…وعبارة الجلال: ( "قُلِ اِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ" - فرضا- "فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ"، لكن ثبت ألا ولد له، فانتفت عبادته)(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الدخان
…مكية، وقيل إلا: " إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً" - الدخان 15-.
…وهي ست، أو سبع، أو تسع وخمسون آية(2).
…" وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا اِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ" - الدخان 24-: طريقا يبسا، ويأتي أن معناها ساكنا.
…"على علم على العالمين": من قوله تعالى: " وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" - الدخان 32-: على من بين ظهريه، أي فضلناهم على أهل عصرهم، على علم منا بحالهم.
…" وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ": من قوله تعالى:" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ اَمِينٍ"…إلخ - الدخان 51 إلى 54-.
…حورا: جمع حوراء، يحار فيها الطرف من الحسن، وهو تفسير حوراء، والعين جمع عيناء، العظيمة العينين الواسعتهما.
…" كالمهل": من قوله تعالى: " إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الاَثِيمِ كَالْمُهْلِ" -الدخان 43 و44 و45-: كمهل الزيت، أي كدرديه.
…" قوم تبع": من قوله تعالى: " أَهُمْ خَيْرٌ اَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ " -الدخان 37-.
…" فاعتلوه": من قوله تعالى: " خُذُوهُ فَاعْتُلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ" - الدخان 47-.
…" ترجمون":من قوله تعالى:" وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمُ أَن تَرْجُمُونِ"… إلخ
- الدخان 20- : القتل، وقيل ترجمون بالحجارة.
…"فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَاتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ" - الدخان 10-.
1- باب: " يَوْمَ تَاتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ"... إلخ - الدخان 10 و11-.
…4820- مضى خمس: من الآيات.
__________
(1) - حاشية الجلال ص: 643.
(2) - هي خمسون وتسع آيات في الكوفي، وسبع في البصري، وست في الباقي، انظر البيان ص:225، والكشف 2/264.(6/71)
…الدخان: من قوله تعالى: " يَوْمَ تَاتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ ".
…والروم: من قوله تعالى: " ألم . غُلِبَتِ الرُّومُ"...إلخ - الروم 1 و2-.
…والقمر: من قوله تعالى: " اِقْتَرَبَتِ / السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ" - القمر 1-.
…والبطشة: من قوله تعالى: " يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى" - الدخان 16-.
…واللزام: من قوله: " فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا" - الفرقان 77-.
…وتقدم الكلام عليها في سورة الفرقان، فراجعه.
2- باب قوله: " يَغْشَى النَّاسَ":
يحيط بهم، " هَذَا عَذَابٌ اَلِيمٌ" - الدخان 11-، أي قائلين هذا عذاب أليم.
…4821- إنما كان هذا: الدخان المذكور في الآية. كسني يوسف: في القحط والغلاء.
من الجهد: أي الجوع. فأتي رسول الله صلى الله عليه: أي أتاه أبو سفيان. استسق لمضر: يشير إلى أن غير المدعو عليهم قد هلكوا، فهو تهييج على الدعاء لهم، وتدخل قريش بطريق العموم. إنك لجريء: حيث تشرك بالله وتطلب رحمته. الرفاهية: التوسع والراحة.
3- باب قوله: " رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ ":
عذاب القحط، " إِنَّا مُومِنُونَ" - الدخان 12-: مصدقون بنبيك.
…4822- لما غلبوا النبي صلى الله عليه : بخروجهم عن طاعته، وتماديهم على الكفر.
4- " أَنّى لَهُمُ الذِّكْرى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ" - الدخان 13-:
…ظاهر الصدق.
…4823- حصت: أذهبت كل شيء.
5- " ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ ":
يعلمه غلام أعجمي، " مَجْنُونٌ" - الدخان 14- أي الجن يلقون إليه.
…4824- يخرج من الأرض: أي من حرارتها ووهجها من عدم المطر، ويرون ما بينهم وبين السماء كهيئة الدخان من فرط حرارة الأرض والجوع. يعودوا بعد: ( بحذف النون، وهو ثابت في الفصيح نظما ونثرا)، قاله الدماميني(1).
__________
(1) - في تعليق المصابيح ص: 518، وفيه رد على الزركشي الذي قال: ( كذا وقع، وصوابه: تعودون).(6/72)
…تنبيه: اقتصر المص رحمه الله في تفسير آية الدخان على قول ابن مسعود، وفيها تفسير آخر منقول عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس وزيد بن علي(1)والحسن البصري وأبي سعيد الخدري، وهو أنه دخان يجيء قبل يوم القيامة يصيب المؤمن منه مثل الزكام، وينضج رؤوس الكافرين والمنافقين حتى كأنها مصلية حنيذة –أي مشوية-، ويبقى في الأرض أربعين يوما، وهو من أشراط الساعة العشر الكبرى المذكورة في حديث حذيفة كما عند مسلم وغيره، وقد جمع بين التفسيرين المذكورين جمع من المفسرين كابن عطية(2) وابن جزي(3) والزمخشري والبيضاوي(4) والخازن(5) وغيرهم، وقال أبو عبد الله الأبي : ( يعارض كون الدخان في الدنيا، أي على تفسير ابن مسعود، أن كشفه مرتب على قولهم: " إنا مومنون"، وقولهم: " ربنا اكشف عنا العذاب"، وقريش لم تقل ذلك، ولم تؤمن، ولا يبعد أن يقولوا ذلك في وقت الشدة قولا غير حقيقي، ولذلك أخبر عنهم أنهم عائدون إلى الكفر) هـ؛ وقال في الكشاف: ( فإن قلت: كيف يستقيم على قول من جعل الدخان قبل يوم القيامة، قوله: " إنا كاشفو العذاب قليلا"؟ قلت: إذا أتت السماء بالدخان تضور المعذبون به من الكفار والمنافقين، وغوثوا وقالوا: ربنا اكشف عنا العذاب إنا مومنون " منيبون، فيكشفه الله عنهم بعد أربعين يوما، فريثما يكشفه عنهم يرتدون لايتمهلون)(6).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الجاثية
…مكية إلا: قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا " الآية - الجاثية 14-.
__________
(1) - زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين المدني.
ينسب إليه الزيدية، خرج في خلافة هشام بن عبد الملك، فقتل بالكوفة عام 122 هـ.
روى عنه شعبة والأعمش والسدي وابن أبي الزناد.
ترجمة في: تهذيب التهذيب 3/419، والتقريب رقم 2149.
(2) - في المحرر الوجيز 13/265.
(3) - التسهيل لعلوم التنزيل 4/35.
(4) - في أنوار التنزيل 5/65-66.
(5) - في لباب التأويل 4/145.
(6) - الكشاف 4/273.(6/73)
…وهي ست، أو سبع وثلاثون آية(1).
…" جاثية ": من قوله تعالى: " وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٍ" - الجاثية 28-: مستوفزين على الركب من الخوف.
…" نَسْتَنسِخُ": من قوله تعالى: " هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ " الآية - الجاثية 29-.
…" ننساكم": من قوله تعالى: " وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا" - الجاثية 34-: نترككم في العذاب كما تركتم الإيمان والعمل.
1- " وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ" - الجاثية 24-:
…أي مرور الزمان، وطول العمر/، واختلاف الليل والنهار.
…4826- يؤذيني ابن آدم: أي يخاطبني من القول بما يتأذى به من يجوز في حقه التأذي، والله سبحانه منزه عن أن يصل إليه الأذى، وإنما هو من التوسع في الكلام، والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله، قاله القرطبي.
…يسب الدهر: إذا أصابه مكروه يقول: يا خيبة الدهر، ويا بؤس الدهر. وأنا الدهر: قال الخطابي: ( معناه: أنا صاحب الدهر ومدبر الأمور التي ينسبونها إليه، فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها، وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الأمور، وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر، فقالوا: بؤسا للدهر، وتبا للدهر)هـ(2) ، وقال ابن كثير: ( غلط ابن حزم ومن نحا نحوه من الظاهرية في عدهم الدهر من الأسماء الحسنى أخذا من هذا الحديث)(3).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأحقاف
…مكية إلا: " قُلَ ارَايْتُمُ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ" الآية - الأحقاف 10-، وإلا: " فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ" الآية -الأحقاف 35-، وإلا: "وَوَصَّيْنَا الاِنسَانَ" الثلاث آيات - الأحقاف 15 و16 و17-.
__________
(1) - هي ست وثلاثون آية في غير الكوفي، وسبع وثلاثون في الكوفي، انظر البيان ص: 226، والكشف 2/267.
(2) - أعلام السنن ص: 1032.
(3) - تفسير القرآن العظيم 4/231.(6/74)
أربع أوخمس وثلاثون آية(1).
…"أثارة":من قوله:"اِيتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوَ اثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ"…إلخ-الأحقاف 4-
ما كنت بأول الرسل: فكيف تنكرون نبوتي.
1-" وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا ":
أي قبحا لكما، " أَتَعِدَانِنِي" الآية - الأحقاف 17-: " أن أخرج" أي من القبر إلى البعث.
…4827- على الحجاز: أي واليا عليه. فخطب: أي فأراد معاوية أن يستخلف ابنه يزيد، فكتب إلى مروان بذلك، فجمع مروان الناس فخطب...إلخ. فجعل يذكر يزيد...إلخ: من جملة ما قال: إن الله أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر، قاله في الفتح(2). شيئا: أي قال: هرقلية، إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا في أهل بيته، وما جعلها معاوية إلا كرامة لولده؛ ولابن المنذر(3): أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم)(4) فقال: أي مروان لأعوانه. خذوه: أي خذوا عبد الرحمن. فدخل بيت عائشة: أخته. فلم يقدروا عليه. ما أنزل الله فينا: آل أبي بكر. أنزل عذري: عن قصة الإفك، وعند الإسماعيلي: ( فقالت عائشة: كذب والله ما نزلت فيه، وفي رواية: والله ما أنزلت إلا في فلان بن فلان الفلاني، وفي رواية: لو شئت أن أسميه لسميته، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن أبا مروان، ومروان في صلبه) هـ(5).
__________
(1) - هي أربع وثلاثون في غير الكوفي، وخمس في الكوفي، انظر البيان ص:227، والكشف 2/271.
(2) - الفتح 8/741، وسقطت الواو في " أبو بكر وعمر" من المخطوطة.
(3) - أبو بكر محمد بن ابراهيم بن المنذر النيسابوري، شيخ الحرم، وصاحب الكتب الرائدة: المبسوط، والإجماع، والتفسير.
( كان غاية في معرفة الاختلاف والدليل، مجتهدا غير مقلد) كما قال الذهبي. مات بمكة سنة 318 هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/782، وطبقات الحفاظ ص: 328.
(4) - نقلا عن الفتح 8/741.
(5) - منقول من الفتح 8/741.(6/75)
…قال ابن عطية: ( الأصوب أن الآية عامة في أهل هذه الصفات، ولم يقصد بها عبدالرحمن ولا غيره من المؤمنين، والدليل القاطع على ذلك قوله: "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ" – الأحقاف 18-، وكان عبد الرحمن من أفضل الصحابة، وممن له في الإسلام غناء يوم اليمامة) هـ(1).
…وقال ابن جزي: ( ويبطل قول مروان قطعا قوله تعالى: " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ "، لأن عبد الرحمن أسلم، وكان من خيار المسلمين، وكان له في الجهاد غناء عظيم، وقال السدي: ما رأيت أعبد منه) هـ(2).
وقال الخازن: ( القول الصحيح أنه ليس المراد من الآية شخص معين، بل المراد كل شخص كان موصوفا بهذه الصفة، قال الزجاج: قول من قال إنها نزلت في عبد الرحمن قبل إسلامه يبطله قوله تعالى: " أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ "، أي وجب عليهم العذاب)هـ(3).
…وقال/ أبو السعود: ( ما روي من أنها نزلت في عبد الرحمن يرده ما بعده، فإنه كان من أفاضل المسلمين وسرواتهم(4)، وقد كَذَّبَتِ الصديقيةُ من قال ذلك) هـ(5).
2- باب قوله تعالى: " فَلَمَّا رَأَوْهُ ":
أي العذاب، " عَارِضًا": سحابا، " مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ" الآية "قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا" - الأحقاف 24-: أي ممطر إيانا.
…4828- لهواته: جمع لهات، هي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك.
…4829- عرف في وجهه: الكراهية. عذب قوم بالريح: هم عاد. وقد رأى قوم العذاب: هم المعذبون بالريح أيضا وقيل غيرهم.
سورة الذين كفروا
…مدنية إلا: " وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ" الآية - محمد 13-، أو مكية.
__________
(1) - المحرر الوجيز 13/352-353.
(2) - التسهيل لعلوم التنزيل 4/43.
(3) - لباب التأويل 4/162.
(4) - كذا، وفي روح المعاني 26/19: ( وأبطالهم).
(5) - روح المعاني 26/19.(6/76)
…ثمان أو تسع وثلاثون آية(1).
…بسم الله الرحمن الرحيم - " أَوْزَارَهَا": من قوله تعالى: " فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ" الآية - محمد 4-: آثامها، هو من مجاز الحذف، أي حتى تضع أمة الحرب أوزارها، أي وآثامها يعني شركها ومعاصيها.
…حتى لا يبقى إلا مسلم، فالمراد انقضاء الحرب بالكلية، وقال الجلال: " حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ": أي أهلها، "أَوْزَارَهَا": أثقالها من السلاح وغيره، بأن يسلم الكفار أو يدخلوا في العهد، وهذه غاية للقتل والأسر)(2).
…" عَرَّفَهَا": من قوله تعالى: " وَالَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُّضِلَّ أَعْمَالَهُمْ" الآية - محمد 4 و5 و6-.
…" فَإِذَا عَزَمَ الاَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ" -محمد 21-.
…" فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الاَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ" - محمد 35-.
…" أضغانهم": من قوله: " أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ اَن لَّنْ يُّخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ" - محمد 29-.
1-" وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ" - محمد 22 -:
…بعدم صلتها.
__________
(1) - هي تسع وثلاثون في المدني والمكي والشامي، وثمان وثلاثون في الكوفي، وأربعون في البصري، انظر البيان ص:228، والكشف 2/276.
(2) - حاشية الجلال ص: 660-661.(6/77)
…4830- فلما فرغ منه: قضاه وأتمه. قامت الرحم: حقيقة بأن تجسدت وتكلمت بلسان مقالها، لجواز ذلك في الأعراض بإذن الله. فأخذت، فقال: ( كذا وقع للأكثر بحذف مفعول " أخذت "، ولابن السكن: " فأخذت بحقو الرحمن"هـ(1) ، وهو من المتشابه، لأن الحقو هو معقد الإزار، أو الإزار نفسه(2)، والله سبحانه منزه عن ذلك، فنؤمن به، ونفوض علمه إلى الله، وننزهه عما لا يليق به، أو نؤوله بما يصح إطلاقه على الله، قال الطيبي: ( هذا مبني على الاستعارة التمثيلية، كأنه شبه حال الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به، ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ماهو لازم للشبه به من القيام، ليكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة، ثم رشحت الاستعارة بالقول والأخذ ولفظ الحقو، فهو استعارة أخرى) هـ، نقله في الفتح(3) والتحفة(4).
…فقال: الله تعالى. مه: اكفف وانزجر، وقيل: " ما" استفهامية حذف ألفها، ووقف عليها بهاء السكت. هذا مقام: أي قيامي هذا قيام المستجير. " إِن تَوَلَّيْتُمْ": على الناس وتأمرتم عليهم، أو عرضتم من القرآن وفارقتم أحكامه. " أَن تُفْسِدُوا فِي الاَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ": بالمعصية والبغي وسفك الدماء.
سورة الفتح
…مدنية.
…تسع وعشرون آية(5).
…" قوما بورا": من قوله تعالى: "وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا" - الفتح 12-.
…" سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنَ اَثَرِ السُّجُودِ" - الفتح 29-: السحنة.
__________
(1) - باللفظ في الفتح 8/746.
(2) - والأول هو قول القاضي عياض، والثاني في حديث أم عطية، انظر الفتح 8/746.
(3) - الفتح 8/746.
(4) - التحفة 3/133.
(5) - في جميع العدد، انظر البيان ص:229، والكشف 2/280.(6/78)
…القاضي عياض: ( بكسر فسكون لأبي ذر، وبفتحتين للأصيلي وابن السكن، وهو الصواب)هـ(1) ، وهي لين البشرة والنعمة، وعن مجاهد: التواضع، وقيل هو صفرة الوجه/ من سهر الليل، وقيل الخشوع حتى كأنهم مرضى وما هم مرضى، وروى السلمي عن عبدالعزيز المكي(2): (ليس هو النحولة والصفرة، ولكنه نور يظهر على وجوه العابدين، يبدو من باطنهم على ظاهرهم، يتبين ذلك للمؤمنين).
…" فاستغلظ" : من قوله تعالى: " كَزَرْعٍ اَخْرَجَ شَطْئَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلَى سُوقِهِ" - الفتح 29-.
…" دَائِرَةُ السَّوْءِ": من قوله تعالى: " الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ . عَلَيْهِمْ ..."إلخ - الفتح 6-: كقولك رجل سوء، أي فاسد، كما يقال رجل صدق أي صالح، لأن السوء في المعاني كالفساد في الأجساد.
…إذ خرج: أي علىكفار قريش. وحده: يدعوهم إلى الله، أو خرج مهاجرا وحده.
…" تُعَزِّرُوهُ": من قوله تعالى: " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِّتوُمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ" الآية - الفتح 8 و9-.
1-" إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا " - الفتح 1-:
بينا ظاهرا بغير قتال ولا تعب، وهو صلح الحديبية على قول الأكثر، وقيل فتح مكة.
…4833- في بعض أسفاره: الحديبية. فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه: لكونه كان يوحى إليه. ثكلت أم عمر: عمر، أي فقدته. نزرت: ألححت. نشبت: لبثت. صارخا: لم يسم. فقال: بعدما رد السلام. لهي أحب إلي …الخ: لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما.
…4835- فرجع فيها: أي ردد صوته بالقراءة.
2- باب قوله تعالى: " لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ" الآية - الفتح 2-
__________
(1) - مشارق الأنوار 2/209.
(2) - عبد العزيز بن جريح المكي، مولى قريش.
قال العجلي: لم يسمع من عائشة. وأخرج له الأربعة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/333، والتقريب رقم 4087.(6/79)
…قال البيضاوي: ( "ليغفر لك الله": علة للفتح من حيث أنه مسبب عن جهاد الكفار، والسعي في إزاحة الشرك وإعلاء الدين وتكميل النفوس الناقصة قهرا، ليصير ذلك بالتدريج اختيارا، وتخليص الضعفة من أيدي الظلمة؛ " ما تقدم من ذنبك وما تأخر": جميع ما فرط منك مما يصح أن يعاتب عليه) هـ(1).
…وقال البرماوي: ( الصواب أن معنى الغفران للأنبياء الإحالة بينهم وبين الذنوب فلا يصدر منهم ذنب، لأن الغفر الستر، والستر إما بين العبد والذنب، أو بين الذنب وعقوبته، فاللائق بالأنبياء الأول، وبأممهم الثاني) هـ، نقله شيخ الإسلام.
…4836- أفلا أحب أن أكون ...إلخ: الفاء مسببة عن محذوف، أي أأترك قيامي وتهجدي لما غفر لي، فلا أحب ..إلخ، يعني أن غفران الله إياي سبب لأن أقوم وأتهجد شكرا له سبحانه، فكيف أتركه.
…4837- تتفطر: تنشق فلما كثر لحمه: أنكر الداودي هذه الجملة، وقال: (المحفوظ "فلما بدن" أي كبر، فكأن الراوي تأوله على كثرة اللحم) هـ، ونحوه لابن الجوزي، وأبي عبيد، قاله في الفتح(2).
وقال في المفهم: ( صدق أبو عبيد لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في أصل خلقته بادنا كثير اللحم، لكن عندما أسن وضعف عن كثير مما كان يتحمله في حال النشاط من الأعمال الشاقة، استرخى لحمه وزاد على ما كان في أصل خلقته زيادة يسيرة، بحيث يصدق عليه ذلك الاسم، والله أعلم).
فقرأ: أي نحوا من ثلاثين أو أربعين آية.
3- باب: " إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ":
على أمتك بما يفعلون، "وَمُبَشِّرًا": لمن أجابك بالثواب، "وَنَذِيرًا" - الفتح 8-: لمن عصاك بالعذاب.
…4838- نا عبد الله: ابن مسلمة القعنبي(3)
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/81.
(2) - الفتح 8/752.
(3) - عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي الحارثي، أبو عبد الرحمن البصري.
أصله من المدينة، ثقة عابد.
كان ابن معين وابن المديني لا يقدمان عليه في الموطأ أحدا.
مات بمكة سنة 221هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/31، والتقريب رقم 3620.(6/80)
.
…وحرزا: حصنا . للأميين: العرب، لأن أكثرهم لا يقرأ ولا يكتب. المتوكل: على الله لقناعتك باليسير. ليس بفظ: سيء الخلق. ولا غليظ: قاسي القلب. ولا سخاب: صياح. العوجاء: ملة الكفر، فينفي/ الشرك ويثبت التوحيد، وقيل: ملة إبراهيم، لأنها اعوجت بعد استقامتها. عميا: عن الحق. صما: عن استماع الحق .غلفا: جمع أغلف، أي مغطى ومغشى.
4- " هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ ":
الطمأنينة والثبات، " فِي قُلُوبِ الْمُومِنِينَ" - الفتح 4-: تحقيقا للنصرة، والأكثر على أن هذه السكينة غير السكينة المذكورة في البقرة -248-، قال ابن عباس: ( كل سكينة في القرآن طمأنينة إلا التي في سورة البقرة).
…4839- رجل: هو أسيد بن حضير. يقرأ: سورة الكهف أو سورة البقرة. فجعل: الفرس. وجعل: الفرس. تلك السكينة: قيل هي ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، وقال النووي: (المختار أنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة).
5- "إِذْ يُبَايِعُونَكَ":
بالحديبية، " تَحْتَ الشَّجَرَةِ " - الفتح 18-: وهي سمرة.
…4841- ممن شهد الشجرة: هذا محل الترجمة. عن الخذف: هو الرمي بالحصى بين أصبعين.
…4842- وعن عقبة(1)…إلخ: وجه إيراده تصريح عقبة بسماعه من ابن المغفل(2).
…يأخذ منه الوسواس: وعند أصحاب السنن مرفوعا: ( نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: إن عامة الوسواس منه) هـ.
…الخطابي: ( محل هذا إذا كان المكان لا مسلك فيه للبول، لأن المغتسل يتوهم أنه أصابه من رشاشه، أما إن كان للبول مسلك يسلك فيه فلا).
__________
(1) - عقبة بن صهبان الأزدي البصري.
ثقة أخرج له الشيخان في الصحيحين.
مات بعد 170 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/242، والتقريب رقم 4640.
(2) - عبد الله بن المغفل المزني، أبو عبد الرحمن.
صحابي من الذين بايعوا تحت الشجرة، ثبت ذلك في الصحيح، وهو أحد العشرة الذين بعثهم عمر ليفقهوا الناس بالبصرة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 996، والإصابة 4/242-243.(6/81)
…4844- أسأله: أي عن هذا القوم الذين قتلهم علي رضي الله عنه، وهم الخوارج، بصفين: الموضع الذي وقعت فيه الوقعة المشهورة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما.
رجل: هو عبد الله بن الكواء. فقال علي نعم: أنا أولى بالإجابة إلى كتاب الله، وعند النسائي: فلما استحر القتل بأهل الشام قال عمرو بن العاص لمعاوية: أرسل المصحف إلى علي وادعه إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك، فأتى به رجل فقال: بيننا وبينكم كتاب الله، فقال علي: أنا أولى بذلك، بيني وبينكم كتاب الله، فجاءت الخوارج وسيوفهم على عواتقهم فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما تنتظر بهؤلاء القوم ألا تمشي إليهم سيوفنا. فقال سهل بن حنيف: اتهموا أنفسكم: في هذا الرأي، وهو إنكار التحكيم الذي أجاب إليه علي رضي الله عنه معاوية قائلين: لا حكم إلا لله، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، وقصد "سهل" بذلك أنهم رأوا يوم الحديبية أن يستمروا على القتال ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح، ثم ظهر أن الأصلح هو الذي صنعه - صلى الله عليه وسلم - من إمضاء الصلح، فأرشدهم إلى متابعة علي وطاعته فيما أجاب إليه من التحكيم.
…الدنية: أي الخصلة الدنية، وهي المصالحة على هذه الشروط الدالة على العجز.
سورة الحجرات
…مدنية.
…ثماني عشرة آية(1).
……بسم الله الرحمن الرحيم " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ" -الحجرات 1-: من قدم بمعنى تقدم.
…" يلتكم": من قوله تعالى: " وَإِن تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُم مِّنَ اَعْمَالِكُمْ شَيْئًا" -الحجرات 14-.
…" اِمْتَحَنَ": من قوله سبحانه: " إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ" الآية - الحجرات 3-.
__________
(1) -في جميع العدد، انظر البيان ص:230، والكشف 2/284.(6/82)
…" ولا تنابزوا" : من قوله سبحانه: " وَلاَ تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالاَلْقَابِ" – الحجرات 11-: يدعى بالكفر...إلخ، وقال البيضاوي: ( لا يدع بعضكم بعضا بلقب السوء، فإن النبز مختص بلقب السوء عرفا)(1)، زاد المحلي: ( ومنه يا فاسق، يا كافر)(2).
1-باب: " لاَ تَرْفَعُوا/ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيءِ "الآية - الحجرات 2-:
إذا نطق تأدبا معه، وإكراما وتعظيما.
…4845- أحدهما: عمر. آخر: أبو بكر. لا أحفظ اسمه: يأتي أنه القعقاع بن معبد(3). ابن الزبير: عبد الله. يسمع: بضم الياء، وهو الصواب، وعند الأصيلي بفتحها، وهو وهم وقلب للمعنى، قاله في المشارق(4) . عن أبيه: أي جده لأمه.
…4846- ثابت بن قيس: خطيب الأنصار.رجل: هو سعد بن معاذ، أو ابن عبادة، أو عاصم بن عدي(5). من أهل الجنة: فيكون من جملة من بشر بالجنة زيادة على العشرة.
2- " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَّرَاءِ الْحُجُرَاتِ":
__________
(1) - أنور التنزيل 5/88.
(2) - حاشية الجلال ص: 674.
(3) - القعقاع بن معبد بن زرارة بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي.
قال ابن حبان: له صحبة، وجزم ابن حجر بصحبته.
وعند البغوي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه يوم حنين يأتيه بالخبر.
وكان يقال له تيار الفرات لسخائه.
ترجمته في : الاستيعاب ص: 1284، والإصابة 5/452.
(4) -مشارق الأنوار 2/221.
(5) - عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة بن حرام البلوي، حليف الأنصار.
كان سيد بني عجلان، وهو أخو معن بن عدي.
واتفقوا على ذكره في البدريين، وقيل خرج فكسر فرد من الروحاء، هذا قول ابن اسحاق.
مات سنة 45 هـ، وهو ابن مائة وخمس عشرة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 781، والإصابة 3/572-573.(6/83)
أي حجرات أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، أي من خارجها خلفها أو قدامها، " أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ" - الحجرات 4-: فيما فعلوه بمحلك الرفيع، وما يناسبك من التعظيم.
…4847- مَا أَرَدْتَ إِلَى : خلافي. أو إِلاَّ خِلاَفِي: وعلى رواية "إلى" تكون "ما" استفهامية، وعلى رواية "إلا" نافية.
3- باب قوله تعالى: " وَلَوَ اَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ":
" أن" وما بعدها في موضع رفع على الفاعلية، أي ولو ثبت صبرهم، " لكان": الصبر، "خَيْرًا لَّهُمْ" - الحجرات 5-: من الاستعجال لما فيه من حفظ الأدب وتعظيم الرسول، ولم يذكر هنا حديثا ولا غيره، ولعله بيض له، فبقي كذلك حتى توفاه الله رحمة الله عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة ق
…مكية إلا: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالاَرْضَ" الآية -ق 38-.
…خمس وأربعون آية(1).
…والله أعلم بمراده منه.
…" قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الاَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ" -ق 4-: من عظامهم، أي ما تأكل منها.
" باسقات ": من قوله تعالى: " ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنتبنا به جنات وحب الحصيد..." إلخ -ق 9-.
…" فنقبوا ": من قوله تعالى: " وَكَمَ اَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمُ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاَدِ" - ق 36-: ضربوا أي طافوا في البلاد حذر الموت.
…" رَجْعٌ بَعِيدٌ": من قوله تعالى: " فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَئِذَا مِتْنَا..." إلخ -ق 2 و3-: رد إلى الحياة أي غير كائن.
…" فروج ": من قوله تعالى: " أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها"… إلخ -ق 6-: فتوق، بل هي ملساء متلاصقة.
__________
(1) -في جميع العدد، وانظر البيان ص:231، والكشف 2/285.(6/84)
…" مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ": من قوله تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا الاِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ" الآية - ق 16-: وريداه في حلقه، والوريدان عرقان بصفحتي العنق، والحبل حبل العاتق، والحبل العرق وإضافته للبيان، قاله البيضاوي(1).
…" تَبْصِرَةً": من قوله تعالى: " وَالاَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا"...إلخ - ق 7 و8-.
حب الحصيد: الحنطة، أي حب الزرع المحصود.
…" رقيب": من قوله تعالى: " مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ اِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" - ق 18-: رصد يرصده، وقال غيره: حافظ حاضر.
…"سائق وشهيد": من قوله تعالى:"وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ" -ق 21-.
…كاتب تفسير سائق، وقيل معناه سائق يسوقها إلى المحشر، وشهيد يشهد عليها بعملها، وهو الأيدي والأرجل وغيرها.
…" أَوَ الْقَى السَّمْعَ": من قوله تعالى:" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ"… إلخ -ق 37-.
…" وما مسنا من لغوب": من قوله تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالاَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ" - ق 38-: النصب، وهو رد لما زعمته اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الأحد، وفرغ منه يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.
…" النضيد ": من قوله تعالى: " وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ" - ق 10-: الكفرى هو الطلع، قاله الخليل/. مادام في أكمامه: جمع كم. منضود: أي متراكب ملتصق بعضه ببعض.
…" وإدبار النجوم ": من قوله تعالى في آخر سورة الطور -49-: " وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ".
…" وإدبار السجود": من قوله سبحانه هنا: " وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ السُّجُودِ" - ق 40 -.
__________
(1) - في أنوار التنزيل 5/92.(6/85)
…" يوم الخروج": من قوله تعالى: " وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ( الْمُنَادِ( مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ"…إلخ - ق 41-.
1-باب: " وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ "
من قوله تعالى: " يَوْمَ يَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ" - ق 30-: أي تقوله قولا حقيقيا بلسان مقالها لا مجازيا، خلافا للزمخشري(1) ومن تبعه، هذا الذي رجحه ابن عطية(2) وغيره، وقال الطيبي: ( هو الحق الذي لا محيد عنه)، واختلف في معنى قولها: "هل من مزيد"، فقيل إنه سؤال تقرير بمعنى الاستزادة، أي طلب الزيادة، وهو رواية عن ابن عباس، فيكون ذلك قبل دخول جميع أهلها إليها، وقيل إنه استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي: قد امتلأت ولم يبق في موضع للزيادة، وهو مروي عن ابن عباس أيضا، وعكرمة ومجاهد، ويكون هذا بعد دخول الجميع، ورجح الطبري(3) وابن عطية(4) وغيرهما الأول لحديث الباب، وهو الذي يؤخذ من صنيع المص أيضا، وقال ابن التين: ( قيل تطلب المزيد غيظا، وقيل معناه هل في مزيد، أي امتلأت، والأول أبين، والثاني يرده الحديث) هـ.
…وبالمعنى الثاني صدر الخازن (5) ، وعليه اقتصر الجلال، ونصه: ( "هَلْ مِن مَّزِيدٍ" : أي في، لا أسع غير ما امتلأت به، أي قد امتلأت)(6).
…4848- يلقى في النار: أهلها حتى يضع قدمه: أي يضع الرب جل جلاله قدمه فيها كما يأتي وهذا من المشكلات.
__________
(1) - قال في الكشاف 4/388-389: ( وسؤال جهنم وجوابها من باب التخييل الذي يقصد به تصوير المعنى في القلب وتثبيته).
(2) - قال في المحرر الوجيز 13/559: ( والذي يترجح في قول جهنم: " هل من مزيد" أنها حقيقة...).
(3) - في جامع البيان 26/105.
(4) - في المحرر الوجيز 13/559 في قوله: ( قالت ذلك وهي غير ملأى).
(5) - في لباب التأويل 4/231.
(6) - حاشية الجلال ص: 678.(6/86)
…قال الزركشي في التنقيح: ( ومذهب السلف في المشكلات ألا يتعرض لتأويلها، مع القطع باستحالة جريها على ظاهرها، وتعرض كثير لتأويلها، وردها إلى مجازات كلام العرب وأشعارها، فمن ذلك أن المراد تذليل جهنم عند طغيانها وقولها " هل من مزيد"، فيذللها الله تعالى تذليل من يوضع تحت الرجل، ويؤيده قوله: " فيضع قدمه عليها"، والعرب تضرب الأمثال بالأعضاء، ولا تريد أعيانها، تقول في النادم: " سقط في يده"، وفي الذليل: " رغم أنفه"، وقيل غير ذلك)هـ(1) ، ونحوه في الفتح(2) والتحفة(3) والتوشيح(4) والإرشاد، وزاد في الفتح حكاية أجوبة أخرى فانظرها(5).
…وقال القرطبي في المفهم: ( أشبه ما قيل في الجواب عنه تأويلان: أحدهما أنه كناية عن إذلال النار، لما جاء أنها تتغيظ وتهيج حنقا على الكفرة والعصاة، الثاني أن القدم والرجل عبارة عمن يتأخر دخوله النار، لأن الناس يلقون فيها فوجا فوجا، والخزنة تترقب أولئك المتأخرين، فإذا دخلوا قالت الخزنة: قط قط، أي حسبنا، وتنزوي جهنم على من فيها وتنطبق) هـ.
…قط: حسبي قد اكتفيت.
…4850- تحاجت الجنة والنار: أي تخاصمتا بلسان المقال أو الحال.
__________
(1) - التنقيح ص: 203.
(2) - الفتح 8/766.
(3) - التحفة 3/135.
(4) - التوشيح ص: 423.
(5) - وهي أجوبة فيها تكلف، انظرها في الفتح 8/767.(6/87)
…قال الأبي: ( الأظهر أن هذه المحاجة ليست للمغالبة، بل بمعنى حكاية كل منهما بما اختصت به، وفيه شائبة من معنى الشكاية لقوله للجنة: " أنت رحمتي"، وللنار: " أنت عذابي"/، فأفحم كلا منهما بما اقتضته مشيئته سبحانه وتعالى). والمتجبرين: تأكيد. وسقطهم: أي الساقطون من أعينهم لتواضعهم لربهم وذلتهم له. يضع رجله: أي يذللها تذليل من يوضع تحت الرجل، قال القاضي عياض: ( تؤول الرجل بما تقدم في القدم، ويجوز أن يراد بالرجل الجماعة من الناس، كما يقال رجل جراد أي قطعة منه، وأظهر التأويلات أنهم قوم استحقوها وخلقوا لها، والاضافة في رجله إضافة خلق واختراع) هـ(1).
…ويزوى بعضها إلى بعض: أي تجتمع وتلتقي على ما فيها.
…ينشئ لها خلقا: تمتلئ منه.
2- باب قوله تعالى: " وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ"
- ق 39-: أي نزهه متلبسا بحمده.
…4852- أمره: أي أمر الله نبيه. أن يسبح: ينزه ربه. في أدبار الصلوات: أي بعدها.
…4851- كما ترون هذا: أي رؤية محققة لا شك فيها. لا تضامون: لا ينالكم ضيم في رؤيته، بأن يدفع بعضكم بعضا عنها، ولكنكم تشتركون فيها. وسبح(2): صل حامدا. قبل طلوع الشمس: صلاة الصبح. وقبل غروبها: صلاة العصر، فمن حافظ عليهما نال رؤية الحق سبحانه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة والذاريات
…مكية.
…ستون آية(3).
…قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الرياح: تذرو النبات وغيره.
…" فَلاَ تُبْصِرُونَ" -الذاريات 21-: بعين الاعتبار. في مدخل واحد: الفم.
__________
(1) - مثله في مشارق الأنوار 1/283.
(2) - في أصل المخطوطة: " فسبح"، وكذا في آية الترجمة، وهو وهم، إذ التلاوة هي: " وسبح"، ثم وجدت في الفتح 8/769: ( " فسبح بحمد ربك..." كذا لأبي ذر في الترجمة، وفي سياق الحديث، ولغيره: "وسبح" بالواو فيهما، وهو الموافق للتلاوة فهو الصواب).
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:232، والكشف 2/287.(6/88)
…" فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ" - الذاريات 26-.
…" فصكت وجهها": من قوله تعالى: " فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا" - الذاريات 29-: فضربت وجهها فعل المتعجب.
…" والرميم ": من قوله تعالى: " مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ اَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ" - الذاريات 42-.
…وديس: أي وطئ بالأقدام حتى تفتت.
…"إنا لموسعون":من قوله تعالى:"وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ-الذاريات 47-
…" خلقنا زوجين ": قوله تعالى: " وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ"... إلخ: -الذاريات 49-: أي صنفين الذكر والأنثى، والسماء والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والصيف والشتاء، والنور والظلمة، واختلاف الألوان: الأوصاف.
…من الله إليه: أي من عذابه إلى طاعته.
…ما خلقت أهل السعادة...إلخ: جعله من قبيل العام المراد به الخصوص، لأنه لو حمل على ظاهره لوقع التنافي بين العلة والمعلول لوجود من لايعبده.
وقال بعضهم: خلقهم ليفعلوا ...إلخ: هذا تفسير آخر محصله أن العام باق على عمومه، لكن بمعنى الاستعداد، أي خلقهم معدين لذلك، إذ جعل لهم عقولا وحواس وأجساما منقادة للعبادة، لكن منهم من أطاع، ومنهم من عصى، وهو كقولهم: البقر مخلوقة للحرث والخيل للحرب، أي قابلة لذلك، لأنه قد يكون فيها مالا يحرث ولا يحارب به.
…وليس فيه حجة لأهل القدر: أي المعتزلة، على أن إرادة الله تعالى لا تتعلق إلا بالخبر لا بالشر، إذ لا يلزم من كون الشيء معللا بشيء، أن يكون ذلك الشيء مرادا ولا أن يكون غير مراد، قاله الكرماني(1).
__________
(1) - في الكواكب الدراري 18/108.(6/89)
…والذنوب: من قوله تعالى: " فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ" … إلخ - الذاريات 59-: الدلو العظيم، قال في الكشاف: ( هذا تمثيل أصله في السقاة يقتسمون الماء، فيكون لهذا ذنوب، ولهذا ذنوب، والمعنى لهم نصيب من عذاب الله مثل نصيب أصحابهم ونظرائهم من القرون السالفة)(1).
…"صرة": من قوله تعالى: " فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا"... إلخ -الذاريات 29-: صيحة ومحله النصب على الحال، أي جاءت صائحة.
…لا تلقح: هذا تفسير الريح العقيم، وأما عجوز عقيم فمعناه: ( لم تلد قط، وكان عمرها إذ ذاك تسعة وتسعون سنة، وعمر إبراهيم مائة سنة، أو عمره مائة وعشرون وعمرها تسعون)، قاله الجلال(2).
…" في غمرة": من قوله تعالى: " قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فيِ غَمْرَةٍ سَاهُونَ" - الذاريات 10 و11-.
…" مسومة ":/ من قوله تعالى: " قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ" الآية -الذاريات 32 و33 و34-.
…معلمة عليها اسم من يرمى بها.
…"قُتِلَ الاِنسَانُ": هذه في سورة عبس 17، والتي هنا: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ"، ومعنى "قتل" فيهما لعن.
سورة والطور
…مكية.
…تسع وأربعون آية(3).
…بسم الله الرحمن الرحيم - الطور: الجبل...إلخ: وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى - عليه السلام -.
…" رَقٍّ مَّنشُورٍ" - الطور 3-: صحيفة، تفسير رق، والمنشور خلاف المطوي.
…الموقد بالدار، أي المحمى بمنزلة التنور.
…تسجر: أي البحار.
__________
(1) - الكشاف 4/407.
(2) -في حاشيته ص: 683.
(3) - هي سبع وأربعون في المدني والمكي، وثمان في البصري، وتسع في الكوفي والشامي، انظر البيان ص:233، والكشف 2/290.(6/90)
…" كسفا": من قوله تعالى: "وَإِنْ يَّرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا"…إلخ – الطور44: قطعا، هذا تفسير " كسفا" بفتح السين، قاله الزركشي(1)، وهي قراءة شاذة، وقراءة الجمهور بسكونها، ومعناها بعضا.
…" تمور":من قوله تعالى: يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا-الطور9 و10-.
…" أحلامهم": من قوله تعالى: " أَمْ تَامُرُهُمُ أَحْلاَمُهُم بِهَذَا "...إلخ - الطور 32-.
…" يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لاَّ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَاثِيمٌ" - الطور 23-: يتعاطون هم وجلساؤهم بتجاذب ملاعبة، لا تجاذب منازعة.
…" المنون ": من قوله: " أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ" - الطور 30-: الموت، المشهور في اللغة حوادث الدهر، قاله الزركشي(2).
…وقال الجلال: ("رَيْبَ الْمَنُونِ": حوادث الدهر، فيهلك كغيره من الشعراء)(3).
…1- " وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ " - الطور 2-:
…مكتوب، أي التوراة أو القرآن.
…4853- أشتكي: ولا أقدر على الطواف راجلة. يصلي: أي الصبح.
…4854- " مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ": أي غير خالق، " أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ" - الطور 35-: لأنفسهم، " خَزَائِنُ رَبِّكَ": من النبوة والرزق وغيرهما، فيخصوا من شاءوا بما شاءوا، " أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ" -الطور 37-: المتسلطون الجبارون.
…كاد قلبي أن يطير: خوفا مما تضمنته هذه الآية من الحجة البالغة، وكان ذلك قبل إسلامه، الذي قالوا لي: يعني قوله: فلما بلغ... إلخ.
سورة والنجم
…مكية.
…ثنتان وستون آية(4).
…والمراد بالنجم الثريا.
بسم الله الرحمن الرحيم - " ذو مرة ": من قوله تعالى: " عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ" - النجم 5 و6-: ذو قوة في خلقه.
__________
(1) - في التنقيح ص: 203.
(2) - في التنقيح ص: 203.
(3) - حاشية الجلال ص: 688.
(4) - هي إحدى وستون آية في غير الكوفي، واثنتان في الكوفي، انظر البيان ص:234، والكشف 2/294.(6/91)
…" ضيزى": من قوله تعالى: " أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الاُنثى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى" - النجم 21 و22-.
…هوجاء، وقال البيضاوي: ( جائرة حيث جعلتم له ما تستنكفون منه)(1)، ونحوه للجلال(2)، والخازن(3) ناسبا له لابن عباس.
…" وأكدى": من قوله تعالى: " أَفَرَآيْتَ الَّذِي تَوَلىّ وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى" - النجم 33 و34-.
…" رب الشعرى": من قوله تعالى: " وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى" - النجم 49- مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ، هي نجم مقابل الشعرى من جهة القبلة، وهو الهنعة.
…" الذي وفى": من قوله تعالى: " وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفّى" - النجم 37-.
…" سامدون": من قوله تعالى: " أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سَامِدُونَ" - النجم 59 و60 و61- البرطمة، هي الغناء، كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا ليشغلوا الناس عن استماعه(4).
…" أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرى وَلَقَدْ رءَاهُ نَزْلَةً اُخْرى" - النجم 12 و13-.
…" مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغى" - النجم 17-: بصر محمد، أي ما مال بصره عن رؤية المقصود له، ولا جاوزه تلك الليلة.
…" فتماروا": من قوله تعالى في السورة الآتية: " وَلَقَدَ انذَرَهُم بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ" - القمر 36-.
…" إذا هوى": من قوله تعالى: " وَالنَّجْمِ إِذَا هَوى" - النجم 1-.
…" أغنى وأقنى": من قوله تعالى: " وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى" - النجم 48-.
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/102.
(2) - في حاشيته ص: 691 ولفظه: ( جائرة من ضازه يضيزه إذا ظلمه وجار عليه).
(3) - في لباب التأويل 4/255.
(4) - هذا تفسير عكرمة ومجاهد، وقيل الإعراض، وقال ابن عيينة: البرطمة هكذا ووضع ذقنه في صدره، انظر الفتح 8/779.(6/92)
…4853- يا أمتاه: أصله يا أم، والهاء للسكت، فأضيف إليها ألف الاستغاثة، فأبدلت تاء ثم زيدت هاء بعد الألف. هل رأى محمد ربه؟ ليلة الإسراء. قَفَّ شعري: وقف من الفزع. مما قلت: هيبة من الله. أين أنت من ثلاث: أي كيف يغيب فهمك عن هذه الثلاث، وكان ينبغي لك أن تكون مستحضرها، ومعتقدا كذب من يدعي وقوعها. من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب: والصواب أنه - صلى الله عليه وسلم - رآه كما قاله ابن عباس وغيره، ويأتي إيضاحه. ثم قرأت: " لاَ تُدْرِكُهُ الاَبْصَارُ" – الأنعام 103-: مستدلة/ بها على ما ادعته من نفي الرؤية، وقد رد ابن عباس ذلك الاستدلال، فروى الترمذي أن ابن عباس قال: (رأى محمد ربه، فقال له عكرمة: أليس الله يقول: " لاَ تُدْرِكُهُ الاَبْصَارُ"؟ فقال له: ويحك، ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى ربه مرتين) هـ.
…ابن حجر: ( وحاصله أن المراد بالآية نفي الإحاطة به عند رؤياه، لا نفي أصل رؤياه)هـ(1)، وقال النووي: ( الإدراك هو الإحاطة، والله تعالى لا يحاط به، وورود النص بنفي الإحاطة لا يلزم منه نفي الرؤية بغير إحاطة) هـ.
…زاد الدماميني: ( بل في تخصيص الإحاطة بالنفي ما يدل على الرؤية أو يشعر بها، كما تقول: لا تحيط به الأفهام، وأصل المعرفة حاصل) هـ(2).
…وقال القرطبي مجيبا عن الآية أيضا بقوله: ( الأبصار فيها جمع محلى " بأل" فيقبل التخصيص، وقد ثبت دليل ذلك سمعا في قوله تعالى:"كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ" – المطففين 15-، فيكون المراد الكفار بدليل قوله في الآية الأخرى: " وُجُوهٌ يَّوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ اِلىَ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ" – القيامة 22 و23-. قال: وإذا جازت في الآخرة جازت في الدنيا لتساوي الوقتين بالنسبة إلى المرئي) هـ، ابن حجر: ( وهو استدلال جيد)(3).
__________
(1) - الفتح 8/782.
(2) - تعليق المصابيح ص: 522.
(3) - قول القرطبي مع تعليق ابن حجر في الفتح 8/782.(6/93)
…" وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ اَنْ يُّكَلِّمَهُ اللهُ"…إلخ – الشورى 51-: هذا استدلال ثان من عائشة لنفي الرؤية، قال في الفتح: ( وتقديره أنه سبحانه حصر تكليمه لغيره في ثلاثة أوجه، وهي الوحي بأن يلقي في روعه ما يشاء، أو يكلمه بغير واسطة من وراء حجاب، أو يرسل إليه رسولا فيبلغه عنه، فيستلزم ذلك انتفاء الرؤية عنه حالة التكلم، والجواب أن ذلك لا يستلزم نفي الرؤية مطلقا، قاله القرطبي) هـ(1).
…وقال الإمام السبكي: ( إنما يكون مخالفا له إذا قال كلمه في ذلك الوقت) هـ.
…وقال الدماميني: ( هذه الآية ليست نصا في الدلالة على نفي الرؤية مطلقا، وإنما تدل على أن البشر لا يرى الله في حال التكليم، فنفي الرؤية مقيد بهذه الحالة دون غيرها)(2). ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب: الصواب أنه - صلى الله عليه وسلم - يعلم من ذلك ما أعلمه الله به كما يؤخذ من قوله تعالى: " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلىَ غَيْبِهِ أَحَدًا اِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِن رَّسُولٍ " –الجن 26 و27-، فإنه يقتضي – كما قاله جمهور المفسرين – إطلاع الرسول على بعض الغيب؛ زاد ابن حجر وغيره: ( والولي التابع للرسول عن الرسول يأخذ وبه يكرم(3)، وقد وقع ذلك في نص القرآن، قال تعالى حكاية عن عيسى - عليه السلام -: "وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَاكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فيِ بُيُوتِكُمْ" آل عمران 49-، وعن يوسف - عليه السلام -: "لاَ يَاتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا" الآية - يوسف 37-) هـ.
__________
(1) - الفتح 8/784.
(2) - تعليق المصابيح ص: 522.
(3) - في الفتح 8/660 ( في تفسير سورة لقمان، باب " إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ").(6/94)
…ثم قرأت: " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا" - لقمان 34-: والجواب عنها ما قاله القرطبي، ونصه: ( لا طريق لعلم شيء من ذلك إلا بإعلام الله من ارتضاه، لقوله تعالى: " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلىَ غَيْبِهِ أَحَدًا اِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِن رَّسُولٍ ") هـ.
…ومن حدثك أنه كتم فقد كذب: هذا حق وصدق، بل من قال ذلك فقد كفر.
…في صورته: التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح.
…مرتين: مرة في الأرض والنبي - صلى الله عليه وسلم - بحراء في أوائل البعثة بعد فترة الوحي كما قاله ابن كثير(1)، وجبريل بالأفق الأعلى، ومرة في السماء عند سدرة المنتهى.
تكميل: قال الشيخ الإمام تقي الدين السبكي في نكته هنا ما نصه: ( فصل في إثبات رؤية محمد - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة المعراج، واختصاص الله إياه بذلك، ثم روى بسنده إلى ابن عباس أنه قال: " إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدا - صلى الله عليه وسلم - / بالرؤية"، وروى عنه أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " رأيت ربي"، وروى بسنده أيضا عن أنس أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه، وأسند أيضا إلى أبي توبة(2)
__________
(1) - في تفسير القرآن العظيم 4/388.
(2) - أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي.
روى عن أبي إسحاق الفزاري وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي وابن عيينة.
وعنه أبو داود والبخاري بواسطة الحسن بن الصباح.
ذكره ابن حبان في الثقات.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/251-252.(6/95)
أنه تذاكر عند أحمد بن حنبل في الرؤية، فقال أبو توبة: روي عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه عز وجل بعين رأسه، من شاء غضب، ومن شاء رضي؛ ونقل عن بعض العلماء أنه قال: جزم ابن عباس بما ذكر ليس مما يدرك بالعقل والظن، بل لا يدرك مثل هذا إلا من النبوة، ولا يتوهم أن ابن عباس قاله بظن أو حساب، وقال معمر بن راشد لما ذكر اختلاف ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما: ما كانت عندنا أعلم من ابن عباس، فقد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس أن يرزقه الله العلم ويفقهه في الدين، وكان عمر وابن عمر يسألانه عن غوامض العلوم، ويأخذانها عنه مع جلالة قدرهما، وقال بعض العلماء: لم تذكر عائشة رضي الله عنها أنها سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم ير ربه، وإنما تأولت الآيتين، وليس في واحدة منهما ما يدل على نفي الرؤية، وقد قال ابن عباس وأبو ذر وأنس رضي الله عنهم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه)(1) ، هـ كلام تقي الدين باختصار، ونقل الزركشي(2) بعضه معتمدا عليه.
…وقال القاضي عياض: ( اختلف السلف في رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ليلة الإسراء، فذهبت عائشة وأبو هريرة وابن مسعود إلى إنكارها، وذهب جماعة إلى إثباتها ووقوعها، منهم ابن عباس وسائر أصحابه، وأنس بن مالك وأبو ذر وعروة بن الزبير، وبه جزم كعب الأحبار والزهري ومعمر وآخرون، وحكي عن ابن مسعود وأبي هريرة أيضا، وكان الحسن البصري يحلف أنه رأى ربه، وهو قول الأشعري وغالب أتباعه، والإمام أحمد وابن خزيمة وغيرهم، ثم اختلفوا هل رآه بعينه أو بقلبه، وعن أحمد كلا القولين) هـ.
__________
(1) - النكت ص: 320-321.
(2) - في التنقيح ص: 203-204.(6/96)
…وقال النووي –بعد أن نقل عن صاحب التحرير ترجيح إثبات الرؤية بنحو مما تقدم عن السبكي وغيره – ما نصه: ( والحاصل أن الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه عز وجل بعيني رأسه ليلة الإسراء، لحديث ابن عباس وغيره، وإثبات هذا لا يؤخذ إلا بالسماع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مما لا ينبغي أن يتشكك فيه، وعائشة رضي الله عنها لم تستند في نفي الرؤية لحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان معها حديث لذكرته، وإنما اعتمدت على الاستنباط من الآيات)، ثم أجاب عنها كلها بما قدمناه وغيره، فانظره هـ.
…وقال ابن حجر: ( روى الخلال(1) في كتاب السنة عن المروزي: قلت لأحمد إن عائشة قالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، فبأي شيء يدفع قولها؟ قال: بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " رأيت ربي"، قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أكبر من قولها) هـ(2).
__________
(1) - أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال البغدادي، أبو بكر.
له: الجامع في الفقه الحنبلي، والعلل، والسنة وألفاظ أحمد والدليل على ذلك من الأحاديث. توفي سنة 311هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 5/112، وتذكرة الحفاظ 3/7، وشذرات الذهب 2/261.
(2) - الفتح 8/783.(6/97)
…وقول القاضي: " ثم اختلفوا "…إلخ، أي المثبتون للرؤية، هل وقعت بعينه - صلى الله عليه وسلم - أو بقلبه؟ قال ابن حجر: ( جاءت عن ابن عباس أخبار مطلقة، وأخرى مقيدة، فيجب حمل مطلقها على مقيدها، وعن أحمد قول برؤية العين، وآخر برؤية القلب، ومراد من أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما تخلق الرؤية بالعين لغيره، والرؤية لا يشترط لها محل مخصوص عقلا، وإن جرت العادة بخلقها في العين وليس المراد مجرد حصول العلم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان عالما بربه على الدوام، ثم نقل عن/ ابن خزيمة أنه جنح إلى إثبات الرؤية، وأطنب في الاستدلال له، وحمل ما ورد عن ابن عباس على أن الرؤية وقعت له - صلى الله عليه وسلم - مرتين، مرة بعينه ومرة بقلبه)، هـ كلام ابن حجر – بخ-(1).
…والصواب في النقل عن ابن عباس أنه أطلق مرة وقيد مرة بالقلب، وأخرى بالعين، قال في الشفا: ( والأشهر عنه – أي عن ابن عباس – أنه رآه بعينه، روي ذلك عنه من طرق)هـ(2) ، وعليه فالأولى في الجمع بين كلامه أن الإطلاق يرجع إلى التقييد، والتقييد يحمل على الرؤية مرتين كما قاله ابن خزيمة، وصرح به ابن عباس نفسه فيما رواه الطبراني عنه بسند صحيح، وعليه سلك القرطبي أيضا، وما لابن حجر من حمل كلام ابن عباس على رؤية القلب، والتوفيق به بين كلامه وكلام عائشة، رده الزرقاني على المواهب، ورده ظاهر، فانظره؛ وفي الشفا: ( قال الأشعري وجماعة من أصحابه إنه - صلى الله عليه وسلم - رأى الله ببصره وعيني رأسه)هـ(3).
…وقال النووي- كما في المعيار الصحيح -: ( الذي قاله ابن عباس وأكثر الصحابة والعلماء أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه سبحانه وتعالى بعيني رأسه ليلة المعراج) هـ.
__________
(1) - الفتح 8/782-783 والرمز "بخ" معناه باختصار.
(2) - الشفا 1/152.
(3) - الشفا 1/154.(6/98)
…وقال الشهاب الخفاجي: ( الأصح الراجح أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ربه بعين رأسه حين أسري به، كما ذهب إليه أكثر الصحابة) هـ(1).
…وقال في روح البيان: ( المذهب الصحيح أنه عليه السلام رأى ربه بعين رأسه)(2)هـ.
وقال العراقي:
ثم دنا حتى رأى الإله - …بعينه مخاطبا شفاها.
…ورجح القرطبي القول بالوقف، وعزاه لجماعة من المحققين، وإليه مال القاضي عياض في الشفا أيضا(3)، والله سبحانه أعلم.
…تنبيه: قال القرطبي في المفهم: ( واختلفوا أيضا هل كلم محمد ربه ليلة الإسراء بغير واسطة أم لا؟ فذهب ابن مسعود وابن عباس وجعفر بن محمد(4) وأبو الحسن الأشعري، وطائفة من المتكلمين، إلى أنه كلم الله بغير واسطة، وذهبت طائفة إلى نفي ذلك، والكلام على هذه المسألة كالكلام في مسألة الرؤية سواء) هـ، أي في اختياره الوقف فيها، وترجيحه، والله أعلم هـ.
…وقال الأبي في إكمال الإكمال ما نصه: ( سماع الكلام حينئذ جائز، والجزم به يفتقر إلى قاطع، وإذا كان وجه اختصاص موسى بذلك شرفه، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، وذكر النقاش(5)
__________
(1) - نسيم الرياض شرح الشفا للقاضي عياض 2/314.
(2) - روح البيان 3/79.
(3) -الشفا 1/156.
(4) - جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، المعروف بالصادق صدوق فقيه إمام.
أخرج له مسلم والأربعة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/103، والتقريب رقم 950.
(5) - محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر النقاش البغدادي.
مقرئ مفسر، ولد ببغداد ونشأ بها، ورحل إلى الحجاز والشام وخراسان.
له: شفاء الصدور في التفسير، ودلائل النبوة، والإشارة في غريب القرآن.
توفي سنة 351هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 2/201، ووفيات الأعيان 1/619، وغاية النهاية 2/119.(6/99)
في قوله تعالى: " ثُمَّ دَنَا" – النجم 8- قال: فارقني جبريل وانقطعت عني الأصوات، فسمعت كلام ربي يقول: لِيَهْدَ رَوْعُكَ يَا مُحَمَّدُ اُدْنُ اُدْنُ، وذكر البزار ما هو أبين، قال: فخرج ملك فقال: الله أكبر الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أكبر، وقال في بقية الأذان مثل ذلك) ، هـ بلفظه.
1- باب قوله تعالى: " فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوَ اَدْنى " - النجم 9-:
…أي قدر قوسين عربيتين، قال قتادة وغيره: من طرف العود إلى طرفه الآخر، أو قدر قوسين، أي ذراعين، لأنه يقاس بهما الشيء.
…ابن حجر: ( وينبغي أن يكون هذا هو الراجح، لأنه مروي عن ابن عباس) هـ(1)،
ورواه الخازن(2) عن ابن مسعود.
__________
(1) - الفتح 8/785.
(2) - في لباب التأويل 4/249.(6/100)
…حيث الوتر من القوس: أي ما بينهما، وهذا على إبقاء القاب على معناه الأصلي، فقد قيل إنه مابين المقبض والسية، وقيل إنه مابين الوتر والقوس، قال أبو عبد الله الأبي ما نصه: ( عياض: أكثر المفسرين على أن الدنو والتدلي منقسم بين النبي - عليه السلام - وجبريل، أو هما معا/ من أحدها إلى الآخر، أو من أحدهما إلى سدرة المنتهى، وقيل إنما هو منقسم بين الله سبحانه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فالدنو من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتدلي من الله سبحانه، ولما استحال عليه تبارك وتعالى التخصيص بالجهة، وجب التأويل، فدنو النبي - صلى الله عليه وسلم - كناية عن عظم قدره من حيث انتهى إلى حيث لم ينته إليه أحد، وتدلي الله سبحانه كناية عن إظهار تلك المنزلة، وقاب قوسين كناية عن نهاية القرب وإطلاعه على الحقيقة، ويتأول فيه ما يتأول في قوله: من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، هـ بلفظه، وإلى كونه بين الله تعالى ونبيه - عليه السلام - ذهب ابن عباس والحسن ومحمد بن كعب وجعفر بن محمد، كما نقله الخازن(1) والنووي عن القاضي عياض أيضا عنهم، وعليه جرى شيخ الإسلام في التحفة، والقسطلاني في الإرشاد(2)، والله سبحانه أعلم.
2- باب قوله تعالى: " فَأَوْحى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحى" - النجم 10-
…ابن عطية: ( قال ابن عباس: المعنى: فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى، في قوله: "مَا أَوْحى" إبهام على جهة التفخيم والتعظيم، والذي عرف من ذلك فرض الصلاة)هـ(3).
…ابن حجر: ( وهذا الذي يدل عليه كلام أكثر المفسرين من السلف)(4).
…قلت: وبه قرر الخازن الآية(5).
…4857- أنه: أي العبد الموحى إليه. محمد: - صلى الله عليه وسلم -.
3- باب: " لَقَدْ رأى مِنَ ايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرى" - النجم 18-
__________
(1) - في لباب التأويل 4/249.
(2) - الإرشاد 7/402.
(3) - المحرر الوجيز 14/91.
(4) - الفتح 8/786.
(5) - انظر لباب التأويل 4/249.(6/101)
…البيضاوي: ( أي والله لقد رأى الكبرى من آياته وعجائبه الملكية والملكوتية ليلة المعراج)(1).
…4858- رفرفا: بساطا.
4- باب قوله تعالى: " أَفَرَايْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزّى" - النجم 19-
…اللات صنم لثقيف بالطائف، والعزى شجرة لغطفان كانوا يعبدونها.
…4859- كان اللات رجلا...إلخ: قال الإسماعيلي: ( هذا التفسير على قراءة من قرأ "اللات" بتشديد التاء(2)، وهو هبة الله(3) عن البزي، ورويس(4) عن يعقوب(5)هـ.
…ابن حجر: ( وليس ذلك بلازم، بل يحتمل أن يكون هذا أصله، وخفف لكثرة الاستعمال، والجمهور على قراءة التخفيف)(6).
…يلت سويق الحاج: أي يلت السمن والسويق عند صخرة، ويطعمه الحاج، فلما مات عبدوا الحجر الذي كان عنده إجلالا له، وسموه باسمه.
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/102.
(2) - مثله في الفتح 8/787.
(3) - هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم، أبو القاسم البغدادي المقرئ الحاذق، أحد من عني بالقراءات وتبحر فيها.
أخذ عن أبيه جعفر، وإسحاق الخزاعي، وأبي بكر الأصبهاني. وعنه أبو الحسن الجماعي وأبو بكر بن مهران.
ترجمة في: تاريخ بغداد 14/69، ومعرفة القراء الكبار رقم 232، وغاية النهاية 2/350.
(4) - أبو عبد الله محمد بن المتوكل اللؤلؤي، رويس المقرئ.
قرأ على يعقوب، وتصدر للإقراء. وقرأ عليه محمد بن هارون التمار وأبو عبد الله الزبيري. توفي بالبصرة عام 238 هـ.
ترجمته في: الجرح والتعديل 8/105، ومعرفة القراء الكبار رقم 112، وغاية النهاية 2/234.
(5) - أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن إسحاق، مولى الحضرميين، قارئ أهل البصرة في عصره.
قرأ على سلام بن سليم وأبي الأشهب العطاردي ومهدي بن ميمون.
وسمع من حمزة الزيات وشعبة وسليم بن حيان، وقرأ عليه روح ورويس والدوري.
ترجمته في: طبقات ابن سعد 7/304، ومعرفة القراء الكبار رقم 65، وغاية النهاية 2/386.
(6) - الفتح 8/787.(6/102)
…4860- من خلف فقال في حلفه… إلخ: أي ولم يقصد تعظيما. فليقل: وجوبا، قاله القرطبي. لا إله إلا الله: قال القاضي أبو بكر بن العربي: ( من حلف بهما جادا فهو كافر، ومن قالها جاهلا أو ذاهلا، يقول لا إله إلا الله، تكفر عنه وترد قلبه عن السهو إلى الذكر، ولسانه إلى الحق، وتنفي عنه ما جرى عليه من اللغو) هـ.
…وقال الشيخ خ: ( وَإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ فَكُفْرٌ)(1).
…فليتصدق: أي بشيء ما، كفارة عما صدر منه، وجوبا أيضا، قاله القرطبي.
5- باب قوله تعالى: " وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الاُخْرى " - النجم 20-
…صفة ذم للثالثة، أي المتأخرة الوضيعة القدر، وهي صخرة كانت لهذيل وخزاعة يعبدونها.
…4861- قلت لعائشة: أرأيت قول الله: "إِنَّ الصَّفَا..."إلخ - البقرة 158-. لا يطوفون بين الصفا والمروة: تعظيما لصنمهم مناة، لأنه كان عليهما صنمان لغيرهما. من قديد: من ناحية البحر.
6- باب: " فَاسْجُدُوا لِلهِ وَاعْبُدُوا" - النجم 62-:
ولا تسجدوا للأصنام ولا تعبدوها.
…4862- والمشركون: لأنها أول سجدة نزلت ووقعت، فأراد المشركون معارضة المسلمين/ بالسجود لمعبودهم، قاله القاضي عياض؛ قال: (وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون من أن سبب ذلك ما جرى على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الثناء على آلهتهم، فباطل لا يصح فيه شيء، لا من جهة النقل، ولا من جهة العقل، لأن مدح إله غير الله تعالى كفر، ولايصح نسبة ذلك إلى لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا أن يقوله الشيطان على لسانه، ولايصح تسليط الشيطان على ذلك، والله أعلم) هـ، ونقله النووي معتمدا عليه، وكذا الكرماني(2) والعيني، وراجع ما كتبناه في سورة الحج، ولابد.
…4863- وهو أمية: ( هذا أصح ما قيل في تسميته)، قاله ابن المنير.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة اقتربت
__________
(1) - مختصر خليل 1/123.
(2) - في الكواكب الدراري 18/116.(6/103)
…مكية إلا: " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ " الآية - القمر 45-.
…خمس وخمسون آية(1).
…" مستمر": من قوله تعالى: " وَإِنْ يَّرَوَا ايَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ" - القمر 2-: ذاهب، سوف يذهب ولا يبقى، وقيل قوي، وقيل دائم.
…" مزدجر": من قوله تعالى: " وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الاَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ" - القمر 4-: متناهي، أي نهاية وغاية في الزجر لا مزيد عليها.
…" وازدجر": من قوله تعالى: " وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ" - القمر 9-: فاستطير جنونا، فيكون من مقولهم، أي ازدجرته الجن وذهبت بلبه، ويأتي له تفسير آخر.
…" ودسر": من قوله تعالى: " وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ" - القمر 13 و14-: كفر له نبوته وما جاء به، وهو نوح - عليه السلام -.
…" فَتَعَاطَى فَعَقَرَ": من قوله تعالى: " فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى.." إلخ - القمر 29-: فعاطها، الزركشي: ( قال السفاقسي: لا أعلم له وجها إلا أن يكون من المقلوب الذي قدمت عينه على لامه، لأن العطو التناول، فيكون المعنى: فتناولها بيده)هـ(2) ، ونحوه في الفتح موجها(3)، وقال المحلي: (فتناول السيف فعقر به الناقة، أي قتلها)(4)، وهو قُدَار بن سالف.
…" محتضر": من قوله تعالى: " كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ" - القمر 28-: يحضرون الماء، أي إذا غابت الناقة، وقال غيره: ( يحضره القوم يومهم، والناقة يومها).
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:236، والكشف 2/297.
(2) - التنقيح ص: 204.
(3) - قال في الفتح 8/793: ( قلت: ويؤيده ما روى ابن المنذر عن طريق مجاهد عن ابن عباس: " فتعاطى فعقر"، تناول فعقر).
(4) - حاشية الجلال ص: 698.(6/104)
…" مُهْطِعِينَ": من قوله تعالى: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِي إِلىَ شَيْءٍ نُّكُرٍ..." إلخ - القمر 6 و7 و8-: النسلان تفسير للاهطاع الدال عليه "مهطعين"، الخبث: تفسير للنسلان، السراع: تأكيد له، وقال البيضاوي: ( "مهطعين إلى الداع": مسرعين مادي أعناقهم إليه، أو ناظرين إليه)(1).
…" المحتظر" من قوله تعالى: " كَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ" - القمر 31-: كحظار الشجر..إلخ، أي كحائط مصنوع من الشجر، ويأتي فيه كلام آخر.
…وازدجر: افتعل من زجرت، على أنه من كلام الله، أي زجر عن التبليغ بأنواع الإذاية.
…"عذاب مستقر":من قوله تعالى:"وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ"- القمر 38-.
…يقال الأشر، يشير لقوله تعالى: " أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ اَشِرٌ" – القمر 25-: أي متكبر بطر.
1- باب قوله تعالى: " وَانشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَّرَوَا ايَةً يُعْرِضُوا " - القمر 1 و2-:
من تأملها والإيمان بها.
…4864- انشق القمر... إلخ: وكان - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك مع أصحابه بمنى. فرقة فوق الجبل: قيل هو حراء، وقال ابن زيد: كان يرى نصفه على قُعَيْقِعَان، ونصفه على أَبِي قُبَيْس، أي مسامتا لهما، لا أنه نازل عليهما، وانظر علامات النبوة(2).
2- " تَجْرِي ":
أي السفينة، " بِأَعْيُنِنَا": بمرأى منا محفوظة، " جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ" - القمر 14-: أي جزاء لنوح، لأنه نعمة كفروها، فإن كل نبي نعمة من الله ورحمة على أمته.
…أبقى الله سفينة نوح...إلخ: أي على الجودي عبرة وآية، وكم من سفينة بعدها صارت رمادا، والجودي جبل بالموصل بين الشام والعراق، والحجاج يزعمون بقاءها إلى الآن، ولا مانع من ذلك.
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/106.
(2) - هو الباب 25 من المناقب.(6/105)
…4869- " فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" - القمر 15-: بالدال المهملة، وأصله مذتكر، فأبدلت التاء دالا مهملا، ثم قلبت الذال المعجمة دالا مهملة، وأدغمت الدال في الدال، قال في الخلاصة: طاتا افتعال رد اثر مطبق … - …في ادان وازدد وادكر دالا بقي.
أي فهل من معتبر ومتعظ بها.
3- باب قوله تعالى: " فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ( " - القمر 16-:
…أي إنذاري، وكيف خبر كان، وهي للسؤال عن الحال، والمعنى حمل المخاطبين على الإقرار بوقوع عذابه تعالى بالمكذبين لنوح موقعه.
4- " وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ "- القمر 22-:
…متعظ به وحافظ له. هونا قراءته: تفسير"يسرنا"، أي سهلناها/ للحفظ، وليس شيء يقرأ ظاهرا إلا القرآن.
5- " أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ":
من قوله تعالى: " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا" إلى قوله: "كَأَنَّهُمُ أَعْجَازُ": أي أصول، "نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ" - القمر 19 و20-: منقلع ساقط على الأرض، وشبهوا بالنخل لطولهم.
6- " فَكَانُوا": أي ثمود، " كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ" - القمر 31-
…ابن جزي: ( الهشيم ماكسر وتفتت من الشجر وغيرها، والمحتظر الرجل الذي يعمل الحظيرة، وهي حائط من الأغصان والقصب أو نحو ذلك، يكون تحليقا للمواشي وللسكنى، فشبه الله ثمودا لما هلكوا بما يتفتت من الحظيرة من الأوراق وغيرها، وقيل المحتظر: المحترق)(1).
7- " وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ" - القمر 38-:
…أي دائم متصل بعذاب الآخرة، والضمير لقوم لوط.
8- " وَلَقَدَ اَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ":
أشباهكم في الكفر من الأمم الماضية، " فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ" - القمر 51-: استفهام بمعنى الأمر، أي ادكروا واتعظوا.
…
9- "سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ":
__________
(1) - التسهيل لعلوم التنزيل 4/82.(6/106)
أي جمع قريش يوم بدر، " وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" - القمر 45-. البيضاوي: ( أي الإدبار، وإفراده لإرادة الجنس، أو لأن كل أحد يولي دبره، وقد وقع ذلك يوم بدر، وهو من دلائل النبوة)(1).
…4875- عهدك ووحدك: نصرك الذي عهدت منك ووعدتني به. إن تشأ: هلاكنا. لاتعبد بعد اليوم: إذ ليس في الأرض من يعبدك سوانا. فأخذ أبو بكر بيده: إشفاقا عليه - صلى الله عليه وسلم -. يثب: من الوثب، أي ينهض بقوة.
10- باب قوله تعالى: " بَلِ السَّاعَةُ ":
أي القيامة، " مَوْعِدُهُمْ": أي موعد عذابهم الأصلي، وما يحيق بهم في الدنيا من طلائعه، "وَالسَّاعَةُ": أي عذابها، " أَدْهى": أشد، "وَأَمَرُّ" - القمر 46-: مذاقا من عذاب الدنيا.
…4877-خالد عن خالد: الأول الطحان، والثاني الحذاء. وأمر: مما لحقهم يوم بدر.
سورة الرحمن
…مكية، أو إلا: " يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ " الآية - الرحمن 29-.
…ست، أو ثمان وسبعون آية(2).
…بسم الله الرحمن الرحيم - " وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ" - الرحمن 9-: لسان الميزان، لأن من لازم إقامته إقامة الوزن.…
…" والعصف": من قوله تعالى: " وَالنَّخْلُ ذَاتُ الاَكْمَامِ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانِ" -الرحمن 11 و12-.
…رزقه والحب ...إلخ: عبارة الفتح عن الفراء، والريحان رزقه وهو الحب...إلخ، وبها يتضح المراد.
…النبط: الفلاحون. هبورا: دقاق الزرع.
…" كالفخار": من قوله تعالى: " خَلَقَ الاِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِن نَّارٍ" - الرحمن 14 و15-.
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/107.
(2) - هي ست وسبعون في البصري، وسبع في المدني والمكي، وثمان في الكوفي والشامي، انظر البيان ص:237، والكشف 2/299.(6/107)
…" رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ ..." إلخ - الرحمن 17-: ابن عطية: ( متى وقع ذكر المشرق والمغرب فهو إشارة إلى الناحيتين بجملتهما، ومتى وقع ذكر المشارق والمغارب فهو إشارة إلى تفصيل مشرق كل يوم ومغربه، ومتى ذكر المشرقين والمغربين فهو إشارة إلى نهاية المشارق والمغارب، لأن ذكر نهاية الشيء ذكر لجميعه)هـ(1) ؛ ونهاية مشرق الصيف ومغربه سابع ينيه، ونهاية مشرق / الشتاء ومغربه سابع دجنبر.
…" لا يبغيان": من قوله تعالى: " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ" - الرحمن 19 و20-.
…" المنشآت": من قوله تعالى:"وَلَهُ الْجَوَارِ المُنشَآتُ فيِ الْبَحْرِ كَالاَعْلاَمِ"-الرحمن 24-
…الشواظ:من قوله سبحانه:"يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِن نَّارٍ وَنحَاسٌ.."إلخ-الرحمن 35-
…ومن خاف: التلاوة: " وَلِمَنْ خَافَ" - الرحمن 46-.
…قال بعضهم: قيل هو الإمام أبو حنيفة. ليس النخل والرمان بفاكهة: لعطفهما عليها، لأن الشيء لا يعطف على نفسه. وأما العرب فإنها تعدها فاكهة: هذا رد على البعض القائل إنها ليست بفاكهة، ووجه عطفهما على الفاكهة أنه من عطف الخاص على العام تشريفا له، فإن ثمرة النخل فاكهة وغذاء، وثمرة الرمان فاكهة ودواء. ومثلها: في عطف الخاص على العام.
…يغفر ذنبا...إلخ: فهو سبحانه في شؤون يبديها، لا في شؤون يبتدئها.
…" ذو الجلال":من قوله تعالى:"وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالاِكْرَامِ"-الرحمن27-.
…الخالص من النار من غير دخان.
…" سَنَفْرُغُ لَكُمُ أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ" - الرحمن 31-: سنحاسبكم، فهو تهديد مستعار من قولك لمن تهدده: سأفرغ لك.
1-باب: " وَمِن دُونِهِمَا ":
__________
(1) - المحرر الوجيز 14/190.(6/108)
أي من دون الجنتين المذكورتين في قوله: " وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ"، "جنتان": فالأوليان أفضل من اللتين بعدهما، وقيل بالعكس، " فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" - الرحمن 62 و63-: ( ذكرت هذه الجملة إحدى وثلاثين مرة، والاستفهام فيها للتقرير، والخطاب للإنس والجن، لما روى الحاكم عن جابر قال: قرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة الرحمن حتى ختمها، ثم قال: مالي أراكم سكوتا، للجن كانوا أحسن منكم ردا، ما قرأت عليهم هذه الآية من مرة إلا قالوا: ولا شيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد)، قاله الجلال(1).
…4878- جنتان: مبتدأ. من فضة: خبر الثاني، وهما خبر الأول. آنيتهما: مبتدأ ثان. وما فيهما: عطف على ما قبله، وهاتان الجنتان لأصحاب اليمين. وجنتان من ذهب: وهما للمقربين. رداء الكبر: هو شيء من صفاته سبحانه اللازمة لذاته المقدسة. على وجهه: ذاته. في جنة عدن: خلد، وهو حال من الفاعل في "ينظروا"، أي حال كون الناظرين في جنة عدن.
…2- "حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ" - الرحمن 72-
…الحور جمع حوراء، اسم لنساء الجنة، وقوله: " مقصورات في الخيام " أي محبوسات فيهن، لأن النساء يمدحن بملازمة البيوت، وخيام الجنة من لؤلؤ مجوف.
…الحوراء سود الحدق: كذا في نسخنا، والذي في الفتح: ( الحور السود الحدق)، قال: (وفي رواية: الحَوَر سواد الحدقة)هـ(2): وفي الإرشاد: ( حور سود الحدقة) هـ(3)، أي مع شدة بياضها.
…4879- مجوفة: واسعة الجوف. المؤمنون: قال الدمياطي: صوابه: " المؤمن"، وأجاب الزركشي(4) عنه بأنه من مقابلة المجموع بالمجموع.
…4880- من كذا: أي من ذهب.
…فائدة: قال القسطلاني: ( اختلف أيهما أتم حسنا، الحور أم الآدميات؟
__________
(1) - في حاشيته ص: 701-702.
(2) - الفتح 8/804.
(3) - في الإرشاد 7/414: (حور سود الحدق).
(4) - في التنقيح ص: 205.(6/109)
فقيل: الحور، لما جاء في وصفهن من الأحاديث، ولقوله في صلاة الجنازة: "وَأَبْدِلْهُ زوجا خيرا من زوجه"، وقيل: الآدميات أفضل بسبعين ألف ضعف)(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الواقعة
…مكية إلا: " أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ" الآية - الواقعة 81-،" وَثُلَّةٌ مِّنَ الاَوَّلِينَ " الآية - الواقعة 13-.
ست، أو سبع، أو تسع وتسعون آية(2).
…"رجت":من قوله تعالى:"إِذَا رُجَّتِ الاَرْضُ رَجًّا وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا"الواقعة 4 و5-
…المخضود: من قوله تعالى:" فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ"- الواقعة 28 و29-.
…والعرب: من قوله تعالى: " إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا اَتْرَاباً" - الواقعة 35 و36 و37-.
…" ثُلَّةٌ مِّنَ الاَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِّنَ الاَخِرِينَ" - الواقعة 13 و14-.
…" يحموم":من قوله تعالى:" فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِّن يَّحْمُومٍ"-الواقعة42 و43-.
…"لمُغْرَمُونَ":من قوله تعالى:أَفَرَايْتُمُ مَّا تَحْرُثُونَ ءَانتُمُ تَزْرَعُونَهُ"الآية-الواقعة 63 و64-
…" يصرون":/ من قوله تعالى:" وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ" -الواقعة 46-.
…"مدينين":من قوله تعالى:"فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا-الواقعة 86 و87-.
…الريحان:من قوله تعالى:َأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ إلخ-الواقعة 88 و89.
…" وَنُنشِئَكُمْ": من قوله تعالى: " أَفَرَايْتُم مَّا تُمْنُونَ" الآية - الواقعة 58 إلى 61-.
…" تَفَكَّهُونَ": من قوله سبحانه:" أَفَرَايْتُم مَّا تَحْرُثُونَ " الآية - الواقعة 63 إلى 65-: تعجبون مما نزل بكم في زرعكم.
…" عربا" مثقلة: أي مضمومة الراء.
__________
(1) - الإرشاد 7/414.
(2) - هي ست وتسعون في الكوفي، وسبع في البصري، وتسع في عدد الباقين، انظر البيان ص:239، والكشف 2/304.(6/110)
…العربة: هي حسنة التبعل. الغنجة: حسنة الكلام. الشكلة: حسنة الخلقة.
…" كَاذِبَةٌ": من قوله تعالى: " إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ " الآية - الواقعة 1 و2-، أي نفس تكذب بها بأن تنفيها كما نفتها في الدنيا.
…ورافعة للآخرين.
…" مترفين": من قوله تعالى: " إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ" - الواقعة 45-: ممتعين، ولابن عباس: منعمين.
…" بمواقع النجوم": من قوله تعالى: " فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ" - الواقعة 75-: بمسقط النجوم في غروبها.
…" مدهنون": من قوله تعالى: " أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ" - الواقعة 81-.
…" فسلام لك": من قوله تعالى: " فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ اَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنَ اَصْحَابِ الْيَمِينِ " - الواقعة 90 و91-: فسلام لك، إنك من أصحاب اليمين، وللكشميهني: مسلم لك إنك ...إلخ، أي فيقال له سلام لك، أو مسلم لك، إنك...إلخ.
…أنت مصدق مسافر، أي أنت مصدق أنك مسافر، كقولك فسقيا، أي سقاك الله سقيا، ومعناه هنا سلامة لك يا صاحب اليمين، من أصحاب اليمين: أي من جهة أنك منهم، قاله شيخ الإسلام. إن رفعت: الذي للفراء، وهو صاحب هذا الكلام: "وإن رفعت" وهو الوجه. فهو من الدماء: أي وإن نصبت فلا ولم يقرأ أحد بالنصب، وقال البيضاوي كالزمخشري: ( "فسلام لك": ياصاحب اليمين، "من اصحاب اليمين": أي من إخوانك يسلمون عليك)(1)، وقال الخازن: (فسلامة لك يا محمد منهم، فلا تهتم لهم فإنهم سلموا من عذاب الله)(2).
1-باب قوله تعالى: " وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ " - الواقعة 30-:
أي دائم باق لا يزول بالشمس، والجنة كلها ظل لا شمس فيها، بل هو ظل يخلقه الله، قال الربيع بن أنس: ( هو ظل العرش).
…4881- شجرة: هي طُوبَى.
سورة الحديد
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/115-116، وتفسير الزمخشري 4/470.
(2) - لباب التأويل 4/294.(6/111)
…مكية أو مدنية، تسع وعشرون آية(1).
والمجادلة
…مدنية، ثنتان وعشرون آية(2).
…بسم الله الرحمن الرحيم"وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ"-الحديد 25-
…قال البخاري: جنة: ستر ووقاية، وسلاح: من الأعداء، وما من صنعة إلا والحديد آلتها. " لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّن فَضْلِ اللهِ" - الحديد 29-: ليعلم... إلخ، فلا صلة، أي أعلمكم بذلك ليعلم ...إلخ.
…" إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ" - المجادلة 5-: أحزنوا، وقيل أذلوا.
…" اِسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ" - المجادلة 19-.
…" مولاكم": من قوله تعالى: " مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاَكُمْ" - الحديد 15-: أولى بكم من كل منزل على كفركم وارتيابكم.
…" انظرونا": من قوله تعالى: " يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ" الآية - الحديد 13-، وهو بهمزة وصل وظاء مضمومتين على قراءة الجماعة(3).
__________
(1) - هي تسع وعشرون في الكوفي والبصري، وثمان في عدد الباقين، انظر البيان ص:241، والكشف 2/307.
(2) - هي إحدى وعشرون آية في المدني الثاني والمكي، واثنتان وعشرون في عدد الباقين، انظر البيان ص:242، والكشف 2/313.
(3) - قرأ حمزة " أنظرونا" بفتح الهمزة وكسر الظاء، والباقون كما ذكر الشبيهي، انظر التذكرة ص: 581(6/112)
…انتظرونا: تفسير له على هذا الضبط، هكذا في نسخة ابن سعادة، وكذا هو عند الزركشي في التنقيح، ونصه: ( انظُرُونَا: انتظرونا، وقرئ "أَنظِرُونَا" بفتح الهمزة، أي أخرونا)هـ(1)، والدماميني في المصابيح ونصه:( "انظرونا": انتظرونا هذا ظاهر، وقد قرئ بفتح الهمزة أي أخرونا)، وعلى ذلك جرى ابن عطية في تفسيره، ونصه: (" انظرونا" معناه انتظرونا، وقرأ حمزة وحده: " أنظرونا"، بقطع الألف وكسر الظاء، ومعناه: أخرونا، أي أخروا مشيكم لنا حتى نلحق) هـ؛ وابن جزي ونصه: ( "انظرونا": انتظرونا، وقرئ "أنظرونا" بهمزة قطع، ومعناه:/ أخرونا، أي أمهلوا في مشيكم حتى نلحقكم)هـ(2)، والزمخشري ونصه: ( " انظرونا": انتظرونا، لأنهم يسرع بهم إلى الجنة كالبرق الخاطفة على ركاب تزف بهم، وهؤلاء مشاة، أو انظروا إلينا، وقرئ "أنظرونا" من النظرة، وهي الإمهال)هـ(3) ؛ والبيضاوي ونصه: ( "انظرونا" : انتظرونا، أو انظروا إلينا، وقرأ حمزة " أنظرونا" على أن اتئادهم ليلحقوا بهم إمهال لهم)هـ(4) ؛ والنسفي ونصه: ( "انظرونا": انتظرونا، لأنه يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة؛ "أنظرونا": حمزة، من النظرة وهي الإمهال، جعل اتئادهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم إنظارا لهم) هـ(5)؛ ونحوه في روح البيان(6)، وبه يعلم ما في الفتح(7)والإرشاد(8)، فإنه -وإن كان موافقا
__________
(1) - التنقيح ص: 205.
(2) - التسهيل لعلوم التنزيل 4/97.
(3) - الكشاف 4/475.
(4) - أنوار التنزيل 5/117.
(5) - مدارك التنزيل وحقائق التأويل 4/299.
(6) - روح البيان 9/360.
(7) - قال في الفتح 8/809: ( قال الفراء: قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة "انظرونا" بقطع الألف من أنظرت والباقون على الوصل، ومعنى انظرونا: انتظرونا، وأنظرونا - يعني بالقطع-: أخرونا، وقد تقول العرب أنظرني - يعني بالقطع- يريد انتظرني قليلا).
(8) - في إرشاد الساري 7/417: (أنظرونا بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الظاء، وهي قراءة حمزة: انتظرونا).(6/113)
لما للثعلبي في تفسيره(1) - عكس ما ذكره هؤلاء الأئمة النقاد، والله سبحانه أعلم بالمراد.
سورة الحشر
…مدنية.
…أربع وعشرون آية(2).
…بسم الله الرحمن الرحيم - "الجلاء": من قوله تعالى: " وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا" الآية - الحشر 3-.
…4882- قال: التوبة؟: هو استفهام إنكاري بدليل ما بعده. أحدا منهم: أي من المنافقين. سورة الأنفال؟: ما سبب نزولها؟. سورة الحشر؟: فيم نزلت؟.
…4883- قال سورة النضير: كره ابن عباس تسميتها بالحشر، لأن الحشر إنما يكون يوم القيامة، والمراد هنا إخراج بني النضير، وإجلاؤهم من أرضهم لنقضهم العهد.
1- باب قوله تعالى: "مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ اَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ" -الحشر5-
…بَرْنِيَّة...إلخ :الْبَرْنِيَّةُ وَالْعَجْوَةُ نوعان من النخل، وقيل اللينة النخلة الكريمة مطلقا.
…4884- البويرة: موضع قرب المدينة المنورة، بها نخل بني النضير. فأنزل الله: وذلك أنه لما قطعها قالت اليهود: يا محمد، قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض، فما بال قطع النخيل، فأنزل الله...إلخ.
2- "مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنَ اَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى " الآية- الحشر7-
…البيضاوي: ( أي ما أعاده عليه، بمعنى صيره له أو رده عليه، فإنه كان حقيقيا بأن يكون له، لأنه تعالى خلق الإنسان لعبادته، وخلق ما خلق لهم ليتوصلوا به إلى طاعته، فهو جدير لأن يكون للمطيعين)(3).
__________
(1) - جواهر الحسان في تفسير القرآن 4/264، وفيه: ( انظرونا" معناه انتظرونا، وقرأ حمزة وحده "أنظرونا" بقطع الألف وكسر الظاء، ومعناه أخرونا).
(2) - في جميع العدد، انظر البيان ص:243، والكشف 2/316.
(3) - أنوار التنزيل 5/125، وفيه "حقيقا" عوض "حقيقيا"، والأول أولى.(6/114)
…4885- أفاء: رد. يوجف: يقاتلوا. ركاب: إبل. خاصة: من غير تخميس، ولاقسم على الغير. نفقة سنتهم: تطييبا لقلوبهن وتشريعا لأمته، ولا يعارضه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لايدخر لغد، لأن ذلك كان قبل السعة، أو لا يدخره لنفسه لا لغيره. والكراع: الخيل.
3- " وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ " - الحشر 7-:
أي ما أعطاكم من الفيء وغيره.
…4886- عن عبد الله: هو ابن مسعود. لعن الله الواشمات: فاعلات الوشم. والمتوشمات: من يفعل بهن ذلك، والوشم غرز عضو من الأعضاء بنحو إبرة حتى يسيل الدم، ثم يحشى بنحو كحل، فيصير المحل أخضر، وهو حرام على الفاعل والمفعول به اختيارا، وموضعه نجس لانعقاد الدم به، تجب إزالته إن أمكن بلا ضرر، وإلا فيعفى عنه . والمتنمصات: جمع متنمصة، وهي الطالبة إزالة شعر وجهها بالنتف ونحوه، وهو أيضا حرام، إلا ما نبت بلحية المرأة أو شاربها فلا، بل تستحب إزالته. والمتفلجات: لأسنانهن، أي اللاتي يبردن ما بينها ليجعلن فيها فلجة. للحسن: أي لأجله. اللوحين: دفتي المصحف. لئن كنت قرأتيه:/ أي متأملة معاينة. أهلك: زوجتك. يفعلونه: أي الوشم. لو كانت: أي زوجته. ما جامعتنا: أي لم تبق معنا، بل أفارقها.
…4887- الواصلة: لشعرها، قال الأبي: ( المازري: وصل الشعر عندنا ممنوع، عبدالوهاب: لما فيه من الغرر والتدليس، ومنع مالك والأكثر وصله بكل شيء لعموم النهي).
4- " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ ":
أي المدينة، أي توطنوها واتخذوها سكنا، "وَالِايمَانَ": أي ألفوه، وهم الأنصار، " مِن قَبْلِهِمْ" - الحشر 9-: من قبل هجرة المهاجرين.
…4888- ويعفو عن مسيئهم: في غير الحدود.
5- باب: " وَيُوثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ " - الحشر 9-:
حاجة إلى ما يؤثرون به.(6/115)
…4889- رجل: هو أبو هريرة. الجهد: الجوع. فقام رجل: هو أبو طلحة. فنوميهم: حتى لا يأكلوا مع الضيف، ولا يبكوا على الطعام إذا رأوه يؤكل، وراجع مناقب الأنصار. أو ضحك: معناهما معا الرضى منه سبحانه عليهما.
سورة الممتحنة
…مدنية.
…ثلاث عشرة آية(1).
…والممتحنة بفتح الحاء صفة المرأة التي نزلت السورة فيها، وهي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط(2)، وبكسرها صفة السورة كما قيل لبراءة الفاضحة، فهو إسناد مجازي.
…بسم الله الرحمن الرحيم - " وَلاَ تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ..." إلخ - الممتحنة 10-: جمع كافرة.
1-باب: " لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمُ أَوْلِيَاءَ " - الممتحنة 1-:
في المعونة والنصرة.
…4890- روضة خاخ: موضع بين مكة والمدينة. ظغينة: امرأة في هودجها اسمها سارة. تعادى: تجري. لتلقين: بفتح التاء مضببا عليها. عقاصها: شعرها المضفور. يخبرهم ببعض أمر النبي صلى الله عليه: بتجهيزه الجيوش لغزو مكة، وقدمنا نص كتابه في غزوة الفتح. من قريش: أي من حلفائهم.
…اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم: الأمر للتشريف والتكريم، لا للإباحة، والمراد عدم المؤاخذة بما يصدر منهم بعد ذلك، خصوصية لهم لما حصل لهم من الحال العظيمة التي اقتضت محو ذنوبهم السالفة، وتأهلوا لأن تغفر لهم الذنوب اللاحقة إن وقعت منهم.
…قال: أي سفيان(3). لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو(4): هكذا عند ابن سعادة برفع "الآية" وجر "قول" جملة معلقة عن العامل.
…هذا في حديث الناس ورواياتهم حفظته...إلخ: يعني وأما الذي حفظته أنا من عمرو هو الذي رويته عنه. ما تركت منه حرفا: فلم يجزم سفيان برفع هذه الزيادة.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:244، والكشف 2/318.
(2) - هذا هو المشهور والمعتمد، وقيل: سعيدة بنت الحارث، وقيل: أميمة بنت بشر، انظر الفتح 8/816.
(3) - هو ابن عينية - الفتح 8/819-.
(4) - في أصل المخطوطة: " عمر"، وهو خطأ.(6/116)
2- " إِذَا جَاءَكُمُ الْمُومِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ " - الممتحنة 10-:
من الكفار بعد الصلح معهم في الحديبية، على أن من جاء منهم إلى المؤمنين يردونه، "فَامْتَحِنُوهُنَّ": بالحلف، إنهن ما خرجن إلا رغبة في الإسلام، لا بغضا لأزواجهن الكفار، ولا عشقا لرجال من المسلمين، " فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُومِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ": أي تردوهن إلى الكفار.
…4891- فمن أمر بهذا الشرط: المذكور في الآية.
3- "إِذَا جَاءَكَ الْمُومِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ" الآية -الممتحنة 12-
…4892- فقبضت امرأة يدها: أي تأخرت عن المبايعة، والمرأة هي أم عطية(1)
__________
(1) - كذا في الفتح 8/823.
وأم عطية هي نسبية بنت الحارث، وقيل بنت كعب، معروفة باسمها وكينتها، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عمر. وأحاديثها مخرجة في الصحيحين والسنن. وغزت سبع غزوات.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1947، والإصابة 8/261-262.(6/117)
. قالت: أسعدتني فلانة: أي قامت معي في نياحه. أجزيها: أنوح معها. فما قال لها النبي صلى الله عليه شيئا: بل سكت/، وللنسائي: ( اذهبي فأسعديها)، وفي هذا الحديث إشكال واضح، وقد أكثر العلماء من الأجوبة عنه، وذكروا منها أن هذا الحكم خاص بأم عطية، وأن الشارع أن يخص من شاء بما شاء، واعتمد النووي هذا الجواب، ورد القرطبي جميع ذلك حتى ما اعتمده النووي قائلا: ( إنه فاسد) هـ(1)، وجرى على ذلك الحافظ ابن حجر وأبدى ترخيصات أخر وقعت لنسوة أخر مثل ما وقع لأم عطية، فانتفعت الخصوصية لها، ثم قال: ( وظهر من هذا كله أن أقرب الأجوبة أن النياحة كانت مباحة، ثم كرهت كراهة تنزيه، وفي ذلك الوقت وقع الإذن لمن ذكر فيها لبيان الجواز، ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم، وورد ح الوعيد الشديد)(2). فانطلقت ورجعت...إلخ: أي انطلقت وناحت معها، ولعله كان عندها ما يوجب النياحة إذ ذاك، أو حللتها منها بأن سامحتها فيها.
…4893- " وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ" - الممتحنة 12-: هو ما وافق طاعة الله، كترك النياحة، وتمزيق الثياب، وجز الشعور، وشق الجيوب، وخمش الوجوه.
…4894- قال الزهري: حدثناه: أي الحديث الذي يريد ذكره، ففيه تقديم الاسم على الصيغة. آية النساء: أي آية بيعة النساء، وهي: "يَأَيُّهَا النَّبِيءُ اِذَا جَاءَكَ الْمُومِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ" الآية - الممتنحة 12-، وهذا يدل على أن هذه المبايعة تأخرت عن ليلة العقبة، لتأخر نزول آية النساء عنها كما تقدم إيضاحه عن الحافظ في كتاب الإيمان.
…ومن أصاب من ذلك شيئا: غير الشرك. فعوقب: بأن أقيم عليه الحد. فهو كفارة له: فلا يعاقب عليه في الآخرة.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 8/824.
(2) - الفتح 8/824.(6/118)
…4895- فنزل نبي الله صلى الله عليه: أي نزل من المحل الذي خطب فيه، لأنه لم يكن إذ ذاك منبر لصلاة العيد. "وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ": ( كما كان يفعله أهل الجاهلية من وأد البنات، أي دفنهن أحياء خوف العار والفقر؛ "يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ": أي يأتين بولد ملقوط ينسبنه إلى الزوج، ووصف بوصف الولد الحقيقي، فإن الأم إذا وضعته سقط بين يديها ورجليها)، قاله الجلال والخازن(1). وقالت امرأة: قيل هي أسماء بنت يزيد(2). الفتح: حلقة من فضة لا فص لها. في ثوب بلال: يتصدق بذلك عنهن فيمن يستحقه.
سورة الصف
…مكية أو مدنية.
…أربع عشرة آية(3).
…بسم الله الرحمن الرحيم- " مَنَ انصَارِيَ إِلَى اللهِ": من قوله تعالى: " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا أَنصَارًا للهِ" الآية - الصف 14-.
…" مَرْصُوصٌ": من قوله تعالى: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا" الآية - الصف 4-.
1-" مِن بَعْدِيَ اسْمُهُ أَحْمَدُ "
من قوله تعالى: " وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَاتِي مِن بَعْدِي" ... إلخ - الصف 6-: والمراد به نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) - في حاشية الجلال ص: 728،ولباب التأويل 4/340.
(2) - أسماء بنت يزيد بن السكن بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصارية الأوسية ثم الأشهلية.
كانت من المبايعات.
وشهدت اليرموك، وقتلت يومئذ تسعة من الروم، وعاشت بعد ذلك دهرا.
نرجمتها: في الاستيعاب ص: 1787، والإصابة 7/498.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:245، والكشف 2/320.(6/119)
…4896- أنا محمد: سمي به - صلى الله عليه وسلم - لجمعه جلائل الخصال الحميدة، وهذا البناء يدل على بلوغ الغاية في الحمد. وأنا أحمد: أي أحمد الحامدين، فهو منقول من اسم التفضيل. الذي يمحو الله بي الكفر: المراد به إذلاله وإهانته. على قدمي: على إثري، بأن يحشر هو قبلهم. العاقب: الجائي عقب الأنبياء الخاتم لهم، وقدمنا أن أسماءه - صلى الله عليه وسلم - تزيد على الأربعمائة، انظر باب ما جاء في أسمائه - صلى الله عليه وسلم -.
سورة الجمعة
…مدنية.
…إحدى/ عشرة آية(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
1-" وَآخَرِينَ مِنْهُمْ ":
هم التابعون، وقيل جميع من أسلم إلى يوم القيامة، " لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ" - الجمعة 3-: أي بالصحابة في السابقية والفضل.
…4897- من هؤلاء: الفرس، زاد أبو نعيم: برقة قلوبهم، ومن وجه آخر: يتبعون سنتي، ويكثرون الصلاة علي، قال القرطبي: ( أحسن ما قيل فيهم إنهم أبناء فارس بدليل هذا الحديث، وقد ظهر ذلك في العيان، فقد انتشر فيهم الدين، وكثر ووجد فيهم من حفاظ الأثر والعناية به مالم يوجد في غيرهم، وكان ذلك من علامة نبوته - صلى الله عليه وسلم -).
2- " وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً اَوْ لَهْوًا " - الجمعة 11-
…المراد به الطبل الذي كانوا يستقبلون به العير.
…4899- وعن أبي سفيان: طلحة بن نافع(2)، وليس على شرطه، فمن ثم قرنه بسالم(3)
__________
(1) - في أصل المؤلف: " إحدى وعشرون"، وهو وهم، بل هي إحدى عشرة آية في جميع العدد، انظر البيان ص:246، والكشف 2/321.
(2) - طلحة بن نافع الواسطي، أبو سفيان الإسكاف، نزيل مكة.
أحاديثه في الصحيحين والسنن.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/26، والتقريب رقم 3035.
(3) - سالم بن أبي الجعد رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم، الكوفي الثقة.
أحاديثه في الصحيحين.
مات عام 98 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/432، والتقريب رقم 2170.(6/120)
. عير: إبل تحمل الحيرة مع دحية الكلبي، أي الطعام. فثار: تفرق. إلا اثني عشر رجلا: حكى السهيلي أنهم العشرة المبشرون بالجنة، وبلال وابن مسعود. " اِنفَضُّوا إِلَيْهَا": أي التجارة، لأنها مطلوبهم دون اللهو.
سورة المنافقين
…مدنية.
…إحدى عشرة آية(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
1-" إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ " - المنافقون 1-
أي قالوا ذلك بألسنتهم على خلاف ما قلوبهم.
…4900- في غزاة: هي غزوة بني المصطلق كما عند أهل المغازي، وفي رواية للنسائي: تبوك، وهو خطأ، لأن عبد الله بن أُبَيّ لم يكن بها، قاله في التوشيح(2).
…ينفضوا من عنده: القاضي عياض: ( للجرجاني: من هذه، وهو الصواب، وغيره تصحيف).
الأعز: يريد نفسه. الأذل: يريد المومنين. لعمي: سعد بن عبادة. فنزل: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ": إلى آخرها.
2- " اِتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً " - المنافقون 2-
سترة على أموالهم ودمائهم. يجتنون بها: يستترون بها.
3- باب قوله تعالى: " ذَلِكَ ":
أي سوء عملهم، " بِأَنَّهُمُ ءَامَنُوا": ظاهرا، " ثُمَّ كَفَرُوا": باطنا - الآية - " فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ" - المنافقون 3-.
…4902- أخبرت به النبي صلى الله عليه: على لسان عمي، أو أخبرته ثانيا كما يأتي.
4- " وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ":
لجمالها، إلى "يُوفَكُونَ" - المنافقون 4-:أي كيف يصرفون عن الإيمان بعد قيام البرهان.
…4903- شدة: من قلة الزاد. من حوله: كذا في قراءة ابن مسعود. فلووا رؤوسهم: عطفوها إعراضا واستكبارا عن ذلك. فاجتهد يمينه: أي بذل وسعه وبالغ فيها.
5- "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ" إلى قوله:"وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ"-المنافقون5-
من الاعتذار.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:247، والكشف 2/322.
(2) - التوشيح ص: 425.(6/121)
…وحركوا رؤوسهم: تفسير "لَوَوْا".
…مسندة: أي ممالة إلى الجدار.
…4904- فأنزل الله: "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ": يعني إلى آخر السورة، وهي مشتملة على آية الترجمة، فالمطابقة لائحة، خلافا للإسماعيلي، وأجاب الحافظ بأنه أشار على عادته إلى أصل الحديث، ففي مرسل الحسن: فقال قوم لعبد الله: لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستغفر لك، فجعل يلوي رأسه، فنزلت(1).
6- " سَوَاءٌ عَلَيْهِمُ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ " الآية
"أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَّغْفِرَ اللهُ لَهُمْ" - المنافقون 6-.
…4905- فكسع: الكسع ضرب الدبر ياليد أو بالرجل. رجل من المهاجرين: هو جهجاه بن قيس الغفاري(2).رجلا من الأنصار: هو سنان بن وبرة الجهني(3). يا للأنصار: كلمة استغاثة. يا للمهاجرين: استغاث كل واحد بقومه. دعوى الجاهلية: يريد قولهم يا لفلان. دعوها: أي دعوى الجاهلية. منتنة: خبيثة. فعلوها؟: استفهام محذوف الأداة، أي الدعوة علينا، كما في رواية:( لقد تداعوا علينا)/. يقتل أصحابه: أطلق عليه الصحبة اعتبارا بظاهر أمره.
7- " هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ ":
من فقراء المهاجرين، "حَتَّى يَنفَضُّوا" - المنافقون 7-: يتفرقوا، تفسير "ينفضوا".
__________
(1) - الفتح 8/836.
(2) - جهجاه بن قيس، وقيل ابن سعيد أو ابن مسعود، الغفاري.
شهد بيعة الرضوان بالحديبية. وكان أجيرا لعمر بن الخطاب، عاش إلى خلافة عثمان.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 268، والإصابة 1/518-520.
(3) - سنان بن وبرة، أو وبر، الجهني، حليف بني الحارث بن الخزرج.
قال ابن أبي حاتم: هو من سمع عبد الله بن أبي يقول: " لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ...".
ترجمته في: الاستيعاب ص: 656، والإصابة 3/190.(6/122)
…4906- على من أصيب بالحَرَّة: من أهل المدينة المشرفة سنة ثلاث وستين على يد يزيد بن معاوية حين خرجوا عليه، وهي وقعة شهيرة قتل فيها من الصحابة و أعيان التابعين ألف وسبعمائة، ومن أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان، واستبيحت المدينة ثلاثا، وربطت الخيل في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان أنس إذ ذاك بالبصرة.
…فكتب إلي زيد(1) …إلخ: أي يعزيني. وشك ابن الفضل(2) ...إلخ: ماشك فيه ثبت عند مسلم بلا شك، وكان في هذا عزاء لما أصيبوا به. فسأل أنسا ...إلخ: عن زيد الكاتب له من هو. أوفى الله له بأذنه: أي صدقة فيما سمعته أذنه.
8- " يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الاَعَزُّ مِنْهَا الاَذَلَّ " الآية
"وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُومِنِينَ" - المنافقون 8-.
…وروى الترمذي أن عبد الله بن أبي المنافق لما قال ما ذكر، جاءه ولده عبد الله الصحابي الجليل وقال له: ( والله لا تنقلب - يعني إلى المدينة - حتى تقول إنك أنت الذليل، ورسول الله العزيز، ففعل)(3).
سورة التغابن
…مكية أو مدنية.
…ثماني عشرة آية(4).
والطلاق
…مدنية.
…ثلاث عشرة آية(5).
__________
(1) - هو زيد بن أرقم، وقد تقدم.
(2) - عبد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي المدني.
روى عن أنس بن مالك ونافع بن جبير بن مطعم والأعرج.
وعنه مالك وموسى بن عقبة والزهري.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/357، والتقريب رقم 3533.
(3) - أخرجه الترمذي وابن إسحاق في المغازي عن شيوخه، وذكرها أيضا الطبري من طريق عكرمة، كذا قال الحافظ في الفتح 8/841.
(4) - في جميع العدد، انظر البيان ص:248، والكشف 2/324.
(5) - هي اثنتا عشرة آية في غير البصري، وإحدى عشرة في البصري، انظر البيان ص:249، والكشف 2/324.(6/123)
…بسم الله الرحمن الرحيم - " يوم التغابن": من قوله تعالى: " يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ" - التغابن 9-: غبن أهل الجنة أهل النار، لنزول أهل الجنة منازل أهل النار لو كانوا سعداء، مستعار من تغابن التجار.
…" وَمَنْ يُّومِن بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ" -التغابن 1-: إلى التسليم لأمره إذا أصيب.
…" إن ارتبتم": من قوله: "وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمُ إِنِ ارْتَبْتُمْ" الآية - الطلاق 4-، فاللاتي قعدن عن الحيض لكبرهن، واللاتي لم يحضن بعد لصغرهن، فعدتهن ثلاثة أشهر، وهذا في المطلقات، أما المتوفى عنهن فيتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا.
"وَبَالَ أَمْرِهَا": من قوله تعالى: " وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنَ اَمْرِ رَبِّهَا" الآية -الطلاق 8-.
…- امرأة له: أميمة بنت غفار. فتلك العدة كما أمر الله تعالى: في قوله:"فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ" - الطلاق1-، أي لأولها بأن يكون الطلاق في طهر لم يمس فيه.
1-"وَأُوْلاَتُ الاَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ":
أي انقضاء عدتهن مطلقات كن أو متوفى عنهن أزواجهن، "أَنْ يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّ" –الطلاق 4-أي كله.
…4909- رجل: لم يعرف. ولدت بعد زوجها: أي بعد وفاته. آخر الأجلين: أي عدتها آخر الأجلين، اللذين هما الوضع أو مضي أربعة أشهر. قلت أنا: " وَأُوْلاَتُ الاَحْمَالِ" …إلخ: يعني فقد حلت بوضع حملها، فقال ابن عباس: إنما ذلك في الطلاق، والصواب أنه عام فيه وفي الوفاة. أنا مع ابن أخي: أي موافق له في فتواه. فأرسل ابن عباس غلامه كُرَيْبًا(1): يعني إلى أم سلمة كما جاء مصرحا به. قتل زوج سبيعة(2): هو سعد بن خولة(3)
__________
(1) - كريب بن أبي مسلم الهاشمي مولاهم، المدني، مولى ابن عباس.
ثقة، مات عام 98 هـ.
ترجمته في: التقريب رقم 5638.
(2) - سبيعة الأسلمية، وقد تقدمت.
(3) - سعد بن خولة القرشي العامري، من بني مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.
ذكرهموسى بن عقبة في البدريين. وكان قد توفي عن سبيعة بنت الحارث وهي حامل في حجة الوداع.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 586، والإصابة 3/53-54.(6/124)
، والمعروف أنه مات ولم يقتل. فأنكحها رسول الله صلى الله عليه: فظهر أن الصواب مع أبي سلمة لا مع ابن عباس .
…4910- محمد: يعني ابن سيرين. فذكروا آخر الأجلين: يعني في عدة المتوفى عنها. فضمر لي بعض/ أصحابه: عض على شفته غمزا ليسكته. فاستحيا: أي الذي ضمر له مما صدر منه. فقال: أي ابن أبي ليلى. لكن عمد: أي عم عبد الله بن عتبة، وهو عبد الله بن مسعود. لم يقل ذلك: هذا وهم من الناقل عنه، بل هو ممن يقول بانقضاء العدة بالوضع قبل مضي الأربعة أشهر وعشر. هل سمعت عن عبد الله؟ يعني ابن مسعود. أتجعلون عليها التغليظ: إذا تأخر وضعها. ولا تجعلون عليها الرخصة؟: إذا تقدم الوضع، وكأنه يقول: المدار على الوضع مهما وضعت. القصرى: يعني بها سورة الطلاق هذه. الطولى: يعني بها البقرة. " وَأُوْلاَتُ الاَحْمَالِ" …إلخ: أي نزلت بعد قوله في البقرة –234-: " وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ"، إلى قوله: " أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا"، ومقتضاه أن آية الطلاق ناسخة لآية البقرة، والجمهور على أنها مخصصة لعمومها، وهو ظاهر.
سورة لِمَ تُحَرِّمُ
…مدنية.
…ثنتا عشرة آية(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
1-" لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ ":
أي رضاهن، " وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" - التحريم 1-: غفر لك هذا التحريم، واختلف العلماء في الأمر الذي حرمه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقيل شرب العسل كما في حديث الباب وغيره، وهو رأي المحدثين، وقيل وطأ مارية القبطية(2)
__________
(1) - في جميع العدد، وانظر البيان ص:250، والكشف 2/325.
(2) - مارية القبطية، أم ولد الرسول صلى الله عليه وسلم: إبراهيم، وكانت قد أهداها له المقوقس صاحب الإسكندرية.
وكانت تسكن بالعالية، حيث يختلف إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب عليها الحجاب.
ماتت بعد النبي بخمس سنين سنة ست عشرة.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1912، والإصابة 8/111-112.(6/125)
لما واقعها - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة، وكانت غائبة، فجاءت وشق عليها كون ذلك في بيتها وعلى فراشها، وهو رأي المفسرين، ولا تنافي بينهما، فيكون من تعدد السبب.
…4911- في الحرام يكفر: أي إذا قال لزوجته هي عليه حرام، أو أنت علي حرام، فإنها لا تطلق عليه، وعليه كفارة يمين، والذي جرى به العمل عند المالكية أنها تلزمه طلقة بائنة.
…4912- عند زينب: وفي رواية عند المص: " عند حفصة"، وفي أخرى عند ابن مردويه: "عند سودة"، والصواب ما في هذه الرواية، وأن الشرب وقع عند زينب، قاله القاضي وغيره.
…مغافير: جمع مغفور بضم الميم، صمغ حلو له رائحة كريهة ينضجه شجر العرفط. قال لا: أي فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال لا.
…2- " قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ" - التحريم 2-:
…أي تحليلها بالكفارة، واختلف هل كفر عنها عليه الصلاة والسلام أم لا، فقال مقاتل: أعتق رقبة في تحريم مارية، وقال الحسن: لم يكفر لأنه مغفور له، ومذهب المالكية أن من حرم مباحا ماعدا الزوجة لا شيء عليه، وكذا الأمة إن لم ينو بتحريمها عتقها لاشيء عليه أيضا، وأما إذا نوى به عتقها فيلزمه العتق، هذا معنى قول الشيخ خ: ( وَتَحْرِيمُ الْحَلاَلِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ)(1).
…4913- من اللتان: أي من المرأتان اللتان...إلخ. أمرا: أي شيئا. أتأمره: أتفكر فيه. ابنتك: حفصة. حب: بالرفع، بدل إضراب من فاعل أعجب، والنصب على أنه مفعول له، أي من أجل حبه لها. صاحب: هو أوس بن خدي. ملكا: هو جبلة بن الأيهم، أي الحارث بن أبي شمر.
…امتلأت صدورنا منه: خوفا. مشربة: غرفة. بعجلة: درجة. غلام: هو رباح. قرظ: ورق السلم يدفع به. مصبور: مجموع. أهب: جلود، جمع إهاب.
3-" وَإِذَ اَسَرَّ النَّبِيءُ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ ":
__________
(1) - مختصر خليل 1/125.(6/126)
حفصة، " حَدِيثًا": هو تحريم العسل أو مارية، وقال لها: لا تفشيه، إلى "الْخَبِيرُ" - التحريم 3-: أي الله سبحانه.
…فيه حديث عائشة: أي في الباب حديثها المار / قريبا.
…4- " إِن تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا" - التحريم 4-:
…أي مالت إلى تحريم العسل أو الجارية، ( أي سركما ذلك مع كراهية النبي - صلى الله عليه وسلم - له، وذلك ذنب، وجواب الشرط محذوف أي تقبلا، وأطلق قلوب على قلبين، ولم يعبر به لاستقبال الجمع بين تثنيتين فيما هو كالكلمة الواحدة)، قاله المحلي(1).
…4915- ورأيت موضعا: لسؤاله.
5- " عَسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُّبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ" الآية - التحريم 5-:
ولم يقع التبديل لعدم وقوع الشرط.
سورة الملك
…مكية.
…ثلاثون آية(2).
…بسم الله الرحمن الرحيم - التفاوت: من قوله تعالى: " مَا تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ" - الملك 3-: الاختلاف وعدم التناسب.
…" تَمَيَّزُ": من قوله تعالى: "إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا ..." إلخ -الملك 7 و8-.
…" مناكبها": من قوله تعالى: " هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الاَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا" - الملك 15-.
…" تدعون": من قوله تعالى: " فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ" - الملك 27-: أي تدعون أنكم لا تبعثون، فهو من الدعوى.
__________
(1) - في حاشيته ص: 740.
(2) - هي إحدى وثلاثون آية في المدني الثاني والمكي، وثلاثون في عدد الباقين، انظر البيان ص:251، والكشف 2/328.(6/127)
…" ونفور": من قوله: " بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ" - الملك 21-: الكفور، قال القاضي في المشارق: ( كذا لجميعهم، وعند الأصيلي: وتفور: تفور كقدر، يعني من قوله: "سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ" - الملك 7-، قال: وهذا أولى، وما عداه تصحيف، فإن تفسير "نفور" بكفور بعيد) هـ.
…الدماميني: ( لا أدري وجه هذا التصحيف، وتفسير النفور من قوله: " فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ " بالكفور صحيح ظاهر المعنى، فما هذا الذي يقوله؟!) هـ(1).
…ابن حجر: ( استبعده من جهة أنه معنى فلا يفسر بالذات، لكن لا مانع من ذلك على إرادة المعنى، وحاصله أن الذي يلج في عتوه ونفوره هو الكفور)(2).
سورة ن والقلم
…مكية.
…ثنتان وخمسون آية(3).
…قال المحلي: ("ن" أحد حروف الهجاء، الله أعلم بمراده منه) هـ(4).
…وقال البيضاوي: ( من أسماء الحروف، وقيل اسم الحوت، والمراد به الجنس، أو البهموت وهو الذي عليه الأرض، أو الدواة، والقلم هو الذي خط اللوح، أو الذي يخط به، أقسم به لكثرة فوائده)(5).
…بسم الله الرحمن الرحيم - " على حرد": من قوله تعالى: "وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ"- القلم 25- جد… إلخ، وقال الجلال:( منع للفقراء، قادرين عليه في ظنهم)(6).
…" يتخافتون": من قوله تعالى: " فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ" - القلم 23 و24- قال قتادة: كانت هذه الجنة لشيخ، وكان يمسك منها قوت سنته، ويتصدق بالباقي، وكان بنوه ينهونه عن الصدقة، فلما مات أبوهم حلفوا ليصرمنها وقت الصباح خفية على المساكين، فطاف عليها طائف - أي بلاء - من الله فاحترقت.
__________
(1) - تعليق المصابيح ص: 529.
(2) - الفتح 8/853-854.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:252، والكشف 2/331.
(4) - حاشية الجلال ص: 746.
(5) - أنوار التنزيل 5/143.
(6) - حاشية الجلال ص: 748.(6/128)
"إِنَّا لَضَالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ" - القلم 26 و27-: حرمنا خيرها بجنايتنا على أنفسنا.
…" كالصريم": من قوله تعالى: " فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ" - القلم 19 و20-.
…قال البيضاوي: ( كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شيء، فعيل بمعنى مفعول، أو كالليل باحتراقها واسودادها، أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس، سيما بالصريم لأن كلا منهما يصرم من صاحبه، أو كالرمال)هـ(1) ، أي لأنها لا تنبت، وبهذا يفهم كلام المص رحمه الله.
1-باب: " عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ "
يشير لقوله تعالى: " وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ اَثِيمٍ عُتُلٍّ": أي غليظ جاف، "بَعْدَ ذَلِكَ": أي بعد ما عد من مثالبه، "زَنِيمٍ" - القلم 10 إلى13-، قال ابن عباس هو:
…4917- رجل من قريش: هو الوليد بن المغيرة، وقيل غيره. له زنمة: في عنقه. مثل زنمة الشاة: وهي الهنة - أي القطعة - التي تتعلق بعنقها، قال ابن عباس: وما كنا نعرف المشار إليه حتى نزلت فعرفناه، وقيل معناه دعي في قريش، لأن الوليد ادعاه أبوه بعد/ ثماني عشرة سنة، قال ابن عباس: ( لا نعلم أن الله وصف أحدا بما وصفه به من العيوب، فألحق به عارا لايفارقه أبدا).
…4918- متضعف: بالكسر أي خامل، والفتح أي يستضعفه الناس، ويستحقونه. عتل: فظ غليظ. جواظ: كثير اللحم، مختال في مشيته.
2- " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ " -القلم 42-
…قال البيضاوي: ( يوم يشتد الأمر، ويصعب الخطب، وكشف الساق مثل في ذلك، وأصله تشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب) هـ(2).
…وقال الجلال: ( هو عبارة عن شدة الأمر يوم القيامة للحساب والجزاء، ويقال: كشفت الحرب عن ساقها، إذا اشتد الأمر فيها) هـ(3).
__________
(1) - أنوار التنزيل 5/145.
(2) - أنوار التنزيل 5/146.
(3) - حاشية الجلال ص: 749.(6/129)
…وقال النووي: ( قال العلماء: معناه: يوم يكشف عن شدة وهول عظيم، أي يظهر ذلك، كما يقال: كشف الحرب عن ساق، فهو كناية، إذ لا كشف ولا ساق).
…" وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ": امتحانا لإيمانهم فلا يستطيعون، تصير ظهورهم طبقا واحدا.
…4919- يكشف ربنا عن ساقه: قال الخطابي: ( عن قدرته التي تكشف عن الشدة والكرب، أو عن نوره كما رواه أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسند ضعيف في قوله: يوم يكشف عن ساق، قال: نور عظيم يخرون له سجدا، وبه يجاب عن قول الإسماعيلي في قوله: " عن ساقه" نكرة، والأصح ما في طريق آخر بلفظ: يكشف عن ساق، أي عن كرب وشدة، لموافقته للقرآن، والله تعالى يتعالى عن شبه المخلوقين)هـ(1) ، أي لأن الكل صحيح، وتأويله ما سبق على طريقة الخلف، وطريقة السلف التفويض والتنزيه عن سمات الحدوث. طبقا واحدا: لا ينتني للسجود ولا ينحني.
سورة الحاقة
…مكية.
…إحدى، أو اثنتان وخمسون آية(2).
…والحاقة: القيامة التي يحق فيها ما أنكر من البعث والحساب والجزاء.
…بسم الله الرحمن الرحيم - "عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ": من قوله تعالى: "فَأَمَّا مَنُ اوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ"الآية (3) -الحاقة 19 و20 و21-.
…"يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ مَا أَغْنى عَنِّي مَالِيَهْ" - الحاقة 27 و28-: لن أحيا بعدها، أي يا ليت الموتة التي متها في الدنيا كانت القاطعة لحياتي بأن لا أبعث.
…" مِنَ اَحَدٍ"…إلخ:من قوله تعالى:"وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاَقَاوِيلِ"الآية-الحاقة 44-
…نياط القلب: عرق متصل بالقلب، إذا انقطع مات صاحبه.
__________
(1) - أعلام السنن ص: 1046-1047.
(2) - هي إحدى وخمسون آية في البصري والشامي، واثنتان في عدد الباقين، انظر البيان ص:253، والكشف 2/333.
(3) - ورد في أصل المخطوطة: "فأما من ثقلت موازينه"، وهو وهم، إذ الآية في سورة القارعة الآية 6.(6/130)
…" طغا": من قوله تعالى: " إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ" - الحاقة 11-.
…" بالطاغية": من قوله تعالى: " فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ" - الحاقة 5-: أي بالصيحة المحاورة للحد في الشدة.
…وطغيانهم: الذي في الفتح: بطغيانهم، قال: ( وهو قول أبي عبيد، وزاد: كفرهم)(1).
…طغت على الخزان: ابن حجر: ( لم يظهر لي فاعل " طغت" لأن الآية في حق ثمود، وهم قد أهلكوا بالصيحة، وهي لاخزان لها، فلعله انتقال من عتت إلى طغت)هـ(2) ؛ وهو ظاهر، وتشنيع العيني عليه تحامل منه(3)، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة سَأَلَ سَائِلٌ
…مكية.
…أربع وأربعون آية(4).
…ومعناه على قراءة من همز: دعا داع بعذاب واقع، وهو النضر بن الحارث، قال:"اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك..." إلخ، وعلى غيرها إما أنه مخفف من المهموز، وهو بمعناه، أو بمعنى السيلان، أي سال واد بعذاب...إلخ، ومضي الفعل لتحقق وقوعه، إما في الدنيا وهو قتل بدر، وإما في الآخرة وهو عذاب النار، قاله البيضاوي(5).
والفصيلة: من قوله تعالى: "يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمَئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ…" إلخ -المعارج 11 و12-.
…" نَزَّاعَةٌ لِّلشَّوَى": من قوله تعالى: " إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةٌ..." إلخ - المعارج 15 و16-.
…"عِزِينَ":من قوله تعالى:"فَمَا لِلَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ..."إلخ-المعارج 36 و37-.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة نوح - عليه السلام - /
…مكية.
__________
(1) - الفتح 8/859.
(2) - الفتح 8/859.
(3) - قال في العمدة 19/259: (قلت: ظهر لغيره ما لم يظهر له لقصوره، والآية في حق عاد كما ذكرنا، وهم أهلكوا بريح صرصر عاتية عتت على خزانها، وأما ثمود فقد أهلكوا بالطاغية).
(4) - هي ثلاث وأربعون في الشامي، وأربع في عدد الباقين، انظر البيان ص:254، والكشف 2/334.
(5) - في أنوار التنزيل 5/150.(6/131)
…ثمان، أو تسع وعشرون آية(1).
…"أطوارا":من قوله:"مَالَكُمْ لاَ تَرْجُونَ للهِ وَقَارًا وَقَدْ خَلَقَكُمُ أَطْوَارًا"-نوح 13 و14-
…طورا كذا: أي طورا نطفة، وطورا علقة، إلى تمام الخلق.
…الكبار: من قوله تعالى: " وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا" - نوح 22-: أي عظيما جدا بأن كذبوا نوحا وآذوه ومن اتبعه.
…وقارا: عظمة، وقال غيره: لا تأملون وقارا لله إياكم بأن تؤمنوا.
…" ديارا": من قوله تعالى: " وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الاَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّارًا" - نوح 26-:
…من دور، أي من يدور، أي أحدا.
…" تبارا": من قوله تعالى: " وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا" -نوح 28-.
…" مدرارا": من قوله تعالى: " اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمُ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا" - نوح 10 و11-: يتبع بعضها، أي السماء، بمعنى المطر.
1-" وُدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ " - نوح 23-
هذه أسماء أصنام لهم كانوا يعبدونها.
…4920- بالجوف: واد باليمن. وَنَسْر: أي وما ذكر معه من الأصنام. وتنسخ العلم: أي زالت المعرفة بحالها.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة قُلُ اوحِيَ إِلَيَّ
…مكية.
…ثمان وعشرون آية(2).
…" لبدا": من قوله تعالى: " وَإِنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا"-الجن 19-: أعوانا على إبطال أمره.
__________
(1) - هي ثلاثون آية في المدني والمكي، وثمان وعشرون في الكوفي، وتسع في البصري والشامي، انظر البيان ص:255، والكشف 2/337.
(2) - في جميع العدد، انظر البيان ص: 256، والكشف 2/339.(6/132)
…4921- انطلق رسول الله صلى الله عليه ... إلخ: اختصره البخاري هنا وفي الصلاة، وزاد مسلم وغيره في أوله عن ابن عباس: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الجن ولا رآهم، انطلق ... إلخ؛ قال ابن حجر: ( وكأن البخاري حذف هذه اللفظة عمدا، لأن ابن مسعود أثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على الجن، فكان ذلك مقدما على نفي ابن عباس، ثم قال: ويمكن الجمع بالتعدد)هـ(1)، وقال ابن عطية: ( التحرير في هذا أنه عليه السلام جاءه جن دون أن يعرف بهم، وهم المتفرقون من أجل الرجم، وهذا هو قوله تعالى: " قُلُ اوحِيَ إِلَيَّ" الآية - الجن 1-، ثم بعد ذلك وفد عليه وفد، وهم المذكورون في آية: " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ" - الأحقاف 29-) هـ(2).
…سوق عُكَاظ: موسم معروف للعرب، وهو في واد بين مكة والطائف(3). وأرسلت علينا الشهب: أي إرسالا كثيرا على خلاف العادة، فقد سئل الزهري عن النجوم أكان يرمى بها في الجاهلية؟ قال: نعم، ولكنه لما جاء الإسلام غلظ وشدد، وقيل كانت قبل الإسلام قد تصيب وقد لا تصيب، وبعده تصيب إصابة مستمرة. صلاة الفجر: ( هذه الصلاة هي التي أمر بها - صلى الله عليه وسلم - أولا قبل فرض الصلوات الخمس، فإنه كان يصلي صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها لأن الحيلولة وإرسال الشهب كان في أول البعثة) ، قاله ابن حجر(4).عجبا: يتعجب منه لفصاحته. قول الجن: لقومهم: " إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًا..." إلخ - الجن 1-.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المزمل
__________
(1) - الفتح 8/866-867.
(2) - المحرر الوجيز 13/369.
(3) - مثله في الفتح 8/867.
(4) -في الفتح 8/868، وزاد: ( فيكون إطلاق صلاة الفجر في حديث الباب باعتبار الزمان لا لكونها إحدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء، فتكون قصة الجن متقدمة من أول المبعث، وهذا الموضع مما لم ينبه عليه أحد ممن وقفت على كلامهم في شرح هذا الحديث).(6/133)
…مكية، أو إلا قوله: " إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ" إلى آخرها - المزمل 20-.
…تسع عشرة، أو عشرون آية(1).
والمدثر
…مكية.
…خمس وخمسون آية(2).
…ومعنى المزمل والمدثر المتلفف بثيابه، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك عند مجيء الوحي إليه خوفا منه لهيبته.
…" وتبتل": من قوله تعالى: " وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلِ اِلَيْهِ تَبْتِيلاً" -المزمل 8-: أخلص، وقال ابن عرفة - كما في النكت-: ( انفرد له في طاعته، وأفردها له)(3).
…" أنكالا": من قوله تعالى: " إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيمًا وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ"...إلخ - المزمل 12 و13-: قيودا ثقالا.
…" كَثِيبًا مَّهِيلاً": من قوله تعالى: " يَوْمَ تَرْجُفُ الاَرْضُ وَالْجِبَالُ..." إلخ - المزمل 14-: الرمل السائل، أي كانت رملا سائلا.
…و"بيلا":من قوله تعالى:" فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَّبِيلاً" - المزمل 16-
…" مُنفَطِرٌ بِهِ":من قوله تعالى: "فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا..." إلخ - المزمل 17و18-.
…" قسورة": من قوله تعالى: " فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفَرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ" - المدثر 49 و50 و51-: ركز الناس، وقيل القسورة الرماة، وبه صدر ابن عطية(4) والزمخشري(5) والخازن(6)، ونسبوا الأول لابن عباس وعكرمة وقتادة.
__________
(1) - هي ثماني عشرة في المدني الثاني، وتسع عشرة في المكي والبصري، وعشرون في عدد الباقين، انظر البيان ص:257، والكشف 2/344.
(2) - هي خمس وخمسون في المدني الثاني والمكي والشامي، وست في عدد الباقين، انظر البيان ص:258، والكشف 2/347.
(3) - النكت ص: 326.
(4) - المحرر الوجيز 15/199.
(5) - في الكشاف 4/656.
(6) - في لباب التأويل 4/435.(6/134)
…نافرة مذعورة: هذا تفسير "مستنفرة"، يريد أن لها معنيين، وهما على القراءتين، فقد قرأها الجمهور بفتح الفاء، وعاصم والأعمش بكسرها(1).
…" عسير": من قوله تعالى: "فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ..." إلخ-المدثر 8 و9-.
…الركز: المذكور في قوله تعالى: " هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنَ اَحَدٍ اَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا" - مريم 98-، وذكره هنا استشهادا.
…1- " يَأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ" /- المدثر 1 و2-:
…قال الخازن: ( أجمعوا على أن المراد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما سماه مدثرا لقوله عليه السلام: دثروني) هـ(2).
…وقال السهيلي: ( في خطابه بذلك غاية الملاطفة، فإن العرب إذا قصدت ملاطفة المخاطب نادوه باسم مشتق من حالته التي هو عليها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: قم أبا تراب) هـ.
…وما في الكشاف لا يلتفت إليه، ولا يصغى له(3).
…4922- شيئا: ملكا هو جبريل. فنزلت: " يأيها المدثر": قال الكرماني وغيره: (ليس في هذا الحديث أن أول ما نزل: "يأيها المدثر"، وإنما استخرج ذلك جابر باجتهاده، واجتهاده لا يعارض الحديث الصحيح الصريح بأن أول ما نزل هو "اقرأ" كما في أول هذا الجامع وغيره) هـ(4).
…وقال النووي: ( كون "أول"(5) ما نزل هو " اقرأ" هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف، وما روي عن جابر ضعيف، بل باطل) هـ.
__________
(1) -قرأ نافع وابن عامر والمفضل بفتح الفاء، وكسرها الباقون، انظر التذكرة ص: 604، والكشف 2/347-348.
(2) -لباب التأويل 4/428.
(3) - لا أدري ما هذا الذي لا يلتفت إليه ولا يصغى له، فليس في الكشاف 4/644-645 سوى إدراج الرواية المشهورة عن جابر: "كنت على جبل حراء... دثروني" وهي سبب نزول الآية .
(4) - الكواكب الدراري 18/169.
(5) - ساقطة من أصل المؤلف.(6/135)
…وقال الزركشي: ( الصحيح أن " قرأ" أول ما نزل، لما بينه في حديث جابر من قوله وهو يحدث عن فترة الوحي) هـ(1)؛ ونحوه للخازن، قال: ( ويجمع بينهما بأن " قرأ" أول ما نزل على الإطلاق، و"يأيها المدثر" أول ما نزل بعد فترة الوحي، والله أعلم)(2)؛ زاد النووي: (وأما قول من قال من المفسرين: أول ما نزل الفاتحة ، فبطلانه أظهر من أن يذكر، والله أعلم )هـ.
…" وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ" – المدثر3 -: عظم عن إشراك المشركين.
2- " قُمْ فَأَنذِرْ" - المدثر 2-:
…أي قم قيام عزم وجد لإنذار الناس.
…4923- وغيره: هو أبو داود الطيالسي، مثل حديث عثمان(3)...إلخ: قال ابن حجر: ( لم يخرج المص رواية عثمان التي أحال عليها)(4).
…3- باب قوله تعالى: " وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ" - المدثر 3-:
…عظمه وصفه بالكبرياء.
…4924- فإذا هو: أي الملك الذي جاءني بحراء.
…4- باب: " وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ" – المدثر 4-:
…من النجاسة بغسلها وحفظها منها، كتقصيرها مخافة جر الذيول فيها كما كانت تفعله العرب من جرها خيلاء.
…4925- فجئثت: فزعت. رعبا: خوفا. وهي: أي الرجز. الأوثان: أي الأصنام.
5- " وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ" - المدثر 5-:
دم على هجره.
…العذاب: هذا قول أبي عبيدة، وهو تفسير معنى، أي اهجر أسباب الرجز، أي العذاب، وهي الأوثان(5).
سورة القيامة
…مكية.
…أربعون آية(6).
__________
(1) - التنقيح ص: 208.
(2) - لباب التاويل 4/428.
(3) - عثمان بن عمرو بن فارس العبدي، بصري أصله من بخارى.
ثقة، وقيل: كان يحيى بن سعيد لا يرضاه. مات سنة 209هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/142، والتقريب رقم 4504.
(4) - الفتح 8/876.
(5) - منقول من الفتح 8/878.
(6) - هي تسع وثلاثون آية في غير الكوفي، وأربعون في الكوفي، انظر البيان ص:259، والكشف 2/349.(6/136)
…بسم الله الرحمن الرحيم - " لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ" -القيامة 16-:كذا بخط ابن سعادة بقلم الأصل غير ترجمة، وعند العيني والقسطلاني: وقوله: لا تحرك..." إلخ(1).
…ابن حجر: ( لم يختلف السلف أن المخاطب بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في شأن نزول الوحي، كما دل عليه حديث الباب)(2).
…" سدى": من قوله تعالى: " أَيَحْسِبُ الاِنسَانُ أَنْ يُّتْرَكَ سُدًى" - القيامة 36-: هملا لا يكلف ولا يجازى.
…" ليفجر أمامه": من قوله تعالى: " بَلْ يُرِيدُ الاِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ" - القيامة 5-: سوف أتوب …إلخ، يعني أن الإنسان يريد أن يدوم على فجوره فيما يستقبله من الزمان، ويقول: سوف أتوب، سوف أعمل عملا صالحا.
…" لا وزر": من قوله: " يَقُولُ الاِنسَانُ يَوْمَئِذٍ اَيْنَ الْمَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ" - القيامة 10: لا حصن يتحصن به.
…4927- ووصف سفيان: كيفية التحريك.
…" إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ" - القيامة 17-: كذا وجدته في عدة نسخ بقلم الأصل غير ترجمة، والذي في الفتح(3) والعمدة(4) والإرشاد: باب " إن علينا..." إلخ.
…4928- يقول أنزل عليه: هذا تفسير قرآنا، يعني قرأناه عليك بلسان جبريل.
1-" فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ" - القيامة 18-:
استمع قراءته. بيناه: كذا فسره ابن عباس، ويأتي في الباب له تفسير آخر عنه/ أيضا.
…4929- مما: أي كثيرا ما. فيشتد عليه: لثقله. وكان يعرف منه: ذلك الاشتداد. وقرآنه: قراءتك إياه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "هَلَ اَتى عَلَى الِانسَانِ"
…مكية أو مدنية.
…إحدى وثلاثون آية(5).
…والمراد بالإنسان هنا آدم.
__________
(1) - انظر عمدة القاري 19/268.
(2) - الفتح 8/879.
(3) - الفتح 8/881.
(4) -العمدة 12/268.
(5) - في جميع العدد، انظر البيان ص:260، والكشف 2/352.(6/137)
…جحدا: نفيا. وهذا من الخبر: قال الزركشي: ( الذي عليه أئمة النحو أنها بمعنى قد على معنى التقرير، وحملوا عليه كلام ابن عباس، وأن مراده أنها ليست للاستفهام الحقيقي، بل للاستفهام التقريري، وأنها تقرير لمن أنكر البعث، وقد علم أنهم يقولون نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال لهم، والذي أحدث الناس بعد أن لم يكونوا، كيف يمتنع عليه إحياؤهم بعد موتهم)(1).
…وتقرأ "سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً" - الإنسان 4-: بالتنوين مصروفة. ولم يجر بعضهم(2): أي لم يصرف، وهذا اصطلاح الأقدمين، يقولون للاسم المنصرف مجرى، ومن نونه راعى التناسب لما قبله وبعده.
…" مستطيرا": من قوله تعالى: " يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا"(3) - الإنسان 7-.
…كان شيئا فلم يكن مذكورا: يشير إلى أن النفي في قوله سبحانه: " لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا" - الإنسان 1-، انصب على القيد دون المقيد، يعني أنه كان شيئا غير مذكور بالإنسانية.
…إلى أن ينفخ فيه الروح: وبينهما أربعون سنة.
…" أسرهم": من قوله تعالى: " نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً" - الإنسان 28-: شدة الخلق، وقال البيضاوي: ( أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب)(4).
…والغبيط...إلخ: والقتب للبعير، والإكاف للحمار.
…" أمشاج": من قوله تعالى: " إِنَّا خَلَقْنَا الاِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ اَمْشَاجٍ" - الإنسان 2-: ماء الرجل وماء المرأة يختلطان، ومنهما يكون الولد.
__________
(1) -في التنقيح ص: 208.
(2) - قال في الفتح 8/885: ( وذكر عياض أن في رواية الأكثر بالزاي بدل الراء، ورجح الراء وهو الأوجه).
(3) - في أصل المخطوطة: ( قوله تعالى: " إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ"...إلخ)، وهو وهم ظاهر.
(4) - أنوار التنزيل 5/166.(6/138)
…الدم والعلقة: هذا قول الفراء، ونصه: ( هو ماء الرجل وماء المرأة، والدم والعلقة، ويقال للشيء من هذا إذا اختلط مشيج) هـ(1).
…قال ابن عباس: ( ما كان من عصب وعظم فمن نطفة الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة)(2).
…"والقمطرير":من قوله تعالى: إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا"-الإنسان 10-
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة والمرسلات
…مكية.
…خمسون آية(3).
…أي الملائكة أرسلت بالمعروف.
…" جمالات": من قوله تعالى: " إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ" - المرسلات 32 و33-: حبال، أي حبال الشعر، وهذا إنما هو على قراءة "جمالات" بضم الجيم كما روي عن ابن عباس وغيره، أما على قراءة الكسر فهو جمع جمالة(4)، وجمالة جمع جمل، الحيوان المعروف.
…وسئل ابن عباس: الذي سأله هو نافع بن الأزرق.
…"هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ" - المرسلات 35-، " وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ "-الأنعام23-، " اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ" الآية - يس 65-: أي ما الجمع بين هذه الأمور الثلاثة؟
فقال: إنه – أي يوم القيامة – ذو ألوان: أزمنة مختلفة، مرة ينطقون، وهو ما دل عليه قوله: " وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ"، ومرة يختم عليهم، أي على أفواههم فلا ينطقون، وتشهد عليهم جوارحهم، فثبت مدلول الآيات الثلاث.
…4930- كنا مع رسول الله صلى الله عليه: أي بغار بمنى.
…4931- لرطب: لم يجف ريقه من تلاوتها.
1-" إِنَّهَا ":
__________
(1) - منقول من الفتح 8/885.
(2) - منقول من الفتح 8/885.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:261، والكشف 2/357.
(4) - قرأ حفص وحمزة والكسائي بكسر الجيم من غير ألف بعد اللام: " جِمَالَتٌ"، وقرأ رويس بضم الجيم وألف بعد اللام: "جُمَالاَتٌ"، وقرأ الباقون مثله ولكن بكسر الجيم: "جِمَالاَتٌ".
انظر: التذكرة ص: 611، والكشف 2/358.(6/139)
أي النار، " تَرْمِي بِشَرَرٍ"، ما تطاير منها، " كَالْقَصْرِ" - المرسلات 32-: من البناء في عظمه وارتفاعه.
…4932- سمعت ابن عباس: "إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ": قال الزركشي: ( كذا ثبت بإسكان الصاد، وإنما هو بفتحتها، وكذا قيده صاحب " النهاية " وغيره، وهي قراءة مشهورة عن ابن عباس، فكأنه فسر قراءته، وهو جمع قصرة بالفتح، وهي أعناق الإبل والنخل وأصول الشجر) هـ(1).
…وقال القسطلاني: ( " كالقصر" بفتح القاف والصاد، في الفرع مصلحة مصححا عليها…إلخ)(2). بقصر: بقدر.
2- " كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ / صُفْرٌ" - المرسلات 33-
…البيضاوي: ( تشبيه في اللون والكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة) هـ(3).
…4933- تجمع: أي يجمع بعضها إلى بعض لتقوى.
3- " هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ " - المرسلات 35-:
…فيه بشيء، أي في بعض أحيانه كما سبق.
سورة عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ
…مكية.
…إحدى وأربعون آية(4).
…أي عن أي شيء يسأل بعض قريش بعضا.
…" لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا": من قوله تعالى: " إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ..." إلخ - النبأ 27-: لا يخافونه لإنكارهم البعث.
…" لا يملكون..." إلخ: من قوله: " رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنُ لاَيَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا" - النبأ 37-.
…" وهاجا": من قوله تعالى: " وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا" -النبأ 12 و13-.
…" عطاء حسابا ": من قوله تعالى: " جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا" - النبأ 36-: جزاء كافيا كثيرا، من قولهم: أعطاني فأحسبني، أي أكثر علي حتى قلت حسبي.
…" غَسَاقًا": من قوله تعالى: " لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا..." إلخ - النبأ 24-.
__________
(1) - التنقيح ص: 208.
(2) - انظر إرشاد الساري 7/456-457.
(3) - أنوار التنزيل 5/168.
(4) - في البصري، وأربعون في عدد الباقين، انظر البيان ص:262، والكشف 2/359.(6/140)
…غسقت عينه: دمعت، قاله ابن عطية(1)، ونقل عن جماعة أن الغساق هو ما يسيل من أجسام أهل النار من صديد ونحوه، وقيل هو الزمهرير يحرقهم ببرده.
…" صوابا ": من قوله تعالى: " يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا" الآية - النبأ 38-.
…أي كفاني: حتى قلت حسبي.
…
1-" يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ":
أي النفخة الأخيرة، " فَتَاتُونَ": من قبوركم إلى الموقف، "أَفْوَاجًا" - النبأ 18- زمرا، جماعات مختلفة.
…4935- أبيت: امتنعت من الإخبار بما لا أعلم، وعن ابن عباس: أربعون سنة. عجب الذنب: عظم لطيف مثل الخرذل في رأس العصعص بين الأليتين(2).
سورة وَالنَّازِعَاتِ
…مكية.
…ست وأربعون آية(3) .
…وهم الملائكة تنزع أرواح الكفار.
…" الآية الكبرى": من قوله تعالى: " فَأَراهُ الاَيَةَ الكُبْرى فَكَذَّبَ وَعَصى..." إلخ - النازعات 20 و21-.
…والناخرة… إلخ: من قوله تعالى: "أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ إِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً" –النازعات 10 و11-: البالية المتفتتة(4). فتنخر: أي تصوت ويسمح لها نخير.
…إلى الحياة: أي إلى الحياة بعد الموت.
…" أيان مرساها": من قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا" - النازعات 42-: متى منتهاها، وقيل متى وقوعها وقيامها.
…4936- كهاتين: وقرن بينهما.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة عبس
…مكية.
…اثنان وأربعون آية(5).
…كلح، وقطب وجهه، وهذا تفسير "عبس"، وأعرض تفسير "تولى".
__________
(1) - في المحرر الوجيز 15/289.
(2) -مثله في الفتح 8/710 ( تفسير سورة الزمر، حديث 4814).
(3) - هي خمس وأربعون في غير الكوفي، وست في الكوفي، انظر البيان ص:263، والكشف 2/361.
(4) - في أصل المخطوطة: " المتفتة"، ولعله سبق قلم.
(5) - هي أربعون في الشامي، وإحدى وأربعون في البصري، واثنتان في عدد الباقين، انظر البيان ص:264، والكشف 2/362.(6/141)
…" مطهرة": من قوله تعالى: " فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ ..." إلخ - عبس 12 و13 و14-.
…" فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا" - النازعات 5-، لأن التدبير لمحمول خيل الغزاة، فوصف الحامل بوصف المحمول، فقيل: فلمدبرات...إلخ.
…" تصدى" من قوله تعالى: " أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنتَ لَهُ تَصَّدّى" - عبس 5 و6-.
…" سفرة": من قوله تعالى: " بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ" - عبس 15 و16-.
…تغافل: (قال الحافظ أبو ذر: هذا ليس بصحيح، إنما يقال تصدى للأمر إذا رفع رأسه إليه، فأما تلهى فتغافل وتشاغل، وقال السفاقسي: قيل: تصدى تعرض، وهو اللائق بتفسير الآية، لأنه لم يتغافل عن المشرك، إنما تغافل عمن جاءه يسعى) هـ، قاله في التنقيح(1)، وقال البيضاوي: ( "تصدى": تتعرض بالإقبال عليه)هـ(2) ، وقال الخازن: ( " تصدى": أي تتعرض لتقبل عليه وتصغي إلى كلامه)(3).
…" ترهقها": من قوله تعالى: " وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ" الآية - عبس 38 إلى 41-: تغشاها شدة ، وقال البيضاوي: ( تغشاها سواد وظلمة)(4).
…لا يقضي أحد ما أمر به: إذ لم يخل من تقصيرها.
…" تلهى":من قوله تعالى:"وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى" الآية/-عبس 8 و9-.
…4937- مثل الذي...إلخ: لفظ "مثل" زائد للتأكيد. مع السفرة...إلخ: أي كأنه مع السفرة، أي الملائكة فيما يستحقه من الثواب، قاله ابن التين، وقال ابن أبي جمرة: ( إنما كان معهم لأنه يحصل له الأمن في الدنيا والآخرة).
__________
(1) - التنقيح ص: 208-209.
(2) - أنوار التنزيل 5/174.
(3) - لباب التأويل 4/464.
(4) - أنوار التنزيل 5/175.(6/142)
…فله أجران: أجر القراءة وأجر التعب، قال القاضي في الإكمال: ( وليس المعنى أنه أعظم أجرا من الماهر، ولا يصح هذا إذا كان عالما به، لأن من هو مع السفرة بمنزلة عظيمة، وله أجور كثيرة، ولا تحصل هذه الأجور لغيره ممن لم يمهر مهارته، ولايستوي أجر من علم بأجر من لم يعلم، فكيف يفضله) هـ منه، ونقله النووي والأبي وسلماه، ونحوه في الفتح(1) عن ابن التين، وقال الدماميني: ( إنه ظاهر الحديث، وعليه جرى الشيخ زكريا فقال: " له أجران": أجر القراءة وأجر التعب، وليس المراد أن أجره أكثر من أجر الماهر، بل الماهر أكثر ، ولذا كان مع السفرة)هـ(2) ، وكذا المناوي ناسبا له لجمهور الشراح.
سورة "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"
…مكية.
…تسع وعشرون آية(3).
…أي لففت وذهب بنورها.
…" سجرت": من قوله: " وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ" - التكوير 6-: يذهب ماؤها، وقال ابن عباس: ( أوقدت فصارت نارا تضطرم) هـ، وعليه اقتصر الجلال(4).
…انتشرت وسقطت إلى الأرض.
…والخنس:من قوله تعالى: "فَلاَ أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ"- التكوير 15 و16-.
…قال الجلال: ( هي النجوم الخمسة: زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد)(5).
…تخنس: بضم النون أي ترجع في مجراها وراءها، بينما ترى النجم في آخر الجرج إذ كر راجعا إلى أوله.
…وتكنس: (بكسر النون، تدخل في كناسها، أي تغيب في المواضع التي تغيب فيها)هـ، وبه يفهم كلام المص رحمه الله.
…كما يكنس الظبي: أي يستتر.
…ترجع: تتقهقر في برجها.
…وتكنس: تدخل في كناسها، أي تغيب.
…" تنفس": من قوله تعالى: "وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" -التكوير17 و18-: ارتفع، وقيل امتد حتى يصير نهارا بينا.
__________
(1) - الفتح 8/897.
(2) -تعليق المصابيح ص: 531.
(3) -هي سبع وعشرون آية في جميع العدد، انظر البيان ص:265، والكشف 2/363.
(4) - في حاشيته ص: 789.
(5) - حاشية الجلال ص: 789.(6/143)
…والظنين: بالظاء المشالة، المتهم، من الظنة أي التهمة.
…والظنين: بالضاد، يضن به أي يبخل، وأشار إلى قوله تعالى: " وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ" - التكوير 24-، قرئ بالظاء المشالة وبالضاد، ومعنى الآية: وما هو - أي محمد - صلى الله عليه وسلم -- على الغيب: ما غاب من الوحي، "بظنين": بمتهم، على قراءة الظاء، أو ببخيل فينقص شيئا منه، على قراءة الضاد(1).
…وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تزوج نظيره...إلخ: ابن عطية: ( أي يجعل المؤمن مع المؤمن، والكافر مع الكافر، وكل شكل مع شكله)(2)، قال: ( وفي الآية حض على خليل الخير، فقد قال عليه السلام: المرء مع من أحب، وقال: فلينظر أحدكم من يخالل)هـ.
…" وَأَزْوَاجَهُمْ" - الصافات 22-: قرناءهم من الشياطين.
…" عَسْعَسَ " : أدبر، وقيل أقبل، فهو من الأضداد.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ"
…مكية.
…تسع عشرة آية(3).
…أي انشقت.
…" فجرت": من قوله: " وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ" - الانفطار 3-.
…قال الزركشي:( ينبغي قراءته بتخفيف الجيم، فإنها القراءة المنسوبة للربيع(4)(5).
…" فَعَدَّلَكَ": من قوله تعالى: " يَأَيُّهَا الاِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ..."إلخ - الانفطار 6-: معتدل.
…الخلق، متناسب الأطراف، فلم يجعل إحدى يديك أو رجليك أطول، ولا إحدى عينيك أوسع، فهو من التعديل.
__________
(1) - قرأ ابن كثير والنحويان ورويس: " بظنين" بالظاء، وقرأ الباقون: " بضنين" بالضاد، انظر التذكرة ص: 617، والكشف 2/364.
(2) - المحرر الوجيز 12/343.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:266، والكشف 2/364.
(4) - الربيع بن خثيم بن عائذ بن عبد الله الثوري، أبو يزيد الكوفي.
ثقة عابد مخضرم.قال له ابن مسعود: " لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك". مات سنة 61 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/242ن والتقريب رقم 1888.
(5) - التنقيح ص: 209.(6/144)
…ومن خفف: جعله من العدول، أي صرفك إلى ما شاء من الأشكال والهيئات.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة " وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ "
…مكية أو مدنية.
…ست وثلاثون آية(1).
…"وويل" / كلمة عذاب، أو واد في جهنم، والتطفيف مذكور في الآية.
…" بل ران": من قوله تعالى: " كَلاَّ بَل رَّانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ" -المطففين 14-: ثبت الخطايا، أي ثبوتها، والمعنى: بل ثبتت الخطايا وغلبت على قلوبهم، وأحاطت بها حتى غمرتها وغشيتها.
…"ثُوِّبَ": من قوله تعالى: " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ" الآية - المطففين 34-.
…لا يوفي: غيره حقه.
1-" يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ":
من قبورهم، "لِرَبِّ الْعَلَمِينَ" - المطففين 6-: لأمره وحسابه.
…4938- يقوم الناس... إلخ: أي يوم القيامة، وتدنو الشمس منهم مقدار ميل. رشحه: عرقه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ"
…مكية.
…ثلاث، أو خمس وعشرون آية(2).
…وانشقاقها تفطرها لهول يوم القيامة.
…كتابه بشماله: يأخذ ...إلخ: أراد الجمع بين آية: " وَأَمَّا مَنُ اوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ" – الحاقة 25-، وآية: " وَأَمَّا مَنُ اوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ" المذكور في هذه السورة –الانشقاق 10-، أي يأخذ كتابه بشماله .
…من وراء ظهره: بأن تغل يمناه في عنقه وتجعل يسراه وراء ظهره، فيأخذ بها كتابه، وهذا وصف الكافر.
…"وسق": من قوله تعالى: " فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ" الانشقاق 16 و17-: جمع ما دخل فيه من دابة وغيرها.
…ألا يرجع إلينا ولا يبعث.
1-" فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَّسِيرًا " - الانشقاق 8-:
يأتي تفسيره في الحديث.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:267ن والكشف 2/366.
(2) - هي ثلاث وعشرون في البصري والشامي، وخمس في عدد الباقين، انظر البيان ص:268، والكشف 2/367.(6/145)
…4939- ليس أحد يحاسب إلا هلك: أي يناقش الحساب. ذلك العرض: بأن تعرض عليه أعماله، فيعرف الطاعة والمعصية، ثم يثاب على الطاعة، ويتجاوز عنه على المعصية، ولا يطالب بعذر.
…ومن نوقش الحساب: أي نوقش في الحساب، أي من استقصي أمره فيه. هلك: بالعذاب في النار.
2- باب قوله تعالى: "لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ" - الانشقاق 19-
…قرئ " لتركبن" بضم الباء وفتحها، أي حالا بعد حال.
…4940- قرأ ابن عباس: " لتركبن": بفتح الباء، قاله ابن عطية والخازن(1).
…قال: هذا نبيكم صلى الله عليه: فاعل "قال" هو ابن عباس، "وهذا نبيكم" مبتدأ وخبر، أي هذا الراكب نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، كذا قرره غير واحد.
…وقال البيضاوي: ( " لتركبن" يا محمد حالا شريفة، ومرتبة عالية، بعد حال ومرتبة، أو طبقا من أطباق السماء بعد طبق ليلة المعراج) هـ(2).
…وعلى قراءة الضم فمعناه، لتركبن أيها الناس حالا بعد حال، وهو الموت ثم الحياة وما بعدها من أحوال القيامة، قاله ابن عطية(3).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة البروج
…مكية.
…ثنتان وعشرون آية(4).
…والبروج: الكواكب الاثنا عشر المذكورة في باب النجوم.
والطارق
…مكية.
…سبع عشرة آية(5).
…والطارق: أصله كل آت ليلا، ومنه النجوم لطلوعها ليلا.
…" الاخدود": من قوله تعالى: " قُتِلَ أَصْحَابُ الاُخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ" - البروج 4 و5-: شق في الأرض مستطيل.
…" فتنوا: من قوله تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُومِنِينَ وَالْمُومِنَاتِ" - البروج 10-: عذبوا بالإحراق.
…ترجع: تمطر ثم ترجح بالمطر.
__________
(1) - المحرر الوجيز 15/381، ولباب التأويل 4/477.
(2) - أنوار التنزيل 5/179، مفسرا قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي.
(3) - في المحرر الوجيز 15/379.
(4) - في جميع العدد، انظر البيان ص:269، و الكشف 2/369.
(5) - هي ست عشرة آية في المدني الأول، وسبع عشرة في عدد الباقين، انظر البيان ص:270، و الكشف 2/369(6/146)
…تتصدع: تنشق.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الاَعْلى"
…مكية.
…تسع عشرة آية(1).
…أي نزه ربك عما لا يليق به، "واسم" صلة، و"الأعلى" صفة لربك.
…4941- الولائد: جمع وليدة، وهي الأمة.
…هذا رسول الله قد جاء: حذف أبو ذر لفظ الصلاة على النبي/ - صلى الله عليه وسلم - هنا، قال: لأنها إنما شرعت في السنة الخامسة من الهجرة عند نزول آية الأحزاب، وتعقب بأن لفظ الصلاة ليس من صلب الرواية، بل هي ممن دون الصحابي، وقد صرحوا بأنه يندب أن يصلي ويسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يترضى عن الصحابي، ولو لم يرد ذلك في الرواية، قاله ابن حجر(2).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "هَلَ اتاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ"
…مكية.
…ست وعشرون آية(3).
…والغاشية : القيامة.
…النصارى: زاد ابن أبي حاتم عنه: ( واليهود)، والثعلبي عنه: ( والرهبان، يعني أنهم عملوا ونصبوا في الدين على غير دين الإسلام، فلا يقبل منهم، وقيل معناه: ذات نصب وتعب في النار بالسلاسل والأغلال)(4).
…بلغ إناها: وقتها في الحر، فلو وقعت قطرة منها على جبال الدنيا لذابت.
…والضريع: من قوله تعالى: " لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ اِلاَّ مِن ضَرِيعٍ" - الغاشية 6-: وهو سم لا تقربه دابة.
…" لاَ تُسْمَعُ فِيهَا" -الغاشية 11- أي في الجنة شتما.
…وقال البيضاوي: ( لغوا أو كلمة ذات لغو، أو نفسا تلغو، فإن كلام أهل الجنة الذكر والحكم)(5).
…بمسلط: فتقتلهم وتكرههم على الإيمان، وهذا منسوخ في آية القتال.
…مرجعهم: بعد الموت.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "وَالْفَجْرِ"
…مكية أو مدني.
__________
(1) -في جميع العدد، انظر البيان ص:271، والكشف 2/370.
(2) - في الفتح 8/907.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:272، والكشف 2/370.
(4) - الذي في تفسير الثعالبي 4/409 ما يلي: ( والآية في القسيسين وكل مجتهد في كفر).
(5) - أنوار التنزيل 5/183.(6/147)
…ثلاثون آية(1).
…أي فجر كل يوم.
…" إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ": من قوله تعالى: " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ اِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ" - الفجر 6 و7-: القديمة تفسير "إرم"، هذا هو الصحيح في تفسيرها، أي بعاد القديمة، أي الأولى، ("فإرم" عطف بيان أو بدل من "عاد"، ومنع الصرف للعلمية والتأنيث)، قاله الجلال(2). والعماد: أهل عمود، أي معناه أنهم أهل عمود، أي خيام، فهو صفة للقبيلة. لايقيمون: لطلب الكلأ.
…وقال البيضاوي: ( " ذات العماد": ذات البناء الرفيع، أو القدود الطوال، أو الرفعة والثبات، "التي لم يخلق مثلها في البلاد": صفة أخرى لإرم، أي في بطشهم وقوتهم) هـ.
…وقال الخازن: ( يعني لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوة، وهم الذين قالوا: "مَنَ اَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً") هـ(3).
…وقال الجلال: ( "ذَاتِ الْعِمَادِ": أي الطول، كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع، " اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلاَدِ": في بطشهم وقوتهم) هـ(4).
…قال الشيخ زكريا: ( وما ذكر من تفسير "إرم ذات العماد" بغير ما ذكر، كمدينة مبنية بلبن الذهب والفضة، وأن حصباءها لئالئ وجواهر، وترابها بنادق المسك، إلى غير ذلك من الأوصاف، فلا أصل له) هـ(5).
…وقال القسطلاني: ( وأما ما ذكره جماعة من المفسرين من أن "إرم" اسم مدينة بناها شداد بلبن الذهب والفضة، وجعل حصباءها اللئالئ والجواهر، وترابها بنادق المسك، إلى غير ذلك من الأوصاف، فمن خرافات الإسرائيليين، وليس لذلك حقيقة)هـ(6).
" سوط عذاب": من قوله تعالى: " فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ" – الفجر 13-: أي نوع عذاب.
__________
(1) - هي تسع وعشرون في البصري، وثلاثون في الكوفي والشامي، واثنتان وثلاثون في المدني والمكي، انظر البيان ص:273، والكشف 2/372.
(2) - في حاشيته ص: 803.
(3) - لباب التأويل 4/492.
(4) - حاشية الجلال ص: 803.
(5) - تحفة الباري 3/155.
(6) - الإرشاد 7/466.(6/148)
" أكلا لما": من قوله تعالى: " وَتَاكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّمًّا" - الفجر 19-: السف: الأكل، لفظ" الفتح" عن مجاهد: ( السف لف كل شيء)(1).
…وقال الجلال: (" أَكْلاً لَّمًّا" أي شديد اللم) هـ(2).
…نصيب النساء والصبيان من الميراث مع نصيبهم منه، أو مع مالهم.
…السماء شفع: أي مع الأرض، يشير لقوله تعالى: "وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ" -الفجر 3-.
…الذين عذبوا به: يرجع لقوله: "سوط عذاب"، وفي الفتح: ( الذي عذبوا / به، وعن مجاهد: ما عذبوا به، ولابن أبي حاتم: كل شيء عذب الله به فهو سوط عذاب)(3).
…"يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ" - الفجر 27-: أي الآمنة المصدقة.
…واطمأن الله إليه: المراد لازمه وغايته من نحو إيصال الخير، وفيه مشاكلة.
…" جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي" - الفجر 9-: نقبوه واتخذوا فيه بيوتا.
…إليه المصير، وقيل معناه: يوصد أعمال العباد، فلا يفوته منها شيء.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة البلد
…مكية.
…عشرون آية(4).
…ليس عليك: أي أنت على الخصوص تستحقه دون غيرك لجلالة شأنك، كما جاء: لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وقد أنجز الله هذا الوعد يوم الفتح.
…" وَمَا وَلَدَ" - البلد 3-: ذرية آدم المؤمنين.
…" فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ" - البلد 11-: الضمير لأبي الأشد بن كلدة قوي قريش، وهو الذي قال: أهلكت على عداوة محمد.
…" مَالاً لُّبَدًا" - البلد 6-: أي كثيرا بعضه على بعض.
…" فَكُّ رَقَبَةٍ" - البلد 13-: من الرق.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا"
…مكية.
…خمس عشرة آية(5).
…أي وضوؤها إذا أشرقت وقام سلطانها.
…" وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا" - الشمس 15-: تبعتها.
__________
(1) - الفتح 8/910.
(2) - حاشية الجلال ص: 804.
(3) - الفتح 8/909.
(4) - في جميع العدد، انظر البيان ص:274، والكشف 2/374.
(5) - هي ست عشرة في المدني الأول، وخمس في عدد الباقين، انظر البيان ص:275، والكشف 2/378.(6/149)
…عقبى أحد: أي الله سبحانه لا يخاف عقبى أحد من أجلها، فعقبى مصدر مضاف إلى المفعول، وحذف الفاعل وهو الله.…
…4942- والذي عقر: كذا هنا بحذف المفعول، وتقدم بلفظ: عقرها، أي الناقة، وهو قذار بن سالف، وهو أحيمر ثمود الذي قال الله تعالى فيه: " فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ" - القمر 29-. عزيز: قليل المثل. عارم: جبار صعب، مفسد خبيث. منيع: قوي ذو منعة. في رهطه: قومه. مثل أبي زمعة: جد عبد الله بن زمعة المذكور في عزته ومنعته في قومه، ومات كافرا بمكة، واسمه الأسود على الصحيح. وذكر النساء، في خطبته، فقال على سبيل الزجر لهم. يضاجعها: ويجامعها. لم يضحك: نهيا لهم عن ذلك.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشى"
…مكية.
…إحدى وعشرون آية(1).
…أي يغشى بظلمته كل ما بين السماء والأرض.
…" بِالْحُسْنى" - الليل 9-: أي بأن الله سيخلف له ما أنفقه، وقيل بلا إله إلا الله.
…"وتلظى": من قوله تعالى: " فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى" - الليل 14-.
…" تردى": من قوله تعالى: " وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى" - الليل 11-: مات، وقيل سقط في حفرة القبر، أو في قعرجهنم.
…4943- صاحبك: يعني عبد الله بن مسعود. وهؤلاء يعني أهل الشام.
1-" وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالاُنثى" - الليل 3-:
"ما" بمعنى من، أو مصدرية، " والذكر والانثى" آدم وحواء، أو كل ذكر وأنثى، والخنثى المشكل ذكر أو أنثى عند الله فيحنث بتكميله من حلف لا كلم ذكرا ولا أنثى.
__________
(1) - هي عشرون في جميع العدد، انظر البيان ص:276، والكشف 2/382.(6/150)
…4944- " والذكر والأنثى": قال في الإكمال: ( قال الإمام - يعني المازري -: يجب أن يعتقد في هذا الخبر وفيما سواه مما هو بمعناه، أن ذلك كان قرآنا ثم نسخ، ولم يعلم بعض من خالف بالنسخ فبقي على الأول، ولعل هذا إنما يقع من بعضهم قبل أن يتصل به مصحف عثمان المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ قراءته، وأما بعد ظهور مصحف عثمان واشتهاره فلا يظن منهم أنه أبدى فيه خلافا) هـ.
…وقال ابن العربي في الأحكام: ( قال القاضي رضي الله عنه – يعني نفسه-: هذا - أي قول علقمة - مما لا يلتفت إليه بشر، فإن القرآن لا يثبت بنقل الواحد، وإن كان عدلا، وإنما يثبت بالتواتر الذي يقع به العلم، وينقطع به العذر، ويقوم به الحجة على الخلق)هـ.
2- باب: " مَنَ اَعْطَى وَاتَّقَى" – الليل 5-:
أي أعطى حق الله، واتقى الله، أعطى الطاعة، واتقى المعصية.
…4945- ومقعده من النار: الواو بمعنى أو. أفلا نتكل؟ /نعتمد على كتابنا الذي قدر علينا، ونترك العمل. اعملوا فكل ميسر: لما خلق له، أي مهيأ لما خلق لأجله، أي عليكم بشأن العبودية، وما خلقتم لأجله وأمرتم به، وكلوا أمر الربوبية الغيبية إلى صاحبها، فلا عليكم بشأنها، هذا تلخيص كلام الطيبي.
…وقال أبو عبد الله الأبي بعد ذكر أجوبة ما نصه: ( تقرير الجواب على وجه يزيل الإشكال، أن يقال: هب أن القضاء سبق بمكان كل من الدارين، لكن استحقاقه لذلك ليس لذاته، بل موقوف على سبب هو العمل، وإذا كان موقوفا على سبب، فقال - صلى الله عليه وسلم -: اعملوا فكل ميسر لفعل سبب ما يكون له من جنة أو نار، وقد بين - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: أما أهل السعادة فييسرون...إلخ، وبما تلا من الآية)، هـ منه بلفظه.
3- باب: " وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى" – الليل 6-:
أي بلا إله إلا الله، أو بالخلف، أي أيقن أن الله سيخلف عليه ما أنفق، أو بالجنة.
4- " فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى" - الليل 7-:
أي للجنة أو للعمل بما يرضي الله عز وجل.(6/151)
…4946- ينكت في الأرض: به، فعل المتفكر في أمر مهم.
5- " وَأَمَّا مَن بَخِلَ":
…بحق الله "وَاسْتَغْنى" - الليل 8-: عن ثوابه.
6- " وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى" - الليل 9-:
…بلا إله إلا الله، بإنكار مدلولها، أو بما وعده الله من الجنة والثواب.
…4948- مخصرة: عصا. منفوسة: مولودة.
……7- " فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى" - الليل 10-:
للنار، أو بما يسوقه إليها.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "وَالضُّحى"
…مكية.
…إحدى عشرة آية(1).
…والمراد به أول النهار، أو كله، ( ولما نزلت كبر - صلى الله عليه وسلم - آخرها، فسن التكبير آخرها، وروي الأمر به خاتمتها وخاتمة كل سورة بعدها، وهو: الله أكبر، أو لا إله إلا الله والله أكبر)، قاله الجلال المحلي(2)، وقال الخازن: ( والسنة في قراءة أهل مكة أن يكبر من أول سورة الضحى على رأس كل سورة حتى يختم القرآن، فيقول: الله أكبر، وسبب ذلك أن الوحي لما احتبس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال المشركون: هجره شيطانه وودعه، فاغتم النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك، فلما نزل "والضحى" كبر صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي، فاتخذوه سنة)(3).
…سجى: استوى، أي استوى نصفا، وذلك وقت نصفه. وسكن: أي سكن الناس فيه.
1-" مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ ":
ما تركك منذ اختارك، " وَمَا قَلَى" - الضحى 3-: أي ما أبغضك منذ أحبك.
…4950- اشتكى: أي مرض. فلم يقم: للتهجد. امرأة: هي العوراء بنت حرب، امرأة أبي لهب، حمالة الحطب.
2- باب: " مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى":
هذه الترجمة تكرار مع ما قبلها، قاله ابن حجر(4). يقرأ: أي "ودعك".
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:277، والكشف 2/382.
(2) - في حاشيته ص: 809.
(3) - لباب التأويل 4/509.
(4) - في الفتح 8/921.(6/152)
…4951- قالت امرأة: يا رسول الله ...إلخ: هي خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، توجعا وتأسفا. صاحبك: جبريل. أبطأك: أي صيرك بطيئا في القراءة، لأن بطئه في الإقراء يستلزم بطء النبي - صلى الله عليه وسلم - في القراءة.
سورة "أَلَمْ نَشْرَحْ"
…مكية.
…ثمان آيات(1).
…وهو استفهام تقريري، أي شرحنا لك صدرك، والمراد به تنويره بالحكمة، وتوسيعه لتلقي ما يوحى إليه، هذا قول الجمهور/، قاله ابن عطية(2).
…بسم الله الرحمن الرحيم - في الجاهلية: من تركه الأفضل والذهاب للفاضل، وقال أبو عبيدة وغيره: معناه خففنا عنك أثقال النبوة، وأعناك على الناس، والوزر في اللغة الحمل الثقيل.
…أتقن: أحكم، قال القاضي في المشارق: ( كذا في جميع النسخ، وهو وهم، والصواب " أثقل") هـ، وقال البيضاوي: ( " اَلَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ": الذي حمله على النقيض، وهو صوت الرحل عند الانتقاض من ثقل الحمل)(3).
…يسرا آخر: أي لأن النكرة إذا أعيدت نكرة فهي غير الأولى، والمعرفة إذا أعيدت فهي عين الأولى، فاليسر حينئذ اثنان، والعسر واحد، وهو ما ناب المؤمن من شدائد الدنيا، وأحد اليسرين في الدنيا بالكشف لها والصرف، والآخرة في الآخرة بالجزاء.
…" إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ" - التوبة 52- أي كما ثبت للمؤمنين تعدد الحسنى، كذلك ثبت لهم تعدد اليسر، أو أنه ذهب إلى أن المراد بإحدى الحسنيين الظفر، وبالآخر الثواب، فلابد للمؤمن من أحدهما، قاله ابن حجر(4).
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:278، والكشف 2/382.
(2) - في المحرر الوجيز 15/494.
(3) - أنوار التنزيل 5/189.
(4) - في الفتح 8/923.(6/153)
…قلت: وعلى هذا الثاني اقتصر أبو الوليد الباجي في المنتقى، ونصه: ( أدخل البخاري في سورة ألم نشرح بإثر قوله تعالى: " إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" - الشرح 6-، قوله : " هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ"، وهذا يقتضي أن اليسرين الظفر بالمراد والأجر، فالعسر لايغلب هذين اليسرين، لأنه لابد أن يحصل للمؤمن أحدهما، أبو الوليد: وهذا وجه ظاهر)هـ منه، ونحوه لابن العربي في المسالك، ونصه: ( في البخاري في سورة ألم نشرح ، "قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ"، وهو يقتضي أن اليسرين الظفر بالمراد والأجر، فالعسر لا يغلب هذين اليسرين، لأنه لابد أن يحصل المؤمن أحدهما، وهذا عندي وجه ظاهر)، هـ منها.
…" ولن يغلب عسر يسرين": هذا حديث أخرجه ابن مردوية عن جابر وعبدالرزاق عن ابن مسعود بسند ضعيف مرفوعا، وأخرجه مالك عن عمر موقوفا.
…" فَإِذَا فَرَغْتَ": أي من الصلاة، " فَانصَبْ " - الشرح 7- في حاجتك إلى ربك: أي اتعب في الدعاء لربك للإسلام، وقيل بالنبوة وغيرها.
سورة "وَالتِّينِ"
…مكية أو مدنية.
…ثمان آيات(1).
…بسم الله الرحمن الرحيم - خلق : تعديل لصورته.
…يدانون بأعمالهم: أي يجازون عليها.
…ومن يقدر على تكذيبك؟: أي من يقدر على أن يجعل خبرك كاذبا غير مطابق للواقع، بأن لا يقع ما أخبرت به، وليس المراد من يقدر على نسبة الكذب إليك، قاله السندي.
سورة اقرأ
…مكية.
…تسع عشرة آية(2).
بسم الله الرحمن الرحيم - في أول الإمام: أي قبل الفاتحة.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:279، والكشف 2/382.
(2) - هي عشرون آية في المدني والمكي، وتسع عشرة في الكوفي والبصري، وثماني عشرة في الشامي، انظر البيان ص:280، والكشف 2/383.(6/154)
…واجعل بين السورتين خطا: علامة فاصلة بينهما من غير بسملة، وهذا مذهب حمزة حيث قرأ بالبسملة أول الفاتحة فقط، قاله الكرماني(1)، لكن المنقول عن حمزة أن ذلك في القراءة لا في الكتابة، قاله ابن حجر(2).
…الملائكة الغلاظ الشداد، قال - صلى الله عليه وسلم -: ( لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا).
…المرجع في الآخرة.
1-" لَنَسْفَعًا " - العلق 15-:
هذه ترجمة.
لنأخذن: بناصيته إلى النار.
…4953- مثل فلق الصبح: انشقاقه وضيائه، وهذا يقال في الشيء الواضح البين. التعبد: وتعبده - صلى الله عليه وسلم - كان بالذكر والتفكر في مصنوعات الله، والاعتزال عن الناس لذلك التعبد. بمثلها: أي الخلوة، إذا حال الحول وجاء ذلك الشهر، وهو شهر رمضان. الحق: وهو الوحي. الملك: جبريل. ما أنا بقارئ: كرره ثلاثا، ومعنى الأول لا لأقرأ، والثاني لا أحسن القراءة، والثالث ماذا أقرأ، قاله/ أبو شامة.
…فغطني، ضمني وعصرني. حتى بلغ مني الجهد: أي بلغ الغط مني الجهد، أي غاية وسعي، أو حتى بلغ مني الجهد مبلغه. اقرأ باسم ربك: أي أوجه القراءة مبتدئا باسم ربك. فرجع بها: أي بالآيات الخمس بوادره: جمع بادرة، وهي اللحمة التي بين الكتف والعنق، تضطرب عند الفزع، زملوني: لفوني في الثياب ليسكن ما حصل لي من الرعدة .كلا: لاخوف عليك. الكل: الثقل، وهو كل ما يتكلف حمله. وتكسب المعدوم، تعطي الناس مالا يجدونه عند غيرك. نوائب الحق: حوادثه. ابن نوفل: ابن أسد. ابن عم خديجة: بنت خويلد بن أسد. من ابن أخيك: جرى على ما عند العرب من تسمية الكبير عما، والصغير ابن أخ. الناموس: صاحب السر، والمراد به هنا جبريل عليه السلام اتفاقا. فيها: أي الدعوة، أي في زمنها. جذع: شاب قوي. ذكر حرفا: هو قوله: إذ يخرجك قومك. يومك: يوم انتشار نبوتك. مؤزرا: قويا. ينشب: يلبث. وفتر الوحي: سنتين ونصفا، أو ثلاث سنين.
__________
(1) - في الكواكب الدراري 18/198.
(2) - في الفتح 8/926.(6/155)
…4954- فإذا الملك: جبريل. ففرقت: خفت. فدثروه: لفوه في الثياب، لأن التزميل والتدثير واحد.
2- " خَلَقَ الاِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ "- العلق 2-:
…المراد بالإنسان الجنس، فمن ثم جمع العلق جمع علقة، القطعة اليسيرة من الدم الغليظ.
…3- " اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الاَكْرَمُ "- العلق 3-:
الذي لا يوازيه كريم .
…4- " اَلَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ "- العلق 4-:
أي علم الخط بالقلم، وأول من خط به إدريس عليه السلام.
5- باب: " كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ "- العلق 15-:
أي أبو جهل عما هو عليه من الكفر والأذى.
…4958- لو فعله لأخذته الملائكة، وأخرج النسائي عن أبي هريرة نحو حديث ابن عباس، وزاد في آخره: ( فلم يفجأهم منه إلا وهو - أي أبو جهل- ينكص على عقبه، ويتقي بيده، فقيل له: مالك؟ فقال: إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لو دنا لاختطفته الملائكة عضوا عضوا).
سورة " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ "
…مكية أو مدنية.
…خمس أو ست آيات(1).
…بسم الله الرحمن الرحيم - الهاء كناية عن القرآن، أي أنزلناه جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، ثم نزل به جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - مفصلا.
…مخرج الجميع: أي خرج مخرج صيغة الجمع. والمنزل هو الله الواحد الأحد تعظيما له، ليتوسل به إلى تحقيق الأمر، وأنه نازل من عظيم، لا يكتنه كنهه جل ذكره وثناؤه.
…والعرب تؤكد… إلخ: قال السفاقسي: ( الذي يذكره النحاة أن الواحد المعظم نفسه، يعبر عن نفسه بنون الجمع) هـ، نقله الزركشي(2).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "لَمْ يَكُنِ"
…مكية أو مدنية.
…تسع آيات(3).
…زائلين عما هم عليه.
__________
(1) - هي ست آيات في المكي والشامي، وخمس في عدد الباقين، انظر البيان ص:281، و الكشف 2/385.
(2) - في التنقيح ص: 210.
(3) - هي تسع آيات في البصري والشامي، وثمان في عدد الباقين، انظر البيان ص:282، والكشف 2/385.(6/156)
…إلى المؤنث: على تأويله بالملة، أي دين الملة القيمة.
…4959- أن أقرأ عليك: أي أعلمك بقراءتي عليك كيف تقرأ، وبه يجمع بين رواية : أن أقرأ عليك، وأن أقرئك. فبكى: فرحا وسرورا.
قال الشاعر: غلب السرور علي حتى إنه - من فرط ما قد سرني أبكاني.
أو خوفا من التقصير في شكر تلك النعمة الجسيمة.
…4960- القرآن: مطلق يتناول " لم يكن" وغيرها /.
…4961- فذرفت عيناه: تساقطت بالدموع.
سورة "إِذَا زُلْزِلَت"
…مكية أو مدنية.
…تسع آيات(1).
…أي حركت الأرض لقيام الساعة.
…بسم الله الرحمن الرحيم - ووحى لها: فاللام بمعنى إلى.
1-" مَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا ":
أي زنة نملة صغيرة، "يَرَهُ" - الزلزلة 7-: ير ثوابه.
…4962- طيلها: حبلها المربوطة به. فاستنت: جرت بنشاط. شرفا أو شرفين: شوطا أو شوطين. في رقابها: بأن يؤدي زكاة تجارتها إن كانت عنده للتجارة. وظهورها: بأن يركب عليها في سبيل الله. ونواء: عداوة لأهل الإسلام. الفاذة: القليلة المثل. الجامعة: لكل خير، قال ابن مسعود: ( هذه أحكم آية في القرآن، وأصدق)؛ واتفق العلماء على عمومها القائلون بالعموم وغيرهم، وقال كعب الأحبار: ( لقد أنزل الله تعالى على محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل والزبور والصحف: "فَمَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ" )… إلخ.
2- " وَمَنْ يَّعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَّرَهْ " - الزلزلة 8-:
ير جزاءه.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "وَالْعَادِيَاتِ"
…مكية أو مدنية.
…إحدى عشرة آية(2).
…والعاديات: الخيل تعدو في الغزو وتضبح.
و"القارعة"
…مكية .
…ثمان آيات(3).
__________
(1) - هي ثمان آيات في المدني الأول والكوفي، وتسع في عدد الباقين، انظر البيان ص:283، والكشف 2/386.
(2) - في جميع العدد، انظر البيان ص:284، و الكشف 2/387.
(3) - هي ثمان آيات في البصري والشامي، وعشر في المدني والمكي، وإحدى عشرة في الكوفي، انظر البيان ص:285، والكشف 2/387.(6/157)
…والقارعة: القيامة التي تقرع القلوب بأهوالها.
…الكفور يجحد نعمة الله تعالى عليه.
…رفعن به: أي بمكان عدوهن، أو بذلك الوقت. غبارا: بشدة حركتهن.
…من أجل حب الخير: أي المال.
…كذلك الناس يوم القيامة. كألوان العهن المختلفة، والعهن الصوف.
…وقال الجلال: ( " كَالْعِهْنِ الَمنفُوشِ": أي كالصوف المندوف في خفة سيرها حتى تستوي مع الأرض)(1).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة " أَلْهَاكُمْ "
…مكية.
…ثمان آيات(2).
وَالْعَصْرِ
…مكية أو مدنية.
…ثلاث آيات(3).
ووَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ
…مكية أو مدنية.
…تسع آيات(4).
…أي كثير الهمز، قال ابن عباس: (هو المشاء بالنميمة، المفرق بين الجماعة).
وأَلَمْ تَرَ كَيْفَ
…مكية
…خمس آيات(5).
ولِإِيلاَفِ
…مكية أو مدنية.
…أربع آيات(6).
…مصدر ألف، متعلق "بيعبدوا" بعده.
وأَرَايْتَ
…مكية أو مدنية، أو نصفها ونصفها.
…ست أو سبع آيات(7).
…اسم النار مثل...إلخ: وقيل هذه أسماء لطبقاتها السبع، جهنم وهي أعلاها، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية.
…ألم تعلم؟ وقال الجلال: ( استفهام تعجيب، أي أعجب)(8).
…" أَبَابِيلَ" – الفيل3-: متتابعة، أي جماعات جماعات.
…من سنك: حجر، وكل: طين، فارسي معرب، فيكون معنى السجيل: الحجر والطين، وقيل السجيل طين مطبوخ.
…ألفوا تلك الارتحال.
__________
(1) - حاشية الجلال ص: 817.
(2) -هي ثماني آيات في جميع العدد، انظر البيان ص:286، والكشف 2/387.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص: 287، والكشف 2/388.
(4) - في جميع العدد، انظر البيان ص: 288، والكشف 2/388.
(5) - في جميع العدد، انظر البيان ص: 289، وانظر الكشف 2/388.
(6) - هي أربع آيات في الكوفي والبصري والشامي، وخمس في المدني والمكي، انظر البيان ص:290، والكشف 2/388.
(7) - هي ست آيات في غير الكوفي، وسبع في الكوفي، انظر البيان ص:291، والكشف 2/388.
(8) -حاشية الجلال ص:820.(6/158)
…في الشتاء إلى اليمن، والصيف إلى الشام.
…يدفع يعنف.
…عارية المتاع: كالإبرة والفأس والقدر والقصعة، وقال ابن أبي جمرة: ( الذي عليه مذهب مالك والجمهور في معنى قوله تعالى: " وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ" - الماعون 7- أنها الزكاة المفروضة).
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكوثر
…مكية أو مدنية.
…ثلاث آيات(1).
…عدوك، وقيل مبغضك.
…4964- هذا الكوثر: زاد البيهقي: الذي أعطاك ربك، فأهوى الملك بيده فاستخرج من طينه مسكا أذفر.
…4965- نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه: في الجنة، أو هو حوضه عليه السلام /.
…شاطئاه: حافتاه.
…4966- من الخير الذي أعطاه الله إياه: هذا تأويل سعيد(2) جمع به بين حديثي عائشة وابن عباس، نعم ثبت التصريح من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه نهر، ففي مسلم عن أنس: بينما نحن عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ غفا إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: نزلت علي سورة، فقرأ: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ" إلى آخرها، ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال: فإنه نهر وعدنيه ربي، عليه خير كثير، هو حوض يرد عليه أمتي يوم القيامة – الحديث-(3) ، فالمصير إليه متعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ"
…مكية أو مدنية.
…ست آيات(4).
…ويستعين: بحذف الياء فيهما.
…"مَا تَعْبُدُونَ" - الكافرون 2-: من الأصنام.
…الذين قال، أي قال فيهم.
…" وَلَيَزِيدَنَّ..." إلخ - المائدة 64-: أي علم الله أنهم لا يؤمنون.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ"
…مدنية.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:292، و الكشف 2/388.
(2) - هو سعيد بن جبير، وقد تقدم.
(3) - منقول من الفتح 8/950.
(4) - في جميع العدد، انظر البيان ص:293، و الكشف 2/388.(6/159)
…ثلاث آيات(1).
…أي نصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - على أعدائه، والفتح فتح مكة.
…4967- اللهم اغفر لي: هضما لنفسه، واستصغارا لعمله، وتعليما لأمته.
…4968- يتأول القرآن: يعمل ما أمره به في التسبيح والاستغفار في أشرف الأوقات والأحوال.
1-" وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ ":
…الإسلام، " أَفْوَاجًا" - النصر 2-: جماعات.
…4969- نعيت له نفسه: أي أعلم بموته.
2- باب: " فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا" -النصر 3-:
أي سبحه متلبسا بحمده، فإنك ح لاحق به.
…4970- بعضهم: هو عبد الرحمن بن عوف. من علمتم: من ذكائه وعلمه. ليريهم: أي مني مثل ما رأى هو مني من العلم. ما أعلم منها إلا ما تقول: زاد أحمد: (فقال كيف تلومونني على حب ما ترون؟)(2).
سورة تَبَّتْ
…مكية.
…خمس آيات(3).
…بسم الله الرحمن الرحيم - "تَبَّتْ": خسرت، " يَدَا أَبِي لَهَبٍ": أي جملته، وعبر عنها باليدين مجازا لأن أكثر الأفعال تزاول بينهما، وهذه الجملة دعائية، "وَتَبَّ" – المسد1:أي خسر هو، وهذه خبر كقولهم: أهلكه الله، وقد هلك.
…" تباب": في قوله تعالى: " وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ" (4)- غافر 37-.
…" تتبيب": في قوله تعالى: " وَمَا زَادَهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ" - هود 101-.
…4971- ورهطك منهم المخلصين: هذه قراءة شاذة أو منسوخة.
…ياصباحاه: كلمة يقولها المستغيث كأنه يقول: صبحكم العدو فتأهبوا له.
…ما جربنا: أي نعم نصدقك، ما جربنا …إلخ.
__________
(1) - في جميع العدد، انظر البيان ص:294، و الكشف 2/388.
(2) - في الفتح 8/955.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:295، و الكشف 2/389.
(4) - في أصل المخطوطة: " وَمَا كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ"، وهو خلط بين الآية 25 من سورة غافر: " وَمَا كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ" وبين الآية الشاهد.(6/160)
…فقال أبو لهب...إلخ: قدمنا أنه يتعين على قارئ هذا المحل إسقاط هاتين اللفظتين اللتين بعد قوله" أبو لهب"، والاقتصار على ما قبلهما وما بعدهما أدبا معه - صلى الله عليه وسلم -، بأن يقول: فقال أبو لهب: ألهذا جمعتنا، والله أعلم بالصواب.
…هكذا: بلفظ "قد".
1-" وَتَبَّ مَا أَغْنى عَنْهُ مَالُهُ " - المسد 1 و2-:
لما خوفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعذاب، قال: إن كان ما يقول ابن أخي حقا، فإني أفتدي منه بمالي وولدي، فنزل: " مَا أَغْنى..." إلخ.
…4972- البطحاء: مسيل وادي مكة. الجبل: الصفا.
2- "سَيَصْلى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ" - المسد 3-:
أي تلهب وتوقد، فهي مآل تكنيته لتلهب وجهه إشراقا وحمرة.
3- باب قوله تعالى: " وَامْرَأَتُهُ ":
هي العوراء بنت حرب، أخت أبي سفيان، "حَمَّالَةُ الْحَطَبِ" - المسد 4-: الشوك والسعدان تلقيه في طريق النبي - صلى الله عليه وسلم -. تمشي بالنميمة: بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين /.
…"فِي جِيدِهَا" - المسد 5- : عنقها.
…ليف المقل: هو الدوم، وهو الحبل الذي كانت تحتطب به، بينما هي ذات يوم حاملة لحزمة، أعيت فقعدت على حجر تستريح، فأتاها ملك فجذبها من خلفها فهلكت.
وهي السلسلة: قال الشيخ زكريا: ( الأوجه أن يقول: أو هي السلسلة)هـ.
…التي في النار: من حديد، ذرعها سبعون ذراعا، تدخل من فمها، وتخرج من دبرها، ويكون سائرها في عنقها، قاله ابن عباس.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة "قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ"
…مكية أو مدنية.
…أربع أو خمس آيات(1).
…و "هو" مبتدأ، " والله" خبر، و" أحد" بدل أو خبر ثان.
…لا ينون أحد: في الوصل، أي واحد، يريد أن أحدا وواحدا بمعنى، وأصل " أحد" وحد، فأبدلت الواو همزة.
__________
(1) - هي خمس آيات في المكي والشامي، وأربع في عدد الباقين، انظر البيان ص:296، و الكشف 2/389.(6/161)
…" اَللهُ الصَّمَدُ" - الإخلاص 2-: هكذا في نسخنا بقلم الأصل دون ترجمة، وفي الفتح والعمدة والإرشاد: ( باب "الله الصمد"؛ ثم قال: ثبتت هذه الترجمة لأبي ذر) هـ(1).
…والصمد هو المقصود في الحوائج على الدوام، وقيل تفسيره هو ما بعده من قوله: "لَمْ يَلِدْ..." إلخ - الإخلاص 3-.
…4975- اتخذ الله ولدا: إنما كان هذا شتما لما فيه من التنقيص.
…" لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا اَحَدٌ" - الإخلاص 3 و4-: أي لم يماثله أحد، ولم يشابهه أحد.
…واحد: أي بمعنى واحد، أي مماثلا.
…ولم يكن لي: قال ابن حجر: ( كذا للأكثر، وهو وزان ما قبله، وللكشميهني: " له"، وهو التفات)(2).
سورة الفلق
…مكية أو مدنية.
…خمس آيات(3).
…والفلق: الصبح.
…4976- عن عاصم: هو ابن أبي النجود - بفتح النون - أحد القراء السبعة.
…بسم الله الرحمن الرحيم - سألت أبي بن كعب عن المعوذتين: أهما من القرآن أم لا، لما يأتي بعد.
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الناس
…مكية أو مدنية.
…ست آيات(4).
…خنسه الشيطان: قال القاضي: كذا في جميع الروايات، وهو تصحيف وتغيير، ولعله "نخسه".
…ذهب وتأخر، وهذا معنى الخناس، وفي الفتح عن ابن عباس: ( يولد الإنسان والشيطان جاثم على قلبه، فإذا عقل وذكر اسم الله خنس، وإذا غفل وسوس، وروى سعيد بن منصور، سأل عيسى عليه السلام ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم، فأراه، فإذا رأسه مثل رأس الحية، واضع رأسه على ثمرة القلب، فإذا ذكر العبد ربه خنس، وإذا ترك مناه وحدثه)(5).
__________
(1) - الفتح 8/959-960، والعمدة 20/9،، والإرشاد 7/490.
(2) - الفتح 8/960.
(3) - في جميع العدد، انظر البيان ص:297، و الكشف 2/389.
(4) - هي سبع آيات في المكي والشامي، وست في عدد الباقين، انظر البيان ص:298، و الكشف 2/389.
(5) - الفتح 8/962-963.(6/162)
…4977- يقول كذا وكذا: أي يقول إن المعوذتين ليستا من القرآن. فقال أبي: سألت ...إلخ: ابن حجر: ( ليس في جواب أبي تصريح بالمراد، إلا أن في الإجماع على كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد) هـ(1).
…القسطلاني: ( وقد ارتفع الخلاف في ذلك، وثبت الإجماع عليه، فلو أنكر أحد اليوم قرآنيتهما كفر) هـ، ونحوه لشيخ الإسلام منسوبا للنووي، وعبارة النووي في شرح المهذب: ( أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منها شيئا كفر)، هـ من الإتقان(2).
…خاتمة: قال النووي في الأذكار: ( يستحب الدعاء عند الختم استحبابا متأكدا شديدا، وروينا في مسند الدارمي(3) عن حميد الأعرج(4) رحمه الله قال: من قرأ القرآن ثم دعا، أمن على دعائه أربعة آلاف ملك) هـ(5).
__________
(1) - الفتح 8/965.
(2) - الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/222 ( النوع الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والعشرون: معرفة المتواتر والمشهور والآحاد والشاذ والموضوع والمدرج).
(3) - أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل الدارمي السمرقندي.
سمع من مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي.
ألف كتاب المسند، توفي عام 255 هـ.
ترجمته في: الجرح والتعديل 2/2/99، وتاريخ بغداد 10/29-32، وشذرات الذهب 2/130.
(4) - حميد بن قيس الأعرج، أبو صفوان المكي القارئ، قرأ على مجاهد، وروى عن عطاء والزهري؛ وعنه أبو عمرو بن العلاء وابن عيينة، وسمع منه مالك والثوري، كان مع ابن كثير أقرأ الناس بمكة، توفي عام 130 هـ.
ترجمته في التاريخ الكبير 2/352، ومعرفة القراء الكبار رقم 37، وغاية النهاية 1/265.
(5) - الحديث أخرجه الدارمي في فضائل القرآن رقم 3345.(6/163)
…وقال في شرح الحصن: ( روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ عند ختم القرآن: اللهم ارحمني بالقرآن، واجعله لي إماما وهدى ونورا ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت، وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل والنهار، واجعله لي حجة يارب العالمين).
…قال ابن الجزري(1): ( لا أعلم أنه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ختم القرآن غيره) هـ.
وفي الإيضاح لابن القاضي(2) ما نصه: ( روى الأرجاني في فضائل القرآن: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند ختم القرآن: اللهم ارحمني بالقرآن العظيم، واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت، وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته وحلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعله حجة لي يا أرحم الراحمين، يارب العالمين) هـ.
تم كتاب التفسير بمعونة من بيده التوفيق والتيسير
يوم الخميس تاسع عشر محرم الحرام فاتح اثنتي عشر وثلاثمائة وألف عام،
أكرمنا الله بنعمة التمام بجاه سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام.
__________
(1) -محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف العمري الدمشقي، المعروف بابن الجزري.
مقرئ محدث، ولد بدمشق، وولي قضاء شيراز.
أقام بينبع والمدينة ومكة.
له: النشر في القراءات العشر، وغاية النهاية في طبقات القراء.
توفي سنة 833هـ.
ترجمته في: غاية النهاية 2/247، والضوء اللامع 9/255، والبدر الطالع 2/257.
(2) - محمد بن أبي القاسم بن محمد بن محمد بن قاسم المكناسي، المشهور بابن القاضي.
توفي قتيلا بفاس سنة 1040هـ.
ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 4/40، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 382.(6/164)
كتاب فضائل القرآن
…
اختلف هل في القرآن شيء أفضل من شيء، فذهب الأشعري والباقلاني إلى أنه لافضل لبعضه على بعض، لأن الأفضل يشعر بنقص المفضول.
…قال في الإتقان: ( وروي هذا القول عن مالك، وذهب آخرون منهم إسحاق بن راهويه وابن العربي والغزالي والقرطبي وغيرهم من المتكلمين إلى أفضلية بعضه على بعض لظواهر الأحاديث)(1)، بمعنى أن ثواب بعضه أعظم من ثواب بعضه، فالتفضيل من حيث الثواب لا من حيث الصفة، قال شيخ الإسلام: ( والتحقيق أنه لا خلاف في المعنى) هـ، وهو ظاهر.
1-باب كيف نزول الوحي:
المراد بالوحي هنا القرآن خاصة، ولعله أشار إلى ما أخرجه النسائي والحاكم عن ابن عباس قال: ( أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ: "وَقُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث" الآية)(2)؛ وأول ما نزل: الصحيح أن أول ما نزل "اقرأ" كما سبق.
…المهيمن: من قوله تعالى: " وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ"(3).
…4978، 4979- ينزل عليه القرآن: أي نزولا متتابعا بعد فترة الوحي. وبالمدينة عشر سنين: ينزل عليه أيضا مثل ذلك، بعدما أنزل أولا جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في رمضان / لأربع وعشرين خلت من رمضان، كما عند أحمد وغيره، وكانت تلك الليلة هي ليلة القدر تلك السنة.
__________
(1) - الإتقان للسيوطي 2/436 ( النوع 73: في أفضل القرءان وفضائله).
(2) - سورة الإسراء، الآية 106.
(3) - سورة المائدة، الآية 48.(7/1)
…4980- يتحدث: معه.حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه: أي فعلمت أنه جبريل جاءه في صورة "دحية"، ووجه دخول هذا الحديث هنا الإشارة إلى ما سبق أول الكتاب من قوله: وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا، فيؤخذ منه أن الوحي، أي القرآن، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلقاه من الله تلقيا روحانيا، أو يأتيه به الملك إما في صورته أو في صورة رجل.
…4981- أعطي: من المعجزات. ما: موصولة، مفعول ثان "لأعطي"، مثله: مبتدأ، آمن عليه البشر: خبر، أي لأجله، والجملة صلة "ما"، أي لظهوره ومشاهدته بالبصر، لأنه حسي كقلب العصا حية، وانفلاق البحر، وإحياء الموتى، وخروج الناقة من الصخرة، وإنما كان الذي أوتيته: أي أعظم الذي أوتيته من المعجزات، وحيا أوحاه الله إلي: هو القرآن، أي أنه إنما يدرك بالبصيرة لا بالبصر، ولا شك أن ما يدرك بالبصر ينقرض بانقراض عصره، وما يدرك بالبصيرة لا ينقرض، بل يبقى أبدا ما دامت الدنيا، يشاهده كل من جاء بعده بعين عقله، فمن ثم قال - صلى الله عليه وسلم - : ( فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)، إذ باستمرار المعجزة ودوامها يتجدد الإيمان ويشرق نور الإيقان.
…4982- تابع على رسوله: أي الوحي.
…4983- امرأة: هي العوراء حمالة الحطب. " مَا وَدَّعَكَ"، ما تركك. " وَمَا قَلَى": ما أبغضك.
2- نزل القرآن بلسان قريش والعرب:
عطف عام على خاص، أي معظمه كما يأتي.(7/2)
" قُرْءَانًا عَرَبِيًّا"(1): هذا لا ينافي وقوع ألفاظ قليلة فيه من غير لغة العرب، وقد جمع السيوطي في الإتقان ما وقع فيه من ذلك، فزاد على المائة(2)، فقيل إنها من توافق اللغات، قاله الطبري، ورده ابن عطية قائلا: ( الصواب أن تلك الألفاظ نقلتها العرب من غيرها، وأدخلتها في لغتها، واستعملتها في أشعارها مع بعض تغير فيها، بنقلها من ثقل العجمة إلى خفة العربية، حتى جرت مجرى العربي الصريح، ونزل بها القرآن)(3).
…4984- ينسخونها: أي الصحف التي كانت عند حفصة. في عربية: أي لغة عربية.فإن القرآن: أي معظمه، أنزل بلسانهم: فاختلفوا: فاختلفوا في التابوت هل يكتبونه بالتاء أو بالهاء، فقال عثمان: اكتبوه بالتاء، فهي لغة قريش.
…4985- ثلاث مرات: راجع للقول أو للغسل. كما تصنع في حجك: من الأفعال والتروك، ووجه إدخال هذا الحديث هنا التنبيه على أن الوحي بالقرآن والسنة على صفة واحدة.
3- جمع القرآن:
في الصحف زمن أبي بكر رضي الله عنه، ثم جمع تلك الصحف في المصحف زمن عثمان رضي الله عنه، وقد كان القرآن كله محفوظا مكتوبا في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، لكنه غير مجموع.
…4986- مقتل أهل اليمامة: قوم مُسَيْلِمَة الكذاب، وفي هذه الوقعة قتل. استحر: اشتد وكثر.
…وإني أخشى ...إلخ: استشكل هذا مع قوله تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"(4)، وأجاب الفخر الرازي والجعبري(5)
__________
(1) - سورة يوسف: الآية 2.
(2) - الإتقان 1/370 ( 378 ( النوع 38: فيما وقع فيه بغير لغة العرب).
(3) - المحرر الوجيز 1/57-58 (بتصرف).
(4) - سورة الحجر، الآية 9.
(5) - عبد الكريم بن عبد القادر بن عمر بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الجعبري، المقرئ المشهور.
قدم دمشق وطلب فيها القراءات، له: شرح على الشاطبية، توفي عام 933 هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/193، والكواكب السائرة للغزي 1/255.(7/3)
وغيرهما عن ذلك بما هو مذكور في الكنز وغيره، ورد جميع ذلك سيدي عبد الواحد / بن عاشر(1) في فتح المنان بقوله: ( إن الكل لايدفع الإشكال، والصواب في الجواب أن يقال: لما لم تتعين جهة الحفظ الموعود بها، واحتمل صرفه لجهات متعددة لم يرتفع بذلك خشية عمر عليه من الذهاب )هـ، وهو ظاهر. كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه: ابن حجر: ( قال الخطابي: إنما لم يجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن في مصحف واحد لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه أو تلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته ألهم الله الخلفاء الراشدين ذلك، وفاء لوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة المحمدية زادها الله شرفا). من العسب: جمع عسيب، جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص ويكتبون في الطرف العريض. واللخاف: جمع لخفة، صفائح الحجارة الرقاق. وصدور الرجال: أي مع صدور الرجال، إذ لابد من الجمع بين الحفظ والكتابة.
…مع أبي خزيمة: هذا هو الأرجح، وأن آية التوبة وجدت مع أبي خزيمة، وآية الأحزاب وجدت مع خزيمة، قاله الحافظ(2). لم أجدها: أي مكتوبة، مع أحد غيره: وأما الحفظ فكانت محفوظة عنده وعند غيره. عند حفصة: لأنها كانت وصية عمر.
__________
(1) - عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر بن سعد الأنصاري الأندلسي الفاسي.
نشأ بفاس، وله: المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، وشرح مختصر خليل.
توفي عام 1040 هـ.
ترجمته في: سلوة الأنفاس 2/275، واليواقيت الثمينة للأزهري 1/230، وخلاصة الأثر للمحبي 3/96.
(2) - في الفتح 9/18.(7/4)
…4987- يغازي أهل الشام: أي يجهزهم للغزو. أرمينية: مدينة عظيمة من جهة بلاد الروم(1). وأذربيجان: إقليم واسع من مشهور مدنه تبريز(2). زيد بن ثابت: الأنصاري، وباقي من ذكر معه قرشي. فنسخوها: أي الصحف، في المصاحف، فكان جمع أبي بكر للقرآن في الصحف خوف ذهاب شيء منه، إذ أنه لم يكن مجموعا في موضع واحد، وجمع عثمان له في المصاحف لما كثر الاختلاف في وجوه قراءته حتى أدى إلى تخطئة بعضهم بعضا، فجمعه على حرف واحد من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن.
__________
(1) - بلاد واسعة من الروم، انظر معجم البلدان 1/159.
(2) - مثله في معجم البلدان 1/128.(7/5)
…وأرسل إلى كل أفق بمصحف: قال أبو حاتم: ( نسخوا سبعة مصاحف، فأرسلها إلى مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة، لكل بلد واحد، وحبس واحدا بالمدينة)؛ قال الفيومي(1): ( وليس فيها شيء بخط عثمان، بل كلها بخط زيد، وإنما نسبت لعثمان لأمره وزمانه وخلافته). وأمر بما سواه أن يخرق: ثم يدفن، وللكشميهني: "يحرق" بالحاء المهملة، قال ابن عطية: "وهي أحسن"(2)، ثم حرق جميعها، إلا أن عبدالله بن مسعود كتم مصحفه، ولم يقدر عثمان ولا غيره على إخراجه إلى أن وجد في خزائن بني عبيد في مصر عند انقراض دولتهم، فأحرق حينئذ، قاله الأبي عن بعض شيوخه؛ وقال ابن بطال: ( في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله عز وجل بالنار، وأن ذلك إكرام لها وصون عن وطئها بالأقدام)هـ(3) ، نقله العيني ثم قال: ( وقال أصحابنا الحنفية إن المصحف إذا بلي بحيث لا ينتفع به، يدفن في مكان طاهر بعيد عن وطء الناس)(4).
4- كاتب النبي صلى الله عليه:
…لم يذكر من كتابه - صلى الله عليه وسلم - غير زيد بن ثابت لأنه أشهر كتابه، وقد كتب له - صلى الله عليه وسلم - أبي بن كعب – وهو أول من كتب له بالمدينة -، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح(5)
__________
(1) - لم يتبين لي من هو من أهل الفيوم، فهناك أكثر من اثني عشر عالما بهذه النسبة، والنص مجرد، وليس فيه ما يحدد المقصود بالترجمة.
(2) - قال الحافظ في الفتح 9/25: ( في رواية الأكثر : " أن يخرق" بالخاء المعجمة، وللمروزي بالمهلة، ورواه الأصيلي بالوجهين، والمعجمة أثبت).
(3) -بلفظه في الفتح 9/25.
(4) - عمدة القاري 20/19.
(5) - عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن حذافة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري.
كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح، فاستجار له عثمان، فأجاره النبي صلى الله عليه وسلم.
شهد فتح مصر، وهو الذي افتتح إفريقية زمن عثمان. توفي في خلافة معاوية.
ترجمته في: الإصابة 4/109( 111، والاستيعاب ص: 918.(7/6)
-وهو أول من كتب له بمكة-، وممن كتب له في الجملة الخلفاء الأربعة والزبير بن العوام وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص وحنظلة بن الربيع الأسدي(1)ومُعَيْقِيب بن أبي فاطمة(2) وعبد الله بن الأرقم الزهري(3) وشرحبيل بن حسنة(4) وعبد الله بن رواحة في آخرين، قاله في الفتح(5) / .
…4989- لم أجدهما: مكتوبتين.
…4990- "والمجاهدون": كذا في جميع النسخ، فقيل إنه على التفسير لا على التلاوة، ومعنى ذلك: فنزلت زيادة " أُولِي الضَّرَرِ" في الآية المذكور فيها المجاهدون والقاعدون، قاله القاضي عياض.
__________
(1) - حنظلة بن الربيع بن صيفي بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاوية بن شريف بن جروة بن أسيد بن عمرو بن تميم، أبو ربعي، يقال له حنظلة الكاتب.
شهد القادسية ونزل الكوفة، ومات في خلافة معاوية.
ترجمة في: الإصابة 2/134-135، والاستيعاب ص: 379.
(2) - معيقيب-أو معيقب- ابن أبي فاطمة الدوسي، حليف بني أمية.
أسلم قديما وشهد المشاهد وبيعة الرضوان، وكان على بيت المال لعمر بن الخطاب، ومات في خلافة عثمان.
ترجمته في: الإصابة 6/193-194، والاستيعاب ص: 1478.
(3) - عبد الله بن الأرقم بن أبي الأرقم، واسمه يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري.
أسلم يوم الفتح، وكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر، وكان أميرا عنده.
ترجمته في: الإصابة 4/4-5، والاستيعاب ص: 856.
(4) - شرحبيل بن حسنة - وهي أمه -، وأبوه عبد الله بن المطاع بن عبد الله بن عبد العزى بن جثامة بن مالك الكندي أو التميمي.
شهد فتوح الشام في عهد أبي بكر، ومات في طاعون عمواس.
ترجمته في: الإصابة 3/328-329، والاستيعاب ص: 698.
(5) -الفتح 9/27.(7/7)
5- أنزل القرآن على سبعة أحرف(1):
يأتي بيان معناه.
…4991- فراجعته: وفي مسلم: ( فرددت إليه أن هون على أمتي). أستزيده: أطلب منه أن يطلب من الله الزيادة في الأحرف للتوسعة. حتى انتهى إلى سبعة أحرف: فكان ذلك رخصة للقارئ أن يقرأ بأي حرف شاء حتى وقع النسخ كما يأتي.
…قال السيوطي في التوشيح: ( اختلف في المراد بالأحرف على نحو أربعين قولا بسطتها في الإتقان(2)، وأقربها قولان، أحدهما أن المراد سبع لغات، وعليه أبو عبيدة وثعلب(3) والأزهري (4)
__________
(1) - هذا الحديث أخرجه مسلم في صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف، وأبو داود في الصلاة، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، وأحمد في المسند 5/124، والبيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير (انظر كنز العمال 2/50 و56)، وابن أبي شيبة في المصنف 10/516، والطبري في التفسير 1/43-44، وقد تتبع ابن الجزري طرقه فجمعها في جزء مفرد كما في النشر في القراءات العشر 1/21.
(2) -الإتقان 1/200 ( النوع 20:في معرفة حفاظه ورواته)، وفيه:(...بلغ الاختلاف في معنى الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولا).
(3) - أحمد بن يحيى، الشيباني مولاهم، الكوفي، المعروف بثعلب، نحوي لغوي مشهور.
له: المصون في النحو، ومعاني القرآن. توفي ببغداد عام 291 هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 5/204، ووفيات الأعيان 1/36، وإنباه الرواة 1/138.
(4) - ربما هو: صالح بن عبد الله الأزهري.
له بستان الفقراء ونزهة القراء، وتوفي عام 991 هـ.
ترجمته في: إيضاح المكنون 1/181.(7/8)
وآخرون، وصححه ابن عطية(1) والبيهقي، والثاني أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعال وهلم وعجل وأسرع، وعليه سفيان بن عيينة وابن وهب وخلائق، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء، والمختار أن هذا الحديث من المشكل الذي لا يدرى معناه كمتشابه القرآن والحديث، وعليه ابن سعدان النحوي(2)هـ(3).
…وقال الشيخ زكريا: ( أقرب الأقوال أنها سبعة أوجه من الاختلاف وأصحها ما صححه البيهقي والأزهري وغيرهما أنها سبع لغات لسبع قبائل من العرب متفرقة في القرآن)هـ.
…وقال الشيخ التودي: ( أصحها ما صححه البيهقي، واختاره الأزهري وغيره أنها سبع لغات لسبع قبائل من العرب متفرقة في القرآن، فبعضه بلغة تميم، وبعضه بلغة أزد وربيعة، وبعضه بلغة هوازن وبكر، وهكذا، ومعانيها واحدة) هـ.
وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: (أقربها أنها سبع لغات تخفيفا على الأمة)هـ.
…وإلى هذا القول جنح أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود الألوسي في تفسيره روح المعاني، ورد بحث السيوطي فيه بكلام متين منور، فانظره(4)
__________
(1) - في المحرر الوجيز 1/40 في قوله: ( المذهب الصحيح إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين نزل القرآن بلسانهم) -بتصرف-.
(2) - محمد بن سعدان الكوفي، أبو جعفر النحوي المقرئ.
ولد ببغداد وأخذ القراءات عن أهل مكة والمدينة والشام والكوفة والبصرة.
روى عنه محمد بن سعد وعبد الله بن أحمد بن حنبل.
له: الجامع والمجرد. توفي عام 231 هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 5/324، ومعجم الأدباء 18/201، وغاية النهاية 2/143، وبغية الوفاة 45.
(3) - التوشيح ص: 432-433.
(4) - قال الألوسي في روح المعاني 1/20:
( أحدها: أنه من المشكل الذي لا يدرى لاشتراك الحرف...
ثانيا: أن المراد بالتكثير لا حقيقة العدد ...
ثالثها: أن المراد بها سبع قراءات، وفيه أن ذلك لا يوجد في كلمة واحدة إلا نادرا، والقول أن كلمة تقرأ بوجه أو وجهين إلى سبع يشكل عليه ما قرئ على أكثر، اللهم إلا أن يقال ورد ذلك مورد الغالب، وفيه مالا يخفى، حتى قال السيوطي: قد ظن كثير من القوم أن المراد بها القراءات السبعة، وهو جهل قبيح فتدبر...).(7/9)
، ثم إن الذي ذهب إليه الأكثر، واختاره الطبري وابن عبد البر وابن العربي والداودي والمهلب والطحاوي والقرطبي وجماعة، وقال ابن حجر، ( إنه المعتمد)(1)، هو أن الأحرف السبعة نسخت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يبق منها إلا حرف واحد به وقعت العرضة الأخيرة من النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبريل.
…وقال أبو شامة: ( ظن قوم أن القراءات السبع الموجودة الآن هي التي أريدت في الحديث، وهو خلاف إجماع أهل العلم قاطبة، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل) هـ، نقله في الفتح(2).
…وقال مكي: ( من ظن أن قراءة هؤلاء القراء هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما) هـ، نقله في الإتقان(3).
__________
(1) - الفتح 9/36.
(2) - الفتح 9/37، وكذا الإتقان 1/224.
(3) - الإتقان 1/225.(7/10)
…وقال القرطبي في المفهم: ( أنزل القرآن على سبعة أحرف اختلف في معناه على خمسة وثلاثين قولا، أولاها عند المحققين أنها سبع لغات من لغات العرب، وهي متفرقة في القرآن لا يلزم اجتماعها في الكلمة الواحدة، ولو اجتمعت لم يكن في ذلك بعد، وسألها النبي - صلى الله عليه وسلم - توسعة لأمته ليقرأ كل واحد بلغته، لأنه يشق عليهم التلفظ بغير لغتهم، ثم نسخ ذلك، واستمر الأمر على حرف واحد من تلك السبعة كما عليه المحققون كالداودي / والمهلب وغيرهما، ولما خاف عثمان خفاء ذلك على بعض الناس وإدخال ما ليس من القرآن فيه، شاور الصحابة على جمع الناس على مصحف واحد وتمزيق ما سواه، فوافقوه على ذلك وجمعوه واجتهدوا فيه، وكتبوا منه نسخا وجهت للآفاق، وكل ما تضمنته تلك المصاحف متواتر مجمع عليه من الصحابة، وما خرج عن تلك المصاحف لا تجوز القراءة به ولا الصلاة، لأنه ليس من القرآن المجمع عليه، وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم، فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه، إذ كان عثمان قد كتب تلك المواضع في بعض نسخ المصاحف ولم يكتبها في بعض، إشعارا بأن كل ذلك صحيح، وأن القراءة بكل منها جائزة)، هـ منه؛ لكن قال الإمام السنوسي في مكمل إكمال الإكمال ما نصه: ( ظاهركلام الباقلاني أن أحرف السبع التي يقرأ الناس بها اليوم هي الأحرف المذكورة في الحديث، قال الأبي: وهو الأظهر، وهو الذي كان شيخنا أبو عبد الله بن عرفة يختار، وقراءة يعقوب داخلة في ذلك لأنه أخذها عن أبي عمرو، لأن بذلك يظهر التسهيل والتيسير الذي هو سبب نزوله عليها، وبه أيضا تظهر معجزة قوله تعالى: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"(1)، لأنها محفوظة مع مرور مئين من السنين)، هـ منه(2).
__________
(1) - سورة الحجر، الآية 9.
(2) - مكمل إكمال الإكمال للسنوسي 4/427.(7/11)
…ولم يرتض ذلك الإمام ابن غازي، فإنه قال ما نصه: ( من العجيب ما ذكره أبوالعباس البسيلي(1) في مقدمة ما قيد عن ابن عرفة من تفسير القرآن العزيز أن ابن عرفة كان يفسر الأحرف السبعة التي أنزل بها القرآن بهذه القراءات السبع المشهورة، فإن صح هذا عنه فهو من الجم الغفير المذكورين في قول الجعبري:
وأعضل ذو التسبيع فهم قصده - فزل به الجم الغفير مجهلا، هـ من حاشيته.
فائدة: (نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن مكي بن أبي طالب أن أصح القراءات سندا نافع وعاصم، وأفصحها أبو عمرو والكسائي)هـ (2).
…وقال ابن العربي: ( أقوى القراءات سندا قراءة عاصم وأبي جعفر) هـ.
…ونقل الجعبري في الكنز عن الإمام مالك أنه قال: ( قراءة نافع سنة) هـ(3).
…وقدمنا في الصلاة عن الأقفهسي أن أفضل ما يقرأ به في الصلاة قراءة نافع، وعن الجزولي(4) أنه سمع أن قراءة ورش أفضل من قراءة قالون هـ.
…قال الأمير(5)
__________
(1) - أبو العباس أحمد بن محمد البسيلي، المفسر.
أخذ عن ابن عرفة. له: تفسير القرآن الكريم.
توفي عام 830 هـ ترجمته في: كشف الظنون 438-439.
(2) - الفتح 9/39.
(3) - قال الذهبي في معرفة القراء الكبار (في ترجمة نافع) ص:108
(قال سعيد بن منصور: سمعت مالكا يقول: قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم).
(4) - محمد بن سليمان بن عبد الرحمن الجزولي السملالي الحسني، أبو عبد الله.
فقيه صوفي من أهل مراكش. تفقه بفاس، وحفظ المدونة.
له: دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار. توفي عام 870 هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 317، وكشف الظنون 759.
(5) - محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز السنباوي الأزهري، المعروف بالأمير المالكي، نسبة إلى امتلاك جده لإمرة في الصعيد، وأصله من المغرب.
تعلم في الأزهر، وله: الإكليل شرح مختصر خليل ( منه نسخة بخ.ع بالرباط 578 ك)، وحاشية على مغني اللبيب، وفهرسته.
توفي عام 1232 هـ.
ترجمته في: فهرس الفهارس 1/92، والفكر السامي 4/130.(7/12)
: ( لما فيها من كثرة الأعمال وطول المدود).
…4992- أساوره: آخذ برأسه. فلببته بردائه: أي جمعته عليه بلبته.
6- تأليف القرآن:
…أي جمع آياته وضم بعضها إلى بعض، أو جمع سوره وترتيبها.
…قال النووي: ( قال القاضي عياض: تأليف آي القرآن في كل سورة ونظمها على ماهي عليه الآن في المصحف بتأليف جبريل - عليه السلام - بإجماع المسلمين، وتأليف السور بعضها إلى بعض كذلك في قول بعض الفقهاء والقراء، وخالفهم المحققون، وقالوا بل هو اجتهاد من الأئمة، وليس بتوقيف) هـ.
…وقال في الإكمال ما نصه: ( ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف، لم يكن ذلك من تحديد النبي - عليه السلام -، وإنما وكله إلى أمته بعده، وهو قول جمهور العلماء، وهو قول مالك واختيار أبي بكر الباقلاني، وأصح القولين عنده، ثم قال: ولاخلاف أن تأليف كل سورة وترتيب آيها توقيف من الله تعالى على ماهي عليه الآن في المصحف، وعلى ذلك نقلته الأمة عن نبيها - عليه السلام -) هـ، ونقله في الفتح(1) وأقره؛ وقال ابن عطية في تفسيره - بعد أن نقل عن القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني نحو ما ذكر - ما نصه: ( ظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان في السور مالم يرتب، فذلك هو الذي رتب وقت الكتب)، قال: ( وأما شكل المصحف ونقطه فروي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله، فتجرد لذلك الحجاج بواسط(2) وجد فيه(3)، وزاد تحزيبه، وأسند الزبيدي(4)
__________
(1) - الفتح 9/48.
(2) - مدينة وسط البصرة والكوفة، ومن هنا جاء اسمها واسط، انظر معجم البلدان 5/347.
(3) - في الأصل: (وزاد فيه)، ومعناها غير سديد، وفي المحرر الوجيز 1/54: ( وجد فيه)، وهو الصواب.
(4) - أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله بن بشر الزبيدي الإشبيلي النحوي.
فقيه محدث وإخباري وأديب، له: ما يلحن فيه عوام الأندلس، وطبقات النحويين واللغويين.
توفي عام 379 هـ وهو على قضاء إشبيلية.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/650، وبغية الملتمس 56، وجذوة المقتبس 43، والديباج المذهب 263.(7/13)
في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدولي(1)، وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر، وأما وضع الأعشار فروي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي(2) أمر بذلك، وقيل إن الحجاج فعل ذلك) هـ(3).
…4993- عراقي: لم يعرف. أي الكفن خير؟: أي هل الأبيض أو غيره؟. غير مؤلف: قيل كان هذا قبل جمع عثمان وترتيبه السور، وقيل بعده، وأن هذا العراقي كان يقرأ على ترتيب مصحف ابن مسعود، وهو مخالف لمصحف عثمان، فأراد أن يعلم ترتيب مصحف عائشة، قاله في التوشيح(4). سورة من المفصل...إلخ: وهو من الحجرات إلى آخره، وأرادت سورة المدثر ففيها ذكر الجنة والنار، ولعل آخرها نزل قبل نزول بقية سورة اقرأ.
…4994- من العِتَاق: الجياد، الأُول: في النزول. من تِلاَدِي: من قديم حفظي.
…4996- النظائر: أي السور المتماثلة في المعاني /. على تأليف ابن مسعود: أي تأليف مصحفه، وهو مخالف لتأليف مصحف عثمان.
7- باب كيف كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه:
أي يستعرضه ما أقرأه إياه منه.
…يعارضني: يدارسني. بالقرآن: أي بما نزل منه.
…4997- كان يلقاه كل ليلة يعرض عليه... إلخ: لعله كان - صلى الله عليه وسلم - يقسم ما نزل عليه من القرآن كل سنة على ليالي رمضان أجزاء، فيقرأ كل ليلة جزءا منه.
…المرسلة: المطلقة.
__________
(1) - أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي.
سكن البصرة وولي إمارتها في عهد علي بن أبي طالب.
يعتبر من واضعي أصول النحو. توفي سنة 69هـ.
ترجمته في: كشف الظنون 770، والأعلام 3/340.
(2) - المأمون بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور، من الخلفاء العباسيين.
اهتم بترجمة كتب العلم والفلسفة، واهتم بالعلماء والفقهاء. توفي عام 218 هـ.
ترجمته في: فهرست ابن النديم 1/116، وهدية العارفين 1/439.
(3) - المحرر الوجيز 1/54 ( 56.
(4) - التوشيح ص: 433.(7/14)
…8- باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه:
…أي الذين اشتهروا بحفظ القرآن والتصدي لتعليمه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -.
…4999- عبد الله: بن مسعود. وسالم: مولى أبي حذيفة. ومعاذ: ابن جبل.
…5000- خطبنا عبد الله بن مسعود: لما أمر بتغيير مصحفه وكتابته على المصحف العثماني، فأبى وامتنع من ذلك، وقال: أفأترك ما أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو محجوج بإجماع الصحابة على خلاف مصحفه، لأنهم اطلعوا على مالم يطلع عليه هو من نسخ الزائد على ما أجمعوا عليه. ما يقولون: في عبد الله. فما سمعت رادا يقول غير ذلك: ( وما أخرجه أبو داود عن الزهري من قوله: بلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، محمول على غير من حضر هناك منهم)، قاله ابن حجر(1).
…5001- رجل: لم يعرف. ووجد: عبد الله. منه: أي من الرجل المنكر عليه.
…تكذب بكتاب الله: إنما أنكر الرجل كيفية الإنزال جهلا منه، لا أصل النزول وإلا لكفر، قال النووي: ( أجمعوا على أن من جحد حرفا مجمعا عليه من القرآن فهو كافر تجري عليه أحكام المرتدين). فضربه الحد: أي بنفسه لاحتمال أنه كانت له ولاية عليه، أو رفعه إلى من له ولاية عليه فضربه.
…5002- لركبت إليه: للأخذ عنه.
…5004- لم يجمع القرآن غير أربعة... إلخ: استشكل هذا بأنه قد جمعه سواهم، ذكر أبو عبيد منهم الخلفاء الأربعة وطلحة وسعدا وابن مسعود وحذيفة وسالما وأباهريرة وعبد الله بن السائب(2)
__________
(1) - في الفتح 9/59.
(2) - عبد الله بن السائب بن صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي
كان من قراء مكة، وأخذ عنه مجاهد.
توفي بمكة في إمارة ابن الزبير، وصلى عليه ابن عباس.
ترجمته في: الإصابة 4/102-103، والاستيعاب ص: 915.(7/15)
والعبادلة الأربعة، وغيرهم، وأجيب باحتمال أن المراد لم يجمعه على جميع وجوهه من القراءات التي أنزل بها إلا أولئك، أو أن أنسا قاله بحسب ما وصل إليه علمه، وإن كان الواقع بخلافه، وانظر الفتح(1).
أبو الدرداء: جزم البيهقي بأن ذكر أبي الدرداء وهم، والصواب أبي بن كعب، أي كما في الرواية الأولى، وقال الداودي: ( لا أرى ذكر أبي الدرداء محفوظا)هـ(2) ، وقال الزركشي: ( الصواب أبي)هـ(3) ؛ وأجاب الحافظ بقوله: ( يحتمل أن يكون أنس حدث بهذا الحديث في وقتين، فذكر مرة أبي بن كعب، وذكر مرة بدله أبا الدرداء)، قال، ( ويؤيده أنهما ذكرا معا في حديث آخر)(4).
…ونحن ورثناه: أي أبا زيد، لأنه مات ولم يترك عقبا، وهو أحد عمومة أنس.
…5005- من لحن أبي: أي قراءته لثبوت نسخها، وقد كان أبي لا يرجع عما حفظه من القرآن الذي تلقاه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو أخبره غيره أنه نسخ.
…قال الله: " مَا نَنسَخْ "...إلخ: هذا استدلال من عمر على ثبوت النسخ لبعض القرآن /.
…9- باب فضل فاتحة الكتاب:
أي الفضل الثابت لجملتها.
…5006- أعظم سورة في القرآن: أي أجرا ومضاعفة ثواب. وهي السبع المثاني: لأنها سبع آيات تثنى في كل ركعة. والقرآن العظيم ...إلخ: أي وهي القرآن العظيم...إلخ، واسم القرآن يقع على البعض كما يقع على الكل.
…5007- فنزلنا: أي بقوم فاستضفناهم، فأبوا أن يضيفونا. سليم: لديغ بعقرب.
…رجل: هو أبو سعيد الراوي. نأبنه برقية: نعرفه بذلك. واضربوا لي بسهم: قاله تطييبا لقلوبهم.
…10- باب فضل سورة البقرة:
…أي بيان الفضل الثابت لبعض الآيات المشتملة هي عليها.
…5008- من قرأ بالآيتين: قال ابن المنير: هما: "ءَامَنَ الرَّسُولُ" إلى آخر السورة، وآخر الآية الأولى منهما: " وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ".
__________
(1) - الفتح 9/63.
(2) - نقلا عن الفتح 9/64.
(3) - التنقيح ص: 211.
(4) - الفتح 9/64.(7/16)
…5009- في ليلة: زاد العسكري(1): بعد العشاء الآخرة. كفتاه: أي أجزأتاه عن قيام الليل بالقرآن، وقيل وقتاه شر الشيطان، وقيل شر تلك الليلة، وقيل كل سوء، ابن حجر: ( ويجوز أن يراد جميع ما تقدم، والوجه الأول ورد صريحا عن ابن مسعود رفعه: من قرأ خاتمة البقرة أجزأت عنه قيام ليلة)(2).
…5010- زكاة رمضان: أي زكاة الفطر. فقص الحديث: المذكور في الوكالة من تكرير ذلك منه ثلاث ليال. صدقك وهو كذوب: هذا من التتميم البليغ، أي صدقك في هذا القول مع أن عادته الكذب المستمر. ذاك شيطان: من الشياطين.
…11- باب فضل سورة الكهف:
أي جملتها.
…5011- رجل : هو أسيد بن حضير(3). حصان: فحل كريم من الخيل. بشَطَنَيْن: حبلين. تدنو: تقرب منه. تلك السكينة: سيأتي أنها مثل الظلة فيها أمثال المصابيح. بالقرآن: وللترمذي: مع القرآن أو على القرآن، أي لاستماعه.
…12- باب فضل سورة الفتح:
أي جملتها.
…5012- في بعض أسفاره: أي بالحديبية، فلم يجبه: لكونه كان يوحى إليه. نزرت: ألححت. لهي أحب إلي...إلخ: أي لما فيها من البشارة بالفتح والمغفرة.
…
13- باب فضل: " قل هو الله أحد ":
أي جملتها.
__________
(1) -الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري، أبو أحمد.
محدث لغوي، سمع ببغداد وأصبهان وغيرها.
له: التصحيف، والحكم والأمثال، والمختلف والمؤتلف. توفي عام 382 هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/164، وبغية الوعاة 221، وشذرات الذهب 3/102.
(2) - الفتح 9/69.
(3) - "قيل هو أسيد بن حضير كما سيأتي من حديثه نفسه بعد ثلاثة أبواب، لكن فيه أنه كان يقرأ سورة البقرة، وفي هذا أنه كان يقرأ سورة الكهف، وهذا ظاهره التعدد"، انظر الفتح 9/70.(7/17)
…فيه " عمرة(1) …" إلخ: أي حديثها الآتي في التوحيد إن شاء الله.
…5013- أن رجلا: هو أبو سعيد(2) نفسه. سمع رجلا: هو أخوه لأمه، قتادة بن النعمان(3).
__________
(1) - عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، وكانت في حجر عائشة رضي الله عنها، وحديثها في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، حديث 7375.
(2) - هو أبو سعيد الخدري، وقد تقدمت ترجمته.
(3) - قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سداد بن ظفر الأوسي ثم الظفري، أخو أبي سعيد الخدري لأمه.
شهد بدرا، وسالت عينه فردها النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت أصح عينيه. مات في خلافة عمر فصلى عليه ونزل في قبره.
ترجمته في: الإصابة 5/416 ( 418، والاستيعاب ص: 1274.(7/18)
…يرددها: أي في تهجده، وفي رواية: لا يقرأ إلا بها. يتقالها: أي يعتقد أنها قليلة. إنها لتعدل ثلث القرآن: اختلف الناس في معنى هذا الحديث، فحملته طائفة على ظاهره، وقالوا معناه أنها ثلث القرآن باعتبار معانيه لأنها أحكام وأخبار وتوحيد، وقد اشتملت سورة الإخلاص على القسم الثالث فكانت ثلثا بهذا الاعتبار، ويشهد له حديث: " إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزءا"؛ وعلى هذا الحمل اقتصر الإمام المازري والقاضي عياض والقرطبي وابن عطية والبيضاوي(1) والشيخ زكريا(2)، وقال ابن جزي: ( إنه الأظهر)(3)، ونص القرطبي: ( إنما كانت ثلثا لأنها اشتملت على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف كماله تعالى لم يوجدا في غيرها من السور /، وهما الأحد والصمد، فإنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع صفات الكمال المعظمة، فظهرت خصوصيتها بأنها ثلث القرآن، يعني وإن كان في آيات كثيرة من التوحيد أكثر مما فيها)، قال: ( وقد كثرت أقوال الناس في هذا المعنى، وهذا أنسبها وأحسنها، فلنقتصر عليه) هـ، وحملته طائفة على تحصيل الثواب فقالوا: معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن، قيل مطلقا، وقيل بغير تضعيف، وأيد ابن حجر الإطلاق بعدة أحاديث، وقال: ( التقييد بكونه بغير تضعيف دعوى بغير دليل)(4)، وهذا الحمل حكاه ابن السيد(5)
__________
(1) - في أنوار التنزيل 5/200.
(2) - في التحفة 3/168.
(3) - التسهيل لعلوم التنزيل 4/223.
(4) - الفتح 9/75.
(5) - عبد الله بن محمد بن السيد، أبو محمد.
ولد ونشأ في بطليوس بالأندلس.
له: الاقتضاب في شرح أدب الكاتب، والمسائل والأجوبة.
توفي سنة 521هـ.
ترجمته في: بغية الملتمس 324، والصلة 287، وأزهار الرياض 3/101.(7/19)
عن الفقهاء والمفسرين، واستظهره الأبي، واقتصر عليه السيوطي في التوشيح(1)، لكن ضعفه ابن عقيل(2) قائلا: ( لا يجوز أن يكون المعنى فله ثلث أجر القرآن، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات"(3)، قاله السيوطي في الإتقان(4) ؛ وكذا بحث فيه ابن عبد البر كما في الإرشاد، وقال ابن رشد: ( الذي عندي في معناه أن ما ترتب من الثواب على قراءة ختمة، ثلثه للإخلاص وثلثاه لبقية الختمة، وليس معناه أن من قرأها وحدها يكون له مثل ثواب ختمة، ولو كان معناها ذلك لآثر العلماء قراءتها على قراءة السور الطوال في الصلاة وعلى قراءتها دون سائر القرآن ولم يفعلوا، وقد أجمعوا أن قراءتها ثلاث مرات لا يساوي في الأجر من أحيا الليل بختمه) هـ.
…وبحث معه الأبي في ذلك بقوله: ( ما أنكره حكاه ابن السيد عن العلماء والمفسرين، وهو الأظهر حتى إن من كررها ثلاثا يكون له ثواب من قرأ ختمة، وإنما لم يؤثر العلماء قراءتها على قراءة السور الطوال لأن المطلوب التدبر والاتعاظ واقتباس الأحكام، وحديث: " أيعجز أحدكم"، المذكور بعده ظاهر، بل نص في ذلك)هـ، وكذا بحث معه العلامة الرهوني(5)
__________
(1) - التوشيح ص: 434.
(2) - عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله، المشهور بابن عقيل، أبو محمد النحوي.
تولى قضاء الديار المصرية. له شرح ألفية ابن مالك، ومختصر شرح الرافعي للوجيز، والفتاوى، وتوفي بالقاهرة عام 769 هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/266، وغاية النهاية 1/428، وبغية الوعاة 284.
(3) - أخرجه الترمذي 5/175 في فضائل القرءان باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرءان ما له من الاجر، وسعيد بن منصور في السنن 1/17 رقم 4، وابن أبي شيبة في المصنف 6/118، وعبد الرزاق في المصنف 3/375.
(4) - الإتقان 2/448 ( النوع 73: في أفضل القرآن وفضائله).
(5) - محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن علي الرهوني المالكي.
له: أوضح المسالك وأسهل المراقي إلى سبك إبريز عبد الباقي، وحاشية على المرشد المعين، والتحصن والمنعة.
توفي بعد رمضان 1230 هـ.
ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 4/181، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 244.(7/20)
بقوله: ( تأمل هذا الاحتجاج الذي احتج به، وانظر هذا التأويل الذي تأوله، مع أن الحديث ورد فيمن قرأها وحدها مقتصرا عليها، فالصواب الإمساك عن الكلام في ذلك كما تقدم عن أبي عمر، والله أعلم) هـ.
ونص ما قدمه عن أبي عمر: (الذي عليه أهل العلم والسنة الكف عن الجدال والمناظرة فيما سبيله الاعتقاد والإيمان بما تشابه من القرآن والتسليم له، ولما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من نحو هذا الحديث وشبهه) هـ.
…وقال الزرقاني على الموطأ ما نصه: ( قال ابن عبد البر: السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم) (1).
…قال السيوطي: ( وإلى هذا نحى جماعة كابن حنبل وابن راهويه، وأنه من المتشابه الذي لا يدرى معناه، وإياه أختار) هـ.
…5015- فشق ذلك عليهم: حيث لم يفهموا مراده. الله الواحد...إلخ: قال القاضي: ( كذا عندهم، ولعله على التفسير والمعنى لا على التلاوة) هـ.
…وعند الإسماعيلي: ( فقال: يقرأ قل هو الله أحد)، قال ابن حجر: ( فكأن رواية الباب بالمعنى)(2).
…تنبيه : قال في الفتح: ( أخرج الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس رفعه: إذا زلزلت تعدل نصف القرآن، والكافرون تعدل ربع القرآن(3)؛ وأخرج الترمذي أيضا وغيره من طريق سلمة بن وردان(4)
__________
(1) - شرح الزرقاني على الموطأ 2/32.
(2) - الفتح 9/74.
(3) - أخرجه الترمذي في ثواب القرآن باب ما جاء في إذا زلزلت رقم 2896، والحاكم في المستدرك 1/566، وفي سنده يمان بن المغيرة وهو ضعيف، إلا أن قوله: "والكافرون تعدل ربع القرآن" له شواهد عند أحمد 3/146 والترمذي رقم 2897 وحسنه.
(4) - سلمة بن وردان، أبو يعلي الليثي المدني.
قال ابن حجر: ضعيف.
رأى جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع، وروى عن أنس بن مالك ومالك بن أوس.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/160، والتقريب رقم 2514.(7/21)
عن أنس: الكافرون والنصر يعدل كل منهما ربع القرآن، وإذا زلزلت تعدل ربع القرآن، زاد ابن أبي شيبة(1) وأبو الشيخ(2): ( وآية الكرسي تعدل ربع القرآن)، وهو حديث ضعيف لضعف سلمة، وإن حسنه الترمذي، فلعله تساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال، وكذا صحح الحاكم حديث ابن عباس، وفي سنده يمان بن المغيرة(3)، وهو ضعيف عندهم)(4).
…14- باب فضل المعوذات:
…أي الإخلاص والفلق والناس.
…5017- ثم نفت: أي عزم على النفث فيهما بعد القراءة لتقدمها عليه، قاله الطيبي.
…5016 (5)- وأمسح: جسده الشريف.
…15- باب نزول السكينة والملائكة عند القرآن:
…السكينة مقولة بالاشتراك على معان تحمل في كل موضع على ما يليق به، ومعناها هنا على ما يأتي أنها مثل الظلة، أي السحابة، فيها أمثال المصابيح، ومعها الملائكة /، وقال النووي: ( المختار أنها شيء من المخلوقات فيه طمأنينة ورحمة، ومعه الملائكة)(6).
__________
(1) - أبو بكر بن أبي شيبة عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، مولاهم الكوفي الحافظ، روى عن شريك وهشيم وابن المبارك وابن عيينة، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه وأبو زرعة وأبو يعلى ، مات في محرم سنة 235 هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/432، والبداية والنهاية 10/315، وطبقات الحفاظ ص: 189.
(2) - أبو الشيخ حافظ أصبهان ومسند زمانه: أبو محمد عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهاني.
ولد سنة 274 هـ، وسمع أبا بعلى وأبا خليفة، وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه، أحد الأعلام، ثقة متقنا، صنف التفسير وغيره، مات سنة 369 هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/945، وطبقات الحفاظ ص: 381.
(3) - يمان بن المغيرة، أبو حذيفة البصري.
قال ابن حجر: ضعيف.
روى عن عطاء وعكرمة وعبد الصمد بن عبد الوارث.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/406، والتقريب رقم 7854.
(4) - الفتح 9/75-76.
(5) - تقدم هذا الحديث في الفتح بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي.
(6) - نقله في الفتح 9/71.(7/22)
…5018- سورة البقرة: تقدم(1) أنها الكهف، فيحتمل التعدد.
…فلما أخبره: كذا في أصل ابن سعادة، وفي الفتح: ( اجتره، بجيم وتاء، أي جر ولده من مكانه حتى لا تطأه الفرس)(2).
…رفع رأسه إلى السماء: فإذا هو بمثل الظلة، أي السحابة فيها أمثال المصابيح، عرجت إلى السماء حتى ما يراها.
…اقرأ يا ابن حضير(3): أي كان ينبغي لك أن تستمر على قراءتك، وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة. فخرجت: كذا لجميعهم، قال القاضي: وصوابه فعرجت بالعين. دنت لصوتك: لاستماعه لحسنه.
16- باب من قال: لم يترك النبي صلى الله عليه إلا ما بين الدفتين:
أي دفتي المصحف، أي لم يترك من القرآن مكتوبا بأمره إلا ما في المصحف، وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين، لأن ذلك مخالف لما سبق من جمع أبي بكر له، ثم عثمان.
…5019- من شيء: أي من القرآن. ما ترك من القرآن إلا مابين الدفتين: أي ولم يكتم الصحابة رضوان الله عليهم شيئا من القرآن، خلافا للروافض في قولهم إنهم كتموا تنصيص القرآن على خلافة علي، وقد كذبوا في ذلك، معاذ الله أن يكون شيء من القرآن مكتوما.
…17- باب فضل القرآن على سائر الكلام
…هذا حديث مرفوع تتمته: " كفضل الله على خلقه"، أخرجه الترمذي عن أبي سعيد، وابن عدي عن أبي هريرة، والحماني(4)
__________
(1) - في الحديث رقم 5011.
(2) - الفتح 9/78.
(3) - أسيد بن الحضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري، أحد السابقين إلى الإسلام، وأحد النقباء ليلة العقبة كان ممن ثبت يوم أحد، وجرح سبع جراحات، وكان أبو بكر لا يقدم أحدا من الأنصار على أسيد بن حضير.
ترجمته في: الإصابة 1/83-84، والاستيعاب ص: 92.
(4) - يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي، أبو زكريا.
محدث حافظ، وهو أول من صنف المسند بالبصرة.
توفي في رمضان عام 228 هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/10-11.(7/23)
عن عمر بن الخطاب، وابن الضريس(1) عن عثمان بن عفان(2).
…5020- طعمها طيب وريحها طيب: ومنظرها حسن وملمسها لين؛ ومطابقته من حيث ثبوت فضل قارئ القرآن على غيره، فيستلزم فضل القرآن على سائر الكلام.
…5021- ومثلكم مع نبيكم، ومثل اليهود والنصارى مع أنبيائهم.
…فضلي أوتيه من شئت: ( مطابقته من حيث ثبوت فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم، وثبوت فضلها بما ثبت من فضل كتابها الذي أمرت بالعمل به)، قاله ابن حجر(3).
18- باب الوصاة بكتاب الله:
…أي الوصية كما للكشميهني(4).
…5022- أأوصى النبي صلى الله عليه: بالإمارة لأحد؟
…أأمروا بها: في قوله تعالى: " كُتِبَ عَلَيْكُمُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ…" إلخ(5).
…أوصى بكتاب الله: أي بالتمسك به وحفظه، والعمل بمقتضاه، ودوام تلاوته، وتعلمه وتعليمه.
19- باب من لم يتغن بالقرآن
…اختلف في معناه على أقوال تأتي، والذي اختاره المص منها ما قاله سفيان: يستغني به، وأوضحه وكيع بقوله، أي يستغني به عما سواه من أخبار الأمم الماضية، كما دل عليه إتيانه بقوله تعالى: " أَوَ لَمْ يَكْفِهِمُ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ "(6).
__________
(1) - محمد أيوب بن يحيى بن الضريس البجلي الرازي، أبو عبد الله.
محدث حافظ، له فضائل القرآن، وتفسير القرآن. توفي يوم عاشوراء عام 294 هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/195، وشذرات الذهب 2/216.
(2) - نقلا عن الفتح 9/81.
(3) - في الفتح 9/83.
(4) - كذا في الفتح 9/83.
(5) - سورة البقرة، الآية 180.
(6) - سورة العنكبوت، الآية 51.(7/24)
…قال ابن حجر: ( أشار بالآية إلى ترجيح تفسير ابن عيينة بيستغني، وقد خفي وجه مناسبة هذه الآية للباب على جماعة كابن كثير، فنفى أن يكون لذكرها هنا وجه، على أن ابن بطال مع تقدمه قد أشار إلى ذلك، فقال: المراد بالآية الاستغناء عن أخبار الأمم الماضية، وليس المراد الاستغناء الذي هو ضد الفقر، قال: وإتباع البخاري الترجمة بالآية يدل على أنه يذهب إلى ذلك)(1).
…5023- لم يأذن الله لشيء ما أذن...إلخ: أي لم يستمع الله لشيء ما استمع...إلخ، أي كاستماعه، والاستماع يقتضي الإصغاء /، وهو محال على الله تعالى، فلابد من تأويله، فاستماعه تعالى كناية عن تقريبه للقارئ الجسن القراءة، وإجزال ثوابه، قاله المازري.
…وقال القرطبي: ( فائدة هذا الخبر حث القارئ على إعطاء القراءة حقها من ترتيلها وتحسينها وتطبيقها بالصوت الحسن ما أمكن).
يتغنى بالقرآن: القاضي عياض: ( معناه عند الشافعية والأكثر تحسين الصوت به)، النووي: ( وهو الصحيح)،
…ابن حجر: ( وهو الذي ترجحه ظواهر الأخبار)،
…وقال ابن بطال: ( معناه تحسين الصوت به، وإخراج تلاوته من حيز الأخبار والمحادثات، حتى يتميز التالي له من المتحدث، تعظيما في النفوس وتحبيبا إليها)، قال: (وبذلك فسره ابن أبي مليكة وعبد الله بن المبارك والنضر بن شميل(2)(3).
…وقال صاحب له: أي لأبي سلمة، والصاحب هو عبد الحميد بن عبد الرحمن(4)
__________
(1) - الفتح 9/84.
(2) - النضر بن شميل بن خرشة بن يزيد بن كلثوم بن عبدة بن زهير التميمي المازني البصري.
نشأ بالبصرة، وأخذ عن الخليل بن أحمد، وولي قضاء مرو.
له: غريب الحديث، والمدخل إلى كتاب العين.
توفي سنة 204هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 2/212، وبغية الوعاة 404، وكشف الظنون 723.
(3) - نقلا عن الفتح 9/87.
(4) - عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوي، أبو عمر المدني.
استعمله عمر بن عبد العزيز على الكوفة.
روى عن أبيه وابن عباس ومسلم بن يسار الجهني ومقسم مولى ابن عباس ومكحول الشامي. وعنه الزهري وقتادة وجماعة.
توفي بحران في خلافة هشام.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/119، والتقريب رقم 3770.(7/25)
.
…أن يجهر به: ورواه مسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وجزم الحليمي(1) أنه قول أبي هريرة، قال القرطبي:( هذا الأشبه في معناه، لأنه تفسير الصحابي، وهو أعلم بالمقال وأقعد بالحال) هـ،وقال النووي:( هذه الرواية تشهد للقول بأن معنى يتغنى: يحسن به صوته) هـ.
…5024- يستغني به: أي عما سواه من الكتب السماوية، أو عن الإكثار من الدنيا، وبحث في هذا التفسير الإمام الشافعي وأبو عاصم النبيل(2) والطبري والإسماعيلي، وغيرهم.
…قال الطبري: ( لو كان معناه الاستغناء لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى)هـ، وقال الإسماعيلي: ( الاستغناء به لا يحتاج إلى استماع) هـ.
…وقد قيل في معنى الحديث غير ما ذكر، وجمع الحافظ ابن حجر جملة ما قيل فيه بقوله: (يحسن به صوته، جاهرا به، مترنما على طريق التحزن، مستغنيا به عن غيره من الأخبار، طالبا به غنى النفس، راجيا به غنى اليد)(3).
__________
(1) - أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم الحليمي.
قال الحاكم: ( أوحد الشافعيين بما وراء النهر، وأنظرهم بعد أستاذيه أبي بكر القفال وأبي بكر الأودني). توفي سنة 403 هـ.
ترجمته في: البداية والنهاية 11/349، والعبر 3/84، وطبقات الشافعية الكبرى 4/333.
(2) - أبو عاصم الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري، المعروف بالنبيل.
محدث حافظ، ولد بمكة، وسمع الأوزاعي ومحمد بن جعفر الصادق.
وروى عنه البخاري، له جزء في الحديث.
توفي بالبصرة عام 212 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/450-453.
(3) - الفتح 9/88.(7/26)
…تنبيه: قال في الإتقان: ( مسألة: وردت أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة، كحديث الصحيحين: " ما أذن الله لشيء…" إلخ(1)، وأحاديث تقتضي الإسرار وخفض الصوت، كحديث أبي داود والترمذي والنسائي: " الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة"(2)، قال النووي: والجمع بينهما أن الإخفاء أفضل حيث خاف الرياء، والجهر أفضل في غير ذلك، لأن العمل فيه أكثر ، ولأن فائدته تتعدى إلى السامعين، ولأنه يوقظ قلب القارئ ويجمع همه إلى الفكر ، ويصرف سمعه إليه، ويطرد النوم ويزيد في النشاط)(3).
…20- باب اغتباط صاحب القرآن:
…أي غبطته، أي تمني مثل ماله من نعمة القرآن من غير تحويلها عن محلها، وأشار المص رحمه الله إلى تفسير الحسد المذكور في الحديث بالغبطة.
…5025- فقوله: "لا حسد"، أي لا غبطة أعظم أو أفضل من الغبطة في هذين الأمرين. الكتاب: القرآن. وقام به: تلاوة وعملا.
21- باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه:
أي من خيركم.
…5027- أو علمه: "أو" للتنويع، لا للشك. أبو عبد الرحمن: السلمي(4). وذاك: أي الحديث المذكور. الذي أقعدني...إلخ: أي لتعليم الناس القرآن.
__________
(1) - تمامه: (ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به).
(2) - أخرجه الترمذي في ثواب القرآن 20، وأحمد 4/151.
(3) - الإتقان 1/299 ( النوع 35: في آداب تلاوته وتأليفه).
(4) - أبو عبد الله عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي الكوفي.
روى عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحذيفة.
وعنه النخعي وأبو إسحاق السبيعي وسعيد بن جبير وعاصم بن بهدلة.
أقرأ بالمسجد أربعين سنة، كذا قال السبيعي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/183-184.(7/27)
…تنبيه: قال ابن عرفه ما نصه: ( القابسي: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" (1) يشمل الوالد بتعليمه ولده / ولو بأجرة، وقد أجاب ابن سحنون أبا ولد كان يطلب العلم عنده بقوله: إذا توليت العمل بنفسك، ولم تشغل ولدك عما هو فيه، فأجرك في ذلك أعظم من الحج والرباط والجهاد، فإن ترك الأب تعليم ولده القرآن لشح قبح فعله، وإن تركه لقلة عذر، فإن كان للولد مال فلا يدعه دون تعليم وليه أو قاض أو جماعته إن لم يكن قاض، وإن لم يكن له مال توجه حكم الندب على وليه، وأمه الأقرب فالأقرب).
…5029- امرأة: لم تعرف. رجل: لم يسم. أعطها ثوبا: صداقا. سورة كذا...إلخ: هي البقرة والتي تليها كما لأبي داود(2)، أو البقرة وسورة من المفصل كما للدارقطني، أو "إنا أعطيناك الكوثر" كما لأبي الشيخ. بما معك من القرآن: أي بتعليمك إياها ما معك من القرآن، ووجه دخول هذا الحديث هنا أن فضل القرآن ظهر على صاحبه في العاجل بأن قام له مقام المال الذي يتوصل به إلى بلوغ الغرض، وأما نفعه في الآجل فظاهر لاخفاء فيه، نقله في الفتح(3).
…22- باب القراءة عن ظهر القلب:
__________
(1) - هو في صحيح البخاري، وأخرجه كذلك أبو داود في أبواب قراءة القرءان باب في ثواب قراءة القرءان رقم 1452، والدارمي في سننه 2/529.
(2) - في سننه، النكاح رقم 2112.
(3) - الفتح 9/96.(7/28)
…أي حفظا من غير نظر في المصحف، أي مشروعيتها أو استحبابها، واختلف هل الأفضل قراءة القرآن نظرا في المصحف أو قراءته حفظا، وصرح كثير من العلماء بأن قراءته نظرا أفضل، واستدلوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا كفضل الفريضة على النافلة" (1)، وبقوله: " أعطوا أعينكم حظها من العبادة، النظر في المصحف"، ولأن القارئ منه استعمل فيه جوارحه وعينيه وفمه وحجره، ولأنه متمكن من التفكر فيه أكثر من غيره، وبهذا أخذ أكثر السلف ، وحكى بعضهم فيه الإجماع، وقيل قراءته من الحفظ أفضل، واختاره عز الدين بن عبد السلام، قال: لأن فيه من التدبر ما لايحصل من القراءة من المصحف، حكاه الزركشي في البرهان هـ.
وقال النووي في الأذكار: ( قراءة القرآن في المصحف أفضل من قراءته حفظا، هكذا قاله أصحابنا، وهو مشهور عن السلف رضي الله عنهم، وهذا ليس على إطلاقه، بل إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التفكر والتدبر وجمع القلب والبصر أكثر مما يحصل له من القراءة من المصحف، فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا فمن المصحف أفضل، قال: وهذا مراد السلف)، هـ منها، ونقله المناوي وغيره.
…5030- ملكتكها: أي ملكتك عصمتها بالتزويج، فتوافق رواية "زَوَّجْتُكَهَا".
23- باب استذكار القرآن:
أي طلب ذكره، بضم الذال كذا لابن حجر(2)والعيني(3) والسيوطي والقسطلاني(4)، وقال شيخ الإسلام:( أي طلب قارئ القرآن من نفسه ذكره بالمحافظة على قراءته)هـ(5)؛ وفي المصباح: ( ذكرته بلساني وقلبي ذكرى بالتأنيث وكسر الذال، والاسم ذكر بالضم والكسر، نص عليه جماعة، وأنكر الفراء الكسر في القلب، وقال اجعلني على ذكر منك بالضم لا غير) هـ، وفي القاموس: ( الاستذكار الدراسة والحفظ).
__________
(1) - أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن، انظر الفتح 9/97.
(2) - في الفتح 9/98.
(3) - العمدة 20/47.
(4) - في الإرشاد 7/529.
(5) - تحفة الباري 3/171.(7/29)
…وتعاهده: أي محافظته وتجديد العهد به بملازمة تلاوته.
…5031- مثل صاحب القرآن: أي الذي ألفه ولازمه، أي مع القرآن.
…المعلقة: أي مع إبله، والمعقلة المشدودة بالعقال، وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير. أمسكها: استمر إمساكها. أطلقتها: عقلها.
…5032- بئس ما لأحدهم أن يقول ...إلخ: هذا ذم، وسببه ما فيه من الإشعار بعدم الاعتناء بالقرآن، إذ لا يقع النسيان إلا بكثرة التغافل وترك التعاهد، فإذا قال الإنسان نسيت آية كذا وكذا فقد شهد على نفسه بالتفريط، فيكون متعلق الذم ترك الاستنكار والتعاهد لأنه الذي يورث النسيان، قاله القرطبي، وارتضاه ابن حجر مما قيل في ذلك(1).
…الأبي: ( والنهي عن قول / ذلك للتحريم، لأن بئس للذم، والذم خاصيته فعل التحريم).
…كيت وكيت: كلمتان يعبر بهما عن الجمل الكثيرة والحديث الطويل.بل نسي: أي عوقب بالنسيان لتفريطه في تعاهده واستذكاره، قاله القرطبي.واستذكروا القرآن: اطلبوا من أنفسكم تذكره وتعاهده، فالسين للطلب.تفصيا: تفلتا. من النعم: أي الإبل.
…5033- في عقلها: إذا انفلتت منه.
24- باب القراءة على الدابة:
لراكبها، أي جوازها، وكأنه أشار إلى الرد على من كره ذلك.
…25- باب تعليم الصبيان القرآن :
…أي جوازه، بل هو حسن لأنه أدعى إلى ثبوته ورسوخه عنده، كما قيل: " التعلم في الصغر كالنقش في الحجر" (2).
…5035- قال: أي سعيد. وأنا ابن عشر سنين: استشكل هذا بأنه كان عند الوفاة النبوية ابن خمس عشرة سنة، أو أربع عشرة، أوثلاث عشرة، وأجاب القاضي بأن قوله: "وأنا ابن عشر سنين" راجع إلى حفظ القرآن، لا إلى الوفاة النبوية، فالتقدير: توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين، ففيه تقديم وتأخير، قال السيوطي: ( وهو حسن)(3).
__________
(1) - انظر الفتح 9/99.
(2) - كذلك ذكره الحافظ في الفتح 9/103 غير منسوب.
(3) - التوشيح ص: 436.(7/30)
…5036- فقلت: قائله أبو بشر. له: لسعيد(1). قال سعيد. المفصل: وهو من الحجرات إلى الختم، سمي محكما لأنه لم ينسخ منه شيء، ومفصلا لكثرة ما يقع فيه من الفصل بين السور.
26- باب نسيان القرآن:
أي ذمه، أي ذم ما يؤدي إليه من ترك التعاهد، وصرح النووي بأن نسيانه أو نسيان شيء منه كبيرة لحديث أبي داود عن ابن عباس مرفوعا: ( عرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة أو آية أوتيها الرجل ثم نسيها)(2)؛ وعن سعد بن عبادة مرفوعا: ( من قرأ القرآن ثم نسيه، لقي الله وهو أجذم)(3)، وعن أبي العالية(4): ( كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه)(5).
…وقال القرطبي: ( من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظه، فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى يزحزح عنها، ناسب أن يعاقب على ذلك)هـ(6).
…قال الأبي: ( وإذا كان نسيانه حراما، كان تعاهده واجبا، والتعاهد المانع من النسيان كان شيخنا ابن عرفة يقول إنه ختمة في الجمعة، وأما تعاهده بالتدبر فختمة في الشهر، وهذا في الواقع يختلف باختلاف الناس).
…وهل يقول نسيت آية كذا وكذا؟ : تقدم أنه لا يقولها، وأن قولها حرام.
…5037- رجلا: هو عبد الله بن يزيد(7).
…أسقطتها: أي نسيانا.
__________
(1) - هو ابن جبير، وقد تقدم.
(2) - أخرجه أبو داود في الصلاة 16، والترمذي في ثواب القرآن 19.
(3) - أخرجه أبو داود ( الفتح 9/106).
(4) - أبو العالية البراء البصري، اسمه زياد بن فيروز أو ابن أذينة.
روى عن ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأنس.
وعنه بديل بن ميسرة ومطر الوراق ويونس بن عبيد.
وثقه أبو زرعة وابن حبان.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 12/143.
(5) - أورده الحافظ في الفتح 9/106، وقال: ( وإسناده جيد).
(6) - نقلا عن الفتح 9/106.
(7) - عبد الله بن يزيد القارئ الأنصاري.
مشهور بسماع النبي صلى الله عليه وسلم لقراءته كما في حديث البخاري من طرق عدة.
ترجمته في: الإصابة 4/368-369.(7/31)
…5038- من سورة كذا: لم تعرف الآية ولا السورة.
…5039- بل هو نسي: عقوبة له على تفريطه.
…27- باب من لم ير بأسا أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا:
…قال النووي: ( هذا مذهب من يعتد به من العلماء، والإجماع اليوم منعقد عليه، وكان فيه نزاع في العصر الأول، وكان بعضهم يقول: لا يقال سورة كذا، وإنما يقال: السورة التي يذكر فيها كذا، وهذا باطل مردود بالأحاديث الصحيحة واستعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء المسلمين، ولا مفسدة فيه لأن المعنى مفهوم، والله أعلم).
…5040- الآيتان: هما من "ءَامَنَ الرَّسُولُ" إلى آخر / السورة(1).
…كفتاه : عن قيام الليل أو شر الشيطان.
…5041- حروف: وجوه.
…أساوره: آخذ برأسه. على سبعة أحرف: أوجه أو لغات.
…28- باب الترتيل في القراءة:
…أي مطلوبيته على جهة الوجوب أو الاستحباب، وهو القراءة بتأن وتؤدة وتبين حروف. " مُكْث"(2): تؤدة وتثبت.
…أن يُهَذَّ: أي القرآن، كَهَذِّ الشعر: وهذ الشعر الاسترسال في إنشاده من غير تدبر في معانيه، يعني أن هذا المعنى لا ينبغي إلا في الشعر، لا في القرآن.
…القاضي عياض: ( لا خلاف أن الهذ المفضي إلى لف كلماته وعدم إقامة حروفه لايجوز، وبعد إقامتها اختلف، فقال الأكثر الأفضل الترتيل لأنه من تحسين القراءة المأمور به في قوله تعالى: "وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ تَرْتِيلا ً"(3)، ولأنه مظنة التدبر والوقوف عند حدوده، ورجح بعضهم الهذ تكثيرا للأجر بعدد الكلمات، وكان الإمام مالك يرى أنه يختلف باختلاف من يخف عليه الترتيل أو يشق) هـ، نقله الأبي.
__________
(1) - سورة البقرة، الآيتان 285 و286.
(2) - من قوله تعالى: " وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث" -سورة الإسراء الآية 106-.
(3) - سورة المزمل، الآية 4.(7/32)
وقال ابن حجر: ( التحقيق أن لكل من الإسراع والترتيل جهة فضل بشرط ألا يخل المسرع بشيء من الحروف والحركات والسكنات) هـ(1).
…وقال في كتاب الصلاة: ( لا خلاف في جواز السرد بدون تدبر، لكن القراءة بالتدبر أعظم أجرا) هـ.
…وقال ابن الجوزي: ( أحسن بعض أئمتنا فقال إن ثواب الترتيل والتدبر أفضل وأرفع قدرا، وإن ثواب كثرة القراءة أكثر عددا، والأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة أو أعتق عبدا قيمته نفيسة جدا، والثاني كمن تصدق بعدد كثير من الدراهم أو أعتق عددا من العبيد قيمتهم رخيصة) هـ.
…فائدة: قال المناوي في فتح القدير: ( سئل جدي شيخ الإسلام يحيى المناوي(2) هل الاهتزاز في القراءة مكروه أم خلاف الأولى، فأجاب بأنه في غير الصلاة غير مكروه، ولكنه خلاف الأولى، ومحله إذا لم يغلب الحال على القارئ، وأما في الصلاة فمكروه إذا قل، وينبغي إذا كثر أن الصلاة تبطل به، والله أعلم).
" فِيهَا"(3): أي في ليلة القدر.
…"فَرَقْنَاهُ"(4): فصلناه، أنزلناه مفصلا مفرقا في ثلاث وعشرين سنة.
…5043- القرناء: أي النظائر. آل: مقحم.
…5044- "وَقُرْءَانَهُ"(5): أي أن تقرأه.
…29- باب مد القراءة:
…أي مطلوبيتها في حروف المد.
…5045- كان يمد مدا: أي في المحل الذي يستحقه.
…30- باب الترجيع:
__________
(1) - الفتح 9/110.
(2) - يحيى بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن مخلوف بن عبد السلام الحدادي المناوي المصري، أبو زكريا.
نشأ بالقاهرة، وسمع من ولي الدين العراقي وعلي بن الكويك.
له: شرح مختصر المزني، وحاشية على الروض الأنف، والفتاوى. توفي عام 871 هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 1/255، وحسن المحاضرة 1/253، وشذرات الذهب 7/312.
(3) - من سورة القدر، الآية 4.
(4) - من سورة الإسراء، الآية 106.
(5) - من سورة القيامة، الآية 17.(7/33)
…أي في القراءة، أي جوازه، وهو تقارب ضروب حركاتها، وترديد الصوت في الحلق، وقال الشيخ ابن أبي جمرة: ( معناه تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء، لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة).
…5047- وهو يرجع: زاد في التوحيد: يقول ءا ءا ءا، وهو محمول على إشباع المد في موضعه، وأما التطريب فإن كان لا يخرجه عن كونه قرآنا فهو مكروه، وهو معنى قول الشيخ خ: ( وكره قراءة بتلحين)(1)، وإن أخرجه عنه إلى كونه كالغناء بإدخال حركات فيه، أو إخراج حركات منه، أو قصر ممدود، أو مد مقصور، فهو حرام(2).
…قال النووي:( إجماعا)؛ زاد الزرقاني:( ويفسق القارئ به ويأثم المستمع)، قال: (هذا هو المشهور من مذهب مالك، وهو مذهب الجمهور) هـ؛ونحوه للقرطبي في المفهم.
…وزاد السجستاني: ( ويحرم استماع القراءة المذكورة، ويزجر القارئ ويؤدب)هـ /؛
وابن الجزري: ( والقارئ بها ملعون) هـ؛
…والشيخ زكريا: ( ويلعنه الله والملائكة والناس أجمعون).
31- باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن:
…أي تحسين الصوت به مع مراعاة أدائه، وحكى النووي الإجماع على استحبابه.
5048- مزمارا: صوتا حسنا. آل: مقحم. داود: في حسن الصوت، أي داود نفسه.
قال في إكمال الإكمال: ( تحسين الصوت بالقراءة غير قراءة الألحان، فتحسين الصوت تزيينه بالترتيل والجهر والتفخيم والترقيق، وقراءته بالألحان هي قراءته بطريق أهل علم الموسيقى في الألحان، أي في النغم والأوزان) هـ(3).
__________
(1) - مختصر خليل 1/42.
(2) - قال زروق في شرح الرسالة 2/363: ( وأما سماع القرآن باللحون المرجعة كترجيع الغناء فمن أقبح ما يسمع وأبشع ما يسمع لاسيما إذا كان يؤدي لتغيير نظم القرآن أو تضييع حروفه وإبدال بعضها أو إسقاطه).
(3) - إكمال إكمال المعلم للأبي 4/410.(7/34)
…وقال في الإكمال: ( لا خلاف أن تحسين الصوت بالقراءة مشروع مندوب إليه، واختلف في الترجيع والقراءة بالألحان، فكرهه مالك وأكثر العلماء لأنه خارج عما وضع له القرآن من الخشية والخشوع والتفهم، وأجازه بعضهم للأحاديث الواردة في ذلك، ولأنه لا يزيده إلا رقة في النفوس، وحسن موضع في القلوب، وإثارة خشية، وإليه ذهب أبو حنيفة وجماعة من السلف، وقاله الشافعي في التحزين) هـ(1).
…قال الأبي: ( وكذا في الألحان) هـ.
…وقال في المفهم: ( قال الإمام مالك: ينبغي أن ينزه ذكرالله وقراءة القرآن عن التشبيه بأحوال المجون والباطل، فإنها حق وصدق، والغناء هزل ولهو ولعب).
…قال الشيخ: وهذا الذي قاله مالك وجمهور العلماء هو الصحيح بدليل ما ذكر، وبأدلة أخرى، ثم ذكرها فانظره.
…وقال في الفتح: ( حكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القراءة بالألحان، وحكاه أبو الطيب الطبري(2) والماوردي وابن حمدان الحنبلي(3) عن جماعة من أهل العلم، وحكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي والبندنيجي(4)
__________
(1) - نقله الأبي في إكمال الإكمال 4/412.
(2) - أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن عمر الطبري.
قال الخطيب: ( كان أبو الطيب ورعا، عارفا بالأصول والفروع، محققا حسن الخلق، صحيح المذهب)، وقال السبكي: ( فإذا أطلق الشيخ أبو إسحاق وشبهه من العراقيين لفظ القاضي مطلقا في فن الفقه فإياه يعنون)، توفي سنة 450 هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 9/358، والعبر 3/222، وطبقات الشافعية الكبرى 5/12.
(3) - محمد بن أحمد بن علي بن حمدان الخراساني، أبو طاهر.
محدث رحالة، سمع منه أبو سعيد النيسابوري. له طرق حديث الطير.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/291.
(4) - الحسن بن عبد الله البندنيجي الشافعي، أبو علي.
ولد في بندنيج قرب بغداد، وتولى القضاء.
له: كتاب الجامع، وكتاب الذخيرة. توفي عام 425 هـ.
ترجمته في: طبقات الشافعية لابن هداية الله 46، وطبقات الشافعية للسبكي 3/133.(7/35)
والغزالي من الشافعية، وصاحب الذخيرة من الحنفية الكراهة، واختاره أبو يعلى وابن عقيل من الحنابلة، وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين الجواز، وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية، وقال الفوراني(1) - من الشافعية - في الإبانة:"يجوز بل يستحب، ومحل هذا الخلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير قال النووي: أجمعوا على تحريمه") هـ(2).
…وممن جوز القراءة بالألحان الإمام ابن العربي، بل قال إنه سنة، قال: ( وقد استحسنه كثير من فقهاء الأمصار) هـ، ووفق ابن حجر الهيثمي بين القولين فقال: ( الحق أن ما كان طبيعة وسجية كان محمودا، وما كان تكلفا وتصنعا فهو مذموم، وهو الذي كرهه السلف وعابوه) هـ. وقال الشيخ جسوس: ( يتحصل من كلام الأئمة أن تحسين الصوت بمراعاة قوانين النغم مع المحافظة على الأداء هو محل النزاع، فمن العلماء من رأى أن النفس تميل إلى سماعه أكثر من ميلها لغيره فقال بجوازه بل بطلبه واستحبابه، ومنهم من رأى أنه خلاف ما كان عليه السلف، وأن القارئ على هذا الوجه / ربما غفل عن وجه الأداء، فقال بعدم الجواز سدا للذريعة، وأما تحسين الصوت بالقرآن من غير مراعاة قوانين النغم فهو مطلوب بلا نزاع).
…32- باب من أحب أن يسمع القرآن من غيره:
…وللكشميهني: القراءة(3).
…5049- عبد الله:هو ابن مسعود،وإنما خصه بذلك لعدم حضور غيره أو أعلم منه.
__________
(1) - عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران الفوراني المروزي الشافعي، أبو القاسم.
تفقه على القفال، وعنه عبد الرحمن المتولي وغيره.
له: الإبانة والعمدة وأسرار الفقه. توفي بمرو عام 461 هـ.
ترجمته في:وفيات الأعيان1/347،وطبقات الشافعية للسبكي 3/223،وشذرات الذهب 3/309،وطبقات الشافعية لابن هداية الله 56.
(2) - الفتح 9/89.
(3) - كذلك في الفتح 9/115.(7/36)
…آقرأ عليك وعليك أنزل؟!: الأبي: ( انظر ما الذي توهم حتى قال ذلك، فيحتمل أنه فهم أنه أراد بقراءته عليه الاتعاظ، فقال: أتتعظ بقراءتي وعليك أنزل، لا أنه التعلم).
…أحب أن أسمعه من غيري: ليكون عرض القرآن على الغير سنة، ولأن المستمع أقوى على التدبر من القارئ، لاشتغاله بالقراءة وأحكامها.
…33- باب قول المقرئ: حسبك
…أي يكفيك ما قرأت، فأمسك عن القراءة.
…5050- تذرفان: دموعا لفرط رأفته - صلى الله عليه وسلم -، ومزيد شفقته على أمته.
…34- باب في كم يقرأ القرآن؟
…أي في كم مدة يقرأ كله ويختم.
…وقول الله: " فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ "(1): هذا من قبيل الترجمة، وكأنه أشار إلى الرد على من قال: أقل ما يجزئ من القرآن في كل يوم وليلة جزء من أربعين جزءا من القرآن، وهو منقول عن إسحاق بن راهوية وأحمد.
…5051- كم يكفي الرجل من القرآن؟: في صلاته.
…أقل من ثلاث آيات: هي سورة الكوثر.
…لا ينبغي لأحد أن يقرأ - أي في الصلاة - أقل...إلخ: ومذهب المالكية تكفيه آية واحدة. كفتاه: عن قيام الليل.
5052- امرأة: هي أم محمد(2). كنته: زوجة ابنه. لم يطأ لنا فراشا: أي لم يضاجعنا .
…كنفا: سترا، وكنت بذلك عن تركه لجماعها. طال عليه : على عمرو.
…أفطر يومين وصم يوما: لعله وقع هنا تقديم وتأخير من الراوي، لأن صيام ثلاثة أيام من الجمعة أكثر من فطر يومين وصيام يوم، والمقصود تدريجه من الصيام القليل إلى الكثير(3).
…يعرضه من النهار: ليستذكر ما يقرأ به في قيام الليل خشية أن يكون خفي عليه منه شيء بالنسيان. وأحصى: عدد أيام الإفطار. وقال بعضهم: أي الرواة.
__________
(1) - سورة المزمل، الآية 20.
(2) - هي أم محمد بنت محمية بن جزء الزبيدي حليف قريش، ذكرها الزبير وغيره، كذا قال الحافظ في الفتح 9/117.
ولم يترجم لها في الاستيعاب، ولا في الإصابة.
(3) - نقلا عن الفتح 9/118.(7/37)
…في سبع ولا تزد على ذلك: والنهي للإرشاد لا للتحريم، وأخذ من مجموع ما ذكره المص أن أقل ما يقرأ من القرآن كل يوم آيتان، وأكثر ما يختم فيه سبعة أيام أو خمسة أو ثلاثة.
…وفي الرسالة لابن أبي زيد: ( ومن قرأ القرآن في سبع فذلك حسن، والتفهم مع قلة القرآن أفضل،وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقرأ القرآن في أقل من ثلاث) هـ(1)،وقال النووي: (أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والله أعلم) هـ.
…وقد كان بعضهم يختم في اليوم والليلة ختمة، وبعضهم ثلاثا، وبعضهم أربعا بالنهار وأربعا بالليل، وبعضهم خمس عشرة ختمة بينهما، وحكي عن سيدي عمرو الحصيني دفين مكناسة أنه كان يختم بين صلاة المغرب ودخول وقت العشاء ختمة بحيث يكون فراغه منها مع سماع مؤذن العشاء، وذلك كله من طي الزمان، والله يهب ما يشاء لمن يشاء(2).
…35- باب البكاء عند قراءة القرآن:
…أي مشروعيته.
…قال النووي: ( البكاء عند سماع القرآن صفة العارفين وشعار / الصالحين، قال تعالى: "يَخِرُّونَ لِلاَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا"، "خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا") هـ(3).
…وقال ابن غازي: ( البكاء فعل السلف، وأما الصعق فسئل ابن سيرين عمن يصعق عند قراءة القرآن، فقال: ميعاد بيننا وبينه أن يجلس على حائط، ثم يقرأ عليه القرآن كله، فإن وقع فهو كما قال) هـ، أي فهو صادق.
…5055- عن سفيان: الثوري، وهو ابن سعيد بن مسروق.
__________
(1) - الرسالة ص: 148 ( باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر).
(2) - هذه الحكاية منكرة، وتردها روايات صحيحة، منها:
- " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث " - الترمذي وأبو داود-،
- " اقرأ في كل سبع ليال مرة " - البخاري -،
إضافة إلى استحالة الإتيان بالقراءة مجودة متقنة في هذا الوقت القصير.
(3) - نقلا عن الفتح 9/121.(7/38)
…وعن أبيه: الضمير يعود على سفيان، يعني أنه روى الحديث عن الأعمش وعن أبيه بسنديهما لعبد الله، قاله القاضي.
…تذرفان: دموعا رحمة لأمته.
36- باب من رايا بقراءته القرآن:
من الرياء، أو تأكل به: طلب الأكل من الناس. أو فجر به: من الفجور، أي بيان إثم من فعل واحدا من ذلك.
…5057- في آخر الزمان: أي زمن الصحابة. قوم حُدَثَاء الأسنان: عنى بهم الخوارج.
…سفهاء الأحلام: ضعفاء العقول. من خير قول البرية: الكرماني: ( هذا من باب القلب، أو معناه: خير من قول البرية، أي من كلام الله، وهو المناسب للترجمة، أو خير أقوال الخلق، أي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(1).
…يمرقون يخرجون، من الرمية: الصيد المرمي، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم: أي لاتفقهه قلوبهم، ولا يعملون به، ولا تنفعهم قراءتهم فلا تصعد في جملة الكلم الطيب.
…5058- تنظر في النصل: حديدة السهم، أي هل ترى فيه شيئا من أثر الصيد؟
في القدح: السهم الذي يرمى به. في الريش: سهام صغار بجانبي السهم. وتتمارى: تشك. في الفوق: هو موضع الوتر من السهم، أي تشك هل فيه شيء من أثر الصيد، يعني كما نفذ السهم في الصيد المرمي ولم يتعلق به شيء منه، كذلك قراءتهم لايحصل لهم منها شيء.
…5059- وريحها مر: قال في المشارق: ( كذا لجميعهم، وهو وهم، والصواب ما وقع في غير موضع من الصحيحين في غير هذا الباب: ولا ريح لها).
__________
(1) - الكواكب الدراري 19/49.(7/39)
…قال في الفتح: ( مناسبة هذين الحديثين للترجمة أن القراءة إذا كانت لغير الله فهي للرياء أو للتأكل بها، ونحو ذلك، فالأحاديث الثلاثة دالة لأركان الترجمة، لأن منهم من رايا به، وإليه الإشارة في حديث أبي موسى، ومنهم من تأكل به، وهو مخرج من حديثه أيضا، ومنهم من فجر به، وهو مخرج من حديث علي وأبي سعيد، وقد أخرج أبو عبيد في فضائل القرآن عن أبي سعيد رفعه: " تعلموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرأ لله")هـ(1).
37- باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم:
…أي اجتمعت واتفقت.
…5060- فإذا اختلفتم فقوموا عنه: لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر.
…قال النووي: ( الأمر بالقيام عند الاختلاف في القرآن محمول عند العلماء على اختلاف لايجوز، أو اختلاف يوقع فيما لايجوز، كاختلاف في نفس القرآن، أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو اختلاف يوقع في شك أو شبهة أو فتنة أو خصومة أو شجار ونحو ذلك، وأما الاختلاف في استنباط فروع الدين منه، ومناظرة أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق، فليس منهيا عنه بل هو مأمور به، وفضيلته ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من الصحابة إلى الآن) هـ، وقال ابن بطال: ( أمرهم بالقيام عند الاختلاف، ولم يأمرهم بترك قراءة القرآن إذا اختلفوا في تأويله، لإجماع الأمة على قراءة القرءان لمن فهمه ولمن لم يفهمه).
…5061- سمعت جندبا قوله(2): أي موقوفا عليه لم يرفعه.
…عن عمر: ابن الخطاب. وجندب أصح وأكثر: إسنادا، يعني أن الذين رفعوه ثقات حفاظ، فالحكم لهم، وأما رواية ابن عون(3)
__________
(1) - الفتح 9/124.
(2) - جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي، أبو عبد الله.
يقال له جندب الخير وجندب الفاروق.
ترجمته في: الإصابة 1/ 509-510، والاستيعاب ص: 256.
(3) - عبد الله بن عون بن أرطبان، المزني مولاهم، أبو عون البصري.
رأى أنس بن مالك، وروى عن محمد بن سيرين والنخعي والحسن البصري والشعبي، وعنه الأعمش والثوري وشعبة والقطان وابن المبارك ووكيع وابن علية. قال ابن المديني: ( جمع لابن عون من الإسناد مالم يجمع لأحد من أصحابه). مات عام 151 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/346-349.(7/40)
فشاذة (1).
…5062- رجلا: قيل هو أبي بن كعب.
…فاقريا: كذا وقع في أصل ابن سعادة بخطه، ولعل الياء بدل من الهمزة، أو صورت لها على غير المعروف، قاله العارف.
تنبيهات:
…الأول: ذهب جمهور العلماء إلى جواز تلاوة القرآن جماعة، وكرهه الإمام مالك في المدونة، لكن جرى العمل عند اتباعه بجوازه كما في المعيار وغيره، ونص المعيار: ( قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه"(2)، قال الإمام المازري: ظاهره / يبيح الاجتماع لقراءة القرآن في المساجد وإن كان مالك قد كره ذلك في المدونة، ولعله إنما قال ذلك لأنه لم ير السلف يفعلونه مع حرصهم على الخير، قال بعض الشيوخ: ولعله من البدع الحسنة كقيام رمضان وغيره، وقد جرى الأمر عليه ببلدنا بين أيدي العلماء، والأمر فيه خفيف؛ قلت: وجرى الأمر عليه بالمغرب كله، بل وبالمشرق فيما بلغنا ولا نكير، وما هو إلا من التعاون على البر وعمل الخير، ووسيلة لنشاط الكسلان، وقد نصوا على أن حكم الوسائل على حكم المتوسل إليه)، هـ كلام المعيار(3).
…وإليه أشار صاحب العمل بقوله:
والذكر مع تلاوة القرآن - جماعة شاعت مدى أزمان.
…وقال سيدي محمد بن عباد(4)
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/126.
(2) - أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل الاجتماع على تلاوة القرءان وعلى الذكر، وابن ماجه في فضائل أصحاب رسول الله باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، وابن حبان في صحيحه 3/136، وابن أبي شيبة في المصنف 6/60.
(3) - المعيار للونشريسي 1/155.
(4) - محمد بن علي بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك بن عباد النفزي الرندي المالكي الصوفي.
له: التنبيه في شرح الحكم العطائية. توفي عام 810 هـ.
ترجمته في: هدية العارفين 1/728.(7/41)
: ( إن قراءة الحزب جماعة من روائح الدين التي يتعين التمسك بها لذهاب حقائق الديانة في هذه الأزمنة، وإن كان بدعة فهو مما اختلف فيه، وغاية القول فيه الكراهة فصح العمل به على قول من يقول به) هـ.
…الثاني: قال أبو عبد الله الأبي: ( انظر ما يتفق في الإيقافات على اجتماع القراء لقراءة الحزب مضى العمل ببلاد إفريقية عليه، وعلى تنفيذ الوصية به، وقد فعله الشيخ رضي الله عنه - يعني ابن عرفة - لنفسه ولزوجته، واختلف جوابه لمن يكون ثواب التلاوة التي هي الحرف بعشر، فقال مرة هي للقراء، وإنما يكون للمحبس ثواب الإعانة على قراءة القرآن، وثواب التسبب في إدامة حفظه، وكان قبل هذا يقول إن الثواب في ذلك إنما هو للمحبس)هـ.
…الثالث: قال الإمام محيي الدين النووي: ( يجب على القارئ مراعاة الأدب مع القرآن، وأول ما يجب عليه الإخلاص، وينبغي أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى، ويقرأ على حال من يرى الله تعالى، فإنه إن لم يكن يراه فإن الله تعالى يراه)، قال: (ويستحب أن يقرأ على طهارة، فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين) هـ.
وقال في الرسالة: ( ولا ينبغي أن يقرأ في الحمام إلا بالآيات اليسيرة ولا يكثر، ويقرأ الراكب والمضطجع والماشي من قرية إلى قرية، ويكره ذلك للماشي إلى السوق، وقد قيل إن ذلك للمتعلم واسع)(1).
67- " كتاب النكاح "
…قال في العارضة: ( النكاح ركن من أركان المصلحة في الخلق، شرعه الله طريقا لنماء الخلق، وجعله شرعة من دينه ومنهاجا من سبيله) هـ.
__________
(1) - الرسالة ص: 148 ( باب في السلام والاستئذان والتناجي والقراءة والدعاء وذكر الله والقول في السفر).(7/42)
…وهو مما امتن الله به على خلقه، وجعله سببا للتناسل، حتى ألهمه الحيوانات العجم التي لا تفقه شيئا، والأصح أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء، لكثرة وروده في الكتاب والسنة للعقد، حتى قيل إنه لم يرد في القرآن إلا للعقد، حتى في قوله: "حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ"(1)، لأن شرط الوطء في التحليل إنما ثبت بالسنة، وله أسماء عديدة جمعها ابن القطاع(2) فزادت على الألف، قاله ابن حجر(3).
1- باب الترغيب في النكاح:
…أي مطلوبيته والحث عليه.
…" فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ "(4): ما بمعنى من، والأمر فيه للطلب، وأقل درجاته الندب، فثبت الترغيب، والنكاح تعرض له الأحكام الخمسة.
…قال في إكمال الإكمال: ( ابن بشير(5): نوعه بعضهم إلى الأحكام الخمسة، فقال: إن خاف العنت وجب، وإن خاف الضرر بالمرأة لعجزه عن الوطء أو عن مطلق النفقة إلا من حرام، وإن تشوف إليه وتشوش عليه فعله إن تركه ندب، وإن لم تكن له حاجة وقدر على التعفف وتزويجه يضيف عليه كره، وإن استوت حاله أبيح) هـ.
…ابن رشد: ( إن خاف عدم الوفاء بواجبه كره، والقول بندبه مطلقا لا يصح) هـ.
…الأبي: ( والصورة التي يجب فيها إنما ذلك إذا لم يعفه الصوم أو التسري).
…اللخمي(6)
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 230.
(2) - أبو القاسم علي بن جعفر بن علي بن القطاع السعدي.
أديب لغوي، ولد بصقلية وأقام بمصر.
له: كتاب الأفعال، والشافي في علم القوافي، وتاريخ صقلية.
توفي سنة 515هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/427، وشذرات الذهب 4/45، وبغية الوعاة 331.
(3) - الفتح 9/128.
(4) - سورة النساء، الآية 3.
(5) - أبو طاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي.
تفقه على أبي الحسن اللخمي، وكان حافظا للمذهب المالكي.
له :كتاب جامع الأمهات، والأنوار البديعة إلى أسرار الشريعة.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/256، وشجرة النور الزكية 1/126.
(6) - أبو الحسن علي بن محمد اللخمي.
تفقه بابن محرز وأبي إسحاق التونسي، وتفقه به جماعة منهم المازري وأبو الفضل النحوي.
له: التبصرة حاذى به المدونة وخرجت اختياراته عن المذهب. توفي سنة 478 هـ بسفاقس.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/104-105، وشجرة النور الزكية 1/117.(7/43)
: ( والمرأة في انقسام النكاح في حقها كالرجل إلا في التسري لامتناعه عليها) هـ.
…5063- رهط: اسم جمع لا واحد له من لفظه، وهم علي بن أبي طالب وعبدالله بن عمرو بن العاصي وعثمان بن مظعون.
…تقالوها: عدوها قليلة. قد غفر الله له... إلخ: أي حال بينه وبين الذنب فلم يقع منه أصلا. ولا أفطر: أي سوى العيدين وأيام / التشريق.
…فمن رغب: أعرض. عن سنتي: طريقتي. فليس مني: على منهجي وشريعتي، وقال الشيخ زكريا: ( "من" هذه تسمى اتصالية، أي فليس متصلا بي ولا قريبا مني، وفيه إشارة إلى أن المقتصد في العبادة أخشى لله وأتقى من المشدد فيها، لأن المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد، وخير العمل مادام عليه صاحبه وإن قل)(1).
2- باب قول النبي صلى الله عليه: من استطاع الباءة:
أي الجماع بقدرته على مؤن النكاح، فليتزوج: حمله داود(2) على الوجوب، والمشهور من مذهب فقهاء الأمصار أنه مستحب.
…المازري: ( والمذهب أنه مندوب، وقد يعرض له الوجوب وغيره)(3).
…فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج: أصون له.
…وهل يتزوج من لا أرب: حاجة، له في النساء: أم لا.
…5065- فخليا: للأصيلي: فخلوا، ابن التين: ( وهو الصواب). تعهد: من شبابك.
…الشباب: جمع شاب، وهو من بلغ الأربعين.
…قال تقي الدين: ( خاطب الشباب بناء على الغالب لقوة الداعي فيهم بخلاف الشيوخ، والمعنى معتبر إذا وجد في الشيوخ)(4).
__________
(1) - تحفة الباري 3/176.
(2) - أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني، الإمام المشهور بالظاهري.
قال ابن خلكان: ( كان زاهدا متقللا كثير الورع، وكان صاحب مذهب مستقل). توفي سنة 270 هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 8/369، ووفيات الأعيان 2/255، وتذكرة الحفاظ 2/572.
(3) - المعلم لفوائد مسلم 2/128.
(4) - النكت ص: 326.(7/44)
…فعليه بالصوم: الأبي: ( كان حق الظاهر في الأصل أن يقول فعليه بالجوع والإقلال فيما يزيد في الشهوة وطغيان الماء، ولكن عدل إلى الصوم لأنه عبادة برأسه، وليؤذن أن المطلوب من الصوم إنما هو الجوع، وإلا فكم من صائم يملأ وعاءه).
…وجاء: أصله رض الأنثيين لتذهب شهوة الجماع، أطلق على الصيام لمشابهته له في قمع الشهوة، وقال العلماء: ( الصوم يثير الحرارة، فإذا دام سكنت).
3- باب من لم يستطع الباءة فليصم:
لتنقطع شهوته.
…5066- وجاء: قاطع للشهوة.
…قال في الروضة: (فإن لم ينكسر به، أي بالصوم، لم يكسرها بكافور ونحوه، بل ينكح)(1).
قال ابن الرفعة(2) نقلا عن الأصحاب: ( لأنه نوع من الاختصاء)، نقله القسطلاني(3).
…وقال القاضي عياض: ( قال الخطابي: في الحديث جواز معالجة قطع النكاح بالأدوية)(4).
…قال الأبي: ( قلت: قال ابن بزيزة (5): فيما قاله نظر، فإن لقائل أن يقول قطعه بالصوم فيه قطع عبادة بعبادة، بخلاف قطعه بالعلاجات الطبية) هـ.
…وقال ابن حجر: ( ينبغي أن يحمل كلام الخطابي على دواء يسكن الشهوة دون مايقطعها أصالة، لأنه قد يقدر بعد فيندم)(6).
4- باب كثرة النساء:
أي مطلوبيتها لمن قدر على مؤنهن والعدل بينهن.
__________
(1) - الروضة 7/18.
(2) - أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع بن حازم بن الرفعة الأنصاري المصري.
تولى حسبة مصر القديمة.
له: الرتبة في الحسبة، ومطالب المعاني في شرح وسيط الغزالي .
توفي سنة 710هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة ، وطبقات الشافعية للسبكي 5/178، والبدر الطالع 1/115.
(3) - انظر الإرشاد 8/7.
(4) - نقله من الفتح 9/138.
(5) - عبد العزيز بن إبراهيم القرشي التميمي، المعروف بابن بزيزة.
فقيه من أعيان المذهب المالكي، اعتمد خليل ترجيحه في الموضح. توفي سنة 673هـ.
ترجمته في: الفكر السامي 2/232، ونيل الابتهاج 172، وشجرة النور الزكية 190.
(6) - الفتح 9/137.(7/45)
…5067- بسرف: موضع بينه وبين مكة اثنا عشرميلا، وكان - صلى الله عليه وسلم - بنى بها فيه، ودفنت في الظلة التي بنى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها.
…تسع: أي تسع نسوة، أي عند موته، وهن سودة وعائشة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش(1) وأم حبيبة وجويرية(2) وصفية وميمونة.
…قال ابن حجر: ( هذا ترتيب تزويجه إياهن رضوان الله عليهن)(3).
…لواحدة: هي سودة، لأنها وهبت نوبتها لعائشة، وفيه إشارة إلى أن ميمونة ممن كان يقسم لهن - صلى الله عليه وسلم -.
…5069- فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء: يعني به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجعله داخلا في لفظ الأمة، أي فيكون أسوة في ذلك، وقيل المعنى خير أمة محمد من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه في ما عدا ذلك من الفضائل، وعلى المعنى الأول اقتصر القاضي في المشارق، والعراقي في تخريج أحاديث الإحياء، والكرماني في الكواكب(4)، وهو الذي استظهره ابن حجر في الفتح(5)، ورجحه السيوطي في التوشيح(6).
__________
(1) - زينب بنت جحش الأسدية أم المؤمنين، زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
نزلت بسببها آية الحجاب. قال ابن عبد البر: كان اسمها برة، فلما دخلت على رسول الله سماها زينب.
كانت طويلة اليد بالصدقة، ووصفتها عائشة في حديث الإفك بالوصف الجميل، وأن الله عصمها بالورع.
ترجمتها في: الإصابة 7 /667( 670، والاستيعاب ص: 1849.
(2) - جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن جذيمة الخزاعية المصطلقية.
كانت من سبي غزوة المريسيع، ثم تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أدى عنها كتابتها.
ترجمتها في: الإصابة 7/565( 567، والاستيعاب ص: 1804.
(3) - الفتح 9/140.
(4) - الكواكب الدراري 19/59.
(5) - الفتح 9/142.
(6) - التوشيح ص: 438.(7/46)
…قال ابن حجر: ( والذي يتحصل من كلام أهل العلم في استكثاره - صلى الله عليه وسلم - من النساء عشرة أوجه، أولها: كثرة من يشاهد أحواله الباطنية فينتقي عنه ما يظن به المشركون من أنه ساحر أو غير ذلك)، وانظر بقيتها في الفتح(1).
5- باب من هاجر أو عمل خيرا:
من صلاة وصيام ونحوها، لتزويج امرأة: أي ليجعلها زوجة لنفسه، فله ما نوى: من ذلك العمل.
…5070- بالنية: أي صحته بالنية، وإنما لامرئ ما نوى: هذه الجملة غير الأولى، فإن الأولى نبهت على أن الأعمال لا تصير حاملة للثواب والعقاب إلا بالنية، والثانية نبهت أن العامل لا يحصل له إلا ما نواه.
…فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله: نية وقصدا، فهجرته إلى الله ورسوله: حكما وشرعا.
…يصيبها: يحصلها، أو امرأة: خاص بعد عام، فهجرته إلى ما هاجر إليه: من الدنيا والمرأة حكما وشرعا.
…ابن حجر: ( ما ترجم به من الهجرة منصوص في الحديث، ومن عمل الخير مستنبط لأن الهجرة من جملة أعمال الخير، ويدخل فيه ما وقع من أم سليم(2) في امتناعها من التزويج بأبي طلحة حتى يسلم، فأسلم فكان ذلك مهرها كما أخرجه النسائي عن أنس، ووجه دخوله أن أم سليم رغبت في تزويج أبي طلحة، ومنعها من ذلك كفره، فتوصلت إلى بلوغ غرضها ببذل نفسها، فظفرت بالخيرين)(3).
6- باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام:
…أي فقط، وليس له من المال شيء.
…فيه سهل(4): أي حديثه المار في باب القراءة عن ظهر القلب.
__________
(1) - الفتح 9/142.
(2) - أم سليم بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية، اشتهرت بكنيتها.
أسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، ولدت أنس بن مالك في الجاهلية، وولدت من أبي طلحة، وقرأ القرآن منهم عشرة.
ترجمتها في: الإصابة 8/227( 230، والاستيعاب ص: 1940.
(3) - الفتح 9/143.
(4) - سهل بن سعد، وتقدمت ترجمته.(7/47)
…5071- فنهانا عن ذلك: ( لما فيه من الضرر، ووكلهم إلى التزويج /، ولو كان المعسر لا يتزوج وهو ممنوع من الاختصاء لأدى إلى تكليف ما لا يطاق، وبهذا تحصل المطابقة)، قاله الزركشي(1)، ونحوه لابن المنير؛ زاد ابن حجر: ( وكان كل منهم لابد وأن يكون حفظ شيئا من القرآن، فتعين التزويج بما معهم من القرآن)(2).
7- باب قول الرجل لأخيه: انظر أي زوجتي شئت حتى أنزل لك عنها:
بأن أطلقها وتتزوجها أنت إذا حلت، أي جواز ذلك.
وانظر أي زوجتي...إلخ: قال المهلب: ( فيه جواز عرض الرجل امرأته على الرجل الصالح، وأنه لا بأس أن ينظر الرجل المرأة قبل أن يتزوجها، وفيه المواعدة بطلاق المرأة لمن يحب أن يتزوجها، وفيه تنزه الرجل عما يبذل له ويعرض عليه من المال وغيره، وأخذه بالشدة على نفسه في أمر معاشه) هـ، نقله ابن بطال.
…5072- وضر: لطخ. مهيم؟: ما هذا أو ما شأنك؟. وزن نواة من ذهب: صرفها خمسة دراهم. أولم: ندبا.
8- باب ما يكره من التبتل:
أي الانقطاع عن النكاح وتوابعه من الملاذ إلى العبادة(3)، والخصاء: ( هو الشق عن الأنثيين وإزالتهما، وأما يقوم مقامه من كل قاطع للشهوة بالمعالجة، وحكم التبتل الكراهة إن أفضى إلى التنطع وتحريم ما أحل الله، وإلا فلا كراهة فيه)، قاله ابن حجر(4).
…وحكم الخصاء الحرمة، قال الشيخ عبد الباقي: ( وحرم خصي آدمي إجماعا، وكذا جبه، وجاز خصاء بغال وحمير، وفي الحديث النهي عن خصي الخيل، فقيل النهي للتحريم، وجاز خصي مأكول لحم من غير كراهة لما فيه من صلاح لحمه).
5073- رد رسول الله صلى الله عليه على عثمان(5) التبتل:
أي اعتقاد مشروعيته وفعله.
__________
(1) - في التنقيح ص: 212.
(2) - الفتح 9/144.
(3) - باللفظ من الفتح 9/146.
(4) - في الفتح 9/146.
(5) - عثمان بن مظعون، وتقدمت ترجمته.(7/48)
…ولو أذن له فيه: أي التبتل، لاختصينا: أي فعلنا فعل من يختصي بأن نتسبب في إزالة الشهوة، وليس المراد إخراج الخصيتين لأنه حرام، أو هو على ظاهره، وكان ذلك قبل النهي عن الاختصاء، وقوله "لاختصينا" هو أبلغ من قوله "لتبتلنا".
…5074- رد ذلك:أي التبتل. فنهانا عن ذلك: نهي تحريم لما فيه من تعذيب النفس.
…5075- تنكح المرأة بالثوب:يعني أو غيره،نكاح متعة إلى أجل، أي ثم نسخ ذلك.
…5076- العنت: الزنا. ولا أجد...إلخ: زاد أبو نعيم: ( فائذن لي أختصي).
…جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَق: أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ، فبقي القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه، لفراغ ما كتب به.
…قال القاضي عياض: ( كتاب الله ولوحه وقلمه من غيب علمه الذي نؤمن به ونكل علمه إلى الله) هـ.
…وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: ( قوله: جف…إلخ، إشارة إلى ما وقع منه بعد ذلك من التزوج والأولاد حتى إنه زفت إليه بكران في ليلة حين كان أميرا على حمص).
…فاختص على ذلك: أي حال استعلائك على العلم بأن كل شيء بقضاء الله وقدره، فالجار والمجرور متعلق بمحذوف، أو ذر: أي اترك، والأمر للتهديد، كقوله تعالى: "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُومِن وَّمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"(1).
__________
(1) - سورة الكهف، الآية 29.(7/49)
…تنبيه: قال الإمام ابن بطال في شرحه: ( التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون ما كان عزم عليه من ترك النساء والطيب، وأكل ما يلتذ به مما أحله الله لعباده من الطيبات، وهو الترهب، فأنزل الله تعالى في النهي عن ذلك: " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ" الآية (1) ، روي هذا عن ابن عباس وجماعة، فلا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحله الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح، خاف على نفسه بتحريم ذلك العنت والمشقة، أو أمنه لرد النبي - صلى الله عليه وسلم - التبتل على عثمان بن مظعون، فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب عباده إليه وعمل به رسوله - عليه السلام - وسنة لأمته، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون، إذ كان خير الهدي هدي نبينا - عليه السلام -، وإذا كان ذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان إذا قدر على لبس ذلك من حله، وآثر أكل الفول والعدس على أكل خبز البر والشعير، وترك أكل اللحم والودك حذرا عن عارض الحاجة إلى النساء، فإن ظن ظان أن الفضل في غير الذي قلناه لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس، وصرف فضل ما بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة، فقد ظن خطأ، وذلك أن أولى للأجسام بالمرء وأصلحها أعونها له على طاعة ربه، ولا شيء أضر على الجسم من المطاعم الرديئة، لأنها مفسدة لعقله ومضعفة لذاته التي جعلها الله سببا إلى طاعته)، هـ منه بحرفه.
__________
(1) - سورة المائدة، الآية 87.(7/50)
…وقال القرطبي في تفسيره: ( نهينا عن التبتل، قال المهلب: إنما نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التبتل والترهب من أجل أنه مكاثر بأمته الأمم يوم القيامة، وأنه في الدنيا مقاتل بهم الكفار، وفي آخر الزمان يقاتلون الدجال، فأراد - صلى الله عليه وسلم - أن يكثر النسل) هـ منه(1)؛ لكن قال القرطبي في المفهم: ( ما دلت عليه الأحاديث من راجحية النكاح هو أحد قولين، وهذا حين كان في النساء المعونة على الدين والدنيا، وقلة التكلف والشفقة على الأولاد، وأما في هذه الأزمنة فنعوذ بالله من الشيطان والنسوان، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد حلت العزبة والعزلة، بل وتعين الفرار منهن، ولا حول ولا قوة إلا بالله) هـ، ونقله الأبي في إكمال الإكمال وأقره.
9- باب نكاح الأبكار:
أي مطلوبتيه وندبه.
…5077- في الذي لم يرتع منها: زاد أبو نعيم: ( فأما هيه)، وفي هذا الكلام غاية بلاغة عائشة رضي الله عنها وحسن تأديتها للمعنى.
…5078- رجل: ملك. سرقة: إن يكن هذا من عند الله يمضه: من الإمضاء، يعني إن كانت هذه الرؤية على ظاهرها لا تحتاج لتأويل أمضاها سبحانه، فمن ثم عبر بأن التي للشك، وح فلا يشكل مع قوله: " رؤيا الأنبياء وحي" وقيل إنه - صلى الله عليه وسلم - رآها قبل النبوة.
10- باب الثيبات:
أي جواز نكاحهن.
…لا تعرضن علي بناتكن: يؤخذ منه أنها كانت ثيبا.
…5079- غزوة: تبوك. قطوف: بطيء السير. حتى تدخلوا ليلا: يعارض هذا الحديث الآتي: " لا يطرق أحدكم أهله ليلا"، وجمع بينهما بجعل هذا على من علم خبر مجيئه نهارا فيؤخر إلى الليل، والآتي على بغتة يؤخر إلى النهار.
…الشعثة: المنتشرة الشعر/. وتستحد المغيبة: من غاب عنها زوجها، أي تزيل شعر وسطها بما هو معتاد عند النساء في ذلك، وتتزين لزوجها.
__________
(1) - الجامع لأحكام القرءان 6/262.(7/51)
…5080- وللعذارى: أي الأبكار. ولعابها: بكسر اللام، مصدرالملاعبة، وللمستملي بضمها، والمراد به الريق، وفيه إشارة إلى مص لسانها ورشف ريقها، وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل.
…تلاعبها وتلاعبك(1): وفي الطبراني أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل مثل ما قال لجابر، وزاد: (وتعضها وتعضك).
…قال الإمام ابن العربي: ( ما أحسن الهدي الشرعي، وأقبح النسك الأعجمي، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحض على اللعب مع الأبكار، ويقول: أين أنت من العذارى ولعابها، فأراد الجاهلون نسك عيسى، أما وحق الحق لولا فساد الزمان لحكمت بتحريم ذلك الفعل، ولكن هذا زمان عيسى في العزلة عن الخلق والترهب للحق )، هـ من عارضته.
…وقال المناوي: ( أفاد الحديث ندب تزويج الأبكار، وملاعبة الرجل امرأته، وملاطفتها ومضاحكتها وحسن العشرة) هـ.
…11- باب تزويج الصغار من الكبار:
…أي تزويج النساء الصغار من الرجال الكبار في السن.
…ابن بطال: ( هو جائز إجماعا، ولو كن في المهد).
…5081- خطب عائشة: وكانت بنت ست سنين، وكان هو - صلى الله عليه وسلم - يزيد على خمس وأربعين سنة.
12-باب إلى من ينكح:
أي المتزوج، أي باب ذكر أنواع المناكح، وأي النساء خير وما يستحب لأجل أن يتخير من النساء لنطفه من غير إيجاب في الأمور الثلاثة.
…5082- خير نساء ركبن الإبل: كناية عن نساء العرب. صالح نساء قريش: المراد صلاح الدين وحسن معاشرة الزوج وغير ذلك، وإذا فضلت نساء قريش نساء العرب، فضلت جميع الأمم لأفضلية العرب على غيرهم.
…أحناه: من الحنو بمعنى الشفقة، على ولد في صغره: أي أكثرهن شفقة وعطفا على أولادهن الصغار، فلا يتزوجن عليه إذا مات آباؤهم.
…وأرعاه: أحفظه وأصونه، وذكر الضمير فيهما باعتبار الجنس.
…على الزوج في ذات يده:أي في ماله،أو هوكناية عن البضع الذي يملك الانتفاع به.
__________
(1) - أخرجه كذلك أبو داود في النكاح رقم 2048.(7/52)
…قال المناوي: ( فيه إيماء إلى أن النسب له تأثير في الأخلاق، وبيان شرف قريش، وأن الشفقة والحنو على الأولاد مطلوبة مرغوبة، وحث على نكاح الأشراف سيما القرشيات)هـ(1)، ( ومطابقة لائحة في الأمور الثلاثة) ، قاله القسطلاني(2).
13- باب اتخاذ السراري:
جمع سرية، وهي الأمة المتخذة للوطء. ومن أعتق جارية ثم تزوجها: أي بيان فضله.
…5083- وليدة: أمة. فعلمها: ما يجب تعليمه من الدين. وتزوجها: بصداق. فله أجران: أي على العتق والتزويج، أي على كل واحد منهما أجران.
…من أهل الكتاب: يشمل النصارى واليهود الذين لم تبلغهم دعوة عيسى ومن تدين باليهودية من غير بني إسرائيل، راجع كتاب العلم ولابد.
…فله أجران: أي على كل واحد من الايمانيين أجران.
…خذها: أي هذه المسألة، بغير شيء: غرضه تعريضه على تعلم العلم وتعريفه قدر الحديث ليكون أدعى لحفظه والعمل به.
…5084- عن مجاهد: قال ابن حجر: ( هو خطأ)(3) /، وقال ابن سعادة: صوابه محمد وهو ابن سيرين.
…إلا ثلاثة كذبات: أي في ظاهر الأمر، وإلا فليس هو من الكذب الحقيقي المذموم شرعا، بل هو من المعاريض المحتملة للأمرين لمقصد شرعي ديني.
…بجبان: ( كذا عند الباجي بالنون، وقد تكرر في مواضع بالراء)، هـ من خط أبي محمد عبد القادر الفاسي عن خط ابن سعادة، واسم الجبار صادق.
__________
(1) - فيض القدير 3/492.
(2) - في الإرشاد 8/17 قال: ( ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة في النوع الأول والثاني، وأما الثالث فبطريق اللزوم، لأنه إذا ثبت أن نساء قريش خير النساء فالمتزوج منهن قد تخير لنطفه).
(3) - الفتح 9/159.(7/53)
…فذكر الحديث: السابق في أحاديث الأنبياء. يا بني ماء السماء: يعني بهم العرب، سموا بذلك لكثرة ملازمتهم الفلوات التي بها مواقع القطر لرعي دوابهم، ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن سارة ملكت هاجر، وأن إبراهيم أولدها اسماعيل، وماكان بالذي يستولدها إلا بملك، وعند أبي يعلى: ( فاستوهبها إبراهيم من سارة فوهبتها له).
…5085- بالأنطاع: جلود يؤكل عليها. فقال المسلمون...إلخ: هذا موضع الترجمة، إذ لو لم يكن التسري معلوم الجواز عندهم من قبل الشارع ما ترددوا فيه.
14- باب من جعل عتق الأمة صداقها:
…هل يصح أم لا؟ ومذهبنا كالشافعية عدم جوازه وصحته، وما وقع في حديث صفية من قوله: "وجعل عتقها صداقها" معدود من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، لأن ظاهره أن المجعول مهرا هو نفس العتق.
…15- باب تزويج المعسر:
…أي جوازه، لقوله تعالى: "إِن يَّكُونُوا فُقَرَاءَ"... إلخ(1)، فالإعسار في الحال لا يمنع التزويج لاحتمال حصول اليسار في المآل.
…5087- امرأة: قال ابن حجر: ( لم أقف على اسمها، ومن سماها بأم شريك أو خولة بنت حكيم فقد وهم). فصعد النظر فيها وصوبه: أي نظر إلى أعاليها ثم إلى أسافلها.
…معي سورة كذا...إلخ: هي البقرة والتي تليها، أو البقرة وسورة من المفصل، أو "إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ". عن ظهر قلبك: أي حفظا. ملكتكها: أي ملكتك عصمتها بالتزويج. بما معك من القرآن: أي بتعليمك إياها ما معك منه، أي بأجرة تعليمك لها، فالأجرة هي الصداق.
…16- باب الأكفاء في الدين:
__________
(1) - سورة النور، الآية 32.(7/54)
…جمع كفء بمعنى المثل، يعني أن اعتبار الكفاءة المطلوبة في النكاح مختص بالدين، وهذا قول مالك رحمه الله، وقال الشيخ خ: (والكفاءةُ الدِّينُ والحَالُ ولها وللوليِّ تَرْكُهَا)(1)، قال شارحه الزرقاني: ( الدين: أي التدين، أي كونه غير فاسق لا بمعنى الدين والإسلام، لأنه ليس لها وللولي تركه وتأخذ كافرا، والحال: أي السلامة من العيوب التي توجب الخيار للزوج، لا الحال بمعنى حسب ونسب، بدليل قوله: "والمولىَ وغيرُ الشريفِ والأقلُّ جَاهًا كُفْءٌ"، وإنما يندب فقط لأنه يرجى به دوام المودة فقط لا بأية نفس شريفة القدر ممن هو دونها عادة) هـ(2).
…من الماء: النطفة، ومراده بهذه الآية أن النسب والصهر مما يتعلق به حكم الكفاءة.
…5088- أن أبا حديفة: اسمه هشيم وهو قرشي. تبنى سالما: هو ابن معقل من أهل فارس. أنكحه ابنة أخيه: أي وهي قرشية. وهو: أي سالم، مولى لامرأة من الأنصار: هي ثبيتة بنت يعار زوج أبي حذيفة، وهذا موضع الترجمة إذ فيه تزويج مولى بقرشية لكفاءتهما في الدين، وهذا معنى قول الشيخ خ: ( والمولى وغير الشريف والأقل جاها كفء).
…وهي امرأة أبي حذيفة: أيضا كثبيتة معتقة سالم. فذكر: أبو اليمان.
…الحديث: أي تمامه، وهو كما في أبي داود: ( فكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد / فيراني مبتذلة في ثياب المهنة فكيف ترى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، وهذا حكم مختص بسهلة وسالم أو منسوخ، قال القاضي عياض: ( لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها).
…النووي: ( وهو حسن).
…5089- بنت الزبير(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/155.
(2) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/202.
(3) - ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب الهاشمية، زوج المقداد بن الأسود، وأم عبد الله وكريمة.
روى عنها ابن عباس وعائشة وابن المسيب وعروة وغيرهم، وأخرج لها أبو داود والنسائي.
ترجمتها في: الإصابة 8/3-4، والاستيعاب ص: 1874.(7/55)
: ابن عبد المطلب الهاشمية بنت عم النبي - صلى الله عليه وسلم -.حجي: أي مكان تحلل من الإحرام. تحت المقداد بن الأسود: أي زوجة له، وهو ابن عمرو بن ثعلبة الكندي، ونسب إلى الأسود لكونه تبناه فكان من حلفاء قريش، وهذا شاهد الترجمة.
…5090- تنكح المرأة لأربع: أي فيما يرغب فيه الناس. لمالها: لأنها لا تكلف زوجها في الإنفاق. ولحسبها: شرفها بالآباء والأقارب. وجمالها: لأنه أدعى لدوام العشرة. ولدينها: لأنه يحصل خير الدنيا والآخرة. فاظفر بذات الدين: ولمسلم: ( فعليك بذات الدين)(1)، والمعنى أن اللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات أن يكون الدين مطمح نظرهم في كل شيء لاسيما فيما يعظم خطره(2). تربت يداك: افتقرت إن خالفت ما أمرتك به.
…5091- رجل: من الأغنياء لم يعرف. حري: حقيق. أن ينكح: لغناه. رجل من فقراء المسلمين: قيل هو جعيل بن سراقة(3). ألا ينكح: لفقره. هذا خير...إلخ: ولايلزم من هذا تفضيل كل فقير على كل غني كما لا يخفى.
…17- باب الأكفاء في المال:
…أي حكم ذلك هل هو معتبر أم لا؟ وتزويج المقل: الفقير. المثرية: الغنية.
…واختلف العلماء هل للمال أثر في الكفاءة أم لا؟ والأشهر عند المالكية والشافعية أنه لا أثر له، فالمعسركفء للموسرة، نعم قال الشيخ خ: ( ولِلْأُمِّ التَّكَلُّمُ في تزويجِ الأبِ المُوسِرَة المرغوب فيها من فقير، ورويت - أي المدونة- بالنفي)(4)، أي أنه لا متكلم لها.
__________
(1) - رواه مسلم في الرضاع الباب 15 (ج 1/419)، وأبو داود في النكاح رقم 2047.
(2) - مثله في الفتح 9/168.
(3) - جعيل بن سراقة الضمري.
روى الروياني في مسنده بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: كيف ترى جعيلا؟ قلت: مسكينا كشكله من الناس، قال: وكيف ترى فلانا؟ قلت: سيدا من السادات، قال: لجعيل خير من ملء الأرض مثل هذا.
ترجمته في: الإصابة 1/490، والاستيعاب ص: 245.
(4) - مختصر خليل 1/155.(7/56)
…5092- ونسبها في إكمال الصداق: كأن المعنى وفي قربها مخلين بإكمال الصداق. قال ابن بطال: ( فيه أنه لا يجوز للولي أن يتزوج يتيمة بأقل من صداقها، ولا أن يعطيها من العروض في صداقها مالا يفي بقيمة صداق مثلها).
…18- باب ما يتقى من شؤم المرأة:
…الشؤم ضد اليمن، وهما علامتان لما يصيب الإنسان من الشر والخير، ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء وقدر.
…وقول الله: " إِنَّ مِنَ اَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ "(1): هذا أيضا من الترجمة، والحديث الأخير شاهد له.
…5093- الشؤم في المرأة والدار والفرس: حمله الإمام مالك رحمه الله على ظاهره، ولم يتأوله، وقال الباجي: ( لا يبعد أن يجعل الله في دار أن من سكنها يقل ماله وولده وبالعكس، وكذلك في الزوجة لا يتزوجها إلا من قصر عمره) هـ.
…الشيخ زروق: ( وهذا هو الصحيح، وقيل شؤم المرأة سوء خلقها، وشؤم الفرس شماستها، وشؤم الدار ضيق مدخلها وقبح مساكنها) هـ(2)
__________
(1) - سورة التغابن، الآية 14.
(2) - شرح الرسالة لزروق 2/412.
وقال ابن ناجي في شرح الرسالة 2/412: ( ومنهم من ضعف حديث الشؤم بما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أنكرت على أبي هريرة رضي الله عنه حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الطيرة في المرأة والدار والدابة، وأقسمت أنه ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم قط، وإنما كان أهل الجاهلية يقولونه، ثم قرأت: " ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ").
وقال الدماميني في تعليق المصابيح على الجامع الصحيح ( ص: 561):
( هذه الثلاثة مبهمة بمقتضى رواية بينت ذلك، ذكرها الحافظ السلفي في المختار من الطيوريات بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الشؤم في ثلاثة: في الفرس والمرأة والدار"، فقال يوسف القطان: سألت سفيان بن عيينة عن معنى هذا الحديث، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " البركة في ثلاث: الدار والدابة والمرأة"، فقال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى هذا الحديث، وقد سمعناك تقول: " البركة في ثلاث: في الفرس والمرأة والدار"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان الفرس ضروبا فهو مشؤوم، وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجا قبل زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشؤومة، وإذا كانت الدار بعيدة عن المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشؤومة، وإذا كن بغير هذا الوصف فهن مباركات)؛
ويشهد لهذه الرواية ما رواه مالك في الموطأ ( في جامع النكاح من كتاب النكاح) عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا تزوج أحدكم المرأة أو اشترى الجارية فليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة).
ونقل الحافظ في الفتح 6/77 عن عبد الرزاق صاحب المصنف عن معمر قال: سمعت من يفسر هذا الحديث يقول: ( شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه، وشؤم الدار جار السوء).
كما نقل عن تقي الدين السبكي قوله: ( الإشارة إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منها العداوة والفتنة، لا كما يفهمه بعض الناس من التشاؤم بكعبها أو أن لها تأثيرا في ذلك، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء) - الفتح 9/171-.(7/57)
.
…وروى الإمام أحمد وابن حبان: ( من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء)(1)، وانظر ما قدمناه في الجهاد.
…5094- إن كان الشؤم: موجودا.
…5095- إن كان: أي الشؤم.
…5096- من النساء: أي من فتنتهن، إذ هي أعظم الفتن.
…19- باب الحرة تحت العبد:
…أي جوازكونها زوجة له إن رضيت بذلك، وإلا فلها تطليق نفسها منه إن لم/ تتزوجه عالمة برقه، قال الشيخ خ: ( ولمن كمل عتقها فراق العبد بطلقة بائنة أو اثنتين)(2)، قال الزرقاني: ( ويحال بينها وبينه حتى تختار لغير حاكم)(3).
…5097- سنن: أحكام. وخيرت: في فراق زوجها "مغيث"(4) فاختارت نفسها أي فراقه، وليس فيه التصريح بأنه كان عبدا، لكن صرح به في الطلاق، فأشار المص إلى ذلك على عادته. ولنا هدية: والفرق بينهما أن الصدقة إهداء للثواب، والهدية للإكرام.
20- باب لا يتزوج أكثر من أربع:
…هذا الذي عليه جمهور المسلمين، وانعقد عليه الإجماع إلا قول من لايعتد بقوله من الروافض وغيرهم(5) لقوله تعالى: " مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ"(6): أي اثنين اثنين، أو ثلاثا ثلاثا، أو أربعا أربعا، ولا تزيدوا على ذلك.
__________
(1) - أخرجه أحمد 1/168 و3/407 رقم 1368، وهو مما انفرد به.
(2) - مختصر خليل 1/164.
(3) - شرح الزرقاني على خليل 3/249.
(4) - مغيث زوج بريرة، وهو مولى أبي أحمد بن جحش الأسدي. قصته مشهورة في الصحيح بحبه بريرة، وطوافه في طرق المدينة يبكي فراقها، وبغضها له.
ترجمته في: الإصابة 6/196، والاستيعاب ص: 1443.
(5) - مثله في الفتح 9/172.
(6) - سورة النساء، الآية 3.(7/58)
…وقال علي: هو زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم. بمعنى مثنى أو ثلاث أو رباع: فالواو بمعنى "أو". وقوله تعالى: " أُوْلِي أَجْنِحَة "...إلخ(1): ساق هذه الآية دليلا على ما فسر به الأولى، وهو ظاهر(2).
…21- باب " وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ ":
…قال في الفتح: ( وقع هنا في بعض الشروح كتاب الرضاع، ولم أره في شيء من الأصول) هـ(3)، وهذه التراجم معقودة لأحكام الرضاع، وقد عرف الشيخ خ الرضاع مع ذكر حكمه بقوله: ( حصولُ لَبَنِ امرأة وإن ميتةً أو صغيرةً)(4)، أي للجوف لا للحلق فقط محرم ما حرمه النسب… إلخ.
…ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب: هذا لفظ حديث مذكور في الصحيحين.
…5099- رجل: لم يعرف. فلان: لم يعرف، ووهم من قال إنه " أفلح"(5) لأنه كان إذ ذاك حيا. الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة: من النكاح ابتداء ودواما، وانتشارالحرمة بين الرضيع والمرضعة، فتقدر له أما وتحرم عليه هي وأمهاتها وبناتها وأخواتها وعماتها وخالاتها، وفروع الرضيع مثله في حرمة جميع من ذكر عليهم، وأما أصوله وإخوته فلا حرمة بينهم وبين المرضعة.
…5100- قيل للنبي صلى الله عليه: القائل هو علي رضي الله عنه. ابنة حمزة: في اسمها سبعة أقوال: أمامة وعمارة وسلمى وعائشة وفاطمة وأمة الله وليلى، وكنيتها أم الفضل(6).
__________
(1) - سورة فاطر، الآية 1.
(2) - أي أن المراد به تنويع الأعداد، لا أن لكل واحد من الملائكة مجموع العدد المذكور.
(3) - الفتح 9/174.
(4) - مختصر خليل 1/223.
(5) - أفلح أخو أبي القعيس عم عائشة من الرضاعة، وعداده في بني سليم.
حديثه مشهور في دخوله على عائشة، وقوله لها حين احتجبت منه: أنا عمك .
ترجمته في: الإصابة 1/99-100، والاستيعاب ص: 102.
(6) - مثله في الفتح 9/176، وفيه "يعلى" عوض "ليلى".(7/59)
…5101- انكح أختي: زاد مسلم: "عَزَّة"، وللطبراني "حَمْنَة"، وللحميدي: "دُرَّة". بمخلية: أي لست بمنفردة بك ولا خالية من ضرة. وأحب: مبتدأ. أختي: خبر. بنت أم سلمة؟ استفهام استثبات لرفع الإشكال، واسمها درة. في حجري: تأكيد إذ لا مفهوم له في الآية. ما حلت لي: يعني لو كان بها مانع واحد لكفى في التحريم، فكيف وبها مانعان كونها ربيبتي وكونها ابنة أخي من الرضاعة. فلا تعرضي: بكسر الضاد، أي يا أم حبيبة، وبسكونها أي يا معاشر النسوة. أريه: في المنام. بعض أهله: هو أخوه العباس. حيبة: حالة. لم ألق بعدكم: أي راحة كما زاده الإسماعيلي؛ قال ابن بطال: ( وسقط المفعول من رواية البخاري، ولا يستقيم الكلام إلا به). سقيت في هذه: وأشار النضرة التي تحت إبهامه، قال القرطبي: ( سقي نقطة من ماء في جهنم بسبب ذلك، وهذا أمر خاص به إكراما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، كما خفف عن أبي طالب بسببه)/. بعتاقتي ثُوَيْبَة(1): لأنه أعتقها حين بشرته بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -، واختلف في إسلام ثويبة وعدمه، قاله ابن مندة؛(2) وقال ابن العربي في سراج المريدين: ( لم ترضع النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضعة إلا أسلمت).
22- باب من قال: لارضاع بعد حولين
__________
(1) - ثويبة التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مولاة أبي لهب.
وأخرج ابن سعد أنها أول من أرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرضعت قبله حمزة. توفيت عام سبع بعد الرجوع من خيبر.
ترجمتها في: الإصابة 7/548-549.
(2) - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن منده العبدي الأصبهاني، حافظ مؤرخ، جليل القدر، واسع الرواية قال ابن ناصر الدين: كان شديدا في السنة.
من كتبه: تاريخ أصبهان، والمستخرج، وله تصانيف كثيرة وردود على المبتدعة. توفي سنة 470 هـ.
ترجمته في: فوات الوفيات1/260، والنجوم الزاهر 5/105، وسير أعلام النبلاء 18/349-354،وتذكرة الحفاظ3/1165-1170.(7/60)
…يعني أن الرضاع الصادر من الصبي بعد مضي حولين له أثر له ولا ينشرحرمة بين الرضيع والمرضعة، هذا قول جمهور العلماء، وحملوا قضية سالم مع سهلة على أنها خاصة بهما كما قدمناه، وقال الشيخ خ: ( إن حصل في الحولين أو بزيادة الشهرين إلا أن يستغني ولو فيهما - أي في الحولين- ) هـ (1).
…وذهبت عائشة رضي الله عنها إلى تأثير رضاع الكبير في الحجابة فقط دون التحريم، فكانت تأمر بعض أقاربها بإرضاع من تحب أن يدخل عليها من الرجال، قال ابن المواز(2): ( لو أخذ بهذا في الحجابة لم أعبه وتركه أحب إلي، وما علمت من أخذ به عاما إلا عائشة، وحملوا ما جاء في ذلك من حديث سالم على الخصوص أو على النسخ)، قاله في الإكمال، زاد الأبي في إكماله: ( وقال ابن العربي: ذهب إلى ما ذهبت إليه عائشة أن رضاع الكبير يحرم عطاء والليث لحديث سهلة، قال: ولعمري إنه لقوي، ولو كان خاصا بسالم لقال لها: ولا يكون بعدك، كما قال لأبي بردة في شأن الجدعة)هـ.
…أبو عمر: ( أتت امرأة إلى الليث وقالت: إني أريد الحج وليس معي محرم، فقال لها: اذهبي إلى زوجة رجل ترضعك فيكون زوجها أباك فتحجي معه)، هـ منه. وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره: ولو مصة واحدة إن وصلت للجوف، وهذا قول مالك وأبي حنيفة لقوله تعالى: " وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ "(3).
…5102- وعندها رجل: قال ابن حجر: ( لم أقف على اسمه وأظنه ابنا لأبي القُعَيْس)(4).
__________
(1) - مختصر خليل 1/223.
(2) محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري، المعروف بابن المواز.
كان راسخا في الفقه والفتيا، وألف " الموازية " وهي مشهورة، وقد رجحها القابسي على سائر الأمهات. توفي بدمشق سنة 269 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/166-167، وشجرة النور الزكية 1/68.
(3) - سورة النساء، الآية 23.
(4) - الفتح 9/183.(7/61)
…أخي: من الرضاعة. انظرن ما إخوانكن(1): أي ما سبب أخوتهن؟
…إنما الرضاعة: المعتبر تحريمها من المجاعة: أي التي ترد المجاعة ولا تحوج إلى طعام، وهي لا تكون كذلك إلا إذا كانت في الحولين أو بعدهما بيسير.
…23- باب لبن الفحل:
…أي زوج المرضعة، أي يثبت الرضاع الحرمة بينه وبين الرضيع، ويصير ولدا له تحرم عليه بناته وأمهاته وأخواته، هذا قول جمهور الفقهاء، وقال القاضي عياض: ( لم يقل أحد من أهل الفتوى بإسقاط حرمته إلا أهل الظاهر) هـ، وقال ابن العربي: ( استقر الأمر على التحريم بلبن الفحل في الأخبار والأمصار، فليس أحد يقضي بغيره، وانعقد الإجماع على التحريم به وهو الحق الذي لا إشكال فيه) هـ، وقال الشيخ خ : ( وقُدِّرَ الطِّفْلُ خاصةً ولدًا لصاحبةِ اللَّبَنِ ولصاحبه مِنْ وَطْئِهِ لانقطاعه ولو بعد سنين)(2).
24- باب شهادة المرضعة:
وحدها بالرضاع، أي بيان حكمها، ومذهبنا في القضية هو قول الشيخ خ: ( وثبت الرضاعُ برجل وامرأة وبامرأتين إن فَشَا قبل العقد، وبرجلين لا بامرأة ولو فَشَا، ونُدِبَ التَّنَزُّهُ)(3).
…5104- قال: عقبة (4). تزوجت امرأة: هي أم يحيى بنت إهاب(5). امرأة سوداء: لم تسم. كيف بها: أي كيف تصنع بها؟ دعها عنك: على سبيل الورع لا الحكم بثبوت الرضاع وفساد النكاح بمجرد قول المرضعة.
25- باب ما يحل من النساء وما يحرم منهن:
__________
(1) - في رواية الكشميهني: "من إخوانكن" وهي أوجه، والمعنى تأملن ما وقع من ذلك هل هو رضاع صحيح بشرطه،
انظر الفتح 9/183.
(2) -مختصر خليل 1/223.
(3) - مختصر خليل 1/224.
(4) - عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي.
أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
ترجمته في : الإصابة 4/518، والاستيعاب ص: 1072.
(5) - أم يحيى بنت أبي إهاب.
لها ذكر في حديث البخاري المذكور في باب شهادة المرضعة.
ترجمتها في: الإصابة 8/324.(7/62)
أي بيان ذلك، وقوله تعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ "الآية(1)، أي نكاح أمهاتكم إلى آخرها. حرام: على الغير. لا يرى بأسا أن ينزع الرجل...إلخ: يحمل هذا على ما إذا وهب السيد أمته لعبده فوطئها بملك اليمين فللسيد / انتزاعها منه متى شاء كما نص عليه المواق(2) في باب الخيار، وأما لو زوجها له فليس له انتزاعها منه إلا إذا طلقها باختياره، لأن الطلاق بيد العبد لا بيد السيد، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل والله أعلم.
…" وَلاَ تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ " (3)...إلخ: أي لا تتزوجوهن.
…5105- وقال لنا أحمد بن حنبل: الإمام الأعظم، أي في المذاكرات(4)، وقد ذكره هنا وفي آخر المغازي بواسطة، وزاد المزي آخر اللباس والعيني آخر الصدقات.
__________
(1) - سورة النساء، الآية 23.
(2) - محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، المشهور بالمواق.
له: سنن المهتدين في مقامات الدين، والتاج والإكليل شرح مختصر خليل. توفي بعد 897هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 324، وكشف الظنون 1628.
(3) - سورة البقرة، الآية 221.
(4) - في الفتح 9/192 مزيد توضيح: ( هذا فيما قيل أخذه المصنف عن الإمام أحمد في المذاكرة أو الإجازة، والذي ظهر لي بالاستقراء أنه إنما استعمل هذه الصيغة في الموقوفات، وربما استعملها فيما فيه قصور ما عن شرطه، والذي هنا من الشق الأول، وليس للمصنف في هذا الكتاب رواية عن أحمد إلا في هذا الموضع، وأخرج عنه في آخر المغازي حديثا بواسطة، وكأنه لم يكثر عنه لأنه في رحلته القديمة لقي كثيرا من مشايخ أحمد فاستغنى بهم، وفي رحلته الأخيرة كان أحمد قد قطع التحديث فكان لا يحدث إلا نادرا، فمن ثم أكثر البخاري عن علي بن المديني دون أحمد).(7/63)
…حرم من النسب سبع: هن المذكورات في قوله تعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ أُمَّهَاتُكُمْ" إلى قوله: "وَبَنَاتُ الاُخْتِ"(1)، ومن الصهر سبع: هن المذكرات في قوله تعالى: " وَلاَ تَنكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ"(2)، وقوله: " وَأُمَّهَاتُكُمُ الَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ" إلى قوله: " غَفُورًا رَّحِيمًا"(3)، لكن المذكور في هاتين الآيتين خمس بالصهر واثنان بالرضاع، ففي قوله: "ومن الصهر سبع" مسامحة، وقال شيخ الإسلام: ( فيه تغليب الصهر على الرضاع كما غلب عمر على أبي بكر في العمرين)هـ(4)، وقد جمع الشيخ خ رحمه الله المحرمات بالنسب والصهر في قوله: ( وحرم أصوله وفصوله وزوجتهما وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل وأصول زوجته وبتلذذه ولو بنظر فصولها)(5)، ( وجمع اثنتين لو قدرت أية ذكرا حرم)(6). بين ابنتي عم: ( هما بنت محمد بن علي وبنت عمر بن علي، وقال محمد بن علي: هو أحب إلينا منهما)(7). في ليلة: واحدة أي زفتا إليه فيها، زاد الإمام الشافعي عن الحسن بن محمد بن محمد بن علي(8): فأصبح النساء لا يدرين أين يذهبن (9). بين بنت علي: زينب(10)
__________
(1) - سورة النساء، الآية 23.
(2) - سورة النساء، الآية 22.
(3) - سورة النساء، الآية 23.
(4) - تحفة الباري 3/183.
(5) - مختصر خليل 1/155.
(6) - مختصر خليل 1/156.
(7) - نقلا عن الفتح 9/193، وهي زيادة وصلها عبد الرزاق وأبو عبيد.
(8) - الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، وأبوه ابن الحنفية، ثقة من الفقهاء.
روى عن أبيه وعائشة وجابر، وعنه الزهري وأبان بن صالح وقيس بن مسلم.مات سنة 100 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/320، والتقريب رقم 1284.
(9) - في الأصل: "يذهبون"، ونبه العرائشي على الصواب.
(10) - زينب بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، سبطة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمها فاطمة الزهراء، وزوجة ابن عمها عبد الله بن جعفر.
قال ابن الأثير: إنها ولدت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ترجمتها في: الإصابة 7/684 ( القسم الثاني).(7/64)
، وامرأة علي: ليلى بنت مسعود. لا بأس به: أي الجمع بين المرأة وبنت زوجها، وهذا مذهبنا كالجمهور، وشدد ابن العربي النكير على من قال بخلافه، وقال: ( إنه خطأ فاحش)هـ.
قال الأجهوري(1): وجمع مرأة وأم البعل … - … أو بنته ورقها ذو حل.
…فيمن يلعب بالصبي: أي يلوط به. إن أدخله: أي ذكره فيه فلا يتزوجن أمه: (هذا مذهب الحنابلة والجمهور على خلافه)، قاله القسطلاني(2)؛ وقال الزرقاني: ( وأما اللواط بابن زوجته فلا ينشر الحرمة عند الأئمة الثلاثة خلافا لابن حنبل والثوري).
…إذا زنى بها: أي بأم امرأته وكذا ببنتها. لا تحرم عليه امرأته: هذا هو المعتمد والأصح عندنا من قولين حكاهما الشيخ بقوله: ( وفي الزنا خلاف)(3). وقال أبو هريرة لا تحرم: عليه البنت، حتى تلزق: الأم. وجوزه: أي المقام مع الزوجة وإن زنى بأمها.
…26- " وَرَبَائِبُكُمُ الَّتِي فِي حُجُورِكُمْ " (4)
…( هذا القيد خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له عند جمهور العلماء)، قاله المازري، فالربيبة حرام كانت في الحجر أم لا.
…ومن قال...إلخ: هذا من الترجمة. بنات ولدها: أي المرأة. بناته: أي كبناته.
__________
(1) - عبد الرحمن بن محمد الأجهوري المصري.
درس على الشهاب القسطلاني والشمس اللقاني.
له: شرح مختصر خليل.
توفي بالقاهرة سنة 961هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/329، ونيل الابتهاج 175.
(2) - في الإرشاد 8/40.
(3) - مختصر خليل 1/155.
(4) - سورة النساء، الآية 23.(7/65)
…لا تعرضن علي بناتكن: وبنت الابن بنت. وهل تسمى…إلخ: هذا من الترجمة أيضا. وإن لم تكن في حجره: نعم عند الجمهور كما سبق. ربيبة له: هي زينب بنت أم سلمة(1). إلى من يكفلها: هو نوفل الأشجعي(2). ابن ابنته: حسن بن علي. ابنا: حيث قال: إن ابني هذا سيد.
…5106- في ابنتي أبي سفيان: عزة أو درة أو حمنة. بمخلية: خالية من الضرائر. بنت أم سلمة: أي درة كما يأتي لا زينب.
27- باب " وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الاُخْتَيْنِ "/ (3)
نسبا أو رضاعا بنكاح أو ملك أو مختلفتين، قال في الإكمال: ( أجمع المسلمون على الأخذ بهذا النهي بين الأختين وفي الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح أو في الوطء بملك اليمين)(4).
…5107- وأحب من شاركني في خير: أي أختي.
…28- باب لا تنكح المرأة على عمتها:
…أي ولا على خالتها، وكذا عمة أبيها وخالة أمها بنكاح أو ملك، والضابط في ذلك هو قول الشيخ: ( جَمْعُ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ)(5)؛ وهذا مخصص لقوله تعالى: " وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ " (6).
__________
(1) - زينب بنت أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن عمرو بن مخزوم المخزومية، ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث تزوج أمها أم سلمة وهي ترضعها، حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم وروت عنه، وعن عائشة وأم حبيبة؛ وعنها ابنها أبو عبيدة بن عبدالله ومحمد بن عطاء وعراك بن مالك. وكانت من أفقه نساء المدينة.
ترجمتها في: الإصابة 8/675-676، والاستيعاب ص: 1854.
(2) - نوفل بن فروة الأشجعي، والد فروة وعبد الرحمن وسحيم. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنه أولاده.
ترجمته في: الإصابة 6/482-483، والاستيعاب ص: 1513.
(3) - سورة النساء، الآية 23.
(4) - إكمال المعلم ص: 367 .
(5) - مختصر خليل 1/156.
(6) - سورة النساء، الآية 24.(7/66)
…5110- فنرى: قائله ابن شهاب. خالة أبيها: وأمها. بتلك المنزلة: أي لا تجمع معها، وهذا مذهبنا لصدق الضابط السابق عليها.
…5111- إن عروة …إلخ: لم يتبين لي وجه هذا الاستدلال، وما في الفتح غير ظاهر فانظر ذلك(1)، ثم وجدت في عمدة القاري للعيني ما نصه: ( وقال صاحب التوضيح –يعني البلقيني -: استدلال الزهري غير صحيح لأنه استدلال على تحريم من حرمت بالنسب فلا حاجة إلى تشبيهها بمن حرمت من الرضاع) هـ(2).
…29- باب الشِّغَار:
…أي حكم نكاحه، ويأتي تفسيره وبيان حكمه.
…5112- نهى عن الشغار: أي نهي تحريم. والشغار...إلخ: هذا قول نافع(3). ليس بينهما صداق: هذا صريح الشغار، وحكمه عندنا أنه يفسخ قبل الدخول وبعده ولو طال، وإن فسخ بعده فلها صداق المثل، وأما وجه الشغار أن يسمى لكل واحدة صداقا كقوله: زوجني ابنتك بمائة على أن أزوجك ابنتي بمائة فحكمه عندنا أنه يفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده ولها الأكثر من المسمى وصداق المثل، هذا محصل ما في الشيخ خ(4) وشروحه.
…30- باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد؟
__________
(1) في الفتح 9/201: ( في أخذ الحكم من هذا الحديث نظر، وكأنه أراد إلحاق ما يحرم بالصهر بما يحرم بالنسب، كما يحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب...).
(2) - عمدة القاري 20/108.
(3) نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي الحافظ المكي.
روى عن ابن أبي مليكة وغيره، وعنه وكيع ويحيى القطان وابن مهدي وغيرهم وثقه أحمد والنسائي وأبو حاتم، وأخرج له الستة.
مات بمكة سنة 169 هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/409، والتقريب رقم: 7080.
(4) في قول خليل في المختصر 1/168: ( كزوجني أختك بمائة على أن أزوجك أختي بمائة، وهو وجه الشغار، وإن لم يسم فصريحه وفسخ فيه).(7/67)
…مذهبنا ومذهب الجمهور أن النكاح لا ينعقد بهبة المرأة نفسها، قال الشيخ: (وفُسِخَ إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا وَصحّحَ أنه رَضِيَ) هـ(1)، وإن وقع بلفظ الهبة من الولي فإن كان مع ذكر الصداق انعقد النكاح وصح وإلا فلا،قال الشيخ:(وصِيغَتُهُ بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ وَبِصَدَاق وَهَبْتُ) (2)، وأما ما ذكر في الحديث هنا فهو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال الشيخ: (ويُزَوِّجُ- صلى الله عليه وسلم - مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَبِلَفْظِ الهْبَِةِ)(3)، أي من المرأة أو من وليها بغير ذكر صداق.
…5113- ترجئ: تؤخر. في هواك: هذا لفظ صدر منها على وجه الدلال والغيرة فسومحت فيه، وليس لغيرها أن يقوله كما سبق عن القرطبي، ولو قالت "في رضاك" كان أولى(4).
…31- باب نكاح المحرم:
بحج أو عمرة، أي بيان حكمه.
…ابن حجر: ( وكأن المص رحمه الله يميل إلى الجواز لأنه لم يذكر إلا حديث ابن عباس)(5)، وحكمه عندنا هو قول الشيخ: ( ومَنَعَ إِحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلاَثَةِ)(6)، أي من الكون زوجا أو زوجة أو وليا.
…5114- تزوج النبي صلى الله عليه وهو محرم: يعني ميمونة رضي الله عنها، وهذا إن ثبت فهو من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، على أن أكثر الرواة على أنه تزوجها وهو حلال، ففي مسلم عن ميمونة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، وللترمذي وابن خزيمة
وابن حبان عن أبي رافع أنه صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال، قال أبو رافع: وكنت أنا الرسول بينهما(7).
__________
(1) - مختصر خليل 1/170.
(2) - مختصر خليل 1/148.
(3) - مختصر خليل 1/147.
(4) - مثله في الفتح 9/205.
(5) - الفتح 9/206.
(6) - مختصر خليل 1/151.
(7) - الحديث أخرجه مسلم في النكاح رقم 2527، والترمذي في الحج رقم 771، والنسائي في مناسك الحج رقم 2790، وأحمد ف المسند، مسند بني هاشم رقم 3226، والدارمي في المناسك رقم 1752.(7/68)
…32- باب نهي النبي صلى الله عليه عن نكاح المتعة أخيرا:
…نكاح المتعة هو النكاح المؤقت بمدة كقوله: زوجتك ابنتي شهرا، وكان جائزا في صدر الإسلام ثم نسخ ووقع النهي عنه.
…5115- زمن خيبر: ظرف للأمرين كما صرح به في رواية مسلم(1)، وقال السهيلي: ( اختلف في وقت / تحريم المتعة على أقوال، قيل في خيبر، وقيل في عمرة القضاء، وقيل عام الفتح، وقيل في غزوة أوطاس، وقيل في تبوك وقيل في حجة الوداع، وفي كل حديث)(2)، قال ابن حجر: ( وأصحها من حيث الرواية خيبر والفتح والثاني أصح إذ لاعلة له)(3)، وكذا قال السهيلي: ( المشهور زمن الفتح)(4).
…وقال الماوردي: ( لعلها أبيحت مرارا ويقع التحريم في خلالها في الأماكن المذكورة، ولهذا قال في المرة الأخيرة: " إلى يوم القيامة"، أخرجه مسلم، وذلك إشارة إلى أن التحريم الماضي كان مؤذنا بالحل عقبه، بخلاف هذا فإنه تحريم مؤبد، قال ابن حجر: "وهذا هو المعتمد")، هـ من التوشيح(5).
…وقال في العارضة: ( نكاح المتعة من غريب الشريعة فإنه تداوله النسخ مرتين، أبيح ثم حرم ثم أبيح ثم حرم).
…5116- مولى له: هو عكرمة. إنما ذلك: الترخيص. أو نحوه: أي أو قال نحوه.
…رغم: إنما رخص فيها بسبب الغربة في حال السفر.
…5117، 5118- رسول الله صلى الله عليه: قيل هو بلال. تستمتعوا: يعني متعة النساء.
…5119- توافقا: في النكاح بينهما نكاح متعة من غير ذكر أجل. أنه منسوخ: وانعقد الإجماع على تحريمه إلا قول من لا يعبأ به من من الروافض وغيرهم.
__________
(1) - في صحيح مسلم: " نهى عن نكاح المتعة زمن خيبر"، كتاب النكاح باب ماجاء في نكاح المتعة ( شرح النووي 9/190).
(2) - الروض الأنف 4/59.
(3) - الفتح 9/212.
(4) - الروض الأنف 4/59.
(5) - التوشيح ص: 441.(7/69)
33- باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح (1):
لينكحها رغبة في صلاحه، أي جواز ذلك.
…5120- بنت له: قال ابن حجر: ( لم أقف على اسمها وأظنها أُمَيْنَة(2)(3).
…امرأة: لم تسم. فقال أنس هي خير منك…إلخ: فيه جواز ما ذكر وأنه لا عار على المرأة في ذلك، بل فيه دلالة على فضلها.
…5121- أملكناكها: أي زوجناكها، بما معك: أي بتعليمك إياها ما معك...إلخ.
34- باب عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير:
ليتزوجها، أي مطلوبية ذلك.
…5122- فتوفي بالمدينة: من جراح أصابته بأحد.
…5123- إنا قد تحدثنا: أي بعدما قالت له: " انكح اختي"، وفيه الشاهد.
35- باب " وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ" (4)
…في عدتهن من الطلاق الغير الرجعي، قال الشيخ خ: ( وجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ والإِهْدَاءُ)(5)، الزرقاني: ( لا النفقة عليها فتحرم كالمواعدة)(6).
…5124- ولا تعد شيئا ولا يعد وليها: لحرمة كل قال الشيخ: ( وحَرُمَ صَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّة ومُوَاعَدَتُهَا كَوَلِيِّهَا)(7). ثم نكحها: أي تزوجها.
…36- باب "النظر إلى المرأة قبل التزويج"
__________
(1) - قال ابن المنير في الحاشية: ( من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة استنبط من الحديث مالا خصوصية فيه، وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه)، انظر الفتح 9/218.
(2) - أمينة - مصغرة - بنت أنس بن مالك الأنصاري.
روى عنها أبوها، ولها ذكر في البخاري هنا وفي أواخر كتاب الأدب.
ترجمتها في: تهذيب التهذيب 12/401، والتقريب رقم 8537.
(3) - الفتح 9/218.
(4) - سورة البقرة، الآية 235.
(5) - مختصر خليل 1/148.
(6) - شرح الزرقاني على خليل 3/167.
(7) - مختصر خليل 1/148.(7/70)
…ابن بطال: ( ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا بأس به إذا أراد أن يتزوجها، وهو قول مالك والكوفيين والثوري والشافعي وأحمد، قالوا: ولا ينظر إلى غير وجهها وكيفهما) هـ، وقال الشيخ خ: ( وندب نظر وجهها وكفيها فقط بعلم)(1)، زاد شراحه: (ويكره استغفالها فيه)(2). …
…5125- أريتك في المنام: ورؤيا الأنبياء وحي، فكأنه رآها في اليقظة. فكشفت...إلخ: هذا محل الشاهد، واعتراض ابن المنير له -قال الدماميني- فيه نظر(3). سرقة: قطعة. فإذا هي: أي تلك الصورة المرئية.
…5126- فنظر إليها: هذا محل الترجمة. ملكتكها: أي ملكتك عصمتها بالتزويج.
…37- باب من قال: "لا نكاح إلا بولي"
…هذا حديث مرفوع أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من رواية أبي موسى(4)، وأخذ به الجمهور فلم يجز النكاح إلا بولي، وخالف في ذلك الحنفية فأجازوه بدونه.
…" فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ"(5): ( العضل منع الولي وليته من النكاح وحبسها عنه)، قاله الكرماني(6)، قال الإمام الشافعي: ( هذه الآية أصرح دليل على اعتبار الولي، وإلا لما كان لعضله معنى).
…" وَلاَ تَنكِحُوا" (7): أيه الأولياء،" الْمُشْرِكِينَ": لا تزوجوهم من لكم عليهن ولاية.
…" وَأَنكِحُوا الاَيَامى"(8): جمع أيم، والشاهد من الآيتين أنه وقع الخطاب للأولياء دون النساء /.
__________
(1) - مختصر خليل 1/147.
(2) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/162.
(3) - تعليق المصابيح ص: 537.
(4) - أخرجه أبو داود في النكاح باب في الولي رقم 2085، والترمذي في النكاح باب ماجاء لا نكاح إلا بولي رقم 1101، وابن حبان في النكاح باب ماجاء في الولي رقم 1243، وأحمد في المسند 1/250 و4/394 و6/260.
(5) - سورة البقرة، الآية 232.
(6) - في الكواكب الدراري 19/95.
(7) - سورة البقرة، الآية 221.
(8) - سورة النور، الآية 32.(7/71)
…5127- أنحاء: أنواع. ونكاح الآخر: أي والنكاح الآخر. طمثها: حيضها. فاستبضعي منه: أي اطلبي منه المباضعة وهي الجماع لتحمل عنه، وكانوا يفعلون ذلك مع الأكابر والرؤساء طلبا لنجاعة الولد. ونكاح الرابع: أي نكاح النوع الرابع. البغايا: الزواني. علما: أي علامة عليهن. القافة: هم الذين يلحقون الولد بالآثار الخفية. فَالْتَاطَتْهُ: ألحقته به. إلا نكاح الناس اليوم: وهو أن يخطب إلى الولي ويزوجه كما سبق، وهذا محل الشاهد.
…5128- عند الرجل: هو وليها. أن ينكحها: لقلة جمالها.
…5129- من ابن حذافة: اسمه خنيس(1). فعرضت عليه: يعني حفصة.
…5130- أختا لي: هي جميل أو ليلى أو فاطمة(2). من رجل: هو أبو البداح بن عاصم.
…38- باب "إذا كان الولي هو الخاطب":
…أي لنفسه كابن العم والمعتق والحاكم هل يزوج نفسه منها - أي من المخطوبة - أو يحتاج إلى ولي آخر يزوجه منها؟
…مذهبنا أن له أن يزوج نفسه منها ولا يحتاج لغيره، قال الشيخ: ( ولابنِ عَمّ ونحوهِ إِنْ عَيَّنَ – أي عين لها أنه الزوج – تزويجُهَا من نفسِهِ بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا وَتَرْضَى وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ –أي الإيجاب والقبول-)(3).
…إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها: مفهومه أنه إن كان له بها حاجة زوجها من نفسه، وهذا موضع الترجمة.
…5131- أن يتزوجها: لنفسه بنفسه.
…5132- تعرض عليه نفسها: ليزوجها من نفسه.
39- باب "إنكاح الرجل ولده الصغار":
…يشمل الذكور والإناث، أي جواز ذلك.
…قبل البلوغ: فدل على أن نكاحها قبله جائز.
40- باب تزويج الأب ابنته من الإمام:
__________
(1) - خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي السهمي، أخو عبد الله كان من السابقين، هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا واستشهد بأحد، وكان زوج حفصة بنت عمر، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بعده.
ترجمته في: الإصابة 2/345-346، والاستيعاب ص: 452.
(2) - مثله في الفتح 9/233.
(3) - مختصر خليل 1/152.(7/72)
الأعظم أي جواز ذلك؛ ابن بطال: ( معنى الباب أن الإمام وإن كان وليا فالأب أولى منه).
…41- باب السلطان ولي:
…هذا حديث مرفوع أخرجه أبو داود والترمذي عن عائشة، وتمامه: " من لا ولي له"(1).
42- باب لا ينكح الأب وغيره
من الأولياء البكر والثيب إلا برضاهما: وجوبا في غير المجبرة واستحبابا في المجبرة، هذا مذهبنا، والمجبرة هي التي أشار لها الشيخ بقوله: ( وجَبَرَ- أي الأبُ - المجنونةَ والْبِكْرَ وَلَوْ عَانِسًا إِلاَّ لِكَخَصِيّ على الأصح والثَّيِّبِ إِنْ صَغُرَتْ أو بِعَارِض أو بِحَرَام)(2).
…5136- الأيم: أي الثيب التي فارقها زوجها بموت أو طلاق. حتى تستأذن: غاير في العبارة لأن الأمر لابد فيه من اللفظ، والإذن يكون باللفظ وبغيره.
43- باب "إذا زوج ابنته - أي الغير المجبرة - وهي كارهة فنكاحه مردود"
اتفاقا من الأئمة الأربعة.
…5138- خذام: كذا بخط ابن سعادة بالذال المعجمة، وبه صرح في التنقيح(3) والمصابيح(4) والعمدة(5) والإرشاد(6)، وقال صاحبا الفتح(7) والتوشيح(8) بالدال المهملة، وفي القاموس بالوجهين.
…زوجها: من رجل لم يعرف، فأتت رسول الله صلى الله عليه: فقالت له إني أريد أن أتزوج عم ولدي.
…44- باب تزويج اليتيمة:
…أي جوازه بشرط بلوغها إذا خيف فسادها وبلغت عشرا وشهور؛ القاضي: "فتزوج/ قبله".
__________
(1) - رواه أبو داود في النكاح رقم 2083، والترمذي في النكاح باب ما جاء لا نكاح إلا بولي ح1101، وأحمد في المسند 1/250، والدارقطني في سننه 3/221 كتاب النكاح ح10.
(2) - مختصر خليل 1/149.
(3) - التنقيح ص: 214.
(4) - تعليق المصابيح ص: 537.
(5) - العمدة 20/129.
(6) - الإرشاد 8/62.
(7) - الفتح 9/244.
(8) - التوشيح ص: 443.(7/73)
…أو لبثا: أي شيئا يسيرا لاشتراط الفورية بين الإيجاب والقبول، والتفريق اليسير لايضر، هذا هو المعتمد عند المالكية الذي أشار له الشيخ بقوله: ( وبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ)(1)، وصرح به في القوانين(2) وغيرها، واعتمده العلامة الرهوني(3).
…فيه عن سهل: في قصة الواهبة نفسها.
45- باب إذا قال الخاطب للولي، زوجني فلانة، فقال: زوجتك بكذا وكذا، جاز النكاح وإن لم يقل للزوج: أرضيت أو قبلت:
اكتفاء بقوله زوجني، وهذا مذهبنا وإليه أشار الشيخ بقوله: ( وبزوجني فيفعل) بأن يقول زوجتك أو قبلت، فيكفي دون اشتراط صيغة معينة.
…5141- فقد ملكتكها: أي زوجتكما، ولم يجيء في رواية أنه قال له بعد ذلك قبلت ونحوه.
46- باب لا يخطب على خطبة أخيه:
أي يحرم ذلك إذا كان غير فاسق وركنت هي أو وليها إليه، قال الشيخ: ( وحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَة لِغَيْرِ فاسق وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ)(4).
…زاد في العارضة ما نصه: ( قال علماؤنا: هذا إذا كانا شكلين، فإن لم يكن الزوجان متشاكلين، جاز للشاكل أن يدخل عليه، وهذا مما لا ينبغي أن يكون فيه خلاف، ومن اقتحم النهي وخطب أثم ورأى علماؤنا تأديبه، والصحيح عدم فسخ نكاحه)، هـ منها.
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: ( اختلف إذا وقع العقد في صورة النهي هل يفسخ أم لا، أو يفسخ قبل البناء، والثلاثة لمالك، حكاها أبو عمر، والمشهور أنه يفسخ قبل البناء ويثبت بعده)(5).
__________
(1) - مختصر خليل 1/149.
(2) - يقول ابن جزي في القوانين الفقهية ص: 170: ( ويلزم فيه الفور من الطرفين، فإن تراخى فيه القبول عن الإيجاب يسيرا جاز).
(3) - قال الرهوني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل 3/193.
( من سنة النكاح اتصال أحد طرفيه بالآخر، ولابد في ذلك من يسير مهلة، لأنه لا يستطاع أن يؤتى بالقبول بعد الإيجاب بغير فعل، ولا يفسده تأخير المدة اليسيرة).
(4) - مختصر خليل 1/148.
(5) - شرح الزرقاني على الموطأ 3/3.(7/74)
…5143- إياكم والظن: السوء. ولا تجسسوا: لا تبحثوا عن العورات. ولاتحسسوا: لا تستمعوا لحديث الغير. إخوانا: الإخوان في جلب المنفعة ودرأ المضرة.
…تنبيه: قال الشيخ التودي: ( استدل بالحديث على تحريم خطبة المرأة على امرأة أخرى إلحاقا لحكم النساء بالرجال، وصورتها أن ترغب امرأة في رجل وتدعوه إلى تزويجها فيجيبها، فتجيء أخرى فتدعوه وترغبه في نفسها وتزهده في الأخرى، ولا يخفى أن كل هذا إذا كان المخطوب عزم أن لا يتزوج إلا واحدة، فأما إذا جمع بينهما فلا تحرم) هـ.
47- باب "تفسير ترك الخطبة"
…ابن بطال: ( إن قال قائل كيف ترجم البخاري لهذا الحديث " تفسير ترك الخطبة" وقد تقدم من مذاهب العلماء أن الخطبة جائزة على خطبة غيره إذا لم تركن إليه، والنبي عليه السلام حين أخبر بذلك أبا بكر لم يكن أعلم به عمر فضلا عن أن يركن إليه، فالجواب أن الترجمة صحيحة، والمعنى الذي قصده البخاري معنى دقيق جدا يقضي بقوة ذهنه ورسوخه، وهو أن أبا بكر علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب إلى عمر لا يرده، بل يرغب فيه ويشكر الله عليه، فقام علم أبي بكر بهذا الحال مقام الركون والتراضي، فكأنه يقول: كل من ذكر امرأة وعلم أنه لا يصرف إذا خطب لا ينبغي لأحد أن يخطب على خطبته)(1).
48- باب الخطبة:
بضم الخاء، أي استحبابها عند الخطبة - بكسرها - بأن يأتي الخاطب بكلام مشتمل على ثناء على الله تعالى وصلاة على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، ويقدمه أمام الخطبة.
…ابن بطال: ( الخطبة عند الحاجة من الأمر القديم المعمول به، ويروى عن ابن مسعود أنه قال: علمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة الحاجة:
الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم يقرأ:
__________
(1) - نقله من الفتح 9/252.(7/75)
-" يَأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْس وَّاحِدَة" إلى "رَقِيبًا"(1)،
-" اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا" إلى "عَظِيمًا" (2)،
-" اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ"(3).
…واستحب جمهور العلماء الخطبة في النكاح، قال مالك: وهي من الأمر القديم، وما قل منها فهو أفضل)، هـ منه.
…5146- رجلان: هما الزبرقان بن بدر(4) وعمر بن الأهتم(5). من المشرق: أي مشرق المدينة.
…فخطبا: أي خطب كل واحد منهما خطبة بليغة يذكر فيها مفاخره. إن من البيان: أي الإيضاح البليغ مع اللفظ المستغرب. لسحرا: أي مثله لاستمالته قلوب السامعين بتحسينه وتنميقه كما يميلها السحر، قيل القصد بهذا الكلام الذم لأن البيان يفعل في القلوب من الإمالة والتحريك ما يفعله السحر، وقيل القصد به المدح، فإن الله تعالى امتن على عباده بالبيان فقال: "خَلَقَ الاِنسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ"(6)، القرطبي: ( وهذا التأويل أولى لهذه الآية وما في معناها) هـ.
__________
(1) - سورة النساء، الآية 1.
(2) - سورة الأحزاب، الآية 70.
(3) - سورة آل عمران، الآية 102.
(4) - الزرقان بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب التميمي السعدي، يقال: كان اسمه الحصين، ولقب الزبرقان لحسن وجهه، وهو من أسماء القمر. وقصة في الوافدين من تميم على النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة. عاش إلى خلافة معاوية.
ترجمته في: الإصابة 2/550-552، والاستيعاب ص: 560.
(5) - عمرو بن الأهتم بن سمي بن خالد بن منقر بن عبيد بن مقاعس بن عمرو بن كعب التميمي، واسم أبيه الأهتم سنان.
كان عمرو خطيبا جميلا، بليغا شاعرا.
ترجمته في: الإصابة 4/604-605، والاستيعاب ص: 1163.
(6) - سورة الرحمن، الآية 3.(7/76)
…ابن حجر: ( وجه مناسبة الحديث للترجمة الإشارة إلى أن الخطبة وإن كانت مشروعة في النكاح فينبغي ألا يكون فيها ما يصرف الحق إلى الباطل بتحسين الكلام)(1).
…49- باب "ضرب / الدف في النكاح والوليمة":
…أي جوازه، والدف هو الغربال وهو المعروف عندنا بالبندير، وإلى حكمه مع غيره أشار الشيخ بقوله: ( لا الغربال)(2)، أي فلا يكره في الوليمة، قال الزرقاني: ( والنص والحديث يدلان على ندبه فيهما)هـ(3) ، وقال المهلب: ( السنة إعلان النكاح بالدف والغناء المباح ليكون ذلك فرقا بينه وبين السفاح) هـ؛ ثم قال الشيخ: ( وفي جوازِ الْكَبَرِ-وهو الطبل أو افوال-، والمِْزْهَرِ -وهو المربع المغشى من الجهتين المسمى عندنا بالدف، أو العود ذو الأوتار، أي وكراهتهما، ثَالِثُهَا يجوزُ في الْكَبَرِ، ابن كنانة: وتجوزُ الزَّمَّارَةُ -وهي الغيطة- والْبوُقُ-وهو النفير-) هـ(4).
…وروى الترمذي وابن ماجة عن عائشة مرفوعا: ( أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف)(5)، وروى أحمد وغيره عن ابن حاطب: ( فصل مابين الحلال والحرام الضرب بالدف)(6).
…5147- كمجلسك مني: ابن العربي: ( تريد أمامها وحيث يجلس الرأس(7)هـ.
__________
(1) - الفتح 9/252.
(2) - مختصر خليل 1/178.
(3) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 4/54.
(4) - مختصر خليل 1/178، ( وما تحته سطر فهو من كلام الشبيهي رحمه الله).
(5) - أخرجه ابن ماجة في النكاح رقم 1895 بلفظ: " واضربوا عليه بالغربال"، والبيهقي 7/290، والترمذي 1/202، وأورده الألباني في الضعيفة رقم 982.
(6) - أخرجه أحمد رقم 14904 وكذا 17563، والترمذي في النكاح رقم 1008، والنسائي في النكاح رقم 3316، وابن ماجة في النكاح رقم 1887.
(7) - كذا في الأصل، ونبه عليه العرائشي في نسخته، وهو كذلك في العمدة 20/135.(7/77)
…ابن حجر: ( الذي وضح لنا بالأدلة القوية أن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها، وهو الجواب الصحيح عن قصة أم حرام بنت ملحان(1) في دخوله عليها ونومه عندها وتفليتها رأسه، (و) لم يكن بينهما محرمية ولا زوجية) هـ(2).
…وبهذا جزم الزركشي كما سبق، والعيني أيضا ونصه: ( الجواب الصحيح الواضح أن من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها، كما ذكرنا في قصة أم حرام ولم يكن بينهما محرمية)(3).
…يوم بدر: الدماميني: ( قيل صوابه يوم بعاث)، وفي السفاقسي: ( يوم أحد).
…دعي هذه: لما فيها من مزج الجد باللعب، إذ منصبه - صلى الله عليه وسلم - أجل وأعلى أن يذكر إلا في مجالس الجد.
…المهلب: ( فيه إقبال الإمام والعالم إلى العرس وإن كان فيه لعب ولهو مالم يخرج اللهو عن المباحات منه) هـ، نقله ابن بطال(4).
50- باب قول الله عز وجل: " وَءَاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاِتهِنَّ نِحْلَةً"(5):
مصدر، أي عطية عن طيب نفس.
…وكثرة المهر: ابن عبد البر: ( أجمع العلماء أنه لا حد في أكثر الصداق لقوله تعالى: "وَءَاتَيْتُمُ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا"(6)، واختلفوا في أقله).
…وأدنى ما يجوز من الصداق: وقع فيه خلاف بين الأئمة كما سبق، ومذهبنا في ذلك هو قول ابن عاصم(7)
__________
(1) - أم حرام بنت ملحان، أخت حرام بن ملحان، وخالة أنس بن مالك.
تزوجت عبادة بن الصامت، وخرجت معه راكبة البحر، فلما جازت ركبت دابة فصرعتها فقتلتها، وكانت تلك غزوة قبرس في خلافة عثمان، وقصتها في الصحيح بشأن إطعامها النبي صلى الله عليه وسلم وفليها رأسه.
ترجمتها في: الإصابة 8/189-190، والاستيعاب ص: 1931.
(2) -الفتح 9/254، والواو زيادة منه.
(3) - عمدة القاري 20/136.
(4) - انظر الفتح 9/254.
(5) - سورة النساء، الآية 4.
(6) - سورة النساء، الآية 20.
(7) - أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عاصم الغرناطي.
له: تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام، والأمل المرقوب في قراءة يعقوب، وإيضاح المعاني في القراءات الثمان، ونيل المنى في اختصار الموافقات.
توفي سنة 829هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 289، وكشف الظنون 365.(7/78)
: ورُبْعُ دينار أقلُّ المُصْدَقِ - وليس للأكثرِ حَدُّ ما ارْتُقِي(1).
…وقال الشيخ: ( وفَسَدَ إنْ نَقَصَ عَنْ رُبُعِ دينار أو ثلاثةِ دراهمَ خالصة أو مُقَوَّم بهما، وأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ وإلا فُسِخَ)(2).
…ولو خاتم من حديد: أي قيمته ربع دينار فأعلى.
…5148- بشاشة العروس: فرحه. نواة من ذهب: هي خمسة دراهم من الورق، وقيل هي ربع دينار.
51- باب التزويج على القرآن:
أي على تعليمه، وبغير صداق: أي بغير ذكره وإلا فلابد منه، وقد حصل ابن عرفة في كون الصداق منفعة من تعليم قرآن أو خدمة مدة معينة خمسة أقوال: الأول الكراهة فيمضي بالعقد، الثاني المنع فيفسخ قبل البناء ويثبت بعده بمهر المثل...إلخ؛ وإلى هذين القولين أشار الشيخ بقوله: ( وفي مَنْعِهِ بِمَنَافِعَ أو تعليمِها قرآنا أو إِحْجَاجِهَا ويَرْجِعُ بقيمةِ عَمَلِهِ للفسخِ وكَرَاهَتِهِ قَوْلاَنِ)(3).
…5149- بما معك من القرآن: زاد الدارقطني: ( على أن تعلمها وتقرئها).
…52- باب "المهر بالعُرُوضِ وخاتم حديد":
…أي جواز ذلك إن كانت قيمته ربع دينار فأكثر.
53- باب الشروط في النكاح:
…أي بيان حكمها من إجازة ورد، واعلم أن الشروط في النكاح عندنا على أقسام ثلاثة: الأول: ما يقتضيه العقد كشرط أن ينفق عليها أو يقسم لها أو يبيت عندها أو لايضرها، فهذا جائز لا يوقع في العقد خللا ويحكم به شرط أو ترك.
…الثاني: ما يكون مناقضا لمقتضى العقد كشرط ألا يقسم لها، أو يؤثر عليها، أو لاينفق عليها، أو لا يكسوها، أو لا يعطيها ولدها، أولا يأتيها ليلا، أو لا يطأها نهارا /، أو لا إرث بينهما، أو إن لم يأت بالصداق لكذا فلا نكاح بينهما، فهذا لا يجوز اشتراطه في عقد النكاح، ويفسد به إن شرط فيه، ويفسخ قبل الدخول ويثبت بعده ويسقط الشرط، هذا هو المشهور.
__________
(1) - تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام ص: 26.
(2) - مختصر خليل 1/167.
(3) - مختصر خليل 1/169.(7/79)
الثالث: مالا يقتضيه العقد ولا ينافيه وللزوجة فيه غرض، كشرط ألا يتزوج عليها، أو لا يتسرى، أو لا يخرجها من بلدها أو بيتها، أولا يغيب عنها، فهذا النوع لايفسد به النكاح ولا يقتضي فسخه لا قبل الدخول ولا بعده، ثم إن الزوج إن شرط على نفسه شيئا من ذلك في العقد أو بعده وعلقه على شيء كطلاق أو عتق، كقوله إن تزوجت عليها فهي طالق، أو فأمرها بيدها، أو فالتي أتزوجها طالق أو نحوه، وتزوج عليها، لزمه ما علقه عليه، وإن لم يعلقه على شيء فالشرط مكروه ولا يلزمه، ويستحب له الوفاء به، هذا محصل ما للحطاب في التزاماته(1)، والله أعلم.
…مقاطع الحقوق عند الشروط: أي المباحة التي لا تنافي المقصود.
…صهرا له: هو أبو العاصي بن الربيع زوج زينب(2).
…حدثني: أنه لا يتزوج على زينب، وصدقني: فلم يتزوج عليها، ووعدني: لما أسر ببدر أن يرسل إلى زينب، فوفاني: بأن وجهها لي.
…5151- أحق ما أوفيتم من الشروط: التي أمر الله بها من المهر المشروط في مقابلة البضع، وهو مبتدأ. أن توفوا به: بدل من أوفيتم. ما استحللتم به …إلخ: خبر.
54- باب "الشروط التي لا تحل في النكاح":
…وهي المناقضة لمقتضى العقد.
…لا تشترط المرأة: عند عقد نكاحها. طلاق أختها: في النسب أو الرضاع أو الدين أو البشرية لتدخل الكافرة، إذ المراد بها الضرة، والنهي للتحريم.
__________
(1) - تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب ص: 327 وما بعدها ( فصل في الشروط المنافية لمقتضى العقد).
(2) - زينب بنت رسول الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشية الهاشمية.
هي أكبر بناته، وأول من تزوج منهن، تزوجها ابن خالتها أبو العاصي بن الربيع، وولدت منه عليا، وقد مات لما ناهز الاحتلام، وأمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب بعد فاطمة الزهراء.
ترجمتها في: الإصابة 7/665-666، والاستيعاب ص: 1853.(7/80)
…5152- تسأل: عند خطبتها. تستفرغ صحفتها(1): أي تجعلها فارغة لتفوز بحظها من النفقة والعشرة، قال في العارضة: ( ويجوز للمرأة الداخلة أن تمنع الخارجة من الدخول وتقول للزوج لا تنكحها فإنها مضايقتنا في معيشتنا، وتمنعه منها بهذه النية لأنها لم تطلب من حظ تلك شيئا، وإنما كرهت أن تشاركها في حظها، وذلك لا يناقض القدر ولا يمنع قصده في الشرع) هـ.
55- باب الصفرة للمتزوج:
…أي جوازها، وهو مقيد عند المالكية بما إذا كانت في الثوب، أما البدن فلا تجوز فيه، فما يفعله بعض المتزوجين اليوم من تصفير أيديهم بالحناء غير جائز.
…5153- وبه أثر صفرة: من خلوق وهو طيب مركب من زعفران وغيره، أي في ثوبه لابدنه، أو لصقت به من المرأة.
56- باب:
…بغير ترجمة كالفصل مما قبله.
…ابن حجر: ( ومناسبة حديثه للترجمة قبله من جهة أنه لم يقع في قصة تزويج زينب ذكر للصفرة، فكأنه يقول: الصفرة للمتزوج من الجائز لا من المشروط لكل متزوج)هـ(2)، وما أبداه العيني في وجهها غير ظاهر(3)
__________
(1) - قال الطيبي: ( هذه استعارة مستملحة تمثيلية، شبه النصيب والبخت بالصحفة وحظوظها وتمتعاتها بما يوضع في الصحفة من الأطعمة اللذيذة، وشبه الافتراق المسبب عن الطلاق باستفراغ الصحفة عن تلك الأطعمة)، نقله في الفتح 9/275.
(2) - الفتح 9/276.
(3) - قال في العمدة 20/145: ( قيل لا وجه لذكر هذا الحديث في باب الصفرة للمتزوج، وأجيب بثبوت لفظ " باب" في أكثر الروايات، ورد بأن لفظ "باب" كما ذكرنا كالفصل لما قبله، وهو داخل فيه، وقال بعضهم: مناسبته للترجمة من جهة أنه لم يقع في قصة تزويج زينب بنت جحش ذكر للصورة، فكأنه يقول: الصفرة للمتزوج من الجائز لا من الشروط لكل متزوج - انتهى-،
قلت: هذا كلام واه جدا لأن الترجمة في الصفرة للمتزوج، والحديث ليس فيه ذكر الصفرة مطلقا، فكيف تقع المطابقة، والأوجه أن يقال إن المطابقة من حيث أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالوليمة في الحديث السابق، وفي هذا الحديث أولم هو، وبين أمره بشيء وفعله إياه اتحاد، فلا مطابقة أتم من هذا).(7/81)
.
57- باب كيف يدعى للمتزوج:
بعد دخوله بزوجه.
…5155- بارك الله لك: وروى الترمذي: ( كان - صلى الله عليه وسلم - إذا رفأ من تزوج قال: بارك الله لك وعليك، وجمع بينكما بخير) هـ(1).
…ابن بطال: ( إنما أراد بهذا الباب والله أعلم رد قول العامة في العرس: بالرفاء والبنين، على ما كان يقوله أهل الجاهلية وقد وري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى أن يقال ذلك)(2).
58- باب "الدعاء للنساء اللاتي / يهدين العروس وللعروس":
أي مشروعية ذلك.
…5156- أمي: أم رومان. فقلن: لأمي رومان ومن معها وللعروس. على الخير والبركة: قدمتن. وعلى خيرطائر: أي حظ ونصيب، وفي حديث عمرو بن شعيب(3) عن أبيه عن جده قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: ( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها، وشر ما جبلتها)، وفي الموطأ: (فليأخذ ناصيتها وليدع بالبركة)(4)، هـ من العارضة.
59- باب من أحب البناء:
أي الدخول بزوجه قبل الغزو: ليكون فارغ البال.
…5157- بنى: هو يوشع أو داود عليهما السلام. بُضْع امرأة: نكاحها. ولم يبن بها: لتعلق قلبه غالبا بها.
60- باب من بنى بامرأته وهي بنت تسع سنين:
…أي جاز له ذلك لكونها في سن من يطيق النكاح.
61- باب بناء العروس في السفر:
أي جوازه.
…5159- الانطاع: السفر من جلد. ومد الحجاب… الخ: فكانت من أمهات المؤمنين.
__________
(1) - أخرجه أبو داود في النكاح 36، والترمذي في النكاح 7، وأحمد 2/381.
(2) - مثله في الفتح 9/276-277.
(3) - عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، أبو إبراهيم المدني.
روى عن أبيه وعمته زينب بنت محمد وطاووس ومجاهد وعطاء والزهري.
وعنه هشام بن عروة وثابت البناني وحميد الطويل والأوزاعي.
ترجمته في: التاريخ الكبير 6/342، والجرح والتعديل 6/238، وتهذيب التهذيب 8/48، والتقريب رقم 5050.
(4) - أخرجه مالك في الموطأ، جامع النكاح، رقم 46.(7/82)
62- باب البناء بالنهار:
…أي جوازه. بغير مركب: للزوج أو للزوجة. ولا نيران: توقد كالشموع ونحوها بين يدي العروس.
63- باب الأنماط:
جمع نمط، ضرب من البسط له خمل، وقيل ظهارة الفراش. ونحوها للنساء: أي جواز اتخاد ذلك.
…5161- قال رسول الله صلى الله عليه: له أي لجابر لما تزوج. إنها ستكون: فيها جواز اتخاذها إذا لم تكن من حرير، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر بها ولم ينه عنها.
64- باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها ودعائهن بالبركة:
للزوجين.
…5162- امرأة: كانت يتيمة في حجر عائشة ذات قرابة منها، ولم يقف الحافظ على اسمها(1). إلى رجل: هو نبيط بن جابر الأنصاري(2).
…ماكان معكم لهو؟: في رواية شريك فقال: فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني، قلت: تقول ماذا؟ قال:
أتيناكم أتيناكم … - …فحيونا نحييكم
لولا الذهب الأحمـ - … ـر ما حلت بواديكم(3).
…والمطابقة بالنسبة للشق الأول مأخوذة من قوله: ماكان معكم...إلخ، حيث عبر بصيغة الجمع، ولعله كان مع النسوة رجال فوقع التغليب، وأما الشق الثاني فلم تظهر له مناسبة، وهو ساقط لغير أبي ذر.
65- باب الهدية للعروس:
…أي جوازها أو مطلوبيتها صبيحة البناء.
…5163- مر بنا: أي أنس، بحنبات: ناحية. وأقط: لبن يبس بزبدة.
…فاتخذت: من ذلك. حيسة: اسم للطعام المركب مما ذكر. غاص: ممتلئ.
…تصدعوا: تفرقوا. أغتم: أحزن من عدم خروجهم. إناه: نضجه.
__________
(1) - في قوله في الفتح 9/281: ( لم أقف على اسمها صريحا).
(2) - نبيط بن جابر بن مالك بن عدي بن زيد بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار الأنصاري.
شهد أحدا، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم الفريعة بنت أسعد بن زرارة، وكانت من المبايعات.
ترجمته في: الإصابة 6/422، والاستيعاب ص: 1492.
(3) - انظر الفتح 9/281-282.(7/83)
الزركشي: (سيذكر بعد ورقة عن أنس أنه أولم عليها بشاة وهنا بالحيس، وفيه كانت الآية، فقال القاضي: هذا وهم من بعض الرواة وتركيب قصة على أخرى، وقال غيره: بل يصح وأنه اجتمع فيه الأمران)هـ(1) ، وبهذا أجاب ابن حجر حيث قال: (حضور الحيسة صادف حضور الخبز واللحم فأكلوا كلهم من ذلك) هـ(2).
…66- باب استعارة الثياب للعروس وغيرها:
…أي غير الثياب كالحلي، أو غير العروس أي جواز ذلك، وهو الذي / استظهره الأبي من أئمتنا وإن روي عن الإمام مالك في العتبية كراهة ذلك.
…5164- قلادة: قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة إذ ليست القلادة من الثياب ولم تكن عائشة ح عروسا، وأجاب ابن حجر(3) بجواب استبعده العيني جدا(4)، وأجاب هو - أي العيني - بجواب أبعد منه، انظرهما في الإرشاد(5).
…وأقول: مطلوب الترجمة الاستدلال على جواز استعارة الثياب وغيرها للعروس، أو جواز استعارة الثياب للعروس وغير العروس، ودل الحديث على جواز استعارة غير الثياب لغير العروس فيؤخذ منه مطلوب الترجمة على الاحتمالين من باب أحرى لأن الحاجة للثياب أشد منها لغيرها، وحاجة العروس للإعارة أقوى منها لغيرها، وبه يظهر وجه المطابقة فتأمله، والله أعلم.
67- باب ما يقول الرجل إذا أتى أهله:
…أي إذا أراد جماع أهله.
__________
(1) - التنقيح ص: 214.
(2) - الفتح 9/283.
(3) - في الفتح 9/284: ( ووجه الاستدلال به من جهة المعنى الجامع بين القلادة وغيرها من أنواع الملبوس الذي يتزين به للزوج أعم من أن يكون عند العرس أو بعده).
(4) - انظر العمدة 20/153.
(5) - قال في الإرشاد 8/77: ( ولا مطابقة بين الحديث والترجمة، إذ ليست القلادة من الثياب، ولم تكن عائشة حينئذ عروسا، وأجاب في الفتح بأن ذلك من جهة المعنى الجامع بين القلادة وغيرها من أنواع الملبوس الذي يتزين به للزوج أعم من أن يكون عند العرس، أو بعده، وأجاب العيني بأنا إذا أعدنا الضمير في قوله في الترجمة وغيرها إلى العروس تحصل المطابقة).(7/84)
…5165- لم يضره شيطان أبدا: أي لا يتخبطه ولا يخالطه بما يضر عقله وبدنه، ولم يحمله أحد على العموم في جميع الضرر والوسوسة والإغواء كما سبق.
68- باب الوليمة:
هي الطعام المتخذ للعرس. حق: ثابت في الشرع، وهي عندنا مستحبة بعد البناء.
قال القاضي: ( واستحبها بعض شيوخنا قبل البناء حتى يكون الدخول بعد الشهرة بها، وأجمعوا على أنه لا حد لأكثرها، وأما أقلها فما تيسر أجزأ، والمستحب أنها على قدر حال الزوج).
…أولم: ندبا.
…5166- أمهاتي: أمه وخالاته.
69- باب الوليمة ولو بشاة:
أي استحبابها ولو بما قل.
…5169- وجعل عتقها صداقها: هذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. بحيس: سمن وتمر وأقط.
…5170- بامرأة: هي زينب بنت جحش.
…70- باب من أولم على بعض نسائه أكثر من بعض:
…أي فهو جائز، لأن التفاوت في الوليمة لا يخل بالعدل الواجب بين النساء.
…5171- أولم بشاة: وهي أكثر مما أولم على غيرها، قال ابن بطال: ( وقع ذلك اتفاقا لا قصدا)(1).
71- باب من أولم بأقل من شاة:
…أي فقد حصل السنة.
…5172- على بعض نسائه: لعلها أم سلمة(2).
72- باب حق إجابة الوليمة:
أي طعام العرس(3)، أي وجوب إجابتها بشرطه الآتي. والدعوة: إليها.
…ومن أولم لسبعة أيام ونحوه: هذا من جملة الترجمة.
… قال القاضي في الإكمال: (اختلف السلف في تكرير الوليمة أكثر من يومين بإجازته وكراهته، واستحب أصحابنا لأهل السعة كونها أسبوعا، قال بعضهم: وذلك إذا دعى في كل يوم من لم يدع قبله ولم يكرر عليهم، وكرهوا فيها المباهاة والسمعة).
__________
(1) - انظر الفتح 9/296.
(2) - قال في الفتح 9/298: ( لم أقف على تعيين اسمها صريحا، وأقرب ما يفسر به أم سلمة).
(3) - قال الشافعي: ( تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرور حادث من نكاح أو ختان وغيره فيقال: وليمة الختان ونحو ذلك)، انظر الفتح 9/300.(7/85)
…ولم يوقت النبي صلى الله عليه يوما ولا يومين: بل أطلق في ذلك، وما روي في ذلك قال البخاري: "لا يصح إسناده" (1).
…5173- فليأتها: أي وجوبا، ونقل النووي -كابن عبد البر- الإجماع على وجوب الإجابة لوليمة العرس عند توفر الشروط(2)، وقال الشيخ خ: ( وتجبُ إجابةُ مَنْ عُيِّنَ وإِنْ صائمًا إِنْ لم يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى به ومُنْكَر كَفَرْشِ حرير وصُوَر على كَجِدَار لاَ مع لَعِب مُبَاح ولو في ذي هيئة وكثرةُ زِحَام وإغلاقُ باب دُونَهُ، وفي وجوبِ أَكْلِ المفطرِ تَرَدُّدٌ)هـ(3).
…وقال ابن العربي: ( أما الذي يصح في هذا كله عند النظر –والله أعلم- أن إجابة الدعوة واجبة إذا خلصت نية الداعي لله، وخلصت وليمته عما لا يرضي الله، ولما عدم هذا أسقط الوجوب عن الخلق)، هـ من عارضته.
…زاد في المسالك: ( بل حرم عليهم إتيان ذلك لما فيها اليوم من اللهو والتبرج وغير ذلك) هـ، وقال أيضا: ( كان - صلى الله عليه وسلم - يجيب كل مسلم، فلما فسدت مكاسب الناس والنيات كره العلماء لذي المنصب أن يسرع للإجابة إلا على شروط) هـ.
…ونقل ابن حجر عنه ما نصه: ( كانت الإجابة للدعوة واجبة، فلما اختلطت مكاسب الناس وفسدت نيتهم انقبض عنها أهل الخير).
…5174- العاني: الأسير. الداعي: إلى وليمة عرس.
__________
(1) - قاله البخاري في التاريخ في ترجمة زهير بن عثمان، كما في الفتح 9/302.
(2) - قال في شرح صحيح مسلم 9/234: ( الأصح في مذهبنا أنه فرض عين على كل من دعي، لكن يسقط بأعذار).
(3) - مختصر خليل 1/178.(7/86)
…5175- أمرنا النبي صلى الله عليه بسبع: أي أمر إيجاب أو ندب. بعيادة المريض:وهي مندوبة ولوكان ذميا. واتباع الجنائز: وهو مندوب أيضا إلا إذا لم يوجد من يقوم بالميت، فيصير تجهيزه ودفنه فرض كفاية. وتشميت العاطس: سنة كفاية / بشرط الحمد. وإبرار المقسم: مندوب. ونصر المظلوم: واجب لمن قدر عليه ولو كان ذميا. وإفشاء السلام: مستحب. وإجابة الداعي: إلى الوليمة واجب بشرطه. ونهانا: نهي تحريم في الجميع، وعن المياثر: جمع ميثرة، فراش من حرير محشو بقطن، يجعله الراكب تحته على الرحل أو السرج. والقسية: ثياب كتان مخلوط بحرير. والإستبرق: ما غلظ من الحرير. والديباج: ما رق منه، وبقي واحد نسيه الراوي وهو الحرير.
…5176- امرأته: سلامة بنت وهب(1).
73- باب من ترك الدعوة:
أي إجابتها لوليمة عرس. فقد عصى الله ورسوله: إن وجدت الشروط وانتفت الموانع.
…5177- شر الطعام: أي من شره. يدعى لها: في موضع الصفة لوليمة، أي الوليمة التي من شأنها ما ذكر.
…القرطبي: ( تخصيص الأغنياء بالدعوة مكروه لا حرام) هـ.
…الأبي عن ابن حبيب وغيره من السلف: ( فإن خصهم سقط الوجوب) هـ.
…ابن بطال: ( فإذا ميز بين الأغنياء والفقراء، وأطعم كلا على حدة فلا بأس، وقد فعله ابن عمر) هـ(2).
…القاضي في الإكمال: ( دعى ابن عمر في وليمته الأغنياء والفقراء، فجاءت قريش ومعها المساكين، فقال ابن عمر للمساكين: هاهنا فاجلسوا لا تفسدوا عليهم ثيابهم فإنا سنطعمكم مما يأكلون) هـ.
…لكن قال ابن العربي في العارضة: ( إن هذا لم يثبت فلا تعولوا عليه، لأن فيه كسرا لنفوسهم، وإدخال إثم عليه من جهتهم لا يفي به إشباعهم) هـ.
__________
(1) - سلامة بنت وهب، أم أسيد، امرأة أبي أسيد الساعدي.
زوجها إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحضر وليمتها، فكانت هي التي تقرب الطعام إليه ومن معه.
ترجمتها في: الإصابة 8/166.
(2) - نقلا عن الفتح 9/304.(7/87)
…وفي العتبية: ( قال مالك: بلغني أن أبا هريرة دعي إلى وليمة وعليه ثياب دون، فأتى ليدخل فمنع ولم يؤذن له، فذهب ولبس ثيابا جيادا، وجاء فأدخل، فلما وضع الثريد وضع كمه عليه، فقيل له: ما هذا يا أبا هريرة؟ فقال: إنما هي التي أدخلت وأما أنا فلم أدخل، قد رددت إذ لم تكن علي، ثم بكى وقال: ذهب حبيبي ولم ينل من هذا شيئا).
…ومن ترك الدعوة...إلخ: هذا حكمه حكم مرفوع، إذ مثله لا يقال بالرأي، وقد أخرجه مسلم وغيره مرفوعا.
74- باب من أجاب إلى كُرَاع:
…أي إلى دعوة فيها كراع، وهو مستدق الساق من الرجل، ومن حد الرسغ من اليد.
…5178- لو دعيت إلى كراع: أي كراع شاة.
75- باب إجابة الداعي في العرس وغيره:(7/88)
من باقي الولائم، أي بيان حكم ذلك، وحكمه عندنا أن الإجابة في العرس واجبة بشروطها كما سبق، وفي غيره كإعذار الختان، ونقيعة لقادم من سفر، وخرس لنفاس، وعقيقة لسابع الولادة، وحدقة لختمة صبي، ووضيمة لمأثم، ومأدبة لدعوة بلا سبب، ووكيرة لتجدد المسكن، فيه خلاف، فقال أبو عمر في التمهيد ما نصه: ( إجابة الدعوة واجبة عندي وجوب سنة إذا كان طعام الداعي مباحا أكله، ولم يكن هناك شيء من المعاصي، لا ينبغي لأحد تركها في وليمة العرس وغيرها، وإتيان وليمة العرس عندي أوكد لقول أبى هريرة: "ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله"(1)، ثم قال: ( واختلف العلماء فيما تجب الإجابة إليه من الدعوات، فذهب مالك والثوري إلى أن إجابة الوليمة واجبة دون غيرها، وخالفهم في ذلك غيرهم، والصحيح عندنا ما ذكرناه أن إجابة الدعوة سنة مؤكدة مندوب إليها لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لوأهدي إلي كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت"(2)، ثم ذكر أحاديث أخر وقال: والحجة قائمة بها وهي على عمومها لا تخص دعوة من دعوة)، ثم كرر ذلك مرارا فانظره، هـ منه (3).
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الأحكام 10، وأحمد 3/209.
(2) - أخرجه مسلم في النكاح باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة، والترمذي في الأحكام باب ما جاء في قبول الهدية، وأبو داود في الأطعمة 1، وابن ماجه في النكاح 25، وابن أبي شيبة في المصنف 4/446.
(3) - التمهيد 1/272.(7/89)
…وقال ابن أبي جمرة: ( إجابة الداعي منها المفروض والمندوب والمكروه والمحرم، فأما الواجب منها فهي التي للنكاح / لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم"، لكن بشرط ألا يكون فيه ماهو محرم شرعا، فإن كان ماهو محرم شرعا فإتيانها حرام، وأما المندوب فمثل الرجل يعمل الطعام لجمع الإخوان وإدخال السرور عليهم، أو إطعام الحداق وأما أشبهه، بشرط ألا يكون فيه محرم ولا مكروه، فإن كان فيه محرم أو مكروه كان المشي إليه على نحو ما كان فيه من الكراهة أو التحريم، وأما المحرم فمثل طعام الرشا للحاكم وما أشبهه، وأما المكروه فمثل ما يكون من الأطعمة الجائزة والمقصود بها الفخر والخيلاء كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " شر الطعام طعام الولائم يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء"، وما ليس فيه من الأطعمة وجه من وجوه القرب ولا المحرمات ولا المكروهات فهو من قبيل المباح من شاء أتى ومن شاء لم يأت ) هـ.
…وفي مقدمات ابن رشد: ( استحباب الإتيان للمأدبة وإباحة ما عداها مما ذكر، وأن المكروه ما يقصد به الفخر والمحمدة، والمحرم ما يفعل لمن تحرم الهدية له ) هـ.
…76- باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس:
…أي جواز ذلك.
…5180- ممتنا: ( منعما متفضلا، أي قام إكراما لهم)، قاله في النكت(1).
…وقال في التنقيح: ( يحتمل أنه من الامتنان، لأن من قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه وأكرمه بذلك فلا منة أعظم من هذا، أو من المنة بضم الميم وهي القوة والشدة، أي قام إليهم مسرعا مشتدا في ذلك فرحا بهم)(2).
77- باب هل يرجع إذا رأى منكرا في الدعوة؟:
…نعم يرجع.
…ورأى أبو مسعود: عقبة بن عمرو الأنصاري. صورة في البيت : الذي دعي إليه للوليمة. فرجع: ولم يدخل.
__________
(1) - النكت ص:332.
(2) - التنقيح ص:215.(7/90)
…ودعى ابن عمر أبا أيوب: لوليمة عرس ابنه سالم. فرأى سترا على الجدار: فأنكر ذلك أبو أيوب. وقال: أي أبو أيوب. من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك: أي إن كنت أخشى على أحد أن يعمل في بيته مثل هذا المنكر، فلم أكن أخشى عليك ذلك، ومذهب المالكية في حكم الساتر على الجدار أنه إن كان من غير الحرير فلا بأس به، وإن كان من حرير فإن كان بحيث يستند إليه فهو حرام مانع من الإجابة، وإن كان لا يستند إليه وماهو إلا لمجرد الزينة فالأظهر خفته، ولا يصح كونه مانعا من وجوب الإجابة، قاله ابن عرفة.
…5181- نُمْرُقَة: وسادة صغيرة. فلم يدخل : لما رآه من التصاوير، وهذا موضع الترجمة، وإذا كان هذا الامتناع في بيت الإنسان فأحرى في محل الدعوة.
…هذه الصور: الحيوانية المحرمة. البيت الذي فيه الصور: المحرمة. الملائكة: أي غير الحفظة، ومحصل مذهبنا في الصور أن الصور الحيوانية التامة الأعضاء التي لها ظل حرام، والتي لا ظل لها فإن كانت ممتهنة كجعلها في حصير أو بساط فخلاف الأولى وإلا فمكروهة، وما عدا ذلك من صور الجماد والحيوان الغير التام الأعضاء جائز.
78- باب قيام المرأة في العرس وخدمتهم بالنفس:
…أي بنفسها، أي جواز ذلك بشرط الأمن من الفتنة.
…5182- أم أسيد: اسمها سلامة. تور: قدح. أماثته: عركته بيدها، قال ابن العربي: (فكانت تلك وليمته).
…79- باب النقيع والشراب / الذي لا يسكر في العرس:
…النقيع هو ما ينقع من التمر في الماء فتخرج حلاوته.
…5183- أنقعت له...إلخ: أي وسمته له.
80- باب المداراة مع النساء:
…أي الملاينة والمجاملة معهن، أي مطلوبية ذلك. وقول النبي صلى الله عليه: إنما المرأة كالضلع: بكسر الضاد وفتح اللام.
…5184- إن أقمتها: أي إن أردت إقامتها.
81- باب الوَصَاة بالنساء:
…بفتح الواو، أي الوصية.(7/91)
…5186- استوصوا بالنساء خيرا: أي تواصوا في حقهن بالخير، وقال الطيبي: (اطلبوا الوصية من أنفسكم في حقهن بخير)، فإنهن خلقن من ضلع: يعني أن أول النساء وهي حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام، أي خرجت منه كما تخرج النخلة من النواة.
…قال في العارضة: ( روي أن آدم نام فانتزع ضلع من أضلاعه اليسرى، فخلقت منه حواء، فلما أفاق وجدها إلى جنبه فلم ينفر واستأنس لأنها خلقت منه، فلذلك صارت الأضلاع اليسرى تنقص عن اليمنى واحدا).
وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه: هذا ضرب مثل لأعلى المرأة، لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها وهو الذي يحصل منه الأذى(1). كسرته: هذا ضرب مثل للطلاق، أي إن أردت أن تزيل اعوجاجها أفضى الأمر إلى فراقها.
…5187- كنا نتقي الكلام: الذي يخشى منه وصول الأذى إلى نسائنا.
…هيبة أن ينزل فينا شيء: من القرآن بنهي أو تحريم. وانبسطنا: إلى نسائنا، العيني: (قيل لا مطابقة بين الحديث والترجمة، قلت: يمكن أن تؤخذ المطابقة من قوله: وانبسطنا، لأن الانبساط إليهن من جملة الوصاية بهن)، هـ من عمدته(2).
82- باب " قُوا أَنفُسَكُمْ "(3)
احفظوها بترك المعاصي وفعل الطاعات، "وَأَهْلِيكُمْ نَارًا": أي بما تحفظوا به أنفسكم، ونبه البخاري بهذا على أنه يجب على الإنسان ألا يترك أهله هملا من غير أمر ولا نهي، بل لابد له من الأمر والنهي، لكن برفق ولين، فمن ثم أعقب هذه الترجمة لما قبلها، فلله دره.
…قال أبو عبد الله الأبي: ( كان الشيخ رضي الله عنه- يعني ابن عرفة - يقول: ليس على الزوج في ترك زوجته الصلاة إلا أن ينهاها، فإن لم تنته لم يطلقها، ولا يلزمه رفع أمرها إلى القاضي، لأنها قد تمتثل مرة ثم تعاود فيشق عليه تكرار الرفع كلما تركت).
…5188- كلكم راع: حافظ أمين، وكلكم مسؤول: أي عن رعيته، ومن لا رعية له فهو راع على أعضائه وجوارحه ومسؤول عنها.
__________
(1) - باللفظ من الفتح 9/315.
(2) - العمدة 20/167.
(3) - سورة التحريم الآية 6.(7/92)
83- باب حسن المعاشرة مع الأهل:
…بملاطفتهم والإحسان إليهم، أي مطلوبية ذلك.
…قال القاضي عياض: ( وردت الآثار الصحاح بحسن عشرته - صلى الله عليه وسلم - لأهله ومباسطته إياهم، وكذلك السلف لصالح، وقد كان مالك رضي الله عنه يقول: في ذلك مرضاة لربك، ومحبة في أهلك، ومتراة في مالك، ومنسأة في أجلك، وكان رضي الله عنه من أحسن الناس خلقا مع أهله وولده، وكان يقول: يجب على الإنسان أن يتحبب إلى أهل داره حتى يكون أحب الناس إليهم) هـ.
…5189- عن عائشة قالت: مما هو موقوف عليها عدا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كنت لك كأبي زرع" …إلخ فهو مرفوع، وأخرجه النسائي وغيره من أوجه مرفوعا كله (1).
ابن حجر: ( وقد سمعه - صلى الله عليه وسلم - وأقره، فيكون مرفوعا من هذه الحيثية أيضا)(2).
…إحدى عشرة امرأة: من أهل اليمن. قالت الأولى: تذم زوجها ولم تسم /. لحم جمل غث: هزيل. جبل: زاد في رواية: "وعر"، وفي أخرى: " وعث"(3)، وهي أوفق للسجع، شبهته لقلة خيره بلحم الجمل المهزول وهو أخبث اللحم، وخلقه السيء بالجبل الوعر، ثم فسرت ذلك بقولها: لا سهل هو أي الجبل، فيرتقى: يصعد إليه لأخذ اللحم وإن كان هزيلا، ولا سمين: هو أي اللحم، فينتقل: أي تتحمل المشقة في صعود الجبل لنقله وأخذه، وفي رواية: فينتقى، وهو أوفق للسجع، أي يختار للأكل فيتناول.
__________
(1) - أخرجه مسلم 4/1901 في فضائل الصحابة باب ذكر حديث أم زرع، وابن حبان في صحيحه 16/35، والنسائي في السنن الكبرى 3/355 في أبواب حقوق الزوج.
(2) - الفتح 9/319.
(3) - الأولى لأبي عبيد والترمذي، والثانية من رواية الزبير بن بكار، انظر الفتح 9/322.(7/93)
…قالت الثانية: تذم زوجها، واسمها عمرة بنت عمرو(1). لا أبث خبره: لا أظهره ولا أشيعه. إني أخاف ألا أذره: أي الخبر، أي أخاف ألا أفرغ منه لأنه لطوله جدا لم أستطع استيفاءه، فاكتفت بالإشارة خشية مللهن . عُجَرَه: عيوبه الظاهرة، وبُجَرَه: أسراره الباطنة.
…قالت الثالثة: تذم زوجها واسمها حبى بنت كعب(2). العَشَنَّق: الطويل المذموم الطول، وقيل السيء الخلق. أُعَلَّقُ: أي أكون عنده معلقة لا ذات زوج فأنتفع به، ولامطلقة فأتفرغ لغيره.
…قالت الرابعة: تمدح زوجها، واسمها مهدد بنت أبي هزومة(3). كَلَيْلِ تِهَامَة: أي مكة وما والاها، وليلها مما يضرب به المثل في الحسن. لا حَرٌّ: مفرط، ولا قَرٌّ: برد، ولا سآمة: ملل، وصفته بطيب العشرة وحسنها واعتدال حاله وسلامة باطنه، وعدم شره، فلاتخاف أذاه ولا تسأم منه.
…قالت الخامسة: تمدح زوجها، واسمها كبشة(4). إذا دخل فَهِدَ: فعل فعل الفهد من النوم والغفلة عن معايبها، أو من الوثوب عليها والمبادرة إلى جماعها، وكلا الفعلين من أوصاف الفهد، قالوا: " أنوم من فهد، وأوثب من فهد". وإن خرج أَسِدَ: فعل فعل الأسد من الشجاعة والشهامة، ولا يسأل عما عهد: أي عما له به عهد في البيت من ماله إذا فقده لكرمه.
…قالت السادسة: تذم زوجها، واسمها هند(5). إن أكل لَفَّ: استقصى ماقدم إليه. اشْتَفَّ: شرب الجميع. الْتَفَّ: في ثيابه وحده فهي كئيبة لذلك. ولا يولج الْكَفَّ: بداخل بدنها. ليعلم الْبَثَّ: الحزن الذي عندها من أجله، فجمعت في ذمه اللؤم والبخل، وسوء العشرة مع أهله، وقلة رغبته في النكاح، مع كثرة أكله وشربه، وهذه غاية الذم عند العرب.
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - الفتح 9/321.
(3) - الفتح 9/321.
(4) - الفتح 9/321.
(5) - الفتح 9/321.(7/94)
…قالت السابعة: تذم زوجها، واسمها حبى بنت علقمة(1). عَيَايَاء: من العي أي تعييه مباضعة النساء؛ قال في النكت: ( العياياء من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح، وكذلك هو من الرجال)(2).
…أو غَيَايَاء: " أو" للشك، والشاك هو عيسى بن يونس، وهو من الغي ضد الرشد.
…طَبَاقَاء: هو الأحمق، وقيل الثقيل الصدر عند الجماع الذي يطبق صدره على صدر المرأة فيرتفع عجزه عنها، وهو مذموم عند النساء. كل داء له داء: أي كل ما تفرق في الناس من الأدواء اجتمع فيه. شَجَّك: جرحك في رأسك، أو فَلَّك: جرحك في بدنك. أو جَمَعَ كُلاًّ لك: من الشج والفل، وصفته بالحمق والعجز عن الجماع وسوء العشرة.
…قالت الثامنة: تمدح زوجها، واسمها ياسر بنت أوس. مَسُّ أرنب: دويبة لينة المس ناعمة الوبر. رِيحُ زَرْنَب: نبت طيب الرائحة، وصفته بلين جسمه وطيب / رائحته، أو كنت بذلك عن حسن خلقه وجميل عشرته.
… قالت التاسعة: تمدح زوجها، ولم تسم. رفيع العِماد: عالي البيت كناية عن شرفه، فإن الأشراف يعلون بيوتهم ويضربونها في المواضع المرتفعة ليقصدهم الطارقون والوافدون. طويل النَّجاد: حمائل السيف، كناية عن طول قامته، والعرب تتمدح بذلك وتذم بالقصر. عظيم الرَّماد: كناية عن جوده، وكثرة أضيافه. قريب البيت من الناد: أصله النادي فحذفت الياء للسجع، وهو مجلس القوم، كناية عن شرفه وأن قومه لا يبرمون أمرا دونه، وكذلك كانت بيوت الأشراف بين مجالس القوم لتسهل مراجعتهم في الأمور ومشاورتهم.
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - النكت ص: 333.(7/95)
…قالت العاشرة: تمدح زوجها، واسمها كبشة بنت الأرقم(1). مالك: هذا اسمه. وما مالك؟: استفهام تعظيم وتفخيم، أي أنه أمر عظيم لا يعبر عنه. مالك خير من ذلك: أي أنه أعظم مما ذكر فيه من خير، وفوق ما اعتقد فيه من سؤدد، فالإشارة بذلك إلى ما تعتقده فيه من صفات المدح، أو إلى ما ستذكره به، أو إلى ما تقدم من الثناء على الذين قبله. كثيرات المبارك: جمع مبرك، موضع بروك الإبل. قليلات المسارح: جمع مسرح، محل المرعى، تشير إلى أنه لكثرة أضيافه واستعداده لهم، لا يوجه من إبله للمرعى إلا ما قل منها، ويبقى الكثير منها باركا بفنائه معدا للنحر للأضياف. إذا سمعن: هن، أي الإبل. صوت المِزْهَر: دف مربع من آلات اللهو، يضرب به عند قدوم الأضياف فرحا بهم.
أيْقَنَّ أنهن هوالك: لما علمن من عادة مالكهن المذكور من كثرة النحر للأضياف.
…قالت الحادي عشرة: ( كذا وقع في أصل ابن سعادة، وصوابه: " الحادية عشرة")، قاله العارف، تمدح زوجها وهي أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة، واسمها عاتكة.
…تنبيه: اعتمدت في تسمية هؤلاء النسوة عدا الأخيرة ما للنووي في شرح مسلم ونصه: (قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في كتاب المبهمات: لا أعلم أحدا سمى النسوة المذكورات في حديث أم زرع إلا من الطريق الذي أذكره، وهو غريب جدا)(2)، فذكره…إلخ، أي على نحو ما سقته، وأما الأخيرة فقال الدماميني: ( اسمها فيما حكى ابن دريد "عاتكة")(3)، وعلى ما للخطيب سلك الدماميني والعيني(4) والقسطلاني(5)، وأما السيوطي فجرى في تسميتهن على خلاف ذلك(6)
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - شرح النووي على مسلم 15/212، وهو في تعليق المصابيح ص: 542.
(3) - تعليق المصابيح ص: 543.
(4) - انظر العمدة 20/169 وما بعدها.
(5) - انظر الإرشاد 8/90 وما بعها.
(6) - سماهن في التوشيح ( ص: 446( 450) كما يلي:
1- جهود بنت أبي مهزومة؛ 2- لم تسم، 3- كبشة بنت الأرقم؛ 4- لم تسم؛ 5- حبى بنت علقمة؛ 6- بنت أوس بن عبيد؛ 7- هند ؛ 8- عمرة بنت عمرو؛ 9- كبشة؛ 10- حبى بنت كعب؛ 11- أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة.(7/96)
، والله أعلم.
…أبو زرع وما أبو زرع؟ استفهام تعظيم كما تقدم. أناس: من النوس، وهو تحريك الشيء متدليا. من حلي: بضم الحاء جمع حلي بفتحها. أذني: تتنية أذن، أي جعل لهما قرطين موشيين بذهب ولؤلؤ حتى تدليا واضطربا، وتحركت الأذنان لحركتهما. وملأ من شحم عضدي: العضد مابين المرفق إلى الكتف، قال أبو عبيد: ( أرادت جميع بدنها، لأن العضد إذا سمن سمن سائر الجسد، فكأنها قالت: أسمنني وملأ بدني شحما). وبجَّحَني فَبَجِحَتْ إليَّ نفسي: ( أي عظمني فعظمت عندي نفسي). قاله ابن الأنباري(1)
__________
(1) -محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن رفاعة الشيباني، المعروف بابن الأنباري.
سمع من أحمد بن الحناط الدمشقي والشاعر الطغرائي.
تولى ديوان الإنشاء خمسين سنة. توفي سنة 558هـ.
ترجمته في: الوافي بالوفيات 3/279.(7/97)
. أهل غنيمة: تصغير غنم، والعرب لا تعبأ بأصحاب الغنم، وإنما مطمح نظرها لأصحاب الخيل والإبل. بشق: بكسر الشين، أي مشقة من ضيق العيش والجهد. صهيل: أصوات الخيل. وأطيط: أصوات الإبل. ودائس: اسم فاعل من الدوس، أي زرع يداس أي يدرس. ومُنَق: أي أهل نقيق، وهو أصوات المواشي، وقيل الدجاج، أو هو من التنقية، تريد من يتقي الطعام من الغلث بالغربال، والمراد أنه نقلها من أهلها أهل الضيق في المعيشة والجهد والمشقة، وجعلها في أهل الرفاهية والسعة. فلا أقبح: أي لا يقبح قولي لإكرامه لي ورفعه مكاني عنده. وأرقد فأتصبح: أي أنام الصحبة، أي أول النهار فلا أوقظ إكراما لي، ولوجود من يكفيني مؤونة بيتي. وأشرب فأتقنح: بالنون/، أي أشرب حتى أدع الشراب من شدة الري، وكأن الماء كان عندهم قليلا. عُكُومُهَا: غرائرها وأعدا لها المعدة لحفظ المتاع والطعام. رَدَاح: عظام ممتلئة. وبيتها فَسَاح: واسع. مضجعه: مرقده. كَمَسَلَّ شَطْيَة: الواحدة من سدى الحصير، أي قدر ما يسل منه فيبقى مكانه فارغا. وتشبعه دراع الجفرة: الأنثى من ولد المعز، ابن أربعة أشهر، وصفته بالضمور والنحافة وقلة الأكل، وذلك محمود في الرجال. طوع أبيها وطوع أمها: أي أنها بارة بهما. ملء كسائها: لسمنها وهو محمود عند النساء. وغيظ جارتها: أي ضرتها لحسنها وجمالها، وعفتها وأدبها. لا تبث حديثنا تبثيثا: أي لا تنشره ولا تظهره بل تكتمه. ولا تُنَقِّث: تخرج وتخون. مِيرَتَنَا: طعامنا. تنقيثا: مصدر مؤكد كالذي قبله، بل تحفظه. ولا تملأ بيتنا تعشيشا: أي أنها مصلحة للبيت مهتمة بتنظيفه لا تترك فيه الكناسة كعش الطائر.
…قالت: أم زرع. والأوطاب: جمع وطب، وعاء اللبن. تُمْخَضُ: تحرك لاستخراج اللبن، أي زمن الربيع. كالفهدين: إشارة إلى شدة خلقهما ونشاطهما.(7/98)
…يلعبان تحت خصرها برمانتين: قال أبو عبيد: ( تريد أنها ذات كفل عظيم، إذا استلقت على قفاها ارتفع كفلها بها من الأرض حتى تصير تحتها فجوة تجري فيها الرمانة)هـ(1)؛ وقال القاضي عياض: ( وذهب بعضهم إلى أن المراد بالرمانتين هنا الثديان، وهو عندي أظهر وأشبه، سيما وقد روي: من تحت صدرها ومن تحت ذرعها، ولأن العادة لم تجر برمي الصبيان الرمان تحت أصلاب أمهاتهم، ولا استلقاء النساء لهم لذلك حتى يشاهد ذلك منهن الرجال، والأشبه أنهما رمانتا النهدين،شبهتا بذلك لنهودهما ودل ذلك على صغرها وفتاء سنها) هـ، ونقله الأبي وابن حجر وأقراه(2). فطلقني ونكحها: رغبة في نجابة الولد. فنكحت بعده رجلا: لم يسم، وللنسائي: " فاستبدلت وكل بدل أعور" أي معيب أورديء. سريا: شريفا أو سخيا. ركب شريا: فرسا فائقا يستشري في سيره، أي يمضي بلا فتور ولا انكسار. وأخذ خطيا: رمحا منسوبا إلى الخط(3)، موضع بنواحي البحرين تجلب منه الرماح. وأراح: أتى بعد الرواح. ثريا: كثيرا. رائحة: أي من كل ما يأتيه من أصناف الأموال وقت الرواح: الإبل والبقر والغنم والعبيد والدواب. زوجا: أي اثنين. ومِيرِي أهلك: أعطيهم وأوسعي عليهم بالميرة أي الطعام.
…فلو جمعت كل شيء ...إلخ: هذه مبالغة، وإلا فالإناء لا يسع ما ذكرت أنه أعطاها، والحاصل أنها وصفت هذا الثاني بالسؤدد والثروة والشجاعة والفضل والجود والمبالغة في إكرامها، ومع ذلك لم يقع منها موقع أبي زرع مع إساءة أبي زرع لها في تطليقها، لأنه أول زوج لها وحبها له بغض لها سائر الأزواج، كما قيل: ( ما الحب إلا للحبيب الأول)(4).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/340.
(2) - انظر الفتح 9/340، والإرشاد 8/101.
(3) - من بلاد عمان والبحرين، انظر معجم البلدان 2/378.
(4) - من شعر أبي تمام،
وتمامه: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى … - ما الحب إلا للحبيب الأول.(7/99)
كنت لك كأبي زرع لأم زرع: زاد الهيثم: ( في الألفة والرفاء لا في الفرقة والجلاء)، وزاد الزبير: ( إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك)، فقالت عائشة: بأبي أنت وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع. ولا تغشش: من الغش أي الخيانة. فأتقمح: بالميم، وهو بمعنى أتفتح بالنون.
…تنبيه: قال في التوشيح/: ( قال العلماء: سمع - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث ولم ينكره مع ما فيه من غيبة الأزواج لأنهم مجهولون، ولا حرج في سماع الكلام في مجهول، لأنه لا يتأذى إلا إذا عرف، أي من ذكر عنده يعرفه) هـ(1)، ونحوه في إكمال الإكمال عن الإمام والقاضي قائلين: ( هو كقولك إن في العالم من يسرق).
…5190- يلعبون بحرابهم: أي في المسجد، وقدمنا أن هذا منسوخ. فمازلت أنظر...إلخ: وذلك بعد الحجاب، واستدل به على جواز نظر المرأة إلى الرجال الأجانب، لأنه إنما يكره لهن النظر إلى المحاسن والالتذاذ بذلك، قاله القاضي عياض، ونحوه لابن القطان(2)، راجع أبواب العيدين. فاقدروا قدر الجارية...إلخ: النووي: ( أرادت به أنها كانت صغيرة دون البلوغ) هـ، لكن نوزع في ذلك بأن قدوم الحبشة كان سنة سبع، فيكون لها خمس عشرة سنة وأزيد، وعلى كل حال فقولها: "فاقدروا" من كلامها هي كما دل عليه كلام النووي، وصرح به القسطلاني(3) وغيره، لا من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، خلافا لما في حاشية سيدي عبد الرحمن الفاسي هنا فانظره.
84- باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها:
__________
(1) - التوشيح ص: 454.
(2) - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى الكتامي، المعروف بابن القطان الفاسي.
محدث عارف بالرجال، قرطبي الأصل.
له: بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، والنظر في أحكام النظر.
توفي بسجلماسة سنة 628هـ.
ترجمته في: التكملة 686، وتذكرة الحفاظ 4/192، ونيل الابتهاج 200، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 184.
(3) - لم يفعل ذلك في شرح هذا الحديث ( الإرشاد 8/103).(7/100)
أي لأجله.
…5191- وعدل: عن الطريق لقضاء حاجته. واعجبا لك: "وا" اسم فعل بمعنى أعجب، و"عجبا" مصدر منون منصوب به، ويجوز فيه ترك التنوين على أنه منادى مضاف إلى الياء، ثم قلبت ألفا كقولهم يا حسرتا. يا ابن عباس: من حرصك على العلم. وجار لي: هو أوس بن خولى. في بني أمية بن زيد: قبيلة من الأوس. من أدب الأنصار: أي من سيرتهن وطريقتهن. خبت وخسرت: إن فعلت ذلك. جارتك: لم يقل "ضرتك" أدبا معها، وكانت جارة لها حقيقة. أوضأ: أحسن. تنعل الخيل: تصفحها. مشربة له: غرفة. رهط: جماعة لم يعرفوا. ما أجد: من الجزع. غلام له: هو رباح(1). على رمال حصير: أضلاعه المنسوج منها. أدم: جلد. فقلت الله أكبر: فرحا بما أخبرني به من عدم الطلاق. أستأنس: أنبسط لينبسط - صلى الله عليه وسلم -. أهبة: جلود. أو في هذا أنت ...إلخ: أي أأنت في مقام استعظام التجملات الدنيوية واستعجالها؟. استغفر لي: من اعتقادي أن التجملات الدنيوية مرغب فيها. من أجل ذلك الحديث: هو تحريم العسل أو تحريم "مارية" كما سبق. حين عاتبه الله: بقوله: "لِمَ تُحَرِّمُ"…إلخ(2). آية التخيير: هي قوله تعالى: " يَأَيُّهَا النَّبِيءُ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيا" الآية(3).
85- باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا:
…أي بيان حكم ذلك.
…5192- وبعلها شاهد: أي حاضر، يعني وهو محتاج إليها، قال الشيخ خ: ( وليسَ لامرأة يَحْتَاجُ لها زوجٌ تَطَوُّعٌ بِلاَ إِذْن).
86- باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها:
…بغير سبب، أي ما حكمه؟
والمأخوذ من الحديث أنها فعلت حراما، والمفاعلة غير مرادة.
__________
(1) - رباح، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثبت ذكره في الصحيحين في قصة اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه.
ترجمته في: الإصابة 2/452-453، والاستيعاب ص: 487.
(2) - سورة التحريم، الآية 1.
(3) - سورة الأحزاب، الآية 28.(7/101)
…5193- إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه: كناية عن طلب مجامعتها كان ذلك في ليل أو نهار، فلا مفهوم لقوله في الحديث الآخر: " باتت".
…فأبت أن تجيء: زاد في بدء الخلق: ( فبات غضبانا عليها)، لعنتها الملائكة حتى تصبح: وفي رواية زرارة: ( حتى ترجع)، وهي أتم فائدة(1)، وفي مسلم: ( والذي نفسي بيده ما من بعل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عليها زوجها)هـ(2) ، وفيه دليل على أن سخط الزوج يوجب سخط الرب، ورضاه يوجب رضاه.
…قال القاضي عياض: ( اشتمل الحديث على وعيد شديد إلا أن يكون الامتناع لعذر، وليس الحيض بعذر، لأن الاستمتاع بما فوق الإزار جائز، والمعنى أن اللعنة تستمر حتى تزول المعصية بطلوع الفجر أو توبتها برجوعها إلى الفراش) هـ.
وقال النووي: ( لا خلاف في حرمة امتناعها، وهي في ذلك بخلاف الزوج لو دعته لم تجب عليه إجابتها إلا أن يقصد مضارتها، والفرق هو أن الرجل هو المالك للبضع، وللدرجة التي له عليها، وقد لا ينشط في وقت تدعوه إليها، ويحتمل أن يعنى بالذي في السماء الله أو الملائكة، كما قال في الآخر: " باتت الملائكة تلعنها") هـ.
…الأبي: ( قلت: قال ابن العربي: وقوله " الذي في السماء" يعني في العلو والجلال، لأن الله سبحانه لا يحويه مكان، فكيف يكون محاطا به فيه، وهذا كرضاه بجواب السوداء حين سألها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، تعني الجلال والرفعة) هـ.
87- باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه:
الصريح أو المعلوم من حاله.
…5195- وما أنفقت من نفقة / من غير أمره: قال القرطبي: ( أي فيما جرت العادة بإعطائه والمسامحة فيه كاللحم واللبن والطعام اليسير وغير ذلك، فلها إعطاؤه بغير إذن، ويكون لها نصف الأجر) هـ.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/367.
(2) - أخرجه مسلم 4/157 في النكاح باب تحريم امتناعها من فراش زوجها.(7/102)
…وقال النووي: ( "من غير أمره" أي الصريح في ذلك القدر المعين، ولا ينفي ذلك وجود إذن سابق عام يتناول هذا القدر إما بالتصريح وإما بالعرف، فإن لم يكن فلا شيء لها من الأجر، بل عليها الوزر).
…فإنه يؤدى إليه شطره: أي ولها شطره، انظر كتاب الزكاة.
88- باب:
هو كالفصل مما قبله.
…5196- قمت على باب الجنة: أي سأقوم يوم القيامة، وعبر بالماضي لتحققه، ويحتمل أن هذا وقع ليلة الإسراء، وعليه فقوله: "عامة من دخلها" أي يدخلها، واطلاعه على ذلك بعلم أودعه الله إياه.
…الجد: الغنى. محبوسون: ممنوعون من دخول الجنة، موقوفون للحساب.
…عامة من دخلها النساء: هذا موضع الترجمة من حيث أن النساء غالبا يرتكبن النهي عما أمرن به، ولذا كن أكثر أهل النار، كذا في الإرشاد(1)؛ وقدمنا عن القرطبي غير مرة أن هذا قبل خروجهن من النار واستقرارهن في الجنة، أما بعد ذلك فهن أكثر أهل الجنة.
89- باب كفران العشير:
أي المعاشر، وهو الزوج: أي هو المراد هنا، والعشير وهو الخليط: كذا عندنا، والذي في نسخة القسطلاني: ( وهو الزوج وهو الخليط)(2)، وهي أوضح.
…فيه عن أبي سعيد: أي الحديث المروي عنه في كتاب الحيض.
…5197- تناولت شيئا: لتأخذه. في مقامك هذا: أي في القيام الرابع. تكعكعت: تأخرت. أريت الجنة: رؤيا عين حقيقة. فتناولت منها عنقودا: أي وضعت يدي عليه لآخذه. فلم أر كاليوم منظرا قط: زاد في الكسوف: " أفظع" أي أقبح. يكفرن العشير: أي الزوج.
…90- باب لزوجك عليك حق:
…أي بيان ما جاء في ذلك.
…قاله أبو جحيفة(3)
__________
(1) - الإرشاد 8/109.
(2) - الإرشاد 8/109.
(3) - وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة بن حبيب بن سواءة السوائي، أبو جحيفة.
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر عمره، وحفظ عنه، ثم صحب عليا وولاه شرطة الكوفة لما ولي الخلافة.
روى عنه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي والحكم بن عينية، وغيرهم.
ترجمته في: الإصابة 6/626، والاستيعاب ص: 1561.(7/103)
: في ما وصله المص في الصوم.
…5199- وإن لزوجك عليك حقا: فلا ينبغي لك أن تجهد نفسك في العبادة حتى تضعف عن القيام بحقها من وطء واكتساب، فلو كف الرجل عن امرأته فلم يجامعها من غير ضرورة، فعند مالك يلزم بذلك أو يفرق بينهما.
…قال الشيخ: ( واجْتَهَدَ، وطَلَّقَ في لَأَعْزِلَنَّ أو لاَ أَبِيتَنَّ، أو تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وإِنْ غَائِبًا، أو سَرْمَدَ العبادةَ بلا أجل على الأصح)(1).
91- باب المرأة راعية في بيت زوجها:
…أي حافظة لمتاعه.
…5200- والأمير راع: على ما استرعاه الله فيه.
92- باب قول الله عز وجل: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ "(2):
…أي يقومون بأمورهن آمرين ناهين لهن، كما يقوم الأمراء على الرعايا، زاد غير أبي ذر إلى قوله: " إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ".
…قال الزركشي: ( إنما مراد البخاري قوله تعالى: " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ "، فقد هجرهن النبي - صلى الله عليه وسلم -)هـ(3) ؛ وعلى نسخة أبي ذر يؤخذ الشاهد من نفس الإيلاء لأنه مما يشمله لفظ " قوامون "، قاله العارف وهو ظاهر.
…5201- مشربة: غرفة.
93- باب هجرة النبي صلى الله عليه نساءه في غير بيوتهن:
…أي فلا مفهوم لقوله: " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ".
…والأول أصح: يعني به المذكور في الباب السابق.
…5202- على بعض نسائه: كذا هنا بلفظ بعض، قال ابن حجر: ( لكن اتفق أنه في تلك الحالة انفكت ساقه - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أنس فاستمر في المشربة الشهر كله، أي فلم يدخل عليهن كلهن)(4). حلفت ألا تدخل عليهن: أي شهرا، ففيه الهجر في غير البيت، قال الشيخ:( وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثم هَجَرَهَا ثم ضَرَبَهَا إِنْ ظَنَّ إِفَادَتَهُ وبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ)(5).
__________
(1) - مختصر خليل 1/202-203.
(2) - سورة النساء الآية 34.
(3) - التنقيح ص: 219.
(4) - الفتح 9/376.
(5) - مختصر خليل 1/180.(7/104)
…5203- فناداه: كذا في جميع نسخ الصحيح بحذف الفاعل(1)، وهو بلال كما في مسلم وغيره.
94- باب ما يكره من ضرب النساء:
لغير موجب/، وقول الله عز وجل: " وَاضْرِبُوهُنَّ " (2)عند موجبه كالنشوز، أي ضربا غير مبرح: أي شديد الأذى.
…5204- جلد العبد: أي مثل جلده، ففيه أن ضرب الرقيق فوق ضرب الحر والزوجة(3).
…ثم يجامعها في آخر اليوم: هذا بيان لتقبيح فعله لما فيه من التناقض، ولأن الأدب مع سرعة الفيئة لا يفيد.
95- باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية:
…إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
…5005- فَتَمَعَّطَ شعرها: تناثر وانتتف. لعن الموصلات: لشعر، أي بشعر أو بغيره كما هو ظاهره، وهو قول الجمهور، انظر كتاب اللباس، وإذا كان الواصل ملعونا كان الوصل معصية، فمن ثم نهى - صلى الله عليه وسلم - عن طاعة الزوج فيه، فظهرت المناسبة.
96- باب: " وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا اَوِ اعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يَّصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" (4)
…5206- نشوزا: ترفعا عليها، بترك مضاجعتها والتقصير في نفقتها لطموح عينه إلى أجمل منها. أو إعراضا:عنها بوجهه.لا يستكثر: لكبر أو قبح.والقسمة لي: في المبيت.
97- باب الْعَزْل:
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/377.
(2) - سورة النساء، الآية 34.
(3) - أخرج النسائي من حديث عائشة : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له ولا خادما قط، ولا ضرب بيده شيئا قط إلا في سبيل الله أو تنتهك حرمات الله فينتقم لله)، انظر الفتح 9/379.
(4) - سورة النساء، الآية 128.(7/105)
…أي بيان حكمه، وهو إخراج الذكر من الفرج بعد الإيلاج ليقع الإنزال خارج الفرج(1)، قال في الإكمال: ( بكراهته قال بعض الصحابة، وبإجازته قال كثير منهم ومن التابعين وفقهاء الأمصار، واختلفوا هل للمرأة في ذلك حق، فرأى مالك والشافعي وأصحابهما أن لها حقا إذا كانت حرة، فلا يعزل عنها إلا بإذنها، وكأنهم رأوا أن الإنزال من تمام لذتها أو حقها في الولد، ولم يريا ذلك لازما في الأمة، قال مالك: إلا أن تكون زوجة فلا يعزل عنها إلا بإذن أهلها، قال بعض شيوخنا: وأرى أن لها إذنا في ذلك لحق الزوجية)هـ(2) ، وهذا الذي اعتمده الشيخ خ حيث قال: ( في الأَمَةِ –الزوجة- إِنْ أَذِنَتْ وَسَيِّدُهَا)(3).
…5208- والقرآن ينزل: أي ولو كان حراما لنزل فيه قرآن.
…5210- ما من نَسْمَة كائنة...إلخ: أي سواء عزلتم أم لا، فلا فائدة في العزل إذن، وإن كان جائز الفعل.
98- باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا:
…أي مشروعيتها على من يسافر معه من نسائه، وظاهره كيفما كان السفر، والذي عند المالكية هو ما أشار له الشيخ بقوله: ( وإِنْ سَافَرَ اختارَ إلا في الحج والغزو فَيُقْرِعُ وتُؤُوِّلَتْ بِالاِخْتِيَارِ مطلقا)هـ(4) ؛ الشيخ التودي: ( اتفقوا على أن مدة السفر لا تحاسب بها المقيمة).
…5211- تنظرين: جملي. وأنظر: جملك. بين الأذخر: الحشيش المعروف، وهو لايخلو من الهوام غالبا. يارب سلط علي عقربا …إلخ: القاضي عياض: ( هذا دعاء بغير نية، حملتها عليه الغيرة، فهي غير مؤاخذة، ولا تجاب في الغالب، قال الله تعالى: " وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ" الآية(5). ولا أستطيع أن أقول له شيئا: لأنها هي المتسببة في ذلك.
99- باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك:
__________
(1) - الفتح 1/381.
(2) - إكمال المعلم ص: 380 .
(3) - مختصر خليل 1/149.
(4) - مختصر خليل 1/180.
(5) -سورة يونس، الآية 11.(7/106)
…قال الشيخ خ: ( وإن وهبت نوبتها من ضرتها فله المنع لا لها وتختص بخلاف منه)(1)، أي هبتها منه، فلا يختص بها ليخص بها من شاء، بل تقدر الواهبة كالعدم ويقسم على من عداها.
…تنبيه: هذه كيفية قسم اليوم الموهوب، وأما كيفية القسم بين الأزواج في أيامهن الأصلية فقال ابن القاسم: ( لم أسمع مالكا يقول إلا يوما لهذه ويوما لهذه).
…ابن بطال: ( ولم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قسمه بين أزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة أيام لجاز خمسة، ولجاز خمسة عشر، ولجاز شهر، أو هكذا، ولا تجوز معارضة السنة، وكان مالك يقول: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليومين والثلاثة، ولا يقيم عند الحرة إلا يوما من غير أن يكون مضارا، وكذلك قال الشافعي: يأتي إلاماء كيف شاء والحرائر يعدل بينهن)، هـ من شرح ابن بطال.
100- باب العدل بين النساء:
…أي وجوبه في النفقة والكسوة والقسم في المبيت فقط، لا في الوطء إلا لإضرار ككفه لتتوفر لذته للأخرى.
…" وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ "(2): أي العدل التام الكامل في الأقوال والأفعال والمحبة وغير ذلك.
101- باب / إذا تزوج الثيب على البكر:
…أي على من تزوجها وهي بكر ، أو على من هي باقية على بكارتها، ولا مفهوم لقوله: " على البكر"، وكذا إذا تزوج الثيب على الثيب، أي كم يقيم عندها؟
…5214- من السنة: أي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو في حكم المرفوع. سبعا: أي من الليالي بأيامهن للائتلاف وزوال الحشمة بينهما، قال ابن القاسم –فيما رواه عن مالك- وجوبا، وكذا يقال في الإقامة عند الثيب.
…ابن العربي: ( والصحيح أنه يقضى عليه به كما يقضى عليه بأصل القسم) هـ، ومن ثم قال الشيخ: ( وقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْع ولِلثَّيِّبِ بِثَلاَث)(3).
__________
(1) - مختصر خليل 1/179-180.
(2) - سورة النساء، الآية 129.
(3) - مختصر خليل 1/179.(7/107)
…الشيخ التودي: ( وتجب الموالاة في السبع والثلاث، فلو فرقها لم تحتسب على الراجح، ولا فرق في ذلك بين الحرة والأمة، وقيل الأمة على النصف ويكمل الكسر).
…وقسم: بعد ذلك، أي استأنف القسم، قال الإمام المازري: ( ولا يحاسب هذه الجديدة بهذه الأيام).
…تنبيه: قال في الإكمال: ( اختلف العلماء هل هذا الحق للثيب والبكر خاص بمن له زوجة غيرهما دون غيره أو هو على العموم؟ ثم نقل عن ابن عبد البر نسبة العموم لأكثر العلماء، ونسبة التقييد بمن له زوجة لبعضهم، قال: وهذا هو الأظهر لوجود التقييد في الحديث) هـ.
…وقال في العارضة: ( قال ابن الفرج عن ابن عبد الحكم(1): إن ذلك على الزوج وإن لم يكن له امرأة سواها، وهذا لا معنى له ولا يتصور فلا يلتفت إليه) هـ.
…ونقل البرزلي(2) عن ابن أبي زيد تخصيص ذلك بمن له زوجة غيرها، قال: ( وإلا فلا حق لها ولا يلزمه، وهو قول ابن حبيب والظاهر من مذهب أصحابنا، والعامة ترى الحق لها عموما وهو غلط) هـ، نقله الحطاب.
__________
(1) - عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع.
فقيه مصري، من أجل أصحاب مالك.
انتهت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب.
له: سيرة عمر بن عيد العزيز، والمناسك. توفي سنة 214هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/248.
(2) - أبو القاسم أحمد بن محمد البلوي القيرواني ثم التونسي الشهير بالبرزلي، الإمام المشهور، صاحب الديوان في الفقه والنوازل. لازم ابن عوف نحو أربعين عاما فأخذ هديه وعلمه. قال السخاوي: كان البرزلي أحد أئمة المالكية.
أخذ عنه ابن ناجي وحلولو والثعالبي. توفي سنة 843 هـ.
ترجمته في: تذييل الديباج لأحمد بابا ( مخطوط تونس 14596).(7/108)
…وقال ابن بطال: ( يقيم عند البكر سبعا…إلخ: المراد به من له زوجة ثم تزوج عليها، وقال بعض العلماء إنه على العموم، قال المؤلف: والقول الأول هو الصحيح، وقد بين أنس بقوله: " من السنة…" إلخ لأنه لا يقسم الذي يقيم عند الثيب ثلاثا إلا من تقدم عنده زوجة أخرى أو أكثر، وروى ابن القاسم عن مالك أن المكث هذه المدة واجب، وروى عنه ابن عبد الحكم أنه مستحب) هـ.
102- باب من طاف على نسائه في غسل واحد:
…أي جامعهن كلهن من غير فصل بالاغتسال بينهم، أي جواز ذلك كما إذا وقع ممن لم تجب عليه القسمة كالأنبياء، أو وقع بإذن صاحبة اليوم، أو في غير يوم القسم كيوم قدومه من سفر، أو اليوم الذي بعد كمال الدورة لأن القسم يستأنف عند تمام كل دور.(7/109)
…5215- وله تسع نسوة: وسريتان، فالأزواج: عائشة وحفصة وسودة وأم سلمة وأم حبيبة وزينب وميمونة وصفية وجويرية، والسريتان: مارية وريحانة، رضوان الله عن جميعهن، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطي قوة ثلاثين كما سبق، وعند الإسماعيلي: ( قوة أربعين)، زاد أبو نعيم عن مجاهد: ( كل رجل من أهل الجنة)، وعند الترمذي: ( يعطى الرجل من أهل الجنة قوة مائة)(1)، وطوافه - صلى الله عليه وسلم - على جميع نسائه إما لما قدمناه من كونه بإذن صاحبة اليوم أو كذا أو كذا، أو لأنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، قاله القاضي عياض، قال أبو عبد الله الأبي: (ومعنى ذلك أن من خصائصه أن تلك الساعة التي يطوف فيها من ليل أو نهار لاحق فيها لواحدة منهن، ثم يدخل عند التي تكون لها الدولة هـ؛ لا يقال قد تقرر أن القسم كان غير واجب عليه - صلى الله عليه وسلم -، فله مباشرة من شاء من أزواجه في أي وقت شاء، وحينئذ فما الذي أحوج القاضي إلى هذه الأجوبة، لأنا نقول : القسم وإن كان غير واجب عليه لكنه - صلى الله عليه وسلم - لحسن عشرته ألزمه نفسه وأجراه مجرى الحقوق اللازمة عليه تطييبا لنفوس أزواجه، قاله القاضي أيضا، وحيث التزمه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له سبيل إلى تركه، ومن ثم استأذن أزواجه في أن يمرض في بيت عائشة، وحينئذ يقال ما وجه ذهابه لزوجة في يوم غيرها ونوبتها التي التزم الوفاء لها بها؟ فأجاب القاضي عن ذلك بما ذكر، وأوضحه الأبي بما سطر، وهو ظاهر، والله سبحانه أعلم وأحكم.
__________
(1) - أخرجه الترمذي 4/677 في كتاب صفة الجنة باب ما جاء في صفة جماع أهل الجنة ح2536.(7/110)
…وفي شرح ابن بطال ما نصه: ( المهلب: "يحتمل أن يكون ذلك في يوم يفرغ فيه من القسمة بين أزواجه ثم يستأنف بعده" هـ، قال المؤلف: إلا أن هذا من فعله - صلى الله عليه وسلم - في القسم بينهن شيء تبرع به وتطوع لما جبله الله عليه من العدل، لأن الله تعالى قد رفع عنه مؤونة القسمة بينهم لقوله: " تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ "(1)…إلخ)، هـ منه.
103- باب دخول الرجل على نسائه في اليوم:
…أي على جميعهن في اليوم الواحد، أي بيان حكمه.
…5216- دخل على نسائه: أي كلهن، وهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - كما سبق عن القاضي وأوضحه الأبي، وأما غيره فليس له الدخول على غير صاحبة النوبة من نسائه/، نعم قال الشيخ خ: ( وجاز السلام بالباب)(2)، أي من خارجه في غير يومها وتفقد شأنها أي من غير دخول إليها ولا جلوس عندها على المذهب. فاحتبس ...إلخ: أي إلى آخر ما ذكره في كتاب الطلاق.
104- باب إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له:
جاز ذلك، وفي المفهم ما نصه: ( اختلف في الزوج المريض إذا لم يقدر على الدوران على نسائه، هل اختصاصه بكونه عند واحدة منهن راجع إلى اختياره، أو هو حق لهن فيقرع بينهن في ذلك) هـ، والمشهور الذي درج عليه الشيخ خ هو أنه راجع إلى اختياره، ونصه: ( وعلى المريض إلا ألا يستطيع فعند من شاء) هـ(3).
…ابن بطال: ( اتفقوا إذا مرضت الزوجة أن لها أيامها من القسمة كالصحيحة).
…5217- كان يسأل: تطييبا لنفس أزواجه - صلى الله عليه وسلم -. نَحْرِي: موضع القلادة من الصدر. وسَحْرِي: الرئة، أي محلها وهو الجنب، أي مات - صلى الله عليه وسلم - متكئا على صدرها بين جنبها وعنقها.
105- باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض:
__________
(1) - سورة الأحزاب، الآية 51.
(2) - مختصر خليل 1/179.
(3) - مختصر خليل 1/179.(7/111)
…أي جوازه وعدم مؤاخذته بذلك، لكن مع الوقوف مع قوله تعالى: " فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ"(1).
106- باب المتشبع بما لم ينل:
أي المفتخر بما ليس عنده يتكثر بذلك، وما ينهى من افتخار الضرة: على ضرتها لقصد غيظها.
…5219- امرأة: هي أسماء نفسها. ضرة: هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
…إن تشبعت من زوجي: الزبير. غير الذي يعطيني: أي أقول أعطاني مالم يعطني.
…المتشبع: المتكثر والمفتخر. كلابس ثوبي زور: ابن بطال: ( كزنديق لبس ثياب الزهاد يوهم أنه منهم، وقيل كشاهد زور استعار ثياب أهل الخير ليقبل الحاكم شهادته، وأشار بتثنية الثوبين إلى انه ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر، فهو متصف بالزور من رأسه إلى قدمه).
107- باب الغيرة:
…مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ذلك ما يكون بين الزوجين.
…ابن العربي: ( وأشد الآدميين غيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه كان يغار لله ولدينه).
…غير مُصْفِح: أي غير ضارب بعرضه وصفحه بل بحده.
…والله أغير مني: وغيرته سبحانه تحريمه الفواحش، والزجر عنها، والمنع منها، لأن الغيور يزجر عما يغار عليه ويمنع منه، وإلا فمنعاها محال في حقه سبحانه، فحملت على غايتها ولازمها.
…5220- ما أحد أحب إليه المدح من الله: وفائدة المدح عائدة على المادح لما يناله من الثواب، والله تعالى غني عن ذلك.
…5221- ما أحد أغير من الله: أي لا أحد أمنع من الفواحش وأزجر عليها منه سبحانه.
…5223- أن لا يأتي: لا زائدة كقوله تعالى: " مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ "(2).
__________
(1) - سورة النساء، الآية 129.
(2) - سورة الأعراف، الآية 12.(7/112)
…5224- ناضج: جمل يسقى عليه. غَرْبَهُ: دلوه. ثم قال لبعيره ينيخه: إِخْ إِخْ، كلمة تقال للبعير ليبرك، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليركب أسماء معه، قال القاضي عياض: ( هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، وكانت عادته - صلى الله عليه وسلم - مباعدته ليقتدي به أمته)، قال: ( وإنما كانت هذه خصوصية له لكونها بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وامرأة الزبير، فكانت كإحدى أهله ونسائه، مع ما خص به - صلى الله عليه وسلم - من أنه أملك لإربه، وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف بكل حال) هـ، نقله النووي.
…أغير الناس: أي من أغيرهم. لَحَمْلُكِ النَّوَى كان أشد...إلخ: أي لأن الركوب لاعار فيه، بخلاف حمل النوى فإنه يتوهم منه خبث نفسه ودناءة همته.
…5225- عند بعض نسائه: هي عائشة. إحدى أمهات المؤمنين: هي زينب. ويقول للحاضرين: غارت أمكم يعني عائشة. فدفع الصحفة… إلخ: استشكل بأن الصحفة من المقوم فالواجب تحرم قيمتها لا مثلها، وأجيب بأن الصحفتين معا له - صلى الله عليه وسلم -، فله التصرف فيهما كيف شاء.
…5226- أو عليك أغار؟: قيل معناه: أو منك أغار عليها.
108- باب غيرة النساء ووجدهن:
…أي غضبهن من أزواجهن.
…5228- ما أهجر إلا اسمك: بلفظي فقط، ولا يترك قلبي / التعلق بذاتك الشريفة مودة ومحبة.
…قال الطيبي: ( هذا الحصر لطيف جدا، لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا تتغير عن المحبة المستمرة، فهو كما قيل:
إنِِّي لَأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وإنَّنِي - قَسَمًا إليكَ مع الصُّدُودِ لَأَمِيلُ) هـ(1).
…وقال المهلب: ( فيه أن الاسم في المخلوقين غير المسمى)(2).
…5229- من قصب: لؤلؤ مجوف.
109- باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف:
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/408.
(2) - نقلا عن الفتح 9/408.(7/113)
…أي دفعه عنها وطلب الإنصاف لها(1).
…5230- إن بني هاشم ...إلخ: أعمام أبي جهل. ابنتهم: جويرية أو العوراء أو جميلة بنت أبي جهل. فلا آذن: قال ابن حجر: ( لا يبعد أنه يعد في خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه لايتزوج على بناته)(2). بضعة مني: قطعة لحم، يريبني...إلخ: أي يسوؤني ما يسوءها. ويؤذيني ما آذاها: وإذايته - صلى الله عليه وسلم - محرمة بالإجماع.
110- باب يقل الرجال ويكثر النساء:
أي في آخر الزمان، قال ابن حجر: ( الظاهر أن هذه علامة محضة بأن يقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من النساء، وذلك مناسب لظهور الجهل ورفع العلم).
…نسوة: كذا للحموي والمستملي، ولغيرهما: امرأة، وهو القياس.
…5231- لا يحدثكم به أحد غيري: لقلة الصحابة إذ ذاك وفقد من سمعه معه.
…أن يرفع العلم: بموت العلماء. القيم الواحد: يقوم بأمورهن، أي مع كونهن موطوءات له جهلا أم لا.
…قال القرطبي: ( في هذا الحديث علم من أعلاه النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت خصوصا في هذه الأزمان).
111- باب لا يخلون أحد بامرأة:
أي يحرم ذلك، إلا ذو يحرم: منها. والدخول على المغيبة: أي من غاب عنها زوجها لسفر ونحوه، أي ما حكمه، وهو الحرمة أيضا إلا ذو محرم.
__________
(1) - باللفظ من الفتح 9/408.
(2) - الفتح 9/411.(7/114)
…5232- رجل: لم يعرف. أفرأيت الحَمْوَ؟ الحمو قريب الزوج، أي أخبرني عن دخوله على زوجة قريبه وخلوته بها، ما حكمه؟: قال: الحمو الموت: أي لقاؤه مثل لقاء الموت، إذ الخلوة به تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو النفس إن وجب الرجم، ومعناه أن الخوف منه أكثر من غيره لتمكنه من الخلوة بالمرأة من غير نكير، فضرره أشد وأعظم، وفيه تحذير مما عليه عامة الناس من المساهلة في ذلك، ثم إن المراد بالحمو في الحديث أقارب الزوج ما سوى أبيه وابنه لأن التحريم فيهما أبدي، فتجوز لهما الخلوة بزوجة الابن والأب ولا يوصفون بالموت، ويحمل الحديث على الأخ والعم وابنيهما وشبه ذلك، هكذا قرره النووي، ورد ما للإمام والقاضي هنا، وقبل كلامه الأبي وسلمه.
112- باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس:
…لنحو سؤال عن باطن أمرها، بحيث لا يسمعها غيره.
…5234- فخلا بها: - صلى الله عليه وسلم - بحيث لا يسمع أحد كلامها.
113- باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة:
…أي دخول الرجال المتشبهين بالنساء في أخلاقهن.
…5235- مُخَنَّث: يشبه خلقة النساء في كلامهن وحركاتهن، اسمه هِيت، وإنما دخل عليها لظنها أنه من غير أولي الإربة كما في مسلم، فلما قال ما ذكر علم أنه ليس منهم، فوقع النهي عن دخوله على النساء.
…أدلك على بنت غيلان: اسمها بادية أو بادنة، أسلمت وتزوجها عبد الرحمن بن عوف، وأسلم أبوها على عشر نسوة فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعا ويفارق ما سواهن ففعل. فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان: قال مالك: ( والجمهور: معناه أن في بطنها أربع عكن أي طيات ينعطف بعضها على بعض لسمنها، وإذا أدبرت كان أطرافها عند منقطع جنبيها ثمانية، فيكون وصفها بامتلاء البدن وسمنه).
114- باب نظر المرأة إلى الحبش / ونحوهم من غير ريبة:(7/115)
أي جواز ذلك كما يؤخذ من لفظ الحديث، وخصه المالكية بالوجه والأطراف. قال الشيخ: ( وتَرَى - أي المرأةُ - من الأجنبيِّ ما يراهُ مِنْ مَحْرَمِهِ، ومِنَ المُحْرِمِ كَرَجُل مع مِثْلِهِ)(1)، والذي يراه الرجل من المحرم هو الوجه والأطراف، وقوله: "من غير ريبة" أشار به إلى تقييد جواز نظر المرأة إلى الأجنبي، أما إذا كانت ريبة وهي قصد اللذة أو الخوف من تطرقه، فلا يجوز هذا مذهبنا، راجع كتاب العيدين.
…5236- يلعبون: بحرابهم ودرقهم، في المسجد: قدمنا غير مرة أن ذلك منسوخ.
115- باب خروج النساء لحوائجهن:
أي جواز ذلك. قال القرطبي: ( لا خلاف أن للمرأة أن تخرج فيما تحتاج إليه من أمورها الجائزة، لكن على حال بذاذة وتستر وخشونة ملبس بحيث لا تمتد إليها الأعين، وما أعدم الأمر اليوم لما يظهرن من الزينة والطيب والتبختر في الملابس الحسان، وذلك معصية ظاهرة) هـ، ونقله الأبي وأقره.
…5237- لعرقا: عظم عليه لحم. لحوائجكن: للبراز دفعا للمشقة، وألحق به غيره.
116- باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره:
أي جواز ذلك، وجواز إذنه عند الأمن من الفتنة، وانظر كتاب الصلاة.
…5238- فلا يمنعها: وقاس البخاري غير المسجد عليه.
117- باب ما يحل من الدخول، والنظر إلى النساء في الرضاع:
لوجود المحرمية بينهم.
…5239- عمي: أخو أبي القعيس. من الولادة: أي النسب.
118- باب لا تباشر المرأة المرأة:
أي لا تلاقي بشرتها ببشرتها بأن تنام معها في ثوب واحد مثلا. فتنعتها لزوجها: تصفها له لئلا يتعلق قلبه بها.
…5240- لا تباشر المرأة المرأة: ابن بطال: (أي ولا الرجل الرجل كما للطبري عن ابن عباس مرفوعا: " لا يباشر الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة"، قال الطبري: فيه البيان عن أن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة مفضيا كل واحد منهما بجسده إلى جسد صاحبه غير جائزة).
119- باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي:
__________
(1) - مختصر خليل 1/27.(7/116)
…أي لأجامعهن كلهن، أي جواز ذلك لمن لم يجب عليه القسم بينهن في تلك الليلة، كما إذا قدم من سفر ونحوه، أو كان لا قسم عليه كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
…5242- لأطيفن...إلخ: اللام موطئة لقسم محذوف، أي والله لأطيفن كما دل عليه آخر الحديث، بمائة امرأة: أي أجامعهن كلهن، وفي رواية بتسع وتسعين، وفي أخرى: بسبعين، ولا منافاة بينهما لأن العدد لا مفهوم له.
…قال ابن أبي جمرة: ( الظاهر أن يكون الله تعالى أظهر له في ذلك خرق العادة، فيجامع ويتطهر وينام، ويعود للجماع والليل على ماهو اليوم، مثل ما أظهرالله لأبيه عليه السلام في قراءة الزبور، فقد كان يقرأه بقدر ما تسرج دوابه، وهذا قد يوجد اليوم كثيرا في الأولياء والصالحين).
…فلم يقل: أي بلسانه، وإلا فقلبه دائما مع مولاه. لم يحنث: في يمينه المقدرة كما قدمناه، وهذا أولى مما في الإرشاد(1).
120- باب لا يطرق أهله ليلا:
…الطروق إتيان المنزل ليلا، فقوله " ليلا" تأكيد. إذا أطال الغيبة: قيده بطول الغيبة تبعا للحديث، وهو قيد معتبر، ومفهومه أنه لو قرب سفره بحيث تتوقع حليلته إتيانه فتتأهب أنه لا يكره، وبه جزم جمع منهم الطيببي، وجرى عليه ابن حجر حيث قال: (التقييد بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد ح، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما) هـ(2).
…وقال النووي: ( ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، فأما من كان سفره قريبا تتوقع امرأته إتيانه ليلا فلا بأس، كما قال في إحدى هذه الروايات: " إذا أطال الرجل الغيبة") هـ.
…وقال الأبي: ( قوله " إذا أطال الرجل غيبته في السفر"، قلت: يدل أن السفر القريب الذي يتوقع فيه قدومه لا بأس أن يقدم فيه ليلا) هـ.
__________
(1) - قال في الإرشاد 8/135: ( أي بلسانه، وإلا فلم يغفل عن التفويض إلى الله بقلبه كما يقتضيه مقام النبوة).
(2) - الفتح 9/425.(7/117)
…قال العلقمي(1): ( وقول شيخنا شيخ الإسلام زكرياء: " ذكر الطول ليس بقيد)هـ(2)، فيه نظر لأن الحديث مصرح به والعلة تقتضيه) هـ، ونحوه للمناوي ولفظه: ( قول الشيخ زكرياء ...إلخ غير جيد، كيف والحديث مصرح به والعلة تقتضيه)(3).
…لا يطرق أهله: قال ابن بطال: ( معنى الحديث النهي عن التجسس على الأهل، ولا تحمله غيرته على تهمتهم إذا لم يأنس منهم إلا الخير) هـ.
…مخافة أن يخونهم: ينسبهم إلى الخيانة. أو يلتمس عثراتهم: ( زلاتهم بأن يجدهم على حالة غير مرضية، والشرع أمر بالستر وعدم تطلب العثرات)، قاله ابن حجر(4)، واعترضه المناوي بقوله: ( هذا غير مرضي، إذ على الإنسان شرعا وحمية وأنفة ومروءة أن يتفحص عن أهل بيته، فإن عثر على ريبة حرص على إزالة مقتضيها، ولا يقول عاقل فضلا عن فاضل أن الإنسان ينبغي له التغافل / عن أهل بيته، وإهمال النظر في دواخل أحوالهم ليتمكنوا من فعل ما شاءوا من ضروب الفساد، ويستمر ذلك مستورا عليه، واستكشافه لأحوالهم لا ينافي الستر المطلوب، فإنه إن رأى ريبة كتمها وفارق أهله، أو أدب سرا وحسم طريق الفساد)، هـ بلفظه.
…5243- طروقا: أي بالليل، لأن الطروق لا يكون إلا ليلا لما ذكر في الترجمة، ولئلا يجدهم على غير أهبة التنظيف من البذاذة والشعث، وهذا فيمن لم يعلم مجيئه، أما من علم مجيئه وقدومه فيؤخر دخوله إلى الليل كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة، وبه يجمع بين الحديثين.
__________
(1) - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي القاهري، شمس الدين.
تتلمذ بالأزهر.
له: ملتقى البحرين بين الجمع بين كلام الشيخين، والكوكب المنير.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/338، وفهرس الفهارس 2/206.
(2) - تحفة الباري 3/204.
(3) - فيض القدير 1/288.
(4) - في الفتح 9/425.(7/118)
…5244- إذا أطال: هذا قيد لابد منه خلافا للشيخ زكرياء(1).
121- باب طلب الولد:
…أي مطلوبية طلبه عند الجماع، ولا يكون القصد به اللذة فقط.
…5245- قطوف: بطيء السير. حتى تدخلوا ليلا: لعلم أهاليهم بمجيئهم.
…تستحد: تزيل شعر وسطها. المغيبة: من غاب عنها زوجها. الكيس الكيس: منصوب على الإغراء.
…يعني الولد: هذا قول المص رحمه الله، أي ليكن قصدك من جماع أهلك طلب الولد والنسل، قال الخطابي: ( ذكر البخاري في كتابه أنه الولد، وهو مشكل، وله وجهان: إما أن يكون حضه على طلب الولد واستعمال الكيس والرفق فيه، إذ كان جابر لا ولد له إذ ذاك، أو يكون أمره بالتحفظ والتوقي عند إصابة أهله مخافة أن تكون حائضا، فيقدم عليها لطول الغيبة وامتداد العزبة، والكيس شدة المحافظة على الشيء) هـ، نقله الكرماني(2)، وقال تقي الدين السبكي: (الكيس عبارة عن الرفق وحسن التأني في الأمر)(3).
122- باب تستحد المغيبة وتمتشط:
…أي يستحب لمن غاب عنها زوجها وقدم أن تزيل شعرعانتها بما هو معتاد عند النساء في ذلك، ولم يرد به استعمال الحديد فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن، قاله الأبي، وتسرح شعر رأسها تزيينا لزوجها لتدوم المودة بينها.
…5247- في غزوة: هي تبوك. بعنزة: عصا أقصر من الرمح.
123-باب "وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ":
__________
(1) - قال في الفتح 9/425: ( التقييد فيه بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما).
(2) - في الكواكب الدراري 19/173.
(3) - النكت ص: 336، ومثله في أعلام السنن ص: 1095.(7/119)
أي الخفية، وهي ما عدا الوجه والكفين، أما هما فلا بأس بإبدائهما لأنهما ليسا بعورة: "إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوَ ابَائِهِنَّ" الآية(1): أما الأزواج فيجوز لهم نظر جميع البدن، وأما من عداهم من المحارم فلا يجوز لهم النظر إلا للوجه والأطراف، هذا مذهبنا، قال الشيخ: ( ومَعَ أجنبيّ - أي عورة المرأة الحرة مع أجنبي- غيرُ الوجهِ والكفينِ، ومع مَحْرَم غيرُ الوجهِ والأطرافِ)(2).
…5248- تغسل الدم...إلخ: ويلزم من ذلك إبداء زينتها لأبيها وزوجها، وهو محل الترجمة.
124- باب " وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ "(3):
…أي من الأحرار، والمراد أنه يجوز دخولهم على النساء في غير الأوقات الثلاثة المذكورة في قوله تعالى: " مِن قَبْلِ صَلَوةِ الْفَجْرِ" الآية(4)، لقوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ"(5).
…5249- فرأيتهن يَهْوِينَ...إلخ: فيه مشاهدة ابن عباس ما ذكر من النسوة ح، ولم يحتجبن منه لصغره، وهذا محل الترجمة، وأما بلال فيحتمل أنه لم يشاهد منهن ما ذكر.
125- باب طعن الرجل ابنته عند العتاب:
…أي جواز ذلك وإن كانت في عصمة زوجها.
…5250- عاتبني أبو بكر: في قصة ضياع العقد وحبس الناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء /.
68- " كتاب الطلاق "
…هو حل عقدة التزويج، وهو لفظ جاهلي أقره الإسلام(6).
1- وقول الله عز وجل: " يَأَيُّهَا النَّبِيءُ ِاذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ":
__________
(1) - سورة النور، الآية 31.
(2) - مختصر خليل 1/27.
(3) - سورة النور، الآية 58.
(4) - سورة النور، الآية 58.
(5) - سورة النور، الآية 58.
(6) - قال إمام الحرمين الجويني: ( هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره)، نقله السيوطي في التوشيح ص: 458، وكذا الحافظ في الفتح 9/433.(7/120)
أردتم تطليقهن، "فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ": أي مستقبلات لعدتهن، أي عند ابتداء شروعهن فيها بأن يطلق في طهر لم يمس فيه "وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ"(1): اضبطوها بالحفظ والعد.
وطلاق السنة: أي الطلاق الذي أذنت فيه السنة راجحا كان أو مساويا أو خلاف الأولى. أن يطلقها طاهرا من غير جماع: لتكون الحيضة السابقة براءة للرحم قبل الطلاق، وإلى هذا أشار الشيخ خ مع زيادة بقوله: ( طلاقُ السُّنَّةِ واحدةٌ بِطُهْر لم يَمَسَّ فيه بلا عِدَّة)(2)، أي بلا إرداف في عدة.
…وأما قوله: ويشهد شاهدين فإنما هو لزيادة التوثق.
…أحصيناه: من قوله تعالى: " وَكُلَّ شَيْء اَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا "(3)، ذكره استشهادا لقوله: " وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ".
…5251- امرأته: آمنة بنت غفار(4). مره فليراجعها: الأمر للوجوب عند المالكية، قال الشيخ: (وأُجْبِرَ على الرِّجعةِ وإن أبَى هُدِّدَ ثم سُجِنَ ثم ضُرِبَ بمجلس، وإلا ارْتَجَعَ الحاكمُ، والأحبُّ أن يُمْسِكَهَا حتى تَطْهُرَ ثم تحيض ثم تطهر، وفي مَنْعِهِ في الحيضِ لتطويلِ العِدَّةِ أو تسرا خلافٌ)هـ(5).
…ابن العربي: ( وسواء كان الطلاق مجردا أو كان بعوض، ولا خلاف بين الأئمة أن حكم النفاس في هذا حكم الحائض)، هـ من عارضته.
…فتلك العدة: أي زمنها، التي أمر الله: بمعنى أذن، أن يطلق لها النساء: في قوله: "فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ"، أي مستقبلات لعدتهن.
2- باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق:
…إجماعا من أئمة الفتوى وإن كان بدعيا، خلافا للظاهرية والخوارج، قاله في العمدة والإرشاد(6).
__________
(1) - سورة الطلاق، الآية 1.
(2) - مختصر خليل 1/184-185.
(3) - سورة النبأ، الآية 29.
(4) - آمنة بنت غفار، امرأة ابن عمر التي طلقها فأمر برجعتها.
ترجمتها في: الإصابة 7/476.
(5) - مختصر خليل 1/185، ولفظة "أو تسرا" غير موجودة في المختصر، وهي بلا معنى في النص.
(6) - العمدة 20/227، والإرشاد 8/143.(7/121)
…5252- قلت يحتسب: أي بتلك التطليقة، أي يعدها طلقة، فإن "فمه" ما استفهامية أدخلت عليها هاء السكت، أي فما يكون إن لم تحتسب، أي لابد من احتسابه بها. أرأيت إن عجز واستحمق: أي إن عجز عن مراجعتها لعذر حصل له أو فقد عقله، أليس يمضي عليه ذلك الطلاق؟
3- باب من طلق:
أي جاز له ذلك، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟: نعم له ذلك.
…5254- إن ابنة الجون(1): أميمة بنت النعمان بن شراحيل بن الجون.
…لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه: أي زفت له ليتزوجه بها. قالت: لما كتب الله عليها من الشقاء. الحقي بأهلك: كناية عن طلاقها.
…5255- حائط: بستان، يقال له الشوط: بالطاء المهملة في نسخة ابن سعادة، وهو الذي عند الدماميني(2) وزكرياء(3) والقسطلاني(4)، وقال الزركشي:( بالظاء المشالة)(5)، وقال العيني: ( بظاء معجمة وقيل مهملة)(6) هـ، ونحوه للسيوطي(7).ودخل: الحائط. في بيت: بالتنوين تأكيد لفظي لما قبله. أميمة: بدل من الجونية باعتبار اللفظ أو المحل. دَايَتُهَا: هي المرضع، هيئي نفسك لي: من الهيئة، أي كوني على أحسن الهيئات لأجلي، وفي نسخة: هبي بالباء من الهبة، ويكون قوله ذلك لها تطييبا لقلبها واستمالة لها، وإلا فله - صلى الله عليه وسلم - أن يزوج من نفسه بغير إذن المرأة وبغير إذن وليها، مع أن مجرد إرسالها له وحضورها كاف في ذلك.
__________
(1) - أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية ذكرها البخاري تعليقا في النكاح.
ورجح البيهقي أنها القائلة: " أعوذ بالله منك".
ترجمتها في: الإصابة 7/515-516.
(2) - في تعليق المصابيح ص: 544.
(3) - في تحفة الباري 3/205.
(4) - في الإرشاد 8/146.
(5) - التنقيح ص: 220.
(6) - العمدة 20/231.
(7) - في التوشيح ص: 459.(7/122)
…قالت: لشقائها. للسوقة: أي لواحد من الرعية، وإنما قالت ذلك لأنها /لم تعرفه - صلى الله عليه وسلم - كما صرحت بذلك فيما يأتي في الأشربة. بمعاذ: أي بالذي يستعاذ به. رَازِقِيَّيْنِ: أي ثوبين رازقيين، والرازقية ثياب من كتان بيض طوال(1)، أي متعها بذلك إما وجوبا أو تفضلا.
…وألحقها بأهلها: ردها إليهم، قال أبو أسيد: " فلما وصلت بها إليهم تصايحوا وقالوا إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت خدعت، وقيل إنها ماتت كمدا"(2).
…5258- تعرف ابن عمر؟ أي وشدة اتباعه للسنة. إن عجز واستحمق: فلم تكن منه الرجعة، أتبقى المرأة معلقة لا هي ذات زوج ولا مطلقة، فلابد من احتسابه بتلك التطليقة.
…4- باب من أجاز طلاق الثلاث:
…أي دفعة واحدة أو مفرقة، أي أمضاه.
…قال ابن رشد: ( مما أجمع عليه فقهاء الأمصار ولم يختلفوا فيه أن المطلقة ثلاثا في كلمة واحدة لا تحل لمطلقها إلا بعد زوج) هـ.
…وقال ابن عبد البر: ( لا أعلم أحدا من أهل السنة قال بخلاف هذا، إلا الحجاج بن أرطأة (3) وابن مقاتل وابن إسحاق وكلهم ليس بفقيه، ولا حجة فيما قالوه).
…" الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ "(4): يشمل ما إذا كانت دفعة واحدة أو مفترقين، وقيس عليها الثلاث(5).
__________
(1) - انظر الفتح 9/450.
(2) - هذه الرواية لابن سعد، انظر الفتح 9/450.
(3) - الحجاج بن أرطأة بن ثور النخعي الكوفي.
من كبار الحفاظ، وولي قضاء البصرة.
توفي سنة 145هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 8/230، وتهذيب التهذيب 2/196.
(4) - سورة البقرة، الآية 229.
(5) - (الحاصل أن مراده - أي البخاري - دفع دليل المخالف بالآية لا الاحتجاج بها لتجويز الثلاث، هذا الذي ترجح عندي)، قاله في الفتح 9/457.(7/123)
…في مريض طلق: يشمل الواحدة والأكثر منها في مرة أو مرات. فقال الشعبي ترثه: قول الشعبي موافق لمذهب مالك رحمه الله. قال نعم: قائله الشعبي، وهذا مذهبنا أيضا. قال أرأيت: قائله ابن شبرمة(1). إن مات الزوج الآخر: يعني أترثه أيضا؟ فرجع عن ذلك: أي رجع الشعبي عن القول المذكور، وقال المالكية: نعم ترث الثاني وكذا غيره إن اتفق لها ذلك، قال الشيخ: (وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا)(2).
…5259- فكره رسول الله صلى الله عليه المسائل: لما فيها من البشاعة والشناعة على المسلمين. وفي صاحبتك: خولة بنت قيس. فطلقها ثلاثا: في لفظ واحد، ولم ينكره - صلى الله عليه وسلم - عليه، وهذا موضع الترجمة.
…5260- أن امرأة رفاعة(3): تميمة بنت وهب(4). فبت طلاقي: إما دفعة واحدة أو في مرات، وهذا محل الترجمة.
…وإنما معه مِثْلُ الْهُدْبَة: أي إنما معه ذكر مثل هدبة الثوب في الرقة والاسترخاء .
قال في العارضة: ( فيه أن طلب المرأة الوطء عند الحاكم لا يناقض الحياء الممدح ولاالمروءة المستحسنة لأنه مقصود النكاح، فإن تعذر جاز طلبه دينا وحسن ومروءة).
__________
(1) - عبد الله بن شبرمة بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك، أبو شبرمة الكوفي.
روى عن أنس وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي ونافع مولى ابن عمر.
وعنه السفيانان وابن المبارك والحسن بن صالح.
قيل للثوري: من مفتيكم؟ فقال: ابن أبي ليلى وابن شبرمة.
مات سنة 144هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/250-251.
(2) - مختصر خليل 1/182.
(3) - رفاعة بن سموال القرظي.
له ذكر في الصحيح في طلاقه زوجته، وسميت في الموطأ تميمة بنت وهب.
ترجمته في: الإصابة 2/491-492، والاستيعاب ص: 500.
(4) - تميمة بنت وهب، امرأة رفاعة القرظي.
لا يعرف لها إلا قصتها مع زوجها في حديث العسيلة من رواية مالك في الموطأ.
ترجمتها في: الإصابة 7/545، والاستيعاب ص: 1798.(7/124)
…حتى يذوق عُسَيْلَتَكِ...إلخ: كناية عن الجماع التام، قال ثعلب: ( شبه لذته بلذة العسل، فاستعار لها ذوقا، وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل) هـ.
…وقال النووي: ( اتفق العلماء على أن مغيب الحشفة يحل المثلثة، لأن بدخول الحشفة تحصل العسيلة، وشذ الحسن فقال: إنما العسيلة بالإنزال) هـ، وعلى هذا استقر العمل عند عامة أهل العلم، وضبطوه بقيود أخر سدا للذريعة.
قال الشيخ خ: ( وحُرِّمَتِ المبثوثةُ حتى يولجَ بَالِغَ قَدْرِ الحَشَفَةِ بلا مَنْع ولا نُكْرَة فيه بانتشار في نكاح لازم وعِلْمِ خُلْوَة وزوجة فقط ولَوْ خَصِيًّا)(1).
…5261- فطلق: الثاني قبل الجماع. حتى يذوق ...إلخ: أي الثاني.
5- باب من خير نساءه:
بين استمرار العصمة وبين التطليق، أي ما حكمه؟ وحكمه أنه لا يعد ذلك طلاقا.
…" إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيا "(2): إلى آخر الآية المشتملة على التخيير.
…5263- بعد أن تختارني: فلو اختارت نفسها طلقت عليه ثلاثا، هذا مذهبنا معشر المالكية.
6- باب إذا قال فارقتك، أو سرحتك، أو البرية، أو الخلية، أو ما عني به الطلاق فهو/ على نيته:
إن نوى به الطلاق وقع وإلا فلا، وهذا مذهبنا أيضا لأن هذه الألفاظ من الكنايات، ولايلزم فيها الطلاق إلا بالنية.
7- باب من قال لامرأته: أنت علي حرام:
…أي ماذا عليه؟ اختلف الأئمة فيه على ثمانية عشرقولا، والذي عند المالكية أنه تلزمه طلقة واحدة بائنة على ما جرى به العمل عندهم، قال ناظمه: وطلقة بائنة في التحريم.
…وليس هذا كالذي يحرم الطعام: في عدم التحريم له، وهذا مذهبنا. قال الشيخ: (وتحريمُ الحلالِ في غيرِ الزوجةِ والأَمَةِ لَغْوٌ).
…وقال تعالى: " فضلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ "...إلخ(3).
…5264- لو طلقت مرة أو مرتين: كان أولى لتتمكن من المراجعة.
__________
(1) - مختصر خليل 1/157.
(2) - سورة الأحزاب، الآية 28.
(3) - سورة البقرة، الآية 230.(7/125)
…5265- طلق رجل: هو رفاعة. امرأته:تميمة. فتزوجت غيره: هو عبد الرحمن بن الزبير(1). وكانت معه - أي مع الثاني - مثل الهدبة: أي جارحة، أي ذكر مثل الهدبة في الرقة والاسترخاء. فلم تلبث أن طلقها: الثاني. إن زوجي: رفاعة. ولم يقربني: لم يطأني. إلا هنة: مرة. ولم يصل مني إلى شيء: من لذة الجماع.
8- باب " لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ "(2):
…خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أي من العسل أو مارية.
…5266- ليست بشيء: أي لا شيء عليه، ومذهب المالكية أنه يلزمه طلقه واحدة بائنة، والجواب عن قول ابن عباس: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ إِسْوَةٌ" …إلخ(3) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم امرأته، وإنما حرم عسلا أو أمة على اختلاف الرواة في ذلك، وحكمهما معا مخالف لحكم المرأة الزوجة فلا تقاس عليهما، وقد بين المص الفارق في الباب قبله.
…5267- مغافير: صَمْغٌ كريه الريح، قيل تشبه رائحته رائحة النبيذ.
…لا بأس: الزركشي: ( كذا وقع، والصواب: لا بل شربت عسلا) هـ(4).
…الدماميني: ( وما في الأصل صواب أيضا، فلا وجه لهذا الاستدراك)(5).
…5268- فدخل على حفصة: في هذه الرواية أن التي سقته العسل هي حفصة، وفي السابقة هي زينب، والسابقة هي الراجحة، انظر الفتح(6).
__________
(1) - عبد الرحمن بن الزبير - بفتح الزاي وكسر الموحدة - ابن باطيا القرظي، من بني قريظة، ويقال هو ابن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن مالك الأوسي. ثبت ذكره في الصحيحين في قصة طلاق امرأة رفاعة.
وروى عنه ولده الزبير بن عبد الرحمن، وهو من شيوخ مالك، وهو بضم الزاي بخلاف جده فإنه بفتحها.
ترجمته في: الإصابة 4/305-306، والاستيعاب ص: 833.
(2) - سورة التحريم، الآية 1.
(3) - سورة الأحزاب، الآية 21.
(4) - التنقيح ص: 206.
(5) - تعليق المصابيح ص: 544.
(6) - الفتح 9/470-471.(7/126)
…وقال القاضي في المشارق: ( المعروف ما جاء في غير هذه الرواية أن المتظاهرتين حفصة وعائشة، وأنه إنما شرب العسل عند زينب) هـ؛ زاد في الإكمال: ( إن هذا هو الأصح).
…جرست: بمعنى رعت، ولا يقال إلا في خصوص النحل للتصويت الزائد في رعيها.
…العرفط: هو الشجر الذي صمغه المغافير، قيل هو شجر الطلح.
9- باب " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُومِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة" الآية(1)
…غرضه والله أعلم بإيراد هذه الآية ترجمة على ما يؤخذ من التحفة وغيرها التنبيه على عدم وقوع الطلاق قبل النكاح ولو تعليقا، وهو تابع في ذلك لابن عباس، فإنه لما قيل له إن ابن مسعود يقول بوقوعه قبله أي تعليقا، قال: يرحمه الله لوكان كما قال لقال الله: "إذا طلقتم النساء ثم تنكحوهن"(2).
…وقال ابن عباس: جعل الله الطلاق بعد النكاح: روى ابن خزيمة أن ابن عباس سئل عن قول الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فقال ليس بشيء.
…ويروى في ذلك عن علي -إلى قوله: أنها لا تطلق-: أي بالتعليق قبل النكاح، فاقتصار المؤلف رحمه الله على هذا القول يدل على اختياره، ومذهب المالكية أنها تطلق، وأن الطلاق يلزم بالتعليق قبل النكاح كقوله: إن تزوجتها فهي طالق، قال الشيخ: (ومَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وإِنْ تعليقًا).
…10- باب إذا قال لامرأته وهو مكره: "هذه أختي"، فلا شيء عليه:
من طلاق ولاظهار ولا غيرهما.
…قال إبراهيم / - عليه السلام -: هذه أختي: أي ولم يلزمه شيء.
__________
(1) - سورة الأحزاب، الآية 49.
(2) - بوب زكريا الأنصاري ( في التحفة 3/207) لهذا النص بعبارة : " باب لا طلاق قبل النكاح"، وقال في 3/208: ( وغرض البخاري بما قاله في الباب الرد على الحنفية في قولهم إنه يقع قبله).(7/127)
…قال العيني: ( لأن إبراهيم كان يتحقق أن هذا الفرعون يقتل من خالفه فيما يريده، فكان حاله في ذلك الوقت مثل حال المكره) هـ(1).
…والظاهر أنه خاف إن قال له زوجتي أن يقتله غيرة عليها، لأنه كان يفعل ذلك، فقال أختي ليسلم من القتل، فكان مكرها بهذا الاعتبار والله أعلم.
11- باب الطلاق في الإغلاق:
…أي بيان حكمه فيه وفيما عطف عليه، هل يلزم أو لا يلزم؟ والإغلاق هو الإكراه، فقوله "والكره" من عطف المرادف، وحكم الطلاق في الإكراه عندنا عدم اللزوم، لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في مسلم: ( لا طلاق في إغلاق)(2)، أي إكراه.
…وقال الشيخ خ: ( ولَزِمَ ولو هَزْلاً لا إِنْ سبقَ لسانُهُ أو أُكْرِهَ - أي على النطق به أو على فعل ما حلف عليه- بخوفِ مُؤْلِم من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد أو صفع لذي مروءة بِمَلَإ أو قَتْلِ ولده أو بماله - أي أخذه - وهل إِنْ كَثُرَ تَرَدُّدٌ لا أجنبيِّ وأُمِرَ بالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ)(3).
…والسكران: أي حكم طلاقه، وحكمه عندنا هو اللزوم.
…قال ابن عاصم : ويَنْفُذُ الواقعُ مِنْ سَكْرَانِ - مختلط كالعتقِ والأَيْمَانِ(4).
…وقال ابن عاشر: لاَ يَلْزَمُ السكرانَ إقرارُ عُقُودِ - بل ماجَنى عتقُ طلاق وحُدُودِ.
…والمجنون: وحكمه عندنا عدم لزوم طلاقه، قال الشيخ: ( وإنما يصحُّ طلاقُ المسلمِ المكلَّفِ)(5).
…الزرقاني: ( فلا يصح من مجنون ولو غير مطبق إن طلق حال جنونه، ولا من صبي ولو مراهقا)(6).
…وأمرهما: هل هو واحد أو مختلف؟ وعندنا أنه مختلف كما رأيت.
__________
(1) - عمدة القاري 20/250.
(2) - أخرجه أحمد في المسند 6/276، وأبو داود في الطلاق باب في الطلاق على غلط رقم 2193، وابن ماجة في الطلاق باب طلاق المكره والناسي رقم 2046، والحاكم 2/198، والبيهقي 7/357، والحديث ليس في صحيح مسلم.
(3) - مختصر خليل 1/186.
(4) - تحفة الحكام ص: 40.
(5) - مختصر خليل 1/186.
(6) - شرح الزرقاني على خليل 4/84.(7/128)
…والغلط: أي بيان حكمه وهو إما في التلفظ باليمين أو في فعل المحلوف عليه، وحكم الأول عندنا عدم لزوم الطلاق، قال الشيخ: ( لاَ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ)(1)، الزرقاني: (بأن قصد التكلم بغير الطلاق فتكلم به، فقال أنت طالق، فلاشيء عليه)(2)؛ وحكم الثاني لزوم الحنث كما يأتي.
…والنسيان: وحكمه عندنا الحنث به، ولزوم الطلاق إن أطلق، قال الشيخ: (وحنث بالنسيان إن أطلق)، الزرقاني: ( أي في يمينه ولم يقل لا أفعله مالم أنس، ومثل النسيان الخطأ والجهل والغلط، أي في فعل المحلوف عليه، كمن حلف: لا أكلم زيدا فكلمه معتقدا أنه غيره).
…في الطلاق والشرك: الزركشي: ( ويروى " والشك" وهو أليق)هـ(3) ، ومعناه على ما في الأصل أنه إذا وقع من المكلف ما يقتضيه غلطا أو نسيانا هل يحكم به أم لا، وانظر كتاب الإكراه. وغيره: أي غير الشرك مما هو دونه، أو غير ما ذكر من الخطأ والنسيان كسبق اللسان والهزل وغير ذلك.
…ولكل امرئ ما نوى: فلا يؤاخذ المكلف إلا بما نواه، لا بما أكره عليه مثلا.
…وما لا يجوز من إقرار الموسوس: أي الضعيف العقل، ومذهبنا أن إقراره جائز كطلاقه.
…أبك جنون؟ فلو قال نعم لم يرجمه.
…فخرج وخرجنا معه: ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذه بذلك، وبه تمسك من قال بعدم مؤاخذة السكران، لكن ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغرم حمزة الناقتين، فسقط استدلال من استدل به على ما ذكر.
…ليس لمجنون ولا لسكران...إلخ: قد علمت مذهبنا في ذلك.
…إذا بدأ بالطلاق: أي المعلق على شرط كقوله: أنت طالق إن دخلت الدار.
__________
(1) - مختصر خليل 1/186.
(2) - شرح الزرقاني على خليل 4/85.
(3) - التنقيح ص: 220.(7/129)
…فله شرطه: ( ظاهره وإن أخره فلاشيء عليه/، والجمهور وعامة الفقهاء على أنه يلزمه الطلاق بفعل المحلوف عليه بدأ بالطلاق أو بالشرط، وإنما يروى الخلاف في ذلك عن شريح(1) والنخعي)، قاله ابن بطال.
…نيته: لأنه من الكنايات، فإن نوى الطلاق طلقت عليه وإلا فلا. بلسانهم: عربيا كان أو أعجميا.
…يغشاها: يجامعها. مرة: واحدة. فإن استبان ...إلخ: هذا مذهب الجمهور، وقال المالكية يحنث بالوطء بعد التعليق أو قبله، استبان بها حمل أم لا، قال الشيخ: ( لاَ إِنْ حَمَلْتِ إِلاَّ أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ)(2).
…نيته: يعمل عليها لأنه من الكنايات.
…عن وطر: حاجة كالنشوز الواقع منها، فينبغي ألا يطلق إلا عند الحاجة إليه.
…فهو مانوى: لأنه من الكنايات، وهذا مذهبنا أيضا.
…المعتوه: المغلوب على عقله.
…5269- إذا طلق في نفسه فليس بشيء: مذهبنا أنه إذا أجرى لفظ الطلاق على قلبه كما يجريه على لسانه من غير تلفظ به ففيه خلاف، وهذا معنى قول الشيخ: ( وفي لُزُومِهِ بِكَلاَمِهِ النَّفْسِيِّ خِلاَفٌ)(3)، وأما إذا عزم عليه بقلبه ثم بدا له عدمه فلا يلزمه اتفاقا.
…أنفسها: بالنصب على المفعولية والرفع على الفاعلية.
…5270- رجلا: هو ما عز(4)
__________
(1) - أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي، القاضي المعروف، مات قبل الثمانين وله مائة وثمان سنين.
ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/131، وتهذيب الكمال 576.
(2) - مختصر خليل 1/194.
(3) - مختصر خليل 1/191.
(4) - ماعز بن مالك الأسلمي، وهو الذي رجم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قال: " لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم"؛ وفي صحيح ابن حبان قال: " لقد رأيته يتحضحض في أنهار الجنة".
ترجمته في: الإصابة 5/705، والاستيعاب ص: 1345.(7/130)
. فأعرض عنه: لأن الأولى له ستر نفسه، وتكفيه التوبة لأن الحق لله لا للآدمي، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ( من ابتلي منكم بهذه القذرات فليستتر بستر الله). هل بك جنوب؟: قال لا، وهذا هو الغرض من هذا الحديث، فلو قال نعم لم يعمل بإقراره. أَذْلَقَتْهُ: أصابته. جَمَزَ: هرب.
…5271- رجل: ما عز. إن الْأَخِرَ: بهمزة مقصورة، ومدها خطأ، أي المتأخر عن السعادة.
12- باب الخُلْع:
…الخلع هو الطلاق بعوض، وهو جائز عند الجمهور، بل حكى ابن العربي في العارضة الإجماع عليه مع استقامة الحال.
…وكيف الطلاق فيه؟ يعني هل يقع بمجرده أو لابد من التلفظ فيه بلفظ الطلاق، ومذهبنا أنه لابد فيه من التلفظ بلفظ الطلاق.
…دون السلطان: أو نائبه، وهذا مذهبنا، قال الشيخ: ( وبلا حاكم)(1).
…دون عقاص رأسها: أي بكل شيء سوى ما تربط به شعر رأسها.
…ولم يقل طاوس: لا يحل الخلع.
…لا أغتسل ...إلخ: تريد منعها من وطئها، فتكون ح ناشزا.
…5273- أن امرأة ثابت: جميلة(2) أخت عبد الله بن أبي بن سلول، وقيل بنته، وبه جزم الدمياطي والزركشي(3).
…أكره الكفر: أي إن أقمت عنده ربما أقع فيما يقتضي الكفر لأني أكرهه طبعا، لاأنه يحملها عليه؛ زاد ابن ماجة: ( والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بصقت في وجهه، وكان رجلا ذميما، وكانت هي ذات جمال).
…وفي رواية: ( قالت يا رسول إني رفعت الخباء فرأيته أقبل في جماعة، فإذا هو أشدهم سوادا، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجها).
…أتردين عليه حديقته؟: بستانه الذي أصدقك إياه.
…وطلقها: هذا أمر إرشاد لا إيجاب، أي فقبل وطلقها.
__________
(1) - مختصر خليل 1/181.
(2) - جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول.
تزوجت حنظلة بن أبي عامر الملقب بغسيل الملائكة، فقتل عنها يوم أحد، ثم تزوجها ثابت بن قيس واستشهد باليمامة، ثم تزوجت خبيب بن إساف.
وقتل ابناها عبد الله ومحمد يوم الحرة.
ترجمتها في: الإصابة 7/562-563، والاستيعاب ص: 1802.
(3) - في التنقيح ص: 221.(7/131)
…لا يتابع: أي أزهر(1). عن ابن عباس: لأن غيره أرسله ولم يذكر ابن عباس.
…5274- خالد: الطحان. عن خالد: الحذاء. أخت عبد الله بن أبي: رأس المنافقين. قال الزركشي: ( صوابه بنته)(2). وطلقها: أي قال فيه وطلقها.
…5275- لا أطيقه: زاد الإسماعيلي: بغضا.
13- باب الشقاق:
أي التنازع والاختلاف. وهل يشير - أي الحاكم - بالخلع عند الضرورة؟ نعم كما وقع في قصة ثابت السابقة، ولعله أراد أن يخرجها من طريق أخرى فلم يتفق له ذلك.
…5278- إن بني المغيرة: إخوة أبي جهل. ابنتهم: جميلة أو جويرية أو العوراء بنت أبي جهل، ومطابقته أن فاطمة رضي الله عنها ماكانت ترضى بذلك، فكان الشقاق بينها وبين علي متوقعا /، فأراد - صلى الله عليه وسلم - رفع وقوعه بمنع علي من ذلك بطريق الإيماء والإشارة، قاله الكرماني(3).
14- باب لا يكون بيع الأمة:
المتزوجة بالغير، حر أو عبد مملوك، لسيدها أو للغير. طلاقا: لها أي لأن الطلاق بيد الزوج مطلقا، لا بيد السيد، وهذا قول الجمهور، قاله في الإكمال.
…5279- أنها أعتقت: بعد بيعها، فخيرت في زوجها: مغيث، أي في فراقه أو المقام معه، وهذا محل الترجمة، لأنه لو كان بيعها طلاقا لم يكن لتخييرها فائدة.
…15- باب خيار الأمة تحت العبد:
…أي ثبوته لها إذ أعتقت وهي تحته، ومفهومه أنها لو كانت تحت حر لم يكن لها خيار، هذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور.
…5281- عبد بني فلان: أي بني المغيرة من بني مخزوم. يبكي عليها: حيث اختارت فراقه وفارقته.
16- باب شفاعة النبي صلى الله عليه في زوج بريرة:
لترجع إلى عصمته دون إلزام لها بذلك.
17- باب:
__________
(1) - أزهر بن جميل بن جناح الهاشمي مولاهم، أبو محمد البصري.
روى عن عبد الوهاب الثقفي وخالد بن الحارث وابن عيينة.
وعنه البخاري والنسائي وزكريا خياط السنة.
مات سنة 251هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/200-201.
(2) - التنقيح ص: 221.
(3) - في الكواكب الدراري 19/200.(7/132)
…كالفصل مما قبله، ومطابقة حديثه له لائحة.
18- باب قول الله تعالى: " وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ " (1)
…أي لا تتزوجوهن.
…5285- أن ابن عمر كان إذا سئل…إلخ: محصله أن ابن عمر جعل لفظ المشركات شاملا لليهود والنصارى، فحرم نكاح الجميع، ووجهه بما في الأصل، والجمهور على خلافه، وأن عموم آية البقرة خص بآية المائدة وهي: " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ"…إلخ (2)، والأئمة الأربعة علىحل الكتابية الحرة، وعلى المنع من غير أهل الكتاب، إلا أن مالكا كرهه في الكتابية، بل قال ابن عبد البر: ( أجمع فقهاء الأمصار على أن نكاح المجوسيات والوثنيات وماعدا اليهوديات والنصرانيات لا يحل)هـ.
…وقال الشيخ: ( وحُرِّمَتِ الكافرةُ إلا الْحُرَّةُ الكتابيَّةُ بِكُرْه وتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ)(3).
19- باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن:
…أي حكم نكاحهن وحكم عدتهن.
…5286- حتى تحيض:أي ثلاث حيض،لأنها صارت بإسلامها وهجرتها من الحرائر.
…ردت إليه: بعقد جديد إن شاءت. وإن هاجر ...إلخ: هذا قول مجاهد.
…5287- قريبة(4): أخت أم سلمة.
20- باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية أو اليهودية تحت الذمي أو الحربي:
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 221.
(2) - سورة المائدة، الآية 5.
(3) - مختصر خليل 1/159.
(4) - قريبة - بفتح أوله، ويقال بالتصغير - بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أخت أم سلمة، تزوجها عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت امرأة موصوفة بالجمال والرفق.
ترجمتها في: الإصابة 8/81-82.(7/133)
قبل أن يسلم، ما الحكم في ذلك؟ وذكر فيه مذاهب، ومذهبنا معشر المالكية أنه يقرر عليها إن أسلم قبل انقضاء عدتها، وإلى هذه الصورة مع عكسها وهبي إذا أسلم الزوج أولا، أشار الشيخ بقوله: ( وقُرِّرَ عليها – أي على الحرة الكتابية –إِنْ أسلم، وعلى الأَمَةِ والمجوسيَّةِ إِنْ عَتَقَتْ وأَسْلَمَتْ ولم يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ، أو أَسْلَمَتْ ثم أَسْلَمَ في عِدَّتِهَا)(1).
…وقال الله: ذكره تقوية لقول عطاء. جاءت: يعني اليوم.
…5288- بهذا الشرط: هو ألا يشركن ...إلخ. بالمحنة: أي الامتحان.
…21- باب قول الله عز وجل : " لِلّذِينَ يُولُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ":
…يحلفون ألا يجامعوهن، " تَرَبُّصُ": انتظار، " أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِن فَاءُوا " ورجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء "فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ": أي عليه بأن لم يفيئوا فليوقعوه "فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"(2).
…ذكر في هذه الترجمة حكم الإيلاء، وهو كما عرفه الشيخ: ( يمينُ زوج مسلم مكلف يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ وإِنْ مريضًا بمنعِ وطءِ زوجتهِ وإنْ تعليقًا غيرِ المرضعِ وإنْ رِجْعِيَّةً أكثرَ من أربعةِ أشهر أو شهرينِ للعَبْدِ)(3).
…5289- عن أخيه: عبد الحميد. آلى رسول الله صلى الله عليه من نسائه:/ ألا يدخل عليهن شهرا.
…ابن حجر: ( المراد بقول أنس " آلى" حلف، وليس المراد به الإيلاء العرفي في كتب الفقه اتفاقا، لأنه حرام يأثم به من علم حاله، ولا يجوز نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -)(4)، ونحوه للعيني، ثم قال: ( فالمراد بالإيلاء في الحديث الإيلاء اللغوي، وهو الحلف، وهو لاينفك عن المعنى الشرعي، وبه توجد المطابقة)(5).
…في مشربة: غرفة. الشهر تسع وعشرون: وكان حلف في أوله.
__________
(1) - مختصر خليل 1/159.
(2) - سورة البقرة، الآية 226-227.
(3) - مختصر خليل 1/202.
(4) - الفتح 9/533.
(5) - عمدة القاري 20/276-277.(7/134)
…5290- إلا أن يمسك بمعروف: بأن يطأ.
…5291- يوقف: أي يوقفه الحاكم. حتى يطلق: أو يفيء. ولا يقع عليه الطلاق...إلخ: فإن امتنع طلق عليه، قال الشيخ: ( وإلا أمر بالطلاق وإلا طلق عليه)(1).
واثنا عشر رجلا …إلخ: وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وسائر أصحاب الحديث.
22- باب حكم المفقود في أهله وماله:
…ابن عرفة: ( المفقود من انقطع خبره، ممكن الكشف عنه).
تربص امرأته سنة: هذا محمول على المشهور عند المالكية على القتال الواقع بين المسلمين والكفار، وأما القتال الواقع بين المسلمين بعضهم بعضا فتعتد زوجته من انفصال الصفين.
…قال الشيخ: ( واعتدَّتْ في مفقودِ المُعْتَرَكِ بين المسلمين بعد انفصالِ الصَّفَّيْنِ، وفي الفَقْدِ بين المسلمين والكفار تعتدُّ سَنَةً بعد النَّظَرِ)هـ(2)، هذا حكم زوجته، وأما ماله فلابد فيه من مضي مدة التعمير فيهما كما يأتي. فالتمس صاحبها سنة: ليؤدي له ثمنها. يعطي الدرهم…إلخ: أي يتصدق به. فلي وعلي: أي لي الثواب وعلي ثمنها. لا تتزوج امرأته: أي لا تطلق عليه وتتزوج، يعني إن دامت نفقتها بل تبقى لمدة التعمير، فإن لم تكن لها نفقة طلقت عليه بالإعسار بها. فسنته سنة المفقود: ينتظر به التعمير، وهذا مذهبنا أيضا، قال الشيخ: ( وبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ – أي المفقود- ومَالُهُ وزَوْجَةُ الأسيرِ ومفقودُ أرضِ الشِّرْكِ، لِلتَّعْمِيرِ وهو سبعون، واختار الشَّيْخَانِ ثمانين، وحُكِمَ بِخَمْس وسبعين)(3).
…5292- وِكَاءَهَا: خيطها الذي شدت به. وعقاصها: خرقتها التي شدت فيها. فإن جاء من يعرفها: أي فادفعها له لأنها لازالت على ملكه، وهذا وجه إيراد هذا الحديث هنا، يعني كما أنه لم يزل ملك الضالة عن مالكها، كذلك لم يزل ملك المفقود عن ماله وزوجته.
23- باب الظِّهَار:
هو تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزءها بظهر محرم أو جزءه.
__________
(1) - مختصر خليل 1/204.
(2) - مختصر خليل 1/217-218.
(3) - مختصر خليل 1/217.(7/135)
…وقول الله تعالى: " قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا "(1): المجادلة هي خولة بنت ثعلبة(2)، وزوجها أوس بن الصامت(3) ، وظهاره أول ظهار وقع في الإسلام.
إلى قوله: " ستين مسكينا " مد لكل مسكين. ظهار الحر والعبد من الحرة والأمة: المملوكة، سواء هذا مذهبنا لأن لفظ النساء يشمل الأمة لغة. لما قالوا: أي في تفسير قوله تعالى: " ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا"(4)، وفي نقض ماقالوا: بأن تخالفوه قال الشيخ: ( وتجب – أي الكفارة – بالعَوْدِ ولا تجزئ قبله وتَتَحَتَّمُ بالوَطْءِ وهَلْ هُوَ – أي العَوْدُ- العَزْمُ على الوَطْءِ أو مع الإمساك تَأْوِيلاَنِ)(5). وهذا أولى: أي من قول داود إن المعنى أن يقع العود بالقول بأن يعيد لفظ الظهار؛ وقال ابن العربي : ( القول بأنه العود إلى لفظ الظهار باطل قطعا ونسبته إلى بكير بن الأشج لا تصح)، ثم أطال في بيان ذلك، أنظر الأحكام(6).
24- باب الإشارة في الطلاق والأمور:
الشرعية، أي جواز الإشارة المفهمة فيما ذكروا إمضاؤها لأنها تقوم مقام النطق، هذا مذهب الجمهور، خلافا لأبي حنيفة، قال الشيخ:( ولَزِمَ - أي الطلاق - بالإِشَارَةِ المُفْهِمَةِ)هـ (7).
ثم ذكر المص رحمه الله أحاديث وآثارا تتضمن استعمال الإشارة في أمور مهمة وأحكام شرعية تنبيها منه على إلحاق الطلاق بها، وهو ظاهر.
__________
(1) - سورة المجادلة، الآية 1.
(2) خولة بنت ثعلبة، كذا للأكثر، ونسبها ابن الكلبي فقال: بنت ثعلبة بن مالك بن الدخشم، كانت تحت أوس بن الصامت.
ترجمتها في: الإصابة 7/618.
(3) - أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، أخو عبادة بن الصامت. شهد بدرا والمشاهد.
مات في أيام عثمان.
ترجمته في: الإصابة 1/156-157، والاستيعاب ص: 118.
(4) - سورة المجادلة، الآية 3.
(5) - مختصر خليل 1/207.
(6) - أحكام القرآن ص: 1753 ( الجزء 4).
(7) - مختصر خليل 1/190.(7/136)
…5293- وعقد تسعين: بأن عطف السبابة وجعل / رأسها في أصلها وضم الإبهام عليها، وعقد الأصابع نوع من الإشارة المفهمة.
…5294- إلا أعطاه: مالم يسأل حراما. وقال بيده: أي أشار أنملته، أي أنملة إبهامه الشريفة. يزهدها: يقللها، أي يقلل وقتها، وتقدم الكلام عليها مستوفى في الجمعة.
…5295- أَوْضَاحًا: حليا من فضة. فرضخ: كسر رمق نفس. أصمتت: خرس لسانها. لغير الذي قتلها: ليتحقق صحة عقلها وذهنها. أن لا: أن تفسيرية . فأمر به صلى الله عليه بعد إقراره. فرضخ رأسه ...إلخ استدل به الأئمة الثلاثة على أن المرء يقتل بما قتل به، وقال أبو حنيفة: لا يقتل إلا بالسيف.
…5297- لرجل: هو بلال. اِجْدَحْ لي: لث السويق بالماء. من هاهنا: أي من ناحية المشرق. أفطر الصائم: أي دخل وقت فطره.
…5298- ليرجع قائمكم: أي ليرد - أي بلال - قائمكم لنومه حيث علم أن الفجر لم يطلع . أن يقول: هذا من إطلاق القول على الفعل. وأظهر يزيد(1) يديه: أي رفعها طويلا إشارة إلى صورة الفجر الكاذب، ثم مد إحداهما من الأخرى إشارة إلى الفجر الصادق.
…5299- مَادَّتْ: من المد. تَرَاقِيهِمَا: جمع ترقوة، والترقوتان العظمان المشرفان في أعلى الصدر. تُجِنَّ: تستر. بنانه: أطراف أصابعه. وتَعْفُوَ أَثَرَهُ: تمحو أثر مشيه على الأرض، وتزيله لسبوغها وطولها.
25- باب اللِّعَان:
…عرفه ابن عرفة بقوله: ( حلف الزوج على زنا زوجته، أو نفي حملها اللازم له، وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض).
__________
(1) - يزيد بن زريع التميمي، أبو معاوية البصري الحافظ.
روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وحبيب بن الشهيد وخالد الحذاء وشعبة.
وعنه ابن المبارك وابن مهدي وبهز بن أسد ومسدد وابن المديني.
قال ابن معين: من أثبت شيوخ البصريين.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/325-328.(7/137)
…ابن بطال: ( التلاعن لا يكون إلا عند السلطان أو عند من استخلفه السلطان من الحكام، وهذا إجماع) هـ، وسمي لعانا القول لرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
…" يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ "(1): أي بالزنا.
…في الفرائض: أي في الأمور المفروضة، وهو قول بعض أهل الحجاز: كمالك وغيره، قال الشيخ: ( وأَشَارَ الأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ)(2).
…" إلا رمزا ": من قوله تعالى: " قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّام اِلاَّ رَمْزًا"(3)، وقال بعض الناس - هم الحنفية -: لا حد ولا لعان: بالإشارة من الأخرس وغيره، وكذلك العتق: بالإشارة، وح فالتفرقة بين القذف والطلاق بلا دليل تحكم.
…فأشار بأصابعه: أي الثلاث. تبين منه: وهذا مذهبنا أيضا.
…إذا كتب الطلاق بيده لزمه: وكذا غير الأخرس يلزمه ما كتبه، قال الشيخ: (وبالكتابةِ عَارِفًا أَوْ لاَ إِنْ وَصَلَ الْكِتَابُ)(4).
…إن قال: أشار برأسه لشيء، أي شيء كان طلاقا أو لعانا أو غيرهما. جاز: ومضى، وهذا مذهبنا أيضا، قال في تحفة ابن عاصم:
ومِنْ أَصَمَّ أَبْكَمَ العُقُودَ - جائزةٌ ويَشْهَدُ الشُّهُودُ(5).
…5300- ثم قال: أشار. كالرامي بيده: أي كمن كان في كفه شيء فرمى به ثلاثا، يعني وقبض إبهامه في المرة الثالثة.
…5303- الإيمان هاهنا: لإذعان أهله بسرعة. في الفدادين: جمع فداد، غليظ الصوت.
…5304- شيئا: قليلا، إشارة إلى تفاوت ما بينهما.
…(والغرض من هذه الأحاديث الخمسة تحقيق اعتبار الإشارة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -)، قاله الكرماني(6).
26- باب إذا عرض بنفي الولد:
__________
(1) - سورة النور، الآية 6.
(2) - مختصر خليل 1/211.
(3) - سورة آل عمران، الآية 41.
(4) - مختصر خليل 1/190-191.
(5) - تحفة ابن عاصم ص:63.
(6) - في الكواكب الدراري 19/219.(7/138)
…التعريض ذكر شيء يفهم منه شيء آخر، أي لا يكون ذلك قذفا يوجب الحد، ابن غازي: ( إنما يوجب المالكية الحد في التعريض إذا كان في مقام المشاتمة لا في مقام السؤال كحديث الباب) هـ، وأصله للمهلب.
…5305- رجلا: هو ضمضم بن قتادة(1). إن إمرأتي: لم يقف ابن حجر على اسمها ولا اسم ولدها(2). أسود: أي وأنا أبيض. أورق: أحمر فيه سواد غير حالك.
…فأنى ذلك؟: أي من أين أتاها ذلك؟. نزعه عرق: أي جذبه إليه أصل من النسب. نزعه: أي عرق أيضا.
…قال القرطبي تبعا لابن رشد: ( لا خلاف أنه لا يحل نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقر بالوطء ولم تمض مدة الاستبراء).
27- باب إحلاف الملاعن:
…أي تحليفه بصيغة يمين اللعان المعروفة.
…قال ابن عطية: ( المستحب من القاضي اللعان أن يمشي مع ترتيب القرآن، ولفظه: فيقول الزوج: أشهد بالله لرأيت هذه المرأة تزني/، أو ما هذا الحمل مني، وإني في ذلك لمن الصادقين، ثم يقول في الخامسة: لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين، وتقول المرأة: أشهد بالله مازنيت، أو إن هذا الحمل منه، وإنه في ذلك لمن الكاذبين، ثم تقول في الخامسة: غضب الله علي إن كان من الصادقين)(3).
…5306- من الأنصار: هو عويمر(4).
28- باب يبدأ الرجل بالتلاعن:
__________
(1) - ضمضم بن قتادة.
جاء مبهما في حديث الصحيحين لما ولد له ولد أسود، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: الإصابة 3/493-494.
(2) - قال في الفتح 9/553: ( لم أقف على اسم المرأة، ولا على اسم الغلام).
(3) -المحرر الوجيز 10/447.
(4) - عويمر بن الحارث بن زيد بن جابر بن الجد بن العجلان، هو ابن أبي الأبيض العجلاني.
أخرج الشيخان في حديث نزول آية اللعان سؤاله عمن وجد مع زوجته رجلا.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1226، والإصابة 4/746-747.(7/139)
قبل المرأة، أي وجوبا، قال الشيخ: (وفي إِعَادَتِهَا إِنْ بَدَأَتْ خلاَفٌ)(1).
…5307- أن هلال بن أمية: قال في المشارق: ( قال المهلب: ذكر هلال بن أمية غلط من هشام بن حسان، والمعروف عُوَيْمِر العجلاني) هـ، وقدمنا جواب الحافظ عنه في التفسير فانظره.
…تنبيه: زاد في التفسير تسمية من قذفها به، وهو شريك بن سمحاء، وكتب عليه الإمام المازري ما نصه: ( اختلف الناس إذا قذف الرجل زوجته بشخص بعينه هل يحد له أم لا، وإن لاعن زوجته فعند مالك أنه يحد للرجل. وقال الشافعي: لا يحد لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحد الزوج لشريك وقد سماه، وقال بعض أصحابنا: لا حجة فيه لأن شريكا لم يطلب حده ولا قام بطلب عرضه)، هـ من الإكمال بحروفه(2).
29- باب اللعان ومن طلق:
…أي بعد التلاعن.
…5308- رجلا: أجنبيا منها. أيقتله فتقتلونه: هذا الذي عليه الجمهور، المالكية وغيرهم، وهو أنه يقتل به إن قتله، إلا إذا أتى بأربعة شهداء على زناه بها؛ قال الشافعي: ويسعه ذلك فيما بينه وبين الله، انظر كتاب المحاربين فقد أوضحنا فيه هذه المسألة.
فطلقها ثلاثا: مذهبنا أن بنفس فراغها من اللعان تتأبد حرمتها من غير احتياج للتلفظ بالطلاق.
…قال الشيخ: ( وبِلِعَانِهَا تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا)(3).
…الزرقاني: ( وفسخ نكاحها بلا طلاق قبل البناء أو بعده، لكن لها نصف الصداق إن حصل قبله لاتهامه باللعان على إسقاطه)(4).
……30- باب التلاعن في المسجد:
أي جوازه فيه.
…5309- وحرة: دويبة تترامى على اللحم والطعام فتفسده. أعين: كبير العينين. ذا أليتين: عظيمتين.
31- باب قول النبي صلى الله عليه: لو كنت راجما بغير بينة:
أي لرجمتها.
…5310- فقال عاصم(5)
__________
(1) - مختصر خليل 1/212.
(2) - انظر: المعلم لفوائد مسلم 2/211-212.
(3) - مختصر خليل 1/213، وفيه: ( بالتعانها).
(4) - شرح الزرقاني على خليل 4/197.
(5) - عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة بن حرام البلوي العجلاني.
كان سيد بني عجلان، واتفقوا على ذكره في البدريين.
وله ذكر في الصحيح في قصة المتلاعنين.
مات عام 45 هـ، وهو ابن مائة وخمس عشرة وقيل عشرين.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 781، والإصابة 3/572-573.(7/140)
…إلخ: أي قال: لو وجد مع امرأته رجلا ضربه بالسيف حتى يقتله. بالذي وجد...إلخ: أي بالحال الذي وجدها عليه وهو كونها مع رجل آخر في لحاف واحد. مصفرا: كثير الصفرة. سَبْطَ الشعر: مسترسله. خَدْلاً: ممتلئ الساقين. آدم: أسمر.
32- باب صداق الملاعنة:
…أي هل لها صداق أم لا؟ والجمهور على أن لها الصداق كاملا إن كانت مدخولا بها، أو نصفه إن كانت غير مدخول بها.
…5311- مالي: أي ما دفعت لها من الصداق.
33- باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب: لله تعالى.
عن حديث المتلاعنين: أيفرق بينهما أم لا؟ فقال بأصبعه: من إطلاق القول على الفعل. وفرق سفيان…إلخ: أراد بذلك بيان الكيفية.
34- باب التفريق بين المتلاعنين:
…أي وجوبه على التأبيد.
…5313- فرق بين رجل...إلخ: أي حكم بأن يفترقا حسا لحصول الافتراق شرعا بنفس اللعان.
…5314- لا عن النبي صلى الله عليه: أي أمر بالتلاعن.
35- باب يلحق الولد بالملاعنة:
فيرثها وترثه.
36- باب قول الإمام: اللهم بين:
أظهر لنا / صدقها من كذبها.
…قال ابن العربي: ( لم يكن دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - ليبين صدق أحدهما، أي فيحكم به وينقض الحكم الأول، وإنما كان أن تضع المولود حتى يكون شبهه بيانا لأحدهما، ولا ينفش ولايموت، فلا يكون هناك بيان، وهذا ردع للنساء على التلبيس بمثل هذا الفعل).
…5316- رجل: عويمر. بالذي وجد: أي بالحال الذي وجدها عليه. سبط الشعرة: مسترسلها. آدم: أسمر. خدلا: ممتلئ الساقين. جَعْدًا: أي جعد الشعر. قَطَطًا: شديد الجُعُودَة.
37- باب إذا طلقها ثلاثا:
أي طلق الزوج زوجته ثلاثا، ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها: الثاني، هل تحل للأول إن طلقها الثاني؟ الجواب: لا تحل.
…5317- مثل هدبة: أي ذكر مسترخي مثل…إلخ. فقال لا: ترجعين إلى الأول وإن طلقك الثاني لعدم وجود النكاح المعتبر شرعا من الثاني، حتى تذوقين عسيلته …إلخ: كناية عن الجماع التام بشروطه.(7/141)
38- " وَاللَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمُ إِنِ ارْتَبْتُمْ "(1):
هذا أول كلامه على العدة، وعرفها ابن عرفة بقوله: ( مدة منع النكاح بفسخه أو موت الزوج أو طلاقه)، وقال الشيخ: ( تعتد حرة أطاقت الوطء بخلوة بالغ غير مجبوب أمكن شغلها منه لا بغيرهما إلا أن تقر به أو يظهر حمل ولم ينفه بثلاثة أقراء أطهار وذي الرق قرءان)(2).
قال مجاهد: في تفسير قوله تعالى: " إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُر" …إلخ.
…" وَأُوْلاَتُ الاَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّ "(3): هكذا في نسخنا بقلم الأصل غير ترجمة، وذكره في المشارق والتحفة(4) ترجمة، وكذا في الإرشاد(5) ولفظه " باب" بالتنوين، وهو ساقط لأبي ذر.
…و" أُوْلاَتُ" …الخ: يعني سواء في ذلك المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن.
…5318- تحت زوجها: سعد بن خولة. حُبْلَى: فوضعت بعد موته بأربعين ليلة. فقال - أي أبو السنابل(6) - لما رآها: تجملت لغيره من الخطاب، وللكشميهني: "فقالت"، قال القاضي: ( كذا لكافتهم، وفيه تغيير ونقص، والصواب " فقال").
…انكحي: فقد خرجت من العدة بوضعك، قال في الإكمال: ( هذا الذي قال به جميع العلماء وأئمة الفتوى).
…5320- نفست: أي وضعت حملها.
39- قول الله عز وجل: "وَالْمُطَلَّقَاتُ"
__________
(1) - سورة الطلاق، الآية 4.
(2) - مختصر خليل 1/213.
(3) - سورة الطلاق، الآية 4.
(4) - تحفة الباري 3/214.
(5) - الإرشاد 8/201.
(6) - أبو السنابل بن بعكك - بوزن جعفر - ابن الحارث بن عميلة بن السباق بن عبد الدار القرشي العبدري، واسمه صبة أو صنة، وقيل عمرو أو عامر، وقيل غير ذلك. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه الأسود النخعي، وزفر النصري. ثبت ذكره في الصحيحين في قصة سبيعة الأسلمية لما مات زوجها، وتزينت للخطاب، فأنكر عليها، ثم إنه تزوجها بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل. ترجمته في: الاستيعاب ص: 1684، والإصابة 7/190-191.(7/142)
…المدخول بهن من ذوات الحيض، "يَتَرَبَّصْنَ": يمكتن في عدتهن، "بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء"(1): أي أطهار، وهو خبر بمعنى الأمر، وهذا حكم ثابت كتابا وسنة وإجماعا، فما يفعله بعض القضاة والعدول اليوم من اعتدادهن بالأشهر لا قائل به، وهو مصادم لما ذكر، وقول الزقاق(2): قُرُوء في اعْتِدَاد بِأَشْهُر - ثلاثة …إلخ(3)،
معناه أنها إن ادعت حصول الأقراء الثلاثة في أقل من ثلاثة أشهر لا تصدق، وليس معناه أنها تعتد بالأشهر فتنبه لذلك.
من تزوج في العدة: تزويجا فاسدا. ولا تحتسب به لمن بعده: إن وقع الفسخ بل تستأنف عدة أخرى، وهذا مذهبنا أيضا.
…قال الشيخ: ( وإِنْ طَرَأَ مُوجِبٌ قبل تمامِ عدة أو استبراء انهدمَ الأوَّلُ وائْتَنَفَتْ كمعتدة وَطِئَهَا المُطَلِّقُ أو غيرُهُ فاسدًا بِكَاشْتِبَاه)(4).
وقال معمر: هو ابن المثنى المعروف بأبي عبيدة، اللغوي المعتزلي. إذا دنا طهرها: فيستعمل في الضدين، ومذهب المالكية والشافعية أنه الطهر. بِسَلًى: هو غشاء الولد.
40- قصة فاطمة بنت قيس(5):
…من المهاجرات الأُول.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 228.
(2) - علي بن القاسم بن محمد التجيبي، المعروف بالزقاق.
من أهل فاس، وأخذ عن شيوخ غرناطة.
له: لامية في علم القضاء، والمنهج المنتخب إلى أصول المذهب. توفي سنة 912هـ.
ترجمته في: هدية العارفين 1/745.
(3) - لامية الزقاق، البيت 194، ص: 136 ( مطبوعة مع تحفة ابن عاصم)، والبيت بتمامه:
وذات قروء في اعتداد بأشهر - وتاريخ تسجيل وشبه تحصلا.
(4) - مختصر خليل 1/222.
(5) - فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس.
كانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل، تزوجت أبا بكر المخزومي فطلقها، ثم تزوجت بعده أسامة بن زيد.
ومن نوادرها أن أهل الشورى اجتمعوا في بيتها بعد مقتل الفاروق عمر.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1901، والإصابة 8/69.(7/143)
…" لاَ تُخْرِجُوهُنَّ ": أي المطلقات، " مِن بُيُوتِهِنَّ "(1): التي كن يسكنها قبل العدة، وهي بيوت الأزواج، وهذا حق لله ليس لأحد تركه إلا لعلة كما يأتي،
وفي التزامات الحطاب: ( لو خالعها الزوج على الخروج من مسكنها لزمه الخلع وبانت منه، ولا تخرج لأن خروجها حرام، والخلع على الحرام لا ينفذ)(2).
…5321،5322- بنت عبد/ الرحمن: هي عمرة. فانتقلها عبد الرحمن: أبوها، شأن فاطمة حيث لم تعتد في بيت زوجها وانتقلت لغيره.
…لا يضرك ألا تذكر حديث فاطمة: لأنه لا حجة فيه، لجواز انتقال المطلقة من بيتها لسبب، وفاطمة انتقلت لسبب. إن كان بك شر، أي إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر. فحسبك: يكفيك. ما بين هذين من الشر: يعني عمرة وزوجها.
…5325،5326- ألم تري إلى فلانة: عمرة. ليس لها خير في ذكر هذا الحديث: أي لأن خروجها كان لعذر، وهو أنها كانت لسنة سيئة الخلق فخيف منها وعليها، فلايطرد ذلك في غيرها.
41- باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم
-يهجم- عليها -فيه- أو تبذو -من البذاء، وهو القول الفاحش- على أهلها بفاحشة: أي فلها الانتقال إلى مسكن آخر، وهذا مذهبنا أيضا.
… قال الشيخ عاطفا على ما يبيح الانتقال من المسكن ما نصه: ( أَوْ لِعُذْر لا يمكنها المقامُ معه بمسكنها كسقوطه أو خوفِ جَارِ سُوء)(3).
…الزرقاني: ( أو خوف من لصوص على مالها، "ولزمت الثاني والثالث"، أي إن حصل بالثاني عذر أيضا فخيف على ناحيتها)(4)، هذا شاهد الشق الأول من الترجمة، وقيس عليه الثاني وهو الخوف منها، أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في الانتقال.
__________
(1) - سورة الطلاق، الآية 1.
(2) - تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب ص: 337 ( الشروط في الخلع).
(3) - مختصر خليل 1/219.
(4) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 4/221.(7/144)
42- باب قول الله عز وجل: " وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَّكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ"(1):
قال البخاري: من الحيض والحمل، هذا تفسير مجاهد وأكثر المفسرين(2).
…5329- أن ينفر: من مكة لما فرغ من حجه. عقرى: عقرك الله في جسدك.
…حَلْقَى: أصابك وجع في حلقك، وهذه ألفاظ تجري على ألسنة العرب من غير قصد لمعانيها. قالت نعم: ابن المنير: ( لما رتب - صلى الله عليه وسلم - على مجرد قول صفية إنها حائض تأخيره عن السفر أخذ منه تعدي الحكم إلى الزوج، فتصدق المرأة في الحيض والحمل باعتباره رجعة الزوج وسقوطها)(3).
43- باب: " وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ " (4)
…قال المص: في العدة، فإذا انقضت احتاج لعقد جديد، وهذا في الطلاق الرجعي، وأما البائن فلابد فيه من عقد جديد داخل العدة وبعدها.
…وكيف تراجع المرأة...إلخ؟: مذهبنا في ذلك أن الطلاق الرجعي تكفي فيه النية، ويستحب فيه الإشهاد إن لم تنقض العدة، والبائن لابد فيه من الولي والصداق والشهود.
…" فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ "(5): تمنعوهن من الزواج.
…5331- أخته: جميلة(6). تحت رجل: أبو البداح بن عاصم. ثم خلى عنها: تركها. فحصي معقل من ذلك أنفا: أي ترك الفعل غيظا وترفعا. وهو يقدر عليها: أي على رجعتها قبل انقضاء عدتها. واستقاد لأمر الله: أطاع له وامتثله.
…5332- أمرني بهذا: أي بالمراجعة.
44- باب مراجعة الحائض:
…أي وجوب مراجعتها إن طلقت دون الثلاث.
…5333- سألت ابن عمر: أي عن حكم المطلقة في الحيض. إن عجز...إلخ: لابد أن يمضي عليه الطلاق.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 228.
(2) - نقلا عن الفتح 9/602.
(3) - نقلا عن الفتح 9/602.
(4) - سورة البقرة، الآية 228.
(5) - سورة البقرة، الآية 232.
(6) - جميلة بنت يسار المزنية، واسمها جمل، أخت معقل بن يسار، الذي عضلها لما طلقها زوجها.
وجاءت قصتها في البخاري، غير أنها لم تسم.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1801، والإصابة 7/505-506.(7/145)
45- باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر:
…( الإحداد هو ترك الزينة والطيب ونحوهما، وهو واجب على الزوجة المتوفى عنها بإجماع من الأمة)، قاله في العارضة.
…وقال في الإكمال: ( الإحداد واجب على جميع الزوجات المتوفى عنهن، المدخول بها وغيرها، والصغار والكبار، والإماء والحرائر، وأجمعوا على أنه لا إحداد على أمة أو أم ولد إذا توفي عنهن / ساداتهن) هـ.
…وقال في المختصر: ( وتَرَكِتِ المتوفَّى عنها فقط وإن صَغُرَتْ ولو كتابيةً ومفقودًا زوجُها التَّزَيُّنَ بالمصبوغ ولو أَدْكَنَ إنْ وُجِدَ غيرُهُ إلا الأسودَ والتَّحَلِّي والتَّطَيُّبَ وعَمَلَهُ والتَّجْرَ فيه والدُّهْنَ فلا تمتشطُ بحِنَّاء أو كَتَم بخلافِ الزَّيْتِ والسِّدْرِ واسْتِحْدَادِهَا ولاتدخلُ الحَمَّامَ ولا تَطْلِي جَسَدَهَا ولا تكتحلُ إلا لضرورة وإِنْ بِطِيب ليلاً وتمسحُهُ نهارًا)(1).
…5334- خَلُوق: نوع من الطيب. جارية: لم تسم. بعارضيها: جانبي وجه نفسها، أي أم حبيبة. لأمرأة: ولو صغيرة، والمخاطب وليها. تؤمن بالله: هذا تأكيد للمبالغة في الزجر فلا مفهوم له، فتدخل الكتابية أيضا، هذا قول الجمهور خلافا للحنفية . أربعة...إلخ: أي فتحد عليه أربعة أشهر...إلخ.
…5336- امرأة: هي عاتكة بنت نعيم(2) .زوجها: المغيرة المخزومي(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/216.
(2) - عاتكة بنت نعيم الأنصارية، ونسبها أبو نعيم عدوية.
لها حديث في قصة طلبها اكتحال ابنتها لما رمدت عيناها من الإحداد.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1880، والإصابة 8/15.
(3) - المغيرة بن الحارث بن هشام المخزومي.
ذكره أبو نعيم، وقال: "مختلف في صحبته"، والصحيح أنه لم يدرك العصر النبوي .
وأخوه عبد الرحمن بن الحارث له رؤية، وهو من فقهاء المدينة.
ترجمته في: الإصابة 6/370-371.(7/146)
. عينها: بضم النون فاعل، ونصبها مفعول، والفاعل ضمير المرأة. يقول لا: وفي الموطأ: ( اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) (1).
…بالْبَعَرَة: رَجِيع الحيوان.
…5337- حِفْشًا: بيتا صغيرا جدا أو من شعر. ولم تمس طيبا: زاد ابن قتيبة: (ولاماء، ولا تقلم ظفرا، ولا تزيل شعرا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر).
…فتفتض: يأتي تفسيره: فتعطى بعرة فترمي: أي بها خلفها، إشارة إلى أنها رمت العدة رمي البعرة، أو لتري من حضرها أن مقامها حولا أهون عليها من تلك البعرة المرماة. تمسح بها جلدها: ابن العربي: ( ولكثرة الوسخ عليها والنتن، فبترديد المسح وتكراره بها يموت الطائر).
46- باب الكُحْل للحَادَّة:
…أي حكم استعمالها له، وحكمه عندنا ما أشار له الشيخ بقوله: ( ولا تكتحلُ إلا لضرورة وإِنْ بطيب ليلاً وتمسحُهُ نهارًا)(2).
…5338- لا تكتحل: أي نهارا كما بينته رواية الموطأ السابقة. أحلاسها: ثيابها. رمت: إثر مرور الكلب، وظاهره أن رميها البعرة يتوقف على مرور الكلب سواء طال زمن انتظاره أو قصر، وبه جزم بعض الشراح فتقيد به الرواية السابقة، قاله ابن حجر(3).
47- باب القُسْط للحادة عند الطهر:
…أي جواز استعمال الحادة القسط في فرجها عند الطهر من الحيض أو النفاس، لأجل قطع الرائحة الكريهة والتنظيف، لا لأجل الطيب، وظاهره أنها تبخر به.
…وقال الداودي: ( معناه تسحق القسط وتلقيه في الماء آخر غسلها ليذهب برائحة الحيض) هـ، والأول أظهر، قاله في الإكمال.
…وقال النووي: ( ليس القسط من المقصود للتطبيب، وإنما رخص فيه للحادة إذا اغتسلت من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة).
…وقال المفضل: ( هو من طيب الأعراب).
__________
(1) - الموطأ باب ما جاء في الإحداد، ح1249.
(2) - مختصر خليل 1/216.
(3) - في الفتح 9/612.(7/147)
…5341- ثَوْبَ عَصْب: نوع من برود اليمن. نُبْذَة: شيء قليل. كُسْت أظفار: الزركشي: (عند بعضهم "قُسْط ظِفَار" وهو أوجه، وظفار مدينة باليمن(1) ينسب إليها القسط)(2)، أي تتبع بها أثر الدم.
48- باب تلبس الحادة ثياب العصب:
…برود يمانية يعصب غزلها، ثم يصبغ معصوبا، ثم ينسج، أي جواز ذلك،
قال القاضي: (كرهه عروة)،
الشافعي: ( وأجازه الزهري، وأجاز مالك غليظه)،
وقال ابن المنذر: ( أجمعوا على أنه لا يجوز لها لباس الثياب المصبغة والمعصفرة، إلا ما صبغ بالسواد)(3).
…5343- من قسط وأظفار: الزركشي: ( هذا هو الصواب) هـ(4)، يعني أنهما نوعان من الطيب.
…نعي أبيها(5): خبر موته.
49- باب: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا -إلى قوله- خَبِيرٌ "(6):
أي " يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْرًا" …الخ.
قال القاضي: ( مذهب الكافة أن المراد بالعشر عشرة أيام)،
قال المبرد(7): (وأنث العدد لأنه أراد المدة، وقيل أراد الأيام بلياليها).
__________
(1) - مدينة باليمن في موضعين: قرب صنعاء وأخرى على الساحل، انظر معجم البلدان 4/60.
(2) - التنقيح ص: 223.
(3) - نقلا عن الفتح 9/614.
(4) - التنقيح ص: 223.
(5) - هذا جزء من الحديث 5345 الآتي، ولا أدري ما سبب تقديمه هنا(
(6) - سورة البقرة، الآية 234.
(7) - محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن حسان الأزدي، أبو العباس المبرد.
ولد بالبصرة، وأخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني، وعنه نفطوية وغيره.
له: المقتضب، واحتجاج القراء، وإعراب القرآن.
توفي سنة 285هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 3/350، وبغية الوعاة 116، وشذرات الذهب 2/190.(7/148)
…5344- كانت هذه العدة: أي التربص أربعة أشهر وعشر المذكور في الآية. فأنزل الله عز وجل: بعدها. قال: قائله مجاهد. جعل الله لها: أي في الآية الثانية. في وصيتها: التي أوصى لها بها الزوج. نسخت هذه الآية الأولى عدتها عند أهلها: المذكورة في الآية الثانية. فتعتد حيث شاءت: لأن السكنى تبع للعدة، فلما نسخ الحول بالأربعة أشهر وعشر، نسخت السكنى/ أيضا. وقول الله: "غَيْرَ إِخْرَاج"(1): أي وكذا قول الله: "غَيْرَ إِخْرَاج"، نسخ لقول الله: "فَلاَ جُنَاحَ"(2)...إلخ، أي لدلالته على التخيير. ثم جاء الميراث: في قوله " وَلَهُنَّ الرُّبُعُ"(3). ولا سكنى لها:هذا قول أبي حنيفة، ومذهبنا في سكنى المتوفى عنها هو ما أشار له الشيخ بقوله: ( وللمتوفَّى عنها السكنى إِنْ دَخَلَ بها، والمسكَنُ له أو نَقْدُ كِرَاءَهُ لا بِلاَنَقْد وهل مطلقا أو إلا الوَجِيبَةَ تأويلانِ)(4).
50- باب مَهْرِ الْبَغِيِّ:
…أي الزانية، أي حكمه، وهو الحرمة.
والنكاح الفاسد: أي حكمه، وهو أنه يفسخ، وهل فيه صداق أم لا؟ يأتي ما فيه.
…فرق بينهما: لأنه نكاح فاسد. لها صداقها: أي صداق مثلها، ومذهبنا في النكاح الفاسد هو قول الشيخ: ( وما فُسِخَ بعده فالمسمَّى وإلا فصداقُ المِثْلِ وسَقَطَ بالْفَسْخِ قَبْلَهُ)(5).
…5346- نهى: نهي تحريم، عن ثمن الكلب: أي العديم النفع، وحُلْوَانِ الكاهن: أي ما يعطاه الذي يدعي علم الغيب، سمي حلوانا تشبيها له بالشيء الحلو، لأنه يأخذ سهلا بلا كلفة، قال في العارضة: ( وهو محرم بإجماع الأمة لأن ذلك من أكل المال بالباطل، فإنه مال بذل في مقابلة فسق، أو قل كفر، لأنه طلب غيب انفرد الله بعلمه، وهو ما يكون في غد). ومَهْر الْبَغِيّ: أي ما تأخذه الزانية، سمي مهرا مجازا لكونه على صورته.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 240.
(2) - سورة البقرة، الآية 234.
(3) - سورة البقرة، الآية 12.
(4) - مختصر خليل 1/218.
(5) - مختصر خليل 1/153.(7/149)
…5347- الواشمة والمستوشة: فاعلة الوشم والمفعول بها. ولعن المُصَوِّرِين: للصور الحيوانية التي لها ظل.
…5348- من كسب الإماء: يعني من الزنا لا مطلق الكسب.
51- باب المهر للمدخول عليها:
أي ثبوته ولزومه، وكيف الدخول؟: أي بم يثبت؟ ومذهبنا أنه يثبت بخلوة الزوج بزوجه خلوة اهتداء. أو طلقها قبل الدخول: أي وكيف الحكم إن طلقها…إلخ، والحكم عندنا أنه يجب عليه نصف الصداق ولو كانت ملاعنة. والمسيس: أي وقبل المسيس.
…5349- أخوي بني عجلان: عويمر وزوجته.
52- باب المتعة للتي لم يفرض لها شيء:
…أي إعطاء شيء للمطلقة التي لم يقدر لها مهر بأن كان نكاحها نكاح تفويض، ومذهبنا أنها مستحبة لا واجبة.
69- " كتاب النفقات "
…جمع نفقة، وعرفها ابن عرفة: ( مَا به قَوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرِف).
1- فضل النفقة على الأهل:
…يشمل الزوجة والأولاد وغيرهم، قال الأبي: ( صغارا كانوا أو كبارا، ولفظ صغار في الحديث خرج مخرج الغالب).
…الفضل: أي الفاضل عن الحاجة.
…5351- على أهله: زوجته وولده. يحتسبها: يريد بها وجه الله، بأن يتذكر وجوب الإنفاق عليه، فينفق بنية أداء الواجب. صدقة: أي مثلها في الثواب.
…قال المهلب: ( النفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم، ترغيبا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع)(1).
…5353- الأرملة: التي لا زوج لها. القائم الليل: بالحركات الثلاث كما في الحسن الوجه، ومطابقته من جهة إمكان اتصاف بعض الأهل - أي الأقارب- بالصفتين المذكورتين فيدخلون فيمن اتصف بذلك بالأحرى.
…5354- فِي فِي امرأتك: أي في فمها، وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله يصير قربة يثاب عليها.
2- باب وجوب النفقة على الأهل والعيال:
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/623.(7/150)
…عطف عام على خاص، واعلم أن النفقة تجب على الإنسان بأحد أسباب ثلاثة: النكاح والقرابة والملك، فالأول الزوجة المطيقة الممكنة من نفسها، والثاني الأولاد الذكور والإناث، وتنقطع في حق الذكور ببلوغهم عاقلين قادرين على الكسب، وفي حق الإناث بدخول/ أزواجهن بهن، والأبوان المعسران على الولد الموسر، والثالث الرقيق، والدواب إن لم يكن مرعى، فتجب نفقتهم عليه وإلا أجبر على بيعهم، وكذا الشجر يجب عليه سقيه أو دفعه لمن يباشره مساقاة ولو بجميع ثمره، لما في تركه من إضاعة المال المنهي عنه، نص عليه الزرقاني.
…5355- ما ترك غنى: للمتصدق، وهو شامل لغنى اليد والقلب. واليد العليا المعطية خير من السفلى السائلة. بمن تعول: تجب عليك نفقته. من كيس أبي هريرة: أي من كلامه، أو من عقله وفهمه.
…تنبيه: قال الونشريسي في المعيار: ( الواجب على السيد وغيره من كل منفق على غيره كالزوج والأب هو ما يفرض عليه شرعا، وله إيثار نفسه عليهم، ولا شيء عليه في ذلك سوى مخالفة الأولى) هـ.
…ونقل العيني عن ابن الملقن في التوضيح ما نصه: ( قيل لمالك: أيأكل الرجل من طعام لا يأكله أهله وعياله ورقيقه، ويلبس غير ما يكسوهم؟ قال: إي والله، وأراه في سعة من ذلك، ولكن يحسن إليهم، قيل بحديث أبي ذر، قال: كان الناس ليس لهم هذا القوت)هـ.
3- باب حبس الرجل قوت سنة على أهله:
أي جواز ذلك وأنه لا ينافي التوكل، وكيف نفقات العيال؟: أي هل تدفع لهم مياومة أو مسانهة، وأخذ من إطلاق الحديث أنها تدفع لهم كيفما تيسر.
…5357- ويحبس لأهله قوت سنتهم: عشرين وسقا من الشعير وثمانين من التمر، تطييبا لقلوبهن وتشريعا لأمته، ولا يعارضه حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدخر لغد، لأن ذلك كان قبل السعة أو معناه لا يدخر لنفسه لخصوصها.
…5358- إتئدوا: تأنوا ولا تعجلوا. ما تركنا صدقة: مبتدأ وخبر. نفقة سنتهم: أي ومع ذلك كان لا يفضل له شيء لكثرة الصدقة، وهذا موضع الترجمة.(7/151)
…أن أبا بكر كذا وكذا: أي منعكما ميراثكما من النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال القاضي في الإكمال: ( في هذا الحديث جواز ادخار قوت سنة، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا لم يكن لنفسه وإنما كان لغيره، فلم يكن عليه السلام يدخر لنفسه شيئا، وإن الادخار لرب العيال مما لايقدح في التوكل، ولا خلاف عند الفقهاء في جواز ادخار ما يرفعه الرجل من أرضه وزراعته مما لم يشتره في السوق، ورفع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادخرقوت سنة لعياله إنما كان من مزارعته، واختلفوا في ادخار قوت سنة من السوق، فأجازه قوم واحتجوا بهذا الحديث، ولا حجة فية لما قدمناه، ومنعه الأكثر إلا قدر مالا يضر بالسعر، فإن كان ضيقا لم يشتره إلا بحسب الحال لشهره أو يومه، وهو مع الرخاء أوسع للسنة أو أكثر) هـ.
…وقال الأبي في إكمال الإكمال: ( كان ابن زيتون(1) من متأخري التونسيين يقول: إن ادخار قوت عامين بتونس لا ينافي التوكل، لفساد أعرابها وعدم أمن المطر بها).
4- باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها:
أي وجوبها عليه إن كان له مال. ونفقة الولد: كذلك.
…5359- لا تطعميهم إلا بالمعروف: بين الناس أنه قدر الكفاية عادة من غير إسراف.
…5360- من غير أمره: أي الصريح في ذلك القدر المنفق، بل فهمت ذلك من قرائن أحواله، أو هو محمول على ما تسمح به النفس من الطعام واللبن ونحوهما، فإن ذلك لايحتاج لإذن.
5- باب: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ -إلى قوله- بَصِيرٌ "(2)
لا تخفى عليه أعمالكم.
__________
(1) - أبو القاسم بن أبي بكر بن مسافر اليمني التونسي، المعروف بابن زيتون.
وصفه تلميذه الغبريني بالمجتهد.
توفي سنة 691هـ.
ترجمته في: الفكر السامي 2/236، وشجرة النور الزكية 193.
(2) - سورة البقرة، الآية 233.(7/152)
"وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا"(1): أخذ من مجموع الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وبنى الفقهاء على ذلك فروعا مذكورة في كتب الفقه.
…"وَإِن تَعَاسَرْتُمْ": تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية من الأجر، ولم يزد الأب على ذلك. "فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى"(2): مرضعة أخرى غير الأم، وحكم إرضاع الأم عندنا أشار له الشيخ بقوله: ( وعلى الأمِّ المتزوجةِ والرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا بلا أجر إلا لِعُلُوِّ قَدْر كالبائنِ إلا أن لا يَقْبَلَ غيرَهَا أو يُعْدِمَ الأبُ أو يموتَ ولا مال للصبي واسْتَأْجَرَتْ إن لم يكن لها لَبَنٌ ولها إن قَبِلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ولو وَجَدَ / مَنْ تُرْضِعُهُ عندها مجانا على الأصح في التأويل)(3).
…ما جعل الله عليه: من أجرة المثل. فصالا: فطاما. بعد أن يكون عن تراض منهما: هذا إن نقص عن الحولين، أما إذا كملت الحولان فالقول لمن طلب الفصال منهما رضي الآخر أم لا.
6- باب عمل المرأة في بيت زوجها:
…من الطحن والعجن والطبخ والكنس وغير ذلك، أي حكم ذلك، هل هو عليها أو على الزوج، أو يفصل فيه؟
…قال القرطبي: ( من الناس من أوجب عليها خدمة بيتها مطلقا، ومنهم من أسقطها مطلقا، ومذهبنا التفصيل على مقتضى العادة، فإن كانت من ناس لا يخدمون بيوتهم لشرفهم لم يجب عليها وإلا وجب اللائق) هـ.
…وقال الشيخ خ: ( ويجبُ –أي على الزوج- إخدامُ أَهْلِهِ– أي أهل الإخدام، أي من هي أهل لأن تخدم- وإِنْ بِكِرَاء وإِنْ أَكْثَرَ من واحدة وإلاَّ -أي وإن لم تكن الزوجة أهلا للإخدام بأن لم تكن من الأشراف أو كان هو فقيرا- فعليها الخدمةُ الباطنةُ من عَجْن وكَنْس وفَرْش)(4).
__________
(1) - سورة الأحقاف، الآية 15.
(2) - سورة الطلاق، الآية 6.
(3) - مختصر خليل 1/229-230.
(4) - مختصر خليل 1/225.(7/153)
…زاد الزرقاني: ( وطبخ له لا لأضيافه فيما يظهر، واستقاء بالدار أو خارجها فيمن عادته ذلك وغسل ثيابه)(1).
…ثم قال الشيخ: ( بِخِلاَفِ النَّسْجِ والْغَزْلِ)(2).
…الزرقاني: ( والخياطة والتطريز له فلا يلزمها عمله)(3).
…5361- ألا أدلكما على خير مما سألتما؟: وخيرته واضحة، لأن ما دلهما عليه نفعه أخروي، وما سألاه نفعه دنيوي زائل، والآخرة خير لمن اتقى.
…قال بعض العلماء: ( من لازم ذلك التسبيح أعطاه الله قوة على الخدمة، وسهل عليه أموره بحيث يتيسر عليه أكثر من إعانة الخادم له).
7- باب خادم المرأة:
…أي بيان حكمها، هل يلزم الزوج قبولها أم لا؟
ومذهبنا فيه هو قول الشيخ: ( وقُضِيَ لها بِخَادِمِهَا إِنْ أَحَبَّتْ إِلاَّ لِرِيبَة)(4).
…5362- ليلة صفين: يعني أيام مقاتلته مع معاوية رضي الله عنهما.
…………8- باب خدمة الرجل في أهله:
…أي جواز خدمته بنفسه في بعض الأوقات مهنة خدمة.
…5363- أهله: تواضعا منه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قالوا إن خدمة الرجل في داره سيماء الصالحين. خرج: للصلاة.
9- باب إذا لم ينفق الرجل، فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف:
لوجوب نفقتها وأولادها الصغار عليه.
10- باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده:
أي في ماله. والنفقة: أي وفي النفقة، خاص بعد عام.
…5365- أحناه: أشفقه. وأرعاه: أحفظه، وذكر الضمير فيهما باعتبار الجنس.
11- باب كسوة المرأة بالمعروف:
بين الناس في كسوة أمثالها من أمثاله.
…5366- آتى: أعطى. حلة: ثوبين حل أحدهما على الآخر. سيراء: من حرير.
…نسائي: فاطمة الزهراء عليها السلام وقراباته، إذ لم يكن له امرأة سواها.
12- باب عون المرأة زوجها في ولده:
…أي استجاب ذلك.
13- باب نفقة المعسر على أهله:
…أي وجوبها مما تيسر عليه وإلا سقطت عنه.
__________
(1) - شرح الزرقاني على خليل 4/246.
(2) - مختصر خليل 1/225.
(3) - شرح الزرقاني على خليل 4/247.
(4) - مختصر خليل 1/225.(7/154)
…5368- رجل: سلمة بن صخر. بعرق: وعاء من خوص يسمى الزنبيل أيضا يسع خمسة عشر صاعا إلى عشرين. على أحوج منا: أي فقر منا، هذا محل الترجمة من حيث اهتمام الرجل بنفقة أهله وهو معسر، فلولا اهتمامه بها لبادر وتصدق بالثمر. فأنتم إذا: أحق به، أي والكفارة باقية عليه.
14- باب "وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ"(1):
"أي وعلى وارث الأب وهو الصبي نفسه"، قاله الضحاك وقبيصة(2)، وعليه اقتصر الجلال(3) وشيخ الإسلام(4)، وبه صدر البيضاوي(5)، أي عليه في ماله إذا ورث أباه إرضاع نفسه، قاله ابن عطية(6) / مبينا به كلام الضحاك وقبيصة، أي أجرة رضاعه وما ينوبه هو فقط من غطاء ووطاء، وأما رزق أمه وكسوتها فلا شيء عليه منه، ولو مات والده وهو حمل في بطن أمه، فلا نفقة لها عليه من ماله ولا من مال والده، قاله ابن سلمون(7) وغيره.
…وهل على المرأة - أي الأم - منه: أي من الإنفاق على ولدها وإرضاعه إن مات أبوه، شيء: مذهبنا أنه لا شيء عليها منه إلا أن يكون عديما لا مال له فيلزمها إرضاعه بنفسها أو بأجر من عندها، وإن كان له مال استحقت أجر رضاعها من ماله.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 233.
(2) - قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني.
روى عن بلال وعثمان بن عفان وحذيفة وعمرو بن العاص.
وعنه الزهري ورجاء بن حيوة ومكحول وأبو قلابة الجرمي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/346-347.
(3) - في حاشيته ص: 55.
(4) - في تحفة الباري 3/219.
(5) - في أنوار التنزيل 1/245.
(6) - في المحرر الوجيز 2/296.
(7) - أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني، قاضي الجماعة بغرناطة.
اشتهر بكتابه العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من الوثائق والأحكام، وهو مطبوع بهامش تبصرة الحكام لابن فرحون.
توفي سنة 767 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 1/397-398، وشجرة النور الزكية 1/213.(7/155)
…"وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً " الخ…(1): أتى بالآية إشارة لرد قول من قال: إذا خلف أما وعما فعلى كل واحد إرضاع الولد بقدر ما يرث، ووجه رده أنه نزل المرأة من الوارث منزلة الأبكم من المتكلم، وجعلها كلا على من يعولها.
…5369- وليست بتاركتهم هكذا أو هكذا: أي محتاجين.
ابن بطال:( فيه دليل على أن ذلك تبرع منها لا واجب عليها، ولم ينكر عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -).
…5370- خذي بالمعروف: دل هذا على وجوب النفقة على الأب دون الأم، وغرض المؤلف رحمه الله أن هذا الحكم يشمل حياة الأب وموته.
15- باب قول النبي صلى الله عليه: من ترك كلا أو ضياعا فإلي:
الكل الثقل من دين ونحوه، والضياع من لا يستقل بنفسه من الأهل، ولو خلي ونفسه لهلك، أشار بالترجمة إلى أن من مات وله أولاد ولم يترك لهم شيئا فإن نفقتهم تجب في بيت مال المسلمين، قاله ابن عبد البر وابن رشد وغيرهما، راجع آخر كتاب الحوالات.
16- باب المراضع:
جمع مرضع، من المواليات: جمع مولاة وهي الأمة، وغيرهن: أشار رحمه الله إلى أن إرضاع الأم ليس واجبا عليها، يعني إذا كانت علية القدر وليست ممن يرضع أولادهن ولها حينئذ الامتناع عنه، وللأب أو الولي إرضاعه بأجنبية حرة أو أمة، متبرعة أو بأجرة.
…5372- أختي: عزة. بمخلية: خالية من ضرة. أعتقها أبو لهب: لما بشرته بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
70- " كتاب الأطعمة "
…جمع طعام، أي بيان ما يحل منها وما يحرم، وبيان آداب الأكل.
1-" كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ "(2)
حلال أو مستلذات.
…"وكلوا من طيبات ما كسبتم": التلاوة "وَأَنفِقُوا"…إلخ (3).
…"كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ"(4): أولها "يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ" قيل هو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة لفضله وقيامه مقام الكل في زمانه.
__________
(1) - سورة النحل، الآية 75.
(2) - سورة البقرة، الآية 172.
(3) - سورة البقرة، الآية 267.
(4) - سورة المومنون، الآية 51.(7/156)
…5373- أطعموا الجائع: الأمر للندب، وقد يكون واجبا في بعض الأحيان، وفُكُّوا العاني: خلصوا الأسير.
…5374- ثلاثة أيام: أي متوالية بلياليها لقلة الطعام عندهم، أو كانوا يؤثرون به غيرهم،
الزركشي: ( سيأتي بعد أربعة أوراق: "ما شبع آل محمد من خُبْزِ بُرّ مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله"، فيحمل هذا المطلق عليه)(1).
…5375- وعن أبي حازم: بالسند السابق. جهد: جوع. من كتاب الله: لأبي نعيم في الحلية أنها من سورة آل عمران، وله أيضا: فقلت له أقريني وأنا لا أريد القراءة وإنما أريد الطعام.
…وفتحها علي: أي الآية بأن أقرأنيها. وعرف الذي بي: من الجوع. بِعُسّ: قدح كبير. حتى استوى بطني: استقام لامتلائه من اللبن بعدها كان مثنيا من الجوع. فصار كالقدح: السهم الذي لا ريش له في الاستواء والاعتدال. أدخلتك: وأطعمتك.
2- التسمية على الطعام:
…أي مطلوبيتها عند الشروع فيه ولو من جنب وحائض، وكذا على الشراب.
…قال الشاذلي (2) على قول الرسالة: "وإذا أكلت أو شربت فواجب عليك أن تقول باسم الله"(3) ما نصه: ( يعني وجوب السنن)(4)، ثم قال: ( وظاهر المذهب أن التسمية سنة على الأعيان) هـ، وتكون جهرا ليتذكر ناسيها ويتعلم جاهلها، وأما الحمد المطلوب عند الفراغ منه فينبغي أن يكون سرا لئلا يخجل الآكلين.
…ابن بطال: ( واتفقوا على استحبابه بعد الطعام) هـ.
__________
(1) - التنقيح ص: 223.
(2) - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن خلف بن جبريل المنوفي الشاذلي.
له: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وعمدة السالك على مذهب مالك، وتحفة المصلي، وشرح صحيح البخاري. توفي سنة 939هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 212، وهدية العارفين 1/743.
(3) - الرسالة ص: 143 ( باب في الطعام والشراب).
(4) - مثله في شرح الرسالة لزروق 2/382.(7/157)
…المناوي: ( قال ابن القيم: للتسمية في الأول والحمد في الأخير تأثير عجيب في نفع الطعام والشراب ودفع مضرته، قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام/ أربعا فقد كمل، إذا ذكر الله في أوله، وحمد في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حل) هـ.
…القاضي عياض: ( ويكفي أن يقول بسم الله، وإن زاد الرحمن الرحيم فحسن)هـ. ابن أبي جمرة: ( الذي جرى الاستعمال به في ذلك بسم الله، ومن زاد الرحمن الرحيم فهذه جملة أسماء، فقد أتى بما أمر وزيادة، والزيادة من الخير خير، ولم أر أحدا ينكر ذلك إلا عند الذبح) هـ.
…الفاكهاني(1): ( يقول بسم الله الرحمن الرحيم عند الأكل والشرب والوضوء والقراءة، فإن قال بسم الله خاصة أجزأه) هـ، ونحوه للغزالي(2) والنووي.
…فتبين من مجموع ذلك أن الأولى تكميل البسملة خلافا للشيخ زروق(3) في قوله:
( تقول بسم الله لا تزيد على ذلك، لأن الأكل استهلاك لا تصلح معه الرحمة)هـ(4).
…ابن حجر: ( وقول الغزالي: " يقول مع اللقمة الأولى بسم الله، والثانية الرحمن والثالثة الرحيم"، لم أر ما يدل عليه) هـ(5).
__________
(1) - عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الفاكهاني.
له: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وشرح الأربعين النووية، والإشارة في النحو.
توفي بالإسكندرية سنة 731هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/178، وحسن المحاضرة 1/261، وبغية الوعاة 362.
(2) - إحياء علوم الدين للغزالي 2/4.
(3) - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي، الشهير بزروق.
أخذ عن حلولو والرصاع والسنوسي والسخاوي، وعنه الحطاب الكبير والخروبي.
له: شرح الرسالة، وشرح حكم ابن عطاء الله، والقواعد في التصوف، وتعليق على البخاري، وتوفي في مصراته بليبيا سنة 899 هـ. ترجمته في: شجرة النور الزكية 1/267-268، والمنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب لأحمد النائب ص: 181-182.
(4) - شرح الرسالة لزروق 2/382.
(5) - الفتح 9/651، والإحياء 2/4.(7/158)
…الشيخ زروق: ( وليس من السنة التسمية عند كل لقمة، أي لأنه ليس من فعل السلف، اللهم اجعلنا من المتبعين) هـ(1).
…وقال ابن الحاج(2): ( هذا وإن كان حسنا فالسنة أحسن منه، وهي التسمية أولا والحمد لله آخرا، ونحن متبعون لا مشرعون)هـ(3).
…وقال ابن العربي في الأحكام: ( أبو عمر: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمي عند كل لقمة إلا في أوله) هـ.
…وروى أبو داود والترمذي عن عائشة مرفوعا: ( فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره).
…فائدة: قال العارف ابن أبي جمرة في بهجة النفوس: ( قد نص العلماء على أنك إذا دخلت حديقة وفيها أنواع من الثمار، وقويت عند دخولك أن تأكل أي ثمرة لقيت وسميت بهذه النية أجزأتك التسمية الأولى عن كل ما تأكل من تلك الحديقة في وقتك ذاك، وإن لم تسم عند دخولك إلا على الثمرة التي لقيت ولم تقصد غيرها، فتؤمر أن تسمي على غيرها إذا أكلتها) هـ.
__________
(1) - شرح الرسالة 2/382 ( بتصرف).
(2) - أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري، المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي، من أصحاب الشيخ أبي محمد بن أبي جمرة.
كان فقيها عارفا بالمذهب المالكي، ورحل إلى القاهرة وسمع بها الحديث.
صنف كتابه " المدخل" إلى تنمية الأعمال لتحسين النيات والتنبيه على البدع المحدثة، وتوفي سنة 737 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/321-322.
(3) - نقلا عن شرح الرسالة لزروق 2/382.(7/159)
…والأكل باليمين: وكذا الشرب، أي استنانا، قاله القرطبي، وبه صرح الغزالي(1) والنووي والأبي، وقال الإمام الشافعي وجوبا، نقله ابن حجر(2)، قال: ( ويدل للوجوب الوعيد الشديد في الأكل بالشمال، ففي مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، فما رفعها إلى فيه بعد) هـ(3)، وفي مسلم أيضا مرفوعا: ( لا تأكلوا بشمالكم فإن الشيطان يأكل بشماله)(4).
…قال الأبي: ( يتعين أن النهي للتحريم للعلة المذكورة، ولقوله في الآخر: لااستطعت، وصرح ابن العربي بإثم من أكل بشماله، واحتج بأن كل فعل ينسب للشيطان حرام)هـ.
…وقال الشاذلي على الرسالة والزرقاني على الموطأ: ( النهي للكراهة)(5).
…ثم قال الأبي: ( عياض: وأجاز العلماء رضي الله عنهم لمن بيمينه عذر أن يأكل بشماله، وكرهه بعضهم لهذه الأحاديث) هـ.
…5376- تطيش في الصحفة: تميل إلى جوانبها. يا غلام: فيه النداء بمثل هذا مع معرفة الاسم، سم الله: أي قل بسم الله طردا للشيطان عن الأكل معك.
…وكل واشرب بيمينك: لفضلها على الشمال، ولما فيها من التيمن، ولمخالفة الشيطان. طِعْمَتِي: هيئة أكلي.
3- الأكل مما يليه: أي استنانه.
__________
(1) - في الإحياء 2/5.
(2) - في الفتح 9/652.
(3) - الفتح 9/652.
(4) - رواه مسلم في الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها ( شرح النووي 13/191).
(5) - قال الزرقاني في شرحه على الموطأ 4/120:
( فيكره تنزيها لا تحريما عند الجمهور فعلهما –أي الأكل والشرب- بالشمال إلا لعذر).(7/160)
…قال في المفهم: ( هو سنة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح إذا كان الطعام نوعا واحدا، لأن كل أحد حائز ما يليه، فليس لأحد أن يدخل يده فيه، ولما فيه من نفور النفس لما خاضت فيه الأيدي، ولا سيما في الأمراق والطعام الرطب، مع ما فيه من الجشع والحرص وإيثار النفس على المواكل، وكل هذا مذموم، ولأنه لا فائدة فيه، فإذا كان الطعام واحدا فليس فيه إلا سوء العشرة وترك الأدب، إلا أن تختلف أجناس الطعام فقد أباح العلماء اختلاف الأيدي في الطبق والصحفة لطلب كل نفس مااشتهت)هـ(1)، ونحوه في إكمال الإكمال.
…وقال ابن رشد: ( إن كان الطعام صنفا واحدا كالثريد واللحم فهو موضع النهي عما ذكر، وإن اختلف أجناسه كأنواع الفاكهة في طبق فلا بأس أن يأخذ من بين يدي الغير لاختلاف غرض الآكلين، ولا يلزم هذا الأدب في أكل الرجل مع أهله، فله أن يأكل من بين أيديهم، ويلزمهم معه ألا يأكلوا من بين يديه)هـ(2) .
…قال الأبي إثر نقله: (وانظر هل اختلاف آحاد الصنف الواحد بالجودة بمنزلة اختلاف الأنواع فيجوز أن يأخذ جيدا من بين يدي غيره، وهل يتنزل منزلة اختلاف أنواع الفاكهة اختلاف أنواع الطبيخ الموضوع في صحائف متعددة على مائدة واحدة أم لا؟) هـ.
__________
(1) - قال الزرقاني في شرحه على الموطأ 4/120:
( فيكره تنزيها لا تحريما عند الجمهور فعلهما - أي الأكل واشرب - بالشمال، إلا لعذر).
(2) - نقله ابن ناجي وزروق في شرحيهما على الرسالة 2/383.(7/161)
…قال السنوسي إثره: ( قلت: الظاهر أن اختلاف آحاد الصنف الواحد بالجودة ليس بمنزلة اختلاف الأنواع في جواز جولان اليد، وذلك لأن اختلاف الأنواع مظنة اختلاف الأغراض، فلم تتحقق الإذاية بأخذ كل واحد ما أعجبه وإن كان بين يدي صاحبه، لاحتمال أن يكون غرضه بغير ذلك النوع أقوى، ولا كذلك اختلاف الصنف الواحد بالجودة لا بالطبخ، فإن الأجود منه تتفق الأغراض في الغالب على إيثاره على الأردإ منه، فإذا أخذ واحد الأجود من بين يدي صاحبه فلا خفاء أن فيه جفاء وسوء معاشرة وقلة مودة وإخلالا بالمروءة، حيث آثر نفسه على عشيره، وانتقل إلى درجة البهائم في عدم مبالاتها عند الأكل والشهوة بغيرها، بل كرم الطبيعة يقتضي ضد هذا، وهو نقله الأجود إن كان بين يديه إلى عشيره ويؤثر على نفسه، ولا أقل من أن يشاركه به، أما الاستبداد به ولو اتفق أن كان بين يديه فليس من شيم أهل الفضل والمروءة، والله تعالى أعلم)هـ(1).
…ولم يتكلم على التوقف الثاني في كلام الأبي، وهو قوله: وهل يتنزل… إلخ، والظاهر أنه يتنزل منزلة اختلاف أنواع الفواكه أخذا من كلام ابن عبد البر الآتي قريبا، حيث ألحق أنواع الطبيخ الموضوعة في صحفة واحدة بأنواع الفواكه في جواز جولان الأيدي فيها، وإذا جاز ذلك في صحفة ولمدة فأحرى ما وضع في صحاف، لتعدد النوع والظرف، فتأمله والله أعلم.
4- باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية:
أي جواز ذلك كما دل عليه الحديث، وكذا مع الأهل كما في نص ابن رشد السابق، وقال ابن رشد أيضا: ( سئل مالك عن الرجل يأكل في بيته مع أهله وولده فيأكل مما يليهم ويتناول مما بأيديهم، فقال: لا بأس بذلك) هـ.
__________
(1) - مكمل إكمال الإكمال 5/335-336.(7/162)
5379- خياطا: يأتي أنه غلام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسم. لطعام: خبز ومرق فيه دباء وقديد. فرأيته يتبع الدباء: وفي مسند الإمام أحمد: " فرأيته يدخل أصبعيه في المرق يتبع بهما القرع، السبابة والوسطى فرق بينهما ثم ضمهما".أحب الدباء:أي القرع اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومطابقته واضحة، قال أبو عمر في التمهيد: ( هذا الحديث عند أهل العلم محمول على وجهين: أحدهما أن ذلك لا يحسن ولا يجمل إلا بالرئيس ورب البيت إذا كان الطعام نوعا/ واحدا والآخر أن المرق والإدام وسائر الطعام إذا كان فيه نوعان أو أنواع فلابأس أن تجول اليد فيه للتخير، وهذا كله مأخوذ من هذا الحديث، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالت يده في الصحفة يتبع الدباء، فكذلك الرؤساء، ولما كان في الصحفة نوعان وهما اللحم والدباء، حسن بالآكل أن تجول يده فيما اشتهى من ذلك بدليل هذا الحديث)، هـ منه(1).
5- باب التيمن في الأكل وغيره:
كالشرب ونحوه مما يذكر، أي استنانه في حق من له يمين وإلا فبشماله.
…5380- طهوره: أي تطهيره الشرعي واللغوي. وتنعله: لبسه للنعل. وترجله: تسريح شعره. وكان: أي شعبة. قال بواسط: اسم مدينة بين البصرة والكوفة. في شأنه كله: من كل ما فيه تكرمة.
6- باب من أكل حتى شبع:
…أي جواز ذلك سيما من يخدم في طلب معيشته ويدرس العلم، قاله يوسف بن عمر(2)
__________
(1) - التمهيد 1/276-277.
(2) - يوسف بن عمر الأنفاسي المالكي، أبو الحجاج. ولي إمامة جامع القرويين بفاس.
له: تقييد على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وتوفي سنة 761.
ترجمته في: البستان لابن مريم 297، ومعجم المؤلفين 13/320.(7/163)
، وما جاء من النهي عن الشبع محمول على الشبع المفرط الذي يثقل المعدة ويثبط عن العبادة، ويفضي إلى كثرة النوم والكسل، فهذا مكروه، وقد يلحق بالمحرم إذا كثرت آفاته وعمت بلياته، والقسطاس المستقيم ما قاله نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: " فإن كان ولابد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس"، قاله القرطبي.
…وقال الحافظ ابن حجر نقلا عن الإحياء: (" مراتب الشبع تنحصر في سبع: الأول ما تقوم به الحياة، الثاني أن يزيد حتى يصوم ويصلي من قيام، وهذان واجبان، الثالث أن يزيد حتى يقدر على أداء النوافل، الرابع أن يزيد حتى يقدر على التكسب، وهذان مستحبان، الخامس أن يملأ الثلث وهو جائز، السادس أن يزيد على ذلك ما به يثقل البدن ويكثر النوم وهذا مكروه، السابع أن يزيد حتى يتضرر وهي البطنة المنهي عنها، وهذا حرام" هـ، ويمكن دخول الثالث في الرابع، والأول في الثاني) هـ(1).
…قال الشيخ التودي: قلت: ويجمع ذلك قولنا:
حياة صلاة من قيام نوافل … - …وكسب وثلث مثقل بطنة الضرر
بها تضبط الأقسام للشبع التي - … أشار إليها من يضاف إلى حجر
فأوجب وأحبب جوزن بخامس - … وفي سادس كره وحرم لما غبر.
…5381- فقالت: الله ورسوله أعلم: فيه دليل على فطنتها ورجحان عقلها، حيث عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك عبثا، وإنما فعله ليظهر المعجزة في تكثير الطعام. هَلُمِّي ما عندك: أحضريه. عُكَّة: جلد يكون وعاء للسمن أو العسل. فأدمته: جعلت فيه إداما. ماشاء الله أن يقول: أي قال: بسم الله، اللهم أعظم فيه البركة.
قال الأبي: ( قال بعضهم: ينبغي لمن اتفق له مثل ذلك أن يقول في الطعام: اللهم إني أدعوك بما دعاك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أم سليم).
__________
(1) - الفتح 9/660.(7/164)
…5382- مُشِعَّانّ طويل: المشعان المفرط في الطول، فلعل أصل الكلام "طويل مشعان"، وقيل المشعان ثائر الراس. فصنعت: ذبحت. بسواد البطن: من كبد وغيره. حَزَّ: أي قطع. حُزَّةً: أي قطعة.
…5383- عن أمه: صفية بنت شيبة الحجبي(1).
تكميل: ذكر المص رحمه الله جملة من آداب الأكل وبقي عليه منها أمور، منها عدم الأكل من الوسط، أي كراهة ذلك كما في الرسالة(2)، فقد أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس مرفوعا: "كلوا في القصعة من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها فإن البركة تنزل في وسطها"(3).
…قال الأقفهسي: ( ويجري ذلك في سائر الطعام حتى الرغيف لا يبتدأ أكله من وسطه ويقسمه بالأجزاء ويجعل في كل جزء حاشية إن أمكن) هـ، ومنها ألا ينظر إلى غيره في حالة أكله وألا يكرر على جلسائه في حال أكلهم: كلوا فإنه إخجال،
__________
(1) -صفية بنت شيبة بن عثمان العبدرية.
مختلف في صحبتها، وروت عن عائشة وأم حبيبة وأم سلمة، وعنها منصور بن صفية وقتادة وميمون بن مهران.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1823، والإصابة 7/743.
(2) - في الرسالة ( ص: 143) ما يلي: ( وإذا أكلت مع غيرك أكلت مما يليك، ولا تأخذ لقمة حتى تفرغ الأخرى).
(3) - أخرجه أحمد في المسند رقم 2313، والترمذي في الأطعمة رقم 1727، وأبو داود في الأطعمة رقم 3280، وابن ماجه في الأطعمة رقم 3268، والدارمي في الأطعمة رقم 1957.(7/165)
وقال القاضي عياض: ( تكره اليمين على الطعام وإنما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم -: كل كل كل، ثلاثا، أي عند رفع الآكل يده من الطعام، ومن ثم قال النووي في الأذكار: ( باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه مالم يتحقق أنه اكتفى منه، وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك، ثم استدل على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة في قصة شرب اللبن مع أهل الصفة: اشرب، وتكريره ذلك عليه، ومنها أن يبدأ بالمعظم في الأكل والشرب وغسل الأيدي، قاله القاضي عياض)هـ/.
…الأبي: ( وما يفعل اليوم من البداية بالغسل بمن على اليمين إنما هو لعدم حضور الأفضل، فيفزع إلى البداية باليمين تبركا بالتيامن في كل شيء) هـ.
…وفي جامع المعيار عن أشهب(1) أنه تستحب البداية بالأيمن فالأيمن في غسل الأيدي في الاجتماع للطعام، قال: وهذا مع استواء المجتمعين أو تقاربهم لما فيه من ترك إظهار ترفيع بعضهم على بعض في التبدئة به، أما إن كان فيهم العالم وذوالفضل والسن، فالسنة في ذلك أن يبدأ به حيث كان من المجلس ثم من كان على يمينه، وفي الإحياء: ( من آداب الطعام أن يتحدثوا في حال الله بالمعروف ويتحدثوا بحكايات الصالحين في الأطعمة وغيرها) هـ(2).
…وتأتي للمص آداب أخر، وقد أنهى أبو بكر بن العربي آداب الأكل والشرب والمناولة والاجتماع على الطعام إلى مائة وأربعة وسبعين أدبا، وقفت عليها في مسالكه فانظرها فيها.
__________
(1) - أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمر القيسي، وهو من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك.
قال الشافعي: ( ما رأيت أفقه من أشهب).
أخذ عن الشافعي، وانتهت إليه الرئاسة بمصر بعد ابن القاسم، وتوفي سنة 204 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 1/307، ووفيات الأعيان 1/97-98.
(2) - إحياء علوم الدين 2/6.(7/166)
7- باب: " لَيْسَ عَلَى الاَعْمى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ" الآية
المذكورة في سورة النور المشتملة على قوله: " وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمُ أَن تَاكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ" إلى آخرها(1).
…قال ابن المسيب: ( كان المسلمون إذا خرجوا إلى الغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والمريض والأعرج وعند أقاربهم، ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون: نخشى ألا تكون أنفسهم بذلك طيبة، فنزلت الآية رخصة لهم).
…والنهد: ( هو ما تخرجه الرفقة من النفقة بينهم بالسوية حتى لا يتغابنوا)، قاله الزركشي(2). والاجتماع على الطعام: أي جواز ذلك كما يجوز النهد أيضا.
…5384- فدعا بالأزواد: قال أبو عمر: ( فيه دليل على أن في جمع الأزواد واجتماع الأيدي عليها أعظم بركة، ولذلك قال بعض أهل العلم: جمع الأزواد في السفر سنة)، هـ من التمهيد.
…فما أتي إلا بِسَوِيق: قال العيني: ( أي كل من عنده شيء من السويق جاء به، وهذا معنى النهد)(3). فَلُكْنَاهُ: اللوك إدارة الشيء في الفم، أي أكلناه مجتمعين، وهذا شاهد الترجمة لاشتمالها على قوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَاكُلُوا جَمِيعًا اَوْ اشْتَاتًا"(4)، ولما ذكر بعدها وهو ظاهر . عودا وبدءا: أي أولا وآخرا.
8- باب الخبز المرقق:
أي الملين المحسن كخبز الحواري، وهو الأبيض المصفى، أي جواز استعماله وأكله. والأكل على الخوان: أي المائدة، وهو لفظ أعجمي معرب. والسفرة: ما يوضع عليه الطعام إذا كان من جلد أو سعف ونحوه، وأصلها الطعام نفسه، ثم استعملت لما يوضع عليه الطعام.
__________
(1) - سورة النور، الآية 61.
(2) - في التنقيح ص: 224.
(3) - العمدة 21/34.
(4) - سورة النور، الآية 61.(7/167)
…5385- ما أكل النبي صلى الله عليه خبزا مرققا: ( زهدا منه - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا ومستلذاتها، وتركا للتنعم، وإلا فهو مباح الأكل)، قاله ابن بطال.
…ولا شاة مسموطة: الشاة المسموطة هي التي يزال شعرها بعد ذبحها بالماء السخن، وتشوى أو تطبخ بجلدها، وإنما يصنع ذلك في الصغيرة الطرية، وهو من فعل المترفين.
…5386- على سُكُرُّجَة: أي على هيئة سكرجة وصفتها، وهي أن تجعل الجوارشات والكوانح -أي الأشياء الحارة أو الحامضة- في قصاع صغار، وتوضع على الموائد حول الأطعمة للتشهي والهضم.
…قال سيدي عبد القادر الفاسي فيما نقله عنه ولده في حاشيته ما نصه: ( لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يترك هذا ومثله بعد وجوده، إنما كان يأكل ما تيسر، فلو سيق إليه المسموط أو غيره لأكله، أو السكرجة وهي الأواني الرفيعة، أو الخوان وهي المائدة المرتفعة لأكل عليها، وهذا حال العارف، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ" الآية(1).
…5387- أمر بالأنطاع: السفر. حَيْسًا: هو التمر والأقط والسمن.
…5388- النطاقين: تثنية نطاق، هو الحزام الذي يشد به الوسط. في سفرته: وعاء طعامه، وذلك حين هجرته من مكة إلى المدينة. يقول ابنها: ( هذه نسخة ابن سعادة، والذي/ لغيره: "يقول إيها" بكسر الهمزة، وهي كلمة تصديق وارتضاء)، قاله في المشارق، وقال ابن حجر: ("إيها" كذا للأكثر ولبعضهم: يقول ابنها، بموحدة ونون وهو تصحيف، ووجه بأنه مقول الراوي)(2). والإله: أي وحق الإله جل وعلا.
…تلك شكاة: الشكاة رفع الصوت بالقول القبيح. ظاهر: أي زائل من الظهور بمعنى الصعود والارتفاع. عنك عارها: فلم يعلق بك، وهذا عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي وصدره: …وعيرها الراشون أني أحبها - وتلك ...إلخ.
__________
(1) - سورة الأعراف، الآية 32.
(2) - الفتح 9/666.(7/168)
…5389- وأضبا:جمع ضب. فتركهن: أي الأضب. على مائدة النبي صلى الله عليه: لا يخالف هذا ما سبق من نفي الخوان، لأن المائدة ما يوضح عليه الطعام صيانة من الأرض من سفرة ومنديل وخوان وغير ذلك، فهي أعم من الخوان المنفي هناك، وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص.
9- باب السويق:
…هو الدقيق المَقْلُوّ، أي بيان ما جاء فيه.
…5390- فَلاَكَهُ: أداره بفمه ولسانه.
10- باب ماكان النبي صلى الله عليه لا يأكل حتى يسمى له:
أي لا يأكل شيئا مما يوضع بين يديه حتى يسمى له ذلك الشيء، فيعلم ما هو: لئلا يكون مما يعافه أو مما لا يأكله.
…القاضي عياض: ( هذا سنة في هذا الباب لئلا يقع الإنسان في أكل ما لو علم به لم يأكله) هـ، الأبي: ( وكان من شيوخنا من يقول إنه لا يلزم من قدم طعاما لآخر أنه يعلمه ما هو).
…5391- ضبا: دويبة من مآكل العرب. محنوذا: مشويا. امرأة: هي ميمونة. لم يكن بأرض قومي: مأكولا.
11- باب طعام الواحد يكفي الاثنين:
…هذا لفظ حديث أخرجه ابن ماجة من رواية ابن عمر(1)، ولعل المص أشار له لكونه ليس على شرطه، وإلا فحديث الباب غير مطابق للترجمة.
…5392- طعام الاثنين كافي الثلاثة: قال ابن راهويه: ( معناه أن الطعام المشبع للأقل قوت للأكثر).
وقال ابن عبد السلام: ( إنه خبر بمعنى الأمر، أي أطعموا طعام الاثنين للثلاثة).
وقال المهلب: ( المراد منه الحض على المكارمة والتقنع بالكفاية).
12- باب المؤمن يأكل في معى واحد:
…المعى واحد الأمعاء، وهي المصارين.
…ونقل القاضي عن أهل التشريح أن أمعاء الإنسان سبعة: المعدة، ثم ثلاثة بعدها متصلة بها: البواب والصائم والرقيق، وكلها رقاق، ثم ثلاثة غلاظ: الأعور والقولون والمستقيم.
…5393- لا تدخل هذا علي:لما فيه من الاتصاف بوصف الكفار من كثرة الأكل.
__________
(1) - أخرجه مسلم في الأشربة، باب فضيلة المواساة في الطعام القليل ( شرح النووي 13/22).(7/169)
…قال الزركشي: ( حمل ابن عمر الحديث على ظاهره، وهو خلاف ما عليه الجمهور)(1).
…المؤمن يأكل في معى واحد والكافر في سبعة أمعاء: الذي عليه المحققون في معنى هذا الحديث -وإن كثرت فيه القالة- هو أنه ليس المراد منه حقيقته، وإنما هوكناية عن قلة أكل المؤمن وكثرة أكل الكافر، أي شأنهما ذلك، فإن المؤمن لقلة حرصه وشرهه وإيثاره على نفسه، شأنه قلة الأكل حتى كأنه يأكل في معى واحد، والكافر لشرهه وحرصه شأنه كثرة الأكل حتى كأنه يأكل في سبعة أمعاء، ولا يلزم اطراد ذلك في كل مؤمن وكافر، بل قد ينعكس الأمر فيهما والله أعلم، كذا قرره المناوي(2) وغيره، واقتصر عليه الحفني على الجامع الصغير.
…وقال الدماميني: ( الجمهور على أن هذا خاص برجل واحد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختلف فيه فقيل نضلة بن عمرو الغفاري(3)، وقيل جهجاه الغفاري، وقيل غيرهما)(4).
…5395- أنا أومن بالله ورسوله: يعني وإن كنت آكل كثيرا، لأن الحديث ليس على حقيقته كما تقدم.
…5397- رجلا: هو جهجاه الغفاري.
13- باب الأكل متكئا:
…أي كراهته، واختلف في صفة الاتكاء فقيل أن يتمكن في/ الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل أن يميل على أحد شقيه، وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض، قاله ابن حجر(5).
__________
(1) - التنقيح ص: 225.
(2) - في فيض القدير 6/251.
(3) - نضلة بن عمرو بن أهبان بن حلان بن جعاف بن حبيب بن غفار الغفاري.
قال ابن السكن: له صحبة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1495، والإصابة 6/435.
(4) - تعليق المصابيح ص: 547.
(5) - في الفتح 9/676.(7/170)
زاد السيوطي: ( والأول المعتمد، وهو شامل للقولين) هـ(1)، وبالأول فسره الخطابي(2)، والقاضي عياض قائلا: ( الاتكاء هو التمكن من الأرض والتقعدد في الجلوس كالتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها على ما تحته، فإن الجلوس على هذه الهيئة يستدعي الإكثار من الأكل) هـ، لكن اعترضه الفاكهاني وقال: ( التحقيق أنه الميل على الشق لأنه الذي يسبق إلى الذهن من لفظ الاتكاء) هـ، ونحوه لابن الجوزي اعتراضا وتفسيرا كما في الحطاب.
…وقال المناوي على حديث " كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل متكئا" ما نصه: ( أي مائلا إلى أحد شقيه، معتمدا عليه وحده، لا أن المراد الاعتماد على وطاء تحته مع الاستواء كما وهم، فقول البعض: الاتكاء هنا لا ينحصر في المائل بل يشمل الأمرين، متعقب بالرد)هـ(3) ، ثم قال ابن حجر: ( وإذا ثبت كون الاتكاء مكروها أو خلاف الأولى، فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى، واختلف في علة الكراهة، وأقوى ما ورد في ذلك قول النخعي: " كانوا يكرهون أن يأكل اتكاءة مخافة أن تعظم بطونهم" هـ، وهذا هو المعتمد)هـ(4).
…ثم قال المناوي: ( روي عن أنس بسند ضعيف أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد على الطعام استوفز على ركبته اليسرى وأقام اليمنى كما يفعل العبد، وروى أبو الشيخ بسند جيد عن أُبَيّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجثو على ركبتيه، وكان لا يتكئ) هـ.
__________
(1) - التوشيح ص: 466.
(2) - في أعلام السنن ص: 1107.
(3) - فيض القدير 5/181-182.
(4) - الفتح 9/676.(7/171)
…وفي تحقيق المباني قال الباجي: ( قال مالك: من السنة الأكل على الأرض على هيئة يطمئن عليها، ولا يأكل مضطجعا على بطنه، ولا متكئا على ظهره لما فيه من البعد عن التواضع والتشبه بالأعاجم، ووقت الأكل وقت تواضع وشكر لله تعالى، وفي أبي داود أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعمتين: " عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه"(1)، وسئل مالك عن الرجل يأكل وهو واضع يده اليسرى على الأرض، فقال: إني لأتقيه وأكرهه، وما سمعت فيه شيئا، إلى أن قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان جلوسه جلوس المستوفز، وكان يقول: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد).
14- باب الشواء:
أي جواز أكله، وقول الله عز وجل: " جَاءَ بِعِجْل حَنِيذ "(2) مشوي بالحجارة المحماة.
…5400- فأهوى إليه ليأكل: دل هذا على جواز أكل المشوي لولا أنه ضب.
15- باب الخزيرة:
…أي جواز اتخاذها وأكلها، وفسرها النضر بقوله: الخزيرة من النخالة، أي من بلالتها بأن تبل وتصفى منها البلالة ثم تطبخ مع اللحم، فإن كانت بدون لحم فهي العصيدة، وقال الجوهري: ( هي أن يؤخذ اللحم ويقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج در عليه الدقيق، وإن لم يكن فيها لحم فهي العصيدة).
والحريرة من اللبن: وقال أبو الهيثم: من الدقيق.
…ابن حجر: ( وهذا هو المعروف) هـ(3).
…وفي القاموس: ( الحريرة دقيق يطبخ بلبن أو دسم).
…5401- الدار: أي المحلة. أين مالك؟ أي ابن الدخشن(4)
__________
(1) - رواه أبو داود في الأطعمة باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره رقم 3774، وقال: هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري، وهو منكر، في حين أخرجه الحاكم في المستدرك 4/143 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
(2) - سورة هود، الآية 69.
(3) - الفتح 9/678.
(4) - مالك بن الدخشن - أو الدخشم - الأنصاري الأوسي.
مختلف في نسبته، وشهد بدرا عند الجميع، وهو الذي أسر سهيل بن عمرو يومئذ.
وروى ابن منده أنه كان مع معن بن عدي في إحراق مسجد الضرار.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1350، والإصابة 5/721-722.(7/172)
. حرم على النار: أي على الخلود فيها.
16- باب الأَقِط:
…( هو جبن اللبن المستخرج زبده)، قاله ابن حجر(1).
…وفي القاموس: ( شيء يتخذ من المخيض الغنمي، أي جواز أكله).
…حيسا: هو التمر والأقط والسمن.
17- باب السلق:
بقلة معروفة تسمى عندنا بالسلك، أي جواز أكله، والشعير: معطوف على ما قبله.
…5403- عجوز: لم تسم. إذا صلينا: أي الجمعة.
18- باب النهس:
…النهس والنهش القبض على اللحم بالفم وإزالته من العظم ليؤكل، والتعرق بمعناه. وانتشال/ اللحم: أي استخراجه من القدر، وأكثر ما يستعمل في أخذه قبل النضج، أي جواز ذلك.
…5404- تعرق رسول الله صلى الله عليه كتفا: أي أكل ما عليها من اللحم، وهذا هو النهس أيضا.
…5405- عرقا: عظما عليه لحم.
19- باب تعرق العضد:
أي أكل ما عليه من اللحم، والعضد العظم الذي بين الكتف والذراع.
…5406- خرجنا مع النبي صلى الله عليه: أي عام الحديبية.
…5407- أخصف: أخرز. تعرقها: أكل ما عليها.
20- باب قطع اللحم بالسكين:
…أي عند الأكل، أي جواز ذلك كما دل عليه حديث الباب، وماروي مرفوعا: (لاتقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ)، قال البخاري وغيره: منكر، نعم النهس أولى كما في حديث آخر، قاله ابن حجر(2).
…زاد زكرياء: ( ولو ثبت، حمل على عدم الحاجة الداعية إلى ذلك لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الترفه) هـ.
…وقال القرطبي: ( فيه - أي في حديث الباب - دليل على جواز أكل اللحم بالسكين عند الحاجة إلى ذلك من شدة اللحم أو كبر العظم والبضعة، قال القاضي عياض: وتكره المداومة على استعمال ذلك لأنه من سنة الأعاجم)، هـ من المفهم بلفظه.
…الشيخ زكرياء: ( وكذا يجوز قطع الخبز بالسكين إذ لم يأت نهي صحيح بذلك، وأما خبر: " لا تقطعوا الخبز بالسكين كما تقطعه الأعاجم" فضعيف) هـ(3).
__________
(1) - في الفتح 9/679.
(2) - في الفتح 9/683.
(3) - تحفة الباري 3/223.(7/173)
…قلت: ( وكذا خبر أبي هريرة: " نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع الخبز بالسكين(1)، وقال: "أكرموه فإن الله تعالى قد أكرمه"، فقد قال الدارقطني إثر سوقه: تفرد به نوح بن أبي مريم(2) وهو متروك) هـ، نقله المناوي.
…5408- فصلى ولم يتوضأ: فيه عدم الوضوء مما مست النار، وما ورد فيه منسوخ كما سبق.
21- باب ما عاب النبي صلى الله عليه طعاما:
…من الأطعمة المباحة.
…5409- وإن كرهه تركه: واستعذر عنه.
…النووي: ( من آداب الطعام المتأكدة ألا يعاب كقوله: مالح، حامض، قليل الملح، غليظ، رقيق، ونحو ذلك) هـ(3).
…الأبي: ( وترك الأدب مكروه، وقد يحرم إذا جعل متعلقه الخلقة).
22- باب النفخ في الشعير:
بعد طحنه لتطير نخالته ، أي جواز ذلك، وكأنه نبه بذلك على أن النهي عن النفخ في الطعام خاص بالطعام المطبوخ.
…5410- النقي: أي الخبز الحواري وهو الأبيض المصفى، كان من الشعير أو من غيره، ويشمل أيضا غير الخبز. تنخلون الشعير: تزيلون نخالته بالمنخل.
…ننفخه: بعد الطحن ليطير قشره ويبقى خالصه.
23- باب ماكان النبي وأصحابه يأكلون:
…ابن غازي: ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة في حال الافتقار إلى الله، وذلك حين يبيت طاويا مثلا، ومرة في حال الاستغناء بالله، وذلك حين يشبع الألف من الصاع مثلا).
…5411- حَشَفَةً: رديئة. مِضَاغِي: بكسر الميم، أي فيما أمضغ به وهو الأسنان، أو في مضغي، وبفتحها أي فيما أمضغه وهو التمر.
__________
(1) - رواه أبو داود في الأطعمة، رقم 3778.
(2) -نوح بن أبي مريم يزيد بن جعونة المروزي، أبو عصمة.
تولى قضاء مرو، وجمع فقه أبي حنيفة.
توفي سنة 173هـ.
ترجمته في: الأعلام 9/28، ومعجم المؤلفين 13/119.
(3) - نقلا عن الفتح 9/684.(7/174)
…5412- سابع سبعة: هم أبو بكر وعلي وعثمان وزيد بن حارثة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد. وَرَقُ الْحُبْلَة: ورق السمر. حتى يضع أحدنا: يريد التغوط. ما تضع الشاة: من البعر، يعني في جفوفه ويبسه. تُعَزِّرُني على الإسلام: تؤدبني عليه وتعلمني أحكامه.
…من حين ابتعثه الله: ابن حجر: ( أظنه احتراز عما قبل البعثة لكونه - صلى الله عليه وسلم - كان سافر في تلك المدة إلى الشام تاجرا، وعندهم المناخل فربما رأى ذلك عندهم)(1).
…5413- غير منخول: أي غير مزال النخالة. ثَرَّيْنَاهُ: بالماء، أي عجناه.
…5414- مصلية: مشوية. فأبى أن يأكل: منها، زهدا لما تذكره من ضيق العيش.
…5415- في سُكُرُّجَة : أي في صفتها وهيئتها كما قدمناه(2).
24- باب التلبينة :
…هي حَسْوٌ رقيق يتخذ من دقيق أو نخالة، وربما جعل فيه عسل، سميت بذلك لشبهها باللبن في الرقة والبياض.
…5417- صنع ثريد: أي فُتَّ خبز. مَجَمَّة: مريحة. لفؤاد المريض: أي لقلبه.
25- باب الثريد:
…هو خبز مفتت في مرق، وقد يكون معه لحم.
…قال أبو عمر: ( الثريد أعظم بركة من غيره من الطعام) /.
…5418- ولم يكمل من النساء إلا مريم...إلخ: المراد بالكمال كمال الولاية، وبالنساء نساء زمانها، راجع كتاب الأنبياء. كفضل الثريد …إلخ: إنما فضل الثريد على الطعام لما فيه من تيسر المؤونة وسهولة الإساغة، وهذا لا يستلزم ثبوت الأفضلية له من كل وجه، فقد يكون مفضولا من حيثية أخرى، وحينئذ فليس فيه تصريح بأفضلية عائشة على غيرها، قاله ابن حجر.
…5420- فيها ثريد: أي وقديد ودباء. أحب الدُّبَّاء: أي القرع أحب أكلها اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
26- باب شاة مسموطة:
…الشاة المسموطة هي التي أزيل شعرها بعد ذبحها وشويت أو طبخت بجلدها.
__________
(1) - الفتح 9/685.
(2) - في شرح الحديث 5386.(7/175)
…والكتف والجنب: معروفان، وليس في الحديث الذي ساقه ذكر للجنب، ولعله ذكره استطرادا أو إلحاقا له بالكتف، أو إشارة لحديث أم سلمة المروي في الترمذي أنها قربت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنبا مشويا، فأكل منه ثم قام إلى الصلاة(1).
27- باب ماكان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره:
من النقود والعروض والرباع وغير ذلك، أي بيان ادخارهم ما ذكرحضرا وسفرا، وأن ذلك جائز غير مناف للتوكل، قال الأبي: ( قال لي يوما الشيخ ابن عرفة: لولا خوف الحاجة في الكبر ما بت وعندي عشرة دنانير، فلما كان قريبا من آخر حياته حبس من الريع ما يفرق من أكريته في آخر كل شهر نحو اثنين وعشرين دينارا ذهبا كبيرة).
…عياض: ( وفرق الأبهري(2) في آخرحياته ألف مثقال، فقيل له: هلا فرقتها قبل، فقال: عهدي بأبي بكر الصيرفي(3) وقد طلب لقضاء بغداد فامتنع، فلما كثرت بناته رأيته يكتب الرقاع يستعطي أصحابه، فادخرتها خوف الوقوع في مثل ذلك) هـ.
…وفي مسند الإمام أحمد عن المقداد بن مَعْدِ يَكَرِب(4)
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الأطعمة 27، والنسائي في الطهارة 122، وأحمد في المسند 6/307.
(2) - محمد بن عبد الله الأبهري، إمام المالكية في عصره.
تفقه على ابن بكير وأبي بكر بن الجهم، وحدث عنه أبو القاسم التنوخي وأبو محمد بن نصر.
له إجماع أهل المدينة، وتوفي ببغداد سنة 395 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/206، وشجرة النور الزكية 1/91.
(3) - محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي، أبو بكر.
تفقه على ابن سريج، وسمع الحديث.
له: شرح الرسالة للشافعي، ودلائل الأعلام على أصول الأحكام، والإجماع. توفي بمصر سنة 330هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 5/449، وطبقات الشافعية للسبكي 2/169، وشذرات الذهب 2/325.
(4) - المقداد بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب، أبو كريمة.
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أحاديث، وعن خالد بن الوليد ومعاذ.
وعنه ابنه يحيى، وخالد بن معدان ويحيى الطائي.
توفي عام 87 هـ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1482، والإصابة 6/204.(7/176)
قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ليأتين على الناس زمان لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم)(1).
…سفرة: أي طعاما زادا لسفره عند هجرته - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة.
…5423- ما فعله: أي النهي، إلا في عام: واحد، فالنهي خاص بذلك العام لجوع الناس فيه. من خبز بر مأدوم: مأكول بإدام. ثلاثة أيام: متوالية.
…5424- حتى جئنا… إلخ: أي هل قال جابر: حتى جئنا …إلخ.
…قال ابن بطال: ( فيه رد على من زعم من الصوفية أنه لا يجوز ادخار طعام لغد، وأن اسم الولاية لا تستحق لمن ادخر شيئا ولو قل، وأن من ادخر أساء الظن بالله، وفي هذه الأحاديث كفاية في الرد على من زعم ذلك)(2).
28- باب الحيس:
…هو تمر يخلط بسمن وأقط، فيعجن شديدا بعد إزالة نواه، وربما جعل فيه سويق، وقد يجعل بدل الأقط الفتيت أو الدقيق، وقيل هو جمع الثلاثة من غير اختلاط، وعليه قول الشاعر:
التمر والسمن جميعا والأقط… - … الحيس إلا أنه لم يختلط.
…5425- من الهم والحزن: هما مترادفان، وقيل الهم مما يتوقع، والحزن مما وقع. والعجز: ذهاب القوة. والكسل: التثاقل عن الأمر مع القدرة عليه. والبخل: ضد الكرم. والجبن: ضد الشجاعة. وضَلَعِ الدَّيْن: ثقله. يحوي وراءه: يجعل لها حوية، وهي كساء يدار حول سنام الراحلة يحفظ راكبها من السقوط. بالصهباء : قرب خيبر. نِطْع: سُفْرَة من جلد. يحبنا: حقيقة. جَبَلَيْهَا: عِير وأُحُد. اللهم بارك لهم في مُدِّهِمْ… إلخ: ( وقد استجاب الله دعاءه فبارك في مكيالها، بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها كما هو مشاهد)، قاله القسطلاني(3).
29- باب الأكل في إناء مفضض:
__________
(1) - مسند أحمد رقم 16569، وهو مما انفرد به.
(2) - نقلا عن الفتح 9/691.
(3) - في الإرشاد 8/259.(7/177)
…أي جعلت فيه فضة إما بالتضبيب أو الخلط أو بالطلاء، أي حكم ما ذكر، وحكمه عندنا هو ما نص عليه الشيخ خ بقوله: ( وحَرُمَ استعمالُ ذَكَر مُحَلًّى)، أي شيئا محلى بالذهب أو الفضة، ثم قال: ( وفي المُغَشَّى والمُمَوَّهِ والمُضَبَّبِ وذي الحَلْقَةِ وإِنَاءِ الجَوْهَرِ قولان)(1).
…5426- كانوا عند حذيفة: أي بالمدائن. فسقاه مجوسي: أي بشراب في إناء من فضة. رمى به: أي المجوسي، أي ضربه به . لولا أني نهيته …إلخ: ما رميته به. الديباج: نوع من الحرير.
30- باب ذكر الطعام:
…أي جواز ذكره في مقام ضرب الأمثال وتبين الأحكام وغير ذلك.
…وقال السندي: ( أي لا يكره ذكره في المجالس، وعند ذكر العلوم، ولا يستدل به على حقارة طبع ذاكره، أو على حاجته إليه)(2).
…5429- نومه: أي تمامه. وطعامه: أي لذته. نهمته: حاجته.
31- باب الأُدْم /:
…جمع إدام، ما يؤكل به الخبز.
…5430- لو شئت شرطته لهم: أي فإن ذلك لا ينفعهم لتقدم البيان بذلك، المراد به التوبيخ كما سبق. ألم أر لحما؟: فيه تقديم اللحم على غيره من الأدم، وقد روى الطبراني وغيره من بريدة مرفوعا: ( سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية).
32- باب الحلواء:
بالمد والقصر، وهي كل حلو يؤكل، وخصه الخطابي بما دخلته صنعة(3)، وفي المخصص لابن سيده(4): ( هو كل ما عولج من الطعام بحلاوة)، والعسل: معروف.
__________
(1) - مختصر خليل 1/7.
(2) - حاشية السندي 3/298.
(3) - في أعلام السنن ص: 1112: ( واسم الحلواء لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة).
(4) - علي بن إسماعيل المرسي الضرير، المعروف بابن سيده.
عالم بالنحو واللغة والأشعار.
ولد بمرسية، وتوفي بدانية سنة 458هـ.
له: المحكم والمحيط الأعظم في لغة العرب، وشرح الحماسة، والوافي في علم القوافي.
ترجمته في: الصلة 410، وبغية الملتمس 405، وبغية الوعاة 327، والديباج المذهب 204.(7/178)
…5431- كان رسول الله صلى الله عليه يجب الحلواء والعسل: قال الخطابي: (ليس هذا على معنى كثرة التشهي لها، وإنما هو إذا قدمت له نال منها نيلا صالحا)هـ(1)، ونحوه لأبي سليمان الداراني(2).
وقال الثعاليي: ( حلواء النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان يحبها هي المجيع بوزن عظيم، وهي تمر يعجن بلبن) هـ(3)، وأما السكر فقال ابن حجر الهيثمي: لم يصح أنه - صلى الله عليه وسلم - رآه، وخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - حضر ملاك أنصاري فجاءت الجواري معهن الأطباق عليها اللوز والسكر، الحديث غير ثابت كما للبيهقي في سننه قائلا: ( لا يثبت في هذا شيء) هـ.
…5432- لا آكل الخمير: أي الخبز المخمر. ولا ألبس الحرير: قال في المطالع: (كذا لجميعهم براءين في كتاب الأطعمة من غير خلاف) هـ، وهو محمول على الخز أو على الثوب الذي فيه علم، وليس مراده خالصه. العك: جلد يكون فيه سمن أو عسل، وهذا موضع الترجمة.
33- باب الدباء:
…هي القرع، وقيل المستدير منه خاصة.
…روى الطبراني عن واثلة(4) مرفوعا: ( عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا)(5).
__________
(1) - أعلام السنن ص: 111.
(2) - سليمان بن حبيب المحاربي الداراني.
قاض من ثقات التابعين، تولى القضاء بدمشق ثلاثين عاما.
توفي سنة 120هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/177، وتهذيب ابن عساكر 6/246.
(3) - باللفظ من الفتح 9/557.
(4) - واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر، من بني ليث بن عبد مناة.
أسلم قبل تبوك، وشهدها. وروى أحاديث، وعن أبي هريرة وأم سلمة وأبي مرثد، وكان من أهل الصفة، ونزل الشام ومات بها.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1563، والإصابة 6/591.
(5) - رواه الطبراني، وساقه السيوطي في اللئالئ 2/151، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، والصغاني في الأحاديث الموضوعة ص: 9، وفي سنده عمرو بن الحصين وهو كذاب مشهور - انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني 1/ رقم 40.(7/179)
…وروى البيهقي عن عطاء مرسلا: ( عليكم بالقرع فإنه يزيد في العقل ويكثر الدماغ)(1)، وزاد بعضهم أنه يجلو البصر ويلين القلب.
…5433- فلم أزل أحبه: أي أحب أكله لمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذا يتعين على كل مؤمن حبه لمحبة نبيه له، قال في التمهيد: ( من صريح الإيمان حب ماكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، واتباع ماكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله، ألا ترى إلى قول أنس: فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم) هـ(2).
…وقال الأبي: ( استحب ابن المنذر أكل الدباء لحديث الباب) هـ.
…وقال ابن غازي: ( ذكر أن أحد بني العزفي(3) رؤساء سبتة – فك الله أسرها – ذكر هذا الحديث لولده، فقال ولده: أما هو فلا يحب الدباء، فكره مقالته فرماه بمحبرة فكان فيها موته).
34- باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه:
…أي جواز ذلك؛ الكرماني: ( وجه التكلف من حديث الباب أنه حصر العدد بقوله "خامس خمسة" ولولا تكلفه لما حصر) هـ، وسبق إلى ذلك ابن التين وزاد أن التحديد ينافي البركة، ولذلك لم يحدد أبو طلحة فحصلت في طعامه البركة حتى وسع العدد الكثير، قاله في الفتح(4).
__________
(1) - رواه البيهقي في شعب الإيمان 2/198، وفي إسناده علة الإرسال، وفيه ابن دلهم وهو غير معروف - انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني 2/ رقم 510.
(2) - التمهيد 1/277.
(3) - ينتسبون إلى ابن أبي العزفة السبتي، وهم من بيت علم ورئاسة.
ويعتبر محمد بن أحمد العزفي مؤسس إمارة العزفيين بسبتة سنة 647هـ في دولة أبي حفص عمر الموحدي.
(4) - الفتح 9/698.(7/180)
…5434- غلام: لم يسم. رجل: ابن حجر: ( لم أقف على اسمه ولا على اسم واحد من الأربعة)(1). أذنت له: إنما استأذنه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره كأبي طلحة وجابر لأنه حصر العدد في خمسة، وأطلع الله نبيه عليه، ففيه علم من أعلام النبوة، وفيه أن من تطفل في الدعوة كان لرب المنزل الاختيار في حرمانه، فإن دخل بغير إذن كان له إخراجه، وأنه يحرم التطفل إلا إذا علم رضى المالك لما بينهما من الانبساط والمودة، وروى أبو هريرة مرفوعا: ( من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا، وأكل حراما، ودخل سارقا، وخرج حقيرا، قال القاضي عياض: ( وفيه - أي في حديث الباب - أن من دعي إلى كرامة لايحمل غيره معه، إذ لا يدري ما يوافق صاحب المحل، وهذا قول مالك رضي الله عنه)هـ.
…وقال أبو عمر في التمهيد: ( قال مالك: لا ينبغي لمن دعي إلى طعام أن يحمل مع نفسه غيره، إذ لا يدري هل يسر بذلك صاحب الطعام أم لا، قال مالك: إلا أن يقال له ادع من لقيت) هـ، يعني أو يعلم طيب نفس رب الطعام بذلك، أو يكون ذلك لغرض شرعي كقضية أبي طلحة وجابر، فقد فعل - صلى الله عليه وسلم - /ذلك معهما إظهارا لصدق نبوته، وبقي ذكره إلى آخر الدهر، وازداد به كل من سمعه إيمانا وإيقانا.
…وقال أبو عمر أيضا على حديث أبي طلحة ما نصه: ( فيه أن الرجل إذا دعي إلى طعام، جاز لجلسائه أن يأتوا معه إذا دعاهم الرجل وإن لم يدعهم صاحب الطعام، وذلك عندي محمول على أنهم علموا أن صاحب الطعام تطيب نفسه بذلك وأن ذلك يكفيهم)هـ.
…وقال ابن بطال: ( فيه – أي في حديث أبي طلحة – أن الرجل الكبير إذا دعي إلى الطعام وعلم أن صاحبه لا يكره أن يخلف معه غيره وأن الطعام يكفيهم، أنه لا بأس أن يحمل معه من حضره، وإنما حملهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام أبي طلحة - وهو قليل لعلمه أنه يكفي جميعهم لبركته، وما خصه الله به من الكرامة والفضيلة، وهذا من علامات النبوة)هـ.
__________
(1) - الفتح 9/699.(7/181)
…قال محمد بن يوسف: الفربري. يعني ابن اسماعيل: هو البخاري. ولكن يناول بعضهم بعضا… إلخ: فينزل من وضع بين يديه الشيء منزلة من دعي له، وينزل الشيء الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه، ومقتضاه أنه لا يطعم هرة ولا سائلا إلا إذا علم رضى ربه بذلك، وتقريب المضيف الطعام للضيف إذن له في الأكل اكتفاء بالقرينة العرفية، وهل يملك الضيف الطعام بوضعه بين يديه، أو بتناوله، أو بوضعه في فمه، أو بازدراده، أو لا يملكه أصلا، وإنما هو شبه العارية، أقوال عند الشافعية رجح القاضي والإسنوي(1) الثالث منها، قاله القسطلاني(2).
36- باب من أضاف رجلا إلى طعام، وأقبل هو على عمله:
جاز لأنه لا يجب على المضيف أن يأكل مع من أضافه، نعم يستحب له ذلك لتنشيط الضيف في الأكل، إلا إذا كان الطعام قليلا فيستحب له ترك الأكل معه ليؤثره به، قاله القاضي عياض، كما ينبغي له مجالسته ومؤانسته وترك عمله لأجله.
…قلت: ولعل هذا الغلام الخياط المذكور في الحديث إنما ترك ذلك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الطعام كان قليلا، ولأن عمله كان مؤقتا بزمن كالمياومة مثلا، فليس له صرف وقته إلا في ذلك العمل خاصة والله أعلم، ثم وجدت نحوه في الفتح(3).
…وقال الشيخ التودي تبعا للقسطلاني: ( الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف الناس ومقاماتهم، فيعامل كل واحد بما يعجبه، وما هو أبلغ في حقه من الإكرام والبرور)(4).
36- باب المرق:
__________
(1) - عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم الإسنوي الشافعي.
ولد بإسنا من صعيد مصر، ودرس بالقاهرة.
له: التمهيد في تنزيل الفروع على الأصول، وشرح ألفية ابن مالك، وطبقات الفقهاء.
توفي سنة 772هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/354، وبغية الوعاة 304، والبدر الطالع 1/352.
(2) - في الإرشاد 8/264.
(3) - انظر الفتح 9/657.
(4) - الإرشاد 8/264 -مع اختلاف يسير في اللفظ-.(7/182)
…روى النسائي عن أبي ذر رفعه: ( وإذا طبخت قدرا فأكثر مرقته، واغرف لجارك منه).
…5436- فقرب خبز شعير…إلخ. قال ابن حجر: ( في قصة الخياط روايات أتمها رواية مالك هذه، فلم يفتها إلا ذكر الثريد)(1).
37- باب القديد:
…هو لحم مشرح، أي مقطع طولا ميبس.
…5438- ما فعله: أي النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. ثلاثا: متوالية.
38- باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئا: جاز.
…قال: أي البخاري.
…5439- فجعلت أجمع الدباء …إلخ: هذا موضع الترجمة، واستبعاد العيني ذلك ورده على ابن حجر عجيب(2).
39- باب القِثَّاءِ بالرُّطَبِ:
…القثاء هو الخيار والفقوس، والرطب نضيج التمر، أي جواز أكلها دفعة واحدة.
…5440- يأكل الرطب بالقثاء: الباء للمصاحبة، أي يجمع بينهما لأن كل واحد مصلح للآخر ومزيل لأكثر ضرره، وعند الطبراني عن عبد الله بن جعفر: " رأيت في يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - قثاء وفي شماله رطبا، وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة"(3)، وفي سنده ضعف، قاله ابن حجر(4).
__________
(1) - الفتح 9/702.
(2) - قال في العمدة 21/65-66: ( ولا وجه لإيراده هنا، ولقد تكلف بعضهم في بيان المطابقة بقوله: لا فرق بين أن يناوله من إناء إلى إناء، أو يضم ذلك إليه في نفس الإناء الذي يأكل منه، أخذ ذلك من قول ثمامة: " فجعلت أجمع الدباء بين يديه"، قلت: هذا فيه بعد عظيم، لأن الإناء الذي يأكل منه له حق شائع فيما في هذا الإناء، بخلاف الإناء الآخر الذي لا يأكل منه).
(3) - أخرجه الطبراني في الأوسط، وأحمد في المسند 1/203-204.
(4) - في الفتح 9/715.(7/183)
…وقال الزرقاني على العزية: ( ويجوز الأكل بالشمال مع الأكل باليمين كما وقع له - صلى الله عليه وسلم - )، ثم ذكر حديث ابن جعفر هذا ناسبا له لأحمد، ونسبه المناوي في شرح السيرة(1) لهما معا، وقال إنه مبين لكيفية أكلهما.
40- باب
…بغير ترجمة.
…5441- تضيفت أبا هريرة: نزلت به ضيفا. وامرأته/: بسرة بنت غزوان(2). يعتقبون الليل: يتناوبونه في القيام. حشفة: رديئة.
…5441 م- خمس: وفي الرواية السابقة: سبع.
…قال الشيخ زكرياء: ( لا تنافي بينهما لأن القليل لا ينافي الكثير، أو لتعدد القصة)(3). أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِي: في المضغ.
41- باب الرُّطَب والتمر
…وقول الله عز وجل-خطابا لمريم-: "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ" - أي بساقها - الآية، تمامها: " تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا "(4)، أي وصل وقت اجتنائه.
…5443- فجلست: أي الأرض عن الإثمار، أي انحبست عنه ولم تأت به، وللكشميهني: " فخاست نخلها"، أي خالفت معهودها في الإطعام. فخلا عاما: أي تأخر السلف عاما. أين عرشك؟ هو المكان المظلل في البستان المعد للقعود فيه. بقبضة أخرى: من الرطب. الثانية: أي المرة الثانية. قال محمد بن يوسف: الفربري. قال أبو جعفر: وراق البخاري. قال محمد بن إسماعيل: البخاري. فخلا: المذكورة في الحديث. ليس عندي مقيدا: أي مضبوطا محفوظا. ثم قال فجلى: أي بالجيم.
42- باب أكل الجُمَّار:
…هو قلب النخلة، ويسمى شحم النخل، أي جواز أكله.
__________
(1) - واسمه "فتح الرؤوف المجيب على أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب للسيوطي"، وتوجد منه نسخة مخطوطة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 1825 ك.
(2) - بسرة بنت غزوان التي كان أبو هريرة أجيرها ثم تزوجها.
كانت قد استأجرته في العهد النبوي،ثم تزوجها لما استخلف على إمرة المدينة،وهي أخت عتبة بن غزوان المازني الصحابي، أمير البصرة.
ترجمتها في: الإصابة 7/537.
(3) - تحفة الباري 3/226.
(4) - سورة مريم، الآية 25.(7/184)
…5444- لما بركته بركة المسلم: لأنها لا تسقط منها أبلحة، كما لا تسقط للمسلم دعوة، أو لعموم نفعها في جميع أطوارها، كما أن المسلم نفعه عام. فظننت: بقرينة حضور الجمار.
43- باب الْعَجْوَة:
…أي فضلها على غيرها، وهي نوع جيد من التمر يقال لها أم التمر، ونقل الثقة عن خط الشيخ سيدي محمد بناصر الدرعي(1) أن العجوة هي النوع المسمى في درعة بأَمَكِّتْ -بفتح الهمزة والميم والكاف المشددة وسكون التاء -، وقيل هي النوع المسمى عندنا بالفكوس.
…5445- مَنْ تَصَبَّحَ: أكل صباحا قبل أن يأكل شيئا. سبع تمرات عجوة: زاد في رواية عند مسلم وغيره: ( من تمر المدينة)(2)، لم يضره...إلخ: وليس هذا من صنعها، إنما هو سر موضوع فيها اختص بعلمه الشارع صلوات الله وسلامه عليه، انظركتاب الطب.
44- باب القِرَان في التمر:
…القران ضم تمرة إلى أخرى عند الأكل، أي بيان حكمه.
…5446- سَنَة: جَدْب. نهى عن الإقران: الأقفهسي: ( النهي للكراهة إن عللنا بسوء الأدب، وإن عللنا بالاستبداد -وكان القوم شركاء إما بالشراء أو مطعمين- كان النهي نهي تحريم) هـ، نقله الشاذلي، ثم قال: ( ولا مفهوم للتمر، بل كذلك سائرالأطعمة والفواكه) هـ.
…ابن رشد: ( لا يقرن الرجل – ولو كان التمر له – وهو يأكل مع غيره) هـ، ونحو للشيخ خ في الجامع(3).
__________
(1) - محمد بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد الكبير بن محمد بناصر الدرعي الناصري.
فقيه مغربي، رحل إلى الحجاز.
له: المزايا فيما حدث من البدع بأم الزوايا، والرحلة الحجازية الكبرى.
توفي سنة 1239هـ.
ترجمته في: فهرس الفهارس 2/219، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 68-69.
(2) - أخرجه مسلم في صحيحه 2/143 في الأشربة الباب 25 ، وأبو داود في الطب رقم 3876.
(3) - قال الشيخ خليل: ( ولا يقرن بين تمرتين فأكثر إذا لم يقرن الأكل معه، ولو كان هو المطعم، إلا مع أهله وولده فيجوز)، انظر تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل (لوحة 35/ب).(7/185)
…وقال في الجواهر: ( ينبغي للرجل إن أكل مع قوم أن يأكل مثل ما يأكلون من تصغير اللقم، وإطالة المضغ، والترسل في الأكل، وإن خالف ذلك عادته، إلا أن يستأذن الرجل أخاه، أو يكون مع أهله أو أولاده فلا بأس بذلك)،
المازري: ( وعلى الافتقار للإذن، فالإذن إما بنص أو قرينة حال يعلم منها رضى الآخر) هـ، نقله الأبي.
45- باب بركة النخلة:
…أي بيان بركتها، وأشار إلى ما في الحديث من تشبيهها بالمسلم، وكفاها بذلك بركة.
…5447- مثل المسلم: في كثرة خيرها وعموم نفعها.
46- باب القِثَّاء:
…هو الخيار والفقوس.
47- باب جمع اللونين:
من الفاكهة، أو الطعامين بمرة: في حالة واحدة، أي جواز ذلك.
…5449- يأكل القثاء بالرطب: أي يجمع بينهما ليعتدلا.
48- باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة:
إما لضيق المحل، أو لعدم تعدد أواني الطعام. والجلوس على الطعام عشرة عشرة: قال في التمهيد: ( استحب بعض أهل العلم ألا يكون على الخوان الذي عليه الطعام أكثر من عشرة).
…5450- جشته: طحنته طحنا جريشا، أي غير ناعم. خطيفة: أي عصيدة. وعصرت عليها عكة: وعاء السمن.
…ابن/ عبد البر: ( وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان آخرهم أكلا، وذلك من مكارم الأخلاق، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ساقي القوم آخرهم شربا)(1).
49- باب ما يكره من الثوم: أي أكله، والبقول:
الشبيهة به في قبح الرائحة، كالبصل والفجل والكراث، أي أكلها أيضا، ومحل كراهة أكل ما ذكر إذا كان نيئا، أما المطبوخ فلا يكره، وظاهر الأحاديث وكلام غير واحد أنه لايكره ولو كان كثيرا، لكن نقل الأبي عن ابن عرفة أنه كان يختار أن الكراهة باقية بعد الطبخ في الكثير منه، لأن الرائحة باقية معه.
فيه ابن عمر: أي حديثه المذكور في أبواب الجماعة.
__________
(1) - التمهيد 1/292.(7/186)
…5451- فلا يقربن مسجدنا: والمساجد كلها مسجده - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لما ينشأ عنه من تأذي الملائكة والناس، ومثله كل ماله رائحة كريهة، والنهي للتحريم كما صرح به ابن رشد وغيره، ولو كان المسجد خاليا، ومثل المسجد مجالس العلم والولائم وحلق الذكر، راجع أبواب الجماعة.
50- باب الكباث، وهو ورق الأراك:
…( وللنسفي: ثمر الأراك، وهو الصواب)، قاله ابن سعادة، أي إباحة أكله.
…5453- أيطب: لغة في " أطيب". ما من نبي إلا رعاها: ليترقوا من سياستها إلى سياسة الآدمي.
51- باب المضمضة بعد الطعام:
أي استحبابها، قال في الرسالة: ( وليغسل يده وفاه بعد الطعام من الغمر، ويمضمض من اللبن، وكره غسل اليد بالطعام، أو بشيء من القطاني، وكذلك بالنخالة) هـ(1).
…وقال في الإكمال: ( اختلف العلماء في غسل اليد قبل الطعام وبعده، ومالك يكرهه إلا أن يكون بها قذر أو لعظم رائحة، أو زفورة كالسمك) هـ.
…وقال في إكمال الإكمال: ( لعل كراهة مالك ذلك قبل الأكل في حق من يده طاهرة، وبعده في طعام لا دسم فيه) هـ، وعلى ذلك جرى الشيخ خ في جامعه فقال: (ويكره غسلها -أي اليد للأكل- إذا لم يكن بها أذى) هـ(2).
…وقال في الرسالة: ( وليس غسل اليد قبل الطعام من السنة إلا أن يكون بها أذى)هـ(3)، لكن قال الشيخ زروق: ( قول مالك هذا يرده أبو عمر بحديث سلمان: غسل اليدين قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي اللمم، وقال إنه صحيح) هـ(4).
…قال العلامة الرهوني: ( والأظهر في الجواب عنه ما قاله الحطاب ونصه: " محمل هذا الحديث عندنا ما إذا أصاب اليد أذى من عرق ونحوه") هـ.
__________
(1) - الرسالة ص: 144 ( باب في الطعام والشراب).
(2) - إكمال الإكمال 5/340.
(3) - الرسالة ص: 144.
(4) - شرح الرسالة لزروق 2/388.
والحديث أورده ابن عبد البر في "جامع الكافي" ( ذكره زروق).(7/187)
…قلت: وبهذا الجواب أيضا يجاب عن قول القرطبي في تفسيره ما نصه: ( يستحب غسل اليد قبل الطعام وبعده لقوله عليه الصلاة والسلام: " الوضوء قبل الطعام وبعده بركة"، وكان مالك يكره غسل اليد النظيفة، والاقتداء بالحديث أولى) هـ(1)، وبه يوافق ما في الإكمال وغيره، والله أعلم.
52- باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل:
يعني أو قبل أن تغسل، أي استحباب ذلك.
…5456- فلا يمسح يده: بالمنديل ولا يغسلها. حتى يلعقها: هو بنفسه، زاد مسلم: (فإنه لا يدري في أي طعامه البركة)، أو يلعقها: غيره ممن لا يتقذر بذلك، كزوج وولد وخادم وتلميذ يعتقد بركته، والأمر فيه محمول على الندب والإرشاد عند الجمهور، وحمله أهل الظاهر على الوجوب، قاله العيني(2).
…وقال القاضي عياض: ( ظاهره لعقها كلها، وهو الظاهر من قول التلمساني: "يبدأ في لعق أصابعه من الخنصر ثم الإبهام ثم الوسطى ثم البنصر ثم السبابة") هـ، وقال الحافظ: (الأولى أنه أراد الكف كلها، فيشمل الحكم من أكل بكفه كلها أو بأصابعه فقط أو ببعضها، والسنة الأكل بثلاثة أصابع وإن كان الأكل بأكثر منها جائزا) هـ(3).
…وقال ابن العربي:( إن شاء أحد أن يأكل بالخمس فليأكل، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يتعرق العظم وينهش اللحم ولا يمكن ذلك عادة إلا بالخمس)هـ(4)، لكن اعترضه العراقي/ بقوله: ما ذكره غير مسلم، لأن التعرق والنهش يمكن بثلاث، وبفرض عدم إمكانه ليس هذا أكلا بكل الأصابع بل هو إمساك للضرورة) هـ، نقله العيني كالمناوي(5).
53- باب المنديل:
…( أي جواز اتخاذه لمسح الأيدي به بعد غسلها، أو بدونه في طعام لا دسم فيه ولا لزوجة)، قاله القاضي عياض.
…5457- مثل ذلك: أي مما مسته النار.
54- باب ما يقول إذا فرغ من طعامه:
…أي من أكله.
__________
(1) - الجامع لأحكام القرءان 7/194.
(2) - في العمدة 21/76.
(3) - الفتح 9/721.
(4) - نقلا عن الفتح 9/721.
(5) - انظر العمدة 21/77، وفيض القدير 1/298.(7/188)
…5458- غير مكفي: من الكفاية، وضميره للطعام، وأصله مكفوي ثم قلبت الواو ياء وضمة الفاء كسرة، وأدغمت الياء في الياء، والمعنى: هذا الذي أكلناه ليس فيه كفاية عما بعده بحيث ينقطع، بل نعمك مستمرة عليها غير منقطعة، قاله العيني(1). ولا مودع: متروك الطلب إليه والرغبة فيه، وقال العيني: ( غير مودع منا، من الوداع، يعني لايكون آخر طعامنا)(2). ربنا: بالنصب على المدح، أو منادى، والرفع على أنه خبر لمحذوف أي أنت ربنا، والجر على البدل من اسم الله في قوله الحمد لله.
…5459- وأروانا: خاص بعد عام. ولا مكفور: محمود.
…النووي: ( ولو اقتصر على الحمد حصل أصل السنة).
…وفي مسند الإمام أحمد عن معاذ بن أنس(3) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه)(4).
55- باب الأكل مع الخادم:
…أي جوازه حرا كان أو عبدا، ذكرا أو أنثى، بشرطه للتواضع.
…5460- فليناوله… إلخ: استحبابا، ويلحق به الذي طبخه أو عاينه ولو هرا أوكلبا لتعلق نفسه به، فربما وقع الضرر لآكله منه.
56- باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر:
…أي في أصل الثواب، لا في كميته ولا في كيفيته، والتشبيه لا يستلزم المماثلة من كل وجه، قاله الكرماني(5).
__________
(1) - في العمدة 21/78.
(2) - العمدة 21/78.
(3) - معاذ بن أنس الجهني، حليف الأنصار.
قال ابن يونس: صحابي كان بمصر.
روى أحاديث، وعن أبي الدرداء، وكعب الأحبار، وعنه ابنه سهل بن معاذ وحده.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1402، والإصابة 6/136.
(4) - مسند أحمد رقم 15079، وأخرجه الترمذي في الدعوات رقم 3380، وأبو داود في اللباس رقم 3505، وابن ماجه في الأطعمة رقم 3276.
(5) - في الكواكب الدراري 20/66.(7/189)
…فيه عن أبي هريرة: أي يذكر في الباب الحديث المروي عن أبي هريرة بلفظ الترجمة، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجة، والحاكم وصححه(1)، وإنما لم يذكره المص لكونه ليس على شرطه.
57- باب الرجل يدعى إلى الطعام فيقول: وهذا معي
…أي جواز ذلك.
…لا يتهم في دينه وماله فكل...إلخ: زاد أحمد: ( ولا تسأل عنه).
58- باب إذا حضر العشاء:
أي الطعام وحضرت الصلاة، فلا يعجل عن عشائه: بل يقدمه على الصلاة، وهذا إذا كان قلبه مشغولا بالطعام، وإلا قدم الصلاة عليه كما فعل - صلى الله عليه وسلم -، إذ لا يشغله - صلى الله عليه وسلم - شيء عن الصلاة، وبهذا يجمع بين فعله - صلى الله عليه وسلم - وأمره المذكورين في أحاديث الباب، وراجع أبواب الجماعة.
……59- باب قول الله تعالى: " فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا "(2):
…تفرقوا عن موضع الطعام تخفيفا عن رب المنزل، وقد أتى المص رحمه الله بهذه الترجمة في ختمه كتاب الأطعمة ببراعة الاختتام، وكأنه يقول: فإذا امتلأتم علما بما ذكرته لكم، واستغنيتم به عن غيره، فانتقلوا منه لكتاب العقيقة، فَلِلَّهِ دَرُّهُ ما ألطفه وأدق نظره.
71- " كتاب العقيقة "
…العتيقة اسم لما يذبح عن المولود يوم سابعه، وهي عندنا مستحبة.
…قال الشيخ خ: ( وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة، وألغي يومها إن سبق بالفجر، والتصدق بزنة شعره، وجاز كسر عظمها، وكره عملها وليمة ولطخه بدمها وختامه يومها) هـ(3).
…وفي المنتقى أنه - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين شاة شاة (4)
__________
(1) - أخرجه الترمذي في القيامة 43، وابن ماجه في الصيام 55، وأحمد 2/283.
(2) - سورة الأحزاب، الآية 53.
(3) - مختصر خليل 1/122-123.
(4) - المنتقى شرح الموطأ 3/102.
وهذا الحديث يشهد لما ذهب إليه الإمام مالك من التسوية بين الذكر والأنثى في العقيقة، خلافا لأبي حنيفة الذي قال: "يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة"، وعلق الباجي على ذلك تعليقا لطيفا: ( عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا، ولا يفعل صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل، ولما واظب على هذا ثبت أن ذلك هو الأفضل).(7/190)
.
1- باب / تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه:
…أشار رحمه الله إلى أن الأحاديث الواردة في تأخير التسمية إلى السابع محمولة على من أريد العق عنه فيه، وأما من لم يرد أن يعق عنه فلا تؤخر تسميته، قال ابن حجر:(وهو جمع لطيف لم أره لغيره) هـ(1).
…ابن الحاج: ( ينبغي إذا كان المولود ممن يعق عليه ألا يوقع عليه الاسم إلا حين تذبح العقيقة، ويتخير له في الاسم مدة السابع، وإذا كان المولود لا يعق عنه لفقر وليه، يسمونه متى شاءوا) هـ.
…ابن عرفة: ( مقتضى المذهب وجوب التسمية، وسمع ابن القاسم يسمي يوم سابعه لحديث: " يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"، وفيه سعة لحديث: " ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم؛ ابن حبيب: لا بأس أن يتخير له الأسماء قبل سابعه، ولا يسمى إلا فيه)، هـ من مختصره.
…ابن القيم: ( التسمية حق للأب لا للأم، ولو تنازع أبواه في تسميته فهي للأب، لأن الولد يتبع أباه في النسب والتسمية تعريف النسب والمنسوب)هـ، نقله المناوي.
…تحنيكه: أي المولود إثر ولادته بتمر أو بشيء حلو، بأن يمضغ التمر أو غيره، ويدلك به حنكه من داخل فيه حتى ينزل إلى جوفه منه، أي استجاب ذلك، قال النووي: ( اتفاقا من العلماء)، قال: ( ويستحب أن يكون المحنك فاضلا عالما أو صالحا، والتمر أفضل من غيره).
…5467- فأتيت به النبي صلى الله عليه: حين ولادته.
…القاضي عياض: ( هذه سيرة حسنة أن يبعث بالمولود إلى الرجل الصالح والعالم فيدعو له). فسماه: إذ ذاك.
…5468- بصبي: هو عبد الله بن الزبير. فأتبعه الماء: أي أتبع البول بالماء، أي غسله.
…5469- متم: قاربت تمام حملي. وكان أول مولود …إلخ: أي من المهاجرين بالمدينة بعد الهجرة، وأما أول مولود من الأنصار بعدها فهو النعمان بن بشير.
__________
(1) - الفتح 9/733.(7/191)
…5470- ابن لأبي طلحة: هو أبو عُمَيْر(1). أسكن ماكان: تريد سكون الموت، وظن أبو طلحة سكون البرء والعافية. ثم أصاب منها: أي جامعها. أعرستم: استفهام محذوف الأداة، كنى به عن الجماع. واروا: ادفنوا.
2- باب إماطة الأذى عن الصبي:
أي إزالته عنه، ويأتي بيانه. في العقيقة: أي معها.
…5471- مع الغلام عقيقة: أي مصاحبة له بعد ولادته فيعق عنه.
…5472- فأهريقوا عنه دما: أي اذبحوا له شاة عقيقة عنه، وأميطوا عنه الأذى: قيل معناه احلقوا شعره، وقيل معناه لا تقربوه الدم كما كانت الجاهلية تفعله، لأنهم كانوا يلطخون رأس الصبي بدم العقيقة.
…حديث العقيقة: أي المروي في السنن مرفوعا، ولفظه: ( الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويسمى)(2)، ومعنى "مرتهن" قال الخطابي: ( أجود ما قيل فيه قول الإمام أحمد: إنه إذا لم يعق عنه لم يشفع في والديه يوم القيامة، وقيل معناه لاينمو نمو أمثاله).
3- باب الفَرْع:
أي بيان حكمه، ويأتي تفسيره.
__________
(1) - أبو عمير بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، قيل اسمه حفص، وهو صاحب القصة التي فيها: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ -وهي في الصحيحين-؛ وقد مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1712، والإصابة 7/296 ( القسم الثاني).
(2) - أخرجه أحمد في المسند 5/7 و17 و22، وأبو داود رقم 2838، والترمذي رقم 1523، والنسائي 7/166 من حديث سمرة بن جندب، وإسناده صحيح.(7/192)
…5473- لا فرع: المراد النهي عنه، وهو الكراهة. ولا عتيرة: يأتي الكلام عليها، والنهي فيها للكراهة أيضا. والفرع أول النتاج: من ناقة أو بقرة أو شاة، وهذا قول ابن المسيب. والعتيرة في رجب: قال الزرقاني: (كانت تذبح في الجاهلية في رجب لآلهتهم، وكانت أول الإسلام ثم نسخ ذلك بالضحية) هـ، قال في العارضة: روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نسخ الأضحى كل ذبح، ونسخ صوم رمضان كل صوم، والغسل من الجنابة كل غسل، والزكاة كل صدقة) هـ.
4- باب العَتِيَرة:
أي بيان حكمها، وهو الكراهة كما سبق.
…5474- قال: أي سعيد.
72- " كتاب الذبائح والصيد "
بسم الله الرحمن الرحيم
…الذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة، أي بيان أحكامها مع أحكام الذبح الذي هو الذكاة كما يأتي، وعرف الشيخ خ الذكاة بقوله: ( قَطْعُ مُمَيِّز يُنَاكِحُ تمامَ الحُلْقُومِ والْوَدَجَيْنِ من المُقَدَّمِ بلا رَفْع قبل التّمام، وفي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلَبَّة) هـ(1)؛ والصيد / أشار له الشيخ أيضا بقوله: ( وجَرْحُ مسلم مُمَيِّز وحشيًّا وإِنْ تأنَّسَ عُجِزَ عنه إلا بِعُسْر لا نَعَمٌ شَرَدَ أو تَرَدَّى بِكَهُوَّة بِسِلاَح مُحَدَّد أو حَيَوَان عُلِّمَ ...إلخ)(2).
1- باب الذبائح والصيد: التسمية على الصيد:
…أي المصيد، أي وجوبها عند إرسال الكلب أو النبل أو البازي أو غيرها على من كان ذاكرا قادرا، فمن تركها عامدا مختارا لم يؤكل مصيده، وناسيا يؤكل، كذا رواه ابن القاسم عن مالك، قاله في المنتقى(3).
…"لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ" ليختبرنكم "بِشَيْء مِّنَ الصَّيْدِ"(4): أي وقت إحرامكم.
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - مختصر خليل 1/116-117.
(3) - المنتقى 3/126.
(4) - سورة المائدة، الآية 94.(7/193)
…العقود: العهود، ما أحل وحرم: أي مرة فسر العقود بالعهود، ومرة فسرها بما أحل وحرم، ببنائهما(1) للمفعول، قاله شيخ الإسلام(2).
…المنخنقة …إلخ: أشار لتفسير قوله تعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ" إلى آخر الآية(3).
…تتردى: تسقط.
…فما أدركته منها يتحرك…إلخ: يعني وكان غير منفوذ المقاتل، وأما ما أنفذت مقاتله مما ذكر في الآية فلا يؤكل، هذا مذهبنا، قال الشيخ: ( وأُكِلَ المُذَكَّى وإِنْ أَيِسَ من حياته بتَحَرُّك قَوِيّ مطلقا)، أي سال منه دم أم لا كان صحيحا أو مريضا، ثم قال: ( أو سَيْلِ دَم إن صَحَّتْ إلا الموقوذةُ وما معها)(4)، أي ما ذكر معها في الآية المنفوذة المقاتل، أي فلا تعمل فيها الذكاة، وقوله تعالى: " إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ"(5) الاستثناء فيه إما متصل ويحمل على غير منفوذ المقاتل منها، أو منقطع ويحمل على تذكية غير الخمسة المذكورة إذا كانت منفوذة المقاتل، والمقاتل بينها الشيخ بقوله: ( بِقَطْعِ نُخَاع ونَثْرِ دِمَاغ وحَشْوَة وفَرْيِ وَدَج وثَقْبِ مُصْرَان وفي شَقِّ الْوَدَجِ قولان) هـ(6)، ونظمها ابن غازي بقوله:
إن المقاتل حشوة ونخاعها … - …ودج دماغ والحصير المرتفع
والخلف في كرش وفي عنق وفي - سفل المصير وفي الوداج المنصدع
…5475- عن صيد المعراض: هو عود رقيق الطرفين غليظ الوسط يسمى عندنا بالسراف.
__________
(1) - في أصل المخطوط: "ببنائها"، والصحيح "ببنائهما" كما في التحفة 3/230.
(2) - في التحفة 3/230.
(3) - سورة المائدة، الآية 3.
(4) - مختصر خليل 1/119.
(5) - سورة المائدة، الآية 3.
(6) - مختصر خليل 1/119.(7/194)
…بحده: طرفه الرقيق. فكله: لأنه يجرح ما أصابه. عن صيد الكلب: يعني المعلم كما يأتي. فإن أخذ الكلب ذكاة: قيد المالكية ذلك بقيود أشار لها الشيخ بقوله: ( أوحيوان عُلِّمَ بإرسال مِنْ يَدِهِ بلا ظهورِ تَرْك ولو تعدد مصيدُهُ أو أَكَلَ أو لم يُرَ بِغَار أو غَيْضَة أو لم يَظُنَّ نوعَهُ من المباح أو ظهر خلافَهُ إنْ ظنه حراما أو أخذ غيرَ مُرْسَل عليه أو لم يتحقق المبيح في شِرْكَةِ غيره كماء أو ضَرْب بمسموم أو كلبِ مجوسيّ أو نَهْشِهِ ما قَدَرَ على خلاصه منه أو أغراه في الوسط أو تراخى في اتِّباعه إلا أن يتحقق أنه لا يلحقُهُ أو حَمَلَ الآلةَ مع غير أو بخُرْج أو بَاتَ أو صُدِمَ أو عَضَّ بلا جُرْح أو قَصَدَ ما وَجَدَ أوأَرسلَ ثانيا بعد إمساك أَوَّلَ أو قَتَلَ أو اضطربَ فأَرْسَلَ إلا أن يَنْوِيَ المضطربُ وغيرَهُ فتأويلان) هـ.
…وقوله: " أو حيوان علم" شامل للكلب وغيره من الجوارح، قال في المدونة: (والفهد وجميع السباع كالكلب وسباع الطير كالبازي في جميع ذلك إن علمت صح الصيد بها)هـ(1)،فلا مفهوم للكلب في الحديث.ما أمسك عليك: أي فكل،كما لغير ابن سعادة. فخشيت أن يكون …إلخ: أي ولم تتحقق حلية مصيد الكلب الآخر كما يأتي.
2- باب صيد المعراض:
…أي بيان حكمه، وقدمنا تفسير المعراض.
…بالبندقة: أي المصنوعة من طين مشوي، أو من حجارة، أو من رصاص.
تلك الموقوذة: يعني إن كانت من غير الرصاص، وأما إن كانت من الرصاص/ فحكمها حكم النبل لما يحدث عنها من إنهار الدم والإجهاز بسرعة، هذا الذي جرى به العمل عندنا، وأفتى به الشيخ أبو عبد الله القوري(2)
__________
(1) - انظر المدونة الكبرى 3/53.
(2) - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن محمد اللخمي المكناسي ثم الفاسي، المشهور بالقوري.
كان شيخ الجماعة في وقته بفاس، ويعتبر من كبار شيوخ أحمد زروق.
له شرح على مختصر خليل. وتوفي سنة 872هـ.
ترجمته في: شجرة النور الزكية 261، وشذرات الذهب 7/363.(7/195)
وابن غازي وابن هارون والمنجور(1) والعارف الفاسي وسيدي عبد القادر الفاسي، وإياه عنى صاحب العمل بقوله:
وما ببندق الرصاص صيد … - …جواز أكله قد استفيد
أفتى به والدنا الأواه - …وانعقد الإجماع من فتواه.
…في القرى والأمصار: خشية إصابة الناس.
…5476- قلت: فإن أكل ؟ قال: فلا تأكل: وفي حديث أبي ثعلبة(2): ( كل وإن أكل منه الكلب)، وبه تمسك المالكية كما يأتي إيضاحه.
3- باب ما أصاب المعراض بعرضه:
…أي بوسطه الغير المحدد، أي فلا يؤكل إذا مات منه.
…5477- المعلمة: قال في المدونة: ( الحيوان المعلم هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر) هـ(3).
…الزرقاني: ( إلا البازي فلا يشترط فيه "وإذا زجر انزجر" لأنه لا ينزجر).
…ما خرق: أي جرح بأن أصاب بحده، فلا تأكل: إلا إذا لم تنفذ مقاتله وذكي، لأنه حكمه حكم الموقوذة.
4- باب صيد القوس:
معروف، أي حكم مصيد سهمه.
__________
(1) - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله المنجور المكناسي.
له: شرح المنهج النتخب على قواعد المذهب، ومراقي المجد في آيات السعد.
توفي سنة 995هـ.
ترجمته في: الإتحاف 1/319، وسلوة الأنفاس 3/60، وفهرس الفهارس 2/6، ونيل الابتهاج 95.
(2) - أبو ثعلبة الخشني، صحابي مشهور، معروف بكنيته، واختلف في اسمه اختلافا كثيرا.
أحاديثه في الصحيحين، وسكن الشام، وقيل حمص.
وكان فيمن بايع تحت الشجرة، وكان داعية في قومه، وعاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقاتل بصفين، ومات في أول خلافة معاوية، توفي وهو ساجد.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1618، والإصابة 7/58( 60.
(3) - المدونة الكبرى 3/51.(7/196)
ففارق: انفصل ولو حكما. لا تأكل الذي بان: لأن حكمه حكم الميتة. وكل سائره: أي باقيه، وظاهره أنه لا يؤكل البائن ولو كان رأسا أو نصفا، ومذهبنا أنه إذا أبين الرأس أكل كالباقي، وإذا أبين النصف أكل الجميع ، قال الشيخ: (ودُونَ نِصْف أُبِينَ مَيْتَةٌ إلا الرَّأْسَ)(1). حمار: أي وحشي فأدركت ذكاته فكل إن لم تنفذ مقاتله.
5- باب الخَذْف:
…الخذف هو الرمي بحصى أو نوى بين السبابتين، أو بين السبابة والإبهام. والبندقة: المتخذة من الطين المطبوخ أو الميبس، أي الرمي بها، أي بيان حكم ما ذكر.
…5479- رجلا: لم يعرف. نهى عن الخذف: أي نهي تنزيه كما دل عليه ما بعده: (لا أكلمك كذا وكذا)، وعند مسلم: ( لا أكلمك أبدا).
…قال الإمام المازري: ( فيه هجر من خالف السنة على علم وتأديب أهل المعاصي بالهجران) هـ.
…وقال النووي: ( فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانهم دائما، والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما) هـ.
6- باب من اقتنى – اتخذ– كلبا ليس بكلب صيد أوماشية:
ذكر ما فيه من الوعيد.
…5480- أو ضارية: من ضَرِيَ الكلب بالصيد ضراوة، أي تعود، وكان حقه أن يقول: " أو ضار"، لكنه أنث لينا سب لفظ "ماشية"، قاله شيخ الإسلام(2)، وفي المزارعة: (إلا كلب حرث أو ماشية أو صيد).
…نقص كل يوم من عمله: أي من أجر عمله الذي يعمله في المستقبل ما دام الكلب عنده، لا من عمله الماضي خلافا للإحباطية، بمعنى أن الإثم الحاصل له يوازن قدر قيراط أو قيراطين من أجر عمله الذي يعمله، فينتقص منه ذلك القدر عقوبة له لاتخاذه ما نهي عنه وعصيانه في ذلك، وقيل لعدم دخول الملائكة بيته، قاله في الإكمال.
__________
(1) - مختصر خليل 1/118.
(2) - في التحفة 3/231.(7/197)
…قِيرَاطَيْنِ: ( أي جزءين من أجزاء عمله لا يعلم قدرها إلا الله)، قاله الباجي، وسبق في المزارعة: " قيراطا" بالإفراد، فيحمل على أنه - صلى الله عليه وسلم - اطلع على الزيادة فأخبر بها هنا، قاله القاضي عياض.
…الأبي: ( وانظر إذا تعددت الكلاب، هل تتعدد القراريط أم لا؟) هـ.
…قلت: قال ابن العماد: ( تتعدد)، وقال ابن الملقن تبعا للسبكي: ( يظهر عدم التعدد، لكن يتعدد الإثم، فإن اقتناء كلب واحد منهي عنه) هـ، نقله المناوي، ثم إن هذا السياق يدل على النهي عن اتخاذه كما هو مصرح به في عدة أحاديث، وهل هو للمنع/ أو الكراهة؟ صرح الشاذلي في شرح الرسالة بالأول، وابن عبدالبر بالثاني، وقال النووي: (اتفق أصحابنا وغيرهم على حرمة اقتنائها لغير حاجة، وعلى جوازه لحاجة، والحاجة لزرع أو ماشية أو صيد، والأصح اقتناء الجرو للتعليم لأنه في معنى ذلك) هـ.
…القاضي عياض: ( تنازع العلماء في كلب الصيد إذا اتخذه من ليس بصائد، هل يجوز أخذه أخذا بظاهر هذا الحديث، أو ينهى عنه، ويكون معنى الحديث: إلا كلب صيد لصائد به) هـ.
…الأبي: ( واختلف القرويون عندنا في اتخاذها للعسس في الدور، وأما ما يتخذه عساس الأسواق منها فالأظهر فيه المنع لأنها تروع المبكرين إلى المساجد والحمامات، وإنما استأجروا أن يعسوا بأنفسهم، وجرت عادة القضاة يتقدمون إليهم في ربطها عند الفجر، ويعني بكلب الصيد الصيد المباح، وفي معنى كلب الزرع كلب الكروم) هـ.
…الشيخ زروق: ( وظاهر كلام الشيخ – يعني ابن أبي زيد- أنه لا يجوز اتخاذه لحراسة البيوت والأمتعة، وأجازه بعضهم)(1).
…وقال ابن ناجي(2)
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/413.
(2) - أبو الفضل قاسم بن عيسى بن ناجي، شارح المدونة ورسالة ابن أبي زيد، أخذ بالقيروان عن ابن عرفة، والأبي والبرزلي، وولي القضاء بجربة والقيروان وباجة، وأخذ عنه حلولو. توفي سنة 837 هـ.
ترجمته في: تذييل الديباج لأحمد بابا، والحلل السندسية في الأخبار التونسية 1/707-708.(7/198)
: ( يريد الشيخ بقوله: "ولا يتخذ كلب في الدور"(1): إلا أن يضطر فيتخذه حتى يزول المانع، ويذكر أن الشيخ وقع له حائط في داره وكان يخاف على نفسه من الشيعة فاتخذ كلبا لذلك، زاد الشيخ زروق في نقله هذا: ( فقيل له في ذلك، فقال لو أدرك مالك زماننا لاتخذ أسدا ضاريا)(2)، هـ من تحقيق المباني.
7- باب إذا أكل الكلب:
من الصيد، هل أكله منه محرم له أم لا؟
…مذهب الامام مالك رحمه الله أنه غير محرم له، وأن الصيد يؤكل وإن أكل منه الكلب، تمسكا بحديث أبي ثعلبة المروي عند أبي داود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( كل وإن أكل منه الكلب).
…قال ابن رشد في المقدمات: ( الصحيح قول مالك وأصحابه، إذ لا فرق في القياس بين الكلب وبين سائر الجوارح، وقد جمع الله تعالى بينهما في كتابه، وقد أجمع أهل العلم أن قتل الكلب للصيد ذكاة له، فلا فرق في القياس بين أن يأكل من صيده بعد أن يميته وبين أن يأكل من شاة مذبوحة)، هـ منها، ونحوه للإمام الشافعي قائلا: ( القياس الأكل لأن الكلب إذا عقر الصيد وقتله فقد حصلت الذكاة، فأكله منه بعد حصول ذكاته لايمنع من أكله، كما إذا ذكى المسلم صيدا ثم أكل منه الكلب) هـ، نقله في الإرشاد(3)، قال: (وهذا ما نص عليه في القديم، وأومأ إليه في الجديد بالقياس) هـ، وإلى هذا أشار الشيخ خ بقوله: ( ولو تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ أَوْ أَكَلَ) هـ(4).
__________
(1) - الرسالة ص: 150 في قول ابن أبي زيد: ( ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر ولا في دور البادية إلا لزرع أو ماشية يصحبها في الصحراء ثم يروح معها، أو لصيد يصطاده لعيشه لا للهو).
(2) - شرح الرسالة لزروق، وشرح الرسالة لابن ناجي 2/413-414.
(3) - الإرشاد 8/293.
(4) - مختصر خليل 1/117.(7/199)
…وإنما قدم المالكية حديث أبي ثعلبة على حديث عدي – وإن كان حديث عدي أصح – لأن حديث أبي ثعلبة عضده القياس كما سبق، ولأنه الذي صحبه العمل، وقال به جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم، منهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وابن عمر وسلمان الخير وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار(1) وربيعة وابن شهاب وعطاء، ولم يزل العلماء ينتقون الأحاديث ولا يأخذون إلا بالمعروف المعمول به منها، فالعمل أثبت من الأحاديث، لأن فيها الناسخ والمنسوخ، قاله ابن المواز.
…وقال ابن عبد البر: ( إن حديث عدي منسوخ).
…وقال المهلب: ( يحتمل أن يكون معناه إذا أكل قبل إنفاذ مقاتله، فقد أجمعوا أنه إذا أكل وحياته قائمة حتى مات من أكله أنه غير مذكى)، نقله ابن غازي مقتصرا عليه.
…تنبيه: قال القاضي عياض: ( كافة الفقهاء أن سباع الطير بخلاف الكلاب لم يختلفوا في أكل صيدها وإن أكلت منه، واختلف قول الشافعي فيها) هـ، ونقل الأبي نحوه عن ابن بشير.
…"مُكَلِّبِينَ"(2): قال البيضاوي: ( معلمين إياه الصيد، والمكلب مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد)(3).
…الصوائد: جمع صائدة، والكواسب: جمع كاسبة، والكل تفسير لقوله تعالى: "الْجَوَارِحِ"(4).
__________
(1) - سليمان بن يسار الهلالي، أبو أيوب.
روى عن أم ميمونة وأم سلمة وعائشة وحمزة بن عمرو الأسلمي وابن عباس وابن عمر.
وعنه عبد الله بن دينار وأبو الزناد وبكير بن عبد الله بن الأشج والزهري ومكحول. مات سنة 107هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/228-230.
(2) - سورة المائدة، الآية 4.
(3) - أنوار التنزيل 2/136.
(4) - سورة المائدة، الآية 4.(7/200)
…حتى يتركه: أي الأكل مرة أخرى، وذكر الأبي/ في كيفية التعليم طريقين، فذكر أولاهما ثم قال: ( الثانية أن المعتبر فيه العرف، فكل ما هو تعليم في العرف والعادة فهو تعليم، قال: وهذا أسعد بالحديث، وقال الطبري: المعتبر فيه أن يتكرر منه ذلك مرارا، أقلها ثلاثا، فإذا تكرر منه ذلك ثلاثا أكل ما قتل بعد ذلك).
…وكرهه ابن عمر: أي كره أكل الصيد الذي أكل منه الكلب، يعني ولم يحرمه، وعلى ذلك جرى الإمام المازري وابن العربي والقاضي عياض، فحملوا حديث النهي على التنزيه لا على التحريم جمعا بين الحديثين.
8- باب الصيد إذا غاب عنه - أي عن الصائد - يومين أو ثلاثة:
ما حكمه هل يؤكل أم لا؟
ومذهبنا أنه لا يؤكل، قال الشيخ خ عطفا على مالا يؤكل: ( أَوْ بَاتَ )(1).
5484- لم يذكر اسم الله عليها: فإذا تبين أنه ذكر اسم الله عليها فكل منه.
…ليس فيه إلا أَثَر سَهْمِكَ فَكُلْ: ذهب المالكية إلى عدم أكله لما ثبت عندهم في ذلك.
…وإن وقع في الماء …إلخ: هذا مذهبنا، وإليه أشار الشيخ بقوله: ( أو لم يُتَحَقَّقِ المُبِيحُ في شِرْكَةِ غيرِهِ كَمَاء)(2).
…5485- فنقتفي: نتبع.
9- باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر:
…أي ما حكمه؟
وحكمه عندنا أنه لم يدر هل هو مرسل أم لا؟ وهل أرسله مسلم أوكافر؟ وهل سمى مرسله أم لا؟ فلا يؤكل، وإن تحقق أنه أرسله مسلم وسمى عليه فإنه يؤكل، قاله الزرقاني.
…5486- لا تأكل: حيث لم يتحقق ما قدمنا ذكره.
10- باب ما جاء في التصيد:
…التكلف بالصيد والاشتغال به للتكسب أكلا وبيعا، أي مما يدل بمشروعيته أو لإباحته.
…قال الأبي: ( قسم اللخمي الصيد إلى الأحكام الخمسة فقال: هو للعيش مباح، ولكف الوجه عن سؤال الناس، والتوسعة على الأهل وهم في ضيق مندوب، ولإحياء نفس واجب، وللهو مكروه، وأجازه ابن عبد الحكم، وفعله بغير نية التذكية أو كان يؤدي إلى ترك واجب حرام).
__________
(1) - مختصر خليل 1/117.
(2) - مختصر خليل 1/117.(7/201)
…الأبي: ( وصيد اللهو هو المتخذ لا لحاجة، وليس منه ما يفعله أرباب الحوائط من صيد الطير في أجنتهم).
…ابن العربي في العتبية من رواية ابن القاسم: ( صيد البحر والأنهار عندي أخف لذوي المروءات من صيد البر، وأنه لا يرى به بأسا) هـ.
…5488- فلا تأكلوا فيها: لأنهم يستعملون فيها الخمر والميتة والخنزير، والنهي للتنزيه.
…فاغسلوها: أي ندبا.
…5489- أنفجنا: أنهضنا وأخرجنا. بمر الظهران: موضع قرب مكة. لغبوا: تعبوا، وهذا محل الترجمة.
…5490- كان مع النبي صلى الله عليه: عام الحديبية.
11- باب الصيد على الجبال:
…أي جوازه.
…5492- وكنت رقاء: كثير الرقي عليها، وهذا موضع الترجمة.
12- باب قول الله عز وجل: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ"(1):
…أي مصيد الماء، فيدخل فيه صيد البحر والأنهار والعيون وغيرها.
…ما رمى به: من دوابه. وقال أبو بكر: الصديق. الطافي: أي الحيوان البحري المرتفع على الماء ميتا. حلال: وهذا مذهبنا أيضا كالشافعية وجماهير العلماء من الصحابة فمن بعدهم، قاله النووي(2).
…قال العيني: ( وكرهه الحنفية)(3).
…وقال الشيخ عطفا على المباح: ( والْبَحْرِيُّ ولَوْ مَيِّتًا)(4)، وظاهره وإن أنتن.
…وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: ( الظاهر أنه ليس بنجس ولا يؤكل) هـ.
…قال العلامة الرهوني إثر نقله: ( قلت: ويجري مثله في لحم المذكى إذا أنتن) هـ.
…وقال سيدي عبد الرحمن في الطب: ( وأما اللحم المنتن فإنه حرام عندهما – أي عند مالك والشافعي – إذا خرج عن هيئة الطعام).
…الجري: هذا من كلام ابن عباس أيضا، وهو ضرب من السمك يشبه الحيات، ولعله المعروف عندنا بالمريرة، أو هو سمك لا قشر له. ونحن نأكله: لأنه حلال اتفاقا.
__________
(1) - سورة المائدة، الآية 96.
(2) - في شرح صحيح مسلم 13/86.
(3) - العمدة 21/105.
(4) - مختصر خليل 1/119.(7/202)
…كل شيء في البحر مذبوح: أي حلال كالمذبوح، ودخل في عمومه آدمي البحر وكلبه وخنزيره كما نص/ عليه الزرقاني قائلا: ( إنه المذهب)، لكن بحث معه سيدي محمد الرهوني في خنزير الماء وقال: ( الصواب أنه مكروه كما درج عليه في المختصر، وهو قول ابن القاسم ومالك)(1).
…أما الطير - أي طير الماء - فأرى أن تذبحه: نقل سيدي عبد القادر الفاسي في أجوبته عن القلشاني حكاية الإجماع على وجوب ذبحه وسلمه هـ، وكأنه لم يعتد بخلاف "طاووس" لشذوذه.
…وقلات السيل: جمع قلة هي النقرة في الجبل يجتمع فيها ماء المطر.
…وركب الحسن: قيل هو ابن علي رضي الله عنه، وقيل هو البصري. كلاب الماء: لطهارتها، إذ هي مما أبيح أكله كما قدمناه.
…لأطعمتهم: منها لحليتها. ولم ير الحسن: أي البصري بالسلحفاة: هو الفكرون، بأسا: لحليته، وهو كذلك عندنا، والبري منه لابد من ذكاته، والبحري لا يحتاج إليها، قاله ابن القاسم.
…البحري: أي نسبته إلى البحر. أو مجوسي: ابن عرفة: ( التلقين: يؤكل كل حيوان البحر وإن لم يكن له شبه بالبري دون ذكاة، ولو قتله مجوسي) هـ(2)، وفي الموطأ قال مالك: ( لا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسي)(3).
… في المُرِّي: هو الخمر إذا طرح فيه الحوت والملح، ووضع في الشمس فتغير عن طعم الخمر وزالت شدته.
…ريح الخبز: قال العارف الفاسي: ( كذا في أصل ابن سعادة، ولا يفهم له معنى إلا بتكلف) هـ، وللكشميهني: ( ذبح الخمر).
__________
(1) - حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 3/42.
(2) - قال عبد الوهاب البغدادي في التلقين ص: 82-83 "باب الأطعمة والأشربة": ( فأما البحري فيؤكل جميعه كان مما له شبه في البر، أو مما لا شبه له من غير حاجة إلى ذكاة، تلف بنفسه أو بسبب، أتلفه مسلم أو مجوسي، طفا أو لم يطف).
(3) - مالك في الموطأ، كتاب الصيد، ما جاء في صيد البحر.(7/203)
…النينان الشمس: الزركشي: ( قال صاحب النهاية: هذه صفة مري يعمل بالشام، تؤخذ الخمر فيجعل فيها الملح والسمك، ويوضع في الشمس فتتغير الخمر إلى طعم المري، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إلى الحلية، يقول: كما أن الميتة حرام والمذبوحة حلال، فكذلك هذه الأشياء ذبحت الخمر فحلت، فاستعار الذبح للإحلال) هـ(1).
قال في الإكمال ( وهذا مذهب من يجيز تخليل الخمر، وهي مسألة خلاف)، ثم قال: ( وكان أبو الدرداء وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم يأكلون هذا المري المعمول من الخمر، ولا يرون به بأسا) هـ.
…وقال في التمهيد: ( أجاز أبو حنيفة وأصحابه أن يصنع من الخمر المري وغيره، أما غيرهم ممن ذكرنا عنهم إجازة تخليل الخمر فإنهم لا يجيزون منها غير الخل)(2).
…5493- جيش الخبط: يأتي وجه تسميته بذلك. لم نر مثله: في العظم، طوله خمسون ذراعا.
…5494- أكلنا الخَبَطَ: ورق السلم. فأكلنا نصف شهر: وفي المغازي أنهم ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " كلوا رزقا أخرجه الله، أطعمونا إن كان معكم"، فأتاه بعضهم بعضو منه فأكله، وبه يتم الاستدلال على جواز أكل ميتة البحر.
…رجل: هو قيس بن سعد بن عبادة.
…تنبيه: قال القاضي عياض: ( قوله " فأكلنا منه شهرا" هذه المدة يفسد فيها اللحم، فعدم فساد هذا إما لكثرة شحمه ودسمه كما ذكر أنهم ينزفون الدهن بالقلال، وكثرة الشحم والودك يصون اللحم من التغير، أو يكون لكبره وعظمه يطرح منه ما فسد ويؤخذ مما تحته مما لم يصبه الهواء، لأن فساد الطعام وما فيه رطوبة إنما هو غالبا من مداخل الهواء، فإذا صين عن الهواء تماسك، وقد يكون هذا الحوت ألقاه البحر إلى ساحله ميتا، لكن شخصه في الماء بحيث يصونه الماء ويحفظه ببرده عن الفساد، ومثل هذا يوجد فيما يدفن في الأرض الباردة الندية، فإنه لا يتغير )، هـ من إكمال الإكمال(3).
__________
(1) - التنقيح ص: 229.
(2) - التمهيد 1/261.
(3) - إكمال إكمال المعلم 5/278.(7/204)
قلت: ويحتمل أنهم شرحوه ويبسوه، وجعلوا يأكلون منه كما فعلوا في لحوم الأضاحي، ويؤيده رواية المغازي أنهم حملوا منه بعضا إلى المدينة، فتأمله والله أعلم.
13- باب أكل الجراد:
أي جواز أكله، وهو معروف /، سمي جرادا لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده.
روى ابن ماجة والخطيب عن أنس مرفوعا: ( الجراد نثرة حوت)(1)، أي عطسته.
قال الديلمي(2): قال زياد: ( حدثني به من رأى الحوت ينثره)، ذكره المناوي، وليس في الحيوان أكثر فسادا لقوت الإنسان منه، وفيه خلق عشرة من جبابرة الحيوان: وجه فرس، وعينا فيل، وعنق ثور، وقرنا أيل، وصدر أسد، وبطن عقرب، وجناح نسر، وفخذا جمل، ورجلا نعامة، وذنب حية(3).
__________
(1) - أخرجه ابن ماجة 2/292، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وأقره السيوطي في اللئالئ 2/333، ويشبه أن يكون من الإسرائيليات كما قال الألباني في الضعيفة 1/ رقم 112، كما ضعفه الحافظ في الفتح 9/774، والعيني في العمدة 21/109، وقال ابن العربي في أحكام القرآن 1/53: ( فإن قيل: قد قال كعب: إنه نثرة حوت، قلنا: لا ينبني على قول كعب حكم، لأنه يحدث عما لايلزمنا تصديقه، ولا يجوز لنا تكذيبه).
(2) - شيروية بن شهردار بن شيروية بن فناخسرو الديلمي الهمذاني.
حافظ عارف بالحديث.
له: فردوس الأخبار، وتاريخ همذان، وتاريخ الخلفاء. توفي سنة 509هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 4/23، وتذكرة الحفاظ 4/53، وطبقات الشافعية للسبكي 4/229.
(3) - مثله في الفتح 9/774.(7/205)
…5495- كما نأكل الجراد معه: زاد أبو نعيم: ( ويأكله معنا)، ونقل النووي الإجماع على حل أكله(1)، واستثنى ابن العربي جراد الأندلس لما فيه من الضرر المحض، والمشهور عند المالكية خلافه، قاله العيني(2)، ولابد عندنا من ذكاته وهي فعل ما يموت به ولو لم يعجل كقطع جناح أو رجل أو إلقاء في ماء حار أو نار بنية وتسمية، ولا يؤكل ما قطع منه.
قال الشيخ خ: ( وافتقر نحوُ الجراد لها بما يموت به ولو لم يُعَجِّلْ كَقَطْعِ جَنَاح)هـ(3) ، ومثل الجراد فيما ذكر الحلزون وهي أغلال، ففي مختصر ابن عرفة ما نصه: ( وفيها سئل مالك عن شيء يقال له الحلزون يتعلق بالشجر في الصحراء، قال: هو كالجراد إن سلق أو شوي أكل ، ولا يؤكل ميتته) هـ.
…وفي المنتقى ما نصه: ( وأما ما ليست له نفس سائلة كالجراد والحلزون والعقرب والخُنْفُسَاء وبنات وِرْدَان والقُرْنُبَاء والزُّنبور واليعسوب والذر والنمل والسوس والحلم والدود والبعوض والذباب، فإنه لا يجوز أكله ولا التداوي به لمن احتاج إلى ذلك إلا بذكاة، والذي يجزئ من الذكاة في الجراد أن يفعل بها مالا تعيش معه، كقطع رؤوسها وأرجلها وأفخاذها، وإلقائها في ماء حار، ويسمي الله تعالى عند ذلك ) هـ منه(4).
14- باب آنية المجوس:
أي حكم استعمالها، والميتة: أي حكمها.
…5496- بأرض أهل الكتاب: ( من هنا يؤخذ شاهد الترجمة مع الإشارة إلى ما عند الترمذي عن أبي ثعلبة قلت: إنا نمر بهؤلاء اليهود والنصارى والمجوس فلا نجد غير آنيتهم –الحديث- )، قاله ابن حجر(5).
…فلا تأكلوا في آنيتهم: لاستقذارها، لأنهم يتعاطون فيها الخمر والنجاسات، والأمر للتنزيه.
…5497- أَهْرِيقُوا: ( بفتح الهمزة وسكون الهاء)، قاله السفاقسي.
15- باب التسمية على الذبيحة:
__________
(1) - في شرح صحيح مسلم 13/103، قال: ( أجمع المسلمون على إباحته).
(2) - في العمدة 21/109.
(3) - مختصر خليل 1/119.
(4) - المنتقى 3/110.
(5) - في الفتح 9/777.(7/206)
أي بيان حكمها، ومن ترك - أي التسمية - متعمدا: أي ما حكمه؟
…وحكم التسمية عندنا الوجوب مع الذكر والقدرة، فمن تركها متعمدا قادرا لم تؤكل ذبيحته، رواه ابن القاسم عن مالك، ولفظ التسمية قال ابن المواز: ( بسم الله والله أكبر)(1).
…ابن حبيب : ( ولو قال بسم الله فقط، أو الله أكبر فقط، أولا إله إلا الله، أو سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، من غير تسمية أجزأ، وكذلك كل تسمية لله، ولكن ما مضى عليه عمل الناس أفضل) هـ، قاله في المنتقى(2).
وأما النية فتجب مطلقا في جميع أنواع الذكاة الأربعة التي هي: الذبح، والنحر في الأنعام، والجرح في الصيد، وما يموت به في الجراد ونحوه، فلو تركت عمدا أو جهلا أو نسيانا أو تأويلا لم يؤكل، قال الشيخ: ( ووَجَبَ نِيَتُهَا وَتَسْمِيَةٌ إِنْ ذَكَرَ) هـ(3).
ومما يطلب في الذبيحة أيضا توجيهها للقبلة، وهو مستحب عند الجميع، قال/ أبو الوليد الباجي في منتقاه: ( كره ابن عمر وابن سيرين أن يؤكل من ذبيحة من لم يستقبل بذبحها القبلة، وأباح أكلها جمهور العلماء منهم فقهاء الأمصار، ويستحبون مع ذلك أن يستقبل بها القبلة) هـ(4).
…"لَيُوحُونَ" يوسوسون " إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ": من المشركين "لِيُجَادِلُوكُمْ"(5): يخاصمونكم بقولهم: ما ذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه، ومالم يذكر اسم الله عليه فكلوه.
…5498- بذي الحُلَيْفة: مكان بقرب ذات عِرْق، بين الطائف ومكة، وهو غير الميقات المشهور، ووهم من ظنه إياه، قاله السيوطي(6).
__________
(1) - نقلا عن المنتقى 3/105.
(2) - المنتقى 3/105.
(3) - مختصر خليل 1/117.
(4) - انظر المنتقى 3/107.
(5) - سورة الأنعام، الآية 121.
(6) - في التوشيح ص: 470.(7/207)
…إبلا وغنما: من المغانم. أخريات: جمع أخرى. فعجلوا: وذبحوا قبل القسمة لما أصابهم من الجوع. فأمر بالقدور: أن تكفأ لتعديهم بذبحها قبل القسمة. فأكفئت: أي قلبت وأهريق ما فيها، أي من المرق فقط دون اللحم، وهو قول القرطبي ومن تبعه، أو جميع ما فيها من لحم ومرق وهو مختار ابن حجر، راجع أبواب الغلول من الجهاد. فَنَدَّ: هرب. بسهم: فضربه في غير مقتل. فحبسه الله: بسبب السهم، ثم نحروه. أوابد: جمع آبدة التوحش والنفور. وهكذا: أي ارموه في غير مقتل، ثم انحروه. مُدًى: جمع مدية، السكين التي يذبح بها، وإن ذبحنا بالسيوف تلك عند ملاقاة العدو. ما أنهر الدم: قصبا وغيره، نعم يستحب الحديد لسرعة الإجهاز به، ويستحب إحداده. فكلوه: أي كلوا مذبوحه. أما السن عظم: قال في التوشيح: ( قال البيضاوي: هذا قياس حذفت منه المقدمة الثانية لشهرتها عندهم، وهي: وكل عظم لا يحل الذبح به، وطويت النتيجة لدلالة الاستثناء عليها، وقال ابن الصلاح: هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد قرر كون الذكاة لا تحل بالعظم، فلذلك اقتصر على قوله "فعظم"، قال: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل، وكذا قال ابن عبد السلام، وعلله النووي بأن العظم يتنجس بالدم إذا ذبح به، وقد نهى عن تنجيسه لأنه زاد إخواننا من الجن) هـ كلام التوشيح(1)، ونحوه في التحفة وزاد: ( وقيل منع من ذلك تعبدا). فمدى الحبشة: يعني وهم كفار فلاتتشبهوا بهم.
16- باب ما ذبح على النّصُب والأصنام:
…النصب حجارة كانت منصوبة حول الكعبة يذبحون عليها تعظيما لها، وقيل هي ما يعبدون من دون الله، والأصنام كل ما اتخذ إلها من دون الله، أي حكم ما ذكر هل يباح أكله أم لا؟
__________
(1) - التوشيح ص: 471.(7/208)
…ومحصل مذهبنا في ذلك كما للعلامة سيدي محمد بناني في حاشيته عند قول الشيخ عطفا على مالا يؤكل: " أَوْ ذَبْح لِصَنَم"(1): ( هو أن ذبح أهل الكتاب إذا قصدوا به التقرب لآلهتهم لا يؤكل، لأنهم لا يأكلونه فليس من طعامهم، ولم يقصدوا بالذكاة إباحته، وأما ما ذبحوه لأنفسهم – لكن سموا عليه اسم آلهتهم – فهذا يؤكل بكره لأنه من طعامهم، وهو معنى قول الشيخ أيضا عطفا على مطروه الأكل: "وَذَبْح لِصَلِيب أو عِيسَى"(2)هـ.
…5499- لقي زيد بن عمرو(3): والد سعيد أحد العشرة. بأسفل بَلْدَح(4): موضع قرب مكة. سفرة: قدمها إليه الغير فلم يأكل منها - صلى الله عليه وسلم -، وقدمها لزيد.
…فأبى -أي زيد- ثم قال - مخاطبا لمن قدم السفرة / للنبي - صلى الله عليه وسلم --: إني لا آكل...إلخ: وليس في هذا دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل اللحم الذي في السفرة كما هو واضح، وإنما لم ينه - صلى الله عليه وسلم - من كان معه عن أكله، لأنه لم يوح إليه بعد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل من ذبائحهم التي يذبحونها لأصنامهم، فأما ذبائحهم التي يذبحونها لمآكلهم فلم نجد في الحديث أنه كان يتنزه عنها، وقد كان مقيما بين أظهرهم، ولم يذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة، قاله الخطابي.
17- باب قول النبي صلى الله عليه: " فليذبح على اسم الله":
…على بمعنى الباء وهي للمصاحبة، أي مصاحبا له، أي مسميا لله تعالى، فالمراد من الحديث الأمر بالتسمية عند الذبح.
…5500- أضحى: جمع أضحية.
18- باب ما أنهر الدم: أي أساله، من القصب والمروة:
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - مختصر خليل 1/116.
(3) - زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، ابن عم عمر بن الخطاب، ووالد سعيد أحد العشرة.
روى عنه ولده سعيد، وزيد بن حارثة وعامر بن ربيعة وابن عمر وأسماء بنت أبي بكر.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/421-423.
(4) - موضع قبل مكة من جهة المغرب، انظر معجم البلدان 1/480.(7/209)
هي حجر أبيض يقدح منه النار، والحديد:وهو الأولى والأفضل، أي جاز الذبح به.
…ابن الحاجب: ( ويجوز -أي الذبح- بكل جارح من حجر أو غيره).
…أبو عبد الله الأبي: ( فدخل كل محدد يقطع من حجر، أو زجاج، أو خشب، أو قصب، ولم يختلف في إباحة التذكية بهذه الأشياء عند عدم الحديد، واختلف في التذكية بها مع وجوده، ففي المدونة يكره، وقال ابن حبيب: إن فعل أساء وتؤكل ) هـ، وعلى ما في المدونة اقتصر العلامة الرهوني فقال: ( وتكره الذكاة بغير الحديد مع وجوده) هـ(1).
…وفي المنتقى ما نصه: ( قال ابن حبيب: في المنجل الضريس لاخير في الذكاة به لأنه لا يقطع كما تقطع الشفرة) هـ(2).
…وقال سيدي العربي الفاسي(3):ومنعوا بمنجل مضرس - إلا إذا قطع مثل الأملس.
…5501- جارية: لم تسم. بسلع: جبل بالمدينة.
…5503- مدى: جمع مدية هي السكين. وذكر اسم الله: أي عليه. ونَدَّ: هرب. فحسبه: الله بسبب رجل رماه بسهم. أوابد: نفرات.
19- باب ذبيحة الأمة والمرأة:
…أي بيان حكمها، وحكمها هو الجواز كما عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وكافة العلماء، قاله في المنتقى(4)، وقال الزرقاني على قول الشيخ خ: " وكُرِهَ ذَكَاةُ خُنْثَى وخَصِيّ وفَاسِق"(5)، ما نصه: ( لا من امرأة وصبي ولو لغير ضرورة على مذهب المدونة)هـ(6) ، أي فتجوز بلا كراهة، وقال الحطاب: ( الجواز هو المشهور ومذهب المدونة، وهو شامل للحرة والأمة).
…5504- بحجر: حاد، لجوازه به كما سبق.
20- باب لا يذكى بالسن والعظم والظفر:
__________
(1) - حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 3/23.
(2) - المنتقى 3/107، وفيه: ( المضرس).
(3) - العربي بن الطيب القادري الفاسي.
مؤرخ نسابة من أهل فاس.
له: الطرفة في اختصار التحفة. توفي سنة 1106هـ.
ترجمته في: فهرس الفهارس 1/359-360.
(4) - انظر المنتقى 3/111.
(5) - مختصر خليل 1/116.
(6) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/8.(7/210)
…هذا أحد أقوال عندنا أشار لها الشيخ بقوله: ( وفي جواز الذبح بالظُّفْرِ والسِّنِّ أو إِنِ انفصلا أو بالعظم أو نَفْيِهِمَا خِلاَفٌ) هـ(1).
…قال الشيخ الرهوني: ( وكلام المازري يفيد أن القول الثاني هو المعتمد، وابن رشد أنه الصحيح)(2).
21- باب ذبيحة الأعراب ونحوهم:
…الأعراب هم سكان البادية، أي بيان حكمها، وعندنا في أكل ذبيحتهم خلاف بالجواز والكراهة، نص عليه بناني في حاشيته.
…5507- سموا عليه أنتم: عند أكله، وليس المراد أن هذه التسمية تقوم مقام التسمية الفائتة عند الذبح، قال في العارضة: ( المعنى: عليكم بما يتوجه عليكم من التسمية عند الأكل، ودعوا / فعلهم واكتفوا بظاهر إسلامهم، ولذلك جاز أكل لحوم الجزارين وإن لم يوثق بهم في التسمية حملا على ظاهر الإسلام، إلا أن يعاين منهم من يترك التسمية، فحينئذ يجتنب الأكل)هـ.
وقال في المنتقى: (قال أبو عمر: العلماء مجمعون على أن التسمية عند الأكل مندوب إليها لما في ذلك من البركة، وإنما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمهم أن المسلم لا يظن به ترك التسمية على الذبيحة، ولا يظن به إلا الخير، وهو محمول على ذلك حتى يتبين خلافه)هـ(3).
وقال في إكمال الإكمال: ( قوله: " سموا أنتم وكلوا" من الأسلوب الحكيم، أي لا تهتموا بذلك ولا تسألوا عنه، والذي يهمكم أن تسموا أنتم، مثل قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الاَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"،(4) عدل عن جوابهم عما سألوا عنه وأرشدهم إلى ما هو الأهم الآكد، وهو أن يعلموا كونها مواقيت) هـ(5).
__________
(1) - مختصر خليل 1/117-118.
(2) - حاشية الرهوني 3/23.
(3) - انظر المنتقى 3/105.
(4) - سورة البقرة، الآية 189.
(5) - إكمال الإكمال 5/271.(7/211)
…وقال الدماميني: ( لا يظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام تسميتهم على الأكل مقام التسمية الفائتة على الذبح، ولا السؤال فيمن تحقق أنه لم يسم، وإنما هو فيمن شك في تسميته، فبين لهم عليه السلام أن تصرف المسلمين محمول على الصحة حتى يتبين الفساد، ثم استحثهم على وظيفة أنفسهم التي لم تفت، وهي التسمية على الأكل) هـ(1).
…وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: ( في هذا إزالة لما في أنفسهم فقط، وإشارة إلى أن فعل المؤمنين محمول على السلامة، وعليه الطير الكثير المذكى ربما يوجد فيه غير المذكى، فإذا وجد عمل بمقتضاه، ولا يطلب البحث عليه، إذ ليس وجوده الأصل ولا الغالب) هـ.
22- باب ذبائح أهل الكتاب –اليهود والنصارى– وشحومها من أهل الحرب وغيرهم:
أي بيان حكم ذلك، أما ذكاتهم فقال فيها ابن عرفة ما نصه: ( فيها - أي المدونة - لمالك ذكاة رجال الكتابيين ذميهم وحربيهم جائزة، فسوى بهم ابن القاسم نساءهم وصبيانهم مطيقي الذبح) هـ، وقال الشيخ: ( الذَّكَاةُ قَطْعُ مُمَيِّز يُنَاكِحُ – إلى أن قال – وإِنْ يهوديًّا أو مجوسيًّا تَنَصَّرَ وذَبَحَ لنفسه مُسْتَحِلَّهُ لا صَبِيّ ارتدَّ أو ذَبَحَ لصنم أو غَيْرِ حِلّ له إن ثبت بشرعنا –أي كلا بل ونحوها- وإلا كُرِهَ –أي لا طريفة-) هـ(2)، وأما شحومهم فإن كانت شحوم اليهود كرهت، وإلا فلا.
…الشيخ عطفا على المكروه: ( وشَحْمِ يَهُودِيّ)(3).
…نصارى العرب: لأنهم أهل كتاب.
…يسمي لغير الله: كأن يذبح باسم عيسى، وهو عندنا مكروه.
…الشيخ عطفا على المكروه: ( أو ذَبْحِ لصليب أو عيسى)(4).
…لا بأس بذبيحة الأقلف: هو الذي لم يختتن، وبجواز ذبيحته جزم الحطاب والزرقاني، ثم قال الحطاب: ( وحكى في البيان كراهة ذكاته).
…5508- فيه شحم: من شحم اليهود، وهي مكروهة كما سبق.
__________
(1) - تعليق المصابيح ص: 550-551.
(2) - مختصر خليل 1/116، وفيه "سامريا" عوض " يهوديا ".
(3) - مختصر خليل 1/116.
(4) - مختصر خليل 1/116.(7/212)
23- باب ما ند -فر وهرب- من البهائم:
أي بهائم الأنعام الإنسية، فهو بمنزلة الوحش: يؤكل بالعقر كما يؤكل به الوحش، هذا رأي البخاري فيه رحمه الله، وهو مذهب الشافعية أيضا، والذي عند المالكية أن ما ند من النعم وعجز عنه لا يكون بمنزلة الوحش، بل لابد من ذكاته، قال الشيخ: ( لا نَعَمٌ شَرَدَ أو تَرَدَّى بِكَهُوَّة)(1)، وأجابوا عن حديث الباب باحتمال أن البعير رمي في محل غير مقتل، فأدرك ونحر.
…وأجازه: أي عقر الأنعام النادة.
…كالصيد: في حلية عقره وأكله به.
…5509- مدى: آلة الذبح. اعجل: من العجل. أو أرني: أي خف، وهي كلمة تستعمل في الاستعجال والخفة، أي اعجل وخف لئلا تختنق الذبيحة، فإن الذبح إذا كان بغير حديد، احتاج صاحبه إلى خفة يد وسرعة في إمرار الآلة على محل الذبح قبل أن تهلك الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط فتكون وقيدا، قاله في النكت(2).
…فرماه رجل باسم: أي في غير مقتل، فأخذ وذكي. أوابد: نفرات.
24- باب النحر والذبح:
أي بيان أحكامهما، والنحر طعن بلبة، والذبح قطع الحلقوم والودجين من المقدم بلا رفع قبل التمام، أي يجزئ ما يذبح أن أنحر؟ قال في المختصر: ( ووَجَبَ نَحْرُ إِبِل وذَبْحُ غيرِهِ، وجَازَا للضرورة إلا البقرَ فيُنْدَبُ الذَّبْحُ)(3).
…قطع الأوداج: جمع ودج، العرق الذي في الأخدع بجانب العنق، يقابله عرق آخر من الجانب الآخر، وليس لكل/ حيوان إلا ودجان، أي وقطع الحلقوم أيضا، إذ لا يتم الذبح إلا بقطع الودجين والحلقوم وهو مجرى النفس، وأما المري وهو مسلك الطعام فليس قطعه عندنا واجبا ولا شرطا. النخاع: هو الخيط الأبيض الذي بداخل فقار العنق والظهر. نهى عن النخع: وهو أن ينتهي بالذبح إلى النخاع فيقطعه أيضا.
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - النكت ص: 354.
(3) - مختصر خليل 1/117(7/213)
…" وَإِذْ قَالَ مُوسى"…إلخ(1): أشار به إلى اختصاص البقر بالذبح. الذكاة في الحلق: أي في موضع الذبح. واللبة: في موضع النحر، وهي النقرة التي في أعلى الصدر.
…إذا قطع الرأس فلا بأس: مذهبنا في قطع الرأس هو قول الشيخ: ( وكره تعمد إبانة رأس وتؤولت أيضا على عدم الأكل إن قصده أولا)(2).
…5510- نحرنا فرسا …إلخ: يأتي أن المشهور عند المالكية هو كراهة أكله لاحرمته.
…5511- ذبحنا فرسا: قال النووي: ( الجمع بين الروايتين أنهما قضيتان، فمرة نحروها، ومرة ذبحوها، ويجوز أن تكون قضية واحدة، ويكون أحد اللفظين مجازا، والصحيح الأول، لأنه لا يصار إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة، والحقيقة غير متعذرة)هـ(3).
25- باب ما يكره من المُثْلَة:
وهي قطع أطراف الحيوان أو بعضها وهو حي، والمصبورة: أي وصبر المصبورة، وهي الذات الحيوانية التي تحبس لترمى بالنبال أو غيرها حتى تموت، وصبرها فعل ما ذكر بها، والمُجَثَّمَة: هي المصبورة التي ترمى جاثمة أي باركة حتى تموت، قاله في النكت(4)، وقيل هي خاصة بالطير، والكراهة فيها محمولة على المنع.
…قال القرطبي: ( الحكم في المصبورة والمجثمة هو الحرمة لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، ولما فيه من تعذيب الحيوان وإتلاف نفس ومال لغير منفعة) هـ.
…فقول أنس: 5513- نهى: أي نهي تحريم، أن تصبر البهائم: أي تحبس لترمى حتى تموت، وإن ماتت من ذلك الرمي فلا تؤكل.
…5514- وغلام: لم يسم.
…5516- نهى عن النُّهْبَى: هي أخذ مال الغير قهرا، والنهي للتحريم أيضا.
26- باب الدجاج:
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 67.
(2) - مختصر خليل 1/118.
(3) - شرح صحيح مسلم 13/96.
(4) - النكت ص: 361.(7/214)
…أي حكم أكله، وحكمه هو الحلية وإن كان يتعاطى النجاسة، إلا أنه يجتنب ما يفعله بعض الناس من إدخاله في الماء الحار ليزول ريشه بسهولة، فإن ذلك ينجسه، قاله في المدخل وغيره، وقال في المختصر عطفا على المباح: ( وطَيْرٌ ولَوْ جَلاَلَةً وذَا مَخْلَب)(1)هـ، وقال في المدونة: ( ولا بأس بأكل الجلالة من الأنعام والرخاخ والعقبان والنسور والأحدية والغربان والهدهد والخطاف، وشبهها)(2).
…5517- يأكل دجاجا: فدل على حليته وإباحته.
…5518- هذا الحي: منصوب على الاختصاص، أي كان بيننا هذا الحي وبينه، أي بين أبي موسى. إخاء: ومودة. أحمر: أي أبيض، يعني من الروم. أكل شيئا: أي قذرا. خمس ذَوْد: بالإضافة، والذود ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل.
…تنبيه: قال في التنقيح: ( قال أبو البقاء: الصواب تنوين " خمس" وأن يكون "ذَوْد" بدلا من خمس، ولو أسقط التنوين وأضيفت لتغير المعنى، لأن العدد المضاف غير المضاف إليه، فيلزم أن يكون خمس ذود خمسة عشر بعيرا، لأن إبل الذرد ثلاثة أبعرة)(3)هـ، وأقره الزركشي وابن حجر والعيني(4) وزكرياء(5) والسيوطي(6)، إلا أن ابن حجر قال: ( ما أدري كيف حكم بفساد المعنى إذا كان العدد كذا، وليكم عدد الإبل خمسة عشر بعيرا، فما الذي يضر؟)، ثم أيده برواية أخرى، وبحث معه العيني في ذلك، ورد بحثه كما في انتقاض الاعتراض.
…وقال الشيخ زكرياء: ( خمس ذود بالإضافة، أي خمسة عشر بعيرا كما يدل له بعض طرق الحديث، لصدق الذود بثلاثة، فسقط قول من أنكر صحة الإضافة) هـ(7).
__________
(1) - مختصر خليل 1/119.
(2) - انظر المدونة الكبرى 3/62.
(3) - التنقيح ص: 230.
(4) - في العمدة 21/127.
(5) - في التحفة 3/235.
(6) - في التوشيح ص: 472.
(7) - تحفة الباري 3/235.(7/215)
…والصواب أن بحث أبي البقاء ساقط من أصله، وأن إسقاط التنوين من "خمس" لايغير المعنى، ولا يلزم منه أن يكون العدد خمسة عشر، لأن إضافة اسم العدد من ثلاثة إلى عشرة إلى الجمع لفظا أو معنى لإفادة عدد آحاد ذلك الجمع لا عدد نفس الجمع، فإضافة خمس إلى ذود تفيد أن المحدود ناقة لا ذود، كما أن إضافة خمس إلى رجال في قولك: عندي خمسة رجال، تفيد أن المعدود رجل لا رجال، ومثله خمس آواق، وخمسة أوسق، وتسعة رهط، وهكذا، أفاده العلامة السندي(1)، وقدمنا نصه في الزكاة.
وقال الدماميني: ( هذا - أي ما قاله أبو البقاء - خيال فاسد يلزم عليه أن يكون المأخوذ في قولك: أخذت خمسة أسياف، خمسة عشر سيفا، لأن أقل السياف ثلاثة، وهذا عين ما قال، وبطلانه مقطوع به) هـ(2).
…غر: جمع أغر، هو الأبيض. الذرى جمع ذروة، هي السنام، أي أمر لنا بإبل بيض الأسنمة لسمنها. هو خير: من الذي حلفت عليه. وتحللتها: بالكفارة.
27- باب لحوم الخيل:
…أي حكم أكلها، والمشهور عندنا معشر المالكية هو كراهتها، خلافا لما عند الشيخ خ من الحرمة(3)، قال المواق: ( وفي التلقين: الخيل مكروهة دون كراهة السباع، وما حكى المازري خلاف هذا، وماعزا الباجي لمالك في الخيل إلا الكراهة خاصة، ونقل عن ابن حبيب إباحتها) هـ.
…قلت: ( وكذا القاضي عياض لم يعز في الإكمال لمالك إلا الكراهة، وقال إن عامة فقهاء أصحاب الحديث وجماعة السلف، والشافعي وأحمد على الإباحة) هـ.
…وقال في المنتقى: ( قال أبو عمر: أما أهل العلم بالحديث، فحديث الإباحة في لحوم الخيل أصح عندهم وأثبت من النهي عن أكلها) هـ(4).
…وقال في المعلم: ( أما الخيل فاختلف الناس في أكلها، فأباح أكلها الشافعي، ومذهبنا أنها مكروهة) هـ.
__________
(1) - في حاشيته على البخاري 3/312.
(2) - تعليق المصابيح ص: 551.
(3) - في قوله في المختصر 1/120: ( والمحرم النجس وخنزير وبغل وفرس وحمار).
(4) - انظر المنتقى 3/132 ( ما يكره من أكل الدواب).(7/216)
…وقال في المفهم: ( مذهب مالك كراهة الخيل) هـ(1) /.
…وقال في إكمال الإكمال: ( الأقوال الثلاثة عندنا بالمنع ظاهر الموطأ وكتاب السلم الثالث، والكراهة هي المعروف، والإباحة حكاها بعض المتأخرين) هـ(2).
…وقال سيدي محمد الرهوني: ( كلام المواق متجه موافق لقول الأبي، أي الكراهة هي المعروف من المذهب)، انظر بقيته(3).
…5519- فأكلناه: زاد الدارقطني: ( نحن وأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -)، فيحمل على اطلاعه عليه - صلى الله عليه وسلم -.
…5520- ورخص في لحوم الخيل: وفي مسلم: ( وأذن في لحوم الخيل )(4)، أي في أكلها.
28- باب لحوم الحمر الإنسية:
…أي حكم أكلها، وهو الحرمة إجماعا، حكاه ابن عبد البر.
…وقال الشيخ: ( والمحرَّمُ النَّجِسُ وبَغْلٌ وحِمَارٌ ولَوْ وَحْشِيًّا دَجَنَ).(5)
…5521- نهى: نهي تحريم، عن لحوم الحمر الأهلية: لا الوحشية فهي مباحة، إلا إذا تأنست وصارت كالأهلية.
…5523- عن المتعة: النكاح المؤقت بأجل.
…5527- نهى: نهي تنزيه، عن كل ذي ناب من السباع: أي ذي ناب يعدو به كأسد ونمر وذئب وثعلب.
…5528- فأكفئت القدور: أي أهريق ما فيها من لحم ومرق.
__________
(1) - معناه في المفهم 4/62 .
(2) - إكمال إكمال المعلم 5/283.
(3) -انظر حاشية الرهوني 3/39-40.
(4) - أخرجه مسلم في الصيد باب في أكل لحوم الخيل، وأبو داود في الأطعمة باب في أكل لحوم الحيل ح3788، والترمذي في الأطعمة باب ما جاء في أكل لحوم الخيل ح1793.
(5) - مختصر خليل 1/120.(7/217)
…5529- البحر: في العلم. ثم قرأ: مستدلا للحلية: "قُل لاَّ أَجِدُ"…إلخ(1): الزركشي: ( قد انفصل عن هذا الاستدلال بأن الآية مكية والحديث مدني، والمتأخر يقضي على المتقدم، وبأن قوله "لا أجد" إخبار عن الماضي ولا ينفي المستقبل، وبأنه قد وجد تحريم ذبائح المجوس والخمر وغير ذلك مما لم يذكر في الآية، فدل على أنه ليس المراد منها العموم)هـ(2) ، ونحوه في التمهيد لابن عبد البر، وزاد: ( إن سائر فقهاء المسلمين في جميع الأمصار مخالفون لهذا القول، متبعون السنة في ذلك) هـ.
…وفي تفسير القرطبي ما نصه: ( أبو عمر: يلزم على قول من قال لا محرم إلا ما فيها، ألا يحرم مالم يذكر اسم الله عليه عمدا، ويستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين، وفي إجماع المسلمين على تحريم خمر العنب دليل واضح على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد فيما أوحي إليه محرما غير ما في سورة الأنعام مما قد نزل بعدها من القرآن)، هـ منه(3).
29- باب أكل كل ذي ناب من السباع:
…أي كل ذي ناب يعدو به ويتقوى كالأسد والنمر والذئب، أي حكم أكله، وحكمه عندنا هو الكراهة، قال الشيخ: ( والمكروهُ سَبُعٌ وضَبُعٌ وثعلبٌ وذئبٌ وهِرٌّ وإِنْ وحشيًّا وفِيلٌ)هـ(4) ، زاد غيره: ( وفَهْدٌ ودُبٌّ ونَمِرٌ ونَمْسٌ).
30- باب جلود الميتة:
…أي بيان حكمها، وحكمها عندنا هو ما أشار له الشيخ بقوله عاطفا على النجس: (وجِلْد ولو دُبِغَ ورُخِّصَ فيه مطلقا إلا من خنزير بعد دَبْغِهِ في يَابِس وماء)(5).
…5531- هل استمتعتم بإهابها؟: أي بجلدها بعد دبغه في اليابسات والمياه.
31- باب المسك:
…الطيب المعروف، أي ما حكمه، هل الطهارة أو النجاسة؟ وهو دم يجتمع في سرة نوع من الغزال.
__________
(1) - سورة الأنعام، الآية 145.
(2) - التنقيح ص: 230.
(3) - الجامع لأحكام القرآن 7/117.
(4) - مختصر خليل 1/120.
(5) - مختصر خليل 1/6.(7/218)
…قال ابن حجر: ( والمشهور أن غزال المسك كالظبي، لكن لونه أسود، وله نابان لطيفان أبيضان في فكه الأسفل، وأن المسك دم يجتمع في سرته في وقت معلوم من السنة، فإذا اجتمع ورم الموضع فمرض الغزال إلى أن يسقط منه، ويقال إن أهل تلك البلاد يجعلون أوتادا في البرية تحتك بها فيسقط عندها)(1).
…القاضي عياض: ( حكى بعضهم الإجماع على طهارته وطهارة فأرته، وهي الجلدة التي يوجد فيها، وهي قطعة ميتة، وصيد غير المسلم له حكم الميتة، ولولا الإجماع كانتا نجستين، أما الفأرة فلأنها ميتة أو صيد غير مسلم، وأما المسك فلأنه دم يجتمع في الفأرة، فلا معول للفقهاء في طهارته إلا على الإجماع، والإقتداء باستعماله - صلى الله عليه وسلم -، وثنائه عليه، وعلى ريحه، وعلى وبائعه ومبتاعه / ومستعمله)هـ، نقله الأبي.
…5533- مكلوم: مجروح، في الله: أي في سبيل الله، يَدْمَى: يسيل منه الدم.
…والريح ريح مسك: وهذا التشبيه الواقع في سياق التكريم والتعظيم يدل على طهارة المسك، فلو كان نجسا لكان من الخبائث، ولم يحسن التمثيل به في هذا المقام، قاله ابن المنير(2).
…وقال الكرماني: ( وجه مناسبة باب المسك للكتاب، كون المسك فضلة الظباء، وهي مما يصطاد).
…5534- ونافخ الكير: أي كير الحداد. يحذيك: يعطيك.
32- باب الأرنب:
…دابة فوق الهر ودون الثعلب، في أذنيها طول، أي ما حكمه؟
وحكمه عندنا كباقي الأئمة الأربعة حلية الأكل، قال الشيخ عطفا على المباح: (ووَحْشٌ لم يَفْتَرِسْ كَيَرْبُوع وخُلْد ووَبَر وأرنب وقُنْفُذ وضَرْبُوب وحية أُمِنَ سُمُّهَا وخَشَاشِ أَرْض)(3).
…قال الزرقاني: ( كعقرب وخنفساء وبنات وردان ونمل ودود وسوس وحلم)(4).
__________
(1) - الفتح 9/824، وهو كلام صحيح، ويوجد الآن في أكثر الجمهوريات الإسلامية بآسيا وبلاد منغوليا.
(2) - نقله عن الفتح 9/824-825.
(3) - مختصر خليل 1/119.
(4) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/27.(7/219)
…5535- أنفجنا: أزعجنا وأثرنا. بمر الظهران: موضع قرب مكة. فقبلها: وأكلها.
33- باب الضب:
…أي بيان حكمه، وهو دويبة لطيفة، من خصائصه أن للذكر منه ذكران وللأنثى فرجان، وأنه طويل العمر يعيش سبعمائة سنة، ولا يشرب الماء بل يكتفي بالنسيم، ويبول في كل أربعين يوما قطرة، ولا يسقط له سن، تقول العرب إنه قاضي الطير والبهائم، وأنها اجتمعت إليه لما خلق الله الإنسان فوصفوه له فقال الضب: تصفون خلقا ينزل الطير من السماء ويخرج الحوت من البحر(1)، وهو مباح إجماعا، داخل في قول الشيخ: " ووَحْشٌ لم يَفْتَرِسْ"(2)، قال الزرقاني: ( كغزال وبقر وحش وحمره وضب)(3).
…5536- لست آكله ولا أحرمه: أي لأني أعافه مع أنه مباح.
…5537- محنوذ: مشوي بالحجارة المحماة. بعض النسوة: هي ميمونة. لم يكن بأرض قومي: مكة، أي لم يكن موجودا بها أصلا، أو لم يكن بها مأكولا.
34- باب إذا وقعت الفأرة:
أي ونحوها من كل ماله نفس سائلة، في السمن الجامد أو الذائب: أو في غير السمن كالزيت والعسل، وكل طعام يماثل ذلك، أي وماتت فيه، ما الحكم في ذلك؟
…ومذهب البخاري رحمه الله أن الجامد والذائب سواء، وأنه إنما يطرح ما حوله فقط للأحاديث الآتية، ولا يتنجس إلا بالتغير، وهذا قول ابن نافع من المالكية، وأحد قولي الإمام أحمد، وخص الجمهور ما ذكر في الأحاديث بالجامد بشرطه، وأما الذائب فيطرح كله تغير أم لا، نعم يجوز الانتفاع به في غير وقود مسجد وأكل آدمي، فيستصبح به، ويعلق للدواب والنحل، ويتخذ صابونا يغسل به، ولا يباع - أي الصابون - المصنوع منه إلا مع البيان.
__________
(1) - هذا أغرب من الغرابة، ولا يوجد عند أطباء الحيوانات!!
(2) - مختصر خليل 1/119.
(3) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/26.(7/220)
…قال في المختصر: ( ويَنْجُسُ كثيرُ طَعَام مَائِع بِنَجِس قَلَّ كَجَامِد إِنْ طال وأمكن السَّرَيَانُ وإلا فَبِحَسَبِهِ ويُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّس لا نَجِس في غيرِ مَسْجِد وآدميّ)(1).
…5538- في سمن: جامد. وكلوه: أي الباقي.
…5539- الفأرة أو غيرها: من كل ماله نفس سائلة. في سمن: جامد. ثم أكل: ما بقي، ولو كان مائعا لطرح كله.
35- باب العلم والوسم في الصورة:
…أي في وجه الحيوان ليتميز عن غيره، أي النهي عن ذلك.
…5541- كره أن تعلم الصورة: أي الوجوه، أي يجعل فيها علامة / بنحو كي.
…قال عبد الوهاب: ( تكره السمة في الوجه: ولا تكره في غيره، لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها في الوجه، وأرخص فيها في الأذن) هـ، نقله الأبي.
…5542- في مربد: هو الموضع الذي تحبس فيه الإبل وغيرها. يسم شاة: يعلمها بالكي. في آذانها: فيه حجة للجمهور على جواز الكي في غير الوجه.
…النووي: ( يستحب أن توسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها، لأنه محل صلب يقل فيه الألم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض، ويستحب أن يكتب في ميسم ماشية الزكاة: زكاة أو صدقة، وفي ميسم ماشية الجزية: جزية، وأن يكون ميسم الغنم ألطف من ميسم الإبل).
36- باب إذا أصاب القوم غنيمة، فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم، لم يؤكل:
…ابن بطال: ( أظن أن البخاري يصرف هذا لقول طاوس وعكرمة بكراهة ذبيحة السارق) هـ، يعني أنها لما ذبحت بغير إذن بعض أربابها أشبهت ذبيحة السارق، ومذهبنا معشر المالكية كالجمهور جواز أكل ذبيحة السارق، ففي العتبية: وسئل مالك عمن سرق شاة فذبحها، أفتؤكل؟ قال نعم تؤكل، ولا يشك في هذا أحد يعرف الذبح، وإنما حرم الله عليه السرقة، قال القاضي: هذا أمر متفق عليه في المذهب) هـ.
وقال النووي: ( الصواب الذي عليه الجمهور حلية ما ذبحه سارق أو غاصب أو متعد).
__________
(1) - مختصر خليل 1/7.(7/221)
…5543- فعظم: أي وقد علمتم حكمه. فمُدَى الحبشة: وهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم. فنصبوا القدور: بلحم ما ذبحوه من الغنيمة قبل قسمها. فأكفئت: ظاهره للحمها ومرقها، ولم يؤكل اللحم، وبه يتم الشاهد. ند: فر. أوابد: نفارات.
37- أكل المضطر:
…أي جواز أكله من غير المذكى ومن الميتة وغيرها، وحد الاضطرار المبيح لأكل الميتة أن يخاف الهلاك على نفسه علما أو ظنا، ولا يشترط أن يصل إلى حال يشرف معها على الموت، وأشار الشيخ إلى أحكامه بقوله: ( وللضرورة ما يَسُدُّ غيرَ آدَمِيّّ وخَمْر إلا لِغُصَّة وقُدِّمَ الميتةُ على خنزير وصَيْد لِمُحْرِم لا لَحْمِهِ وطعامِ غَير إِنْ أَمِنَ القَطْعَ وقَاتَلَ عليه)هـ(1)، وقوله "ما يسد" أي ما يسد الرمق، قال ابن غازي: ( صوابه "يشبع")، زاد الزرقاني: (ويتزود على الراجح، ففي الرسالة: "ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشبع ويتزود، فإن استغنى عنها طرحها"(2)(3)، ونحوه في الموطأ.
…لقوله عز وجل في سورة البقرة: " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" حلالاته، إلى " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ"(4): وهذا محل الترجمة " فِي مَخْمَصَة": مجاعة، "غَيْرَ مُتَجَانِف"(5):مائل.
…"أَلاَّ تَاكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ": الشاهد منها هو قوله: " إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمُ إِلَيْهِ"(6).
…"قُل لاَّ أَجِدُ"…إلخ: الشاهد منها قوله: " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(7).
__________
(1) - مختصر خليل 1/119-120.
(2) - الرسالة ص: 73 ( باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان، وما يحرم من الأطعمة والأشربة).
(3) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/28.
(4) - سورة البقرة، الآية 172.
(5) - سورة المائدة، الآية 3.
(6) - سورة الأنعام، الآية 119.
(7) - سورة الأنعام، الآية 145.(7/222)
…وقال في سورة النحل: "فَكُلُوا" …إلخ: الشاهد منها قوله: " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(1)، أي غير باغ على مضطر مثله، ولا عاد متجاوز قدر حاجته من تناوله.
تم تخريج الربع الثالث من الفجر الساطع على الصحيح الجامع
بمعونة من بيده القوة والحول، وتفضل ذي الإنعام والمنة
والطول عند شروق رابع جمادى الثانية عام خمسة عشر
وثلاثمائة وألف، وصلى الله على سيدنا محمد وآله
وصحبه وسلم تسليما، والحمد لله رب العالمين /.
__________
(1) - سورة النحل، الآية 115.(7/223)
73- " كتاب الأضاحي "
جمع أضحية، وهي اسم لما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى يوم عيد الأضحى، واليومين بعده، قال القاضي عياض: (سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى فسميت بزمن فعلها).
1- باب "سنة الأضحية" :
الجمهور على أنها سنة، قال الزرقاني : (أي عينا ولو حكما كالاشتراك في الأجر، وإن تركها أهل بلد قوتلوا عليها) هـ، وأوجبها أبو حنيفة، وفي المختصر: (سُنَّ لِحُرّ غَيْرِ حَاجّ بمِنًى ضَحِيَّةٌ لاَ تُجْحِفُ وإِنْ يَتِيمًا)(1).
قال الزرقاني : (أي عن نفسه، وعن أبويه الفقيرين، وولده الصغير، لا عن زوجته ولا عن رقيقه، لأنها ليست تابعة للنفقة)هـ، يعني إلا إذا طاع بها للزوجة أو أشركها معه فيها، لأن للمضحي أن يشرك في أضحية أولاده وزوجته وقرابته إن سكنوا معه، وأنفق عليهم ولوتبرعا، وإن كانوا أكثر من سبعة، أي في الأجر فقط، واللحم له وحده، وأما التشريك في الرقبة فيمنع، وللشخص إشراك شخصين فأكثر مطلقا في أضحية اشتراها من ماله، هذا مذهبنا، وبه قال كافة علماء الأمصار، قاله المناوي.
وقال القرطبي : (لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر كل واحدة من نسائه بأضحية، مع تكرر سني الضحايا، ولو وقع لنقل كغيره من الجزئيات).
5545- نصلي : صلاة العيد. ثم نرجع : إلى المنزل. قبل : أي قبل الصلاة.
وقد ذبح : أي قبل الصلاة. جذعة : من المعز، وهي التي لم تبلغ السنة، ولا تجزئ الضحية بها إجماعا، قال القاضي، ولن تجزئ عن أحد بعدك، لأنه إنما يجزئ من المعز الثني، وهو ما أوفى سنة دون الجذع.
2 - باب "قسمة الإمام الأضاحي بين الناس" :
بنفسه أو بأمره، أي جواز ذلك.
5547 - قسم النبي صلى الله عليه …إلخ : أي أقر عقبة بقسمها كما يأتي. لعقبة : الراوي. جذعة : من المعز. ضح بها : ولم يقل : ولن تجزئ عن أحد بعدك.
3 - باب "الأضحية للمسافر والنساء"
__________
(1) - مختصر خليل 1/120.(8/1)
أي سنتيها في حقهم كغيرهم، ما عدا الحاج بمنى فلا تسن في حقه، هذا مذهبنا، ويأتي الجواب عن حديث الباب.
5548 - أنفست : حضت. ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر : قال الزركشي في التنقيح : (ليس هذا من الأضحية، وإنما المراد ذبحها ضحى، فلذلك سميت أضحية، لأن الحاج لا أضحية عليه، وإنما منى موضع هدايا)هـ(1).
وقال القاضي : (قوله : "ضحى" أي أهدى، إذ لا أضحية على الحاج، ويستروح منه أن الهدايا كانت تطوعا، أي جعلها مكان الأضحية لغير الحاج)هـ.
وقال سيدي عبدالرحمن الفاسي : (هذا هدي لا أضحية، إلا انه سماه أضحية لكونه تطوعا في وقت الضحى)هـ.
4 - باب: "ما يشتهى من اللحم يوم النحر" :
لأنه يوم فرح وسرور. رجل : هو أبو بردة . جذعة : من المعز. خير…إلخ: لسمنها. فلا أدري ...إلخ: لعل/ أنسا لم يسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لن تجزئ أحدا بعدك). انكفأ : مال، أي رجع عن مكان الخطبة إلى مكان الذبح. فتوزعوها: من التوزيع : أي تفرقوها. فتوزعوها : أي اقتسموها حصصا.
5 – باب من قال : "الأضحى يوم النحر" :
أي فقط دون ما بعده، وهو قول ابن سيرين ودواد، والذي لجمهور العلماء خلافه، فقد زاد مالك وأبو حنفية وأحمد على يوم النحر اليومين بعده، والشافعي وأبو ثور ثلاثة أيام بعده، وعن عمر بن عبدالعزيز إلى آخر الشهر، كذا في العمدة(2).
قال في المختصر : (مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لِآخِرِ الثَّالِثِ،…، واليومُ الأولُ أفضلُ، وهل جميعُهُ أو إلى الزوال، وفي أفضلية أول الثالث على آخِرِ الثاني تَرَدُّدٌ) (3).
__________
(1) - التنقيح ص : 230.
(2) - عمدة القاري 21/147-148.
(3) - مختصر خليل 1/120-121.(8/2)
5550 - كهيئته : أي وصار كهيئته ... إلخ، أي رجع إلى أصله. ورجب مضر : أضيف إليهم لمبالغتهم في تعظيمه. البلدة: أي مكة. أليس يوم النحر ؟ : تمسك بهذا من خص يوم النحر بالذبح فيه، وبه تحصل المطابقة، وأجاب الجمهور بأن المراد النحر الكامل الفضل، ف"أل" فيه للكمال. محمد : هو ابن سيرين. وأعراضكم: جمع عرض، هو محل المدح والذم من الإنسان. ضلالا : جمع ضال. صدق النبي صلى الله عليه : فإن بعض من بلغه الحديث كمالك والشافعي أوعى له من بعض من سمعه، لأن الذين بلغهم استنبطوا منه أحكاما لم يستنبطها منه بعض من سمعه.
6 - باب: "الأضحى والنحر بالمصلى"
محل صلاة العيد، أي استحباب كونه بها، قال ابن بطال : (هو سنة الإمام خاصة عند مالك، لئلا يذبح أحد قبله، وليذبحوا بعده بيقين) (1).
7 – باب: "ضحية النبي صلى الله عليه بكبشين" :
تثنية كبش، فحل الضأن بعدما يثني أو يربع، أقرنين : لهما، أي لكل واحد منهما قرنان معتدلان. ويذكر سمينين: خرجه أبو عوانة عن أنس، وفقه الترجمة أن الضحية بذكر الضأن الأقرن السمين أفضل من غيرها، ومن ثم استحب العلماء ذلك.
قال الشيخ : (ونُدِبَ إبرازُها وجَيِّدٌ وسَالِمٌ، وغيرُ خَرْقَاءَ وشَرْقَاءَ ومُقَابَلَة ومُدَابَرَة وسَمِينٌ وذَكَرٌ وأَقْرَنُ وأَبْيَضُ وفَحْلٌ إِنْ لم يَكُنِ الخَصِيُّ أَسْمَنَ، وضَأْنٌ مطلقا ثم مَعْزٌ، ثم هل بَقَرٌ وهو الأظهرُ، أو إِبِلٌ خِلاَفٌ) (2).
كنا نسمن ... إلخ : يؤخذ منه جواز تسمين الأضحية.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/10-11، وقد أدمج الشبيهي هذا النقل بشكل غريب، وأصله : (قال ابن بطال : هو سنة للإمام خاصة عند مالك، قال مالك فيما رواه ابن وهب : إنما يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله، زاد المهلب : وليذبحوا بعده على يقين، وليتعلموا منه صفة الذبح).
(2) - مختصر خليل 1/121.(8/3)
قال القاضي في الإكمال : (لاخلاف بين العلماء في اختيار سمينها وطيبها وفضله، واختلف في تسمينها، والجمهور على جوازه، وحكي عن ابن القرظي أنه كان يقول : يكره ذلك لئلا يتشبه باليهود) هـ ، وابن القرظي هو ابن شعبان، قال النووي : (وهو قول باطل)، وقال ابن التين -نقلا عن الداودي- : (قول أبي أمامة (1) أحق).
5554 - أملحين : تثنية أملح، وهو الذي يخالط بياضه سواد، والبياض أكثر أو هو الذي ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد، ويبرك في سواد.
5555 - عتود : هو ما أتى عليه حول من أولاد المعز، وقيل هو الجذع. ضح أنت: أي به، واستدل به على إجزاء الضحية بالشاة الواحدة، وكأن المص أورده هنا تنبيها على أن تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاختيار، فمن ذبح واحدة أجزأته وهو ظاهر، وهذا مذهبنا أيضا.
8 - باب: قول النبي صلى الله عليه لأبي بردة:
(ضح بالجذع من المعز، ولن تجزئ عن أحد سواك).
قال شيخ الإسلام : (قال شيخنا - يعني ابن حجر- ما ملخصه : فيه تخصيص أبي بردة بذلك، لكن وقع في عدة أحاديث التصريح بنظير ذلك لغيره كحديث عقبة / السابق)، وأطال في ذلك، ثم قال : وأقرب ما يقال في جوابه أن خصوصية المتقدم منسوخة بخصوصية المتأخر) (2)، وقوله : " لن تجزي"، قال الزركشي: قال الخطابي : (بفتح التاء غير مهموز، من جزى عني هذا الأمر يجزي أي تقضى، يريد أنها لا تقضي الواجب عن أحد بعدك).
5556 - قبل الصلاة : صلاة العيد. شاة لحم : لا شاة أضحية،
__________
(1) - أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري، مشهور بكنيته.
ولد قبل الوفاة النبوية بعامين.
روى عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت.
توفي سنة 100هـ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 82، والإصابة 1/181-182.
(2) - تحفة الباري 3/239.(8/4)
قال الدماميني :(فيه أن من تقرب بشيء مخصوص فلم يصح، لا يلزمه فيه أصل القربة، بل يعود ذلك لملكه)هـ؛ لكن المشهور عندنا في هذه القضية هو قول الشيخ خليل : (ومُنِعَ البيعُ وإِنْ ذَبَحَ قبل الإمام أو تَعَيَّبَتْ حالةَ الذَّبْحِ أو قبلَهُ) (1)، يعني وذبحها، إما إن لم يذبحها فهو قوله : (لاَ تُجزئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قبله وصَنَعَ بها ما شاء) (2).
داجن : شاة تألف البيوت. عناق لبن : هي الأنثى من ولد المعز، وأضافها إلى اللبن إشارة إلى أنها صغيرة ترضع أمها.
5557 - خير من مسنة : المسنة هي التي ألقت أسنانها، ويكون ذلك في ذات الظلف، والحافر في السنة الثانية، وفي ذات الخف في السنة السادسة.
9 – باب: "من ذبح الأضاحي بيده" :
أي فقد فعل ما هو الأفضل.
الشيخ خ : (ونُدِبَ ذَبْحُهَا بِيَدِهِ) (3).
الزرقاني : (ولو امرأة وصبيا لمن أطاق، فإن لم يهتد لذلك إلا بمرافق، فلا بأس أن يرافق)(4).
5558 - صفاحهما : الصفاح الجوانب، والمراد الجانب الواحد من عنق الأضحية، وإنما ثنى إشارة إلى أنه فعل ذلك في كل منهما، فهو من إضافة الجمع إلى المثنى بإرادة التوزيع.
10 – باب: "من ذبح أضحية غيره" :
أي بإذنه جاز، هذا مذهبنا، قال الشيخ: (وصَحَّ إنابةٌ بلفظ إنْ أَسْلَمَ ولو لم يُصَلِّ أو نَوَى عن نفسه أو بعادة كقريب وإلا فَتَرَدُّدٌ لا إِنْ غَلَطَ فلا يجزئُ عن واحد منهما) (5).
وأعان رجل…إلخ : ابن المنير : (هذا الأثر لا يطابق الترجمة إلا من جهة أن الاستعانة إن كانت مشروعة التحقت بها الاستنابة) (6).
وأمر أبو موسى بناته … إلخ : ابن حجر : (هذا الأثر مباين للترجمة، فيحتمل أن يكون محله الترجمة التي قبلها)هـ(7)، ونحوه للعيني(8).
__________
(1) - مختصر خليل 1/122.
(2) - مختصر خليل 1/122.
(3) - مختصر خليل 1/121.
(4) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/38.
(5) - مختصر خليل 1/122.
(6) - نقلا عن الفتح 10/23
(7) - الفتح 10/23.
(8) - في العمدة 21/155.(8/5)
5559 – وضحى : أي أهدى كما قدمناه، وعليه فالمطابقة مأخوذة من إلحاق الضحية بالهدي.
11 – باب: "الذبح بعد الصلاة" :
أي تعيين كونه بعدها لا قبلها.
القاضي عياض : (أجمع المسلمون على أن الذبح لأهل الحضر قبل الصلاة لا يجوز، وأما أهل البوادي فعندنا في المذهب في ذلك قولان)هـ، أي وبعد ذبح الإمام أيضا كما هو مذهب الإمام مالك والشافعي لما رواه مسلم عن جابر قال : (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)، فهذا نص في مذهب مالك رحمه الله)، قاله القاضي عياض.
وفي المدونة وغيرها : (ويتحرى أهل البوادي ومن لا إمام لهم من أهل القرى، نحر وصلاة أقرب الأئمة إليهم)هـ (2)؛ ونحوه في المنتقى(3) من رواية ابن القاسم عن مالك.
5560 - ومن نحر : أي قبل ذلك.
12 - باب: "من ذبح قبل الصلاة أعاد": الذبح استنانا.
5561 - هنة : حجاة. أبلغت الرخصة: غيره.
5563 - فعلت : أي ذبحت قبل الصلاة. هي خير نَسِيكَتَيْهِ : يعني أن الجذعة التي ذبح بعد الصلاة أفضل من التي ذبحها قبل، لأنها أجزأت عن الضحية، وفيه تثنية اللفظ باعتبار حقيقته ومجازه، لأن الأولى ليست نسيكة، وإنما سماها بذلك باعتبار ظنه، قاله ابن حجر(4).
13 - باب :"وضع القدم، أي اليسرى، على صفح الذبيحة" :
__________
(1) - أخرجه مسلم في الأضاحي 14، وأحمد 3/294.
(2) - المدونة الكبرى 3/69.
(3) - قال في المنتقى 3/87 :
(وأما من كان بموضع ليس به إمام مثل أهل القرى الذين لا يصلون صلاة عيد بخطبة، فقد روى ابن القاسم عن مالك : يتحرون صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه).
(4) - في الفتح 10/27.(8/6)
أي جانب عنقها الأيمن بعد إضجاعها على جانبها الأيسر/، على ما جرى به العمل كما في الإكمال(1)، وإمساك رأسها بيده اليسرى ليكون أثبت وأمكن للذبح، ولئلا تضطرب برأسها فتمنعه من إكمال الذبح أو تنجسه.
قال القاضي عياض : (قوله : "ووضع رجله على صفاحهما"، أي على صفحة أعناقهما، أي جانبهما، وصفحة كل شيء جانبه، وإنما فعل ذلك ليكون أثبت له، ولئلا يضطرب الكبش برأسه فتزهق يد الذابح، وهو أصح من الحديث الذي جاء بالنهي عن ذلك) (2)، وكأنه أشار إلى رد ما في كتاب محمد(3) من أن السنة عدم وضع الرجل على العنق هـ.
وقد اعترض ذلك أيضا الشيخ خ في التوضيح(4)، ونقله الزرقاني وأقره، كما أقره من بعده، وقال الزياتي(5) : (ومن سنن الذكاة أن يجعل رجله اليسرى على صفحة خدها الأيمن).
14 – باب: "التكبير عند الذبح" :
__________
(1) - قال القاضي : (ومضى العمل بإضجاعها على الشق الأيسر لأنه أهيأ لمناولة ذبحها باليمين وإمساك رأسها باليسار)،
انظر إكمال المعلم ص : 173 .
(2) - إكمال المعلم ص : 173.
(3) - هو محمد بن المواز، وقد تقدمت ترجمته.
(4) - في قوله : (ولا تجعل رجلك على عنقها، وفي نسبة الأخير إلى السنة نظر لما رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لما ضحى بكبشين وضع رجله على صفاحهما) - انظر التوضيح ص : 230-.
وقال تقي الدين السبكي في النكت ص : 363، (قال أهل الفقه : ومن الاستحباب في باب الذبح أن تساق الذبيحة إلى مذبحها سوقا رقيقا وتجع إضجاعا قريبا، وتوضع القدم على صفحة عنقها، وتحد الشفرة وتخفى عنها، ولا ينحر بعضها في وجوه بعض)، بينما خالف الباجي في المنتقى 3/107، فقال : (ولا تجعل رجلك على عنقها، ولا تجرها برجلها، ووجه ذلك أن الرفق بها مشروع مأسور به).
(5) - عبد العزيز بن الحسن بن يوسف الزياتي الفاسي.
فقيه مقرئ، له: النوازل والأحكام، وشرح نظم الزكاة.
توفي سنة 1055هـ.
ترجمته في: اليواقيت الثمينة للأزهري 1/226، وإيضاح المكنون 2/347.(8/7)
أي استحبابه عند كافة العلماء.
قال الزرقاني عند قول الشيخ : (ووَجَبَ نِيَتُهَا وتَسْمِيَةٌ إِنْ ذَكَرَ) (1)، ما نصه : (ويندب أن يزيد: والله اكبر، ولا يزيد : الرحمن الرحيم، وقاله أبو الحسن وغيره، ولاالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل تكره عنده)هـ(2).
وقال القاضي عياض: (ويجزئ غيره مما فيه ذكر اسم الله عنه، ولكن ما مضى عليه العمل من اسم الله والله أكبر أحسن)هـ.
وقال الشيخ خ : (وكُرِهَ ذَبْحٌ بِدَوْرِ حُفْرَة وسَلْخٌ أو قَطْعٌ قبل الموت، كقول مُضَحّ: اللهم منك وإليك) (3).
15 - باب إذا بعث بهديه -إلى مكة- ليذبح –بها- لم يحرم عليه شيء:
مما يحرم على الحاج، هذا الذي عليه الفتوى عند الأئمة.
5566 - إن رجلا: هو زياد بن أبي سفيان. ويجلس في المصر : الذي هو فيه. تصفيقها : أي ضرب إحدى يديها على الأخرى إنكارا لما سمعت.
16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي، وما يتزود منها :
للسفر، أي جواز أكل لحومها وادخارها بعد تيبيسها، نعم يستحب الجمع بين الأكل والصدقة والإعطاء.
قال الشيخ : (ونُدِبَ جَمْعُ أَكْل وصدقة وإعطاءٌ بِلاَ حَدّ -أي بثلث أو غيره)هـ(4).
…وأما البيع فلا يباع شيء منها، لا لحما ولا جلدا ولا صوفا ولا شعرا، ولا يعطى منها للجزار في جزارته شيء.
قال في المنتقى:(فإن باع شيئا منها، فقال ابن حبيب:"من باع جلدها جهلا لاينتفع بثمنه ويتصدق به"، وقال سحنون :" إن أدرك البيع فسخ، وإلا جعل ثمن الجلد في ماعون أو طعام، وثمن اللحم في طعام يأكله"، وقال ابن عبدالحكم:"من باع جلد أضحيته فليصنع بثمنه ما شاء من إمساك أو غيره"، وهذا الاختلاف إنما هو في ثمن المبيع بعد فواته، وأما بيعه فمتفق على منعه)هـ منه (5).
5567 - لحوم الهدي : بدل لحوم الأضاحي.
__________
(1) - مختصر خليل 1/117.
(2) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/15.
(3) - مختصر خليل 1/118.
(4) - مختصر خليل 1/121.
(5) - المنتقى 3/92.(8/8)
5568 - أخي أبا قتادة : صوابه " أخي قتادة " وهو ابن النعمان، كذا قاله ابن سعادة والزركشي(1)وابن حجر(2)وغيرهم، وهو أخوه لأمه. حدث بعدك أمر : ناقض لحرمة أكل الأضاحي بعد ثلاث.
5570 - حدثني أخي : عبدالحميد(3). والله أعلم : بمراد نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
5572 - أن يرجع : إلى منزله فقد أذنت له، وليس فيه تصريح بعدم عودهم إلى الجمعة في وقتها، ويحتمل أنهم كانوا ممن لا تجب عليهم الجمعة لبعد منازلهم.
5573 - نهاكم أن تأكلوا … إلخ: لعل عليا رضي الله عنه لم يبلغه الإذن في الادخار بعد النهي عنه.
5574 - عن ابن أخي ابن شهاب : هو محمد بن عبدالله بن مسلم(4).
حين ينفر : ابن حجر : (هذا هو الصواب: ووقع في / رواية الكشميهني وحده "حتى" بدل "حين"، وهو تصحيف يفسد المعنى، فإن المراد أنه كان لا يأكل من لحم الأضحية بعد ثلاث، فكان إذا انقضت ائتدم بالزيت ولا يأكل اللحم، وعلى رواية "حتى " ينعكس الأمر)هـ(5)، ونحو للعيني (6).
من أجل لحوم الهدي : احترازا عن أكلها، وهذا محمول على أنه لم يبلغه الإذن بعد النهي.
تنبيه : قال ابن العربي في المسالك : (سمعت شيخنا أبا بكر الفهري(7)
__________
(1) - في التنقيح ص : 230.
(2) - في الفتح 10/30.
(3) - عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو بكر المدني.
روى عن مالك بن أنس والثوري وهشام بن سعيد، وعنه ابن راهوية ومحمد بن سعد ومحمد بن رافع.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/118.
(4) - محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو عبد الله المدني، ابن أخي الزهري.
روى عن أبيه وعمه وصالح بن أبي فروة.
وعنه محمد بن إسحاق وأمية بن خالد الأزدي وأبو أويس المدني والقعنبي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/287.
(5) - الفتح 10/35-36.
(6) - في العمدة 21/162.
(7) - أبو بكر محمدبن عبد الله بن يحيى بن فرح الفهري الإشبيلي.
أخذ عن أبي الحسن بن الأخضر وأبي الوليد بن رشد، وعنه أبو بكر بن العربي.
له مجموع في الزكاة. وتوفي في شوال سنة 586هـ.
ترجمته في: تكملة الصلة 258-259.(8/9)
يقول : إذا ذبح الرجل أضحيته يوم الأضحى فعق بها عن ولده، لم يجزه لأن المقصود في العقيقة إراقة الدم كما هو في الأضحية، فأما لو ذبح أضحيته يوم النحر وأقام بها سنة الوليمة في عرسه لأجزأه، لأن المقصود في الأضحية إراقة الدم وقد وقع موقعه، والمقصود في الوليمة السنة بالأكل وقد وجد ذلك).
74 - " كتاب الأشربة "
جمع شراب، اسم لما يشرب ماء أو غيره، أي بيان ما يحل منها وما يحرم، وبعض آداب الشرب.
1 - وقول الله عزوجل : "إِنَّمَا الْخَمْرُ" :
معروف، "والْمَيْسِرُ": القمار، "وَالاَنصَابُ": الأصنام، "وَالاَزْلاَمُ": القداح التي يعتمدون في فعل ما أرادوا فعله أو تركه عليها، لأنهم كانوا إذا أرادوا أمرا عمدوا إلى قداح ثلاثة، مكتوب على أحدها: امرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى الثالث: غفل، ثم يجيلونها، فإن خرج الأمر فعلوا، وإن خرج النهي تركوا، وإن خرج غفل أعادوا الضرب والإجالة، "رِجْسٌ ": خبيث مستقذر، "مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ" الآية، "فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "(1).
5575 - حرمها في الآخرة: قال الخطابي والبغوي وابن عبد البر وغيرهم: (معناه حرمان دخول الجنة، لأن الخمر شراب أهل الجنة، فإذا حرم شربها حرم دخول الجنة، وهو جار على سنن الأحاديث الواردة في بقية الكبائر، أي فيؤول بعدم دخولها مع السابقين، أو أن ذلك جزاؤه، وقد يعفو الله عنه، ثم قال ابن عبد البر : وجائز أن يدخلها بالعفو، ثم لايشرب فيها خمرا، ولا تشتهيها نفسه، وإن علم بوجودها فيها، ويؤيده حديث أبي سعيد، مرفوعا : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو)، نقله في التوشيح(2)، وأصله في الفتح(3).
__________
(1) - سورة المائدة، الآية 90.
(2) - التوشيح ص : 474.
(3) - هذا النص بطوله في الفتح 10/39-40.(8/10)
وقال القرطبي : (لا يبالي بعدم شربها، ولا يحسد من يشربها، فيكون حاله كحال أهل المنازل لا يحسد بعضهم بعضا)هـ.
وهذا الجواب هو الذي اعتمده السندي في حواشيه على ابن ماجه بعد ما ذكر في المسألة أقوالا أخر، فهو الحق إن شاء الله.
5576 - بإيلياء : بيت المقدس. بقدحين: وسبق في المعراج، ويأتي قريبا أنها ثلاثة بزيادة قدح العسل، قيل : العدد لا مفهوم له، والحكم للزائد، وقال الكرماني:(هذا في إيلياء، وذاك عند رفعه إلى السدرة) (1).
ثم أخذ اللبن : إلهاما من الله تعالى. للفطرة : للإسلام والاستقامة.
5577 – ويقل العلم : بموت العلماء. ويظهر الزنا: يفشو. ويشرب الخمر: أي ظاهرا وعلانية. ويقل الرجال : بموتهم في الحروب والقتال. قيمهن : من يقوم بأمورهن.
5578 - لا يزني : أي الزاني. وهو مومن : أي كامل الايمان، فهو محمول على نفي الكمال في الجميع. نهبة : النهبة هي المال الذي انتهبه الجيش قهرا. ذات شرف: قدر خطير.
2 - باب الخمر من العنب وغيره :
كالتمر والزبيب والعسل.
5579 - منها : أي من الخمر المتخذة من العنب.
5580 - البُسْر والتمر : أي الخمر المتخذ منهما، والبسر بطن من بطون التمر قبل طيبه، كالزهور والرطب والبلح.
5581- وهي من خمسة : أي والحال أنها تصنع من خمسة. ما خامر العقل : أي غطاه، كان مما ذكر أو من غيره.
3 - باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر :
كان نزول تحريمها في تاسع شوال سنة ثلاث أو أربع، قاله القسطلاني(2) مقتصرا عليه، وقدمنا في سورة المائدة ما قاله الحافظ ابن حجر فراجعه(3).
5582 - فضيخ : من الفضخ وهو الشرخ. زهو : الزهو هو البسر الملون الذي ظهر فيه الحمرة أو الصفرة، أي من مشدوخ زهو صب عليه ماء، وترك حتى اشتد. آت : لم يعرف.
__________
(1) - الكواكب الدراري 20/139.
(2) - في الإرشاد 8/350.
(3) - قول الحافظ إنها في السنة الثامنة عام الفتح، انظر الفتح 8/354-355.
وقد تقدم ذكر ذلك في شرح الحديث 4620.(8/11)
5583- عن أبيه : سليمان التيمي. وحدث : قائله سليمان. بعض أصحابي : هو بكر بن عبدالله(1) أو قتادة، قاله ابن حجر(2).
4 - باب الخمر من العسل، أي المتخذ منه، وهو البتع:
بلغة اليمن.
الفقاع : هو ماء جعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل / إليه، وهو المسمى عندنا بشاربت.
5587 - لا تنتبذوا في الدُّبَّاء : أي القرع بأن يوضع فيها ماء، ثم يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوه حتى ينحل. ولا في المُزَفَّت : الإناء المطلي بالزفت، وهو المقير أيضا. وكان أبو هريرة يلحق معها: أي في روايته، لا من عند نفسه. الحَنْتَم : أي الانتباذ في الإناء المطلي بالحنتم، وهو الزاج. والنَّقِير: أي الانتباذ فيما ينقر في أصل جذوع النخل، ومذهبنا في حكم الانتباذ في هذه الأمور الأربعة الكراهة في الدباء والمزفت فقط، خوف إسراع السكر لهن دون الحنتم والنقير، لنسخ النهي فيهما، هذا الذي في المدونة(3) والموطأ(4)، وهو معنى قول الشيخ عطفا على المكروه : (ونبذ بكدباء)(5) فأدخلت الكاف.
المزفت : فقط على ما هو الصواب، قاله الشيخ مصطفى.
5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل :
أي غطاه وستره، من الشراب: كان من العنب أو من غيره.
__________
(1) - بكر بن عبد الله بن عمرو المزني، أبو عبد الله البصري.
روى عن أنس بن مالك وابن عباس وابن عمر والحسن البصري.
وعنه ثابت البناني وسليمان التيمي وقتادة ومطر الوراق.
وثقه ابن معين والنسائي وأبو زرعة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/484.
(2) - في الفتح 10/48.
(3) - المدونة الكبرى 16/63 : (قلت : فهل كان مالك يكره شيئا من الفخار غير المزفت ؟ قال : إنما كان يكره الدباء والمزفت).
(4) - الموطأ، الأشربة، ما ينهى أن ينبذ فيه، ح 5.
(5) - مختصر خليل 1/120.(8/12)
5588 - الجد : هل يحجب الأخ، أو يحجب به، أو يقاسمه. والكلالة : أي بيان ميراثها، وهي من لا ولد له ولا والد. وأبواب من أبواب الربا : أي ربا الفضل، لأن ربا النساء متفق عليه بينهم. فقال : أبو حيان(1). يا أبا عمرو : هو الشعبي(2).
تنبيه : إنما زاد في الترجمة قوله : " من الشراب" لأجل التسمية بالخمر، وإلا فكل ما أسكر يحرم تناوله، كان شرابا أو غيره، كما ذهب إليه الجمهور، واستدلوا بلفظ "كل" من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل ما أسكر حرام) (3)، قاله المناوي. قال : (فدخل نحو حشيشة وبنج وغيرهما؛ وقد جزم النووي وغيره بأنها - أي الحشيشة - مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة، قال الحافظ ابن حجر: وهو مكابرة، لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدثه الخمر من الطرب والنشوة، وبفرض تسليم عدم إسكارها، فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر)هـ ، من فتح القدير، ونحوه في فتح الباري بحروفه.
6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه :
__________
(1) - يحيى بن سعيد بن حيان، أبو حيان التيمي الكوفي.
روى عن أبيه وأبي زرعة بن عمرو بن جرير والشعبي والضحاك. وعنه أيوب السختياني والأعمش وشعبة والثوري.
قال مسلم: كوفي من خير الناس.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/214-215.
(2) - أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري.
ولد ونشأ بالكوفة، واستقضاه عمر بن عبد العزيز.
له: الكفاية في العبادة والطاعة. وتوفي سنة 103هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/65، وطبقات الحفاظ ص:32.
(3) - أخرجه مسلم في الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، بلفظ: "كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام" ، وأبو داود في الأشربة باب النهي عن المسكر ح3682، بلفظ: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".(8/13)
ابن المنير : (مطابقة الجزء الأول من الترجمة للحديث ظاهرة، وأما الجزء الثاني فأشار به لحديث أحمد وأبي داود مرفوعا : " ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها)هـ(1).
قال المناوي : (أي يستترون في شربها بأسماء الأنبذة المباحة، أي فيشربون النبيذ المطبوخ ويسمونه طلا، تحرجا أن يسموه خمرا، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا) (2).
5590 - الحِرَ : أي الفرج، أي يستحلون الزنا، إما باعتقاد الحلية، أو بالاسترسال في الوقوع كالاسترسال في الحلال، قاله ابن العربي.
والخمر : قال في التمهيد : (أجمعوا على أن مستحل خمر العنب المسكرة كافر مرتد، يستتاب فإن تاب ورجع عن قوله، وإلا استبيح دمه كسائر الكفار) (3).
والمعازف : آلة الملاهي كالعود والطنبور. علم : جبل عال. يروح عليهم : أي الراعي. بسارحة لهم : بغنم تسرح بالغداة وتروح بالعشي. يأتيهم : أي الآتي. فيبيتهم الله : أي يهلكهم الله ليلا. ويضع العلم : أي يوقع الجبل عليهم. قردة : أي مثل صورها حقيقة كما وقع لبعض الأمم السابقين، ففيه بيان أن المسخ يكون في هذه الأمة، قال الخطابي(4).
وقال السفاقسي : (الذي يصح في النظر أن هذا لا يكون إلا فيمن يعتقد الكفر وتسمى بالإسلام، لأن الله لا يخسف بمن يعود عليه برحمته في المعاد)هـ، نقله في المصابيح(5).
7 - باب الانتباذ في الأوعية :
جمع وعاء، والتور : إناء من حجر أو من نحاس، فهو من عطف الخاص، أي جواز ذلك عند الأمن من الإسكار /.
امرأته : سلامة.
8 - باب ترخيص النبي صلى الله عليه في الأوعية والظروف :
أي في الانتباذ فيها، بعد النهي عنه .
__________
(1) - أخرجه أحمد رقم 21827، وأبو دواد في الأشربة رقم 3689.
(2) - فيض القدير 5/391.
(3) - التمهيد 1/142.
(4) - في أعلام السنن ص : 1138.
(5) - تعليق المصابيح ص : 553.(8/14)
ذكر المص رحمه الله في أحاديث الباب ما يدل على عموم الترخيص في الظروف كلها، وهو حديث جابر، وما يدل على بقاء النهي عن ظروف مخصوصة، وهي الدباء والمزفت والجر، وهو باقي أحاديثه، وظاهر صنيعه أنه يرى أن عموم الرخصة مخصوص بما ذكر في الأحاديث الأخرى، وهذا مذهب مالك رحمه الله، قاله ابن حجر(1).
قلت : الذي في المدونة هو ما نصه : (لا ينتبذ في الدباء والمزفت، ولا أكره غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف)هـ(2)، فقد قصر الترخيص على ما عدا شيئين فقط، وهو الذي حمل المحققون عليه كلام خليل كما سبق، والله أعلم.
5592 - فلا نهي إذا : زاد ابن حبان : ( إن الظروف لا تحل ولا تحرم، ولكن كل مسكر حرام) (3).
5593 - لما نهى النهي صلى الله عليه عن الأسقية: أي عن الانتباذ فيها.
__________
(1) - في الفتح 10/71.
(2) - انظر المدونة الكبرى 16/63.
(3) - أورده الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان على الكتب الستة، كتاب الأشربة، باب ما جاء في الأوعية، رقم 1393.(8/15)
قال في التنقيح : (كذا ثبت في النسخ، وإنما صوابه : عن الظروف لا الأسقية، كالرواية الأولى، قال القاضي : ذكر الأسقية هنا وهم في الرواية، إنما هو الأوعية، لأنه لم ينه عن الأسقية، إنما نهى عن الظروف، وأباح الانتباذ في الأسقية، لأن الأسقية يتخللها الهواء من مسامها، فلا يسرع إليها الفساد مثلما يسرع إلى الظروف)هـ (1)، وجواب العيني عنه غير ظاهر(2).
في الجر : إناء يصنع من طين. غير المزفت: المطلي بالزفت من الأوعية، يعني الظروف، وهو الصواب، يعني عن الانتباذ فيها.
5595 - نهانا أهل البيت …إلخ : قال ابن بطال : (بحديث عائشة هذا أخذ مالك، فما كره من الظروف إلا الدباء والمزفت) هـ، نقله ابن غازي.
أما ذكرت : الذي في نسخنا بسكون الراء، وقال في الإرشاد : (بفتح الراء في اليونينية، وفي الفرع بسكون الراء، ولعله سبق قلم)هـ(3).
والحنتم : أي الاناء المطلي بالحنتم، وهو الزاج.
5596 - قلت : قائله الشيباني. قال لا : يعني أنه لا مفهوم للأخضر.
9 - باب نقيع التمر :
أي جواز شربه، ما لم يسكر : فإن أسكر حرم.
5597 - امرأته : سلامة. أنقعت ... إلخ، أي فسقتها له،
قال المهلب : (يفقع بالليل ويشرب بنهاره، أو ينقع نهارا ويشرب بالليل الموالي له).
10 - باب الباذق :
__________
(1) - التنقيح ص : 232.
(2) - قال في العمدة 21/179 : (قال الكرماني : السياق يقتضي أن يقال : " إلا عن الأسقية "، بزيادة " إلا على " سبيل الاستثناء، أي نهى عن الانتباذ إلا عن الانتباذ في الأسقية، وقال : يحتمل أن يكون معناه لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الأنبذة عن الجرار بسبب الأسقية وعن جهتها، ...، وقال الحميدي، ولعله نقص منه عند الرواية، وكان أصله : نهى عن النبيذ إلا في الأسقية، وقال عياض : ذكر الأسقية وهم من الرواي وإنما هو عن الأوعية ...)
(3) - الإرشاد 8/357.(8/16)
أي بيان حكمه، وهو أن يطبخ العصير أدنى طبخ فيصير شديدا أي مسكرا، وقال في المحكم: (هو من أسماء الخمر)، ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة : لأن المدار على الإسكار لا على الاسم، فما لم يسكر منها لا محذور فيه، وقد نص الشيخ خ على ما يباح منها فقال : (وعَصِيرٌ -أي معصور ماء العنب أول عصره-، وفُقَّاعٌ -هو ماء يجعل فيه زبيب ونحوه حتى ينحل فيه-، وسُوبِيَا -وهي فقاع يميل إلى الحموضة لما يضاف إليه من عجوة ونحوها-، وعَقِيدٌ أُمِنَ سُكْرُهُ)(1)، وهو ماء العنب يغلي على النار حتى ينعقد ويذهب منه الإسكار ويسمى بالرب الصامت، ومشهور مذهبنا أنه لا يحد بذهاب ثلث ولاغيره، وإنما المعتبر فيه ذهاب الإسكار.
شرب الطلاء : هو العقيد والرب الصامت، أي جوازه. على الثلث : أي على بقاء الثلث عند الطبخ، وذهاب الثلثين. على النصف : أي على بقاء النصف، ومذهبنا أنه لا يحد بشيء كما قدمناه.
من عبيد الله : ابن عمر بن الخطاب(2). ريح شراب : فزعم أنه شرب الطلاء.
فإن كان ... إلخ : فسأل عنه فوجده يسكر فجلده.
5598 - سألت ابن عباس عن الباذق : قيل أول من سماه بهذا الاسم بنو أمية لينقلوه عن اسم الخمر. سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق : أي سبق حكمه - صلى الله عليه وسلم - بتحريم الخمر تسميتهم/ إياها بالباذق، فلا ينفعهم تغيير اسمها إذا كانت مسكرة، لأن التحريم منوط بالإسكار، لا بالاسم، ونقل ابن حجر عن أبي الليث السمرقندي(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/119.
(2) - عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، أحد فقهاء المدينة السبعة.
روى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ولها صحبة، وعن أبيه والقاسم بن محمد.
وعنه حميد الطويل وأيوب السختياني والحمادان والسفيانان وشعبة وابن المبارك.
توفي سنة 45هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/38-40.
(3) - أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي، الفقيه الحنفي.
له: تفسير القرآن وخزانة الفقه. توفي عام 375 هـ.
ترجمته في : تاج التراجم لابن قطلوبغا 58-59، والأعلام للزركلي 8/348.(8/17)
أنه قال: (شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنبا من شارب الخمر، لأن شارب الخمر يشربها وهو يعلم أنه عاص بشربها، وشارب المطبوخ يشرب المسكر ويراه حلالا، وقد قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره حرام، وثبت قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كل مسكر حرام "، ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر) (1).
قال: أبو الجويرية(2). هو الشراب الحلال الطيب : لأنه عصير العنب الحلال. قال : ابن عباس. ليس بعد الحلال الطيب : وهو العصير إثر عصره. إلا الحرام الخبيث : وهو الباذق حيث تغير عن حالته الأولى إلى أن صار خمرا.
5599 - يحب الحلواء والعسل : بمعنى أنه إن وجدها نال منهما نيلا صالحا.
11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر :
المنقعين في ماء ونحوه، أي لا يخلط نقيعهما، إذا كان : أي خلطهما، أي خلط نقيعهما، مسكرا : أي من شأنه أن يسكر، وكذا غيرهما من كل ما يسرع إليه الإسكار عند خلطه، أي خلط نقيعه كتمر أو زبيب أو زهو أو بسر، مع رطب، وكحنطة مع شعير، أو أحدهما مع تين أو عسل، أما ما لا يسرع إليه الإسكار كخلط ماء بعسل أو بلبن فلا يضر، هذا مذهبنا.
وأنا لا يجعل إدامين في إدام: الإدام ما يؤتدم به، أي لا يجمع بينهما، والعلة فيه السرف، وفيما قبله الإسكار، قال ابن المنير : (وهو مطابق لحديث جابر وأبي قتادة)، وقال المهلب (لايصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء، وإنما جاء النهي عنه عن عمر للسرف).
__________
(1) - الفتح 10/81.
(2) - حطان بن خفاف بن زهير بن عبد الله بن رمح بن عرعرة، أبو الجويرية الجرمي.
روى عن ابن عباس ومعن السلمي وبدر بن خالد.
وعنه السفيانان وشعبة وأبو عوانة وشريك.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/396.(8/18)
5601 - نهى : نهي تنزيه . عن الزبيب والتمر : أي الجمع بينهما تنبيذا. والبسر والرطب : أي الجمع بينهما تنبيذا، كما دل عليه قوله في الحديث الآخر : "ولينبذ كل واحد منهما على حدة "، خوفا من إسراع الإسكار إليهما بسبب الخلط، وهذا مذهبنا، قال الشيخ : (وكُرِهَ شَرَابُ خَلِيطَيْنِ) (1)، وبينه شراحه بما قدمناه.
12 - باب شرب اللبن :
أي جوازه إجماعا، وهو من حيث هو غير مسكر، نعم قد يقع فيه الإسكار نادرا بصفة تحدث فيه، وحينئذ يحرم شربه إن علم ذهاب العقل به.
وقول الله عز وجل : " يخرج من بين فرث ودم": التلاوة : " نَسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْث وَدَم" (2).
5604 - فإذا وقف عليه قال …إلخ : يعني أن سفيان كان تارة يرسل الحديث فلم يذكر فيه أم الفضل، فإذا سئل عنه قال : هو موصول عنها.
5605 - النقيع : بالنون، موضع بواد العقيق. ألا خمرته : غطيته. ولو أن تعرض عليه عودا : أي تجعله عليه عرضا، قيل : والحكمة فيها الاكتفاء بذلك اقترانه بالتسمية، فيكون العرض علامة على التسمية عليه، فلا يقربه الشيطان.
5607 - كُثْبَة من لبن : قطعة منه أو ملء قدح. فدعا عليه : فساخت فرسه في الأرض. أن لا يدعو عليه: ثانيا.
5608 - اللقحة : الناقة الحلوب. الصفي : كثيرة اللبن. منحة : تمييز، أي عطية تعطيها غيرك. تغدو بإناء …إلخ : أي تحلب بكرة وعشيا.
5609 - فمضمض : المضمضة إثر شرب اللبن مستحبة،
قال الشيخ : (ونُدِبَ غَسْلُ فَم مِنْ لَحْم وَلَبَن) (3).
5610 - السدرة : أي سدرة المنتهى ليلة أسري به - صلى الله عليه وسلم -. فنهران في الجنة : هما فيما قال مقاتل : السلسبيل والكوثر.
ابن بطال : (يظهر أي إذا بدلت الأرض غير الأرض).
__________
(1) - مختصر خليل 1/120.
(2) - سورة النحل، الآية 66.
(3) - مختصر خليل 1/15.(8/19)
أصبت الفطرة : علامة الإسلام والاستقامة. أنت أمتك : زاد في أول الأشربة : (ولو أخذت الخمر غوت أمتك)، قال في المصابيح : (قال ابن المنير : لم يذكر السر في عدوله عن العسل، وذكره في عدوله عن الخمر، وظاهر الحال أن السر في ذلك تفضيل اللبن على العسل، لأنه الأيسر والأنفع، ومنه ينشأ العظم وينبت اللحم، وهو بمجرده قوت، وليس هو أيضا من الطيبات التي تدخل في السرف بوجه، وهو أقرب إلى الزهد، وكأنه عليه الصلاة والسلام مع تركه الخمر التي حرمت ترك العسل الذي هو حلال، لأنه من اللذائذ التي يخشى على صاحبها أن يندرج في قوله تعالى: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيا) (1)، وأما اللبن فلا شبهة فيه، ولا منافاة بينه وبين الورع بوجه، وأما حبه - صلى الله عليه وسلم - للعسل، فعلى وجه الاقتصاد في تناوله، لا أنه يحصله ديدنا)، هـ منها (2).
13 - باب استعذاب الماء :
أي طلب الماء العذب، أي الحلو.
ابن بطال : (استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل / في الترفه المذموم، بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه، فقد كرهه مالك لما فيه من السرف)هـ (3).
المناوي : (إنما طلب استعذاب الماء، لأن الشراب كلما كان أحلى وأبرد، كان أنفع للبدن، وينعش الروح والقوى والكبد، وينفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنفيذ؛ سيما إن كان بائتا، فإن الماء البائت بمنزلة العجين المخمر، والذي يشرب لوقته بمنزلة الفطير، ولأن الأجزاء الترابية والأرضية تفارقه إذا بات، فهو أبرد وأصفى).
زاد العلقمي: (والماء الذي في القرب والشناه ألذ من الذي في آنية الفخار والحجار وغيرها، لأن في قرب الأدم خاصية لطيفة لما فيها من المسام المنفتحة التي ترشح منها الماء)هـ، وأصله لابن القيم في الهدي(4)، وياتي ما يؤيده في الباب بعده.
__________
(1) - سورة الأحقاف، الآية 20.
(2) - تعليق المصابيح ص : 554.
(3) - نقلا عن الفتح 10/92.
(4) - زاد المعاد في هدي خير العباد 4/227.(8/20)
…5611- بخ :كلمة يقولها المتعجب. رابح: ذو ربح. رايح: من الرواح ضد الغدو، يعني أن أجره يروح لصاحبه، أي يصل إليه، ولا ينقطع عنه.
14 - باب شرب الماء باللبن :
أي خلطه به، أي جواز ذلك.
5612 - أعرابي : لم يعرف. الأيمن فالأيمن : بالنصب، أي اسقوا الأيمن ... إلخ، وفيه أن السنة تقديم الأيمن وإن كان مفضولا.
5613- رجل : هو أبو الهيثم بن التبهان. ومعه : - صلى الله عليه وسلم -. صاحب له : هو أبو بكر رضي الله عنه. بات هذه الليلة في شَنَّة : قربة خلقة، هذا مما يدل على أفضلية الماء البائت على غيره، والذي في القربة على غيره. كرعنا : شربنا بأفواهنا من غير إناء ولا كف، فهو يدل على جوازه، وتأتي ترجمته . يحول الماء : يجريه من جانب إلى جانب. في حائطه : بستانه. العريش : المحل المسقف المظلل. فسكب في قدح : أي ماء. من داجن : شاة تألف البيوت.
15 - باب شراب الحلو :
بضم الحاء وكسر الواو، هكذا في نسخنا،أي الشي الحلو، والذي في الفتح(1) والإرشاد(2)
"الحلواء"، بالمد أو القصر.أو العسل:وفي الفتح(3) والإرشاد(4):"والعسل"،وعلى كل هو من عطف خاص على عام، أي جواز ذلك وإباحته. لشدة : أي لضرورة عطش أو تداو أو نحوه. رجس : نجس.
" أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ " (5): هذا محل الشاهد من كلام الزهري لشمول الطيبات للحلو والعسل. وأما قوله : "وقال ابن مسعود في السكر ": أي الخمر. إن الله ... إلخ : فهو من تمام كلام الزهري، أتى به شاهدا على ما ذكره من الفقه، هذا الذي ظهر لي في تقرير هذا المحل، والله أعلم.
5614 - يعجبه الحلواء والعسل : أي إذا وجدهما أكل منهما كثيرا، لا أن المعنى أنه كان كثير التشهي لهما، وتقدم أن حلواءه - صلى الله عليه وسلم - هي المحيع(6)، وهي تمر معجون بلبن.
__________
(1) - الفتح 10/96
(2) - الإرشاد 8/366
(3) - الفتح10/96
(4) - الإرشاد 8/366.
(5) - سورة المائدة، الآية 4.
(6) - كذا في الأصل، ونبه العرائشي على غرابة اللفظة.(8/21)
16 - باب الشرب قائما:
أي جوازه كما عليه الجمهور، للأحاديث المذكورة هنا، ولما في الموطأ أن عمر وعثمان وعليا كانوا يشربون قياما(1)، وكان سعد وعائشة لا يريان بذلك بأسا، ومن ثم قال في الرسالة : (ولا بأس بالشرب قائما)هـ(2).
وكرهه قوم لحديث مسلم وغيره عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عنه، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (لا يشربن أحدكم قائما، فمن نسي فليستقئ) (3).
قال الامام المازري في "المعلم " بعد حكاية وجه الجمع بين الروايتين عن غيره ما نصه: (والذي يظهر لي أن الأحاديث الواردة بشربه - صلى الله عليه وسلم - قائما تدل على الإباحة والجواز إن قلنا بتعدي أفعاله، ويحمل حديث النهي على جهة الاستحباب، والحث على ما هو الأولى والأكمل)هـ(4)، (وهذا هو الذي ذهب إليه الخطابي والبغوي والقاضي عياض والقرطبي والنووي)، قاله العيني(5).
زاد ابن حجر : (وهذه الطريق في الجمع بين الحديثين أحسن الطرق)هـ(6).
وقال ابن العربي في الأحكام : (جماهير العلماء على جواز الشرب قائما، ولكن القعود أحسن)هـ.
__________
(1) - الموطأ، كتاب الجامع، ما جاء في شرب الرجل وهو قائم، ح 75.
(2) - الرسالة ص : 144 (باب في الطعام والشراب)
(3) - أخرجه مسلم في صحيحه 6/100-111 من طريق عمر بن حمزة الذي ضعفه أحمد وابن معين والنسائي، ولذلك أورده في الميزان، والنكارة في قوله " فليستقئ "، ولكن وردت أحاديث صحيحة تنهى عن الشرب قائما، انظرها في الصحيحة للألباني رقم 177، وراجع الضعيفة له 2/رقم 927.
(4) - في الفتح 10/102.
(5) - في العمدة 21/193.
(6) - في الفتح 10/103-404، وفيه إشارة إلى تفضيل طريق الجمع على دعوى النسخ التي جنح إليها ابن شاهين وغيره، وكذا على مسلك التأويل.(8/22)
وقال السنوسي: (فإن قيل : إذا كان الشرب قائما مرجوحا فلم فعله - صلى الله عليه وسلم -، إذ هو لايفعل المرجوح ؟ أجيب بأنه إنما فعله للبيان، فليس بمرجوح، بل هو واجب عليه لوجوب التبليغ، وهذا كما توضأ مرة، وطاف راكبا، مع الإجماع على أن الوضوء ثلاثا، والطواف ماشيا أفضل، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقبل على الجائز مرة، ثم يواظب على الأفضل، ولذا كان أكثر وضوئه ثلاثا، وأكثر طوافه ماشيا)هـ (1).
وأما الأكل قائما، فقال المازري أيضا : (لا خلاف في جوازه)، نقله في الفتح، وقال في شرح الجلاب: (إنه يجوز بلا خلاف)، نقله الحطاب.
5615 - الرحبة : أي رحبة المسجد، أي مسجد الكوفة.
17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره :
يعني وهو راكب عليه، والبعير واقف، ومراده بيان حكم هذه الحالة، وأنها جائزة أيضا.
18 - باب / الأيمن فالأيمن :
أي مقدم، أو قدم الأيمن، في الشرب : ماء أو غيره، أي في تناول المشروب وكذا المأكول أيضا، بل قال ابن العربي :(كل ما يدور على جمع من كتاب أو نحوه، فإنما يدور على اليمين قياسا على ما ذكر) هـ، وقال المهلب: (من السنة التيامن في الطعام والشراب وكل شيء)هـ.
قال غيره : (وما انفرد به / مالك من أن ذلك خاص بالشراب، يرده حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن في أمره كله).
أبو عمر : (ولا يصح ذلك عن مالك رضي الله عنه).
عياض : (يشبه أن يكون مراده أن السنة إنما وردت في الشرب خاصة، وتقديم الأيمن في غيره بالقياس عليه، لا بنص سنة)، هـ من إكمال الإكمال(2).
5619 - أعرابي : لم يعرف. الأيمن فالأيمن : أي مقدم ولو كان صغيرا أو مفضولا.
قال المناوي : (وحكى عليه الاتفاق، بل قال ابن حزم : لا تجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه)هـ(3).
__________
(1) - مكمل إكمال الإكمال 5/337.
(2) - الفتح 10/106، وإكمال الإكمال 5/339.
(3) - فيض القدير 3/190.(8/23)
ابن العربي : (لأن التقديم إنما هو لجهة اليمين، لفضلها لا لمن هو بها، زاد أنس في روايته : "فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة"، وأما حديث سهل بن أبي حثمة: "كبر كبر"، وحديث ابن عمر في الأمر بمناولة السواك الأكبر، وحديث ابن عباس : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال : ابدأوا بالكبير"، فقال الحافظ ابن حجر : الكل محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين، إما بين يدي الرئيس أو عن يساره كلهم، أو من خلفه، أو من حيث لا يكون فيهم رئيس، فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يخص من عموم الأمر بالبداءة بالكبير ما إذا جلس بعض عن يمين الرئيس، وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل) (1)، ونحوه للعيني(2) بهذا اللفظ، وشيخ الإسلام ونصه: ( يؤخذ من الحديث تقديم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل إذا جلس عن يمين الرئيس، فيكون مخصصا لعموم خبر أبي يعلى : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال : ابدأوا بالأكبر)هـ.
قال المازري في المعلم : (قوله : "الأيمن فالأيمن "، قال الشيخ - يعني نفسه – هذا مطابق لأصول الشرع من استحباب التيامن، فإن عورض هذا بما وقع في الحديث الآخر من تقديمه الأكبر، قلنا : هذا مع تساوي الأحوال، فيرجح بالسن، وهكذا الرواية عندنا استحباب التيامن في الشهادات المثبتة في الكتاب وفي الوضوء وغيره يقدم الأيمن)هـ.
وقال ابن العربي في الأحكام : (قوله : "أتأذن لي أن أعطي الأشياخ"، هذا يقتضي أن حكم التيامن في المناولة آكد من حكم السن، لأن ابن عباس رضي الله عنه لم يبلغ ح الحلم، واستحق ذلك بالتيامن دون الأشياخ، وما روي في حديث سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كبر كبر"، فإنما ذلك مع تساوي الأحوال، والله أعلم)هـ.
19 - باب هل يستأذن الرجل من على يمينه في الشرب ليعطي الأكبر ؟
__________
(1) - الفتح 10/107.
(2) - انظر العمدة 21/195.(8/24)
نعم يستأذنه إن كان لذلك وجه.
5620- غلام : ابن عباس. الأشياخ : منهم خالد. لاأوثر بنصيبي … إلخ : القاضي عياض : (فيه أنه لا ينبغي للإنسان أن يأذن في تفويت ماله فيه مصلحة دينية، وقد قال أصحابنا وغيرهم إنه لا يؤثر في القرب، وأن الإيثار المحمود إنما هو في حظوظ النفس، فيكره أن يؤثر غيره بمكانه من الصف الأول ونحو ذلك من نظائره)هـ.
فتله : وضعه. في يده : أي يد ابن عباس، وإنما لم يستأذن - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي الذي كان عن يمينه كما في الحديث السابق لأن ابن عباس ابن عمه - صلى الله عليه وسلم -، وله عليه دلال، وكان من على اليسار أقارب له دون الأعرابي في جميع ذلك، قاله النووي وغيره.
20 - باب الكَرْع :
أي جوازه، وهو تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف، وقوله : في الحوض، لا مفهوم له، بل هو جائز فيه وفي غيره، وما في ابن ماجه(1) من النهي عنه محمول على التنزيه، أو على ما إذا انبطح الشارب على بطنه، قاله ابن حجر(2)، ثم إنه ليس في الحديث ذكر للحوض، ولعله أشار به إلى ما في بعض طرقه، والله أعلم، وما في الفتح متكلف.
5621- رجل: هو أبو الهيثم. صاحب له: هو أبو بكر. يحول الماء: يجريه من جانب إلى جانب. شَنَّة : قربة بالية.
21 - باب خدمة الصغار الكبار :
أي جواز ذلك ومطلوبيته.
5622 - رُطَب وبُسْر : أي خمر متخذ منهما. الفضيخ : الخمر المتخذ من البسر المشدوخ.
22 - باب تغطية الإناء :
أي مطلوبيته لئلا يسقط فيه ما يؤذي، أو يلغ فيه شيطان.
__________
(1) - أخرجه ابن ماجه (2/1134) في الأشربة، باب الشرب بالأكف والكرع.
(2) - في الفتح 10/96.(8/25)
5623 - إذا كان جنح الليل : أي أوله عند غروب الشمس. فكفوا صبيانكم : امنعوهم من الخروج. فإن الشياطين تنتشر / : تجيء وتذهب، فربما يؤذونهم. وأوكوا قربكم: شدوا أفواهها. وخمروا آنيتكم : غطوها. ولو أن تعرضوا عليه شيئا: عودا أو غيره، أي تجعلوه عرضا لاطولا مع ذكر اسم الله أيضا، إذ هو السر في ذلك والمانع من وقوع الأذى، ومن ولوغ الشيطان في الآنية، فإن الله سبحانه لم يقدره على كشف غطاء، ولا فتح باب مغلق، ولا يصل إلى إذاية أحد بعد ذلك، قاله القاضي عياض. وأطفئوا مصابيحكم : خوفا من إحراق البيت بها.
النووي : (وهو عام يدخل فيه نار السراج وغيره، وأما القناديل المعلقة، فإن خيف منها دخلت وإلا فلا).
5624 - ولو بعود : فهو كاف مع التسمية، والأمر في الجميع للإرشاد.
23 - باب اختناث الأسقية :
المتخذة من الادم، أي انطواء أفواهها لخارج عند الشرب، أي النهي عن ذلك.
5625 - أن تكسر أفواهها : تثنى. فيشرب منها : قيل لأن ذلك يغير ريح السقاء، وقيل لأنه ربما يكون بها أذى فينزل إلى جوف الشارب وهو لا يشعر، وقيل لأن جريان الماء دفعة يضر بالمعدة.
5626 - هو الشرب من أفواهها : ظاهره مطلقا، ويحتمل تقييده بما سبق من انطواء فمها.
24 - باب الشرب من فم السقاء :
أي النهي عنه مطلقا، كان مع الاختناث أو بدونه، ولا مفهوم للسقاء أيضا، فيشمل غيره للعلل السابقة، والنهي في الكل للتنزيه، وعليه اقتصر ابن الحاجب وابن شاس(1) ،ونقل ابن التين عن مالك الجواز لما في الترمذي عن كبشة(2)
__________
(1) - أبو محمد عبدالله بن نجم بن شاس السعدي، الفقيه المالكي، صاحب الكتاب النفيس "الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" .
كان مدرسا بالمدرسة المجاورة للجامع العتيق بمصر.
توفي مجاهدا في دمياط سنة 610 هـ.
ترجمته في : الفكر السامي 2/230، والديباج المذهب 1/434، وشجرة النور الزكية 1/165.
(2) - كبشة، ويقال كبيشة بنت ثابت بن المنذر الأنصارية، أخت حسان.
روت حديث الشرب قائما، وعنها عبد الرحمن بن أبي عمرة، وهي جدته.
ترجمتها في: تهذيب التهذيب 12/447.(8/26)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب من فم قربة معلقة(1)، وفصل ابن العربي فحمل الجواز على الضرورة كما إذا لم يجد إناء، أو لم يتمكن من الإفراغ لشغل أو نحوه، والنهي على غيرها أو الجواز إذا كان من إدواة أي صغيرة، والنهي إذا كانت القربة كبيرة.
5627 - بأشياء : لم يذكر إلا شيئين، لعله اختصارا من الراوي. وأن يمنع جاره : هذا محمول على الندب عند المالكية والشافعية.
25 - باب النهي عن التنفس في الإناء :
أي فيما في الإناء من ماء أو لبن أو نحوهما، والنهي للتنزيه.
5630 - فلا يتنفس في الإناء : أي في داخله لئلا يقذره على غيره، بل ينحيه ويتنفس خارجه إن أراد، وبهذا يجمع بين هذا الحديث والحديث الآتي بعده، وفيه جواز الشرب من نفس واحد، إذ لم يقل : " فليتنفس خارج الإناء "، وهو ظاهر النصوص، وبه قال الإمام مالك.
وقال في الأحكام : (ابن القدح عن فيك فيه إباحة الشرب من نفس واحد، وكذلك قال مالك، قال : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه الرجل حين قال : لا أروى من نفس واحد، وإنما قال كلاما معناه إن كنت لا تروى من نفس واحد فابن القدح عن فيك، وهذا إباحة منه للشرب في نفس واحد)، زاد ابن أبي شيبة : (في هذا الحديث النهي عن النفخ في الإناء)، قال ابن حجر : (وله شاهد من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الاناء، وأن ينفخ فيه، وجاء في ذلك عدة أحاديث) (2).
وإذا تمسح : استجمر، والنهي في الكل للتنزيه.
26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة :
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الأشربة باب ما جاء في الرخصة في اختناث الأسقية، ح1892.
(2) - الفتح 10/113.(8/27)
أي مطلوبيته واستحسانه، أي خارج الإناء بأن يبينه من فمه ويتنفس، ثم يعيده ثم يبينه ويتنفس، ثم يعيده ثم يبينه ويتنفس، ويسمي الله كلما أدناه من فمه، ويحمده كلما أخره عنه، كذا جاء مصرحا به في حديث ابن ماجه(1) وغيره، وينبغي له أن يدرج الشرب، فتكون المرة الأولى هي الأقل، والثانية أكثر منها، والثالثة يبلغ بها كفايته.
5631- وزعم : أي قال . كان يتنفس : أي خارج الإناء. ثلاثا : زاد مسلم عنه : ويقول هو أروى وأمرا وأبرأ، أي أكثر ريا، ويصير مريا، ويبرئ من الأذى والعطش.
قال في المدخل /: (وقد ورد أن من شرب على هذه الكيفية سبح الماء في جوفه مادام فيه، فيكون في عبادة ولو كان نائما) هـ.
وقال في بهجة النفوس : (جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أن من شرب الماء ونوى به العون على الطاعة، وسمى ثم قطع وحمد، يفعل ذلك ثلاث مرات أن الماء يسبح في جوفه ما بقي فيه)هـ.
تنبيه : بعد أن نقل ابن عبدالبر في التمهيد عن سحنون أنه كان يشرب في ثلاثة أنفاس، يسمي في أول كل نفس، ويحمد الله في آخره، قال ما نصه : (قال أبو عمر: فعل سحنون هذا أحسن في الأدب، وليس بسنة، ولكنه أهنأ وأمرأ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ثم نقل عن الإمام مالك أنه قال: لا أرى بأسا بالشرب من نفس واحد، وقد جاء عن جماعة من السلف إجازة الشرب في نفس واحد، كما قال مالك رحمه الله، ثم نقل ذلك عن عطاء وابن المسيب وعمر بن عبدالعزيز، وأسند عن ميمون بن مهران(2)
__________
(1) - السنن (2/1131) كتاب الأشربة، رقم 3417.
(2) - ميمون بن مهران الرقي، أبو أيوب.
فقيه قاض، استوطن الرقة، واستعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها.
توفي سنة 117هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/93، وحلية الأولياء 4/82.(8/28)
أنه قال : رآني عمر بن عبدالعزيز وأنا أشرب، فجعلت أقطع شرابي وأتنفس، قال : إنما نهى أن يتنفس في الاناء، فإذا لم يتنفس فاشربه إن شئت في نفس واحد، قال أبو عمر : قول عمر بن عبدالعزيز في هذا هو الفقه الصحيح في هذه المسألة)هـ (1).
وقال ابن حجر إثر نقل كلام عمر بن عبدالعزيز ما نصه : (قلت : وهو تفصيل حسن) هـ، وقول ابن التين : (استحب بعض العلماء أن يشرب في ثلاثة أنفاس، كلما شرب نفسا نحى الإناء عن فيه ثم عاد مصا لا عبا)هـ، ليس مذهبا لنا، فمن ثم نسبه لبعض العلماء.
27 - باب الشرب في آنية الذهب :
أي حرمته إجماعا، ومذهبنا كالشافعية أن الحرمة شاملة للذكر والأنثى.
قال الشيخ خ : (وحَرُمَ إِنَاءُ نَقْد واقتناؤُهُ وإِنْ لِامْرَأَة) (2)، واختلف في علة التحريم فيه وفي الفضة، فقيل لذاتها، وقيل للسرف والخيلاء.
5632 - بالمدائن : اسم بلد عظيم على دجلة، بينها وبين بغداد سبعة فراسخ، كانت مسكن ملوك الفرس، وبها إيوان كسرى المشهور. دهقان : كبير القرية، لم يعرف اسمه. فرماه به : ضربه به فانكسر. والديباج : نوع من الحرير. هي لهم : للكفار، وهذا إخبار لا إباحة.
28 - باب آنية الفضة :
أي حرمة استعمالها إجماعا للذكر والأنثى.
5634 - يجرجر : من الجرجرة، وهي صوت البعير في حنجرته إذا هاج.
5635 - عن خواتم الذهب : في حق الذكور فقط. وعن الشرب في الفضة: مطلقا. وعن المياثر : جمع ميثرة، فراش من حرير يحشى بقطن أو صوف، يجعل فوق الرحل أو السرج. والقَسِّي : ثياب من كتان فيها حرير، أمثال الأترج. والديباج والإستبرق: نوعان من الحرير.
تنبيه : قال الإمام ابن العربي في الأحكام : (أجمع العلماء على أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشرب أو يأكل في آنية فضة أو ذهب، والجمهور من العلماء أنه لا يجوز اتخاذها ولا استعمالها، ومن اتخذها كان عاصيا باتخاذها)هـ.
__________
(1) - التمهيد 1/395-396.
(2) - مختصر خليل 1/7.(8/29)
قال القرطبي في المفهم : (ويلحق بالأكل والشرب ما في معناهما مثل التطيب والتكحل، وما شابه ذلك، وبتحريم ذلك قال جمهور العلماء سلفا وخلفا)هـ(1).
وقال الشيخ التاودي : (ويلحق بالكل والشرب، التطيب والتكحل والوضوء، وسائر الاستعمالات)هـ.
قلت : دخل فيما ذكراه المجانة المشتملة على أحد النقدين، كما دخلت أيضا في قول الشيخ خ : (وحَرُمَ استعمالُ ذَكَر مُحَلًّى) (2)، فرحمتها مما لا يتوقف فيه، ورأى بعض أعيان علماء العصر إباحتها إذا كانت في الجيب إلحاقا لها بالنقد المجعول فيه، إذ هو مباح كما نص عليه غير واحد، وهو غفلة منه رحمه الله عن حرمة اتخاذها واستعمالها كما في النصوص السابقة، إذ استعمال كل شيء بحسبه، واتخاذها ظاهر، واستعمالها هو استعدادها للنظر فيها بوضعها في الجيب وإخراجها منه والنظر فيه، فلا وجه لما ذكره من الإباحة، والله سبحانه أعلم.
29 - باب الشرب في الأقداح :
جمع قدح، ما يكون من عود أو زجاج أو طين أو حجر، أو غير ذلك، أي جوازه فيها، ومن أفضلها قوارير الزجاج، ففي سنن ابن ماجة عن ابن عباس : "كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدح قوارير يشرب فيه"(3)، ونحوه للبزار عن ابن عباس أيضا.
قال العلقمي : (قال شيخنا - يعني السيوطي - : قال الموفق عبداللطيف(4)
__________
(1) - المفهم 4/94 .
(2) - مختصر خليل 1/7.
(3) - أخرجه ابن ماجه في سننه (2/1136)، كتاب الأشربة، باب الشرب في الزجاج، رقم 3435.
(4) - عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي الموصلي، موفق الدين، أبو محمد اللباد.
طبيب محدث، ولد ببغداد، ورحل إلى الحجاز والقدس وبلاد الروم.
له: الجامع الكبير في المنطق، والمجرد في غريب الحديث، والمقالة في الدواء والغذاء ومعرفة طبقاتها.
توفي سنة 629هـ.
ترجمته في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/201، وطبقات الشافعية للسبكي 5/132، وبغية الوعاة 311، وحسن المحاضرة 1/312.(8/30)
: قوارير الزجاج فاضلة للشرب، والهنود وملوكها تشرب فيها وتختارها على الذهب والياقوت، لأنها قلما تقبل الوضر والسهوك، وترجع بالغسل جديدة، ثم إنه يرى فيها قذى الشراب وكدره، ويتمتع بصافيه، وقلما يقدر الساقي أن يدس فيها سما، وهذه أشرف الخلال التي دعت ملوك الهند إلى اتخاذها)هـ.
30 - باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وآنيته :
أي للتبر ك بها، وهو من عطف العام على الخاص، وانظر أبواب الخمس من الجهاد.
5637 - امرأة : هي أميمة الجونية. أُجُم بني ساعدة : حصونها. أشقى من ذلك: قالته لما فاتها من تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، وقد فاتها خير عظيم. ذلك القدح : الذي شرب منه - صلى الله عليه وسلم -. استوهبه عمر بن عبدالعزيز : لما كان أميرا على المدينة.
5638 - رأيت قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أنس : زاد في فرض الخمس : (وشربت منه)، وأخرجه أبو نعيم من طريق علي بن الحسن بن شقيق، ثم قال : (قال علي بن الحسن: وأنا رأيت القدح، وشربت منه).
وذكر القرطبي أنه رأى في بعض النسخ القديمة من صحيح البخاري : (قال أبو عبدالله البخاري : رأيت هذا القدح بالبصرة، وشربت منه، وكان اشتري من ميراث النضر بن أنس بثمانمائة ألف)هـ، قاله في فتح الباري(1)، ونحوه في التنقيح،.
قال ابن غازي : (هذا تبرك ومحبة، كما يدخل الناس غار ثور، مع صعوبة ارتقائه ودخوله).
انصدع : انشق. فسلسله بفضة : وصل بعضه ببعض بها، وهو التضبيب. من نضار : عود أصفر يسبه لون الذهب.
حلقة من فضة …إلخ : أي لأنه رأى جواز ذلك، وعندنا فيه خلاف كما قدمناه.
31 - باب شرب البركة، والماء المبارك :
أراد بالبركة الماء، لأنه مبارك فيه، فعطف ما بعده عليه تفسير، قاله شيخ الإسلام(2) /.
__________
(1) - الفتح 10/123.
(2) - في تحفة الباري 3/247.(8/31)
5639 - حي على أهل الوضوء : قال السبكي في النكت : (كذا في هذه الرواية، والمحفوظ: حَيَّ هَلاً على الوضوء)هـ (1).
وقال السيوطي في التوشيح : (كذا للأكثر، وهو تحريف، وصوابه : حي هلا على الوضوء، و"حي" اسم فعل بمعنى أسرع، و"هلا" –بتخفيف اللام - كلمة استعجال، وللنسفي: حي على الوضوء، وهي أصوب)هـ(2).
قال الدماميني : (قلت : بل كل صواب، فإن "حي" بمعنى أقبل، فإن كان المخاطب المأمور بالإقبال هو الذي يريد الطهور، كان سقوط "أهل" صوابا، أي أقبل أيها المريد للتطهر على الماء الطهور، وإن جعلنا المخاطب هو الماء الذي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنباعه وتفجره من بين أصابعه، نزله منزلة المخاطب تجوزا، فإثبات "أهل" صواب، أي أقبل أيها الماء الطهور على أهل الوضوء)، هـ من مصابيحه(3)، وعليه اقتصر العارف في حاشيته.
لا آلو ما جلعت … إلخ: أي لا أقصر في الاستكثار مما جعلت منه فيه.
فائدة : قال الكرماني : (هذا آخر الربع الثالث، وأول الربع الرابع من هذا الجامع، على ما ضبطه المعتنون بشأن هذا الكتاب المبارك)هـ.
75 - " كتاب المرضى "
جمع مريض، والمرض خروج البدن عن المجرى الطبيعي.
1 - باب ما جاء في كفارة المرض:
الإضافة فيه للبيان، لأن المرض هو المكفر لغيره، لا أن له كفارة، والكفارة مأخوذة من الكفر، وهو التغطية، أي أن ذنوب المؤمن تتغطى، أي تمحى بما يقع له من ألم المرض، والمراد بها الصغائر كما يأتي(4).
وقول الله عز وجل: " مَن يَّعْمَلْ سُوءًا يُّجْزَ بِهِ "، أي في الدنيا بما ينزل به من الهموم والآلام والأسقام.
__________
(1) - النكت ص : 364.
(2) - التوشيح ص : 476.
(3) - تعليق المصابيح ص : 555-556.
(4) - جمع بين قولي ابن حجر والكرماني، انظر الفتح 10/128.(8/32)
روى الإمام أحمد وغيره أنه لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر: كيف الصلاح بعد هذه الآية ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ قال : بلى، قال : فهو ما تجزون به هـ (1).
وبه سيرد على المعتزلة حيث استدلوا بهذه الآية على أن الله تعالى لا يعفو عن السيئات.
بسم الله الرحمن الرحيم : كذا في نسخنا بتأخير البسملة.
5640 - يشاكها : يصاب بها.
5641، 5642 - من نصب : تعب. ولا وصب : مرض . ولا هم : كرب مما يتوقع. ولا حزن : كرب مما وقع. ولا أذى : من الغير. ولا غم : كل ما يضيق على القلب. إلا كفر الله بها من خطاياه : أي بعضها، وهو الصغائر، وفي رواية لأحمد : "إلا كان كفارة لذنبه "، ولابن حبان : " إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة"، ومثله لمسلم(2)، فيقتضي حصول الأمرين معا.
5643 - كالخامة من الزرع : الخامة الطاقة الطرية اللينة، وقال الخليل : (هي الزرع أول ما ينبت على ساق) (3). تفيؤها : تميلها، أي الريح، كما في الحديث بعده. وتعدلها : تقيمها. كالأرزة: واحدة الأرز، وهو شجر يعظم جدا، حتى لو أن عشرين نفسا أمسك بعضهم بيد بعض لم يقدروا على أن يحضنوها. لا تزال : قائمة مستوية. حتى يكون انجعافها : انقلابها وسقوطها مرة واحدة.
قال العلماء : معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في نفسه أو أهله أو ماله، وذلك مكفر لسيئاته، رافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها، وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة، قاله النووي؛
ابن حجر : (هذا في الغالب فيهما) (4).
__________
(1) - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/373 ح6328، وابن حبان في صحيحه 7/189 ح2926، والخاكم في مستدركه 3/78 ح4450.
(2) - رواه مسلم في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه (شرح النووي 16/128).
(3) - نقلا عن الفتح 10/131.
(4) - الفتح 10/132.(8/33)
5644 - فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء: وقع في هذا الكلام حذف أجحف بمعناه، وأصله كما في رواية أخرى :"فإذا اعتدلت أتتها ريح أخرى، وكذلك المؤمن تكفأ ذاته بالبلاء"، كذا للسيوطي(1) والسندي.
صماء : صلبة غير مجوفة . يقصمها : يكسرها.
- يصب منه : يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها.
تنبيه : قال الحافظ ابن حجر : (في هذه الأحاديث تعقب على الشيخ عزالدين بن عبدالسلام حيث قال :"ظن/ بعض الجهلة أن المصاب مأجور، وهو خطأ صريح، فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب، والمصائب ليست منها، بل الأجر على الصبر والرضى "هـ، ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حلول المصيبة، وأما الصبر والرضى بقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة)، هـ كلام الحافظ (2)، وقال بعد ذلك: (استدل بهذه الأحاديث على أن مجرد حصول المرض أو غيره مما ذكر يترتب عليه التكفير المذكور، سواء انضم إلى ذلك صبر المصاب أم لا، وأبى ذلك قوم كالقرطبي في المفهم)، ثم ساق نصه وما تعقب به عليه، فانظره(3).
وقال الشهاب في شرح الشفا : (ما قاله العز لا وجه له، ولا يليق صدور مثله منه، فإنه تعالى له أن يثيب العبد ابتداء، ويجعل ما اتفق له من غير فعل سببا لذلك، ثم نقل عن ابن حجر الهيثمي أنه قال : نص الشافعي في الأم بما يصرح بأن نفس المصيبة يثاب عليها، ثم بين ذلك، فانظره)هـ.
ونقل الشيخ جسوس في شرح المرشد عن الصيرفي تلميذ ابن عباد(4)
__________
(1) - في التوشيح ص : 476، ومثله في الفتح 10/133.
(2) - في الفتح 10/130.
(3) - في الفتح 10/134-135
وقول القرطبي مفاده أن الأجر مترتب إذا صبر المصاب واحتسب.
(4) - محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك النفزي الرندي، المعروف بابن عباد.
كان خطيبا بجامع القرويين بفاس.
له: الرسائل الصغرى، و الرسائل الكبرى، وشرح الحكم العطائية. وتوفي سنة 792هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 279، وكشف الظنون 675، وهدية العارفين 2/174.(8/34)
نحوه قائلا: (لله سبحانه أن يتكرم على عباده بواسطة ما يصدر منهم إليه، وبما يرد عليهم منه، بل الكل في التحقيق منه سبحانه)هـ.
وقال الشيخ زكريا : (وقوله : "إلا كفر الله بها …"إلخ، فإن صبر عليها ورضي أثيب على الصبر والرضى)هـ(1).
وقال المناوي : (ظاهر الخبر ترتب التكفير على مجرد المرض، هَبْهُ انضم له صبر أم لا، واشتراط القرطبي حُصُولَهُ مُنِعَ بأنه لادليل عليه، واحتجاجه بوقوع التقييد بالصبر في أخبار غير ناهض، لأن ما صح منها مقيد بثواب مخصوص، فاعتبر فيه الصبر لحصوله، ولن تجد حديثا صحيحا ترتب فيه مطلق التكفير على مطلق المرض مع اعتبار الصبر، أفاده الحافظ العراقي)، قال : (وقد اختبرت الأحاديث في ذلك، فتحرر لي ما ذكرته) هـ، ونحوه في الفتح، ثم قال الحافظ ابن حجر : (قال القرافي(2)
__________
(1) - تحفة الباري 3/248.
(2) - أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري، صاحب المصنفات البارعة.
أخذ عن ابن الحاجب، والعز بن عبدالسلام.
ألف الذخيرة في الفقه، والفروق، وشرح محصول الرازي، والتنقيح في أصول الفقه وهو مقدمة الذخيرة، والإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام، وهي كتب انعقد لسان الإجماع على كمالها. توفي سنة 684 هـ.
ترجمته في : الديبتاج المذهب 1/236، وشجرة النور الزكية 1/188-189.(8/35)
: « المصائب كفارات جزما سواء اقترن بها الرضى أم لا، لكن إن اقترن بها الرضى عظم التكفير وإلا قل"، كذا قال، والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضى يؤجر على ذلك، فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب ما يوازيه، وزعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب: جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك، لأن الشارع قد جعلها كفارة، فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل، وهو إساءة أدب على الشارع، كذا قال، وتعقب بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤال الوسيلة له، وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء، وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك)، هـ كلام الحافظ بحروفه(1).
قلت : قد ورد ما هو صريح في الرد على القرافي، وهو حديث ابن عباس الآتي في باب عيادة الأعراب من قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي عاده : (طهور إن شاء الله)، فقد قالوا إنه دعاء لا خبر، وان معناه طهور من ذنوبك، والله أعلم.
وقد تعقبه ابن الشاط(2)
__________
(1) - في الفتح 10/130.
(2) - أبو القاسم قاسم بن عبدالله بن محمد بن الشاط الأنصاري، نزيل سبتة.
أجازه ابن أبي الدنيا وابن الغماز، وعنه ابن الحباب وابن شيرين.
له : أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق، والفهرسة. وتوفي بسبتة سنة 723 هـ.
ترجمته في : الديباج المذهب 2/152، وشجرة النور الزكية 1/217.(8/36)
أيضا، انظر حاشية الرهوني عند قوله : وإنما يجزي الله أكبر، ثم قال الحافظ بعد أن قال ما نصه : (والذي يظهر أن المصيبة إذا قارنها الصبر حصل التكفير ورفع الدرجات، وإن لم يحصل الصبر، نظر فإن لم يحصل من الجزع ما يذم من قول أو فعل، فالفضل واسع، ولكن المنزلة منحطة عن منزلة الصابر السابقة، وإن حصل جزع فيكون ذلك / سببا لنقص الأجر الموعود به أو التكفير، فقد يستويان، يعني ذنب الجزع وثواب المصيبة، وقد يزيد أحدهما على الآخر، فبقدر ذلك يقضى لأحدهما على الآخر)هـ(1).
وقال ابن العربي في العارضة : (من فضل الله على عباده أن ابتلى ببلائه، وأجزل عليه من ثوابه، ولكن بشرط أن لا يكون منه متسخطا، وإن كان كارها متبرما، فكراهة النفس للمرض محمولة، ولكن لا يذكر بلسانه إلا خيرا)هـ.
وما تقدم في الجنائز عن ابن حجر من أن ثواب المصيبة بموت الولد مقيد بالصبر والإحسان على ما هو الصواب، جوابه أن ما هناك ثواب خاص، وهو تعويض الجنة أو الحجب من النار، فمن ثم قيد بما ذكر كما قدمناه عن العراقي هناك، فراجعه، والله سبحانه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
2 - باب شدة المرض :
أي بيان ما فيها من الفضل.
- يوعك : الوعك الحمى. أجل : نعم. حات : نثر. كما تحات ورق الشجر : كناية عن إذهاب الخطايا، أي الصغائر فقط.
3 - باب أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، ثم الأول -في الفضل- فالأول :
ابن حجر : (رواية الأكثر: " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل"، وللنسفي : " ثم الأوّل فالأوّل "، وجمعهما المستملي)هـ(2).
واللفظ الأول أخرجه النسائي والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص (3)، والثاني أخرجاه هما أيضا من حديث فاطمة بنت اليمان (4)
__________
(1) - الفتح 10/136.
(2) - اللفتح 10/137.
(3) - السنن الكبرى للنسائي 4/352 ح7481، ومستدرك الحاكم 3/343.
(4) - فاطمة بنت اليمان العبسية، أخت حذيفة.
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنها ابن أخيها أبو عبيدة بن حذيفة.
ترجمتها في: الاستيعاب ص:1902، والإصابة 8/72.(8/37)
.
قال النووي : (قال العلماء : الحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء، ثم الأمثل فالأمثل، أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب، ويظهر صبرهم ورضاهم) (1).
5648 - كما يوعك رجلان منكم : وقيس عليه - صلى الله عليه وسلم - سائر الأنبياء، وتلحق بهم الأولياء لقربهم منهم، وإن كانوا أحط درجة منهم، وهذا محل الترجمة.
فما دونها : في العظم أو في الحقارة. كما تحط : تلقي. الشجرة ورقها : زاد النسائي : (حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة).
ابن حجر : (وظاهره العموم في كل الذنوب، وخصه الجمهور بالصغائر، كنظائره من أحاديث الغفران المطلقة، لما وقع من التقييد في بعضها بما اجتنبت الكبائر كحديث : "الصلوات، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(2)، حملا للمطلق على المقيد).
4 - باب وجوب عيادة المريض :
أخذ الوجوب من ظاهر الأمر المذكور في الحديث، وقال جمهور العلماء : هي في الأصل مندوبة، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض دون بعض، قاله ابن حجر(3).
وقال القاضي عياض : (عيادة المريض مندوب إليها إلا فيمن لاقائم عليه، فيجب القيام به على الكفاية لئلا يضيع ويموت جوعا أو عطشا)، قال : (ولفظ العيادة يقتضي التكرار والرجوع إليه مرة بعد أخرى ليعلم حاله)هـ.
ابن العربي : (تكرار العيادة سنة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل بسعد بن معاذ)هـ.
الأبي : (ولا ينبغي أن يعجل الرجوع إلا لمن يعلم أنه لا يكره ذلك)هـ
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 16/129.
(2) - أخرجه مسلم 1/209 في الطهارة باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس، وأحمد 2/229.
(3) - في الفتح 10/139.(8/38)
والعيادة مطلوبة من كل مرض، ولو رمدا أو ضرسا أو عينا، وما روي من إخراج هذه الثلاثة ضعيف، قاله القسطلاني وغيره، وصحح البيهقي أنه موقوف(1).
وقال الأبي : (المحكم في المرض الذي يعاد منه العرف)هـ، ومطلوبة أيضا لكل أحد، صديقا كان أو عدوا قريبا، أو أجنبيا، ولو ذميا إذا كان قريبا أو جارا، دون أرباب البدع/ لأن الشرع أمر بهجرانهم.
وفي العارضة : (يعاد من يتوقى شره والذمي، كما فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -)هـ، ومطلوبة أيضا في كل زمان، صباحا أو مساء، ولو قبل ثلاثة أيام، وما روي من أنه لا يعاد قبل ثلاثة أيام ضعيف.
وقال أبو حاتم : (باطل موضوع) (2).
وقال ابن الجوزي : (موضوع)، نقله المناوي وأقره.
وروى الترمذي مرفوعا: (من عاد مريضا ناداه مناد من السماء : طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا) (3)؛ وأبو دواد مرفوعا : (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسبا، بوعد من جهنم سبعين خريفا)؛ وأحمد مرفوعا : (من عاد مريضا خاض في الرحمة، فإذا جلس عنده استنقع فيها)(4).
تنبيه : هذا حكم عيادة المريض، وأما حكم تمريضه فقال القرطبي: (من له أهل يجب تمريضه على من تجب عليه نفقته، وأما من لا تجب عليهم فمن قام به سقط عن الباقين)هـ، أي فهو فرض كفاية كما للقاضي عياض.
وقال الشيخ خ في الجامع : (و القيام بالمريض فرض كفاية يقوم به القريب، ثم الصاحب، ثم الجار، ثم سائر الناس)هـ(5).
وقال ابن عرفة : (حضور المحتضر كتمريضه فرض كفاية يتأكد على أوليائه).
5649 - العاني : الأسير.
__________
(1) - صحح البيهقي أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير، انظر الفتح 10/140.
(2) - في الفتح 10/140 : (وقد سئل عنه أبو حاتم فقال : هو حديث باطل).
(3) - أخرجه الترمذي 4/365 في البر والصلة، باب ما جاء في زيارة الإخوان رقم 2008.
(4) - مسند أحمد رقم 15236 عن كعب بن مالك، وهو مما انفرد به.
(5) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل : ل 57/أ.(8/39)
5650 - نهانا عن سبع : بقي منها السابع، وهو الشرب في آنية الفضة.
الديباج والإستبرق : نوعان من الحرير. وعن القسي: ثياب من كتان فيها حرير.
والميثرة : وطاء السروج من حرير.
5 - باب عيادة المغمى عليه :
أي الذي يصيبه غشى تتعطل معه قوته الحساسة، أي مطلوبيتها كعيادة غيره.
5651 - آية الميراث : هي " يُوصِيكُمُ اللهُ " الآية(1).
6 - باب من يصرع من الريح :
أي من انحباسه واستحقانه في الذات، فإنه قد يكون سببا للصرع، والصرع علة تمنع الأعضاء الرئيسة من انفعالها منعا غير تام، وسببه ريح غليظة تحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنج في الأعضاء، فلا يبقى الشخص معه منتصبا، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجن، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم، إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الإذاية به، والأول هو الذي يثبته الأطباء ويذكرون علاجه، والثاني يجحده كثير منهم، وبعضهم يثبته، ولايعرف له علاج إلا بمقاومة الأرواح الخيرة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة السفلية، قاله الحافظ في الفتح(2).
5652 - هذه المرأة السوداء : اسمها سُعَيْرَة(3) - بضم المهملة الأولى وفتح الثانية – الأسدية، وكنيتها أم زفر. أصرع : أي من الجن. أكشف : أي يظهر مني بعض ما أستره. ولك الجنة : أي بغير حساب كما في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة: (اصبري ولا حساب عليك). أم زفر: كنية سعيرة. على ستر الكعبة : جالسة عليه معتمدة.
__________
(1) - سورة النساء، الآية 11.
(2) - الفتح 10/141.
(3) - سعيرة الأسدية التي أخرج قصتها المشهورة بالصرع محمد بن إسحاق وابن منده.
ترجمتها في: الإصابة 7/700.(8/40)
قال الحافظ : (في الحديث فضل من يصرع، وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخص لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يضعف عن التزام الشدة، وفيه دليل على جواز ترك التداوي، وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجع بأمرين، أحدهما من جهة العليل، وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي، وهو قوة توجيهه، وقوة قلبه بالتقوى والتوكل، والله أعلم) (1) /.
7 - باب فضل من ذهب بصره : كلا أو بعضا.
5653 - بحبيبتيه : يعني عينيه، لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه.
ثم صبر :مستحضرا ما وعد الله به الصابرين من الثواب. عوضته منهما الجنة : وهي أفضل العوض، وإنما قيد بالصبر لأن الثواب هنا خاص، وهو تعويض الجنة، زيادة على تكفير الذنب، فلا يعارض ما سبق من أن تكفير الأمراض للذنوب لا يتوقف على الصبر.
8 - باب عيادة النساء الرجال :
أي مطلوبيتها، ولو كانوا أجانب بشرطها المعتبر(2).
وعادت أم الدرداء : أي الصغرى، واسمها هجيمة(3)، وهي تابعية، وأما الكبرى فاسمها خيرة(4)، وهي صحابية. رجلا : لم يسم. من أهل المسجد : النبوي.
…ابن بطال :(وهو محمول على أنها كانت متجالة).
__________
(1) - الفتح 10/143.
(2) - نقلا من الفتح 10/145.
(3) - في الفتح 10/145: "هجيمة"، وكذا في الإصابة 7/629، وتحرفت في الأصل إلى: "جهيمة".
قال ابن حجر: ذكرها أبو نعيم، وكلامه يدل على أنها واحدة، والصحيح أنهما اثنتان: الكبرى واسمها خيرة، والصغرى واسمها هجيمة، ولا صحبة لها – انظر الإصابة 8/161 (القسم الثاني).
(4) - خيرة بنت أبي حدرد، أم الدرداء الكبرى.
قال ابن عبد البر: كانت من فضلى النساء وعقلائهن، وذوات الرأي فيهن مع العبادة والنسك.
توفيت بالشام في خلافة عثمان.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1834، والإصابة 7/629-630.(8/41)
5654 - وُعِكَ : حُمَّ. فدخلت عليهما : قبل الحجاب. كيف تجدك ؟ : أي كيف تجد نفسك؟ أي كيف تعلم حال نفسك؟. مصبح : أي يقال أنعم صباحا. بواد : مكة. إِذْخِرٌ وجَلِيلُ : نبتان بها. مجنة (1) : موضع على أميال منها. شَامَة وطَفِيل : جبلان بقربها، أو عينان. بالجحفة : وكانت دار كفر فخربت.
9 - باب عيادة الصبيان :
مضاف للمفعول، أي مطلوبيتها أيضا.
5655 - ابنة للنبي صلى الله عليه : هي زينب رضي الله عنها. وسعد : أي ابن عبادة. يحسب : أي يظن أن أبيا كان معهم. أن ابنتي : أمامة. قد حضرت : حضرها الموت. فلتحتسب: الأجر من الله. تقعقع : تضطرب وتتحرك. رحمة : أي أثر رحمة. لا ما توهمته من الجزع.
10 - باب عيادة الأعراب :
سكان البادية، أي مطلوبيتها لهم كغيرهم.
5656 - أعرابي : هو قيس بن أبي حازم(2). طهور : لك من ذنوبك، وهو دعاء لاخبر. كلا : ليس بطهور. أو تثور : بمعنى تفور، أي تغلي ويظهر حرها. فنعم إذا : أي إذا أبيت إلا ما ذكرت فنعم، أي فيكون الأمر كما ظننت، وهو إما دعاء عليه، أو خبر عما يؤول أمره، زاد الطبراني:(فأصبح ميتا)(3).
11 - باب عيادة المشرك :
أي مشروعيتها لمصلحة دينية، كرجاء إصلاحه، أو غيرها كما إذا كان جارا أو قريبا كما قدمناه.
5657 - غلاما : قيل اسمه عبدالقدوس. فأسلم : لله در من قال :
ومريض أنت عائده - قد أتاه الله بالفرج.
عن أبيه : المسيب بن حزن(4)
__________
(1) - اسم سوق عربي في الجاهلية، وهي بمر الظهران بأسفل مكة، انظر معجم البلدان 5/58.
(2) - قيس بن أبي حازم حصين بن عوف البجلي، أبو عبد الله الكوفي.
أدرك الجاهلية، ورحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض النبي وهو في الطريق، فبايع أبا بكر، وأبوه له صحبة.
روى عن الخلفاء الأربعة والزبير وطلحة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1285، والإصابة 5/461، وتهذيب التهذيب 8/386.
(3) - في الفتح 10/147.
(4) - المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بم عائذ القرشي المخزومي.
له ولأبيه صحبة، وله حديث في الصحيحين.
وشهد فتوح الشام.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1400، والإصابة 6/121-122.(8/42)
.
12 - باب إذا عاد مريضا، فحضرت الصلاة فصلى بهم جميعا:
أي صلى بهم المريض جاز بشرطه.
5658 - يعودونه : في مشربة. في مرضه : الذي انفكت فيه ساقه الشريفة.
قال الحميدي : هذا منسوخ : يعني قعود المأمومين لقعود الإمام. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر ما صلى… إلخ : هذا دليل على النسخ، وليس هو الناسخ، لأنه معدود من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس لغيره أن يصلي قاعدا والناس خلفه قيام، وما يكون من الخصائص لا يكون ناسخا للحكم العام، راجع باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، ولابد.
13 - باب وضع اليد على المريض :
أي مطلوبيتها على جهة التأنيس له.
5659 - بنت سعد(1): ابن أبي وقاص. على جبهته : أي جبهة سعد . وأتمم له هجرته : فلا تمته بمكة. فيما يخال إلي : من خال بمعنى ظن.
وروى الترمذي عن أبي أمامة مرفوعا : (تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته فيسأله كيف هو)، وأخرجه ابن السني(2)، ولفظه : (يقول كيف أصبحت، أو كيف أمسيت؟).
14 - باب ما يقال للمريض -عند العيادة- وما يجيب –به-.
5662 - رجل : قيس. لا بأس/ طهور : فيه استحباب مخاطبة العائد للمريض بما يسليه من ألمه، ويذكره بالكفارة لذنوبه ويطهره منها، وروى الترمذي عن ابن مسعود مرفوعا : (إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل، فإن ذلك لا يرد شيئا، وهو يطيب نفس المريض) (3).
__________
(1) - عائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية.
روت عن أبيها وعن أم ذر، وقيل إنها رأت ستا من أمهات المؤمنين.
وعنها الحكم بن عتيبة وأبو الزناد ومالك بن أنس.
توفيت سنة 117هـ.
ترجمتها في: تهذيب التهذيب 12/436.
(2) - أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن اسباط الدينوري، أبو بكر بن السني.
له: عمل اليوم والليلة، والإيجاز في الحديث. وتوفي سنة 364هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/142، وطبقات الشافعية للسبكي 2/96، وشذرات الذهب 3/47.
(3) - سنن الترمذي 4/412 ح2087.(8/43)
النووي : (وهو معنى قوله في حديث ابن عباس : لا بأس) .
15 - باب عيادة المريض راكبا وماشيا، وردفا على الحمار :
أي مطلوبيتها كيفما تيسر.
5663 - إكاف : بردعة. على قطيفة فدكية : منسوبة إلى فدك، قرية بخيبر، وكل جار متعلق بما قبله، لأن القطيفة فوق الإكاف، والإكاف فوق الحمار. قبل أن يسلم: أي يظهر الإسلام. عجاجة الدابة : غبارها. خمر : غطى. يتثاورون : يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه يخفضهم. البحرة : المدينة. أن يتوجوه : بتاج الملك. فيعصبوه : بعصابة الملوك.
16 - باب قول المريض : إني وجع، أو وارأساه، أو اشتد بي الوجع :
أي جواز ذلك إذا لم يكن على وجه التشكي والضجر، أو التسخط من المقدور، وهو شامل لما إذا قال ما ذكر داعيا أو مخبرا بالواقع، وبه يطابق قول أيوب عليه السلام، وقضية كعب، وغيرهما، وقصره على غير الداعي تحكم لادليل عليه، واعتراض ابن التين تبعا لابن الملقن ذكر أيوب هنا قائلا : "إنه لا يشاكل تبويبه، لأنه إنما قاله داعيا، ولم يذكره للمخلوقين "، ساقط، واشتغال الحافظ ومن تبعه بالجواب عنه بغير ما ذكرناه عجيب، فتأمل ذلك، والله سبحانه أعلم.
5665 - قلت نعم : تؤذيني، إخبار بما وقع له. بالفداء : المذكور في قوله تعالى : "فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَام اَوْ صَدَقَة اَوْ نُسُك" (1).
__________
(1) - سورة البقرة، الآية196.(8/44)
5666 - قالت عائشة : حين أصابها وجع في أول ما بدئ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي توفي فيه منفجعة. وا رأساه : قال الطيبي: (ندبت نفسها وأشارت إلى الموت). ذاك : أي موتك. وأدعو لك : وفي رواية : (ما ضرك لو مت قبلي، فكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك). وا ثكلياه : أصل الثكل فقد الولد، أو من يعز على الفاقد، وليست حقيقته هنا مرادة، بل هو كلام كان يجري على ألسنتهم عند حصول المصيبة أو توقعها. معرسا ببعض أزواجك : من أعرس بأهله، بنى بها. بل أنا وا رأساه : هذا إضراب عما قبله، أي دعي ذكر ما تجدينه من ألم رأسك، واشتغلي بي فإنك لا تموتين في هذه الأيام، بل أنا الذي أموت فيها، عرف ذلك بوحي. أو أردت : أو للشك، يعني : أو قال أردت. إلى أبي بكر وابنه : عبدالرحمن، ليكونا شهيدين عليه. وأعهد : أي أكتب عهدا بخلافة أبي بكر. أن يقول القائلون : أي كراهة أن يقول القائلون : الخلافة في غير أبي بكر. المتمنون : الخلافة لهم. ثم قلت : لا أعهد له، بل أترك الأمر موكولا إلى الله تعالى، ليؤجر المسلمون في الاجتهاد فيه. يأبى الله : إلا خلافة أبي بكر. ويدفع المؤمنون : خلافة غيره : أو يدفع الله : خلافة غيره. ويأبى المؤمنون : إلا خلافته.
5667 - فسمعته : أي سمعت أنينه. أجل كما يوعك… إلخ: أي أوعك كما يوعك، وهذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم -، وهو محل الترجمة.…
5668 - بلغ بي ما ترى : أي من الوجع، وهذا موضع الترجمة. عالة : فقراء.
تنبيه : قال القاضي عياض: ( ذكر المريض ما يجد من الألم لغرض صحيح من مداواة أو دعاء أو وصية ونحوها جائز، وإنما يكره ما كان على وجه التشكي والتسخط فإنه يقدح في أجر المريض).
قال الأبي(دخلت أخت بشر بن الحارث(1)
__________
(1) - أبو نصر بشر بن الحارث بن عبدالرحمن المروزي البغدادي، المعروف ببشر الحافي، الزاهد الجليل، المتوفى سنة 227 هـ.
ترجمته في : طبقات ابن سعد 7/342، وحلية الأولياء 8/336، وتاريخ بغداد 7/67، وسير أعلام النبلاء 10/469.(8/45)
على أحمد بن حنبل فقالت : يا أبا عبدالله، أنين المريض أشكوى هو ؟ قال : أرجو ألا يكون شكوى، ولكن اشتكي لله).
17 - باب قول المريض: قوموا عني :
أي جواز قوله ذلك إذا وقع من الحاضرين عنده ما يقتضي ذلك.
5669 - هلم : تعالوا. قد غلب عليه الوجع : فلا تشقوا عليه بإملاء الكتاب، لأنه فهم منه عدم وجوب ذلك. حسبنا / : يكفينا. قوموا : عني. الرزية: المصيبة.
ابن حجر : (يؤخذ منه أن الأدب في العيادة ألا يطول العائد عند المريض حتى يضجره، وألا يتكلم عنده بما يزعجه، وجملة آداب العيادة عشرة أشياء، ومنها مالا يختص بالعيادة : ألا يقابل الباب عند الاستئذان، وأن يدق الباب برفق، وألا يبهم نفسه كأن يقول أنا، وألا يحضر في وقت يكون غير لائق بالعيادة كوقت شرب المريض للدواء، وأن يخفف الجلوس، وأن يغض البصر، وأن يقلل السؤال، وأن يظهر الرقة، وأن يخلص الدعاء، وأن يوسع للمريض في الأجل ويشير عليه بالصبر لما فيه من جزيل الأجر ويحذره من الجزع لما فيه من الوزر)هـ(1).
زاد المناوي : (وما اعتيد من ختم مجلس الزيارة بقراءة الفاتحة فهو حسن، قال بعضهم : لكن لم يرد فيه بخصوصه خبر ولا أثر، وورد في أثر السلف : كانوا يتفرقون على قراءة سورة الإخلاص).
وقال الأبي : (لا يبعد أن يكون من آداب العيادة أن يضع العائد يده على المريض، لما جاء عن ابن مسعود من فعل ذلك)هـ.
وقال ابن عبدالبر : (لا خلاف بين العلماء والحكماء أن السنة في العيادة التخفيف، إلا أن يكون المريض يدعو الصديق إلى الأنس به؛ وقال الشعبي: عيادة حمقى العواد أشد على المريض من مرض صاحبهم، يجيئون في غير وقت عيادة، ويطيلون الجلوس.
قال أبو عمر : لقد أحسن ابن جرار في نحو هذا حيث يقول :
إن العيادة يوم بين يومين -
لا تبرمن مريضا في مساءلة - ... واجلس قليلا كلحظ العين بالعين
يكفيك من ذلك تسئال بحرفين)
هـ من التمهيد (2) .
__________
(1) - الفتح 10/156.
(2) - التمهيد 1/197.(8/46)
وقال ابن غازي في حاشيته : أنشدوا :
إذا أتيت عليلا -
ولا تطول عليه -
وقم بفضلك عنه - ... فاقعد لديه قليلا
وقل مقالا جميلا
تكن حكيما نبيلا.
18 - باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له :
بالبركة والخير.
5670 - مثل زر الحجلة : بيت كالقبة، له أزرار وعرى يسمى الناموسية.
19 - باب تمني المريض الموت :
أي النهي عن ذلك لما فيه من التسخط، يعني إذا كان لغير عذر شرعي، كما يأتي.
5671 - لا يتمنين أحدكم : النهي للتحريم، والخطاب للصحابة، والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين إلى يوم القيامة. من ضر أصابه : مرض أو فاقة أو شيء من مشاق الدنيا، فإن ذلك يكون ضجرا وسخطا، وأما لخوف ضر في الدنيا فلا بأس به، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أردت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون "، قاله القاضي عياض.
ابن حجر : (وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففي الموطأ عن عمر أنه قال : "اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولامفرط")(1).
فليقل : اللهم أحيني ...إلخ : لما في هذا اللفظ من التفويض والتسليم دون تمني الموت، ففيه نوع من الاعتراض.
5672 - في هذا التراب : أي البناء الزائد على الحاجة.
5673 - لن يدخل أحدا عمله الجنة : وقوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (2)، محمول على نيل منازلها وقصورها، لا على أصل دخولها، فهو بفضل الله، وقيل الباء في الآية للسببية الجعلية، أي دخولها بجعل الله الأعمال سببا له، وهذا الجعل بفضل كرم الله تعالى ومنته، فآل الأمر إلى أن دخولها بمحض الفضل، راجع كتاب الإيمان.
__________
(1) - الفتح 10/157، والحديث في الموطأ 2/824 كتاب الحدود ح1506.
(2) - سورة الزخرف، الآية 72.(8/47)
يتغمدني الله بفضل ورحمة : أي يلبسنيه ويسترني به. فسددوا : اقصدوا السداد، أي الصواب . وقاربوا : لا تفرطوا في العبادة. ولا يتمنى أحدكم الموت : زاد في رواية همام عن أبي هريرة : (ولا يدع به من قبل أن يأتيه)، وهو قيد في الصورتين، فمفهومه أنه إذا حل به لا يمنع من تمنيه رضى بلقاء الله، ولا من طلبه من الله كذلك. أن يستعتب : أي يرجع عن موجب العتب عليه بان يتوب إلى الله.
5674 - وألقحني بالرفيق : أي الأعلى، أي الملائكة، وهذا قاله/ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تيقن حضور الأجل وحصول الموت، والنهي عن تمني الموت مختص بما عدا ذلك كما قدمناه، وبهذا أعقب البخاري حديث عائشة لحديث أبي هريرة، فلله دره ما كان أكثر استحضاره وإيثاره للأخفى على الأجلى، شحذا للأذهان، قاله ابن حجر.
20 - باب دعاء العائد للمريض :
بالشفاء ونحوه، أي مطلوبية ذلك، واستشكل بأن في المرض كفارة وثواب، فكيف يدعى برفعه، وأجيب بأن الدعاء عبادة، ولا ينافي الثواب والكفارة، لأنهما يحصلان بأول المرض وبالصبر عليه، والداعي بين حسنتين، إما أن يحصل له مقصوده، أو يعوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر، وكل ذلك من فضل الله تعالى، قاله ابن حجر(1).
5675 - يغادر : يترك .
21 - باب وضوء العائد للمريض :
أي ليصب عليه فضل وضوئه إذا كان ممن يتبرك به، أي مطلوبية ذلك.
5676 - فصب علي: من وضوئه، أي من فضله. إلا كلالة: أي دون الأصول والفروع.
آية الفرائض : هي "يُوصِيكُمُ اللهُ" (2)، إلى آخرها، فإنها مشتملة على حكم الكلالة في قوله تعالى: "وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً" الآية (3)، وتوهيم الزركشي لهذا القول مردود، انظر الفتح.
22 - باب من دعا برفع الوباء :
المرض العام، وقد يطلق على الطاعون لأنه من أفراده، والحمى : الداء المعروف.
__________
(1) - في الفتح 10/162-163.
(2) - سورة النساء، الآية 11.
(3) - سورة النساء، الآية 12.(8/48)
5677 - وُعِكَ : حُمَّ . فدخلت عليهما : قبل الحجاب. كيف تجدك ؟ : أي كيف حالك؟. مصبح : مقول له : أنعم صباحا. عقيرته : صوته. بواد : مكة. إذخر وجليل : نبتان بها. مجنة : موضع قربها. شامة وطفيل : جبلان قربها. وصححها : أي برفع الوباء منها، وهذا موضع الشق الأول من الترجمة. بالجحفة : وكان أهلها يهود شديدي الأذى للمسلمين.
76 - " كتاب الطب "
…أي علاج الأمراض، ومداره على ثلاثة أشياء : حفظ الصحة، والاحتماء عن المؤذي، واستفراغ المادة الفاسدة(1).
1 - ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء :
…أي دواء، أي ما أصاب الله أحدا بداء إلا قدر له دواء، ففيه إباحة التدواي ومعالجة الأسقام، وأن الأدوية تنفع بإذن الله، وروى أحمد والأربعة عن أسامة مرفوعا : (تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يدع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم) (2)، وفي لفظ : " إلا السام"، يعني الموت.
…قال الحرالي (3)
__________
(1) - باللفظ في الفتح 10/165، وأصله عند ابن القيم في الطب النبوي ص : 2، قال : (قواعد طب الأبدان ثلاثة :
حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة).
(2) -رواه أحمد في المسند رقم 17726 و17727 و17728 بألفاظ متقاربة، والترمذي في الطب رقم 1961، وأبو داود في الطب رقم 3855، وابن ماجة في الطب رقم 3427.
(3) - علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي المالكي، المعروف بالحرالي.
أصله من الأندلس، وولد بمراكش، وتوفي بحماة سنة 637هـ.
له: مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل، والوافي في علم الفرائض.
ترجمته في: نفح الطيب 7/167، ونيل الابتهاج 201، وشذرات الذهب 5/189.(8/49)
: (على المريض والطبيب أن يعمل على أن الله أنزل الداء والدواء، وأن المرض ليس بالتخليط وإن كان معه، وأن الشفاء ليس بالدواء وإن كان عنده، وإنما المرض بتأديب الله، والبرء برحمته حتى لا يكون كافرا بالله مؤمنا بالدواء، كالمنجم إذا قال مطرنا بنوء كذا، ومن شهد الحكمة في الأشياء ولم يشهد مجريها، صار بما علم منها أجهل من جاهلها)هـ، نقله المناوي في فتح القدير.
2 - باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل ؟
نعم عند الضرورة وأمن الفتنة.
5679 - ونخدمهم : بالمداواة وغيرها، وفي الجهاد، (ونداوي الجرحى)، ومداواة الرجل المرأة مقاسة على عكسها في جميع ما ذكر.
قال القرطبي : (قوله : "ويداوين الجرحى" أي يهيئن الأدوية ويطحنها ولا يلمسن من الرجال مالا يحل، ثم أولئك النساء إما متجالات / فيجوز لهن كشف وجوههن، وأما الشواب فيحتجبن، وهذا كله على عادة نساء العرب في الانتهاض والنجدة والجرأة والعفة، وخصوصا نساء الصحابة).
3 - باب الشفاء في ثلاث :
5680 - بينها في الحديث بقوله : "شربة عسل" ... إلخ، ولم يرد به خصوص الشرب، بل استعماله في الجملة فيما يصلح استعماله فيه، قاله الدماميني(1).
وقال السيوطي : (وجه الحصر فيها أن الأول يستفرغ الأخلاط بالإسهال، والثاني يستفرغ خلط الدم إذا هاج، والثالث للخلط البلغمي الذي لا تنحسم مادته إلا به، ولهذا قيل : آخر الطب الكي) (2).
وأنهى : نهي تنزيه وإرشاد. عن الكي: لما فيه من الألم.
ابن رشد :(اختلف السلف في التداوي بالكي، والأكثر على إجازته، وقد كوى النبي - صلى الله عليه وسلم - أسعد بن زرارة).
4 - باب الدواء بالعسل :
__________
(1) - في تعليق المصابيح ص : 556.
(2) - التوشيح ص : 477-478.(8/50)
وهو معروف، قيل أصله طل يقع على الزهر وغيره، فتلتقطه النحل، وأصلحه الربيعي ثم الخريفي، وأما الشتوي فرديء، وما يؤخذ من الجبال أو الشجر أجود مما يؤخذ من الخلايا، وأسماؤه تزيد على المائة، ومنافعه لا تحصى، حتى قال ابن القيم :(ما خلق الله لنا شيئا في معناه أفضل منه، ولا مثله، ولا قريبا منه، ولم يكن معول الأطباء إلا عليه، وأكثر كتبهم لايذكرون فيها السكر البتة)هـ(1)، نقله المناوي.
وقوله تعالى : " فِيهِ شِفَاءٌ " (2)، أي من بعض الأدواء ولبعض الناس، لأنه نكرة في سياق الثبوت فلا تعم، وجعله بعض أهل الصدق على العموم فكانوا يستشفون به في كل الأمراض فيشفون، قاله القرطبي.
5682 - يعجبه الحلواء والعسل: والإعجاب أعم من أن يكون على سبيل الدواء أو على سبيل الغذاء.
5684 - رجلا : لم يعرف هو ولا أخوه. يشتكي بطنه : من إسهال حصل له من تخمة أصابته. صدق الله : في قوله : "فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ". وكذب : أخطأ. فسقاه فبرأ : لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الداء فأذهبه.
5 - باب الدواء بألبان الإبل :
في المرض الذي يصلح له.
5685 - فلما صحوا قالوا ... إلخ : القاضي عياض : (ذكر " لما صحوا" هنا وزيادته خطأ ووهم، وليس موضعه، وإنما موضعه آخر الحديث، كما جاء في موضعه وفي سائر الأبواب على الصواب). راعي النبي صلى الله عليه : يسار. وسمر أعينهم : كحلها بمسامير محماة. يكدم الأرض : يعضها ليجد بردها. الحسن : البصري: وددت أنه لم يحدثه: لأنه كان ظالما يتمسك في الظلم بأدنى شيء.…
6 - باب الدواء بأبوال الإبل :
__________
(1) - زاد المعاد 4/34، ومثله في الطب النبوي ص : 26.
(2) - سورة النحل، الآية 69.(8/51)
في المرض الذي يصلح له كذرب البطن، وهو فساد المعدة(1)، أي جوازه لطهارته.
5686 - اجتووا المدينة : حصل لهم فيها الجوى، أي الوخم.
قبل أن تنزل الحدود : والجمهور على أنه كان بعده، وإنما فعل ذلك بهم قصاصا لفعلهم ذلك بالراعي، قاله شيخ الإسلام.
وقال ابن العربي : (كونه قصاصا هو الصحيح) هـ، راجع أبواب الطهارة.
7 - باب الحبة السوداء :
أي الدواء بها، وهي الشونيز(2).
5687 -بقطرات: أي معه. في هذا الجانب : من الأنف. وفي هذا الجانب : منه.
ابن حجر : (هذه الكيفية ذكرها الأطباء دواء للزكام العارض معه عطاس، فلعل أبجر(3) كان به زكام، ومن نفعها للزكام أيضا أنها تقلى وتصر في خرقة وتشم، نقله القاضي عن الأطباء ).
شفاء من كل داء : قيل هذا من العام الذي أريد به الخصوص، أي من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم، وقيل / هو على عمومه بدليل الاستثناء، وأنها تدخل في كل دواء بالتركيب.
8 - باب التلبينة للمريض :
هي حساء يصنع من دقيق أو نخالة، وربما جعل فيها عسل، سميت تلبينة لشبهها باللبن في الرقة والبياض.
5689 - تَجُمُّ : تريح.
5690 - البغيض : للمريض. النافع : لمرضه.
9 - باب السَّعُوط :
بفتح السين، هو ما يجعل من الدواء بالأنف.
__________
(1) - كذا في الفتح 10/176، وقال ابن القيم في الطب النبوي ص : 36: (ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة، وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها).
(2) - في لغة الفرس كما في الطب النبوي ص : 229.
(3) - إنما هو غالب بن أبجر كما في متن الحديث 5687، وانظر الفتح 10/178.
وهو غالب بن أبجر المزني الكوفي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعته خالد بن سعد وعبد الرحمن بن معقل.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1252، والإصابة 5/314، وتهذيب التهذيب 8/241.(8/52)
5691 - واستعط : استعمل السعوط بأن استلقى - صلى الله عليه وسلم - على ظهره، وجعل بين كتفيه ما يرفعها لينحدر رأسه الشريف، وقطر في أنفه ما يداوي به، ليصل إلى دماغه فيخرج ما فيه من الداء بالعطاس(1).
10 - باب السَّعُوط بالقُسْط الهندي البحري :
نسخة ابن حجر : ("والبحري"، ونقل عن ابن العربي أنه نوعان : هندي وهو أسود، وبحري وهو أبيض، والهندي أشدهما حرارة)هـ(2).
وقال النووي : (ليس القسط من المقصود للتطييب)هـ.
وقال المفضل بن سلمة(3): (هو من طيب الأعراب)هـ
وقال شارح الصغاني : (هو من عقاقير البحر، يبخر به للنفساء)هـ.
وقال الزركشي : (عقار معروف)هـ(4).
ونقل القسطلاني عن النزهة أن أجوده ما كان حديثا ممتلئا غير متآكل، يلدغ اللسان هـ(5)، وبهذه الأوصاف مع ما يأتي أيضا يعلم أنه ليس هو العود القماري المعروف كما ظنه بعضهم، والله أعلم.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/182، ومثله في الطب النبوي ص : 75.
(2) - الفتح 10/182.
(3) - المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي الكوفي.
حدث عن عمر بن شبة وأبي عبد الله بن الأعرابي. وعنه محمد بن يحيى الصولي.
له: الاشتقاق، والبارع في اللغة، والفاخر فيما يلحن فيه العامة.
ترجمته في: تاريخ بغداد 13/124، ووفيات الأعيان 1/582، وبغية الوعاة 396.
(4) - التنقيح ص : 234.
(5) - الإرشاد 8/409، وسمى الكتاب "نزهة الأفكار"(8/53)
5692 - عليكم بهذا العود الهندي : أي القسط. يستعط به من العذرة: هي وجع يأخذ الصبي في حلقه أو قرحة(1) تخرج بين الأنف والحلق(2) أو سقوط اللهاة، وكيفية الاستعاط به ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن من جابر مرفوعا:( أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه، فلتأخذ قسطا هنديا، فلتحله بماء ثم تسعطه إياه)(3)، قال السيوطي في المرقاة : (أي تحكه على حجر بماء)، وقال القرطبي : (أي يدق ناعما)، وقال ابن العربي : (صفته هنا أن يؤخذ سبع حبات منه، تدق ثم تخلط بزيت، ثم يقطر في منخره).
ويلد به : بأن يجعل في أحد شقي الفم. من ذات الجنب : هو ألم يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة تختنق بين الصفاقات، فتحدث وجعا.
ولم يذكر الراوي بقية السبع اختصارا.
5693 - فرش عليه : أي غسله.
11 - باب أية ساعة يحتجم ؟
المراد بالساعة مطلق الزمان، وظاهر صنيعه أنه لاوقت لها معين، وإنما وقتها وقت الاحتياج إليها، كان ذلك في ليل أو نهار، نعم وردت أحاديث بتعيين أوقات لها، ففي أبي دواد عن أبي هريرة مرفوعا: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء)(4).
__________
(1) - في النسختين "خرجة "، ولا معنى لها، والتصحيح من الطب النبوي ص : 75، والفتح 10/183.
(2) - مثله في زاد المعاد 4/95.
(3) - أخرجه أحمد في المسند 3/315 وسنده صحيح، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/89 إلى أبي يعلى والبزار، وقال : رجاله رجال الصحيح.
(4) - أخرجه أبو دواد في باب متى تستحب الحجامة رقم 3861، وهو حسن، ورواه ابن ماجة رقم 3486، والبيهقي 9/340.(8/54)
وفي ابن ماجة عن ابن عمر مرفوعا : (الحجامة على الريق أمثل، وفيه شفاء وبركة، ويزيد في الحفظ وفي العقل، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء) (1).
وفي الجامع الصغير : (من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت، فرأى في جسده وضحا فلا يلومن إلا نفسه) (2).
الحاكم عن أبي هريرة : (وقال الأطباء : أنفع الجحامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة، وألا يقع عقب استفراغ عن حمام أو جماع، أو غيرهما، ولا عقب شبع ولاجوع)(3).
5694 - وهو صائم : فدل على أنه احتجم نهارا.
12 - باب / الحجم في السفر والإحرام :
أي جوازه فيهما إذا احتيج إليه.
13 - باب الحجامة من الداء :
أي من أجل هيجانه، ومثلها الفصد.
قال صاحب الهدي : (التحقيق في أمر الفصد والحجامة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والمزاج، فالحجامة في الأزمان الحارة والأمكنة الحارة والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع، والفصد بالعكس، ولهذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لايقوى على الفصد) (4).
5696 - أبو طيبة : اسمه نافع. بالغمز من العذرة : أي بالعصر باليد، كانت المرأة تأخذ خرقة فتفتلها فتلا شديدا، وتدخلها في حلق الصبي، وتعصر عليه فيخرج منه دم أسود، فحذرهم - صلى الله عليه وسلم - من ذلك.
5697 - لا أبرح : من عندك.
14 - باب الحجامة على الرأس :
__________
(1) - أخرجه ابن ماجة رقم 3487 و3488، والحاكم 4/409 بأسانيد ضعيفة.
(2) - أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 1/154، والحاكم 4/409-410، والبيهقي 9/340، وانظر الضعيفة للألباني 4/رقم 1524، والجامع الصغير 2/555 (رقم 8328)
(3) - مثله في زاد المعاد 4/59 منسوبا إلى صاحب القانون.
(4) - زاد المعاد 4/54.(8/55)
أي فضلها، وورد فيها حديث ضعيف أخرجه ابن عدي عن ابن عباس رفعه : (الحجامة في الرأس تنفع من سبع : من الجنون والجذام والبرص والنعاس والصداع ووجع الضرس والعين)(1).
5698 - بِلَحْيَيْ جمل : موضع بالجحفة.
15 - باب الحجامة من الشقيقة :
أي من أجلها، وهي وجع يصيب في أحد شقي الرأس، والصداع : وجع يصيب الرأس كله.
5700 - بماء : أي بموضع به ماء.
5702 - خير : أي شفاء، ودخل فيه ما في الترجمة.
تنبيه : ذكر في هذه الأحاديث حجامته - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم، ومذهبنا فيها الجواز لعذر، وعليه يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم -، والكراهة لغيره، ثم إن أزال شعرا أو قتل قملا افتدى وإلا فلا.
16 - باب الحلق -للرأس وغيره- من الأذى:
أي جوازه من أجل الأذى، ومذهبنا جوازه مطلقا، ويأتي إيضاحه في باب القزع.
5703 - أو أطعم ستة : من المساكين، لكل واحد نصف صاع. نسيكة : شاة فأعلى.
17 - باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو :
اتكالا على الله سبحانه، وتفويضا له.
5704 - وما أحب أن أكتوي :
ابن حجر : (لم أر في أثر صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتوى، إلا أن القرطبي نسب للطبري(2) أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتوى، وذكره الحليمي بلفظ: " روي أنه اكتوى للجرح الذي أصابه بأحد")(3).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/187-188.
وذكر أبو نعيم في الطب النبوي حديث مرفوعا : "عليكم بالحجامة فإنها تشفي من خمسة أدواء"، وفي آخر : " فإنها شفاء من اثنين وسبعين داء"، وقد أوردها السيوطي في الجامع الصغير، ورائحة الضعف فائحة منها - انظر زاد المعاد 4/57.
(2) - في مخطوطة العرائشي : "الطبراني"، وهو تحريف، وفي الفتح 10/192 : (نسب إلى كتاب أدب النفوس للطبري).
(3) - الفتح 10/192.(8/56)
قال ابن حجر : (والثابت في الصحيح أن فاطمة أحرقت حصيرا فحشت به جرحه، وليس هذا هو الكي المعهود)، ثم قال : (وجزم ابن التين بأنه اكتوى، وعكسه ابن القيم في الهدي (1) ) (2).
5705- لا رقية : أكثر نفعا. إلا من عين : يصيب العائن بها غيره إذا استحسنه عند رؤيته، فيتضرر المرء منه. أو حمة : بتخفيف الميم، وهي سم العقرب أو شوكتها، وقيل كل هامة ذات سم. عرضت علي الأمم : أي مناما. الرهط : ما دون العشرة، أو إلى الأربعين. سواد : المراد به الأشخاص. فدخل : حجرته. ولم يبين لهم : أي للصحابة من هم السبعون ألفا. فبلغ النبي صلى الله عليه : أي ذلك القول. لا يسترقون : مطلقا. ولايتطيرون : لا يتشاءمون من شيء أصلا. وعلى ربهم يتوكلون : في جميع أمورهم، فلم يصدر منهم شيء مما ذكر أصلا لتوغلهم في التوكل، هذا رأي الخطابي ومن تبعه، قال : (وإليه ذهب السلف).
وقال القاضي : (إنه الذي اقتضاه ظاهر اللفظ)، قال : (وإنما رقى - صلى الله عليه وسلم - غيره / واسترقى لأنه في مقام التشريع لأمته).
وقال النووي: (الظاهر من معنى الحديث ما اختاره الخطابي ومن وافقه، وحاصله أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله عز وجل، فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم، ولاشك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها، وأما تطبب النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعله ليبين لنا الجواز، والله أعلم)(3).
آخر : قيل هو سعد بن عبادة. سبقك عكاشة (4)
__________
(1) - قال في زاد المعاد 4/48 :
("ألصقته بالجرح فاستمسك الدم" برماد الحصير المعمول من البردي، وله فعل قوي في حبس الدم، لأن فيه تجفيفا قويا).
(2) - الفتح 10/192.
(3) - انظر أعلام السن ص : 1150.
(4) - عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن بكير الأسدي، حليف بني عبد شمس.
من السابقين الأولين، وشهد بدران واستشهد في قتال أهل الردة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1080، والإصابة 4/523-524.(8/57)
: قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة لأنه لو قال نعم لقام غيره ثم آخر، وهلم جرا، ثم إن مزيتهم بدخولهم بغير حساب لا تستلزم أفضليتهم على غيرهم، بل فيمن يحاسب في الجملة من هو أفضل منهم، كما دل عليه حديث أحمد وغيره من رفاعة الجهني مرفوعا : (وعدني ربي أن يدخل من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تتبوأوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن الجنة)(1)، ويأتي في الرقاق ذكر الزيادة على السبعين ألفا.
18 - باب الإثمد :
حجر يتخذ منه الكحل، أي استعماله، والكحل: أي استعماله أيضا، وهو دواء للعين مركب من الإثمد أو من غيره، من الرمد: الداء المعروف، وأشعر كلامه بقصر جواز استعمال الكحل للرجال على التداوي فقط من رمد ونحوه، وهو مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن يونس (2): (قال مالك : أكره الكحل للرجال بالليل والنهار، إلا لمن به علة، وما رأيت من يكتحل إلا لضرورة)هـ.
وقال في الجواهر : (سئل مالك عن اكتحال الرجل بالإثمد، فقال : ما يعجبني، وما كان من عمل الناس، وما سمعت فيه شيئا. قال الشيخ أبو بكر: إنما كره الاكتحال بالإثمد لأن فيه ضربا من الزينة التي تشبه زينة النساء، ويكره للرجل التشبه بالنساء)هـ.
قال الشيخ التاودي : (يريد إلا لضرورة أو حاجة، ويكون هو محمل الحديث عنده، والله أعلم).
__________
(1) - رواه أحمد في المسند رقم 21271، والترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع رقم 2361، وابن ماجه في الزهد رقم 4276.
(2) - أبو بكر محمد بن عبدالله بن يونس التيمي الصقلي. أخذ عن أبي الحسن الحصائري وعتيق بن الفرضي وابن أبي العباس؛ وكان ملازما للجهاد، وألف كتابا جامعا لمسائل المدونة. توفي سنة 451هـ.
ترجمته في : شجرة النور الزكية 1/111.(8/58)
ابن حجر : (وقع الأمر بالاكتحال وترا من حديث أبي هريرة في سنن أبي دواد، وفي بعض الأحاديث كيفية الاكتحال، وحاصله ثلاث في كل عين، فيكون الوتر في كل واحدة على حدة، أو اثنين في كل عين وواحدة بينهما، أو في اليمنى ثلاث وفي اليسرى اثنين، فيكون الوتر بالنسبة لهما معا، وأرجحها الأول، والله أعلم) (1).
5706 - امرأة : عاتكة. زوجها : المغيرة المخزومي. عينها : فاعل أو مفعول. أحلاسها : ثيابها. رمت ببعرة : لترى من حضرها أن مقامها حولا أهون عليها من رمي بعرة. فلا : أي لا تكتحل، أي نهارا لما في الموطأ : (اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) (2).
أربعة أشهر : منصوب بفعل مضمر، أي لتكمل أو لتقعد.
19 - باب الجُذَام :
الكرماني : (هو علة يحمر منها اللحم ثم يتقطع ويتناثر، وقيل هو علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيئتها) (3)، وربما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرح.
5707 - لا عدوى : العدوى مجاوزة العلة صاحبها إلى غيره قاله الطيبي، أي لامجاوزة ولا سراية للداء عن صاحبه إلى غيره موجودة أو مؤثرة.
قال القرطبي : (لا في هذه الأمكان، وإن كانت لنفي ما ذكر بعدها فمعناها النهي من اعتقاد تلك الأمور، فإنها إنما هي أوهام كانت العرب تعتقدها، فجاء الشرع بإبطالها). ولا طيرة : كعنبة، من التطير وهو التشاؤم بالطير وغيره. ولا هامة : بتخفيف الميم على الصحيح، قيل هي البومة، كانوا يزعمون أنها إذا سقطت على دار أحدهم نعت له نفسه أو بعض أهله. ولا صفر : هو داء أو حية تكون في البطن، تصيب الماشية، والناس يزعمون أنها أعدى من الجرب.
وفر من المجذوم ... إلخ: ظاهره التعارض بينه وبين قوله : "لا عدوى"، وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة مذكورة في الفتح وغيره، أظهرها ثلاثة :
__________
(1) - الفتح 10/184.
(2) - الموطأ 2/600 باب ما جاء في الإحداد، ح1252.
(3) - الكواكب الدراري 21/3.(8/59)
أحدها : أن العمل على قوله : "لا عدوى"، أي لا وجود لها، وإنما أمر بالفرار من المجذوم حسما للمادة وسدا للذريعة، لئلا يتفق لمن لاقاه شيء مما / أصابه بقدر الله لابالإعداء، فيظن أنه عدوى فيقع في الحرج، وهذا جواب ابن خزيمة، وأبي عبيد والطحاوي والطبري والقرطبي.
ثانيهما : أن المنفي هو العداء الطبيعي الذي كانت تعتقده الجاهلية، وقوله : "فر من المجذوم ..." إلخ، أي لأن الله أجرى العادة بالإعداء عند المخالطة، فهو من الأسباب التي تفضي إلى مسبباتها، فليتقى المجذوم كما يتقى الجدار المائل، وهذا جواب البيهقي وابن الصلاح وجمهور الشافعية.
ثالثها : أن قوله "لا عدوى" عام خص بقوله "فر من المجذوم ..."إلخ، أي لا عدوى إلا ما استثنيت من ذلك كالجذام والبرص والجرب، وهذا جواب الباقلاني، هـ من الفتح(1) ملخصا.
20 - باب المَنّ شفاء العين :
المن طل ينزل من السماء على شجر أو حجر، ويجف جفاف الصمغ، وأخذ كونه شفاء للعين من حديث الكمأة، لأنها إذا كانت من المن وفيها شفاء، فالمن فيه شفاء أيضا.
5708 - الكمأة : نبات لا ورق له ولا ساق. من المن : أي الذي أنزل على بني إسرائيل كما في مسلم (2)، شبهت به الكمأة بجامع وجود كل منهما عفوا بغير علاج. وماؤها شفاء للعين : بأن تؤخذ فتقشر ثم تصلق بالنار، ويستخرج ماؤها بشقها وتعصيرها، ويكتحل به وهو لازال سخنا، فإن برد لم ينفع بل يضر.
النووي : (الصواب أن ماءها وحده يقطر ويجعل في العين)، قال : (وقد رأيت أنا وغيري من عمي واستعمل ذلك اعتقادا في الحديث وتبركا به فشفي) (3).
21 - باب اللدود :
بفتح اللام، هو جعل الدواء في أحد جانبي فم المريض.
__________
(1) - الفتح 10/196-200.
(2) - صحيح مسلم 3/1620 كتاب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، باب فضل الكمأة ومداواة العين بها، ح2049.
(3) - نقلا عن الفتح 10/203.(8/60)
5712 - لددناه : جعلنا الدواء في جانب فمه الشريف من غير إذن منه - صلى الله عليه وسلم -. فقلنا كراهية … إلخ : أي إنما نهانا كراهية …إلخ. إلا لد : تأديبا لهم.
5713 - أعلقت عليه : داويته بالعلاق، وهو عصر الداء الذي بحلقه بفتيلة أو بالإصبع. تدغرن : ترفعن ذلك بأصابعكن فتؤلمن الأولاد. العود الهندي : هو الكست(1). رفع حنكه بإصبعه : لا تعليق شيء عليه (2).
22 – باب
بغير ترجمة .
5714 - فخرج : إلى الصلاة بعدما دخل بيتها. مِنْ سَبْعِ قِرَب : زاد الطبراني:(من آبار شتى). لم تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ : جمع وكاء، الخيط الذي ربط به فم القربة. مخضب : إناء واسع. نصب عليه: أما صب الماء عليه فللتداوي به، وكونه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، الله أعلم بحكمته، وقد قيل: في السبع خاصية في دفع السم والسحر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم)، وهذا محل الشاهد.
23 - باب العذرة :
داء بالحلق يسمى سقوط اللهاة.
5715 - أعلقت عليه : رفعت حلقه بإصبعها.
24 - باب دواء المبطون :
الذي يشتكي بطنه من الإسهال.
5716 - رجل : لم يعرف هو ولا أخوه(3). صدق الله : في قوله : "فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ". وكذب : أخطأ، فكرره فبرأ.
25 - باب لا صفر :
أي لا عدوى به، وهو داء ... إلخ : يصفر الوجه، تزعم العرب أنه يعدي، وهذا أحد الأقوال فيه، قاله الزركشي(4).
5717 - كأنها الظباء : في النشاط والصحة. فمن أعدى الأول؟: هذا جواب في غاية البلاغة والرشاقة، فإن قالوا أعداه آخر، لزم التسلسل، وإن قالوا الذي فعله في الأول هو الذي فعله في الثاني، ثبت المدعى وهو أن فاعل الجميع هو الله سبحانه، ومن ثم قال ابن العربي: (هذا كلام لا جواب له) / .
26 - باب ذات الجنب :
__________
(1) - يعني القسط، وهي لغة كما في متن الحديث 5718.
(2) - كذا في الأصل، وقد نبه عليه العرائشي.
(3) - كذا في الفتح 10/207.
(4) - في التنقيح ص : 235.(8/61)
هو ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، وهو من الأمراض الخطرة.
5718 - تدغرون : تغمزون حلوقهم بأصابعكم .
5719،5720، 5721 - كوياه : أي كويا أنسا من ذات الجنب. الحمة : السم.
والأذن : أي من وجعها.
27 - باب حرق الحصير ليسد به الدم :
أي برماده، أي جواز ذلك.
5722 - البيضة : قلنسوة من حديد، أي يوم أحد. رباعيته : اليمنى السفلى. في الْمِجَنّ: الترس والدرقة.
عمدت إلى حصير ... إلخ : كان القابسي يقول : (وددنا مم كان ذلك الحصير نتخذه دواء لقطع الدم)(1).
قال ابن بطال :(زعم أهل الطب أن ذلك في الحصير كلها، يل في الرماد كله، ولذا ترجم الترمذي: "باب الدواء بالرماد" ،ولم يخصه بالحصير)هـ(2).
28 - باب الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جهنّم :
أي سطوع حرها ووهجه، قيل حقيقة وأن اللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم أظهرها الله في هذه الدار إنذارا للجاحدين، وتبشيرا للمقربين أنها كفارة لذنوبهم، وروى البزار مرفوعا:"الحمى حظ كل مؤمن من النار"(3)، وقيل هو على التشبيه يعني أن حر الحمى شبيه بحر جهنم، قاله الحافظ(4).
5723 - الحمى من فيح جهنم (5) : قال ابن أبي جمرة: (الجمع بينه وبين قول الأطباء، أنها تنشأ عن اختلاط في البدن، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بما هو الحق بحسب القدرة، والأطباء أخبروا عما رأوه بالتجربة، فتكون الحمى التي هي من فيح جهنم إذا أرسلها الله على من شاء من عباده، فسد مزاجه وتحركت الأخلاط في بدنه، فرأى ذلك الأطباء فأخبروا به).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/214.
(2) - نقلا عن الفتح 10/214.
(3) - انظر كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمي ص:765.
(4) - في الفتح 10/215.
(5) - أخرجه كذلك مسلم (2/185) في السلام، باب لكل داء دواء.(8/62)
فأطفئوها بالماء : شربا وغسل أطراف، زاد ابن ماجة :( البارد ) (1) وقيل المراد ماء زمزم خاصة(2). يقول : في الحمى. الرجز : العذاب.
5724 - فصبته بينها : أي بين المحمومة. وبين جيبها : طوقها، هذه كيفية الإبراد بالماء، ومن ثم أعقب المؤلف حديث أسماء لحديث ابن عمر، فلله دره، وذلك أنها - أي أسماء - كانت ترش على بدن المحموم شيئا من ماء بين ثدييه وثوبه، فيكون من باب النشرة، هذا هو المراد من الحديث، لا اغتساله به جملة كما فهمه بعض من لا علم عنده، فاعترضه بأن غسل المحموم بالماء خطر يقربه من الموت، قاله ابن حجر(3).
وقال المناوي : (فأبردوها بالماء بأن تغسلوا أطراف المحموم، وتسقوه إياه، ليقع به التبريد، لأن الماء البارد رطب ينساغ بسهولة، فتصل لطافته إلى أماكن العلة فيدفع حرارتها من غير حاجة إلى الطبيعة، فلا يشتغل بذلك عن مقاومة العلة، كذا بينه بعض الأطباء، والمنكر عندهم إنما هو استحمامه بالماء البارد، ولا دلالة في الحديث عليه، وحمله عليه جهل نشأ عن عدم فهم كلام النبوة) (4).
29 - باب من خرج من أرض لا تُلاَيِمُهُ (5):
لا توافقه لقصد التدواي، فلا بأس بذلك.
5727 - ريف : زرع. على حالهم : عقوبة لهم على ما فعلوه.
30 - باب ما يذكر في الطاعون :
__________
(1) - رواه ابن ماجه في الطب 18، وأحمد في المسند 1/291.
(2) - في زاد المعاد 4/29: (ولو جزم به لكان أمرا لأهل مكة بماء زمزم، إذ هو متيسر عندهم، ولغيرهم بما عندهم من الماء).
(3) - في الفتح 10/216-127.
(4) - فيض القدير 3/419.
(5) - بتحتانية مكسورة، وأصله بالهمز ثم كثر استعماله فسهل، انظر الفتح 10/219.(8/63)
فاعول من الطعن، عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء، وسببه طعن الجن كما ورد في الحديث(1)، وأغلب ما يكون تحت الإبط، أو خلف الأذن، أو عند الأرنبة، وأما الوباء فهو من فساد جوهر الهواء، وقد يطلق كل منهما على الآخر مجازا.
__________
(1) - ّأورد الحافظ في الفتح 10/223 جملة من الأحاديث التي أثبتت هذا المعنى، منها حديث أحمد المرفوع:"فناء أمتي بالطعن والطاعون، قيل : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهادة"، ورجاله رجال الصحيحين، وللحديث طرق مقوية منها ما أخرجه الطبراني والحاكم، وهو أصح الروايات لتعدد طرقه.
وقال ابن القيم في الطب النبوي ص : 30 : (ورد في الحديث الصحيح :"أنه بقية رجز أرسل على بني إسرائيل"، وورد فيه أنه " وخز الجن"، وهذه العلل والأسباب ليس عند الأطباء ما يدفعها، كما ليس عندهم ما يدل عليها، والرسل تخبر بالأمور الغائبة، وهذه الآثار التي أدركوها من أمر الطاعون ليس معهم ما ينفي أن تكون بتوسط الأرواح، فإن تأثير الأرواح في الطبيعة وأمراضها وهلاكها أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وتأثيراتها ، وانفعال الأجسام وطبائعها عنها).
وساقه الألباني في الضعيفة 1/رقم 86، مضعفا رواية : "الطاعون وخز إخوانكم من الجن"، أما رواية : " أعدائكم من الجن" فهي في المسند 4/395 و413 و 417، وعند الطبراني في المعجم الصغير ص 71، ومستدرك الحاكم 1/50، وهي صحيحة.(8/64)
قال الشيخ التاودي : (مما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن ما أخبرني به غير واحد من الناس في زمن الوباء عام ثلاثة وستين أنهم رأوهم في صور ومعهم آلات الطعن تشبه القصب، وقد يطرق الطارق باب الدار، فيخرج صاحبها فلا يجد أحدا ويرجع مطعونا، وقلت يوما لولي الله سيدي عبدالسلام التواتي(1)، دفين رحيبة القنديل: الناس يقولون هذا الوباء وخز من الجن، فقال لي : أمس سلم علي سلطانهم في القرويين، فقلت له : حيث سلم عليك سلطانهم فنحن لا نخاف منهم، فقال لي : ها وباؤهم، وأشار إلى حبيبات بذراعه، فعافانا الله بفضله ومنه).
5728 - فلا تدخلوها : لئلا يصيب الداخل شيء بتقدير الله، فيقول لولا أني دخلت هذه الأرض ما أصابني، مع أنه لابد أن يصيبه ما قدر له، دخل أو لم يدخل.
فلا تخرجوا : لأنه هروب من القدر، ولئلا تضيع المرضى والموتى، فالأول تأديب وتعليم، والثاني تفويض وتسليم.
قال القاضي عياض : (قال بعض أهل العلم : لم ينه عن الخروج خوف أن يهلك قبل أجله، ولا عن الدخول خوف أن يصيبه غير ما كتب الله سبحانه له، ولكن خوف فتنة الحي، يظن أن هلاك من دخل لدخوله، ونجاة من خرج لخروجه)هـ.
والنهي عند المالكية في المشهور عنهم للتنزيه لا للتحريم، قاله الشيخ التاودي في شرح الجامع، وعليه اقتصر الشاذلي على الرسالة، ونصه : (النهي في الوجهين نهي كراهة لا نهي تحريم)هـ /.
وقال ابن رشد بعد حكاية أقوال في المسألة ما نصه : (الأفضل ألا يقدم عليه ولايخرج عنه)، قال : (وهذا أصح الأقوال)هـ؛ ونحوه لأبي سعيد بن لب(2)
__________
(1) - يذكره ابن زيدان في إتحاف أعلام الناس (انظر مثلا 3/16)، ولم أجد له ترجمة مستقلة.
(2) - أبو سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لب الثعلبي الغرناطي.
من شيوخ أبي إسحاق الشاطبي.
ولي الخطابة بجامع غرناطة.
له: شرح الجمل للزجاجي، والألغاز النحوية. وتوفي سنة 783هـ.
ترجمته في: بغية الوعاة 372، ونيل الابتهاج 219، والديباج المذهب 220، وشذرات الذهب 6/280.(8/65)
كما في جامع المعيار، فدل على أنه عندهما خلاف الأولى فقط، والله أعلم.
5729 - خرج إلى الشام : لتفقد أحوال الرعية في ربيع الثاني سنة ثمان عشرة. بسرغ : قرية قرب الشام. وأصحابه : خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان(1) وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص. الوباء : أي الطاعون. مصبح على ظهر : أي مسافر صباحا بقصد الرجوع للمدينة. لو غيرك ... إلخ : أي لأدبته لاعتراضه علي في مسألة اجتهادية وافق عليها الأكثر.
5731 - ولا الطاعون : أي الموت الناشئ عن طعن الجن، هذا هو المنفي عن المدينة، لأن كفار الجن ممنوعون من دخولها، وأما الوباء الناشئ عن فساد الهواء فربما دخلها، وبه يزول الإشكال الذي أوردوه هنا من أن الموت الكثير كان يقع بالمدينة، قاله ابن حجر، قال: ( وجزم ابن قتيبة، وتبعه جمع جم من آخرهم الشيخ محيي الدين في الأذكار بأن الطاعون لم يدخل المدينة أصلا، ولا مكة أيضا) (2).
5732 - يحيى : ابن سيرين(3).
5733 - والمطعون شهيد : أي من شهداء الآخرة إن اتصف بالأوصاف المذكورة في الباب بعده، ومن ثم أعقبه به فقال :
31 - باب أجر الصابر في الطاعون :
أي الموطن نفسه على قبول ما يرد عليه من الحضرة الإلهية.
__________
(1) - يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر. وعنه عياض الأشعري وجنادة بن أبي أمية.
استخلفه عمر على فلسطين.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1575، والإصابة 6/658، وتهذيب التهذيب 11/332.
(2) - الفتح 10/234.
(3) - يحيى بن سيرين الأنصاري مولاهم، أبو عمرو البصري.
روى عن أنس بن مالك وعبيدة السلماني، وعنه يحيى بن عتيق.
وثقه ابن حبان والعجلي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/228.(8/66)
5734 - رحمة للمؤمنين : من هذه الأمة، زاد في رواية: (ورجس على الكافرين)(1). صابرا : غير منزعج. مثل أجر الشهيد : (سواء أصابه ومات به، أو لم يمت به، أو لم يصبه أصلا ومات بغيره، إلا أنه إذا أصابه ومات به يكون شهيدا لموته بالطاعون، ويضاف له مثل أجر الشهيد لصبره وثباته)، قاله ابن أبي جمرة(2).
ابن حجر : (ويستفاد من الحديث أن من لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدا، ولو وقع به الطاعون ومات به، وذلك ناشئ من شؤم الاعتراض) (3).
32 - باب الرُّقَى بالقرآن والمعوذات :
الرقى جمع رقية، وهي ما يقرأ على الداء، أو يكتب له في حرز أو في آنية ويمحى ويشرب، أي جوازها بشروطها الآتية، وقوله : "والمعوذات" عطف خاص على عام، إذ المراد بها كل ما فيه تعوذ في القرآن كالفلق والناس، وقوله تعالى : "وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ" (4)، ونحو ذلك، قال ابن حجر : (أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف من غيره، وأن يعتقد أنها غير مؤثرة بنفسها بل بتقدير الله عز وجل)هـ(5)
__________
(1) - في حديث أبي عسيب عند أحمد : (فالطاعون شهادة للمؤمنين ورحمة لهم، ورجس على الكافر)، وانظر الفتح 10/236.
(2) - نقلا عن الفتح 10/238.
(3) - الفتح 10/238.
(4) - سورة المؤمنون، الآية 97.
(5) - الفتح 10/240.
وقال ابن التين: (الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني)، - الفتح 10/241-؛
وقال ابن القيم في الطب النبوي ص 138. : (من المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه، الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته)، وقال في ص 142 : (قد جمعت السورتان – أي المعوذتان – الاستعاذة من كل شر، ولهما شأن عظيم في الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقعوها).(8/67)
.
المناوي : (جوز جمع من السلف كتابة القرآن في إناء وغسله وشربه)هـ.
النووي : (قال المازري : جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية، أو بما لا يدرى معناه، لجواز أن يكون فيه كفر)، قال : (واختلفوا في رقية أهل الكتاب، فجوزها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه)هـ.
القاضي عياض : (كره مالك الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط، والذي يكتب خاتم سليمان)، وقال : (لم يكن ذلك من أمر الناس القديم)هـ.
ابن يونس : (ولا بأس أن يكتب للمجنون القرآن، أو يرقى بالكلام الطيب، ولابأس بالمعاذة تعلق وفيها القرآن وذكر الله، إذا خرز عليه جلد)هـ.
وقال الشيخ خ في المختصر : (وجَازَ حِرْزٌ بِسَاتِر وإِنْ لِحَائِض) (1) ).
وقال في الجامع : (وتعليقها - أي الرقية - لجنب وحائض إن خرز)هـ(2).
ابن رشد : (والخيل والبهائم كالآدمي)هـ.
ابن العربي في المسالك : (فإن قيل : ما تقولون في رقية البهائم، هل ينفعها ذلك ؟
قلنا : ذلك جائز ونافع إن شاء الله)، واحتج بحديث الطبراني عن ابن نوفل، فانظره.
وفي المعيار :(سئل عز الدين بن عبدالسلام عن الرقى بالحروف المقطعة، فمنع منها مالا يعرف لئلا يكون فيه كفر)هـ.
5735 - بالمعوذات : الإخلاص والفلق والناس، كما جاء مصرحا به في فضائل القرآن، كان يقرأها وينفخ بعدها في يده نفخا لطيفا، ويمسح بها جسده الشريف.
ينفث على يديه : إثر القراءة / .
33 - باب الرقى بفاتحة الكتاب :
وهي أفضل ما يرقى به .
القرطبي : (قيل موضع الرقية منها إنما هو: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، ويظهر لي أن السورة كلها موضع الرقية)، ثم بين ذلك فانظره.
__________
(1) - مختصر خليل 1/16.
(2) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل : ل57/ب.(8/68)
5736 - قطيعا من الشاء : ثلاثون رأسا. فجعل : أي الراقي، وهو أبو سعيد الراوي. بالقرآن : وللكشميهني : "بأم القرآن" . ويثفل : في محل الداء. لا نأخذه حتى نسأل: استشكله الدماميني بأنهم إن كانوا عالمين بجوازها فما وجه سؤالهم، وإن كانوا جاهلين بها فكيف ارتكبوها ؟ (1)، وأجاب عنه شيخ الإسلام بقوله : كانوا عالمين بجواز الرقية على جعل، ولهذا ارتكبوه، لكن سألوا عنها اطمئنانا لقلوبهم كقول سيدنا إبراهيم عليه السلام: "وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" (2). واضربوا لي بسهم : قاله - صلى الله عليه وسلم - تطييبا لخاطرهم.
34 - باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم :
أو بغيره، أي جواز ذلك إذا حصل البرء، فإذا لم يحصل برء فلا يحل أخذه، هذا محصل مذهبنا.
5737 - لديغ : لدغته عقرب. أو سليم : بمعنى لديغ، وقيل فيه سليم تفاؤلا.
35 - باب رقية العين :
أي جواز رقية من أصيب بنظر العين، ويأتي بيانها.
5738 - أمرني : أي أمر إرشاد.
5739 - نا محمد بن خالد (3) : هذا السند فيه ثمانية محمدين، خمسة في الكتاب، والسادس البخاري، والسابع الفربري، والثامن أبو الهيثم الكشميهني.
سفعة : سواد، أو حمرة يعلوها سواد أو صفرة، أدركتها من قبل العين
بها النظرة : أي العين.
36 - باب العين حق :
أي الإصابة بها من جملة ما تحقق أمره ووقوعه، وأن لها تأثيرا في النفوس والأموال، بقدرة الله تعالى وفعله، أجرى الله سبحانه به عادته، فلا ينكر ذلك إلا معاند.
__________
(1) - تعليق المصابيح ص : 559.
(2) - سورة البقرة، الآية 260.
(3) - هو محمد بن يحيى الذهلي، نسب إلى جدد أبيه، فإنه محمد بن يحيى بن عبدالله بن خالد بن فارس.
وقد اختلف في تعيينه في هذا الحديث، لكن قال الحاكم والجوزقي والكلاباذي وأبو مسعود بأنه الذهلي، ووقع به مصرحا في رواية الأصيلي فقال : "حدثنا محمد بن خالد الذهلي" - انظر الفتح 10/247.
وانظر ترجمته في: شذرات الذهب 2/138، وهدية العارفين 2/16.(8/69)
قال القرطبي : (هذا قول عامة الأمة، ومذهب أهل السنة، وأنكره قوم مبتدعة، وهم محجوجون بالأحاديث الصحيحة في ذلك وبالمشاهدة)هـ(1).
وحقيقتها إذا نظر المعيان لغيره نظر استحسان مشوب بحسد، يحصل للمنظور إليه ضرر بعادة أجراها الله تعالى.
وقال ابن العربي في المسالك : (الحق أن الله تعالى يخلق عند نظر العائن الشيء وإعجابه به، إذا شاء ما شاء من ألم أو هلك، وقد يصرفه قبل وقوعه إما بالاستعاذة أو بغيرها، وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية، أو الاغتسال، أو بغير ذلك)هـ (2).
وقال في الأحكام : (لا خلاف بين الموحدين أن العين حق، وهي من أفعال الله، إذ الباري سبحانه هو الفاعل الخالق، لا فاعل ولا خالق إلا هو سبحانه، "أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" (3)، فليس في الوجود شيء إلا وهو موجود بقدرته وعلمه وقضائه، فكل ما ترى بعينك أو تتوهمه بقلبك فهو صنع الله وخلقه، إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، ولو شاء سبحانه لجعل ذلك ابتداء، ولكنه سبب الأسباب وركب المخلوقات بعضها على بعض، فالجاهل إذا رأى موجودا بعد موجود، أو موجودا مرتبطا في العيان بموجود، ظن ذلك إلى الرباط منسوب، وعليها في الفعل محسوب، وحاشا لله بل الكل له، والترتيب تدبيره، والارتباط تقديره، والأمر كله له سبحانه)هـ.
__________
(1) - المفهم 4/165 .
(2) - نقلا عن الفتح 10/246.
(3) - سورة الرعد، الآية 16.(8/70)
5740 – العين حق: زاد مسلم: (ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) (1)، وروى البزار عن جابر مرفوعا : (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالنفس أي العين)، وروى ابن السني عن أنس مرفوعا: (من رأى شيئا يعجبه، فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم تضره العين).
تنبيهان :
الأول : قال القاضي عياض : (قال بعض العلماء : ينبغي أن يتجنب من عرف بإصابة العين، ويحترز منه، وينبغي للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس ويأمره بلزوم بيته، وإن كان فقيرا أجرى عليه رزقه، ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم الذي منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخول المسجد لئلا يضر بالناس، ومن ضرر المجذوم الذي نهاه عمر عن مخالطة الناس، ومن ضرر المواشي العادية التي يؤمر بتغريبها إلى حيث لا يتأذى بها أحد)هـ، نقله النووي والأبي وسلماه، بل زاد النووي ما نصه : (هذا صحيح متعين لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه)هـ(2)، ونقل المناوي وابن حجر نحوه عن ابن بطال(3)، وأقراه.
الثاني : قال القرطبي : (لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه، بحيث يصير عادة كالساحر عند من لا يقتله كفرا) (4).
__________
(1) - أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجامع، باب الرقية من العين، رقم 92، وابن ماجة في الطب : باب من استرقى من العين، رقم 3510 (2/1160).
(2) - نقلا عن الفتح 10/252.
(3) - قال الحافظ في الفتح 10/252: (ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم : فإنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وان يلزم بيته، فإن كان فقيرا رزقه متا يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس كما تقدم واضحا في بابه، وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة)،
وانظر فيض القدير 4/397.
(4) - نقلا عن الفتح 10/252.(8/71)
فائدة : من رأى من هو متهم بإصابة العين، فليقرأ : "وَإِن يَّكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ" إلى آخر السورة (1)، كذا في شرح الأنوار للقلصادي(2) / .
ونهى : نهي تحريم. عن الوشم : الوشم هو أن يغرز الجلد بإبرة أو نحوها، حتى يسيل الدم، ثم يحشى كحلا، فيخضر أو يسود، وإنما قرن بينه وبين العين دفعا لما كانوا يعتقدون أن الوشم يدفع العين، قاله الحافظ(3).
37 - باب رقية الحية والعقرب :
معروفان.
روى أصحاب السنن أن رجلا قال يا رسول الله : ماذا لقيت من عقرب لدغتني البارحة، فقال : (أما إنك لو قلت حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك إن شاء الله) (4).
5741 - الحمة : أي السم.
38 - باب رقية النبي صلى الله عليه :
التي كان يرقي بها غيره.
5742 - لا يغادر : لا يترك.
5744 - امسح : أزل.
5745 - تربة أرضنا : قال النووي في شرح مسلم : (معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح، والله أعلم)هـ.
وقال قبله : (قال جمهور العلماء : المراد « بأرضنا » هنا جملة الأرض، وقيل أرض المدينة خاصة لبركتها) هـ منه(5).
__________
(1) - سورة القلم، الآية 51 فما بعدها.
(2) - علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي القلصادي الأندلسي.
له: شرح الحكم العطائية، وأشرف المسالك إلى مذهب مالك. وتوفي بباجة من تونس سنة 891هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 6/14، ونفح الطيب 2/45، وفهرس الفهارس 2/314، ونيل الابتهاج 209.
(3) - في الفتح 10/249-250.
(4) - رواه أبو دواد في الطب باب كيف الرقى ؟ رقم 3898، وابن ماجه في الطب، رقم 3547 (2/1147).
(5) - شرح النووي على مسلم 14/184، والفتح 10/256.(8/72)
وقال ابن حجر : (قال النووي : قيل المراد "بأرضنا" أرض المدينة خاصة لبركتها، و"بعضنا" رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشرف ريقه، فيكون ذلك مخصوصا، وفيه نظر)هـ (1).
وقرر الإمام المازري الحديث على عمومه، ثم قال : (وخص بعضهم ذلك بأرض المدينة تبركا بتربتها لفضلها، والصواب ما ذكرناه) هـ، نقله الأبي وسلمه.
وقرره البيضاوي على العموم أيضا، واختار الطيبي تخصيصه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالمدينة كما نقله القسطلاني عنه، فانظره(2).
39 - باب النفث في الرقية :
أي استعماله فيها .
قال القاضي : (النفث والتفل سنة في الرقى عند مالك والطبري، وجماعة من الصحابة والتابعين، وأنكره / بعضهم وأجازوا فيه النفخ، واختلف في التفل والنفث، فقيل هما بمعنى واحد، وهما نفخ يسير معه ريق. وقال أبو عبيد : الريق مع التفل لا مع النفث، وقيل بالعكس.
وسئلت عائشة رضي الله عنها عن نفث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل الزبيب، وفائدته التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر، كما يتبرك بغسالة ما يكتب فيه من الذكر والأسماء الحسنى في النشرة) هـ، نقله الأبي.
وقال ابن أبي جمرة: (محل التفل في الرقية بعد القراءة ليحصل بركة الريق في الجوارح التي يمر عليها)
__________
(1) - الفتح 10/256.
(2) - في الإرشاد 8/439.(8/73)
5747 - الرؤيا : أي الصالحة. والحلم : الذي يفزع صاحبه. من الشيطان : لأنه يسره ويحبه، أو لحضوره عنده، وإلا فالكل مخلوق لله تعالى، فالإضافة فيه مجازية. فلينفث : (هذا محل الترجمة بقياس الرقية على الرؤيا)، قاله العيني(1)، قال : (وكذا يقال في الحديث بعده).
5748 - نفث في كفه : بعد قراءة ما يذكر.
5749 - فقال بعضهم نعم : هو أبو سعيد. يتفل : لعل المص يرى أن التفل والنفث واحد، وبه تحصل المطابقة. قطيع من الغنم : ثلاثون رأسا. نَشِطَ مِنْ عِقَال : العقال الحبل الذي تشد به يد الدابة، أي كأنما حل منه وقام بسرعة. اقتسموا : (هذا أمر بما هو من المروءة ومكارم الأخلاق، وإلا فالجميع ملك للراقي)، قاله الكرماني(2)، ونحوه القرطبي، ونصه : (إنما هذه قسمة برضا الراقي، لأن الغنم ملكه، لأنه الذي فعل العوض الذي به استحلها، لكن طابت نفسه بالتشريك)هـ.
40 - باب مسح الراقي في الوجع بيده اليمنى :
تيمنا بها وتبركا.
5750 - فذكرته : قائله سفيان.
41 - باب المرأة ترقي الرجل :
أي جواز ذلك إن كانت محرما منه أو زوجة أو متجالة.
5751 - ينفث على يديه: أي بعد القراءة.
…
42 - باب من لم يرق :
أي بيان فضله، رضى بما برز له من الحضرة الالهية، وتفويضها لمولاه.
__________
(1) - قال في العمدة 21/270 : (قلت : الترجمة في النفث في الرقية، وفي الحديث النفث في الرؤيا، فلا مطابقة إلا في مجرد ذكر النفث، ولكن النفث إذا كان مشروعا في هذا الموضع، يكون مشروعا في غير هذا الموضع قياسا عليه، وبهذا يحصل التطابق بين الترجمة والحديث).
(2) - في الكواكب الدراري 21/29.(8/74)
5752 - الرهط : ما دون العشرة، أو ما دون الأربعين . سبعين ألفا : سيأتي ذكر الزيادة عليهم، وقدمنا أن ذلك لا يستلزم أفضليتهم على غيرهم. لا يتطيرون : لايتشاءمون من شيء أصلا. ولا يسترقون : مطلقا بأي رقية كانت. ولا يكتوون : أصلا. وعلى ربهم يتوكلون : يفوضون إليه جميع أمورهم، فلا يفعلون شيئا مما ذكر البتة، لتوغلهم في التوكل، هذا رأي الخطابي(1) ومن تبعه، قال القاضي :(وهو الذي اقتضاه ظاهر اللفظ)، قال : وإنما رقى صلى الله عليه وسلم واسترقى لأنه في مقام التشريع لأمته)هـ.
وقال النووي : (هو الظاهر من معنى الحديث)،
لكن قال القرطبي في المفهم: (ماذكره الخطابي ظاهر في الطيرة والكي، وأما الرقى فهي على أقسام ثلاثة : ما كان منها من رقى الجاهلية وبما لا يعرف فواجب اجتنابه، وما كان منها بأسماء الله وبالمروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمطلوب فعله لما فيه من اللجاء إلى الله والتبرك باسمه، وما كان منها بأسماء الملائكة والصالحين، أو بالعرش والكرسي من كل معظم، فهذا هو الذي ينبغي أن يجتنب لذلك، أي لأجل التوكل، والله أعلم).
آخر : قيل هو سعد بن عبادة. سبقك ... إلخ : قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة.
43 - باب الطيرة :
كعنبة، أي التشاؤم بالطيور أو بغيرها، أي باب النهي عنها وعن الوقوف معها، كانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرا، ومر طير فمر عن يمينهم تيامنوا بذلك وفعلوه أو عن شمالهم تشاءموا منه ولم يفعلوه، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وأخبر أنه لا تأثير له في نفع ولا ضر، ويدخل فيه ما ألقاه الشيطان في أذهان بعض العوام من أن من فعل كذا يكون له كذا، كاعتقاد بعضهم أن من جرح أضحيته يوم العيد يصيبه كذا، ومن أدخل المكناسة في المحرم يصيبه كذا، وغير ذلك، فيجب على كل من / ألهمه الله رشده ترك ذلك في نفسه وفي أهله، ومن يقتدي به، والله سبحانه الموفق.
__________
(1) - في أعلام السنن ص : 1150.(8/75)
5753 - لا عدوى : أي لا سراية للداء عن صاحبه إلى غيره. ولا طيرة : أي لاتأثير بها البتة.
فائدة : روى أبو دواد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة، فإذا أحس بذلك فليقل : أنا عبدالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يذهب بالسيئات إلا الله، أشهد أن الله على كل شيء قدير، ثم يمضي لوجهه).
والشؤم في ثلاث : حمله الإمام مالك رحمه الله على ظاهره ولم يتأوله، بمعنى أن الله تعالى قد يجعل سكنى الدار مثلا سببا للضرر والهلاك بإرادته سبحانه وقدره، فالمعنى عنده على الاستثناء، وكأنه قال لا طيرة إلا في هذه الثلاث، قاله الأبي نقلا عن القاضي، ونحوه للنووي والكرماني(1)، وعلى ما حمله مالك ذهب الطبري وكثير من الأئمة، وقال الشيخ زروق:(إنه الصحيح)هـ(2).
وقال الخطابي : (لا يمتنع أن يجري الله العادة بذلك في الثلاث، كما أجرى العادة بأن من شرب السم مثلا مات)هـ.
وقال الباجي : (لا يبعد أن يجعل الله في دار أن من سكنها يقل ماله وولده، وبالعكس، وكذلك في الزوجة لا يتزوجها إلا من حضر عمره) هـ، وراجع أبوب الجهاد ولابد.
5754 - وخيرها الفأل : قال الأبي :(الضمير راجع إلى الطيرة، ومعلوم أنه لاخير فيها، فما تقتضيه المفاضلة من الشركة في الخير هو بالنسبة إلى زعمهم، أو يكون من باب قولهم: العسل أحلى من الخل)هـ، وقال ابن حجر : (قال الحليمي: إنما مدح الفأل دون الطيرة لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن بالله، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال) (3).
44 - باب الفأل :
__________
(1) - قال في الكواكب الدراري 21/31-32 : (قال مالك : هو على ظاهره، فإن الدار قد يجعل الله سكناها سببا للضرر، وكذا المرأة المعيبة أو الفرس قد يحصل الضرر عنده بقضاء الله تعالى).
(2) - شرح الرسالة لزروق 2/412.
(3) - الفتح 10/264.(8/76)
أي ما جاء فيه، وفسره في الحديث بقوله : " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم"، أي من غير قصد ولا استعمال، كالمريض يسمع يا سالم، وطالب حاجة يسمع يا واجد، وروى الترمذي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع: يا نجيح، يا راشد.
قال في المدخل :(والفأل المستحسن في السنة هو ما كان من غير قصد، والتفاؤل المكتسب حرام كما قاله الطرطوشي)هـ.
وقال الجزولي : (الفأل المكتسب من الاستقسام بالأزلام، ومنه رقاع تكتب وتطوى وتؤخذ منها واحدة، وقد يكون بالخط، وبكتف الشاة ينظر فيها، وبالقرعة، وبالنظر في النجوم، وزجر الطير، والعطاس، وكل ذلك ممنوع)هـ.
وقال سيدي زروق : (وكذلك أخذ الفأل من المصحف، عده أهل المذهب من الاستقسام بالأزلام)هـ (1).
وقال ابن العربي في الأحكام : ("وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالاَزْلاَمِ" (2): معناه تطلبوا ما قسم وجعل من حظوظكم وآمالكم ومنافعكم، وهو محرم فسق، فمن فعله فإنه تعرض لعلم الغيب، ولا يجوز لأحد أن يتعرض للغيب ويطلبه، لأن الله تعالى قد رفعه بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم -، إلا في الرؤيا، فإن قيل: فهل يجوز ذلك في المصحف؟ قلنا : لا يجوز، فإنه لم يبين المصحف ليعلم به الغيب، إنما بينت آياته ورسمت كلماته ليمنع عن الغيب، فلا تشتغلوا به، ولا يتعرض أحدكم له) هـ(3).
45 - باب لا هامة :
قيل هي البومة، كانوا يتشاءمون منها، ويزعمون أنها إذا سقطت على دار أحد نعت له نفسه أو بعض أهله.
5757 - ولا صفر : داء يصيب الإنسان يصفر الوجه، تزعم العرب أنه / أعدى من الجرب.
46 - باب الكهانة :
…هي ادعاء علم الغيب بأي وجه كان، أي حرمة تعاطيها والاعتماد على خبر أهلها في الأدوية والرقى وغيرها، بل صرح ابن العربي في مواضع من عارضته بأن تعاطيها كفر.
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/412.
(2) - سورة المائدة، الآية 3.
(3) - أحكام القرآن ص : 544-545 (الجزء 2).(8/77)
وقال ابن بطال :( من ادعى علم ما أخبر الله ورسوله أن الله منفرد بعلمه، وأنه لايعلمه سواه عز وجهه، فقد كذب الله ورسوله، وذلك كفر من قائله)، وكأن المص رحمه الله أشار بذكرها هنا للرد على ما يعتمده ضعفة العقول من اعتقاد صحتها، والوقوف مع أخبار أهلها، واستعمال أدويتهم وما يشيرون به من الأمور المصادمة للشريعة المطهرة، هذا الذي ظهر لي في وجه ذكر الكهانة في كتاب الطب، والله أعلم، وما في الفتح بعيد(1)، وبتفسيرها بما ذكر، دخل فيها الكاهن، وهو من يدعي معرفة الأمور الآتية، والعراف وهو من يدعي معرفة السرقة والضالة، والمنجم والذي يضرب بالحصا، والذي ينظر في الكتف، والذي يدعي إخبار الجن له، وغير ذلك.
روى أصحاب السنن والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رفعه : (من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) (2)، ورواه البزار عن ابن مسعود بزيادة :(أو ساحرا) (3)، وروى الطبراني عن أنس مرفوعا:(من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد، ومن أتاه غير مصدق لم تقبل صلاته أربعين يوما)، هـ من الفتح(4).
وفي مسلم عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) (5).
وقال الشيخ خ في الجامع :(ولا ينظر في الخط، ولا في الكتف، ولا في النجوم)(6).
__________
(1) - الفتح 10/271، ورأي ابن حجر أن إيراد باب الكهانة في كتاب الطب لمناسبته لباب السحر لما يجمع بينهما من مرجع كل منهما للشياطين.
(2) - رواه أبو دواد في الطب، باب في الكاهن رقم 3904، والحاكم في المستدرك 1/8.
(3) - انظر كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمي ص:267.
(4) - الفتح 10/267.
(5) - رواه مسلم في السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان (شرح النووي 15/227).
(6) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل68/ب.(8/78)
وقال الشيخ التاودي : (ولا في شيء مما يقصد به التطلع على الغيب، ولا يأتي أهل ذلك، ولا يصدقهم فيه، وليعتقد أن ذلك كله ليس بشيء، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الكهان لما سئل عنهم : "إنهم ليسوا بشيء")هـ(1).
وقال القرطبي في المفهم : (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان، يعني ومن تشبه بهم، لأنهم كذبة مبطلون ضالون مضلون، فيحرم إتيانهم والسماع منهم)هـ منه.
وقال النووي : (قال العلماء : يحرم تعاطي هذه الأمور، والمشي إلى أهلها وتصديقهم، ويحرم بذل المال إليهم، ويجب على من ابتلي بشيء مما ذكرناه المبادرة بالتوبة منه)هـ، نقله في المعيار.
تنبيه : قال أبو عبدالله الأبي : ( قال ابن رشد في جامع المقدمات : اختلف في المنجم يقتضي بتنجيمه، فيدعي علم شيء من المغيبات كقدوم زيد، وحدوث الفتن والأهوال، فقيل يقتل دون استتابة، وقيل يستتاب كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل، ولمالك في كتاب السلطان: يزجر عن اعتقاده ذلك ويؤدب حتى يتوب، قال : وليس باختلاف، وإنما هو لاختلاف حال المنجم، فإن اعتقد تأثير الكوكب في ذلك ويستتر بذلك، قتل دون استتابة لأنه زنديق، وإن كان يظهر ذلك وينتصر له، استتيب كالمرتد، وإن كان لا يعتقد التأثير وإنما يرى القرانات والطوالع أدلة عادية في ذلك، فهذا يزجر ويؤدب لأنه أتى ببدعة، وتسقط إمامته وشهادته، ولا يحل تصديقه لقوله تعالى : " قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ " (2)، وقوله: " إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ" الآية (3)، وينبغي أن يعتقد فيما يصيب فيه أنه بمقتضى التجربة، لأن الله سبحانه استأثر بعلم ذلك)هـ.
ونقله غير واحد عن ابن رشد في البيان كالمازري وابن ناجي(4) والحطاب، وغيرهم، وأقروه.
__________
(1) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل68/ب.
(2) - سورة النمل، الآية 65.
(3) - سورة لقمان، الآية 34.
(4) - في شرح الرسالة 2/413.(8/79)
5758 - فرمت إحداهما : وهي أم عفيفة بنت مسروح. الأخرى : مليكة بنت عويم(1). ولي المرأة : زوجها حمل بن مالك بن النابغة الصحابي(2). ولا استهل : صاح عند الولادة. بطل : بالباء الموحدة، من البطلان، أو بالياء المثناة، أي يهدر. من إخوان الكهان : لمشابهة كلامه لكلامهم من/ أجل سجعه، قال تقي الدين : (كان الكهان يخرجون أقوالهم الباطلة في أسجاع يستميلون بها القلوب)هـ(3)، ففيه ذم الكهان ومن تشبه بهم.
5761 - نهى : نهي تحريم . عن ثمن الكلب : أي عدا كلب الماشية وما ألحق به.
ومهر البغي : ما تعطاه الزانية على زناها. وحلوان الكاهن : ما يعطاه على الكهانة، سمي حلوانا لأنه يأخذه سهلا بلا مشقة.
ابن العربي : (حلوان الكاهن حرام بإجماع، لأن كهانته كفر لاخلاف في تحريمها )هـ.
الأبي : (قال الماوردي : ويؤدب الآخذ والمعطي، ويتقدم المحتسب في النهي عن التكسب بذلك، وعن التكسب باللهو).
5762 - ليس قولهم بشيء : أي لا عبرة به، ولا يلتفت إليه ولا إليهم. يخطفها الجني : من الملائكة بسرعة. فيقرها : يلقيها. وليه : هو الكاهن. فيخلطون : أي الكهان أو الجن، أو هما معا.
47 - باب السحر :
هو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته.
قال الإمام المازري : (مذهب أهل السنة وجمهور علماء الملة أن السحر أمر ثابت، وله حقيقة كغيره من الأشياء ، وله أثر في المسحور، خلافا لم زعم خلاف ذلك) (4).
__________
(1) - مليكة بنت عويم أو عويمر، أم عفيف.
ورد ذكرها في حديث سنده ضعيف، في قصة المرأتين اللتين كانتا تحت حمل بن النابغة الهذلي، فضربت إحداهما الأخرى فأسقطت جنينا.
ترجمتها في: الإصابة 8/123.
(2) - حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، أبو نضلة.
روى عنه ابن عباس وعمر بن الخطاب.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/35-36.
(3) - باللفظ في تعليق المصابيح ص : 560.
(4) - نقله في الفتح 10/273.(8/80)
قال : (ومذهب الأشعرية - وهو الصحيح عقلا - أنه يجوز أن يقع به أكثر من التفرقة بين المرء وزوجه، لأنه لا فاعل إلا الله تعالى، وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى، ولا تفترق الأفعال في ذلك، وليس بعضها بأولى من بعض)هـ.
وقال ابن العربي في المسالك : (قال علماؤنا في هذا الحديث – أي حديث الباب -: إثبات السحر وأنه حق، أعني بقولي حقا أنه موجود، لا أنه حق في ذاته، وحقيقته تخييل في الأعيان، وقد أنكرته المعتزلة فقالوا إنه لا حقيقة له، قلنا : وقد أثبته الله بأنه موجود في كتابه، وأخبر به في مواضع كثيرة، وهو كلام مؤلف يعظم فيه غير الله، وتنسب إليه الأفعال والمقادير، ويخلق الله عند قول الساحر وفعله في المسحور ما شاء من أمره حسبما جرت به العادة، فهو كفر حسبما أخبر الله عنه بقوله :"فَلاَ تَكْفُرْ" (1)؛ وقال الشافعي : هو معصية)هـ.
وقال الفخر الرازي في تفسيره : (قد جوز أهل السنة أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء، ويقلب الإنسان حمارا، أو الحمار إنسانا، لكنهم قالوا إن الله هو الخالق لهذه الأشياء عندما يلقي الساحر أشياء مخصوصة، وكلمات معينة)هـ(2).
وقال القرطبي في المفهم : (دل القرآن والسنة على أن السحر موجود، وله أثر في المسحور، فمن كذب بذلك فهو كافر مكذب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنكر لما علم بالعيان)، قال: (وهو عند علمائنا حيل صناعية تكتسب بالتعليم، إلا أنها لخفائها ودقتها لا تحصل إلا لآحاد الناس، وأكثره تخيلات لا حقيقة لها، تعظم في عين من لا يعرفها، كما قال تعالى : "يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمُ أَنَّهَا تَسْعى" (3) هـ(4).
والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة ما قاله ابن عرفة، ونصه : (السحر أمر خارق للعادة مسبب عن سبب يعتاد كونه عنه)، قال : (فتخرج المعجزة والكرامة)هـ.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 102.
(2) - التفسير الكبير 3/213.
(3) - سورة طه، الآية 66.
(4) - المفهم 4/167.(8/81)
وقال إمام الحرمين : (الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق، وان الكرامة لاتظهر على فاسق)هـ.
النووي: (عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بإجماع، ثم إنه قد يكون كفرا، وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا)هـ.
ابن الحاجب : (والساحر كالزنديق) ؛ قال في التوضيح :(أي فإن ظهر عليه قتل ولم يستتب، وإن جاء تائبا ترك على الأصح، هذا مقتضى التشبيه، ونحوه في الجواهر، وهو اختيار القاضي أبي محمد)هـ(1).
وقال في التبصرة: (والساحر إن جاء تائبا قبلت توبته، وإن ظهر عليه وأخذ لم تقبل توبته ويقتل، قال مالك: من غير استتابة.
الباجي : بعد أن يثبت أن ما فعله من السحر الذي وصفه الله بأنه كفر.
ابن عبدالسلام: والمذهب أن الساحر كافر).
الأبي : (وانظر هل يقتل بفعل السحر مرة واحدة، أو حتى يتكرر منه، وجعلهم إياه بمنزلة الزنديق يقتضي أنه لا يقتل حتى يتكرر منه، لأن الزندقة لا تثبت بالمرة الواحدة).
"أَفَتَاتُونَ السِّحْرَ " : تتبعونه، "وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ " (2) : تعلمون أنه سحر.
"يخيل إليه ": يشير لقوله تعالى : "فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمُ أَنَّهَا ": حيات، "تَسْعى" (3) : تمشي على بطونها، لأنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتمتد.
"وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ" (4): التي تعقدها في الخيط، تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ريق.
وقال الزمخشري معه(5).
__________
(1) - التوضيح للشيخ خليل ص : 753 (فصل في الجنايات الموجبة للعقوبات).
(2) - سورة الأنبياء، الآية 3.
(3) - سورة طه، الآية 66.
(4) - سورة الفلق، الآية 4.
(5) - قال في الكشاف 4/821 : النفاثات : النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين، والنفث النفخ من ريق).(8/82)
"تسحرون " : من قوله تعالى : "قُلْ فَأَنّى تُسْحَرُونَ " (1)، تعمون، وقال الجلال : (تخدعون وتصرفون عن الحق عبادة الله وحده، أي كيف تخيل لكم أنه باطل) (2).
5763 - سحر/ رسول الله صلى الله عليه رجل ...إلخ: كان سحره له في المحرم سنة سبع منصرفه من الحديبية، قاله ابن سعد(3)، ولبث - صلى الله عليه وسلم - كذلك سنة كاملة على المعتمد. لبيد بن الأعصم : اليهودي. يفعل الشيء وما يفعله : أي الجماع، أي كان يظن أنه يقدر على فعله، فإذا حاوله لم يقع منه انتشار، فالشيء هنا أمر خاص لا عام، قاله القاضي عياض، ولايضر ذلك فيما يتعلق بأمور الدنيا لأنه كالأمراض العارضة، وأما في أمور الدين، فهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم مما يؤدي إلى وقوع خلل فيه، كما ذلك مشاهد، قاله الإمام المازري. لكنه دعا: أي لم يكن مشتغلا بي، بل كان مشتغلا بالدعاء. أفتاني : أجابني عما سألته من الشفاء. رجلان: ملكان جبريل وميكائيل، أي وهو بين النائم واليقظان. أحدهما : جبريل. والآخر : ميكائيل. فقال أحدهما : ميكائيل. قال : أي جبريل. مطبوب: أي مسحور، كنوا بالطب عن السحر تفاؤلا بالطب الذي هو العلاج، كما كنوا عن اللديغ بالسليم، قاله الدماميني. في مشط : آلة تسريح الشعر. ومشاطة : ما يخرج من الشعر عند تسريحه. وجب طلع نخلة: أي وعاء طلعها، وهو الغشاء الذي يكون عليه. في بئر ذروان : هو بئر بالمدينة في بستان لبني زريق. فأتاها رسول الله صلى الله عليه : فأخرجه منها. رؤوس الشياطين : في القبح وكراهة المنظر، وهو تخييل كقوله :
... - ومسنونة زرق كأنياب أغوال(4).
__________
(1) - سورة المؤمنون، الآية 89.
(2) - حاشية الجلال ص : 448.
(3) - نقله الشبيهي من التوشيح ص : 483.
(4) - هذا عجز بيت لامرئ القيس، وصدره :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي - …(8/83)
أفلا استخرجته : أي استخرجت ما حواه جف الطلع. فكرهت أن أثور… إلخ : خاف - صلى الله عليه وسلم - أن يراه الناس فيتعلموه. فأمر بها : أي بالبئر. مشاقة الكتان : عند تسريحه.
تكميل : جاء في رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ لبيد المذكور فاعترف، فعفى عنه ؛ وفي أخرى قال له : (ما حملك على هذا ؟ قال : حب الدنانير، فتركه ولم يقتله).
قال القرطبي : (لا حجة على مالك في هذه القصة، لأن ترك قتل لبيد كان لخشية أن يثير بسبب قتله فتنة، أو لئلا ينفر الناس عن الدخول في الإسلام).
48 - باب الشرك والسحر من الموبقات :
أي المهلكات، واقتران السحر بالشرك يؤذن بعظم خطره، فمن ثم اقتصر المص عليهما في الترجمة، واختصر الحديث مع أنه مشتمل على سبع.
49 - باب هل يستخرج السحر ؟
من الموضع الذي دفن فيه، نعم يستخرج.
طب : سحر. أو يؤخذ عن امرأته : يحبس عن جماعها. أيحل عنه : ذلك السحر.
أو ينشر : النشرة أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى، أو من القرآن، ثم يغسل بماء ويمسح به المريض، أو يسقاه.
لا بأس به …إلخ : الشيخ التودي : (وهذا هو المعتمد، ويشهد له ما في حديث مسلم : "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"(1) ، وما تقدم من اغتسال العائن)هـ.
القاضي عياض : (وأجاز ابن المسيب أيضا أن يسأل الساحر حل السحر عن المسحور، وكرهه الحسن).
النووي : (وممن أجاز النشرة الطبري، وهو الصحيح)
__________
(1) - رواه مسلم في السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة (شرح النووي 14/186).(8/84)
5765 - أنه يأتي النساء : أي يقدر على إتيانهن وجماعهن. تحت رعوفة : الرعوفة صخرة تترك في قعر البئر ليجلس عليها مستقيه. أفلا - أي تنشرت ؟- : يعني استعملت النشرة، وهي الرقية التي بها يحل الرجل عن حبسه عن مباشرة أهله، ويحتمل أن يكون من النشر بمعنى الإخراج، فيوافق رواية من رواه بلفظ : "فهلا أخرجته ؟"، ويكون المراد بالمخرج ما حواه الجف، لا الجف نفسه، وبه يجمع بين الروايتين، قاله ابن حجر(1).
50 - باب السحر :
ابن حجر : (سقط هذا الباب عند بعضهم، وسقوطه الصواب) (2).
5767 - رجلان : قيل هما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم التميميان. فخطبا : وتفاخرا، ومدح الثاني الأول ثم ذمه، انظر الفتح(3).
إن من البيان لسحرا : الخطابي :(ليس هذا مدحا للبيان، ولا ذما له، لإتيانه فيه بمن التبعيضية، وقد اتفق على مدح الإيجاز والإتيان بالمعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة) (4).
51 - باب الدواء بالعجوة :
نوع جيد من التمر يسمى بدرعة "أَمَكِّتْ"، وقيل هو المسمى عندنا بالفكوس(5).
5768 - من اصطبح : تناول صباحا. كل يوم تمرات : زاد في رواية عند مسلم وغيره :(من تمر المدينة)، وفي رواية جمعة بن عبدالله(6) الآتية، وهو المراد بقوله : وقال غيره: أي غير علي.
سبع تمرات : والمطلق يحمل على المقيد فيهما.
__________
(1) - الفتح 10/289.
(2) - الفتح 10/289.
(3) - الفتح 10/290-291.
(4) - نقله الحافظ في الفتح 10/292، وفيه : (بالألفاظ اليسيرة).
(5) - أما الفكوس فتمر معلوم في المغرب، وهو أكبر من العجوة، وأما هذه فهي تمر صغير نواه شبه مستدير وحلاوته معتدلة، وهو "يضرب إلى السواد كما في الفتح 10/292"، وبه توصف عجوة المدينة النبوية، ولذا أستبعد صحة هذا القول.
(6) - جمعة بن عبد الله بن زياد بن شداد السلمي، أبو بكر البلخي.
روى عن مروان بن معاوية وأسد بن عمرو وهشيم.
وعنه البخاري ومحمد بن إسحاق والحسن بن الطيب.
توفي سنة 233هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/110.(8/85)
قال النووي : (تخصيص عجوة المدينة دون غيرها، وعدد السبع، من الأمور التي علمها الشارع، ولا نعلم نحن حكمتها، فيجب الإيمان بها، واعتقاد فضلها والحكمة فيها، وهذا كأعداد الصلوات، ونصاب الزكاة، وغيرها، وهذا هو الصواب في هذا الحديث، وأما ما ذكره الإمام المازري والقاضي عياض فيه، فكلام باطل، فلا تلتفت إليه، ولا تعرج عليه)،هـ منه، ونقله الأبي وسلمه.
ذلك اليوم إلى الليل : قال السخاوي : (وقع في حديث الباب عند أحمد عن عامر أنه قال : (وأظنه وإن أكلها حين يمسي لم يضره شيء حتى يصبح)، بل وقع عند الطبراني عن عائشة مرفوعا : (من أكل سبع تمرات من عجوة المدينة في يوم) - الحديث- ، ومن أكلها ليلا لم يضره)هـ، نقله القسطلاني(1) متوركا به على ابن حجر في قوله : (لم أقف في شي من الطرق على حكم من تناول ذلك أول الليل،هل يكون كمن تناوله أول النهار أم لا؟)(2).
52 - باب لاهامة :
أي بومة، أي لا تشاؤم بها.
5770 - مثل الظباء : في النشاط والقوة والسلامة. فمن أعدى الأول ؟ : أي الذي فعل بالأول ما فعل، هو الذي فعله بالثاني، وهو الله تعالى.
قال القاضي : (فيه حجة واضحة في قطع دعوى العدوى، لأنه إذا كان هذا الداء في الأول، فبم يحكم في الثاني أنه من سبب الأول، ولا سبب للأول، فليس إلا بفعل الله تعالى).
5771 - لا يوردن ممرض : من له إبل مرضى . على مصح : (من له إبل صحاح، لئلا يتوهم المصح أنه إذا أصاب نعمه مرض أن مرضها حدث من مخالطتها للمريض، مع أن الكل من الله)، قاله ابن بطال، وهذا أحد الأجوبة السابقة عن المعارضة بين قوله : " لاعدوى"، وقوله : "فر من المجذوم ... إلخ " . حديث الأول : أي لا عدوى. فرطن : تكلم. بالحبشية: أي بما لا يفهم.
53 - باب لا عدوى :
أي لا سراية للداء من بدن إلى بدن.
__________
(1) - في الإرشاد 8/457، ناقلا ذلك عن شيخه السخاوي - وهو بدوره تلميذ ابن حجر -.
(2) - الفتح 10/293.(8/86)
5772 - إنما الشؤم ...إلخ : هذا على طريق الاستثناء المتصل من الطيرة المنهي عنها، وكأنه قيل : لا طيرة إلا في هذه الثلاثة، بمعنى أن الله تعالى يجعلها سببا للضرر والهلاك، على هذا حمله الإمام مالك رحمه الله وكثيرون، قاله القاضي ومن تبعه، وقدمناه قريبا.
5776 - كلمة طيبة : يسمعها الإنسان.
54 - باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم :
الإضافة فيه للمفعول .
5777 - شاة فيها سم : أهدتها له زينب بن الحارث امرأة سلام بن مشكم، وأكثرت من السم في الكتف والذراع. أبونا فلان : لم يعرفه ابن حجر(1). بل أبوكم فلان : إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. يسيرا : أي أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل، كما فسر به قوله تعالى :" وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً" (2). اخسئوا فيها : اسكتوا سكوت ذلة وهوان. وإن كنت نبيا لم يضرك : هذا منهم كذب أيضا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجوز عليه الأعراض البشرية، قاله سيدي عبد القادر الفاسي، وقدمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن هذه المرأة ولم يقتلها، ثم لما مات بشر بن البراء قتلها به، قاله القاضي عياض جامعا به بين الروايات.
55 - باب / شرب السم :
__________
(1) - بل لم يتعرض الحافظ لشرح هذا الجزء أصلا، انظر الفتح 10/300-303، وما قاله الشبيهي فهو فهم منه رحمه الله، وكأني بابن حجر لما رأى البخاري أبهم تسمية المذكور، أعرض عن البحث في الموضوع.
(2) - سورة البقرة، الآية 80.(8/87)
لقتل الإنسان به نفسه، أي حرمته وبيان ما جاء في وعيده. والدواء به : أي حرمة ذلك أيضا، وما : أي وكل ما، يخاف منه : الهلاك، والخبيث : أي والدواء الخبيث، أي النجس كالخمر والخنزير وغيره من كل ما حرمه الشارع، وفي الترمذي :(نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء بالخبيث) (1)، ولعل البخاري إليه أشار في الترجمة.
وقال الشيخ خليل في الجامع : (والتداوي بسائر النجاسات، أي على ظهر الجسد من غير ثوب جائز، وفي الخمر أي في التداوي بها من غير شرب، قولان)هـ(2).
وقال الباجي : (تغسل القرحة بالبول والخمر إذا غسل بعد ذلك بالماء)، قال: ( وفي رواية ابن القاسم أنه كره التعالج بالخمر وإن غسله بالماء).
5778 - من تردى من جبل : أي أسقط نفسه منه عمدا. مخلدا فيها أبدا : أي هذا جزاؤه، وقد يسامحه مولاه، أو أن الخلود بمعنى طول المقام والمكث.
قال الأبي:(وقد يكون كناية عن كون عقوبته أشد من عقوبة قتله أجنبيا، لأنه واقع الذنب مع وجود الصارف، كزنا الشيخ وكذب الملك، والصارف حب الإنسان نفسه بالجبلة، ثم ينبغي تخصيصه بغير من قتل نفسه لظنه أن العدو يقتله، فقد قال أئمتنا: إذا حرق العدو سفينة للمسلمين، جاز لهم طرح أنفسهم في الماء، لأنه فرار من الموت إلى الموت، ولم ير ذلك ربيعة(3)
__________
(1) - أخرجه أبو داود في الطب 3870، والترمذي في الطب 7، وأحمد 2/305.
(2) -تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل57/ب.
(3) - أبو عثمان ربيعة بن عبدالرحمن فروخ المدني، المعروف بربيعة الرأي، مفتي المدينة، أدرك جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك، وأخذ عنه أئمة منهم مالك الذي قال : " ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة".
توفي سنة 136هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 8/420، وتذكرة الحفاظ 1/148، وتهذيب التهذيب 3/258، وشجرة النور الزكية 1/46.(8/88)
، إلا لمن طمع بنجاة فلا يقتل نفسه وليصبر لأمر الله، وكان الشيخ يقول لمن قطعت يده ظلما، ترك المداواة حتى يموت، وإثمه على قاطعه، والظالم أحق بالحمل عليه، بخلاف من قطعت يده في حق، فلا يجوز له ترك المداواة، وإن تركها حتى مات، فهو من معنى قتل النفس)هـ.
تحسى : تجرع. يجأ : يطعن.
56 - باب ألبان الأُتُن :
جمع أتان، الأنثى من الحمير، أي هل يباح شربها للتداوي ونحوه أو لا؟ وأكثر العلماء على حرمته، وهو مذهبنا.
لطيفة : ذكر ابن غازي في حاشيته هنا أن الإمام ابن عرفة احترق مزاجه في طلب العلم، واستفرغ ماء الحياة، وتولد في بدنه داء عضال أعوز الأطباء، فقال له رئيسهم إن قلبه خرج من غلافه، وصار في غاية الضعف كقلب الصبي، فلا يليق به من الأغذية إلا ألطفها، وهو اللبن الذي جعله الله غذاء للأطفال بشرط أن يرضعه بفيه من الثدي، وأنفعه لبن الأتن، ثم لبن النساء، ثم لبن المعز، فكره ابن عرفة لبن الأتن استقزازا وتورعا لما فيه من الخلاف، وترك لبن المعز لأنه في الدرجة الثالثة، واختار لبن النساء، فقال له الطبيب : أنفع ألبانهن لبن المرأة السمراء الصحيحة الجسم، المدمنة أكل اللحم، فاستأجر أربع نسوة من نساء القصابين، فكان يرضعهن، واغتفر ذلك، وإن كن أجنبيات، لمكان الضرورة، فشفاه الله(1)
__________
(1) - أستغرب صحة هذه القصة من جهة، وأستبعد صحة هذا الفقه المتعدي على الحدود الشعرية، فكيف يعدل عالم معتبر عن لبن المعز " اللطيف المعتدل، المطلق للبطن، المرطب للبطن اليابس" كما قال ابن القيم في الطب البنوي ص : 300ن إلى لبن المرأة ومن ثديها، بل من أثداء أربع نسوة ((
ويذكر في هذا السياق حديث الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتي ليلة أسري به بقدح من خمر وقدح من لبن، فنظر إليهمان ثم أخذ اللبن، فقال جبريل عليه السلام : الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ".
فاللبن موافق للفطرة ومذهب الشريعة المطهرة، وبياضه مناط التعلق بالاستقامة على الصراط السوي، وفي القصة المذكورة عدول عن كل ذلك، بل خلط بين مقام الاستقامة وإتيان رضاع ثدي المرأة، وفيه من المنكر ما لا يخفى.(8/89)
.
5781 - وسألته : أي أبا إدريس(1). قال : أي أبو إدريس. يتداوون بها : أي أبوال الإبل. فلا يرون بذلك بأسا : لطهارتها، وهذا مذهبنا. ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي: نعم حرمه أكثر العلماء، لن حكم اللبن حكم اللحم لتولده منه، ورخص فيه عطاء وطاووس والزهري، ومذهبنا حرمته. نهى عن أكل كل ذي ناب ...إلخ : والمرارة من جملة اللحم، فحكمها حكمه.
57 - باب إذا وقع الذباب في الإناء :
هل ينجس ما فيه أم لا ؟ الجمهور أنه لا ينجسه، وإن مات فيه، لأنه لا نفس له سائلة.
5782 - في إناء : يشمل إناء الطعام والشراب. في أحد جناحيه شفاء : وهو الأيمن. وفي الآخر داء : وهو الأيسر/، وعن أبي هريرة أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء.
77 - " كتاب اللباس "
أي ذكر بعض أحكامه وما يباح لبسه ومالا، وقول الله تعالى : "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ": من الثياب وكل ما يتجمل به،"الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ" (2): أي أخرج أصلها من الأرض كالقطن، ومن الدود كالحرير، ومن الأنعام كالصوف والوبر، والاستفهام للتوبيخ والإنكار.
إسراف : مجاوزة الحد. ولا مخيلة : تكبر.
كل ما شئت : من الحلال الطيب، المباح أكله. والبس ما شئت : من الحلال المباح لبسه.
5783 - لا ينظر الله : أي نظر رحمة. إلى من جر ثوبه : يشمل الإزار والرداء والقميص والسراويل، وغير ذلك. خيلاء : كبرا وعجبا.
__________
(1) - عائذ بن عبد الله بن عمرو، أبو إدريس الخولاني.
روى عن عمر ومعاذ بن جبل وبلال وثوبان. وعنه الزهري ومكحول وأبو عون الأنصاري.
قال أبو زرعة: أحسن أهل الشام لقيا لأجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/85.
(2) - سورة الأعراف، الآية 32.(8/90)
وحكى القاضي عياض الإجماع على أن المنع من الإسبال إنما هو في حق الرجال دون النساء، لما رواه الترمذي وغيره أن أم سلمة لما سمعت ذلك قالت يا رسول الله : فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟ فقال : يرخين شبرا، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن، قال : يرخين ذراعا لا يزدن عليه.
1 - باب من جر إزاره من غير خيلاء :
أي تكبر، لا بأس به كمن سقط ثوبه لاستعجاله، أو كان ثوبه لا يثبت على كيفية، قال القاضي : (وكذلك إذا جره خيلاء على الكفار في الحرب، لأن فيه إعزاز الإسلام واحتقار أعدائه).
5784 - يسترخي : لنحافة جسمه. لست ممن يصنعه خيلاء : فلا حرج عليك.
5785 - مستعجلا : هذا محل الترجمة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جره من غير خيلاء، بل لأجل الإسراع، فلا يدخل في النهي. فصلى ركعتين : على هيئة صلاة الكسوف.
2 - باب التشمر في الثياب :
أي جوازه، وهو رفع أسفل الثوب.
5786 - مشمرا : رافعا أسفل الحلة عن ساقه الشريف.
3 - باب ما أسفل من الكعبين :
من الثياب، فهو في النار : إذا كان للخيلاء.
5787 - ما : موصول مبتدأ. أسفل : خبر كان محذوفة. في النار : خبر المبتدأ، أي محل ذلك من الرجل مصيره إلى النار إذا نفذ فيه الوعيد، فكنى بالثوب عن لابسه، وهو محمول على من فعله خيلاء كما سبق.
4- باب من جر ثوبه من الخيلاء :
أي الكبر، فقد فعل حراما:
5788 - لا ينظر الله : نظر رحمة. من جر ثوبه : قميصا أو غيره. بطرا : تكبرا.
5789 - رجل : قيل هو قارون. مرجل : مسرح. جمته : شعر رأسه المتدلي إلى منكبيه. يتجلجل : يسيخ في الأرض مع اضطراب.
5790 - يجر إزاره : أي خيلاء.
5791 - ما خص إزارا ولا قميصا : بل عبر بالثوب الشامل لهما ولغيرهما.(8/91)
ابن حجر : (وفي هذه الحديث أن إسبال الثوب للخيلاء كبيرة، وأما لغيرها فلا، قال ابن عبدالبر : مفهوم الأحاديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد، إلا أن ذلك مذموم على كل حال، وقال القاضي : المستحب جعل الإزار ونحوه إلى نصف الساق، والإباحة والترخص إلى الكعبين، والممنوع ما تحتهما)هـ(1).
وعبارة النووي : (فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم، وإلا فمنع تنزيه) (2).
5 - باب الإزار المهدب :
الذي له هدب، وهو ما على أطراف الثياب من السدى الذي لا لحمة فيه، أي جواز لبسه.
5792 - مثل هدبة : تعني ذكره. حتى يذوق : أي الثاني. عسيلتك : كناية عن الجماع التام.
6 - باب الأردية :
جمع رداء، ما يجعل من الثياب على العاتق أو بين الكتفين، أي جواز اتخاذها.
5793 - فارتدى : جعل رداءه على كتفيه.
فائدة : قال في الإكمال : (ذكر ابن سعد عن عروة أن رداء النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حضرميا، طول أربع أذرع في عرض ذراعين وشبر)، قال : (وهو الذي عند الخلفاء اليوم؛ وعن الواقدي أن برده عليه السلام كان يمنيا، طول ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وأن إزاره من نسج عمان، طول أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يوم الجمعة والعيد، ويطويان) /.
7 - باب لبس القميص :
أي جوازه، وهو ثوب له كمان.
"اِذْهَبُوا بِقَمِيصِي" (3): أشار به إلى أنه ليس بحادث، وإن كان الشائع في العرب الإزار والرداء.
5794 - لا يلبس المحرم ...إلخ: الجواب بما لا يلبس يؤخذ منه الجواب بما يلبس بطريق أخصر وأشمل.
5795 - فأخرج : من قبره. والله أعلم : بسبب ذلك وحكمته.
5796 - ابنه : عبدالله الصحابي الجليل.
" أو لا تستغفر لهم " : فهم عمر من التسوية بين الاستغفار وعدمه النهي عنه، والصلاة استغفار.
8 - باب جيب القميص :
__________
(1) - الفتح 10/323.
(2) - نقلا عن الفتح 10/323، وهو في شرح صحيح مسلم 14/62.
(3) - سورة يوسف، الآية 93.(8/92)
الجيب ما يقطع من الثوب ليخرج منه الرأس، عند الصدر : أي محله عنده، وغيره : أي غير القميص، أي جواز اتخاذ الجيب للقميص ولغيره.
5797 - وتراقيهما : جمع ترقوة، العظم الذي بأعلى الصدر. تغشى : تغطي. وتمحو أثره: أي أثر مشيه لطولها. يقول بإصبعه هكذا : أي يفعل به ما ذكر.
ابن حجر : (وهذا يدل على أن الجيب كان في الصدر الأول)، قال : (وفي حديث قرة بن إياس(1)، وسنده صحيح، ما يقتضي ذلك)هـ (2)، ونحوه للسيوطي والهيثمي في فتاويه.
ثم قال ابن حجر : (ابن بطال : ودل أيضا على أن الجيب في ثياب السلف كان عند الصدر، على ما يصنعه النساء عندنا اليوم بالأندلس)هـ(3).
وقال في العارضة : (لا تبال بالجيب، أي الطوق، كان بالمقدم أو الجنب، إلا أن يكون للناس عادة يسلكونها، فذلك أسلم للمرء)هـ.
وقال الفيومي : (سئل الإمام الزركشي رحمه الله عن كيفية قميص النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل كان مفتوح الصدر أو على هيئة الدلق(4) ؟ فأجاب : ظاهر النقل يقتضي أنه كان مفتوحا لحديث عروة بن عبدالله بن قشير(5)
__________
(1) - قرة بن إياس بن هلال بن رياب المزني، أبو معاوية البصري.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابنه معاوية.
قتل في حرب الأزارقة في زمن معاوية.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1280، والإصابة 5/433، وتهذيب التهذيب 8/370.
(2) - الفتح 10/328، ومتن الحديث : "قال : فأدخلت يدي في جيب قميصي فمسست الخاتم" - أخرجه أبو دواد والترمذي وصححه هو وابن حبان -.
(3) - الفتح 10/328.
(4) - كذا في الأصل، ونبه عليه العرائشي في هامش نسخته.
(5) - عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي، أبو مهل الكوفي.
روى عن معاوية بن قرة وعنبسة بن أبي سفيان ومحمد بن سيرين وفاطمة بنت علي بن الحسين.
وعنه زهير بن معاوية والثوري وعنبسة بن سعيد.
وثقه أبو زرعة وابن حبان.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/181.(8/93)
، وفي آخره : " وإنه لمطلق الإزار"، وفي تاريخ ابن الفرات(1) عن أنس رضي الله عنه قال :كان قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطنا، قصير الطول، قصير الكمين)هـ.
فلو رأيته ... إلخ: أي لتعجبت منه.
جنتان : تثنية جنة، وهي الوقاية.
9 - باب من لبس جبة ضيقة الكمين:
أي جاز ذلك.
5798 - انطلق النبي صلى الله عليه لحاجته : في غزوة تبوك. بدنه : أي جبته.
10 - باب لبس جبة الصوف في الغزو :
أي جواز ذلك فيه لأنه يغتفر فيه مالا يغتفر في غيره، وأما في غير الغزو، فقال ابن بطال:(كره مالك لبس الصوف لمن يجد غيره لما فيه من الشهرة بالزهد، لأن إخفاء العمل أولى)، قال : (ولم ينحصر التواضع في لبسه، بل في القطن وغيره، مما هو بدون ثمنه)هـ(2)، ولعل قول مالك المذكور في قوم ليس عادتهم لبسه، وإلا فيجوز بلا نزاع.
5799 - في سفر : هو تبرك .
11 - باب القَبَاء وفَرُّوجِ حَرِير :
كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط. هو : أي الفروج، الذي شق من خلفه : يعني والقباء الذي شق من أمامه.
5800 - وعليه قباء منها : وكانت من حرير، فيحمل على أنه كان لابسا له وذلك قبل تحريم الحرير، أو معناه: وعلى يديه قباء منشور ليريه إياه.
رضي مخرمة ؟ (3): أي رضيت، فلبسه لكونه كان مباحا.
__________
(1) - محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز المصري، ناصر الدين بن الفرات.
ولد بالقاهرة، وولي بها خطابة المدرسة المعزية.
له تاريخ سماه الطريق الواضح المسلوك. وتوفي سنة 807هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 8/51، وشذرات الذهب 7/72، وحسن المحاضرة 1/320.
(2) - نقلا عن الفتح 10/330.
(3) - مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري، والد الصحابي المسور بن مخرمة.
كان من مسلمة الفتح، وكان له علم بالأنساب.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1380، والإصابة 6/50.(8/94)
5801 - ثم صلى فيه : المغرب. ثم انصرف : بعدما سلم. فنزعه نزعا شديدا : لنزول التحريم ح، فإن هذه القصة هي مبدأ تحريم الحرير. للمتقين : أي الذكور دون الإناث.
12 - باب البرانس :
جمع برنس، ثوب رأسه منه، أي جواز لبسها، (وقد كرهه بعض السلف، لأنه كان من لباس الرهبان، وسئل عنه مالك فقال : لا بأس به، قيل : فإنه من لبوس النصارى، قال : كان يلبس هنا، أي بالمدينة، وقال عبدالله بن أبي بكر : ما كان أحد من القراء إلا له برنس)، هـ من الفتح(1).
5802 - من خز :
قال في المشارق : (هو ما خلط من الحرير بالوبر وشبهه) (2).
وقال الكرماني : (هو المنسوج من الإبريسم والصوف) (3).
وقال ابن الملقن : (هو حرير يخلط بوبر وشبهه).
وقال الزركشي : (ثوب ينسج من صوف وإبريسم) (4).
وقال ابن العربي : (هو ما أحد نوعيه السدى أو اللحمة حرير، والآخر سواه، وقد لبسه جماعة من الصحابة والتابعين، وسئل عنه مالك فقال : لابأس به، فدل ذلك على جوازه، وقيل إنه مكروه، قال ابن رشد : وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب ).
وقال ابن العربي : (الأقوى حله، وليس فيه وعيد ولا عقوبة بإجماع)هـ.
وفي ديوان ابن يونس ما نصه : (قال ابن حبيب : أما الخز الذي سداه الحرير، فلم يختلف في إجازة لبسه، وقد لبسه خمسة عشر صحابيا، وخمسة عشر تابعيا)، قال : (وما مزج من ثياب الحرير بكتان أو صوف، فلباسه للرجل في الصلاة أو غيرها مكروه، لاختلاف السلف فيه، أجازه ابن عباس، وكرهه ابن عمر من غير تحريم.
قال مطرف (5)
__________
(1) - الفتح 10/334.
(2) - مشارق الأنوار 1/233.
(3) - الكواكب الدراري 21/64.
(4) - التنقيح ص : 238.
(5) - أبو مصعب مطرف بن عبدالله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي المدني، روى عن جماعة منهم الإمام مالك، وعنه أبو زرعة والبخاري، وخرج له في الصحيحين. قال الإمام أحمد : كانوا يقدمونه على أصحاب مالك. توفي سنة 220 هـ.
ترجمته في : شجرة النور الزكية 1/57.(8/95)
: ورأيت على مالك ساج إبريسم كساه إياه هارون الرشيد(1)، وكان يفتي هو وأصحابه بكراهة ذلك، ولم يكن عنده كالخز المحض.
وقال ابن حبيب : ليس بين ثياب الخز والثياب التي قيامها حرير فرق إلا الاتباع)هـ.
5803 - الوَرْس / : نَبْتٌ كالسِّمْسِم.
13 - باب السراويل :
أي جواز لبسها، بل استحبابه لما فيها من الستر، وأول من لبسها إبراهيم عليه السلام.
5804 - فليلبس سراويل : أي بعد فتقها، وإلا فعليه فدية كما قدمناه في الحج.
5805 - فليلبس الخفين أسفل ... إلخ : فيه حذف، أي وليقطعهما أسفل...إلخ.
فائدة : كثر كلام علماء العصر في السراويل، هل لبسها - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ فمن مثبت ومن ناف، فأحببت أن أذكر هنا ما وقفت عليه من كلام الأئمة في ذلك، فأقول :
أخرج أبو داود -واللفظ له- ، والترمذي -وقال حسن صحيح-، والنسائي وابن ماجه عن سويد بن قيس(2) قال : جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي، فساومنا بسراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : زن وارجح هـ(3).
قال ابن القيم في الهدي: (اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل)،هـ منه(4).
__________
(1) - هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، خامس الخلفاء العباسيين.
كان عالما بالأدب وأخبار العرب.
تولى الملك 23 عاما، وتوفي سنة 193هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 14/5، والبداية والنهاية 10/213، وتاريخ الطبري 10/47.
(2) - سويد بن قيس العبدي، أبو مرحب.
أخرج أحمد وأصحاب السنن أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم سراويل.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 680، والإصابة 3/228.
(3) - أخرجه الترمذي في التجارات 34، والنسائي في البيوع 54، وابن ماجه في اللباس رقم 3579 (2/1185).
(4) - زاد المعاد 1/139، وهو في الفتح 10/335.(8/96)
وقال الشمني(1) في حاشية الشفا ما نصه: (قالوا لم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل، ولكنه اشتراها ولم يلبسها، وفي الهدي لابن قيم(2) الجوزية أنه لبسها، قالوا وهو سبق قلم، واشتراها عليه السلام بأربعة دراهم، وفي الإحياء : اشتراها بثلاثة دراهم)، هـ منها.
وقال السيوطي في مرقاة الصعود: (ذكر بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى السراويل ولم يلبسها، وفي الهدي لابن القيم أنه - صلى الله عليه وسلم - لبسها، وتعقبه بعضهم بأنه سبق قلم).
وقال القسطلاني في المواهب: ( وأما السراويل فاختلف هل لبسها - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ فجزم بعض العلماء بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلبسها –ثم نقل كلام الهدي- وقال: قال أبو عبد الله الججازي(3) في حاشيته على الشفا: وما قاله في الهدي من أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل قالوا إنه سبق قلم)(4).
__________
(1) - أحمد بن محمد بن محمد بن حسن بن علي بن خلف الله التميمي الشمني.
له: مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا، وكمال الدراية في شرح النقاية، وشرح نخبة الفكر.
توفي سنة 872هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 2/174، والبدر الطالع 1/119، وبغية الوعاة 163.
(2) - في الأصل : "ابن القيم الجوزية"، والصحيح أن يقتصر على "ابن القيم"، أو بالإضافة : "ابن قيم الجوزية"، لأنه ينسب إلى والده وكان قيما على مدرسة الجوزية بالشام.
(3) - محمد بن أحمد القليوبي، أبو عبد الله الحجازي.
له: تعليق على الشفا، وتعليق على الحاوي، ومختصر المدونة. توفي سنة 849هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 9/51، وهدية العارفين 2/196.
(4) - المواهب اللدنية 1/440-441.(8/97)
وقال المناوي في فتح القدير إثر الحديث السابق ما نصه : (فيه ثبوت شراء السراويل لا أنه لبسها، ثم قال : نعم جاء في رواية أبي يعلى شديدة الضعف عن أبي هريرة أن المصطفى اشترى سراويل من سوق البزازين بأربعة دراهم، وأنه قال له : يا رسول الله، وإنك تلبس السراويل ؟ قال : أجل في السفر والحضر، وبالليل والنهار، فإني أمرت بالستر فلم أر أستر منه)هـ(308 ).
وقال المناوي أيضا على حديث " صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله" ما نصه: (حديث أبي يعلى، قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر : سنده ضعيف، وقال السخاوي : ضعيف جدا، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه، وقال :فيه يوسف بن زياد عن عبدالرحمن الإفريقي، ولم يروه عنه غيره، ورده السيوطي بأنه لم ينفرد به يوسف،فقد خرجه البيهقي في الشعب والأدب من طريق جعفر بن عبدالرحمن، ويرده أن ابن عبدالرحمن – قال ابن حبان- يروي الموضوعات عن الثقات، فهو كاف في الحكم بوضعه)هـ.
وقال أيضا على حديث "اتخذوا السراويلات" ما نصه: (قالوا ولم يثبت أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لبسها، لكن روى أحمد والأربعة أنه اشتراها، وقول ابن القيم : الظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها" وهم، وقد يكون اشتراها لبعض نسائه، وقول ابن حجر : " في شرائه لغيره بعد"، غير مرضي/، إذ لا استبعاد في شرائه لعياله، وما رواه أبو يعلى وغيره أنه خبر عن نفسه بأنه لبسه، فسيجيء أنه موضوع)، هـ من فتح القدير بحروفه، وأشار إلى ما قدمناه عنه قريبا.
وفي فتاوي ابن حجر الهيثمي ما نصه : (وسئل نفع الله به، هل لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - السراويل ؟ فأجاب بقوله: قال السبكي في فتاويه إنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراه وما لبسه، ثم صار حسنا للستر)هـ.(8/98)
وقال الفيومي في شرح الترغيب : (سئل الزركشي عن السراويل، هل لبسه النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فأجاب رحمه الله: أما السراويل فروى الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراه، لكن لم يذكر أنه لبسه، فاعتمد على ذلك الشيخ تقي الدين في فتاويه فقال: إنه اشتراه ولم يلبسه).
وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي فيما نقله من تقاييد أبيه سيدي عبد القادر على البخاري ما نصه: ( لم يثبت لباسه - صلى الله عليه وسلم - السراويل إلا فيما لم يبلغ مبلغ الصحة)هـ.
وقال الحفني في حواشيه على الجامع الصغير ما نصه: ( لم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل،وإن كان لبسه سنة).
وقال مفتي الإسلام بالديار القدسية شمي الدين محمد بن أبي اللطف (1) حين سئل عن ذلك، نظما ما نصه :
أقول إن المصطفى قد اشترى
كما الشموني حكى ذلك في
قالوا وما في الهدي من لباسها
ولبسه سنة إبراهيم لا ... - ذاك ولم يلبسه قط في عمره
- حاشية الشفا فصد عن نكره
- فذاك سبق قلم لم يرده
- بأس به فالبس لأجل ستره هـ.
فتحصل من جميع ما ذكر أن الصواب الذي تطمئن له النفس وينشرح له الصدر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يلبس السراويل مرة في الدهر، والله متولي الهداية والتوفيق والكفاية والحماية والستر.
__________
(1) - محمد بن أبي اللطف محمد بن علي الحصكفي المقدسي، شمس الدين.
أصله من حصن كيفا، وولد بالمقدس، ودرس بمصر.
له الموضح المبين لأقسام التنوين. وتوفي سنة 928هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 9/164، وشذرات الذهب 8/161.(8/99)
تنبيه : وقع للمناوي في شرح حديث " صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله"، بعدما ذكر حديث أبي يعلى السابق، قال ما نصه : (وبذلك يتبين صحة جزمه في الهدي بأنه لبسها، فقول الشمني في حاشية الشفا كبعض المتأخرين من الحفاظ أن ما فيه سبق قلم ، زلل فاحش سببه قصور النظر)، هـ من فتح القدير بلفظه، وهو عجيب، لأنه حكم على الحديث مرة بأنه ضعيف جدا، وأخرى بأنه موضوع، ومع ذلك يقول ما ذكر فكيف يجزم بصحة أمر مستند لحديث موصوف بما ذكر، والعلم عند الله سبحانه.
14 - باب العمائم :
أي مشروعية لباسها.
ابن حجر : (ذكر فيه الحديث المذكور قبله من وجه آخر، وكأنه لم يثبت عنده على شرطه في العمامة شيء، وأخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا : "اعتموا تزدادوا حلما"(1)، وعن ركانة(2) مرفوعا : " فرق(ما) (3) بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس"(4)، وعن ابن عمر : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه"، وفيه أن ابن عمر كان يفعله - أي السدل-، والقاسم(5)
__________
(1) - أخرجه الطبراني والترمذي في العلل المفرد وضعفه البخاري، وقد صححه الحاكم فلم يصب، وله شاهد عند البزار عن ابن عباس ضعيف أيضا، انظر الفتح 10/335-336.
(2) - ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المطلبي.
أسلم في فتح مكة. وتوفي في خلافة عثمان أو معاوية.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 507، والإصابة 2/497.
(3) - إضافة "ما" لازمة لصحة السياق –انظر الفتح 10/336-، وقد نبه عليها العرائشي.
(4) - رواه في الجامع الصغير، وضعفه الكتاني في الدعامة في فضل العمامة ص:34، والألباني في الضعيفة 3/ رقم 1217 .
(5) -أبو محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
قال ابن سعد : ثقة رفيع، عالم فقيه، إمام ورع كثير الحديث، توفي سنة 101 هـ.
ترجمته في : طبقات ابن سعد 5/139، وتذكرة الحفاظ 1/96، ووفيات الأعيان 1/418.(8/100)
وسالم، وأما مالك فقال : إنه لم ير أحدا يفعله إلا عامر بن عبدالله بن الزبير(1)، والله أعلم)هـ(2).
فأخذ منه مطلوبية لبس العمامة، ومن حديث ابن عمر، وفعله مطلوبية سدل طرف منها، ويعبر عنه بإرخاء العذبة، قال ابن أبي جمرة: (العمائم التي ليست بذؤابة ولا تلحى مكروهة، لأنها قيل فيها إنها عمائم قوم لوط، وقيل عمائم الشيطان، ذكره ابن رشد في مقدماته، وغيره من العلماء)هـ(3).
وهل يكون إرخاؤها – أي العذبة – من الجانب الأيسر أو الأيمن ؟
قال العراقي : (المشروع من الأيسر) (4)، وقال شيخ الإسلام : ( هو الذي تلقيناه من المشايخ) (5)، وقال الشيخ جسوس: (الأفضل أن تكون بين الكتفين، ثم المنكب الأيمن)هـ.
وهل يسدل الطرف الأعلى أو الأسفل ؟ كل محتمل، قاله القسطلاني(6).
وقال المناوي : (وينبغي ضبط طولها –أي العمامة- وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه ومكانه، فإن زاد على ذلك/ كره، وتتقيد كيفيتها بعادة أمثاله أيضا، فلذلك انخرمت مروءة فقيه يلبس عمامة سوقي، وعكسه، وخرمها مكروه بل حرام على من تحمل شهادة، لأن فيه إبطال حق الغير، ولو اطردت عادة محل بعدمها أصلا لم تنخرم به المروءة على الأصح، خلافا لبعضهم، والأفضل في لونها البياض)هـ.
__________
(1) - عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي.
روى عن أبيه وأنس وصالح بن خوات.
وعنه أخوه عمرو ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومالك.
وثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/74.
(2) -الفتح 10/355-336.
(3) - بهجة النفوس 1/181.
(4) - نقله الأنصاري في التحفة 3/267.
(5) - تحفة الباري 3/267.
(6) - الإرشاد 8/478.(8/101)
فائدة : قال الزرقاني على المواهب : (قل ابن حجر في فتاويه : لم يحضرني في طول عمامة النبي - صلى الله عليه وسلم - قدر محدود، وقال السيوطي : لم يثبت في مقدارها حديث، وفي خبر ما يدل على أنها عشرة أذرع، والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير، وقال السخاوي : وما ورد من أن طولها سبعة أذرع في عرض ذراع، لا أصل له، وقال ابن الجزري: تتبعت الكتب في ذلك فلم أقف على شيء حتى أخبرني من أثق به أنه وقف على كلام للنووي ذكر فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له عمامتان، قصيرة ستة أذرع، وطويلة اثنتا عشرة ذراعا)هـ.
وقال المناوي : (لم يتحرر – كما قال بعض الحفاظ – في طول عمامته - صلى الله عليه وسلم - وعرضها شيء، وما وقع للطبري أنها سبعة أذرع، ولغيره نقلا عن عائشة أنها سبعة في عرض ذراع، وأنها كانت في السفر بيضاء، وفي الحضر سوداء من صوف، وقيل عكسه، وأن عذبتها كانت في السفر من غيرها، وفي الحضر منها، فلا أصل له)هـ(1).
وبه يعلم ما في جزم صاحب المدخل بأنها كانت سبعة أذرع، والله أعلم.
فائدة أخرى: أخرج الطبراني عن ابن عمر قال:(كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس قلنسوة بيضاء)(2)، وابن عساكر عن عائشة: (كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس قلنسوة بيضاء لاطية)، أي لاصقة برأسه غير مقبية، قاله المناوي، وقال الحفني : (هي المسماة بالتربوش)، وأخرج الروياني(3) وابن عساكر عن أنس قال :(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس القلانس تحت العمائم، وبغير عمائم، ويلبس العمائم بغير قلانس، وكان يلبس القلانس اليمانية، وهي البيض الحضرية)هـ، نقل الجميع في الجميع الصغير(4).
__________
(1) - فيض القدير 5/213-214.
(2) - ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/121.
(3) - أبو بكر الروياني، محدث توفي بعد سنة 320هـ أيام المقتدر.
له المسند.
ترجمته في: تاريخ الخلفاء للسيوطي 155.
(4) - الجامع الصغير 2/393-394، ح 7166 و7167 و7168.(8/102)
قال المناوي إثره : (قال بعض الشافعية : فيه وفيما قبله لبس القلنسوة اللاطية بالرأس والمرتفعة والمضرية وغيرها، تحت العمامة وبلا عمامة، كل ذلك ورد) (1).
وقال ابن العربي : (القلنسوة من لباس الأنبياء والصالحين، تصون الرأس وتمكن العمامة، وهي من السنة، وحكمها أن تكون لاطية لا مقبية، إلا أن يفتقر الرجل إلى أن يحفظ رأسه عما يخرج منه عن الأبخرة، فيقبيها أو يثقب فيها).
15 - باب التقنع :
أي جوازه، وهو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره.
وعليه عصابة : موضوعة على رأسه الشريف فوق العمامة. دسماء : أي سوداء، وفي عصب الرأس تغطية له، وهو وجه المطابقة، قاله شيخ الإسلام(2).
5807 - السمر : الطلح . متقنعا : مغطيا رأسه بثوبه. أخرج من عندك : لأسارك بشيء. في الخروج : إلى المدينة. أحث الجهاز : أسرعه. سفرة : طعاما معدا للسفر. نطاقها: حزامها. فأوكأت : شدت. لَقِن : سريع الفهم. ثَقِف : حاذق فطن. رسلهما : لبنهما أي شربه. ينعق : يصيح.
__________
(1) - فيض القدير 5/247.
(2) - في تحفة الباري 3/267.(8/103)
تنبيه : استدل بعضهم بحديث التقنع على مشروعية لبس الطيلسان، قال ابن حجر:(ونازع ابن القيم في ذلك، قال : إنه غيره، وجزم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلبسه ولا أحد من أصحابه(1) ثم على تقدير أنه يؤخذ من التقنع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتقنع إلا لحاجة)هـ(2)، ويرد على حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر القناع، وما أخرجه ابن سعد في الطبقات بسند مرسل : (وصف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطيلسان، فقال : هذا ثوب لا يؤدى شكره)، وأما ما روي عن أنس في الصحيح أنه رأى قوما عليهم الطيالسة، فقال : كأنهم يهود خيبر، وما في مسلم أن الدجال يتبعه اليهود عليهم الطيالسة(3)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :(من تشبه بقوم فهو منهم، وليس منا من تشبه بغيرنا)، فجوابه أنه إنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبدالسلام(4) في أمثلة البدعة المباحة، وقد يصير من شعار قوم، فيصير تركه من الإخلال بالمروءة كما نبه عليه الفقهاء، فإن الشيء قد يكون شهرة لقوم، وتركه بالعكس، ومثل ابن الرفعة ذلك بالسوقي والفقيه في الطيلسان، هـ من الفتح(5).
__________
(1) - انظره في زاد المعاد 1/142.
(2) - الفتح 10/337.
(3) - صحيح مسلم 3/1642 كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال.
(4) - عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، لقبه به تقي الدين بن دقيق العيد.
تفقه على ابن عساكر والآمدي، وروى عنه ابن دقيق العيد وأبو محمد الدمياطي وابن القيم.
له: كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ومجاز القرآن، ومختصر صحيح مسلم، وشجرة المعارف، وتوفي بالقاهرة سنة 660هـ.
ترجمته في : طبقات الشافعية للإسنوي 2/197، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/209، ومرآة الجنان لليافعي 4/153.
(5) - الفتح 10/337-338.(8/104)
وقال السيوطي : (لبسه سنة)، وألف فيه : " الأحاديث الحسان في لبس الطيلسان"(1).
16 - باب المغفر :
هو زرد من الدروع يلبس في الحرب تحت القلنسوة، أي جواز لبسه.
5808- دخل : مكة. وعلى رأسه المغفر : وفي حديث جابر :(وعليه عمامة)، وجمع بينهما باحتمال / أن أحدهما كان فوق الآخر.
17 - باب البرود :
جمع برد، ثوب مخطط تلبسه الأعراب، والحبرة : عطف خاص على عام، وهي ضرب من برود اليمن، والشملة: كساء دون القطيفة، يشتمل به.
5809 - نجراني : نسبة إلى نجران، بلدة باليمن
5810 - امرأة :لم تعرف. منسوج في حاشيتها : أي مع حاشيتها، لا أن حاشيتها مخيطة عليها بعد النسج. فجسها : لمسها بيده. رجل : هو عبدالرحمن بن عوف.
…5811- نمرة : شملة فيها خطوط ملونة كأنها جلد نمر. رجل من الأنصار : هو سعد بن عبادة. سبقك عكاشة : قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة.
5812 - الحبرة : برد يماني يصنع من قطن.
18 - باب الأكسية :
جمع كساء، والخمائص: جمع خميصة، كساء من صوف أو خز، مربعة لها أعلام، أي جواز لبس ما ذكر.
5815، 5816 - لما نزل برسول الله صلى الله عليه : أي نزل به الموت.
5818 (2) - في هذين : الكساء والإزار.
5817 (3) - إلى أبي جهم : لينتفع بها لا ليصلي فيها، فهو كإرسال الحلة لعمر. ألهتني عن صلاتي : هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تشريع لأمته، وإلا فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يشغله شيء عن صلاته. بانبجانية أبي جهم: كساء غليظ لا علم فيه. ابن حذيفة ... إلخ : هذا مدرج من كلام الزهري.
__________
(1) - سماه أحمد الخازندار ومحمد الشيباني في "دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها" ص : 47 بكتاب " الأحاديث الحسان في فضل الطيسلان"، ومنها نسخ مخطوطة في الخزانة العامة بالرباط مجموع 486/1، والظاهرية بدمشق 1115و6923، ومكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة 4.
(2) - ترقيم الحديث هكذا في الفتح 10/341 .
(3) - ترقيمه هكذا في الفتح 10/340.(8/105)
19 - باب اشتمال الصماء :
أي بيان حكمه، وهو أن يشتمل الرجل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على منكبه فيبدو منه فرجه، أو هو أن يجعل الثوب على منكبه ويرده من قبل يمينه على يده وعاتقه الأيسرين، ثم يرده من خلفه على يده وعاتقه الأيمنين فيغطيهما جميعا، وحكمه عندنا هو ما أشار له الشيخ خ بقوله عطفا على المكروه :(وصَمَّاءُ بِسِتْر وإلا مُنِعَتْ كَاحْتِبَاء لا سِتْرَ معه) (1).
5819 - نهى : نهي تحريم أو كراهة. عن الملامسة والمنابذة : يأتي تفسيرهما. وأن يحتبي : بأن يقعد على إليتيه وينصب ساقيه ويحتوي بالثوب ... إلخ : أي يديره عليه.
5820 - ولا يقلبه ... إلخ : اكتفاء بلمسه، وهو بيع مفسوخ كبيع المنابذة أيضا لما فيها من الغرر.
20 - باب الاحتباء في ثوب واحد :
أي بيان حكمه، والاحتباء هو أن يجلس على إليتيه، ويجمع ظهره وساقيه بثوب واحد يديره عليه، وحكمه الحرمة إن لم يكن معه ساتر غيره، وإلا فالكراهة.
5821 - نهى : نهي تحريم أو كراهة.
21 - باب الخميصة السوداء :
هي ثوب من خز أو صوف معلم، أو كساء مربع له أعلام، أي حكم لباسها.
5823 - ابن فلان : يعني ابن عمرو. عن أم خالد: اسمها أمة، كنيت بولدها خالد بن الزبير بن العوام. بنت خالد : ابن سعيد بن العاص. تحمل : لصغرها. أبلي : من الإبلاء. واخلفي : بالفاء من الخلف، أي تكتسبي خلفه بعد إبلائه، وبالقاف بمعنى أبلي. سناه: معناه حسن بالحبشية، كلمها بها لأنها ولدت بالحبشة.
5824 - حريثية : نسبة إلى حريث، رجل من قضاعة، وكانت سوداء. يسم : يعلم بالكي. الظهر : النعم.
22 - باب ثياب الخضر :
أي حكم لباسها.
ابن بطال :(الثياب الخضر من ثياب الجنة، وكفاها بذلك شرفا)(2).
وفي سنن أبي دواد عن أبي رمثة(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/28.
(2) - نقلا عن الفتح 10/346.
(3) - أبو رمثة البلوي أو التميمي، قيل اسمه رفاعة بن يثربي، وقيل غير ذلك.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه إياد بن لقيط وثابت بن أبي منقذ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1658، والإصابة 7/140، وتهذيب التهذيب 12/97.(8/106)
قال :(انطلقت مع أبي نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيت عليه بردين أخضرين)(1).
5825 - خضرة بجلدها : من أثر ضربه لها. والنساء ينصر بعضهن بعضا : هذا قول عكرمة. قال : أي عكرمة. وسمع : زوجها. ابنان : لم يسميا. من هذه : الهدبة. لأنفضها نفض الأديم : أي الجلد، كناية عن بلوغه الغاية في جماعها. فإن كان ذلك: وهو كونه لم يتمكن من جماعك. ما تزعمين : من عنته /.
23 - باب الثياب البيض :
أي بيان ما جاء فيها.
ابن حجر :(كأنه لم يثبت عنده على شرطه فيها شيء صريح، فاكتفى بما وقع في الحديثين اللذين ذكرهما، وقد أخرج الإمام أحمد والأربعة عن سمرة مرفوعا :" عليكم بالثياب البياض، فالبسوها فإنها أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم"(2)، وعن ابن عباس بمعناه، وزاد : "فإنها من خير ثيابكم") (3).
5826 - رجلين : أي ملكين وهما جبريل وميكائيل.
5827 - قال أبو عبدالله : البخاري. هذا : الذي قاله - صلى الله عليه وسلم - وهو : " ما من عبد قال لا إله إلا الله "... إلخ، إنما هو إذا قاله عند الموت أو قبله إذا تاب وندم ... إلخ.
ابن حجر : (نقل ابن التين عن الداودي أن ما قاله البخاري مخالف لظاهر الحديث، فإنه لو كانت التوبة مشروطة لم يقل : وإن زنى، وإن سرق، قال : وإنما المراد أنه يدخل الجنة إما ابتداء وإما بعد ذلك)هـ (4).
__________
(1) - رواه أبو داود في اللباس رقم 4065.
(2) - مسند أحمد رقم 19281 و 19366، وأخرجه النسائي في الجنائز رقم 1870 والزينة رقم 5227، وابن ماجه في اللباس رقم 3566، وأبو داود في الطب رقم 3878.
(3) - الفتح 10/348.
(4) - الفتح 10/349.(8/107)
وقال القاضي عياض : (تأويل البخاري إنما يحتاج إليه إذا حمل الحديث على ظاهره، وأما إذا نزل منزلته، أي بحمله على الدخول أولا، أو في الأثناء، فلا إشكال فيه على مذهب أهل السنة، ثم قال: ويجوز أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه، وإن كان قبل مخلطا، فيكون سببا لرحمة الله إياه ونجاته رأسا من النار، وتحريمه عليها، بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين)هـ.
قال النووي : (وهو في غاية الحسن).
24 - باب لبس الحرير للرجال :
أي بيان حكمه، وحكمه حرمة الخالص منه عليهم.
قال القاضي عياض : (انعقد الإجماع بعد ابن الزبير ومن وافقه على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء)هـ(1).
وقال ابن عرفة : (ولبس الرجال خالص الحرير حرام، أجازه ابن حبيب لحكة، وابن الماجشون في الجهاد، ورواية المشهور منعهما)هـ.
وعلة تحريمه على الرجال إما لما في لبسه من الفخر والخيلاء، أو لكونه ثوب زينة لايليق إلا بالنساء دون الرجال، أو للتشبيه بالمشركين، أو لما فيه من السرف.
تنبيه : الإجماع الذي حكاه القاضي رضي الله عنه منتقد بما نقله ابن عرفة عن ابن حبيب وابن الماجشون كما سبق، وبما حكاه الدماميني في المصابيح عن الزاهدي(2)
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/350، ونقله بدوره عن ابن دقيق العيد.
(2) - مختار بن محمود بن محمد الزاهدي الحنفي، نجم الدين.
له: شرح مختصر القدوري، والصفوة في أصول الفقه، وفضائل شهر رمضان.
توفي سنة 658هـ.
ترجمته في: تاج التراجم 54، وكشف الظنون 577.(8/108)
من الحنفية، ونصه : (لبس الحرير فوق الثياب لا يكره عند أبي حنيفة، لأنه اعتبر المعنى، يعني اللبس، وهذا تنصيص على أن أبا حنيفة لا يكره لبس الحرير إذا لم يتصل بجلده، حتى إذا لبسه فوق قميص من غزل ونحوه، لا يحرم عليه، ونحوه لابن عباس)، هـ منها(1)، ونقله عنه كمال الدين وأقره، على أن ابن العربي قال في المسالك ما نصه :(اختلف العلماء في الحرير على عشرة أقوال : محرم على كل حال، محرم إلا في الحرب، محرم إلا في السفر، محرم إلا في المرض، محرم إلا في الغزو، محرم إلا في العلم، محرم على الرجال والنساء على الإطلاق، محرم إذا لبس من فوق دون الأسفل وهو الفرش، مباح بكل حال، محرم وإن خلط مع غيره كالخز)، هـ منها، وبقي عليه ما نقله الدماميني عن مذهب أبي حنيفة، والله الفتاح.
وقدر ما يجوز استعماله منه : أي في الثوب.
5828 - بأذربيجان : إقليم معروف. أن رسول الله صلى الله عليه نهى ... إلخ: أي نهي تحريم على الرجال. قال القاضي : (هذا طرف من حديث أبي عثمان وفيه زيادة كثيرة، ولفظه : "أما بعد، فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وألقوا الخفاف والسراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعم وزي العجم، وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا واخْلَوْلِقُوا، واقطعوا الرُّكُب، وانْزُوا نَزْوًا، وارموا الأغراض، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى "... إلخ)، هـ من إكمال الإكمال(2).
__________
(1) - تعليق المصابيح ص : 563، وفيه زيادة فائدة : (قال الزاهدي : وهذه رخصة عظيمة في موضع عمت فيه البلوى، ولكن تطلبت هذا القول في كثير من الكتب عن أبي حنيفة فلم أجد سوى هذا).
(2) - إكمال الإكمال 5/379، ومثله في الفتح 10/351-352.(8/109)
وقوله : "واقطعوا الركب …إلخ ": (الركب بضمتين جمع ركاب، ككتب وكتاب، وعقل وعقال، ومعناه اقطعوا الركب من سرج الخيل، وثبوا عليها وثبا، وليس هو على معنى منع اتخاذ الركب أصلا، وإنما أراد تدريبهم على ركوب الخيل)، قاله ابن بطال على قول المص في الجهاد، باب اتخاذ الركاب والغرز.
إلا هكذا وأشار بإصبعيه : السبابة والوسطى. يعني الأعلام : أي الخطوط من الحرير، فهي مستثناة من المنع، وفي مسلم عن عمر أيضا :(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين، أو ثلاث أو أربع) (1)؛ و"أو" فيه للتنويع والتخيير، وهو يؤيد قول ابن حبيب الآتي كما قاله الباجي، وفي مختصر ابن عرفة ما نصه : (أجاز الكل خط العلم والخياطة به، وجوز بعض أصحاب المازري الطوق واللبنة، ابن حبيب : لا يجوز / جيب ولا زر، وفي النهي عن العلم قدر إصبع وجوازه، ثالثها يجوز وإن عظم لسماع ابن القاسم، ورواية أبي مصعب وقول ابن حبيب)هـ.
وفي ديوان ابن يونس قال ابن حبيب : (لا بأس بالعلم الحرير وإن عظم، ولم يختلف في الرخصة فيه والصلاة به)هـ.
الشيخ الرهوني: (وظاهر كلام غير واحد أن العلم عند من أجازه لا فرق بين أن يكون من خالص الحرير أو من غير خالصه)، ثم نقل عن المازري التقييد بغير الخالص، وقال:(ولكن ظاهر كلام غير واحد هو الإطلاق)هـ.
__________
(1) - أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم إناء الذهب والحرير للرجال والنساء، رقم 2069.(8/110)
وفي مسائل ابن قداح : (تجوز الشرابة من حرير)، قال سيدي عبدالرحمن الفاسي إثر نقله : (وليس الوحدة مرادة، وعليه جواز عمارة البرنس من الحرير. قال : وأما علاقة السيف فجائزة في الجهاد لا للتباهي، وكل ما جاز فيه الذهب، أي كالمصحف، جاز فيه الحرير، والذهب أشد، والممنوع مطلقا باتفاق الأئمة هو الحرير المصمت في غير محل الرخصة، وقال قبل ذلك : والحاصل أن الممنوع مطلقا هو المستقل الذي يقال فيه ثوب الحرير، والباقي كله فيه خلاف)هـ.
وقال القاضي في الإكمال إثر الكلام على حرمة الحرير ما نصه : (هذا حكم الحرير المحض، واختلف في المخلوط كالذي سداه حرير ولحمته قطن أو كتان، فكرهه مالك وابن عمر، وأجازه ابن عباس، وقال بعض أصحابنا : اختلف فيه، فأجيز وكره، وإجازته أكثر، وأما الخز فأجازه مالك مرة، وكرهه مرة لأجل السرف، وذكر ابن حبيب إجازته عن خمسة عشر صحابيا) هـ، نقله الأبي وأقره(1)، وراجع باب البرانس بيان الخز ما هو.
وقال ابن حجر: (استدل ابن العربي لجواز الغير الخالص بأن النهي عن الحرير حقيقة في الخالص، والإذن في القطن ونحوه صريح، فإذا خلطا بحيث لا يسمى حريرا، ولا يتناوله الاسم، ولا تشمله علة التحريم، خرج عن الممنوع فجاز)هـ.
5830 - لا يلبسوا : يأتي الكلام عليه قريبا.
5831 - بالمدائن : اسم مدينة للأكاسرة، كانت دار ملكهم. دهقان : هو زعيم القرية. والديباج : ما غلظ من الحرير. هي لهم في الدنيا : هذا بيان للواقع، أي هي شعارهم وزيهم فيها، وليس المراد أنها تجوز لهم، لأنهم مكلفون بالفروع كالمسلمين.
__________
(1) - انظر إكمال الإكمال 5/374.(8/111)
5832 - شديدا : هذا تقرير لكونه مرفوعا، أي أحفظه حفظا شديدا. من لبس الحرير: من الرجال. فلن يلبسه في الآخرة : زاد النسائي:(ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة، قال تعالى :"وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ" (1)، وهو مشكل، لأن من مات على التوحيد لابد له من دخول الجنة إما أولا أو بعد نفوذ الوعيد فيه كما سبق ؛ أجيب عن هذا الإشكال بأجوبة مذكورة في الفتح وغيره، أعدلها كما قال الحافظ ابن حجر أن الفعل المذكور مقتض للعقوبة المذكورة، وقد يتخلف ذلك لمانع كالتوبة، والحسنات التي توازن، والمصائب التي تكفر، وكدعاوي الولد بشرائط ذلك، وكذا شفاعة من يؤذن لهم، وأعم من ذلك كله عفو أرحم الراحمين (2).
5835 - عن عمران بن حطان (3): عمران هذا كان رئيس الخوارج وشاعرهم، ومدح ابن ملجم قاتل سيدنا علي رضي الله عنه بالأبيات المشهورة في كتب المؤرخين، وإنما أخرج له البخاري جريا على عادته في تخريج أحاديث المبتدع إذا كان صادق اللهجة متدينا، وقيل إنه تاب من بدعته، وهو بعيد، قاله ابن حجر(4).
وقال العيني : (ليس للبخاري عذر في تخريج حديثه، ومن أين كان له صدق اللهجة وقد أفحش في الكذب في مدحه ابن ملجم اللعين، والمتدين كيف يفرح بقتل مثل علي حتى يمدح قاتله)هـ (5) .
قلت : (ورأيت في الطبقات الكبرى لابن السبكي، وفي غيرها، أبياتا لأبي الطيب الطبري يذم فيها ابن ملجم ويسبه/، وصرح فيها بلعن ابن حطان هذا أربع مرات في أربعة أبيات، فانظره).
__________
(1) - سورة الحج، الآية 23.
(2) - انظر الفتح 10/356.
(3) - عمران بن حطان بن ظبيان بن لوذان بن عمرو بن الحارث.
روى عن أبي موسى الأشعري وابن عباس وابن عمر.
وعنه قتادة ومحارب بن دثار ويحيى بن أبي كثير.
قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/127-129.
(4) - في الفتح 10/356-357.
(5) - عمدة القاري 22/13.(8/112)
فكان ينبغي للمؤلف رحمه الله أن ينزه هذا الجامع المبارك منه ومن ذكره، والله سبحانه الموفق بمنه.
…من لا خلاق له في الآخرة : لا حظ له في نعيمها، وهو على سبيل الزجر والتغليط.
25 - باب مس الحرير من غير لبس :
أي جواز ذلك.
5836 - مناديل سعد : وهي أدون الثياب، فما بالك بأرفعها، وخص سعدا بالذكر لقرب موته، تسلية لأهله، أو لكون اللامسين أنصارا، وهو سيدهم.
26 - باب افتراش الحرير :
أي بيان حكمه من إباحة وحظر، والجمهور من المالكية والشافعية على منع افتراشه والجلوس عليه، وجوزه الكوفيون، وابن الماجشون من المالكية، وبعض الشافعية(1).
قال الأبي : (والاستناد إليه كالجلوس عليه).
تنبيه : قال الإمام ابن العربي في الأحكام ما نصه: (وللمرأة أن تتخذ ثياب الذهب والحرير، وللزوج أن يكون معها فيها، فإذا انفرد بنفسه لم يجز له شيء من ذلك) هـ منها بلفظها.
وقال الأبي في إكمال الإكمال ما نصه :( أجاز ابن العربي الجلوس على الحرير تبعا للزوجة، وهو غير معروف لغيره)، هـ منه.
وقال في موضع آخر منه ما نصه : (ذكر ابن العربي رضي الله عنه أنه يجوز للزوج أن ينام مع الزوجة في فراش الحرير، لأنه بحكم التبع لها في ذلك، قال بعضهم : وينبغي على هذا أن يتأخر في الدخول في الفراش حتى تتحقق التبعية، وفي هذا كله من الضعف ما ترى، ولاينبغي ذلك بحال) ،هـ منه.
وقال ابن عرفة : (قول ابن العربي : " يجوز للزوج الجلوس على الحرير تبعا للزوجة"، لا أعرفه)، هـ من مختصره.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/359.(8/113)
وقال ابن ناجي : (ظاهر المذهب أنه لا يجوز لزوج المرأة الجلوس عليه تبعا "لها" ، وقال ابن العربي : ذلك جائز "قال" (1) بعض شيوخنا : ولا أعرفه لغيره) (2)،هـ من تحقيق المباني، لكن قال الحطاب: (ابن العربي حجة حافظ، فهو حجة عليه) هـ.
وقال ابن حجر : (وجهه المجيز لذلك من المالكية بان المرأة فراش الرجل، فكما جاز له أن يفترشها وعليها الحلي من الذهب والحرير، فكذلك يجوز له أن يجلس وينام معها على فراشها المباح لها)هـ(3).
وقال ابن الحاج في المدخل نقلا عن شيخه ابن أبي جمرة: (لا يجوز للرجل افتراش الحرير إلا على سبيل التبع لزوجته، ولا يدخل الفراش إلا بعد دخولها، ولا يقم فيه بعد قيامها، وإذا قامت لضرورة، تحول عنه حتى ترجع، وإن قامت وهو نائم فتوقظه أو تزيله عنه، ويجب عليه أن يعلمها بذلك)هـ.
قال الزرقاني: (وانظر لماذا وجب إيقاظه مع أن النائم مرفوع عنه القلم)هـ.
تنبيه آخر : اختلف في جواز الجلوس على الحرير إذا جعل عليه ساتر غيره، فقال الزرقاني : (يحرم الجلوس عليه ولو بحائل)هـ.
وقال سيدي عبدالرحمن الفاسي : (وأما الجلوس على الحرير فيجوز إذا ستر بثوب آخر فوقه)هـ، وهذا مذهب الشافعية كما للقسطلاني ونصه :(نعم يحل الجلوس على الحرير بحائل كما في الروضة(4) وغيرها ؛ قال الأذرعي(5)
__________
(1) - "لها" و "قال" : إضافتان لتوضيح النص، وهما من شرح ابن ناجي للرسالة، ويبدو أن حذف لفظة "قال " يخل بالمعنى العام للنص.
(2) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/371.
(3) - الفتح 10/359.
(4) - الروضة 2/66.
(5) - أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن سالم الأذرعي.
ولد بأذرعات الشام.
له: التوسط والفتح بين الروضة والشرح، وشرح المنهاج، وملاك التأويل. وتوفي سنة 708هـ.
ترجمته في: البدر الطالع 1/33-35.(8/114)
: وصوره بعضهم بما إذا اتفق في دعوة ونحوها، أما إذا اتخذ له حصيرا من حرير فالوجه التحريم، وإن بسط فوقها شيئا لما فيه من السرف واستعمال الحرير لا محالة)هـ، والأوجه أنه لا فرق كما اقتضاه كلام الأصحاب، هـ كلام القسطلاني بلفظه(1).
والجواز هو الذي دل عليه فعل الشيخ النفراوي كما حكاه عنه الأبي، قال: (دخل الشيخ النفراوي مع شيخ آخر على الأمير ابن تاشفين(2) فوجداه جالسا على بساط حرير، فأما الشيخ الآخر فأزال البساط وقعد على الأرض، وأما النفراوي فأخذ إحرامه وفرشه على ذلك البساط وجلس فيه، لكن قال الأبي إثره : لا ينجيه ذلك على ما للنووي : ولكنه جار على الخلاف فيمن فرش طاهرا على / نجس وصلى) هـ.
وتخريجه فعل الشيخ على صورة فرش الطاهر على النجس يفيد جوازه، لأن الراجح فيه هو الجواز كما نص عليه الشيخ خ (3) وغيره؛ ثم قال الأبي :(من دخل دار عرس فوجد اللحف والمخاد من حرير فليزلها ويجلس)هـ، يعني كما فعل الشيخ الآخر الداخل على الأمير.
5837 - والديباج : ما غلظ من الحرير. وأن نجلس عليه : هذه حجة الجمهور، قال ابن حجر :(وأجاب بعض الحنفية بان لفظ "نهى" ليس صريحا في التحريم ، وبعضهم باحتمال أن يكون النهي ورد عن مجموع اللبس والجلوس، لا عن الجلوس بمفرده، وهذا يرد على ابن بطال دعواه أن الحديث نص في تحريم الجلوس على الحرير، فإنه ليس بنص، بل هو ظاهر فقط) (4).
27 - باب لبس القسي :
__________
(1) - الإرشاد 8/492.
(2) - يوسف بن تاشفين بن إبراهيم الصنهاجي اللمتوني، سلطان المغرب، وباني مدينة مراكش سنة 465هـ.
استولى على فاس، وغزا الأندلس، وانتصر في الزلاقة على الإفرنج.
توفي سنة 500هـ.
ترجمته في: جذوة الاقتباس 342، والاستقصا 1/106.
(3) - في قوله في المختصر 1/34 : (ولمريض ستر نجس بطاهر ليصلي كالصحيح على الأرجح).
(4) - الفتح 10/359.(8/115)
أي الثوب المسمى بذلك نسبة إلى بلد يقال لها القس(1)، أي ما حكمه ؟
ابن حجر: (الذي يظهر من سياق طرق الحديث في تفسير القسي أنه الذي يخالطه الحرير، لا أنه الحرير الصرف، فعلى هذا يحرم لبس الثوب الذي خالطه الحرير، وهو قول بعض الصحابة كابن عمر، والتابعين كابن سيرين، وذهب الجمهور إلى جواز لبس ما خالطه الحرير إذا كان غير الحرير الأغلب) (2).
قلت لعلي : هو ابن أبي طالب رضي الله عنه. مضلعة : فيها خطوط عريضة كالأضلاع. والميثرة : أي الثياب المسماة بذلك. يصفونها : يجعلونها مصفوفة تحت السرج يوطئونه بها، وقيل هي أغشية السروج. جلود السباع: قال النووي : (هذا تفسير باطل مخالف لما أطبق عليه أهل الحديث)، أي من تفسيرها بما سبق.
5838 - الحمر : لا مفهوم لها.
28 - باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة :
أي الجرب، هذا قول ابن حبيب من المالكية، وجمهورهم على منعه مطلقا، وحملوا ما في الحديث على الخصوصية للزبير وعبدالرحمن بن عوف، لتعبيره بلفظ "رخص".
29 - باب الحرير للنساء :
أي جوازه لهن لبسا وافتراشا وغيرهما.
أخرج الإمام أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم، من حديث علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا وذهبا، فقال : (هذان حرامان على ذكور أمتي، حل لإناثهم)(3).
__________
(1) - ناحية من الساحل قريبة من مصر كانت تشتهر بالحرير، انظر معجم البلدان 4/346.
(2) - الفتح 10/362.
(3) - رواه أبو داود في اللباس رقم 4075، وابن ماجه في اللباس باب لبس الحرير والذهب للنساء رقم 3595.(8/116)
5840 - حلة : ثوبان حل أحدهما على الآخر. سيراء : فيها خطوط من حرير أو مضلعة بالحرير، وقد تكون حريرا صرفا. فرأيت الغضب في وجهه : زاد مسلم :(فقال إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء) (1).
بين نسائي : أي فرقتها عليهن بعد تقطيعها، وهن فاطمة الزهراء وأمه فاطمة بنت أسد وفاطمة ابنة حمزة(2).
ابن حجر : (وكان المص لم يثبت عنده الحديثان المشهوران في تخصيص النهي بالرجال صريحا فاكتفى بما يدل على ذلك).
5841 - من لا خلاق له : أي لا نصيب له في الآخرة. أو تكسوها : من يحل له لبسها، فدخل في ذلك النساء.
5842 - رأى على أم كلثوم : أي قبل نزول الحجاب.
30 - باب / ما كان النبي صلى الله عليه يتجوز من اللباس والبسط :
بضم الباء والسين، جمع بساط، وبفتحهما ما يبسط ويجلس عليه، ومعنى التجوز فيهما التخفيف، أي أنه كان يتوسع في ذلك ولا يضيق بالاقتصار على نوع دون نوع، أو لايضيق بطلب النفيس والعالي، بل يستعمل ما تيسر.
قال المناوي في فتح القدير :(كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس ما يجده، فلبس الكتان والصوف والقطن، وما الهدي إلا هديه، وما الأفضل إلا ما سنه، وهو لبس ما تيسر من المتوسط المعتدل، صوفا تارة، وطورا قطنا، وكتانا أخرى، ولبس البرود اليمانية، والأحمر والأخضر، والجبة المكفوفة بالديباج، والقباء والقميص، والإزار والرداء، والشعر الأسود، وأرخى العذبة تارة، وتركها أخرى، وتقنع تارة، وترك أخرى، ولبس عمامة بيضاء تارة، وسوداء أخرى، وتحنك مرة، وترك أخرى، إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور)هـ.
__________
(1) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم الذهب والحرير على الرجال (شرح النووي 14/49)، وابن ماجة في سننه 2/1189، كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء، رقم 3595.
(2) - فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية، أمها سلمى بنت عميس.
تزوجت سلمة بن أبي سلمة.
ترجمتها في: الإصابة 8/62.(8/117)
وقال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: (لبس - صلى الله عليه وسلم - من الثياب الأخضر والأحمر والمحبر والأسود والأصفر، إلا الأزرق فإنه لم يرد فيه نفي ولا إثبات، ولكن قال عليه السلام :" من خير ثيابكم الأبيض"، فدل على أن لها فضلا ، لا أنها أفضل، لدخول "من" التبعيضية، ذكره السهروردي (1) )هـ (2).
5843 - فدخل الأراك : لقضاء الحاجة. وإنك لهناك : أي في مقام إغلاظك علي. وتقدمت إليها … إلخ : أي قدمت لها إعلامي بعقوبتها إن صدر منها أذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان رجل : هو أوس بن خولى، أو عتبان بن مالك(3). إلا ملك غسان: جبلة بن الأيهم. فما شعرت بالأنصاري وهو يقول : قال الكرماني : (سقط حرف الاستثناء من جل النسخ، وهو مقدر، والقرينة تدل عليه، أو "ما " زائدة، أي فشعرت…إلخ، أو مصدرية وتكون هي المبتدأ، و"بالأنصاري" الخبر، أي شعوري متلبس بالأنصاري قائلا ... إلخ) (4)، هكذا نقله الحافظ ابن حجر(5) والشيخ كمال الدين، وما في الإرشاد(6) تحريف، وللكشميهني :"فما شعرت بالأنصاري إلا وهو يقول".
__________
(1) - عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن سعد السهروردي.
محدث فقيه صوفي، كان يدرس ويملي الحديث بالمدرسة النظامية ببغداد.
له: آداب المريدين، ومختصر مشكاة المصابيح للبغوي، وطبقات الشافعية. وتوفي سنة 563هـ.
ترجمته في: مرآة الجنان 3/372، وشذرات الذهب 3/208.
(2) - شرح المقدمة الوغليسية ص:7.
(3) - عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم الأنصاري الخزرجي.
بدري عند الجمهور، وحديثه في الصحيحين.
كان إمام قومه بني سالم، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمر.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1236، والإصابة 4/432.
(4) - الكواكب الدراري 21/87.
(5) - في الفتح 10/372.
(6) - الإرشاد 8/496.(8/118)
طلق ...إلخ : هذا ظنه، ولم يقع ذلك. مشربة : غرفة. وصيف: اسمه رباح. على حصير : هذا مع ما بعده محل الترجمة. أهب : جلود. وقرظ : ورق السلم يدبغ به.
5844 - ماذا أنزل ... إلخ : استفهام متضمن معنى التعجب. من الخزائن : لخزائن فارس والروم، أي من فتحها. صواحب الحجرات : أمهات المؤمنين . كاسية في الدنيا : أثوابا رقيقة رفيعة. عارية في الآخرة : من الحسنات، أو معاقبة بفضيحة التعري.
هند (1): الراوية. بين أصابعها : فتزرها خشية ظهور شيء من جسدها لسعة كميها، ومطابقته مأخوذة من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - حذر من لبس رقيق الثياب الواصف للجسد، فيؤخذ منه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يلبسه لأنه أولى بترك لبس ما حذر منه.
تنبيه : قال في الرسالة: (ولا يلبس النساء من الرقيق ما يصفهن إذا خرجن)(2). قال أبو الحسن (3): (أما إذا لبسنه في بيوتهن مع أزواجهن فذلك جائز، وكذلك الجارية مع سيدها).
31 - باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا :
أي مطلوبية الدعاء له.
__________
(1) - - هند بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: الإصابة 8/150.
(2) - الرسالة ص : 142 (باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك).
(3) - أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المنعافري القابسي المالكي، من أئمة الفقه والفضل بالقيروان، توفي سنة 403 هـ.
ترجمته في : ترتيب المدارك 4/616-621، ووفيات الأعيان 3/320، وسير أعلام النبلاء 17/158، وتذكرة الحفاظ 3/85.(8/119)
ابن حجر : (كأنه لم يثبت عنده حديث ابن عمر قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمر ثوبا، فقال له :(البس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا"، أخرجه النسائي وابن ماجه(1)، وجاء أيضا مما يدعو به من لبس ثوبا جديدا، حديث أبي داود عن أبى سعيد : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه عمامة أو أقميصا أو رداء، ثم يقول : اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، أعوذ بك من شره وشر ما صنع له"(2)، وحديث أحمد عن معاذ بن أنس رفعه :" من لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه (3) ) (4).
5845 - خميصة : كساء له أعلام. أبلي : من الإبلاء. واخلفي : من الخلف. مرتين : أي قالها مرتين. امرأة : لم تعرف. رأته : أي الثوب المذكور/. على أم خالد : المذكورة، بعد مدة مديدة.
32 - باب التزعفر للرجال :
ولأبي ذر :(باب النهي عن التزعفر للرجال)، أي في أبدانهم بدليل الترجمة الآتية.
5846 - نهى : نهي تحريم. أن يتزعفر الرجل : أي يطلي بدنه بالزعفران لما فيه من التشبه بالنساء، على هذا حمله المالكية، قاله القاضي عياض، ويلحق بالزعفران غيره من كل ما فيه صفرة كالحناء ونحوها، وقد حكي الإجماع على منع ذلك للرجال إلا لضرورة من صنعة أو تداو، ونحو ذلك، ومفهوم الرجال أن ذلك جائز للنساء.
33 - باب الثوب المزعفر :
أي بيان حكمه.
__________
(1) - رواه أحمد 2/89، وابن ماجه في اللباس باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبا جديدا رقم 3558، وابن السني في عمل اليوم الليلة ص:89، وصححه ابن حبان، وأعله النسائي كما في الفتح 10/373.
(2) - أخرجه أبو داود في اللباس رقم 4020.
(3) - أخرجه أبو داود في اللباس رقم 4023، والحاكم 4/192، وسنده حسن.
(4) - الفتح 10/373.(8/120)
5847 - نهى أن يلبس المحرم ... إلخ : ومفهومه جواز لبسهما لغير المحرم، هذا مذهب مالك رحمه الله وجماعة، ويدخل في ذلك كل ثوب أصفر، والورس نبت يصبغ به، وروى مالك في الموطأ أن عبدالله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق، والمصبوغ بالزعفران، قال ابن العربي :(وما كان ابن عمر أن يكره النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويستعمله، قال : والأصفر لم يرد فيه حديث، لكنه ورد ممدوحا في القرآن في قوله تعالى :"صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" (1)، وقرئ: "تسر الناظرين"، وأسند إلى ابن عباس أنه من طلب حاجة على بغل أصفر قضيت)هـ.
34 - باب الثوب الأحمر :
أي حكم لبسه، وذكر الحافظ فيه سبعة أقوال فانظره(2).
ونقل الأبي عن القاضي عياض ما نصه : (أجاز لبسه جماعة من السلف والفقهاء، والشافع أهل الكوفة، وقال مالك: لا أعلمه حراما، وغيره أحب إلي)هـ، ولعله حمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء على أنها لم تكن مصبوغة كلها، لأن الحلل اليمانية غالبا تكون كذلك كما قاله الحافظ ابن حجر(3)، والله أعلم.
35 - باب الميثرة الحمراء :
أي حكم استعمالها، وهي وطاء السرج أو غشاؤه .
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 69.
(2) - قال الحافظ في الفتح 10/376-377 -ملخصا- : (قد تلخص لنا من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر سبعة أقوال:……1 - الجواز مطلقا عن علي وطلحة والبراء وغير واحد من الصحابة ؛
2 - المنع مطلقا ؛
3 – الكراهة مطلقا لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة، جاء ذلك عن ابن عباس ؛
4 - يكره الثوب المشبع بالحمرة دون الخفيف، جاء ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد،
5 - جواز لبس ما كان صبغ غزله ثم نسج، ويمنع ما صبغ بعد النسج، جنح إلى ذلك الخطابي،
6 - اختصاص النهي بما يصبغ بالمعصفر لورود النهي عنه ،
7 - تخصيص المنع بالثوب المصبوغ كاملا، وأما ما كان فيه لون آخر فلا).
(3) - في الفتح 10/377.(8/121)
5849 - والديباج والإستبرق : صنفان نفيسان من ثياب الحرير. والقسي : ثياب فيها حرير مثل الأترنج. ومياثر الحمر : النهي منصب على كونها من الحرير، لا من غيره، وهو للتحريم، وأما وصفها الحمرة فهو طردي لا مفهوم له، وبقي من الأوامر السبع إجابة الداعي وإفشاء السلام ونصر المظلوم وإبرار المقسم، ومن السبع المنهيات خواتيم الذهب وأواني الفضة.
36 - باب النعال :
جمع نعل، وهي مؤنثة.
قال ابن العربي : (النعل لباس الأنبياء، وإنما اتخذ الناس غيرها لما في أرضهم من الطين، وقد يطلق النعل على كل ما يقي القدم).
وقوله : "السبتية "، أي المدبوغة نسبة إلى السِّبْت بالكسر، وهو دباغ يدبغ به يقلع الشعر، وهذا أحسن من قول من قال إنها منسوبة إلى السبت بالفتح بمعنى الحلق، لأنه مخالف للرواية، قاله في المفهم.
5850 - قال نعم : إذا كانتا طاهرتين، راجع باب الصلاة في النعال من كتاب الصلاة.
5851 - اليمانيين : الركن الذي فيه الحجر الأسود، والذي يليه من غير جهة الباب، وهو من باب التغليب، لأن ركن الحجر عراقي. تصبغ : أي ثوبك خاصة، هذا الذي رجحه أبو عمر في التمهيد، قال :(وإليه ذهب مالك)هـ، وقال القاضي عياض: (إنه الأشبه والأصح). يصبغ بها : ثيابه. حتى تنبعث به راحلته : أي حتى يشرع في عمل الحج، فأنا أؤخر إحرامي إلى الشروع في عمله.
5852 - ورس: نبت باليمن.
5853 - فليلبس السراويل : أي بعد فتقها وتغييرها عن هيئتها. فليلبس خفين: أي بعد قطعهما كما في الرواية السابقة.
37 - باب يبدأ بالنعل اليمنى :
في اللباس، قال في الرسالة :(ومن لبس خفا أو نعلا بدأ بيمينه، وإذا نزع بدأ بشماله)هـ(1)، والأمر فيهمل للاستحباب، قال القاضي عياض : (إجماعا).
5854 – وترجله : تسريح شعره. وتنعله : لبس نعله، زاد في رواية: (في شأنه كله).
38 - باب لا يمشي في نعل واحدة :
__________
(1) - الرسالة ص : 143.(8/122)
النهي عند مالك وأصحابه نهي كراهة لا تحريم، قاله ابن رشد، وابن أبي زيد في الرسالة، وعللت الكراهة بأنها مشية الشيطان، وفيها سماجة في الشكل وقبح في المنظر، إلا إذا كان مقطوع الرجل الأخرى فلا بأس.
وقال ابن العربي في المسالك/ : (قوله " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة"، قال علماؤنا: هذا نهي أدب وإرشاد، لإجماعهم -والله أعلم- أنه إذا مشى في نعل واحدة لم يحرم عليه، ولا يكون بذلك عاصيا عند الجمهور، وإن كان عالما بالنهي)هـ.
فإن انقطع شسع واحدة، فأجاز ابن القاسم القيام في الأخرى لإصلاح الشسع، وقال غيره : (لابد من نزع الأخرى حتى يصلح)، قال القاضي : (والمستحب الخلع)هـ.
وقال ابن عبدالبر: (هذا هو الصحيح في الفتوى وفي الأثر، وعليه العلماء).
الخطابي : (يدخل في هذا كل لباس شفع كالخفين، وإخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى، والتردي على أحد المنكبين دون الآخر)هـ(1)، وكذا كحل عين واحدة، أو خضاب يد أو رجل واحدة للنساء.
5855 - ليحفهما : أي القدمين المفهومين من ذكر النعل (2).
39 - باب ينزع نعله اليسرى :
أي أولا قبل اليمنى استحبابا أيضا كما سبق.
40 - باب قِبَالاَنِ في نَعْل :
أي في كل فردة قبالان، أي جواز ذلك. ومن رأى قبالا واحدا واسعا: أي جائزا، والقبال هو الزمام الذي يكون بين إصبعي الرجل، أي بين الإبهام والتي تليها، ويسمى الشِّسْع أيضا، ويربط في الشراك الذي يكون على ظهر القدم، فإن كان قبال ثان جعل بين الإصبع التي تلي الإبهام والوسطى، وشد في الشراك أيضا.
5857 - كان لهما قبالان : أي لكل نعل قبالان.
5858 - فقال ثابت (3)
__________
(1) - الرسالة ص : 143 في قول ابن أبي زيد : (ويكره المشي في نعل واحدة).
(2) - أعلام السنن ص : 1168.
(3) - ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري.
روى عن أنس وابن الزبير وابن عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وعنه حميد الطويل وشعبة والحمادان ومعمر وهمام وأبو عوانة وعيسى بن طهمان.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/2-4.(8/123)
...إلخ : القاضي عياض :(كذا لكافتهم، وللأصيلي : "يا ثابت"، وهو الصواب إن شاء الله)هـ.
ولم يذكر شاهد الركن الثاني من الترجمة، قال الحافظ : (أشار إلى ما رواه البزار عن أبي هريرة مثل حديث أنس هذا، وزاد: وكذا لأبي بكر ولعمر، أول من عقد عقدة واحدة عثمان بن عفان) (1).
41 - باب القبة الحمراء من أدم :
أي من جلد دبغ وصبغ، أي جواز اتخاذها.
5859 - أتيت النبي صلى الله عليه: وهو بالأبطح(2) في حجة الوداع.
5860 - فجمعهم في قبة من أدم : وذلك في غزوة حنين، وهذا إنما يدل لبعض الترجمة، وكثيرا ما يفعل المص ذلك، قاله الكرماني(3).
وقال ابن حجر :(يمكن أن يقال لعله حمل المطلق على المقيد، وذلك لقرب العهد، فإن قصة أنس كانت في حنين، وقصة أبي جحيفة كانت في حجة الوداع، وبينهما نحو سنتين، فالظاهر أنها هي تلك القبة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتأنق في مثل ذلك حتى يستبدل، وإذا وصفها أبو جحيفة بأنها حمراء في الوقت الثاني، فلأن تكون حمرتها موجودة في الوقت الأول أولى)هـ(4)، وهو ظاهر، وتعقب العيني له ساقط(5).
42 - باب الجلوس على الحصير ونحوه :
من الأشياء التي تبسط وليس لها قدر رفيع، أي جواز ذلك.
5861 - يحتجر حصيرا : يتخذه كالحجرة. يثوبون : يرجعون. لا يمل حتى تملوا: لا يقطع منكم فضله حتى تتركوا العمل.
43 - باب المزرر بالذهب :
__________
(1) - الفتح 10/384.
(2) - كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح، وهو يضاف إلى مكة وإلى منى، انظر معجم البلدان 1/74.
(3) - في الكواب الدراري 21/95.
(4) - الفتح 10/385.
(5) - قال في العمدة 22/38: (قلت : هذا الذي ذكره غير موجه، وذلك أن قوله :" حمل المطلق على المقيد"، لا يصح أن يكون في هذا الموضع على ما لا يخفى على المتأمل، مع ما فيه من الخلاف، وبقية كلامه احتمال بعيد، والأحسن أن يقال إن أنس رضي الله تعالى عنه اختصر فيه، وترك ذكر لفظ الحمراء).(8/124)
من الثياب، أي حكم الثوب الذي له أزرار من ذهب، وحكمه الحرمة في حق الذكور دون الإناث.
5862 - فأعظمت ذلك : لأن رفيع مقامه وشريف منزلته لا يقتضي ذلك.
فقلت أدعو ... إلخ : استفهام إنكاري. إنه ليس بجبار : فلا يتأنف من استدعائه للغير.
قال سيدي عبدالرحمن الفاسي :(والصواب مع المسور، وقد غفل مخرمة عن الأدب، وكان في خلقه شدة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - وإن كان ليس بجبار، يجب أن يتأدب معه، قال تعالى :"وَلَوَ اَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ" (1).
وعليه قباء ... إلخ : يحتمل أن يكون هذا قبل التحريم/، ويحتمل أن يكون بعده، فيكون إعطاؤه له لينتفع به بأن يكسوه النساء أو يبيعه، كما وقع لغيره، ويكون معنى قوله :"فخرج وعليه قباء"، أي على يده، من إطلاق الكل على البعض، قاله ابن حجر(2).
44 - باب خواتيم الذهب :
أي حكم لبسها، والحكم هو الحرمة على الذكور دون الإناث، قال القاضي إجماعا.
5863 - والإستبرق والديباج : نوعان من الحرير. والمثيرة : وطاء السروج. الحمراء : لا مفهوم لها. والقسي : ثياب فيها حرير.
5865 - اتخذ خاتما من ذهب : أي قبل تحريمه. فرمى به : لما حرم.
45 - باب خاتم الفضة :
أي حكم لبسه.
القاضي عياض : (أجمعوا على جوازه للرجال، وكرهه بعضهم لغير ذي سلطان، ورووا في ذلك حديثا، وهو شذوذ)هـ.
وقال ابن رشد : (شذ من كرهه إلا لذي سلطان، ومعناه إن صح أنه لا يجب ولايستحب إلا لذي سلطان)هـ.
الخطابي : (ويكره للنساء لأنه من زي الرجال)، قال : (وإن لم يجدن غيره فليصفرنه بزعفران)هـ.
النووي: (وما قاله ضعيف أو باطل لا أصل له، والصواب ألا كراهة في لبسها خاتم الفضة)هـ، ونقله الأبي وسلمه.
ولجواز لبسه للذكور عندنا شروط اتحاده، وعدم تعدده، ولبسه للسنة لا للمباهاة ونحوها، وأن يكون قدر درهمين فأقل.
__________
(1) - سورة الحجرات، الآية 5.
(2) - في الفتح 10/387.(8/125)
البرزلي :(وهو مندوب، ويندب فعله في اليسرى)، قاله الزرقاني.
5866 - ونقش : أي أمر من ينقش . لا ألبسه أبدا : لتحريمه حينئذ. في بئر أريس : حديقة قرب مسجد قباء.
5868 - خاتما من ورق : قال النووي - تبعا للقاضي - :(قال جميع أهل الحديث: هذا وهم من ابن شهاب، لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب)هـ (1)، واستعظم العلماء وقوع ذلك من الزهري، وأجابوا عنه بأجوبة أظهرها ما للحافظ ابن حجر، ونصه : (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من ذهب، فتبعه الناس فيه، فطرحه وطرح الناس خواتيمهم تبعا له، ثم احتاج إلى الخاتم لأجل الختم به، فاتخذه من فضة، ونقش فيه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضا في ذلك، فرمى به حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه، لئلا يفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به)، هـ من الفتح(2).
46 - باب فص الخاتم :
أي جواز اتخاذه.
5869 - وبيص خاتمه : بريقه ولمعانه، واعترض الإسماعيلي مطابقته للترجمة، وأجاب الحافظ بقوله : (الذي يظهر لي أنه أشار إلى أن الإجمال الذي في الرواية الأولى محمول على التعيين الذي في الرواية الثانية) (3).
5870 - وكان فصه منه : وفي مسلم وغيره : (وكان فصه حبشيا) (4).
ابن حجر : (ولا معارضة بينهما لأنه إما أن يحمل على التعدد، وح فمعنى قوله "حبشي" أي كان حجرا من بلاد الحبشة، أو على لون الحبشة، أو كان جزعا أو عقيقا، لأن ذلك قد يؤتى به من بلاد الحبشة، ويحتمل أن يكون هو الذي فصه منه، ونسب إلى الحبشة لصفة فيه، إما الصياغة وإما النقش)هـ(5).
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/70.
(2) - الفتح 10/393.
(3) - الفتح 10/396.
(4) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال (شرح النووي 14/71).
(5) - الفتح 10/396.(8/126)
وقال ابن العربي: (ما ورد أن فصه كان حبشيا، وأن فصه منه، ليس بتناقض لأنه لبس الصفتين، واستقر الأمر على خاتم فصه منه)هـ.
47 - باب خاتم الحديد :
أي حكم لباسه، وحكمه عندنا ما أشار له الزرقاني بقوله :(يكره تختم بنحاس ورصاص وحديد / على الأصح، وقيل يحرم إلا للتحفظ، فيجوز لمنع النحاس الصفراء، وكل من الحديد والرصاص الجن)هـ.
وقال في الرسالة : (ونهي عن التختم بالحديد) (1).
5871 - امرأة: لم تعرف هي ولا الرجل.ولو خاتما من حديد : ابن حجر:(استدل به على جواز لبس خاتم الحديد، ولا حجة فيه، لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته) (2). ولا خاتما ... إلخ : (معطوف على مقدر، أي ما وجدت غير خاتم ولا خاتما ... إلخ)، قاله الدماميني(3).
48 - باب نقش الخاتم :
أي جوازه، قال القاضي عياض: (أجاز مالك والشافعي، والأكثر، نقش الخاتم، ونقش اسم الله سبحانه عليه، واسم صاحبه).
5872 - نقشه محمد رسول الله : فكان يطبع به جلد الكتاب حفظا للأسرار أن تنشر، وسياسة للتدبير ألا ينخرم، ويأتي بيان كيفية وضع النقش المذكور.
49 - الخاتم في الخنصر :
أي مطلوبية اتخاذه فيه دون غيره من الأصابع.
النووي :(أجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع، قالوا : والحكمة في كونه في الخنصر أنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد، لكونه صرفا، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها بخلاف غيره)هـ(4).
__________
(1) - الرسالة ص:141.
(2) - الفتح 10/397.
(3) - في تعليق المصابيح ص:563.
(4) - شرح النووي على مسلم 14/71.(8/127)
وقال المازري : (ويكره للرجل لبسه في الوسطى والسبابة، لحديث مسلم عن علي قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه(1)، قال : فأومأ إلى الوسطى والتي تليها).
قال النووي : (وفي غير مسلم : السبابة والوسطى، قال : وهي كراهة تنزيه)هـ(2).
5874 - في خنصره : وهل اليمنى أو اليسرى كل محتمل، ومن ثم قال العراقي :
يلبسه كما روى البخاري
كلاهما في مسلم ويجمع
أو خاتمين كل واحد بيد ... - في خنصر يمين أو يسار
- بأن ذا في حالتين يقع
- كما بفص حبشي قد ورد.
50 - اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء :
على ظهره صيانة له، أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم : أي ولأجل ختم الكتاب الذي يكتب ويرسل به إلى أهل الكتاب، أي جواز اتخاذه لما ذكر الخطابي: (لم يكن لبس الخاتم من عادة العرب، فلما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب إلى الملوك اتخذه)(3).
قال الزركشي :(قال السفاقسي : كان اتخاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاتم سنة ست).
51 - باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه :
أي مطلوبية ذلك ليعلم أنه لم يلبسه للزينة، بل للختم به ونحوه.
وقال القاضي عياض :(ليس في لبسه على هذا الوجه أمر منه - صلى الله عليه وسلم -، لكن الاقتداء به حسن، فيجوز جعل الفص في البطن والظهر، وعمل السلف بالوجهين، وممن جعله في الظهر ابن عباس، قال : ولا أخاله إلا قال : كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، وقيل لمالك : أيجعل الفص في باطن الكف؟ قال : لا، يعني أنه ليس بلازم)، هـ من إكمال الإكمال(4).
__________
(1) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال (شرح النووي 14/71).
(2) - شرح النووي على مسلم 14/71.
(3) - أعلام السنن ص: 1169.
(4) - إكمال الإكمال المعلم 5/388.(8/128)
5876 - في يده اليمنى : النووي : (أجمعوا على جواز التختم في اليمين واليسار، واختلفوا أيتهما أفضل، فتختم كثيرون من السلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحب مالك اليسار وكره اليمين)هـ (1)، ونحوه للمازري وابن شاس وابن الحاجب/، أي لما ورد أنه آخر الأمرين من فعله - صلى الله عليه وسلم -، كما للبغوي في شرح السنة، وفعل الخلفاء الأربعة، وابن عمر وعمرو بن حريث(2) كما للعراقي، قاله المناوي(3).
وقال في الرسالة : (والاختيار مما روي في التختم، التختم في اليسار، لأن تناول الشيء باليمين، فهو يأخذ بيمينه ويجعله في يساره)هـ(4).
وقال في القبس : (صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تختم في يمينه وفي يساره، واستقر الأمر على تختمه باليسار)هـ.
زاد السيوطي عن البغوي والبيهقي:(والعمل على اليسار، والأول منسوخ)هـ(5).
وقال القرطبي: (جع الخاتم في خنصر اليسرى هو الأفضل والأحسن عند مالك)هـ.
وقال الأبي: (اختلف المذهب في المستحب منه، والصحيح أنها الشمال )هـ.
52 - باب قول النبي صلى الله عليه : لا ينقش على نقش خاتمه
لئلا يقع الالتباس عند الختم به.
53 - باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر ؟
نعم، وهو أولى من جعله شطرا واحدا، قاله ابن حجر (6).
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/73.
(2) - عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله القرشي المخزومي.
له صحبة، وروى عن أخيه سعيد وأبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود.
وعنه ابنه جعفر وإسماعيل بن أبي خالد وأبو الأسود المحاربي.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1172، والإصابة 4/619، وتهذيب التهذيب 8/17.
(3) - في فيض القدير 5/201.
(4) - الرسالة ص : 141.
(5) - التوشيح ص : 488.
(6) - في الفتح 10/403.(8/129)
5878 - محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر: ابن حجر :(ظاهره أنه لم تكن فيه زيادة على ذلك، وما ورد مما يخالفه شاذ، وظاهره أيضا أنه مكان على هذا الترتيب، لكن لم تكن كتابته على السياق العادي، فإن ضرورة الاحتياج إلى أن يختم به تقتضي أن تكون الأحرف المنقوشة مقلوبة ليخرج الختم مستويا، وأما قول بعض الشيوخ إن كتابته كانت من أسفل إلى فوق، يعني أن الجلالة في أعلى الأسطر الثلاثة، ومحمد في أسفلها، فلم أر التصريح بذلك في شيء من الأحاديث، بل رواية الإسماعيلي يخالف ظاهرها ذلك، فإنه قال فيها: محمد الوسطى، والسطر الثاني رسول، والسطر الثالث الله)هـ(1).
ورسول : بالتنوين وبدونه، حكاية. والله : بالرفع والجر، حكاية.
5879 - وزادني أحمد : هو ابن حنبل، كما جزم به المزي(2). فسقط ... إلخ: قال الحافظ ابن حجر : (قال بعض العلماء : كان في خاتمه - صلى الله عليه وسلم - من السر شيء مما كان في خاتم سليمان عليه السلام، لأن سليمان لما فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان / لما فقد خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله واتصلت إلى آخر الزمان)هـ(3).
54 - باب الخاتم للنساء :
أي إباحتها لهن إجماعا كما قدمناه، لأنها من جملة حليهن.
5880 - الفتخ : الحلق من الفضة لا فص لها، أو الخواتيم الكبار، أو خواتم توضع في أصابع الأرجل.
55 - باب القلائد :
جمع قلادة، ما يلقى في العنق من حلي وغيره، والسخاب للنساء : وفسره المص بقوله : يعني قلادة من طيب وسك : السك طيب معروف، وهو من عطف الخاص على العام، وكذا عطف السخاب على القلادة، وقال غيره : السخاب خيط من خرز، أي جواز ذلك وإباحته للنساء، لأنه من جملة حليهن.
5881 - بخُرْصِهَا : هو حلقة تجعل في الأذن.
56 - باب استعارة القلائد :
جواز ذلك.
57 - باب القرط للنساء :
__________
(1) - الفتح 10/403.
(2) - نقلا عن الفتح 10/404.
(3) - الفتح 10/404.(8/130)
أي جواز اتخاذه لهن، والقرط هو ما تحلى به الأذن من حلق الذهب والفضة، صرفا أو مع لؤلؤ وغيره، ويوضع إما على الأذن، أو في ثقب بشحمتها، وثقب الأذن لذلك جائز، وأول من فعله سارة لهاجر.
قال الشاذلي : قال الشيخ زروق :(مما عمت به البلوى ثقب الأذن للأخراص، وقد بالغ الغزالي وغيره في إنكاره، وفي المدخل عن الإمام أحمد جوازه، قال بعض من لقيناه : هذا الذي ينبغي أن يقلد، لأن غيره يؤ دي لتجريح الأمة كلها)هـ(1).
وفي أحكام ابن العربي ما نصه : (ابن القيم : كره الجمهور ثقب أذن الصبي، ورخص بعضهم في الأنثى، قلت : وجاء الجواز عن أحمد في الأنثى للزينة، والكراهة للصبي)،هـ منها.
يهوين إلى آذانهن وحلوقهن : أي يلقين ما فيها من الحلي في ثوب بلال.
58 - باب السخاب للصبيان :
أي إباحة جعله لهم ذكورا كانوا أو إناثا.
5884 - في سوق من أسواق المدينة: هو سوق بني قينقاع. فقال : حين وصل بيت فاطمة ابنته عليه السلام. لكع : معناه الصغير . وفي عنقه السخاب : قلادة من طيب، ليس فيها ذهب ولا فضة. فقال النبي صلى الله عليه بيده هكذا : أي بسطها لأجل المعانقة.
تنبيه : قال في جامع البيان ما نصه: (وسئل عن قرط الذهب للصبي الصغير، قال : تركه أحب إلى للغلمان.
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/279.
تنبيه : إن الشيخ الشبيهي رحمه الله يتصرف أحيانا في النقول تصرفا يخل بالمعنى، ومن ذلك هذا النص للشيخ زروق، فالذي يفهم منه أنه القول بالجواز عند أحمد يوجد في المدخل، وليس ذلك بصحيح، ويتضح بالمقارنة مع النص الأصلي:
(... وقد بالغ الغزالي وغيره في إنكاره، وقارب أن يدعي في تحريمه الإجماع، ونقله ابن الحاج في مدخله، غير أن الإمام أحمد قال بجوازه على ما حكى ابن فرحون في جزء له في البدع).(8/131)
محمد بن رشد : الكراهة في هذا بينة، لأن الصبي وإن لم يكن متعبدا، فوالده متعبد فيه، فكما لا يحل له أن يسقيه الخمر، فكذلك لا ينبغي له أن يحليه الذهب، ولا يلبسه الحرير، فإن حلاه الذهب أو ألبسه الحرير لم يأثم، وإن ترك ذلك ولم يفعله لما جاء من تحريم ذلك على الذكور دون الإناث، أجر، وأما إن سقاه خمرا أو أطعمه خنزيرا فهو آثم في ذلك، كما لو شرب هو الخمر، أو أكل الخنزير أو الميتة من غير ضرورة، والفرق بين أن يسقيه الخمر أو يكسوه الحرير، أن الخمر لا يحل تملكها ولا شربها لذكر ولا أنثى ولا صغير ولا كبير، بخلاف الحرير والذهب، وبالله التوفيق)، هـ منه بلفظه.
وفي الموطأ : قال يحيى سمعت مالكا يقول : وأنا اكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب… إلخ (1).
قال في القبس : (كرهه ولم يره حراما، أما نفي التحريم فلرفع التكليف، وأما كراهيته فلئلا يعتادوه فيعسر فطامهم عنه)هـ.
وهذا هو الذي شهره في الشامل، وقال الحطاب : (هو ظاهر المذهب عند كثير من الشيوخ)، وقال الزرقاني:إنه المعتمد)، وقال الشيخ مصطفى:وفي الصغير خلاف، والمعتمد جواز إلباسه الفضة، ويكره الذهب كالحرير)، ثم قال:وعياض وإن حملها على التحريم، فقد حملها ابن رشد على إباحتها، وهو الراجح)هـ؛ واعتراض الشيخ بناني على الزرقاني، قال الشيخ الرهوني، (فيه شبه تدافع)، واعتراض الشيخ الرهوني تفرقة ابن رشد بين الخمر وبين الحرير والذهب بقوله :(إن الكلام في الاستعمال في التملك واضح السقوط، لأن ابن رشد غرضه إبداء الفرق بين الخمر وبين الحرير والذهب، وبيان قوة حرمة الأول بأنه لا يحل تملكه، أي إدخاله في الملك بحال، وأنه يستوي في حرمته الذكر والأنثى، بخلاف الحرير والذهب، فيصح إدخالهما في الملك لكل واحد، وحرمتهما مقصورة على الذكور دون الإناث، هذا قصده، وهو فرق ظاهر، والله سبحانه أعلم).
__________
(1) - الموطأ، كتاب الجامع، ما جاء في لبس الثياب المصبغة والذهب.(8/132)
59 - باب: المتشيهون بالنساء :
من خط أبي محمد سيدي عبدالقادر الفاسي ما نصه :(كذا وقع بغير تنوين، والمقصود اللفظ، والتقدير ما حكمهم، ويجري فيه ما ذكر في قوله : كيف كان بدء الوحي)هـ، أي في لباسهن وزينتهن المختصة بهن، ومشيتهن وكلامهن.
والمتشبهات بالرجال : في بعض صفاتهم، أي ذم كل من الفريقين.
5885 - لعن النبي صلى الله عليه المتشبهين ... إلخ : قال ابن أبي جمرة : (إنما لعنهم لإخراجهم الشيء عن الصفة التي وضعها أحكم الحاكمين)، قال :(واللعن من علامات الكبائر، والمراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها، لا التشبه في أمور الخير)هـ(1).
60 - باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت :
(أي وجوب ذلك لئلا يفضي الحال إلى أمر أفحش منه)، قاله الأبي.
5886 - المخنثين : المخنث هو الذي في كلامه لين، وفي أعضائه تكسر، وليس له جارحة تقوم. فلانة : لم تعرف. فلانا : هو ماتع.
5887 - وفي البيت مخنث : هو هيت. قال الأبي :(وإنما أذن له في الدخول عليها لأنه كان يعد من غير أولي الإربة، فلما سمع/ - صلى الله عليه وسلم - كلامه، قال : أراك تعرف ما هنا، فأخرجه من المدينة، ونفاه إلى الحمى، وفيه حجة للكافة على جواز النفي.
عياض : وفيه منع المخنثين من الدخول على النساء، ومحادثهن، وتحريم نظرهم إلى مالا يراه الأجنبي من المرأة)هـ.
بنت غيلان : اسمها بادية. تقبل بأربع : أي من الأعكان، أي بأربع طيات في بطنها من السمن. وتدبر بثمان: أطراف الأعكان الأربعة، ولما فتحت الطائف تزوجها عبدالرحمن بن عوف.
61 - باب قص الشارب :
قال الحافظ ابن حجر :(هذه أبواب اشتركت مع اللباس في حصول الزينة، فمن ثم أعقبها بها)، قال :(والمراد بالقص هنا قطع الشعر النابت على الشفة العليا من غير استئصال)هـ(2)، أي استحباب ذلك.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/408-409.
(2) - الفتح 10/411.(8/133)
قال العراقي : (قص الشارب أمر ديني، وهو مخالفة المجوس، ودنيوي وهو تحسين الهيئة والتنظيف وما يتعلق به من الوجه).
يحفي شاربه : أي يزيل ما عليه من الشعر، ولا يترك منه شيئا كما جاء مصرحا به في رواية، مأخوذ من الإحفاء وهو الاستقصاء والمبالغة. حتى ينظر ... إلخ : لمبالغته فيه. ويأخذ هذين …إلخ : المراد بهما السبالان، أما إحفاؤه لشاربه فيأتي ما فيه، وأما أخذ السابلين، أي قصهما، فهو الذي ارتضاه أبو عبدالله الأبي، ونصه بعد كلام طويل: (وإذا كان القصد إنما هو التخفيف لتنظيف مدخل الطعام ومخالفة المجوس، فالأحسن ما عليه العرف اليوم من الأخذ من طوله، أي الشعر ومساحته حتى يبدو الإطار، وما يفعله بعض المغاربة من ترك شعره المسمى بالإغفال فمخالف للأمر بالإحفاء)هـ.
وما ارتضاه طيب الله ثراه جاء مصرحا به فيما رواه البيهقي عن أبي أمامة مرفوعا:"وفروا عثانينكم، وقصوا سبالكم" (1)؛ قال المناوي : عثانينكم جمع عثنون، وهو اللحية، وقصوا سبالكم ندبا لما في توفيرها من التشبه بالعجم بل بالمجوس وأهل الكتاب)، هـ منه(2)، وبه يسقط بحث من بحث مع الأبي والله أعلم، والإطار ككتاب، اللحم المحيط بالشفة.
5888 - قال أصحابنا عن المكي عن ابن عمر : أي عن المكي(3) عن حنطلة(4)
__________
(1) - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 5/131، وعزاه إلى أحمد والطبراني.
(2) - فيض القدير 6/363.
(3) - مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد التميمي الحنظلي الحافظ.
روى عن أيمن بن نابل وبهز بن حكيم ومالك وأبي حنيفة وابن جريج.
وعنه البخاري وأحمد وابن معين.
وثقه الدارقطني والعجلي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/293-295.
(4) - - حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان الجمحي المكي.
روى عن سالم بن عبد الله وطاوس وعكرمة بن خالد ومجاهد.
وعنه الثوري وابن المبارك ووكيع والقطان.
قال أحمد: ثقة ثقة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/60-61.(8/134)
عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
من الفطرة : الفطرة هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشارئع، فكأنها أمر فطروا عليه، قال السيوطي:(هذا أحسن ما قيل في تفسيرها وأجمعه) (1).
5889 - الفطرة خمس ... إلخ : لا مفهوم لقوله : "خمس"، ففي مسلم عن عائشة: "عشر من الفطرة" (2)، فذكر ما في حديث الباب إلا الختان، وزاد إعفاء اللحية والسواك والمضمضة والاستنشاق وغسل البراجم والاستنجاء، وزاد أحمد وابن ماجه الانتضاح(3)، وذكر أبو داود فيها الفرق بدل إعفاء اللحية(4)، وذكر ابن أبي حاتم غسل الجمعة بدل الاستنجاء، وذكر أبو عوانة الاستنثار بدل الاستنشاق.
قال ابن حجر :(فصار مجموع الخصال التي وردت في ذلك خمس عشرة خصلة)، قال :(وذكر ابن العربي أن خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة، فإن أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك، وإن أراد ما هو أعم من ذلك، فلا ينحصر في الثلاثين بل يزيد كثيرا)هـ(5).
والبراجم عقد الأصابع، والانتضاح هو أن يأخذ قليلا من الماء فينضح / به مذاكيره بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس.
__________
(1) - التوشيح ص : 489، والشرح منسوب للقاضي البضاوي كما في الفتح 10/416.
(2) - أخرجه مسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة رقم 261 (شرح النووي 3/147)
(3) - أخرجه أحمد من حديث مصعب، وابن ماجه في الطهارة باب الفطرة رقم 293.
(4) - أخرجه أبو داود في الطهارة، باب السواك من الفطرة رقم 53.
(5) - الفتح 10/414.(8/135)
الختان : هو قطع جلدة الكمرة، وهو سنة مؤكدة في حق الرجال عند المالكية والحنفية، وقال الشافعي وسحنون بوجوبه، وروى ابن حبيب لا تجوز إمامة تاركه اختيارا، ولاشهادته، ويندب أن يكون زمان وقت أمر الصبي بالصلاة، ولا ينبغي أن يجاوز به عشر سنين إلا وهو مختون، واختلف في الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه، هل يختتن أم لا، ومن ولد مختونا سقط عنه إن تم ختانه، والخفاض في النساء مكرمة، وهو قطع جليدة في أعلى الفرج على ثقب البول كعرف الديك.
الشيخ زروق : (وهو خاص بنساء المشرق لا نساء المغرب، لأنهن لا يعرفن ذلك، إذ لم يخلق لهن موجبه)هـ(1).
أبو عبدالله الأبي: (قال الفخر : شرع الختان تقليلا للذة الوقاع، قال الشيخ : لأن الإحساس بسطح مستور كاللسان مع الشفتين أتم منه بسطح مكشوف كاللسان بدون الشفتين، وعلل الشيخ مشروعيته بأنه اتقاء من البول، لأنه إذا لم يختتن لم ينقطع أثر البول)هـ.
والاستحداد : استفعال من الحديد، والمراد به استعمال الموسى في حلق العانة، وهي الشعر المحيط بالفرج، وهو سنة للرجال والنساء.
النووي :(وتحصل السنة بقصه، أو حلقه، أو نتفه، أو تنويره، لكن الأفضل الحلق، نعم النتف للمرأة أفضل)هـ، وعليه جرى الأبي فقال: (معنى :"تستحد المغيبة" تعالج إزالة نبات عانتها بالمعتاد عند النساء في ذلك، ولم يرد به استعمال الحدي، فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن)هـ.
لكن جزم الفاكهاني وابن ناجي(2) ويوسف بن عمر بأن الحلق في حقهن أحسن، لأن النتف يضر بالزوج لاسترخاء المحل بذلك اتفاقا من الأطباء، هـ من تحقيق المباني.
وقال ابن العربي : (إن كانت شابة فالنتف في حقها أولى، لأنه يربو مكان النتف، وإن كانت كهلة فالأولى في حقها الحلق، لأن النتف يرخي المحل)هـ.
ونتف الإبط : سنة للرجال والنساء.
__________
(1) - شرح رسالة لزروق 2/370.
(2) - في شرح الرسالة 2/369.(8/136)
قال الشيخ زروق في شرح الرسالة :(وأما نتف الجناحين فهو السنة، لاحلقه)هـ(1).
وقال القرطبي : (لو حلقه أجزأ) هـ(2).
الأبي : (وهو غير ظاهر، لأن الأصل ما دلت عليه السنة، وقد فرقت في إزالة الشعر، فعبرت في العانة بالاستحداد، وفي الإبط بالنتف، وذلك مما يدل على مراعاة الأمرين، اللهم إلا أن يكون في نتفه ألم)هـ، ويندب البداءة بالأيمن.
وتقليم الأظفار : سنة أيضا للرجال والنساء، أي إزالتها.
الأبي عن النووي : (ويستحب في التقليم أن يبدأ باليدين قبل الرجلين، وبالميامن، يبدأ بسبابة اليمنى ويختم بإبهامها، ثم بخنصر اليسرى ويختم بإبهامها، ويبدأ في الرجلين بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى)هـ /.
وقص الشارب : وهو الشعر النابت على الشفة، ويأتي في الباب بعده :" أحفوا الشوارب"، وفي الذي بعده :"أنهكوا الشوارب "، أي بالغوا في قصها، وفي مسلم : "جزوا الشوارب"(3).
قال الأبي : (ليس في هذه الألفاظ ما هو نص في استئصاله بالموسى، والمشترك بين جميعها التخفيف)هـ.
وقال في الرسالة: (ومن الفطرة قص الشارب، وهو الإطار، لا إحفاؤه) (4)،
__________
(1) - شرح الرسالة 2/370.
(2) - من يسر الفقه ما قاله الإمام الشافعي-وقد رئي يحلق -: (قد علمت أن السنة النتف، ولكن لا أطيقه) ، انظر شرح الرسالة لزروق 2/370.
وقال ابن دقيق العيد -كما في الفتح 10/422- : (من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف، ومن نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل).
(3) - رواه مسلم (1 / 88) في الطهارة، باب خصال الفطرة.
(4) - الرسالة ص:141.(8/137)
قال أبو الحسن: (أي استئصاله كله) (1)، قال يحيى في الموطأ: (سمعت مالكا يقول: يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وهو الإطار، ولا يجزه فيمثل بنفسه) (2)، زاد بعضهم في النقل عن مالك : (ويؤدب من جز شاربه، ويبالغ في عقوبته، لأن حلقه مثلة، وهو فعل النصارى)هـ.
وقال الحطاب في حاشية الرسالة: (قال في المقدمات: يجمع بين الأحاديث الواردة في قص الشارب والأحاديث الواردة في إحفائه بأن يقص أعلاه ويحفي منه الإطار الذي على الشفة، قال : وهو الذي ذهب إليه مالك)هـ.
وعلى هذا ذهب في النصيحة فقال :(الأفضل الجمع بين الحلق لما فيه من الاحتياط، وهو ما يفعل عندنا اليوم، وهو المختار عند مالك)هـ
وما يطلب فيه قص السبالين، وهما طرفا الشارب، ففي مسند الإمام أحمد :" قصوا سبالاتكم، ولا تتشبهوا باليهود".
تنبيه : روى مسلم وأحمد والأربعة عن أنس :" وقت لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، ألا تترك أكثر من أربعين يوما"هـ(3).
قال القرطبي : (هذا تحديد أكثر المدة، والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة)هـ.
وفي مرسل أبي جعفر الباقر(4)
__________
(1) - كفاية الطالب لأبي الحسن المالكي 2/579.
(2) - الموطأ كتاب صفة النبي، باب ما جاء في السنة في الفطرة، ح1641.
(3) - رواه مسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة رقم 258، وأبو داود في الترجل، باب في أخذ الشارب رقم 4200، والترمذي في الأدب باب ما جاء في التوقيت في تقليم الأظافر وقص الشارب رقم 2759، والنسائي في الطهارة باب التوقيت في قص الشارب.
(4) - أبو جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الهاشمي القرشي.
ولد بالمدينة، وله أقوال في التفسير.
توفي سنة 114هـ.
ترجمته في: صفة الصفوة 2/60، وتهذيب التهذيب 9/350.(8/138)
عند البيهقي : " كان - صلى الله عليه وسلم - يقلم أظفاره، ويقص شاربه، يوم الجمعة قبل الخروج إلى الصلاة"(1).
وروى النووي كالعبادي(2): "من أراد أن يأتيه الغنى على كره، فليقلم أظفاره يوم الخميس".
قال الأبي :(وجاء في حديث النهي عن تقليمها يوم الأربعاء، وأنه يورث البرص، ونقل عن أبي إسحاق البلفيقي(3) أنه هم أن يقلم أظفاره فيه، فذكر الحديث، فكف، ثم رأى أنه سنة حاضرة، وأنه قد لا يجد المقص في المستقبل فقلمها، فلحقه برص، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فشكا إليه، فقال : ألم تسمع نهيي؟ قال : فقلت : لم يصح عندي، فقال : يكفيك أن تسمع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمسح بيده المباركة على بدني، فزال ما بي، وجددت التوبة ألا أخالف ما أسمع)هـ.
وفي المواهب ما يعزى في ذلك من النظم لعلي رضي الله عنه، ثم لشيخ الإسلام ابن حجر قال شيخنا - يعني السخاوي - إنه باطل هـ(4).
__________
(1) - روى الطبراني في الأوسط 1/50 : "من قلم أظفاره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها)، وهو موضوع ، ووردت روايات ضعيفة بشان ذلك، انظر الضعيفة اللألباني 4/رقم 1816.
(2) - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد العبادي الهروي.
ولد بهراة وتفقه بها وبنيسابور، ولقي كثيرا من مشايخ الحديث.
له: الهادي إلى مذاهب العلماء ، وطبقات الفقهاء، وأدب القضاة.
توفي سنة 458هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/585، وطبقات الشافعية للسبكي 3/42، وشذرات الذهب 3/306.
(3) - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمي البلفيقي.
قاض من أعلام الأندلس.
له: أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها، ومستبهمات مصطلحات العلوم، وسلوة الخاطر.
ترجمته في: فهرس الفهارس 1/106، وجذوة الاقتباس 183، وغاية النهاية 2/235.
(4) - المواهب اللدنية 1/365.(8/139)
وقال الزرقاني على المواهب والموطأ ما نصه: (ما يعزى لعلي بن أبي طالب من الأبيات التي أولها : ابدأ بيمناك وبالخنصر … إلخ، فباطل عنه، وكذا ما يعزى للحافظ ابن حجر من الأبيات التي أولها : في قص ظفرك يوم السبت آكلة ...إلخ، قال السيوطي : إنه مفترى عليه)هـ(1)، ونحو للعلقمي(2) عن ابن دقيق العيد(3) وغيره.
تنبيه آخر : قال أبو عبدالله الأبي في إكمال الإكمال :(ذكر الحافظ ابن عدي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادفنوا الأظفار والشعر والدم، فإنه ميتة)هـ(4).
وذكر ابن عبدالبر في الاستيعاب عن الزبير أن سيدنا ابراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلق رأسه يوم سابعه، وتصدق بوزن شعره على المساكين، وأخذوا شعره فدفنوه في الأرض هـ(5).
__________
(1) - شرح الزرقاني على الموطأ 4/359.
(2) - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي، شمس الدين.
تتلمذ على الجلال السيوطي.
له: قبس النيرين على تفسير الجلالين، والكوكب المنير في شرح الجامع الصغير.
توفي سنة 963هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/338، وفهرس الفهارس 2/206.
(3) - أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع، تقي الدين القشيري، المعروف بابن دقيق العيد.
من أكابر علماء الأصول .
من مؤلفاته : إحكام الأحكام، والاقتراح في بيان الاصطلاح، والإلمام بأحاديث الأحكام. وتوفي سنة 702هـ.
ترجمته في : الدرر الكامنة 4/91، وفوات الوفيات 2/244، وشذرات الذهب 6/5.
(4) - رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 4/1518، وأورده ابن القيم في زاد المعاد 5/754، وابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية 1/59، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/686، والزيلعي في نصب الراية 1/122.
(5) - الاستيعاب ص : 54.(8/140)
وقال ابن حجر في الفتح: (سئل الإمام أحمد : هل يدفن الشعر والأظفار ؟ /فقال : يدفنه، قيل : بلغك فيه شيء ؟ قال : كان ابن عمر يدفنه، وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بدفن الشعر والأظفار، وقال : لا يتلعب به سحر بني آدم)، قال الحافظ :(قلت هذا الحديث أخرج(1) البيهقي من حديث وائل بن جحر نحوه، واستحب أصحابنا دفنها لكونها جزءا من الآدمي والله أعلم) (2).
وفي الفتح أيضا ما نصه : (وللترمذي الحكيم من حديث عبدالله بن بسر(3) رفعه : قصوا أظفاركم، وادفنوا قلامتكم، ونقوا براجمكم، وفي سنده راو مجهول)هـ(4).
قلت : ولعل جميع ما ذكر لم يثبت عند الإمام مالك رضي الله عنه، فقد قال ابن يونس:(سئل مالك عن دفن الشعر والأظفار، فقال : لا أرى ذلك، وهو بدعة)هـ.
وقال الشيخ يوسف بن عمر : يكره دفنها، والله سبحانه أعلم.
62 - باب تقليم الأظفار :
أي مطلوبيتها وسنيتها.
العراقي :(قص الأظفار سنة إجماعا).
المناوي :(ويستثنى من ندبيتها مواضع حالة الإحرام، وعشر ذي الحجة لمن أراد الضحية، وحالة الموت، وحالة الغزو، على ما للمحيط للحنفية) (5).
5892 - وفروا اللحى : أي اتركوها موفرة.
فما فضل: على قبضته. أخذه : أي قصه وأزاله، وهذا هو المستحب عندنا أيضا.
قال في الرسالة : (وقال مالك : ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا) (6).
قال شراحها : (أي يستحب ذلك) (7).
__________
(1) - في الأصل : "أخرجه "، وكذا في الفتح 10/424، ونبه العرائشي على الصحيح.
(2) - الفتح 10/424.
(3) - عبد الله بن بسر بن أبي بسر المازني القيسي.
له ولأبيه صحبة، وسكن حمص.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه حدير بن كريب وخالد بن معدان وسليم بن عامر.
توفي سنة 88هـ، وهو آخر الصحابة موتا بالشام.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 874ن والإصابة 4/23.، وتهذيب التهذيب 5/158-159.
(4) - الفتح 10/338.
(5) - فيض القدير 4/519.
(6) - الرسالة ص : 141.
(7) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.(8/141)
الباجي : (يقص ما زاد على القبضة) (1).
ابن ناجي: (ويستحب الأخذ من عرضها أيضا) (2).
63 - باب إعفاء اللحى :
جمع لحية، وهي الشعر النابت على العارضين والذقن، أي مطلوبية تركها على حالها من غير حلق ولا قص.
قال القاضي عياض : (يكره حلق اللحية، وقصها، وتحريفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة في تعظيمها، كما يكره تقصيرها)هـ.
وقال أبو عبدالله الأبي: (إن الله تعالى زين بني آدم باللحى، وإذا كانت زينة فالأحسن تحسينها بالأخذ منها طولا وعرضا، وتحديد ذلك بما زاد على القبضة كما كان ابن عمر "يفعل"(3)، وهذا فيمن تزيد لحيته فيأخذ من طولها وعرضها ما فيه تحسين، فإن الله تعالى جميل يحب الجمال، وأما الشعر النابت على الخد فكان الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن المنتصر لا يزيله، وكان غيره ممن هو في طبقته يزيله، واختاره الشيخ، ويزال النابت على الحلق بخلاف النابت على اللحى الأسفل)، هـ من نسختين عتيقتين جيدتين جدا من إكمال الإكمال، ونحوه في نقل ابن الشاط عنه في حاشية مسلم، والشيخ زروق في عدة المريد، والحطاب في حاشية الرسالة، ووقع للشيخ الرهوني في نقله عنه تحريف في النص الأخير منه فانظره، وانظر قول الأبي : ويزال النابت على الحلق .. إلخ، مع ما نقله الشيخ زروق عن الإمام مالك أنه كره حلق ما تحت الذقن من الشعر، وقال :(هو من فعل المجوس)هـ، نقله العلامة ابن زكري وأقره.
وقال الشاذلي في شرح الرسالة: (ويكره حلق ما تحت الذقن من الشعر وحلق القفا)هـ، إلا أن يحمل قوله :"ما تحت الذقن" على ما عدا النابت على الحلق، فيوافق ما للأبي /، والله أعلم.
__________
(1) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.
(2) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.
(3) - سقط هذا اللفظ من مخطوطة العرائشي.(8/142)
تتميم : قال محيي الدين النووي: (ذكر العلماء في اللحية اثنتي(1) عشرة خصلة مكروهة، بعضها أشد قبحا من بعض : الأولى : خضابها بالسواد لا لغرض الجهاد، الثانية : خضابها بالصفرة تشبها بالصالحين، لا اتباع السنة، الثالث : تبييضها بالكبريت أو غيره، استعجالا للشيخوخة لأجل الرئاسة والتعظيم، وإيهام أنه من المشايخ، الرابعة: نتفها أول طلوعها إيثارا للمرودة وحسن الصورة، الخامسة: نتف الشيب، السادسة: تصفيفها طاقة فوق طاقة تصنعا ليستحسنه النساء وغيرهن، السابعة : الزيادة فيها والنقص منها، فالزيادة في شعر العذار من الصدغين، والنقص أخذ بعض العذار في حلق الرأس ونتف جانب العنفقة وغير ذلك، الثامنة : تسريحها تصنعا لأجل الناس، التاسعة :تركها شعثة ملبدة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه، العاشرة : النظر إلى سوادها وبياضها إعجابا وخيلاء، وغرة بالشباب، وفخرا بالمشيب، وتطاولا على الشباب، الحادية عشرة : عقدها وظفرها، الثانية عشرة : حلقها إلا إذا نبت للمرأة لحية، فيستحب لها حلقها، والله أعلم)هـ منه، ونحوه في الفتح عن الغزالي قال : (وأصله لأبي طالب المكي في القوت) (2).
عفوا : يشير لقوله تعالى : " ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا " (3).
64 - باب ما يذكر في الشيب:
أي في وجوده في شعر الإنسان عند بلوغ أوانه.
__________
(1) - في الأصل : " اثنتا"، ونبه العرائشي على الأولى.
(2) - قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد 2/143، ونقله في الفتح 10/430.
(3) - سورة الأعراف، الآية 95.(8/143)
قال المناوي : (ورد في غير ما خبر أن أول من شاب إبراهيم عليه السلام، وفي الإسرائيليات أنه لما رجع من تقربه بولده إلى ربه، رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء، فقالت: ما هذا ؟ وأخبرته أنها كرهتها لكونها تدل على ضعف البدن وقرب الأجل، وأرادت نتفها فأبى ومنعها، وقال : يا رب ما هذا ؟ قال : وقار، قال : يارب زدني وقارا، فأصبح وكل لحيته بيضاء).
5894 - أخضب النبي صلى الله عليه ؟: أي أصبغ شعر لحيته الشريفة؟
لم يبلغ الشيب إلا قليلا : قيل تسع عشرة، وقيل عشرون، وقيل خمس عشرة أو سبع عشرة أو ثمان عشرة، ومراده ما في الرواية الأخرى من قوله :" لم يبلغ ما يخضب "، لأن العادة أن الشيب القليل لا يخضب.
5895 - شَمْطَاتِهِ : أي الشعرات البيض، أي لفعلت لقلتها، ومفاده أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب، وصرح بذلك في حديث آخر، وبه قال الإمام مالك وابن عبدالبر، قاله القرطبي.
5896 - ثلاث أصابع : إشارة إلى عدد إرسال عثمان إلى أم سلمة، قاله الكرماني(1)، ورجحه العيني(2)، واقتصر عليه شيخ الإسلام(3). من فضة : بالفاء والضاد، نعت لمحذوف، لا للقدح، بينت ذلك رواية الحميدي ولفظه :" أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، فجاءت / بجلجل من فضة فيه شعر… "إلخ، فسقط قوله:" فجاءت بجلجل" من وراية البخاري، ولابد منه، إذ به ينتظم الكلام، والجلجل شبيه بالجرس، يوضع فيه ما يراد صيانته، وكأن أم سلمة كانت تجيز استعمال الإناء الصغير من الفضة في غير الأكل والشرب كجماعة من العلماء، قاله ابن حجر(4).
__________
(1) - في الكواكب الدراري 21/112.
(2) - في العمدة 22/48.
(3) - في التحفة 3/275.
(4) - في الفتح 10/432.(8/144)
فيه شعر : أي في الجلجل. أو شيء : من مرض. بعث إليها مخضبه : آنية من الأواني، أي فتجعل فيه تلك الشعرات وتغسلها فيه، فيشربه صاحب الإناء أو يغتسل به، فيبرأ بإذن الله. فاطلعت : قائله عثمان. شعرات حمرا : هذا محل الترجمة لأنه يدل على الشيب، قاله العيني والقسطلاني(1).
5897 - مخضوبا : زاد يونس : بالحناء والكتم، والجمع بينه وبين ما جاء عن أنس من أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب، أن من جزم بأنه خضب حكى ما شاهده، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى كأنس حكى ما شاهده، وهو الأكثر الأغلب من حاله - صلى الله عليه وسلم -، أو معنى قوله:" مخضوبا "أي بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - بطيب فيه صفرة.
5898 - أحمر : لكثرة ما كانت أم سلمة تطيبه إكراما له.
65 - باب الخضاب :
هو صبغ شعر الرأس أو اللحية بنحو الحناء، أي بيان حكمه.
5899 - لا يصبغون : شيب لحاهم. فخالفوهم : وفي رواية لأحمد عن أبي أمامة: "حمروا أو صفروا، وخالفوا أهل الكتاب"، وفي السنن وصححه الترمذي مرفوعا: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم"(2)، وأما الصبغ بالسواد فمكروه كراهة تنزيه.
قال في الرسالة :(ويكره صباغ الشعر بالسواد من غير تحريم، ولا بأس بالحناء والكتم) (3).
( أبو الحسن : يحتمل الندب والإباحة. ابن ناجي : والأقرب الإباحة)هـ(4).
ابن رشد : (اتفقوا على جواز تغيير الشيب بالصفرة والحناء من غير تحريم، وإنما اختلفوا هل تركه أفضل، وهو ظاهر كلام مالك في العتبية، أو فعله أحسن، وهو ظاهر كلامه في الموطأ)هـ.
__________
(1) - العمدة 22/48، والإرشاد 8/519.
(2) - رواه أبو داود في الترجل رقم 4211، والترمذي في اللباس 20، والنسائي في الزينة 16، وابن ماجه في اللباس 32، وأحمد في المسند 5/147.
(3) - الرسالة ص : 141 (باب في الفطرة والختان...).
(4) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/371.(8/145)
ابن حجر: (والخضاب مطلقا أولى لأن فيه امتثال الأمر، إلا إذا كان عادة أهل البلد تركه فالأولى تركه، لأن فاعله يصير في مقام الشهرة)هـ(1).
66 – باب الجعد :
الجعودة صفة الشعر، وهي كونه فيه تثن ما، وهي مما يتمدح به، أي ما جاء في تفضيله على غيره، كشعر السودان وشعر الروم والهنود.
5900 - البائن : المفرط في الطول. الأمهق : أي الخالص الذي لا يشوبه حمرة ولا غيرها، بل كان - صلى الله عليه وسلم - أبيض مشرب بحمرة ليس بأمهق. ولا بالآدَم : الأسمر. ولا بالجَعْد القَطَط : المنقبض الشعر جدا حتى يصير متفلفلا. ولا بالسَّبْط : المسترسل الشعر جدا من غير تثن أصلا، كشعر الروم والهنود، بل كان شعره صلى الله عليه وسلم جعدا غير قطط ولا سبط، فالمنفي في الأوصاف السابقة هو القيد دون المقيد.
بعثه الله على رأس أربعين سنة :المشهور عند الجمهور أنه بعث في شهر رمضان، فيكون حين بعث أربعون سنة ونصف، وح فمن قال أربعين ألغى الكسر.
وتوفاه الله على أرس ستين سنة : الذي عليه جماهير العلماء، ورواه أنس أيضا كما في مسلم :" أنه - صلى الله عليه وسلم - عاش/ ثلاثا وستين سنة، عشر سنين منها بالمدينة، والباقي بمكة"(2)، وجمع بينه وبين حديث الباب بإلغاء الكسر أيضا.
عشرون شعرة بيضاء : بل دون ذلك، وأما ما عند الطبراني من حديث الهيثم بن زهر: "ثلاثون شعرة عددا"، فسنده ضعيف، والمعتمد أنهن دون العشرين، قاله ابن حجر(3).
5901 - قال بعض أصحابي : قائله البخاري، وبعض أصحابه هو يعقوب بن سفيان(4)
__________
(1) - الفتح 10/435.
(2) - رواه مسلم في الفضائل، باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم (شرح النووي 15/102).
(3) - في الفتح 10/438، ويوافقه ما عند الترمذي 5/592 –ح3623- من حديث أنس: ( ... وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء).
(4) - يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف.
روى عن حبان بن هلال وأبي عاصم النبيل والفضل بن دكين.
وعنه الترمذي والنسائي وابن خراش وابن أبي داود.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/385-388.(8/146)
.
عن مالك (1): ابن اسماعيل. - صلى الله عليه وسلم - : شعر رأسه. سمعته : أي البراء. يحدثه : أي الحديث المذكور. يبلغ شحمة أذنيه : هذا مغاير لما في الحديث قبله وبعده، قال ابن حجر:(وحاصل الجمع بينهما أن الطويل منه يصل إلى المنكبين، وغيره إلى شحمه الأذن) (2).
وقال ابن بطال :(هو إخبار عن وقتين، فكان إذا غفل عن تقصيره بلغ قريب المنكبين، وإذا قصه لم يتجاوز الأذنين)(3).
5902 - آدم : أسمر. له لمة : شعر جاوز شحمة الأذنين. رجلها: سرحها. تقطر ماء : من الماء الذي سرحها به. فسألت : الملك . جعد : شعره. قطط : مفلفل . طافية: بارزة.
5903- يضرب منكبيه : أي الطويل منه.
5905 - بين أذنيه وعاتقه : هذا المتوسط منه.
5906- ضخم اليدين : غليظهما، والمراد الكفان.
5907 - سبط الكفين (4): مبسوطهما حسا ومعنى.
5908، 5909 - أو عن رجل : يحتمل أنه سعيد بن المسيب، ولا تأثير لهذه الزيادة في صحة الحديث، لأن الذين جزموا بكونه عن قتادة عن أنس أضبط أتقن من معاذ بن هانئ(5)، وهم حبان بن هلال(6) وموسى بن إسماعيل(7)
__________
(1) - هو أبو غسان مالك بن إبراهيم النهدي، وقد تقدم.
(2) - الفتح 10/438.
(3) - نقلا عن الفتح 10/438.
(4) - هذه رواية الكشميهني، ومعناها الليونة، وفي رواية أبي النعان : "بسط" - انظر الفتح 10/440.
(5) - معاذ بن هانئ القيسي، أبو هانئ.
روى عن همام بن يحيى وحرب بن شداد وحماد بن سلمة وابن المبارك.
وعنه بندار وعبد الرحمن بن عمر بن شبة وإبراهيم الجوزجاني.
توفي سنة 209هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/196.
(6) - حبان بن هلال الباهلي، أبو حبيب البصري.
روى عن حماد بن سلمة وشعبة وجرير بن حازم وأبي عوانة ومهدي بن ميمون.
وعنه أحمد بن سعيد الدارمي وأبو خيثمة وعبد بن حميد وبندار.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا. توفي سنة 216هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/170.
(7) - موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة البصري.
روى عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون وهمام بن يحيى وأبان العطار.
وعنه البخاري وأبو داود.
توفي سنة 223هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/333-335.(8/147)
، كما هنا، وجرير بن حازم كما مضى، ومعمر كما يأتي، قاله ابن حجر(1).
5910 - شثن القدمين والكفين: غليظهما، غليظ الأصابع والراحة مع لين من غير خشونة، كما في حديث أنس :" ما مسست حريرا ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(2).
قال ابن حجر :(هذه الأحاديث كلها حديث واحد، واختلفت رواته بالزيادة والنقص، والغرض منه بالأصالة صفة الشعر، وما عدا ذلك فبالتبع) (3).
5913 - فقال : قائل. صاحبكم : يعني نفسه الشريفة، أي أنه شبيه به. جعد : شعره. مخطوم : من الخطام، وهو الزمام. بخلبة : حبل من ليف. في الوادي : وادي الأزرق.
67 - باب التلبيد :
وهو أن يجمع شعر الرأس بما يلصق بعضه ببعض، كالخطمى والصمخ، لئلا يشعث ويقمل، أي بيان حكمه.
5914 - من ضفر : شعر رأسه، أي من أراد ضفره لطوله. فليحلق : أي ذلك الشعر الذي أراد ضفره، فإن الحلق يكفيه مؤونة الضفر. ولا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيد : أي لا تضفروا شعركم فتكونوا كالملبدين، قال الكرماني :(لأن التلبيد مكروه في غير الإحرام، مندوب إليه فيه) (4).
5915 - يهل : يرفع صوته بالتلبية، ملبدا : شعر رأسه. يقول لبيك …إلخ : إجابة لك بعد إجابة.
5916 - حلوا بعمرة : أي بفسخ الحج فيها، أي من لم يكن معه هدي منهم.
68 - باب الفرق :
هو قسمة شعر الرأس نصفين في المفرق، أي بيان حكمه.
قال القاضي : (فرق الشعر سنة، لأنه الذي رجع إليه - صلى الله عليه وسلم - ).
5917 - يسدلون شعورهم : يرسلونها بغير فرق. فسدل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناصيته : موافقة لأهل الكتاب. ثم فرق بعد : في رواية معمر :" ثم أمر بالفرق ففرق، فكان آخر الأمرين".
69 - باب الذوائب :
جمع ذؤابة، ما يتدلى من شعر الرأس، أي جواز اتخاذها.
__________
(1) - في الفتح 10/439.
(2) - أخرجه الترمذي 4/368 في البر والصلة باب ما جاء في خلق النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 2015.
(3) - الفتح 10/440.
(4) - الكواكب الدراري 21/118.(8/148)
5919 - فأخذ بذؤابتي : فيه أنه أقرها له.
70 - باب القَزَع :
هو حلق بعض الشعر وترك بعضه تشبيها له / بالسحاب المتفرق، أي ما حكمه ؟
قال في إكمال الإكمال ما نصه: (المازري : لم يختلف أنه إذا حلقت مواضع حتى صار الشعر مفرقا، أنه مكروه، واختلف إذا حلق الجميع وترك موضعا كالناصية، أو حلق موضعها وترك الأكثر، عياض: فمنعه مالك ورآه من القزع حتى في الجارية والغلام، وقال نافع: أما القصة والقفا للغلام فلا بأس به، وأما أن يترك لناصيته شعرا دون غيرها فذلك القزع، واختلف في علة النهي، فقيل لما فيه من التشويه، وقيل لأنه زي أهل الدعارة والشر، فيرجع الأمر في ذلك إلى عادة البلاد، فمن عادتهم أنه يفعله غير أهل الشر فلا ينبغي أن ينكر، وفي هذا نظر، لأن العوائد لا تغير السنن المأثورة، والنهي عن ذلك سنة، وعلله أبو داود بأنه زي اليهود) ،هـ منه(1).
وقول القاضي : " منعه مالك"، أي كرهه، كما نقله عنه غيره.
5920 - قلت : وما القزع ؟ : السائل هو عبيدالله، والمسؤول هو نافع كما في مسلم(2)، لا عمر ولده، كما هو ظاهر ما هنا.
فأشار لنا عبيد الله : لما بينه له. إذا حلق الصبي : وكذا غيره. قيل لعبيد الله : يحتمل أن القائل هو ابن جريح. فالجارية والغلام ؟: سواء في الحكم. وعاودته : أي عاودت سؤال نافع. أما القصة: وهي هنا شعر الصدغين. والقفا : أي شعرها. ولكن القزع : النهي عنه تنزيها. هذا وهذا : أي جانبيه.
5921 - نهى عن القزع : أي نهي تنزيه ، إلا لضرورة كمداواة ونحوها.
تنبيهات :
__________
(1) - إكمال إكمال المعلم 5/404-405.
(2) - انظر مسلم في اللباس والزينة باب كراهة القزع (شرح النووي 14/101).(8/149)
الأول : لا بأس بحلق الشعر كله للتنظيف، قاله ابن عبدالبر والقرطبي وغيرهما، وقال البرزلي: إنه ظاهر المذهب، بل حكى ابن عبدالبر الإجماع على جوازه، وقال الحطاب في حاشية الرسالة: (إنما يحبس الشعر اليوم غالبا من لا خلاق له، أو من ليس من أهل العلم، أو لغرض فاسد، وقل من يفعله اتباعا للسنة، فيكون الحلق أولى، خلافا لمن قال بالمنع أو بالكراهة).
الثاني : قال الحافظ ابن حجر :(يحرم على المرأة حلق شعر رأسها بغير ضرورة، وقد أخرج الطبراني عن ابن عباس قال :" نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة رأسها"، وهو عند أبي داود من هذا الوجه بلفظ: " ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير"(1)، والله أعلم)هـ، وقال المناوي : (أما الأنثى فحلقها له مكروه حيث لا ضرر، بل إذا كانت مفترشة ولم يأذن الحليل حرم، بل عده في "المطامح" من الكبائر، وشاع على الألسنة أن المرأة إذا حلقت رأسها من غير إذن زوجها سقط صداقها، وذلك صرخة من الشيطان لم يقل به أحد)هـ.
الثالث : قال الشيخ جسوس : (قال بعض شراح المصابيح : لم يحلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في سني الهجرة إلا ثلاث مرات، في الحديبية وعمرة القضاء وحجة الوداع، وقال في جمع الوسائل : لم يرو تقصير الشعر منه إلا مرة واحدة).
71 - باب تطييب المرأة زوجها بيديها:
أي جواز ذلك لما فيه من دوام الألفة بينهما .
5922 - لحرمه : أي لأجل إحرامه. قبل أن يفيض : أي يطوف طواف الإفاضة/.
72 - باب الطيب في الرأس واللحية :
أي مشروعية استعماله فيهما.
5923 - وبيض : بريق ولمعان. في رأسه ولحيته : ابن بطال : (يؤخذ منه أن طيب الرجال لا يكون في الوجه، بل في الرأس واللحية، بخلاف النساء ففي وجوههن، لتزينهن بذلك، ولا يتشبه الرجال بالنساء).
73 - باب الامتشاط :
تسريح الشعر بالمشط، أي جواز ذلك للرجال والنساء.
__________
(1) - رواه أبو داود في المناسك رقم 1984.(8/150)
5924 - رجلا : قيل هو الحكم بن أبي العاص، والد مروان. جحر : طاق. بالمدرى : حديدة يسرح بها الشعر، ويقال هي المشط. لطعنته بها : فلو اطلع شخص في بيت آخر وطعنه، أو رماه بحصاة وفقأ عينه أو سرت إلى نفسه، قال الإمام المازري:(اختلف فيه أصحابنا، فأكثرهم على إثبات الضمان، وأقلهم على نفيه)، انظر كتاب الديات.
74 - باب ترجيل الحائض زوجها :
أي تسريحها شعرهن أي جواز ذلك.
75 - باب الترجيل :
أي جوازه للرجل والمرأة، وهو تسريح الشعر بالمشط ونحوه.
5926 - في ترجله : فيبدأ بالشق الأيمن.
76 - باب ما يذكر في المسك :
من مدحه الدال على مطلوبية استعماله.
5927 - إلا الصوم وأنا أجزي به : أي فإنه لي أجزي به، كما جاء مصرحا به في رواية أخرى، وظاهر سياقه أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك وإنما هو من كلام الله عز وجل يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه، كما هو مصرح به في التوحيد وغيره، وقوله: "فإنه لي"، أي هو سر بيني وبين عبدي يفعله خالصا لوجهي، ولا مدخل للرياء في صورة عمله إلا من جهة إخبار صاحبه به، بخلاف غيره من الأعمال يمكن فيه الرياء والسمعة، ومن ثم قال : "وأنا أجزي به"، ، والكريم إذا تولى الإعطاء بنفسه عظم العطاء وفخم.
وخلوف فم الصائم : بضم الخاء، تغير رائحة فمه. أطيب عند الله من ريح المسك : الكرماني :(فإن قلت : لا تتصور الأطيبية بالنسبة إلى الله تعالى، إذ هو منزه عن ذلك، قلت : الطيب مستلزم للقبول، أي خلوفه أقبل عند الله من قبول ريح المسك عندكم، أو معناه أطيب عند ملائكة الله)هـ(1)، وراجع كتاب الصيام.
77 - باب ما يستحب من الطيب :
أي من استعماله.
__________
(1) - الكواكب الدراري 21/124-125.(8/151)
5928 - بأطيب ما أجد: وعند مسلم : " كنت أطيبه بطيب فيه مسك" (1)، وعند مالك من حديث أبي سعيد مرفوعا :" المسك أطيب الطيب" (2).
78 - باب من لم يرد الطيب :
إذا أهدي إليه، لأنه كما في خبر مسلم :"خفيف المحمل طيب الريح"، ولا منة في قبوله، ولأنه كما في خبر الترمذي: "خرج من الجنة" (3).
5929 - وزعم : أي قال. كان لا يرد الطيب : وعند أبي دواد، وصححه ابن حبان، عن أبي هريرة مرفوعا :"من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيب الرائحة، خفيف المحمل" (4).
وألحق العلماء به كل ما لا منة في قبوله عرفا، وجمع ذلك من قال:
عن المصطفى سبع يسيء قبولها
فحلو وألبان ودهن وسادة ... - إذا ما بها قد أتحف المرء خلان
- ورزق لمحتاج وطيب وريحان.
79 - باب الذَّرِيرَة :
نوع من الطيب / مركب، أي جواز استعماله.
5930 - بذريرة : فيها مسك. للحل : أي من تحلل. والإحرام : حين أراد أن يحرم.
80 - باب المتفلجات :
أي ذمهن، وهن اللاتي لم يخلق الله لهن فلجا، أي انفراجا بين الثنايا، فيفعلنه بأنفسهن بمبرد ونحوه، للحسن : أي لأجله.
5931 - لعن الله الواشمات والمستوشمات: أي الفاعلات للوشم، وطالبات فعله بهن، والوشم أن تغرز إبرة ونحوها في البدن حتى يسيل الدم، ثم يحشى بالكحل ونحوه فيخضر، وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها بدلالة اللعن عليه.
والمتنمصات : جمع متنمصة، وهي التي تنتف الشعر من وجهها.
__________
(1) - أخرجه مسلم في الحج 46، وأحمد 6/186.
(2) - أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب باب استعمال المسك رقم 2252، وأبو داود في الجنائز 33، والترمذي في الجنازة 16، وأحمد 3/31.
(3) - رواه الترمذي في الأدب باب ما جاء في كراهية رد الطيب رقم 2792، وهو من مراسيل أبي عثمان النهدي، فهو منقطع.
(4) - أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب باب استعمال المسك رقم 2253، وأبو داود في الترجل باب في رد الطيب رقم 4172، والنسائي 8/189 في الزيبنة باب الطيب.(8/152)
وهو : ملعون. في كتاب الله : في قوله تعالى :"وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ"…إلخ (1).
قال ابن حجر :(فيما دار بين ابن مسعود وأم يعقوب من الكلام دلالة على جواز نسبة ما يدل عليه الاستنباط إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبة قولية، فكما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كونه من القرآن لعموم قوله تعالى :و" وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ"، مع ثبوت لعنه - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك، يجوز نسبة من فعل أمرا يندرج في عموم خبر نبوي ما يدل على منعه إلى القرآن، فيقول القائل مثلا : لعن من غير منار الأرض في القرآن، ويستند في ذلك إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن من فعل ذلك) (2).
81 - باب الوصل في الشعر :
بغيره ليكثر ويطول، أي ذمه.
قال في الرسالة :(وينهى النساء عن وصل العشر) (3).
أبو الحسن :(أي نهي تحريم، وهو أن تأخذ المرأة التي في رأسها شيب، أو التي شعرها أشقر، أو القرعاء، شعرا أسودا أو صوفا فتجعله مع شعرها، وتظهر الأسود، وتخفي الشيب والشقرة)هـ.
وقال الأبي ما نصه: (المازري : وصل الشعر عندنا ممنوع.
عبدالوهاب : لما فيه من الغرر والتدليس.
عياض : قصر الليث المنع على وصله بشعر، وأجاز وصله بغير الشعر من صوف أو خز، ومنع مالك رضي الله عنه والأكثر من كل شيء لعموم النهي)هـ.
ونسب الحافظ ابن حجر القول بالتعميم للجمهور قائلا: (إن الأحاديث تشهد له)هـ.
ثم قال الأبي: (قلت : وصل الشعر حقيقة إنما هو ربط شعرة بأخرى، ويندرج في ذلك أن تعلق ضفائرها بشعر أو غيره كما تعلق ضفائر الحلفاء، وهذا العلق هو الأكثر اليوم. عياض : وأما ربط خيوط الحرير ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس من الوصل ولا القصد به ذلك، وإنما هو للتجمل، كما تشد به الأوساط، وكما يجعل الحلي في الأعناق وفي الأيدي).
__________
(1) - سورة الحشر، الآية 7.
(2) - الفتح 10/456.
(3) - الرسالة ص : 143.(8/153)
5932 - قصة : خصلة. حرسي : واحد الحرس، خدم الأمير الذين يحرسونه. ينهى عن مثل هذا : أي القصة، أي وصل الشعر بها.
5933 - الواصلة : لنفسها أو لغيرها. والمستوصلة : طالبة الوصل.
القاضي عياض :(وكلا الأمرين كبيرة للعنه - صلى الله عليه وسلم - لهما).
5934 - جارية : لم تعرف. فتمعط شعرها : تناثر وتساقط
5935 - أمي : صفية بنت شيبة. امرأة : لم تعرف. ابنتي : لم تعرف. شكوى : مرض. فتمرق : خرج من موضعه. يستحثني : يحضني على الدخول بها.
5937 - الوشم في اللثة : هي ما على الأسنان من اللحم، وليس مراده الحصر، بل يقع فيها وفي غيرها، وإنما ذكر ما كان عندهم.
82 - باب المتنمصات :
أي ذمهن، جمع متنمصة.
قال الأبي :(عياض عن أبي عبيد : النامصة التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة التي يفعل بها ذلك. قال الطبري /: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقها بزيادة فيه أو نقص منه، قصدت به التزين لزوج أو غيره، من تفليح أسنان أو شدها ، أوقلع سن زائدة، أو تقصير ما طال من أسنانها، أو حلق لحية أو شارب، أو عنفقة نبتت لها، لأنها في جميع ذلك مغيرة خلق الله، متعدية على ما نهى عنه) ،هـ منه.
وقال الجزولي : (يجب حلق لحية المرأة، لأن ذلك مثلة) هـ.
وقال النووي: (يستثنى من الخاص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة، فلا يحرم إزالتها، بل يستحب)هـ.
لكن قيده ابن حجر بما إذا كان بعلم الزوج، وإلا منع(1).
5939 - ما هذا ؟ : الذي بلغني عنك من لعن الواشمات. وفي كتاب الله : تعالى لعنه. قرأت ما بين اللوحين : تعني لوحي المصحف، أي دفتيه. لئن قرأتيه : متدبرة.
" وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ": إذ فيه أن من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالعنوه.
__________
(1) - الفتح 10/459.(8/154)
"وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا": وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ففاعله ظالم، وقد قال تعالى :"أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ"، كذا قرره القسطلاني هنا(1).
83 - باب الموصولة :
التي يفعل بها الوصل، أي ذمها ولعنها.
5941 - امرأة : لم تعرف هي لا وبنتها. الحصبة : نوع من الجدري. فامَّرَقَ شعرها: خرج من موضعه.
5942 (2) - كان في أصل محمد بن إسماعيل : البخاري. فشك محمد بن يوسف: الفربري. زهير: بغير شك. وفي كتاب أبي إسحاق : إبراهيم المستملي، أحد الرواة عن الفربري.
الفضل بن زهير : قال أبو علي الغساني :(هو الفضل بن دكين بن حماد بن زهير(3)، فنسب مرة إلى أبيه، وأخرى إلى جد أبيه، وهو أبو نعيم شيخ البخاري، يروي عنه كثيرا بلا واسطة، وروى عنه هنا بواسطة).
84 - باب الواشمة :
أي ذمها : وهي فاعلة الوشم، وهو حرام على الفاعل والمفعول به.
ابن ناجي : (لافرق فيه بين الذكر والأنثى) (4).
ابن حجر : (ويصير الموضع الموشوم نجسا، لأن الدم انحبس فيه، فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجرح، إلا أن يخاف منه تلفا أو شينا أو فوات منفعة، فيجوز إبقاؤه، وتكفي التوبة في سقوط الاثم، ويستوي فيه الرجل والمرأة)هـ.
__________
(1) - الإرشاد 8/533.
(2) - هذا الحديث غير موجود في الفتح (انظر 10/462).
(3) - الفضل بن دكين (واسمه عمرو) ابن حماد بن زهير بن درهم التيمي، أبو نعيم الكوفي.
روى عن الأعمش وأيمن بن نابل وسلمة بن وردان وعيسى بن طهمان والثوري ومالك.
وعنه البخاري وأكثر عنه، ومحمد بن مردويه ومحمد بن يحيى الذهلي.
قال أحمد بن حنبل: أبو نعيم يزاحم بن ابن عيينة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/270-276.
(4) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/379 باللفظ التالي : (إنما خص الشيخ النساء بالذكر لأنهن يرغبن في ذلك أكثر من الرجال، وإلا فالحكم سواء).(8/155)
وهذا الذي ذكره، قال الشيخ سيدي محمد الرهوني: (لا يوافق مذهبنا، ثم بين عدم موافقته له، وقال معترضا على من استدل به من أئمتنا : النص فيه عندنا موجود، ففي الأجهوري عند قول الشيخ خ : "وعفي عما يعسر" (1)، ما نصه : مما يعسر الوشم، قال شيخنا : الوشام نجس حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة، ومع ذلك – فقال عبدالوهاب - يجزئ معه الوضوء والغسل، فيكون من قسم المعفو عنه)هـ.
5944 - العين حق : أي الإصابة بها أمر ثابت بفعل الله تعالى. ونهى : نهي تحريم. عن الوشم : جمع بينهما ردا على من زعم أن الوشم يرفع العين.
5945 - رأيت أبي فقال : وقع هنا حذف، وأصله: رأيت أبي اشترى غلاما حجاما فكسر محاجمه، فقيل له في ذلك فقال ...إلخ. نهى عن ثمن الدم : أي عن أجرة الحجام، وتقدم أن النهي منسوخ. وثمن الكلب: غير المأذون في اتخاذه. وآكل : بالنصب كما بعده، أي : ولعن آكل ... إلخ.
85 - باب المستوشمة :
الطالبة لفعل الوشم بها، أي ذمها.
تنبيه : قال الأبي : (الحديث لا يتناول / من تصنع الوشم بالحبر ثم تزيله، عياض : وأجاز مالك للمرأة أن توشي يدها بالحناء)هـ
قال الشيخ التودي : (ما لم يصر حائلا كالنشادر)، قال: (ولا يجوز للمرأة أن تشم بالحرقوص وهي تصلي، لأنه يصير لمعة في وجهها يمنعها صحة الوضوء)هـ.
ثم قال الأبي: (عياض : وأما تحمير الوجه وتخضيب الشعر وتطريف الأصابع، فإن لم يكن لها زوج ولاسيد، أو كان لها، وفعلت بغير إذنه، حرم وإلا جاز، وأجاز مالك الكحل للنساء، ويكره للرجال)هـ.
وفي المعيار : (تزويق الحناء جائز عند مالك، وكرهه عمر، وقال : إنما تخضب يديها كلها، أو تدع، وأنكره مالك على عمر)هـ.
المناوي : (ويحرم خضب يد الرجل ورجله بحناء على ما قاله العجلي(2)
__________
(1) - مختصر خليل 1/8.
(2) - أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي، أبو الحسن.
له: التاريخ، والجرح والتعديل.
نزل طرابلس الغرب.
ترجمته في: مرآة الجنان 2/173، وشذرات الذهب 2/141.(8/156)
، وتبعه النووي، لكن قضية كلام الرافعي الحل)هـ.
86 - باب التصاوير :
أي بيان حكمها استعمالا واتخاذا، ومحصل الكلام فيها أنها إما صور حيوان أو غيره، فغير الحيوان جائز لا محظور فيه، والحيوان إما أن يكون ذا ظل وهو تام الخلقة أم لا، فذو الظل التام الخلقة حرام بإجماع، وما لا ظل له فإن كان غير ممتهن فهو مكروه، وإن كان ممتهنا فخلاف الأولى، وناقص بعض الأعضاء فيه خلاف.
قال ابن رشد : (والصحيح أن حكمه حكم التام).
وقال ابن العربي : (حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إذا كانت ذات أجسام حرم بالإجماع، وإن كانت رقما فأربعة أقوال ... إلخ).
وفي المعيار عن أبي إسحاق الشاطبي(1): (الوعيد المذكور في الأحادييث الموعود بها المصورين إنما هو فيما كان تصويره كاملا على حكاية الحيوان بجميع أعضائه الظاهرة، وأن تصوير بعض الأعضاء على الانفراد ليس بداخل تحت الوعيد المذكور، حتى إن عياض حكى عن بعض العلماء أن رأس الصورة إذا قطع جاز الانتفاع بباقيها، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يؤيد هذا القول، ثم ذكر حديث أبي هريرة عند أبي داود أنه كان في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - تماثيل، فقال له جبريل: مر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة -الحديث-) ،هـ منه.
ولما نقل ابن حجر كلام ابن العربي السابق، قال ما نصه :(هذا الإجماع محله في غير لعب البنات، وحكى القرطبي في الصور التي لا تتخذ للإبقاء كالفخار قولين أظهرهما المنع، قلت : وهل يلتحق ما صنع من الحلواء بالفخار أو بلعب البنات، محل تأمل)، هـ من الفتح(2).
__________
(1) - إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي، أبو إسحاق.
من كبار الأئمة المجتهدين.
له: الموافقات، والاعتصام من البدعة، والتعريف بأسرار التكليف، والمجالس (شرح به كتاب البيوع من صحيح البخاري).
توفي في شعبان سنة 790هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 46-50، وشجرة النور الزكية 231، وفهرس الفهارس 1/143.
(2) - الفتح 10/475.(8/157)
وقدمنا في باب بيع التصاوير عن القاضي أن العلماء استثنوا من التصاوير لعب البنات، فأجازوا اتخاذها وبيعها، فراجعه.
5949 - لا تدخل الملائكة : أي غير الحفظة، وهم ملائكة الرحمة، أما الحفظة فلايفارقون المكلف. بيتا: أو خيمة، أو حانوتا، أو غيرها من كل ما يستقر فيه الشخص. فيه كلب : غير مأذون في اتخاذه، ككلب الصيد والزرع والماشية. ولا تصاوير : منهي عن اتخاذها، هذا الذي قدمنا تحريره في كتاب الملائكة، وهو تخصيص كل من الملائكة والكلب والتصاوير، فراجعه.
87 - باب عذاب المصورين يوم القيامة :
أي الذين يصنعون الصور، أي بيان ذلك.
5950 - تماثيل : صور حيوان، وفي مسلم : "قال لي مسروق: هذه تماثيل كسرى، قلت: لا، هذه تماثيل مريم"(1) . إن أشد الناس : وفي مسلم : " إن من أشد الناس "، وهو أوضح.
5951 - يقال لهم : على جهة التبكيت. أحيوا ما خلقتم : أي صورتم، والأمر للتعجيز، ويستفاد منه استمرار تعذيب المصور، لأنه كلف بنفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك، فيستمر تعذيبه، كما يستفاد منه أيضا أن الوعيد خاص بالحيوان لقوله :"أحيوا".
قال النووي : (قال العلماء : تصوير الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن/ أم لغيره، وأما تصوير ما ليس بحيوان فليس بحرام).
88 - باب نقض الصور :
أي تغيير هيئتها بكسرها، أو شقها نصفين، أو قطع جزء منها.
5952 - تصاليب : تصاوير. إلا نقضه : غير صورته.
5953 - دارا : لمروان بن الحكم. فرأى أعلاها: سقفها. مصورا بصور : كذا فيما وقفت عليه من النسخ "مصورا"، بصيغة اسم المفعول، "بصور" : بباء الجر، وصور جمع صورة، مجرور بها، وهو خلاف ما في الفتح والإرشاد(2)، فانظره.
__________
(1) - صحيح مسلم 3/1670 كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم 2109.
(2) - في الإرشاد 8/538 : (مصورا : بكسر الواو والمشددة، "يصور" : بفلظ المضارع).(8/158)
يقول : ومن أظلم ... إلخ : فيه حذف بينته رواية أخرى، وأصله :"يقول : قال الله تعالى : ومن أظلم … إلخ ". فليخلقوا : الأمر للتعجيز . حبة : من قمح. ذرة : نملة. بتَوْر : إناء من ماء . حتى بلغ إبطه: وغسل رجليه حتى بلغ ركبتيه. أشيء : أي ما هذا شيء ... إلخ . منتهى الحلية : أي التعجيل الوارد من أثر الوضوء، وهذا فهم فهمه، وخالفه غيره فيه كما قدمناه في الوضوء.
89 - باب ما وطئ من التصاوير :
امتهان له، أي هل يرخص فيه أم لا؟
وقد علمت مذهبنا فيه، ومحصله أنها إذا كانت حيوانا ذا ظل فهي حرام، وطئت أم لا، وإلا فيه خلاف الأولى، وغير الحيوان جائز، وطئ أم لا.
5954 - سفر : تبوك. بقرام : ستر فيه رقم ونقش. على سهوة : صفة في جانب البيت، أو كوة، أو بيت صغير منحدر في الأرض كالخزانة يكون فيها المتاع.
فيها تماثيل : صور لا ظل لها. هتكه : نزعه. أشد الناس : أي من أشدهم . يضاهون : يشابهون. فجعلناه وسادة ... إلخ : زاد مسلم : " فكان - صلى الله عليه وسلم - يرتفق عليها" (1)، والوسادة مما يوطأ، أو في معنى ما يوطأ.
5955 - درنوكا : ستر له خمل.
90 - باب من كره القعود على الصور :
أي المنهي عن اتخاذها.
5957 - نَمْرُقَة : وسادة صغيرة. فلم يدخل : ولم يستعملها، فظاهره التعارض مع الحديث قبله، لأن فيه أنه استعمل النمرقة، ويجمع بينهما بأنها لما قطعت الستر وقع القطع في وسط الصورة مثلا، فخرجت عن هيئتها، فلذلك ارتفق بها - صلى الله عليه وسلم - ، قاله ابن حجر(2)، ونحوه للأبي.
قلت : وعليه لم يكن للترجمة التي قبل هذه شاهد من حديثها، فتأمله والله أعلم.
5958 - لا تدخل بيتا فيه الصور : المنهي عن اتخاذها نهي تحريم أو كراهة. اشتكى : زيد بن خالد المذكور. لعبيد الله : ابن الأسود. إلا رقم في ثوب : وهو محمول على غير ذي روح.
__________
(1) - صحيح مسلم 3/1668 كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم 2107.
(2) - في الفتح 10/477.(8/159)
قال النووي : (يجمع بين الأحاديث بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح، كصورة الشجر ونحوها) (1).
91 - باب كراهية الصلاة في التصاوير :
أي في الثياب التي فيها التصاوير.
5959 - قِرَام : ستر فيه تصاوير. أميطي : أزيلي. في صلاتي : فتشغلني، وهذا تشريع لأمته، وإذا كانت الصور تلهي المصلي وهي مقابلته، فأولى إذا كان لابسها، والجمع بين هذا وبين حديث عائشة السابق المشتمل على عدم دخوله - صلى الله عليه وسلم - البيت أصلا باحتمال أن يكون حديث عائشة كانت التصاوير فيه من ذوات الأرواح، وهذا كانت من غيرها، قاله ابن حجر(2).
92 - باب لاتدخل الملائكة بيتا فيه صورة :
المراد بالملائكة ماعدا الحفظة، وهم ملائكة الرحمة كما جزم به ابن وضاح(3) والخطابي وآخرون، واقتصر عليه الشيخ زكرياء والسيوطي(4)، وزاد استثناء ملك الموت، وقوله : "بيتا" يشمل /كل ما يسكن من خيمة أو غيرها، وقوله : " فيه صورة"، أي منهي عن اتخاذها كما للخطابي، وأيده ابن حجر، واقتصر عليه السيوطي.
قال القرطبي في المفهم : (إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصور، لأن متخذها قد تشبه بالكفار، لأنهم يتخذون الصور في بيوتهم ويعظمونها، فكرهت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته هجرا له لذلك) (5).
__________
(1) - قريبا منه في شرح صحيح مسلم 14/85.
(2) - في الفتح 10/479.
(3) - محمد بن وضاح بن بزيع القرطبي، أبو عبد الله.
رحل إلى المشرق، وأخذ عن يحيى بن معين وغيره.
له: القطعان في الحديث، والبدع والنهي عنها.
توفي سنة 286هـ.
ترجمته في: بغية الملتمس 123، وميزان الاعتدال 3/145، والبداية والنهاية 11/82.
(4) -في التوشيح ص : 493.
(5) - المفهم 4/119، وهو في الفتح 10/480(8/160)
5960 - فَرَاثَ : أبطأ لأجل جرو كان تحت سريره - صلى الله عليه وسلم -، ولم يشعر به، ثم رآه، فقال : يا عائشة، متى دخل هذا ؟ فقالت : والله ما دريت، فأمر به فأخرج. صورة : منهي عنها. ولا كلب : أي غير مأذون في اتخاذه، كما للخطابي وطائفة، وبه جزم الفاسي في حاشيته.
93 - باب من لم يدخل بيتا فيه صورة :
أي منهي عن اتخاذها.
نقل ابن حجر عن الرافعي ما نصه: (وفي دخول البيت الذي فيه الصور وجهان : قال الأكثر يكره، وقال أبو محمد يحرم)هـ (1)، زاد القسطلاني: (ورجح الكراهة الإمام الغزالي).
5961 - لا تدخله الملائكة ... إلخ : فمن اتخذ الصور في بيته عوقب بعدم دخول ملائكة الرحمة بيته، وصلاتها عليه، واستغفارها له.
94 - من لعن المصور :
لمضاهاته بفعله خلق الله.
5962 - حجاما : فكسر محاجيمه. نهى عن ثمن الدم : أي الحجامة، وهذا منسوخ كما سبق. وثمن الكلب : الغير المأذون في اتخاذه. وكسب البغي : الزانية. والمصور: للحيوان.
95 -باب من صور صورة -حيوانية -كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ :
ترجم بلفظ الحديث.
5963 - يحدثه : أي هذا الحديث. حتى سئل : أي عن حكم التصاوير. وليس بنافخ : أي أبدا، فهو معذب دائما، وظاهره غير مراد، بل المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر، فيكون أبلغ في الارتداع.
96 - باب الارتداف على الدابة :
أي جواز ركوب شخصين عليها، ومناسبته لكتاب اللباس أن الغرض منه الجلوس على لباس الدابة، وإن تعددت أشخاص الراكبين عليها، والتصريح بلفظ القطيفة في الحديث يشعر بذلك، قاله الكرماني(2).
وقال ابن حجر : (وجه إدخال هذا الباب هنا أن الذي يرتدف لايأمن السقوط فينكشف، فأشار إلى أن احتمال السقوط لا يمنع من الإرداف، إذ الأصل عدمه)هـ(3).
العيني : (ما قاله الكرماني أوجه، وإن كان فيه تعسف) (4).
__________
(1) - الفتح 10/481.
(2) - في الكواكب الدراري 21/141.
(3) - الفتح 10/484.
(4) - عمدة القاري 22/76.(8/161)
5964 - إِكَاف : بردعة. قَطِيفَة : كساء له خمل. فَدَكِيَّة : نسبة إلى فَدَك، قرية بخيبر.
97 - باب الثلاثة على الدابة :
أي جواز ذلك إن أطاقتهم، والنهي الوارد عن ذلك خاص بدابة لا تطيقه، قاله ابن حجر. وقال النووي :(مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز ركوب الثلاثة على دابة إذا كانت مطيقة).
5965 - لما قدم النبي صلى الله عليه مكة : عام الفتح. أغيلمة : جمع غلام على غير قياس. فحمل : معه على ناقته. واحدا : منهم. بين يديه وآخر خلفه: وهما الفضل وقثم ابنا عباس.
98 - باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه :
أي جواز ذلك. وقال بعضهم : هو الشعبي. صاحب الدابة أحق... إلخ : هذا حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره، وهو مذهبنا، لكن عند التشاح لا عند الاختيار.
قال الشيخ خ : (ورَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمَقْدَمِهَا).
ابن العربي :(إنما كان الرجل أحق بصدر دابته لأنه شرف، والشرف حق المالك، ولأنه يصرفها في المشي حيث شاء على أي وجه أراد من إسراع أو بطء)هـ، ولأنه عارف بطبعها من عثار وغيره.
5966 - الأشر الثلاثة : بالإضافة على حد : الحسن الوجه، أي الراكبين على الدابة. أتى : جاء. بين يديه : أي على ناقته.
99 - باب إرداف / الرجل خلف الرجل :
أي جواز ذلك.
5967 - عن معاذ : بَيْنَا أنا رديف النبي صلى الله عليه : على حمار يقال له عفير. إلا آخرة الرحل : التي يستند عليها الراكب. ما حق العباد على الله : من باب الفضل لا من باب الوجوب، إذ لا يجب عليه سبحانه شيء.
فائدة : قال الحافظ في الفتح: (أفرد ابن منده أسماء من أردفه النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه، فبلغوا ثلاثين نفسا)هـ (1)، ونحوه للسيوطي في التوشيح(2) ، وقال القسطلاني في الإرشاد :(قال الدُّمَيْرِي(3)
__________
(1) - الفتح 10/487.
(2) - التوشيح ص : 494.
(3) - محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري، أبو البقاء الشافعي.
أصله من أهل دميرة بمصر، وولد ونشأ بالقاهرة.
له: حياة الحيوان، والديباجة شرح ابن ماجه، وأرجوزة في الفقه.
توفي سنة 808هـ.
ترجمته في: مفتاح السعادة 1/186، والأعلام 7/340، وكشف الظنون 696.(8/162)
: أفاد الحافظ ابن منده أن الذين أردفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وثلاثون نفسا)هـ، ونحوه للفيومي، وزاد، (وليس فيهم عقبة بن عامر، خلاف ما اشتهر عند أهل مصر أنه منهم)هـ(1).
100 - باب إرداف المرأة خلف الرجل :
أي جواز ذلك بشرط المحرمية، راجع باب الغيرة من كتاب النكاح.
5968 - وبعض نساء النبي صلى الله عليه : هي صفية بنت حيي. الناقة : أي ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي ركبها مع صفية. فقلت : المرأة : بالنصب، أي احفظ المرأة. إنها أُمُّكُم: يذكر وجوب تعظيمها عليهم. فشددت الرحل : ظاهره أن الذي قال ما ذكر وفعله هو أنس، وتقدم في الجهاد أن الذي فعل ذلك هو أبو طلحة، وأن الذي قال : المرأة، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2).
قال ابن حجر :(وما تقدم هو المعتمد إلا أن يكون أنس أعانه على ذلك) (3).
101 - باب الاستلقاء -على القفا- ووضع الرجل على الأخرى:
أي جواز ذلك مع الأمن من انكشاف العورة، وإنما أدخله في باب اللباس من جهة أن فاعله لا يأمن من الانكشاف غالبا، فينبغي لمن فعله التحفظ.
5969 - رافعا إحدى رجليه على الأخرى : زاد المص في أبواب المساجد:"وكان عمر وعثمان يفعلان ذلك"، وزاد الإسماعيلي عليهما أبا بكر، وأما حديث مسلم : "لايستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى"(4)، فقيل إنه منسوخ بفعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل الخلفاء بعده، وقيل إنها محمول على من لم يتحفظ من الانكشاف، قاله الخطابي.
قال : ( وهو أولى من دعوى النسخ).
__________
(1) - الإرشاد 8/543.
(2) - نقلا عن الفتح 10/488.
(3) - الفتح 10/488.
(4) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ( شرح النووي 14/77 ).(8/163)
قال النووي في شرح مسلم: (قال العلماء : أحاديث النهي عن الاستلقاء محمولة على حالة تظهر فيها العورة، أو شيء منها، وأما فعله - صلى الله عليه وسلم - فكان على وجه لا يظهر منه شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة، وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه. قال القاضي : لعله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا لضرورة، أو حاجة من تعب أو طلب راحة، أو نحو ذلك، قال : وإلا فقد علم أن جلوسه - صلى الله عليه وسلم - في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس متربعا أو محتبيا، وهو كان أكثر جلوسه، أو القرفصاء، أومقعيا، وشبهها من جلسات الوقار والتواضع.
قلت : ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله لبيان الجواز، وأنكم إن أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المراد به ما ينكشف معه شيء من عورته، أو يقارب انكشافها)، هـ كلام النووي(1) /.
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/77-78.(8/164)
كشاف الآيات القرآنية
السورة/رقم الآية ... الآية ... الصفحة
1- الفاتحة:
الفاتحة 5 ... "إياك نعبد وإياك نستعين" ... 911
2- سورة البقرة:
البقرة 12 ... "ولهن الربع" ... 758
البقرة 67 ... "وإذ قال موسى…" ... 827
البقرة 69 ... "صفراء فاقع لونها" ... 963
البقرة 74 ... "وإن منها لما يهبط من خشية الله" ... 163
البقرة 80 ... "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" ... 930
البقرة 102 ... " فلا تكفر" ... 923
البقرة 108 ... "لمسجد اسس على التقوى " ... 63
البقرة 171 ... "كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" ... 61-76
البقرة 172 ... "يأيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" ... 768-837
البقرة 180 ... "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت" ... 630
البقرة 189 ... "يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت ..." ... 825
البقرة 196 ... "ففدية من صيام او صدقة او نسك" ... 885
البقرة 221 ... "ولا تنكحوا المشركات" ... 669-677-740
البقرة 226 ... "للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر" ... 741
البقرة 228 ... "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" ... 751
البقرة 228 ... "ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" ... 753
البقرة 229 ... "الطلاق مرتان" ... 730
البقرة 230 ... "فلا تحل له من بعد" ... 732
البقرة 230 ... "حتى تنكح زوجا غيره" ... 649
البقرة 232 ... "فلا تعضلوهن" ... 677-754
البقرة 233 ... "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" ... 763
البقرة 233 ... "وعلى الوارث مثل ذلك" ... 766
البقرة 234 ... "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن ..." ... 757
البقرة 234 ... "فلا جناح" ... 757
البقرة 235 ... "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" ... 675
البقرة 240 ... "غير إخراج" ... 757
البقرة249 ... "قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه" ... 90
البقرة290 ... "ولكن ليطمئن قلبي" ... 911(9/1)
البقرة 267 ... "وأنفقوا" ... 68
البقرة 285 ... "ءامن الرسول" ... 10-638
3- آل عمران:
آل عمران 41 ... "قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام الا رمزا" ... 745
آل عمران 61 ... "فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ثم نبتهل" ... 240
آل عمران 102 ... "واتقوا الله حق تقاته…" ... 682
آل عمران 121 ... "وإذ غدوت" ... 125
آل عمران 122 ... "إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا…" ... 127
آل عمران 123 ... ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة" ... 87
آل عمران 128 ... "ليس لك من الامر شيء" ... 131
آل عمران 139 ... "ولا تهنوا" ... 125
آل عمران 153 ... "إذ تصعدون ولا تلوون على أحد" ... 131
آل عمران 154 ... "ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا…" ... 130-131
آل عمران 155 ... "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان" ... 129-130
آل عمران 169 ... "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا" ... 125
آل عمران 172 ... "الذين استجابوا لله والرسول" ... 136
4- النساء:
النساء 1 ... "يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" ... 682
النساء 3 ... "فانكحوا ما طاب لكم من النساء" ... 649
النساء 3 ... "مثنى وثلاث ورباع" ... 665
النساء 4 ... "وءاتوا النساء صدقاتهن نحلة" ... 684
النساء 11 ... "يوصيكم الله…" ... 880-889
النساء 12 ... "وإن كان رجل يورث كلالة" ... 889
النساء 20 ... "وءاتيتم إحداهن قنطارا" ... 684
النساء 22 ... "ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم" ... 669
النساء 23 ... "حرمت عليكم أمهاتكم" ... 668-669
النساء 23 ... "وربائبكم اللاتي في حجوركم" ... 671
النساء 23 ... "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" ... 667-669
النساء 23 ... "وأن تجمعوا بين الاختين" ... 671
النساء 24 ... "وأحل لكم ما وراء ذلكم" ... 672
النساء 34 ... "الرجال قوامون على النساء" ... 710
النساء 34 ... "واهجروهن في المضاجع" ... 710-711
النساء 88 ... "أركسهم" ... 127(9/2)
النساء 93 ... "ومن يقتل مومنا متعمدا" ... 11
النساء 128 ... "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا…" ... 715
النساء 129 ... "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء" ... 714
النساء 129 ... "فلا تميلوا كل الميل" ... 717
5- المائدة:
المائدة 3 ... "حرمت عليكم الميتة" ... 807
المائدة 3 ... "إلا ما ذكيتم" ... 808
المائدة3 ... "وأن تستقسموا بالازلام" ... 228-919
المائدة 4 ... "أحل لكم الطيبات" ... 860
المائدة 4 ... "مكلبين" ... 814
المائدة 5 ... "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب" ... 740
المائدة 48 ... "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب…" ... 610
المائدة 87 ... "يأيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" ... 656
المائدة 90 ... "إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس…" ... 849
المائدة 94 ... "ليبلونكم الله بشيء من الصيد" ... 807
المائدة 96 ... "أحل لكم صيد البحر" ... 816
6- الأنعام:
الأنعام 62 ... "ردوا إلى الله مولاهم الحق" ... 126
الأنعام 119 ... "إلا ما اضطررتم إليه" ... 837
الأنعام 121 ... "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم" ... 120-821
الأنعام 145 ... "قل لا أجد" ... 834
الأنعام 145 ... "فمن اضطر غير باغ ولا عاد …" ... 837
الأنعام 146 ... "ومن الذين هادوا" ... 80
7- الأعراف:
الأعراف 12 ... "ما منعك ألا تسجد" ... 718
الأعراف 32 ... "قل من حرم زينة الله" ... 778-933
الأعراف 95 ... "ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا" ... 986
الأعراف 165 ... "إنا هدنا إليك" ... 80
8- الأنفال:
الأنفال 7 ... "إحدى الطائفتين" ... 87
الأنفال 9 ... "إذ تستغيثون ربكم" ... 88
9- التوبة:
التوبة 3 ... "وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر" ... 232
التوبة 28 ... "إنما المشركون نجس" ... 6-234
التوبة 117 ... "الذين اتبعوه في ساعة العسرة" ... 246(9/3)
التوبة 118 ... "وعلى الثلاثة الذين خلفوا" ... 248-253
11- هود:
هود 69 ... "جاء بعجل حنيذ" ... 782
12- يوسف:
يوسف 2 ... "قرءانا عربيا" ... 612
يوسف 93 ... "اذهبوا بقميصي" ... 936
13-الرعد:
الرعد 16 ... "أم جعلوا لله شركاء" ... 913
14- إبراهيم:
إبراهيم 7 ... "لئن شكرتم لأزيدنكم" ... 253
15- الحجر:
الحجر 9 ... "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ... 613-619
الحجر 91 ... "الذين جعلوا القرءان عضين" ... 81
16- النحل:
النحل 66 ... "نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم" ... 858
النحل 69 ... "فيه شفاء للناس" ... 893-904
النحل 75 ... "وضرب الله مثلا…" ... 767
17- الإسراء:
الإسراء 1 ... "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا" ... 34
الإسراء 106 ... "وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث" ... 611
الإسراء 109 ... "يخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا" ... 645
18-الكهف:
الكهف 29 ... "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن …" ... 656
19- مريم:
مريم 25 ... "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" ... 795
مريم 58 ... "خروا سجدا وبكيا" ... 645
20- طه:
طه 66 ... "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" ... 924-925
21- الأنبياء:
الأنبياء 3 ... "أفتاتون السحر وأنتم تبصرون" ... 925
22- الحج:
الحج 23 ... "ولباسهم فيها حرير" ... 954
23- المومنون:
المومنون 51 ... "يأيها الرسل كلوا من الطيبات" ... 768
المومنون 89 ... "قل فأنى تسحرون" ... 925
المونون 97 ... "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" ... 910
24- النور:
النور 6 ... "يرمون أزواجهم" ... 745
النور 31 ... "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن…" ... 726
النور 32 ... "إن يكونوا فقراء…" ... 660
النور 32 ... "وأنكحوا الايامى" ... 677
النور 58 ... "والذين لم يبلغوا الحلم منكم" ... 726
النور 61 ... "ليس عليكم جناح ان تاكلوا جميعا او اشتاتا" ... 777(9/4)
النور 61 ... "ليس على الاعمى حرج…" ... 776
25- الفرقان:
الفرقان 68 ... "ولا يقتلون" ... 11
26- الشعراء:
الشعراء 3 ... "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مومنين" ... 42
الشعراء 219 ... "وتقلبك في الساجدين" ... 5
27- النمل:
النمل 62 ... "أمن يجيب المضطر إذا دعاه" ... 89
النمل 65 ... "قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب إلا الله" ... 922
النمل 80 ... "إنك لا تسمع الموتى" ... 97
النمل 81 ... "وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم" ... 97
28- القصص:
القصص 88 ... "كل شيء هالك الا وجهه" ... 149
29- العنكبوت:
العنكبوت 51 ... "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك" ... 631
31- لقمان:
لقمان 34 ... "إن الله عنده علم الساعة" ... 922
33- الأحزاب:
الأحزاب 9 ... "فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها" ... 147
الأحزاب 10 ... "إذ جاؤوكم من فوقكم…" ... 146
الأحزاب 21 ... "لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة" ... 733
الأحزاب 28 ... "يأيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا…" ... 707-731
الأحزاب 49 ... "يأيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المومنات…" ... 734
الأحزاب 51 ... "ترجي من تشاء منهن" ... 716
الأحزاب 53 ... "فإذا طعمتم فانتشروا" ... 803
الأحزاب 70 ... "اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" ... 682
35- فاطر:
فاطر 1 ... "أولي أجنحة" ... 665
فاطر 19 ... "وما يستوي الاعمى والبصير…" ... 97
فاطر 22 ... "إن يسمع من يشاء…" ... 97
36-يس:
يس 69 ... "وما علمناه الشهر" ... 212
39- الزمر:
الزمر 30 ... "إنك ميت وإنهم ميتون" ... 255-263
40- غافر:
غافر 85 ... "فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا" ... 199
43- الزخرف:
الزخرف 40 ... "أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي" ... 96
46-الأحقاف:
الأحقاف 15 ... "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" ... 763
الأحقاف 20 ... "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا" ... 859
الأحقاف 28 ... "وذلك إفكهم" ... 159
47-محمد:(9/5)
محمد 15 ... "فيها أنهار من ماء" ... 43
48- الفتح:
الفتح 1 ... "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" ... 165
الفتح 18 ... "لقد رضي الله عن المومنين" ... 165
الفتح 18 ... "وأثابهم فتحا قريبا" ... 165
الفتح 27 ... "فجعل من دون ذلك فتحا قريبا" ... 165
49- الحجرات:
الحجرات 5 ... "ولو انهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم" ... 968
الحجرات 10 ... "إنما المومنون إخوة" ... 78
55- الرحمن:
الرحمن 3 ... "خلق الانسان علمه البيان" ... 683
58-المجادلة:
المجادلة 1 ... "قد سمع الله قول التي تجادلك" ... 743
المجادلة 3 ... "ثم يعودون لما قالوا" ... 743
69- الحشر:
الحشر 2 ... "هو الذي أخرج الذين كفروا" ... 116
الحشر 7 ... "وما ءاتاكم الرسول" ... 997-999
60- الممتحنة:
الممتحنة 10 ... "فإن علمتموهن مومنات فلا ترجعوهن إلى الكفار" ... 172
64- التغابن:
التغابن 14 ... "إن من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم" ... 663
65- الطلاق:
الطلاق 1 ... "يأيها النبيء اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" ... 727
الطلاق 1 ... "لا تخرجوهن من بيوتهن" ... 752
الطلاق 4 ... "واللئي يئسن من المحيض من نسائكم…" ... 750
الطلاق 4 ... "وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن" ... 750
الطلاق 6 ... "وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" ... 763
66- التحريم:
التحريم 1 ... "لم تحرم" ... 707-732
التحريم 6 ... "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" ... 699
67- الملك:
الملك 16 ... "ءامنتم من في السماء" ... 226
68- القلم:
القلم 51 ... "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم" ... 914
72- الجن:
الجن 1 ... "قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن" ... 19
73- المزمل:
المزمل 4 ... "ورتل القرءان ترتيلا" ... 639
المزمل 20 ... "فاقرأوا ما تيسر منه" ... 643
74- المدثر:
المدثر 48 ... "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" ... 33
78- النبأ:
النبأ 4-5 ... "كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون" ... 162(9/6)
النبأ 29 ... "وكل شيء احصيناه كتابا" ... 727
108- الكوثر:
الكوثر 1 ... "إنا أعطيناك الكوثر" ... 634-660
110- النصر:
النصر 1 ... "إذا جاء نصر الله والفتح" ... 207-165
113- الفلق:
الفلق 4 ... "ومن شر النفاثات في العقد" ... 925(9/7)
كشاف الأحاديث النبوية
متن الحديث ... الصفحة
اتخذوا السراويلات ... 941
اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ... 170
اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار ... 901
ادفنوا الأظفار والشعر والدم، فإنه ميتة ... 984
إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل: اللهم إني أسألك خيرها ... 689
"إذا زلزلت" تعدل نصف القرآن، والكافرون تعدل ربع القرآن ... 627
اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراويل ... 940
أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ... 877
اعتموا تزدادوا حلما ... 943
أقضى أمتي علي بن أبي طالب ... 279
أكرم الناس يوسف ... 389
اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ... 88
اللهم لك الحمد، أنت كسوتنيه، أسألك خيره… ... 962
اللهم هذه قريش قد أتت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك… ... 88
أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات… ... 914
أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا ... 611
إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم ... 988
إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، وإن المسلم يأكل في معى واحد ... 236
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب من فم قربة معلقة ... 866
انهزموا ورب الكعبة ... 214
أولكم واردا علي الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب ... 15
أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام ... 68
بارك الله لك وعليك، وجمع بينكما بخير ... 688
تداووا يا عباد الله فإن الله لم يدع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم ... 891
تعلموا القرآن واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا ... 646
تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته… ... 884
الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة ... 634
الجراد نثرة حوت ... 819
الحجامة على الريق أمثل… ... 897
الحجامة في الرأس تنفع من سبع ... 898
حق له أن يؤمن ... 307
الحمى حظ كل مومن من النار ... 905(10/1)
حمروا أو صفروا، وخالفوا أهل الكتاب ... 988
خيركم من تعلم القرآن وعلمه ... 634
ساقي القوم آخرهم شربا ... 798
السلطان ولي من لا ولي له ... 678
سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية ... 789
شر الطعام طعام الولائم يدعى إليه الأغنياء ويترك الفقراء ... 696
صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله ... 941-943
الصلاة وما ملكت أيمانكم ... 260
الصلوات والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن… ... 878
صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم ... 287
العبد آمن ما استغفر الله عز وجل ... 358
عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة أو آية أوتيها الرجل ثم نسيها ... 637
عشر من الفطرة… ... 979
عق عن الحسن والحسين شاة شاة ... 804
عليكم بالثياب البياض… ... 950
عليكم بالقرع… ... 791
الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع… ... 806
فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ... 612
فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله، فليقل بسم الله في أوله وآخره ... 770
فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس ... 943
فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف ... 683
فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظهرا كفضل الفريضة على النافلة ... 634
فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ... 630
قصوا أظفاركم وادفنوا قلامتكم… ... 984
قصوا سبالاتكم ولا تتشبهوا باليهود ... 982
كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدح من قوارير يشرب فيه ... 870
كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس قلنسوة بيضاء ... 945
كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس القلانس تحت العمائم ... 945
الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم… ... 389
كنت أطيبه بطيب فيه مسك ... 996
كنت لك كأبي زرع ... 700
كل بيمينك ... 771
كل ما أسكر حرام ... 852-857
كل وإن أكل منه الكلب ... 813
كلوا رزقا أخرجه الله… ... 818(10/2)
كلوا في القصعة من جوانبها، ولا تأكلوا من وسطها… ... 775
لا تتخذوا قبري وثنا يعبد ... 260
لا تسبوا مضر ولا ربيعة فإنهما كانا مسلمين ... 5
لا تقطعوا اللحم بالسكين… ... 784
لا طلاق في إغلاق ... 734
لا يباشر الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة ... 722
لا يحجن بعد العام مشرك… ... 232
لا يستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى ... 1010
لا يشربن أحدكم قائما… ... 861
لا يعلم ما في غد إلا الله ... 347
لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد… ... 7
لم أزل أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ... 6
لو أهدي إلي كراع لأجبت… ... 696
لو دنا لاختطفته الملائكة عضوا عضوا ... 597
ليأتين على الناس زمان لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم ... 787
ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة… ... 918
ليس على النساء حلق… ... 993
ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها ... 853
ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه… ... 647
ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ... 634
ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا… ... 79
مات جاهدا مجاهدا ... 176
المسك أطيب الطيب ... 996
من ابتلي منكم بهذه القذرات فليستتر بستر الله ... 737
من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ... 921
من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر… ... 921
من احتجم لسبع عشرة… ... 896
من آذى وليا فقد آذنته بالحرب ... 335
من أكل سبع تمرات من عجوة المدينة… ... 928
من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا… ... 801
من تشبه بقوم فهو منهم ... 947
من توضأ فأحسن الوضوء… ... 879
من رأى شيئا يعجبه فقال ما شاء الله… ... 913
من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح… ... 664
من عاد مريضا ناداه مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك ... 879
من عرض عليه طيب فلا يرده… ... 996(10/3)
من قرأ القرآن ثن نسيه لقي الله وهو أجذم ... 637
من لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه… ... 962
من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ... 849
من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم ... 696
مولى القوم منهم ... 194
نسخ الأضحى كل ذبح، ونسخ صوم رمضان كل صوم… ... 806
نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه ... 971
نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين… ... 953
نهى عن طعمتين: عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر… ... 781
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع الخبز بالسكين ... 784
نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء بالخبيث ... 930
هذا جبل يحبنا ... 138
هذا مصرع فلان… ... 86
هذان حرامان على ذكور أمتي، حل لإناثهم ... 959
هو مسجدكم هذا ... 63
وإذا أردت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ... 888
والذي نفسي بيده ما من بعل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه… ... 707
وفروا عثانينكم وقصوا سبالاتكم ... 978
ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ... 805
يابني شيبة كلوا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف ... 206
يا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر ... 225
يرخين شبرا… ... 934
يعطى الرجل من أهل الجنة قوة مائة ... 716(10/4)
الأبناء
181 ابن الأثير المبارك بن محمد
ابن إسحاق محمد ... 14-40-45-54-62-84-90-114-120-123-125-130-131-133-144-149-160-166-180-181-200-201-203-212-233-234-238-247-257-437-452-730.
محمد بن عبد الكريم ابن الأنباري ... 703
ابن بزيزة عبد العزيز بن إبراهيم 652
ابن بشير إبراهيم بن عبد الصمد ... .814-649
ابن بطال علي بن خلف ... -184-175-135250-656-654-646-642-631-615-347-301-260--658-663-666-676-678-681-682-684-688-692-695-713-715-716-717-718-722-724-736-745-767-769-777-788-792-836-840-855-858-881-905-913-920-937-938-950-954-990-994.
ابن تاشفين يوسف ... 957
ابن التين السفاقسي=عبد الواحد بن عمر ... 9-44-64-145-177-179-193-201-209-215-243-254-260-270-341-378-379-478-498-519-535-578-598-651-684-791-841-866-868-885-899-951-972.
ابن جريج=عبد الملك بن عبد العزيز ... 384-442-477.
ابن الجزري محمد بن محمد ... 609-945.
ابن جزي ... 284-289-369-473-481-483-501-502-505-508-538-625.
ابن أبي جمرة عبد الله بن سعيد ... 34-42-160-301-370-579-603-640-696-723-771-906-909-916-944-977.
ابن الجوزي عبد الرحمن ... 84-161-163-259-264-450-484-512-638-640-781-879-941-
ابن أبي حاتم عبد الرحمن ... 103-586-588-979.
ابن الحاج محمد بن محمد ... 770-804-954.
ابن الحاجب عثمان بن عمر ... 350-823-866-924-972.
ابن حاطب محمد ... 683
ابن حبان محمد ... 136-166-181-195-206-664-674-676-854-941-959-996.(11/1)
ابن حجر أحمد بن علي ... 12-16-21-25-26-35-37-39-40-41-43-50-53-54-60-62-78-81-82-84-85-96-98-99-100-102-105-107-109-110-111-112-115-120-126-127-128-134-140-142-166-167-168-169-156-158-160-161-162-179-180-181-183-185-186-187-188-191-192-194-196-197-198-201-203-204-205-207-208-211-215-217-218-219-220-222-225-226-227-228-230-233-238-239-240-243-244-245-246-249-251-252-253-255-256-261-264-265-266-272-275-282-289-296-297-301-306-309-318-320-328-337-340-357-359-362-363-371-373-377-379-382-385-388-403-404-408-407-418-422-423-436-439-440-447-448-450-451-453-457-459-461-469-475-476-479-482-485-487-488-489-493-526-527-529-530-531-534-549-561-564-572-585-593-596-607-609-614-619-622-623-624-627-630-631-632-635-636-639-649-652-653-654-655-659-660-669-673-674-675-683-684-688-690-691-694-700-704-710-719-720-723-724-741-746-747-756-770-771-774-778-781-782-783-784-785-786-792-794-795-800-804-820-821-829-833-842-843-844-847-851-852-854-856-861-863-864-867-868-874-876-878-880-881-894-895-899-901-905-906-909-910-914-915-919-927-928-930-934-936-937-941-942-943-946-950-951-954-955-958-960-962-964-967-968-969-970-973-974-978-979-983-984-989-990-991-993-997-999-1000-1002-1004-1005-1007-1009.
ابن حجر الهيثمي = أحمد بن محمد ... 6-36-40-642-790-942-645.
ابن حزم = علي ... 37-506-863.
ابن حمدان الحنبلي ... 641.
ابن خزيمة محمد ... 153-488-529-530-674.
ابن دحية ... 248.
ابن دقيق العيد محمد ... 983.
ابن ذكوان عبد الله ... 378-426.
ابن رشد محمد بن أحمد ... 199-626-650-696-730-746-767-772-773-797-799-813-824-892-910-921-922-939-944-965-975-976.
ابن رشيق أحمد ... 177
ابن الرفعة أحمد ... 651(11/2)
ابن رواحة ... 196
ابن زبر عبد الله ... 256
ابن زكري محمد بن عبد الرحمن ... 69-348-370-394-484-986.
ابن زيتون أبو القاسم ... 762
ابن زيد ... 374-536
ابن أبي زيد القيرواني ... 64-234-302-644-712-965.
ابن سحنون محمد ... 634
ابن سعادة محمد ... 409
ابن سعادة موسى ... 142-217-223-281-312-378-406-409-417-544-571-629-647-659-690-679-702-729-778-799-809-817-874.
ابن سعد محمد ... 144-152-169-180-182-191-221-222-228-240-262-266-922-935.
ابن سعدان النحوي ... 48
ابن السكن سعيد ... 194-231-281-510-511.
ابن سلمون سلمون ... 776.
ابن السني ... 884-913
ابن السيد عبد الله ... 626
ابن سيد الناس = محمد أبو الفتح ... 4
ابن سيده علي ... 790
ابن سيرين محمد ... 300-557-621-645-821-909-958.
ابن شاس = عبد الله بن نجم ... 866-972
ابن الشاط = قاسم بن عبد الله ... 866-972
ابن شبرمة عبد الله ... 730
ابن شهاب الزهري ... 674-813-860-969
ابن أبي شيبة عبد الله ... 628-861
ابن الصباغ ... 447
ابن أبي صفرة المهلب ... 300-447
ابن الصلاح الشهرزوري ... 822-902
ابن الضريس محمد ... 630
ابن عاشر عبد الواحد ... 613-735
ابن عاصم محمد ... 684-735-745
ابن عامر عبد الله الصحابي ... 379
ابن عباد محمد ... 875
ابن عبد البر= يوسف بن عبد الله ... 37-78-101-154-167-168-169-177-178-181-248-257-343-466-617-618-626-627-681-684-695-730-731-732-740-767-770-773-777-786-792-798-811-813-822-832-849-862-868-887-934-965-966-984-987-993.
ابن عبد الحكم عبد الله ... 113-715-846-815.
ابن عبد السلام = عبد العزيز ... 635-779-822-874-911-924-974.
ابن عدي الجرجاني ... 630-898-984.(11/3)
ابن العربي = محمد بن عبد الله ... 43-53-173-245-287-297-302-369-375-436-437-440-447-487-534-590-593-594-611-618-619-642-658-666-667-668-670-683-693-695-698-708-714-718-728-737-743-749-770-776-800-814-815-819-848-853-861-862-863-869-877-878-894-895-896-904-910-912-919-920-923-939-946-952-956-963-964-965-970-975-979-980-1002-1008.
ابن عربي الحاتمي ... 393-394.
ابن عرفة محمد ... 154-328-423-619-634-637-648-685-697-699-742-745-750-787-804-817-819-879-924-952-953-956.
ابن عساكر عبد الرحمن ... 202-945.
ابن عطاء الله الإسكندري ... 161-163-450.
ابن عطية عبد الحق ... 64-234-284-286-291-298-303-304-306-309-327-338-341-369-374-382-383-384-389-405-420-424-425-519-532-539-544-567-568-576-583-584-612-615-616-620-625-746-766.
ابن عقيل عبد الله ... 626-642
ابن عون عبد الله ... 647
ابن غازي محمد بن أحمد ... 93-149-153-175-178-251-301-619-645-746-785-791-808-809-813-836-855-871-887-931.
ابن الفرات محمد ... 937
ابن الفرج ... 715
ابن القاسم ... 395-714-715-807-814-815-817-820-844-930-953.
ابن القاضي ... 610.
ابن قتيبة ... 378-755-909
ابن قداح ... 953
ابن القرظي ابن شعبان ... 841
ابن القطاع ... 649
ابن القطان الفاسي ... 706
ابن القيم ... 353-489-769-805-859-893-899-940-941-946-975
ابن كثيرعبدالله ... 379-387-489-506-528-631
ابن كثير إسماعيل ... 3-26-104-234-353.
ابن كنانة عثمان بن عيسى ... 270
ابن ماجه ... 683-738-779-802-809-864-869-897-906-940-962-979.
ابن مالك النحوي ... 85
ابن مردويه ... 252-559-594.
ابن مرزوق ... 104
ابن مقاتل ... 730
ابن أم مكتوم ... 72-329
ابن الملقن ... 761-811-885-939.
ابن أبي مليكة ... 365-631.
ابن منده ... 666-1009.
ابن المنذر ... 507-759.(11/4)
ابن المنير ... 350-380-535-654-676-833-843-853-857-858.
ابن المواز = محمد بن إبراهيم ... 669-813-820-845.
ابن ناجي = قاسم بن عيسى ... 922-956-980-985-988-1000.
ابن نافع ... 835
ابن نوفل ... 910
ابن هارون ... 809
ابن هشام ... 237
ابن وضاح ... 1005
ابن وهب عبد الله ... 280-297-617.
ابن يونس محمد بن عبد الله ... 901-910-939-953-984.
الآباء
أبو إدريس الخولاني 932
أبو إسحاق البلفيقي ... 983
أبو إسحاق الشاطبي ... 1002
أبو أسيد = مالك بن ربيعة ... 103-115-729
أبو الأسود محمد ... 183-195-259.
أبو أمامة الباهلي ... 302
أبو أمامة بن سهل ... 841-841-884-978-988.
أبو أيوب الأنصاري ... 65-74-293-339.
أبو البداح بن عاصم ... 677-754
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ... 69-184-216-241-667
أبو بردة بن نيار ... 123
أبو برزة الأسلمي ... 205
أبو بكر بن شداد بن الأسود ... 70
أبو بكر الصديق ... 12-13-14-16-58-63-118-129-142-160-169-188-189-211-229-231-232-251-252-254-259-265-362-373-375-449-491-507-538-629-681-718-726-785-816-860-864-873-885-910-967-1010.
أبو بكر الفهري ... 848
أبو توبة ... 528
أبو ثعلبة ... 809-813
أبو جحيفة ... 709
أبو جعفروراق البخاري ... 796
أبو جعفر بن حبيب ... 5
أبو جعفر بن يزيد القارئ ... 481
أبو جمرة نصر بن عمران ... 170
أبو جهم بن حذيفة ... 948
أبو الجويرية حطان بن خفاف ... 857
أبو حاتم ... 412-501-614-879
أبو حازم ... 768
أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ... 106-114-622
أبو الحسن المالكي علي بن محمد ... 379-845-962-981-988-997
أبو حنيفة النعمان بن ثابت ... 297-299-337-445-540-667-744-818-824-838-952.
أبو حيوة ... 276
أبو خزيمة ... 373-614
أبو خليفة ... 62
أبو داود السجستاني ... 176-209-471-622-633-637-661-676-678-770-813-853-879-896-901-916-940-950-962-993-1008.(11/5)
أبو داود الطيالسي ... 167-570
أبو دجانة ... 339
أبو الدرداء عويمر ... 199-623-818
أبو ذر الهروي ... 60-107-122-136-174-219-339-511-578-607-690-714-750-963
أبو ذر الغفاري ... 363-529-761-794
أبو رافع ... 180-195-674
أبو رجاء العطاردي ... 238
أبو رمثة البلوي ... 950
أبورهم الغفاري كلثوم ... 200
أبو رهم مجذي الأشعري ... 184
أبو زيد قيس ... 105-623
أبو السائب = عثمان بن مظعون ... 73
أبو السعود محمد ... 448-457-508
أبو سعيد الخدري ... 14-63-132-158-219-505-625-630-646-709-849-964.
أبو سعيد بن لب ... 908
أبو سفيان = صخر بن حرب ... 86-116-123-126-136-202-211-213-219-220-314-315-504-606-671.
أبو سلمة بن عبد الأسد ... 28-54-557-632.
أبو السنابل بن بعكك ... 751
أبو سنان بن صيفي ... 150
أبو شامة ... 618
أبو الشيخ عبد الله ... 628-634-781
أبو طالب المكي ... 986
أبو الطاهر المقدسي ... 413
أبو طلحة = زيد بن سهل ... 95-184-547-654-792.
أبو الطيب الطبري ... 641
أبو العاص بن الربيع ... 66-686
أبو عاصم النبيل ... 632
أبو العالية ... 637
أبو عامر الأشعري ... 215
أبو عبد الله الحجازي ... 941
أبو عبد الله القوري ... 809
أبو عبيد = القاسم بن سلام ... 501-564-622-646-703-704-915-997
أبو عبيدة معمر بن المثنى ... 129-356-357-444-459-571-616-752.
أبو عبيدة بن الجراح ... 114-229-231-234-339
أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن ... 169
أبو علي الغساني ... 899
أبو عمرو البصري ... 354-379-619
أبو عمير بن أبي طلحة ... 805
أبو عوانة ... 841
أبو فكيهة ... 17
أبو قتادة ... 121-214-221-252-859
أبو قلابة ... 336
أبو لبابة = رفاعة بن عبد المنذر ... 87-111-114
أبو الليث السمرقندي ... 854
أبو مخنف ... 256-257
أبو مسعود البدري عقبة بن عامر ... 109-367-697-1009(11/6)
أبو موسى الأشعري ... 27-69-148-153-154-155-178-215-223-241-375-563-676
أبو مويهبة ... 448
أبو نعيم الأصبهاني ... 171-452-655-657-716-768-819-871
أبو هريرة ... 51-157-162-185-186-187-188-232-239-242-243-362-405-529-547-597-622-630-632-670-695-696-761-776-782-792-802-813-818-861-880-888-896-897-921-932-941-967-996-1002.
أبو الهيثم بن التيهان ... 47-782-860-864
أبو اليسر كعب بن عمرو ... 382
أبو يعلى الموصلي ... 83-642-863-941-943
( أ )
أبان بن سعيد بن العاص ... 186-187-188-615.
إبراهيم النخعي ... 323
الأبهري محمد ... 787
أبي بن كعب ... 339-374-608-615-623-649.
الأبي ... 159-167-169-199-232-322-386-416-421-423-448-505-520-531-547-591-615-619-626-637-639-641-643-648-650-652-659-667-691-694-699-704-708-716-721-724-725-760-771-772-773-775-776-779-785-787-791-797-798-811-812-814-815-823-831-833-835-878-879-886-887-913-915-916-918-919-921-923-924-925-928-931-983-984-985-997-998-1001-1004.
الأجهوري ... 670-1000.
أحمد بن حنبل ... 7-90-114-131-145-181-185-225-234-242-261-340-358-362-528-529-605-664-669-670-676-683-760-769-774-775-787-795-801-802-830-835-873-879-880-886-891-896-900-941-950-959-974-975-979-982-984.
أحمد بن مبارك اللمطي ... 436-440.
الأخفش ... 385-399-488.
الأذرعي ... 957
الأرجاني ... 610
أزهر بن جميل ... 738
الأزهري ... 616-617
أسامة بن زيد بن حارثة ... 66-163-199-200-222-258-861.
إسحاق بن راهوية ... 296-611-643
إسحاق بن منصور ... 224
أسعد بن زرارة ... 45-46-64-892
أسماء بنت أبي بكر ... 320-334
أسماء بنت عميس ... 184-193
أسماء بنت يزيد ... 550
إسماعيل بن إبراهيم بن علية ... 338(11/7)
الإسماعيلي ... 57-95-96-118-143-169-174-201-209-332-333-507-533-554-563-629-632-666-715-738-970-973-1010.
الإسنوي ... 793
الأسود بن يزيد النخعي ... 331
أسيد بن حضير ... 47-175-513-424-629
الأشعري ... 530-531-611
أشهب بن عبد العزيز ... 776
الأصبهاني نجم الدين ... 414
الأصمعي عبد الملك بن قريب ... 71-179-308
الأصيلي عبد الله بن إبراهيم ... 159-244-464-511-516-591-651-966.
الأعمش ... 323-417-569-645.
أفلح ... 665
الأقرع بن حابس ... 219-235-367.
الأقفهسي ... 270-619-775-797.
أكثم بن الجون ... 179
الألوسي ... 619
الآمدي ... 307
الأميرالمالكي ... 620
أميمة بنت النعمان ... 728-729
أميمة الجونية ... 870
أمينة ... 675
أنس بن أوس ... 149
أنس بن مالك ... 38-40-72-86-97-131-142-173-192-206-220-265-279-280-307-409-529-603-623-629-675-691-781-791-819-828-841-861-863-871-905-921-937-945-949-967-982-988-989-990-991-1009.
أنس بن النضر ... 127-136
أنيس بن جنادة ... 20
أنيسة بنت عنمة ... 49
الأوزاعي ... 57-240
أوس بن خولى ... 258-706-961
أوس بن الصامت ... 743
إياس بن بكير ... 107-114
إياس بن سلمة ... 175-181
إيماء بن رحضة ... 168
أم أيمن ... 18-66-151
أيوب بن أبي تميمة ... 208
( ب)
الباجي سليمان بن خلف ... 193-270-570-663-781-821-831-924-930-953-985.
بادية بنت غيلان ... 216-721
باذان ... 239
البارزي ... 256
الباقلاني ... 177-255-368-611-618-620
بديل بن ورقاء ... 220
البراء بن عازب ... 70-166-211
البراء بن معرور ... 47-48-49-50
البراح بن عاصم ... 298
البرزلي أحمد بن محمد ... 715-969-993
البرماوي ... 222-512
بريدة ... 181-442-789
بريرة ... 161-449-453-739
البزار ... 43-56-162-438-439-475-531-890-905-913-921
بسر بن سفيان بن عمرو ... 171
بسرة بنت غزوان ... 795
البسيلي ... 619(11/8)
بشر بن الحارث ... 886
أم بشير بنت أبي مسعود ... 109
البغوي ... 109-279-849-861-972-973
بكر بن عبد الله ... 851
بكر بن العلاء ... 438
البكري ... 171
بكير بن عبد الله الأشج ... 289-743
البلاذري ... 2
بلال بن رباح ... -1719-179-203-206-675-711-744
بناني محمد بن الحسن ... 440-822-825-976
البندنيجي ... 642
البوصيري ... 270
البيضاوي ... -342-332-318-310-307-305-291-284-283-282-136-131-127-54
-400-399-396-389-388-386-382-381-379-374-365-348--403-405-410-411-412-421-425-430-431-436-440-464-466-473-477-478-479-483-486-494-494-498-500-505-525-536-538-545-546-561-562-563-565-573-575-578-583-586-587-594-625-766-822-825-976.
البيهقي ... 19-23-101-105-151-191-198-229-259-280-424-437-603-616-623-878-902-941-973-982.
( ت )
التاودي بن سودة ... 16-42-233-617-681-713-714-774-793-869-901-907-921-927-1001.
الترمذي ... 40-63-258-279-428-488-526-556-624-627-628-632-674-676-678-683-688-716-770-802-866-879-884-930-940-988-996.
التفتزاني ... 310-350
التلمساني ... 800
تميم الداري ... 340
تميمة بنت وهب ... 731-732
التوربشتي ... 489
( ث )
ثابت بن قيس بن شماس ... 738-516-237
ثبيتة بنت يعار ... 106-661
ثعلب ... 614-731
ثعلبة ... 49-149
الثعلبي ... 39-231-545-586-790
ثمامة بن أثال الحنفي ... 236
ثوبان ... 79
ثويبة ... 666
( ج )
جابر بن عبد الله بن عمرو ... 14-48-49-83-166-180-266-302-540-594-690-725-788-792-844-854-859-896-913-947
الجارود ... 38
جبير بن مطعم ... 112-132-184-245
جد بن قيس ... 49-50
الجرجاني = أحمد بن محمد ... 137-553
جرير بن عبد الحميد ... 104
جرير بن عبد الله البجلي ... 228-229
الجزولي ... 619-919-999
جسوس ... 394-642-845-944-994
الجعبري ... 613-619
جعفر بن أبي طالب ... 184-194-196-197(11/9)
جعفر بن عبد الرحمن ... 941
جعفر بن محمد ... 531-532
جعيل بن سراقة ... 662
جمعة بن عبد الله ... 928
جميلة بنت أبي بن سلول ... 738
جميلة بنت يسار ... 100-101
جندب بن عبد الله ... 647
الجنيد ... 416
الجوهري ... 323-782
الجويني ... 368-924
جويرية ... 652-715
جهجاه بن قيس الغفاري ... 554-780
( ح )
الحارث بن هشام ... 132-313
حارثة بن سراقة ... 97
حاطب بن أبي بلتعة ... 98
الحاكم ... 2-13-16-44-54-141-180-181-206-248-307-356-438-540-611-627-676-802-879-897-921-943-959
حبان السلمي ... 291
حبان بن هلال ... 990
حبيب بن مسلمة ... 148
أم حبيبة ... 28-652-715
الحجاج بن أرطأة ... 730
حذيفة بن اليمان ... 130-136-293-331-375-505-622-789
الحرالي ... 891
حرام بن ملحان ... 141
أم حرام بنت ملحان ... 684
حرقوص ذو الخويصرة ... 367
حزن بن أبي وهب ... 33
حسان بن ثابت ... 116-447-452
الحسن البصري ... 164-275-287-324-338-350-374-375-387-458-505-529-554
الحسن بن محمد بن محمد ... 670
حسن الملا الشهرزوري ... 439
(حسيل بن جابر (اليمان ... 130
الحطاب ... 270-301-686-715-752-781-799-824-826-862-922-956-976-981-986-993
حفص ... 380
حفصة بنت عمر بن الخطاب ... 147-301-558-614-652-677-715-733
الحفني ... 40-780-942-945
الحكم بن أبي العاص ... 430
حكيم الأشعري ... 185
حكيم بن حزام ... 220
الحليمي ... 899
الحماني ... 630
حمزة بن حبيب الكوفي ... 380-545-736
حمزة بن عبد المطلب ... 92-93-125-132-133-134-139-405-596
حمزة بن عمرو الأسلمي ... 251
حمنة بنت جحش ... 447
حمل بن مالك ... 922
حميد الأعرج ... 609
الحميدي ... 296-666
الحميدي شيخ البخاري ... 119-883
الحموي ... 176-362-371-379-478-720
حنظلة بن الربيع الأسدي ... 615
حنظلة بن أبي سفيان الجمحي ... 978
( خ )(11/10)
الخازن ... 375-377-430-438-459-464-483-508-519-532-543-550-568-569-578-583-587-592
أم خالد ... 29-949
خالد الحذاء ... 539-738
خالد بن سعيد بن العاص ... 615
خالد بن عبد الله الطحان ... 224-229-539-738
خالد بن الوليد ... 124-196-197-200-221-226-227-908
خارجة بن زيد ... 73
خباب ... 14-242
خبيب بن إساف ... 101
خبيب بن عدي ... 141-139-101
خديجة بنت خويلد ... 13-14-18-53-593-596
خزاعي بن الأسود ... 121
خزيمة ... 373-614
خزيمة بن ثابت ... 251
الخطابي حمد بن محمد ... 59-111-147-218-221-225-272-277-343-488-506-514-563-614-652-725-781-806-832-849-853-861-917-918-927-966-969-1006-1010
الخطيب البغدادي ... 447-703-819
الخفاجي ... 18-387-393-530-875
خفاف بن إيماء بن رحضة ... 168
الخلال ... 529
خليفة بن خياط ... 114
الخليل بن أحمد الفراهيدي ... 153-494
خليل بن إسحاق ... 288-289-337-534-559-640-661-662-664-665-667-668-669-670-672-673-676-678-679-680-685-693-707-710-711-712-713-714-716-717-721-726-727-734-735-736-737-739-741-748-750-752-753-756-758-763-764-789-797-799-804-807-808-842-843-846-856-857-858-868-869-874-879-910-930-948-958-600-1008.
خنيس بن حذافة ... 677
خوات بن جبير بن النعمان ... 156
خولة بنت ثعلبة ... 743
خولة بنت حكيم ... 472-660
خولة بنت عاصم ... 251-445
خولة بنت قيس ... 730
خيرة أم الدرداء ... 881
( د )
الدارمي ... 609
الداراني أبو سليمان ... 790
الدارقطني ... 195-217-634-685-784-831
داود الباخلي ... 177
داود الظاهري ... 108-650
الداودي ... 40-123-130-201-217-231-234-254-260-368-618
دحية الكلبي ... 178-612
أم الدرداء خيرة ... 881
أم الدرداء هجيمة ... 881
دعثور ... 156(11/11)
الدماميني ... 49-50-69-98-232-251-262-264-268-270-287-291-297-312-359-368-380-417-427-439-458-469-487-494-504-526-527-561-579-676-680-703-729-733-780-825-830-841-871-892-911-926-952-970.
الدمياطي ... 49-62-101-110-142-150-155-160-247-248-320-340-778-540-738.
الدميري ... 1009
الدواني ... 115
الديلمي ... 819
( ذ )
الذبياني ... 93
الذهلي ... 187
ذو الخويصرة حرقوص التميمي ... 226
( ر )
الرازي ... 6-302-303-307-390-391-437-613-924-980
الراغب الأصبهاني ... 444
رافع بن مالك ... 45-47
رباح ... 706
الربيع بن أنس ... 103-543
الربيع بنت معوذ بن عفراء ... 107
الربيع بنت النضر ... 97-286
ربيعة (الرأي)بن فروخ ... 813-931
رحضة ... 168
رفاعة ... 731-732
رفاعة الجهني ... 900
رفاعة بن رافع ... 111
رفاعة بن زيد ... 186
رقية بنت رسول الله ... 26-114
ركانة ... 943
الرماني ... 231
الرهوني ... 626-680-799-816-823-831-876-953-986-1000
أم رومان ... 51-58-66-142-163
الروياني ... 945
رويس ... 533
ريحانة ... 715
( ز )
الزاهدي ... 952
الزبرقان بن بدر ... 682-927
الزبيدي محمد بن الوليد ... 187
الزبيدي ... 620
الزبير بن العوام ... 17-62-63-103-105-106-128-143-144-213-252-365-615-717-718
الزجاج ... 444-479
الزرقاني عبد الباقي ... 270-476-627-640-661-664-670-676-735-748-753-764-771-806-810-815-817-826-834-836-838-843-845-945-967-969-970-976
الزرقاني محمد ... 53-56-154-181-233-247-257-370-655
الزركشي ... 53-66-72-81-98-99-102-107-116-121-132-141-144-159-176-179-195-203-217-229-246-264-291-368-405-417-419-439-455-460-479-480-484-519-524-529-535-541-544-569-572-590-588-623-635-654-684-691-714-733-736-738-757-768-777-780-817-829-832-839-842-847-889-895-937-939-972.(11/12)
زروق أحمد بن محمد ... 663-770-799-812-918-919-960-975-980-986
الزقاق ... 751
زكريا الأنصاري ... 82-156-162-175-207-252-316-323-327-335-353-385-387-407-716-451-532-543-579-587-606-817-829-832-539-842-847-889-937-939-972
الزمخشري ... 233-310-451-479-497-502-517-543-545-568-925
الزهري محمد بن شهاب ... 61-62-77-101-102-112-113-114-118-135-186-191-201-208-255-257-262-473-529-622-759
الزياتي ... 845
زياد ... 941
زياد بن أبي سفيان ... 846
زيد بن أرقم ... 14-83-555
زيد بن حارثة ... 16-17-66-191-193-265-470-785
زيد بن حدير ... 242
زيد بن حسن بن علي ... 109-118
زيد بن الدثنة ... 100
زيد الخير الطائي ... 369
زيد بن علي ... 505
زيد بن عمرو ... 822-21
زينب بنت رسول الله ... 66-686-876
زينب بنت جحش ... 160-162-472-474-559-652-692-715-819-833
زينب بنت أم سلمة ... 670
زينب بنت علي ... 671
( س )
سالم مولى أبي حذيفة ... 106-622-667-944
سالم بن أبي الجعد ... 552
سالم بن عبد الله بن عمر ... 403
سالم بن معقل ... 652
سبيعة بنت الحارث ... 300-557
السبكي تقي الدين علي ... 83-104-273-449-528-529-651
السجستاني ... 640
سحنون عبد السلام بن سعيد ... 868-979
السخاوي ... 928-941-945-983
السدي ... 287-324-375-387-423-497
سراقة بن مالك ... 61-68
السرخسي ... 121
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن ... 128
سعد بن خولة ... 557-751
سعد بن خيثمة ... 46-63
سعد بن الريبع ... 46
سعد بن زرارة ... 65
سعد بن عبادة ... 46-203-450-453-516-553-637-900-917
سعد بن مالك ... 77
سعد بن معاذ ... 76-87-119-149-161-450-453-516-877
سعد بن أبي وقاص ... 16-18-112-115-128-129-622-785-813-861-877-883-955
سعيد بن جبير ... 320-335-412-436-456-492-493-603-637
سعيد بن حريث ... 205
سعيد بن زيد ... 21-136
سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ... 20(11/13)
سعيد بن المسيب ... 195-990
سعيد بن منصور ... 104-196
سعيد بن أبي هلال ... 196
السعيدي ... 178
سعيرة الأسدية ... 880
سفيان بن عيينة ... 50-187-548-617-631-858-916
السكاكي ... 86
سلامة زوج أبي أسيد الساعدي ... 698
سلامة بنت وهب ... 694
سلكان بن سلامة ... 119
سلمى بنت عمرو البخارية ... 111
سلمى بنت وردان ... 627-628
سلمان ... 14-82-144-813
سلمان أبو رجاء ... 335
أم سلمة ... 28-33-56-216-372-652-666-693-715-740-787-987
سلمة بن الأكوع أبو سلمة ... 155-156-173-180-212-251-252-280
السلمي ... 511-633
أم سليط ... 132
أم سليم ... 564-775
سليم بن حيان ... 131
سليمان بن بريدة ... 269
سليمان التيمي ... 256-851
سمية بنت خباط ... 18
سنان بن وبرة الجهني ... 554
السندي ... 162-485-595-789-830-850-874
السنوسي ... 400-618-772-862
السهروردي ... 960
سهل بن حنيف ... 109-172-514
سهل بن أبي حثمة ... 156-863
سهل بن رافع بن عمرو ... 65
سهل بن سعد أبو حثمة ... 63-654-864
سهلة بنت سهيل بن عمرو ... 106-661-669
سهيل بن بيضاء ... 339
سهيل بن رافع بن عمرو ... 65
سهيل بن عمرو ... 132-313
السهيلي ... 53-55-63-76-78-90-96-101-120-135-138-152-154-171-177-181-191-198-200-212-213-232-256-257-438-494-552-569-694
سواد بن غزية ... 190
سودة بنت زمعة ... 190
سويد بن قيس ... 940
السيوطي ... 41-59-94-103-177-178-225-252-257-272-320-334-342-364-370-375-405-412-470-471-612-616-617-626-627-635-636-653-703-729-781-822-829-870-871-874-892-896-936-640-945-947-973-979-983-1005-1006-1009
( ش )
الشاذلي ... 769-771-797-811-908-975
الشافعي محمد بن إدريس ... 164-204-230-281-297-301-302-337-445-632-641-670-676-677-712-713-742-747-748-757-771-813-814-824-830-831-840-844-874-923-971-979
الشامي ... 180-181-247(11/14)
الشبيهي محمد الفضيل ... 232-369-418-461
شرحبيل بن حسنة ... 616-908
شريح ... 736
شريك بن سمحاء ... 446-747
أم شريك ... 472-660
شعبة ... 174-85
شعبة أبو بكر بن عياش ... 774-334-108
الشعبي ... 730-852-887
شقران ... 17
شقيق ... 367
شماس بن عثمان ... 125
الشمني ... 940
( ص )
صالح بن كيسان ... 318
الصغاني ... 489-895
صفوان بن أمية ... 101-132-219-313
صفوان بن المعطل ... 161
صفية بنت حيي ... 178-182-652-714-1009
صفية بنت شيبة الحجبي ... 772
صفية بنت عبد المطلب ... 365
صهيب ... 8
(ض )
الضحاك ... 324-375-458-464-497-766
ضمضم بن قتادة ... 746
( ط )
الطالب بن الحاج ... 631
طاوس ... 210-302-738-817-836
الطبراني ... 90-95-162-206-241-396-403-451-530-658-666-789-791-794-882-910-921-928-945-989-993
الطبري محمد بن جرير ... 206-214-277-280-303-362-412-436-439-447-519-612-618-632-722-918-945-998
الطحاوي أحمد بن محمد ... 618-362
الطرطوشي ... 919
الطفيل بن عمرو الدوسي ... 242
الطفيل بن النعمان ... 149
طلحة بن عبيد الله ... 622-252-129-62-17
طلحة بن نافع ... 552
الطيبي ... 213-304-310-519-591-628-698-719-723-885-902
( ظ )
ظهير بن رافع ... 110
( ع )
عائشة بنت أبي بكر الصديق ... 51-53-57-59-66-95-96-113-142-159-161-162-164-190-194-255-257-262-265-280-296-301-318-324-337-419-451-507-528-529-530-534-559-603-621-652-653-657-658-667-678-683-690-691-700-705-715-718-719-770-786-855-861-862-885-916-928-945-979-1005-1006.
عائشة بنت سعد بن مالك ... 77-883
عاتكة بنت نعيم ... 755
العارف الفاسي ... 52-133-142-153-244-245-277-281-286-359-375-409-417-439-617-647-656-702-706-710-809-816-817-826-839-942-953-957-968-1006.
عاصم بن ثابت ... 139
عاصم بن عدي ... 516-747-748
عاصم بن أبي النجود ... 379-380-569(11/15)
عامر بن سعد بن مالك ... 77
عامر بن الطفيل ... 226
عامر بن عبد الله بن الزبير ... 944
عامر بن فهيرة ... 17-142
عباد بن بشر ... 120-282-283
عباد بن نهيك ... 282
عباد بن الوليد ... 70
عبادة بن الصامت ... 47-375
العبادي ... 983
عباس بن عبد المطلب ... 111-118-195-202-203-211-214-257-262-666
العباس بن مرداس ... 219
أم عبد ... 241
عبد الحميد بن عبدالرحمن بن زيد ... 632
عبد الحميد بن عبد الله ... 847
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ... 60-169-507-508-885
عبد الرحمن بن أبي بكرة ... 242
عبد الرحمن بن الزبير ... 732
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ... 372
عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي ... 266
عبد الرحمن بن عوف ... 17-129-207-216-254-267-605-785-977
عبد الرحمن بن مالك المدلجي ... 61
عبد الرحمن بن مهدي ... 83
عبد الرحمن بن وعلة ... 340
عبد الرزاق بن همام ... 135-163-168-195-594
عبد السلام التواتي ... 907
عبد الصمد بن عبد الوارث ... 296
عبد العزيز الدباغ ... 440
عبد العزيز المكي ... 511
عبد القادرالفاسي ... 223-224-370-660-778-809-817-930-977
عبد الله بن إدريس الأودي ... 339
عبد الله بن الأرقم الزهري ... 616
عبد الله بن أبي أريقط ... 61
عبد الله بن أبي أمية ... 463-372-216-33
عبد الله بن أبي أوفى ... 172
عبد الله بن أنيس ... 121-123
عبد الله بن بريدة ... 267
عبد الله بن بسر ... 984
عبد الله بن أبي بكر بن حزم ... 48
عبد الله بن أبي بكر الصديق ... 60-66
عبد الله بن جبير ... 123-125
عبد الله بن جعفر ... 67-198-794
عبد الله بن حذافة السهمي ... 222-341
عبد الله بن حنظلة ... 169
عبد الله بن أبي خالد ... 150
عبد الله بن رواحة ... 47-66-616
عبد الله بن الزبير ... 67-93-172-208-244-291-329-365-366-516-805-951
عبد الله بن زيد بن عاصم ... 170
عبد الله بن زيد المازني ... 134
عبد الله بن السائب ... 622(11/16)
عبد الله بن سعد بن أبي سرح ... 615
عبد الله بن سلام ... 80
عبد الله بن سهل ... 149
عبد الله بن سيلان ... 95
عبد الله بن طارق ... 140
عبد الله بن عامر(الصحابي) ... 239
عبد الله بن عباس ... 12-39-64-81-89-90-104-107-155-195-206-208-210-260-261-284-294-302-303-305-306-317-320-321-324-328-333-338-340-342-343-348-365-374-376-377-378-384-392-410-412-422-424-430-436-457-458-459-464-466-479-482-492-497-498-501-505-513-519-526-528-529-530-531-532-546-547-562-566-568-572-573-575-577-583-597-601-603-611-627-628-637-656-673-706-722-726-733-734-738-775-816-818-856-857-864-870-876-884-898-943-951-952-954-963-966-975.
عبد الله بن عبيدة ... 238
عبد الله بن عتبة ... 121-123-300
عبد الله بن عتيك ... 121-122
عبد الله بن عمر بن الخطاب ... 57-68-89-95-96-114-147-148-206-244-292-297-318-363-466-505-695-697-729-740-754-779-798-813-821-897-943-944-945-958-963
عبد الله بن عمرو ... 47-50-127-137
عبد الله بن عمرو بن العاص ... 650
عبد الله بن الفضل ... 555
عبد الله بن لهيعة ... 292
عبد الله بن محمد الجعفي ... 48
عبد الله بن محمد بن عقيل ... 13
عبد الله بن مسعود ... 8-19-20-30-91-92-95-110-136-288-300-337-338-387-388-412-456-458-466-501-505-529-531-532-547-554-557-567-590-594-599-621-622-643-860-887-921-997.
عبد الله بن أبي نجيح ... 299
عبد الله بن يزيد ... 637
عبد الملك بن جريج ... 244
عبد الواحد الونشريسي ... 301
عبد الوهاب بن علي البغدادي ... 270
عبيد الله بن جحش ... 28
عبيد الله بن عدي بن الخيار ... 132
عبيد الله بن عمر بن الخطاب ... 856
عبيدة بن الحارث بن المطلب ... 92-93-442
عتبان بن مالك ... 406
عتبة بن أبي وقاص ... 206
عثمان بن عروة ... 94(11/17)
عثمان بن عفان ... 16-26-27-66-73-112-114-166-206-241-292-298-363-396-613-614-615-621-629-630-861-967-987-988-1010.
عثمان بن عمرو بن فارس ... 570
عثمان بن مظعون ... 110-650-655-656
العجلي أحمد بن صالح ... 901
عدي بن حاتم ... 243
العراقي عبد الرحيم بن الحسين ... 13-25-26-65-84-248-530-800-875-941-944-971-972-978-985
العربي الفاسي ... 824
عروة بن الزبير ... 94-96-105-109-113-143-183-190-203-257-529-672-935
عروة بن عبد الله بن قشير ... 937
العسكري ... 622
عطاء بن السائب ... 244-248-280-813
أم عطية ... 549
عطية بن قيس ... 104
أم عفيفة بنت مسروح ... 922
عقبة بن الحارث ... 668
عقبة بن صهبان ... 514
عقبة بن أبي معيط ... 140
عقيل بن أبي طالب ... 205-204
عكاشة بن محصن ... 948-900
عكرمة ... 190
عكرمة بن خالد ... 61-108-231-301-375-497-519-568-675-836-950
أم العلاء ... 73
العلاء بن عرار ... 291
علقمة بن علاثة ... 219-367
علقمة بن مجزز المدلجي ... 222-226
علقمة النخعي ... 242
العلقمي ... 983-870-859-724
علي بن الحسن بن شقيق ... 871
علي بن الحسين ... 497-472
علي بن أبي طالب ... 13-14-15-16-44-55-92-106-129-147-148-160-180-181-182-189-193-203-211-225-234-248-255-257-264-279-292-371-449-453-466-498-505-514-521-650-806-813-861-955-958-983.
علي زين العابدين بن الحسين ... 419-665
علي بن أبي طلحة ... 436
علي بن عبد الله بن المديني ... 402-469
عمار ... 136
عمر بن الخطاب ... 21-22-24-68-69-73-95-112-134-148-176-184-189-211-228-229-243-260-261-263-265-280-290-294-302-368-371-455-474-507-580-594-614-630-647-669-681-861-888-962-967-1001-1010.
عمر بن شبة ... 108
عمر بن عبد العزيز ... 335-868-870
عمران بن حطان ... 955
عمرة ... 625-752
عمرو بن أمية الضمري ... 116-141
عمرو بن الأهتم ... 682-927(11/18)
عمرو بن الجموح ... 91-137
عمرو بن حريث ... 972
عمرو بن دينار ... 94
عمرو الحصيني ... 119
عمرو بن سعيد الأشدق ... 207
عمرو بن شعيب ... 688-497
عمرو بن العاص ... 22-86-148-428-514-908
عمرو بن مرة ... 323
عمير بن الحمام ... 126
عنبسة بن سعيد ... 336
عوف بن الحارث ... 45
عويمر ... 445-446-747-750-759
عياض بن موسى اليحصبي ... 28-37-42-95-98-100-102-132-137-159-176-177-187-231-253-258-260-263-281-290-291-310-322-325-353-362-386-393-409-416-422-424-425-426-437-439-440-450-461-472-475-484-489-496-520-529-531-532-534-553-559-579-594-608-616-620-625-627-629-631-639-642-645-652-655-679-699-704-705-707-713-716-718-721-733-751-757-762-769-775-776-779-781-792-793-800-801-805-811-812-814-818-830-833-836-838-839-841-843-844-845-861-878-879-886-893-894-900-908-910-915-917-918-925-927-928-929-930-933-935-951-952-954-963-964-965-966-968-969-971-972-977-985-992-993-998-1001-1002-1010.
عيسى بن سهل ... 388
العيني ... 39-74-80-91-251-254-271-297-321-322-339-385-388-440-475-571-615-635-669-672-684-688-691-729-734-741-800-801-816-819-829-843-847-855-861-863-900-916-955-967-987-988-1007.
عيينة بن حصن ... 219-226-241
( غ )
غالب بن أبحر ... 894
الغزالي ... 294-368-611-642-769-770-771-986
غورث بن الحارث ... 156
غيلان ... 216-721
( ف )
الفارعة بنت أبي سفيان ... 56
فاطمة بنت رسول الله ... 66-188-189-210-261-498-739-765-959-975
فاطمة بنت أسد ... 182-959
فاطمة بنت حمزة ... 959
فاطمة بنت الخطاب ... 24
فاطمة بنت شريك ... 472
فاطمة بنت عمرو ... 137
فاطمة بنت قيس ... 752
فاطمة بنت المنذر ... 67
فاطمة بنت اليمان ... 877
الفاكهاني ... 769-980
الفراء ... 342-478-573
الفربري محمد بن يوسف ... 137-793-796-912-999(11/19)
فروة بن نفاثة ... 210
فريعة أم حسان ... 161
الفضل بن دكين بن حماد بن زهير ... 999
الفضل بن العباس ... 1008-258
فضيل بن عياض ... 384
الفوراني ... 642
فيروز ... 239
الفيومي ... 614-937-942-1009
( ق )
القابسي علي بن محمد ... 135-215-335-633
القاسم بن أبي بزة ... 456
القاسم بن سلام ... 52-107-232
القاسم بم محمد بن أبي بكر ... 944
قالون ... 426-519
قبيصة ... 766
قتادة ... 38-82-96-173-374-375-378-497-499-562-568-851-990
قتادة بن النعمان ... 625-847
قثم بن العباس ... 258-1008
قدامة بن مظعون ... 110
القرافي أحمد بن إدريس ... 876
قرة بن إياس ... 936
القرطبي ... 656-799-832
القرطبي أبو العباس ... 2-14-39-64-78-79-99-120-144-173-174-175-176-189-199-204-211-213-218-219-220-226-232-268-291-310-316-347-421-445-449-466-473-506-520-526-527-530-531-534-552-611-618-625-631-632-636-637-640-642-657-673-683-694-708-709-720-722-764-771-784-821-828-838-850-861-869-871-874-879-892-893-896-899-902-911-912-914-917-921-924-926-973-980-982-987-993-1006.
قريبة ... 740
قزمان الظفري ... 178-179
القسطلاني ... 10-16-82-98-143-162-214-248-251-280-320-328-388-403-413-451-469-474-475-480-703-706-709-729-746-788-793-851-896-915-928-941-957-988-999-1006-1009.
قطبة بن عامر ... 45
قطرب ... 399
القعقاع بن معبد ... 516
القلشاني ... 328
قيس بن أبي حازم ... 882
قيس بن زيد بن عامر ... 150
قيس بن سعد بن عبادة ... 203-230-231-818
قيس بن صرمة ... 290
( ك )
كبشة ... 866
كرز بن جابر ... 173
الكرماني ... 24-25-102-103-135-148-179-199-205-238-299-346-348-381-387-439-440-484-485-489-535-569-596-645-653-677-725-739-746-791-802-834-850-872-901-916-918-939-961-967-987-992-995-1007.
الكسائي علي ... 619-380(11/20)
الكشميهني ... 38-62-116-137-163-170-171-186-192-209-220-247-319-362-371-377-378-543-607-614-630-642-751-796-817-847-911-912-961.
كعب الأحبار ... 34-38-246-421-529-599
كعب بن زهير ... 196
كعب بن زيد ... 141-142
كعب بن عجرة ... 293
كعب بن مالك ... 102-111-248-251-252-290-372
الكلاعي أبو الربيع ... 14
الكلبي ... 82-119-438
أم كلثوم بنت رسول الله ... 66-960
أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ... 56-548-727
كلثوم بن الهدم ... 63
كمال الدين ... 276
كيسان ... 340
كيسة بنت الحارث ... 239
( ل )
لبيد ... 424
اللخمي علي بن محمد ... 650-815
الليث بن سعد ... 256
ليلى بنت أبي حثمة ... 56
ليلى بنت أبي الخطيم ... 472
ليلى بنت مسعود ... 670
( م )
مارية القبطية ... 558-559-706-715-732
المازري ... 107-175-189-547-590-625-631-647-671-714-747-811-824-830-861-862-863-910-915-922-923-925-928-971-972-992-994-997
ماعز ... 737
مالك بن إسماعيل أبو عثمان النهدي ... 990
مالك بن أنس ... 63-164-177-182-190-204-208-286-301-302-324-337-395-603-611-619-639-641-647-661-667-676-691-695-696-712-713-714-715-730-742-745-747-773-799-807-812-813-817-819-820-824-830-831-836-840-844-855-859-864-866-867-868-901-910-918-921-926-938-939-944-954-963-964-965-971-972-973-987-989-993-996-1001.
مالك بن الدخشن ... 782
مالك بن صعصعة ... 38
مالك بن عوف النضري ... 211-219
مالك المدلجي ... 61
المأمون العباسي ... 621
الماوردي ... 923-674-642-641-231-164
المبرد ... 757-620-227
مجالد أبو معبد ... 210
مجاهد ... -324-320-307-302-299-284-280-233-232-231-210-176-147
-740-716-659-511-497-492-490-458-419-403-376-375-374
.757
المحب الطبري ... 201(11/21)
المحلي جلال الدين ... 273-275-419-430-436-459-473-478-492-502-509-514-519-523-524-524-536-541-561-584-592-600-602-766-925
محمد بن إسماعيل البخاري ... 24-28-40-61-64-102-105-109-155-190-203-208-222-245-267-296-337-385-395-402-403-416-417-418-442-443-562-566-570-580-594-631-694-710-712-744-753-775-776-779-784-886-802-803-835-836-871-912-920-930-951-955-969-987-990-999.
محمد الباقر بن علي بن الحسين ... 183-221-240-976
محمد بن جبير ... 112
محمد بن الحنفية ... 365
محمد بن سحنون ... 297
محمد بن سلام البيكندي ... 339
محمد بن عباد ... 648
محمد بن عبد القادر الفاسي ... 440
محمد بن عبد الله بن مسلم ... 847
محمد بن عياش ... 418
محمد بن كعب القرظي ... 532-14-12
أم محمد بنت محمية ... 643
محمد بن مسلمة ... 248-120-119
محمد بن موسى الخوارزمي ... 54
مخرمة العبدي ... 940
مخرمة بن نوفل الزهري ... 938
مرارة بن الربيع ... 372-251-248
مرثد ... 266-101
المروزي ... 529
المزي يوسف ... 489-675
المستملي ... 69-121-172-202-362-371-658-720-877-999
مسروق بن الأجدع ... 163-397-451
أم مسطح سلمى ... 160
مسطح بن أثاثة بن عباد ... 113-447
مسعود بن سنان ... 121
المسعودي ... 84
مسلم بن الحجاج ... 25-42-54-79-86-103-104-118-128-129-148-150-160-167-173-180-204-212-214-231-234-248-318-322-327-339-416-431-453-455-471-488-505-566-603-616-632-664-666-674-695-711-721-771-800-804-831-840-860-869-874-913-987-993-996-1003-1004-1010.
مسلمة بن مخلد ... 69
المسور ... 193-226
المسيب بن حزن ... 883
مصطفى (الشيخ) ... 852
مصعب بن سعد بن أبي وقاص ... 425
مصعب بن عمير ... 125-56-46
مطر الوراق ... 342
مطرف بن عبد الله ... 939
مظهر بن رافع ... 115-110
معاذ بن أنس ... 811
معاذ بن جبل ... 1008-624-374-339-224-223(11/22)
معاذ بن الحارث ... 100-91
معاذ بن هانئ ... 990
معاوية بن أبي سفيان ... 514-230-220-148-147-102-76
معاوية بن قرة ... 204
معمر ... 992-259-251-205-179-163-101-28
معمر بن راشد ... 528
معن بن عبد الرحمن بن عبد الله ... 19
معوذ بن عفراء ... 115-100-91
معيقيب بن أبي فاطمة ... 615
مغلطاي ... 96-97-139-231-266
المغيرة بن شعبة ... 254
المغيرة المخزومي ... 901-755
المفضل بن سلمة ... 895-754
مقاتل ... 497
المقداد ... 864-115-111-14-8
المقداد بن معدي يكرب ... 787
مكي بن إبراهيم ... 978
مكي بن أبي طالب ... 619-618-425
مليكة بنت عويم ... 922
المناوي ... 15-65-139-579-635-639-658-659-724-769-780-781-784-794-800-805-811-838-852-859-875-887-891-893-906-910-913-941-943-946-963-972-985-987-994-1001
المنجور أحمد ... 809
المنذر بن عمرو ... 46-143
المنذر بن محمد بن عقبة ... 142
المنهال بن عمرو ... 693
المهدي الفاسي ... 1-233
المهلب ... 260-618-654-656-684-916-719-746-760-779-813-855-857
المواق ... 669-830-831
موسى بن إسماعيل ... 990
موسى بن عبيدة ... 238
موسى بن عقبة ... 84-181-203-256
الموفق عبد اللطيف ... 870
ميارة ... 223
ميمون بن مهران ... 868
ميمونة أم المؤمنين ... 195-256-652-674-715-779-834
( ن )
نافع بن الأزرق ... 574
نافع بن جبير ... 203
نافع أبو طيبة ... 898
نافع بن عبد الرحمن ... 379-387-619
نافع بن عمر الجمحي ... 68-672
نبيط بن جابر ... 690
النسائي ... 79-181-192-258-318-471-514-553-597-611-633-704-794-877-878-940-962
النسفي ... 137-210-545-809-887
النعمان بن بشير ... 67-805
النعمان بن قوقل ... 187-188
نعيم بن مسعود ... 314-315
النضر بن شميل ... 631
نضلة بن عمرو الغفاري ... 780
النفراوي ... 957
نفيع بن الحارث ... 217
النقاش ... 531
نوح بن أبي مريم ... 784
نوف البكالي ... 421(11/23)
نوفل الأشجمي ... 671
نوفل بن معاوية الديلي ... 217
النووي ... 39-42-236-253-260-291-295-327-338-347-459-563-640-641-644-645-569-570-579-609-620-622-628-631-632-633-635-637-638-638-661-668-703-706-708-718-721-723-731-756-771-775-785-801-805-811-816-819-822-826-828-836-841-864-865-874-878-884-895-900-903-907-910-959-969-971-980-981-982-986-999-1001-1103-1105-1108-1110
( هـ )
هارون الرشيد ... 939
هبة الله ... 533
هجيمة أم الدرداء ... 881
هشام بن حسان ... 747-447
هشام بن زيد ... 220
هشام بن عروة ... 449-105-94
هشام بن الكلبي ... 257-256
هشام بن يوسف الصنعاني ... 163-147
هشيم ... 417
هلال بن أمية ... 747-447-446-372-251-248
هند بنت الحارث ... 961
هند بنت الوليد ... 106
الهيثم بن زهر ... 989
الهيثمي ... 936
( و )
الواحدي ... 460
واثلة ... 791
الواقدي - ... 2-10-84-139-143-149-154-156-157-181-202-218-219-247-248-251-252-254-264-367-448
واصل بن حبان الكوفي ... 456
وحشي بن حرب الحبشي ... 132-134
ورش ... 619
الوليد أخو عثمان ... 73
الونشريسي ... 761
( ي )
أم يحيى بنت إيهاب ... 668
يحيى بن حمزة ... 57
يحيى بن سعيد الأنصاري ... 128
يحيى بن سعيد القطان ... 128
يحيى بن معين ... 114
يحيى المناوي ... 639
يسار ... 336-173
يزيد بن الأصم ... 195
يزيد بن زريع ... 744
يزيد بن أبي سفيان ... 908
يزيد بن أبي عبيد ... 289
يزيد بن معاوية ... 269
يزيد بن الهاد ... 33
أم يعقوب ... 997
يعقوب الحضرمي ... 619-533
يعقوب بن سفيان ... 990
يعلى بن أمية ... 248
اليفراني ... 414
اليمان ... 136
يمان بن المغيرة ... 628
يوسف بن أبي إسحاق ... 192
يوسف بن عدي ... 493
يوسف بن عمر ... 984-774
يونس بن بكير ... 240
يونس بن يزيد ... .179-28(11/24)
"كشاف الكتب الواردة في "الفجر الساطع"
اسم الكتاب ومؤلفه ... الصفحة
الإبانة للفوراني ... 842
الإتقان للسيوطي ... 611-612-616
الأحاديث الحسان في لبس الطيلسان للسيوطي ... 947
الأحكام لابن غازي ... 251
أحكام القرآن لابن العربي ... 43-333-393-437-590-770-861-863-867-869-912-919-956-975
الإحياء للغزالي ... 774
الأذكار للنووي ... 609-635-775-909
الأربعين للرازي ... 390
إرشاد الساري للقسطلاني ... 89-133-164-233-247-310-312-350-405-406-409-411-474-520-532-541-545-572-607-626-679-691-706-723-1003-1009
الاستيعاب لابن عبد البر ... 12-13-16-46-101-106-114-115-126-169-257-984
الإعجاز للباقلاني ... 254
آكام المرجان في أحكام الجان للشبلي ... 18
الاكتفا للكلاعي ... 14
الإكليل للحاكم ... 248
إكمال الإكمال للأبي ... 438-531-641-649-657-705-762-772-799-818-825-831-862-953-956-972-984-986-992
إكمال المعلم لعياض ... 258-262-278-291-438-473-579-590-620-641-667-671-693-695-712-714-733-739-747-751-754-762-799-800-801-818-830-841-848-935-954
التزامات الحطاب ... 686-761
الأنساب للدمياطي ... 150
انتقاض الاعتراض لابن حجر ... 829
الإيضاح لابن القاضي ... 610
البرهان للزركشي ... 635
بهجة النفوس لابن أبي جمرة ... 370-771
تاريخ ابن الفرات ... 937
تحفة الباري لزكريا الأنصاري ... 331-341-471-405-406-510-520-532-750
تحفة الأكابر لعبد الرحمن الفاسي ... 439
تحقيق الكلام في براءة يوسف عليه السلام للهاشمي ... 389
تحقيق المباني للشاذلي ... 781-812-980
تفسير الثعلبي ... 545
تفسير الخازن ... 393
تفسير الرازي ... 437-924
تفسير ابن عطية ... 420-544
تفسير القرطبي ... 654-800-832
تفسير ابن المنير ... 380
التلقين لعبد الوهاب البغدادي ... 817-830
التلويح لمغلطاي ... 139(12/1)
التمهيد لابن عبد البر ... 343-695-773-791-792-798-818-832-853-868-887-965
التنقيح للزركشي ... 52-77-101-126-133-155-199-226-228-417-494-519-544-578-697-829-839-854-871
التوشيح للسيوطي ... 34-126-182-196-225-272-370-520-553-621-626-653-674-679-705-822-849-871-1009
التوضيح للبلقيني ... 672
التوضيح لخليل بن إسحاق ... 845
التوضيح لابن الملقن ... 761
جامع البيان للطبري ... 976
الجامع لخليل ... 797-799-879-910-921-930
الجامع الصغير للسيوطي ... 897-946
جامع المعيار ... 389-776-908
الجمع بين الصحيحين للحميدي ... 296
جمع الوسائل ... 994
الجواهر لابن شاس ... --- - 800
حاشية على الجامع الصغير للحفني ... 942
حاشية على الرسالة للحطاب ... 921-986-993
حاشية الشفا للشمني ... 940-943
حاشية العارف الفاسي ... 417-872-1006
حاشية ابن غازي ... 887-931
حاشية على المرشد للطالب بن الحاج ... 271
حاشية محمد بناني على خليل ... 822-825
حاشية على مسلم لابن الشاط ... 986
الحلية لأبي نعيم ... 768
حواشي السندي على ابن ماجه ... 850
ديوان ابن يونس ... 953
الرسالة لابن أبي زيد ... 644-648-769-771-775-797-836-861-962-965-970-973-981-985-988-997
روح البيان للبروسوي ... 530-545
روح المعاني للألوسي ... 617
الروض الأنف للسهيلي ... 55-182-191-200-232-250-257-438
الروضة للنووي ... 37-651-957
سراج المريدين لابن العربي ... 529
السنة للخلال ... 529
سمط الجوهر الفاخر للمهدي الفاسي ... 233
شرح الأنوار للقلصادي ... 914
شرح ابن بطال ... 656-713-716
شرح الترغيب للفيومي ... 942
شرح الجامع الصغير للحفني ... 780
شرح الرسالة للشاذلي ... 811-908-986
شرح الرسالة لزروق ... 980
شرح الزرقاني على الموطأ ... 627-681-771-983
شرح السنة للبغوي ... 972
شرح السيرة للمناوي ... 795
شرح الشفا للخفاجي ... 18-875(12/2)
شرح صحيح مسلم للنووي ... 915-1010
شرح المرشد لجسوس ... 875
شرح المهذب للنووي ... 609
شرح المواهب اللدنية لعبد الباقي الزرقاني ... 150-180-247-270-476-530-983
شرح الوغليسية لزروق ... 960
شرف المصطفى ... 120
الشعب للبيهقي ... 941
الشفا لعياض ... 393-437-439-461-530-531
الطبقات للزبيدي ... 620
الطبقات الكبرى للسبكي ... 955
العارضة لابن العربي ... 287-649-758-674-680-687-689-695-698-714-731-754-758-806-825-877-879-920-937
العتبية للعتبي ... 691-695-815-836-989
عدة المريد لزروق ... 986
عمدة القاري للعيني ... 405-406-409-572-607-672-679-699-728
فتاوي ابن حجر الهيثمي ... 945
فتاوي السبكي ... 942
الفتح لابن حجر ... 16-25-35-37-89-133-142-155-158-163-175-180-181-182-212-213-224-247-257-269-289-312-361-369-405-406-408-409-417-419-437-440-451-457-473-474-476-490-507-510-512-516-520-527-541-545-572-579-588-607-616-618-619-620-622-629-634-646-653-665-672-679-733-792-793-849-853-860-862-871-880-889-902-920-921-927-939-969-986-1002-1003-1009
الفصيح لابن التين ... 64-254
فضائل القرآن للقاسم بن سلام ... 646
فيض القدير للمناوي ... 310-639-853-891-941-942-960
القاموس للفيروز آبادي ... 52
القبس لابن العربي ... 302-973-976
القوانين لابن جزي ... 680
قوت القلوب لأبي طالب المكي ... 986
الكشاف للزمخشري ... 505-522-569
الكنز للجعبري ... 613-619
الكنى لابن حجر ... 150
الكواكب الدراري للكرماني ... 126-184-253
المبهمات للخطيب البغدادي ... 703
مختصر خليل ... 754-817-827-835-838-840-910
مختصر ابن عرفة ... 154-819-953
المخصص لابن سيده ... 790
المدخل لابن الحاج ... 829-867-919-945-957
المدونة عن مالك ... 647-662-804-810-824-826-829-844-852-854
المرقاة للسيوطي ... 896-941
مسالك الحنفا للسيوطي ... 6(12/3)
المسالك لابن العربي ... 594-693-776-848-910-912-923-952-955
المستخرج لأبي نعيم ... 171-452
مسند أحمد ... 261-773-787-801-880-982
مسند إسحاق بن راهويه ... 296
مشارق الأنوار لعياض ... 215-226-244-281-335-424-444-453-478-594-646-63-733-747-750-778-930
المصابيح للدماميني ... 89-133-287-310-350-380-679-853-858-872-952
معجم البغوي ... 109
المعلم للمازري ... 831-861
المعيار للونشريسي ... 347-647-761-911-921-1001-1002
مغازي أبي الأسود ... 182
المفهم للقرطبي ... 14-39-89-146-167-189-199-201-204-206-211-212-213-226-232-438-512-518-531-618-640-641-657-717-772-784-831-869-875-917-921-924-964-1006
المقدمات لابن رشد ... 696-813-921-944-981
مكمل إكمال الإكمال للسنوسي ... 618
المنتقى للباجي ... 594-804-807-820-821-823-824-825-830-844-846
المواهب اللدنية للقسطلاني ... 90-115-125-136-180-370-476-941-945-983
الموطأ لمالك ... 106-260-689-755-817-983
نظم السيرة للعراقي ... 25-84
النكت للسبكي ... 83-528-697-701-827-828-871
الهدي لابن القيم ... 859-897-899-940-941-943
الهمزية للبوصيري ... 6
اليواقيت للشعراني ... 393(12/4)
كشاف المخطوطات والمصادر والمراجع
إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن بن زيدان، ط.1، 1350هـ-1932م، المطبعة الوطنية بالرباط – المغرب.
إتحاف المطالع بوفيات رجال القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام بن سودة / من موسوعة أعلام المغرب، تحقيق محمد حجي، ط.1، 1417هـ-1996م، دار الغرب الإسلامي ، بيروت – لبنان.
الإتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل، 1974م، الهيئة المصرية للكتاب – مصر.
أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي، تحقيق محمد علي البجاوي، دار الفكر – د.ت.
إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي – طبعة البابي الحلبي – مصر – د.ت.
أخبار التراث العربي، نشرة يصدرها معهد المخطوطات العربية ببغداد، ع.25، شعبان-رمضان 1406هـ، ماي-يونيو 1986م.
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري لأحمد القسطلاني، مصورة دار الكتاب العربي للطبعة الأميرية ببولاق، 1323هـ – مصر.
الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى لأحمد بن خالد الناصري، تحقيق ولدي المؤلف جعفر ومحمد، 1965م، دار الكتاب، الدار البيضاء – المغرب.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب ليوسف بن عبد البر النمري القرطبي، تحقيق علي محمد البجاوي، ط.1، 1412هـ-1992م، دار الجيل، بيروت – لبنان.
الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف لمحمد الطالب بن حمدون، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 653 د.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، تحقيق علي محمد البجاوي، ط.1، 1412هـ-1992م، دار الجيل، بيروت – لبنان.
إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني، تحقيق أحمد صقر، ط.4، دار المعارف، مصر-د.ت.
الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعمرين والمستشرقين لخير الدين الزركلي، ط.10، 1992م، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان.
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام لعباس بن إبراهيم السملالي التعارجي، نشر عبد الوهاب بنمنصور، 1983م، المطبعة الملكية – الرباط.(13/1)
أعلام السنن في شرح البخاري لحمد (أو أحمد) بن محمد الخطابي، دراسة وتحقيق يوسف الكتاني، ط.1، 1411هـ-1991م، منشورات عكاظ، الرباط – المغرب.
إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية ، تحقيق محمد عبد السلام إبراهيم، ط.1، 1411هـ-1991م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
آكام المرجان في أحكام الجان لمحمد بن عبد الله الشبلي، ضبط وتصحيح أحمد عبد السلام، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
الاكتفا في مغازي رسول الله والثلاثة الخلفا لأبي الربيع الكلاعي، تحقيق مصطفى عبد الواحد، 1387هـ-1968م، مكتبة الخانجي، القاهرة – مصر.
إكمال إكمال المعلم لأبي عبد الله الأبي، ومعه: مكمل إكمال الإكمال لأبي عبد الله السنوسي، ط.دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، د.ت.
إكمال المعلم بفوائد مسلم لعياض بن موسى السبتي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 933ج (الجزء الأول)، ورقم 1281ج (الجزء الثاني).
الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين لنور الدين عتر، ط.2، 1408هـ-1988م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره لمحمد الحجوي الثعالبي، نشر وتقديم محمد الصغير الخلوفي، ط.1994م، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط – المغرب.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل لعبد الله بن عمر البيضاوي، دار صادر، بيروت – لبنان ،د.ت.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون لإسماعيل باشا البغدادي، مصورة دار الفكر، 1402هـ.
البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرى لعبد الفتاح القاضي، ط.1، 1401هـ – 1981م، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان.
بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس لأحمد بن يحيى الضبي، طبع مجريط 1884م.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للجلال السيوطي، دار المعرفة، بيروت – لبنان، د.ت.(13/2)
بهجة الأبصار في جميع من وقفت على تحقيق نسبه من آل النبي المختار لمحمد الحلفاوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1256 ك (مجموع).
بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها لابن أبي جمرة، دار الكتب العلمية، بيروت – د.ت.
البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني، تحقيق غانم قدوري الحمد، منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت، 1988م.
تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، تعريب فهمي أبو الفضل ومحمود حجازي، ط.الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، مصر – د.ت.
تاريخ الوراقة المغربية : صناعة المخطوط العربي من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصرة لمحمد المنوني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط.1، 1412هـ-1991م، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء – المغرب.
تحرير الكلام في مسائل الالتزام لمحمد بن محمد الحطاب، تحقيق عبد السلام الشريف، ط.1، 1404هـ-1984م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان.
تحفة الباري بشرح صحيح البخاري لزكريا الأنصاري، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 760 ق (3 أجزاء).
تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون، ط.5، 1410هـ-مكتبة السنة، القاهرة - مصر .
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للجلال السيوطي ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، ط. دار الفكر- د.ت .
تذكرة الحفاظ للسيوطي، تحقيق علي محمد عمر، 1393هـ-1973م، مكتبة وهبة، القاهرة-مصر.
التذكرة في القراءات الثمان لطاهر بن غلبون، دراسة وتحقيق أيمن رشدي سويد، ط.1، 1412هـ-1991م، نشر الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة – المملكة العربية السعودية.
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي، ط.1، 1355هـ، المكتبة التجارية الكبرى – مصر .
تعليق المصابيح على الجامع الصحيح لمحمد بن أبي بكر الدماميني، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 718 ق.
تفسير الجلالين : جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان-د.ت.(13/3)
تفسير القرءان العظيم لابن كثير، ط.دار الفكر، 1408هـ-1988م، بيروت – لبنان .
التفسير الكبير لفخر الدين الرازي، ط.1، 1357هـ-1938م، المطبعة المصرية، القاهرة-مصر.
تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة، ط.4، 1412هـ-1992م، دار الرشيد، حلب – سورية.
تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل، مخطوط خ.ع بالرباط مجموع رقم 1643 د (ل 1/ب–ل 76/ب).
التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح لعبد الرحيم العراقي، تحقيق عبد الرحمن عثمان، 1401هـ-1981م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير لعبد الرحمن بن الجمزي، مكتبة الآداب-مصر،د.ت.
التلقين لعبد الوهاب البغدادي، 1413هـ-1993م، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية-المغرب.
التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح لمحمد بن بهادر الزركشي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 567 ج .
التنويه والإشادة في التعريف بمقام رواية ابن سعادة لمحمد عبد الحي الكتاني، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 3028ك .
تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني، مصورة دار صادر ببيروت عن طبعة دار المعارف، 1325هـ-حيدر آباد الدكن – الهند.
التوشيح على الجامع الصحيح للجلال السيوطي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1759 د.
التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب لخليل بن إسحاق الجندي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1249 ق .
جامع البيان عن تأويل آي القرءان لمحمد بن جرير الطبري، ط.دار المعرفة، بيروت لبنان – د.ت.
الجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج، تحقيق فؤاد عبد الباقي،ط.1، 1374هـ،دار إحياء التراث العربي،بيروت.
الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير للجلال السيوطي، ط.1، 1401هـ-1981م، دار الفكر، بيروت – لبنان.
الجامع لأحكام القرآن المبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان لمحمد بن أحمد القرطبي، مطبعة دار الكتب المصرية، 1372هـ-1952م، مصر.(13/4)
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس لمحمد بن فتوح الحميدي، ط.1، 1386هـ-1966م، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة – مصر.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي، ط.1، 1372هـ-1953م، دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن – الهند.
الجواهر الحسان في تفسير القرءان للثعالبي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان -د.ت.
حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل، ط.1، 1306هـ، المطبعة الأميرية، بولاق – مصر.
حاشية ابن زكري على البخاري، طبعة حجرية بفاس – د.ت.
حاشية السندي على البخاري، طبعة البابي الحلبي، مصر - د.ت.
حاشية العارف الفاسي على البخاري، مطبوعة بهامش حاشية ابن زكري.
الحلل السندسية في الأخبار التونسية للسراج، تحقيق الحبيب الهيلة، الدار التونسية للنشر – تونس.
الحياة التعلمية والتعليمية وما إلى ذلك لمحمد المنوني، نشر مختصره تلميذ المؤلف المصطفى غانم بمجلة المشكاة (أدبية فصلية) ع.34-35 ، 1422هـ-2001م، وجدة – المغرب .
خصائص فقه النوازل في سوس ونماذج مختارة منها للحسن العبادي، أطروحة مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط – المغرب .
الدرة الفائقة في أبناء علي وفاطمة لمحمد الزكي العلوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 48 ج .
الدرر البهية والجواهر النبوية في الفروع الحسنية والحسينية لإدريس الفضيلي العلوي، ط.حجرية بفاس-د.ت
الدر المنثور في التفسير بالمأثور للجلال السيوطي، طبع المكتبة الإسلامية ومكتبة جعفري،طهران ،إيران-د.ت.
دليل الرسائل الجامعية في السعودية لزيد آل حسين، ط.2، 1415هـ-1994م، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض – السعودية.
دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها لأحمد الخازندار ومحمد الشيباني، ط.1، 1403هـ-1983م، مكتبة ابن تيمية - الكويت .
دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بن سودة، ط.2، 1960م، دار الكتاب، الدار البيضاء – المغرب .(13/5)
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون، تحقيق أحمد الأحمدي أبو النور،دار التراث-د.ت
الرسالة لابن أبي زيد القيرواني، 1416هـ-1996م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
روح البيان لإسماعيل حقي البروسوي، المطبعة العثمانية – د.ت.
روح المعاني في تفسير القرءان العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي، ط. إدارة الطباعة المنيرية، مصر – د.ت.
الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لعبد الرحمن السهيلي، ضبط عبد الرؤوف سعد، 1398هـ-1978م، دار المعرفة، بيروت – لبنان .
زاد المعاد في خير العباد لابن قيم الجوزية، تحقيق وتعليق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، ط.3، 1402هـ-1982م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
سلسلة الاحاديث الضعيفة وأثرها السيئ على الأمة لمحمد ناصر الدين الألباني، ط.المكتب الإسلامي- بيروت ودار المعارف بالرياض-السعودية، 1405هـ-1408هـ / 1985م-1988م.
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لمحمد بن جعفر الكتاني، طبعة حجرية بفاس، 1316هـ.
السنن لأحمد بن شعيب النسائي، ط.1، 1348هـ-1930م، مصورة دار الفكر، بيروت-لبنان .
السنن لأحمد بن يزيد بن ماجه، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان – د.ت .
السنن أبي داود، ط.1408هـ 1988م، دار الحديث، القاهرة – مصر.
سير أعلام النبلاء لمحمد بن أحمد الذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وزملائه، ط.7، 1410هـ-1990م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان .
سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمد حميد الله، 1396هـ-1976م، مطبعة محمد الخامس، فاس – المغرب.
سيرة الإمام البخاري لعبد السلام المباركفوري، ط.2، 1407هـ1980م، الدار السلفية، بومباي – الهند.
السيرة النبوية لإسماعيل بن كثير، تحقيق مصطفى عبد الواحد، 1396هت-1976م، دار المعرفة، بيروت – لبنان.
الشجرة الزكية لمحمد الزكي العلوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 375 ج .(13/6)
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن مخلوف، دار الكتاب العربي، بيروت-لبنان- د.ت .
شرح الرسالة لأحمد بن محمد زروق، طبع السلطان عبد الحفيظ، 1332هـ-1914م، مطبعة الجمالية، مصر.
شرح الرسالة لقاسم بن عيسى بن ناجي، مطبوع مع شرح الرسالة لزروق.
شرح الزرقاني على خليل لعبد الباقي الزرقاني، ط.دار الفكر، 1398هـ-1978م، بيروت – لبنان.
شرح الزرقاني على الموطأ ، المطبعة المصرية، 1279هـ.
شرح السنة أبي محمد البغوي، تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد زهير الشاويش، ط.1، 1390هـ-1971م، المكتب الإسلامي، بيروت – لبنان.
شرح صحيح مسلم لمحيي الدين النووي، ط.دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، د.ت.
شرح المقدمة الوغليسية لزروق، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 866 ك .
الشفا في التعريف بحقوق المصطفى لعياض بن موسى السبتي، إشراف مكتب البحوث والدراسات، 1415هـ-1995م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، 1375هـ-1956م، مطابع دار الكتاب العربي، مصر.
صحيح البخاري: مصورة دار الجيل عن الطبعة الأميرية، تقديم أحمد شاكر، د.ت .
صحيح البخاري: نسخة محمد الفضيل الشبيهي / مخطوط بمكتبة حفيده إدريس الشبيهي بزرهون.
صحيح البخاري في الدراسات المغريبة من خلال رواته الأولين ورواياته وأصوله لمحمد المنوني، منشور بمجلة دعوة الحق س.17، ع.1، 1975م، ص:56-79 ؛ وذيل وتكملة لنفس الموضوع في العدد 2-3، 1975م، ص:113-115 .
الصلة في تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم ومحدثيهم وفقهائهم وأدبائهم لخلف بن بشكوال، تحقيق إدارة إحياء التراث، ط.1، 1386هـ-1966م، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة – مصر.
الطب النبوي لابن قيم الجوزية، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، المكتبة الثقافية، بيروت – لبنان – د.ت .
طبقات الحفاظ للجلال السيوطي، ط.1، 1403هـ-1983م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.(13/7)
طبقات الشافعية الكبرى لعبد الوهاب السبكي، ط.1، 1324هـ-1906م، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة – مصر.
الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد، دار صادر ودار بيروت، 1380هـ-1960م، بيروت – لبنان.
عدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق القصد وذكر حوادث الوقت لأحمد زروق البرنسي، تحقيق إدريس عزوزي، 1418هـ-1997م، أطرو حة مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط – المغرب.
عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين محمود العيني، ط.دار الطباعة المنيرية، مصر – د.ت.
عيون الأثر في فنون المغازي والسير لابن سيد الناس، دار المعرفة، بيروت – لبنان، د.ت.
غاية النهاية في طبقات القراء لمحمد بن محمد بن الجزري، نشر ج. برجستراسر
G. BERGSTRASSEUR ، ط.3، 1402هـ-1982م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، تحقيق بإشراف عبد العزيز بن باز، وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، تصوير دار الكتب العلمية، 1410هـ-1989م، عن ط. المطبعة السلفية، 1379هـ-1959م، القاهرة – مصر.
فتح الرؤوف المجيب على أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب لعبد الرؤوف المناوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1825 د .
الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد الحجوي الثعالبي، نشر أيمن صالح شعبان، ط.1، 1416هـ-1995م، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان .
فهارس مسند الحميدي، إعداد محمد أيمن الشبراوي، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
فهارس مصنف عبد الرزاق الصنعاني وكتاب الجامع لمعمر بن راشد الأزدي، إعداد مكتب التصحيح بالمكتب الإسلامي للطباعة والنشر، ط.1، 1407هـ-1987م، المكتب الإسلامي، بيروت – لبنان.
فهرس أحاديث كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة لمحمد أيمن الشبراوي، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.(13/8)
فهرس أحاديث المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، إعداد يوسف المرعشلي، ط.1، 1406هـ-1986م، دار المعرفة، بيروت – لبنان.
فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لمحمد عبد الحي الكتاني، تحقيق إحسان عباس، 1402هـ-1982م، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان.
فيض القدير شرح الجامع الصغير لعبد الرؤوف المناوي، ط.2، 1391هـ1972م، دار المعرفة، بيروت .
القصيدة الهمزية في مدح خير البرية لمحمد بن سعيد البوصيري، 1413عـ-1993م، الدار العالمية، بيروت .
القوانين الفقهية لابن جزي الكلبي، دون ذكر الطبعة أو التاريخ.
قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب المكي، دار صادر، بيروت – لبنان، د.ت.
الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي الجرجاني، ط.2، 1405هـ-1985م، دار الفكر، بيروت – لبنان.
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان – د.ت.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة، مصورة دارالفكر، بيروت – 1402هـ.
كشف اللثام عن أسرار تخريج حديث سيد الأنام لعبد الموجود محمد عبد اللطيف، ط.1، 1404هـ-1984م، مكتبة الأزهر، القاهرة – مصر.
الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق محيي الدين رمضان، ط.3، 1403هـ-1984م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
كفاية الطالب لأبي الحسن المالكي، تحقيق يوسف محمد البقاعي، 1412هـ، دار الفكر-بيروت.
الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني، 1356هـ-1937م، المطبعة البهية المصرية.
لباب التأويل في معاني التنزيل لعلي بن محمد الخازن، ط.1، بولاق، مصر، د.ت.
لسان العرب لمحمد بن منظور، ط. 1374هـ-1955م، دار صادر ودار بيروت، بيروت – لبنان.
مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لعبد اللطيف بن عبدالملك، ط.1، 1406هـ-1986م، دار القلم، بيروت – لبنان .(13/9)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي، تحقيق الرحالي الفاروق وعبدالله الأنصاري وعبدالعال إبراهيم ومحمد العناني، طبعة الأمير خليفة بن حمد آل ثاني، ط.1، 1402هـ-1982م، الدوحة – قطر
محمد بن الحسين العرائشي شيخ الجماعة بمكناس لمحمد المنوني، منشور بمجلة دعوة الحق، ع.9-10، س11، 1388هـ-1968م، ص:108-115 .
مختصر خليل، الطبعة الحجرية الثالثة، 1316هـ – فاس – المغرب .
مدارك التنزيل وحقائق التأويل لعبد الله بن أحمد النسفي، مطبوع بهامش لباب التأويل للخازن.
مدرسة الإمام البخاري في المغرب ليوسف الكتاني، ط. دار لسان العرب، بيروت – لبنان –د.ت .
المدونة الكبرى لمالك بن أنس، رواية سحنون عن ابن القاسم، مطبعة السعادة، 1323هـ – مصر.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان لعبدالله اليافعي، مؤسسة الأعلمي، 1390هـ، بيروت – لبنان .
مروج الذهب ومعادن الجوهر لعلي بن الحسين المسعودي، ط.1، 1385هـ-1965م، دار الأندلس، بيروت – لبنان.
مسالك الحنفا في والدي المصطفى للجلال السيوطي، مخطوط خ.ع بالرباط مجموع رقم 1194د (ل58/ب – ل63/ب ).
مشارق الأنوار على صحاح الآثار لعياض بن موسى السبتي، المطبعة المولوية، 1328هـ، فاس-المغرب.
المصادر العربية لتاريخ المغرب: الفترة المعاصرة (الجزء الثاني)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1410هـ-1989م، مطبعة فضالة، المحمدية – المغرب .
مظاهر يقظة المغرب الحديث لمحمد المنوني، ط.1، 1405هـ-1989م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان
معجم البلدان لياقوت الحموي، دار صادر ودار بيروت – لبنان، د.ت.
المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وضع المستشرقين : وينسنك Wensinck ومنسنج Mensing وهاس Haas وفان لون Van loon ، وبمشاركة محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة بريل في مدينة ليدن، 1955م، إيرلندا.(13/10)
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد فؤاد عبد الباقي، ط.2، 1408هـ-1988م، دار الحديث، القاهرة – مصر.
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار لمحمد بن أحمد الذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وبشار عواد معروف وصالح مهدي عباس، ط.2، 1408هـ1988م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، لأحمد الونشريسي، إشراف محمد حجي، 1401هـ-1981م، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب.
المغازي للواقدي، تحقيق ماردسن جونس Mardsen Jones، 1956م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان.
المغرب الأقصى في عهد السلطان الأول لمحمد العربي معريش، ط.1، 1989م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان .
المغرب عبر التاريخ لإبراهيم حركات، ط.1، 1985م، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء - المغرب.
"مغرب لا يقهر، ولكن…" العلي الغالي الريسوني، ط.1، 1412هـ-1992م، تطوان، دون ذكر المطبعة أو التاريخ.
مفتاح الصحيحين لمحمد التوقادي، طبعة مصورة لدار الكتب العلمية-بيروت عن طبعة الشركة الصحافية العثمانية، 1313هـ.
المفهم في حل ما أشكل من صحيح مسلم لأبي العباس القرطبي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 42 ق.
مقدمة ابن الصلاح ، دار الكتب العلمية، 1398هـ-1978م، بيروت – لبنان .
المنتقى شرح موطأ مالك لأبي الوليد الباجي، ط.1، 1331هـ-مطبعة السعادة – مصر .
موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان لنور الدين الهيثمي، تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، د.ت.
المواهب اللدنية بالمنح المحمدية لأحمد بن محمد القسطلاني، مطبعة محمد شاهين، 1281هـ – مصر .
الموطأ لمالك، رواية يحيى بن يحيى الليثي، 1401هـ-1981م، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت – لبنان.
نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض لأحمد الخفاجي، المطبعة العثمانية، 1314هـ .(13/11)
النشر في القراءات العشر لابن الجزري، تصحيح علي محمد الضباع، دار الفكر، بيروت – لبنان.
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب لأحمد المقري، تحقيق إحسان عباس، 1408هـ-1988م، دار صادر – بيروت.
النكت على البخاري لتقي الدين السبكي، مخطوط مكتبة الجامع الكبير بمكناس رقم 154 .
هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني (مطبوع مع فتح الباري ) .(13/12)
{ كشاف الموضوعات }
استفتاح………………………………………………..….… 1
مقدمة……………………………………………….… 2 – 8
قسم الدراسة
الباب الأول: العصر والبيت الشبيهي
الفصل الأول: عصر الشبيهي الإدريسي
مدخل…………………………………………………………..…..9
المبحث الأول: المجتمع المغربي أواخر القرن 13هـ وبداية القرن 14هـ…………………10
الوضع السياسي…………………………………….…....………....10-15
الحالة الاجتماعية…………………………………………………….16-17
المبحث الثاني: الحركة العلمية والدرس الفقهي والحديثي…….............................….18
الوراقة وصناعة الكتاب………………………………………………..18-19
المجالس الحديثية……………………………………………………… …20
مجالس العلم……………………..…………………………………20-23
الفصل الثاني: البيت الشبيهي
مدخل………………………………………………………24-26
المبحث الأول: فرع الأدارسة والجوطيين…………………………………...27-28
المبحث الثاني: فرع الشبيهيين…………………………………………...29-31
الباب الثاني: الميراث الشبيهي
الفصل الأول: النشأة والتحصيل العلمي والوظيفة
المبحث الأول: اسمه ونسبه…………………………………………………32
المبحث الثاني: ولادته وأسرته…………………………….....…………..33-35
المبحث الثالث: نشأته ومكانته العلمية…………………………….……….36-38
المبحث الرابع: شخصيته ووظيفته…………………………………… …..39-40
الفصل الثاني: فهرسة الشبيهي
المبحث الأول: شيوخه……………………………………....….…….….41-45
المبحث الثاني: تلامذته…………………………………….…………..46-47
المبحث الثالث: آثاره ومستنسخاته……………………………………….48-51
الباب الثالث: الفجر الساطع على الصحيح الجامع: دراسة وتحليل
مدخل……………………………………………………… ……52
الفصل الأول: الجامع الصحيح في الدراسات المغربية
المبحث الأول: القيمة العلمية للجامع الصحيح…………………………………..53
حسن الترتيب للكتب والأبواب والأحاديث………………………………..53-55
فقه البخاري في تراجمه……………………………………………….……56
تقطيعه للحديث وتكراره…………………………………………….57..-58(14/1)
المبحث الثاني: الرواية المغربية للجامع الصحيح………………………………59-64
المبحث الثالث: الشروح المغربية للجامع الصحيح…………………………….65-73
الفصل الثاني: الفجر الساطع: منهج ومميزات
المبحث الأول: المنهج الفقهي للمؤلف…………………………………………74
ترتيب وتوثيق النقول الفقهية……………………………………… ………75
الإشارة إلى الخلاف الفقهي العالي…………………………………… ……...76
ترجيحه للمذهب المالكي………………………………………… ……….77
المبحث الثاني: مميزات الفجر الساطع على الصحيح الجامع………………… ………79
الإغناء عن مطولات الدفاتر………………………………………………..79
الولوع بشرح الحديث في ضوء الفقه المالكي…………….………………….79-81
الاهتمام بفقه تراجم البخاري…………………….………………………...81
الاعتناء بأصول المذهب المالكي………………………….………………82-83
الفصل الثالث: تحقيقات حول الفجر الساطع
المبحث الأول: تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه………………………………...84-85
المبحث الثاني: تحقيق عنوانه………………………….……………………86
المبحث الثالث: نسخه……………….……………………………..87-94
المبحث الرابع: منهج التحقيق والتعليق………….………………………..95 -99
الرموز المستعملة في الفجر الساطع على الصحيح الجامع…………………..……….100
صور نموذجية لأصل المؤلف ومخطوطة العرائشي …………………..…. .…..101-104
قسم التحقيق: "كتاب الفجر الساطع على الصحيح الجامع"
باب المبعث…………………………………………….……….....…….1
كتاب المغازي…………………..………………………………..…….103
كتاب التفسير………………………..…………………………..……268
كتاب فضائل القرآن……………………………………………….….…611
كتاب النكاح………………………………………………….……...649
كتاب الطلاق…………………………………………………………727
كتاب النفقات…………………………………………………….…..760
كتاب الأطعمة…………………………………………………………768
كتاب العقيقة…………………………………………………………804
كتاب الذبائح والصيد…………………………………………………..807
كتاب الأضاحي……………………………………………………….838
كتاب الأشربة………………………………………………………..849
كتاب المرضى…………………………………………………………873(14/2)
كتاب الطب………………………………………………………….891
كتاب اللباس……………………………………………………..…..934
ملحق الوثائق……………………………..…………………….……1011
الكشافات
كشاف الآيات القرآنية ………………………………………..............1019
كشاف الأحاديث النبوية………………………………………….……1027
كشاف الكتب الواردة في الفجر الساطع على الصحيح الجامع ……………..……..1032
كشاف الأعلام………………………………………………………1039
كشاف المخطوطات والمراجع……………………………….…………….1065
كشاف الموضوعات…………………………………….……………...1074(14/3)