غياث وابن عيينة كلاهما عن يحيى بن سعيد عن سيعد بن المسيب عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم ووصله البزار من طريق الأعمش عن عمر بن مرة عن سالم بن أبي الحمد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إصلاح ذات البين قال الباجي: يريد صلاح الحال التي بين الناس وأنها خير من نوافل الصلاة وما ذكر معها فانما هي الحالقة زاد الدار قطني قال أبو الدرداء أما إني لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقة الدين قال الباجي: أي إنها لا تبقي شيئا من الحسنات حتى لا تذهب بها كما يذهب الحلق بالشعر من الرأس ويتركه عاريا.
1677/8- مالك أنه قد بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت لأتمم حسن الأخلاق" وصله قاسم بن أسبغ والحاكم من طريق عبد العزيز الدراوردي عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال بن عبد البر: وهو بحديث مدني صحيح قال ويدخل فيه الصلاح والخير كله والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل فبذلك بعث ليتممه صلى الله عليه وسلم وقال الباجي: كانت العرب أحسن الناس أخلاقا بما بقي عندهم من شريعة إبراهيم وكانوا ضلوا بالكفر عن كثير منها فبعث صلى الله عليه وسلم ليتمم محاسن الأخلاق ببيان ما ضلوا عنه وبما خص به في شريعته.(2/523)
"2 - باب ما جاء في الحياء"
1678- وحدثني عن مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي عن زيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لكل دين خلق وخلق الإسلام الحياء" .
ـــــــ.
1678/9- عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي عن زيد بن طلحة بن ركانة برفعه قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: بن يحيى زيد بن طلحة وقال بن بكير والقعنبي وابن القاسم وغيرهم يريد بن طلحة وهو الصواب قال وأكثر الرواة رووه هكذا مرسلا ورواه وكيع عن مالك عن سلمة عن يزيد بن طلحة عن أبيه ولم يقل عن أبيه وكيع وقد أنكر عليه يحيى بن معين وقال ليس فهي عن أبيه هو مرسل وقد ورد هذا الحديث أيضا من حديث أنس ومعاذ بن جبل لكل دين خلق قال الباجي: يريد سجية شرعت فيه وحض أهل ذلك الدين عليها وخلق الإسلام الحياء قال الباجي: أي فيما شرع فيه الحياء خلاف ما لم يشرع فيه كتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحكم بالحق والقيام به وأداء الشهادات على وجهها.(2/523)
1679- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "دعه فإن الحياء من الإيمان" .
ـــــــ.
1679/10- وهو يعظ أخاه في الحياء قال الباجي: أي يلومه على كثرته وأنا أضربه ومنع من بلوغ حاجته فإن الحياء من الإيمان قال الباجي: أي من شرائعه وقال بن العربي قال علماؤنا انما صار من الإيمان المكتسب وهو جبلة لما يفيد من الكف عما لا يحسن فعبر عنه بفائدته على أحد فسمي المجاز.(2/524)
"3 - باب ما جاء في الغضب"
1680- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلا أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني كلمات أعيش بهن ولا تكثر علي فأنسى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب" .
1681- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" .
ـــــــ.
1680/10- عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رجلا الحديث وصله مطرف عن مالك عن الزهري عن حميد عن أبي هرير ورواه بن عيينة عن بن شهاب عن حميد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رواه إسحاق بن بشر الكاهلي عن مالك عن الزهري عن حميد عن أبيه قال بن عبد البر: وهو خطأ والرجل المذكور جارية بن قدامة التميمي عم الأحنف بن قيس وقد ورد هذا الحديث من حديثه أيضا ومن حديث أبي سعيد الخدري لا تغضب قال بن العربي قال علماؤنا إنما نهاه عما علم أننه هواه لأن المرء إذا ترك ما يشتهي كان أجدر أن يترك مالا يشتهي وخصوصا الغضب فإن ملك نفسه عنده كان شديدا سديدا وإذا ملكها عند الغضب كان أحرى أن يملكها عن الكبر والحسد وأخواتها وقال بن عبد البر: هذا من الكلام القليل الألفاظ الجامع للمعاني الكثيرة والفوائد الجليلة ومن كظم غيظه ورد غضبه أخزى شيطانه وسلمت له مروءته ودينه وقال الباجي: جمع له صلى الله عليه وسلم الخير في لفظ واحد لأن الغضب يفسد كثيرا من الدين والدنيا لما يصدر عنه من قول وفعل قال ومعنى لا تغضب لا تمض ما يحملك غضبك عليه وكف عنه وأما نفس الغضب فلا يملك الإنسان دفعه وإنما يدفع ما يدعوه إليه قال وإنما أراد صلى الله عليه وسلم منعه من الغضب في معاني دنياه ومعاملته وإما فيما يعود إلى القيام بالحق فالغضب فيه قد يكون واجبا كالغضب على أهل الباطل والانكار عليهم بما يجوز وقد يكون مندوبا وهو الغضب على المخطى كما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله رجل عن ضالة الإبل ولما شكا إليه معاذ أنه يطول في الصلاة.
1681/12- ليس الشديد بالصرعة بضم الصاد وفتح الراء وهو الذي يصرع الناس ويكثر ذلك منه قال الباجي: ولم يرد نفي الشدة عنه فإنه يعلم بالضرورة شدته وإنما أراد أنه ليس بالنهاية في الشدة وأشد منه الذي يملك نفسه عند الغضب أو أراد أنها شدة لها كبير منفعة وإنما الشدة التي ينتفع بها شدة الذي يملك نفسه عند الغضب كقولهم لا كريم إلا يوسف لم يرد به نفي الكرم عن غيره وإنما أريد بث إثبات مزية له في الكرم وكذا لا سيف إلا ذو الفقار ولا شجاع إلا علي.(2/524)
"4 - باب ما جاء في المهاجرة"
1682- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" .
1683- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال" .
قال مالك: لا احسب التدابر إلا الإعراض عن أخيك المسلم فتدبر عنه بوجهك.
1684- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تنافسوا ولا
ـــــــ
1682/13–: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال" قال بن عبد البر: هذا العموم مخصوص بحديث كعب بن مالك ورفيقيه حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بهجرهم قال وأجمع العلماء على أن من خاف من مكالمة أحد وصلته ما يفسد عليه دينه أو يدخل عليه مضرة في دنياه أه يجوز له مجانبته وبعده ورب صرم جميل خير من مخالطة مؤذية وقال النووي: في شرح مسلم وردت الأحاديث بهجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة وأنه يجوز هجرانه دائما والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائم انتهى وما زالت الصحابة والتابعون فمن بعدهم يهجرون من خالف السنة أو من دخل عليهم من كلامه مفسدة وقد ألفت في ذلك كتابا سميته الزجر بالهجر فيه فوائد: "وخيرهما" أي أكثرهما ثوابا: "الذي يبدأ بالسلام" قال الباجي: وغيره فيه أ السلام يقطع الهجرة.
1683/14- "ولا تدابروا" أي لا تعرض بوجهك عن أخيك وتوله دبرك استثقالا له وبغضا بل أقبل عليه وابسط له وجهك ما استطعت "وكونوا عباد الله إخوانا" أي متواخين متوادين "ولا يحل لمسلم أن يهاجر" قال بن عبد البر: كذا قال يحيى: يهاجر وسائر الرواة للموطأ يقولون: يهجر فوق ثلاث قال بن العربي إنما جوز في الثلاث لأن المرء في ابتداء الغضب مغلوب فرخص له في ذلك حتى يسكن غضبه.
1684/15– "إياكم والظن" أي ظن السوء بالمسلم قال الباجي: ويحتمل أن يريد الحكم في دين الله بمجرد الظن دون إعمال نظر ولا استدلال بدليل: "ولا تحسسوا ولا تجسسوا" الأولى بالحاء المهملة والثانية بالجيم قال بن عبد البر: وهما لفظتان معناهما واحد وهو البحث والتطلب لمعايب الناس ومساويهم إذا غابت واستترت لم يحل أن يسأل عنها ولا يكشف عن خبرها وأصل هذه اللفظة في اللغة من قولك حس الثوب أي أدركه بحسه وجسه من المحس والمجس وقال بن العربي التجسس يعني بالجيم تطلب الأخبار على الناس في الجملة وذلك لا يجوز إلا للامام الذي رتب لمصالحهم وألقى إليه زمام حفظهم فأما عرض الناس فلا يجوز لهم إلا لغرض من مصاهرة أو جواز أو رفاقية في السفر أو معاملة وما أشبه ذلك من أسباب الامتزاج وأما التحسس فهو طلب الخبر الغائب للشخص وذلك لا يجوز لا للامام ولا لسواه: "ولا تنافسوا" قال بن عبد البر: المراد به التنافس في الدنيا ومعناه طلب الظهور فيها والتكبر عليهم ومنافستهم في رياستهم والبغي عليهم وحسدهم على ما آتاهم الله منها وأما التنافس والحسد على الخير وطرق البر فليس من هذا في(2/525)
تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا" .
1685- وحدثني عن مالك عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخرساني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء" .
1686- وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا" .
1687- وحدثني عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه قال: تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين يوم الإثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يفيئا أو اركوا هذين حتى يفيئا.
ـــــــ.
شيء وقال بن العربي التنافس هو التحاسد في الجملة إلا أنه يتميز عنه بأنه سببه.
1685/16- عن عطاء بن أبي مسلم عبد الله الخراساني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصافحوا يذهب الغل وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء في المصافحة" أحاديث موصولة بغير هذا اللفظ وأما تهادوا تحابوا فورد موصولا من حديث أبي هريرة أخرجه البخاري في الأدب وللترمذي من حديثه تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر وللبيهقي في مذهب الإيمان من حديث أنس تهادوا فإن الهدية تذهب بالسخيمة قال يونس بن يزيد هي الغل وأسند بن عبد البر من حديث أم سلمة مثله والشحناء بالمد العداوة.
1686/17- تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين والخميس قال الباجي: هو كناية عن مغفرة الذنوب العظيمة وكتب الدرجات الرفيعة أنظروا هذين أي أخروا الغفران لهما.
1687/18- عن مسلم بن أبي رميم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أنه قال تعرض أعمال الناس الحديث قال بن عبد البر: هكذا وقفه يحيى وجمهور الرواة ومثله لا يقال بالرأي فهو توقيف بلا شك وقد رواه بن وهب عن مالك وهو أجل أصحابه فصرح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم اتركوا هذين حتى يفيئا أي يرجعا إلى الصلح أو اركوا بسكون الراء شك من الراوي ومعناه أخروا يقال أركيت الشيء أخرته جرو قثاء قال الباجي: هي الصحيحة وقيل: المستطيلة وقيل: الصغيرة وقال أبو عبيد الجرو صغير القثاء والرمان.(2/526)
كتاب اللباس
باب ما جاء في لبس الثياب للجمال بها
...
"48 - كتاب اللباس"
"1 - باب ما جاء في لبس الثياب للجمال بها"
1688- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال:
ـــــــ.
كتاب اللباس
1688/1- في العيبة بعين مهملة مفتوحة وتحتية ساكنة وموحدة وهي مستودع الثياب: "ماله ضرب(2/526)
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار قال جابر فبينا انا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل فقلت يا رسول الله هلم إلى الظل قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إلى غرارة لنا فالتمست فيها شيئا فوجدت فيها جرو قثاء فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من أين لكم هذا" قال فقلت خرجنا به يا رسول الله من المدينة قال جابر وعندنا صاحب لنا نجهزه يذهب يرعى ظهرنا قال فجهزته ثم أدبر يذهب في الظهر وعليه بردان له قد خلقا قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه فقال: "أما له ثوبان غير هذين" فقلت بلى يا رسول الله له ثوبان في العيبة كسوته اياهما قال فادعه فمره فليلبسهما قال فدعوته فلبسهما ثم ولى يذهب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماله ضرب الله عنقه أليس هذا خيرا له" قال فسمعه الرجل فقال: يا رسول الله في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في سبيل الله" قال فقتل الرجل في سبيل الله.
1689- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب.
1690- وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن بن سيرين قال قال عمر بن الخطاب: إذا أوسع الله عليكم فأوسعوا على أنفسكم جمع رجل عليه ثيابه.
ـــــــ.
الله عنقه" قال الباجي: هذه كلمة تقولها العرب عند إنكار أمر ولا تريد بذلك الدعاء على من يقال له: ذلك ولكن لما سمع الرجل ذلك وتيقن وقوع ما يقوله صلى الله عليه وسلم سأل أن يكون في سبيل الله فأجابه إلى ذلك فوقع كما قال وهذا من عظيم الآيات.
1689/2 - إني لأحب أن أنظر إلى القارئ أبيض الثياب قال الباجي: المراد بالقارئ العالم استحسن لأهل العلم حسن الزي والتجمل في أعين الناس.(2/527)
"2 - باب ما جاء في لبس الثياب المصبغة والذهب"
1691- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق والمصبوغ بالزعفران.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول وأنا أكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تختم الذهب فأنا أكرهه للرجال الكبير منهم والصغير.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في الملاحف المعصفرة في البيوت للرجال وفي الأفنية قال لا أعلم من ذلك شيئا حراما وغير ذلك من اللباس أحب الي .
ـــــــ.
1691/4 - بالمشق هي المغرة.(2/527)
"3 - باب ما جاء في لبس الخز"
1690- وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها كست عبد الله بن الزبير مطرف خز كانت عائشة تلبسه(2/527)
"4 - باب ما يكره للنساء لبسه من الثياب"
1693- وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أنها قالت: دخلت حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حفصة خمار رقيق فشقته عائشة وكستها خمارا كثيفا.
1694- وحدثني عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة أنه قال: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وريحها يوجد من مسيرة خمسمائة سنة.
1695- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الليل فنظر في أفق السماء فقال: "ماذا فتح الليلة من الخزائن وماذا وقع من الفتن كم من كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة أيقظوا صواحب الحجر" .
ـــــــ.
1694/7- عن أبي هريرة أنه قال نساء كاسيات الحديث قال بن عبد البر: كذا وقفه يحيى ورواة الموطأ إلا عبد الله بن نافع فإنه رواهعن مالك بإسناده هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن هذا لا يمكن أن يكون من رأي أبي هريرة لأن مثل هذا لا يدرك بالرأي ومحال أن يقول أبو هريرة من رأيه لا يدخل الجنة وقال الباجي: قد أسنده حرير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي الله عليه وسلم أخرجه مسلم كاسيات عاريات قال بن عبد البر: أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر فهن كاسيات بالاسم عاريا في الحقيقة مائلات عن الحق مميلات لأزواجهن عنه.
1695/8 - عن يحيى بن سعيد عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الليل الحديث وصله البخاري من طريق معمر عن الزهري عن هند بنت الحرث عن أم سلمة به ومن طريق بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن امرأة عن أم سلمة به ماذا فتح الليلة من الخزائن قال بن عبد البر: يريد من أرزاق العباد مما فتحه الله على هذه الأمة من ديار الكفر والاتساع في المال وقال الباجي: يحتمل أن يريد أنه فتح من خزائنها في لتك الليلة ما قدر الله أن لا ينزل إلى الأرض شيئا منها إلا بعد فتح تلك الخزائن ويحتمل أنه فتح من خزائن الفتن فوقع بعض ما كان فيها بمعنى أنه قد وجد إلى موضع لم يصل إليه قبل ذلك قال والفتن في هذا يحتمل أن يريد به ما يفتن من زهرة الدنيا ويحتمل أن يريد به الفتن التي حدثت من سفك الدماء وفساد أحوال المسلمين عارية يوم القيامة أي في الحشر إذا كسى أهل الصلاح قال بن عبد البر: ويحتمل أن يريد عارية من الحسنات أيقظوا صواحب الحجر جمع حجرة وهي البيوت أراد أزواجه أن يوقظهن للصلاة في تلك الليلة رجاء بركتها ولئلا يكن من الغافلين فيها.(2/528)
"5 - باب ما جاء في إسبال الرجل ثوبه"
1696- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يجر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة" .
ـــــــ.
1696/9 - خيلاء أي كبرا. "لا ينظر الله إليه" أي لا يرحمه.(2/528)
1697- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلى من يجر إزاره بطرا" .
1698- وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن اسلم كلهم يخبره عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من يجر ثوبه خيلاء" .
1699- وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أنه قال سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار فقال: انا أخبرك بعلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إزرة المؤمن إلى إنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النار ما أسفل من ذلك ففي النار لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا" .
ـــــــ.
1697/10- بطرا بفتح الطاء أي تكبرا وطغيانا.
1699/12- أزرة المؤمن قال في النهاية بالكسر الحالة وهيئة الاتزار ما أسفل من ذلك ما موصولة وأسفل بالنصب خبر كان محذوفة والجملة صلة ويجوز كون ما شرطية وأسف فعل ماض ففي النار أي محله من الرجل وذلك خاص بمن قصد به الخيلاء.(2/529)
"6 - باب ما جاء في إسبال المرأة ثوبها"
1700- وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع مولى بن عمر عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها قالت حين ذكر الإزار فالمرأة يا رسول الله قال ترخيه شبرا قالت أم سلمة إذا ينكشف عنها قال فذراعا لا تزيد عليه.(2/529)
باب ماجاء الانتعال
...
"7 - باب ما جاء في الانتعال"
1701- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمشين أحدكم في نعل واحدة لينعلهما جميعا أو ليحفهما جميعا" .
1702- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال ولتكن اليمني أولهما تنعل وأخرهما تنزع" .
1703- وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن كعب الأحبار: أن رجلا نزع نعليه فقال: لم خلعت نعليك لعلك تأولت هذه الآية: {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ
ـــــــ
1701/15- لا يمشين أحدكم في نعل واحدة قال الباجي: لما في ذلك من المثلة والمفارقة للوقار ومشابهة زي الشيطان كالأكل بالشمال لينعلهما بفتح أوله وضمه من نعل وأنعل قال بن عبد البر: والضمير للقدمين وإن لم يتقدم لهما ذكر ولو أراد النعلين لقال لينتعلهما أو ليحتف منهما.
1702/15- إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال قال الباجي: التيامن مشروع في ابتداء الأعمال والتياسر مشروع في تركها ولتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع بنصب الطرفي على الخبر والفعلان بالفوقية والتحتية.(2/529)
"8 - باب ما جاء في لبس الثياب"
1704- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين عن الملامسة وعن المنابذة وعن أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء وعن أن يشتمل الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه.
1705- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد فقال: يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة" ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر: يا رسول الله أكسوتنيها وقد قلت: في حلة عطارد ما قلت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم أكسكها لتلبسها" فكساها عمر أخا له مشركا بمكة.
1706- وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه قال قال أنس بن مالك: رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المدينة وقد رقع بين كتفيه برقع ثلاث لبد بعضها فوق بعض.
ـــــــ.
1704/17- عن لبستين وعن بيعتين عن الملامسة وعن المنابذة وعن أن يحتبي الرجل لف ونشر غير مرتب في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء لما فهي من الافضاء به إلى السماء وعن أن يشتمل الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه هي الصماء لأن يده حينئذ تصير داخل ثوبه فإن أصابه شيء يريد الاحتراس منه والاتقاء بيديه تعذر عليه وإن أخرجها من تحت الثوب انكشفت عورته.
1705/18- حلة سيراء بالإضافة وتركها على الصفة والحلة ثوبان رداء وإزار وسيراء بكسر السين وفتح التحتية وراء ممدودة قيل: الحرير الصافي وقيل: نوع من البرود يخالطه حرير كالخيوط لا خلاق له أي لا نصيب له أخا له مشركا قال الباجي: قيل: كان أخاه لأمه.(2/530)
كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم
...
"49 - كتاب صفة النبي صلى الله عليه وسلم"
"1 - باب ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم"
1707- حدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك أنه سمعه
ـــــــ.
1707/1- ليس بالطويل البائن هو الذي يضطرب من طوله وليس بالأبيض الأمهق هو الذي لا يخالط بياضه حمرة ولا بالآدم هو فوق الأسمر يعلوه سواد قليل ولا بالجعد القطط هو الذي لشدة.(2/530)
باب ما جاء في صفة عيسى ابن مريم عليه السلام والدجال
...
"2 - باب ما جاء في صفة عيسى بن مريم عليه السلام والدجال"
1708- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أراني الليلة عند الكعبة فرأيت رجلا آدم كأحسن ما أنت راء من آدم الرجال له لمة كأحسن ما أنت راء من اللمم قد رجلها فهي تقطر ماء متكئا على رجلين أو على عواتق رجلين يطوف بالكعبة فسألت من هذا قيل: هذا المسيح بن مريم ثم إذا أنا برجل جعد قطط أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية فسألت من هذا فقيل: لي هذا المسيح الدجال" .
ـــــــ.
1708/2- أراني بفتح الهمزة الليلة عند الكعبة قال الباجي: يريد في منامه آدم بالمد أي أسمر لمة بكسر اللام شعر الرأس إذا جاوز شحمة الأذنين ولم يجاوز المنكبين فإن جاوز فجمة قطط بفتح القاف والطاء الأولى شديد جعودة الشعر طافية بالياء بلا همز أي بارزة من طفا الشيء يطفو إذا علا على غيره.(2/531)
"3 - باب ما جاء في السنة في الفطرة"
1709- وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: خمس من الفطرة تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة والاختتان.
1710- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان
ـــــــ.
1709/3- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رهيرة قال خمس من الفطرة قال بن عبد البر: هذا الحديث في الموطأ موقوف عند جماعة الرواة إلا أن بشر بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو محفوظ مسند صحيح رواه بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأحسن ما قيل: في تفسير الفطرة أنها السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليها.
1710/4- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال كان إبراهيم عليه السلام أول الناس ضيف الضيف الحديث وصله بن عدي والبيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة مرفوعا: "وأول الناس اختتن وأول الناس قص شاربه وأول الناس رأى الشيب" زاد بن أبي شيبة عن سعيد: "وأول من قص أظافيره وأول من استحد", وزاد وكيع عن أبي هريرة وأول من تسرول وأول من فرق وللديلمي عن أنس مرفوعا: "أنه(2/531)
"4 - باب النهي عن الأكل بالشمال"
1711- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله السلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يمشي في نعل واحدة وإن يشتمل الصماء وإن يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجه.
1712- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله" .
ـــــــ.
1711/5- وإن يشتمل الصماء بالمد قال في النهاية هو أن يتجلل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبا وإنما قيل: لها: صماء لأنه يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فهيا خرق ولا صدع والفقهاء يقولون: هو أن يتغطى بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فتنكشف عورته.(2/532)
"5 - باب ما جاء في المساكين"
1713- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان" قالوا: فما المسكين يا رسول الله قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن الناس له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس" .
1714- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن بن بجيد الأنصاري ثم الحارثي عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ردوا المسكين ولو بظلف محرق" .
ـــــــ.
1713/7 –: "ليس المسكين بهذا الطواف" قال الباجي: لم يرد نفي ذلك عنه وإنما أراد أن غيره أشد حالا منه قالوا: فما المسكين كذا ليحيى ولغيره فمن المسكين.
1714/8 - عن بن بجيد بالموحدة والجيم مصغر اسمه عبد الرحمن عن جدته هي أم بجيد.(2/532)
"6 - باب ما جاء في معي الكافر"
1715- حدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأكل المسلم في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" .
1716- وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف كافر فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخرى فشربه ثم أخرى فشربه حتى شرب حلاب سبع شياه ثم إنه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أمر له بأخرى فلم يستتمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء" .
ـــــــ.
ويقال اسمها حواء ولو بظلف بكسر الظاء وهو للبقر والغنم كالحافر للفرس ولو هنا للتقليل لأن ذلك أق ما يمكن أن يعطي وقال محرق لأنه مظنة الانتفاع بخلاف غيره فقد يلقيه آخذه.
1715/9- في معي بكسر الميم مقصور واحد الامعاء وهي المصارين في سبعة أمعاء هي عدة أمعاء الإنسان ولا ثامن لها كما بين في التشريح.
1716/10- ضافه ضيف قيل: هو ثمامة بن أثال الحنفي وقيل: جهجاه الغفار حكاهما الباجي.(2/533)
"7 - باب النهي عن الشرب في آنية الفضة والنفخ في الشراب"
1717- حدثني عن مالك عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم" .
1718- وحدثني عن مالك عن أيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص عن أبي المثنى الجهني أنه قال كنت عند مروان بن الحكم فدخل عليه أبو سعيد الخدري فقال له مروان بن الحكم: أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النفخ في الشراب فقال له أبو سعيد نعم فقال له رجل يا رسول الله إني لا أروى من نفس واحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأبن القدح عن فيك ثم تنفس" .
قال: فإني أرى القذاة فيه قال: "فأهرقها" .
ـــــــ.
1717/11- إنما يجرجر بضم أوله وفتح الجيم وسكون الراء ثم جيم مكسورة وراء من الجرجرة وهي صوت وقوع الماء في الجوف ورواه بعض الفقهاء بفتح لجيم الثانية على البناء للمفعول ولا يعرف في الرواية في بطنه نار جنهم بالنصب على أنه مفعول والفاعل ضمير الشارب وبالرفع على أنه فاعل على أن الناء هي التي تصوت في البطن أو على أنه خبر أن وما موصولة قال الباجي: سماه مجرجرا للنار تسمية الشيء باسم ما يؤل إليه.
1718/12- عن أبي المثنى الجهني قال بن عبد البر: لم أقف على اسمه نهى عن النفخ في الشراب قال الباجي: لئلا يقع من ريقه في شيء فيقذره وقد بعث صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق القذاة عود أو شيء يقع فيه فيتأذى به الشارب.(2/533)
"8 - باب ما جاء في شرب الرجل وهو قائم"
1719- حدثني عن مالك أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان كانوا يشربون قياما.
1720- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن عائشة أم المؤمنين وسعد بن أبي وقاص كانا لا يريان بشرب الإنسان وهو قائم بأسا.
1721- وحدثني مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر يشرب قائما.
1722- وحدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه: أنه كان يشرب قائما.(2/534)
"9 - باب السنة في الشرب ومناولته عن اليمين"
1723- حدثني عن مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء من البئر وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر الصديق فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: "الأيمن فالأيمن".
1724- وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟", فقال الغلام: لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال: فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده.
ـــــــ
1723/17- شيب أي خلط الأيمن فالأيمن وعن يمينه غلام هو عبد الله بن عباس.
1724/18- وعن يساره الأشياخ سمي منهم خالد بن الوليد فتله أي دفعه.(2/534)
"10 - باب جامع ما جاء في الطعام والشراب"
1725- حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول قال أبو طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفا أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء فقالت نعم فأخرجت أقراصا من شعير ثم أخذت خمارا لها فلفت الخبز ببعضه ثم دسته تحت يدي وردتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد ومعه الناس فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آرسلك أبو طلحة" : قال: فقلت: نعم قال: "للطعام" فقلت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: "قوموا" قال فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وليس عندنا من الطعام ما نطعمهم فقالت الله ورسوله أعلم قال فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه حتى دخلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هلمي يا(2/534)
"11 باب ما جاء في أكل اللحم"
1742- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال: إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب أدرك جابر بن عبد الله
ـــــــ.
1742/37- إياكم واللحم أي الإكثار منه فإن له ضراوة قال الباجي: يريد عادة يدعو إليها ويشق تركها لمن ألفها زاد في النهاية فلا يصبر عنه من اعتاده يقال ضرى بالشيء إذا لهج به.
000/38- حمال لحم بكسر الحاء ما حمله الحامل قرمنا بكسر الراء من القرم وهو شدة شهوة.(2/538)
ومعه حمال لحم فقال: ما هذا فقال: يا أمير المؤمنين قرمنا إلى اللحم فاشتريت بدرهم لحما فقال عمر: أما يريد أحدكم أن يطوي بطنه عن جاره أو بن عمه أين تذهب عنكم هذه الآية: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [سورة الاحقاف الآية: 20].
ـــــــ.
اللحم حتى لا يصبر عنه.(2/539)
باب ماجاء في لبس الخاتم
...
"12 - باب ما جاء في لبس الخاتم"
1743- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتما من ذهب ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنبذه وقال "لا ألبسه أبدا" قال فنبذ الناس خواتيمهم.
1744- وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن لبس الخاتم فقال: البسه وأخبر الناس أني أفتيتك بذلك.(2/539)
"13 - باب ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العنق"
1745- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا قال عبد الله بن أبي بكر حسبت أنه قال والناس في مقيلهم: "لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت" قال يحيى: سمعت مالكا يقول أرى ذلك من العين.
ـــــــ.
1745/41- فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا رواه روح بن عبادة عن مالك فقال: فأرسل زيدا مولاه أو قلادة شك من الراوي.(2/539)
كتاب العين
باب الوضوء من العين
...
"50 - كتاب العين"
"1 باب الوضوء من العين"
1746- وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه سمع أباه يقول: اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخرار فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر قال وكان سهل رجلا أبيض حسن الجلد قال فقال له عامر بن ربيعة: ما رأيت كاليوم ولا جلد عذراء قال فوعك سهل مكانه واشتد وعكة فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلا وعك وأنه غير رائح معك
ـــــــ
كتاب العين
1746/1- بالخرار بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء الأولى موضع قرب الجحفة قاله في النهاية وقال بن عبد البر: موضع بالمدينة وقيل: واد من أوديتها.(2/539)
"2 - باب الرقية من العين"
1748- حدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي أنه قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب فقال لحاضنتهما: مالي أراهما ضارعين فقالت حاضنتهما يا رسول الله إنه تسرع إليهما العين ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استرقوا لهما فإنه لو سبق شيء القدر لسبقته العين" .
1749- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عروة بن الزبير حدثه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بيت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت صبي يبكي فذكروا له أن به العين قال عروة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تسترقون له من العين" .
ـــــــ.
1748/3 - عن حميد بن قيس المكي أنه قال دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر الحديث هذا معضل ورواه بن وهب في جامعه عن مالك عن حميد بن قيس عن عكرمة بن خالد به وهو مرسل وورد متصلا من حديث أمهما أسماء بنت عميس من وجوه صحاح ضارعين أي ناحلين.(2/540)
"3 - باب ما جاء في أجر المريض"
1750- حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد بعث الله تعالى إليه ملكين فقال: انظرا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاءوه حمد
ـــــــ.
1750/5- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مرض العبد الحديث وصله عباد بن كثير عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد الخدري.(2/540)
"4 - باب التعوذ والرقية في المرض"
1754- حدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة أن عمرو بن عبد الله بن كعب السلمي أخبره أن نافع بن جبير أخبره عن عثمان بن أبي العاص: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عثمان وبي وجع قد كاد يهلكني قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد" قال فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم.
1755- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث قالت فلما اشتد وجعه كنت انا أقرأ عليه وأمسح عليه بيمينه رجاء بركتها.
1756- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن أبا بكر الصديق دخل على عائشة وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر: أرقيها بكتاب الله.
ـــــــ.
1754/9- امسحه بيمينك سبع مرات قال الباجي: خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد في غير ما موضع.
1755/10- إذا اشتكى أي مرض يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث هو شبيه البزق بلا ريق أي يجمع يديه ويقرأ فيهما وينفث ثم يمسح بهما على موضع الألم.(2/541)
"5 - باب تعالج المريض"
1757- حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم: أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه جرح فاحتقن الجرح الدم وإن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظرا إليه فزعما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
ـــــــ.
1757/12- عن زيد بن أسلم أن رجلا الحديث له شواهد مسندة فاحتقن الجرح الدم قال الباجي: أي فاض وخيف عليه منه.(2/541)
"6 - باب الغسل بالماء من الحمى"
1760- حدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر: أن أسماء بنت أبي بكر كانت إذا أتيت بالمرأة وقد حمت تدعو لها أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نبردها بالماء.
1761- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء" .
*- وحدثني مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء" .
ـــــــ.
1760/15- أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها أي صوفها وهذا أحسن ما يفسر به قوله فأبردوها بالماء لأنها صحابية وراوية الحديث ومحلها من بيت النبي صلى الله عليه وسلم المحل المعروف نبردها بفتح أوله وسكون الموحدة وضم الراء.
1761/16- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الحمى من فيح جهنم" كذا أرسله رواة الموطأ إلا معن بن عيسى فإنه أسنده عن عائشة ثم قيل: هو حقيقة وقيل: على جهة التشبيه فأبردوها بالماء بهمز وصل وضم الراء من بردت الجمر أبردها بردا أس أسكنت حرارتها وحكي كسر الراء مع وصل الهمزة ومع قطعها.(2/542)
"7 - باب عيادة المريض والطيرة"
1762- حدثني عن مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عاد
ـــــــ.
1762/18- مالك أنه بلغه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عاد الرجل المريض" الحديث وصله قاسم بن أصبغ من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أمه عن عمر بن الحكم عن جابر.(2/542)
كتاب الشعر
باب السنة في الشعر
...
"51 - كتاب الشعر"
"1 - باب السنة في الشعر"
1764- وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى.
ـــــــ.
كتاب الشعر
1764/1- أمر باحفاء الشوارب منهم من فسره بالاستئصال ومنهم من فسره بإزالة ما طال على الشفتين وعلى الأول اقتصر صاحب النهاية فقال: هو المبالغة في قصها لأنه أوفق للغة ويؤيده أن بن عمر راوي الحديث كان يحفى شاربه كأخي الحلق رواه بن سعد في الطبقات وهو أعلم بالمراد مع ما ورد أنه كان أشد الناس اتباعا للسنن وإعفاء اللحى قال أبو عبيدة معناها وفروها لتكثر وقال الباجي: يحتمل عندي أن يريد إعفاءها من الاحفاء لأن كثرتها أيضا ليس بمأمور بتركه قال وقد روي عن بن عمر وأبي هريرة أنهما كانا يأخذان من اللحية ما فضل عن القبضة وسئل مالك عن اللحية إذا طالت جدا قال أرى أن يؤخذ منها ويقص.(2/543)
1765- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه: سمع معاوية بن أبي سفيان عام حج وهو على المنبر وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم" .
1766- وحدثني عن مالك عن زياد بن سعد عن بن شهاب أنه سمعه يقول: سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله ثم فرق بعد ذلك قال مالك: ليس على الرجل ينظر إلى شعر امرأة ابنه أو شعر أم امرأته بأس.
1767- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يكره الإخصاء ويقول فيه تمام الخلق.
1768- وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم له أو لغيره في الجنة كهاتين إذا اتقى" وأشار بإصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام.
ـــــــ.
1765/2- قصة بضم القاف الخصلة من الشعر تزيدها المرأة في شعرها لتوهم كثرته حرسي واحد الحرس وهم خدم الأمير الذين يحرسونه.
1766/3- عن زياد بن سعد عن بن شهاب أنه سمعه يقول سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله ثم فرق بعد ذلك قال بن عبد البر: هكذا رواه الرواة عن مالك مرسلا إلا حماد بن خالد الخياط عن مالك فإنه أسنده عن أنس والحديث محفوظ من طريق إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس والسدل الإرسال والفرق قسمة شهر الرأس في المفرق.
1768/5 - عن صفوان بن سليم أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا وكافل اليتيم" الحديث وصله قاسم بن أصبغ من طريق سفيان بن عيينة عن صفوان بن سليم عن أنيسة عن أم سعيد بنت مرة البهزي عن أبيها به.(2/544)
"2 - باب إصلاح الشعر"
1769- حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا قتادة الأنصاري قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي جمة أفأرجلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم وأكرمها" فكان أبو قتادة ربما دهنها في اليوم مرتين لما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأكرمها" .
1770- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن عطاء بن يسار أخبره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فدخل رجل ثائر الرأس واللحية فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن اخرج كأنه يعني إصلاح شعر رأسه ولحيته ففعل الرجل ثم رجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس هذا خيرامن أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان".
ـــــــ.
1769/6- عن يحيى بن سعيد ان أبا قتادة الأنصاري هو منقطع وقد أخرجه البزار من طريق عمر بن علي المقدمي عن يحيى بن سعيد عن محمد بن المنكدر عن جابر جمة بضم الجيم شعر الرأس إذا بلغ المنكبين.
1770/7- ثائر الرأس أي شعث الشعر كأنه شيطان أي في قبح المنظر.(2/544)
"3 - باب ما جاء في صبغ الشعر"
1771- حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث قال وكان جليسا لهم وكان أبيض اللحية والرأس قال فغدا عليهم ذات يوم وقد حمرهما قال فقال له القوم هذا أحسن فقال: إن أمي عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلي البارحة جاريتها نخيلة فأقسمت علي لأصبغن وأخبرتني أن أبا بكر الصديق كان يصبغ قال يحيى: سمعت مالكايقول في صبغ الشعر بالسواد لم أسمع في ذلك شيئا معلوما وغير ذلك من الصبغ أحب إلي قال وترك الصبغ كله واسع إن شاء الله ليس على الناس فيه ضيق قال وسمعت مالكايقول في هذا الحديث بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصبغ ولو صبغ رسول الله صلى الله عليه وسلم لأرسلت بذلك عائشة إلى عبد الرحمن بن الأسود.(2/545)
"4 - باب ما يؤمر به من التعوذ".
1772- حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال بلغني: أن خالد بن الوليد قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني أروع في منامي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وإن يحضرون" .
1773- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا
ـــــــ.
1772/9- عن يحيى بن سعيد قال بلغني أن خالد بن الوليد الحديث أخرجه بن عبد البر من طريق سفيان بن عيينة عن أيوب انب موسى عن محمد بن يحيى بن حبان أن خالد بن الوليد فذكره وهو مرسل ومن طريق بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا لكن قال كان الوليد بن الوليد وهو أخو خالد بن الوليد التامة أي الفاضلة التي لا يدخلها نقص من همزات الشياطين أي أن تصيبني وإن يحضرون أي أن يصيبوني بسوء أو يكونوا معي في مكان.
1773/10- عن يحيى بن سعيد أنه قال أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وصله النسائي من طريق محمد بن جعفر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عياش السلمي عن بن مسعود قال حمزة الكناني الحافظ هذا ليس بمحفوظ والصواب مرسل قلت: وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق داود بن عبد الرحمن العطار عن يحيى بن سعيد قال سمعت رجلا من أهل الشام يقال له: العباس يحدث عن بن مسعود قال لما كان ليلة الجن أقبل عفريت في يده شعلة فذكره أعوذ بوجه الله الكريم قال الباجي: قال القاضي أبو بكر هو صفة من صفات الباري أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بها وقال أبو الحسن المحاري معناه أعوذ بالله اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أي لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها والبر من كان ذا بر من الانس وغيرهم والفاجر من كان ذا فجور من شر ما ينزل من السماء أي من العقوبات وشر ما يعرج فيها أي مما يوجب العقوبة وشر ما ذرأ في الأرض أي ما خلقه على ظهرها وشر ما يخرج منها أي مما خلقه في باطنها ومن فتن الليل والنهار هو من الإضافة إلى الطرف ومن طوارق الليل الطارق ما جاءك ليلا وإطلاقه على الآتي بالنهار على سبيل الاتباع.(2/545)
من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلى" فقال جبريل: فقل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن.
1774- وحدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: أن رجلا من أسلم قال ما نمت هذه الليلة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أي شيء" فقال: لدغتني عقرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنك لو قلت: حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك" .
1775- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن القعقاع بن حكيم أن كعب الأحبار قال: لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حمارا فقيل: له وما هن فقال: أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وبرأ وذرأ.(2/546)
"5 - باب ما جاء في المتحابين في الله"
1776- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون لجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" .
1777- وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن الأنصاري عن حفص بن عاصم
ـــــــ.
1777/14- عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة قال بن عبد البر: كذا رواه رواة الموطأ على الشك إلا مصعبا الزبيري وأبا قرة موسى بن طارق فإنهما قالا عن أبي سعيد وأبي هريرة بالواو وكذا رواه أبو معاذ البلخي عن مالك ورواه زكريا بن يحيى الوقاد عن عبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم ويوسف بن عمر بن يزيد كلهم عن مالك عن خبيب عن حفص عن أبي سعيد وحده لم يذكر أبا هريرة لا على الجمع ولا على الشك ورواه عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم عن خاله خبيب عن جده حفص بن عاصم عن أبي هريرة وحده: "سبعة يظلهم الله في ظله" قال بن عبد البر: هذا أحسن حديث يروى في فضائل الأعمال وأعمها وأصحها قال والظل في هذا الحديث يراد به الرحمة وقال القاضي عياض: إضافة الظل إلى الله إضافة ملك وقال غيره إضافة تشريف وقال عيسى بن دينار المراد بظله كرامته وحمايته وقال آخر ون: المراد ظل عرشه للتصريح به في كثير من الأحاديث ولأن المراد وقوع ذلك في الموقف وبه جزم القرطبي ورجحه بن حجر ووهي قول من قال المراد ظل طوبي أو ظل الجنة لأن ظلهما إنما يحصل بعد الاستقرار في الجنة ثم إنه مشترك لجميع من يدخلها والسياق بدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة قال فرجح أن المراد ظل العرش وقد نظم السبعة المذكورة الامام أبو شامة فقال:
وقال النبي المصطفى: ان سبعة. ... يظلهم اله العظيم بظله.
محب عفيف ناشئ متصدق. ... وباك مصل والإمام بعدله.(2/546)
عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خاليا
ـــــــ
قال الحافظ بن حجر: وقد وقع في صحيح مسلم من حديث أبي اليسر مرفوعا "من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وهاتان الخصلتان غير السعة المذكورة فدل على أن العدد المذكور لا مفهوم له قال وقد ألقيت هذه المسئلة على العالم شمس الدين الهروي لما قدم القاهرة وادعى أنه يحفظ صحيح مسلم فسألته بحضرة الملك المؤيد عن هذا فما استحضر منه شيئا قال ثم تتبعت بعد ذلك الأحاديث الواردة في مثل ذلك فزادت على عشر خصال قال وقد انتقيت منها سبعة وردت بأسانيد جياد ونظمتها في بيتين مذيلا على بيتي أبي شامة وهما.
وزد سبعة أظلال غاز وعونه ... وانظار ذي عسر وتخفيف حمله
وحامي غزاة حين ولوا وعون ذي ... غرامة حق مع مكاتب أهله
قال ثم تتبعت فجمعت سبعة أخرى ثم سبعة أخرى ولكن أحاديثها ضعيفة ونظمت ذلك فقلت:
وزد مع ضعف سبعتين إعانة ... لا خرق مع أخذ لحق وبذله
وكره وضوء ثم مشى لمسجد ... وتحسين خلق ثم مطعم فضله
وكافل ذي يتم وأرملة ورأفة ... وتاجر صدق في المقال وفعله
وحزن وتصبير ونصح ورأفة ... تربع بها السبعات من فيض فضله اهـ
قلت: وقد تتبعت فوجت سبعة ثم سبعة ثم سبعة وقد نظمتها فقلت:
وزد مع ضعف من يضيف وعونه ... لا يتامها ثم القريب بوصله
وعلم بأن الله معه وحبه ... لا جلاله والجوع من أهل حبله
وزهد وتفريح وغض وقوة ... صلاة على الهادي وإحياء فعله
وترك الربا مع رشوة الحكم والزنى ... وطفل وراعي الشمس ذكرا وظله
وصوم وتشييع لميت عبادة ... فسبع بها السبعات يازين أصله
ثم تتبعت فوجدت سبعة ثم سبعة وقد نظمتها فقلت:
وزد سبعتين الحب لله بالغا ... وتطهير قلب والغضوب لأجله
وحب علي ثم ذكر إنابة ... وأمر ونهي والدعاء لسبله
ومن أول الانعام يقرا غداته ... ومستغفر الاسحار يا طيب فعله
وبر وترك النم والحسد الذي ... يشين الفتى فاشكر لجامع شمله
ثم تتبعت فوجدت سبعة أخرى تتمة سبعين وقد نظمتها فقلت:
وزد سبعة قاضي حوائج خلقه ... وعبد تقي والشهيد بقتله
وأم وتعليم أذان وهجرة ... فتمت لهم السبعون من فيض فضله
وقد جمعت الأحاديث الواردة في هذه الخصال بأسانيدها في كتاب يسمى تمهيد الفرش في الخصال المؤدية لظل العرش ثم لخصته في مختصر سيمى بزوغ الهلال في الخصال الموجبة للظلال.(2/547)
ففاضت عيناه ورجل دعته ذات حسب وجمال فقال: إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" .
1778- وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحب الله العبد قال لجبريل قد أحببت فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض الله العبد" قال مالك: لا أحسبه إلا أنه قال في البغض مثل ذلك.
1779- وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني أنه قال: دخلت مسجد دمشق فإذا فتى شاب براق الثنايا وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شيء أسندوا إليه وصدروا عن قوله فسألت عنه فقيل: هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي قال فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه ثم قلت: والله إني لأحبك لله فقال: آلله فقلت آلله فقال: آلله فقلت آلله فقال: آلله فقلت آلله قال فأخذ بحبوة ردائي فجبذني إليه وقال أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتباذلين في" .
1780- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عباس: أنه كان يقول القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرين جزءامن النبوة.
ـــــــ.
1778/15- ثم يوضع له القبول في الأرض أي المحبة في الناس.
1779/16- براق الثنايا أي أبيض الشفر حسنه وقيل: معناه كثير التبسم فقيل: هذا معاذ بن جبل قال الباجي: قال أحمد بن خالد وهم أبو حازم في هذا القول وإنما هو عبادة بن الصامت فقد رواه شبعة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن أبي إدريس الخولاني قال لقيت عبادة بن الصامت فذكر الحديث وقال بن عبد البر: زعم قوم أن هذا الحديث خطأ وإن مالكا وهم فيه وأسقط من إسناده أبا مسلم الخولاني وزعموا أن أبا إدريس رواه عن أبي مسلم عن معاذ وقال آخر ون: وهم فيه أبو حازم قال وهذا كله تخرص وقد روي عن أبي إدريس من وجوه شتى غير طريق أبي حازم أنه لقي معاذا وسمع منه فلا شيء في هذا على مالك ولا على أبي حازم والمتباذلين في في الباجي أي الذين يبذلون أنفسهم في مرضاته من الإنفاق على جهاد عدوه وغير ذلك مما أمروا به.
1780/17- القصد قال الباجي: يريد الاقتصاد في الأمور وترك الغلو والسرف والتؤدة أي الرفق والتأني وحسن السمت أي الطريقة والزي جزء من خمسة وعشرين جزأ من النبوة قال الباجي: يريد أن هذه من أخلاق الأنبياء وصفاتهم التي طبعوا عليها وأمروا بها وجعلوا على التزامها قال ونعتقد هذه التجزئة ولا ندري وجهها.(2/548)
كتاب الرؤيا
باب ما جاء في الرؤيا
...
"52 - كتاب الرؤيا"
"1 - باب ما جاء في الرؤيا"
1781- حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءامن النبوة" .
000- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك.
1782- وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن زفر بن صعصعة عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول: "هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ويقول ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة" .
1783- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لن يبقى بعدي من النبوة إلا المبشرات" فقالوا: وما المبشرات يا رسول الله قال: "الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له جزء من ستة وأربعين جزءامن النبوة" .
1784- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال سمعت أبا قتادة بن ربعي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان فإذا رأى أحدكم الشيء يكرهه فلينفث عن يساره ثلاث مرات إذا استيقظ وليتعوذ بالله من شرها فإنها لن تضره إن شاء الله" فقال أبو سلمة: إن كنت لأرى الرؤيا هي أثقل علي من الجبل فلما سمعت هذا الحديث فما كنت أباليها.
1785- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يقول في هذه الآية: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [سورة يونس الآية: 64] قال هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له.
ـــــــ.
1781/1- الرؤيا الحسنة أي الصادقة أو المبشرة احتمالان ذكرهما الباجي جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة وجه بأنه نوع من الانباء بما يكون في المستقبل على وجه يصح ويكون من عند الله وذلك مما أكرم به الأنبياء وأما معنى هذه التجزئة فمما لا نطلع عليه.
1782/3- عن زفر بن صعصعة عن أبيه قال بن عبد البر: لا أعلم لزفر ولا لأبيه غير هذا الحديث وهما مدنيان وفي رواية معن عن زفر عن أ بي هريرة بإسقاط أبيه والصواب إثباته.
1774/5- والحلم بضم الحاء وسكون اللام هي الرؤيا المفظعة.(2/549)
"2 - باب ما جاء في النرد"
1786- حدثني عن مالك عن موسى بن ميسرة عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله" .
000- وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنه بلغها أن أهل بيت في دارها كانوا سكانا فيها وعندهم نرد فأرسلت إليهم لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري وأنكرت ذلك عليهم.
1787- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها: قال يحيى: وسمعت مالكا يقول لا خير في الشطرنج وكرهها وسمعته يكره اللعب بها وبغيرها من الباطل ويتلو هذه الآية: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلا الضَّلالُ} [سورة يونس الآية: 32].(2/550)
كتاب السلام
باب العمل في السلام
...
"53 - كتاب السلام"
"1 - باب العمل في السلام"
1788- حدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم" .
1789- وحدثني عن مالك عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه قال: كنت جالسا عند عبد الله بن عباس فدخل عليه رجل من أهل اليمن فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم زاد شيئا مع ذلك أيضا قال بن عباس وهو يومئذ قد ذهب بصره من هذا قالوا: هذا اليماني الذي يغشاك فعرفوه إياه قال فقال بن عباس: إن السلام انتهى إلى البركة قال يحيى: سئل مالك هل يسلم على المرأة فقال: أما المتجالة فلا أكره ذلك وأما الشابة فلا أحب ذلك.(2/550)
"2 - باب ما جاء في السلام على اليهودي والنصراني"
1790- حدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول السام عليكم فقل عليك" .
قال يحيى: وسئل مالك عمن سلم على اليهودي أو النصراني هل يستقيله ذلك فقال: لا.(2/550)
"3 - باب جامع السلام"
1791- حدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي مرة مولى عقيل
ـــــــ.
1791/4- فرجة بضم الفاء وفتحها في الحلقة بسكون اللام فأوى إلى الله بالقصر فآواه الله أي جازاه بأن ضمه إلى رحمته ورضوانه فاستحى قال القاضي عياض: أي ترك المزاحمة حياء من النبي صلى الله عليه وسلم.(2/550)
كتاب الا ستئذان والتشميت والصور والتماثيل وغيرها
باب الا ستئذان
...
"54 - كتاب الاستئذان"
"1 - باب الاستئذان"
1796- حدثني مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل فقال: يا رسول الله أستأذن على أمي فقال: "نعم" قال الرجل إني معها في البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها" فقال الرجل: إني خادمها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذن عليها أتحب أن تراها عريانة" قال: لا قال: "فاستأذن عليها" .
1797- وحدثني مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري عن أبي موسى الأشعري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع" .
1798- وحدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم: أن أبا موسى الأشعري جاء يستأذن على عمر بن الخطاب فاستأذن ثلاثا ثم رجع فأرسل عمر بن الخطاب في أثره فقال مالك: لم تدخل فقال أبو موسى: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع" فقال عمر: ومن يعلم هذا لئن لم تأتني بمن يعلم ذلك لأفعلن بك كذا وكذا فخرج أبو موسى حتى جاء مجلسا في المسجد يقال له: مجلس الأنصار فقال: اني أخبرت عمر بن الخطاب اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فادخل وإلا فارجع" فقال: لئن لم تأتني بمن يعلم هذا لأفعلن بك كذا وكذا فإن كان سمع ذلك أحد منكم فليقم معي فقالوا: لأبي سعيد الخدري قم معه وكان أبو سعيد اصغرهم فقام معه فأخبر بذلك عمر بن الخطاب فقال عمر بن الخطاب: لأبي موسى أما اني لم اتهمك ولكن خشيت ان يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
1796/1- عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله رجل الحديث قال بن عبد البر: هو مرسل صحيح ولا أعلمه يستند من وجه صحيح ولا صالح.
1797/2- مالك عن الثقة عنده عن بكير قال بن عبد البر: يقال ان الثقة هنا مخرمة بن بكير وقد رواه بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير.
1797/3- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم أن أبا موسى الأشعري الحديث وصله أحمد من طريق شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري ومن طريق بن جريج عن عطاء عن عبيد الله بن عمر أن أبا موسى استأذن على عمر فذكره.(2/552)
"2 - باب التشميت في العطاس"
1799- حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن عطس فشمته ثم ان عطس فشمته ثم ان عطس فشمته ثم ان عطس فقل إنك مضنوك" قال عبد الله بن أبي بكر لا أدري ابعد الثالثة أو الرابعة.
1800- وحدثني مالك عن نافع: ان عبد الله بن عمر كان إذا عطس فقيل: له يرحمك الله قال يرحمنا الله وإياكم ويغفر لنا ولكم.
ـــــــ.
1799/4- فشمته قال بن عبد البر: يقال شمت بالمعجمة وسمت بالمهملة لغتان معروفتان وروي عن ثعلب أنه سئل عن معناها فقال: أما الشتميت فمعناه أبعد الله عنك الشماتة وجنبك ما يشمت به عليك وأما التسميت فمعناه جعلك الله على سمت حسن مضنوك أي مزكوم والضناك بالضم الزكام يقال أضنكه الله وأزكمه قال في النهاية والقياس أن يقال فهو مضنك ومزكم ولكنه جاء على ضنك وزكم.(2/553)
باب ماجاء في الصور والتماثيل
...
"3 باب ما جاء في الصور والتماثيل"
1801- حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ان رافع بن إسحاق مولى الشفاء أخبره قال دخلت انا وعبد الله بن أبي طلحة على أبي سعيد الخدري نعوده فقال لنا أبو سعيد: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل أو تصاوير شك إسحاق لا يدري ايتهما قال أبو سعيد.
1802- وحدثني مالك عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يعوده قال فوجد عنده سهل بن حنيف فدعا أبو طلحة انسانا فنزع نمطا من تحته فقال له سهل بن حنيف: لم تنزعه قال لأن فيه تصاوير وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما قد علمت فقال سهل: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا ما كان رقما في ثوب" قال بلى ولكنه اطيب لنفسي.
1803- وحدثني مالك عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت في وجهه الكراهية وقالت يا رسول الله أتوب إلى الله والى رسوله فماذا أذنبت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما بال هذه النمرقة" قالت: اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان أصحاب هذه
ـــــــ.
1801/6- فقال: لنا أبو سعيد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل قال بن عبد البر: هذا أصح حديث في هذا الباب وأحسنه إسنادا قال ثم قيل: هو على العموم في كل ملك وقيل: المراد ملائكة الوحي.
1802/7- نمطا ضرب من البسط له خمل رقيق رقما هو النقش والوشي والأصل فيه الكتابة.
1803/8- نمرقة بضم النون والراء وبكسرهما الوسادة الكراهية بتخفيف الياء أحيوا بقطع الهمزة.(2/553)
الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: احيوا ما خلقتم" ثم قال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" .(2/554)
"4 - باب ما جاء في أكل الضب"
1804- حدثني مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن سليمان بن يسار أنه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة بنت الحارث فإذا ضباب فيها بيض ومعه عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد فقال: "من أين لكم هذا" فقالت أهدته لي أختي هزيلة بنت الحارث فقال لعبد الله بن عباس وخالد بن الوليد: "كلا" فقالا أولا تأكل أنت يا رسول الله فقال: "اني تحضرني من الله حاضرة" قالت ميمونة أنسقيك يا رسول الله من لبن عندنا فقال: "نعم" فلما شرب قال: "من أين لكم هذا" فقالت أهدته لي أختي هزيلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيتك جاريتك التي كنت استأمرتيني في عتقها أعطيها أختك وصلي بها رحمك ترعى عليها فإنه خير لك" .
1805- وحدثني مالك عن بن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد بن المغيرة: أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال بعض النسوة اللاتي في بيت ميمونة: اخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد ان يأكل منه فقيل: هو ضب يا رسول الله فرفع يده فقلت إحرام هو يا رسول الله فقال: "لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه" قال خالد فاجتررته فآكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر.
1806- وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر ان رجلا نادى رسول
ـــــــ.
1804/9- عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن سليمان بن يسار أنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث قال بن عبد البر: رواه بكير بن الأشج عن سليمان بن يسار عن ميمونة ضباب جمع ضب فقال: إني تحضرني من الله حاضرة قال بن عبد البر: معناه إن صحت هذه اللفظة لأنها لا توجد في غير هذا الحديث ما ظهر في حديث بن عباس وخالد بن الوليد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه وقال بن العربي يحتمل أن يكون مع الضباب والبيض رائحة متكرهة فيكون من باب أكل البصل والثوم واما أن يريد أن الملك ينزل عليه بالوحي ولا يصلح لمن كان في هذه المرتبة ارتكاب المشتبهات عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: وجماعة وقال بن بكير عن بن عباس وخالد بن الوليد انهما دخلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة.
1805/10- فأتى بضب محنوذ بحاء مهملة ونون وذال معجمة أي مشوي في الأرض فأهوى إليه أي مد يده إليه.
1806/11- عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا قال يا رسول الله ما ترى في الضب رواه بن بكير عن مالك عن نافع قال بن عبد البر: وهو صحيح محفوظ عنهما جميعا.(2/554)
الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما ترى في الضب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لست بآكله ولا بمحرمه" .(2/555)
"5 - باب ما جاء في أمر الكلاب"
1807- حدثني مالك عن يزيد بن خصيفة ان السائب بن يزيد أخبره أنه سمع سفيان بن أبي زهير وهو رجل من ازد شنوءة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث ناسا معه عند باب المسجد فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط" قال: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي ورب هذا المسجد.
1808- وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتنى كلبا إلا كلبا ضاريا أو كلب ماشية نقص من عمله كل يوم قيراطان" .
1809- وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب.
ـــــــ.
1807/12- من اقتنى كلبا أي اتخذه عنه زرعا ولا ضرعا يريد يحفظه له نقص من عمله كل يوم قراط قال الباجي: أي من أجر عمله والقيراط قدر مالا يعلمه إلا الله.
1808/13- عن نافع زاد القعنبي وابن وهب وعبد الله بن دينار من اقتنى إلا كلبا كذا ليحيى وقال غيره من اقتنى كلبا إلا كلبا ضاريا قال الباجي: يحتمل أن يريد الكلب المعلم للصيد قال بن عبد البر: ذكر بن سعدان عن الأصمعي قال قال أبو جعفر المنصور لعمرو بن عبيد ما بلغك في الكلب قال بلغني أنه من اتنى كلبا لغير زرع ولا حراسة نقص من أجره كل يوم قيراط قال ولم ذلك قال هكذا جاء الحديث قال خذها بحقها إنما ذلك لأنه ينبح الضيف ويروع السائل.(2/555)
"6 باب ما جاء في أمر الغنم"
1810- حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم" .
1811- وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن" .
ـــــــ.
1810/15–: "رأس الكفر" أي معظمه وشدته نحو المشرق قال الباجي: يحتمل أن يريد فارس وإن يريد أهل نجد الفدادين بالتشديد الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم وقيل: هم المكثرون من الإبل.
1811/16- يوشك بكسر المعجمة أي يقرب خير بالنصب على الخبرية وغنم الاسم يتبع بتشديد التاء شعب الجبال قال بن عبد البر: هكذا وقع في هذه الرواية بالباء وهو عندهم غلط وإنما يرويه الناس شعف بفتح الشين المعجمة والعين المهملة وفاء جمع شعفة كأكم وأكمة وهي رؤوس الجبال ومواقع القطر بالنصب عطفا على شعب أي بطون الأودية.(2/555)
"7 - باب ما جاء في الفأرة تقع في السمن والبدء بالأكل قبل الصلاة"
1814- وحدثني مالك عن نافع: ان بن عمر كان يقرب إليه عشاؤه فيسمع قراءة الامام وهو في بيته فلا يعجل عن طعامه حتى يقضي حاجته منه.
1815- وحدثني مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تقع في السمن فقال: "انزعوها وما حولها فاطرحوه" .(2/556)
"8 باب ما يتقى من الشؤم"
1816- وحدثني مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن يعني الشؤم" .
1817- وحدثني مالك عن بن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشؤم في الدار والمرأة والفرس" .
1818- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوها ذميمة" .
ـــــــ.
1817/22- الشؤم في الدار والمرأة والفرس قيل: هذا إخبار عما كان الناس يعتقدونه وقيل: هو على ظاهره ولا يمتنع أن يجري الله العادة بذلك في هؤلاء كما أجرى العادة بأن من شرب السم مات ومن قطع رأسه مات.
1818/23- عن يحيى بن سعيد أنه قال جاءت امرأة الحديث قال بن عبد البر: هذا حديث محفوظ من وجوه من حديث أنس وغيره دعوها ذميمة قال بن عبد البر: أي مذمومة يقول دعوها وأنتم لها ذامون وكارهون لما وقع في نفوسكم من شؤمها قال وعندي أنه إنما قاله لما خشي عليهم التزام الطيرة.(2/556)
"9 - باب ما يكره من الأسماء"
1819- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب "من يحلب هذه" فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك" فقال له الرجل: مرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" ثم قال: "من يحلب هذه" فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك" فقال حرب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجلس" ثم قال: "من يحلب هذه" فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما اسمك" فقال يعيش فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احلب" .
1820- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد ان عمر بن الخطاب: قال لرجل ما اسمك فقال جمرة فقال بن من فقال بن شهاب قال ممن قال من الحرقة قال أين مسكنك قال بحرة النار قال بأيها قال بذات لظى قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا قال فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ـــــــ.
1819/24- عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للقحة تحلب الحديث قال بن عبد البر: ليس هذا من باب الطيرة لأنه محال أن ينهى عن شيء ويفعله وإنما هو من باب طلب الفال الحسن وقد كان أخبرهم عن شر الأسماء أنه حرب ومرة فأكد ذلك حتى لا يتسمى بها أحد ثم أسند الحديث من طريق بن وهب عن بن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير عن يعيش القفاري قال دعا النبي صلى الله عليه وسلم يوما بناقة فقال: "من حلبها" فقام رجل فقال: "ما اسمك" قال يعيش قال: "احلبها" .
1820/25- قال عمر: أدرك أهلك فقد احترقوا فكان كما قال قال الباجي: قد كانت هذه حال هذا الرجل قبل ذلك فما احترق أهله ولكنه شيء يلقيه الله في قلب المتفائل عند سماع الفال ويلقيه الله على لسانه فيوافق ما قدره الله.(2/557)
"10 - باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام"
1821- حدثني مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر وأمر أهله ان يخففوا عنه من خراجه.
1822- وحدثني مالك أنه بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه" .
1823- وحدثني مالك عن بن شهاب عن بن محيصة الأنصاري أحد بني حارثة: أنه استأذن
ـــــــ.
1821/26- أبو طيبة اسمه نافع وقيل: دينار وقيل: ميسرة مولى مجمعة.
1822/27- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان دواء يبلغ الداء فإن الحجامة تبلغه" قال بن عبد البر: هذا يحفظ معناه من حديث أبي هريرة وأنس وسمرة بن جندب.
1823/28 - ناضحك هو الجمل الذي يستقي الماء.(2/557)
رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: "اعلفه نضاحك يعني رقيقك" .(2/558)
"11 - باب ما جاء في المشرق"
1824- حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق ويقول: "ها إن الفتنة ها هنا إن الفتنة ها هنا من حيث يطلع قرن الشيطان" .
1825- وحدثني مالك أنه بلغه: ان عمر بن الخطاب أراد الخروج إلى العراق فقال له كعب: الأحبار لا تخرج إليها يا أمير المؤمنين فإن بها تسعة أعشار السحر وبها فسقة الجن وبها الداء العضال.
ـــــــ.
1824/29- قرن الشيطان أي حزبه وأهل وقته وزمانه وأعوانه.
1825/30- الداء العضال هو الذي يعيي الأطباء أمره.(2/558)
"12 - باب ما جاء في قتل الحيات وما يقال في ذلك"
1826- حدثني مالك عن نافع عن أبي لبابة: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات التي في البيوت.
1827- وحدثني مالك عن نافع عن سائبة مولاة لعائشة: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت إلا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يخطفان البصر ويطرحان ما في بطون النساء.
1828- وحدثني مالك عن صيفي مولى بن افلح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه قال: دخلت على أبي سعيد الخدري فوجدته يصلي فجلست انتظره حتى قضى صلاته فسمعت تحريكا تحت سرير في بيته فإذا حية فقمت لأقتلها فأشار أبو سعيد ان اجلس فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال: أترى هذا البيت فقلت نعم قال أنه قد كان فيه فتى حديث عهد.
ـــــــ.
1826/31- نهى عن قتل الحيات التي في البيوت قيل: هو على عمومه وقيل: خاص بالمدينة الشريفة.
1827/32- الجنان هي الحيات التي تكون في البيوت واحدها جان إلا ذا الطفيتين هو ما كان على ظهره خطان مثل الطفيتين وهم الخوصتان والأبتر قال النضر بن شميل هو صنف أزرق مقطوع الذنب لا ينظر إلى حامل إلا ألقت ما في بطنها وإنما استثنا لأن مؤمني الجن لا يتصورون في صورهما لاذايتهما بنفس رؤيتهما وإنما يتصور مؤمنو الجن بصورة من لا تضر رؤيته.
1828/33- فاذنوه يفسره ما رواه الترمذي وحسنه من حديث أبي ليلى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود إلا تؤذينا فإن عادت فاقتلوها" ولأبي داود من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن حيات البيوت فقال: "إذا رأيتم منهن شيئا في مساكنكم فقولوا أنشدكم العهد الذي أخذ عليكم نوح أنشدكم العهد الذي أخذ عليكم سليمان أ لا تؤذونا فإن عدن فاقتلوهن" .(2/558)
"13 - باب ما يؤمر به من الكلام في السفر"
1829- حدثني مالك أنه بلغه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع رجله في الغرز وهو يريد السفر يقول: "بسم الله اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل اللهم ازو لنا الأرض وهون علينا السفر اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر ومن كآبة المنقلب ومن سوء المنظر في المال والأهل" .
1830- وحدثني مالك عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نزل منزلا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لن يضره شيء حتى يرتحل" .
ـــــــ.
1829/34- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع رجله في الغرز الحديث قال بن عبد البر: هذا يستند من وجوه صحاح من حديث عبد الله بن سرجس وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم: "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل" قال الباجي: يعني أنه لا يخلو مكان من أمره وحكمه فيصحب المسافر في سفره بأن يسلمه ويرزقه ويعينه ويوفقه ويخلفه في أهله بأن يرزقهم ويعصمهم فلا حكم لأحد في الأرض ولا في السماء غيره ازو لنا الأرض أي اطو لنا الطريق وقربه وسهله من وعثاء السفر بالمثلثة وهي شدته وخشونته ومن كآبة المنقلب أي حزنه وذلك أن ينقل بالرجل وينصرف من سفره إلى أمر يحزنه ويكتئب منه ومن سوء المنظر في المال والأهل وهو كل ما يسوء النظر إليه وسماعه فيهما.
1830/35 - عن الثقة عنده عن يعقوب بن عبد الله بن الأشج رواه مسلم من طريق الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن الحارث بن يعقوب عن يعقوب ومن طريق بن وهب عن عمرو بن الحارث بن يعقوب عن أبيه عن جده.(2/559)
"14 - باب ما جاء في الوحدة في السفر للرجال والنساء"
1831- حدثني مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراكب شيطان والراكبان شيطانان والثلاثة ركب" .
ـــــــ.
1831/36 –: "الراكب شيطان والراكبان شيطانان" عن مالك أن ذلك في سفر القصر فأما ما قصر عن.(2/559)
"15 - باب ما يؤمر به من العمل في السفر"
1834- حدثني مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن خالد بن معدان يرفعه قال: "إن الله تبارك وتعالى رفيق يحب الرفق ويرضى به ويعين عليه ما لا يعين على العنف فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فأنزلوها منازلها فإن كانت الأرض جدبة فانجوا عليها بنقيها وعليكم بسير الليل فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار وإياكم والتعريس على الطريق فإنها طرق الدواب ومأوى الحيات" .
1835- وحدثني مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله" .
ـــــــ.
1834/39- عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك اسمه حي وقيل: حيي ثقة كان حاجبا لمولاه أمير المؤمنين عن خالد بن معدان برفعه قال إن الله تبارك وتعالى رفيق الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث مسند من وجوه كثيرة وهي أحاديث شتى محفوظة يحب الرفق قال الباجي: يريد فيما يحاوله الإنسان من أمر دينه ودنياه العجم جمع عجماء وهي البهيمة سميت بذلك لأنا لا تتكلم فانجوا عليها بنقيها أي أسلموا عليها بأن تسرعوا السير ما دامت بنقيها وهو بكسر النون وسكون القاف الشحم فانكم إن أبطأتم عليها في أرض الجدب ضعفت وهزلت.
1835/40- عن سمي قال بن عبد البر: هذا حديث انفرد به مالك عن سمي لا يصح لغيره عنه وانفرد به سمي أيضا فلا يحفظ عن غيره السفر قطعة من العذاب لما فيه من المشاق والاتعاب وعد المعتاد من النوم والطعام والشراب ومفارقة الأحباب نهمته قال في النهاية النهمة بلوغ الهمة في الشيء.(2/560)
"16 - باب الأمر بالرفق بالمملوك"
1836- حدثني مالك أنه بلغه ان أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق" .
1837- وحدثني مالك أنه بلغه ان عمر بن الخطاب: كان يذهب إلى العوالي كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه.
1838- وحدثني مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب وهو يقول: لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها ولا تكلفوا الصغير الكسب فإنه إذا لم يجد سرق وعفوا إذ أعفكم الله وعليكم من المطاعم بما طاب منها.
ـــــــ.
1836/41 - مالك أنه بلغه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للمملوك طعامه وكسوته" الحديث وصله مسلم من طريق بن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن عجلان عن أبي هريرة وقال بن عبد البر: والمزي في الأطراف رواه إبراهيم بن طهمان عن مالك عن بن عجلان عن أبي هريرة وتابعه النعمان بن عبد السلام عن مالك.(2/561)
"17 - باب ما جاء في المملوك وهبته"
1839- حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين" .
ـــــــ.
1839/44- العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين قال الباجي: أي له أجر عاملين لأنه عامل بطاعة الله وعامل بطاعة سيده وهو مأمور بذلك وقد وردت أحاديث كثيرة فيمن يؤتى أجره مرتين فجمعت منها نيفا وثلاثين ونظمتها في أبيات فقلت:
وجمع أتى فيما رويناه أنهم ... يثنى لهم أجر حووه محققا
فأزواج خير الخلق أولهم ومن ... على زوجها أو للقريب تصدقا
وقار بجهد ذو اجتهاد أصابه ... والوضوء اثنتين والكتابي صدقا
وعبد أتى حق الإله وسيد ... وعابر يسري مع غني له تقا
ومن أمة يشرى فأدب محسنا ... وينكحها من بعده حين أعتقا
ومن سن خيرا أو أعاد صلاته ... كذاك جبان إذ يجاهد ذا شقا
كذاك شهيد في البحار ومن أتى ... له القتل من أهل الكتاب فالحقا
وطالب علم مدرك ثم مسبغ ... وضوأ لدى البرد الشديد فحققا
ومستمع في خطبة قد دنا ومن ... بتأخير صف أول مسلما وقا
وحافظ عصر مع إمام مؤذن ... ومن كان في وقت الفساد موفقا
وعامل خير مخفيا ثم إن بدا ... يرى فرحا مستبشرا بالذي ارتقى
ومغتسل في جمعة عن جنابة ... ومن فيه حقا قد غدا متصدقا(2/561)
1840- وحدثني مالك أنه بلغه: أن امة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب رآها عمر بن الخطاب وقد تهيأت بهيئة الحرائر فدخل على ابنته حفصة فقال: ألم أر جارية أخيك تجوس الناس وقد تهيأت بهيئة الحرائر وأنكر ذلك عمر.
ـــــــ
وماش يصلي جمعة ثم من أتى ... بذا اليوم خيرا ما فضعفه مطلقا
ومن حتفه قد جاءه من سلاحه ... ونازع نعل إن لخير تسبقا
وماش لدى تشييع ميت وغاسل ... يدا بعد أكل والمجاهد أخفقا
ومتبع ميتا حياء من أهله ... ومستمع القرآن فيما روى الثقا
وفي مصحف يقرا وقاريه معربا ... بتفهيم معناه الشريف محققا
(تجوس الناس) أي تتخطى الناس وتختلف عليهم(2/562)
كتاب البيعة
باب ما جاء في البيعة
...
"55 - كتاب البيعة"
"1 - باب ما جاء في البيعة"
1841- حدثني مالك عن عبد الله بن دينار ان عبد الله بن عمر قال: كنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "فيما استطعتم" .
1842- وحدثني مالك عن محمد بن المنكدر عن أميمة بنت رقيقة أنها قالت: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة بايعنه على الإسلام فقلن يا رسول الله نبايعك على ان لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل اولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيك في معروف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فيما استطعتن وأطقتن" قالت: فقلن الله ورسوله ارحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة أو مثل قولي لامرأة واحدة" .
1843- وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار: ان عبد الله بن عمر كتب إلى عبد الملك بن مروان يبايعه فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو واقر لك بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت.
ـــــــ.
1842/2- ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا أي بولد ننسبه إلى الزوج.(2/562)
كتاب الكلام والعينة والتقى
باب ما يكره من الكلام
...
"56 - كتاب الكلام"
"1 - باب ما يكره من الكلام"
1844- حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما" .
1845- وحدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم" .
1846- وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم يا خيبة الدهر فإن الله هو الدهر" .
1847- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد ان عيسى بن مريم لقي خنزيرا بالطريق فقال له: انفذ بسلام فقيل: له تقول هذا لخنزير فقال عيسى بن مريم: اني أخاف ان أعود لساني النطق بالسوء.
ـــــــ.
1844/1- عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما" قال الباجي: أي إن كان المقول له كافرا فهو كما قال وإن لم يكن خيف على القائل أن يصير كذلك وقال بن عبد البر: أي احتمل الذنب في ذلك القول أحدهما قال في سماع أشهب سئل مالك رحمه الله عن هذا الحديث قال أرى ذلك في الحرورية قيل: أتراهم بذلك كفار فقال: ما أدري ما هذا قال والحديث رواه بن وهب عن مالك عن نافع عن بن عمر وهو صحيح لمالك عنه وعن بن دينار جميعا.
1845/2- إذا سمعت الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم قال مالك: أي أقلهم وأرداهم إذ يقول ذلك بمعنى أنا خير منهم قال وذلك إذا قاله احتقارا للناس وإزراء عليهم فإن قاله توجعا على الناس فلا شيء عليه.
1846/3- فإن الله هو الدهر أي الفاعل ما تنسبونه إلى الدهر.(2/563)
"2 - باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام"
1848- حدثني مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن بلال بن الحارث المزني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت
ـــــــ.
1848/5- عن محمد بن عمر بن علقمة عن أبيه عن بلال بن الحارث قال بن عبد البر: تابع مالكا على ذلك الليث بن سعد وابن لهيعة لم يقولا عن جده ورواه بن عيينة وآخرون عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده عن بلال قال وهو الصواب وإليه مال الدارقطني وكذا رواه أبو سفيان عبد الرحمن بن عبد رب اليشكرى عن مالك فقال: عن جده إن الرجل ليتكلم بالكلمة الحديث قال بن عيينة هي الكلمة عند السلطان فالأولى ليرده بها عن ظلم والثانية ليجره بها إلى ظلم وقال بن عبد البر: لا أعلم خلافا في تفسيره بذلك.(2/563)
يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما كان يظن ان تبلغ ما بلغت يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه" .
1849- وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره ان أبا هريرة: قال ان الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يرفعه الله بها في الجنة.
ـــــــ
1849/6- عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان أنه أخبره أن أبا هريرة قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقى لها بالا الحديث رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه البزار ورواه بن عبد البر من طريق الحسين المروزي عن عبد الله بن المبارك عن مالك بسنده مرفوعا أيضا قال مالك: قال بلال بن الحارث لقد منعنى هذا الحديث من كلام كثير.(2/564)
"3 - باب ما يكره من الكلام بغير ذكر الله"
1850- حدثني مالك عن زيد بن اسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان من البيان لسحرا" أو قال: "ان بعض البيان لسحر" .
1851- وحدثني مالك أنه بلغه ان عيسى بن مريم: كان يقول لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فإن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد فإنما الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية.
1852- وحدثني مالك أنه بلغه ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت ترسل إلى بعض أهلها بعد العتمة فتقول إلا تريحون الكتاب؟
ـــــــ
1850/7- عن زيد بن أسلم أنه قال قدم رجلان من المشرق الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه يحيى مرسلا وما أظنه أرسله غيره وقد وصله القعنبي وابن وهب وابن القاسم وابن بكير وغيرهم عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر وهو الصواب قال ويقال إن الرجلين المذكورين عمرو بن الأهتم والزبرقان بن بدر إن من البيان لسحرا أي في أخذه بالقلوب قاله بن عبد البر وقال الباجي: اختلف في هذا الحديث فقال قوم: إنه خرج مخرج الذم لأنه أطلق عليه السحر والسحر مذموم ولأن مالكا ترجم عليه ما يكره من الكلام بغير ذكر الله وقال قوم خرج مخرج المدح لأن الله تعالى قد عدد البيان في النعم التي تفضل بها على عباده فقال: {خَلَقَ الْأِنْسَانَ، عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} 1 وكان النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ الناس وأفصحهم بيانا قال هؤلاء وإنما وصف بالسحر على معنى تعلقه بالنفس وميلها إليه.
ـــــــ
1 سورة الرحمن الآية: 3, 4.(2/564)
"4 - باب ما جاء في الغيبة"
1853- حدثني مالك عن الوليد بن عبد الله بن صياد ان المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أخبره: ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ان تذكر من المرء ما يكره ان يسمع" قال يا رسول الله: وإن كان حقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت: باطلا فذلك البهتان" .
ـــــــ.
1853/10- عن الوليد بن عبد الله بن صياد أن المطلب بن عبد الله بن حويطب قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: بن حويطب وإنما هو المطلب بن عبد الله بن حنطب كذا قال بن القاسم وابن وهب وابن بكير والقعنبي وغيرهم وهو الصواب ثم هو حديث مرسل وقد روى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع قال الباجي: هذا لمن قاله على وجه الغيبة لا ليحذر منها أحد فاما من قاله في محدث لئلا يتقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقل أو في شاهد ليرد باطل شهادته أو في متحيل ليصرف كيده وأذاه عن الناس ويحذر منه من يغتر به فليس هذا من الغيبة بل حق أمر الله أن يقوم به.(2/565)
"5 - باب ما جاء فيما يخاف من اللسان"
1854- حدثني مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة" فقال رجل يا رسول الله: لا تخبرنا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل مقالته الأولى فقال له الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضا فقال الرجل: لا تخبرنا يا رسول الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضا ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه ما بين لحييه وما بين رجليه ما بين لحييه وما بين رجليه" .
1855- وحدثني مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه: ان عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر: مه غفر الله لك فقال أبو بكر: ان هذا اوردني الموارد.
ـــــــ.
1854/11- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من وقاه الله شر اثنين" الحديث قال بن عبد البر: ورد معناه متصلا من حديث جابر وسهل بن سعد وأبي موسى وأبي هريرة فقال رجل: يا رسول الله إلا تخبرنا قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: في هذا الحديث لا تخبرنا على لفظ النهي ثلاث مرات وأعاد الكلام أربع مرات وتابعه بن القاسم وغيره على لفظ لا تخبرنا على النهي إلا أن إادة الكلام عنده ثلاث مرات وقال القعنبي إلا تخبرنا على لفظ العرض والقصة عنده معادة ثلاث مرات أيضا وكلهم قال ما بين لحييه وما بين رجليه ثلاث مرات وقال الباجي: قال بن حبيب معنى رواية يحيى لا تخبرنا خشي إذا أخبرهم أن يثقل عليهم الاحتراس منها ما بين لحييه وما بين رجليه قال الباجي: يريد فمه وفرجه قال فيدخل فيما بين لحييه الأكل والشرب والكلام والسكوت.(2/565)
"6 - باب ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد"
1856- حدثني مالك عن عبد الله بن دينار قال: كنت انا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق فجاء رجل يريد ان يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد ان يناجيه فدعا عبد الله بن عمر رجلا آخر حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخرا شيئا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يتناجى اثنان دون واحد" .
1857- وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد" .
ـــــــ.
1856/13- "لا يتناجى اثنان دون واحد" أي لا يتسارا ويتركاه فإن ذلك يحزنه ويشق عليه.(2/566)
"7 - باب ما جاء في الصدق والكذب"
1858- حدثني مالك عن صفوان بن سليم: ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم اكذب امرأتي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا خير في الكذب" فقال الرجل: يا رسول الله أعدها وأقول لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا جناح عليك" .
1859- وحدثني مالك أنه بلغه ان عبد الله بن مسعود كان يقول: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار إلا ترى أنه يقال صدق وبر وكذب وفجر.
1860- وحدثني مالك أنه بلغه: أنه قيل: للقمان ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل فقال لقمان صدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني.
1861- وحدثني مالك أنه بلغه ان عبد الله بن مسعود كان يقول: لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله فيكتب عند الله من الكاذبين.
ـــــــ.
1858/15- عن صفوان بن سليم أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكذب امرأتي الحديث قال بن عبد البر: لا أحفظه مسندا بوجه من الوجوه وقد رواه بن عيينة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار مرسلا فقال الرجل: يا رسول الله أعدها إلى آخره قال الباجي: فرق بين الكذب والوعد لأن ذاك ماض وهذا مستقبل وقد يمكنه تصديق خبره فيه.
1859/16- مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول عليكم بالصدق الحديث وصله البخاري ومسلم من طريق الأعمش عن شقيق عن بن مسعود مرفوعا.
1861/18- مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء الحديث قال الهروي النكتة الأثر الصغير من أي لون كان.(2/566)
1862- وحدثني مالك عن صفوان بن سليم أنه قال: قيل: لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا فقال: "نعم" فقيل: له أيكون المؤمن بخيلا فقال: "نعم" فقيل: له أيكون المؤمن كذابا فقال: "لا" .
ـــــــ
1862/19- عن صفوان بن سليم أنه قال قيل: لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا الحديث قال بن عبد البر: لا أحفظه مسندا من وجه ثابت وهو حديث حسن مرسل.(2/567)
"8 - باب ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين"
1863- حدثني مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ان الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وإن تعتصموا بحبل الله جميعا وإن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويسخط لكم قيل: وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال" .
1864- وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه" .
ـــــــ.
1863/20- عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرضى لكم ثلاثا الحديث قال بن عبد البر: هكذا أرسله يحيى والقعنبي وأسنده سائر الرواة فقالوا: عن أبي هريرة وإن تعتصموا بحبل الله قال الهروي معناه بعهد الله وقال أبو عبيد الاعتصام بحبل الله اتباع القرآن وترك الفرقة ويسخط لكم قيل: وقال قال مالك: والاكثار من الكلام نحو قول الناس قال فلان وفعل فلا والخوض فيما لا ينبغي وإضاعة المال قيل: المراد عدم حفظه وقيل: الإنفاق في المعاصي وكثرة السؤال قال الباجي: قال مالك: لا أدري أهو ما أنهاكم عنه من كثرة المسائل أو هو مسألة أموالهم وقال بن عبد البر: معناه عند أكثر العلماء التكثير من المسائل النوازل والاغلوطات وتشقيق المولدات وقال آخر أراد سؤال المال والالحاح فيه على المخلوقين.(2/567)
"9 - باب ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة"
1865- حدثني مالك أنه بلغه ان أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا كثر الخبث".
ـــــــ.
1865/22- مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا كثر الخبث" قال بن بد البر هذا الحديث لا يعرف لأم سلمة بهذا اللفظ إلا من وجه ليس بالقوي يروى عن محمد بن سوقة عن نافع بن جبير بن مطعم عن أم سلمة وإنما هو معروف لزينب بنت جحش وهو مشهور محفوظ قال الباجي: لما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} 1 اعتقدت أنها عامة في كل قوم فيهم صالح وإنما كان ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم خاصا دون غيره من الأنبياء فضلا عمن سواهم قال والخبث الفسوق والشر وقيل: أولاد الزنا.
ـــــــ
1 سورة الأنفال الآية: 33.(2/567)
"10 - باب ما جاء في التقى"
1867- حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ بخ والله لتتقين الله أو ليعذبنك.
1868- قال مالك: وبلغني ان القاسم بن محمد كان يقول أدركت الناس وما يعجبون بالقول قال مالك: يريد بذلك العمل إنما ينظر إلى عمله ولا ينظر إلى قوله.(2/568)
"11 - باب القول إذا سمعت الرعد"
1869- حدثني مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير: أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد.(2/568)
"12 - باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم"
1870- حدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين: أن
ـــــــ.
1870/27- لا نورث ما تركنا فهو صدقة قال الباجي: أجمع أهل السنة أن هذا حكم جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقال بن علية ان ذلك لنبينا صلى الله عليه وسلم خاصة وقالت: الامامية إن جميع الأنبياء يورثون وتعلقوا في ذلك بأنواع من التخليط لا شبهة فيها مع ورود هذا النص قال وقد أخبرني القاضي أبو جعفر السماني أن أبا علي بن شاذان وكان من أهل العلم بهذا الشان إلا أنه لم يكن قرأ عربية فناظر يوما في هذه المسئلة أبا عبد الله بن المعلم وكان إمام الامامية وكان مع ذلك من أهل العلم بالعربية فاستدل بن شادان على أن الأنبياء لا يورثون بحديث إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة فقال له بن المعلم: أما ما ذكرت من هذا الحديث فإنما هو صدقة نصب على الحال فيقتضي ذلك أن ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الصدقة لا يورث عنه ونحن لا نمنع هذا وإنما نمنع ذلك فيما تركه على غير هذا الوجه واعتمد هذه النكتة العربية لما علم أن بن شاذان لا يعرف هذا الشأن ولا يفرق بين الحال وغيره فلما عاد الكلام إلى بن شاذان قال له ما ادعيت من قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نورث ما تركنا صدقة" إنما هو صدقة منصوب على الحال وأنت لا تمنع هذا الحكم فيما تركه الأنبياء على هذا الوجه فانا لا نعلم فرقا ما بين قوله ما تركنا صدقة النصب وبين قوله ما تركنا صدقة بالرفع ولا احتياج في هذه المسئلة إلى معرفة ذلك فإنه لا شك عندي وعندك أن فاطمة رضي الله عنها من أفصح العرب وأعلمهم بالفرق بين قوله ما تركنا صدقة وما تركنا صدقة وكذلك العباس بن عبد.(2/568)
كتاب جهنم
باب ما جاء في صفة جهنم
...
"57 - كتاب جهنم"
"1 - باب ما جاء في صفة جهنم"
1872- حدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم" فقالوا: يا رسول الله ان كانت لكافية قال: "إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا" .
1873- وحدثني مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: أترونها حمراء كناركم هذه لهي اسود من القار والقار الزفت.
ـــــــ.
1873/2- عن أبي هريرة أنه قال أترونها حمراء الحديث قال الباجي: مثل هذا لا يعمله أبو هريرة إلا بتوقيف.(2/569)
كتاب الصدقة
باب الترغيب في الصدقة
...
"58 - كتاب الصدقة"
"1 - باب الترغيب في الصدقة"
1874- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي الحباب سعيد بن يسار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا كان إنما يضعها في كف الرحمن يربيها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل الجبل" .
1875- وحدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل وكان أحب امواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما أنزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران الآية: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ان الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران الآية: 92] وإن أحب اموالي الي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فبخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح" وقد سمعت.
ـــــــ.
1874/1- عن يحيى بن سعيد عن أبي الحباب سعد بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تصدق بصدقة الحديث قال بن عبد البر: كذا أرسه ليحيى وأكثر الرواة وأسنده معن بن عيسى ويحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك عن يحيى عن أبي الحباب عن أبي هريرة من كسب طيب أي حلال إنما يضعها في كف الرحمن قال الباجي: يريد إثابة الله له عليها وحفظه لها وكف الرحمن سبحانه بمعنى يمينه يربيها كما أي ينميها بتضعيف أجرها فلوه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو قال الباجي: هو ولد أنثى الخيل من ذكور الحمير وفي النهاية هو المهر الصغير وقيل: العظيم من أولاد ذوات الحوافر أو فصيله هو ولد الناقة حتى تكون مثل الجبل قال الباجي: أي ثوابها.
1875/2-: "بيرحاء" قال الباجي: قرأنا هذه اللفظة على أبي ذر بفتح الراء في معنى الرفع والنصب والخفض والجمع واللفظان اسم للموضع وليس مضافة إلى موضع وقال الحافظ أبو عبد الله الصوري إنما هي بفتح الباء والراء واتفق هو وأبو ذر وغيرهما من الحفاظ على ان من رفع الراء حال الرفع فقد غلط وعلى ذلك كنا نقرؤه على شيوخ بلدنا وعلى القول الأول أدركت أهل العلم بالمشرق وهذا الموضع يعرف بقصر بني حديلة وهو موضع بقبلي مسجد المدينة وقال في النهاية هذه اللفظة كثيرا ما تختلف ألفاظ المحدثين فيها فيقولون: بيرحا بفتح الباء وكسرها وبفتح الراء وضمها والمد فيهما وبفتحهما والقصر وقال الزمخشري في الفائق أنها فيعلى من البراح وهي الأرض الظاهرة: "مال رابح" قال الباجي: رواه يحيى وجماعة بالتحتية والجيم من الرواج أي إنه يروج ثوابه في الآخرة ورواه مطرف وابن الماجشون بالموحدة والحاء المهملة من الربح ضد الخسران أي أن صاحبه قد وضعه موضع الربح له والغنيمة فيه والادخار لمعاده.(2/570)
ما قلت: فيه وأني أرى ان تجعلها في الاقربين" فقال أبو طلحة: افعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
1876- وحدثني مالك عن زيد بن اسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطوا السائل وإن جاء على فرس" .
1877- وحدثني مالك عن زيد بن اسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي الأنصاري عن جدته أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا نساء المؤمنات لا تحقرن إحداكن ان تهدي لجارتها ولو كراع شاة محرقا" .
1878- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ان مسكينا سألها وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف فقالت لمولاة لها أعطيه إياه فقالت ليس لك ما تفطرين عليه فقالت أعطيه إياه قالت ففعلت قالت فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدي لنا شاة وكفنها فدعتني عائشة أم المؤمنين فقالت كلي من هذا هذا خير من قرصك.
1879- وحدثني عن مالك قال بلغني ان مسكينا استطعم عائشة أم المؤمنين وبين يديها عنب فقالت لإنسان خذ حبة فأعطه إياها فجعل ينظر إليها ويعجب فقالت عائشة: أتعجب كم ترى في هذه الحبة من مثقال ذرة.
ـــــــ
1876/3- عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أعطوا السائل وإن جاء على فرس" قال بن عبد البر: ليس في هذا اللفظ سند يحتج به فيما علمت وقد أخرجه قاسم بن أصبغ من طريق سفيان عن مصعب بن محمد عن يعلى بن أبي يحيى عن فاطمة ابنة حسين عن أبيها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للسائل حق وإن جاء على فرس" قلت: أخرجه من هذا الطريق أحمد وأبو داود وأخرج أحمد في الزهد عن سالم بن أبي الجعد قال قال عيسى بن مريم عليه السلام إن للسائل لحقا وإن أتاك على فرس مطوق بالفضة.(2/571)
"2 - باب ما جاء في التعفف عن المسألة"
1880- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري: إن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتى نفد ما عنده ثم قال: "ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر" .
ـــــــ
1880/7- فلن أدخره أي لن أكتنزه ومن يستعفف أي يمسك عن السؤال يعفه الله أي يصنه عن ذلك ومن يستغن أي بما عنده من اليسر عن المسئلة يغنه الله أي يمده بالغنى من عنده ومن يتصبر يصبره الله أي من يقصد الصبر ويؤثره يعنه الله عليه ويوفقه له وما أعطى أحد عطاء هو خير وأوسع من الصبر قال الباجي: يريد أنه أمر يدوم له الغنى به لأنه لا يفنى ومع عدمه لا يدوم له الغنى بما يعطي وإن كثر لأنه يفنى وربما يغنى ويمتد الأمل إلى أكثر منه مع عدم الصبر.(2/571)
1881- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: "اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة" .
1882- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء فرده عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم رددته" فقال: يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيرا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك عن المسألة فأما ما كان من غير مسألة فإنما هو رزق يرزقكه الله" فقال عمر: أما والذي نفسي بيده لا أسأل أحدا شيئا ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا اخذته.
1883- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يأتي رجلا أعطاه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه" .
1884- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد
ـــــــ
1881/8- اليد العليا خير من اليد السفلى قال الباجي: يريد أنها أكثر ثوابا قال وسمى يد المعطي العليا لأنه أرفع درجة ومحلا في الدنيا والآخرة واليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة قال بن عبد البر: هذا التفسير نص من الشارع يدفع الاختلاف في تأويله وادعى أبو العباس الداني في أطراف الموطأ أنه مدرج في الحديث قال الحافظ بن حجر: ويؤيده ما أخرجه العسكري في الصحابة عن بن عمر أنه كتب إلى بشر بن مروان أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اليد العليا خير من اليد السفلى ولا أحسب اليد السفلى إلا السائلة ولا العليا إلا المعطية فهذا يشعر بأن التفسير من كلام بن عمر وأخرج بن أبي شيبة عن بن عمر قال كنا نتحدث أن العلي هي المنفقة ويؤيد الرفع أحاديث منها حديث يد المعطي العليا أخرجه النسائي وللطبراني وغيره يد الله فوق يد المعطي ويد المعطي فوق يد المعطي ويد المعطي أسفل الأيدي ولأبي داود الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى فائدة قوله المنفقة هي رواية الأكثر وذكر أبو داود أن مسددا رواه فقال: المتعففة بعين وفاءين.
1882/9- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إلى عمر بن الخطاب بعطاء الحديث قال بن عبد البر: يتصل من وجوه عن عمر منها ما أخرجه قاسم بن أصبغ من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عنه.
1873/10- لنأخذ قال بن عبد البر: كذا في جمل الموطآت وفي رواية عن بن عيسى وابن نافع لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب إلى آخره قال العلماء: لولا قبح المسئلة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ثم من ذل الرد إذا لم يعط ولما يدخل على المسؤل من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل.
1874/11- عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد قال بن عبد البر: هذا حديث صحيح وليس.(2/572)
أنه قال: نزلت انا وأهلي ببقيع الغرقد فقال لي أهلي اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله لنا شيئا نأكله وجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده رجلا يسأله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا أجد ما أعطيك" فتولى الرجل عنه وهو مغضب وهو يقول لعمري انك لتعطي من شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انه ليغضب علي ان لا أجد ما أعطيه من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل الحافا" قال الأسدي: فقلت للقحة: لنا خير من أوقية.
قال مالك: والأوقية أربعون درهما قال فرجعت ولم اسأله فقدم علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بشعير وزبيب فقسم لنا منه حتى أغنانا الله عز وجل.
1885- وعن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمعه يقول: ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع عبد إلا رفعه الله قال مالك: لا أدري أيرفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا.
ـــــــ
حكم الصاحب إذا لم يسم كحكم من دونه إذا لم يسم عند العلماء لارتفاع الجرحة عن جميعهم وثبوت العدالة لهم قال الأثرم قلت: لأحمد بن حنبل إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح قال نعم: "من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا" أي إلحاحا قال الباجي: هذا إنما هو في السؤال دون الأخذ فتحل الزكاة لمن له خمس أواق وإن كان يجب عليه زكاتها إذا كان ذا عيال.
1885/12- عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمعه يقول ما نقصت صدقة من مال الحديث رواه مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه محمد بن جعفر بن أبي كثير وحفص بن ميسرة وشعبة وعبد العزيز بن محمد كلهم عن العلاء بسنده مرفوعا قال الباجي: يري أن الصدقة سبب لتنمية المال وحفظه وما زاد الله عبدا بعفو أي تجاوز عن انتصار إلا عزا أي رفعة في نفوس الناس.(2/573)
"3 - باب ما يكره من الصدقة"
1886- حدثني عن مالك أنه بلغه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس" .
1887- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل
ـــــــ.
1886/13- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لآل محمد" الحديث وصله مسلم من طريق جويرة بن أسماء عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث عن النبي صلى الله عليه وسلم به مطولا وتابعه سعيد بن داود بن أبي زنبر عن مالك أخرجه قاسم بن أصبغ قال الباجي: لا تحل لهم الصدقة إلا أن يكون بموضع يستبيح فيه أكل الميتة والمراد بهم عند مالك بنو هاشم فقط وعند الشافعي بنو هاشم والمطلب إنما هي أوساخ الناس قا ل الباجي يريد أنها تطهر أموالهم وتكفر ذنوبهم.
1887/14- عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من بني الأشهل الحديث قال بن عبد البر: رواه أحمد بن منصور البلخي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن(2/573)
رجلا من بني عبد الأشهل على الصدقة فلما قدم سأله إبلا من الصدقة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه وكان مما يعرف به الغضب في وجهه ان تحمر عيناه ثم قال: "إن الرجل ليسألني ما لا يصلح لي ولا له فإن منعته كرهت المنع وإن أعطيته أعطيته ما لا يصلح لي ولا له" فقال الرجل: يا رسول الله لا أسألك منها شيئا أبدا.
1888- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه أنه قال قال عبد الله بن الأرقم: ادللني على بعير من المطايا استحمل عليه أمير المؤمنين فقلت نعم جملا من الصدقة فقال عبد الله بن الأرقم: أتحب ان رجلا بادنا في يوم حار غسل لك ما تحت إزاره ورفغيه ثم أعطاكه فشربته قال فغضبت وقلت يغفر الله لك أتقول لي مثل هذا فقال عبد الله بن الأرقم: إنما الصدقة أوساخ الناس يغسلونها عنهم.
ـــــــ.
عمرو بن حزم عن أنس سأله إبلا من الصدقة قال الباجي: أي زيادة على أجرة عمله.(2/574)
كتاب العلم
باب ما جاء في طلب العلم
...
"59 - كتاب العلم"
"1 - باب ما جاء في طلب العلم"
1889- حدثني عن مالك: أنه بلغه ان لقمان الحكيم أوصى ابنه فقال: يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الله الأرض الميتة بوابل السماء.(2/574)
كتاب دعوة المظلوم
باب ما يتقى من دعوة المظلوم
...
"60 - كتاب دعوة المظلوم"
"1 - باب ما يتقى من دعوة المظلوم"
1890- حدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه: ان عمر بن الخطاب استعمل مولى له يدعي هنيا على الحمى فقال: يا هني اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مستجابة وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة وإياي ونعم بن عوف ونعم بن عفان فإنهما ان تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وإن رب الصريمة ورب الغنيمة ان تهلك ماشيته يأتني ببنيه فيقول يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين أفتاركهم انا لا أبا لك فالماء والكلأ أيسر علي من الذهب والورق وايم الله انهم ليرون اني قد ظلمتهم أنها لبلادهم ومياههم قاتلوا عليها في الجاهلية واسلموا عليها في الإسلام والذي نفسي بيده لولا المال الذي احمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا.
ـــــــ.
1890/1 - الصريمة قيل: هي من الغنم أربعون وقيل: من الإبل عشرون إلى أربعين.(2/574)
كتاب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم
أسماء النبي صلى الله عليه وسلم
...
"61 - كتاب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم"
"1 - باب أسماء النبي صلى الله عليه وسلم"
1891- حدثني مالك عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
ـــــــ.
1891/1- عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لي خمسة أسماء" قال بن عبد البر: كذا أرسله يحيى وأكثر رواة الموطأ فلم يقولوا: عن أبيه وأسنده معن بن عبسى وأبومصعب ومحمد بن المبارك الصوري ومحمد بن عبد الرحيم وابن شروس الصنعاني وإبراهين بن طهمان وعبد الله بن نافع وآخرون فرووه عن مالك عن بن شهاب مسندا وقوله لي خمسة أسماء وهي أكثر فقد حكى القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي أن له صلى الله عليه وسلم ألف اسم بعضها في القرآن والحديث وبعضها في الكتب القديمة فأجاب عنه أبو العباس القرافي بأنه قيل: أن يطلعه الله على بقية أسمائه وقال القاضي عياض: معناه أنها موجودة في الكتب المتقدمة وعند أولي العلم من الأمم السالفة على أن لفظة خمسة ساقطة في أكثر طرق الحديث فإن في رواية بن عيينة وشعيب بن أبي حمزة ومعمر ويونس وعقيل: كلهم عن الزهري إن لي أسماء لم يذكروا خمسة وإنما ذكرت في رواية مالك ومحمد بن ميسرة عن الزهري وقد أخرجه أحمد في مسنده من طريق جعفر بن أبي وحشية عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه فعدها ستة وزاد فيها الخاتم وكذا أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة من طريق عقبة بن مسلم عن نافع بن جبير بن مطعم أن عبد الملك بن مروان قال له أتحصي أمساء رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان جبير بن مطعم يعدها قال نعم هي ستة محمد وأحمد وخاتم وحاشر وعاقب وماحي ولابن عدي في الكامل من حديث جابر بن عبد الله وغيره قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لي عند ربي عشرة أسماء" فذكر الخمسة المذكورة وزاد وأنا رسول الرحمة ورسول التوبة ورسول الملاحم وأنا المقفي قفيت النبيين عامة وأنا قثم والقثم الكامل الجامع ولمسلم وأحمد وغيرهما من حديث أبي موسى قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء منها ما حفظنا ومنها ما لم نحفظ فقال: "أنا محمد وأحمد والمقفي والحاشر ونبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة" ولأبي نعيم في الدلائل وابن مردويه في التفسير من حديث أبي الطفيل مرفوعا لي عشرة أسماء عند ربي أنا محمد وأحمد والفاتح والخاتم وأبو القاسم والحاشر والعاقب والماحي ويس وطه وقد تتبعت قديما أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فبلغت نحو أربعمائة وأفردتها بشرحها في مجلد سميته المرقاة ثم لخصته في جزء سميته الرياض الأنيقة ثم لخصته في مختصر سميته الوسيلة وأكثرها صفات قال بن عبد البر: الأسماء والصفات هنا سواء أنا محمد روى بن عبد البر في الاستيعاب عن بن عباس قال لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم عق عنه عبد المطلب وسماه محمدا فقيل: له ما حملك على أن سميته محمدا ولم تسمه باسم آبائه فقال: أردت أن يحمده الله في السماء ويحمده الناس في الأرض وأنا أحمد روى أحمد في مسنده عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد الحديث وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر" في رواية بن بكير بي قال القاضي عياض: أي من مكة وبلاد العرب وما زوى له من(2/575)
"لي خمسة أسماء انا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب" .
ـــــــ.
الأرض ووعد أنه يبلغه ملك أمته قال أو يكون المحو عاما بمعنى الظهور والغلبة كما قال: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} 1 وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي قال بن عبد البر: أي قدامي وأمامي أي إنهم يجتمعون إليه وينضمون حوله ويكونون أمامه يوم القيامة ووراءه قال الخليل حشرتهم السنة إذا ضمتهم من البوادي وقال الباجي: والقاضي عياض اختلف في معنى على قدمي فقيل: على زماني وعهدي أي ليس بعدي نبي وقيل: بمشاهدتي كما قال: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} 2 وقال الخطابي وتبعه بن دحية معناه على أثري أي إنه يقدمهم وهم خلفه لأنه أول من تنشق عنه الأرض ثم تجيء كل نفس فيتبعونه قال ويؤيد هذا المعنى رواية على عقبي وقيل: على أثري بمعنى أن الساعة على أثره أي قريبة من مبعثه كما قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأنا العاقب زاد مسلم وغيره من طريق بن عيينة والعاقب الذي ليس بعده نبي وهو مدرج من تفسير الزهري فروى الطبراني من طريق معمر عن الزهري فذكر الحديث إلى قوله وأنا العاقب قال معمر قلت: للزهري ما العقب قال الذي ليس بعده نبي وقال أبو عبيد قال سفيان العاقب آخر الأنبياء انتهى آخر شرح الموطأ بحمد الله وعونه وحسن توفيقه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: فرغت من تأليفه يوم الخميس سادس جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وثمانمائة من عام الخير وكان الفراغ من كتابته نهار الثلاثاء سادس عشر رجب الفرد من تاريح المؤلف غفر الله لكاتبه ولقارئه ولمن يدعو للمسلمين بخير والحمد لله وتعالى كماله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
ـــــــ
1 سورة التوبة الآية: 33.
2 سورة البقرة الآية: 143.(2/576)