المجلد الأول
كتاب وقوت الصلاة
باب وقوت الصلاة
...
كتاب وقوت الصلاة
"1 باب1 وقوت الصلاة"
قال*:
1 – حدثني يحيى بن يحيى الليثي عن مالك بن أنس عن بن شهاب: أن عمر بن عبد.
ـــــــ.
باب وقت الصلاة
1 عن بن شهاب أن عمر بن عبد العزيز قال بن عبد البر: هكذا روى الحديث عن مالك جماعة الرواة فيما بلغنا وظاهر مساقه يدل على الانقطاع لأنه لم يذكر فيه سماعا لابن شهاب من عروة ولا لعروة من بشير وهذه اللفظة أعني أن عند جماعة من علماء الحديث محمولة على الانقطاع حتى يتبين السماع ومنهم من يحملها على الاتصال قال: وهذا يشبه أن يكون مذهب مالك لأنه في موطآته لا يفرق بين شيء من ذلك وهذا الحديث متصل عند الحفاظ لأنه صح شهود بن شهاب لما جرى بين عمر وعروة وسماع عروة من بشير من رواية جماعة من أصحاب بن شهاب فأخرج عبد الرزاق في المصنف عن معمر عن الزهري قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز فأخر العصر مرة فقال له عروة: حدثني بشير بن أبي مسعود الأنصاري أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة مرة يعني العصر فقال له أبو مسعود: وذكر الحديث وكذا رواه عن بن شهاب بن جريح أخرجه عبد الرزاق والليث بن سعد أخرجه البخاري وشعيب أخرجه أخر الصلاة يوما هي العصر كما مر في رواية معمر وفي رواية الليث عند البخاري أخر العصر شيئا قال الحافظ بن حجر: وبذلك يظهر مناسبة ذكر عروة حديث عائشة بعد حديث أبي مسعود ولأبي داود من طريق أسامة بن زيد الليثي عن بن شهاب أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدا على المنبر فأخر العصر شيئا زاد بن عبد البر من رواية الليث بن سعد عن بن شهاب في إمارته على المدينة فعرف بذلك سبب تأخيره كأنه كان مشغولا إذ ذاك بشيء من مصالح المسلمين قال بن عبد البر: والمراد أنه أخرها حتى خرج الوقت المستحب المرغوب فيه ولم يؤخرها حتى غربت الشمس فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما في رواية بن جريح عند عبد الرزاق فقال: مسى المغيرة بن شعبة بصلاة العصر أليس قد علمت قال الحافظ القشيري: قال بعض فضلاء الأدب: كذا الرواية وهي جائزة إلا أن المشهور في الاستعمال ألست.
قلت: وتوجيه الأولى أن في ليس ضمير الشأن قال القاضي عياض: ظاهره يدل على علم المغيرة بذلك وقد يكون هذا على ظن أبي مسعود به ذلك لصحبته النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أن جبريل فيه ثلاث عشرة لغة قرئ.
ـــــــ
1 لفظة باب زيادة في بعض النسخ.
* هوالراوي عن يحيى وهو عبيد الله الليثي فقيه قرطبة ومسند الأندلس.(1/17)
العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما وهو بالكوفة فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال: ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل نزل فصلى, فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "بهذا أمرت" فقال عمر بن عبد العزيز: اعلم ما تحدث به يا عروة أو إن جبريل هو الذي أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة قال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود الأنصاري يحدث عن أبيه.
ـــــــ.
بها وأكثرها في الشاذ أوردها أبو حيان في بحره والسمين في إعرابه جبريل بالكسر وبالفتح وجبرئيل كخندريس وبلا ياء بعد الهمزة وكذلك إلا أن اللام مشددة وجبرائيل وجبرائل وجبرال وجبرايل بالياء والقصر وجبراييل بياءين أولاهما مكسورة وجبرين وجبرين وجبرائين قال الامام جمال الدين بن مالك ناظما منها سبع لغات:
جبريل جبريل جبرائيل جبرئل ... وجبرئيل وجبرال وجبرين
وقلت مذيلا عليه بالستة الباقية:
وجبرئل وجبراييل مع بدل ... جبرائل وبياء ثم جبرين
قولي مع بدل إشارة إلى جبرائين لأنه أبدل فيه الياء بالهمزة واللام بالنون قال بن جني في المحتسب العرب: إذا نطقت بالأعجمي خلطت فيه وأصل هذا الاسم كوريال الكاف بين الكاف والقاف ثم لحقه من التحريف على طول الاستعمال ما أصاره إلى هذا التفاوت قال: وقد قيل: إن معنى جبريل عبد الله وذلك أن الخبر بمنزلة الرجل والرجل عبد الله وأل بالنبطية اسم الله تعالى قال: ولم يسمع الجبر بمعنى الرجل إلا في شعر بن أحمر وهو قوله:
اشرب براووق حييت به ... وأنعم صباحا أيها الجبر
وقال أبو حيان: جبريل اسم أعجمي ممنوع الصرف للعلمية والعجمية وأبعد من ذهب إلى أنه مشتق من جبروت الله ومن ذهب إلى أنه مركب تركيب الإضافة ومن قال: جبر عبد وائل الله جمعا مركبا تركيب مزج كحضرموت وقال السمين: جبريل اسم أعجمي فلذلك لم ينصرف وقول من قال: إنه مشتق من جبروت الله بعيد لأن الاشتقاق لا يكون في العجمة وكذا من قال: أنه مركب تركيب الإضافة وإن جبرائيل معناه عبد وائل اسم من أسماء الله تعالى فهو بمنزلة عبد الله لأنه كان ينبغي أن يجري الأول بوجوه الإعراب وإن ينصرف الثاني وكذا قول المهدوي أنه مركب تركيب مزج نحو حضرموت لأنه كان ينبغي أن يبني الأول على الفتح ليس إلا قال: وأما رد الشيخ أبي حيان عليه بأنه لو كان مركبا تركيب مزج لجاز فيه أن يعرب إعراب المتضايفين أو يبنى على الفتح كأحد عشر فان كل ما ركب تركيب المزج يجوز فيه هذه الأوجه وكونه لم يسمع فيه البناء ولا جربانه مجرى المتضايفين دليل على عدم تركيبه تركيب المزج فلا يحسن ردا لأنه جاء على أحد الجائرين واتفق على أنه لم يستعمل إلا كذلك انتهى وقد أخرج بن أبي حاتم عن بن عباس قال جبريل: كقولك عبد الله جبر عبد وايل الله وأخرج بن جرير عن عكرمة قال جبر عبد وئل عبد وايل الله واخرج بن جرير عن بن عباس قال جبريل عبيد الله وميكائيل عبيد الله وكل اسم فيه ايل فهو معبد لله ء وأخرج بن جرير عن عبد الله بن الحارث البصري أحد التابعين قال: ايل الله بالعبرانية وأخرج بن جرير عن علي بن الحسين قال: اسم جبريل عبد الله.(1/18)
.................................................
وميكائيل عبيد الله وإسرافيل عبد الرحمن وكل اسم فيه ائيل فهو معبد لله.
وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة مرفوعا قال الحافظ بن حجر: في شرح البخاري وذكر بعضهم أن ايل معناه عبد وما قبله معناه اسم الله كما تقول عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم فلفظ عبد لا يتغير وما بعده يتغير لفظه وإن كان المعنى واحدا ويؤيده أن القاعدة في لغة غير العرب تقديم المضاف إلي على المضاف.
قلت: هذا أرجح والآثار السابقة تشهد له وأخرج بن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد العزيز بن عمير قال: اسم جبريل في الملائكة خادم الله وأخرج مسلم عن بن مسعود قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل في صورته له ستمائة جناح وأخرج أبو الشيخ عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: "وددت أني رأيتك في صورتك" فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى من السماء شيء وأخرج أبو الشيخ عن شريح بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صعد إلى السماء رأى جبريل في خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قال: فحيل إلى أن ما بين عينيه قد سد الأفق وكنت أراه قبل ذلك على صور مختلفة وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال وأخرج أبو الشيخ عن بن عباس مرفوعا ما بين منكبي جبريل مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع الطيران ولا خلاف أن جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت رؤوس الملائكة وأشرفهم وأفضل الأربعة جبريل وإسرافيل وفي التفضيل بينهما توقف سببه اختلاف الآثار في ذلك وفي معجم الطبراني الكبير حديث أفضل الملائكة جبريل لكن سنده ضعيف وله معارض فالأولى الوقف عن ذلك نزل قال إمام الحرمين: نزول جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في هيئة رجل معناه أن الله أفنى الزائد من خلقه أو أزاله عنه ثم يعيده إليه بعد وجزم بن عبد السلام بالازالة دون الفناء وقرر ذلك بأنه لا يلزم أن يكون انتقالها موجبا لموته بل يجوز أن يبقى الجسد حيا لأن موت الجسد بمفارقة الروح ليس بواجب عقلا بل بعادة أجراها الله في بعض خلقه ونظيره انتقال أرواح الشهداء إلى أجواف طير خضر لتسرح في الجنة وقال البلقيني: يجوز أن يكون الآتي هو جبريل بشكله الأصلي إلا أنه انضم فصار على قدر هيئة الرجل وإذا ترك ذلك عاد إلى هيئته ومثال ذلك القطن إذا جمع بعد أن كان منتفشا فإنه بالنقش يحصل له صورة كبيرة وذاته لم تتغير وهذا على سبيل التقريب وقال العلامة علاء الدين القونوي: قد كان جبريل عليه السلام يتمثل في صورة دحية وتمثل لمريم بشرا سويا وفي الممكن أن يخص الله تعالى بعض عباده في حال الحياة بخاصية لنفسه الملكية القدسية وقوة لها يقدر بها على التصرف في بدن آخر غير بدنها المعهود مع استمرار تصرفها في الأول وقد قيل في الأبدال إنهم إنما سموا أبدالا لأنهم قد يرحلون إلى مكان ويقيمون في مكانهم الأول شبحا آخر شبيها بشبحهم الأصلي بدلا عنه وقد أثبت الصوفية عالما متوسطا بين عالم الأجساد والأرواح سموه عالم المثال وقالوا: هو ألطف من عالم الأجساد وأكثف من عالم الأرواح وبنوا على ذلك بجسد الأرواح وظهورها في صور مختلفة من عالم المثال وقد يستأنس لذلك بقوله تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} 1 فتكون الروح الواحدة كروح جبريل مثلا في وقت واحد مدبرا لشبحه الأصلي ولهذا الشبح المثالي وينحل بهذا ما قد اشتهر.
ـــــــ
1 سورة مريم الآية: 17.(1/19)
.................................................
نقله عن بعض الأئمة أنه سأل بعض الأكابر عن جسم جبريل فقال: أين كان يذهب جسمه الأول الذي سد الأفق بأجنحته لما تراءى للنبي صلى الله عليه وسلم في صورته الأصلية ثم إتيانه إليه في صورة دحية؟ وقد تكلف بعضهم الجواب عنه بأنه يجوز أن يقال كان يندمج بعضه في بعض إلى أن يصغر حجمه فيصير صورة دحية ثم يعود ينبسط إلى أن يصير كهيئته الأولى وما ذكره الصوفية أحسن وهو أن يكون جسمه الأول بحاله لم يتغير وقد أقام الله تعالى له شبحا آخر وروحه متصرفة فيهما جميعا في وقت واحد. هذا كلام القونوي في كتابه الذي سماه الأعلام بإلمام الأرواح بعد الموت محل الأجساد وقال ابن القيم للروح شأن غير شأن الأبدان فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة ببدن الميت بحيث إذا سلم المسلم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك وهذا جبريل رآه النبي صلى الله عليه وسلم وله ستمائة جناح منها جناحان سدا الأفق وكان يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يضع ركبته على ركبته ويديه على فخذه وقلوب المخلصين تتسع للإيمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات وفي الحديث في رؤية جبريل فرفعت رأسي فإذا جبريل صاف قدميه بين السماء والأرض يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فجعلت لا أصرف بصري إلى ناحية إلا رأيته كذلك وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب على الشاهد فيعتقد ان الروح من جنس ما يعهد من الأجساد التي إذا شغلت مكانا لم يمكن أن يكون في غيره وهذا غلط محض انتهى. ونزول جبريل المشار إليه في هذا الحديث وقع صبيحة الإسراء قال ابن عبد البر: لم يختلف أن جبريل عليه السلام هبط صبيحة الإسراء عند الزوال فعلم النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة ومواقيتها وهيئاتها قال: ابن إسحاق: حدثني عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن نافع بن جبير قال: وكان نافع كثير الرواية عن ابن عباس قال: لما فرضت الصلاة وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قال نافع بن جبير وغيره لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسري به لم يرعه إلا جبريل نزل حين زاغت الشمس ولذلك سميت الأولى فأمر فصيح بأصحابه الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس طول الركعتين الأوليين ثم قصر الباقيتين ثم سلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ثم نزل في العصر على مثل ذلك ففعلوا كما فعلوا في الظهر ثم نزل في أول الليل فصيح الصلاة جامعة فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس طول في الأوليين وقصر في الثالية ثم سلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ثم لما ذهب ثلث الليل نزل فصيح الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس فقرأ فيهما في الأوليين فطول فيهما وجهر وقصر في الأخريين ثم سلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس فلما طلع الفجر فصيح الصلاة جامعة فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس فقرأ فيها فجهر وطول ورفع صوته فسلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس قال الحافظ بن حجر وفي ذلك رد على من زعم أن بيان الأوقات إنما وقع بعد الهجرة: قال: والحق أن ذلك وقع قبلها ببيان جبريل وبعدها ببيان النبي صلى الله عليه وسلم قلت: وهو صريح في حديث ابن عباس "أمني جبريل عند البيت" رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وفي رواية الشافعي عند باب البيت "فصلى رسول الله" كرره هكذا خمس مرات قال القاضي عياض: وهذا إذا اتبع فيه حقيقة اللفظ أعطى أن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بعد فراغ صلاة جبريل لكن مفهوم هذا الحديث والنصوص في غيره أن جبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم فيحمل قول صلى فصلى على أن جبريل كلما فعل جزاءا من الصلاة فعله.(1/20)
.................................................
النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى تكاملت صلاتها وتبعها النووي وقال مغلطاي في شرح البخاري: ذهب بعضهم إلى أن الفاء هنا بمعنى الواو لأنه صلى الله عليه وسلم إذا ائتم بجبريل يجب أن يكون مصليا معه وإذا حملت الفاء على حقيقتها وجب أن يكون مصليا بعده وهذا ضعيف والفاء على بابها للتعقيب بمعنى أن جبريل كلما فعل جزءا من الصلاة فعله النبي صلى الله عليه وسلم وقال القرطبي: ليس فيما ذكره عروة حجة على عمر إذ لم يعين له الأوقات وأجاب الحافظ بن حجر بأن في رواية مالك اختصارا وقد ورد بيانها من طريق غيره فأخرج الدارقطني والطبراني في الكبير وابن عبد البر في التمهيد من طريق أيوب بن عقبة: وقد اختلف فيه والأكثرون على تضعيفه عن أبي بكر بن حزم أن عروة بن الزبير كان يحدث عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ أمير المدينة في زمن الحجاج والوليد بن عبد الملك كلاهما قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين دلكت الشمس فقال: يا محمد صل الظهر فصلى ثم جاء حين كان ظل كل شيء مثله فقال: يا محمد صل العصر فصلى ثم جاءه حين غربت الشمس فقال: يا محمد صل المغرب فصلى ثم جاءه حين غاب الشفق فقال: يا محمد صلي العشاء فصلى ثم جاءه حين انشق الفجر فقال يا محمد صل الصبح فصلى ثم جاءه الغد حين كان ظل كل شيء مثله فقال: يا محمد صل الظهر فصلى ثم أتاه حين كان ظل كل شيء مثليه فقال: يا محمد صل العصر فصلى ثم أتاه حين غربت الشمس فقال: يا محمد صل المغرب فصلى ثم أتاه حين ذهب ساعة من الليل فقال: يا محمد صل العشاء فصلى ثم أتاه حين اضاء الفجر وأسفر فقال: يا محمد صل الصبح فصلى ثم قال: ما بين هذين وقت يعني أمس واليوم. قال عمر لعروة: أجبريل أتاه؟ قال: نعم وأخرج أبو داود من طريق ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعدا على المنبر فأخر العصر شيئا فقال له عروة بن الزبير أم إن جبريل قد أخبر محمدا صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة فقال له عمر: أعلم ما تقول فقال عروة سمعت بشير بن ابي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نزل جبريل عليه السلام فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه" حسب بأصابعه خمس صلوات فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس وربما أخرها حين يشتد الحر ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن يدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الأفق وربما أخرها حتى يجتمع الناس وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر قال أبو داود: روى هذا الحديث عن الزهري معمر ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وغيرهم لم يذكروا الذي صلى فيه ولم يفسروه وكذلك أيضا رواه هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه إلا أن حبيبا لم يذكر بشيرا انتهى. وفي الحديث أيضا اختصار ثان فإنه لم يذكر صلاة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم الخمس إلا مرة واحدة وقد ورد من طريق أنه صلى به الخمس مرتين في يومين فأخرج ابن أبي ذؤيب في موطآت عن ابن شهاب أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبي مسعود الأنصاري فقال: ألم تعلم أن جبريل نزل على محمد صلى الله عليه وسلم فصلى وصلى وصلى وصلى ثم صلى ثم صلى ثم صلى ثم صلى ثم صلى ثم قال: هكذا أمرت وقد ثبت أيضا صلاته به مرتين من حديث ابن.(1/21)
2 - قال عروة: ولقد حدثتني عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر
ـــــــ.
عباس أخرجه أبو داود والترمذي وجابر بن عبد الله أخرجه الترمذي والنسائي والدارقطني وابن عبد البر في التمهيد وأبي سعيد الخدري أخرجه أحمد والطبراني في الكبير وابن عبد البر وأبي هريرة أخرجه البزار في مسند وابن عمر أخرجه الدارقطني واستدل بعضهم بهذا الحديث على جواز الإئتمام بمن يأتم بغيره قال الحافظ ابن حجر: ويجاب عنه بما يجاب به عن قصة أبي بكر في صلاته خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة الناس خلفه فإنه محمول على أنه كان مبلغا فقط قلت: هو في قصة أبي بكر واضح وأما هنا ففيه نظر لأنه يقتضي أن يكون الناس اقتدوا بجبريل لا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف الظاهر والمعهود مع ما في رواية نافع بن جبير السابقة من التصريح بخلافه والأولى أن يجاب بأن ذلك كان خاصا بهذه الواقعة لأنها كانت للبيان المعلق عليه الوجوب ثم قال: "بهذا أمرت" روي بفتح التاء قال مغلطاي: وهو الأقوى أي إن الذي أمرت به من الصلاة البارحة مجملا هذا تفسيره اليوم مفصلا وبضمها قال ابن العربي: نزل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم مأمورا مكلفا بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لا بأصل الصلاة "فقال عمر لعروة: اعلم ما تحدث به يا عروة" في رواية عند الشافعي من طريق سفيان عن الزهري فقال: اتق الله يا عروة وانظر ما تقول: قال الرافعي في شرح المسند: لا يحمل مثله على الإبهام ولكن المقصود الاحتياط والاستثبات ليتذكر الراوي ويتجنب ما عساه يعرض من نسيان وغلط أو إن قال النووي: هو بفتح الواو وكسر الهمزة وقال السفافسي: هي ألف الاستفهام دخلت على الواو فكان ذلك تقديرا. وقال صاحب مطالع الأنوار: ضبطنا أن هنا بالفتح والكسر معا والكسر أوجه لأنه استفهام مستأنف عن الحديث إلا أنه جاء بالواو ليرد الكلام على كلام عروة لأنها من حروف الرد ويجوز الفتح على تقدير أو علمت أو حدثت أن جبريل وقت الصلاة في رواية الليث عند البخاري فقال عروة: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "نزل جبريل فذكر الحديث فصرح بسماعه من بشير وبسماع بشير من أبيه وبالرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزاد عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري قال: فما زال عمر يعتلم وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا وعند ابن عبد البر في التمهيد من طريق حبيب بن أبي مرزوق عن عروة فقال عمر بن عبد العزيز: انظر يا عروة ما تقول إن جبريل هو الذي وقت مواقيت الصلاة قال: كذلك حدثني أبو مسعود فبحث عمر عن ذلك حتى وجد ثبته فما زال عم ر عنده علامات الساعات ينظر فيها حتى قبض. قال ابن عبد البر: فإن قيل إن جهل مواقيت الصلاة لا يسع أحدا فكيف جاز ذلك على عمر بن عبد العزيز قيل: ليس في جهله بالسبب الموجب لعلم المواقيت ما يدل على جهله بالمواقيت وقد يكون ذلك عنده عملا واتفاقا وأخذا عن علماء عصره ولا يعرف أصل ذلك كيف كان أبنزول من جبريل بها على النبي صلى الله عليه وسلم أو بما سنه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته كما سن غير ما شيء وفرضه في الصلاة والزكاة والحج.
2/2 - كان يصلي العصر في الصحاح العصران الغداة والعشي ومنه سميت صلاة العصر وفي النهاية العصر أن صلاة الفجر وصلاة العصر سميا العصرين لأنهما يقعان في طرفي العصرين وهما الليل والنهار وأخرج الدارقطني في سننه عن أبي قلابة قال: إنما سميت العصر لأنها تعصر وأخرج أيضا عن شبرمة قال قال محمد بن الحنفية: إنما سميت العصر لتعصر وأخرج أيضا من طريق مصعب بن محمد عن رجل قال: أخر.(1/22)
3 - وحدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار أنه قال: جاء رجل.
ـــــــ.
طاوس العصر جدا فقيل: له في ذلك فقال: إنما سميت العصر لتعصر أي ليبطأ بها قال الجوهري: قال الكسائي: يقال: جاء فلان عصرا أي بطيئا والشمس في حجرتها للبيهقي في قصر حجرتها وهي بضم الحاء المهملة وسكون الجيم البيت قال بن سيده: سميت بذلك لمنعها المال قبل أن تظهر أي ترتفع قال في المواعيب: ظهر فلانا الصبح إذا علاه ومنه قوله تعالى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} 1 أي يعلوه وقال الخطابي معنى الظهور هنا الصعود ومنه قوله تعالى: {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} 2 وقال القاضي عياض: قيل: المراد تظهر على الجدر وقيل: ترتفع كلها عن الحجرة وقيل: تظهر بمعنى تزول عنها كما قال: وتلك شكاة ظاهر عنك عارها انتهى وفي رواية بن عيينة عن بن شهاب عند البخاري ومسلم كان يصلي صلاة العصر والشمس طالعة في حجرتي لم يظهر الفيء بعد قال الحافظ بن حجر: فجعل الظهور للفيء وفي رواية مالك جعل للشمس قال: والجمع بينهما أن كلا من الظهور غير الآخر فظهور الشمس خروجها من الحدرة وظهور الفيء انبساطه في الحجرة في الموضع الذي كانت الشمس فيه بعد خروجها.
3/3 - عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت صلاة الصبح اتفقت رواة الموطأ على إرساله وقد ورد موصولا من حديث أنس بن مالك وأخرجه البزار في مسنده وابن عبد البر في التمهيد بسند صحيح من طريق حميد عنه ومن حديث عبد الله بن عمر وأخرجه الطبراني في الكبير بسند حسن ومن حديث عبد الرحمن بن زيد بن جارية أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط ومن حديث زيد بن جارية أخرجه أبو يعلى في مسنده والطبراني في الكبير وفي حديث أن ذلك كان في سفر وقال بن عبد البر: بلغني أن سفيان بن عيينة حدث بهذا الحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أنس بن مالك مرفوعا قال: ولا أدري كيف صحة هذا عن سفيان والصحيح عن زيد بن أسلم أنه من مرسلات عطاء فسكت في حديث زيد بن جارية فقال: صلها معي اليوم وغدا حتى إذا كان من الغد صلى الصبح حين طلع الفجر في حديث زيد بن جارية أن ذلك كان بقاع نمرة بالجحفة ثم صلى الصبح من الغد في حديث عبد الرحمن بن زيد بن جارية ثم صلاها يوما وفي حديث زيد بن جارية حتى إذا كان بذي طوى أخرها فيحتمل أن يكون قصة واحدة ويحتمل تعدد القصة بعد أن أسفر أي انكشف وأضاء وفي حديث بن عمرو ثم صلاها من الغد فأسفر وفي حديث زيد بن جارية فصلاها أمام الشمس ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة في حديث أنس عن وقت صلاة الغداة قال: ها أنا ذا يا رسول الله قال بن مالك في شرح التسهيل تفصل ها التنبيه من اسم الإشارة المجرد بأنا وأخواته كثيرا كقولك ها أنا ذا وها نحن أولاء ومنه قول السائل عن وقت الصلاة لها أنا ذا يا رسول الله وقوله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ} 3 انتهى فقال: ما بين هذين وقت في حديث بن عمر والوقت فيما بين أمس واليوم وفي حديث زيد بن جارية الصلاة ما بين هاتين الصلاتين.
فائدة في هذا الحديث أن السائل سأل عن وقت صلاة الصبح خصة وورد السؤال عن أوقات كل الصلوات فأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والدارقطني عن أبي موسى الأشعري أن سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن
ـــــــ
1 سورة الكهف الآية: 97.
2 سورة الزخرف الآية: 33.
3 سورة آل عمران الآية: 119.(1/23)
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت صلاة الصبح قال: فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد صلى الصبح حين طلع الفجر ثم صلى الصبح من الغد بعد أن أسفر ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة" قال هأنذا: يا رسول الله فقال: "ما بين هذين وقت" .
4 - وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن.
ـــــــ.
مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا حتى أمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر ثم أمر بلالا فأقام الظهر حين زالت الشمس ثم أمر بلالا فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة فأمر بلالا فأقام المغرب حين غابت الشمس وأمر بلالا فأقام العشاء حين غاب الشفق فلما كان الغد صلى الفجر فانصرف فقلت أطلعت الشمس وأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله وصلى العصر وقد اصفرت الشمس وقال: أمسى وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وصلى العشاء إلى ثلث الليل ثم قال: "أين السائل عن وقت الصلاة الوقت فيما بين هذين وورد مثل ذلك أيضا من حديث بريدة أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة ومن حديث جابر بن عبد الله أخرجه الدارقطني والطبراني في الأوسط ومن حديث مجمع بن جارية أخرجه الدارقطني ومن حديث البراء بن عازب أخرجه أبو يعلى وحينئذ فحديث الموطأ إما مختصر من هذه الواقعة أو هو قضية أخرى وقع السؤال فيها عن صلاة الصبح خاصة.
4/4 - عن يحيى بن سعيد هو الأنصاري عن عمرة بنت عبد الرحمن أي بن سعيد بن زرارة وهي والدة أبي الرجال أنصارية مدنية تابعية ثقة حجة كانت في حجر عائشة رضي الله عنهما قال بن المديني: هي أحد الثقات العلماء بعائشة الاثبات فيها عن عائشة أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح أن هي المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف واللام في ليصلي هي اللام الفارقة الداخلة في خبر أن فرقا بين الخففة والنافية فينصرف النساء متلفعات قال بن عبد البر: رواية يحيى بفاءين وتبعه جماعة ورواه كثير منهم بفاء ثم عين مهملة وعزاه القاضي عياض لأكثر رواة الموطأ قال الأصمعي: التلفع أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده وقال صاحب النهاية: اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء كان أو غيره وتلفع بالثوب إذا اشتمل به وقال عبد الملك بن حبيب في شرح الموطأ: التلفع أن يلقي الثوب على رأسه ثم يلتف به لا يكون الالتفاع إلا بتغطية الرأس وقد أخطأ من قال: الالتفاع مثل الاشتمال وأما التلفف فيكون مع تغطية الرأس وكشفه واستدل لذلك بقول عبيد بن الأبرص:
كيف يرجون سقاطي بها ... ما لفع الرأس مشيب وصلع
وقال الرافعي في شرح المسند: التلفع بالثوب الاشتمال به وقيل: الالتحاف مع تغطية الرأس بمروطهن جمع مرط بكسر الميم كما في الصحاح قال: وهي أكسية من صوف أو خز كان يؤتزر بها قال الشاعر:
كساهم ثوباها وفي الدرع رادة ... وفي المرط لنا وإن رد فهما عبل
وقال الرافعي: المرط كساء من صوف أو خز أو كتان عن الخليل ويقال: هو الإزار ويقال: درع المرأة وفي الحكم المرط هو الثوب الأخضر وفي مجمع الغرائب المروط أكسية من شعر أسود وعن الخليل هي أكسية معلمة وقال بن الأعرابي: هو الإزار وقال النضر بن شميل: لا يكون المرط إلا درعا وهو من خز أخضر ولا يسمى المرط إلا الأخضر ولا يلبسه إلا النساء نقل ذلك مغلطاي في شرح البخاري وقال بن دقيق العيد في شرح العمدة: زاد بعضهم في صفتها أن تكون مربعة وقال بعضهم: إن سداها من شعر وقال:(1/24)
عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
5 - وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن.
ـــــــ.
بن حبيب في شرح الموطأ: المرط كساء صوف رقيق خفيف مربع كان النساء في ذلك الزمان يأتزرن به ويلتففن وقال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات عند قول امرئ القيس:
فقمت بها أمشي تجر وراءنا ... على أثرينا أذيال مرط مرحل
المرط إزار خز معلم ما يعرفن قال الداودي: أي ما ما يعرفن أهن نساء أم رجال وقال غيره: يحتمل أنه لا يعرف أعيانهن وإن عرفن أنهن نساء وإن كن متكشفات الوجوه كذا حكاه القاضي عياض وحكاه النووي فخفف الجملة الأخيرة ثم قال: وهذا ضعيف لأن المتلفعة في النهار أيضا لا يعرف عينها فلا يبقى في الكلام فائدة انتهى ومع تتمة الكلام بهذه الجملة لا يتأتى هذا الاعتراض وقال الباجي: هذا يدل على انهن كن سافرات إذ لو كن متنقبات لكان المانع من معرفتهن تغطية الوجه لا الناس وقال بعضهم: المعرفة إنما تتعلق بالأعيان ولو أريد ما قاله الداودي لعبر بنفي العلم من هي ابتدائية أو تعليلية الغلس قال الرافعي: هو ظلمة آخر الليل وقيل: اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل انتهى والأول هو المجزوم به في الصحاح وأنشد عليه قول الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرباب خيالا
وقال في النهاي: الغلس ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح وقال القاضي عياض: الغلس بقايا ظلمة الليل يخالطها بياض الفجر قاله الأزهري والخطابي قال الخطابي: والغبش بالباء والشين المعجمة قيل: الغبس بالسين المهملة وبعده الغلس باللام وهي كلها في آخر الليل ويكون الغبش أول الليل.
فوائد الأول قد يعارض هذا الحديث ما أخرجه الشيخان عن أبي برزة أنه صلى الله عليه وسلم كان ينصرف صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه وقال القاضي عياض: في الجواب عنه: لعل هذا مع التأمل له أوفى حال دون حال وذاك في نساء مغطاة الرؤوس بعيدات عن الرجال.
الثانية قد يعارضه أيضا ما أخرجه الأربعة وصححه الترمذي عن رافع بن خديج قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أسفروا بالفجر فهو أعظم للأجر" وقال الرافعي في الجواب عنه: قد حمله حاملون على الليالي المقمرة فان الصبح لا يتبين فيها فأمر بالاحتياط قوال الترمذي في جامعه عقب روايته الحديث قال الشافعي وأحمد وإسحاق: معنى الأسفار أن يصح الفجر فلا يشك فيه ولم يروا أن معنى الأسفار تأخير الصلاة.
الثالثة أخرج بن ماجة عن مغيث بن سمى قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس فلما سلمت أقبلت على بن عمر فقلت ما هذه الصلاة قال: هذه كانت صلاتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما طعن عمر أسفر بها عثمان.
5/5 - وعن بسر بن سعيد بضم الباء الموحدة وسين مهملة ساكنة وعن الأعرج زاد سعيد بن منصور وابن عبد البر من طريق حفص بن ميسرة الصفاني عن زيد بن أسلم وعن أبي صالح كلهم يحدثونه أي زيد بن أسلم من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس زاد البيهقي من طريق الداودي عن زيد بن أسلم بسنده المذكور وركعة بعد ما تطلع الشمس ومن طريق أبي غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن.(1/25)
الأعرج كلهم يحدثونه1 عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" .
ـــــــ.
عطاء بن يسار عن أبي هريرة ثم صلى ما بقي بعد طلوع الشمس فقد أدرك الصبح وبهذه الزيادة ظهر مقصود الحديث فإنه كان بدونها مشكل الظاهر حتى قال النووي: في شرح مسلم أجمع المسلمون على أن هذا ليس على ظاهره وأنه لا يكون بالركعة مدركا لكل الصلا وتكفيه ويحصل براءته من الصلاة بهذه الركعة وهو متأول وفيه إضمار انتهى وللبخاري من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة في الحديث بدل فقد أدرك في الموضعين فليتم صلاته وللبيهقي من وجه آخر من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليصل إليها أخرى ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس زاد البيهقي من طريق أبي غسان ثم صلى ما بقي بعد غروب الشمس فقد أدرك العصر في رواية البيهقي من طريق أبي غسان فلم تفته في الموضعين وهو مبين أن المراد بالإدراك إدراكها أداء قال أبو السعادات بن الأثير: وأما تخصيص هاتين الصلاتين بالذكر دون غيرهما مع أن هذا الحكم ليس خاصا بهما بل يعم جميع الصلوات فلأنهما طرفا النهار والمصلى إذا صلى بعض الصلاة وطلعت الشمس أو غربت عرف خروج الوقت فلو لم يبين صلى الله عليه وسلم هذا الحكم وعرف المصلي أن صلاته تجزيه لظن فوات الصلاة وبطلانها بخروج الوقت وليس كذلك آخر أوقات الصلاة ولأنه نهى عن الصلاة عند الشروق والغروب فلو لم يبين لهم صحة صلاة من أدرك ركعة من هاتين الصلاتين لظن المصلي أن صلاته فسدت بدخول هذين الوقتين فعرفهم ذلك لنزول هذا الوهم وقال الحافظ مغلطاي في رواية: من أدرك ركعة من الصبح وفي أخرى من أدرك من الصبح ركعة وبينهما فرق وذلك أن من قدم الركعة فلأنها هي السبب الذي به الإدراك ومن قدم الصبح أو العصر قبل الركعة فلأن هذين الاسمين هما اللذان يدلان على هاتين الصلاتين دلالة خاصة تتناول جميع أوصافها بخلاف الركعة فانها تدل على أوصاف الصلاة فقدم اللفظ الأعم الجامع وقال الرافعي: احتج الشافعي بهذا الحديث على أن وقت العصر يبقى إلى غروب الشمس واحتج به أيضا على أن من صلى في الوقت ركعة والباقي خارج الوقت تكون صلاته جائزة مؤداة وعلى أن المعذور إذا زال عذره وقد بقي ن الوقت قدر ركعة كما إذا أفاق المجنون أو بلغ الصبي تلزمه تلك الصلاة وعلى أن من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح لا تبطل صلاته خلافا لقول بعضهم قال: وفي الجمع بين هذه الاحتجاجات توقف انتهى والبعض المشار إليهم هم الحنفية وقال الشيخ: أكمل الدين في شرح المشارق في الجواب عنهم فحمل الحديث على أن المراد فقد أدرك ثواب كل الصلاة باعتبار نيته لا باعتبار عمله وإن معنى قوله فليتم صلاته أي ليأت بها على وجه التمام في وقت آخر قلت: وهذا تأويل بعيد يرده بقية طرق الحديث وقد أخرج الدارقطني من حدث أبي هريرة مرفوعا إذا صلى أحدكم ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليصل إليها أخرى قال بن عبد البر: لا وجه لدعوى النسخ في حديث الباب لأنه لم يثبت فيه تعارض بحيث لا يمكن الجمع ولا لتقديم حديث النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها عليه لأنه يحمل على التطوع.
فائدة روى أبو نعيم في كتاب الصلاة الحديث بلفظ "من أدرك ركعتين قبل أن تغرب الشمس وركعتين بعد ما غابت الشمس لم تفته العصر" .
ـــــــ
1 في نسخة يحدثه.(1/26)
6 - وحدثني عن مالك عن نافع مولى عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن1 حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ثم كتب أن صلوا الظهر إذا كان الفيء ذراعا إلى أن يكون ظل أحدكم مثله والعصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب فرسخين أو ثلاثة قبل غروب الشمس والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء إذا غاب الشفق إلى ثلث الليل فمن نام فلا نامت عينه فمن نام فلا نامت عينه فمن نام فلا نامت عينه والصبح والنجوم بادية مشتبكة.
7 - وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل2 عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى3 أن صل الظهر إذا زاغت الشمس والعصر والشمس بيضاء نقية قبل أن يدخلها صفرة والمغرب إذا غربت الشمس وأخر العشاء ما لم تنم وصل الصبح والنجوم بادية مشتبكة وأقرأ فيها بسورتين طويلتين من المفصل.
8 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الأشعري أن صل العصر والشمس بيضاء نقية قدر ما يسير الراكب ثلاثة فراسخ وإن صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل فإن أخرت فإلى شطر الليل ولا تكن من الغافلين.
ـــــــ.
6/6 - عن نافع مولى عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله هذا منقطع فان نافعا لم يلق عمر إن أهم أمركم عندي الصلاة يشهد له من الأحاديث المرفوعة ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من طريق عكرمة عن عمر قال جاء رجل فقال: يا رسول الله أي شيء أحب عند الله في الإسلام قال: "الصلاة لوقتها من ترك الصلاة فلا دين له" و "الصلاة عماد الدين" في أحاديث أخر من حفظها قال بن رشيق: أي علم مالا تتم إلا به من وضوئها وأوقاتها وما يتوقف على صحتها وتمامها وحافظ عليها أي سارع إلى فعلها وفي وقتها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع في معجم الطبراني الأوسط عن أنس مرفوعا ثلاث من حفظهن فهو ولي حقا ومن ضيعهن فهو عدو حقا الصلاة والصيام والجنابة فمن نام فلا نامت عينه في مسند البزار عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نام قبل العشاء فلا نامت عينه" والصبح والنجوم بادية أي ظاهرة مشتبكة في النهاية اشتبكت النجوم أي ظهرت جميعها واختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها وشاهد هذه الجملة من المرفوع ما أخرجه أحمد عن أبي عبد الرحمن الصنابجي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب انتظار الاظلام مضاهاة لليهود وما لم يؤخروا الفجر انمحاق النجوم مضاهاة للنصرانية" .
7/7 - زاغت الشمس أي مالت ولا تكن من الغافلين شاهده من المرفوع ما أخرجه الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين" .
ـــــــ
1 في نسخة من بدون فاء.
2 في بعض النسخ ابن مالك.
3 في بعض النسخ زيادة الأشعري اهـ مصححة.(1/27)
9 - وحدثني عن مالك عن يزيد بن زياد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سأل أبا هريرة عن وقت الصلاة فقال أبو هريرة: أنا أخبرك صل الظهر إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان ظلك مثليك والمغرب إذا غربت الشمس والعشاء ما بينك وبين ثلث الليل وصل الصبح بغبش يعني الغلس.
10 - وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: كنا نصلي العصر ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون العصر.
11 - وحدثني عن مالك1 عن بن شهاب عن أنس بن مالك أنه قال: كنا نصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء فيأتيهم والشمس مرتفعة.
ـــــــ.
9/9 - عن يزيد بن زياد عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل أبا هريرة عن وقت الصلاة فقال أبو هريرة: أنا أخبرك قال بن عبد البر: هذا موقوف في الموطأ عند جماعة رواته والمواقيت لا تؤخذ بالرأي ولا تدرك إلا بالتوقيف قال: وقد روي عن أبي هريرة حديث المواقيت مرفوعا بأتم من هذا أخرجه النسائي بسند صحيح الغبش بفتح الغين المعجمة والباء الموحدة وشين معجمة كذا في رواية يحيى بن يحيى وزاد يعني الغلس وفي رواية يحيى بن بكير والقعنبي وسويد بن سعيد بغلس.
10/10 - كنا نصلي العصر قال بن عبد البر: هذا يدخل عندهم في المسند وقد صرح في طريق برفعه فقال: كنا نصلي العصر مع النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه النسائي من طريق بن المبارك عن مالك ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف قال النووي: قال العلماء: كانت منازلهم على ميلين من المدينة فيجدهم يصلون العصر قال النووي: كانت صلاتهم في وسط الوقت ولعل تأخيرهم لكونهم أهل أعمال في حروثهم وزروعهم وحوايطهم فإذا فرغوا من أعمالهم تأهبوا للصلاة ثم اجتمعوا إليها فتتأخر صلاتهم لهذا المعنى.
11/11 - كنا نصلي العصر قال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عبد الله بن نافع وابن وهب في رواية يونس بن عبد الأعلى عنه وخالد بن مخلد وأبو عامر العقدي كلهم عن مالك عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب الحديث وكذلك رواه عبد الله بن المبارك عن مالك عن الزهري وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة جميعا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر ثم يذهب الذاهب إلى قباء قال: أحدهما فيأتيهم وهم يصلون وقال الآخر فيأتيهم والشمس مرتفعة ورواه أيضا كذلك معمر وغيره من الحفاظ عن الزهري فهو حديث مرفوع.
قلت: وهو كذلك عند البخاري من طريق شعيب عن الزهري وعند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة من طريق الليث عن الزهري وعند الدارقطني من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري ورواية بن المبارك التي أوردها بن عبد البر أخرجها الدارقطني في سننه وقال في غرائب مالك لم يسنده عن مالك عن إسحاق غير بن المبارك ثم يذهب الذاهب قال الحافظ بن حجر: أراد نفسه لما أخرجه النسائي والطحاوي من طريق أبي الأبيض عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا العصر والشمس ببيضاء محلقة ثم أرجع إلى قومي.
ـــــــ
1 في نسخة وحدثني ابن شهاب الخ.(1/28)
12 - وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أنه قال: ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشي.
ـــــــ.
في ناحية المدينة فأقول لهم قوموا فصلوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى قلت: بل أعم من ذلك لما أخرجه الدارقطني والطبراني من طريق عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس قال: كان أبعد رجلين من الأنصار من رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أبي لبابة بن عبد المنذر وأهله بقباء وأبو عبس بن جبر ومسكنه في بني حارثة فكانا يصليان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يأتيان قومهما وما صلوا لتعجيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بها إلى قباء قال النووي: يمد ويقصر ويصرف ولا يصرف ويذكر ويؤنث والأفصح فيه التذكير والصرف والمد وهو على ثلاثة أميال من المدينة قال النسائي: لم يتابع مالك على قوله: إلى قباء والمعروف إلى العوالي وقال الدارقطني: رواه إبراهيم بن أبي عبلة عن الزهري فقال: إلى العوالي قال: وكذلك رواه صالح بن كيسان ويحيى بن سعيد الأنصاري وعقيل: ومعمر ويونس والليث وعمرو بن الحارث وشعيب بن أبي حمزة وابن أبي ذؤيب وابن أخي الزهري وعبد الرحمن بن إسحاق ومعقل بن عبيد الله وعبيد الله بن أبي زياد الرصافي والنعمان بن راشد والزبيدي وغيرهم عن الزهري عن أنس وقال بن عبد البر: الذي قاله جماعة أصحاب بن شهاب عنه يذهب الذاهب إلى العوالي وهو الصواب عند أصحاب الحديث وقول مالك عندهم إلى قباء وهم لا شك فيه ولم يتابعه أحد عليه في حديث بن شهاب هذا إلا أن المعنى متقارب في ذلك على سعة الوقت لأن العوالي مختلفة المسافة فأقربها إلى المدينة ما كان على ميلين أو ثلاثة ومنها ما يكون على ثمانية أميال أو عشرة ومثل هذا هي المسافة بين قباء والمدينة وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال: فيه إلى العوالي كما قال سائر أصحاب بن شهاب ثم أسنده من طريقه وقال هكذا رواه خالد بن مخلد عن مالك وقال فيه العوالي كما قال سائر أصحاب بن شهاب ثم أسنده من طريقه وقال: هكذا رواه خالد بن مخلد عن مالك وقال: فيه العوالي كما قال سائر أصحاب بن شهاب ثم أسنده من طريقه وقال: هكذا رواه خالد بن مخلد عن مالك وسائى رواة الموطأ قالوا: قباء وقال القاضي عياض: مالك أعلم ببلدته وأمكنتها من غيره وهو أثبت في بن شهاب ممن سواه وقد رواه بعضهم عن مالك إلى العوالي كما قالت: الجماعة ورواه بن أبي ذؤيب عن الزهري فقال: إلى قباء كما قال مالك وقال الحافظ بن حجر: نسبة الوهم فيه إلى مالك منتقد فإنه إن كان وهما احتمل أن يكون منه وإن يكون من الزهري حين حدث به مالكا فإن الباجي نقل عن الدارقطني أن بن أبي ذؤيب رواه عن الزهري إلى قباء وقد رواه خالد بن مخلد عن مالك فقال: فيه إلى العوالي كما قال الجماعة فقد اختلف فيه على مالك وتوبع عن الزهري بخلاف ما جزم به بن عبد البر قال: وقوله الصواب عند أهل الحديث العوالي صحيح من حيث اللفظ وأما المعنى فمتقارب لأن قباء من العوالي وليست العوالي كل قباء فإنها عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجد قال ولعل مالكا لما رأى في رواية الزهري أحمالا حملها على الرواية المفسرة وهي روايته عن إسحاق حيث قال: فيها لم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف وهم أهل قباء بني مالك على أن القصة واحدة لأنهما جميعا حدثاه عن أنس انتهى.
12/12 - ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشى قال في الاستذكار قال مالك: يريد الابراد بالظهر وفي النهاية والمطالع العشى ما بعد الزوال إلى الغروب وقيل: إلى الصباح.(1/29)
"2 - باب وقت الجمعة"
13 - حدثني يحيى عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: كنت أرى.
ـــــــ.
13/13 - طنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء البساط الذي له خمل رقيق.(1/29)
طنفسة لعقيل: بن أبي طالب يوم الجمعة تطرح إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشي الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب وصلى الجمعة قال مالك: والد أبي سهيل ثم نرجع بعد صلاة الجمعة فنقيل: قائلة الضحاء.
14 - وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن بن أبي سليط: أن عثمان بن عفان صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بملل1 قال مالك: وذلك للتهجير وسرعة السير.
ـــــــ.
ذكره في النهاية وقال في المطالع: الأفصح كسر الطاء وفتح الفاء ويجوز ضمهما وكسرهما وحكى أبو حاتم فتح الطاء مع كسر الفاء وقال أبو علي القالي: بفتح الفاء لا غير وهي بساط صغير وقيل: حصير من سعف أو دوم عرضه ذراع وقيل: قدر عظم الذراع انتهى.
ثم نرجع بعد صلاة الجمعة فنقبل قائلة الضحى قال في الاستذكار: أي انهم يستدركون ما فاتهم من النوم وقت قائلة الضحى على ما جرت به عادتهم.
14 بن أبي سليط بفتح السين وكسر اللام بملل بفتح الميم ولامين بوزن جمل موضع بين مكة والمدينة على تسعة عشر ميلا من المدينة كذا في النهاية وقال بعضهم: على ثمانية عشر ميلا وقال بن وساح: على اثنين وعشرين ميلا حكاهما بن رشيق.
ـــــــ
1 ملل مكان بين مكة والمدينة.(1/30)
"3 - باب من أدرك ركعة من الصلاة"
15 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" .
ـــــــ.
15 عن أبي سلمة قيل: اسمه كنيته وقيل: عبد الله بن عبد الرحمن هو بن عوف من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة زاد النسائي كلها لا أنه بعض ما قاله قال بن عبد البر: لا أعلم اختلافا في إسناد هذا الحديث ولا في لفظه عند رواة الموطأ عن مالك وكذلك رواه سائر أصحاب بن شهاب إلا أن بن عيينة رواه عن الزهري فقال: قفد أدرك لم يقل الصلاة والمعنى المراد في ذلك واحد وقد رواه عبد الوهاب بن أبي بكر عن بن شهاب فقال: فقد أدرك الصلاة وفضلها وهذه لفظة لم يقلها أحد عن بن شهاب غير عبد الوهاب وليس بحجة على من خالفه فيها من أصحاب بن شهاب ولا أجاد فيها قلت: وكذا قال الطحاوي قال: لأن معنى أدرك الصلاة أدرك فضلها ولو أدركها بادراك ركعة فيها لما وجب عليه عليه قضاء بقيتها ثم قال بن عبد البر: وقد رواه عمار بن مطر عن مالك فقال: فقد أدرك الصلاة ووقتها قال: وهذا لم يقله عن مالك فقال: فقد أدرك الفضل ولم يقله عن مالك غيره قال: وقد اختلف في معنى قوله: فقد أدرك الصلاة فقيل: أدرك وقتها قال: وقائلوا ذلك جعلوه في معنى الحديث السابق من أدرك ركعة من الصبح وليس كما ظنوا لأنهما حديثان لكل واحد منهما معنى آخر وقيل: أدرك فضل الجماعة على أن المراد من أدرك ركعة مع الإمام وقيل: من أدرك حكمها فيما يفوته من سهو الإمام ولزوم الإتمام ونحو ذلك قال وظاهر الحديث يوجب.(1/30)
16 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يقول: إذا فاتتك الركعة فقد فاتتك السجدة.
17 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت: كانا يقولان: من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة.
18 - وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول: من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير.
ـــــــ.
الإدراك التام الوقت والحكم والفضل قال ويدخل في ذلك إدراك الجمعة فإذا أدرك منها ركعة مع الإمام أضاف إليها أخرى فإن لم يدركها صلى أربعا ثم أخرج من طريق بن المبارك عن معمر والأوزاعي ومالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها" قال الزهري: فنرى الجمعة من الصلاة وأخرج من وجه آخر عن الأوزاعي قال سألت الزهري عن رجل فاتته خطبة الإمام يوم الجمعة وأدرك الصلاة فقال: حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك ركعة من صلاة فقد أدركها" انتهى قال الحافظ مغلطاي: وإذا حملناه على إدراك فضل الجماعة فهل يكون ذلك مضاعفا كما يكون لمن حضرها من أولها أو يكون غير مضاعف قولان وإلى التضعيف ذهب أبو هريرة وغيره من السلف وقال القاضي عياض: يدل على أن المراد فضل الجماعة ما في رواية بن وهب عن يونس عن الزهري من زيادة قوله: مع الإمام وليست هذه الزيادة في حديث مالك وغيره عنه قال ويدل عليه أيضا إفراد مالك له في التبويب في الموطأ ويفسره رواية من روى فقد أدرك الفضل.
18/18 - ومن فاته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير قال بن وضاح: وغيره ذلك لموضع التأمين وما يترتب عليه من غفران ما تقدم من ذنبه.(1/31)
باب ماجاء في دلوك الشمس وغسق الليل
...
"4 - باب ما جاء في دلوك الشمس وغسق الليل"
19 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: دلوك الشمس ميلها.
20 - وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين قال: أخبرني مخبر أن عبد الله بن عباس كان يقول: دلوك الشمس إذا فاء الفيء وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته.
ـــــــ.
19/19 - عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: دلوك الشمس ميلها أخرجه بن مردويه في تفسيره من طريق الزهري عن سالم عن بن عمر مرفوعا.
20/20 – قال: أخبرني مخبر قال في الاستذكار: هو عكرمة وكان مالك يكتم اسمه لكلام سعيد بن المسيب فيه.(1/31)
"5 - باب جامع الوقوت"
21 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله" .
ـــــــ.
21/21 - الذي تفوته صلاة العصر اختلف في معنى الفوات في هذا الحديث فقيل: هو فيمن لم.(1/31)
"6 - باب النوم عن الصلاة"
25 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
25/25 - عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قف هذا مرسل تبين وصله فأخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة من طريق بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن سعيد بن المسي عن أبي هريرة به والقفول الرجوع من السفر ولا يقال لمن سافر مبتدئا قف قال النووي: واختلفوا هل كان هذا النوم مرة أو مرتين قال: وظاهر الحديث مرتان وكذا رجحه القاضي عياض وغيره وبذلك يجمع بين ما في الأحاديث من المغايرة من خيبر بالخاء المعجمة قال الباجي: وابن عبد البر وغيرهما: هذا هو الصواب وقال الأصيلي: إنما هو من حنين بالحاء المهملة والنون قال النووي: وهذا غريب ضعيف ولأبي داود والنسائي من حديث بن مسعود من الحديبية وللطبراني من حديث بن عمرو من غزوة تبوك ولا يجمع إلا بتعدد القصة أسرى قال في النهاية: السرى السير بالليل يقال سرى يسري سرى وأسرى يسري اسراء لغتان ولأبي مصعب أسرع ولأحمد من حديث ذي مخبر زيادة وكان يفعل ذلك لقلة الزاد فقال له قائل: يا نبي الله انقطع الناس وراءك فحبس وحبس الناس معه حتى تكاملوا إليه فقال لهم: "هل لكم أن نهجع هجعة؟" فنزل ونزلوا حتى إذا كان من آخر الليل في حديث بن عمرو حتى إذا كان مع السحر عرس بتشديد الراء قال الخليل والجمهور: التعريس نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة ولا يسمى نزول أول الليل تعريسا كلأ بالهمز.(1/34)
...........................................................................................
أي احفظ وارقب قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَكْلَأُكُمْ بِاللَّيْلِ} 1 أي يحفظكم والمصدر كلاءة بفتح الكاف والمد ضربتهم الشمس قال القاضي عياض: أي أصابهم شعاعها وحرها ففزع قال النووي: أي انتبه وقام وقال صاحب النهاية: يقال: فزع من نومه أي هب وانتبه وكأنه من الفزع الخوف لأن الذي ينتبه لا يخلو من فزع ما وقال الأصيلي: ففزع لأجل عدوهم خوف أن يكون ابتعهم فيجدهم بتلك الحال من النوم وقال بن عبد البر: يحتمل أن يكون تأسفا على ما فاتهم من وقت الصلاة قال: وفيه دليل على أن ذلك لم يكن من عادتهم منذ بعث قال: ولا معنى لقول الأصيلي لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتبعه عدو في انصرافه من خيبر ولا من حنين ولا ذكر ذلك أحد من أهل المغازي بل انصرف من كلا الغزوتين غانما ظاهرا أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال بن رشيق: أي إن الله استولى بقدرته علي كما استولى عليك مع منزلتك قال: ويحتمل أن يكون المراد أن النوم غلبني كما غلبك وقال بن عبد البر: معناه قبض نفسي الذي قبض نفسك فالباء زائدة أي توفاها متوفي نفسك قال: وهذا قول من جعل النفس والروح شيئا واحدا لأنه قال في الحديث الآخر: إن الله قبض أرواحنا فنص على أن المقبوض هو الروح وفي القرآن: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} 2 الآية ومن قال: إن النفس غير الروح تأول أخذ بنفسي من النوم الذي أخذ بنفسك منه قال النووي: فإن قيل: كيف نام رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس مع قوله: "إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" فجوابه من وجهين أصححهما وأشهرهما أنه لا منافاة بينهما لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كالحدث والألم ونحوهما ولا يدرك طلوع الفجر وغيره مما يتعلق بالعين وإنما يدرك ذلك بالعين والعين نائمة وإن كان القلب يقظان والثاني أنه كان له حالان أحدهما ينام فيه القلب وصادف هذا الموضع والثاني لا ينام وهذا هو الغالب من أحواله قال النووي: وهذا ضعيف والصحيح المعتمد هو الأول قال الحافظ بن حجر: ولا يقال القلب وإن كان لا يدرك المرئيات يدرك إذا كان يقظان مرور الوقت الطويل لأنا نقول كان قلبه صلى الله عليه وسلم إذ ذاك مستغرقا بالوحي ولا يلزم مع ذلك وصفه بالنوم كما كان يستغرق حالة إلقاء الوحي في اليقظة وتكون الحكمة في ذلك بيان الشرع بالفعل فإنه أوقع في النفس كما في قصة السهو قال: وقريب من هذا جواب بن المنذر أن القلب قد يحصل له السهو في اليقظة لمصلحة التشريع ففي النوم أولى اقتادوا أي ارتحلوا زاد مسلم فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال بن رشيق: قد علله النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ولا يعلم ذلك إلا هو وقال القاضي عياض: هذا أظهر الأقوال في تعليله واقتادوا شيئا للطبراني من حديث عمران بن حصين حتى كانت الشمس في كبد السماء فأقام الصلاة لأحمد من حديث ذي مخبر فأمر بلالا فأذن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعتين قبل الصبح وهو غير عجل ثم أمره فأقام الصلاة وقال القاضي عياض: أكثر رواة الموطأ في هذا الحديث على أقام بعضهم قال: فأذن أو أقام على الشك فصلى بهم الصبح زاد الطبراني من حديث عمران فقلنا يا رسول الله أنعيدها من الغد لوقتها قال: "نهانا الله عن الربا ويقبله منا" وعن بن عبد البر "لا ينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم" ثم قال حين قضي الصلاة: "من نسي الصلاة زاد القعنبي أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها" ولأبي يعلى والطبراني وابن عبد البر من حديث أبي جحيفة ثم قال: "إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم أرواحكم فمن نام عن صلاة فليصلها إذا استيقظ" .
ـــــــ
1 سورة الأنبياء الآية: 42.
2 سورة الزمر الآية: 42.(1/35)
حين قفل من خيبر أسرى حتى إذا كان من آخر الليل عرس وقال لبلال: اكلأ لنا الصبح ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكلأ بلال ما قدر له ثم استند إلى راحلته وهو مقابل الفجر فغلبته عيناه فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بلال ولا أحد من الركب حتى ضربتهم الشمس ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بلال: يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقتادوا" فبعثوا رواحلهم واقتادوا شيئا ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم قال حين قضى الصلاة: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها" فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].
26 - وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة.
ـــــــ.
ومن نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها" وزاد الشيخان من حديث أنس لا كفارة لها إلا ذلك ويستفاد من هذا سبب ورود هذا الحديث فإن من أنواع علوم الحديث معرفة أسبابه كأسباب نزول القرآن وقد صنف فيه بعض المتقدمين ولم نقف عليه ولكن شرعت في جمع كتاب لطيف في ذلك فإن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} قال القاضي عياض: قال بعضهم: فيه تنبيه على ثبوت هذا الحكم وأخذه من الآية التي تضمنت الأمر لموسى عليه السلام وأنه مما يلزمنا اتباعه وقال غيره: استشكل وجه أخذ الحكم من الآية فإن معنى لذكري إما لتذكرني فيها وإما لأذكرك عليها على اختلاف القولين في تأويلها وعلى كلا فلا يعطى ذلك قال بن جرير: ولو كان المراد حين تذكرها لكان التنزيل لذكرها وأصح ما أجيب به أن الحديث فيه تغيير من الراوي وإنما هو للذكرى بلام التعريف وألف القصر كما في سنن أبي داود وفيه وفي مسلم زيادة وكان بن شهاب يقرؤها للذكرى فبان بهذا أن استدلاله صلى الله عليه وسلم إنما كان بهذه القراءة فإن معناها للتذكر أي لوقت التذكر قال القاضي عياض: وذلك هو المناسب لسياق الحديث وعرف أن التغيير صدر من الرواة عن مالك أو من دونهم لا عن مالك ولا ممن فوقه قال في الصحاح: لذكري نقيض النسيان.
26/26 - بطريق مكة قال بن عبد البر: لا يخالف ما في الحديث قبله لأن طريق خيبر وطريق مكة من المدينة وقال بن عبد البر: واحد إن الله قبض أرواحنا زاد أبو داود من حديث ذي مخبر ثم ردها إلينا فصلينا وله من حديث أبي قتادة إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء وللبزار من حديث أنس أن هذه الأرواح عارية في أجساد العباد يقبضها ويرسلها إذا شاء قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: في كل جسد إحداهما روح اليقظة التي أجرى الله العادة أنها إذا كانت في الجسد كان الإنسان مستيقظا فإذا خرجت من الجسد نام الإنسان ورأت تلك الروح المنامات والأخرى روح الحياة التي أجرا الله العادة أنها إذا كانت في الجسد كان حيا فإذا فارقته مات فإذا رجعت إليه حيي قال: وهاتان الروحان في باطن الإنسان لا يعرف مقرهما إلا من أطلعه الله على ذلك فهما كجنينين في بطن امرأة واحدة قال: ولا يبعد عندي أن تكون الروح في القل قال: ويدل على وجود روحي الحياة واليقظة قوله تعالى الله: {يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} 1 تقديره ويتوفى الأنفس التي لم تمت أجسادها في منامها فيمسك الأنفس التي قضى عليها الموت.
ـــــــ
1 سورة الزمر الآية: 42.(1/36)
ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة فرقد بلال ورقدوا حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس فأستيقظ القوم وقد فزعوا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي وقال: "إن هذا واد به شيطان" فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي ثم أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلوا وإن يتوضئوا وأمر بلالا أن ينادي بالصلاة أو يقيم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ثم انصرف إليهم وقد رأى من فزعهم فقال: "يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فزع إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها" ثم ألتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال: "إن الشيطان أتى بلالا وهو قائم يصلي فأضجعه فلم يزل يهدئه كما يهدأ الصبي حتى نام" ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأخبر بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله.
ـــــــ.
عنده ولا يرسلها إلى أجسادها ويرسل الأنفس الأخرى وهي أنفس اليقظة إلى أجسادها إلى انقضاء أجل مسمى وهو أجل الموت فحينئذ تقبض أرواح الحياة وأرواح اليقظة جميعا من الأجساد انتهى ولو شاء لردها إليها في حين غير هذا لأحمد من حديث بن مسعود لو أن الله أراد أن لا تناموا عنا لم تناموا ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم فهكذا لمن نام أو نسي ولأحمد عن بن عباس موقوفا ما يسرني بها الدنيا وما فيها يعين الرخصة وأخرج بن أبي شيبة عن مسروق قال: ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد طلوع الشمس يهديه قال بن عبد البر: أهل الحديث يروون هذه اللفظة بترك الهمزة وأصلها عند أهل اللغة الهمز وقال في المطالع: هو بالهمز أي يسكته ويتوجه من هدأت الصبي إذا وضعت يدك عليه لينام وفي رواية المهلب بغير همز على التسهيل ويقال في ذلك أيضا يهدئه بالنون وروي يهدهده من هدهدت الأم ولدها لينام أي حركته انتهى.(1/37)
"7 - باب النهي عن الصلاة بالهاجرة"
27 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ـــــــ.
27/27 - عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال بن العربي: هذا من عطاء التي تكلم الناس فيها وقال بن عبد البر: يقويه الأحاديث المتصلة التي رواها مالك وغيره من طرق كثيرة: "إن شدة الحر من فيح جهنم" الفيح بفاء مفتوحة وياء تحتية ساكنة وحاء مهملة والفوح بواو سطوع الحر وانتشاره واختلف على هذا على حقيقته فقال الجمهور: نعم وقيل: إنه كلام خرج مخرج التشبيه أي كأنه نار جهنم في الحر فاجتنبوا ضرره قال القاضي عياض: كلا الوجهين ظاهر وحمله على الحقيقة أولى وقال النووي: أنه الصواب لأنه ظاهر الحديث ولا مانع يمنع من حمله على حقيقته فوجب الحكم بأنه على ظاهره وجهنم قال يونس وغيره: اسم أعجمي ونقله بن الأنباري في الزاهر عن أكثر النحويين وقيل: عربي ولم يصرف للتأنيث والعلمية وفي المحكم سميت بذلك لبعد قعرها من قولهم: بئر جهنام بعيدة القعر وفي الموعب عن أبي عمرو جهنام اسم للغليظ وفي المغيث لأبي موسى المدني جهنم تعريب كهنام بالعبرانية: "فإذا اشتد" قال مغلطاي: هو افتعل من الشدة بمعنى القوة: "فأبردوا عن الصلاة" قال القاضي عياض: معناه بالصلاة كما جاء في رواية وعن تأتي بمعنى الباء كما قيل: رميت عن القوس أي به وهذا ما جزم به النووي قال القاضي: وقد تكون عن هنا زائدة أي أبردوا الصلاة يقال: أبرد الرجل كذا إذا فعله في برد النهار وهذا ما اختاره بن العربي في القبس وقال.(1/37)
..........................................................................................
الخطابي: معناه تأخروا عن الصلاة مبردين أي داخلين في وقت البرد وقال السفاقسي: أبردوا أي ادخلوا في وقت الإبراد مثل أظلم دخل في الظلام وأمسى دخل في المساء وهذا بخلاف الحمى من فيح جهنم فأبردوها عنكم فإنه يقرأ بوصل الأف لأنه ثلاثي من برد الماء حرارة جوفي والمراد بالصلاة بالظهر كما صرح به في حديث أبي سعيد في الصحيح وغيره قال بن العربي في القبس: ليس للابراد تحديد في الشريعة الشريفة إلا ما ورد في حديث بن مسعود كان قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام أخرجه أبو داود والنسائي قال: وذلك بعد طرح ظل الزوال فلعل الابراد كان ريثما يكون للجدار ظل يأوي اليه المجتاز وقال القاضي عياض: والنووي اختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث ونحوه وبين حديث خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يشكنا فقال بعضهم: الابراد رخصة والتقديم أفضل وقال بعضهم: حديث خباب منسوخ بأحاديث الابراد وقال آخرون: الابراد مستحب وحديث خباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا على قدر الابراد وهذا هو الصحيح انتهى ومن الغريب في الحديثين تفسير بعضهم أبردوا أي لا تصلوها لوقتها الأول ردا إلى حديث خباب نقله القاضي عياض عن حكاية الهروي وتفسير آخر فلم يشكنا أي لم يحوجنا إلى الشكوى ردا إلى حديث الابراد نقله بن عبد البر عن ثعلب اشتكت النار إلى ربها اختلف أيضا هل هو حقيقة بلسان القال أو مجاز بلسان الحال أو تكلم عنها خازنها أو من شاء الله عنها والارجح حمله على الحقيقة كذا رجحه بن عبد البر وقال: أنطقها الله لذي أطق كل شيء والقاضي عياض وقال: إن الله قادر على خلق الحياة بجزء منها حتى تتكلم أو يخلق لها كلاما يسمعه من شاء من خلقه والنووي وقال: جعل الله فيها إدراكا وتمييزا بحيث تكلمت بهذا وابن المنير وقال: إن استعارة الكلام للحال وإن عهدت وسمعت لكن الشكوى وتفسيرها والتعليل له والإذن والقبول والنفس وقصره على اثنين فقط بعيد من المجاز خارج عما ألف من استعماله ورجح البيضاوي الثاني فقال: شكواها مجاز عن غليانها وأكل بعضها بعضا مجاز عن ازدحام أجزائها ونفسها مجاز عن خروج ما يبرز منها فأذن لها بنفسين بفت الفاء قال القرطبي: النفس التنفس قال غيره: وأصله الروح وهو ما يخرج من الجوف ويدخل فيه من لهواء فشبه الخارج من حرارة جهنم وبردها إلى الدنيا بالنفس الذي يخرج من جوف الحيوان وقال بن العربي: في الحديث إشارة إلى أن جهنم مطبقة محاط عليها بجسم يكتنفها من جميع نواحيها قال والحكمة في التنفيس عنها إعلام الخلق بأنموذج منها قلت: وقد روى الطبراني في الكبير بسند حسن عن بن مسعود قال: تطلع الشمس من جهنم في قرن شيطان وبين قرني شيطان فما ترتفع من قصبة إلا فتح باب من أبواب النار فإذا اشتد الحر فتحت أبوابها كلها وهذا يدل على أن التنفس يقع من أبوابها وعلى أن شدة الحر من فيح جهنم حقيقة.
نفس في الشتاء ونفس في الصيف هما بالجر على البدل أو البيان ويجوز الرفع ولمسلم زيادة فما ترون من شدة البرد فذلك من زمهريرها وما ترون من شدة الحر فهو من سمومها أو قال: من حرها قال القاضي عياض: قيل: معناه انها إذا تنفست في الصيف قوي لهب تنفسها حر الشمس وإذا تنفست في الشتاء دفع حرها شدة البرد إلى الأرض وقال بن عبد البر: لفظ الحديث يدل على أن نفسها في الشتاء غير الشتاء ونفسها في الصيف غير الصيف وقال بن التين: فإن قيل: كيف يجمع بين البرد والحر في النار فالجواب أن جهنم فيها زوايا فيها نار وزوايا فيها زمهرير وليست محلا واحدا يستحيل أن يجتمعا فيه وقال مغلطاي لقائل أن.(1/38)
"إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة" 1 وقال: "إشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين في كل عام نفس في الشتاء ونفس في الصيف" .
28 - وحدثنا مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم وذكر أن النار اشتكت إلى ربها فأذن لها في كل عام بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف" .
29 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم" .
ـــــــ.
يقول الذي خلق الملك من ثلج ونار قادر على جمع الضدين في محل واحد قال: وأيضا فالنار من أمور الآخرة والآخرة لا تقاس على أمر الدنيا.
ـــــــ
1 في نسخة بالصلاة.(1/39)
"8 - باب النهي عن دخول المسجد بريح الثوم وتغطية الفم"
30 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مساجدنا يؤذينا بريح الثوم" .
31 - وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر: أنه كان يرى سالم بن عبد الله إذا رأى الإنسان يغطى فاه وهو يصلي جبذ الثوب عن فيه جبذا شديدا حتى ينزعه عن فيه.
ـــــــ.
30/30 - عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل من هذه الشجرة" قال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ عند جميعهم مرسل إلا ما رواه محمد بن معمر عن روح بن عبادة عن صالح بن أبي الأخضر ومالك بن أنس عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة مرة موصولا وقد وصله معمر ويونس وإبراهيم بن سعد عن بن شهاب قلت: رواية معمر أخرجها مسلم ورواية إبراهيم أخرجها بن ماجة ورواية يونس عزاها بن عبد البر لابن وهب وللبخاري من حديث بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك في غزوة خيبر فلا يقربن مساجدنا اختلف في هذا النهي فالاكثرون على أنه عام في كل مسجد وقيل: هو خاص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل جبريل عليه السلام ونزوله فيه.
31/31 - عن عبد الرحمن بن المجبر قال في الاستذكار: هو عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب وإنما قيل له المجبر لأنه سقط فتكسر فجبر.(1/39)
كتاب الطهارة
باب العمل في الوضوء
...
"2 - كتاب الطهارة".
"1 - باب العمل في الوضوء".
32 - حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال لعبد الله بن.
ـــــــ.
كتاب الطهارة
30/1 - كتاب الطهارة عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه يحيى بن عبادة بن أبي حسن أنه قال: بعبد الله بن زيد بن عاصم لأبي مصعب وأكثر رواة الموطأ أن رجلا قال لعبد الله ولمعن بن عيسى: عن عمرو وعن أبيه يحيى أنه سمع أبا حسن وهو جد عمرو بن يحيى قال لعبد الله بن زيد وفي موطأ محمد بن حسن عن مالك حدثنا عمرو عن أبيه يحيى أنه سمع جده أبا حسن يسأل عبد الله بن زيد وكذا ساقه سجنون في المدونة وعند البخاري من طريق وهيب عن عمرو بن يحيى ع أبيه قال: شهدت عمرو بن أبي حسن يسأل عبد الله بن زيد وعنده أيضا من طريق سليمان عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال كال يكثر عمرو من الوضوء فقال لعبد الله بن زيد وفي المستخرج لأبي نعيم من طريق الداروردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عمه عمرو بن أبي حسن قال: كنت كثير الوضوء فقلت لعبد الله بن زيد قال الحافظ بن حجر: والذي يجمع هذا الاختلاف أن يقال: اجتمع عند عبد الله بن زيد أبو حسن الأنصاري وابنه عمرو وابن ابنه يحيى فسألوه عن صفة الوضوء وتولى السؤال منهم له عمرو بن أبي حسن فحيث نسب إليه السؤال كان على الحقيقة وحيث نسب إلى أبي حسن فعلى المجاز لكونه الأكبر كان حاضرا وحيث نسب ليحيى فعلى المجاز أيضا لكونه ناقل الحديث وقد حضر السؤال قال: ويؤيده ما في رواية الإسماعيلي من طريق خالد الواسطي عن عمرو بن يحيى عن أبيه قال: قلنا لعبد الله فإنه يشعر بأنهم اتفقوا على سؤاله وهو جد عمرة بن يحيى قال بن عبد البر: هكذا في الموطأ عند جميع رواته وانفرد به مالك ولم يتابعه عليه أحد ولم يقل أحد من رواة هذا الحديث في عبد الله بن زيد بن عاصم إنه جد عمرو بن يحيى المازني إل مالك وحده فإنه عمرو بن يحيى بن عمارة بن أبي حسن المازني الأنصاري لا خلاف في ذلك ولجده أبي حسن صحبة فيما ذكر بعضهم فعسى أن يكون جده لأمه وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق: العيد في شرح الإلمام هذا وهم قبيح من يحيى بن يحيى أو من غيره قال: وأعجب منه أنه سئل عنه بن وضاح وكان من الأئمة في الحديث والفقه فقال: هو جده لأمه ورحم الله من انتهى إلى ما سمع ووقف دون ما لم يعلم وكيف جاز هذا على بن وضاح والصواب في المدونة التي كان يقرئها ويرويها عن سحنون وهي بين يديه ينظر فيها كل حين قال: وصواب الحديث مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه أن رجلا قال لعبد الله بن زيد: وهذا الرجل هو عمارة بن أبي حسن المازني وهو جد عمرو بن يحيى المازني انتهى قال الشيخ ولي الدين العراقي في شرح أبي داود: وهو حسن وقال الحافظ بن حجر: الضمي راجع للرجل القائل الثابت في رواية أكثر الرواة فإن صح أنه أبو حسن فهو جد عمرو حقيقة أو ابنه عمرو فمجاز لأنه عم أبيه يحيى فأطلق عليه جدا لكونه في منزلته قال: وزعم بعضهم أن الضمي راجع لعبد الله بن زيد وهو.(1/40)
..........................................................................................
سهو لأنه ليس جدا لعمرة بن يحيى لا حقيقة ولا مجازا قال: وأما قول صاحب الكمال: ومن تبعه في ترجمة عمرو بن يحيى أنه بن بنت عبد الله بن زيد فغلط توهمه من هذه الرواية وقد ذكر بن سعد أن أم عمرو هي حميدة بنت محمد بن إياس بن المنكذر وقال غيره هي أم النعمان بنت أبي حية وقال بن عبد البر: رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى فقال: فيه عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وأخطا فيه إنما هو عبد الله بن زيد بن عاصم وهما صحابيان متغايران وهم إسماعيل بن إسحاق فيهما فجعلهما واحدا فيما حكى قاسم بن أصبغ عنه قال: والغلط لا يسلم منه أحد وإذا كان بن عيينة مع جلالته غلط في ذلك فإسماعيل بن إسحاق أين يقع من بن عيينة إلا أن المتأخرين أوسع علما وأقل عذرا انتهى وقال النووي: في شرح مسلم غلط الحفاظ من المتقدمين والمتأخرين سفيان بن عيينة في ذلك وممن نص على غلطه البخاري وقد قيل: إن بن عبد ربه لا يعرف له غير حديث الأذان هل تستطيع أن تريني قال بن التين: هذا من التلطف بالعالم في السوال فدعا بوضوء هو بفتح الواو الماء بالكسر يفرغ فراغا كسمع يسمع سماعا أي انصب ذكره في الصحاح على يده زاد أبو مصعب اليمين فغسل يديه مرتين قال الحافظ بن جحر: كذا لمالك ووقع في رواية وهيب عند البخاري وخالد بن عبد الله عند مسلم والداروردي عند أبي نعيم ثلاثا قال: فهؤلاء حفاظ وقد اجتمعوا ورواياتهم مقدمة على الحافظ الواحد قال: وقد ذكر مسلم عن وهيب أنه سمع هذا الحديث مرتين من عمرو بن يحيى املاء فتأكد ترجيح روايته ولا يقال يحمل على واقعتين لاتحاد المخرج والأصل عدم التعدد وفي رواية أبي مصعب يده بالافراد على إرادة الجنس ثم تمضمض واستنثر كذا في رواية يحيى وفي رواية أبي مصعب بدله واستنشق قال الشيخ ولي الدين: وفيه إطلاق الاستنثار على الاستنشاق قال الحافظ بن حجر: لأنه يستلزمه وفي شرح مسلم للنووي الذي عليه الجمهور من أهل اللغة وغيرهم أن الاستنثار غير الاستنشاق وأنه إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق خلافا لما قاله بن الأعرابي وابن قتيبة أنهما بمعنى واحد وهو مأخوذ من النثرة وهو طرف الأنف وأما الاستنشاق فهو إيصال الماء إلى داخل الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه ثم غسل يديه مرتين مرتين قال الشيخ ولي الدين: المنقول في علم العربية أن أسماء الأعداد والمصادر والأجناس إذا كررت كان المراد حصولها مكررة لا للتوكيد اللفظي فإنه قليل الفائدة لا يحسن حيث يكون للكلام محمل غيره مثال ذلك جاء القوم اثنين اثنين أو رجلا رجلا وضربته ضربا ضربا أي اثنين بعد اثنين ورجلا بعد رجل وضربا بعد ضرب قال: وهذا الموضع منه أي غسلهما مرتين بعد مرتين أي أفرد كل واحدة منهما بالغسل مرتين وقال الحافظ بن حجر: لم تختلف الروايات عن عمرو بن يحيى في غسل اليدين مرتين لكن في مسلم من طريق حبان بن واسع عن عبد الله بن زيد أنه رأيي النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وفيه وغسل يده اليمنى ثلاثا ثم الأخرى ثلاثا فيحمل على أنه وضوء آخر لكون مخرج الحديثين غر متحد إلى المرفقين تثنية مرفق بكسر الميم وفتح الفاء وبفتح الميم وكسر الفاء لغتان مشهورتان قال في الصحاح: وهو موصل الذراع من العضد وقال في المحكم أعلى الذراع وأسفل العضد وقال في المشارق عظم طرف الذراع مما يلي العضد قال بعضهم: سمي بذلك لأنه يرتفق عليه أي تكئ ويعتمد قال الشيخ ولي الدين: اليد حقيقة من أطراف الأنامل إلى.(1/41)
زيد بن عاصم وهو جد عمرو بن يحيى المازني وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فقال عبد الله بن زيد بن عاصم: نعم فدعا بوضوء فأفرغ على يده فغسل يديه مرتين مرتين ثم تمضمض وأستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.
33 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر ومن استجمر فليوتر" .
34 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة أن.
ـــــــ.
الابط ونحوه قول الخطاب ما بين المنكب إلى أطراف الأصابع كله اسم لليد وارتضاه النووي في تهذيبه وقد كان وقع من أيام السؤال عما تطلق عليه اليد حقيقة هل هو هذا أو الذراع أو الكف وعز عليهم النقل في ذلك فأخرجت لهم هذا النقل ثم مسح رأسه لأبي مصعب برأسه قال القرطبي: الباء للتعدية فيجوز حذفها واثباتها لذلك يقال مسحت رأس اليتيم ومسحت برأسه وقيل: دخلت الباء لتفيد معنا آخر وإن الغسل لغة يقتضي مغسولا به والمسح لغة لا يقتضيه فلو قال تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} 1 لأجزأ المسح باليد بغير ماء فكأنه قال: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} الماء فهو على القلب والتقدير امسحوا رؤسكم بالماء فأقبل بهما وأدبر قال القاضي عياض: قيل: معناه أقبل إلى جمة قفاه ورجع كما فسر بعده وقيل: المراد أدبر وأقبل والواو لا تقتضي رتبة قال: وهذا أولى ويعضده رواية هيب في البخاري فأدبر بهما وأقبل: "بدأ بمقدم رأسه" إلى آخر قال الحافظ بن حجر: الظاهر أنه من الحديث وليس مدرجا من كلام مالك وفي الصحاح بدأت بالشيء ابتدأت به وبدأت الشيء فعلته ابتداء ومقدم الرأس ومؤخره كلاهما بالفتح والتشديد ويجوز فيهما الكسر والتخفيف والقفا بالقصر وحكى بن جني فيه المد وهو قليل قال في الصحاح: هو مؤخر العنق وقال في المحكم وراء العنق: وفيه التذكير والتأنيث قال بن عبد البر: روى سفيان بن عيينة هذا الحديث فذكر فيه مسح الرأس مرتين وهو خطأ لم يذكره أحد غيره قال وأظنه تأوله على أن الإقبال مرة والأدبار أخري ثم غسل رجليه زاد وهيب في روايته عند البخاري إلى الكعبين قال بن سيده: الرجل قدم الإنسان وغيره قال أبو إسحاق: الرجل من أصل الفخذ إلى القدم انتهى قال الشيخ ولي الدين: وهو حقيقة في ذلك وأما الكعبان فالمشهور أنهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم من كل رجل وقيل: الكعب العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك فائدة قال القرطبي في شرح مسلم: لم يجيء في حديث عبد الله بن زيد للأذنين ذكر ويمكن أن يكون ذلك لان اسم الرأس يضمهما وتعقبه الشيخ ولي الدين بأن الحاكم والبيهقي أخرجا من حديثه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ ماء لأذنيه خلاف الماء الذي مسح به رأسه وقالا صحيح.
34/3 –: "إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه" قال بن عبد البر: كذا رواه يحيى ولم يقل ماء وهو مفهوم من الخطاب فكأن قوله فليجعل في أنفه إذا توضأ إنما هو الماء ولذلك قال ثم لينثر ورواه القعنبي وابن.
ـــــــ
1 سورة المائدة الآية: 6.(1/42)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر" .
35 - قال يحيى: سمعت مالكا يقول في الرجل يتمضمض ويستنثر من غرفة واحدة إنه لا بأس بذلك.
36 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر قد دخل على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للأعقاب من النار" .
37 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن محمد بن طحلاء عن عثمان بن عبد الرحمن أن أباه حدثه: أنه سمع عمر بن الخطاب يتوضأ بالماء لما تحت إزاره.
38 - قال يحيى: سئل مالك عن رجل توضأ فنسي فغسل وجهه قبل أن يتمضمض أو غسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه فقال: أما الذي غسل وجهه قبل أن يتمضمض فليمضمض ولا يعد غسل وجهه وأما الذي غسل ذراعيه قبل وجهه فليغسل وجهه ثم ليعد غسل ذراعيه حتى يكون.
ـــــــ.
بكير وأكثر الرواة فقالوا: في أنفه ماء ثم لينثر بكسر المثلثة بعد النون الساكنة على المشهور وحكى ضمها قاله النووي وفي الصحيح ثم لينتثر بزيادة تاء وفي النسائي ثم ليستنثر بزيادة سين وتاء قال الفراء يقال نثر الرجل وانتثر واستنثر إذا حرك النثرة في الطهارة وهي طرف الأنف وقيل: الأنف نفسه وقال القاضي عياض: هو من النثر وهو الطرح وهو هنا طرح الماء الذي تنشق قبل ليخرج ما تعلق به من قذر الأنف وقال صاحب النهاية نثر ينثر بالكسر إذا امتخط واستنثر استفعل منه أي استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف ومن استجمر فليوتر قال القاضي عياض: قال الهروي: الاستجمار هو المسح بالجمار وهي الأحجار الصغار ومنه سميت جمار الرمي وقال بن القصار: يجوز أن يقال: إنه أخذ من الاستجمار بالبخور الذي يطيب به الرائحة وهذا يزيل الرائحة القبيحة قال وقد اختلف قول مالك وغيره في معنى الاستجمار المذكور في هذا الحديث فقيل: هذا وقيل: المراد به في البخور أن يأخذ منه ثلاث قطع أو يأخذ ثلاث مرات تستعمل واحدة بعد أخرى قال والأول أظهر وقال النووي: إنه الصحيح المعروف.
36/5 - مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر وصله ملم من طرق عن سالم مولى شداد به ويل قال النووي: أي هلكة وخيبة وقال الحافظ بن حجر: اختلف في معناه على أقوال أظهرها ما رواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعا "ويل واد في جهنم" قال: وجاز الابتداء بالنكرة لأنه دعاء للاعقاب جمع عقب بكسر القاف وسكونها وهو مؤخر القدم قال البغوي معناه لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها وقيل: أراد أن العقب يختص بالقعاب إذا قصر في غسله زاد القاضي عياض فإن مواضع الوضوء لا تمسها النار كما جاء في أثر السجود أنه محرم على النار قال بن عبد البر: ورد هذا الحديث من رواية جماعة من الصحابة وأصحها من جهة الإسناد حديث أبي هريرة وحديث عبد الله بن الحارث بن جرير الزبيدي وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ثم حديث عائشة فهو مدني حسن وفي حديث عبد الله بن الحارث زيادة فإن لفظه ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار قلت: حديث أبي هريرة وابن عمرو أخرجهما الشيخان وحديث عبد الله بن الحارث أخرجه أحمد والدارقطني والطبراني.(1/43)
غسلهما بعد وجهه إذا كان ذلك في مكانه أو بحضرة ذلك.
39/ - قال يحيى: وسئل مالك عن رجل نسي أن يتمضمض1 ويستنثر حتى صلى قال: ليس عليه أن يعيد صلاته وليمضمض ويستنثر ما يستقبل إن كان يريد أن يصلي.
ـــــــ
1 في نسخة بمضمض وكذا الآتي بعده مصححه.(1/44)
"2 - باب وضوء النائم إذا قام إلى الصلاة"
40 - حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده" .
41 - وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم أن عمر بن الخطاب: قال: إذا نام أحدكم مضطجعا فليتوضأ.
ـــــــ.
40/9 –: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه" أي في الماء الذي في الإناء المعد للوضوء زاد الشافعي ومسلم وأبو داود ثلاثا وفي رواية ثلاث مرات قال الرافعي: والقدر الذي يستحب غسله ما بين رؤوس الأظفار والكوع هو الذي يغمس في الإناء غالبا للاغتراف قال وعلى ذلك ينزل قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} 1 قال: ولو دخل الساعد في مسمى اليد لم يكن إلى التقييد بالمرافق حاجة في قوله تعالى: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} 2: "فإن أحدكم" قال البيضاوي: فيه إيماء إلى أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة لان الشارع إذا ذكر حكما وعقبه بعلة دل على أن ثبوت الحكم لأجلها ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط فمات فإنه يبعث عليها بعد نهيهم عن تطييبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرما وعبارة الشيخ أكمل الدين إذا ذكر الشارع حكما وعقبه أمرا مصدرا بالفاء كان ذلك إيماء إلى أن ثبوت الحكم لأجله نظيره قوله الهرة ليست بنجسة فإنها من الطوافين عليكم والطوافات: "لا يدري أين باتت يده" زاد بن خزيمة والدارقطني منه أي من جسده وزاد الدارقطني من حديث جابر ولا على ما وضعها ولأبي داود من حديث أبي هريرة فإنه لا يدري أين باتت يده أو أين كانت تطوف يده قال الشيخ ولي الدين يحتمل أنه شك من بعض الرواة وهو الأقرب ويحتمل أنه ترديد من النبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي: كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو على بشرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك وذكر غير واحد أن بات في هذا الحديث بمعنى صار منهم بن عصفور والأبدي في شرح الجزولية وإن كان أصلها للسكون ليلا كما قاله الخليل وغيره وقد استشكل هذا التركيب من جهة أن انتفاء الدراية لا يمكن أن يتعلق بلفظ أين باتت يده ولا بمعناه لان معناه الاستفهام ولا يقال: إنه لا يدري الاستفهام فقالوا: معناه لا يدري تعيين الموضع الذي باتت فيه فيكون فيه مضاف محذوف وليس استفهاما وإن كانت صورته صورة الاستفهام ووقع في آخر الحديث عند بن عدي في الكامل زيادة فإن غمس يده في الإناء من قبل أن يغسلها فليرق ذلك الماء قال بن عدي: هذه الزيادة منكرة لا تحفظ.
ـــــــ
1سورة المائدة الآية: 38.
2سورة المائدة الآية: 6.(1/44)
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم1: أن تفسير هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] أن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
42 - قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أنه لا يتوضأ من رعاف ولا من دم ولا من قيح يسيل من الجسد ولا يتوضأ إلا من حدث يخرج من ذكر أو دبر أو نوم.
وحدثني عن مالك عن نافع: أن بن عمر2 كان ينام جالسا ثم يصلي ولا يتوضأ.
ـــــــ
...................................................................
ـــــــ
1 في نسخة أنه قال في تفسير الخ.
2 في نسخة التصريح بعبد الله.(1/45)
"3 - باب الطهور للوضوء"
43 - حدثني يحيى عن مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق عن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أنه سمع أبا هريرة يقول جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا نركب1 البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" .
42 - وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت أبي.
ـــــــ.
43/13 - عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق قال بن عبد البر: لم يرو عنه فيما علمت إلا صفوان بن سليم ومن كانت هذه حاله فهو مجهول لا تقوم به حجة عندهم وتعقب بأنه روى عنه أيضا اللحلاح أبو كثير ذكره الرافعي في شرح المسند وحديثه عنه في مستدرك الحاكم قال الرافعي: وعكس بعض الرواة الاسمين فقال سلمة بن سعيد: وبدل بعضهم فقال عبد الله بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة قال بن عبد البر: سأل محمد بن عيسى الترمذي البخاري عن حديث مالك هذا فقال: هو حديث صحيح قال قلت: هشيم يقول فيه المغيرة بن أبي بردة فقال: وهم فيه أنه سمع أبا هريرة قال الرافعي: روى الحديث بعضهم عن المغيرة عن أبيه عن أبي هريرة قال: ولا يوهم ذلك إرسالا في إسناد الكتاب فإن فيه ذكر سماع المغيرة من أبي هريرة جاء رجل قال الرافعي: يذكر أنه كان من بني مدلج قلت: كذا في مسند أمد وعند الطبراني أن اسمه عبد الله المدلجي وفي رواية عنده العركي أي الملاح وعند بن عبد البر أنه الفراش: "هو الطهور ماءه الحل ميتته" قال الرافعي: لما عرف صلى الله عليه وسلم اشتباه الأمر على السائل في ماء البحر أشفق أن يشتبه عليه حكم ميتته وقد يبتلى بها راكب البحر فعقب الجواب عن سؤاله ببيان حكم الميتة قال والحل بمعنى الحلال وقد ورد بلفظ الحلال في بعض الروايات انتهى قلت: أخرجه الدارقطني من حديث جابر بن عبد الله وأنس وعبد الله بن عمر.
44/14 - عن حميدة بنت أبي عبيدة بن فروة قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: وهو غلط منه لم يتابعه عليه أحد وإنما يقول رواة الموطأ كلهم ابنة عبيد بن رفاعة إلا أن زيد بن الحباب قال فيه عن مالك حميدة بنت عبيد بن رافع نسبة إلى جده وهو عبيد بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان الأنصاري وقال يحيى: أيضا حميدة بفتح الحاء وإن عبيد الله بن يحيى ومحمد بن وضاح عنه وغير يحيى من رواة الموطأ عن مالك يقول حميدة.
ـــــــ
1 في نسخة إنا نركب في البحر.(1/45)
عبيدة بن فروة عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت بن أبي قتادة الأنصاري أنها أخبرتها: أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت كبشة فرآني أنظر إليه فقال: "أتعجبين يا ابنة أخي قالت فقلت نعم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات" .
قال يحيى: قال مالك: لا بأس به إلا أن يري على فمها نجاسة.
45 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن عمر بن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو بن العاص لصاحب الحوض: يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع فقال عمر بن الخطاب: يا صاحب الحوض لا تخبرنا فإنا نرد على السباع وترد علينا.
46 - وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إن كان الرجال والنساء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتوضؤون جميعا.
ـــــــ.
بضم الحاء وحميدة هذه امرأة إسحاق وكذلك قال يحيى القطان ومحمد بن الحسن لشيباني عن مالك: وكنيها أم يحيى انتهى وكانت تحت بن أبي قتادة قال بن عبد البر: رواه بن المبارك عن مالك فقال: امرأة أبي قتادة قال: وهذا وهم منه إنما هي امرأة ابنه ووقع في الأم للشافعي وكانت تحت بن قتادة أو أبي قتادة الشك من الربيع كذا وقع في الأصل قال الرافعي: وفي الشك إلى الربيع شبهة لأن أب نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي روى عن الحسن بن مجد الزعفراني عن الشافعي عن مالك الحديث وقال: فيه كذلك وهذا يوهم أن الشك من غير الربيع وقال وفي رواية عبد الرزاق وغيره: عن مالك وكانت عند أبي قتادة وهذا يصدق على التقديرين قال والواقع ما رواه الأكثرون الأول وكذلك رواه الربيع عن الشافعي في موضع آخر بلا شك قال ويدل عليه أنه قال لها: يا ابنة أخي ولا يحسن تسمية الزوجة باسم المحارم: "فسكبت" قال الرافعي: يقال سكب يسكب سكبا أي صب فسكب سكوبا أي انصب وضوا أي الماء الذي يتوضأ به فرآني أنظر إليه أي نظر المنكر أو المتعجب إنها ليست بنجس قال الرافعي: محمول على الوصف بالمصدر يقال: نجس ينجس نجسا فهو نجس أيضا ونجس والمذكر والمؤنث يستويان في الوصف بالمصدر قال: ولو قرئ أنها ليست تنجس أي ما تلغ فيه لكان صحيحا في المعنى وكأن قوله: إنها من الطوافين عليكم حسن الموقع أي إذا كانت تطوف في البيت ولا يستغنى عنها تخفف الأمر فيما تلغ فيه ولذلك صار بعضهم إلى العفو مع تيقن نجاسة فمها لكن الرواية لا تساعد انتهى أنها من الطوافين عليكم أو الطوافات قال الرافعي: يرويه بعضهم بالواو وعلى رواية أو يجوز أن يكون هذا شكا من بعض الرواة ويجوز أن يريد التنويع أي ذكورها هي ذكور من يطوف وإناثها من الإناث قال: ويروى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنها ليست بنجس هي كبعض أهل البيت يعني الهرة قلت: أخرجه الدارقطني وكذا رواية الواو وقال بن عبد البر: معنى الطوافي الذي يداخلوننا ويخالطوننا.
46/16 - إن كان الرجال والنساء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتوضؤون جميعا قال الرافعي: يريد كل رجل مع امرأته وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد وكذلك ورد في بعض الروايات قال: ومثل هذا اللفظ يراد به أنه كان مشهورا في ذلك العهد وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر عليه ولا يغيره قلت: ما تتكلم على هذا الحديث أحد أحسن من الرافعي فلقد خط فيه جماعة.(1/46)
باب ما لايجب منه الوضوء
...
"4 - باب ما لا يجب1 منه الوضوء"
47 - حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر قالت أم سلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطهره ما بعده" .
48 - وحدثني عن مالك: أنه رأى ربيعة بن عبد الرحمن يقلس مرارا وهو في المسجد فلا ينصرف ولا يتوضأ حتى يصلي قال يحيى: وسئل مالك عن رجل قلس طعاما هل عليه وضوء فقال: ليس عليه وضوء وليتمضمض من ذلك وليغسل فاه.
49 - وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: حنط ابنا لسعيد بن زيد وحمله ثم دخل المسجد فصلى ولم يتوضأ قال يحيى: وسئل مالك هل في2 القيء وضوء قال لا ولكن ليتمضمض من ذلك وليغسل فاه وليس عليه وضوء.
ـــــــ.
47/17 - عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف رواه قتيبة عن مالك فقال: عن أم ولد لعبد الرحمن بن عوف ومن طريق أخرجه الترمذي ثم قال: ورواه عبد الله بن المبارك عن مالك فقال: عن أم ولد لعوف بن عبد الرحمن بن عوف قال: وهو وهم وإنما هو لإبراهيم وهو الصحيح أنها سألت أم سلمة قال بن عبد البر: رواه الحسين بن الوليد عن مالك فأخطأ فيه فإنه قال: فيه عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن حميدة أنها سألت عائشة وهذا خطأ وإنما هو لأم سلمة لا لعائشة وكذا رواه الحفاظ في الموطأ وغير الموطأ عن مالك يطهره ما بعده قال بن عبد البر: وغيره قال مالك: معناه في العنب اليابس والقذر الجاف الذي لا يلصق منه بالثوب شيء وإنما يعلق فيزول المتعلق بما بعده لأن النجاسة يطهرها غير الماء.
48/18 - يقلس قال في النهاية القلس بالتحريك وقيل: بالسكون ما خرج من الجوف ملأ الفم أو دونه وليس بقيء فإن عاد فهو القيء.
ـــــــ
1 في نسخة حذف ما لا يجب.
2 في نسخة من القيء.(1/47)
"5 - باب ترك الوضوء مما مسته النار".
50 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ.
ـــــــ.
50/20 - أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ قال الحافظ بن حجر: أفاد القاضي إسماعيل أن ذلك كان في بيت ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم.(1/47)
51 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى بني حارثة عن سويد بن النعمان أنه أخبره: أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى إذا كانوا بالصهباء وهي من أدنى خيبر نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى العصر ثم دعا بالأزواد فلم يؤت إلا بالسويق فأمر به فثري فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا ثم قام إلى المغرب فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ.
52 - وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر وعن صفوان بن سليم أنهما أخبراه عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير: أنه تعشى مع عمر بن الخطاب ثم صلى ولم يتوضأ.
53 - وحدثني عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن أبان بن عثمان: أن عثمان بن عفان أكل خبزا ولحما ثم مضمض وغسل يديه ومسح بهما وجهه ثم صلى ولم يتوضأ.
54 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس: كانا لا يتوضأن مما مست النار.
55 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه سأل عبد الله بن عامر بن ربيعة عن الرجل يتوضأ للصلاة ثم يصيب طعاما قد مسته النار أيتوضأ قال رأيت أبي يفعل ذلك ولا يتوضأ.
56 - وحدثني يحيى عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: رأيت أبا بكر الصديق أكل لحما ثم صلى ولم يتوضأ.
57 - وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي لطعام فقرب إليه خبز ولحم فأكل منه ثم توضأ وصلى ثم أتي بفضل ذلك الطعام فأكل منه ثم صلى ولم يتوضأ.
58 - وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري: أن أنس بن مالك قدم من العراق فدخل عليه أبو طلحة وأبي بن كعب فقرب لهما طعاما قد مسته النار فأكلوا منه فقام أنس فتوضأ فقال أبو طلحة وأبي بن كعب: ما هذا يا أنس أعراقية فقال أنس: ليتني لم أفعل وقام أبو طلحة وأبي بن كعب فصليا ولم يتوضأ.
ـــــــ.
51/21 - بالصهباء بفتح المهملة والمد وهي من أدنى خيبر أي طرفها مما يلي المدينة قال أبو عبيد البكري في معجم البلدان هي على بريد من خيبر وبين البخاري أن هذه الجملة من قول يحيى بن سعيد أدرجت بالسويق قال الداوودي هو دقيق الشعير أو السلت المقلو فثرى بضم المثلثة وتشديد الراء ويجوز تخفيفها أي بل بالماء.
57/27 - عن محمد بن المنكدر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي لطعام وصله أبو داود من طريق بان جريج والترمذي من طريق سفيان بن عيينة كلاهما عن محمد بن المنكدر عن جابر وفيه أن الداعي امرأة من الأنصار ثم توضأ وصلى زاد في رواية الترمذي الظهر ثم صلى ولم يتوضأ زاد في روايته العصر قال بن عبد البر: عند هذا الحديث مرسلات مالك كلها صحيحة مسندة.
58/28 - أعراقية قال بن رشيق أي أبالعراق استفدت هذا العلم يعني وتركت عمل أهل المدينة.(1/48)
"6 - باب جامع الوضوء"
59 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة فقال: "أولا يجد أحدكم ثلاثة أحجار" .
60 - وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة: أن.
ـــــــ.
59/29 - عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الاستطابة قال بن البر هكذا رواه عن مالك جماعة الرواة مرسلا إلا ما ذكره سحنون في رواية بعض الشيوخ عنه عن بن القاسم عن مالك عن هشام عن أبيه عن أبي هريرة قال: وقد روي عن بن بكير أيضا في الموطأ هكذا وهو غلط فاحش ولم يره واحد كذلك لا من أصحاب هشام ولا من أصحاب مالك ولا رواه أحد عن عروة عن بأي هريرة وإنما رواه مسلم بن قرظ عن عروة عن عائشة قلت: ومن طريقها خرجه أبو داود والنسائي والاستطابة طلب الطيب وهي والاستجمار والاستنجاء بمعنى واحد إلا أن الاستجمار لا يكون إلا بالأحجار والآخران يكونان بالماء ويكونان بالأحجار.
60/30 - المقبرة بتثليث الباء والكسر أقلها السلام عليكم قال الباجي: والقاضي عياض يحتمل أن أحيوا له حين سمعوا سلامه كأهل القليب ويحتمل أن يسلم عليهم مع كونهم أمواتا لامتثال أمته ذلك بعده قال الباجي: وهو الأظهر وقال بن عبد البر: روى تسليم النبي صلى الله عليه وسلم على القبور من وجوه بألفاظ مختلفة وجاء عن الصحابة والسلف الصالح في ذلك آثار كثيرة وقال بن رشيق: كان عليه السلام إذا مر بالقبور يسلم ليحصل لهم ثواب التحية وتزكيتها دار قوم قال صاحب المطالع: هو منصوب على الاختصاص أو النداء المضاف والأول أظهر قال: ويصح الجر على البدل من الكاف والميم في عليكم والمراد بالدار على هذين الوجهين الأخيرين الجماعة أو أهل الدار وعلى الأول مثله أو المنزل وإنا إن شاء الله بكم لاحقون قال النووي: وغيره للعلماء في اتيانه بالاستثناء مع أن الموت لا شك فيه أقوال أظهرها أنه ليس للشك وإنما هو للتبرك وامتثال أمر الله فيه والثاني أنه عادة للمتكلم حسن به كلامه والثالث أنه عائد إلى اللحوق في هذا المكان والموت بالمدينة والرابع أن إن بمعنى إذا والخامس أنه راجع إلى استصحاب الإيمان لمن معه لاله والسادس أنه كان معه من يظن بهم النفاق فعاد الاستثناء إليهم وددت أني قد رأيت إخواننا أي في الحياة الدنيا قال القاضي عياض: وقيل: المراد تمني لقائهم بعد الموت قال: بل أنتم أصحابي قال الباجي: في شرح الموطأ لم ينف بذلك أخوتهم ولكن ذكر مزيتهم الزائدة بالصحبة واختصاصهم بها وإنما منع أن يسموا بذل لأن التسمية والوصف على سبيل الثناء والمدح للمسمى يجب أن يكون بأرفع حالاته وأفضل صفاته وللصحابة بالصحبة درجة لا يلحقهم فيها أحد فيجب أن يوصفوا بها ونقله القاضي عياض ثم النووي وزاد فهؤلاء إخوة صحابة والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة وأنا فرطهم على الحوض قال اباجي يريد أنه يتقدمهم إليه ويجدونه عنده يقال: فرطت القوم إذا تقدمتهم لترود لهم الماء وتهيء لهم الدلاء والرشاء وافترط فلأن ابنا له أي تقدم له بن غر جمع أغر والغرة بياض في وجه لفرس محجلة من التحجيل وهو بياض في يديه ورجليه دهم جمع أدهم وهو الأسود والدهمة السواد بهم جمع بهيم قيل: وهو الأسود أيضا وقيل: هو.(1/49)
رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أني قد رأيت إخواننا" فقالوا: يا رسول الله ألسنا بإخوانك قال: "بل أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض" فقالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك قال: "أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم إلا يعرف خيله" قالوا: بلى يا رسول الله قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من 1 الوضوء وأنا فرطهم على الحوض فليذادن 2 رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم إلا هلم إلا هلم إلا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا فسحقا".
ـــــــ.
الذي لا يخالط لونه لون سواه سواء كان أبيض أو أسود أو أحمر بل يكون لونه خالصا: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من الوضوء" زاد مسلم وغيره سيما أمتي ليس لأحد غيرها فاستدل بذلك طائفة على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وقال آخرون: ليس مختصا بها وإنما الذي اختصت به الغرة والتحجيل واحتجوا بحديث هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي وأجاب الأولون بأنه حدث ضعيف ولو صح احتمل أن يكون الأنبياء اختصت به دون أممهم وعند بن عبد البر من حديث عبد الله بن بسر أمتي يوم القيامة غر من السجود ومحجلون من الوضوء فلا يذادن قال الباجي: وابن عبد البر كذا رواه يحيى وتابعه مطرف وابن نافع على النهي أي لا يفعلن أحد فعلا يذاد به عن حوضي ورواه أبو مصعب وتابعه بن القاسم وابن وهب وأكثر رواة الموطأ بلام التأكيد على الاخبار أي ليكونن لا محالة من يذاد عن حوضي أي يطرد عنه وذاله الأولى معجمة والثانية مهملة ومنه قوله تعالى: {امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ} 3 "أناديهم إلا هلم" أي تعللوا قال الباجي: يحتمل أن المنافقين والمرتدين وكل من توضأ يحشر بالغرة والتحجيل ولأجلها دعاهم ولو لم يكن السيما إلا للمؤمنين لما دعاهم ولما ظن أهم منهم قال ويحتمل أن يكون ذلك لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم فبدل بعده وارتد فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بهم أيام حياته وتظاهرهم بالإسلام وإن لم يكن لهم يومئذ غرة ولا تحجيل لكن لكونهم عنده أيام حياته وصحبته باسم الإسلام وظاهره قال القاضي عياض: ولأول أظهر فقد ورد أن المنافقين يعطون نورا ويطفأ عند الحاجة فكما جعل الله لهم نورا بظاهر إيمانهم ليغتروا به حتى يطفأ عند حاجتهم على الصراط كذلك لا يبعد أن يكون لهم هنا غرة وتحجيل حتى يذادوا عند حاجتهم إلى الورود نكالا من الله ومكرا بهم وقال الداوودي: ليس في هذا مما يحتم به للمذادين بدخول النار ويحتمل أن يذادوا وقتا فتلحقهم شدة ثم يتلافاهم الله برحمته ويقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم سحقا ثم يشفع فيهم قال الباجي: والقاضي عياض كأنه جعلهم من أهل الكبائر من المؤمنين زاد القاضي أو من بدل ببدعة لا تخرجه عن الإسلام قال غيره: وعلى هذا لا يبعد أن يكونوا أهل غرة وتحجيل بكونهم من المؤمنين وقال بن عبد البر: كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وأصحاب الأهواء وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر فكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر: "فسحقا".
ـــــــ
1 في نسخة من أثر.
2 في نسخة فلا يذادن الخ وهي ظاهر.
3 سورة القصص الآية: 23.(1/50)
61- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن حمران مولى عثمان بن عفان أن عثمان بن عفان جلس على المقاعد فجاء المؤذن فآذنه بصلاة العصر فدعا بماء فتوضأ ثم قال: والله لأحدثنكم حديثا لولا أنه في كتاب الله ما حدثتكموه ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من امرئ يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى1 حتى يصليها" .
قال يحيى: قال مالك: أراه يريد هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} 2
62 - وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي أن.
ـــــــ.
بسكون الهاء وضمها لغتان أي بعدا وهو منصوب على تقدير ألزمهم الله سحقا أو سحقهم سحقا.
فائدة روى بن شاكر في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى قال ذكر الشافعي الموطأ فقال: ما علمنا أن أحدا من المتقدمين ألف كتابا أحسن من موطأ مالك وما ذكر فيه من الأخبار ولم يذكر مرغوبا عنه الرواية كما ذكر غيره في كتبه وما علمته ذكر حديثا فيه ذكر أحد من الصحابة إلا ما في حديث العلاء بن عبد الرحمن ليذادن رجال عن حوضى فلقد أخبرني من سمع مالكا ذكر هذا الحديث وأنه ورد أنه لم يخرجه في الموطأ.
61/31 - عن حمران بضم الحاء على المقاعد قيل: هي دكاكين حول دار عثمان وقيل: الدرج وقيل: موضع قرب المسجد قال القاضي عياض: ولفظها يقتضي أنها مواضع جرت العادة بالقعود فيها لولا أنه في كتاب الله قال الباجي: وغيره كذا رواه يحيى بن بكير بالنون وهاء الضمير أي لولا أن معناه فيه ما حدثكم به لئلا تتكلوا ورواه أبو مصعب بالياء ومد الألف وهاء التأنيث أي لولا أنه تضمن معناه فيحسن وضوءه أي يأتي به تاما بكمال صفته وآدابه إلا غفر له هذا مخصوص بالصغائر كما صرح به في حديث آخر وبين الصلاة الأخرى أي التي تليها قال مالك: أراه يريد هذه الآية: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} قال الباجي: على هذا التأويل تصح الروايتان أنه وآية وفي الصحيحين عن عروة أن الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} قال الباجي: والقاضي عياض والنووي وعلى هذا لا تصح رواية النون والمعنى على هذا لولا آية تمنع من كتمان شيء من العلم ما حدثتكم قال النووي: والصحيح تأويل عروة قلت: ويشهد له ما أخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في كتاب العلم له قال حدثنا حجاج بن محمد عن بن جريج قال أخبرني عطاء أنه سمع أبا هريرة والناس يسألونه يقول لولا آية أنزلت في سورة البقرة ما أخبرت بشيء لولا أنه قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} 3 الآية.
62/32 - عن عبد الله الصنابحي قال بن عبد البر: سئل بن معين عن أحاديث الصنابحي عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرسلة ليس له صحبة وإنما هو من كبار التابعين وليس هو عبد الله وإنما هو أبو عبيد الله واسمه عبد الرحمن بن عسيلة: "خرجت الخطايا من فيه" قال الباجي: يحتمل أن يكون معنى ذلك أن فيه كفارة لما يخص الفم من الخطايا فعبر عن ذلك بخروجها منه ويحتمل أن يكون معناه أن يعفوا تعالى عن عقاب ذلك العضو بالذنوب التي اكتسبها الإنسان وإن لم يختص بذلك العضو وقال القاضي عياض: ذكر خروج الخطايا استعارة.
ـــــــ
1 في نسخة الآخرة.
2 سورة هود: الآية 114.
3 سورة البقرة الآية: 159.(1/51)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من إذنيه فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه قال ثم كان مشيه1 إلى المسجد وصلاته نافلة له" .
63 - وحدثني عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب" .
ـــــــ.
لحصول المغفرة عند ذلك لاأن الخطايا في الحقيقة شيء يحل في الماء: "حتى تخرج من تحت أشفار عينيه" قال الباجي: جعل العينين مخرجا لخطايا الوجه دون الفم والأنف لأنهما مختصان بطهارة مشروعة في الوضوء دون العينين: "فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه" فيه إشعار بأن خطايا الرأس متعلقة بالسمع وأصرح منه ما عند الطبراني في الصغير من حديث أبي أمامة وإذا مسح برأسه كفر به ما سمعت أذناه نافلة أي زائدا له في الأجر على كفارة الذنوب.
63/33 –: "العبد المسلم أو المؤمن" قال الباجي: الظاهر أن هذا اللفظ شك من الراوي: "كل خطيئة نظر إليها بعينيه" قال الباجي: هذا يدل على أن الوضوء يكفر عن كل عضو ما اختص به من الخطايا: "مع الماء أو مع آخر قطر الماء" قال الباجي: هذا شك من الراوي فإذا غسل يديه قال الباجي: كذا روى هذا الحديث رواة الموطأ غير بن وهب فإنه زاد فيه ذكر الرأس والرجلين: "حتى يخرج نقيا من الذنوب" قال الشيخ ولى الدين العراقي: خص العلماء هذا بالضمائر قالوا: وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة قال وكذلك فعلوا في غير هذا من الأحاديث التي ذكر فيها غفران الذنوب ومسندهم في ذلك أنه ورد التقييد به في الحديث الثابت في الصحيحين "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهما ما اجتنبت" فجعلوا التقييد في هذا الحديث مقيدا للاطلاق في غيره لكن قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد فيه نظر وحكى بن التين في ذلك خلافا فقال: اختلف هل يغفر له بهذا الكبائر إذا لم يصر عليها أم لا يغفر له سوى الصغائر قال وهذا كله لا يدخل فيه مظالم العباد وقال صاحب المفهم لا بعد في أن يكون بعض الأشخاص تغفر له الكبائر والصغائر بحسب ما يحضره من الإخلاص ويراعيه من الإحسان والآداب وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وقال النووي: ماوردت به الأحاديث أنه يكفر إن وجد ما يكفره من الصغائر كفره وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتب به حسنات ورفع به درجات وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر وحانت بالمهملة أي قربت.
ـــــــ
1 في نسخة مشيته.(1/52)
64 - وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس وضوءا فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده ثم أمر الناس يتوضؤون منه قال أنس فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم.
65 - وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المدني المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول: من توضأ فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى الصلاة فإنه في صلاة ما دام يعمد إلى الصلاة وإنه يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ويمحى عنه بالأخرى سيئة فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع فإن أعظمكم أجرا أبعدكم دارا قالوا: لم يا أبا هريرة قال من أجل كثرة الخطا.
ـــــــ.
64/34 –: "فالتمس الناس" أي طلبوا وضوأ بفتح الواو فأتى بالضم وفي رواية عند البخاري أن ذلك كان بالزوراء وهي سوق بالمدينة ثم أمر الناس يتوضئون منه قال الباجي: هذا إنما يكون بوحي يعلم به أنه إذا وضع يده في الإناء نبع الماء حتى يعم أصحابه الوضوء فرأيت الماء ينبع بفتح أوله وضم الموحدة ويجوز كسرها وفتحها من تحت أصابعه قال بن عبد البر: الذي أوتي نبينا صلى الله عليه وسلم من هذه الآية أوضح مما أوتي موسى من انفجار الماء من الحجر فإن خروج الماء من الحجارة معهود بخلاف الأصابع حتى توضؤوا من عند آخرهم قال الكرماني حتى للتدريج ومن للبيان أي توضأ الناس حتى توضأ الذين هم عند آخرهم وهو كناية عن جميعهم وعند بمعنى في لان عند وإن كانت للظرفية الخاصة لكن المبالغة تقتضي أن يكون لمطلق الظرفية وكأنه قال الذين هم في آخرهم وقال التيمي المعنى توضأ القوم حتى وصلت النوبة إلى الآخر وقال النووي: إن من هنا بمعنى إلى وهي لغة.
فائدة: قال بن بطال هذا الحديث شهده جمع من الصحابة إلا انه لم يرو إلا من طريق أنس وذلك لطول عمره ولطلب الناس غلو السند وقال القاضي عياض: هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات عن الجم الغفير عن الكافة متصلا عن جملة من الصحابة بل لم يؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك فهو ملحق بالقطعي من معجزاته.
65/35 - نعيم بن عبد الله المدني المجمر كان أبوه عبد الله يجمر المسجد إذا قعد عمر على المنبر وقبل كان من الذين يجمرون الكعبة: "من توضأ فأحسن وضوءه" الحديث قال بن عبد البركان: نعيم يوقف كثيرا من حديث أبي هريرة ومثل هذا الحديث لا يقال من جهة الرأي فهو مسند وقد ورد معناه من حديث أبي هريرة وغيره بأسانيد صحاح ثم خرج عامدا إلى الصلاة أي قاصدا لها دون غيرها: "يكتب له بإحدى خطوتيه حسنة ومحى عنه بالأخرى سيئة" قال الباجي: يحتمل أن يريد أن لخطاه حكمين فيكتب له ببعضها حسنات وتمحى عنه ببعضها سيئات وإن حكم زيادة الحسنات غير حكم محو السيئات قال وهذا ظاهر اللفظ ولذلك فرق بينهما قال: وقد ذكر قوم أن معنى ذلك واحد وإن كتبه الحسنات هو بعينه محو السيئات وفي الصحاح الخطوة بالضم ما بين القدمين وبالفتح المرة الواحدة وقد جزم اليعمري أنها هنا بالفتح وضبطها القرطبي وابن حجر بالضم: "فإذا سمع أحدكم الإقامة فلا يسع" قال الباجي: منع من ذلك لوجهين أحدهما انه تقل به الخطا وكثرة الخطا مرغب فيه لما ذكر من كتب الحسنات ومحو السيئات والثاني أنه يخرج عن الوقار المشروع في إتيان الصلاة.(1/53)
66- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يسأل عن الوضوء من الغائط بالماء فقال سعيد: إنما ذلك وضوء النساء.
67- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات" .
68- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استقيموا ولن تحصوا واعملوا وخير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" .
ـــــــ.
66/36 –: "إنما ذلك وضوء النساء" قال الباجي: قال بن نافع يرد أن الاستجمار بالحجارة يجزئ الرجل وإنما يكون الاستنجاء بالماء للنساء وقال القاضي أبو الوليد يحتمل عندي وجهين أحدهما أنه أراد أن ذلك عادة النساء وإن عادة الرجال الاستجمار والثاني أنه يريد بذلك عيب الاستنجاء بالماء كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما التصفيق للنساء" وهذا لا يراه مالك ولا أكثر أهل العلم.
67/37 –: "إذا شرب الكلب" قال الحافظ بن حجر: كذا هو في الموطأ والمشهور من رواية جمهور أصحاب أبي الزناد عنه إذا ولغ وهو المعروف في اللغة يقال ولغ يلغ بالفتح فيهما إذا شر ب بطرف لسانه وقال ثعلب هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع فيحركه زاد بن درستويه شرب أو لم يشرب وقال مكي فإن كان غير مائع يقال لعقه وقال المطرز: فإن كان فارغا يقال لحسه قال الحافئ بن حجر: وادعى بن عبد البر أن لفظ شرب لم يروه إلا مالك وغيره رواه بلفظ ولغ وليس كما ادعى فقد رواه بن خزيمة وابن المنذر من طريقين عن هشام بن حسان عن بن سيرين بلفظ إذا شرب ورواه مالك بلفظ إذا ولغ أخرجه أبو عبيد في كتاب الطهور له عن إسماعيل بن عمر عنه ومن طريقه أورده الإسماعيلي وكذا أخرجه الدارقطني في الموطآت من طريق أبي علي الحنفي عن مالك وهو في نسخة صحيحة من بن ماجة من رواية روح بن عبادة عن مالك أيضا قال: وكان أبو الزناد حدث به باللفظين معا لتقاربهما في المعنى: "في إناء أحدكم" قال الرافعي: أي منه أو شرب الماء في الإناء: "فليغسله سبع مرات" زاد الشافعي ومسلم من طريق بن سيرين عن أبي هريرة أولاهن أو أخراهن بالتراب قال الحافظ بن حجر: لم يقع في رواية مالك التتريب ولا ثبت في شيء من الروايت عن أبي هريرة إلا عن بن سيرين على أن بعض أصحابه لم يذكره وروي أيضا عن الحسن وأبي رافع عنه عند الدارقطني وعبد الرحمن والد السدي عند البزار.
68/38 - عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "استقيموا ولن تحصوا واعملوا وخير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" قال بن عبد البر: هذا الحديث يتصل مسندا من حديث ثوبان وعبد الله بن عمرو من طرق صحاح قلت: حديث ثوبان أخرجه بن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه بلفظ الموطأ إلا أن فيه واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة وحديث بن عمر وأخرجه بن ماجة والبيهقي في سننه وفيه واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة وأخرج بن ماجة أيضا عن أبي أمامة يرفع الحديث قال: "استقيموا ونعما إن استقمتم وخير أعمالكم الصلاة" الحديث وأخرج بن عبد البر من وجه آخر عن ثوبان مرفوعا سددوا وقاربوا واعملوا وخير أعمالكم الصلاة الحديث قال بن عبد البر: استقيموا أي لا تزيغوا وتميلوا عما سن لكم وفرض عليكم وليتكم تطيقون ذلك قال الباجي: ولن تحصوا قال بن نافع: معناه ولن تحصوا الأعمال الصالحة ولا تمكنكم الاستقامة في كل شيء وقال القاضي أبو الوليد: معناه عندي لا(1/54)
باب ماجاء في المسح بالرأس والأذنين
...
"7 - باب ما جاء في المسح بالرأس والأذنين"
69 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يأخذ الماء بأصبعيه لأذنيه.
70 - وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن جابر بن عبد الله الأنصاري: سئل عن المسح على العمامة فقال: لا حتى يمسح الشعر بالماء.
71 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أبا عروة بن الزبير كان ينزع العمامة ويمسح رأسه بالماء.
72 - وحدثني عن مالك عن نافع: أنه رأى صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر تنزع خمارها وتمسح على رأسها بالماء ونافع يومئذ صغير.
وسئل مالك عن المسح على العمامة والخمار فقال: لا ينبغي أن يمسح الرجل ولا المرأة على عمامة ولا خمار وليمسحا على رؤوسهما.
وسئل مالك عن رجل توضأ فنسي أن يمسح على رأسه حتى جف وضوءه قال أرى أن يمسح برأسه وإن كان قد صلى أن يعيد الصلاة.
ـــــــ.
يمكنكم استيعاب أعمال البر من قوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ} 1 وقال مطرف معناه ولن تحصوا مالكم من الأجر إن استقمتم قال الباجي: وقوله وخير أعمالكم الصلاة يريد أنها أكثر أعمالكم أجرا ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن يريد أنه لا يديم فعله في المكاره وغيرها منافق.
ـــــــ
1 سورة المزمل الآية: 20.(1/55)
باب ماجاء في المسح على الخفين
...
"8 باب ما جاء في المسح على الخفين"
73 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن.
ـــــــ.
73/43 - عن بن شهاب عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال بن عبد البر: هكذا قال مالك: بن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة لم يختلف رواة الموطأ عنه في ذلك وهو غلط منه لم يتابعه أحد من رواة بن شهاب ولا غيرهم عليه وليس هو من ولد المغيرة ولم يقل أحد ذلك غيره وسائر رواة الموطأ يقولون: عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة ولا يقولون: عن أبيه المغيرة كما قال يحيى: قال: ثم وجدت عبد الرحمن بن مهدي رواه عن مالك كذلك قال: وذكر الدارقطني أن سعيد بن عبد الحميد بن جعفر قال فيه: عن أبيه كما قال يحيى: قال وهو وهم قال بن عبد البر: وإسناد هذا الحديث من رواية مالك في الموطأ وغيره ليس بالقائم وهو منقطع فإن عباد بن زياد لم ير المغيرة ولم يسمع منه شيئا وإنما يرويه بن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة وحمزة ابني المغيرة بن شعبة عن أبيهما المغيرة وربما حدث به بن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه لا يذكر حمزة انتهى.(1/55)
..........................................................................................
وفي شرح أبي داود للشيخ ولي الدين العراقي قال الشافعي: وهم مالك فقال عباد بن زياد: من ولد المغيرة بن شعبة وإنما هو مولى المغيرة بن شعبة ورآه عنه البيهقي في المعرفة وقال أبو حاتم: فيما نقله عنه ابنه في العلل وهم مالك في هذا الحديث في نسب عباد بن زياد وليس هو من ولد المغيرة بن شعبة ويقال له: عباد بن زياد بن أبي سفيان وإنما يرويه عن عروة وحمزة ابني المغيرة عن المغيرة وقال مصعب الزبيري أخطأ فيه مالك حيث قال: عن عباد بن زياد من ولد المغيرة والصواب عن عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة وقال الدارقطني: في الأحاديث التي خولف فيها مالك خالفه صالح بن كيسان ومعمر وابن جريج ويونس وعمرو بن الحارث وعقيل: بن خالد وعبد الرحمن بن مسافر وغيرهم فرووه عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه فزادوا على مالك في الإسناد عروة بن المغيرة بعضهم قال عن بن شهاب عن عباد عن عروة وحمزة ابني المغيرة عن أبيهما قال: ذلك عقيل: وعبد الرحمن بن خالد ويونس من رواية الليث عنه ولم ينسب أحد منهم عبادا إلى المغيرة وهو عباد بن زياد بن أبي سفيان قال ذلك مصعب الزبيري وقاله علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم ووهم مالك في إسناده في موضعين أحدهما قوله عباد بن زياد من ولد المغيرة والآخر إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة ابني المغيرة وقال في العلل وهم فيه مالك وهو مما يعتد به عليه ورواه إسحاق بن راهويه عن روح بن عبادة عن مالك عن الزهري عن عباد بن زياد عن رجل من ولد المغيرة فإن كان روح حفظه عن مالك هكذا فقد أتى بالصواب عن الزهري ورواه أسامة عن رجل من ولد المغيرة فإن كان روح حفظه عن مالك هكذا فقد أتى بالصواب عن الزهري ورواه أسامة بن زيد الليثي وبرد بن سنان وابن سمعان عن الزهري عن عروة بن المغيرة عن أبيه لم يذكروا في الإسناد عبادا والصحيح قول من ذكر عبادا وعروة انتهى ذهب لحاجته في غزوة تبوك زاد مسلم وأبو داود قبل الفجر وكانت غزوة تبوك سنة تسع من الهجرة في رجب وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم بنفسه وهي من أطراف الشام المقاربة للمدينة قيل: سميت بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم رأى قوما من أصحابه يبوكون عين تبوك أي يدخلون فيها القدح ويحركونه ليخرج الماء فقال: ما زلتم تبوكونها بوكا كمى بضم الكاف الجبة هي ما قطع من الثياب مشمرا قاله في المشارق وقد صلى بهم ركعة زاد مسلم وأبو داود من صلاة الفجر وزاد أحمد قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن بن عوف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعه" فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد مسلم وأبو داود وراء عبد الرحمن بن عوف وفي مسند البزار من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قبض نبي حتى يؤمه رجل من أمته" الركعة التي بقيت عليهم لفظ مسلم وأبي داود الركعة الثاني ثم سلم عبد الرحمن فقام النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته ففزع المسلمون فأكثروا التسبيح لأنهم سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: "قد أصبتم أو قد أحسنتم" وبهذا ظهر أن في رواية مالك حذفا كثيرا.
فائدة: اخرج بن سعد في الطبقات بسند صحيح عن المغيرة بن شعبة أنه سئل هل أم النبي صلى الله عليه وسلم أحد من هذه الأمة غير أبي بكر قال نعم كنا في سفر فلما كان من السحر انطلق وانطلقت معه حتى تبرزنا عن الناس فنزل عن راحلته فتغيب عني حتى ما أراه فمكث طويلا ثم جاء فصببت عليه فتوضأ ومسح على خفيه ثم ركبنا فأدركنا الناس وقد أقيمت الصلاة فتقدمهم عبد الرحمن ببن عوف وقد صلى بهم ركعة وهم في الثانية فذهبت أوذنه فنهاني فصلينا الركعة التي أدركت وقضينا التي سبقتنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين صلى خلف عبد الرحمن بن عوف: "ما قبض نبي قط حتى يصلي خلف رجل صالح من أمته" هذا الحديث صريح في أن النبي.(1/56)
..........................................................................................
صلى الله عليه وسلم صلى مرة مؤتما بأبي بكر وقد استشكل بما في الصحيح عن سهل بن سعيد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيم قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفقت الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فلما انصرف قال: "يا أبا بكر ما منعك أن ثبت إذ أمرتك" فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والجواب أن الترمذي والنسائي قد أخرجا عن عائشة قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه قاعدا قال الترمذي: حسن صحيح وأخرجه الترمذي من حديث أنس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به وقال حسن صحيح وأخرج البيهقي في المعرفة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في ثوب واحد برد مخالفا بين طرفيه فلما أراد أن يقوم قال: "ادع لي أسامة بن زيد" فجاء فأسند ظهره إلى نحوه فكانت آخر صلاة صلاها وأخرج النسائي عن أنس قال: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر وأخرج بن حبان في صحيحه عن عائشة أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه وقد استشكلت هذه الأحاديث بما في الصحيح عن عائشة قالت: لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة أذن فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين كأني أنظر رجليه تخطان من الوجع فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومئ إليه أن مكانك ثم أتى به حتى جلس إلى جنبه فقيل: للاعمش فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته والناس بصلاة أبي بكر فقال: نعم ولمسلم عن جابر نحوه وفيه أن أبا بكر كان مأموما وإن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الامام وفيه وأبو بكر يسمع الناس تكبيره والجواب أن هذه الأحاديث المختلفة قد جمع بينها بن حبان والبيهقي وابن حزم فقال بن حبان: ونحن نقول بمشيئة الله وتوفيقه: إن هذه الأخبار كلها صحاح وليس شيء منها معارض الآخر ولكن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في عليه صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة في أحداهما كان مأموما وفي الأخرى كان إماما قال والدليل على أنها كانت صلاتين لا صلاة واحدة أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بين رجلين تريد بأحهما العباس وبالآخر عليا وفي خبر مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بين بريدة وثوبة قال فهذا يدلك على أنها كانت صلاتين لا صلاة وقال البيهقي في المعرفة: والذي نعرفه بالاستدلال بسائر الأخبار أن الصلاة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف أبي بكر هي صلاة الصبح يوم الإثنين وهي آخر صلاة صلاها حتى مضى لسبيله وهي غير الصلاة التي صلاها أبو بكر خلفه قال ولا يخالف هذا ما ثبت عن أنس في صلاتهم يوم الإثنين وكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ونظره إليهم وهم صفوف في الصلاة وأمره إياهم باتمامها وإرخائه الستر فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى ثم انه وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك معه الركعة الثانية قال والذي يدل على ذلك ما ذكر موسى بن عقبة في المغازي وذكره أبو الأسود عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الإثنين فغدا صلاة الصبح يتوكأ على الفضل بن عباس وغلام له وقد سجد الناس مع أبي بكر في صلاة الصبح وهو قائم في الأخرى.(1/57)
أبيه عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تبوك قال المغيرة: فذهبت معه بماء فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكبت عليه الماء فغسل وجهه ثم ذهب يخرج يديه من كمي جبته فلم يستطع من ضيق كمي الجبة فأخرجهما من تحت الجبة فغسل يديه ومسح برأسه ومسح على الخفين فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن عوف يؤمهم وقد صلى بهم ركعة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة التي بقيت عليهم ففزع الناس فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحسنتم" .
74 - وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار أنهما أخبراه: أن عبد الله بن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهو أميرها فرآه عبد الله بن عمر يمسح على الخفين فأنكر ذلك عليه فقال له سعد: سل أباك إذا قدمت عليه فقدم عبد الله فنسي أن يسأل عمر عن ذلك حتى قدم سعد فقال: أسألت أباك فقال: لا فسأله عبد الله فقال عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما قال عبد الله: وإن جاء أحدنا من الغائط فقال عمر: نعم وإن جاء أحدكم من الغائط.
75 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر بال في السوق ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دعي لجنازة ليصلي عليها حين دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها.
76 - وحدثني عن مالك عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش أنه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبا فبال ثم أتي بوضوء فتوضأ فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم جاء المسجد فصلى.
ـــــــ.
فتخلص رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر قائم يقرأ القرآن فلما قضى أبو بكر قراءته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع معه الركعة الأخيرة ثم جلس أبو بكر حين قضى سجوده يتشهد والناس جلوس فلما سمل أتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة الأخيرة ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد فذكر القصة في دعائه أسامة بن زيد وعهده إليه فيما بعثه فيه ثم في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رواه بإسناده إلى بن شهاب وعروة قال البيهقي: فالصلاة التي صلاها أبو بكر وهو مأموم هي صلاة الظهر وهي التي خرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفضل بن عباس وغلام له قال وفي ذلك جمع بين الاخبار التي وردت في هذا الباب وقال بن حزم أيضا إنهما صلاتان متغايرتان بلا شك إحداهما التي رواها الأسود عن عائشة وعبيد الله عنها وعن بن عباس صفتها أنه عليه السلام أم الناس والناس خلفه وأبو بكر عن يمينه في موقف المأموم الذي يسمع الناس تكبيره والصلاة الثانية التي رواها مسروق وعبيد الله عن عائشة وحميد عن أنس صفتها أنه عليه الصلاة والسلام كان خلف أبي بكر في الصف مع الناس فارتفع الاشكال جملة قال: وليست صلاة واحدة في الدهر فجعل ذلك على التعارض بل في يوم خمس صلوات ومرضه عليه الصلاة والسلام كان مدة اثني عشر يوما فيه ستون صلاة أو نحو ذلك انتهى.(1/58)
قال يحيى: وسئل مالك عن رجل توضأ وضوء الصلاة ثم لبس خفيه ثم بال ثم نزعهما ثم ردهما في رجليه أيستأنف الوضوء فقال: لينزع خفيه وليغسل رجليه وإنما يمسح على الخفين من أدخل رجليه في الخفين وهما طاهرتان بطهر الوضوء وأما من أدخل رجليه في الخفين وهما غير طاهرتين بطهر الوضوء فلا يمسح على الخفين.
قال: وسئل مالك عن رجل توضأ وعليه خفاه فسها عن المسح على الخفين حتى جف وضوءه وصلى قال: ليمسح على خفيه وليعد الصلاة ولا يعيد الوضوء وسئل مالك عن رجل غسل قدميه ثم لبس خفيه ثم استأنف الوضوء فقال: لينزع خفيه ثم ليتوضأ وليغسل رجليه.(1/59)
"9 - باب العمل في المسح على الخفين"
77 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة: أنه رأى أباه يمسح على الخفين قال: وكان لا يزيد إذا مسح على الخفين على أن يمسح ظهورهما ولا يمسح بطونهما.
78 - وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن المسح على الخفين كيف هو فأدخل بن شهاب إحدى يديه تحت الخف والأخرى فوقه ثم أمرهما قال يحيى: قال مالك: وقول بن شهاب أحب ما سمعت إلى في ذلك.(1/59)
باب ماجاء في الرعاف
...
"10 - باب ما جاء في الرعاف"
79 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع فبني ولم يتكلم.
80- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس: كان يرعف فيخرج فيغسل الدم عنه ثم يرجع فيبني على ما قد صلى.
81- وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي: أنه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو يصلي فأتى حجرة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بوضوء فتوضأ ثم رجع فبنى على ما قد صلى.
ـــــــ.
79/49 - رعف بفتح العين والمضارع بضمها.(1/59)
"11 باب العمل في الرعاف1"
82 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي أنه قال: رأيت سعيد بن المسيب يرعف فيخرج منه الدم حتى تختضب أصابعه من الدم الذي يخرج من أنفه ثم يصلى ولا يتوضأ.
ـــــــ
1 في نسخة هذه الترجمة قبل التي قبلها.(1/59)
"12 - باب العمل فيمن غلبه الدم من جرح أو رعاف"
84- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن المسور بن مخرمة أخبره: أنه دخل على عمر بن الخطاب من الليلة التي طعن فيها فأيقظ عمر لصلاة الصبح فقال عمر: نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى عمر وجرحه يثعب1 دما.
85- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب قال: ما ترون فيمن غلبه الدم من رعاف فلم ينقطع عنه قال مالك: قال يحيى: بن سعيد ثم قال سعيد بن المسيب أرى أن يومئ برأسه إيماء قال يحيى: قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلى في ذلك.
ـــــــ.
84/54 - ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة أخذ بظاهره من كفر بترك الصلاة تكاسلا وهو مذهب جمع من الصحابة وبه قال أحمد وإسحاق ومال اليه الحافظ المنذري في ترغيبه يثعب بمثلثة ثم عين مهملة ثم موحدة قال في النهاية أي يجري وقال في العين أي ينفجر.
ـــــــ
1 يثعب يتفجر ا هـ مصححه.(1/60)
"13 - باب الوضوء من المذي"
86 - حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود: أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل إذا.
ـــــــ.
86/56 - عن سليمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أن علي بن أبي طالب قال بن عبد البر: هذا إسناد ليس بمتصل لأن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد ولا من علي ولم ير واحدا منهما فإنه ولد سنة أربع وثلاثين ولا خلاف أن المقداد توفي سنة ثلاث وثلاثين قال: وبين سليمان وعلي في هذا الحديث بن عباس أخرجه مسلم والنسائي من طريق بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار عن بن عباس قال: قال علي بن أبي طالب: أرسلت المقداد بن الأسود الحديث المذي في لغتان أفصحهما فتح الميم وسكون الذال المعجمة وتخفيف الياء والأخرى كسر الذال وتشديد الياء وهو ماء أبيض رقيق يخرج عند الملاعبة وتذكر الجماع فلينضح فرجه أي ليغسله قال في النهاية يرد النضح بمعنى الغسل والازالة وأصله الرشح ويطلق على الرش وضبطه النووي بكسر الضاد قال الزركشي: واتفق في بعض مجالس الحديث أن الشيخ أبا حيان قرأه بفتح الضاد فرد عليه السراج الدمنهوري وقال: نص النووي على أنه بالكسر فأساء أبو حيان وقال حق النووي: أن يستفيده مني والذي نلت هو القياس قال الزركشي: وكلام الجوهري يشهد لما قاله النووي لكن نقل عن صاحب الجامع أن الكسر لغة وإن الأفصح الفتح وليتوضأ وضوءه للصلاة قال الرافعي: بقطع احتمال حمل التوضؤ على الوضاءة الحاصلة بغسل الفرج فإن غسل العضو الواحد قد يسمى وضوا كما ورد أن الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر والمراد غسل ليد.(1/60)
"14 - باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي"
89 - حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أنه سمعه ورجل يسأله فقال: إني لأجد البلل وأنا أصلي أفأنصرف فقال له سعيد: لو سأل على فخذي ما انصرفت حتى أقضي صلاتي.
90- وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد أنه قال: سألت سليمان بن يسار عن البلل أجده فقال: أنضح ما تحت ثوبك بالماء واله عنه.
ـــــــ.
90/60 - الصلت بن زبيد بضم الزاي ومثناتين تحت مصغر.(1/61)
"15 - باب الوضوء من مس الفرج"
91 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن1 حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال.
ـــــــ.
91/61 - عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم قال بن عبد البر: هذا خطأ من يحيى حيث قال عن محمد والصواب بن محمد بلا شك وليس الحديث لمحمد بن عمرو بن حزم عند أحد من أهل العلم بالحديث ولا رواه بوجه من الوجوه وقد حدث به بن وضاح على الصحة فقال: عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فقال عروة: ما علمت هذا قال بن عبد البر: هذا مع منزلته من العلم والفضل دليل على أن الجهل ببعض المعلومات لا يدخل نقيصة على العالم إن كان عالما بالسنن إذ الإحاطة بجميع المعلومات لا سبيل إليها بسرة بضم الموحدة وسكون المهملة.
ـــــــ
1 في نسخة عن محمد وفي أخرى مضروب على حرف ا هـ.(1/61)
"16 - باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته"
97- حدثني يحيى عن مالك1 عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء.
98- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود: كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
99- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أنه كان يقول من قبلة الرجل امرأته الوضوء.
قال نافع قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي2.
ـــــــ
1 في نسخة حذف عن مالك ا هـ.
2 في نسخة زيادة بعد هذا نصها: قال ابن نافع قال مالك وذلك أحب ما سمعت إلي اهـ.(1/62)
"17 - باب العمل في غسل الجنابة"
100 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه ثم يفيض الماء على جلده كله.
101 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء هو الفرق1 من الجنابة.
102 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فأفرغ على يده اليمنى فغسلها ثم غسل فرجه ثم مضمض وأستنثر ثم غسل وجهه ونضح في عينيه ثم غسل يده اليمنى ثم اليسرى ثم غسل رأسه ثم اغتسل وأفاض عليه الماء.
103 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة: سئلت عن غسل المرأة من الجنابة فقالت لتحفن على رأسها ثلاث حفنات من الماء ولتضغث2 رأسها بيديها.
ـــــــ.
100/70 - غرفات بفتح الراء ثم يفيض أي يسيل والافاضة الاسالة على جلده قال الرافعي: سائر بدنه وقد يكنى بالجلد عن البدن.
101/71 - الفرق بفتح الراء على الأفصح الأشهر وحكى اسكانه ونقل أبو عبيد الاتفاق على أنه ثلاثة آسع وأنه ستة عشر رطلا قال الباجي: روى يحيى الفرق بتسكين الراء ورواه غيره بالتحريك وهو الصحيح وقال الأزهري الفرق في كلام العرب الفتح والمحدثون يسكنونه وفي النهاية لابن الأثير الفرق بالتحريك مكيال يسع ستة عشر رطلا وهي اثنا عشر مدا وثلاثة آصع فأما الفرق بالسكون فمائة وعشرون رطلا قال الحافظ بن حجر: وهو غريب.
102/72 - من الجنابة أي بسبب الجنابة ونضح في عينيه قال بن عبد البر: لم يتابع بن عمر على النضح في العين أحد قال وله شدائد حمله عليها الورع قال: وفي أكثر الموطآت سئل مالك عن ذلك فقال: ليس عليه العمل.
103/73 - ولتضغث باعجام الضاد والغين ومثلثة قال في النهاية: الضغث معالجة شعر الرأس باليد عند الغسل كأنها تخلط بعضه ببعض ليدخل فيه الغسول والماء.
ـــــــ
1 الفرق بالسكون مكيال يسع ستة عشر رطلا وقد تحرك رؤاه.
2 من ضغث ثوبه غسله ا هـ مصححه.(1/63)
"18 - باب واجب الغسل إذا التقى الختانان"
104 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن.
ـــــــ.
104/74 -: "إذا مس الختان الختان" قال أهل اللغة: ختان المرأة إنما يسمى حفاضا فذكره هنا بلفظ الختان للمشاكلة.(1/63)
الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون: إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل.
105 - وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ما يوجب الغسل فقالت: هل تدري ما مثلك يا أبا سلمة مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
106 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: لقد شق على اختلاف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أمر إني لأعظم أن أستقبلك به فقالت: ما هو ما كنت سائلا عنه أمك فسلني عنه فقال الرجل: يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل فقال أبو موسى الأشعري: لا أسأل عن هذا أحدا بعدك أبدا.
107 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان: أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد: يغتسل فقال له محمود إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل فقال له زيد بن ثابت: إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت.
108 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل.
ـــــــ.
105/75 – مثل الفروج يسمع الديكة قال الباجي: يحتمل معنيين أنه كان صبيا قبل البلوغ فسأل عن مسائل الجماع الذي لا يعرفه لو يبلغ حده والثاني: أنه لم يبلغ مبلغ الكلام في العلم.
107/77 - يكسل قال في النهاية: أكسل الرجل إذا جامع ثم أدركه فتور فلم ينزل ومعناه صار ذا كسل.(1/64)
"19 - باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل"
109 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال:
ـــــــ.
109/79 - 107 عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال بن عبد البر: كذا في الموطأ وهو المحفوظ ورواه عيسى عن مالك عن نافع عن بن عمر وهذا كالمستغرب عندهم وقال الحافظ بن حجر: قد رواه عنه عن نافع كذلك خمسة أو ستة فلا غرابة لكن الأول أشهى أنه قال ذكر عمر قال الحافظ بن حجر: مقتضاه أنه من مسند بن عمر وكذا هو عند أكثر الرواة ورواه أبو نوح عن مالك فزاد عن عمر وقد بين النسائي سبب ذلك في روايته من طريق بن عون عن نافع قال أصاب ان عمر جنابة فأتى عمر فذكر ذلك له فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فاستخبره فقال: ليتوضأ ويرقد قال الحافظ وعلى هذا فالضمير في قوله أنه تصيبه يعود على بن عمر لا على عمر توضأ واغسل ذكرك ثم نم قال بن الجوزي الحكمة فيه أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريهة.(1/64)
ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يصيبه جنابة من الليل فقال له رسول الله: "توضأ وأغسل ذكرك ثم نم" .
110- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول: إذا أصاب أحدكم المرأة ثم أراد أن ينام قبل أن يغتسل فلا ينم حتى يتوضأ وضوءه للصلاة.
111 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ثم طعم أو نام.
ـــــــ.
وأن الشياطين تقرب من ذلك وقال النووي: اختلف في حكمة هذا الوضوء فقال: أصحابنا لأنه يخفف الحدث وقيل: لعله أن ينشط إلى الغسل إذا بل أعضاءه وقيل: ليبيت على إحدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه قلت: أخرج الطبراني في الكبير بسند لا بأس به عن ميمونة بنت سعد قالت: قلت: يا رسول الله هل يأكل أحدنا وهو جنب قال: "لا يأكل حتى يتوضأ" قلت: يا رسول الله هل يرقد الجنب قال: "ما أحب أن يرقد وهو جنب حتى يتوضأ فاني أخشى أن يتوفى فلا يحضره جبريل عليه السلام" قال الباجي: ولا يبطل هذا الوضوء ببول ولا غائط قاله مالك في المجموعة ولا يبطل بشيء إلا بمعاودة الجماع فإن جامع بعد وضوئه أعاد الوضوء لأن الجماع الثاني يحتاج من إحداث الوضوء مثل ما احتاجه الأول قلت: ويخرج من هذا لغز لطيف فيقال لنا وضوء لا يبطله الحدث وإنما يبطله الجماع وقد نظمته فقلت:
قل للفقيه وللمفيد ... ولكل ذي باع مديد
ما قلت: في متوضئ ... قد جاء بالأمر السديد
لا ينقضون وضوءه ... مهما تغوط أو يزيد
ووضوؤه لم ينتقض ... إلا بإيلاج جديد(1/65)
"20 - باب إعادة الجنب الصلاة وغسله إذا صلى ولم يذكر وغسله ثوبه"
112 - حدثني يحيى عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أن عطاء بن يسار أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار إليهم بيده أن امكثوا فذهب ثم رجع وعلى جلده أثر الماء.
113 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن زييد بن الصلت أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب إلى الجرف فنظر فإذا هو قد احتلم وصلى ولم يغتسل فقال: والله ما أراني إلا.
ـــــــ.
112/82 - أن عطاء بن يسار أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في صلاة قال بن عبد البر: هذا مرسل وقد روي متصلا مسندا من حديث أبي هريرة وأبي بكرة قلت: حديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وحديث أبي بكرة أخرجه أبو داود وفيه أنها صلاة الفجر.
113/83 - إلى الجرف بضم الجيم والراء وفاء قال الرافعي: على ثلاثة أميال من المدينة من جانب الشام فنظر في ثوبه فرأى فيه أثر الاحتلام وغسل ما رأى في ثوبه قال الرافعي: يحتمل أن ذلك لأنه استنجى بالحجر ويحتمل أنه كان تنظفا ولذلك نضح ما لم ير فيه شيئا مبالغة في التنظيف.(1/65)
احتلمت وما شعرت وصليت وما اغتسلت قال: فأغتسل وغسل ما رأى في ثوبه ونضح ما لم ير وأذن أو أقام ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكنا.
114- وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن سليمان بن يسار: أن عمر بن الخطاب غدا إلى أرضه بالجرف فوجد في ثوبه احتلاما فقال: لقد ابتليت بالاحتلام منذ وليت أمر الناس فاغتسل وغسل ما رأى في ثوبه من الاحتلام ثم صلى بعد أن طلعت الشمس.
115- وحدثني عن مالك1 عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار: أن عمر بن الخطاب صلى بالناس الصبح ثم غدا إلى أرضه بالجرف فوجد في ثوبه إحتلاما فقال: إنا لما أصبنا الودك لانت العروق فأغتسل وغسل الاحتلام من ثوبه وعاد لصلاته.
116 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أنه اعتمر مع عمر بن الخطاب في ركب فيهم عمرو بن العاص وإن عمر بن الخطاب عرس ببعض الطريق قريبا من بعض المياه فاحتلم عمر وقد كاد أن يصبح فلم يجد مع الركب ماء فركب حتى جاء الماء فجعل يغسل ما رأى من ذلك الاحتلام حتى أسفر فقال له عمرو بن العاص: أصبحت ومعنا ثياب فدع ثوبك يغسل فقال عمر بن الخطاب: واعجبا لك يا عمرو بن العاص لئن كنت تجد ثيابا أفكل الناس يجد ثيابا والله لو فعلتها لكانت سنة بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر.
قال2 مالك: في رجل وجد في ثوبه أثر احتلام ولا يدري متى كان ولا يذكر شيئا رأى في منامه قال ليغتسل من أحدث نوم نامه فإن كان صلي بعد ذلك النوم فليعد ما كان صلى بعد ذلك النوم من أجل أن الرجل ربما احتلم ولا يرى شيئا ويرى ولا يحتلم فإذا وجد في ثوبه ماء فعليه الغسل وذلك أن عمر أعاد ما كان صلى لآخر نوم نامه ولم يعد ما كان قبله.
ـــــــ.
114/84 - فقال: لقد ابتليت بالاحتلام منذ وليت أمر الناس قال الباجي: يحتمل أن يريد أن شغله بأمر الناس واهتمامه بهم صرفه عن الاشتغال بالنساء فكثر عليه الاحتلام ويحتمل أن يريد أن ذلك كان وقتا لابتلائه به لمعنى من المعاني لم يذكره ووقته بما ذكر من ولايته.
ـــــــ
1 في نسخة حذف عن مالك اهـ مصححه.
2 في نسخة زيادة يحيى قال.(1/66)
باب غسل المرأة إذا رأت في المنام مثل مايرى الرجل
...
"21 - باب غسل المرأة إذا رأت1 في المنام مثل ما يرى الرجل"
117 - حدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير: أن أم سليم قالت.
ـــــــ.
117/87 - عن بن شهاب عن عروة بن الزبير أن أم سليم قال بن عبد البر: كذا هو في الموطأ وقال فيه بن أبي أويس عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن أم سليم وكل من روى هذا الحديث عن مالك لم يذكر فيه عنه عن عائشة فيما علمت إلا بن أبي الوزير وعبد الله بن نافع فإنهما روياه عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة أن أم سليم ثم أسنده من طريقهما قال وقال الدارقطني: تابع بن أبي الوزير على إسناد.
ـــــــ
1 في نسخة زيادة في المنام اهـ مصححه.(1/66)
..........................................................................................
هذا الحديث عن مالك حباب بن جبلة وعبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون ومعن بن عيسى قال بن شهاب عن عروة عن عائشة وقال أبو داود: تابع بن شهاب مسافع الحجبي فرواه أيضا عن عروة عن عائشة قال بن عبد البر: وأما هشام بن عروة فرواه عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قال محمد بن يحيى الذهلي: وهما حديثان عندنا اتهى قلت: وقد وصله مسلم وأبو داود من طريق عن عائشة فقالت: لها عائشة أف لك في حديث آخر أن أم سلمة هي القائلة ذلك قال القاضي عياض: ويحتمل أن عائشة وأم سلمة كانتا هما أنكرتا عليها فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم كل واحدة بما أجابها وإن كان أهل الحديث يقولون: ان الصحيح هنا أم سلمة لا عائشة قال الحافظ بن حجر: وهو جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد قال الباجي: قولها أف لك على معنى الإنكار لقولها والاغلاظ عليها لما أخبرت به عن النساء وقال القاضي عياض: أف لك أي استحقارا لك وهي كلمة تستعمل في الاستحقار والاستقذار وأصل الأف وسخ الأظافر فيه عشرة لغات أف بالضم والكسر والفتح دون تنوين وبالتنوين أيضا وذلك مع ضم الهمزة فهذه ستة وإنه واف بكسر الهمزة وفتح الفاء وأف بضم الهمزة وتسكين الفاء وافى بضم الهمزة والقصر انتهى قلت: بل فيه نحو أربعين لغة حكاها أبو حيان في الارتشاف وغيره وقد نظمتها في أبيات فقلت:
أف ربع أخيره ثم ثلث ... مبتداه مشددا ومخفف
وبتنوينه وبالترك أفا ... لا ممالا وبالامالة مضعف
وبكسر ابتدا وافى مثلت ... وزد الهاء في أف أطلق لا أف
ثم مدا بكسر أف واف ... ثم أفو فاحفظ ودع ما يزيف
وهل ترى ذلك بكسر الكاف المرأة قال بن عبد البر: فيه دليل على أه ليس كل النساء تحتلمن وإلا لما أنكرت عائشة وأم سلمة قال قد يوجد عدم الاحتلام في بعض الرجال إلا أن في ذلك النساء أوجد وأكثر قلت: وأي مانع من أن يكون ذلك خصيصة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنهن لا يحتلمن كما أن من خصائص الأنبياء عليهم السلام انهم لا يحتلمون لأن الاحتلام من الشيطان فلم يسلط عليهم وكذلك لم يسلط على أزواجه تكريما له تربت يمينك قال الباجي: قال عيسى بن دينار: ما أراه أراد بذلك إلا خيرا وما الاتراب إلا الغنى قال الباجي: فرأى أن ترب من الاتراب وليس منه وإنما هو من التراب وقال بن نافع: معناه ضعف عقلك الجهني هذا وقيل: معناه افتقرت يداك من العلم إذا جهلت مثل هذا فقد قل حظك من العلم وهو معنى قول بن كيسان وقال الأصمعي: معناه الحض على تعلم مثل هذا كما يقال: انج ثكلتك أمك لا يريد أن تثكل وقال أبو عمرو: معنى تربت يمينك أصابها التراب ولم يدع عليها بالفقر وقال الداودي: قد قال قوم إنها ثربت بالثاء المثلثة يريد استغنت من الثرب وهو الشحم وقال هي لغة للقبط صيروا التاء ثاء حتى جرى على ألسنة العرب كما أبدلوا من الثاء فاء قال الباجي: والأظهر أنه صلى الله عليه وسلم خاطبها على عادة العرب في تخاطبها وهم يستعملون هذه اللفظة عند الإنكار لمن لا يريدون فقره وإن كان معناها افتقرت يداك يقال: ترب فلان إذا افتقر فلصق بالتراب وأترب إذا استغنى وصار ماله كالتراب كثرة قال: ويحتمل أن يفعل ذلك بعائشة على وجه التأديب لها لانكارها ما أقر عليه وهو لا يقر إلا على الصواب وقد قال: اللهم أيما مؤمن سببته فاجعل.(1/67)
لرسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل أتغتسل فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم فلتغتسل" فقالت لها عائشة: أف لك وهل ترى ذلك المرأة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تربت يمينك ومن أين يكون الشبه" .
118- حدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم.
ـــــــ.
ذلك قربة إليك فلا يمتنع على هذا أن يقول ذلك لها لتؤجر وليكفر بها ما قالته لأم سليم قال وروى بن حبيب عن مالك تربت بمعنى خسرت وهو بمعنى ما قدمناه وقيل: معناه امتلأت ترابا انتهى.
وقال القاضي عياض: هذا اللفظ وشبهه يجري على ألسنة العرب من غير قصد للدعاء وقد قال البديع في رسالته وقد يوحش اللفظ وكله ود ويكره الشيء وليس من فعله بد هذه العرب تقول لا أب لك للشيء إذا أهم وقاتله الله ولا يريدون الذم وويل أمه لأمر إذا تم ولك لباب في هذا الباب أن تنظر إلى القول وقائله فإن كان وليا فهو الولا وإن خشن وإن كان عدوا فهو البلاء وإن حسن وقال النووي: في هذه اللفظة خلاف كثير منتشر جدا للسلف والخلف من الطوائف كلها والأصح الأقوى الذي عليه المحققون في معناها أنها كلمة أصلها افتقرت ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي فيذكرون تربت يداك وقاتله الله ما أشجعه ولا أم له ولا أب لك وثكلته أمه وويل أمه وما اشبه هذا من الفاظهم يقولونها عند إنكار الشيء والزجر عنه أو الذم عليه أو استعظامه أو الحث عليه أو الإعجاب به وقال صاحب النهاية هذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر بها كما يقولون: قاتله الله وقال بعضهم هو دعاء على الحقيقة لأنه رأى الحاجة خيرا لها والأول الوجه انتهى واعلم أني في هذا الكتاب أطنب حيث يستحق الإطناب وأوجز حيث ما يقتضي الحال الإيجاز وما أحسن قول من قال:
يرمون بالخطب الطوال وتارة ... وحي الملاحظ خيفة الرقباء
ومن أين يكون الشبه ضبط بفتح الشين والباء وبكسر الشين وسكون الباء قال الباجي: يريد شبه الابن لأحد أبويه أو لاقاربه ومعنى ذلك أن للمرأة ماء تدفعه عند اللذة الكبرى كما للرجل ما يدفعه عند اللذة الكبرى فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة خرج الولد يشبه عمومته وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد يشبه خؤلته.
118/88 - جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاري زاد أبو داود وهي أم أنس بن مالك إن الله لا يستحي من الحق قال ابباجي يحتمل أن تريد لا يأمر أن يسحي من الحق ويحتمل أن تريد لا يمتنع من ذكره امتناع المستحيي قال وإنما قدمت ذلك بين يدي قولها لما احتاجت إليه من السؤال عن أمر يسحي النساء من ذكره ولم يكن لها بد منه وقال الرافعي: معناه لا يتركه فإن من يستحي من الشر يتركه والمعنى أن الحياء لا ينبغي أن يمنع من طلب الحق ومعرفته وقال بن دقيق العيد لعل لقائل أن يقول إنما يحتاج إلى تأويل الحياء في حق الله إذا كان الكلام مثبتا كما جاء إن الله حيي كريم وأما في النفي فالمستحيلات على الله تنفى ولا يشترط في النفي أن يكون المنفي ممكنا وجوابه أنه لم يرد النفي على الاستحياء مطلقا بل ورد على الاستحياء من الحق وبطريق المفهوم يقتضي أنه يستحي من غير الحق فيعود بطريق المفهوم إلى جانب الاثبات انتهى ويستحيي بياءين في لغة الحجاز وبياء واحدة في لغة تميم إذا هي احتلمت الاحتلام افتعال من الحلم بضم الحاء وسكون اللام وهو ما يراه النائم في نومه وخصصه العرف ببعض ذلك وهو رؤية الجماع وفي.(1/68)
سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: جاءت أم سليم امرأة أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال: "نعم إذا رأت الماء" .
ـــــــ.
رواية أحمد من حديث أم سليم أنها قالت: يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل وفي ربيع الأبرار للزمخشري عن بن سيرين قال لا تحتلم ودعا إلا على أهله قال نعم إذا رأت الماء أي المني بعد الاستيقاظ زاد البخاري من طريق آخر عن هشام فغطت أم سلمة يعني وجهها وقالت: يا رسول الله وتحتلم المرأة قال: "نعم تربت يمينك فيم يشبهها ولدها" ولأحمد أنها قالت: وهل للمرأة ماء فقال: هن شقائق الرجال قال الرافعي: أي نظائرهم وأمثالهم في الخلق.(1/69)
"22 - باب جامع غسل الجنابة"
119- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا.
120- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يعرق في الثوب وهو جنب ثم يصلي فيه.
121- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يغسل جواريه رجليه ويعطينه الخمرة وهن حيض.
وسئل مالك عن رجل له نسوة وجواري هل يطؤهن جميعا قبل أن يغتسل فقال: لا بأس بأن يصيب الرجل جاريتيه قبل أن يغتسل فأما النساء الحرائر فيكره أن يصيب الرجل المرأة الحرة في يوم الأخرى فأما أن يصيب الجارية ثم يصيب الأخرى وهو جنب فلا بأس بذلك وسئل مالك عن رجل جنب وضع له ماء يغتسل به فسها فأدخل أصبعه فيه ليعرف حر الماء من برده قال مالك: إن لم يكن أصاب أصبعه أذى فلا أرى ذلك ينجس عليه الماء.
ـــــــ.
121/91 - ويعطينه الخمرة قال في النهاية هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أو نسجة خوص أو نحوه من الثياب ولا يكون خمرة إلا في هذا المقدار وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها انتهى.(1/69)
"23- هذا باب في التيمم1"
122- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم.
ـــــــ.
122/92 - عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره قال جماعة منهم بن سعد وابن حبان وابن عبد البر أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق حتى إذا كنا بالبيداء هي الشرف الذي قدام ذي الحليفة أو بذات الجيش هي من المدينة على بريد وبينها وبين العقيق سبعة أميال عقد بكسر المهملة كل ما.
ـــــــ
1 في نسخة ما جاء بدل هذا الباب.(1/69)
"24 باب العمل في التيمم"
123 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أنه أقبل هو وعبد الله بن عمر من الجرف حتى إذا كانا بالمربد نزل عبد الله فتيمم صعيدا طيبا فمسح وجهه ويديه إلى المرفقين ثم صلى.
124 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يتيمم إلى المرفقين وسئل مالك كيف التيمم وأين يبلغ به فقال: يضرب ضربة للوجه وضربة لليدين ويمسحهما إلى المرفقين.(1/71)
"25 - باب تيمم الجنب 1 "
125 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة أن رجلا سأل سعيد بن المسيب عن الرجل الجنب يتيمم ثم يدرك الماء فقال سعيد: إذا أدرك الماء فعليه الغسل لما يستقبل.
قال مالك: فيمن احتلم وهو في سفر ولا يقدر من الماء إلا على قدر الوضوء وهو لا يعطش حتى يأتي الماء قال يغسل بذلك فرجه وما أصابه من ذلك الأذى ثم يتيمم صعيدا طيبا كما أمره الله.
وسئل مالك عن رجل جنب أراد أن يتيمم فلم يجد ترابا إلا تراب سبخة هل يتيمم بالسباخ وهل تكره الصلاة في السباخ قال مالك: لا بأس بالصلاة في السباخ والتيمم منها لأن الله تبارك وتعالى قال: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} [المائدة: 6] فكل ما كان صعيدا فهو يتيمم به سباخا كان أو غيره.
ـــــــ
....................................................................................................
ـــــــ
1 في نسخة زيادة لفظ في قبل تيمم اهـ مصححه.(1/71)
باب مايحل للرجل من امرأته وهي حائض
...
"26 باب ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض"
126 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما.
ـــــــ.
126/96 - عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال بن عبد البر: لا أعلم أحدا روى هذا مسندا بهذا اللفظ ومعناه صحيح ثابت.(1/71)
"27 - باب طهر الحائض"
130 - حدثني يحيى عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة.
131 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته عن ابنة زيد بن ثابت أنه.
ـــــــ.
130/100 - بالدرجة قال بن عبد البر: من رواه هكذا فهو على تأنيث الدرج وكان الأخفش يرويه الدرجة ويقول هو جمع درج مثل خرجة وخرج وترسة وترس وقال صاحب النهاية هكذا يروى بكسر الدال وفتح الراء جمع درج وهو كالصفد الصغير تضع فيه المرأة خف متاعها وطيبها وقيل: إنما هو بالدرجة تأنيث درج وقيل: إنما هي الدرجة بالضم وجمعها الدرج وأصله شيء يدرج أي يلف فيدخل في حياء الناقة ثم يخرج ويترك على حوار فتشتبه فتظنه ولدها فتر أمه انتهى الكرسف القطن حتى ترين القصة البيضاء بفتح القاف والصاد المهملة المشددة قال بن رشيق وهو الطهر الأبيض الذي يرينه النساء عند النقاء من الحيض شبه بياضه بالقص وهو الجص وقال في النهاية هو أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحشى بها الحائض كأنها قصة بيضاء لا يخالطها صفة وقيل: القصة شيء كالخيط يخرج بعد انقطاع الدم كله.
131/101 - عن ابنة زيد بن ثابت اسمها أم أسعد فكانت تعيب ذلك عليهن قال الباجي: لتكلفهن من ذلك مالا يلزم قال وإنما يلزم النظر إلى الطهر إذا أرادت النوم أو إن أقمن لصلاة الصبح قاله مالك في المبسوط.(1/72)
بلغها: أن نساء كن يدعون بالمصابيح من جوف الليل ينظرن إلى الطهر فكانت تعيب ذلك عليهن وتقول ما كان النساء يصنعن هذا.
132 - وسئل مالك عن: الحائض تطهر فلا تجد ماء هل تتيمم قال نعم لتتيمم فإن مثلها مثل الجنب إذا لم يجد ماء تيمم.(1/73)
"28 - باب جامع الحيضة"
133 - حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: في المرأة الحامل ترى الدم أنها تدع الصلاة.
134 - وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن المرأة الحامل ترى الدم قال تكف عن الصلاة قال يحيى: قال مالك: وذلك الأمر عندنا.
135 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض.
136 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أرأيت إحدانا إذا.
ـــــــ.
135/105 - أرجل بتشديد الجيم من الترجيل وهو تسريح الشعر وتنظيفه.
136/106 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن فاطمة بنت المنذر قال بن عبد البر: كذا وقع في رواية يحيى وهو خطأ بين منه وغلط بلا شك وإنما الحديث في لهشام عن فاطمة امرأته وكذا رواه كل من روى عن هشام مالك وغيره عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: سألت امرأة في رواية سفيان بن عيينة عن هشام أن أسماء قالت: سألت كذا أخرجه الشافعي قال الرافعي: ممكن أن تعني في رواية مالك نفسها ويمكن أنها سألت عنه وسأل غيرها أيضا فترجع كل رواية إلى سؤال قال: وذكر البيهقي أن الصحيح أن امرأة سألت وقال الحافظ بن حجر: أغرب النووي فضعف رواية سفيان بلا دليل وهي صحيحة الإسناد لا علة لها قال ولا بعد في أن يتهم الراوي اسم نفسه كما وقع في حديث أبي سعيد الخدري في قصة الرقية بفاتحة الكتاب أرأيت هي بمعنى أخبرني ويجب في التاء إذا لم تتصل بها الكاف ما يجب لها مع سائر الأفعال من تذكير وتأنيث وتثنية وجمع إذا أصاب ثوبها الدم بنصب ثوبها ورفع الدم من الحيضة قال النووي: بفتح الحاء أي الحيض وقال الرافعي: يجوز فيه الكسر وهي الحالة التي عليها المرأة ويجوز الفتح وهي المرة من الحيض قال: وهذا أظهر فلتقرضه قال الباجي: رواه يحيى وأكثر الرواة بضم الراء وتخفيفها ورواه القعنبي بكسر الراء وتشديدها ومعناه تأخذ الماء وتغمره بأصبعها للغسل وقال النووي: معناه تقطعه بأطراف الأصابع مع الماء ليتحلل ثم لتنضحه قال النووي: أيتغسله قال وهو بكسر الضاد كذا قاله الجوهري وغيره وقال الرافعي: فسره الشافعي بالغسل قال: النضح يطلق على الصب والرش والغسل وقال القرطبي: المراد هنا الرش لأن غسل الدم استفيد من قوله فلتقرصه وأما النصح فهو لما شكت فيه من الثوب ورده الحافظ بن حجر بأنه يلزم منه اختلاف الضمائى في المرجع وهو خلاف الأصل وبأن الرش على المشكوك فيه لا يفيد شيئا لأنه إن كان طاهرا فلا حاجة إليه وإن كان متنجسا لم يطهر بذلك.(1/73)
أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه1 ثم لتنضحه بالماء ثم لتصل فيه" .
ـــــــ
1 في نسخة بالضاد اهـ مصححه.(1/74)
باب في المستحاضة
...
"29 - باب المستحاضة"
137 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت قالت فاطمة بنت أبي حبيش: يا رسول الله إني لا أطهر أفأدع الصلاة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي الدم عنك وصلي" .
138 - وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم:
ـــــــ.
137/107 - فاطمة بنت أبي حبيش بالحاء المهملة والموحدة والشين المعجمة بصيغة التصغير اسمه قيس بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي غير فاطمة بنت قيس التي طلقت ثلاثا إني لا أطهر قال الباجي: تريد لا ينقطع عنها الدم إنما ذلك بكسر الكاف عرق بكسر العين وسكون الراء هو المسمى بالعاذل بالذال المعجمة وليست بالحيضة قال النووي: يجوز فيها الوجهان الكسر على الحالة واختاره الخطابي والفتح وهو الأظهر أي الحيض قال وهذا الوجه نقله الخطابي عن أكثر المحدثين أو كلهم وهو في هذا الموضع متعين أو قريب من المتعين فإن المعنى يقتضيه لأنه صلى الله عليه وسلم أراد إثبات الاستحاضة ونفي الحيض قال وأما ما يقع في كثير من كتب الفقه إنما ذلك عرق انقطع أو انفجر فهي زيادة لا تعرف في الحديث وإن كان لها معنى فإذا أقبلت الحيضة قال النووي: يجوز هنا الوجهان فتح الحاء وكسرها جوازا حسنا فإذا ذهب قدرها قال الباجي: يحتمل أن يريد قدر الحيضة على ما قدره الشرع وإن يريد قدرها على ما تراه المرأة باجتهادها وإن يريد قدرها على ما تقدم من عادتها في حيضها.
138/108 - عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قال بن عبد البر: كذا رواه مالك وأيوب ورواه الليث بن سعد وصخر بن جويرية وعبد الله بن عمر عن نافع عن سليمان بن يسار أن رجلا أخبره عن أم سلمة فادخلوا بين سليمان وبين أم سلمة رجلا أن امرأة قال الباجي: يقال هي فاطمة بنت أبي حبيش قال وقد بين ذلك حماد بن زيد وسفيان بن عيينة في حديثهما عن أيوب عن سليمان بن يسار قلت: وكذا هو مبين في سنن أبي داود من طريق وهيب عن أيوب كانت تهراق الدماء قال الباجي: يريد أنها من كثرة الدم بها كانت تهريقه وفي النهاية كذا جاء هذا الحديث تهراق الدم على ما لم يسم فاعله والدم منصوب أي تهراق هي الدم وهو منصوب على التمييز وإن كان معرفة وله نظائر أو يكون قد أجرى تهراق مجرى نفست المرأة غلاما ونتج الفرس مهرا قال: ويجوز رفع الدم على تقدير تهراق دماؤها ويكون اللف واللام بدلا من الإضافة كقوله: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} 1 أي عقدة نكاحه أو نكاحها قال: والهاء تهراق بدل من همزة أراق يقال: أراق الماء يريقه وهراقه يهريقه بفتح الهاء هراقة انتهى وقال أبو حيان في شرح التسهيل: اختلفوا في تشبيه الفعل اللازم بالفعل المتعدي كما شبه وصفه باسم الفاعل المتعدي فأجاز ذلك بعض.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 237.(1/74)
أن امرأة كانت تهراق الدماء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لتنظر إلى عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي" .
137 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة: أنها رأت.
ـــــــ.
المتأخرين فتقول زيد قد تفقأ الشحم أصله تفقأ شحمه فأضمرت في تفقأ ونصبت الشحم تشبيها بالمفعول واستدل بما روي في الحديث كانت امرأة تهراق الدماء ومنع من ذلك أبو علي الشلويين وقال: لا يكون ذلك إلا في الصفات وتأول الحديث على أنه إسقاط حرف الجر أو على إضمار فعل أي بالدماء أو يهريق الله الدماء منها قال أبو حيان: وهذا هو الصحيح إذ لم يثبت ذلك من لسان العرب لتستثفر بمثلثة قبل الفاء قال في النهاية: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها.
فائدة قال أحمد بن حنبل: في الحيض ثلاثة أحاديث حديثان ليس في نفسي شيء منهما حديث عائشة في قضية فاطمة بنت أبي حبيش وحديث أم سلمة والثالث في قلبي منه شيء وهو حديث حمنة بنت جحش قال أبو داود: وما عدا هذه الثلاثة أحاديث ففيها اختلاف واضطراب وقال أبو محمد الأشبيلي حديث فاطمة أصح حديث يروى في الاستحاضة.
139/109 - عن زينب بنت أم سلمة أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وكانت تستحاض قال الباجي: قول رأت زينب وهم لأن زينب بنت جحش كانت زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأختها حمنة كانت تحت طلحة بن عبيد الله وأختها أم حبيبة كانت تحت عبد الرحمن بن عوف واسمها جهبة وقد روى هذا الحديث بن عفير عن مالك وقال ابنة جحش فلم يسمها وكذلك رواه القعنبي عن مالك فإن كان هذا محفوظا فهو الصواب وقال القاضي عياض: اختلف أصحاب الموطأ في هذا عن مالك فأكثرهم يقولون: زينب بنت جحش وكثير من الرواة يقولون: عن ابنة جحش قال وهذا هو الصواب قال ويبين الوهم فيه بقوله: كانت تحت عبد الرحمن وزينب هي أم المؤمنين لم يتزوجها عبد الرحمن بن عوف قط إنما تزوجها أولا زيد بن حارثة ثم تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف هي أم حبيبة وقال بن عبد البر: قيل: إن بنات جحش الثلاثة زينب وأم حبيبة وحمنة زوج طلحة كن يستحضن كلهن وقيل: إنه لم يستحض منهن إلا أم حبيبة وذكر القاضي يونس بن مغيث في كتابه الموعب في شرح الموطأ مث لهذا وذكر أن كل واحدة منهن اسمها زينب ولقب إحداهن حمنة وكنبة الأخرى أم حبيبة قال: وإذا كان هذا هكذا فقد سلم مالك من الخطأ في تسمية أم حبيبة زينب انتهى كلام القاضي قال النووي: وأما قوله أم حبيبة فقد قال الدارقطني: قال إبراهيم الحربي: الصحيح أنها أم حبيب بلا هاء واسمها حبيبة قال الدارقطني: قول الحربي صحيح وكان من أئمة الناس بهذا الشأن وقال أبو علي الغساني الصحيح أن اسمها حبيبة وقال بن الأثير يقال لها أم حبيبة وقيل: أم حبيب قال والأول أكثر وكانت مستحاضة وأهل السير يقولون: المستحاضة أختها حمنة بنت جحش قال بن عبد البر: الصحيح إنهما كانتا تستحاضان انتهى وقال صاحب المطالع قول الموطأ رأت زينب بنت جحش قال الحربي: صوابه أم حبيب واسمها حبيبة قال الدارقطني: وهو الصواب قال أبو عمرو وهو الأكثر وبنات جحش ثلاث زينب وحبيبة هذه وحمنة فقيل: كن يستحضن كلهن.(1/75)
زينب بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف وكانت تستحاض فكانت تغتسل وتصلي.
140- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن: أن القعقاع بن حكيم وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن المسيب يسأله كيف تغتسل المستحاضة فقال: تغتسل من طهر إلى طهر وتتوضأ لكل صلاة فإن غلبها الدم استثفرت.
141- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ليس على المستحاضة إلا أن تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ بعد ذلك لكل صلاة.
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا أن المستحاضة إذا صلت أن لزوجها أن يصيبها وكذلك النفساء إذا بلغت أقصى ما يمسك النساء الدم فإن رأت الدم بعد ذلك فإنه يصيبها زوجها وإنما هي بمنزلة المستحاضة قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في المستحاضة على حديث هشام بن عروة عن أبيه وهو أحب ما سمعت إلى في ذلك.
ـــــــ.
وقيل: بل حبيبة فقط وقيل: بل حبيبة وحمنة وهذا الأصح وحكى لنا شيخنا أبو إسحاق اللواتي عن بن سهل عن يونس بن عبد الله القاضي أنه حكى أن بنات جحش كن ثلاثا اسم كل واحدة منهن زينب وكن يستحضن كلهن قال القاضي وسألت عن ذلك حفيده يونس بن محمد بن مغيث فصححه قال بن قرقول: وهذا لا يقبل ولا يلتفت إليه لأنه لم يسمع إلا من هذا الوجه وأهل المعرفة بهذا الشأن لا يثبتونه وإنما حمل عليه من قاله إنه لا ينسب إلى مالك وهم انتهى.
فائدة: عد الحافظ بن حجر في شرح البخاري المستحاضات من الصحابيات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فبلغن عشرة بنات جحش الثلاثة على ما تقدم وفاطمة بنت أبي حبيش وتقدم حديثها وسودة بنت زمعة وحديثها عند أبي داود وابن خزيمة وأم سلمة وحديثها في سنن سعيد بن منصور وأسماء بنت عميس رواه الدارقطني وهو في سنن أبي داود أيضا لكن على التردد هل هو عنا أو عن فاطمة بنت أبي حبيش وسهلة بنت سهيل ذكرها أبو داود أيضا وأسماء بنت مرشد ذكرها البيهقي وغيره وبادية بنت غيلان ذكرها ان منده وروى الإسماعيلي في حمنة حديث يحيى بن أبي كثير أن زينب بنت أم سلمة استحاضت قال الحافظ بن حجر: لكن الحديث في سنن أبي داود من حكاية زينب عن غيرها وهو أشبه فانها كانت ف زمنه صلى الله عليه وسلم صغيرة لأنه دخل على أمها في السنة الثالثة وهي ترضع.(1/76)
باب ماجاء في بول الصبي
...
"30 - باب ما جاء في بول الصبي"
142 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فأتبعه إياه.
ـــــــ.
142/112 - أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي فبال على ثوبه قال الحافظ بن حجر: يظهر لي أن المراد به بن أم قيس المذكور في الحديث بعده قال: ويحتمل أن يكون الحسن بن علي أو الحسين فقد وقع لهما أيضا ذلك كما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أم سلمة وغيرها فأتبعه إياه بإسكان المثناة أي أتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم البول الماء أي صبه عليه ولمسلم فاتبعه ولم يغسله ولابن المنذر فنضحه عليه.(1/76)
143 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبيد بن عبد الله بن عتبة بن1 مسعود عن أم قيس بنت محصن: أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه في حجره فبال على ثوبه فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه ولم يغسله.
ـــــــ.
143/113 - عن أم قيس بنت محصن قال بن عبد البر: اسمها جذامة يعني بالجيم والذال المعجمة وقال السهيلي اسمها آمنة وهي أخت عكاشة بن محصن الأسدي وكانت من المهاجرات الأول أنها أتت بابن لها صغير قال الحافظ بن حجر: لم أقف على تسميته قال وروى النسائي: أن ابنها هذا مات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير في حجره بفتح الحاء فبال على ثوبه قال الحافظ بن حجر: أي ثوب النبي صلى الله عليه وسلم قال وأغرب بن شعبان من المالكية فقال: المراد به ثوب الصبي والصواب الأول ولم يغسله ادعى الأصيلي أه هذه الجملة مدرجة في آخر الحديث من كلام بن شهاب وإن المرفوع انتهى عند قوله فنضحه قال وكذلك روى معمر عن بن شهاب وكذلك أخرجه بن أبي شيبة قال فرشه ولم يرد على ذلك وتوقف الحافظ بن حجر في ذلك قال نعم زاد معمر في روايته قال بن شهاب فمضت السنة أن يرش بول الصبي ويغسل بول الجارية أخرجه عبد الرزاق في مصنفه.
ـــــــ
1 في نسخة زيادة ابن عبد الله بين عبيد الله وعتبة اهـ مصححه.(1/77)
باب ماجاء في البول قائما وغيره
...
"31 - باب ما جاء في البول قائما1 وغيره"
144 - حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال دخل أعرابي المسجد فكشف عن فرجه ليبول فصاح الناس به حتى علا الصوت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتركوه" فتركوه فبال ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب على ذلك المكان.
145 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار: أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر يبول.
ـــــــ.
144/114 - عن يحيى بن سعيد أنه قال دخل أعرابي المسجد وصله البخاري ومسلم والنسائي من طرق عن يحيى عن أنس بقه قال بن عبد البر: وهذا الحيدث أصح حديث يروى في الماء قال الحافظ بن حجر: وقد حكى أبو بكر التاريخي عن عبد الله بن رافع المدني أن هذا الأعرابي هو الأقرع بن حابس التميمي لكن أخرج أبو موسى المديني في الصحابة من مرسل سليمان بن يسار أنه ذو الخويصرة قال وكان رجلا جافيا وفي الصحيح أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم في تلك القسمة أعدل فقال له: "ويحك ومن يعدل إذا لم أعدل" وفي الترمذي في أول هذا الحديث انه صلى ثم قال اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا فقال له صلى الله عليه وسلم: "لقد تحجرت واسعا" فلم يلبث أن بال في المسجد قال بعض الفضلاء فهو القائل والسائل والبائل بذنوب بفتح المعجمة قال الخليل هو الدلو ملأى ماء وقال بن فارس الدلو العظيمة وقال بن السكيت فيها ماء قربت من الملء ولا يقال لها فارغة ذنوب فصب على ذلك المكان زاد مسلم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن" .
145/115 - بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضئون من الغائط قال في الاستذكار عي بمن مضى.
ـــــــ
1 في نسخة قائما وغيره محذوفة اهـ مصححه.(1/77)
قائما قال يحيى: وسئل مالك عن غسل الفرج من البول والغائط هل جاء فيه أثر فقال: بلغني أن بعض من مضى كانوا يتوضؤون من الغائط وأنا أحب أن أغسل الفرج من البول.
ـــــــ.
عمر بن الخطاب لأن من روايته أنه كان يتوضأ بالماء لما تحت إزاره وقد روى في قصة أهل قباء أنهم كانوا يتوضئون من الغائط بالماء.(1/78)
باب ماجاء في السواك
...
"32 باب ما جاء في السواك"
146 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن بن السباق: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيدا فاغتسلوا ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه وعليكم بالسواك.
147 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك" .
ـــــــ.
146/116 - عن بن شهاب عن بن السباق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع وصله بن ماجة من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عبيد بن السباق عن بن عباس به وفات بن عبد البر ذلك واسم بن السباق عبيد وهو من ثقات التابعين بالمدينة وأشرافهم: "يا معشر المسلمين" قال النووي: في شرح مسلم المعشر الطائفة الذين يشملهم وصف فالشباب معشر والشيوخ معشر والنساء معشر والأنبياء معشر وكذا ما أشبهه: "إن هذا يوم جعله الله عيدا" أي لهذه الأمة خاصة قال أبو سعد في شرف المصطفى وابن سراقة في الاعداد خص رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوم الجمعة عيدا له ولأمته قال بن عبد البر: في الحديث دليل على أن من حلف أن يوم الجمعة يوم عيد لم يحنث وكذا لو حلف على فعل شيء يوم عيد ولا نية له فإنه يبر بفعله يوم جمعة: "وعليكم بالسواك" قال الرافعي: في شرح المسند السواك فيما حكى بن دريد من قولهم سكت الشيء إذا دلكته سوكا وذكر أنه يقال ساك فاه فإذا قلت: استاك لم يذكر الفم وعن الخليل أنه من قولهم تساوكت الإبل أي اضطربت أعناقها من الهزال وذلك لأن اليد تضطرب عند السواك قال: والسواك العود نفسه والسواك استعماله وعن أبي حنيفة الدينوري أنه يقال سواك ومسواك ويجمع مساويك وسوكا انتهى.
147/117 –: "لولا أن أشق على أمتي" قال الرافعي: أي اثقل عليهم يقول شققت عليه إذا أدخلت عليه المشقة أشق شقا بالفتح لأمرتهم بالسواك قال الرافعي: أي أمر إيجاب وقال بن دقيق: العيد استدل به بعض أهل الأصول على أن الأمر للوجوب ووجه الاستدلال أن كلمة لولا تدل على انتفاء الشيء لوجود غيره فتدل على انتفاء الأمر لوجود المشقة والمنفي لأجل المشقة إنما هو الوجوب لا الاستحباب فإن استحباب السواك ثابت عند كل صلاة فيقتضي ذلك أن الأمر للوجوب انتهى وفي مسند أحمد من حديث فتم بن العباس أو تمام بن العباس لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء ولابن ماجة من حديث أبي أمامة ما جاء في جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي لولا أني أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم.
تنبيه: في الحديث اختصار من أثنائه وآخره وقد أخرجه الشافعي في الأم عن سفيان عن أبي الزناد بسنده بلفظ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسواك عند كل صلاة.(1/78)
148 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال: "لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء" .
ـــــــ.
148/118- عن أبي هريرة أنه قال: "لولا أن يشق على أمته لأمرهم بالسواك مع كل وضوء" قال بن عبد البر: هذا الحديث يدخل في المسند لاتصاله من غير ما وجه ولما يدل عليه اللفظ قال: وبهذا اللفظ رواه أكثر الرواة عن مالك وممن رواه كما رواه يحيى أبو مصعب وابن بكير والقعنبي وابن القاسم وابن وهب وابن نافع ورواه معن بن عيسى وأيوب بن صالح وعبد الرحمن بن مهدي وجويرية وأبو قرة موسى بن طارق وإسماعيل بن أبي أويس ومطرف بن عبد الله اليساري ألأصم وبشر بن عمر وروح بن عبادة وسعيد بن عفير وسحنون عن بن القاسم عن مالك بسنده عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أن يشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء" .(1/79)
كتاب الصلاة
باب ماجاء في النداء للصلاة
...
"3 - كتاب الصلاة"
"1 - باب ما جاء في النداء للصلاة"
149 - حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد.
ـــــــ.
كتاب الصلاة
149/119 - عن يحيى بن سعيد أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد أن يتخذ خشبتين الحديث قال بن عبد البر: روى قصة عبد الله بن زيد هذه في بدء الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة ومعان متقاربة والأسانيد في ذلك متواترة وقال الحافظ بن حجر: قد استشكل اثبات حكم الأذان برؤيا عبد الله بن زيد لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك ويؤيده ما رواه عبد الرزاق وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد بن عمير الليثي أحد كبار التابعين أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي صلى الله عليه وسلم فوجد الوحي قد ورد بذلك فما راعه إلا أذان بلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "سبقك بذلك الوحي" قال الحافظ: وهذا أصح مما حكى الداودي عن بن إسحاق أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد وعمر بثمانية أيام انتهى وفي كتاب الأذان لأبي الشيخ عن بن عباس قال الأذان نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} 1 قال الحافظ مغلطاي: أي مع فرض الجمعة وأخرج بن عباس قال علم النبي صلى الله عليه وسلم الأذان حين أسري به وأخرج بن شاهين عن زيد بن المنذر قال حدثني العلاء قال قلت: لابن الحنيفة كنا نتحدث أن الأذان رؤيا رآها رجل من الأنصار ففزع وقال: عمدتم إلى أحسن دينكم فزعمتم أنه كان رؤيا هذا والله الباطل ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج به انتهى إلى مكان من السماء وقف وبعث الله ملكا ما رآه أحد في السماء قبل ذلك اليوم فعلمه الأذان.
ـــــــ
1 سورة الجمعة الآية: 9.(1/79)
أن يتخذ خشبتين يضرب بهما ليجتمع الناس للصلاة فأرى عبد الله بن زيد الأنصاري ثم من بني الحارث بن الخزرج خشبتين في النوم فقال: إن هاتين لنحو مما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: إلا تؤذنون للصلاة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استيقظ فذكر له ذلك فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأذان.
150 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" .
151 - وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح.
ـــــــ.
150/2 - عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد ذكر الحافظ أبو الفضل بن طاهر في كتاب ذخيرة الحفاظ أن المغيرة بن سكلاب رواه عن مالك فزاد في سنده سعيد بن المسيب مقرونا بعطاء وقال بن عدي ذكر سعيد في هذا الإسناد غريب لا أعلم يرويه عن مالك غير مغيرة وهو ضعيف وفي التمهيد رواه مسدد عن يحيى بن سعيد عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: وذلك خطأ من كل من رواه عن مسدد أو غيره وفي كتاب أطراف الموطأ لأبي العباس أحمد بن محمد بن عيسى الدانى ء ورواه عمرو بن مرزوق عن مالك عن الزهري وذلك وهم إذا سمعتم النداء قال الرافعي: أي الأذان سمي به لأنه نداء إلى الصلاة ودعاء إليها فقولوا مثل ما يقول المؤذن قال الحافظ بن حجر: ادعى بن وضاح أن قوله المؤذن مدرج وإن الحديث انتهى عند قوله مثل ما يقول قال: وتعقب بأن الادراج لا يثبت بمجرد الدعوى وقد اتفقت الروايات في الصحيحين والموطأ على إثباتها ولم يصب صاحب العمدة في حذفها قال الحافظ مغلطاي وذكر الدارقطني في الموطآت أن لفظ عبد الرزاق عن مالك فقولوا مثل ما يقول المنادي قال الرافعي: وظاهر قوله مثل ما يقول أنه يقول مثل قوله في جميع الكلمات لكن وردت أحاديث باستثناء حي على الصلاة وحي على الفلاح وإنه يقول بدلهما لا حول ولا قوة إلا بالله وقال بن المنذر يحتمل أن يكون ذلك من الاختلاف المباح فيقول تارة كذا وتارة كذا.
151/3 - عن سمى بضم أوله بلفظ التصغير مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أي بن الحارث بن هشام لو يعلم الناس قال الطيبي وضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم ما في النداء في رواية بشر بن عمر عن مالك عند السراج الأذان والصف الأول زاد أبو الشيخ في رواية له من طريق الأعرج عن أبي هريرة من الخير والبركة قال الباجي: اختلف في الصف الأول هل هو الذي يلي الامام أو المنكر قال القرطبي والصحيح أنه الذي يلي الامام قالا فإن كان بين الامام والناس سائل كما أحدث الناس المقاصير فالصف الأول الذي يلي المقصورة ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا أي يقترعوا وقيل: المراد يتراموا بالسهام وإنه خرج مخرج المبالغة ويؤيده حديث لتجالدوا عليه بالسيوف عليه أي على ما ذكر من الأمرين وقال بن عبد البر: الهاء عائدة على الصف الأول لا على النداء وهو وجه الكلام لأن الضمير يعود لأقرب مذكور ونازعه القرطبي وقال إنه يلزم منه أن يبقى النداء ضائعا لا فائدة له قال الحافظ بن حجر: وقد رواه عبد الرزاق عن مالك بلفظ لاستهموا عليهما وهو مفصح بالمراد من غير تكلف ما في التهجير هو النكير إلى الصلاة أي صلاة كانت قاله الهروي وغيره وخصه الخليل بالجمعة قال النووي: والصواب المشهور الأول وقال الباجي: التهجير التبكير إلى الصلاة في الهاجرة وذلك لا يكون إلا في الظهر أو الجمعة لاستبقوا إليه قال بن أبي جمرة المراد الاستباق معنى لا حسا لأن المسابقة على الأقدام حسا تقتضي السرعة في المشي.(1/80)
السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا" .
152 - وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه وإسحاق بن عبد الله أنهما أخبراه أنهما سمعا أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة" .
153 - وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم.
ـــــــ.
وهو ممنوع منه ما في العتمة أي العشا قال النووي: وقد سبق النهي عن تسمية العشاء عتمة والجواب عن هذا الحديث من وجهين أحدهما أن هذه التسمية بيان للجواز وإن ذلك النهي ليس للتحريم والثاني وهو الأظهر أن استعماله العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب كانت تستعمل لفظة العشاء في المغرب فلو قال لو يعلمون ما في العشاء لحملوها على المغرب ففسد المعنى وفات المطلوب فاستعمل العتمة التي يعرفونها ولا يشكون فيها قال وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف المفسدتين لدفع أعظمها والصبح قال الباجي: خص هاتين الصلاتين بذلك لأن السعي إليهما أشق من غيرهما زاد النووي لما فيه من تنقيص أول النوم وآخره ولو حبوا بسكون الباء قال النووي: وإنما ضبطه لأني رأيت من الكبار من صحفه وفي شرح المشارق للشيخ أكمل الدين الحبو بالحاء المهملة وسكون الموحدة هو المشي على اليدين والركبتين ولابن أبي شيبة من حديث أبي الدرداء ولو حبوا على المرافق والركب.
152/4 - إذا ثوب بالصلاة قال النووي: معناه أقيمت قال وسميت الإقامة تثويبا لأنها دعاء إلى الصلاة بعد الدعاء بالأذان من قولهم ثاب إذا رجع وقد ورد من طريق آخر بلفظ إذا أقيمت الصلاة قال النووي: وإنما ذكر الإقامة للتنبيه بها على ما سواها لأنه إذا نهى عن إتيانها سعيا في حال الإقامة مع خوف فوت بعضها فقبل الإقامة أولى قال: وأكد ذلك ببيان العلة بقوله: " فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى صلاة" وهذا يتناول جميع أوقات الإتيان إلى الصلاة وأكد ذلك تأكيدا آخر بقوله: "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" فحصل فيه تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي إنما هو لمن لم يخف فوت بعض الصلاة فصرح بالنهي وإن فات من اصلاة ما فات وبين ما يفعل فيما فات وقوله: "وعليكم السكنية" بالرفع على أنها جملة في موضع الحال وضبطه القرطبي بالنصب على الإغراء.
153/5 - فإذا كنت في غنمك أو باديتك قال الرافعي: يحتمل أن يكون شكا من الراوي ويحتمل أن يريد في غنمك أو في باديتك بعيدا عن الغنم أو بلا غنم قال مغلطاي والبادية هي الصحراء لاتي لا عمارة فيها لا يسمع مدى صوت المؤذن المدى بفتح الميم والقصر الغاية والمنتهى قال البيضاوي غاية الصوت يكون للمصغي من انتهائه فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه وسمع مبادي صوته أولى جن قال الرافعي: يشبه أن يريد مؤمن الجن وأما غيرهم فلا يشهدون للمؤذن بل يغيرون وينفرون من الأذان ولا أنس قال القاضي عياض: قيل: هو خاص بالمؤمنين فأما الكفر فلا شهادة له قال:(1/81)
المازني عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا أنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
154 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ.
وهذا لا يسلم لقائله لما جاء في الآثار من خلافه ولا شيء قال الباجي: يحتمل أن يريد به سائر الحيوانات لأنه الذي يصح أن يسمع صوته وقالت: طائفة الحديث على عمومه في سائر الحيوانات والجماد وإن الله تعالى يخلق لها إدراكا للاذان وعقلا ومعرفة كقوله تعالى: {وإن مِنْ شَيْءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} 1 قلت: ويشهد له ما في رواية بن خزيمة لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس ولأبي داود والنسائي من حديث أبي هريرة المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس ونحوه للنسائي من حديث البراء وصححه بن السكن إلا شهد له يوم القيامة قال الزين بن المنير السر في هذه الشهادة مع أنها تقع عند عالم الغيب والشهادة أن أحكام الآخرة جرت على نعت أحكام الخلق في الدنيا من توجيه الدعوى والجواب والشهادة وقال التوربشتي المراد من هذه الشهادة إشهار المشهود له يوم القيامة بالفضل وعلو الدرجة وكما أن الله يفضح بالشهادة قوما فكذلك يكرم بالشهادة آخرين وقال الباجي: فائدة ذلك أن من يشهد له يكون أعظم أجرا في الآخرة ممن أذن فلم يسمعه من يشهد له قال أبو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرافعي: يعني أنه لا يسمع إلى آخره.
قلت: وقد بينه بن خزيمة في روايته ولفظه قال أبو سعيد إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالنداء فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسمع إلى آخره ورواه يحيى القطان عن مالك بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أذنت فارفع صوتك فإنه لا يسمع" إلى آخره قال الحافظ بن حجر: فالظاهر أن ذكر البادية والغنم وقوف.
154/6 –: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان" زاد مسلم حتى يكون مكان الروحاء قال الراوي وهي من المدينة ستة وثلاثون ميلا قال الحافظ بن حجر: والظاهر أن المراد به إبليس ويحتمل أن المراد جنس شيطان الجن له ضراط جملة اسمية وقعت حالا بدون واو لحصول الارتباط بالضمير وفي رواية للبخاري وله بالواو وقال القاضي عياض: يمكن حمله على ظاهره لأنه جسم منفذ يصح منه خروج الريح ويحتمل أنه عبارة عن شدة خوفه ونفاره حتى لا يسمع النداء أو يصنع ذلك استخفافا كما يفعله السفهاء ويحتمل أنه لا يعمد ذلك بل يحصل له عند سماع الأذان شدة خوف يحصل له ذلك الصوت بسببها ويحتمل أن يتعمد ذلك ليناسب ما يقابل الصلاة من الطهارة بالحدث قال النووي: قال العلماء: وإنما أدبر الشيطان عند الأذان لئلا يسمعه فيضطر إلى أن يشهد له بذلك يوم القيامة وقيل: لعظم أمر الأذان لما اشتمل عليه من قواعد التوحيد وإظهار شعار الإسلام وإعلانه وقيل: ليأسه من
ـــــــ
1 سورة الاسراء الآية: 44.(1/82)
قال: "إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع النداء فإذا قضي النداء أقبل حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول أذكر كذا أذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى" .
155 - وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال: ساعتان
ـــــــ.
وسوسته للإنسان عند الاعلان بالتوحيد قال بن الجوزي: فإن قيل: كيف يهرب الشيطان من الأذان ويدنو في الصلاة وفيها القرآن ومناجاة الحق عز وجل فالجواب أن بعده عند الأذان لغيظه من ظهور الدين وغلبة الحق وعلى الأذان هيبة يشتد انزعاجه لها ولا يكاد يقع فيه رياء ولا غفلة عند النطق به لأن النفس لا تحضره وأما الصلاة فإن النفس تحضر فيفتح لها الشيطان أبواب الوسواس وقال بن أبي جمرة: الأذان إعلام بالصلاة التي هي أفضل الأعمال بألفاظ هي من الذكر لا يزاد فيها ولا ينقص منها بل تقع على وفق الأمر فيفر من سماعها وأما الصلاة فلما يقع من كثير من الناس فيها من التفريط فيتمكن من المفرط فلو قدر أن المصلي وفى بجميع ما أمر به فيها لم يقر به إذا كان وحده وهو نادر وكذا إذا انضم إليه مثله فإنه يكون أندر: "فإذا قضى النداء أقبل" زاد مسلم فوسوس: "حتى إذا ثوب بالصلاة" بضم المثلثة وكسر الواو المشددة أي أقيمت وأصله من ثاب إذا رجع ومقيم الصلاة راجع إلى الدعاء إليها فإن الأذان دعاء إلى الصلاة والاقامة دعا إليها: "حتى يخطر بين المرء ونفسه" هو بضم الطاء وكسرها حكاهما القاضي عياض في المشارق قال: وضبطناه عن المتقنين بالكسر وسمعناه من أكثر الرواة بالضم قال: والكسر هو الوجه ومعناه يوسوس وهو من قولهم خطر الفحل بدنه إذا حركه فضرب به فخذيه وأما بالضم فمن السلوك والمراد أن يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه وبهذا فسر الشارحون للموطأ وبالأول فسره الخليل وقال الباجي: فيحول بين المرء وبين ما يريد من نفسه من إقباله على صلاته وإخلاصه انتهى اذكر كذا قال الحافظ بن حجر: هذا أعم من أن يكون في أمور الدنيا أو في أمور الدين كالعلم لما لم يكن يذكر زاد مسلم من قبل أي لشيء لم يكن على ذكره قبل دخوله في الصلاة ومن هنا استنبط أبو حنيفة للذي شكا إليه أنه دفن مالا ثم لم يهتد لمكانه أن يصلي ويحرص على أن لا يحدث نفسه بشيء من أمور الدنيا ففعل فذكر مكان المال في الحال حتى يظل الرجل أن يدري كم صلى الرواية المشهورة بالظاء المشالة الفتوحة بمعنى يصير وبكسر همزة إن بمعنى ما أو لا النافية وروي بفتح الهمزة ونسبها ابن عبد البر لأكثر رواة الموطأ وروي بالضاد الساقطة مكسورة بمعنى ينسى ومفتوحة بمعنى يتحير من الضلال وهو الحيرة قال القرطبي: ليست رواية فتح أن بشيء إلا مع رواية الضاد الساقطة فتكون أن مع الفعل في تأويل المصدر في موضع مفعول صل أو بإسقاط حرف لجر أي يضل من درايته وكذا قال القاضي عياض: لا يصح فتحها إلا على رواية من روى يضل بكسر الضاد فتكون أن مع الفعل مفعوله أي يجهل درايته وينسى عدد ركعاته قال بن دقيق العيد ولو روى هذا الوجه حتى يضل الرجل بضم أوله لكان وجها صحيحا يريد حتى يضل الشيطان الرجل عن دراية كم صلى قال ولا أعلم أحدا رواه كذا لكنه لو روى لكان صحيحا في المعنى غير خارج عم مراده صلى الله عليه وسلم.
155/7 - عن أبي حازم اسمه سلمة بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال ساعتان يفتح لهما أبواب السماء قال بن عبد البر: هذا الحديث موقوف في الموطأ عند جماعة الرواة ومثله لا يقال من جهة.(1/83)
يفتح لهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته حضرة النداء للصلاة والصف في سبيل الله.
وسئل مالك عن النداء يوم الجمعة هل يكون قبل أن يحل الوقت فقال: لا يكون إلا بعد أن تزول الشمس.
وسئل مالك عن تثنية الأذان والإقامة ومتى يجب القيام على الناس حين تقام الصلاة فقال: لم.
ـــــــ.
الرأي وقد رواه أيوب بن سويد ومحمد بن مخلد وإسماعيل بن عمرو عن مالك مرفوعا وروي من طرق متعددة عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
قلت: ومن بعض طرقه المرفوعة أخرجه الحاكم في المستدرك ولأبي نعيم في الحلية من حديث عائشة مرفوعا ثلاث ساعات للمرء المسلم ما دعا فيهن إلا استجيب له ما لم يسأل قطيعة رحم أو مأثما حين يؤذن المؤذن بالصلاة حتى يسكت وحين يلتقي الصفان حتى يحكم الله بينهما وحين ينزل المطر حتى يسكن قال الباجي: قوله يفتح لهما يحتمل أن يريد يقع فيهما وإن يريد يفتح من أجل فضيلتهما: "وقل داع ترد عليه دعوته" قال الباجي: إخبار بأن الإجابة في هذين الوقتين هي الأكثر وإن رد الدعاء فيهما يندر ولا يكاد يقع.
قلت: بل قل هنا للنفي المحض كما هو أحد استعمالاتها قال بن مالك في التسهيل وغيره ترد قل للنفي المحض فترفع الفاعل متلوا بصفة مطابقة له نحو قل رجل يقول ذلك وقل رجلان يقولان ذلك وهي من الأفعال التي منعت التصرف.
وسئل مالك عن تسليم المؤذن على الامام ودعائه إياه للصلاة ومن أول من سلم عليه فقال: لم يبلغني أن التسليم كان في الزمان الأول قال الباجي: أي لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وإنما كان المؤذن يؤذن فإن كان الامام في شغل جاء المؤذن فاعلمه باجتماع الناس للصلاة دون تكلف ولا استعمال فأما ما يتكلف اليوم من وقوف المؤذن بباب الأمير والسلام عليه والدعاء للصلاة بعد ذلك فإنه لمعنى المباهاة والصلاة تنزه عن ذلك وقد قال القاضي أبو الحق في مبسوطه عن عبد الملك بن الماجشون ان كيفية السلام السلام عليك أيها الأمير ورحمة الله وبركاته الصلاة يرحمك الله وقد قال الشيخ أبو إسحاق روي أن عمر أنكر على أبي محذورة دعاءه إياه إلى الصلاة وأول من فعله معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه انتهى وقال بن عبد البر: أول من فعل ذلك معاوية أمر المؤذن أن يشعره ويناديه فيقول السلام على أمير المؤمنين الصلاة يرحمك اله وقيل: إن المغيرة بن شعبة أول من فعل ذلك قال والأول أصح وفي الخطط للمقريزي قال الواقدي وغيره كان بلال يقف على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعد الأذان فيقول السلام عليك يا رسول الله الصلاة يا رسول اله فلما ولى أبو بكر كان سعد القرظ يقف على بابه فيقول السلام عليك يا خليفة رسول اله الصلاة يا خليفة رسول الله فلما ولي عمر ولقب أمير المؤمنين كان المؤذن يقف على بابه ويقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ثم إن عمر أمر المؤذن فزاد فيها رحمك الله ويقال: إن عثمان زادها وما زال المؤذنون إذا أذنوا سلموا على الخلفاء وأمراء الأعمال ثم يقيمون الصلاة بعد السلام فيخرج الخليفة أو الأمير فيصلي بالناس هكذا كان العمل مدة أيام بني أمية ثم مدة أيام بني العباس حتى ترك الخلفاء الصلاة بالناس فترك ذلك انتهى وفي الأوائل للعسكري من طريق الواقدي عن بن أبي قال قلت: للزهري من أول من سلم عليه فقيل: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة اله وبركاته حي على الصلاة حي على الفلاح الصلاة يرحمك الله فقال معاوية بالشام ومروان بن الحكم بالمدينة.(1/84)
يبلغني في النداء والإقامة إلا ما أدركت الناس عليه فأما الإقامة فإنها لا تثني وذلك الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا وأما قيام الناس حين تقام الصلاة فإني لم أسمع في ذلك بحد يقام له إلا أني أرى ذلك على قدر طاقة الناس فإن منهم الثقيل: والخفيف ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد.
وسئل مالك عن قوم حضور أرادوا أن يجمعوا المكتوبة فأرادوا أن يقيموا ولا يؤذنوا.
قال مالك: ذلك مجزئ عنهم وإنما يجب النداء في مساجد الجماعات التي تجمع فيها الصلاة.
وسئل مالك عن تسليم المؤذن على الإمام ودعائه إياه للصلاة ومن أول من سلم عليه فقال: لم يبلغني أن التسليم كان في الزمان الأول.
قال يحيى: وسئل مالك عن مؤذن أذن لقوم ثم انتظر هل يأتيه أحد فلم يأته أحد فأقام الصلاة وصلى وحده ثم جاء الناس بعد أن فرغ أيعيد الصلاة معهم قال لا يعيد الصلاة ومن جاء بعد انصرافه فليصل لنفسه وحده.
قال يحيى: وسئل مالك عن مؤذن أذن لقوم ثم تنفل فأرادوا أن يصلوا بإقامة غيره فقال: لا بأس بذلك إقامته وإقامة غيره سواء.
قال يحيى: قال مالك: لم تزل الصبح ينادي لها قبل الفجر فأما غيرها من الصلوات فإنا لم نرها ينادى لها إلا بعد أن يحل وقتها.
156 - وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح.
ـــــــ.
156/8 - مالك أنه بلغه أن المؤذن جاء عمر بن الخطاب يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال: الصلاة خير من النوم فأمره عمر فجعلها في نداء الصبح قال بن عبد البر: لا أعلم أحدا روى هذا عن عمر من وجه يحتج به وتعلم صحته وإنما جاء من حديث هشام بن عروة عن رجل يقال له: إسماعيل لا أعرفه قال والتثويب محفوظ معروف في أذان بلال وأبي محذورة في صلاة الصبح للنبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: روى بن ماجة من حديث بن المسيب عن بلال أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر فقيل: هو نائم فقال: الصلاة خير من النوم مرتين فأقرت في تأذين الفجر فثبت الأمر على ذلك وروى بقي بن مخلد عن أبي محذورة قال كنت غلاما صبيا فأذنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر يوم حنين فلما انتهيت إلى حي على الفلاح قال: ألحق فيها الصلاة خير من النوم والأثر الذي ذكره مالك عن عمر أخرجه الدارقطني في سننه من طريق وكيع في مصنفه عن العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر وعن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن بن عمر عن عمر أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم.(1/85)
157 - وحدثني يحيى عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة.
158 - وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر سمع الإقامة وهو بالبقيع فأسرع المشي إلى المسجد:
ـــــــ.
157/9 - عن عمه أبي سهل بن مالك عن أبيه أنه قال ما أعرف شيئا مما أدركت الناس عليه قال الباجي: يريد الصحابة إلا النداء بالصلاة قال الباجي: يريد أنه باق على ما كان عليه لم يدخله تغيير ولا تبديل بخلاف الصلاة فقد أخرت عن أوقاتها وسائر الأعمال دخلها التغيير.(1/86)
باب النداء في السفر وعلى غير وضوء
...
"2 - النداء في السفر وعلى غير وضوء"
159- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر أذن بالصلاة في ليلة ذات برد وريح فقال: إلا صلوا في الرحال ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول إلا صلوا في الرحال.
160- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يزيد على الإقامة في السفر إلا في الصبح فإنه كان ينادي فيها ويقيم وكان يقول: إنما الأذان للإمام الذي يجتمع الناس إليه.
161- وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال له: إذا كنت في سفر فإن شئت أن تؤذن وتقيم فعلت وإن شئت فأقم ولا تؤذن قال يحيى: سمعت مالكا يقول لا بأس أن يؤذن الرجل وهو راكب.
162 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أنه كان يقول من.
ـــــــ.
159/11 - إلا صلوا في الرحال جمع رحل وهو المنزل والمسكن قال الرافعي: وقد يسمى ما يستصحبه الإنسان في سفره من الأثاث رحلا قال وربما سبق إلى الظن لذلك أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤذن يقول ذلك كان في الأسفار وقد ورد التصريح بذلك في رواية وورد في أخرى أن ذلك كان بالمدينة والحم في ذلك لا يختلف قال وليس في الحديث بيان أنه متى ينادي المنادي بهذه الكلمة أفي خلال الأذان أم بعده لكن الشاعفي عرف من سائر الروايات أنه لا بأس بادخالها في الأذان فإنه قال في الأم: وأحب للامام أن يأمر بهذا إذا فرغ المؤذن من أذانه وإن قاله في أذانه فلا بأس.
162/14 - عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإن أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال هذا مرسل له حكم الرفع فإن مثله لا يقال من جهة الرأي وقد روي موصولا ومرفوعا فأخرج سعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي في السنن من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال إذا كان الرجل في أرض في فأقام الصلاة خلفه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه من الملائكة مالا يرى طرفاه يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه وأخرجه النسائي والبيهقي من طريق داود بن أبي هند عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وأخرج سعيد بن منصور عن مكحول قال من أقام الصلاة صلى معه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه سبعون ملكا.(1/86)
صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك فإذا أذن وأقام الصلاة أو أقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال.
ـــــــ.
قال الباجي: قوله صلى عن يمينه ملك وعن شماله ملك يحتمل أن يكونا هما الحافظين وإن ذلك مكانهما من المكلف في الصلاة وغيرها ويحتمل أن يكون هذا حكما يختص بالملائكة وحكم الآدميين مخالف لذلك فإنه لو صلى معه رجلان قاما وراءه قال وقوله فإن أذن وأقام الصلاة أو أقام كذا في رواية يحيى بالشك ورواية أبي منصف وغيره فإن أذن وأقام صلى وراءه إلى آخره قال القاضي أبو الوليد وهذه الرواية عندي هي الأصل قال الباجي: ويحتمل أن يبلغ بالملكين درجة الجماعة إذا كان بموضع لا يقدر عليها وهو راغب فيها قلت: وفي فتاوي الحناطي من أصحابنا لو حلف من صلى في فضاء من الأرض منفردا بأذان وإقامة أنه صلى بالجماعة كان بارا في يمينه ولا كفارة عليه واستدل بحديث سلمان ووافقه السبكي في الحلبيات واستدل به وبحديث الموطأ.(1/87)
"3 - باب قدر السحور من النداء".
163 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالا ينادي بليل فكلوا وأشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم" .
ـــــــ.
163/15 - "إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم" قال الحافظ بن حجر: في صحيح بن خزيمة وابن حبان وغيرهما من حديث أنيسة مرفوعا "أن بن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال" وادعى بن عبد البر وجماعة من الأئمة أنه مقلوب وإن الصواب حديث الباب قال الحافظ وقد كنت أميل إلى ذلك إلى أن رأيت الحديث في صحيح بن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه وهو قوله إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم وإذا أذن بلال فلا يطعن أحدكم وجاء عن عائشة أيضا أنها كانت تنكر حديث بن عمر وتقول: إنه غلط أخرج ذلك البيهقي من طريق الداروردي عن هشام عن أبيه عنها مرفوعا أن بن أم مكتوم يؤذه بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قالت: عائشة وكان بلال لا يؤذن حتى يبصر الفجر قال: وكانت عائشة تقول غلط بن عمر فقال الحافظ بن حجر: وقد جمع بن خزيمة والصفي بين الحديثين بما حاصله أنه يحتمل أن يكون الأذان كان نوبا بين بلال وابن أم مكتوم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن الأذان الأول منهما لا يحرم على الصائم شيئا ولا يدل على دخول وقت الصلاة بخلف الثاني وجزم بن حبان بذلك ولم يبده احتمالا لمن قد روى ذلك قال بن أبي شيبة في المصنف حدثنا عفان بن شعبة عن جعفر بن عبد الرحمن قال: سمعت عمتي تقول حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال وإن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم وابن أم مكتوم" اسمه عمرو وقيل: كان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وهو قرشي عامري أسلم قديما والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرمه ويستخلفه على وشهد القادسية في خلافة عمر واستشهد بها وقيل: رجع إلى المدينة فمات بها واسم أمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية وزعم بعضهم أنه ولد أعمى فكنيت أمه أم مكتوم لاكتتام نور بصره والمعروف أنه عمي بعد سنتين.(1/87)
164 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالا ينادي بليل فكلوا وأشربوا حتى ينادي بن أم مكتوم" قال: وكان بن أم مكتوم رجلا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
ـــــــ.
164/16 - عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله هذا إسناد آخر لمالك في هذا الحديث قال بن عبد البر: لم يختلف على مالك في الإسناد الول أنه موصول وأما هذا فرواه يحيى مرسلا وتابعه أكثر رواة الموطأ ووصله القعنبي فقال عن أبيه وقال الدارقطني: انفرد القعنبي بروايته إياه في الموطأ موصولا عن مالك ولم يذكر غيره من رواة الموطأ فيه بن عمر ووافقه على وصله عن مالك خارج الموطأ عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وروح بن عبادة وأبو مرة وكامل بن طلحة وآخرون ووصله عن الزهري جماعة من حفاظ أصحابه قال وكان بن أم مكتوم رجلا أعمى ظاهره على رواية القعنبي أن فاعل قال: هو بن عمر وبه جزم الشيخ موفق الدين الحنبلي في المغني وفي البخاري في باب الصيام ما يتعهد له وصرح الحميدي في الجمع بأن عبد العزيز بن أبي سلمة رواه عن بن شهاب عن سالم عن أبيه أنه قال: وكان بن أم مكتوم إلى آخره قال الحافظ بن حجر: فثبتت صحة وصله وذكر الخطيب في كتاب المدرج أن يونس بن يزيد رواه عن بن شهاب فجعله من كلام سالم وقال الحافظ بن حجر: رواه البيهقي من رواية الربيع بن سليمان عن بن وهب عن يونس والليث جميعا عن بن شهاب وفيه قال سالم وكان رجلا ضرير البصر ورواه الإسماعيلي عن أبي خليفة والطحاوي عن يزيد بن سفيان كلاهما عن القعنبي مفيدا أنه بن شهاب وكذلك رواه إسماعيل بن إسحاق ومعاذ بن المثنى وأبو مسلم الكجي الثلاثة عند الدارقطني والخزاعي عند أبي الشيخ وتمام عند أبي نعيم وعثمان الدارمي عند البيهقي كلهم عن القعنبي.
164/17 - لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحت قال بن وضاح: قال بعض أهل العلم: ليس معنى أصبحت أن الصبح قد ظهر وانفجر ولكنه على معنى التحذير من طلوعه وقال القاضي أبو الوليد الأولى عندي أن معناه أن الفجر قد بدا ولو كان على ما قاله بن وضاح لكان أذان بن أم مكتوم في بقية الليل وقبل انفجار الصبح فإن قيل: إباحة الأكل إلى أذانه على هذا يؤدي إلى الأكل بعد الفجر فالجواب أن معنى الحديث كلوا إلى الوقت الذي يؤمر فيه بالأذان وهو إذا قيل: له: أصبحت وهو أول طلوع الفجر وقال الحافظ بن حجر: الأولى قول من قال معنى أصبحت قاربت الصباح وهو الذي اعتمده بن حبيب وابن عبد البر والأصيلي وجماعة ولا يلزم وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل قال: وهذا وإن ان مستبعدا في العادة فليس بمستبعد من مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه من لم يكن بهذه الصفة وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر وقد روى أبو قرة من وجه آخر عن بن عمر حديثا فيه وكان بن أم مكتوم يتوخى الفجر فلا يخطيه.(1/88)
"4 - باب ماجاء في افتتاح الصلاة"
165 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر:
ـــــــ.
165/17 - عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك قال بن عبد البر: هكذا رواه يحيى عن مالك ولم يذكر فيه الرفع عند الانحطاط إلى الركوع وتابعه على ذلك جماعة من الرواة للموطأ عن مالك منهم القعنبي وأبو مصعب وابن بكير وسعيد بن الحكم ومعن بن عيسى والشافعي ويحيى بن يحيى.(1/88)
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا وقال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" وكان لا يفعل ذلك في السجود.
166 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع فلم تزل تلك صلاته حتى لقي الله.
167 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الصلاة.
ـــــــ
النيسابوري وإسحاق الطباع وروح بن عبادة وعبد الله بن نافع الزبيدي وإسحاق بن إبراهيم وأبو حذافة أحمد بن أحمد بن إسماعيل وابن وهب في رواية عنه ورواه بن وهب وابن القاسم ويحيى بن سعيد القطان وابن أبي أويس وعبد الرحمن بن مهدي وجريرة بن أسماء وإبراهيم بن طهما وعبد الله بن المبارك وبشر بن عمر وعثمان بن عمر وعبد الله بن يوسف وخالد بن مخلد ومكي بن إبراهيم ومحمد بن الحسن الشيباني وخارجة بن مصعب وعبد الملك بن زياد وعبد الله بن نافع الصايغ وأبو قرة موسى بن طارق ومطرف بن عبد الله كل هؤلاء رووه عن مالك فذكروا فيه الرفع عند الانحطاط للركوع قالوا: فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة حذو منكبيه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع ذكر الدارقطني الطرق عن أكثرهم عن مالك كما ذكرنا وهو الصواب وكذلك رواه سائر من رواه من أصحاب بن شهاب عنه وقال جماعة إن إسقاط ذكر الرفع عند الانحطاط إنما أتى من مالك وهو الذي ربما وهم فيه لأن جماعته حفاظ رووا عنه الوجهين جميعا قال بن عبد البر: وهذا الحديث آخر الأحاديث الأربعة التي رفعها سالم عن أبيه ووقفها نافع عن بن عمر والقول فيها قول سالم ولم يلتفت الناس فيها إلى نافع والثاني من باع عبدا وله مال جعله نافع عن بن عمر عن عمر والثالث الناس كابل مائة لا تجد فيها راحلة والرابع فيما سقت السماء والعيون أو كان بعلا العشرة وما سقي بالنضح نصف العشر قال بن عبد البر: ورفع اليدين في المواضع المذكورة عند أهل العلم تعظيم لله وعبادة له وابتهال إليه واستسلام له وخضوع في الوقوف بين يديه واتباع لسنة المصطفى صلى الله عليه سلم وروى الطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر الجهني قال: يكتب في كل إشارة يشيرها الرجل بيده في الصلاة بكل أصبع حسنة أو درجة والحذو بسكون الذال المعجمة والحذاء بالمد الازاء والمقابل وللطبراني من حديث وائل بن حجر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صليت فاجعل يديك حذاء أذنيك والمرأة تجعل يديها حذاء ثديها وقال: "سمع الله لمن حمده" قال العلماء: معنى سمع هنا أجاب ومعناه أن من حمد الله تعالى متعرضا لثوابه استجاب الله له وأعطاه ما تعرض له فانا نقول ربنا لك الحمد لتحصيل ذلك.
166/18 - عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع قال بن عبد البر: لا أعلم خلافا من رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث ورواه عبد الوهاب بن عطاء عن مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين عن أبيه موصولا ورواه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح عن أبيه عن مالك عن بن شهاب عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب ولا يصح فيه إلا ما في الموطأ مرسل وقد أخطأ فيه أيضا محمد بن مصعب القرقساني فرواه عن مالك عن الزهري عن سالم عن أبيه ولا يصح فيه هذا الإسناد والصواب عندهم ما في الموطأ.
167/19 - عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الصلاة رواه.(1/89)
168 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أن أبا هريرة كان يصلي لهم فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف قال والله إني لأشبهكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
169 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر كان يكبر في الصلاة كلما خفض ورفع.
*- وحدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك.
170 - وحدثني عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله: أنه كان يعلمهم التكبير في الصلاة قال فكان يأمرنا أن نكبر كلما خفضنا ورفعنا.
171 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أنه كان يقول إذا أدرك الرجل الركعة فكبر تكبيرة واحدة أجزأت عنه تلك التكبيرة.
قال مالك: وذلك إذا نوى بتلك التكبيرة افتتاح الصلاة.
وسئل مالك عن رجل دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع حتى صلى ركعة ثم ذكر أنه لم يكن كبر تكبيرة الافتتاح ولا عند الركوع وكبر في الركعة الثانية قال يبتدئ صلاته أحب إلي ولو سها مع الإمام عن تكبيرة الافتتاح وكبر في الركوع الأول رأيت ذلك مجزيا عنه إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح.
قال مالك: في الذي يصلي لنفسه فنسي تكبيرة الافتتاح إنه يستأنف صلاته وقال مالك: في إمام ينسى تكبيرة الافتتاح حتى يفرغ من صلاته قال أرى أن يعيد ويعيد من خلفه الصلاة وإن كان من خلفه قد كبروا فإنهم يعيدون.
ـــــــ.
شعبة عن يحيى بن سعيد عن سليمان كذلك مرسلا بلفظ كان يرفع يديه إذا كبر لافتتاح اصلاة وإذا رفع رأسه من الركوع.
168/20 - إني لأشبهكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرافعي: هذه الكلمة مع الفعل المأتي به نازلة منزلة حكاية فعله صلى الله عليه وسلم.(1/90)
"5 - باب القراءة في المغرب والعشاء"
172 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه.
ـــــــ.
172/25 - عن بن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم قال بن عبد البر: كذا رواه مالك وجماعة أصحاب بن شهاب عنه عن محمد بن جبير ورواه محمد بن عمرو عن بن شهاب عن نافع بن جبير والصواب فيه محمد بن جبير عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب قال بن عبد البر: في هذا الحديث شيء سقط وهو معنى بديع حسن من الفقه وذلك أن جبير بن مطعم سمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر وحدث به عنه وهو مسلم وقد روى هذه القصة فيه عن مالك علي بن الربيع بن الركين وإبراهيم بن.(1/90)
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ بالطور في المغرب.
173 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس: أن أم الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} 1 فقالت له يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه السورة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب.
174 - وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث عن أبي عبد الله الصنابحي قال: قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة سورة من قصار المفصل ثم قام في الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} 2 [آل عمران: 8].
175 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع.
ـــــــ.
علي التميمي جميعا عن مالك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر فسمعته يقرأ في المغرب بالطور ولم أسلم يومئذ فكأنما صدع قلبي وقال: لو كان مطعم حيا وكلمني في هؤلاء النفر لأعتقتهم ولفظ إبراهيم في هؤلاء لتركتهم له وروى البخاري من طريق سفيان قال: حدثوني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب والطور فلما بلغ هذه الآية: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ،أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} 3 كاد قلبي يطير قال سفيان: فأما أنا فاني سمعت الزهري يحدث عن محمد بن جبير عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور لم أسمعه زاد الذي قالوا: لي قال ابن عبد البر: ورواه يزيد بن أبي حبيب عن بن شهاب فجعل موضع المغرب العتمة ثم أخرج من طريق بن لهيعة قال حدثنا يزيد بن أبي حبيب أن بن شهاب كتب إليه قال حدثني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بدر فسمعته يقرأ في العتمة بالطور ورواه سفيان بن حسين عن الزهري بلفظ أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب أو العشاء فسمعته وهو يقرأ وقد خرج صوته من المسجد: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ، مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} 4 فكأنما صدع قلبي أخرجه أبو عبيد وابن عبد البر.
173/26 - أن أم الفضل بنت الحارث هي والدة بن عباس الراوي عنها واسمها لبابة الهلالية ويقال إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة إنها لآخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب زاد البخاري ثم ما صلى لنا بعدها حي قبضه الله وفي النسائي أن هذه الصلاة التي حكتها أم الفضل كانت في بيته لا في المسجد.
ـــــــ
1 سورة المرسلات الآية:1.
2 سورة آل عمران الآية: 8.
3 سورة الطور الآية: 35, 37.
4 سورة الطور الآية: 7, 8.(1/91)
جميعا في كل ركعة بأم القرآن وسورة من القرآن وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة.
176 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري عن البراء بن عازب أنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فقرأ فيها بـ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} .
ـــــــ.
176/29 - عن البراء بن عازب أنه قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء زاد البخاري في سفر فقرأ فيها بالتين والزيتون في رواية النسائي في الركعة الأولى.(1/92)
"6 - باب العمل في القراءة"
177 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي1 وعن تختم الذهب وعن قراءة القرآن في الركوع.
178 - وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي.
ـــــــ.
177/30- بن حنين بضم الحاء وفتح النون نهى عن لبس القسي قال الباجي: بفتح القاف وتشديد السين قال وفسره بن وهب بأنها ثياب مضلعة يريد مخططة بالحرير كانت تعمل بالقس وهو موضع بمصر يلي الفرماء وفي النهاية هي ثياب من كتان مخلوط بحرير يؤتى بها من مصر نسبت إلى قرية على ساحل البحر قريبا من تنيس يقال لها القس بفتح القاف وبعض أهل الحديث بكسرها وقيل: أصل القسي القزي بالزاي منسوب إلى القز وهو ضرب من الابريسم فأبدل من الزاي سينا وقيل: هو منسوب إلى القس وهو الابريسم الصقيع لبياضه قال الباجي: وقع في رواية أبي مصعب زيادة ولفظه فنهى عن لبس القسي والمعصفر وتابعه على ذلك العقنبي ومعن وبشر وأحمد بن إسماعيل السهمي وجماعة وعن قراءة القرآن في الركوع رواه معمر عن بن شهاب عن إبراهيم بن حصين فزاد والسجود.
178/31- عن أبي حازم التمار اسمه دينار مولى الأنصار ويقال مولى أبي رهم الأنصاري وذكر حبيب عن مالك أ اسمه يسار مولى قيس بن عسد بن عبادة عن البياضي اسمه فروة بن عمرو بن ودقة بن عبيد بن عامر بن بياضة فخذ من الخزرج شهد العقبة وبدرا وما بعدها من المشاهد خرج على الناس وهم يصلون رواه حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد فذكر في حديثه أن ذلك كان في رمضان والنبي صلى الله عليه وسلم معتكف في قبة على بابها حصير والناس يصلون عصبا عصبا أخرجه بن عبد البر: إن المصلي يناجي ربه قال الباجي: تنبيه على معنى الصلاة والمقصود بها ليكثر الاحتراز من الأمور المكروهة المدخلة للنقص فيها والاقبال على أمور الطاعة المتممة لها فلينظر بما يناجيه به قال الباجي: أراد به التحذير من أن يناجيه بالقرآن على وجه مكروه وإن كان القرآن كله طاعة وقربة ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن قال الباجي: لأن في ذلك أذى ومنعا من الإقبال على الصلاة وتفريغ السر لها وتأمل ما يناجي به ربه من القرآن قال وإذا كان رفع الصوت بقراءة القرآن ممنوعا حينئذ لأذى المصلين فبغيره من الحديث وغيره أولى قال بن عبد البر: وإذا نهي.
ـــــــ
1 في نسخة والمعصفر اهـ مصححه.(1/92)
عن أبي حازم التمار عن البياضي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن" .
179 - وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: قمت وراء أبي.
ـــــــ.
المسلم عن أذى المسلم في عمل البر وتلاوة القرآن فأذاه في غير ذلك أشد تحريما وقد ورد مثل هذا الحديث من رواية أبي سعيد الخدري وأخرج أبو داود عن أبي سعيد قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعتهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال إلا إن كلكم يناجي ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة قال بن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان قال: وقد روي بسند ضعيف عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع الرجل صوته بالقرآن قبل العشاء وبعدها يغلط أصحابه وهم يصلون قلت: وكثيرا ما يسأل في هذا المعنى عما اشتهر على الألسنة ما أنصف القارئ المصلي ولا أصل له ولكن هذه أصوله.
179/32 - عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال قمت وراء أبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة قال الخطيب البغدادي في كتاب الرواة عن مالك كذا رواه عن مالك كافة أصحابه موقوفا وكذا رواه غير واحد عن أبي مصعب عن مالك ورواه سليمان بن عبد الحميد البهراني عن أبي مصعب عن مالك عن حميد عن أنس قال صليت مع رسول صلى الله عليه وسلم فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وصليت وراء أبي بكر فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وصليت وراء عمر فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وصليت وراء عثمان فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم قال الخطيب تفرد سليمان برواية هذا الحديث عن أبي مصعب هكذا مرفوعا وقال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ عند جماعة رواته فيما علمت موقوفا وروته طائفة عن مالك فرفعته ذكرت فيه النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بمحفوظ منه الوليد بن مسلم وأبو قرة موسى بن طارق وإسماعيل بن موسى السدي كلهم رووه عن مالك عن حميد عن أنس قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحين إذا افتتح الصلاة ورواه بن أخي بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب حدثنا عبيد الله بن عمر ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة عن حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يجهر بالقراءة بسم الله الرحمن الرحيم قال وقد روي هذا الحديث عن أنس قتادة وثابت البناني وغيرهما كلهم أسنده وذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنهم اختلف عليهم في لفظه اختلافا كثيرا مضطربا متدافعا منهم من يقول فيه كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من يقول كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم وقد قال فيه بعضهم: كانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال كانوا لا يتركون بسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال: كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال: وهذا اضطراب لا تقوم معه حجة لأحد من الفقهاء انتهى وأقول قد كثرت الأحاديث الواردة في البسملة إثباتا ونفيا وكلا الأمرين صحيح أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بها وترك قراءتها وجهر بها وأخفاها والذي يوضح صحة الأمرين ويزيل إشكال من شكك على الفريقين معا أعني من أثبت كونها آية من أول الفاتحة وكل سورة ومن نفى ذلك قائلا إن القرآن لا يثبت بالظن ولا ينفى بالظن ما أشار إليه طائفة من المتأخرين أن إثباتها ونفيها كلاهما قطعي ولا يستغرب ذلك فإن القرآن نزل على سبعة أحرف ونزل مرات متكررة فنزل في بعضها.(1/93)
بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة.
180- وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: كنا نسمع قراءة عمر بن الخطاب عند دار أبي جهم بالبلاط.
181- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا فاته شيء من الصلاة مع الإمام فيما جهر فيه الإمام بالقراءة أنه إذا سلم الإمام قام عبد الله بن عمر فقرأ لنفسه فيما يقضي وجهر.
182- وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان أنه قال: كنت أصلي إلى جانب نافع بن جبير بن مطعم فيغمزني فأفتح عليه ونحن نصلي.
ـــــــ.
بزيادة وبعضها بحذف كقراءة ملك ومالك ونجوى تحتها ومن تحتها في براءة وإن الله هو الغني الحميد وإن الله الغني في سورة الحديد فلا يشك أحد ولا يرتاب في أن القراءة بإثبات الألف ومن وهو ونحو ذلك متواترة قطعية الاثبات وإن القراءة بحذف ذلك أيضا متواترة قطعية الحذف وإن ميزان الاثبات والحذف في ذلك سواء وكذلك نقول في البسملة انها نزلت في بعض الأحرف ولم تنزل في بعضها فاثباتها قطعي وحذفها قطعي وكل متواتر وكل في السبع فإن نصف القراء السبعة قرؤوا بإثباتها وبعضهم قرؤوا بحذفها وقراءة السبعة كلها متواترة فمن قرأ بها فهي ثابتة في حرفه متواترة اليه ثم منه إلينا ومن قرأ بحذفها فحذفها في حرفه متواتر إليه ثم منه إلينا وألطف من ذلك أن نافعا له راويان قرأ أحدهما عنه بها والآخر بحذفها فدل على أن الأمرين تواترا عنده بأن قرأ بالحرفين معا كل بأسانيد متواترة فبهذا التقرير اجتمعت الأحاديث المختلفة على كثرة كل جانب منها وانجلى الاشكال وزاح التشكيك يستغرب الاثبات ممن أثبت ولا النفي ممن نفى وقد أشار إلى بعض ما ذكره أستاذ القراء المتأخرين الامام شمس الدين بن الجزري فقال في كتابه النشر بعد أن حكى في المسئلة خمسة أقوال ما نصه: قلت: هذه الأقوال ترجع إلى النفي والاثبات والذي نعتقده أن كليهما صحيح وإن كل ذلك حق فيكون الاختلاف فيها كاختلاف القراءة هذا لفظه وقرره أيضا بأبسط من كلام بن الجزري الحافظ بن حجر فيما نقله عنه تلميذه الشيخ برهان الدين البقاعي في معجمه.
فائدة: قال الحافظ بن حجر: في نكته على بن الصلاح سمع حميد هذا الحديث من أنس ومن قتادة عن أنس إلا أنه سمع من أنس الموقوف ومن قتادة عنه المرفوع قال أبو سعيد بن الأعرابي في معجمه حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني حدثنا يحيى بن معين عن بن أبي عدي عن حميد عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال بن معين: قال بان عدي وكان حميد إذا قال عن قتادة عن أنس رفعه وإذا قال عن أنس لم يرفعه.(1/94)
"7 - باب القراءة في الصبح"
183 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها سورة البقرة في الركعتين كلتيهما.
184 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عامر بن ربيعة.(1/94)
يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت والله إذا لقد كان يقوم حين يطلع الفجر قال أجل.
185- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد أن الفرافصة بن عمير الحنفي قال: ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان بن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها لنا.
186- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر السور الأول من المفصل في كل ركعة بأم القرآن وسورة.(1/95)
باب ماجاء في أم القرآن
...
"8 باب ما جاء في أم القرآن"
187 - حدثني يحيى عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو يصلي فلما فرغ من صلاته لحقه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده وهو يريد أن يخرج من باب المسجد فقال: "إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها" قال أبي فجعلت إبطي في المشي رجاء ذلك ثم قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني قال كيف.
ـــــــ.
187/40 - أن أبا سعيد مولى عامر بن كرير قال بن عبد البر: هو تابعي معدود في أهل المدينة لا يوقف له على اسم وذكر المذى في تهذيبه أنه روى عن أبي هريرة والحسن البصري ولم يذكر لهما ثالثا مع أنه سمع هذا الحديث بعينه من أبي بن كعب وصله من طريقه عنه الحاكم إني لأرجو أن لا تخرج من المسجد حتى تعلم سورة قال الباجي: هو معنى التسليم لأمر الله والاقرار بقدرته وانه وإن كان تعليم ذلك يسيرا إلا انه لا يقطع بتمامه إلا أن يعلمه الله بذلك ومعنى تعلم سورة أي تعلم من حالها ما لم تكن تعلمه قبل ذلك وإلا فقد كان عالما بالسورة وحافظا لها ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها قال الباجي: ذكر بعض شيوخنا أن معنى ذلك انها تجزي من غيرها في الصلاة ولا يجزي غيرها منها وسائر السور يجزي بعضها من بعض وهي سورة قسمها الله تعالى بينه وبين عبده يحتمل أن تكون هذه من الصفات التي يختص بها ولها مع ذلك صفات تختص بها من أنها السبع المثاني والقرآن العظيم وغير ذلك من كثرة ثواب أو حسنة قلت: ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد بن حميد عن بن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن" ولم يرد في سورة مثل ذلك وإنما ورد في: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أنه ثلث القرآن وفي: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} أنها ربع القرآن: "وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت" قال الباجي: يريد قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} 1 وسميت السبع لأنها سبع آيات والمثاني لآنها تثنى في كل ركعة قال الباجي: وإنما قيل: لها: القرآن العظيم على معنى التخصيص لها بهذا الاسم وإن كان كل شيء من القرآن قرآنا عظيما كما يقال في الكعبة بيت الله وإن كانت البيوت كلها لله ولكن على سبيل التخصيص والتعظيم له.
ـــــــ
1 سورة الحجر الآية: 87.(1/95)
تقرأ إذا افتتحت الصلاة قال فقرأت: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] حتى أتيت على آخرها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي هذه السورة وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت" .
188- وحدثني عن مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء الإمام.(1/96)
"9 - باب القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة"
189 - حدثني يحيى عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب أنه سمع أبا السائب.
ـــــــ
189/42 - عن العلاء بن عبد الرحمن قال بن عبد البر: ليس هذا الحديث في الموطأ إلا عن العلاء عند جميع الرواة وقد انفرد مطرف في غير الموطأ فرواه عن مالك عن بن شهاب عن أبي السائب وساقه كما في الموطأ سواه وهو غير محفوظ قال الدارقطني: هو غريب من حديث مالك عن بن شهاب لم يروه غير مطرف أنه سمع أبا السائب قال النووي: لا يعرف اسمه مولى هشام بن زهرة قال المذى في التهذيب ويقال مولى عبد الله بن هشام زهرة ويقال مولى بني زهرة روى عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري والمغيرة بن شعبة ولم يذكر لهم رابعا من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن هي الفاتحة سميت بذلك لأنها فاتحته كما سميت مكة أم القرى لأنها أصلها ذكره النووي في شرح مسلم وقيل: لأنها اشتملت على جميع علوم القرآن بطريق الإجمال فهي خداج أي ذات خداج أي نقصان يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان نام الخلق وأخدجته إذا ولدته ناقصا وإن كان لتمام الولادة هذا قول الخليل والأصمعي وأبي حاتم وآخرين وقال جماعة من أهل اللغة خدجت وأخدجت إذا ولدت لغير تمام غير تمام هو تأكيد فغمز ذراعي قال الباجي: هو على معنى التأنيس له وتنبيهه على فهم مراده والبعث له على جمع ذهنه وفهمه لجوابه قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين قال العلماء: أراد بالصلاة هن الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها كقوله الحج عرفة والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه والنصف الثاني سؤال وتضرع وافتقار واحتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث قال النووي: وهو من أوضح ما احتجوا به لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم والسابعة متوسطة وهي إياك نعبد وإياك نستعين قالوا: ولأنه لم يذكر البسملة فيما عدده ولو كانت منها لذكرها وأجيب بأن التصنيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا حقيقة اللفظ أو عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة وبأن معنى قوله يقول العبد الحمد لله أي إذا انتهى في قراءته إلى ذلك يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي إلى آخره قال العلماء: إنما قال حمدني وأثنى علي ومجدني لأن التحميد والثناء بجميل الأفعال والتمجيد الثناء بصفات الجلال ويقال أثنى عليه في ذلك كله ولهذا جاء جوابا للرحمن الرحيم لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية يقول العبد إياك نعبد وإياك نستعين فهذه الآية بيني وبين عبدي قال الباجي: معناه أن بعض الآية تعظيم للباري تعالى وبعضها استعانة من العبد به على أمر دينه ودنياه ولعبدي ما سأل أي من العون فهؤلاء لعبدي قال الباجي: معناه أن هؤلاء الآيات مختصة بالعبد لأنها دعاؤه بالتوفيق إلى صراط من أنعم عليهم والعصمة من صراط المغضوب عليهم والضالين.(1/96)
مولى هشام بن زهرة يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج هي خداج هي خداج غير تمام" قال فقلت يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام قال فغمز ذراعي ثم قال أقرأ بها في نفسك يا فارسي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤوا يقول العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة:2] يقول الله تبارك وتعالى حمدني عبدي ويقول العبد: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:3] يقول الله أثني علي عبدي ويقول العبد: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:4] يقول الله مجدني عبدي يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] فهذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [6] {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6, 7] فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل.
190- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة.
191- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن القاسم بن محمد كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة.
192- وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان: أن نافع بن جبير بن مطعم كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك.(1/97)
"10 - باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه"
193 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل هل يقرأ أحد خلف الإمام قال إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام وإذا صلى وحده فليقرأ قال وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا أن يقرأ الرجل وراء الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة ويترك القراءة فيما يجهر فيه الإمام بالقراءة.
194 - وحدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن بن أكيمة الليثي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: "هل قرأ معي منكم أحد آنفا" فقال رجل: نعم أنا يا رسول الله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أقول ما لي أنازع القرآن" فانتهي الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
194/40 - عن بن أكيمة اسمه عمارة وقيل: عمرو وكنيته أبو الوليد آنفا بمد أوله وكسر النون أي قريبا إني أقول مالي أنازع القرآن هو بمعنى التثريب واللوم لمن فعل ذلك قال الباجي: ومعنى منازعتهم له إلا يفردوه بالقراءة ويقرؤوا معه من التنازع بمعنى التجاذب.(1/97)
باب ماجاء في التأمين خلف الإمام
...
"11 - باب ما جاء في التأمين خلف الإمام"
194 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن.
ـــــــ.
195/48 - إذا أمن الامام فأمنوا قال الباجي: قيل: معناه إذا بلغ موضع التأمين من القراءة وقيل: إذا دعا قالوا: وقد يسمى الداعي مؤمنا كما يسمى المؤمن داعيا قال والأظهر عندنا أن معنى أمن الامام قال آمين كما أن معنى فأمنوا قولوا آمين إلا أن يعدل عن هذ ا الظاهر بدليل إن وجد أي وجه سائغ في اللغة انتهى والجمهور على القول الأخير لكن اولوا قوله إذا أمن على أن المراد إذا أراد التأمين ليقع تأمين الامام والمأمون معا فإنه يستحب به المقارنة قال الشيخ أبو محمد الجويني لا يستحب مقارنة الامام في شيء من الصلاة غيره وقال ولده إمام الحرمين يمكن تقليله بأن التأمين لقراءة الامام لا لتأمينه فلذلك لا يتأخر عنه فإنه من وافق في رواية في الصحيحين فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة قال الباجي: فيه أقوال أحدها من كان تأمينه على صفة تأمين الملائكة من الإخلاص والخشوع وحضور النية والسلامة من الغفلة وقيل: معناه أن يكون دعاؤه للمؤمنين كدعاء الملائكة لهم فمن كان دعاؤه على ذلك فقد وافق دعاؤهم وقيل: إن الملائكة الحفظة المتعاقبين يشهدون الصلاة مع المؤمنين فيؤمنون إذا أمن الامام فمن فعل مثل فعلهم في حضورهم الصلاة وقولهم آمين عند تأمين الامام غفر له وقيل: معنى الموافقة الإجابة فمن استجيب له كما يستجاب للملائكة غفر له قال الباجي: وهذه تاويلات فيها تعسف ولا يحتاج إليه ولا يدل على شيء منها دليل والأولى حمل الحديث على ظاهره ما لم يمنع من ذلك مانع ومعناه أن من قال آمين عند قول المئشكة آمين غفر له وإلى هذا ذهب الداوودي انتهى وقال الحافظ بن حجر: المراد الموافقة في القول والزمان خلافا لمن قال المراد الموافقة في الإخلاص والخشوع كابن حبان فإنه لما ذكر الحديث قال يريد موافقة المئشكة في الإخلاص بغير إعجاب وكذا جنح إليه غيره فقال نحو ذلك من الصفات المحمودة في إجابة الدعاء أو في الدعاء بالطاعة خاصة أو المراد بتأمين المئئكة استغفارهم للمؤمنين وقال بن المنير: الحكمة في اثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للاتيان بالوظيفة في محلها لأن المئئكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظا ثم ظاهره أن المراد بالملائكة جميعهم واختاره بن بزيزة وقيل: الحفظة منهم وقيل: الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا إنهم غير الحفظة قال الحافظ: والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة ممن في الأرض أو في السماء للحديث الآتي إذا قال أحدكم آمين وقالت: الملائكة في السماء آمين فوافقت أحداهما الأخري وروى عبد الرزاق عن عكرمة قال صفوف أهل الأرض على صوف أهل السماء فإذا وافق آمين في الأرض آمين في السماء غفر للعبد قال الحافظ: ومثله لا يقال بالرأي فالمصير إليه أولى قلت: وقد أخرجه سنيد عن حجاج عن بن جريج قال أخبرني الحكم بن أبان أنه سمع عكرمة يقول إذا أقيمت الصلاة نصف أهل الأرض صف أهل السماء فإذا قال قارئ الأرض ولا الضالين قالت: الملائكة آمين فإذا وافقت آمين أهل الأرض آمين أهل السماء غفر لأهل الأرض ما تقدم من ذنوبهم غفر له ما تقدم من ذنبه قال الباجي: يقتضي غفران جميع ذنوبه المتقدمة قال غيره وهو محمول عند العلماء على الصغائر ووقع في أمالي الجرجاني في آخر هذا الحديث زيادة وما تأخر.
فائدة: ألف الحافظ بن حجر كتابا سماه الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة وسبقه إلى ذلك الحافظ المنذري وقد رأيت أن ألخص أحاديثه هنا لتستفاد أخرج بن أبي شيبة في مسنده ومصنفه وأبو بكر.(1/98)
............................................................................................
المروزي في مسند عثمان والبزار عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أبو عوانة في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص عن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا" وفي لفظ: "رسولا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج بن وهب في مصنفه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أمن الامام فأمنوا فإن الملائكة تؤمن فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج آدم بن أبي إياس في كتاب الثواب عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى سبحة الضحى ركعتين إيمانا واحتسابا غفرت له ذنوبه كلها ما بقدم منها وما تأخر" إلا القصاص وأخرج أبو الأسعد القشيري في الأربعين عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ إذا سلم الامام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبعا سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" أخرج أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج النسائي في الكبرى وقاسم بن أصبغ في مصنفه عن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام شهر رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أبو سعيد النقاش الحافظ في أماليه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام يوم عرفة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أم سلمة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أهل بحجة أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" ووجبت له الجنة وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الله هو بن سمعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من جاء حاجا يريد وجه الله غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أحمد بن منيع وأبو يعلى في مسنديهما عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج الثعلبي في تفسيره عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آخر سورة الحشر غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أبو عبد الله بن منده في أماليه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قاد مكفوفا أربعين خطوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج أبو أحمد الناصح في فوائده عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سعى لأخيه المسلم في حاجة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وأخرج الحسن بن سفيان وأبو يعلى في مسنديهما عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبدين يلتقيان فيتصافحان ويصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى يغفر لهما ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر" وأخرج أبو داود عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" وقد تلخص من هذه الأحاديث ستة عشر خصلة وقد نظمتها في أبيات على وزن يا سلسلة الرمل وهي هذه.
قد جاء من الهادي وهو خير نبي ... أخبار مسانيد قد رويت بايصال
في فضل خصال غافرات ذنوب ... ما قدم أو أخر للممات بافضال(1/99)
عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" قال بن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين.
196 - وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] فقولوا آمين فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" .
197 - وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه" .
198 - وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" .
ـــــــ
حج وضوء قيام ليلة قدر ... واسهر وصم له وقوف عرفة إقبال
آمين وقارئ الحشر ثم من قاد ... أعمى وشهيد إذا المؤذن قد قال
سمى لأخ والضحى وعند لباس ... حمد ومجيء من اليلياء باهلال
في الجمعة يقرأ نوافلا وصفاح ... مع ذكر صلاة على النبي مع الآل
قال بن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "آمين" هذا مراسيل بن شهاب وقد أخرجه الدارقطني في غرائب مالك والعلل موصولا من طريق حفص بن عمر المدني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به وقال: تفرد به حفص بن عمر وهو ضعيف وقال بن عبد البر: لم يتابع حفص على هذا اللفظ بهذا الإسناد قال الحافظ بن حجر: وآمين بالتخفيف والمد في جميع الروايات وعن جميع القراء وفيها لغات أخرى شاذة لم ترد بها الرواية ومعناها اللهم استجب عند الجمهور وقيل: هو اسم من أسماء الله رواه عبد الرزاق عن أبي هريرة بإسناد ضعيف وعن هلال بن يسار التابعي مثله وأنكره جماعة.
197/50 - إذا قال أحدكم آمين زاد مسلم في صلاته قال الحافظ بن حجر: فيحمل المطلق على المقيد.
198/51 - إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه قال الحافظ بن حجر: فيه إشعار بأن الملائكة تقول ما يقول المأمومون وقال بن عبد البر: الوجه عندي في هذا والله أعلم تعظيم فضل الذكر وأنه يحط الأوزار ويغفر الذنوب وقد أخبر الله عن الملائكة أنهم يستغفرون للذين آمنوا فمن كان منه من القول مثل هذا بإخلاص واجتهاد ونية صادقة وتوبة صحيحة غفرت ذنوبه إن شاء الله قال ومث لهذه الأحاديث المشكلة المعاني البعيدة التأويل عن مخارج لفظها واجب ردها إلى الأصول المجتمع عليها.(1/100)
"12 - باب العمل في الجلوس في الصلاة"
199 - حدثني يحيى عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة فلما انصرفت نهاني وقال أصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فقلت وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وقال: هكذا كان يفعل.
200- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار: أنه سمع عبد الله بن عمر وصلى إلى جنبه رجل فلما جلس الرجل في أربع تربع وثني رجليه فلما انصرف عبد الله عاب ذلك عليه فقال الرجل: فإنك تفعل ذلك فقال عبد الله بن عمر: فإني أشتكي.
201- وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن المغيرة بن حكيم: أنه رأى عبد الله بن عمر يرجع في سجدتين في الصلاة على صدور قدميه فلما أنصرف ذكر له ذلك فقال إنها ليست سنة الصلاة وإنما أفعل هذا من أجل أني أشتكي.
202- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أنه أخبره: أنه كان يرى عبد الله بن عمر يتربع في الصلاة إذا جلس قال: ففعلته وأنا يومئذ حديث السن فنهاني عبد الله وقال: إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني رجلك اليسرى فقلت له: فإنك تفعل ذلك فقال: إن رجلي لا تحملاني.
203- وحدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن القاسم بن محمد أراهم الجلوس في التشهد فنصب رجله اليمنى وثني رجله اليسرى وجلس على وركه الأيسر ولم يجلس على قدمه ثم قال أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك.
ـــــــ.
199/52 - عن علي بن عبد الرحمن المعاوي بضم الميم وفتح العين وبعد الألف واو قال بن عبد البر: منسوب إلى بني معاوية فخذ من الأنصار وأشار بأصبعه قال الباجي: روى سفيان بن عيينة هذا الحديث عن مسلم بن أبي مريم وزاد فيه قال هي مذبة الشيطان لا يسهو أحدكم ما دام يشير بأصبع قال الباجي: ففيه أن معنى الإشارة دفع السهو وقمع الشيطان الذي يوسوس وقيل: إن الإشارة معناها التوحيد.
202/55 - إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك إلى آخره هذه الصفة حكمها الرفع.(1/101)
"13 - باب التشهد في الصلاة".
204 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن.
ـــــــ.
204/57 - أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد قال في الاستذكار ما أورده مالك في التشهد عن عمر وابن عمر وعائشة حكمه الرفع لأن من المعلوم أنه لا يقال بالرأي ولو كان رأيا لم يكن ذلك أقول من الذكر أولى من غيره من سائر الذكر التحيات لله فسرها بعضها بالملك وبعضهم بالبقاء وبعضهم بالسلام وعن العتبي أن الجمع في لفظ التحيات سببه أنهم كانوا يحيون الملوك بأثنية مختلفة كقولهم:(1/101)
عبد القارىء أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: قولوا التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
205- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يتشهد فيقول بسم الله التحيات لله الصلوات لله الزاكيات لله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا رسول الله يقول هذا في الركعتين الأوليين ويدعو إذا قضي تشهده بما بدا له فإذا جلس في آخر صلاته تشهد كذلك أيضا إلا أنه يقدم التشهد ثم يدعو بما بدا له فإذا قضى تشهده وأراد أن يسلم قال السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم عن يمينه ثم يرد على الإمام فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه.
206- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول: إذا تشهدت التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإن محمدا عبده ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم.
207- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد أنه أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: إذا تشهدت التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم.
208- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب ونافعا مولى بن عمر عن رجل دخل مع الإمام في الصلاة وقد سبقه الإمام بركعة أيتشهد معه في الركعتين والأربع وإن كان ذلك له وترا فقالا ليتشهد معه قال مالك: وهو الأمر عندنا.
ـــــــ.
أنعم صباحا وأبيت اللعن وعش كذا سنة فقيل: استحقاق الأثنية كلها لله تعالى وقيل: المعنى ان التحيات بالأسماء الحسنى كلها لله تعالى الزاكيات لله قال بن حبيب هي صالح الأعمال الطيبات هي طيبات القول الصلوات لله قال القاضي أبو الوليد معناه أنها لا ينبغي أن يراد بها غير الله وقال الرافعي: معناه الرحمة لله على العباد السلام علينا قيل: السلام هو الله تعالى ومعناه الله علينا أي على حفظنا وقيل: هو جمع سلامة.(1/102)
"14 - باب ما يفعل من رفع رأسه قبل الإمام".
209 - حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن مليح بن عبد الله.
ـــــــ.
209/62 - عن محمد بن عمرو بن علقمة قال بن عبد البر: لم يخرج عنه مالك في الموطأ حكما واستغنى عنه في الأحكام بالزهري ومثله وإنما ذكر عنه في الموطأ حديثا واحدا من المسند في باب الجامع.(1/102)
السعدي عن أبي هريرة أنه قال: الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام فإنما ناصيته بيد شيطان.
قال مالك: فيمن سها فرفع رأسه قبل الإمام في ركوع أو سجود أن السنة في ذلك أن يرجع راكعا أو ساجدا ولا ينتظر الإمام وذلك خطأ ممن فعله لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" وقال أبو هريرة: "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان" .
ـــــــ.
وهذا الحديث أورده مالك عنه هنا موقوفا ورواه الداروردي عن محمد بن عمرو عن مليح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا "الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الامام فانما ناصيته يد شيطان" قال الباجي: معناه الوعيد لمن فعل ذلك واخبار أن ذلك من فعل الشيطان به وإن انقياده له وطاعته إياه في المبادرة بالخفض والرفع قبل إمامه انقياد من كانت ناصيته بيده.(1/103)
"15- باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا".
210- حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصدق ذو اليدين" فقال الناس: نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين أخريين ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع.
211- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد أنه قال سمعت أبا هريرة يقول: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل ذلك لم يكن" فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: "أصدق ذو اليدين" فقالوا: نعم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين بعد التسليم وهو جالس.
ـــــــ.
211/64- سمعت أبا هريرة يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر قال بن عبد البر: كذا رواه يحيى ولم يقل لنا ورواه بن القاسم وابن وهب والقعنبي والشافعي وقتيبة عن مالك فقالوا: صلى لنا فقام ذو اليدين واسمه الخرباق بن عمرو: "كل ذلك لم يكن" قال النووي: فيه تأويلان أحدهما أن معناه لم يكن المجموع فلا ينفي وجود أحدهما والثاني وهو الصواب أن معناه لم يكن ذاك ولا ذا في ظني بل في ظني أني أكملت الصلاة أربعا قال ويدل على صحة هذا التأويل وأنه لا يجوز غيره أنه جاء في روايات للبخاري في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لم تقصر ولم أنس" فنفى الأمرين فقال: "أصدق ذو اليدين" قالوا: نعم قال النووي: فإن قيل: كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعد في الصلاة فجوابه من وجهين أحدهما أنهم لم يكونوا على يقين من البقاء في الصلاة لأنهم كانوا مجوزين لنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين والثاني أن هذا كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابا وذلك لا يبطل الصلاة وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح أن الجماعة أومئوا أي نعم فعلى هذه الرواية لم يتكلموا فإن قيل: كيف رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول الجماعة وعندكم لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره إماما كان أو مأموما ولا يعمل إلا على يقين نفسه فجوابه أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم ليتذكر فلما ذكروه تذكر فعلم السهو فبنى عليه لا أنه رجع إلى مجرد قولهم.(1/103)
212 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار الظهر أو العصر فسلم من اثنتين فقال له ذو الشمالين أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قصرت الصلاة وما نسيت" فقال ذو الشمالين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: "أصدق ذو اليدين" فقالوا: نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سلم.
213- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: مثل ذلك.
قال مالك: كل سهو كان نقصانا من الصلاة فإن سجوده قبل السلام وكل سهو كان زيادة في الصلاة فإن سجوده بعد السلام.
ـــــــ.
212/65- عن بن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بن عبد البر: هو قرشي عدوي لا يوقف له على اسم وهو من ثقات التابعين وحديثه هذا منقطع عند جميع رواة الموطأ فقال له ذو الشمالين: رجل من بني زهرة بن كلاب قال الباجي: قول بن شهاب في هذا الحديث ذو الشمالين فيه نظر وقال بن أبي حثمة ذو الشمالين عمير بن عبيد بن عمرو بن فضلة من خزاعة حليف لبني زهرة بن كلاب قتل يوم بدر وذو اليدين هو الخرباق وهو غير ذي الشمالين والجمع بينهما في حديث الزهري مما خلفه فيه الحفاظ من الرواة عن أبي هريرة محمد بن سيرين وأبو سفيان غيرهما وكذلك رواه الحفاظ عن أبي سلمة وبين هذا أن أبا هريرة يقول في هذا الحديث صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك رواه أبو مصعب وغيره وهذا يقتضي مشاهدة أبي هريرة لهذه الصلاة وذو الشمالين قتل يوم بدر وإسلام أبي هريرة بعد ذلك بأعوام جمة قال ولم يذكر أن شهاب في حديثه هذا سجود السهو وقد ذكره جماعة من الحفاظ عن أبي هريرة والأخذ بالزائد أولى إذا كان راويه ثقة وقال بن عبد البر: الزهري في هذا الحديث أن المتكلم ذو الشمالين لم يتابع عليه فذو الشمالين هو عمير بن عمرو بن غيثان خزاعي حليف لبني زهرة قتل ببدر وذو اليدين اسمه الخرباق سلمي من بني سليم قال وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطرابا أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة ثم ذكر طرقه وبين اضطرابها في المتن والإسناد وذكر مسلم بن الحجاج غلط الزهري في حديثه قال بن عبد البر: لا أعلم أحدا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عول على الزهري في قصة ذي اليدين وكلهم تركوه لاضطرابه وأنه لم يتم له إسنادا ولا متنا وإن كان إماما عظيما في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه بشر والكمال لله تعالى وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم وقال الحافظ بن حجر: اتفقوا على تغليط الزهري في قوله ذو الشمالين لأنه قتل ببدر وذو اليدين عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة وحدث بهذا الحديث ولقب بذلك لأنه كان في يده طول وقيل: كان يعمل بيديه جميعا.(1/104)
"16 - باب إتمام المصلي ما ذكر إذا شك في صلاته"
214 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
214/67 - عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شك أحدكم في صلاته" قال بن عبد البر: هكذا روي الحديث عن مالك جميع الرواة مرسلا ولا أعلم أحدا أسنده عن مالك إلا الوليد بن.(1/104)
قال: "إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليصلي ركعة وليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان" .
215- وحدثني عن مالك عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ الذي يظن: أنه نسي من صلاته فليصله ثم ليسجد سجدتي السهو وهو جالس.
216- وحدثني عن مالك عن عفيف بن عمرو السهمي عن عطاء بن يسار أنه قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار عن الذي يشك في صلاته فلا يدري كم صلى أثلاثا أم أربعا فكلاهما قال ليصل ركعة أخرى ثم ليسجد سجدتين وهو جالس.
217- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن النسيان في الصلاة قال ليتوخ أحدكم الذي يظن: أنه نسي من صلاته فليصله.
ـــــــ.
مسلم فإنه وصله عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تابع مالكا على إرساله الثوري وحفص بن ميسرة الصنعاني ومحمد بن جعفر وداود بن قيس وتابع الوليد على وصله جماعة عن زيد بن أسلم قلت: وصله مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من طرق عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد الخدري وأخرجه النسائي أيضا من طريق عبد العزيز الداروردي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس وقال بن حبان في صحيحه وهم عبد العزيز في قوله عن بن عباس وإنما هو عن أبي سعيد شفعها أي ردها إلى الشفع ترغيم للشيطان أي إي إغاظة له وإذلال قال النووي: المعنى ان الشيطان لبس عليه صلاته وتدارك ما لبس عليه فأرغم الشيطان ورده خاسئا مبعدا عن مراده وكملت صلاة بن آدم وامتثل أمر الله تعالى الذي عصى به إبليس من امتناعه عن السجود.(1/105)
"17- باب من قام بعد الإتمام أو في الركعتين".
218- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم.
219- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله بن بحينة أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقام في اثنتين ولم يجلس فيهما.
قال مالك: فيمن سها في صلاته فقام بعد إتمامه الأربع فقرأ ثم ركع فلما رفع رأسه من ركوعه ذكر أنه قد كان أتم إنه يرجع فيجلس ولا يسجد ولو سجد إحدى السجدتين لم أر أن يسجد الأخرى ثم إذا قضى صلاته فليسجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.
ـــــــ.
218/71 - عن عبد الله بن بحينة هي أمه واسم أبيه مالك بن القشب الأزدي ونظرنا أي انتظرنا.(1/105)
باب النظر في الصلاة إلى مايشغلك عنها
...
"18- باب النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها"
220- حدثني يحيى عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أهدى أبو جهم بن حذيفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة شامية لها علم فشهد فيها الصلاة فلما انصرف قال: "ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني" .
221 - وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خميصة لها علم ثم أعطاها أبا جهم وأخذ من أبي جهم أنبجانية له فقال يا رسول الله: ولم فقال: "إني نظرت إلى علمها في الصلاة" .
222- وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائطه فطار دبسي فطفق يتردد يلتمس مخرجا فأعجبه ذلك فجعل يتبعه بصره ساعة ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى فقال لقد أصابتني في مالي هذا فتنة فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له الذي أصابه في حائطه من الفتنة وقال: يا رسول الله هو صدقة لله فضعه حيث شئت.
ـــــــ.
220/73- عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن عائشة قال بن عبد البر: رواه جماعة الرواة عن املك في الموطأ عن علقمة عن أمه عن عائشة وسقط ليحيى عن أمه وهو مما عد عليه ولم يتابعه على ذلك أحد من الرواة أهدى أبو جهم بن حذيفة اسمه عبيد ويقال عامر قرشي عدوي صحابي مشهور ويقال فيه أبو جهيم بالتصغير خميصة بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة كساء مربع له علمان: "فكاد يفتنني" قال الباجي: بين أن الفتنة لم تقع وإن صلاته صلى الله عليه وسلم كملت.
221/74- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خميصة قال بن عبد البر: هذا مرسل عند جميع الرواة عن مالك إلا معن بن عيسى فإنه رواه عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة مسندا وكذلك رواه جماعة أصحاب هشام عن هشام عن أبيه عن عائشة أنبجانية بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وبعد النون ياء النسبة كساء غليظ لا علم له قال أبو موسى المديني منسوب إلى موضع يقال له: أنبجان وتعقب بذلك قول أبي حاتم السجستاني لا يقال كساء أنبجاني وإنما يقال ميجاني نسبة إلى ميج موضع أعجمي.
222/75- عن عبد الله بن أبي بكر أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائط له قال بن عبد البر: هذا الحديث لا أعلمه مرويا من غير هذا الوجه وهو منقطع فطار دبسي فطفق يتردد يلتمس مخرجا قال الباجي: يعني أن انتساق النخل واتصال جرائدها كانت تمنع الدبسي من الخروج فجعل يتردد بطلب المخرج فأعجبه ذلك أي سرورا بصلاح ماله وحسن إقباله ثم رجع إلى صلاته أي الإقبال عليها وتفريغ نفسه لتمامها فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة أي اختبرت في هذا المال فشغلني عن الصلاة هو صدقة لله قال الباجي: أراد إخراج ما فتن به من ماله وتكفير اشتغاله عن صلاته قال وهذا يدل على أن مثل هذا كان يقل منهم ويعظم في نفوسهم فضعه حيث شئت قال الباجي: إنما صرف ذلك إلى اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمه بأفضل ما تصرف إليه الصدقات.(1/106)
223 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن رجلا من الأنصار كان يصلي في حائط له بالقف واد من أودية المدينة في زمان الثمر والنخل قد ذللت فهي مطوقة بثمرها فنظر إليها فأعجبه ما رأى من ثمرها ثم رجع إلى صلاته فإذا هو لا يدري كم صلى فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة فجاء عثمان بن عفان وهو يومئذ خليفة فذكر له ذلك وقال هو صدقة فاجعله في سبل الخير فباعه عثمان بن عفان بخمسين ألفا فسمي ذلك المال الخمسين.
ـــــــ.
223/76- قد ذللت أي مالت الثمرة بعراجينها لأنها عظمت وبلغت حد النضج.(1/107)
كتاب السهو
باب العمل في السهو
...
"4 - كتاب السهو"
"1 - باب العمل في السهو"
224- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس" .
225- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأنسى أو أنسى لأسن" .
226- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلا سأل القاسم بن محمد فقال: إني أهم في صلاتي فيكثر ذلك علي فقال القاسم بن محمد: امض في صلاتك فإنه لن يذهب عنك حتى تنصرف وأنت تقول ما أتممت صلاتي.
ـــــــ.
كتاب السهو.
224/1- فلبس عليه بفتح الباء الموحدة الخفيفة أي خلط عليه.
225/2- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إني لأنسى أو أنسى لأسن" قال بن عبد البر: هذا الحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا ولا مقطوعا من غير هذا الوجه وهو أحد الأحاديث الأربعة التي في الموطأ التي لا توجد في غيره مسندة ولا مرسلة ومعناه صحيح في الأصول وقال الباجي: أو في الحديث للشك عند بعضهم وقال عيسى بن دينار وابن نافع ليست للشك ومعنى ذلك أنسى أنا أو ينسيني الله تعالى قال ويحتاج هذا إلي بيان لأنه أضاف أحد النسيانين إليه والثاني إلى الله تعالى وإن كنا نعلم أنه إذا نسي فإن الله هو الذي نساه أيضا وذلك يحتمل معنيين أحدهما أن يريد لأنسى في اليقظة وأنسى في النوم فأصاب النسيان في اليقظة إليه لأنها حال التحرز في غالب أحوال الناس وأضاف النسيان في النوم إلى غيره لما كانت حالا يقل فيها التحرز ولا يمكن فيها منه ما يمكن في حال اليقظة والثاني أن يريد إني لأنسى على حسب ما جرت العادة به من النسيان مع السهو والذهول عن الأمر أو أنسى مع تذكر الأمر والاقبال عليه والتفرغ له فأضاف أحد النسيانين إلى نفسه لما كان كالمضطر إليه.(1/107)
كتاب الجمعة
باب العمل في غسل يوم الجمعة
...
"5 - كتاب الجمعة"
"1 - باب العمل في غسل يوم الجمعة"
227 - حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح.
ـــــــ.
227/1 - من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة قال الباجي: يحتمل أن يريد به غسلا على صفة غسل الجنابة ويحتمل أن يريد به الجنب المغتسل بجنابته قال الحافظ بن حجر: والأول قول الأكثر وفي رواية بن جريج عن سمي عند عبد الرزاق فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة والثاني فيه إشارة إلى استحباب الجماع يوم الجمعة والحكمة فيه أن تسكن نفسه في الرواح إلى الصلاة ولا تمتد عينه إلى شيء يراه وفيه حمل المرأة أيضا على الاغتسال قلت: ويؤيده حديث أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة قال له أجرين اثنين أجر غسله وأجر غسل امرأته أخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث أبي هريرة ثم راح في الساعة الأولى قيل: ذلك معتبر من الزوال وعليه مالك والمراد به حينئذ بالساعات الخمس أجزاء لطيفة عقبه لأن الرواح إنما يكون بعد نصف النهار وقيل: من أول النهار وعليه الشافعي والمراد بالرواح الذهاب وسوغ الإطلاق كونه ذهابا لأمر يؤتى به بعد الزوال قال الحافظ بن حجر: ولم أر التعبير بالرواح في شيء من طرق هذا الحديث إلا في رواية مالك هذه عن سمي وقد رواه بن جريج عن سمي بلفظ غدا ورواه أبو سلمة عن أبي هريرة بلفظ المستعجل إلى الجمعة كالمهدي بدنة الحديث صححه بن خزيمة وفي حديث سمرة ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجمعة في التبكير كأجر البدنة الحديث أخرجه بن ماجة ولأبي داود من حديث علي مرفوعا "إذا كان يوم الجمعة غدت الشياطين براياتها إلى الأسواق وتغدو الملائكة فتجلس على باب المسجد فتكتب الرجل من ساعة والرجل من ساعتين" الحديث فدل مجموع هذه الأحاديث على أن المراد بالرواح الذهاب فكأنما قرب بدنة أي تصدق بها متقربا إلى الله وقيل: المراد أن له نظير ما لصاحب البدنة من الثواب ممن شرع له القربان لأن القربان لم يشرع لهذه الأمة على الكيفية التي كانت بالأمم السالفة أي فعوضوا عنه ما يقوم مقامه وفي لفظ عند البخاري كمثل الذي يهدي بدنة فكان المراد بالقربان في رواية مالك الاهداء إلى الكعبة والمراد بالبدنة الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى سميت بذلك لعظم دنها والهاء فيها للوحدة لا للتأنيث كبشا أقرن قال النووي: وصفه به لأنه أكمل وأحسن صورة ولأن قرنه ينتفع به ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة في رواية عند النسائي فكأنما قرب بطة وجعل الدجاجة في الساعة الخامسة والبيضة في الساعة السادسة والدجاجة بتثليث الدال والفتح أفصح ثم الكسر وتقعان على الذكر والأنثى فإذا خرج الامام حضرت الملائكة استنبط منه الماوردي أن التبكير لا يستحب للإمام قال: ويدخل المسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر وقال الباجي: قوله خرج يريد به خرج عليهم في الجامع لأنه خروج مما كان مستورا فيه من منزل وغيره وحضرت بفتح الضاد أفصح من كسرها قالوا: والملائكة المشار إليهم غير الحفظة وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة ذكره النووي في شرح مسلم وفي رواية في الصحيح إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول فذكر الحديث إلى أن قال: فإذا جلس الامام طووا صحفهم وجاؤا.(1/108)
السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر" .
228- وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة: أنه كان يقول غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم كغسل الجنابة.
229- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله: أنه قال: دخل رجل من.
ـــــــ.
يستمعون الذكر ولأبي نعيم في الحلية من حديث بن عمر مرفوعا إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور فذكر الحديث يستمعون الذكر قال الرافعي: أي الخطبة وقال الباجي: المعنى أنها لا تكتب فضيلة من يأتي ذلك الوقت.
229/3- عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن قال دخل رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: كذا رواه أكثر رواة الموطأ عن مالك مرسلا لم يقولوا: عن أبيه ووصله عن مالك عن بن شهاب عن سالم عن أبيه رواح بن عبادة وجويرية بن أسماء وإبراهيم بن طهمان وعثمان بن الحكم الجذامي وأبو عاصم النبيل وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن مالك بن أنس وعبد الرحمن بن مهدي والوليد بن مسلم وعبد العزيز بن عمران ومحمد بن عمر الواقدي وإسحاق بن إبراهيم الحنيني والقعنبي في رواية إسماعيل بن إسحاق عنه زاد الدارقطني في الموطآت ويحيى بن محمد الشجري وخالد بن حميد زاد في العلل وأبو قرة قال وكذلك رواه أصحاب الزهري عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر وهو الصواب وعند الزهري فيه أسانيد أخر صحاح منها سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها طاوس عن بن عباس وعن نافع عن بن عمر وقيل: عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة وقيل: عنه عن عبيد بن السباق عن بن عباس وقيل: عنه عن أنس والصحيح من ذلك كله حديث عمر وابنه ورواه عمرو بن دينار عن الزهري مرسلا انتهى كلام الدارقطني في العلل والحديث موصول في الصحيحين فأخرجه البخاري من طريق جويرية بن أسماء عن مالك ومسلم من طريق بن وهب عن يونس وكلاهما عن الزهري عن سالم عن أبيه والرجل المذكور سماه بن وهب وابن القاسم في روايتيهما للموطأ عثمان بن عفان قال بن عبد البر: ولا أعلم فيه خلافا قال وكذا وقع في رواية بن وهب عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن بن عمر وفي رواية معمر عن الزهري عند عبد الرزاق وفي حديث أبي هريرة في رواتيه لهذه القصة عند مسلم قال وذكر عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمرو بن دينار أن عكرمة مولى بن عباس أخبره أن عثمان بن عفان جاء وعمر يخطب فذكر مثل حديث بن عمر وأبي هريرة قال وقد روي هذا الحديث مرفوعا ثم أخرج من طريق محمد بن عمر المدني حدثنا بشر بن السري عن عمر بن الوليد الشني عن عكرمة عن بن عباس قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "يلهو أحدكم حتى إذا كادت الجمعة تفوت جاء يتخطى رقاب الناس يؤذيهم" فقال: ما فعلت يا رسول الله ولكن كنت راقدا ثم استيقظت وقمت فتوضأت ثم أقبلت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أو يوم وضوء هذا" قال بن عبد البر: هكذا حدث به مرفوعا وهو عندي وهم لا أدري ممن وإما القصة محفوظة لعمر لا للنبي صلى الله عليه وسلم انتهى فقال عمر: أية ساعة هذه بتشديد الياء التحتية تأنيث أي استفهام إنكار وتوبيخ على تأخره إلى.(1/109)
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطاب يخطب فقال عمر: أية ساعة هذه فقال: يا أمير المؤمنين انقلبت من السوق فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت فقال عمر: والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل.
230- وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" .
ـــــــ.
هذه الساعة وفي رواية أبي هريرة فقال عمر: لم تحتبسون عن الصلاة انقلبت من السوق روى أشهب عن مالك في العتبية أن الصحابة كانوا يكرهون ترك العمل يوم الجمعة على نحو تعظيم اليهود السبت والنصارى الأحد والوضوء أيضا قال النووي: هو منصوب أي توضأت الوضوء فقط قاله الزهري وقال بن حجر أي والوضوء أيضا اقتصرت على الوضوء وجوز القرطبي الرفع على أنه مبتدأ خبره محذوف أي والوضوء أيضا تقتصر عليه قال وأغرب السهيلي فقال: اتفق الرواة على الرفع لأن النصب يخرجه إلى معنى الإنكار يعني والوضوء لا ينكر قال ما تقدم قال والظاهر أن الواو عاطفة وقال القرطبي هي عوض من همزة الاستفهام كقراءة بن كثير قال فرعون وآمنتم به وقوله أضا أي ألم يكفك أن فاتك فعل التبكير إلى الجمعة حتى أضفت إليه ترك العمل المرغوب فيه قلت: وفيه دليل على أن هذه اللفظة عربية فإن بن هشام توقف في ذلك ثم أعربها مصدرا من آض تاما بمعنى رجع لا من آض ناقصا بمعنى صار قال وهي إما مفعول مطلق حذف عامله أي أرجع إلى الاخبار رجوعا ولا أقتصر على ما قدمت أو حال حذف عاملها وصاحبها أي أخبر أو أحكي أيضا فتكون حالا من ضمير المتكلم فهذا هو الذي يستمر في جميع المواضع قال ومما يؤنسك بما ذكرته من أن العامل محذوف أنك تقول عند مال وأيضا علم فلا يكون قبلها ما يصلح للعمل فيها فلا بد حينئذ من التقدير.
230/4- عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال بن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ عند رواية لم يختلفوا في إسناده ورواه بكر بن السرور الصفاني عن مالك زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه مرفوعا قال وهذا خطأ في الإسناد بلا شك وبكر سيء الحفظ ضعيف هذه عن مالك مناكير وقال الحافظ بن حجر: لم تختلف رواة الموطأ في إسناده عن مالك ورجاله مدنيون وفي رواته تابعي عن تابعي صفوان عن عطاء وقد تابع مالكا على روايته الداروردي عن صفوان عند بن حبان وخالفهما عبد الرحمن بن إسحاق فرواه عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أخرجه أبو بكر المروزي في كتاب الجمعة له وقال الدارقطني: في الموطآت رواه يحيى بن مالك عن أبيه بهذا السند مثله موقوفا أحسبه سقط على بعض الرواة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وقال في العلل رواه إسحاق بن الطباع عن مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد ووهم فيه ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن صفوان فقال: عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة وأبي سعيد ومنهم من قال عنه بالشك عن أحدهما ورواه محمد بن عمرو بن علقمة عن صفوان عن عطاء بن يسار مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه نافع القاري عن صفوان عن أبي هريرة ووهم فيه والصحيح من ذلك صفوان عن بن يسار عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى غسل يوم الجمعة واجب أي متأكد قال بن عبد البر: المراد أنه واجب فرضا بل مؤول أي واجب في السنة أو في.(1/110)
231 - وحدثني عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" .
قال مالك: من اغتسل يوم الجمعة أول نهاره وهو يريد بذلك غسل الجمعة فإن ذلك الغسل لا يجزئ عنه حتى يغتسل لرواحه وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث بن عمر: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" .
قال مالك: ومن اغتسل يوم الجمعة معجلا أو مؤخرا وهو ينوي بذلك غسل الجمعة فأصابه ما ينقض وضوءه فليس عليه إلا الوضوء وغسله ذلك مجزئ عنه.
ـــــــ.
المروءة أو في الأخلاق الجميلة كما تقول العرب وجب حقك ثم أخرج بسنده من طريق أشهب عن مالك أنه سئل عن غسل الجمعة أواجب هو قال هو حسن وليس بواجب وأخرج من طريق بن وهب أن مالكا سئل عن غسل يوم الجمعة واجب هو قال هو سنة ومعروف قيل: إن في الحديث واجب قال وليس كل ما جاء في الحديث يكون كذلك على كل محتلم أي بالغ وإنما ذكر الاحتلام لكونه الغالب.
231/5- عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم أي إذا أراد أن يجيء كما في رواية الليث عن نافع عند مسلم إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل قال الحافظ بن حجر: رواية نافع عن بن عمر لهذا الحديث مشهورة جدا وقد اعتنى بتخريج طرقه أبو عوانة في صحيحه فساقه من طريق سبعين نفسا رووه عن نافع قال وقد تتبعت ما فته وجمعت ما وقع لي من طرقه في جزء مفرد فبلغت أسماء من رواه عن نافع مائة وعشرين نفسا فمما يستفاد منه هنا ذكر سبب الحديث ففي رواية إسماعيل بن أمية عن نافع عند أبي عوانة كان النسا يغدون في أعمالهم فإذا كان الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب متغيرة فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل" ومنها ذكر محل القول ففي رواية الحكم بن عتيبة عن نافع عن بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد هذا المنبر بالمدينة أخرجه يعقوب الجصاص في فوائده ومنها يدل على تكرار ذلك ففي رواية صخر بن جويرية عن نافع عن أبي مسلم الكجي بلفظ كان إذا خطب يوم الجمعة قال الحديث ومنها زيادة في امتن ففي رواية عثمان بن واقد عن نافع عن أبي عوانة وابن خزيمة وابن حبان في صحاحهم من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل ومنها زيادة في المتن والإسناد أيضا أخرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من طرق عن مفضل بن فضال عن عياش بن عباس القتباني عن بكير بن عبد الله الأشج عن نافع عن بن عمر عن حفصة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجمعة واجبة على كل محتلم وعلى من راح إلى الجمعة الغسل" قال الطبراني في الأوسط لم يروه عن نافع بزيادة حفصة إلا بكير ولا عنه غلا عياش تفرد به مفضل قال الحافظ بن حجر: ورواته ثقات ولا مانع أن يسمعه بن عمر من النبي صلى الله عليه وسلم ومن غيره من الصحابة.(1/111)
باب ماجاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب
...
"2 - باب ما جاء في الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب".
232 - حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن.
ـــــــ.
232/6 - إذا قلت: لصاحبك أنصت والأمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت قال الباجي: معناه المنع من الكلام وأكد ذلك بأن من أمر غيره حينئذ بالصمت فهو لاغ لأنه قد أتى من الكلام بما ينهى عنه كما أن من نهى.(1/111)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت: لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت" .
233- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه أخبره: أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد قال بن شهاب فخروج الإمام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام.
234- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته قل ما يدع ذلك إذا خطب: إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف وحاذوا بالمناكب فإن اعتدال الصفوف من تمام الصلاة ثم لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه أن قد استوت فيكبر.
235 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر رأى رجلين يتحدثان والإمام يخطب يوم الجمعة فحصبهما أن أصمتا.
236 - وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رجلا عطس يوم الجمعة والإمام يخطب فشمته إنسان إلى جنبه فسأل عن ذلك سعيد بن المسيب فنهاه عن ذلك وقال لا تعد.
237 - وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن الكلام يوم الجمعة إذا نزل الإمام عن المنبر قبل أن يكبر فقال بن شهاب: لا بأس بذلك.
ـــــــ.
في الصلاة مصليا عن الكلام فقد أفسد على نفسه صلاته وإنما نص على أن الأمر بالصمت لاغ تنبيها على أن كل مكلم غيره لاغ واللغو رديء الكلام وما لاخير فيه انتهى وفي حديث بن عمرو مرفوعا ومن لنا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا أخرجه أبو داود وابن خزيمة قال بن وهب أحد رواته معناه أجزأت عنه الصلاة وحرم فضيلة الجمعة ولأحمد من حديث علي مرفوعا ومن قال صه فقد تكلم ومن تكلم فلا جمعة له.
236/10- أن رجلا عطس يوم الجمعة والأمام يخطب فشمته رجل إلى جنبه فسأل عن ذلك سعيد بن المسيب فنهاه بهذا قال الشافعي في القديم وخالف في الجديد وقال ليشمت واستدل في الأم بحديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا عطس الرجل والأمام يخطب يوم الجمعة فشمته" وهو مرسل وليس مذهب الشافعي رد المرسل مطلقا بل يحتج به إذا اعتضد فكأنه رأى له عاضدا ثم رأيت في مصنف بن أبي شيبة من طريق الأعمش والغيرة عن إبراهيم قال كانوا يردون السلام يوم الجمعة والأمام يخطب ويشمتون العاطس فهذا عاضده.(1/112)
باب ما جاء فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة
...
"3 - باب فيمن أدرك ركعة يوم الجمعة".
238- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أنه كان يقول: من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى قال بن شهاب وهي السنة.(1/112)
قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة" .
قال مالك: في الذي يصيبه زحام يوم الجمعة فيركع ولا يقدر على أن يسجد حتى يقوم الإمام أو يفرغ الإمام من صلاته أنه إن قدر على أن يسجد إن كان قد ركع فليسجد إذا قام الناس وإن لم يقدر على أن يسجد حتى يفرغ الإمام من صلاته فإنه أحب إلى أن يبتدئ صلاته ظهرا أربعا.(1/113)
باب ماجاء فيمن رعف يوم الجمعة
...
4 - باب ما جاء فيمن رعف يوم الجمعة.
239- قال مالك: من رعف يوم الجمعة والإمام يخطب فخرج فلم يرجع حتى فرغ الإمام من صلاته فإنه يصلي أربعا.
قال مالك: في الذي يركع ركعة مع الإمام يوم الجمعة ثم يرعف فيخرج فيأتي وقد صلى الإمام الركعتين كلتيهما أنه يبنى بركعة أخرى ما لم يتكلم.
قال مالك: ليس على من رعف أو أصابه أمر لا بد له من الخروج أن يستأذن الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخرج.(1/113)
باب ماجاء في السعي يوم الجمعة
...
5 - باب ما جاء في السعي يوم الجمعة.
1240- حدثني يحيى عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فقال بن شهاب كان عمر بن الخطاب يقرؤها إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله.
قال مالك: وإنما السعي في كتاب الله العمل والفعل يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 205] وقال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى [8] وَهُوَ يَخْشَى} [9] وقال: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى} [النازعات:22] وقال: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 4] قال مالك: فليس السعي الذي ذكر الله في كتابه بالسعي على الإقدام ولا الاشتداد وإنما عنى العمل والفعل.
ـــــــ.
240/14 - فقال بن شهاب كان عمر بن الخطاب يقرؤها إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله وصله عبد بن حميد في تفسيره قال أنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه قال لقد توفي عمر وما يقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا فامضوا إلى ذكر الله وأخرج مثله عن أبي وابن مسعود.(1/113)
باب ماجاء في الإمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر
...
6 باب ما جاء في الإمام ينزل بقرية يوم الجمعة في السفر.
241- قال مالك: إذا نزل الإمام بقرية تجب فيها الجمعة والإمام مسافر فخطب وجمع بهم فإن أهل تلك القرية وغيرهم يجمعون معه قال مالك: وإن جمع الإمام وهو مسافر بقرية لا تجب فيها.(1/113)
باب ماجاء في الساعة التي في يوم الجمعة
...
"7 - باب ما جاء في الساعة التي في يوم الجمعة".
242 - حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن.
ـــــــ.
242/16 - فيه ساعة لا يوافقها أي يصادفها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه قال بن عبد البر: هكذا يقول عامة رواة الموطأ في هذا الحديث وهو قائم يصلي إلا قتيبة بن سعيد وأبا مصعب وابن أبي أويس والتنيس ومطرفا فانهم أسقطوها وقالوا: وهو يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه وبعضهم يقول أعطاه إياه قال وهي زيادة محفوظة عن أبي الزناد من رواية مالك وورقاء وغيرهما عنه وكذلك رواه بن سيرين عن أبي هريرة وقال الحافظ بن حجر: حكى أبو محمد بن السيد عن محمد بن وضاح أنه كان يأمر بحذفها من الحديث قال وكان السبب في ذلك أنه يشكل عليه أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة وهما حديثان أحدهما أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة والثاني أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس وقد احتج أبو هريرة على عبد الله بن سلام لما ذكر له القول الثاني بأنها ليست ساعة صلاة وقد ورد النص بالصلاة فأجابه بالنص الآخر أن منتظر الصلاة ف يحكم المصلي فلو كان قوله وهو قائم عند أبي هريرة ثابتا لاحتج عليه به لكنه سلم له الجواب وارتضاه وأفتى به بعده وأما إشكاله على الحديث الأول فمن جهة انه يتناول حال الخطبة كله وليست صلاة على الحقيقة وقد أجيب عن هذا الاشكال بحمل الصلاة على الدعاء أو الانتظار وبحمل القيام على الملازمة أو المواظبة ويؤيد ذلك أن حال القيام في الصلاة غير حال السجود والركوع والتشهد مع أن السجود مظنة إجابة الدعاء فلو كان المراد بالقيام حقيقة لأخرجه فدل لعى أن المراد مجاز القيام وهو المواظبة ومنه قوله تعالى: {إلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً} 1 ثم إن جملة وهو قائم حال من عبد ويصلي حال ثانية أو من ضمير قائم ويسأل حال ثالثة مرادفة أو متداخلة وأشار بيده يقللها في رواية البخاري من طريق سلمة بن علقمة عن بن سيرين عن أبي هريرة ووضع أنملته على بطن الوسطى والخنصر وبين أبو مسلم الكجي أن الذي وضع هو بشر بن المفضل رواية عن سلمة قال الحافظ بن حجر: وكأنه فسر الإشارة بذلك وللطبراني في الأوسط من حديث أنس وهي قدر هذا يعني قبضة ولمسلم وهي ساعة خفيفة قال الزين بن المنير الإشارة لتقليلها هو الترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها وقد اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في هذه الساعة على أكثر من ثلاثين قولا فقيل: انها رفعت حكاه بن عبد البر عن قوم وزيفه وقال القاضي عياض: رده السلف على قائله وقيل: انها في جمعة واحدة من كل سنة وقيل: إنها مخفية في جميع اليوم كما أخفيت ليلة القدر في العشر والاسم الأعظم في الأسماء الحسنى وهو قضية كلام الرافعي وغيره والحكمة في ذلك بعث العباد على الاجتهاد في الطلب واستيعاب الوقت بالعبادة وقيل: انها تنتقل في يوم الجمعة ولا تلزم ساعة بعينها ورجحه الغزالي والمحب الطبري.
ـــــــ
1 سورة آل عمران الآية: 75.(1/114)
..........................................................................................
وقيل: هي عند أذان المؤذن لصلاة الغداة وقيل: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وقيل: عند طلوع الشمس وقيل: أول ساعة بعد طلوع الشمس وقيل: في آخر الساعة الثالثة من النهار لحديث أبي هريرة مرفوعا "وفي آخر ثلاث ساعات منه ساعة من دعا الله فيها استجيب له" أخرجه أحمد وقيل: إذا زالت الشمس وقيل: إذا أؤم المؤذن لصلاة الجمعة وقيل: من الزوال إلى مصير الظل ذراعا وقيل: إلى أن يخرج الامام وقيل: إلى أن يدخل في الصلاة وقيل: من الزوال إلى غروب الشمس وقيل: ما بين خروج الامام إلى أن تقام الصلاة وقيل: عند خروج الامام وقيل: ما بين خروج الامام إلى أن تنقضي الصلاة وقيل: ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل وقيل: ما بين الأذان إلى انقضاء الصلاة وقيل: ما بين أن يجلس الامام على المنبر إلى أن تقضي الصلاة رواه مسلم عن أبي موسى مرفوعا قال الحافظ بن حجر: وهذا القول يمكن أن يتحد مع الذي قبله وقيل: من حين يفتتح الامام الخطبة حتى يفرغها رواه بن عبد البر عن بن عمر مرفوعا وقيل: عند الجلوس بين الخطبتين وقيل: عند نزول الامام من المنبر وقيل: عند أقامة الصلاة لحديث الطبراني عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله أفتنا عن صلاة الجمعة قال: "فيها ساعة لا يدعو العبد فيها ربه إلا استجاب له" قلت: أية ساعة هي يا رسول الله قال "ذلك حين يقوم الامام" وقيل: من إقامة الصلاة إلى الانصراف منها رواه الترمذي من حديث عمرو بن عوف مرفوعا وحسنه وقيل: هي الساعة الت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيها الجمعة وقيل: من صلاة العصر إلى غروب الشمس رواه الترمذي بسند ضعيف عن أنس مرفوعا وقيل: في صلاة العصر وقيل: بعد العصر إلى آخر وقت الاختيار وقيل: من حين تصفر الشمس إلى أن تغيب وقيل: آخر ساعة بعد العصر رواه أبو داود والحاكم عن جابر مرفوعا وهو في الموطأ من حديث أبي هريرة عقب هذا الحديث وقيل: إذا تدلى نصف الشمس للغروب رواه الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا قال المحب الطبري أصح الأحاديث فيها حديث أبي موسى في مسلم وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام قال الحافظ بن حجر: وما عداهما إما ضعيف الإسناد أو موقوف استند قائله إلى اجتهاد دون توقيف ثم اختلف السلف أي الولين المذكورين أرجح فرجح كلا مرجحون فرجح ما في حديث أبي موسى البيهقي وابن العربي والقرطبي وقال النووي: انه الصحيح أو الصواب ورجح قول بن سلام أحمد بن حنبل وابن راهويه وابن عبد البر والطرطوشي وابن الزملكاني من الشافعية وأقول ههنا أمر وذلك أن ما أورده أبو هريرة على بن سلام منن أنها ليست ساعة صلاة وارد على حديث أبي موسى أيضا لأن حال الخطبة ليست ساعة صلاة ويتميز ما بعد العصر بأنها ساعة دعاء وقد قال في الحديث يسأل الله شيئا وليس حال الخطبة ساعة دعاء لأنه مأمور فيها بالإنصات وكذلك غالب الصلاة ووقت الدعاء منها إما عند الإقامة أو في السجود أو في التشهد فإن حمل الحديث على هذه الأوقات اتضح ويحمل قوله وهو قائم يصلي على حقيقته في هذين الموضعين وعلى مجازه في الإقامة أي قائم يريد الصلاة وهذا تحقيق حسن فتح الله به وبه يظهر ترجيح رواية أبي موسى على قول بن سلام لابقاء الحديث على ظاهره من قوله يصلي ويسأل فإنه أولى من حمله على انتظار الصلاة لأنه مجاز بعيد وموهم أن انتظار الصلاة شرط في الإجابة ولأنه لا يقال في منتظر الصلاة قائم يصلي وإن صدق أنه في صلاة لأن لفظ قائم يشعر بملابسة الفعل والذي أختاره أنا من هذه الأقوال أنها عند إقامة.(1/115)
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: "فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه" وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يقللها.
243- وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال: خرجت إلى الطور فلقيت كعب الأحبار فجلست معه فحدثني عن التوراة وحدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما حدثته أن قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط من
ـــــــ.
الصلاة وغالب الأحاديث المرفوعة تشهد له أما حديث ميمونة فصريح فيه وكذا حديث عمرو بن عوف ولا ينافيه حديث أبي موسى لأنه ذكر أنها فيما بين أن يجلس الامام إلى أن تقضى الصلاة وذلك صادق بالإقامة بل منحصر فيها لأن وقت الخطبة ليس وقت صلاة ولا دعاء في غالبها ولا تظن أنه أراد استغراق هذا الوقت قطعا لأنها خفيفة بالنصوص والإجماع ووقت الخطبة والصلاة متسع وغالب الأقوال المذكورة بعد الزوال وعند الأذان تحمل على هذا وترجع إليه ولا تتنافى وقد أخرج الطبراني عن عوف بن مالك الصحابي قال إني لأرجو أن تكون ساعة الإجابة في أحدى الساعات الثلاث إذا أذن المؤذن وما دام الامام على المنبر وعند الإقامة وأقوى شاهد له قوله وهو قائم يصلي فأحمل وهو قائم على القيام للصلاة عند الإقامة ويصلي على الحال المقدرة وتكون هذه الجملة الحالية شرطا في الإجابة وأنها مختصة بمن شهد الجمعة ليخرج من تخلف عنها هذا ما ظهر لي في هذا المحل من التقرير والله أعلم.
243/17- عن يزيد بن عبد الله بن الهاد قال بن عبد البر: لا أعلم أحدا ساق هذا الحديث أحسن سياقة من يزيد بن الهاد ولا أتم معنى فيه منه إلا أنه قال فيه فلقيت بضرة بن أبي بصرة ولم يتابعه أحد عليه وإنما المعروف فلقيت أبا بصرة وهي مصيخة أي مستمعة مصغية حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة قال الرافعي: أي خوفا كأنها أعلمت أنها تقوم يوم الجمعة فتخاف هي قيامها كل جمعة وقوله حتى تطلع الشمس يدل على أنها إذا طلعت عرفت الدواب أنه ليس بذلك اليوم إلا الجن والأنس قال الباجي: هو استثناء من الجنس لأن اسم الدابة واقع على كل ما دب ودرج قال وقد قيل: إن وجه عدم اشفاقهم أنهم قد علموا أن بين يدي الساعة شروطا ينتظرونها قال وهذا عندي ليس بالبين لأنا نجد منهم من لا يصيخ ولا علم له بالشروط وقد كان الناس قبل أن يعلموا بالشروط لا يصيخون فلقيت بصرة قال بن عبد البر: الصواب أبا بصرة واسمه جميل بن بصرة قال والغلط من يزيد لا من مالك لا تعمل المطى أي لا تسير ويسافر عليها إلا إلى ثلاثة مساجد هو استثناء مفرغ أي إلى موضع قال السكي ليس في الأرض بقعة لها فضل بذاتها حتى يسافر أليها لذلك الفضل غير هذه الثلاثة وأما غيرها فلا يسافر إليها لذاتها بل لمعنى فيها من علم أو جهاد أو نحو ذلك فلم يقع المسافر إلى ذلك المكان بل إلى من في ذلك المكان قال عبد الله بن سلام: كذب كعب قال بن عبد البر: فيه أن من سمع الخطأ وجب عليه إنكاره ورده على كل من سمعه منه إذا كان عنده في رده أصل صحيح قال عبد الله بن سلام قد علمت أية ساعة هي قال بن عبد البر: فيه دليل على أن للعالم أن يقول أنا أعلم كذا إذا لم يكن على سبيل الفخر والسمعة ولا تضن أي لا تبخل.
244/18- عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته" .(1/116)
الجنة وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه" قال كعب: ذلك في كل سنة يوم فقلت بل في كل جمعة فقرأ كعب التوراة فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو هريرة: فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال من أين أقبلت فقلت من الطور فقال لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا وإلى مسجد إيلياء أو بيت المقدس" يشك قال أبو هريرة ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار وما حدثته به في يوم الجمعة فقلت قال كعب ذلك في كل سنة يوم قال قال عبد الله بن سلام كذب كعب فقلت ثم قرأ كعب التوراة فقال بل هي في كل جمعة فقال عبد الله بن سلام صدق كعب ثم قال عبد الله بن سلام قد علمت أية ساعة هي قال أبو هريرة فقلت له أخبرني بها ولا تضن علي فقال عبد الله بن سلام هي آخر ساعة في يوم الجمعة قال أبو هريرة فقلت وكيف تكون آخر ساعة في يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي" وتلك الساعة ساعة لا يصلى فيها فقال عبد الله بن سلام ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جلس مجلسا ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي" قال أبو هريرة: فقلت: بلى قال فهو ذلك.
ـــــــ.
سوى ثوبي مهنته وصله بن عبد البر من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري عن يحيى بن سعيد الأموي عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة ومن طريق مهدي بن ميمون عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال وأكثر رواة الموطأ رووه هكذا عن يحيى فقط ورواه بن وهب عن يحيى بن سعيد وربيعة بن عبد الرحمن فذكر الحديث قال والمراد بثوبين قميص ورداء أو جبة ورداء والمهنة بفتح الميم الخدمة وقد ورد هذا المتن من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام مرفوعا "لا يضر أحدكم أن يتخذ ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته" ومن طريق آخر عن يوسف عن أبيه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة فقال: "وما على أحدكم لو اشترى ثوبين للجمعة سوى ثوبي مهنته" أخرجهما بن عبد البر.(1/117)
باب الهيئة و تخطي الرقاب واستقبال الإمام يوم الجمعة
...
"8 - باب الهيئة وتخطي الرقاب واستقبال الإمام يوم الجمعة".
244- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته" .
245- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يروح إلى الجمعة إلا أدهن وتطيب إلا أن يكون حراما.
246- حدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عمن حدثه عن أبي هريرة:(1/117)
أنه كان يقول لأن يصلي أحدكم بظهر الحرة خير له من أن يقعد حتى إذا قام الإمام يخطب جاء يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة قال مالك: السنة عندنا أن يستقبل الناس الإمام يوم الجمعة إذا أراد أن يخطب من كان منهم يلي القبلة وغيرها.(1/118)
"9 - باب القراءة في صلاة الجمعة والاحتباء ومن تركها من غير عذر"
247- حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة قال كان يقرأ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية:1].
248- وحدثني عن مالك عن صفوان بن سليم قال مالك: لا أدري أعن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا أنه قال: "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه" .
249- وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما.
ـــــــ.
247/21 - على أثر سورة الجمعة أي في الركعة الثاني.
248/21 - عن صفوان بن سليم قال مالك: لا أدري أعن النبي صلى الله عليه وسلم أم لا أنه قال: "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر ولا علة طبع الله على قلبه" قال بن عبد البر: هذا الحديث يسند من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم أحسنها إسنادا حديث أبي الجعد الضمري أخرجه الشافعي في الأم وأصحاب السنن الأربعة بلفظ من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الل على قلبه وأخرج بن عبد البر من حيدث أبي قتادة مرفوعا "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة فقد طبع الله على قلبه" ومن حديث أبي هريرة مرفوعا "من ترك الجمعة ثلاثا ولاء من غير عذر فقد طبع الله على قلبه" ومن مرسل سعيد بن المسيب مرفوعا "من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير عذر طبع الله على قلبه" وأخرج الشافعي في الأم من حديث بن عباس مرفوعا "من ترك الجمعة ثلاثا من غير ضرورة كتب منافقا في كتاب لا يمحى ولا يبدل" قال الباجي: معنى الطبع على القلب أن يجعل بمنزلة المختوم عليه لا يصل إليه شيء من الخير.
249/23- عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب خطبتين يوم الجمعة وجلس بينهما قال بن عبد البر: كذا رواه جماعة رواة الموطأ مرسلا وهو يتصل من وجوه ثابتة من غير حديث مالك ففي الصحيحين من طريق عبيداله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين قائما يفصل بينهما بجلوس.(1/118)
كتاب الصلاة في رمضان
باب الترغيب في الصلاة في رمضان
...
"6 - كتاب الصلاة في رمضان"
"1 - باب الترغيب في الصلاة في رمضان"
250- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد ذات ليلة فصلى بصلاته ناس ثم صلى الليلة القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال: "قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم" وذلك في رمضان.
251- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن.
ـــــــ.
كتاب الصلاة في رمضان
250/1 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد إلى آخره قال بن عبد البر: تفسير هذه الليالي المذكورات فيه بما رواه النعمان بن بشير قال قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح أخرجه النسائي وأما عدد ما صلى ففي حديث ضعيف أنه صلى عشرين ركعة والوتر أخرجه بن أبي شيبة من حديث بن عباس وأخرج بن حبان في صحيحه من حديث جابر أنه صلى بهم ثمان ركعات ثم أوتر وهذا أصح: "إلا أني خشيت أن يفرض عليكم" قال الباجي: قال القاض أبو بكر يحتمل أن يكون الله أوحى إليه أه إن واصل هذه الصلاة معهم فرضها عليهم ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم ظن أن ذلك سيفرض عليهم لما جرت عادته بأن ما داوم عليه على وجه الاجتماع من القرب فرض على أمته ويحتمل أن يريد بذلك أنه خاف أن يظن أحد من أمته بعده إذا داوم عليها وجوبها.
251/2- عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان قال بن عبد البر: اختلفت الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث فرواه يحيى بن يحى ي هكذا متصلا وتابعه بن بكير وسعيد بن عفير وعبد الرزاق وابن القسم ومعن وعثمان بن عمر عن مالك به ورواه القعنبي وأبو مصعب ومطرف وابن نافع وابن وهب وأكثر رواة الموطأ وكيع بن الجراح وجويرية بن أسماء كلهم عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكروا أبا هريرة وعند القعنبي ومطرف والشافعي وابن نافع وابن بكير وأبي مصعب عن مالك حديثه عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" هكذا رووه في الموطأ وليس هو عند يحيى أصلا وعند الشافعي حديث حميد وليس عنده حديث أبي سلمة من غير أن يأمر بعزيمة قال النووي: معناه لا يأمرهم أمر إيجاب وتحتيم بل أمر ندب وترغيب ثم فسره بقوله: فيقول إلى آخره وهذه الصيغة تقتضي الترغيب والندب دون الإيجاب فيقول: "من قام رمضان" قال بن عبد البر: أجمع رواة الموطأ على هذا اللفظ ولذلك أدخله مالك في باب قيام رمضان ويصححه قوله:(1/119)
..........................................................................................
كان يرغب في قيام رمضان وأما أصحاب بن شهاب فانهم اختلفوا فرواه مالك ومعمر ويونس وأبو أويس كذلك ورواه سفيان بن عيينة وحده عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ من صام رضمان وكذا رواه محمد بن عمر ويحيى بن أبي كثير ويحيى بن سعيد الأنصاري كلهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ من صام رمضان ورواه عقيل: عن الزهري بلفظ من صام رمضان وقامه قال النووي: والمراد بقيام رمضان صلاة التراويح وقال غيره: ليس المراد بقيام رمضان صلاة التراويح بل مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل إيمانا واحتسابا قال النووي: معنى إيمانا تصديقا بأنه حق معتقد أفضليته ومعنى احتسابا أن يريد به الله وحده لا بقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص انتهى ونصبهما على المصدر أو الحال: "غفر له ما تقدم من ذنبه" قال النووي: المعروف عند الفقهاء أن هذا مختص بغفران الصغائر دون الكبائر قال بعضهم: ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة وقال الحافظ بن حجر: ظاهره يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم بن المنذر.
فائدة: أخرج بن عبد البر من طريق حامد بن يحيى عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" قال بن عبد البر: هكذا قال حامد بن يحيى عنه قام رمضان ولم يقل صام وزاد وما تأخر وهي زيادة منكرة في حديث الزهري وقال الحافظ بن حجر: قد تابعه على هذه الزيادة قتيبة عن سفيان عند النسائي والحسين المروزي في كتاب الصيام له وهشام بن عمار في الجزء الثاني عشر من فوائده ويوسف النجاحي في فوائده كلهم عن بن عيينة ووردت أيضا من طريق أبي سلمة من وجه آخر أخرجها أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وعن ثابت عن الحسن كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ووردت أيضا من رواية مالك نفسه أخرجها أبو عبد الله الجرجاني في أماليه من طريق بحر بن نصر عن بن وهب عن ملك ويونس عن الزهري ولم يتابع بحر بن نصر على ذلك أحد من أصحاب بن وهب ولا من أصحاب مالك ولا يونس سوى ما قدمناه قال بن شهاب: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك إلى آخره قال الباجي: هذا مرسل أرسله بن شهاب قال ومعنى قوله والأمر على ذلك وحال الناس على ما كانوا عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الناس والندب إلى القيام وإن لا يجتمعوا فيه على إمام يصلي بهم خشية أن يفرض عليهم ويصح أن يكونوا لا يصلون إلا في بيوتهم أو يصلي الواحد منهم في المسجد ويصح أن يكونوا لم يجمعوا على إمام واحد ولكنهم كانوا يصلون أوزاعا متفرقين وقال النووي: معناه استمر الأمر هذه المدة على أن كل واحد يقوم رمضان في بيته منفردا حتى انقضى صدر من خلافة عمر ثم جمعهم عمر على أبي بن كعب فصلى بهم جماعة واستمر العمل على فعلها جماعة وقال الحافظ بن حجر: قوله والأمر على ذلك أي على ترك الجماعة في التراويح ولأحمد في رواية بن أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام قال وقد أدرج بعضهم قول بن شهاب في نفس الخبر أخرجه الترمذي من طريق معمر عن بن شهاب قال وأما ما رواه بن وهب عن أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الناس في رمضان يصلون في ناحية المسجد فقال ما هذا فقيل: ناس يصلى بهم أبي بن كعب فقال: أصابوا ونعم ما صنعوا ذكره بن عبد البر ففيه مسلم بن خالد وهو ضعيف والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أبي بن كعب انتهى.(1/120)
أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمر بعزيمة فيقول "من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" قال بن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر بن الخطاب1.
ـــــــ
1 في نسخة بعد هذا قبل الترجمة ما نصه ثم كان الصلاة الأول من الموطأ يتلوه كتاب الصلاة الثاني بسم الله الرحمن الرحيم اهـ وبعده الترجمة التي معنا اهـ مصححه.(1/121)
باب ماجاء في قيام رمضان
...
"2 - باب ما جاء في قيام رمضان".
252 - حدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أنه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ويصلى الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر والله إني لأراني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل فجمعهم على أبي بن كعب قال ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يعني آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.
253 - وحدثني عن مالك عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال: أمر.
ـــــــ.
252/3 - أوزاع بسكون الواو بعدها زاي أي جماعة متفرقون فقوله في الرواية متفرقون تأكيد لفظي وقوله يصلي الرجل إلى آخره بيان لما أجمله أولا فقال عمر إلى آخره قال بن التين وغيره استنبط عمر ذلك من تقرير النبي صلى الله عليه وسلم من صلى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فانما كره خشية أن يفرض عليهم فلما مات صلى الله عليه وسلم حصل الأمن من ذلك ورأى عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ولآن الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلين فجمعهم على أبي بن كعب أي جعله لهم إماما قال الحافظ بن حجر: وكأنه اختاره عملا بقوله: صلى الله عليه وسلم "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" وقد قال عمر أقرؤنا أبي وروى سعيد بن منصور من طريق عروة أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بالرجال وكان تميم الداري يصلي بالنساء ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل له مه هذا الوجه فقال: سليمان بن أبي حثمة بدل تميم قال بن حجر ولعل ذلك كان في وقتين ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم أي إمامهم المذكور وهو صريح في أن عمر كان لا يصلي معهم لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته ولا سيما في آخر الليل أفضل وقد روى محمد بن نصر في قيام الليل من طريق طاوس عن بن عباس قال جئت عمر في السحر فسمع هيعة الناس فقال: ما هذا قيل: خرجوا من المسجد وذلك في رمضان فقال: ما بقي من الليل أحب مما مضى فقال عمر: نعمت البدعة هذه أصل البدعة ما على غير مثال سابق وتطلق في الشرع على ما يقابل السنة أي ما لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم ثم تنقسم إلى الأحكام الخمسة والتي تنامون عنها أفضل قال بن حجر هذا تصريح منه بأن الصلاة في آخر الليل أفضل من أوله.
253/4 - عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد قال أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال الباجي: لعل عمر أخذ ذلك من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي حديث.(1/121)
عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة قال وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر.
254- وحدثني عن مالك عن يزيد بن رومان أنه قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة.
255- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان قال: وكان القارئ يقرأ سورة البقرة في ثمان ركعات فإذا قام بها في اثنتي عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف.
256- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر.
وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن ذكوان أبا عمرو وكان عبدا لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأعتقته عن دبر منها كان يقوم يقرأ لها في رمضان.
ـــــــ.
عائشة انها سئلت عن صلاته في رمضان فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة إلا في بزوغ الفجر قال الباجي: هي أوائله وأول ما يبدو منه ما أدركت الناس قال الباجي: أي الصحابة.
255/6- إلا وهم يلعنون الكفرة في رمضان قال اباجي أي في قنوت الوتر.(1/122)
كتاب صلاة الليل
باب ماجاء في صلاة الليل
...
"7 - كتاب صلاة الليل"
"1 - باب ما جاء في صلاة الليل"
257- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده.
ـــــــ.
كتاب صلاة الليل
257/1- عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضا قال بن عبد البر: قيل: انه الأسود بن يزيد النخعي فقد أخرجه النسائي من طريق أبي جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة به ورواه النسائي أيضا من وجه آخر عن أبي جعفر عن بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة به ولم يذكر بينهما أحدا وقد ورد مثل حديث عائشة هذا من حديث أبي الدرداء أخرجه البزار: "ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم" قال الباجي: هو على وجهين أحدهما أن يذهب به النوم فلا يستيقظ والثاني أن يستيقظ ويمنعه غلبة النوم من الصلاة فهذا حكمه أن ينام حتى يذهب عنه مانع النوم: "إلا كتب الله له أجر صلاته" قال الباجي: يريد التي اعتادها وقال ويحتمل ذلك عندي وجوها أحدها أن يكون له أجرها غير مضاعف ولو عملها لكان له أجرها مضاعفا لأنه لا خلاف أن الذي يصلي أكمل حالا ويحتمل أن يريد أن له أجر نيته ويحتمل أن يكون له أجر من تمنى أن يصلي مثل تلك الصلاة ولعله أراد أجر تأسفه على ما فاته منها انتهى وقال بن عبد البر: الحديث دليل على أن المرء يجازى على ما نوى من الخير وإن لم يعمل كما علمه.(1/122)
رضا أنه أخبره أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أمرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة" .
258- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما قالت والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح.
259- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه" .
260- وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمع.
ـــــــ.
وأن النية يعطى عليها كالذي يعطى على العمل إذا حيل بينه وبين ذلك العمل ينوم أو نسيان أوغير ذلك من وجوه الموانع فيكتب له أجر ذلك العمل وإن لم يعمله فضلا من الله ونعمة وكان نومه عليه صدقة قال الباجي: يعني أنه لا يحتسب عليه ويكتب له أجر المصلين.
258/2- كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: هذا من أثبت حديث يروى في هذا المعنى فإذا سجد غمزني أقل النووي استدل به من يقول لمس النساء لا ينقض الوضوء والجمهور حملوه على أن غمزه فوق حائل قال وهذا هو الظاهر من حال لنائم والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح قال النووي: أرادت به الاعتذار تقول لوك ان فيها مصابيح فقبضت رجلي عند إرادة السجود ولم أحوجه إلى غمزي وقال بن عبد البر: قولها يومئذ تريد حينئذ إذ المصابيح إنما تتخذ في الليالي دون الأيام قال وهذا مشهور في لسان العرب يعبر باليوم عن الحين والوقت كما يعبر به عن النهار.
259/3- إذا نعس بفتح العين أحدكم في صلاته فليرقد قال النووي: هذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار هذا مذهبنا ومذهب الجمهور ولكن لا يخرج فريضة عن وقتها وحمله مالك وجماعة على نفل الليل لأنه محل النون غلابا لعله يذهب يستغفر قال النووي: قال القاضي معنى يستغفر معنا يدعو.
260/4- عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع امرأة من الليل قال بن عبد البر: هذا منقطع منن رواية إسماعيل وهو متصل من طرق صحاح ثابتة من حديث مالك وغيره فأخرجه البخاري من طريق القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وأخرجه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد القطان عن هشام عن أبيه عن عائشة الحولاء بالمهملة والمد بنت تويت بتاء مثناة من فوق أوله وآخره وهو بن حبيب بفتح المهملة بن أسد بن عبد العزى من رهط خديجة أم المومنين رضي الله عنها عرفت الكراهية بتخفيف الياء في وجهه قال الباجي: يعني أنه رؤي في وجهه من التقطيب وغير ذلك ما عرفت به كراهيته لما وصفت به إن الله لا يمل حتى تملوا قال النووي: هو بفتح الميم فيهما قال والملل بالمعنى المتعارف في حقنا محال في حق الله تعالى فيجب تأويل الحديث قال المحققون معناه لا يعاملكم معاملة المال فيقطع عنكم ثوابه وجزاءه وبسط فضله ورحمته حتى تقطعوا أعمالكم وقيل: معناه لا يمل إذا مللتم قاله بن قتيبة وغيره وفي فتح الباري الملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على.(1/123)
امرأة من الليل تصلي فقال: "من هذه" فقيل: له هذه الحولاء بنت تويت لا تنام الليل فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرفت الكراهية في وجهه ثم قال إن الله تبارك وتعالى: "لا يمل حتى تملوا اكلفوا من العمل مالكم به طاقة" .
261- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم الصلاة الصلاة ثم يتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [سورة طه الآية:132].
262- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يقول يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
263 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: كان يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين قال مالك: وهو الأمر عندنا.
ـــــــ.
الله تعالى باتفاق قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين: إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} 1 وأنظاره وهذا بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل: معناه لا يمل الله إذا مللتم وهو مستعمل في كلام العرب ومنه قولهم في البليغ لا ينقطع حتى ينقطع خصومه لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية وقال المازري قيل: إن حتى هنا بمعنى الواو فيكون التقدير لا يمل وتملون فنفى عنه الملل وأثبته لهم قال الحافظ بن حجر: والأول أليق وأجرى على القواعد وأنه من باب المقابلة اللفظية وقال بن حبان في صحيحه هذا من ألفاظ المعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد بما يخاطب به إلا بها وهذا رأيه في جميع المتشابه اكلفوا بسكون الكاف وفتح اللام أي خذوا وتحملوا من العمل ما لكم به طاقة قال الباجي: أي بالمداومة عليه قال وهو يحتمل معنيين أحدهما الندب إلى تكليف مالنا طاقة والثاني نهينا عن تكليف مالا نطيق وهو أليق بنسق الحديث قال وقوله من العمل الأظهر أنه أراد به عمل البر لأه ورد على سببه ولأنه لفظ ورد من الشارع فوجب أن يحمل على الأعمال الشرعية.
261/5- كان يصلي من الليل أحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن قال بن عبد البر: إلى هنا انتهت رواية يحيى وتابعه جماعة الرواة للموطأ وأما أصحاب بن شهاب فرووا هذا الحديث عن بن شهاب بإسناده هذا فجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر لا بعد الوتر وذكر بعضهم فيه أن كان يسلم من كل ركعتين ومنهم من لم يذكر ذلك وكلهم ذكر اضطجاعه بعد ركعتي الفجر في هذا الحديث وزعم محمد بن يحيى الديلي وغيره أن ما ذكروا في ذلك هو الصواب دون ما قاله مالك قال بن عبد البر: ولا يدفع ما قاله مالك من ذلك لموضعه من الحفظ والإتقان ولثبوته في بن شهاب وعلمه بحديثه.
ـــــــ
1 سورة الشورى الآية: 40.(1/124)
"2 - باب صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر".
264 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن.
265 - وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أنه سأل عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلى ثلاثا فقالت عائشة فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر فقال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي.
266 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين.
267 - وحدثني عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى بن عباس أن عبد.
ـــــــ.
265/9 - ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة قال الحافظ بن حجر: وأما ما رواه بن أبي شيبة من حديث بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر فإسناده ضعيف وقد عارضه هذا الحديث الصحيح مع كون عائشة أعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم ليلا من غيرها يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن قال النووي: معناه هن في نهاية من كمال الحسن والطول مستغنيات بظهور حسنهن وطولهن عن السؤال عنه إن عيني تنامان ولا ينام قلبي قال النووي: هذا من خصائص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
266/10- يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة قال بن عبد البر: ذكر قوم من الرواة لهذا الحديث عن هشام بن عروة أنه كان لا يجلس في شيء من الخمس ركعات إلا في آخرهن رواه حماد بن سلمة وأبو عوانة ووهيب وغيرهم وأكثر الحفاظ رووا هذا الحديث عن هشام كما رواه مالك قال والرواية المخالفة لرواية مالك إنما حدث بها عن هشام أهل العراق وما حدث بها هشام بالمدينة قبل خروجه إلى العراق أصح عندهم وقال الباجي: ذكرت عائشة في هذا الحديث أنه كان يصلي ثلاث عشرة ركعة غير ركعتي الفجر وذكرت في الحديث السابق أنه كان لا يزيد على أحدى عشرة ركعة وقد ذكر بعض من لم يتأمل أن رواية عائشة اضطربت في الحج والرضاع وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل وقصر الصلاة في السفر قال وهذا غلط ممن قاله فقد أجمع العلماء على أنها أحفظ الصحابة فكيف بغيرهم وإنما حمله على هذا قلة معرفته بمعاني الكلام ووجوه التأويل فإن الحديث الأول إخبار عن صلاته المعتادة الغالبة والثاني إخبار عن زيادة وقعت في بعض الأوقات أو ضمت فيه ما كان يفتتح به صلاته من ركعتين خفيفتين قبل الاحدى عشرة.
267/11- مخرمة بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة بات ليلة عند ميمونة في بعض طرق الحديث عند أبي عوانة قال بعثني أبي العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فوجدته جالسا في المسجد فلم أستطع أن أكلمه فلما صلى المغرب قام فركع حتى أذن المؤذن بصلاة العشاء زاد محمد بن نصر في قيام الليل فقال لي: يا بني.(1/125)
الله بن عباس أخبره: أنه بات ليلة عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته قال فاضطجعت في عرض الوسادة وأضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلق فتوضأ منه فأحسن وضوءه ثم قام يصلي قال بن عباس فقمت فصنعت مثل ما صنع ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح.
268 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن.
ـــــــ.
بت الليلة عندنا فاضطجعت في عرض الوسادة بفتح العين لمقابلته بالطول وقيل: بالضم بمعنى الجانب والصواب الأول1 قال الداوودي: والوسادة ما يضعون رؤوسهم عليه للنوم وعند محمد بن نصر وسادة من أدم حشوها ليف فمسح النوم عن وجهه بيده أي أثر النوم من باب إطلاق السبب على المسبب أو عينيه من باب إطلاق اسم الحال على المحل ثم قرأ العشر الآيات أولها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} إلى آخر السورة قال الباجي: يحتمل أن ذلك ليبتدئ يقظته بذكر الله ويختمها بذكره عند نومه ويحتمل أن ذلك ليذكر ما ندب إليه من العبادة وما وعد على ذلك من الثواب فإن هذه الآيات جامعة لكثير من ذلك تنشيطا له على العبادة إلى شن معلق في رواية البخاري معلقة قال النووي: الشن القربة الخلق فمن أنث ومن ذكر فعلى إرادة السقاء والوعاء فتوضأ منها في رواية محمد بن نصر فاستفرغ من الشن في إناء ثم توضأ فأحسن وضوءه في رواية لمسلم فأسبغ الوضوء ولم يمس من الماء إلا قليلا وأخذ بأذني اليمنى يفتلها قال الباجي: يحتمل أنه فعل ذلك تأنيسا له ويحتمل أنه فعله إيقاظا له وقال النووي: قيل: فتلها تنبيها له من النعاس وقيل: ليتنبه لهيبة الصلاة وموقف المأموم وغير ذلك قال والأول أظهر2 لقوله في الرواية الآخرى: فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني وهي عند مسلم قلت: لكن في رواية محمد بن نصر فعرفت أنه إنما صنع ذلك ليؤنسني بيده في ظلمة الليل فصلى ركعتين إلى آخره هي مذكورة ست مرات زاد بن خزيمة يسلم من كل ركعتين ثم أوتر زاد ملم فتكاملت صلاته ثلاث عشرة ركعة أتاه المؤذن هو بلال كما سمي في رواية البخاري.
268/12- عن عبد الله بن أبي بكر هو بن عمرو بن حزم الأنصاري فتوسدت عتبته أو فسطاطه قال الباجي: العتبة موضع الباب والفسطاط نوع لقباب والخبر بالتفسير الأول أشبه ويحتمل أن ذلك شك من الراوي فصلى ركعتين طويلتين قال الباجي: انفرد يحيى بن يحيى في هذا الحديث بأمرين أحدهما أنه قال في الركعتين الأوليين طويلتين وسائر أصحاب الموطأ قالوا: عن مالك في الأوليين خفيفتين والثاني أنه قال:
ـــــــ
1 أقول لا تصويب لتعيين المراد من العرض بذكر مقابلة وهو الطول كاتبه عروس.
2 والأول أظهر كان الأول والثاني كما يخفى كاتبه عروس.(1/126)
مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني: أنه قال لأرمقن الليلة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم أوتر فتلك ثلاث عشرة ركعة.
ـــــــ.
طويلتين طويلتين ثلاثا وسائى أصحاب الموطأ قالوا: ذلك مرتين فقط بعني بذلك المبالغة في طولهما وقال بن عبد البر: لم يتابع يحيى على هذا أحد من رواية الموطأ والذي في الموطأ عند جميعهم فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين فأسقط يحيى ذكر الركعتين الخفيفتين وذلك خطأ واضح لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن خالد وغيره أنه كان يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين وقال أيضا: طويلتين طويلتين مرتين وغيره يقول ثلاث مرات وذلك ما عد على يحيى من سقطه وغلطه والغلط لا يسلم منه أحد انتهى دون اللتين قبلهما قال الباجي: يعني في الطول.(1/127)
"3 - باب الأمر بالوتر".
269- حدثني يحيى عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى" .
270- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن.
ـــــــ.
269/13- عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال الحافظ بن حجر: لم يختلف على مالك في إسناد إلا أن في رواية مكي بن إبراهيم عن مالك أن نافعا وعبد الله بن دينار أخبراه كذا في الموطآت للدارقطني وأورده الباقون بالعنعنة أن رجلا للنسائي من أهل البادية قال بن حجر ولم أقف على اسمه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل في رواية محمد بن نصر قال يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلي من الليل صلاة الليل زاد أصحاب السنن وابن خزيمة من طريق علي الأزدي عن بن عمر والنهار مثنى مثنى أي اثنين اثنين وهو غير منصرف للعدل والوصف ولمسلم من طريق عقبة بن حريث قال قلت: لابن عمر ما مثنى مثنى قال تسلم من كل ركعتين صلى ركعة واحدة في رواية الشافعي وابن وهب ومكي بن إبراهيم عن مالك فليصل ركعة أخرجه الدارقطني في الموطآت هكذا بصيغة الأمر وقال بن عبد البر: كل من روى هذا الحديث عن مالك من رواة الموطأ وغيرهم قالوا: فيه صفة صلاة الليل مثنى مثنى إلا الحنيني وحده فإنه روى هذا الحديث عن مالك والعمري جميعا عن نافع عن بن عمر مرفوعا "صلاة الليل والنهار مثنى مثنى" فزاد فيه والنهار وذلك خطأ عن مالك لم يتابعه أحد عليه.
270/14- عن بن محيريز اسمه عبد الله أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي قال بن عبد البر: هو مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث وقيل: ان اسمه رفيع والمخدجي لقب وليس بنسب في شيء من قبائل العرب يكنى أبا محمد قال بن عبد البر: يقال انه سعد بن أوس الأنصاري لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن قال الباجي: احتراز من السهو والنسيان الذي لا يمكن أحدا الاحتراز منه إلا من خصه الله بالعصمة.(1/127)
محيريز أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يكنى أبا محمد يقول إن الوتر واجب فقال المخدجي فرحت إلى عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال أبو محمد فقال عبادة كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة" .
271- وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن يسار قال: كنت أسير مع عبد الله بن عمر بطريق مكة قال سعيد: فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركته فقال لي عبد الله بن عمر أين كنت فقلت له خشيت الصبح فنزلت فأوترت فقال عبد الله أليس لك في رسول الله أسوة فقلت بلى والله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على البعير.
272- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان أبو بكر الصديق إذا أراد أن يأتي فراشه أوتر وكان عمر بن الخطاب يوتر آخر الليل قال سعيد بن المسيب: فأما أنا فإذا جئت فراشي أوترت.
273- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلا سأل عبد الله بن عمر عن الوتر أواجب هو فقال عبد الله بن عمر: قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوتر المسلمون فجعل الرجل يردد عليه وعبد الله بن عمر يقول أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوتر المسلمون.
274- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: من خشي أن ينام حتى يصبح فليوتر قبل أن ينام ومن رجا أن يستيقظ آخر الليل فليؤخر وتره.
275- وحدثني عن مالك عن نافع أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر بمكة والسماء مغيمة فخشي عبد الله الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم فرأى أن عليه ليلا فشفع بواحدة ثم صلى بعد ذلك ركعتين ركعتين فلما خشي الصبح أوتر بواحدة.
276- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته.
277- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن سعد بن أبي وقاص كان يوتر بعد العتمة بواحدة قال مالك: وليس على هذا العمل عندنا ولكن أدنى الوتر ثلاث.
ـــــــ.
وقال بن عبد البر: ذهبت طائفة إلى أن التضييع للصلاة المشار إليه هنا إلا يقيم حدودها من مراعاة وقت وطهارة وإتمام ركوع وسجود ونحو ذلك وهو مع ذلك يصليها.
271/15- عن أبي بكر بن عمر قال بن عبد البر: كذا وقع عند شيوخنا وكان أحمد بن خالد يقول ان يحيى رواه أبو بكر بن عمر وكذلك رواه جماعة أصحاب مالك وهو كما قال وهو أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب لم يوقف له على اسم.(1/128)
278 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أن عبد الله بن عمر كان يقول: صلاة المغرب وتر صلاة النها ر قال مالك: من أوتر أول الليل ثم نام ثم قام فبدا له أن يصلي فليصل مثنى مثنى فهو أحب ما سمعت إلي.
ـــــــ.
278/22- صلاة المغرب وتر صلاة النهار قال بن عبد البر: هذا مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أخرجه الدارقطني بسند ضعيف من حديث بن مسعود مرفوعا وقال البيهقي: وقفه عليه.(1/129)
"4 - باب الوتر بعد الفجر".
279- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري عن سعيد بن جبير: أن عبد الله بن عباس رقد ثم استيقظ فقال لخادمه أنظر ما صنع الناس وهو يومئذ قد ذهب بصره فذهب الخادم ثم رجع فقال قد انصرف الناس من الصبح فقام عبد الله بن عباس فأوتر ثم صلى الصبح.
280- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس وعبادة بن الصامت والقاسم بن محمد وعبد الله بن عامر بن ربيعة: قد أوتروا بعد الفجر.
281 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود: قال ما أبالي لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتر.
282- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كان عبادة بن الصامت يؤم قوما فخرج يوما إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عبادة حتى أوتر ثم صلى بهم الصبح.
283- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يقول: إني لأوتر وأنا أسمع الإقامة أو بعد الفجر يشك عبد الرحمن أي ذلك قال.
284- وحدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع أباه القاسم بن محمد يقول: إني لأوتر بعد الفجر قال مالك: وإنما يوتر بعد الفجر من نام عن الوتر ولا ينبغي لأحد أن يتعمد ذلك حتى يضع وتره بعد الفجر.(1/129)
باب ماجاء في ركعتي الفجر
...
"5 - باب ما جاء في ركعتي الفجر".
285- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذن عن الأذان لصلاة الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة.
286- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إن كان.
ـــــــ.
285/29- عن عبد الله بن عمر أن أخته حفصة أخبرته قال بن عبد البر: فيه رواية الصحابي عن مثله قلت: والأخ عن أخته.
286/30- عن يحيى بن سعيد أن عائشة قالت: قال بن عبد البر: هكذا هذا الحديث عند جماعة رواة.(1/129)
كتاب صلاة الجماعة
باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ
...
"8 - كتاب صلاة الجماعة".
"1 - باب فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ".
290 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة" .
ـــــــ.
8 – كتاب صلاة الجماعة.
290/1- صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بالمعجمة أي المنفرد بسبع وعشرين درجة قال الترمذي: عامة من رواه قالوا: خمسا وعشرين إلا بن عمر فإنه قال سبعا وعشرين قال بن حجر وعنه أيضا رواية مخمس وعشرين عند أبي عوانة في مستخرجه وهي شاذة وإن كان راويها ثقة قال وأما غيره فصح عن أبي هريرة وأبي سعيد في الصحيح وعن بن مسعود عند أحمد وابن خزيمة وعن أبي بن كعب عند بن ماجة والحاكم وعن عائشة وأنس عند السراج وورد أيضا من طرق ضعيفة عن معاذ وصهيب وعبد الله بن زيد وزيد بن ثابت وكلها عند الطبراني واتفق الجميع على خمس وعشرين سوى رواية أني فقال: أربع أو خمس على.(1/130)
291- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا" .
ـــــــ.
الشك وسوى رواية لأبي هريرة عند أحمد قال فيها سبع وعشرون وفي سندها ضعف قال واختلف في أي العددين أرجح فقيل: رواية الخمس لكثرة رواتها وقيل: رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ قال ووقع الاختلاف أيضا في مميز العدد ففي رواية درجة وفي أخرى جزأ وفي أخرى ضعفا وفي أخرى صلاة والظاهر أن ذلك من تصرف الرواة ويحتمل أن يكون من التفنن في العبارة قال ثم إن الحكمة في هذا العدد الخاص غير محققة المعنى ونقل القرطبي عن النوربشتي ما حاصله أن ذلك لا يدرك بالرأي بل مرجعه إلى علم النبوة التي قصرت علوم الالباء عن إدراك حقيقته انتهى وقال بن عبد البر: الفضائل لا تدرك بقياس ولا مدخل فيها للنظر وإنما هي بالتوقيف قال وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد لا أحفظه الآن صلاة الجماعة تفضل صلاة أحدكم أربعين درجة وقال الباجي: هذا الحديث يقتضي أن صلاة المأموم تعدل ثمانية وعشرين من صلاة الفذ لأنها تساويها وتزيد عليها سبعا وعشرين قال الرافعي: في شرح المسند اختلفت الروايات في العدد الذي تفضل به صلاة الجماعة صلاة الرجل وحده فروي بسبع وعشرين وبخمس وعشرين وأربع وعشرين وعن شعيب بن الحبحاب عن أنس قال فضل الصلوات في الجمع على الواحد بعشرين ومائة درجة فلقد رأيته يقول أربعا وعشرين وأربعا وعشرين حتى عد خمس مرات قال وكيف يجمع بين الروايات ذكروا فيه وجوها منها أن الله تعالى يعطي ما شا من شاء فيزيد وينقص كما يبسط الرزق ويدر ومنها أن الأجر يتفاوت بالتفاوت في رعاية الأدب والخشوع ومنها أن التفاوت يقع بحس قلة الجمعة وكثرتها أو يتفاوت حال الامام أو فضيلة المسجد وقال النووي: في شرح مسلم الجمع بين رواية سبع وعشرين وخمس وعشرين من ثلاثة أوجه أحدها أنه لا منافاة بينهما فذكر القليل لا ينفي الكثير ومفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين والثاني أن يكون أخبر أولا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها الثالث أنه يختلف باختلاف المصلين والصلاة فيكون لبعضهم سبع وعشرون ولبعضهم خمس وعشرون بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيئتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك فهذه هي الأجوبة المعتمدة وقد قيل: ان الدرجة غير الجزء وهذا غفلة من قائله فإن في الصحيحين سبعا وعشرين درجة خمسا وعشرين درجة فاختلف القدر مع اتحاد لفظ الدرجة وقال الشيخ سراج الدين البلقيني ظهر لي في هذين العددين شيء لم أسبق إليه لأن لفظ بن عمر صلاة الجماعة ومعناه الصلاة في الجماعة كما وقع في حديث أبي هريرة صلاة الرجل في الجماعة وعلى هذا فكل واحد من المحكوم له بذلك صفى في جماعة وأدنى الأعداد التي يتحقق فيها ذلك ثلاثة حتى يكون كل واحد صلى في جمعة وكل واحد منهم أتى بحسنة وهي بعشرة فيحصل من مجموعه ثلاثون فاقتصر في الحديث على الفضل الزائد وهو سبعة وعشرون دون الثلاثة التي هي أصل ذلك انتهى قلت: وأخرج بن أبي شيبة في المصنف عن بن عباس قال فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرون درجة فإن كانوا كثر فعلى عدد من في المسجد فقال: رجل وإن كانوا عشرة آلاف قال نعم وإن كانوا أربعين ألفا وأخرج عن كعب قال علي عدد من في المسجد وهذا يدل على أن التضعيف المذكور مرتب على أقل عدد تحصل به الجماعة وأنه يزيد بزيادة المصلين.
291/2 - عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة.(1/131)
292- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء" .
293- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن زيد بن ثابت قال: أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة المكتوبة.
ـــــــ.
أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزأ قال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ عند جماعة الرواة ورواه جويرية بن أسماء عن مالك باسنده فقال: فضل صلاة الجماعة على صلاة أحدكم خمس وعشرون صلاة ورواه عبد الملك بن زياد النصيبي ويحيى بن محمد بن عباد عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ورواه الشافعي وروح بن عبادة وعمار بن مطر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.
292/3- والذي نفسي بيده هو قسم كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقسم به والمعنى أن أمر نفوس العباد بيد الله تعالى أي بتقديره وتدبيره لقد هممت جواب القسم والهم العزم وقيل: دونه وزاد مسلم في أوله أنه صلى الله عليه وسلم فقد ناسا في بعض الصلوات فقال ذلك فأفاد ذكر سبب الحديث فيحطب أي يكسر ليسهل إشعال النار به ثم أخالف إلى رجال أي آتيهم من خلفهم وقال الجوهري: خالف إلى فلان أي أتاه إذا غاب عنه لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا في بعض الروايا عرقا سمينا وهو العظم بما عليه من اللحم أو مرماتين تثنية مرماة بكسر الميم وحكى الفتح قال الخليل وغيره هي ما بين ظلفي الشاة من اللحم وقيل: سهم الهدف والأول انسب لذكر العظم السمين قاله الزمخشري وغيره وقال بن الأثير وجهه أنه لما ذكر العظم السمين وكان مما يؤكل أتبعه بالسهمين لأنهما مما يلهى به وقال الرافعي: قيل: المرماتان قطعتا لحم وقيل: سهمان يحرز الرجل بهما سبقه والميم الأولى تفتح وتكسر وذكر أنها إذا فسرت بالسهم فليس فيها إلا الكسر وإن ميمها إذا فسرت بما بين الظلف أصلية قال وقوله حسنتين أي جيدتين وقيل: الحسن العظم في المرفق مما يلي البطن والقبيح عظم المرفق مما يلي الكتف وهما عاريات عن اللحم ليس عليهما إلا دسم قليل ومقصود الكلام التوبيخ ومعناه أن أحدهما لو علم أنه يجد عظما قليل المنفعة لتسارع إليه فكيف يتكاسل عن الصلاة على عظم فائدتها وإن أحدهم يسعى في احراز سبق الدنيا فكيف يرضى باهمال سبق الآخرة وتخصيص العشاء في قوله لشهد العشاء إشارة إلى أنه يسعى إلى الشيء الحقير في ظلمة الليل فكيف يرغب عن الصلاة وفي بضع الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم خصص ذلك بصلاة العشاء فقال: آمر بصلاة العشاء فيؤذن لها إلى آخره واحتج بذلك على فضيلة هذه الصلاة انتهى.
293/4 –: "أفضل الصلاة صلاتكم في بيوتكم إلا صلاة المكتوبة" قال بن عبد البر: هكذا هو في جميع الموطآت موقوف على زيد وهو مرفوع عنه من وجوه صحاح قلت: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من طرق عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت مرفوعا به وفيه قصة في سبب الحديث وقال الخطيب البغدادي في كتاب المتفق والمفترق: أنا علي بن محمد بن الحسين السمسار أنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري حدثنا أبو الحسن أحمد بن عمر بن يوسف هو ابن.(1/132)
باب ماجاء في العتمة والصبح
...
"2 - باب ما جاء في العتمة والصبح".
294- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما" أو نحو هذا.
295- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشي بطريق إذ وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له" وقال: "الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله" وقال: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا" .
296- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة: أن عمر بن الخطاب فقد سليمان بن أبي حثمة في صلاة الصبح وإن عمر بن الخطاب غدا إلى السوق.
ـــــــ.
جوصا حدثنا إسماعيل بن أبان بن محمد بن حربي الشامي حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر حدثنا مالك بن أنس عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير صلاتكم صلاتكم فيخ بيوتكم إلا صلاة الفريضة" قال أبو الحسن بن عمير: لم يتابع إسماعيل بن أبان أحد على رفع هذا الحديث انتهى ولم يذكر إسماعيل بجرح كما ذكره الذهبي في الميزان ولا في المغني ولا بن حجر في اللسان.
294/5- عن عبد الرحمن بن حرملة قال بن عبد البر: هو مدني صالح الحديث ولم يكن بالحافظ ولحرملة والده صحبة ورواية مات هو في خلافة السفاح وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح قال الرافعي: يعني الآية والعلامة فانهم لا يشهدون امتثالا للأمر ولا احتسابا للاجر ويثقل عليهم الحضور في وقتها فيتخلفون قال بن عبد البر: وهذا الحديث مرسل لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندا ومعناه محفوظ من وجوه ثابتة أو نحو هذا شك من الراوي أو توق في العبارة قال الباجي:
295/6- قال بينما رجل يمشي بطريق إذ وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له وقال الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرف وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله قال الباجي: انتهت رواية يحيى بن يحيى وجماعة من رواية الموطأ إلى حيث ذكرنا وزاد أبو مصعب بعد ذلك وقال لو علم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا وقال بن عبد البر: هن ثلاثة أحاديث في واحد لذلك يرويها جماعة من أصحاب مالك وكذلك هي محفوظة عن أبي هريرة والثالث سقط ليحيى من باب وهو عنده في باب آخر وقد مر بشرحه قال الباجي: قوله فشكر الله له يحتمل ان يريد جازاه على ذلك بالمغفرة أو اثنى عليه ثناء اقتضى المغفرة له أو أمر المؤمنين بشكره والثناء عليه بجميل فعله وقال بن حجر أي رضي قعله وقبل منه.(1/133)
ومسكن سليمان بين السوق والمسجد النبوي فمر على الشفاء أم سليمان فقال لها لم أر سليمان في الصبح فقالت إنه بات يصلي فغلبته عيناه فقال عمر لأن أشهد صلاة الصبح في الجماعة أحب إلى من أن أقوم ليلة.
297- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أنه قال جاء عثمان بن عفان إلى صلاة العشاء فرأى أهل المسجد قليلا فأضطجع في مؤخر المسجد ينتظر الناس أن يكثروا فأتاه بن أبي عمرة فجلس إليه فسأله من هو فأخبره فقال ما معك من القرآن فأخبره فقال له عثمان من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة:(1/134)
"3 - باب إعادة الصلاة مع الإمام".
298- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بني الديل يقال له: بسر بن محجن عن أبيه محجن: أنه كان في مجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن بالصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم رجع ومحجن في مجلسه لم يصل معه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منعك أن تصلي مع الناس الست برجل مسلم" فقال بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت فصل مع الناس وإن كنت قد صليت" .
299- وحدثني عن مالك عن نافع: أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الإمام أفأصلي معه فقال له عبد الله بن عمر نعم فقال الرجل أيتهما أجعل صلاتي فقال له بن عمر أو ذلك إليك إنما ذلك إلى الله يجعل ايتهما شاء.
300- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال إني أصلي في بيتي ثم آتي المسجد فأجد الإمام يصلي أفأصلي معه فقال سعيد نعم فقال الرجل فأيهما صلاتي فقال سعيد أو أنت تجعلهما إنما ذلك إلى الله.
301- وحدثني عن مالك عن عفيف السهمي عن رجل من بني أسد أنه سأل أبا أيوب.
ـــــــ.
298/8- فقال له عثمان: من شهد العشاء فكأنما قام نصف ليلة ومن شهد الصبح فكأنما قام ليلة قال بن عبد البر: هذا لا يكون رأيا وقد روى مرفوعا قلت: أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من طريق سفيان الثوري عن عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عثمان بن عفان مرفوعا بلفظ "من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة ومن صلى العشاء والصبح في جماعة كان كقيام ليلة" قال المزي في الأطراف: قد روي عن بن أبي عمرة عن عثمان موقوفا وروي من غير وجه عن عثمان مرفوعا.
299/9- بسر بن محجن قال بن عبد البر: هو بالسين المهملة في رواية مالك وأكثر الرواة عن زيد بن أسلم وقال فيه الثوري بالمعجمة قال أبو نعيم والصواب كما قال مالك.
301/12- فإن له سهم جمع قال الباجي: قال بن وهب معناه له سهمان من الأجر وقال الأخفش.(1/134)
الأنصاري فقال: إني أصلي في بيتي ثم آتى المسجد فأجد الإمام يصلى أفأصلي معه فقال أبو أيوب نعم فصل معه فإن من صنع ذلك فإن له سهم جمع أو مثل سهم جمع.
302- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعدلهما قال مالك: ولا أرى بأسا أن يصلي مع الإمام من كان قد صلى في بيته إلا صلاة المغرب فإنه إذا أعادها كانت شفعا.
ـــــــ.
الجمع الجيش قال الله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} 1 قال وسهم الجمع هو السهم من الغنيمة قال الباجي: ويحتمل عندي أن ثوابه مث لسهم الجماعة من الأجر ويحتمل أن يريد به مثل سهم من يبيت بمزدلفة في الحج لأن جمعا اسم مزدلفة حكاه سحنون عن مطرف ولم يعجبه ويحتمل أن يريد به أن له سهم الجمع بين الصلاتين صلاة الفذ وصلاة الجماعة ويكون في ذلك احتراز له بأنه لا يضيع له أجر الصلاتين وقال الداوودي يروي فإن له سهما جمعا بالتنوين ومعنى ذلك أنه يضاعف له الأجر مرتين قال الباجي: والصحيح من الرواية والمعنى ما قدمناه وقال بن عبد البر: قول بن وهب في معناه يضعف له الأجر أشبه من قول من قال إن الجمع هنا الجيش وإن له أجر الغازي في سبيل الله قال مصعب بن عبد الله سألت عبد الله بن المنذر بن الزبير ما معنى منهم جمع قال نصيب رجلين وهذا هو المعروف عن فصحاء العرب.
ـــــــ
1 سوروة القمر الآية: 45.(1/135)
"4 - باب العمل في صلاة الجماعة".
303- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء" .
304- وحدثني عن مالك عن نافع أنه قال: قمت وراء عبد الله بن عمر في صلاة من الصلوات وليس معه أحد غيري فخالف عبد الله بيده فجعلني حذاءه.
305- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن رجلا كان يؤم الناس بالعقيق فأرسل إليه عمر بن عبد العزيز فنهاه قال مالك: وإنما نهاه لأنه كان لا يعرف أبوه.
ـــــــ.
303/14 - "إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم" المراد بالضعيف هنا ضعيف الخلقة وبالسقيم من به مرض والكبير قال بن عبد البر: أكثر الرواة للموطأ لا يقولون: في هذا الحديث والكبير وقاله جماعة منهم يحيى وقتيبة وفي رواية لمسلم من وجه آخر عن أبي الزناد والصغير والكبير وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاصي والحامل والمرضع ومن حديث عدي بن حاتم والعابر السبيل والبخاري من حديث أبي مسعود وذا الحاجة.(1/135)
"5 - باب صلاة الإمام وهو جالس".
306- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسا فصرع فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد وصلينا وراءه قعودا فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلي قائما فصلوا قياما وإذا ركع فأركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون" .
307- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شاك فصلى جالسا وصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فلما انصرف قال: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فأركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا" .
308- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه فأتى فوجد أبا بكر وهو قائم يصلي بالناس فاستأخر أبو بكر فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كما أنت فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر.
ـــــــ.
306/17 - عن بن شهاب عن أنس قال بن عبد البر: لم تختلف رواة الموطأ في سنده ورواه سويد بن سعيد عن مالك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة وهو خطأ لم يتابعه أحد عليه فجحش شقه بضم الجيم ثم حاء مهملة مكسورة خدش قاله النووي وقال بن عبد البر: الجحش فوق الخدش وقال الرافعي: يقال جحش فهو مجحوش إذا أصابه مثل الخدش أو أكثر وانسجح جلده وكانت قدمه انفكت من الصرعة كما في رواية بشر بن المفضل عن حميد عن أنس عند الإسماعيلي قال بن حجر ولا ينافي ما هنا لاحتمال وقوع الأمرين قال وأخرج عبد الرزاق الحديث عن بن جريج عن الزهري فقال فجحش ساقه الأيمن فزعم بعضهم أنها مصحفة من شقه وليس كذلك لموافقة رواية حميد لها وإنما هي مفسرة لمحل الخدش من الشق الأيمن لأنه لم يستوعبه قال وأفاد بن حبان أن هذه القصة كانت في ذي الحجة سنة خمس من الهجرة إنما جعل الامام قال الرافعي: أي نصب أو اتخذ أو نحوهما قال ويجوز أن يريد إنما جعل الامام إماما فصلوا جلوسا أجمعون قال الرافعي: هكذا رواه أكثرهم وهو تأكيد للضمير ورواه آخرون أجميعن على الحال.
307/18- وهو شاك بتخفيف الكاف بوزن قاض من الشكاية وهي المرض وصلى وراءه قوم قياما سمى منهم أنس في الحديث السابق وأبو بكر وعمر وجابر في روايات.
308/19- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه قال بن عبد البر: لم يختلف عن مالك في إرسال هذا الحديث وقد أسنده جماعة عن هشام عن أبيه عن عائشة منهم حماد بن سلمة وابن نمير وأبو أسامة قلت: من طريق بن نمير أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة ومن طريق حماد بن سلمة أخرجه الشافعي في الأم وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر أي يتعرفون به ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله لضعف صوته عن أن يسمع الناس تكبير الانتقال فكان أبو بكر يسمعهم ذلك.(1/136)
"6 - باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد".
309- حدثني يحيى عن مالك عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مولى لعمرو بن العاص أو لعبد الله بن عمرو بن العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة أحدكم وهو قاعد مثل نصف صلاته وهو قائم" .
310- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: لما قدمنا المدينة نالنا وباء من وعكها شديد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس وهم يصلون في سبحتهم قعودا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم" .
ـــــــ.
309/20- عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وعن مولى لعمرو بن العاص قال بن عبد البر: كذا رواه جماعة الرواة عن مالك بلا خلاف بينهم ورواه بن عيينة عن إسماعيل المذكور عن أنس والقول عندهم قول ماك والحديث محفوظ لعبد الله بن عمرو بن العاص قلت: رواه بن ماجة من طريق الأعمش عن حبيب عن أبي موسى الحذاء عن عبد الله بن عمرو.
310/21- عن بن شهاب عن عبد الله بن عمرو هو منقطع لما قدمنا المدينة نالنا وباء هو سرعة الموت وكثرته في الناس من وعكها قال بن عبد البر: قال أهل اللغة الوعك لا يكون إلا من الحمى دون سائر الأمراض في سبحتهم هي صلاة النافلة صلاة القاعد مثل نصف صلاة القائم قال الباجي: أي في الأجر لأن الصلاة لا تتبعض ولا يصح نصفها دون سائرها.(1/137)
باب ماجاء في صلاة القاعد في النافلة
...
"7 - باب ما جاء في صلاة القاعد في النافلة".
311- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا قط حتى كان قبل وفاته بعام فكان يصلي في سبحته قاعدا ويقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها.
312- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته: أنها لم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل قاعدا قط حتى أسن فكان يقرأ قاعدا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع.
313- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن يزيد المدني وعن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع وسجد ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك.
ـــــــ.
311/22- عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن حفصة هؤلاء ثلاثة صحابة في نسق واحد يروي بعضهم عن بعض هواسم أبي وداعة الحارث بن صبيرة.(1/137)
314 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب: كانا يصليان النافلة وهما محتبيان.(1/138)
"8 - باب الصلاة الوسطى".
315- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا ثم قالت إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} وصلاة العصر: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
316- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع أنه قال: كنت أكتب مصحفا لحفصة أم المؤمنين فقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فلما بلغتها آذنتها فأملت على: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} وصلاة العصر: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} .
317- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن بن يربوع المخزومي أنه قال سمعت زيد بن ثابت يقول: الصلاة الوسطى صلاة الظهر.
318- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس: كانا يقولان الصلاة الوسطى صلاة الصبح قال مالك: وقول علي وبن عباس أحب ما سمعت إلي في ذلك.
ـــــــ.
315/26 - حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر قال الباجي: هذا يقتضي أن الوسطى غير العصر لأن الشيء لا يعطف على نفسه.(1/138)
"9 - باب الرخصة في الصلاة في الثوب الواحد".
319- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة أنه: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في ثوب واحد مشتملا به في بيت أم سلمة واضعا طرفيه على عاتقيه.
320- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن سائلا:
ـــــــ.
319/30- يصلي في ثوب واحد مشتملا به في بيت أم سلمة واضعا طرفيه على عاتقيه قال الباجي: يريد أنه أخذ طرف ثوبه تحت يده اليمنى ووضعه على كتفه اليسرى وأخذ الطرف الآخر تحت يده اليسرى فوضعه على كتفه اليمنى وهذا نوع من الاشتمال يسمى التوشيح ويسمى الاضطباع وهو مباح في الصلاة وغيرها لأنه يمكنه إخراج يده للسجود وغيره دون كشف عورته.
320/31- أن سائلا قال الحافظ بن حجر: لم أقف على تسميته أو لكلكم ثوبان قال الخطابي.(1/138)
"10 - باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار".
325- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت تصلي في الدرع والخمار.
326- وحدثني عن مالك عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه أنها سألت أم سلمة زوج.
ـــــــ.
325/36 - الدرع القميص والخمار ما يختمر به.
326/37 - عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه اسمها أم حرام ذكره المزي أنها سألت أم سلمة الحديث قال بن عبد البر: في الاستذكار هو في الموطأ موقوف ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار قلت: أخرجه أبو داود من طريقه عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار قال: إذا كان الدرع سابغا يغطي ظهر قدميها ثم رواه من طريق مالك موقوفا وقال: رواه مالك وبكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر وابن أبي ذئب وابن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة ولم يذكر أحد منهم النبي صلى الله عليه وسلم قصروا به على أم سلمة.(1/139)
النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب فقالت تصلي في الخمار والدرع السابغ إذا غيب ظهور قدميها.
327- وحدثني عن مالك عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد عن عبيد الله بن الأسود الخولاني وكان في حجر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن ميمونة كانت تصلي في الدرع والخمار ليس عليها إزار.
328- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن امرأة استفتته فقالت إن المنطق يشق علي أفأصلي في درع وخمار فقال نعم إذا كان الدرع سابغا.
ـــــــ.
327/38- عن الثقة عنده عن بكير قال بن عبد البر: الثقة هنا هو الليث بن سعد ذكره الدارقطني وقال أبو سلمة منصور بن سلمة وهذا مما رواه مالك عن الليث قال بن عبد البر: أكثر ما في كتب مالك عن بكير بن الأشج يقول أصحابه بن وهب وغيره أنه أخذه من كتب بكير كان أخذها من محرمة ابنه فنظر فيها.
328/39- المنطق قال الباجي: هو الإزار قال صاحب العين هو إزار فيه تكة تنتطق به المرأة والمنطقة ما شد به الوسط.(1/140)
كتاب قصر الصلاة في السفر
باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر
...
"9 - كتاب قصر الصلاة في السفر".
"1 - باب الجمع بين الصلاتين في الحضر والسفر".
329- حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك.
330- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن.
ـــــــ.
329/1- عن داود بن الحصين عن الأعرج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الظهر والعصر في سفره إلى تبوك قال بن عبد البر: هكذا رواه أصحاب مالك مرسلا إلا أبا مصعب في غير الموطأ ومحمد بن مبارك الصودي ومحمد بن خالد بن عتمة ومطرفا والحنيني وإسماعيل بن داود المخرافي فانهم قالوا: عن مالك عن داود عن الأعرج عن أبي هريرة مسندا ثم أسند طرقهم قال وذكر أحمد بن خالد أن يحيى بن يحيى رواه في الموطأ كذلك مسندا وقال أصحاب مالك على إرساله قال وأما نحن فلم نجده عند جماعة شيوخنا إلا مرسلا في نسخة يحيى وروايته وقد يمكن أن يكون بن وضاح طرح أبا هريرة من روايته عن يحيى لأنه رأى بن القاسم ويغره ممن انتهت إليه روايته عن مالك في الموطأ قد أرسل الحديث فظن أن رواي يحيى غلط لم يتابع عليه فرمى أبا هريرة وأرسل الحديث انتهى.
330/2- والعين تبض قال الباجي: رواه يحيى بن يحيى وجماعة من أصحاب الموطأ بالصاد غير معجمة ومعناه تبرق ورواه بن القاسم والقعنبي بالمعجمة أي تقطر وتسيل يقال: بص الماء وصب على القلب بمعنى قال: والوجهان معا صحيحان قال وقوله: بشيء من ماء يشير إلى تقليله فسألهما قال الباجي: روى أبو بشر الدولابي أنهما كانا من النافقين.(1/140)
جبل أخبره: أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال فأخر الصلاة يوما ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا ثم قال: "إنكم ستأتون غدا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا حتى آتي" فجئناها وقد سبقنا إليها رجلان والعين تبض بشيء من ماء فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم "هل مسستما من مائها شيئا" فقالا نعم فسبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلا قليلا حتى اجتمع في شيء ثم غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فأستقى الناس ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانا" .
331- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير يجمع بين المغرب والعشاء.
332- حدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر قال مالك: أرى ذلك كان في مطر.
333- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم.
ـــــــ.
332/4 - عن عبد الله بن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سقر قال مالك: أرى ذلك كان في مطر قال النووي: في شرح مسلم للعلماء في هذا الحديث أقوال منهم من تأوله على أنه جمع بقدر المطر وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين وهو ضعيف بالرواية الأخرى في مسلم من غير خوف ولا مطر ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر دخل فصلاها وهذا أيضا باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه فلما فرغ منها دخلت الثانية فصلاها فيه فصارت صورته صورة جمع وهذا أيضا ضعيف وباطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل ومنهم من قال هو محمول على الجمع بقدر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الاعذار وهو قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولي والروياني وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث ولأن المشقة فيه أشد من المطر وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة وقو قول بن سيرين وأشهب وحكاه الخطابي عن القفال الكبير الشاشي من أصحابنا وعن أبي إسحاق المروزي وجماعة من أصحاب الحديث واختاره بن المنذر ويؤيده أن في مسلم قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره انتهى كلام النووي وقد اختار ما اختاره من جواز الجمع بعذر المرض جماعة من المتأخرين منهم السبكي والاسنوي والبلقيني وهو اختياري.(1/141)
334- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أنه سأل سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر في السفر فقال نعم لا بأس بذلك ألم تر إلى صلاة الناس بعرفة.
335- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن علي بن حسين أنه كان يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يسير يومه جمع بين الظهر والعصر وإذا أراد أن يسير ليله جمع بين المغرب والعشاء.(1/142)
"2 - باب قصر الصلاة في السفر".
336- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن رجل من آل خالد بن أسيد: أنه سأل عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن إنا نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ولا نجد صلاة السفر فقال بن عمر يا بن أخي إن الله عز وجل بعث إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأيناه يفعل.
337- وحدثني عن مالك عن صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر.
338- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال لسالم بن عبد الله: ما أشد ما رأيت أباك أخر المغرب في السفر فقال سالم غربت الشمس ونحن بذات الجيش فصلى المغرب بالعقيق.
ـــــــ.
336/8- عن بن شهاب عن رجل من آل خالد بن أسيد أنه سأل عبد الله بن عمر قال بن عبد البر: هكذا رواه جماعة الرواة عن مالك ولم يقم مالك إسناد هذا الحديث لأنه لم يسم الرجل الذي سأل بن عمر وأسقط من الإسناد رجلا والرجل الذي لم يسمه هو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية وهذا الحديث يرويه بن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أمية بن عبد الله بن خالد عن بن عمر كذلك رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن زيد قلت: أخرجه النسائي وابن ماجة من طريق الليث عن بن شهاب به.
337/9- فرضت الصلاة ركعتين ركعتين زاد أحمد في مسنده إلا المغرب فكأنها كانت ثلاثا وزيد في صلاة الحضر لابن خزيمة وابن حبان فلما قدم المدينة زيد في صلاة الحضر ركعتان وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار.(1/142)
باب مايجب فيه قصر الصلاة
...
"3 - باب ما يجب فيه قصر الصلاة".
339- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا خرج حاجا أو معتمرا قصر الصلاة بذي الحليفة.
340- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه: أنه ركب إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.(1/142)
باب صلاة المسافر مالم يجمع مكثاً
...
"4 - باب صلاة المسافر ما لم يجمع مكثا".
346- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: أصلي صلاة المسافر ما لم أجمع مكثا وإن حبسني ذلك اثنتي عشرة ليلة.
347- وحدثني عن مالك عن نافع: أن بن عمر أقام بمكة عشر ليال يقصر الصلاة إلا أن يصليها مع الإمام فيصليها بصلاته.(1/143)
"5 - باب صلاة الإمام إذا أجمع مكثا".
348- حدثني يحيى عن مالك عن عطاء الخرساني أنه سمع سعيد بن المسيب قال: من أجمع إقامة أربع ليال وهو مسافر أتم الصلاة قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إلى.
وسئل مالك عن صلاة الأسير فقال مثل صلاة المقيم إلا أن يكون مسافرا.(1/143)
"6 - باب صلاة المسافر إذا كان إماما أو كان وراء إمام".
349- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.
000 - وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب: مثل ذلك.
350- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي وراء الإمام بمنى أربعا فإذا صلى لنفسه صلى ركعتين.
351- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن صفوان أنه قال: جاء عبد الله بن عمر يعود عبد الله بن صفوان فصلى لنا ركعتين ثم انصرف فقمنا فأتممنا.(1/143)
"7 - باب صلاة النافلة في السفر بالنهار والليل والصلاة على الدابة".
352- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه لم يكن يصلي مع صلاة الفريضة في السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل فإنه كان يصلي على الأرض وعلى راحلته حيث توجهت.
353- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن كانوا يتنفلون في السفر قال يحيى: وسئل مالك عن النافلة في السفر.
فقال: لا بأس بذلك بالليل والنهار وقد بلغني أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك.
354- وحدثني عن مالك قال بلغني عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يرى ابنه عبيد الله بن عبد الله يتنفل في السفر فلا ينكر عليه.
355- وحدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على حمار وهو متوجه إلى خيبر.
356- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته في السفر حيث توجهت به قال عبد الله بن دينار وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك.
357- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال رأيت أنس بن مالك في السفر وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع وجهه على شيء.
ـــــــ.
355/28 - يصلي وهو على حمار وقال بن عبد البر: بذكر الحمار فيه عمرو بن يحيى وهو متوجه إلى خيبر زاد الحنيني عن مالك خارج الموطأ ويومي إيماء.
356/29 - عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال بن عبد البر: كذا رواه جماعة رواة الموطأ ورواه يحيى بن سلمة عن قعنب عن مالك عن نافع عن بن عمر قال والصواب ما في الموطأ.(1/144)
"8 باب صلاة الضحى"
358- حدثني يحيى عن مالك عن موسى بن ميسرة عن أبي مرة مولى عقيل: بن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عام الفتح ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد.
359- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن أبا مرة مولى عقيل: بن.
ـــــــ.
358/31 - عن أبي مرة قيل: اسمه يزيد وقيل: قسيمة.
359/32 - فلان بن هبيرة قيل: هو جعدة بن هبيرة ورده بن عبد البر بأنه ابنها فلا تحتاج إلى اجارته لصغر سنه والحكم بإسلامه ولا يعرف لهبيرة بن من غير أم هانئ قال الحافظ بن حجر: والذي يظهر لي أن في الرواية حذفا أو تحريفا أي فلان بن عم هبيرة أو قريب هبيرة فسقط لفظ عم أو تغير لفظ قريب.(1/144)
أبي طالب أخبره أنه سمع أم هانئ بنت أبي طالب تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة ابنته تستره بثوب قالت فسلمت عليه فقال من هذه فقلت أم هانئ بنت أبي طالب فقال مرحبا بأم هانئ فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات ملتحفا في ثوب واحد ثم انصرف فقلت يا رسول الله زعم بن أمي علي أنه قاتل رجلا أجرته فلان بن هبيرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ" قالت أم هانئ وذلك ضحى.
360- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
بلفظ بن قال: وقد سمى بن هشام في سيرته وغيره الذي أجارته الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة وهما مخزوميان فيصح أن يكون كل منهما بن عم هبيرة لأنه مخزومي وقيل: الحارث وزهير بن أبي أمية المخزوميان فلما فرغ من غسله قام فصلى ثماني ركعات قال الباجي: هذا أصل في صلاة الضحى على أنه يحتمل أن يكون فعل ذلك لما اغتسل وجدد طهارته لا لقصده للوقت إلا أنه قد روى أنها سألته فقالت: ما هذه الصلاة فقال: صلاة الضحى فأضافها إلى الوقت قلت: أخرجه بن عبد البر من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فنزل بأعلى مكة فصلى ثمان ركعات فقلت يا رسول الله ما هذه الصلاة قال صلاة الضحى وقال النووي: توقف القاضي عياض وغيره في دلالة هذا الحديث وقالوا: لأنها إنما أخبرت عن وقت صلاته لا عن نيتها لفعلها كانت صلاة شكر لله تعالى على الفتح قال: ويرده ما رواه أبو داود بسند صحيح عن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثمان ركعات يسلم من كل ركعتين.
360/33 - عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط قال بن عبد البر: ليس أحد من الصحابة إلا وقد فاته من الحديث ما أحصاه غيره والاحاطة ممتنعة فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى من حديث أم هانئ وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي ليلة قال: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانئ وذكر الحديث وأخرج مسلم عن عبد الله بن الحارث قال: سألت وحرصت على أن أجد أحدا يحدثني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى فلم أجد غير أم هانئ وذكر الحديث وفي لفظ سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان وأصحاب رسول الله متوافرون فلم أجد أحدا أثبت في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى إلا أم هانئ قال بن عبد البر: وقد كان الزهري يفتي بحديث عائشة هذا ويقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل الضحى قط قال: وإنما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلونها بالهواجر ولم يكن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر يصلون الضحى ولا يعرفونها انتهى قلت: وقد رود أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى من ديث أنس وجابر وعثمان بن مالك وعبد الله بن أبي أوفى وجبير بن مطعم وحذيفة بن اليماني وأبي سعيد الخدري وعابد بن عمرو وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن بشر وقدامة وحنظلة الثقفيين وعبد الله بن عباس وغيرهم بل ورد من حديث عائشة رضي الله عنها أيضا فأخرج مسلم عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء والعجب من بن عبد البر كيف أورد هذا الحديث وقال: إنه حديث منكر غير صحيح مردود لحديث الباب فإن الحديث مخرج في صحيح مسلم فلا سبيل إلى الحكم عليه بعدم الصحة ولا منافة بينه وبين حديث الباب فإن النووي جمع بينهما في شرح مسلم بأن حديث الباب ليس فيه إلا نفي الرؤية وهو إنما كان يكون عندها في.(1/145)
أنها قالت: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط وإني لأسبحها وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.
361- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عائشة: أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات ثم تقول لو نشر لي أبواي ما تركتهن.
ـــــــ.
وقت الضحى في نادر من الأوقات لكونه في المسجد أو في موضع آخر أو عند سائر نسائه فلم تره وأما حديث الاثبات فقد تكون علمته بخبره أو خبر غيره أنه صلاها وورد في الأمر بها والترغيب فيها أحاديث كثيرة وقد ألفت في ذل جزأ استوعبت فيه ما ورد فيها وهل يتصور أن توجد سنة أمر بها صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها ذكر ذلك في صلاة الضحى وقد تبين خلافه قلت: ورد أنها كانت واجبة عليه وعد الفقهاء ذلك في خصائصه وذكر أيضا في الأذان لكن ثبت عند الترمذي أنه صلى الله عليه وسلم أذن في سفر وجزم به النووي في شرح المهذب وقال إن الحديث جيد الإسناد وأشار إليه في الروضة وقال إن الحديث حسن وقال في الخلاصة انه صحيح وتابعه بن الرفعة في الكفاية والسبكي في شرح المنهاج وذكر الحافظ مغلطاي أن بعض الأمراء سأله عن ذلك في سنة عشرين وستمائة فألف فيه جزأ وذكر ذلك أيضا الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمذي قلت: وظفرت بحديث ثان قال سعيد بن منصور في سننه حدثنا أبو مطوية حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن بن أبي مليكة قال أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة فقال: حي على الفلاح وذكر ذلك أيضا في الختان لأنه ولد مختونا وجوابه أن الختان عندنا واجب لا سنة وإذا فتح باب واجب أمر به ولم يجب عليه جاء شيء كثير في الخصائص على انه ورد أن جده عبد المطلب ختنه يوم سابعه ومال إليه الحافظ الذهبي وضعف رواية أنه ولد مختونا وقيل: ختنه جبريل عليه السلام عند شق صدره وقد ثبت أنه ختن الحسن والحسين وإني لأستحبها قال الباجي: كذا في رواية يحيى وفي رواية غيره وإني لأستحبها وهو يحب أن يعمله قال النووي: ضبطناه بفتح الياء أي يعمله.
361/34- عن عائشة أنها كانت تصلي الضحى ثماني ركعات قال الباجي: يحتمل أنها كانت تفعل ذلك بخبر منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم كخبر أم هانئ ولهذا اقتصرت على هذا العدد ويحتمل أن يكون هذا المقدار هو الذي كان يمكنها المداومة عليه قال وليس صلاة الضحى من الصلوات المحصورة بالعدد فلا يزاد عليها ولا ينقص منها ولكنها من الرغائب التي يفعل الإنسان منها ما أمكنه قلت: وهذا الذي قاله هو الصواب المختار فلم يرد في شيء من الأحاديث ما يدل على حصرها في عدد مخصوص وقد أخرج سعيد بن منصور في سننه عن الأسود أن رجلا سأله كم أصلي الضحى قال كم شئت وأخرج عن الحسن أنه سئل هل كا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون الضحى قال نعم كان منهم من يصلي ركعتين ومنهم من يصلي أربعا ومنهم من يمد إلى نصف النهار وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن أن أبا سعيد الخدري كان من أشد الصحابة توخيا للعبادة وكان يصلي عامة الضحى وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن غالب انه كان يصلي الضحى مائة ركعة وقد قال الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمذي لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة ولا عن أحد من أئمة المذاهب كالشافعي وأحمد وإنما ذكر ذلك الروياني فقط فتابعه الرافعي ثم النووي.(1/146)
"9 - باب جامع سبحة الضحى".
362- حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك.
ـــــــ.
362/35- عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة قال الرافعي: مليكة جدة أنس أنصارية روى عنها أنس وقال بعضهم مليكة بفتح الميم ولم يصحح وقال بن عبد البر: قوله ان جدته مليكة تصغير ملك تقوله والضمير في جدته عائد على إسحاق وهي جدة إسحاق أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري وهي أم أنس بن مالك كانت تحت أبيه مالك بن النضر فولدت له أنس بن مالك والراء بن مالك ثم خلف عليها أبو طلحة قال وذكر عبد الرزاق هذا الحديث عن مالك عن إسحاق عن أنس أ جدته مليكة يعني جدة إسحاق دعت النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته وساق الحديث بمعنى ما في الموطأ انتهى وقال النووي: الصحيح أنها جدة إسحاق فتكون أم أنس لأن إسحاق بن أخي أنس لأمه وقيل: انها جدة أنس وهي بضم الميم وفتح اللام وهذا هو الصواب الذي قاله الجمهور من الطوائف وعن الأصيلي أنها بفتح الميم وكسر اللام وهذا غريب ضعيف مردود وقال الحافظ بن حجر: الضمي رفي جدته يعود على إسحاق جزم به بن عبد البر وعبد الحق وعياض وصححه النووي وجزم بن سعد وابن منده وابن الحصار بأنها جدة أنس وهو مقتضى كلام إمام الحرمين في النهاية ومن تبعه وكلام عبد الغني في العمدة وهو ظاهر السياق ويؤيده ما رويناه في فوائد العراقيين لأبي الشيخ من طريق القاسم بن يحيى المقدمي عن عبد الله بن عمر عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال أرسلتني جدتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم واسمها مليكة فجاءنا فحضرت الصلاة الحديث قال ومقتضى كلام من أعاد الضمير في جدته إلى إسحاق أن يكون اسم أم سليم مليكة ومستندهم في ذلك ما رواه بن عيينة عن إسحاق بن أبي طلحة عن أنس قال صففت أنا ويقيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي أم سليم خلفنا هكذا أخرجه البخاري والقصة واحدة طولها مالك واختصرها سفيان قال ويحتمل تعددها فلا تخالف ما تقدم وقد ذكر بن سعد في الطبقات أم أنس هي أم سليم بنت ملحان وقال هي الغميصا ويقال الرميصا ويقال اسمها سهلة ويقال أنيفة ويقال رميئة ويقال رميلة وأنها مليكة بنت مالك قال: وكون مليكة جدة أنس لا ينفي كونها جدة إسحاق لأن والده عبد الله أخو أنس لأمه فأكل منه قال بن عبد البر: زاد فيه إبراهيم بن طهمان وعبد الله بن عون القزاز وموسى بن أعين عن مالك وأكلت منه ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم قال: قم فتوضأ ومر العجوز فلتتوضأ ومر هذا اليتيم فليتوضأ ولأصلي لكم قوموا فلأصلي لكم بلام كي ونصب الياء أي فقيامكم لأصلي لكم من طول ما لبث قال الرافعي: كأنه يريد فرش فإن ما فرش فقد لبسته الأرض هذا كما أن ما يستر به الكعبة والهودج يسمى لباسا لهما واليتيم قال النووي: اسمه ضمية بن سعد الحميري والعجوز قال النووي: هي أم أنس أم سليم وقال بن حجر: هي مليكة المذكورة أولا.
لطيفة: روى السلفي في الطيوريات بسنده أن أبا طلحة زوج أم أنس قام إليها مرة يضربها فقام أنس ليخلصها وقال له خل عن العجوز فقالت: أتقول العجوز عجز الله ركبتك فصلى لنا ركعتين قال الحافظ بن حجر: أورد مالك ها الحديث في ترجمة صلاة الضحى وتعقب بما رواه البخاري عن أنس أنه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى إلا مرة واحدة في دار الأنصاري الضخم الذي دعاه ليصلي في بيته وأجاب صاب القبس بأن مالكا نظر إلى الوقت الذي وقعت فيه تلك الصلاة وهو قوت صلاة الضحى لجعله عليه وإن أنسا لم يطلع على أنه صلى الله عليه وسلم نوى بتلك الصلاة صلاة الضحى.(1/147)
أن جدته مليكة: دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام فأكل منه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قوموا فلأصلى لكم" قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف.
363- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه قال: دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح فقمت وراءه فقربني حتى جعلني حذاءه عن يمينه فلما جاء يرفا تأخرت فصففنا وراءه.(1/148)
"10- باب التشديد في أن يمر أحد بين يدي المصلي".
364 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" .
365 - وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد أن.
ـــــــ.
364/37 - عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عند بن وهب عن زيد عن عطاء بن يسار عن أبي سعد إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه روى بن أبي شيبة عن بن مسعود أن المرور بين يدي المصلي يقطع فصف صلاته فإن أبى فليقاتله هو عندنا على حقيقته وهو أمر ندب وقال بن العربي المراد بالمقاتلة المدافعة وعند الإسماعيلي فإن أبى فليجعل يده في صدره وليدفعه فانما هو شيطان أي فعله فعل الشيطان أو المراد شيطان ن الانس وفي رواية الإسماعيلي فإن معه الشيطان.
365/38- عن بسر بن سعيد أن زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم قال الحافظ بن حجر: هكذا روى مالك هذا الحديث لم يختلف عليه فيه أن المرسل هو زيد وإن المرسل إليه هو أبو جهيم وهو بضم الجيم وفتح الخاء مصغرا واسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري الصحابي وتابعه سفيان الثوري عن أبي النضر عند مسلم وابن ماجة وغيرهما وخالفهما بن عيينة عن أبي النضر فقال: عن بسر بن سعيد قال أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله فذكر هذا الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه بن عيينة مقلوا أخرجه أبن أبي خيثمة عن أبيه عن بن عيينة ثم قال بن أي خيثمة سئل عنه يحيى بن معين فقال: هو خطأ إنما هو أرسلني زيد إلى أبي جهيم كما قال مالك: وتعقب ذلك بن القطان فقال: ليس خطأ بن عيينة فيه بمتعين لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بسرا إلى زيد وبعثه زيد إلى أبي جهيم يتثبت كل واحد منهما ما عند الآخر قال بن حجر تعليل الأئمة للأحاديث مبني على غلبة الظن فإذا قالوا: أخطأ فلان في كذا لم يتعين خطؤه في نفس الأمر بل هو راجح الاحتمال فيعتمد ولولا ذلك ما اشترطوا انتفاء الشاذ وهو ما يخالف الثقة فيه من هو أرجح منه في حد الصحيح لو يعلم المار بين يدي المصلي أ ي أمامه بالقرب منه واختلف في ضبط ذلك فقيل: إذا مر بينه وبين مقدار سجوده وقيل: بينه وبينه ثلاثة أذرع وقيل: بينه وبينه قدر رمية بحجر ووقع عند السراج من طريق الضحاك بن عثمان عن أبي النضر بين يدي الملي والمصلي أي السترة ماذا عليه قال الحافظ بن حجر: زاد الكشميهني من رواة البخاري من الإثم وليست هذه الزايدة في شيء من الروايات غير والحديث في الموطأ بدونها وقال بن التين لم يختلف على مالك في شيء منه وكذا رواه باقي الستة وأصحاب.(1/148)
زيد بن خالد الجهني أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي فقال أبو جهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه" قال أبو النضر لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة.
366- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن كعب الأحبار قال لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يخسف به خيرا له من أن يمر بين يديه.
367- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: كان يكره أن يمر بين أيدي النساء وهن يصلين.
368- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يمر بين يدي أحد ولا يدع أحدا يمر بين يديه.
ـــــــ.
المسانيد والمستخرجات بدونها ولم أرها في شيء من الروايات مطلقا لكن في مصنف بن أبي شيبة يعني من الإثم فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية فظنها الكشميهني أصلا لأنه لم يكن من الحفاظ وقد عزاها المحب الطبري في الأكام للبخاري وأطلق فعيب ذلك عليه وعلى صاحب العمدة في إبهامه أنها في الصحيحين وأنكر بن الصلاح في مشكل الوسيط على من أثبتها في الخبر فقال: لفظ الإثم ليس في الحديث صريحا ولما ذكره النووي في شرح المهذب بدونها قال في رواية رويناها في الأربعين لعبدالقادر الرهاوي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين هذا العدد له اعتبار في الشرع كبير كالثلاث والسبع وقد أفردت في أعداد السبع جزأ وفي أعداد الأربعين آخر وفي بن ماجة وابن حبان من حديث أبي هريرة لكان أن يقف مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها خيرا له بالنصب خبر كان وعند الترمذي بالرفع على أنه الاسم.(1/149)
"11 - باب الرخصة في المرور بين يدي المصلي".
369- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي للناس بمنى فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك علي أحد.
370- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن سعد بن أبي وقاص كان يمر بين يدي بعض الصفوف والصلاة قائمة.
ـــــــ.
42/369- عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هو أحد الفقهاء السبعة قال بن عبد البر: لم يكن بعد الصحابة إلى يومنا هذا مما علمت فقيه أشعر منه وقد جمع الزبير بن بكار أشعاره في كتاب مفرد أتان بالمثناة الأنثى من الحمر ناهزت الاحتلام أي قاربته يصلي للناس بمنى كذا قال مالك: وأكثر أصحاب الزهري ولمسلم من رواية بن عيينة بعرفة قال بن حجر وهي شاذة وفيه أن ذلك كان في حجة الوداع ترتع أي ترعى.(1/149)
قال مالك: وأنا أرى ذلك واسعا إذا أقيمت الصلاة وبعد أن يحرم الإمام ولم يجد المرء مدخلا إلى المسجد إلا بين الصفوف.
371- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب: قال لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي.(1/150)
"12 - باب سترة المصلي في السفر".
372- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر كان يستتر براحلته إذا صلى وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان يصلي في الصحراء إلى غير سترة.(1/150)
"13 - باب مسح الحصباء في الصلاة".
373- حدثني يحيى عن مالك عن أبي جعفر القارئ أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر إذا أهوى ليسجد مسح الحصباء لموضع جبهته مسحا خفيفا.
374- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول: مسح الحصباء مسحة واحدة وتركها خير من حمر النعم.
ـــــــ.
49/374- عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول مسح الحصباء مسحة واحدة وتركها خير من حمر النعم قال بن عبد البر: ورد عنه مرفوعا أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم للصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصباء" وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصباء قال واحدة أودع قال بن عبد البر: حمر النعم بتسكين الميم لا غير هي الحمر من الإبل وهي أحسن ألوانها عندهم وأخرج من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن عمرو بن دينار عن أبي نضرة عن أبي ذر قال إذا أقيمت الصلاة فامشوا إليها على هنيتكم وصلوا ما أدركتم فإذا سلم الامام فاقضوا ما بقي ولا تمسحوا لاتراب عن الأرض إلا مرة واحدة ولأن أصبر عنها أحب إلي من مائة ناقة سوداء الحدقة وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسح الصباء فقال: "واحدة ولأن تمسكه عنها خير من مائة ناقة كلها سود الحدق" وقال بن جريج قلت: لعطاء كانوا يشددون في المسح للحصباء لموضع الجبين مالا يشددون في مسح الوجه من التراب قال: أجل.(1/150)
باب ماجاء في تسوية الصفوف
...
"14 - باب ما جاء في تسوية الصفوف".
375- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عمر بن الخطاب كان يأمر بتسوية الصفوف فإذا جاؤوه فأخبروه أن قد استوت كبر.
376- وحدثني عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه قال: كنت مع.(1/150)
"15 باب وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة".
377- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال: من كلام النبوة إذا لم تستحي فأفعل ما شئت ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة يضع اليمنى على اليسرى وتعجيل الفطر والاستيناء بالسحور.
378- وحدثني عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد أنه قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة قال أبو حازم لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك.
ـــــــ.
52/377- عن عبد الكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال من كلام النبوة إذا لم تستح فافعل ما شئت روى البخاري وأبو داود وابن ماجة من طريق منصور عن ربعي بن حراش عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت" قال بن عبد البر: لفظه أمر ومعناه الخبر بأن من لم يكن له حياء يحجزه عن محارم الله فسواء عليه فعل الصغائر وارتكاب الكبائر وفيه معنى التحذير والوعيد على قلة الحياء ومن هذا الحديث أخذ القائل:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ... ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
وقي لمعناه إذا كان الفعل مما لا يستحيا منه شرعا فافعله ولا عليك من الناس قال: وهذا تأويل ضعيف والأول هو المعروف عند العلماء والمشهور مخرجه عند العرب والفصحاء ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة يضع اليمنى على اليسرى وتعجيل الفطر والاستيناء بالسحور روى الطبراني في الكبير بسند صحيح عن بن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنا معشر الأنبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا وإن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة" وروى الطبراني عن أبي الدرداء رفعه قال: "ثلاث من أخلاق النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمنى على الشمال في الصلاة" وروى بن عبد البر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من النبوة تعجيل الإفطار وتأخير السحور ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة" وروى سعيد بن منصور عن عائشة رضي الله عنها قال: ثلاث من النبوة فذكرت مثل حديث أبي هريرة وروى الطبراني عن يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يحبها الله عز وجل تعجيل الإفطار وتأخير السحور وضرب اليدين إحداهما بالأخرى في الصلاة" .
53/378 - ينمى ذلك أي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.(1/151)
"16 باب القنوت في الصبح".
379 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يقنت في شيء من الصلاة.(1/151)
"17 - باب النهي عن الصلاة والإنسان يريد حاجته".
380- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عبد الله بن الأرقم كان يؤم أصحابه فحضرت الصلاة يوما فذهب لحاجته ثم رجع فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أراد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة" .
381- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم أن عمر بن الخطاب: قال: لا يصلين أحدكم وهو ضام بين وركيه.
ـــــــ.
55/380- عن هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن الأرقم أخرجه أبو داود من طريق زهير عن هشام به وقال روى وهيب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو ضمرة هذا الحديث عن هشام عن أبيه عن رجل حدثه عن عبد الله بن أرقم والأكثر الذي رووا عن هشام قالوا: كما قال زهير وقال بن عبد البر: تابع مالكا عفى روايته زهير بن معاوية وسفيان بن عيينة وحفص بن غياث ومحمد بن إسحاق وشجاع بن الوليد وحماد بن زيد وأبو معاوية كلهم قالوا: كما قال مالك: وقال المزي في الأطراف: رواه محمد بن بلال عن عمران القطان عن هشام بن عروة عن أبيه عن بن عمر.
56/381 - وهو ضام بين وركيه أي من شدة الحقن.(1/152)
"18 - باب انتظار الصلاة والمشي إليها".
382- وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث اللهم أغفر له اللهم أرحمه" .
قال مالك: لا أرى قوله ما لم يحدث إلا الإحداث الذي ينقض الوضوء.
383- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة" .
384- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول:
ـــــــ.
57/382- الملائكة تصلي على أحدكم هل المراد بهم الحفظة أو السيارة أو أعم من ذلك كل محتمل ذكره العراقي في شرح الترمذي اللهم اغفر له على إضمار قائلين أو يقول وهو بيان لقوله تصلي اللهم ارحمه زاد ابن ماجة اللهم تب عليه.
58/383- "لا يزال أحدكم في صلاة أي حكما في الثواب ما دامت الصلاة تحبسه" قال الباجي: سواء انتظر وقتها أم إقامتها في الجماعة.
59/384- أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول من غدا أو راح إلى المسجد إلى آخره قال بن عبد البر: معلوم أن هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد لأه قطع على غيب من حكم الله وأمره في ثوابه قلت: وقد ورد مرفوعا أخرج الطبراني بسند حسن عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من دخل مسجدي هذا ليتعلم خيرا أو يعلمه كان بمنزلة المجاهد في سبيل الله" وأخرج الطبراني بسند حسن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرا أو يعلمه كان له كأجر حاج أم حجته" .(1/152)
من غدا أو راح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيرا أو ليعلمه ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانما.
385- وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول: "إذا صلى أحدكم ثم جلس في مصلاه لم تزل الملائكة تصلي عليه اللهم أغفر له اللهم أرحمه فإن قام من مصلاه فجلس في المسجد ينتظر الصلاة لم يزل في صلاة حتى يصلي" .
386- وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء عند المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط" .
387- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: يقال: لا يخرج من المسجد.
ـــــــ.
60/385- عن نعيم بن عبد الله المجمر أنه سمع أبا هريرة يقول إذا صلى أحدكم الحديث قال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ موقوف وقد رفعه عن مالك بهذا الإسناد بن وهب وإسماعيل بن جعفر وعثمان بن عمر والوليد بن مسلم ويحيى بن بكير في رواية عنه وأشار إلى أن رواية بن وهب عند بن الجارود ورواية الوليد وعثمان عند النسائي في حديث الوليد وأسند بن عبد البر رواية إسماعيل إلا أنه قال عن مالك عن نعيم بن عبد الله عن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره مرفوعا.
61/386- إلا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا قال بن عبد البر: هذا الحديث من أحسن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وقال الباجي: محو الخطايا كناية عن غفرانها والعفو عنها وقد يكون محوها من كتاب الحفظة دليلا على عفوه تعالى عمن كتبت لعيه وترفع به الدرجات قال الباجي: أي المنازل في الجنة ويحتمل أن يريد رفع درجته في الدنيا بالذكر الجميل وفي الآخرة الثواب الجزيل إسباغ الوضوء أي إتمامه وإكماله واستيعاب أعضائه بالماء عند المكاره قال الباجي: من شدة برد وألم جسم وحاجة إلى النوم وعجلة إلى أمر مهم وغير ذلك وكثرة الخطا إلى المساجد قال الباجي: وهو يكون ببعد الدار عن المسجد ويكون بكثرة التكرر عليه وانتظار الصلاة بعد الصلاة قال الباجي: هذا إنما يكون في صلاتين العصر بعد الظهر والعشاء بعد المغرب وأما انتظار الصبح بعد العشاء فلم يكن من عمل الناس وكذلك انتظار الظهر بعد الصبح وأما انتظار المغرب بعد العصر فلا أذكر فيه نصا قال: وحكمه عندي حكم انتظار الصبح بعد العشاء والظهر بعد الصبح لأن الذي ينتظر صلاة ليس بينها وبين التي صلى اشتراك في وقت قال: وفي ظني أني رأيته رواية عن مالك من طريق بن وهب ولا أذكر موضعها الآن فذلكم الرباط قال الباجي: يعني منن الرباط المرغب فيه لأنه قد ربط نفسه على هذا العمل وحبس نفسه عليه قال: ويحتمل أن يريد تفضيل هذا الرباط على غيره من الرباط في الثغور ولذا قال فذلكم الرباط أي إنه أفضل انواعه كما يقال جهاد النفس هو الجهاد أين إنه أفضله ويحتمل أنه يريد أنه الرباط الممكن المتيسر وقد قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي: إن ذلك من ألفاظ الحصر وكرره ثلاثا على معنى التعظيم لشأنه انتهى.
62/387 - مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال يقال لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا أحد.(1/153)
بعد النداء إلا أحد يريد الرجوع إليه إلا منافق.
388- وحدثني عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس" .
389- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال له: ألم أر صاحبك إذا دخل المسجد يجلس قبل أن يركع قال أبو النضر: يعني بذلك عمر بن عبيد الله ويعيب ذلك عليه أن يجلس إذا دخل المسجد قبل أن يركع قال يحيى: قال مالك: وذلك حسن وليس بواجب.
ـــــــ.
يريد الرجوع إليه إلا منافق قال بن عبد البر: هذا لا يقال مثله من جهة الرأي ولا يقال إلا توقيفا قلت: ورد مرفوعا أخرج الطبراني في الأوسط بسند رجاله رجال الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة ثم لا يرجع إليه إلا منافق" وأخرج أحمد بسند صحيح عن أبي هريرة أنه رأى رجلا خرج بعد ما أذن المؤذن فقال: أما هذا فقد عصا أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ثم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتي يصلي" قال بن عبد البر: قال مالك: دخل أعرابي المسجد وأذن المؤذن فقام يحل عقال ناقته ليخرج فنهاه سعيد بن المسيب فلم ينته فما سارت به غير يسير حتى رقصت به فأصيب في جسده فقال: سعيد قد بلغنا أنه خرج من بين الأذان والإقامة لغير الوضوء أنه يصاب وقال الباجي: قوله إلا منافق يريد أن ذلك من أفعال المنافقين.
67/388- إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل ان يجلس هو أمر ندب بالاجماع سوى أهل الظاهر فقالوا: بالوجوب.(1/154)
"19 - باب وضع اليدين على ما يوضع عليه الوجه في السجود".
390- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: كان إذا سجد وضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته قال نافع: ولقد رأيته في يوم شديد البرد وأنه ليخرج كفيه من تحت برنس له حتى يضعهما على الحصباء.
391- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من وضع جبهته بالأرض فليضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته ثم إذا رفع فليرفعهما فإن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه.(1/154)
"20 - باب الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة".
392 - حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي:
ـــــــ.
67/392 - ذهب إلى بني عمرو بن عوف أي بن مالك بن الأوس أحد قبيلتي الأنصار وبنو عمر بطن منهم وكانت منازله بقباء ليصلح بينهم زاد النسائي في كلام وقع بينهم وفي صحيح البخاري أنه خرج بعد صلاة الظهر في أناس من أصحابه وسمى الطبراني منهم أبي بن كعب وسهل بن بيضاء وحانت الصلاة.(1/154)
باب مايفعل من جاء والإمام راكع
...
"21 باب ما يفعل من جاء والإمام راكع".
395- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعا فركع ثم دب حتى وصل الصف.(1/155)
396- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود: كان يدب راكعا.(1/156)
باب ماجاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
...
"22 باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم".
397- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي أنه قال أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك فقال قولوا: "اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد" .
398 - وحدثني عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن محمد بن عبد الله بن زيد.
ـــــــ.
72/397 - اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته قال الباجي: ذريته من كانت عليه للنبي صلى الله عليه وسلم ولادة من ولده وولد ولده كما صليت على آل إبراهيم قال بن عبد البر: آل إبراهيم يدخل فيه إبراهيم وآل محمد يدخل فيه محمد ومن هنا جاءت الآثار في هذا الباب مرة بإبراهيم ومرة بآل إبراهيم وربما جاء ذلك في حديث واحد ومعلوم أن قوله تعالى أدخلوا آل فوعون أشد العذاب أن فوعون داخل معهم وبارك على محمد قال النووي: قال العلماء: معنى البركة هنا الزيادة من الخير والكرامة وقيل: هي بمعنى التطيهر والتزكية.
73/398 - أمرنا الله ان نصلي عليك أي لقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 1 فكيف نصلي عليك أي كيف نلفظ بالصلاة زاد الدارقطني وابن حبان والحاكم والبيهقي إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا حتى تمنينا أنه لم يسأله أي كرهنا سؤاله مخافة أن يكون كرهه وشق عليه اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الحديث قيل: ما وجه تشبيه الصلاة عليه بالصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم والقاعد أن المشبه به أفضل من المشبه وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأجيب بأجوبة أحدها قال النووي: وحكاه بعض أصحابنا عن الشافعي أن معناه صل على محمد وتم الكلام هنا ثم استأنف وعلى آل محمد أي وصل على آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم فالمسئول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمد لا نفسه الثاني معناه اجعل لمحمد وآله صلا منك كما جعلتها لإبراهيم وآله فالمسئول المشاركة في أصل الصلاة لا قدرها الثالث أنه على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة التي لإبراهيم وآله والمسئول مقابلة الجملة بالجملة فإن المختار في الآل أنهم جميع الاتباع ويدخل في آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء ولا يدخل في آل محمد نبي فطلب الحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء قال النووي: هذه الأقوال الثلاثة هي المختارة من جميع ما قيل: في ذلك وقال القاضي عياض: أظهر الأقوال أنه سأل ذلك لنفسه ولأهل بيته ليتم النعمة عليهم كما أتمها على إبراهيم وآله وقيل: بل سأل ذلك لأمته وقيل: بل ليبقى ذلك له دائما إلى يوم القيامة ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كإبراهيم وقيل: كان ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم وقيل: سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم والسلام كما قد علمتم أي في التشهد وهو قولهم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته قال النووي: وعلمتم بفتح العين وكسر اللام.
ـــــــ
1 سورة الأحزاب الآية: 56.(1/156)
إنه أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم" .
399- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر.(1/157)
"23 - باب العمل في جامع الصلاة".
400- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد صلاة العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين.
401- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أترون قبلتي ها هنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري" .
402- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا.
ـــــــ.
المخففة ومنهم من رواه بضم العين وتشديد اللام أي علمتكموه وكلاهما صحيح.
75/400 - كان يصلي قبل الظهر الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه يحيى لم يقل في بيته إلا في ركعتين بعد المغرب فقط وتابعة القعنبي على ذلك وقال بن بكير في هذا الحديث: في بيته في موضعين أحدهما في ركعتين بعد المغرب والآخر في الركعتين بعد الجمعة وابن وهب يقول في الركعتين بعد المغر وبعد العشاء في بيته وذكر انصرافه في الجمعة وتابعه على هذا جماعة من رواة مالك.
76/401–: "إني لأراكم من وراء ظهري" قال النووي: قال العلماء: معناه أن الله تعالى خلق له إدراكا في قفاه يبصر به من ورائه وقد انخرقت العادة له صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذا قال الحفظ بن حجر قيل: كانت له عين خلف ظهره يرى بها دائما وقيل: كان بين كتفيه عينان كسم الخياط يبصر بهما لا يحجبهما ثوب ولا يغره وقيل: كان يبصر من ورائه بعيني وجهه خرقا للعادة أيضا فكان يرى بهما من غير مقابلة لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها المقابلة ولهذا حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الآخرة وقيل: بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى أمثلتهم فيها ويشاهد أفعالهم.
77/402 - مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء راكبا وماشيا قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: مالك عن نافع وقال جل رواة الموطأ مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر والحديث صحيح لمالك عنهما جميعا قال واختلف في سبب اتيانه فقيل: لزيارة الأنصار وقيل: للتفرج في غيطانها وقيل: للصلاة في مسجدها تبركا به وهو الأشبه.(1/157)
403- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ترون في الشارب والسارق والزاني" وذلك قبل أن ينزل فيهم قالوا: الله ورسوله أعلم قال: "هن فواحش وفيهن عقوبة وأسوأ السرقة الذي يسرق صلاته" قالوا: وكيف يسرق صلاته يا رسول الله قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" .
404- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم" .
405- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا لم يستطع المريض السجود أومأ برأسه إيماء ولم يرفع إلى جبهته شيئا.
406- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن عبد الله بن عمر كان إذا جاء المسجد وقد صلى الناس بدأ بصلاة المكتوبة ولم يصل قبلها شيئا.
407- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر مر على رجل وهو يصلي فسلم عليه فرد الرجل كلاما فرجع إليه عبد الله بن عمر فقال له إذا سلم على أحدكم وهو يصلي فلا يتكلم وليشر بيده.
408- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فإذا سلم الإمام فليصل الصلاة التي نسي ثم ليصل بعدها الأخرى.
409- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أنه قال: كنت أصلي وعبد الله بن عمر مسند ظهره إلى جدار القبلة فلما قضيت.
ـــــــ.
78/403- عن يحيى بين سعيد عن النعمان بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ترون في الشارب" الحديث قال بن عبد البر: لم تختلف الرواة عن مالك في إرسال هذا الحديث عن النعمان بن مرة وهو حديث صحيح مسند من ودوه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد قلت: روى أحمد بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته" قالوا: يا رسول الله وكيف يسرقها قال: "لا يتم ركوعها ولا سجودها" وروى الطبراني مثله من حديث أبي هريرة وعبد الله بن مغفل وأبي قتادة قال الباجي: قصد صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم أن الاخلال بإتمام الركوع والسجود كبيرة وأنه أسوأ مما تقرر عندهم أنه فاحشة وإنما خص الركوع والسجود لأن الاخلال في الغلب إنما يقع بهما وسماه سرقة على معنى أه خيانة فيما اؤتمن على أدائه.
79/404- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم" قال بن عبد البر: هذا الحديث مرسل في الموطأ عند جميعهم وقد أسنده نافع عن بن عمر قلت: أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر مرفوعا: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا" قال بن عبد البر: اختلف في معنى هذا الحديث فقيل: أراد بقوله: من صلاتكم النافلة وقيل: المكتوبة لما فيه من تعليم الأهل حدود الصلاة معاينة وهو أثبت من التعليم بالقول ومن على الأول زائدة وعلى الثاني تبعيضية.(1/158)
صلاتي انصرفت إليه من قبل شقي الأيسر فقال عبد الله بن عمر ما منعك أن تنصرف عن يمينك قال فقلت رأيتك فانصرفت إليك قال عبد الله فإنك قد أصبت إن قائلا يقول انصرف عن يمينك فإذا كنت تصلي فانصرف حيث شئت إن شئت عن يمينك وإن شئت عن يسارك.
410- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسا أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص: أأصلي في عطن الإبل فقال عبد الله لا ولكن صل في مراح الغنم.
411- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب: أنه قال ما صلاة يجلس في كل ركعة منها ثم قال سعيد هي المغرب إذا فاتتك منها ركعة وكذلك سنة الصلاة كلها.
ـــــــ.
85/410- هشام بن عروة عن أبيه عن رجل من المهاجرين لم ير به بأسا أنه سأل عبد الله بن عمرو بن العاص أأصلي في عطن الإبل فقال عبد الله: لا ولكن صل في مراح الغنم قال بن عبد البر: مثل هذا ن الفرق بين الغنم والابل لا يدرك بالرأي والنظر وقد روى هذا الحديث يونس بن بكير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صى الله عليه وسلم أنه قال: "صلوا في مراح الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل" وورد من رواية جماعة من الصحابة قال وأصح ما قبل في الفرق أن الإبل لا تكاد تهدأ ولا تقر في العطن بل تثور فربما تقطع صلاة المصلي وجاء في الحديث أنها خلقت من جن قال الباجي: عطن الإبل مباركها عند الماء ومراح الغنم مجتمعها من آخر النهار.(1/159)
"24 - باب جامع الصلاة".
412 - حدثني يحيى عن مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم.
ـــــــ.
87/412- وهو حامل أمامة زاد مسلم على عاتقه قال بن حجر والمشهور في الروايات تنوين حامل ونصب أمامة وروى بالإضافة وأمامة بضم الهمزة وتخفيف الميمين كانت صغيرة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها على بعد وفاة فاطمة بوصية منها ولم تعقب ولأبي العاصى هو والد أمامة قال الكرماني الإضافة في قوله بنت زينب بمعنى اللام فاظهر في المعطوف وهو قوله لأبي العاصى ما هو مقدر في المعطوف عليه بن ربيعة بن عبد شمس قال بن حجر كذا رواه الجهمي عن مالك ورواه يحيى بن بكير ومعن بن عيسى وأبو مصعب وغيرهم عن مالك فقالوا: بن الربيع وهو الصواب وادعى الأصيلي أنه بن الربيع بن ربيعة فنسبه مالك رمة إلى جده ورده عياض والقرطبي وغيرهما لاطباق النسابين على خلافه نعم قد نسبه مالك إلى جده في قوله بن عبد شمس وإنما هو بن عبد العزى بن عبد شمس أطبق على ذل النسابون أيضا واسم أبي العاصي لقيط وقيل: مقسم وقيل: القاسم وقيل: مهشم وقيل: هشيم وهو مشهور بكنيته أسلم قبل الفتح وهاجر ورد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته زينب وماتت معه ومات هو في خلافة أبي بكر فإذا سجد وضعها لمسلم فإذا ركع ولأبي داود حتى إذا أراد أن يركع أخذها فوضعها ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده وقام أخذها فردها في مكانها قال النووي: ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك مردود لا دليل عليه وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع.(1/159)
الزرقي عن أبي قتادة الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها.
413- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون" .
414- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مروا أبا بكر فليصل للناس" فقالت عائشة: إن أبا بكر يا رسول الله إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس قال: "مروا أبا بكر فليصل للناس" قالت عائشة فقلت لحفصة قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء فمر عمر فليصل للناس ففعلت حفصة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر
ـــــــ.
88/413- يتعاقبون فيكم ملائكة أي يأتي طائفة عق بطائفة أخرى ثم تعود الأولى عقب الثانية وإنما يكون التعاقب بين طائفتين أو رجلين مرة مرة وتوارد جماعة من شراح الحديث ومعهم بن مالك على أن الحديث جاء على لغة أكلوني البراغيث والحق ما قاله جماعة آخرون منهم أبو حيان أن الحديث تصرف فيه الراوي فقد رواه البخاري بلفظ الملائكة يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار والنسائي بلفظ ان الملائكة يتعاقبون فيكم والبزار وابن خزيمة بلفظ أن لله ملائكة يتعقبون ونقل القاضي عياض عن الجمهور أن هؤلاء الملائكة هم الحفظة وقال القرطبي الأظهر عندي أنهم غيرهم قال بن حجر: ويقويه أنه لم ينقل أن الحفظة يفارقون الإنسان ولا أن حفظة الليل غير حفظة النهار قلت: بل نقل ذلك أخرج بن أبي زمنين في كتاب السنة بسنده عن الحسن قال الحفظة: أربعة يتعقبونه ملكان بالليل وملكان بالنهار تجتمع هذه الاملاك الأربعة عند صلاة الفجر وهو قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} 1 وأخرج أبو الشيخ بن حبان في كتاب العظمة عن بن المبارك قال: وكل به خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان وملك خامس لا يفارقه ليلا ولا نهارا وأخرج أبو نعيم في كتاب الصلاة عن الأسود بن يزيد النخعي قال: يلتقي الحارسان عند صلاة الصبح فيسلم بعضهم على بعض فتصعد ملائكة الليل وتكتب ملائكة النهار ثم يعرج الذين باتوا فيكم في رواية النسائي الذين كانوا وهي أوضح لشمولها لمن كان في الليل ومن كان في النهار كيف تركتم عبادي قال بن أبي جمرة: وقع السؤال عن آخر الأعمال لأن الأعمال بخواتيمها وأتيناهم وهم يصلون زاد بن خزيمة فاغفر لهم يوم الدين.
89/414 - انكن لأنتن صواحب يوسف قال الباجي: أراد أنهن قد دعون إلى غير صواب كما دعين فهن من جنسهن وقد زاد الدورقي مسنده أن أبا بكر هو الذي أمر عائشة أن تشير على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يأمر عمر بالصلاة.
ـــــــ
1 سورة الاسراء الآية: 78.(1/160)
فليصل للناس" فقالت حفصة لعائشة ما كنت لأصيب منك خيرا.
415- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني الناس إذ جاءه رجل فساره فلم يدر ما ساره به حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جهر: "أليس يشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله" فقال الرجل: بلى ولا شهادة له فقال: "أليس يصلي" قال: بلى ولا صلاة له فقال صلى الله عليه وسلم: "أولئك الذين نهاني الله عنهم" .
416- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" .
ـــــــ.
90/415 - عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال بن عبد البر: هكذا رواه سائر رواة الموطأ مرسلا وعبيد الله لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم إلا روح بن عبادة فإنه رواه عن مالك متصلا مسندا ثم أخرجه من طريقه فقال عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن رجل من الأنصار قال ورواه الليث بن سعد وابن أخي الزهري عن الزهري مثل رواية روح عن مالك سواء ورواه صالح بن كيسان وأبو أويس عن بن شهاب عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أن نفرا من الأنصار حدثوه ورواه معمر عن الزهري عن عطاء عن عبيد الله بن عدي عن عبد الله بن عدي الأنصاري وساق الحديث فسمى الرجل المبهم ثم أسند هذه الطرق كلها إذ جاءه رجل فساره قال الباجي: وابن عبد البر هو عتبان بن مالك في قتل رجل قال: هو مالك بن الدخشم: "أولئك الذين نهاني الله عنهم" قال الباجي: يعني نهاه عن قتلهم لمعنى الإيمان وإن جاز أن يلزمهم القتل بعد ذلك بما يلزم سائر المسلمين من القصاص والحدود.
91/416- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد قال بن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث وهو حديث غريب لا يكا د يوجد قال وزعم البزار أن مالكا لم يتابعه أحد على هذا الحديث إلا عمر بن محمد عن زيد بن أسلم وليس بمحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه لا إسناد له غيره إلا أن عمر بن محمد أسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمر بن محمد ثقة روى عنه الثوري وجماعة قال وأما قوله: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" فإنه محفوظ من طرق كثيرة صحاح هذا كلام البزار قال بن عبد البر: مالك عند جمعهم حجة فيما نقل وقد أسند حديثه هذا عمر بن محمد وهو من ثقات أشراف أهل المدينة روى عنه مالك بن أنس والثوري وسليم بن بلال وهو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فهذا الحديث صحيح عند من قال بمراسيل الثقات وعند من قال بالمسند لاسناد عمر بن محمد له وهو ممن تقبل زيادته ثم أسنده من كتاب البزار من طريق عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بلفظ الموطأ سواء ومن كتاب العقيلي من طريق سفيان عن حمزة بن المغيرة عن سهل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثنا لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قال بن عبد البر: قيل: معناه النهي عن السجود على قبور الأنبياء وقيل: النهي عن اتخاذها قبلة يصلى إليها.(1/161)
417- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري: أن عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنها تكون الظلمة والمطر والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أين تحب أن أصلي" فأشار له إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
418- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى.
000- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما كانا يفعلان ذلك.
419- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عبد الله بن مسعود قال لإنسان أنك في زمان كثير فقهاؤه قليل قراؤه تحفظ فيه حدود القرآن وتضيع1 حروفه قليل من يسأل كثير من يعطي يطيلون فيه الصلاة ويقصرون الخطبة يبدون أعمالهم قبل أهوائهم وسيأتي على الناس زمان قليل فقهاؤه كثير قراؤه يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده كثير من يسأل قليل من يعطي يطيلون فيه الخطبة ويقصرون الصلاة يبدون فيه أهواءهم قبل أعمالهم.
420- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني: أن أول ما ينظر فيه من عمل.
ـــــــ.
92/417- عن بن شهاب عن محمود بن لبيد قال بن عبد البر: كذا قال يحيى: وهو غلط بين إنما هو عن محمود بن الربيع لا يحفظ إلا له ولم يروه أحد من أصحاب مالك ولا من أصحاب بن شهاب إلا عن محمود بن الربيع عتبان بكسر العين.
93/418 - عن عباد بن تميم عن عمه هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى قال الخطابي فيه أن النهي الوارد عن ذلك منسوخ أو مخصوص بما إذا خيف أن تبدو العورة زاد الباجي ويحتمل أن يكون هذا من خصائصه إلا أن فعل عمر وعثمان يدل على أنه عام.
95/419- قليل قراؤه أي الخلون من معرفة معانيه والفقه فيه وتضيع حروفه أي المحافظين على حدوده أكثر من المحافظين على التوسع في معرفة أنواع القراءات قليل من يسأل أي لكثرة المتفقهين كثيرة من يعطي أي المتصدقون يطيلون فيه الصلاة ويقصرون الخطبة أي يعملون بالسنة يبدون أعمالهم قبل أهوائهم قال الباجي: أي إذا عرض لهم عمل بر وهوى بدؤا بعمل البر وقدموه على ما يهوون.
96/420- عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد اصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله وردت أحاديث مرفوعة بنحو هذا المعنى وأقربها غلى لفظه ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله" وأخرج عن أنس قال قال رسول.
ـــــــ
1 في نسخة وتضيع حروفه ورفع قليل وكثير.(1/162)
العبد الصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله.
421- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان أحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه.
422- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: كان رجلان أخوان فهلك أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألم يكن الآخر مسلما" قالوا: بلى يا رسول الله وكان لا بأس به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريكم ما بلغت به صلاته إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فما ترون ذلك يبقي من درنه فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته" .
423- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عطاء بن يسار: كان إذا مر عليه بعض من يبيع في المسجد دعاه فسأله ما معك وما تريد فإن أخبره أنه يريد أن يبيعه قال عليك بسوق الدنيا وإنما هذا سوق الآخرة.
424- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في ناحية المسجد تسمى البطيحاء وقال من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى هذه الرحبة.
ـــــــ.
الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته فإن صلحت فقد أفلح وإن فسدت فقد خاب وخسر" .
98/422- مالك أنه بلغه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه الحديث قال بن عبد البر: لا تحفظ قصة الأخوين من حديث سعد بن أبي وقاص إلا في مرسل مالك هذا قال وقد أنكره البزار وقطع بأنه لا يوجد من حديث سعد ألبتة وما كان ينبغي له أن ينكره لأن مراسيل مالك أصولها صحاح كلها وجائز أن يروى هذا الحديث سعد وغيره وقد رواه بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه مثل حديث مالك سواء وأظن مالكا أخذه من كتب بكير بن الأشج أو أخبره به عنه مخرمة ابنه فإن بن وهب انفرد به لم يروه أحد غيره فيما قال جماعة من أهل الحديث وتحفظ قصة الأخوين من حديث طلحة بن عبيد الله وأبي هريرة وعبيد بن خالد انتهى غمر هو الكثير الماء يبقى قال بن عبد البر: بالباء لا بالنون من درنه أي وسخه.(1/163)
"25 - باب جامع الترغيب في الصلاة".
425 - حدثني يحيى عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن.
ـــــــ.
101/425- دوى صوته بفتح الذال وكسر الواو وتشديد الياء وهو صوت مرتفع متكرر لا يفهم فإذا هو يسأل عن الإسلام زاد البخاري في رواية فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام فقال: أخبرني مذا فرض الله علي من الصلاة فقال: "الصلوات الخمس" قال هل علي غيرهن قال لا إلا أن تطوع بتشديد الطاء والواو وأصله تتطوع بتاءين فأدغمت إحداهما واختلف في هذا الاستثناء هل هو متصل أم منقطع فعلى الأول يجب إتمام التطوع بالشروع فيه وعلى الثاني لا أفلح الرجل إن صدق قيل: فلاحه إذا لم ينقص واضح وأما إذا لم يزد فما وجهه وأجاب النووي بأنه أثبت له الفلاح لأنه أتي بما عليه وقيس فيه أنه إذا أتى بزائد على ذلك لا.(1/163)
عبيد الله يقول: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلوات في اليوم والليلة" قال هل علي غيرهن قال: "لا إلا أن تطوع" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وصيام شهر رمضان" قال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع قال وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال هل علي غيرها قال: "لا إلا أن تطوع" قال فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح الرجل إن صدق" .
426- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقده فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان" .
ـــــــ.
يكون مفلحا لأنه إذا أفلح بالوجب فقط فبالمندوب معه أولى.
102/426 - يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم قال الباجي: القافية مؤخر الرأس وقال صاحب العيني هي القفا وقيل: هي وسط الرأس وبدأ به بن رشيق إذا هو نام قال الحافظ بن حجر: يحتمل أن يكون على عمومه وإن يخص بمن نام قبل صلاة العشاء وإن يخص منه من قرأ آية الكرسي عند نومه فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان ثلاث عقد الأرجح أنه على حقيقته وأنه كما يعقد الساحر من يسحره فيأخذ خيطا يعقد منه عقدة ويتكلم فيه بالسحر فيتأثر المسحور عند ذلك ولابن ماجة جعل فيه ثلاث عقد يضرب أي بيده على العقدة تأكيدا وإحكاما لها قائلا عليك ليل طويل.(1/164)
كتاب العيدين
باب العمل في غسل العيدين والنداء فيهما والإقامة
...
"10 كتاب العيدين".
"1 باب العمل في غسل العيدين والنداء فيهما والإقامة".
427- حدثني يحيى عن مالك: أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.428- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.
ـــــــ.
1/427- سمع غير واحد من علمائهم إلى آخره قال الباجي: هذا وإن لم يسنده مالك إلا أنه يجري عنده مجرى المتواتر وهو أقوى من المسند.(1/164)
"2 - باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين".
429- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة.
430- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن أبا بكر وعمر كانا يفعلان ذلك.
431- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبيد مولى بن أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فصلى ثم انصرف فخطب الناس فقال إن هذين يومان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم والآخر يوم تأكلون فيه من نسككم قال أبو عبيد ثم شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلي ثم انصرف فخطب وقال إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرها ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له قال أبو عبيد: ثم شهدت العيد مع علي بن أبي طالب وعثمان محصور فجاء فصلى ثم انصرف فخطب.
ـــــــ.
5/431- عن أبي عبيد مولى بن أزهر اسم أبي عبيد سعد بن عبيد وابن أزهر عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن أخي عبد الرحمن بن عوف شهدت العيد مع عمر بن الخطاب فصلى زاد عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قبل أن يخطب بلا أذان ولا إقامة ثم انصرف فخطب زاد عبد الرزاق فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث فلا تأكلوه بعدها قال بن عبد البر: أظن مالكا إنما حذف هذا لأنه منسوخ.(1/165)
باب الأمر بالأكل قبل الغدو إلى العيد
...
"3 - باب الأمر بالأكل قبل الغدو في العيد".
432- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يأكل يوم عيد الفطر قبل أن يغدو.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أخبره: أن الناس كانوا يؤمرون بالأكل يوم الفطر قبل الغدو قال مالك: ولا أرى ذلك على الناس في الأضحى.(1/165)
"4 - باب ما جاء في التكبير والقراءة في صلاة العيدين".
433- حدثني يحيى عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في.
ـــــــ.
8/433 - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد إلى آخره قال النووي: في شرح مسلم هذه الرواية مرسلة لأن عبيد الله لم يدرك عمر وفي رواية لمسلم عن عبيد الله عن أبي واقد قال سألني عمر وهذه متصلة فإنه أدرك أبا واقد بلا شك وسمعه بلا خلاف قالوا: وأما سؤال عمر أبا واقد فيحتمل أنه شك في ذلك فاستثبته أو أراد إعلام الناس بذلك أو نحو هذا من المقاصد قالوا: ويبعد أن عمر لم يعلم ذلك مع شهوده صلاة العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات وقربه منه.(1/165)
"5 - باب ترك الصلاة قبل العيدين وبعدهما".
435- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: ان عبد الله بن عمر لم يكن يصلي يوم الفطر قبل الصلاة ولا بعدها.
436- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يغدو إلى المصلى بعد أن يصلي الصبح قبل طلوع الشمس.(1/166)
"6 باب الرخصة في الصلاة قبل العيدين وبعدهما".
437 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم: أن أباه القاسم كان يصلي قبل أن يغدو إلى المصلى أربع ركعات.
438 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يصلي يوم الفطر قبل الصلاة في المسجد.(1/166)
"7 باب غدو الإمام يوم العيد وانتظار الخطبة".
439- حدثني يحيى قال مالك: مضت السنة التي لا اختلاف فيها عندنا في وقت الفطر والأضحى أن الإمام يخرج من منزله قدر ما يبلغ مصلاه وقد حلت الصلاة قال يحيى: وسئل مالك عن رجل صلى مع الإمام هل له أن ينصرف قبل أن يسمع الخطبة فقال لا ينصرف حتى ينصرف الإمام.(1/166)
كتاب صلاة الخوف
باب صلاة الخوف
...
"11 - كتاب صلاة الخوف".
"1 - باب صلاة الخوف".
440- حدثني يحيى عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن: صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وصفت طائفة وجاه العدو فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم.
441- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة1 حدثه: أن صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه ثم يقوم فإذا استوى قائما ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم فيكونون وجاه العدو ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون.
442- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف.
ـــــــ.
كتاب صلاة الخوف.
1/440- ذات الرقاع هي غزوة معروفة قال الباجي: كانت سنة خمس من الهجرة وبها نزلت صلاة الخوف فيما ذكره بن الماجشون وسميت بذلك لأنهم مشوا على أقدامهم فنقبت فشدوها بالخرق والرقاع وقيل: لأنهم رقعوا راياتهم فيها وقيل: كانت أرضا ذات ألوان وقيل: ذات الرقاع شجرة نزلوا تحتها وقيل: الرقاع جبل هناك فيه بياض وحمرة وسواد وجاه بكسر الواو وضمها أي مقابل.
2/441- أن سهل بن أبي حثمة الأنصاري حدثه قال بن عبد البر: هذا الحديث موقوف على سهل في الموطأ عند جماعة الرواة عن مالك ومثله لا يقال من جهة الرأي وقد روي مرفوعا مسندا بهذا الإسناد عن القاسم بن محمد عن صالح بن حوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه وعبد الرحمن أسن من يحيى بن سعيد وأجل رواه شعبة عن عبد الرحمن كذلك.
3/442- قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: هكذا روى مالك هذا الحديث عن نافع على الشك في رفعه ورواه عن نافع جماعة ولم يشكوا في رفعه منهم بن أبي ذئب وموسى بن عقبة وأيوب بن موسى وكذا رواه الزهري عن سالم عن بن عمر مرفوعا ورواه خالد بن معدان عن بن عمر مرفوعا.
ـــــــ
1 في نسخة حثمة.(1/167)
قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الإمام فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين فإن كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك: قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
443- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس.
قال مالك: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إلى في صلاة الخوف.
ـــــــ.
4/443 - عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس قال بن عبد البر: هذا السند من حديث بن مسعود وأبي سعيد وجابر وذكر الباجي أن ذلك لشغل بالقتال وأنه نسخ بصلاة الخوف وكانت غزوة الخندق في ذي القعدة سنة خمس.(1/168)
كتاب صلاة الكسوف
باب العمل في صلاة الكسوف
...
"12 - كتاب صلاة الكسوف".
"1 - باب العمل في صلاة الكسوف".
444- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام فأطال.
ـــــــ.
1/444 - إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله قال النووي: قال العلماء: الحكمة في هذا الكلام أن بعض الجاهلية الضلال كانوا يعظمون الشمس والقمر فبين أنهما آيتان مخلوقتان لله تعالى لا صنع لهما بل هما كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغيير كغيرهما لا يخسفان بفتح أوله لموت أحد ولا لحياته قال النووي: كان بعض الضلال من المنجمين وغيرهم يقول: لا يخسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك فبين أن هذا باطل لئلا يغتر بأقوالهم لا سيما وقد صادف موت إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم ما من أحد أغير من الله قال النووي: قالوا: معناه ليس أحد أمنع من المعاصي من الله تعالى ولا أشد كراهة لها منه سبحانه وتعالى يا أمة محمد قال الباجي: ناداهم بذلك على معنى إظهار الاشفاق عليهم والرأفة بهم كما يقول الرجل لابنه يا بني لو تعلمون ما أعلم أ يمن عظيم قدرة الله وشدة انتقامه.(1/168)
القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا ثم قال: يا أمة محمد1 والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" .
445- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عباس أنه قال: خسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة قال: ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس2 فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله" قالوا: يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت فقال: "إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط أفظع ورأيت أكثر أهلها النساء" قالوا: لم يا رسول الله قال: "لكفرهن" قيل: أيكفرن بالله قال: "ويكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط" .
446- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن يهودية جاءت تسألها فقالت أعاذك الله من عذاب القبر فسألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيعذب الناس في قبورهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عائذا بالله من ذلك" ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة مركبا فخسفت الشمس فرجع ضحى فمر بين ظهراني الحجر ثم قام يصلى وقام الناس وراءه فقام قياما طويلا ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم قام قياما.
ـــــــ.
2/445 - تكعكعت أي تأخرت إني رأيت الجنة هي رؤية عين على حقيقتها قال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله: الأنبياء يطالعون بحقائق الأشياء والأولياء يطالعون بمثالها قال: ويكفرن العشير هو الزوج قال بن عبد البر: كذا رواه يحيى ويكفرن بالواو ولم يرو ذلك من رواة الموطأ غيره والمحفوظ عن مالك من رواية سائر الرواة بغير واو قال الحافظ بن حجر: اتفقوا على أن الواو غلط من يحيى.
ـــــــ
1 في نسخة والله ما من الخ اهـ.
2 في نسخة نجلت الشمس اهـ مصححه.(1/169)
طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع ثم سجد ثم انصرف فقال: ما شاء الله أن يقول ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر.(1/170)
باب ماجاء في صلاة الكسوف
...
"2 - باب ما جاء في صلاة الخسوف".
447 - حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء وقالت سبحان الله فقلت آية فأشارت برأسها أن نعم قالت فقمت حتى تجلاني الغشي وجعلت أصب فوق رأسي الماء فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه ثم قال: "ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال" لا أدري أيتهما قالت أسماء "يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن" لا أدري أي ذلك قالت أسماء "فيقول هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له: نم صالحا قد علمنا إن كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب" لا أدري أيتهما قالت أسماء: "فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون: شيئا فقلته" .
ـــــــ.
4/447 - عن فاطمة بنت المنذر هي زوجة هشام وبنت عمه عن أسماء بنت أبي بكر هي جدة هشام وفاطمة جميعا آية بالرفع أي هذه آية فقمت حتى تجلاني بمثناة وجيم ولام مشددة أي غطاني الغشي هو بفتح الغين وسكون الشين وتخفيف الياء وروي بكسر الشين وتشديد الياء وهما بمعنى قال بن بطال الغشي: مرض يعرض من طول التعب والوقوف وهو ضرب من الاغماء إلا أنه دونه رأيته بضم الهمزة حتى الجنة والنار ضبط بالحركات الثلاث فيهما ولقد أوحى إلي أنكم تفتنون في القبور قال الباجي: بيان أنه أعلم بذلك في ذلك الوقت قال: والفتنة الاختبار وليس الاختبار في القبر بمنزلة التكليف والعبادة وإنما معناه إظهار العمل وإعلام المآل والعاقبة كاختبار الحساب انتهى والحديث مطلق وبين في رواية أخرى أن المؤمن يفتن سبعا والمنافق أربعين صباحا مثل أو قريبا من فتنة الدجال كذا ورد بترك التنوين في الأول وإثباته في الثاني قال بن مالك: وتوجيهه أن أصله مثل فتنة الدجال أو قريبا من فتنة الدجال فحذف ما أضيف إليه مثل وترك على هيئته قبل الحذفة له لدلالة ما بعده عليه قال الكرماني: وجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والهموم لا أدري أيتهما قالت: أسماء جملة معترضة بين بها الراوي أن الشك منه هل قالت: أسماء مثل أو قالت: قريبا قال بن عبد البر: وفيه أنهم كانوا يراعون الألفاظ في الحديث المسند ما علمك بهذا الرجل قال القاضي عياض: قيل: يحتمل أنه مثل للميت في قبره والأظهر أنه سمي له نم صالحا قال القاضي: أي لا روع عليك مما تروع به الكفرة من العرض على النار أو غيرهم من عذاب القبر إن كنت لمؤمنا بالكسر وهي المخففة من الثقيلة واللام هي الفارقة.(1/170)
كتاب الاستسقاء
باب العمل في الاستسقاء
...
"13 - كتاب الاستسقاء".
"1 - باب العمل في الاستسقاء".
448- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى وحول رداءه حين استقبل القبلة.
وسئل مالك عن صلاة الاستسقاء كم هي فقال: ركعتان ولكن يبدأ الإمام بالصلاة قبل الخطبة فيصلي ركعتين ثم يخطب قائما ويدعو ويستقبل القبلة ويحول رداءه حين يستقبل القبلة ويجهر في الركعتين بالقراءة وإذا حول رداءه جعل الذي على يمينه على شماله والذي على شماله على يمينه ويحول الناس أرديتهم إذا حول الإمام رداءه ويستقبلون القبلة وهم قعود.
ـــــــ.
كتاب الاستسقاء.
448/1- خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى زاد بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر وصلى ركعتين وحول رداءه ذكر الواقدي أن طول ردائه صلى الله عليه وسلم كان ستة أذرع في ثلاثة أذرع.(1/171)
باب ماجاء في الأستسقاء
...
"2 - باب ما جاء في الاستسقاء".
449- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى قال: "اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت" .
450- وحدثني عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة قال: فجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله تهدمت البيوت وانقطعت السبل وهلكت المواشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم
ـــــــ.
2/449- عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه مالك وجماعة عن يحيى مرسلا ورواه آخرون عن يحيى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مسندا منهم سفيان النووي قلت: أخرجه أبو داود من طريقه.
3/450- وتقطعت السبل قيل: المراد أن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر أو لكونها لا تجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها وقيل: المراد نفاد ما عند الناس من الطعام أو قلته فلا يجدون ما يحملونه إلى الأسواق والأكام بكسر الهمزة وقد تفتح وتمد جمع أكمة بفتحات وهي دون الجبل وأعلى من الرابية وبطون الأودية المارد بها ما يتحصل فيه الماء لينتفع به قالوا: ولم يمسع أفعلة جمع فاعل إلا أودية جمع واد فانجابت عن المدينة انجياب الثوب قال الباجي: قال بن قاسم قال مالك: معناه تدورت عن المدينة كما يدور جيب القميص وقال بن وهب يعني تقطعت عن المدينة كانقطاع الثوب الخلق.(1/171)
"3 - باب الاستمطار بالنجوم".
451- حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال: "أتدرون ماذا قال ربكم" قالوا: الله ورسوله أعلم قال قال: "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب" .
452- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إذا أنشأت بحرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة" .
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول: إذا أصبح وقد مطر الناس مطرنا بنوء الفتح ثم يتلو هذه الآية: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2].
ـــــــ.
451/4- بالحديبية بتخفيف الياء على إثر سماء أي مطر.
452/5- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أنشأت الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث لا أعرفه بوجه من الوجوه في غير الموطأ إلا ما ذكره الشافعي في الأم عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أنشأت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها" إذا أنشأت بحرية أي ظهرت سحابة من ناحية البحر ثم تشاءمت أي أخذت نحو الشام فتلك عين غديقة بالتنوين فيهما أي ماء كثير يقول فتلك سحابة يكون ماؤها غدقا وغديقة تصغير غدقة قال الباجي: العين مطر أيام لا يقلع وأهل بلدنا يروون غديقة على التصغير وقد حدثنا به أبو عبد الله الصوري الحافظ وضبطه لي بخط يده بفتح الغين وهكذا حدثني به عبد الغني الحافظ عن حمزة بن محمد الكناني الحافظ وقال: سحنون معنى ذلك أنها بمنزلة ما يفور من العين.(1/172)
كتاب القبلة
باب النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته
...
"14 - كتاب القبلة".
"1 - باب النهي عن استقبال القبلة والإنسان على حاجته".
453 - حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن رافع بن.
ـــــــ.
كتاب القبلة.
453/1- مولى لآل الشفاء في رواية مولى الشفاء وهي بنت عبد الله بن عبد شمس بن خالد صحابية.(1/172)
"2 - باب الرخصة في استقبال القبلة لبول أو غائط".
455- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إن أناسا يقولون: إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس قال عبد الله: لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته ثم قال: لعلك من الذين يصلون على أوراكهم قال قلت: لا أدري والله قال مالك: يعني الذي يسجد ولا يرتفع على الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض.
ـــــــ.
455/3 - عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع الثلاثة تابعيون لكن قيل: إن لواسع رؤية فذكر لذلك في الصحابة وحبان بفتح المهملة وبالموحدة لقد ارتقيت على ظهر بيت لنا في رواية للبخاري ومسلم على ظهر بيت أختي حفصة زاد البيهقي في روايته فحانت مني التفاتة على لبنتين بفتح اللام وكسر الموحدة وفتح النون تثنية لبنة وهي ما يصنع من الطين أو غيره للبناء قبل أن يحرق ثم قال: لعلك الخطاب لواسع.(1/173)
"3 - باب النهي عن البصاق في القبلة".
456- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بصاقا في جدار القبلة فحكه ثم أقبل على الناس فقال: "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله تبارك وتعالى قبل وجهه إذا صلى" .
457- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة بصاقا أو مخاطا أو نخامة فحكه.
ـــــــ.
456/4 - فإن الله قبل وجهه إذا صلى قال بن عبد البر: هو كلام على التعظيم لشأن القبلة وإكرامها.
457/5 - بصاقا أو مخاطا أو نخامة الأول من الفم والثاني من الأنف والثالث من الحلق.(1/173)
باب ماجاء في القبلة
...
"4 - باب ما جاء في القبلة".
458- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
459- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين.
460- حدثني عن مالك عن نافع أن عمر بن الخطاب: قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه قبل البيت.
ـــــــ.
458/6- عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال بن عبد البر: كذا رواه جماعة الرواة إلا عبد العزيز بن يحيى فإنه رواه عن مالك عن نافع عن بن عمر والصحيح ما في الموطأ إذ جاءهم آت هو عباد بن بشر وقيل: عباد بن نهيك.
459/7- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال صلى الحديث قال بن البر هكذا هو في الموطأ مرسلا ورواه محمد بن خالد بن عتبة عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مسندا.(1/174)
باب ماجاء في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم
...
"5 - باب ما جاء في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم".
461- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن رباح وعبيد الله بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله سلمان الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام" .
462- وحدثني عن مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي.
ـــــــ.
461/9- صلاة في مسجدي هذا هو خاص بما كان مسجدا في زمنه دون ما زيد بعده بخلاف مسجد الحرام فإنه يشمل كل الحرم قاله النووي خير من ألف صلاة فيما سواه قال الباجي: يريد أنها أكثر ثوابا إلا المسجد الحرام بالنصب على الاستثناء وروى بالجر على أن الصفة بمعنى غير واختلف في معناه فقيل: المراد أن الصلاة فيه أفضل من مسجده وقيل: المعنى فإن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم تفضله بأقل من ألف وقال الباجي: الذي يقتضيه الاستثناء أن المسجد الحرام حكمه خارج عن أحكام سائر المواطن في الفضيلة المذكورة ولا نعلم حكمه من هذا الخبر فيصح أن تكون الصلاة فيه أفضل من مسجده أو دونه أو مساوية.
462/10- عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الخدري قال بن عبد البر: هكذا رواه رواة الموطأ على الشك إلا معن بن عيسى وروح بن عبادة فإنهما قالا فيه عن أبي هريرة وأبي سعيد جميعا على الجمع لا على الشك ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك فقال: عن أبي هريرة وحده ولم يذكر أبا سعيد وكذا رواه حفص بن عاصم عن أبي هريرة وحده.(1/174)
هريرة أو عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي" .
463- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد المازني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما بين بيتي1 ومنبري روضة من رياض الجنة" .
ـــــــ.
463/12- ما بين بيتي ومنبري قال النووي: قال الطبري في المراد ببيتي هنا قولان أحدهما القبر لأنه روي ما بين قبري والثاني بيت سكناه على ظاهره وهما متقاربان لأن قبره في بيته قال بن حجر: وعلى الأول المراد بالبيت في قوله بيتي أحد بيوته لا كلها وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره وقد رواه الطبراني في الأوسط بلفظ ما بين المنبر وبيت عائشة ورواية ما بين قبري ومنبري أخرجها الطبراني من حديث بن عمر والبزار من حديث سعد بن أبي وقاص قال: ونقل بن زبالة أن ذرع ما بين المنبر والبيت الذي فيه القبر الآن ثلاث وخمسون ذراعا وقيل: أربع وخمسون وسدس وقيل: خمسون إلا ثلثي ذراع قال: وهو الآن كذلك فكأنه نقص لما أدخل من الحجرة في الجدار روضة من رياض الجنة قال النووي: ذكروا في معناه قولين أحدهما أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة والثاني أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة قلت: روى الزبير بن بكار في أخبار المدينة من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا ما بين مسجدي إلى المصلى روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي قال القاضي عياض: قال: أكثر العلماء المراد منبره بعينه الذي كان في الدنيا ينتقل يوم القيامة فينصب على الحوص قال: وهذا هو الأظهر وأنكر كثير منهم غيره وقيل: معناه إن قصد منبره والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد صاحبه الحوض ويقتضي شربه منه.
ـــــــ
1 في نسخة بيتي بدل قبري اهـ مصححه.(1/175)
"6 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المساجد".
464- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" .
465- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيبا" .
ـــــــ.
464/12- مالك أنه بلغه عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" وصله البخاري من طريق أبي شامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر.
465/13- مالك أنه بلغه عن بسر بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شهدت إحداكن صلاة العشاء فلا تمسن طيباً" وصله مسلم من طريق بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن بسر بن سعيد عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود به ووصله هو والنسائي من طرق عن بكير به ووصله النسائي أيضا من طريق زياد بن سعد عن الزهري عن بسر بن سعيد عن زينب به ورواه أبو علقمة الفروي عن يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة به أسنده بن عبد البر من طريقه وقال: إنه خطأ وقال المزي في الأطراف: رواه يعقوب.(1/175)
466- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب: أنها كانت تستأذن عمر بن الخطاب إلى المسجد فيسكت فتقول والله لأخرجن إلا أن تمنعني فلا يمنعها.
467- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعه نساء بني إسرائيل قال يحيى: بن سعيد فقلت لعمرة أو منع نساء بني إسرائيل المساجد قالت نعم.
ـــــــ.
الدورقي عن بن علية عن عبد الرحمن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام عن بكير بن الأشج عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهني.
467/15- لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء قال الباجي: تعني الطيب والتجمل وقلة التستر وتسرع كثير منهن إلى المناكر لمنعهن المساجد كما منعه نساء بني إسرائيل قال الباجي: يحتمل أن يكون في شريعة بني إسرائيل منع النساء من المساجد ويحتمل أنهن منعن بعد الإباحة لمثل هذا قلت: أخرج عبد الرزاق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشوفن للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد وسلطت عليهن الحيضة.(1/176)
كتاب القرآن
باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن
...
"15 - كتاب القرآن".
"1 - باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن".
468 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: أن في الكتاب الذي.
ـــــــ.
كتاب القرآن
468/1- عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر قال الباجي: هذا أصل في كتابة العلم وتحصينه في الكتب وقال بن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث وقد روي مسندا من وجه صالح وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بها في شهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول قلت: أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة ويأخذ صدقاتهم فكتب له كتابا وعهدا وأمره فيهم أمره فكتب بسم الله الرحمن الرحيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره كله فـ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} وأمره أن يأخذ الحق كما أمره أن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه وينهى الناس فلا يمس أحد القرآن إلا وهو طاهر يخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ويلين لهم في الحق ويشتد عليهم في الظلم فإن الله كره الظلم ونهى عنه وقال:(1/176)
كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر قال مالك: ولا يحمل أحد المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر ولو جاز ذلك لحمل في خبيئته ولم يكره ذلك لأن يكون في يدي الذي يحمله شيء يدنس به المصحف ولكن إنما كره ذلك لمن يحمله وهو غير طاهر إكراما للقرآن وتعظيما له قال مالك: أحسن ما سمعت في هذه الآية: {لا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ} 1 إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} قول الله تبارك وتعالى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ} [11] {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [ 55] {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} [13] {مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ} [ 14] {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} [ 15] {كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [16]2.
ـــــــ.
{إلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ويبشر الناس بالجنة وبعملها وينذر الناس النار وعملها ويستألف الناس حي يفقهوا في الدين ويعلم الناس معالم الحج وسننه وفرائضه وينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغر إلا أن يكون واسعا فيخالف بين طرفيه على عاتقيه وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ويفضي إلى السماء بفرجه ولا يعقص شعر رأسه إذا عفا في قفاه وينهى الناس إن كان بينهم هيج أن يدعوا إلى القبائل والعشائر وليكن دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى العشائر والقبائل فليعطفوا فيه بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له ويأمر الناس باسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين وإن يمسحوا رؤوسهم كما أمرهم الله وأمره بالصلاة لوقتها وإتمام الركوع والخشوع وإن يغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حتى تميل الشمس وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة والمغرب حين يقبل الليل لا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء والعشاء أول الليل وأمرهم السعي إلى الجمعة إذا نودي بها والغسل عند الرواج إليها وأمره أن يأخذ من الغنائم خمس الله وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار فيما سقت السماء العشر وفيما سقت القرب نصف العشر وفي كل عشر من الإبل شاتان وفي كل عشرين أربع وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة شاة فانها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة فمن زاد فهو خير له وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه فدان دين الإسلام فإنه من المؤمنين له مالهم وعليه ما عليهم ومن كان على نصرانية أو يهودية فإنه لا يغير عنها وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عرضه من الثياب فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منع ذلك فإنه عدو الله ورسوله والمؤمنين جميعا صلوا الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته قال البيهقي: وقد روى سلمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده هذا الحديث موصولا بزيادات كثيرة في الزكوات والديات وغير ذلك ونقصان عن بعض ما ذكرناه قلت: وسأسوقه في كتاب العقول.
ـــــــ
1 سورة الواقعة الآية:79.
2 سورة عبس الآيات: 12, 16.(1/177)
"2 - باب الرخصة في قراءة القرآن على غير وضوء".
469- حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني.
عن محمد بن سيرين: أن عمر بن الخطاب كان في قوم وهم يقرؤون القرآن فذهب لحاجته ثم.(1/177)
رجع وهو يقرأ القرآن فقال له رجل: يا أمير المؤمنين أتقرأ القرآن ولست على وضوء فقال له عمر: من أفتاك بهذا أمسيلمة.(1/178)
باب ماجاء في تحزيب القرآن
...
"3 - باب ما جاء في تحزيب القرآن".
470- حدثني يحيى عن مالك عن داود بن الحصين عن الأعرج عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أن عمر بن الخطاب: قال: من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته أو كأنه أدركه.
471- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حبان جالسين فدعا محمد رجلا فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك فقال الرجل: أخبرني أبي: أنه أتى زيد بن ثابت فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع فقال زيد حسن: ولأن أقرأه في نصف أو عشر أحب إلى وسلني لم ذاك قال: فإني أسألك قال زيد: لكي أتدبره وأقف عليه.
ـــــــ.
470/1- من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إى صلاة الظهر قال بن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ وهو وهم من داود لأن المحفوظ من حديث بن شهاب عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن عبد القارئ عن عمر من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن أصحاب بن شهاب من رفعه عنه بسنده عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وهذا أولى بالصواب من حديث داود حين جعله من زوال الشمس إلى صلاة الظهر لأن ذلك وقت ضيق قد لا يسع الحزب ولأن بن شهاب أتقن حفظا وأثبت نقلا قلت: أخرجه مسلم والأربعة من طريق يونس عن بن شهاب به مرفوعا.(1/178)
"4 - باب ما جاء في القرآن".
472- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرسله" ثم قال: "اقرأ يا هشام" فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هكذا أنزلت" ثم قال لي: "اقرأ" فقرأتها فقال: "هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه" .
ـــــــ.
472/5- ثم لببته بردائه بتشديد الباء الأولى أخذت بمجامع ردائه في عنقه وجررته به مأخوذ من اللبة بفتح اللام لأنه يقبض عليها إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف اختلف العلماء في المراد بسبعة أحرف على نحو أربعين قولا سقتها في كتابي الإتقان وأرجحها عندي قول من قال: إن هذا من المتشابه الذي لا يدري تأويله فإن الحديث كالقرآن منه المحكم والمتشابه.(1/178)
"5 باب ما جاء في سجود القرآن".
478- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قرأ لهم: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [سورة الانشقاق الآية:1] فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها.
ـــــــ.
478/12 - عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال بن عبد البر: لم يختلف فيه عن مالك إلا أن رجلا من أهل الإسكندرية رواه عن بن بكير عن مالك عن الزهري وعبد الله بن يزيد جميعا عن أبي سلمة وذكر الزهري فيه خطأ عن مالك لا يصح.(1/181)
479- وحدثني عن مالك عن نافع مولى بن عمر أن رجلا من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب: قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين ثم قال إن هذه السورة فضلت بسجدتين.
480- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: رأيت عبد الله بن عمر يسجد في سورة الحج سجدتين.
481- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن الأعرج: أن عمر بن الخطاب قرأ بـ {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم:1] فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.
482- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل فسجد وسجد الناس معه ثم قرأها يوم الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا إن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا.
قال مالك: ليس العمل علي أن ينزل الإمام إذا قرأ السجدة على المنبر فيسجد.
قال مالك: الأمر عندنا أن عزائم سجود القرآن إحدى عشرة سجدة ليس في المفصل منها شيء.
قال مالك: لا ينبغي لأحد يقرأ من سجود القرآن شيئا بعد صلاة الصبح ولا بعد صلاة العصر وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس والسجدة من الصلاة فلا ينبغي لأحد أن يقرأ سجدة في تينك الساعتين.
سئل مالك عمن قرأ سجدة وامرأة حائض تسمع هل لها أن تسجد قال مالك: لا يسجد الرجل ولا المرأة إلا وهما طاهران وسئل عن امرأة قرأت سجدة ورجل معها يسمع أعليه أن يسجد معها قال مالك: ليس عليه أن يسجد معها إنما تجب السجدة على القوم يكونون مع الرجل فيأتمون به فيقرأ السجدة فيسجدون معه وليس على من سمع سجدة من إنسان يقرؤها ليس له بإمام أن يسجد تلك السجدة.(1/182)
باب ما جاء في قراءة{قل هو الله احد} و {تبارك الذي بيده الملك}
...
"6- باب ما جاء في قراءة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [1] و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [1]".
483- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري: أنه سمع رجلا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [1] يرددها فلما.
ـــــــ.
473/17- عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه قال الحافظ بن حجر: هذا هو المحفوظ ورواه جماعة عن مالك فقالوا: عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه أخرجه النسائي والإسماعيلي والدارقطني وقالوا: ان الصواب الأول انه سمع رجلا يقرأ هو قتادة بن النعمان أخو أبي سعد لأمه كما صرح به في رواية في مسند أحمد يتقالها بتشديد اللام أي يعتقد انها قليلة إنها لتعدل ثلث القرآن ذهب جماعة إلا أن هذا ونحوه من المتشابه الذي لا يدرى تأويله وإلى ذلك نحا أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وإياه أختار قال بن عبد البر: السكوت في هذه المسئلة أفضل من الكلام وأسلم.(1/182)
أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن" .
484- وحدثني عن مالك عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب أنه قال سمعت أبا هريرة يقول: أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [سورة الصمد الآية:1] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وجبت" فسألته ماذا يا رسول الله فقال: "الجنة" فقال أبو هريرة: فأردت أن أذهب إليه فأبشره ثم فرقت أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآثرت الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذهبت إلى الرجل فوجدته قد ذهب.
485- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره: أن: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن وإن: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [1]تجادل عن صاحبها.
ـــــــ.
474/18- عن عبيد الله بن عبد الرحمن عن عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب الحديث قال الترمذي: فيه حسن صحيح غ لا نعرفه إلا من حديث مالك وقال بن عبد البر: عبيد الله بن عبد الرحمن هو بن السائب بن عمير مدني ثقة وقال فيه القعنبي ومطرف عبد الله والصواب الأول وقال محمد بن إسحاق والزبير بن بكار في عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاصي.
475/19- عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وإن تبارك الذي بيده الملك تجادل عن صاحبها قال بن عبد البر: حميد تابعي أحد الثقات الاثبات ومث لهذا لا يؤخذ بالرأي ولا بد أن يكون توقيفا وقد تقدمت الجملة الأولى في حديث أبي سعيد واما الثانية فأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة تبارك الذي بيده الملك" وأخرج أحمد والأربعة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك" وأخرج عبد بن حميد والطبراني والحاكم عن بن عباس أنه قال لرجل اقرأ تبارك الذي بيده الملك فانها المنجية والمجادلة تجادل يوم القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن ينجيه من عذاب النار وينجو بها صاحبها من عذاب القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لوددت أنها في قلب كل إنسا من أمتي" وأخرج سعد بن منصور عن عمرو بن مرة قال كان يقال إن من القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية فنظروا فوجدوها تبارك وفيه أحاديث أخر سقتها في التفسير المأثور وعرف من مجموعها أنها تجادل عنه في القبر وفي القيامة معا لتدفع عنه العذاب وتدخله الجنة.(1/183)
"7 - باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى".
486- حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي.
ـــــــ.
486/20 - كانت له عدل عشر رقاب قال الباجي: معناه أن ثوابها عتق عشر رقاب إلا أحد عمل أكثر من ذلك قال الباجي: إنما قال: هذا لئلا يظن السامع أن الزيادة على ذلك ممنوعة كتكرار العمل في الوضوء.(1/183)
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك" .
487- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" .
488- وحدثني عن مالك عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة أنه قال: من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وختم المائة بـ: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.
489- وحدثني عن مالك عن عمارة بن صياد عن سعيد بن المسيب: أنه سمعه يقول في: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [سورة لكهف الآية: 46] إنها قول العبد: "الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله".
490- وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد أنه قال قال أبو الدرداء: إلا أخبركم بخير.
ـــــــ.
487/21- حطت عنه خطاياه قال الباجي: يريد ان يكون في ذلك كفارة له كقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} 1.
488/22- عن أبي هريرة أنه قال من سبح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين الحديث قال بن عبد البر: هكذا هو الحديث موقوف في الموطأ ومثله لا يدرك بالرأي وهو مرفوع صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثير ثابتة من حديث أبي هريرة وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو وكعب بن عجرة وغيرهم.
490/24- عن زياد بن أبي زياد قال قال أبو الدرداء إلا أخبركم بخير أعمالكم الحديث قال بن عبد البر: قد روي هذا الحديث مسندا من طرق جيدة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أخرجه الترمذي وابن ماجة من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن زياد مولى بن عباس عن أبي بحرية عن أبي الدرداء مرفوعا به وأخرجه البيهقي في شعب الإيمان من حديث بن عمر مرفوعا أيضا قال الباجي: قوله ذكر الله يحتمل ذكره باللسان وذكره بالقلب وهو ذكره عند الأوامر بامتثالها وعند المعاصي باجتنابها قال زياد بن أبي زياد قال معاذ بن جبل ما عمل بن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله أخرجه بن عبد البر من طريق طاوس بن معاذ بن جبل مرفوعا وأخرجه بن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل مرفوعا قال الباجي: وهو يحتمل الذكرين المشار إليهما آنفا.
ـــــــ
1 سورة هود الآية: 114.(1/184)
أعمالكم وأرفعها في درجاتكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا: بلى قال ذكر الله تعالى قال زياد بن أبي زياد وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل ما عمل بن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله.
491- وحدثني مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع أنه قال: كنا يوما نصلي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة وقال سمع الله لمن حمده قال رجل وراءه ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من المتكلم آنفا" فقال الرجل أنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبهن أول أولا" .
ـــــــ.
491/25- قال رجل وراءه قال بن بشكوال هو رفاعة بن رافع راوي الحديث كما في رواية النسائي قال الحافظ بن حجر: وكثيرا ما يقع في الأحاديث إبهام اسم وهو راويها وذلك إما منه لقصد إخفاء عمله أو من بعض الرواة تصرفا منه ونسيانا ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه زاد النسائي كما يحب ربنا ويرضى من المتكلم آنفا يعني قبل هذا ولا يستعمل إلا فيما يقرب أيهم يكتبهن برفع أي الاستفهامية مبتدأ وما بعده خبر وقبله يقول مقدرا على حد قوله تعالى: {يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} 1 أول روي بالضم على البناء لقطعه عن الإضافة وبالنصب على الحال.
ـــــــ
1 سورة آل عمران الآية: 44.(1/185)
"8 - باب ما جاء في الدعاء".
492- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" .
493- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو.
ـــــــ.
492/26- عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال بن عبد البر: كذا روي هذا الحديث جماعة رواة الموطأ عن مالك بهدا الإسناد ورواه غير واحد عن أبي الزناد ورواه بن وهب عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهو غريب لكل نبي دعوة أي وعد الإجابة فيها قطعا بخلاف سائر دعواتهم فانهم دعوا بها على رجاء الإجابة من غير يقين ولا وعد.
493/27- عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم فالق الاصباح الحديث قال بن عبد البر: لم تختلف الرواة عن مالك في إسناد هذا الحديث ولا في متنه وقد رواه أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن يسار قال كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ذكره بن أبي شيبة عن أبي خالد قال الباجي: ومعنى فالق الاصباح أ ي خلقه وابتدأه وأظهره وجاعل الليل سكنا أي يسكن فيه والشمس والقمر حسبانا أي يحسب بهما الأيام والشهور والأعوام قال وقوله في سبيلك يحتمل أن يريد به جهاد العدو وإن يريد سائر أعمال البر من تبليغ الرسالة وغيرها فإن ذلك كله في سبيل الله تعالى.(1/185)
فيقول: "اللهم فالق الإصباح وجاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا اقض عني الدين وأغنني من الفقر وأمتعني بسمعي وبصري وقوتي في سبيلك" .
494- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يقل أحدكم إذا دعا اللهم اغفر لي" إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة فإنه لا مكره له".
495- وحدثني عن مالك عن أبن شهاب عن أبي عبيد مولى بن أزهر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت فلم يستجب لي" .
496- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له" .
497- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي.
ـــــــ.
494/28- ليعزم المسئلة أي يعري دعاءه وسؤاله من لفظ المشيئة.
495/29- يستجاب لأحدكم قال الباجي: يحتمل الاخبار عن وجوب وقوع الإجابة وعن جواز وقوعها.
496/30- عن بن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة قال بن عبد البر: من رواة الموطأ من لا يذكر أبا سلمة قال والحديث منقول من طرق متواترة ووجوه كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة هذا من المتشابه الذي يسكت عن الخوض فيه وإن كان لابد فأولى ما يقال فيه ما في رواية النسائي إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل ثم يأمر مناديا يقول هل من داع فيستجاب له فالمراد إذن نزول أمره أو الملك بأمره وذكر بن فورك أن بعض المشايخ ضبطه ينزل بضم أوله على حذف المفعول أي ينزل ملكا قال الباجي: وفي العتبية سألت مالكا عن الحديث الذي جاء في جنازة سعد بن معاذ في العرش فقال: لا تتحدثن به وما يدعو الإنسان إلى أن يحدث به وهو يرى ما فيه من التغرير وحديث إن الله خلق آدم على صورته وحديث الساق قال بن القاسم لا ينبغي لمن يتقي الله أن يحدث بمثل هذا قيل: له: والحديث الذي جاء إن الله تعالى ضحك فلم يره من هذا وأجازه وكذلك حديث التنزيل قال ويحتمل أن يفرق بينهما من وجهين أحدهما أن حديث التنزيل والضحك أحاديث صحاح لم يطعن في شيء منها وحديث اهتزاز العرش والصورة والساق ليست أسانيدها تبلغ في الصحة درجة حديث التنزيل والثاني أن التأويل في حديث التنزيل أقرب وأبين والعذر بسوء التأويل فيها أبعد انتهى حتى يبقى ثلث الليل الآخر برفع الآخر صفة ثلث من يدعوني فاستجيب له إلى أخره هو بنصب الأفعال المقترنة بالفاء.
497/31- عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عائشة أم المؤمنين قالت: قال بن عبد البر: لم يختلف رواة الموطأ عن مالك في إرساله وهو مسند من حديث الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة ومن حديث عروة عن عائشة من طرق صحاح ثابتة قلت: طريق الأعرج أخرجها مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة من طريق عبد الله بن عمر عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة به لا أحصي ثناء عليك.(1/186)
أن عائشة أم المؤمنين قالت: كنت نائمة إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففقدته من الليل فلمسته بيدي فوضعت يدي على قدميه وهو ساجد يقول: "أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" .
498- وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت: أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له" .
499- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاوس اليماني عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول: "اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات" .
500- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاوس اليماني عن عبد الله بن.
ـــــــ.
قال بن عبد البر: روينا عن مالك أنه قال فيه يقول وإن اجتهدت في الثناء عليك فلن أحصي نعمك ومننك وإحسانك.
498/32- عن طلحة بن عبيد الله بن كريز1 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال بن عبد البر: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث ولا أحفظه بهذا الإسناد مسندا من وجه يحتج به وقد جاء مسندا من حديث علي وابن عمرو قلت: وأبي هريرة أخرجه هو وحديث بن عمر والبيهقي في شعب الإيمان وأخرج حديث علي بن أبي شيبة وبقي بن مخلد والجندي في فضائل مكة أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة قال الباجي: أي أعظمه ثوابا وأقربه إجابة وأفضل ما قلت: أنا والنبيون من قبلي لفظ حديث علي أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له زاد في حديث أبي هريرة له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير وكذا في حديث علي لكن ليس فيه بيده الخير وفي حديث بن عمرو لكن ليس فيه يحيى ويميت وفيه بيده الخير.
499/33- المسيح الدجال بفتح الميم وكسر المهملة الخفيفة آخره حاء مهملة سمي بذلك لأنه ممسوح العين اليمنى من فتنة المحيا هي ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتنان بالدنيا والشهوات والجهالات وأعظمها والعياذ بالله من أمر الخاتمة عند الموت والممات قال الباجي: هي فتنة القبر.
500/34- أنت نور السماوات والأرض قال النووي: قال العلماء: معناه منورهما أي خالق نورهما وقال أبو عبيد معناه بنورك يهتدي أهل السماوات والأرض وقيل: معناه مدير شمسها وقمرها ونجومها قيام السماوات والأرض هو بمعنى القيوم أي الذي لا يزول والقائم على كل شيء أي المدير أمر خلقه رب السماوات والأرض هو بمعنى السيد المطاع والمصلح والمالك أنت الحق أي المتحقق وجوده ووعدك
ـــــــ
1 بفتح الكاف وكسر الراء آخره زاي تابعي قال الشيخ ولي العراقي ووهم من ظنه أحد العشرة.(1/187)
عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: "اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ولك الحمد أنت قيام السماوات والأرض ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فأغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت" .
501- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك أنه قال: جاءنا عبد الله بن عمر في بني معاوية وهي قرية من قرى الأنصار فقال هل تدرون أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجدكم هذا فقلت له نعم وأشرت له إلى ناحية منه فقال هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه فقلت نعم قال فأخبرني بهن فقلت دعا بأن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم ولا يهلكهم بالسنين فأعطيهما ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعها قال صدقت قال بن عمر فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة.
502- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم: أنه كان يقول ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث إما أن يستجاب له وإما أن يدخر له وإما أن يكفر عنه.
ـــــــ.
الحق إلى آخره أي كله متحقق لا شك فيه ولقاؤك حق المراد به البعث على الصواب وقيل: الموت قال النووي: وهو باطل هنا لك أسلمت أي استسلمت وانقدت لأمرك ونهيك وبك آمنت أي صدقت بك وبكل ما أخبرت وامرت ونهيت وإليك أنبت أي أطعت ورجعت إلى عبادتك أي أقبلت عليها وقيل: معناه رجعت إليك في تدبيري أي فوضت غليك وبك خاصمت أي ما أعطيتني من البراهين والقوة خاصمت من عاند فيك وكفر بك وقمعته بالحجة والسيف وإليك حاكمت أي كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبيه لا غيرك مما كانت تحاكم اليه الجاهلية وغيرهم من صنم وكاهن ونار وشيطان فاغفر لي ما قدمت إلى آخره قال ذلك مع عصمته تواضعا وخضوعا وإشفاقا وإجلالا وليقتدى به في أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع.
501/35- عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك أنه قال جاءنا عبد الله بن عمر قال بن عبد البر: هكذا رواه يحيى وطائفة لم يجعلوا بين عبد الله شيخ مالك وبين بن عمر أحدا ومنهم من قال عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك قال جاءنا عبد الله بن عمر وهي رواية بن القاسم ومنهم من قال مالك: عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن جابر بن عتيك قال جاءنا بن عمر وهي رواية القعنبي ومطرف قال ورواية يحيى أولى بالصواب إن شاء الله بأن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم أي من غير المؤمنين ولا يهلكهم بالسنين أي بالمحل والجدب والجوع بأن لا يجعل بأسهم بينهم أي الحرب والفتن والاختلاف الهرج بسكون الراء القتل.
502/36- عن زيد بن أسلم أنه كان يقول ما من داع يدعو إلا كان بين إحدى ثلاث إما ان يستجاب له وإما أن يدخر له واما أن يكفر عنه قال بن عبد البر: مثل هذا يستحيل أن يكون رأيا واجتهادا وانما هو توقيف وهو خبر محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخرج من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعاء المسلم بين إحدى ثلاث إما(1/188)
"9 - باب العمل في الدعاء".
503- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد فنهاني.
504- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وقال بيديه نحو السماء فرفعهما.
505- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: إنما أنزلت هذه الآية: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً} 1 في الدعاء قال يحيى: وسئل مالك عن الدعاء في الصلاة المكتوبة فقال لا بأس بالدعاء فيها.
506- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول: "اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أدرت أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون" .
ـــــــ.
أن يعطى مسألته التي سأل أو يرفع بها درجة أو يحط بها عنه خطيئة ما لم يدع بقطيعة رحم ومأثم أو يستعجل", قال بن عبد البر: هذا الحديث مخرج في التفسير المسند لقول الله تعالى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} 2.
503/37- عن عبد الله بن دينار قال رآني عبد الله بن عمر وأنا أدعو وأشير بأصبعين أصبع من كل يد فنهاني قال في الاستذكار هذا مأخوذ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم إذ مر بسعد وهو يدعو ويشير بأصبعه فنهاه قال الباجي: الواجب ان يكون الدعاء باليدين وبسطهما على معنى التضرع والرغبة.
504/38- أن سعيد بن المسيب كان يقول إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده وقال بيديه أي أشار نحو السماء فرفعهما قال بن عبد البر: هذا لا يدرك بالرأي وقد روي بإسناد جيد مرفوعا ثم أخرج من طريق أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن ليرفع له الدرجة في الجنة فيقول يا رب بم هذا فيقال له: بدعاء ولدك من عبدك" .
505/39- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال إنما أنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك الحديث وصله البخاري من طريق ملك بن سعيد عن هشام عن أبيه عن عائشة.
506/40- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول "اللهم إني أسألك فعل الخيرات" قال بن عبد البر: رواه طائفة من رواة الموطأ عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عبد الله بن يوسف التنيسي وهو حديث صحيح ثابت من حديث عبد الرحمن بن عايش وابن عباس وثوبان وأبي أمامة الباهلي.
ـــــــ
1 سورة الاسراء الآية: 110.
2 سورة غافر الآية: 60.(1/189)
507- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من داع يدعو إلى هدى إلا كان له مثل أجر من أتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وما من داع يدعو إلى ضلالة إلا كان عليه مثل أوزارهم لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا" .
508- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: قال اللهم اجعلني من أئمة المتقين.
509- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أبا الدرداء: كان يقوم من جوف الليل فيقول نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم.
ـــــــ.
507/41- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من داع يدعو إلى هدي الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث يسند عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق شتى من حديث أبي هريرة وجرير وغيرهما ثم أخرج من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا" قال بن عبد البر: هذا الحديث أبلغ شيء في فضل تعليم العلم اليوم والدعا إليه وإلى جميع سبل الخير والبر.
اللهم اجعلني من أئمة المتقين اقتدى في هذا الدعاء بقوله: تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} 1 وثمرته أن له مثل أجر من اقتدى به.
509/43 - وغارت النجوم أي غربت.
ـــــــ
1 سورة الفرقان الآية: 74.(1/190)
"10 - باب النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر".
510- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله.
ـــــــ.
510/44- عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي قال بن عبد البر: هكذا قال جمهور الرواة: عن مالك وقالت: طائفة منهم مطرف وإسحاق بن عيسى الطباع عن عطاء عن أبي عبد الله الصنابحي قال وهو الصواب وهو عبد الرحمن بن عسيلة تابعي ثقة ليست له صحبة قال وروى زهير بن محمد هذا الحديث عن زيد بن أسلم عن عطاء عن عبد الله الصنابحي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خطأ والصنابحي لم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وزهير لا يحتج بحديثه إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان قال الخطابي: اختلفوا في تأويل هذا الكلام فقيل: معناه مقارنة الشيطان للشمس عند دنوها للطلوع والغروب ويوضحه قوله فإذا ارتفعت فارقها إلى آخره فحرمت الصلاة في هذه الأوقات لذلك وقيل: معنى قرن الشيطان قوته من قولك أنا مقرن لهذا الأمر أي مطبق له قوي عليه وذلك لأن الشيطان انما يقوى أمره في هذه الأوقات لأنه يسول لعبدة الشمس ان يسجدوا لها في هذه الأوقات وقيل: قرنه حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس وقيل: ان الشيطان يقابل الشمس عند طلوعها وينتصب دونها حتى يكون طلوعها بين قرنيه وهما جانبا رأسه فينقلب سجود الكفار للشمس عبادة له.(1/190)
الصنابحي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا ارتفعت فارقها ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا دنت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها" ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات.
511- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا بدا حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب" .
512- وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان أو على قرن الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا" .
513- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها" .
514- وحدثني عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس.
ـــــــ.
وقال القاضي عياض: معنى قرني الشيطان هنا يحتمل الحقيقة والمجاز والى الحقيقة ذهب الداودي وغيره ولا بعد فيه وقد جاءت آثار مصرحة بغروبها على قرني الشيطان وأنها تريد عند الغروب للسجود لله فيأتي شيطان يصدها فتغرب بين قرنيه ويحرقه الله وقيل: معناه المجاز والاتساع وإن قرني الشيطان أو قرنه الأمة التي تعبد الشمس وتطيعه في الكفر بالله وأنها لما كانت تسجد لها ويصلي من يعبدها من الكفار حينئذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم قلت: صحح النووي حمله على الحقيقة.
511/45- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وصله البخاري ومسلم من طريق يحيى القطان: عن هشام عن أبيه عن بن عمر حاجب الشمس أي طرف قرصها قال الجوهري: حواجب الشمس نواحيها حتى تبرز لفظ البخاري حتى ترتفع.
512/46- فنقر أربعا أي أسرع الحركة فيها كنقر الطائر.
513/47- لا يتحر أحدكم كذا وقع بلفظ الخبر قال السهيلي يجوز الخبر عن مستقر أمر الشرع أي لا يكون إلا هدا وقال العراقي يحتمل ان يكون نهيا وإثبات الألف إشباع فيصلي بالنصب في جواب النفي أو السعي قال بن خروف ويجوز فيه الجزم على العطف والرفع على القطع أي لا يتحرى فهو يصلي وفي رواية القعنبي لا يتحرى أن يصلي ومعناه لا يتحرى الصلاة قال الباجي: يحتمل أن يريد به المنع من النافلة في هذا الوقت أو المنع من تأخير الفرض إليه.(1/191)
515- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب كان يقول: لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإن الشيطان يطلع قرناه مع طلوع الشمس ويغربان مع غروبها وكان يضرب الناس على تلك الصلاة.
516- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد: أنه رأى عمر بن الخطاب يضرب المنكدر في الصلاة بعد العصر.(1/192)
كتاب الجنائز
باب غسل الميت
...
"16 - كتاب الجنائز".
"1 - باب غسل الميت".
517- حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص.
518- وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: "اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور
ـــــــ.
كتاب الجنائز.
517/1- عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص قال بن عبد البر: هكذا رواه رواة الموطأ مرسلا إلا سعيد بن عفير فإنه قال عن مالك عن جعفر عن أبيه عن عائشة قال: وهو حديث مشهور عند العلماء وأهل السير والمغازي قال الباجي: يحتمل أن يكون ذلك خاصا به لأن السنة عند مالك وأبي حنيفة والجمهور أن يجرد الميت ولا يغسل في قميصه.
518/2- عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث أصل السنة في غسل الموتى ليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث أم منه ولا أصح وعليه عول العلماء في ذلك وقال: أهل السير إن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي سهدت أم عطية غسلها هي أم كلثوم قال وكل من روى هذا الحديث من رواة الموطأ يقولون: فيه بعد قوله: أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك وسقطت هذه الجملة ليحيى وقال النووي: قوله: إن رأيتن ذلك هو بكسر الكاف خطابا لأم عطية ومعناه إن احتجتن إلى ذلك وليس معناه التخيير وتفويض ذلك إلى شهوتهن وكانت أم عطية غاسلة للبنات وكانت من فاضلات الصحابيات واسمها نسيبة بضم النون وقيل: بفتحها وأما بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه التي غسلتها رضي الله عنها فهي زينب هكذا قاله الجمهور وقال بعض أهل السير: إنها أم كلثوم والصواب زينب كما صرح به في رواية مسلم انتهى حقوه بكسر الحاء وفتحها لغتان فسر في الموطأ بالإزار قال النووي: وأصل الحقو معقد الإزار وسمي به الإزار مجازا لأنه يشد فيه أشعرنها إياه أي اجعلنه شعارا لها وهو الثوب الذي يلي الجسد والحكمة في إشعارها له التبرك قاله النووي.(1/192)
فإذا فرغتن فآذنني" قالت فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: "أشعرنها إياه" تعني بحقوه إزاره.
519- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر الصديق حين توفي ثم خرجت فسألت من حضرها من المهاجرين فقالت إني صائمة وإن هذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل فقالوا: لا.
520- وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها ولا من ذوي المحرم أحد يلي ذلك منها ولا زوج يلي ذلك منها يممت فمسح بوجهها وكفيها من الصعيد قال مالك: وإذا هلك الرجل وليس معه أحد إلا نساء يممنه أيضا قال مالك: وليس لغسل الميت عندنا شيء موصوف وليس لذلك صفة معلومة ولكن يغسل فيطهر.(1/193)
"2 - باب ما جاء في كفن الميت".
521- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة.
522- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال بلغني: أن أبا بكر الصديق قال لعائشة وهو مريض في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت في ثلاثة أثواب بيض سحولية فقال أبو بكر خذوا هذا الثوب لثوب عليه قد أصابه مشق أو زعفران فاغسلوه ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين فقالت عائشة وما هذا فقال أبو بكر الحي أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هذا للمهلة.
ـــــــ.
521/5 - عن هشام بن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثوب بيض قال بن عبد البر: هذا أثبت حديث يروى في كفن النبي صلى الله عليه وسلم سحولية قال النووي: بفتح السين وضمها والفتح أشهر وهو رواية الأكثرين قال بن الأعرابي وغيره هي ثياب بيض نقية لا تكون إلا من القطن وقال بن قتيبة ثياب بيض ولم يخصها بالقطن وقال آخر ون: هي منسوبة إلى سحول مدينة باليمن يحمل منها هذه الثياب ليس فيها قميص ولا عمامة قال النووي: أي كفن في ثلاثة أبواب غرهما ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر هكذا فسره الشافعي وجمهور العلماء وهو الصواب الذ يقتضيه ظاهر الحديث قالوا: ويستحب أن لا يكون في الكفن قميص ولا عمامة وقال مالك: وأبو حنيفة يستحب قميص وعمامة وتأولوا الحديث على أن معناه ليس القميص والعمامة من جملة الثلاثة وإنما هما زائدتان عليها.
522/6- أصابه مشق بكسر الميم وهو المغرة قال في النهاية للمهلة قال الباجي: رواه يحيى بكسر الميم ويروى بالضم وهي الصديد والقيح وقال في النهاية يروى بضم الميم وكسرها وهي القيح والصديد الذي يذوب فيسيل من الجسد ومنه قيل: للنحاس الذائب مهل.(1/193)
523- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: الميت يقمص ويؤزر ويلف في الثوب الثالث فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه.
ـــــــ.
523/7- عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاصي كذا رواه يحيى وهو وهم وصوابه عن عبد الله بن عمرو.(1/194)
"3 - باب المشي أمام الجنازة".
524- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة والخلفاء هلم جرا وعبد الله بن عمر.
ـــــــ.
524/8- عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة قال بن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ مرسل عند رواته وقد وصله عن مالك عن بن شهاب عن سالم عن أبيه جماعة منهم يحيى بن صالح الوحاظي وعبد الله بن عون وحاتم بن سالم القزاز ووصله أيضا كذلك جماعة ثقات من أصحاب بن شهاب منهم بن عيينة ومعمر ويحيى بن سعيد وموسى بن عقبة وابن أخي بن شهاب وزايد بن سعد وعباس بن الحسن الحراني على اختلاف عن بعضهم ثم أسند رواياتهم قلت: رواية بن عيينة أخرجها أصحاب السنن الأربعة وقال الترمذي: عقب إخراجها هكذا رواه غير واحد عن الزهري عن سالم عن أبيه وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغيرهم من الحفاظ عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم وأهل الحديث يرون أن المرسل أصح قال بن المبارك حديث الزهري في هذا مرسل أصح من حديث بن عيينة وقال النسائي: عقب إخراجه هذا خطأ والصواب مرسل قال بن المبارك الحفاظ عن بن شهاب ثلاثة مالك ومعمر وابن عيينة فإذا اتفق اثنان على شيء وخالفهما الآخر تركنا قول الآخر والخلفاء هلم جرا قال الشيخ جمال الدين بن هشام هذا كلام مستعمل في العرف كثيرا وذكره الجوهري في صحاحه فقال: تقول كان ذلك عام كذا وهلم جرا إلى اليوم وفي العباب للصغاني مثله وقال بن الأنباري في كتاب الزاهر معنى هلم جرا سيروا على هيئتكم أي تثبتوا في سيركم ولا تجهدوا أنفسكم قال وهو مأخوذ من الجر وهو أن تنزل الإبل والغنم ترعى في السير قال وفي انتصاب جرا ثلاثة أوجه أحدها أن يكون مصدرا وضع موضع الحال والتقدير هلم جارين أي متثبتين الثاني أن يكون على المصدر لأن في هلم معنى جر فكأنه قيل: جروا جرا وقال بعض النحويين جرا نصب على التمييز وقال أبو حيان في الارتشاف: وهلم جرا معناه تعال على هيئتك وانتصاب جرا على أنه مصدر في موضع الحال أي جارين قاله البصريون وقال الكوفيون: مصدر لأن معنى هلم جر وقيل: انتصب على التمييز وأول من قاله عابد بن زيد قال:
فإن جاوزت مغفرة رمت بي. ... إلى أخرى كتلك هلم جرا.
قال بن هشام وبعد فعندي توقف في كون هذا التركيب عربيا محضا والذي رابني منه أمور:
الأول: أن إجماع النحويين واللغويين منعقد على أن لهلم معنيين أحدهما تعال فتكون قاصرة كقوله تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} أي تعالوا إلينا والآخر أحضر فتكون متعدية كقوله تعالى: {هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ} أي أحضروهم ولا مساغ لأحد المعنيين هنا.(1/194)
525- وحدثني عن مالك عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه أخبره: أنه رأى عمر بن الخطاب يقدم الناس أمام الجنازة في جنازة زينب بنت جحش.
ـــــــ.
الثاني: أن إجماعهم منعقد على أن فيها لغتين حجازية وهي التزام استتارها ضميرها فتكون اسم فعل وتميمية وهي أن يتصل بها ضمائر الرفع البارزة فتكون فعلا ولا نعرف لها موضعا أجمعوا فيه على التزام كونها سام فعل ولم يق أحد أنه سمع هلما جرا ولا هلموا جرا ولا هلمي جرا.
الثالث: أن تخالف الجملتين المتعاطفتين بالطلب والخبر ممتنع أو ضعيف وهو لازم هنا إذا قلت: كان ذلك عام أول وهلم جرا.
الرابع: أن أئمة اللغة المعتمد عليهم لم يتعرضوا لهذا التركيب حتى صاحب المحكم مع كثرة استيعابه وتتبعه وإنما ذكره صاحب الصحاح وقد قال أبو عمرو بن الصلاح في شرح مشكلات الوسيط أنه لا يقبل ما تفرد به وكان ذلك على ما ذكره في أول كتابه من انه ينقل عن العرب الذين سمع منهم فإن زمانه كانت اللغة فيه قد فسدت واما صاحب العباب فإنه قلد صاحب الصحاح فنسخ كلامه وأما بن الأنباري فليس كتابه موضوعا لتفسير الألفاظ المسموعة من العرب بل وضعه للكلام على ما يجري في محاورات الناس وقد يكون تفسيره على تقدير ان يكون عربيا فإنه لم يصرح بأنه عربي ولذلك لا أعلم أحدا من النحاة تكلم عليها غيره ولخص أبو حيان أشياء من كلامه فوهم فيه لأنه ذكر أن الكوفيين قالوا: ان جرا مصدر والبصريين قالوا: إنه حال وهذا يقتضي أن الفريقين تكلموا في إعراب ذلك وليس كذلك وإنما قال بن الأنباري ان قياس إعرابه على قواعد البصريين أن يقال إنه حال وعلى قواعد الكوفيين أن يقال إنه مصدر هذا معنى كلامه وهذا هو الذي فهمه أبو القاسم الزجاجي ورد عليه فقال البصريون: لا يوجبون في نحو ركضا من قولك جاء زيد ركضا ان يكون مفعولا مطلقا بل يجيزون ان يكون التقدير جاء زيد يركض ركضا فكذلك يجوز على قياس قولهم ان يكون التقدير هلم يجر جرا انتهى قول بن الأنباري معناه سيروا على هيئتكم إلى آخره معترض من وجهين أحدهما أن فيه إثبات معنى لهلم لم يثبته لها أحد والثاني أن هذا التفسير لا ينطبق على المراد بهذا التركيب فإنه إنما يراد به استمرار ما ذكر قبله من الحكم فلهذا قال صاحب الصحاح وهلم جرا إلى اليوم ثم قال بن هشام والذي ظهر لنا في توجيه هذا الكلام بتقدير كونه عربيا أن هلم هذه هي القاصرة التي بمعنى ائت وتعال إلا أن فيها تجويزين أحدهما أنه ليس المراد بالإتيان هنا المجيء الحسي بل الاستمرار على الشيء والمداومة عليه كما تقول امش على هذا الأمر وسر على هذا المنوال والثاني انه ليس المراد الطلب حقيقة وانما المراد الخبر وعبر عنه بصيغة الطلب كما في فليمدد له الرحمن مدا وجرا مصدر جره يجره إذا سحبه ولكن ليس المراد الجر الحسي بل المراد التعميم كما استعمل السحب بهذا المعنى في قولهم هذا الحكم منسحب على كذا أي شامل له فإذا قيل: كان ذلك عام كذا وهلم جرا فكأنه قيل: واستمر ذلك في بقية الأعوام استمرارا فهو مصدر أو استمر مستمرا فهو حال مؤكدة وذلك ماش في جميع الصور وهذا هو الذي يفهمه الناس من هذا الكلام وبهذا التأويل ارتفع إشكال العطف فإن هلم جرا حينئذ خبر وإشكال التزام إفراد الضمير إذ فاعل هلم هذه مفرد أبدا كما تقول واستمر ذلك أو واستمر ما ذكرته انتهى كلام ابن هشام.(1/195)
526- وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة قال: ما رأيت أبي قط في جنازة إلا أمامها قال ثم يأتي البقيع فيجلس حتى يمروا عليه.
527- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: المشي خلف الجنازة من خطأ السنة.
ـــــــ.
527/11- من خطأ السنة أي من مخالفتها.(1/196)
"4 - باب النهي عن أن تتبع الجنازة بنار".
528- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت لأهلها: أجمروا ثيابي إذا مت ثم حنطوني ولا تذروا على كفني حناطا ولا تتبعوني بنار.
529- وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة: أنه نهى أن يتبع بعد موته بنار قال يحيى: سمعت مالكا يكره ذلك.
ـــــــ.
529/13- عن أبي هريرة انه نهى عن يتبع بعد موته بنار قال بن عبد البر: قد روى النهي عن ذلك من حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.(1/196)
"5 - باب التكبير على الجنائز".
530- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات.
531- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره: أن مسكينة مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين ويسأل عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ماتت فآذنوني بها" فخرج بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوا.
ـــــــ.
531/15- عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن مسكينة مرضت قال بن عبد البر: لم يختلف على مالك في الموطأ في إرسال هذا الحديث وقد وصله موسى بن محمد بن إبراهيم القرشي عن مالك عن بن شهاب عن أبي أمامة عن رجل من الأنصار وموسى متروك وقد روى سفيان بن حسين هذا الحديث عن بن شهاب عن أبي أمامة بن سهل عن أبيه أخرجه بن أبي شيبة وهو حديث مسند متصل صحيح من غير حديث مالك من حديث الزهري وغيره وروى من وجوه كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها ثابتة من حديث أبي هريرة وعامر بن ربيعة وابن عباس وأنس ويزيد بن ثابت الأنصاري وفي حديث أبي هريرة انها امرأة سوداء كانت تنقي المسجد من الأذى وفي لفظ تقم المسجد أخرجه الشيخان وغيرهما كرهنا أن نخرجك ليلا ونوقظك زاد في حديث عامر بن ربيعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا تفعلوا ادعوني لجنائزكم" أخرجه بن ماجة وفي حديث يزيد بن ثابت قال فلا تفعلوا لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة أخرجه أحمد.(1/196)
باب مايقول المصلي على الجنازة
...
"6 - باب ما يقول المصلي على الجنازة".
533- حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه: أنه سأل أبا هريرة كيف تصلي على الجنازة فقال أبو هريرة أنا لعمر الله أخبرك أتبعها من أهلها فإذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول اللهم إنه عبدك وبن عبدك وبن أمتك كان يشهد أن لا إله إلا أنت وإن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
534- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: صليت وراء أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول اللهم أعذه من عذاب القبر.
535- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة.
ـــــــ.
534/18- صليت وراء أبي هريرة على صبي لم يعمل خطيئة قط فسمعته يقول اللهم أعذه من عذاب القبر قال الباجي: يحتمل أن يكون أبو هريرة اعتقده لشيء سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عذاب القبر أمر عام في الصغير والكبير وإن الفتنة فيه لا تسقط عن الصغر لعدم التكليف في الدنيا واقل بن عبدالبر عذاب القبر غير فتنة القبر ولو عذب الله عبادة أجمعين كان غير ظالم لهم وقال بعضهم ليس المراد بعذاب القبر هنا عقوبته ولا السؤال بل مجرد الألم بالغم والهم والحسرة والوحشة والضغطة وذلك يعم الأطفال وغيرهم.(1/197)
"7 - باب الصلاة على الجنائز بعد الصبح إلى الإسفار وبعد العصر إلى الإصفرار".
536- وحدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي حرملة مولى عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب أن زينب بنت أبي سلمة توفيت وطارق أمير المدينة فأتي بجنازتها بعد صلاة الصبح فوضعت بالبقيع قال وكان طارق يغلس بالصبح قال بن أبي حرملة فسمعت عبد الله بن عمر يقول لأهلها: إما أن تصلوا على جنازتكم الآن وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس.
537- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: قال يصلى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما.
ـــــــ.
537/21 - إذا صليتا لوقتهما قال الباجي: أي لوقت الصلاتين المختار وهو في العصر إلى الاصفرار وفي الصبح إلى الأسفار.(1/197)
"8 - باب الصلاة على الجنائز في المسجد".
538- حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها أمرت أن يمر عليها بسعد بن أبي وقاص في المسجد حين مات لتدعو له فأنكر ذلك الناس عليها فقالت عائشة ما أسرع الناس ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد.
539- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: صلي على عمر بن الخطاب في المسجد.
ـــــــ.
538/22- عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عائشة قال بن عبد البر: هكذا هو في الموطأ عند جمهور الرواة منقطعا ورواه حماد بن خالد الخياط عن مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة فانفرد بذلك عن مالك ما أسرع ما نسي الناس أي إلى إنكار مالا يعرفون والعيب والطعن على سهيل بن بيضاء هي أمه واسمها دعد والبيضاء وصف لها وأبوه وهب بن ربيعة القرشي الفهري وكان سهيل قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد بدرا وغيرها ومات سنة تسع من الهجرة.(1/198)
"9 باب جامع الصلاة على الجنائز".
540- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وأبا هريرة: كانوا يصلون على الجنائز بالمدينة الرجال والنساء فيجعلون الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة.
541- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى على الجنائز يسلم حتى يسمع من يليه.
542- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر قال يحيى: سمعت مالكا يقول لم أر أحدا من أهل العلم يكره أن يصلي على ولد الزنى وأمه.(1/198)
"10 - باب ما جاء في دفن الميت".
543- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الإثنين ودفن يوم.
ـــــــ.
543/27 - مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الإثنين ودفن يوم الثلاثاء الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث لا أعلمه يروى على هذا النسق بوجه من الوجوه غير بلاغ مالك هذا ولكنه صحيح من وجوه مختلفة وأحاديث شتى جمعها مالك ووفاته يوم الإثنين ثابتة من حديث أنس في الصحيح ولا خلاف بين العلماء فيه واما دفنه يوم الثلاثاء فمختلف فيه قلت: روى بن سعد في الطبقات عن بن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الإثنين حين زاغت الشمس وروى من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول وروى من حديث علي بن أبي طالب قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر وتوفي يوم الإثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول.(1/198)
"11 - باب الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر".
549- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد.
550- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب: كان يتوسد القبور ويضطجع عليها.
قال مالك: وإنما نهي عن القعود على القبور فيما نرى للمذاهب.
551- وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف أنه سمع أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول: كنا نشهد الجنائز فما يجلس آخر الناس حتى يؤذنوا.
ـــــــ.
549/33- عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: وسائر الرواة يقولون: عن واقد بن عمر بن سعد بن معاذ وفي هذا الإسناد رواية أربعة من التابعين في نسق لكن مسعود ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد قال الباجي: القيام والجلوس في موضعين أحدهما لمن مرت به والثاني لمن يشيعها يقوم لها حين توضع والجلوس ناسخ للقيام في موضعين.
551/35 - فما يجلس آخر الناس حتى يؤذنوا قال الباجي: يريد حتى يؤذنوا بالصلاة عليها وقال الداودي حتى يؤذن لهم بالانصراف بعد الصلاة وقال بن عبد البر: رواه ابن المبارك عن أبي بكر شيخ مالك فقال: فما ينصرف النسا حتى يؤذنوا.(1/201)
"12 - باب النهي عن البكاء على الميت".
552- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن.
ـــــــ.
552/36 - قد غلب عليه أي غلبه الألم حتى منعه مجاوبة النبي صلى الله عليه وسلم فاسترجع أي قال إنا لله وإنا.(1/201)
"13 - باب الحسبة في المصيبة".
554- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم" .
555- وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن أبي النضر السلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار" فقالت امرأة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أو اثنان قال: "أو اثنان" .
ـــــــ.
550/31 –: "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار" بالنصب جوابا للنفي إلا تحلة القسم بفتح المثناة الفوقية وكسر المهملة وتشديد اللام أي ما ينحل به القسم وهو اليمين يقال فعلته تحلة القسم أي قدر ما حللت به يميني والمراد به قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا} 1 قال الخطابي: معناه لا يدخل النار ليعاقب بها ولكنه يدخلها مجتازا ولا يكون ذلك الجواز إلا قدر ما تنحل به اليمين وهو الجواز على الصراط.
555/39- عن أبي النضر السلمي بفتح السين واللام قال بن عبد البر: بن النضر هذا مجهول في الصحابة والتابعين لا يعرف إلا بهذا الخبر واختلف فيه رواة الموطأ فأكثرهم يقول عن بن النضر وقال بن بكير والقعنبي عن أبي النضر وقال بعضهم عبد الله بن النضر وقال بعضهم محمد بن النضر ولا يصح وقال بعض المتأخرين انه أنس بن مالك بن النضر نسب إلى جده وإن كنيته أبو النضر وهذا جهل لأن أنسا ليس بسلمي من بني سلمة وكنيته أبو حمزة بإجماع انتهى.
ـــــــ
1 سورة مريم الآية: 71.(1/203)
556- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقي الله وليست له خطيئة" .
ـــــــ.
556/40- مالك أنه بلغه عن أبي الحباب بن يسار عن أبي هريرة قال بن عبد البر: هكذا جاء هذا الحديث في الموطأ عند عامة رواته وقد رواه معن بن عيسى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي الحباب به وحامته أي قرابته وخاصته ومن يحزنه ذهابه وموته جمع حميم وليست له خطيئة قال الباجي: يحتمل أن يريد أنه يحط عنه خطاياه بذلك أو يحصل له من الأجر على ذلك ما يزن جميع ذنوبه.(1/204)
"14 - باب جامع الحسبة في المصيبة".
557- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليعز المسلمين في مصائبهم المصيبة بي" .
558- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أصابته مصيبة فقال كما أمر الله: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} اللهم أجرني في مصيبتي وأعقبني خيرا منها إلا فعل الله ذلك به" قالت أم سلمة: فلما توفي أبو سلمة قلت: ذلك ثم قلت: ومن خير من أبي سلمة فأعقبها الله رسوله صلى الله عليه وسلم فتزوجها.
559- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: هلكت امرأة لي فأتاني محمد بن كعب القرظي يعزيني بها فقال إنه كان في بني إسرائيل رجل فقيه عالم عابد مجتهد وكانت له امرأة وكان بها معجبا ولها محبا فماتت فوجد عليها وجدا شديدا ولقي عليها أسفا حتى خلا في بيت وغلق على نفسه وأحتجب من الناس فلم يكن يدخل عليه أحد وإن امرأة سمعت به فجاءته فقالت إن لي إليه حاجة أستفتيه فيها ليس يجزيني فيها إلا مشافهته فذهب الناس ولزمت بابه وقالت ما لي منه بد فقال له قائل إن ها هنا امرأة أرادت أن تستفتيك.
ـــــــ.
557/41- عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليعز المسلمين في مصائبهم المصيبة بي " قال بن عبد البر: هذا الحديث روته طائفة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه وقد روي أيضا مسندا من حديث سهل بن سعد وعائشة والمسور بن مخرمة.
558/42- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أم سلمة قال بن عبد البر: هذا حديث يتصل من وجوه شتى إلا ان بعضهم يجعله لأم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم يجعله لأم سلمة عن أبي سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصابته مصيبة قال الباجي: هذا اللفظ موضوع في أصل كلام لعرب لكل من قاله شر أو خير ولكن يختص في عرف الاستعمال بالرزايا والمكاره فقال: كما أمر الله قال الباجي: يحتمل أن يشير إلى غير القرآن فإنه ليس في القرآن الأمر به بل تبشير من قاله والثناء عليه ولهذا وصله بقوله: اللهم أجرني إلى آخره يقال أجره بالقصر وقد يمد أي أعطاه أجره.
559/43- كان في بني إسرائيل رجل فقيه إلى آخره قال في الاستذكار هذا خبر حسن عجيب في التعازي وليس في كل الموطآت وما ذكرته من العارية للحلي على جهة ضرب المثل لا يدخل في مذموم الكذب بل ذلك من الأمر المحمود عليه صاحبه.(1/204)
وقالت: إن أردت إلا مشافهته وقد ذهب الناس وهي لا تفارق الباب فقال ائذنوا لها فدخلت عليه فقالت إني جئتك أستفتيك في أمر قال وما هو قالت إني استعرت من جارة لي حليا فكنت ألبسه وأعيره زمانا ثم إنهم أرسلوا إلي فيه أفأؤديه إليهم فقال نعم والله فقالت إنه قد مكث عندي زمانا فقال ذلك أحق لردك إياه إليهم حين أعاروكيه زمانا فقالت إي يرحمك الله أفتأسف على ما أعارك الله ثم أخذه منك وهو أحق به منك فأبصر ما كان فيه ونفعه الله بقولها.(1/205)
باب ماجاء في الاختفاء
...
"15 - باب ما جاء في الإختفاء".
560- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المختفي والمختفية يعني نباش القبور.
561- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: كسر عظم المسلم ميتا ككسره وهو حي تعني في الإثم.
ـــــــ.
560/44 - عن أبي الرجال هو لقب لأنه كان له عشرة أولاد رجال وكنيته أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان الأنصاري عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن قال بن عبد البر: رواه يحيى بن صالح الوحاظي وعبد الله بن عبد الوهاب كلاهما عن مالك عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة مسندا يعني نباش القبور قال بن عبد البر: هذا التفسير من قول مالك ولا أعلم أحدا يخالفه في ذلك.
561/45- مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول كسر عظم المسلم ميتا ككسره وهو حي قال بن عبد البر: رواه عبد العزيز بن محمد الداروردي عن سعد بن سعيد عن عمرة عن عائشة مرفوعا قلت: وأخرجه أبو داود وابن ماجة.(1/205)
"16 - باب جامع الجنائز".
562- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت وهو مستند إلى صدرها وأصغت إليه يقول: "اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى" .
563- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي يموت حتى يخير" قالت فسمعته يقول "اللهم الرفيق الأعلى" فعرفت أنه ذاهب.
564- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن
ـــــــ.
562/46- وألحقني بالرفيق قال اب عبد البر هو أعلى الجنة وقيل: الملائكة والأنبياء والصالحون من قوله وحسن أولئك رفيقا.
563/47- مالك أنه بلغه أن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي يموت" الحديث وصله البخاري ومسلم من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عروة عن عائشة.
564/48–: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده" قال الباجي: العرض لا يكون إلا على حي يعلم ما يعرض عليه وفهم ما يخاطب به بالغدة والعشي أي كل غداة وكل عشي حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة سقطت إلى من وراية القعنبي وفي رواية لمسلم إليه.(1/205)
كتاب الزكاة
باب ماتجب فيه الزكاة
...
"17 - كتاب الزكاة".
"1 - باب ما تجب فيه الزكاة".
575- حدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" .
576- وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة" .
577- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز: كتب إلى عامله على دمشق في.
ـــــــ.
كتاب الزكاة.
575/1- عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه الحديث والذي يليه قال بن عبد البر: حديث عمرو بن يحيى عن أبيه صحيح عند جميع أهل الحديث وحديث محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد خطأ في الإسناد وإنما الحديث محفوظ ليحيى بن عمارة عن أبي سعيد وقد رواه عن عمرو بن يحيى جماعة من جلة العلماء احتاجوا إليه فيه ورواه عن أبيه أيضا جماعة قال ولم يرو هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أحد من الصحابة بإسناد صحيح غير أبي سعيد وقد قي إن هذا الحديث ليس يأتي من وجه لا مطعن فيه ولا علة عن أبي سعيد إلا من حديث يحيى بن عمارة عنه من راية ابنه عمرو عنه ومن رواية محمد بن يحيى بن حبان عنه خمس ذود قال النووي: الرواية المشهورة بإضافة خمس إلى ذود وروى بتنوين خمس ويكون ذود بدلا منه قال أهل اللغة: الذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه إنما يقال في الواحد بعير قالوا: وقولهم: خمس ذود كقولهم خمسة أبعرة قال سيبويه تقول ثلاث ذود لأن الذود مؤنث أوسق جمع وسق بفتح الواو أشهر من كسرها وأصله في اللغة الحمل والمراد به ستون صاعا أواقي بتشديد الباء وتخفيفها جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء وهي أربعون درهما ويقال أواق بحذف الياء كما في الرواية الأولى.
576/2- من الورق بكسر الراء وإسكانها وهي هنا الفضة مضروبها وغيره واختلف أهل اللغة في أصله فقيل: يطلق في الأصل على جميع الفضة وقيل: هو حقيقة للمضروب دراهم ولا يطلق على غير الدراهم إلا مجازا.(1/208)
الصدقة إنما الصدقة في الحرث والعين والماشية قال مالك: ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة أشياء في الحرث والعين والماشية.(1/209)
"2 - باب الزكاة في العين من الذهب والورق".
578- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير: أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتب له قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة فقال القاسم إن أبا بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول قال القاسم بن محمد وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أعطياتهم يسأل الرجل هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة فإذا قال نعم أخذ من عطائه زكاة ذلك المال وإن قال لا أسلم إليه عطاءه ولم يأخذ منه شيئا.
579- وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها أنه قال: كنت إذا جئت عثمان بن عفان أقبض عطائي سألني هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة قال فإن قلت: نعم أخذ من عطائي زكاة ذلك المال وإن قلت: لا دفع إلى عطائي.
580- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول.
581- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان.
000- قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارا عينا كما تجب في مائتي درهم.
قال مالك: ليس في عشرين دينارا ناقصة بينة النقصان زكاة فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين دينارا وازنة ففيها الزكاة وليس فيما دون عشرين دينارا عينا الزكاة وليس في مائتي درهم ناقصة بينة النقصان زكاة فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها مائتي درهم وافية ففيها الزكاة فإن كانت تجوز بجواز الوازنة رأيت فيها الزكاة دنانير كانت أو دراهم.
000- قال مالك: في رجل كانت عنده ستون ومائة درهم وازنة وصرف الدراهم ببلده ثمانية دراهم بدينار أنها لا تجب فيها الزكاة وإنما تجب الزكاة في عشرين دينارا عينا أو مائتي درهم.
000- قال مالك: في رجل كانت له خمسة دنانير من فائدة أو غيرها فتجر فيها فلم يأت الحول حتى بلغت ما تجب فيه الزكاة أنه يزكيها وإن لم تتم إلا قبل أن يحول عليها الحول بيوم واحد أو بعد ما يحول عليها الحول بيوم.
ـــــــ.
580/6- أن عبد الله بن عمر كان يقول لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول قال بن عبد البر: في الاستذكار وقد روي هذا مرفوعا من حديث عائشة قلت: أخرجه بن ماجة.
581/7- عن بن شهاب أنه قال أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان قال بن عبد البر: يريد أخذ زكاتها نفسها منها لا أنه أخذ منها عن غيرها قال ولا أعلم أحدا من الفقهاء أخذ بقول معاوية.(1/209)
واحد ثم لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت.
000- وقال مالك: في رجل كانت له عشرة دنانير فتجر فيها فحال عليها الحول وقد بلغت عشرين دينارا أنه يزكيها مكانها ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول من يوم بلغت ما تجب فيه الزكاة لأن الحول قد حال عليها وهي عنده عشرون ثم لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت.
000- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في إجارة العبيد وخراجهم وكراء المساكين وكتابة المكاتب أنه لا تجب في شيء من ذلك الزكاة قل ذلك أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه صاحبه.
000- وقال مالك: في الذهب والورق يكون بين الشركاء إن من بلغت حصته منهم عشرين دينارا عينا أو مائتي درهم فعليه فيها الزكاة ومن نقصت حصته عما تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه وإن بلغت حصصهم جميعا ما تجب فيه الزكاة وكان بعضهم في ذلك أفضل نصيبا من بعض أخذ من كل إنسان منهم بقدر حصته إذا كان في حصة كل إنسان منهم ما تجب فيه الزكاة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة" .
000 - قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.
000 - قال مالك: وإذا كانت لرجل ذهب أو ورق متفرقة بأيدي أناس شتى فإنه ينبغي له أن يحصيها جميعا ثم يخرج ما وجب عليه من زكاتها كلها.
000- قال مالك: ومن أفاد ذهبا أو ورقا أنه لا زكاة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها.(1/210)
"3 - باب الزكاة في المعادن".
582- حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة.
ـــــــ.
582/8- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية قال بن عبد البر: هذا الحديث في الموطأ عند جميع الرواة مرسلا وقد وصله البزار من طريق عبد العزيز الداروردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني عن أبيه قلت: وأخرجه أبو داود من طريق ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن بن عباس قال بن الأثير في النهاية القبلية منسوبة إلى قبل بفتح القاف والباء الموحدة وهي ناحية من الفرع وهو بضم الفاء وسكون الراء وهو موضع بين مكة والمدينة هذا هو المحفوظ في الحديث وفي كتاب الأمكنة معادن القلبة بكسر القاف وبعدها لام مفتوحة ثم باء انتهى.(1/210)
قال مالك: أرى والله أعلم أن لا يؤخذ من المعادن مما يخرج منها شيء حتى يبلغ ما يخرج منها قدر عشرين دينارا عينا أو مائتي درهم فإذا بلغ ذلك ففيه الزكاة مكانه وما زاد على ذلك أخذ بحساب ذلك ما دام في المعدن نيل فإذا انقطع عرقه ثم جاء بعد ذلك نيل فهو مثل الأول يبتدأ فيه الزكاة كما ابتدئت في الأول.
قال مالك: والمعدن بمنزلة الزرع يؤخذ منه مثل ما يؤخذ من الزرع يؤخذ منه إذا خرج من المعدن من يومه ذلك ولا ينتظر به الحول كما يؤخذ من الزرع إذا حصد العشر ولا ينتظر أن يحول عليه الحول.(1/211)
"4 - باب زكاة الركاز".
583- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في الركاز الخمس" .
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولونه أن الركاز إنما هو دفن يوجد من دفن الجاهلية ما لم يطلب بمال ولم يتكلف فيه نفقة ولا كبير عمل ولا مؤونة فأما ما طلب بمال وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة وأخطئ مرة فليس بركاز.
ـــــــ.
583/9- في الركاز الخمس وقع في زمن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام أن رجلا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اذهب إلى موضع كذا فاحفره فإن فيه ركازا فخذه لك ولا خمس عليك فيه فلما أصبح ذهب إلى ذلك الموضع فحفره فوجد الركاز فاستفتى علماء عصره فأفتوه بأنه لا خمس عليه لصحة الرؤيا وأفتى الشيخ عز الدين بن عبد السلام بأن عليه الخمس وقال أكثر ما ننزل منامه منزلة حديث روي بإسناد صحيح وقد عارضه ما هو أصح منه وهو الحديث المخرج في الصحيحين في الركاز الخمس ويقدم عليه.(1/211)
باب ما لا زكاة فيه من التبر والحلي والعنبر
...
"5 - باب مالا زكاة فيه من والتبر الحلي والعنبر".
584- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج من حليهن الزكاة.
585- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يحلى بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليهن الزكاة.
قال مالك: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة لا ينتفع به للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل عام يوزن فيؤخذ ربع عشره إلا أن ينقص من وزن عشرين دينارا عينا أو مائتي درهم فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله فليس على أهله فيه زكاة قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك ولا العنبر زكاة.(1/211)
"6 - باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها".
586- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب: قال اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة.
587- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال: كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة.
588- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من يتجر لهم فيها.
589- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه اشترى لبني أخيه يتامى في حجره مالا فبيع ذلك المال بعد بمال كثير قال مالك: لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم إذا كان الولي مأذونا فلا أرى عليه ضمانا.(1/212)
"7 باب زكاة الميراث".
590- حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك ولم يؤد زكاة ماله إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله ولا يجاوز بها الثلث وتبدى على الوصايا وأراها بمنزلة الدين عليه فلذلك رأيت أن تبدى على الوصايا قال وذلك إذا أوصى بها الميت قال فإن لم يوص بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك قال والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا يجب على وارث زكاة في مال ورثه في دين ولا عرض ولا دار ولا عبد ولا وليدة حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك أو اقتضى الحول من يوم باعه وقبضه وقال مالك: السنة عندنا أنه لا تجب على وارث في مال ورثه الزكاة حتى يحول عليه الحول.(1/212)
"8 باب الزكاة في الدين".
591- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول: هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة.
592- وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني أن عمر بن عبد العزيز: كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما يأمر برده إلى أهله ويؤخذ زكاته لما مضي من السنين ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة فإنه كان ضمارا.
593- وحدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة: أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة فقال لا.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة فإن قبض منه شيئا لا تجب فيه الزكاة فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة فإنه يزكى مع ما قبض من دينه ذلك قال: وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه وكان الذي اقتضى من دينه.(1/212)
"9 - باب زكاة العروض".
594 - حدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حيان وكان زريق على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر: أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه أن أنظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارات من كل أربعين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارات من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلى مثله من الحول.
000- قال مالك: الأمر عندنا فيما يدار من العروض للتجارات أن الرجل إذا صدق ماله ثم اشترى به عرضا بزا أو رقيقا أو ما أشبه ذلك ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه فإذا باعه فليس فيه إلا زكاة واحدة.
000- قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق حنطة أو تمرا أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها الحول ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ ثمنها ما تجب فيه الزكاة وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد.
000- قال مالك: وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة فإنه يجعل له شهرا من السنة يقوم فيه ما كان عنده من عرض للتجارة ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه.(1/213)
000 - وقال مالك: ومن تجر من المسلمين ومن لم يتجر سواء ليس عليهم إلا صدقة واحدة في كل عام تجروا فيه أو لم يتجروا.(1/214)
"10 - باب ما جاء في الكنز".
595- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو فقال هو: المال الذي لا تؤدى منه الزكاة.
596- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة: أنه كان يقول من كان عنده مال لم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطلبه حتى يمكنه يقول أنا كنزك.
ـــــــ.
595/21- سمعت عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز إلى آخره قلت: أخرجه بن مردويه من طريق سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر مرفوعا.
596/22 - عن أبي هريرة أنه كان يقول من كان عنده مال لم يؤد زكاته الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث موقوف في الموطأ وقد أسنده عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي من طرق أخرى صحاح عن أبي هريرة مرفوعا منها طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه وطريق القعقاع بن حكيم بن أبي صالح وطريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قلت: طريق عبد الرحمن أخرجها البخاري وطريق سهيل أخرجها مسلم وطريق القعقاع أخرجها النسائي وطريق أبي الزناد أخرجها البخاري مثل له يوم القيامة شجاعا هو الحية وقيل: التي تواثب وتقوم على ذنبها قال القاضي عياض: ظاهره أن الله تعالى خلق هذا الشجاع لعذابه ومعنى مثل أي نصب أو صير بمعنى أن ماله يصير على صورة الشجاع أقرع قال بن عبد البر: هو من صفات الحيات الذي برأسه شيء من بياض وكل ما كثر سمه فيما زعموا أبيض رأسه له زبيبتان هما نقطتان منتفختان في شدقيه كالبرغوثين وقيل: نقطتان سوداوان وهي علامة الحية الذكر المؤذي حتى يمكنه في رواية النسائي والبخاري فلا يزال يتبعه حتى يلقمه أصبعه.(1/214)
"11 - باب صدقة الماشية".
597- حدثني يحيى عن مالك: أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة قال فوجدت.
ـــــــ.
597/23- مالك أنه قال قرأت كتاب عمر بن الخطاب في الصدقة الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من طريق سفيان بن حسين عن بن شهاب عن سالم عن بن عمر قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فعمل به أبو بكر حتى قبض ثم عمل به عمر حتى قبض فكان فيه في خمس من الإبل شاة فذكره قال الترمذي: وقد روى يونس وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين فابن لبون ذكر قال الباجي: قال ذكر وإن كان الابن لا يكون إلا ذكرا زيادة في البيان لأن من الحيوان ما يطلق على الذكر والأنثى منه لفظ بن كابن عرس وابن آوى فرفع به هذا الاحتمال قال ويحتمل أن يريد به مجرد التأكيد لاختلاف اللفظ كقوله تعالى: {وَغَرَابِيبُ سُودٌ} 1 طروقة.
ـــــــ
1 سورة فاطر الآية: 27.(1/214)
"12 - باب ما جاء في صدقة البقر".
598- حدثني يحيى عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن طاوس اليماني: أن معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ومن أربعين بقرة مسنة وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا وقال لم اسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل.
قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت فيمن كانت له غنم على راعيين مفترقين أو على رعاء مفترقين في بلدان شتى أن ذلك يجمع كله على صاحبه فيؤدي منه صدقته ومثل ذلك الرجل يكون له الذهب أو الورق متفرقة في أيدي ناس شتى أنه ينبغي له أن يجمعها فيخرج منها ما وجب عليه في ذلك من زكاتها.
وقال يحيى: قال مالك: في الرجل يكون له الضأن والمعز أنها تجمع عليه في الصدقة فإن كان فيها ما تجب فيه الصدقة صدقت وقال إنما هي غنم كلها وفي كتاب عمر بن الخطاب وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة شاة.
قال مالك: فإن كانت الضأن هي أكثر من المعز ولم يجب على ربها إلا شاة واحدة أخذ.
ـــــــ.
الفحل قال الباجي: يريد أن الفحل قد يضربها وهي تلقح ولا يخرج في الصدقة تيس الذكر من المعز ولا هرمة هي التي قد أضر بها الكبر ولا ذات عوار بفتح العين أي عيب وفي الرقة هي الورق قال الباجي: ومن أصحابنا من قال هي اسم للورق والذهب قال والأول أظهر.
598/24- أن معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث ظاهره الوقف على معاذ إلا أن في قوله لم أسمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئا دليلا واضحا على أنه قد سمع منه في الثلاثين والأربعين ما عمل به مع أن مثله لا يكون رأيا.(1/215)
المصدق تلك الشاة التي وجبت على رب المال من الضأن وإن كانت المعز أكثر من الضأن أخذ منها فإن استوى الضأن والمعز أخذ الشاة من أيتهما شاء.
قال يحيى: قال مالك: وكذلك الإبل العراب والبخت يجمعان على ربهما في الصدقة وقال إنما هي إبل كلها فإن كانت العراب هي أكثر من البخت ولم يجب على ربها إلا بعير واحد فليأخذ من العراب صدقتها فإن كانت البخت أكثر فليأخذ منها فإن استوت فليأخذ من أيتهما شاء.
قال مالك: وكذلك البقر والجواميس تجمع في الصدقة على ربها وقال إنما هي بقر كلها فإن كانت البقر هي أكثر من الجواميس ولا تجب على ربها إلا بقرة واحدة فليأخذ من البقر صدقتهما وإن كانت الجواميس أكثر فليأخذ منها فإن استوت فليأخذ من أيتهما شاء فإذا وجبت في ذلك الصدقة صدق الصنفان جميعا.
قال يحيى: قال مالك: من أفاد ماشية من إبل أو بقر أو غنم فلا صدقة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها إلا أن يكون له قبلها نصاب ماشية والنصاب ما تجب فيه الصدقة إما خمس ذود من الإبل وإما ثلاثون بقرة وإما أربعون شاة فإذا كان للرجل خمس ذود من الإبل أو ثلاثون بقرة أو أربعون شاة ثم أفاد إليها إبلا أو بقرا أو غنما بإشتراء أو هبة أو ميراث فإنه يصدقها مع ماشيته حين يصدقها وإن لم يحل على الفائدة الحول وإن كان ما أفاد من الماشية إلى ماشيته قد صدقت قبل أن يشتريها بيوم واحد أو قبل أن يرثها بيوم واحد فإنه يصدقها مع ماشيته حين يصدق ماشيته.
قال يحيى: قال مالك: وإنما مثل ذلك مثل الورق يزكيها الرجل ثم يشتري بها من رجل آخر عرضا وقد وجبت عليه في عرضه ذلك إذا باعه الصدقة فيخرج الرجل الآخر صدقتها هذا اليوم ويكون الآخر قد صدقها من الغد.
قال مالك: في رجل كانت له غنم لا تجب فيها الصدقة فأشترى إليها غنما كثيرة تجب في دونها الصدقة أو ورثها أنه لا تجب عليه في الغنم كلها الصدقة حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها بإشتراء أو ميراث وذلك أن كل ما كان عند الرجل من ماشية لا تجب فيها الصدقة من إبل أو بقر أو غنم فليس يعد ذلك نصاب مال حتى يكون في كل صنف منها ما تجب فيه الصدقة فذلك النصاب الذي يصدق معه ما أفاد إليه صاحبه من قليل أو كثير من الماشية.
قال مالك: ولو كانت لرجل إبل أو بقر أو غنم تجب في كل صنف منها الصدقة ثم أفاد إليها بعيرا أو بقرة أو شاة صدقها مع ماشيته حين يصدقها.
قال يحيى: قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في هذا.
قال مالك: في الفريضة تجب على الرجل فلا توجد عنده أنها إن كانت ابنة مخاض فلم توجد أخذ مكانها بن لبون ذكر وإن كانت بنت لبون أو حقة أو جذعة ولم يكن عنده كان على رب.(1/216)
الإبل أن يبتاعها له حتى يأتيه بها ولا أحب أن يعطيه قيمتها وقال مالك: في الإبل النواضح والبقر السواني وبقر الحرث إني أرى أن يؤخذ من ذلك كله إذا وجبت فيه الصدقة.(1/217)
"13 باب صدقة الخلطاء.
599- قال يحيى: قال مالك: في الخليطين إذا كان الراعي واحدا والفحل واحدا والمراح واحدا والدلو واحدا فالرجلان خليطان وإن عرف كل واحد منهما ماله من مال صاحبه قال والذي لا يعرف ماله من مال صاحبه ليس بخليط إنما هو شريك.
قال مالك: ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة وتفسير ذلك أنه إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعدا وللآخر أقل من أربعين شاة كانت الصدقة على الذي له الأربعون شاة ولم تكن على الذي له أقل من ذلك صدقة فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في الصدقة ووجبت الصدقة عليهما جميعا فإن كان لأحدهما ألف شاة أو أقل من ذلك مما تجب فيه الصدقة وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان يترادان الفضل بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما على الألف بحصتها وعلى الأربعين بحصتها.
قال مالك: الخليطان في الإبل بمنزلة الخليطين في الغنم يجتمعان في الصدقة جميعا إذا كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة" وقال عمر بن الخطاب: في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة شاة وقال يحيى: قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.
قال مالك: وقال عمر بن الخطاب: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة أنه إنما يعني بذلك أصحاب المواشي.
قال مالك: وتفسير قوله لا يجمع بين مفترق أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة قد وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة فإذا أظلهم المصدق جمعوها لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة فنهوا عن ذلك وتفسير قوله ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة واحدة فنهى عن ذلك فقيل: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة قال مالك: فهذا الذي سمعت في ذلك.(1/217)
باب ماجاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة
...
"14 باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة".
600- حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن بن لعبد الله بن سفيان الثقفي عن جده سفيان بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا فكان يعد على الناس بالسخل فقالوا: أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منه شيئا فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال عمر: نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم وتأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره.(1/217)
"15 - باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا.
601- قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة بعير فلا يأتيه الساعي حتى تجب عليه صدقة أخرى فيأتيه المصدق وقد هلكت إبله إلا خمس ذود قال مالك: يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال شاتين في كل عام شاة لأن الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله فإن هلكت ماشيته أو نمت فإنما يصدق المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق وإن تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة فليس عليه أن يصدق إلا ما وجد المصدق عنده فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها أو صارت إلى ما لا تجب فيه الصدقة فإنه لا صدقة عليه ولا ضمان فيما هلك أو مضى من السنين".(1/218)
"16 - باب النهي عن التضييق على الناس في الصدقة".
602- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: مر على عمر بن الخطاب بغنم من.
ـــــــ.
602/20 - لا تأخذوا حذرات المسلمين جمع حذرة وهي خيار المال وكرائمه نكبوا عن الطعام أي ذوات الدر.(1/218)
باب أخذ الصدقة وما يجوز له أخذها
...
"17 - باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها".
604- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني" .
قال مالك: الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي فأي الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيث ما كان ذلك وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم.
قال مالك: وليس للعامل على الصدقات فريضة مسماة إلا على قدر ما يرى الإمام.
ـــــــ.
604/30 - عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لغني" الحديث وصله أبو داود وابن ماجة من طريق معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد الخدري.(1/219)
باب ماجاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها
...
"18 - باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها".
605- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق قال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه.
606- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال شرب عمر بن الخطاب لبنا فأعجبه فسأل الذي سقاه من أين هذا اللبن فأخبره: أنه ورد على ماء قد سماه فإذا نعم من نعم الصدقة وهم يسقون فحلبوا لي من ألبانها فجعلته في سقائي فهو هذا فأدخل عمر بن الخطاب يده فاستقاءه.
قال مالك: الأمر عندنا أن كل من منع فريضة من فرائض الله عز وجل فلم يستطع المسلمون.
ـــــــ.
605/31 - لو منعوني عقالا قال الباجي: قال بن القاسم هو القلوص ورواه عن مالك وقال محمد بن عيسى هو واحد العقل التي يعقل بها الإبل لأن الذي يعطي البعير في الزكاة يلزمه أن يعطي معه عقاله قال ويحتمل عندي أن يكون قصد بذلك المبالغة في تتبع الحق.(1/219)
"19 - باب زكاة ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب".
608- حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار وعن بسر بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر" .
609- وحدثني عن مالك عن زياد بن سعد عن بن شهاب أنه قال: لا يؤخذ في صدقة النخل الجعرور ولا مصران الفارة ولا عذق بن حبيق قال وهو يعد على صاحب المال ولا يؤخذ منه في الصدقة.
قال مالك: وإنما مثل ذلك الغنم تعد على صاحبها بسخالها والسخل لا يؤخذ منه في الصدقة وقد يكون في الأموال ثمار لا تؤخذ الصدقة منها من ذلك البردي وما أشبهه لا يؤخذ من أدناه كما لا يؤخذ من خياره قال وإنما تؤخذ الصدقة من أوساط المال.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا يخرص من الثمار إلا النخيل والأعناب فإن ذلك يخرص حين يبدو صلاحه ويحل بيعه وذلك أن ثمر النخيل والأعناب يؤكل رطبا وعنبا فيخرص على أهله للتوسعة على الناس ولئلا يكون على أحد في ذلك ضيق فيخرص ذلك عليهم ثم يخلى بينهم وبينه يأكلونه كيف شاؤوا ثم يؤدون منه الزكاة على ما خرص عليهم.
قال مالك: فأما ما لا يؤكل رطبا وإنما يؤكل بعد حصاده من الحبوب كلها فإنه لا يخرص وإنما على أهلها فيها إذا حصدوها ودقوها وطيبوها وخلصت حبا فإنما على أهلها فيها الأمانة يؤدون زكاتها إذا بلغ ذلك ما تجب فيه الزكاة وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.
ـــــــ.
608/34- مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار عن بسر بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فيما سقت السماء والعيون" وصله البخاري والأربعة من طريق بن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال الباجي: أراد ما سقي بالمطر وما سقي بالعيون الجارية على وجه الأرض التي لا يتكلف في رفع مائها بآلة ولا عمل وهو السيح والبعل هو ما شرب بعروقه من غير سقي سماء ولا غيرها وما سقي بالنضح أي بالرش والصب بماء يستخرج من الآبار والأنهار بآلة.
609/35- لا يؤخذ في صدقة النخل الجعرور ولا مصران الفارة ولا عدق بن حبيق هذه أنواع من رديء التمر.(1/220)
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن النخل يخرص على أهلها وثمرها في رؤوسها إذا طاب وحل بيعه ويؤخذ منه صدقته تمرا عند الجداد فإن أصابت الثمرة جائحة بعد أن تخرص على أهلها وقبل أن تجذ فأحاطت الجائحة بالثمر كله فليس عليهم صدقة فإن بقي من الثمر شيء يبلغ خمسة أوسق فصاعدا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم أخذ منهم زكاته وليس عليهم فيما أصابت الجائحة زكاة وكذلك العمل في الكرم أيضا وإذا كان لرجل قطع أموال متفرقة أو اشتراك في أموال متفرقة لا يبلغ مال كل شريك أو قطعه ما تجب فيه الزكاة وكانت إذا جمع بعض ذلك إلى بعض يبلغ ما تجب فيه الزكاة فإنه يجمعها ويؤدي زكاتها.(1/221)
"20 - باب زكاة الحبوب والزيتون".
610- حدثني يحيى عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن الزيتون فقال فيه العشر قال مالك: وإنما يؤخذ من الزيتون العشر بعد أن يعصر ويبلغ زيتونه خمسة أوسق فما لم يبلغ زيتونه خمسة أوسق فلا زكاة فيه والزيتون بمنزلة النخيل ما كان منه سقته السماء والعيون أو كان بعلا ففيه العشر وما كان يسقى بالنضح ففيه نصف العشر ولا يخرص شيء من الزيتون في شجره.
والسنة عندنا في الحبوب التي يدخرها الناس ويأكلونها أنه يؤخذ مما سقته السماء من ذلك وما سقته العيون وما كان بعلا العشر وما سقي بالنضح نصف العشر إذا بلغ ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي صلى الله عليه وسلم وما زاد على خمسة أوسق ففيه الزكاة بحساب ذلك.
قال مالك: والحبوب التي فيها الزكاة الحنطة والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والعدس والجلبان واللوبيا والجلجلان وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير طعاما فالزكاة تؤخذ منها بعد أن تحصد وتصير حبا.
قال والناس مصدقون في ذلك ويقبل منهم في ذلك ما دفعوا.
وسئل مالك متى يخرج من الزيتون العشر أو نصفه أقبل النفقة أم بعدها فقال لا ينظر إلى النفقة ولكن يسأل عنه أهله كما يسأل أهل الطعام عن الطعام ويصدقون بما قالوا: فمن رفع من زيتونه خمسة أوسق فصاعدا أخذ من زيته العشر بعد أن يعصر ومن لم يرفع من زيتونه خمسة أوسق لم تجب عليه في زيته الزكاة.
قال مالك: ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه زكاته وليس على الذي اشتراه زكاة ولا يصلح بيع الزرع حتى ييبس في أكمامه ويستغني عن الماء.
قال مالك: في قول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] أن ذلك الزكاة وقد سمعت من يقول ذلك.
قال مالك: ومن باع أصل حائطه أو أرضه وفي ذلك زرع أو ثمر لم يبد صلاحه فزكاة ذلك على المبتاع وإن كان قد طاب وحل بيعه فزكاة ذلك على البائع إلا أن يشترطها على المبتاع.(1/221)
21 - باب ما لا زكاة فيه من الثمار.
611- قال مالك: إن الرجل إذا كان له ما يجد منه أربعة أوسق من التمر وما يقطف منه أربعة أوسق من الزبيب وما يحصد منه أربعة أوسق من الحنطة وما يحصد منه أربعة أوسق من القطنية أنه لا يجمع عليه بعض ذلك إلى بعض وإنه ليس عليه في شيء من ذلك زكاة حتى يكون في الصنف الواحد من التمر أو في الزبيب أو في الحنطة أو في القطنية ما يبلغ الصنف الواحد منه خمسة أوسق بصاع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة" وإن كان في الصنف الواحد من تلك الأصناف ما يبلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة فإن لم يبلغ خمسة أوسق فلا زكاة فيه وتفسير ذلك أن يجذ الرجل من التمر خمسة أوسق وإن اختلفت أسماؤه وألوانه فإنه يجمع بعضه إلى بعض ثم يؤخذ من ذلك الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك الحنطة كلها السمراء والبيضاء والشعير والسلت كل ذلك صنف واحد فإذا حصد الرجل من ذلك كله خمسة أوسق جمع عليه بعض ذلك إلى بعض ووجبت فيه الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك الزبيب كله أسوده وأحمره فإذا قطف الرجل منه خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه وكذلك القطنية هي صنف واحد مثل الحنطة والتمر والزبيب وإن اختلفت أسماؤها وألوانها والقطنية الحمص والعدس واللوبيا والجلبان وكل ما ثبت معرفته عند الناس أنه قطنية فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان من أصناف القطنية كلها ليس من صنف واحد من القطنية فإنه يجمع ذلك بعضه إلى بعض وعليه فيه الزكاة.
قال مالك: وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة فيما أخذ من النبط ورأى أن القطنية كلها صنف واحد فأخذ منها العشر وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر.
قال مالك: فإن قال قائل كيف يجمع القطنية بعضها إلى بعض في الزكاة حتى تكون صدقتها واحدة والرجل يأخذ منها اثنين بواحد يدا بيد ولا يؤخذ من الحنطة اثنان بواحد يدا بيد قيل: له: فإن الذهب والورق يجمعان في الصدقة وقد يؤخذ بالدينار أضعافه في العدد من الورق يدا بيد.
قال مالك: في النخيل يكون بين الرجلين فيجذان منها ثمانية أوسق من التمر إنه لا صدقة عليهما فيها وإنه إن كان لأحدهما منها ما يجذ منه خمسة أوسق وللآخر ما يجذ أربعة أوسق أو أقل من ذلك في أرض واحدة كانت الصدقة على صاحب الخمسة الأوسق وليس على الذي جذ أربعة أوسق أو أقل منها صدقة وكذلك العمل في الشركاء كلهم في كل زرع من الحبوب كلها يحصد أو النخل يجد أو الكرم يقطف فإنه إذا كان كل رجل منهم يجد من التمر أو يقطف من الزبيب خمسة أوسق أو يحصد من الحنطة خمسة أوسق فعليه فيه الزكاة ومن كان حقه أقل من خمسة أوسق فلا صدقة عليه وإنما تجب الصدقة على من بلغ جداده أو قطافه أو حصاده خمسة أوسق.(1/222)
قال مالك: السنة عندنا أن كل ما أخرجت زكاته من هذه الأصناف كلها الحنطة والتمر والزبيب والحبوب كلها ثم أمسكه صاحبه بعد أن أدى صدقته سنين ثم باعه أنه ليس عليه في ثمنه زكاة حتى يحول على ثمنه الحول من يوم باعه إذا كان أصل تلك الأصناف من فائدة أو غيرها وأنه لم يكن للتجارة وإنما ذلك بمنزلة الطعام والحبوب والعروض يفيدها الرجل ثم يمسكها سنين ثم يبيعها بذهب أو ورق فلا يكون عليه في ثمنها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم باعها فإن كان أصل تلك العروض للتجارة فعلى صاحبها فيها الزكاة حين يبيعها إذا كان قد حبسها سنة من يوم زكى المال الذي أبتاعها به.(1/223)
22 - باب ما لا زكاة فيه من الفواكه والقضب والبقول.
قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها عندنا والذي سمعت من أهل العلم أنه ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة الرمان والفرسك والتين وما أشبه ذلك وما لم يشبهه إذا كان من الفواكه قال ولا في القضب ولا في البقول كلها صدقة ولا في أثمانها إذا بيعت صدقة حتى يحول على أثمانها الحول من يوم بيعها ويقبض صاحبها ثمنها.(1/223)
"23 - باب ما جاء في صدقة الرقيق والخيل والعسل".
612- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة" .
613- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سليمان بن يسار: أن أهل الشام قالوا: لأبي عبيدة بن الجراح خذ من خيلنا ورقيقنا صدقة فأبى ثم كتب إلى عمر بن الخطاب فأبى عمر ثم كلموه أيضا فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر إن أحبوا فخذها منهم وأرددها عليهم وأرزق رقيقهم.
قال مالك: معنى قوله رحمه الله وأرددها عليهم يقول على فقرائهم.
614- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه قال جاء: كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي وهو بمنى أن لا يأخذ من العسل ولا من الخيل صدقة.
615- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين فقال وهل في الخيل من صدقة.
ـــــــ.
612/38- عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار وعن عراك بن مالك عن أبي هريرة قال بن عبد البر: أدخل يحيى بين سليمان وعراك واوا فجعل الحديث لعبد الله بن دينار وعراك وهو خطأ عد من غلطه والحديث محفوظ في الموطآت كلها وفي غيرها لسليمان بن يسار عن عراك وهما تابعيان نظيران وعراك أسن وسليمان أفقه وعبد الله بن دينار أيضا تابعي ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة قال الباجي: هذا نفي والنفي على الإطلاق يقتضي الاستغراق.(1/223)
"24 - باب جزية أهل الكتاب والمجوس".
616- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب قال بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين وإن عمر بن الخطاب أخذها من مجوس فارس وإن عثمان بن عفان أخذها من البربر.
617- وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" .
618- وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهما مع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام.
619- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه: أنه قال لعمر بن الخطاب إن في الظهر ناقة عمياء فقال عمر: أدفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها قال فقلت وهي عمياء فقال عمر: يقطرونها بالإبل قال فقلت كيف تأكل من الأرض قال فقال عمر: أمن نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة فقلت بل من نعم الجزية فقال عمر: أردتم والله أكلها فقلت إن عليها وسم الجزية فأمر بها عمر فنحرت وكان عنده صحاف تسع فلا تكون فاكهة ولا طريفة إلا جعل منها في تلك الصحاف فبعث بها إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ويكون الذي يبعث به إلى حفصة ابنته من آخر ذلك فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة قال فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بما بقى من لحم تلك الجزور فصنع فدعا عليه المهاجرين والأنصار.
قال مالك: لا أرى أن تؤخذ النعم من أهل الجزية إلا في جزيتهم.
620 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز: كتب إلى عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون.
ـــــــ.
616/42- عن بن شهاب قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين الحديث وصله الدارقطني وابن عبد البر من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد قال بن عبد البر: والسائب ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظ عنه وحج معه وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن تسع سنين وأشهر.
617/43- عن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس الحديث قال بن عبد البر: هذا منقطع لأن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف قال إلا أن معناه متصل من وجوه حسان سنوا بهم سنة أهل الكتاب قال بن عبد البر: هذا من الكلام الذي خرج مخرج العموم والمراد منه الخصوص لأن المراد في الجزية لا في غيرها من الأنكحة والذبائح.(1/224)
قال مالك: مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل الكتاب ولا على صبيانهم وإن الجزية لا تؤخذ إلا من الرجال الذين قد بلغوا الحلم وليس على أهل الذمة ولا على المجوس في نخيلهم ولا كرومهم ولازروعهم ولا مواشيهم صدقة لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرا لهم وردا على فقرائهم ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغارا لهم فهم ما كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين ويختلفوا فيها فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم ويقاتل عنهم عدوهم فمن خرج منهم من بلاده إلى غيرها يتجر إليها فعليه العشر من تجر منهم من أهل مصر إلى الشام ومن أهل الشام إلى العراق ومن أهل العراق إلى المدينة أو اليمن أو ما أشبه هذا من البلاد فعليه العشر ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من أموالهم ولا من مواشيهم ولا ثمارهم ولازروعهم مضت بذلك السنة ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه وإن اختلفوا في العام الواحد مرارا في بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا العشر لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه ولا مما شرط لهم وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.(1/225)
"25 - باب عشور أهل الذمة".
621- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه: أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر.
622- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال: كنت غلاما عاملا مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكنا نأخذ من النبط العشر.
623- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب على أي وجه كان يأخذ عمر بن الخطاب من النبط العشر فقال بن شهاب كان ذلك يؤخذ منهم في الجاهلية فألزمهم ذلك عمر.
ـــــــ.
622/48 - عن السائب عن يزيد أنه قال كنت غلاما عاملا مع عبد الله بن عتبة قال الباجي: هكذا رواه يحيى غلاما يريد بذلك شابا ورواه مطرف وأبو مصعب كنت عاملا.(1/225)
"26 - باب اشتراء الصدقة والعود فيها".
624 - حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال سمعت عمر بن.
ـــــــ.
624/50 - حملت على فرس أي تصدقت به ووهبته لمن يقاتل عليه في سبيل الله عتيق هو الكريم السابق والجمع عتاق أضاعه قال الباجي: يحتمل أن يريد لم يحسن القيام عليه أو صيره ضائعا من الهزال لفرط مباشرة الجهاد والاتعاب له في سبيل الله لا تشتره هو نهي تنزيه وقيل: تحريم فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه وجه التشبيه أنه أخرج في الصدقة أوساخه وأدناسه فأشبه تغير الطعام إلى حال القيء.(1/225)
"27 - باب من تجب عليه زكاة الفطر".
626- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى وبخيبر.
000- وحدثني عن مالك أن أحسن ما سمعت فيما يجب على الرجل من زكاة الفطر أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن نفقته ولا بد له من أن ينفق عليه والرجل يؤدي عن مكاتبه ومدبره ورقيقه كلهم غائبهم وشاهدهم من كان منهم مسلما ومن كان منهم لتجارة أو لغير تجارة ومن لم يكن منهم مسلما فلا زكاة عليه فيه.
قال مالك: في العبد الآبق إن سيده إن علم مكانه أو لم يعلم وكانت غيبته قريبة وهو يرجو حياته ورجعته فإني أرى أن يزكي عنه وإن كان إباقه قد طال ويئس منه فلا أرى أن يزكي عنه قال مالك: تجب زكاة الفطر على أهل البادية كما تجب على أهل القرى وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
ـــــــ.
626/53 - فرض زكاة الفطر قال الجمهور معناه ألزم وأوجب وقالت: طائفة معناه قدر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين قال النووي: قال الترمذي: وغيره لفظة من المسلمين انفرد بها مالك دون سائر أصحاب نافع قال وليس كذلك بل وافقه فيها ثقتان الضحاك بن عثمان عند مسلم بن نافع عند البخاري وقال بن عبد البر: كل الرواة عن مالك قالوا: فيه من المسلمين إلا قتيبة بن سعيد وحده فإنه لم يقلها قال وأخطأ من ظن أن مالكا تفرد بها فقد تابعه عليها جماعة عن نافع منهم عمر ابنه وعبيد الله بن عمر وكثير بن فرقد ويونس بن يزيد وأيوب كلهم رووه عن نافع وقالوا: فيه من المسلمين.(1/226)
"28 - باب مكيلة زكاة الفطر".
627- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.(1/226)
"29 - باب وقت إرسال زكاة الفطر".
630- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة.
631- وحدثني عن مالك أنه رأى أهل العلم يستحبون أن يخرجوا زكاة الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر قبل أن يغدوا إلى المصلى قال مالك: وذلك واسع إن شاء الله أن تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده.(1/227)
باب من لاتجب عليه زكاة الفطر
...
30 - باب من لا تجب عليه زكاة الفطر.
632- حدثني يحيى عن مالك ليس على الرجل في عبيد عبيده ولا في أجيره ولا في رقيق امرأته زكاة إلا من كان منهم يخدمه ولا بد له منه فتجب عليه وليس عليه زكاة في أحد من رقيقه الكافر ما لم يسلم لتجارة كانوا أو لغير تجارة.(1/227)
كتاب الصيام
باب ماجاء في رؤية الهلال للصوم والفطر في رمضان
...
"18 - كتاب الصيام".
"1 - باب ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر في رمضان".
633- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ.
كتاب الصيام.
633/1- فإن غم عليكم أي حال بينكم وبينه غيم فاقدروا له قال النووي: اختلف في معناه فقالت: طائفة معناه ضيقوا له وقدروه تحت السحاب وبهذا قال أحمد بن حنبل وغيره ممن يجوز صوم ليلة الغيم عن رمضان وقال بن سريج وجماعة معناه قدروه بحساب المنازل وذهب الأئمة الثلاثة والجمهور إلى أن معناه قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما كما في الرواية الأخرى قال المازري حمل جمهور الفقهاء قوله فاقدروا له.(1/227)
"2 - باب من أجمع الصيام قبل الفجر".
637- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم: بمثل ذلك.
ـــــــ.
637/5- عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر عن بن شهاب عن عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك قال في الاستذكار رواه يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وهو أحسن ما روي مرفوعا في هذا الباب قلت: أخرجه من هذا الطريق أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وقد روى عن نافع عن بن عمر قوله وهو أصح وأخرجه النسائي أيضا من طريق عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة أنها كانت تقول موقوف وأخرجه أيضا من طريق يونس وسفيان وابن عيينة ومعمر ثلاثتهم عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة به موقوف ومن طريق مالك وعبيد الله بن عمر كلاما عن نافع عن بن عمر قوله وقال الصواب عندنا في هذا الحديث أنه موقوف ولم يصح رفعه لأن يحيى بن أيوب ليس بالقوي قال الباجي: الإجماع للصيام هو العزم عليه والقصد له.(1/229)
"3 - باب ما جاء في تعجيل الفطر".
638- حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" .
639- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" .
640- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن: أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كانا يصليان المغرب حين ينظران إلى الليل الأسود قبل أن يفطرا ثم يفطران بعد الصلاة وذلك في رمضان.
ـــــــ.
638/7 - لا يزال الناس بخير لأبي داود من حديث أبي هريرة لا يزال الدين ظاهرا ما عجلوا الفطر.(1/229)
"4 - باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنبا في رمضان".
641- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن أبي يونس مولى عائشة عن عائشة: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب وأنا أسمع يا رسول الله إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال صلى الله عليه وسلم: "وأنا أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فأغتسل وأصوم" فقال له الرجل يا رسول الله إنك لست مثلنا قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك(1/229)
"5 - باب ما جاء في الرخصة في القبلة للصائم".
645- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن رجلا قبل امرأته وهو صائم في رمضان فوجد من ذلك وجدا شديدا فأرسل امرأته تسأل له عن ذلك فدخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لها فأخبرتها أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم فرجعت فأخبرت زوجها بذلك فزاده ذلك شرا وقال لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم الله يحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ثم رجعت امرأته إلى أم سلمة فوجدت عندها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لهذه المرأة" فأخبرته أم سلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا أخبرتيها أني أفعل ذلك" فقالت قد أخبرتها فذهبت إلى زوجها فأخبرته فزاده ذلك شرا وقال لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم الله يحل لرسوله صلى الله عليه وسلم ما شاء فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "والله إني لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده" .
646- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت.
647- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عاتكة ابنة زيد بن عمرو بن نفيل امرأة عمر بن الخطاب كانت تقبل رأس عمر بن الخطاب وهو صائم فلا ينهاها.
648- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أن عائشة بنت طلحة أخبرته أنها كانت عند عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل عليها زوجها هنالك وهو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وهو صائم فقالت له عائشة ما يمنعك أن تدنو من أهلك فتقبلها وتلاعبها فقال أقبلها وأنا صائم قالت نعم.
649- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم: أن أبا هريرة وسعد بن أبي وقاص كانا يرخصان في القبلة للصائم.
ـــــــ.
646/15 - عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت زاد بن أبي شيبة من طريق شريك عن هشام في هذا الحديث فظننا أنها هي وبذلك عرفنا حكمة ضحكها إشارة إلى أنها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بها.(1/231)
"6 - باب ما جاء في التشديد في القبلة للصائم".
650- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت إذا ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم تقول وأيكم أملك لنفسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
650/19 - مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت إذا ذكرت الحديث وصله مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن عائشة ومن طريق الأعمش عن إبراهيم عن الأسود وعلقمة عن عائشة.(1/231)
"7 - باب ما جاء في الصيام في السفر".
653- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر فأفطر الناس وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
654- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر وقال: "تقووا لعدوكم" وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر قال الذي حدثني لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج يصب الماء على رأسه من العطش أو من الحر ثم قيل: لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن طائفة من الناس قد صاموا حين صمت قال فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكديد دعا بقدح فشرب فأفطر الناس.
655- وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم.
ـــــــ.
653/22- عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح قال القابسي هذا الحديث من مرسلات الصحابة لأن بن عباس كان في هذا السفر مقيما مع أبويه بمكة فلم هذه القصة وكأنه سمعها من غيره من الصحابة الكديد بتفح الكاف وكسر الدال المهملة مكان بين عسفان وقديد وكانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث هو قول بن شهاب كما بين في رواية البخاري ومسلم قال الحافظ بن حجر: وظاهره انه ذهب إلى أن الصوم في السفر منسوخ ولم يوافق على ذلك.
654/23- بالعرج قال في النهاية هو بفتح العين وسكون الراء قرية جامعة من عمل الفرع على أيام من المدينة.
655/24- عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم قال بن عبد البر: بلغني عن بن وضاح أنه كان يقول إن مالكا لم يتابع عليه في لفظه وإن غيره يرويه عن حميد عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون فيصوم بضعهم ويفطر بعضهم فلا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم ليس فيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أنه كان يشاهدهم في حالهم هذه قال بن عبد البر: وهذا عندي قلة اتساع في علم الأثر وقد تابع مالكا على ذلك جماعة من(1/232)
656- وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رجل أصوم أفأصوم في السفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن شئت فصم وإن شئت فأفطر" .
657- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يصوم في السفر.
658- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يسافر في رمضان ونسافر معه فيصوم عروة ونفطر نحن فلا يأمرنا بالصيام.
ـــــــ.
الحفاظ منهم أبو إسحاق الفزاري وأبو حمزة أنس بن عياض ومحمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الوهاب الثقفي كلهم عن حميد قال وما أعلم أحدا روى هذا الحديث كما قال بن وضاح إلا شيخه محمد بن مسعود عن يحيى بن سعيد القطان عن حميد انتهى.
656/25 - عن هشام بن عروة عن أبيه أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: وقال بسائر أصحاب مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة أن حمزة وكذلك رواه جماعة عن هشام منهم بن عيينة وحماد بن سلمة والليث بن سعد ووكيع ويحيى القطان ومحمد بن عجلان وعبد الرحيم بن سليمان ويحيى بن هاشم ويحيى بن عبد الله بن سالم وعمرو بن هاشم وابن نمير وأبو أمامة وأبو معاوية وأبو حمزة وأبو إسحاق الفزاري ورواه أبو معشر المدني وجرير بن عبد الحميد والمفضل بن فضالة ثلاثتهم عن هشام عن أبيه أن حمزة لما رواه يحيى عن مالك ورواه بن وهب في موطئه عن عمرو بن الحارث عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال فهذا أبو الأسود وهو ثبت في عروة وغيره قد خالف هشاما فجعل الحديث عن عروة عن أبي مراوح عن حمزة وذلك يدل على أن رواية يحيى ليست بالخطأ ويجوز أن يكون عروة سمعه من عائشة ومن أبي مراوح جميعا عن حمزة فحدث به عن كل واحد منهما وأرسله أحيانا وقد روى سليم بن يسار هذا الحديث عن حمزة وسنه قريب من سن عروة انتهى وقال الحافظ بن حجر: رواه الحفاظ عن هشام عن أبيه عن عائشة أن حمزة بن عمرو قال ورواه عبد الرحيم بن سليمان عن النسائي والداروردي عند الطبراني ويحيى بن عبد الله بن سالم عند الدارقطني ثلاثتهم عن هشام عن أبيه عن عائشة عن حمزة بن عمرو وجعلوه من مسند حمزة والمحفوظ أنه من مسند عائشة ويحتمل أن هؤلاء لم يقصدوا بقولهم عن حمزة الرواية عنه وإنما أرادوا الاخبار عن حكايته فالتقدير عن عائشة عن قصة حمزة أنه قال لكن صح مجيء الحديث من رواية حمزة فأخرجه مسلم من طريق أبي الأسود عن عروة عن أبي مراوح عن حمزة وكذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن عروة ولكنه أسقط أبا مراوح والصواب إثباته وهو محمول على أن لعروة فيه طريقين سمعه من عائشة وسمعه من أبي مراوح عن حمزة انتهى.(1/233)
"8 - باب ما يفعل من قدم من سفر أو أراده في رمضان".
659- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب: كان إذا كان في سفر في رمضان فعلم أنه داخل المدينة من أول يومه دخل وهو صائم.
قال يحيى: قال مالك: من كان في سفر فعلم أنه داخل على أهله من أول يومه وطلع له.(1/233)
الفجر قبل أن يدخل دخل وهو صائم.
قال مالك: وإذا أراد أن يخرج في رمضان فطلع له الفجر وهو بأرضه قبل أن يخرج فإنه يصوم ذلك اليوم.
قال مالك: في الرجل يقدم من سفره وهو مفطر وامرأته مفطرة حين طهرت من حيضها في رمضان أن لزوجها أن يصيبها إن شاء.(1/234)
"9 - باب كفارة من أفطر في رمضان".
660- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة: أن رجلا أفطر في رمضان فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا فقال: لا أجد فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال: "خذ هذا فتصدق به" فقال يا رسول الله ما أحد أحوج مني فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: "كله" .
661- وحدثني عن مالك عن عطاء بن عبد الله الخرساني عن سعيد بن المسيب أنه.
ـــــــ.
660/29- عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال الحافظ بن حجر: هكذا توارد عليه أصحاب الزهري وهم أكثر من أربعين نفسا جمعتهم في جزء مفرد منهم بن عيينة والليث بن سعد ومنصور ومعمر عند الشيخين والأوزاعي وشعيب وإبراهيم بن سعد عند البخاري وابن جريج عند مسلم ويحيى بن سعيد وعراك بن مالك عند النسائي وعبد الجبار بن عمر عند أبي عوانة وعبد الرحمن بن مسافر عند الطحاوي وعقيل: عند بن خزيمة وابن أبي حفصة عند أحمد ويونس وحجاج بن أرطاة وصالح بن أبي الأخضر عند الدارقطني ومحمد بن إسحاق عند البزار وخالفهم هشام بن سعد فرواه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أخرجه أبو داود وغيره قال البزار وابن خزيمة وأبو عوانة: أخطأ فيه هشام بن سعد قال الحافظ بن حجر: وقد تابعه عبد الوهاب نب عطاء عن محمد بن أبي حفصة عند أحمد فيحتمل أن يكون الحديث عند الزهري عنهما فقد جمعهما عن صالح بن أبي الأخضر أخرجه الدارقطني في العلل أن رجلا جزم عبد الغني وابن بشكوال في المبهمات بأنه سلمان أو سلمة بن صخر البياضي وروى بن عبد البر من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن الرجل اذي وقع على امرأته في رمضان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو سلمان بن صخر وقال: أظنه وهما لأن المحفوظ أنه ظاهر وقال بن حجر: يحتمل وقوع الأمرين له أفطر في رمضان قال الباجي: اختلفت رواة هذا الحديث في لفظه فقال: أصحاب الموطأ وأكثر الرواة عن مالك أفطر وقال جماعة: جامع بعرق بفتح العين المهملة والراء وقاف وروي بإسكان الراء والفتح أشهر رواية ولغة وقد فسره الزهري في رواية الصحيحين بأنه المكتل قال الأخفش: سمي المكتل عرقا لأنه يضفر عرقه والعرق جمع عرقة كعلق وعلقة والعرقة الضفيرة من الخوص.
661/30- يضرب نحره وينتف شعره زاد الدارقطني ويحثى على رأسه التراب قال: فهل تستطيع أن تهدى بدنة قال بن عبد البر: جميع ما ذكر في هذا الحديث محفوظ من رواية الثقات الاثبات إلا هذه الجملة فانها غير محفوظة.(1/234)
قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب نحره وينتف شعره ويقول هلك الأبعد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما ذاك" فقال: أصبت أهلي وأنا صائم في رمضان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تستطيع أن تعتق رقبة" فقال: لا فقال: "هل تستطيع أن تهدي بدنة" قال: لا قال فأجلس فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرق تمر فقال: "خذ هذا فتصدق به" فقال: ما أحد أحوج مني فقال: "كله وصم يوما مكان ما أصبت" .
قال مالك: قال عطاء فسألت سعيد بن المسيب كم في ذلك العرق من التمر فقال: ما بين خمسة عشر صاعا إلى عشرين.
قال مالك: سمعت أهل العلم يقولون: ليس على من أفطر يوما في قضاء رمضان بإصابة أهله نهارا أو غير ذلك الكفارة التي تذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أصاب أهله نهارا في رمضان وإنما عليه قضاء ذلك اليوم.
قال مالك: وهذا أحب ما سمعت فيه إلي.(1/235)
"10 - باب ما جاء في حجامة الصائم".
662- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يحتجم وهو صائم قال: ثم ترك ذلك بعد فكان إذا صام لم يحتجم حتى يفطر.
663- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر كانا يحتجمان وهما صائمان.
664- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يحتجم وهو صائم ثم لا يفطر قال: وما رأيته احتجم قط إلا وهو صائم.
قال مالك: لا تكره الحجامة للصائم إلا خشية من أن يضعف ولولا ذلك لم تكره ولو أن رجلا احتجم في رمضان ثم سلم من أن يفطر لم أر عليه شيئا ولم آمره بالقضاء لذلك اليوم الذي احتجم فيه لأن الحجامة إنما تكره للصائم لموضع التغرير بالصيام فمن احتجم وسلم من أن يفطر حتى يمسي فلا أرى عليه شيئا وليس عليه قضاء ذلك اليوم.(1/235)
"11 - باب صيام يوم عاشوراء".
665- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها.
ـــــــ.
665/34- كان يوم عاشوراء هو بالمد على المشهور وحكى فيه القصر وزعم بن دريد أنه اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية ورد على بن دحية واختلف أهل الشرع في تعيينه فقال: الأكثر هو اليوم العاشر من المحرم قال بن المنير: وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية وقال القرطبي عاشوراء مصدر معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم العقد واليوم مضاف إليها فإذا قيل: يوم عاشوراء فكأنه قيل: يوم الليلة العاشرة إلا أنهما لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة فصار هذا اللفظ علما على اليوم العاشر وذكر أبو منصور.(1/235)
"12 - باب صيام يوم الفطر والأضحى والدهر".
668- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام يومين يوم الفطر ويوم الأضحى.
669- وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: لا بأس بصيام الدهر إذا أفطر الأيام التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها وهي أيام منى ويوم الأضحى ويوم الفطر فيما بلغنا قال وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك.(1/236)
"13 - باب النهي عن الوصال في الصيام".
670- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال فقالوا: يا رسول الله فإنك تواصل فقال: "إني لست كهيئتكم إني أطعم وأسقى" .
ـــــــ.
670/39 - نهى عن الوصال هو إمساك الليل مع النهار.(1/236)
14 - باب صيام الذي يقتل خطأ أو يتظاهر.
672- حدثني يحيى وسمعت مالكا يقول أحسن ما سمعت فيمن وجب عليه صيام شهرين متتابعين في قتل خطأ أو تظاهر فعرض له مرض يغلبه ويقطع عليه صيامه أنه إن صح من مرضه وقوي على الصيام فليس له أن يؤخر ذلك وهو يبني على ما قد مضى من صيامه وكذلك المرأة التي يجب عليها الصيام في قتل النفس خطأ إذا حاضت بين ظهري صيامها أنها إذا طهرت لا تؤخر الصيام وهي تبني على ما قد صامت وليس لأحد وجب عليه صيام شهرين متتابعين في كتاب الله أن يفطر إلا من علة مرض أو حيضة وليس له أن يسافر فيفطر قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك".(1/237)
باب مايفعل المريض في صيامه
...
"15 - باب ما يفعل المريض في صيامه.
673- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر الذي سمعت من أهل العلم أن المريض إذا أصابه المرض الذي يشق عليه الصيام معه ويتعبه ويبلغ ذلك منه فإن له أن يفطر وكذلك المريض الذي اشتد عليه القيام في الصلاة وبلغ منه وما الله أعلم بعذر ذلك من العبد ومن ذلك ما لا تبلغ صفته فإذا بلغ ذلك صلى وهو جالس ودين الله يسر وقد أرخص الله للمسافر في الفطر في السفر وهو أقوى على الصيام من المريض قال الله تعالى في كتابه: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى(1/237)
باب النذر في الصيام والصيام عن الميت
...
16 - باب صيام والصيام عن الميت.
674- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن رجل نذر صيام شهر هل له أن يتطوع فقال سعيد ليبدأ بالنذر قبل أن يتطوع.
قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك قال مالك: من مات وعليه نذر من رقبة يعتقها أو صيام أو صدقة أو بدنة فأوصى بأن يوفى ذلك عنه من ماله فإن الصدقة والبدنة في ثلثه وهو يبدي على ما سواه من الوصايا إلا ما كان مثله وذلك أنه ليس الواجب عليه من النذور وغيرها كهيئة ما يتطوع به مما ليس بواجب وإنما يجعل ذلك في ثلثه خاصة دون رأس ماله لأنه لو جاز له ذلك في رأس ماله لأخر المتوفى مثل ذلك من الأمور الواجبة عليه حتى إذا حضرته الوفاة وصار المال لورثته سمى مثل هذه الأشياء التي لم يكن يتقاضاها منه متقاض فلو كان ذلك جائزا له أخر هذه الأشياء حتى إذا كان عند موته سماها وعسى أن يحيط بجميع ماله فليس ذلك له.
675- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: كان يسأل هل يصوم أحد عن أحد أو يصلي أحد عن أحد فيقول لا يصوم أحد عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد.(1/238)
"17 - باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات".
676- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أخيه خالد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين طلعت الشمس فقال عمر الخطب يسير وقد اجتهدنا.
قال مالك: يريد بقوله: الخطب يسير القضاء فيما نرى والله أعلم وخفة مؤونته ويسارته يقول نصوم يوما مكانه.
677- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: يصوم قضاء رمضان متتابعا من أفطره من مرض أو في سفر.
678 - وحدثني عن مالك عن بن شهاب أن عبد الله بن عباس وأبا هريرة: اختلفا في قضاء رمضان فقال أحدهما يفرق بينه وقال الآخر لا يفرق بينه لا أدري أيهما قال يفرق بينه.
679- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يقول من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء.
680- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يسأل عن قضاء رمضان فقال سعيد: أحب إلي أن لا يفرق قضاء رمضان وإن يواتر.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول فيمن فرق قضاء رمضان فليس عليه إعادة وذلك مجزئ عنه وأحب ذلك إلي أن يتابعه قال مالك: من أكل أو شرب في رمضان ساهيا أو ناسيا أو ما كان من صيام واجب عليه أن عليه قضاء يوم مكانه.(1/238)
"18 - باب قضاء التطوع".
682- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أصبحتا صائمتين متطوعتين فأهدي لهما طعام فأفطرتا عليه فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت.
ـــــــ.
672/51- عن بن شهاب أن عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أصبحتا صائمتين وصله بن عبد البر من طريق عبد العزيز بن يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة وقال لا يصح عن مالك إلا المرسل ووصله النسائي من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة وصالح بن كيسان ويحيى بن سعيد ثلاثتهم عن الزهري عن عروة عن عائشة وقال هذا خطأ والصواب عن الزهري مرسل ووصله الترمذي والنسائي أيضا من طريق جعفر بن برقان عن الزهري عن عروة عن عائشة وقال الترمذي: روى صالح بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا عن الزهري هكذا وروى مالك ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعيد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة مرسلا وهذا أصح وعن علي بن عيسى بن يزيد البغدادي عن روح بن عبادة عن بن جريج قال سألت الزهري فقلت له أحدثك عروة عن عائشة قال لم أسمع من عروة في هذا شيئا ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث ووصله النسائي أيضا من طريق سفيان بن حسين وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن عائشة وقال هذا خطأ وسفيان بن حسين وجعفر بن برقان ليسا بالقويين في الزهري ولا بأس بهما في غير الزهري وصالح بن أبي الأخضر ضعيف في الزهري وفي غيره قال سفيان بن عيينة سألوا الزهري وأنا شاهد أهو عن عروة فقال: لا ووصله أبو داود والنسائي من طريق وهيب عن حيوة بن شريح زاد النسائي وعمر بن مالك كلاهما عن يزيد بن الهاد عن زميل مولى عروة عن عروة عن عائشة وقال النسائي: زميل ليس بالمشهور وقال البخاري: لا يعرف لزميل سماع من عروة ولا ليزيد من زميل ولا تقوم به الحجة ووصله النسائي أيضا من طريق بن وهب عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وقال هذا خطأ.(1/239)
عائشة فقالت حفصة وبدرتني بالكلام وكانت بنت أبيها: يا رسول الله إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدى إلينا طعام فأفطرنا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضيا مكانه يوما آخر" .
قال يحيى: سمعت مالكا يقول من أكل أو شرب ساهيا أو ناسيا في صيام تطوع فليس عليه قضاء وليتم يومه الذي أكل فيه أو شرب وهو متطوع ولا يفطره وليس على من أصابه أمر يقطع صيامه وهو متطوع قضاء إذا كان إنما أفطر من عذر غير متعمد للفطر ولا أرى عليه قضاء صلاة نافلة إذا هو قطعها من حدث لا يستطيع حبسه مما يحتاج فيه إلى الوضوء.
قال مالك: ولا ينبغي أن يدخل الرجل في شيء من الأعمال الصالحة الصلاة والصيام والحج وما أشبه هذا من الأعمال الصالحة التي يتطوع بها الناس فيقطعه حتى يتمه على سنته إذا كبر لم ينصرف حتى يصلي ركعتين وإذا صام لم يفطر حتى يتم صوم يومه وإذا أهل لم يرجع حتى يتم حجه وإذا دخل في الطواف لم يقطعه حتى يتم سبوعه ولا ينبغي أن يترك شيئا من هذا إذا دخل فيه حتى يقضيه إلا من أمر يعرض له مما يعرض للناس من الأسقام التي يعذرون بها والأمور التي يعذرون بها وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] فعليه إتمام الصيام كما قال الله وقال الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فلو أن رجلا أهل بالحج تطوعا وقد قضى الفريضة لم يكن له أن يترك الحج بعد أن دخل فيه ويرجع حلالا من الطريق وكل أحد دخل في نافلة فعليه إتمامها إذا دخل فيها كما يتم الفريضة وهذا أحسن ما سمعت.(1/240)
باب فدية من أفطر في رمضان من غير علة
...
"18 - باب فدية من أفطر في رمضان من علة".
683- حدثني يحيى عن مالك: أنه بلغه أن أنس بن مالك كبر حتى كان لا يقدر على الصيام فكان يفتدي.
قال مالك: ولا أرى ذلك واجبا وأحب إلى أن يفعله إذا كان قويا عليه فمن فدى فإنما يطعم مكان كل يوم مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
684- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر: سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها وأشتد عليها الصيام قال تفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال مالك: وأهل العلم يرون عليها القضاء كما قال الله عز وجل: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] ويرون ذلك مرضا من الأمراض مع الخوف على ولدها.
685- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يقول من كان عليه قضاء رمضان فلم يقضه وهو قوي على صيامه حتى جاء رمضان آخر فإنه يطعم مكان كل يوم مسكينا مدا من حنطة وعليه مع ذلك القضاء.
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن جبير مثل ذلك.(1/240)
"19 - باب جامع قضاء الصيام".
686 - حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: إن كان ليكون على الصيام من رمضان فما أستطيع أصومه حتى يأتي شعبان.
ـــــــ.
686/56- عن يحيى بن سعيد قال الحافظ بن حجر: هو الأنصاري قال وذهل من قال انه القطان لأنه لم يدرك أبا سلمة عن أبي سلمة في رواية الإسماعيلي سمعت أبا سلمة أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول إن كان ليكون علي الصيام من رمضان فما أستطيع أصومه حتى يأتي شعبان زاد البخاري قال يحيى: للشغل بالنبي صلى الله عليه وسلم وللترمذي وابن خزيمة من طريق عبد الله البهي عن عائشة قالت: ما قضيت شيئا مما يكون علي من رمضان إلا في شعبان حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.(1/241)
20 باب صيام اليوم الذي يشك فيه.
687- حدثني يحيى عن مالك أنه سمع أهل العلم ينهون أن يصام اليوم الذي يشك فيه من شعبان إذا نوى به صيام رمضان ويرون أن على من صامه على غير رؤية ثم جاء الثبت أنه من رمضان أن عليه قضاءه ولا يرون بصيامه تطوعا بأسا قال مالك: وهذا الأمر عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا".(1/241)
21 – باب جامع الصيام.
688- حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان.
689- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ـــــــ.
679/59- الصيام جنة زاد سعيد بن منصور عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد من النار ولأحمد من طريق أبي يونس عن أبي هريرة جنة وحصن حصين من النار وللنسائي من حديث عثمان بن أبي العاص جنة كجنة أحدكم من القتال ولأحمد من حديث أبي عبيد بن الجراح جنة ما لم يخرقها زاد الدارمي بالغيبة والجنة بضم الجيم الوقاية والستر قال بن العربي انما كان الصوم جنة من النار لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة الشهوات فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث بضم الفاء وكسرها والرفث الكلام الفاحش ولا يجهل أي لا يفعل شيئا من أفعال أهل الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك ولسعيد بن منصور من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه ولا يجادل قال القرطبي لا يفهم من هذا أن ذلك يباح في غير الصوم وإنما المراد ان المنع من ذلك يتأكد بالصوم فليقل إني صائم إني صائم اختلف هل يخاطب بها الشاتم أو يقولها في نفسه وبالثاني جزم المتولى ونقله الرافعي عن الأئمة ورجح النووي الأول في الأذكار وقال في شرح المهذب كل منهما حسن والقول باللسان أقوى ولو جمعهما كان حسنا ونقل الزركشي أن ذكرها في الحديث مرتين إشارة لذلك فيقولها بقلبه بكف نفسه وبلسانه لكف خصمه وقال الروياني إن كان رمضان فبلسانه وإلا ففي نفسه وادعى بن العربي أن موضع الخلاف في النفل وأما في الفرض فيقوله بلسانه قطعا.(1/241)
كتاب الاعتكاف
باب ذكر الاعتكاف
...
"19 - كتاب الاعتكاف".
"1 - باب ذكر الاعتكاف".
693 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت.
ـــــــ.
كتاب الاعتكاف.
693/1 - عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قال بن عبد البر: كذا رواه جمهور رواة الموطأ ورواه عبد الرحمن بن مهدي وجماعة عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة فلم يذكر عمرة في هذا الحديث وكذا لم يذكر عمرة أكثر أصحاب بن شهاب منهم معمر وسفيان بن حسين وزياد بن سعد والأوزاعي انتهى قلت: رواه النسائي من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك به ورواه الترمذي عن أبي مصعب عن مالك عن الزهري عن عروة وعمرة كلاهما عن عائشة وقال هكذا روي غيرواحد عن مالك وروى بعضهم عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عمرة عن عائشة والصحيح عن عروة وعمرة عن عائشة وكذا أخرجه البخاري ومسلم وبقية الستة من طريق الليث عن الزهري عن عروة وعمرة كلاهما عن عائشة قال الحافظ جمال الدين المزي في الأطراف قال البخاري: هو صحيح معن عروة وعمرة ولا أعلم أحدا قال: عن عروة عن عمرة غير مالك وعبيد الله بن عمر وقال الحافظ بن حجر: رواه الليث عن الزهري فجمع بين عروة وعمرو ورواه يونس والأوزاعي عن الزهري عن عروة وجده ورواه مالك.(1/244)
...........................................................................................
عنه عن عروة عن عمرة قال أبو داود وغيره: لم يتابع عليه وذكر البخاري أن عبيد الله بن عمر تابع مالكا وذكر الدارقطني انا أبا أويس رواه كذلك عن الزهري واتفقوا على أن الصواب قول الليث وإن الباقين اختصروا منه ذكر عمرة أن ذكر عمرة في رواية مالك من المزيد في متصل الأسانيد وقد رواه بعضهم عن مالك فوافق الليث أخرجه النسائي أيضا وله أصل من حديث عروة عن عائشة من طريق هشام عن أبيه في الصحيح وهو عند النسائي من طريق تميم بن سلمة عن عروة انتهى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه قال الشيخ بهاء الدين السبكي هذا وأشباهه من المواضع التي يجيء خبر كان فيها جملة شرطية لا يدل على وجود الشرط ولا الجزاء لأن اعتكف فعل مستقبل المعنى لوقوعه بعد أداة الشرط وكان وإن دلت على مضي مضمون جبرها فمضمون الخبر ترتب الجزاء على الشرط وهو كونه إذا وقع منه الاعتكاف يدني رأسه وهذا المعنى لا يلزم منه وقوع الاعتكاف كما لو قلت: كان زيد إن جاء أكرمته لا يلزم وقوع المجيء منه بل الماضي مضمون الجملة الخبرية بجملتها ومضمونها حصول الجزاء عند الشرك وفعل الشرط قيد فيها لا بعض منها ولا من مدلولها وإذا وإن دلت على تحقيق ما دلت عليه أو رجحانه فلا يلزم التحقق في الخارج بل في الذهن فإذا قلت: زيد أكرمته فمعنى التحقق أن المتكلم تحقق أنه سيقع هذا الشرط ول يلزم مطابقة هذا التحقق للخارج لجواز عدم المطابقة وقول عائشة كان إذا اعتكف عائشة تحقق أن الاعتكاف سيقع في المستقبل فليس دالا على أنه وقع وإذا كان كذلك فلا دلالة عه على وقوع الفعل منه صلى الله عليه وسلم حال ورود هذا الحديث ولا قبله من هذا اللفظ فإن قيل: تحقق عائشة أنه سيقع يغلب على الظن وقوعه فحينئذ تصير الدلالة خارجة عن اللفظ هذا كلام الشيخ بهاء الدين وألف والده الشيخ تقي الدين في الجواب عن ذلك مؤلفا سماه قدر الإمكان المختطف في دلالة كان إذا اعتكف قال فيه قول عائشة كان إذا اعتكف ادعى بعض الفضلاء أنه لا يدل على وقوع الاعتكاف وادعى آخرون أنه يدل وإن دلالته على ذلك ضرورية واختلف هؤلاء في المأخذ فمنهم من أخذه من إذا وأنها لا تدخل إلا على المعلوم ومنهم من أخذه من كان والذي أقول بعون الله انه يدل على وقوع الجزاء مطابقة وأما الشرط قيل: له: التزاما لا مطابقة وإن دلالته على ذلك من كان لا من إذا وحها قطعا ولا من إذا مع كان على الظاهر وأما منع الدلالة على ذلك رأسا فتنكره الطباع ولا يتردد أحد في فهم ذلك من الحديث المذكور ومن مثل قوله كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك وكان إذا اغتسل من الجنابة بدأ بشق رأسه الأيمن وكان إذا تعار من الليل يقول وكان إذا نام نفخ وكان إذا سجد جحا وأشباه ذلك قال فإن قلت: ما سبب فهم ذلك قلت: بحثت فيه مع جماعة من الفضلاء فلم يفصحوا فيه بشيء ويكتفون بمجرد الفهم ومنهم من يكتفي بالفهم ولا يزيد عليه ومنهم من يقول هو من تسويغ الأخبار إذ لو تعلم بذلك لما كان لها أن تخبر ومنهم من يقول قد يكون هذا من المعاني التي تفهم من المركبات من غير أن يكون للمفردات دلالة عليها حين الافراد ومنهم من لا يصل ذهنه إلى شيء من ذلك ولعمري أن مانع الدلالة أقرب إلى العذر من المنر عليه في العلم لأن المانع متمسك بقواعد العلم في مدلولات الألفاظ غافل عن نكتة خفية والمنكر عليه إنما معه من التمسك فهم يشاركه فيه العوام فلا حمد له في ذلك وإنما يحمد على أخذ المعاني من القواعد العلمية وحق على طالب العلم أن يستعمل القواعد ويعرض المبحوث فيه عليها ثم يراجع نفسه وفهمه بحسب طبعه الأصلي وما يفهمه عموم الناس ثم يوازن بينهما مرة بعد أخرى حتى يتبين له الحق فيه كما يعرض الذهب على.(1/245)
عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان.
694- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة كانت إذا اعتكفت لا تسأل عن المريض إلا وهي تمشي لا تقف قال مالك: لا يأتي المعتكف حاجته ولا يخرج لها ولا يعين أحدا إلا أن يخرج لحاجة الإنسان ولو كان خارجا لحاجة أحد لكان أحق ما يخرج إليه عيادة المريض والصلاة على الجنائز واتباعها قال مالك: لا يكون المعتكف معتكفا حتى يجتنب ما يجتنب المعتكف من عيادة المريض والصلاة على الجنائز ودخول البيت إلا لحاجة الإنسان.
695- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن الرجل يعتكف هل يدخل لحاجته تحت سقف فقال نعم لا بأس بذلك.
قال مالك: الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه لا يكره الاعتكاف في كل مسجد يجمع فيه ولا أراه كره الاعتكاف في المساجد التي لا يجمع فيها إلا كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الذي اعتكف فيه إلى الجمعة أو يدعها فإن كان مسجدا لا يجمع فيه الجمعة ولا يجب على صاحبه إتيان الجمعة في مسجد سواه فإني لا أرى بأسا بالاعتكاف فيه لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فعم الله المساجد كلها ولم يخص شيئا منها.
قال مالك: فمن هنالك جاز له أن يعتكف في المساجد التي لا يجمع فيها الجمعة إذا كان لا يجب عليه أن يخرج منه إلى المسجد الذي تجمع فيه الجمعة.
قال مالك: ولا يبيت المعتكف إلا في المسجد الذي اعتكف فيه إلا أن يكون خباؤه في رحبة من رحاب المسجد ولم أسمع أن المعتكف يضرب بناء يبيت فيه إلا في المسجد أو في رحبة من رحاب المسجد ومما يدل على أنه لا يبيت إلا في المسجد قول عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا.
ـــــــ.
المحك ويعلقه ثم يعرضه حتى يتخلص والذي أقوله أن الجملة الاستقبالية إذا وقعت خبرا لكان انقلبت ماضية المعنى لدلالة كان على اقتران مضمون الخبر بالزمان الماضي فكان تدل على وقوع جزاء الشرط وهو ادناء رأسه صلى الله عليه وسلم في الزمان الماضي عن قول عائشة وإن كان مستقبلا عن ابتداء كونه صلى الله عليه وسلم الذي دلت عليه كان ودلالته على ذلك مطابقة أن جعلنا المحكوم به في الجملة الشرطية مقيدا بالشرط وإن جعلنا المحكوم به النسبة لزم أيضا لأن النسبة بين الشيئين متأخرة عنهما فتستلزم وجودهما فتكون الدلالة على الجزاء بالاستلزام وأما الدلالة على الشرط فبالاستلزام على كل تقدير ثم بسط الكلام على ذلك ورد عليه ولده في مؤلف ورد هو على ولده في مؤلف آخر وقد سبقت جميع ما قالاه في كتابي الفتح القريب في حواشي مغني اللبيب قال بن عبد البر: أن يبل الشعر ثم يمشط إلا لحاجة الإنسان فسرها الزهري بالبول والغائط.(1/246)
اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ولا يعتكف فوق ظهر المسجد ولا في المنار يعني الصومعة.
وقال مالك: يدخل المعتكف المكان الذي يريد أن يعتكف فيه قبل غروب الشمس من الليلة التي يريد أن يعتكف فيها حتى يستقبل باعتكافه أول الليلة التي يريد أن يعتكف فيها والمعتكف مشتغل باعتكافه لا يعرض لغيره مما يشتغل به من التجارات أو غيرها ولا بأس بأن يأمر المعتكف ببعض حاجته بضيعته ومصلحة أهله وإن يأمر ببيع ماله أو بشيء لا يشغله في نفسه فلا بأس بذلك إذا كان خفيفا أن يأمر بذلك من يكفيه إياه.
قال مالك: لم أسمع أحدا من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطا وإنما الاعتكاف عمل من الأعمال مثل الصلاة والصيام والحج وما أشبه ذلك من الأعمال ما كان من ذلك فريضة أو نافلة فمن دخل في شيء من ذلك فإنما يعمل بما مضى من السنة وليس له أن يحدث في ذلك غير ما مضى عليه المسلمون لا من شرط يشترطه ولا يبتدعه وقد اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف المسلمون سنة الاعتكاف قال مالك: والاعتكاف والجوار سواء والاعتكاف للقروي والبدوي سواء.(1/247)
"2 - باب ما لا يجوز الاعتكاف إلا به".
696- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد ونافعا مولى عبد الله بن عمر قالا: لا اعتكاف إلا بصيام يقول الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} فإنما ذكر الله الاعتكاف مع الصيام قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا أنه لا اعتكاف إلا بصيام.(1/247)
باب خروج المعتكف إلى العيد
...
"3 - باب خروج المعتكف للعيد".
697- حدثني يحيى عن زياد بن عبد الرحمن قال حدثنا مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن: أن أبا بكر بن عبد الرحمن اعتكف فكان يذهب لحاجته تحت سقيفة في حجرة مغلقة في دار خالد بن الوليد ثم لا يرجع حتى يشهد العيد مع المسلمين.
698- حدثني يحيى عن زياد عن مالك أنه رأى بعض أهل العلم إذا اعتكفوا العشر الأواخر من رمضان لا يرجعون إلى أهاليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس.
قال زياد قال مالك: وبلغني ذلك عن أهل الفضل الذين مضوا وهذا أحب ما سمعت إلى في ذلك.(1/247)
"4 - باب قضاء الاعتكاف".
699 - حدثني زياد عن مالك عن بن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة: أن
ـــــــ.
699/7- عن بن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتكف قال بن عبد البر: هكذا هذا الحديث ليحيى عن مالك عن بن شهاب وهو غلط وخطأ مفرط لم يتابعه أحد من رواة الموطأ على قوله فيه عن بن شهاب وإنما هو في الموطأ مالك عن يحيى بن سعيد إلا أن رواة الموطأ اختلفوا.(1/247)
"5 - باب النكاح في الاعتكاف.
*000- قال مالك: لا بأس بنكاح المعتكف نكاح الملك ما لم يكن المسيس والمرأة المعتكفة أيضا تنكح نكاح الخطبة ما لم يكن المسيس ويحرم على المعتكف من أهله بالليل ما.(1/248)
يحرم عليه منهن بالنهار قال يحيى: قال زياد قال مالك: ولا يحل لرجل أن يمس امرأته وهو معتكف ولا يتلذذ منها بقبلة ولا غيرها ولم أسمع أحدا يكره للمعتكف ولا للمعتكفة أن ينكحا في اعتكافهما ما لم يكن المسيس فيكره ولا يكره للصائم أن ينكح في صيامه وفرق بين نكاح المعتكف ونكاح المحرم أن المحرم يأكل ويشرب ويعود المريض ويشهد الجنائز ولا يتطيب والمعتكف والمعتكفة يدهنان ويتطيبان ويأخذ كل واحد منهما من شعره ولا يشهدان الجنائز ولا يصليان عليها ولا يعودان المريض فأمرهما في النكاح مختلف وذلك الماضي من السنة في نكاح المحرم والمعتكف والصائم".(1/249)
"6 - باب ما جاء في ليلة القدر".
701 - حدثني زياد عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن
ـــــــ.
701/9- عن أبي سعيد الخدري أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر قال بن عبد البر: هذا أصح حديث يروى في هذا الباب الوسط قال الحافظ بن حجر: وهو بضم الواو والسين جمع وسطى ويروى بفتح السين مثل كبر وكبرى ورواه الباجي بإسكانها على أنه جمع واسط كباذل وبذل انتهى والذي في المتقي للباجي ما نصه وقع في كتابي مقيدا بضم الواو والشين ويحتمل عندي أن يكون جمع واسط قال صاحب العين واسط الرجل ما بين قادمته وآخرته وقال أبو عبيد وسط البيوت يسطها إذا نزل وسطها واسم الفاعل من ذلك واسط ويقال في جمعه وسط كباذل وبذل وأما الوسط بفتح الواو والسين فيحتمل أن يكون جمع أوسطا وهو جمع وسيط كما يقال كبير وأكبرا وأكبر ويحتمل أن يكون اسما لجمع الوقت على التوحيد كما يقال وسط الدار ووسط الوقت والشهر فإن كان قرئ بفتح الواو والسين فهذا عندي معناه انتهى حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من صبحها من اعتكافه قال بن عبد البر: هذه رواية يحيى وأبي كر والشافعي وفي رواية القعنبي وابن وهب وابن القاسم التي يخرج فهيا من اعتكافه ولم يقولوا: من صبحها وقال بن حزم هذه الرواية مشكلة فإن ظاهرها أن خطبته وقعت في أول اليوم الحادي والعشري وعلى هذا يكون أول ليالي اعتكافه الآخر ليلة اثنتين وعشرين وهو مغاير لقوله في آخر الحديث فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبح إحدى وعشرين فإنه ظاهر في أن الخطبة كانت في صبح اليوم العشري ووقوع المطر كان في ليلة إحدى وعشرين وهو الموافق لبقية الطرق فكأن في هذه الرواية تجوزا أي من الصبح الذي قبلها ووجه الشيخ سراج الدين البلقيني ذلك بأن معنى قوله حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين أي حتى إذا كان المستقبل من الليالي ليلة إحدى وعشرين وقوله وهي الليلة التي يخرج الضمير يعود على الليلة الماضية ويؤيد هذا قوله من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأوار لأنه لا يتم ذلك إلا بإدخال الليلة الأولى أريت هذه الليلة بضم أوله على البناء للمفعول أي أعلمتها ثم أنسيتها قال النووي: في شرح المهذب قال النفال ليس معناه أنه رأى الملائكة والأنوار عيانا ثم نسي في أول ليلة أنه رأى ذلك لأن مثل هذا قل أن ينسى وإنما معناه أنه قيل: له: ليلة القدر ليلة كذا وكذا ثم نسي كيف قيل: له: وكان المسجد على عريش أي على مثل العريش أنهه كان مظللا بالجريد والخوص ولم يكن محكم البناء بحيث يكن من المطر فوكف المسجد أي قطر الماء من سقفه.(1/249)
الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الوسط من رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من صبحها من اعتكافه قال: "من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد من صبحها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر" .
قال أبو سعيد فأمطرت السماء تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد قال أبو سعيد فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبح ليلة إحدى وعشرين.
702- وحدثني زياد عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" .
703- وحدثني زياد عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر" .
704- وحدثني زياد عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن عبد الله بن أنيس الجهني قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رجل شاسع الدار فمرني ليلة أنزل لها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان" .
705- وحدثني زياد عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال: خرج علينا.
ـــــــ.
702/10- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" قال بن عبد البر: رواه أنس بن عياض أبو ضمرة عن هشام عن أبيه عن عائشة موصولا.
تحروا ليلة القدر في السبع الأواخر قال بن عبد البر: كذا رواه مالك ورواه شعبة عن عبد الله بن دينار بلفظ تحروها ليلة سبع وعشرين.
704/12- عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أن عبد الله بن أنيس قال بن عبد البر: هذا منقطع فإن أبا النضر لم يلق عبد الله بن أنيس ولا رآه وقد مسلم من طريق الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن بسر بن سعيد عن عبد الله بن أنيس بلفظ حديث أبي سعيد ووصله أبو داود من طريق بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن ضمرة بن عبد الله بن أنيس عن أبيه بنحو حديثه في الموطأ شاسع الدار في رواية أبي داود أنه كان بالبادية.
705/13- عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: لا خلاف عن مالك في سنده ومتنه وإنما الحديث لأنس عن عبادة بن الصامت وقال الحافظ بن حجر: خالف مالكا أكثر أصحاب حميد فرووه عنه عن أنس عن عبادة قال وصوب بن عبد البر إثبات عبادة وإن الحديث من مسنده أريت هذه الليلة قال الحافظ بن حجر: يحتمل أن يكون من رأي العلمية أو من رأي البصرية تلاحى بالمهملة أي وقعت بينهما ملاحاة وهي المخاصمة والمنازعة والمشاتمة والاسم اللحاء بالكسر والمد رجلان قيل: هما عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك قال بن حدر ذكره بن دحية ولم.(1/250)
رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فقال: "إني أريت هذه الليلة في رمضان حتى تلاحى رجلان فرفعت فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" .
706- وحدثني زياد عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر" .
707- وحدثني زياد عن مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.
708- وحدثني زياد عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يقول من شهد العشاء من ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها.
ـــــــ.
يذكر له مستندا فرفعت أي رفع علم تعيينها من قلبي فنسيته للاشتغال بالمتخاصمين وهذا صريح في أنه صلى الله عليه وسلم تقدم له علمها وهل أعلم بها بعد هذا النسيان قال بن حجر فيه احتمال فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة قال بن عبد البر: اختلف في ذلك فقيل: المراد تاسعة تبقى فتكون ليلة إحدى وعشرين وقيل: تاسعة تمضي فتكون ليلة تسع وعشري وكذا ما بعدها وبالأول جزم الباجي ورجح بن حجر الثاني.
706/14- مالك أنه ظنه أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه يحيى وقوم ورواه القعنبي والشافعي وابن وهب وابن القاسم وابن بكير وأكثر الرواة عن مالك عن نافع عن بن عمر أروا ليلة القدر بضم أوله على البناء للمفعول أي قيل: لهم في المنام انها في السبع الأواخر والأرجح أنها التي أولها ليلة أربع وعشرين فلا يدخل فيها ليلة إحدى وعشرين ولا ثلاث وعشرين قاله بن حجر أري رؤياكم بفتحتين أي أعلم أو المراد أبصر مجازا تواطأت بالهمز أي توافقت.
707/15- مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أري أعمار الناس قبله الحديث قال بن عبد البر: هذا لا يعرف في غير الموطأ لا مسندا ولا مرسلا وهو أحد الأحاديث التي انفرد بها مالك قلت: لكن له شواهد من حيث المعنى مرسلة فأخرج بن أبي حاتم في تفسيره من طريق بن وهب عن مسلمة بن علي عن علي بن عروة قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فعجب الصحابة من ذلك فأتاه جبريل فقال: قد أنزل الله عليك خيرا من ذلك ليلة القدر خير من ألف شهر هذا أفضل من ذاك فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه وأخرج بن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل كان يقوم الليل حتى يصبح ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر فعجب المسلمون من ذلك فأنزل الله هذه الآية: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} 1 قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر.
708/16- مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول من شهد العشاء من اليلة القدر فقد أخذ بحظه.
ـــــــ
1 سورة القدر الآية:3.(1/251)
...........................................................................................
منها قال بن عبد البر: هذا لا يكون رأيا ولا يؤخذ إلا توقيفا ومراسيل سعيد أصح المراسيل قلت: أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس نحوه.
تتمة اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا وأفردوها بالتصنيف وممن ألف فيها من المتأخرين الشيخ ولي الدين العراقي فقيل: إنها رفعت أصلا ورأسا قاله الحجاج الوالي الظالم والرافضة ويرادفه قول من قال إنها لم تكن في سوى سنة واحدة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: إنها دائرة في جميع السنة وقيل: إنها ليلة النصف من شعبان وقيل: مختصة برمضان ممكنة في جميع لياليه ورجحه السبكي وقال السرخسي في شرح الهداية قول أبي حنيفة انها تنتقل في جميع رمضان وقو ل صاحبيه انها في ليلة معينة منه مبهمة وكذا قال النسفي في المنظومة.
وليلة القدر بكل الشهر ... دائرة وعيناها فادر
وقيل: هي أول ليلة من رمضان رواه بن أبي عاصم عن أنس وقال لا نعلم أحدا قال ذلك غيره وقيل: ليلة النصف مننه وقيل: ليلة ست عشرة وقيل: ليلة سبع عشرة وقيل: ليلة ثماني عشرة وقيل: ليلة تسع عشرة وقيل: إنها مبهمة في العشر الأوسط وقيل: إنها مبهمة في العشر الأخير وقيل: إنها مبهمة في السبع الأواخر وقيل: هي ليلة الحادي والعشري وقيل: كذلك إن كان الشهر ناقصا وإلا فليلة العشرين قاله بن حزم وقيل: ليلة اثنتين وعشرين وقيل: ثلاث وعشري وقيل: ليلة أربع وعشرين وقيل: ليلة خمس وعشري وقيل: ليلة ست وعشري وقيل: ليلة سبع وعشرين وهو مذهب أحمد واختاره خلائق وحكاه الروياني في الحلية عن أكثر العلماء وحكاه بن حجر عن الجمهور وقيل: ليلة ثمان وعشري وقيل: ليلة تسع وعشري وقيل: ليلة الثلاثين وقيل: إنها تنتقل في النصف الآخير وقيل: إنها تنتقل في العشر الأخير كله نص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق واختاره النووي قال في شرح المهذب مذهب الشافعي وجمهور أصحابنا أنها منحصرة في العشر الأواخر مبهمة علينا ولكنها في ليلة معينة في نفس الأمر لا تنتقل عنها ولا تزال في تلك الليلة إلى يوم القيامة وكل ليالي العشر الأواخر محتملة لها لكن ليالي الوتر أرجاها وأرجى الأوتار عند الشافعي ليلة إحدى وعشرين ومال الشافعي في موضع آخر إلى ثلاث وعشري وقال البندنيجي مذهب الشافعي أن أرجاها ليلة إحدى وعشري وقال في القديم إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين فهما أرجى لياليها عنده وبعدها ليلة سبع وعشرين هذا هو المشهور في المذهب أنها منحصرة في العشر الأواخر من رمضان وقال إمامان جليلان من أصحابنا وهما المزني وصاحبه أبو بكر بن خزيمة انها منتقلة في ليالي العشر تنتقل في بعض السنين إلى ليلة وفي بعضها إلى غيرها جمعا بين الأحاديث وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الأحاديث فيها ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها هذا كله كلام النووي وقيل: إنها تنتقل في أوتار العشر الأخير وقيل: إنها تنتقل في السبع الأواخر وقيل: إنها في أشفاع العشر الأوسط والعشر الأخير وذهب بعض المتأخرين إلى أنها دائما تكون ليلة الجمعة قال بن حجر ولا أصل له.
مهمة: حكى الحافظ بن حجر قولا وأشار إلى تضعيفه أنها خاصة بهذه الأمة ولم تكن في الأمم قبلها وقال جزم به بن حبيب وغيره من المالكية ونقله صاحب العدة من الشافعية عن الجمهور ورجحه وحجتهم أثر مالك في الموطأ في تقاصر الأعمار الحديث قال وهذا محتمل للتأويل فلا يدفع التصريح في.(1/252)
كتاب الحج
باب الغسل للإهلال
...
"20 - كتاب الحج".
"1 - باب الغسل للإهلال".
709- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس: انها ولدت محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرها فلتغتسل ثم لتهل.
710- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن أسماء بنت عميس ولدت محمد بن أبي بكر بذي الحليفة فأمرها أبو بكر أن تغتسل ثم تهل.
711- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يغتسل لإحرامه قبل أن يحرم ولدخوله مكة ولوقوفه عشية عرفة.
ـــــــ.
حديث أبي ذر عند النسائي قال قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة قال بل هي إلى يوم القيامة انتهى وأقول هذا الحديث أيضا يقبل التأويل وهو أن مراده السؤال هل تختص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترفع بعد موته لقرينة مقابلته ذلك بقوله: أم هي إلى يوم القيامة فلا يكون فيه معارضة لأثر الموطأ وقد ورد ما يعضده ففي فوائد أبي طالب المزكي من حديث أنس أن الله وهب لأمتي ليلة القدر ولم يعطها من كان قبلهم قال النووي: في شرح المهذب ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفا ولم تكن لمن قبلنا هذا هو الصحيح المشهور الذي قطع به أصحابنا كلهم وجماهير العلماء هذه عبارته قال وسميت ليلة القدر أي ليلة الحكم والفصل وقيل: لعظم قدرها قال ويراها من شاء الله من بني آدم كما تظاهرت عليه الأحاديث وأخبار الصالحين قال وأما قول المهلب بن أبي صفرة الفقيه المالكي لا يمكن رؤيتها حقيقة لغلط انتهى وقال بن العربي الصحيح أنها لا تعلم.
كتاب الحج.
709/1 - عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: وابن وهب ومعن وابن القاسم وقتيبة بن سعيد وغيرهم وقال القعنبي وابن بكير وابن مهدي ويحيى بن يحيى النيسابوري عن أبيه أن أسماء وعلى كل حال فهو مرسل لأن القاسم لم يلق أسماء وقد وصله مسلم وأبو داود وابن ماجة من طريق عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: نفست أسماء الحديث ورواه النسائي وابن ماجة من طريق يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن أبيه أبي بكر الصديق ورواه بن عبد البر من طريق إسحاق بن محمد الفروي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال ولهذا الاختلاف في إسناد هذا الحديث أرسله مالك فكثيرا ما كان يصنع ذلك بالبيداء هي بطرف ذي الحليفة.
710/2- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس الحديث وقفه مالك ورواه بن وهب عن الليث بن سعد ويونس بن يزيد وعمرو بن الحارث انهم أخبروه عن بن شهاب عن سعيد بن المسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت عميس أم عبد الله بن جعفر وكانت عاركا أن تغتسل ثم تهل بالحج.(1/253)
"2 - باب غسل المحرم".
712- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه: أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال عبد الله يغسل المحرم رأسه وقال المسور بن مخرمة لا يغسل المحرم رأسه قال فأرسلني عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين وهو يستر بثوب فسلمت عليه فقال من هذا فقلت انا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم قال فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.
713- وحدثني مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب: قال ليعلى بن منية وهو يصب على عمر بن الخطاب ماء وهو يغتسل اصبب على رأسي فقال يعلى أتريد أن تجعلها بي أن امرتني صببت فقال له عمر بن الخطاب اصبب فلن يزيده الماء إلا شعثا.
714- وحدثني مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا دنا من مكة بات بذي طوى بين الثنيتين حتى يصبح ثم يصلي الصبح ثم يدخل من الثنية التي بأعلى مكة ولا يدخل إذا خرج حاجا أو معتمرا حتى يغتسل قبل أن يدخل مكة إذا دنا من مكة بذي طوى ويأمر من معه فيغتسلون قبل أن يدخلوا.
715- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من الاحتلام.
قال مالك: سمعت أهل العلم يقولون: لا بأس أن يغسل الرجل المحرم رأسه بالغسول بعد أن يرمي جمرة العقبة وقبل أن يحلق رأسه وذلك انه إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له قتل القمل وحلق الشعر وإلقاء التفث ولبس الثياب.
ـــــــ.
712/4 - عن زيد بن أسلم عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين قال بن عبد البر: لم يتابع أحد من رواة الموطأ يحيى على إدخال نافع بين زيد وإبراهيم وهو خطأ لا شك فيه وهي مما يحفظ من خطأ يحيى في الموطأ وغلطه بين القرنين بفتح القاف تثنية قرن وهم الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبههما من البناء ويمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به ويعلق عليها البكرة.
714/6 - بذي طوى مثلث الطاء والفتح أشهر مقصور منون واد بقرب مكة.(1/254)
"3 - باب ما ينهى عنه من لبس الثياب في الإحرام".
716 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلا سأل.
ـــــــ.
716/8 - أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا القمص" .(1/254)
رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس" .
قال يحيى: سئل مالك عما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل" فقال لم اسمع بهذا ولا أرى أن يلبس المحرم سراويل لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس السراويلات فيما نهى عنه من لبس الثياب التي لا ينبغي للمحرم أن يلبسها ولم يستثن فيها كما استثنى في الخفين.
ـــــــ.
إلى آخره قال النووي: هذا من بديع الكلام وجزله فإنه عليه السلام سئل عما يلبسه المحرم فقال: "لا تلبسوا كذا كذا" فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات ويلبس ما سوى ذلك فكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر والملبوس له غير منحصر سئل مالك عما ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من لم يجد إزارا فليلبس سراويل" هذا رواه مسلم من حديث جابر بهذا اللفظ ومن حديث بن عباس بنحوه.(1/255)
"4 - باب لبس الثياب المصبغة في الإحرام".
717- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بزعفران أو ورس وقال: "من لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل من الكعبين" .
718- وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال عمر: ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدر فقال عمر: انكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال أن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة.
719- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر: انها كانت تلبس الثياب المعصفرات المشبعات وهي محرمة ليس فيها زعفران قال يحيى: سئل مالك عن ثوب مسه طيب ثم ذهب منه ريح الطيب هل يحرم فيه فقال نعم ما لم يكن فيه صباغ زعفران أو ورس.(1/255)
"5 باب لبس المحرم المنطقة".
720- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يكره لبس المنطقة للمحرم.
721- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد انه: سمع سعيد بن المسيب يقول في المنطقة يلبسها المحرم تحت ثيابه أنه لا بأس بذلك إذا جعل طرفيها جميعا سيورا يعقد بعضها إلى بعض قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك.(1/255)
"6 - باب تخمير المحرم وجهه".
722- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي: أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي وجهه وهو محرم.
723- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم.
724 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كفن ابنه واقد بن عبد الله ومات بالجحفة محرما وخمر رأسه ووجهه وقال لولا انا حرم لطيبناه قال مالك: وإنما يعمل الرجل ما دام حيا فإذا مات فقد انقضى العمل.
725- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين.
726- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق.(1/256)
باب ما جاء في الطيب في الحج
...
"7 - ب ما جاء في الطيب في الحج"
727- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت: كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت.
728- وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح: أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحنين وعلى الأعرابي قميص وبه أثر صفرة فقال يا رسول الله اني أهللت بعمرة فكيف تأمرني أن اصنع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انزع قميصك واغسل هذه الصفرة عنك وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك" .
729- وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب: أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة فقال ممن ريح هذا الطيب فقال معاوية بن أبي سفيان مني يا أمير المؤمنين فقال منك لعمر الله فقال معاوية أن أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين فقال عمر: عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه.
ـــــــ.
727/19- عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل أن يحرم قال الباجي: هذا حكم يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن مالكا لا يجيز لأحد من الأمة استعمال الطيب عند الإحرام إذا كان طيبا يبقى له رائحة بعد الإحرام.
728/20- عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن أعرابيا جاء وصله البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه به وهو بحنين قال بن عبد البر: المراد منصرفه من غزوة حنين والموضع الذي لقيه فيه هو الجعرانة.(1/256)
730- وحدثني عن مالك عن الصلت بن زييد عن غير واحد من أهله: أن عمر بن الخطاب وجد ريح طيب وهو بالشجرة والى جنبه كثير بن الصلت فقال عمر: ممن ريح هذا الطيب فقال كثير مني يا أمير المؤمنين لبدت رأسي وأردت أن لا أحلق فقال عمر: فاذهب إلى شربة فادلك رأسك حتى تنقيه ففعل كثير بن الصلت.
قال مالك: الشربة حفير تكون عند أصل النخلة.
731- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الوليد بن عبد الملك: سأل سالم بن عبد الله وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى الجمرة وحلق رأسه وقبل أن يفيض عن الطيب فنهاه سالم وأرخص له خارجة بن زيد بن ثابت.
قال مالك: لا بأس أن يدهن الرجل بدهن ليس فيه طيب قبل أن يحرم وقبل أن يفيض من منى بعد رمي الجمرة.
قال يحيى: سئل مالك عن طعام فيه زعفران هل يأكله المحرم فقال أما ما تمسه النار من ذلك فلا بأس به أن يأكله المحرم واما ما لم تمسه النار من ذلك فلا يأكله المحرم.(1/257)
"8 - باب مواقيت الإهلال".
732- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من الجحفة ويهل أهل نجد من قرن" قال عبد الله بن عمر وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم" .
733- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن.
734- قال عبد الله بن عمر أما هؤلاء الثلاث فسمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم" .
735- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر أهل من الفرع.
736- وحدثني عن مالك عن الثقة عنده أن عبد الله بن عمر: أهل من إيلياء.
737- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من الجعرانة بعمرة.
ـــــــ.
733/25- من ذي الحليفة بضم الحاء المهملة وبالفاء من الجحفة بجيم مضمومة ثم حاء مهملة ساكنة من قرن بفتح القاف وسكون الراء وغلطوا من فتحها وهو مصروف لأنه اسم جبل.
734/26- من يلملم بفتح المثناة تحت واللامين وهو جبل من جبال تهامة.
737/29- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من الجعرانة بعمرة قال بن عبد البر: إنما أحفظه مسندا من حديث محرش الكعبي الخزاعي وهو حديث صحيح قلت: أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد عن محرش به وقال الترمذي: حسن غريب ولا يعرف لمحرش عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث.(1/257)
"9 - باب العمل في الإهلال".
738- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" قال وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل.
739- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ركعتين فإذا استوت به راحلته أهل.
740- وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنه سمع أباه يقول: بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد يعني مسجد ذي الحليفة.
741- وحدثني عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال.
ـــــــ.
738/30 –: "لبيك" قال الجمهور هي مثناة للتكثير والمبالغة ومعناها إجابة بعد إجابة ولزوما لطاعتك فثنى للتوكيد لا تثنية حقيقية واشتقاقها من لب بالمكان إذا أقام به ولزمه وقيل: من قولهم داري تلب دارك أي تواجهها وقيل: من قولهم حب لباب أي خالص محض وقال إبراهيم الحربي معنى لبيك أي قربا منك وطاعة والالباب القرب قال القاضي عياض: والاجابة بها لقوله تعالى لإبراهيم عليه السلام: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} 1 أن الحمد قال النووي: يروى بكسر الهمزة وفتحها والكسر أجود على الاستئناف والفتح على التعليل وسعديك أي مساعد لطاعتك بعد مساعد والرغباء إليك قال المازري يروى بفتح الراء والمد وبضم الراء مع القصر قال القاشي عياض وحكى أبو علي فيه أيضا الفتح مع القصر ومعناها الطلب والمسئلة إلى من بيده الأمر والمقصود بالعمل المستحق للعبادة.
739/31- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي الحديث قال بن عبد البر: هو مسند من حديث بن عمر وأنس وهما في الصحيحين أهل قال النووي: قال العلماء: الاهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام.
740/32- بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أي تقولون أنه أحرم منها ولم يحرم منها.
741/33- إلا اليمانيين بتخفيف الياء لأن الألف بدل من إحدى ياءي النسب ولا يجمع بين البدل والمبدل وفي لغة قليلة تشديدها على أن الألف زائدة والمراد بهما الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأسود وهو العراقي على جهة التغليب تلبس بفتح الباء النعال السبتية بكسر السين وسكون الباء الموحدة وهي التي لا شهر فيها وهي مشتقة من السبت بفتح السين وهو الحلق ولإزالة وقيل: سميت بذلك لأنها سبتت بالدباغ أي لانت قال أبو عمرو الشيباني: السبت كل جلد مدبوغ وقال أبو زيد: السبت جلود البقر مدبوغة كانت.
ـــــــ
1 سورة الحج الآية: 27.(1/258)
لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها قال وما هن يا بن جريج قال رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين ورأيتك تلبس النعال السبتية ورأيتك تصبغ بالصفرة ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية فقال عبد الله بن عمر أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها فأنا أحب أن البسها واما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن اصبغ بها واما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته.
742- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي في مسجد ذي الحليفة ثم يخرج فيركب فإذا استوت به راحلته احرم.
743- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الملك بن مروان: أهل من عند مسجد ذي الحليفة حين استوت به راحلته وإن أبان بن عثمان أشار عليه بذلك.
ـــــــ.
وغير مدبوغة وقيل: هو نوع من الدباغ يقلع الشعر وقال بن وهب: النعال السبتية كانت سودا لا شعر فيها قال القاضي عياض: وكان من عادة العرب لبس النعال بشعرها غير مدبوغة وكانت المدبوغة تعمل بالطائف وغيره وإنما يلبسها أهل الرفاهية تصبغ بضم الباء وفتحها يوم التروية هو الثامن من ذي الحجة لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء أي يحملونه معهم من مكة إلى عرفات ليستعملوه في الشرب وغيره ويتوضأ فيها قال النووي: معناه يتوضأ ويلبسها ورجلاه رطبتان وأما الصفرة فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها قال المازري قيل: المراد في هذا الحديث صبغ الشعر وقيل: صبغ الثوب قال وهو الأشبه لأنه لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صبغ شعره وقال القاضي عياض: هذا أظهر الوجهين.
744/36- عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن الحرث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه قال بن عبد البر: هذا حديث اختلف في إسناده اختلافا كثيرا وأرجو أن تكون رواية مالك فيه أصح فروى هكذا وروي عن خلاد عن زيد بن خالد الجهني وروي عن خلاد عن أبيه عن زيد بن خالد وقال المزي في الأطراف: قد رواه مالك وابن جريج وسفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر عن خلاد بن السائب عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه وكيع عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه بن ماجة وتابعه موسى بن عقبة عن عبد الله بن أبي لبيد ورواه قبيصة عن سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب عن خلاد بن السائب عن أبيه عن زيد بن خالد ورواه محمد بن عمر عن عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن المطلب عن خلاد بن السائب عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن خلاد عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه عبد الملك ولا السائب وروي عن الثوري عن عبد الله بن أبي بكر عن خلاد بن السائب عن أبيه عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى.(1/259)
"10 - باب رفع الصوت بالإهلال".
744 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن.(1/259)
عبد الملك بن أبي بكر بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب الأنصاري عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني جبريل فأمرني أن أمر أصحابي أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال" يريد أحدهما.
745- وحدثني عن مالك انه: سمع أهل العلم يقولون: ليس على النساء رفع الصوت بالتلبية لتسمع المرأة نفسها.
قال مالك: لا يرفع المحرم صوته بالإهلال في مساجد الجماعات ليسمع نفسه ومن يليه إلا في المسجد الحرام ومسجد منى فإنه يرفع صوته فيهما.
قال مالك: سمعت بعض أهل العلم يستحب التلبية دبر كل صلاة وعلى كل شرف من الأرض.(1/260)
"11 - باب افراد الحج"
746- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بعمرة فحل واما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر.
747- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج.
ـــــــ.
746/38- عام حجة الوداع سميت بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها ولم يحج بعد الهجرة غيرها وكانت سنة عشر من الهجرة.
747/39- عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج قال النووي: قد اختلفت روايات الصحابة رضي الله عنهم في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع هل كان مفردا أم قارنا أم متمتعا وقد ذكر البخاري ومسلم رواياتهم كذلك وطريق الجمع أنه صلى الله عليه وسلم كان أولا مفردا ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك وأدخلها على الحج فصار قارنا فمن روى الافراد فهو الأصل ومن روى القران اعتمد آخر الأمرين ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوي وهو الانتفاع والارتفاق وقد ارتفق بالقران كارتفاق المتمتع وزيادة وهو الاقتصار على فعل واحد وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها ثم قال فإن قيل: كيف وقع الاختلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في صفة حجته صلى الله عليه وسلم وهي حجة واحدة وكل واحد يخبر عن مشاهدة في قصة واحدة قال القاضي عياض: قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث فمن مجيد منصف ومن مقصر متكلف ومن مطيل مكثر ومن مقتصر مختصر قال: وأوسعهم في ذلك نفسا أبو جعفر الطحاوي فإنه تكلم في ذلك في زيادة على ألف ورقة وتكلم معه في ذلك أبو جعفر الطبري ثم أبو عبد الله بن أبي صفرة ثم المهلب والقاضي أبو عبد الله بن المرابط والقاضي أبو الحسن بن القصار البغدادي والحافظ أبو عمر بن عبد البر وغيرهم قال القاضي عياض: وأولى ما يقال في هذا على ما لخصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو اجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها إذ لو أمر بواحد لكان يظن.(1/260)
748- وحدثني عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افرد الحج.
749- وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: من أهل بحج مفرد ثم بدا له أن يهل بعده بعمرة فليس له ذلك قال مالك: وذلك الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.
ـــــــ.
أن غيره لا يجزي فأضيف الجميع إليه وأخبر كل واحد بما أمر به وأباحه ونسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم إما لأمره به وإما لتأويله عليه وأما أحرامه صلى الله عليه وسلم بنفسه فأحرم بالأفضل مفردا بالحج وبه تظاهرت الروايات الصحيحة وأما الروايات بأنه كان متمتعا فمعناها أمر به وأما الروايات بأنه كان قارنا فاخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه بل إخبار عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل من حجهم وقلبه إلى عمرة لمخالفة الجاهلية إلا من كان معه هدي فكان هو صلى الله عليه وسلم ومن معه هدي في آخر إحرامهم قارنين بمعنى أنهم أدخلوا العمرة على الحج وفعل ذلك مواساة لأصحابه وتأنيسا لهم في فعلها في أشهر الحج لكونها كانت منكرة عندهم في أشهر الحج ولم يمكنه التحلل معهم لسبب الهدي واعتذر إليهم بذلك في ترك مواساتهم وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم قارنا في آخر أمره وقد اتفق جمهور العلماء على جواز إدخال الحج على العمرة وشذ بعض الناس فمنعه وقال لا يدخل إحرام على إحرام كما لا تدخل صلاة على صلاة واختلفوا في إدخال العمرة على الحج فجوزه أصحاب الرأي وقو قول الشافعي لهذه الأحاديث ومنعه آخرون وجعلوا هذا خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لضرورة الاعتمار حينئذ في اشهر الحج وفعلها مع الحج لأن لفظ التمتع يطلق على معان فانتظمت الأحاديت واتفقت قال القاضي وقد قال بعض علمائنا أنه أحرم صلى الله عليه وسلم إحراما مطلقا ينتظر ما يؤمر به من إفراد أو تمتع أو قران ثم أمر بالحج ثم أمر بالعمرة معه في وادي العقيق بقوله: صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة قال القاضي والذي سبق أمتن وأحسن في التأويل قال ولا يصح قول من قال: إنه أحرم إحراما مطلقا مبهما لآن رواية جابر وغيره من الصحابة في الأحاديث الصحيحة مصرحة بخلافه وقال الخطابي قد أنعم الشافعي في بيان هذا في كتاب اختلاف الحديث وجود الكلام قال الخطابي وفي اقتصاص كل ما قاله تطويل ولكن الوجيز المختصر من جوامع ما قال إن معلوما في لغ العرب جواز إضافة الفعل إلى الآمر كجواز إضافته إلى الفاعل كقولك بني فلان دارا أي أمر ببنائها ورجم النبي صلى الله عليه وسلم منهم المفرد والمتمتع والقارن كل منهم يأخذ عنه أمر نسكه ويصدر عن تعليمه فجاز أن يضاف كلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على معنى أمر بها وأذن فيها قال يحتمل أن بعضهم سمعه يقول لبيك بحجة فحكى أنه أفرد وخفي عليه قوله وعمرة فلم يحك إلا ما سمع وسمع أنس وغيره الزيادة وهي لبيك بحجة وعمرة ولا ينكر قبول الزيادة وإنما يحصل التناقض لو كان الزائد نافيا لقول صاحبه وأما إذا كان مثبتا له وزائدا عليه فليس فيه تناقض.(1/261)
"12 - باب القران في الحج".
750- حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن المقداد بن الأسود دخل على علي بن أبي طالب بالسقيا وهو ينجع بكرات له دقيقا وخبطا فقال هذا عثمان بن عفان.(1/261)
ينهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة فخرج علي بن أبي طالب وعلى يديه أثر الدقيق والخبط فما انسى أثر الدقيق والخبط على ذراعيه حتى دخل على عثمان بن عفان فقال أنت تنهى عن أن يقرن بين الحج والعمرة فقال عثمان ذلك رأيي فخرج علي مغضبا وهو يقول لبيك اللهم لبيك بحجة وعمرة معا.
قال مالك: الأمر عندنا أن من قرن الحج والعمرة لم يأخذ من شعره شيئا ولم يحلل من شيء حتى ينحر هديا إن كان معه ويحل بمنى يوم النحر.
751- وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع خرج إلى الحج فمن اصحابه من أهل بحج ومنهم من جمع الحج والعمرة ومنهم من أهل بعمرة فأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلل أما من كان أهل بعمرة فحلوا.
752- وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون: من أهل بعمرة ثم بدا له أن يهل بحج معها فذلك له ما لم يطف بالبيت وبين الصفا والمروة وقد صنع ذلك بن عمر حين قال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت إلى اصحابه فقال ما أمرهما إلا واحد اشهدكم اني أوجبت الحج مع العمرة.
قال مالك: وقد أهل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع بالعمرة ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا" .(1/262)
"13 - باب قطع التلبية"
753- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر الثقفي: أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه.
754- وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن علي بن أبي طالب كان يلبي في الحج حتى إذا زاغت الشمس من يوم عرفة قطع التلبية.
قال يحيى: قال مالك: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا.
755- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: انها كانت تترك التلبية إذا رجعت إلى الموقف.
756- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقطع التلبية في الحج إذا انتهى إلى الحرم حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يلبي حتى يغدو من منى إلى عرفه فإذا غدا ترك التلبية وكان يترك التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
757- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه كان يقول: كان عبد الله بن عمر لا يلبي وهو يطوف بالبيت.(1/262)
758- وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة أم المؤمنين: انها كانت تنزل من عرفة بنمرة ثم تحولت إلى الأراك قالت وكانت عائشة تهل ما كانت في منزلها ومن كان معها فإذا ركبت فتوجهت إلى الموقف تركت الإهلال قالت وكانت عائشة تعتمر بعد الحج من مكة في ذي الحجة ثم تركت ذلك فكانت تخرج قبل هلال المحرم حتى تأتي الجحفة فتقيم بها حتى ترى الهلال فإذا رأت الهلال اهلت بعمرة.
759- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن عبد العزيز غدا يوم عرفة من منى فسمع التكبير عاليا فبعث الحرس يصيحون في الناس أيها الناس انها التلبية.(1/263)
"14 - باب إهلال أهل مكة ومن بها من غيرهم".
760- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عمر بن الخطاب: قال يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون أهلوا إذا رأيتم الهلال.
761- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن عبد الله بن الزبير أقام بمكة تسع سنين يهل بالحج لهلال ذي الحجة وعروة بن الزبير معه يفعل ذلك.
قال يحيى: قال مالك: وإنما يهل أهل مكة وغيرهم بالحج إذا كانوا بها ومن كان مقيما بمكة من غير أهلها من جوف مكة لا يخرج من الحرم.
قال يحيى: قال مالك: ومن أهل من مكة بالحج فليؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى وكذلك صنع عبد الله بن عمر.
وسئل مالك عمن أهل بالحج من أهل المدينة أو غيرهم من مكة لهلال ذي الحجة كيف يصنع بالطواف قال أما الطواف الواجب فليؤخره وهو الذي يصل بينه وبين السعي بين الصفا والمروة وليطف ما بدا له وليصل ركعتين كلما طاف سبعا وقد فعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أهلوا بالحج فأخروا الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى رجعوا من منى وفعل ذلك عبد الله بن عمر فكان يهل لهلال ذي الحجة بالحج من مكة ويؤخر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى وسئل مالك عن رجل من أهل مكة هل يهل من جوف مكة بعمرة قال بل يخرج إلى الحل فيحرم منه.(1/263)
"15 - باب ما لا يوجب الإحرام من تقليد الهدي".
762 - حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن انها أخبرته أن زياد بن أبي سفيان كتب إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي وقد بعثت بهدى فاكتبي إلى بأمرك أو مري صاحب الهدى قالت عمرة قالت عائشة ليس كما قال بن عباس انا فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي.(1/263)
"16 باب ما تفعل الحائض في الحج".
765- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: المرأة الحائض التي تهل بالحج أو العمرة انها تهل بحجها أو عمرتها إذا أرادت ولكن لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة وهي تشهد المناسك كلها مع الناس غير انها لا تطوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ولا تقرب المسجد حتى تطهر.(1/264)
"17 -باب العمرة في اشهر الحج".
766 - حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثا عام الحديبية وعام القضية وعام الجعرانة.
767- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثا إحداهن في شوال واثنتين في ذي القعدة.
768- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي: أن رجلا سأل سعيد بن المسيب فقال اعتمر قبل أن أحج فقال سعيد نعم قد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يحج.
ـــــــ.
766/58- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاثا عام الحديبية وعام القضية وعام الجعرانة وصله البزار من حديث جابر.
767/59- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا ثلاثا الحديث وصله أبو داود من طريق داود بن عبدالرحمن عن هشام عن أبيه عن عائشة.(1/264)
"18 - باب قطع التلبية في العمرة".
770- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان يقطع التلبية في العمرة إذا دخل الحرم.
قال مالك: فيمن أحرم من التنعيم أنه يقطع التلبية حين يرى البيت.
قال يحيى: سئل مالك عن الرجل يعتمر من بعض المواقيت وهو من أهل المدينة أو غيرهم متى يقطع التلبية قال أما المهل من المواقيت فإنه يقطع التلبية إذا انتهى إلى الحرم قال وبلغني أن عبد الله بن عمر كان يصنع ذلك.(1/265)
"19 - باب ما جاء في التمتع".
771- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب أنه حدثه أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك بن قيس: لا يفعل ذلك إلا من جهل أمر الله عز وجل فقال سعد بئس ما قلت: يا بن أخي فقال الضحاك فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك فقال سعد قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه.
772- وحدثني عن مالك عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أنه قال: والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة.
773- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من اعتمر في اشهر الحج في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة قبل الحج ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع أن حج وعليه ما استيسر من الهدى فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
قال مالك: وذلك إذا أقام حتى الحج ثم حج من عامه قال مالك: في رجل من أهل مكة انقطع إلى غيرها وسكن سواها ثم قدم معتمرا في أشهر الحج ثم أقام بمكة حتى أنشأ الحج منها إنه متمتع يجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد هديا وأنه لا يكون مثل أهل مكة وسئل مالك عن رجل من غير أهل مكة دخل مكة بعمرة في أشهر الحج وهو يريد الإقامة بمكة حتى ينشئ الحج أمتمتع هو فقال نعم هو متمتع وليس هو مثل أهل مكة وإن أراد الإقامة وذلك أنه دخل مكة وليس هو من أهلها وإنما الهدي أو الصيام على من لم يكن من أهل مكة وإن هذا الرجل يريد الإقامة ولا يدري ما يبدو له بعد ذلك وليس هو من أهل مكة.
774- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو في ذي الحجة ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج وما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.(1/265)
20 - باب ما لا يجب فيه التمتع.
775- قال مالك: من اعتمر في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ثم رجع إلى أهله ثم حج من عامه ذلك فليس عليه هدي إنما الهدي على من اعتمر في اشهر الحج ثم أقام حتى الحج ثم حج وكل من انقطع إلى مكة من أهل الآفاق وسكنها ثم اعتمر في أشهر الحج ثم أنشأ الحج منها فليس بمتمتع وليس عليه هدي ولا صيام وهو بمنزلة أهل مكة إذا كان من ساكنيها.
سئل مالك عن رجل من أهل مكة خرج إلى الرباط أو إلى سفر من الأسفار ثم رجع إلى مكة وهو يريد الإقامة بها كان له أهل بمكة أو لا أهل له بها فدخلها بعمرة في اشهر الحج ثم أنشأ الحج وكانت عمرته التي دخل بها من ميقات النبي صلى الله عليه وسلم أو دونه أمتمتع من كان على تلك الحالة فقال مالك: ليس عليه ما على المتمتع من الهدي أو الصيام وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 196].(1/266)
"21 - باب جامع ما جاء في العمرة".
776- حدثني يحيى عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" .
777- وحدثني عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا بكر بن
ـــــــ.
776/68- عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العمرة إلى العمرة" الحديث قال بن عبد البر: هذا حديث انفرد به سمي ليس يرويه غيره واحتاج الناس اليه فيه وهو ثقة ثبت حجة قال: وقوله العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما مثل قوله الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر والحج المبرور قيل: هو الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق ويكون بمال حلال انتهى قال الباجي: يحتمل أن تكون إلى في قوله إلى العمرة بمعنى مع قال: وما من ألفاظ العموم فتقتضي من جهة اللفظ تكفير جميع ما يقع بينهما إلا ما خصه الدليل قال: والحج المبرور هو الذي اوقعه صاحبه على وجه البر وقال النووي: الأصح الأشهر في المبرور هو الذي لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة وقيل: هو المقبول ومن علامة القبول أنه يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي وقيل: هو الذي لا رياء فيه وقيل: الذي لا يتعقبه معصية وهما داخلان فيما قبلهما ومعنى ليس له جزاء إلا الجنة أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه بل لا بد أن يدخل الجنة.
777/69- عن سمي مولى أبي بكر بن علدالرحمن أنه سمع أبي بكر بن عبد الرحمن يقول جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عبد البر: هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة للموطأ وهو مرسل في ظاهره إلا أنه قد صح أن أبا بكر قد سمعه من تلك المرأة فصار مسندا بذلك والحديث صحيح مشهور من رواية أبي بكر وغيره ومن حديث بن عباس وغيره وفي بعض طرقه تسمية المرأة أم سنان وفي بعضها أم معقل وهو المشهور المعروف وإن مجيئها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعد رجوعه من حجة الوداع وانه قال لها: ما منعك ان.(1/266)
عبد الرحمن يقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت اني قد كنت تجهزت للحج فاعترض لي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعتمري في رمضان فإن عمرة فيه كحجة" .
778- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم فإن ذلك أتم لحج أحدكم وأتم لعمرته أن يعتمر في غير اشهر الحج:
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عثمان بن عفان: كان إذا اعتمر ربما لم يحطط عن راحلته حتى يرجع قال مالك: العمرة سنة ولا نعلم أحدا من المسلمين أرخص في تركها.
قال مالك: ولا أرى لأحد أن يعتمر في السنة مرارا.
قال مالك: في المعتمر يقع بأهله إن عليه في ذلك الهدي وعمرة أخرى يبتدئ بها بعد إتمامه التي أفسد ويحرم من حيث احرم بعمرته التي افسد إلا أن يكون أحرم من مكان ابعد من ميقاته فليس عليه أن يحرم إلا من ميقاته.
قال مالك: ومن دخل مكة بعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وهو جنب أو على غير وضوء ثم وقع بأهله ثم ذكر قال: يغتسل أو يتوضأ ثم يعود فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويعتمر عمرة أخرى ويهدي وعلى المرأة إذا أصابها زوجها وهي محرمة مثل ذلك.
قال مالك: فأما العمرة من التنعيم فإنه من شاء أن يخرج من الحرم ثم يحرم فإن ذلك مجزئ عنه إن شاء الله ولكن الفضل أن يهل من الميقات الذي وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما هو أبعد من التنعيم.
ـــــــ.
تخرجي معنا في وجهنا هذا فقالت: إني قد كنت تجهزت للحج فاعترض لي في بعض طرقه فأصابتنا هذه القرحة الحصبة أو الجدري.(1/267)
"22 باب نكاح المحرم"
779 - حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار: أن
ـــــــ.
779/72- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع الحديث وصله الترمذي والنسائي من طريق حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة عن سليمان بن يسار مولى ميمونة بن أبي رافع وقال حسن: ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد عن مطر ورواه مالك عن ربيعة عن سليمان مرسلا ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا انتهى وقال بن عبد البر: هذا عندي غلط من مطر لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين وقيل: سنة سبع وعشرين ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير وكان قتل عثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين فلا يمكن أن يسمع سليمان من أبي رافع ويمكن أن يسمع من ميمونة لأنها مولاته أعتقته وماتت سنة ست وستين قال والرواية بأنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال متواترة عن ميمونة بعينها وعن أبي رافع وعن سليمان بن يسار مولاها وعن يزيد بن الأصم وهو بن أختها وهو قول(1/267)
رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج.
780- وحدثني عن مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أخي بني عبد الدار أن عمر بن عبيد الله أرسل إلى أبان بن عثمان وأبان يومئذ أمير الحاج وهما محرمان إني قد أردت أن انكح طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير وأردت أن تحضر فأنكر ذلك عليه أبان وقال: سمعت عثمان بن عفان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" .
781- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أن أبا غطفان بن طريف المري أخبره: أن أباه طريفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه.
782- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا ينكح المحرم ولا يخطب على نفسه ولا على غيره.
783- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار: سئلوا عن نكاح المحرم فقالوا: لا ينكح المحرم ولا ينكح قال مالك: في الرجل المحرم أنه يراجع امرأته إن شاء إذا كانت في عدة منه.
ـــــــ.
سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبي بكر بن عبد الرحمن وابن شهاب وجمهور من علماء المدينة وما أعلم أحدا من الصحابة روى أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح ميمونة وهو محرم إلا عبد الله بن عباس ورواية ما ذكرنا معارضة لروايته والقلب إلى رواية الجماعة أميل لأن الواحد إلى الغلط أقرب انتهى وقال الباجي: قد أنكرت هذه الرواية على بن عباس فقال سعيد بن المسيب: وهم بن عباس في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم على أنه يمكن الجمع بينهما من وجهين أحدهما أن يكون بن عباس أخذ في ذلك بمذهبه أن من قلد هديه فقد صار محرما بالتقليد فلعله علم بنكاحه صلى الله عليه وسلم بعد أن قلد هديه والثاني أن يكون أراد بمحرم في الأشهر الحرم فإنه يقال لمن دخل في الأشهر الحرم أو الأرض الحرام محرم.
780/73- بنت شيبة بن جبير قال بن عبد البر: لم يقل أحد في هذا الحديث بنت شيبة بن جبير إلا مالك عن نافع ورواه أيوب وغيره عن نافع فقال: فيه بنت شيبة بن عثمان.(1/268)
"23 - باب حجامة المحرم".
784- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم فوق رأسه وهو يومئذ بلحيي جمل مكان بطريق مكة.
777- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد له منه قال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة.
ـــــــ.
784/77 عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم الحديث وصله البخاري ومسلم من طريق سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة به بلحيي جمل قال في النهاية هو بفتح اللام موضع بين مكة والمدينة وقيل: عقبة وقيل: ماء.(1/268)
"24 - باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد"
778- حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله التيمي عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانوا ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حمارا وحشيا فاستوى على فرسه فسأل اصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه فسألهم رمحه فأبوا فأخذه ثم شد على الحمار فقتله فأكل منه بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم فلما أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك فقال: "إنما هي طعمة اطعمكموها الله" .
779- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء وهو محرم قال مالك: والصفيف القديد.
780- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم أن عطاء بن يسار أخبره عن أبي قتادة في الحمار الوحشي مثل حديث أبي النضر إلا أن في حديث زيد بن اسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هل معكم من لحمه شيء" .
781- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي.
ـــــــ.
786/79- حتى اذا كانوا ببعض طريق مكة في مسلم بالقاحة وهو واد على نحو ميل من السقيا وهو غير محرم قال النووي: فإن قيل: كيف كان أبو قتادة غير محرم وقد جاوز ميقات المدينة وقد تقرر أن من أراد حجا أو عمرة لا يجوز له مجاوزة الميقات غير محرم قال القاضي: وجواب هذا أن المواقيت لم تكن وقتت بعد وقيل: لأنه صلى الله عليه وسلم بعثه ورفقته لكشف عدو لهم جهة الساحل طعمة بضم الطاء أي طعام.
789/82- عن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي قال بن عبد البر: لم يختلف عن مالك في إسناد هذا الحديث واختلف أصحاب يحيى بن سعيد فيه فرواه جماعة كما رواه مالك ورواه جماهير زيد وهشيم ويزيد بن هارون وعلي بن مسهر عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن عمير بن سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعمير بن سلمة من كبار الصحابة والصحيح أن الحديث من مسنده ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه أحد قال موسى بن هارون: ولم يأت ذلك من مالك لأن جماعة رووه عن يحيى بن سعيد كما رواه مالك وإنما جاء ذلك من يحيى بن سعيد كان يرويه أحيانا فيقول فيه عن البهزي واحيانا يقول فيه يحيى البهزي قال: وأظن المشيخة الأولى كان ذلك جائزا عندهم وليس هو رواية عن فلان وانما عن قصة فلان هذا كله كلام موسى بن هارون انتهى وذكر الباجي أن البهزي زيد بن كعب السلمي بالروحاء إلى قوله بالأثاية بين الرويثة والعرج الأربعة مواضع ومناهل بين مكة والمدينة حاقف أي واقف منحني رأسه بين يديه إلى رجليه وقيل: الحاقف الذي لجأ إلى حقف وهو ما انعطف من الرمل لا يريبه أحد أي لا يعرض له.(1/269)
عقير فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "دعوه فإنه يوشك أن يأتي صاحبه" فجاء البهزي وهو صاحبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله شأنكم بهذا الحمار فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فقسمه بين الرفاق ثم مضى حتى إذا كان بالأثابة بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل فيه سهم فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه.
790- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أبي هريرة: أنه اقبل من البحرين حتى إذا كان بالربذة وجد ركبا من أهل العراق محرمين فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة فأمرهم بأكله قال: ثم اني شككت فيما امرتهم به فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فقال عمر: ماذا امرتهم به فقال: امرتهم بأكله فقال عمر بن الخطاب: لو امرتهم بغير ذلك لفعلت بك يتواعده.
791- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة يحدث عبد الله بن عمر: أنه مر به قوم محرمون بالربذة فاستفتوه في لحم صيد وجدوا ناسا أحلت يأكلونه فأفتاهم بأكله قال: ثم قدمت المدينة على عمر بن الخطاب فسألته عن ذلك فقال: بم أفتيتهم قال: فقلت أفتيتهم بأكله قال: فقال عمر: لو أفتيتهم بغير ذلك لأوجعتك.
792- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار: أقبل من الشام في ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كعب بأكله قال: فلما قدموا على عمر بن الخطاب بالمدينة ذكروا ذلك له فقال: من أفتاكم بهذا قالوا: كعب قال: فإني قد أمرته عليكم حتى ترجعوا ثم لما كانوا ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد فأفتاهم كعب أن يأخذوه فيأكلوه فلما قدموا على عمر بن الخطاب ذكروا له ذلك فقال: ما حملك على أن تفتيهم بهذا قال: هو من صيد البحر قال: وما يدريك قال: يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده أن هي إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين.
وسئل مالك عما يوجد من لحوم الصيد على الطريق هل يبتاعه المحرم فقال: أما ما كان من ذلك يعترض به الحاج ومن أجلهم صيد فإني اكرهه وأنهى عنه فأما أن يكون عند رجل لم يرد به المحرمين فوجده محرم فابتاعه فلا بأس به.
قال مالك: فيمن احرم وعنده صيد قد صاده أو ابتاعه فليس عليه أن يرسله ولا بأس أن يجعله عند أهله.
قال مالك: في صيد الحيتان في البحر والأنهار والبرك وما اشبه ذلك أنه حلال للمحرم أن يصطاده.
ـــــــ.
792/85- رجل من جراد هو القطيع منه.(1/270)
"25 - باب ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد"
793- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي: أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال: "انا لم نرده عليك إلا انا حرم" .
794- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الرحمن بن عامر بن ربيعة قال: رأيت عثمان بن عفان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان ثم أتي بلحم صيد فقال: لأصحابه كلوا فقالوا: أو لا تأكل أنت فقال: اني لست كهيئتكم إنما صيد من أجلي.
795- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين انها قالت له: يا بن أختي إنما هي عشر ليال فإن تخلج في نفسك شيء فدعه تعني أكل لحم الصيد.
قال مالك: في الرجل المحرم يصاد من أجله صيد فيصنع له ذلك الصيد فيأكل منه وهو يعلم أنه من أجله صيد فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم أيصيد الصيد فيأكله أم يأكل الميتة فقال: بل يأكل الميتة وذلك أن الله تبارك وتعالى لم يرخص للمحرم في أكل الصيد ولا في أخذه في حال من الأحوال وقد ارخص في الميتة على حال الضرورة.
قال مالك: واما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم لأنه ليس بذكي كان خطأ أو عمدا فأكله لا يحل وقد سمعت ذلك من غير واحد والذي يقتل الصيد ثم يأكله إنما عليه كفارة واحدة مثل من قتله ولم يأكل منه.
ـــــــ.
793/86- عن الصعب بن جثامة بجيم مفتوحة ثم ثاء مثلثة مشددة بالأبواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد أو بودان بفتح الواو وتشديد الدال المهملة وهما مكانان بين مكة والمدينة لم نرده بفتح الدال تخفيفا وبضمها اتباعا إلا أنا حرم بفتح الهمزة وضم الحاء والراء أي محرمون.
794/87 - بقطيفة هي كساء له خمل أرجوان هو صوف لعمر.(1/271)
"26 - باب أمر الصيد في الحرم"
796- قال مالك: كل شيء صيد في الحرم أو أرسل عليه كلب في الحرم فقتل ذلك الصيد في الحل فإنه لا يحل أكله وعلى من فعل ذلك جزاء الصيد فأما الذي يرسل كلبه على الصيد في الحل فيطلبه حتى يصيده في الحرم فإنه لا يؤكل وليس عليه في ذلك جزاء إلا أن يكون أرسله عليه وهو قريب من الحرم فإن أرسله قريبا من الحرم فعليه جزاؤه.(1/271)
"27 - باب الحكم في الصيد.
قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ(1/271)
"28 - باب ما يقتل المحرم من الدواب"
798- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب والحدأة والعقرب والفارة والكلب العقور" .
799- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الدواب من قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه العقرب والفأرة والغراب والحدأة والكلب العقور" .
800- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس فواسق يقتلن في الحرم الفأرة والعقرب والغراب والحدأة والكلب العقور" .
801- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن عمر بن الخطاب أمر بقتل الحيات في الحرم قال مالك: في الكلب العقور الذي أمر بقتله في الحرم أن كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو الكلب العقور وأما ما كان من السباع لا يعدو.
ـــــــ.
800/93- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خمس فواسق" الحديث وصله مسلم والنسائي من طريق حماد بن زيد عن هشام عن أبيه عن عائشة قال النووي: قول خمس فواسق بإضافة خمس لا بتنوينه قال: وسميت فواسق لخروجها بالايذاء والافساد عن طريق معظم الدواب وأصل الفسق في كلام العرب الخروج وسمي الرجل الفاسق لخروجه عن أمر الله وطاعته والحدأة بكسر الحاء وبالهمز والقصر بوزن عنبة والكلب العقور قال النووي: اختلفوا في المراد به فقيل: هو الكلب المعروف خاصة وقيل: الذئب وحده وقال جمهور العلماء: المراد به كل عاد مفترس غالبا كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها ومعنى العقور العاقر الجارح.(1/272)
مثل الضبع والثعلب والهر وما اشبههن من السباع فلا يقتلهن المحرم فإن قتله فداه وأما ما ضر من الطير فإن المحرم لا يقتله إلا ما سمى النبي صلى الله عليه وسلم الغراب والحدأة وإن قتل المحرم شيئا من الطير سواهما فداه.(1/273)
"29 - باب ما يجوز للمحرم أن يفعله"
802- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير: أنه رأى عمر بن الخطاب يقرد بعيرا له في طين بالسقيا وهو محرم قال مالك: وأنا اكرهه.
803- وحدثني عن مالك عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه انها قالت: سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسأل عن المحرم ايحك جسده فقالت نعم فليحككه وليشدد ولو ربطت يداي ولم أجد إلا رجلي لحككت.
804- وحدثني عن مالك عن أيوب بن موسى: أن عبد الله بن عمر نظر في المرآة لشكو كان بعينيه وهو محرم.
000 - وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: كان يكره أن ينزع المحرم حلمة أو قرادا عن بعيره.
قال مالك: وذلك أحب ما سمعت الي في ذلك.
805- وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم: أنه سأل سعيد بن المسيب عن ظفر له انكسر وهو محرم فقال سعيد: اقطعه وسئل مالك عن الرجل يشتكي إذنه أيقطر في إذنه من البان الذي لم يطيب وهو محرم فقال: لا أرى بذلك بأسا ولو جعله في فيه لم أر بذلك بأسا قال مالك: ولا بأس أن يبط المحرم خراجه ويفقأ دمله ويقطع عرقه إذا احتاج إلى ذلك.
ـــــــ.
802/95- يقرد بعيرا له في طين أي يزيل عنه القراد ويلقيها في الطين بالسقيا بضم السين المهملة وسكون القاف ومثناة من تحت مقصور قرية جامعة بين مكة والمدينة.(1/273)
"30 - باب الحج عمن يحج عنه"
806- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله أن فريضة الله في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال: "نعم" وذلك في حجة الوداع.(1/273)
"31 - باب ما جاء فيمن احصر بعدو"
807- حدثني يحيى عن مالك قال: من حبس بعدو فحال بينه وبين البيت فإنه يحل من كل شيء وينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس وليس عليه قضاء.(1/273)
"32 - باب ما جاء فيمن احصر بغير عدو"
809- حدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فإذا اضطر إلى لبس شيء من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى.
810- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها كانت تقول: المحرم لا يحله إلا البيت.
811- وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن رجل من أهل البصرة كان قديما أنه قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر والناس فلم يرخص لي أحد أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة اشهر حتى أحللت بعمرة.
812- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه قال: من حبس دون البيت بمرض فإنه لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار: أن سعيد بن حزابة المخزومي صرع ببعض طريق مكة وهو محرم فسأل من يلي على الماء الذي كان عليه فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فذكر لهم الذي عرض له فكلهم امره أن يتداوى بما لا بد له منه ويفتدى فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي.
ـــــــ.
809/103- من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بعمرة عام الحديبية سقطت هذه الجملة من رواية القعنبي وأهدى زاد القعنبي شاة.(1/274)
قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن احصر بغير عدو وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم يحجان عاما قابلا ويهديان فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال مالك: وكل من حبس عن الحج بعد ما يحرم أما بمرض أو بغيره أو بخطإ من العدد أو خفي عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر قال يحيى: سئل مالك عمن أهل من أهل مكة بالحج ثم أصابه كسر أو بطن متحرق أو امرأة تطلق قال: من أصابه هذا منهم فهو محصر يكون عليه مثل ما على أهل الآفاق إذا هم احصروا.
قال مالك: في رجل قدم معتمرا في اشهر الحج حتى إذا قضى عمرته أهل بالحج من مكة ثم كسر أو أصابه أمر لا يقدر على أن يحضر مع الناس الموقف.
قال مالك: أرى أن يقيم حتى إذا برأ خرج إلى الحل ثم يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يحل ثم عليه حج قابل والهدي.
قال مالك: فيمن أهل بالحج من مكة ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ثم مرض فلم يستطع أن يحضر مع الناس الموقف.
قال مالك: إذا فاته الحج فإن استطاع خرج إلى الحل فدخل بعمرة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة لأن الطواف الأول لم يكن نواه للعمرة فلذلك يعمل بهذا وعليه حج قابل والهدي فإن كان من غير أهل مكة فأصابه مرض حال بينه وبين الحج فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حل بعمرة وطاف بالبيت طوافا آخر وسعى بين الصفا والمروة لأن طوافه الأول وسعيه إنما كان نواه للحج وعليه حج قابل والهدي.(1/275)
"33 باب ما جاء في بناء الكعبة"
813- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن
ـــــــ.
813/109- عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق هو أخو القاسم بن محمد أخبر عبد الله بن عمر قال بن حجر: بنصب الله على المفعولية قال: وظاهره أن سالما كان حاضرا لذلك فيكون من روايته عن عبد الله بن محمد وقد صرح بذلك أبو أويس عن بن شهاب لكنه سماه عبد الرحمن بن محمد فوهم أخرجه أحمد وأغرب بن طهمان فرواه عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أخرجه الدارقطني في غرائب مالك والمحفوظ الأول أن قومك أي قريشا لولا حدثان بكسر المهملة وسكون الدال بعدها مثلثة بمعنى الحدوث أي قرب عهدهم لئن كانت عائشة سمعت هذا قال بن حجر: ليس هذا شكا من بن عمر في صدق عائشة لكن يقع في كلام العرب كثيرا صورة التشكيك والمراد التقرير ما أرى بضم الهمزة أي أظن استلام افتعال من السلام والمراد هنا لمس الركن بالقبلة أو اليد يليان أي يقربان الحجر بكسر المهملة وسكون الجيم وهو معروف على صفة نصف الدائرة وقدرها تسع وثلاثون ذراعا.(1/275)
محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم" قالت فقلت يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا حدثان قومك بالكفر لفعلت" قال فقال عبد الله بن عمر لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم.
814- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عائشة أم المؤمنين قالت ما أبالي أصليت في الحجر أم في البيت.
815- وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: سمعت بعض علمائنا يقول ما حجر الحجر فطاف الناس من ورائه إلا إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله.(1/276)
"34 - باب الرمل في الطواف"
816- حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف.
قال مالك: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا.
817- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف.
818- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان إذا طاف بالبيت يسعى الأشواط الثلاثة يقول:
اللهم لا إله إلا أنتا ... وأنت تحي بعد ما أمتا
يخفض صوته بذلك.
819- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه رأى عبد الله بن الزبير أحرم بعمرة من التنعيم قال: ثم رأيته يسعى حول البيت الأشواط الثلاثة.
820- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى وكان لا يرمل إذا طاف حول البيت إذا احرم من مكة.(1/276)
"35 - باب الاستلام في الطواف"
821- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه بالبيت وركع الركعتين وأراد أن يخرج إلى الصفا والمروة استلم الركن الأسود قبل أن يخرج.
ـــــــ.
821/117- عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه الحديث هو موصول في حديث جابر في صفة حجه صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره.(1/276)
"36 - باب تقبيل الركن الأسود في الاستلام".
824- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن عمر بن الخطاب قال: وهو يطوف بالبيت للركن الأسود إنما أنت حجر ولولا اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك ثم قبله قال مالك: سمعت بعض أهل العلم يستحب إذا رفع الذي يطوف بالبيت يده عن الركن اليماني أن يضعها على فيه.
ـــــــ.
824/120 - عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: وهو يطوف الحديث قال بن عبد البر: هذا الحديث مرسل وهو يستند من وجوه صحاح منها طريق الزهري عن سالم عن أبيه وذكر البزار أن هذا الحديث رواه عن عمر مسندا أربعة عشر رجلا انما أنت حجر زاد في رواية الصحيحين لا تضر ولا تنفع.(1/277)
"37 - باب ركعتا الطواف"
825- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان لا يجمع بين السبعين لا يصلي بينهما ولكنه كان يصلي بعد كل سبع ركعتين فربما صلى عند المقام أو عند غيره وسئل مالك عن الطواف إن كان أخف على الرجل أن يتطوع به فيقرن بين الأسبوعين أو أكثر ثم يركع ما عليه من ركوع تلك السبوع قال: لا ينبغي ذلك وإنما السنة أن يتبع كل سبع ركعتين.
قال مالك: في الرجل يدخل في الطواف فيسهو حتى يطوف ثمانية أو تسعة أطواف قال: يقطع إذا علم أنه قد زاد ثم يصلي ركعتين ولا يعتد بالذي كان زاد ولا ينبغي له أن يبني على التسعة حتى يصلي سبعين جميعا لأن السنة في الطواف أن يتبع كل سبع ركعتين.
قال مالك: ومن شك في طوافه بعد ما يركع ركعتي الطواف فليعد فليتمم طوافه على اليقين ثم ليعد الركعتين لأنه لا صلاة لطواف إلا بعد إكمال السبع ومن أصابه شيء بنقض وضوءه وهو يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو بين ذلك فإنه من أصابه ذلك وقد طاف بعض الطواف أو كله ولم يركع ركعتي الطواف فإنه يتوضأ ويستأنف الطواف والركعتين وأما السعي(1/277)
"38 - باب الصلاة بعد الصبح والعصر في الطواف"
826- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد الرحمن بن عبد القارىء أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى ركعتين.
827- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال: لقد رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة العصر ثم يدخل حجرته فلا أدري ما يصنع.
828- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي أنه قال: لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ما يطوف به أحد قال مالك: ومن طاف بالبيت بعض اسبوعه ثم أقيمت صلاة الصبح أو صلاة العصر فإنه يصلي مع الامام ثم يبني على ما طاف حتى يكمل سبعا ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب قال: وإن آخرهما حتى يصلي المغرب فلا بأس بذلك قال مالك: ولا بأس أن يطوف الرجل طوافا واحدا بعد الصبح وبعد العصر لا يزيد على سبع واحد ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس كما صنع عمر بن الخطاب ويؤخرهما بعد العصر حتى تغرب الشمس فإذا غربت الشمس صلاهما أن شاء وإن شاء آخرهما حتى يصلي المغرب لا بأس بذلك.(1/278)
"39 - باب وداع البيت"
829- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال: لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت فان آخر النسك الطواف بالبيت قال مالك: في قول عمر بن الخطاب فإن آخر النسك الطواف بالبيت أن ذلك فيما نرى والله اعلم لقول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32] وقال: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] فمحل الشعائر كلها وانقضاؤها إلى البيت العتيق.
830- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب: رد رجلا من مر الظهران لم يكن ودع البيت حتى ودع.
831- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: من أفاض فقد قضى الله حجه فإنه إن لم يكن حبسه شيء فهو حقيق أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت وإن حبسه شيء أو عرض له فقد قضي الله حجه.
قال مالك: ولو أن رجلا جهل أن يكون آخر عهده الطواف بالبيت حتى صدر لم أر عليه شيئا إلا أن يكون قريبا فيرجع فيطوف بالبيت ثم ينصرف إذا كان قد أفاض.(1/278)
"40 - باب جامع الطواف"
832- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اني اشتكي فقال: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبة" قالت فطفت راكبة بعيري ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ بـ: {وَالطُّورِ} [1] {وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [2].
833- وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي: أن أبا ماعز الأسلمي عبد الله بن سفيان أخبره أنه كان جالسا مع عبد الله بن عمر فجاءته امرأة تستفتيه فقالت اني أقبلت أريد أن اطوف بالبيت حتى إذا كنت بباب المسجد هرقت الدماء فرجعت حتى ذهب ذلك عني ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء فرجعت حتى ذهب ذلك عني ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد هرقت الدماء فقال عبد الله بن عمر إنما ذلك ركضة من الشيطان فاغتسلي ثم استثفري بثوب ثم طوفي.
834- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص: كان إذا دخل مكة مراهقا خرج إلى عرفة قبل أن يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يطوف بعد أن يرجع.
قال مالك: وذلك واسع إن شاء الله وسئل مالك هل يقف الرجل في الطواف بالبيت الواجب عليه يتحدث مع الرجل فقال: لا أحب ذلك له.
قال مالك: لا يطوف أحد بالبيت ولا بين الصفا والمروة إلا وهو طاهر.
ـــــــ.
832/128- عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة وقع في الصحيح عن أكثر الرواة عن عروة عن أم سلمة بإسقاط زينب وفي رواية الأصيلي وغيره بإثباتها قال الدارقطني: في كتاب التتبع وهو الصواب وذلك منقطع فإن عروة لم يسمعه من أم سلمة وتعقبه بن حجر بأن سماعه منها ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفا وثلاثين سنة وهو معها في بلد واحد.(1/279)
"41 - باب البدء بالصفا في السعي"
835- حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين خرج من المسجد وهو يريد الصفا وهو: يقول نبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا.
836- وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا وقف على الصفا يكبر ثلاثا ويقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعو ويصنع على المروة مثل ذلك.
837- وحدثني عن مالك عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو(1/279)
يقول: اللهم انك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وإنك لا تخلف الميعاد وأني أسألك كما هديتني للإسلام أن لا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم.(1/280)
"42 - باب جامع السعي"
838- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: قلت: لعائشة أم المؤمنين وأنا يومئذ حديث السن أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فما على الرجل شيء أن لا يطوف بهما فقالت عائشة كلا لو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158].
839- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن سودة بنت عبد الله بن عمر كانت عند عروة بن الزبير فخرجت تطوف بين الصفا والمروة في حج أو عمرة ماشية وكانت امرأة ثقيلة فجاءت حين انصرف الناس من العشاء فلم تقض طوافها حتى نودي بالأولى من الصبح فقضت طوافها فيما بينها وبينه وكان عروة إذا رآهم يطوفون على الدواب ينهاهم أشد النهي فيعتلون بالمرض حياء منه فيقول لنا فيما بيننا وبينه لقد خاب هؤلاء وخسروا.
قال مالك: من نسي السعي بين الصفا والمروة في عمرة فلم يذكر حتى يستبعد من مكة أنه يرجع فيسعى وإن كان قد أصاب النساء فليرجع فليسع بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة ثم عليه عمرة أخرى والهدي وسئل مالك عن الرجل يلقاه الرجل بين الصفا والمروة فيقف معه يحدثه فقال: لا أحب له ذلك.
قال مالك: ومن نسي من طوافه شيئا أو شك فيه فلم يذكر إلا وهو يسعى بين الصفا والمروة.
ـــــــ.
838/134- كانوا يهلون أي يحجون لمناة بفتح الميم والنون الخفيفة صنم كان في الجاهلية حذو قديد أي مقابله وقديد بقاف مصغر قرية جامعة بين مكة والمدينة وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة أي في الجاهلية وفي رواية لمسلم إن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا هم وغسان يهلون لمناة فتحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة وكان ذلك سنة في آبائهم من أحرم لمناة لم يطف بين الصفا والمروة لكن في رواية أخرى انهم كانوا يطوفون بينهما في الجاهلية وكان علهيما صنمان يتمسحون بهما فلما جاء الإسلام كرهوا أن يطوفا بينهما للذي كانوا يصنعون في الجاهلية قال الحافظ بن حجر: ويجمع بين الروايتين بأن الأنصار في الجاهلية كانوا فريقين منهم من يطوف بينهما ومنهم من لا يقر بهما واشترك الفريقان في الإسلام في التوقف عن الطواف بينهما لكونه كان عندهم جميعا من أفعال الجاهلية قال: وقد أشار إلى نحو هذا الجمع البيهقي.(1/280)
فإنه يقطع سعيه ثم يتم طوافه بالبيت على ما يستيقن ويركع ركعتي الطواف ثم يبتدئ سعيه بين الصفا والمروة.
840- وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من الصفا والمروة مشي حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى يخرج منه قال مالك: في رجل جهل فبدأ بالسعي بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت قال: ليرجع فليطف بالبيت ثم ليسع بين الصفا والمروة وإن جهل ذلك حتى يخرج من مكة ويستبعد فإنه يرجع إلى مكة فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة وإن كان أصاب النساء رجع فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة حتى يتم ما بقي عليه من تلك العمرة ثم عليه عمرة أخرى والهدي.(1/281)
"43 - باب صيام يوم عرفة".
841- حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عمير مولى عبد الله بن عباس عن أم الفضل بنت الحارث: أن ناسا تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم: هو صائم وقال بعضهم: ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشرب.
842- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أن عائشة أم المؤمنين: كانت تصوم يوم عرفة قال القاسم: ولقد رأيتها عشية عرفة يدفع الامام ثم تقف حتى يبيض ما بينها وبين الناس من الأرض ثم تدعو بشراب فتفطر.(1/281)
"44 باب ما جاء في صيام أيام منى"
843- حدثني يحيى عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام منى.
844- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة أيام
ـــــــ.
843/139- عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام أيام منى وصله النسائي من طريق سفيان الثوري عن أبي النضر وعبد الله بن أبي بكر كلاهما عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن حذافة به ورواه أيضا من طريق قتادة عن سليمان بن يسار عن حمزة بن عمر الأسلمي به.
844/140- عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة الحديث وصله النسائي من طريق شعيب ومعمر عن الزهري أن مسعود بن الحكم قال: أخبرني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى عبد الله بن حذافة ووهو يسير على راحلته فذكر نحوه ورواه أيضا من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وقال: هذا خطأ لا نعلم أحدا قال في هذا عن سعيد غير صالح وهو كثير الخطأ ضعيف قال المزي يعني أن الصواب حديث الزهري عن مسعود بن الحكم عن رجل عن عبد الله بن حذافة.(1/281)
"45 - باب ما يجوز من الهدي"
847- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملا كان لأبي جهل بن هشام في حج أو عمرة.
848- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال: "اركبها" فقال: يا رسول الله أنها بدنة فقال: "اركبها ويلك" في الثانية أو الثالثة.
849- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار: أنه كان يرى عبد الله بن عمر يهدي في الحج بدنتين بدنتين وفي العمرة بدنة بدنة قال: ورأيته في العمرة ينحر بدنة وهي قائمة في دار خالد بن اسيد وكان فيها منزله قال: ولقد رأيته طعن في لبه بدنته حتى خرجت الحربة من تحت كتفها.
850- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز: أهدى جملا في حج أو عمرة.
ـــــــ.
847/143- عن نافع عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى جملا كان لأبي جهل الحديث قال بن عبد البر: كذا وقع في رواي يحيى وهو من الغلط البين ولم يختلف رواة الموطأ أن هذا الحديث في الموطأ لمالك عن عبد الله بن أبي بكر وليس لنافع فيه ذكر ولم يرو نافع عن عبد الله بن أبي بكر قط شيئا بل عبد الله بن أبي بكر ممن يصلح أن يروي عن نافع وقد روى عن نافع من هو أجل منه وروى هذا الحديث سوى بن سعيد عن مالك عن الزهري عن أنس عن أبي بكر فذكره وهو من خطأ سويد وغلطه والحديث يستند من حديث بن عباس أخرجه أبو داود من طريق بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عنه.(1/282)
851- وحدثني عن مالك عن أبي جعفر القارئ أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي: أهدى بدنتين إحداهما بختية.
852- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا نتجت الناقة فليحمل ولدها حتى ينحر معها فإن لم يوجد له محمل حمل على أمه حتى ينحر معها.
853- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أن أباه قال: إذا اضطررت إلى بدنتك فاركبها ركوبا غير فادح وإذا اضطررت إلى لبنها فأشرب بعد ما يروى فصيلها فإذا نحرتها فأنحر فصيلها معها.(1/283)
"46 - باب العمل في الهدى حين يساق".
854- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان إذا أهدى هديا من المدينة قلده وأشعره بذي الحليفة يقلده قبل أن يشعره وذلك في مكان واحد وهو موجه للقبلة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الأيسر ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع به معهم إذا دفعوا فإذا قدم منى غداة النحر نحره قبل أن يحلق أو يقصر وكان هو ينحر هديه بيده يصفهن قياما ويوجههن إلى القبلة ثم يأكل ويطعم.
855- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال: بسم الله والله أكبر.
856- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: الهدي ما قلد وأشعر ووقف به بعرفة.
857- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يجلل بدنه القباطي والأنماط والحلل ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها.
858- وحدثني عن مالك أنه سأل عبد الله بن دينار ما كان عبد الله بن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة قال: كان يتصدق بها.
859- وحدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول في الضحايا والبدن الثني فما فوقه.
860- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه ولا يجللها حتى يغدو من منى إلى عرفة.
861- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يقول لبنيه يا بني لا يهدين أحدكم من البدن شيئا يستحي أن يهديه لكريمه فإن الله اكرم الكرماء وأحق من اختير له.(1/283)
"47 - باب العمل في الهدي إذا عطب أو ضل".
862- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن صاحب هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله كيف اصنع بما عطب من الهدي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل بدنة عطبت من الهدي فانحرها ثم ألق قلادتها في دمها ثم خل بينها وبين الناس يأكلونها" .
863- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: من ساق بدنة تطوعا فعطبت فنحرها ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها فليس عليه شيء وإن أكل منها أو أمر من يأكل منها غرمها.
864- وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس مثل ذلك.
865- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: من أهدى بدنة جزاء أو نذرا أو هدي تمتع فأصيبت في الطريق فعليه البدل.
866- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت فإنها أن كانت نذرا أبدلها وإن كانت تطوعا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها.
867- وحدثني عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: لا يأكل صاحب الهدي من الجزاء والنسك.
ـــــــ.
862/158 - عن هشام بن عروة عن أبيه أن صاحب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وصله أبو داود من طريق سفيان والترمذي والنسائي من طريق عبدة بن سليمان وابن ماجة من طريق وكيع ثلاثتهم عن هشام عن أبيه عن ناجية الأسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي وقال: إن عطب فانحره الحديث وقال الترمذي: حسن صحيح.(1/284)
"48 - باب هدي المحرم إذا أصاب أهله".
868- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة: سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا: ينفذان يمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج قابل والهدي قال: وقال علي بن أبي طالب: وإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما.
869- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم فلم يقل له القوم شيئا فقال سعيد: أن رجلا وقع بأمراته وهو محرم فبعث إلى المدينة يسأل عن ذلك.
فقال بعض الناس: يفرق بينهما إلى عام قابل فقال سعيد بن المسيب لينفذا لوجههما فليتما حجهما الذي أفسداه فإذا فرغا رجعا فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي ويهلان من حيث أهلا بحجهما الذي أفسداه ويتفرقان حتى يقضيا حجهما.
قال مالك: يهديان جميعا بدنة بدنة قال مالك: في رجل وقع بأمرأته في الحج ما بينه وبين أن.(1/284)
يدفع من عرفة ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي وحج قابل.
قال: فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة فإنما عليه أن يعتمر ويهدي وليس عليه حج قابل.
قال مالك: والذي يفسد الحج أو العمرة حتى يجب عليه في ذلك الهدي في الحج أو العمرة التقاء الختانين وإن لم يكن ماء دافق.
قال: ويوجب ذلك أيضا الماء الدافق إذا كان من مباشرة فأما رجل ذكر شيئا حتى خرج منه ماء دافق فلا أرى عليه شيئا ولو أن رجلا قبل امرأته ولم يكن من ذلك ماء دافق لم يكن عليه في القبلة إلا الهدي وليس على المرأة التي يصيبها زوجها وهي محرمة مرارا في الحج أو العمرة وهي له في ذلك مطاوعة إلا الهدي وحج قابل إن أصابها في الحج وإن كان أصابها في العمرة فإنما عليها قضاء العمرة التي أفسدت والهدي.(1/285)
"49 - باب هدي من فاته الحج".
870- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أخبرني سليمان بن يسار: أن أبا أيوب الأنصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالنازية من طريق مكة أضل رواحله وانه قدم على عمر بن الخطاب يوم النحر فذكر ذلك له فقال عمر: اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركك الحج قابلا فاحجج واهد ما استيسر من الهدي.
871- وحدثني مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الأسود: جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال: يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة كنا نرى أن هذا اليوم يوم عرفة فقال عمر: اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هديا أن كان معكم ثم احلقوا أو قصروا وارجعوا فإذا كان عام قابل فحجوا واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع قال مالك: ومن قرن الحج والعمرة ثم فاته الحج فعليه أن يحج قابلا ويقرن بين الحج والعمرة ويهدي هديين هديا لقرانه الحج مع العمرة وهديا لما فاته من الحج.(1/285)
"50 - باب من أصاب أهله قبل أن يفيض".
872- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس: أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة.
873- وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة مولى بن عباس قال: لا أظنه إلا عن عبد الله بن عباس أنه قال: الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي.
874- وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك: مثل قول عكرمة عن بن عباس.
قال مالك: وذلك أحب ما سمعت الي في ذلك.
وسئل مالك عن رجل نسي الإفاضة حتى خرج من مكة ورجع إلى بلاده فقال: أرى أن لم.(1/285)
باب {فما استيسر من الهدي}
...
"51 - باب ما استيسر من الهدي".
875- وحدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب كان يقول: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} شاة.
876- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس: كان يقول: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} شاة.
قال مالك: وذلك أحب ما سمعت الي في ذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة: 95] فمما يحكم به في الهدي شاة وقد سماها الله هديا وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا وكيف يشك أحد في ذلك وكل شيء لا يبلغ أن يحكم فيه ببعير أو بقرة فالحكم فيه شاة وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة فهو كفارة من صيام أو إطعام مساكين.
877- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} بدنة أو بقرة.
878- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن مولاة لعمرة بنت عبد الرحمن يقال لها رقية أخبرته: أنها خرجت مع عمرة بنت عبد الرحمن إلى مكة قالت فدخلت عمرة مكة يوم التروية وأنا معها فطافت بالبيت وبين الصفا والمروة ثم دخلت صفة المسجد فقالت أمعك مقصان فقلت لا فقالت فالتمسيه لي فالتمسته حتى جئت به فأخذت من قرون رأسها فلما كان يوم النحر ذبحت شاة.(1/286)
"52 - باب جامع الهدي".
879- حدثني يحيى عن مالك عن صدقة بن يسار المكي: أن رجلا من أهل اليمن جاء إلى عبد الله بن عمر وقد ضفر رأسه فقال: يا أبا عبد الرحمن اني قدمت بعمرة مفردة فقال له عبد الله بن عمر لو كنت معك أو سألتني لأمرتك أن تقرن فقال اليماني: قد كان ذلك فقال عبد الله بن عمر خذ ما تطاير من رأسك وأهد فقالت امرأة من أهل العراق ما هديه يا أبا عبد الرحمن فقال: هديه فقالت له ما هديه فقال عبد الله بن عمر لو لم أجد إلا أن اذبح شاة لكان أحب إلى من أن اصوم.
880- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: المرأة المحرمة إذا حلت لم تمتشط حتى تأخذ من قرون رأسها وإن كان لها هدى لم تأخذ من شعرها شيئا حتى تنحر هديها.(1/286)
باب الوقوف بعرفة و المزدلفة
...
"53 - باب الوقوف بعرفة والمزدلفة".
883- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر" .
874- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول: اعلموا أن عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة وإن المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] قال: فالرفث إصابة النساء والله اعلم قال الله تبارك وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] قال: والفسوق الذبح للأنصاب والله اعلم قال الله تبارك وتعالى: {أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] قال: والجدال في الحج أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة بقزح وكانت العرب وغيرهم يقفون بعرفة فكانوا يتجادلون يقول هؤلاء نحن اصوب ويقول هؤلاء نحن أصوب فقال الله تعالى: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ} [الحج:67] فهذا الجدال فيما نرى والله اعلم وقد سمعت ذلك من أهل العلم.
ـــــــ.
883/179- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر" أخرجه بهذا اللفظ بن وهب في موطئه قال أخبرني محمد بن أبي حميد عن محمد بن أبي المنكدر مرفوعا به مرسلا وورد موصولا من حديث جابر وابن عباس وعلي بدون الاستثناء المذكور وبطن عرنة غربي مسجد عرفة وبطن محسر دون المزدلفة.(1/287)
54- باب وقوف الرجل وهو غير طاهر ووقوفه على دابته.
885- سئل مالك هل يقف الرجل بعرفة أو بالمزدلفة أو يرمي الجمار أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير طاهر فقال: كل أمر تصنعه الحائض من أمر الحج فالرجل يصنعه وهو غير طاهر ثم لا يكون عليه شيء في ذلك والفضل أن يكون الرجل في ذلك كله طاهرا ولا ينبغي له أن يتعمد ذلك.
وسئل مالك عن الوقوف بعرفة للراكب أينزل أم يقف راكبا فقال: بل يقف راكبا إلا أن يكون به أو بدابته علة فالله اعذر بالعذر.(1/288)
"55 - باب وقوف من فاته الحج بعرفة"
886- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: من لم يقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة من قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج.
887- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: من أدركه الفجر من ليلة المزدلفة ولم يقف بعرفة فقد فاته الحج ومن وقف بعرفة من ليلة المزدلفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج.
قال مالك: في العبد يعتق في الموقف بعرفة فإن ذلك لا يجزئ عنه من حجة الإسلام إلا أن يكون لم يحرم فيحرم بعد أن يعتق ثم يقف بعرفة من تلك الليلة قبل أن يطلع الفجر فإن فعل ذلك أجزأ عنه وإن لم يحرم حتى طلع الفجر كان بمنزلة من فاته الحج إذا لم يدرك الوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر من ليلة المزدلفة ويكون على العبد حجة الإسلام يقضيها.(1/288)
"56 - باب تقديم النساء والصبيان".
888- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن سالم وعبيد الله ابني عبد الله بن عمر أن أباهما عبد الله بن عمر: كان يقدم أهله وصبيانه من المزدلفة إلى منى حتى يصلوا الصبح بمنى ويرموا قبل أن يأتي الناس.
889- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح: أن مولاة لأسماء بنت أبي بكر أخبرته قالت جئنا مع أسماء ابنة أبي بكر منى بغلس قالت فقلت لها لقد جئنا منى بغلس فقالت قد كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك.
890- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن طلحة بن عبيد الله: كان يقدم نساءه وصبيانه من المزدلفة إلى منى.
891- وحدثني عن مالك انه: سمع بعض أهل العلم يكره رمي الجمرة حتى يطلع الفجر من يوم النحر ومن رمى فقد حل له النحر.(1/288)
"57 - باب السير في الدفعة".
893- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سئل أسامة بن زيد وأنا جالس معه كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حين دفع قال: كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص قال مالك: قال هشام والنص فوق العنق.
894- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يحرك راحلته في بطن محسر قدر رمية بحجر.(1/289)
"58 باب ما جاء في النحر في الحج"
895- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى: "هذا المنحر وكل منى منحر وقال: في العمرة هذا المنحر يعني المروة وكل فجاج مكة وطرقها منحر" .
896- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرتني عمرة بنت عبد الرحمن أنها سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس ليال بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا أنه الحج فلما دنونا من مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل قالت عائشة فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا فقالوا: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه قال يحيى بن سعيد فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد فقال: أتتك والله بالحديث على وجهه.
897- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة أم المؤمنين: أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت من عمرتك فقال: "إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى انحر" .
ـــــــ.
895/191- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمنى: "هذا المنحر وكل منى منحر" الحديث أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث جابر.
896/192- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل هذا فسح الحج إلى العمرة والأكثر على أنه مخصوص بالصحابة أو منسوخ.(1/289)
باب العمل في النحر
...
"57 - باب السير في الدفعة".
893- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سئل أسامة بن زيد وأنا جالس معه كيف كان يسير رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حين دفع قال: كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص قال مالك: قال هشام والنص فوق العنق.
894- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يحرك راحلته في بطن محسر قدر رمية بحجر.(1/290)
"60 - باب الحلاق"
901- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم ارحم المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله قال: "اللهم ارحم المحلقين" قالوا: والمقصرين يا رسول الله قال: "والمقصرين" .
902- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أنه كان يدخل مكة ليلا وهو معتمر فيطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ويؤخر الحلاق حتى يصبح.
قال: ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به حتى يحلق رأسه قال: وربما دخل المسجد فأوتر فيه ولا يقرب البيت.
قال مالك: التفث حلاق الشعر ولبس الثياب وما يتبع ذلك.
قال يحيى: سئل مالك عن رجل نسي الحلاق بمنى في الحج هل له رخصة في أن يحلق بمكة قال: ذلك واسع والحلاق بمنى أحب إلى.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن أحدا لا يحلق رأسه ولا يأخذ من شعره حتى ينحر هديا إن كان معه ولا يحل من شيء حرم عليه حتى يحل بمنى يوم النحر وذلك أن الله تبارك وتعالى قال: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196].(1/290)
"61 - باب التقصير".
903- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا أفطر من رمضان وهو يريد الحج لم يأخذ من رأسه ولا من لحيته شيئا حتى يحج.
قال مالك: ليس ذلك على الناس.
904- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه.
905- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلا أتى القاسم بن محمد.(1/290)
"62 - باب التلبيد".
908- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال: من ضفر رأسه فليحلق ولا تشبهوا بالتلبيد.
909- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب: قال: من عقص رأسه أو ضفر أو لبد فقد وجب عليه الحلاق.(1/291)
"63 - باب الصلاة في البيت وقصر الصلاة وتعجيل الخطبة بعرفة".
910- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال بن رباح وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ومكث فيها قال عبد الله: فسألت بلالا حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جعل عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى.
911- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج بن يوسف أن لا تخالف عبد الله بن عمر في شيء من أمر الحج قال: فلما كان يوم عرفة جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمس وأنا معه فصاح به عند سرادقه أين هذا فخرج عليه الحجاج وعليه ملحفة معصفرة فقال: ما لك يا أبا عبد الرحمن فقال الرواح: إن كنت تريد السنة فقال: أهذه الساعة قال: نعم قال: فأنظرني حتى أفيض على ماء ثم اخرج فنزل عبد الله حتى خرج الحجاج فسار بيني وبين أبي فقلت له أن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الصلاة قال: فجعل ينظر إلى عبد الله بن عمر كيما يسمع ذلك منه فلما رأى ذلك عبد الله قال: صدق سالم.(1/291)
"64 - باب الصلاة بمنى يوم التروية والجمعة بمنى وعرفة".
912- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إذا طلعت الشمس إلى عرفة.(1/291)
"65 - باب صلاة المزدلفة"
913- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
914- وحدثني عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ فلم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة يا رسول الله فقال: "الصلاة أمامك" فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا.
915- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت الأنصاري أن عبد الله بن يزيد الخطمي أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره انه: صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
916- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا.
ـــــــ.
914/210- عن موسى بن عقبة عن كريب مولى بن عباس عن أسامة بن زيد قال بن عبد البر: كذا رواه الحفاظ الأثبات عن مالك إلا أشهب وابن الماجشون فإنهما قالا عن كريب عن بن عباس عن أسامة والصحيح إسقاط بن عباس من إسناده.(1/292)
66 - باب صلاة منى
917- قال مالك: في أهل مكة أنهم يصلون بمنى إذا حجوا ركعتين ركعتين حتى ينصرفوا إلى مكة.
918- وحدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين وإن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين وإن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين وإن عثمان صلاها بمنى ركعتين شطر إمارته ثم أتمها بعد.
ـــــــ.
918/214- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة الرباعية بمنى ركعتين الحديث قال بن عبد البر: لم يختلف في إرساله في الموطأ وهو مسند صحيح من حديث بن عمر وابن مسعود ومعاوية.(1/292)
"67 - باب صلاة المقيم بمكة ومنى"
921- حدثني يحيى عن مالك أنه قال: من قدم مكة لهلال ذي الحجة فأهل بالحج فإنه يتم الصلاة حتى يخرج من مكة لمنى فيقصر وذلك أنه قد اجمع على مقام أكثر من أربع ليال.(1/293)
"68 - باب تكبير أيام التشريق".
922- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب: خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر فكبر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أن عمر قد خرج يرمي.
قال مالك: الأمر عندنا أن التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات وأول ذلك تكبير الامام والناس معه دبر صلاة الظهر من يوم النحر وآخر ذلك تكبير الامام والناس معه دبر صلاة الصبح من آخر أيام التشريق ثم يقطع التكبير.
قال مالك: والتكبير في أيام التشريق على الرجال والنساء من كان في جماعة أو وحده بمنى أو بالآفاق كلها واجب وإنما يأتم الناس في ذلك بإمام الحاج وبالناس بمنى لأنهم إذا رجعوا وانقضى الإحرام ائتموا بهم حتى يكونوا مثلهم في الحل فأما من لم يكن حاجا فإنه لا يأتم بهم إلا في تكبير أيام التشريق قال مالك: الأيام المعدودات أيام التشريق.(1/293)
"69 - باب صلاة المعرس والمحصب".
923- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ بالبطحاء التي بذي الحليفة فصلى بها قال نافع: وكان عبد الله بن عمر يفعل ذلك.
قال مالك: لا ينبغي لأحد أن يجاوز المعرس إذا قفل حتى يصلي فيه وإن مر به في غير.(1/293)
"70 - باب البيتوتة بمكة ليالي منى"
925- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أنه قال: زعموا أن عمر بن الخطاب كان يبعث رجالا يدخلون الناس من وراء العقبة.
926- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة.
927- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في البيتوتة بمكة ليالي منى: لا يبيتن أحد إلا بمنى.(1/294)
"71 - باب رمي الجمار"
928- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب: كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفا طويلا حتى يمل القائم.
929- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقف عند الجمرتين الأوليين وقوفا طويلا يكبر الله ويسبحه ويحمده ويدعو الله ولا يقف عند جمرة العقبة.
930- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يكبر عند رمي الجمرة كلما رمى بحصاة.
931- وحدثني عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقول: الحصى التي يرمى بها الجمار مثل حصى الخذف قال مالك: واكبر من ذلك قليلا أعجب إلى.
000- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول من غربت له الشمس من أوسط أيام التشريق وهو بمنى فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد.
932- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن الناس كانوا إذا رموا الجمار مشوا ذاهبين وراجعين وأول من ركب معاوية بن أبي سفيان.
933- وحدثني عن مالك أنه سأل عبد الرحمن بن القاسم: من أين كان القاسم يرمي جمرة العقبة فقال: من حيث تيسر قال يحيى: سئل مالك هل يرمى عن الصبي والمريض فقال: نعم ويتحرى المريض حين يرمي عنه فيكبر وهو في منزله ويهريق دما فإن صح المريض في أيام التشريق رمى الذي رمي عنه وأهدى وجوبا.
قال مالك: لا أرى على الذي يرمي الجمار أو يسعى بين الصفا والمروة وهو غير متوض إعادة ولكن لا يتعمد ذلك.(1/294)
"72 - باب الرخصة في رمي الجمار".
935- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن أبا البداح بن عاصم بن عدي أخبره عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ارخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى يرمون يوم النحر ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ثم يرمون يوم النفر.
936- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر: أنه ارخص للرعاء أن يرموا بالليل يقول في الزمان الأول قال مالك: تفسير الحديث الذي ارخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى والله اعلم انهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك لأنه لا يقضي أحد شيئا حتى يجب عليه فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر ونفروا.
937- وحدثني عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه: أن ابنة أخ لصفية بنت أبي عبيد نفست بالمزدلفة فتخلفت هي وصفية حتى أتتا منى بعد أن غربت الشمس من يوم النحر فأمرهما عبد الله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا ولم ير عليهما شيئا قال يحيى: سئل مالك عمن نسي جمرة من الجمار في بعض أيام منى حتى يمسي قال ليرم: أي ساعة ذكر من ليل أو نهار كما يصلي الصلاة إذا نسيها ثم ذكرها ليلا أو نهارا فإن كان ذلك بعد ما صدر وهو بمكة أو بعد ما يخرج منها فعليه الهدي.
ـــــــ.
935/232 - أن أبا البداح بن عاصم قال بن عبد البر: لا يوقف على اسمه وكنيته اسمه وقال الواقدي أبو البداح: لقب غلب عليه ويكنى أبا عمرو قيل: إن في رواية يحيى وحده أن أبا البداح عاصم وهو غلط إنما هو بن عاصم.(1/295)
"73 - باب الإفاضة".
938- حدثني يحيى عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب خطب الناس بعرفة وعلمهم أمر الحج وقال لهم: فيما قال: إذا جئتم منى فمن رمى الجمرة فقد حل له ما حرم على الحاج إلا النساء والطيب لا يمس أحد نساء ولا طيبا حتى يطوف بالبيت.
939- وحدثني عن مالك عن نافع وعبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال: من رمى الجمرة ثم حلق أو قصر ونحر هديا أن كان معه فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يطوف بالبيت.(1/295)
"74 - باب دخول الحائض مكة".
940- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا" قالت فقدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة" قالت ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق إلى التنعيم فاعتمرت فقال: هذا مكان عمرتك فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلوا منها ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم واما الذين كانوا أهلوا بالحج أو جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا.
*- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة بمثل ذلك.
941- حدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: أنها قالت قدمت مكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى تطهري" .
قال مالك: في المرأة التي تهل بالعمرة ثم تدخل مكة موافية للحج وهي حائض لا تستطيع الطواف بالبيت أنها إذا خشيت الفوات اهلت بالحج وأهدت وكانت مثل من قرن الحج والعمرة وأجزأ عنها طواف واحد والمرأة الحائض إذا كانت قد طافت بالبيت وصلت فإنها تسعى بين الصفا والمروة وتقف بعرفة والمزدلفة وترمى الجمار غير أنها لا تفيض حتى تطهر من حيضتها.(1/296)
"75 - باب إفاضة الحائض".
942- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أن صفية بنت حيي حاضت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أحابستنا هي؟" فقيل: إنها قد أفاضت فقال: "فلا إذا".
943- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله أن صفية بنت حيي قد حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلها تحبسنا ألم تكن طافت معكن بالبيت؟" قلن: بلى قال: "فاخرجن".
944 - وحدثني عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن عمرة بنت عبد الرحمن: أن عائشة أم المؤمنين كانت إذا حجت ومعها نساء تخاف أن يحضن قدمتهن يوم النحر فأفضن فإن حضن بعد ذلك لم تنتظرهن فتنفر بهن وهن حيض إذا كن قد أفضن.
945- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أن(1/296)
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر صفية بنت حيي فقيل: له قد حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعلها حابستنا؟", فقالوا: يا رسول الله أنها قد طافت, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلا إذا" .
قال مالك: قال: هشام قال عروة: قالت عائشة ونحن نذكر ذلك فلم يقدم الناس نساءهم إن كان ذلك لا ينفعهن ولو كان الذي يقولون: لأصبح بمنى أكثر من ستة آلاف امرأة حائض كلهن قد أفاضت.
946- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره: أن أم سليم بنت ملحان استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضت أو ولدت بعد ما أفاضت يوم النحر فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت.
قال مالك: والمرأة تحيض بمنى تقيم حتى تطوف بالبيت لا بد لها من ذلك وإن كانت قد أفاضت فحاضت بعد الإفاضة فلتنصرف إلى بلدها فإنه قد بلغنا في ذلك رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم للحائض قال وإن حاضت المرأة بمنى قبل أن تفيض فإن كربها يحبس عليها أكثر مما يحبس النساء الدم.
ـــــــ.
946/244 - عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أن أم سليم بنت ملحان الحديث قال بن عبد البر: لا أحفظه عن أم سليم إلا من هذا الوجه وهو منقطع وأعرفه أيضا من حديث هشام عن قتادة عن عكرمة أن أم سليم فذكره بمعناه وهذا أيضا منقطع والمحفوظ في هذا حديث أبي سلمة عن عائشة قصة صفية.(1/297)
"76 - باب فدية ما أصيب من الطير والوحش".
947- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير: أن عمر بن الخطاب قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الأرنب بعناق وفي اليربوع بجفرة.
948- وحدثني عن مالك عن عبد الملك بن قرير عن محمد بن سيرين: أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال اني أجريت انا وصاحب لي فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فماذا ترى فقال عمر: لرجل إلى جنبه تعال حتى احكم انا وأنت قال: فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا يحكم معه فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة قال: لا قال: فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي فقال: لا فقال: لو أخبرتني انك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وهذا عبد الرحمن بن عوف.
949- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه كان يقول في البقرة من الوحش بقرة وفي الشاة من الظباء شاة.(1/297)
950- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: في حمام مكة إذا قتل شاة.
وقال مالك: في الرجل من أهل مكة يحرم بالحج أو العمرة وفي بيته فراخ من حمام مكة فيغلق عليها فتموت فقال: أرى بأن يفدي ذلك عن كل فرخ بشاة.
951- قال مالك: لم أزل أسمع أن في النعامة إذا قتلها المحرم بدنة.
قال مالك: أرى أن في بيضة النعامة عشر ثمن البدنة كما يكون في جنين الحرة غرة عبد أو وليدة وقيمة الغرة خمسون دينارا وذلك عشر دية أمه وكل شيء من النسور أو العقبان أو البزاة أو الرخم فإنه صيد يودى كما يودى الصيد إذا قتله المحرم وكل شيء فدي ففي صغاره مثل ما يكون في كباره وإنما مثل ذلك مثل دية الحر الصغير والكبير فهما بمنزلة واحدة سواء.(1/298)
"77 - باب فدية من أصاب شيئا من الجراد وهو محرم".
952- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم: أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين اني أصبت جرادات بسوطي وأنا محرم فقال له عمر: اطعم قبضة من طعام.
953- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن جرادات قتلها وهو محرم فقال عمر لكعب: تعال حتى نحكم فقال: كعب درهم فقال عمر لكعب: انك لتجد الدراهم لتمرة خير من جرادة.(1/298)
"78 - باب فدية من حلق قبل أن ينحر".
954- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الكريم بن مالك الجزري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة انه: كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فآذاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق رأسه وقال: "صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين مدين مدين لكل إنسان أو انسك بشاة أي ذلك فعلت أجزأ عنك" .
955- حدثني عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد أبي الحجاج عن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: لعلك آذاك هوامك فقلت نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو اطعم ستة مساكين أو انسك بشاة" .
956- وحدثني عن مالك عن عطاء بن عبد الله الخرساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق.
ـــــــ.
955/253- هوامك أي القمل.
956/254- عن عطاء بن عبد الله الخراساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البرم بالكوفة عن كعب بن عجرة قال بن عبد البر: أن هذا الشيخ عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: وهذا بعيد لأنه أشهر في التابعين من أن يقول فيه عطاء حدثني شيخ.(1/298)
باب مايفعل من نسي من نسكه شيئاً
...
"79 - باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئا".
957- حدثني يحيى عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال من: نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما قال أيوب: لا أدري قال: ترك أو نسي.
قال مالك: ما كان من ذلك هديا فلا يكون إلا بمكة وما كان من ذلك نسكا فهو يكون حيث أحب صاحب النسك.(1/299)
80 - باب جامع الفدية
958- قال مالك: فيمن أراد أن يلبس شيئا من الثياب التي لا ينبغي له أن يلبسها وهو محرم أو يقصر شعره أو يمس طيبا من غير ضرورة ليسارة مؤنة الفدية عليه قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك وإنما ارخص فيه للضرورة وعلى من فعل ذلك الفدية.
وسئل مالك عن الفدية من الصيام أو الصدقة أو النسك أصاحبه بالخيار في ذلك وما النسك وكم الطعام وبأي مد هو وكم الصيام وهل يؤخر شيئا من ذلك أم يفعله في فوره ذلك قال مالك: كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا أو كذا فصاحبه مخير في ذلك أي شيء أحب أن يفعل ذلك فعل قال: واما النسك فشاة واما الصيام فثلاثة أيام واما الطعام فيطعم ستة مساكين لكل مسكين مدان بالمد الأول مد النبي صلى الله عليه وسلم.
قال مالك: وسمعت بعض أهل العلم يقول إذا رمى المحرم شيئا فأصاب شيئا من الصيد لم يرده فقتله أن عليه أن يفديه وكذلك الحلال يرمي في الحرم شيئا فيصيب صيدا لم يرده فيقتله إن(1/299)
"81 - باب جامع الحج".
959- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس بمنى والناس يسألونه فجاءه رجل فقال له يا رسول الله لم اشعر فحلقت قبل أن انحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انحر ولا حرج" ثم جاءه آخر فقال: يا رسول الله لم اشعر فنحرت قبل أن أرمي قال: "ارم ولا حرج" قال: فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" .
960- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" .
961- وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن
ـــــــ.
960/258- إذا قفل أي رجع شرف أي مرتفع آيبون أي راجعون صدق الله وعده أي في إظهار الدين وكون العاقبة للمتقين وغير ذلك وهزم الأحزاب هم الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده أي من غير قتال من الآدميين.
961/259- عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة قال بن عبد البر: هذا الحديث مرسل عند أكثر رواة الموطأ وقد أسنده عن مالك الشافعي وابن وهب ومحمد بن خالد وأبو مصعب وعبد الله بن يوسف قالوا: فيه عن كريب عن بن عباس وهو الصحيح في محفتها هي شبيه بالهودج بضبعي صبي هما باطنا الساعد.(1/300)
عن بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة وهي في محفتها فقيل: لها هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بضبعي صبي كان معها فقالت ألهذا حج يا رسول الله قال: "نعم ولك أجر" .
962- وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما رؤى الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا ادحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أرى يوم بدر" قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله قال: "أما أنه قد رأى جبريل يزع الملائكة" .
963- وحدثني عن مالك عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل ما قلت: أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له" .
964- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة
ـــــــ.
962/260- بن أبي عبلة اسمه شمر بن يقظان أدحر أي أبعد عن الخير يزع الملائكة أي يصفهم للقتال ويكفهم من أن يشف بعضهم على بعض في الصف.
964/262- عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح الحديث ذكر بن الصلاح في علوم الحديث أن هذا الحديث تفرد به مالك عن بن شهاب وتعقبه الحافظ زين الدين العراقي في نكته بأنه ورد من عدة طرق عن بن شهاب غير طريق مالك من رواية بن أخي الزهري في مسند البزار وأبي أويس في طبقات بن سعد وكامل بن عدي ومعمر ذكره بن عدي في الكامل والأوزاعي ذكره المزي في الأطراف قال: وروى بن مسدى في معجم شيوخه أن أبا بكر بن العربي قال لأبي جعفر بن المرخى حين ذكر أنه لا يعرف إلا من حديث مالك عن الزهري: قد رويته من ثلاثة عشر طريقا غير طريق مالك فقالوا: له أفدنا هذه الفوائد فوعدهم ولم يخرج لهم شيئا وقال الحافظ بن حجر: في نكته قد استبعد أهل اشبيلية قول بن العربي حتى قال قائلهم:
يا أهل حمص ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفق
فخذوا عن العربي أسمار الدجى ... وخذوا الرواية عن إمام متقي
إن الفتى ذرب اللسان مهذب ... إن لم يجد خيرا صحيحا يخلق
وعنى بأهل حمص أهل اشبيلية قال الحافظ بن حجر: وقد تتبعت طرق هذا الحديث فوجدته كما قال بن العربي: من ثلاثة عشر طريقا عن الزهري غير طريق مالك بل أزيد فرويناه عن طريق الأربعة الذين ذكرهم شيخنا ورواية معمر في رواية أبي بكر بن المقري ورواية الأوزاعي في فوائد تمام ومن رواية عقيل: بن خالد في معجم أبي الحسين بن جميع ويونس بن يزيد في الإرشاد للخليلي ومحمد بن أبي حفصة في رواة مالك للخطيب وسفيان بن عيينة في مسند أبي يعلى وأسامة بن زيد الليثي في الضعفاء لابن حبان وابن أبي ذئب في الحلية لأبي نعيم وعبد الرحمن ومحمد بن عبد العزيز في فوائد أبي محمد عبد الله بن إسحاق الخراساني ومحمد بن إسحاق في مسند مالك لابن عدي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي الموالي في الافراد للدارقطني وبحر بن كثير السقا ذكره الحافظ أبو محمد جعفر الأندلسي نزيل مصر في تخريج له وصالح بن أبي الأخضر(1/301)
عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال له يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوه" قال مالك: ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما والله اعلم.
965- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر اقبل من مكة حتى إذا كان بقديد جاءه خبر من المدينة فرجع فدخل مكة بغير إحرام.
000- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: بمثل ذلك.
966- وحدثني عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة الديلي عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال: عدل إلي عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحة بطريق مكة فقال: ما أنزلك تحت هذه السرحة فقلت أردت ظلها فقال: هل غير ذلك فقلت لا ما أنزلني إلا ذلك فقال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنت بين الأخشبين من منى" ونفخ بيده نحو المشرق: "فإن هناك واديا يقال له: السرر به شجرة سر تحتها سبعون نبيا" .
ـــــــ.
ذكره الحافظ أبو ذر الهروي فهؤلاء ستة عشر نفسا غير مالك رووه عن الزهري وروي من طريق يزيد الرقاشي عن أنس متابعا للزهري في فوائد أبي الحسن الفراء الموصلي ومن حديث سعد بن أبي وقاص وأبي برزة الأسلمي وهما في سنن الدارقطني وعلي بن أبي طالب في المشيخة الكبرى لأبي محمد الجوهري وسعيد بن يربوع والسائب بن يزيد وهما في مستدرك الحاكم قال الحافظ بن حجر: فهذه طرق كثيرة غير طريق مالك عن الزهري عن أنس قال: فكيف يحل لأحد أن يتهم إماما من أئمة المسلمين بغير علم ولا اطلاع قلت: لقد تسليت بهذا اتفق للقاضي أبي بكر بن العربي الذي كان يجتهد وقته وحافظ عصره عما أقاسيه من أهل عصري عند ذكري لهم مالا اطلاع لهم عليه من الفوائد البديعة من سوء أدبهم وإطلاق ألسنتهم وحسدهم وأذاهم وبغيهم وقد قال بن العربي: في بعض كتبه وقد تكلم على علم مناسبات القرآن فلما لم نجد له حملة ووجدنا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بين وبين الله ورددناه إليه وقد اقتديت به في ذلك فختمت على أكثر ما عندي من العلم بل على كله إلا النقطة بعد النقطة في الحين بعد الحين والله المستعان وقد ألفت في الاعتذار عن تركنا الافتاء والتدريس كتابا سميته التنفيس مقامة تسمى المقامة اللؤلؤية أوضحت فيها العذر في ذلك المغفر هو ما غطى الرأس من السلاح كالبيضة ونحوها بن خطل اسمه عبد الله وقيل: عبد العزى وقيل: هلال وصححه الزبير بن بكار اقتلوه في رواية انه كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر.
966/265- عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه قال بن عبد البر: لا أعرف محمد بن عمران هذا إلا بهذا الحديث وإن لم يكن أبوه عمران بن حيان الأنصاري أو عمران بن سوادة فلا أدري من هو سرحة هي الشجرة الطويلة التي بها شعب بين الأخشبين هما الجبلان تحت عقبة منى ونفخ بيده أي أشار بها ماذا سر تحتها سبعون نبيا أ ي قطعت سرتهم إذ ولدوا تحتها وقيل: هو من السرور أي تنبئوا تحتها واحدا بعد واحدا فسروا بذلك.(1/302)
967- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن بن أبي مليكة: أن عمر بن الخطاب مر بامرأة مجذومة وهي تطوف بالبيت فقال لها: "يا أمة الله لا تؤذي الناس لو جلست في بيتك" فجلست فمر بها رجل بعد ذلك فقال لها: أن الذي كان قد نهاك قد مات فاخرجي فقالت ما كنت لأطيعه حيا وأعصيه ميتا.
968- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس: كان يقول ما بين الركن والباب الملتزم.
969- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه سمعه يذكر: أن رجلا مر على أبي ذر بالربذة وإن أبا ذر سأله أين تريد فقال: أردت الحج فقال: هل نزعك غيره فقال: لا قال: فأتنف العمل قال الرجل: فخرجت حتى قدمت مكة فمكثت ما شاء الله ثم إذا انا بالناس منقصفين على رجل فضاغطت عليه الناس فإذا انا بالشيخ الذي وجدت بالربذة يعني أبا ذر قال: فلما رآني عرفني فقال: هو الذي حدثتك.
970- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن الاستثناء في الحج فقال: أو يصنع ذلك أحد وأنكر ذلك سئل مالك هل يحتش الرجل لدابته من الحرم فقال: "لا".
ـــــــ.
968/267- مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول ما بين الركن والباب الملتزم قال بن عبد البر: كذا في رواية عبيد الله بن يحيى عن أبيه وفي رواية بن وضاح ما بين الركن والباب وهو الصواب والأول خطأ لم يتابع عليه.
969/268- وإن أبا ذر سأله إلى آخره قال بن عبد البر: هذا لا يجوز أن يكون مثله رأيا وإنما يدرك بالتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم.(1/303)
82 - باب حج المرأة بغير ذي محرم.
971- قال مالك: في الصرورة من النساء التي لم تحج قط أنها أن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها في الحج لتخرج في جماعة النساء.(1/303)
"83 - باب صيام التمتع".
972- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تقول: الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة فإن لم يصم صام أيام منى.
973- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: في ذلك مثل قول عائشة رضي الله عنها.(1/303)
المجلد الثاني
كتاب الجهاد
باب الترغيب في الجهاد
...
"21 - كتاب الجهاد"
"1 - الترغيب في الجهاد"
973- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع" .
974- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تكفل الله بمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته أن يدخله الجنة أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة" .
975- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن
ـــــــ.
كتاب الجهاد
973/1- مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم إلى آخره قال الباجي: جميع أعمال البر هي سبيل الله إلا أن هذه اللفظة إذا أطلقت في الشرع اقتضت الغزو أي العدو ومعنى الحديث أن له من الثواب على جهاده مثل ثواب المستديم للصيام والصلاة لا يفتر منهما وإنما أحال على صواب الصائم والقائم وإن كنا لا نعرف مقداره لما قرر الشرع من كثرته وعرف من عظمه والمراد بالقائم هنا المصلي انتهى.
974/2- تكفل الله قال النووي: أي أوجب بفضله وكرمه قال: وهو موافق لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} 1 الآية لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته قال النووي: أي كلمة الشهادتين وقيل: تصديق كلام الله تعالى في الاخبار لما للمجاهدين من عظم الثواب قال: والمعنى لا يخرجه إلا محض الإيمان والإخلاص لله تعالى أن يدخله الجنة قال الباجي: والقاضي عياض يحتمل أن يدخله عند موته كما قال الله تعالى في الشهداء: {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} 2 وفي الحديث أرواح الشهداء في الجنة ويحتمل أن يكون المراد دخول الجنة عند دخول السابقين والمقربين بلا حساب ولا عذاب ولا مؤاخذة بذنب فتكون الشهادة مكفرة لذنوبه كما صرح به في الحديث الصحيح أو يرده إلى مسكنه الذي خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة قال النووي: قالوا: معناه مع ما حصل له من الأجر بلا غنيمة إن لم يغنموا أو من الأجر والغنيمة معا إن غنموا وقيل: إن أو هنا بمعنى الواو كما وقع بالواو في رواية لمسلم وفي أبي داود وقالوا: ومعنى الحديث أن الله ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرا بكل حال فإما أن يستشهد فيدخل الجنة وإما أن يرجع بأجر وإما بأجر وغنيمة.
975/3- ربطها في سبيل الله أي أعدها للجهاد طيلها بكسر الطاء وفتح الياء الحبل الذي تربط فيه فاستنت أي جرت شرفا أو شرفين بفتح الشين المعجمة والراء وهو العالي من الأرض وقيل: المراد هنا.
ـــــــ
1 سورة التوبة الآية: 111.
2 سورة آل عمران الآية: 169.(2/304)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كان له حسنات ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن يسقي به كان ذلك له حسنات فهي له أجر ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي لذلك ستر ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر" وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال: "لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7, 8].
976- وحدثني عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن عطاء بن يسار أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير الناس منزلا رجل آخذ بعنان فرسه يجاهد في سبيل الله: ألا أخبركم بخير الناس منزل بعده رجل معتزل في غنيمته يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد الله لا يشرك به شيئا" .
977- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبادة بن الوليد بن عبادة بن
ـــــــ.
طلقا أو طلقين تغنيا أي استغناء عن الناس وتعففا أي عن السؤال ولم ينس حق الله في رقابها قيل: معناه حسن ملكتها وتعهد شبها والإحسان إليها وركوبها غير مشقوق عليها وخص رقابها بالذكر لأنها كثيرا ما تطلق في موضع الحقوق اللازمة كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} 1 وقيل: معناه إطراق فحلها وإفقار ظهرها والحمل عليها في سبيل الله وقيل: معناه الزكاة الواجبة على رأي من يوجب الزكاة فيها ونواء بكسر النون وبالمد أي مناواة ومعاداة لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة أي العامة المتناولة لكل خير ومعروف الفاذة أي القليلة النظير قال بن عبد البر: لأنها آية مفردة في عموم الخير والشر ولا آية أعم منها وقال النووي: معنى الحديث لم ينزل علي فيها نص بعينها لكن نزلت هذه الآية العامة.
976/4- عن عطاء بن يسار أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم...". الحديث وصله الترمذي من طريق بكير بن الأشج والنسائي من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن كلاهما عن عطاء بن يسار عن بن عباس به وقال الترمذي: حسن بخير الناس منزلا قال الباجي: أي أكثرهم ثوابا وأرفعهم درجة قال القاضي عياض: هذا عام مخصوص وتقديره من خير الناس وإلا فالعلماء أفضل وكذا الصديقون كما جاءت به الأحاديث رجل آخذ بعنان فرسه يجاهد قال الباجي: يريد أنه يواظب على ذلك ووصف أنه آخذ بعنانه بمعنى أنه لا يخلو في الأغلب من ذلك راكبا له أو قائدا هذا معظم أمره فوصف بذلك جميع أحواله وإن لم يكن آخذا بعنانه في كثير منها قال: وقوله في غنيمته بلفظ التصغير إشارة إلى قلة المال.
977/5- بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني ليلة العقبة على السمع والطاعة قال الباجي: السمع هنا يرجع إلى معنى الطاعة في اليسر والعسر أي يسر المال وعسره والمنشط بفتح الميم والمعجمة وسكون النون.
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 92.(2/305)
الصامت عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره وإن لا ننازع الأمر أهله وإن نقول أو نقوم بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومه لائم.
978- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم قال: كتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر بن الخطاب: أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعده فرجا وانه لن يغلب عسر يسرين وإن الله تعالى يقول في كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران الآية:200].
ـــــــ.
بينهما والمكره أي وقت النشاط إلى امتثال أوامره ووقت الكراهية لذلك وفي رواية عند أحمد والنشاط والكسل وإن لا ننازع الأمر يريد الملك والامارة أهله قال الباجي: يحتمل أن يكون هذا شرطا على الأنصار ومن ليس في قريش إلا ينازعوا فيه أهله وهم قريش ويحتمل أن يكون هذا مما أخذ على جميع الناس أن لا ينازعوا من ولاه الله الأمر منهم وإن كان فيهم من يصلح لذلك الأمر إذا كان قد صار لغيره قلت: الثاني هو الصحيح ويؤيده أن في مسند أحمد زيادة وإن رأيت أن لك في الأمر حقا وعند بن حبان زيادة وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك وعند البخاري زيادة إلا أن تروا كفرا بواحا أي ظاهرا باديا وإن نقول أو نقوم شك من الراوي.
978/6- وأنه لن يغلب عسر يسرين قال الباجي: قيل: إن وجه ذلك أنه لما عرف العسر اقتضى استغراق الجنس فكان العسر الأول هو الثاني من قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} 1 ولما كان اليسر منكرا كان الأول منه غير الثاني قال: وقد قال البخاري: عقب هذه الآية كقوله هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين وهذا يقتضي أن اليسرين عنده الظفر بالمراد والأجر فالعسر لا يغلب هذين اليسرين لأنه لا بد أن يحصل للمؤمن أحدهما قال: وهذا عندي وجه ظاهر.
ـــــــ
1 سورة الشرح الآيتان: 5, 6.(2/306)
"2 - باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو"
979- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو قال مالك: وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو.
ـــــــ.
979/7- نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن أي بالمصحف وبهذا اللفظ رواه عبد الرحمن بن مهدي عن مالك إلى أرض العدو قال يحيى: قال مالك: وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو قال بن عبد البر: كذا قال أكثر الرواة: ورواه بن وهب فقال في آخره خشية أن يناله العدو في سياقة الحديث ولم يجعله من قول مالك وكذا قال عبيد الله بن عمر وأيوب عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة ان يناله العدو.(2/306)
"3 - باب النهي عن قتل النساء والولدان في الغزو"
980- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن بن لكعب بن مالك قال: حسبت أنه قال عن عبد الرحمن بن كعب أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قتلوا بن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان قال: فكان رجل منهم يقول برحت بنا امرأة بن أبي الحقيق بالصياح فأرفع السيف عليها ثم أذكر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكف ولولا ذلك استرحنا منها.
981- وحدثني عن مالك عن نافع عن بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان.
982- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان وكان أمير ربع من تلك الأرباع فزعموا أن يزيد قال لأبي بكر: أما أن تركب واما أن انزل فقال أبو بكر: ما أنت بنازل وما انا براكب اني احتسب خطاي هذه في سبيل الله ثم قال له: انك ستجد قوما زعموا انهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا انهم حبسوا أنفسهم له وستجدوا قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف وإني موصيك بعشر لا تقتلن امرأة ولا صبيا ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تخربن عامرا ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة ولا تحرقن نخلا ولا تفرقنه ولا تغلل ولا تجبن.
983- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله أنه
ـــــــ.
980/8- عن بن لكعب بن مالك قال بن عبد البر: اتفق رواة الموطأ على إرساله ولا علمت أحدا أسنده عن مالك من جميع رواته إلا الوليد بن مسلم فإنه قال فيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك أخرجه الدارقطني بن أبي الحقيق هو رجل من يهود خيبر اسمه سلام وويكنى أبا رافع برحت بنا أي أظهرت أمرنا.
981/9- عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى بعض مغازيه الحديث قال بن عبد البر: هكذا أرسله أكثر رواة الموطأ ووصله عن مالك عن نافع عن بن عمر جماعة منهم عبد الرحمن بن مهدي وابن بكير وأبو مصعب وعبد الله بن يوسف التنيسي ومعن بن عيسى وآخرون.
982/10- ستجد قوما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله قال الباجي: يريد الرهبان الذين حبسوا أنفسهم عن مخالطة الناس وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشعر أي حلقوا ذلك قال بن حبيب: يعني الشمامسة.
983/11- مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامل من عماله أنه بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية الحديث وصله مسلم والأربعة من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن سليم بن بريدة عن أبيه به والسرية قطعة من الجيش تخرج منه تغير وترجع اليه قال إبراهيم الحربي: هي الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها سميت سرية لأنها تسير بالليل وتخفي ذهابها وهي فعيلة بمعنى فاعلة ولا تغدروا بكسر الدال ولا تقتلوا وليدا هو الصبي.(2/307)
بلغنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية يقول لهم: "اغزوا باسم الله في سبيل الله تقاتلون من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا" وقل ذلك لجيوشك وسراياك إن شاء الله والسلام عليك.(2/308)
"4 - باب ما جاء في الوفاء بالأمان"
984- حدثني يحيى عن مالك عن رجل من أهل الكوفة أن عمر بن الخطاب: كتب إلى عامل جيش كان بعثه أنه بلغني أن رجالا منكم يطلبون العلج حتى إذا اسند في الجبل وامتنع قال رجل مطرس: يقول: لا تخف فإذا أدركه قتله وإني والذي نفسي بيده لا أعلم مكان واحد فعل ذلك إلا ضربت عنقه.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول ليس هذا الحديث بالمجتمع عليه وليس عليه العمل وسئل مالك عن الإشارة بالأمان أهي بمنزلة الكلام فقال: نعم وإني أرى أن يتقدم إلى الجيوش أن لا تقتلوا أحدا أشاروا إليه بالأمان لأن الإشارة عندي بمنزلة الكلام وانه بلغني أن عبد الله بن عباس قال: ما ختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو.
ـــــــ.
984/12 - مطرس هي كلمة فارسية معناها لا تخف.(2/308)
"5 - باب العمل فيمن أعطى شيئا في سبيل الله".
985- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان إذا أعطى شيئا في سبيل الله يقول لصاحبه إذا بلغت وادي القرى فشأنك به.
986- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يقول: إذا أعطي الرجل الشيء في الغزو فيبلغ به رأس مغزاته فهو له وسئل مالك عن رجل أوجب على نفسه الغزو فتجهز حتى إذا أراد أن يخرج منعه أبواه أو أحدهما فقال: لا يكابرهما ولكن يؤخر ذلك إلى عام آخر فأما الجهاز فإني أرى أن يرفعه حتى يخرج به فإن خشي أن يفسد باعه وامسك ثمنه حتى يشتري به ما يصلحه للغزو فإن كان موسرا يجد مثل جهازه إذا خرج فليصنع بجهازه ما شاء.(2/308)
"6 - باب جامع النفل في الغزو".
987- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فيها عبد الله بن عمر قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكان سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا.
988- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: كان الناس في الغزو إذا اقتسموا غنائمهم يعدلون البعير بعشر شياه.
ـــــــ.
987/15 - فكان سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا قال بن عبد البر: كذا رواه جميع رواة الموطأ إلا الوليد بن مسلم فإنه قال: اثني عشر بعيرا ولم يذكر شكا.(2/308)
7 - باب ما لا يجب فيه الخمس.
000- قال مالك: فيمن وجد من العدو على ساحل البحر بأرض المسلمين فزعموا أنهم تجار وإن البحر لفظهم ولا يعرف المسلمون تصديق ذلك إلا أن مراكبهم تكسرت أو عطشوا فنزلوا بغير إذن المسلمين أرى أن ذلك للإمام يري فيهم رأيه ولا أرى لمن أخذهم فيهم خمسا.(2/309)
8 – باب ما يجوز للمسلمين أكله قبل الخمس.
000- قال مالك: لا أرى بأسا أن يأكل المسلمون إذا دخلوا أرض العدو من طعامهم ما وجدوا من ذلك كله قبل أن يقع في المقاسم.
قال مالك: وأنا أرى الإبل والبقر والغنم بمنزلة الطعام يأكل منه المسلمون إذا دخلوا أرض العدو كما يأكلون من الطعام ولو أن ذلك لا يؤكل حتى يحضر الناس المقاسم ويقسم بينهم أضر ذلك بالجيوش فلا أرى بأسا بما أكل من ذلك كله على وجه المعروف ولا أرى أن يدخر أحد من ذلك شيئا يرجع به إلى أهله.
وسئل مالك عن الرجل يصيب الطعام في أرض العدو فيأكل منه ويتزود فيفضل منه شيء أيصلح له أن يحبسه فيأكله في أهله أو يبيعه قبل أن يقدم بلاده فينتفع بثمنه.
قال مالك: أن باعه وهو في الغزو فإني أرى أن يجعل ثمنه في غنائم المسلمين وإن بلغ به بلده فلا أرى بأسا أن يأكله وينتفع به إذا كان يسيرا تافها.(2/309)
"9 - باب ما يرد قبل أن يقع القسم مما أصاب العدو"
989- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن عبدا لعبد الله بن عمر أبق وإن فرسا له عار فأصابهما المشركون ثم غنمهما المسلمون فردا على عبد الله بن عمر وذلك قبل أن تصيبهما المقاسم قال: وسمعت مالكا يقول فيما يصيبه العدو من أموال المسلمين أنه أن أدرك قبل أن تقع فيه المقاسم فهو رد على أهله واما ما وقعت فيه المقاسم فلا يرد على أحد.
وسئل مالك عن رجل حاز المشركون غلامهم ثم غنمه المسلمون.
قال مالك: صاحبه أولى به بغير ثمن ولا قيمة ولا غرم ما لم تصبه المقاسم فإن وقعت فيه المقاسم فإني أرى أن يكون الغلام لسيده بالثمن إن شاء.
قال مالك: في أم ولد رجل من المسلمين حازها المشركون ثم غنمها المسلمون فقسمت في المقاسم ثم عرفها سيدها بعد القسم أنها لا تسترق وارى أن يفتديها الامام لسيدها فإن لم يفعل فعلى سيدها أن يفتديها ولا يدعها ولا أرى للذي صارت له أن يسترقها ولا يستحل فرجها وإنما هي بمنزلة الحرة لأن سيدها يكلف أن يفتديها إذا جرحت فهذا بمنزلة ذلك فليس له أن يسلم أم ولده تسترق ويستحل فرجها.(2/309)
"10 - باب ما جاء في السلب في النفل"
990 - حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي
ـــــــ.
990/18- عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: عمرو بن كثير وتابعه قوم وقال الأكثر عمر بن كثير وقال الشافعي: عن بن كثير بن أفلح ولم يسمه قال وعمرو وعمر أخوان وعمر أجل وأشهر وهو الذي في الموطأ وليس لعمرو بن كثير في الموطأ ذكر إلا عند من لم يفهم اسمه وصحفه عن أبي محمد مولى أبي قتادة اسمه نافع بن عباس ويعرف بالأقرع وهو من كبار التابعين قال النووي: في الإسناد ثلاثة تابعيون بعضهم عن بعض كانت للمسلمين جولة قال النووي: أي انهزام وخفة ذهبوا فيها قال: وهذا إنما كان في بعض الجيش واما رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة معه فلم يولوا وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يقال: انهزم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرو أحد قط أنه انهزم بنفسه صلى الله عليه وسلم في موطن من المواطن بل ثبتت الأحاديث الصحيحة بإقدامه وثباته في جميع المواطن قد علا رجلا من المسلمين أي ظهر عليه وأشرف على قتله أو صرعه وجلس عليه ليقتله على حبل عاتقه هو ما بين العنق والكتف فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت قال النووي: يحتمل أنه أراد شد كشدة الموت ويحتمل قاربت الموت لا هاء الله إذا قال النووي: هكذا هو في رواية المحدثين في الصحيحين وغيرهما إذا بالألف في أوله وأنكر الخطابي هذا وأهل العربية وقالوا: هو تغيير من الرواة وصوابه لاها الله ذا بغير ألف وقالوا: وها بمعنى الواو يقسم بها فكأنه قال: والله ذا وقال المازني: قول الرواة لاها الله إذا خطأ والصواب لاها الله ذا أي ذا يميني وقال أبو زيد ليس في كلامهم لاها الله إذا وإنما هو لا ها الله ذا وذا صلة في الكلام والمعنى لا والله هذا ما أقسم به وقال أبو البقاء وقع في الرواية إذا بألف وتنوين ويمكن توجيهه بأن التقدير لا والله لا يعطى إذن ويكون لا يعمد إلى آخره تأكيدا للنفي المذكور وموضحا للسبب فيه وقال الطيبي ثبت في الرواية لا ها الله إذا فحمله بعض النحاة على أنه تغيير من الرواة وإن الصواب ذا وليس كما قال بل الرواية صحيحة وهو كقولك لمن قال لك افعل كذا والله إذا لا أفعل فالتقدير والله إذا لا يعمد إلى آخره قال ويحتمل أن تكون إذا زائدة وكذا قال القرطبي إذا هنا هي حرف الجواب كقوله أينقص الرطب إذا جف قالوا: نعم قال: فلا إذا قال: وأما هاهنا فليست للتنبيه بل هي بدل من مدة القسم في قولهم آلله لأفعلن انتهى وقد وردت هذه الجملة كذلك في عدة من الأحاديث فيظن توارد الرواة في جميعها على الغلط والتحريف من ذلك حديث عائشة في قصة بريرة لما ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء قال لاها الله إذا وحديث أنس في قصة جليبيب أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عليه امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال: حتى أستأمر أمها قال فنعم إذن فذهب إلى امرأته فذكر لها ذلك فقالت: لاها الله إذن وقد منعناها فلانا أخرجه بن حبان وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار أنه.(2/310)
محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة بن ربعي أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني قال فلقيت عمر بن الخطاب فقلت ما بال الناس فقال أمر الله ثم إن الناس رجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" قال فقمت ثم قلت: من يشهد لي ثم جلست ثم قال: "من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" قال فقمت ثم قلت: من يشهد لي ثم جلست ثم قال ذلك الثالثة فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مالك يا أبا قتادة?" قال فاقتصصت عليه القصة فقال رجل من القوم صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه عنه يا رسول الله فقال أبو بكر لا هاء الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق فأعطه إياه" فأعطانيه فبعت الدرع فاشتريت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.
991- وحدثني مالك عن بن شهاب عن القاسم بن محمد أنه قال سمعت رجلا يسأل عبد الله بن عباس عن الأنفال فقال بن عباس: الفرس من النفل والسلب من النفل قال ثم عاد الرجل لمسألته فقال بن عباس ذلك أيضا ثم قال الرجل الأنفال التي قال الله في كتابه ما هي قال القاسم فلم يزل يسأله حتى كاد أن يحرجه ثم قال بن عباس أتدرون ما مثل هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب.
قال وسئل مالك عمن قتل قتيلا من العدو أيكون له سلبه بغير إذن الامام قال لا يكون ذلك لأحد بغير إذن الامام ولا يكون ذلك من الامام إلا على وجه الاجتهاد ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل قتيلا فله سلبه" إلا يوم حنين.
ـــــــ.
قال للحسن لو لبست مثل عباءتي هذه قال لاها الله إذا لا ألبس مثل عباءتك هذه وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن بن جريج قال قلت: لعطاء أرأيت لو أني فرغت من صلاتي فلم أرض كمالها أفلا أعود له قال بلى ها الله إذا قال وقلت لهم كأنهم كانوا يشددون في المسح للحصا لموضع الجبين مالا يشددون في مسح الوجه من التراب قال أجل ها الله إذا قال وقلت له أرأيت الرجل يصلي معه الرجل فقط أتحب أن يلصق به حتى لا يكون بينهما فرجة قال نعم ها الله إذا وأخرج عبد الرزاق عن أنس أنه سئل هل كن النساء يشهدن الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس أي ها الله إذا وأخرج الفاكهي من طريق سفيان قال لقيت لبطة بن الفرزدق فقلت سمعت هذا الحديث من أبيك قال أي والله إذا سمعن أبي يقول فذكره لا يعمد بالياء أي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال النووي: ضبطوه بالياء والنون وكذا قوله بعده منعطفك مخرفا بفتح الميم والراء على المشهور وروي بفتح الميم وكسر الراء وهو البستان لأنه يخترف منه الثمر أي يجتنى وقيل: السكة من النخل تكون صفين وقال بن وهب هي الجنينة الصغيرة وقال غيره هي نخلات صغيرة في بني سلمة بكسر اللام تأثلته بالمثلثة بعد الألف أي اقتنيته وتأصلته.(2/311)
"11 - باب ما جاء في إعطاء النفل من الخمس"
992- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أنه قال: كان الناس يعطون النفل من الخمس قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت الي في ذلك وسئل مالك عن النفل هل يكون في أول مغنم قال ذلك على وجه الاجتهاد من الامام وليس عندنا في ذلك أمر معروف موقوف إلا اجتهاد السلطان ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل في مغازيه كلها وقد بلغني أنه نفل في بعضها يوم حنين وإنما ذلك على وجه الاجتهاد من الأمام في أول مغنم وفيما بعده.(2/312)
"12 - باب القسم للخيل في الغزو"
993- حدثني يحيى عن مالك أنه قال بلغني أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: للفرس سهمان وللرجل سهم قال مالك: ولم أزل اسمع ذلك وسئل مالك عن رجل يحضر بأفراس كثيرة فهل يقسم لها كلها فقال لم اسمع بذلك ولا أرى أن يقسم إلا لفرس واحد الذي يقاتل عليه قال مالك: لا أرى البراذين والهجن إلا من الخيل لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} 1 وقال عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} 2 فأنا أرى البراذين والهجن من الخيل إذا أجازها الوالي وقد قال سعيد بن المسيب وسئل عن البراذين هل فيها من صدقة فقال وهل في الخيل من صدقة.
ـــــــ
1 سورة النحل الآية: 8.
2 سورة الأنفال الآية: 60.(2/312)
"13 - باب ما جاء في الغلول".
994- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن سعيد عن عمرو بن شعيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدر من حنين وهو يريد الجعرانة سأله الناس حتى دنت به ناقته من شجرة فتشبكت.
ـــــــ.
994/22- عن عبد الرحمن بن سعيد عن عمرو بن شعيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صدر من حنين قال بن عبد البر: قد روي متصلا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه النسائي من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عنه الجعرانة بسكون العين وتخفيف الراء وبكسر العين وتشديد الراء والأول أفصح الخياط هو واحد الخيوط والمخيط بكسر الميم هو الابرة وروي بدل الخياط الخياط وهو يحتلم الخيوط والإبرة وشنار قال بن عبد البر: هي لفظة جامعة لمعنى العار والنار ومعناها الشين والنار يريد أن الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا ونار وعذاب في الآخرة.(2/312)
"14 - باب الشهداء في سبيل الله"
999- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لوددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى فأقتل ثم أحيى فأقتل" فكان أبو هريرة يقول ثلاثا اشهد بالله.
1000- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ.
1000/28 - يضحك الله إلى رجلين قال الباجي: هو كناية عن التلقي بالثواب والانعام والاكرام أو المراد تضحك ملائكته وخزنة جنته أو حملة عرشه وذلك أن مثل هذا غير معهود.(2/314)
قال: "يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد" .
1001- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يكلم أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون دم والريح ريح المسك" .
1002- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم أن عمر بن الخطاب كان يقول: اللهم لا تجعل قتلي بيد رجل صلى لك سجدة واحدة يحاجني بها عندك يوم القيامة.
1003- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أن قتلت في سبيل الله صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أيكفر الله عني خطاياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" فلما أدبر الرجل ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر به فنودي له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف قلت" فأعاد عليه قوله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم إلا الدين كذلك قال لي جبريل" .
1004- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشهداء أحد: "هؤلاء اشهد عليهم" فقال أبو بكر الصديق ألسنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ.
1001/29- لا يكلم بسكون الكاف أي يجرح والله أعلم بمن يكلم في سبيله جملة معترضة للإشارة إلى اعتبار الإخلاص إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب بسكون المثلثة وفتح العين المهملة ثم موحدة أي يجري منفجرا أي كثيرا قال النووي: الحكمة في مجيئه كذلك أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله.
1002/30- أن عمر بن الخطاب كان يقول اللهم لا تجعل قتلي بيد رجل صلى لك سجدة الحديث قال بن عبد البر: أراد عمر أن يكون قاتله مخلدا في النار ولا يكون كذلك إلا من لم يسجد لله سجدة ولم يعمل من الخير والايمان مثقال ذرة.
1003/31- عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال بن عبد البر: كذا رواه يحيى وجمهور الرواة ورواه معن بن عيسى والقعنبي عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد لم يذكروا يحيى بن سعيد وف الممكن أن يكون مالك سمعه من يحيى عن سعيد ثم سمعه من سعيد وقد رواه الليث بن سعد وابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد محتسبا أي مخلصا إلا الدين قال النووي: فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين وإن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين وانما يكفر حقوق الله تعالى كذلك قال لي جبريل قال بن عبد البر: فيه دليل على أن من الوحي ما يتلى ومالا يتلى وما هو قرآن وما ليس بقرآن.
1004/32- عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لشهداء أحد قال بن عبد البر: هذا مرسل عند جميع رواة الموطأ ولكن معناه يستند من وجوه صحاح كثيرة هؤلاء أشهد عليهم أي أشهد لهم بالإيمان الصحيح والسلامة من الذنوب الموبقات ومن التبديل والتغيير والمنافسة في الدنيا ونحو ذلك قاله بن عبد البر.(2/315)
بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي" فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال أإنا لكائنون بعدك.
1005- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقبر يحفر بالمدينة فاطلع رجل في القبر فقال بئس مضجع المؤمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس ما قلت" فقال الرجل اني لم أرد هذا يا رسول الله إنما أردت القتل في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا مثل للقتل في سبيل الله ما على الأرض بقعة هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها" ثلاث مرات يعني المدينة.
ـــــــ.
1005/33- عن يحيى بن سعيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا قال بن عبد البر: هذا الحديث لا أحفظه مسندا ولكن معناه موجود من رواية مالك وغيره ما على الأرض بقعة من الأرض هي أحب إلي أن يكون قبري بها منها أي المدينة وهو أحد الأدلة على تفضيلها على مكة وكذا أثر عمر الذي يليه قال الباجي:(2/316)
باب ماتكون فيه الشهادة
...
"15 - باب ما تكون فيه الشهادة"
1006- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم: أن عمر بن الخطاب كان يقول اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك ووفاة ببلد رسولك.
1007- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب قال: كرم المؤمن تقواه ودينه حسبه ومروءته خلقه والجرأة والجبن غرائز يضعها الله حيث شاء فالجبان يفر عن أبيه وأمه والجريء يقاتل عما لا يؤوب به إلى رحله والقتل حتف من الحتوف والشهيد من احتسب نفسه على الله.
ـــــــ.
1007/35 - كرم المؤمن تقواه أي فضله إنما هو بالتقوى قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} 1 ودينه حسبه أي شرفه انتسابه إلى الدين لا إلى الآباء ومروءته خلقه أي أن المروءة التي يحمد عليها الناس ويوصفون بأنهم من ذوي المروآت إنما هي معان مختصة بالأخلاق من الصبر والحلم والجود والايثار والجرأة بالقصر وزن الجرعة غرائز أي طبائع لا تكتسب والقتل حتف من الحتوف أي نوع من أنواع الموت كالموت بمرض أو نحوه فيجب أن لا يرتاع منه ولا يهاب هيبة تورث الجبن والشهيد من احتسب نفسه أي من رضي بالقتل في طاعة الله تعالى رجاء ثواب الله تعالى فقال: احملني وسحيما فقال عمر بن الخطاب: نشدتك الله أسحيم زق قال نعم قال الباجي: أراد الرجل التحيل على عمر ليوهمه أن له رفيقا يسمى سحيما فيدفع اليه ما يحمل رجلين فينفرد هو به وكان عمر يصيب المعنى بظنه فلا يكاد يخطئه فسبق إلى ظنه أن سحيما الذي ذكره هو الزق.
ـــــــ
1 سورة الحجرات الآية: 13.(2/316)
"16 - باب العمل في غسل الشهيد"
1008 - حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب(2/316)
"17 - باب ما يكره من الشيء يجعل في سبيل الله"
1010- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب كان يحمل في العام الواحد على أربعين ألف بعير يحمل الرجل إلى الشام على بعير ويحمل الرجلين إلى العراق على بعير فجاءه رجل من أهل العراق فقال احملني وسحيما فقال له عمر بن الخطاب نشدتك الله أسحيم زق قال له نعم.(2/317)
"18 - باب الترغيب في الجهاد"
1011- حدثني يحيى عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأطعمته وجلست تفلي في رأسه فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال: "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة" أو مثل الملوك على الأسرة يشك إسحاق قالت فقلت له يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ يضحك قالت فقلت له يا رسول الله ما يضحكك قال: "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ملوكا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة" كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال: "أنت من الأولين" قال فركبت البحر في زمان معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت.
ـــــــ.
1011/39- يدخل على أم حرام بنت ملحان هي خالة أنس بن مالك أخت أمه أم سليم قال النووي: اتفق العلماء على أنها كانت محرما له صلى الله عليه وسلم واختلفوا في كيفية ذلك فقال بن عبد البر: وغيره كانت إحدى خالاته من الرضاعة وقال آخر ون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده لأن عبد المطلب كانت أمه من بني النجار تفلى بفتح التاء وسكون الفاء ثبج هذا البحر بمثلثة ثم موحدة مفتوحتين ثم جيم أي ظهره ووسطه ملوكا على الأسرة قال النووي: قيل: هو صفة لهم في الآخرة إذا دخلوا الجنة والأصح أنه صفة لهم في الدنيا أي يركبون مراكب الملوك بسعة حالهم واستقامة أمرهم وكثرة عددهم فركبت البحر في زمن معاوية قيل: كان ذلك في خلافته قال الباجي: والقاضي عياض وهو الأظهر وقيل: كان في إمارته على غزاة قبرس في خلافة عثمان سنة ثمان وعشرين وعليه أكثر العلماء وأهل السير.(2/317)
"19 - باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو"
1016- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة" .
1017- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وإن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها.
1018- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: ليس برهان الخيل بأس إذا دخل فيها محلل فإن سبق أخذ السبق وإن سبق لم يكن عليه شيء.
1019- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي وهو يمسح وجه فرسه بردائه فسئل عن ذلك فقال: "إني عوتبت الليلة في الخيل" .
1020- وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
ـــــــ.
1016/44- الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة زايد في الصحيحين من حديث عروة البارقي قيل: يا رسول الله وما ذاك قال الأجر والغنيمة قال النووي: والمراد بالناصية هنا الشعر المسترسل على الجبهة وكنى بها عن جميع ذات الفرس يقال فلان مبارك الناصية ومبارك الغرة أي الذات.
1017/45- التي قد أضمرت هو أن يقلل علفها مدة وتدخل بيتا كنينا وتجلل فيه لتعرق ويجف عرقها فيخف لحمها وتقوى على الجري من الحفياء بحاء مهملة وفاء ساكنة وبالمد والقصر والمد أشهر قال صاحب المطالع وضبطه بضم الحاء وهو خطأ ثنية الوداع هي عند المدينة سميت بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها قال سفيان بن عيينة بين ثنية الوداع والحفياء خمسة أميال أو ستة وقال موسى بن عقبة ستة أو سبعة بني زريق بتقديم الزاي مصغرا.
1019/47- عن يحيى بن سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤي وهو يمسح عن وجه فرسه الحديث وصله بن عبد البر عن طريق عبد الله بن عمرو الفهري عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أنس ووصله أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق يحيى بن سعيد عن شيخ من الأنصار ورواه أبو داود في المراسيل من مرسل نعيم بن أبي هند قال بن عبد البر: روي موصولا عنه عن عروة البارقي فقال: إني عوتبت الليلة في الخيل في رواية أبي عبيدة في إذالة الخيل وله من مرسل عبد الله بن دينار وقال إن جبريل بات الليلة يعاتبني في إذالة أي امتهانها.
1020/48- ومكاتلهم جمع مكتل بكسر الميم وهو القفة والخميس هو الجيش سمي خميسا لأنه خمسة أقسام ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقلب وضبطه القاضي عياض بالرفع عطفا على قوله محمد وبالنصب على أنه مفعول معه الله أكبر خربت خيبر قال القاضي عياض: قيل: تفاءل بخرابها بما رآه في أيديهم.(2/319)
خرج إلى خيبر أتاها ليلا وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر حتى يصبح فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا: محمد والله محمد والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" .
1021- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي
ـــــــ.
من آلات الخراب من المساحي وغيرها وقيل: أخذه من اسمها والأصح أنه أعلمه الله بذلك "إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" الساحة الفناء وأصله الفضاء بين المنازل وهذا الحديث أصل في جواز التمثل والاستشهاد بالقرآن والاقتباس نص عليه بن عبد البر في التمهيد وابن رشيق في شرح الموطأ وهما مالكيان والنووي في شرح مسلم كلهم عند شرح هذا الحديث ولا أعلم بين المسلمين خلافا في جوازه في النثر في غير المجون والخلاعة وهزل الفساق وشربة الخمر واللاطة ونحو ذلك وقد نص على جوازه أئمة مذهبنا بأسرهم واستعملوه في الخطب والرسائل والمقامات وسائر أنواع الإنشاء ونقلوا استعماله عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابنه الحسن وعبد الله بن مسعود وغيرهم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وأوردوا فيه عدة أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعمله قال النووي: في شرح مسلم في هذا الحديث جواز الاستشهاد في مثل هذا السياق بالقرآن في الأمور المحققة وقد جاء في هذا نظائر كثيرة كما جاء في حديث فتح مكة أنه صلى الله عليه وسلم جعل يطعن في الأصنام ويقول جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد جاء الحق وزهق الباطل وإنما يكره ضرب الأمثال من القرآن في المزاح ولغو الحديث انتهى ونص النووي أيضا على جوازه في كتاب التبيان واستشهد بقول الأصحاب كافة في الصلاة إذا نطق المصلي في الصلاة بنظم القرآن بقصد التفهيم كيا يحيى خذ الكتاب وادخلوها بسلام ونحو ذلك إن قصد معه قراءة لم تبطل وإلا بطلت وألف قديما في جواز المسئلة الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام كتابا ذكر فيه جميع ما وقع للصحابة والتابعين من ذلك أورده بالأسانيد المتصلة إليهم ومن المتأخرين الشيخ داود الشاذلي الباخلي من المالكية كراسة قال فيها لا خلاف بين أئمة المذهبين المالكية والشافعية في جوازه ونقله صريحا عن القاضي أبي بكر الباقلاني والقاضي عياض وقال كفى بهما حجة قال غير انهم كرهوه في الشعر خاصة قلت: وقد رواه الخطيب البغدادي وغيره بالإسناد عن مالك بن أنس أنه كان يستعمله وهذه أكبر حجة على من يزعم أن مذهب مالك تحريمه والعمدة في نفي الخلاف في مذهبه على الشيخ داود فإنه نقله وهو أعرف بمذهبه وأما مذهبنا فأنا أن أئمته مجمعون على جوازه والأحاديث الصحيحة والآثار عن الصحابة والتابعين تشهد لهم فمن نسب إلى مذهبنا تحريمه فقد فشر وأبان على أنه أجهل الجاهلين وقد ألفت في ذلك كتابا سميته رفع الالباس وكشف الالتباس في ضرب المثل من القرآن والاقتباس.
1021/49- من أنفق زوجين أي شيئين من نوع واحد كدرهمين أو دينارين أو قرشين نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير يحتمل أن يريد هذا خير أعده الله لك فأقبل إليه من هذا الباب أو هذا خير أبواب الجنة لأن فيه الخير والثواب الذي أعد لك فمن كان من أهل الصلاة أي من كانت أغلب أعماله وأكثرها قال بن عبد البر: في هذا الحديث أن أعمال البر لا يفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها بل إن فتح له في شيء منها حرم غيره في الأغلب إلا الفرد النادر من الناس كأبي بكر رضي الله عنه وقد كتب عبد الله العمري العابد إلى مالك يحضه على الانفراد والعمل وترك اجتماع الناس عليه في العلم فكتب اليه مالك ان الله عز(2/320)
هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من انفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان" فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما على من يدعى من هذه الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم.
ـــــــ.
وجل قسم الأعمال كما قسم الأرزاق فرب رجل فتح له في الصلاة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الصدقة ولم يفتح له في الصوم وآخر فتح له في الجهاد ولم يفتح له في الصلاة ونشر العلم وتعليمه من أفضل أعمال البر وقد رضيت بما فتح الله لي من ذلك وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه وأرجو أن يكون كلنا على خير ويجب على كل واحد منا أن يرضى بما قسم الله له والسلام ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان قال الباجي: هو مشتق من الري فخص بذلك لما في الصوم من الصبر على ألم العطش والظمأ في الهواجر فهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها قال نعم قال الباجي: أي يقال له: عند كل باب إن لك هنا خيرا أعده الله لك لعبادتك المختصة بالدخول من هذا الباب وأرجو أن تكون منهم قال بن عبد البر: رجاؤه صلى الله عليه وسلم يقين.(2/321)
20 - باب إحراز من أسلم من أهل الذمة أرضه
1022- سئل مالك عن امام قبل الجزية من قوم فكانوا يعطونها أرأيت من اسلم منهم اتكون له أرضه أو تكون للمسلمين ويكون لهم ماله فقال مالك ذلك يختلف أما أهل الصلح فإن من أسلم منهم فهو أحق بأرضه وماله واما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن اسلم منهم فإن أرضه وماله للمسلمين لأن أهل العنوة قد غلبوا على بلادهم وصارت فيئا للمسلمين واما أهل الصلح فإنهم قد منعوا أموالهم وأنفسهم حتى صالحوا عليها فليس عليهم إلا ما صالحوا عليه".(2/321)
21 – باب الدفن في قبر واحد من ضرورة وإنفاذ أبي بكر رضي الله عنه عدة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
1023- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه: أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما وكان قبرهما مما يلي السيل وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم أحد فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان أحدهما قد جرح ووضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين أحد وبين يوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.
قال مالك: لا بأس أن يدفن الرجلان والثلاثة في قبر واحد من ضرورة ويجعل الأكبر مما يلي القبلة.(2/321)
كتاب النذور و الأيمان
باب ما يجب من النذور في المشي
...
"22 - كتاب النذور والأيمان"
"1 - باب ما يجب من النذور في المشي"
1025- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقضه عنها" .
*000- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته أنها حدثته عن جدته: أنها كانت جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء فماتت ولم تقضه فأفتى عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول لا يمشي أحد عن أحد.
1026- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي حبيبة: قال قلت: لرجل وأنا حديث السن ما على الرجل أن يقول علي مشي إلى بيت الله ولم يقل علي نذر مشي فقال لي رجل هل لك أن أعطيك هذا الجرو لجرو قثاء في يده وتقول علي مشي إلى بيت الله قال فقلت نعم فقلته وأنا يومئذ حديث السن ثم مكثت حتى عقلت فقيل: لي أن عليك مشيا فجئت سعيد بن المسيب فسألته عن ذلك فقال لي عليك مشي فمشيت قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
ـــــــ.
كتاب النذور والأيمان
1025/1- إن أمي ماتت في طبقات بن سعد أنها عمرة بنت مسعود بن قيس أسلمت وبايعت وماتت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب في غزوة دومة الجندل وكانت في شهر ربيع الأول سنة خمس وكان ابنها سعد معه فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء قبرها فصلى عليها وعليها نذر قال القاضي عياض: اختلفوا في نذر أم سعد هذا فكان نذرا مطلقا وقيل: كان صوما وقيل: عتقا وقيل: صدقة.(2/322)
باب ما جاء فيمن نذر مشياً إلى بيت الله فعجز
...
"2 - باب فيمن نذر مشيا إلى بيت الله فعجز".
1027 - حدثني يحيى عن مالك عن عروة بن أذينة الليثي أنه قال: خرجت مع جدة لي
ـــــــ.
1027/4- عن عروة بن أذينة الليثي قال بن عبد البر: ليس له في الموطأ غير هذا الخبر وأذينة لقب واسمه يحيى بن مالك ويكنى عروة أبا طالب وكان شاعرا غزلا وكان مع ذلك خيرا ثقة عندهم.(2/322)
3 باب العمل في المشي إلى الكعبة.
000- حدثني يحيى عن مالك أن أحسن ما سمعت من أهل العلم في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله أو المرأة فيحنث أو تحنث أنه أن مشى الحالف منهما في عمرة فإنه يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ وانه أن جعل على نفسه مشيا في الحج فإنه يمشي حتى يأتي مكة ثم يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها ولا يزال ماشيا حتى يفيض قال مالك: ولا يكون مشي إلا في حج أو عمرة.(2/323)
4 - باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله
1029- حدثني يحيى عن مالك عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي انهما أخبراه
ـــــــ
1029/8- عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي أنهما أخراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو موصول في البخاري من حديث بن عباس رأى رجلا قائما في الشمس سمي في البخاري أبا إسرائيل وفي المبهمات(2/323)
"5 - باب اللغو في اليمين"
1032- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها
ـــــــ.
1032/11- عن عائشة أم المؤمنين أنها كانت تقول لغو اليمين قول الانسان والله لا والله في رواية بن بكير وغيره وبلى والله قال الحافظ بن حجر: صرح بعضهم برفعه عن عائشة فأخرجه أبو داود من رواية إبراهيم الصايغ عن عطاء عنها مرفوعا وأشار أبو داود إلى أنه اختلف على عطاء وعلى إبراهيم في رفعه ووقفه.(2/324)
كانت تقول: لغو اليمين قول الإنسان لا والله وبلى والله.
قال مالك: أحسن ما سمعت في هذا أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كذلك ثم يوجد على غير ذلك فهو اللغو.
قال مالك: وعقد اليمين أن يحلف الرجل أن لا يبيع ثوبه بعشرة دنانير ثم يبيعه بذلك أو يحلف ليضربن غلامه ثم لا يضربه ونحو هذا فهذا الذي يكفر صاحبه عن يمينه وليس في اللغو كفارة.
قال مالك: فأما الذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه آثم ويحلف على الكذب وهو يعلم ليرضي به أحدا أو ليعتذر به إلى معتذر إليه أو ليقطع به مالا فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة.(2/325)
باب ما لا تجب فيه الكفارة من اليمين
...
"6 - باب مالا تجب فيه الكفارة من اليمين"
1032- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من قال والله ثم قال إن شاء الله ثم لم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث.
قال مالك: أحسن ما سمعت في الثنيا أنها لصاحبها ما لم يقطع كلامه وما كان من ذلك نسقا يتبع بعضه بعضا قبل أن يسكت فإذا سكت وقطع كلامه فلا ثنيا له.
قال يحيى: وقال مالك: في الرجل يقول كفر بالله أو اشرك بالله ثم يحنث أنه ليس عليه كفارة وليس بكافر ولا مشرك حتى يكون قلبه مضمرا على الشرك والكفر وليستغفر الله ولا يعد إلى شيء من ذلك وبئس ما صنع.(2/325)
"7 - باب ما تجب فيه الكفارة من الأيمان"
1034- حدثني يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بيمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير" .
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول من قال علي نذر ولم يسم شيئا أن عليه كفارة يمين قال مالك: فأما التوكيد فهو حلف الإنسان في الشيء الواحد مرارا يردد فيه الأيمان يمينا بعد يمين كقوله والله لا انقصه من كذا وكذا يحلف بذلك مرارا ثلاثا أو أكثر من ذلك قال فكفارة ذلك كفارة واحدة مثل كفارة اليمين فإن حلف رجل مثلا فقال والله لا آكل هذا الطعام ولا البس هذا الثوب ولا ادخل هذا البيت فكان هذا في يمين واحدة فإنما عليه كفارة واحدة وإنما ذلك كقول الرجل لامرأته أنت الطلاق أن كسوتك هذا الثوب وأذنت لك إلى المسجد يكون ذلك نسقا متتابعا في كلام واحد فإن حنث في شيء واحد من ذلك فقد وجب عليه الطلاق وليس عليه فيما فعل بعد ذلك حنث إنما الحنث في ذلك حنث واحد قال مالك: الأمر عندنا في نذر المرأة أنه جائز
ـــــــ.
1034/13- عن سهيل بن أبي صالح الحديث قال بن عبد البر: لم يختلف الرواة عن مالك في هذا الحديث ولا اختلف فيه عن سهيل أيضا.(2/325)
"8 - باب العمل في كفارة اليمين"
1035- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من حلف بيمين فوكدها ثم حنث فعليه عتق رقبة أو كسوة عشرة مساكين ومن حلف بيمين فلم يؤكدها ثم حنث فعليه إطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
1036- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين لكل مسكين مد من حنطة وكان يعتق المرار إذا وكد اليمين.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أنه قال: أدركت الناس وهم إذا أعطوا في كفارة اليمين أعطوا مدا من حنطة بالمد الأصغر ورأوا ذلك مجزئا عنهم قال مالك: أحسن ما سمعت في الذي يكفر عن يمينه بالكسوة أنه أن كسا الرجال كساهم ثوبا ثوبا وإن كسا النساء كساهن ثوبين ثوبين درعا وخمارا وذلك أدنى ما يجزئ كلا في صلاته.
ـــــــ.
1035/14- من حلف يمين فوكدها قال أيوب قلت: لنافع ما التوكيد قال ترداد الأيمان في الشيء الواحد.(2/326)
"9 - باب جامع الأيمان"
1037- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يسير في ركب وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" .
1038- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا ومقلب القلوب" .
ـــــــ.
1037/17- عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر اتفقت الطرق على أنه من مسند بن عمر وحكى يعقوب بن شيبة بن عبد الله العمري المكبر الضعيف رواه عن نافع فقال: عن بن عمر عن عمر وهو يسير في ركب في مسند يعقوب بن شيبة في غزاة وهو يحلف بأبيه في رواية عبد الله بن دينار عن بن عمر عنه وكانت قريش تحلف بآبائها إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم في مصنف بن أبي شيبة زيادة لو أن أحدكم يحلف بالمسيح هلك والمسيح خير من آبائكم من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت قال العلماء: السر في ذلك أن الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة إنما هي لله وحده فلا يضاهى به غيره.
1038/18- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا ومقلب القلوب" وصله البخاري وغيره من طريق سفيان الثوري ولابن المبارك عن موسى بن عقبة عن سالم عن بن عمر قال كثيرا كما كنت أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يحلف: "لا ومقلب القلوب" ووصله أبو داود من طريق عبد الله بن محمد النفيلي عن بن المبارك عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر ووصله بن عبدالب من طريق سليم بن بلال عن موسى بن عقبة عن نافع عن سالم عن بن عمر قال الحافظ بن حجر: لا نفي للكلام السابق والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها(2/326)
كتاب الضحايا
باب ما ينهي عنه من الضحايا
...
"23 - كتاب الضحايا"
"1 - باب ما ينهى عنه من الضحايا"
1041- حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز عن البراء بن
ـــــــ.
كتاب الضحايا
1041/1- عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن فيروز قال بن عبد البر: كذا روى مالك هذا الحديث لم تختلف الرواة عنه والحديث إنما رواه عمرو بن الحارث عن سليمان بنعبدالرحمن عن عبيد بن فيروز فسقط لمالك ذكر سليمان ولا يعرف الحديث إلا لسليمان هذا ولم يروه غيره عن عبيد بن فيروز ولا يعرف عبيد بن فيروز إلا بهذا الحديث وبرواية سليمان هذا عنه ورواه عن سليمان جماعة من الأئمة منهم شعبة والليث وعمرو بن الحارث ويزيد بن أبي حبيب وغيرهم وقال المزي في الأطراف: رواه مالك عن عمرو بن الحارث عن عبيد بن البراء وخالفه بن وهب فرواه عن عمرو بن الحارث والليث وغيرهما كلهم عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد عن البراء وخالفهما روح بن عبادة فرواه عن أسامة بن زيد عن عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبيد ورواه عثمان بن عمرو بن فارس عن الليث عن سليمان عن القاسم مولى خالد(2/327)
عازب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا يتقى من الضحايا فأشار بيده وقال: "أربعا" وكان البراء يشير بيده ويقول يدي اقصر من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم العرجاء البين ظلعها والعوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي.
1042- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يتقي من الضحايا والبدن التي لم تسن والتي نقص من خلقها قال مالك: وهذا أحب ما سمعت الي.
ـــــــ.
بن يزيد بن ميمونة عن عبيد بن فيروز قال عثمان فقلت لليث إن شعبة يروي عن سليمان عن عبيد فقال: لا إنما حدثنا به سليمان عن القاسم مولى خالد عن عبيد انتهى لا تنقى أي لا نقى لها والنقى الشحم قاله الباجي.(2/328)
"2 - باب ما يستحب من الضحايا"
1043- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر ضحى مرة بالمدينة قال نافع فأمرني أن اشتري له كبشا فحيلا اقرن ثم اذبحه يوم الأضحى في مصلى الناس قال نافع ففعلت ثم حمل إلى عبد الله بن عمر فحلق رأسه حين ذبح الكبش وكان مريضا لم يشهد العيد مع الناس قال نافع وكان عبد الله بن عمر يقول ليس حلاق الرأس بواجب على من ضحى وقد فعله بن عمر.(2/328)
"3 - باب النهي عن ذبح الضحية قبل انصراف الامام"
1044- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار: أن أبا بردة بن نيار ذبح ضحيته قبل أن يذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم امره أن يعود بضحية أخرى قال أبو بردة لا أجد إلا جذعا يا رسول الله قال: "وان لم تجد إلا جذعا فأذبح" .
1045- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عباد بن تميم: أن عويمر بن اشقر ذبح ضحيته قبل أن يغدو يوم الأضحى وانه ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعود بضحية أخرى.
ـــــــ.
1044/4- عن بشير بن يسار أن أبا بردة بن دينار في رواية مالك عن بشير عن أبي بردة قال بن عبد البر: يقال إن بشيرا لم يسمع من أبي بردة واسم أبي بردة هانئ.
1045/5- عن عباد بن تميم أن عويمر بن أشقر قال بن عبد البر: لم يختلف عن مالك في هذا الحديث ورواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن عبادة عن عويمر وسماع عباد من عويمر ممكن.(2/328)
باب ادخار لحوم الضحايا
...
"4 - باب ادخار لحوم الأضاحي"
1046- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام ثم قال بعد: "كلوا وتصدقوا وتزودوا وادخروا" .
1047- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد أنه قال: نهى
ـــــــ.
1047/7 - دف ناس بالدال المهملة وتشديد الفاء أي أتوا والدافة قوم يسيرون سيرا لينا حضرة الأضحى أي وقت الأضحى ويجملون منها الودك بالجيم أي يذيبون الشحم.(2/328)
"5 - باب الشركة في الضحايا وعن كم تذبح البقرة والبدنة"
1049- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أنه قال: نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.
1050- وحدثني عن مالك عن عمارة بن يسار أن عطاء بن يسار أخبره أن أبا أيوب الأنصاري أخبره قال: كنا نضحي بالشاة الواحدة يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهي الناس بعد فصارت مباهاة قال مالك: واحسن ما سمعت في البدنة والبقرة والشاة الواحدة أن الرجل ينحر عنه وعن أهل بيته البدنة ويذبح البقرة والشاة الواحدة هو يملكها ويذبحها عنهم ويشركهم فيها فأما أن يشتري النفر البدنة أو البقرة أو الشاة يشتركون فيها في النسك والضحايا فيخرج كل إنسان منهم حصة من ثمنها ويكون له حصة من لحمها فإن ذلك يكره وإنما سمعنا الحديث أنه لا يشترك في النسك وإنما يكون عن أهل البيت الواحد.
1051- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: ما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وعن أهل
ـــــــ.
1051/11- عن بن شهاب أنه قال ما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وأهل بيته إلا بدنة واحدة أو بقرة واحدة رواه جويرية عن مالك عن الزهري قال أخبرني من لا أتهم عن عائشة أنها قالت: فذكره على الشك.(2/329)
بيته إلا بدنة واحدة أو بقرة واحدة قال مالك: لا أدري ايتهما قال بن شهاب.
ـــــــ.
ورواه معمر ويونس والزبيري عن الزهري عن عمرة عن عائشة قالت: ما ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آل محمد في حجة الوداع إلا بقرة ورواه بن أخي الزهري عن عمه قال حدثني من لا أتهم عن عمرة عن عائشة فذكره.(2/330)
"6 - باب الضحية عما في بطن المرأة وذكر أيام الأضحى"
1052- وحدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: قال الأضحى يومان بعد يوم الأضحى.
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب: مثل ذلك.
1053- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر: لم يكن يضحي عما في بطن المرأة قال مالك: الضحية سنة وليست بواجبة ولا أحب لأحد ممن قوي على ثمنها أن يتركها.
ـــــــ.
ورواه معمر ويونس والزبيري عن الزهري عن عمرة عن عائشة قالت: ما ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آل محمد في حجة الوداع إلا بقرة ورواه بن أخي الزهري عن عمه قال حدثني من لا أتهم عن عمرة عن عائشة فذكره.(2/330)
كتاب الذبائح
باب ما جاء في التسمية على الذبيحة
...
"24 - كتاب الذبائح"
"1 - باب ما جاء في التسمية على الذبيحة"
1054- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: له يا رسول الله أن ناسا من أهل البادية يأتوننا بلحمان ولا ندري هل سموا الله عليها أم لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سموا الله عليها ثم كلوها" قال مالك: وذلك في أول الإسلام.
1055- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي: أمر غلاما له أن يذبح ذبيحة فلما أراد أن يذبحها قال له سم الله فقال له الغلام قد سميت فقال له سم الله ويحك قال له قد سميت الله فقال له عبد الله بن عياش والله لا أطعمها أبدا.
ـــــــ.
كتاب الذبائح
1054/1- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: له يا رسول الله إن ناسا من أهل البادية يأتوننا بلحمان الحديث وصله البخاري من طريق أسامة بن حفص المدني عن هشام عن أبيه عن عائشة.(2/330)
"2 - باب ما يجوز من الذكاة في حال الضرورة"
1056- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار: أن رجلا من
ـــــــ.
1056/3- عن عطاء بن يسار أن رجلا من الأنصار من بني حارثة وصله البزار من طريق جرير بن حازم عن أيوب عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري لقحة بكسر اللام وفتحها الناقة ذات اللبن بشظاظ بكسر الشين المعجمة وإعجام الظاءين العود المحدد الطرف وفسر في بعض الطرق الحديث بالوتد.(2/330)
باب مايكره من الذبيحة في الذكاة
...
"3 باب ما يكره من الذبيحة في الذكاة".
1060- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي مرة مولى عقيل: بن أبي طالب: أنه سأل أبا هريرة عن شاة ذبحت فتحرك بعضها فأمره أن يأكلها ثم سأل عن ذلك زيد بن ثابت فقال أن الميتة لتتحرك ونهاه عن ذلك.
وسئل مالك عن شاة تردت فتكسرت فأدركها صاحبها فذبحها فسال الدم منها ولم تتحرك فقال مالك إذا كان ذبحها ونفسها يجري وهي تطرف فليأكلها.(2/331)
باب ذكاة مافي بطن الذبيحة
...
"4 - باب ذكاة ما في بطن الذبيحة"
1061- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إذا نحرت الناقة فذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره فإذا خرج من بطن أمه ذبح حتى يخرج الدم من جوفه.
1062- وحدثني عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: ذكاة ما في بطن الذبيحة في ذكاة أمه إذا كان قد تم خلقه ونبت شعره.(2/331)
كتاب الصيد
باب ترك أكل ما قتل المعراض و الحجر
...
"25 - كتاب الصيد"
"1 - باب ترك أكل ما قتل المعراض والحجر"
1063- حدثني يحيى عن مالك عن نافع أنه قال: رميت طائرين بحجر وأنا بالجرف فأصبتهما فأما أحدهما فمات فطرحه عبد الله بن عمر واما الآخر فذهب عبد الله بن عمر يذكيه بقدوم فمات قبل أن يذكيه فطرحه عبد الله أيضا.
1064- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد: كان يكره ما قتل المعراض والبندقة.
1065- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يكره أن تقتل الأنسية بما يقتل به الصيد من الرمي وأشباهه قال مالك: ولا أرى بأسا بما أصاب المعراض إذا خسق وبلغ المقاتل أن يؤكل قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] قال فكل شيء ناله الإنسان بيده أو رمحه أو بشيء من سلاحه فأنفذه وبلغ مقاتله فهو صيد كما قال الله تعالى.
1066- وحدثني عن مالك انه: سمع أهل العلم يقولون: إذا أصاب الرجل الصيد فأعانه عليه غيره من ماء أو كلب غير معلم لم يؤكل ذلك الصيد إلا أن يكون سهم الرامي قد قتله أو بلغ مقاتل الصيد حتى لا يشك أحد في أنه هو قتله وانه لا يكون للصيد حياة بعده قال وسمعت مالك يقول لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثرا من كلبك أو كان به سهمك ما لم يبت فإذا بات فإنه يكره أكله.(2/332)
باب ما جاء في صيد المعلمات
...
"2 - ب ما جاء في صيد المعلمات".
1067- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر انه: كان يقول في الكلب المعلم كل ما امسك عليك أن قتل وإن لم يقتل.
1068- وحدثني عن مالك أنه سمع نافعا يقول قال عبد الله بن عمر: وإن أكل وإن لم يأكل.
1069- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعد بن أبي وقاص: أنه سئل عن الكلب المعلم إذا قتل الصيد فقال سعد كل وإن لم تبق إلا بضعة واحدة.
1070- وحدثني عن مالك انه: سمع بعض أهل العلم يقولون: في البازي والعقاب والصقر وما أشبه ذلك أنه إذا كان يفقه كما تفقه الكلاب المعلمة فلا بأس بأكل ما قتلت مما صادت إذا ذكر اسم الله على إرسالها.
قال مالك: واحسن ما سمعت في الذي يتخلص الصيد من مخالب البازي أو من الكلب ثم.(2/332)
يتربص به فيموت أنه لا يحل أكله قال مالك: وكذلك كل ما قدر على ذبحه وهو في مخالب البازي أو في في الكلب فيتركه صاحبه وهو قادر على ذبحه حتى يقتله البازي أو الكلب فإنه لا يحل أكله.
قال مالك: وكذلك الذي يرمي الصيد فيناله وهو حي فيفرط في ذبحه حتى يموت فإنه لا يحل أكله قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن المسلم إذا أرسل كلب المجوسي الضاري فصاد أو قتل أنه إذا كان معلما فأكل ذلك الصيد حلال لا بأس به وإن لم يذكه المسلم وإنما مثل ذلك مثل المسلم يذبح بشفرة المجوسي أو يرمي بقوسه أو بنبله فيقتل بها فصيده ذلك وذبيحته حلال لا بأس بأكله وإذا أرسل المجوسي كلب المسلم الضاري على صيد فأخذه فإنه لا يؤكل ذلك الصيد إلا أن يذكى وإنما مثل ذلك مثل قوس المسلم ونبله يأخذها المجوسي فيرمي بها الصيد فيقتله وبمنزلة شفرة المسلم يذبح بها المجوسي فلا يحل أكل شيء من ذلك.(2/333)
باب ما جاء في صيد البحر
...
"3 - ب ما جاء في صيد البحر"
1071- وحدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل عبد الله بن عمر عما لفظ البحر فنهاه عن أكله قال نافع ثم انقلب عبد الله فدعا بالمصحف فقرأ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [لمائدة: 96].
قال نافع فأرسلني عبد الله بن عمر إلى عبد الرحمن بن أبي هريرة إنه لا بأس بأكله.
1072- وحدثني عن مالك عن زيد بن اسلم عن سعد الجاري مولى عمر بن الخطاب أنه قال: سألت عبد الله بن عمر عن الحيتان يقتل بعضها بعضا أو تموت صردا فقال ليس بها بأس قال سعد ثم سألت عبد الله بن عمرو بن العاص فقال مثل ذلك.
1073- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وزيد بن ثابت: انهما كانا لا يريان بما لفظ البحر بأسا.
1074- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أن ناسا من أهل الجار قدموا فسألوا مروان بن الحكم عما لفظ البحر فقال ليس به بأس وقال اذهبوا إلى زيد بن ثابت وأبي هريرة فاسألوهما عن ذلك ثم ائتوني فأخبروني ماذا يقولان فأتوهما فسألوهما فقالا لا بأس به فأتوا مروان فأخبروه فقال مروان قد قلت: لكم.
قال مالك: لا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته" قال مالك: وإذا أكل ذلك ميتا فلا يضره من صاده.(2/333)
"4 - باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع".
1075- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" .
1076- وحدثني عن مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" قال مالك: وهو الأمر عندنا.
ـــــــ.
كتاب الصيد
1075/13- عن بن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام" قال بن عبد البر: هكذا قال يحيى: في هذا الحديث ولم يتابعه أحد من رواة الموطأ في هذا الإسناد خاصة وإنما لفظهم عن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع.(2/334)
"5 باب ما يكره من أكل الدواب"
1077- حدثني يحيى عن مالك: أن أحسن ما سمع في الخيل والبغال والحمير أنها لا تؤكل لان الله تبارك وتعالى قال والخيل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} 1 وقال تبارك وتعالى في الانعام: {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} 2 وقال تبارك وتعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} 3: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} 4.
قال مالك: وسمعت أن البائس هو الفقير وإن المعتر هو الزائر قال مالك: فذكر الله الخيل والبغال والحمير للركوب والزينة وذكر الانعام للركوب والأكل قال مالك: والقانع هو الفقير أيضا.
ـــــــ
1 سورة النحل الآية: 8.
2 سورة غافر الآية: 79.
3 سورة الحج الآية: 34.
4 سورة الحج الآية: 36.(2/334)
"6 - باب ما جاء في جلود الميتة"
1078- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة كان أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أفلا انتفعتم بجلدها" فقالوا: يا رسول الله إنها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما حرم أكلها" .
1079- وحدثني مالك عن زيد بن اسلم عن بن وعلة المصري عن عبد الله بن عباس
ـــــــ.
1078/16- إنما حرم أكلها قال النووي: رويناه على وجهين بفتح الحاء وضم الراء وبضم الحاء وكسر الراء المشددة.
1079/17- عن بن وعلة بفتح الواو وسكون العين المهملة واسمه عبد الرحمن الاهاب قال(2/334)
"7 - باب ما جاء فيمن يضطر إلى أكل الميتة"
1081- حدثني يحيى عن مالك: أن أحسن ما سمع في الرجل يضطر إلى الميتة أنه يأكل منها حتى يشبع ويتزود منها فإن وجد عنها غنى طرحها.
وسئل مالك عن الرجل يضطر إلى الميتة أيأكل منها وهو يجد ثمر القوم أو زرعا أو غنما بمكانه ذلك.
قال مالك: أن ظن أن أهل ذلك الثمر أو الزرع أو الغنم يصدقونه بضرورته حتى لا يعد سارقا فتقطع يده رأيت أن يأكل من أي ذلك وجد ما يرد جوعه ولا يحمل منه شيئا وذلك أحب إلي من أن يأكل الميتة وإن هو خشي أن لا يصدقوه وإن يعد سارقا بما أصاب من ذلك فإن أكل الميتة خير له عندي وله في أكل الميتة على هذا الوجه سعة مع اني أخاف أن يعدو عاد ممن لم يضطر إلى الميتة يريد استجازة أخذ أموال الناس وزروعهم وثمارهم بذلك بدون اضطرار قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.(2/335)
كتاب العقيقة
باب ما جاء في العقيقة
...
"26 - كتاب العقيقة"
"1 - باب ما جاء في العقيقة"
1082- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه أنه
ـــــــ.
كتاب العقيقة
1082/1 - عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة الحديث قال بن عبد البر: لا أعلمه روى معنى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أخرجه أبو داود والنسائي قال وأصل العقيقة كما قال الأصمعي وغيره الشعر الذي يكون على رأس الصبي حين يولد وسميت الشاة التي تذبح عنه عقيقة لأنه يحلق عنه ذلك الشعر عند الذبح قال أبو عبيد فهو من تسمية الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه قال بن عبد البر: وفي هذا الحديث كراهية ما يقبح معناه من الأسماء وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن قال وكان الواجب بظاهر هذا الحديث أن يقال لذبيحة المولود نسيكة ولا يقال عقيقة ولكني لا اعلم أحدا من العلماء مال إلى ذلك(2/335)
"2 - باب العمل في العقيقة"
1085- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر لم يكن يسأله أحد من أهله عقيقة إلا أعطاه إياها وكان يعق عن ولده بشاة شاة عن الذكور والإناث.
1086- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أنه قال: سمعت أبي يستحب العقيقة ولو بعصفور.
1087- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أنه عق عن حسن وحسين ابني علي بن أبي طالب.
1088- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أن أباه عروة بن الزبير كان يعق عن بنيه الذكور والإناث بشاة شاة.
قال مالك: الأمر عندنا في العقيقة أن من عق فإنما يعق عن ولده بشاة شاة الذكور والإناث وليست العقيقة بواجبة ولكنها يستحب العمل بها وهي من الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا فمن عق عن ولده فإنما هي بمنزلة النسك والضحايا لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ويكسر عظامها ويأكل أهلها من لحمها ويتصدقون منها ولا يمس الصبي بشيء من دمها.
ـــــــ.
1087/6- مالك أنه بلغه عق عن حسن وحسين أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن بن عباس عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين بكبشين كبشين.(2/336)
كتاب الفرائض
باب ميراث الصلب
...
"27 - كتاب الفرائض"
"1 - باب ميراث الصلب
1089- حدثني يحيى عن مالك الأمر المجتمع عليه عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا في فرائض المواريث أن ميراث الولد من والدهم أو والدتهم أنه إذا توفي الأب أو
ـــــــ.
1087/6- مالك أنه بلغه عق عن حسن وحسين أخرجه أبو داود من طريق أيوب عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا وأخرجه النسائي من طريق قتادة عن عكرمة عن بن عباس عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين بكبشين كبشين.(2/336)
ميراث الرجل من امرته والمرأة من زوجها
...
2 - باب ميراث الرجل من امرأته والمرأة من زوجها.
1090- قال مالك: وميراث الرجل من امرأته إذا لم تترك ولدا ولا ولد بن منه أو من غيره النصف فإن تركت ولدا أو ولد بن ذكرا كان أو أنثى فلزوجها الربع من بعد وصية توصي بها أو دين وميراث المرأة من زوجها إذا لم يترك ولدا ولا ولد بن الربع فإن ترك ولدا أو ولد بن ذكرا كان أو أنثى فلامرأته الثمن من بعد وصية يوصي بها أو دين وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12].(2/337)
باب ميراث الأب و الأم من ولدهما
...
3 - باب ميراث الأب والأم من ولدهما
1091- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن ميراث الأب من ابنه أو ابنته أنه إن ترك المتوفى ولدا أو ولد بن ذكرا فإنه يفرض للأب السدس فريضة فإن لم يترك المتوفى ولدا ولا ولد بن ذكرا فإنه يبدأ بمن شرك الأب من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فإن فضل من المال السدس فما فوقه كان للأب وإن لم يفضل عنهم السدس فما فوقه فرض للأب السدس فريضة وميراث الام من ولدها إذا توفي ابنها أو ابنتها(2/337)
4 - باب ميراث الاخوة للأم
1092- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الاخوة للام لا يرثون مع الولد ولا مع ولد الأبناء ذكرانا كانوا أو إناثا شيئا ولا يرثون مع الأب ولا مع الجد أبي الأب شيئا وانهم يرثون فيما سوى ذلك يفرض للواحد منهم السدس ذكرا كان أو أنثى فإن كانا اثنين فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث يقتسمونه بينهم بالسواء للذكر مثل حظ الأنثيين وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وإن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] فكان الذكر والأنثى في هذا بمنزلة واحدة.(2/338)
5 - باب ميراث الاخوة للأب والأم.
1093- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الاخوة للأب والأم لا يرثون مع الولد الذكر شيئا ولا مع ولد الابن الذكر شيئا ولا مع الأب دنيا شيئا وهم يرثون مع البنات وبنات الأبناء ما لم يترك المتوفى جدا أبا أب ما فضل من المال يكونون فيه عصبة يبدأ بمن كان له أصل فريضة مسماة فيعطون فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان للاخوة للأب والأم يقتسمونه بينهم على كتاب الله ذكرانا كانوا أو إناثا للذكر مثل حظ الأنثيين فإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم قال وإن لم يترك المتوفى أبا ولا جدا أبا أب ولا ولدا ولا ولد بن ذكرا كان أو أنثى فإنه يفرض للأخت الواحدة للأب والأم النصف فإن كانتا اثنتين فما فوق ذلك من الاخوات للأب والأم فرض لهما الثلثان فإن كان معهما أخ ذكر فلا فريضة لأحد من الاخوات واحدة كانت أو أكثر من ذلك ويبدأ بمن شركهم بفريضة مسماة فيعطون فرائضهم فما فضل بعد ذلك من شيء كان بين الاخوة للأب والأم للذكر مثل حظ الأنثيين إلا في فريضة واحدة فقط لم يكن لهم فيها شيء فاشتركوا فيها مع بني الام في ثلثهم وتلك الفريضة هي امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأخوتها لأمها وأخوتها لأمها وأبيها فكان لزوجها النصف ولأمها السدس ولأخوتها لأمها الثلث فلم يفضل شيء بعد ذلك فيشترك بنو الأب والأم في هذه الفريضة مع بني الام في ثلثهم فيكون للذكر مثل حظ الأنثى(2/338)
6 - باب ميراث الاخوة للأب.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن ميراث الاخوة للأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأب والأم كمنزلة الاخوة للأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وأنثاهم كأنثاهم إلا انهم لا يشركون مع بني الام في الفريضة التي شركهم فيها بنو الأب والأم لأنهم خرجوا من ولادة الام التي جمعت أولئك.
قال مالك: فإن اجتمع الاخوة للأب والأم والاخوة للأب فكان في بني الأب والأم ذكر فلا ميراث لأحد من بني الأب وإن لم يكن بنو الأب والأم إلا امرأة واحدة أو أكثر من ذلك من الإناث لا ذكر معهن فإنه يفرض للأخت الواحدة للأب والأم النصف ويفرض للأخوات للأب السدس تتمة الثلثين فإن كان مع الاخوات للأب ذكر فلا فريضة لهن ويبدأ بأهل الفرائض المسماة فيعطون فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين الاخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم فإن كان الاخوة للأب والأم امرأتين أو أكثر من ذلك من الإناث فرض لهن الثلثان ولا ميراث معهن للأخوات للأب إلا أن يكون معهن أخ لأب فإن كان معهن أخ لأب بدئ بمن شركهم بفريضة مسماة فأعطوا فرائضهم فإن فضل بعد ذلك فضل كان بين الاخوة للأب للذكر مثل حظ الأنثيين وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهم ولبني الام مع بني الأب والأم ومع بني الأب للواحد السدس وللاثنين فصاعدا الثلث للذكر مثل حظ الأنثى هم فيه بمنزلة واحدة سواء.(2/339)
"7 باب ميراث الجد"
1095- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن معاوية بن أبي سفيان: كتب إلى زيد بن ثابت يسأله عن الجد فكتب إليه زيد بن ثابت انك كتبت الي تسألني عن الجد والله اعلم وذلك مما لم يكن يقضي فيه إلا الأمراء يعني الخلفاء وقد حضرت الخليفتين قبلك يعطيانه النصف مع الأخ الواحد والثلث مع الإثنين فإن كثرت الاخوة لم ينقصوه من الثلث.
1096- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب: أن عمر بن الخطاب فرض للجد الذي يفرض الناس له اليوم.
1097- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار أنه قال: فرض عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت للجد مع الاخوة الثلث.
قال مالك: والأمر المجتمع عليه عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن الجد أبا الأب(2/339)
"8 - باب ميراث الجدة"
1098- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر مالك
ـــــــ.
1098/4- عن بن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال بن عبد البر: عثمان هذا لا أعرفه بأكثر من رواية بن شهاب عنه حديث الجدة هنا عن قبيصة وحسبك برواية بن شهاب عنه وقد روى جماعة هذا الحديث عن بن شهاب عن قبيصة لم يدخلوا بينهما أحدا منهم معمر ويونس بن أسامة بن زيد وسفيان بن عيينة والحق ما قاله مالك وقد تابعه عليه أبو أويس عن أسامة انتهى.
وكذا قال الترمذي: والنسائي الصواب حديث مالك.(2/340)
في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فارجعي حتى اسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذه لها أبو بكر الصديق ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ولكنه ذلك السدس فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها.
1099- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه قال: أتت الجدتان إلى أبي بكر الصديق فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الام فقال له رجل من الأنصار أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث فجعل أبو بكر السدس بينهما.
1100- وحدثني عن مالك عن عبد ربه بن سعيد: أن أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كان لا يفرض إلا للجدتين.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن الجدة أم الام لا ترث مع الام دنيا شيئا وهي فيما سوى ذلك يفرض لها السدس فريضة وإن الجدة أم الأب لا ترث مع الام ولا مع الأب شيئا وهي فيما سوى ذلك يفرض لها السدس فريضة فإذا اجتمعت الجدتان أم الأب وأم الام وليس للمتوفى دونهما أب ولا أم.
قال مالك: فإني سمعت أن أم الام إن كانت أقعدهما كان لها السدس دون أم الأب وإن كانت أم الأب أقعدهما أو كانتا في القعدد من المتوفى بمنزلة سواء فإن السدس بينهما نصفان.
قال مالك: ولا ميراث لأحد من الجدات إلا للجدتين لأنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورث الجدة ثم سأل أبو بكر عن ذلك حتى أتاه الثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ورث الجدة فأنفذه لها ثم أتت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب فقال لها ما أنا بزائد في الفرائض شيئا فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها.
قال مالك: ثم لم نعلم أحدا ورث غير جدتين منذ كان الإسلام إلى اليوم.(2/341)
"9 - باب ميراث الكلالة"
1101- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم: أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكفيك من ذلك الآية التي أنزلت في الصيف آخر سورة النساء" .
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن الكلالة على وجهين فأما الآية التي أنزلت في أول سورة النساء التي قال الله تبارك وتعالى فيها:
ـــــــ.
1101/7- عن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة الحديث وصله القعنبي وابن القاسم عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر.(2/341)
{وإن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} 1 فهذه الكلالة التي لا يرث فيها الاخوة للام حتى لا يكون ولد ولا والد واما الآية التي في آخر سورة النساء التي قال الله تبارك وتعالى فيها: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وإن كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 2.
قال مالك: فهذه الكلالة التي تكون فيها الاخوة عصبة إذا لم يكن ولد فيرثون مع الجد في الكلالة فالجد يرث مع الاخوة لأنه أولى بالميراث منهم وذلك أنه يرث مع ذكور ولد المتوفى السدس والاخوة لا يرثون مع ذكور ولد المتوفى شيئا وكيف لا يكون كأحدهم وهو يأخذ السدس مع ولد المتوفى فكيف لا يأخذ الثلث مع الاخوة وبنو الام يأخذون معهم الثلث فالجد هو الذي حجب الاخوة للام ومنعهم مكانه الميراث فهو أولى بالذي كان لهم لأنهم سقطوا من أجله ولو أن الجد لم يأخذ ذلك الثلث أخذه بنو الام فإنما أخذ ما لم يكن يرجع إلى الاخوة للأب وكان الاخوة للام هم أولى بذلك الثلث من الاخوة للأب وكان الجد هو أولى بذلك من الاخوة للام.
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 12.
2 سورة النساء الآية: 176.(2/342)
"10 - باب ما جاء في العمة"
1102- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الرحمن بن حنظلة الزرقي أنه أخبره عن مولى لقريش كان قديما يقال له: بن مرسي أنه قال: كنت جالسا عند عمر بن الخطاب فلما صلى الظهر قال يا يرفا هلم ذلك الكتاب لكتاب كتبه في شأن العمة فنسأل عنها ونستخبر فيها فأتاه به يرفا فدعا بتور أو قدح فيه ماء فمحا ذلك الكتاب فيه ثم قال لو رضيك الله وارثة أقرك لو رضيك الله أقرك.
1103- وحدثني عن مالك عن محمد بن أبي بكر بن حزم أنه سمع أباه كثيرا يقول كان عمر بن الخطاب يقول: عجبا للعمة تورث ولا ترث.(2/342)
"11 - باب ميراث ولاية العصبة
000- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا في ولاية العصبة أن الأخ للأب والأم أولى بالميراث من الأخ للأب والأخ للأب أولى بالميراث من بني الأخ للأب والأم وبنو الأخ للأب والأم أولى من بني الأخ للأب وبنو الأخ للأب أولى من بني بن الأخ للأب والأم وبنو بن الأخ للأب أولى من العم أخي الأب للأب والأم والعم أخو الأب للأب والأم أولى من العم أخي الأب للأب والعم أخو الأب للأب أولى من بني العم أخي الأب للأب والأم وبن العم للأب أولى من عم الأب أخي أبي الأب للأب والأم.(2/342)
باب من لاميراث له
...
12 - باب من لا ميراث له
000- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن بن الأخ للام والجد أبا الام والعم أخا الأب للام والخال والجدة أم أبي الام وابنة الأخ للأب والأم والعمة والخالة لا يرثون بأرحامهم شيئا قال وانه لا ترث امرأة هي ابعد نسبا من المتوفى ممن سمي في هذا الكتاب برحمها شيئا وانه لا يرث أحد من النساء شيئا إلا حيث سمين وإنما ذكر الله تبارك وتعالى في كتابه ميراث الام من ولدها وميراث البنات من أبيهن وميراث الزوجة من زوجها وميراث الاخوات للأب والأم وميراث الاخوات للأب وميراث الاخوات للام وورثت الجدة بالذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها والمرأة ترث من أعتقت هي نفسها لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5].(2/343)
"13 - باب ميراث أهل الملل"
1104 - حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن علي بن حسين بن علي عن عمر
ـــــــ.
1104/10- عن عمر بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد قال بن عبد البر: هكذا قال مالك: عمر بن عثمان وسائر أصحاب بن شهاب يقولون: عمرو بن عثمان ورواه بن بكير عن مالك على الشك فقال: عن عمر بن عثمان أو عمرو بن عثمان وقال بن القاسم فيه عن عمرو بن عثمان والثابت عن مالك عمر بن عثمان كما رواه يحيى وأكثر الرواة وذكر بن معين عن عبد الرحمن بن مهدي أنه قال له قال لي مالك بن أنس تراني لا أعرف عمر من عمرو وهذه دار عمر وهذه دار عمرو قال بن عبد البر: ولا خلاف أن عثمان له ولد يسمى عمر وآخر يسمى عمرا وإنما الاختلاف في هذا الحديث هل هو لعمر أو لعمرو فأصحاب بن شهاب غير مالك يقولون: فيه عن عمرو بن عثمان ومالك يقول فيه عن عمر بن عثمان وقد وافقه الشافعي ويحيى بن سعيد.(2/343)
"14 - باب من جهل امره بالقتل أو غير ذلك"
1109- حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم: أنه لم يتوارث من قتل يوم الجمل ويوم صفين ويوم الحرة ثم كان يوم قديد فلم يورث أحد منهم من صاحبه شيئا إلا من علم أنه قتل قبل صاحبه.(2/344)
قال مالك: وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه ولا شك عند أحد من أهل العلم ببلدنا وكذلك العمل في كل متوارثين هلكا بغرق أو قتل أو غير ذلك من الموت إذا لم يعلم أيهما مات قبل صاحبه لم يرث أحد منهما من صاحبه شيئا وكان ميراثهما لمن بقي من ورثتهما يرث كل واحد منهما ورثته من الأحياء.
وقال مالك: لا ينبغي أن يرث أحد أحدا بالشك ولا يرث أحد أحدا إلا باليقين من العلم والشهداء وذلك أن الرجل يهلك هو ومولاه الذي أعتقه أبوه فيقول بنو الرجل العربي قد ورثه أبونا فليس ذلك لهم أن يرثوه بغير علم ولا شهادة أنه مات قبله وإنما يرثه أولى الناس به من الأحياء.
قال مالك: ومن ذلك أيضا الاخوان للأب والأم يموتان ولاحدهما ولد والآخر لا ولد له ولهما أخ لأبيهما فلا يعلم أيهما مات قبل صاحبه فميراث الذي لا ولد له لأخيه لأبيه وليس لبني أخيه لأبيه وأمه شيء.
قال مالك: ومن ذلك أيضا أن تهلك العمة وبن أخيها أو ابنة الأخ وعمها فلا يعلم أيهما مات قبل فإن لم يعلم أيهما مات قبل لم يرث العم من ابنة أخيه شيئا ولا يرث بن الأخ من عمته شيئا.(2/345)
"15 - باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى"
1110- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير: كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنى أنه إذا مات ورثته أمه حقها في كتاب الله عز وجل وإخوته لأمه حقوقهم ويرث البقية موالي أمه إن كانت مولاة وإن كانت عربية ورثت حقها وورث إخوته لأمه حقوقهم وكان ما بقي للمسلمين.
قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.(2/345)
كتاب النكاح
باب ما جاء في الخطبة
...
"28 - كتاب النكاح".
"1 - باب ما جاء في الخطبة".
1111- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" .
ـــــــ.
كتاب النكاح.
1111/1 - "لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه" بكسر الخاء.(2/345)
باب اسئذان البكر والأيم في أنفسهما
...
"2 - باب استئذان البكر والأيم في انفسهما"
1114- حدثني مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وأذنها صماتها" .
1115- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب: لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي الرأي من أهلها أو السلطان.
1116- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله: كانا ينكحان بناتهما الابكار ولا يستأمرانهن.
قال مالك: وذلك الأمر عندنا في نكاح الأبكار.
ـــــــ.
1114/4- عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن عباس قال بن عبد البر: هذا حديث رفيع أصل من أصول الأحكام رواه عن مالك جماعة من الجلة منهم شعبة وسفيان الثوري وابن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وقيل: أنه رواه عنه أبو حنيفة ولا يصح الأيم قال النووي: قال العلماء: المراد هنا الثيب لأنه جاء مفسرا في رواية وقيل: المراد من لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا أحق بنفسها من وليها قال القاضي يحتمل من حيث اللفظ أن المراد أحق في كل شيء من عقد وغيره ويحتمل أنها أحق بالرضا إلا تزوج حتى تنطق بالاذن بخلاف البكر ولكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي" مع غيره من الأحاديث الدالة على اشتراط الوالي تعين الاحتمال الثاني وقال النووي: لفظه أحق هنا للمشاركة معناه أن لها في نفسها في النكاح حقا ولوليها وحقها آكد من حقه صماتها بضم الصاد هو السكوت.(2/346)
قال مالك: وليس للبكر جواز في مالها حتى تدخل بيتها ويعرف من حالها.
1117- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار: كانوا يقولون: في البكر يزوجها أبوها بغير إذنها أن ذلك لازم لها.(2/347)
"3 - باب ما جاء في الصداق والحباء"
1118- حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت يا رسول الله اني قد وهبت نفسي لك فقامت قياما طويلا فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها أن لم تكن لك بها حاجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل عندك من شيء تصدقها إياه" فقال ما عندي إلا إزاري هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أعطيتها إياه جلست لا إزار لك فالتمس شيئا" فقال ما أجد شيئا قال: "التمس ولو خاتما من حديد" فالتمس فلم يجد شيئا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل معك من القرآن شيء" فقال نعم معي سورة كذا وسورة كذا لسور سماها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد انكحتكها بما معك من القرآن" .
1119- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب: أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون أو جذام أو برص فمسها فلها صداقها كاملا وذلك لزوجها غرم على وليها.
قال مالك: وإنما يكون ذلك غرما على وليها لزوجها إذا كان وليها الذي انكحها هو أبوها أو أخوها أو من يرى أنه يعلم ذلك منها فأما إذا كان وليها الذي انكحها بن عم أو مولى أو من العشيرة ممن يرى أنه لا يعلم ذلك منها فليس عليه غرم وترد تلك المرأة ما أخذته من صداقها ويترك لها قدر ما تستحل به.
000- وحدثني عن مالك عن نافع: أن ابنة عبيد الله بن عمر وأمها بنت زيد بن الخطاب كانت تحت بن لعبد الله بن عمر فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقا فابتغت أمها صداقها فقال عبد الله بن عمر ليس لها صداق ولو كان لها صداق لم نمسكه ولم نظلمها فأبت أمها أن تقبل ذلك فجعلوا بينهم زيد بن ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث.
1120- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز: كتب في خلافته إلى بعض عماله أن كل ما اشترط المنكح من كان أبا أو غيره من حباء أو كرامة فهو للمرأة أن ابتغته.
قال مالك: في المرأة ينكحها أبوها ويشترط في صداقها الحباء يحبى به أن ما كان من شرط
ـــــــ.
1119/9- قال نعم سورة كذا وسورة كذا لأبي داود من حديث أبي هريرة سورة البقرة والتي تليها زاد الدارقطني وسورة المفصل ولأبي الشيخ إنا أعطيناك الكوثر قد أنكحتكها بما معك من القرآن زاد الدارقطني على أن تعلمها وتقرئها ولأبي داود فقم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك وكان مكحول يقول ليس ذلك لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم.(2/347)
يقع به النكاح فهو لابنته أن ابتغته وإن فارقها زوجها قبل أن يدخل بها فلزوجها شطر الحباء الذي وقع به النكاح.
قال مالك: في الرجل يزوج ابنه صغيرا لا مال له أن الصداق على أبيه إذا كان الغلام يوم تزوج لا مال له وإن كان للغلام مال فالصداق في مال الغلام إلا أن يسمي الأب أن الصداق عليه وذلك النكاح ثابت على الابن إذا كان صغيرا وكان في ولاية أبيه.
قال مالك: في طلاق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها وهي بكر فيعفو أبوها عن نصف الصداق أن ذلك جائز لزوجها من أبيها فيما وضع عنه.
قال مالك: وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {إلا أَنْ يَعْفُونَ} 1 فهن النساء اللاتي قد دخل بهن: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} 2 فهو الأب في ابنته البكر والسيد في أمته.
قال مالك: وهذا الذي سمعت في ذلك والذي عليه الأمر عندنا.
قال مالك: في اليهودية أو النصرانية تحت اليهودي أو النصراني فتسلم قبل أن يدخل بها أنه لا صداق لها.
قال مالك: لا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار وذلك أدنى ما يجب فيه القطع.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 237.
2 سورة البقرة الآية: 237.(2/348)
"4 - باب إرخاء الستور"
1121- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة إذا تزوجها الرجل أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب الصداق.
1122- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أن زيد بن ثابت كان يقول: إذا دخل الرجل بامرأته فأرخيت عليهما الستور فقد وجب الصداق.
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: كان يقول إذا دخل الرجل بالمرأة في بيتها صدق الرجل عليها وإذا دخلت عليه في بيته صدقت عليه.
قال مالك: أرى ذلك في المسيس إذا دخل عليها في بيتها فقالت قد مسني وقال لم أمسها صدق عليها فإن دخلت عليه في بيته فقال لم أمسها وقالت قد مسني صدقت عليه.(2/348)
"5 - باب المقام عند البكر والأيم"
1123- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم،
ـــــــ.
1123/15- عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي عن أبيه أ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج أم سلمة الحديث قال بن عبد البر: هذا حديث ظاهره الانقطاع وهو متصل مسند صحيح قد سمعه أبو بكر أم سلمة كما صرح به عند مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجة ليس بك هوان(2/348)
"6 - باب ما لا يجوز من الشروط في النكاح"
1125- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب: سئل عن المرأة تشترط على زوجها أنه لا يخرج بها من بلدها فقال سعيد بن المسيب يخرج بها إن شاء.
قال مالك: فالأمر عندنا أنه إذا شرط الرجل للمرأة وإن كان ذلك عند عقدة النكاح أن لا أنكح عليك ولا أتسرر إن ذلك ليس بشيء إلا أن يكون في ذلك يمين بطلاق أو عتاقة فيجب ذلك عليه ويلزمه.(2/349)
"7 - باب نكاح المحلل وما اشبهه"
1126- حدثني يحيى عن مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير: أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو
ـــــــ.
1126/18 - عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة الحديث قال بن عبد البر: كذا لأكثر الرواة مرسل ووصله بن وهب عن مالك فقال: عن أبيه وابن وهب من أجل من روى عن مالك هذا الشأن وأثبتهم فيه وتابعه أيضا بن القاسم وعلي بن زياد وإبراهيم بن طهمان وعبيد الله بن عبد المجيد الحنفي كلهم عن مالك وقالوا: فيه عن أبيه وهو صاحب القصة قال والزبير وجده بفتح الزاي فيهما وروى عن بن ذكوان الأول مضموم تميمة بنت وهب بفتح المثناة وقيل: بضمها وقيل: اسمها أميمة وقيل: سهيمة فنكحت عبد الرحمن بن الزبير قال النووي: هو بن باطا ويقال باطيا وكان عبد الرحمن صحابيا والزبير قتل يهوديا في غزوة بني قريظة قال وما ذكرناه من أن هذا هو بن باطا القرظي هو الذي ذكره بن عبد البر والمحققون وقال بن منده وأبو نعيم إنما هو عبد الرحمن بن الزبير بن زيد بن أمية الأوسي والصواب الأول حتى تذوق العسيلة قال النووي: هو بضم العين وفتح السين تصغير عسلة وهم كفاية عن الجماع شبه لذته بلذة العسل وحلاوته وأنث العسل لأن فيه لغتين التذكير والتأنيث وقيل: على إرادة النطفة وهو ضعيف لأن الإنزال لا يشترط.(2/349)
"8 - باب ما لا يجمع بينه من النساء"
1129- وحدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها" .
1130- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: ينهى أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها وإن يطأ الرجل وليدة وفي بطنها جنين لغيره.(2/350)
باب ما لايجوز من نكاح الرجل أم امرأته
...
"9 - باب ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته"
1131- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: سئل زيد بن ثابت عن رجل تزوج امرأة ثم فارقها قبل أن يصيبها هل تحل له أمها فقال زيد بن ثابت لا الأم مبهمة ليس فيها شرط وإنما الشرط في الربائب.
1132- وحدثني عن مالك عن غير واحد: أن عبد الله بن مسعود استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الام بعد الابنة إذا لم تكن الابنة مست فأرخص في ذلك ثم أن بن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك فأخبر أنه ليس كما قال وإنما الشرط في الربائب فرجع بن مسعود إلى الكوفة فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك فأمره أن يفارق امرأته.
قال مالك: في الرجل تكون تحته المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها أنها تحرم عليه امرأته ويفارقهما جميعا ويحرمان عليه أبدا إذا كان قد أصاب الأم فإن لم يصب الأم لم تحرم عليه امرأته وفارق الأم.
وقال مالك: في الرجل يتزوج المرأة ثم ينكح أمها فيصيبها إنه لا تحل له أمها أبدا ولا تحل لأبيه ولا لابنه ولا تحل له ابنتها وتحرم عليه امرأته.
قال مالك: فأما الزنى فإنه لا يحرم شيئا من ذلك لأن الله تبارك وتعالى قال: {وَأُمَّهَاتُ(2/350)
10 - باب نكاح الرجل أم امرأة قد أصابها على وجه ما يكره
1133- قال مالك: في الرجل يزني بالمرأة فيقام عليه الحد فيها أنه ينكح ابنتها وينكحها ابنه إن شاء وذلك أنه أصابها حراما وإنما الذي حرم الله ما أصيب بالحلال أو على وجه الشبهة بالنكاح قال الله تبارك وتعالى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [ سورة النساء الآية: 22].
قال مالك: فلو أن رجلا نكح امرأة في عدتها نكاحا حلالا فأصابها حرمت على ابنه أن يتزوجها وذلك أن أباه نكحها على وجه الحلال لا يقام عليه فيه الحد ويلحق به الولد الذي يولد فيه بأبيه وكما حرمت على ابنه أن يتزوجها حين تزوجها أبوه في عدتها وأصابها فكذلك تحرم على الأب ابنتها إذا هو أصاب أمها.(2/351)
"11 - باب جامع ما لا يجوز من النكاح"
1134- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ليس بينهما صداق.
1135- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية الأنصاري عن خنساء بنت خدام الأنصارية: أن آباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه.
1136 - وحدثني عن مالك عن أبي الزبير المكي: أن عمر بن الخطاب أتي بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه ولو كنت تقدمت فيه لرجمت.
1137- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن سليمان بن يسار أن طليحة الأسدية كانت تحت رشيد الثقفي فطلقها فنكحت في عدتها فضربها عمر بن الخطاب وضرب زوجها بالمخفقة ضربات وفرق بينهما ثم قال عمر بن الخطاب: أيما امرأة
ـــــــ.
1124/25- نهى عن الشغار بمعجمتين مكسور الأول والشغار أن يزوج الرجل ابنته إلى آخره قال الشافعي لا أدري هذا التفسير من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو بن عمر أو نافع أو مالك حكاه البيهقي في المعرفة وقال الخطيب وغيره هو قول مالك وصله بالمتن المرفوع بين ذلك بن مهدي والقعنبي ومحرز بن عون فيما أخرجه أحمد وقال الحافظ بن حجر: الذي تحرر أنه من قول نافع بينه يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر قال قلت: لنافع ما الشغار فذكره.
1125/26- يزيد بن جارية بالجيم والمثناة التحتية عن خنساء بنت خدام بالخاء المعجمة المكسورة والدال المهملة الأنصارية الأوسية زوج أبي لبابة صحابية معروفة.(2/351)
"12 - باب نكاح الأمة على الحرة"
1138- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر: سئلا عن رجل كانت تحته امرأة حرة فأراد أن ينكح عليها أمة فكرها أن يجمع بينهما.
1139- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة فإن طاعت الحرة فلها الثلثان من القسم قال مالك: ولا ينبغي لحر أن يتزوج أمة وهو يجد طولا لحرة ولا يتزوج أمة إذا لم يجد طولا لحرة إلا أن يخشى العنت وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} 1 وقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} 2.
قال مالك: والعنت هو الزنى.
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 25.
2 سورة النساء الآية: 25.(2/352)
باب ماجاء في الرجل يملك امرأته وقد كانت تحته ففارقها
...
"13 - باب ما جاء في الرجل يملك امرأته وقد كانت تحته ففارقها"
1140- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن ثابت أنه كان يقول: في الرجل يطلق الأمة ثلاثا ثم يشتريها أنها لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
1141- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: سئلا عن
ـــــــ.
1140/31- عن بن شهاب عن أبي عبد الرحمن عن زيد بن ثابت قال بن عبد البر: اختلف في اسم أبي عبد الرحمن شيخ بن شهاب فقيل: سليمان بن يسار وهو بعيد لأنه أجل من أن يستر اسمه ويكنى عنه وقيل: هو أبو الزناد وهو أبعد لأنه لم يرو عن زيد بن ثابت ولا رآه ولا روى عنه بن شهاب وقيل: هو طاوس وهو أشبه بالصواب وانما كتم اسمه مع جلالته لأن طاوسا كان يطعن على بني أمية ويدعو عليهم في مجالسه وكان بن شهاب يدخل عليهم ويقبل جوائزهم وقد سئل مرة في مجلس هشام أتروي عن طاوس فقال للسائل: أما انك لو رأيت طاوسا لعلمت أنه لا يكذب ولم يجبه بأنه يروي أو لا يروي فهذا كله دليل على أن أبا عبد الرحمن المذكور في هذا الحديث هو طاوس انتهى.(2/352)
"14 - باب ما جاء في كراهية إصابة الاختين بملك اليمين والمرأة وابنتها"
1143- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه: أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى فقال عمر: ما أحب أن اخبرهما جميعا ونهى عن ذلك.
1144- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب: أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما فقال عثمان أحلتهما آية وحرمتهما آية فأما انا فلا أحب أن اصنع ذلك قال فخرج من عنده فلقى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا قال بن شهاب أراه علي بن أبي طالب.
1145- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام: مثل ذلك.
قال مالك: في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها ثم يريد أن يصيب أختها إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح أو عتاقة أو كتابة أو ما أشبه ذلك يزوجها عبده أو غير عبده.(2/353)
"15 - باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه"
1146- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية فقال لا تمسها فإني قد كشفتها.
000- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال لا تقربها فإني قد أردتها فلم انشط إليها.
1147- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: إني رأيت جارية لي منكشفا عنها وهي في القمر فجلست منها مجلس الرجل من امرأته فقالت إني حائض فقمت فلم أقربها بعد أفأهبها لأبني يطؤها فنهاه القاسم عن ذلك.
000- وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان: أنه وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا فقال عبد الملك لمروان كان اورع منك وهب لابنه جارية ثم قال لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة.(2/353)
16 باب النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب
1148- قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 1 فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات وقال الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} 2 فهن الإماء المؤمنات.
قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية.
قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين.
ـــــــ
1 سورة المائدة الآية: 5.
2 سورة النساء الآية: 25.(2/354)
"17 باب ما جاء في الإحصان"
1149- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: المحصنات من النساء هن أولات الأزواج ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنى.
1150- وحدثني عن مالك عن بن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد: انهما كانا يقولان إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح ولا تحصن الحرة العبد إلا أن يعتق وهو زوجها فيمسها بعد عتقه فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته.
قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة حتى تنكح بعد عتقها ويصيبها زوجها فذلك إحصانها والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق.
وقال مالك: والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن فأصابها.(2/354)
"18 - باب نكاح المتعة"
1151- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
1152- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير: أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه فقال هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت.
ـــــــ.
1151/43 - الحمر الانسية قال النووي: ضبطوه بوجهين كسر الهمزة وسكون النون وفتحهما جميعا ورجحه القاضي عياض وقال إنه رواية الأكثرين.(2/354)
"19 - باب نكاح العبيد"
1153- حدثني يحيى عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: ينكح العبد أربع نسوة قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال مالك: والعبد مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبت نكاحه وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما والمحلل يفرق بينهما على كل حال إذا أريد بالنكاح التحليل.
قال مالك: في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته أن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق وإن تراجعا بنكاح بعد لم تكن تلك الفرقة طلاقا.
قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح جديد.(2/355)
"20 - باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله"
1154- حدثني مالك عن بن شهاب أنه بلغه: أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانا لصفوان بن أمية ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام وإن يقدم عليه فإن رضى أمرا قبله وإلا سيره شهرين فلما قدم صفوان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه ناداه على رؤوس الناس فقال يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم إنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل أبا وهب فقال لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل لك تسير أربعة أشهر" فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده فقال صفوان أطوعا أم كرها فقال: "بل طوعا" فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ولم يفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم
ـــــــ.
1154/46- عن بن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلمن الحديث قال بن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه صحيح وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير وابن شهاب إمام أهل السير وكذلك الشعبي وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله تعالى.(2/355)
بينه وبين امرأته حتى اسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
1155- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر قال بن شهاب ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها.
1156- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك.
قال مالك: وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} 1.
ـــــــ
1 سورة الممتحنة الآية: 10.(2/356)
"21 - باب ما جاء في الوليمة"
1157- وحدثني يحيى عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك: أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم سقت إليها" فقال زنة نواة من ذهب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة" .
1158- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال لقد بلغني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم.
ـــــــ.
1157/49 - عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء قال بن عبد البر: هكذا هو عند جماعة الموطأ ن مسند أنس ورواه روح بن عبادة عن مالك عن حميد عن أنس عن عبد الرحمن بن عوف أنه جاء فجعله من مسند عبد الرحمن بن عوف فأخبره أنه تزوج قال الزبير بن بكار المرأة التي تزوجها ابنة أنس بن رافع الأنصارية ولدت له القاسم وأبا عثمان عبد الله زنة نواة من ذهب قال الخطابي النواة اسم لمقدار معروف عندهم وهو خمسة دراهم من ذهب وقيل: ثلاثة دراهم وثلث وقيل: المراد نواة التمر أي وزنها من ذهب قال النووي: والصحيح الأول وقال بعض المالكية النواة ربع دينار عند أهل المدينة وظاهر كلام أبي عبيد أنه دفع خمسة دراهم قال ولم يكن هناك ذهب إنما هي خمسة دراهم تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية.
1158/50- عن يحيى بن سعيد أنه قال لقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم وصله النسائي وقاسم بن أصبغ من طريق سعيد بن عفير عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس وزاد قلت: بأي شيء يا أبا حمزة قال تمر وسويق.(2/356)
1159- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها.
1160- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول: شر الطعام طعام الوليمة يدعي لها الأغنياء ويترك المساكين ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله.
1161- وحدثني عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول: إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء قال أنس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حول القصعة فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم.
ـــــــ.
1160/52- عن أبي هريرة أنه كان يقول شر الطعام طعام الوليمة رواه مسلم موقوفا هكذا ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بن عبد البر: هذا حديث مسند عندهم بقول أبي هريرة فقد عصى الله ورسوله قال وجل رواة مالك لم يصرحوا برفعه ورواه روح بن القاسم عنه مصرحا برفعه وكذا أخرجه الدارقطني في الغرايب من طريق آخر عن مالك وقال النووي: دعوة الطعام بفتح الدال وأما دعوة النسب فبكسرها هذا هو قول جمهور العرب وعكسه يتمر الرتاب بكسر الراء فقالوا: الطعام بالكسر والنسب بالفتح قال وأما قول قطرب في المثلث أن دعوة الطعام بالضم فغلطوه فيه قال ومعنى هذا الحديث الاخبار بما يقع من الناس بعده صلى الله عليه وسلم من مراعاة الأغنياء في الولائم ونحوها وتخصيصهم بالدعوة وايثارهم بطيب الطعام ورفع مجالسهم وتقديمهم وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم.
1161/53- الدباء بضم المهملة وتشديد الموحدة والمد ويجوز القصر القرع وقيل: هو خاص بالمستدير منه واحده دبا ودبة قال الزمخشري لا يدري همزته منقلبة عن واو أو ياء.
1162/54- عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تزوج أحدكم المرأة" الحديث قال بن(2/357)
1165- وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن القاسم بن محمد وعروة بن الزبير أفتيا الوليد بن عبد الملك عام قدم المدينة بذلك غير أن القاسم بن محمد قال طلقها في مجالس شتى.
1166- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال: ثلاث ليس فيهن لعب النكاح والطلاق والعتق.
1167- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن رافع بن خديج: أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري فكانت عنده حتى كبرت فتزوج عليها فتاة شابة فآثر الشابة عليها فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم أمهلها حتى إذا كادت تحل راجعها ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق فطلقها واحدة ثم راجعها ثم عاد فآثر الشابة فناشدته الطلاق فقال ما شئت إنما بقيت واحدة فإن شئت استقررت على ما ترين من الأثرة وإن شئت فارقتك قالت بل أستقر على الأثرة فأمسكها على ذلك ولم ير رافع عليه إثما حين قرت عنده على الأثرة.
ـــــــ.
عبد البر: وصله عنبسة بن عبد الرحمن فرواه عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعا وعنبسة ضعيف ورد معناه من حديث بن عمرو وأبي لاس الخزاعي بذروة سنامه بكسر الذال المعجمة أي أعلاه.(2/358)
كتاب الطلاق
باب ما جاء في البتة
...
"29 - كتاب الطلاق".
"1 - باب ما جاء في البتة".
1168- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رجلا قال لعبد الله بن عباس: إني طلقت امرأتي مائة تطليقة فماذا ترى على فقال له بن عباس طلقت منك لثلاث وسبع وتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا.
1169- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن مسعود فقال إني طلقت امراتي ثماني تطليقات فقال بن مسعود فماذا قيل: لك قال قيل: لي أنها قد بانت مني فقال بن مسعود صدقوا من طلق كما امره الله فقد بين الله له ومن لبس على نفسه لبسا جعلنا لبسه ملصقا به لا تلبسوا علي أنفسكم ونتحمله عنكم هو كما يقولون.
1170- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن حزم أن عمر بن عبد العزيز قال له: البتة ما يقول الناس فيها قال أبو بكر فقلت له كان أبان بن عثمان يجعلها واحدة فقال عمر بن عبد العزيز: لو كان الطلاق ألفا ما أبقت البتة منها شيئا من قال البتة فقد رمى الغاية القصوى.(2/358)
1171- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أن مروان بن الحكم: كان يقضي في الذي يطلق امرأته البتة أنها ثلاث تطليقات قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلى في ذلك.(2/359)
"2 - باب ما جاء في الخلية والبرية وأشباه ذلك"
1172- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أنه كتب إلى عمر بن الخطاب من العراق أن رجلا قال لامرأته حبلك على غاربك فكتب عمر بن الخطاب إلى عامله أن مره يوافيني بمكة في الموسم فبينما عمر يطوف بالبيت إذ لقيه الرجل فسلم عليه فقال عمر: من أنت فقال انا الذي أمرت أن أجلب عليك فقال له عمر أسألك برب هذه البنية ما أردت بقولك حبلك على غاربك فقال له الرجل لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك أردت بذلك الفراق فقال عمر بن الخطاب: هو ما أردت.
1173- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب: كان يقول في الرجل يقول لامرأته أنت على حرام أنها ثلاث تطليقات قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في ذلك.
1174- وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يقول في الخلية والبرية أنها ثلاث تطليقات كل واحدة منهما.
1175- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد: أن رجلا كانت تحته وليدة لقوم فقال لأهلها شأنكم بها فرأى الناس أنها تطليقة واحدة.
1176- وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: في الرجل يقول لامرأته برئت مني وبرئت منك أنها ثلاث تطليقات بمنزلة البتة قال مالك: في الرجل يقول لامرأته أنت خلية أو برية أو بائنة أنها ثلاث تطليقات للمرأة التي قد دخل بها ويدين في التي لم يدخل بها أواحدة أراد أم ثلاثا فإن قال واحدة أحلف على ذلك وكان خاطبا من الخطاب لأنه لا يخلي المرأة التي قد دخل بها زوجها ولا يبينها ولا يبريها إلا ثلاث تطليقات والتي لم يدخل بها تخليها وتبريها وتبينها الواحدة.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.(2/359)
باب مايبين من التمليك
...
"3 - باب ما يبين من التمليك".
1177- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن اني جعلت أمر امرأتي في يدها فطلقت نفسها فماذا ترى فقال عبد الله بن عمر أراه كما قالت فقال الرجل لا تفعل يا أبا عبد الرحمن فقال بن عمر انا افعل أنت فعلته.
1178- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا ملك الرجل امرأته أمرها فالقضاء ما قضت به إلا أن ينكر عليها ويقول لم أرد إلا واحدة فيحلف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها.(2/359)
"4 - باب ما يجب فيه تطليقة واحدة من التمليك".
1179- حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره: أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد ما شأنك فقال ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال له زيد وما حملك على ذلك قال القدر فقال زيد ارتجعها أن شئت فإنما هي واحدة وأنت أملك بها.
1180- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه: أن رجلا من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت أنت الطلاق فسكت ثم قالت أنت الطلاق.
فقال بفيك الحجر ثم قالت أنت الطلاق فقال بفيك الحجر فاختصما إلى مروان بن الحكم فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة وردها إليه.
قال مالك: قال عبد الرحمن فكان القاسم يعجبه هذا القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك واحبه الي.(2/360)
باب ما لا يبين من التمليك
...
"5 - باب مالا يبين من التمليك"
1181- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين: أنها خطبت على عبد الرحمن بن أبي بكر قريبة بنت أبي أمية فزوجوه ثم إنهم عتبوا على عبد الرحمن وقالوا: ما زوجنا إلا عائشة فأرسلت عائشة إلى عبد الرحمن فذكرت ذلك له فجعل أمر قريبة بيدها فاختارت زوجها فلم يكن ذلك طلاقا.
1182- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: زوجت حفصة بنت عبد الرحمن المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال ومثلي يصنع هذا به ومثلي يفتات عليه فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال المنذر فإن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت لأرد أمرا قضيته فقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقا.
1183- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة: سئلا عن الرجل يملك امرأته أمرها فترد ذلك إليه ولا تقضي فيه شيئا فقالا ليس ذلك بطلاق.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه قال إذا ملك الرجل امرأته أمرها فلم تفارقه وقرت عنده فليس ذلك بطلاق.
قال مالك: في المملكة إذا ملكها زوجها أمرها ثم افترقا ولم تقبل من ذلك شيئا فليس بيدها من ذلك شيء وهو لها ما داما في مجلسهما.(2/360)
"6 - باب الإيلاء"
1184- حدثني يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول: إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت الأربعة الأشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء قال مالك: وذلك الأمر عندنا.(2/360)
7 باب إيلاء العبد.
000- حدثني يحيى عن مالك أنه سأل بن شهاب عن إيلاء العبد فقال هو نحو إيلاء الحر وهو عليه واجب وإيلاء العبد شهران.(2/362)
"8 - باب ظهار الحر"
1187- حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي أنه سأل القاسم بن محمد عن رجل طلق امرأة أن هو تزوجها فقال القاسم بن محمد: إن رجلا جعل امرأة عليه كظهر أمه أن هو تزوجها فأمره عمر بن الخطاب أن هو تزوجها أن لا يقربها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
1188- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رجلا سأل القاسم بن محمد وسليمان بن يسار عن رجل تظاهر من امرأته قبل أن ينكحها فقالا إن نكحها فلا يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
1189- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال في رجل تظاهر من أربعة نسوة له بكلمة واحدة أنه ليس عليه إلا كفارة واحدة.
000 - وحدثني عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: مثل ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا قال الله تعالى في كفارة المتظاهر: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} 1: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} 2.
قال مالك: في الرجل يتظاهر من امرأته في مجالس متفرقة قال ليس عليه إلا كفارة واحدة فإن تظاهر ثم كفر ثم تظاهر بعد أن يكفر فعليه الكفارة أيضا.
قال مالك: ومن تظاهر من امرأته ثم مسها قبل أن يكفر ليس عليه إلا كفارة واحدة ويكف عنها حتى يكفر وليستغفر الله وذلك أحسن ما سمعت.
قال مالك: والظهار من ذوات المحارم من الرضاعة والنسب سواء.
قال مالك: وليس على النساء ظهار.
قال مالك: في قول الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} 3 قال سمعت أن تفسير ذلك أن يتظاهر الرجل من امرأته ثم يجمع على إمساكها وإصابتها فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على امساكها وإصابتها فلا كفارة عليه.
قال مالك: فإن تزوجها بعد ذلك لم يمسها حتى يكفر كفارة المتظاهر.
قال مالك: في الرجل يتظاهر من أمته أنه أن أراد أن يصيبها فعليه كفارة الظهار قبل أن يطأها.
قال مالك: لا يدخل على الرجل إيلاء في تظاهره إلا أن يكون مضارا لا يريد أن يفيء من تظاهره.
1190 - وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة أنه سمع رجلا يسأل عروة بن الزبير عن
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 92.
2 سورة المجادلة الآية: 4.
3 سورة القصص الآية: 3.(2/362)
رجل قال لامرأته كل امرأة انكحها عليك ما عشت فهي على كظهر أمي فقال عروة بن الزبير: يجزيه عن ذلك عتق رقبة.(2/363)
"9 باب ظهار العبيد"
1191- حدثني يحيى عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن ظهار العبد فقال نحو ظهار الحر.
قال مالك: يريد أنه يقع عليه كما يقع على الحر قال مالك: وظهار العبد عليه واجب وصيام العبد في الظهار شهران قال مالك: في العبد يتظاهر من امرأته إنه لا يدخل عليه إيلاء وذلك أنه لو ذهب يصوم صيام كفارة المتظاهر دخل عليه طلاق الإيلاء قبل أن يفرغ من صيامه.(2/363)
"10 - باب ما جاء في الخيار"
1192- حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: كان في بريرة ثلاث سنن فكانت إحدى السنن الثلاث أنها أعتقت فخيرت في زوجها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لمن اعتق" ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والبرمة تفور بلحم فقرب إليه خبز وأدم من أدم البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم أر برمة فيها لحم" فقالوا: بلى يا رسول الله ولكن ذلك لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هو عليها صدقة وهو لنا هدية" .
1193- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: في الأمة تكون تحت العبد فتعتق أن الأمة لها الخيار ما لم يمسها قال مالك: وإن مسها زوجها فزعمت أنها جهلت أن لها الخيار فإنها تتهم ولا تصدق بما ادعت من الجهالة ولا خيار لها بعد أن يمسها.
1194- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير: أن مولاة لبني عدي يقال لها زبراء أخبرته أنها كانت تحت عبد وهي امة يومئذ فعتقت قالت فأرسلت إلى حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فدعتني فقالت اني مخبرتك خبرا ولا أحب أن تصنعي شيئا أن أمرك بيدك ما لم يمسسك زوجك فإن مسك فليس لك من الأمر شيء قالت فقلت هو الطلاق ثم الطلاق ثم الطلاق ففارقته ثلاثا.
ـــــــ.
1192/29- كان في بريرة ثلاث سنن لأبي داود أربع وزاد وأمرها أن تعتد عدة الحرة قال القاضي عياض: والمعنى أنها شرعت في قصتها وما يظهر فيها مما سوى ذلك كان قد علم من غير قصتها وقال بن عبد البر: قد أكثر الناس في تشقيق المعاني من حديث بريرة وتخريجها فلمحمد بن جرير في ذلك كتاب ولمحمد بن خزيمة أيضا فيه كتاب ولجماعة في ذلك أبواب والذي قصدته عائشة هو عظم الأمر في قصتها فخيرت في زوجها اسمه مغيث وكان لبني المغيرة وكانت هي جارية حبشية.(2/363)
باب ماجاء في الخلع
...
"11 - باب ما جاء في الخلع"
1198- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصاري: أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل عند بابه في الغلس فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من هذه" فقالت انا حبيبة بنت سهل يا رسول الله قال: "ما شأنك" قالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء زوجها ثابت بن قيس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر" فقالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس "خذ منها" فأخذ منها وجلست في بيت أهلها.
1199- وحدثني عن مالك عن نافع عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد: أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك عبد الله بن عمر قال مالك: في المفتدية التي تفتدى من زوجها أنه إذا علم أن زوجها أضر بها وضيق عليها وعلم أنه ظالم لها مضى الطلاق ورد عليها مالها قال فهذا الذي كنت اسمع والذي عليه أمر الناس عندنا قال مالك: لا بأس بأن تفتدي المرأة من زوجها بأكثر مما أعطاها.(2/364)
"12 - باب طلاق المختلعة"
1200- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن ربيع بنت معوذ بن عفراء جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان فبلغ ذلك عثمان بن عفان فلم ينكره وقال عبد الله بن عمر عدتها عدة المطلقة.
000- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وبن شهاب كانوا يقولون: عدة المختلعة مثل عدة المطلقة ثلاثة قروء.(2/364)
"13 - باب ما جاء في اللعان"
1201- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل سل لي يا عاصم عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتي كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عاصم لعويمر لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها فقال عويمر والله لا انتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد أنزل فيك وفي صاحبتك فأذهب فأت بها" قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله أن امسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال مالك: قال بن شهاب فكانت تلك بعد سنة المتلاعنين.
1202- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رجلا لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفل من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة قال مالك: قال الله تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [6] {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [7] {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [8] {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ
ـــــــ.
1201/39- فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل قال النووي: المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر أو إشاعة فاحشة فتلاعنا زاد إسحاق في روايته عن بن شهاب بعد العصر قال الدارقطني: ولم يقله أحد من أصحابه غيره ونقل القاضي عياض عن بن جرير الطبري أن قصة اللعان كانت في شعبان سنة تسع من الهجرة فكانت تلك سنة المتلاعنين زاد سويد بن سعيد وكانت حاملا فأنكر حملها وكان ابنها يدعى إليها ثم جرت السنة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض الله لها قال بن عبد البر: وهذه الألفاظ لم يروها عن مالك فيما علمت غير سويد بن سعيد.(2/365)
الصَّادِقِينَ} [9] قال مالك: السنة عندنا أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا وإن أكذب نفسه جلد الحد والحق به الولد ولم ترجع إليه أبدا وعلى هذا السنة عندنا التي لا شك فيها ولا اختلاف.
قال مالك: وإذا فارق الرجل امرأته فراقا باتا ليس له عليها فيه رجعة ثم انكر حملها لاعنها إذا كانت حاملا وكان حملها يشبه أن يكون منه إذا ادعته ما لم يأت دون ذلك من الزمان الذي يشك فيه فلا يعرف أنه منه قال فهذا الأمر عندنا والذي سمعت من أهل العلم.
قال مالك: وإذا قذف الرجل امرأته بعد أن يطلقها ثلاثا وهي حامل يقر بحملها ثم يزعم أنه رآها تزني قبل أن يفارقها جلد الحد ولم يلاعنها وإن انكر حملها بعد أن يطلقها ثلاثا لاعنها قال وهذا الذي سمعت.
قال مالك: والعبد بمنزلة الحر في قذفه ولعانه يجري مجرى الحر في ملاعنته غير أنه ليس على من قذف مملوكة حد.
قال مالك: والأمة المسلمة والحرة النصرانية واليهودية تلاعن الحر المسلم إذا تزوج إحداهن فأصابها وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} 1 فهن من الأزواج وعلى هذا الأمر عندنا.
قال مالك: والعبد إذا تزوج المرأة الحرة المسلمة أو الأمة المسلمة أو الحرة النصرانية أو اليهودية لاعنها.
قال مالك: في الرجل يلاعن امرأته فينزع ويكذب نفسه بعد يمين أو يمينين ما لم يلتعن في الخامسة أنه إذا نزع قبل أن يلتعن جلد الحد ولم يفرق بينهما.
قال مالك: في الرجل يطلق امرأته فإذا مضت الثلاثة الأشهر قالت المرأة انا حامل قال إن انكر زوجها حملها لاعنها.
قال مالك: في الأمة المملوكة يلاعنها زوجها ثم يشتريها أنه لا يطؤها وإن ملكها وذلك أن السنة مضت أن المتلاعنين لا يتراجعان أبدا.
قال مالك: إذا لاعن الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس لها إلا نصف الصداق.
ـــــــ
1 سورة النور الآية: 6.(2/366)
"14 - باب ميراث ولد الملاعنة"
1203- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير: كان يقول في ولد الملاعنة وولد الزنى إنه إذا مات ورثته أمه حقها في كتاب الله تعالى وإخوته لأمه حقوقهم ويرث البقية موالي أمه أن كانت مولاة وإن كانت عربية ورثت حقها وورث إخوته لأمه حقوقهم وكان ما بقي للمسلمين.
قال مالك: وبلغني عن سليمان بن يسار مثل ذلك وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.(2/366)
"15 - باب طلاق البكر"
1204- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن إياس بن البكير أنه قال: طلق رجل امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه اسأل له فسأل عبد الله بن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجا غيرك قال فإنما طلاقي إياها واحدة قال بن عباس انك أرسلت من يدك ما كان لك من فضل.
1205- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن النعمان بن أبي عياش الأنصاري عن عطاء بن يسار أنه قال: جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها قال عطاء فقلت إنما طلاق البكر واحدة فقال لي عبد الله بن عمرو بن العاص إنما أنت قاص الواحدة تبينها والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجا غيره.
1206- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بكير بن عبد الله بن الأشج أنه أخبره عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري: أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر بن الخطاب قال فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا تريان فقال عبد الله بن الزبير أن هذا الأمر مالنا فيه قول فأذهب إلى عبد الله بن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا فذهب فسألهما فقال بن عباس لأبي هريرة افته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة فقال أبو هريرة الواحدة تبينها والثلاثة تحرمها حتى تنكح زوجا غيره وقال بن عباس مثل ذلك.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا والثيب إذا ملكها الرجل فلم يدخل بها أنها تجري مجرى البكر الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره.(2/367)
"16 - باب طلاق المريض"
1207- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال وكان أعلمهم بذلك وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.
1208- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن الأعرج: أن عثمان بن عفان ورث نساء بن مكمل منه وكان طلقهن وهو مريض.
1209- وحدثني عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول بلغني: أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها فقال إذا حضت ثم طهرت فآذنيني فلم تحض حتى مرض عبد الرحمن بن عوف فلما طهرت آذنته فطلقها البتة أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها وعبد الرحمن بن عوف يومئذ مريض فورثها عثمان بن عفان منه بعد انقضاء عدتها.(2/367)
1210- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان قال: كانت عند جدي حبان امرأتان هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك عنها ولم تحض فقالت أنا أرثه لم أحض فاختصمتا إلى عثمان بن عفان فقضى لها بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال هذا عمل بن عمك هو أشار علينا بهذا يعني علي بن أبي طالب.
1211- وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وهو مريض فإنها ترثه.
قال مالك: وإن طلقها وهو مريض قبل أن يدخل بها فلها نصف الصداق ولها الميراث ولا عدة عليها وإن دخل بها ثم طلقها فلها المهر كله والميراث البكر والثيب في هذا عندنا سواء.(2/368)
"17 - باب ما جاء في متعة الطلاق"
1212- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأة له فمتع بوليدة.
000- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق ولم تمس فحسبها نصف ما فرض لها.
1213- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال: لكل مطلقة متعة قال مالك: وبلغني عن القاسم بن محمد مثل ذلك قال مالك: ليس للمتعة عندنا حد معروف في قليلها ولا كثيرها.(2/368)
باب ماجاء في طلاق العبد
...
"18 - باب ما جاء في طلاق العبد"
1214- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار: أن نفيعا مكاتبا كان لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو عبدا لها كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فلقيه عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقالا حرمت عليك حرمت عليك.
1215- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب: أن نفيعا مكاتبا كان لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم طلق امرأة حرة تطليقتين فاستفتى عثمان بن عفان فقال حرمت عليك.
1216- وحدثني عن مالك عن عبد ربه بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن نفيعا مكاتبا كان لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: استفتي زيد بن ثابت فقال اني طلقت امرأة حرة تطليقتين فقال زيد بن ثابت حرمت عليك.
1217- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الأمة حيضتان.(2/368)
19 - باب نفقة الأمة إذا طلقت وهي حامل
000- قال مالك: ليس على حر ولا عبد طلقا مملوكة ولا على عبد طلق حرة طلاقا بائنا نفقة وإن كانت حاملا إذا لم يكن له عليها رجعة.
قال مالك: وليس على حر أن يسترضع لابنه وهو عبد قوم آخرين ولا على عبد أن ينفق من ماله على ما يملك سيده إلا بإذن سيده.(2/369)
20 – باب عدة التي تفقد زوجها
1219- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال: أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدر أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل قال مالك: وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها فدخل بها زوجها أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول إليها.
قال مالك: وذلك الأمر عندنا وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج فهو أحق بها.
قال مالك: وأدركت الناس ينكرون الذي قال بعض الناس على عمر بن الخطاب أنه قال يخير زوجها الأول إذا جاء في صداقها أو في امرأته.
قال مالك: وبلغني أن عمر بن الخطاب قال في المرأة يطلقها زوجها وهو غائب عنها ثم يراجعها فلا يبلغها رجعته وقد بلغها طلاقه إياها فتزوجت أنه إن دخل بها زوجها الآخر أو لم يدخل بها فلا سبيل لزوجها الأول الذي كان طلقها إليها قال مالك: وهذا أحب ما سمعت الي في هذا وفي المفقود.(2/369)
باب ما جاء في الإقرار وعدة الطلاق وطلاق الحائض
...
"21 - باب ما جاء في الإقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض"
1220- حدثني يحيى عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض
ـــــــ.
1220/59- أن عبد الله بن عمر طلق امرأته اسمها آمنة بنت غفار وقيل: اسمها النوار وقيل: بنت عمار مره فليراجعها فليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر قال النووي: فإن قيل: ما فائدة التأخير إلى الطهر الثاني فالجواب من أوجه أحدها لئلا تصير الرجعة لفرض الطلاق فوجب أن يمسكها زمانا كان يحل له فيه طلاقها وانما أمسكها لتظهر فائدة الرجعة وهذا جواب أصحابنا والثاني أنه عقوبة له وتوبة من معصيته باستدراك جنايته والثالث أن الطهر الأول مع الحيض الذي طلق فيه كفره واحد فلو طلقها في أول طهر كان كمن طلق في الحيض والرابع أنه نهي عن طلاقها في الطهر ليطول مقامه معها فلعله يجامعها فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها فيمسكها فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء قال النووي: الضمير عائد للعدة أو إلى الحالة المذكورة وهي حالة الطهر.(2/369)
"22 - باب ما جاء في عدة المرأة في بيتها إذا طلقت فيه".
1230- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن(2/370)
يسار أنه سمعهما يذكران: أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة أم المؤمنين إلى مروان بن الحكم وهو يومئذ أمير المدينة فقالت اتق الله واردد المرأة إلى بيتها فقال مروان في حديث سليمان أن عبد الرحمن غلبني وقال مروان في حديث القاسم أو ما بلغك شأن فاطمة بنت قيس فقالت عائشة لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة فقال مروان أن كان بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر.
1231- وحدثني عن مالك عن نافع: أن بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت تحت عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان فطلقها البتة فانتقلت فأنكر ذلك عليها عبد الله بن عمر.
1232 - وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر طلق امرأة له في مسكن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان طريقه إلى المسجد فكان يسلك الطريق الأخرى من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى راجعها.
1233- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب: سئل عن المرأة يطلقها زوجها وهي في بيت بكراء على من الكراء فقال سعيد بن المسيب على زوجها قال فإن لم يكن عند زوجها قال فعليها قال فإن لم يكن عندها قال فعلى الأمير.(2/371)
"23 - باب ما جاء في نفقة المطلقة"
1234- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس: أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت إلى رسول
ـــــــ.
1234/73- أن أبا عمرو بن حفص قال النووي: هكذا قاله الجمهور وقيل: أبو حفص بن المغيرة واختلفوا في اسمه فالأكثرون على أن اسمه عبد الحميد وقال النسائي: اسمه أحمد وقال آخر ون: اسمه كنينة فأرسل إليها وكيله بالرفع فاعل لأنه هو المرسل أم شريك هي قرشية عامرية وقيل: أنصارية اسمها غزية وقيل: غزيلة بغين معجمة مضمومة فيهما ثم زاي فيهما بنت داود بن عوف يغشاها أصحابي أي يردون عليها فآذنيني بالمد أي أعلميني أما أبو جهم هو بفتح الجيم مكبر وهو المذكور في حديث الانبجانية واسمه حذيفة القرشي العدوي قال القاضي عياض: وذكره الناس كلهم ولم ينسبوه إلى يحيى بن يحيى الأندلسي أحد رواة الموطأ فقال أبو جهم بن هشام قال: وهو غلط ولا يعرف في الصحابة أحد يقال له: أبو جهم بن هشام قال ولم يوافق يحيى على ذلك أحد من رواة الموطأ ولا غيرهم وكذا قال بن عبد البر: إلا أنه قال اسمه عويمر بن حذيفة بن غانم العدوي ويقال اسمه عبيد بن حذيفة قال وفي رواية بن القاسم بن هشام كما في رواية يحيى فلا يضع عصاه عن عاتقه قال النووي: فيه تأويلان مشهوران أحدهما أنه كثير الأسفار والثاني أنه كثير الضرب للنساء قال وهذأ أصح والعاتق ما بين المنكب والعنق وفيه استعمال المجاز للعلم بأنه كان يضع العصا عن عاتقه في حال نومه وأكله وغيرهما ولكنه لما كان كثير الحمل للعصا أطلق عليه هذا اللفظ مجازا واغتبطت ضبطه النووي بفتح التاء والباء.(2/371)
الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: "ليس لك عليه نفقة" وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك ثم قال: "تلك امرأة يغشاها أصحابي اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده فإذا حللت فآذنيني" قالت فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد" قالت فكرهته ثم قال: "أنكحي أسامة بن زيد فنكحته" فجعل الله في ذلك خيرا واغتبطت به.
1235- وحدثني عن مالك أنه سمع بن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل وليست لها نفقة إلا أن تكون حاملا فينفق عليها حتى تضع حملها قال مالك: وهذا الأمر عندنا.(2/372)
24 - باب ما جاء في عدة الأمة من طلاق زوجها
1236- قال مالك: الأمر عندنا في طلاق العبد الأمة إذا طلقها وهي أمة ثم عتقت بعد فعدتها عدة الأمة لا يغير عدتها عتقها كانت له عليها رجعة أو لم تكن له عليها رجعة لا تنتقل عدتها.
قال مالك: ومثل ذلك الحد يقع على العبد ثم يعتق بعد أن يقع عليه الحد فإنما حده حد عبد.
قال مالك: والحر يطلق الأمة ثلاثا وتعتد بحيضتين والعبد يطلق الحرة تطليقتين وتعتد ثلاثة قروء.
قال مالك: في الرجل تكون تحته الأمة ثم يبتاعها فيعتقها أنها تعتد عدة الأمة حيضتين ما لم يصبها فإن أصابها بعد ملكه إياها قبل عتاقها لم يكن عليها إلا الاستبراء بحيضة.(2/372)
"25 - باب جامع عدة الطلاق"
1237- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد وعن يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي عن سعيد بن المسيب أنه قال قال عمر بن الخطاب: أيما امرأة طلقت فحاضت حيضة أو حيضتين ثم رفعتها حيضتها فإنها تنتظر تسعة اشهر فإن بان بها حمل فذلك وإلا اعتدت بعد التسعة الأشهر ثلاثة اشهر ثم حلت.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول الطلاق للرجال والعدة للنساء.
1238- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: عدة المستحاضة سنة.
قال مالك: الأمر عندنا في المطلقة التي ترفعها حيضتها حين يطلقها زوجها أنها تنتظر تسعة اشهر فإن لم تحض فيهن اعتدت ثلاثة اشهر فإن حاضت قبل أن تستكمل الأشهر الثلاثة استقبلت الحيض فإن مرت بها تسعة اشهر قبل أن تحيض اعتدت ثلاثة(2/372)
"26 - باب ما جاء في الحكمين"
1239- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن علي بن أبي طالب: قال في الحكمين اللذين قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} 1 إن إليهما الفرقة بينهما والاجتماع قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت من أهل العلم ان الحكمين يجوز قولهما بين الرجل وامرأته في الفرقة والاجتماع.
ـــــــ
1 سورة النساء الآية: 35.(2/373)
باب في يمين الرجل بطلاق مالم ينكح
...
"27 - باب ما جاء في يمين الرجل بطلاق ما لم ينكح"
1240- وحدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وبن شهاب وسليمان بن يسار: كانوا يقولون: إذا حلف الرجل بطلاق المرأة قبل أن ينكحها ثم أثم إن ذلك لازم له إذا نكحها.
000 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول فيمن قال كل امرأة انكحها فهي طالق إنه إذا لم يسم قبيلة أو امرأة بعينها فلا شيء عليه قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.
قال مالك: في الرجل يقول لامرأته أنت الطلاق وكل امرأة أنكحها فهي طالق وماله صدقة إن لم يفعل كذا وكذا فحنث قال أما نساؤه فطلاق كما قال وأما قوله كل امرأة انكحها فهي طالق فإنه إذا لم يسم امرأة بعينها أو قبيلة أو أرضا أو نحو هذا فليس يلزمه ذلك وليتزوج ما شاء واما ماله فليتصدق بثلثه.(2/373)
"28 - باب أجل الذي لا يمس امرأته"
1241- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول: من تزوج امرأة فلم يستطع أن يمسها فإنه يضرب له أجل سنة فإن مسها وإلا فرق بينهما.
1242- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب متى يضرب له الأجل أمن يوم يبني بها أم من يوم ترافعه إلى السلطان فقال بل من يوم ترافعه إلى السلطان.(2/373)
"29 - باب جامع الطلاق"
1243- وحدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أنه قال بلغني: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة حين أسلم الثقفي: "أمسك منهن أربعا وفارق سائرهن" .
1244- وحدثني عن مالك عن بن شهاب أنه قال سمعت سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار كلهم يقول سمعت أبا هريرة يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول: أيما امرأة طلقها زوجها تطليقة أو تطليقتين ثم تركها حتى تحل وتنكح زوجا غيره فيموت عنها أو يطلقها ثم ينكحها زوجها الأول فإنها تكون عنده على ما بقي من طلاقها.
قال مالك: وعلى ذلك السنة عندنا التي لا اختلاف فيها.
1245 - وحدثني عن مالك عن ثابت بن الأحنف: أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال فدعاني عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فجئته فدخلت عليه فإذا سياط موضوعة وإذا قيدان من حديد وعبدان له قد أجلسهما فقال طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا قال فقلت هي الطلاق ألفا قال فخرجت من عنده فأدركت عبد الله بن عمر بطريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد الله وقال ليس ذلك بطلاق وإنها لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك قال فلم تقررني نفسي حتى أتيت عبد الله بن الزبير وهو يومئذ بمكة أمير عليها فأخبرته بالذي كان من شأني وبالذي قال لي عبد الله بن عمر قال فقال لي عبد الله بن الزبير لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري وهو أمير المدينة يأمره أن يعاقب عبد الله بن عبد الرحمن وإن يخلى بيني وبين أهلي قال فقدمت المدينة فجهزت صفية امرأة عبد الله بن عمر امرأتي حتى أدخلتها علي بعلم عبد الله بن عمر ثم دعوت عبد الله بن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني.
1246 - وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال سمعت عبد الله بن عمر: قرأ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1].
ـــــــ.
1243/84- عن بن شهاب أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل من ثقيف أسلم وعنده عشر نسوة الحديث قال بن عبد البر: هكذا رواه جماعة رواة الموطأ وأكثر رواة بن شهاب ورواه بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن عثمان بن محمد بن أبي سويد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لغيلان بن سلمة الثقفي حين أسلم فذكره ووصله الترمذي وابن ماجة من طريق معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه بن عمر وقال الترمذي: هكذا روى معمر سمعت محمد بن إسماعيل يقول هذا غير محفوظ والصحيح ما روى شعيب وغيره عن الزهري قال حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أن غيلان فذكره.(2/374)
قال مالك: يعني بذلك أن يطلق في كل طهر مرة.
1247- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل ان تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال لا والله لا آويك إلي ولا تحلين أبدا فأنزل الله تبارك وتعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} 1 فاستقبل الناس الطلاق جديدا من يومئذ من كان طلق منهم أو لم يطلق.
1248- وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي: أن الرجل كان يطلق امرأته ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها كيما يطول بذلك عليها العدة ليضارها فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} 2 يعظهم الله بذلك.
1249- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل به.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
000 - وحدثني عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب كان يقول إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته فرق بينهما.
قال مالك: وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا.
ـــــــ.
1247/88- عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال كان الرجل إذا طلق امرأته الحديث وصله الترمذي من طريق يعلى بن شبيب عن هشام عن أبيه عن عائشة وقال المرسل أصح وصحح الحاكم في مستدركه الموصول وقد تابع يعلى على وصله محمد بن إسحاق عن هشام أخرجه بن مردويه في تفسيره وممن رواه مرسلا عن هشام عبد الله بن إدريس وعبدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وجعفر بن عون.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 229.
2 سورة البقرة الآية: 231.(2/375)
"30 - باب عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملا"
1250- حدثني يحيى عن مالك عن عبد ربه بن سعيد بن قيس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة عن المرأة الحامل يتوفى عنها زوجها فقال
ـــــــ.
1250/92- ولدت سبيعة بضم السين المهملة وفتح الباء الموحدة وهي بنت الحارث بعد وفاة زوجها اسمه سعد بن خولة وكانت وفاته في حجة الوداع بنصف شهر في مصنف عبد الرزاق عن عروة بسبع ليال وعن إبراهيم التيمي بسبع عشرة ليلة أو قال بعشرين ليلة وعن عكرمة بخمس وأربعين ليلة وعن معمر قال يقول بعضهم مكثت سبع عشرة ليلة ومنهم من يقول أربعين ليلة وفي شرح مسلم للنووي قيل: شهر وقيل: خمس وعشرون ليلة وقيل: دون ذلك فحطت إلى الشاب بإهمال الحاء والطاء المشددة أي مالت إليه ونزلت بقلبها نحوه وكان أهلها غيبا بالتحريك جمع غائب كخادم وخدم.(2/375)
ابن عباس آخر الأجلين وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والأخر كهل فحطت إلى الشاب فقال الشيخ لم تحلي بعد وكان أهلها غيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه بها فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قد حللت فأنكحي من شئت" .
1251- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال عبد الله بن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار كان عنده أن عمر بن الخطاب قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد لحلت.
1252- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن المسور بن مخرمة أنه أخبره: أن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد حللت فأنكحي من شئت" .
1253- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن عبد الله بن عباس وأبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف اختلفا في المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال فقال أبو سلمة إذا وضعت ما في بطنها فقد حلت وقال بن عباس آخر الأجلين فجاء أبو هريرة فقال أنا مع بن أخي يعني أبا سلمة فبعثوا كريبا مولى عبد الله بن عباس إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم يسألها عن ذلك فجاءهم فأخبرهم أنها قالت: ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بليال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قد حللت فأنكحي من شئت" .
قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم عندنا.
ـــــــ.
1252/94 - نفست بضم النون على المشهور وفي لغة بفتحها وهما لغتان في الولادة.(2/376)
"31 - باب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل"
1254- حدثني يحيى عن مالك عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري أخبرتها: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه قالت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر بي فنوديت له فقال: "كيف قلت" فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي فقال: "أمكثي
ـــــــ.
1254/96- عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة كذا ليحيى وقال أكثر الرواة سعد قال بن عبد البر: وهو الأشهر الفريعة بضم الفاء وفتح الراء وتحتية ساكنة وعين مهملة بطرف القدوم قال في النهاية هو بالتخفيف والتشديد موضع على ستة أميال من المدينة.(2/376)
في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فأتبعه وقضى به.
1255- وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء يمنعهن الحج.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد: أنه بلغه أن السائب بن خباب توفي وإن امرأته جاءت إلى عبد الله بن عمر فذكرت له وفاة زوجها وذكرت له حرثا لهم بقناة وسألته هل يصلح لها أن تبيت فيه فنهاها عن ذلك فكانت تخرج من المدينة سحرا فتصبح في حرثهم فتظل فيه يومها ثم تدخل المدينة إذا أمست فتبيت في بيتها.
1256- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة: أنه كان يقول في المرأة البدوية يتوفى عنها زوجها إنها تنتوي حيث انتوى أهلها قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
1257- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يقول لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها.
ـــــــ.
1256/99 - تنتوي حيث انتوى أهلها قال الباجي: أي تنزل حيث نزلوا من انتويت المنزل.(2/377)
"32 - باب عدة أم الولد إذا توفى عنها سيدها"
1258- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت القاسم بن محمد يقول: إن يزيد بن عبد الملك فرق بين رجال وبين نسائهم وكن أمهات أولاد رجال هلكوا فتزوجوهن بعد حيضة أو حيضتين ففرق بينهم حتى يعتددن أربعة أشهر وعشرا فقال القاسم بن محمد سبحان الله يقول الله في كتابه: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً} 1 ما هن من الأزواج.
1259- وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضة.
000- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد أنه كان يقول: عدة أم الولد إذا توفى عنها سيدها حيضة قال مالك: وهو الأمر عندنا.
قال مالك: وإن لم تكن ممن تحيض فعدتها ثلاثة أشهر.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 234.(2/377)
"33 - باب عدة الأمة إذا توفي سيدها أو زوجها"
1260- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار كانا يقولان: عدة الأمة إذا هلك عنها زوجها شهران وخمس ليال.(2/377)
"34 - باب ما جاء في العزل"
1262- حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن بن محيريز أنه قال: دخلت المسجد فرأيت أبا سعيد الخدري فجلست إليه فسألته عن العزل فقال أبو سعيد الخدري خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا الفداء فأردنا أن نعزل فقلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله فسألناه عن ذلك فقال: "ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة" .
1263- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه: أنه كان يعزل.
1264- وحدثني عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بن أفلح مولى أبي أيوب الأنصاري عن أم ولد لأبي أيوب الأنصاري: أنه كان يعزل.
1265- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان لا يعزل وكان يكره العزل.
1266- وحدثني عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن الحجاج بن عمرو بن غزية،
ـــــــ.
1262/106- عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن محمد بن يحيى بن حبان عن بن محيريز اسمه عبد الله قال بن عبد البر: ورواية ربيعة عن محمد بن يحيى بن حبان تدخل في باب رواية النظير عن النظير والكبير عن الصغير قال وقد روى هذا الحديث جويرية عن مالك عن الزهري عن بن محيريز قال وما أظن أحدا رواه عن مالك بهذا الإسناد غير جويرية وكذا رواه عقيل: وشعيب عن الزهري عن بن محيريز في غزوة بني المصطلق قال النووي: غزوة المربسيع قال القاضي قال أهل الحديث هذا أولى من رواية موسى بن عقبة أنه كان في غزوة أوطاس ما عليكم إلا تفعلوا إلى آخره قال النووي: معناه ما عليكم ضرر في ترك العزل لأن كل نفس قدر الله خلقها لابد أن يخلقها سواء أعزلتم أم لا وما لم يقدر خلقه لا يقع سواء عزلتم أم لا فلا فائدة في عزلكم فإنه إن كان الله تعالى قدر خلقها سبقكم الماء فلا ينفع حرصكم في منع الخلق.(2/378)
أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فجاءه بن قهد رجل من أهل اليمن فقال يا أبا سعيد إن عندي جواري لي ليس نسائي اللاتي أكن بأعجب إلي منهن وليس كلهن يعجبني أن تحمل مني أفأعزل فقال زيد بن ثابت أفته يا حجاج قال فقلت يغفر الله لك إنما نجلس عندك لنتعلم منك قال أفته قال فقلت هو حرثك إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته قال وكنت أسمع ذلك من زيد فقال زيد صدق.
1267- وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن رجل يقال له: ذفيف أنه قال: سئل بن عباس عن العزل فدعا جارية له فقال أخبريهم فكأنها استحيت فقال هو ذلك أما أنا فأفعله يعني أنه يعزل.
قال مالك: لا يعزل الرجل المرأة الحرة إلا بأذنها ولا بأس أن يعزل عن أمته بغير إذنها ومن كانت تحته أمة قوم فلا يعزل إلا بأذنهم.(2/379)
"35 - باب ما جاء في الإحداد"
1268- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قالت زينب: دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره فدهنت به جارية ثم مسحت بعارضيها ثم قالت والله ما لي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" .
1269- قالت زينب ثم دخلت على زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت والله ما لي بالطيب حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" .
1270- قالت زينب وسمعت أمي أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: جاءت امرأة إلى رسول
ـــــــ.
1268/112- بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره قال النووي: هو يرفع خلوق أو غيره والخلوق بفتح الخاء طيب مخلوط ثم مسحت بعارضيها هما جانبا الوجه فوق الذقن إلى ما دون الأذن أن تحد يقال أحدت المرأة تحد احدادا وحدت تحد وتحد حدادا والحداد والاحداد مشتق من الحد وهو المنع لأنها تمنع الزينة والطيب الأعلى زوج قال القاضي عياض: استفيد وجوب الاحداد في المتوفي عنها زوجها من اتفاق العلماء على حمل الحديث على ذلك مع أنه ليس في لفظه ما يدل على الوجوب.
1270/114- أفنكحلهما بضم الحاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" قال النووي: هو محمول على أنه نهي تنزيه وتأويله بعضهم على أنه لم يتحقق الخوف على عينها ثم قال إنما هي أربعة أشهر و عشرا أي لا تستكثرون العدة ومنع الاكتحال فيها فإنها مدة قليلة وقد خففت عليكن فصارت أربعة أشهر وعشرا بعد أن(2/379)
الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينيها أفتكحلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا" مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشرا وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" قال حميد بن نافع فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول فقالت زينب كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره.
قال مالك: والحفش البيت الرديء وتفتض تمسح به جلدها كالنشرة.
1271- وحدثني عن مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة زوجي النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج" .
1272- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لامرأة حاد على زوجها اشتكت عينيها فبلغ ذلك منها: اكتحلي بكحل الجلاء بالليل وامسحيه بالنهار.
1273- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار: أنهما كانا يقولان في المرأة يتوفى عنها زوجها إنها إذا خشيت على بصرها من رمد أو شكو أصابها إنها تكتحل وتتداوى بدواء أو كحل وإن كان فيه طيب.
قال مالك: وإذا كانت الضرورة فإن دين الله يسر.
1274- وحدثني عن مالك عن نافع: أن صفية بنت أبي عبيد اشتكت عينيها وهي حاد على زوجها عبد الله بن عمر فلم تكتحل حتى كادت عيناها ترمصان.
قال مالك: تدهن المتوفى عنها زوجها بالزيت والشبرق وما أشبه ذلك إذا لم يكن فيه طيب.
ـــــــ.
كانت سنة دخلت حفشا بكسر الحاء المهملة وسكون الفاء وبالشين المعجمة أي بيتا صغيرا حقيرا قريب السمك فتفتض به بالفاء والمثناة الفوقية والضاد المعجمة فتعطى بعرة فترمى بها قيل: معناه أنها رمت بالعدة وخرجت منها كانفصالها من هذه البعرة ورميها بها وقيل: هو إشارة إلى أن الذي فعلته وصبرت عليه من الاعتداد سنة والاحداد هين بالنسبة إلى حق الزوج وما يستحقه من المراعاة كما يهون الرمي بالبعرة وتفتض تمسح به جلدها كالنشرة يوافقه قول الأخفش أن معناه تنتظف وتنتقي وقال في النهاية أي تكسر ما هي فيه من العدة بأن تأخذ لها طائرا فتمسح به فرجها وتنبذه فلا يكاد يعيش قال ويروى بالقاف والباء الموحدة والصاد المهملة ونقله الأزهري عن رواية الشافعي أي اغدو مسرعة نحو منزل أبويها لأنها كالمستحية من قبح منظرها قال والمشهور في الرواية الفاء والتاء المثناة والضاد المعجمة كما تقدم.
1271/115- عن صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة كذا ليحيى وأبي مصعب وطائفة ولابن بكير والقعنبي وآخرين عن عائشة أو حفصة على الشك.(2/380)
قال مالك: ولا تلبس المرأة الحاد على زوجها شيئا من الحلي خاتما ولا خلخالا ولا غير ذلك من الحلي ولا تلبس شيئا من العصب إلا أن يكون عصبا غليظا ولا تلبس ثوبا مصبوغا بشيء من الصبغ إلا بالسواد ولا تمتشط إلا بالسدر وما أشبهه مما لا يختمر في رأسها.
1275- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهي حاد على أبي سلمة وقد جعلت على عينيها صبرا فقال: "ما هذا يا أم سلمة" فقالت إنما هو صبر يا رسول الله قال: "اجعليه في الليل وامسحيه بالنهار" .
قال مالك: الإحداد على الصبية التي لم تبلغ المحيض كهيئته على التي قد بلغت المحيض تجتنب ما تجتنب المرأة البالغة إذا هلك عنها زوجها.
قال مالك: تحد الأمة إذا توفي عنها زوجها شهرين وخمس ليال مثل عدتها.
قال مالك: ليس على أم الولد إحداد إذا هلك عنها سيدها ولا على أمة يموت عنها سيدها إحداد وإنما الإحداد على ذوات الأزواج.
1276- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول: تجمع الحاد رأسها بالسدر والزيت بسم الله الرحمن الرحيم.
ـــــــ.
1275/119- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سلمة وهي حاد الحديث وصله أبو داود والنسائي من طريق بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن المغيرة بن الضحاك عن أم حكيم أسيد عن أمها عن أم سلمة به مطولا صبرا بفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة فقال: اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار زاد أبو داود ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قلت: فبأي شيء أمتشط يا رسول الله قال بالسدر وتغلفين به رأسك.(2/381)
كتاب الرضاع
باب رضاعة الصغير
...
"30 - كتاب الرضاع"
"1 - باب رضاعة الصغير"
1277- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة أم المؤمنين أخبرتها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة قالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا رجل يستأذن في بيتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أراه فلانا لعم لحفصة من الرضاعة فقالت عائشة يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة" .
1278- وحدثني عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين أنها
ـــــــ.
كتاب الرضاع.
1277/1- أراه فلانا بضم الهمزة أي أظنه.(2/381)
قالت: جاء عمي من الرضاعة يستأذن علي فأبيت أن آذن له علي حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فقال: "إنه عمك فأذني له" قالت فقلت يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فقال: "إنه عمك فليلج عليك" قالت عائشة وذلك بعد ما ضرب علينا الحجاب وقالت عائشة يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة.
1279- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرته: أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن أنزل الحجاب قالت فأبيت أن آذن له علي فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له علي.
1280- وحدثني عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس: أنه كان يقول ما كان في الحولين وإن كان مصة واحدة فهو يحرم.
1281- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن عمرو بن الشريد: أن عبد الله بن عباس سئل عن رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلاما وأرضعت الأخرى جارية فقيل: له هل يتزوج الغلام الجارية فقال لا اللقاح واحد.
1282- وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر ولا رضاعة لكبير.
1283- وحدثني عن مالك عن نافع أن سالم بن عبد الله بن عمر أخبره: أن عائشة أم المؤمنين أرسلت به وهو يرضع إلى أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق فقالت أرضعيه عشر رضعات حتى يدخل علي قال سالم فأرضعتني أم كلثوم ثلاث رضعات ثم مرضت فلم ترضعني غير ثلاث رضعات فلم أكن أدخل على عائشة من أجل أن أم كلثوم لم تتم لي عشر رضعات.
1284- وحدثني عن مالك عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته: أن حفصة أم المؤمنين أرسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إلى أختها فاطمة بنت عمر بن الخطاب ترضعه عشر رضعات ليدخل عليها وهو صغير يرضع ففعلت فكان يدخل عليها.
1285- وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه أخبره أن عائشة
ـــــــ.
1279/3- ان أفلح أخا أبي القعيس بضم القاف وفتح العين المهملة ثم مثناة تحتية ساكنة ثم سين مهملة وكنية افلح أبو الجعد واسم أبي القعيس واثل ذكره الدارقطني وهذه الرواية أصوب ممن قال أن أبا القعيس أو ان أفلح بن قعيس.
1283/7- فقالت: أرضعيه عشر رضعات أقول هذه خصوصية لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر النساء قال عبد الرزاق في مصنفه عن معر أخبرني بن طاوس عن أبيه قال كان لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم رضعات معلومات ولسائر النساء رضعات معلومات ثم ذكر حديث عائشة هذا وحديث حفصة الذي بعده وحينئذ فلا يحتاج إلى تأويل الباجي وقوله لعله لم يظهر لعائشة النسخ بخمس إلا بعد هذه القصة.(2/382)
زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كان يدخل عليها من أرضعته أخواتها وبنات أخيها ولا يدخل عليها من أرضعه نساء أخوتها.
1286- وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن عقبة أنه سأل سعيد بن المسيب عن الرضاعة فقال سعيد: كل ما كان في الحولين وإن كانت قطرة واحدة فهو يحرم وما كان بعد الحولين فإنما هو طعام يأكله قال إبراهيم بن عقبة ثم سألت عروة بن الزبير فقال مثل ما قال سعيد بن المسيب.
1287- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت سعيد بن المسيب يقول: لا رضاعة إلا ما كان في المهد وإلا ما أنبت اللحم والدم.
وحدثني عن مالك عن بن شهاب: أنه كان يقول الرضاعة قليلها وكثيرها تحرم والرضاعة من قبل الرجال تحرم.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول الرضاعة قليلها وكثيرها إذا كان في الحولين تحرم فأما ما كان بعد الحولين فإن قليله وكثيره لا يحرم شيئا وإنما هو بمنزلة الطعام.(2/383)
"2 - باب ما جاء في الرضاعة بعد الكبر"
1288- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أنه سئل عن رضاعة الكبير فقال أخبرني عروة بن الزبير: أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد شهد بدرا وكان تبنى سالما الذي يقال له: سالم مولى أبي حذيفة كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وأنكح أبو حذيفة سالما وهو يرى أنه ابنه أنكحه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهي يومئذ من المهاجرات الأول وهي من أفضل أيامى قريش فلما أنزل الله تعالى في كتابه في زيد بن حارثة ما أنزل فقال: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} 1 رد كل واحد من أولئك إلى أبيه فإن لم يعلم أبوه رد إلى مولاه فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله كنا نرى سالما ولدا وكان يدخل علي وأنا فضل وليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها" وكانت تراه ابنا من الرضاعة فأخذت بذلك عائشة أم المؤمنين فيمن كانت تحب أن يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وأبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ.
1288/13- وأنا فضل قال الباجي: أي مكشوفة الرأس والصدر وقيل: عليها ثوب واحد لا إزار تحته وقيل: متوشحة بثوب على عاتقها خالفت بين طرفيه فأخذت بذلك عائشة قال بن المواز ما علمت من أخذ به عاما غيرها.(2/383)
أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن لا والله ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل إلا رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في رضاعة سالم وحده لا والله لا يدخل علينا بهذه الرضاعة أحد فعلى هذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في رضاعة الكبير.
1289- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر وأنا معه عند دار القضاء يسأله عن رضاعة الكبير فقال عبد الله بن عمر: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال إني كانت لي وليدة وكنت أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت دونك فقد والله أرضعتها فقال عمر: أوجعها وأت جاريتك فإنما الرضاعة رضاعة الصغير.
1290- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن رجلا سأل أبا موسى الأشعري فقال إني مصصت عن امرأتي من ثديها لبنا فذهب في بطني فقال أبو موسى لا أراها إلا قد حرمت عليك فقال عبد الله بن مسعود انظر ماذا تفتي به الرجل فقال أبو موسى فماذا تقول أنت فقال عبد الله بن مسعود: لا رضاعة إلا ما كان في الحولين فقال أبو موسى لا تسألوني عن شيء ما كان هذا الحبر بين أظهركم.(2/384)
"3 - باب جامع ما جاء في الرضاعة"
1291- وحدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار وعن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة" .
1292- وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين عن جذامة بنت وهب الأسدية أنها أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم" .
قال مالك: والغيلة أن يمس الرجل امرأته وهي ترضع.
1293- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن.
قال يحيى: قال مالك: وليس على هذا العمل.
ـــــــ.
1292/17- عروة بن الزبير عن عائشة عن جذامة بنت وهب بضم الجيم واختلف في الذال هل هي معجمة أم مهملة والصحيح عند الجمهور أنها مهملة وقيل: اسم أبيها جندب وقيل: جندل قال بن عبد البر: كل الرواة رووه هكذا إلا أبا عامر العقدي فإنه جعله عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره جذامة لقد هممت أن أنهى عن الغيلة بكسر الغين قال مالك: الغيلة أن يمس الرجل امرأه وهي ترضع تابعه الأصمعي وغيره من أهل اللغة وقال بن السكيت هي أن ترضع المرأة وهي حامل قال العلماء: وسبب همه صلى الله عليه وسلم بالنهي أنه يخاف منه ضرر الولد الرضيع لأن الأطباء يقولون: إن ذلك اللبن داء والعرب تكره وتتقيه.(2/384)
كتاب البيوع
باب ما جاء في بيع العربان
...
"31 - كتاب البيوع"
"1 - باب ما جاء في بيع العربان"
1294- حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان.
قال مالك: وذلك فيما نرى والله أعلم أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة أو يتكارى الدابة ثم يقول للذي اشترى منه أو تكارى منه أعطيك دينارا أو درهما أو أكثر من ذلك أو أقل على أني أن أخذت السلعة أو ركبت ما تكاريت منك فالذي أعطيتك هو من ثمن السلعة أو من كراء الدابة وإن تركت ابتياع السلعة أو كراء الدابة فما أعطيتك لك باطل بغير شيء.
قال مالك: والأمر عندنا أنه لا بأس بأن يبتاع العبد التاجر الفصيح بالأعبد من الحبشة أو من جنس من الأجناس ليسوا مثله في الفصاحة ولا في التجارة والنفاذ والمعرفة لا بأس بهذا أن تشتري منه العبد بالعبدين أو بالأعبد إلى أجل معلوم إذا اختلف فبان اختلافه فإن أشبه بعض ذلك بعضا حتى يتقارب فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل وإن اختلفت أجناسهم.
قال مالك: ولا بأس بأن تبيع ما اشتريت من ذلك قبل أن تستوفيه إذا انتقدت ثمنه من غير صاحبه الذي اشتريته منه.
قال مالك: لا ينبغي أن يستثنى جنين في بطن أمه إذا بيعت لأن ذلك غرر لا يدري أذكر هو أم أنثى أحسن أم قبيح أو ناقص أو تام أو حي أو ميت وذلك يضع من ثمنها.
قال مالك: في الرجل يبتاع العبد أو الوليدة بمائة دينار إلى أجل ثم يندم البائع فيسأل المبتاع أن يقيله بعشرة دنانير يدفعها إليه نقدا أو إلى أجل ويمحو عنه المائة دينار التي له.
قال مالك: لا بأس بذلك وإن ندم المبتاع فسأل البائع أن يقيله في الجارية أو العبد ويزيده عشرة دنانير نقدا أو إلى أجل أبعد من الأجل الذي اشترى إليه العبد أو الوليدة فإن ذلك لا ينبغي وإنما كره ذلك لأن البائع كأنه باع منه مائة دينار له إلى سنة قبل أن تحل بجارية وبعشرة
ـــــــ.
كتاب البيوع
1294/1- مالك عن الثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان هذا الحديث أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك من طريق الهيثم بن يمان أبي بشر الرازي عن مالك عن عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب ه وقال بن عبد البر: تكلم الناس في الثقة عنده في هذا الموضع وأشبه ما قيل: فيه أه أخذه عن الزهري عن أبي لهيعة أو عن بن وهب عن بن لهيعة لآن بن لهيعة سمعه من عمرو بن شعيب سمعه منه بن وهب وغيره انتهى والعربان بضم العين وسكون الراء.(2/385)
دنانير نقدا أو إلى أجل أبعد من السنة فدخل في ذلك بيع الذهب بالذهب إلى أجل.
000- قال مالك: في الرجل يبيع من الرجل الجارية بمائة دينار إلى أجل ثم يشتريها بأكثر من ذلك الثمن الذي باعها به إلى أبعد من ذلك الأجل الذي باعها إليه إن ذلك لا يصلح وتفسير ما كره من ذلك أن يبيع الرجل الجارية إلى أجل ثم يبتاعها إلى أجل أبعد منه يبيعها بثلاثين دينارا إلى شهر ثم يبتاعها بستين دينارا إلى سنة أو إلى نصف سنة فصار إن رجعت إليه سلعته بعينها وأعطاه صاحبه ثلاثين دينارا إلى شهر بستين دينارا إلى سنة أو إلى نصف سنة فهذا لا ينبغي.(2/386)
"2 - باب ما جاء في مال المملوك"
1295- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن المبتاع إن اشترط مال العبد فهو له نقدا كان أو دينا أو عرضا يعلم أو لا يعلم وإن كان للعبد من المال أكثر مما اشترى به كان ثمنه نقدا أو دينا أو عرضا وذلك أن مال العبد ليس على سيده فيه زكاة وإن كانت للعبد جارية استحل فرجها بملكه إياها وإن عتق العبد أو كاتب تبعه ماله وإن أفلس أخذ الغرماء ماله ولم يتبع سيده بشيء من دينه.
ـــــــ.
1295/2 - عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع قال بن عبد البر: هكذا رواه نافع موقوفا لم يختلف أصحابه عليه في ذلك ورواه سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا أخرجه البخاري وسلم عن طريق الزهري عنه به قال النووي: ولا تضر رواية الوقف في حجة الحديث المرفوع فإن سالما ثقة بل هو أجل من نافع فزيادته مقبولة قال وقد أشار النسائي والدارقطني إلى ترجيح رواية نافع وهذه إشارة مردودة انتهى.(2/386)
"3 - باب ما جاء في العهدة"
1296- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل كانا يذكران في خطبتهما عهدة الرقيق في الأيام الثلاثة من حين يشترى العبد أو الوليدة وعهدة السنة.
قال مالك: ما أصاب العبد أو الوليدة في الأيام الثلاثة من حين يشتريان حتى تنقضي الأيام الثلاثة فهو من البائع وإن عهدة السنة من الجنون والجذام والبرص فإذا مضت السنة فقد برئ البائع من العهدة كلها قال مالك: ومن باع عبدا أو وليدة من أهل الميراث أو غيرهم بالبراءة فقد برئ من كل عيب ولا عهدة عليه إلا أن يكون علم عيبا فكتمه فإن كان علم عيبا فكتمه لم تنفعه البراءة وكان ذلك البيع مردودا ولا عهدة عندنا إلا في الرقيق.(2/386)
"4 - باب العيب في الرقيق"
1297- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر باع غلاما له بثمانمائة درهم وباعه بالبراءة فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر بالغلام داء لم تسمه لي فاختصما إلى عثمان بن عفان فقال الرجل باعني عبدا وبه داء لم يسمه وقال عبد الله بعته بالبراءة فقضى عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر أن يحلف له لقد باعه العبد وما به داء يعلمه فأبى عبد الله أن يحلف وارتجع العبد فصح عنده فباعه عبد الله بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن كل من ابتاع وليدة فحملت أو عبدا فأعتقه وكل أمر دخله الفوت حتى لا يستطاع رده فقامت البينة انه قد كان به عيب عند الذي باعه أو علم ذلك باعتراف من البائع أو غيره فإن العبد أو الوليدة يقوم وبه العيب الذي كان به يوم اشتراه فيرد من الثمن قدر ما بين قيمته صحيحا وقيمته وبه ذلك العيب.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يشتري العبد ثم يظهر منه على عيب يرده منه وقد حدث به عند المشتري عيب آخر أنه إذا كان العيب الذي حدث به مفسدا مثل القطع أو العور أو ما أشبه ذلك من العيوب المفسدة فإن الذي اشترى العبد بخير النظرين أن أحب أن يوضع عنه من ثمن العبد بقدر العيب الذي كان بالعبد يوم اشتراه وضع عنه وإن أحب أن يغرم قدر ما أصاب العبد من العيب عنده ثم يرد العبد فذلك له وإن مات العبد عند الذي اشتراه أقيم العبد وبه العيب الذي كان به يوم اشتراه فينظر كم ثمنه فإن كانت قيمة العبد يوم اشتراه بغير عيب مائة دينار وقيمته يوم اشتراه وبه العيب ثمانون دينارا وضع عن المشترى ما بين القيمتين وإنما تكون القيمة يوم اشترى العبد.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من رد وليدة من عيب وجده بها وكان قد أصابها أنها أن كانت بكرا فعليه ما نقص من ثمنها وإن كانت ثيبا فليس عليه في أصابته إياها شيء لأنه كان ضامنا لها.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن باع عبدا أو وليدة أو حيوانا بالبراءة من أهل الميراث أو غيرهم فقد برئ من كل عيب فيما باع إلا أن يكون علم في ذلك عيبا فكتمه فإن كان علم عيبا فكتمه لم تنفعه تبرئته وكان ما باع مردودا عليه.
قال مالك: في الجارية تباع بالجاريتين ثم يوجد بإحدى الجاريتين عيب ترد منه قال تقام الجارية التي كانت قيمة الجاريتين فينظر كم ثمنها ثم تقام الجاريتان بغير العيب الذي وجد بإحداهما تقامان صحيحتين سالمتين ثم يقسم ثمن الجارية التي بيعت بالجاريتين عليهما بقدر ثمنهما حتى يقع على كل واحدة منهما حصتها من ذلك على المرتفعة بقدر ارتفاعها وعلى الأخرى بقدرها ثم ينظر إلى التي بها العيب فيرد بقدر الذي وقع عليها من.(2/387)
تلك الحصة أن كثيرة أو قليلة وإنما تكون قيمة الجاريتين عليه يوم قبضهما.
قال مالك: في الرجل يشتري العبد فيؤاجره بالإجارة العظيمة أو الغلة القليلة ثم يجد به عيبا يرد منه أنه يرده بذلك العيب وتكون له إجارته وغلته وهذا الأمر الذي كانت عليه الجماعة ببلدنا وذلك لو أن رجلا ابتاع عبدا فبنى له دارا قيمة بنائها ثمن العبد أضعافا ثم وجد به عيبا يرد منه رده ولا يحسب للعبد عليه إجارة فيما عمل له فكذلك تكون له إجارته إذا آجره من غيره لأنه ضامن له وهذا الأمر عندنا.
قال مالك: الأمر عندنا فيمن ابتاع رقيقا في صفقة واحدة فوجد في ذلك الرقيق عبدا مسروقا أو وجد بعبد منهم عيبا إنه ينظر فيما وجد مسروقا أو وجد به عيبا فإن كان هو وجه ذلك الرقيق أو أكثره ثمنا أو من أجله اشترى وهو الذي فيه الفضل فيما يرى الناس كان ذلك البيع مردودا كله وإن كان الذي وجد مسروقا أو وجد به العيب من ذلك الرقيق في الشيء اليسير منه ليس هو وجه ذلك الرقيق ولا من أجله اشترى ولا فيه الفضل فيما يرى الناس رد ذلك الذي وجد به العيب أو وجد مسروقا بعينه بقدر قيمته من الثمن الذي اشترى به أولئك الرقيق.(2/388)
باب مايفعل الوليدة إذا بيعت والشرط فيها
...
"5 - باب ما يفعل في الوليدة إذا بيعت والشرط فيها"
1298- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره: أن عبد الله بن مسعود ابتاع جارية من امرأته زينب الثقفية واشترطت عليه أنك ان بعتها فهي لي بالثمن الذي تبيعها به فسأل عبد الله بن مسعود عن ذلك عمر بن الخطاب فقال عمر بن الخطاب: لا تقربها وفيها شرط لأحد.
1299- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يقول لا يطأ الرجل وليدة إلا وليدة أن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء أمسكها وإن شاء صنع بها ما شاء.
قال مالك: فيمن اشترى جارية على شرط أن لا يبيعها ولا يهبها أو ما أشبه ذلك من الشروط فإنه لا ينبغي للمشتري أن يطأها وذلك أنه لا يجوز له أن يبيعها ولا أن يهبها فإذا كان لا يملك ذلك منها فلم يملكها ملكا تاما لأنه قد استثني عليه فيها ما ملكه بيد غيره فإذا دخل هذا الشرط لم يصلح وكان بيعا مكروها.(2/388)
"6 - باب النهي عن أن يطأ الرجل وليدة ولها زوج"
1300- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب: أن عبد الله بن عامر أهدى لعثمان بن عفان جارية ولها زوج ابتاعها بالبصرة فقال عثمان لا أقربها حتى يفارقها زوجها فأرضى بن عامر زوجها ففارقها.
1301- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أن عبد الرحمن بن عوف ابتاع وليدة فوجدها ذات زوج فردها.(2/388)
"7 - باب ما جاء في ثمر المال يباع أصله"
1302- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترط المبتاع" .
ـــــــ.
1302/9 - من باع نخلا فقد أبرت هو أن يشق طلعها ليذر فيه شيء من طلع ذكرها.(2/389)
"8 باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها"
1303- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري.
1304 - وحدثني عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تزهي فقيل: له يا رسول الله وما تزهي فقال: "حين تحمر" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه" .
1305- وحدثني عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة.
قال مالك: وبيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها من بيع الغرر.
1306- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت: أنه كان لا يبيع ثماره حتى تطلع الثريا.
قال مالك: والأمر عندنا في بيع البطيخ والقثاء والخربز والجزر أن بيعه إذا بدا صلاحه حلال جائز ثم يكون للمشتري ما ينبت حتى ينقطع ثمره ويهلك وليس في ذلك وقت يؤقت وذلك أن وقته معروف عند الناس وربما دخلته العاهة فقطعت ثمرته قبل أن يأتي ذلك الوقت فإذا دخلته العاهة بجائحة تبلغ الثلث فصاعدا كان ذلك موضوعا عن الذي ابتاعه.
ـــــــ.
1303/10 - حتى يبدو صلاحها بلا همز أي يظهر.
1304/11 - حتى تزهى قال الخليل أزهى النخل بدا صلاحه.
1305/12 - عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة وصله بن عبد البر من طريق خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة.(2/389)
"9 - باب ما جاء في بيع العرية"
1307- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت أن: رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها.
1308- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد عن
ـــــــ.
1308/15 - عن أبي سفيان امسه قزمان مولى بن أبي احمد هو عبد الله بن أبي أحمد عبد شمس بن جحش الأسدي وأبو أحمد المذكور أخو زينب بنت جحش أم المؤمنين العرايا جمع عرية بتشيد الياء.(2/389)
"10 - باب الجائحة في بيع الثمار والزرع"
1309- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول: ابتاع رجل ثمر حائط في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعالجه وقام فيه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع له أو أن يقيله فحلف أن لا يفعل فذهبت أم المشتري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تألى أن لا يفعل خيرا" فسمع بذلك رب الحائط فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هو له.
1310- وحدثني عن مالك: أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز قضى بوضع الجائحة.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
قال مالك: والجائحة التي توضع عن المشتري الثلث فصاعدا ولا يكون ما دون ذلك جائحة.
ـــــــ.
كمطايا ومطية مشتقة من التعري وهو التجرد لأنها عريت عن حكم باقي البستان وهي فعيلة بمعنى فاعلة وقيل: بمعنى مفعولة.
1309/16 - عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أنه سمعها تقول ابتاع رجل ثمر حائط الحديث وصله البخاري ومسلم من طريق سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة به.(2/390)
"11 - باب ما يجوز في استثناء الثمر"
1311- حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن: أن القاسم بن محمد كان يبيع ثمر حائطه ويستثني منه.
1312- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر: أن جده محمد بن عمرو بن حزم باع ثمر حائط له يقال له: الأفرق بأربعة آلاف درهم وأستثني منه بثمانمائة درهم تمرا.
1313- وحدثني عن مالك عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة أن أمه عمرة بنت عبد الرحمن: كانت تبيع ثمارها وتستثني منها.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الرجل إذا باع ثمر حائطه أن له أن يستثني من ثمر حائطه ما بينه وبين ثلث الثمر لا يجاوز ذلك وما كان دون الثلث فلا بأس بذلك.
قال مالك: فأما الرجل يبيع ثمر حائطه ويستثني من ثمر حائطه ثمر نخلة أو نخلات يختارها ويسمي عددها فلا أرى بذلك بأسا لأن رب الحائط إنما استثنى شيئا من ثمر حائط نفسه وإنما ذلك شيء احتبسه من حائطه وأمسكه لم يبعه وباع من حائطه ماسوى ذلك.(2/390)
"12 - باب ما يكره من بيع التمر"
1314- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمر بالتمر مثلا بمثل" فقيل: له أن عاملك على خيبر يأخذ الصاع بالصاعين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادعوه لي" فدعى له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتأخذ الصاع بالصاعين" فقال يا رسول الله لا يبيعونني الجنيب بالجمع صاعا بصاع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا" .
1315- وحدثني عن مالك عن عبد الحميد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا على خيبر فجاءه بتمر جنيب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل تمر خيبر هكذا" فقال لا والله يا رسول الله انا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا" .
1316- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيتهما أفضل قال البيضاء فنهاه عن ذلك وقال سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن اشتراء التمر بالرطب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أينقص الرطب إذا يبس" فقالوا: نعم فنهى عن ذلك.
ـــــــ.
1314/21- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر الحديث قال بن عبد البر: رواه داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري موصولا.
1315/22- استعمل رجلا هو سواد بن غزية بتمر عن عبد الحميد بن سهيل كذا ليحيى وطائفة وقال جمهور الرواة عبد المجيد وهو الصواب جنيب بجيم مفتوحة ثم نون مكسورة ثم مثناة تحتية ثم باء موحدة نوع من التمر من أعلاه قيل: الكيس وقيل: الطيب وقيل: الصلب وقيل: الذي أخرج منه حشفه ورديئه وقيل: الذي لا يخلط بغيره الجمع بفتح الجيم وسكون الميم تمر رديء مجموع من أنواع مختلفة.
1316/23- عن عبد الله بن يزيد قال بن عبد البر: زاد الشافعي وأبو مصعب مولى الأسود بن سفيان أن زيدا أبا عياش قال بن عبد البر: زعم بعضهم أنه مجهول لا يعرف ولم يأت له ذكر إلا في هذا الحديث ولم يرو عنه إلا عبد الله بن يزيد هذا الحديث فقط وقيل: بل روى عنه أيضا عمر بن أبي أنس وقال فيه مولى لبني مخزوم وقيل: عن مالك أنه مولى سعيد بن أبي وقاص عن البيضاء هي الشعير.(2/391)
"13 - باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة"
1317- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى
ـــــــ.
1317/24- عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة زاد بن بكير والمحافلة والمزابنة مشتقة من الزبن وهو المخاصفة والمدافعة والمحافلة مأخوذة من الحقل وهو الحرث وموضع الزرع.(2/391)
عن المزابنة والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا.
1318- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر في رؤوس النخل والمحاقلة كراء الأرض بالحنطة.
1319- وحدثني عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة قال بن شهاب فسألت سعيد بن المسيب عن استكراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس بذلك.
قال مالك: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة وتفسير المزابنة أن كل شيء من الجزاف الذي لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده ابتيع بشيء مسمى من الكيل أو الوزن أو العدد وذلك أن يقول الرجل للرجل: يكون له الطعام المصبر الذي لا يعلم كيله من الحنطة أو التمر أو ما أشبه ذلك من الأطعمة أو يكون للرجل السلعة من الحنطة أو النوى أو القضب أو العصفر أو الكرسف أو الكتان أو القز أو ما أشبه ذلك من السلع لا يعلم كيل شيء من ذلك ولا وزنه ولا عدده فيقول الرجل لرب تلك السلعة كل سلعتك هذه أو مر من يكيلها أو زن من ذلك ما يوزن أو عد من ذلك ما كان يعد فما نقص عن كيل كذا وكذا صاعا لتسمية يسميها أو وزن كذا وكذا رطلا أو عدد كذا وكذا فما نقص من ذلك فعلي غرمه لك حتى أوفيك تلك التسمية فما زاد على تلك التسمية فهو لي أضمن ما نقص من ذلك على أن يكون لي ما زاد فليس ذلك بيعا ولكنه المخاطرة والغرر والقمار يدخل هذا لأنه لم يشتر منه شيئا بشيء أخرجه ولكنه ضمن له ما سمى من ذلك الكيل أو الوزن أو العدد على أن يكون له ما زاد على ذلك فإن نقصت تلك السلعة عن تلك التسمية أخذ من مال صاحبه ما نقص بغير ثمن ولا هبة طيبة بها نفسه فهذا يشبه القمار وما كان مثل هذا من الأشياء فذلك يدخله.
قال مالك: ومن ذلك أيضا أن يقول الرجل للرجل: له الثوب أضمن لك من ثوبك هذا كذا وكذا ظهارة قلنسوة قدر كل ظهارة كذا وكذا لشيء يسميه فما نقص من ذلك فعلي غرمه حتى أوفيك وما زاد فلي أو أن يقول الرجل للرجل: أضمن لك من ثيابك هذي كذا وكذا قميصا ذرع كل قميص كذا وكذا فما نقص من ذلك فعلي غرمه وما زاد على ذلك فلي أو أن يقول الرجل للرجل:
ـــــــ.
قال بن عبد البر: تفسير المزابنة في حديث بن عمر وأبي سعيد وتفسير المحاقلة في حديث أبي سعيد اما مرفوع أو من قول الصحابي الراوي فيسلم له لأنه أعلم به.
1319/26- عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة أخرجه الخطيب في رواته عن طريق أحمد بن أبي طيبة عيسى بن دنيار الجرجاني عن مالك عن الزهري عن بن المسيب عن أبي هريرة به موصولا وأشار اليه بن عبد البر.(2/392)
له الجلود من جلود البقر أو الإبل أقطع جلودك هذه نعالا على إمام يريه إياه فما نقص من مائة زوج فعلي غرمه وما زاد فهو لي بما ضمنت لك ومما يشبه ذلك أن يقول الرجل للرجل: عنده حب البان أعصر حبك هذا فما نقص من كذا وكذا رطلا فعلي أن أعطيكه وما زاد فهو لي فهذا كله وما أشبهه من الأشياء أو ضارعه من المزابنة التي لا تصلح ولا تجوز وكذلك أيضا إذا قال الرجل للرجل: له الخبط أو النوى أو الكرسف أو الكتان أو القضب أو العصفر أبتاع منك هذا الخبط بكذا وكذا صاعا من خبط يخبط مثل خبطه أو هذا النوى بكذا وكذا صاعا من نوى مثله وفي العصفر والكرسف والكتان والقضب مثل ذلك فهذا كله يرجع إلى ما وصفنا من المزابنة.(2/393)
14 - باب جامع بيع الثمر
1320- قال مالك: من اشترى ثمرا من نخل مسماة أو حائط مسمى أو لبنا من غنم مسماة أنه لا بأس بذلك إذا كان يؤخذ عاجلا يشرع المشتري في أخذه عند دفعه الثمن وإنما مثل ذلك بمنزلة راوية زيت يبتاع منها رجل بدينار أو دينارين ويعطيه ذهبه ويشترط عليه أن يكيل له منها فهذا لا بأس به فإن انشقت الراوية فذهب زيتها فليس للمبتاع إلا ذهبه ولا يكون بينهما بيع واما كل شيء كان حاضرا يشتري على وجهه مثل اللبن إذا حلب والرطب يستجنى فيأخذ المبتاع يوما بيوم فلا بأس به فإن فني قبل أن يستوفي المشتري ما اشترى رد عليه البائع من ذهبه بحساب ما بقي له أو يأخذ منه المشتري سلعة بما بقي له يتراضيان عليها ولا يفارقه حتى يأخذها فإن فارقه فإن ذلك مكروه لأنه يدخله الدين بالدين وقد نهى عن الكالئ بالكالئ فإن وقع في بيعهما أجل فإنه مكروه ولا يحل فيه تأخير ولا نظرة ولا يصلح إلا بصفة معلومة إلى أجل مسمى فيضمن ذلك البائع للمبتاع ولا يسمى ذلك في حائط بعينه ولا في غنم باعيانها.
وسئل مالك عن الرجل يشتري من الرجل الحائط فيه ألوان من النخل من العجوة والكبيس والعذق وغير ذلك من ألوان التمر فيستثني منها ثمر النخلة أو النخلات يختارها من نخله.
قال مالك: ذلك لا يصلح لأنه إذا صنع ذلك ترك ثمر النخلة من العجوة ومكيلة ثمرها خمسة عشر صاعا وأخذ مكانها ثمر نخلة من الكبيس ومكيلة ثمرها عشرة اصوع فإن أخذ العجوة التي فيها خمسة عشر صاعا وترك التي فيها عشرة اصوع من الكبيس فكأنه اشترى العجوة بالكبيس متفاضلا وذلك مثل أن يقول الرجل للرجل: بين يديه صبر من التمر قد صبر العجوة فجعلها خمسة عشر صاعا وجعل صبرة الكبيس عشرة آصع وجعل صبرة العذق اثني عشر صاعا فأعطى صاحب التمر دينارا على أنه يختار فيأخذ أي تلك الصبر شاء.
قال مالك: فهذا لا يصلح.
وسئل مالك عن الرجل يشتري الرطب من صاحب الحائط فيسلفه الدينار ماذا له إذا ذهب رطب ذلك الحائط.
قال مالك: يحاسب صاحب الحائط ثم يأخذ ما بقي له من ديناره ان كان أخذ بثلثي دينار رطبا أخذ ثلث الدينار الذي بقي له وإن كان أخذ ثلاثة أرباع ديناره رطبا أخذ الربع الذي بقي له أو(2/393)
يتراضيان بينهما فيأخذ بما بقي له من ديناره عند صاحب الحائط ما بدا له أن أحب أن يأخذ تمرا أو سلعة سوى التمر أخذها بما فضل له فإن أخذ تمرا أو سلعة أخرى فلا يفارقه حتى يستوفي ذلك منه.
قال مالك: وإنما هذا بمنزلة أن يكري الرجل الرجل راحلة بعينها أو يؤاجر غلامه الخياط أو النجار أو العمال لغير ذلك من الأعمال أو يكري مسكنه ويستلف إجارة ذلك الغلام أو كراء ذلك المسكن أو تلك الراحلة ثم يحدث في ذلك حدث بموت أو غير ذلك فيرد رب الراحلة أو العبد أو المسكن إلى الذي سلفه ما بقي من كراء الراحلة أو إجارة العبد أو كراء المسكن يحاسب صاحبه بما استوفى من ذلك أن كان استوفى نصف حقه رد عليه النصف الباقي الذي له عنده وإن كان أقل من ذلك أو أكثر فبحساب ذلك يرد إليه ما بقي له.
قال مالك: ولا يصلح التسليف في شيء من هذا يسلف فيه بعينه إلا أن يقبض المسلف ما سلف فيه عند دفعه الذهب إلى صاحبه يقبض العبد أو الراحلة أو المسكن أو يبدأ فيما اشترى من الرطب فيأخذ منه عند دفعه الذهب إلى صاحبه لا يصلح أن يكون في شيء من ذلك تأخير ولا أجل.
قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك أن يقول الرجل للرجل: أسلفك في راحلتك فلانة أركبها في الحج وبينه وبين الحج أجل من الزمان أو يقول مثل ذلك في العبد أو المسكن فإنه إذا صنع ذلك كان إنما يسلفه ذهبا على أنه إن وجد تلك الراحلة صحيحة لذلك الأجل الذي سمي له فهي له بذلك الكراء وإن حدث بها حدث من موت أو غيره رد عليه ذهبه وكانت عليه على وجه السلف عنده.
قال مالك: وإنما فرق بين ذلك القبض من قبض ما استأجر أو استكرى فقد خرج من الغرر والسلف الذي يكره وأخذ أمرا معلوما وإنما مثل ذلك أن يشتري الرجل العبد أو الوليدة فيقبضهما وينقد أثمانهما فإن حدث بهما حدث من عهدة السنة أخذ ذهبه من صاحبه الذي ابتاع منه فهذا لا بأس به وبهذا مضت السنة في بيع الرقيق.
قال مالك: ومن استأجر عبدا بعينه أو تكارى راحلة بعينها إلى أجل يقبض العبد أو الراحلة إلى ذلك الأجل فقد عمل بما لا يصلح لا هو قبض ما استكرى أو استأجر ولا هو سلف في دين يكون ضامنا على صاحبه حتى يستوفيه.(2/394)
15 - باب بيع الفاكهة
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن من ابتاع شيئا من الفاكهة من رطبها أو يابسها فإنه لا يبيعه حتى يستوفيه ولا يباع شيء منها بعضه ببعض إلا يدا بيد وما كان منها مما ييبس فيصير فاكهة يابسة تدخر وتؤكل فلا يباع بعضه ببعض إلا يدا بيد ومثلا بمثل إذا كان من صنف واحد فإن كان من صنفين مختلفين فلا بأس بأن يباع منه اثنان بواحد يدا بيد ولا يصلح إلى أجل وما كان منها مما لا ييبس ولا يدخر وإنما يؤكل رطبا كهيئة البطيخ والقثاء والخربز(2/394)
والجزر والأترج والموز والرمان وما كان مثله وإن يبس لم يكن فاكهة بعد ذلك وليس هو مما يدخر ويكون فاكهة قال فأراه حقيقا أن يؤخذ منه من صنف واحد اثنان بواحد يدا بيد فإذا لم يدخل فيه شيء من الأجل فإنه لا بأس به.(2/395)
"16 - باب بيع الذهب بالفضة تبرا وعينا"
1322- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين أن يبيعا آنية من المغانم من ذهب أو فضة فباعا كل ثلاثة بأربعة عينا أو كل أربعة بثلاثة عينا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربيتما فردا" .
1323- وحدثني عن مالك عن موسى بن أبي تميم عن أبي الحباب سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما" .
1324- وحدثني عن مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق الامثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها شيئا غائبا بناجز" .
1325- وحدثني عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال: كنت مع عبد الله بن عمر فجاءه صائغ فقال له يا أبا عبد الرحمن اني أصوغ الذهب ثم أبيع الشيء من ذلك بأكثر من وزنه فاستفضل من ذلك قدر عمل يدي فنهاه عبد الله عن ذلك فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله ينهاه حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابة يريد أن يركبها ثم قال عبد الله بن عمر الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم.
ـــــــ.
1322/29- عن يحيى بن سعيد أنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم السعدين الحديث رواه بن وهب عن الليث بن سعد وعمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أنه حدثهما أن عبد الله بن أبي سلمة حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر جعل السعدين على المغانم فذكره قال بن عبد البر: وأحد السعدين سعد بن مالك هكذا جاء في آخر الحديث والآخر سعد بن عبادة قال ولا نعلم في الصحابة سعد بن مالك إلا سعد بن أبي وقاص وأبا سعيد الخدري والأظهر ا المراد هنا بن أبي وقاص لصغر سن أبي سعيد قال ثم وجدته منصوصا ذكر يعقوب بن شيبة وسعد بن عبد الله بن عبدالحكم قالا حدثنا قدامة بن محمد بن قدامة بن خشرم الأشجعي عن أبيه قال حدثني مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت أبا كثير جلاحا مولى عبد الرحمن بن عبد العزيز بن مروان يقول سمعت حنشا الصنعاني عن فضالة قال كنا يوم خيبر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الغنائم سعد بن أبي وقاص وسعد بن عبادة فذكره قال وهذا إسناد صحيح متصل حسن قال وأما عبد الله بن أبي سلمة شيخ يحيى بن سعيد فقيل: أنه الهذلي يروي عن بن عمر وغيره وزعم البخاري أنه والد عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون فالله أعلم.
1324/31- ولا تشفوا بضم التاء وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء أي لا تفضلوا والشف بكسر الشين الزيادة غائبا أي مؤجلا بناجز أي حاضر.(2/395)
1326- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن جده مالك بن أبي عامر أن عثمان بن عفان قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين" .
1327- وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل فقال له معاوية ما أرى بمثل هذا بأسا فقال أبو الدرداء من يعذرني من معاوية أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض أنت بها ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن لا تبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن.
1328- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالذهب أحدهما غائب والآخر ناجز وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره اني أخاف عليكم الرماء والرماء هو الربا.
1329- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب: قال لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا شيئا منها غائبا بناجز وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره اني أخاف عليكم الرماء والرماء هو الربا.
1339- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد أنه قال قال عمر بن الخطاب: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم والصاع بالصاع ولا يباع كالئ بناجز.
1331- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: لا ربا إلا في ذهب أو في فضة أو ما يكال أو يوزن بما يؤكل أو يشرب.
ـــــــ.
1326/33- مالك أنه بلغه عن جده مالك بن أبي عامر الحديث وصله مسلم من طريق انب وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سليمان بن يسار عن مالك بن أبي عامر به.
1327/34- سقاية قيل: هي البرادة يبرد فيها لاماء تعلق فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخبرني عن رأيه إلى آخره قال بن عبد البر: كان ذلك منه أنفة من أن يرد عليه سنة علمها من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه وصدور العلماء تضيق عند مثل هذا وهو عندهم عظيم رد السنن بالرأي قال وجائز للمرء أن يهجر من لم يسمع منه ولم يطعه وليس هذا من الهجرة المكروهة إلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس إلا يكلموا كعب بن مالك حين تخلف عن تبوك قال وهذا أصل عند العلماء في مجانبة من ابتدع وهجرته وقطع الكلام عنه وقد رأى بن مسعود رجلا يضحك في جنازة فقال: والله لا أكلمك أبدا انتهى.
1329/36 - الرماء قال في النهاية بالفتح والمد.(2/396)
1332- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قطع الذهب والورق من الفساد في الأرض.
قال مالك: ولا بأس أن يشتري الرجل الذهب بالفضة والفضة بالذهب جزافا إذا كان تبرا أو حليا قد صيغ فأما الدراهم المعدودة والدنانير المعدودة فلا ينبغي لأحد أن يشتري شيئا من ذلك جزافا حتى يعلم ويعد فإن اشترى ذلك جزافا فإنما يراد به الغرر حين يترك عده ويشترى جزافا وليس هذا من بيوع المسلمين فأما ما كان يوزن من التبر والحلي فلا بأس أن يباع ذلك جزافا وإنما ابتياع ذلك جزافا كهيئة الحنطة والتمر ونحوهما من الأطعمة التي تباع جزافا ومثلها يكال فليس بابتياع ذلك جزافا بأس.
قال مالك: من اشترى مصحفا أو سيفا أو خاتما وفي شيء من ذلك ذهب أو فضة بدنانير أو دراهم فإن ما اشترى من ذلك وفيه ذهب بدنانير فإنه ينظر إلى قيمته فإن كانت قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الذهب الثلث فذلك جائز لا بأس به إذا كان ذلك يدا بيد ولا يكون فيه تأخير وما اشتري من ذلك بالورق مما فيه الورق نظر إلى قيمته فإن كان قيمة ذلك الثلثين وقيمة ما فيه من الورق الثلث فذلك جائز لا بأس به إذا كان ذلك يدا بيد ولم يزل ذلك من أمر الناس عندنا.(2/397)
"17 - باب ما جاء في الصرف"
1333- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان النصري: أنه التمس صرفا بمائة دينار قال فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراوضنا حتى اصطرف مني وأخذ الذهب يقلبها في يده ثم قال حتى يأتيني خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا الاهاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء" .
قال مالك: إذا اصطرف الرجل دراهم بدنانير ثم وجد فيها درهما زائفا فأراد رده انتقض صرف الدينار ورد إليه ورقه وأخذ إليه ديناره وتفسير ما كره من ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء" وقال عمر بن الخطاب: وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره وهو إذا رد عليه درهما من صرف بعد أن يفارقه كان بمنزلة الدين أو الشيء المستأخر فلذلك كره ذلك وانتقض الصرف وإنما أراد عمر بن الخطاب أن لا يباع الذهب والورق والطعام كله عاجلا بآجل فإنه لا ينبغي أن يكون في شيء من ذلك تأخير ولا نظرة وإن كان من صنف واحد أو كان مختلفة أصنافه.
ـــــــ.
1333/40- إلا هاء وهاء قال النووي: فيه لغتان المد والقصر والمد أفصح وأشهر وأصله هاك فأبدلت المدة من الكاف ومعناه خذ هذا ويقول صاحبه مثله والمدة مفتوحة ويقال أيضا بالكسر ومن قصره قال وزنه وزن خف.(2/397)
"18 - باب المراطلة"
1334- حدثني يحيى عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط: أنه رأى سعيد بن المسيب يراطل الذهب بالذهب فيفرغ ذهبه في كفة الميزان ويفرغ صاحبه الذي يراطله ذهبه في كفة الميزان الأخرى فإذا اعتدل لسان الميزان أخذ وأعطى.
قال مالك: الأمر عندنا في بيع الذهب بالذهب والورق بالورق مراطلة أنه لا بأس بذلك أن يأخذ أحد عشر دينارا بعشرة دنانير يدا بيد إذا كان وزن الذهبين سواء عينا بعين وإن تفاضل العدد والدراهم أيضا في ذلك بمنزلة الدنانير.
قال مالك: من راطل ذهبا بذهب أو ورقا بورق فكان بين الذهبين فضل مثقال فأعطى صاحبه قيمته من الورق أو من غيرها فلا يأخذه فإن ذلك قبيح وذريعة إلى الربا لأنه إذا جاز له أن يأخذ المثقال بقيمته حتى كأنه اشتراه على حدته جاز له أن يأخذ المثقال بقيمته مرارا لأن يجيز ذلك البيع بينه وبين صاحبه.
قال مالك: ولو أنه باعه ذلك المثقال مفردا ليس معه غيره لم يأخذه بعشر الثمن الذي أخذه به لأن يجوز له البيع فذلك الذريعة إلى إحلال الحرام والأمر المنهي عنه.
قال مالك: في الرجل يراطل الرجل ويعطيه الذهب العتق الجياد ويجعل معها تبرا ذهبا غير جيدة ويأخذ من صاحبه ذهبا كوفية مقطعة وتلك الكوفية مكروهة عند الناس فيتبايعان ذلك مثلا بمثل ان ذلك لا يصلح.
قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك أن صاحب الذهب الجياد أخذ فضل عيون ذهبه في التبر الذي طرح مع ذهبه ولولا فضل ذهبه على ذهب صاحبه لم يراطله صاحبه بتبره ذلك إلى ذهبه الكوفية فامتنع وإنما مثل ذلك كمثل رجل أراد أن يبتاع ثلاثة أصوع من تمر عجوة بصاعين ومد من تمر كبيس فقيل: له هذا لا يصلح فجعل صاعين من كبيس وصاعا من حشف يريد أن يجيز بذلك بيعه فذلك لا يصلح لأنه لم يكن صاحب العجوة ليعطيه صاعا من العجوة بصاع من حشف ولكنه انما أعطاه ذلك لفضل الكبيس أو أن يقول الرجل للرجل: بعني ثلاثة أصوع من البيضاء بصاعين ونصف من حنطة شامية فيقول هذا لا يصلح إلا مثلا بمثل فيجعل صاعين من حنطة شامية وصاعا من شعير يريد أن يجيز بذلك البيع فيما بينهما فهذا لا يصلح لأنه لم يكن ليعطيه بصاع من شعير صاعا من حنطة بيضاء لو كان ذلك الصاع مفردا وإنما أعطاه إياه لفضل الشامية على البيضاء فهذا لا يصلح وهو مثل ما وصفنا من التبر.
قال مالك: فكل شيء من الذهب والورق والطعام كله الذي لا ينبغي أن يباع إلا مثلا بمثل فلا ينبغي ان يجعل مع الصنف الجيد من المرغوب فيه الشيء الرديء المسخوط ليجاز البيع وليستحل بذلك ما نهى عنه من الأمر الذي لا يصلح إذا جعل ذلك مع الصنف المرغوب فيه وإنما يريد صاحب ذلك أن يدرك بذلك فضل جودة ما يبيع.(2/398)
"19 - باب العينة وما يشبهها"
1335- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه" .
1336- وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه" .
1337- وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: كنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتاع الطعام فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه قبل أن نبيعه.
1338- وحدثني عن مالك عن نافع أن حكيم بن حزام ابتاع طعاما أمر به عمر بن الخطاب للناس فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فرده عليه وقال: لا تبع طعاما ابتعته حتى تستوفيه.
1339- وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن صكوكا خرجت للناس في زمان مروان بن الحكم من طعام الجار فتبايع الناس تلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها فدخل زيدبن ثابت ورجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مروان بن الحكم فقالا أتحل بيع الربا يا مروان فقال أعوذ بالله وما ذاك فقالا هذه الصكوك تبايعها الناس ثم باعوها قبل أن يستوفوها فبعث مروان الحرس يتبعونها ينزعونها من أيدي الناس ويردونها إلى أهلها.
1340- وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رجلا أراد أن يبتاع طعاما من رجل إلى أجل فذهب به الرجل الذي يريد أن يبيعه الطعام إلى السوق فجعل يريه الصبر ويقول له من أيها تحب أن أبتاع لك فقال المبتاع أتبيعني ما ليس عندك فأتيا عبد الله بن عمر فذكرا ذلك له فقال عبد الله بن عمر للمبتاع لا تبتع منه ما ليس عنده وقال للبائع لا تبع ما ليس عندك.
1341- وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع جميل بن عبد الرحمن المؤذن يقول لسعيد بن المسيب: اني رجل أبتاع من الأرزاق التي تعطى الناس بالجار ما شاء الله ثم أريد أن أبيع الطعام المضمون علي إلى أجل فقال له سعيد أتريد أن توفيهم من تلك الأرزاق التي ابتعت فقال نعم فنهاه عن ذلك.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه من اشترى طعاما برا أو شعيرا أو سلتا أو ذرة أو دخنا أو شيئا من الحبوب القطنية أو شيئا مما يشبه القطنية مما تجب فيه الزكاة أو شيئا من الأدم كلها الزيت والسمن والعسل والخل والجبن والشيرق (والشيرق) واللبن وما أشبه ذلك من الأدم فإن المبتاع لا يبيع شيئا من ذلك حتى يقبضه ويستوفيه.(2/399)
باب ما يكره من بيع الطعام إلى أجل
...
"20 - ب ما يكره من بيع الطعام إلى أجل"
1342- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد أنه سمع سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار: ينهيان أن يبيع الرجل حنطة بذهب إلى أجل ثم يشتري بالذهب تمرا قبل أن يقبض الذهب.
1343- وحدثني عن مالك عن كثير بن فرقد: أنه سأل أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الرجل يبيع الطعام من الرجل بذهب إلى أجل ثم يشتري بالذهب تمرا قبل أن يقبض الذهب فكره ذلك ونهى عنه.
000- وحدثني عن مالك عن بن شهاب: بمثل ذلك.
قال مالك: وإنما نهى سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وبن شهاب عن أن لا يبيع الرجل حنطة بذهب ثم يشتري الرجل بالذهب تمرا قبل أن يقبض الذهب من بيعه الذي اشترى منه الحنطة فأما أن يشتري بالذهب التي باع بها الحنطة إلى أجل تمرا من غير بائعه الذي باع منه الحنطة قبل أن يقبض الذهب ويحيل الذي اشترى منه التمر على غريمه الذي باع منه الحنطة بالذهب التي له عليه في ثمر التمر فلا بأس بذلك.
قال مالك: وقد سألت عن ذلك غير واحد من أهل العلم فلم يروا به بأسا.(2/400)
"21 - باب السلفة في الطعام"
1344- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: لا بأس بأن يسلف الرجل الرجل في الطعام الموصوف بسعر معلوم إلى أجل مسمى ما لم يكن في زرع لم يبد صلاحه أو تمر لم يبد صلاحه.
قال مالك: الأمر عندنا فيمن سلف في طعام بسعر معلوم إلى أجل مسمى فحل الأجل فلم يجد المبتاع عند البائع وفاء مما ابتاع منه فأقاله فإنه لا ينبغي له ان يأخذ منه إلا ورقه أو ذهبه أو الثمن الذي دفع إليه بعينه وإنه لا يشتري منه بذلك الثمن شيئا حتى يقبضه منه وذلك أنه إذا أخذ غير الثمن الذي دفع إليه أو صرفه في سلعة غير الطعام الذي ابتاع منه فهو بيع الطعام قبل أن يستوفى.
قال مالك: وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل ان يستوفى قال مالك: فإن ندم المشتري فقال للبائع أقلني وأنظرك بالثمن الذي دفعت إليك فإن ذلك لا يصلح وأهل العلم ينهون عنه وذلك أنه لما حل الطعام للمشتري على البائع أخر عنه حقه على أن يقيله فكان ذلك بيع الطعام إلى أجل قبل أن يستوفى.
قال مالك: وتفسير ذلك ان المشتري حين حل الأجل وكره الطعام أخذ به دينارا إلى أجل وليس ذلك بالإقالة وإنما الإقالة ما لم يزدد فيه البائع ولا المشتري فإذا وقعت فيه الزيادة بنسيئة(2/400)
إلى أجل أو بشيء يزداده أحدهما على صاحبه أو بشيء ينتفع به أحدهما فإن ذلك ليس بالإقالة وإنما تصير الإقالة إذا فعلا ذلك بيعا وإنما أرخص في الإقالة والشرك والتولية ما لم يدخل شيئا من ذلك زيادة أو نقصان أو نظرة فإن دخل ذلك زيادة أو نقصان أو نظرة صار بيعا يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرم البيع قال مالك: من سلف في حنطة شامية فلا بأس أن يأخذ محمولة بعد محل الأجل.
قال مالك: وكذلك من سلف في صنف من الأصناف فلا بأس أن يأخذ خيرا مما سلف فيه أو أدنى بعد محل الأجل وتفسير ذلك أن يسلف الرجل في حنطه محمولة فلا بأس أن يأخذ شعيرا أو شامية وإن سلف في تمر عجوة فلا بأس أن يأخذ صيحانيا أو جمعا وإن سلف في زبيب أحمر فلا بأس أن يأخذ أسود إذا كان ذلك كله بعد محل الأجل إذا كانت مكيلة ذلك سواء بمثل كيل ما سلف فيه.(2/401)
"22 - باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما"
1345- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن سليمان بن يسار قال: فني علف حمار سعد بن أبي وقاص فقال لغلامه خذ من حنطة أهلك فابتع بها شعيرا ولا تأخذ إلا مثله.
1346- وحدثني عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار أنه أخبره: أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فني علف دابته فقال لغلامه خذ من حنطة أهلك طعاما فابتع بها شعيرا ولا تأخذ إلا مثله.
1347- وحدثني عن مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد عن بن معيقيب الدوسي: مثل ذلك قال مالك: وهو الأمر عندنا.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن لا تباع الحنطة بالحنطة ولا التمر بالتمر ولا الحنطة بالتمر ولا التمر بالزبيب ولا الحنطه بالزبيب ولا شيء من الطعام كله إلا يدا بيد فإن دخل شيئا من ذلك الأجل لم يصلح وكان حراما ولا شيء من الأدم كلها إلا يدا بيد.
قال مالك: ولا يباع شيء من الطعام والأدم إذا كان من صنف واحد اثنان بواحد فلا يباع مد حنطة بمدي حنطة ولا مد تمر بمدي تمر ولا مد زبيب بمدي زبيب ولا ما أشبه ذلك من الحبوب والأدم كلها إذا كان من صنف واحد وإن كان يدا بيد إنما ذلك بمنزلة الورق بالورق والذهب بالذهب لا يحل في شيء من ذلك الفضل ولا يحل إلا مثلا بمثل يدا بيد.
قال مالك: وإذا اختلف ما يكال أو يوزن مما يؤكل أو يشرب فبان اختلافه فلا بأس أن يؤخذ منه اثنان بواحد يدا بيد ولا بأس أن يؤخذ صاع من تمر بصاعين من حنطه وصاع من تمر بصاعين من زبيب وصاع من حنطة بصاعين من سمن فإذا كان الصنفان من هذا مختلفين فلا بأس باثنين منه بواحد أو أكثر من ذلك يدا بيد فإن دخل ذلك الأجل فلا يحل.
قال مالك: ولا تحل صبرة الحنطة بصبرة الحنطة ولا بأس بصبرة الحنطة بصبرة التمر يدا بيد وذلك أنه لا بأس أن يشترى الحنطة بالتمر جزافا.(2/401)
قال مالك: وكل ما اختلف من الطعام والأدم فبان اختلافه فلا بأس أن يشترى بعضه ببعض جزافا يدا بيد فإن دخله الأجل فلا خير فيه وإنما اشتراء ذلك جزافا كاشتراء بعض ذلك بالذهب والورق جزافا.
قال مالك: وذلك انك تشتري الحنطة بالورق جزافا والتمر بالذهب جزافا فهذا حلال لا بأس به.
قال مالك: ومن صبر صبرة طعام وقد علم كيلها ثم باعها جزافا وكتم على المشتري كيلها فإن ذلك لا يصلح فإن أحب المشتري ان يرد ذلك الطعام على البائع رده بما كتمه كيله وغره وكذلك كل ما علم البائع كيله وعدده من الطعام وغيره ثم باعه جزافا ولم يعلم المشتري ذلك فإن المشتري ان أحب أن يرد ذلك على البائع رده ولم يزل أهل العلم ينهون عن ذلك.
قال مالك: ولا خير في الخبز قرص بقرصين ولا عظيم بصغير إذا كان بعض ذلك أكبر من بعض فأما إذا كان يتحرى ان يكون مثلا بمثل فلا بأس به وإن لم يوزن.
قال مالك: لا يصلح مد زبد ومد لبن بمدي زبد وهو مثل الذي وصفنا من التمر الذي يباع صاعين من كبيس وصاعا من حشف بثلاثة أصوع من عجوة حين قال لصاحبه إن صاعين من كبيس بثلاثة اصوع من العجوة لا يصلح ففعل ذلك ليجيز بيعه وإنما جعل صاحب اللبن اللبن مع زبده ليأخذ فضل زبده على زبد صاحبه حين ادخل معه اللبن.
قال مالك: والدقيق بالحنطة مثلا بمثل لا بأس به وذلك لأنه اخلص الدقيق فباعه بالحنطة مثلا بمثل ولو جعل نصف المد من دقيق ونصفه من حنطة فباع ذلك بمد من حنطة كان ذلك مثل الذي وصفنا لا يصلح لأنه أراد ان يأخذ فضل حنطته الجيدة حتى جعل معها الدقيق فهذا لا يصلح.(2/402)
"23 - باب جامع بيع الطعام"
1348- حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم: أنه سأل سعيد بن المسيب فقال اني رجل ابتاع الطعام يكون من الصكوك بالجار فربما ابتعت منه بدينار ونصف درهم فأعطى بالنصف طعاما فقال سعيد لا ولكن أعط أنت درهما وخذ بقيته طعاما.
1349- وحدثني عن مالك أنه بلغه ان محمد بن سيرين: كان يقول لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض.
قال مالك: من اشترى طعاما بسعر معلوم إلى أجل مسمى فلما حل الأجل قال الذي عليه الطعام لصاحبه ليس عندي طعام فبعني الطعام الذي لك علي إلى أجل فيقول صاحب الطعام هذا لا يصلح لأنه قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يستوفى فيقول الذي عليه الطعام لغريمه فبعني طعاما إلى أجل حتى أقضيكه فهذا لا يصلح لأنه إنما يعطيه طعاما ثم يرده إليه فيصير الذهب الذي أعطاه ثمن الطعام الذي كان له عليه ويصير الطعام الذي أعطاه محللا فيما بينهما ويكون ذلك إذا فعلاه بيع الطعام قبل ان يستوفى.(2/402)
قال مالك: في رجل له على رجل طعام ابتاعه منه ولغريمه على رجل طعام مثل ذلك الطعام فقال الذي عليه الطعام لغريمه أحيلك على غريم لي عليه مثل الطعام الذي لك علي بطعامك الذي لك علي.
قال مالك: ان كان الذي عليه الطعام إنما هو طعام ابتاعه فأراد ان يحيل غريمه بطعام ابتاعه فإن ذلك لا يصلح وذلك بيع الطعام قبل ان يستوفى فإن كان الطعام سلفا حالا فلا بأس ان يحيل به غريمه لان ذلك ليس ببيع ولا يحل بيع الطعام قبل ان يستوفى لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك غير ان أهل العلم قد اجتمعوا على أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة في الطعام وغيره.
قال مالك: وذلك أن أهل العلم وغيره.
قال مالك: وذلك ان أهل العلم أنزلوه على وجه المعروف ولم ينزلوه على وجه البيع وذلك مثل الرجل يسلف الدراهم النقص فيقضى دراهم وازنة فيها فضل فيحل له ذلك ويجوز ولو اشترى منه دراهم نقصا بوازنة لم يحل ذلك ولو اشترط عليه حين أسلفه وازنة وإنما أعطاه نقصا لم يحل له ذلك.
1350- قال مالك: ومما يشبه ذلك: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المزابنة وارخص في بيع العرايا بخرصها من التمر وإنما فرق بين ذلك ان بيع المزابنة بيع على وجه المكايسة والتجارة وإن بيع العرايا على وجه المعروف لا مكايسة فيه.
000 - قال مالك: ولا ينبغي ان يشتري رجل طعاما بربع أو ثلث أو كسر من درهم على ان يعطي بذلك طعاما إلى أجل ولا بأس ان يبتاع الرجل طعاما بكسر من درهم إلى أجل ثم يعطى درهما ويأخذ بما بقي له من درهمه سلعة من السلع لأنه أعطى الكسر الذي عليه فضة وأخذ ببقية درهمه سلعة فهذا لا بأس به.
000 - قال مالك: ولا بأس أن يضع الرجل عند الرجل درهما ثم يأخذ منه بربع أو بثلث أو بكسر معلوم سلعة معلومة فإذا لم يكن في ذلك سعر معلوم وقال الرجل آخذ منك بسعر كل يوم فهذا لا يحل لأنه غرر يقل مرة ويكثر مرة ولم يفترقا على بيع معلوم.
000 - قال مالك: ومن باع طعاما جزافا ولم يستثني منه شيئا ثم بدا له ان يشتري منه شيئا فإنه لا يصلح له ان يشتري منه شيئا إلا ما كان يجوز له ان يستثنيه منه وذلك الثلث فما دونه فإن زاد على الثلث صار ذلك إلى المزابنة والى ما يكره فلا ينبغي له ان يشتري منه شيئا إلا ما كان يجوز له ان يستثني منه ولا يجوز له ان يستثني منه إلا الثلث فما دونه وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا.(2/403)
"24 - باب الحكرة والتربص"
1351- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان عمر بن الخطاب: قال لا حكرة في سوقنا لا يعمد رجال بأيديهم فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا ولكن أيما جالب جلب على عمود كبده في الشتاء والصيف فذلك ضيف عمر فليبع كيف شاء الله وليمسك كيف شاء الله.(2/403)
1352- وحدثني عن مالك عن يونس بن يوسف عن سعيد بن المسيب: ان عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق فقال له عمر بن الخطاب إما ان تزيد في السعر واما ان ترفع من سوقنا.
1353- وحدثني عن مالك أنه بلغه ان عثمان بن عفان: كان ينهى عن الحكرة.(2/404)
باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض و السلف فيه
...
"25 - باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه"
1354- حدثني يحيى عن مالك عن صالح بن كيسان عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب: أن علي بن أبي طالب باع جملا له يدعى عصيفيرا بعشرين بعيرا إلى أجل.
1355- وحدثني عن مالك عن نافع: ان عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة.
1356- وحدثني عن مالك: أنه سأل بن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال لا بأس بذلك.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم يدا بيد ولا بأس بالجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الجمل بالجمل يدا بيد والدراهم إلى أجل قال ولا خير في الجمل بالجمل مثله وزيادة دراهم الدراهم نقدا والجمل إلى أجل وإن أخرت الجمل والدراهم لا خير في ذلك أيضا.
قال مالك: ولا بأس ان يبتاع البعير النجيب بالبعيرين أو بالأبعرة من الحمولة من ماشية الإبل وإن كانت من نعم واحدة فلا بأس ان يشتري منها اثنان بواحد إلى أجل إذا اختلفت فبان اختلافها وإن اشبه بعضها بعضا واختلفت أجناسها أو لم تختلف فلا يؤخذ منها اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك ان يؤخذ البعير بالبعيرين ليس بينهما تفاضل في نجابة ولا رحلة فإذا كان هذا على ما وصفت لك فلا يشترى منه اثنان بواحد إلى أجل ولا بأس ان تبيع ما اشتريت منها قبل ان تستوفيه من غير الذي اشتريته منه إذا انتقدت ثمنه.
قال مالك: ومن سلف في شيء من الحيوان إلى أجل مسمى فوصفه وحلاه ونقد ثمنه فذلك جائز وهو لازم للبائع والمبتاع على ما وصفا وحليا ولم يزل ذلك من عمل الناس الجائز بينهم والذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا.(2/404)
"26 - باب ما لا يجوز من بيع الحيوان"
1357- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي عن
ـــــــ.
1357/65- حبل الحبلة بفتح الحاء والباء فيهما ورواه بعضهم بسكون الباء في الأولى قال القاضي عياض: والنووي وهو غلط قال أهل اللغة الحبلة هنا جمع حابل ككاتب وكتبة وتفسيره في آخر الحديث من قول بن عمر راوي الحديث تنتج بضم أوله وفتح ثالثه فعل لازم البناء للمفعول أي تلد.(2/404)
"27 - باب بيع الحيوان باللحم"
1359- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان باللحم.
1360- وحدثني عن مالك عن داود بن الحصين أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: من ميسر أهل الجاهلية بيع الحيوان باللحم بالشاة والشاتين.
1361- وحدثني عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب: أنه كان يقول نهي عن بيع الحيوان باللحم قال أبو الزناد فقلت لسعيد بن المسيب أرأيت رجلا اشترى شارفا بعشرة شياه فقال سعيد ان كان اشتراها لينحرها فلا خير في ذلك قال أبو الزناد وكل من أدركت من الناس ينهون عن بيع الحيوان باللحم قال أبو الزناد وكان ذلك يكتب في عهود العمال في زمان أبان بن عثمان وهشام بن إسماعيل ينهون عن ذلك.
ـــــــ.
1359/67- عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان باللحم قال بن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه ثابت وأحسن أسانيده مرسل سعيد هذا إلا ما حدثنا خلف بن قاسم حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد حدثنا أبي حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان الكوفي حدثنا يزيد بن عمرو العبدي حدثنا يزيد بن مروان حدثنا مالك عن بن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان باللحم وهذا حديث إسناده موضوع لا يصح عن مالك ولا أصل له في حديثه انتهى.(2/405)
باب بيع اللحم با للحم
...
28 - باب بيع اللحم باللحم
1362- قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في لحم الإبل والبقر والغنم وما اشبه ذلك من الوحوش أنه لا يشترى بعضه ببعض إلا مثلا بمثل وزنا بوزن يدا بيد ولا بأس به وإن لم يوزن إذا تحرى أن يكون مثلا بمثل يدا بيد.
قال مالك: ولا بأس بلحم الحيتان بلحم الإبل والبقر والغنم وما اشبه ذلك من الوحوش كلها اثنين بواحد وأكثر من ذلك يدا بيد فإن دخل ذلك الأجل فلا خير فيه.(2/405)
29 – باب ما جاء في ثمن الكلب
1363- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن يعني بمهر البغي ما تعطاه المرأة على الزنى وحلوان الكاهن رشوته وما يعطى على ان يتكهن قال مالك: أكره ثمن الكلب الضاري وغير الضاري لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب.
ـــــــ
1363/71- عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال بن عبد البر: كذا في نسخة يحيى وعن أبي مسعود الأنصاري الواو وهو من الوهم البين والغلط الواضح الذي لا يعرج على مثله والحديث محفوظ في جميع الموطآت وعند رواة بن شهاب كلهم لأبي بكر عن أبي مسعود وأما لابن شهاب عن أبي مسعود فلا البغي بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد التحتية الزانية وحلوان الكاهن بضم الحاء المهملة مصدر حلوته إذا أعطيته.(2/406)
"30 - باب السلف وبيع العروض بعضها ببعض"
1364- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف قال مالك: وتفسير ذلك أن يقول الرجل للرجل: آخذ سلعتك بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا فإن عقدا بيعهما على هذا الوجه فهو غير جائز فإن ترك الذي اشترط السلف ما اشترط منه كان ذلك البيع جائزا.
قال مالك: ولا بأس ان يشترى الثوب من الكتان أو الشطوي أو القصبي بالاثواب من الإتريبي أو القسي أو الزيقة أو الثوب الهروي أو المروي بالملاحف اليمانية والشقائق وما اشبه ذلك الواحد بالاثنين أو الثلاثة يدا بيد أو إلى أجل وإن كان من صنف واحد فإن دخل ذلك نسيئة فلا خير فيه.
قال مالك: ولا يصلح حتى يختلف فيبين اختلافه فإذا اشبه بعض ذلك بعضا وإن اختلفت اسماؤه فلا يأخذ منه اثنين بواحد إلى أجل وذلك ان يأخذ الثوبين من الهروي بالثوب من المروي أو القوهي إلى أجل أو يأخذ الثوبين من الفرقبي بالثوب من الشطوي فإذا كانت هذه الأجناس على هذه الصفة فلا يشترى منها اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: ولا بأس ان تبيع ما اشتريت منها قبل ان تستوفيه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا انتقدت ثمنه.
ـــــــ.
1364/72- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف وصله أبو داود والترمذي والنسائي من طريق أيوب السختياني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال الترمذي: حسن صحيح.(2/406)
"31 - باب السلفة في العروض"
1365- حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد: أنه قال سمعت عبد الله بن عباس ورجل يسأله عن رجل سلف في سبائب فأراد بيعها قبل ان يقبضها فقال بن عباس تلك الورق بالورق وكره ذلك.
قال مالك: وذلك فيما نرى والله اعلم أنه أراد أن يبيعها من صاحبها الذي اشتراها منه بأكثر من الثمن الذي ابتاعها به ولو أنه باعها من غير الذي اشتراها منه لم يكن بذلك بأس.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن سلف في رقيق أو ماشية أو عروض فإذا كان كل شيء من ذلك موصوفا فسلف فيه إلى أجل فحل الأجل فإن المشتري لا يبيع شيئا من ذلك من الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي سلفه فيه قبل أن يقبض ما سلفه فيه وذلك أنه إذا فعله فهو الربا صار المشترى إن أعطى الذي باعه دنانير أو دراهم فانتفع بها فلما حلت عليه السلعة ولم يقبضها المشترى باعها من صاحبها بأكثر مما سلفه فيها فصار ان رد إليه ما سلفه وزاده من عنده.
قال مالك: من سلف ذهبا أو ورقا في حيوان أو عروض إذا كان موصوفا إلى أجل مسمى ثم حل الأجل فإنه لا بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة من البائع قبل ان يحل الأجل أو بعد ما يحل بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره بالغا ما بلغ ذلك العرض إلا الطعام فإنه لا يحل أن يبيعه حتى يقبضه وللمشتري ان يبيع تلك السلعة من غير صاحبه الذي ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض يقبض ذلك ولا يؤخره لأنه إذا أخر ذلك قبح ودخله ما يكره من الكالئ بالكالئ والكالئ بالكالئ ان يبيع الرجل دينا له على رجل بدين على رجل آخر.
قال مالك: ومن سلف في سلعة إلى أجل وتلك السلعة مما لا يؤكل ولا يشرب فإن المشتري يبيعها ممن شاء بنقد أو عرض قبل أن يستوفيها من غير صاحبها الذي اشتراها منه ولا ينبغي له ان يبيعها من الذي ابتاعها منه إلا بعرض يقبضه ولا يؤخره.
قال مالك: وإن كانت السلعة لم تحل فلا بأس بأن يبيعها من صاحبها بعرض مخالف لها بين خلافه يقبضه ولا يؤخره قال مالك: فيمن سلف دنانير أو دراهم في أربعة أثواب موصوفة إلى أجل فلما حل الأجل تقاضى صاحبها فلم يجدها عنده ووجد عنده ثيابا دونها من صنفها فقال له الذي عليه الأثواب أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه أنه لا بأس بذلك إذا أخذ تلك الأثواب التي يعطيه قبل ان يفترقا فإن دخل ذلك الأجل فإنه لا يصلح وإن كان ذلك قبل محل الأجل فإنه لا يصلح أيضا إلا أن يبيعه ثيابا ليست من صنف الثياب التي سلفه فيها.(2/407)
"32 - باب بيع النحاس والحديد وما أشبههما مما يوزن"
1366- قال مالك: الأمر عندنا فيما كان مما يوزن من غير الذهب والفضة من النحاس والشبه والرصاص والآنك والحديد والقضب والتين والكرسف وما أشبه ذلك مما يوزن فلا(2/407)
بأس بأن يؤخذ من صنف واحد اثنان بواحد يدا بيد ولا بأس أن يؤخذ رطل حديد برطلي حديد ورطل صفر برطلي صفر.
قال مالك: ولا خير فيه اثنان بواحد من صنف واحد إلى أجل فإذا اختلف الصنفان من ذلك فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل فإن كان الصنف منه يشبه الصنف الآخر وإن اختلفا في الاسم مثل الرصاص والآنك والشبه والصفر فأني أكره أن يؤخذ منه اثنان بواحد إلى أجل.
قال مالك: وما اشتريت من هذه الأصناف كلها فلا بأس أن تبيعه قبل ان تقبضه من غير صاحبه الذي اشتريته منه إذا قبضت ثمنه إذا كنت اشتريته كيلا أو وزنا فإن اشتريته جزافا فبعه من غير الذي اشتريته منه بنقد أو إلى أجل وذلك ان ضمانه منك إذا اشتريته جزافا ولا يكون ضمانه منك إذا اشتريته وزنا حتى تزنه وتستوفيه وهذا أحب ما سمعت الي في هذه الأشياء كلها وهو الذي لم يزل عليه أمر الناس عندنا.
قال مالك: الأمر عندنا فيما يكال أو يوزن مما لا يؤكل ولا يشرب مثل العصفر والنوى والخبط والكتم وما يشبه ذلك أنه لا بأس بأن يؤخذ من كل صنف منه اثنان بواحد يدا بيد ولا يؤخذ من صنف واحد منه اثنان بواحد إلى أجل فإن اختلف الصنفان فبان اختلافهما فلا بأس بأن يؤخذ منهما اثنان بواحد إلى أجل وما اشتري من هذه الأصناف كلها فلا بأس بأن يباع قبل أن يستوفى إذا قبض ثمنه من غير صاحبه الذي اشتراه منه.
قال مالك: وكل شيء ينتفع به الناس من الأصناف كلها وإن كانت الحصباء والقصة فكل واحد منهما بمثليه إلى أجل فهو ربا وواحد منهما بمثله وزيادة شيء من الأشياء إلى أجل فهو ربا.(2/408)
"33 - باب النهي عن بيعتين في بيعة"
1367- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيعتين في بيعة.
1368- وحدثني مالك أنه بلغه: أن رجلا قال لرجل ابتع لي هذا البعير بنقد حتى ابتاعه منك إلى أجل فسئل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه.
1369- وحدثني مالك: أنه بلغه أن القاسم بن محمد سئل عن رجل اشترى سلعة بعشرة دنانير نقدا وبخمسة عشر دينارا إلى أجل فكره ذلك ونهى عنه قال مالك: في رجل ابتاع سلعة من رجل بعشرة دنانير نقدا أو بخمسة عشر دينارا إلى أجل قد وجبت للمشتري بأحد الثمنين إنه لا ينبغي ذلك لأنه إن أخر العشرة كانت خمسة عشر إلى أجل وإن نقد العشرة كان إنما اشترى بها الخمسة عشر التي إلى أجل.
ـــــــ
1367/75- مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة وصله الشافعي عن الداروردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة وورد أيضا من حديث بن عمر وابن مسعود.(2/408)
قال مالك: في رجل اشترى من رجل سلعة بدينار نقدا أو بشاة موصوفة إلى أجل قد وجب عليه بأحد الثمنين أن ذلك مكروه لا ينبغي لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعتين في بيعة وهذا من بيعتين في بيعة.
قال مالك: في رجل قال لرجل اشتري منك هذه العجوة خمسة عشر صاعا أو الصيحاني عشرة اصوع أو الحنطة المحمولة خمسة عشر صاعا أو الشامية عشرة اصوع بدينار قد وجبت لي إحداهما ان ذلك مكروه لا يحل وذلك أنه قد أوجب له عشرة اصوع صيحانيا فهو يدعها ويأخذ خمسة عشر صاعا من العجوة أو تجب عليه خمسة عشر صاعا من الحنطة المحمولة فيدعها ويأخذ عشرة أصوع من الشامية فهذا أيضا مكروه لا يحل وهو أيضا يشبه ما نهى عنه من بيعتين في بيعة وهو أيضا مما نهى عنه أن يباع من صنف واحد من الطعام اثنان بواحد.(2/409)
"34 - باب بيع الغرر"
1370- حدثني يحيى عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
قال مالك: ومن الغرر والمخاطرة ان يعمد الرجل قد ضلت دابته أو أبق غلامه وثمن الشيء من ذلك خمسون دينارا فيقول رجل انا آخذه منك بعشرين دينارا فإن وجده المبتاع ذهب من البائع ثلاثون دينارا وإن لم يجده ذهب البائع من المبتاع بعشرين دينارا.
قال مالك: وفي ذلك عيب آخر ان تلك الضالة ان وجدت لم يدر أزادت أم نقصت أم ما حدث بها من العيوب فهذا أعظم المخاطرة.
قال مالك: والأمر عندنا أن من المخاطرة والغرر اشتراء ما في بطون الإناث من النساء والدواب لأنه لا يدرى أيخرج أم لا يخرج فإن خرج لم يدر أيكون حسنا أم قبيحا أم تاما أم ناقصا أم ذكرا أم أنثى وذلك كله يتفاضل ان كان على كذا فقيمته كذا وإن كان على كذا فقيمته كذا.
قال مالك: ولا ينبغي بيع الإناث واستثناء ما في بطونها وذلك ان يقول الرجل للرجل: ثمن شاتي الغزيره ثلاثة دنانير فهي لك بدينارين ولي ما في بطنها فهذا مكروه لأنه غرر ومخاطرة.
قال مالك: ولا يحل بيع الزيتون بالزيت ولا الجلجلان بدهن الجلجلان ولا الزبد بالسمن لأن المزابنة تدخله ولان الذي يشترى الحب وما أشبهه بشيء مسمى مما يخرج منه لا يدري أيخرج منه أقل من ذلك أو أكثر فهذا غرر ومخاطرة.
قال مالك: ومن ذلك أيضا اشتراء حب البان بالسليخة فذلك غرر لان الذي يخرج من حب
ـــــــ.
1370/78- عن أبي حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر وصله مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.(2/409)
البان هو السليخة ولا بأس بحب البان بالبان المطيب لان البان المطيب قد طيب ونش وتحول عن حال السليخة.
قال مالك: في رجل باع سلعة من رجل على أنه لا نقصان على المبتاع ان ذلك بيع غير جائز وهو من المخاطرة وتفسير ذلك أنه كأنه استأجره بربح إن كان في تلك السلعة وإن باع برأس المال أو بنقصان فلا شيء له وذهب عناؤه باطلا فهذا لا يصلح وللمبتاع في هذا أجرة بمقدار ما عالج من ذلك وما كان في تلك السلعة من نقصان أو ربح فهو للبائع وعليه وإنما يكون ذلك إذا فاتت السلعة وبيعت فإن لم تفت فسخ البيع بينهما.
قال مالك: فأما أن يبيع رجل من رجل سلعة يبت بيعها ثم يندم المشتري فيقول للبائع ضع عني فيأبى البائع ويقول بع فلا نقصان عليك فهذا لا بأس به لأنه ليس من المخاطرة وإنما هو شيء وضعه له وليس على ذلك عقدا بيعهما وذلك الذي عليه الأمر عندنا.(2/410)
"35 - باب الملامسة والمنابذة"
1371- حدثنا يحيى عن مالك عن محمد بن يحيى بن حبان وعن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة.
قال مالك: والملامسة أن يلمس الرجل الثوب ولا ينشره ولا يتبين ما فيه أو يبتاعه ليلا ولا يعلم ما فيه والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه على غير تأمل منهما ويقول كل واحد منهما هذا بهذا فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة.
قال مالك: في الساج المدرج في جرابه أو الثوب القبطي المدرج في طيه إنه لا يجوز بيعهما حتى ينشرا وينظر إلى ما في أجوافهما وذلك أن بيعهما من بيع الغرر وهو من الملامسة.
قال مالك: وبيع الأعدال على البرنامج مخالف لبيع الساج في جرابه والثوب في طيه وما أشبه ذلك فرق بين ذلك الأمر المعمول به ومعرفة ذلك في صدور الناس وما مضى من عمل الماضين فيه وأنه لم يزل من بيوع الناس الجائزة والتجارة بينهم التي لا يرون بها بأسا لأن بيع الاعدال على البرنامج على غير نشر لا يراد به الغرر وليس يشبه الملامسة.(2/410)
"36 - باب بيع المرابحة"
1372- حدثني يحيى قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في البز يشتريه الرجل ببلد ثم يقدم به بلدا آخر فيبيعه مرابحة إنه لا يحسب فيه أجر السماسرة ولا أجر الطي ولا الشد ولا النفقة ولا كراء بيت فأما كراء البز في حملانه فأنه يحسب في أصل الثمن ولا يحسب فيه ربح إلا أن يعلم البائع من يساومه بذلك كله فإن ربحوه على ذلك كله بعد العلم به فلا بأس به.
قال مالك: فأما القصارة والخياطة والصباغ وما أشبه ذلك فهو بمنزلة البز يحسب فيه الربح كما يحسب في البز فإن باع البز ولم يبين شيئا مما سميت أنه لا يحسب له فيه ربح فإن فات البز.(2/410)
"37 - باب البيع على البرنامج"
1373- قال مالك: الأمر عندنا في القوم يشترون السلعة البز أو الرقيق فيسمع به الرجل فيقول لرجل منهم البز الذي اشتريت من فلان قد بلغتني صفته وأمره فهل لك ان أربحك في نصيبك كذا وكذا فيقول نعم فيربحه ويكون شريكا للقوم مكانه فإذا نظر إليه رآه قبيحا واستغلاه.
قال مالك: ذلك لازم له ولا خيار له فيه إذا كان ابتاعه على برنامج وصفة معلومة.
قال مالك: في الرجل يقدم له أصناف من البز ويحضره السوام ويقرأ عليهم برنامجه ويقول في كل عدل كذا وكذا ملحفة بصرية وكذا وكذا ريطة سابرية ذرعها كذا وكذا ويسمى لهم أصنافا من البز بأجناسه ويقول اشتروا مني على هذه الصفة فيشترون الأعدال على ما وصف لهم ثم يفتحونها فيستغلونها ويندمون قال مالك: ذلك لازم لهم إذا كان موافقا للبرنامج الذي باعهم عليه.
قال مالك: وهذا الأمر الذي لم يزل عليه الناس عندنا يجيزونه بينهم إذا كان المتاع موافقا للبرنامج ولم يكن مخالفا له.(2/411)
"38 - باب بيع الخيار"
1374- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار قال مالك: وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه.
1375- وحدثني مالك أنه بلغه ان عبد الله بن مسعود كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما بيعين تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادان" .
قال مالك: فيمن باع من رجل سلعة فقال البائع عند مواجبة البيع أبيعك على ان استشير فلانا فإن رضى فقد جاز البيع وإن كره فلا بيع بيننا فيتبايعان على ذلك ثم يندم المشتري قبل ان يستشير البائع فلانا ان ذلك البيع لازم لهما على ما وصفا ولا خيار للمبتاع وهو لازم له ان أحب الذي اشترط له البائع ان يجيزه.
قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشترى السلعة من الرجل فيختلفان في الثمن فيقول البائع بعتكها بعشرة دنانير ويقول المبتاع ابتعتها منك بخمسة دنانير أنه يقال للبائع: إن شئت فأعطها للمشتري بما قال وإن شئت فاحلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت: فإن حلف قيل للمشترى:
ـــــــ.
1374/82- المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا هذا من الأحاديث التي رواها مالك في الموطأ ولم يعمل بها إلا بيع الخيار قال النووي: فيه ثلاثة أقوال أصحها أن المراد التخيير بعد تمام العقد قبل مفارقة المجلس وتقديره يثبت لهما الخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا في المجلس ويختارا أيضا البيع فيلزم البيع بنفس التخاير ولا يدوم إلى المفارقة والثاني أن معناه إلا بيعا شرط فيه خيار الشرط ثلاثة أيام أو دونها فلا ينقضي الخيار فيه بالمفارقة بل يبقى حتى تنقضي المدة المشروطة والثالث أن معناه إلا بيعا شرط فيه أن لا خيار لهما في المجلس فيلزم بنفس البيع ولا يكون فيه خيار قال بن عبد البر: أجمع العلماء على أن هذا الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من أثبت ما نقل العدول وأكثرهم استعملوه وجعلوه أصلا من أصول الدين في البيوع ورده مالك وأبو حنيفة وأصحابهما ولا أعلم أحدا رده غير هؤلاء قال بعض المالكيين دفعه مالك بإجماع أهل المدينة على ترك العمل به وذلك عنده أقوى من خبر الواحد وقال بعضم لا تصح هذه الدعوى لأ سعيد بن المسيب وابن شهاب روى عنهما منصوصا العمل به وهما أجل فقهاء المدينة ولم يرو عن أحد من أهل المدينة نصا ترك العمل به إلا عن مالك وربيعة يخلف عنه وقد كان بن أبي ذئب وهو من فقهاء أهل المدينة في عصر مالك ينكر على مالك اختياره ترك العمل به حتى جرى منه في مالك قول خشن حمله عليه الغضب لم يستحسن مثله منه فكيف يصح لأحد أن يدعي إجماع أهل المدينة في هذه المسئلة انتهى.
1375/83- مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما بيمين بتشديد الياء تبايعا فالقول ما قال البائع أو يترادان وصله الشافعي والترمذي من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله عن بن مسعود وقال الترمذي: مرسل عون لم يدرك بن مسعود.(2/412)
أما أن تأخذ السلعة بما قال البائع واما ان تحلف بالله ما اشتريتها إلا بما قلت: فإن حلف برئ منها وذلك ان كل واحد منهما مدع على صاحبه.(2/413)
"39 - باب ما جاء في الربا في الدين"
1376- حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن بسر بن سعيد عن عبيد أبي صالح مولى السفاح أنه قال: بعت بزا لي من أهل دار نخلة إلى أجل ثم أردت الخروج إلى الكوفة فعرضوا على ان أضع عنهم بعض الثمن وينقدوني فسألت عن ذلك زيد بن ثابت فقال لا آمرك ان تأكل هذا ولا توكله.
1377- وحدثني عن مالك عن عثمان بن حفص بن خلدة عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أنه سئل عن الرجل يكون له الدين على الرجل إلى أجل فيضع عنه صاحب الحق ويعجله الآخر فكره ذلك عبد الله بن عمر ونهى عنه.
1378- وحدثني مالك عن زيد بن اسلم أنه قال: كان الربا في الجاهلية ان يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الأجل قال أتقضي أم تربى فإن قضى أخذ وإلا زاده في حقه وأخر عنه في الأجل.
قال مالك: والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا ان يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل فيضع عنه الطالب ويعجله المطلوب وذلك عندنا بمنزلة الذي يؤخر دينه بعد محله عن غريمه ويزيده الغريم في حقه قال فهذا الربا بعينه لا شك فيه.
قال مالك: في الرجل يكون له على الرجل مائة دينار إلى أجل فإذا حلت قال له الذي عليه الدين بعني سلعة يكون ثمنها مائة دينار نقدا بمائة وخمسين إلى أجل هذا بيع لا يصلح ولم يزل أهل العلم ينهون عنه.
قال مالك: وإنما كره ذلك لأنه إنما يعطيه ثمن ما باعه بعينه ويؤخر عنه المائة الأولى إلى الأجل الذي ذكر له آخر مرة ويزداد عليه خمسين دينارا في تأخيره عنه فهذا مكروه ولا يصلح وهو أيضا يشبه حديث زيد بن اسلم في بيع أهل الجاهلية انهم كانوا إذا حلت ديونهم قالوا: للذي عليه الدين أما ان تقضي وإما ان تربي فإن قضى أخذوا والا زادوهم في حقوقهم وزادوهم في الأجل.(2/413)
"40 - باب جامع الدين والحول"
1379- حدثنا يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مطل الغني ظلم وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبع" .
ـــــــ.
1379/87- مطل الغني ظلم قال القاضي عياض: المطل منع قضاء ما استحق أداؤه وإذا أتبع بسكون التاء أي أحيل على ملئ بالهمز فليتبع بسكون التاء على الصواب المشهور أي فليحتل وروي في هذه خاصة بتشديد التاء.(2/413)
"41 - باب ما جاء في الشركة والتولية والإقالة"
1381- قال مالك: في الرجل يبيع البز المصنف ويستثنى ثيابا برقومها أنه ان اشترط ان يختار من ذلك الرقم فلا بأس به وإن لم يشترط ان يختار منه حين استثنى فإني أراه شريكا في عدد البز الذي اشتري منه وذلك ان الثوبين يكون رقمهما سواء وبينهما تفاوت في الثمن.
قال مالك: الأمر عندنا أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة منه في الطعام وغيره قبض ذلك أو لم يقبض إذا كان ذلك بالنقد ولم يكن فيه ربح ولا وضيعة ولا تأخير للثمن فإن دخل ذلك ربح أو وضيعة أو تأخير من واحد منهما صار بيعا يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرم البيع وليس بشرك ولا تولية ولا إقالة.
قال مالك: من اشترى سلعة بزا أو رقيقا فبت به ثم سأله رجل ان يشركه ففعل ونقد.(2/414)
الثمن صاحب السلعة جميعا ثم أدرك السلعة شيء ينتزعها من ايديهما فإن المشرك يأخذ من الذي أشركه الثمن ويطلب الذي اشرك بيعه الذي باعه السلعة بالثمن كله إلا ان يشترط المشرك على الذي أشرك بحضرة البيع وعند مبايعة البائع الأول وقبل ان يتفاوت ذلك ان عهدتك على الذي ابتعت منه وإن تفاوت ذلك وفات البائع الأول فشرط الآخر باطل وعليه العهدة.
قال مالك: في الرجل يقول للرجل اشتر هذه السلعة بيني وبينك وانقد عني وأنا أبيعها لك ان ذلك لا يصلح حين قال انقد عني وأنا أبيعها لك وإنما ذلك سلف يسلفه إياه على ان يبيعها له ولو ان تلك السلعة هلكت أو فاتت أخذ ذلك الرجل الذي نقد الثمن من شريكه ما نقد عنه فهذا من السلف الذي يجر منفعة.
قال مالك: ولو ان رجلا ابتاع سلعة فوجبت له ثم قال له رجل أشركني بنصف هذه السلعة وأنا أبيعها لك جميعا كان ذلك حلالا لا بأس به وتفسير ذلك ان هذا بيع جديد باعه نصف السلعة على ان يبيع له النصف الآخر.(2/415)
"42 - باب ما جاء في افلاس الغريم"
1382- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه منه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجده بعينه فهو أحق به وإن مات الذي ابتاعه فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء" .
1383- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل أفلس فأدرك الرجل ماله بعينه فهو أحق به من غيره" .
قال مالك: في رجل باع من رجل متاعا فأفلس المبتاع فإن البائع إذا وجد شيئا من متاعه بعينه أخذه وإن كان المشتري قد باع بعضه وفرقه فصاحب المتاع أحق به من الغرماء لا يمنعه ما فرق المبتاع منه ان يأخذ ما وجد بعينه فإن اقتضى من ثمن المبتاع شيئا فأحب ان يرده ويقبض ما وجد من متاعه ويكون فيما لم يجد أسوة الغرماء فذلك له.
قال مالك: ومن اشترى سلعة من السلع غزلا أو متاعا أو بقعة من الأرض ثم أحدث في ذلك المشترى عملا بنى البقعة دارا أو نسج الغزل ثوبا ثم أفلس الذي ابتاع ذلك فقال رب البقعة أنا آخذ البقعة وما فيها من البنيان ان ذلك ليس له ولكن تقوم البقعة وما فيها مما أصلح.
ـــــــ.
1382/90- عن بن شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل الحديث لم يروه عن مالك موصولا إلا عبد الرزاق فزاد فيه عن أبي هريرة.
1383/91- عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن هؤلاء الأربعة تابعيون.(2/415)
المشتري ثم ينظر كم ثمن البقعة وكم ثمن البنيان من تلك القيمة ثم يكونان شريكين في ذلك لصاحب البقعة بقدر حصته ويكون للغرماء بقدر حصة البنيان قال مالك: وتفسير ذلك ان تكون قيمة ذلك كله ألف درهم وخمسمائة درهم فتكون قيمة البقعة خمسمائة درهم وقيمة البنيان ألف درهم فيكون لصاحب البقعة الثلث ويكون للغرماء الثلثان.
قال مالك: وكذلك الغزل وغيره مما أشبهه إذا دخله هذا ولحق المشتري دين لا وفاء له عنده وهذا العمل فيه.
قال مالك: فأما ما بيع من السلع التي لم يحدث فيها المبتاع شيئا إلا أن تلك السلعة نفقت وارتفع ثمنها فصاحبها يرغب فيها والغرماء يريدون امساكها فإن الغرماء يخيرون بين ان يعطوا رب السلعة الثمن الذي باعها به ولا ينقصوه شيئا وبين ان يسلموا إليه سلعته وإن كانت السلعة قد نقص ثمنها فالذي باعها بالخيار ان شاء ان يأخذ سلعته ولا تباعة له في شيء من مال غريمه فذلك له وإن شاء ان يكون غريما من الغرماء يحاص بحقه ولا يأخذ سلعته فذلك له.
وقال مالك: فيمن اشترى جارية أو دابة فولدت عنده ثم أفلس المشتري فإن الجارية أو الدابة وولدها للبائع إلا ان يرغب الغرماء في ذلك فيعطونه حقه كاملا ويمسكون ذلك.(2/416)
"43 - باب ما يجوز من السلف"
1384- حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا فجاءته إبل من الصدقة قال أبو رافع فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاء" .
1385- وحدثني مالك عن حميد بن قيس المكي عن مجاهد أنه قال: استسلف عبد الله بن عمر من رجل دراهم ثم قضاه دراهم خيرا منها فقال الرجل يا أبا عبد الرحمن هذه خير من دراهمي التي أسلفتك فقال عبد الله بن عمر قد علمت ولكن نفسي بذلك طيبة.
قال مالك: لا بأس بأن يقبض من أسلف شيئا من الذهب أو الورق أو الطعام أو الحيوان ممن أسلفه ذلك أفضل مما أسلفه إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو عادة فإن كان ذلك على شرط أو وأي أو عادة فذلك مكروه ولا خير فيه.
قال وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى جملا رباعيا خيارا مكان بكر استسلفه وإن عبد الله بن
ـــــــ.
1384/92- بكرا بفتح الباء هو الصغير من الإبل كالغلام من الآدميين رباعيا بتخفيف الياء هو الذي استكمل ستن سنين ودخل في السابعة أعطه إياه قال النووي: هذا مما يستشكل فيقال: كيف قضى من إبل الصدقة أجود من الذي يستحقه الغريم مع أن الناظر في الصدقات لا يجوز تبرعه منها والجواب أنه عليه السلام افترض لنفسه فلما جاءت إبل الصدقة اشترى منها بعيرا رباعيا ممن استحقه فملكه بثمنه وأوفاه متبرعا بالزيادة من ماله ويدل عليه أن في رواية لمسلم قال اشتروا شيئا فأعطوه إياه انتهى.(2/416)
عمر استسلف دراهم فقضى خيرا منها فإن كان ذلك على طيب نفس من المستسلف ولم يكن ذلك على شرط ولا وأي ولا عادة كان ذلك حلالا لا بأس به.(2/417)
"44 - باب ما لا يجوز من السلف"
1386- حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه ان عمر بن الخطاب: قال في رجل اسلف رجلا طعاما على ان يعطيه إياه في بلد آخر فكره ذلك عمر بن الخطاب وقال فأين الحمل يعني حملانه.
1387- وحدثني مالك أنه بلغه ان رجلا أتى عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن: إني أسلفت رجلا سلفا واشترطت عليه أفضل مما اسلفته فقال عبد الله بن عمر فذلك الربا قال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن فقال عبد الله السلف على ثلاثة وجوه سلف تسلفه تريد به وجه الله فلك وجه الله وسلف تسلفه تريد به وجه صاحبك فلك وجه صاحبك وسلف تسلفه لتأخذ خبيثا بطيب فذلك الربا قال فكيف تأمرني يا أبا عبد الرحمن قال أرى ان تشق الصحيفة فإن أعطاك مثل الذي اسلفته قبلته وإن أعطاك دون الذي اسلفته فأخذته أجرت وإن أعطاك أفضل مما اسلفته طيبة به نفسه فذلك شكر شكره لك ولك أجر ما أنظرته.
1388- وحدثني مالك عن نافع انه: سمع عبد الله بن عمر يقول من اسلف سلفا فلا يشترط إلا قضاءه.
1389- وحدثني مالك أنه بلغه ان عبد الله بن مسعود: كان يقول من اسلف سلفا فلا يشترط أفضل منه وإن كانت قبضة من علف فهو ربا.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا ان من استسلف شيئا من الحيوان بصفة وتحلية معلومة فإنه لا بأس بذلك وعليه ان يرد مثله إلا ما كان من الولائد فإنه يخاف في ذلك الذريعة إلى إحلال ما لا يحل فلا يصلح وتفسير ما كره من ذلك ان يستسلف الرجل الجارية فيصيبها ما بدا له ثم يردها إلى صاحبها بعينها فذلك لا يصلح ولا يحل ولم يزل أهل العلم ينهون عنه ولا يرخصون فيه لاحد.(2/417)
"45 - باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة"
1390- حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض" .
1391- وحدثني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا
ـــــــ.
1391/99- ولا تصروا الإبل بضم التاء وفتح الصاد ونصب الإبل من التصرية وهي الجمع أي لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم فيظن المشتري أن كثرة لبها عادة لها مستمرة.(2/417)
"46 - باب جامع البيوع"
1393- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر: ان رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بايعت فقل لا خلابة" قال فكان الرجل إذا بايع يقول لا خلابة.
ـــــــ.
1393/101- أن رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع هو حبان بفتح الحاء وبالموحدة بن منقذ بن عمرو وقيل: أبوه منقذ لا خلابة بخاء معجمة مكسورة وتخفيف اللام وبالموحدة أي لا خديعة أي لا يحل لك خديعتي أو لا يلزمني خديعتك قال النووي: وهذا الرجل كان قد بلغ مائة وثلاثين سنة وكان قد شج في بعض مغازيه مع النبي صلى الله عليه وسلم بحجر مأمومة فتغير بها لسانه وعقله لكن لم يخرج عن التمييز وذكر الدارقطني أنه كان ضريرا وقد جاء في رواية ليست بثابتة أ النبي صلى الله عليه وسلم جعل له مع هذا القول الخيار ثلاثة أيام في كل سلعة يبتاعها واختلف العلماء في هذا الحديث فجعله بعضهم خاصا في حقه وأنه لا خيار بغبن وهو الصحيح وعليه الشافعي وأبو حنيفة وقيل: للمغبون الخيار لهذا الحديث بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة انتهى وروى بن عبد البر من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أن جده منقذا كان قد أتى عليه سبعون ومائة سنة فكان إذا بايع غبن فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: "إذا بايعت فقل لا خلابة وأنت بالخيار" وروي من طريق بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن منقذا شج في رأسه مأمومة في الجاهلية فخبلت لسانه فكان يخدع في البيع فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بع وقل لا خلابة ثم أنت بالخيار ثلاثا من بيعك" وللدارقطني والبيهقي ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال فإن رضيت فأمسك وإن سخطت فاردد فبقي حتى أدرك زمن عثمان وهو بن مائة وثلاثين سنة فكثر الناس في زمان عثمان فكان إذا اشترى شيئا فقيل: له إنك غبنت فيه رجع به فيشهد له الرجل من الصحابة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله بالخيار ثلاثا فيرد له دراهمه.(2/418)
1394- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: إذا جئت أرضا يوفون المكيال والميزان فأطل المقام بها وإذا جئت أرضا ينقصون المكيال والميزان فأقلل المقام بها.
1395- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر يقول: أحب الله عبدا سمحا ان باع سمحا ان ابتاع سمحا ان قضى سمحا ان اقتضى.
قال مالك: في الرجل يشتري الإبل أو الغنم أو البز أو الرقيق أو شيئا من العروض جزافا أنه لا يكون الجزاف في شيء مما يعد عدا.
قال مالك: في الرجل يعطي الرجل السلعة يبيعها له وقد قومها صاحبها قيمة فقال ان بعتها بهذا الثمن الذي أمرتك به فلك دينار أو شيء يسميه له يتراضيان عليه وإن لم تبعها فليس لك شيء إنه لا بأس بذلك إذا سمى ثمنا يبيعها به وسمى أجرا معلوما إذا باع أخذه وإن لم يبع فلا شيء له.
قال مالك: ومثل ذلك ان يقول الرجل للرجل: ان قدرت على غلامي الآبق أو جئت بجملي الشارد فلك كذا فهذا من باب الجعل وليس من باب الإجارة ولو كان من باب الإجارة لم يصلح قال مالك: فأما الرجل يعطى السلعة فيقال له: بعها ولك كذا وكذا في كل دينار لشيء يسميه فإن ذلك لا يصلح لأنه كلما نقص دينار من ثمن السلعة نقص من حقه الذي سمى له فهذا غرر لا يدري كم جعل له.
000- وحدثني مالك عن بن شهاب: أنه سأله عن الرجل يتكارى الدابة ثم يكريها بأكثر مما تكاراها به فقال لا بأس بذلك.
ـــــــ.
1395/103- عن يحيى بن سعيد أنه سمع محمد بن المنكدر يقول أحب الله عبدا سمحا إن باع سمحا إن ابتاع سمحا إن قض سمحا إن اقتضى رواه البخاري من طريق محمد بن مطرف أبي غسان المدني عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله مرفوعا.(2/419)
كتاب القراض
باب ما جاء في القراض
...
"32 - كتاب القراض".
"1 - باب ما جاء في القراض".
1396- حدثني مالك عن زيد بن اسلم عن أبيه أنه قال: خرج عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على أبي موسى الأشعري وهو أمير البصرة فرحب بهما وسهل ثم قال لو اقدر لكما على أمر انفعكما به لفعلت ثم قال بلى ها هنا مال من مال الله أريد ان ابعث به إلى أمير المؤمنين فأسلفكماه فتبتاعان به متاعا من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال إلى أمير المؤمنين ويكون الربح لكما فقالا وددنا ذلك ففعل وكتب(2/419)
إلى عمر بن الخطاب ان يأخذ منهما المال فلما قدما باعا فأربحا فلما دفعا ذلك إلى عمر قال أكل الجيش أسلفه مثل ما اسلفكما قالا لا فقال عمر بن الخطاب: ابنا أمير المؤمنين فأسلفكما أديا المال وربحه فأما عبد الله فسكت واما عبيد الله فقال: ما ينبغي لك يا أمير المؤمنين هذا لو نقص هذا المال أو هلك لضمناه فقال عمر: أدياه فسكت عبد الله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر يا أمير المؤمنين لو جعلته قراضا فقال عمر: قد جعلته قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ عبد الله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف ربح المال.
1397- وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده: ان عثمان بن عفان أعطاه مالا قراضا يعمل فيه على ان الربح بينهما.(2/420)
2 - باب ما يجوز في القراض
1398- قال مالك: وجه القراض المعروف الجائز أن يأخذ الرجل المال من صاحبه على ان يعمل فيه ولا ضمان عليه ونفقة العامل في المال في سفره من طعامه وكسوته وما يصلحه بالمعروف بقدر المال إذا شخص في المال إذا كان المال يحمل ذلك فإن كان مقيما في أهله فلا نفقة له من المال ولا كسوة.
قال مالك: ولا بأس بأن يعين المتقارضان كل واحد منهما صاحبه على وجه المعروف إذا صح ذلك منهما.
قال مالك: ولا بأس بأن يشتري رب المال ممن قارضه بعض ما يشتري من السلع إذا كان ذلك صحيحا على غير شرط.
قال مالك: فيمن دفع إلى رجل والى غلام له مالا قراضا يعملان فيه جميعا ان ذلك جائز لا بأس به لأن الربح مال لغلامه لا يكون الربح للسيد حتى ينتزعه منه وهو بمنزلة غيره من كسبه.(2/420)
باب ما لايجوز في القراض
...
"3 - باب ما لا يجوز في القراض"
1399- قال مالك: إذا كان لرجل على رجل دين فسأله ان يقره عنده قراضا ان ذلك يكره حتى يقبض ماله ثم يقارضه بعد أو يمسك وإنما ذلك مخافة ان يكون اعسر بماله فهو يريد ان يؤخر ذلك على ان يزيده فيه.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فهلك بعضه قبل ان يعمل فيه ثم عمل فيه فربح فأراد ان يجعل رأس المال بقية المال بعد الذي هلك منه قبل ان يعمل فيه.
قال مالك: لا يقبل قوله ويجبر رأس المال من ربحه ثم يقتسمان ما بقى بعد رأس المال على شرطهما من القراض.
قال مالك: لا يصلح القراض إلا في العين من الذهب أو الورق ولا يكون في شيء من العروض والسلع ومن البيوع ما يجوز إذا تفاوت امره وتفاحش رده فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبدا ولا يجوز منه قليل ولا كثير ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {وإن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [سورة البقرة الآية: 279].(2/420)
"4 - باب ما يجوز من الشرط في القراض"
1400- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا وشرط عليه ان لا تشتري بمالي إلا سلعة كذا وكذا أو ينهاه ان يشتري سلعة باسمها.
قال مالك: من اشترط على من قارض ان لا يشترى حيوانا أو سلعه باسمها فلا بأس بذلك ومن اشترط على من قارض ان لا يشتري إلا سلعة كذا وكذا فإن ذلك مكروه إلا ان تكون السلعة التي امره ان لا يشتري غيرها كثيرة موجودة لا تخلف في شتاء ولا صيف فلا بأس بذلك قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا واشترط عليه فيه شيئا من الربح خالصا دون صاحبه فإن ذلك لا يصلح وإن كان درهما واحدا إلا ان يشترط نصف الربح له ونصفه لصاحبه أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر فإذا سمى شيئا من ذلك قليلا أو كثيرا فإن كل شيء سمى من ذلك حلال وهو قراض المسلمين قال ولكن ان اشترط ان له من الربح درهما واحدا فما فوقه خالصا له دون صاحبه وما بقى من الربح فهو بينهما نصفين فإن ذلك لا يصلح وليس على ذلك قراض المسلمين.(2/421)
"5 - باب ما لا يجوز من الشرط في القراض"
1401- قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لصاحب المال ان يشترط لنفسه شيئا من الربح خالصا دون العامل ولا ينبغي للعامل ان يشترط لنفسه شيئا من الربح خالصا دون صاحبه ولا يكون مع القراض بيع ولا كراء ولا عمل ولا سلف ولا مرفق يشترطه أحدهما لنفسه دون صاحبه إلا ان يعين أحدهما صاحبه على غير شرط على وجه المعروف إذا صح ذلك منهما ولا ينبغي للمتقارضين ان يشترط أحدهما على صاحبه زيادة من ذهب ولا فضة ولا طعام ولا شيء من الأشياء يزداده أحدهما على صاحبه قال فإن دخل القراض شيء من ذلك صار إجارة ولا تصلح الإجارة إلا بشيء ثابت معلوم ولا ينبغي للذي أخذ المال ان يشترط مع أخذه المال ان يكافئ ولا يولي من سلعته أحدا ولا يتولى منها شيئا لنفسه فإذا وفر المال وحصل عزل رأس المال ثم اقتسما الربح على شرطهما فإن لم يكن للمال ربح أو دخلته وضيعة لم يلحق العامل من ذلك شيء لا مما انفق على نفسه ولا من الوضيعة وذلك على رب المال في ماله والقراض جائز على ما تراضي عليه رب المال والعامل من نصف الربح أو ثلثه أو ربعه أو أقل من ذلك أو أكثر.
قال مالك: لا يجوز للذي يأخذ المال قراضا ان يشترط ان يعمل فيه سنين لا ينزع منه قال ولا يصلح لصاحب المال ان يشترط انك لا ترده إلي سنين لأجل يسميانه لأن القراض لا يكون إلى أجل ولكن يدفع رب المال ماله إلى الذي يعمل له فيه فإن بدا لأحدهما ان يترك ذلك والمال ناض لم يشتر به شيئا تركه وأخذ صاحب المال ماله وإن بدا لرب المال ان يقبضه بعد ان يشتري به سلعة فليس ذلك له حتى يباع المتاع ويصير عينا فإن بدا للعامل ان يرده وهو عرض لم يكن ذلك له حتى يبيعه فيرده عينا كما أخذه.
قال مالك: ولا يصلح لمن دفع إلى رجل مالا قراضا ان يشترط عليه الزكاة في حصته من الربح(2/421)
خاصة لأن رب المال إذا اشترط ذلك فقد اشترط لنفسه فضلا من الربح ثابتا فيما سقط عنه من حصة الزكاة التي تصيبه من حصته ولا يجوز للرجل ان يشترط على من قارضه ان لا يشتري إلا من فلان لرجل يسميه فذلك غير جائز لأنه يصير له أجيرا بأجر ليس بمعروف.
قال مالك: في الرجل يدفع إلى رجل مالا قراضا ويشترط على الذي دفع إليه المال الضمان قال لا يجوز لصاحب المال ان يشترط في ماله غير ما وضع القراض عليه وما مضى من سنة المسلمين فيه فإن نما المال على شرط الضمان كان قد ازداد في حقه من الربح من أجل موضع الضمان وإنما يقتسمان الربح على ما لو أعطاه إياه على غير ضمان وإن تلف المال لم أر على الذي أخذه ضمانا لأن شرط الضمان في القراض باطل.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا واشترط عليه ان لا يبتاع به إلا نخلا أو دواب لأجل أنه يطلب ثمر النخل أو نسل الدواب ويحبس رقابها.
قال مالك: لا يجوز هذا وليس هذا من سنة المسلمين في القراض إلا ان يشتري ذلك ثم يبيعه كما يباع غيره من السلع.
قال مالك: لا بأس ان يشترط المقارض على رب المال غلاما يعينه به على ان يقوم معه الغلام في المال إذا لم يعد ان يعينه في المال لا يعينه في غيره.(2/422)
"6 - باب القراض في العروض"
1402 - قال يحيى: قال مالك: لا ينبغي لأحد ان يقارض أحدا إلا في العين لأنه لا تنبغي المقارضة في العروض لان المقارضة في العروض إنما تكون على أحد وجهين إما ان يقول له صاحب العرض خذ هذا العرض فبعه فما خرج من ثمنه فاشتر به وبع على وجه القراض فقد اشترط صاحب المال فضلا لنفسه من بيع سلعته وما يكفيه من مؤونتها أو يقول اشتر بهذه السلعة وبع فإذا فرغت فابتع لي مثل عرضي الذي دفعت إليك فإن فضل شيء فهو بيني وبينك ولعل صاحب العرض ان يدفعه إلى العامل في زمن هو فيه نافق كثير الثمن ثم يرده العامل حين يرده وقد رخص فيشتريه بثلث ثمنه أو أقل من ذلك فيكون العامل قد ربح نصف ما نقص من ثمن العرض في حصته من الربح أو يأخذ العرض في زمان ثمنه فيه قليل فيعمل فيه حتى يكثر المال في يديه ثم يغلو ذلك العرض ويرتفع ثمنه حين يرده فيشتريه بكل ما في يده فيذهب عمله وعلاجه باطلا فهذا غرر لا يصلح فإن جهل ذلك حتى يمضي نظر إلى قدر أجر الذي دفع إليه القراض في بيعه إياه وعلاجه فيعطاه ثم يكون المال قراضا من يوم نض المال واجتمع عينا ويرد إلى قراض مثله.(2/422)
"7 - باب الكراء في القراض"
1403- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاشترى به متاعا فحمله إلى بلد التجارة فبار عليه وخاف النقصان ان باعه فتكارى عليه إلى بلد آخر فباع بنقصان فاغترق الكراء أصل المال كله.
قال مالك: ان كان فيما باع وفاء للكراء فسبيله ذلك وإن بقى من الكراء شيء بعد أصل المال.(2/422)
"8 - باب التعدي في القراض"
1404- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فربح ثم اشترى من ربح المال أو من جملته جارية فوطئها فحملت منه ثم نقص المال.
قال مالك: ان كان له مال أخذت قيمة الجارية من ماله فيجبر به المال فإن كان فضل بعد وفاء المال فهو بينهما على القراض الأول وإن لم يكن له وفاء بيعت الجارية حتى يجبر المال من ثمنها.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فتعدى فاشترى به سلعة وزاد في ثمنها من عنده.
قال مالك: صاحب المال بالخيار ان بيعت السلعة بربح أو وضيعة أو لم تبع ان شاء ان يأخذ السلعة أخذها وقضاه ما أسلفه فيها وإن أبى كان المقارض شريكا له بحصته من الثمن في النماء والنقصان بحساب ما زاد العامل فيها من عنده.
قال مالك: في رجل أخذ من رجل مالا قراضا ثم دفعه إلى رجل آخر فعمل فيه قراضا بغير إذن صاحبه أنه ضامن للمال ان نقص فعليه النقصان وإن ربح فلصاحب المال شرطه من الربح ثم يكون للذي عمل شرطه بما بقي من المال.
قال مالك: في رجل تعدى فتسلف مما بيديه من القراض مالا فابتاع به سلعة لنفسه قال مالك: ان ربح فالربح على شرطهما في القراض وإن نقص فهو ضامن للنقصان.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاستسلف منه المدفوع إليه المال مالا واشترى به سلعة لنفسه ان صاحب المال بالخيار ان شاء شركه في السلعة على قراضها وإن شاء خلى بينه وبينها وأخذ منه رأس المال كله وكذلك يفعل بكل من تعدى.(2/423)
"9 - باب ما يجوز من النفقة في القراض"
1405- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا أنه إذا كان المال كثيرا يحمل النفقة فإذا شخص فيه العامل فإن له ان يأكل منه ويكتسي بالمعروف من قدر المال ويستأجر من المال إذا كان كثيرا لا يقوى عليه بعض من يكفيه بعض مؤونته ومن الأعمال أعمال لا يعملها الذي يأخذ المال وليس مثله يعملها من ذلك تقاضي الدين ونقل المتاع وشده وأشباه ذلك فله ان يستأجر من المال من يكفيه ذلك وليس للمقارض ان يستنفق من المال ولا يكتسي منه ما كان مقيما في أهله إنما يجوز له النفقة إذا شخص في المال وكان المال يحمل النفقة فإن كان إنما يتجر في المال في البلد الذي هو به مقيم فلا نفقة له من المال ولا كسوة.(2/423)
"10 - باب ما لا يجوز من النفقة في القراض"
1406- قال يحيى: قال مالك: في رجل معه مال قراض فهو يستنفق منه ويكتسي أنه لا يهب منه شيئا ولا يعطي منه سائلا ولا غيره ولا يكافئ فيه أحدا فأما ان اجتمع هو وقوم فجاؤوا بطعام وجاء هو بطعام فأرجو أن يكون ذلك واسعا إذا لم يتعمد أن يتفضل عليهم فإن تعمد ذلك أو ما يشبهه بغير أذن صاحب المال فعليه ان يتحلل ذلك من رب المال فأن حلله ذلك فلا بأس به وإن أبي ان يحلله فعليه ان يكافئه بمثل ذلك ان كان ذلك شيئا له مكافأة.(2/424)
"11 - باب الدين في القراض"
1407- قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فاشترى به سلعة ثم باع السلعة بدين فربح في المال ثم هلك الذي أخذ المال قبل أن يقبض المال قال ان أراد ورثته ان يقبضوا ذلك المال وهم على شرط أبيهم من الربح فذلك لهم إذا كانوا أمناء على ذلك فإن كرهوا ان يقتضوه وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا ان يقتضوه ولا شيء عليهم ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب المال فإن اقتضوه فلهم فيه من الشرط والنفقة مثل ما كان لأبيهم في ذلك هم فيه بمنزلة أبيهم فإن لم يكونوا أمناء على ذلك فإن لهم ان يأتوا بأمين ثقة فيقتضي ذلك المال فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا في ذلك بمنزلة أبيهم.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا على أنه يعمل فيه فما باع به من دين فهو ضامن له ان ذلك لازم له ان باع بدين فقد ضمنه.(2/424)
"12 - باب البضاعة في القراض"
1408- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا واستسلف من صاحب المال سلفا أو استسلف منه صاحب المال سلفا أو ابضع معه صاحب المال بضاعة يبيعها له أو بدنانير يشتري له بها سلعة.
قال مالك: ان كان صاحب المال إنما ابضع معه وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده ثم سأله مثل ذلك فعله لإخاء بينهما أو ليسارة مؤونة ذلك عليه ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال أو حمل له بضاعته وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده ماله فعل له مثل ذلك ولو أبى ذلك عليه لم يردد عليه ماله فإذا صح ذلك منهما جميعا وكان ذلك منهما على وجه المعروف ولم يكن شرطا في أصل القراض فذلك جائز لا بأس به وإن دخل ذلك شرط أو خيف ان يكون إنما صنع ذلك العامل لصاحب المال ليقر ماله في يديه أو إنما صنع ذلك صاحب المال لأن يمسك العامل ماله ولا يرده عليه فإن ذلك لا يجوز في القراض وهو مما ينهى عنه أهل العلم.(2/424)
"13 - باب السلف في القراض"
1409- قال يحيى: قال مالك: في رجل اسلف رجلا مالا ثم سأله الذي تسلف المال ان يقره عنده قراضا قال مالك: لا أحب ذلك حتى يقبض ماله منه ثم يدفعه إليه قراضا ان شاء أو يمسكه قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فأخبره أنه قد اجتمع عنده وسأله ان يكتبه عليه سلفا قال لا أحب ذلك حتى يقبض منه ماله ثم يسلفه إياه ان شاء أو يمسكه وإنما ذلك مخافة ان يكون قد نقص فيه فهو يحب ان يؤخره عنه على ان يزيده فيه ما نقص منه فذلك مكروه ولا يجوز ولا يصلح.(2/425)
"14 - باب المحاسبة في القراض"
1410- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فربح فأراد ان يأخذ حصته من الربح وصاحب المال غائب قال لا ينبغي له ان يأخذ منه شيئا إلا بحضرة صاحب المال وإن أخذ شيئا فهو له ضامن حتى يحسب مع المال إذا اقتسماه.
قال مالك: لا يجوز للمتقارضين ان يتحاسبا ويتفاصلا والمال غائب عنهما حتى يحضر المال فيستوفي صاحب المال رأس ماله ثم يقتسمان الربح على شرطهما.
قال مالك: في رجل أخذ مالا قراضا فاشترى به سلعة وقد كان عليه دين فطلبه غرماؤه فأدركوه ببلد غائب عن صاحب المال وفي يديه عرض مربح بين فضله فأرادوا ان يباع لهم العرض فيأخذوا حصته من الربح قال لا يؤخذ من ربح القراض شيء حتى يحضر صاحب المال فيأخذ ماله ثم يقتسمان الربح على شرطهما.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فتجر فيه فربح ثم عزل رأس المال وقسم الربح فأخذ حصته وطرح حصة صاحب المال في المال بحضرة شهداء اشهدهم على ذلك قال لا تجوز قسمة الربح إلا بحضرة صاحب المال وإن كان أخذ شيئا رده حتى يستوفي صاحب المال رأس ماله ثم يقتسمان ما بقي بينهما على شرطهما.
قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فعمل فيه فجاءه فقال له هذه حصتك من الربح وقد أخذت لنفسي مثله ورأس مالك وافر عندي.
قال مالك: لا أحب ذلك حتى يحضر المال كله فيحاسبه حتى يحصل رأس المال ويعلم أنه وافر ويصل إليه ثم يقتسمان الربح بينهما ثم يرد إليه المال ان شاء أو يحبسه وإنما يجب حضور المال مخافة ان يكون العامل قد نقص فيه فهو يحب ان لا ينزع منه وإن يقره في يده.(2/425)
"15 - باب جامع ما جاء في القراض"
1411- قال يحيى: قال مالك: في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا فابتاع به سلعة فقال له صاحب المال بعها وقال الذي أخذ المال لا أرى وجه بيع فاختلفا في ذلك قال لا ينظر إلى.(2/425)
كتاب المساقاة
باب ما جاء في المساقاة
...
"33 - كتاب المساقاة"
"1 - باب ما جاء في المساقاة"
1412- حدثنا يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر يوم افتتح خيبر: "أقركم فيها ما أقركم الله عز وجل على ان الثمر بيننا وبينكم" قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص بينه وبينهم ثم يقول ان شئتم فلكم وإن شئتم فلي فكانوا يأخذونه.
1413- وحدثني مالك عن بن شهاب عن سليمان بن يسار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى خيبر فيخرص بينه وبين يهود خيبر قال فجمعوا له حليا من حلي نسائهم فقالوا: له هذا لك وخفف عنا وتجاوز في القسم فقال عبد الله بن رواحة يا معشر اليهود والله انكم لمن ابغض خلق الله الي وما ذاك بحاملي على ان أحيف عليكم فأما ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت وإنا لا نأكلها فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض.
قال مالك: إذا ساقى الرجل النخل وفيها البياض فما ازدرع الرجل الداخل في البياض فهو له قال وإن اشترط صاحب الأرض ان يزرع في البياض لنفسه فذلك لا يصلح لان الرجل الداخل في المال يسقي لرب الأرض فذلك زيادة ازدادها عليه قال وإن اشترط الزرع بينهما فلا بأس بذلك إذا كانت المؤونة كلها على الداخل في المال البذر والسقي والعلاج كله فإن اشترط الداخل في المال على رب المال ان البذر عليك كان ذلك غير جائز لأنه قد اشترط على رب المال زيادة ازدادها عليه وإنما تكون المساقاة على ان على الداخل في المال المؤونة كلها والنفقة ولا يكون على رب المال منها شيء فهذا وجه المساقاة المعروف.
ـــــــ
كتاب المساقاة
1412/10- عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليهود خيبر الحديث قال بن عبد كذا رواه مرسلا رواة الموطأ وأصحاب بن شهاب وقد وصله منهم صالح بن أبي الأخضر عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أقركم فيها ما أقركم الله قال النووي: استدل به من جوز المساقاة مدة مجهولة وتأوله الجمهور على أنه عائد إلى مدة العهد لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب وقيل: جاز ذلك في أول الإسلام خاصة للنبي صلى الله عليه وسلم.
1413/2- عن بن شهاب عن سليمان بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة الحديث رواه أبو داود وابن ماجة موصولا من حديث ميمون بن مهران عن مقسم عن بن عباس قال بن عبد البر: وسماع سليمان بن يسار من بن عباس صحيح ورواه أبو داود من حديث إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر الرشوة بتثليث الراء.(2/427)
قال مالك: في العين تكون بين الرجلين فينقطع ماؤها فيريد أحدهما ان يعمل في العين ويقول الآخر لا أجد ما اعمل به أنه يقال للذي يريد ان يعمل في العين اعمل وأنفق ويكون لك الماء كله تسقى به حتى يأتي صاحبك بنصف ما أنفقت فإذا جاء بنصف ما أنفقت أخذ حصته من الماء وإنما أعطي الأول الماء كله لأنه انفق ولو لم يدرك شيئا بعمله لم يعلق الآخر من النفقة شيء.
قال مالك: وإذا كانت النفقة كلها والمؤونة على رب الحائط ولم يكن على الداخل في المال شيء إلا أنه يعمل بيده إنما هو أجير ببعض الثمر فإن ذلك لا يصلح لأنه لا يدري كم إجارته إذا لم يسم له شيئا يعرفه ويعمل عليه لا يدري أيقل ذلك أم يكثر.
قال مالك: وكل مقارض أو مساق فلا ينبغي له ان يستثنى من المال ولا من النخل شيئا دون صاحبه وذلك أنه يصير له أجيرا بذلك يقول أساقيك على ان تعمل لي في كذا وكذا نخلة تسقيها وتأبرها وأقارضك في كذا وكذا من المال على ان تعمل لي بعشرة دنانير ليست مما أقارضك عليه فإن ذلك لا ينبغي ولا يصلح وذلك الأمر عندنا.
قال مالك: والسنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط ان يشترطها على المساقى شد الحظار وخم العين وسرو الشرب وآبار النخل وقطع الجريد وجذ الثمر هذا وأشباهه على ان للمساقى شطر الثمر أو أقل من ذلك أو أكثر إذا تراضيا عليه غير ان صاحب الأصل لا يشترط ابتداء عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر يحتفرها أو عين يرفع رأسها أو غراس يغرسه فيها يأتي بأصل ذلك من عنده أو ضفيرة يبنيها تعظم فيها نفقته وإنما ذلك بمنزلة ان يقول رب الحائط لرجل من الناس بن لي ها هنا بيتا أو احفر لي بئرا أو أجر لي عينا أو اعمل لي عملا بنصف ثمر حائطي هذا قبل ان يطيب ثمر الحائط ويحل بيعه فهذا بيع الثمر قبل ان يبدو صلاحه وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها.
قال مالك: فأما إذا طاب الثمر وبدا صلاحه وحل بيعه ثم قال رجل لرجل اعمل لي بعض هذه الأعمال لعمل يسميه له بنصف ثمر حائطي هذا فلا بأس بذلك إنما استأجره بشيء معروف معلوم قد رآه ورضيه فأما المساقاة فإنه ان لم يكن للحائط ثمر أو قل ثمره أو فسد فليس له إلا ذلك وإن الأجير لا يستأجر إلا بشيء مسمى لا تجوز الإجارة إلا بذلك وإنما الإجارة بيع من البيوع إنما يشتري منه عمله ولا يصلح ذلك إذا دخله الغرر لان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر قال مالك: السنة في المساقاة عندنا أنها تكون في أصل كل نخل أو كرم أو زيتون أو رمان أو فرسك أو ما أشبه ذلك من الأصول جائز لا بأس به على ان لرب المال نصف الثمر من ذلك أو ثلثه أو ربعه أو أكثر من ذلك أو أقل.
قال مالك: والمساقاة أيضا تجوز في الزرع إذا خرج واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه فالمساقاة في ذلك أيضا جائزة.
قال مالك: لا تصلح المساقاة في شيء من الأصول مما تحل فيه المساقاة إذا كان فيه ثمر قد طاب وبدا صلاحه وحل بيعه وإنما ينبغي ان يساقى من العام المقبل وإنما مساقاة ما حل بيعه من(2/428)
الثمار إجارة لأنه إنما ساقى صاحب الأصل ثمرا قد بدا صلاحه على ان يكفيه إياه ويجذه له بمنزلة الدنانير والدراهم يعطيه إياها وليس ذلك بالمساقاة إنما المساقاة ما بين ان يجذ النخل إلى ان يطيب الثمر ويحل بيعه.
قال مالك: ومن ساقى ثمرا في أصل قبل ان يبدو صلاحه ويحل بيعه فتلك المساقاة بعينها جائزة.
قال مالك: ولا ينبغي ان تساقى الأرض البيضاء وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها بالدنانير والدراهم وما اشبه ذلك من الأثمان المعلومة قال فأما الرجل الذي يعطي أرضه البيضاء بالثلث أو الربع مما يخرج منها فذلك مما يدخله الغرر لأن الزرع يقل مرة ويكثر مرة وربما هلك رأسا فيكون صاحب الأرض قد ترك كراء معلوما يصلح له ان يكرى أرضه به وأخذ أمرا غررا لا يدري ايتم أم لا فهذا مكروه وإنما ذلك مثل رجل استأجر أجيرا لسفر بشيء معلوم ثم قال الذي استأجر الأجير هل لك ان أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا إجارة لك فهذا لا يحل ولا ينبغي.
قال مالك: ولا ينبغي لرجل ان يؤاجر نفسه ولا أرضه ولا سفينته إلا بشيء معلوم لا يزول إلى غيره.
قال مالك: وإنما فرق بين المساقاة في النخل والأرض البيضاء ان صاحب النخل لا يقدر على ان يبيع ثمرها حتى يبدو صلاحه وصاحب الأرض يكريها وهى أرض بيضاء لا شيء فيها.
قال مالك: والأمر عندنا في النخل أيضا أنها تساقي السنين الثلاث والأربع واقل من ذلك وأكثر قال وذلك الذي سمعت وكل شيء مثل ذلك من الأصول بمنزلة النخل يجوز فيه لمن ساقى من السنين مثل ما يجوز في النخل.
قال مالك: في المساقي أنه لا يأخذ من صاحبه الذي ساقاه شيئا من ذهب ولا ورق يزداده ولا طعام ولا شيئا من الأشياء لا يصلح ذلك ولا ينبغي ان يأخذ المساقى من رب الحائط شيئا يزيده إياه من ذهب ولا ورق ولا طعام ولا شيء من الأشياء والزيادة فيما بينهما لا تصلح.
قال مالك: والمقارض أيضا بهذه المنزلة لا يصلح إذا دخلت الزيادة في المساقاة أو المقارضة صارت إجارة وما دخلته الإجارة فإنه لا يصلح ولا ينبغي ان تقع الإجارة بأمر غرر لا يدري أيكون أم لا يكون أو يقل أو يكثر.
قال مالك: في الرجل يساقي الرجل الأرض فيها النخل والكرم أو ما أشبه ذلك من الأصول فيكون فيها الأرض البيضاء قال مالك: إذا كان البياض تبعا للأصل وكان الأصل أعظم ذلك أو أكثره فلا بأس بمساقاته وذلك ان يكون النخل الثلثين أو أكثر ويكون البياض الثلث أو أقل من ذلك وذلك ان البياض حينئذ تبع للأصل وإذا كانت الأرض البيضاء فيها نخل أو كرم أو ما يشبه ذلك من الأصول فكان الأصل الثلث أو أقل والبياض الثلثين أو أكثر جاز في ذلك الكراء وحرمت فيه المساقاة وذلك ان من أمر الناس ان يساقوا الأصل وفيه البياض وتكرى الأرض وفيها الشيء اليسير من الأصل أو يباع المصحف أو السيف وفيهما الحلية من الورق بالورق أو(2/429)
القلادة أو الخاتم وفيهما الفصوص والذهب بالدنانير ولم تزل هذه البيوع جائزة يتبايعها الناس ويبتاعونها ولم يأت في ذلك شيء موصوف موقوف عليه إذا هو بلغه كان حراما أو قصر عنه كان حلالا والأمر في ذلك عندنا الذي عمل به الناس وأجازوه بينهم أنه إذا كان الشيء من ذلك الورق أو الذهب تبعا لما هو فيه جاز بيعه وذلك ان يكون النصل أو المصحف أو الفصوص قيمته الثلثان أو أكثر والحلية قيمتها الثلث أو أقل.(2/430)
"2 - باب الشرط في الرقيق في المساقاة"
1414- قال يحيى: قال مالك: إن أحسن ما سمع في عمال الرقيق في المساقاة يشترطهم المساقى على صاحب الأصل أنه لا بأس بذلك لأنهم عمال المال فهم بمنزلة المال لا منفعة فيهم للداخل إلا أنه تخف عنه بهم المؤونة وإن لم يكونوا في المال اشتدت مؤونته وإنما ذلك بمنزلة المساقاة في العين والنضح ولن تجد أحدا يساقى في ارضين سواء في الأصل والمنفعة إحداهما بعين واثنة غزيرة والأخرى بنضح على شيء واحد لخفة مؤنة العين وشدة مؤنة النضح قال وعلى ذلك الأمر عندنا.
قال والواثنة الثابت ماؤها التي لا تغور ولا تنقطع.
قال مالك: وليس للمساقى ان يعمل بعمال المال في غيره ولا ان يشترط ذلك على الذي ساقاه.
قال مالك: ولا يجوز للذي ساقى ان يشترط على رب المال رقيقا يعمل بهم في الحائط ليسوا فيه حين ساقاه إياه.
قال مالك: ولا ينبغي لرب المال ان يشترط على الذي دخل في ماله بمساقاة ان يأخذ من رقيق المال أحدا يخرجه من المال وإنما مساقاة المال على حاله الذي هو عليه قال فإن كان صاحب المال يريد ان يخرج من رقيق المال أحدا فليخرجه قبل المساقاة أو يريد ان يدخل فيه أحدا فليفعل ذلك قبل المساقاة ثم ليساق بعد ذلك ان شاء قال ومن مات من الرقيق أو غاب أو مرض فعلى رب المال ان يخلفه.(2/430)
كتاب كراء الأرض
باب ما جاء في كراء الأرض
...
"34 - كتاب كراء الأرض".
"1 - باب ما جاء في كراء الأرض".
1415- حدثنا يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس الزرقي عن رافع بن خديج: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع قال حنظلة فسألت رافع بن خديج بالذهب والورق فقال أما بالذهب والورق فلا بأس به.
ـــــــ.
كتاب كراء الأرض(2/430)
كتاب الشفعة
باب ما تقع فيه الشفعة
...
"35 - كتاب الشفعة"
"1 - باب ما تقع فيه الشفعة"
1420- حدثنا يحيى عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة فيما لم يقسم بين الشركاء فإذا وقعت الحدود بينهم فلا شفعة فيه قال مالك: وعلى ذلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.
1421- قال مالك: أنه بلغه: أن سعيد بن المسيب سئل عن الشفعة هل فيها من سنة فقال نعم الشفعة في الدور والأرضين ولا تكون إلا بين الشركاء.
1422- وحدثني مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار: مثل ذلك.
قال مالك: في رجل اشترى شقصا مع قوم في أرض بحيوان عبد أو وليدة أو ما اشبه ذلك من العروض فجاء الشريك يأخذ بشفعته بعد ذلك فوجد العبد أو الوليدة قد هلكا ولم يعلم أحد قدر قيمتهما فيقول المشتري قيمة العبد أو الوليدة مائة دينار ويقول صاحب الشفعة الشريك بل قيمتها خمسون دينارا.
قال مالك: يحلف المشتري ان قيمة ما اشترى به مائة دينار ثم ان شاء ان يأخذ صاحب الشفعة.
ـــــــ.
كتاب الشفعة
1420/1 - عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة كذا رواه أكثر رواة الموطأ مرسلا ووصله طائفة عن أبي هريرة.(2/431)
أخذ أو يترك إلا ان يأتي الشفيع ببينة ان قيمة العبد أو الوليدة دون ما قال المشتري.
قال مالك: من وهب شقصا في دار أو أرض مشتركة فأثابه الموهوب له بها نقدا أو عرضا فإن الشركاء يأخذونها بالشفعة ان شاؤوا ويدفعون إلى الموهوب له قيمة مثوبته دنانير أو دراهم.
قال مالك: من وهب هبة في دار أو أرض مشتركة فلم يثب منها ولم يطلبها فأراد شريكه أن يأخذها بقيمتها فليس ذلك له ما لم يثب عليها فإن أثيب فهو للشفيع بقيمة الثواب.
قال مالك: في رجل اشترى شقصا في أرض مشتركة بثمن إلى أجل فأراد الشريك ان يأخذها بالشفعة قال مالك: ان كان مليا فله الشفعة بذلك الثمن إلى ذلك الأجل وإن كان مخوفا ان لا يؤدي الثمن إلى ذلك الأجل فإذا جاءهم بحميل ملي ثقة مثل الذي اشترى منه الشقص في الأرض المشتركة فذلك له.
قال مالك: لا تقطع شفعة الغائب غيبته وإن طالت غيبته وليس لذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة قال مالك: في الرجل يورث الأرض نفرا من ولده ثم يولد لأحد النفر ثم يهلك الأب فيبيع أحد ولد الميت حقه في تلك الأرض فإن أخا البائع أحق بشفعته من عمومته شركاء أبيه قال مالك: وهذا الأمر عندنا.
قال مالك: الشفعة بين الشركاء على قدر حصصهم يأخذ كل إنسان منهم بقدر نصيبه ان كان قليلا فقليلا وإن كان كثيرا فبقدره وذلك ان تشاحوا فيها.
قال مالك: فأما ان يشتري رجل من رجل من شركائه حقه فيقول أحد الشركاء انا أخذ من الشفعة بقدر حصتي ويقول المشتري ان شئت ان تأخذ الشفعة كلها أسلمتها إليك وإن شئت ان تدع فدع فأن المشتري إذا خيره في هذا وأسلمه إليه فليس للشفيع إلا ان يأخذ الشفعة كلها أو يسلمها إليه فإن أخذها فهو أحق بها وإلا فلا شيء له.
قال مالك: في الرجل يشتري الأرض فيعمرها بالأصل يضعه فيها أو البئر يحفرها ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا فيريد ان يأخذها بالشفعة أنه لا شفعة له فيها إلا ان يعطيه قيمة ما عمر فإن أعطاه قيمة ما عمر كان أحق بالشفعة وإلا فلا حق له فيها.
قال مالك: من باع حصته من أرض أو دار مشتركة فلما علم ان صاحب الشفعة يأخذ بالشفعة استقال المشتري فأقاله قال ليس ذلك له والشفيع أحق بها بالثمن الذي كان باعها به.
قال مالك: من اشترى شقصا في دار أو أرض وحيوانا وعروضا في صفقة واحدة فطلب الشفيع شفعته في الدار أو الأرض فقال المشتري خذ ما اشتريت جميعا فإني إنما اشتريته جميعا قال مالك: بل يأخذ الشفيع شفعته في الدار أو الأرض بحصتها من ذلك الثمن يقام كل شيء اشتراه من ذلك على حدته على الثمن الذي اشتراه به ثم يأخذ الشفيع شفعته بالذي يصيبها من(2/432)
القيمة من رأس الثمن ولا يأخذ من الحيوان والعروض شيئا إلا ان يشاء ذلك.
قال مالك: ومن باع شقصا من أرض مشتركة فسلم بعض من له فيها الشفعة للبائع وأبى بعضهم إلا أن يأخذ بشفعته ان من أبى ان يسلم يأخذ بالشفعة كلها وليس له ان يأخذ بقدر حقه ويترك ما بقى.
قال مالك: في نفر شركاء في دار واحدة فباع أحدهم حصته وشركاؤه غيب كلهم إلا رجلا فعرض على الحاضر ان يأخذ بالشفعة أو يترك فقال انا آخذ بحصتي واترك حصص شركائي حتى يقدموا فإن أخذوا فذلك وإن تركوا أخذت جميع الشفعة.
قال مالك: ليس له إلا ان يأخذ ذلك كله أو يترك فإن جاء شركاؤه أخذوا منه أو تركوا ان شاؤوا فإذا عرض هذا عليه فلم يقبله فلا أرى له شفعة.(2/433)
"2 - باب ما لا تقع فيه الشفعة"
1423- قال يحيى: قال مالك: عن محمد بن عمارة عن أبي بكر بن حزم أن عثمان بن عفان قال: إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها ولا شفعة في بئر ولا في فحل النخل.
قال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا.
قال مالك: ولا شفعة في طريق صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك: والأمر عندنا أنه لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح قال مالك: في رجل اشترى شقصا من أرض مشتركة على أنه فيها بالخيار فأراد شركاء البائع ان يأخذوا ما باع شريكهم بالشفعة قبل ان يختار المشتري ان ذلك لا يكون لهم حتى يأخذ المشتري ويثبت له البيع فإذا وجب له البيع فلهم الشفعة.
وقال مالك: في الرجل يشتري أرضا فتمكث في يديه حينا ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا بميراث ان له الشفعة ان ثبت حقه وإن ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول إلى يوم يثبت حق الآخر لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس أو ذهب به سيل قال فإن طال الزمان أو هلك الشهود أو مات البائع أو المشتري أو هما حيان فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان فإن الشفعة تنقطع ويأخذ حقه الذي ثبت له وإن كان امره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه وانه يرى ان البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك حق صاحب الشفعة قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها فيصير ثمنها إلى ذلك ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس أو عمارة فيكون على ما يكون عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم ثم بنى فيها وغرس ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك.
قال مالك: والشفعة ثابتة في مال الميت كما هي في مال الحي فإن خشي أهل الميت ان ينكسر مال الميت قسموه ثم باعوه فليس عليهم فيه شفعة.
قال مالك: ولا شفعة عندنا في عبد ولا وليده ولا بعير ولا بقرة ولا شاة ولا في شيء(2/433)
من الحيوان ولا في ثوب ولا في بئر ليس لها بياض إنما الشفعة فيما يصلح أنه ينقسم وتقع فيه الحدود من الأرض فأما ما لا يصلح فيه القسم فلا شفعة فيه قال مالك: ومن اشترى أرضا فيها شفعة لناس حضور فليرفعهم إلى السلطان فأما ان يستحقوا واما ان يسلم له السلطان فإن تركهم فلم يرفع أمرهم إلى السلطان وقد علموا باشترائه فتركوا ذلك حتى طال زمانه ثم جاؤوا يطلبون شفعتهم فلا أرى ذلك لهم.(2/434)
كتاب الأقضية
باب الترغيب في القضاء بالحق
...
"36 - كتاب الأقضية"
"1 - باب الترغيب في القضاء بالحق"
1424- حدثنا يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما انا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم ان يكون ألحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو ما اسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئا فإنما اقطع له قطعة من النار" .
1425- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: ان عمر بن الخطاب اختصم إليه مسلم ويهودي فرأى عمر ان الحق لليهودي فقضى له فقال له اليهودي والله لقد
ـــــــ.
كتاب الأقضية
1424/1- إنما أنا بشر قال النووي: معناه التنبيه على حالة البشرية وإن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الأمور شيئا إلا أن يطلعهم الله على شيء من ذلك وأنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز عليهم وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر والله يتولى السرائر فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن بخلاف ذلك ولكنه إنما كلف الحكم بالظاهر ولو شاء الله لأطلعه على باطن أمر الخصمين فحكم فيه بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين ولكنه لما أمر الله أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأحكامه أجرى له حكمهم في عدم الاطلاع على باطن المور ليكون حكم الأمة في ذلك حكمه فأجرى الله أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره ليصح الاقتداء به وتطيب نفوس العباد للانقياد للأحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن فإن قيل: هذا الحديث ظاهره أنه قد يقع منه صلى الله عليه وسلم حكم في الظاهر خالف للباطن وقد اتفق الأصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا قر على خطأ في الأحكام فالجواب أنه لا تعارض بين الحديثين وقاعدة الأصوليين لأن مراد الأصوليين فيما حكم باجتهاده أما إذا حكم فيما يخالف ظاهره باطنه فإنه لا يسمى الحكم خطأ بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف وهو وجوب العمل بشاهدين مثلا فإن كانا شاهدي زور ونحو ذلك فالتقصير منهما وممن ساعدهما وأما الحاكم فلا حيلة له في ذلك ولا عتب عليه بسببه بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع ألحن بالحاء المهملة أي أبلغ وأعلم بالحجة فانما أقطع له قطعة من النار قال النووي: معناه إن قضيت له ظاهرا بخلاف الباطن يؤول به إلى النار.(2/434)
قضيت بالحق فضربه عمر بن الخطاب بالدرة ثم قال وما يدريك فقال له اليهودي انا نجد أنه ليس قاض يقضي بالحق إلا كان عن يمينه ملك وعن شماله ملك يسددانه ويوفقانه للحق ما دام مع الحق فإذا ترك الحق عرجا وتركاه.(2/435)
"2 - باب ما جاء في الشهادات"
1426- حدثنا يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إلا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل ان يسألها أو يخبر بشهادته قبل ان يسألها" .
1427- وحدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رجل من أهل العراق فقال لقد جئتك لأمر ماله رأس ولا ذنب فقال عمر: ما هو قال شهادات الزور ظهرت بأرضنا فقال عمر: أو قد كان ذلك قال نعم فقال عمر: والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول.
000- وحدثني مالك أنه بلغه ان عمر بن الخطاب: قال لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين.
ـــــــ.
1426/3- عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن أبي عمرة الأنصاري الأربعة تابعيون واسم أبي عمرة عبد الرحمن بن عمرو بن محصن الأنصاري وسمي ف رواية بن وهب فقال: عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ولأبي بكير والقعنبي عن بن أبي عمرة إلا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها قال النووي: فيه تأويلان أصحهما أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له والثاني أنه محمول على شهادة الحسبة في غير حقوق الآدميين المختصة بهم فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به والشهادة وكذا في النوع الأول يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها أن يعلمه إياها لأنها أمانة عنده وحكى تأويل ثالث أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال الجواد يعطى قبل السؤال أي يعطي سريعا عب السؤال من غير توقف قال العلماء: وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد في قوله صلى الله عليه وسلم يشهدون ولا يستشهدون وقد تأول العلماء هذا تأويلات أصحها أنه محمول على من معه شهادة لآدمي عالم بها فيأتي فيشهد ولم يستشهد والثاني أنه محمول على من ينتصب شاهدا وليس هو من أهل الشهادة والثالث أنه محمول على من يشهد لقوم بالجنة أو بالنار من غير توقيف وهذا ضعيف انتهى.(2/435)
3 - باب القضاء في شهادة المحدود
000- قال يحيى: عن مالك أنه بلغه عن سليمان بن يسار وغيره انهم سئلوا عن رجل جلد الحد أتجوز شهادته فقالوا: نعم إذا ظهرت منه التوبة.(2/435)
4 - باب القضاء باليمين مع الشاهد
1428- قال يحيى: قال مالك: عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد.
1429- وعن مالك عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز: كتب إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وهو عامل على الكوفة أن اقض باليمين مع الشاهد.
1430- وحدثني مالك أنه بلغه أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار: سئلا هل يقضى باليمين مع الشاهد فقالا نعم قال مالك: مضت السنة في القضاء باليمين مع الشاهد الواحد يحلف صاحب الحق مع شاهده ويستحق حقه فإن نكل وأبى أن يحلف احلف المطلوب فإن حلف سقط عنه ذلك الحق وإن أبى أن يحلف ثبت عليه الحق لصاحبه.
قال مالك: وإنما يكون ذلك في الأموال خاصة ولا يقع ذلك في شيء من الحدود ولا في نكاح ولا في طلاق ولا في عتاقة ولا في سرقة ولا في فرية فإن قال قائل فإن العتاقة من الأموال فقد أخطأ ليس ذلك على ما قال ولو كان ذلك على ما قال لحلف العبد مع شاهده إذا جاء بشاهد أن سيده أعتقه وإن العبد إذا جاء بشاهد على مال من الأموال ادعاه حلف مع شاهده واستحق حقه كما يحلف الحر.
قال مالك: فالسنة عندنا أن العبد إذا جاء بشاهد على عتاقته استحلف سيده ما أعتقه وبطل ذلك عنه.
قال مالك: وكذلك السنة عندنا أيضا في الطلاق إذا جاءت المرأة بشاهد أن زوجها طلقها احلف زوجها ما طلقها فإذا حلف لم يقع عليه الطلاق.
قال مالك: فسنة الطلاق والعتاقة في الشاهد الواحد واحدة إنما يكون اليمين على زوج
ـــــــ.
1428/7- عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد قال بن عبد البر: رواه عن مالك جماعة فوصلوه عن جابر منهم عثمان بن خالد العثماني وإسماعيل بن موسى الكوفي ورواه عن مالك أيضا محمد بن عبد الرحمن بن رداد ومسكين بن بكير فوصلاه عن علي وقد أسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر جماعة حفاظ منهم عبيد الله بن عمر وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن عبد الرحمن بن رداد ويحيى بن سليم وإبراهيم بن أبي حية قلت: أخرجه الترمذي وابن ماجة من طريق عبد الوهاب به.(2/436)
المرأة وعلى سيد العبد وإنما العتاقة حد من الحدود لا تجوز فيها شهادة النساء لأنه إذا عتق العبد ثبتت حرمته ووقعت له الحدود ووقعت عليه وإن زنى وقد أحصن رجم وإن قتل العبد قتل به وثبت له الميراث بينه وبين من يوارثه فإن احتج محتج فقال لو أن رجلا اعتق عبده وجاء رجل يطلب سيد العبد بدين له عليه فشهد له على حقه ذلك رجل وامرأتان فإن ذلك يثبت الحق على سيد العبد حتى ترد به عتاقته إذا لم يكن لسيد العبد مال غير العبد يريد أن يجيز بذلك شهادة النساء في العتاقة فإن ذلك ليس على ما قال: وإنما مثل ذلك الرجل يعتق عبده ثم يأتي طالب الحق على سيده بشاهد واحد فيحلف مع شاهده ثم يستحق حقه وترد بذلك عتاقة العبد أو ياتى الرجل قد كانت بينه وبين سيد العبد مخالطة وملابسة فيزعم أن له على سيد العبد مالا فيقال لسيد العبد احلف ما عليك ما ادعى فإن نكل وأبى أن يحلف حلف صاحب الحق وثبت حقه على سيد العبد فيكون ذلك يرد عتاقة العبد إذا ثبت المال على سيده قال وكذلك أيضا الرجل ينكح الأمة فتكون امرأته فيأتي سيد الأمة إلى الرجل الذي تزوجها فيقول ابتعت مني جاريتي فلانة أنت وفلان بكذا وكذا دينارا فينكر ذلك زوج الأمة فيأتي سيد الأمة برجل وامرأتين فيشهدون على ما قال فيثبت بيعه ويحق حقه وتحرم الأمة على زوجها ويكون ذلك فراقا بينهما وشهادة النساء لا تجوز في الطلاق.
قال مالك: ومن ذلك أيضا الرجل يفتري على الرجل الحر فيقع عليه الحد فيأتي رجل وامرأتان فيشهدون أن الذي افتري عليه عبد مملوك فيضع ذلك الحد عن المفتري بعد أن وقع عليه وشهادة النساء لا تجوز في الفرية.
قال مالك: ومما يشبه ذلك أيضا مما يفترق فيه القضاء وما مضى من السنة أن المرأتين يشهدان على استهلال الصبي فيجب بذلك ميراثه حتى يرث ويكون ماله لمن يرثه أن مات الصبي وليس مع المرأتين اللتين شهدتا رجل ولا يمين وقد يكون ذلك في الأموال العظام من الذهب والورق والرباع والحوائط والرقيق وما سوى ذلك من الأموال ولو شهدت امرأتان على درهم واحد أو أقل من ذلك أو أكثر لم تقطع شهادتهما شيئا ولم تجز إلا أن يكون معهما شاهد أو يمين.
قال مالك: ومن الناس من يقول لا تكون اليمين مع الشاهد الواحد ويحتج بقول الله تبارك وتعالى وقوله الحق: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [سورة البقرة الآية: 282] يقول فإن لم يأت برجل وامرأتين فلا شيء له ولا يحلف مع شاهده.
قال مالك: فمن الحجة على من قال ذلك القول أن يقال له: أرأيت لو أن رجلا ادعى على رجل مالا أليس يحلف المطلوب ما ذلك الحق عليه فإن حلف بطل ذلك عنه وإن نكل عن اليمين حلف صاحب الحق أن حقه لحق وثبت حقه على صاحبه فهذا ما لا اختلاف فيه عند أحد من الناس ولا ببلد من البلدان فبأي شيء أخذ هذا أو في أي موضع من كتاب الله وجده فإن أقر بهذا فليقرر باليمين مع الشاهد وإن لم يكن ذلك في كتاب الله عز وجل وانه ليكفي من ذلك ما(2/437)
مضى من السنة ولكن المرء قد يحب أن يعرف وجه الصواب وموقع الحجة ففي هذا بيان ما أشكل من ذلك إن شاء الله تعالى.(2/438)
5- باب القضاء فيمن هلك وله دين وعليه دين له فيه شاهد واحد.
1431- قال يحيى: قال مالك: في الرجل يهلك وله دين عليه شاهد واحد وعليه دين للناس لهم فيه شاهد واحد فيأبى ورثته أن يحلفوا على حقوقهم مع شاهدهم قال فإن الغرماء يحلفون ويأخذون حقوقهم فإن فضل فضل لم يكن للورثة منه شيء وذلك أن الأيمان عرضت عليهم قبل فتركوها إلا أن يقولوا: لم نعلم لصاحبنا فضلا ويعلم انهم إنما تركوا الأيمان من أجل ذلك فإني أرى أن يحلفوا ويأخذوا ما بقي بعد دينه.(2/438)
6 - باب القضاء في الدعوى
1432- قال يحيى: قال مالك: عن جميل بن عبد الرحمن المؤذن أنه: كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقا نظر فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة احلف الذي ادعي عليه وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه.
قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا أنه من ادعى على رجل بدعوى نظر فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة احلف المدعى عليه فإن حلف بطل ذلك الحق عنه وإن أبى أن يحلف ورد اليمين على المدعي فحلف طالب الحق أخذ حقه.(2/438)
"7 - باب القضاء في شهادة الصبيان"
1433- قال يحيى: قال مالك: عن هشام بن عروة: أن عبد الله بن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن شهادة الصبيان تجوز فيما بينهم من الجراح ولا تجوز على غيرهم وإنما تجوز شهادتهم فيما بينهم من الجراح وحدها لا تجوز في غير ذلك إذا كان ذلك قبل أن يتفرقوا أو يخببوا أو يعلموا فإن افترقوا فلا شهادة لهم إلا أن يكونوا قد اشهدوا العدول على شهادتهم قبل أن يفترقوا.(2/438)
"8 - باب ما جاء في الحنث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم"
1434- قال يحيى: حدثنا مالك عن هشام بن هشام بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف على منبري آثما تبوأ مقعده من النار" .
1435- وحدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن معبد بن كعب السلمي عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري عن أبي امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرئ
ـــــــ.
1435/13- عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم" الحديث قال بن عبد البر: أبو أمامة هذا ليس هو الباهلي بل هو الحارثي الأنصاري قيل: اسمه إياس بن ثعلبة وقيل: ثعلبة بن سهيل.(2/438)
"9 - باب جامع ما جاء في اليمين على المنبر"
1436- قال يحيى: قال مالك: عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول: اختصم زيد بن ثابت الأنصاري وبن مطيع في دار كانت بينهما إلى مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر فقال زيد بن ثابت احلف له مكاني قال فقال مروان لا والله إلا عند مقاطع الحقوق قال فجعل زيد بن ثابت يحلف أن حقه لحق ويأبى أن يحلف على المنبر قال فجعل مروان بن الحكم يعجب من ذلك قال مالك: لا أرى أن يحلف أحد على المنبر على أقل من ربع دينار وذلك ثلاثة دراهم.(2/439)
"10 - باب ما لا يجوز من غلق الرهن"
1437- قال يحيى: حدثنا مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن" قال مالك: وتفسير ذلك فيما نرى والله اعلم أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفي الرهن فضل عما رهن به فيقول الراهن للمرتهن أن جئتك بحقك إلى أجل يسميه له وإلا فالرهن لك بما رهن فيه قال فهذا لا يصلح ولا يحل وهذا الذي نهي عنه وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له وارى هذا الشرط منفسخا.
ـــــــ.
1437/15- عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يغلق الرهن", قال بن عبد البر: كذا أرسله رواة الموطأ إلا معن بن عيسى فقال: عن أبي هريرة موصولا قال والرواية لا يغلق برفع القاف على الخبر أي ليس يغلق الرهن ومعناه لا يذهب ويتلف باطلا والأصل في ذلك الهلاك والتخويف يقولون: غلق الرهن إذا لم يوجد له تخلص وقال أبو عبيد لا يجوز في كلام العرب أن يقول للرهن إذا ضاع قد غلق إنما يقال قد غلق إذا استحقه المرتهن فذهب به قال وهذا كان من فعل أهل الجاهلية فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يغلق الرهن", وفي الصحاح وغيره غلق الرهن بغين معجمة مفتوحة ولام مكسورة وقاف يغلق بفتح أوله واللام غلقا بفتح الغين واللام أي استحقه المرتهن وذلك إذا لم يفتك في الوقت المشروط.(2/439)
11- باب القضاء في رهن الثمر والحيوان
1430- قال يحيى: سمعت مالكا يقول فيمن رهن حائطا له إلى أجل مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل أن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل أو حملت بعد ارتهانه إياها أن ولدها معها.
قال مالك: وفرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع" قال والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن من باع وليدة أو شيئا من الحيوان وفي بطنها جنين أن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه فليست(2/439)
12 - باب القضاء في الرهن من الحيوان
1439- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمر يعرف هلاكه من أرض أو دار أو حيوان فهلك في يد المرتهن وعلم هلاكه فهو من الراهن وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئا وما كان من رهن يهلك في يد المرتهن فلا يعلم هلاكه إلا بقوله: فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن يقال له: صفه فإذا وصفه احلف على صفته وتسمية ماله فيه ثم يقومه أهل البصر بذلك فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن وإن كان أقل مما سمى احلف الراهن على ما سمى المرتهن وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن فوق قيمة الرهن وإن أبى الراهن أن يحلف أعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن فإن قال المرتهن لا علم لي بقيمة الرهن حلف الراهن على صفة الرهن وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يستنكر.
قال مالك: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه على يدي غيره.(2/440)
13 - باب القضاء في الرهن يكون بين الرجلين
1440- قال يحيى: سمعت مالكا يقول في الرجلين يكون لهما رهن بينهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه وقد كان الآخر انظره بحقه سنة قال أن كان يقدر على أن يقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما فأوفي حقه وإن خيف أن ينقص حقه بيع الرهن كله فأعطى الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك فإن طابت نفس الذي انظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حلف المرتهن أنه ما انظره إلا ليوقف لي رهني على هيئته ثم أعطي حقه عاجلا قال وسمعت مالكا يقول في العبد يرهنه سيده وللعبد مال أن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن.(2/440)
14 – باب القضاء في جامع الرهون
1441- قال يحيى: سمعت مالكا يقول فيمن ارتهن متاعا فهلك المتاع عند المرتهن واقر الذي عليه الحق بتسمية الحق واجتمعا على التسمية وتداعيا في الرهن فقال الراهن قيمته عشرون دينارا وقال المرتهن قيمته عشرة دنانير والحق الذي للرجل فيه عشرون دينارا.
قال مالك: يقال للذي بيده الرهن صفه فإذا وصفه احلف عليه ثم أقام تلك الصفة أهل المعرفة بها فإن كانت القيمة أكثر مما رهن به قيل: للمرتهن اردد إلى الراهن بقية حقه وإن كانت القيمة أقل مما رهن به أخذ المرتهن بقية حقه من الراهن وإن كانت القيمة بقدر حقه فالرهن بما فيه.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الرجلين يختلفان في الرهن يرهنه أحدهما.(2/440)
15 باب القضاء في كراء الدابة والتعدي بها
1442- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم أن رب الدابة يخير فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطى ذلك ويقبض دابته وله الكراء الأول وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري وله الكراء الأول أن كان استكرى الدابة البدأة فإن كان استكراها ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول وذلك أن الكراء نصفه في البداءة ونصفه في الرجعة فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء قال وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه قال وكذلك أيضا من أخذ مالا قراضا من صاحبه فقال له رب المال لا تشتر به حيوانا ولا سلعا كذا وكذا لسلع يسميها وينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال ويذهب بربح صاحبه فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار أن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل وإن أحب فله رأس ماله ضامنا على الذي أخذ المال وتعدى قال وكذلك أيضا الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره(2/441)
به ويتعدى ذلك فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار أن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامنا لرأس ماله فذلك له.(2/442)
"16 - باب القضاء في المستكرهة من النساء"
1443- حدثني مالك عن بن شهاب: أن عبد الملك بن مروان قضى في امرأة أصيبت مستكرهة بصداقها على من فعل ذلك بها.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الرجل يغتصب المرأة بكرا كانت أو ثيبا أنها أن كانت حرة فعليه صداق مثلها وإن كانت امة فعليه ما نقص من ثمنها والعقوبة في ذلك على المغتصب ولا عقوبة على المغتصبة في ذلك كله وإن كان المغتصب عبدا فذلك على سيده إلا أن يشاء أن يسلمه.(2/442)
17 باب القضاء في استهلاك الحيوان والطعام وغيره
000- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا فيمن استهلك شيئا من الحيوان بغير أذن صاحبه أن عليه قيمته يوم استهلكه ليس عليه أن يؤخذ بمثله من الحيوان ولا يكون له أن يعطي صاحبه فيما استهلك شيئا من الحيوان ولكن عليه قيمته يوم استهلكه القيمة اعدل ذلك فيما بينهما في الحيوان والعروض قال وسمعت مالكا يقول فيمن استهلك شيئا من الطعام بغير أذن صاحبه فإنما يرد على صاحبه مثل طعامه بمكيلته من صنفه وإنما الطعام بمنزلة الذهب والفضة إنما يرد من الذهب الذهب ومن الفضة الفضة وليس الحيوان بمنزلة الذهب في ذلك فرق بين ذلك السنة والعمل المعمول به.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول إذا استودع الرجل مالا فابتاع به لنفسه وربح فيه فإن ذلك الربح له لأنه ضامن للمال حتى يؤديه إلى صاحبه.(2/442)
"18 - باب القضاء فيمن ارتد عن الإسلام"
1444- حدثنا يحيى عن مالك عن زيد بن اسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من غير دينه فاضربوا عنقه" ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله اعلم من غير دينه فاضربوا عنقه أنه من خرج من الإسلام إلى غيره مثل الزنادقة وأشباههم فإن أولئك إذا ظهر عليهم قتلوا ولم يستتابوا لأنه لا تعرف توبتهم وانهم كانوا يسرون الكفر ويعلنون الإسلام فلا أرى أن يستتاب هؤلاء ولا يقبل منهم قولهم واما من خرج من الإسلام إلى غيره واظهر ذلك فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل وذلك لو أن قوما كانوا على ذلك رأيت أن يدعوا إلى الإسلام ويستتابوا فإن تابوا قبل ذلك منهم وإن لم يتوبوا قتلوا ولم يعن بذلك فيما نرى والله اعلم من خرج من اليهودية إلى النصرانية ولا من النصرانية إلى اليهودية ولا من يغير دينه من أهل الأديان كلها إلا الإسلام فمن خرج من الإسلام
ـــــــ.
1444/17- عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من غير دينه فاضربوا عنقه" أخرجه البخاري موصولا من حديث أيوب عن عكرمة عن ابن عباس.(2/442)
"19 - باب القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا"
1446- حدثنا يحيى عن مالك عن سهيل بن أبي صالح السمان عن أبيه عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت أن وجدت مع امرأتي رجلا أأمهله حتى آتي بأربعة شهداء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" .
1447- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن رجلا من أهل الشام يقال له: بن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلهما معا فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك فسأل أبو موسى عن ذلك علي بن أبي طالب فقال له علي أن هذا الشيء ما هو بأرضي عزمت عليك لتخبرني فقال له أبو موسى كتب إلى معاوية بن أبي سفيان أن أسألك عن ذلك فقال علي انا أبو حسن أن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته.(2/443)
"20 - باب القضاء في المنبوذ"
1448- قال يحيى: قال مالك: عن بن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم: أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب قال فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال ما حملك على أخذ هذه النسمة فقال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح فقال له عمر أكذلك قال نعم فقال عمر بن الخطاب: اذهب فهو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في المنبوذ أنه حر وإن ولاءه للمسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه.(2/443)
"21 - باب القضاء بالحاق الولد بأبيه"
1449- قال يحيى: عن مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج
ـــــــ.
1449/22- فتساوقا قال الباجي: يريد أن كلا منهما ساق صاحبه لمنازعته له فيما ادعاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش قال النووي: معناه إذا كان للرجل زوجة أو مملوكة صارت فراشا له فأتت بولد لمدة الإمكان منه لحقه وصار ولدا له يجري بينهما التوارث وغيره من أحكام الولادة سواء كان موافقا له في الشبه أم مخالفا وللعاهر أي الزاني الحجر أي له الخيبة ولا حق له في الولد وعادة العرب أن تقول له الحجر.(2/443)
22 - باب القضاء في ميراث الولد المستلحق
1453- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر المجتمع عليه عندنا في الرجل يهلك وله بنون فيقول أحدهم قد أقر أبي أن فلانا ابنه أن ذلك النسب لا يثبت بشهادة إنسان واحد ولا يجوز إقرار الذي أقر إلا على نفسه في حصته من مال أبيه يعطى الذي شهد له قدر ما يصيبه من المال الذي بيده قال مالك: وتفسير ذلك أن يهلك الرجل ويترك ابنين له ويترك ستمائة دينار فيأخذ كل واحد منهما ثلاثمائة دينار ثم يشهد أحدهما أن أباه الهالك أقر أن فلانا ابنه فيكون على الذي شهد للذي استلحق مائة دينار وذلك نصف ميراث المستلحق لو لحق ولو أقر له الآخر اخذ المائة الأخرى فاستكمل حقه وثبت نسبه وهو أيضا بمنزلة المرأة تقر بالدين على أبيها أو على زوجها وينكر ذلك الورثة فعليها أن تدفع إلى الذي أقرت له بالدين قدر الذي يصيبها من ذلك الدين لو ثبت على الورثة كلهم أن كانت امرأة ورثت الثمن دفعت إلى الغريم ثمن دينه وإن كانت ابنة ورثت النصف دفعت إلى الغريم نصف دينه على حساب هذا يدفع إليه من أقر له من النساء.
قال مالك: وإن شهد رجل على مثل ما شهدت به المرأة أن لفلان على أبيه دينا احلف صاحب(2/445)
الدين مع شهادة شاهده وأعطي الغريم حقه كله وليس هذا بمنزلة المرأة لأن الرجل تجوز شهادته ويكون على صاحب الدين مع شهادة شاهده أن يحلف ويأخذ حقه كله فإن لم يحلف أخذ من ميراث الذي أقر له قدر ما يصيبه من ذلك الدين لأنه أقر بحقه وأنكر الورثة وجاز عليه إقراره.(2/446)
"23 - باب القضاء في أمهات الأولاد"
1454- قال يحيى: قال مالك: عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يعزلوهن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها فاعزلوا بعد أو اتركوا.
1455- وحدثني مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته أن عمر بن الخطاب: قال ما بال رجال يطؤون ولائدهم ثم يدعوهن يخرجن لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا قد ألحقت به ولدها فأرسلوهن بعد أو امسكوهن.
قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في أم الولد إذا جنت جناية ضمن سيدها ما بينها وبين قيمتها وليس له أن يسلمها وليس عليه أن يحمل من جنايتها أكثر من قيمتها.(2/446)
"24 - باب القضاء في عمارة الموات"
1456- حدثني يحيى عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق" .
قال مالك: والعرق الظالم كل ما احتفر أو أخذ أو غرس بغير حق.
1457- وحدثني مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب: قال من أحيا ارضا ميتة فهي له قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا.
ـــــــ.
1456/28- عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أحيا أرضا", الحديث وصله أبو داود والترمذي والنسائي من طريق أيوب عن هشام عن أبيه عن سعيد بن زيد به وليس لعرق ظالم بإضافة عرق وتنوينه وظالم نعته أي ظالم صاحبه.(2/446)
"25 - باب القضاء في المياه"
1458- حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في سيل مهزور ومذينب: "يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الاسفل" .
ـــــــ.
1458/30- عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سيل مهزور الحديث قال بن عبد البر: لا أعلمه يتصل من وجه من الوجوه مع أنه حديث مدني مشهور عند أهل المدينة مستعمل عندهم معروف معمول به ومهزور ومذينب واديان بالمدينة قال وسئل أبو بكر البزار عن حديث الباب فقال: لست أحفظ فيه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يثبت وقد أخرج بن ماجة نحوه من حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي وقال البيهقي: أنه مرسل ثعلبة من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة.(2/446)
"26 - باب القضاء في المرفق"
1461- حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار" .
1462- وحدثني مالك عن بن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره" ثم يقول أبو هريرة مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم.
1463- وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن الضحاك بن خليفة: ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض محمد بن مسلمة فأبى محمد فقال له الضحاك لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به اولا وآخرا ولا يضرك فأبى محمد فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب فدعا عمر بن الخطاب محمد بن مسلمة فأمره أن يخلي سبيله فقال محمد لا فقال عمر: لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تسقي به أولا وآخرا وهو لا يضرك فقال محمد لا والله فقال عمر: والله ليمرن به ولو على بطنك فأمره عمر أن يمر به ففعل الضحاك.
ـــــــ.
1461/33- عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار" قال بن عبد البر: رواه الداروردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري موصولا قلت: أخرجه من هذا الطريق الدارقطني والبيهقي رواه بن ماجة من حديث عبادة بن الصامت وابن عباس وذكر أبو الفتوح الطائي في الأربعين له عن أبي داود أن الفقه يدور على خمسة أحاديث هذا أحدها.
1462/34- "لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره" هو أمر مندوب عند الجمهور مالي أراكم عنها أي عن هذه السنة لأرمين بها أي لأصرخن بهذه المقالة بين أكتافكم بالتاء المثناة فوق أي بينكم قال القاضي عياض: ورواه بعض رواة الموطأ بالنون ومعناه أيضا بينكم والكنف الجانب.(2/447)
1464- وحدثني مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: كان في حائط جده ربيع لعبد الرحمن بن عوف فأراد عبد الرحمن بن عوف أن يحوله إلى ناحية من الحائط هي أقرب إلى أرضه فمنعه صاحب الحائط فكلم عبد الرحمن بن عوف عمر بن الخطاب في ذلك فقضى لعبد الرحمن بن عوف بتحويله.(2/448)
"27 - باب القضاء في قسم الأموال"
1465- حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما دار أو أرض قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية وأيما دار أو أرض أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام" .
1466- قال يحيى: سمعت مالكا يقول فيمن هلك وترك اموالا بالعالية والسافلة: أن البعل لا يقسم مع النضح إلا أن يرضى أهله بذلك وإن البعل يقسم مع العين إذا كان يشبهها وإن الأموال إذا كانت بأرض واحدة الذي بينهما متقارب أنه يقام كل مال منها ثم يقسم بينهم والمساكن والدور بهذه المنزلة.
ـــــــ.
1465/37- عن ثور بن زيد الديلي أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما دار الحديث وصله إبراهيم بن طهمان عن مالك عن ثور عن عكرمة عن بن عباس قال بن عبد البر: تفرد به عن مالك مسندا وهو ثقة.(2/448)
"28 - باب القضاء في الضواري والحريسة"
1467- حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة: أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدت فيه فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها" .
1468- وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فأمر عمر كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم ثم قال عمر: أراك تجيعهم ثم قال عمر: والله لأغرمنك غرما يشق عليك ثم قال للمزني كم ثمن ناقتك فقال المزني قد كنت والله امنعها من أربعمائة درهم فقال عمر: أعطه ثمانمائة درهم قال يحيى: سمعت مالكا يقول وليس على هذا العمل
ـــــــ.
1467/39- عن بن شهاب عن حرام بن سعد بن محيصة أن ناقة للبراء الحديث قال بن عبد البر: هكذ رواه مالك وأصحاب بن شهاب عنه مرسلا ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك وأنكروا عليه قوله فيه عن أبيه قاله أبو داود في سنته وقال محمد بن يحيى الذهلي لم يتابع معمر على ذلك فجعل الخطأ فيه من معمر الحوائط هي البساتين وإن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها قال الرافعي: أي مضمون كقولهم سر كاتم أي مكتوم وعيشة راضية أي مرضية.(2/448)
29- باب القضاء فيمن أصاب شيئا من البهائم
1469- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا فيمن أصاب شيئا من البهائم أن على الذي أصابها قدر ما نقص من ثمنها.
قال يحيى: وسمعت مالكا يقول في الجمل يصول على الرجل فيخافه على نفسه فيقتله أو يعقره فأنه أن كانت له بينة على أنه أراده وصال عليه فلا غرم عليه وإن لم تقم له بينة إلا مقالته فهو ضامن للجمل.(2/449)
باب القضاء فيما يعطى المال
...
30 - باب القضاء فيما يعطى العمال
1470- قال يحيى: سمعت مالكا يقول فيمن دفع إلى الغسال ثوبا يصبغه فصبغه فقال صاحب الثوب لم آمرك بهذا الصبغ وقال الغسال بل أنت امرتني بذلك فإن الغسال مصدق في ذلك والخياط مثل ذلك والصائغ مثل ذلك ويحلفون على ذلك إلا أن يأتوا بأمر لا يستعملون في مثله فلا يجوز قولهم في ذلك وليحلف صاحب الثوب فإن ردها وأبى أن يحلف حلف الصباغ قال وسمعت مالكا يقول في الصباغ يدفع إليه الثوب فيخطئ به فيدفعه إلى رجل آخر حتى يلبسه الذي أعطاه إياه أنه لا غرم على الذي لبسه ويغرم الغسال لصاحب الثوب وذلك إذا لبس الثوب الذي دفع إليه على غير معرفة بأنه ليس له فإن لبسه وهو يعرف أنه ليس ثوبه فهو ضامن له.(2/449)
31 - باب القضاء في الحمالة والحول
1471- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الرجل يحيل الرجل على الرجل بدين له عليه أنه أن أفلس الذي أحيل عليه أو مات فلم يدع وفاء فليس للمحتال على الذي أحاله شيء وأنه لا يرجع على صاحبه الأول قال مالك: وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا قال مالك: فأما الرجل يتحمل له الرجل بدين له على رجل آخر ثم يهلك المتحمل أو يفلس فإن الذي تحمل له يرجع على غريمه الأول.(2/449)
32 – باب القضاء فيمن ابتاع ثوبا وبه عيب
1472- قال يحيى: سمعت مالكا يقول إذا ابتاع الرجل ثوبا وبه عيب من حرق أو غيره قد علمه البائع فشهد عليه بذلك أو أقر به فأحدث فيه الذي ابتاعه حدثا من تقطيع ينقص ثمن الثوب ثم علم المبتاع بالعيب فهو رد على البائع وليس على الذي ابتاعه غرم في تقطيعه إياه قال وإن ابتاع رجل ثوبا وبه عيب من حرق أو عوار فزعم الذي باعه أنه لم يعلم بذلك وقد قطع الثوب الذي ابتاعه أو صبغه فالمبتاع بالخيار إن شاء أن يوضع عنه قدر ما نقص الحرق أو العوار من ثمن.(2/449)
"33 - باب ما لا يجوز من النحل"
1473- حدثنا يحيى عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعن محمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير أنه قال: أن أباه بشيرا أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل ولدك نحلته مثل هذا" فقال لا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فارتجعه" .
1474- وحدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: أن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقا من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال والله يا بنية ما من الناس أحد أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرا بعدي منك وإني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا فلو كنت جددتيه واحتزتيه كان لك وإنما هو اليوم مال وارث وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على كتاب الله قالت عائشة فقلت يا أبت والله لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى فقال أبو بكر ذو بطن بنت خارجة أراها جارية.
1475- وحدثني مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارىء أن عمر بن الخطاب قال: ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها فإن مات بن أحدهم قال مالي بيدي لم أعطه أحدا وإن مات هو قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه من نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها حتى يكون أن مات لورثته فهي باطل.
ـــــــ.
1473/41 - نحلت أي وهبت.(2/450)
34 - باب ما لا يجوز من العطية
1476- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا فيمن أعطى أحدا عطية لا يريد ثوابها فأشهد عليها فإنها ثابتة للذي أعطيها إلا أن يموت المعطى قبل أن يقبضها الذي أعطيها قال وإن أراد المعطي امساكها بعد أن أشهد عليها فليس ذلك له إذا قام عليه بها صاحبها أخذها.
قال مالك: ومن أعطى عطية ثم نكل الذي أعطاها فجاء الذي أعطيها بشاهد يشهد له أنه أعطاه ذلك عرضا كان أو ذهبا أو ورقا أو حيوانا أحلف الذي أعطي مع شهادة شاهده فإن أبى الذي أعطي أن يحلف حلف المعطي وإن أبى أن يحلف أيضا أدى إلى المعطى ما ادعى عليه إذا كان له شاهد واحد فإن لم يكن له شاهد فلا شيء له.
قال مالك: من أعطى عطية لا يريد ثوابها ثم مات المعطى فورثته بمنزلته وإن مات المعطي قبل أن يقبض المعطى عطيته فلا شيء له وذلك أنه أعطي عطاء لم يقبضه فإن أراد المعطي أن يمسكها وقد أشهد عليها حين أعطاها فليس ذلك له إذا قام صاحبها أخذها.(2/450)
"35 - باب القضاء في الهبة"
1477- حدثني مالك عن داود بن الحصين عن أبي غطفان بن طريف المري أن عمر بن الخطاب قال: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب فهو على هبته يرجع فيها إذا لم يرض منها قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر المجتمع عليه عندنا أن الهبة إذا تغيرت عند الموهوب له للثواب بزيادة أو نقصان فإن على الموهوب له أن يعطي صاحبها قيمتها يوم قبضها.(2/451)
36 - باب الاعتصار في الصدقة
1478- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أن كل من تصدق على ابنه بصدقة قبضها الابن أو كان في حجر أبيه فأشهد له على صدقته فليس له أن يعتصر شيئا من ذلك لأنه لا يرجع في شيء من الصدقة قال وسمعت مالكا يقول الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلا أو أعطاه عطاء ليس بصدقة إن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد دينا يداينه الناس به ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئا بعد أن تكون عليه الديون أو يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل وإنما تنكحه لغناه وللمال الذي أعطاه أبوه فيريد أن يعتصر ذلك الأب أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها وما أعطاها أبوها ثم يقول الأب انا اعتصر ذلك فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئا من ذلك إذا كان على ما وصفت لك.(2/451)
"37 - باب القضاء في العمرى"
1479- حدثني مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا" لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.
ـــــــ.
1479/45- أيما رجل أعمر عمرى هي قوله أعمرتك هذه الدار مثلا أي جعلتها لك عمرك له ولعقبه قال النووي: العقب بكسر القاف ويجوز اسكانها مع فتح العين ومع كسرها وهم أولاد الإنسان ما تناسلوا فانها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا هذا آخر المرفوع وقوله لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث مدرج من قول أبي سلمة بين ذلك بن أبي ذئب فإنه رواه في موطئه عن بن شهاب عن أبي سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهي له بتلة لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا مثنوية قال أبو سلمة لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فقطعت المواريث شرطه قال بن عبد البر: قد جوده بن أبي ذئب فبين فيه موضع الرفع وجعل سائره من قول أبي سلمة ورواه الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر مرفوعا العمرى لمن أعمرها هي له ولعقبه لم يزد على ذلك وكذا رواه الليث بن سعد عن الزهري بسنده مقتصرا عليه.(2/451)
"38 - باب القضاء في اللقطة"
482- حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن اللقطة فقال: "اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها" قال فضالة الغنم يا رسول الله قال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" قال فضالة الإبل قال مالك: ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها.
1483- وحدثني مالك عن أيوب بن موسى عن معاوية بن عبد الله بن بدر الجهني أن أباه أخبره: أنه نزل منزل قوم بطريق الشام فوجد صرة فيها ثمانون دينارا فذكرها لعمر بن الخطاب فقال له عمر عرفها على أبواب المساجد واذكرها لكل من يأتي من الشام سنة فإذا مضت السنة فشأنك بها.
1484- وحدثني مالك عن نافع أن رجلا وجد لقطة فجاء إلى عبد الله بن عمر فقال له اني وجدت لقطة فماذا ترى فيها فقال له عبد الله بن عمر: عرفها قال قد فعلت قال زد قال قد فعلت فقال عبد الله لا آمرك أن تأكلها ولو شئت لم تأخذها.
ـــــــ.
1482/48 - عن اللقطة بضم اللام وبفتح القاف على المشهور عفاصها بكسر العين وبالفاء وبالصاد المهملة وهو الوعاء الذي تكون فيه النفقة جلدا كان أو غيره ووكاءها بكسر الواو والمد الخيط الذي يشد به الوعاء شأنك بها بنصب النون لك أو لأخيك أو للذئب معناه الإذن في أخذها معها سقاؤها معناه أنها تقوى على ورود المياه وتشرب في اليوم الواحد وتملأ أكراشها بحيث يكفيها الأيام وحذاؤها بالمد وهو أخفافها لأنها تقوى بها على السير وقطع المفاوز.(2/452)
39- باب القضاء في استهلاك العبد اللقطة
1485- قال يحيى: سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في العبد يجد اللقطة فيستهلكها قبل أن تبلغ الأجل الذي أجل في اللقطة وذلك سنة أنها في رقبته إما أن يعطي سيده ثمن ما استهلك غلامه وإما أن يسلم إليهم غلامه وإن أمسكها حتى يأتي الأجل الذي أجل في اللقطة ثم استهلكها كانت دينا عليه يتبع به ولم تكن في رقبته ولم يكن على سيده فيها شيء.(2/452)
"40 - باب القضاء في الضوال حدثني"
1486- مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن ثابت بن الضحاك الأنصاري أخبره: أنه وجد بعيرا بالحرة فعقله ثم ذكره لعمر بن الخطاب فأمره عمر أن يعرفه ثلاث مرات فقال له ثابت أنه قد شغلني عن ضيعتي فقال له عمر أرسله حيث وجدته.
1487- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة من أخذ ضالة فهو ضال.
1488- وحدثني مالك أنه سمع بن شهاب يقول: كانت ضوال الإبل في زمان عمر بن الخطاب ابلا مؤبلة تناتج لا يمسها أحد حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.(2/453)
"41 - باب صدقة الحي عن الميت"
1489- حدثني مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده أنه قال: خرج سعد بن عبادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فحضرت أمه الوفاة بالمدينة فقيل: لها أوصي فقالت فيم أوصي إنما المال مال سعد فتوفيت قبل أن يقدم سعد فلما قدم سعد بن عبادة ذكر ذلك له فقال سعد يا رسول الله هل ينفعها أن أتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" فقال سعد حائط كذا وكذا صدقة عنها لحائط سماه.
1490- وحدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت أفأتصدق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" .
ـــــــ.
1489/54- عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل قال بن عبد البر: كذا لأكثر الرواة وقال القعنبي سعد بن عمرو والصواب سعيد بن سعيد بن سعد بن عبادة قال بن عبد البر: هذا الحديث مسند لأن سعيد بن سعد بن عبادة له صحبة روى عنه أبو أمامة بن سهل بن حنيف وغيره وشرحبيل ابنه غير نكير أن يلقى جده سعد بن عبادة وقد رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن أبي سلمة عن مالك عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل عن أبيه عن جده عن سعد بن عبادة أنه خرج الحديث وهذا يدل على الاتصال وكذا رواه الداروردي عن سعيد بن شرحبيل عن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه انتهى في بعض مغازيه هي غزوة دومة الجندل كما في طبقات بن سعد قال وكانت في شهر ربيع الأول سنة خمس فحضرت أمه الوفاة هي عمرة بنت مسعود بن قيس.
1490/55- افتلتت نفسها بالفاء وضم التاء أي ماتت بغتة وفجأة قال النووي: ونفسها ضبط بالرفع على أنه نائب الفاعل وبالنصب على أنه مفعول ثان وأراها أي أظنها لو تكلمت تصدقت لما علم من حرصها على الخير ومن رغبتها في الوصية.(2/453)
1491- وحدثني مالك أنه بلغه: أن رجلا من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة فهلكا فورث ابنهما المال وهو نخل فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "قد أجرت في صدقتك وخذها بميراثك" .
ـــــــ.
1491/56- مالك أنه بلغه أن رجلا من الأنصار الحديث قال بن عبد البر: روي هذا الحديث من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.(2/454)
كتاب الوصية
باب الأمر بالوصية
...
"37 - كتاب الوصية"
"1 - باب الأمر بالوصية"
1492- حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة" .
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته أو في مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه أو غير ذلك فإنه يغير من ذلك ما بدا له ويصنع من ذلك ما شاء حتى يموت وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدلها فعل إلا أن يدبر مملوكا فإن دبر فلا سبيل إلى تغيير ما دبر وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة" .
قال مالك: فلو كان الموصي لا يقدر على تغيير وصيته ولا ما ذكر فيها من العتاقة كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها وقد يوصي الرجل في صحته وعند سفره قال مالك: فالأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه أنه يغير من ذلك ما شاء غير التدبير.
ـــــــ.
كتاب الوصية
1492/57- ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين تقديره أن يبيت ليصبح خبرا عن حق كقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} 1 إلا ووصيته عنده مكتوبة قال النووي: قال الشافعي معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن يكون وصيته مكتوبة عنده فيستحب تعجيلها وإن يكتبها في صحته ويكتب فيها ما يحتاج إليه فإذا تجدد له أمر يحتاج إلى الوصية به ألحقه بها قالوا: ولا يكلف أن يكتب كل يوم محقرات المعاملات وجزئيات الأمور المتكررة واشترط الجمهور الاشهاد على ما يكتب وقال الامام محمد بن نصر المروزي: يكفي الكتاب من غير إشهاد لظاهر الحديث.
ـــــــ
1 سورة الروم الآية: 24.(2/454)
باب جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسلفيه
...
"2 - باب جواز وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه"
1493 - حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي.(2/454)
"3 - باب الوصية في الثلث لا تتعدى"
1495- حدثني مالك عن بن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" فقلت فالشطر قال: "لا" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثلث والثلث كثير انك أن تذر
ـــــــ.
1495/4- الثلث والثلث كثير قال القاضي عياض: يجوز نصب الثلث الأول ورفعه أما النصب فعلى الإغراء أو على تقدير فعل أي أعط الثلث وأما الرفع فعلى أنه فاعل أي يكفيك الثلث أو مبتدأ حذف خبره أو خبر محذوف المبتدأ وروى كثير بالمثلثة وبالموحدة وكلاهما صحيح قال بن عبد البر: هذا الحديث أصل للعلماء في قصر الوصية على الثلث لا أصل لهم غيره أن تذر ضبط بفتح الهمزة مصدرية في موضع المبتدأ وخير الخبر وبكسرها شرطية على تقدير فهو خير عالة أي فقراء يتكففون الناس أي يسألونهم في أكفهم أأخلف بعد أصحابي أي بمكة من أجل مرضه بعد توجه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة وكانوا يكرهون الإقامة بها لكونهم هاجروا منها وتركوها لله لكن البائس هو الذي عليه أثر البؤس سعد بن خولة هذا آخر كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقوله يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة مدرج من كلام الراوي تفسيرا لمعنى لهذا الكلام أنه صلى الله عليه وسلم رثاه به وتوجع ورق عليه لكونه مات بمكة ثم قيل: قائله سعد بن أبي وقاص قال القاضي عياض: وأكثر ما جاء أنه من كلام الزهري قال واختلفوا في قصة سعد بن خولة فقيل: لم يهاجر من مكة حتى مات بها وذكر البخاري أنه هاجر وشهد بدرا ثم انصرف إلى مكة ومات بها فعلى الأول سبب بؤسه عدم هجرته وعلى الثاني موته في أرض هاجر منها وذلك مكروه عندهم قال القاضي وروى في هذا الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف مع سعد بن أبي وقاص رجلا وقال له إن توفي بمكة فلا تدفنه بها.(2/455)
ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت حتى ما تجعل في في امرأتك" قال فقلت يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: . "إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به درجة ورفعة ولعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضر بك آخرون اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة"
قال يحيى: سمعت مالكا يقول في الرجل يوصي بثلث ماله لرجل ويقول غلامي يخدم فلانا ما عاش ثم هو حر فينظر في ذلك فيوجد العبد ثلث مال الميت قال فإن خدمة العبد تقوم ثم يتحاصان يحاص الذي أوصي له بالثلث بثلثه ويحاص الذي أوصي له بخدمة العبد بما قوم له من خدمة العبد فيأخذ كل واحد منهما من خدمة العبد أو من إجارته أن كانت له إجارة بقدر حصته فإذا مات الذي جعلت له خدمة العبد ما عاش عتق العبد قال وسمعت مالكا يقول في الذي يوصي في ثلثه فيقول لفلان كذا وكذا ولفلان كذا وكذا يسمي مالا من ماله فيقول ورثته قد زاد على ثلثه فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوا أهل الوصايا وصاياهم ويأخذوا جميع مال الميت وبين أن يقسموا لأهل الوصايا ثلث مال الميت فيسلموا إليهم ثلثه فتكون حقوقهم فيه إن أرادوا بالغا ما بلغ.(2/456)
4 - باب أمر الحامل والمريض والذي يحضر القتال في أموالهم
1496- قال يحيى: سمعت مالكا يقول أحسن ما سمعت في وصية الحامل وفي قضاياها في مالها وما يجوز لها ان الحامل كالمريض فإذا كان المرض الخفيف غير المخوف على صاحبه فإن صاحبه يصنع في ماله ما يشاء وإذا كان المرض المخوف عليه لم يجز لصاحبه شيء إلا في ثلثه قال وكذلك المرأة الحامل أول حملها بشر وسرور وليس بمرض ولا خوف لان الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} 1 وقال: {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} 2 فالمرأة الحامل إذا اثقلت لم يجز لها قضاء إلا في ثلثها فأول الاتمام ستة اشهر قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} 3 وقال: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} 4 فإذا مضت للحامل ستة اشهر من يوم حملت لم يجز لها قضاء في مالها إلا في الثلث.
قال وسمعت مالكا يقول في الرجل يحضر القتال أنه إذا زحف في الصف للقتال لم يجز له أن يقضي في ماله شيئا إلا في الثلث وإنه بمنزلة الحامل والمريض المخوف عليه ما كان بتلك الحال.
ـــــــ
1 سورة هود الآية: 71.
2 سورة الأعراف الآية: 189.
3 سورة البقرة الآية: 233.
4 سورة الاحقاف الآية: 15.(2/456)
5 - باب الوصية للوارث والحيازة
1497- قال يحيى: سمعت مالكا يقول في هذه الآية أنها منسوخة قول الله تبارك وتعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} 1 نسخها ما نزل من قسمة الفرائض في كتاب الله عز وجل قال وسمعت مالكا يقول السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت وأنه أن أجاز له بعضهم وأبى بعض جاز له حق من أجاز منهم ومن أبى أخذ حقه من ذلك قال وسمعت مالكا يقول في المريض الذي يوصي فيستأذن ورثته في وصيته وهو" مريض ليس له من ماله إلا ثلثه فيأذنون له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه إنه ليس لهم أن يرجعوا في ذلك ولو جاز ذلك لهم صنع كل وارث ذلك فإذا هلك الموصي أخذوا ذلك لأنفسهم ومنعوه الوصية في ثلثه وما أذن له به في ماله قال فأما أن يستأذن ورثته في وصية يوصي بها لوارث في صحته فيأذنون له فإن ذلك لا يلزمهم ولورثته أن يردوا ذلك إن شاءوا وذلك أن الرجل إذا كان صحيحا كان أحق بجميع ماله يصنع فيه ما شاء إن شاء أن يخرج من جميعه خرج فيتصدق به أو يعطيه من شاء وإنما يكون استئذانه ورثته جائزا على الورثة إذا أذنوا له حين يحجب عنه ماله ولا يجوز له شيء إلا في ثلثه وحين هم أحق بثلثي ماله منه فذلك حين يجوز عليهم أمرهم وما أذنوا له به فإن سأل بعض ورثته أن يهب له ميراثه حين تحضره الوفاة فيفعل ثم لا يقضي فيه الهالك شيئا فإنه رد على من وهبه إلا أن يقول له الميت فلان لبعض ورثته ضعيف وقد أحببت أن تهب له ميراثك فأعطاه إياه فإن ذلك جائز إذا سماه الميت له قال وإن وهب له ميراثه ثم أنفذ الهالك بعضه وبقي بعض فهو رد على الذي وهب يرجع إليه ما بقي بعد وفاة الذي أعطيه.
قال وسمعت مالكا يقول فيمن أوصى بوصية فذكر أنه قد كان أعطى بعض ورثته شيئا لم يقبضه فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك فإن ذلك يرجع إلى الورثة ميراثا على كتاب الله لأن الميت لم يرد أن يقع شيء من ذلك في ثلثه ولا يحاص أهل الوصايا في ثلثه بشيء من ذلك.
ـــــــ
1 سورة البقرة الآية: 180.(2/457)
"6 - باب ما جاء في المؤنث من الرجال ومن أحق بالولد"
1498- حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه: أن مخنثا كان عند أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم،
ـــــــ.
1498/5- عن هشام بن عروة عن أبيه أن مخنثا الحديث هكذا رواه جمهور الرواة عن مالك مرسلا ورواه سعيد بن أبي مريم عن مالك عن هشام عن أبيه عن أم سلمة وأخرجه البخاري ومسلم من طرق عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة به والمخنث بكسر النون المؤنث الذي لا أرب له في النساء وليس المراد ذا الفاحشة واسم المخنث المذكور هيت بكسر الهاء وسكون التحتية ومثناة وقيل: بفتح الهاء وقيل: بنون وموحدة وقيل: اسمه ماتع بمثناة وقيل: بنون وقيل: إنه بالفتح وتشديد النون فقال لعبد الله بن أبي أمية: هو أخو أم سلمة ومولى هيت المذكور على ابنة غيلان اسمها بادية بالتحتية وقيل: بالنون وأبوها(2/457)
فقال لعبد الله بن أبي أمية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع يا عبد الله أن فتح الله عليكم الطائف غدا فأنا أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخلن هؤلاء عليكم" .
000- وحدثني مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال سمعت القاسم بن محمد يقول: كانت عند عمر بن الخطاب امرأة من الأنصار فولدت له عاصم بن عمر ثم إنه فارقها فجاء عمر قباء فوجد ابنه عاصما يلعب بفناء المسجد فأخذ بعضده فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه حتى أتيا أبا بكر الصديق فقال عمر: ابني وقالت المرأة ابني فقال أبو بكر خل بينها وبينه قال فما راجعه عمر الكلام قال وسمعت مالكا يقول وهذا الأمر الذي آخذ به في ذلك.
ـــــــ.
هو الذي أسلم على عشر نسوة تقبل بأربع وتدبر بثمان قال مالك: والجمهور معناه أن في بطنها أربع عكن ينعطف بعضها على بعض فإذا أقبلت رؤيت مواضعها بارزة متكسرا بعضها على بعض وإذا أدبرت كان أطرافها عند منقطع جنبيها ثمانية وزاد بن الكلبي في روايته بعد هذه الجملة مع ثغر كالأقحوان إن جلست تثنت وإن تكلمت تغنت بين رجليها مثل الإناء المكفوء.(2/458)
"7 - باب العيب في السلعة وضمانها
1499 - قال يحيى: سمعت مالكا يقول في الرجل يبتاع السلعة من الحيوان أو الثياب أو العروض فيوجد ذلك البيع غير جائز فيرد ويؤمر الذي قبض السلعة أن يرد إلى صاحبه سلعته.
قال مالك: فليس لصاحب السلعة إلا قيمتها يوم قبضت منه وليس يوم يرد ذلك إليه وذلك أنه ضمنها من يوم قبضها فما كان فيها من نقصان بعد ذلك كان عليه فبذلك كان نماؤها وزيادتها له وإن الرجل يقبض السلعة في زمان هي فيه نافقة مرغوب فيها ثم يردها في زمان هي فيه ساقطة لا يريدها أحد فيقبض الرجل السلعة من الرجل فيبيعها بعشرة دنانير ويمسكها وثمنها ذلك ثم يردها وإنما ثمنها دينار فليس له أن يذهب من مال الرجل بتسعة دنانير أو يقبضها منه الرجل فيبيعها بدينار أو يمسكها وإنما ثمنها دينار ثم يردها وقيمتها يوم يردها عشرة دنانير فليس على الذي قبضها أن يغرم لصاحبها من ماله تسعة دنانير إنما عليه قيمة ما قبض يوم قبضه قال ومما يبين ذلك أن السارق إذا سرق السلعة فإنما ينظر إلى ثمنها يوم يسرقها فإن كان يجب فيه القطع كان ذلك عليه وإن استأخر قطعه إما في سجن يحبس فيه حتى ينظر في شأنه وإما أن يهرب السارق ثم يؤخذ بعد ذلك فليس استئخار قطعه بالذي يضع عنه حدا قد وجب عليه يوم سرق وإن رخصت تلك السلعة بعد ذلك ولا بالذي يوجب عليه قطعا لم يكن وجب عليه يوم أخذها إن غلت تلك السلعة بعد ذلك.(2/458)
"8 - باب جامع القضاء وكراهيته"
1500- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي أن هلم
ـــــــ.
1500/7- وقد بلغني أنك جعلت طبيبا أي قاضيا وكان أبو الدرداء جعل قاضيا بدمشق وهو أول من ولى القضاء بها.(2/458)
9 - باب ما جاء فيما افسد العبيد أو جرحوا
1502- قال يحيى: سمعت مالكا يقول السنة عندنا في جناية العبيد أن كل ما أصاب العبد من جرح جرح به انسانا أو شيء اختلسه أو حريسة احترسها أو ثمر معلق جذه أو أفسده أو سرقة سرقها لا قطع عليه فيها أن ذلك في رقبة العبد لا يعدو ذلك الرقبة قل ذلك أو كثر فإن شاء(2/459)
سيده أن يعطي قيمة ما أخذ غلامه أو أفسد أو عقل ما جرح أعطاه وأمسك غلامه وإن شاء ان يسلمه أسلمه وليس عليه شيء غير ذلك فسيده في ذلك بالخيار.(2/460)
"10 - باب ما يجوز من النحل"
1503- حدثني مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان بن عفان قال: من نحل ولدا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحله فأعلن ذلك له وأشهد عليها فهي جائزة وإن وليها أبوه قال مالك: الأمر عندنا أن من نحل ابنا له صغيرا ذهبا أو ورقا ثم هلك وهو يليه أنه لا شيء للابن من ذلك إلا أن يكون الأب عزلها بعينها أو دفعها إلى رجل وضعها لابنه عند ذلك الرجل فإن فعل ذلك فهو جائز للابن.(2/460)
كتاب العتق والولاء
باب من أعتق شركاً له في مملوك
...
"38 - كتاب العتق والولاء"
"1 - باب من أعتق شركا له في مملوك"
1504- حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق" .
قال مالك: والأمر المجتمع عليه عندنا في العبد يعتق سيده منه شقصا ثلثه أو ربعه أو نصفه أو سهما من الأسهم بعد موته أنه لا يعتق منه إلا ما اعتق سيده وسمى من ذلك الشقص وذلك أن عتاقة ذلك الشقص إنما وجبت وكانت بعد وفاة الميت وإن سيده كان مخيرا في ذلك ما عاش فلما وقع العتق للعبد على سيده الموصي لم يكن للموصي إلا ما أخذ من ماله ولم يعتق ما بقي من العبد لأن ماله قد صار لغيره فكيف يعتق ما بقي من العبد على قوم آخرين ليسوا هم ابتدؤوا العتاقة ولا أثبتوها ولا لهم الولاء ولا يثبت لهم وإنما صنع ذلك الميت هو الذي اعتق وأثبت له الولاء فلا يحمل ذلك في مال غيره إلا أن يوصي بأن يعتق ما بقي منه في ماله فإن ذلك لازم لشركائه وورثته وليس لشركائه أن يأبوا ذلك عليه وهو في ثلث مال الميت لأنه ليس على ورثته في ذلك ضرر.
قال مالك: ولو اعتق رجل ثلث عبده وهو مريض فبت عتقه عتق عليه كله في ثلثه وذلك أنه ليس بمنزلة الرجل يعتق ثلث عبده بعد موته لان الذي يعتق ثلث عبده بعد موته لو عاش رجع فيه ولم ينفذ عتقه وإن العبد الذي يبت سيده عتق ثلثه في مرضه يعتق عليه كله أن عاش وإن مات أعتق عليه في ثلثه وذلك أن أمر الميت جائز في ثلثه كما أن أمر الصحيح جائز في ماله كله.
ـــــــ.
كتاب العتق والولاء
1504/1- من أعتق شركا بكسر الشين وسكون الراء أي شقصا أي نصيبا قيمة العدل بفتح العين أي لا زيادة ولا نقص.(2/460)
2 - باب الشرط في العتق
1505- قال مالك: من اعتق عبدا له فبت عتقه حتى تجوز شهادته وتتم حريته ويثبت ميراثه فليس لسيده أن يشترط عليه مثل ما يشترط على عبده من مال أو خدمة ولا يحمل عليه شيئا من الرق لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد".
قال مالك: فهو إذا كان له العبد خالصا أحق باستكمال عتاقته ولا يخلطها بشيء من الرق.(2/461)
"3 - باب من اعتق رقيقا لا يملك مالا غيرهم"
1506- حدثني مالك عن يحيى بن سعيد وعن غير واحد عن الحسن بن أبي الحسن البصري وعن محمد بن سيرين: أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك العبيد.
قال مالك: وبلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم.
1507- وحدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن رجلا في إمارة أبان بن عثمان أعتق رقيقا له كلهم جميعا ولم يكن له مال غيرهم فأمر أبان بن عثمان بتلك الرقيق فقسمت أثلاثا ثم اسهم على أيهم يخرج سهم الميت فيعتقون فوقع السهم على أحد الأثلاث فعتق الثلث الذي وقع عليه السهم.
ـــــــ.
1506/3 - عن يحيى بن سعيد وعن غير واحد عن الحسن بن أبي الحسن البصري وعن محمد بن سيرين أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وصله النسائي من طريق قتادة وحميد الطويل وسماك بن حرب ثلاثتهم عن الحسن عن عمران بن حصين به ووصله بن عبد البر من طريق يزيد بن إبراهيم عن الحسن وابن سيرين عن عمران بن حصين به وقال رواه عن الحسن جماعة منهم غير من ذكر أشعث بن عبد الملك ويونس بن عبيد ومبارك بن فضالة وخالد الحذاء ووصله مسلم من طريق هشام بن حسان وأبو داود من طريق أيوب ويحيى بن عتيق ثلاثتهم عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين به وفيه لم يكن له مال غيرهم وإن الرجل من الأنصار.(2/461)
"4 - باب القضاء في مال العبد إذا عتق"
1508- حدثني مالك عن بن شهاب أنه سمعه يقول: مضت السنة أن العبد إذا أعتق تبعه ماله.
قال مالك: ومما يبين ذلك أن العبد إذا أعتق تبعه ماله أن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله وإن لم يشترطه المكاتب وذلك أن عقد الكتابة هو عقد الولاء إذا تم ذلك وليس مال العبد والمكاتب بمنزلة ما كان لهما من ولد إنما اولادهما بمنزلة رقابهما ليسوا بمنزلة اموالهما لأن السنة التي لا اختلاف فيها أن العبد إذا عتق تبعه ماله ولم يتبعه ولده وإن المكاتب إذا كوتب تبعه ماله ولم يتبعه ولده.(2/461)
"5 - باب عتق أمهات الأولاد وجامع القضاء في العتاقة"
1509- حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب قال: أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها وهو يستمتع بها فإذا مات فهي حرة.
1510- وحدثني مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب: أتته وليدة قد ضربها سيدها بنار أو أصابها بها فاعتقها.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا تجوز عتاقة رجل وعليه دين يحيط بماله وانه لا تجوز عتاقة الغلام حتى يحتلم أو يبلغ مبلغ المحتلم وانه لا تجوز عتاقة المولى عليه في ماله وإن بلغ الحلم حتى يلي ماله.(2/462)
باب مايجوز من العتق في الرقاب الواجبة
...
"6 - باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة"
1511- حدثني مالك عن هلال بن أسامة عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أن جارية لي كانت ترعى غنما لي فجئتها وقد فقدت شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله" فقالت في السماء فقال من انا فقالت أنت رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اعتقها" .
ـــــــ.
1511/10- عن عطاء بن يسار عن عمر بن الحكم قال النسائي: كذا يقول مالك عمر بن الحكم وغيره يقول معاوية بن الحكم السلمي وقال بن عبد البر: هكذا قال مالك: عمر بن الحكم وهو وهم عند جميع أهل العلم بالحديث وليس في الصحابة رجل يقال له: بن الحكم وإنما هو معاوية بن الحكم كذا قال فيه كل من ورى هذا الحديث عن هلال أو غيره ومعاوية بن الحكم معروف في الصحابة وحديثه هذا معروف له وممن نص على أن مالكا وهم في ذلك البزار وغيره انتهى فأسفت عليها أ ي غضبت أين الله فقالت: في السماء قال بن عبد البر: هو على حد قوله تعالى أأمنتم من في السماء: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 1 وقال الباجي: لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله ورفعته وشرفه.
ـــــــ
1 سورة فاطر الآية: 10.(2/462)
"7 - باب ما لا يجوز من العتق في الرقاب الواجبة"
1515- حدثني مالك انه بلغه أن عبد الله بن عمر: سئل عن الرقبة الواجبة هل تشترى بشرط فقال لا.
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في الرقاب الواجبة انه لا يشتريها الذي يعتقها فيما وجب عليه بشرط على أن يعتقها لأنه إذا فعل ذلك فليست برقبة تامة لأنه يضع من ثمنها للذي يشترط من عتقها.
قال مالك: ولا بأس أن يشتري الرقبة في التطوع ويشترط أن يعتقها.
قال مالك: أن أحسن ما سمع في الرقاب الواجبة انه لا يجوز أن يعتق فيها نصراني ولا يهودي ولا يعتق فيها مكاتب ولا مدبر ولا أم ولد ولا معتق إلى سنين ولا أعمى ولا بأس أن يعتق النصراني واليهودي والمجوسي تطوعا لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [سورة محمد: الآية: 4] فالمن العتاقة.
قال مالك: فأما الرقاب الواجبة التي ذكر الله في الكتاب فإنه لا يعتق فيها إلا رقبة مؤمنة قال مالك: وكذلك في إطعام المساكين في الكفارات لا ينبغي أن يطعم فيها إلا المسلمون ولا يطعم فيها أحد على غير دين الإسلام.(2/463)
"8 - باب عتق الحي عن الميت"
1516- حدثني مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري: أن أمه أرادت أن توصي ثم أخرت ذلك إلى أن تصبح فهلكت وقد كانت همت بأن تعتق فقال عبد الرحمن فقلت للقاسم بن(2/463)
باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزنى
...
"9 - باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وبن الزنى"
1518- حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرقاب أيها أفضل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها" .
000 - وحدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه اعتق ولد زنا وأمه.(2/464)
"10 - باب مصير الولاء لمن اعتق"
1519- حدثني مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها
ـــــــ.
1519/17- جاءت بريرة هي حبشية خذيها واشترطي لهم الولاء قال النووي: هذا مشكل من حيث أنها اشترتها واشترطت لهم الولاء وهذا الشرط يفسد البيع ومن حيث أنها خدعت البائعين وشرطت لهم مالا يصح ولا يحصل لهم وكيف أذن لعائشة في هذا ولهذا الاشكال أنكر بعض العلماء هذا الحديث بجملته وهذا منقول عن يحيى بن أكثم واستدل بسقوط هذه اللفظة في كثير من الروايات وقال جماهير العلماء هذه اللفظة صحيحة واختلفوا في تأويلها فقال بعضهم: اشترطي هلم الولاء أي عليهم قال تعالى: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} 1 يعني عليهم وقال تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وإن أَسَأْتُمْ فَلَهَا} 2 أي فعليها وهذا منقول عن الشافعي والمزني وغيرهما وضعف بأنه صلى الله عليه وسلم أنكر عليهم الاشتراط ولو كان كما قاله صاحب هذا التأويل لم ينكره وأجيب بأنه إنما أنكر ما أرادوا اشتراطه في أول الأمر وقيل: معنى اشتراطي لهم الولاء أي أظهري لكم حكم الولاء وقيل: المراد الزجر والتوبيخ لهم لأنه عليه السلام كان بين لهم حكم الولاء وإن هذا الشرط لا يحل فلما لحوا اشتراطه ومخالفة الأمر قال لعائشة هذا المعنى لا تبالي به سواء شرطية أم لا فإنه شرط باطل مردود لأنه قد سبق بيانه فعلى هذا يكون لفظه اشترطي هنا للإباحة والأصح في تأويل الحديث ما قاله أصحابنا في كتب الفقه أن هذا الشرط خاص في قضية عائشة واحتمل هذا الإذن وابطاله في هذه القضية الخاصة وهي قضية عين لا عموم لها والحكمة في اذنه فيه ثم ابطاله أن يكون أبلغ في قطع عادتهم في ذلك وزجرهم عن مثله كما أذن لهم صلى الله عليه وسلم في الإحرام بالحج في حجة الوداع ثم أمرهم بفسخه وجعله عمرة بعد أن أحرموا بالحج وإنما فعل ذلك ليكون أبلغ في زجرهم وقطعهم عما اعتادوه من منع العمرة في الحج في اشهر الحج وقد تحتمل المفسدة اليسيرة لتحصيل مصلحة عظيمة انتهى قضاء الله أحق قال النووي: قيل: المراد به قوله تعالى: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} 3 وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} 4 الآية قال.
ـــــــ
1 سورة غافر الآية: 52.
2 سورة الاسراء الآية: 7.
3 سورة الأحزاب الآية: 5.
4 سورة الحشر الآية: 7.(2/464)
"11 - باب جر العبد الولاء إذا اعتق"
1523- حدثني مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: أن الزبير بن العوام اشترى عبدا فأعتقه،(2/465)
ولذلك العبد بنون من امرأة حرة فلما أعتقه الزبير قال هم موالي وقال موالي امهم بل هم موالينا فاختصموا إلى عثمان بن عفان فقضى عثمان للزبير بولائهم.
وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب سئل عن عبد له ولد من امرأة حرة لمن ولاؤهم فقال سعيد أن مات أبوهم وهو عبد لم يعتق فولاؤهم لموالي أمهم.
قال مالك: ومثل ذلك ولد الملاعنة من الموالي ينسب إلى موالي أمه فيكونون هم مواليه أن مات ورثوه وإن جر جريرة عقلوا عنه فإن اعترف به أبوه ألحق به وصار ولاؤه إلى موالي أبيه وكان ميراثه لهم وعقله عليهم ويجلد أبوه الحد.
قال مالك: وكذلك المرأة الملاعنة من العرب إذا اعترف زوجها الذي لاعنها بولدها صار بمثل هذه المنزلة إلا أن بقية ميراثه بعد ميراث أمه وإخوته لأمه لعامة المسلمين ما لم يلحق بأبيه وإنما ورث ولد الملاعنة الموالاة موالي أمه قبل أن يعترف به أبوه لأنه لم يكن له نسب ولا عصبة فلما ثبت نسبه صار إلى عصبته.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في ولد العبد من امرأة حرة وأبو العبد حر أن الجد أبا العبد يجر ولاء ولد ابنه الأحرار من امرأة حرة يرثهم ما دام أبوهم عبدا فإن عتق أبوهم رجع الولاء إلى مواليه وإن مات وهو عبد كان الميراث والولاء للجد وإن العبد كان له ابنان حران فمات أحدهما وأبوه عبد جر الجد أبو الأب الولاء والميراث.
قال مالك: في الأمة تعتق وهي حامل وزوجها مملوك ثم يعتق زوجها قبل أن تضع حملها أو بعد ما تضع أن ولاء ما كان في بطنها للذي اعتق أمه لأن ذلك الولد قد كان أصابه الرق قبل أن تعتق أمه وليس هو بمنزلة الذي تحمل به أمه بعد العتاقة لأن الذي تحمل به أمه بعد العتاقة إذا أعتق أبوه جر ولاءه.
قال مالك: في العبد يستأذن سيده أن يعتق عبدا له فيأذن له سيده أن ولاء العبد المعتق لسيد العبد لا يرجع ولاؤه لسيده الذي أعتقه وإن عتق.(2/466)
"12 - باب ميراث الولاء"
1524- حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه أخبره: أن العاصي بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة اثنان لأم ورجل لعلة فهلك أحد اللذين لأم وترك مالا وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه ماله وولاءه مواليه ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه فقال ابنه قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي وقال أخوه ليس كذلك إنما أحرزت المال واما ولاء الموالي فلا أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه بولاء الموالي.
1525- وحدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم: أنه أخبره أبوه أنه كان جالسا عند أبان بن عثمان فاختصم إليه نفر من جهينة ونفر من بني الحارث بن الخزرج وكانت امرأة من جهينة(2/466)
عند رجل من بني الحارث بن الخزرج يقال له: إبراهيم بن كليب فماتت المرأة وتركت مالا وموالي فورثها ابنها وزوجها ثم مات ابنها فقال ورثته لنا ولاء الموالي قد كان ابنها أحرزه فقال الجهنيون ليس كذلك إنما هم موالي صاحبتنا فإذا مات ولدها فلنا ولاؤهم ونحن نرثهم فقضى أبان بن عثمان للجهنيين بولاء الموالي.
1526- وحدثني مالك أنه بلغه أن سعيد بن المسيب قال: في رجل هلك وترك بنين له ثلاثة وترك موالي اعتقهم هو عتاقة ثم أن الرجلين من بنيه هلكا وتركا اولادا فقال سعيد بن المسيب يرث الموالي الباقي من الثلاثة فإذا هلك هو فولده وولد إخوته في ولاء الموالي شرع سواء.(2/467)
"13 - باب ميراث السائبة وولاء من اعتق اليهودي والنصراني".
1527- وحدثني مالك انه: سأل بن شهاب عن السائبة قال يوالي من شاء فإن مات ولم يوالي أحدا فميراثه للمسلمين وعقله عليهم قال مالك: أن أحسن ما سمع في السائبة انه لا يوالي أحدا وإن ميراثه للمسلمين وعقله عليهم قال مالك: في اليهودي والنصراني يسلم عبد أحدهما فيعتقه قبل أن يباع عليه أن ولاء العبد المعتق للمسلمين وإن اسلم اليهودي أو النصراني بعد ذلك لم يرجع إليه الولاء ابدا قال ولكن إذا اعتق اليهودي أو النصراني عبدا على دينهما ثم اسلم المعتق قبل أن يسلم اليهودي أو النصراني الذي أعتقه ثم اسلم الذي أعتقه رجع إليه الولاء لأنه قد كان ثبت له الولاء يوم أعتقه قال مالك: وإن كان لليهودي أو النصراني ولد مسلم ورث موالي أبيه اليهودي أو النصراني إذا اسلم المولى المعتق قبل أن يسلم الذي أعتقه وإن كان المعتق حين اعتق مسلما لم يكن لولد النصراني أو اليهودي المسلمين من ولاء العبد المسلم شيء لأنه ليس لليهودي ولا للنصراني ولاء فولاء العبد المسلم لجماعة المسلمين.(2/467)
كتاب المكاتب
باب القضاء في المكاتب
...
"39 - كتاب المكاتب"
"1 - باب القضاء في المكاتب"
1528- حدثني مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء.
1529- وحدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار كانا يقولان: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء قال مالك: وهو رأيي.
قال مالك: فإن هلك المكاتب وترك مالا أكثر مما بقي عليه من كتابته وله ولد ولدوا في
ـــــــ.
كتاب المكاتب(2/467)
2 - باب الحمالة في الكتابة
1531 - قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا كوتبوا جميعا كتابة واحدة فإن بعضهم حملاء عن بعض وإنه لا يوضع عنهم لموت أحدهم شيء وإن قال أحدهم قد عجزت وألقى بيديه فإن لأصحابه أن يستعملوه فيما يطيق من العمل ويتعاونون بذلك في كتابتهم حتى يعتق بعتقهم إن عتقوا ويرق برقهم إن رقوا.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبد إذا كاتبه سيده لم ينبغ لسيده أن يتحمل له بكتابة عبده أحد إن مات العبد أو عجز وليس هذا من سنة المسلمين وذلك أنه إن تحمل رجل لسيد المكاتب بما عليه من كتابته ثم اتبع ذلك سيد المكاتب قبل الذي تحمل له أخذ ماله باطلا لا هو ابتاع المكاتب فيكون ما أخذ منه من ثمن شيء هو له ولا المكاتب عتق فيكون في ثمن حرمة ثبتت له فإن عجز المكاتب رجع إلى سيده وكان عبدا مملوكا له وذلك أن الكتابة ليست بدين ثابت يتحمل لسيد المكاتب بها إنما هي شيء إن أداه المكاتب عتق وإن مات المكاتب وعليه دين لم يحاص الغرماء سيده بكتابته وكان الغرماء أولى بذلك من سيده وإن عجز المكاتب وعليه دين للناس رد عبدا مملوكا لسيده وكانت ديون الناس في ذمة المكاتب لا يدخلون مع سيده في شيء من ثمن رقبته.
قال مالك: إذا كاتب القوم جميعا كتابة واحدة ولا رحم بينهم يتوارثون بها فإن بعضهم(2/469)
حملاء عن بعض ولا يعتق بعضهم دون بعض حتى يؤدوا الكتابة كلها فإن مات أحد منهم وترك مالا هو أكثر من جميع ما عليهم أدي عنهم جميع ما عليهم وكان فضل المال لسيده ولم يكن لمن كاتب معه من فضل المال شيء ويتبعهم السيد بحصصهم التي بقيت عليهم من الكتابة التي قضيت من مال الهالك لأن الهالك إنما كان تحمل عنهم فعليهم أن يؤدوا ما عتقوا به من ماله وإن كان للمكاتب الهالك ولد حر لم يولد في الكتابة ولم يكاتب عليه لم يرثه لأن المكاتب لم يعتق حتى مات.(2/470)
"3 - باب القطاعة في الكتابة"
1532- حدثني مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: كانت تقاطع مكاتبيها بالذهب والورق.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في المكاتب يكون بين الشريكين فإنه لا يجوز لأحدهما أن يقاطعه على حصته إلا بإذن شريكه وذلك أن العبد وماله بينهما فلا يجوز لأحدهما أن يأخذ شيئا من ماله إلا بإذن شريكه ولو قاطعه أحدهما دون صاحبه ثم حاز ذلك ثم مات المكاتب وله مال أو عجز لم يكن لمن قاطعه شيء من ماله ولم يكن له أن يرد ما قاطعه عليه ويرجع حقه في رقبته ولكن من قاطع مكاتبا بإذن شريكه ثم عجز المكاتب فإن أحب الذي قاطعه أن يرد الذي أخذ منه من القطاعة ويكون على نصيبه من رقبة المكاتب كان ذلك له وإن مات المكاتب وترك مالا استوفى الذي بقيت له الكتابة حقه الذي بقي له على المكاتب من ماله ثم كان ما بقي من مال المكاتب بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصصهما في المكاتب وإن كان أحدهما قاطعه وتماسك صاحبه بالكتابة ثم عجز المكاتب قيل: للذي قاطعه إن شئت أن ترد على صاحبك نصف الذي أخذت ويكون العبد بينكما شطرين وإن أبيت فجميع العبد للذي تمسك بالرق خالصا.
قال مالك: في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطعه أحدهما بإذن صاحبه ثم يقتضي الذي تمسك بالرق مثل ما قاطع عليه صاحبه أو أكثر من ذلك ثم يعجز المكاتب.
قال مالك: فهو بينهما لأنه إنما اقتضى الذي له عليه وإن اقتضى أقل مما أخذ الذي قاطعه ثم عجز المكاتب فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به ويكون العبد بينهما نصفين فذلك له وإن أبى فجميع العبد للذي لم يقاطعه وإن مات المكاتب وترك مالا فأحب الذي قاطعه أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به ويكون الميراث بينهما فذلك له وإن كان الذي تمسك بالكتابة قد أخذ مثل ما قاطع عليه شريكه أو أفضل فالميراث بينهما بقدر ملكهما لأنه إنما أخذ حقه.
قال مالك: في المكاتب يكون بين الرجلين فيقاطع أحدهما على نصف حقه بإذن صاحبه ثم يقبض الذي تمسك بالرق أقل مما قاطع عليه صاحبه ثم يعجز المكاتب.
قال مالك: إن أحب الذي قاطع العبد أن يرد على صاحبه نصف ما تفضله به كان العبد بينهما شطرين وإن أبي أن يرد فللذي تمسك بالرق حصة صاحبه الذي كان قاطع عليه المكاتب.
قال مالك: وتفسير ذلك أن العبد يكون بينهما شطرين فيكاتبانه جميعا ثم يقاطع أحدهما المكاتب على نصف حقه بإذن صاحبه وذلك الربع من جميع العبد ثم يعجز المكاتب فيقال للذي(2/470)
قاطعه إن شئت فأردد على صاحبك نصف ما فضلته به ويكون العبد بينكما شطرين وإن أبى كان للذي تمسك بالكتابة ربع صاحبه الذي قاطع المكاتب عليه خالصا وكان له نصف العبد فذلك ثلاثة أرباع العبد وكان للذي قاطع ربع العبد لأنه أبى أن يرد ثمن ربعه الذي قاطع عليه.
قال مالك: في المكاتب يقاطعه سيده فيعتق ويكتب عليه ما بقي من قطاعته دينا عليه ثم يموت المكاتب وعليه دين للناس قال مالك: فإن سيده لا يحاص غرماءه بالذي عليه من قطاعته ولغرمائه أن يبدؤوا عليه قال مالك: ليس للمكاتب أن يقاطع سيده إذا كان عليه دين للناس فيعتق ويصير لا شيء له لأن أهل الدين أحق بماله من سيده فليس ذلك بجائز له.
قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يكاتب عبده ثم يقاطعه بالذهب فيضع عنه مما عليه من الكتابة على أن يعجل له ما قاطعه عليه أنه ليس بذلك بأس وإنما كره ذلك من كرهه لأنه أنزله بمنزلة الدين يكون للرجل على الرجل إلى أجل فيضع عنه وينقده وليس هذا مثل الدين إنما كانت قطاعة المكاتب سيده على أن يعطيه مالا في أن يتعجل العتق فيجب له الميراث والشهادة والحدود وتثبت له حرمة العتاقة ولم يشتر دراهم بدراهم ولا ذهبا بذهب وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لغلامه ائتني بكذا وكذا دينارا وأنت حر فوضع عنه من ذلك فقال إن جئتني بأقل من ذلك فأنت حر فليس هذا دينا ثابتا ولو كان دينا ثابتا لحاص به السيد غرماء المكاتب إذا مات أو أفلس فدخل معهم في مال مكاتبه.(2/471)
4 - باب جراح المكاتب
1533- قال مالك: أحسن ما سمعت في المكاتب يجرح الرجل جرحا يقع فيه العقل عليه أن المكاتب إن قوي على أن يؤدي عقل ذلك الجرح مع كتابته أداه وكان على كتابته فإن لم يقو على ذلك فقد عجز عن كتابته وذلك أنه ينبغي أن يؤدي عقل ذلك الجرح قبل الكتابة فإن هو عجز عن أداء عقل ذلك الجرح خير سيده فإن أحب أن يؤدي عقل ذلك الجرح فعل وأمسك غلامه وصار عبدا مملوكا وإن شاء أن يسلم العبد إلى المجروح أسلمه وليس على السيد أكثر من أن يسلم عبده.
قال مالك: في القوم يكاتبون جميعا فيجرح أحدهم جرحا فيه عقل.
قال مالك: من جرح منهم جرحا فيه عقل قيل: له وللذين معه في الكتابة أدوا جميعا عقل ذلك الجرح فإن أدوا ثبتوا على كتابتهم وإن لم يؤدوا فقد عجزوا ويخير سيدهم فإن شاء أدى عقل ذلك الجرح ورجعوا عبيدا له جميعا وإن شاء اسلم الجارح وحده ورجع الآخرون عبيدا له جميعا بعجزهم عن أداء عقل ذلك الجرح الذي جرح صاحبهم.
قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن المكاتب إذا أصيب بجرح يكون له فيه عقل أو أصيب أحد من ولد المكاتب الذين معه في كتابته فإن عقلهم عقل العبيد في قيمتهم وإن ما أخذ لهم من عقلهم يدفع إلى سيدهم الذي له الكتابة ويحسب ذلك للمكاتب في آخر كتابته فيوضع عنه ما أخذ سيده من دية جرحه.(2/471)
قال مالك: وتفسير ذلك أنه كأنه كاتبه على ثلاثة آلاف درهم وكان دية جرحه الذي أخذها سيده ألف درهم فإذا أدى المكاتب إلى سيده ألفي درهم فهو حر وإن كان الذي بقي عليه من كتابته ألف درهم وكان الذي أخذ من دية جرحه ألف درهم فقد عتق وإن كان عقل جرحه أكثر مما بقي على المكاتب أخذ سيد المكاتب ما بقي من كتابته وعتق وكان ما فضل بعد أداء كتابته للمكاتب ولا ينبغي أن يدفع إلى المكاتب شيء من دية جرحه فيأكله ويستهلكه فإن عجز رجع إلى سيده أعور أو مقطوع اليد أو معضوب الجسد وإنما كاتبه سيده على ماله وكسبه ولم يكاتبه على أن يأخذ ثمن ولده ولا ما أصيب من عقل جسده فيأكله ويستهلكه ولكن عقل جراحات المكاتب وولده الذين ولدوا في كتابته أو كاتب عليهم يدفع إلى سيده ويحسب ذلك له في آخر كتابته.(2/472)
5 - باب بيع المكاتب
1534- قال مالك: إن أحسن ما سمع في الرجل يشتري مكاتب الرجل أنه لا يبيعه إذا كان كاتبه بدنانير أو دراهم إلا بعرض من العروض يعجله ولا يؤخره لأنه إذا أخره كان دينا بدين وقد نهى عن الكالئ بالكالئ قال وإن كاتب المكاتب سيده بعرض من العروض من الإبل أو البقر أو الغنم أو الرقيق فإنه يصلح للمشتري أن يشتريه بذهب أو فضة أو عرض مخالف للعروض التي كاتبه سيده عليها يعجل ذلك ولا يؤخره.
قال مالك: أحسن ما سمعت في المكاتب أنه إذا بيع كان أحق باشتراء كتابته ممن اشتراها إذا قوي أن يؤدي إلى سيده الثمن الذي باعه به نقدا وذلك أن اشترائه نفسه عتاقة والعتاقة تبدأ على ما كان معها من الوصايا وإن باع بعض من كاتب المكاتب نصيبه منه فباع نصف المكاتب أو ثلثه أو ربعه أو سهما من أسهم المكاتب فليس للمكاتب فيما بيع منه شفعة وذلك أنه يصير بمنزلة القطاعة وليس له أن يقاطع بعض من كاتبه إلا بإذن شركائه وإن ما بيع منه ليست له به حرمة تامة وإن ماله محجور عنه وإن اشتراءه بعضه يخاف عليه منه العجز لما يذهب من ماله وليس ذلك بمنزلة اشتراء المكاتب نفسه كاملا إلا أن يأذن له من بقي له فيه كتابة فإن أذنوا له كان أحق بما بيع منه.
قال مالك: لا يحل بيع نجم من نجوم المكاتب وذلك أنه غرر إن عجز المكاتب بطل ما عليه وإن مات أو أفلس وعليه ديون للناس لم يأخذ الذي اشترى نجمه بحصته مع غرمائه شيئا وإنما الذي يشتري نجما من نجوم المكاتب بمنزلة سيد المكاتب فسيد المكاتب لا يحاص بكتابة غلامه غرماء المكاتب وكذلك الخراج أيضا يجتمع له على غلامه فلا يحاص بما اجتمع له من الخراج غرماء غلامه.
قال مالك: لا بأس بأن يشتري المكاتب كتابته بعين أو عرض مخالف لما كوتب به من العين أو العرض أو غير مخالف معجل أو مؤخر.
قال مالك: في المكاتب يهلك ويترك أم ولد وأولادا له صغارا منها أو من غيرها فلا يقوون على السعي ويخاف عليهم العجز عن كتابتهم قال تباع أم ولد أبيهم إذا كان في ثمنها ما يؤدى به عنهم جميع كتابتهم أمهم كانت أو غير أمهم يؤدى عنهم ويعتقون لأن أباهم كان لا يمنع بيعها إذا(2/472)
خاف العجز عن كتابته فهؤلاء إذا خيف عليهم العجز بيعت أم ولد أبيهم فيؤدى عنهم ثمنها فإن لم يكن في ثمنها ما يؤدى عنهم ولم تقو هي ولا هم على السعي رجعوا جميعا رقيقا لسيدهم.
قال مالك: الأمر عندنا في الذي يبتاع كتابة المكاتب ثم يهلك المكاتب قبل أن يؤدي كتابته أنه يرثه الذي اشترى كتابته وإن عجز فله رقبته وإن أدى المكاتب كتابته إلى الذي اشتراها وعتق فولاؤه للذي عقد كتابته ليس للذي اشترى كتابته من ولائه شيء.(2/473)
"6 - باب سعي المكاتب"
1535- حدثني مالك أنه بلغه أن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار: سئلا عن رجل كاتب على نفسه وعلى بنيه ثم مات هل يسعى بنو المكاتب في كتابة أبيهم أم هم عبيد فقالا بل يسعون في كتابة أبيهم ولا يوضع عنهم لموت أبيهم شيء.
قال مالك: وإن كانوا صغارا لا يطيقون السعي لم ينتظر بهم أن يكبروا وكانوا رقيقا لسيد أبيهم إلا أن يكون المكاتب ترك ما يؤدى به عنهم نجومهم إلى أن يتكلفوا السعي فإن كان فيما ترك ما يؤدى عنهم أدي ذلك عنهم وتركوا على حالهم حتى يبلغوا السعي فإن أدوا عتقوا وإن عجزوا رقوا.
قال مالك: في المكاتب يموت ويترك مالا ليس فيه وفاء الكتابة ويترك ولدا معه في كتابته وأم ولد فأرادت أم ولده أن تسعى عليهم إنه يدفع إليها المال إذا كانت مأمونة على ذلك قوية على السعي وإن لم تكن قوية على السعي ولا مأمونة على المال لم تعط شيئا من ذلك ورجعت هي وولد المكاتب رقيقا لسيد المكاتب.
قال مالك: إذا كاتب القوم جميعا كتابة واحدة ولا رحم بينهم فعجز بعضهم وسعى بعضهم حتى عتقوا جميعا فإن الذين سعوا يرجعون على الذين عجزوا بحصة ما أدوا عنهم لأن بعضهم حملاء عن بعض.(2/473)
باب عتق المكاتب إذ أدى ما عليه قبل محله
...
"7 - باب عتق المكاتب إذا أدى ما عليه قبل محله"
1536- حدثني مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيره يذكرون: أن مكاتبا كان للفرافصة بن عمير الحنفي وأنه عرض عليه أن يدفع إليه جميع ما عليه من كتابته فأبى الفرافصة فأتى المكاتب مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فذكر ذلك له فدعا مروان الفرافصة فقال له ذلك فأبى فأمر مروان بذلك المال أن يقبض من المكاتب فيوضع في بيت المال. وقال للمكاتب اذهب فقد عتقت فلما رأى ذلك الفرافصة قبض المال.
قال مالك: فالأمر عندنا أن المكاتب إذا أدى جميع ما عليه من نجومه قبل محلها جاز ذلك له ولم يكن لسيده أن يأبى ذلك عليه وذلك أنه يضع عن المكاتب بذلك كل شرط أو خدمة أو سفر لأنه لا تتم عتاقة رجل وعليه بقية من رق ولا تتم حرمته ولا تجوز شهادته ولا يجب ميراثه ولا أشباه هذا من أمره ولا ينبغي لسيده أن يشترط عليه خدمة بعد عتاقته.(2/473)
"8 - باب ميراث المكاتب إذا عتق"
1537- حدثني مالك انه بلغه ان سعيد بن المسيب: سئل عن مكاتب كان بين رجلين فأعتق أحدهما نصيبه فمات المكاتب وترك مالا كثيرا فقال يؤدى إلى الذي تماسك بكتابته الذي بقي له ثم يقتسمان ما بقي بالسوية.
قال مالك: إذا كاتب المكاتب فعتق فإنما يرثه أولى الناس بمن كاتبه من الرجال يوم توفي المكاتب من ولد أو عصبة قال وهذا أيضا في كل من اعتق فإنما ميراثه لأقرب الناس ممن أعتقه من ولد أو عصبة من الرجال يوم يموت المعتق بعد ان يعتق ويصير موروثا بالولاء.
قال مالك: الاخوة في الكتابة بمنزلة الولد إذا كوتبوا جميعا كتابة واحدة إذا لم يكن لأحد منهم ولد كاتب عليهم أو ولدوا في كتابته أو كاتب عليهم ثم هلك أحدهم وترك مالا أدى عنهم جميع ما عليهم من كتابتهم وعتقوا وكان فضل المال بعد ذلك لولده دون إخوته.(2/474)
9 - باب الشرط في المكاتب
1538- حدثني مالك في رجل كاتب عبده بذهب أو ورق واشترط عليه في كتابته سفرا أو خدمة أو ضحية ان كل شيء من ذلك سمى باسمه ثم قوي المكاتب على أداء نجومه كلها قبل محلها قال إذا أدى نجومه كلها وعليه هذا الشرط عتق فتمت حرمته ونظر إلى ما شرط عليه من خدمة أو سفر أو ما أشبه ذلك مما يعالجه هو بنفسه فذلك موضوع عنه ليس لسيده فيه شيء وما كان من ضحية أو كسوة أو شيء يؤديه فإنما هو بمنزلة الدنانير والدراهم يقوم ذلك عليه فيدفعه مع نجومه ولا يعتق حتى يدفع ذلك مع نجومه.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه ان المكاتب بمنزلة عبد أعتقه سيده بعد خدمة عشر سنين فإذا هلك سيده الذي أعتقه قبل عشر سنين فإن ما بقي عليه من خدمته لورثته وكان ولاؤه للذي عقد عتقه ولولده من الرجال أو العصبة.
قال مالك: في الرجل يشترط على مكاتبه انك لا تسافر ولا تنكح ولا تخرج من ارضي إلا بإذني فإن فعلت شيئا من ذلك بغير إذني فمحو كتابتك بيدي.
قال مالك: ليس محو كتابته بيده ان فعل المكاتب شيئا من ذلك وليرفع سيده ذلك إلى السلطان وليس للمكاتب ان ينكح ولا يسافر ولا يخرج من أرض سيده إلا بإذنه اشترط ذلك أو لم يشترطه وذلك ان الرجل يكاتب عبده بمائة دينار وله ألف دينار أو أكثر من ذلك فينطلق فينكح المرأة فيصدقها الصداق الذي يجحف بماله ويكون فيه عجزه فيرجع إلى سيده عبدا لا مال له أو(2/474)
10 - باب ولاء المكاتب إذا أعتق
1539- قال مالك: ان المكاتب إذا اعتق عبده ان ذلك غير جائز له إلا بإذن سيده فإن أجاز ذلك سيده له ثم عتق المكاتب كان ولاؤه للمكاتب وإن مات المكاتب قبل ان يعتق كان ولاء المعتق لسيد المكاتب وإن مات المعتق قبل ان يعتق المكاتب ورثه سيد المكاتب.
قال مالك: وكذلك أيضا لو كاتب المكاتب عبدا فعتق المكاتب الآخر قبل سيده الذي كاتبه فإن ولاءه لسيد المكاتب ما لم يعتق المكاتب الأول الذي كاتبه فإن عتق الذي كاتبه رجع إليه ولاء مكاتبه الذي كان عتق قبله وإن مات المكاتب الأول قبل ان يؤدي أو عجز عن كتابته وله ولد أحرار لم يرثوا ولاء مكاتب أبيهم لأنه لم يثبت لأبيهم الولاء ولا يكون له الولاء حتى يعتق.
قال مالك: في المكاتب يكون بين الرجلين فيترك أحدهما للمكاتب الذي له عليه ويشح الآخر ثم يموت المكاتب ويترك مالا.
قال مالك: يقضي الذي لم يترك له شيئا ما بقي له عليه ثم يقتسمان المال كهيئته لو مات عبدا لأن الذي صنع ليس بعتاقة وإنما ترك ما كان له عليه.
قال مالك: ومما يبين ذلك ان الرجل إذا مات وترك مكاتبا وترك بنين رجالا ونساء ثم اعتق أحد البنين نصيبه من المكاتب ان ذلك لا يثبت له من الولاء شيئا ولو كانت عتاقة لثبت الولاء لمن اعتق منهم من رجالهم ونسائهم.
قال مالك: ومما يبين ذلك أيضا انهم إذا اعتق أحدهم نصيبه ثم عجز المكاتب لم يقوم على الذي اعتق نصيبه ما بقي من المكاتب ولو كانت عتاقة قوم عليه حتى يعتق في ماله كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق" قال ومما يبين ذلك أيضا ان من سنة المسلمين التي لا اختلاف فيها ان من اعتق شركا له في مكاتب لم يعتق عليه في ماله ولو عتق عليه كان الولاء له دون شركائه ومما يبين ذلك أيضا ان من سنة المسلمين ان الولاء لمن عقد الكتابة وانه ليس لمن ورث سيد المكاتب من النساء من ولاء المكاتب وإن اعتقن نصيبهن شيء إنما ولاؤه لولد سيد المكاتب الذكور أو عصبته من الرجال.(2/475)
"11 - باب ما لا يجوز من عتق المكاتب
1540- قال مالك: إذا كان القوم جميعا في كتابة واحدة لم يعتق سيدهم أحدا منهم دون مؤامرة أصحابه الذين معه في الكتابة ورضا منهم وإن كانوا صغارا فليس مؤامرتهم بشيء ولا يجوز ذلك عليهم قال وذلك ان الرجل ربما كان يسعى على جميع القوم ويؤدي عنهم كتابتهم لتتم به عتاقتهم فيعمد السيد إلى الذي يؤدي عنهم وبه نجاتهم من الرق فيعتقه فيكون ذلك عجزا لمن بقي منهم وإنما أراد بذلك الفضل والزيادة لنفسه فلا يجوز ذلك على من بقي منهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" وهذا أشد الضرر.(2/475)
"12 - باب ما جاء في عتق المكاتب وأم ولده
1541- قال مالك: في الرجل يكاتب عبده ثم يموت المكاتب ويترك أم ولده وقد بقيت عليه من كتابته بقية ويترك وفاء بما عليه ان أم ولده امة مملوكة حين لم يعتق المكاتب حتى مات ولم يترك ولدا فيعتقون بأداء ما بقي فتعتق أم ولد أبيهم بعتقهم.
قال مالك: في المكاتب يعتق عبدا له أو يتصدق ببعض ماله ولم يعلم بذلك سيده حتى عتق المكاتب.
قال مالك: ينفذ ذلك عليه وليس للمكاتب ان يرجع فيه فإن علم سيد المكاتب قبل ان يعتق المكاتب فرد ذلك ولم يجزه فإنه ان عتق المكاتب وذلك في يده لم يكن عليه ان يعتق ذلك العبد ولا ان يخرج تلك الصدقة إلا ان يفعل ذلك طائعا من عند نفسه.(2/476)