... قالت الثانية: تذم زوجها، واسمها عمرة بنت عمرو(1). لا أبث خبره: لا أظهره ولا أشيعه. إني أخاف ألا أذره: أي الخبر، أي أخاف ألا أفرغ منه لأنه لطوله جدا لم أستطع استيفاءه، فاكتفت بالإشارة خشية مللهن . عُجَرَه: عيوبه الظاهرة، وبُجَرَه: أسراره الباطنة.
... قالت الثالثة: تذم زوجها واسمها حبى بنت كعب(2). العَشَنَّق: الطويل المذموم الطول، وقيل السيء الخلق. أُعَلَّقُ: أي أكون عنده معلقة لا ذات زوج فأنتفع به، ولامطلقة فأتفرغ لغيره.
... قالت الرابعة: تمدح زوجها، واسمها مهدد بنت أبي هزومة(3). كَلَيْلِ تِهَامَة: أي مكة وما والاها، وليلها مما يضرب به المثل في الحسن. لا حَرٌّ: مفرط، ولا قَرٌّ: برد، ولا سآمة: ملل، وصفته بطيب العشرة وحسنها واعتدال حاله وسلامة باطنه، وعدم شره، فلاتخاف أذاه ولا تسأم منه.
... قالت الخامسة: تمدح زوجها، واسمها كبشة(4). إذا دخل فَهِدَ: فعل فعل الفهد من النوم والغفلة عن معايبها، أو من الوثوب عليها والمبادرة إلى جماعها، وكلا الفعلين من أوصاف الفهد، قالوا: " أنوم من فهد، وأوثب من فهد". وإن خرج أَسِدَ: فعل فعل الأسد من الشجاعة والشهامة، ولا يسأل عما عهد: أي عما له به عهد في البيت من ماله إذا فقده لكرمه.
... قالت السادسة: تذم زوجها، واسمها هند(5). إن أكل لَفَّ: استقصى ماقدم إليه. اشْتَفَّ: شرب الجميع. الْتَفَّ: في ثيابه وحده فهي كئيبة لذلك. ولا يولج الْكَفَّ: بداخل بدنها. ليعلم الْبَثَّ: الحزن الذي عندها من أجله، فجمعت في ذمه اللؤم والبخل، وسوء العشرة مع أهله، وقلة رغبته في النكاح، مع كثرة أكله وشربه، وهذه غاية الذم عند العرب.
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - الفتح 9/321.
(3) - الفتح 9/321.
(4) - الفتح 9/321.
(5) - الفتح 9/321.(7/95)
... قالت السابعة: تذم زوجها، واسمها حبى بنت علقمة(1). عَيَايَاء: من العي أي تعييه مباضعة النساء؛ قال في النكت: ( العياياء من الإبل الذي لا يضرب ولا يلقح، وكذلك هو من الرجال)(2).
... أو غَيَايَاء: " أو" للشك، والشاك هو عيسى بن يونس، وهو من الغي ضد الرشد.
... طَبَاقَاء: هو الأحمق، وقيل الثقيل الصدر عند الجماع الذي يطبق صدره على صدر المرأة فيرتفع عجزه عنها، وهو مذموم عند النساء. كل داء له داء: أي كل ما تفرق في الناس من الأدواء اجتمع فيه. شَجَّك: جرحك في رأسك، أو فَلَّك: جرحك في بدنك. أو جَمَعَ كُلاًّ لك: من الشج والفل، وصفته بالحمق والعجز عن الجماع وسوء العشرة.
... قالت الثامنة: تمدح زوجها، واسمها ياسر بنت أوس. مَسُّ أرنب: دويبة لينة المس ناعمة الوبر. رِيحُ زَرْنَب: نبت طيب الرائحة، وصفته بلين جسمه وطيب / رائحته، أو كنت بذلك عن حسن خلقه وجميل عشرته.
... قالت التاسعة: تمدح زوجها، ولم تسم. رفيع العِماد: عالي البيت كناية عن شرفه، فإن الأشراف يعلون بيوتهم ويضربونها في المواضع المرتفعة ليقصدهم الطارقون والوافدون. طويل النَّجاد: حمائل السيف، كناية عن طول قامته، والعرب تتمدح بذلك وتذم بالقصر. عظيم الرَّماد: كناية عن جوده، وكثرة أضيافه. قريب البيت من الناد: أصله النادي فحذفت الياء للسجع، وهو مجلس القوم، كناية عن شرفه وأن قومه لا يبرمون أمرا دونه، وكذلك كانت بيوت الأشراف بين مجالس القوم لتسهل مراجعتهم في الأمور ومشاورتهم.
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - النكت ص: 333.(7/96)
... قالت العاشرة: تمدح زوجها، واسمها كبشة بنت الأرقم(1). مالك: هذا اسمه. وما مالك؟: استفهام تعظيم وتفخيم، أي أنه أمر عظيم لا يعبر عنه. مالك خير من ذلك: أي أنه أعظم مما ذكر فيه من خير، وفوق ما اعتقد فيه من سؤدد، فالإشارة بذلك إلى ما تعتقده فيه من صفات المدح، أو إلى ما ستذكره به، أو إلى ما تقدم من الثناء على الذين قبله. كثيرات المبارك: جمع مبرك، موضع بروك الإبل. قليلات المسارح: جمع مسرح، محل المرعى، تشير إلى أنه لكثرة أضيافه واستعداده لهم، لا يوجه من إبله للمرعى إلا ما قل منها، ويبقى الكثير منها باركا بفنائه معدا للنحر للأضياف. إذا سمعن: هن، أي الإبل. صوت المِزْهَر: دف مربع من آلات اللهو، يضرب به عند قدوم الأضياف فرحا بهم.
أيْقَنَّ أنهن هوالك: لما علمن من عادة مالكهن المذكور من كثرة النحر للأضياف.
... قالت الحادي عشرة: ( كذا وقع في أصل ابن سعادة، وصوابه: " الحادية عشرة")، قاله العارف، تمدح زوجها وهي أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة، واسمها عاتكة.
... تنبيه: اعتمدت في تسمية هؤلاء النسوة عدا الأخيرة ما للنووي في شرح مسلم ونصه: (قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في كتاب المبهمات: لا أعلم أحدا سمى النسوة المذكورات في حديث أم زرع إلا من الطريق الذي أذكره، وهو غريب جدا)(2)، فذكره…إلخ، أي على نحو ما سقته، وأما الأخيرة فقال الدماميني: ( اسمها فيما حكى ابن دريد "عاتكة")(3)، وعلى ما للخطيب سلك الدماميني والعيني(4) والقسطلاني(5)، وأما السيوطي فجرى في تسميتهن على خلاف ذلك(6)
__________
(1) - الفتح 9/321.
(2) - شرح النووي على مسلم 15/212، وهو في تعليق المصابيح ص: 542.
(3) - تعليق المصابيح ص: 543.
(4) - انظر العمدة 20/169 وما بعدها.
(5) - انظر الإرشاد 8/90 وما بعها.
(6) - سماهن في التوشيح ( ص: 446( 450) كما يلي:
1- جهود بنت أبي مهزومة؛ 2- لم تسم، 3- كبشة بنت الأرقم؛ 4- لم تسم؛ 5- حبى بنت علقمة؛ 6- بنت أوس بن عبيد؛ 7- هند ؛ 8- عمرة بنت عمرو؛ 9- كبشة؛ 10- حبى بنت كعب؛ 11- أم زرع بنت أكيمل بن ساعدة.(7/97)
، والله أعلم.
... أبو زرع وما أبو زرع؟ استفهام تعظيم كما تقدم. أناس: من النوس، وهو تحريك الشيء متدليا. من حلي: بضم الحاء جمع حلي بفتحها. أذني: تتنية أذن، أي جعل لهما قرطين موشيين بذهب ولؤلؤ حتى تدليا واضطربا، وتحركت الأذنان لحركتهما. وملأ من شحم عضدي: العضد مابين المرفق إلى الكتف، قال أبو عبيد: ( أرادت جميع بدنها، لأن العضد إذا سمن سمن سائر الجسد، فكأنها قالت: أسمنني وملأ بدني شحما). وبجَّحَني فَبَجِحَتْ إليَّ نفسي: ( أي عظمني فعظمت عندي نفسي). قاله ابن الأنباري(1)
__________
(1) -محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن رفاعة الشيباني، المعروف بابن الأنباري.
سمع من أحمد بن الحناط الدمشقي والشاعر الطغرائي.
تولى ديوان الإنشاء خمسين سنة. توفي سنة 558هـ.
ترجمته في: الوافي بالوفيات 3/279.(7/98)
. أهل غنيمة: تصغير غنم، والعرب لا تعبأ بأصحاب الغنم، وإنما مطمح نظرها لأصحاب الخيل والإبل. بشق: بكسر الشين، أي مشقة من ضيق العيش والجهد. صهيل: أصوات الخيل. وأطيط: أصوات الإبل. ودائس: اسم فاعل من الدوس، أي زرع يداس أي يدرس. ومُنَق: أي أهل نقيق، وهو أصوات المواشي، وقيل الدجاج، أو هو من التنقية، تريد من يتقي الطعام من الغلث بالغربال، والمراد أنه نقلها من أهلها أهل الضيق في المعيشة والجهد والمشقة، وجعلها في أهل الرفاهية والسعة. فلا أقبح: أي لا يقبح قولي لإكرامه لي ورفعه مكاني عنده. وأرقد فأتصبح: أي أنام الصحبة، أي أول النهار فلا أوقظ إكراما لي، ولوجود من يكفيني مؤونة بيتي. وأشرب فأتقنح: بالنون/، أي أشرب حتى أدع الشراب من شدة الري، وكأن الماء كان عندهم قليلا. عُكُومُهَا: غرائرها وأعدا لها المعدة لحفظ المتاع والطعام. رَدَاح: عظام ممتلئة. وبيتها فَسَاح: واسع. مضجعه: مرقده. كَمَسَلَّ شَطْيَة: الواحدة من سدى الحصير، أي قدر ما يسل منه فيبقى مكانه فارغا. وتشبعه دراع الجفرة: الأنثى من ولد المعز، ابن أربعة أشهر، وصفته بالضمور والنحافة وقلة الأكل، وذلك محمود في الرجال. طوع أبيها وطوع أمها: أي أنها بارة بهما. ملء كسائها: لسمنها وهو محمود عند النساء. وغيظ جارتها: أي ضرتها لحسنها وجمالها، وعفتها وأدبها. لا تبث حديثنا تبثيثا: أي لا تنشره ولا تظهره بل تكتمه. ولا تُنَقِّث: تخرج وتخون. مِيرَتَنَا: طعامنا. تنقيثا: مصدر مؤكد كالذي قبله، بل تحفظه. ولا تملأ بيتنا تعشيشا: أي أنها مصلحة للبيت مهتمة بتنظيفه لا تترك فيه الكناسة كعش الطائر.
... قالت: أم زرع. والأوطاب: جمع وطب، وعاء اللبن. تُمْخَضُ: تحرك لاستخراج اللبن، أي زمن الربيع. كالفهدين: إشارة إلى شدة خلقهما ونشاطهما.(7/99)
... يلعبان تحت خصرها برمانتين: قال أبو عبيد: ( تريد أنها ذات كفل عظيم، إذا استلقت على قفاها ارتفع كفلها بها من الأرض حتى تصير تحتها فجوة تجري فيها الرمانة)هـ(1)؛ وقال القاضي عياض: ( وذهب بعضهم إلى أن المراد بالرمانتين هنا الثديان، وهو عندي أظهر وأشبه، سيما وقد روي: من تحت صدرها ومن تحت ذرعها، ولأن العادة لم تجر برمي الصبيان الرمان تحت أصلاب أمهاتهم، ولا استلقاء النساء لهم لذلك حتى يشاهد ذلك منهن الرجال، والأشبه أنهما رمانتا النهدين،شبهتا بذلك لنهودهما ودل ذلك على صغرها وفتاء سنها) هـ، ونقله الأبي وابن حجر وأقراه(2). فطلقني ونكحها: رغبة في نجابة الولد. فنكحت بعده رجلا: لم يسم، وللنسائي: " فاستبدلت وكل بدل أعور" أي معيب أورديء. سريا: شريفا أو سخيا. ركب شريا: فرسا فائقا يستشري في سيره، أي يمضي بلا فتور ولا انكسار. وأخذ خطيا: رمحا منسوبا إلى الخط(3)، موضع بنواحي البحرين تجلب منه الرماح. وأراح: أتى بعد الرواح. ثريا: كثيرا. رائحة: أي من كل ما يأتيه من أصناف الأموال وقت الرواح: الإبل والبقر والغنم والعبيد والدواب. زوجا: أي اثنين. ومِيرِي أهلك: أعطيهم وأوسعي عليهم بالميرة أي الطعام.
... فلو جمعت كل شيء ...إلخ: هذه مبالغة، وإلا فالإناء لا يسع ما ذكرت أنه أعطاها، والحاصل أنها وصفت هذا الثاني بالسؤدد والثروة والشجاعة والفضل والجود والمبالغة في إكرامها، ومع ذلك لم يقع منها موقع أبي زرع مع إساءة أبي زرع لها في تطليقها، لأنه أول زوج لها وحبها له بغض لها سائر الأزواج، كما قيل: ( ما الحب إلا للحبيب الأول)(4).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/340.
(2) - انظر الفتح 9/340، والإرشاد 8/101.
(3) - من بلاد عمان والبحرين، انظر معجم البلدان 2/378.
(4) - من شعر أبي تمام،
وتمامه: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... - ما الحب إلا للحبيب الأول.(7/100)
كنت لك كأبي زرع لأم زرع: زاد الهيثم: ( في الألفة والرفاء لا في الفرقة والجلاء)، وزاد الزبير: ( إلا أنه طلقها وإني لا أطلقك)، فقالت عائشة: بأبي أنت وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع. ولا تغشش: من الغش أي الخيانة. فأتقمح: بالميم، وهو بمعنى أتفتح بالنون.
... تنبيه: قال في التوشيح/: ( قال العلماء: سمع - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث ولم ينكره مع ما فيه من غيبة الأزواج لأنهم مجهولون، ولا حرج في سماع الكلام في مجهول، لأنه لا يتأذى إلا إذا عرف، أي من ذكر عنده يعرفه) هـ(1)، ونحوه في إكمال الإكمال عن الإمام والقاضي قائلين: ( هو كقولك إن في العالم من يسرق).
... 5190- يلعبون بحرابهم: أي في المسجد، وقدمنا أن هذا منسوخ. فمازلت أنظر...إلخ: وذلك بعد الحجاب، واستدل به على جواز نظر المرأة إلى الرجال الأجانب، لأنه إنما يكره لهن النظر إلى المحاسن والالتذاذ بذلك، قاله القاضي عياض، ونحوه لابن القطان(2)، راجع أبواب العيدين. فاقدروا قدر الجارية...إلخ: النووي: ( أرادت به أنها كانت صغيرة دون البلوغ) هـ، لكن نوزع في ذلك بأن قدوم الحبشة كان سنة سبع، فيكون لها خمس عشرة سنة وأزيد، وعلى كل حال فقولها: "فاقدروا" من كلامها هي كما دل عليه كلام النووي، وصرح به القسطلاني(3) وغيره، لا من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم -، خلافا لما في حاشية سيدي عبد الرحمن الفاسي هنا فانظره.
84- باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها:
__________
(1) - التوشيح ص: 454.
(2) - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى الكتامي، المعروف بابن القطان الفاسي.
محدث عارف بالرجال، قرطبي الأصل.
له: بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام، والنظر في أحكام النظر.
توفي بسجلماسة سنة 628هـ.
ترجمته في: التكملة 686، وتذكرة الحفاظ 4/192، ونيل الابتهاج 200، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 184.
(3) - لم يفعل ذلك في شرح هذا الحديث ( الإرشاد 8/103).(7/101)
أي لأجله.
... 5191- وعدل: عن الطريق لقضاء حاجته. واعجبا لك: "وا" اسم فعل بمعنى أعجب، و"عجبا" مصدر منون منصوب به، ويجوز فيه ترك التنوين على أنه منادى مضاف إلى الياء، ثم قلبت ألفا كقولهم يا حسرتا. يا ابن عباس: من حرصك على العلم. وجار لي: هو أوس بن خولى. في بني أمية بن زيد: قبيلة من الأوس. من أدب الأنصار: أي من سيرتهن وطريقتهن. خبت وخسرت: إن فعلت ذلك. جارتك: لم يقل "ضرتك" أدبا معها، وكانت جارة لها حقيقة. أوضأ: أحسن. تنعل الخيل: تصفحها. مشربة له: غرفة. رهط: جماعة لم يعرفوا. ما أجد: من الجزع. غلام له: هو رباح(1). على رمال حصير: أضلاعه المنسوج منها. أدم: جلد. فقلت الله أكبر: فرحا بما أخبرني به من عدم الطلاق. أستأنس: أنبسط لينبسط - صلى الله عليه وسلم -. أهبة: جلود. أو في هذا أنت ...إلخ: أي أأنت في مقام استعظام التجملات الدنيوية واستعجالها؟. استغفر لي: من اعتقادي أن التجملات الدنيوية مرغب فيها. من أجل ذلك الحديث: هو تحريم العسل أو تحريم "مارية" كما سبق. حين عاتبه الله: بقوله: "لِمَ تُحَرِّمُ"…إلخ(2). آية التخيير: هي قوله تعالى: " يَأَيُّهَا النَّبِيءُ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيا" الآية(3).
85- باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعا:
... أي بيان حكم ذلك.
... 5192- وبعلها شاهد: أي حاضر، يعني وهو محتاج إليها، قال الشيخ خ: ( وليسَ لامرأة يَحْتَاجُ لها زوجٌ تَطَوُّعٌ بِلاَ إِذْن).
86- باب إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها:
... بغير سبب، أي ما حكمه؟
والمأخوذ من الحديث أنها فعلت حراما، والمفاعلة غير مرادة.
__________
(1) - رباح، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثبت ذكره في الصحيحين في قصة اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه.
ترجمته في: الإصابة 2/452-453، والاستيعاب ص: 487.
(2) - سورة التحريم، الآية 1.
(3) - سورة الأحزاب، الآية 28.(7/102)
... 5193- إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه: كناية عن طلب مجامعتها كان ذلك في ليل أو نهار، فلا مفهوم لقوله في الحديث الآخر: " باتت".
... فأبت أن تجيء: زاد في بدء الخلق: ( فبات غضبانا عليها)، لعنتها الملائكة حتى تصبح: وفي رواية زرارة: ( حتى ترجع)، وهي أتم فائدة(1)، وفي مسلم: ( والذي نفسي بيده ما من بعل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عليها زوجها)هـ(2) ، وفيه دليل على أن سخط الزوج يوجب سخط الرب، ورضاه يوجب رضاه.
... قال القاضي عياض: ( اشتمل الحديث على وعيد شديد إلا أن يكون الامتناع لعذر، وليس الحيض بعذر، لأن الاستمتاع بما فوق الإزار جائز، والمعنى أن اللعنة تستمر حتى تزول المعصية بطلوع الفجر أو توبتها برجوعها إلى الفراش) هـ.
وقال النووي: ( لا خلاف في حرمة امتناعها، وهي في ذلك بخلاف الزوج لو دعته لم تجب عليه إجابتها إلا أن يقصد مضارتها، والفرق هو أن الرجل هو المالك للبضع، وللدرجة التي له عليها، وقد لا ينشط في وقت تدعوه إليها، ويحتمل أن يعنى بالذي في السماء الله أو الملائكة، كما قال في الآخر: " باتت الملائكة تلعنها") هـ.
... الأبي: ( قلت: قال ابن العربي: وقوله " الذي في السماء" يعني في العلو والجلال، لأن الله سبحانه لا يحويه مكان، فكيف يكون محاطا به فيه، وهذا كرضاه بجواب السوداء حين سألها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء، تعني الجلال والرفعة) هـ.
87- باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه:
الصريح أو المعلوم من حاله.
... 5195- وما أنفقت من نفقة / من غير أمره: قال القرطبي: ( أي فيما جرت العادة بإعطائه والمسامحة فيه كاللحم واللبن والطعام اليسير وغير ذلك، فلها إعطاؤه بغير إذن، ويكون لها نصف الأجر) هـ.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/367.
(2) - أخرجه مسلم 4/157 في النكاح باب تحريم امتناعها من فراش زوجها.(7/103)
... وقال النووي: ( "من غير أمره" أي الصريح في ذلك القدر المعين، ولا ينفي ذلك وجود إذن سابق عام يتناول هذا القدر إما بالتصريح وإما بالعرف، فإن لم يكن فلا شيء لها من الأجر، بل عليها الوزر).
... فإنه يؤدى إليه شطره: أي ولها شطره، انظر كتاب الزكاة.
88- باب:
هو كالفصل مما قبله.
... 5196- قمت على باب الجنة: أي سأقوم يوم القيامة، وعبر بالماضي لتحققه، ويحتمل أن هذا وقع ليلة الإسراء، وعليه فقوله: "عامة من دخلها" أي يدخلها، واطلاعه على ذلك بعلم أودعه الله إياه.
... الجد: الغنى. محبوسون: ممنوعون من دخول الجنة، موقوفون للحساب.
... عامة من دخلها النساء: هذا موضع الترجمة من حيث أن النساء غالبا يرتكبن النهي عما أمرن به، ولذا كن أكثر أهل النار، كذا في الإرشاد(1)؛ وقدمنا عن القرطبي غير مرة أن هذا قبل خروجهن من النار واستقرارهن في الجنة، أما بعد ذلك فهن أكثر أهل الجنة.
89- باب كفران العشير:
أي المعاشر، وهو الزوج: أي هو المراد هنا، والعشير وهو الخليط: كذا عندنا، والذي في نسخة القسطلاني: ( وهو الزوج وهو الخليط)(2)، وهي أوضح.
... فيه عن أبي سعيد: أي الحديث المروي عنه في كتاب الحيض.
... 5197- تناولت شيئا: لتأخذه. في مقامك هذا: أي في القيام الرابع. تكعكعت: تأخرت. أريت الجنة: رؤيا عين حقيقة. فتناولت منها عنقودا: أي وضعت يدي عليه لآخذه. فلم أر كاليوم منظرا قط: زاد في الكسوف: " أفظع" أي أقبح. يكفرن العشير: أي الزوج.
... 90- باب لزوجك عليك حق:
... أي بيان ما جاء في ذلك.
... قاله أبو جحيفة(3)
__________
(1) - الإرشاد 8/109.
(2) - الإرشاد 8/109.
(3) - وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة بن حبيب بن سواءة السوائي، أبو جحيفة.
قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر عمره، وحفظ عنه، ثم صحب عليا وولاه شرطة الكوفة لما ولي الخلافة.
روى عنه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي والحكم بن عينية، وغيرهم.
ترجمته في: الإصابة 6/626، والاستيعاب ص: 1561.(7/104)
: في ما وصله المص في الصوم.
... 5199- وإن لزوجك عليك حقا: فلا ينبغي لك أن تجهد نفسك في العبادة حتى تضعف عن القيام بحقها من وطء واكتساب، فلو كف الرجل عن امرأته فلم يجامعها من غير ضرورة، فعند مالك يلزم بذلك أو يفرق بينهما.
... قال الشيخ: ( واجْتَهَدَ، وطَلَّقَ في لَأَعْزِلَنَّ أو لاَ أَبِيتَنَّ، أو تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وإِنْ غَائِبًا، أو سَرْمَدَ العبادةَ بلا أجل على الأصح)(1).
91- باب المرأة راعية في بيت زوجها:
... أي حافظة لمتاعه.
... 5200- والأمير راع: على ما استرعاه الله فيه.
92- باب قول الله عز وجل: " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ "(2):
... أي يقومون بأمورهن آمرين ناهين لهن، كما يقوم الأمراء على الرعايا، زاد غير أبي ذر إلى قوله: " إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ".
... قال الزركشي: ( إنما مراد البخاري قوله تعالى: " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ "، فقد هجرهن النبي - صلى الله عليه وسلم -)هـ(3) ؛ وعلى نسخة أبي ذر يؤخذ الشاهد من نفس الإيلاء لأنه مما يشمله لفظ " قوامون "، قاله العارف وهو ظاهر.
... 5201- مشربة: غرفة.
93- باب هجرة النبي صلى الله عليه نساءه في غير بيوتهن:
... أي فلا مفهوم لقوله: " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ ".
... والأول أصح: يعني به المذكور في الباب السابق.
... 5202- على بعض نسائه: كذا هنا بلفظ بعض، قال ابن حجر: ( لكن اتفق أنه في تلك الحالة انفكت ساقه - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أنس فاستمر في المشربة الشهر كله، أي فلم يدخل عليهن كلهن)(4). حلفت ألا تدخل عليهن: أي شهرا، ففيه الهجر في غير البيت، قال الشيخ:( وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثم هَجَرَهَا ثم ضَرَبَهَا إِنْ ظَنَّ إِفَادَتَهُ وبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ)(5).
__________
(1) - مختصر خليل 1/202-203.
(2) - سورة النساء الآية 34.
(3) - التنقيح ص: 219.
(4) - الفتح 9/376.
(5) - مختصر خليل 1/180.(7/105)
... 5203- فناداه: كذا في جميع نسخ الصحيح بحذف الفاعل(1)، وهو بلال كما في مسلم وغيره.
94- باب ما يكره من ضرب النساء:
لغير موجب/، وقول الله عز وجل: " وَاضْرِبُوهُنَّ " (2)عند موجبه كالنشوز، أي ضربا غير مبرح: أي شديد الأذى.
... 5204- جلد العبد: أي مثل جلده، ففيه أن ضرب الرقيق فوق ضرب الحر والزوجة(3).
... ثم يجامعها في آخر اليوم: هذا بيان لتقبيح فعله لما فيه من التناقض، ولأن الأدب مع سرعة الفيئة لا يفيد.
95- باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية:
... إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
... 5005- فَتَمَعَّطَ شعرها: تناثر وانتتف. لعن الموصلات: لشعر، أي بشعر أو بغيره كما هو ظاهره، وهو قول الجمهور، انظر كتاب اللباس، وإذا كان الواصل ملعونا كان الوصل معصية، فمن ثم نهى - صلى الله عليه وسلم - عن طاعة الزوج فيه، فظهرت المناسبة.
96- باب: " وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا اَوِ اعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يَّصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" (4)
... 5206- نشوزا: ترفعا عليها، بترك مضاجعتها والتقصير في نفقتها لطموح عينه إلى أجمل منها. أو إعراضا:عنها بوجهه.لا يستكثر: لكبر أو قبح.والقسمة لي: في المبيت.
97- باب الْعَزْل:
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/377.
(2) - سورة النساء، الآية 34.
(3) - أخرج النسائي من حديث عائشة : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له ولا خادما قط، ولا ضرب بيده شيئا قط إلا في سبيل الله أو تنتهك حرمات الله فينتقم لله)، انظر الفتح 9/379.
(4) - سورة النساء، الآية 128.(7/106)
... أي بيان حكمه، وهو إخراج الذكر من الفرج بعد الإيلاج ليقع الإنزال خارج الفرج(1)، قال في الإكمال: ( بكراهته قال بعض الصحابة، وبإجازته قال كثير منهم ومن التابعين وفقهاء الأمصار، واختلفوا هل للمرأة في ذلك حق، فرأى مالك والشافعي وأصحابهما أن لها حقا إذا كانت حرة، فلا يعزل عنها إلا بإذنها، وكأنهم رأوا أن الإنزال من تمام لذتها أو حقها في الولد، ولم يريا ذلك لازما في الأمة، قال مالك: إلا أن تكون زوجة فلا يعزل عنها إلا بإذن أهلها، قال بعض شيوخنا: وأرى أن لها إذنا في ذلك لحق الزوجية)هـ(2) ، وهذا الذي اعتمده الشيخ خ حيث قال: ( في الأَمَةِ –الزوجة- إِنْ أَذِنَتْ وَسَيِّدُهَا)(3).
... 5208- والقرآن ينزل: أي ولو كان حراما لنزل فيه قرآن.
... 5210- ما من نَسْمَة كائنة...إلخ: أي سواء عزلتم أم لا، فلا فائدة في العزل إذن، وإن كان جائز الفعل.
98- باب القرعة بين النساء إذا أراد سفرا:
... أي مشروعيتها على من يسافر معه من نسائه، وظاهره كيفما كان السفر، والذي عند المالكية هو ما أشار له الشيخ بقوله: ( وإِنْ سَافَرَ اختارَ إلا في الحج والغزو فَيُقْرِعُ وتُؤُوِّلَتْ بِالاِخْتِيَارِ مطلقا)هـ(4) ؛ الشيخ التودي: ( اتفقوا على أن مدة السفر لا تحاسب بها المقيمة).
... 5211- تنظرين: جملي. وأنظر: جملك. بين الأذخر: الحشيش المعروف، وهو لايخلو من الهوام غالبا. يارب سلط علي عقربا …إلخ: القاضي عياض: ( هذا دعاء بغير نية، حملتها عليه الغيرة، فهي غير مؤاخذة، ولا تجاب في الغالب، قال الله تعالى: " وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ" الآية(5). ولا أستطيع أن أقول له شيئا: لأنها هي المتسببة في ذلك.
99- باب المرأة تهب يومها من زوجها لضرتها، وكيف يقسم ذلك:
__________
(1) - الفتح 1/381.
(2) - إكمال المعلم ص: 380 .
(3) - مختصر خليل 1/149.
(4) - مختصر خليل 1/180.
(5) -سورة يونس، الآية 11.(7/107)
... قال الشيخ خ: ( وإن وهبت نوبتها من ضرتها فله المنع لا لها وتختص بخلاف منه)(1)، أي هبتها منه، فلا يختص بها ليخص بها من شاء، بل تقدر الواهبة كالعدم ويقسم على من عداها.
... تنبيه: هذه كيفية قسم اليوم الموهوب، وأما كيفية القسم بين الأزواج في أيامهن الأصلية فقال ابن القاسم: ( لم أسمع مالكا يقول إلا يوما لهذه ويوما لهذه).
... ابن بطال: ( ولم يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قسمه بين أزواجه أكثر من يوم وليلة، ولو جاز ثلاثة أيام لجاز خمسة، ولجاز خمسة عشر، ولجاز شهر، أو هكذا، ولا تجوز معارضة السنة، وكان مالك يقول: لا بأس أن يقيم الرجل عند أم ولده اليومين والثلاثة، ولا يقيم عند الحرة إلا يوما من غير أن يكون مضارا، وكذلك قال الشافعي: يأتي إلاماء كيف شاء والحرائر يعدل بينهن)، هـ من شرح ابن بطال.
100- باب العدل بين النساء:
... أي وجوبه في النفقة والكسوة والقسم في المبيت فقط، لا في الوطء إلا لإضرار ككفه لتتوفر لذته للأخرى.
... " وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ "(2): أي العدل التام الكامل في الأقوال والأفعال والمحبة وغير ذلك.
101- باب / إذا تزوج الثيب على البكر:
... أي على من تزوجها وهي بكر ، أو على من هي باقية على بكارتها، ولا مفهوم لقوله: " على البكر"، وكذا إذا تزوج الثيب على الثيب، أي كم يقيم عندها؟
... 5214- من السنة: أي سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو في حكم المرفوع. سبعا: أي من الليالي بأيامهن للائتلاف وزوال الحشمة بينهما، قال ابن القاسم –فيما رواه عن مالك- وجوبا، وكذا يقال في الإقامة عند الثيب.
... ابن العربي: ( والصحيح أنه يقضى عليه به كما يقضى عليه بأصل القسم) هـ، ومن ثم قال الشيخ: ( وقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْع ولِلثَّيِّبِ بِثَلاَث)(3).
__________
(1) - مختصر خليل 1/179-180.
(2) - سورة النساء، الآية 129.
(3) - مختصر خليل 1/179.(7/108)
... الشيخ التودي: ( وتجب الموالاة في السبع والثلاث، فلو فرقها لم تحتسب على الراجح، ولا فرق في ذلك بين الحرة والأمة، وقيل الأمة على النصف ويكمل الكسر).
... وقسم: بعد ذلك، أي استأنف القسم، قال الإمام المازري: ( ولا يحاسب هذه الجديدة بهذه الأيام).
... تنبيه: قال في الإكمال: ( اختلف العلماء هل هذا الحق للثيب والبكر خاص بمن له زوجة غيرهما دون غيره أو هو على العموم؟ ثم نقل عن ابن عبد البر نسبة العموم لأكثر العلماء، ونسبة التقييد بمن له زوجة لبعضهم، قال: وهذا هو الأظهر لوجود التقييد في الحديث) هـ.
... وقال في العارضة: ( قال ابن الفرج عن ابن عبد الحكم(1): إن ذلك على الزوج وإن لم يكن له امرأة سواها، وهذا لا معنى له ولا يتصور فلا يلتفت إليه) هـ.
... ونقل البرزلي(2) عن ابن أبي زيد تخصيص ذلك بمن له زوجة غيرها، قال: ( وإلا فلا حق لها ولا يلزمه، وهو قول ابن حبيب والظاهر من مذهب أصحابنا، والعامة ترى الحق لها عموما وهو غلط) هـ، نقله الحطاب.
__________
(1) - عبد الله بن عبد الحكم بن أعين بن ليث بن رافع.
فقيه مصري، من أجل أصحاب مالك.
انتهت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب.
له: سيرة عمر بن عيد العزيز، والمناسك. توفي سنة 214هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/248.
(2) - أبو القاسم أحمد بن محمد البلوي القيرواني ثم التونسي الشهير بالبرزلي، الإمام المشهور، صاحب الديوان في الفقه والنوازل. لازم ابن عوف نحو أربعين عاما فأخذ هديه وعلمه. قال السخاوي: كان البرزلي أحد أئمة المالكية.
أخذ عنه ابن ناجي وحلولو والثعالبي. توفي سنة 843 هـ.
ترجمته في: تذييل الديباج لأحمد بابا ( مخطوط تونس 14596).(7/109)
... وقال ابن بطال: ( يقيم عند البكر سبعا…إلخ: المراد به من له زوجة ثم تزوج عليها، وقال بعض العلماء إنه على العموم، قال المؤلف: والقول الأول هو الصحيح، وقد بين أنس بقوله: " من السنة…" إلخ لأنه لا يقسم الذي يقيم عند الثيب ثلاثا إلا من تقدم عنده زوجة أخرى أو أكثر، وروى ابن القاسم عن مالك أن المكث هذه المدة واجب، وروى عنه ابن عبد الحكم أنه مستحب) هـ.
102- باب من طاف على نسائه في غسل واحد:
... أي جامعهن كلهن من غير فصل بالاغتسال بينهم، أي جواز ذلك كما إذا وقع ممن لم تجب عليه القسمة كالأنبياء، أو وقع بإذن صاحبة اليوم، أو في غير يوم القسم كيوم قدومه من سفر، أو اليوم الذي بعد كمال الدورة لأن القسم يستأنف عند تمام كل دور.(7/110)
... 5215- وله تسع نسوة: وسريتان، فالأزواج: عائشة وحفصة وسودة وأم سلمة وأم حبيبة وزينب وميمونة وصفية وجويرية، والسريتان: مارية وريحانة، رضوان الله عن جميعهن، لأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطي قوة ثلاثين كما سبق، وعند الإسماعيلي: ( قوة أربعين)، زاد أبو نعيم عن مجاهد: ( كل رجل من أهل الجنة)، وعند الترمذي: ( يعطى الرجل من أهل الجنة قوة مائة)(1)، وطوافه - صلى الله عليه وسلم - على جميع نسائه إما لما قدمناه من كونه بإذن صاحبة اليوم أو كذا أو كذا، أو لأنه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - ، قاله القاضي عياض، قال أبو عبد الله الأبي: (ومعنى ذلك أن من خصائصه أن تلك الساعة التي يطوف فيها من ليل أو نهار لاحق فيها لواحدة منهن، ثم يدخل عند التي تكون لها الدولة هـ؛ لا يقال قد تقرر أن القسم كان غير واجب عليه - صلى الله عليه وسلم -، فله مباشرة من شاء من أزواجه في أي وقت شاء، وحينئذ فما الذي أحوج القاضي إلى هذه الأجوبة، لأنا نقول : القسم وإن كان غير واجب عليه لكنه - صلى الله عليه وسلم - لحسن عشرته ألزمه نفسه وأجراه مجرى الحقوق اللازمة عليه تطييبا لنفوس أزواجه، قاله القاضي أيضا، وحيث التزمه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له سبيل إلى تركه، ومن ثم استأذن أزواجه في أن يمرض في بيت عائشة، وحينئذ يقال ما وجه ذهابه لزوجة في يوم غيرها ونوبتها التي التزم الوفاء لها بها؟ فأجاب القاضي عن ذلك بما ذكر، وأوضحه الأبي بما سطر، وهو ظاهر، والله سبحانه أعلم وأحكم.
__________
(1) - أخرجه الترمذي 4/677 في كتاب صفة الجنة باب ما جاء في صفة جماع أهل الجنة ح2536.(7/111)
... وفي شرح ابن بطال ما نصه: ( المهلب: "يحتمل أن يكون ذلك في يوم يفرغ فيه من القسمة بين أزواجه ثم يستأنف بعده" هـ، قال المؤلف: إلا أن هذا من فعله - صلى الله عليه وسلم - في القسم بينهن شيء تبرع به وتطوع لما جبله الله عليه من العدل، لأن الله تعالى قد رفع عنه مؤونة القسمة بينهم لقوله: " تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ "(1)…إلخ)، هـ منه.
103- باب دخول الرجل على نسائه في اليوم:
... أي على جميعهن في اليوم الواحد، أي بيان حكمه.
... 5216- دخل على نسائه: أي كلهن، وهذا من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - كما سبق عن القاضي وأوضحه الأبي، وأما غيره فليس له الدخول على غير صاحبة النوبة من نسائه/، نعم قال الشيخ خ: ( وجاز السلام بالباب)(2)، أي من خارجه في غير يومها وتفقد شأنها أي من غير دخول إليها ولا جلوس عندها على المذهب. فاحتبس ...إلخ: أي إلى آخر ما ذكره في كتاب الطلاق.
104- باب إذا استأذن الرجل نساءه في أن يمرض في بيت بعضهن فأذن له:
جاز ذلك، وفي المفهم ما نصه: ( اختلف في الزوج المريض إذا لم يقدر على الدوران على نسائه، هل اختصاصه بكونه عند واحدة منهن راجع إلى اختياره، أو هو حق لهن فيقرع بينهن في ذلك) هـ، والمشهور الذي درج عليه الشيخ خ هو أنه راجع إلى اختياره، ونصه: ( وعلى المريض إلا ألا يستطيع فعند من شاء) هـ(3).
... ابن بطال: ( اتفقوا إذا مرضت الزوجة أن لها أيامها من القسمة كالصحيحة).
... 5217- كان يسأل: تطييبا لنفس أزواجه - صلى الله عليه وسلم -. نَحْرِي: موضع القلادة من الصدر. وسَحْرِي: الرئة، أي محلها وهو الجنب، أي مات - صلى الله عليه وسلم - متكئا على صدرها بين جنبها وعنقها.
105- باب حب الرجل بعض نسائه أفضل من بعض:
__________
(1) - سورة الأحزاب، الآية 51.
(2) - مختصر خليل 1/179.
(3) - مختصر خليل 1/179.(7/112)
... أي جوازه وعدم مؤاخذته بذلك، لكن مع الوقوف مع قوله تعالى: " فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ"(1).
106- باب المتشبع بما لم ينل:
أي المفتخر بما ليس عنده يتكثر بذلك، وما ينهى من افتخار الضرة: على ضرتها لقصد غيظها.
... 5219- امرأة: هي أسماء نفسها. ضرة: هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.
... إن تشبعت من زوجي: الزبير. غير الذي يعطيني: أي أقول أعطاني مالم يعطني.
... المتشبع: المتكثر والمفتخر. كلابس ثوبي زور: ابن بطال: ( كزنديق لبس ثياب الزهاد يوهم أنه منهم، وقيل كشاهد زور استعار ثياب أهل الخير ليقبل الحاكم شهادته، وأشار بتثنية الثوبين إلى انه ارتدى بأحدهما واتزر بالآخر، فهو متصف بالزور من رأسه إلى قدمه).
107- باب الغيرة:
... مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص، وأشد ذلك ما يكون بين الزوجين.
... ابن العربي: ( وأشد الآدميين غيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه كان يغار لله ولدينه).
... غير مُصْفِح: أي غير ضارب بعرضه وصفحه بل بحده.
... والله أغير مني: وغيرته سبحانه تحريمه الفواحش، والزجر عنها، والمنع منها، لأن الغيور يزجر عما يغار عليه ويمنع منه، وإلا فمنعاها محال في حقه سبحانه، فحملت على غايتها ولازمها.
... 5220- ما أحد أحب إليه المدح من الله: وفائدة المدح عائدة على المادح لما يناله من الثواب، والله تعالى غني عن ذلك.
... 5221- ما أحد أغير من الله: أي لا أحد أمنع من الفواحش وأزجر عليها منه سبحانه.
... 5223- أن لا يأتي: لا زائدة كقوله تعالى: " مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ "(2).
__________
(1) - سورة النساء، الآية 129.
(2) - سورة الأعراف، الآية 12.(7/113)
... 5224- ناضج: جمل يسقى عليه. غَرْبَهُ: دلوه. ثم قال لبعيره ينيخه: إِخْ إِخْ، كلمة تقال للبعير ليبرك، وإنما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك ليركب أسماء معه، قال القاضي عياض: ( هذا خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف غيره، فقد أمرنا بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، وكانت عادته - صلى الله عليه وسلم - مباعدته ليقتدي به أمته)، قال: ( وإنما كانت هذه خصوصية له لكونها بنت أبي بكر، وأخت عائشة، وامرأة الزبير، فكانت كإحدى أهله ونسائه، مع ما خص به - صلى الله عليه وسلم - من أنه أملك لإربه، وأما إرداف المحارم فجائز بلا خلاف بكل حال) هـ، نقله النووي.
... أغير الناس: أي من أغيرهم. لَحَمْلُكِ النَّوَى كان أشد...إلخ: أي لأن الركوب لاعار فيه، بخلاف حمل النوى فإنه يتوهم منه خبث نفسه ودناءة همته.
... 5225- عند بعض نسائه: هي عائشة. إحدى أمهات المؤمنين: هي زينب. ويقول للحاضرين: غارت أمكم يعني عائشة. فدفع الصحفة… إلخ: استشكل بأن الصحفة من المقوم فالواجب تحرم قيمتها لا مثلها، وأجيب بأن الصحفتين معا له - صلى الله عليه وسلم -، فله التصرف فيهما كيف شاء.
... 5226- أو عليك أغار؟: قيل معناه: أو منك أغار عليها.
108- باب غيرة النساء ووجدهن:
... أي غضبهن من أزواجهن.
... 5228- ما أهجر إلا اسمك: بلفظي فقط، ولا يترك قلبي / التعلق بذاتك الشريفة مودة ومحبة.
... قال الطيبي: ( هذا الحصر لطيف جدا، لأنها أخبرت أنها إذا كانت في حال الغضب الذي يسلب العاقل اختياره لا تتغير عن المحبة المستمرة، فهو كما قيل:
إنِِّي لَأَمْنَحُكَ الصُّدُودَ وإنَّنِي - قَسَمًا إليكَ مع الصُّدُودِ لَأَمِيلُ) هـ(1).
... وقال المهلب: ( فيه أن الاسم في المخلوقين غير المسمى)(2).
... 5229- من قصب: لؤلؤ مجوف.
109- باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف:
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/408.
(2) - نقلا عن الفتح 9/408.(7/114)
... أي دفعه عنها وطلب الإنصاف لها(1).
... 5230- إن بني هاشم ...إلخ: أعمام أبي جهل. ابنتهم: جويرية أو العوراء أو جميلة بنت أبي جهل. فلا آذن: قال ابن حجر: ( لا يبعد أنه يعد في خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أنه لايتزوج على بناته)(2). بضعة مني: قطعة لحم، يريبني...إلخ: أي يسوؤني ما يسوءها. ويؤذيني ما آذاها: وإذايته - صلى الله عليه وسلم - محرمة بالإجماع.
110- باب يقل الرجال ويكثر النساء:
أي في آخر الزمان، قال ابن حجر: ( الظاهر أن هذه علامة محضة بأن يقدر الله في آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من النساء، وذلك مناسب لظهور الجهل ورفع العلم).
... نسوة: كذا للحموي والمستملي، ولغيرهما: امرأة، وهو القياس.
... 5231- لا يحدثكم به أحد غيري: لقلة الصحابة إذ ذاك وفقد من سمعه معه.
... أن يرفع العلم: بموت العلماء. القيم الواحد: يقوم بأمورهن، أي مع كونهن موطوءات له جهلا أم لا.
... قال القرطبي: ( في هذا الحديث علم من أعلاه النبوة، إذ أخبر عن أمور ستقع فوقعت خصوصا في هذه الأزمان).
111- باب لا يخلون أحد بامرأة:
أي يحرم ذلك، إلا ذو يحرم: منها. والدخول على المغيبة: أي من غاب عنها زوجها لسفر ونحوه، أي ما حكمه، وهو الحرمة أيضا إلا ذو محرم.
__________
(1) - باللفظ من الفتح 9/408.
(2) - الفتح 9/411.(7/115)
... 5232- رجل: لم يعرف. أفرأيت الحَمْوَ؟ الحمو قريب الزوج، أي أخبرني عن دخوله على زوجة قريبه وخلوته بها، ما حكمه؟: قال: الحمو الموت: أي لقاؤه مثل لقاء الموت، إذ الخلوة به تؤدي إلى هلاك الدين إن وقعت المعصية، أو النفس إن وجب الرجم، ومعناه أن الخوف منه أكثر من غيره لتمكنه من الخلوة بالمرأة من غير نكير، فضرره أشد وأعظم، وفيه تحذير مما عليه عامة الناس من المساهلة في ذلك، ثم إن المراد بالحمو في الحديث أقارب الزوج ما سوى أبيه وابنه لأن التحريم فيهما أبدي، فتجوز لهما الخلوة بزوجة الابن والأب ولا يوصفون بالموت، ويحمل الحديث على الأخ والعم وابنيهما وشبه ذلك، هكذا قرره النووي، ورد ما للإمام والقاضي هنا، وقبل كلامه الأبي وسلمه.
112- باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس:
... لنحو سؤال عن باطن أمرها، بحيث لا يسمعها غيره.
... 5234- فخلا بها: - صلى الله عليه وسلم - بحيث لا يسمع أحد كلامها.
113- باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة:
... أي دخول الرجال المتشبهين بالنساء في أخلاقهن.
... 5235- مُخَنَّث: يشبه خلقة النساء في كلامهن وحركاتهن، اسمه هِيت، وإنما دخل عليها لظنها أنه من غير أولي الإربة كما في مسلم، فلما قال ما ذكر علم أنه ليس منهم، فوقع النهي عن دخوله على النساء.
... أدلك على بنت غيلان: اسمها بادية أو بادنة، أسلمت وتزوجها عبد الرحمن بن عوف، وأسلم أبوها على عشر نسوة فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يختار منهن أربعا ويفارق ما سواهن ففعل. فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان: قال مالك: ( والجمهور: معناه أن في بطنها أربع عكن أي طيات ينعطف بعضها على بعض لسمنها، وإذا أدبرت كان أطرافها عند منقطع جنبيها ثمانية، فيكون وصفها بامتلاء البدن وسمنه).
114- باب نظر المرأة إلى الحبش / ونحوهم من غير ريبة:(7/116)
أي جواز ذلك كما يؤخذ من لفظ الحديث، وخصه المالكية بالوجه والأطراف. قال الشيخ: ( وتَرَى - أي المرأةُ - من الأجنبيِّ ما يراهُ مِنْ مَحْرَمِهِ، ومِنَ المُحْرِمِ كَرَجُل مع مِثْلِهِ)(1)، والذي يراه الرجل من المحرم هو الوجه والأطراف، وقوله: "من غير ريبة" أشار به إلى تقييد جواز نظر المرأة إلى الأجنبي، أما إذا كانت ريبة وهي قصد اللذة أو الخوف من تطرقه، فلا يجوز هذا مذهبنا، راجع كتاب العيدين.
... 5236- يلعبون: بحرابهم ودرقهم، في المسجد: قدمنا غير مرة أن ذلك منسوخ.
115- باب خروج النساء لحوائجهن:
أي جواز ذلك. قال القرطبي: ( لا خلاف أن للمرأة أن تخرج فيما تحتاج إليه من أمورها الجائزة، لكن على حال بذاذة وتستر وخشونة ملبس بحيث لا تمتد إليها الأعين، وما أعدم الأمر اليوم لما يظهرن من الزينة والطيب والتبختر في الملابس الحسان، وذلك معصية ظاهرة) هـ، ونقله الأبي وأقره.
... 5237- لعرقا: عظم عليه لحم. لحوائجكن: للبراز دفعا للمشقة، وألحق به غيره.
116- باب استئذان المرأة زوجها في الخروج إلى المسجد وغيره:
أي جواز ذلك، وجواز إذنه عند الأمن من الفتنة، وانظر كتاب الصلاة.
... 5238- فلا يمنعها: وقاس البخاري غير المسجد عليه.
117- باب ما يحل من الدخول، والنظر إلى النساء في الرضاع:
لوجود المحرمية بينهم.
... 5239- عمي: أخو أبي القعيس. من الولادة: أي النسب.
118- باب لا تباشر المرأة المرأة:
أي لا تلاقي بشرتها ببشرتها بأن تنام معها في ثوب واحد مثلا. فتنعتها لزوجها: تصفها له لئلا يتعلق قلبه بها.
... 5240- لا تباشر المرأة المرأة: ابن بطال: (أي ولا الرجل الرجل كما للطبري عن ابن عباس مرفوعا: " لا يباشر الرجل الرجل، ولا المرأة المرأة"، قال الطبري: فيه البيان عن أن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة مفضيا كل واحد منهما بجسده إلى جسد صاحبه غير جائزة).
119- باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي:
__________
(1) - مختصر خليل 1/27.(7/117)
... أي لأجامعهن كلهن، أي جواز ذلك لمن لم يجب عليه القسم بينهن في تلك الليلة، كما إذا قدم من سفر ونحوه، أو كان لا قسم عليه كالأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
... 5242- لأطيفن...إلخ: اللام موطئة لقسم محذوف، أي والله لأطيفن كما دل عليه آخر الحديث، بمائة امرأة: أي أجامعهن كلهن، وفي رواية بتسع وتسعين، وفي أخرى: بسبعين، ولا منافاة بينهما لأن العدد لا مفهوم له.
... قال ابن أبي جمرة: ( الظاهر أن يكون الله تعالى أظهر له في ذلك خرق العادة، فيجامع ويتطهر وينام، ويعود للجماع والليل على ماهو اليوم، مثل ما أظهرالله لأبيه عليه السلام في قراءة الزبور، فقد كان يقرأه بقدر ما تسرج دوابه، وهذا قد يوجد اليوم كثيرا في الأولياء والصالحين).
... فلم يقل: أي بلسانه، وإلا فقلبه دائما مع مولاه. لم يحنث: في يمينه المقدرة كما قدمناه، وهذا أولى مما في الإرشاد(1).
120- باب لا يطرق أهله ليلا:
... الطروق إتيان المنزل ليلا، فقوله " ليلا" تأكيد. إذا أطال الغيبة: قيده بطول الغيبة تبعا للحديث، وهو قيد معتبر، ومفهومه أنه لو قرب سفره بحيث تتوقع حليلته إتيانه فتتأهب أنه لا يكره، وبه جزم جمع منهم الطيببي، وجرى عليه ابن حجر حيث قال: (التقييد بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد ح، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما) هـ(2).
... وقال النووي: ( ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، فأما من كان سفره قريبا تتوقع امرأته إتيانه ليلا فلا بأس، كما قال في إحدى هذه الروايات: " إذا أطال الرجل الغيبة") هـ.
... وقال الأبي: ( قوله " إذا أطال الرجل غيبته في السفر"، قلت: يدل أن السفر القريب الذي يتوقع فيه قدومه لا بأس أن يقدم فيه ليلا) هـ.
__________
(1) - قال في الإرشاد 8/135: ( أي بلسانه، وإلا فلم يغفل عن التفويض إلى الله بقلبه كما يقتضيه مقام النبوة).
(2) - الفتح 9/425.(7/118)
... قال العلقمي(1): ( وقول شيخنا شيخ الإسلام زكرياء: " ذكر الطول ليس بقيد)هـ(2)، فيه نظر لأن الحديث مصرح به والعلة تقتضيه) هـ، ونحوه للمناوي ولفظه: ( قول الشيخ زكرياء ...إلخ غير جيد، كيف والحديث مصرح به والعلة تقتضيه)(3).
... لا يطرق أهله: قال ابن بطال: ( معنى الحديث النهي عن التجسس على الأهل، ولا تحمله غيرته على تهمتهم إذا لم يأنس منهم إلا الخير) هـ.
... مخافة أن يخونهم: ينسبهم إلى الخيانة. أو يلتمس عثراتهم: ( زلاتهم بأن يجدهم على حالة غير مرضية، والشرع أمر بالستر وعدم تطلب العثرات)، قاله ابن حجر(4)، واعترضه المناوي بقوله: ( هذا غير مرضي، إذ على الإنسان شرعا وحمية وأنفة ومروءة أن يتفحص عن أهل بيته، فإن عثر على ريبة حرص على إزالة مقتضيها، ولا يقول عاقل فضلا عن فاضل أن الإنسان ينبغي له التغافل / عن أهل بيته، وإهمال النظر في دواخل أحوالهم ليتمكنوا من فعل ما شاءوا من ضروب الفساد، ويستمر ذلك مستورا عليه، واستكشافه لأحوالهم لا ينافي الستر المطلوب، فإنه إن رأى ريبة كتمها وفارق أهله، أو أدب سرا وحسم طريق الفساد)، هـ بلفظه.
... 5243- طروقا: أي بالليل، لأن الطروق لا يكون إلا ليلا لما ذكر في الترجمة، ولئلا يجدهم على غير أهبة التنظيف من البذاذة والشعث، وهذا فيمن لم يعلم مجيئه، أما من علم مجيئه وقدومه فيؤخر دخوله إلى الليل كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة، وبه يجمع بين الحديثين.
__________
(1) - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي القاهري، شمس الدين.
تتلمذ بالأزهر.
له: ملتقى البحرين بين الجمع بين كلام الشيخين، والكوكب المنير.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/338، وفهرس الفهارس 2/206.
(2) - تحفة الباري 3/204.
(3) - فيض القدير 1/288.
(4) - في الفتح 9/425.(7/119)
... 5244- إذا أطال: هذا قيد لابد منه خلافا للشيخ زكرياء(1).
121- باب طلب الولد:
... أي مطلوبية طلبه عند الجماع، ولا يكون القصد به اللذة فقط.
... 5245- قطوف: بطيء السير. حتى تدخلوا ليلا: لعلم أهاليهم بمجيئهم.
... تستحد: تزيل شعر وسطها. المغيبة: من غاب عنها زوجها. الكيس الكيس: منصوب على الإغراء.
... يعني الولد: هذا قول المص رحمه الله، أي ليكن قصدك من جماع أهلك طلب الولد والنسل، قال الخطابي: ( ذكر البخاري في كتابه أنه الولد، وهو مشكل، وله وجهان: إما أن يكون حضه على طلب الولد واستعمال الكيس والرفق فيه، إذ كان جابر لا ولد له إذ ذاك، أو يكون أمره بالتحفظ والتوقي عند إصابة أهله مخافة أن تكون حائضا، فيقدم عليها لطول الغيبة وامتداد العزبة، والكيس شدة المحافظة على الشيء) هـ، نقله الكرماني(2)، وقال تقي الدين السبكي: (الكيس عبارة عن الرفق وحسن التأني في الأمر)(3).
122- باب تستحد المغيبة وتمتشط:
... أي يستحب لمن غاب عنها زوجها وقدم أن تزيل شعرعانتها بما هو معتاد عند النساء في ذلك، ولم يرد به استعمال الحديد فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن، قاله الأبي، وتسرح شعر رأسها تزيينا لزوجها لتدوم المودة بينها.
... 5247- في غزوة: هي تبوك. بعنزة: عصا أقصر من الرمح.
123-باب "وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ":
__________
(1) - قال في الفتح 9/425: ( التقييد فيه بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما).
(2) - في الكواكب الدراري 19/173.
(3) - النكت ص: 336، ومثله في أعلام السنن ص: 1095.(7/120)
أي الخفية، وهي ما عدا الوجه والكفين، أما هما فلا بأس بإبدائهما لأنهما ليسا بعورة: "إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوَ ابَائِهِنَّ" الآية(1): أما الأزواج فيجوز لهم نظر جميع البدن، وأما من عداهم من المحارم فلا يجوز لهم النظر إلا للوجه والأطراف، هذا مذهبنا، قال الشيخ: ( ومَعَ أجنبيّ - أي عورة المرأة الحرة مع أجنبي- غيرُ الوجهِ والكفينِ، ومع مَحْرَم غيرُ الوجهِ والأطرافِ)(2).
... 5248- تغسل الدم...إلخ: ويلزم من ذلك إبداء زينتها لأبيها وزوجها، وهو محل الترجمة.
124- باب " وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ "(3):
... أي من الأحرار، والمراد أنه يجوز دخولهم على النساء في غير الأوقات الثلاثة المذكورة في قوله تعالى: " مِن قَبْلِ صَلَوةِ الْفَجْرِ" الآية(4)، لقوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ"(5).
... 5249- فرأيتهن يَهْوِينَ...إلخ: فيه مشاهدة ابن عباس ما ذكر من النسوة ح، ولم يحتجبن منه لصغره، وهذا محل الترجمة، وأما بلال فيحتمل أنه لم يشاهد منهن ما ذكر.
125- باب طعن الرجل ابنته عند العتاب:
... أي جواز ذلك وإن كانت في عصمة زوجها.
... 5250- عاتبني أبو بكر: في قصة ضياع العقد وحبس الناس وليسوا على ماء، وليس معهم ماء /.
68- " كتاب الطلاق "
... هو حل عقدة التزويج، وهو لفظ جاهلي أقره الإسلام(6).
1- وقول الله عز وجل: " يَأَيُّهَا النَّبِيءُ ِاذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ":
__________
(1) - سورة النور، الآية 31.
(2) - مختصر خليل 1/27.
(3) - سورة النور، الآية 58.
(4) - سورة النور، الآية 58.
(5) - سورة النور، الآية 58.
(6) - قال إمام الحرمين الجويني: ( هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره)، نقله السيوطي في التوشيح ص: 458، وكذا الحافظ في الفتح 9/433.(7/121)
أردتم تطليقهن، "فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ": أي مستقبلات لعدتهن، أي عند ابتداء شروعهن فيها بأن يطلق في طهر لم يمس فيه "وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ"(1): اضبطوها بالحفظ والعد.
وطلاق السنة: أي الطلاق الذي أذنت فيه السنة راجحا كان أو مساويا أو خلاف الأولى. أن يطلقها طاهرا من غير جماع: لتكون الحيضة السابقة براءة للرحم قبل الطلاق، وإلى هذا أشار الشيخ خ مع زيادة بقوله: ( طلاقُ السُّنَّةِ واحدةٌ بِطُهْر لم يَمَسَّ فيه بلا عِدَّة)(2)، أي بلا إرداف في عدة.
... وأما قوله: ويشهد شاهدين فإنما هو لزيادة التوثق.
... أحصيناه: من قوله تعالى: " وَكُلَّ شَيْء اَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا "(3)، ذكره استشهادا لقوله: " وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ".
... 5251- امرأته: آمنة بنت غفار(4). مره فليراجعها: الأمر للوجوب عند المالكية، قال الشيخ: (وأُجْبِرَ على الرِّجعةِ وإن أبَى هُدِّدَ ثم سُجِنَ ثم ضُرِبَ بمجلس، وإلا ارْتَجَعَ الحاكمُ، والأحبُّ أن يُمْسِكَهَا حتى تَطْهُرَ ثم تحيض ثم تطهر، وفي مَنْعِهِ في الحيضِ لتطويلِ العِدَّةِ أو تسرا خلافٌ)هـ(5).
... ابن العربي: ( وسواء كان الطلاق مجردا أو كان بعوض، ولا خلاف بين الأئمة أن حكم النفاس في هذا حكم الحائض)، هـ من عارضته.
... فتلك العدة: أي زمنها، التي أمر الله: بمعنى أذن، أن يطلق لها النساء: في قوله: "فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ"، أي مستقبلات لعدتهن.
2- باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق:
... إجماعا من أئمة الفتوى وإن كان بدعيا، خلافا للظاهرية والخوارج، قاله في العمدة والإرشاد(6).
__________
(1) - سورة الطلاق، الآية 1.
(2) - مختصر خليل 1/184-185.
(3) - سورة النبأ، الآية 29.
(4) - آمنة بنت غفار، امرأة ابن عمر التي طلقها فأمر برجعتها.
ترجمتها في: الإصابة 7/476.
(5) - مختصر خليل 1/185، ولفظة "أو تسرا" غير موجودة في المختصر، وهي بلا معنى في النص.
(6) - العمدة 20/227، والإرشاد 8/143.(7/122)
... 5252- قلت يحتسب: أي بتلك التطليقة، أي يعدها طلقة، فإن "فمه" ما استفهامية أدخلت عليها هاء السكت، أي فما يكون إن لم تحتسب، أي لابد من احتسابه بها. أرأيت إن عجز واستحمق: أي إن عجز عن مراجعتها لعذر حصل له أو فقد عقله، أليس يمضي عليه ذلك الطلاق؟
3- باب من طلق:
أي جاز له ذلك، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق؟: نعم له ذلك.
... 5254- إن ابنة الجون(1): أميمة بنت النعمان بن شراحيل بن الجون.
... لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه: أي زفت له ليتزوجه بها. قالت: لما كتب الله عليها من الشقاء. الحقي بأهلك: كناية عن طلاقها.
... 5255- حائط: بستان، يقال له الشوط: بالطاء المهملة في نسخة ابن سعادة، وهو الذي عند الدماميني(2) وزكرياء(3) والقسطلاني(4)، وقال الزركشي:( بالظاء المشالة)(5)، وقال العيني: ( بظاء معجمة وقيل مهملة)(6) هـ، ونحوه للسيوطي(7).ودخل: الحائط. في بيت: بالتنوين تأكيد لفظي لما قبله. أميمة: بدل من الجونية باعتبار اللفظ أو المحل. دَايَتُهَا: هي المرضع، هيئي نفسك لي: من الهيئة، أي كوني على أحسن الهيئات لأجلي، وفي نسخة: هبي بالباء من الهبة، ويكون قوله ذلك لها تطييبا لقلبها واستمالة لها، وإلا فله - صلى الله عليه وسلم - أن يزوج من نفسه بغير إذن المرأة وبغير إذن وليها، مع أن مجرد إرسالها له وحضورها كاف في ذلك.
__________
(1) - أميمة بنت النعمان بن شراحيل الجونية ذكرها البخاري تعليقا في النكاح.
ورجح البيهقي أنها القائلة: " أعوذ بالله منك".
ترجمتها في: الإصابة 7/515-516.
(2) - في تعليق المصابيح ص: 544.
(3) - في تحفة الباري 3/205.
(4) - في الإرشاد 8/146.
(5) - التنقيح ص: 220.
(6) - العمدة 20/231.
(7) - في التوشيح ص: 459.(7/123)
... قالت: لشقائها. للسوقة: أي لواحد من الرعية، وإنما قالت ذلك لأنها /لم تعرفه - صلى الله عليه وسلم - كما صرحت بذلك فيما يأتي في الأشربة. بمعاذ: أي بالذي يستعاذ به. رَازِقِيَّيْنِ: أي ثوبين رازقيين، والرازقية ثياب من كتان بيض طوال(1)، أي متعها بذلك إما وجوبا أو تفضلا.
... وألحقها بأهلها: ردها إليهم، قال أبو أسيد: " فلما وصلت بها إليهم تصايحوا وقالوا إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت خدعت، وقيل إنها ماتت كمدا"(2).
... 5258- تعرف ابن عمر؟ أي وشدة اتباعه للسنة. إن عجز واستحمق: فلم تكن منه الرجعة، أتبقى المرأة معلقة لا هي ذات زوج ولا مطلقة، فلابد من احتسابه بتلك التطليقة.
... 4- باب من أجاز طلاق الثلاث:
... أي دفعة واحدة أو مفرقة، أي أمضاه.
... قال ابن رشد: ( مما أجمع عليه فقهاء الأمصار ولم يختلفوا فيه أن المطلقة ثلاثا في كلمة واحدة لا تحل لمطلقها إلا بعد زوج) هـ.
... وقال ابن عبد البر: ( لا أعلم أحدا من أهل السنة قال بخلاف هذا، إلا الحجاج بن أرطأة (3) وابن مقاتل وابن إسحاق وكلهم ليس بفقيه، ولا حجة فيما قالوه).
... " الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ "(4): يشمل ما إذا كانت دفعة واحدة أو مفترقين، وقيس عليها الثلاث(5).
__________
(1) - انظر الفتح 9/450.
(2) - هذه الرواية لابن سعد، انظر الفتح 9/450.
(3) - الحجاج بن أرطأة بن ثور النخعي الكوفي.
من كبار الحفاظ، وولي قضاء البصرة.
توفي سنة 145هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 8/230، وتهذيب التهذيب 2/196.
(4) - سورة البقرة، الآية 229.
(5) - (الحاصل أن مراده - أي البخاري - دفع دليل المخالف بالآية لا الاحتجاج بها لتجويز الثلاث، هذا الذي ترجح عندي)، قاله في الفتح 9/457.(7/124)
... في مريض طلق: يشمل الواحدة والأكثر منها في مرة أو مرات. فقال الشعبي ترثه: قول الشعبي موافق لمذهب مالك رحمه الله. قال نعم: قائله الشعبي، وهذا مذهبنا أيضا. قال أرأيت: قائله ابن شبرمة(1). إن مات الزوج الآخر: يعني أترثه أيضا؟ فرجع عن ذلك: أي رجع الشعبي عن القول المذكور، وقال المالكية: نعم ترث الثاني وكذا غيره إن اتفق لها ذلك، قال الشيخ: (وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا)(2).
... 5259- فكره رسول الله صلى الله عليه المسائل: لما فيها من البشاعة والشناعة على المسلمين. وفي صاحبتك: خولة بنت قيس. فطلقها ثلاثا: في لفظ واحد، ولم ينكره - صلى الله عليه وسلم - عليه، وهذا موضع الترجمة.
... 5260- أن امرأة رفاعة(3): تميمة بنت وهب(4). فبت طلاقي: إما دفعة واحدة أو في مرات، وهذا محل الترجمة.
... وإنما معه مِثْلُ الْهُدْبَة: أي إنما معه ذكر مثل هدبة الثوب في الرقة والاسترخاء .
قال في العارضة: ( فيه أن طلب المرأة الوطء عند الحاكم لا يناقض الحياء الممدح ولاالمروءة المستحسنة لأنه مقصود النكاح، فإن تعذر جاز طلبه دينا وحسن ومروءة).
__________
(1) - عبد الله بن شبرمة بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك، أبو شبرمة الكوفي.
روى عن أنس وإبراهيم النخعي وعامر الشعبي ونافع مولى ابن عمر.
وعنه السفيانان وابن المبارك والحسن بن صالح.
قيل للثوري: من مفتيكم؟ فقال: ابن أبي ليلى وابن شبرمة.
مات سنة 144هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/250-251.
(2) - مختصر خليل 1/182.
(3) - رفاعة بن سموال القرظي.
له ذكر في الصحيح في طلاقه زوجته، وسميت في الموطأ تميمة بنت وهب.
ترجمته في: الإصابة 2/491-492، والاستيعاب ص: 500.
(4) - تميمة بنت وهب، امرأة رفاعة القرظي.
لا يعرف لها إلا قصتها مع زوجها في حديث العسيلة من رواية مالك في الموطأ.
ترجمتها في: الإصابة 7/545، والاستيعاب ص: 1798.(7/125)
... حتى يذوق عُسَيْلَتَكِ...إلخ: كناية عن الجماع التام، قال ثعلب: ( شبه لذته بلذة العسل، فاستعار لها ذوقا، وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل) هـ.
... وقال النووي: ( اتفق العلماء على أن مغيب الحشفة يحل المثلثة، لأن بدخول الحشفة تحصل العسيلة، وشذ الحسن فقال: إنما العسيلة بالإنزال) هـ، وعلى هذا استقر العمل عند عامة أهل العلم، وضبطوه بقيود أخر سدا للذريعة.
قال الشيخ خ: ( وحُرِّمَتِ المبثوثةُ حتى يولجَ بَالِغَ قَدْرِ الحَشَفَةِ بلا مَنْع ولا نُكْرَة فيه بانتشار في نكاح لازم وعِلْمِ خُلْوَة وزوجة فقط ولَوْ خَصِيًّا)(1).
... 5261- فطلق: الثاني قبل الجماع. حتى يذوق ...إلخ: أي الثاني.
5- باب من خير نساءه:
بين استمرار العصمة وبين التطليق، أي ما حكمه؟ وحكمه أنه لا يعد ذلك طلاقا.
... " إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيا "(2): إلى آخر الآية المشتملة على التخيير.
... 5263- بعد أن تختارني: فلو اختارت نفسها طلقت عليه ثلاثا، هذا مذهبنا معشر المالكية.
6- باب إذا قال فارقتك، أو سرحتك، أو البرية، أو الخلية، أو ما عني به الطلاق فهو/ على نيته:
إن نوى به الطلاق وقع وإلا فلا، وهذا مذهبنا أيضا لأن هذه الألفاظ من الكنايات، ولايلزم فيها الطلاق إلا بالنية.
7- باب من قال لامرأته: أنت علي حرام:
... أي ماذا عليه؟ اختلف الأئمة فيه على ثمانية عشرقولا، والذي عند المالكية أنه تلزمه طلقة واحدة بائنة على ما جرى به العمل عندهم، قال ناظمه: وطلقة بائنة في التحريم.
... وليس هذا كالذي يحرم الطعام: في عدم التحريم له، وهذا مذهبنا. قال الشيخ: (وتحريمُ الحلالِ في غيرِ الزوجةِ والأَمَةِ لَغْوٌ).
... وقال تعالى: " فضلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ "...إلخ(3).
... 5264- لو طلقت مرة أو مرتين: كان أولى لتتمكن من المراجعة.
__________
(1) - مختصر خليل 1/157.
(2) - سورة الأحزاب، الآية 28.
(3) - سورة البقرة، الآية 230.(7/126)
... 5265- طلق رجل: هو رفاعة. امرأته:تميمة. فتزوجت غيره: هو عبد الرحمن بن الزبير(1). وكانت معه - أي مع الثاني - مثل الهدبة: أي جارحة، أي ذكر مثل الهدبة في الرقة والاسترخاء. فلم تلبث أن طلقها: الثاني. إن زوجي: رفاعة. ولم يقربني: لم يطأني. إلا هنة: مرة. ولم يصل مني إلى شيء: من لذة الجماع.
8- باب " لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ "(2):
... خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أي من العسل أو مارية.
... 5266- ليست بشيء: أي لا شيء عليه، ومذهب المالكية أنه يلزمه طلقه واحدة بائنة، والجواب عن قول ابن عباس: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ إِسْوَةٌ" …إلخ(3) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم امرأته، وإنما حرم عسلا أو أمة على اختلاف الرواة في ذلك، وحكمهما معا مخالف لحكم المرأة الزوجة فلا تقاس عليهما، وقد بين المص الفارق في الباب قبله.
... 5267- مغافير: صَمْغٌ كريه الريح، قيل تشبه رائحته رائحة النبيذ.
... لا بأس: الزركشي: ( كذا وقع، والصواب: لا بل شربت عسلا) هـ(4).
... الدماميني: ( وما في الأصل صواب أيضا، فلا وجه لهذا الاستدراك)(5).
... 5268- فدخل على حفصة: في هذه الرواية أن التي سقته العسل هي حفصة، وفي السابقة هي زينب، والسابقة هي الراجحة، انظر الفتح(6).
__________
(1) - عبد الرحمن بن الزبير - بفتح الزاي وكسر الموحدة - ابن باطيا القرظي، من بني قريظة، ويقال هو ابن الزبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن مالك الأوسي. ثبت ذكره في الصحيحين في قصة طلاق امرأة رفاعة.
وروى عنه ولده الزبير بن عبد الرحمن، وهو من شيوخ مالك، وهو بضم الزاي بخلاف جده فإنه بفتحها.
ترجمته في: الإصابة 4/305-306، والاستيعاب ص: 833.
(2) - سورة التحريم، الآية 1.
(3) - سورة الأحزاب، الآية 21.
(4) - التنقيح ص: 206.
(5) - تعليق المصابيح ص: 544.
(6) - الفتح 9/470-471.(7/127)
... وقال القاضي في المشارق: ( المعروف ما جاء في غير هذه الرواية أن المتظاهرتين حفصة وعائشة، وأنه إنما شرب العسل عند زينب) هـ؛ زاد في الإكمال: ( إن هذا هو الأصح).
... جرست: بمعنى رعت، ولا يقال إلا في خصوص النحل للتصويت الزائد في رعيها.
... العرفط: هو الشجر الذي صمغه المغافير، قيل هو شجر الطلح.
9- باب " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُومِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة" الآية(1)
... غرضه والله أعلم بإيراد هذه الآية ترجمة على ما يؤخذ من التحفة وغيرها التنبيه على عدم وقوع الطلاق قبل النكاح ولو تعليقا، وهو تابع في ذلك لابن عباس، فإنه لما قيل له إن ابن مسعود يقول بوقوعه قبله أي تعليقا، قال: يرحمه الله لوكان كما قال لقال الله: "إذا طلقتم النساء ثم تنكحوهن"(2).
... وقال ابن عباس: جعل الله الطلاق بعد النكاح: روى ابن خزيمة أن ابن عباس سئل عن قول الرجل: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فقال ليس بشيء.
... ويروى في ذلك عن علي -إلى قوله: أنها لا تطلق-: أي بالتعليق قبل النكاح، فاقتصار المؤلف رحمه الله على هذا القول يدل على اختياره، ومذهب المالكية أنها تطلق، وأن الطلاق يلزم بالتعليق قبل النكاح كقوله: إن تزوجتها فهي طالق، قال الشيخ: (ومَحَلُّهُ مَا مَلَكَ قَبْلَهُ وإِنْ تعليقًا).
... 10- باب إذا قال لامرأته وهو مكره: "هذه أختي"، فلا شيء عليه:
من طلاق ولاظهار ولا غيرهما.
... قال إبراهيم / - عليه السلام -: هذه أختي: أي ولم يلزمه شيء.
__________
(1) - سورة الأحزاب، الآية 49.
(2) - بوب زكريا الأنصاري ( في التحفة 3/207) لهذا النص بعبارة : " باب لا طلاق قبل النكاح"، وقال في 3/208: ( وغرض البخاري بما قاله في الباب الرد على الحنفية في قولهم إنه يقع قبله).(7/128)
... قال العيني: ( لأن إبراهيم كان يتحقق أن هذا الفرعون يقتل من خالفه فيما يريده، فكان حاله في ذلك الوقت مثل حال المكره) هـ(1).
... والظاهر أنه خاف إن قال له زوجتي أن يقتله غيرة عليها، لأنه كان يفعل ذلك، فقال أختي ليسلم من القتل، فكان مكرها بهذا الاعتبار والله أعلم.
11- باب الطلاق في الإغلاق:
... أي بيان حكمه فيه وفيما عطف عليه، هل يلزم أو لا يلزم؟ والإغلاق هو الإكراه، فقوله "والكره" من عطف المرادف، وحكم الطلاق في الإكراه عندنا عدم اللزوم، لقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في مسلم: ( لا طلاق في إغلاق)(2)، أي إكراه.
... وقال الشيخ خ: ( ولَزِمَ ولو هَزْلاً لا إِنْ سبقَ لسانُهُ أو أُكْرِهَ - أي على النطق به أو على فعل ما حلف عليه- بخوفِ مُؤْلِم من قتل أو ضرب أو سجن أو قيد أو صفع لذي مروءة بِمَلَإ أو قَتْلِ ولده أو بماله - أي أخذه - وهل إِنْ كَثُرَ تَرَدُّدٌ لا أجنبيِّ وأُمِرَ بالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ)(3).
... والسكران: أي حكم طلاقه، وحكمه عندنا هو اللزوم.
... قال ابن عاصم : ويَنْفُذُ الواقعُ مِنْ سَكْرَانِ - مختلط كالعتقِ والأَيْمَانِ(4).
... وقال ابن عاشر: لاَ يَلْزَمُ السكرانَ إقرارُ عُقُودِ - بل ماجَنى عتقُ طلاق وحُدُودِ.
... والمجنون: وحكمه عندنا عدم لزوم طلاقه، قال الشيخ: ( وإنما يصحُّ طلاقُ المسلمِ المكلَّفِ)(5).
... الزرقاني: ( فلا يصح من مجنون ولو غير مطبق إن طلق حال جنونه، ولا من صبي ولو مراهقا)(6).
... وأمرهما: هل هو واحد أو مختلف؟ وعندنا أنه مختلف كما رأيت.
__________
(1) - عمدة القاري 20/250.
(2) - أخرجه أحمد في المسند 6/276، وأبو داود في الطلاق باب في الطلاق على غلط رقم 2193، وابن ماجة في الطلاق باب طلاق المكره والناسي رقم 2046، والحاكم 2/198، والبيهقي 7/357، والحديث ليس في صحيح مسلم.
(3) - مختصر خليل 1/186.
(4) - تحفة الحكام ص: 40.
(5) - مختصر خليل 1/186.
(6) - شرح الزرقاني على خليل 4/84.(7/129)
... والغلط: أي بيان حكمه وهو إما في التلفظ باليمين أو في فعل المحلوف عليه، وحكم الأول عندنا عدم لزوم الطلاق، قال الشيخ: ( لاَ إِنْ سَبَقَ لِسَانُهُ)(1)، الزرقاني: (بأن قصد التكلم بغير الطلاق فتكلم به، فقال أنت طالق، فلاشيء عليه)(2)؛ وحكم الثاني لزوم الحنث كما يأتي.
... والنسيان: وحكمه عندنا الحنث به، ولزوم الطلاق إن أطلق، قال الشيخ: (وحنث بالنسيان إن أطلق)، الزرقاني: ( أي في يمينه ولم يقل لا أفعله مالم أنس، ومثل النسيان الخطأ والجهل والغلط، أي في فعل المحلوف عليه، كمن حلف: لا أكلم زيدا فكلمه معتقدا أنه غيره).
... في الطلاق والشرك: الزركشي: ( ويروى " والشك" وهو أليق)هـ(3) ، ومعناه على ما في الأصل أنه إذا وقع من المكلف ما يقتضيه غلطا أو نسيانا هل يحكم به أم لا، وانظر كتاب الإكراه. وغيره: أي غير الشرك مما هو دونه، أو غير ما ذكر من الخطأ والنسيان كسبق اللسان والهزل وغير ذلك.
... ولكل امرئ ما نوى: فلا يؤاخذ المكلف إلا بما نواه، لا بما أكره عليه مثلا.
... وما لا يجوز من إقرار الموسوس: أي الضعيف العقل، ومذهبنا أن إقراره جائز كطلاقه.
... أبك جنون؟ فلو قال نعم لم يرجمه.
... فخرج وخرجنا معه: ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخذه بذلك، وبه تمسك من قال بعدم مؤاخذة السكران، لكن ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغرم حمزة الناقتين، فسقط استدلال من استدل به على ما ذكر.
... ليس لمجنون ولا لسكران...إلخ: قد علمت مذهبنا في ذلك.
... إذا بدأ بالطلاق: أي المعلق على شرط كقوله: أنت طالق إن دخلت الدار.
__________
(1) - مختصر خليل 1/186.
(2) - شرح الزرقاني على خليل 4/85.
(3) - التنقيح ص: 220.(7/130)
... فله شرطه: ( ظاهره وإن أخره فلاشيء عليه/، والجمهور وعامة الفقهاء على أنه يلزمه الطلاق بفعل المحلوف عليه بدأ بالطلاق أو بالشرط، وإنما يروى الخلاف في ذلك عن شريح(1) والنخعي)، قاله ابن بطال.
... نيته: لأنه من الكنايات، فإن نوى الطلاق طلقت عليه وإلا فلا. بلسانهم: عربيا كان أو أعجميا.
... يغشاها: يجامعها. مرة: واحدة. فإن استبان ...إلخ: هذا مذهب الجمهور، وقال المالكية يحنث بالوطء بعد التعليق أو قبله، استبان بها حمل أم لا، قال الشيخ: ( لاَ إِنْ حَمَلْتِ إِلاَّ أَنْ يَطَأَهَا مَرَّةً وإِنْ قَبْلَ يَمِينِهِ)(2).
... نيته: يعمل عليها لأنه من الكنايات.
... عن وطر: حاجة كالنشوز الواقع منها، فينبغي ألا يطلق إلا عند الحاجة إليه.
... فهو مانوى: لأنه من الكنايات، وهذا مذهبنا أيضا.
... المعتوه: المغلوب على عقله.
... 5269- إذا طلق في نفسه فليس بشيء: مذهبنا أنه إذا أجرى لفظ الطلاق على قلبه كما يجريه على لسانه من غير تلفظ به ففيه خلاف، وهذا معنى قول الشيخ: ( وفي لُزُومِهِ بِكَلاَمِهِ النَّفْسِيِّ خِلاَفٌ)(3)، وأما إذا عزم عليه بقلبه ثم بدا له عدمه فلا يلزمه اتفاقا.
... أنفسها: بالنصب على المفعولية والرفع على الفاعلية.
... 5270- رجلا: هو ما عز(4)
__________
(1) - أبو أمية شريح بن الحارث بن قيس الكوفي النخعي، القاضي المعروف، مات قبل الثمانين وله مائة وثمان سنين.
ترجمته في: طبقات ابن سعد 6/131، وتهذيب الكمال 576.
(2) - مختصر خليل 1/194.
(3) - مختصر خليل 1/191.
(4) - ماعز بن مالك الأسلمي، وهو الذي رجم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه قال: " لقد تاب توبة لو تابها طائفة من أمتي لأجزأت عنهم"؛ وفي صحيح ابن حبان قال: " لقد رأيته يتحضحض في أنهار الجنة".
ترجمته في: الإصابة 5/705، والاستيعاب ص: 1345.(7/131)
. فأعرض عنه: لأن الأولى له ستر نفسه، وتكفيه التوبة لأن الحق لله لا للآدمي، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ( من ابتلي منكم بهذه القذرات فليستتر بستر الله). هل بك جنوب؟: قال لا، وهذا هو الغرض من هذا الحديث، فلو قال نعم لم يعمل بإقراره. أَذْلَقَتْهُ: أصابته. جَمَزَ: هرب.
... 5271- رجل: ما عز. إن الْأَخِرَ: بهمزة مقصورة، ومدها خطأ، أي المتأخر عن السعادة.
12- باب الخُلْع:
... الخلع هو الطلاق بعوض، وهو جائز عند الجمهور، بل حكى ابن العربي في العارضة الإجماع عليه مع استقامة الحال.
... وكيف الطلاق فيه؟ يعني هل يقع بمجرده أو لابد من التلفظ فيه بلفظ الطلاق، ومذهبنا أنه لابد فيه من التلفظ بلفظ الطلاق.
... دون السلطان: أو نائبه، وهذا مذهبنا، قال الشيخ: ( وبلا حاكم)(1).
... دون عقاص رأسها: أي بكل شيء سوى ما تربط به شعر رأسها.
... ولم يقل طاوس: لا يحل الخلع.
... لا أغتسل ...إلخ: تريد منعها من وطئها، فتكون ح ناشزا.
... 5273- أن امرأة ثابت: جميلة(2) أخت عبد الله بن أبي بن سلول، وقيل بنته، وبه جزم الدمياطي والزركشي(3).
... أكره الكفر: أي إن أقمت عنده ربما أقع فيما يقتضي الكفر لأني أكرهه طبعا، لاأنه يحملها عليه؛ زاد ابن ماجة: ( والله لولا مخافة الله إذا دخل علي بصقت في وجهه، وكان رجلا ذميما، وكانت هي ذات جمال).
... وفي رواية: ( قالت يا رسول إني رفعت الخباء فرأيته أقبل في جماعة، فإذا هو أشدهم سوادا، وأقصرهم قامة، وأقبحهم وجها).
... أتردين عليه حديقته؟: بستانه الذي أصدقك إياه.
__________
(1) - مختصر خليل 1/181.
(2) - جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول.
تزوجت حنظلة بن أبي عامر الملقب بغسيل الملائكة، فقتل عنها يوم أحد، ثم تزوجها ثابت بن قيس واستشهد باليمامة، ثم تزوجت خبيب بن إساف.
وقتل ابناها عبد الله ومحمد يوم الحرة.
ترجمتها في: الإصابة 7/562-563، والاستيعاب ص: 1802.
(3) - في التنقيح ص: 221.(7/132)
... وطلقها: هذا أمر إرشاد لا إيجاب، أي فقبل وطلقها.
... لا يتابع: أي أزهر(1). عن ابن عباس: لأن غيره أرسله ولم يذكر ابن عباس.
... 5274- خالد: الطحان. عن خالد: الحذاء. أخت عبد الله بن أبي: رأس المنافقين. قال الزركشي: ( صوابه بنته)(2). وطلقها: أي قال فيه وطلقها.
... 5275- لا أطيقه: زاد الإسماعيلي: بغضا.
13- باب الشقاق:
أي التنازع والاختلاف. وهل يشير - أي الحاكم - بالخلع عند الضرورة؟ نعم كما وقع في قصة ثابت السابقة، ولعله أراد أن يخرجها من طريق أخرى فلم يتفق له ذلك.
... 5278- إن بني المغيرة: إخوة أبي جهل. ابنتهم: جميلة أو جويرية أو العوراء بنت أبي جهل، ومطابقته أن فاطمة رضي الله عنها ماكانت ترضى بذلك، فكان الشقاق بينها وبين علي متوقعا /، فأراد - صلى الله عليه وسلم - رفع وقوعه بمنع علي من ذلك بطريق الإيماء والإشارة، قاله الكرماني(3).
14- باب لا يكون بيع الأمة:
المتزوجة بالغير، حر أو عبد مملوك، لسيدها أو للغير. طلاقا: لها أي لأن الطلاق بيد الزوج مطلقا، لا بيد السيد، وهذا قول الجمهور، قاله في الإكمال.
... 5279- أنها أعتقت: بعد بيعها، فخيرت في زوجها: مغيث، أي في فراقه أو المقام معه، وهذا محل الترجمة، لأنه لو كان بيعها طلاقا لم يكن لتخييرها فائدة.
... 15- باب خيار الأمة تحت العبد:
... أي ثبوته لها إذ أعتقت وهي تحته، ومفهومه أنها لو كانت تحت حر لم يكن لها خيار، هذا مذهب المالكية والشافعية والجمهور.
... 5281- عبد بني فلان: أي بني المغيرة من بني مخزوم. يبكي عليها: حيث اختارت فراقه وفارقته.
__________
(1) - أزهر بن جميل بن جناح الهاشمي مولاهم، أبو محمد البصري.
روى عن عبد الوهاب الثقفي وخالد بن الحارث وابن عيينة.
وعنه البخاري والنسائي وزكريا خياط السنة.
مات سنة 251هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/200-201.
(2) - التنقيح ص: 221.
(3) - في الكواكب الدراري 19/200.(7/133)
16- باب شفاعة النبي صلى الله عليه في زوج بريرة:
لترجع إلى عصمته دون إلزام لها بذلك.
17- باب:
... كالفصل مما قبله، ومطابقة حديثه له لائحة.
18- باب قول الله تعالى: " وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ " (1)
... أي لا تتزوجوهن.
... 5285- أن ابن عمر كان إذا سئل…إلخ: محصله أن ابن عمر جعل لفظ المشركات شاملا لليهود والنصارى، فحرم نكاح الجميع، ووجهه بما في الأصل، والجمهور على خلافه، وأن عموم آية البقرة خص بآية المائدة وهي: " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوْتُوا الْكِتَابَ"…إلخ (2)، والأئمة الأربعة علىحل الكتابية الحرة، وعلى المنع من غير أهل الكتاب، إلا أن مالكا كرهه في الكتابية، بل قال ابن عبد البر: ( أجمع فقهاء الأمصار على أن نكاح المجوسيات والوثنيات وماعدا اليهوديات والنصرانيات لا يحل)هـ.
... وقال الشيخ: ( وحُرِّمَتِ الكافرةُ إلا الْحُرَّةُ الكتابيَّةُ بِكُرْه وتَأَكَّدَ بِدَارِ الْحَرْبِ)(3).
19- باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن:
... أي حكم نكاحهن وحكم عدتهن.
... 5286- حتى تحيض:أي ثلاث حيض،لأنها صارت بإسلامها وهجرتها من الحرائر.
... ردت إليه: بعقد جديد إن شاءت. وإن هاجر ...إلخ: هذا قول مجاهد.
... 5287- قريبة(4): أخت أم سلمة.
20- باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية أو اليهودية تحت الذمي أو الحربي:
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 221.
(2) - سورة المائدة، الآية 5.
(3) - مختصر خليل 1/159.
(4) - قريبة - بفتح أوله، ويقال بالتصغير - بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، أخت أم سلمة، تزوجها عبد الرحمن بن أبي بكر، وكانت امرأة موصوفة بالجمال والرفق.
ترجمتها في: الإصابة 8/81-82.(7/134)
قبل أن يسلم، ما الحكم في ذلك؟ وذكر فيه مذاهب، ومذهبنا معشر المالكية أنه يقرر عليها إن أسلم قبل انقضاء عدتها، وإلى هذه الصورة مع عكسها وهبي إذا أسلم الزوج أولا، أشار الشيخ بقوله: ( وقُرِّرَ عليها – أي على الحرة الكتابية –إِنْ أسلم، وعلى الأَمَةِ والمجوسيَّةِ إِنْ عَتَقَتْ وأَسْلَمَتْ ولم يَبْعُدْ كَالشَّهْرِ، أو أَسْلَمَتْ ثم أَسْلَمَ في عِدَّتِهَا)(1).
... وقال الله: ذكره تقوية لقول عطاء. جاءت: يعني اليوم.
... 5288- بهذا الشرط: هو ألا يشركن ...إلخ. بالمحنة: أي الامتحان.
... 21- باب قول الله عز وجل : " لِلّذِينَ يُولُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ":
... يحلفون ألا يجامعوهن، " تَرَبُّصُ": انتظار، " أَرْبَعَةِ أَشْهُر فَإِن فَاءُوا " ورجعوا فيها أو بعدها عن اليمين إلى الوطء "فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاَقَ": أي عليه بأن لم يفيئوا فليوقعوه "فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"(2).
... ذكر في هذه الترجمة حكم الإيلاء، وهو كما عرفه الشيخ: ( يمينُ زوج مسلم مكلف يُتَصَوَّرُ وِقَاعُهُ وإِنْ مريضًا بمنعِ وطءِ زوجتهِ وإنْ تعليقًا غيرِ المرضعِ وإنْ رِجْعِيَّةً أكثرَ من أربعةِ أشهر أو شهرينِ للعَبْدِ)(3).
... 5289- عن أخيه: عبد الحميد. آلى رسول الله صلى الله عليه من نسائه:/ ألا يدخل عليهن شهرا.
... ابن حجر: ( المراد بقول أنس " آلى" حلف، وليس المراد به الإيلاء العرفي في كتب الفقه اتفاقا، لأنه حرام يأثم به من علم حاله، ولا يجوز نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -)(4)، ونحوه للعيني، ثم قال: ( فالمراد بالإيلاء في الحديث الإيلاء اللغوي، وهو الحلف، وهو لاينفك عن المعنى الشرعي، وبه توجد المطابقة)(5).
... في مشربة: غرفة. الشهر تسع وعشرون: وكان حلف في أوله.
__________
(1) - مختصر خليل 1/159.
(2) - سورة البقرة، الآية 226-227.
(3) - مختصر خليل 1/202.
(4) - الفتح 9/533.
(5) - عمدة القاري 20/276-277.(7/135)
... 5290- إلا أن يمسك بمعروف: بأن يطأ.
... 5291- يوقف: أي يوقفه الحاكم. حتى يطلق: أو يفيء. ولا يقع عليه الطلاق...إلخ: فإن امتنع طلق عليه، قال الشيخ: ( وإلا أمر بالطلاق وإلا طلق عليه)(1).
واثنا عشر رجلا …إلخ: وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وسائر أصحاب الحديث.
22- باب حكم المفقود في أهله وماله:
... ابن عرفة: ( المفقود من انقطع خبره، ممكن الكشف عنه).
تربص امرأته سنة: هذا محمول على المشهور عند المالكية على القتال الواقع بين المسلمين والكفار، وأما القتال الواقع بين المسلمين بعضهم بعضا فتعتد زوجته من انفصال الصفين.
... قال الشيخ: ( واعتدَّتْ في مفقودِ المُعْتَرَكِ بين المسلمين بعد انفصالِ الصَّفَّيْنِ، وفي الفَقْدِ بين المسلمين والكفار تعتدُّ سَنَةً بعد النَّظَرِ)هـ(2)، هذا حكم زوجته، وأما ماله فلابد فيه من مضي مدة التعمير فيهما كما يأتي. فالتمس صاحبها سنة: ليؤدي له ثمنها. يعطي الدرهم…إلخ: أي يتصدق به. فلي وعلي: أي لي الثواب وعلي ثمنها. لا تتزوج امرأته: أي لا تطلق عليه وتتزوج، يعني إن دامت نفقتها بل تبقى لمدة التعمير، فإن لم تكن لها نفقة طلقت عليه بالإعسار بها. فسنته سنة المفقود: ينتظر به التعمير، وهذا مذهبنا أيضا، قال الشيخ: ( وبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ – أي المفقود- ومَالُهُ وزَوْجَةُ الأسيرِ ومفقودُ أرضِ الشِّرْكِ، لِلتَّعْمِيرِ وهو سبعون، واختار الشَّيْخَانِ ثمانين، وحُكِمَ بِخَمْس وسبعين)(3).
... 5292- وِكَاءَهَا: خيطها الذي شدت به. وعقاصها: خرقتها التي شدت فيها. فإن جاء من يعرفها: أي فادفعها له لأنها لازالت على ملكه، وهذا وجه إيراد هذا الحديث هنا، يعني كما أنه لم يزل ملك الضالة عن مالكها، كذلك لم يزل ملك المفقود عن ماله وزوجته.
23- باب الظِّهَار:
هو تشبيه المسلم المكلف من تحل أو جزءها بظهر محرم أو جزءه.
__________
(1) - مختصر خليل 1/204.
(2) - مختصر خليل 1/217-218.
(3) - مختصر خليل 1/217.(7/136)
... وقول الله تعالى: " قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا "(1): المجادلة هي خولة بنت ثعلبة(2)، وزوجها أوس بن الصامت(3) ، وظهاره أول ظهار وقع في الإسلام.
إلى قوله: " ستين مسكينا " مد لكل مسكين. ظهار الحر والعبد من الحرة والأمة: المملوكة، سواء هذا مذهبنا لأن لفظ النساء يشمل الأمة لغة. لما قالوا: أي في تفسير قوله تعالى: " ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا"(4)، وفي نقض ماقالوا: بأن تخالفوه قال الشيخ: ( وتجب – أي الكفارة – بالعَوْدِ ولا تجزئ قبله وتَتَحَتَّمُ بالوَطْءِ وهَلْ هُوَ – أي العَوْدُ- العَزْمُ على الوَطْءِ أو مع الإمساك تَأْوِيلاَنِ)(5). وهذا أولى: أي من قول داود إن المعنى أن يقع العود بالقول بأن يعيد لفظ الظهار؛ وقال ابن العربي : ( القول بأنه العود إلى لفظ الظهار باطل قطعا ونسبته إلى بكير بن الأشج لا تصح)، ثم أطال في بيان ذلك، أنظر الأحكام(6).
24- باب الإشارة في الطلاق والأمور:
الشرعية، أي جواز الإشارة المفهمة فيما ذكروا إمضاؤها لأنها تقوم مقام النطق، هذا مذهب الجمهور، خلافا لأبي حنيفة، قال الشيخ:( ولَزِمَ - أي الطلاق - بالإِشَارَةِ المُفْهِمَةِ)هـ (7).
ثم ذكر المص رحمه الله أحاديث وآثارا تتضمن استعمال الإشارة في أمور مهمة وأحكام شرعية تنبيها منه على إلحاق الطلاق بها، وهو ظاهر.
__________
(1) - سورة المجادلة، الآية 1.
(2) خولة بنت ثعلبة، كذا للأكثر، ونسبها ابن الكلبي فقال: بنت ثعلبة بن مالك بن الدخشم، كانت تحت أوس بن الصامت.
ترجمتها في: الإصابة 7/618.
(3) - أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، أخو عبادة بن الصامت. شهد بدرا والمشاهد.
مات في أيام عثمان.
ترجمته في: الإصابة 1/156-157، والاستيعاب ص: 118.
(4) - سورة المجادلة، الآية 3.
(5) - مختصر خليل 1/207.
(6) - أحكام القرآن ص: 1753 ( الجزء 4).
(7) - مختصر خليل 1/190.(7/137)
... 5293- وعقد تسعين: بأن عطف السبابة وجعل / رأسها في أصلها وضم الإبهام عليها، وعقد الأصابع نوع من الإشارة المفهمة.
... 5294- إلا أعطاه: مالم يسأل حراما. وقال بيده: أي أشار أنملته، أي أنملة إبهامه الشريفة. يزهدها: يقللها، أي يقلل وقتها، وتقدم الكلام عليها مستوفى في الجمعة.
... 5295- أَوْضَاحًا: حليا من فضة. فرضخ: كسر رمق نفس. أصمتت: خرس لسانها. لغير الذي قتلها: ليتحقق صحة عقلها وذهنها. أن لا: أن تفسيرية . فأمر به صلى الله عليه بعد إقراره. فرضخ رأسه ...إلخ استدل به الأئمة الثلاثة على أن المرء يقتل بما قتل به، وقال أبو حنيفة: لا يقتل إلا بالسيف.
... 5297- لرجل: هو بلال. اِجْدَحْ لي: لث السويق بالماء. من هاهنا: أي من ناحية المشرق. أفطر الصائم: أي دخل وقت فطره.
... 5298- ليرجع قائمكم: أي ليرد - أي بلال - قائمكم لنومه حيث علم أن الفجر لم يطلع . أن يقول: هذا من إطلاق القول على الفعل. وأظهر يزيد(1) يديه: أي رفعها طويلا إشارة إلى صورة الفجر الكاذب، ثم مد إحداهما من الأخرى إشارة إلى الفجر الصادق.
... 5299- مَادَّتْ: من المد. تَرَاقِيهِمَا: جمع ترقوة، والترقوتان العظمان المشرفان في أعلى الصدر. تُجِنَّ: تستر. بنانه: أطراف أصابعه. وتَعْفُوَ أَثَرَهُ: تمحو أثر مشيه على الأرض، وتزيله لسبوغها وطولها.
25- باب اللِّعَان:
... عرفه ابن عرفة بقوله: ( حلف الزوج على زنا زوجته، أو نفي حملها اللازم له، وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم قاض).
__________
(1) - يزيد بن زريع التميمي، أبو معاوية البصري الحافظ.
روى عن سليمان التيمي وحميد الطويل وحبيب بن الشهيد وخالد الحذاء وشعبة.
وعنه ابن المبارك وابن مهدي وبهز بن أسد ومسدد وابن المديني.
قال ابن معين: من أثبت شيوخ البصريين.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/325-328.(7/138)
... ابن بطال: ( التلاعن لا يكون إلا عند السلطان أو عند من استخلفه السلطان من الحكام، وهذا إجماع) هـ، وسمي لعانا القول لرجل: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.
... " يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ "(1): أي بالزنا.
... في الفرائض: أي في الأمور المفروضة، وهو قول بعض أهل الحجاز: كمالك وغيره، قال الشيخ: ( وأَشَارَ الأَخْرَسُ أَوْ كَتَبَ)(2).
... " إلا رمزا ": من قوله تعالى: " قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّام اِلاَّ رَمْزًا"(3)، وقال بعض الناس - هم الحنفية -: لا حد ولا لعان: بالإشارة من الأخرس وغيره، وكذلك العتق: بالإشارة، وح فالتفرقة بين القذف والطلاق بلا دليل تحكم.
... فأشار بأصابعه: أي الثلاث. تبين منه: وهذا مذهبنا أيضا.
... إذا كتب الطلاق بيده لزمه: وكذا غير الأخرس يلزمه ما كتبه، قال الشيخ: (وبالكتابةِ عَارِفًا أَوْ لاَ إِنْ وَصَلَ الْكِتَابُ)(4).
... إن قال: أشار برأسه لشيء، أي شيء كان طلاقا أو لعانا أو غيرهما. جاز: ومضى، وهذا مذهبنا أيضا، قال في تحفة ابن عاصم:
ومِنْ أَصَمَّ أَبْكَمَ العُقُودَ - جائزةٌ ويَشْهَدُ الشُّهُودُ(5).
... 5300- ثم قال: أشار. كالرامي بيده: أي كمن كان في كفه شيء فرمى به ثلاثا، يعني وقبض إبهامه في المرة الثالثة.
... 5303- الإيمان هاهنا: لإذعان أهله بسرعة. في الفدادين: جمع فداد، غليظ الصوت.
... 5304- شيئا: قليلا، إشارة إلى تفاوت ما بينهما.
... (والغرض من هذه الأحاديث الخمسة تحقيق اعتبار الإشارة بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -)، قاله الكرماني(6).
26- باب إذا عرض بنفي الولد:
__________
(1) - سورة النور، الآية 6.
(2) - مختصر خليل 1/211.
(3) - سورة آل عمران، الآية 41.
(4) - مختصر خليل 1/190-191.
(5) - تحفة ابن عاصم ص:63.
(6) - في الكواكب الدراري 19/219.(7/139)
... التعريض ذكر شيء يفهم منه شيء آخر، أي لا يكون ذلك قذفا يوجب الحد، ابن غازي: ( إنما يوجب المالكية الحد في التعريض إذا كان في مقام المشاتمة لا في مقام السؤال كحديث الباب) هـ، وأصله للمهلب.
... 5305- رجلا: هو ضمضم بن قتادة(1). إن إمرأتي: لم يقف ابن حجر على اسمها ولا اسم ولدها(2). أسود: أي وأنا أبيض. أورق: أحمر فيه سواد غير حالك.
... فأنى ذلك؟: أي من أين أتاها ذلك؟. نزعه عرق: أي جذبه إليه أصل من النسب. نزعه: أي عرق أيضا.
... قال القرطبي تبعا لابن رشد: ( لا خلاف أنه لا يحل نفي الولد باختلاف الألوان المتقاربة كالأدمة والسمرة، ولا في البياض والسواد إذا كان قد أقر بالوطء ولم تمض مدة الاستبراء).
27- باب إحلاف الملاعن:
... أي تحليفه بصيغة يمين اللعان المعروفة.
... قال ابن عطية: ( المستحب من القاضي اللعان أن يمشي مع ترتيب القرآن، ولفظه: فيقول الزوج: أشهد بالله لرأيت هذه المرأة تزني/، أو ما هذا الحمل مني، وإني في ذلك لمن الصادقين، ثم يقول في الخامسة: لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين، وتقول المرأة: أشهد بالله مازنيت، أو إن هذا الحمل منه، وإنه في ذلك لمن الكاذبين، ثم تقول في الخامسة: غضب الله علي إن كان من الصادقين)(3).
... 5306- من الأنصار: هو عويمر(4).
28- باب يبدأ الرجل بالتلاعن:
__________
(1) - ضمضم بن قتادة.
جاء مبهما في حديث الصحيحين لما ولد له ولد أسود، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: الإصابة 3/493-494.
(2) - قال في الفتح 9/553: ( لم أقف على اسم المرأة، ولا على اسم الغلام).
(3) -المحرر الوجيز 10/447.
(4) - عويمر بن الحارث بن زيد بن جابر بن الجد بن العجلان، هو ابن أبي الأبيض العجلاني.
أخرج الشيخان في حديث نزول آية اللعان سؤاله عمن وجد مع زوجته رجلا.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1226، والإصابة 4/746-747.(7/140)
قبل المرأة، أي وجوبا، قال الشيخ: (وفي إِعَادَتِهَا إِنْ بَدَأَتْ خلاَفٌ)(1).
... 5307- أن هلال بن أمية: قال في المشارق: ( قال المهلب: ذكر هلال بن أمية غلط من هشام بن حسان، والمعروف عُوَيْمِر العجلاني) هـ، وقدمنا جواب الحافظ عنه في التفسير فانظره.
... تنبيه: زاد في التفسير تسمية من قذفها به، وهو شريك بن سمحاء، وكتب عليه الإمام المازري ما نصه: ( اختلف الناس إذا قذف الرجل زوجته بشخص بعينه هل يحد له أم لا، وإن لاعن زوجته فعند مالك أنه يحد للرجل. وقال الشافعي: لا يحد لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحد الزوج لشريك وقد سماه، وقال بعض أصحابنا: لا حجة فيه لأن شريكا لم يطلب حده ولا قام بطلب عرضه)، هـ من الإكمال بحروفه(2).
29- باب اللعان ومن طلق:
... أي بعد التلاعن.
... 5308- رجلا: أجنبيا منها. أيقتله فتقتلونه: هذا الذي عليه الجمهور، المالكية وغيرهم، وهو أنه يقتل به إن قتله، إلا إذا أتى بأربعة شهداء على زناه بها؛ قال الشافعي: ويسعه ذلك فيما بينه وبين الله، انظر كتاب المحاربين فقد أوضحنا فيه هذه المسألة.
فطلقها ثلاثا: مذهبنا أن بنفس فراغها من اللعان تتأبد حرمتها من غير احتياج للتلفظ بالطلاق.
... قال الشيخ: ( وبِلِعَانِهَا تَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا)(3).
... الزرقاني: ( وفسخ نكاحها بلا طلاق قبل البناء أو بعده، لكن لها نصف الصداق إن حصل قبله لاتهامه باللعان على إسقاطه)(4).
... ... 30- باب التلاعن في المسجد:
أي جوازه فيه.
... 5309- وحرة: دويبة تترامى على اللحم والطعام فتفسده. أعين: كبير العينين. ذا أليتين: عظيمتين.
31- باب قول النبي صلى الله عليه: لو كنت راجما بغير بينة:
أي لرجمتها.
__________
(1) - مختصر خليل 1/212.
(2) - انظر: المعلم لفوائد مسلم 2/211-212.
(3) - مختصر خليل 1/213، وفيه: ( بالتعانها).
(4) - شرح الزرقاني على خليل 4/197.(7/141)
... 5310- فقال عاصم(1)…إلخ: أي قال: لو وجد مع امرأته رجلا ضربه بالسيف حتى يقتله. بالذي وجد...إلخ: أي بالحال الذي وجدها عليه وهو كونها مع رجل آخر في لحاف واحد. مصفرا: كثير الصفرة. سَبْطَ الشعر: مسترسله. خَدْلاً: ممتلئ الساقين. آدم: أسمر.
32- باب صداق الملاعنة:
... أي هل لها صداق أم لا؟ والجمهور على أن لها الصداق كاملا إن كانت مدخولا بها، أو نصفه إن كانت غير مدخول بها.
... 5311- مالي: أي ما دفعت لها من الصداق.
33- باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب: لله تعالى.
عن حديث المتلاعنين: أيفرق بينهما أم لا؟ فقال بأصبعه: من إطلاق القول على الفعل. وفرق سفيان…إلخ: أراد بذلك بيان الكيفية.
34- باب التفريق بين المتلاعنين:
... أي وجوبه على التأبيد.
... 5313- فرق بين رجل...إلخ: أي حكم بأن يفترقا حسا لحصول الافتراق شرعا بنفس اللعان.
... 5314- لا عن النبي صلى الله عليه: أي أمر بالتلاعن.
35- باب يلحق الولد بالملاعنة:
فيرثها وترثه.
36- باب قول الإمام: اللهم بين:
أظهر لنا / صدقها من كذبها.
... قال ابن العربي: ( لم يكن دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - ليبين صدق أحدهما، أي فيحكم به وينقض الحكم الأول، وإنما كان أن تضع المولود حتى يكون شبهه بيانا لأحدهما، ولا ينفش ولايموت، فلا يكون هناك بيان، وهذا ردع للنساء على التلبيس بمثل هذا الفعل).
... 5316- رجل: عويمر. بالذي وجد: أي بالحال الذي وجدها عليه. سبط الشعرة: مسترسلها. آدم: أسمر. خدلا: ممتلئ الساقين. جَعْدًا: أي جعد الشعر. قَطَطًا: شديد الجُعُودَة.
37- باب إذا طلقها ثلاثا:
__________
(1) - عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة بن حرام البلوي العجلاني.
كان سيد بني عجلان، واتفقوا على ذكره في البدريين.
وله ذكر في الصحيح في قصة المتلاعنين.
مات عام 45 هـ، وهو ابن مائة وخمس عشرة وقيل عشرين.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 781، والإصابة 3/572-573.(7/142)
أي طلق الزوج زوجته ثلاثا، ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها: الثاني، هل تحل للأول إن طلقها الثاني؟ الجواب: لا تحل.
... 5317- مثل هدبة: أي ذكر مسترخي مثل…إلخ. فقال لا: ترجعين إلى الأول وإن طلقك الثاني لعدم وجود النكاح المعتبر شرعا من الثاني، حتى تذوقين عسيلته …إلخ: كناية عن الجماع التام بشروطه.
38- " وَاللَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمُ إِنِ ارْتَبْتُمْ "(1):
هذا أول كلامه على العدة، وعرفها ابن عرفة بقوله: ( مدة منع النكاح بفسخه أو موت الزوج أو طلاقه)، وقال الشيخ: ( تعتد حرة أطاقت الوطء بخلوة بالغ غير مجبوب أمكن شغلها منه لا بغيرهما إلا أن تقر به أو يظهر حمل ولم ينفه بثلاثة أقراء أطهار وذي الرق قرءان)(2).
قال مجاهد: في تفسير قوله تعالى: " إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُر" …إلخ.
... " وَأُوْلاَتُ الاَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَّضَعْنَ حَمْلَهُنَّ "(3): هكذا في نسخنا بقلم الأصل غير ترجمة، وذكره في المشارق والتحفة(4) ترجمة، وكذا في الإرشاد(5) ولفظه " باب" بالتنوين، وهو ساقط لأبي ذر.
... و" أُوْلاَتُ" …الخ: يعني سواء في ذلك المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن.
__________
(1) - سورة الطلاق، الآية 4.
(2) - مختصر خليل 1/213.
(3) - سورة الطلاق، الآية 4.
(4) - تحفة الباري 3/214.
(5) - الإرشاد 8/201.(7/143)
... 5318- تحت زوجها: سعد بن خولة. حُبْلَى: فوضعت بعد موته بأربعين ليلة. فقال - أي أبو السنابل(1) - لما رآها: تجملت لغيره من الخطاب، وللكشميهني: "فقالت"، قال القاضي: ( كذا لكافتهم، وفيه تغيير ونقص، والصواب " فقال").
... انكحي: فقد خرجت من العدة بوضعك، قال في الإكمال: ( هذا الذي قال به جميع العلماء وأئمة الفتوى).
... 5320- نفست: أي وضعت حملها.
39- قول الله عز وجل: "وَالْمُطَلَّقَاتُ"
... المدخول بهن من ذوات الحيض، "يَتَرَبَّصْنَ": يمكتن في عدتهن، "بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوء"(2): أي أطهار، وهو خبر بمعنى الأمر، وهذا حكم ثابت كتابا وسنة وإجماعا، فما يفعله بعض القضاة والعدول اليوم من اعتدادهن بالأشهر لا قائل به، وهو مصادم لما ذكر، وقول الزقاق(3): قُرُوء في اعْتِدَاد بِأَشْهُر - ثلاثة …إلخ(4)،
معناه أنها إن ادعت حصول الأقراء الثلاثة في أقل من ثلاثة أشهر لا تصدق، وليس معناه أنها تعتد بالأشهر فتنبه لذلك.
__________
(1) - أبو السنابل بن بعكك - بوزن جعفر - ابن الحارث بن عميلة بن السباق بن عبد الدار القرشي العبدري، واسمه صبة أو صنة، وقيل عمرو أو عامر، وقيل غير ذلك. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه الأسود النخعي، وزفر النصري. ثبت ذكره في الصحيحين في قصة سبيعة الأسلمية لما مات زوجها، وتزينت للخطاب، فأنكر عليها، ثم إنه تزوجها بعد ذلك وأولدها سنابل بن أبي السنابل. ترجمته في: الاستيعاب ص: 1684، والإصابة 7/190-191.
(2) - سورة البقرة، الآية 228.
(3) - علي بن القاسم بن محمد التجيبي، المعروف بالزقاق.
من أهل فاس، وأخذ عن شيوخ غرناطة.
له: لامية في علم القضاء، والمنهج المنتخب إلى أصول المذهب. توفي سنة 912هـ.
ترجمته في: هدية العارفين 1/745.
(4) - لامية الزقاق، البيت 194، ص: 136 ( مطبوعة مع تحفة ابن عاصم)، والبيت بتمامه:
وذات قروء في اعتداد بأشهر - وتاريخ تسجيل وشبه تحصلا.(7/144)
من تزوج في العدة: تزويجا فاسدا. ولا تحتسب به لمن بعده: إن وقع الفسخ بل تستأنف عدة أخرى، وهذا مذهبنا أيضا.
... قال الشيخ: ( وإِنْ طَرَأَ مُوجِبٌ قبل تمامِ عدة أو استبراء انهدمَ الأوَّلُ وائْتَنَفَتْ كمعتدة وَطِئَهَا المُطَلِّقُ أو غيرُهُ فاسدًا بِكَاشْتِبَاه)(1).
وقال معمر: هو ابن المثنى المعروف بأبي عبيدة، اللغوي المعتزلي. إذا دنا طهرها: فيستعمل في الضدين، ومذهب المالكية والشافعية أنه الطهر. بِسَلًى: هو غشاء الولد.
40- قصة فاطمة بنت قيس(2):
... من المهاجرات الأُول.
... " لاَ تُخْرِجُوهُنَّ ": أي المطلقات، " مِن بُيُوتِهِنَّ "(3): التي كن يسكنها قبل العدة، وهي بيوت الأزواج، وهذا حق لله ليس لأحد تركه إلا لعلة كما يأتي،
وفي التزامات الحطاب: ( لو خالعها الزوج على الخروج من مسكنها لزمه الخلع وبانت منه، ولا تخرج لأن خروجها حرام، والخلع على الحرام لا ينفذ)(4).
... 5321،5322- بنت عبد/ الرحمن: هي عمرة. فانتقلها عبد الرحمن: أبوها، شأن فاطمة حيث لم تعتد في بيت زوجها وانتقلت لغيره.
... لا يضرك ألا تذكر حديث فاطمة: لأنه لا حجة فيه، لجواز انتقال المطلقة من بيتها لسبب، وفاطمة انتقلت لسبب. إن كان بك شر، أي إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر. فحسبك: يكفيك. ما بين هذين من الشر: يعني عمرة وزوجها.
__________
(1) - مختصر خليل 1/222.
(2) - فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية، أخت الضحاك بن قيس.
كانت من المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل، تزوجت أبا بكر المخزومي فطلقها، ثم تزوجت بعده أسامة بن زيد.
ومن نوادرها أن أهل الشورى اجتمعوا في بيتها بعد مقتل الفاروق عمر.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1901، والإصابة 8/69.
(3) - سورة الطلاق، الآية 1.
(4) - تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب ص: 337 ( الشروط في الخلع).(7/145)
... 5325،5326- ألم تري إلى فلانة: عمرة. ليس لها خير في ذكر هذا الحديث: أي لأن خروجها كان لعذر، وهو أنها كانت لسنة سيئة الخلق فخيف منها وعليها، فلايطرد ذلك في غيرها.
41- باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم
-يهجم- عليها -فيه- أو تبذو -من البذاء، وهو القول الفاحش- على أهلها بفاحشة: أي فلها الانتقال إلى مسكن آخر، وهذا مذهبنا أيضا.
... قال الشيخ عاطفا على ما يبيح الانتقال من المسكن ما نصه: ( أَوْ لِعُذْر لا يمكنها المقامُ معه بمسكنها كسقوطه أو خوفِ جَارِ سُوء)(1).
... الزرقاني: ( أو خوف من لصوص على مالها، "ولزمت الثاني والثالث"، أي إن حصل بالثاني عذر أيضا فخيف على ناحيتها)(2)، هذا شاهد الشق الأول من الترجمة، وقيس عليه الثاني وهو الخوف منها، أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - لها في الانتقال.
42- باب قول الله عز وجل: " وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَّكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ"(3):
قال البخاري: من الحيض والحمل، هذا تفسير مجاهد وأكثر المفسرين(4).
... 5329- أن ينفر: من مكة لما فرغ من حجه. عقرى: عقرك الله في جسدك.
... حَلْقَى: أصابك وجع في حلقك، وهذه ألفاظ تجري على ألسنة العرب من غير قصد لمعانيها. قالت نعم: ابن المنير: ( لما رتب - صلى الله عليه وسلم - على مجرد قول صفية إنها حائض تأخيره عن السفر أخذ منه تعدي الحكم إلى الزوج، فتصدق المرأة في الحيض والحمل باعتباره رجعة الزوج وسقوطها)(5).
43- باب: " وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ " (6)
... قال المص: في العدة، فإذا انقضت احتاج لعقد جديد، وهذا في الطلاق الرجعي، وأما البائن فلابد فيه من عقد جديد داخل العدة وبعدها.
__________
(1) - مختصر خليل 1/219.
(2) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 4/221.
(3) - سورة البقرة، الآية 228.
(4) - نقلا عن الفتح 9/602.
(5) - نقلا عن الفتح 9/602.
(6) - سورة البقرة، الآية 228.(7/146)
... وكيف تراجع المرأة...إلخ؟: مذهبنا في ذلك أن الطلاق الرجعي تكفي فيه النية، ويستحب فيه الإشهاد إن لم تنقض العدة، والبائن لابد فيه من الولي والصداق والشهود.
... " فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ "(1): تمنعوهن من الزواج.
... 5331- أخته: جميلة(2). تحت رجل: أبو البداح بن عاصم. ثم خلى عنها: تركها. فحصي معقل من ذلك أنفا: أي ترك الفعل غيظا وترفعا. وهو يقدر عليها: أي على رجعتها قبل انقضاء عدتها. واستقاد لأمر الله: أطاع له وامتثله.
... 5332- أمرني بهذا: أي بالمراجعة.
44- باب مراجعة الحائض:
... أي وجوب مراجعتها إن طلقت دون الثلاث.
... 5333- سألت ابن عمر: أي عن حكم المطلقة في الحيض. إن عجز...إلخ: لابد أن يمضي عليه الطلاق.
45- باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر:
... ( الإحداد هو ترك الزينة والطيب ونحوهما، وهو واجب على الزوجة المتوفى عنها بإجماع من الأمة)، قاله في العارضة.
... وقال في الإكمال: ( الإحداد واجب على جميع الزوجات المتوفى عنهن، المدخول بها وغيرها، والصغار والكبار، والإماء والحرائر، وأجمعوا على أنه لا إحداد على أمة أو أم ولد إذا توفي عنهن / ساداتهن) هـ.
... وقال في المختصر: ( وتَرَكِتِ المتوفَّى عنها فقط وإن صَغُرَتْ ولو كتابيةً ومفقودًا زوجُها التَّزَيُّنَ بالمصبوغ ولو أَدْكَنَ إنْ وُجِدَ غيرُهُ إلا الأسودَ والتَّحَلِّي والتَّطَيُّبَ وعَمَلَهُ والتَّجْرَ فيه والدُّهْنَ فلا تمتشطُ بحِنَّاء أو كَتَم بخلافِ الزَّيْتِ والسِّدْرِ واسْتِحْدَادِهَا ولاتدخلُ الحَمَّامَ ولا تَطْلِي جَسَدَهَا ولا تكتحلُ إلا لضرورة وإِنْ بِطِيب ليلاً وتمسحُهُ نهارًا)(3).
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 232.
(2) - جميلة بنت يسار المزنية، واسمها جمل، أخت معقل بن يسار، الذي عضلها لما طلقها زوجها.
وجاءت قصتها في البخاري، غير أنها لم تسم.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1801، والإصابة 7/505-506.
(3) - مختصر خليل 1/216.(7/147)
... 5334- خَلُوق: نوع من الطيب. جارية: لم تسم. بعارضيها: جانبي وجه نفسها، أي أم حبيبة. لأمرأة: ولو صغيرة، والمخاطب وليها. تؤمن بالله: هذا تأكيد للمبالغة في الزجر فلا مفهوم له، فتدخل الكتابية أيضا، هذا قول الجمهور خلافا للحنفية . أربعة...إلخ: أي فتحد عليه أربعة أشهر...إلخ.
... 5336- امرأة: هي عاتكة بنت نعيم(1) .زوجها: المغيرة المخزومي(2). عينها: بضم النون فاعل، ونصبها مفعول، والفاعل ضمير المرأة. يقول لا: وفي الموطأ: ( اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) (3).
... بالْبَعَرَة: رَجِيع الحيوان.
... 5337- حِفْشًا: بيتا صغيرا جدا أو من شعر. ولم تمس طيبا: زاد ابن قتيبة: (ولاماء، ولا تقلم ظفرا، ولا تزيل شعرا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر).
... فتفتض: يأتي تفسيره: فتعطى بعرة فترمي: أي بها خلفها، إشارة إلى أنها رمت العدة رمي البعرة، أو لتري من حضرها أن مقامها حولا أهون عليها من تلك البعرة المرماة. تمسح بها جلدها: ابن العربي: ( ولكثرة الوسخ عليها والنتن، فبترديد المسح وتكراره بها يموت الطائر).
46- باب الكُحْل للحَادَّة:
... أي حكم استعمالها له، وحكمه عندنا ما أشار له الشيخ بقوله: ( ولا تكتحلُ إلا لضرورة وإِنْ بطيب ليلاً وتمسحُهُ نهارًا)(4).
__________
(1) - عاتكة بنت نعيم الأنصارية، ونسبها أبو نعيم عدوية.
لها حديث في قصة طلبها اكتحال ابنتها لما رمدت عيناها من الإحداد.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1880، والإصابة 8/15.
(2) - المغيرة بن الحارث بن هشام المخزومي.
ذكره أبو نعيم، وقال: "مختلف في صحبته"، والصحيح أنه لم يدرك العصر النبوي .
وأخوه عبد الرحمن بن الحارث له رؤية، وهو من فقهاء المدينة.
ترجمته في: الإصابة 6/370-371.
(3) - الموطأ باب ما جاء في الإحداد، ح1249.
(4) - مختصر خليل 1/216.(7/148)
... 5338- لا تكتحل: أي نهارا كما بينته رواية الموطأ السابقة. أحلاسها: ثيابها. رمت: إثر مرور الكلب، وظاهره أن رميها البعرة يتوقف على مرور الكلب سواء طال زمن انتظاره أو قصر، وبه جزم بعض الشراح فتقيد به الرواية السابقة، قاله ابن حجر(1).
47- باب القُسْط للحادة عند الطهر:
... أي جواز استعمال الحادة القسط في فرجها عند الطهر من الحيض أو النفاس، لأجل قطع الرائحة الكريهة والتنظيف، لا لأجل الطيب، وظاهره أنها تبخر به.
... وقال الداودي: ( معناه تسحق القسط وتلقيه في الماء آخر غسلها ليذهب برائحة الحيض) هـ، والأول أظهر، قاله في الإكمال.
... وقال النووي: ( ليس القسط من المقصود للتطبيب، وإنما رخص فيه للحادة إذا اغتسلت من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة).
... وقال المفضل: ( هو من طيب الأعراب).
... 5341- ثَوْبَ عَصْب: نوع من برود اليمن. نُبْذَة: شيء قليل. كُسْت أظفار: الزركشي: (عند بعضهم "قُسْط ظِفَار" وهو أوجه، وظفار مدينة باليمن(2) ينسب إليها القسط)(3)، أي تتبع بها أثر الدم.
48- باب تلبس الحادة ثياب العصب:
... برود يمانية يعصب غزلها، ثم يصبغ معصوبا، ثم ينسج، أي جواز ذلك،
قال القاضي: (كرهه عروة)،
الشافعي: ( وأجازه الزهري، وأجاز مالك غليظه)،
وقال ابن المنذر: ( أجمعوا على أنه لا يجوز لها لباس الثياب المصبغة والمعصفرة، إلا ما صبغ بالسواد)(4).
... 5343- من قسط وأظفار: الزركشي: ( هذا هو الصواب) هـ(5)، يعني أنهما نوعان من الطيب.
... نعي أبيها(6): خبر موته.
49- باب: "وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا -إلى قوله- خَبِيرٌ "(7):
__________
(1) - في الفتح 9/612.
(2) - مدينة باليمن في موضعين: قرب صنعاء وأخرى على الساحل، انظر معجم البلدان 4/60.
(3) - التنقيح ص: 223.
(4) - نقلا عن الفتح 9/614.
(5) - التنقيح ص: 223.
(6) - هذا جزء من الحديث 5345 الآتي، ولا أدري ما سبب تقديمه هنا -
(7) - سورة البقرة، الآية 234.(7/149)
أي " يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْرًا" …الخ.
قال القاضي: ( مذهب الكافة أن المراد بالعشر عشرة أيام)،
قال المبرد(1): (وأنث العدد لأنه أراد المدة، وقيل أراد الأيام بلياليها).
... 5344- كانت هذه العدة: أي التربص أربعة أشهر وعشر المذكور في الآية. فأنزل الله عز وجل: بعدها. قال: قائله مجاهد. جعل الله لها: أي في الآية الثانية. في وصيتها: التي أوصى لها بها الزوج. نسخت هذه الآية الأولى عدتها عند أهلها: المذكورة في الآية الثانية. فتعتد حيث شاءت: لأن السكنى تبع للعدة، فلما نسخ الحول بالأربعة أشهر وعشر، نسخت السكنى/ أيضا. وقول الله: "غَيْرَ إِخْرَاج"(2): أي وكذا قول الله: "غَيْرَ إِخْرَاج"، نسخ لقول الله: "فَلاَ جُنَاحَ"(3)...إلخ، أي لدلالته على التخيير. ثم جاء الميراث: في قوله " وَلَهُنَّ الرُّبُعُ"(4). ولا سكنى لها:هذا قول أبي حنيفة، ومذهبنا في سكنى المتوفى عنها هو ما أشار له الشيخ بقوله: ( وللمتوفَّى عنها السكنى إِنْ دَخَلَ بها، والمسكَنُ له أو نَقْدُ كِرَاءَهُ لا بِلاَنَقْد وهل مطلقا أو إلا الوَجِيبَةَ تأويلانِ)(5).
50- باب مَهْرِ الْبَغِيِّ:
... أي الزانية، أي حكمه، وهو الحرمة.
والنكاح الفاسد: أي حكمه، وهو أنه يفسخ، وهل فيه صداق أم لا؟ يأتي ما فيه.
__________
(1) - محمد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عمير بن حسان الأزدي، أبو العباس المبرد.
ولد بالبصرة، وأخذ عن أبي عثمان المازني وأبي حاتم السجستاني، وعنه نفطوية وغيره.
له: المقتضب، واحتجاج القراء، وإعراب القرآن.
توفي سنة 285هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 3/350، وبغية الوعاة 116، وشذرات الذهب 2/190.
(2) - سورة البقرة، الآية 240.
(3) - سورة البقرة، الآية 234.
(4) - سورة البقرة، الآية 12.
(5) - مختصر خليل 1/218.(7/150)
... فرق بينهما: لأنه نكاح فاسد. لها صداقها: أي صداق مثلها، ومذهبنا في النكاح الفاسد هو قول الشيخ: ( وما فُسِخَ بعده فالمسمَّى وإلا فصداقُ المِثْلِ وسَقَطَ بالْفَسْخِ قَبْلَهُ)(1).
... 5346- نهى: نهي تحريم، عن ثمن الكلب: أي العديم النفع، وحُلْوَانِ الكاهن: أي ما يعطاه الذي يدعي علم الغيب، سمي حلوانا تشبيها له بالشيء الحلو، لأنه يأخذ سهلا بلا كلفة، قال في العارضة: ( وهو محرم بإجماع الأمة لأن ذلك من أكل المال بالباطل، فإنه مال بذل في مقابلة فسق، أو قل كفر، لأنه طلب غيب انفرد الله بعلمه، وهو ما يكون في غد). ومَهْر الْبَغِيّ: أي ما تأخذه الزانية، سمي مهرا مجازا لكونه على صورته.
... 5347- الواشمة والمستوشة: فاعلة الوشم والمفعول بها. ولعن المُصَوِّرِين: للصور الحيوانية التي لها ظل.
... 5348- من كسب الإماء: يعني من الزنا لا مطلق الكسب.
51- باب المهر للمدخول عليها:
أي ثبوته ولزومه، وكيف الدخول؟: أي بم يثبت؟ ومذهبنا أنه يثبت بخلوة الزوج بزوجه خلوة اهتداء. أو طلقها قبل الدخول: أي وكيف الحكم إن طلقها…إلخ، والحكم عندنا أنه يجب عليه نصف الصداق ولو كانت ملاعنة. والمسيس: أي وقبل المسيس.
... 5349- أخوي بني عجلان: عويمر وزوجته.
52- باب المتعة للتي لم يفرض لها شيء:
... أي إعطاء شيء للمطلقة التي لم يقدر لها مهر بأن كان نكاحها نكاح تفويض، ومذهبنا أنها مستحبة لا واجبة.
69- " كتاب النفقات "
... جمع نفقة، وعرفها ابن عرفة: ( مَا به قَوَامُ مُعْتَادِ حَالِ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرِف).
1- فضل النفقة على الأهل:
... يشمل الزوجة والأولاد وغيرهم، قال الأبي: ( صغارا كانوا أو كبارا، ولفظ صغار في الحديث خرج مخرج الغالب).
... الفضل: أي الفاضل عن الحاجة.
__________
(1) - مختصر خليل 1/153.(7/151)
... 5351- على أهله: زوجته وولده. يحتسبها: يريد بها وجه الله، بأن يتذكر وجوب الإنفاق عليه، فينفق بنية أداء الواجب. صدقة: أي مثلها في الثواب.
... قال المهلب: ( النفقة على الأهل واجبة بالإجماع، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم، ترغيبا لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع)(1).
... 5353- الأرملة: التي لا زوج لها. القائم الليل: بالحركات الثلاث كما في الحسن الوجه، ومطابقته من جهة إمكان اتصاف بعض الأهل - أي الأقارب- بالصفتين المذكورتين فيدخلون فيمن اتصف بذلك بالأحرى.
... 5354- فِي فِي امرأتك: أي في فمها، وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله يصير قربة يثاب عليها.
2- باب وجوب النفقة على الأهل والعيال:
... عطف عام على خاص، واعلم أن النفقة تجب على الإنسان بأحد أسباب ثلاثة: النكاح والقرابة والملك، فالأول الزوجة المطيقة الممكنة من نفسها، والثاني الأولاد الذكور والإناث، وتنقطع في حق الذكور ببلوغهم عاقلين قادرين على الكسب، وفي حق الإناث بدخول/ أزواجهن بهن، والأبوان المعسران على الولد الموسر، والثالث الرقيق، والدواب إن لم يكن مرعى، فتجب نفقتهم عليه وإلا أجبر على بيعهم، وكذا الشجر يجب عليه سقيه أو دفعه لمن يباشره مساقاة ولو بجميع ثمره، لما في تركه من إضاعة المال المنهي عنه، نص عليه الزرقاني.
... 5355- ما ترك غنى: للمتصدق، وهو شامل لغنى اليد والقلب. واليد العليا المعطية خير من السفلى السائلة. بمن تعول: تجب عليك نفقته. من كيس أبي هريرة: أي من كلامه، أو من عقله وفهمه.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/623.(7/152)
... تنبيه: قال الونشريسي في المعيار: ( الواجب على السيد وغيره من كل منفق على غيره كالزوج والأب هو ما يفرض عليه شرعا، وله إيثار نفسه عليهم، ولا شيء عليه في ذلك سوى مخالفة الأولى) هـ.
... ونقل العيني عن ابن الملقن في التوضيح ما نصه: ( قيل لمالك: أيأكل الرجل من طعام لا يأكله أهله وعياله ورقيقه، ويلبس غير ما يكسوهم؟ قال: إي والله، وأراه في سعة من ذلك، ولكن يحسن إليهم، قيل بحديث أبي ذر، قال: كان الناس ليس لهم هذا القوت)هـ.
3- باب حبس الرجل قوت سنة على أهله:
أي جواز ذلك وأنه لا ينافي التوكل، وكيف نفقات العيال؟: أي هل تدفع لهم مياومة أو مسانهة، وأخذ من إطلاق الحديث أنها تدفع لهم كيفما تيسر.
... 5357- ويحبس لأهله قوت سنتهم: عشرين وسقا من الشعير وثمانين من التمر، تطييبا لقلوبهن وتشريعا لأمته، ولا يعارضه حديث أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدخر لغد، لأن ذلك كان قبل السعة أو معناه لا يدخر لنفسه لخصوصها.
... 5358- إتئدوا: تأنوا ولا تعجلوا. ما تركنا صدقة: مبتدأ وخبر. نفقة سنتهم: أي ومع ذلك كان لا يفضل له شيء لكثرة الصدقة، وهذا موضع الترجمة.(7/153)
... أن أبا بكر كذا وكذا: أي منعكما ميراثكما من النبي - صلى الله عليه وسلم - - قال القاضي في الإكمال: ( في هذا الحديث جواز ادخار قوت سنة، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا لم يكن لنفسه وإنما كان لغيره، فلم يكن عليه السلام يدخر لنفسه شيئا، وإن الادخار لرب العيال مما لايقدح في التوكل، ولا خلاف عند الفقهاء في جواز ادخار ما يرفعه الرجل من أرضه وزراعته مما لم يشتره في السوق، ورفع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادخرقوت سنة لعياله إنما كان من مزارعته، واختلفوا في ادخار قوت سنة من السوق، فأجازه قوم واحتجوا بهذا الحديث، ولا حجة فية لما قدمناه، ومنعه الأكثر إلا قدر مالا يضر بالسعر، فإن كان ضيقا لم يشتره إلا بحسب الحال لشهره أو يومه، وهو مع الرخاء أوسع للسنة أو أكثر) هـ.
... وقال الأبي في إكمال الإكمال: ( كان ابن زيتون(1) من متأخري التونسيين يقول: إن ادخار قوت عامين بتونس لا ينافي التوكل، لفساد أعرابها وعدم أمن المطر بها).
4- باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها:
أي وجوبها عليه إن كان له مال. ونفقة الولد: كذلك.
... 5359- لا تطعميهم إلا بالمعروف: بين الناس أنه قدر الكفاية عادة من غير إسراف.
... 5360- من غير أمره: أي الصريح في ذلك القدر المنفق، بل فهمت ذلك من قرائن أحواله، أو هو محمول على ما تسمح به النفس من الطعام واللبن ونحوهما، فإن ذلك لايحتاج لإذن.
5- باب: "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ -إلى قوله- بَصِيرٌ "(2)
لا تخفى عليه أعمالكم.
__________
(1) - أبو القاسم بن أبي بكر بن مسافر اليمني التونسي، المعروف بابن زيتون.
وصفه تلميذه الغبريني بالمجتهد.
توفي سنة 691هـ.
ترجمته في: الفكر السامي 2/236، وشجرة النور الزكية 193.
(2) - سورة البقرة، الآية 233.(7/154)
"وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا"(1): أخذ من مجموع الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وبنى الفقهاء على ذلك فروعا مذكورة في كتب الفقه.
... "وَإِن تَعَاسَرْتُمْ": تضايقتم فلم ترض الأم بما ترضع به الأجنبية من الأجر، ولم يزد الأب على ذلك. "فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى"(2): مرضعة أخرى غير الأم، وحكم إرضاع الأم عندنا أشار له الشيخ بقوله: ( وعلى الأمِّ المتزوجةِ والرَّجْعِيَّةِ رَضَاعُ وَلَدِهَا بلا أجر إلا لِعُلُوِّ قَدْر كالبائنِ إلا أن لا يَقْبَلَ غيرَهَا أو يُعْدِمَ الأبُ أو يموتَ ولا مال للصبي واسْتَأْجَرَتْ إن لم يكن لها لَبَنٌ ولها إن قَبِلَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ولو وَجَدَ / مَنْ تُرْضِعُهُ عندها مجانا على الأصح في التأويل)(3).
... ما جعل الله عليه: من أجرة المثل. فصالا: فطاما. بعد أن يكون عن تراض منهما: هذا إن نقص عن الحولين، أما إذا كملت الحولان فالقول لمن طلب الفصال منهما رضي الآخر أم لا.
6- باب عمل المرأة في بيت زوجها:
... من الطحن والعجن والطبخ والكنس وغير ذلك، أي حكم ذلك، هل هو عليها أو على الزوج، أو يفصل فيه؟
... قال القرطبي: ( من الناس من أوجب عليها خدمة بيتها مطلقا، ومنهم من أسقطها مطلقا، ومذهبنا التفصيل على مقتضى العادة، فإن كانت من ناس لا يخدمون بيوتهم لشرفهم لم يجب عليها وإلا وجب اللائق) هـ.
... وقال الشيخ خ: ( ويجبُ –أي على الزوج- إخدامُ أَهْلِهِ– أي أهل الإخدام، أي من هي أهل لأن تخدم- وإِنْ بِكِرَاء وإِنْ أَكْثَرَ من واحدة وإلاَّ -أي وإن لم تكن الزوجة أهلا للإخدام بأن لم تكن من الأشراف أو كان هو فقيرا- فعليها الخدمةُ الباطنةُ من عَجْن وكَنْس وفَرْش)(4).
__________
(1) - سورة الأحقاف، الآية 15.
(2) - سورة الطلاق، الآية 6.
(3) - مختصر خليل 1/229-230.
(4) - مختصر خليل 1/225.(7/155)
... زاد الزرقاني: ( وطبخ له لا لأضيافه فيما يظهر، واستقاء بالدار أو خارجها فيمن عادته ذلك وغسل ثيابه)(1).
... ثم قال الشيخ: ( بِخِلاَفِ النَّسْجِ والْغَزْلِ)(2).
... الزرقاني: ( والخياطة والتطريز له فلا يلزمها عمله)(3).
... 5361- ألا أدلكما على خير مما سألتما؟: وخيرته واضحة، لأن ما دلهما عليه نفعه أخروي، وما سألاه نفعه دنيوي زائل، والآخرة خير لمن اتقى.
... قال بعض العلماء: ( من لازم ذلك التسبيح أعطاه الله قوة على الخدمة، وسهل عليه أموره بحيث يتيسر عليه أكثر من إعانة الخادم له).
7- باب خادم المرأة:
... أي بيان حكمها، هل يلزم الزوج قبولها أم لا؟
ومذهبنا فيه هو قول الشيخ: ( وقُضِيَ لها بِخَادِمِهَا إِنْ أَحَبَّتْ إِلاَّ لِرِيبَة)(4).
... 5362- ليلة صفين: يعني أيام مقاتلته مع معاوية رضي الله عنهما.
... ... ... ... 8- باب خدمة الرجل في أهله:
... أي جواز خدمته بنفسه في بعض الأوقات مهنة خدمة.
... 5363- أهله: تواضعا منه - صلى الله عليه وسلم -، وقد قالوا إن خدمة الرجل في داره سيماء الصالحين. خرج: للصلاة.
9- باب إذا لم ينفق الرجل، فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف:
لوجوب نفقتها وأولادها الصغار عليه.
10- باب حفظ المرأة زوجها في ذات يده:
أي في ماله. والنفقة: أي وفي النفقة، خاص بعد عام.
... 5365- أحناه: أشفقه. وأرعاه: أحفظه، وذكر الضمير فيهما باعتبار الجنس.
11- باب كسوة المرأة بالمعروف:
بين الناس في كسوة أمثالها من أمثاله.
... 5366- آتى: أعطى. حلة: ثوبين حل أحدهما على الآخر. سيراء: من حرير.
... نسائي: فاطمة الزهراء عليها السلام وقراباته، إذ لم يكن له امرأة سواها.
12- باب عون المرأة زوجها في ولده:
... أي استجاب ذلك.
13- باب نفقة المعسر على أهله:
__________
(1) - شرح الزرقاني على خليل 4/246.
(2) - مختصر خليل 1/225.
(3) - شرح الزرقاني على خليل 4/247.
(4) - مختصر خليل 1/225.(7/156)
... أي وجوبها مما تيسر عليه وإلا سقطت عنه.
... 5368- رجل: سلمة بن صخر. بعرق: وعاء من خوص يسمى الزنبيل أيضا يسع خمسة عشر صاعا إلى عشرين. على أحوج منا: أي فقر منا، هذا محل الترجمة من حيث اهتمام الرجل بنفقة أهله وهو معسر، فلولا اهتمامه بها لبادر وتصدق بالثمر. فأنتم إذا: أحق به، أي والكفارة باقية عليه.
14- باب "وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ"(1):
"أي وعلى وارث الأب وهو الصبي نفسه"، قاله الضحاك وقبيصة(2)، وعليه اقتصر الجلال(3) وشيخ الإسلام(4)، وبه صدر البيضاوي(5)، أي عليه في ماله إذا ورث أباه إرضاع نفسه، قاله ابن عطية(6) / مبينا به كلام الضحاك وقبيصة، أي أجرة رضاعه وما ينوبه هو فقط من غطاء ووطاء، وأما رزق أمه وكسوتها فلا شيء عليه منه، ولو مات والده وهو حمل في بطن أمه، فلا نفقة لها عليه من ماله ولا من مال والده، قاله ابن سلمون(7) وغيره.
... وهل على المرأة - أي الأم - منه: أي من الإنفاق على ولدها وإرضاعه إن مات أبوه، شيء: مذهبنا أنه لا شيء عليها منه إلا أن يكون عديما لا مال له فيلزمها إرضاعه بنفسها أو بأجر من عندها، وإن كان له مال استحقت أجر رضاعها من ماله.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 233.
(2) - قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي المدني.
روى عن بلال وعثمان بن عفان وحذيفة وعمرو بن العاص.
وعنه الزهري ورجاء بن حيوة ومكحول وأبو قلابة الجرمي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/346-347.
(3) - في حاشيته ص: 55.
(4) - في تحفة الباري 3/219.
(5) - في أنوار التنزيل 1/245.
(6) - في المحرر الوجيز 2/296.
(7) - أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني، قاضي الجماعة بغرناطة.
اشتهر بكتابه العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من الوثائق والأحكام، وهو مطبوع بهامش تبصرة الحكام لابن فرحون.
توفي سنة 767 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 1/397-398، وشجرة النور الزكية 1/213.(7/157)
... "وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً " الخ…(1): أتى بالآية إشارة لرد قول من قال: إذا خلف أما وعما فعلى كل واحد إرضاع الولد بقدر ما يرث، ووجه رده أنه نزل المرأة من الوارث منزلة الأبكم من المتكلم، وجعلها كلا على من يعولها.
... 5369- وليست بتاركتهم هكذا أو هكذا: أي محتاجين.
ابن بطال:( فيه دليل على أن ذلك تبرع منها لا واجب عليها، ولم ينكر عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -).
... 5370- خذي بالمعروف: دل هذا على وجوب النفقة على الأب دون الأم، وغرض المؤلف رحمه الله أن هذا الحكم يشمل حياة الأب وموته.
15- باب قول النبي صلى الله عليه: من ترك كلا أو ضياعا فإلي:
الكل الثقل من دين ونحوه، والضياع من لا يستقل بنفسه من الأهل، ولو خلي ونفسه لهلك، أشار بالترجمة إلى أن من مات وله أولاد ولم يترك لهم شيئا فإن نفقتهم تجب في بيت مال المسلمين، قاله ابن عبد البر وابن رشد وغيرهما، راجع آخر كتاب الحوالات.
16- باب المراضع:
جمع مرضع، من المواليات: جمع مولاة وهي الأمة، وغيرهن: أشار رحمه الله إلى أن إرضاع الأم ليس واجبا عليها، يعني إذا كانت علية القدر وليست ممن يرضع أولادهن ولها حينئذ الامتناع عنه، وللأب أو الولي إرضاعه بأجنبية حرة أو أمة، متبرعة أو بأجرة.
... 5372- أختي: عزة. بمخلية: خالية من ضرة. أعتقها أبو لهب: لما بشرته بولادة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
70- " كتاب الأطعمة "
... جمع طعام، أي بيان ما يحل منها وما يحرم، وبيان آداب الأكل.
1-" كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ "(2)
حلال أو مستلذات.
... "وكلوا من طيبات ما كسبتم": التلاوة "وَأَنفِقُوا"…إلخ (3).
__________
(1) - سورة النحل، الآية 75.
(2) - سورة البقرة، الآية 172.
(3) - سورة البقرة، الآية 267.(7/158)
... "كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ"(1): أولها "يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ" قيل هو خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة لفضله وقيامه مقام الكل في زمانه.
... 5373- أطعموا الجائع: الأمر للندب، وقد يكون واجبا في بعض الأحيان، وفُكُّوا العاني: خلصوا الأسير.
... 5374- ثلاثة أيام: أي متوالية بلياليها لقلة الطعام عندهم، أو كانوا يؤثرون به غيرهم،
الزركشي: ( سيأتي بعد أربعة أوراق: "ما شبع آل محمد من خُبْزِ بُرّ مأدوم ثلاثة أيام حتى لحق بالله"، فيحمل هذا المطلق عليه)(2).
... 5375- وعن أبي حازم: بالسند السابق. جهد: جوع. من كتاب الله: لأبي نعيم في الحلية أنها من سورة آل عمران، وله أيضا: فقلت له أقريني وأنا لا أريد القراءة وإنما أريد الطعام.
... وفتحها علي: أي الآية بأن أقرأنيها. وعرف الذي بي: من الجوع. بِعُسّ: قدح كبير. حتى استوى بطني: استقام لامتلائه من اللبن بعدها كان مثنيا من الجوع. فصار كالقدح: السهم الذي لا ريش له في الاستواء والاعتدال. أدخلتك: وأطعمتك.
2- التسمية على الطعام:
... أي مطلوبيتها عند الشروع فيه ولو من جنب وحائض، وكذا على الشراب.
... قال الشاذلي (3)
__________
(1) - سورة المومنون، الآية 51.
(2) - التنقيح ص: 223.
(3) - علي بن محمد بن محمد بن محمد بن خلف بن جبريل المنوفي الشاذلي.
له: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وعمدة السالك على مذهب مالك، وتحفة المصلي، وشرح صحيح البخاري. توفي سنة 939هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 212، وهدية العارفين 1/743.(7/159)
على قول الرسالة: "وإذا أكلت أو شربت فواجب عليك أن تقول باسم الله"(1) ما نصه: ( يعني وجوب السنن)(2)، ثم قال: ( وظاهر المذهب أن التسمية سنة على الأعيان) هـ، وتكون جهرا ليتذكر ناسيها ويتعلم جاهلها، وأما الحمد المطلوب عند الفراغ منه فينبغي أن يكون سرا لئلا يخجل الآكلين.
... ابن بطال: ( واتفقوا على استحبابه بعد الطعام) هـ.
... المناوي: ( قال ابن القيم: للتسمية في الأول والحمد في الأخير تأثير عجيب في نفع الطعام والشراب ودفع مضرته، قال الإمام أحمد: إذا جمع الطعام/ أربعا فقد كمل، إذا ذكر الله في أوله، وحمد في آخره، وكثرت عليه الأيدي، وكان من حل) هـ.
... القاضي عياض: ( ويكفي أن يقول بسم الله، وإن زاد الرحمن الرحيم فحسن)هـ. ابن أبي جمرة: ( الذي جرى الاستعمال به في ذلك بسم الله، ومن زاد الرحمن الرحيم فهذه جملة أسماء، فقد أتى بما أمر وزيادة، والزيادة من الخير خير، ولم أر أحدا ينكر ذلك إلا عند الذبح) هـ.
... الفاكهاني(3): ( يقول بسم الله الرحمن الرحيم عند الأكل والشرب والوضوء والقراءة، فإن قال بسم الله خاصة أجزأه) هـ، ونحوه للغزالي(4) والنووي.
... فتبين من مجموع ذلك أن الأولى تكميل البسملة خلافا للشيخ زروق(5)
__________
(1) - الرسالة ص: 143 ( باب في الطعام والشراب).
(2) - مثله في شرح الرسالة لزروق 2/382.
(3) - عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الفاكهاني.
له: شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وشرح الأربعين النووية، والإشارة في النحو.
توفي بالإسكندرية سنة 731هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة 3/178، وحسن المحاضرة 1/261، وبغية الوعاة 362.
(4) - إحياء علوم الدين للغزالي 2/4.
(5) - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي، الشهير بزروق.
أخذ عن حلولو والرصاع والسنوسي والسخاوي، وعنه الحطاب الكبير والخروبي.
له: شرح الرسالة، وشرح حكم ابن عطاء الله، والقواعد في التصوف، وتعليق على البخاري، وتوفي في مصراته بليبيا سنة 899 هـ. ترجمته في: شجرة النور الزكية 1/267-268، والمنهل العذب في تاريخ طرابلس الغرب لأحمد النائب ص: 181-182.(7/160)
في قوله:
( تقول بسم الله لا تزيد على ذلك، لأن الأكل استهلاك لا تصلح معه الرحمة)هـ(1).
... ابن حجر: ( وقول الغزالي: " يقول مع اللقمة الأولى بسم الله، والثانية الرحمن والثالثة الرحيم"، لم أر ما يدل عليه) هـ(2).
... الشيخ زروق: ( وليس من السنة التسمية عند كل لقمة، أي لأنه ليس من فعل السلف، اللهم اجعلنا من المتبعين) هـ(3).
... وقال ابن الحاج(4): ( هذا وإن كان حسنا فالسنة أحسن منه، وهي التسمية أولا والحمد لله آخرا، ونحن متبعون لا مشرعون)هـ(5).
... وقال ابن العربي في الأحكام: ( أبو عمر: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمي عند كل لقمة إلا في أوله) هـ.
... وروى أبو داود والترمذي عن عائشة مرفوعا: ( فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل: بسم الله في أوله وآخره).
... فائدة: قال العارف ابن أبي جمرة في بهجة النفوس: ( قد نص العلماء على أنك إذا دخلت حديقة وفيها أنواع من الثمار، وقويت عند دخولك أن تأكل أي ثمرة لقيت وسميت بهذه النية أجزأتك التسمية الأولى عن كل ما تأكل من تلك الحديقة في وقتك ذاك، وإن لم تسم عند دخولك إلا على الثمرة التي لقيت ولم تقصد غيرها، فتؤمر أن تسمي على غيرها إذا أكلتها) هـ.
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/382.
(2) - الفتح 9/651، والإحياء 2/4.
(3) - شرح الرسالة 2/382 ( بتصرف).
(4) - أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري، المعروف بابن الحاج المغربي الفاسي، من أصحاب الشيخ أبي محمد بن أبي جمرة.
كان فقيها عارفا بالمذهب المالكي، ورحل إلى القاهرة وسمع بها الحديث.
صنف كتابه " المدخل" إلى تنمية الأعمال لتحسين النيات والتنبيه على البدع المحدثة، وتوفي سنة 737 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/321-322.
(5) - نقلا عن شرح الرسالة لزروق 2/382.(7/161)
... والأكل باليمين: وكذا الشرب، أي استنانا، قاله القرطبي، وبه صرح الغزالي(1) والنووي والأبي، وقال الإمام الشافعي وجوبا، نقله ابن حجر(2)، قال: ( ويدل للوجوب الوعيد الشديد في الأكل بالشمال، ففي مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يأكل بشماله، فقال: كل بيمينك، قال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، فما رفعها إلى فيه بعد) هـ(3)، وفي مسلم أيضا مرفوعا: ( لا تأكلوا بشمالكم فإن الشيطان يأكل بشماله)(4).
... قال الأبي: ( يتعين أن النهي للتحريم للعلة المذكورة، ولقوله في الآخر: لااستطعت، وصرح ابن العربي بإثم من أكل بشماله، واحتج بأن كل فعل ينسب للشيطان حرام)هـ.
... وقال الشاذلي على الرسالة والزرقاني على الموطأ: ( النهي للكراهة)(5).
... ثم قال الأبي: ( عياض: وأجاز العلماء رضي الله عنهم لمن بيمينه عذر أن يأكل بشماله، وكرهه بعضهم لهذه الأحاديث) هـ.
... 5376- تطيش في الصحفة: تميل إلى جوانبها. يا غلام: فيه النداء بمثل هذا مع معرفة الاسم، سم الله: أي قل بسم الله طردا للشيطان عن الأكل معك.
... وكل واشرب بيمينك: لفضلها على الشمال، ولما فيها من التيمن، ولمخالفة الشيطان. طِعْمَتِي: هيئة أكلي.
3- الأكل مما يليه: أي استنانه.
__________
(1) - في الإحياء 2/5.
(2) - في الفتح 9/652.
(3) - الفتح 9/652.
(4) - رواه مسلم في الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها ( شرح النووي 13/191).
(5) - قال الزرقاني في شرحه على الموطأ 4/120:
( فيكره تنزيها لا تحريما عند الجمهور فعلهما –أي الأكل والشرب- بالشمال إلا لعذر).(7/162)
... قال في المفهم: ( هو سنة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح إذا كان الطعام نوعا واحدا، لأن كل أحد حائز ما يليه، فليس لأحد أن يدخل يده فيه، ولما فيه من نفور النفس لما خاضت فيه الأيدي، ولا سيما في الأمراق والطعام الرطب، مع ما فيه من الجشع والحرص وإيثار النفس على المواكل، وكل هذا مذموم، ولأنه لا فائدة فيه، فإذا كان الطعام واحدا فليس فيه إلا سوء العشرة وترك الأدب، إلا أن تختلف أجناس الطعام فقد أباح العلماء اختلاف الأيدي في الطبق والصحفة لطلب كل نفس مااشتهت)هـ(1)، ونحوه في إكمال الإكمال.
... وقال ابن رشد: ( إن كان الطعام صنفا واحدا كالثريد واللحم فهو موضع النهي عما ذكر، وإن اختلف أجناسه كأنواع الفاكهة في طبق فلا بأس أن يأخذ من بين يدي الغير لاختلاف غرض الآكلين، ولا يلزم هذا الأدب في أكل الرجل مع أهله، فله أن يأكل من بين أيديهم، ويلزمهم معه ألا يأكلوا من بين يديه)هـ(2) .
... قال الأبي إثر نقله: (وانظر هل اختلاف آحاد الصنف الواحد بالجودة بمنزلة اختلاف الأنواع فيجوز أن يأخذ جيدا من بين يدي غيره، وهل يتنزل منزلة اختلاف أنواع الفاكهة اختلاف أنواع الطبيخ الموضوع في صحائف متعددة على مائدة واحدة أم لا؟) هـ.
__________
(1) - قال الزرقاني في شرحه على الموطأ 4/120:
( فيكره تنزيها لا تحريما عند الجمهور فعلهما - أي الأكل واشرب - بالشمال، إلا لعذر).
(2) - نقله ابن ناجي وزروق في شرحيهما على الرسالة 2/383.(7/163)
... قال السنوسي إثره: ( قلت: الظاهر أن اختلاف آحاد الصنف الواحد بالجودة ليس بمنزلة اختلاف الأنواع في جواز جولان اليد، وذلك لأن اختلاف الأنواع مظنة اختلاف الأغراض، فلم تتحقق الإذاية بأخذ كل واحد ما أعجبه وإن كان بين يدي صاحبه، لاحتمال أن يكون غرضه بغير ذلك النوع أقوى، ولا كذلك اختلاف الصنف الواحد بالجودة لا بالطبخ، فإن الأجود منه تتفق الأغراض في الغالب على إيثاره على الأردإ منه، فإذا أخذ واحد الأجود من بين يدي صاحبه فلا خفاء أن فيه جفاء وسوء معاشرة وقلة مودة وإخلالا بالمروءة، حيث آثر نفسه على عشيره، وانتقل إلى درجة البهائم في عدم مبالاتها عند الأكل والشهوة بغيرها، بل كرم الطبيعة يقتضي ضد هذا، وهو نقله الأجود إن كان بين يديه إلى عشيره ويؤثر على نفسه، ولا أقل من أن يشاركه به، أما الاستبداد به ولو اتفق أن كان بين يديه فليس من شيم أهل الفضل والمروءة، والله تعالى أعلم)هـ(1).
... ولم يتكلم على التوقف الثاني في كلام الأبي، وهو قوله: وهل يتنزل… إلخ، والظاهر أنه يتنزل منزلة اختلاف أنواع الفواكه أخذا من كلام ابن عبد البر الآتي قريبا، حيث ألحق أنواع الطبيخ الموضوعة في صحفة واحدة بأنواع الفواكه في جواز جولان الأيدي فيها، وإذا جاز ذلك في صحفة ولمدة فأحرى ما وضع في صحاف، لتعدد النوع والظرف، فتأمله والله أعلم.
4- باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية:
أي جواز ذلك كما دل عليه الحديث، وكذا مع الأهل كما في نص ابن رشد السابق، وقال ابن رشد أيضا: ( سئل مالك عن الرجل يأكل في بيته مع أهله وولده فيأكل مما يليهم ويتناول مما بأيديهم، فقال: لا بأس بذلك) هـ.
__________
(1) - مكمل إكمال الإكمال 5/335-336.(7/164)
5379- خياطا: يأتي أنه غلام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يسم. لطعام: خبز ومرق فيه دباء وقديد. فرأيته يتبع الدباء: وفي مسند الإمام أحمد: " فرأيته يدخل أصبعيه في المرق يتبع بهما القرع، السبابة والوسطى فرق بينهما ثم ضمهما".أحب الدباء:أي القرع اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ومطابقته واضحة، قال أبو عمر في التمهيد: ( هذا الحديث عند أهل العلم محمول على وجهين: أحدهما أن ذلك لا يحسن ولا يجمل إلا بالرئيس ورب البيت إذا كان الطعام نوعا/ واحدا والآخر أن المرق والإدام وسائر الطعام إذا كان فيه نوعان أو أنواع فلابأس أن تجول اليد فيه للتخير، وهذا كله مأخوذ من هذا الحديث، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالت يده في الصحفة يتبع الدباء، فكذلك الرؤساء، ولما كان في الصحفة نوعان وهما اللحم والدباء، حسن بالآكل أن تجول يده فيما اشتهى من ذلك بدليل هذا الحديث)، هـ منه(1).
5- باب التيمن في الأكل وغيره:
كالشرب ونحوه مما يذكر، أي استنانه في حق من له يمين وإلا فبشماله.
... 5380- طهوره: أي تطهيره الشرعي واللغوي. وتنعله: لبسه للنعل. وترجله: تسريح شعره. وكان: أي شعبة. قال بواسط: اسم مدينة بين البصرة والكوفة. في شأنه كله: من كل ما فيه تكرمة.
6- باب من أكل حتى شبع:
... أي جواز ذلك سيما من يخدم في طلب معيشته ويدرس العلم، قاله يوسف بن عمر(2)
__________
(1) - التمهيد 1/276-277.
(2) - يوسف بن عمر الأنفاسي المالكي، أبو الحجاج. ولي إمامة جامع القرويين بفاس.
له: تقييد على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، وتوفي سنة 761.
ترجمته في: البستان لابن مريم 297، ومعجم المؤلفين 13/320.(7/165)
، وما جاء من النهي عن الشبع محمول على الشبع المفرط الذي يثقل المعدة ويثبط عن العبادة، ويفضي إلى كثرة النوم والكسل، فهذا مكروه، وقد يلحق بالمحرم إذا كثرت آفاته وعمت بلياته، والقسطاس المستقيم ما قاله نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: " فإن كان ولابد فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس"، قاله القرطبي.
... وقال الحافظ ابن حجر نقلا عن الإحياء: (" مراتب الشبع تنحصر في سبع: الأول ما تقوم به الحياة، الثاني أن يزيد حتى يصوم ويصلي من قيام، وهذان واجبان، الثالث أن يزيد حتى يقدر على أداء النوافل، الرابع أن يزيد حتى يقدر على التكسب، وهذان مستحبان، الخامس أن يملأ الثلث وهو جائز، السادس أن يزيد على ذلك ما به يثقل البدن ويكثر النوم وهذا مكروه، السابع أن يزيد حتى يتضرر وهي البطنة المنهي عنها، وهذا حرام" هـ، ويمكن دخول الثالث في الرابع، والأول في الثاني) هـ(1).
... قال الشيخ التودي: قلت: ويجمع ذلك قولنا:
حياة صلاة من قيام نوافل ... - ... وكسب وثلث مثقل بطنة الضرر
بها تضبط الأقسام للشبع التي - ... أشار إليها من يضاف إلى حجر
فأوجب وأحبب جوزن بخامس - ... وفي سادس كره وحرم لما غبر.
... 5381- فقالت: الله ورسوله أعلم: فيه دليل على فطنتها ورجحان عقلها، حيث عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك عبثا، وإنما فعله ليظهر المعجزة في تكثير الطعام. هَلُمِّي ما عندك: أحضريه. عُكَّة: جلد يكون وعاء للسمن أو العسل. فأدمته: جعلت فيه إداما. ماشاء الله أن يقول: أي قال: بسم الله، اللهم أعظم فيه البركة.
قال الأبي: ( قال بعضهم: ينبغي لمن اتفق له مثل ذلك أن يقول في الطعام: اللهم إني أدعوك بما دعاك به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أم سليم).
__________
(1) - الفتح 9/660.(7/166)
... 5382- مُشِعَّانّ طويل: المشعان المفرط في الطول، فلعل أصل الكلام "طويل مشعان"، وقيل المشعان ثائر الراس. فصنعت: ذبحت. بسواد البطن: من كبد وغيره. حَزَّ: أي قطع. حُزَّةً: أي قطعة.
... 5383- عن أمه: صفية بنت شيبة الحجبي(1).
تكميل: ذكر المص رحمه الله جملة من آداب الأكل وبقي عليه منها أمور، منها عدم الأكل من الوسط، أي كراهة ذلك كما في الرسالة(2)، فقد أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس مرفوعا: "كلوا في القصعة من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها فإن البركة تنزل في وسطها"(3).
... قال الأقفهسي: ( ويجري ذلك في سائر الطعام حتى الرغيف لا يبتدأ أكله من وسطه ويقسمه بالأجزاء ويجعل في كل جزء حاشية إن أمكن) هـ، ومنها ألا ينظر إلى غيره في حالة أكله وألا يكرر على جلسائه في حال أكلهم: كلوا فإنه إخجال،
__________
(1) -صفية بنت شيبة بن عثمان العبدرية.
مختلف في صحبتها، وروت عن عائشة وأم حبيبة وأم سلمة، وعنها منصور بن صفية وقتادة وميمون بن مهران.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1823، والإصابة 7/743.
(2) - في الرسالة ( ص: 143) ما يلي: ( وإذا أكلت مع غيرك أكلت مما يليك، ولا تأخذ لقمة حتى تفرغ الأخرى).
(3) - أخرجه أحمد في المسند رقم 2313، والترمذي في الأطعمة رقم 1727، وأبو داود في الأطعمة رقم 3280، وابن ماجه في الأطعمة رقم 3268، والدارمي في الأطعمة رقم 1957.(7/167)
وقال القاضي عياض: ( تكره اليمين على الطعام وإنما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم -: كل كل كل، ثلاثا، أي عند رفع الآكل يده من الطعام، ومن ثم قال النووي في الأذكار: ( باب استحباب قول صاحب الطعام لضيفه ومن في معناه إذا رفع يده من الطعام "كل" وتكريره ذلك عليه مالم يتحقق أنه اكتفى منه، وكذلك يفعل في الشراب والطيب ونحو ذلك، ثم استدل على ذلك بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة في قصة شرب اللبن مع أهل الصفة: اشرب، وتكريره ذلك عليه، ومنها أن يبدأ بالمعظم في الأكل والشرب وغسل الأيدي، قاله القاضي عياض)هـ/.
... الأبي: ( وما يفعل اليوم من البداية بالغسل بمن على اليمين إنما هو لعدم حضور الأفضل، فيفزع إلى البداية باليمين تبركا بالتيامن في كل شيء) هـ.
... وفي جامع المعيار عن أشهب(1) أنه تستحب البداية بالأيمن فالأيمن في غسل الأيدي في الاجتماع للطعام، قال: وهذا مع استواء المجتمعين أو تقاربهم لما فيه من ترك إظهار ترفيع بعضهم على بعض في التبدئة به، أما إن كان فيهم العالم وذوالفضل والسن، فالسنة في ذلك أن يبدأ به حيث كان من المجلس ثم من كان على يمينه، وفي الإحياء: ( من آداب الطعام أن يتحدثوا في حال الله بالمعروف ويتحدثوا بحكايات الصالحين في الأطعمة وغيرها) هـ(2).
... وتأتي للمص آداب أخر، وقد أنهى أبو بكر بن العربي آداب الأكل والشرب والمناولة والاجتماع على الطعام إلى مائة وأربعة وسبعين أدبا، وقفت عليها في مسالكه فانظرها فيها.
__________
(1) - أشهب بن عبد العزيز بن داود بن إبراهيم، أبو عمر القيسي، وهو من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك.
قال الشافعي: ( ما رأيت أفقه من أشهب).
أخذ عن الشافعي، وانتهت إليه الرئاسة بمصر بعد ابن القاسم، وتوفي سنة 204 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 1/307، ووفيات الأعيان 1/97-98.
(2) - إحياء علوم الدين 2/6.(7/168)
7- باب: " لَيْسَ عَلَى الاَعْمى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ" الآية
المذكورة في سورة النور المشتملة على قوله: " وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمُ أَن تَاكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ" إلى آخرها(1).
... قال ابن المسيب: ( كان المسلمون إذا خرجوا إلى الغزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعوا مفاتيح بيوتهم عند الأعمى والمريض والأعرج وعند أقاربهم، ويأذنون لهم أن يأكلوا من بيوتهم فكانوا يتحرجون من ذلك ويقولون: نخشى ألا تكون أنفسهم بذلك طيبة، فنزلت الآية رخصة لهم).
... والنهد: ( هو ما تخرجه الرفقة من النفقة بينهم بالسوية حتى لا يتغابنوا)، قاله الزركشي(2). والاجتماع على الطعام: أي جواز ذلك كما يجوز النهد أيضا.
... 5384- فدعا بالأزواد: قال أبو عمر: ( فيه دليل على أن في جمع الأزواد واجتماع الأيدي عليها أعظم بركة، ولذلك قال بعض أهل العلم: جمع الأزواد في السفر سنة)، هـ من التمهيد.
... فما أتي إلا بِسَوِيق: قال العيني: ( أي كل من عنده شيء من السويق جاء به، وهذا معنى النهد)(3). فَلُكْنَاهُ: اللوك إدارة الشيء في الفم، أي أكلناه مجتمعين، وهذا شاهد الترجمة لاشتمالها على قوله: " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَاكُلُوا جَمِيعًا اَوْ اشْتَاتًا"(4)، ولما ذكر بعدها وهو ظاهر . عودا وبدءا: أي أولا وآخرا.
8- باب الخبز المرقق:
أي الملين المحسن كخبز الحواري، وهو الأبيض المصفى، أي جواز استعماله وأكله. والأكل على الخوان: أي المائدة، وهو لفظ أعجمي معرب. والسفرة: ما يوضع عليه الطعام إذا كان من جلد أو سعف ونحوه، وأصلها الطعام نفسه، ثم استعملت لما يوضع عليه الطعام.
__________
(1) - سورة النور، الآية 61.
(2) - في التنقيح ص: 224.
(3) - العمدة 21/34.
(4) - سورة النور، الآية 61.(7/169)
... 5385- ما أكل النبي صلى الله عليه خبزا مرققا: ( زهدا منه - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا ومستلذاتها، وتركا للتنعم، وإلا فهو مباح الأكل)، قاله ابن بطال.
... ولا شاة مسموطة: الشاة المسموطة هي التي يزال شعرها بعد ذبحها بالماء السخن، وتشوى أو تطبخ بجلدها، وإنما يصنع ذلك في الصغيرة الطرية، وهو من فعل المترفين.
... 5386- على سُكُرُّجَة: أي على هيئة سكرجة وصفتها، وهي أن تجعل الجوارشات والكوانح -أي الأشياء الحارة أو الحامضة- في قصاع صغار، وتوضع على الموائد حول الأطعمة للتشهي والهضم.
... قال سيدي عبد القادر الفاسي فيما نقله عنه ولده في حاشيته ما نصه: ( لم يكن - صلى الله عليه وسلم - يترك هذا ومثله بعد وجوده، إنما كان يأكل ما تيسر، فلو سيق إليه المسموط أو غيره لأكله، أو السكرجة وهي الأواني الرفيعة، أو الخوان وهي المائدة المرتفعة لأكل عليها، وهذا حال العارف، "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ" الآية(1).
... 5387- أمر بالأنطاع: السفر. حَيْسًا: هو التمر والأقط والسمن.
... 5388- النطاقين: تثنية نطاق، هو الحزام الذي يشد به الوسط. في سفرته: وعاء طعامه، وذلك حين هجرته من مكة إلى المدينة. يقول ابنها: ( هذه نسخة ابن سعادة، والذي/ لغيره: "يقول إيها" بكسر الهمزة، وهي كلمة تصديق وارتضاء)، قاله في المشارق، وقال ابن حجر: ("إيها" كذا للأكثر ولبعضهم: يقول ابنها، بموحدة ونون وهو تصحيف، ووجه بأنه مقول الراوي)(2). والإله: أي وحق الإله جل وعلا.
... تلك شكاة: الشكاة رفع الصوت بالقول القبيح. ظاهر: أي زائل من الظهور بمعنى الصعود والارتفاع. عنك عارها: فلم يعلق بك، وهذا عجز بيت لأبي ذؤيب الهذلي وصدره: ... وعيرها الراشون أني أحبها - وتلك ...إلخ.
__________
(1) - سورة الأعراف، الآية 32.
(2) - الفتح 9/666.(7/170)
... 5389- وأضبا:جمع ضب. فتركهن: أي الأضب. على مائدة النبي صلى الله عليه: لا يخالف هذا ما سبق من نفي الخوان، لأن المائدة ما يوضح عليه الطعام صيانة من الأرض من سفرة ومنديل وخوان وغير ذلك، فهي أعم من الخوان المنفي هناك، وثبوت الأعم لا يستلزم ثبوت الأخص.
9- باب السويق:
... هو الدقيق المَقْلُوّ، أي بيان ما جاء فيه.
... 5390- فَلاَكَهُ: أداره بفمه ولسانه.
10- باب ماكان النبي صلى الله عليه لا يأكل حتى يسمى له:
أي لا يأكل شيئا مما يوضع بين يديه حتى يسمى له ذلك الشيء، فيعلم ما هو: لئلا يكون مما يعافه أو مما لا يأكله.
... القاضي عياض: ( هذا سنة في هذا الباب لئلا يقع الإنسان في أكل ما لو علم به لم يأكله) هـ، الأبي: ( وكان من شيوخنا من يقول إنه لا يلزم من قدم طعاما لآخر أنه يعلمه ما هو).
... 5391- ضبا: دويبة من مآكل العرب. محنوذا: مشويا. امرأة: هي ميمونة. لم يكن بأرض قومي: مأكولا.
11- باب طعام الواحد يكفي الاثنين:
... هذا لفظ حديث أخرجه ابن ماجة من رواية ابن عمر(1)، ولعل المص أشار له لكونه ليس على شرطه، وإلا فحديث الباب غير مطابق للترجمة.
... 5392- طعام الاثنين كافي الثلاثة: قال ابن راهويه: ( معناه أن الطعام المشبع للأقل قوت للأكثر).
وقال ابن عبد السلام: ( إنه خبر بمعنى الأمر، أي أطعموا طعام الاثنين للثلاثة).
وقال المهلب: ( المراد منه الحض على المكارمة والتقنع بالكفاية).
12- باب المؤمن يأكل في معى واحد:
... المعى واحد الأمعاء، وهي المصارين.
... ونقل القاضي عن أهل التشريح أن أمعاء الإنسان سبعة: المعدة، ثم ثلاثة بعدها متصلة بها: البواب والصائم والرقيق، وكلها رقاق، ثم ثلاثة غلاظ: الأعور والقولون والمستقيم.
... 5393- لا تدخل هذا علي:لما فيه من الاتصاف بوصف الكفار من كثرة الأكل.
__________
(1) - أخرجه مسلم في الأشربة، باب فضيلة المواساة في الطعام القليل ( شرح النووي 13/22).(7/171)
... قال الزركشي: ( حمل ابن عمر الحديث على ظاهره، وهو خلاف ما عليه الجمهور)(1).
... المؤمن يأكل في معى واحد والكافر في سبعة أمعاء: الذي عليه المحققون في معنى هذا الحديث -وإن كثرت فيه القالة- هو أنه ليس المراد منه حقيقته، وإنما هوكناية عن قلة أكل المؤمن وكثرة أكل الكافر، أي شأنهما ذلك، فإن المؤمن لقلة حرصه وشرهه وإيثاره على نفسه، شأنه قلة الأكل حتى كأنه يأكل في معى واحد، والكافر لشرهه وحرصه شأنه كثرة الأكل حتى كأنه يأكل في سبعة أمعاء، ولا يلزم اطراد ذلك في كل مؤمن وكافر، بل قد ينعكس الأمر فيهما والله أعلم، كذا قرره المناوي(2) وغيره، واقتصر عليه الحفني على الجامع الصغير.
... وقال الدماميني: ( الجمهور على أن هذا خاص برجل واحد قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اختلف فيه فقيل نضلة بن عمرو الغفاري(3)، وقيل جهجاه الغفاري، وقيل غيرهما)(4).
... 5395- أنا أومن بالله ورسوله: يعني وإن كنت آكل كثيرا، لأن الحديث ليس على حقيقته كما تقدم.
... 5397- رجلا: هو جهجاه الغفاري.
13- باب الأكل متكئا:
... أي كراهته، واختلف في صفة الاتكاء فقيل أن يتمكن في/ الجلوس للأكل على أي صفة كان، وقيل أن يميل على أحد شقيه، وقيل أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض، قاله ابن حجر(5).
__________
(1) - التنقيح ص: 225.
(2) - في فيض القدير 6/251.
(3) - نضلة بن عمرو بن أهبان بن حلان بن جعاف بن حبيب بن غفار الغفاري.
قال ابن السكن: له صحبة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1495، والإصابة 6/435.
(4) - تعليق المصابيح ص: 547.
(5) - في الفتح 9/676.(7/172)
زاد السيوطي: ( والأول المعتمد، وهو شامل للقولين) هـ(1)، وبالأول فسره الخطابي(2)، والقاضي عياض قائلا: ( الاتكاء هو التمكن من الأرض والتقعدد في الجلوس كالتربع وشبهه من تمكن الجلسات التي يعتمد فيها على ما تحته، فإن الجلوس على هذه الهيئة يستدعي الإكثار من الأكل) هـ، لكن اعترضه الفاكهاني وقال: ( التحقيق أنه الميل على الشق لأنه الذي يسبق إلى الذهن من لفظ الاتكاء) هـ، ونحوه لابن الجوزي اعتراضا وتفسيرا كما في الحطاب.
... وقال المناوي على حديث " كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل متكئا" ما نصه: ( أي مائلا إلى أحد شقيه، معتمدا عليه وحده، لا أن المراد الاعتماد على وطاء تحته مع الاستواء كما وهم، فقول البعض: الاتكاء هنا لا ينحصر في المائل بل يشمل الأمرين، متعقب بالرد)هـ(3) ، ثم قال ابن حجر: ( وإذا ثبت كون الاتكاء مكروها أو خلاف الأولى، فالمستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى، واختلف في علة الكراهة، وأقوى ما ورد في ذلك قول النخعي: " كانوا يكرهون أن يأكل اتكاءة مخافة أن تعظم بطونهم" هـ، وهذا هو المعتمد)هـ(4).
... ثم قال المناوي: ( روي عن أنس بسند ضعيف أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قعد على الطعام استوفز على ركبته اليسرى وأقام اليمنى كما يفعل العبد، وروى أبو الشيخ بسند جيد عن أُبَيّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجثو على ركبتيه، وكان لا يتكئ) هـ.
__________
(1) - التوشيح ص: 466.
(2) - في أعلام السنن ص: 1107.
(3) - فيض القدير 5/181-182.
(4) - الفتح 9/676.(7/173)
... وفي تحقيق المباني قال الباجي: ( قال مالك: من السنة الأكل على الأرض على هيئة يطمئن عليها، ولا يأكل مضطجعا على بطنه، ولا متكئا على ظهره لما فيه من البعد عن التواضع والتشبه بالأعاجم، ووقت الأكل وقت تواضع وشكر لله تعالى، وفي أبي داود أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعمتين: " عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه"(1)، وسئل مالك عن الرجل يأكل وهو واضع يده اليسرى على الأرض، فقال: إني لأتقيه وأكرهه، وما سمعت فيه شيئا، إلى أن قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان جلوسه جلوس المستوفز، وكان يقول: إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد).
14- باب الشواء:
أي جواز أكله، وقول الله عز وجل: " جَاءَ بِعِجْل حَنِيذ "(2) مشوي بالحجارة المحماة.
... 5400- فأهوى إليه ليأكل: دل هذا على جواز أكل المشوي لولا أنه ضب.
15- باب الخزيرة:
... أي جواز اتخاذها وأكلها، وفسرها النضر بقوله: الخزيرة من النخالة، أي من بلالتها بأن تبل وتصفى منها البلالة ثم تطبخ مع اللحم، فإن كانت بدون لحم فهي العصيدة، وقال الجوهري: ( هي أن يؤخذ اللحم ويقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج در عليه الدقيق، وإن لم يكن فيها لحم فهي العصيدة).
والحريرة من اللبن: وقال أبو الهيثم: من الدقيق.
... ابن حجر: ( وهذا هو المعروف) هـ(3).
... وفي القاموس: ( الحريرة دقيق يطبخ بلبن أو دسم).
... 5401- الدار: أي المحلة. أين مالك؟ أي ابن الدخشن(4)
__________
(1) - رواه أبو داود في الأطعمة باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره رقم 3774، وقال: هذا الحديث لم يسمعه جعفر من الزهري، وهو منكر، في حين أخرجه الحاكم في المستدرك 4/143 وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
(2) - سورة هود، الآية 69.
(3) - الفتح 9/678.
(4) - مالك بن الدخشن - أو الدخشم - الأنصاري الأوسي.
مختلف في نسبته، وشهد بدرا عند الجميع، وهو الذي أسر سهيل بن عمرو يومئذ.
وروى ابن منده أنه كان مع معن بن عدي في إحراق مسجد الضرار.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1350، والإصابة 5/721-722.(7/174)
. حرم على النار: أي على الخلود فيها.
16- باب الأَقِط:
... ( هو جبن اللبن المستخرج زبده)، قاله ابن حجر(1).
... وفي القاموس: ( شيء يتخذ من المخيض الغنمي، أي جواز أكله).
... حيسا: هو التمر والأقط والسمن.
17- باب السلق:
بقلة معروفة تسمى عندنا بالسلك، أي جواز أكله، والشعير: معطوف على ما قبله.
... 5403- عجوز: لم تسم. إذا صلينا: أي الجمعة.
18- باب النهس:
... النهس والنهش القبض على اللحم بالفم وإزالته من العظم ليؤكل، والتعرق بمعناه. وانتشال/ اللحم: أي استخراجه من القدر، وأكثر ما يستعمل في أخذه قبل النضج، أي جواز ذلك.
... 5404- تعرق رسول الله صلى الله عليه كتفا: أي أكل ما عليها من اللحم، وهذا هو النهس أيضا.
... 5405- عرقا: عظما عليه لحم.
19- باب تعرق العضد:
أي أكل ما عليه من اللحم، والعضد العظم الذي بين الكتف والذراع.
... 5406- خرجنا مع النبي صلى الله عليه: أي عام الحديبية.
... 5407- أخصف: أخرز. تعرقها: أكل ما عليها.
20- باب قطع اللحم بالسكين:
... أي عند الأكل، أي جواز ذلك كما دل عليه حديث الباب، وماروي مرفوعا: (لاتقطعوا اللحم بالسكين فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ)، قال البخاري وغيره: منكر، نعم النهس أولى كما في حديث آخر، قاله ابن حجر(2).
... زاد زكرياء: ( ولو ثبت، حمل على عدم الحاجة الداعية إلى ذلك لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الترفه) هـ.
... وقال القرطبي: ( فيه - أي في حديث الباب - دليل على جواز أكل اللحم بالسكين عند الحاجة إلى ذلك من شدة اللحم أو كبر العظم والبضعة، قال القاضي عياض: وتكره المداومة على استعمال ذلك لأنه من سنة الأعاجم)، هـ من المفهم بلفظه.
... الشيخ زكرياء: ( وكذا يجوز قطع الخبز بالسكين إذ لم يأت نهي صحيح بذلك، وأما خبر: " لا تقطعوا الخبز بالسكين كما تقطعه الأعاجم" فضعيف) هـ(3).
__________
(1) - في الفتح 9/679.
(2) - في الفتح 9/683.
(3) - تحفة الباري 3/223.(7/175)
... قلت: ( وكذا خبر أبي هريرة: " نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع الخبز بالسكين(1)، وقال: "أكرموه فإن الله تعالى قد أكرمه"، فقد قال الدارقطني إثر سوقه: تفرد به نوح بن أبي مريم(2) وهو متروك) هـ، نقله المناوي.
... 5408- فصلى ولم يتوضأ: فيه عدم الوضوء مما مست النار، وما ورد فيه منسوخ كما سبق.
21- باب ما عاب النبي صلى الله عليه طعاما:
... من الأطعمة المباحة.
... 5409- وإن كرهه تركه: واستعذر عنه.
... النووي: ( من آداب الطعام المتأكدة ألا يعاب كقوله: مالح، حامض، قليل الملح، غليظ، رقيق، ونحو ذلك) هـ(3).
... الأبي: ( وترك الأدب مكروه، وقد يحرم إذا جعل متعلقه الخلقة).
22- باب النفخ في الشعير:
بعد طحنه لتطير نخالته ، أي جواز ذلك، وكأنه نبه بذلك على أن النهي عن النفخ في الطعام خاص بالطعام المطبوخ.
... 5410- النقي: أي الخبز الحواري وهو الأبيض المصفى، كان من الشعير أو من غيره، ويشمل أيضا غير الخبز. تنخلون الشعير: تزيلون نخالته بالمنخل.
... ننفخه: بعد الطحن ليطير قشره ويبقى خالصه.
23- باب ماكان النبي وأصحابه يأكلون:
... ابن غازي: ( كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة في حال الافتقار إلى الله، وذلك حين يبيت طاويا مثلا، ومرة في حال الاستغناء بالله، وذلك حين يشبع الألف من الصاع مثلا).
... 5411- حَشَفَةً: رديئة. مِضَاغِي: بكسر الميم، أي فيما أمضغ به وهو الأسنان، أو في مضغي، وبفتحها أي فيما أمضغه وهو التمر.
__________
(1) - رواه أبو داود في الأطعمة، رقم 3778.
(2) -نوح بن أبي مريم يزيد بن جعونة المروزي، أبو عصمة.
تولى قضاء مرو، وجمع فقه أبي حنيفة.
توفي سنة 173هـ.
ترجمته في: الأعلام 9/28، ومعجم المؤلفين 13/119.
(3) - نقلا عن الفتح 9/684.(7/176)
... 5412- سابع سبعة: هم أبو بكر وعلي وعثمان وزيد بن حارثة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعد. وَرَقُ الْحُبْلَة: ورق السمر. حتى يضع أحدنا: يريد التغوط. ما تضع الشاة: من البعر، يعني في جفوفه ويبسه. تُعَزِّرُني على الإسلام: تؤدبني عليه وتعلمني أحكامه.
... من حين ابتعثه الله: ابن حجر: ( أظنه احتراز عما قبل البعثة لكونه - صلى الله عليه وسلم - كان سافر في تلك المدة إلى الشام تاجرا، وعندهم المناخل فربما رأى ذلك عندهم)(1).
... 5413- غير منخول: أي غير مزال النخالة. ثَرَّيْنَاهُ: بالماء، أي عجناه.
... 5414- مصلية: مشوية. فأبى أن يأكل: منها، زهدا لما تذكره من ضيق العيش.
... 5415- في سُكُرُّجَة : أي في صفتها وهيئتها كما قدمناه(2).
24- باب التلبينة :
... هي حَسْوٌ رقيق يتخذ من دقيق أو نخالة، وربما جعل فيه عسل، سميت بذلك لشبهها باللبن في الرقة والبياض.
... 5417- صنع ثريد: أي فُتَّ خبز. مَجَمَّة: مريحة. لفؤاد المريض: أي لقلبه.
25- باب الثريد:
... هو خبز مفتت في مرق، وقد يكون معه لحم.
... قال أبو عمر: ( الثريد أعظم بركة من غيره من الطعام) /.
... 5418- ولم يكمل من النساء إلا مريم...إلخ: المراد بالكمال كمال الولاية، وبالنساء نساء زمانها، راجع كتاب الأنبياء. كفضل الثريد …إلخ: إنما فضل الثريد على الطعام لما فيه من تيسر المؤونة وسهولة الإساغة، وهذا لا يستلزم ثبوت الأفضلية له من كل وجه، فقد يكون مفضولا من حيثية أخرى، وحينئذ فليس فيه تصريح بأفضلية عائشة على غيرها، قاله ابن حجر.
... 5420- فيها ثريد: أي وقديد ودباء. أحب الدُّبَّاء: أي القرع أحب أكلها اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
26- باب شاة مسموطة:
... الشاة المسموطة هي التي أزيل شعرها بعد ذبحها وشويت أو طبخت بجلدها.
__________
(1) - الفتح 9/685.
(2) - في شرح الحديث 5386.(7/177)
... والكتف والجنب: معروفان، وليس في الحديث الذي ساقه ذكر للجنب، ولعله ذكره استطرادا أو إلحاقا له بالكتف، أو إشارة لحديث أم سلمة المروي في الترمذي أنها قربت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جنبا مشويا، فأكل منه ثم قام إلى الصلاة(1).
27- باب ماكان السلف يدخرون في بيوتهم وأسفارهم من الطعام واللحم وغيره:
من النقود والعروض والرباع وغير ذلك، أي بيان ادخارهم ما ذكرحضرا وسفرا، وأن ذلك جائز غير مناف للتوكل، قال الأبي: ( قال لي يوما الشيخ ابن عرفة: لولا خوف الحاجة في الكبر ما بت وعندي عشرة دنانير، فلما كان قريبا من آخر حياته حبس من الريع ما يفرق من أكريته في آخر كل شهر نحو اثنين وعشرين دينارا ذهبا كبيرة).
... عياض: ( وفرق الأبهري(2) في آخرحياته ألف مثقال، فقيل له: هلا فرقتها قبل، فقال: عهدي بأبي بكر الصيرفي(3) وقد طلب لقضاء بغداد فامتنع، فلما كثرت بناته رأيته يكتب الرقاع يستعطي أصحابه، فادخرتها خوف الوقوع في مثل ذلك) هـ.
... وفي مسند الإمام أحمد عن المقداد بن مَعْدِ يَكَرِب(4)
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الأطعمة 27، والنسائي في الطهارة 122، وأحمد في المسند 6/307.
(2) - محمد بن عبد الله الأبهري، إمام المالكية في عصره.
تفقه على ابن بكير وأبي بكر بن الجهم، وحدث عنه أبو القاسم التنوخي وأبو محمد بن نصر.
له إجماع أهل المدينة، وتوفي ببغداد سنة 395 هـ.
ترجمته في: الديباج المذهب 2/206، وشجرة النور الزكية 1/91.
(3) - محمد بن عبد الله الصيرفي البغدادي، أبو بكر.
تفقه على ابن سريج، وسمع الحديث.
له: شرح الرسالة للشافعي، ودلائل الأعلام على أصول الأحكام، والإجماع. توفي بمصر سنة 330هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 5/449، وطبقات الشافعية للسبكي 2/169، وشذرات الذهب 2/325.
(4) - المقداد بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب، أبو كريمة.
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى أحاديث، وعن خالد بن الوليد ومعاذ.
وعنه ابنه يحيى، وخالد بن معدان ويحيى الطائي.
توفي عام 87 هـ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1482، والإصابة 6/204.(7/178)
قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( ليأتين على الناس زمان لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم)(1).
... سفرة: أي طعاما زادا لسفره عند هجرته - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة.
... 5423- ما فعله: أي النهي، إلا في عام: واحد، فالنهي خاص بذلك العام لجوع الناس فيه. من خبز بر مأدوم: مأكول بإدام. ثلاثة أيام: متوالية.
... 5424- حتى جئنا… إلخ: أي هل قال جابر: حتى جئنا …إلخ.
... قال ابن بطال: ( فيه رد على من زعم من الصوفية أنه لا يجوز ادخار طعام لغد، وأن اسم الولاية لا تستحق لمن ادخر شيئا ولو قل، وأن من ادخر أساء الظن بالله، وفي هذه الأحاديث كفاية في الرد على من زعم ذلك)(2).
28- باب الحيس:
... هو تمر يخلط بسمن وأقط، فيعجن شديدا بعد إزالة نواه، وربما جعل فيه سويق، وقد يجعل بدل الأقط الفتيت أو الدقيق، وقيل هو جمع الثلاثة من غير اختلاط، وعليه قول الشاعر:
التمر والسمن جميعا والأقط ... - ... الحيس إلا أنه لم يختلط.
... 5425- من الهم والحزن: هما مترادفان، وقيل الهم مما يتوقع، والحزن مما وقع. والعجز: ذهاب القوة. والكسل: التثاقل عن الأمر مع القدرة عليه. والبخل: ضد الكرم. والجبن: ضد الشجاعة. وضَلَعِ الدَّيْن: ثقله. يحوي وراءه: يجعل لها حوية، وهي كساء يدار حول سنام الراحلة يحفظ راكبها من السقوط. بالصهباء : قرب خيبر. نِطْع: سُفْرَة من جلد. يحبنا: حقيقة. جَبَلَيْهَا: عِير وأُحُد. اللهم بارك لهم في مُدِّهِمْ… إلخ: ( وقد استجاب الله دعاءه فبارك في مكيالها، بحيث يكفي المد فيها من لا يكفيه في غيرها كما هو مشاهد)، قاله القسطلاني(3).
29- باب الأكل في إناء مفضض:
__________
(1) - مسند أحمد رقم 16569، وهو مما انفرد به.
(2) - نقلا عن الفتح 9/691.
(3) - في الإرشاد 8/259.(7/179)
... أي جعلت فيه فضة إما بالتضبيب أو الخلط أو بالطلاء، أي حكم ما ذكر، وحكمه عندنا هو ما نص عليه الشيخ خ بقوله: ( وحَرُمَ استعمالُ ذَكَر مُحَلًّى)، أي شيئا محلى بالذهب أو الفضة، ثم قال: ( وفي المُغَشَّى والمُمَوَّهِ والمُضَبَّبِ وذي الحَلْقَةِ وإِنَاءِ الجَوْهَرِ قولان)(1).
... 5426- كانوا عند حذيفة: أي بالمدائن. فسقاه مجوسي: أي بشراب في إناء من فضة. رمى به: أي المجوسي، أي ضربه به . لولا أني نهيته …إلخ: ما رميته به. الديباج: نوع من الحرير.
30- باب ذكر الطعام:
... أي جواز ذكره في مقام ضرب الأمثال وتبين الأحكام وغير ذلك.
... وقال السندي: ( أي لا يكره ذكره في المجالس، وعند ذكر العلوم، ولا يستدل به على حقارة طبع ذاكره، أو على حاجته إليه)(2).
... 5429- نومه: أي تمامه. وطعامه: أي لذته. نهمته: حاجته.
31- باب الأُدْم /:
... جمع إدام، ما يؤكل به الخبز.
... 5430- لو شئت شرطته لهم: أي فإن ذلك لا ينفعهم لتقدم البيان بذلك، المراد به التوبيخ كما سبق. ألم أر لحما؟: فيه تقديم اللحم على غيره من الأدم، وقد روى الطبراني وغيره من بريدة مرفوعا: ( سيد الإدام في الدنيا والآخرة اللحم، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية).
32- باب الحلواء:
بالمد والقصر، وهي كل حلو يؤكل، وخصه الخطابي بما دخلته صنعة(3)، وفي المخصص لابن سيده(4): ( هو كل ما عولج من الطعام بحلاوة)، والعسل: معروف.
__________
(1) - مختصر خليل 1/7.
(2) - حاشية السندي 3/298.
(3) - في أعلام السنن ص: 1112: ( واسم الحلواء لا يقع إلا على ما دخلته الصنعة).
(4) - علي بن إسماعيل المرسي الضرير، المعروف بابن سيده.
عالم بالنحو واللغة والأشعار.
ولد بمرسية، وتوفي بدانية سنة 458هـ.
له: المحكم والمحيط الأعظم في لغة العرب، وشرح الحماسة، والوافي في علم القوافي.
ترجمته في: الصلة 410، وبغية الملتمس 405، وبغية الوعاة 327، والديباج المذهب 204.(7/180)
... 5431- كان رسول الله صلى الله عليه يجب الحلواء والعسل: قال الخطابي: (ليس هذا على معنى كثرة التشهي لها، وإنما هو إذا قدمت له نال منها نيلا صالحا)هـ(1)، ونحوه لأبي سليمان الداراني(2).
وقال الثعاليي: ( حلواء النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان يحبها هي المجيع بوزن عظيم، وهي تمر يعجن بلبن) هـ(3)، وأما السكر فقال ابن حجر الهيثمي: لم يصح أنه - صلى الله عليه وسلم - رآه، وخبر أنه - صلى الله عليه وسلم - حضر ملاك أنصاري فجاءت الجواري معهن الأطباق عليها اللوز والسكر، الحديث غير ثابت كما للبيهقي في سننه قائلا: ( لا يثبت في هذا شيء) هـ.
... 5432- لا آكل الخمير: أي الخبز المخمر. ولا ألبس الحرير: قال في المطالع: (كذا لجميعهم براءين في كتاب الأطعمة من غير خلاف) هـ، وهو محمول على الخز أو على الثوب الذي فيه علم، وليس مراده خالصه. العك: جلد يكون فيه سمن أو عسل، وهذا موضع الترجمة.
33- باب الدباء:
... هي القرع، وقيل المستدير منه خاصة.
... روى الطبراني عن واثلة(4) مرفوعا: ( عليكم بالقرع فإنه يزيد في الدماغ، وعليكم بالعدس فإنه قدس على لسان سبعين نبيا)(5).
__________
(1) - أعلام السنن ص: 111.
(2) - سليمان بن حبيب المحاربي الداراني.
قاض من ثقات التابعين، تولى القضاء بدمشق ثلاثين عاما.
توفي سنة 120هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/177، وتهذيب ابن عساكر 6/246.
(3) - باللفظ من الفتح 9/557.
(4) - واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر، من بني ليث بن عبد مناة.
أسلم قبل تبوك، وشهدها. وروى أحاديث، وعن أبي هريرة وأم سلمة وأبي مرثد، وكان من أهل الصفة، ونزل الشام ومات بها.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1563، والإصابة 6/591.
(5) - رواه الطبراني، وساقه السيوطي في اللئالئ 2/151، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، والصغاني في الأحاديث الموضوعة ص: 9، وفي سنده عمرو بن الحصين وهو كذاب مشهور - انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني 1/ رقم 40.(7/181)
... وروى البيهقي عن عطاء مرسلا: ( عليكم بالقرع فإنه يزيد في العقل ويكثر الدماغ)(1)، وزاد بعضهم أنه يجلو البصر ويلين القلب.
... 5433- فلم أزل أحبه: أي أحب أكله لمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذا يتعين على كل مؤمن حبه لمحبة نبيه له، قال في التمهيد: ( من صريح الإيمان حب ماكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه، واتباع ماكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله، ألا ترى إلى قول أنس: فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم) هـ(2).
... وقال الأبي: ( استحب ابن المنذر أكل الدباء لحديث الباب) هـ.
... وقال ابن غازي: ( ذكر أن أحد بني العزفي(3) رؤساء سبتة – فك الله أسرها – ذكر هذا الحديث لولده، فقال ولده: أما هو فلا يحب الدباء، فكره مقالته فرماه بمحبرة فكان فيها موته).
34- باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه:
... أي جواز ذلك؛ الكرماني: ( وجه التكلف من حديث الباب أنه حصر العدد بقوله "خامس خمسة" ولولا تكلفه لما حصر) هـ، وسبق إلى ذلك ابن التين وزاد أن التحديد ينافي البركة، ولذلك لم يحدد أبو طلحة فحصلت في طعامه البركة حتى وسع العدد الكثير، قاله في الفتح(4).
__________
(1) - رواه البيهقي في شعب الإيمان 2/198، وفي إسناده علة الإرسال، وفيه ابن دلهم وهو غير معروف - انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني 2/ رقم 510.
(2) - التمهيد 1/277.
(3) - ينتسبون إلى ابن أبي العزفة السبتي، وهم من بيت علم ورئاسة.
ويعتبر محمد بن أحمد العزفي مؤسس إمارة العزفيين بسبتة سنة 647هـ في دولة أبي حفص عمر الموحدي.
(4) - الفتح 9/698.(7/182)
... 5434- غلام: لم يسم. رجل: ابن حجر: ( لم أقف على اسمه ولا على اسم واحد من الأربعة)(1). أذنت له: إنما استأذنه - صلى الله عليه وسلم - دون غيره كأبي طلحة وجابر لأنه حصر العدد في خمسة، وأطلع الله نبيه عليه، ففيه علم من أعلام النبوة، وفيه أن من تطفل في الدعوة كان لرب المنزل الاختيار في حرمانه، فإن دخل بغير إذن كان له إخراجه، وأنه يحرم التطفل إلا إذا علم رضى المالك لما بينهما من الانبساط والمودة، وروى أبو هريرة مرفوعا: ( من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا، وأكل حراما، ودخل سارقا، وخرج حقيرا، قال القاضي عياض: ( وفيه - أي في حديث الباب - أن من دعي إلى كرامة لايحمل غيره معه، إذ لا يدري ما يوافق صاحب المحل، وهذا قول مالك رضي الله عنه)هـ.
... وقال أبو عمر في التمهيد: ( قال مالك: لا ينبغي لمن دعي إلى طعام أن يحمل مع نفسه غيره، إذ لا يدري هل يسر بذلك صاحب الطعام أم لا، قال مالك: إلا أن يقال له ادع من لقيت) هـ، يعني أو يعلم طيب نفس رب الطعام بذلك، أو يكون ذلك لغرض شرعي كقضية أبي طلحة وجابر، فقد فعل - صلى الله عليه وسلم - /ذلك معهما إظهارا لصدق نبوته، وبقي ذكره إلى آخر الدهر، وازداد به كل من سمعه إيمانا وإيقانا.
... وقال أبو عمر أيضا على حديث أبي طلحة ما نصه: ( فيه أن الرجل إذا دعي إلى طعام، جاز لجلسائه أن يأتوا معه إذا دعاهم الرجل وإن لم يدعهم صاحب الطعام، وذلك عندي محمول على أنهم علموا أن صاحب الطعام تطيب نفسه بذلك وأن ذلك يكفيهم)هـ.
... وقال ابن بطال: ( فيه – أي في حديث أبي طلحة – أن الرجل الكبير إذا دعي إلى الطعام وعلم أن صاحبه لا يكره أن يخلف معه غيره وأن الطعام يكفيهم، أنه لا بأس أن يحمل معه من حضره، وإنما حملهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى طعام أبي طلحة - وهو قليل لعلمه أنه يكفي جميعهم لبركته، وما خصه الله به من الكرامة والفضيلة، وهذا من علامات النبوة)هـ.
__________
(1) - الفتح 9/699.(7/183)
... قال محمد بن يوسف: الفربري. يعني ابن اسماعيل: هو البخاري. ولكن يناول بعضهم بعضا… إلخ: فينزل من وضع بين يديه الشيء منزلة من دعي له، وينزل الشيء الذي وضع بين يدي غيره منزلة من لم يدع إليه، ومقتضاه أنه لا يطعم هرة ولا سائلا إلا إذا علم رضى ربه بذلك، وتقريب المضيف الطعام للضيف إذن له في الأكل اكتفاء بالقرينة العرفية، وهل يملك الضيف الطعام بوضعه بين يديه، أو بتناوله، أو بوضعه في فمه، أو بازدراده، أو لا يملكه أصلا، وإنما هو شبه العارية، أقوال عند الشافعية رجح القاضي والإسنوي(1) الثالث منها، قاله القسطلاني(2).
36- باب من أضاف رجلا إلى طعام، وأقبل هو على عمله:
جاز لأنه لا يجب على المضيف أن يأكل مع من أضافه، نعم يستحب له ذلك لتنشيط الضيف في الأكل، إلا إذا كان الطعام قليلا فيستحب له ترك الأكل معه ليؤثره به، قاله القاضي عياض، كما ينبغي له مجالسته ومؤانسته وترك عمله لأجله.
... قلت: ولعل هذا الغلام الخياط المذكور في الحديث إنما ترك ذلك مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الطعام كان قليلا، ولأن عمله كان مؤقتا بزمن كالمياومة مثلا، فليس له صرف وقته إلا في ذلك العمل خاصة والله أعلم، ثم وجدت نحوه في الفتح(3).
... وقال الشيخ التودي تبعا للقسطلاني: ( الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف الناس ومقاماتهم، فيعامل كل واحد بما يعجبه، وما هو أبلغ في حقه من الإكرام والبرور)(4).
36- باب المرق:
__________
(1) - عبد الرحيم بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن إبراهيم الإسنوي الشافعي.
ولد بإسنا من صعيد مصر، ودرس بالقاهرة.
له: التمهيد في تنزيل الفروع على الأصول، وشرح ألفية ابن مالك، وطبقات الفقهاء.
توفي سنة 772هـ.
ترجمته في: الدرر الكامنة 2/354، وبغية الوعاة 304، والبدر الطالع 1/352.
(2) - في الإرشاد 8/264.
(3) - انظر الفتح 9/657.
(4) - الإرشاد 8/264 -مع اختلاف يسير في اللفظ-.(7/184)
... روى النسائي عن أبي ذر رفعه: ( وإذا طبخت قدرا فأكثر مرقته، واغرف لجارك منه).
... 5436- فقرب خبز شعير…إلخ. قال ابن حجر: ( في قصة الخياط روايات أتمها رواية مالك هذه، فلم يفتها إلا ذكر الثريد)(1).
37- باب القديد:
... هو لحم مشرح، أي مقطع طولا ميبس.
... 5438- ما فعله: أي النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث. ثلاثا: متوالية.
38- باب من ناول أو قدم إلى صاحبه على المائدة شيئا: جاز.
... قال: أي البخاري.
... 5439- فجعلت أجمع الدباء …إلخ: هذا موضع الترجمة، واستبعاد العيني ذلك ورده على ابن حجر عجيب(2).
39- باب القِثَّاءِ بالرُّطَبِ:
... القثاء هو الخيار والفقوس، والرطب نضيج التمر، أي جواز أكلها دفعة واحدة.
... 5440- يأكل الرطب بالقثاء: الباء للمصاحبة، أي يجمع بينهما لأن كل واحد مصلح للآخر ومزيل لأكثر ضرره، وعند الطبراني عن عبد الله بن جعفر: " رأيت في يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - قثاء وفي شماله رطبا، وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة"(3)، وفي سنده ضعف، قاله ابن حجر(4).
__________
(1) - الفتح 9/702.
(2) - قال في العمدة 21/65-66: ( ولا وجه لإيراده هنا، ولقد تكلف بعضهم في بيان المطابقة بقوله: لا فرق بين أن يناوله من إناء إلى إناء، أو يضم ذلك إليه في نفس الإناء الذي يأكل منه، أخذ ذلك من قول ثمامة: " فجعلت أجمع الدباء بين يديه"، قلت: هذا فيه بعد عظيم، لأن الإناء الذي يأكل منه له حق شائع فيما في هذا الإناء، بخلاف الإناء الآخر الذي لا يأكل منه).
(3) - أخرجه الطبراني في الأوسط، وأحمد في المسند 1/203-204.
(4) - في الفتح 9/715.(7/185)
... وقال الزرقاني على العزية: ( ويجوز الأكل بالشمال مع الأكل باليمين كما وقع له - صلى الله عليه وسلم - )، ثم ذكر حديث ابن جعفر هذا ناسبا له لأحمد، ونسبه المناوي في شرح السيرة(1) لهما معا، وقال إنه مبين لكيفية أكلهما.
40- باب
... بغير ترجمة.
... 5441- تضيفت أبا هريرة: نزلت به ضيفا. وامرأته/: بسرة بنت غزوان(2). يعتقبون الليل: يتناوبونه في القيام. حشفة: رديئة.
... 5441 م- خمس: وفي الرواية السابقة: سبع.
... قال الشيخ زكرياء: ( لا تنافي بينهما لأن القليل لا ينافي الكثير، أو لتعدد القصة)(3). أَشَدُّهُنَّ لِضِرْسِي: في المضغ.
41- باب الرُّطَب والتمر
... وقول الله عز وجل-خطابا لمريم-: "وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ" - أي بساقها - الآية، تمامها: " تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا "(4)، أي وصل وقت اجتنائه.
... 5443- فجلست: أي الأرض عن الإثمار، أي انحبست عنه ولم تأت به، وللكشميهني: " فخاست نخلها"، أي خالفت معهودها في الإطعام. فخلا عاما: أي تأخر السلف عاما. أين عرشك؟ هو المكان المظلل في البستان المعد للقعود فيه. بقبضة أخرى: من الرطب. الثانية: أي المرة الثانية. قال محمد بن يوسف: الفربري. قال أبو جعفر: وراق البخاري. قال محمد بن إسماعيل: البخاري. فخلا: المذكورة في الحديث. ليس عندي مقيدا: أي مضبوطا محفوظا. ثم قال فجلى: أي بالجيم.
42- باب أكل الجُمَّار:
__________
(1) - واسمه "فتح الرؤوف المجيب على أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب للسيوطي"، وتوجد منه نسخة مخطوطة بالخزانة العامة بالرباط تحت رقم 1825 ك.
(2) - بسرة بنت غزوان التي كان أبو هريرة أجيرها ثم تزوجها.
كانت قد استأجرته في العهد النبوي،ثم تزوجها لما استخلف على إمرة المدينة،وهي أخت عتبة بن غزوان المازني الصحابي، أمير البصرة.
ترجمتها في: الإصابة 7/537.
(3) - تحفة الباري 3/226.
(4) - سورة مريم، الآية 25.(7/186)
... هو قلب النخلة، ويسمى شحم النخل، أي جواز أكله.
... 5444- لما بركته بركة المسلم: لأنها لا تسقط منها أبلحة، كما لا تسقط للمسلم دعوة، أو لعموم نفعها في جميع أطوارها، كما أن المسلم نفعه عام. فظننت: بقرينة حضور الجمار.
43- باب الْعَجْوَة:
... أي فضلها على غيرها، وهي نوع جيد من التمر يقال لها أم التمر، ونقل الثقة عن خط الشيخ سيدي محمد بناصر الدرعي(1) أن العجوة هي النوع المسمى في درعة بأَمَكِّتْ -بفتح الهمزة والميم والكاف المشددة وسكون التاء -، وقيل هي النوع المسمى عندنا بالفكوس.
... 5445- مَنْ تَصَبَّحَ: أكل صباحا قبل أن يأكل شيئا. سبع تمرات عجوة: زاد في رواية عند مسلم وغيره: ( من تمر المدينة)(2)، لم يضره...إلخ: وليس هذا من صنعها، إنما هو سر موضوع فيها اختص بعلمه الشارع صلوات الله وسلامه عليه، انظركتاب الطب.
44- باب القِرَان في التمر:
... القران ضم تمرة إلى أخرى عند الأكل، أي بيان حكمه.
... 5446- سَنَة: جَدْب. نهى عن الإقران: الأقفهسي: ( النهي للكراهة إن عللنا بسوء الأدب، وإن عللنا بالاستبداد -وكان القوم شركاء إما بالشراء أو مطعمين- كان النهي نهي تحريم) هـ، نقله الشاذلي، ثم قال: ( ولا مفهوم للتمر، بل كذلك سائرالأطعمة والفواكه) هـ.
__________
(1) - محمد بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد الكبير بن محمد بناصر الدرعي الناصري.
فقيه مغربي، رحل إلى الحجاز.
له: المزايا فيما حدث من البدع بأم الزوايا، والرحلة الحجازية الكبرى.
توفي سنة 1239هـ.
ترجمته في: فهرس الفهارس 2/219، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 68-69.
(2) - أخرجه مسلم في صحيحه 2/143 في الأشربة الباب 25 ، وأبو داود في الطب رقم 3876.(7/187)
... ابن رشد: ( لا يقرن الرجل – ولو كان التمر له – وهو يأكل مع غيره) هـ، ونحو للشيخ خ في الجامع(1).
... وقال في الجواهر: ( ينبغي للرجل إن أكل مع قوم أن يأكل مثل ما يأكلون من تصغير اللقم، وإطالة المضغ، والترسل في الأكل، وإن خالف ذلك عادته، إلا أن يستأذن الرجل أخاه، أو يكون مع أهله أو أولاده فلا بأس بذلك)،
المازري: ( وعلى الافتقار للإذن، فالإذن إما بنص أو قرينة حال يعلم منها رضى الآخر) هـ، نقله الأبي.
45- باب بركة النخلة:
... أي بيان بركتها، وأشار إلى ما في الحديث من تشبيهها بالمسلم، وكفاها بذلك بركة.
... 5447- مثل المسلم: في كثرة خيرها وعموم نفعها.
46- باب القِثَّاء:
... هو الخيار والفقوس.
47- باب جمع اللونين:
من الفاكهة، أو الطعامين بمرة: في حالة واحدة، أي جواز ذلك.
... 5449- يأكل القثاء بالرطب: أي يجمع بينهما ليعتدلا.
48- باب من أدخل الضيفان عشرة عشرة:
إما لضيق المحل، أو لعدم تعدد أواني الطعام. والجلوس على الطعام عشرة عشرة: قال في التمهيد: ( استحب بعض أهل العلم ألا يكون على الخوان الذي عليه الطعام أكثر من عشرة).
... 5450- جشته: طحنته طحنا جريشا، أي غير ناعم. خطيفة: أي عصيدة. وعصرت عليها عكة: وعاء السمن.
... ابن/ عبد البر: ( وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان آخرهم أكلا، وذلك من مكارم الأخلاق، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ساقي القوم آخرهم شربا)(2).
49- باب ما يكره من الثوم: أي أكله، والبقول:
__________
(1) - قال الشيخ خليل: ( ولا يقرن بين تمرتين فأكثر إذا لم يقرن الأكل معه، ولو كان هو المطعم، إلا مع أهله وولده فيجوز)، انظر تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل (لوحة 35/ب).
(2) - التمهيد 1/292.(7/188)
الشبيهة به في قبح الرائحة، كالبصل والفجل والكراث، أي أكلها أيضا، ومحل كراهة أكل ما ذكر إذا كان نيئا، أما المطبوخ فلا يكره، وظاهر الأحاديث وكلام غير واحد أنه لايكره ولو كان كثيرا، لكن نقل الأبي عن ابن عرفة أنه كان يختار أن الكراهة باقية بعد الطبخ في الكثير منه، لأن الرائحة باقية معه.
فيه ابن عمر: أي حديثه المذكور في أبواب الجماعة.
... 5451- فلا يقربن مسجدنا: والمساجد كلها مسجده - صلى الله عليه وسلم -، وذلك لما ينشأ عنه من تأذي الملائكة والناس، ومثله كل ماله رائحة كريهة، والنهي للتحريم كما صرح به ابن رشد وغيره، ولو كان المسجد خاليا، ومثل المسجد مجالس العلم والولائم وحلق الذكر، راجع أبواب الجماعة.
50- باب الكباث، وهو ورق الأراك:
... ( وللنسفي: ثمر الأراك، وهو الصواب)، قاله ابن سعادة، أي إباحة أكله.
... 5453- أيطب: لغة في " أطيب". ما من نبي إلا رعاها: ليترقوا من سياستها إلى سياسة الآدمي.
51- باب المضمضة بعد الطعام:
أي استحبابها، قال في الرسالة: ( وليغسل يده وفاه بعد الطعام من الغمر، ويمضمض من اللبن، وكره غسل اليد بالطعام، أو بشيء من القطاني، وكذلك بالنخالة) هـ(1).
... وقال في الإكمال: ( اختلف العلماء في غسل اليد قبل الطعام وبعده، ومالك يكرهه إلا أن يكون بها قذر أو لعظم رائحة، أو زفورة كالسمك) هـ.
... وقال في إكمال الإكمال: ( لعل كراهة مالك ذلك قبل الأكل في حق من يده طاهرة، وبعده في طعام لا دسم فيه) هـ، وعلى ذلك جرى الشيخ خ في جامعه فقال: (ويكره غسلها -أي اليد للأكل- إذا لم يكن بها أذى) هـ(2).
__________
(1) - الرسالة ص: 144 ( باب في الطعام والشراب).
(2) - إكمال الإكمال 5/340.(7/189)
... وقال في الرسالة: ( وليس غسل اليد قبل الطعام من السنة إلا أن يكون بها أذى)هـ(1)، لكن قال الشيخ زروق: ( قول مالك هذا يرده أبو عمر بحديث سلمان: غسل اليدين قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي اللمم، وقال إنه صحيح) هـ(2).
... قال العلامة الرهوني: ( والأظهر في الجواب عنه ما قاله الحطاب ونصه: " محمل هذا الحديث عندنا ما إذا أصاب اليد أذى من عرق ونحوه") هـ.
... قلت: وبهذا الجواب أيضا يجاب عن قول القرطبي في تفسيره ما نصه: ( يستحب غسل اليد قبل الطعام وبعده لقوله عليه الصلاة والسلام: " الوضوء قبل الطعام وبعده بركة"، وكان مالك يكره غسل اليد النظيفة، والاقتداء بالحديث أولى) هـ(3)، وبه يوافق ما في الإكمال وغيره، والله أعلم.
52- باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل:
يعني أو قبل أن تغسل، أي استحباب ذلك.
... 5456- فلا يمسح يده: بالمنديل ولا يغسلها. حتى يلعقها: هو بنفسه، زاد مسلم: (فإنه لا يدري في أي طعامه البركة)، أو يلعقها: غيره ممن لا يتقذر بذلك، كزوج وولد وخادم وتلميذ يعتقد بركته، والأمر فيه محمول على الندب والإرشاد عند الجمهور، وحمله أهل الظاهر على الوجوب، قاله العيني(4).
... وقال القاضي عياض: ( ظاهره لعقها كلها، وهو الظاهر من قول التلمساني: "يبدأ في لعق أصابعه من الخنصر ثم الإبهام ثم الوسطى ثم البنصر ثم السبابة") هـ، وقال الحافظ: (الأولى أنه أراد الكف كلها، فيشمل الحكم من أكل بكفه كلها أو بأصابعه فقط أو ببعضها، والسنة الأكل بثلاثة أصابع وإن كان الأكل بأكثر منها جائزا) هـ(5).
__________
(1) - الرسالة ص: 144.
(2) - شرح الرسالة لزروق 2/388.
والحديث أورده ابن عبد البر في "جامع الكافي" ( ذكره زروق).
(3) - الجامع لأحكام القرءان 7/194.
(4) - في العمدة 21/76.
(5) - الفتح 9/721.(7/190)
... وقال ابن العربي:( إن شاء أحد أن يأكل بالخمس فليأكل، فقد كان المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يتعرق العظم وينهش اللحم ولا يمكن ذلك عادة إلا بالخمس)هـ(1)، لكن اعترضه العراقي/ بقوله: ما ذكره غير مسلم، لأن التعرق والنهش يمكن بثلاث، وبفرض عدم إمكانه ليس هذا أكلا بكل الأصابع بل هو إمساك للضرورة) هـ، نقله العيني كالمناوي(2).
53- باب المنديل:
... ( أي جواز اتخاذه لمسح الأيدي به بعد غسلها، أو بدونه في طعام لا دسم فيه ولا لزوجة)، قاله القاضي عياض.
... 5457- مثل ذلك: أي مما مسته النار.
54- باب ما يقول إذا فرغ من طعامه:
... أي من أكله.
... 5458- غير مكفي: من الكفاية، وضميره للطعام، وأصله مكفوي ثم قلبت الواو ياء وضمة الفاء كسرة، وأدغمت الياء في الياء، والمعنى: هذا الذي أكلناه ليس فيه كفاية عما بعده بحيث ينقطع، بل نعمك مستمرة عليها غير منقطعة، قاله العيني(3). ولا مودع: متروك الطلب إليه والرغبة فيه، وقال العيني: ( غير مودع منا، من الوداع، يعني لايكون آخر طعامنا)(4). ربنا: بالنصب على المدح، أو منادى، والرفع على أنه خبر لمحذوف أي أنت ربنا، والجر على البدل من اسم الله في قوله الحمد لله.
... 5459- وأروانا: خاص بعد عام. ولا مكفور: محمود.
... النووي: ( ولو اقتصر على الحمد حصل أصل السنة).
... وفي مسند الإمام أحمد عن معاذ بن أنس(5)
__________
(1) - نقلا عن الفتح 9/721.
(2) - انظر العمدة 21/77، وفيض القدير 1/298.
(3) - في العمدة 21/78.
(4) - العمدة 21/78.
(5) - معاذ بن أنس الجهني، حليف الأنصار.
قال ابن يونس: صحابي كان بمصر.
روى أحاديث، وعن أبي الدرداء، وكعب الأحبار، وعنه ابنه سهل بن معاذ وحده.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1402، والإصابة 6/136.(7/191)
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه)(1).
55- باب الأكل مع الخادم:
... أي جوازه حرا كان أو عبدا، ذكرا أو أنثى، بشرطه للتواضع.
... 5460- فليناوله… إلخ: استحبابا، ويلحق به الذي طبخه أو عاينه ولو هرا أوكلبا لتعلق نفسه به، فربما وقع الضرر لآكله منه.
56- باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر:
... أي في أصل الثواب، لا في كميته ولا في كيفيته، والتشبيه لا يستلزم المماثلة من كل وجه، قاله الكرماني(2).
... فيه عن أبي هريرة: أي يذكر في الباب الحديث المروي عن أبي هريرة بلفظ الترجمة، وقد أخرجه الترمذي وابن ماجة، والحاكم وصححه(3)، وإنما لم يذكره المص لكونه ليس على شرطه.
57- باب الرجل يدعى إلى الطعام فيقول: وهذا معي
... أي جواز ذلك.
... لا يتهم في دينه وماله فكل...إلخ: زاد أحمد: ( ولا تسأل عنه).
58- باب إذا حضر العشاء:
أي الطعام وحضرت الصلاة، فلا يعجل عن عشائه: بل يقدمه على الصلاة، وهذا إذا كان قلبه مشغولا بالطعام، وإلا قدم الصلاة عليه كما فعل - صلى الله عليه وسلم -، إذ لا يشغله - صلى الله عليه وسلم - شيء عن الصلاة، وبهذا يجمع بين فعله - صلى الله عليه وسلم - وأمره المذكورين في أحاديث الباب، وراجع أبواب الجماعة.
... ... 59- باب قول الله تعالى: " فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا "(4):
__________
(1) - مسند أحمد رقم 15079، وأخرجه الترمذي في الدعوات رقم 3380، وأبو داود في اللباس رقم 3505، وابن ماجه في الأطعمة رقم 3276.
(2) - في الكواكب الدراري 20/66.
(3) - أخرجه الترمذي في القيامة 43، وابن ماجه في الصيام 55، وأحمد 2/283.
(4) - سورة الأحزاب، الآية 53.(7/192)
... تفرقوا عن موضع الطعام تخفيفا عن رب المنزل، وقد أتى المص رحمه الله بهذه الترجمة في ختمه كتاب الأطعمة ببراعة الاختتام، وكأنه يقول: فإذا امتلأتم علما بما ذكرته لكم، واستغنيتم به عن غيره، فانتقلوا منه لكتاب العقيقة، فَلِلَّهِ دَرُّهُ ما ألطفه وأدق نظره.
71- " كتاب العقيقة "
... العتيقة اسم لما يذبح عن المولود يوم سابعه، وهي عندنا مستحبة.
... قال الشيخ خ: ( وندب ذبح واحدة تجزئ ضحية في سابع الولادة، وألغي يومها إن سبق بالفجر، والتصدق بزنة شعره، وجاز كسر عظمها، وكره عملها وليمة ولطخه بدمها وختامه يومها) هـ(1).
... وفي المنتقى أنه - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين شاة شاة (2).
1- باب / تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه:
... أشار رحمه الله إلى أن الأحاديث الواردة في تأخير التسمية إلى السابع محمولة على من أريد العق عنه فيه، وأما من لم يرد أن يعق عنه فلا تؤخر تسميته، قال ابن حجر:(وهو جمع لطيف لم أره لغيره) هـ(3).
... ابن الحاج: ( ينبغي إذا كان المولود ممن يعق عليه ألا يوقع عليه الاسم إلا حين تذبح العقيقة، ويتخير له في الاسم مدة السابع، وإذا كان المولود لا يعق عنه لفقر وليه، يسمونه متى شاءوا) هـ.
__________
(1) - مختصر خليل 1/122-123.
(2) - المنتقى شرح الموطأ 3/102.
وهذا الحديث يشهد لما ذهب إليه الإمام مالك من التسوية بين الذكر والأنثى في العقيقة، خلافا لأبي حنيفة الذي قال: "يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة"، وعلق الباجي على ذلك تعليقا لطيفا: ( عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا، ولا يفعل صلى الله عليه وسلم إلا الأفضل، ولما واظب على هذا ثبت أن ذلك هو الأفضل).
(3) - الفتح 9/733.(7/193)
... ابن عرفة: ( مقتضى المذهب وجوب التسمية، وسمع ابن القاسم يسمي يوم سابعه لحديث: " يذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى"، وفيه سعة لحديث: " ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم؛ ابن حبيب: لا بأس أن يتخير له الأسماء قبل سابعه، ولا يسمى إلا فيه)، هـ من مختصره.
... ابن القيم: ( التسمية حق للأب لا للأم، ولو تنازع أبواه في تسميته فهي للأب، لأن الولد يتبع أباه في النسب والتسمية تعريف النسب والمنسوب)هـ، نقله المناوي.
... تحنيكه: أي المولود إثر ولادته بتمر أو بشيء حلو، بأن يمضغ التمر أو غيره، ويدلك به حنكه من داخل فيه حتى ينزل إلى جوفه منه، أي استجاب ذلك، قال النووي: ( اتفاقا من العلماء)، قال: ( ويستحب أن يكون المحنك فاضلا عالما أو صالحا، والتمر أفضل من غيره).
... 5467- فأتيت به النبي صلى الله عليه: حين ولادته.
... القاضي عياض: ( هذه سيرة حسنة أن يبعث بالمولود إلى الرجل الصالح والعالم فيدعو له). فسماه: إذ ذاك.
... 5468- بصبي: هو عبد الله بن الزبير. فأتبعه الماء: أي أتبع البول بالماء، أي غسله.
... 5469- متم: قاربت تمام حملي. وكان أول مولود …إلخ: أي من المهاجرين بالمدينة بعد الهجرة، وأما أول مولود من الأنصار بعدها فهو النعمان بن بشير.
... 5470- ابن لأبي طلحة: هو أبو عُمَيْر(1). أسكن ماكان: تريد سكون الموت، وظن أبو طلحة سكون البرء والعافية. ثم أصاب منها: أي جامعها. أعرستم: استفهام محذوف الأداة، كنى به عن الجماع. واروا: ادفنوا.
2- باب إماطة الأذى عن الصبي:
أي إزالته عنه، ويأتي بيانه. في العقيقة: أي معها.
__________
(1) - أبو عمير بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري، قيل اسمه حفص، وهو صاحب القصة التي فيها: يا أبا عمير ما فعل النغير؟ -وهي في الصحيحين-؛ وقد مات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1712، والإصابة 7/296 ( القسم الثاني).(7/194)
... 5471- مع الغلام عقيقة: أي مصاحبة له بعد ولادته فيعق عنه.
... 5472- فأهريقوا عنه دما: أي اذبحوا له شاة عقيقة عنه، وأميطوا عنه الأذى: قيل معناه احلقوا شعره، وقيل معناه لا تقربوه الدم كما كانت الجاهلية تفعله، لأنهم كانوا يلطخون رأس الصبي بدم العقيقة.
... حديث العقيقة: أي المروي في السنن مرفوعا، ولفظه: ( الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه ويسمى)(1)، ومعنى "مرتهن" قال الخطابي: ( أجود ما قيل فيه قول الإمام أحمد: إنه إذا لم يعق عنه لم يشفع في والديه يوم القيامة، وقيل معناه لاينمو نمو أمثاله).
3- باب الفَرْع:
أي بيان حكمه، ويأتي تفسيره.
... 5473- لا فرع: المراد النهي عنه، وهو الكراهة. ولا عتيرة: يأتي الكلام عليها، والنهي فيها للكراهة أيضا. والفرع أول النتاج: من ناقة أو بقرة أو شاة، وهذا قول ابن المسيب. والعتيرة في رجب: قال الزرقاني: (كانت تذبح في الجاهلية في رجب لآلهتهم، وكانت أول الإسلام ثم نسخ ذلك بالضحية) هـ، قال في العارضة: روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نسخ الأضحى كل ذبح، ونسخ صوم رمضان كل صوم، والغسل من الجنابة كل غسل، والزكاة كل صدقة) هـ.
4- باب العَتِيَرة:
أي بيان حكمها، وهو الكراهة كما سبق.
... 5474- قال: أي سعيد.
72- " كتاب الذبائح والصيد "
بسم الله الرحمن الرحيم
__________
(1) - أخرجه أحمد في المسند 5/7 و17 و22، وأبو داود رقم 2838، والترمذي رقم 1523، والنسائي 7/166 من حديث سمرة بن جندب، وإسناده صحيح.(7/195)
... الذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة، أي بيان أحكامها مع أحكام الذبح الذي هو الذكاة كما يأتي، وعرف الشيخ خ الذكاة بقوله: ( قَطْعُ مُمَيِّز يُنَاكِحُ تمامَ الحُلْقُومِ والْوَدَجَيْنِ من المُقَدَّمِ بلا رَفْع قبل التّمام، وفي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلَبَّة) هـ(1)؛ والصيد / أشار له الشيخ أيضا بقوله: ( وجَرْحُ مسلم مُمَيِّز وحشيًّا وإِنْ تأنَّسَ عُجِزَ عنه إلا بِعُسْر لا نَعَمٌ شَرَدَ أو تَرَدَّى بِكَهُوَّة بِسِلاَح مُحَدَّد أو حَيَوَان عُلِّمَ ...إلخ)(2).
1- باب الذبائح والصيد: التسمية على الصيد:
... أي المصيد، أي وجوبها عند إرسال الكلب أو النبل أو البازي أو غيرها على من كان ذاكرا قادرا، فمن تركها عامدا مختارا لم يؤكل مصيده، وناسيا يؤكل، كذا رواه ابن القاسم عن مالك، قاله في المنتقى(3).
... "لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ" ليختبرنكم "بِشَيْء مِّنَ الصَّيْدِ"(4): أي وقت إحرامكم.
... العقود: العهود، ما أحل وحرم: أي مرة فسر العقود بالعهود، ومرة فسرها بما أحل وحرم، ببنائهما(5) للمفعول، قاله شيخ الإسلام(6).
... المنخنقة …إلخ: أشار لتفسير قوله تعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ" إلى آخر الآية(7).
... تتردى: تسقط.
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - مختصر خليل 1/116-117.
(3) - المنتقى 3/126.
(4) - سورة المائدة، الآية 94.
(5) - في أصل المخطوط: "ببنائها"، والصحيح "ببنائهما" كما في التحفة 3/230.
(6) - في التحفة 3/230.
(7) - سورة المائدة، الآية 3.(7/196)
... فما أدركته منها يتحرك…إلخ: يعني وكان غير منفوذ المقاتل، وأما ما أنفذت مقاتله مما ذكر في الآية فلا يؤكل، هذا مذهبنا، قال الشيخ: ( وأُكِلَ المُذَكَّى وإِنْ أَيِسَ من حياته بتَحَرُّك قَوِيّ مطلقا)، أي سال منه دم أم لا كان صحيحا أو مريضا، ثم قال: ( أو سَيْلِ دَم إن صَحَّتْ إلا الموقوذةُ وما معها)(1)، أي ما ذكر معها في الآية المنفوذة المقاتل، أي فلا تعمل فيها الذكاة، وقوله تعالى: " إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ"(2) الاستثناء فيه إما متصل ويحمل على غير منفوذ المقاتل منها، أو منقطع ويحمل على تذكية غير الخمسة المذكورة إذا كانت منفوذة المقاتل، والمقاتل بينها الشيخ بقوله: ( بِقَطْعِ نُخَاع ونَثْرِ دِمَاغ وحَشْوَة وفَرْيِ وَدَج وثَقْبِ مُصْرَان وفي شَقِّ الْوَدَجِ قولان) هـ(3)، ونظمها ابن غازي بقوله:
إن المقاتل حشوة ونخاعها ... - ... ودج دماغ والحصير المرتفع
والخلف في كرش وفي عنق وفي - سفل المصير وفي الوداج المنصدع
... 5475- عن صيد المعراض: هو عود رقيق الطرفين غليظ الوسط يسمى عندنا بالسراف.
__________
(1) - مختصر خليل 1/119.
(2) - سورة المائدة، الآية 3.
(3) - مختصر خليل 1/119.(7/197)
... بحده: طرفه الرقيق. فكله: لأنه يجرح ما أصابه. عن صيد الكلب: يعني المعلم كما يأتي. فإن أخذ الكلب ذكاة: قيد المالكية ذلك بقيود أشار لها الشيخ بقوله: ( أوحيوان عُلِّمَ بإرسال مِنْ يَدِهِ بلا ظهورِ تَرْك ولو تعدد مصيدُهُ أو أَكَلَ أو لم يُرَ بِغَار أو غَيْضَة أو لم يَظُنَّ نوعَهُ من المباح أو ظهر خلافَهُ إنْ ظنه حراما أو أخذ غيرَ مُرْسَل عليه أو لم يتحقق المبيح في شِرْكَةِ غيره كماء أو ضَرْب بمسموم أو كلبِ مجوسيّ أو نَهْشِهِ ما قَدَرَ على خلاصه منه أو أغراه في الوسط أو تراخى في اتِّباعه إلا أن يتحقق أنه لا يلحقُهُ أو حَمَلَ الآلةَ مع غير أو بخُرْج أو بَاتَ أو صُدِمَ أو عَضَّ بلا جُرْح أو قَصَدَ ما وَجَدَ أوأَرسلَ ثانيا بعد إمساك أَوَّلَ أو قَتَلَ أو اضطربَ فأَرْسَلَ إلا أن يَنْوِيَ المضطربُ وغيرَهُ فتأويلان) هـ.
... وقوله: " أو حيوان علم" شامل للكلب وغيره من الجوارح، قال في المدونة: (والفهد وجميع السباع كالكلب وسباع الطير كالبازي في جميع ذلك إن علمت صح الصيد بها)هـ(1)،فلا مفهوم للكلب في الحديث.ما أمسك عليك: أي فكل،كما لغير ابن سعادة. فخشيت أن يكون …إلخ: أي ولم تتحقق حلية مصيد الكلب الآخر كما يأتي.
2- باب صيد المعراض:
... أي بيان حكمه، وقدمنا تفسير المعراض.
... بالبندقة: أي المصنوعة من طين مشوي، أو من حجارة، أو من رصاص.
تلك الموقوذة: يعني إن كانت من غير الرصاص، وأما إن كانت من الرصاص/ فحكمها حكم النبل لما يحدث عنها من إنهار الدم والإجهاز بسرعة، هذا الذي جرى به العمل عندنا، وأفتى به الشيخ أبو عبد الله القوري(2)
__________
(1) - انظر المدونة الكبرى 3/53.
(2) - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن محمد اللخمي المكناسي ثم الفاسي، المشهور بالقوري.
كان شيخ الجماعة في وقته بفاس، ويعتبر من كبار شيوخ أحمد زروق.
له شرح على مختصر خليل. وتوفي سنة 872هـ.
ترجمته في: شجرة النور الزكية 261، وشذرات الذهب 7/363.(7/198)
وابن غازي وابن هارون والمنجور(1) والعارف الفاسي وسيدي عبد القادر الفاسي، وإياه عنى صاحب العمل بقوله:
وما ببندق الرصاص صيد ... - ... جواز أكله قد استفيد
أفتى به والدنا الأواه - ... وانعقد الإجماع من فتواه.
... في القرى والأمصار: خشية إصابة الناس.
... 5476- قلت: فإن أكل ؟ قال: فلا تأكل: وفي حديث أبي ثعلبة(2): ( كل وإن أكل منه الكلب)، وبه تمسك المالكية كما يأتي إيضاحه.
3- باب ما أصاب المعراض بعرضه:
... أي بوسطه الغير المحدد، أي فلا يؤكل إذا مات منه.
... 5477- المعلمة: قال في المدونة: ( الحيوان المعلم هو الذي إذا أرسل أطاع وإذا زجر انزجر) هـ(3).
... الزرقاني: ( إلا البازي فلا يشترط فيه "وإذا زجر انزجر" لأنه لا ينزجر).
... ما خرق: أي جرح بأن أصاب بحده، فلا تأكل: إلا إذا لم تنفذ مقاتله وذكي، لأنه حكمه حكم الموقوذة.
4- باب صيد القوس:
معروف، أي حكم مصيد سهمه.
__________
(1) - أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله المنجور المكناسي.
له: شرح المنهج النتخب على قواعد المذهب، ومراقي المجد في آيات السعد.
توفي سنة 995هـ.
ترجمته في: الإتحاف 1/319، وسلوة الأنفاس 3/60، وفهرس الفهارس 2/6، ونيل الابتهاج 95.
(2) - أبو ثعلبة الخشني، صحابي مشهور، معروف بكنيته، واختلف في اسمه اختلافا كثيرا.
أحاديثه في الصحيحين، وسكن الشام، وقيل حمص.
وكان فيمن بايع تحت الشجرة، وكان داعية في قومه، وعاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقاتل بصفين، ومات في أول خلافة معاوية، توفي وهو ساجد.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1618، والإصابة 7/58( 60.
(3) - المدونة الكبرى 3/51.(7/199)
ففارق: انفصل ولو حكما. لا تأكل الذي بان: لأن حكمه حكم الميتة. وكل سائره: أي باقيه، وظاهره أنه لا يؤكل البائن ولو كان رأسا أو نصفا، ومذهبنا أنه إذا أبين الرأس أكل كالباقي، وإذا أبين النصف أكل الجميع ، قال الشيخ: (ودُونَ نِصْف أُبِينَ مَيْتَةٌ إلا الرَّأْسَ)(1). حمار: أي وحشي فأدركت ذكاته فكل إن لم تنفذ مقاتله.
5- باب الخَذْف:
... الخذف هو الرمي بحصى أو نوى بين السبابتين، أو بين السبابة والإبهام. والبندقة: المتخذة من الطين المطبوخ أو الميبس، أي الرمي بها، أي بيان حكم ما ذكر.
... 5479- رجلا: لم يعرف. نهى عن الخذف: أي نهي تنزيه كما دل عليه ما بعده: (لا أكلمك كذا وكذا)، وعند مسلم: ( لا أكلمك أبدا).
... قال الإمام المازري: ( فيه هجر من خالف السنة على علم وتأديب أهل المعاصي بالهجران) هـ.
... وقال النووي: ( فيه هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم، وأنه يجوز هجرانهم دائما، والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما) هـ.
6- باب من اقتنى – اتخذ– كلبا ليس بكلب صيد أوماشية:
ذكر ما فيه من الوعيد.
... 5480- أو ضارية: من ضَرِيَ الكلب بالصيد ضراوة، أي تعود، وكان حقه أن يقول: " أو ضار"، لكنه أنث لينا سب لفظ "ماشية"، قاله شيخ الإسلام(2)، وفي المزارعة: (إلا كلب حرث أو ماشية أو صيد).
... نقص كل يوم من عمله: أي من أجر عمله الذي يعمله في المستقبل ما دام الكلب عنده، لا من عمله الماضي خلافا للإحباطية، بمعنى أن الإثم الحاصل له يوازن قدر قيراط أو قيراطين من أجر عمله الذي يعمله، فينتقص منه ذلك القدر عقوبة له لاتخاذه ما نهي عنه وعصيانه في ذلك، وقيل لعدم دخول الملائكة بيته، قاله في الإكمال.
__________
(1) - مختصر خليل 1/118.
(2) - في التحفة 3/231.(7/200)
... قِيرَاطَيْنِ: ( أي جزءين من أجزاء عمله لا يعلم قدرها إلا الله)، قاله الباجي، وسبق في المزارعة: " قيراطا" بالإفراد، فيحمل على أنه - صلى الله عليه وسلم - اطلع على الزيادة فأخبر بها هنا، قاله القاضي عياض.
... الأبي: ( وانظر إذا تعددت الكلاب، هل تتعدد القراريط أم لا؟) هـ.
... قلت: قال ابن العماد: ( تتعدد)، وقال ابن الملقن تبعا للسبكي: ( يظهر عدم التعدد، لكن يتعدد الإثم، فإن اقتناء كلب واحد منهي عنه) هـ، نقله المناوي، ثم إن هذا السياق يدل على النهي عن اتخاذه كما هو مصرح به في عدة أحاديث، وهل هو للمنع/ أو الكراهة؟ صرح الشاذلي في شرح الرسالة بالأول، وابن عبدالبر بالثاني، وقال النووي: (اتفق أصحابنا وغيرهم على حرمة اقتنائها لغير حاجة، وعلى جوازه لحاجة، والحاجة لزرع أو ماشية أو صيد، والأصح اقتناء الجرو للتعليم لأنه في معنى ذلك) هـ.
... القاضي عياض: ( تنازع العلماء في كلب الصيد إذا اتخذه من ليس بصائد، هل يجوز أخذه أخذا بظاهر هذا الحديث، أو ينهى عنه، ويكون معنى الحديث: إلا كلب صيد لصائد به) هـ.
... الأبي: ( واختلف القرويون عندنا في اتخاذها للعسس في الدور، وأما ما يتخذه عساس الأسواق منها فالأظهر فيه المنع لأنها تروع المبكرين إلى المساجد والحمامات، وإنما استأجروا أن يعسوا بأنفسهم، وجرت عادة القضاة يتقدمون إليهم في ربطها عند الفجر، ويعني بكلب الصيد الصيد المباح، وفي معنى كلب الزرع كلب الكروم) هـ.
... الشيخ زروق: ( وظاهر كلام الشيخ – يعني ابن أبي زيد- أنه لا يجوز اتخاذه لحراسة البيوت والأمتعة، وأجازه بعضهم)(1).
... وقال ابن ناجي(2)
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/413.
(2) - أبو الفضل قاسم بن عيسى بن ناجي، شارح المدونة ورسالة ابن أبي زيد، أخذ بالقيروان عن ابن عرفة، والأبي والبرزلي، وولي القضاء بجربة والقيروان وباجة، وأخذ عنه حلولو. توفي سنة 837 هـ.
ترجمته في: تذييل الديباج لأحمد بابا، والحلل السندسية في الأخبار التونسية 1/707-708.(7/201)
: ( يريد الشيخ بقوله: "ولا يتخذ كلب في الدور"(1): إلا أن يضطر فيتخذه حتى يزول المانع، ويذكر أن الشيخ وقع له حائط في داره وكان يخاف على نفسه من الشيعة فاتخذ كلبا لذلك، زاد الشيخ زروق في نقله هذا: ( فقيل له في ذلك، فقال لو أدرك مالك زماننا لاتخذ أسدا ضاريا)(2)، هـ من تحقيق المباني.
7- باب إذا أكل الكلب:
من الصيد، هل أكله منه محرم له أم لا؟
... مذهب الامام مالك رحمه الله أنه غير محرم له، وأن الصيد يؤكل وإن أكل منه الكلب، تمسكا بحديث أبي ثعلبة المروي عند أبي داود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( كل وإن أكل منه الكلب).
... قال ابن رشد في المقدمات: ( الصحيح قول مالك وأصحابه، إذ لا فرق في القياس بين الكلب وبين سائر الجوارح، وقد جمع الله تعالى بينهما في كتابه، وقد أجمع أهل العلم أن قتل الكلب للصيد ذكاة له، فلا فرق في القياس بين أن يأكل من صيده بعد أن يميته وبين أن يأكل من شاة مذبوحة)، هـ منها، ونحوه للإمام الشافعي قائلا: ( القياس الأكل لأن الكلب إذا عقر الصيد وقتله فقد حصلت الذكاة، فأكله منه بعد حصول ذكاته لايمنع من أكله، كما إذا ذكى المسلم صيدا ثم أكل منه الكلب) هـ، نقله في الإرشاد(3)، قال: (وهذا ما نص عليه في القديم، وأومأ إليه في الجديد بالقياس) هـ، وإلى هذا أشار الشيخ خ بقوله: ( ولو تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ أَوْ أَكَلَ) هـ(4).
__________
(1) - الرسالة ص: 150 في قول ابن أبي زيد: ( ولا يتخذ كلب في الدور في الحضر ولا في دور البادية إلا لزرع أو ماشية يصحبها في الصحراء ثم يروح معها، أو لصيد يصطاده لعيشه لا للهو).
(2) - شرح الرسالة لزروق، وشرح الرسالة لابن ناجي 2/413-414.
(3) - الإرشاد 8/293.
(4) - مختصر خليل 1/117.(7/202)
... وإنما قدم المالكية حديث أبي ثعلبة على حديث عدي – وإن كان حديث عدي أصح – لأن حديث أبي ثعلبة عضده القياس كما سبق، ولأنه الذي صحبه العمل، وقال به جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم، منهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وابن عمر وسلمان الخير وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار(1) وربيعة وابن شهاب وعطاء، ولم يزل العلماء ينتقون الأحاديث ولا يأخذون إلا بالمعروف المعمول به منها، فالعمل أثبت من الأحاديث، لأن فيها الناسخ والمنسوخ، قاله ابن المواز.
... وقال ابن عبد البر: ( إن حديث عدي منسوخ).
... وقال المهلب: ( يحتمل أن يكون معناه إذا أكل قبل إنفاذ مقاتله، فقد أجمعوا أنه إذا أكل وحياته قائمة حتى مات من أكله أنه غير مذكى)، نقله ابن غازي مقتصرا عليه.
... تنبيه: قال القاضي عياض: ( كافة الفقهاء أن سباع الطير بخلاف الكلاب لم يختلفوا في أكل صيدها وإن أكلت منه، واختلف قول الشافعي فيها) هـ، ونقل الأبي نحوه عن ابن بشير.
... "مُكَلِّبِينَ"(2): قال البيضاوي: ( معلمين إياه الصيد، والمكلب مؤدب الجوارح ومضريها بالصيد)(3).
... الصوائد: جمع صائدة، والكواسب: جمع كاسبة، والكل تفسير لقوله تعالى: "الْجَوَارِحِ"(4).
__________
(1) - سليمان بن يسار الهلالي، أبو أيوب.
روى عن أم ميمونة وأم سلمة وعائشة وحمزة بن عمرو الأسلمي وابن عباس وابن عمر.
وعنه عبد الله بن دينار وأبو الزناد وبكير بن عبد الله بن الأشج والزهري ومكحول. مات سنة 107هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 4/228-230.
(2) - سورة المائدة، الآية 4.
(3) - أنوار التنزيل 2/136.
(4) - سورة المائدة، الآية 4.(7/203)
... حتى يتركه: أي الأكل مرة أخرى، وذكر الأبي/ في كيفية التعليم طريقين، فذكر أولاهما ثم قال: ( الثانية أن المعتبر فيه العرف، فكل ما هو تعليم في العرف والعادة فهو تعليم، قال: وهذا أسعد بالحديث، وقال الطبري: المعتبر فيه أن يتكرر منه ذلك مرارا، أقلها ثلاثا، فإذا تكرر منه ذلك ثلاثا أكل ما قتل بعد ذلك).
... وكرهه ابن عمر: أي كره أكل الصيد الذي أكل منه الكلب، يعني ولم يحرمه، وعلى ذلك جرى الإمام المازري وابن العربي والقاضي عياض، فحملوا حديث النهي على التنزيه لا على التحريم جمعا بين الحديثين.
8- باب الصيد إذا غاب عنه - أي عن الصائد - يومين أو ثلاثة:
ما حكمه هل يؤكل أم لا؟
ومذهبنا أنه لا يؤكل، قال الشيخ خ عطفا على مالا يؤكل: ( أَوْ بَاتَ )(1).
5484- لم يذكر اسم الله عليها: فإذا تبين أنه ذكر اسم الله عليها فكل منه.
... ليس فيه إلا أَثَر سَهْمِكَ فَكُلْ: ذهب المالكية إلى عدم أكله لما ثبت عندهم في ذلك.
... وإن وقع في الماء …إلخ: هذا مذهبنا، وإليه أشار الشيخ بقوله: ( أو لم يُتَحَقَّقِ المُبِيحُ في شِرْكَةِ غيرِهِ كَمَاء)(2).
... 5485- فنقتفي: نتبع.
9- باب إذا وجد مع الصيد كلبا آخر:
... أي ما حكمه؟
وحكمه عندنا أنه لم يدر هل هو مرسل أم لا؟ وهل أرسله مسلم أوكافر؟ وهل سمى مرسله أم لا؟ فلا يؤكل، وإن تحقق أنه أرسله مسلم وسمى عليه فإنه يؤكل، قاله الزرقاني.
... 5486- لا تأكل: حيث لم يتحقق ما قدمنا ذكره.
10- باب ما جاء في التصيد:
... التكلف بالصيد والاشتغال به للتكسب أكلا وبيعا، أي مما يدل بمشروعيته أو لإباحته.
... قال الأبي: ( قسم اللخمي الصيد إلى الأحكام الخمسة فقال: هو للعيش مباح، ولكف الوجه عن سؤال الناس، والتوسعة على الأهل وهم في ضيق مندوب، ولإحياء نفس واجب، وللهو مكروه، وأجازه ابن عبد الحكم، وفعله بغير نية التذكية أو كان يؤدي إلى ترك واجب حرام).
__________
(1) - مختصر خليل 1/117.
(2) - مختصر خليل 1/117.(7/204)
... الأبي: ( وصيد اللهو هو المتخذ لا لحاجة، وليس منه ما يفعله أرباب الحوائط من صيد الطير في أجنتهم).
... ابن العربي في العتبية من رواية ابن القاسم: ( صيد البحر والأنهار عندي أخف لذوي المروءات من صيد البر، وأنه لا يرى به بأسا) هـ.
... 5488- فلا تأكلوا فيها: لأنهم يستعملون فيها الخمر والميتة والخنزير، والنهي للتنزيه.
... فاغسلوها: أي ندبا.
... 5489- أنفجنا: أنهضنا وأخرجنا. بمر الظهران: موضع قرب مكة. لغبوا: تعبوا، وهذا محل الترجمة.
... 5490- كان مع النبي صلى الله عليه: عام الحديبية.
11- باب الصيد على الجبال:
... أي جوازه.
... 5492- وكنت رقاء: كثير الرقي عليها، وهذا موضع الترجمة.
12- باب قول الله عز وجل: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ"(1):
... أي مصيد الماء، فيدخل فيه صيد البحر والأنهار والعيون وغيرها.
... ما رمى به: من دوابه. وقال أبو بكر: الصديق. الطافي: أي الحيوان البحري المرتفع على الماء ميتا. حلال: وهذا مذهبنا أيضا كالشافعية وجماهير العلماء من الصحابة فمن بعدهم، قاله النووي(2).
... قال العيني: ( وكرهه الحنفية)(3).
... وقال الشيخ عطفا على المباح: ( والْبَحْرِيُّ ولَوْ مَيِّتًا)(4)، وظاهره وإن أنتن.
... وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: ( الظاهر أنه ليس بنجس ولا يؤكل) هـ.
... قال العلامة الرهوني إثر نقله: ( قلت: ويجري مثله في لحم المذكى إذا أنتن) هـ.
... وقال سيدي عبد الرحمن في الطب: ( وأما اللحم المنتن فإنه حرام عندهما – أي عند مالك والشافعي – إذا خرج عن هيئة الطعام).
... الجري: هذا من كلام ابن عباس أيضا، وهو ضرب من السمك يشبه الحيات، ولعله المعروف عندنا بالمريرة، أو هو سمك لا قشر له. ونحن نأكله: لأنه حلال اتفاقا.
__________
(1) - سورة المائدة، الآية 96.
(2) - في شرح صحيح مسلم 13/86.
(3) - العمدة 21/105.
(4) - مختصر خليل 1/119.(7/205)
... كل شيء في البحر مذبوح: أي حلال كالمذبوح، ودخل في عمومه آدمي البحر وكلبه وخنزيره كما نص/ عليه الزرقاني قائلا: ( إنه المذهب)، لكن بحث معه سيدي محمد الرهوني في خنزير الماء وقال: ( الصواب أنه مكروه كما درج عليه في المختصر، وهو قول ابن القاسم ومالك)(1).
... أما الطير - أي طير الماء - فأرى أن تذبحه: نقل سيدي عبد القادر الفاسي في أجوبته عن القلشاني حكاية الإجماع على وجوب ذبحه وسلمه هـ، وكأنه لم يعتد بخلاف "طاووس" لشذوذه.
... وقلات السيل: جمع قلة هي النقرة في الجبل يجتمع فيها ماء المطر.
... وركب الحسن: قيل هو ابن علي رضي الله عنه، وقيل هو البصري. كلاب الماء: لطهارتها، إذ هي مما أبيح أكله كما قدمناه.
... لأطعمتهم: منها لحليتها. ولم ير الحسن: أي البصري بالسلحفاة: هو الفكرون، بأسا: لحليته، وهو كذلك عندنا، والبري منه لابد من ذكاته، والبحري لا يحتاج إليها، قاله ابن القاسم.
... البحري: أي نسبته إلى البحر. أو مجوسي: ابن عرفة: ( التلقين: يؤكل كل حيوان البحر وإن لم يكن له شبه بالبري دون ذكاة، ولو قتله مجوسي) هـ(2)، وفي الموطأ قال مالك: ( لا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسي)(3).
... في المُرِّي: هو الخمر إذا طرح فيه الحوت والملح، ووضع في الشمس فتغير عن طعم الخمر وزالت شدته.
... ريح الخبز: قال العارف الفاسي: ( كذا في أصل ابن سعادة، ولا يفهم له معنى إلا بتكلف) هـ، وللكشميهني: ( ذبح الخمر).
__________
(1) - حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 3/42.
(2) - قال عبد الوهاب البغدادي في التلقين ص: 82-83 "باب الأطعمة والأشربة": ( فأما البحري فيؤكل جميعه كان مما له شبه في البر، أو مما لا شبه له من غير حاجة إلى ذكاة، تلف بنفسه أو بسبب، أتلفه مسلم أو مجوسي، طفا أو لم يطف).
(3) - مالك في الموطأ، كتاب الصيد، ما جاء في صيد البحر.(7/206)
... النينان الشمس: الزركشي: ( قال صاحب النهاية: هذه صفة مري يعمل بالشام، تؤخذ الخمر فيجعل فيها الملح والسمك، ويوضع في الشمس فتتغير الخمر إلى طعم المري، فتستحيل عن هيئتها كما تستحيل إلى الحلية، يقول: كما أن الميتة حرام والمذبوحة حلال، فكذلك هذه الأشياء ذبحت الخمر فحلت، فاستعار الذبح للإحلال) هـ(1).
قال في الإكمال ( وهذا مذهب من يجيز تخليل الخمر، وهي مسألة خلاف)، ثم قال: ( وكان أبو الدرداء وأبو هريرة وابن عباس وغيرهم يأكلون هذا المري المعمول من الخمر، ولا يرون به بأسا) هـ.
... وقال في التمهيد: ( أجاز أبو حنيفة وأصحابه أن يصنع من الخمر المري وغيره، أما غيرهم ممن ذكرنا عنهم إجازة تخليل الخمر فإنهم لا يجيزون منها غير الخل)(2).
... 5493- جيش الخبط: يأتي وجه تسميته بذلك. لم نر مثله: في العظم، طوله خمسون ذراعا.
... 5494- أكلنا الخَبَطَ: ورق السلم. فأكلنا نصف شهر: وفي المغازي أنهم ذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " كلوا رزقا أخرجه الله، أطعمونا إن كان معكم"، فأتاه بعضهم بعضو منه فأكله، وبه يتم الاستدلال على جواز أكل ميتة البحر.
... رجل: هو قيس بن سعد بن عبادة.
... تنبيه: قال القاضي عياض: ( قوله " فأكلنا منه شهرا" هذه المدة يفسد فيها اللحم، فعدم فساد هذا إما لكثرة شحمه ودسمه كما ذكر أنهم ينزفون الدهن بالقلال، وكثرة الشحم والودك يصون اللحم من التغير، أو يكون لكبره وعظمه يطرح منه ما فسد ويؤخذ مما تحته مما لم يصبه الهواء، لأن فساد الطعام وما فيه رطوبة إنما هو غالبا من مداخل الهواء، فإذا صين عن الهواء تماسك، وقد يكون هذا الحوت ألقاه البحر إلى ساحله ميتا، لكن شخصه في الماء بحيث يصونه الماء ويحفظه ببرده عن الفساد، ومثل هذا يوجد فيما يدفن في الأرض الباردة الندية، فإنه لا يتغير )، هـ من إكمال الإكمال(3).
__________
(1) - التنقيح ص: 229.
(2) - التمهيد 1/261.
(3) - إكمال إكمال المعلم 5/278.(7/207)
قلت: ويحتمل أنهم شرحوه ويبسوه، وجعلوا يأكلون منه كما فعلوا في لحوم الأضاحي، ويؤيده رواية المغازي أنهم حملوا منه بعضا إلى المدينة، فتأمله والله أعلم.
13- باب أكل الجراد:
أي جواز أكله، وهو معروف /، سمي جرادا لأنه لا ينزل على شيء إلا جرده.
روى ابن ماجة والخطيب عن أنس مرفوعا: ( الجراد نثرة حوت)(1)، أي عطسته.
قال الديلمي(2): قال زياد: ( حدثني به من رأى الحوت ينثره)، ذكره المناوي، وليس في الحيوان أكثر فسادا لقوت الإنسان منه، وفيه خلق عشرة من جبابرة الحيوان: وجه فرس، وعينا فيل، وعنق ثور، وقرنا أيل، وصدر أسد، وبطن عقرب، وجناح نسر، وفخذا جمل، ورجلا نعامة، وذنب حية(3).
__________
(1) - أخرجه ابن ماجة 2/292، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وأقره السيوطي في اللئالئ 2/333، ويشبه أن يكون من الإسرائيليات كما قال الألباني في الضعيفة 1/ رقم 112، كما ضعفه الحافظ في الفتح 9/774، والعيني في العمدة 21/109، وقال ابن العربي في أحكام القرآن 1/53: ( فإن قيل: قد قال كعب: إنه نثرة حوت، قلنا: لا ينبني على قول كعب حكم، لأنه يحدث عما لايلزمنا تصديقه، ولا يجوز لنا تكذيبه).
(2) - شيروية بن شهردار بن شيروية بن فناخسرو الديلمي الهمذاني.
حافظ عارف بالحديث.
له: فردوس الأخبار، وتاريخ همذان، وتاريخ الخلفاء. توفي سنة 509هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 4/23، وتذكرة الحفاظ 4/53، وطبقات الشافعية للسبكي 4/229.
(3) - مثله في الفتح 9/774.(7/208)
... 5495- كما نأكل الجراد معه: زاد أبو نعيم: ( ويأكله معنا)، ونقل النووي الإجماع على حل أكله(1)، واستثنى ابن العربي جراد الأندلس لما فيه من الضرر المحض، والمشهور عند المالكية خلافه، قاله العيني(2)، ولابد عندنا من ذكاته وهي فعل ما يموت به ولو لم يعجل كقطع جناح أو رجل أو إلقاء في ماء حار أو نار بنية وتسمية، ولا يؤكل ما قطع منه.
قال الشيخ خ: ( وافتقر نحوُ الجراد لها بما يموت به ولو لم يُعَجِّلْ كَقَطْعِ جَنَاح)هـ(3) ، ومثل الجراد فيما ذكر الحلزون وهي أغلال، ففي مختصر ابن عرفة ما نصه: ( وفيها سئل مالك عن شيء يقال له الحلزون يتعلق بالشجر في الصحراء، قال: هو كالجراد إن سلق أو شوي أكل ، ولا يؤكل ميتته) هـ.
... وفي المنتقى ما نصه: ( وأما ما ليست له نفس سائلة كالجراد والحلزون والعقرب والخُنْفُسَاء وبنات وِرْدَان والقُرْنُبَاء والزُّنبور واليعسوب والذر والنمل والسوس والحلم والدود والبعوض والذباب، فإنه لا يجوز أكله ولا التداوي به لمن احتاج إلى ذلك إلا بذكاة، والذي يجزئ من الذكاة في الجراد أن يفعل بها مالا تعيش معه، كقطع رؤوسها وأرجلها وأفخاذها، وإلقائها في ماء حار، ويسمي الله تعالى عند ذلك ) هـ منه(4).
14- باب آنية المجوس:
أي حكم استعمالها، والميتة: أي حكمها.
... 5496- بأرض أهل الكتاب: ( من هنا يؤخذ شاهد الترجمة مع الإشارة إلى ما عند الترمذي عن أبي ثعلبة قلت: إنا نمر بهؤلاء اليهود والنصارى والمجوس فلا نجد غير آنيتهم –الحديث- )، قاله ابن حجر(5).
... فلا تأكلوا في آنيتهم: لاستقذارها، لأنهم يتعاطون فيها الخمر والنجاسات، والأمر للتنزيه.
... 5497- أَهْرِيقُوا: ( بفتح الهمزة وسكون الهاء)، قاله السفاقسي.
15- باب التسمية على الذبيحة:
__________
(1) - في شرح صحيح مسلم 13/103، قال: ( أجمع المسلمون على إباحته).
(2) - في العمدة 21/109.
(3) - مختصر خليل 1/119.
(4) - المنتقى 3/110.
(5) - في الفتح 9/777.(7/209)
أي بيان حكمها، ومن ترك - أي التسمية - متعمدا: أي ما حكمه؟
... وحكم التسمية عندنا الوجوب مع الذكر والقدرة، فمن تركها متعمدا قادرا لم تؤكل ذبيحته، رواه ابن القاسم عن مالك، ولفظ التسمية قال ابن المواز: ( بسم الله والله أكبر)(1).
... ابن حبيب : ( ولو قال بسم الله فقط، أو الله أكبر فقط، أولا إله إلا الله، أو سبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، من غير تسمية أجزأ، وكذلك كل تسمية لله، ولكن ما مضى عليه عمل الناس أفضل) هـ، قاله في المنتقى(2).
وأما النية فتجب مطلقا في جميع أنواع الذكاة الأربعة التي هي: الذبح، والنحر في الأنعام، والجرح في الصيد، وما يموت به في الجراد ونحوه، فلو تركت عمدا أو جهلا أو نسيانا أو تأويلا لم يؤكل، قال الشيخ: ( ووَجَبَ نِيَتُهَا وَتَسْمِيَةٌ إِنْ ذَكَرَ) هـ(3).
ومما يطلب في الذبيحة أيضا توجيهها للقبلة، وهو مستحب عند الجميع، قال/ أبو الوليد الباجي في منتقاه: ( كره ابن عمر وابن سيرين أن يؤكل من ذبيحة من لم يستقبل بذبحها القبلة، وأباح أكلها جمهور العلماء منهم فقهاء الأمصار، ويستحبون مع ذلك أن يستقبل بها القبلة) هـ(4).
... "لَيُوحُونَ" يوسوسون " إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ": من المشركين "لِيُجَادِلُوكُمْ"(5): يخاصمونكم بقولهم: ما ذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه، ومالم يذكر اسم الله عليه فكلوه.
... 5498- بذي الحُلَيْفة: مكان بقرب ذات عِرْق، بين الطائف ومكة، وهو غير الميقات المشهور، ووهم من ظنه إياه، قاله السيوطي(6).
__________
(1) - نقلا عن المنتقى 3/105.
(2) - المنتقى 3/105.
(3) - مختصر خليل 1/117.
(4) - انظر المنتقى 3/107.
(5) - سورة الأنعام، الآية 121.
(6) - في التوشيح ص: 470.(7/210)
... إبلا وغنما: من المغانم. أخريات: جمع أخرى. فعجلوا: وذبحوا قبل القسمة لما أصابهم من الجوع. فأمر بالقدور: أن تكفأ لتعديهم بذبحها قبل القسمة. فأكفئت: أي قلبت وأهريق ما فيها، أي من المرق فقط دون اللحم، وهو قول القرطبي ومن تبعه، أو جميع ما فيها من لحم ومرق وهو مختار ابن حجر، راجع أبواب الغلول من الجهاد. فَنَدَّ: هرب. بسهم: فضربه في غير مقتل. فحبسه الله: بسبب السهم، ثم نحروه. أوابد: جمع آبدة التوحش والنفور. وهكذا: أي ارموه في غير مقتل، ثم انحروه. مُدًى: جمع مدية، السكين التي يذبح بها، وإن ذبحنا بالسيوف تلك عند ملاقاة العدو. ما أنهر الدم: قصبا وغيره، نعم يستحب الحديد لسرعة الإجهاز به، ويستحب إحداده. فكلوه: أي كلوا مذبوحه. أما السن عظم: قال في التوشيح: ( قال البيضاوي: هذا قياس حذفت منه المقدمة الثانية لشهرتها عندهم، وهي: وكل عظم لا يحل الذبح به، وطويت النتيجة لدلالة الاستثناء عليها، وقال ابن الصلاح: هذا يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد قرر كون الذكاة لا تحل بالعظم، فلذلك اقتصر على قوله "فعظم"، قال: ولم أر بعد البحث من نقل للمنع من الذبح بالعظم معنى يعقل، وكذا قال ابن عبد السلام، وعلله النووي بأن العظم يتنجس بالدم إذا ذبح به، وقد نهى عن تنجيسه لأنه زاد إخواننا من الجن) هـ كلام التوشيح(1)، ونحوه في التحفة وزاد: ( وقيل منع من ذلك تعبدا). فمدى الحبشة: يعني وهم كفار فلاتتشبهوا بهم.
16- باب ما ذبح على النّصُب والأصنام:
... النصب حجارة كانت منصوبة حول الكعبة يذبحون عليها تعظيما لها، وقيل هي ما يعبدون من دون الله، والأصنام كل ما اتخذ إلها من دون الله، أي حكم ما ذكر هل يباح أكله أم لا؟
__________
(1) - التوشيح ص: 471.(7/211)
... ومحصل مذهبنا في ذلك كما للعلامة سيدي محمد بناني في حاشيته عند قول الشيخ عطفا على مالا يؤكل: " أَوْ ذَبْح لِصَنَم"(1): ( هو أن ذبح أهل الكتاب إذا قصدوا به التقرب لآلهتهم لا يؤكل، لأنهم لا يأكلونه فليس من طعامهم، ولم يقصدوا بالذكاة إباحته، وأما ما ذبحوه لأنفسهم – لكن سموا عليه اسم آلهتهم – فهذا يؤكل بكره لأنه من طعامهم، وهو معنى قول الشيخ أيضا عطفا على مطروه الأكل: "وَذَبْح لِصَلِيب أو عِيسَى"(2)هـ.
... 5499- لقي زيد بن عمرو(3): والد سعيد أحد العشرة. بأسفل بَلْدَح(4): موضع قرب مكة. سفرة: قدمها إليه الغير فلم يأكل منها - صلى الله عليه وسلم -، وقدمها لزيد.
... فأبى -أي زيد- ثم قال - مخاطبا لمن قدم السفرة / للنبي - صلى الله عليه وسلم --: إني لا آكل...إلخ: وليس في هذا دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل اللحم الذي في السفرة كما هو واضح، وإنما لم ينه - صلى الله عليه وسلم - من كان معه عن أكله، لأنه لم يوح إليه بعد، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - لا يأكل من ذبائحهم التي يذبحونها لأصنامهم، فأما ذبائحهم التي يذبحونها لمآكلهم فلم نجد في الحديث أنه كان يتنزه عنها، وقد كان مقيما بين أظهرهم، ولم يذكر أنه كان يتميز عنهم إلا في أكل الميتة، قاله الخطابي.
17- باب قول النبي صلى الله عليه: " فليذبح على اسم الله":
... على بمعنى الباء وهي للمصاحبة، أي مصاحبا له، أي مسميا لله تعالى، فالمراد من الحديث الأمر بالتسمية عند الذبح.
... 5500- أضحى: جمع أضحية.
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - مختصر خليل 1/116.
(3) - زيد بن عمرو بن نفيل العدوي، ابن عم عمر بن الخطاب، ووالد سعيد أحد العشرة.
روى عنه ولده سعيد، وزيد بن حارثة وعامر بن ربيعة وابن عمر وأسماء بنت أبي بكر.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/421-423.
(4) - موضع قبل مكة من جهة المغرب، انظر معجم البلدان 1/480.(7/212)
18- باب ما أنهر الدم: أي أساله، من القصب والمروة:
هي حجر أبيض يقدح منه النار، والحديد:وهو الأولى والأفضل، أي جاز الذبح به.
... ابن الحاجب: ( ويجوز -أي الذبح- بكل جارح من حجر أو غيره).
... أبو عبد الله الأبي: ( فدخل كل محدد يقطع من حجر، أو زجاج، أو خشب، أو قصب، ولم يختلف في إباحة التذكية بهذه الأشياء عند عدم الحديد، واختلف في التذكية بها مع وجوده، ففي المدونة يكره، وقال ابن حبيب: إن فعل أساء وتؤكل ) هـ، وعلى ما في المدونة اقتصر العلامة الرهوني فقال: ( وتكره الذكاة بغير الحديد مع وجوده) هـ(1).
... وفي المنتقى ما نصه: ( قال ابن حبيب: في المنجل الضريس لاخير في الذكاة به لأنه لا يقطع كما تقطع الشفرة) هـ(2).
... وقال سيدي العربي الفاسي(3):ومنعوا بمنجل مضرس - إلا إذا قطع مثل الأملس.
... 5501- جارية: لم تسم. بسلع: جبل بالمدينة.
... 5503- مدى: جمع مدية هي السكين. وذكر اسم الله: أي عليه. ونَدَّ: هرب. فحسبه: الله بسبب رجل رماه بسهم. أوابد: نفرات.
19- باب ذبيحة الأمة والمرأة:
... أي بيان حكمها، وحكمها هو الجواز كما عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وكافة العلماء، قاله في المنتقى(4)، وقال الزرقاني على قول الشيخ خ: " وكُرِهَ ذَكَاةُ خُنْثَى وخَصِيّ وفَاسِق"(5)، ما نصه: ( لا من امرأة وصبي ولو لغير ضرورة على مذهب المدونة)هـ(6) ، أي فتجوز بلا كراهة، وقال الحطاب: ( الجواز هو المشهور ومذهب المدونة، وهو شامل للحرة والأمة).
... 5504- بحجر: حاد، لجوازه به كما سبق.
__________
(1) - حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل 3/23.
(2) - المنتقى 3/107، وفيه: ( المضرس).
(3) - العربي بن الطيب القادري الفاسي.
مؤرخ نسابة من أهل فاس.
له: الطرفة في اختصار التحفة. توفي سنة 1106هـ.
ترجمته في: فهرس الفهارس 1/359-360.
(4) - انظر المنتقى 3/111.
(5) - مختصر خليل 1/116.
(6) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/8.(7/213)
20- باب لا يذكى بالسن والعظم والظفر:
... هذا أحد أقوال عندنا أشار لها الشيخ بقوله: ( وفي جواز الذبح بالظُّفْرِ والسِّنِّ أو إِنِ انفصلا أو بالعظم أو نَفْيِهِمَا خِلاَفٌ) هـ(1).
... قال الشيخ الرهوني: ( وكلام المازري يفيد أن القول الثاني هو المعتمد، وابن رشد أنه الصحيح)(2).
21- باب ذبيحة الأعراب ونحوهم:
... الأعراب هم سكان البادية، أي بيان حكمها، وعندنا في أكل ذبيحتهم خلاف بالجواز والكراهة، نص عليه بناني في حاشيته.
... 5507- سموا عليه أنتم: عند أكله، وليس المراد أن هذه التسمية تقوم مقام التسمية الفائتة عند الذبح، قال في العارضة: ( المعنى: عليكم بما يتوجه عليكم من التسمية عند الأكل، ودعوا / فعلهم واكتفوا بظاهر إسلامهم، ولذلك جاز أكل لحوم الجزارين وإن لم يوثق بهم في التسمية حملا على ظاهر الإسلام، إلا أن يعاين منهم من يترك التسمية، فحينئذ يجتنب الأكل)هـ.
وقال في المنتقى: (قال أبو عمر: العلماء مجمعون على أن التسمية عند الأكل مندوب إليها لما في ذلك من البركة، وإنما قال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلمهم أن المسلم لا يظن به ترك التسمية على الذبيحة، ولا يظن به إلا الخير، وهو محمول على ذلك حتى يتبين خلافه)هـ(3).
وقال في إكمال الإكمال: ( قوله: " سموا أنتم وكلوا" من الأسلوب الحكيم، أي لا تهتموا بذلك ولا تسألوا عنه، والذي يهمكم أن تسموا أنتم، مثل قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الاَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ"،(4) عدل عن جوابهم عما سألوا عنه وأرشدهم إلى ما هو الأهم الآكد، وهو أن يعلموا كونها مواقيت) هـ(5).
__________
(1) - مختصر خليل 1/117-118.
(2) - حاشية الرهوني 3/23.
(3) - انظر المنتقى 3/105.
(4) - سورة البقرة، الآية 189.
(5) - إكمال الإكمال 5/271.(7/214)
... وقال الدماميني: ( لا يظن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام تسميتهم على الأكل مقام التسمية الفائتة على الذبح، ولا السؤال فيمن تحقق أنه لم يسم، وإنما هو فيمن شك في تسميته، فبين لهم عليه السلام أن تصرف المسلمين محمول على الصحة حتى يتبين الفساد، ثم استحثهم على وظيفة أنفسهم التي لم تفت، وهي التسمية على الأكل) هـ(1).
... وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي: ( في هذا إزالة لما في أنفسهم فقط، وإشارة إلى أن فعل المؤمنين محمول على السلامة، وعليه الطير الكثير المذكى ربما يوجد فيه غير المذكى، فإذا وجد عمل بمقتضاه، ولا يطلب البحث عليه، إذ ليس وجوده الأصل ولا الغالب) هـ.
22- باب ذبائح أهل الكتاب –اليهود والنصارى– وشحومها من أهل الحرب وغيرهم:
أي بيان حكم ذلك، أما ذكاتهم فقال فيها ابن عرفة ما نصه: ( فيها - أي المدونة - لمالك ذكاة رجال الكتابيين ذميهم وحربيهم جائزة، فسوى بهم ابن القاسم نساءهم وصبيانهم مطيقي الذبح) هـ، وقال الشيخ: ( الذَّكَاةُ قَطْعُ مُمَيِّز يُنَاكِحُ – إلى أن قال – وإِنْ يهوديًّا أو مجوسيًّا تَنَصَّرَ وذَبَحَ لنفسه مُسْتَحِلَّهُ لا صَبِيّ ارتدَّ أو ذَبَحَ لصنم أو غَيْرِ حِلّ له إن ثبت بشرعنا –أي كلا بل ونحوها- وإلا كُرِهَ –أي لا طريفة-) هـ(2)، وأما شحومهم فإن كانت شحوم اليهود كرهت، وإلا فلا.
... الشيخ عطفا على المكروه: ( وشَحْمِ يَهُودِيّ)(3).
... نصارى العرب: لأنهم أهل كتاب.
... يسمي لغير الله: كأن يذبح باسم عيسى، وهو عندنا مكروه.
... الشيخ عطفا على المكروه: ( أو ذَبْحِ لصليب أو عيسى)(4).
... لا بأس بذبيحة الأقلف: هو الذي لم يختتن، وبجواز ذبيحته جزم الحطاب والزرقاني، ثم قال الحطاب: ( وحكى في البيان كراهة ذكاته).
__________
(1) - تعليق المصابيح ص: 550-551.
(2) - مختصر خليل 1/116، وفيه "سامريا" عوض " يهوديا ".
(3) - مختصر خليل 1/116.
(4) - مختصر خليل 1/116.(7/215)
... 5508- فيه شحم: من شحم اليهود، وهي مكروهة كما سبق.
23- باب ما ند -فر وهرب- من البهائم:
أي بهائم الأنعام الإنسية، فهو بمنزلة الوحش: يؤكل بالعقر كما يؤكل به الوحش، هذا رأي البخاري فيه رحمه الله، وهو مذهب الشافعية أيضا، والذي عند المالكية أن ما ند من النعم وعجز عنه لا يكون بمنزلة الوحش، بل لابد من ذكاته، قال الشيخ: ( لا نَعَمٌ شَرَدَ أو تَرَدَّى بِكَهُوَّة)(1)، وأجابوا عن حديث الباب باحتمال أن البعير رمي في محل غير مقتل، فأدرك ونحر.
... وأجازه: أي عقر الأنعام النادة.
... كالصيد: في حلية عقره وأكله به.
... 5509- مدى: آلة الذبح. اعجل: من العجل. أو أرني: أي خف، وهي كلمة تستعمل في الاستعجال والخفة، أي اعجل وخف لئلا تختنق الذبيحة، فإن الذبح إذا كان بغير حديد، احتاج صاحبه إلى خفة يد وسرعة في إمرار الآلة على محل الذبح قبل أن تهلك الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط فتكون وقيدا، قاله في النكت(2).
... فرماه رجل باسم: أي في غير مقتل، فأخذ وذكي. أوابد: نفرات.
24- باب النحر والذبح:
أي بيان أحكامهما، والنحر طعن بلبة، والذبح قطع الحلقوم والودجين من المقدم بلا رفع قبل التمام، أي يجزئ ما يذبح أن أنحر؟ قال في المختصر: ( ووَجَبَ نَحْرُ إِبِل وذَبْحُ غيرِهِ، وجَازَا للضرورة إلا البقرَ فيُنْدَبُ الذَّبْحُ)(3).
... قطع الأوداج: جمع ودج، العرق الذي في الأخدع بجانب العنق، يقابله عرق آخر من الجانب الآخر، وليس لكل/ حيوان إلا ودجان، أي وقطع الحلقوم أيضا، إذ لا يتم الذبح إلا بقطع الودجين والحلقوم وهو مجرى النفس، وأما المري وهو مسلك الطعام فليس قطعه عندنا واجبا ولا شرطا. النخاع: هو الخيط الأبيض الذي بداخل فقار العنق والظهر. نهى عن النخع: وهو أن ينتهي بالذبح إلى النخاع فيقطعه أيضا.
__________
(1) - مختصر خليل 1/116.
(2) - النكت ص: 354.
(3) - مختصر خليل 1/117(7/216)
... " وَإِذْ قَالَ مُوسى"…إلخ(1): أشار به إلى اختصاص البقر بالذبح. الذكاة في الحلق: أي في موضع الذبح. واللبة: في موضع النحر، وهي النقرة التي في أعلى الصدر.
... إذا قطع الرأس فلا بأس: مذهبنا في قطع الرأس هو قول الشيخ: ( وكره تعمد إبانة رأس وتؤولت أيضا على عدم الأكل إن قصده أولا)(2).
... 5510- نحرنا فرسا …إلخ: يأتي أن المشهور عند المالكية هو كراهة أكله لاحرمته.
... 5511- ذبحنا فرسا: قال النووي: ( الجمع بين الروايتين أنهما قضيتان، فمرة نحروها، ومرة ذبحوها، ويجوز أن تكون قضية واحدة، ويكون أحد اللفظين مجازا، والصحيح الأول، لأنه لا يصار إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة، والحقيقة غير متعذرة)هـ(3).
25- باب ما يكره من المُثْلَة:
وهي قطع أطراف الحيوان أو بعضها وهو حي، والمصبورة: أي وصبر المصبورة، وهي الذات الحيوانية التي تحبس لترمى بالنبال أو غيرها حتى تموت، وصبرها فعل ما ذكر بها، والمُجَثَّمَة: هي المصبورة التي ترمى جاثمة أي باركة حتى تموت، قاله في النكت(4)، وقيل هي خاصة بالطير، والكراهة فيها محمولة على المنع.
... قال القرطبي: ( الحكم في المصبورة والمجثمة هو الحرمة لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عنه، ولما فيه من تعذيب الحيوان وإتلاف نفس ومال لغير منفعة) هـ.
... فقول أنس: 5513- نهى: أي نهي تحريم، أن تصبر البهائم: أي تحبس لترمى حتى تموت، وإن ماتت من ذلك الرمي فلا تؤكل.
... 5514- وغلام: لم يسم.
... 5516- نهى عن النُّهْبَى: هي أخذ مال الغير قهرا، والنهي للتحريم أيضا.
26- باب الدجاج:
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 67.
(2) - مختصر خليل 1/118.
(3) - شرح صحيح مسلم 13/96.
(4) - النكت ص: 361.(7/217)
... أي حكم أكله، وحكمه هو الحلية وإن كان يتعاطى النجاسة، إلا أنه يجتنب ما يفعله بعض الناس من إدخاله في الماء الحار ليزول ريشه بسهولة، فإن ذلك ينجسه، قاله في المدخل وغيره، وقال في المختصر عطفا على المباح: ( وطَيْرٌ ولَوْ جَلاَلَةً وذَا مَخْلَب)(1)هـ، وقال في المدونة: ( ولا بأس بأكل الجلالة من الأنعام والرخاخ والعقبان والنسور والأحدية والغربان والهدهد والخطاف، وشبهها)(2).
... 5517- يأكل دجاجا: فدل على حليته وإباحته.
... 5518- هذا الحي: منصوب على الاختصاص، أي كان بيننا هذا الحي وبينه، أي بين أبي موسى. إخاء: ومودة. أحمر: أي أبيض، يعني من الروم. أكل شيئا: أي قذرا. خمس ذَوْد: بالإضافة، والذود ما بين الثلاثة إلى العشرة من الإبل.
... تنبيه: قال في التنقيح: ( قال أبو البقاء: الصواب تنوين " خمس" وأن يكون "ذَوْد" بدلا من خمس، ولو أسقط التنوين وأضيفت لتغير المعنى، لأن العدد المضاف غير المضاف إليه، فيلزم أن يكون خمس ذود خمسة عشر بعيرا، لأن إبل الذرد ثلاثة أبعرة)(3)هـ، وأقره الزركشي وابن حجر والعيني(4) وزكرياء(5) والسيوطي(6)، إلا أن ابن حجر قال: ( ما أدري كيف حكم بفساد المعنى إذا كان العدد كذا، وليكم عدد الإبل خمسة عشر بعيرا، فما الذي يضر؟)، ثم أيده برواية أخرى، وبحث معه العيني في ذلك، ورد بحثه كما في انتقاض الاعتراض.
... وقال الشيخ زكرياء: ( خمس ذود بالإضافة، أي خمسة عشر بعيرا كما يدل له بعض طرق الحديث، لصدق الذود بثلاثة، فسقط قول من أنكر صحة الإضافة) هـ(7).
__________
(1) - مختصر خليل 1/119.
(2) - انظر المدونة الكبرى 3/62.
(3) - التنقيح ص: 230.
(4) - في العمدة 21/127.
(5) - في التحفة 3/235.
(6) - في التوشيح ص: 472.
(7) - تحفة الباري 3/235.(7/218)
... والصواب أن بحث أبي البقاء ساقط من أصله، وأن إسقاط التنوين من "خمس" لايغير المعنى، ولا يلزم منه أن يكون العدد خمسة عشر، لأن إضافة اسم العدد من ثلاثة إلى عشرة إلى الجمع لفظا أو معنى لإفادة عدد آحاد ذلك الجمع لا عدد نفس الجمع، فإضافة خمس إلى ذود تفيد أن المحدود ناقة لا ذود، كما أن إضافة خمس إلى رجال في قولك: عندي خمسة رجال، تفيد أن المعدود رجل لا رجال، ومثله خمس آواق، وخمسة أوسق، وتسعة رهط، وهكذا، أفاده العلامة السندي(1)، وقدمنا نصه في الزكاة.
وقال الدماميني: ( هذا - أي ما قاله أبو البقاء - خيال فاسد يلزم عليه أن يكون المأخوذ في قولك: أخذت خمسة أسياف، خمسة عشر سيفا، لأن أقل السياف ثلاثة، وهذا عين ما قال، وبطلانه مقطوع به) هـ(2).
... غر: جمع أغر، هو الأبيض. الذرى جمع ذروة، هي السنام، أي أمر لنا بإبل بيض الأسنمة لسمنها. هو خير: من الذي حلفت عليه. وتحللتها: بالكفارة.
27- باب لحوم الخيل:
... أي حكم أكلها، والمشهور عندنا معشر المالكية هو كراهتها، خلافا لما عند الشيخ خ من الحرمة(3)، قال المواق: ( وفي التلقين: الخيل مكروهة دون كراهة السباع، وما حكى المازري خلاف هذا، وماعزا الباجي لمالك في الخيل إلا الكراهة خاصة، ونقل عن ابن حبيب إباحتها) هـ.
... قلت: ( وكذا القاضي عياض لم يعز في الإكمال لمالك إلا الكراهة، وقال إن عامة فقهاء أصحاب الحديث وجماعة السلف، والشافعي وأحمد على الإباحة) هـ.
... وقال في المنتقى: ( قال أبو عمر: أما أهل العلم بالحديث، فحديث الإباحة في لحوم الخيل أصح عندهم وأثبت من النهي عن أكلها) هـ(4).
__________
(1) - في حاشيته على البخاري 3/312.
(2) - تعليق المصابيح ص: 551.
(3) - في قوله في المختصر 1/120: ( والمحرم النجس وخنزير وبغل وفرس وحمار).
(4) - انظر المنتقى 3/132 ( ما يكره من أكل الدواب).(7/219)
... وقال في المعلم: ( أما الخيل فاختلف الناس في أكلها، فأباح أكلها الشافعي، ومذهبنا أنها مكروهة) هـ.
... وقال في المفهم: ( مذهب مالك كراهة الخيل) هـ(1) /.
... وقال في إكمال الإكمال: ( الأقوال الثلاثة عندنا بالمنع ظاهر الموطأ وكتاب السلم الثالث، والكراهة هي المعروف، والإباحة حكاها بعض المتأخرين) هـ(2).
... وقال سيدي محمد الرهوني: ( كلام المواق متجه موافق لقول الأبي، أي الكراهة هي المعروف من المذهب)، انظر بقيته(3).
... 5519- فأكلناه: زاد الدارقطني: ( نحن وأهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -)، فيحمل على اطلاعه عليه - صلى الله عليه وسلم -.
... 5520- ورخص في لحوم الخيل: وفي مسلم: ( وأذن في لحوم الخيل )(4)، أي في أكلها.
28- باب لحوم الحمر الإنسية:
... أي حكم أكلها، وهو الحرمة إجماعا، حكاه ابن عبد البر.
... وقال الشيخ: ( والمحرَّمُ النَّجِسُ وبَغْلٌ وحِمَارٌ ولَوْ وَحْشِيًّا دَجَنَ).(5)
... 5521- نهى: نهي تحريم، عن لحوم الحمر الأهلية: لا الوحشية فهي مباحة، إلا إذا تأنست وصارت كالأهلية.
... 5523- عن المتعة: النكاح المؤقت بأجل.
... 5527- نهى: نهي تنزيه، عن كل ذي ناب من السباع: أي ذي ناب يعدو به كأسد ونمر وذئب وثعلب.
... 5528- فأكفئت القدور: أي أهريق ما فيها من لحم ومرق.
__________
(1) - معناه في المفهم 4/62 .
(2) - إكمال إكمال المعلم 5/283.
(3) -انظر حاشية الرهوني 3/39-40.
(4) - أخرجه مسلم في الصيد باب في أكل لحوم الخيل، وأبو داود في الأطعمة باب في أكل لحوم الحيل ح3788، والترمذي في الأطعمة باب ما جاء في أكل لحوم الخيل ح1793.
(5) - مختصر خليل 1/120.(7/220)
... 5529- البحر: في العلم. ثم قرأ: مستدلا للحلية: "قُل لاَّ أَجِدُ"…إلخ(1): الزركشي: ( قد انفصل عن هذا الاستدلال بأن الآية مكية والحديث مدني، والمتأخر يقضي على المتقدم، وبأن قوله "لا أجد" إخبار عن الماضي ولا ينفي المستقبل، وبأنه قد وجد تحريم ذبائح المجوس والخمر وغير ذلك مما لم يذكر في الآية، فدل على أنه ليس المراد منها العموم)هـ(2) ، ونحوه في التمهيد لابن عبد البر، وزاد: ( إن سائر فقهاء المسلمين في جميع الأمصار مخالفون لهذا القول، متبعون السنة في ذلك) هـ.
... وفي تفسير القرطبي ما نصه: ( أبو عمر: يلزم على قول من قال لا محرم إلا ما فيها، ألا يحرم مالم يذكر اسم الله عليه عمدا، ويستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين، وفي إجماع المسلمين على تحريم خمر العنب دليل واضح على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد فيما أوحي إليه محرما غير ما في سورة الأنعام مما قد نزل بعدها من القرآن)، هـ منه(3).
29- باب أكل كل ذي ناب من السباع:
... أي كل ذي ناب يعدو به ويتقوى كالأسد والنمر والذئب، أي حكم أكله، وحكمه عندنا هو الكراهة، قال الشيخ: ( والمكروهُ سَبُعٌ وضَبُعٌ وثعلبٌ وذئبٌ وهِرٌّ وإِنْ وحشيًّا وفِيلٌ)هـ(4) ، زاد غيره: ( وفَهْدٌ ودُبٌّ ونَمِرٌ ونَمْسٌ).
30- باب جلود الميتة:
... أي بيان حكمها، وحكمها عندنا هو ما أشار له الشيخ بقوله عاطفا على النجس: (وجِلْد ولو دُبِغَ ورُخِّصَ فيه مطلقا إلا من خنزير بعد دَبْغِهِ في يَابِس وماء)(5).
... 5531- هل استمتعتم بإهابها؟: أي بجلدها بعد دبغه في اليابسات والمياه.
31- باب المسك:
... الطيب المعروف، أي ما حكمه، هل الطهارة أو النجاسة؟ وهو دم يجتمع في سرة نوع من الغزال.
__________
(1) - سورة الأنعام، الآية 145.
(2) - التنقيح ص: 230.
(3) - الجامع لأحكام القرآن 7/117.
(4) - مختصر خليل 1/120.
(5) - مختصر خليل 1/6.(7/221)
... قال ابن حجر: ( والمشهور أن غزال المسك كالظبي، لكن لونه أسود، وله نابان لطيفان أبيضان في فكه الأسفل، وأن المسك دم يجتمع في سرته في وقت معلوم من السنة، فإذا اجتمع ورم الموضع فمرض الغزال إلى أن يسقط منه، ويقال إن أهل تلك البلاد يجعلون أوتادا في البرية تحتك بها فيسقط عندها)(1).
... القاضي عياض: ( حكى بعضهم الإجماع على طهارته وطهارة فأرته، وهي الجلدة التي يوجد فيها، وهي قطعة ميتة، وصيد غير المسلم له حكم الميتة، ولولا الإجماع كانتا نجستين، أما الفأرة فلأنها ميتة أو صيد غير مسلم، وأما المسك فلأنه دم يجتمع في الفأرة، فلا معول للفقهاء في طهارته إلا على الإجماع، والإقتداء باستعماله - صلى الله عليه وسلم -، وثنائه عليه، وعلى ريحه، وعلى وبائعه ومبتاعه / ومستعمله)هـ، نقله الأبي.
... 5533- مكلوم: مجروح، في الله: أي في سبيل الله، يَدْمَى: يسيل منه الدم.
... والريح ريح مسك: وهذا التشبيه الواقع في سياق التكريم والتعظيم يدل على طهارة المسك، فلو كان نجسا لكان من الخبائث، ولم يحسن التمثيل به في هذا المقام، قاله ابن المنير(2).
... وقال الكرماني: ( وجه مناسبة باب المسك للكتاب، كون المسك فضلة الظباء، وهي مما يصطاد).
... 5534- ونافخ الكير: أي كير الحداد. يحذيك: يعطيك.
32- باب الأرنب:
... دابة فوق الهر ودون الثعلب، في أذنيها طول، أي ما حكمه؟
وحكمه عندنا كباقي الأئمة الأربعة حلية الأكل، قال الشيخ عطفا على المباح: (ووَحْشٌ لم يَفْتَرِسْ كَيَرْبُوع وخُلْد ووَبَر وأرنب وقُنْفُذ وضَرْبُوب وحية أُمِنَ سُمُّهَا وخَشَاشِ أَرْض)(3).
... قال الزرقاني: ( كعقرب وخنفساء وبنات وردان ونمل ودود وسوس وحلم)(4).
__________
(1) - الفتح 9/824، وهو كلام صحيح، ويوجد الآن في أكثر الجمهوريات الإسلامية بآسيا وبلاد منغوليا.
(2) - نقله عن الفتح 9/824-825.
(3) - مختصر خليل 1/119.
(4) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/27.(7/222)
... 5535- أنفجنا: أزعجنا وأثرنا. بمر الظهران: موضع قرب مكة. فقبلها: وأكلها.
33- باب الضب:
... أي بيان حكمه، وهو دويبة لطيفة، من خصائصه أن للذكر منه ذكران وللأنثى فرجان، وأنه طويل العمر يعيش سبعمائة سنة، ولا يشرب الماء بل يكتفي بالنسيم، ويبول في كل أربعين يوما قطرة، ولا يسقط له سن، تقول العرب إنه قاضي الطير والبهائم، وأنها اجتمعت إليه لما خلق الله الإنسان فوصفوه له فقال الضب: تصفون خلقا ينزل الطير من السماء ويخرج الحوت من البحر(1)، وهو مباح إجماعا، داخل في قول الشيخ: " ووَحْشٌ لم يَفْتَرِسْ"(2)، قال الزرقاني: ( كغزال وبقر وحش وحمره وضب)(3).
... 5536- لست آكله ولا أحرمه: أي لأني أعافه مع أنه مباح.
... 5537- محنوذ: مشوي بالحجارة المحماة. بعض النسوة: هي ميمونة. لم يكن بأرض قومي: مكة، أي لم يكن موجودا بها أصلا، أو لم يكن بها مأكولا.
34- باب إذا وقعت الفأرة:
أي ونحوها من كل ماله نفس سائلة، في السمن الجامد أو الذائب: أو في غير السمن كالزيت والعسل، وكل طعام يماثل ذلك، أي وماتت فيه، ما الحكم في ذلك؟
... ومذهب البخاري رحمه الله أن الجامد والذائب سواء، وأنه إنما يطرح ما حوله فقط للأحاديث الآتية، ولا يتنجس إلا بالتغير، وهذا قول ابن نافع من المالكية، وأحد قولي الإمام أحمد، وخص الجمهور ما ذكر في الأحاديث بالجامد بشرطه، وأما الذائب فيطرح كله تغير أم لا، نعم يجوز الانتفاع به في غير وقود مسجد وأكل آدمي، فيستصبح به، ويعلق للدواب والنحل، ويتخذ صابونا يغسل به، ولا يباع - أي الصابون - المصنوع منه إلا مع البيان.
__________
(1) - هذا أغرب من الغرابة، ولا يوجد عند أطباء الحيوانات!!
(2) - مختصر خليل 1/119.
(3) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/26.(7/223)
... قال في المختصر: ( ويَنْجُسُ كثيرُ طَعَام مَائِع بِنَجِس قَلَّ كَجَامِد إِنْ طال وأمكن السَّرَيَانُ وإلا فَبِحَسَبِهِ ويُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّس لا نَجِس في غيرِ مَسْجِد وآدميّ)(1).
... 5538- في سمن: جامد. وكلوه: أي الباقي.
... 5539- الفأرة أو غيرها: من كل ماله نفس سائلة. في سمن: جامد. ثم أكل: ما بقي، ولو كان مائعا لطرح كله.
35- باب العلم والوسم في الصورة:
... أي في وجه الحيوان ليتميز عن غيره، أي النهي عن ذلك.
... 5541- كره أن تعلم الصورة: أي الوجوه، أي يجعل فيها علامة / بنحو كي.
... قال عبد الوهاب: ( تكره السمة في الوجه: ولا تكره في غيره، لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها في الوجه، وأرخص فيها في الأذن) هـ، نقله الأبي.
... 5542- في مربد: هو الموضع الذي تحبس فيه الإبل وغيرها. يسم شاة: يعلمها بالكي. في آذانها: فيه حجة للجمهور على جواز الكي في غير الوجه.
... النووي: ( يستحب أن توسم الغنم في آذانها، والإبل والبقر في أصول أفخاذها، لأنه محل صلب يقل فيه الألم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض، ويستحب أن يكتب في ميسم ماشية الزكاة: زكاة أو صدقة، وفي ميسم ماشية الجزية: جزية، وأن يكون ميسم الغنم ألطف من ميسم الإبل).
36- باب إذا أصاب القوم غنيمة، فذبح بعضهم غنما أو إبلا بغير أمر أصحابهم، لم يؤكل:
... ابن بطال: ( أظن أن البخاري يصرف هذا لقول طاوس وعكرمة بكراهة ذبيحة السارق) هـ، يعني أنها لما ذبحت بغير إذن بعض أربابها أشبهت ذبيحة السارق، ومذهبنا معشر المالكية كالجمهور جواز أكل ذبيحة السارق، ففي العتبية: وسئل مالك عمن سرق شاة فذبحها، أفتؤكل؟ قال نعم تؤكل، ولا يشك في هذا أحد يعرف الذبح، وإنما حرم الله عليه السرقة، قال القاضي: هذا أمر متفق عليه في المذهب) هـ.
وقال النووي: ( الصواب الذي عليه الجمهور حلية ما ذبحه سارق أو غاصب أو متعد).
__________
(1) - مختصر خليل 1/7.(7/224)
... 5543- فعظم: أي وقد علمتم حكمه. فمُدَى الحبشة: وهم كفار وقد نهيتم عن التشبه بهم. فنصبوا القدور: بلحم ما ذبحوه من الغنيمة قبل قسمها. فأكفئت: ظاهره للحمها ومرقها، ولم يؤكل اللحم، وبه يتم الشاهد. ند: فر. أوابد: نفارات.
37- أكل المضطر:
... أي جواز أكله من غير المذكى ومن الميتة وغيرها، وحد الاضطرار المبيح لأكل الميتة أن يخاف الهلاك على نفسه علما أو ظنا، ولا يشترط أن يصل إلى حال يشرف معها على الموت، وأشار الشيخ إلى أحكامه بقوله: ( وللضرورة ما يَسُدُّ غيرَ آدَمِيّّ وخَمْر إلا لِغُصَّة وقُدِّمَ الميتةُ على خنزير وصَيْد لِمُحْرِم لا لَحْمِهِ وطعامِ غَير إِنْ أَمِنَ القَطْعَ وقَاتَلَ عليه)هـ(1)، وقوله "ما يسد" أي ما يسد الرمق، قال ابن غازي: ( صوابه "يشبع")، زاد الزرقاني: (ويتزود على الراجح، ففي الرسالة: "ولا بأس للمضطر أن يأكل الميتة ويشبع ويتزود، فإن استغنى عنها طرحها"(2)(3)، ونحوه في الموطأ.
... لقوله عز وجل في سورة البقرة: " يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ" حلالاته، إلى " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ"(4): وهذا محل الترجمة " فِي مَخْمَصَة": مجاعة، "غَيْرَ مُتَجَانِف"(5):مائل.
... "أَلاَّ تَاكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ": الشاهد منها هو قوله: " إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمُ إِلَيْهِ"(6).
... "قُل لاَّ أَجِدُ"…إلخ: الشاهد منها قوله: " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(7).
__________
(1) - مختصر خليل 1/119-120.
(2) - الرسالة ص: 73 ( باب في الضحايا والذبائح والعقيقة والصيد والختان، وما يحرم من الأطعمة والأشربة).
(3) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/28.
(4) - سورة البقرة، الآية 172.
(5) - سورة المائدة، الآية 3.
(6) - سورة الأنعام، الآية 119.
(7) - سورة الأنعام، الآية 145.(7/225)
... وقال في سورة النحل: "فَكُلُوا" …إلخ: الشاهد منها قوله: " فَمَنُ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغ وَلاَ عَاد فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(1)، أي غير باغ على مضطر مثله، ولا عاد متجاوز قدر حاجته من تناوله.
تم تخريج الربع الثالث من الفجر الساطع على الصحيح الجامع
بمعونة من بيده القوة والحول، وتفضل ذي الإنعام والمنة
والطول عند شروق رابع جمادى الثانية عام خمسة عشر
وثلاثمائة وألف، وصلى الله على سيدنا محمد وآله
وصحبه وسلم تسليما، والحمد لله رب العالمين /.
__________
(1) - سورة النحل، الآية 115.(7/226)
73- " كتاب الأضاحي "
جمع أضحية، وهي اسم لما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى يوم عيد الأضحى، واليومين بعده، قال القاضي عياض: (سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى فسميت بزمن فعلها).
1- باب "سنة الأضحية" :
الجمهور على أنها سنة، قال الزرقاني : (أي عينا ولو حكما كالاشتراك في الأجر، وإن تركها أهل بلد قوتلوا عليها) هـ، وأوجبها أبو حنيفة، وفي المختصر: (سُنَّ لِحُرّ غَيْرِ حَاجّ بمِنًى ضَحِيَّةٌ لاَ تُجْحِفُ وإِنْ يَتِيمًا)(1).
قال الزرقاني : (أي عن نفسه، وعن أبويه الفقيرين، وولده الصغير، لا عن زوجته ولا عن رقيقه، لأنها ليست تابعة للنفقة)هـ، يعني إلا إذا طاع بها للزوجة أو أشركها معه فيها، لأن للمضحي أن يشرك في أضحية أولاده وزوجته وقرابته إن سكنوا معه، وأنفق عليهم ولوتبرعا، وإن كانوا أكثر من سبعة، أي في الأجر فقط، واللحم له وحده، وأما التشريك في الرقبة فيمنع، وللشخص إشراك شخصين فأكثر مطلقا في أضحية اشتراها من ماله، هذا مذهبنا، وبه قال كافة علماء الأمصار، قاله المناوي.
وقال القرطبي : (لم ينقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر كل واحدة من نسائه بأضحية، مع تكرر سني الضحايا، ولو وقع لنقل كغيره من الجزئيات).
5545- نصلي : صلاة العيد. ثم نرجع : إلى المنزل. قبل : أي قبل الصلاة.
وقد ذبح : أي قبل الصلاة. جذعة : من المعز، وهي التي لم تبلغ السنة، ولا تجزئ الضحية بها إجماعا، قال القاضي، ولن تجزئ عن أحد بعدك، لأنه إنما يجزئ من المعز الثني، وهو ما أوفى سنة دون الجذع.
2 - باب "قسمة الإمام الأضاحي بين الناس" :
بنفسه أو بأمره، أي جواز ذلك.
5547 - قسم النبي صلى الله عليه …إلخ : أي أقر عقبة بقسمها كما يأتي. لعقبة : الراوي. جذعة : من المعز. ضح بها : ولم يقل : ولن تجزئ عن أحد بعدك.
3 - باب "الأضحية للمسافر والنساء"
__________
(1) - مختصر خليل 1/120.(8/1)
أي سنتيها في حقهم كغيرهم، ما عدا الحاج بمنى فلا تسن في حقه، هذا مذهبنا، ويأتي الجواب عن حديث الباب.
5548 - أنفست : حضت. ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر : قال الزركشي في التنقيح : (ليس هذا من الأضحية، وإنما المراد ذبحها ضحى، فلذلك سميت أضحية، لأن الحاج لا أضحية عليه، وإنما منى موضع هدايا)هـ(1).
وقال القاضي : (قوله : "ضحى" أي أهدى، إذ لا أضحية على الحاج، ويستروح منه أن الهدايا كانت تطوعا، أي جعلها مكان الأضحية لغير الحاج)هـ.
وقال سيدي عبدالرحمن الفاسي : (هذا هدي لا أضحية، إلا انه سماه أضحية لكونه تطوعا في وقت الضحى)هـ.
4 - باب: "ما يشتهى من اللحم يوم النحر" :
لأنه يوم فرح وسرور. رجل : هو أبو بردة . جذعة : من المعز. خير…إلخ: لسمنها. فلا أدري ...إلخ: لعل/ أنسا لم يسمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لن تجزئ أحدا بعدك). انكفأ : مال، أي رجع عن مكان الخطبة إلى مكان الذبح. فتوزعوها: من التوزيع : أي تفرقوها. فتوزعوها : أي اقتسموها حصصا.
5 – باب من قال : "الأضحى يوم النحر" :
أي فقط دون ما بعده، وهو قول ابن سيرين ودواد، والذي لجمهور العلماء خلافه، فقد زاد مالك وأبو حنفية وأحمد على يوم النحر اليومين بعده، والشافعي وأبو ثور ثلاثة أيام بعده، وعن عمر بن عبدالعزيز إلى آخر الشهر، كذا في العمدة(2).
قال في المختصر : (مِنْ ذَبْحِ الإِمَامِ لِآخِرِ الثَّالِثِ،…، واليومُ الأولُ أفضلُ، وهل جميعُهُ أو إلى الزوال، وفي أفضلية أول الثالث على آخِرِ الثاني تَرَدُّدٌ) (3).
__________
(1) - التنقيح ص : 230.
(2) - عمدة القاري 21/147-148.
(3) - مختصر خليل 1/120-121.(8/2)
5550 - كهيئته : أي وصار كهيئته ... إلخ، أي رجع إلى أصله. ورجب مضر : أضيف إليهم لمبالغتهم في تعظيمه. البلدة: أي مكة. أليس يوم النحر ؟ : تمسك بهذا من خص يوم النحر بالذبح فيه، وبه تحصل المطابقة، وأجاب الجمهور بأن المراد النحر الكامل الفضل، ف"أل" فيه للكمال. محمد : هو ابن سيرين. وأعراضكم: جمع عرض، هو محل المدح والذم من الإنسان. ضلالا : جمع ضال. صدق النبي صلى الله عليه : فإن بعض من بلغه الحديث كمالك والشافعي أوعى له من بعض من سمعه، لأن الذين بلغهم استنبطوا منه أحكاما لم يستنبطها منه بعض من سمعه.
6 - باب: "الأضحى والنحر بالمصلى"
محل صلاة العيد، أي استحباب كونه بها، قال ابن بطال : (هو سنة الإمام خاصة عند مالك، لئلا يذبح أحد قبله، وليذبحوا بعده بيقين) (1).
7 – باب: "ضحية النبي صلى الله عليه بكبشين" :
تثنية كبش، فحل الضأن بعدما يثني أو يربع، أقرنين : لهما، أي لكل واحد منهما قرنان معتدلان. ويذكر سمينين: خرجه أبو عوانة عن أنس، وفقه الترجمة أن الضحية بذكر الضأن الأقرن السمين أفضل من غيرها، ومن ثم استحب العلماء ذلك.
قال الشيخ : (ونُدِبَ إبرازُها وجَيِّدٌ وسَالِمٌ، وغيرُ خَرْقَاءَ وشَرْقَاءَ ومُقَابَلَة ومُدَابَرَة وسَمِينٌ وذَكَرٌ وأَقْرَنُ وأَبْيَضُ وفَحْلٌ إِنْ لم يَكُنِ الخَصِيُّ أَسْمَنَ، وضَأْنٌ مطلقا ثم مَعْزٌ، ثم هل بَقَرٌ وهو الأظهرُ، أو إِبِلٌ خِلاَفٌ) (2).
كنا نسمن ... إلخ : يؤخذ منه جواز تسمين الأضحية.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/10-11، وقد أدمج الشبيهي هذا النقل بشكل غريب، وأصله : (قال ابن بطال : هو سنة للإمام خاصة عند مالك، قال مالك فيما رواه ابن وهب : إنما يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله، زاد المهلب : وليذبحوا بعده على يقين، وليتعلموا منه صفة الذبح).
(2) - مختصر خليل 1/121.(8/3)
قال القاضي في الإكمال : (لاخلاف بين العلماء في اختيار سمينها وطيبها وفضله، واختلف في تسمينها، والجمهور على جوازه، وحكي عن ابن القرظي أنه كان يقول : يكره ذلك لئلا يتشبه باليهود) هـ ، وابن القرظي هو ابن شعبان، قال النووي : (وهو قول باطل)، وقال ابن التين -نقلا عن الداودي- : (قول أبي أمامة (1) أحق).
5554 - أملحين : تثنية أملح، وهو الذي يخالط بياضه سواد، والبياض أكثر أو هو الذي ينظر في سواد، ويأكل في سواد، ويمشي في سواد، ويبرك في سواد.
5555 - عتود : هو ما أتى عليه حول من أولاد المعز، وقيل هو الجذع. ضح أنت: أي به، واستدل به على إجزاء الضحية بالشاة الواحدة، وكأن المص أورده هنا تنبيها على أن تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين ليس على سبيل الوجوب، بل على سبيل الاختيار، فمن ذبح واحدة أجزأته وهو ظاهر، وهذا مذهبنا أيضا.
8 - باب: قول النبي صلى الله عليه لأبي بردة:
(ضح بالجذع من المعز، ولن تجزئ عن أحد سواك).
قال شيخ الإسلام : (قال شيخنا - يعني ابن حجر- ما ملخصه : فيه تخصيص أبي بردة بذلك، لكن وقع في عدة أحاديث التصريح بنظير ذلك لغيره كحديث عقبة / السابق)، وأطال في ذلك، ثم قال : وأقرب ما يقال في جوابه أن خصوصية المتقدم منسوخة بخصوصية المتأخر) (2)، وقوله : " لن تجزي"، قال الزركشي: قال الخطابي : (بفتح التاء غير مهموز، من جزى عني هذا الأمر يجزي أي تقضى، يريد أنها لا تقضي الواجب عن أحد بعدك).
5556 - قبل الصلاة : صلاة العيد. شاة لحم : لا شاة أضحية،
__________
(1) - أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب الأنصاري، مشهور بكنيته.
ولد قبل الوفاة النبوية بعامين.
روى عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت.
توفي سنة 100هـ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 82، والإصابة 1/181-182.
(2) - تحفة الباري 3/239.(8/4)
قال الدماميني :(فيه أن من تقرب بشيء مخصوص فلم يصح، لا يلزمه فيه أصل القربة، بل يعود ذلك لملكه)هـ؛ لكن المشهور عندنا في هذه القضية هو قول الشيخ خليل : (ومُنِعَ البيعُ وإِنْ ذَبَحَ قبل الإمام أو تَعَيَّبَتْ حالةَ الذَّبْحِ أو قبلَهُ) (1)، يعني وذبحها، إما إن لم يذبحها فهو قوله : (لاَ تُجزئُ إِنْ تَعَيَّبَتْ قبله وصَنَعَ بها ما شاء) (2).
داجن : شاة تألف البيوت. عناق لبن : هي الأنثى من ولد المعز، وأضافها إلى اللبن إشارة إلى أنها صغيرة ترضع أمها.
5557 - خير من مسنة : المسنة هي التي ألقت أسنانها، ويكون ذلك في ذات الظلف، والحافر في السنة الثانية، وفي ذات الخف في السنة السادسة.
9 – باب: "من ذبح الأضاحي بيده" :
أي فقد فعل ما هو الأفضل.
الشيخ خ : (ونُدِبَ ذَبْحُهَا بِيَدِهِ) (3).
الزرقاني : (ولو امرأة وصبيا لمن أطاق، فإن لم يهتد لذلك إلا بمرافق، فلا بأس أن يرافق)(4).
5558 - صفاحهما : الصفاح الجوانب، والمراد الجانب الواحد من عنق الأضحية، وإنما ثنى إشارة إلى أنه فعل ذلك في كل منهما، فهو من إضافة الجمع إلى المثنى بإرادة التوزيع.
10 – باب: "من ذبح أضحية غيره" :
أي بإذنه جاز، هذا مذهبنا، قال الشيخ: (وصَحَّ إنابةٌ بلفظ إنْ أَسْلَمَ ولو لم يُصَلِّ أو نَوَى عن نفسه أو بعادة كقريب وإلا فَتَرَدُّدٌ لا إِنْ غَلَطَ فلا يجزئُ عن واحد منهما) (5).
وأعان رجل…إلخ : ابن المنير : (هذا الأثر لا يطابق الترجمة إلا من جهة أن الاستعانة إن كانت مشروعة التحقت بها الاستنابة) (6).
وأمر أبو موسى بناته … إلخ : ابن حجر : (هذا الأثر مباين للترجمة، فيحتمل أن يكون محله الترجمة التي قبلها)هـ(7)، ونحوه للعيني(8).
__________
(1) - مختصر خليل 1/122.
(2) - مختصر خليل 1/122.
(3) - مختصر خليل 1/121.
(4) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/38.
(5) - مختصر خليل 1/122.
(6) - نقلا عن الفتح 10/23
(7) - الفتح 10/23.
(8) - في العمدة 21/155.(8/5)
5559 – وضحى : أي أهدى كما قدمناه، وعليه فالمطابقة مأخوذة من إلحاق الضحية بالهدي.
11 – باب: "الذبح بعد الصلاة" :
أي تعيين كونه بعدها لا قبلها.
القاضي عياض : (أجمع المسلمون على أن الذبح لأهل الحضر قبل الصلاة لا يجوز، وأما أهل البوادي فعندنا في المذهب في ذلك قولان)هـ، أي وبعد ذبح الإمام أيضا كما هو مذهب الإمام مالك والشافعي لما رواه مسلم عن جابر قال : (صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر بالمدينة، فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد نحر، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)، فهذا نص في مذهب مالك رحمه الله)، قاله القاضي عياض.
وفي المدونة وغيرها : (ويتحرى أهل البوادي ومن لا إمام لهم من أهل القرى، نحر وصلاة أقرب الأئمة إليهم)هـ (2)؛ ونحوه في المنتقى(3) من رواية ابن القاسم عن مالك.
5560 - ومن نحر : أي قبل ذلك.
12 - باب: "من ذبح قبل الصلاة أعاد": الذبح استنانا.
5561 - هنة : حجاة. أبلغت الرخصة: غيره.
5563 - فعلت : أي ذبحت قبل الصلاة. هي خير نَسِيكَتَيْهِ : يعني أن الجذعة التي ذبح بعد الصلاة أفضل من التي ذبحها قبل، لأنها أجزأت عن الضحية، وفيه تثنية اللفظ باعتبار حقيقته ومجازه، لأن الأولى ليست نسيكة، وإنما سماها بذلك باعتبار ظنه، قاله ابن حجر(4).
13 - باب :"وضع القدم، أي اليسرى، على صفح الذبيحة" :
__________
(1) - أخرجه مسلم في الأضاحي 14، وأحمد 3/294.
(2) - المدونة الكبرى 3/69.
(3) - قال في المنتقى 3/87 :
(وأما من كان بموضع ليس به إمام مثل أهل القرى الذين لا يصلون صلاة عيد بخطبة، فقد روى ابن القاسم عن مالك : يتحرون صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه).
(4) - في الفتح 10/27.(8/6)
أي جانب عنقها الأيمن بعد إضجاعها على جانبها الأيسر/، على ما جرى به العمل كما في الإكمال(1)، وإمساك رأسها بيده اليسرى ليكون أثبت وأمكن للذبح، ولئلا تضطرب برأسها فتمنعه من إكمال الذبح أو تنجسه.
قال القاضي عياض : (قوله : "ووضع رجله على صفاحهما"، أي على صفحة أعناقهما، أي جانبهما، وصفحة كل شيء جانبه، وإنما فعل ذلك ليكون أثبت له، ولئلا يضطرب الكبش برأسه فتزهق يد الذابح، وهو أصح من الحديث الذي جاء بالنهي عن ذلك) (2)، وكأنه أشار إلى رد ما في كتاب محمد(3) من أن السنة عدم وضع الرجل على العنق هـ.
وقد اعترض ذلك أيضا الشيخ خ في التوضيح(4)، ونقله الزرقاني وأقره، كما أقره من بعده، وقال الزياتي(5) : (ومن سنن الذكاة أن يجعل رجله اليسرى على صفحة خدها الأيمن).
14 – باب: "التكبير عند الذبح" :
__________
(1) - قال القاضي : (ومضى العمل بإضجاعها على الشق الأيسر لأنه أهيأ لمناولة ذبحها باليمين وإمساك رأسها باليسار)،
انظر إكمال المعلم ص : 173 .
(2) - إكمال المعلم ص : 173.
(3) - هو محمد بن المواز، وقد تقدمت ترجمته.
(4) - في قوله : (ولا تجعل رجلك على عنقها، وفي نسبة الأخير إلى السنة نظر لما رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم لما ضحى بكبشين وضع رجله على صفاحهما) - انظر التوضيح ص : 230-.
وقال تقي الدين السبكي في النكت ص : 363، (قال أهل الفقه : ومن الاستحباب في باب الذبح أن تساق الذبيحة إلى مذبحها سوقا رقيقا وتجع إضجاعا قريبا، وتوضع القدم على صفحة عنقها، وتحد الشفرة وتخفى عنها، ولا ينحر بعضها في وجوه بعض)، بينما خالف الباجي في المنتقى 3/107، فقال : (ولا تجعل رجلك على عنقها، ولا تجرها برجلها، ووجه ذلك أن الرفق بها مشروع مأسور به).
(5) - عبد العزيز بن الحسن بن يوسف الزياتي الفاسي.
فقيه مقرئ، له: النوازل والأحكام، وشرح نظم الزكاة.
توفي سنة 1055هـ.
ترجمته في: اليواقيت الثمينة للأزهري 1/226، وإيضاح المكنون 2/347.(8/7)
أي استحبابه عند كافة العلماء.
قال الزرقاني عند قول الشيخ : (ووَجَبَ نِيَتُهَا وتَسْمِيَةٌ إِنْ ذَكَرَ) (1)، ما نصه : (ويندب أن يزيد: والله اكبر، ولا يزيد : الرحمن الرحيم، وقاله أبو الحسن وغيره، ولاالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل تكره عنده)هـ(2).
وقال القاضي عياض: (ويجزئ غيره مما فيه ذكر اسم الله عنه، ولكن ما مضى عليه العمل من اسم الله والله أكبر أحسن)هـ.
وقال الشيخ خ : (وكُرِهَ ذَبْحٌ بِدَوْرِ حُفْرَة وسَلْخٌ أو قَطْعٌ قبل الموت، كقول مُضَحّ: اللهم منك وإليك) (3).
15 - باب إذا بعث بهديه -إلى مكة- ليذبح –بها- لم يحرم عليه شيء:
مما يحرم على الحاج، هذا الذي عليه الفتوى عند الأئمة.
5566 - إن رجلا: هو زياد بن أبي سفيان. ويجلس في المصر : الذي هو فيه. تصفيقها : أي ضرب إحدى يديها على الأخرى إنكارا لما سمعت.
16 - باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي، وما يتزود منها :
للسفر، أي جواز أكل لحومها وادخارها بعد تيبيسها، نعم يستحب الجمع بين الأكل والصدقة والإعطاء.
قال الشيخ : (ونُدِبَ جَمْعُ أَكْل وصدقة وإعطاءٌ بِلاَ حَدّ -أي بثلث أو غيره)هـ(4).
... وأما البيع فلا يباع شيء منها، لا لحما ولا جلدا ولا صوفا ولا شعرا، ولا يعطى منها للجزار في جزارته شيء.
قال في المنتقى:(فإن باع شيئا منها، فقال ابن حبيب:"من باع جلدها جهلا لاينتفع بثمنه ويتصدق به"، وقال سحنون :" إن أدرك البيع فسخ، وإلا جعل ثمن الجلد في ماعون أو طعام، وثمن اللحم في طعام يأكله"، وقال ابن عبدالحكم:"من باع جلد أضحيته فليصنع بثمنه ما شاء من إمساك أو غيره"، وهذا الاختلاف إنما هو في ثمن المبيع بعد فواته، وأما بيعه فمتفق على منعه)هـ منه (5).
5567 - لحوم الهدي : بدل لحوم الأضاحي.
__________
(1) - مختصر خليل 1/117.
(2) - شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/15.
(3) - مختصر خليل 1/118.
(4) - مختصر خليل 1/121.
(5) - المنتقى 3/92.(8/8)
5568 - أخي أبا قتادة : صوابه " أخي قتادة " وهو ابن النعمان، كذا قاله ابن سعادة والزركشي(1)وابن حجر(2)وغيرهم، وهو أخوه لأمه. حدث بعدك أمر : ناقض لحرمة أكل الأضاحي بعد ثلاث.
5570 - حدثني أخي : عبدالحميد(3). والله أعلم : بمراد نبيه - صلى الله عليه وسلم - .
5572 - أن يرجع : إلى منزله فقد أذنت له، وليس فيه تصريح بعدم عودهم إلى الجمعة في وقتها، ويحتمل أنهم كانوا ممن لا تجب عليهم الجمعة لبعد منازلهم.
5573 - نهاكم أن تأكلوا … إلخ: لعل عليا رضي الله عنه لم يبلغه الإذن في الادخار بعد النهي عنه.
5574 - عن ابن أخي ابن شهاب : هو محمد بن عبدالله بن مسلم(4).
حين ينفر : ابن حجر : (هذا هو الصواب: ووقع في / رواية الكشميهني وحده "حتى" بدل "حين"، وهو تصحيف يفسد المعنى، فإن المراد أنه كان لا يأكل من لحم الأضحية بعد ثلاث، فكان إذا انقضت ائتدم بالزيت ولا يأكل اللحم، وعلى رواية "حتى " ينعكس الأمر)هـ(5)، ونحو للعيني (6).
من أجل لحوم الهدي : احترازا عن أكلها، وهذا محمول على أنه لم يبلغه الإذن بعد النهي.
تنبيه : قال ابن العربي في المسالك : (سمعت شيخنا أبا بكر الفهري(7)
__________
(1) - في التنقيح ص : 230.
(2) - في الفتح 10/30.
(3) - عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، أبو بكر المدني.
روى عن مالك بن أنس والثوري وهشام بن سعيد، وعنه ابن راهوية ومحمد بن سعد ومحمد بن رافع.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 6/118.
(4) - محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أبو عبد الله المدني، ابن أخي الزهري.
روى عن أبيه وعمه وصالح بن أبي فروة.
وعنه محمد بن إسحاق وأمية بن خالد الأزدي وأبو أويس المدني والقعنبي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 9/287.
(5) - الفتح 10/35-36.
(6) - في العمدة 21/162.
(7) - أبو بكر محمدبن عبد الله بن يحيى بن فرح الفهري الإشبيلي.
أخذ عن أبي الحسن بن الأخضر وأبي الوليد بن رشد، وعنه أبو بكر بن العربي.
له مجموع في الزكاة. وتوفي في شوال سنة 586هـ.
ترجمته في: تكملة الصلة 258-259.(8/9)
يقول : إذا ذبح الرجل أضحيته يوم الأضحى فعق بها عن ولده، لم يجزه لأن المقصود في العقيقة إراقة الدم كما هو في الأضحية، فأما لو ذبح أضحيته يوم النحر وأقام بها سنة الوليمة في عرسه لأجزأه، لأن المقصود في الأضحية إراقة الدم وقد وقع موقعه، والمقصود في الوليمة السنة بالأكل وقد وجد ذلك).
74 - " كتاب الأشربة "
جمع شراب، اسم لما يشرب ماء أو غيره، أي بيان ما يحل منها وما يحرم، وبعض آداب الشرب.
1 - وقول الله عزوجل : "إِنَّمَا الْخَمْرُ" :
معروف، "والْمَيْسِرُ": القمار، "وَالاَنصَابُ": الأصنام، "وَالاَزْلاَمُ": القداح التي يعتمدون في فعل ما أرادوا فعله أو تركه عليها، لأنهم كانوا إذا أرادوا أمرا عمدوا إلى قداح ثلاثة، مكتوب على أحدها: امرني ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى الثالث: غفل، ثم يجيلونها، فإن خرج الأمر فعلوا، وإن خرج النهي تركوا، وإن خرج غفل أعادوا الضرب والإجالة، "رِجْسٌ ": خبيث مستقذر، "مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ" الآية، "فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "(1).
5575 - حرمها في الآخرة: قال الخطابي والبغوي وابن عبد البر وغيرهم: (معناه حرمان دخول الجنة، لأن الخمر شراب أهل الجنة، فإذا حرم شربها حرم دخول الجنة، وهو جار على سنن الأحاديث الواردة في بقية الكبائر، أي فيؤول بعدم دخولها مع السابقين، أو أن ذلك جزاؤه، وقد يعفو الله عنه، ثم قال ابن عبد البر : وجائز أن يدخلها بالعفو، ثم لايشرب فيها خمرا، ولا تشتهيها نفسه، وإن علم بوجودها فيها، ويؤيده حديث أبي سعيد، مرفوعا : " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو)، نقله في التوشيح(2)، وأصله في الفتح(3).
__________
(1) - سورة المائدة، الآية 90.
(2) - التوشيح ص : 474.
(3) - هذا النص بطوله في الفتح 10/39-40.(8/10)
وقال القرطبي : (لا يبالي بعدم شربها، ولا يحسد من يشربها، فيكون حاله كحال أهل المنازل لا يحسد بعضهم بعضا)هـ.
وهذا الجواب هو الذي اعتمده السندي في حواشيه على ابن ماجه بعد ما ذكر في المسألة أقوالا أخر، فهو الحق إن شاء الله.
5576 - بإيلياء : بيت المقدس. بقدحين: وسبق في المعراج، ويأتي قريبا أنها ثلاثة بزيادة قدح العسل، قيل : العدد لا مفهوم له، والحكم للزائد، وقال الكرماني:(هذا في إيلياء، وذاك عند رفعه إلى السدرة) (1).
ثم أخذ اللبن : إلهاما من الله تعالى. للفطرة : للإسلام والاستقامة.
5577 – ويقل العلم : بموت العلماء. ويظهر الزنا: يفشو. ويشرب الخمر: أي ظاهرا وعلانية. ويقل الرجال : بموتهم في الحروب والقتال. قيمهن : من يقوم بأمورهن.
5578 - لا يزني : أي الزاني. وهو مومن : أي كامل الايمان، فهو محمول على نفي الكمال في الجميع. نهبة : النهبة هي المال الذي انتهبه الجيش قهرا. ذات شرف: قدر خطير.
2 - باب الخمر من العنب وغيره :
كالتمر والزبيب والعسل.
5579 - منها : أي من الخمر المتخذة من العنب.
5580 - البُسْر والتمر : أي الخمر المتخذ منهما، والبسر بطن من بطون التمر قبل طيبه، كالزهور والرطب والبلح.
5581- وهي من خمسة : أي والحال أنها تصنع من خمسة. ما خامر العقل : أي غطاه، كان مما ذكر أو من غيره.
3 - باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر :
كان نزول تحريمها في تاسع شوال سنة ثلاث أو أربع، قاله القسطلاني(2) مقتصرا عليه، وقدمنا في سورة المائدة ما قاله الحافظ ابن حجر فراجعه(3).
5582 - فضيخ : من الفضخ وهو الشرخ. زهو : الزهو هو البسر الملون الذي ظهر فيه الحمرة أو الصفرة، أي من مشدوخ زهو صب عليه ماء، وترك حتى اشتد. آت : لم يعرف.
__________
(1) - الكواكب الدراري 20/139.
(2) - في الإرشاد 8/350.
(3) - قول الحافظ إنها في السنة الثامنة عام الفتح، انظر الفتح 8/354-355.
وقد تقدم ذكر ذلك في شرح الحديث 4620.(8/11)
5583- عن أبيه : سليمان التيمي. وحدث : قائله سليمان. بعض أصحابي : هو بكر بن عبدالله(1) أو قتادة، قاله ابن حجر(2).
4 - باب الخمر من العسل، أي المتخذ منه، وهو البتع:
بلغة اليمن.
الفقاع : هو ماء جعل فيه زبيب ونحوه حتى انحل / إليه، وهو المسمى عندنا بشاربت.
5587 - لا تنتبذوا في الدُّبَّاء : أي القرع بأن يوضع فيها ماء، ثم يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوه حتى ينحل. ولا في المُزَفَّت : الإناء المطلي بالزفت، وهو المقير أيضا. وكان أبو هريرة يلحق معها: أي في روايته، لا من عند نفسه. الحَنْتَم : أي الانتباذ في الإناء المطلي بالحنتم، وهو الزاج. والنَّقِير: أي الانتباذ فيما ينقر في أصل جذوع النخل، ومذهبنا في حكم الانتباذ في هذه الأمور الأربعة الكراهة في الدباء والمزفت فقط، خوف إسراع السكر لهن دون الحنتم والنقير، لنسخ النهي فيهما، هذا الذي في المدونة(3) والموطأ(4)، وهو معنى قول الشيخ عطفا على المكروه : (ونبذ بكدباء)(5) فأدخلت الكاف.
المزفت : فقط على ما هو الصواب، قاله الشيخ مصطفى.
5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل :
أي غطاه وستره، من الشراب: كان من العنب أو من غيره.
__________
(1) - بكر بن عبد الله بن عمرو المزني، أبو عبد الله البصري.
روى عن أنس بن مالك وابن عباس وابن عمر والحسن البصري.
وعنه ثابت البناني وسليمان التيمي وقتادة ومطر الوراق.
وثقه ابن معين والنسائي وأبو زرعة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 1/484.
(2) - في الفتح 10/48.
(3) - المدونة الكبرى 16/63 : (قلت : فهل كان مالك يكره شيئا من الفخار غير المزفت ؟ قال : إنما كان يكره الدباء والمزفت).
(4) - الموطأ، الأشربة، ما ينهى أن ينبذ فيه، ح 5.
(5) - مختصر خليل 1/120.(8/12)
5588 - الجد : هل يحجب الأخ، أو يحجب به، أو يقاسمه. والكلالة : أي بيان ميراثها، وهي من لا ولد له ولا والد. وأبواب من أبواب الربا : أي ربا الفضل، لأن ربا النساء متفق عليه بينهم. فقال : أبو حيان(1). يا أبا عمرو : هو الشعبي(2).
تنبيه : إنما زاد في الترجمة قوله : " من الشراب" لأجل التسمية بالخمر، وإلا فكل ما أسكر يحرم تناوله، كان شرابا أو غيره، كما ذهب إليه الجمهور، واستدلوا بلفظ "كل" من قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل ما أسكر حرام) (3)، قاله المناوي. قال : (فدخل نحو حشيشة وبنج وغيرهما؛ وقد جزم النووي وغيره بأنها - أي الحشيشة - مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة، قال الحافظ ابن حجر: وهو مكابرة، لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدثه الخمر من الطرب والنشوة، وبفرض تسليم عدم إسكارها، فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر)هـ ، من فتح القدير، ونحوه في فتح الباري بحروفه.
6 - باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه :
__________
(1) - يحيى بن سعيد بن حيان، أبو حيان التيمي الكوفي.
روى عن أبيه وأبي زرعة بن عمرو بن جرير والشعبي والضحاك. وعنه أيوب السختياني والأعمش وشعبة والثوري.
قال مسلم: كوفي من خير الناس.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/214-215.
(2) - أبو عمرو عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار الشعبي الحميري.
ولد ونشأ بالكوفة، واستقضاه عمر بن عبد العزيز.
له: الكفاية في العبادة والطاعة. وتوفي سنة 103هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/65، وطبقات الحفاظ ص:32.
(3) - أخرجه مسلم في الأشربة باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، بلفظ: "كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام" ، وأبو داود في الأشربة باب النهي عن المسكر ح3682، بلفظ: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".(8/13)
ابن المنير : (مطابقة الجزء الأول من الترجمة للحديث ظاهرة، وأما الجزء الثاني فأشار به لحديث أحمد وأبي داود مرفوعا : " ليشربن أناس من أمتي الخمر ويسمونها بغير اسمها)هـ(1).
قال المناوي : (أي يستترون في شربها بأسماء الأنبذة المباحة، أي فيشربون النبيذ المطبوخ ويسمونه طلا، تحرجا أن يسموه خمرا، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا) (2).
5590 - الحِرَ : أي الفرج، أي يستحلون الزنا، إما باعتقاد الحلية، أو بالاسترسال في الوقوع كالاسترسال في الحلال، قاله ابن العربي.
والخمر : قال في التمهيد : (أجمعوا على أن مستحل خمر العنب المسكرة كافر مرتد، يستتاب فإن تاب ورجع عن قوله، وإلا استبيح دمه كسائر الكفار) (3).
والمعازف : آلة الملاهي كالعود والطنبور. علم : جبل عال. يروح عليهم : أي الراعي. بسارحة لهم : بغنم تسرح بالغداة وتروح بالعشي. يأتيهم : أي الآتي. فيبيتهم الله : أي يهلكهم الله ليلا. ويضع العلم : أي يوقع الجبل عليهم. قردة : أي مثل صورها حقيقة كما وقع لبعض الأمم السابقين، ففيه بيان أن المسخ يكون في هذه الأمة، قال الخطابي(4).
وقال السفاقسي : (الذي يصح في النظر أن هذا لا يكون إلا فيمن يعتقد الكفر وتسمى بالإسلام، لأن الله لا يخسف بمن يعود عليه برحمته في المعاد)هـ، نقله في المصابيح(5).
7 - باب الانتباذ في الأوعية :
جمع وعاء، والتور : إناء من حجر أو من نحاس، فهو من عطف الخاص، أي جواز ذلك عند الأمن من الإسكار /.
امرأته : سلامة.
8 - باب ترخيص النبي صلى الله عليه في الأوعية والظروف :
أي في الانتباذ فيها، بعد النهي عنه .
__________
(1) - أخرجه أحمد رقم 21827، وأبو دواد في الأشربة رقم 3689.
(2) - فيض القدير 5/391.
(3) - التمهيد 1/142.
(4) - في أعلام السنن ص : 1138.
(5) - تعليق المصابيح ص : 553.(8/14)
ذكر المص رحمه الله في أحاديث الباب ما يدل على عموم الترخيص في الظروف كلها، وهو حديث جابر، وما يدل على بقاء النهي عن ظروف مخصوصة، وهي الدباء والمزفت والجر، وهو باقي أحاديثه، وظاهر صنيعه أنه يرى أن عموم الرخصة مخصوص بما ذكر في الأحاديث الأخرى، وهذا مذهب مالك رحمه الله، قاله ابن حجر(1).
قلت : الذي في المدونة هو ما نصه : (لا ينتبذ في الدباء والمزفت، ولا أكره غير ذلك من الفخار وغيره من الظروف)هـ(2)، فقد قصر الترخيص على ما عدا شيئين فقط، وهو الذي حمل المحققون عليه كلام خليل كما سبق، والله أعلم.
5592 - فلا نهي إذا : زاد ابن حبان : ( إن الظروف لا تحل ولا تحرم، ولكن كل مسكر حرام) (3).
5593 - لما نهى النهي صلى الله عليه عن الأسقية: أي عن الانتباذ فيها.
__________
(1) - في الفتح 10/71.
(2) - انظر المدونة الكبرى 16/63.
(3) - أورده الهيثمي في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان على الكتب الستة، كتاب الأشربة، باب ما جاء في الأوعية، رقم 1393.(8/15)
قال في التنقيح : (كذا ثبت في النسخ، وإنما صوابه : عن الظروف لا الأسقية، كالرواية الأولى، قال القاضي : ذكر الأسقية هنا وهم في الرواية، إنما هو الأوعية، لأنه لم ينه عن الأسقية، إنما نهى عن الظروف، وأباح الانتباذ في الأسقية، لأن الأسقية يتخللها الهواء من مسامها، فلا يسرع إليها الفساد مثلما يسرع إلى الظروف)هـ (1)، وجواب العيني عنه غير ظاهر(2).
في الجر : إناء يصنع من طين. غير المزفت: المطلي بالزفت من الأوعية، يعني الظروف، وهو الصواب، يعني عن الانتباذ فيها.
5595 - نهانا أهل البيت …إلخ : قال ابن بطال : (بحديث عائشة هذا أخذ مالك، فما كره من الظروف إلا الدباء والمزفت) هـ، نقله ابن غازي.
أما ذكرت : الذي في نسخنا بسكون الراء، وقال في الإرشاد : (بفتح الراء في اليونينية، وفي الفرع بسكون الراء، ولعله سبق قلم)هـ(3).
والحنتم : أي الاناء المطلي بالحنتم، وهو الزاج.
5596 - قلت : قائله الشيباني. قال لا : يعني أنه لا مفهوم للأخضر.
9 - باب نقيع التمر :
أي جواز شربه، ما لم يسكر : فإن أسكر حرم.
5597 - امرأته : سلامة. أنقعت ... إلخ، أي فسقتها له،
قال المهلب : (يفقع بالليل ويشرب بنهاره، أو ينقع نهارا ويشرب بالليل الموالي له).
10 - باب الباذق :
__________
(1) - التنقيح ص : 232.
(2) - قال في العمدة 21/179 : (قال الكرماني : السياق يقتضي أن يقال : " إلا عن الأسقية "، بزيادة " إلا على " سبيل الاستثناء، أي نهى عن الانتباذ إلا عن الانتباذ في الأسقية، وقال : يحتمل أن يكون معناه لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسألة الأنبذة عن الجرار بسبب الأسقية وعن جهتها، ...، وقال الحميدي، ولعله نقص منه عند الرواية، وكان أصله : نهى عن النبيذ إلا في الأسقية، وقال عياض : ذكر الأسقية وهم من الرواي وإنما هو عن الأوعية ...)
(3) - الإرشاد 8/357.(8/16)
أي بيان حكمه، وهو أن يطبخ العصير أدنى طبخ فيصير شديدا أي مسكرا، وقال في المحكم: (هو من أسماء الخمر)، ومن نهى عن كل مسكر من الأشربة : لأن المدار على الإسكار لا على الاسم، فما لم يسكر منها لا محذور فيه، وقد نص الشيخ خ على ما يباح منها فقال : (وعَصِيرٌ -أي معصور ماء العنب أول عصره-، وفُقَّاعٌ -هو ماء يجعل فيه زبيب ونحوه حتى ينحل فيه-، وسُوبِيَا -وهي فقاع يميل إلى الحموضة لما يضاف إليه من عجوة ونحوها-، وعَقِيدٌ أُمِنَ سُكْرُهُ)(1)، وهو ماء العنب يغلي على النار حتى ينعقد ويذهب منه الإسكار ويسمى بالرب الصامت، ومشهور مذهبنا أنه لا يحد بذهاب ثلث ولاغيره، وإنما المعتبر فيه ذهاب الإسكار.
شرب الطلاء : هو العقيد والرب الصامت، أي جوازه. على الثلث : أي على بقاء الثلث عند الطبخ، وذهاب الثلثين. على النصف : أي على بقاء النصف، ومذهبنا أنه لا يحد بشيء كما قدمناه.
من عبيد الله : ابن عمر بن الخطاب(2). ريح شراب : فزعم أنه شرب الطلاء.
فإن كان ... إلخ : فسأل عنه فوجده يسكر فجلده.
5598 - سألت ابن عباس عن الباذق : قيل أول من سماه بهذا الاسم بنو أمية لينقلوه عن اسم الخمر. سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق : أي سبق حكمه - صلى الله عليه وسلم - بتحريم الخمر تسميتهم/ إياها بالباذق، فلا ينفعهم تغيير اسمها إذا كانت مسكرة، لأن التحريم منوط بالإسكار، لا بالاسم، ونقل ابن حجر عن أبي الليث السمرقندي(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/119.
(2) - عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي المدني، أحد فقهاء المدينة السبعة.
روى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ولها صحبة، وعن أبيه والقاسم بن محمد.
وعنه حميد الطويل وأيوب السختياني والحمادان والسفيانان وشعبة وابن المبارك.
توفي سنة 45هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/38-40.
(3) - أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد السمرقندي، الفقيه الحنفي.
له: تفسير القرآن وخزانة الفقه. توفي عام 375 هـ.
ترجمته في : تاج التراجم لابن قطلوبغا 58-59، والأعلام للزركلي 8/348.(8/17)
أنه قال: (شارب المطبوخ إذا كان يسكر أعظم ذنبا من شارب الخمر، لأن شارب الخمر يشربها وهو يعلم أنه عاص بشربها، وشارب المطبوخ يشرب المسكر ويراه حلالا، وقد قام الإجماع على أن قليل الخمر وكثيره حرام، وثبت قوله - صلى الله عليه وسلم -: " كل مسكر حرام "، ومن استحل ما هو حرام بالإجماع كفر) (1).
قال: أبو الجويرية(2). هو الشراب الحلال الطيب : لأنه عصير العنب الحلال. قال : ابن عباس. ليس بعد الحلال الطيب : وهو العصير إثر عصره. إلا الحرام الخبيث : وهو الباذق حيث تغير عن حالته الأولى إلى أن صار خمرا.
5599 - يحب الحلواء والعسل : بمعنى أنه إن وجدها نال منهما نيلا صالحا.
11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر :
المنقعين في ماء ونحوه، أي لا يخلط نقيعهما، إذا كان : أي خلطهما، أي خلط نقيعهما، مسكرا : أي من شأنه أن يسكر، وكذا غيرهما من كل ما يسرع إليه الإسكار عند خلطه، أي خلط نقيعه كتمر أو زبيب أو زهو أو بسر، مع رطب، وكحنطة مع شعير، أو أحدهما مع تين أو عسل، أما ما لا يسرع إليه الإسكار كخلط ماء بعسل أو بلبن فلا يضر، هذا مذهبنا.
وأنا لا يجعل إدامين في إدام: الإدام ما يؤتدم به، أي لا يجمع بينهما، والعلة فيه السرف، وفيما قبله الإسكار، قال ابن المنير : (وهو مطابق لحديث جابر وأبي قتادة)، وقال المهلب (لايصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء، وإنما جاء النهي عنه عن عمر للسرف).
__________
(1) - الفتح 10/81.
(2) - حطان بن خفاف بن زهير بن عبد الله بن رمح بن عرعرة، أبو الجويرية الجرمي.
روى عن ابن عباس ومعن السلمي وبدر بن خالد.
وعنه السفيانان وشعبة وأبو عوانة وشريك.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/396.(8/18)
5601 - نهى : نهي تنزيه . عن الزبيب والتمر : أي الجمع بينهما تنبيذا. والبسر والرطب : أي الجمع بينهما تنبيذا، كما دل عليه قوله في الحديث الآخر : "ولينبذ كل واحد منهما على حدة "، خوفا من إسراع الإسكار إليهما بسبب الخلط، وهذا مذهبنا، قال الشيخ : (وكُرِهَ شَرَابُ خَلِيطَيْنِ) (1)، وبينه شراحه بما قدمناه.
12 - باب شرب اللبن :
أي جوازه إجماعا، وهو من حيث هو غير مسكر، نعم قد يقع فيه الإسكار نادرا بصفة تحدث فيه، وحينئذ يحرم شربه إن علم ذهاب العقل به.
وقول الله عز وجل : " يخرج من بين فرث ودم": التلاوة : " نَسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْث وَدَم" (2).
5604 - فإذا وقف عليه قال …إلخ : يعني أن سفيان كان تارة يرسل الحديث فلم يذكر فيه أم الفضل، فإذا سئل عنه قال : هو موصول عنها.
5605 - النقيع : بالنون، موضع بواد العقيق. ألا خمرته : غطيته. ولو أن تعرض عليه عودا : أي تجعله عليه عرضا، قيل : والحكمة فيها الاكتفاء بذلك اقترانه بالتسمية، فيكون العرض علامة على التسمية عليه، فلا يقربه الشيطان.
5607 - كُثْبَة من لبن : قطعة منه أو ملء قدح. فدعا عليه : فساخت فرسه في الأرض. أن لا يدعو عليه: ثانيا.
5608 - اللقحة : الناقة الحلوب. الصفي : كثيرة اللبن. منحة : تمييز، أي عطية تعطيها غيرك. تغدو بإناء …إلخ : أي تحلب بكرة وعشيا.
5609 - فمضمض : المضمضة إثر شرب اللبن مستحبة،
قال الشيخ : (ونُدِبَ غَسْلُ فَم مِنْ لَحْم وَلَبَن) (3).
5610 - السدرة : أي سدرة المنتهى ليلة أسري به - صلى الله عليه وسلم -. فنهران في الجنة : هما فيما قال مقاتل : السلسبيل والكوثر.
ابن بطال : (يظهر أي إذا بدلت الأرض غير الأرض).
__________
(1) - مختصر خليل 1/120.
(2) - سورة النحل، الآية 66.
(3) - مختصر خليل 1/15.(8/19)
أصبت الفطرة : علامة الإسلام والاستقامة. أنت أمتك : زاد في أول الأشربة : (ولو أخذت الخمر غوت أمتك)، قال في المصابيح : (قال ابن المنير : لم يذكر السر في عدوله عن العسل، وذكره في عدوله عن الخمر، وظاهر الحال أن السر في ذلك تفضيل اللبن على العسل، لأنه الأيسر والأنفع، ومنه ينشأ العظم وينبت اللحم، وهو بمجرده قوت، وليس هو أيضا من الطيبات التي تدخل في السرف بوجه، وهو أقرب إلى الزهد، وكأنه عليه الصلاة والسلام مع تركه الخمر التي حرمت ترك العسل الذي هو حلال، لأنه من اللذائذ التي يخشى على صاحبها أن يندرج في قوله تعالى: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيا) (1)، وأما اللبن فلا شبهة فيه، ولا منافاة بينه وبين الورع بوجه، وأما حبه - صلى الله عليه وسلم - للعسل، فعلى وجه الاقتصاد في تناوله، لا أنه يحصله ديدنا)، هـ منها (2).
13 - باب استعذاب الماء :
أي طلب الماء العذب، أي الحلو.
ابن بطال : (استعذاب الماء لا ينافي الزهد، ولا يدخل / في الترفه المذموم، بخلاف تطييب الماء بالمسك ونحوه، فقد كرهه مالك لما فيه من السرف)هـ (3).
المناوي : (إنما طلب استعذاب الماء، لأن الشراب كلما كان أحلى وأبرد، كان أنفع للبدن، وينعش الروح والقوى والكبد، وينفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنفيذ؛ سيما إن كان بائتا، فإن الماء البائت بمنزلة العجين المخمر، والذي يشرب لوقته بمنزلة الفطير، ولأن الأجزاء الترابية والأرضية تفارقه إذا بات، فهو أبرد وأصفى).
زاد العلقمي: (والماء الذي في القرب والشناه ألذ من الذي في آنية الفخار والحجار وغيرها، لأن في قرب الأدم خاصية لطيفة لما فيها من المسام المنفتحة التي ترشح منها الماء)هـ، وأصله لابن القيم في الهدي(4)، وياتي ما يؤيده في الباب بعده.
__________
(1) - سورة الأحقاف، الآية 20.
(2) - تعليق المصابيح ص : 554.
(3) - نقلا عن الفتح 10/92.
(4) - زاد المعاد في هدي خير العباد 4/227.(8/20)
... 5611- بخ :كلمة يقولها المتعجب. رابح: ذو ربح. رايح: من الرواح ضد الغدو، يعني أن أجره يروح لصاحبه، أي يصل إليه، ولا ينقطع عنه.
14 - باب شرب الماء باللبن :
أي خلطه به، أي جواز ذلك.
5612 - أعرابي : لم يعرف. الأيمن فالأيمن : بالنصب، أي اسقوا الأيمن ... إلخ، وفيه أن السنة تقديم الأيمن وإن كان مفضولا.
5613- رجل : هو أبو الهيثم بن التبهان. ومعه : - صلى الله عليه وسلم -. صاحب له : هو أبو بكر رضي الله عنه. بات هذه الليلة في شَنَّة : قربة خلقة، هذا مما يدل على أفضلية الماء البائت على غيره، والذي في القربة على غيره. كرعنا : شربنا بأفواهنا من غير إناء ولا كف، فهو يدل على جوازه، وتأتي ترجمته . يحول الماء : يجريه من جانب إلى جانب. في حائطه : بستانه. العريش : المحل المسقف المظلل. فسكب في قدح : أي ماء. من داجن : شاة تألف البيوت.
15 - باب شراب الحلو :
بضم الحاء وكسر الواو، هكذا في نسخنا،أي الشي الحلو، والذي في الفتح(1) والإرشاد(2)
"الحلواء"، بالمد أو القصر.أو العسل:وفي الفتح(3) والإرشاد(4):"والعسل"،وعلى كل هو من عطف خاص على عام، أي جواز ذلك وإباحته. لشدة : أي لضرورة عطش أو تداو أو نحوه. رجس : نجس.
" أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ " (5): هذا محل الشاهد من كلام الزهري لشمول الطيبات للحلو والعسل. وأما قوله : "وقال ابن مسعود في السكر ": أي الخمر. إن الله ... إلخ : فهو من تمام كلام الزهري، أتى به شاهدا على ما ذكره من الفقه، هذا الذي ظهر لي في تقرير هذا المحل، والله أعلم.
5614 - يعجبه الحلواء والعسل : أي إذا وجدهما أكل منهما كثيرا، لا أن المعنى أنه كان كثير التشهي لهما، وتقدم أن حلواءه - صلى الله عليه وسلم - هي المحيع(6)، وهي تمر معجون بلبن.
__________
(1) - الفتح 10/96
(2) - الإرشاد 8/366
(3) - الفتح10/96
(4) - الإرشاد 8/366.
(5) - سورة المائدة، الآية 4.
(6) - كذا في الأصل، ونبه العرائشي على غرابة اللفظة.(8/21)
16 - باب الشرب قائما:
أي جوازه كما عليه الجمهور، للأحاديث المذكورة هنا، ولما في الموطأ أن عمر وعثمان وعليا كانوا يشربون قياما(1)، وكان سعد وعائشة لا يريان بذلك بأسا، ومن ثم قال في الرسالة : (ولا بأس بالشرب قائما)هـ(2).
وكرهه قوم لحديث مسلم وغيره عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر عنه، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (لا يشربن أحدكم قائما، فمن نسي فليستقئ) (3).
قال الامام المازري في "المعلم " بعد حكاية وجه الجمع بين الروايتين عن غيره ما نصه: (والذي يظهر لي أن الأحاديث الواردة بشربه - صلى الله عليه وسلم - قائما تدل على الإباحة والجواز إن قلنا بتعدي أفعاله، ويحمل حديث النهي على جهة الاستحباب، والحث على ما هو الأولى والأكمل)هـ(4)، (وهذا هو الذي ذهب إليه الخطابي والبغوي والقاضي عياض والقرطبي والنووي)، قاله العيني(5).
زاد ابن حجر : (وهذه الطريق في الجمع بين الحديثين أحسن الطرق)هـ(6).
وقال ابن العربي في الأحكام : (جماهير العلماء على جواز الشرب قائما، ولكن القعود أحسن)هـ.
__________
(1) - الموطأ، كتاب الجامع، ما جاء في شرب الرجل وهو قائم، ح 75.
(2) - الرسالة ص : 144 (باب في الطعام والشراب)
(3) - أخرجه مسلم في صحيحه 6/100-111 من طريق عمر بن حمزة الذي ضعفه أحمد وابن معين والنسائي، ولذلك أورده في الميزان، والنكارة في قوله " فليستقئ "، ولكن وردت أحاديث صحيحة تنهى عن الشرب قائما، انظرها في الصحيحة للألباني رقم 177، وراجع الضعيفة له 2/رقم 927.
(4) - في الفتح 10/102.
(5) - في العمدة 21/193.
(6) - في الفتح 10/103-404، وفيه إشارة إلى تفضيل طريق الجمع على دعوى النسخ التي جنح إليها ابن شاهين وغيره، وكذا على مسلك التأويل.(8/22)
وقال السنوسي: (فإن قيل : إذا كان الشرب قائما مرجوحا فلم فعله - صلى الله عليه وسلم -، إذ هو لايفعل المرجوح ؟ أجيب بأنه إنما فعله للبيان، فليس بمرجوح، بل هو واجب عليه لوجوب التبليغ، وهذا كما توضأ مرة، وطاف راكبا، مع الإجماع على أن الوضوء ثلاثا، والطواف ماشيا أفضل، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقبل على الجائز مرة، ثم يواظب على الأفضل، ولذا كان أكثر وضوئه ثلاثا، وأكثر طوافه ماشيا)هـ (1).
وأما الأكل قائما، فقال المازري أيضا : (لا خلاف في جوازه)، نقله في الفتح، وقال في شرح الجلاب: (إنه يجوز بلا خلاف)، نقله الحطاب.
5615 - الرحبة : أي رحبة المسجد، أي مسجد الكوفة.
17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره :
يعني وهو راكب عليه، والبعير واقف، ومراده بيان حكم هذه الحالة، وأنها جائزة أيضا.
18 - باب / الأيمن فالأيمن :
أي مقدم، أو قدم الأيمن، في الشرب : ماء أو غيره، أي في تناول المشروب وكذا المأكول أيضا، بل قال ابن العربي :(كل ما يدور على جمع من كتاب أو نحوه، فإنما يدور على اليمين قياسا على ما ذكر) هـ، وقال المهلب: (من السنة التيامن في الطعام والشراب وكل شيء)هـ.
قال غيره : (وما انفرد به / مالك من أن ذلك خاص بالشراب، يرده حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحب التيامن في أمره كله).
أبو عمر : (ولا يصح ذلك عن مالك رضي الله عنه).
عياض : (يشبه أن يكون مراده أن السنة إنما وردت في الشرب خاصة، وتقديم الأيمن في غيره بالقياس عليه، لا بنص سنة)، هـ من إكمال الإكمال(2).
5619 - أعرابي : لم يعرف. الأيمن فالأيمن : أي مقدم ولو كان صغيرا أو مفضولا.
قال المناوي : (وحكى عليه الاتفاق، بل قال ابن حزم : لا تجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه)هـ(3).
__________
(1) - مكمل إكمال الإكمال 5/337.
(2) - الفتح 10/106، وإكمال الإكمال 5/339.
(3) - فيض القدير 3/190.(8/23)
ابن العربي : (لأن التقديم إنما هو لجهة اليمين، لفضلها لا لمن هو بها، زاد أنس في روايته : "فهي سنة، فهي سنة، فهي سنة"، وأما حديث سهل بن أبي حثمة: "كبر كبر"، وحديث ابن عمر في الأمر بمناولة السواك الأكبر، وحديث ابن عباس : " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال : ابدأوا بالكبير"، فقال الحافظ ابن حجر : الكل محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين، إما بين يدي الرئيس أو عن يساره كلهم، أو من خلفه، أو من حيث لا يكون فيهم رئيس، فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يخص من عموم الأمر بالبداءة بالكبير ما إذا جلس بعض عن يمين الرئيس، وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل) (1)، ونحوه للعيني(2) بهذا اللفظ، وشيخ الإسلام ونصه: ( يؤخذ من الحديث تقديم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل إذا جلس عن يمين الرئيس، فيكون مخصصا لعموم خبر أبي يعلى : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سقى قال : ابدأوا بالأكبر)هـ.
قال المازري في المعلم : (قوله : "الأيمن فالأيمن "، قال الشيخ - يعني نفسه – هذا مطابق لأصول الشرع من استحباب التيامن، فإن عورض هذا بما وقع في الحديث الآخر من تقديمه الأكبر، قلنا : هذا مع تساوي الأحوال، فيرجح بالسن، وهكذا الرواية عندنا استحباب التيامن في الشهادات المثبتة في الكتاب وفي الوضوء وغيره يقدم الأيمن)هـ.
وقال ابن العربي في الأحكام : (قوله : "أتأذن لي أن أعطي الأشياخ"، هذا يقتضي أن حكم التيامن في المناولة آكد من حكم السن، لأن ابن عباس رضي الله عنه لم يبلغ ح الحلم، واستحق ذلك بالتيامن دون الأشياخ، وما روي في حديث سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " كبر كبر"، فإنما ذلك مع تساوي الأحوال، والله أعلم)هـ.
19 - باب هل يستأذن الرجل من على يمينه في الشرب ليعطي الأكبر ؟
__________
(1) - الفتح 10/107.
(2) - انظر العمدة 21/195.(8/24)
نعم يستأذنه إن كان لذلك وجه.
5620- غلام : ابن عباس. الأشياخ : منهم خالد. لاأوثر بنصيبي … إلخ : القاضي عياض : (فيه أنه لا ينبغي للإنسان أن يأذن في تفويت ماله فيه مصلحة دينية، وقد قال أصحابنا وغيرهم إنه لا يؤثر في القرب، وأن الإيثار المحمود إنما هو في حظوظ النفس، فيكره أن يؤثر غيره بمكانه من الصف الأول ونحو ذلك من نظائره)هـ.
فتله : وضعه. في يده : أي يد ابن عباس، وإنما لم يستأذن - صلى الله عليه وسلم - الأعرابي الذي كان عن يمينه كما في الحديث السابق لأن ابن عباس ابن عمه - صلى الله عليه وسلم -، وله عليه دلال، وكان من على اليسار أقارب له دون الأعرابي في جميع ذلك، قاله النووي وغيره.
20 - باب الكَرْع :
أي جوازه، وهو تناول الماء بالفم من غير إناء ولا كف، وقوله : في الحوض، لا مفهوم له، بل هو جائز فيه وفي غيره، وما في ابن ماجه(1) من النهي عنه محمول على التنزيه، أو على ما إذا انبطح الشارب على بطنه، قاله ابن حجر(2)، ثم إنه ليس في الحديث ذكر للحوض، ولعله أشار به إلى ما في بعض طرقه، والله أعلم، وما في الفتح متكلف.
5621- رجل: هو أبو الهيثم. صاحب له: هو أبو بكر. يحول الماء: يجريه من جانب إلى جانب. شَنَّة : قربة بالية.
21 - باب خدمة الصغار الكبار :
أي جواز ذلك ومطلوبيته.
5622 - رُطَب وبُسْر : أي خمر متخذ منهما. الفضيخ : الخمر المتخذ من البسر المشدوخ.
22 - باب تغطية الإناء :
أي مطلوبيته لئلا يسقط فيه ما يؤذي، أو يلغ فيه شيطان.
__________
(1) - أخرجه ابن ماجه (2/1134) في الأشربة، باب الشرب بالأكف والكرع.
(2) - في الفتح 10/96.(8/25)
5623 - إذا كان جنح الليل : أي أوله عند غروب الشمس. فكفوا صبيانكم : امنعوهم من الخروج. فإن الشياطين تنتشر / : تجيء وتذهب، فربما يؤذونهم. وأوكوا قربكم: شدوا أفواهها. وخمروا آنيتكم : غطوها. ولو أن تعرضوا عليه شيئا: عودا أو غيره، أي تجعلوه عرضا لاطولا مع ذكر اسم الله أيضا، إذ هو السر في ذلك والمانع من وقوع الأذى، ومن ولوغ الشيطان في الآنية، فإن الله سبحانه لم يقدره على كشف غطاء، ولا فتح باب مغلق، ولا يصل إلى إذاية أحد بعد ذلك، قاله القاضي عياض. وأطفئوا مصابيحكم : خوفا من إحراق البيت بها.
النووي : (وهو عام يدخل فيه نار السراج وغيره، وأما القناديل المعلقة، فإن خيف منها دخلت وإلا فلا).
5624 - ولو بعود : فهو كاف مع التسمية، والأمر في الجميع للإرشاد.
23 - باب اختناث الأسقية :
المتخذة من الادم، أي انطواء أفواهها لخارج عند الشرب، أي النهي عن ذلك.
5625 - أن تكسر أفواهها : تثنى. فيشرب منها : قيل لأن ذلك يغير ريح السقاء، وقيل لأنه ربما يكون بها أذى فينزل إلى جوف الشارب وهو لا يشعر، وقيل لأن جريان الماء دفعة يضر بالمعدة.
5626 - هو الشرب من أفواهها : ظاهره مطلقا، ويحتمل تقييده بما سبق من انطواء فمها.
24 - باب الشرب من فم السقاء :
أي النهي عنه مطلقا، كان مع الاختناث أو بدونه، ولا مفهوم للسقاء أيضا، فيشمل غيره للعلل السابقة، والنهي في الكل للتنزيه، وعليه اقتصر ابن الحاجب وابن شاس(1) ،ونقل ابن التين عن مالك الجواز لما في الترمذي عن كبشة(2)
__________
(1) - أبو محمد عبدالله بن نجم بن شاس السعدي، الفقيه المالكي، صاحب الكتاب النفيس "الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" .
كان مدرسا بالمدرسة المجاورة للجامع العتيق بمصر.
توفي مجاهدا في دمياط سنة 610 هـ.
ترجمته في : الفكر السامي 2/230، والديباج المذهب 1/434، وشجرة النور الزكية 1/165.
(2) - كبشة، ويقال كبيشة بنت ثابت بن المنذر الأنصارية، أخت حسان.
روت حديث الشرب قائما، وعنها عبد الرحمن بن أبي عمرة، وهي جدته.
ترجمتها في: تهذيب التهذيب 12/447.(8/26)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب من فم قربة معلقة(1)، وفصل ابن العربي فحمل الجواز على الضرورة كما إذا لم يجد إناء، أو لم يتمكن من الإفراغ لشغل أو نحوه، والنهي على غيرها أو الجواز إذا كان من إدواة أي صغيرة، والنهي إذا كانت القربة كبيرة.
5627 - بأشياء : لم يذكر إلا شيئين، لعله اختصارا من الراوي. وأن يمنع جاره : هذا محمول على الندب عند المالكية والشافعية.
25 - باب النهي عن التنفس في الإناء :
أي فيما في الإناء من ماء أو لبن أو نحوهما، والنهي للتنزيه.
5630 - فلا يتنفس في الإناء : أي في داخله لئلا يقذره على غيره، بل ينحيه ويتنفس خارجه إن أراد، وبهذا يجمع بين هذا الحديث والحديث الآتي بعده، وفيه جواز الشرب من نفس واحد، إذ لم يقل : " فليتنفس خارج الإناء "، وهو ظاهر النصوص، وبه قال الإمام مالك.
وقال في الأحكام : (ابن القدح عن فيك فيه إباحة الشرب من نفس واحد، وكذلك قال مالك، قال : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه الرجل حين قال : لا أروى من نفس واحد، وإنما قال كلاما معناه إن كنت لا تروى من نفس واحد فابن القدح عن فيك، وهذا إباحة منه للشرب في نفس واحد)، زاد ابن أبي شيبة : (في هذا الحديث النهي عن النفخ في الإناء)، قال ابن حجر : (وله شاهد من حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتنفس في الاناء، وأن ينفخ فيه، وجاء في ذلك عدة أحاديث) (2).
وإذا تمسح : استجمر، والنهي في الكل للتنزيه.
26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة :
__________
(1) - أخرجه الترمذي في الأشربة باب ما جاء في الرخصة في اختناث الأسقية، ح1892.
(2) - الفتح 10/113.(8/27)
أي مطلوبيته واستحسانه، أي خارج الإناء بأن يبينه من فمه ويتنفس، ثم يعيده ثم يبينه ويتنفس، ثم يعيده ثم يبينه ويتنفس، ويسمي الله كلما أدناه من فمه، ويحمده كلما أخره عنه، كذا جاء مصرحا به في حديث ابن ماجه(1) وغيره، وينبغي له أن يدرج الشرب، فتكون المرة الأولى هي الأقل، والثانية أكثر منها، والثالثة يبلغ بها كفايته.
5631- وزعم : أي قال . كان يتنفس : أي خارج الإناء. ثلاثا : زاد مسلم عنه : ويقول هو أروى وأمرا وأبرأ، أي أكثر ريا، ويصير مريا، ويبرئ من الأذى والعطش.
قال في المدخل /: (وقد ورد أن من شرب على هذه الكيفية سبح الماء في جوفه مادام فيه، فيكون في عبادة ولو كان نائما) هـ.
وقال في بهجة النفوس : (جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أن من شرب الماء ونوى به العون على الطاعة، وسمى ثم قطع وحمد، يفعل ذلك ثلاث مرات أن الماء يسبح في جوفه ما بقي فيه)هـ.
تنبيه : بعد أن نقل ابن عبدالبر في التمهيد عن سحنون أنه كان يشرب في ثلاثة أنفاس، يسمي في أول كل نفس، ويحمد الله في آخره، قال ما نصه : (قال أبو عمر: فعل سحنون هذا أحسن في الأدب، وليس بسنة، ولكنه أهنأ وأمرأ كما قال - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، ثم نقل عن الإمام مالك أنه قال: لا أرى بأسا بالشرب من نفس واحد، وقد جاء عن جماعة من السلف إجازة الشرب في نفس واحد، كما قال مالك رحمه الله، ثم نقل ذلك عن عطاء وابن المسيب وعمر بن عبدالعزيز، وأسند عن ميمون بن مهران(2)
__________
(1) - السنن (2/1131) كتاب الأشربة، رقم 3417.
(2) - ميمون بن مهران الرقي، أبو أيوب.
فقيه قاض، استوطن الرقة، واستعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها.
توفي سنة 117هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/93، وحلية الأولياء 4/82.(8/28)
أنه قال : رآني عمر بن عبدالعزيز وأنا أشرب، فجعلت أقطع شرابي وأتنفس، قال : إنما نهى أن يتنفس في الاناء، فإذا لم يتنفس فاشربه إن شئت في نفس واحد، قال أبو عمر : قول عمر بن عبدالعزيز في هذا هو الفقه الصحيح في هذه المسألة)هـ (1).
وقال ابن حجر إثر نقل كلام عمر بن عبدالعزيز ما نصه : (قلت : وهو تفصيل حسن) هـ، وقول ابن التين : (استحب بعض العلماء أن يشرب في ثلاثة أنفاس، كلما شرب نفسا نحى الإناء عن فيه ثم عاد مصا لا عبا)هـ، ليس مذهبا لنا، فمن ثم نسبه لبعض العلماء.
27 - باب الشرب في آنية الذهب :
أي حرمته إجماعا، ومذهبنا كالشافعية أن الحرمة شاملة للذكر والأنثى.
قال الشيخ خ : (وحَرُمَ إِنَاءُ نَقْد واقتناؤُهُ وإِنْ لِامْرَأَة) (2)، واختلف في علة التحريم فيه وفي الفضة، فقيل لذاتها، وقيل للسرف والخيلاء.
5632 - بالمدائن : اسم بلد عظيم على دجلة، بينها وبين بغداد سبعة فراسخ، كانت مسكن ملوك الفرس، وبها إيوان كسرى المشهور. دهقان : كبير القرية، لم يعرف اسمه. فرماه به : ضربه به فانكسر. والديباج : نوع من الحرير. هي لهم : للكفار، وهذا إخبار لا إباحة.
28 - باب آنية الفضة :
أي حرمة استعمالها إجماعا للذكر والأنثى.
5634 - يجرجر : من الجرجرة، وهي صوت البعير في حنجرته إذا هاج.
5635 - عن خواتم الذهب : في حق الذكور فقط. وعن الشرب في الفضة: مطلقا. وعن المياثر : جمع ميثرة، فراش من حرير يحشى بقطن أو صوف، يجعل فوق الرحل أو السرج. والقَسِّي : ثياب من كتان فيها حرير، أمثال الأترج. والديباج والإستبرق: نوعان من الحرير.
تنبيه : قال الإمام ابن العربي في الأحكام : (أجمع العلماء على أنه لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يشرب أو يأكل في آنية فضة أو ذهب، والجمهور من العلماء أنه لا يجوز اتخاذها ولا استعمالها، ومن اتخذها كان عاصيا باتخاذها)هـ.
__________
(1) - التمهيد 1/395-396.
(2) - مختصر خليل 1/7.(8/29)
قال القرطبي في المفهم : (ويلحق بالأكل والشرب ما في معناهما مثل التطيب والتكحل، وما شابه ذلك، وبتحريم ذلك قال جمهور العلماء سلفا وخلفا)هـ(1).
وقال الشيخ التاودي : (ويلحق بالكل والشرب، التطيب والتكحل والوضوء، وسائر الاستعمالات)هـ.
قلت : دخل فيما ذكراه المجانة المشتملة على أحد النقدين، كما دخلت أيضا في قول الشيخ خ : (وحَرُمَ استعمالُ ذَكَر مُحَلًّى) (2)، فرحمتها مما لا يتوقف فيه، ورأى بعض أعيان علماء العصر إباحتها إذا كانت في الجيب إلحاقا لها بالنقد المجعول فيه، إذ هو مباح كما نص عليه غير واحد، وهو غفلة منه رحمه الله عن حرمة اتخاذها واستعمالها كما في النصوص السابقة، إذ استعمال كل شيء بحسبه، واتخاذها ظاهر، واستعمالها هو استعدادها للنظر فيها بوضعها في الجيب وإخراجها منه والنظر فيه، فلا وجه لما ذكره من الإباحة، والله سبحانه أعلم.
29 - باب الشرب في الأقداح :
جمع قدح، ما يكون من عود أو زجاج أو طين أو حجر، أو غير ذلك، أي جوازه فيها، ومن أفضلها قوارير الزجاج، ففي سنن ابن ماجة عن ابن عباس : "كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدح قوارير يشرب فيه"(3)، ونحوه للبزار عن ابن عباس أيضا.
قال العلقمي : (قال شيخنا - يعني السيوطي - : قال الموفق عبداللطيف(4)
__________
(1) - المفهم 4/94 .
(2) - مختصر خليل 1/7.
(3) - أخرجه ابن ماجه في سننه (2/1136)، كتاب الأشربة، باب الشرب في الزجاج، رقم 3435.
(4) - عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي الموصلي، موفق الدين، أبو محمد اللباد.
طبيب محدث، ولد ببغداد، ورحل إلى الحجاز والقدس وبلاد الروم.
له: الجامع الكبير في المنطق، والمجرد في غريب الحديث، والمقالة في الدواء والغذاء ومعرفة طبقاتها.
توفي سنة 629هـ.
ترجمته في: عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة 2/201، وطبقات الشافعية للسبكي 5/132، وبغية الوعاة 311، وحسن المحاضرة 1/312.(8/30)
: قوارير الزجاج فاضلة للشرب، والهنود وملوكها تشرب فيها وتختارها على الذهب والياقوت، لأنها قلما تقبل الوضر والسهوك، وترجع بالغسل جديدة، ثم إنه يرى فيها قذى الشراب وكدره، ويتمتع بصافيه، وقلما يقدر الساقي أن يدس فيها سما، وهذه أشرف الخلال التي دعت ملوك الهند إلى اتخاذها)هـ.
30 - باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وآنيته :
أي للتبر ك بها، وهو من عطف العام على الخاص، وانظر أبواب الخمس من الجهاد.
5637 - امرأة : هي أميمة الجونية. أُجُم بني ساعدة : حصونها. أشقى من ذلك: قالته لما فاتها من تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، وقد فاتها خير عظيم. ذلك القدح : الذي شرب منه - صلى الله عليه وسلم -. استوهبه عمر بن عبدالعزيز : لما كان أميرا على المدينة.
5638 - رأيت قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أنس : زاد في فرض الخمس : (وشربت منه)، وأخرجه أبو نعيم من طريق علي بن الحسن بن شقيق، ثم قال : (قال علي بن الحسن: وأنا رأيت القدح، وشربت منه).
وذكر القرطبي أنه رأى في بعض النسخ القديمة من صحيح البخاري : (قال أبو عبدالله البخاري : رأيت هذا القدح بالبصرة، وشربت منه، وكان اشتري من ميراث النضر بن أنس بثمانمائة ألف)هـ، قاله في فتح الباري(1)، ونحوه في التنقيح،.
قال ابن غازي : (هذا تبرك ومحبة، كما يدخل الناس غار ثور، مع صعوبة ارتقائه ودخوله).
انصدع : انشق. فسلسله بفضة : وصل بعضه ببعض بها، وهو التضبيب. من نضار : عود أصفر يسبه لون الذهب.
حلقة من فضة …إلخ : أي لأنه رأى جواز ذلك، وعندنا فيه خلاف كما قدمناه.
31 - باب شرب البركة، والماء المبارك :
أراد بالبركة الماء، لأنه مبارك فيه، فعطف ما بعده عليه تفسير، قاله شيخ الإسلام(2) /.
5639 - حي على أهل الوضوء : قال السبكي في النكت : (كذا في هذه الرواية، والمحفوظ: حَيَّ هَلاً على الوضوء)هـ (3).
__________
(1) - الفتح 10/123.
(2) - في تحفة الباري 3/247.
(3) - النكت ص : 364.(8/31)
وقال السيوطي في التوشيح : (كذا للأكثر، وهو تحريف، وصوابه : حي هلا على الوضوء، و"حي" اسم فعل بمعنى أسرع، و"هلا" –بتخفيف اللام - كلمة استعجال، وللنسفي: حي على الوضوء، وهي أصوب)هـ(1).
قال الدماميني : (قلت : بل كل صواب، فإن "حي" بمعنى أقبل، فإن كان المخاطب المأمور بالإقبال هو الذي يريد الطهور، كان سقوط "أهل" صوابا، أي أقبل أيها المريد للتطهر على الماء الطهور، وإن جعلنا المخاطب هو الماء الذي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - إنباعه وتفجره من بين أصابعه، نزله منزلة المخاطب تجوزا، فإثبات "أهل" صواب، أي أقبل أيها الماء الطهور على أهل الوضوء)، هـ من مصابيحه(2)، وعليه اقتصر العارف في حاشيته.
لا آلو ما جلعت … إلخ: أي لا أقصر في الاستكثار مما جعلت منه فيه.
فائدة : قال الكرماني : (هذا آخر الربع الثالث، وأول الربع الرابع من هذا الجامع، على ما ضبطه المعتنون بشأن هذا الكتاب المبارك)هـ.
75 - " كتاب المرضى "
جمع مريض، والمرض خروج البدن عن المجرى الطبيعي.
1 - باب ما جاء في كفارة المرض:
الإضافة فيه للبيان، لأن المرض هو المكفر لغيره، لا أن له كفارة، والكفارة مأخوذة من الكفر، وهو التغطية، أي أن ذنوب المؤمن تتغطى، أي تمحى بما يقع له من ألم المرض، والمراد بها الصغائر كما يأتي(3).
وقول الله عز وجل: " مَن يَّعْمَلْ سُوءًا يُّجْزَ بِهِ "، أي في الدنيا بما ينزل به من الهموم والآلام والأسقام.
__________
(1) - التوشيح ص : 476.
(2) - تعليق المصابيح ص : 555-556.
(3) - جمع بين قولي ابن حجر والكرماني، انظر الفتح 10/128.(8/32)
روى الإمام أحمد وغيره أنه لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر: كيف الصلاح بعد هذه الآية ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء ؟ قال : بلى، قال : فهو ما تجزون به هـ (1).
وبه سيرد على المعتزلة حيث استدلوا بهذه الآية على أن الله تعالى لا يعفو عن السيئات.
بسم الله الرحمن الرحيم : كذا في نسخنا بتأخير البسملة.
5640 - يشاكها : يصاب بها.
5641، 5642 - من نصب : تعب. ولا وصب : مرض . ولا هم : كرب مما يتوقع. ولا حزن : كرب مما وقع. ولا أذى : من الغير. ولا غم : كل ما يضيق على القلب. إلا كفر الله بها من خطاياه : أي بعضها، وهو الصغائر، وفي رواية لأحمد : "إلا كان كفارة لذنبه "، ولابن حبان : " إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة"، ومثله لمسلم(2)، فيقتضي حصول الأمرين معا.
5643 - كالخامة من الزرع : الخامة الطاقة الطرية اللينة، وقال الخليل : (هي الزرع أول ما ينبت على ساق) (3). تفيؤها : تميلها، أي الريح، كما في الحديث بعده. وتعدلها : تقيمها. كالأرزة: واحدة الأرز، وهو شجر يعظم جدا، حتى لو أن عشرين نفسا أمسك بعضهم بيد بعض لم يقدروا على أن يحضنوها. لا تزال : قائمة مستوية. حتى يكون انجعافها : انقلابها وسقوطها مرة واحدة.
قال العلماء : معنى الحديث أن المؤمن كثير الآلام في نفسه أو أهله أو ماله، وذلك مكفر لسيئاته، رافع لدرجاته، وأما الكافر فقليلها، وإن وقع به شيء لم يكفر شيئا من سيئاته، بل يأتي بها يوم القيامة كاملة، قاله النووي؛
ابن حجر : (هذا في الغالب فيهما) (4).
__________
(1) - أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/373 ح6328، وابن حبان في صحيحه 7/189 ح2926، والخاكم في مستدركه 3/78 ح4450.
(2) - رواه مسلم في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه (شرح النووي 16/128).
(3) - نقلا عن الفتح 10/131.
(4) - الفتح 10/132.(8/33)
5644 - فإذا اعتدلت تكفأ بالبلاء: وقع في هذا الكلام حذف أجحف بمعناه، وأصله كما في رواية أخرى :"فإذا اعتدلت أتتها ريح أخرى، وكذلك المؤمن تكفأ ذاته بالبلاء"، كذا للسيوطي(1) والسندي.
صماء : صلبة غير مجوفة . يقصمها : يكسرها.
- يصب منه : يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها.
تنبيه : قال الحافظ ابن حجر : (في هذه الأحاديث تعقب على الشيخ عزالدين بن عبدالسلام حيث قال :"ظن/ بعض الجهلة أن المصاب مأجور، وهو خطأ صريح، فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب، والمصائب ليست منها، بل الأجر على الصبر والرضى "هـ، ووجه التعقب أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حلول المصيبة، وأما الصبر والرضى بقدر زائد يمكن أن يثاب عليهما زيادة على ثواب المصيبة)، هـ كلام الحافظ (2)، وقال بعد ذلك: (استدل بهذه الأحاديث على أن مجرد حصول المرض أو غيره مما ذكر يترتب عليه التكفير المذكور، سواء انضم إلى ذلك صبر المصاب أم لا، وأبى ذلك قوم كالقرطبي في المفهم)، ثم ساق نصه وما تعقب به عليه، فانظره(3).
وقال الشهاب في شرح الشفا : (ما قاله العز لا وجه له، ولا يليق صدور مثله منه، فإنه تعالى له أن يثيب العبد ابتداء، ويجعل ما اتفق له من غير فعل سببا لذلك، ثم نقل عن ابن حجر الهيثمي أنه قال : نص الشافعي في الأم بما يصرح بأن نفس المصيبة يثاب عليها، ثم بين ذلك، فانظره)هـ.
ونقل الشيخ جسوس في شرح المرشد عن الصيرفي تلميذ ابن عباد(4)
__________
(1) - في التوشيح ص : 476، ومثله في الفتح 10/133.
(2) - في الفتح 10/130.
(3) - في الفتح 10/134-135
وقول القرطبي مفاده أن الأجر مترتب إذا صبر المصاب واحتسب.
(4) - محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن مالك النفزي الرندي، المعروف بابن عباد.
كان خطيبا بجامع القرويين بفاس.
له: الرسائل الصغرى، و الرسائل الكبرى، وشرح الحكم العطائية. وتوفي سنة 792هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 279، وكشف الظنون 675، وهدية العارفين 2/174.(8/34)
نحوه قائلا: (لله سبحانه أن يتكرم على عباده بواسطة ما يصدر منهم إليه، وبما يرد عليهم منه، بل الكل في التحقيق منه سبحانه)هـ.
وقال الشيخ زكريا : (وقوله : "إلا كفر الله بها …"إلخ، فإن صبر عليها ورضي أثيب على الصبر والرضى)هـ(1).
وقال المناوي : (ظاهر الخبر ترتب التكفير على مجرد المرض، هَبْهُ انضم له صبر أم لا، واشتراط القرطبي حُصُولَهُ مُنِعَ بأنه لادليل عليه، واحتجاجه بوقوع التقييد بالصبر في أخبار غير ناهض، لأن ما صح منها مقيد بثواب مخصوص، فاعتبر فيه الصبر لحصوله، ولن تجد حديثا صحيحا ترتب فيه مطلق التكفير على مطلق المرض مع اعتبار الصبر، أفاده الحافظ العراقي)، قال : (وقد اختبرت الأحاديث في ذلك، فتحرر لي ما ذكرته) هـ، ونحوه في الفتح، ثم قال الحافظ ابن حجر : (قال القرافي(2)
__________
(1) - تحفة الباري 3/248.
(2) - أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري، صاحب المصنفات البارعة.
أخذ عن ابن الحاجب، والعز بن عبدالسلام.
ألف الذخيرة في الفقه، والفروق، وشرح محصول الرازي، والتنقيح في أصول الفقه وهو مقدمة الذخيرة، والإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام، وهي كتب انعقد لسان الإجماع على كمالها. توفي سنة 684 هـ.
ترجمته في : الديبتاج المذهب 1/236، وشجرة النور الزكية 1/188-189.(8/35)
: « المصائب كفارات جزما سواء اقترن بها الرضى أم لا، لكن إن اقترن بها الرضى عظم التكفير وإلا قل"، كذا قال، والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازيها، وبالرضى يؤجر على ذلك، فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض عن ذلك من الثواب ما يوازيه، وزعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب: جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك، لأن الشارع قد جعلها كفارة، فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل، وهو إساءة أدب على الشارع، كذا قال، وتعقب بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤال الوسيلة له، وأجيب عنه بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء، وأما ما ورد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك)، هـ كلام الحافظ بحروفه(1).
قلت : قد ورد ما هو صريح في الرد على القرافي، وهو حديث ابن عباس الآتي في باب عيادة الأعراب من قوله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي عاده : (طهور إن شاء الله)، فقد قالوا إنه دعاء لا خبر، وان معناه طهور من ذنوبك، والله أعلم.
وقد تعقبه ابن الشاط(2)
__________
(1) - في الفتح 10/130.
(2) - أبو القاسم قاسم بن عبدالله بن محمد بن الشاط الأنصاري، نزيل سبتة.
أجازه ابن أبي الدنيا وابن الغماز، وعنه ابن الحباب وابن شيرين.
له : أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق، والفهرسة. وتوفي بسبتة سنة 723 هـ.
ترجمته في : الديباج المذهب 2/152، وشجرة النور الزكية 1/217.(8/36)
أيضا، انظر حاشية الرهوني عند قوله : وإنما يجزي الله أكبر، ثم قال الحافظ بعد أن قال ما نصه : (والذي يظهر أن المصيبة إذا قارنها الصبر حصل التكفير ورفع الدرجات، وإن لم يحصل الصبر، نظر فإن لم يحصل من الجزع ما يذم من قول أو فعل، فالفضل واسع، ولكن المنزلة منحطة عن منزلة الصابر السابقة، وإن حصل جزع فيكون ذلك / سببا لنقص الأجر الموعود به أو التكفير، فقد يستويان، يعني ذنب الجزع وثواب المصيبة، وقد يزيد أحدهما على الآخر، فبقدر ذلك يقضى لأحدهما على الآخر)هـ(1).
وقال ابن العربي في العارضة : (من فضل الله على عباده أن ابتلى ببلائه، وأجزل عليه من ثوابه، ولكن بشرط أن لا يكون منه متسخطا، وإن كان كارها متبرما، فكراهة النفس للمرض محمولة، ولكن لا يذكر بلسانه إلا خيرا)هـ.
وما تقدم في الجنائز عن ابن حجر من أن ثواب المصيبة بموت الولد مقيد بالصبر والإحسان على ما هو الصواب، جوابه أن ما هناك ثواب خاص، وهو تعويض الجنة أو الحجب من النار، فمن ثم قيد بما ذكر كما قدمناه عن العراقي هناك، فراجعه، والله سبحانه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
2 - باب شدة المرض :
أي بيان ما فيها من الفضل.
- يوعك : الوعك الحمى. أجل : نعم. حات : نثر. كما تحات ورق الشجر : كناية عن إذهاب الخطايا، أي الصغائر فقط.
3 - باب أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، ثم الأول -في الفضل- فالأول :
ابن حجر : (رواية الأكثر: " أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل"، وللنسفي : " ثم الأوّل فالأوّل "، وجمعهما المستملي)هـ(2).
واللفظ الأول أخرجه النسائي والحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص (3)، والثاني أخرجاه هما أيضا من حديث فاطمة بنت اليمان (4)
__________
(1) - الفتح 10/136.
(2) - اللفتح 10/137.
(3) - السنن الكبرى للنسائي 4/352 ح7481، ومستدرك الحاكم 3/343.
(4) - فاطمة بنت اليمان العبسية، أخت حذيفة.
روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنها ابن أخيها أبو عبيدة بن حذيفة.
ترجمتها في: الاستيعاب ص:1902، والإصابة 8/72.(8/37)
.
قال النووي : (قال العلماء : الحكمة في كون الأنبياء أشد بلاء، ثم الأمثل فالأمثل، أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب، ويظهر صبرهم ورضاهم) (1).
5648 - كما يوعك رجلان منكم : وقيس عليه - صلى الله عليه وسلم - سائر الأنبياء، وتلحق بهم الأولياء لقربهم منهم، وإن كانوا أحط درجة منهم، وهذا محل الترجمة.
فما دونها : في العظم أو في الحقارة. كما تحط : تلقي. الشجرة ورقها : زاد النسائي : (حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة).
ابن حجر : (وظاهره العموم في كل الذنوب، وخصه الجمهور بالصغائر، كنظائره من أحاديث الغفران المطلقة، لما وقع من التقييد في بعضها بما اجتنبت الكبائر كحديث : "الصلوات، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(2)، حملا للمطلق على المقيد).
4 - باب وجوب عيادة المريض :
أخذ الوجوب من ظاهر الأمر المذكور في الحديث، وقال جمهور العلماء : هي في الأصل مندوبة، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض دون بعض، قاله ابن حجر(3).
وقال القاضي عياض : (عيادة المريض مندوب إليها إلا فيمن لاقائم عليه، فيجب القيام به على الكفاية لئلا يضيع ويموت جوعا أو عطشا)، قال : (ولفظ العيادة يقتضي التكرار والرجوع إليه مرة بعد أخرى ليعلم حاله)هـ.
ابن العربي : (تكرار العيادة سنة كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل بسعد بن معاذ)هـ.
الأبي : (ولا ينبغي أن يعجل الرجوع إلا لمن يعلم أنه لا يكره ذلك)هـ
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 16/129.
(2) - أخرجه مسلم 1/209 في الطهارة باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر، والترمذي في الصلاة باب ما جاء في فضل الصلوات الخمس، وأحمد 2/229.
(3) - في الفتح 10/139.(8/38)
والعيادة مطلوبة من كل مرض، ولو رمدا أو ضرسا أو عينا، وما روي من إخراج هذه الثلاثة ضعيف، قاله القسطلاني وغيره، وصحح البيهقي أنه موقوف(1).
وقال الأبي : (المحكم في المرض الذي يعاد منه العرف)هـ، ومطلوبة أيضا لكل أحد، صديقا كان أو عدوا قريبا، أو أجنبيا، ولو ذميا إذا كان قريبا أو جارا، دون أرباب البدع/ لأن الشرع أمر بهجرانهم.
وفي العارضة : (يعاد من يتوقى شره والذمي، كما فعل ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -)هـ، ومطلوبة أيضا في كل زمان، صباحا أو مساء، ولو قبل ثلاثة أيام، وما روي من أنه لا يعاد قبل ثلاثة أيام ضعيف.
وقال أبو حاتم : (باطل موضوع) (2).
وقال ابن الجوزي : (موضوع)، نقله المناوي وأقره.
وروى الترمذي مرفوعا: (من عاد مريضا ناداه مناد من السماء : طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا) (3)؛ وأبو دواد مرفوعا : (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسبا، بوعد من جهنم سبعين خريفا)؛ وأحمد مرفوعا : (من عاد مريضا خاض في الرحمة، فإذا جلس عنده استنقع فيها)(4).
تنبيه : هذا حكم عيادة المريض، وأما حكم تمريضه فقال القرطبي: (من له أهل يجب تمريضه على من تجب عليه نفقته، وأما من لا تجب عليهم فمن قام به سقط عن الباقين)هـ، أي فهو فرض كفاية كما للقاضي عياض.
وقال الشيخ خ في الجامع : (و القيام بالمريض فرض كفاية يقوم به القريب، ثم الصاحب، ثم الجار، ثم سائر الناس)هـ(5).
وقال ابن عرفة : (حضور المحتضر كتمريضه فرض كفاية يتأكد على أوليائه).
5649 - العاني : الأسير.
__________
(1) - صحح البيهقي أنه موقوف على يحيى بن أبي كثير، انظر الفتح 10/140.
(2) - في الفتح 10/140 : (وقد سئل عنه أبو حاتم فقال : هو حديث باطل).
(3) - أخرجه الترمذي 4/365 في البر والصلة، باب ما جاء في زيارة الإخوان رقم 2008.
(4) - مسند أحمد رقم 15236 عن كعب بن مالك، وهو مما انفرد به.
(5) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل : ل 57/أ.(8/39)
5650 - نهانا عن سبع : بقي منها السابع، وهو الشرب في آنية الفضة.
الديباج والإستبرق : نوعان من الحرير. وعن القسي: ثياب من كتان فيها حرير.
والميثرة : وطاء السروج من حرير.
5 - باب عيادة المغمى عليه :
أي الذي يصيبه غشى تتعطل معه قوته الحساسة، أي مطلوبيتها كعيادة غيره.
5651 - آية الميراث : هي " يُوصِيكُمُ اللهُ " الآية(1).
6 - باب من يصرع من الريح :
أي من انحباسه واستحقانه في الذات، فإنه قد يكون سببا للصرع، والصرع علة تمنع الأعضاء الرئيسة من انفعالها منعا غير تام، وسببه ريح غليظة تحبس في منافذ الدماغ، أو بخار رديء يرتفع إليه من بعض الأعضاء، وقد يتبعه تشنج في الأعضاء، فلا يبقى الشخص معه منتصبا، بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة، وقد يكون الصرع من الجن، ولا يقع إلا من النفوس الخبيثة منهم، إما لاستحسان بعض الصور الإنسية، وإما لإيقاع الإذاية به، والأول هو الذي يثبته الأطباء ويذكرون علاجه، والثاني يجحده كثير منهم، وبعضهم يثبته، ولايعرف له علاج إلا بمقاومة الأرواح الخيرة العلوية لتندفع آثار الأرواح الشريرة السفلية، قاله الحافظ في الفتح(2).
5652 - هذه المرأة السوداء : اسمها سُعَيْرَة(3) - بضم المهملة الأولى وفتح الثانية – الأسدية، وكنيتها أم زفر. أصرع : أي من الجن. أكشف : أي يظهر مني بعض ما أستره. ولك الجنة : أي بغير حساب كما في مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة: (اصبري ولا حساب عليك). أم زفر: كنية سعيرة. على ستر الكعبة : جالسة عليه معتمدة.
__________
(1) - سورة النساء، الآية 11.
(2) - الفتح 10/141.
(3) - سعيرة الأسدية التي أخرج قصتها المشهورة بالصرع محمد بن إسحاق وابن منده.
ترجمتها في: الإصابة 7/700.(8/40)
قال الحافظ : (في الحديث فضل من يصرع، وأن الصبر على بلايا الدنيا يورث الجنة، وأن الأخذ بالشدة أفضل من الأخذ بالرخص لمن علم من نفسه الطاقة، ولم يضعف عن التزام الشدة، وفيه دليل على جواز ترك التداوي، وفيه أن علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله أنجع وأنفع من العلاج بالعقاقير، وأن تأثير ذلك وانفعال البدن عنه أعظم من تأثير الأدوية البدنية، ولكن إنما ينجع بأمرين، أحدهما من جهة العليل، وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي، وهو قوة توجيهه، وقوة قلبه بالتقوى والتوكل، والله أعلم) (1) /.
7 - باب فضل من ذهب بصره : كلا أو بعضا.
5653 - بحبيبتيه : يعني عينيه، لأنهما أحب أعضاء الإنسان إليه.
ثم صبر :مستحضرا ما وعد الله به الصابرين من الثواب. عوضته منهما الجنة : وهي أفضل العوض، وإنما قيد بالصبر لأن الثواب هنا خاص، وهو تعويض الجنة، زيادة على تكفير الذنب، فلا يعارض ما سبق من أن تكفير الأمراض للذنوب لا يتوقف على الصبر.
8 - باب عيادة النساء الرجال :
أي مطلوبيتها، ولو كانوا أجانب بشرطها المعتبر(2).
وعادت أم الدرداء : أي الصغرى، واسمها هجيمة(3)، وهي تابعية، وأما الكبرى فاسمها خيرة(4)، وهي صحابية. رجلا : لم يسم. من أهل المسجد : النبوي.
... ابن بطال :(وهو محمول على أنها كانت متجالة).
__________
(1) - الفتح 10/143.
(2) - نقلا من الفتح 10/145.
(3) - في الفتح 10/145: "هجيمة"، وكذا في الإصابة 7/629، وتحرفت في الأصل إلى: "جهيمة".
قال ابن حجر: ذكرها أبو نعيم، وكلامه يدل على أنها واحدة، والصحيح أنهما اثنتان: الكبرى واسمها خيرة، والصغرى واسمها هجيمة، ولا صحبة لها – انظر الإصابة 8/161 (القسم الثاني).
(4) - خيرة بنت أبي حدرد، أم الدرداء الكبرى.
قال ابن عبد البر: كانت من فضلى النساء وعقلائهن، وذوات الرأي فيهن مع العبادة والنسك.
توفيت بالشام في خلافة عثمان.
ترجمتها في: الاستيعاب ص: 1834، والإصابة 7/629-630.(8/41)
5654 - وُعِكَ : حُمَّ. فدخلت عليهما : قبل الحجاب. كيف تجدك ؟ : أي كيف تجد نفسك؟ أي كيف تعلم حال نفسك؟. مصبح : أي يقال أنعم صباحا. بواد : مكة. إِذْخِرٌ وجَلِيلُ : نبتان بها. مجنة (1) : موضع على أميال منها. شَامَة وطَفِيل : جبلان بقربها، أو عينان. بالجحفة : وكانت دار كفر فخربت.
9 - باب عيادة الصبيان :
مضاف للمفعول، أي مطلوبيتها أيضا.
5655 - ابنة للنبي صلى الله عليه : هي زينب رضي الله عنها. وسعد : أي ابن عبادة. يحسب : أي يظن أن أبيا كان معهم. أن ابنتي : أمامة. قد حضرت : حضرها الموت. فلتحتسب: الأجر من الله. تقعقع : تضطرب وتتحرك. رحمة : أي أثر رحمة. لا ما توهمته من الجزع.
10 - باب عيادة الأعراب :
سكان البادية، أي مطلوبيتها لهم كغيرهم.
5656 - أعرابي : هو قيس بن أبي حازم(2). طهور : لك من ذنوبك، وهو دعاء لاخبر. كلا : ليس بطهور. أو تثور : بمعنى تفور، أي تغلي ويظهر حرها. فنعم إذا : أي إذا أبيت إلا ما ذكرت فنعم، أي فيكون الأمر كما ظننت، وهو إما دعاء عليه، أو خبر عما يؤول أمره، زاد الطبراني:(فأصبح ميتا)(3).
11 - باب عيادة المشرك :
أي مشروعيتها لمصلحة دينية، كرجاء إصلاحه، أو غيرها كما إذا كان جارا أو قريبا كما قدمناه.
5657 - غلاما : قيل اسمه عبدالقدوس. فأسلم : لله در من قال :
ومريض أنت عائده - قد أتاه الله بالفرج.
عن أبيه : المسيب بن حزن(4)
__________
(1) - اسم سوق عربي في الجاهلية، وهي بمر الظهران بأسفل مكة، انظر معجم البلدان 5/58.
(2) - قيس بن أبي حازم حصين بن عوف البجلي، أبو عبد الله الكوفي.
أدرك الجاهلية، ورحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليبايعه، فقبض النبي وهو في الطريق، فبايع أبا بكر، وأبوه له صحبة.
روى عن الخلفاء الأربعة والزبير وطلحة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1285، والإصابة 5/461، وتهذيب التهذيب 8/386.
(3) - في الفتح 10/147.
(4) - المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بم عائذ القرشي المخزومي.
له ولأبيه صحبة، وله حديث في الصحيحين.
وشهد فتوح الشام.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1400، والإصابة 6/121-122.(8/42)
.
12 - باب إذا عاد مريضا، فحضرت الصلاة فصلى بهم جميعا:
أي صلى بهم المريض جاز بشرطه.
5658 - يعودونه : في مشربة. في مرضه : الذي انفكت فيه ساقه الشريفة.
قال الحميدي : هذا منسوخ : يعني قعود المأمومين لقعود الإمام. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخر ما صلى… إلخ : هذا دليل على النسخ، وليس هو الناسخ، لأنه معدود من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -، إذ ليس لغيره أن يصلي قاعدا والناس خلفه قيام، وما يكون من الخصائص لا يكون ناسخا للحكم العام، راجع باب إنما جعل الإمام ليؤتم به، ولابد.
13 - باب وضع اليد على المريض :
أي مطلوبيتها على جهة التأنيس له.
5659 - بنت سعد(1): ابن أبي وقاص. على جبهته : أي جبهة سعد . وأتمم له هجرته : فلا تمته بمكة. فيما يخال إلي : من خال بمعنى ظن.
وروى الترمذي عن أبي أمامة مرفوعا : (تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته فيسأله كيف هو)، وأخرجه ابن السني(2)، ولفظه : (يقول كيف أصبحت، أو كيف أمسيت؟).
14 - باب ما يقال للمريض -عند العيادة- وما يجيب –به-.
5662 - رجل : قيس. لا بأس/ طهور : فيه استحباب مخاطبة العائد للمريض بما يسليه من ألمه، ويذكره بالكفارة لذنوبه ويطهره منها، وروى الترمذي عن ابن مسعود مرفوعا : (إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل، فإن ذلك لا يرد شيئا، وهو يطيب نفس المريض) (3).
__________
(1) - عائشة بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية.
روت عن أبيها وعن أم ذر، وقيل إنها رأت ستا من أمهات المؤمنين.
وعنها الحكم بن عتيبة وأبو الزناد ومالك بن أنس.
توفيت سنة 117هـ.
ترجمتها في: تهذيب التهذيب 12/436.
(2) - أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن اسباط الدينوري، أبو بكر بن السني.
له: عمل اليوم والليلة، والإيجاز في الحديث. وتوفي سنة 364هـ.
ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/142، وطبقات الشافعية للسبكي 2/96، وشذرات الذهب 3/47.
(3) - سنن الترمذي 4/412 ح2087.(8/43)
النووي : (وهو معنى قوله في حديث ابن عباس : لا بأس) .
15 - باب عيادة المريض راكبا وماشيا، وردفا على الحمار :
أي مطلوبيتها كيفما تيسر.
5663 - إكاف : بردعة. على قطيفة فدكية : منسوبة إلى فدك، قرية بخيبر، وكل جار متعلق بما قبله، لأن القطيفة فوق الإكاف، والإكاف فوق الحمار. قبل أن يسلم: أي يظهر الإسلام. عجاجة الدابة : غبارها. خمر : غطى. يتثاورون : يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا، فلم يزل النبي صلى الله عليه يخفضهم. البحرة : المدينة. أن يتوجوه : بتاج الملك. فيعصبوه : بعصابة الملوك.
16 - باب قول المريض : إني وجع، أو وارأساه، أو اشتد بي الوجع :
أي جواز ذلك إذا لم يكن على وجه التشكي والضجر، أو التسخط من المقدور، وهو شامل لما إذا قال ما ذكر داعيا أو مخبرا بالواقع، وبه يطابق قول أيوب عليه السلام، وقضية كعب، وغيرهما، وقصره على غير الداعي تحكم لادليل عليه، واعتراض ابن التين تبعا لابن الملقن ذكر أيوب هنا قائلا : "إنه لا يشاكل تبويبه، لأنه إنما قاله داعيا، ولم يذكره للمخلوقين "، ساقط، واشتغال الحافظ ومن تبعه بالجواب عنه بغير ما ذكرناه عجيب، فتأمل ذلك، والله سبحانه أعلم.
5665 - قلت نعم : تؤذيني، إخبار بما وقع له. بالفداء : المذكور في قوله تعالى : "فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَام اَوْ صَدَقَة اَوْ نُسُك" (1).
__________
(1) - سورة البقرة، الآية196.(8/44)
5666 - قالت عائشة : حين أصابها وجع في أول ما بدئ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرضه الذي توفي فيه منفجعة. وا رأساه : قال الطيبي: (ندبت نفسها وأشارت إلى الموت). ذاك : أي موتك. وأدعو لك : وفي رواية : (ما ضرك لو مت قبلي، فكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك). وا ثكلياه : أصل الثكل فقد الولد، أو من يعز على الفاقد، وليست حقيقته هنا مرادة، بل هو كلام كان يجري على ألسنتهم عند حصول المصيبة أو توقعها. معرسا ببعض أزواجك : من أعرس بأهله، بنى بها. بل أنا وا رأساه : هذا إضراب عما قبله، أي دعي ذكر ما تجدينه من ألم رأسك، واشتغلي بي فإنك لا تموتين في هذه الأيام، بل أنا الذي أموت فيها، عرف ذلك بوحي. أو أردت : أو للشك، يعني : أو قال أردت. إلى أبي بكر وابنه : عبدالرحمن، ليكونا شهيدين عليه. وأعهد : أي أكتب عهدا بخلافة أبي بكر. أن يقول القائلون : أي كراهة أن يقول القائلون : الخلافة في غير أبي بكر. المتمنون : الخلافة لهم. ثم قلت : لا أعهد له، بل أترك الأمر موكولا إلى الله تعالى، ليؤجر المسلمون في الاجتهاد فيه. يأبى الله : إلا خلافة أبي بكر. ويدفع المؤمنون : خلافة غيره : أو يدفع الله : خلافة غيره. ويأبى المؤمنون : إلا خلافته.
5667 - فسمعته : أي سمعت أنينه. أجل كما يوعك… إلخ: أي أوعك كما يوعك، وهذا إخبار منه - صلى الله عليه وسلم -، وهو محل الترجمة. ...
5668 - بلغ بي ما ترى : أي من الوجع، وهذا موضع الترجمة. عالة : فقراء.
تنبيه : قال القاضي عياض: ( ذكر المريض ما يجد من الألم لغرض صحيح من مداواة أو دعاء أو وصية ونحوها جائز، وإنما يكره ما كان على وجه التشكي والتسخط فإنه يقدح في أجر المريض).
قال الأبي(دخلت أخت بشر بن الحارث(1)
__________
(1) - أبو نصر بشر بن الحارث بن عبدالرحمن المروزي البغدادي، المعروف ببشر الحافي، الزاهد الجليل، المتوفى سنة 227 هـ.
ترجمته في : طبقات ابن سعد 7/342، وحلية الأولياء 8/336، وتاريخ بغداد 7/67، وسير أعلام النبلاء 10/469.(8/45)
على أحمد بن حنبل فقالت : يا أبا عبدالله، أنين المريض أشكوى هو ؟ قال : أرجو ألا يكون شكوى، ولكن اشتكي لله).
17 - باب قول المريض: قوموا عني :
أي جواز قوله ذلك إذا وقع من الحاضرين عنده ما يقتضي ذلك.
5669 - هلم : تعالوا. قد غلب عليه الوجع : فلا تشقوا عليه بإملاء الكتاب، لأنه فهم منه عدم وجوب ذلك. حسبنا / : يكفينا. قوموا : عني. الرزية: المصيبة.
ابن حجر : (يؤخذ منه أن الأدب في العيادة ألا يطول العائد عند المريض حتى يضجره، وألا يتكلم عنده بما يزعجه، وجملة آداب العيادة عشرة أشياء، ومنها مالا يختص بالعيادة : ألا يقابل الباب عند الاستئذان، وأن يدق الباب برفق، وألا يبهم نفسه كأن يقول أنا، وألا يحضر في وقت يكون غير لائق بالعيادة كوقت شرب المريض للدواء، وأن يخفف الجلوس، وأن يغض البصر، وأن يقلل السؤال، وأن يظهر الرقة، وأن يخلص الدعاء، وأن يوسع للمريض في الأجل ويشير عليه بالصبر لما فيه من جزيل الأجر ويحذره من الجزع لما فيه من الوزر)هـ(1).
زاد المناوي : (وما اعتيد من ختم مجلس الزيارة بقراءة الفاتحة فهو حسن، قال بعضهم : لكن لم يرد فيه بخصوصه خبر ولا أثر، وورد في أثر السلف : كانوا يتفرقون على قراءة سورة الإخلاص).
وقال الأبي : (لا يبعد أن يكون من آداب العيادة أن يضع العائد يده على المريض، لما جاء عن ابن مسعود من فعل ذلك)هـ.
وقال ابن عبدالبر : (لا خلاف بين العلماء والحكماء أن السنة في العيادة التخفيف، إلا أن يكون المريض يدعو الصديق إلى الأنس به؛ وقال الشعبي: عيادة حمقى العواد أشد على المريض من مرض صاحبهم، يجيئون في غير وقت عيادة، ويطيلون الجلوس.
قال أبو عمر : لقد أحسن ابن جرار في نحو هذا حيث يقول :
إن العيادة يوم بين يومين -
لا تبرمن مريضا في مساءلة - ... واجلس قليلا كلحظ العين بالعين
يكفيك من ذلك تسئال بحرفين)
هـ من التمهيد (2) .
__________
(1) - الفتح 10/156.
(2) - التمهيد 1/197.(8/46)
وقال ابن غازي في حاشيته : أنشدوا :
إذا أتيت عليلا -
ولا تطول عليه -
وقم بفضلك عنه - ... فاقعد لديه قليلا
وقل مقالا جميلا
تكن حكيما نبيلا.
18 - باب من ذهب بالصبي المريض ليدعى له :
بالبركة والخير.
5670 - مثل زر الحجلة : بيت كالقبة، له أزرار وعرى يسمى الناموسية.
19 - باب تمني المريض الموت :
أي النهي عن ذلك لما فيه من التسخط، يعني إذا كان لغير عذر شرعي، كما يأتي.
5671 - لا يتمنين أحدكم : النهي للتحريم، والخطاب للصحابة، والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين إلى يوم القيامة. من ضر أصابه : مرض أو فاقة أو شيء من مشاق الدنيا، فإن ذلك يكون ضجرا وسخطا، وأما لخوف ضر في الدنيا فلا بأس به، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا أردت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون "، قاله القاضي عياض.
ابن حجر : (وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففي الموطأ عن عمر أنه قال : "اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولامفرط")(1).
فليقل : اللهم أحيني ...إلخ : لما في هذا اللفظ من التفويض والتسليم دون تمني الموت، ففيه نوع من الاعتراض.
5672 - في هذا التراب : أي البناء الزائد على الحاجة.
5673 - لن يدخل أحدا عمله الجنة : وقوله تعالى : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (2)، محمول على نيل منازلها وقصورها، لا على أصل دخولها، فهو بفضل الله، وقيل الباء في الآية للسببية الجعلية، أي دخولها بجعل الله الأعمال سببا له، وهذا الجعل بفضل كرم الله تعالى ومنته، فآل الأمر إلى أن دخولها بمحض الفضل، راجع كتاب الإيمان.
__________
(1) - الفتح 10/157، والحديث في الموطأ 2/824 كتاب الحدود ح1506.
(2) - سورة الزخرف، الآية 72.(8/47)
يتغمدني الله بفضل ورحمة : أي يلبسنيه ويسترني به. فسددوا : اقصدوا السداد، أي الصواب . وقاربوا : لا تفرطوا في العبادة. ولا يتمنى أحدكم الموت : زاد في رواية همام عن أبي هريرة : (ولا يدع به من قبل أن يأتيه)، وهو قيد في الصورتين، فمفهومه أنه إذا حل به لا يمنع من تمنيه رضى بلقاء الله، ولا من طلبه من الله كذلك. أن يستعتب : أي يرجع عن موجب العتب عليه بان يتوب إلى الله.
5674 - وألقحني بالرفيق : أي الأعلى، أي الملائكة، وهذا قاله/ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تيقن حضور الأجل وحصول الموت، والنهي عن تمني الموت مختص بما عدا ذلك كما قدمناه، وبهذا أعقب البخاري حديث عائشة لحديث أبي هريرة، فلله دره ما كان أكثر استحضاره وإيثاره للأخفى على الأجلى، شحذا للأذهان، قاله ابن حجر.
20 - باب دعاء العائد للمريض :
بالشفاء ونحوه، أي مطلوبية ذلك، واستشكل بأن في المرض كفارة وثواب، فكيف يدعى برفعه، وأجيب بأن الدعاء عبادة، ولا ينافي الثواب والكفارة، لأنهما يحصلان بأول المرض وبالصبر عليه، والداعي بين حسنتين، إما أن يحصل له مقصوده، أو يعوض عنه بجلب نفع أو دفع ضر، وكل ذلك من فضل الله تعالى، قاله ابن حجر(1).
5675 - يغادر : يترك .
21 - باب وضوء العائد للمريض :
أي ليصب عليه فضل وضوئه إذا كان ممن يتبرك به، أي مطلوبية ذلك.
5676 - فصب علي: من وضوئه، أي من فضله. إلا كلالة: أي دون الأصول والفروع.
آية الفرائض : هي "يُوصِيكُمُ اللهُ" (2)، إلى آخرها، فإنها مشتملة على حكم الكلالة في قوله تعالى: "وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً" الآية (3)، وتوهيم الزركشي لهذا القول مردود، انظر الفتح.
22 - باب من دعا برفع الوباء :
المرض العام، وقد يطلق على الطاعون لأنه من أفراده، والحمى : الداء المعروف.
__________
(1) - في الفتح 10/162-163.
(2) - سورة النساء، الآية 11.
(3) - سورة النساء، الآية 12.(8/48)
5677 - وُعِكَ : حُمَّ . فدخلت عليهما : قبل الحجاب. كيف تجدك ؟ : أي كيف حالك؟. مصبح : مقول له : أنعم صباحا. عقيرته : صوته. بواد : مكة. إذخر وجليل : نبتان بها. مجنة : موضع قربها. شامة وطفيل : جبلان قربها. وصححها : أي برفع الوباء منها، وهذا موضع الشق الأول من الترجمة. بالجحفة : وكان أهلها يهود شديدي الأذى للمسلمين.
76 - " كتاب الطب "
... أي علاج الأمراض، ومداره على ثلاثة أشياء : حفظ الصحة، والاحتماء عن المؤذي، واستفراغ المادة الفاسدة(1).
1 - ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء :
... أي دواء، أي ما أصاب الله أحدا بداء إلا قدر له دواء، ففيه إباحة التدواي ومعالجة الأسقام، وأن الأدوية تنفع بإذن الله، وروى أحمد والأربعة عن أسامة مرفوعا : (تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يدع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم) (2)، وفي لفظ : " إلا السام"، يعني الموت.
... قال الحرالي (3)
__________
(1) - باللفظ في الفتح 10/165، وأصله عند ابن القيم في الطب النبوي ص : 2، قال : (قواعد طب الأبدان ثلاثة :
حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة).
(2) -رواه أحمد في المسند رقم 17726 و17727 و17728 بألفاظ متقاربة، والترمذي في الطب رقم 1961، وأبو داود في الطب رقم 3855، وابن ماجة في الطب رقم 3427.
(3) - علي بن أحمد بن الحسن بن إبراهيم التجيبي المالكي، المعروف بالحرالي.
أصله من الأندلس، وولد بمراكش، وتوفي بحماة سنة 637هـ.
له: مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل، والوافي في علم الفرائض.
ترجمته في: نفح الطيب 7/167، ونيل الابتهاج 201، وشذرات الذهب 5/189.(8/49)
: (على المريض والطبيب أن يعمل على أن الله أنزل الداء والدواء، وأن المرض ليس بالتخليط وإن كان معه، وأن الشفاء ليس بالدواء وإن كان عنده، وإنما المرض بتأديب الله، والبرء برحمته حتى لا يكون كافرا بالله مؤمنا بالدواء، كالمنجم إذا قال مطرنا بنوء كذا، ومن شهد الحكمة في الأشياء ولم يشهد مجريها، صار بما علم منها أجهل من جاهلها)هـ، نقله المناوي في فتح القدير.
2 - باب هل يداوي الرجل المرأة، والمرأة الرجل ؟
نعم عند الضرورة وأمن الفتنة.
5679 - ونخدمهم : بالمداواة وغيرها، وفي الجهاد، (ونداوي الجرحى)، ومداواة الرجل المرأة مقاسة على عكسها في جميع ما ذكر.
قال القرطبي : (قوله : "ويداوين الجرحى" أي يهيئن الأدوية ويطحنها ولا يلمسن من الرجال مالا يحل، ثم أولئك النساء إما متجالات / فيجوز لهن كشف وجوههن، وأما الشواب فيحتجبن، وهذا كله على عادة نساء العرب في الانتهاض والنجدة والجرأة والعفة، وخصوصا نساء الصحابة).
3 - باب الشفاء في ثلاث :
5680 - بينها في الحديث بقوله : "شربة عسل" ... إلخ، ولم يرد به خصوص الشرب، بل استعماله في الجملة فيما يصلح استعماله فيه، قاله الدماميني(1).
وقال السيوطي : (وجه الحصر فيها أن الأول يستفرغ الأخلاط بالإسهال، والثاني يستفرغ خلط الدم إذا هاج، والثالث للخلط البلغمي الذي لا تنحسم مادته إلا به، ولهذا قيل : آخر الطب الكي) (2).
وأنهى : نهي تنزيه وإرشاد. عن الكي: لما فيه من الألم.
ابن رشد :(اختلف السلف في التداوي بالكي، والأكثر على إجازته، وقد كوى النبي - صلى الله عليه وسلم - أسعد بن زرارة).
4 - باب الدواء بالعسل :
__________
(1) - في تعليق المصابيح ص : 556.
(2) - التوشيح ص : 477-478.(8/50)
وهو معروف، قيل أصله طل يقع على الزهر وغيره، فتلتقطه النحل، وأصلحه الربيعي ثم الخريفي، وأما الشتوي فرديء، وما يؤخذ من الجبال أو الشجر أجود مما يؤخذ من الخلايا، وأسماؤه تزيد على المائة، ومنافعه لا تحصى، حتى قال ابن القيم :(ما خلق الله لنا شيئا في معناه أفضل منه، ولا مثله، ولا قريبا منه، ولم يكن معول الأطباء إلا عليه، وأكثر كتبهم لايذكرون فيها السكر البتة)هـ(1)، نقله المناوي.
وقوله تعالى : " فِيهِ شِفَاءٌ " (2)، أي من بعض الأدواء ولبعض الناس، لأنه نكرة في سياق الثبوت فلا تعم، وجعله بعض أهل الصدق على العموم فكانوا يستشفون به في كل الأمراض فيشفون، قاله القرطبي.
5682 - يعجبه الحلواء والعسل: والإعجاب أعم من أن يكون على سبيل الدواء أو على سبيل الغذاء.
5684 - رجلا : لم يعرف هو ولا أخوه. يشتكي بطنه : من إسهال حصل له من تخمة أصابته. صدق الله : في قوله : "فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ". وكذب : أخطأ. فسقاه فبرأ : لأنه لما تكرر استعمال الدواء قاوم الداء فأذهبه.
5 - باب الدواء بألبان الإبل :
في المرض الذي يصلح له.
5685 - فلما صحوا قالوا ... إلخ : القاضي عياض : (ذكر " لما صحوا" هنا وزيادته خطأ ووهم، وليس موضعه، وإنما موضعه آخر الحديث، كما جاء في موضعه وفي سائر الأبواب على الصواب). راعي النبي صلى الله عليه : يسار. وسمر أعينهم : كحلها بمسامير محماة. يكدم الأرض : يعضها ليجد بردها. الحسن : البصري: وددت أنه لم يحدثه: لأنه كان ظالما يتمسك في الظلم بأدنى شيء. ...
6 - باب الدواء بأبوال الإبل :
__________
(1) - زاد المعاد 4/34، ومثله في الطب النبوي ص : 26.
(2) - سورة النحل، الآية 69.(8/51)
في المرض الذي يصلح له كذرب البطن، وهو فساد المعدة(1)، أي جوازه لطهارته.
5686 - اجتووا المدينة : حصل لهم فيها الجوى، أي الوخم.
قبل أن تنزل الحدود : والجمهور على أنه كان بعده، وإنما فعل ذلك بهم قصاصا لفعلهم ذلك بالراعي، قاله شيخ الإسلام.
وقال ابن العربي : (كونه قصاصا هو الصحيح) هـ، راجع أبواب الطهارة.
7 - باب الحبة السوداء :
أي الدواء بها، وهي الشونيز(2).
5687 -بقطرات: أي معه. في هذا الجانب : من الأنف. وفي هذا الجانب : منه.
ابن حجر : (هذه الكيفية ذكرها الأطباء دواء للزكام العارض معه عطاس، فلعل أبجر(3) كان به زكام، ومن نفعها للزكام أيضا أنها تقلى وتصر في خرقة وتشم، نقله القاضي عن الأطباء ).
شفاء من كل داء : قيل هذا من العام الذي أريد به الخصوص، أي من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم، وقيل / هو على عمومه بدليل الاستثناء، وأنها تدخل في كل دواء بالتركيب.
8 - باب التلبينة للمريض :
هي حساء يصنع من دقيق أو نخالة، وربما جعل فيها عسل، سميت تلبينة لشبهها باللبن في الرقة والبياض.
5689 - تَجُمُّ : تريح.
5690 - البغيض : للمريض. النافع : لمرضه.
9 - باب السَّعُوط :
بفتح السين، هو ما يجعل من الدواء بالأنف.
__________
(1) - كذا في الفتح 10/176، وقال ابن القيم في الطب النبوي ص : 36: (ولما كانت الأدوية المحتاج إليها في علاجه هي الأدوية الجالبة التي فيها إطلاق معتدل، وإدرار بحسب الحاجة، وهذه الأمور موجودة في أبوال الإبل وألبانها، أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها).
(2) - في لغة الفرس كما في الطب النبوي ص : 229.
(3) - إنما هو غالب بن أبجر كما في متن الحديث 5687، وانظر الفتح 10/178.
وهو غالب بن أبجر المزني الكوفي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعته خالد بن سعد وعبد الرحمن بن معقل.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1252، والإصابة 5/314، وتهذيب التهذيب 8/241.(8/52)
5691 - واستعط : استعمل السعوط بأن استلقى - صلى الله عليه وسلم - على ظهره، وجعل بين كتفيه ما يرفعها لينحدر رأسه الشريف، وقطر في أنفه ما يداوي به، ليصل إلى دماغه فيخرج ما فيه من الداء بالعطاس(1).
10 - باب السَّعُوط بالقُسْط الهندي البحري :
نسخة ابن حجر : ("والبحري"، ونقل عن ابن العربي أنه نوعان : هندي وهو أسود، وبحري وهو أبيض، والهندي أشدهما حرارة)هـ(2).
وقال النووي : (ليس القسط من المقصود للتطييب)هـ.
وقال المفضل بن سلمة(3): (هو من طيب الأعراب)هـ
وقال شارح الصغاني : (هو من عقاقير البحر، يبخر به للنفساء)هـ.
وقال الزركشي : (عقار معروف)هـ(4).
ونقل القسطلاني عن النزهة أن أجوده ما كان حديثا ممتلئا غير متآكل، يلدغ اللسان هـ(5)، وبهذه الأوصاف مع ما يأتي أيضا يعلم أنه ليس هو العود القماري المعروف كما ظنه بعضهم، والله أعلم.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/182، ومثله في الطب النبوي ص : 75.
(2) - الفتح 10/182.
(3) - المفضل بن سلمة بن عاصم الضبي الكوفي.
حدث عن عمر بن شبة وأبي عبد الله بن الأعرابي. وعنه محمد بن يحيى الصولي.
له: الاشتقاق، والبارع في اللغة، والفاخر فيما يلحن فيه العامة.
ترجمته في: تاريخ بغداد 13/124، ووفيات الأعيان 1/582، وبغية الوعاة 396.
(4) - التنقيح ص : 234.
(5) - الإرشاد 8/409، وسمى الكتاب "نزهة الأفكار"(8/53)
5692 - عليكم بهذا العود الهندي : أي القسط. يستعط به من العذرة: هي وجع يأخذ الصبي في حلقه أو قرحة(1) تخرج بين الأنف والحلق(2) أو سقوط اللهاة، وكيفية الاستعاط به ما رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن من جابر مرفوعا:( أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع في رأسه، فلتأخذ قسطا هنديا، فلتحله بماء ثم تسعطه إياه)(3)، قال السيوطي في المرقاة : (أي تحكه على حجر بماء)، وقال القرطبي : (أي يدق ناعما)، وقال ابن العربي : (صفته هنا أن يؤخذ سبع حبات منه، تدق ثم تخلط بزيت، ثم يقطر في منخره).
ويلد به : بأن يجعل في أحد شقي الفم. من ذات الجنب : هو ألم يعرض في نواحي الجنب عن رياح غليظة تختنق بين الصفاقات، فتحدث وجعا.
ولم يذكر الراوي بقية السبع اختصارا.
5693 - فرش عليه : أي غسله.
11 - باب أية ساعة يحتجم ؟
المراد بالساعة مطلق الزمان، وظاهر صنيعه أنه لاوقت لها معين، وإنما وقتها وقت الاحتياج إليها، كان ذلك في ليل أو نهار، نعم وردت أحاديث بتعيين أوقات لها، ففي أبي دواد عن أبي هريرة مرفوعا: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء)(4).
__________
(1) - في النسختين "خرجة "، ولا معنى لها، والتصحيح من الطب النبوي ص : 75، والفتح 10/183.
(2) - مثله في زاد المعاد 4/95.
(3) - أخرجه أحمد في المسند 3/315 وسنده صحيح، ونسبه الهيثمي في مجمع الزوائد 5/89 إلى أبي يعلى والبزار، وقال : رجاله رجال الصحيح.
(4) - أخرجه أبو دواد في باب متى تستحب الحجامة رقم 3861، وهو حسن، ورواه ابن ماجة رقم 3486، والبيهقي 9/340.(8/54)
وفي ابن ماجة عن ابن عمر مرفوعا : (الحجامة على الريق أمثل، وفيه شفاء وبركة، ويزيد في الحفظ وفي العقل، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء) (1).
وفي الجامع الصغير : (من احتجم يوم الأربعاء ويوم السبت، فرأى في جسده وضحا فلا يلومن إلا نفسه) (2).
الحاكم عن أبي هريرة : (وقال الأطباء : أنفع الجحامة ما يقع في الساعة الثانية أو الثالثة، وألا يقع عقب استفراغ عن حمام أو جماع، أو غيرهما، ولا عقب شبع ولاجوع)(3).
5694 - وهو صائم : فدل على أنه احتجم نهارا.
12 - باب / الحجم في السفر والإحرام :
أي جوازه فيهما إذا احتيج إليه.
13 - باب الحجامة من الداء :
أي من أجل هيجانه، ومثلها الفصد.
قال صاحب الهدي : (التحقيق في أمر الفصد والحجامة أنهما يختلفان باختلاف الزمان والمكان والمزاج، فالحجامة في الأزمان الحارة والأمكنة الحارة والأبدان الحارة التي دم أصحابها في غاية النضج أنفع، والفصد بالعكس، ولهذا كانت الحجامة أنفع للصبيان ولمن لايقوى على الفصد) (4).
5696 - أبو طيبة : اسمه نافع. بالغمز من العذرة : أي بالعصر باليد، كانت المرأة تأخذ خرقة فتفتلها فتلا شديدا، وتدخلها في حلق الصبي، وتعصر عليه فيخرج منه دم أسود، فحذرهم - صلى الله عليه وسلم - من ذلك.
5697 - لا أبرح : من عندك.
14 - باب الحجامة على الرأس :
__________
(1) - أخرجه ابن ماجة رقم 3487 و3488، والحاكم 4/409 بأسانيد ضعيفة.
(2) - أخرجه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 1/154، والحاكم 4/409-410، والبيهقي 9/340، وانظر الضعيفة للألباني 4/رقم 1524، والجامع الصغير 2/555 (رقم 8328)
(3) - مثله في زاد المعاد 4/59 منسوبا إلى صاحب القانون.
(4) - زاد المعاد 4/54.(8/55)
أي فضلها، وورد فيها حديث ضعيف أخرجه ابن عدي عن ابن عباس رفعه : (الحجامة في الرأس تنفع من سبع : من الجنون والجذام والبرص والنعاس والصداع ووجع الضرس والعين)(1).
5698 - بِلَحْيَيْ جمل : موضع بالجحفة.
15 - باب الحجامة من الشقيقة :
أي من أجلها، وهي وجع يصيب في أحد شقي الرأس، والصداع : وجع يصيب الرأس كله.
5700 - بماء : أي بموضع به ماء.
5702 - خير : أي شفاء، ودخل فيه ما في الترجمة.
تنبيه : ذكر في هذه الأحاديث حجامته - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم، ومذهبنا فيها الجواز لعذر، وعليه يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم -، والكراهة لغيره، ثم إن أزال شعرا أو قتل قملا افتدى وإلا فلا.
16 - باب الحلق -للرأس وغيره- من الأذى:
أي جوازه من أجل الأذى، ومذهبنا جوازه مطلقا، ويأتي إيضاحه في باب القزع.
5703 - أو أطعم ستة : من المساكين، لكل واحد نصف صاع. نسيكة : شاة فأعلى.
17 - باب من اكتوى أو كوى غيره، وفضل من لم يكتو :
اتكالا على الله سبحانه، وتفويضا له.
5704 - وما أحب أن أكتوي :
ابن حجر : (لم أر في أثر صحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتوى، إلا أن القرطبي نسب للطبري(2) أنه - صلى الله عليه وسلم - اكتوى، وذكره الحليمي بلفظ: " روي أنه اكتوى للجرح الذي أصابه بأحد")(3).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/187-188.
وذكر أبو نعيم في الطب النبوي حديث مرفوعا : "عليكم بالحجامة فإنها تشفي من خمسة أدواء"، وفي آخر : " فإنها شفاء من اثنين وسبعين داء"، وقد أوردها السيوطي في الجامع الصغير، ورائحة الضعف فائحة منها - انظر زاد المعاد 4/57.
(2) - في مخطوطة العرائشي : "الطبراني"، وهو تحريف، وفي الفتح 10/192 : (نسب إلى كتاب أدب النفوس للطبري).
(3) - الفتح 10/192.(8/56)
قال ابن حجر : (والثابت في الصحيح أن فاطمة أحرقت حصيرا فحشت به جرحه، وليس هذا هو الكي المعهود)، ثم قال : (وجزم ابن التين بأنه اكتوى، وعكسه ابن القيم في الهدي (1) ) (2).
5705- لا رقية : أكثر نفعا. إلا من عين : يصيب العائن بها غيره إذا استحسنه عند رؤيته، فيتضرر المرء منه. أو حمة : بتخفيف الميم، وهي سم العقرب أو شوكتها، وقيل كل هامة ذات سم. عرضت علي الأمم : أي مناما. الرهط : ما دون العشرة، أو إلى الأربعين. سواد : المراد به الأشخاص. فدخل : حجرته. ولم يبين لهم : أي للصحابة من هم السبعون ألفا. فبلغ النبي صلى الله عليه : أي ذلك القول. لا يسترقون : مطلقا. ولايتطيرون : لا يتشاءمون من شيء أصلا. وعلى ربهم يتوكلون : في جميع أمورهم، فلم يصدر منهم شيء مما ذكر أصلا لتوغلهم في التوكل، هذا رأي الخطابي ومن تبعه، قال : (وإليه ذهب السلف).
وقال القاضي : (إنه الذي اقتضاه ظاهر اللفظ)، قال : (وإنما رقى - صلى الله عليه وسلم - غيره / واسترقى لأنه في مقام التشريع لأمته).
وقال النووي: (الظاهر من معنى الحديث ما اختاره الخطابي ومن وافقه، وحاصله أن هؤلاء كمل تفويضهم إلى الله عز وجل، فلم يتسببوا في دفع ما أوقعه بهم، ولاشك في فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها، وأما تطبب النبي - صلى الله عليه وسلم - ففعله ليبين لنا الجواز، والله أعلم)(3).
آخر : قيل هو سعد بن عبادة. سبقك عكاشة (4)
__________
(1) - قال في زاد المعاد 4/48 :
("ألصقته بالجرح فاستمسك الدم" برماد الحصير المعمول من البردي، وله فعل قوي في حبس الدم، لأن فيه تجفيفا قويا).
(2) - الفتح 10/192.
(3) - انظر أعلام السن ص : 1150.
(4) - عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن بكير الأسدي، حليف بني عبد شمس.
من السابقين الأولين، وشهد بدران واستشهد في قتال أهل الردة.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1080، والإصابة 4/523-524.(8/57)
: قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة لأنه لو قال نعم لقام غيره ثم آخر، وهلم جرا، ثم إن مزيتهم بدخولهم بغير حساب لا تستلزم أفضليتهم على غيرهم، بل فيمن يحاسب في الجملة من هو أفضل منهم، كما دل عليه حديث أحمد وغيره من رفاعة الجهني مرفوعا : (وعدني ربي أن يدخل من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، وإني لأرجو ألا يدخلوها حتى تتبوأوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن الجنة)(1)، ويأتي في الرقاق ذكر الزيادة على السبعين ألفا.
18 - باب الإثمد :
حجر يتخذ منه الكحل، أي استعماله، والكحل: أي استعماله أيضا، وهو دواء للعين مركب من الإثمد أو من غيره، من الرمد: الداء المعروف، وأشعر كلامه بقصر جواز استعمال الكحل للرجال على التداوي فقط من رمد ونحوه، وهو مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن يونس (2): (قال مالك : أكره الكحل للرجال بالليل والنهار، إلا لمن به علة، وما رأيت من يكتحل إلا لضرورة)هـ.
وقال في الجواهر : (سئل مالك عن اكتحال الرجل بالإثمد، فقال : ما يعجبني، وما كان من عمل الناس، وما سمعت فيه شيئا. قال الشيخ أبو بكر: إنما كره الاكتحال بالإثمد لأن فيه ضربا من الزينة التي تشبه زينة النساء، ويكره للرجل التشبه بالنساء)هـ.
قال الشيخ التاودي : (يريد إلا لضرورة أو حاجة، ويكون هو محمل الحديث عنده، والله أعلم).
__________
(1) - رواه أحمد في المسند رقم 21271، والترمذي في صفة القيامة والرقائق والورع رقم 2361، وابن ماجه في الزهد رقم 4276.
(2) - أبو بكر محمد بن عبدالله بن يونس التيمي الصقلي. أخذ عن أبي الحسن الحصائري وعتيق بن الفرضي وابن أبي العباس؛ وكان ملازما للجهاد، وألف كتابا جامعا لمسائل المدونة. توفي سنة 451هـ.
ترجمته في : شجرة النور الزكية 1/111.(8/58)
ابن حجر : (وقع الأمر بالاكتحال وترا من حديث أبي هريرة في سنن أبي دواد، وفي بعض الأحاديث كيفية الاكتحال، وحاصله ثلاث في كل عين، فيكون الوتر في كل واحدة على حدة، أو اثنين في كل عين وواحدة بينهما، أو في اليمنى ثلاث وفي اليسرى اثنين، فيكون الوتر بالنسبة لهما معا، وأرجحها الأول، والله أعلم) (1).
5706 - امرأة : عاتكة. زوجها : المغيرة المخزومي. عينها : فاعل أو مفعول. أحلاسها : ثيابها. رمت ببعرة : لترى من حضرها أن مقامها حولا أهون عليها من رمي بعرة. فلا : أي لا تكتحل، أي نهارا لما في الموطأ : (اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار) (2).
أربعة أشهر : منصوب بفعل مضمر، أي لتكمل أو لتقعد.
19 - باب الجُذَام :
الكرماني : (هو علة يحمر منها اللحم ثم يتقطع ويتناثر، وقيل هو علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله، فيفسد مزاج الأعضاء وهيئتها) (3)، وربما انتهى إلى تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرح.
5707 - لا عدوى : العدوى مجاوزة العلة صاحبها إلى غيره قاله الطيبي، أي لامجاوزة ولا سراية للداء عن صاحبه إلى غيره موجودة أو مؤثرة.
قال القرطبي : (لا في هذه الأمكان، وإن كانت لنفي ما ذكر بعدها فمعناها النهي من اعتقاد تلك الأمور، فإنها إنما هي أوهام كانت العرب تعتقدها، فجاء الشرع بإبطالها). ولا طيرة : كعنبة، من التطير وهو التشاؤم بالطير وغيره. ولا هامة : بتخفيف الميم على الصحيح، قيل هي البومة، كانوا يزعمون أنها إذا سقطت على دار أحدهم نعت له نفسه أو بعض أهله. ولا صفر : هو داء أو حية تكون في البطن، تصيب الماشية، والناس يزعمون أنها أعدى من الجرب.
وفر من المجذوم ... إلخ: ظاهره التعارض بينه وبين قوله : "لا عدوى"، وأجاب العلماء عن ذلك بأجوبة مذكورة في الفتح وغيره، أظهرها ثلاثة :
__________
(1) - الفتح 10/184.
(2) - الموطأ 2/600 باب ما جاء في الإحداد، ح1252.
(3) - الكواكب الدراري 21/3.(8/59)
أحدها : أن العمل على قوله : "لا عدوى"، أي لا وجود لها، وإنما أمر بالفرار من المجذوم حسما للمادة وسدا للذريعة، لئلا يتفق لمن لاقاه شيء مما / أصابه بقدر الله لابالإعداء، فيظن أنه عدوى فيقع في الحرج، وهذا جواب ابن خزيمة، وأبي عبيد والطحاوي والطبري والقرطبي.
ثانيهما : أن المنفي هو العداء الطبيعي الذي كانت تعتقده الجاهلية، وقوله : "فر من المجذوم ..." إلخ، أي لأن الله أجرى العادة بالإعداء عند المخالطة، فهو من الأسباب التي تفضي إلى مسبباتها، فليتقى المجذوم كما يتقى الجدار المائل، وهذا جواب البيهقي وابن الصلاح وجمهور الشافعية.
ثالثها : أن قوله "لا عدوى" عام خص بقوله "فر من المجذوم ..."إلخ، أي لا عدوى إلا ما استثنيت من ذلك كالجذام والبرص والجرب، وهذا جواب الباقلاني، هـ من الفتح(1) ملخصا.
20 - باب المَنّ شفاء العين :
المن طل ينزل من السماء على شجر أو حجر، ويجف جفاف الصمغ، وأخذ كونه شفاء للعين من حديث الكمأة، لأنها إذا كانت من المن وفيها شفاء، فالمن فيه شفاء أيضا.
5708 - الكمأة : نبات لا ورق له ولا ساق. من المن : أي الذي أنزل على بني إسرائيل كما في مسلم (2)، شبهت به الكمأة بجامع وجود كل منهما عفوا بغير علاج. وماؤها شفاء للعين : بأن تؤخذ فتقشر ثم تصلق بالنار، ويستخرج ماؤها بشقها وتعصيرها، ويكتحل به وهو لازال سخنا، فإن برد لم ينفع بل يضر.
النووي : (الصواب أن ماءها وحده يقطر ويجعل في العين)، قال : (وقد رأيت أنا وغيري من عمي واستعمل ذلك اعتقادا في الحديث وتبركا به فشفي) (3).
21 - باب اللدود :
بفتح اللام، هو جعل الدواء في أحد جانبي فم المريض.
__________
(1) - الفتح 10/196-200.
(2) - صحيح مسلم 3/1620 كتاب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، باب فضل الكمأة ومداواة العين بها، ح2049.
(3) - نقلا عن الفتح 10/203.(8/60)
5712 - لددناه : جعلنا الدواء في جانب فمه الشريف من غير إذن منه - صلى الله عليه وسلم -. فقلنا كراهية … إلخ : أي إنما نهانا كراهية …إلخ. إلا لد : تأديبا لهم.
5713 - أعلقت عليه : داويته بالعلاق، وهو عصر الداء الذي بحلقه بفتيلة أو بالإصبع. تدغرن : ترفعن ذلك بأصابعكن فتؤلمن الأولاد. العود الهندي : هو الكست(1). رفع حنكه بإصبعه : لا تعليق شيء عليه (2).
22 – باب
بغير ترجمة .
5714 - فخرج : إلى الصلاة بعدما دخل بيتها. مِنْ سَبْعِ قِرَب : زاد الطبراني:(من آبار شتى). لم تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ : جمع وكاء، الخيط الذي ربط به فم القربة. مخضب : إناء واسع. نصب عليه: أما صب الماء عليه فللتداوي به، وكونه من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن، الله أعلم بحكمته، وقد قيل: في السبع خاصية في دفع السم والسحر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : (هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم)، وهذا محل الشاهد.
23 - باب العذرة :
داء بالحلق يسمى سقوط اللهاة.
5715 - أعلقت عليه : رفعت حلقه بإصبعها.
24 - باب دواء المبطون :
الذي يشتكي بطنه من الإسهال.
5716 - رجل : لم يعرف هو ولا أخوه(3). صدق الله : في قوله : "فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ". وكذب : أخطأ، فكرره فبرأ.
25 - باب لا صفر :
أي لا عدوى به، وهو داء ... إلخ : يصفر الوجه، تزعم العرب أنه يعدي، وهذا أحد الأقوال فيه، قاله الزركشي(4).
5717 - كأنها الظباء : في النشاط والصحة. فمن أعدى الأول؟: هذا جواب في غاية البلاغة والرشاقة، فإن قالوا أعداه آخر، لزم التسلسل، وإن قالوا الذي فعله في الأول هو الذي فعله في الثاني، ثبت المدعى وهو أن فاعل الجميع هو الله سبحانه، ومن ثم قال ابن العربي: (هذا كلام لا جواب له) / .
26 - باب ذات الجنب :
__________
(1) - يعني القسط، وهي لغة كما في متن الحديث 5718.
(2) - كذا في الأصل، وقد نبه عليه العرائشي.
(3) - كذا في الفتح 10/207.
(4) - في التنقيح ص : 235.(8/61)
هو ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، وهو من الأمراض الخطرة.
5718 - تدغرون : تغمزون حلوقهم بأصابعكم .
5719،5720، 5721 - كوياه : أي كويا أنسا من ذات الجنب. الحمة : السم.
والأذن : أي من وجعها.
27 - باب حرق الحصير ليسد به الدم :
أي برماده، أي جواز ذلك.
5722 - البيضة : قلنسوة من حديد، أي يوم أحد. رباعيته : اليمنى السفلى. في الْمِجَنّ: الترس والدرقة.
عمدت إلى حصير ... إلخ : كان القابسي يقول : (وددنا مم كان ذلك الحصير نتخذه دواء لقطع الدم)(1).
قال ابن بطال :(زعم أهل الطب أن ذلك في الحصير كلها، يل في الرماد كله، ولذا ترجم الترمذي: "باب الدواء بالرماد" ،ولم يخصه بالحصير)هـ(2).
28 - باب الحُمَّى مِنْ فَيْحِ جهنّم :
أي سطوع حرها ووهجه، قيل حقيقة وأن اللهب الحاصل في جسم المحموم قطعة من جهنم أظهرها الله في هذه الدار إنذارا للجاحدين، وتبشيرا للمقربين أنها كفارة لذنوبهم، وروى البزار مرفوعا:"الحمى حظ كل مؤمن من النار"(3)، وقيل هو على التشبيه يعني أن حر الحمى شبيه بحر جهنم، قاله الحافظ(4).
5723 - الحمى من فيح جهنم (5) : قال ابن أبي جمرة: (الجمع بينه وبين قول الأطباء، أنها تنشأ عن اختلاط في البدن، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر بما هو الحق بحسب القدرة، والأطباء أخبروا عما رأوه بالتجربة، فتكون الحمى التي هي من فيح جهنم إذا أرسلها الله على من شاء من عباده، فسد مزاجه وتحركت الأخلاط في بدنه، فرأى ذلك الأطباء فأخبروا به).
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/214.
(2) - نقلا عن الفتح 10/214.
(3) - انظر كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمي ص:765.
(4) - في الفتح 10/215.
(5) - أخرجه كذلك مسلم (2/185) في السلام، باب لكل داء دواء.(8/62)
فأطفئوها بالماء : شربا وغسل أطراف، زاد ابن ماجة :( البارد ) (1) وقيل المراد ماء زمزم خاصة(2). يقول : في الحمى. الرجز : العذاب.
5724 - فصبته بينها : أي بين المحمومة. وبين جيبها : طوقها، هذه كيفية الإبراد بالماء، ومن ثم أعقب المؤلف حديث أسماء لحديث ابن عمر، فلله دره، وذلك أنها - أي أسماء - كانت ترش على بدن المحموم شيئا من ماء بين ثدييه وثوبه، فيكون من باب النشرة، هذا هو المراد من الحديث، لا اغتساله به جملة كما فهمه بعض من لا علم عنده، فاعترضه بأن غسل المحموم بالماء خطر يقربه من الموت، قاله ابن حجر(3).
وقال المناوي : (فأبردوها بالماء بأن تغسلوا أطراف المحموم، وتسقوه إياه، ليقع به التبريد، لأن الماء البارد رطب ينساغ بسهولة، فتصل لطافته إلى أماكن العلة فيدفع حرارتها من غير حاجة إلى الطبيعة، فلا يشتغل بذلك عن مقاومة العلة، كذا بينه بعض الأطباء، والمنكر عندهم إنما هو استحمامه بالماء البارد، ولا دلالة في الحديث عليه، وحمله عليه جهل نشأ عن عدم فهم كلام النبوة) (4).
29 - باب من خرج من أرض لا تُلاَيِمُهُ (5):
لا توافقه لقصد التدواي، فلا بأس بذلك.
5727 - ريف : زرع. على حالهم : عقوبة لهم على ما فعلوه.
30 - باب ما يذكر في الطاعون :
__________
(1) - رواه ابن ماجه في الطب 18، وأحمد في المسند 1/291.
(2) - في زاد المعاد 4/29: (ولو جزم به لكان أمرا لأهل مكة بماء زمزم، إذ هو متيسر عندهم، ولغيرهم بما عندهم من الماء).
(3) - في الفتح 10/216-127.
(4) - فيض القدير 3/419.
(5) - بتحتانية مكسورة، وأصله بالهمز ثم كثر استعماله فسهل، انظر الفتح 10/219.(8/63)
فاعول من الطعن، عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء، وسببه طعن الجن كما ورد في الحديث(1)، وأغلب ما يكون تحت الإبط، أو خلف الأذن، أو عند الأرنبة، وأما الوباء فهو من فساد جوهر الهواء، وقد يطلق كل منهما على الآخر مجازا.
__________
(1) - ّأورد الحافظ في الفتح 10/223 جملة من الأحاديث التي أثبتت هذا المعنى، منها حديث أحمد المرفوع:"فناء أمتي بالطعن والطاعون، قيل : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون ؟ قال : وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهادة"، ورجاله رجال الصحيحين، وللحديث طرق مقوية منها ما أخرجه الطبراني والحاكم، وهو أصح الروايات لتعدد طرقه.
وقال ابن القيم في الطب النبوي ص : 30 : (ورد في الحديث الصحيح :"أنه بقية رجز أرسل على بني إسرائيل"، وورد فيه أنه " وخز الجن"، وهذه العلل والأسباب ليس عند الأطباء ما يدفعها، كما ليس عندهم ما يدل عليها، والرسل تخبر بالأمور الغائبة، وهذه الآثار التي أدركوها من أمر الطاعون ليس معهم ما ينفي أن تكون بتوسط الأرواح، فإن تأثير الأرواح في الطبيعة وأمراضها وهلاكها أمر لا ينكره إلا من هو أجهل الناس بالأرواح وتأثيراتها ، وانفعال الأجسام وطبائعها عنها).
وساقه الألباني في الضعيفة 1/رقم 86، مضعفا رواية : "الطاعون وخز إخوانكم من الجن"، أما رواية : " أعدائكم من الجن" فهي في المسند 4/395 و413 و 417، وعند الطبراني في المعجم الصغير ص 71، ومستدرك الحاكم 1/50، وهي صحيحة.(8/64)
قال الشيخ التاودي : (مما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن ما أخبرني به غير واحد من الناس في زمن الوباء عام ثلاثة وستين أنهم رأوهم في صور ومعهم آلات الطعن تشبه القصب، وقد يطرق الطارق باب الدار، فيخرج صاحبها فلا يجد أحدا ويرجع مطعونا، وقلت يوما لولي الله سيدي عبدالسلام التواتي(1)، دفين رحيبة القنديل: الناس يقولون هذا الوباء وخز من الجن، فقال لي : أمس سلم علي سلطانهم في القرويين، فقلت له : حيث سلم عليك سلطانهم فنحن لا نخاف منهم، فقال لي : ها وباؤهم، وأشار إلى حبيبات بذراعه، فعافانا الله بفضله ومنه).
5728 - فلا تدخلوها : لئلا يصيب الداخل شيء بتقدير الله، فيقول لولا أني دخلت هذه الأرض ما أصابني، مع أنه لابد أن يصيبه ما قدر له، دخل أو لم يدخل.
فلا تخرجوا : لأنه هروب من القدر، ولئلا تضيع المرضى والموتى، فالأول تأديب وتعليم، والثاني تفويض وتسليم.
قال القاضي عياض : (قال بعض أهل العلم : لم ينه عن الخروج خوف أن يهلك قبل أجله، ولا عن الدخول خوف أن يصيبه غير ما كتب الله سبحانه له، ولكن خوف فتنة الحي، يظن أن هلاك من دخل لدخوله، ونجاة من خرج لخروجه)هـ.
والنهي عند المالكية في المشهور عنهم للتنزيه لا للتحريم، قاله الشيخ التاودي في شرح الجامع، وعليه اقتصر الشاذلي على الرسالة، ونصه : (النهي في الوجهين نهي كراهة لا نهي تحريم)هـ /.
وقال ابن رشد بعد حكاية أقوال في المسألة ما نصه : (الأفضل ألا يقدم عليه ولايخرج عنه)، قال : (وهذا أصح الأقوال)هـ؛ ونحوه لأبي سعيد بن لب(2)
__________
(1) - يذكره ابن زيدان في إتحاف أعلام الناس (انظر مثلا 3/16)، ولم أجد له ترجمة مستقلة.
(2) - أبو سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لب الثعلبي الغرناطي.
من شيوخ أبي إسحاق الشاطبي.
ولي الخطابة بجامع غرناطة.
له: شرح الجمل للزجاجي، والألغاز النحوية. وتوفي سنة 783هـ.
ترجمته في: بغية الوعاة 372، ونيل الابتهاج 219، والديباج المذهب 220، وشذرات الذهب 6/280.(8/65)
كما في جامع المعيار، فدل على أنه عندهما خلاف الأولى فقط، والله أعلم.
5729 - خرج إلى الشام : لتفقد أحوال الرعية في ربيع الثاني سنة ثمان عشرة. بسرغ : قرية قرب الشام. وأصحابه : خالد بن الوليد ويزيد بن أبي سفيان(1) وشرحبيل ابن حسنة وعمرو بن العاص. الوباء : أي الطاعون. مصبح على ظهر : أي مسافر صباحا بقصد الرجوع للمدينة. لو غيرك ... إلخ : أي لأدبته لاعتراضه علي في مسألة اجتهادية وافق عليها الأكثر.
5731 - ولا الطاعون : أي الموت الناشئ عن طعن الجن، هذا هو المنفي عن المدينة، لأن كفار الجن ممنوعون من دخولها، وأما الوباء الناشئ عن فساد الهواء فربما دخلها، وبه يزول الإشكال الذي أوردوه هنا من أن الموت الكثير كان يقع بالمدينة، قاله ابن حجر، قال: ( وجزم ابن قتيبة، وتبعه جمع جم من آخرهم الشيخ محيي الدين في الأذكار بأن الطاعون لم يدخل المدينة أصلا، ولا مكة أيضا) (2).
5732 - يحيى : ابن سيرين(3).
5733 - والمطعون شهيد : أي من شهداء الآخرة إن اتصف بالأوصاف المذكورة في الباب بعده، ومن ثم أعقبه به فقال :
31 - باب أجر الصابر في الطاعون :
أي الموطن نفسه على قبول ما يرد عليه من الحضرة الإلهية.
__________
(1) - يزيد بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر. وعنه عياض الأشعري وجنادة بن أبي أمية.
استخلفه عمر على فلسطين.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1575، والإصابة 6/658، وتهذيب التهذيب 11/332.
(2) - الفتح 10/234.
(3) - يحيى بن سيرين الأنصاري مولاهم، أبو عمرو البصري.
روى عن أنس بن مالك وعبيدة السلماني، وعنه يحيى بن عتيق.
وثقه ابن حبان والعجلي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/228.(8/66)
5734 - رحمة للمؤمنين : من هذه الأمة، زاد في رواية: (ورجس على الكافرين)(1). صابرا : غير منزعج. مثل أجر الشهيد : (سواء أصابه ومات به، أو لم يمت به، أو لم يصبه أصلا ومات بغيره، إلا أنه إذا أصابه ومات به يكون شهيدا لموته بالطاعون، ويضاف له مثل أجر الشهيد لصبره وثباته)، قاله ابن أبي جمرة(2).
ابن حجر : (ويستفاد من الحديث أن من لم يتصف بالصفات المذكورة لا يكون شهيدا، ولو وقع به الطاعون ومات به، وذلك ناشئ من شؤم الاعتراض) (3).
32 - باب الرُّقَى بالقرآن والمعوذات :
الرقى جمع رقية، وهي ما يقرأ على الداء، أو يكتب له في حرز أو في آنية ويمحى ويشرب، أي جوازها بشروطها الآتية، وقوله : "والمعوذات" عطف خاص على عام، إذ المراد بها كل ما فيه تعوذ في القرآن كالفلق والناس، وقوله تعالى : "وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ" (4)، ونحو ذلك، قال ابن حجر : (أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي أو بما يعرف من غيره، وأن يعتقد أنها غير مؤثرة بنفسها بل بتقدير الله عز وجل)هـ(5)
__________
(1) - في حديث أبي عسيب عند أحمد : (فالطاعون شهادة للمؤمنين ورحمة لهم، ورجس على الكافر)، وانظر الفتح 10/236.
(2) - نقلا عن الفتح 10/238.
(3) - الفتح 10/238.
(4) - سورة المؤمنون، الآية 97.
(5) - الفتح 10/240.
وقال ابن التين: (الرقى بالمعوذات وغيرها من أسماء الله هو الطب الروحاني)، - الفتح 10/241-؛
وقال ابن القيم في الطب النبوي ص 138. : (من المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه، الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة والنور الهادي والرحمة العامة، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته)، وقال في ص 142 : (قد جمعت السورتان – أي المعوذتان – الاستعاذة من كل شر، ولهما شأن عظيم في الاحتراس والتحصن من الشرور قبل وقعوها).(8/67)
.
المناوي : (جوز جمع من السلف كتابة القرآن في إناء وغسله وشربه)هـ.
النووي : (قال المازري : جميع الرقى جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية، أو بما لا يدرى معناه، لجواز أن يكون فيه كفر)، قال : (واختلفوا في رقية أهل الكتاب، فجوزها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وكرهها مالك خوفا أن يكون مما بدلوه)هـ.
القاضي عياض : (كره مالك الرقية بالحديدة والملح وعقد الخيط، والذي يكتب خاتم سليمان)، وقال : (لم يكن ذلك من أمر الناس القديم)هـ.
ابن يونس : (ولا بأس أن يكتب للمجنون القرآن، أو يرقى بالكلام الطيب، ولابأس بالمعاذة تعلق وفيها القرآن وذكر الله، إذا خرز عليه جلد)هـ.
وقال الشيخ خ في المختصر : (وجَازَ حِرْزٌ بِسَاتِر وإِنْ لِحَائِض) (1) ).
وقال في الجامع : (وتعليقها - أي الرقية - لجنب وحائض إن خرز)هـ(2).
ابن رشد : (والخيل والبهائم كالآدمي)هـ.
ابن العربي في المسالك : (فإن قيل : ما تقولون في رقية البهائم، هل ينفعها ذلك ؟
قلنا : ذلك جائز ونافع إن شاء الله)، واحتج بحديث الطبراني عن ابن نوفل، فانظره.
وفي المعيار :(سئل عز الدين بن عبدالسلام عن الرقى بالحروف المقطعة، فمنع منها مالا يعرف لئلا يكون فيه كفر)هـ.
5735 - بالمعوذات : الإخلاص والفلق والناس، كما جاء مصرحا به في فضائل القرآن، كان يقرأها وينفخ بعدها في يده نفخا لطيفا، ويمسح بها جسده الشريف.
ينفث على يديه : إثر القراءة / .
33 - باب الرقى بفاتحة الكتاب :
وهي أفضل ما يرقى به .
القرطبي : (قيل موضع الرقية منها إنما هو: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ"، ويظهر لي أن السورة كلها موضع الرقية)، ثم بين ذلك فانظره.
__________
(1) - مختصر خليل 1/16.
(2) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل : ل57/ب.(8/68)
5736 - قطيعا من الشاء : ثلاثون رأسا. فجعل : أي الراقي، وهو أبو سعيد الراوي. بالقرآن : وللكشميهني : "بأم القرآن" . ويثفل : في محل الداء. لا نأخذه حتى نسأل: استشكله الدماميني بأنهم إن كانوا عالمين بجوازها فما وجه سؤالهم، وإن كانوا جاهلين بها فكيف ارتكبوها ؟ (1)، وأجاب عنه شيخ الإسلام بقوله : كانوا عالمين بجواز الرقية على جعل، ولهذا ارتكبوه، لكن سألوا عنها اطمئنانا لقلوبهم كقول سيدنا إبراهيم عليه السلام: "وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" (2). واضربوا لي بسهم : قاله - صلى الله عليه وسلم - تطييبا لخاطرهم.
34 - باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم :
أو بغيره، أي جواز ذلك إذا حصل البرء، فإذا لم يحصل برء فلا يحل أخذه، هذا محصل مذهبنا.
5737 - لديغ : لدغته عقرب. أو سليم : بمعنى لديغ، وقيل فيه سليم تفاؤلا.
35 - باب رقية العين :
أي جواز رقية من أصيب بنظر العين، ويأتي بيانها.
5738 - أمرني : أي أمر إرشاد.
5739 - نا محمد بن خالد (3) : هذا السند فيه ثمانية محمدين، خمسة في الكتاب، والسادس البخاري، والسابع الفربري، والثامن أبو الهيثم الكشميهني.
سفعة : سواد، أو حمرة يعلوها سواد أو صفرة، أدركتها من قبل العين
بها النظرة : أي العين.
36 - باب العين حق :
أي الإصابة بها من جملة ما تحقق أمره ووقوعه، وأن لها تأثيرا في النفوس والأموال، بقدرة الله تعالى وفعله، أجرى الله سبحانه به عادته، فلا ينكر ذلك إلا معاند.
__________
(1) - تعليق المصابيح ص : 559.
(2) - سورة البقرة، الآية 260.
(3) - هو محمد بن يحيى الذهلي، نسب إلى جدد أبيه، فإنه محمد بن يحيى بن عبدالله بن خالد بن فارس.
وقد اختلف في تعيينه في هذا الحديث، لكن قال الحاكم والجوزقي والكلاباذي وأبو مسعود بأنه الذهلي، ووقع به مصرحا في رواية الأصيلي فقال : "حدثنا محمد بن خالد الذهلي" - انظر الفتح 10/247.
وانظر ترجمته في: شذرات الذهب 2/138، وهدية العارفين 2/16.(8/69)
قال القرطبي : (هذا قول عامة الأمة، ومذهب أهل السنة، وأنكره قوم مبتدعة، وهم محجوجون بالأحاديث الصحيحة في ذلك وبالمشاهدة)هـ(1).
وحقيقتها إذا نظر المعيان لغيره نظر استحسان مشوب بحسد، يحصل للمنظور إليه ضرر بعادة أجراها الله تعالى.
وقال ابن العربي في المسالك : (الحق أن الله تعالى يخلق عند نظر العائن الشيء وإعجابه به، إذا شاء ما شاء من ألم أو هلك، وقد يصرفه قبل وقوعه إما بالاستعاذة أو بغيرها، وقد يصرفه بعد وقوعه بالرقية، أو الاغتسال، أو بغير ذلك)هـ (2).
وقال في الأحكام : (لا خلاف بين الموحدين أن العين حق، وهي من أفعال الله، إذ الباري سبحانه هو الفاعل الخالق، لا فاعل ولا خالق إلا هو سبحانه، "أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" (3)، فليس في الوجود شيء إلا وهو موجود بقدرته وعلمه وقضائه، فكل ما ترى بعينك أو تتوهمه بقلبك فهو صنع الله وخلقه، إذا أراد شيئا قال له كن فيكون، ولو شاء سبحانه لجعل ذلك ابتداء، ولكنه سبب الأسباب وركب المخلوقات بعضها على بعض، فالجاهل إذا رأى موجودا بعد موجود، أو موجودا مرتبطا في العيان بموجود، ظن ذلك إلى الرباط منسوب، وعليها في الفعل محسوب، وحاشا لله بل الكل له، والترتيب تدبيره، والارتباط تقديره، والأمر كله له سبحانه)هـ.
__________
(1) - المفهم 4/165 .
(2) - نقلا عن الفتح 10/246.
(3) - سورة الرعد، الآية 16.(8/70)
5740 – العين حق: زاد مسلم: (ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين) (1)، وروى البزار عن جابر مرفوعا : (أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالنفس أي العين)، وروى ابن السني عن أنس مرفوعا: (من رأى شيئا يعجبه، فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم تضره العين).
تنبيهان :
الأول : قال القاضي عياض : (قال بعض العلماء : ينبغي أن يتجنب من عرف بإصابة العين، ويحترز منه، وينبغي للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس ويأمره بلزوم بيته، وإن كان فقيرا أجرى عليه رزقه، ويكف أذاه عن الناس، فضرره أشد من ضرر آكل الثوم الذي منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخول المسجد لئلا يضر بالناس، ومن ضرر المجذوم الذي نهاه عمر عن مخالطة الناس، ومن ضرر المواشي العادية التي يؤمر بتغريبها إلى حيث لا يتأذى بها أحد)هـ، نقله النووي والأبي وسلماه، بل زاد النووي ما نصه : (هذا صحيح متعين لا يعرف عن غيره تصريح بخلافه)هـ(2)، ونقل المناوي وابن حجر نحوه عن ابن بطال(3)، وأقراه.
الثاني : قال القرطبي : (لو أتلف العائن شيئا ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية إذا تكرر ذلك منه، بحيث يصير عادة كالساحر عند من لا يقتله كفرا) (4).
__________
(1) - أخرجه مالك في الموطأ، كتاب الجامع، باب الرقية من العين، رقم 92، وابن ماجة في الطب : باب من استرقى من العين، رقم 3510 (2/1160).
(2) - نقلا عن الفتح 10/252.
(3) - قال الحافظ في الفتح 10/252: (ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم : فإنه ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس وان يلزم بيته، فإن كان فقيرا رزقه متا يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي أمر عمر رضي الله عنه بمنعه من مخالطة الناس كما تقدم واضحا في بابه، وأشد من ضرر الثوم الذي منع الشارع آكله من حضور الجماعة)،
وانظر فيض القدير 4/397.
(4) - نقلا عن الفتح 10/252.(8/71)
فائدة : من رأى من هو متهم بإصابة العين، فليقرأ : "وَإِن يَّكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ" إلى آخر السورة (1)، كذا في شرح الأنوار للقلصادي(2) / .
ونهى : نهي تحريم. عن الوشم : الوشم هو أن يغرز الجلد بإبرة أو نحوها، حتى يسيل الدم، ثم يحشى كحلا، فيخضر أو يسود، وإنما قرن بينه وبين العين دفعا لما كانوا يعتقدون أن الوشم يدفع العين، قاله الحافظ(3).
37 - باب رقية الحية والعقرب :
معروفان.
روى أصحاب السنن أن رجلا قال يا رسول الله : ماذا لقيت من عقرب لدغتني البارحة، فقال : (أما إنك لو قلت حين أمسيت : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك إن شاء الله) (4).
5741 - الحمة : أي السم.
38 - باب رقية النبي صلى الله عليه :
التي كان يرقي بها غيره.
5742 - لا يغادر : لا يترك.
5744 - امسح : أزل.
5745 - تربة أرضنا : قال النووي في شرح مسلم : (معنى الحديث أنه يأخذ من ريق نفسه على إصبعه السبابة، ثم يضعها على التراب، فيعلق بها منه شيء، فيمسح به على الموضع الجريح أو العليل، ويقول هذا الكلام في حال المسح، والله أعلم)هـ.
وقال قبله : (قال جمهور العلماء : المراد « بأرضنا » هنا جملة الأرض، وقيل أرض المدينة خاصة لبركتها) هـ منه(5).
__________
(1) - سورة القلم، الآية 51 فما بعدها.
(2) - علي بن محمد بن محمد بن علي القرشي القلصادي الأندلسي.
له: شرح الحكم العطائية، وأشرف المسالك إلى مذهب مالك. وتوفي بباجة من تونس سنة 891هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 6/14، ونفح الطيب 2/45، وفهرس الفهارس 2/314، ونيل الابتهاج 209.
(3) - في الفتح 10/249-250.
(4) - رواه أبو دواد في الطب باب كيف الرقى ؟ رقم 3898، وابن ماجه في الطب، رقم 3547 (2/1147).
(5) - شرح النووي على مسلم 14/184، والفتح 10/256.(8/72)
وقال ابن حجر : (قال النووي : قيل المراد "بأرضنا" أرض المدينة خاصة لبركتها، و"بعضنا" رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشرف ريقه، فيكون ذلك مخصوصا، وفيه نظر)هـ (1).
وقرر الإمام المازري الحديث على عمومه، ثم قال : (وخص بعضهم ذلك بأرض المدينة تبركا بتربتها لفضلها، والصواب ما ذكرناه) هـ، نقله الأبي وسلمه.
وقرره البيضاوي على العموم أيضا، واختار الطيبي تخصيصه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبالمدينة كما نقله القسطلاني عنه، فانظره(2).
39 - باب النفث في الرقية :
أي استعماله فيها .
قال القاضي : (النفث والتفل سنة في الرقى عند مالك والطبري، وجماعة من الصحابة والتابعين، وأنكره / بعضهم وأجازوا فيه النفخ، واختلف في التفل والنفث، فقيل هما بمعنى واحد، وهما نفخ يسير معه ريق. وقال أبو عبيد : الريق مع التفل لا مع النفث، وقيل بالعكس.
وسئلت عائشة رضي الله عنها عن نفث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرقية، فقالت: كما ينفث آكل الزبيب، وفائدته التبرك بتلك الرطوبة والهواء والنفس المباشر للرقية والذكر، كما يتبرك بغسالة ما يكتب فيه من الذكر والأسماء الحسنى في النشرة) هـ، نقله الأبي.
وقال ابن أبي جمرة: (محل التفل في الرقية بعد القراءة ليحصل بركة الريق في الجوارح التي يمر عليها)
__________
(1) - الفتح 10/256.
(2) - في الإرشاد 8/439.(8/73)
5747 - الرؤيا : أي الصالحة. والحلم : الذي يفزع صاحبه. من الشيطان : لأنه يسره ويحبه، أو لحضوره عنده، وإلا فالكل مخلوق لله تعالى، فالإضافة فيه مجازية. فلينفث : (هذا محل الترجمة بقياس الرقية على الرؤيا)، قاله العيني(1)، قال : (وكذا يقال في الحديث بعده).
5748 - نفث في كفه : بعد قراءة ما يذكر.
5749 - فقال بعضهم نعم : هو أبو سعيد. يتفل : لعل المص يرى أن التفل والنفث واحد، وبه تحصل المطابقة. قطيع من الغنم : ثلاثون رأسا. نَشِطَ مِنْ عِقَال : العقال الحبل الذي تشد به يد الدابة، أي كأنما حل منه وقام بسرعة. اقتسموا : (هذا أمر بما هو من المروءة ومكارم الأخلاق، وإلا فالجميع ملك للراقي)، قاله الكرماني(2)، ونحوه القرطبي، ونصه : (إنما هذه قسمة برضا الراقي، لأن الغنم ملكه، لأنه الذي فعل العوض الذي به استحلها، لكن طابت نفسه بالتشريك)هـ.
40 - باب مسح الراقي في الوجع بيده اليمنى :
تيمنا بها وتبركا.
5750 - فذكرته : قائله سفيان.
41 - باب المرأة ترقي الرجل :
أي جواز ذلك إن كانت محرما منه أو زوجة أو متجالة.
5751 - ينفث على يديه: أي بعد القراءة.
...
42 - باب من لم يرق :
أي بيان فضله، رضى بما برز له من الحضرة الالهية، وتفويضها لمولاه.
__________
(1) - قال في العمدة 21/270 : (قلت : الترجمة في النفث في الرقية، وفي الحديث النفث في الرؤيا، فلا مطابقة إلا في مجرد ذكر النفث، ولكن النفث إذا كان مشروعا في هذا الموضع، يكون مشروعا في غير هذا الموضع قياسا عليه، وبهذا يحصل التطابق بين الترجمة والحديث).
(2) - في الكواكب الدراري 21/29.(8/74)
5752 - الرهط : ما دون العشرة، أو ما دون الأربعين . سبعين ألفا : سيأتي ذكر الزيادة عليهم، وقدمنا أن ذلك لا يستلزم أفضليتهم على غيرهم. لا يتطيرون : لايتشاءمون من شيء أصلا. ولا يسترقون : مطلقا بأي رقية كانت. ولا يكتوون : أصلا. وعلى ربهم يتوكلون : يفوضون إليه جميع أمورهم، فلا يفعلون شيئا مما ذكر البتة، لتوغلهم في التوكل، هذا رأي الخطابي(1) ومن تبعه، قال القاضي :(وهو الذي اقتضاه ظاهر اللفظ)، قال : وإنما رقى صلى الله عليه وسلم واسترقى لأنه في مقام التشريع لأمته)هـ.
وقال النووي : (هو الظاهر من معنى الحديث)،
لكن قال القرطبي في المفهم: (ماذكره الخطابي ظاهر في الطيرة والكي، وأما الرقى فهي على أقسام ثلاثة : ما كان منها من رقى الجاهلية وبما لا يعرف فواجب اجتنابه، وما كان منها بأسماء الله وبالمروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمطلوب فعله لما فيه من اللجاء إلى الله والتبرك باسمه، وما كان منها بأسماء الملائكة والصالحين، أو بالعرش والكرسي من كل معظم، فهذا هو الذي ينبغي أن يجتنب لذلك، أي لأجل التوكل، والله أعلم).
آخر : قيل هو سعد بن عبادة. سبقك ... إلخ : قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة.
43 - باب الطيرة :
كعنبة، أي التشاؤم بالطيور أو بغيرها، أي باب النهي عنها وعن الوقوف معها، كانوا في الجاهلية إذا أرادوا أمرا، ومر طير فمر عن يمينهم تيامنوا بذلك وفعلوه أو عن شمالهم تشاءموا منه ولم يفعلوه، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك، وأخبر أنه لا تأثير له في نفع ولا ضر، ويدخل فيه ما ألقاه الشيطان في أذهان بعض العوام من أن من فعل كذا يكون له كذا، كاعتقاد بعضهم أن من جرح أضحيته يوم العيد يصيبه كذا، ومن أدخل المكناسة في المحرم يصيبه كذا، وغير ذلك، فيجب على كل من / ألهمه الله رشده ترك ذلك في نفسه وفي أهله، ومن يقتدي به، والله سبحانه الموفق.
__________
(1) - في أعلام السنن ص : 1150.(8/75)
5753 - لا عدوى : أي لا سراية للداء عن صاحبه إلى غيره. ولا طيرة : أي لاتأثير بها البتة.
فائدة : روى أبو دواد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة، فإذا أحس بذلك فليقل : أنا عبدالله، ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، لا يأتي بالحسنات إلا الله، ولا يذهب بالسيئات إلا الله، أشهد أن الله على كل شيء قدير، ثم يمضي لوجهه).
والشؤم في ثلاث : حمله الإمام مالك رحمه الله على ظاهره ولم يتأوله، بمعنى أن الله تعالى قد يجعل سكنى الدار مثلا سببا للضرر والهلاك بإرادته سبحانه وقدره، فالمعنى عنده على الاستثناء، وكأنه قال لا طيرة إلا في هذه الثلاث، قاله الأبي نقلا عن القاضي، ونحوه للنووي والكرماني(1)، وعلى ما حمله مالك ذهب الطبري وكثير من الأئمة، وقال الشيخ زروق:(إنه الصحيح)هـ(2).
وقال الخطابي : (لا يمتنع أن يجري الله العادة بذلك في الثلاث، كما أجرى العادة بأن من شرب السم مثلا مات)هـ.
وقال الباجي : (لا يبعد أن يجعل الله في دار أن من سكنها يقل ماله وولده، وبالعكس، وكذلك في الزوجة لا يتزوجها إلا من حضر عمره) هـ، وراجع أبوب الجهاد ولابد.
5754 - وخيرها الفأل : قال الأبي :(الضمير راجع إلى الطيرة، ومعلوم أنه لاخير فيها، فما تقتضيه المفاضلة من الشركة في الخير هو بالنسبة إلى زعمهم، أو يكون من باب قولهم: العسل أحلى من الخل)هـ، وقال ابن حجر : (قال الحليمي: إنما مدح الفأل دون الطيرة لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن بالله، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال) (3).
44 - باب الفأل :
__________
(1) - قال في الكواكب الدراري 21/31-32 : (قال مالك : هو على ظاهره، فإن الدار قد يجعل الله سكناها سببا للضرر، وكذا المرأة المعيبة أو الفرس قد يحصل الضرر عنده بقضاء الله تعالى).
(2) - شرح الرسالة لزروق 2/412.
(3) - الفتح 10/264.(8/76)
أي ما جاء فيه، وفسره في الحديث بقوله : " الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم"، أي من غير قصد ولا استعمال، كالمريض يسمع يا سالم، وطالب حاجة يسمع يا واجد، وروى الترمذي عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع: يا نجيح، يا راشد.
قال في المدخل :(والفأل المستحسن في السنة هو ما كان من غير قصد، والتفاؤل المكتسب حرام كما قاله الطرطوشي)هـ.
وقال الجزولي : (الفأل المكتسب من الاستقسام بالأزلام، ومنه رقاع تكتب وتطوى وتؤخذ منها واحدة، وقد يكون بالخط، وبكتف الشاة ينظر فيها، وبالقرعة، وبالنظر في النجوم، وزجر الطير، والعطاس، وكل ذلك ممنوع)هـ.
وقال سيدي زروق : (وكذلك أخذ الفأل من المصحف، عده أهل المذهب من الاستقسام بالأزلام)هـ (1).
وقال ابن العربي في الأحكام : ("وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالاَزْلاَمِ" (2): معناه تطلبوا ما قسم وجعل من حظوظكم وآمالكم ومنافعكم، وهو محرم فسق، فمن فعله فإنه تعرض لعلم الغيب، ولا يجوز لأحد أن يتعرض للغيب ويطلبه، لأن الله تعالى قد رفعه بعد نبينا - صلى الله عليه وسلم -، إلا في الرؤيا، فإن قيل: فهل يجوز ذلك في المصحف؟ قلنا : لا يجوز، فإنه لم يبين المصحف ليعلم به الغيب، إنما بينت آياته ورسمت كلماته ليمنع عن الغيب، فلا تشتغلوا به، ولا يتعرض أحدكم له) هـ(3).
45 - باب لا هامة :
قيل هي البومة، كانوا يتشاءمون منها، ويزعمون أنها إذا سقطت على دار أحد نعت له نفسه أو بعض أهله.
5757 - ولا صفر : داء يصيب الإنسان يصفر الوجه، تزعم العرب أنه / أعدى من الجرب.
46 - باب الكهانة :
... هي ادعاء علم الغيب بأي وجه كان، أي حرمة تعاطيها والاعتماد على خبر أهلها في الأدوية والرقى وغيرها، بل صرح ابن العربي في مواضع من عارضته بأن تعاطيها كفر.
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/412.
(2) - سورة المائدة، الآية 3.
(3) - أحكام القرآن ص : 544-545 (الجزء 2).(8/77)
وقال ابن بطال :( من ادعى علم ما أخبر الله ورسوله أن الله منفرد بعلمه، وأنه لايعلمه سواه عز وجهه، فقد كذب الله ورسوله، وذلك كفر من قائله)، وكأن المص رحمه الله أشار بذكرها هنا للرد على ما يعتمده ضعفة العقول من اعتقاد صحتها، والوقوف مع أخبار أهلها، واستعمال أدويتهم وما يشيرون به من الأمور المصادمة للشريعة المطهرة، هذا الذي ظهر لي في وجه ذكر الكهانة في كتاب الطب، والله أعلم، وما في الفتح بعيد(1)، وبتفسيرها بما ذكر، دخل فيها الكاهن، وهو من يدعي معرفة الأمور الآتية، والعراف وهو من يدعي معرفة السرقة والضالة، والمنجم والذي يضرب بالحصا، والذي ينظر في الكتف، والذي يدعي إخبار الجن له، وغير ذلك.
روى أصحاب السنن والحاكم وصححه، عن أبي هريرة رفعه : (من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) (2)، ورواه البزار عن ابن مسعود بزيادة :(أو ساحرا) (3)، وروى الطبراني عن أنس مرفوعا:(من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد برئ مما أنزل على محمد، ومن أتاه غير مصدق لم تقبل صلاته أربعين يوما)، هـ من الفتح(4).
وفي مسلم عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (من أتى عرافا فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) (5).
وقال الشيخ خ في الجامع :(ولا ينظر في الخط، ولا في الكتف، ولا في النجوم)(6).
__________
(1) - الفتح 10/271، ورأي ابن حجر أن إيراد باب الكهانة في كتاب الطب لمناسبته لباب السحر لما يجمع بينهما من مرجع كل منهما للشياطين.
(2) - رواه أبو دواد في الطب، باب في الكاهن رقم 3904، والحاكم في المستدرك 1/8.
(3) - انظر كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمي ص:267.
(4) - الفتح 10/267.
(5) - رواه مسلم في السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان (شرح النووي 15/227).
(6) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل68/ب.(8/78)
وقال الشيخ التاودي : (ولا في شيء مما يقصد به التطلع على الغيب، ولا يأتي أهل ذلك، ولا يصدقهم فيه، وليعتقد أن ذلك كله ليس بشيء، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الكهان لما سئل عنهم : "إنهم ليسوا بشيء")هـ(1).
وقال القرطبي في المفهم : (نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إتيان الكهان، يعني ومن تشبه بهم، لأنهم كذبة مبطلون ضالون مضلون، فيحرم إتيانهم والسماع منهم)هـ منه.
وقال النووي : (قال العلماء : يحرم تعاطي هذه الأمور، والمشي إلى أهلها وتصديقهم، ويحرم بذل المال إليهم، ويجب على من ابتلي بشيء مما ذكرناه المبادرة بالتوبة منه)هـ، نقله في المعيار.
تنبيه : قال أبو عبدالله الأبي : ( قال ابن رشد في جامع المقدمات : اختلف في المنجم يقتضي بتنجيمه، فيدعي علم شيء من المغيبات كقدوم زيد، وحدوث الفتن والأهوال، فقيل يقتل دون استتابة، وقيل يستتاب كالمرتد، فإن تاب وإلا قتل، ولمالك في كتاب السلطان: يزجر عن اعتقاده ذلك ويؤدب حتى يتوب، قال : وليس باختلاف، وإنما هو لاختلاف حال المنجم، فإن اعتقد تأثير الكوكب في ذلك ويستتر بذلك، قتل دون استتابة لأنه زنديق، وإن كان يظهر ذلك وينتصر له، استتيب كالمرتد، وإن كان لا يعتقد التأثير وإنما يرى القرانات والطوالع أدلة عادية في ذلك، فهذا يزجر ويؤدب لأنه أتى ببدعة، وتسقط إمامته وشهادته، ولا يحل تصديقه لقوله تعالى : " قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَالاَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ " (2)، وقوله: " إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ" الآية (3)، وينبغي أن يعتقد فيما يصيب فيه أنه بمقتضى التجربة، لأن الله سبحانه استأثر بعلم ذلك)هـ.
ونقله غير واحد عن ابن رشد في البيان كالمازري وابن ناجي(4) والحطاب، وغيرهم، وأقروه.
__________
(1) - تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل68/ب.
(2) - سورة النمل، الآية 65.
(3) - سورة لقمان، الآية 34.
(4) - في شرح الرسالة 2/413.(8/79)
5758 - فرمت إحداهما : وهي أم عفيفة بنت مسروح. الأخرى : مليكة بنت عويم(1). ولي المرأة : زوجها حمل بن مالك بن النابغة الصحابي(2). ولا استهل : صاح عند الولادة. بطل : بالباء الموحدة، من البطلان، أو بالياء المثناة، أي يهدر. من إخوان الكهان : لمشابهة كلامه لكلامهم من/ أجل سجعه، قال تقي الدين : (كان الكهان يخرجون أقوالهم الباطلة في أسجاع يستميلون بها القلوب)هـ(3)، ففيه ذم الكهان ومن تشبه بهم.
5761 - نهى : نهي تحريم . عن ثمن الكلب : أي عدا كلب الماشية وما ألحق به.
ومهر البغي : ما تعطاه الزانية على زناها. وحلوان الكاهن : ما يعطاه على الكهانة، سمي حلوانا لأنه يأخذه سهلا بلا مشقة.
ابن العربي : (حلوان الكاهن حرام بإجماع، لأن كهانته كفر لاخلاف في تحريمها )هـ.
الأبي : (قال الماوردي : ويؤدب الآخذ والمعطي، ويتقدم المحتسب في النهي عن التكسب بذلك، وعن التكسب باللهو).
5762 - ليس قولهم بشيء : أي لا عبرة به، ولا يلتفت إليه ولا إليهم. يخطفها الجني : من الملائكة بسرعة. فيقرها : يلقيها. وليه : هو الكاهن. فيخلطون : أي الكهان أو الجن، أو هما معا.
47 - باب السحر :
هو أمر خارق للعادة صادر عن نفس شريرة لا تتعذر معارضته.
قال الإمام المازري : (مذهب أهل السنة وجمهور علماء الملة أن السحر أمر ثابت، وله حقيقة كغيره من الأشياء ، وله أثر في المسحور، خلافا لم زعم خلاف ذلك) (4).
__________
(1) - مليكة بنت عويم أو عويمر، أم عفيف.
ورد ذكرها في حديث سنده ضعيف، في قصة المرأتين اللتين كانتا تحت حمل بن النابغة الهذلي، فضربت إحداهما الأخرى فأسقطت جنينا.
ترجمتها في: الإصابة 8/123.
(2) - حمل بن مالك بن النابغة الهذلي، أبو نضلة.
روى عنه ابن عباس وعمر بن الخطاب.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/35-36.
(3) - باللفظ في تعليق المصابيح ص : 560.
(4) - نقله في الفتح 10/273.(8/80)
قال : (ومذهب الأشعرية - وهو الصحيح عقلا - أنه يجوز أن يقع به أكثر من التفرقة بين المرء وزوجه، لأنه لا فاعل إلا الله تعالى، وما يقع من ذلك فهو عادة أجراها الله تعالى، ولا تفترق الأفعال في ذلك، وليس بعضها بأولى من بعض)هـ.
وقال ابن العربي في المسالك : (قال علماؤنا في هذا الحديث – أي حديث الباب -: إثبات السحر وأنه حق، أعني بقولي حقا أنه موجود، لا أنه حق في ذاته، وحقيقته تخييل في الأعيان، وقد أنكرته المعتزلة فقالوا إنه لا حقيقة له، قلنا : وقد أثبته الله بأنه موجود في كتابه، وأخبر به في مواضع كثيرة، وهو كلام مؤلف يعظم فيه غير الله، وتنسب إليه الأفعال والمقادير، ويخلق الله عند قول الساحر وفعله في المسحور ما شاء من أمره حسبما جرت به العادة، فهو كفر حسبما أخبر الله عنه بقوله :"فَلاَ تَكْفُرْ" (1)؛ وقال الشافعي : هو معصية)هـ.
وقال الفخر الرازي في تفسيره : (قد جوز أهل السنة أن يقدر الساحر على أن يطير في الهواء، ويقلب الإنسان حمارا، أو الحمار إنسانا، لكنهم قالوا إن الله هو الخالق لهذه الأشياء عندما يلقي الساحر أشياء مخصوصة، وكلمات معينة)هـ(2).
وقال القرطبي في المفهم : (دل القرآن والسنة على أن السحر موجود، وله أثر في المسحور، فمن كذب بذلك فهو كافر مكذب لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ومنكر لما علم بالعيان)، قال: (وهو عند علمائنا حيل صناعية تكتسب بالتعليم، إلا أنها لخفائها ودقتها لا تحصل إلا لآحاد الناس، وأكثره تخيلات لا حقيقة لها، تعظم في عين من لا يعرفها، كما قال تعالى : "يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمُ أَنَّهَا تَسْعى" (3) هـ(4).
والفرق بين السحر والمعجزة والكرامة ما قاله ابن عرفة، ونصه : (السحر أمر خارق للعادة مسبب عن سبب يعتاد كونه عنه)، قال : (فتخرج المعجزة والكرامة)هـ.
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 102.
(2) - التفسير الكبير 3/213.
(3) - سورة طه، الآية 66.
(4) - المفهم 4/167.(8/81)
وقال إمام الحرمين : (الإجماع على أن السحر لا يظهر إلا من فاسق، وان الكرامة لاتظهر على فاسق)هـ.
النووي: (عمل السحر حرام، وهو من الكبائر بإجماع، ثم إنه قد يكون كفرا، وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر كفر وإلا فلا)هـ.
ابن الحاجب : (والساحر كالزنديق) ؛ قال في التوضيح :(أي فإن ظهر عليه قتل ولم يستتب، وإن جاء تائبا ترك على الأصح، هذا مقتضى التشبيه، ونحوه في الجواهر، وهو اختيار القاضي أبي محمد)هـ(1).
وقال في التبصرة: (والساحر إن جاء تائبا قبلت توبته، وإن ظهر عليه وأخذ لم تقبل توبته ويقتل، قال مالك: من غير استتابة.
الباجي : بعد أن يثبت أن ما فعله من السحر الذي وصفه الله بأنه كفر.
ابن عبدالسلام: والمذهب أن الساحر كافر).
الأبي : (وانظر هل يقتل بفعل السحر مرة واحدة، أو حتى يتكرر منه، وجعلهم إياه بمنزلة الزنديق يقتضي أنه لا يقتل حتى يتكرر منه، لأن الزندقة لا تثبت بالمرة الواحدة).
"أَفَتَاتُونَ السِّحْرَ " : تتبعونه، "وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ " (2) : تعلمون أنه سحر.
"يخيل إليه ": يشير لقوله تعالى : "فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمُ أَنَّهَا ": حيات، "تَسْعى" (3) : تمشي على بطونها، لأنهم أودعوها من الزئبق ما كانت تتحرك بسببه وتضطرب وتمتد.
"وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ" (4): التي تعقدها في الخيط، تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ريق.
وقال الزمخشري معه(5).
__________
(1) - التوضيح للشيخ خليل ص : 753 (فصل في الجنايات الموجبة للعقوبات).
(2) - سورة الأنبياء، الآية 3.
(3) - سورة طه، الآية 66.
(4) - سورة الفلق، الآية 4.
(5) - قال في الكشاف 4/821 : النفاثات : النساء أو النفوس أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها ويرقين، والنفث النفخ من ريق).(8/82)
"تسحرون " : من قوله تعالى : "قُلْ فَأَنّى تُسْحَرُونَ " (1)، تعمون، وقال الجلال : (تخدعون وتصرفون عن الحق عبادة الله وحده، أي كيف تخيل لكم أنه باطل) (2).
5763 - سحر/ رسول الله صلى الله عليه رجل ...إلخ: كان سحره له في المحرم سنة سبع منصرفه من الحديبية، قاله ابن سعد(3)، ولبث - صلى الله عليه وسلم - كذلك سنة كاملة على المعتمد. لبيد بن الأعصم : اليهودي. يفعل الشيء وما يفعله : أي الجماع، أي كان يظن أنه يقدر على فعله، فإذا حاوله لم يقع منه انتشار، فالشيء هنا أمر خاص لا عام، قاله القاضي عياض، ولايضر ذلك فيما يتعلق بأمور الدنيا لأنه كالأمراض العارضة، وأما في أمور الدين، فهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم مما يؤدي إلى وقوع خلل فيه، كما ذلك مشاهد، قاله الإمام المازري. لكنه دعا: أي لم يكن مشتغلا بي، بل كان مشتغلا بالدعاء. أفتاني : أجابني عما سألته من الشفاء. رجلان: ملكان جبريل وميكائيل، أي وهو بين النائم واليقظان. أحدهما : جبريل. والآخر : ميكائيل. فقال أحدهما : ميكائيل. قال : أي جبريل. مطبوب: أي مسحور، كنوا بالطب عن السحر تفاؤلا بالطب الذي هو العلاج، كما كنوا عن اللديغ بالسليم، قاله الدماميني. في مشط : آلة تسريح الشعر. ومشاطة : ما يخرج من الشعر عند تسريحه. وجب طلع نخلة: أي وعاء طلعها، وهو الغشاء الذي يكون عليه. في بئر ذروان : هو بئر بالمدينة في بستان لبني زريق. فأتاها رسول الله صلى الله عليه : فأخرجه منها. رؤوس الشياطين : في القبح وكراهة المنظر، وهو تخييل كقوله :
... - ومسنونة زرق كأنياب أغوال(4).
__________
(1) - سورة المؤمنون، الآية 89.
(2) - حاشية الجلال ص : 448.
(3) - نقله الشبيهي من التوشيح ص : 483.
(4) - هذا عجز بيت لامرئ القيس، وصدره :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي - …(8/83)
أفلا استخرجته : أي استخرجت ما حواه جف الطلع. فكرهت أن أثور… إلخ : خاف - صلى الله عليه وسلم - أن يراه الناس فيتعلموه. فأمر بها : أي بالبئر. مشاقة الكتان : عند تسريحه.
تكميل : جاء في رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ لبيد المذكور فاعترف، فعفى عنه ؛ وفي أخرى قال له : (ما حملك على هذا ؟ قال : حب الدنانير، فتركه ولم يقتله).
قال القرطبي : (لا حجة على مالك في هذه القصة، لأن ترك قتل لبيد كان لخشية أن يثير بسبب قتله فتنة، أو لئلا ينفر الناس عن الدخول في الإسلام).
48 - باب الشرك والسحر من الموبقات :
أي المهلكات، واقتران السحر بالشرك يؤذن بعظم خطره، فمن ثم اقتصر المص عليهما في الترجمة، واختصر الحديث مع أنه مشتمل على سبع.
49 - باب هل يستخرج السحر ؟
من الموضع الذي دفن فيه، نعم يستخرج.
طب : سحر. أو يؤخذ عن امرأته : يحبس عن جماعها. أيحل عنه : ذلك السحر.
أو ينشر : النشرة أن يكتب شيء من أسماء الله تعالى، أو من القرآن، ثم يغسل بماء ويمسح به المريض، أو يسقاه.
لا بأس به …إلخ : الشيخ التودي : (وهذا هو المعتمد، ويشهد له ما في حديث مسلم : "من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"(1) ، وما تقدم من اغتسال العائن)هـ.
القاضي عياض : (وأجاز ابن المسيب أيضا أن يسأل الساحر حل السحر عن المسحور، وكرهه الحسن).
النووي : (وممن أجاز النشرة الطبري، وهو الصحيح)
__________
(1) - رواه مسلم في السلام، باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة (شرح النووي 14/186).(8/84)
5765 - أنه يأتي النساء : أي يقدر على إتيانهن وجماعهن. تحت رعوفة : الرعوفة صخرة تترك في قعر البئر ليجلس عليها مستقيه. أفلا - أي تنشرت ؟- : يعني استعملت النشرة، وهي الرقية التي بها يحل الرجل عن حبسه عن مباشرة أهله، ويحتمل أن يكون من النشر بمعنى الإخراج، فيوافق رواية من رواه بلفظ : "فهلا أخرجته ؟"، ويكون المراد بالمخرج ما حواه الجف، لا الجف نفسه، وبه يجمع بين الروايتين، قاله ابن حجر(1).
50 - باب السحر :
ابن حجر : (سقط هذا الباب عند بعضهم، وسقوطه الصواب) (2).
5767 - رجلان : قيل هما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم التميميان. فخطبا : وتفاخرا، ومدح الثاني الأول ثم ذمه، انظر الفتح(3).
إن من البيان لسحرا : الخطابي :(ليس هذا مدحا للبيان، ولا ذما له، لإتيانه فيه بمن التبعيضية، وقد اتفق على مدح الإيجاز والإتيان بالمعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة) (4).
51 - باب الدواء بالعجوة :
نوع جيد من التمر يسمى بدرعة "أَمَكِّتْ"، وقيل هو المسمى عندنا بالفكوس(5).
5768 - من اصطبح : تناول صباحا. كل يوم تمرات : زاد في رواية عند مسلم وغيره :(من تمر المدينة)، وفي رواية جمعة بن عبدالله(6) الآتية، وهو المراد بقوله : وقال غيره: أي غير علي.
سبع تمرات : والمطلق يحمل على المقيد فيهما.
__________
(1) - الفتح 10/289.
(2) - الفتح 10/289.
(3) - الفتح 10/290-291.
(4) - نقله الحافظ في الفتح 10/292، وفيه : (بالألفاظ اليسيرة).
(5) - أما الفكوس فتمر معلوم في المغرب، وهو أكبر من العجوة، وأما هذه فهي تمر صغير نواه شبه مستدير وحلاوته معتدلة، وهو "يضرب إلى السواد كما في الفتح 10/292"، وبه توصف عجوة المدينة النبوية، ولذا أستبعد صحة هذا القول.
(6) - جمعة بن عبد الله بن زياد بن شداد السلمي، أبو بكر البلخي.
روى عن مروان بن معاوية وأسد بن عمرو وهشيم.
وعنه البخاري ومحمد بن إسحاق والحسن بن الطيب.
توفي سنة 233هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/110.(8/85)
قال النووي : (تخصيص عجوة المدينة دون غيرها، وعدد السبع، من الأمور التي علمها الشارع، ولا نعلم نحن حكمتها، فيجب الإيمان بها، واعتقاد فضلها والحكمة فيها، وهذا كأعداد الصلوات، ونصاب الزكاة، وغيرها، وهذا هو الصواب في هذا الحديث، وأما ما ذكره الإمام المازري والقاضي عياض فيه، فكلام باطل، فلا تلتفت إليه، ولا تعرج عليه)،هـ منه، ونقله الأبي وسلمه.
ذلك اليوم إلى الليل : قال السخاوي : (وقع في حديث الباب عند أحمد عن عامر أنه قال : (وأظنه وإن أكلها حين يمسي لم يضره شيء حتى يصبح)، بل وقع عند الطبراني عن عائشة مرفوعا : (من أكل سبع تمرات من عجوة المدينة في يوم) - الحديث- ، ومن أكلها ليلا لم يضره)هـ، نقله القسطلاني(1) متوركا به على ابن حجر في قوله : (لم أقف في شي من الطرق على حكم من تناول ذلك أول الليل،هل يكون كمن تناوله أول النهار أم لا؟)(2).
52 - باب لاهامة :
أي بومة، أي لا تشاؤم بها.
5770 - مثل الظباء : في النشاط والقوة والسلامة. فمن أعدى الأول ؟ : أي الذي فعل بالأول ما فعل، هو الذي فعله بالثاني، وهو الله تعالى.
قال القاضي : (فيه حجة واضحة في قطع دعوى العدوى، لأنه إذا كان هذا الداء في الأول، فبم يحكم في الثاني أنه من سبب الأول، ولا سبب للأول، فليس إلا بفعل الله تعالى).
5771 - لا يوردن ممرض : من له إبل مرضى . على مصح : (من له إبل صحاح، لئلا يتوهم المصح أنه إذا أصاب نعمه مرض أن مرضها حدث من مخالطتها للمريض، مع أن الكل من الله)، قاله ابن بطال، وهذا أحد الأجوبة السابقة عن المعارضة بين قوله : " لاعدوى"، وقوله : "فر من المجذوم ... إلخ " . حديث الأول : أي لا عدوى. فرطن : تكلم. بالحبشية: أي بما لا يفهم.
53 - باب لا عدوى :
أي لا سراية للداء من بدن إلى بدن.
__________
(1) - في الإرشاد 8/457، ناقلا ذلك عن شيخه السخاوي - وهو بدوره تلميذ ابن حجر -.
(2) - الفتح 10/293.(8/86)
5772 - إنما الشؤم ...إلخ : هذا على طريق الاستثناء المتصل من الطيرة المنهي عنها، وكأنه قيل : لا طيرة إلا في هذه الثلاثة، بمعنى أن الله تعالى يجعلها سببا للضرر والهلاك، على هذا حمله الإمام مالك رحمه الله وكثيرون، قاله القاضي ومن تبعه، وقدمناه قريبا.
5776 - كلمة طيبة : يسمعها الإنسان.
54 - باب ما يذكر في سم النبي صلى الله عليه وسلم :
الإضافة فيه للمفعول .
5777 - شاة فيها سم : أهدتها له زينب بن الحارث امرأة سلام بن مشكم، وأكثرت من السم في الكتف والذراع. أبونا فلان : لم يعرفه ابن حجر(1). بل أبوكم فلان : إسرائيل، وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. يسيرا : أي أربعين يوما مدة عبادة آبائهم العجل، كما فسر به قوله تعالى :" وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَةً" (2). اخسئوا فيها : اسكتوا سكوت ذلة وهوان. وإن كنت نبيا لم يضرك : هذا منهم كذب أيضا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تجوز عليه الأعراض البشرية، قاله سيدي عبد القادر الفاسي، وقدمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن هذه المرأة ولم يقتلها، ثم لما مات بشر بن البراء قتلها به، قاله القاضي عياض جامعا به بين الروايات.
55 - باب / شرب السم :
__________
(1) - بل لم يتعرض الحافظ لشرح هذا الجزء أصلا، انظر الفتح 10/300-303، وما قاله الشبيهي فهو فهم منه رحمه الله، وكأني بابن حجر لما رأى البخاري أبهم تسمية المذكور، أعرض عن البحث في الموضوع.
(2) - سورة البقرة، الآية 80.(8/87)
لقتل الإنسان به نفسه، أي حرمته وبيان ما جاء في وعيده. والدواء به : أي حرمة ذلك أيضا، وما : أي وكل ما، يخاف منه : الهلاك، والخبيث : أي والدواء الخبيث، أي النجس كالخمر والخنزير وغيره من كل ما حرمه الشارع، وفي الترمذي :(نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء بالخبيث) (1)، ولعل البخاري إليه أشار في الترجمة.
وقال الشيخ خليل في الجامع : (والتداوي بسائر النجاسات، أي على ظهر الجسد من غير ثوب جائز، وفي الخمر أي في التداوي بها من غير شرب، قولان)هـ(2).
وقال الباجي : (تغسل القرحة بالبول والخمر إذا غسل بعد ذلك بالماء)، قال: ( وفي رواية ابن القاسم أنه كره التعالج بالخمر وإن غسله بالماء).
5778 - من تردى من جبل : أي أسقط نفسه منه عمدا. مخلدا فيها أبدا : أي هذا جزاؤه، وقد يسامحه مولاه، أو أن الخلود بمعنى طول المقام والمكث.
قال الأبي:(وقد يكون كناية عن كون عقوبته أشد من عقوبة قتله أجنبيا، لأنه واقع الذنب مع وجود الصارف، كزنا الشيخ وكذب الملك، والصارف حب الإنسان نفسه بالجبلة، ثم ينبغي تخصيصه بغير من قتل نفسه لظنه أن العدو يقتله، فقد قال أئمتنا: إذا حرق العدو سفينة للمسلمين، جاز لهم طرح أنفسهم في الماء، لأنه فرار من الموت إلى الموت، ولم ير ذلك ربيعة(3)
__________
(1) - أخرجه أبو داود في الطب 3870، والترمذي في الطب 7، وأحمد 2/305.
(2) -تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل ل57/ب.
(3) - أبو عثمان ربيعة بن عبدالرحمن فروخ المدني، المعروف بربيعة الرأي، مفتي المدينة، أدرك جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك، وأخذ عنه أئمة منهم مالك الذي قال : " ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة".
توفي سنة 136هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 8/420، وتذكرة الحفاظ 1/148، وتهذيب التهذيب 3/258، وشجرة النور الزكية 1/46.(8/88)
، إلا لمن طمع بنجاة فلا يقتل نفسه وليصبر لأمر الله، وكان الشيخ يقول لمن قطعت يده ظلما، ترك المداواة حتى يموت، وإثمه على قاطعه، والظالم أحق بالحمل عليه، بخلاف من قطعت يده في حق، فلا يجوز له ترك المداواة، وإن تركها حتى مات، فهو من معنى قتل النفس)هـ.
تحسى : تجرع. يجأ : يطعن.
56 - باب ألبان الأُتُن :
جمع أتان، الأنثى من الحمير، أي هل يباح شربها للتداوي ونحوه أو لا؟ وأكثر العلماء على حرمته، وهو مذهبنا.
لطيفة : ذكر ابن غازي في حاشيته هنا أن الإمام ابن عرفة احترق مزاجه في طلب العلم، واستفرغ ماء الحياة، وتولد في بدنه داء عضال أعوز الأطباء، فقال له رئيسهم إن قلبه خرج من غلافه، وصار في غاية الضعف كقلب الصبي، فلا يليق به من الأغذية إلا ألطفها، وهو اللبن الذي جعله الله غذاء للأطفال بشرط أن يرضعه بفيه من الثدي، وأنفعه لبن الأتن، ثم لبن النساء، ثم لبن المعز، فكره ابن عرفة لبن الأتن استقزازا وتورعا لما فيه من الخلاف، وترك لبن المعز لأنه في الدرجة الثالثة، واختار لبن النساء، فقال له الطبيب : أنفع ألبانهن لبن المرأة السمراء الصحيحة الجسم، المدمنة أكل اللحم، فاستأجر أربع نسوة من نساء القصابين، فكان يرضعهن، واغتفر ذلك، وإن كن أجنبيات، لمكان الضرورة، فشفاه الله(1)
__________
(1) - أستغرب صحة هذه القصة من جهة، وأستبعد صحة هذا الفقه المتعدي على الحدود الشعرية، فكيف يعدل عالم معتبر عن لبن المعز " اللطيف المعتدل، المطلق للبطن، المرطب للبطن اليابس" كما قال ابن القيم في الطب البنوي ص : 300ن إلى لبن المرأة ومن ثديها، بل من أثداء أربع نسوة - -
ويذكر في هذا السياق حديث الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتي ليلة أسري به بقدح من خمر وقدح من لبن، فنظر إليهمان ثم أخذ اللبن، فقال جبريل عليه السلام : الحمد لله الذي هداك للفطرة، لو أخذت الخمر غوت أمتك ".
فاللبن موافق للفطرة ومذهب الشريعة المطهرة، وبياضه مناط التعلق بالاستقامة على الصراط السوي، وفي القصة المذكورة عدول عن كل ذلك، بل خلط بين مقام الاستقامة وإتيان رضاع ثدي المرأة، وفيه من المنكر ما لا يخفى.(8/89)
.
5781 - وسألته : أي أبا إدريس(1). قال : أي أبو إدريس. يتداوون بها : أي أبوال الإبل. فلا يرون بذلك بأسا : لطهارتها، وهذا مذهبنا. ولم يبلغنا عن ألبانها أمر ولا نهي: نعم حرمه أكثر العلماء، لن حكم اللبن حكم اللحم لتولده منه، ورخص فيه عطاء وطاووس والزهري، ومذهبنا حرمته. نهى عن أكل كل ذي ناب ...إلخ : والمرارة من جملة اللحم، فحكمها حكمه.
57 - باب إذا وقع الذباب في الإناء :
هل ينجس ما فيه أم لا ؟ الجمهور أنه لا ينجسه، وإن مات فيه، لأنه لا نفس له سائلة.
5782 - في إناء : يشمل إناء الطعام والشراب. في أحد جناحيه شفاء : وهو الأيمن. وفي الآخر داء : وهو الأيسر/، وعن أبي هريرة أنه يقدم السم ويؤخر الشفاء.
77 - " كتاب اللباس "
أي ذكر بعض أحكامه وما يباح لبسه ومالا، وقول الله تعالى : "قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ": من الثياب وكل ما يتجمل به،"الَّتي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ" (2): أي أخرج أصلها من الأرض كالقطن، ومن الدود كالحرير، ومن الأنعام كالصوف والوبر، والاستفهام للتوبيخ والإنكار.
إسراف : مجاوزة الحد. ولا مخيلة : تكبر.
كل ما شئت : من الحلال الطيب، المباح أكله. والبس ما شئت : من الحلال المباح لبسه.
5783 - لا ينظر الله : أي نظر رحمة. إلى من جر ثوبه : يشمل الإزار والرداء والقميص والسراويل، وغير ذلك. خيلاء : كبرا وعجبا.
__________
(1) - عائذ بن عبد الله بن عمرو، أبو إدريس الخولاني.
روى عن عمر ومعاذ بن جبل وبلال وثوبان. وعنه الزهري ومكحول وأبو عون الأنصاري.
قال أبو زرعة: أحسن أهل الشام لقيا لأجلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/85.
(2) - سورة الأعراف، الآية 32.(8/90)
وحكى القاضي عياض الإجماع على أن المنع من الإسبال إنما هو في حق الرجال دون النساء، لما رواه الترمذي وغيره أن أم سلمة لما سمعت ذلك قالت يا رسول الله : فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟ فقال : يرخين شبرا، فقالت : إذا تنكشف أقدامهن، قال : يرخين ذراعا لا يزدن عليه.
1 - باب من جر إزاره من غير خيلاء :
أي تكبر، لا بأس به كمن سقط ثوبه لاستعجاله، أو كان ثوبه لا يثبت على كيفية، قال القاضي : (وكذلك إذا جره خيلاء على الكفار في الحرب، لأن فيه إعزاز الإسلام واحتقار أعدائه).
5784 - يسترخي : لنحافة جسمه. لست ممن يصنعه خيلاء : فلا حرج عليك.
5785 - مستعجلا : هذا محل الترجمة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - جره من غير خيلاء، بل لأجل الإسراع، فلا يدخل في النهي. فصلى ركعتين : على هيئة صلاة الكسوف.
2 - باب التشمر في الثياب :
أي جوازه، وهو رفع أسفل الثوب.
5786 - مشمرا : رافعا أسفل الحلة عن ساقه الشريف.
3 - باب ما أسفل من الكعبين :
من الثياب، فهو في النار : إذا كان للخيلاء.
5787 - ما : موصول مبتدأ. أسفل : خبر كان محذوفة. في النار : خبر المبتدأ، أي محل ذلك من الرجل مصيره إلى النار إذا نفذ فيه الوعيد، فكنى بالثوب عن لابسه، وهو محمول على من فعله خيلاء كما سبق.
4- باب من جر ثوبه من الخيلاء :
أي الكبر، فقد فعل حراما:
5788 - لا ينظر الله : نظر رحمة. من جر ثوبه : قميصا أو غيره. بطرا : تكبرا.
5789 - رجل : قيل هو قارون. مرجل : مسرح. جمته : شعر رأسه المتدلي إلى منكبيه. يتجلجل : يسيخ في الأرض مع اضطراب.
5790 - يجر إزاره : أي خيلاء.
5791 - ما خص إزارا ولا قميصا : بل عبر بالثوب الشامل لهما ولغيرهما.(8/91)
ابن حجر : (وفي هذه الحديث أن إسبال الثوب للخيلاء كبيرة، وأما لغيرها فلا، قال ابن عبدالبر : مفهوم الأحاديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد، إلا أن ذلك مذموم على كل حال، وقال القاضي : المستحب جعل الإزار ونحوه إلى نصف الساق، والإباحة والترخص إلى الكعبين، والممنوع ما تحتهما)هـ(1).
وعبارة النووي : (فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم، وإلا فمنع تنزيه) (2).
5 - باب الإزار المهدب :
الذي له هدب، وهو ما على أطراف الثياب من السدى الذي لا لحمة فيه، أي جواز لبسه.
5792 - مثل هدبة : تعني ذكره. حتى يذوق : أي الثاني. عسيلتك : كناية عن الجماع التام.
6 - باب الأردية :
جمع رداء، ما يجعل من الثياب على العاتق أو بين الكتفين، أي جواز اتخاذها.
5793 - فارتدى : جعل رداءه على كتفيه.
فائدة : قال في الإكمال : (ذكر ابن سعد عن عروة أن رداء النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حضرميا، طول أربع أذرع في عرض ذراعين وشبر)، قال : (وهو الذي عند الخلفاء اليوم؛ وعن الواقدي أن برده عليه السلام كان يمنيا، طول ستة أذرع في ثلاثة وشبر، وأن إزاره من نسج عمان، طول أربعة أذرع وشبر في عرض ذراعين وشبر، كان يلبسهما يوم الجمعة والعيد، ويطويان) /.
7 - باب لبس القميص :
أي جوازه، وهو ثوب له كمان.
"اِذْهَبُوا بِقَمِيصِي" (3): أشار به إلى أنه ليس بحادث، وإن كان الشائع في العرب الإزار والرداء.
5794 - لا يلبس المحرم ...إلخ: الجواب بما لا يلبس يؤخذ منه الجواب بما يلبس بطريق أخصر وأشمل.
5795 - فأخرج : من قبره. والله أعلم : بسبب ذلك وحكمته.
5796 - ابنه : عبدالله الصحابي الجليل.
" أو لا تستغفر لهم " : فهم عمر من التسوية بين الاستغفار وعدمه النهي عنه، والصلاة استغفار.
8 - باب جيب القميص :
__________
(1) - الفتح 10/323.
(2) - نقلا عن الفتح 10/323، وهو في شرح صحيح مسلم 14/62.
(3) - سورة يوسف، الآية 93.(8/92)
الجيب ما يقطع من الثوب ليخرج منه الرأس، عند الصدر : أي محله عنده، وغيره : أي غير القميص، أي جواز اتخاذ الجيب للقميص ولغيره.
5797 - وتراقيهما : جمع ترقوة، العظم الذي بأعلى الصدر. تغشى : تغطي. وتمحو أثره: أي أثر مشيه لطولها. يقول بإصبعه هكذا : أي يفعل به ما ذكر.
ابن حجر : (وهذا يدل على أن الجيب كان في الصدر الأول)، قال : (وفي حديث قرة بن إياس(1)، وسنده صحيح، ما يقتضي ذلك)هـ (2)، ونحوه للسيوطي والهيثمي في فتاويه.
ثم قال ابن حجر : (ابن بطال : ودل أيضا على أن الجيب في ثياب السلف كان عند الصدر، على ما يصنعه النساء عندنا اليوم بالأندلس)هـ(3).
وقال في العارضة : (لا تبال بالجيب، أي الطوق، كان بالمقدم أو الجنب، إلا أن يكون للناس عادة يسلكونها، فذلك أسلم للمرء)هـ.
وقال الفيومي : (سئل الإمام الزركشي رحمه الله عن كيفية قميص النبي - صلى الله عليه وسلم -، هل كان مفتوح الصدر أو على هيئة الدلق(4) ؟ فأجاب : ظاهر النقل يقتضي أنه كان مفتوحا لحديث عروة بن عبدالله بن قشير(5)
__________
(1) - قرة بن إياس بن هلال بن رياب المزني، أبو معاوية البصري.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه ابنه معاوية.
قتل في حرب الأزارقة في زمن معاوية.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1280، والإصابة 5/433، وتهذيب التهذيب 8/370.
(2) - الفتح 10/328، ومتن الحديث : "قال : فأدخلت يدي في جيب قميصي فمسست الخاتم" - أخرجه أبو دواد والترمذي وصححه هو وابن حبان -.
(3) - الفتح 10/328.
(4) - كذا في الأصل، ونبه عليه العرائشي في هامش نسخته.
(5) - عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي، أبو مهل الكوفي.
روى عن معاوية بن قرة وعنبسة بن أبي سفيان ومحمد بن سيرين وفاطمة بنت علي بن الحسين.
وعنه زهير بن معاوية والثوري وعنبسة بن سعيد.
وثقه أبو زرعة وابن حبان.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 7/181.(8/93)
، وفي آخره : " وإنه لمطلق الإزار"، وفي تاريخ ابن الفرات(1) عن أنس رضي الله عنه قال :كان قميص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطنا، قصير الطول، قصير الكمين)هـ.
فلو رأيته ... إلخ: أي لتعجبت منه.
جنتان : تثنية جنة، وهي الوقاية.
9 - باب من لبس جبة ضيقة الكمين:
أي جاز ذلك.
5798 - انطلق النبي صلى الله عليه لحاجته : في غزوة تبوك. بدنه : أي جبته.
10 - باب لبس جبة الصوف في الغزو :
أي جواز ذلك فيه لأنه يغتفر فيه مالا يغتفر في غيره، وأما في غير الغزو، فقال ابن بطال:(كره مالك لبس الصوف لمن يجد غيره لما فيه من الشهرة بالزهد، لأن إخفاء العمل أولى)، قال : (ولم ينحصر التواضع في لبسه، بل في القطن وغيره، مما هو بدون ثمنه)هـ(2)، ولعل قول مالك المذكور في قوم ليس عادتهم لبسه، وإلا فيجوز بلا نزاع.
5799 - في سفر : هو تبرك .
11 - باب القَبَاء وفَرُّوجِ حَرِير :
كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط. هو : أي الفروج، الذي شق من خلفه : يعني والقباء الذي شق من أمامه.
5800 - وعليه قباء منها : وكانت من حرير، فيحمل على أنه كان لابسا له وذلك قبل تحريم الحرير، أو معناه: وعلى يديه قباء منشور ليريه إياه.
رضي مخرمة ؟ (3): أي رضيت، فلبسه لكونه كان مباحا.
__________
(1) - محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز المصري، ناصر الدين بن الفرات.
ولد بالقاهرة، وولي بها خطابة المدرسة المعزية.
له تاريخ سماه الطريق الواضح المسلوك. وتوفي سنة 807هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 8/51، وشذرات الذهب 7/72، وحسن المحاضرة 1/320.
(2) - نقلا عن الفتح 10/330.
(3) - مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري، والد الصحابي المسور بن مخرمة.
كان من مسلمة الفتح، وكان له علم بالأنساب.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1380، والإصابة 6/50.(8/94)
5801 - ثم صلى فيه : المغرب. ثم انصرف : بعدما سلم. فنزعه نزعا شديدا : لنزول التحريم ح، فإن هذه القصة هي مبدأ تحريم الحرير. للمتقين : أي الذكور دون الإناث.
12 - باب البرانس :
جمع برنس، ثوب رأسه منه، أي جواز لبسها، (وقد كرهه بعض السلف، لأنه كان من لباس الرهبان، وسئل عنه مالك فقال : لا بأس به، قيل : فإنه من لبوس النصارى، قال : كان يلبس هنا، أي بالمدينة، وقال عبدالله بن أبي بكر : ما كان أحد من القراء إلا له برنس)، هـ من الفتح(1).
5802 - من خز :
قال في المشارق : (هو ما خلط من الحرير بالوبر وشبهه) (2).
وقال الكرماني : (هو المنسوج من الإبريسم والصوف) (3).
وقال ابن الملقن : (هو حرير يخلط بوبر وشبهه).
وقال الزركشي : (ثوب ينسج من صوف وإبريسم) (4).
وقال ابن العربي : (هو ما أحد نوعيه السدى أو اللحمة حرير، والآخر سواه، وقد لبسه جماعة من الصحابة والتابعين، وسئل عنه مالك فقال : لابأس به، فدل ذلك على جوازه، وقيل إنه مكروه، قال ابن رشد : وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب ).
وقال ابن العربي : (الأقوى حله، وليس فيه وعيد ولا عقوبة بإجماع)هـ.
وفي ديوان ابن يونس ما نصه : (قال ابن حبيب : أما الخز الذي سداه الحرير، فلم يختلف في إجازة لبسه، وقد لبسه خمسة عشر صحابيا، وخمسة عشر تابعيا)، قال : (وما مزج من ثياب الحرير بكتان أو صوف، فلباسه للرجل في الصلاة أو غيرها مكروه، لاختلاف السلف فيه، أجازه ابن عباس، وكرهه ابن عمر من غير تحريم.
قال مطرف (5)
__________
(1) - الفتح 10/334.
(2) - مشارق الأنوار 1/233.
(3) - الكواكب الدراري 21/64.
(4) - التنقيح ص : 238.
(5) - أبو مصعب مطرف بن عبدالله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي المدني، روى عن جماعة منهم الإمام مالك، وعنه أبو زرعة والبخاري، وخرج له في الصحيحين. قال الإمام أحمد : كانوا يقدمونه على أصحاب مالك. توفي سنة 220 هـ.
ترجمته في : شجرة النور الزكية 1/57.(8/95)
: ورأيت على مالك ساج إبريسم كساه إياه هارون الرشيد(1)، وكان يفتي هو وأصحابه بكراهة ذلك، ولم يكن عنده كالخز المحض.
وقال ابن حبيب : ليس بين ثياب الخز والثياب التي قيامها حرير فرق إلا الاتباع)هـ.
5803 - الوَرْس / : نَبْتٌ كالسِّمْسِم.
13 - باب السراويل :
أي جواز لبسها، بل استحبابه لما فيها من الستر، وأول من لبسها إبراهيم عليه السلام.
5804 - فليلبس سراويل : أي بعد فتقها، وإلا فعليه فدية كما قدمناه في الحج.
5805 - فليلبس الخفين أسفل ... إلخ : فيه حذف، أي وليقطعهما أسفل...إلخ.
فائدة : كثر كلام علماء العصر في السراويل، هل لبسها - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ فمن مثبت ومن ناف، فأحببت أن أذكر هنا ما وقفت عليه من كلام الأئمة في ذلك، فأقول :
أخرج أبو داود -واللفظ له- ، والترمذي -وقال حسن صحيح-، والنسائي وابن ماجه عن سويد بن قيس(2) قال : جلبت أنا ومخرمة العبدي بزا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي، فساومنا بسراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : زن وارجح هـ(3).
قال ابن القيم في الهدي: (اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها، وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل)،هـ منه(4).
__________
(1) - هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، خامس الخلفاء العباسيين.
كان عالما بالأدب وأخبار العرب.
تولى الملك 23 عاما، وتوفي سنة 193هـ.
ترجمته في: تاريخ بغداد 14/5، والبداية والنهاية 10/213، وتاريخ الطبري 10/47.
(2) - سويد بن قيس العبدي، أبو مرحب.
أخرج أحمد وأصحاب السنن أنه باع النبي صلى الله عليه وسلم سراويل.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 680، والإصابة 3/228.
(3) - أخرجه الترمذي في التجارات 34، والنسائي في البيوع 54، وابن ماجه في اللباس رقم 3579 (2/1185).
(4) - زاد المعاد 1/139، وهو في الفتح 10/335.(8/96)
وقال الشمني(1) في حاشية الشفا ما نصه: (قالوا لم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل، ولكنه اشتراها ولم يلبسها، وفي الهدي لابن قيم(2) الجوزية أنه لبسها، قالوا وهو سبق قلم، واشتراها عليه السلام بأربعة دراهم، وفي الإحياء : اشتراها بثلاثة دراهم)، هـ منها.
وقال السيوطي في مرقاة الصعود: (ذكر بعضهم أنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى السراويل ولم يلبسها، وفي الهدي لابن القيم أنه - صلى الله عليه وسلم - لبسها، وتعقبه بعضهم بأنه سبق قلم).
وقال القسطلاني في المواهب: ( وأما السراويل فاختلف هل لبسها - صلى الله عليه وسلم - أم لا؟ فجزم بعض العلماء بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلبسها –ثم نقل كلام الهدي- وقال: قال أبو عبد الله الججازي(3) في حاشيته على الشفا: وما قاله في الهدي من أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل قالوا إنه سبق قلم)(4).
__________
(1) - أحمد بن محمد بن محمد بن حسن بن علي بن خلف الله التميمي الشمني.
له: مزيل الخفا عن ألفاظ الشفا، وكمال الدراية في شرح النقاية، وشرح نخبة الفكر.
توفي سنة 872هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 2/174، والبدر الطالع 1/119، وبغية الوعاة 163.
(2) - في الأصل : "ابن القيم الجوزية"، والصحيح أن يقتصر على "ابن القيم"، أو بالإضافة : "ابن قيم الجوزية"، لأنه ينسب إلى والده وكان قيما على مدرسة الجوزية بالشام.
(3) - محمد بن أحمد القليوبي، أبو عبد الله الحجازي.
له: تعليق على الشفا، وتعليق على الحاوي، ومختصر المدونة. توفي سنة 849هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 9/51، وهدية العارفين 2/196.
(4) - المواهب اللدنية 1/440-441.(8/97)
وقال المناوي في فتح القدير إثر الحديث السابق ما نصه : (فيه ثبوت شراء السراويل لا أنه لبسها، ثم قال : نعم جاء في رواية أبي يعلى شديدة الضعف عن أبي هريرة أن المصطفى اشترى سراويل من سوق البزازين بأربعة دراهم، وأنه قال له : يا رسول الله، وإنك تلبس السراويل ؟ قال : أجل في السفر والحضر، وبالليل والنهار، فإني أمرت بالستر فلم أر أستر منه)هـ(308 ).
وقال المناوي أيضا على حديث " صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله" ما نصه: (حديث أبي يعلى، قال الحافظ الزين العراقي وابن حجر : سنده ضعيف، وقال السخاوي : ضعيف جدا، بل بالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه، وقال :فيه يوسف بن زياد عن عبدالرحمن الإفريقي، ولم يروه عنه غيره، ورده السيوطي بأنه لم ينفرد به يوسف،فقد خرجه البيهقي في الشعب والأدب من طريق جعفر بن عبدالرحمن، ويرده أن ابن عبدالرحمن – قال ابن حبان- يروي الموضوعات عن الثقات، فهو كاف في الحكم بوضعه)هـ.
وقال أيضا على حديث "اتخذوا السراويلات" ما نصه: (قالوا ولم يثبت أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - لبسها، لكن روى أحمد والأربعة أنه اشتراها، وقول ابن القيم : الظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها" وهم، وقد يكون اشتراها لبعض نسائه، وقول ابن حجر : " في شرائه لغيره بعد"، غير مرضي/، إذ لا استبعاد في شرائه لعياله، وما رواه أبو يعلى وغيره أنه خبر عن نفسه بأنه لبسه، فسيجيء أنه موضوع)، هـ من فتح القدير بحروفه، وأشار إلى ما قدمناه عنه قريبا.
وفي فتاوي ابن حجر الهيثمي ما نصه : (وسئل نفع الله به، هل لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - السراويل ؟ فأجاب بقوله: قال السبكي في فتاويه إنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراه وما لبسه، ثم صار حسنا للستر)هـ.(8/98)
وقال الفيومي في شرح الترغيب : (سئل الزركشي عن السراويل، هل لبسه النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فأجاب رحمه الله: أما السراويل فروى الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراه، لكن لم يذكر أنه لبسه، فاعتمد على ذلك الشيخ تقي الدين في فتاويه فقال: إنه اشتراه ولم يلبسه).
وقال سيدي عبد الرحمن الفاسي فيما نقله من تقاييد أبيه سيدي عبد القادر على البخاري ما نصه: ( لم يثبت لباسه - صلى الله عليه وسلم - السراويل إلا فيما لم يبلغ مبلغ الصحة)هـ.
وقال الحفني في حواشيه على الجامع الصغير ما نصه: ( لم يثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل،وإن كان لبسه سنة).
وقال مفتي الإسلام بالديار القدسية شمي الدين محمد بن أبي اللطف (1) حين سئل عن ذلك، نظما ما نصه :
أقول إن المصطفى قد اشترى
كما الشموني حكى ذلك في
قالوا وما في الهدي من لباسها
ولبسه سنة إبراهيم لا ... - ذاك ولم يلبسه قط في عمره
- حاشية الشفا فصد عن نكره
- فذاك سبق قلم لم يرده
- بأس به فالبس لأجل ستره هـ.
فتحصل من جميع ما ذكر أن الصواب الذي تطمئن له النفس وينشرح له الصدر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يلبس السراويل مرة في الدهر، والله متولي الهداية والتوفيق والكفاية والحماية والستر.
__________
(1) - محمد بن أبي اللطف محمد بن علي الحصكفي المقدسي، شمس الدين.
أصله من حصن كيفا، وولد بالمقدس، ودرس بمصر.
له الموضح المبين لأقسام التنوين. وتوفي سنة 928هـ.
ترجمته في: الضوء اللامع 9/164، وشذرات الذهب 8/161.(8/99)
تنبيه : وقع للمناوي في شرح حديث " صاحب الشيء أحق بشيئه أن يحمله"، بعدما ذكر حديث أبي يعلى السابق، قال ما نصه : (وبذلك يتبين صحة جزمه في الهدي بأنه لبسها، فقول الشمني في حاشية الشفا كبعض المتأخرين من الحفاظ أن ما فيه سبق قلم ، زلل فاحش سببه قصور النظر)، هـ من فتح القدير بلفظه، وهو عجيب، لأنه حكم على الحديث مرة بأنه ضعيف جدا، وأخرى بأنه موضوع، ومع ذلك يقول ما ذكر فكيف يجزم بصحة أمر مستند لحديث موصوف بما ذكر، والعلم عند الله سبحانه.
14 - باب العمائم :
أي مشروعية لباسها.
ابن حجر : (ذكر فيه الحديث المذكور قبله من وجه آخر، وكأنه لم يثبت عنده على شرطه في العمامة شيء، وأخرج الحاكم عن ابن عباس مرفوعا : "اعتموا تزدادوا حلما"(1)، وعن ركانة(2) مرفوعا : " فرق(ما) (3) بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس"(4)، وعن ابن عمر : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه"، وفيه أن ابن عمر كان يفعله - أي السدل-، والقاسم(5)
__________
(1) - أخرجه الطبراني والترمذي في العلل المفرد وضعفه البخاري، وقد صححه الحاكم فلم يصب، وله شاهد عند البزار عن ابن عباس ضعيف أيضا، انظر الفتح 10/335-336.
(2) - ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب المطلبي.
أسلم في فتح مكة. وتوفي في خلافة عثمان أو معاوية.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 507، والإصابة 2/497.
(3) - إضافة "ما" لازمة لصحة السياق –انظر الفتح 10/336-، وقد نبه عليها العرائشي.
(4) - رواه في الجامع الصغير، وضعفه الكتاني في الدعامة في فضل العمامة ص:34، والألباني في الضعيفة 3/ رقم 1217 .
(5) -أبو محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
قال ابن سعد : ثقة رفيع، عالم فقيه، إمام ورع كثير الحديث، توفي سنة 101 هـ.
ترجمته في : طبقات ابن سعد 5/139، وتذكرة الحفاظ 1/96، ووفيات الأعيان 1/418.(8/100)
وسالم، وأما مالك فقال : إنه لم ير أحدا يفعله إلا عامر بن عبدالله بن الزبير(1)، والله أعلم)هـ(2).
فأخذ منه مطلوبية لبس العمامة، ومن حديث ابن عمر، وفعله مطلوبية سدل طرف منها، ويعبر عنه بإرخاء العذبة، قال ابن أبي جمرة: (العمائم التي ليست بذؤابة ولا تلحى مكروهة، لأنها قيل فيها إنها عمائم قوم لوط، وقيل عمائم الشيطان، ذكره ابن رشد في مقدماته، وغيره من العلماء)هـ(3).
وهل يكون إرخاؤها – أي العذبة – من الجانب الأيسر أو الأيمن ؟
قال العراقي : (المشروع من الأيسر) (4)، وقال شيخ الإسلام : ( هو الذي تلقيناه من المشايخ) (5)، وقال الشيخ جسوس: (الأفضل أن تكون بين الكتفين، ثم المنكب الأيمن)هـ.
وهل يسدل الطرف الأعلى أو الأسفل ؟ كل محتمل، قاله القسطلاني(6).
وقال المناوي : (وينبغي ضبط طولها –أي العمامة- وعرضها بما يليق بلابسها عادة في زمانه ومكانه، فإن زاد على ذلك/ كره، وتتقيد كيفيتها بعادة أمثاله أيضا، فلذلك انخرمت مروءة فقيه يلبس عمامة سوقي، وعكسه، وخرمها مكروه بل حرام على من تحمل شهادة، لأن فيه إبطال حق الغير، ولو اطردت عادة محل بعدمها أصلا لم تنخرم به المروءة على الأصح، خلافا لبعضهم، والأفضل في لونها البياض)هـ.
__________
(1) - عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي.
روى عن أبيه وأنس وصالح بن خوات.
وعنه أخوه عمرو ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج ومالك.
وثقه ابن معين والنسائي وأبو حاتم.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 5/74.
(2) -الفتح 10/355-336.
(3) - بهجة النفوس 1/181.
(4) - نقله الأنصاري في التحفة 3/267.
(5) - تحفة الباري 3/267.
(6) - الإرشاد 8/478.(8/101)
فائدة : قال الزرقاني على المواهب : (قل ابن حجر في فتاويه : لم يحضرني في طول عمامة النبي - صلى الله عليه وسلم - قدر محدود، وقال السيوطي : لم يثبت في مقدارها حديث، وفي خبر ما يدل على أنها عشرة أذرع، والظاهر أنها كانت نحو العشرة أو فوقها بيسير، وقال السخاوي : وما ورد من أن طولها سبعة أذرع في عرض ذراع، لا أصل له، وقال ابن الجزري: تتبعت الكتب في ذلك فلم أقف على شيء حتى أخبرني من أثق به أنه وقف على كلام للنووي ذكر فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان له عمامتان، قصيرة ستة أذرع، وطويلة اثنتا عشرة ذراعا)هـ.
وقال المناوي : (لم يتحرر – كما قال بعض الحفاظ – في طول عمامته - صلى الله عليه وسلم - وعرضها شيء، وما وقع للطبري أنها سبعة أذرع، ولغيره نقلا عن عائشة أنها سبعة في عرض ذراع، وأنها كانت في السفر بيضاء، وفي الحضر سوداء من صوف، وقيل عكسه، وأن عذبتها كانت في السفر من غيرها، وفي الحضر منها، فلا أصل له)هـ(1).
وبه يعلم ما في جزم صاحب المدخل بأنها كانت سبعة أذرع، والله أعلم.
فائدة أخرى: أخرج الطبراني عن ابن عمر قال:(كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس قلنسوة بيضاء)(2)، وابن عساكر عن عائشة: (كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس قلنسوة بيضاء لاطية)، أي لاصقة برأسه غير مقبية، قاله المناوي، وقال الحفني : (هي المسماة بالتربوش)، وأخرج الروياني(3) وابن عساكر عن أنس قال :(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس القلانس تحت العمائم، وبغير عمائم، ويلبس العمائم بغير قلانس، وكان يلبس القلانس اليمانية، وهي البيض الحضرية)هـ، نقل الجميع في الجميع الصغير(4).
__________
(1) - فيض القدير 5/213-214.
(2) - ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 5/121.
(3) - أبو بكر الروياني، محدث توفي بعد سنة 320هـ أيام المقتدر.
له المسند.
ترجمته في: تاريخ الخلفاء للسيوطي 155.
(4) - الجامع الصغير 2/393-394، ح 7166 و7167 و7168.(8/102)
قال المناوي إثره : (قال بعض الشافعية : فيه وفيما قبله لبس القلنسوة اللاطية بالرأس والمرتفعة والمضرية وغيرها، تحت العمامة وبلا عمامة، كل ذلك ورد) (1).
وقال ابن العربي : (القلنسوة من لباس الأنبياء والصالحين، تصون الرأس وتمكن العمامة، وهي من السنة، وحكمها أن تكون لاطية لا مقبية، إلا أن يفتقر الرجل إلى أن يحفظ رأسه عما يخرج منه عن الأبخرة، فيقبيها أو يثقب فيها).
15 - باب التقنع :
أي جوازه، وهو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره.
وعليه عصابة : موضوعة على رأسه الشريف فوق العمامة. دسماء : أي سوداء، وفي عصب الرأس تغطية له، وهو وجه المطابقة، قاله شيخ الإسلام(2).
5807 - السمر : الطلح . متقنعا : مغطيا رأسه بثوبه. أخرج من عندك : لأسارك بشيء. في الخروج : إلى المدينة. أحث الجهاز : أسرعه. سفرة : طعاما معدا للسفر. نطاقها: حزامها. فأوكأت : شدت. لَقِن : سريع الفهم. ثَقِف : حاذق فطن. رسلهما : لبنهما أي شربه. ينعق : يصيح.
__________
(1) - فيض القدير 5/247.
(2) - في تحفة الباري 3/267.(8/103)
تنبيه : استدل بعضهم بحديث التقنع على مشروعية لبس الطيلسان، قال ابن حجر:(ونازع ابن القيم في ذلك، قال : إنه غيره، وجزم بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلبسه ولا أحد من أصحابه(1) ثم على تقدير أنه يؤخذ من التقنع، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتقنع إلا لحاجة)هـ(2)، ويرد على حديث أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكثر القناع، وما أخرجه ابن سعد في الطبقات بسند مرسل : (وصف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطيلسان، فقال : هذا ثوب لا يؤدى شكره)، وأما ما روي عن أنس في الصحيح أنه رأى قوما عليهم الطيالسة، فقال : كأنهم يهود خيبر، وما في مسلم أن الدجال يتبعه اليهود عليهم الطيالسة(3)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :(من تشبه بقوم فهو منهم، وليس منا من تشبه بغيرنا)، فجوابه أنه إنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبدالسلام(4) في أمثلة البدعة المباحة، وقد يصير من شعار قوم، فيصير تركه من الإخلال بالمروءة كما نبه عليه الفقهاء، فإن الشيء قد يكون شهرة لقوم، وتركه بالعكس، ومثل ابن الرفعة ذلك بالسوقي والفقيه في الطيلسان، هـ من الفتح(5).
__________
(1) - انظره في زاد المعاد 1/142.
(2) - الفتح 10/337.
(3) - صحيح مسلم 3/1642 كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال.
(4) - عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام السلمي الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، لقبه به تقي الدين بن دقيق العيد.
تفقه على ابن عساكر والآمدي، وروى عنه ابن دقيق العيد وأبو محمد الدمياطي وابن القيم.
له: كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام، ومجاز القرآن، ومختصر صحيح مسلم، وشجرة المعارف، وتوفي بالقاهرة سنة 660هـ.
ترجمته في : طبقات الشافعية للإسنوي 2/197، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8/209، ومرآة الجنان لليافعي 4/153.
(5) - الفتح 10/337-338.(8/104)
وقال السيوطي : (لبسه سنة)، وألف فيه : " الأحاديث الحسان في لبس الطيلسان"(1).
16 - باب المغفر :
هو زرد من الدروع يلبس في الحرب تحت القلنسوة، أي جواز لبسه.
5808- دخل : مكة. وعلى رأسه المغفر : وفي حديث جابر :(وعليه عمامة)، وجمع بينهما باحتمال / أن أحدهما كان فوق الآخر.
17 - باب البرود :
جمع برد، ثوب مخطط تلبسه الأعراب، والحبرة : عطف خاص على عام، وهي ضرب من برود اليمن، والشملة: كساء دون القطيفة، يشتمل به.
5809 - نجراني : نسبة إلى نجران، بلدة باليمن
5810 - امرأة :لم تعرف. منسوج في حاشيتها : أي مع حاشيتها، لا أن حاشيتها مخيطة عليها بعد النسج. فجسها : لمسها بيده. رجل : هو عبدالرحمن بن عوف.
... 5811- نمرة : شملة فيها خطوط ملونة كأنها جلد نمر. رجل من الأنصار : هو سعد بن عبادة. سبقك عكاشة : قاله - صلى الله عليه وسلم - حسما للمادة.
5812 - الحبرة : برد يماني يصنع من قطن.
18 - باب الأكسية :
جمع كساء، والخمائص: جمع خميصة، كساء من صوف أو خز، مربعة لها أعلام، أي جواز لبس ما ذكر.
5815، 5816 - لما نزل برسول الله صلى الله عليه : أي نزل به الموت.
5818 (2) - في هذين : الكساء والإزار.
5817 (3) - إلى أبي جهم : لينتفع بها لا ليصلي فيها، فهو كإرسال الحلة لعمر. ألهتني عن صلاتي : هذا منه - صلى الله عليه وسلم - تشريع لأمته، وإلا فهو - صلى الله عليه وسلم - لا يشغله شيء عن صلاته. بانبجانية أبي جهم: كساء غليظ لا علم فيه. ابن حذيفة ... إلخ : هذا مدرج من كلام الزهري.
__________
(1) - سماه أحمد الخازندار ومحمد الشيباني في "دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها" ص : 47 بكتاب " الأحاديث الحسان في فضل الطيسلان"، ومنها نسخ مخطوطة في الخزانة العامة بالرباط مجموع 486/1، والظاهرية بدمشق 1115و6923، ومكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة 4.
(2) - ترقيم الحديث هكذا في الفتح 10/341 .
(3) - ترقيمه هكذا في الفتح 10/340.(8/105)
19 - باب اشتمال الصماء :
أي بيان حكمه، وهو أن يشتمل الرجل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على منكبه فيبدو منه فرجه، أو هو أن يجعل الثوب على منكبه ويرده من قبل يمينه على يده وعاتقه الأيسرين، ثم يرده من خلفه على يده وعاتقه الأيمنين فيغطيهما جميعا، وحكمه عندنا هو ما أشار له الشيخ خ بقوله عطفا على المكروه :(وصَمَّاءُ بِسِتْر وإلا مُنِعَتْ كَاحْتِبَاء لا سِتْرَ معه) (1).
5819 - نهى : نهي تحريم أو كراهة. عن الملامسة والمنابذة : يأتي تفسيرهما. وأن يحتبي : بأن يقعد على إليتيه وينصب ساقيه ويحتوي بالثوب ... إلخ : أي يديره عليه.
5820 - ولا يقلبه ... إلخ : اكتفاء بلمسه، وهو بيع مفسوخ كبيع المنابذة أيضا لما فيها من الغرر.
20 - باب الاحتباء في ثوب واحد :
أي بيان حكمه، والاحتباء هو أن يجلس على إليتيه، ويجمع ظهره وساقيه بثوب واحد يديره عليه، وحكمه الحرمة إن لم يكن معه ساتر غيره، وإلا فالكراهة.
5821 - نهى : نهي تحريم أو كراهة.
21 - باب الخميصة السوداء :
هي ثوب من خز أو صوف معلم، أو كساء مربع له أعلام، أي حكم لباسها.
5823 - ابن فلان : يعني ابن عمرو. عن أم خالد: اسمها أمة، كنيت بولدها خالد بن الزبير بن العوام. بنت خالد : ابن سعيد بن العاص. تحمل : لصغرها. أبلي : من الإبلاء. واخلفي : بالفاء من الخلف، أي تكتسبي خلفه بعد إبلائه، وبالقاف بمعنى أبلي. سناه: معناه حسن بالحبشية، كلمها بها لأنها ولدت بالحبشة.
5824 - حريثية : نسبة إلى حريث، رجل من قضاعة، وكانت سوداء. يسم : يعلم بالكي. الظهر : النعم.
22 - باب ثياب الخضر :
أي حكم لباسها.
ابن بطال :(الثياب الخضر من ثياب الجنة، وكفاها بذلك شرفا)(2).
وفي سنن أبي دواد عن أبي رمثة(3)
__________
(1) - مختصر خليل 1/28.
(2) - نقلا عن الفتح 10/346.
(3) - أبو رمثة البلوي أو التميمي، قيل اسمه رفاعة بن يثربي، وقيل غير ذلك.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه إياد بن لقيط وثابت بن أبي منقذ.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1658، والإصابة 7/140، وتهذيب التهذيب 12/97.(8/106)
قال :(انطلقت مع أبي نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأيت عليه بردين أخضرين)(1).
5825 - خضرة بجلدها : من أثر ضربه لها. والنساء ينصر بعضهن بعضا : هذا قول عكرمة. قال : أي عكرمة. وسمع : زوجها. ابنان : لم يسميا. من هذه : الهدبة. لأنفضها نفض الأديم : أي الجلد، كناية عن بلوغه الغاية في جماعها. فإن كان ذلك: وهو كونه لم يتمكن من جماعك. ما تزعمين : من عنته /.
23 - باب الثياب البيض :
أي بيان ما جاء فيها.
ابن حجر :(كأنه لم يثبت عنده على شرطه فيها شيء صريح، فاكتفى بما وقع في الحديثين اللذين ذكرهما، وقد أخرج الإمام أحمد والأربعة عن سمرة مرفوعا :" عليكم بالثياب البياض، فالبسوها فإنها أطيب وأطهر، وكفنوا فيها موتاكم"(2)، وعن ابن عباس بمعناه، وزاد : "فإنها من خير ثيابكم") (3).
5826 - رجلين : أي ملكين وهما جبريل وميكائيل.
5827 - قال أبو عبدالله : البخاري. هذا : الذي قاله - صلى الله عليه وسلم - وهو : " ما من عبد قال لا إله إلا الله "... إلخ، إنما هو إذا قاله عند الموت أو قبله إذا تاب وندم ... إلخ.
ابن حجر : (نقل ابن التين عن الداودي أن ما قاله البخاري مخالف لظاهر الحديث، فإنه لو كانت التوبة مشروطة لم يقل : وإن زنى، وإن سرق، قال : وإنما المراد أنه يدخل الجنة إما ابتداء وإما بعد ذلك)هـ (4).
__________
(1) - رواه أبو داود في اللباس رقم 4065.
(2) - مسند أحمد رقم 19281 و 19366، وأخرجه النسائي في الجنائز رقم 1870 والزينة رقم 5227، وابن ماجه في اللباس رقم 3566، وأبو داود في الطب رقم 3878.
(3) - الفتح 10/348.
(4) - الفتح 10/349.(8/107)
وقال القاضي عياض : (تأويل البخاري إنما يحتاج إليه إذا حمل الحديث على ظاهره، وأما إذا نزل منزلته، أي بحمله على الدخول أولا، أو في الأثناء، فلا إشكال فيه على مذهب أهل السنة، ثم قال: ويجوز أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه، وإن كان قبل مخلطا، فيكون سببا لرحمة الله إياه ونجاته رأسا من النار، وتحريمه عليها، بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين)هـ.
قال النووي : (وهو في غاية الحسن).
24 - باب لبس الحرير للرجال :
أي بيان حكمه، وحكمه حرمة الخالص منه عليهم.
قال القاضي عياض : (انعقد الإجماع بعد ابن الزبير ومن وافقه على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء)هـ(1).
وقال ابن عرفة : (ولبس الرجال خالص الحرير حرام، أجازه ابن حبيب لحكة، وابن الماجشون في الجهاد، ورواية المشهور منعهما)هـ.
وعلة تحريمه على الرجال إما لما في لبسه من الفخر والخيلاء، أو لكونه ثوب زينة لايليق إلا بالنساء دون الرجال، أو للتشبيه بالمشركين، أو لما فيه من السرف.
تنبيه : الإجماع الذي حكاه القاضي رضي الله عنه منتقد بما نقله ابن عرفة عن ابن حبيب وابن الماجشون كما سبق، وبما حكاه الدماميني في المصابيح عن الزاهدي(2)
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/350، ونقله بدوره عن ابن دقيق العيد.
(2) - مختار بن محمود بن محمد الزاهدي الحنفي، نجم الدين.
له: شرح مختصر القدوري، والصفوة في أصول الفقه، وفضائل شهر رمضان.
توفي سنة 658هـ.
ترجمته في: تاج التراجم 54، وكشف الظنون 577.(8/108)
من الحنفية، ونصه : (لبس الحرير فوق الثياب لا يكره عند أبي حنيفة، لأنه اعتبر المعنى، يعني اللبس، وهذا تنصيص على أن أبا حنيفة لا يكره لبس الحرير إذا لم يتصل بجلده، حتى إذا لبسه فوق قميص من غزل ونحوه، لا يحرم عليه، ونحوه لابن عباس)، هـ منها(1)، ونقله عنه كمال الدين وأقره، على أن ابن العربي قال في المسالك ما نصه :(اختلف العلماء في الحرير على عشرة أقوال : محرم على كل حال، محرم إلا في الحرب، محرم إلا في السفر، محرم إلا في المرض، محرم إلا في الغزو، محرم إلا في العلم، محرم على الرجال والنساء على الإطلاق، محرم إذا لبس من فوق دون الأسفل وهو الفرش، مباح بكل حال، محرم وإن خلط مع غيره كالخز)، هـ منها، وبقي عليه ما نقله الدماميني عن مذهب أبي حنيفة، والله الفتاح.
وقدر ما يجوز استعماله منه : أي في الثوب.
5828 - بأذربيجان : إقليم معروف. أن رسول الله صلى الله عليه نهى ... إلخ: أي نهي تحريم على الرجال. قال القاضي : (هذا طرف من حديث أبي عثمان وفيه زيادة كثيرة، ولفظه : "أما بعد، فاتزروا وارتدوا وانتعلوا وألقوا الخفاف والسراويلات، وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل، وإياكم والتنعم وزي العجم، وعليكم بالشمس فإنها حمام العرب، وتَمَعْدَدُوا واخْشَوْشِنُوا واخْلَوْلِقُوا، واقطعوا الرُّكُب، وانْزُوا نَزْوًا، وارموا الأغراض، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى "... إلخ)، هـ من إكمال الإكمال(2).
__________
(1) - تعليق المصابيح ص : 563، وفيه زيادة فائدة : (قال الزاهدي : وهذه رخصة عظيمة في موضع عمت فيه البلوى، ولكن تطلبت هذا القول في كثير من الكتب عن أبي حنيفة فلم أجد سوى هذا).
(2) - إكمال الإكمال 5/379، ومثله في الفتح 10/351-352.(8/109)
وقوله : "واقطعوا الركب …إلخ ": (الركب بضمتين جمع ركاب، ككتب وكتاب، وعقل وعقال، ومعناه اقطعوا الركب من سرج الخيل، وثبوا عليها وثبا، وليس هو على معنى منع اتخاذ الركب أصلا، وإنما أراد تدريبهم على ركوب الخيل)، قاله ابن بطال على قول المص في الجهاد، باب اتخاذ الركاب والغرز.
إلا هكذا وأشار بإصبعيه : السبابة والوسطى. يعني الأعلام : أي الخطوط من الحرير، فهي مستثناة من المنع، وفي مسلم عن عمر أيضا :(نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين، أو ثلاث أو أربع) (1)؛ و"أو" فيه للتنويع والتخيير، وهو يؤيد قول ابن حبيب الآتي كما قاله الباجي، وفي مختصر ابن عرفة ما نصه : (أجاز الكل خط العلم والخياطة به، وجوز بعض أصحاب المازري الطوق واللبنة، ابن حبيب : لا يجوز / جيب ولا زر، وفي النهي عن العلم قدر إصبع وجوازه، ثالثها يجوز وإن عظم لسماع ابن القاسم، ورواية أبي مصعب وقول ابن حبيب)هـ.
وفي ديوان ابن يونس قال ابن حبيب : (لا بأس بالعلم الحرير وإن عظم، ولم يختلف في الرخصة فيه والصلاة به)هـ.
الشيخ الرهوني: (وظاهر كلام غير واحد أن العلم عند من أجازه لا فرق بين أن يكون من خالص الحرير أو من غير خالصه)، ثم نقل عن المازري التقييد بغير الخالص، وقال:(ولكن ظاهر كلام غير واحد هو الإطلاق)هـ.
وفي مسائل ابن قداح : (تجوز الشرابة من حرير)، قال سيدي عبدالرحمن الفاسي إثر نقله : (وليس الوحدة مرادة، وعليه جواز عمارة البرنس من الحرير. قال : وأما علاقة السيف فجائزة في الجهاد لا للتباهي، وكل ما جاز فيه الذهب، أي كالمصحف، جاز فيه الحرير، والذهب أشد، والممنوع مطلقا باتفاق الأئمة هو الحرير المصمت في غير محل الرخصة، وقال قبل ذلك : والحاصل أن الممنوع مطلقا هو المستقل الذي يقال فيه ثوب الحرير، والباقي كله فيه خلاف)هـ.
__________
(1) - أخرجه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم إناء الذهب والحرير للرجال والنساء، رقم 2069.(8/110)
وقال القاضي في الإكمال إثر الكلام على حرمة الحرير ما نصه : (هذا حكم الحرير المحض، واختلف في المخلوط كالذي سداه حرير ولحمته قطن أو كتان، فكرهه مالك وابن عمر، وأجازه ابن عباس، وقال بعض أصحابنا : اختلف فيه، فأجيز وكره، وإجازته أكثر، وأما الخز فأجازه مالك مرة، وكرهه مرة لأجل السرف، وذكر ابن حبيب إجازته عن خمسة عشر صحابيا) هـ، نقله الأبي وأقره(1)، وراجع باب البرانس بيان الخز ما هو.
وقال ابن حجر: (استدل ابن العربي لجواز الغير الخالص بأن النهي عن الحرير حقيقة في الخالص، والإذن في القطن ونحوه صريح، فإذا خلطا بحيث لا يسمى حريرا، ولا يتناوله الاسم، ولا تشمله علة التحريم، خرج عن الممنوع فجاز)هـ.
5830 - لا يلبسوا : يأتي الكلام عليه قريبا.
5831 - بالمدائن : اسم مدينة للأكاسرة، كانت دار ملكهم. دهقان : هو زعيم القرية. والديباج : ما غلظ من الحرير. هي لهم في الدنيا : هذا بيان للواقع، أي هي شعارهم وزيهم فيها، وليس المراد أنها تجوز لهم، لأنهم مكلفون بالفروع كالمسلمين.
5832 - شديدا : هذا تقرير لكونه مرفوعا، أي أحفظه حفظا شديدا. من لبس الحرير: من الرجال. فلن يلبسه في الآخرة : زاد النسائي:(ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة، قال تعالى :"وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ" (2)، وهو مشكل، لأن من مات على التوحيد لابد له من دخول الجنة إما أولا أو بعد نفوذ الوعيد فيه كما سبق ؛ أجيب عن هذا الإشكال بأجوبة مذكورة في الفتح وغيره، أعدلها كما قال الحافظ ابن حجر أن الفعل المذكور مقتض للعقوبة المذكورة، وقد يتخلف ذلك لمانع كالتوبة، والحسنات التي توازن، والمصائب التي تكفر، وكدعاوي الولد بشرائط ذلك، وكذا شفاعة من يؤذن لهم، وأعم من ذلك كله عفو أرحم الراحمين (3).
__________
(1) - انظر إكمال الإكمال 5/374.
(2) - سورة الحج، الآية 23.
(3) - انظر الفتح 10/356.(8/111)
5835 - عن عمران بن حطان (1): عمران هذا كان رئيس الخوارج وشاعرهم، ومدح ابن ملجم قاتل سيدنا علي رضي الله عنه بالأبيات المشهورة في كتب المؤرخين، وإنما أخرج له البخاري جريا على عادته في تخريج أحاديث المبتدع إذا كان صادق اللهجة متدينا، وقيل إنه تاب من بدعته، وهو بعيد، قاله ابن حجر(2).
وقال العيني : (ليس للبخاري عذر في تخريج حديثه، ومن أين كان له صدق اللهجة وقد أفحش في الكذب في مدحه ابن ملجم اللعين، والمتدين كيف يفرح بقتل مثل علي حتى يمدح قاتله)هـ (3) .
قلت : (ورأيت في الطبقات الكبرى لابن السبكي، وفي غيرها، أبياتا لأبي الطيب الطبري يذم فيها ابن ملجم ويسبه/، وصرح فيها بلعن ابن حطان هذا أربع مرات في أربعة أبيات، فانظره).
فكان ينبغي للمؤلف رحمه الله أن ينزه هذا الجامع المبارك منه ومن ذكره، والله سبحانه الموفق بمنه.
... من لا خلاق له في الآخرة : لا حظ له في نعيمها، وهو على سبيل الزجر والتغليط.
25 - باب مس الحرير من غير لبس :
أي جواز ذلك.
5836 - مناديل سعد : وهي أدون الثياب، فما بالك بأرفعها، وخص سعدا بالذكر لقرب موته، تسلية لأهله، أو لكون اللامسين أنصارا، وهو سيدهم.
26 - باب افتراش الحرير :
أي بيان حكمه من إباحة وحظر، والجمهور من المالكية والشافعية على منع افتراشه والجلوس عليه، وجوزه الكوفيون، وابن الماجشون من المالكية، وبعض الشافعية(4).
قال الأبي : (والاستناد إليه كالجلوس عليه).
__________
(1) - عمران بن حطان بن ظبيان بن لوذان بن عمرو بن الحارث.
روى عن أبي موسى الأشعري وابن عباس وابن عمر.
وعنه قتادة ومحارب بن دثار ويحيى بن أبي كثير.
قال أبو داود: ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/127-129.
(2) - في الفتح 10/356-357.
(3) - عمدة القاري 22/13.
(4) - نقلا عن الفتح 10/359.(8/112)
تنبيه : قال الإمام ابن العربي في الأحكام ما نصه: (وللمرأة أن تتخذ ثياب الذهب والحرير، وللزوج أن يكون معها فيها، فإذا انفرد بنفسه لم يجز له شيء من ذلك) هـ منها بلفظها.
وقال الأبي في إكمال الإكمال ما نصه :( أجاز ابن العربي الجلوس على الحرير تبعا للزوجة، وهو غير معروف لغيره)، هـ منه.
وقال في موضع آخر منه ما نصه : (ذكر ابن العربي رضي الله عنه أنه يجوز للزوج أن ينام مع الزوجة في فراش الحرير، لأنه بحكم التبع لها في ذلك، قال بعضهم : وينبغي على هذا أن يتأخر في الدخول في الفراش حتى تتحقق التبعية، وفي هذا كله من الضعف ما ترى، ولاينبغي ذلك بحال) ،هـ منه.
وقال ابن عرفة : (قول ابن العربي : " يجوز للزوج الجلوس على الحرير تبعا للزوجة"، لا أعرفه)، هـ من مختصره.
وقال ابن ناجي : (ظاهر المذهب أنه لا يجوز لزوج المرأة الجلوس عليه تبعا "لها" ، وقال ابن العربي : ذلك جائز "قال" (1) بعض شيوخنا : ولا أعرفه لغيره) (2)،هـ من تحقيق المباني، لكن قال الحطاب: (ابن العربي حجة حافظ، فهو حجة عليه) هـ.
وقال ابن حجر : (وجهه المجيز لذلك من المالكية بان المرأة فراش الرجل، فكما جاز له أن يفترشها وعليها الحلي من الذهب والحرير، فكذلك يجوز له أن يجلس وينام معها على فراشها المباح لها)هـ(3).
وقال ابن الحاج في المدخل نقلا عن شيخه ابن أبي جمرة: (لا يجوز للرجل افتراش الحرير إلا على سبيل التبع لزوجته، ولا يدخل الفراش إلا بعد دخولها، ولا يقم فيه بعد قيامها، وإذا قامت لضرورة، تحول عنه حتى ترجع، وإن قامت وهو نائم فتوقظه أو تزيله عنه، ويجب عليه أن يعلمها بذلك)هـ.
قال الزرقاني: (وانظر لماذا وجب إيقاظه مع أن النائم مرفوع عنه القلم)هـ.
__________
(1) - "لها" و "قال" : إضافتان لتوضيح النص، وهما من شرح ابن ناجي للرسالة، ويبدو أن حذف لفظة "قال " يخل بالمعنى العام للنص.
(2) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/371.
(3) - الفتح 10/359.(8/113)
تنبيه آخر : اختلف في جواز الجلوس على الحرير إذا جعل عليه ساتر غيره، فقال الزرقاني : (يحرم الجلوس عليه ولو بحائل)هـ.
وقال سيدي عبدالرحمن الفاسي : (وأما الجلوس على الحرير فيجوز إذا ستر بثوب آخر فوقه)هـ، وهذا مذهب الشافعية كما للقسطلاني ونصه :(نعم يحل الجلوس على الحرير بحائل كما في الروضة(1) وغيرها ؛ قال الأذرعي(2): وصوره بعضهم بما إذا اتفق في دعوة ونحوها، أما إذا اتخذ له حصيرا من حرير فالوجه التحريم، وإن بسط فوقها شيئا لما فيه من السرف واستعمال الحرير لا محالة)هـ، والأوجه أنه لا فرق كما اقتضاه كلام الأصحاب، هـ كلام القسطلاني بلفظه(3).
والجواز هو الذي دل عليه فعل الشيخ النفراوي كما حكاه عنه الأبي، قال: (دخل الشيخ النفراوي مع شيخ آخر على الأمير ابن تاشفين(4) فوجداه جالسا على بساط حرير، فأما الشيخ الآخر فأزال البساط وقعد على الأرض، وأما النفراوي فأخذ إحرامه وفرشه على ذلك البساط وجلس فيه، لكن قال الأبي إثره : لا ينجيه ذلك على ما للنووي : ولكنه جار على الخلاف فيمن فرش طاهرا على / نجس وصلى) هـ.
__________
(1) - الروضة 2/66.
(2) - أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد الغني بن محمد بن سالم الأذرعي.
ولد بأذرعات الشام.
له: التوسط والفتح بين الروضة والشرح، وشرح المنهاج، وملاك التأويل. وتوفي سنة 708هـ.
ترجمته في: البدر الطالع 1/33-35.
(3) - الإرشاد 8/492.
(4) - يوسف بن تاشفين بن إبراهيم الصنهاجي اللمتوني، سلطان المغرب، وباني مدينة مراكش سنة 465هـ.
استولى على فاس، وغزا الأندلس، وانتصر في الزلاقة على الإفرنج.
توفي سنة 500هـ.
ترجمته في: جذوة الاقتباس 342، والاستقصا 1/106.(8/114)
وتخريجه فعل الشيخ على صورة فرش الطاهر على النجس يفيد جوازه، لأن الراجح فيه هو الجواز كما نص عليه الشيخ خ (1) وغيره؛ ثم قال الأبي :(من دخل دار عرس فوجد اللحف والمخاد من حرير فليزلها ويجلس)هـ، يعني كما فعل الشيخ الآخر الداخل على الأمير.
5837 - والديباج : ما غلظ من الحرير. وأن نجلس عليه : هذه حجة الجمهور، قال ابن حجر :(وأجاب بعض الحنفية بان لفظ "نهى" ليس صريحا في التحريم ، وبعضهم باحتمال أن يكون النهي ورد عن مجموع اللبس والجلوس، لا عن الجلوس بمفرده، وهذا يرد على ابن بطال دعواه أن الحديث نص في تحريم الجلوس على الحرير، فإنه ليس بنص، بل هو ظاهر فقط) (2).
27 - باب لبس القسي :
أي الثوب المسمى بذلك نسبة إلى بلد يقال لها القس(3)، أي ما حكمه ؟
ابن حجر: (الذي يظهر من سياق طرق الحديث في تفسير القسي أنه الذي يخالطه الحرير، لا أنه الحرير الصرف، فعلى هذا يحرم لبس الثوب الذي خالطه الحرير، وهو قول بعض الصحابة كابن عمر، والتابعين كابن سيرين، وذهب الجمهور إلى جواز لبس ما خالطه الحرير إذا كان غير الحرير الأغلب) (4).
قلت لعلي : هو ابن أبي طالب رضي الله عنه. مضلعة : فيها خطوط عريضة كالأضلاع. والميثرة : أي الثياب المسماة بذلك. يصفونها : يجعلونها مصفوفة تحت السرج يوطئونه بها، وقيل هي أغشية السروج. جلود السباع: قال النووي : (هذا تفسير باطل مخالف لما أطبق عليه أهل الحديث)، أي من تفسيرها بما سبق.
5838 - الحمر : لا مفهوم لها.
28 - باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة :
أي الجرب، هذا قول ابن حبيب من المالكية، وجمهورهم على منعه مطلقا، وحملوا ما في الحديث على الخصوصية للزبير وعبدالرحمن بن عوف، لتعبيره بلفظ "رخص".
__________
(1) - في قوله في المختصر 1/34 : (ولمريض ستر نجس بطاهر ليصلي كالصحيح على الأرجح).
(2) - الفتح 10/359.
(3) - ناحية من الساحل قريبة من مصر كانت تشتهر بالحرير، انظر معجم البلدان 4/346.
(4) - الفتح 10/362.(8/115)
29 - باب الحرير للنساء :
أي جوازه لهن لبسا وافتراشا وغيرهما.
أخرج الإمام أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان والحاكم، من حديث علي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرا وذهبا، فقال : (هذان حرامان على ذكور أمتي، حل لإناثهم)(1).
5840 - حلة : ثوبان حل أحدهما على الآخر. سيراء : فيها خطوط من حرير أو مضلعة بالحرير، وقد تكون حريرا صرفا. فرأيت الغضب في وجهه : زاد مسلم :(فقال إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خمرا بين النساء) (2).
بين نسائي : أي فرقتها عليهن بعد تقطيعها، وهن فاطمة الزهراء وأمه فاطمة بنت أسد وفاطمة ابنة حمزة(3).
ابن حجر : (وكان المص لم يثبت عنده الحديثان المشهوران في تخصيص النهي بالرجال صريحا فاكتفى بما يدل على ذلك).
5841 - من لا خلاق له : أي لا نصيب له في الآخرة. أو تكسوها : من يحل له لبسها، فدخل في ذلك النساء.
5842 - رأى على أم كلثوم : أي قبل نزول الحجاب.
30 - باب / ما كان النبي صلى الله عليه يتجوز من اللباس والبسط :
بضم الباء والسين، جمع بساط، وبفتحهما ما يبسط ويجلس عليه، ومعنى التجوز فيهما التخفيف، أي أنه كان يتوسع في ذلك ولا يضيق بالاقتصار على نوع دون نوع، أو لايضيق بطلب النفيس والعالي، بل يستعمل ما تيسر.
__________
(1) - رواه أبو داود في اللباس رقم 4075، وابن ماجه في اللباس باب لبس الحرير والذهب للنساء رقم 3595.
(2) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم الذهب والحرير على الرجال (شرح النووي 14/49)، وابن ماجة في سننه 2/1189، كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء، رقم 3595.
(3) - فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمية، أمها سلمى بنت عميس.
تزوجت سلمة بن أبي سلمة.
ترجمتها في: الإصابة 8/62.(8/116)
قال المناوي في فتح القدير :(كان - صلى الله عليه وسلم - يلبس ما يجده، فلبس الكتان والصوف والقطن، وما الهدي إلا هديه، وما الأفضل إلا ما سنه، وهو لبس ما تيسر من المتوسط المعتدل، صوفا تارة، وطورا قطنا، وكتانا أخرى، ولبس البرود اليمانية، والأحمر والأخضر، والجبة المكفوفة بالديباج، والقباء والقميص، والإزار والرداء، والشعر الأسود، وأرخى العذبة تارة، وتركها أخرى، وتقنع تارة، وترك أخرى، ولبس عمامة بيضاء تارة، وسوداء أخرى، وتحنك مرة، وترك أخرى، إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور)هـ.
وقال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: (لبس - صلى الله عليه وسلم - من الثياب الأخضر والأحمر والمحبر والأسود والأصفر، إلا الأزرق فإنه لم يرد فيه نفي ولا إثبات، ولكن قال عليه السلام :" من خير ثيابكم الأبيض"، فدل على أن لها فضلا ، لا أنها أفضل، لدخول "من" التبعيضية، ذكره السهروردي (1) )هـ (2).
5843 - فدخل الأراك : لقضاء الحاجة. وإنك لهناك : أي في مقام إغلاظك علي. وتقدمت إليها … إلخ : أي قدمت لها إعلامي بعقوبتها إن صدر منها أذى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وكان رجل : هو أوس بن خولى، أو عتبان بن مالك(3)
__________
(1) - عبد القاهر بن عبد الله بن محمد بن سعد السهروردي.
محدث فقيه صوفي، كان يدرس ويملي الحديث بالمدرسة النظامية ببغداد.
له: آداب المريدين، ومختصر مشكاة المصابيح للبغوي، وطبقات الشافعية. وتوفي سنة 563هـ.
ترجمته في: مرآة الجنان 3/372، وشذرات الذهب 3/208.
(2) - شرح المقدمة الوغليسية ص:7.
(3) - عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم الأنصاري الخزرجي.
بدري عند الجمهور، وحديثه في الصحيحين.
كان إمام قومه بني سالم، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عمر.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1236، والإصابة 4/432.(8/117)
. إلا ملك غسان: جبلة بن الأيهم. فما شعرت بالأنصاري وهو يقول : قال الكرماني : (سقط حرف الاستثناء من جل النسخ، وهو مقدر، والقرينة تدل عليه، أو "ما " زائدة، أي فشعرت…إلخ، أو مصدرية وتكون هي المبتدأ، و"بالأنصاري" الخبر، أي شعوري متلبس بالأنصاري قائلا ... إلخ) (1)، هكذا نقله الحافظ ابن حجر(2) والشيخ كمال الدين، وما في الإرشاد(3) تحريف، وللكشميهني :"فما شعرت بالأنصاري إلا وهو يقول".
طلق ...إلخ : هذا ظنه، ولم يقع ذلك. مشربة : غرفة. وصيف: اسمه رباح. على حصير : هذا مع ما بعده محل الترجمة. أهب : جلود. وقرظ : ورق السلم يدبغ به.
5844 - ماذا أنزل ... إلخ : استفهام متضمن معنى التعجب. من الخزائن : لخزائن فارس والروم، أي من فتحها. صواحب الحجرات : أمهات المؤمنين . كاسية في الدنيا : أثوابا رقيقة رفيعة. عارية في الآخرة : من الحسنات، أو معاقبة بفضيحة التعري.
هند (4): الراوية. بين أصابعها : فتزرها خشية ظهور شيء من جسدها لسعة كميها، ومطابقته مأخوذة من حيث أنه - صلى الله عليه وسلم - حذر من لبس رقيق الثياب الواصف للجسد، فيؤخذ منه أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يلبسه لأنه أولى بترك لبس ما حذر منه.
تنبيه : قال في الرسالة: (ولا يلبس النساء من الرقيق ما يصفهن إذا خرجن)(5). قال أبو الحسن (6)
__________
(1) - الكواكب الدراري 21/87.
(2) - في الفتح 10/372.
(3) - الإرشاد 8/496.
(4) - - هند بنت الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: الإصابة 8/150.
(5) - الرسالة ص : 142 (باب في الفطرة والختان وحلق الشعر واللباس وستر العورة وما يتصل بذلك).
(6) - أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المنعافري القابسي المالكي، من أئمة الفقه والفضل بالقيروان، توفي سنة 403 هـ.
ترجمته في : ترتيب المدارك 4/616-621، ووفيات الأعيان 3/320، وسير أعلام النبلاء 17/158، وتذكرة الحفاظ 3/85.(8/118)
: (أما إذا لبسنه في بيوتهن مع أزواجهن فذلك جائز، وكذلك الجارية مع سيدها).
31 - باب ما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا :
أي مطلوبية الدعاء له.
ابن حجر : (كأنه لم يثبت عنده حديث ابن عمر قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمر ثوبا، فقال له :(البس جديدا، وعش حميدا، ومت شهيدا"، أخرجه النسائي وابن ماجه(1)، وجاء أيضا مما يدعو به من لبس ثوبا جديدا، حديث أبي داود عن أبى سعيد : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استجد ثوبا سماه باسمه عمامة أو أقميصا أو رداء، ثم يقول : اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صنع له، أعوذ بك من شره وشر ما صنع له"(2)، وحديث أحمد عن معاذ بن أنس رفعه :" من لبس ثوبا فقال : الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدم من ذنبه (3) ) (4).
5845 - خميصة : كساء له أعلام. أبلي : من الإبلاء. واخلفي : من الخلف. مرتين : أي قالها مرتين. امرأة : لم تعرف. رأته : أي الثوب المذكور/. على أم خالد : المذكورة، بعد مدة مديدة.
32 - باب التزعفر للرجال :
ولأبي ذر :(باب النهي عن التزعفر للرجال)، أي في أبدانهم بدليل الترجمة الآتية.
5846 - نهى : نهي تحريم. أن يتزعفر الرجل : أي يطلي بدنه بالزعفران لما فيه من التشبه بالنساء، على هذا حمله المالكية، قاله القاضي عياض، ويلحق بالزعفران غيره من كل ما فيه صفرة كالحناء ونحوها، وقد حكي الإجماع على منع ذلك للرجال إلا لضرورة من صنعة أو تداو، ونحو ذلك، ومفهوم الرجال أن ذلك جائز للنساء.
__________
(1) - رواه أحمد 2/89، وابن ماجه في اللباس باب ما يقول الرجل إذا لبس ثوبا جديدا رقم 3558، وابن السني في عمل اليوم الليلة ص:89، وصححه ابن حبان، وأعله النسائي كما في الفتح 10/373.
(2) - أخرجه أبو داود في اللباس رقم 4020.
(3) - أخرجه أبو داود في اللباس رقم 4023، والحاكم 4/192، وسنده حسن.
(4) - الفتح 10/373.(8/119)
33 - باب الثوب المزعفر :
أي بيان حكمه.
5847 - نهى أن يلبس المحرم ... إلخ : ومفهومه جواز لبسهما لغير المحرم، هذا مذهب مالك رحمه الله وجماعة، ويدخل في ذلك كل ثوب أصفر، والورس نبت يصبغ به، وروى مالك في الموطأ أن عبدالله بن عمر كان يلبس الثوب المصبوغ بالمشق، والمصبوغ بالزعفران، قال ابن العربي :(وما كان ابن عمر أن يكره النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويستعمله، قال : والأصفر لم يرد فيه حديث، لكنه ورد ممدوحا في القرآن في قوله تعالى :"صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ" (1)، وقرئ: "تسر الناظرين"، وأسند إلى ابن عباس أنه من طلب حاجة على بغل أصفر قضيت)هـ.
34 - باب الثوب الأحمر :
أي حكم لبسه، وذكر الحافظ فيه سبعة أقوال فانظره(2).
ونقل الأبي عن القاضي عياض ما نصه : (أجاز لبسه جماعة من السلف والفقهاء، والشافع أهل الكوفة، وقال مالك: لا أعلمه حراما، وغيره أحب إلي)هـ، ولعله حمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء على أنها لم تكن مصبوغة كلها، لأن الحلل اليمانية غالبا تكون كذلك كما قاله الحافظ ابن حجر(3)، والله أعلم.
35 - باب الميثرة الحمراء :
أي حكم استعمالها، وهي وطاء السرج أو غشاؤه .
__________
(1) - سورة البقرة، الآية 69.
(2) - قال الحافظ في الفتح 10/376-377 -ملخصا- : (قد تلخص لنا من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر سبعة أقوال: ... ... 1 - الجواز مطلقا عن علي وطلحة والبراء وغير واحد من الصحابة ؛
2 - المنع مطلقا ؛
3 – الكراهة مطلقا لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة، جاء ذلك عن ابن عباس ؛
4 - يكره الثوب المشبع بالحمرة دون الخفيف، جاء ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد،
5 - جواز لبس ما كان صبغ غزله ثم نسج، ويمنع ما صبغ بعد النسج، جنح إلى ذلك الخطابي،
6 - اختصاص النهي بما يصبغ بالمعصفر لورود النهي عنه ،
7 - تخصيص المنع بالثوب المصبوغ كاملا، وأما ما كان فيه لون آخر فلا).
(3) - في الفتح 10/377.(8/120)
5849 - والديباج والإستبرق : صنفان نفيسان من ثياب الحرير. والقسي : ثياب فيها حرير مثل الأترنج. ومياثر الحمر : النهي منصب على كونها من الحرير، لا من غيره، وهو للتحريم، وأما وصفها الحمرة فهو طردي لا مفهوم له، وبقي من الأوامر السبع إجابة الداعي وإفشاء السلام ونصر المظلوم وإبرار المقسم، ومن السبع المنهيات خواتيم الذهب وأواني الفضة.
36 - باب النعال :
جمع نعل، وهي مؤنثة.
قال ابن العربي : (النعل لباس الأنبياء، وإنما اتخذ الناس غيرها لما في أرضهم من الطين، وقد يطلق النعل على كل ما يقي القدم).
وقوله : "السبتية "، أي المدبوغة نسبة إلى السِّبْت بالكسر، وهو دباغ يدبغ به يقلع الشعر، وهذا أحسن من قول من قال إنها منسوبة إلى السبت بالفتح بمعنى الحلق، لأنه مخالف للرواية، قاله في المفهم.
5850 - قال نعم : إذا كانتا طاهرتين، راجع باب الصلاة في النعال من كتاب الصلاة.
5851 - اليمانيين : الركن الذي فيه الحجر الأسود، والذي يليه من غير جهة الباب، وهو من باب التغليب، لأن ركن الحجر عراقي. تصبغ : أي ثوبك خاصة، هذا الذي رجحه أبو عمر في التمهيد، قال :(وإليه ذهب مالك)هـ، وقال القاضي عياض: (إنه الأشبه والأصح). يصبغ بها : ثيابه. حتى تنبعث به راحلته : أي حتى يشرع في عمل الحج، فأنا أؤخر إحرامي إلى الشروع في عمله.
5852 - ورس: نبت باليمن.
5853 - فليلبس السراويل : أي بعد فتقها وتغييرها عن هيئتها. فليلبس خفين: أي بعد قطعهما كما في الرواية السابقة.
37 - باب يبدأ بالنعل اليمنى :
في اللباس، قال في الرسالة :(ومن لبس خفا أو نعلا بدأ بيمينه، وإذا نزع بدأ بشماله)هـ(1)، والأمر فيهمل للاستحباب، قال القاضي عياض : (إجماعا).
5854 – وترجله : تسريح شعره. وتنعله : لبس نعله، زاد في رواية: (في شأنه كله).
38 - باب لا يمشي في نعل واحدة :
__________
(1) - الرسالة ص : 143.(8/121)
النهي عند مالك وأصحابه نهي كراهة لا تحريم، قاله ابن رشد، وابن أبي زيد في الرسالة، وعللت الكراهة بأنها مشية الشيطان، وفيها سماجة في الشكل وقبح في المنظر، إلا إذا كان مقطوع الرجل الأخرى فلا بأس.
وقال ابن العربي في المسالك/ : (قوله " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة"، قال علماؤنا: هذا نهي أدب وإرشاد، لإجماعهم -والله أعلم- أنه إذا مشى في نعل واحدة لم يحرم عليه، ولا يكون بذلك عاصيا عند الجمهور، وإن كان عالما بالنهي)هـ.
فإن انقطع شسع واحدة، فأجاز ابن القاسم القيام في الأخرى لإصلاح الشسع، وقال غيره : (لابد من نزع الأخرى حتى يصلح)، قال القاضي : (والمستحب الخلع)هـ.
وقال ابن عبدالبر: (هذا هو الصحيح في الفتوى وفي الأثر، وعليه العلماء).
الخطابي : (يدخل في هذا كل لباس شفع كالخفين، وإخراج اليد الواحدة من الكم دون الأخرى، والتردي على أحد المنكبين دون الآخر)هـ(1)، وكذا كحل عين واحدة، أو خضاب يد أو رجل واحدة للنساء.
5855 - ليحفهما : أي القدمين المفهومين من ذكر النعل (2).
39 - باب ينزع نعله اليسرى :
أي أولا قبل اليمنى استحبابا أيضا كما سبق.
40 - باب قِبَالاَنِ في نَعْل :
أي في كل فردة قبالان، أي جواز ذلك. ومن رأى قبالا واحدا واسعا: أي جائزا، والقبال هو الزمام الذي يكون بين إصبعي الرجل، أي بين الإبهام والتي تليها، ويسمى الشِّسْع أيضا، ويربط في الشراك الذي يكون على ظهر القدم، فإن كان قبال ثان جعل بين الإصبع التي تلي الإبهام والوسطى، وشد في الشراك أيضا.
5857 - كان لهما قبالان : أي لكل نعل قبالان.
5858 - فقال ثابت (3)
__________
(1) - الرسالة ص : 143 في قول ابن أبي زيد : (ويكره المشي في نعل واحدة).
(2) - أعلام السنن ص : 1168.
(3) - ثابت بن أسلم البناني، أبو محمد البصري.
روى عن أنس وابن الزبير وابن عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى.
وعنه حميد الطويل وشعبة والحمادان ومعمر وهمام وأبو عوانة وعيسى بن طهمان.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/2-4.(8/122)
...إلخ : القاضي عياض :(كذا لكافتهم، وللأصيلي : "يا ثابت"، وهو الصواب إن شاء الله)هـ.
ولم يذكر شاهد الركن الثاني من الترجمة، قال الحافظ : (أشار إلى ما رواه البزار عن أبي هريرة مثل حديث أنس هذا، وزاد: وكذا لأبي بكر ولعمر، أول من عقد عقدة واحدة عثمان بن عفان) (1).
41 - باب القبة الحمراء من أدم :
أي من جلد دبغ وصبغ، أي جواز اتخاذها.
5859 - أتيت النبي صلى الله عليه: وهو بالأبطح(2) في حجة الوداع.
5860 - فجمعهم في قبة من أدم : وذلك في غزوة حنين، وهذا إنما يدل لبعض الترجمة، وكثيرا ما يفعل المص ذلك، قاله الكرماني(3).
وقال ابن حجر :(يمكن أن يقال لعله حمل المطلق على المقيد، وذلك لقرب العهد، فإن قصة أنس كانت في حنين، وقصة أبي جحيفة كانت في حجة الوداع، وبينهما نحو سنتين، فالظاهر أنها هي تلك القبة، لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتأنق في مثل ذلك حتى يستبدل، وإذا وصفها أبو جحيفة بأنها حمراء في الوقت الثاني، فلأن تكون حمرتها موجودة في الوقت الأول أولى)هـ(4)، وهو ظاهر، وتعقب العيني له ساقط(5).
42 - باب الجلوس على الحصير ونحوه :
من الأشياء التي تبسط وليس لها قدر رفيع، أي جواز ذلك.
5861 - يحتجر حصيرا : يتخذه كالحجرة. يثوبون : يرجعون. لا يمل حتى تملوا: لا يقطع منكم فضله حتى تتركوا العمل.
43 - باب المزرر بالذهب :
__________
(1) - الفتح 10/384.
(2) - كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح، وهو يضاف إلى مكة وإلى منى، انظر معجم البلدان 1/74.
(3) - في الكواب الدراري 21/95.
(4) - الفتح 10/385.
(5) - قال في العمدة 22/38: (قلت : هذا الذي ذكره غير موجه، وذلك أن قوله :" حمل المطلق على المقيد"، لا يصح أن يكون في هذا الموضع على ما لا يخفى على المتأمل، مع ما فيه من الخلاف، وبقية كلامه احتمال بعيد، والأحسن أن يقال إن أنس رضي الله تعالى عنه اختصر فيه، وترك ذكر لفظ الحمراء).(8/123)
من الثياب، أي حكم الثوب الذي له أزرار من ذهب، وحكمه الحرمة في حق الذكور دون الإناث.
5862 - فأعظمت ذلك : لأن رفيع مقامه وشريف منزلته لا يقتضي ذلك.
فقلت أدعو ... إلخ : استفهام إنكاري. إنه ليس بجبار : فلا يتأنف من استدعائه للغير.
قال سيدي عبدالرحمن الفاسي :(والصواب مع المسور، وقد غفل مخرمة عن الأدب، وكان في خلقه شدة، فإنه - صلى الله عليه وسلم - وإن كان ليس بجبار، يجب أن يتأدب معه، قال تعالى :"وَلَوَ اَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ" (1).
وعليه قباء ... إلخ : يحتمل أن يكون هذا قبل التحريم/، ويحتمل أن يكون بعده، فيكون إعطاؤه له لينتفع به بأن يكسوه النساء أو يبيعه، كما وقع لغيره، ويكون معنى قوله :"فخرج وعليه قباء"، أي على يده، من إطلاق الكل على البعض، قاله ابن حجر(2).
44 - باب خواتيم الذهب :
أي حكم لبسها، والحكم هو الحرمة على الذكور دون الإناث، قال القاضي إجماعا.
5863 - والإستبرق والديباج : نوعان من الحرير. والمثيرة : وطاء السروج. الحمراء : لا مفهوم لها. والقسي : ثياب فيها حرير.
5865 - اتخذ خاتما من ذهب : أي قبل تحريمه. فرمى به : لما حرم.
45 - باب خاتم الفضة :
أي حكم لبسه.
القاضي عياض : (أجمعوا على جوازه للرجال، وكرهه بعضهم لغير ذي سلطان، ورووا في ذلك حديثا، وهو شذوذ)هـ.
وقال ابن رشد : (شذ من كرهه إلا لذي سلطان، ومعناه إن صح أنه لا يجب ولايستحب إلا لذي سلطان)هـ.
الخطابي : (ويكره للنساء لأنه من زي الرجال)، قال : (وإن لم يجدن غيره فليصفرنه بزعفران)هـ.
النووي: (وما قاله ضعيف أو باطل لا أصل له، والصواب ألا كراهة في لبسها خاتم الفضة)هـ، ونقله الأبي وسلمه.
ولجواز لبسه للذكور عندنا شروط اتحاده، وعدم تعدده، ولبسه للسنة لا للمباهاة ونحوها، وأن يكون قدر درهمين فأقل.
__________
(1) - سورة الحجرات، الآية 5.
(2) - في الفتح 10/387.(8/124)
البرزلي :(وهو مندوب، ويندب فعله في اليسرى)، قاله الزرقاني.
5866 - ونقش : أي أمر من ينقش . لا ألبسه أبدا : لتحريمه حينئذ. في بئر أريس : حديقة قرب مسجد قباء.
5868 - خاتما من ورق : قال النووي - تبعا للقاضي - :(قال جميع أهل الحديث: هذا وهم من ابن شهاب، لأن المطروح ما كان إلا خاتم الذهب)هـ (1)، واستعظم العلماء وقوع ذلك من الزهري، وأجابوا عنه بأجوبة أظهرها ما للحافظ ابن حجر، ونصه : (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتما من ذهب، فتبعه الناس فيه، فطرحه وطرح الناس خواتيمهم تبعا له، ثم احتاج إلى الخاتم لأجل الختم به، فاتخذه من فضة، ونقش فيه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضا في ذلك، فرمى به حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه، لئلا يفوت مصلحة نقش اسمه بوقوع الاشتراك، فلما عدمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به)، هـ من الفتح(2).
46 - باب فص الخاتم :
أي جواز اتخاذه.
5869 - وبيص خاتمه : بريقه ولمعانه، واعترض الإسماعيلي مطابقته للترجمة، وأجاب الحافظ بقوله : (الذي يظهر لي أنه أشار إلى أن الإجمال الذي في الرواية الأولى محمول على التعيين الذي في الرواية الثانية) (3).
5870 - وكان فصه منه : وفي مسلم وغيره : (وكان فصه حبشيا) (4).
ابن حجر : (ولا معارضة بينهما لأنه إما أن يحمل على التعدد، وح فمعنى قوله "حبشي" أي كان حجرا من بلاد الحبشة، أو على لون الحبشة، أو كان جزعا أو عقيقا، لأن ذلك قد يؤتى به من بلاد الحبشة، ويحتمل أن يكون هو الذي فصه منه، ونسب إلى الحبشة لصفة فيه، إما الصياغة وإما النقش)هـ(5).
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/70.
(2) - الفتح 10/393.
(3) - الفتح 10/396.
(4) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال (شرح النووي 14/71).
(5) - الفتح 10/396.(8/125)
وقال ابن العربي: (ما ورد أن فصه كان حبشيا، وأن فصه منه، ليس بتناقض لأنه لبس الصفتين، واستقر الأمر على خاتم فصه منه)هـ.
47 - باب خاتم الحديد :
أي حكم لباسه، وحكمه عندنا ما أشار له الزرقاني بقوله :(يكره تختم بنحاس ورصاص وحديد / على الأصح، وقيل يحرم إلا للتحفظ، فيجوز لمنع النحاس الصفراء، وكل من الحديد والرصاص الجن)هـ.
وقال في الرسالة : (ونهي عن التختم بالحديد) (1).
5871 - امرأة: لم تعرف هي ولا الرجل.ولو خاتما من حديد : ابن حجر:(استدل به على جواز لبس خاتم الحديد، ولا حجة فيه، لأنه لا يلزم من جواز الاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد وجوده لتنتفع المرأة بقيمته) (2). ولا خاتما ... إلخ : (معطوف على مقدر، أي ما وجدت غير خاتم ولا خاتما ... إلخ)، قاله الدماميني(3).
48 - باب نقش الخاتم :
أي جوازه، قال القاضي عياض: (أجاز مالك والشافعي، والأكثر، نقش الخاتم، ونقش اسم الله سبحانه عليه، واسم صاحبه).
5872 - نقشه محمد رسول الله : فكان يطبع به جلد الكتاب حفظا للأسرار أن تنشر، وسياسة للتدبير ألا ينخرم، ويأتي بيان كيفية وضع النقش المذكور.
49 - الخاتم في الخنصر :
أي مطلوبية اتخاذه فيه دون غيره من الأصابع.
النووي :(أجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، وأما المرأة فإنها تتخذ خواتيم في أصابع، قالوا : والحكمة في كونه في الخنصر أنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد، لكونه صرفا، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها بخلاف غيره)هـ(4).
__________
(1) - الرسالة ص:141.
(2) - الفتح 10/397.
(3) - في تعليق المصابيح ص:563.
(4) - شرح النووي على مسلم 14/71.(8/126)
وقال المازري : (ويكره للرجل لبسه في الوسطى والسبابة، لحديث مسلم عن علي قال : نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتختم في إصبعي هذه أو هذه(1)، قال : فأومأ إلى الوسطى والتي تليها).
قال النووي : (وفي غير مسلم : السبابة والوسطى، قال : وهي كراهة تنزيه)هـ(2).
5874 - في خنصره : وهل اليمنى أو اليسرى كل محتمل، ومن ثم قال العراقي :
يلبسه كما روى البخاري
كلاهما في مسلم ويجمع
أو خاتمين كل واحد بيد ... - في خنصر يمين أو يسار
- بأن ذا في حالتين يقع
- كما بفص حبشي قد ورد.
50 - اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء :
على ظهره صيانة له، أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم : أي ولأجل ختم الكتاب الذي يكتب ويرسل به إلى أهل الكتاب، أي جواز اتخاذه لما ذكر الخطابي: (لم يكن لبس الخاتم من عادة العرب، فلما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب إلى الملوك اتخذه)(3).
قال الزركشي :(قال السفاقسي : كان اتخاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاتم سنة ست).
51 - باب من جعل فص الخاتم في بطن كفه :
أي مطلوبية ذلك ليعلم أنه لم يلبسه للزينة، بل للختم به ونحوه.
وقال القاضي عياض :(ليس في لبسه على هذا الوجه أمر منه - صلى الله عليه وسلم -، لكن الاقتداء به حسن، فيجوز جعل الفص في البطن والظهر، وعمل السلف بالوجهين، وممن جعله في الظهر ابن عباس، قال : ولا أخاله إلا قال : كذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، وقيل لمالك : أيجعل الفص في باطن الكف؟ قال : لا، يعني أنه ليس بلازم)، هـ من إكمال الإكمال(4).
__________
(1) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب تحريم خاتم الذهب على الرجال (شرح النووي 14/71).
(2) - شرح النووي على مسلم 14/71.
(3) - أعلام السنن ص: 1169.
(4) - إكمال الإكمال المعلم 5/388.(8/127)
5876 - في يده اليمنى : النووي : (أجمعوا على جواز التختم في اليمين واليسار، واختلفوا أيتهما أفضل، فتختم كثيرون من السلف في اليمين، وكثيرون في اليسار، واستحب مالك اليسار وكره اليمين)هـ (1)، ونحوه للمازري وابن شاس وابن الحاجب/، أي لما ورد أنه آخر الأمرين من فعله - صلى الله عليه وسلم -، كما للبغوي في شرح السنة، وفعل الخلفاء الأربعة، وابن عمر وعمرو بن حريث(2) كما للعراقي، قاله المناوي(3).
وقال في الرسالة : (والاختيار مما روي في التختم، التختم في اليسار، لأن تناول الشيء باليمين، فهو يأخذ بيمينه ويجعله في يساره)هـ(4).
وقال في القبس : (صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تختم في يمينه وفي يساره، واستقر الأمر على تختمه باليسار)هـ.
زاد السيوطي عن البغوي والبيهقي:(والعمل على اليسار، والأول منسوخ)هـ(5).
وقال القرطبي: (جع الخاتم في خنصر اليسرى هو الأفضل والأحسن عند مالك)هـ.
وقال الأبي: (اختلف المذهب في المستحب منه، والصحيح أنها الشمال )هـ.
52 - باب قول النبي صلى الله عليه : لا ينقش على نقش خاتمه
لئلا يقع الالتباس عند الختم به.
53 - باب هل يجعل نقش الخاتم ثلاثة أسطر ؟
نعم، وهو أولى من جعله شطرا واحدا، قاله ابن حجر (6).
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/73.
(2) - عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله القرشي المخزومي.
له صحبة، وروى عن أخيه سعيد وأبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود.
وعنه ابنه جعفر وإسماعيل بن أبي خالد وأبو الأسود المحاربي.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 1172، والإصابة 4/619، وتهذيب التهذيب 8/17.
(3) - في فيض القدير 5/201.
(4) - الرسالة ص : 141.
(5) - التوشيح ص : 488.
(6) - في الفتح 10/403.(8/128)
5878 - محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر: ابن حجر :(ظاهره أنه لم تكن فيه زيادة على ذلك، وما ورد مما يخالفه شاذ، وظاهره أيضا أنه مكان على هذا الترتيب، لكن لم تكن كتابته على السياق العادي، فإن ضرورة الاحتياج إلى أن يختم به تقتضي أن تكون الأحرف المنقوشة مقلوبة ليخرج الختم مستويا، وأما قول بعض الشيوخ إن كتابته كانت من أسفل إلى فوق، يعني أن الجلالة في أعلى الأسطر الثلاثة، ومحمد في أسفلها، فلم أر التصريح بذلك في شيء من الأحاديث، بل رواية الإسماعيلي يخالف ظاهرها ذلك، فإنه قال فيها: محمد الوسطى، والسطر الثاني رسول، والسطر الثالث الله)هـ(1).
ورسول : بالتنوين وبدونه، حكاية. والله : بالرفع والجر، حكاية.
5879 - وزادني أحمد : هو ابن حنبل، كما جزم به المزي(2). فسقط ... إلخ: قال الحافظ ابن حجر : (قال بعض العلماء : كان في خاتمه - صلى الله عليه وسلم - من السر شيء مما كان في خاتم سليمان عليه السلام، لأن سليمان لما فقد خاتمه ذهب ملكه، وعثمان / لما فقد خاتم النبي - صلى الله عليه وسلم -، انتقض عليه الأمر، وخرج عليه الخارجون، وكان ذلك مبدأ الفتنة التي أفضت إلى قتله واتصلت إلى آخر الزمان)هـ(3).
54 - باب الخاتم للنساء :
أي إباحتها لهن إجماعا كما قدمناه، لأنها من جملة حليهن.
5880 - الفتخ : الحلق من الفضة لا فص لها، أو الخواتيم الكبار، أو خواتم توضع في أصابع الأرجل.
55 - باب القلائد :
جمع قلادة، ما يلقى في العنق من حلي وغيره، والسخاب للنساء : وفسره المص بقوله : يعني قلادة من طيب وسك : السك طيب معروف، وهو من عطف الخاص على العام، وكذا عطف السخاب على القلادة، وقال غيره : السخاب خيط من خرز، أي جواز ذلك وإباحته للنساء، لأنه من جملة حليهن.
5881 - بخُرْصِهَا : هو حلقة تجعل في الأذن.
56 - باب استعارة القلائد :
جواز ذلك.
57 - باب القرط للنساء :
__________
(1) - الفتح 10/403.
(2) - نقلا عن الفتح 10/404.
(3) - الفتح 10/404.(8/129)
أي جواز اتخاذه لهن، والقرط هو ما تحلى به الأذن من حلق الذهب والفضة، صرفا أو مع لؤلؤ وغيره، ويوضع إما على الأذن، أو في ثقب بشحمتها، وثقب الأذن لذلك جائز، وأول من فعله سارة لهاجر.
قال الشاذلي : قال الشيخ زروق :(مما عمت به البلوى ثقب الأذن للأخراص، وقد بالغ الغزالي وغيره في إنكاره، وفي المدخل عن الإمام أحمد جوازه، قال بعض من لقيناه : هذا الذي ينبغي أن يقلد، لأن غيره يؤ دي لتجريح الأمة كلها)هـ(1).
وفي أحكام ابن العربي ما نصه : (ابن القيم : كره الجمهور ثقب أذن الصبي، ورخص بعضهم في الأنثى، قلت : وجاء الجواز عن أحمد في الأنثى للزينة، والكراهة للصبي)،هـ منها.
يهوين إلى آذانهن وحلوقهن : أي يلقين ما فيها من الحلي في ثوب بلال.
58 - باب السخاب للصبيان :
أي إباحة جعله لهم ذكورا كانوا أو إناثا.
5884 - في سوق من أسواق المدينة: هو سوق بني قينقاع. فقال : حين وصل بيت فاطمة ابنته عليه السلام. لكع : معناه الصغير . وفي عنقه السخاب : قلادة من طيب، ليس فيها ذهب ولا فضة. فقال النبي صلى الله عليه بيده هكذا : أي بسطها لأجل المعانقة.
تنبيه : قال في جامع البيان ما نصه: (وسئل عن قرط الذهب للصبي الصغير، قال : تركه أحب إلى للغلمان.
__________
(1) - شرح الرسالة لزروق 2/279.
تنبيه : إن الشيخ الشبيهي رحمه الله يتصرف أحيانا في النقول تصرفا يخل بالمعنى، ومن ذلك هذا النص للشيخ زروق، فالذي يفهم منه أنه القول بالجواز عند أحمد يوجد في المدخل، وليس ذلك بصحيح، ويتضح بالمقارنة مع النص الأصلي:
(... وقد بالغ الغزالي وغيره في إنكاره، وقارب أن يدعي في تحريمه الإجماع، ونقله ابن الحاج في مدخله، غير أن الإمام أحمد قال بجوازه على ما حكى ابن فرحون في جزء له في البدع).(8/130)
محمد بن رشد : الكراهة في هذا بينة، لأن الصبي وإن لم يكن متعبدا، فوالده متعبد فيه، فكما لا يحل له أن يسقيه الخمر، فكذلك لا ينبغي له أن يحليه الذهب، ولا يلبسه الحرير، فإن حلاه الذهب أو ألبسه الحرير لم يأثم، وإن ترك ذلك ولم يفعله لما جاء من تحريم ذلك على الذكور دون الإناث، أجر، وأما إن سقاه خمرا أو أطعمه خنزيرا فهو آثم في ذلك، كما لو شرب هو الخمر، أو أكل الخنزير أو الميتة من غير ضرورة، والفرق بين أن يسقيه الخمر أو يكسوه الحرير، أن الخمر لا يحل تملكها ولا شربها لذكر ولا أنثى ولا صغير ولا كبير، بخلاف الحرير والذهب، وبالله التوفيق)، هـ منه بلفظه.
وفي الموطأ : قال يحيى سمعت مالكا يقول : وأنا اكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب… إلخ (1).
قال في القبس : (كرهه ولم يره حراما، أما نفي التحريم فلرفع التكليف، وأما كراهيته فلئلا يعتادوه فيعسر فطامهم عنه)هـ.
وهذا هو الذي شهره في الشامل، وقال الحطاب : (هو ظاهر المذهب عند كثير من الشيوخ)، وقال الزرقاني:إنه المعتمد)، وقال الشيخ مصطفى:وفي الصغير خلاف، والمعتمد جواز إلباسه الفضة، ويكره الذهب كالحرير)، ثم قال:وعياض وإن حملها على التحريم، فقد حملها ابن رشد على إباحتها، وهو الراجح)هـ؛ واعتراض الشيخ بناني على الزرقاني، قال الشيخ الرهوني، (فيه شبه تدافع)، واعتراض الشيخ الرهوني تفرقة ابن رشد بين الخمر وبين الحرير والذهب بقوله :(إن الكلام في الاستعمال في التملك واضح السقوط، لأن ابن رشد غرضه إبداء الفرق بين الخمر وبين الحرير والذهب، وبيان قوة حرمة الأول بأنه لا يحل تملكه، أي إدخاله في الملك بحال، وأنه يستوي في حرمته الذكر والأنثى، بخلاف الحرير والذهب، فيصح إدخالهما في الملك لكل واحد، وحرمتهما مقصورة على الذكور دون الإناث، هذا قصده، وهو فرق ظاهر، والله سبحانه أعلم).
__________
(1) - الموطأ، كتاب الجامع، ما جاء في لبس الثياب المصبغة والذهب.(8/131)
59 - باب: المتشيهون بالنساء :
من خط أبي محمد سيدي عبدالقادر الفاسي ما نصه :(كذا وقع بغير تنوين، والمقصود اللفظ، والتقدير ما حكمهم، ويجري فيه ما ذكر في قوله : كيف كان بدء الوحي)هـ، أي في لباسهن وزينتهن المختصة بهن، ومشيتهن وكلامهن.
والمتشبهات بالرجال : في بعض صفاتهم، أي ذم كل من الفريقين.
5885 - لعن النبي صلى الله عليه المتشبهين ... إلخ : قال ابن أبي جمرة : (إنما لعنهم لإخراجهم الشيء عن الصفة التي وضعها أحكم الحاكمين)، قال :(واللعن من علامات الكبائر، والمراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها، لا التشبه في أمور الخير)هـ(1).
60 - باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت :
(أي وجوب ذلك لئلا يفضي الحال إلى أمر أفحش منه)، قاله الأبي.
5886 - المخنثين : المخنث هو الذي في كلامه لين، وفي أعضائه تكسر، وليس له جارحة تقوم. فلانة : لم تعرف. فلانا : هو ماتع.
5887 - وفي البيت مخنث : هو هيت. قال الأبي :(وإنما أذن له في الدخول عليها لأنه كان يعد من غير أولي الإربة، فلما سمع/ - صلى الله عليه وسلم - كلامه، قال : أراك تعرف ما هنا، فأخرجه من المدينة، ونفاه إلى الحمى، وفيه حجة للكافة على جواز النفي.
عياض : وفيه منع المخنثين من الدخول على النساء، ومحادثهن، وتحريم نظرهم إلى مالا يراه الأجنبي من المرأة)هـ.
بنت غيلان : اسمها بادية. تقبل بأربع : أي من الأعكان، أي بأربع طيات في بطنها من السمن. وتدبر بثمان: أطراف الأعكان الأربعة، ولما فتحت الطائف تزوجها عبدالرحمن بن عوف.
61 - باب قص الشارب :
قال الحافظ ابن حجر :(هذه أبواب اشتركت مع اللباس في حصول الزينة، فمن ثم أعقبها بها)، قال :(والمراد بالقص هنا قطع الشعر النابت على الشفة العليا من غير استئصال)هـ(2)، أي استحباب ذلك.
__________
(1) - نقلا عن الفتح 10/408-409.
(2) - الفتح 10/411.(8/132)
قال العراقي : (قص الشارب أمر ديني، وهو مخالفة المجوس، ودنيوي وهو تحسين الهيئة والتنظيف وما يتعلق به من الوجه).
يحفي شاربه : أي يزيل ما عليه من الشعر، ولا يترك منه شيئا كما جاء مصرحا به في رواية، مأخوذ من الإحفاء وهو الاستقصاء والمبالغة. حتى ينظر ... إلخ : لمبالغته فيه. ويأخذ هذين …إلخ : المراد بهما السبالان، أما إحفاؤه لشاربه فيأتي ما فيه، وأما أخذ السابلين، أي قصهما، فهو الذي ارتضاه أبو عبدالله الأبي، ونصه بعد كلام طويل: (وإذا كان القصد إنما هو التخفيف لتنظيف مدخل الطعام ومخالفة المجوس، فالأحسن ما عليه العرف اليوم من الأخذ من طوله، أي الشعر ومساحته حتى يبدو الإطار، وما يفعله بعض المغاربة من ترك شعره المسمى بالإغفال فمخالف للأمر بالإحفاء)هـ.
وما ارتضاه طيب الله ثراه جاء مصرحا به فيما رواه البيهقي عن أبي أمامة مرفوعا:"وفروا عثانينكم، وقصوا سبالكم" (1)؛ قال المناوي : عثانينكم جمع عثنون، وهو اللحية، وقصوا سبالكم ندبا لما في توفيرها من التشبه بالعجم بل بالمجوس وأهل الكتاب)، هـ منه(2)، وبه يسقط بحث من بحث مع الأبي والله أعلم، والإطار ككتاب، اللحم المحيط بالشفة.
5888 - قال أصحابنا عن المكي عن ابن عمر : أي عن المكي(3) عن حنطلة(4) عن نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
__________
(1) - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 5/131، وعزاه إلى أحمد والطبراني.
(2) - فيض القدير 6/363.
(3) - مكي بن إبراهيم بن بشير بن فرقد التميمي الحنظلي الحافظ.
روى عن أيمن بن نابل وبهز بن حكيم ومالك وأبي حنيفة وابن جريج.
وعنه البخاري وأحمد وابن معين.
وثقه الدارقطني والعجلي.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/293-295.
(4) - - حنظلة بن أبي سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان الجمحي المكي.
روى عن سالم بن عبد الله وطاوس وعكرمة بن خالد ومجاهد.
وعنه الثوري وابن المبارك ووكيع والقطان.
قال أحمد: ثقة ثقة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 3/60-61.(8/133)
من الفطرة : الفطرة هي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشارئع، فكأنها أمر فطروا عليه، قال السيوطي:(هذا أحسن ما قيل في تفسيرها وأجمعه) (1).
5889 - الفطرة خمس ... إلخ : لا مفهوم لقوله : "خمس"، ففي مسلم عن عائشة: "عشر من الفطرة" (2)، فذكر ما في حديث الباب إلا الختان، وزاد إعفاء اللحية والسواك والمضمضة والاستنشاق وغسل البراجم والاستنجاء، وزاد أحمد وابن ماجه الانتضاح(3)، وذكر أبو داود فيها الفرق بدل إعفاء اللحية(4)، وذكر ابن أبي حاتم غسل الجمعة بدل الاستنجاء، وذكر أبو عوانة الاستنثار بدل الاستنشاق.
قال ابن حجر :(فصار مجموع الخصال التي وردت في ذلك خمس عشرة خصلة)، قال :(وذكر ابن العربي أن خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة، فإن أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك، وإن أراد ما هو أعم من ذلك، فلا ينحصر في الثلاثين بل يزيد كثيرا)هـ(5).
والبراجم عقد الأصابع، والانتضاح هو أن يأخذ قليلا من الماء فينضح / به مذاكيره بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس.
الختان : هو قطع جلدة الكمرة، وهو سنة مؤكدة في حق الرجال عند المالكية والحنفية، وقال الشافعي وسحنون بوجوبه، وروى ابن حبيب لا تجوز إمامة تاركه اختيارا، ولاشهادته، ويندب أن يكون زمان وقت أمر الصبي بالصلاة، ولا ينبغي أن يجاوز به عشر سنين إلا وهو مختون، واختلف في الكبير إذا أسلم وخاف على نفسه، هل يختتن أم لا، ومن ولد مختونا سقط عنه إن تم ختانه، والخفاض في النساء مكرمة، وهو قطع جليدة في أعلى الفرج على ثقب البول كعرف الديك.
__________
(1) - التوشيح ص : 489، والشرح منسوب للقاضي البضاوي كما في الفتح 10/416.
(2) - أخرجه مسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة رقم 261 (شرح النووي 3/147)
(3) - أخرجه أحمد من حديث مصعب، وابن ماجه في الطهارة باب الفطرة رقم 293.
(4) - أخرجه أبو داود في الطهارة، باب السواك من الفطرة رقم 53.
(5) - الفتح 10/414.(8/134)
الشيخ زروق : (وهو خاص بنساء المشرق لا نساء المغرب، لأنهن لا يعرفن ذلك، إذ لم يخلق لهن موجبه)هـ(1).
أبو عبدالله الأبي: (قال الفخر : شرع الختان تقليلا للذة الوقاع، قال الشيخ : لأن الإحساس بسطح مستور كاللسان مع الشفتين أتم منه بسطح مكشوف كاللسان بدون الشفتين، وعلل الشيخ مشروعيته بأنه اتقاء من البول، لأنه إذا لم يختتن لم ينقطع أثر البول)هـ.
والاستحداد : استفعال من الحديد، والمراد به استعمال الموسى في حلق العانة، وهي الشعر المحيط بالفرج، وهو سنة للرجال والنساء.
النووي :(وتحصل السنة بقصه، أو حلقه، أو نتفه، أو تنويره، لكن الأفضل الحلق، نعم النتف للمرأة أفضل)هـ، وعليه جرى الأبي فقال: (معنى :"تستحد المغيبة" تعالج إزالة نبات عانتها بالمعتاد عند النساء في ذلك، ولم يرد به استعمال الحدي، فإن ذلك غير مستحسن في أمرهن)هـ.
لكن جزم الفاكهاني وابن ناجي(2) ويوسف بن عمر بأن الحلق في حقهن أحسن، لأن النتف يضر بالزوج لاسترخاء المحل بذلك اتفاقا من الأطباء، هـ من تحقيق المباني.
وقال ابن العربي : (إن كانت شابة فالنتف في حقها أولى، لأنه يربو مكان النتف، وإن كانت كهلة فالأولى في حقها الحلق، لأن النتف يرخي المحل)هـ.
ونتف الإبط : سنة للرجال والنساء.
قال الشيخ زروق في شرح الرسالة :(وأما نتف الجناحين فهو السنة، لاحلقه)هـ(3).
وقال القرطبي : (لو حلقه أجزأ) هـ(4).
__________
(1) - شرح رسالة لزروق 2/370.
(2) - في شرح الرسالة 2/369.
(3) - شرح الرسالة 2/370.
(4) - من يسر الفقه ما قاله الإمام الشافعي-وقد رئي يحلق -: (قد علمت أن السنة النتف، ولكن لا أطيقه) ، انظر شرح الرسالة لزروق 2/370.
وقال ابن دقيق العيد -كما في الفتح 10/422- : (من نظر إلى اللفظ وقف مع النتف، ومن نظر إلى المعنى أجازه بكل مزيل).(8/135)
الأبي : (وهو غير ظاهر، لأن الأصل ما دلت عليه السنة، وقد فرقت في إزالة الشعر، فعبرت في العانة بالاستحداد، وفي الإبط بالنتف، وذلك مما يدل على مراعاة الأمرين، اللهم إلا أن يكون في نتفه ألم)هـ، ويندب البداءة بالأيمن.
وتقليم الأظفار : سنة أيضا للرجال والنساء، أي إزالتها.
الأبي عن النووي : (ويستحب في التقليم أن يبدأ باليدين قبل الرجلين، وبالميامن، يبدأ بسبابة اليمنى ويختم بإبهامها، ثم بخنصر اليسرى ويختم بإبهامها، ويبدأ في الرجلين بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى)هـ /.
وقص الشارب : وهو الشعر النابت على الشفة، ويأتي في الباب بعده :" أحفوا الشوارب"، وفي الذي بعده :"أنهكوا الشوارب "، أي بالغوا في قصها، وفي مسلم : "جزوا الشوارب"(1).
قال الأبي : (ليس في هذه الألفاظ ما هو نص في استئصاله بالموسى، والمشترك بين جميعها التخفيف)هـ.
وقال في الرسالة: (ومن الفطرة قص الشارب، وهو الإطار، لا إحفاؤه) (2)،
قال أبو الحسن: (أي استئصاله كله) (3)، قال يحيى في الموطأ: (سمعت مالكا يقول: يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وهو الإطار، ولا يجزه فيمثل بنفسه) (4)، زاد بعضهم في النقل عن مالك : (ويؤدب من جز شاربه، ويبالغ في عقوبته، لأن حلقه مثلة، وهو فعل النصارى)هـ.
وقال الحطاب في حاشية الرسالة: (قال في المقدمات: يجمع بين الأحاديث الواردة في قص الشارب والأحاديث الواردة في إحفائه بأن يقص أعلاه ويحفي منه الإطار الذي على الشفة، قال : وهو الذي ذهب إليه مالك)هـ.
وعلى هذا ذهب في النصيحة فقال :(الأفضل الجمع بين الحلق لما فيه من الاحتياط، وهو ما يفعل عندنا اليوم، وهو المختار عند مالك)هـ
__________
(1) - رواه مسلم (1 / 88) في الطهارة، باب خصال الفطرة.
(2) - الرسالة ص:141.
(3) - كفاية الطالب لأبي الحسن المالكي 2/579.
(4) - الموطأ كتاب صفة النبي، باب ما جاء في السنة في الفطرة، ح1641.(8/136)
وما يطلب فيه قص السبالين، وهما طرفا الشارب، ففي مسند الإمام أحمد :" قصوا سبالاتكم، ولا تتشبهوا باليهود".
تنبيه : روى مسلم وأحمد والأربعة عن أنس :" وقت لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف الإبط، ألا تترك أكثر من أربعين يوما"هـ(1).
قال القرطبي : (هذا تحديد أكثر المدة، والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة)هـ.
وفي مرسل أبي جعفر الباقر(2) عند البيهقي : " كان - صلى الله عليه وسلم - يقلم أظفاره، ويقص شاربه، يوم الجمعة قبل الخروج إلى الصلاة"(3).
وروى النووي كالعبادي(4): "من أراد أن يأتيه الغنى على كره، فليقلم أظفاره يوم الخميس".
قال الأبي :(وجاء في حديث النهي عن تقليمها يوم الأربعاء، وأنه يورث البرص، ونقل عن أبي إسحاق البلفيقي(5)
__________
(1) - رواه مسلم في الطهارة، باب خصال الفطرة رقم 258، وأبو داود في الترجل، باب في أخذ الشارب رقم 4200، والترمذي في الأدب باب ما جاء في التوقيت في تقليم الأظافر وقص الشارب رقم 2759، والنسائي في الطهارة باب التوقيت في قص الشارب.
(2) - أبو جعفر محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الهاشمي القرشي.
ولد بالمدينة، وله أقوال في التفسير.
توفي سنة 114هـ.
ترجمته في: صفة الصفوة 2/60، وتهذيب التهذيب 9/350.
(3) - روى الطبراني في الأوسط 1/50 : "من قلم أظفاره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها)، وهو موضوع ، ووردت روايات ضعيفة بشان ذلك، انظر الضعيفة اللألباني 4/رقم 1816.
(4) - محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عباد العبادي الهروي.
ولد بهراة وتفقه بها وبنيسابور، ولقي كثيرا من مشايخ الحديث.
له: الهادي إلى مذاهب العلماء ، وطبقات الفقهاء، وأدب القضاة.
توفي سنة 458هـ.
ترجمته في: وفيات الأعيان 1/585، وطبقات الشافعية للسبكي 3/42، وشذرات الذهب 3/306.
(5) - محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمي البلفيقي.
قاض من أعلام الأندلس.
له: أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها، ومستبهمات مصطلحات العلوم، وسلوة الخاطر.
ترجمته في: فهرس الفهارس 1/106، وجذوة الاقتباس 183، وغاية النهاية 2/235.(8/137)
أنه هم أن يقلم أظفاره فيه، فذكر الحديث، فكف، ثم رأى أنه سنة حاضرة، وأنه قد لا يجد المقص في المستقبل فقلمها، فلحقه برص، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام فشكا إليه، فقال : ألم تسمع نهيي؟ قال : فقلت : لم يصح عندي، فقال : يكفيك أن تسمع قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمسح بيده المباركة على بدني، فزال ما بي، وجددت التوبة ألا أخالف ما أسمع)هـ.
وفي المواهب ما يعزى في ذلك من النظم لعلي رضي الله عنه، ثم لشيخ الإسلام ابن حجر قال شيخنا - يعني السخاوي - إنه باطل هـ(1).
وقال الزرقاني على المواهب والموطأ ما نصه: (ما يعزى لعلي بن أبي طالب من الأبيات التي أولها : ابدأ بيمناك وبالخنصر … إلخ، فباطل عنه، وكذا ما يعزى للحافظ ابن حجر من الأبيات التي أولها : في قص ظفرك يوم السبت آكلة ...إلخ، قال السيوطي : إنه مفترى عليه)هـ(2)، ونحو للعلقمي(3) عن ابن دقيق العيد(4) وغيره.
__________
(1) - المواهب اللدنية 1/365.
(2) - شرح الزرقاني على الموطأ 4/359.
(3) - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي، شمس الدين.
تتلمذ على الجلال السيوطي.
له: قبس النيرين على تفسير الجلالين، والكوكب المنير في شرح الجامع الصغير.
توفي سنة 963هـ.
ترجمته في: شذرات الذهب 8/338، وفهرس الفهارس 2/206.
(4) - أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع، تقي الدين القشيري، المعروف بابن دقيق العيد.
من أكابر علماء الأصول .
من مؤلفاته : إحكام الأحكام، والاقتراح في بيان الاصطلاح، والإلمام بأحاديث الأحكام. وتوفي سنة 702هـ.
ترجمته في : الدرر الكامنة 4/91، وفوات الوفيات 2/244، وشذرات الذهب 6/5.(8/138)
تنبيه آخر : قال أبو عبدالله الأبي في إكمال الإكمال :(ذكر الحافظ ابن عدي من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادفنوا الأظفار والشعر والدم، فإنه ميتة)هـ(1).
وذكر ابن عبدالبر في الاستيعاب عن الزبير أن سيدنا ابراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - حلق رأسه يوم سابعه، وتصدق بوزن شعره على المساكين، وأخذوا شعره فدفنوه في الأرض هـ(2).
وقال ابن حجر في الفتح: (سئل الإمام أحمد : هل يدفن الشعر والأظفار ؟ /فقال : يدفنه، قيل : بلغك فيه شيء ؟ قال : كان ابن عمر يدفنه، وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بدفن الشعر والأظفار، وقال : لا يتلعب به سحر بني آدم)، قال الحافظ :(قلت هذا الحديث أخرج(3) البيهقي من حديث وائل بن جحر نحوه، واستحب أصحابنا دفنها لكونها جزءا من الآدمي والله أعلم) (4).
وفي الفتح أيضا ما نصه : (وللترمذي الحكيم من حديث عبدالله بن بسر(5) رفعه : قصوا أظفاركم، وادفنوا قلامتكم، ونقوا براجمكم، وفي سنده راو مجهول)هـ(6).
__________
(1) - رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال 4/1518، وأورده ابن القيم في زاد المعاد 5/754، وابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية 1/59، وابن الجوزي في العلل المتناهية 2/686، والزيلعي في نصب الراية 1/122.
(2) - الاستيعاب ص : 54.
(3) - في الأصل : "أخرجه "، وكذا في الفتح 10/424، ونبه العرائشي على الصحيح.
(4) - الفتح 10/424.
(5) - عبد الله بن بسر بن أبي بسر المازني القيسي.
له ولأبيه صحبة، وسكن حمص.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعنه حدير بن كريب وخالد بن معدان وسليم بن عامر.
توفي سنة 88هـ، وهو آخر الصحابة موتا بالشام.
ترجمته في: الاستيعاب ص: 874ن والإصابة 4/23.، وتهذيب التهذيب 5/158-159.
(6) - الفتح 10/338.(8/139)
قلت : ولعل جميع ما ذكر لم يثبت عند الإمام مالك رضي الله عنه، فقد قال ابن يونس:(سئل مالك عن دفن الشعر والأظفار، فقال : لا أرى ذلك، وهو بدعة)هـ.
وقال الشيخ يوسف بن عمر : يكره دفنها، والله سبحانه أعلم.
62 - باب تقليم الأظفار :
أي مطلوبيتها وسنيتها.
العراقي :(قص الأظفار سنة إجماعا).
المناوي :(ويستثنى من ندبيتها مواضع حالة الإحرام، وعشر ذي الحجة لمن أراد الضحية، وحالة الموت، وحالة الغزو، على ما للمحيط للحنفية) (1).
5892 - وفروا اللحى : أي اتركوها موفرة.
فما فضل: على قبضته. أخذه : أي قصه وأزاله، وهذا هو المستحب عندنا أيضا.
قال في الرسالة : (وقال مالك : ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت كثيرا) (2).
قال شراحها : (أي يستحب ذلك) (3).
الباجي : (يقص ما زاد على القبضة) (4).
ابن ناجي: (ويستحب الأخذ من عرضها أيضا) (5).
63 - باب إعفاء اللحى :
جمع لحية، وهي الشعر النابت على العارضين والذقن، أي مطلوبية تركها على حالها من غير حلق ولا قص.
قال القاضي عياض : (يكره حلق اللحية، وقصها، وتحريفها، وأما الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تكره الشهرة في تعظيمها، كما يكره تقصيرها)هـ.
__________
(1) - فيض القدير 4/519.
(2) - الرسالة ص : 141.
(3) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.
(4) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.
(5) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/370.(8/140)
وقال أبو عبدالله الأبي: (إن الله تعالى زين بني آدم باللحى، وإذا كانت زينة فالأحسن تحسينها بالأخذ منها طولا وعرضا، وتحديد ذلك بما زاد على القبضة كما كان ابن عمر "يفعل"(1)، وهذا فيمن تزيد لحيته فيأخذ من طولها وعرضها ما فيه تحسين، فإن الله تعالى جميل يحب الجمال، وأما الشعر النابت على الخد فكان الشيخ الفقيه الصالح أبو الحسن المنتصر لا يزيله، وكان غيره ممن هو في طبقته يزيله، واختاره الشيخ، ويزال النابت على الحلق بخلاف النابت على اللحى الأسفل)، هـ من نسختين عتيقتين جيدتين جدا من إكمال الإكمال، ونحوه في نقل ابن الشاط عنه في حاشية مسلم، والشيخ زروق في عدة المريد، والحطاب في حاشية الرسالة، ووقع للشيخ الرهوني في نقله عنه تحريف في النص الأخير منه فانظره، وانظر قول الأبي : ويزال النابت على الحلق .. إلخ، مع ما نقله الشيخ زروق عن الإمام مالك أنه كره حلق ما تحت الذقن من الشعر، وقال :(هو من فعل المجوس)هـ، نقله العلامة ابن زكري وأقره.
وقال الشاذلي في شرح الرسالة: (ويكره حلق ما تحت الذقن من الشعر وحلق القفا)هـ، إلا أن يحمل قوله :"ما تحت الذقن" على ما عدا النابت على الحلق، فيوافق ما للأبي /، والله أعلم.
__________
(1) - سقط هذا اللفظ من مخطوطة العرائشي.(8/141)
تتميم : قال محيي الدين النووي: (ذكر العلماء في اللحية اثنتي(1) عشرة خصلة مكروهة، بعضها أشد قبحا من بعض : الأولى : خضابها بالسواد لا لغرض الجهاد، الثانية : خضابها بالصفرة تشبها بالصالحين، لا اتباع السنة، الثالث : تبييضها بالكبريت أو غيره، استعجالا للشيخوخة لأجل الرئاسة والتعظيم، وإيهام أنه من المشايخ، الرابعة: نتفها أول طلوعها إيثارا للمرودة وحسن الصورة، الخامسة: نتف الشيب، السادسة: تصفيفها طاقة فوق طاقة تصنعا ليستحسنه النساء وغيرهن، السابعة : الزيادة فيها والنقص منها، فالزيادة في شعر العذار من الصدغين، والنقص أخذ بعض العذار في حلق الرأس ونتف جانب العنفقة وغير ذلك، الثامنة : تسريحها تصنعا لأجل الناس، التاسعة :تركها شعثة ملبدة إظهارا للزهادة وقلة المبالاة بنفسه، العاشرة : النظر إلى سوادها وبياضها إعجابا وخيلاء، وغرة بالشباب، وفخرا بالمشيب، وتطاولا على الشباب، الحادية عشرة : عقدها وظفرها، الثانية عشرة : حلقها إلا إذا نبت للمرأة لحية، فيستحب لها حلقها، والله أعلم)هـ منه، ونحوه في الفتح عن الغزالي قال : (وأصله لأبي طالب المكي في القوت) (2).
عفوا : يشير لقوله تعالى : " ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا " (3).
64 - باب ما يذكر في الشيب:
أي في وجوده في شعر الإنسان عند بلوغ أوانه.
__________
(1) - في الأصل : " اثنتا"، ونبه العرائشي على الأولى.
(2) - قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد 2/143، ونقله في الفتح 10/430.
(3) - سورة الأعراف، الآية 95.(8/142)
قال المناوي : (ورد في غير ما خبر أن أول من شاب إبراهيم عليه السلام، وفي الإسرائيليات أنه لما رجع من تقربه بولده إلى ربه، رأت سارة في لحيته شعرة بيضاء، فقالت: ما هذا ؟ وأخبرته أنها كرهتها لكونها تدل على ضعف البدن وقرب الأجل، وأرادت نتفها فأبى ومنعها، وقال : يا رب ما هذا ؟ قال : وقار، قال : يارب زدني وقارا، فأصبح وكل لحيته بيضاء).
5894 - أخضب النبي صلى الله عليه ؟: أي أصبغ شعر لحيته الشريفة؟
لم يبلغ الشيب إلا قليلا : قيل تسع عشرة، وقيل عشرون، وقيل خمس عشرة أو سبع عشرة أو ثمان عشرة، ومراده ما في الرواية الأخرى من قوله :" لم يبلغ ما يخضب "، لأن العادة أن الشيب القليل لا يخضب.
5895 - شَمْطَاتِهِ : أي الشعرات البيض، أي لفعلت لقلتها، ومفاده أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب، وصرح بذلك في حديث آخر، وبه قال الإمام مالك وابن عبدالبر، قاله القرطبي.
5896 - ثلاث أصابع : إشارة إلى عدد إرسال عثمان إلى أم سلمة، قاله الكرماني(1)، ورجحه العيني(2)، واقتصر عليه شيخ الإسلام(3). من فضة : بالفاء والضاد، نعت لمحذوف، لا للقدح، بينت ذلك رواية الحميدي ولفظه :" أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، فجاءت / بجلجل من فضة فيه شعر… "إلخ، فسقط قوله:" فجاءت بجلجل" من وراية البخاري، ولابد منه، إذ به ينتظم الكلام، والجلجل شبيه بالجرس، يوضع فيه ما يراد صيانته، وكأن أم سلمة كانت تجيز استعمال الإناء الصغير من الفضة في غير الأكل والشرب كجماعة من العلماء، قاله ابن حجر(4).
__________
(1) - في الكواكب الدراري 21/112.
(2) - في العمدة 22/48.
(3) - في التحفة 3/275.
(4) - في الفتح 10/432.(8/143)
فيه شعر : أي في الجلجل. أو شيء : من مرض. بعث إليها مخضبه : آنية من الأواني، أي فتجعل فيه تلك الشعرات وتغسلها فيه، فيشربه صاحب الإناء أو يغتسل به، فيبرأ بإذن الله. فاطلعت : قائله عثمان. شعرات حمرا : هذا محل الترجمة لأنه يدل على الشيب، قاله العيني والقسطلاني(1).
5897 - مخضوبا : زاد يونس : بالحناء والكتم، والجمع بينه وبين ما جاء عن أنس من أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخضب، أن من جزم بأنه خضب حكى ما شاهده، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى كأنس حكى ما شاهده، وهو الأكثر الأغلب من حاله - صلى الله عليه وسلم -، أو معنى قوله:" مخضوبا "أي بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - بطيب فيه صفرة.
5898 - أحمر : لكثرة ما كانت أم سلمة تطيبه إكراما له.
65 - باب الخضاب :
هو صبغ شعر الرأس أو اللحية بنحو الحناء، أي بيان حكمه.
5899 - لا يصبغون : شيب لحاهم. فخالفوهم : وفي رواية لأحمد عن أبي أمامة: "حمروا أو صفروا، وخالفوا أهل الكتاب"، وفي السنن وصححه الترمذي مرفوعا: "إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم"(2)، وأما الصبغ بالسواد فمكروه كراهة تنزيه.
قال في الرسالة :(ويكره صباغ الشعر بالسواد من غير تحريم، ولا بأس بالحناء والكتم) (3).
( أبو الحسن : يحتمل الندب والإباحة. ابن ناجي : والأقرب الإباحة)هـ(4).
ابن رشد : (اتفقوا على جواز تغيير الشيب بالصفرة والحناء من غير تحريم، وإنما اختلفوا هل تركه أفضل، وهو ظاهر كلام مالك في العتبية، أو فعله أحسن، وهو ظاهر كلامه في الموطأ)هـ.
__________
(1) - العمدة 22/48، والإرشاد 8/519.
(2) - رواه أبو داود في الترجل رقم 4211، والترمذي في اللباس 20، والنسائي في الزينة 16، وابن ماجه في اللباس 32، وأحمد في المسند 5/147.
(3) - الرسالة ص : 141 (باب في الفطرة والختان...).
(4) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/371.(8/144)
ابن حجر: (والخضاب مطلقا أولى لأن فيه امتثال الأمر، إلا إذا كان عادة أهل البلد تركه فالأولى تركه، لأن فاعله يصير في مقام الشهرة)هـ(1).
66 – باب الجعد :
الجعودة صفة الشعر، وهي كونه فيه تثن ما، وهي مما يتمدح به، أي ما جاء في تفضيله على غيره، كشعر السودان وشعر الروم والهنود.
5900 - البائن : المفرط في الطول. الأمهق : أي الخالص الذي لا يشوبه حمرة ولا غيرها، بل كان - صلى الله عليه وسلم - أبيض مشرب بحمرة ليس بأمهق. ولا بالآدَم : الأسمر. ولا بالجَعْد القَطَط : المنقبض الشعر جدا حتى يصير متفلفلا. ولا بالسَّبْط : المسترسل الشعر جدا من غير تثن أصلا، كشعر الروم والهنود، بل كان شعره صلى الله عليه وسلم جعدا غير قطط ولا سبط، فالمنفي في الأوصاف السابقة هو القيد دون المقيد.
بعثه الله على رأس أربعين سنة :المشهور عند الجمهور أنه بعث في شهر رمضان، فيكون حين بعث أربعون سنة ونصف، وح فمن قال أربعين ألغى الكسر.
وتوفاه الله على أرس ستين سنة : الذي عليه جماهير العلماء، ورواه أنس أيضا كما في مسلم :" أنه - صلى الله عليه وسلم - عاش/ ثلاثا وستين سنة، عشر سنين منها بالمدينة، والباقي بمكة"(2)، وجمع بينه وبين حديث الباب بإلغاء الكسر أيضا.
عشرون شعرة بيضاء : بل دون ذلك، وأما ما عند الطبراني من حديث الهيثم بن زهر: "ثلاثون شعرة عددا"، فسنده ضعيف، والمعتمد أنهن دون العشرين، قاله ابن حجر(3).
5901 - قال بعض أصحابي : قائله البخاري، وبعض أصحابه هو يعقوب بن سفيان(4)
__________
(1) - الفتح 10/435.
(2) - رواه مسلم في الفضائل، باب قدر عمره صلى الله عليه وسلم (شرح النووي 15/102).
(3) - في الفتح 10/438، ويوافقه ما عند الترمذي 5/592 –ح3623- من حديث أنس: ( ... وتوفاه الله على رأس ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء).
(4) - يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي، أبو يوسف.
روى عن حبان بن هلال وأبي عاصم النبيل والفضل بن دكين.
وعنه الترمذي والنسائي وابن خراش وابن أبي داود.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 11/385-388.(8/145)
.
عن مالك (1): ابن اسماعيل. - صلى الله عليه وسلم - : شعر رأسه. سمعته : أي البراء. يحدثه : أي الحديث المذكور. يبلغ شحمة أذنيه : هذا مغاير لما في الحديث قبله وبعده، قال ابن حجر:(وحاصل الجمع بينهما أن الطويل منه يصل إلى المنكبين، وغيره إلى شحمه الأذن) (2).
وقال ابن بطال :(هو إخبار عن وقتين، فكان إذا غفل عن تقصيره بلغ قريب المنكبين، وإذا قصه لم يتجاوز الأذنين)(3).
5902 - آدم : أسمر. له لمة : شعر جاوز شحمة الأذنين. رجلها: سرحها. تقطر ماء : من الماء الذي سرحها به. فسألت : الملك . جعد : شعره. قطط : مفلفل . طافية: بارزة.
5903- يضرب منكبيه : أي الطويل منه.
5905 - بين أذنيه وعاتقه : هذا المتوسط منه.
5906- ضخم اليدين : غليظهما، والمراد الكفان.
5907 - سبط الكفين (4): مبسوطهما حسا ومعنى.
5908، 5909 - أو عن رجل : يحتمل أنه سعيد بن المسيب، ولا تأثير لهذه الزيادة في صحة الحديث، لأن الذين جزموا بكونه عن قتادة عن أنس أضبط أتقن من معاذ بن هانئ(5)، وهم حبان بن هلال(6) وموسى بن إسماعيل(7)
__________
(1) - هو أبو غسان مالك بن إبراهيم النهدي، وقد تقدم.
(2) - الفتح 10/438.
(3) - نقلا عن الفتح 10/438.
(4) - هذه رواية الكشميهني، ومعناها الليونة، وفي رواية أبي النعان : "بسط" - انظر الفتح 10/440.
(5) - معاذ بن هانئ القيسي، أبو هانئ.
روى عن همام بن يحيى وحرب بن شداد وحماد بن سلمة وابن المبارك.
وعنه بندار وعبد الرحمن بن عمر بن شبة وإبراهيم الجوزجاني.
توفي سنة 209هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/196.
(6) - حبان بن هلال الباهلي، أبو حبيب البصري.
روى عن حماد بن سلمة وشعبة وجرير بن حازم وأبي عوانة ومهدي بن ميمون.
وعنه أحمد بن سعيد الدارمي وأبو خيثمة وعبد بن حميد وبندار.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتا. توفي سنة 216هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 2/170.
(7) - موسى بن إسماعيل المنقري، أبو سلمة البصري.
روى عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون وهمام بن يحيى وأبان العطار.
وعنه البخاري وأبو داود.
توفي سنة 223هـ.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 10/333-335.(8/146)
، كما هنا، وجرير بن حازم كما مضى، ومعمر كما يأتي، قاله ابن حجر(1).
5910 - شثن القدمين والكفين: غليظهما، غليظ الأصابع والراحة مع لين من غير خشونة، كما في حديث أنس :" ما مسست حريرا ألين من كف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"(2).
قال ابن حجر :(هذه الأحاديث كلها حديث واحد، واختلفت رواته بالزيادة والنقص، والغرض منه بالأصالة صفة الشعر، وما عدا ذلك فبالتبع) (3).
5913 - فقال : قائل. صاحبكم : يعني نفسه الشريفة، أي أنه شبيه به. جعد : شعره. مخطوم : من الخطام، وهو الزمام. بخلبة : حبل من ليف. في الوادي : وادي الأزرق.
67 - باب التلبيد :
وهو أن يجمع شعر الرأس بما يلصق بعضه ببعض، كالخطمى والصمخ، لئلا يشعث ويقمل، أي بيان حكمه.
5914 - من ضفر : شعر رأسه، أي من أراد ضفره لطوله. فليحلق : أي ذلك الشعر الذي أراد ضفره، فإن الحلق يكفيه مؤونة الضفر. ولا تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيد : أي لا تضفروا شعركم فتكونوا كالملبدين، قال الكرماني :(لأن التلبيد مكروه في غير الإحرام، مندوب إليه فيه) (4).
5915 - يهل : يرفع صوته بالتلبية، ملبدا : شعر رأسه. يقول لبيك …إلخ : إجابة لك بعد إجابة.
5916 - حلوا بعمرة : أي بفسخ الحج فيها، أي من لم يكن معه هدي منهم.
68 - باب الفرق :
هو قسمة شعر الرأس نصفين في المفرق، أي بيان حكمه.
قال القاضي : (فرق الشعر سنة، لأنه الذي رجع إليه - صلى الله عليه وسلم - ).
5917 - يسدلون شعورهم : يرسلونها بغير فرق. فسدل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناصيته : موافقة لأهل الكتاب. ثم فرق بعد : في رواية معمر :" ثم أمر بالفرق ففرق، فكان آخر الأمرين".
69 - باب الذوائب :
جمع ذؤابة، ما يتدلى من شعر الرأس، أي جواز اتخاذها.
__________
(1) - في الفتح 10/439.
(2) - أخرجه الترمذي 4/368 في البر والصلة باب ما جاء في خلق النبي صلى الله عليه وسلم، رقم 2015.
(3) - الفتح 10/440.
(4) - الكواكب الدراري 21/118.(8/147)
5919 - فأخذ بذؤابتي : فيه أنه أقرها له.
70 - باب القَزَع :
هو حلق بعض الشعر وترك بعضه تشبيها له / بالسحاب المتفرق، أي ما حكمه ؟
قال في إكمال الإكمال ما نصه: (المازري : لم يختلف أنه إذا حلقت مواضع حتى صار الشعر مفرقا، أنه مكروه، واختلف إذا حلق الجميع وترك موضعا كالناصية، أو حلق موضعها وترك الأكثر، عياض: فمنعه مالك ورآه من القزع حتى في الجارية والغلام، وقال نافع: أما القصة والقفا للغلام فلا بأس به، وأما أن يترك لناصيته شعرا دون غيرها فذلك القزع، واختلف في علة النهي، فقيل لما فيه من التشويه، وقيل لأنه زي أهل الدعارة والشر، فيرجع الأمر في ذلك إلى عادة البلاد، فمن عادتهم أنه يفعله غير أهل الشر فلا ينبغي أن ينكر، وفي هذا نظر، لأن العوائد لا تغير السنن المأثورة، والنهي عن ذلك سنة، وعلله أبو داود بأنه زي اليهود) ،هـ منه(1).
وقول القاضي : " منعه مالك"، أي كرهه، كما نقله عنه غيره.
5920 - قلت : وما القزع ؟ : السائل هو عبيدالله، والمسؤول هو نافع كما في مسلم(2)، لا عمر ولده، كما هو ظاهر ما هنا.
فأشار لنا عبيد الله : لما بينه له. إذا حلق الصبي : وكذا غيره. قيل لعبيد الله : يحتمل أن القائل هو ابن جريح. فالجارية والغلام ؟: سواء في الحكم. وعاودته : أي عاودت سؤال نافع. أما القصة: وهي هنا شعر الصدغين. والقفا : أي شعرها. ولكن القزع : النهي عنه تنزيها. هذا وهذا : أي جانبيه.
5921 - نهى عن القزع : أي نهي تنزيه ، إلا لضرورة كمداواة ونحوها.
تنبيهات :
__________
(1) - إكمال إكمال المعلم 5/404-405.
(2) - انظر مسلم في اللباس والزينة باب كراهة القزع (شرح النووي 14/101).(8/148)
الأول : لا بأس بحلق الشعر كله للتنظيف، قاله ابن عبدالبر والقرطبي وغيرهما، وقال البرزلي: إنه ظاهر المذهب، بل حكى ابن عبدالبر الإجماع على جوازه، وقال الحطاب في حاشية الرسالة: (إنما يحبس الشعر اليوم غالبا من لا خلاق له، أو من ليس من أهل العلم، أو لغرض فاسد، وقل من يفعله اتباعا للسنة، فيكون الحلق أولى، خلافا لمن قال بالمنع أو بالكراهة).
الثاني : قال الحافظ ابن حجر :(يحرم على المرأة حلق شعر رأسها بغير ضرورة، وقد أخرج الطبراني عن ابن عباس قال :" نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة رأسها"، وهو عند أبي داود من هذا الوجه بلفظ: " ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير"(1)، والله أعلم)هـ، وقال المناوي : (أما الأنثى فحلقها له مكروه حيث لا ضرر، بل إذا كانت مفترشة ولم يأذن الحليل حرم، بل عده في "المطامح" من الكبائر، وشاع على الألسنة أن المرأة إذا حلقت رأسها من غير إذن زوجها سقط صداقها، وذلك صرخة من الشيطان لم يقل به أحد)هـ.
الثالث : قال الشيخ جسوس : (قال بعض شراح المصابيح : لم يحلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في سني الهجرة إلا ثلاث مرات، في الحديبية وعمرة القضاء وحجة الوداع، وقال في جمع الوسائل : لم يرو تقصير الشعر منه إلا مرة واحدة).
71 - باب تطييب المرأة زوجها بيديها:
أي جواز ذلك لما فيه من دوام الألفة بينهما .
5922 - لحرمه : أي لأجل إحرامه. قبل أن يفيض : أي يطوف طواف الإفاضة/.
72 - باب الطيب في الرأس واللحية :
أي مشروعية استعماله فيهما.
5923 - وبيض : بريق ولمعان. في رأسه ولحيته : ابن بطال : (يؤخذ منه أن طيب الرجال لا يكون في الوجه، بل في الرأس واللحية، بخلاف النساء ففي وجوههن، لتزينهن بذلك، ولا يتشبه الرجال بالنساء).
73 - باب الامتشاط :
تسريح الشعر بالمشط، أي جواز ذلك للرجال والنساء.
__________
(1) - رواه أبو داود في المناسك رقم 1984.(8/149)
5924 - رجلا : قيل هو الحكم بن أبي العاص، والد مروان. جحر : طاق. بالمدرى : حديدة يسرح بها الشعر، ويقال هي المشط. لطعنته بها : فلو اطلع شخص في بيت آخر وطعنه، أو رماه بحصاة وفقأ عينه أو سرت إلى نفسه، قال الإمام المازري:(اختلف فيه أصحابنا، فأكثرهم على إثبات الضمان، وأقلهم على نفيه)، انظر كتاب الديات.
74 - باب ترجيل الحائض زوجها :
أي تسريحها شعرهن أي جواز ذلك.
75 - باب الترجيل :
أي جوازه للرجل والمرأة، وهو تسريح الشعر بالمشط ونحوه.
5926 - في ترجله : فيبدأ بالشق الأيمن.
76 - باب ما يذكر في المسك :
من مدحه الدال على مطلوبية استعماله.
5927 - إلا الصوم وأنا أجزي به : أي فإنه لي أجزي به، كما جاء مصرحا به في رواية أخرى، وظاهر سياقه أنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك وإنما هو من كلام الله عز وجل يرويه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه، كما هو مصرح به في التوحيد وغيره، وقوله: "فإنه لي"، أي هو سر بيني وبين عبدي يفعله خالصا لوجهي، ولا مدخل للرياء في صورة عمله إلا من جهة إخبار صاحبه به، بخلاف غيره من الأعمال يمكن فيه الرياء والسمعة، ومن ثم قال : "وأنا أجزي به"، ، والكريم إذا تولى الإعطاء بنفسه عظم العطاء وفخم.
وخلوف فم الصائم : بضم الخاء، تغير رائحة فمه. أطيب عند الله من ريح المسك : الكرماني :(فإن قلت : لا تتصور الأطيبية بالنسبة إلى الله تعالى، إذ هو منزه عن ذلك، قلت : الطيب مستلزم للقبول، أي خلوفه أقبل عند الله من قبول ريح المسك عندكم، أو معناه أطيب عند ملائكة الله)هـ(1)، وراجع كتاب الصيام.
77 - باب ما يستحب من الطيب :
أي من استعماله.
__________
(1) - الكواكب الدراري 21/124-125.(8/150)
5928 - بأطيب ما أجد: وعند مسلم : " كنت أطيبه بطيب فيه مسك" (1)، وعند مالك من حديث أبي سعيد مرفوعا :" المسك أطيب الطيب" (2).
78 - باب من لم يرد الطيب :
إذا أهدي إليه، لأنه كما في خبر مسلم :"خفيف المحمل طيب الريح"، ولا منة في قبوله، ولأنه كما في خبر الترمذي: "خرج من الجنة" (3).
5929 - وزعم : أي قال. كان لا يرد الطيب : وعند أبي دواد، وصححه ابن حبان، عن أبي هريرة مرفوعا :"من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه طيب الرائحة، خفيف المحمل" (4).
وألحق العلماء به كل ما لا منة في قبوله عرفا، وجمع ذلك من قال:
عن المصطفى سبع يسيء قبولها
فحلو وألبان ودهن وسادة ... - إذا ما بها قد أتحف المرء خلان
- ورزق لمحتاج وطيب وريحان.
79 - باب الذَّرِيرَة :
نوع من الطيب / مركب، أي جواز استعماله.
5930 - بذريرة : فيها مسك. للحل : أي من تحلل. والإحرام : حين أراد أن يحرم.
80 - باب المتفلجات :
أي ذمهن، وهن اللاتي لم يخلق الله لهن فلجا، أي انفراجا بين الثنايا، فيفعلنه بأنفسهن بمبرد ونحوه، للحسن : أي لأجله.
5931 - لعن الله الواشمات والمستوشمات: أي الفاعلات للوشم، وطالبات فعله بهن، والوشم أن تغرز إبرة ونحوها في البدن حتى يسيل الدم، ثم يحشى بالكحل ونحوه فيخضر، وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها بدلالة اللعن عليه.
والمتنمصات : جمع متنمصة، وهي التي تنتف الشعر من وجهها.
__________
(1) - أخرجه مسلم في الحج 46، وأحمد 6/186.
(2) - أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب باب استعمال المسك رقم 2252، وأبو داود في الجنائز 33، والترمذي في الجنازة 16، وأحمد 3/31.
(3) - رواه الترمذي في الأدب باب ما جاء في كراهية رد الطيب رقم 2792، وهو من مراسيل أبي عثمان النهدي، فهو منقطع.
(4) - أخرجه مسلم في الألفاظ من الأدب باب استعمال المسك رقم 2253، وأبو داود في الترجل باب في رد الطيب رقم 4172، والنسائي 8/189 في الزيبنة باب الطيب.(8/151)
وهو : ملعون. في كتاب الله : في قوله تعالى :"وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ"…إلخ (1).
قال ابن حجر :(فيما دار بين ابن مسعود وأم يعقوب من الكلام دلالة على جواز نسبة ما يدل عليه الاستنباط إلى كتاب الله تعالى وإلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسبة قولية، فكما جاز نسبة لعن الواشمة إلى كونه من القرآن لعموم قوله تعالى :و" وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ"، مع ثبوت لعنه - صلى الله عليه وسلم - من فعل ذلك، يجوز نسبة من فعل أمرا يندرج في عموم خبر نبوي ما يدل على منعه إلى القرآن، فيقول القائل مثلا : لعن من غير منار الأرض في القرآن، ويستند في ذلك إلى أنه - صلى الله عليه وسلم - لعن من فعل ذلك) (2).
81 - باب الوصل في الشعر :
بغيره ليكثر ويطول، أي ذمه.
قال في الرسالة :(وينهى النساء عن وصل العشر) (3).
أبو الحسن :(أي نهي تحريم، وهو أن تأخذ المرأة التي في رأسها شيب، أو التي شعرها أشقر، أو القرعاء، شعرا أسودا أو صوفا فتجعله مع شعرها، وتظهر الأسود، وتخفي الشيب والشقرة)هـ.
وقال الأبي ما نصه: (المازري : وصل الشعر عندنا ممنوع.
عبدالوهاب : لما فيه من الغرر والتدليس.
عياض : قصر الليث المنع على وصله بشعر، وأجاز وصله بغير الشعر من صوف أو خز، ومنع مالك رضي الله عنه والأكثر من كل شيء لعموم النهي)هـ.
ونسب الحافظ ابن حجر القول بالتعميم للجمهور قائلا: (إن الأحاديث تشهد له)هـ.
ثم قال الأبي: (قلت : وصل الشعر حقيقة إنما هو ربط شعرة بأخرى، ويندرج في ذلك أن تعلق ضفائرها بشعر أو غيره كما تعلق ضفائر الحلفاء، وهذا العلق هو الأكثر اليوم. عياض : وأما ربط خيوط الحرير ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس من الوصل ولا القصد به ذلك، وإنما هو للتجمل، كما تشد به الأوساط، وكما يجعل الحلي في الأعناق وفي الأيدي).
__________
(1) - سورة الحشر، الآية 7.
(2) - الفتح 10/456.
(3) - الرسالة ص : 143.(8/152)
5932 - قصة : خصلة. حرسي : واحد الحرس، خدم الأمير الذين يحرسونه. ينهى عن مثل هذا : أي القصة، أي وصل الشعر بها.
5933 - الواصلة : لنفسها أو لغيرها. والمستوصلة : طالبة الوصل.
القاضي عياض :(وكلا الأمرين كبيرة للعنه - صلى الله عليه وسلم - لهما).
5934 - جارية : لم تعرف. فتمعط شعرها : تناثر وتساقط
5935 - أمي : صفية بنت شيبة. امرأة : لم تعرف. ابنتي : لم تعرف. شكوى : مرض. فتمرق : خرج من موضعه. يستحثني : يحضني على الدخول بها.
5937 - الوشم في اللثة : هي ما على الأسنان من اللحم، وليس مراده الحصر، بل يقع فيها وفي غيرها، وإنما ذكر ما كان عندهم.
82 - باب المتنمصات :
أي ذمهن، جمع متنمصة.
قال الأبي :(عياض عن أبي عبيد : النامصة التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة التي يفعل بها ذلك. قال الطبري /: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقها بزيادة فيه أو نقص منه، قصدت به التزين لزوج أو غيره، من تفليح أسنان أو شدها ، أوقلع سن زائدة، أو تقصير ما طال من أسنانها، أو حلق لحية أو شارب، أو عنفقة نبتت لها، لأنها في جميع ذلك مغيرة خلق الله، متعدية على ما نهى عنه) ،هـ منه.
وقال الجزولي : (يجب حلق لحية المرأة، لأن ذلك مثلة) هـ.
وقال النووي: (يستثنى من الخاص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة، فلا يحرم إزالتها، بل يستحب)هـ.
لكن قيده ابن حجر بما إذا كان بعلم الزوج، وإلا منع(1).
5939 - ما هذا ؟ : الذي بلغني عنك من لعن الواشمات. وفي كتاب الله : تعالى لعنه. قرأت ما بين اللوحين : تعني لوحي المصحف، أي دفتيه. لئن قرأتيه : متدبرة.
" وَمَا ءَاتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ": إذ فيه أن من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فالعنوه.
__________
(1) - الفتح 10/459.(8/153)
"وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا": وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، ففاعله ظالم، وقد قال تعالى :"أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ"، كذا قرره القسطلاني هنا(1).
83 - باب الموصولة :
التي يفعل بها الوصل، أي ذمها ولعنها.
5941 - امرأة : لم تعرف هي لا وبنتها. الحصبة : نوع من الجدري. فامَّرَقَ شعرها: خرج من موضعه.
5942 (2) - كان في أصل محمد بن إسماعيل : البخاري. فشك محمد بن يوسف: الفربري. زهير: بغير شك. وفي كتاب أبي إسحاق : إبراهيم المستملي، أحد الرواة عن الفربري.
الفضل بن زهير : قال أبو علي الغساني :(هو الفضل بن دكين بن حماد بن زهير(3)، فنسب مرة إلى أبيه، وأخرى إلى جد أبيه، وهو أبو نعيم شيخ البخاري، يروي عنه كثيرا بلا واسطة، وروى عنه هنا بواسطة).
84 - باب الواشمة :
أي ذمها : وهي فاعلة الوشم، وهو حرام على الفاعل والمفعول به.
ابن ناجي : (لافرق فيه بين الذكر والأنثى) (4).
ابن حجر : (ويصير الموضع الموشوم نجسا، لأن الدم انحبس فيه، فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجرح، إلا أن يخاف منه تلفا أو شينا أو فوات منفعة، فيجوز إبقاؤه، وتكفي التوبة في سقوط الاثم، ويستوي فيه الرجل والمرأة)هـ.
__________
(1) - الإرشاد 8/533.
(2) - هذا الحديث غير موجود في الفتح (انظر 10/462).
(3) - الفضل بن دكين (واسمه عمرو) ابن حماد بن زهير بن درهم التيمي، أبو نعيم الكوفي.
روى عن الأعمش وأيمن بن نابل وسلمة بن وردان وعيسى بن طهمان والثوري ومالك.
وعنه البخاري وأكثر عنه، ومحمد بن مردويه ومحمد بن يحيى الذهلي.
قال أحمد بن حنبل: أبو نعيم يزاحم بن ابن عيينة.
ترجمته في: تهذيب التهذيب 8/270-276.
(4) - شرح الرسالة لابن ناجي 2/379 باللفظ التالي : (إنما خص الشيخ النساء بالذكر لأنهن يرغبن في ذلك أكثر من الرجال، وإلا فالحكم سواء).(8/154)
وهذا الذي ذكره، قال الشيخ سيدي محمد الرهوني: (لا يوافق مذهبنا، ثم بين عدم موافقته له، وقال معترضا على من استدل به من أئمتنا : النص فيه عندنا موجود، ففي الأجهوري عند قول الشيخ خ : "وعفي عما يعسر" (1)، ما نصه : مما يعسر الوشم، قال شيخنا : الوشام نجس حائل يمنع وصول الماء إلى البشرة، ومع ذلك – فقال عبدالوهاب - يجزئ معه الوضوء والغسل، فيكون من قسم المعفو عنه)هـ.
5944 - العين حق : أي الإصابة بها أمر ثابت بفعل الله تعالى. ونهى : نهي تحريم. عن الوشم : جمع بينهما ردا على من زعم أن الوشم يرفع العين.
5945 - رأيت أبي فقال : وقع هنا حذف، وأصله: رأيت أبي اشترى غلاما حجاما فكسر محاجمه، فقيل له في ذلك فقال ...إلخ. نهى عن ثمن الدم : أي عن أجرة الحجام، وتقدم أن النهي منسوخ. وثمن الكلب: غير المأذون في اتخاذه. وآكل : بالنصب كما بعده، أي : ولعن آكل ... إلخ.
85 - باب المستوشمة :
الطالبة لفعل الوشم بها، أي ذمها.
تنبيه : قال الأبي : (الحديث لا يتناول / من تصنع الوشم بالحبر ثم تزيله، عياض : وأجاز مالك للمرأة أن توشي يدها بالحناء)هـ
قال الشيخ التودي : (ما لم يصر حائلا كالنشادر)، قال: (ولا يجوز للمرأة أن تشم بالحرقوص وهي تصلي، لأنه يصير لمعة في وجهها يمنعها صحة الوضوء)هـ.
ثم قال الأبي: (عياض : وأما تحمير الوجه وتخضيب الشعر وتطريف الأصابع، فإن لم يكن لها زوج ولاسيد، أو كان لها، وفعلت بغير إذنه، حرم وإلا جاز، وأجاز مالك الكحل للنساء، ويكره للرجال)هـ.
وفي المعيار : (تزويق الحناء جائز عند مالك، وكرهه عمر، وقال : إنما تخضب يديها كلها، أو تدع، وأنكره مالك على عمر)هـ.
المناوي : (ويحرم خضب يد الرجل ورجله بحناء على ما قاله العجلي(2)
__________
(1) - مختصر خليل 1/8.
(2) - أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي الكوفي، أبو الحسن.
له: التاريخ، والجرح والتعديل.
نزل طرابلس الغرب.
ترجمته في: مرآة الجنان 2/173، وشذرات الذهب 2/141.(8/155)
، وتبعه النووي، لكن قضية كلام الرافعي الحل)هـ.
86 - باب التصاوير :
أي بيان حكمها استعمالا واتخاذا، ومحصل الكلام فيها أنها إما صور حيوان أو غيره، فغير الحيوان جائز لا محظور فيه، والحيوان إما أن يكون ذا ظل وهو تام الخلقة أم لا، فذو الظل التام الخلقة حرام بإجماع، وما لا ظل له فإن كان غير ممتهن فهو مكروه، وإن كان ممتهنا فخلاف الأولى، وناقص بعض الأعضاء فيه خلاف.
قال ابن رشد : (والصحيح أن حكمه حكم التام).
وقال ابن العربي : (حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إذا كانت ذات أجسام حرم بالإجماع، وإن كانت رقما فأربعة أقوال ... إلخ).
وفي المعيار عن أبي إسحاق الشاطبي(1): (الوعيد المذكور في الأحادييث الموعود بها المصورين إنما هو فيما كان تصويره كاملا على حكاية الحيوان بجميع أعضائه الظاهرة، وأن تصوير بعض الأعضاء على الانفراد ليس بداخل تحت الوعيد المذكور، حتى إن عياض حكى عن بعض العلماء أن رأس الصورة إذا قطع جاز الانتفاع بباقيها، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يؤيد هذا القول، ثم ذكر حديث أبي هريرة عند أبي داود أنه كان في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - تماثيل، فقال له جبريل: مر برأس التمثال يقطع فيصير كهيئة الشجرة -الحديث-) ،هـ منه.
ولما نقل ابن حجر كلام ابن العربي السابق، قال ما نصه :(هذا الإجماع محله في غير لعب البنات، وحكى القرطبي في الصور التي لا تتخذ للإبقاء كالفخار قولين أظهرهما المنع، قلت : وهل يلتحق ما صنع من الحلواء بالفخار أو بلعب البنات، محل تأمل)، هـ من الفتح(2).
__________
(1) - إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي، أبو إسحاق.
من كبار الأئمة المجتهدين.
له: الموافقات، والاعتصام من البدعة، والتعريف بأسرار التكليف، والمجالس (شرح به كتاب البيوع من صحيح البخاري).
توفي في شعبان سنة 790هـ.
ترجمته في: نيل الابتهاج 46-50، وشجرة النور الزكية 231، وفهرس الفهارس 1/143.
(2) - الفتح 10/475.(8/156)
وقدمنا في باب بيع التصاوير عن القاضي أن العلماء استثنوا من التصاوير لعب البنات، فأجازوا اتخاذها وبيعها، فراجعه.
5949 - لا تدخل الملائكة : أي غير الحفظة، وهم ملائكة الرحمة، أما الحفظة فلايفارقون المكلف. بيتا: أو خيمة، أو حانوتا، أو غيرها من كل ما يستقر فيه الشخص. فيه كلب : غير مأذون في اتخاذه، ككلب الصيد والزرع والماشية. ولا تصاوير : منهي عن اتخاذها، هذا الذي قدمنا تحريره في كتاب الملائكة، وهو تخصيص كل من الملائكة والكلب والتصاوير، فراجعه.
87 - باب عذاب المصورين يوم القيامة :
أي الذين يصنعون الصور، أي بيان ذلك.
5950 - تماثيل : صور حيوان، وفي مسلم : "قال لي مسروق: هذه تماثيل كسرى، قلت: لا، هذه تماثيل مريم"(1) . إن أشد الناس : وفي مسلم : " إن من أشد الناس "، وهو أوضح.
5951 - يقال لهم : على جهة التبكيت. أحيوا ما خلقتم : أي صورتم، والأمر للتعجيز، ويستفاد منه استمرار تعذيب المصور، لأنه كلف بنفخ الروح في الصورة التي صورها وهو لا يقدر على ذلك، فيستمر تعذيبه، كما يستفاد منه أيضا أن الوعيد خاص بالحيوان لقوله :"أحيوا".
قال النووي : (قال العلماء : تصوير الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن/ أم لغيره، وأما تصوير ما ليس بحيوان فليس بحرام).
88 - باب نقض الصور :
أي تغيير هيئتها بكسرها، أو شقها نصفين، أو قطع جزء منها.
5952 - تصاليب : تصاوير. إلا نقضه : غير صورته.
5953 - دارا : لمروان بن الحكم. فرأى أعلاها: سقفها. مصورا بصور : كذا فيما وقفت عليه من النسخ "مصورا"، بصيغة اسم المفعول، "بصور" : بباء الجر، وصور جمع صورة، مجرور بها، وهو خلاف ما في الفتح والإرشاد(2)، فانظره.
__________
(1) - صحيح مسلم 3/1670 كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم 2109.
(2) - في الإرشاد 8/538 : (مصورا : بكسر الواو والمشددة، "يصور" : بفلظ المضارع).(8/157)
يقول : ومن أظلم ... إلخ : فيه حذف بينته رواية أخرى، وأصله :"يقول : قال الله تعالى : ومن أظلم … إلخ ". فليخلقوا : الأمر للتعجيز . حبة : من قمح. ذرة : نملة. بتَوْر : إناء من ماء . حتى بلغ إبطه: وغسل رجليه حتى بلغ ركبتيه. أشيء : أي ما هذا شيء ... إلخ . منتهى الحلية : أي التعجيل الوارد من أثر الوضوء، وهذا فهم فهمه، وخالفه غيره فيه كما قدمناه في الوضوء.
89 - باب ما وطئ من التصاوير :
امتهان له، أي هل يرخص فيه أم لا؟
وقد علمت مذهبنا فيه، ومحصله أنها إذا كانت حيوانا ذا ظل فهي حرام، وطئت أم لا، وإلا فيه خلاف الأولى، وغير الحيوان جائز، وطئ أم لا.
5954 - سفر : تبوك. بقرام : ستر فيه رقم ونقش. على سهوة : صفة في جانب البيت، أو كوة، أو بيت صغير منحدر في الأرض كالخزانة يكون فيها المتاع.
فيها تماثيل : صور لا ظل لها. هتكه : نزعه. أشد الناس : أي من أشدهم . يضاهون : يشابهون. فجعلناه وسادة ... إلخ : زاد مسلم : " فكان - صلى الله عليه وسلم - يرتفق عليها" (1)، والوسادة مما يوطأ، أو في معنى ما يوطأ.
5955 - درنوكا : ستر له خمل.
90 - باب من كره القعود على الصور :
أي المنهي عن اتخاذها.
5957 - نَمْرُقَة : وسادة صغيرة. فلم يدخل : ولم يستعملها، فظاهره التعارض مع الحديث قبله، لأن فيه أنه استعمل النمرقة، ويجمع بينهما بأنها لما قطعت الستر وقع القطع في وسط الصورة مثلا، فخرجت عن هيئتها، فلذلك ارتفق بها - صلى الله عليه وسلم - ، قاله ابن حجر(2)، ونحوه للأبي.
قلت : وعليه لم يكن للترجمة التي قبل هذه شاهد من حديثها، فتأمله والله أعلم.
5958 - لا تدخل بيتا فيه الصور : المنهي عن اتخاذها نهي تحريم أو كراهة. اشتكى : زيد بن خالد المذكور. لعبيد الله : ابن الأسود. إلا رقم في ثوب : وهو محمول على غير ذي روح.
__________
(1) - صحيح مسلم 3/1668 كتاب اللباس والزينة باب تحريم تصوير صورة الحيوان، رقم 2107.
(2) - في الفتح 10/477.(8/158)
قال النووي : (يجمع بين الأحاديث بأن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح، كصورة الشجر ونحوها) (1).
91 - باب كراهية الصلاة في التصاوير :
أي في الثياب التي فيها التصاوير.
5959 - قِرَام : ستر فيه تصاوير. أميطي : أزيلي. في صلاتي : فتشغلني، وهذا تشريع لأمته، وإذا كانت الصور تلهي المصلي وهي مقابلته، فأولى إذا كان لابسها، والجمع بين هذا وبين حديث عائشة السابق المشتمل على عدم دخوله - صلى الله عليه وسلم - البيت أصلا باحتمال أن يكون حديث عائشة كانت التصاوير فيه من ذوات الأرواح، وهذا كانت من غيرها، قاله ابن حجر(2).
92 - باب لاتدخل الملائكة بيتا فيه صورة :
المراد بالملائكة ماعدا الحفظة، وهم ملائكة الرحمة كما جزم به ابن وضاح(3) والخطابي وآخرون، واقتصر عليه الشيخ زكرياء والسيوطي(4)، وزاد استثناء ملك الموت، وقوله : "بيتا" يشمل /كل ما يسكن من خيمة أو غيرها، وقوله : " فيه صورة"، أي منهي عن اتخاذها كما للخطابي، وأيده ابن حجر، واقتصر عليه السيوطي.
قال القرطبي في المفهم : (إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصور، لأن متخذها قد تشبه بالكفار، لأنهم يتخذون الصور في بيوتهم ويعظمونها، فكرهت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته هجرا له لذلك) (5).
__________
(1) - قريبا منه في شرح صحيح مسلم 14/85.
(2) - في الفتح 10/479.
(3) - محمد بن وضاح بن بزيع القرطبي، أبو عبد الله.
رحل إلى المشرق، وأخذ عن يحيى بن معين وغيره.
له: القطعان في الحديث، والبدع والنهي عنها.
توفي سنة 286هـ.
ترجمته في: بغية الملتمس 123، وميزان الاعتدال 3/145، والبداية والنهاية 11/82.
(4) -في التوشيح ص : 493.
(5) - المفهم 4/119، وهو في الفتح 10/480(8/159)
5960 - فَرَاثَ : أبطأ لأجل جرو كان تحت سريره - صلى الله عليه وسلم -، ولم يشعر به، ثم رآه، فقال : يا عائشة، متى دخل هذا ؟ فقالت : والله ما دريت، فأمر به فأخرج. صورة : منهي عنها. ولا كلب : أي غير مأذون في اتخاذه، كما للخطابي وطائفة، وبه جزم الفاسي في حاشيته.
93 - باب من لم يدخل بيتا فيه صورة :
أي منهي عن اتخاذها.
نقل ابن حجر عن الرافعي ما نصه: (وفي دخول البيت الذي فيه الصور وجهان : قال الأكثر يكره، وقال أبو محمد يحرم)هـ (1)، زاد القسطلاني: (ورجح الكراهة الإمام الغزالي).
5961 - لا تدخله الملائكة ... إلخ : فمن اتخذ الصور في بيته عوقب بعدم دخول ملائكة الرحمة بيته، وصلاتها عليه، واستغفارها له.
94 - من لعن المصور :
لمضاهاته بفعله خلق الله.
5962 - حجاما : فكسر محاجيمه. نهى عن ثمن الدم : أي الحجامة، وهذا منسوخ كما سبق. وثمن الكلب : الغير المأذون في اتخاذه. وكسب البغي : الزانية. والمصور: للحيوان.
95 -باب من صور صورة -حيوانية -كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ :
ترجم بلفظ الحديث.
5963 - يحدثه : أي هذا الحديث. حتى سئل : أي عن حكم التصاوير. وليس بنافخ : أي أبدا، فهو معذب دائما، وظاهره غير مراد، بل المراد به الزجر الشديد بالوعيد بعقاب الكافر، فيكون أبلغ في الارتداع.
96 - باب الارتداف على الدابة :
أي جواز ركوب شخصين عليها، ومناسبته لكتاب اللباس أن الغرض منه الجلوس على لباس الدابة، وإن تعددت أشخاص الراكبين عليها، والتصريح بلفظ القطيفة في الحديث يشعر بذلك، قاله الكرماني(2).
وقال ابن حجر : (وجه إدخال هذا الباب هنا أن الذي يرتدف لايأمن السقوط فينكشف، فأشار إلى أن احتمال السقوط لا يمنع من الإرداف، إذ الأصل عدمه)هـ(3).
العيني : (ما قاله الكرماني أوجه، وإن كان فيه تعسف) (4).
__________
(1) - الفتح 10/481.
(2) - في الكواكب الدراري 21/141.
(3) - الفتح 10/484.
(4) - عمدة القاري 22/76.(8/160)
5964 - إِكَاف : بردعة. قَطِيفَة : كساء له خمل. فَدَكِيَّة : نسبة إلى فَدَك، قرية بخيبر.
97 - باب الثلاثة على الدابة :
أي جواز ذلك إن أطاقتهم، والنهي الوارد عن ذلك خاص بدابة لا تطيقه، قاله ابن حجر. وقال النووي :(مذهبنا ومذهب العلماء كافة جواز ركوب الثلاثة على دابة إذا كانت مطيقة).
5965 - لما قدم النبي صلى الله عليه مكة : عام الفتح. أغيلمة : جمع غلام على غير قياس. فحمل : معه على ناقته. واحدا : منهم. بين يديه وآخر خلفه: وهما الفضل وقثم ابنا عباس.
98 - باب حمل صاحب الدابة غيره بين يديه :
أي جواز ذلك. وقال بعضهم : هو الشعبي. صاحب الدابة أحق... إلخ : هذا حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره، وهو مذهبنا، لكن عند التشاح لا عند الاختيار.
قال الشيخ خ : (ورَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمَقْدَمِهَا).
ابن العربي :(إنما كان الرجل أحق بصدر دابته لأنه شرف، والشرف حق المالك، ولأنه يصرفها في المشي حيث شاء على أي وجه أراد من إسراع أو بطء)هـ، ولأنه عارف بطبعها من عثار وغيره.
5966 - الأشر الثلاثة : بالإضافة على حد : الحسن الوجه، أي الراكبين على الدابة. أتى : جاء. بين يديه : أي على ناقته.
99 - باب إرداف / الرجل خلف الرجل :
أي جواز ذلك.
5967 - عن معاذ : بَيْنَا أنا رديف النبي صلى الله عليه : على حمار يقال له عفير. إلا آخرة الرحل : التي يستند عليها الراكب. ما حق العباد على الله : من باب الفضل لا من باب الوجوب، إذ لا يجب عليه سبحانه شيء.
فائدة : قال الحافظ في الفتح: (أفرد ابن منده أسماء من أردفه النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه، فبلغوا ثلاثين نفسا)هـ (1)، ونحوه للسيوطي في التوشيح(2) ، وقال القسطلاني في الإرشاد :(قال الدُّمَيْرِي(3)
__________
(1) - الفتح 10/487.
(2) - التوشيح ص : 494.
(3) - محمد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري، أبو البقاء الشافعي.
أصله من أهل دميرة بمصر، وولد ونشأ بالقاهرة.
له: حياة الحيوان، والديباجة شرح ابن ماجه، وأرجوزة في الفقه.
توفي سنة 808هـ.
ترجمته في: مفتاح السعادة 1/186، والأعلام 7/340، وكشف الظنون 696.(8/161)
: أفاد الحافظ ابن منده أن الذين أردفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة وثلاثون نفسا)هـ، ونحوه للفيومي، وزاد، (وليس فيهم عقبة بن عامر، خلاف ما اشتهر عند أهل مصر أنه منهم)هـ(1).
100 - باب إرداف المرأة خلف الرجل :
أي جواز ذلك بشرط المحرمية، راجع باب الغيرة من كتاب النكاح.
5968 - وبعض نساء النبي صلى الله عليه : هي صفية بنت حيي. الناقة : أي ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي ركبها مع صفية. فقلت : المرأة : بالنصب، أي احفظ المرأة. إنها أُمُّكُم: يذكر وجوب تعظيمها عليهم. فشددت الرحل : ظاهره أن الذي قال ما ذكر وفعله هو أنس، وتقدم في الجهاد أن الذي فعل ذلك هو أبو طلحة، وأن الذي قال : المرأة، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2).
قال ابن حجر :(وما تقدم هو المعتمد إلا أن يكون أنس أعانه على ذلك) (3).
101 - باب الاستلقاء -على القفا- ووضع الرجل على الأخرى:
أي جواز ذلك مع الأمن من انكشاف العورة، وإنما أدخله في باب اللباس من جهة أن فاعله لا يأمن من الانكشاف غالبا، فينبغي لمن فعله التحفظ.
5969 - رافعا إحدى رجليه على الأخرى : زاد المص في أبواب المساجد:"وكان عمر وعثمان يفعلان ذلك"، وزاد الإسماعيلي عليهما أبا بكر، وأما حديث مسلم : "لايستلقين أحدكم ثم يضع إحدى رجليه على الأخرى"(4)، فقيل إنه منسوخ بفعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل الخلفاء بعده، وقيل إنها محمول على من لم يتحفظ من الانكشاف، قاله الخطابي.
قال : ( وهو أولى من دعوى النسخ).
__________
(1) - الإرشاد 8/543.
(2) - نقلا عن الفتح 10/488.
(3) - الفتح 10/488.
(4) - رواه مسلم في اللباس والزينة، باب النهي عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ( شرح النووي 14/77 ).(8/162)
قال النووي في شرح مسلم: (قال العلماء : أحاديث النهي عن الاستلقاء محمولة على حالة تظهر فيها العورة، أو شيء منها، وأما فعله - صلى الله عليه وسلم - فكان على وجه لا يظهر منه شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة، وفي هذا الحديث جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه. قال القاضي : لعله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا لضرورة، أو حاجة من تعب أو طلب راحة، أو نحو ذلك، قال : وإلا فقد علم أن جلوسه - صلى الله عليه وسلم - في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس متربعا أو محتبيا، وهو كان أكثر جلوسه، أو القرفصاء، أومقعيا، وشبهها من جلسات الوقار والتواضع.
قلت : ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - فعله لبيان الجواز، وأنكم إن أردتم الاستلقاء فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المراد به ما ينكشف معه شيء من عورته، أو يقارب انكشافها)، هـ كلام النووي(1) /.
__________
(1) - شرح النووي على مسلم 14/77-78.(8/163)
استفتاح
أخرج الإمام البخاري في كتاب الإيمان باب (3) الحياء شعبة من الإيمان حديث 9 عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
{ الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان } ،
وأخرج الإمام مسلم في كتاب الإيمان باب بيان عدد شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
{ الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان } (1).
- مقدمة -
الحمد لله الذي خلق خلقه أطوارا، وصرفهم في أطوار التخليق كيف شاء عزة واقتدارا، وأرسل الرسل إلى المكلفين إعذارا منه وإنذارا، فأتم بهم على من اتبع سبيلهم نعمته السابغة، وأقام بهم على من خالف مناهجهم حجته البالغة، فنصب الدليل، وأنار السبيل، وأزاح العلل، وقطع المعاذير، وأقام الحجة، وأوضح المحجة، فشملهم بالدعوة على ألسنة رسله حجة منه وعدلا، وخص بالهداية من شاء منهم نعمة وفضلا.
... ... والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وخيرته من خلقه، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للمؤمنين، الذي بلغ الرسالة وأدى الأمانة، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها، وتألفت به القلوب بعد شتاتها، وامتلأت به الأرض نورا وابتهاجا(2).
__________
(1) - هذا الاستفتاح موافق لصنيع مصنفي الجوامع التي حوت كتبا وأبوابا جامعة لعرى وأحكام الشريعة وشعبها، فأحببت أن أستفتح بحديث من مشكاة الصحيح يدل على تنوع الشعب المشتملة على أعمال القلب وأعمال اللسان وأعمال البدن، وتناولها هو المقصود من تأليف الجوامع الحديثية.
(2) - اقتباسا من خطبة الإمام ابن قيم الجوزية لكتابه: " إعلام الموقعين عن رب العالمين " 1/3-4.(9/1)
... ... أما بعد، فإن هذه المحاولة –المساهمة في تجلية العطاء العلمي المغربي- تأتي في سياق جهود مثابرة لتأريخ وتوثيق وتحقيق أهم المؤلفات المتأخرة سيما في العلوم التي ذهب بشهرتها أسماء مخصوصة وأوطان معلومة.
... ... ومع الإهمال الذي ساد التاريخ المغربي في تدوين وتحقيق مختلف الجهود العلمية، فإن هذا البحث يقصد إلى تقديم معطيات محددة لجهد وطني كان منسيا، ويعيد ترتيب فصول الثقافة الشرعية بما يعطي لبعض العلماء المغاربة حقهم العادل في دواوين التراجم وتاريخ العلوم، ويلتفت إلى المساهمة المغربية في صنعة الكتاب العربي والإسلامي.
... ... وإذا كان الباحثون عادة ما يحبذون صرف العناية إلى الأعلام المشهورة وآثارهم المذكورة، فإن العزم ينبغي أن يتجه إلى تحقيق المخطوطات النادرة المقضي عليها بالضياع والتلف، سيما في الأمصار التي يندر فيها المحققون والناشرون، مما يساعد على الحفاظ على كنوزنا العلمية، ويقيها شر المصائر التعيسة (1) .
... ... وللأسف فالمدرسة المغربية في الفقه والحديث مازالت تحتاج إلى بذل كثير من الجهد لتجلية صورة أعلامها الكبار ونتاجهم، وأهمية ذلك وسط هذا الحشد الهائل من الأفكار والآثار.
__________
(1) - من عجيب ما يحدث للمخطوطات ما وقع لأصل " الفجر الساطع على الصحيح الجامع" بخط الشبيهي، فقد ظل يتنقل إلى أن استقر بالمجمع الثقافي للمخطوطات في "أبو ظبي" بالإمارات العربية المتحدة، ولم يحقق أو ينشر!، ولولا نسخة العرائشي لانعدم وجود نص كامل له بالمغرب! مع اعتباره أنفس وأعلى ما كتبه المتأخرون المالكية على الصحيح مطلقا كما سيأتي في قول عبد الحي الكتاني.
وبسؤالي لعائلة المؤلف عن سبب ذلك، اتضح أن أحد أبناء الشبيهيين استولى على أصل المؤلف، وتصرف فيه بالبيع لإحدى الجهات الإماراتية.(9/2)
... ... إن "النبوغ المغربي" في التفسير والقراءات والحديث ومقاصد الشريعة وفقهها أصبح اليوم أكثر تجليا ووضوحا بفضل الدراسات والبحوث حول تاريخ العلوم الشرعية في المغرب والأندلس، وكذا تقديم رؤى واضحة عن أعلام الغرب الإسلامي أمثال أبي عمرو الداني (ت444هـ)، وابن حزم (ت456هـ)، والحافظ ابن عبدالبر(ت463هـ)، والقاضي عياض (ت544هـ)، وابن رشيد (ت721هـ)، والباجي(ت774هـ)، والشاطبي (ت790هـ)، وابن خلدون (ت808هـ)، وغيرهم.
أسباب اختيار المخطوط :
رغبتي في المساهمة في إحياء التراث العلمي بالغرب الإسلامي، ولعل من جميل الأقدار أن يتصل هذا البحث بنموذج متميز من الفقهاء المغاربة المتأخرين الذين اتجهوا إلى شرح الحديث النبوي في ضوء الفقه الإسلامي؛
اتجاهي في هذا البحث إلى الحديث والفقه، وذلك بعد تجربة بحثي للدبلوم في مجال القراءات القرآنية، وإن من شأن ذلك أن يرسخ الميراث العلمي للباحث، ويثري آفاقه.
وهكذا فقد جاء هذا البحث وفق الخطة التالية:
خطة البحث :
... ... قسمت البحث إلى قسمين:
القسم الأول: قسم الدراسة؛
القسم الثاني: قسم التحقيق.
ويتناول القسم الأول معالم شخصية المؤلف رحمه الله وبيئته المؤثرة فيه، وميراثه العلمي، وينقسم إلى ثلاثة أبواب:
الباب الأول: يتناول الحديث عن العصر والبيت الشبيهي، وهو في فصلين:
الفصل الأول: "عصر الشبيهي الزرهوني" ، وفيه مبحثان:
المبحث الأول:المجتمع المغربي أواخرالقرن 13هـ وبدايةالقرن14 هـ؛
المبحث الثاني: الحركة العلمية والدرس الفقهي والحديثي.
الفصل الثاني: "البيت الشبيهي"، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: فرع الأدارسة والجوطيين؛
المبحث الثاني: فرع الشبيهيين .
أما الباب الثاني، فقد خصصته للميراث الشبيهي، وقسمته إلى فصلين:
... ... الفصل الأول: "النشأة والتحصيل العلمي والوظيفة"، ويضم أربعة مباحث:
المبحث الأول: اسمه ونسبه؛
المبحث الثاني: ولادته وأسرته؛(9/3)
المبحث الثالث: نشأته ومكانته العلمية؛
المبحث الرابع: شخصيته ووظيفته.
الفصل الثاني: "فهرسة الشبيهي"، وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: شيوخه؛
المبحث الثاني: تلامذته؛
المبحث الثالث: آثاره ومستنسخاته.
ويتناول الباب الثالث: " الفجر الساطع على الصحيح الجامع" دراسة وتحليل، ثلاثة فصول:
... الفصل الأول: "الجامع الصحيح في الدراسات المغربية"، ويضم ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: القيمة العلمية للجامع الصحيح؛
المبحث الثاني: الرواية المغربية للجامع الصحيح؛
المبحث الثالث: الشروح المغربية للجامع الصحيح.
الفصل الثاني: "الفجر الساطع" منهج ومميزات، وفيه مبحثان:
المبحث الأول: المنهج الفقهي للمؤلف؛
المبحث الثاني: مميزات الفجر الساطع.
الفصل الثالث: تحقيقات حول "الفجر الساطع"، ويضم أربعة مباحث:
المبحث الأول: تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه؛
المبحث الثاني: تحقيق عنوانه؛
المبحث الثالث: نسخه؛
المبحث الرابع: منهج التحقيق والتعليق.
وبهذا المبحث ينتهي قسم الدراسة، ويليه قسم التحقيق الذي يتضمن ضبط المخطوطة والتعليق عليها.
... ... هذا، وأرجو أن أكون قد وفقت في الاختيار والبيان لهذا المخطوط الذي أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يكون في حلة بهية تسر العلماء، ويرضى عنها عشاق العلوم الشرعية.
... ... وأختم كما بدأت بحمد الله تعالى على إتمامه النعمة وإكماله الرحمة، فله الشكر والثناء الحسن، وأدعو بالرحمة والغفران لفقيد العلم والعلماء الشيخ محمد المنوني الذي فتح كثيرا من مغاليق هذا البحث.
... ... والله الكريم أسأل أن يتقبل هذا العمل، ويكتب له القبول والتمكين، سائلا الله تبارك وتعالى مع السائلين:
{ ربنا ءاتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من امرنا رشدا } (1).
-
- مدخل -
__________
(1) - سورة الكهف، الآية10.(9/4)
إن تراجم الرجال تستدعي تكوين ملامح عامة عن العصر الذي تأثروا به، فالرجال يصنعون التاريخ كما يصنعهم، ومن جهة أخرى يلزم تحديد مجال الدرس العلمي وحركته.
كما أن مميزات الشخصية العلمية تستلزم تقديم مختلف الجوانب المتعلقة بها، مما يسهم في تجلية الصورة عن أصل المؤلف وبيئته العامة.
من هذا المنطلق يأتي البدء بالتلميح إلى أوضاع العصر، وبحث الدرس العلمي، وكذا إبراز شجرة نسب المؤلف رحمه الله.
المبحث الأول :المجتمع المغربي أواخر القرن 13هـ وبداية القرن 14هـ
الوضع السياسي؛
الحالة الاجتماعية.
الوضع السياسي:
يعتبر محمد الفضيل بن محمد الفاطمي الإدريسي الشبيهي من مخضرمي القرنين الثالث عشر والرابع عشر للهجرة، عاش في دولة العلويين بالمغرب الأقصى، وقد تعاقب على الحكم خلال حياته أربعة سلاطين هم:
عبد الرحمن بن هشام (1238-1276هـ/ 1822-1859م)؛
محمد الرابع بن عبد الرحمن (1276-1290هـ/ 1859-1873م)؛
الحسن الأول بن محمد بن عبد الرحمن(1290-1311هـ/ 1873-1894م)؛
عبد العزيز بن الحسن الأول (1311-1325هـ/ 1894-1908م).
... ... ويمكن رصد أهم التحولات العامة الواقعة في هذا العصر فيما يلي:
ضعف سلطان الخلافة الإسلامية،
توسع الأطماع الاستعمارية في العالم الإسلامي.
... ... وهذا العصر، كغيره من العصور الإسلامية، يحتاج إلى وضوح رؤية واستقلال رأي، وهو ما يندر في الكتابات المؤرخة لهذه العصور، فقد طغى " أسلوب التأريخ الرسمي"(1) على أصحابها،وغاب الوعاء الفعلي للتاريخ بتسجيل الحركة وفهم القيم السائدة في المجتمع.
... ... ومن جهة أخرى، فلم يكن للشبيهي حضور سياسي أو تأثير في الحياة العامة، وذلك ما أوحاه لي كتابه وحياته، بل أمضى جل وقته معلما وخطيبا في الجامع ببلده زرهون.
__________
(1) - اقتباسا من « المصادر العربية لتاريخ المغرب« للمحقق محمد المنوني 2/90.(9/5)
... ... ولتشابك وتعدد أحداث هذا العصر، فإنني سأعطي لمحة عامة عن العصر بما يجلي الصورة، وفي كتب التاريخ مزيد إغناء وتفصيل، ذلك أن أحداث التاريخ يتعذر إحصاؤها ويدعو إلى السآمة استقصاؤها.
... ... فالظاهرة الواضحة والفريدة التي لا تكاد تغيب عن مجال الرؤية السياسية للعصر، قوة الظهور لدى العامة، وكثرة الثورات، وانشغال السلاطين بتثبيت دعائم الحكم، فنجد مثلا:
في عهد عبد الرحمن بن هشام :
حركة التمرد لدى قبائل زعير(1) ؛
الصراع بين قبيلتي آيت عقا وآيت يفلمان(2) ؛
معركة إيسلي 1260هـ، التي انهزم فيها الجيش المغربي أمام فرنسا، واستمر احتلال وجدة وغيرها (3) ؛
وقد استطاع السلطان إيقاف المد الاستعماري الطامع، والإفلات من النتائج السلبية للثورات بفضل " المراوغة الدبلوماسية التي امتاز بها مغرب القرن التاسع عشر" (4).
في عهد محمد الرابع :
الانهزام في حرب تطوان ضد إسبانيا سنة 1276هـ-1859م (5) ؛
ثورة الرحامنة (من أحواز مراكش) سنة 1278 هـ-1861م، وذلك بسبب الانشغال بأحداث ونتائج حرب تطوان (6)، خصوصا الأزمة المالية الخانقة.
كما تتالت كثير من الأحداث الداخلية، كثورة الجيلالي الروكي (1278هـ)، ومحاصرة قبيلة بني عمير لمدينة سلا (1282هـ) ، وعموم الوباء (1285هـ) .
... في عهد الحسن الأول :
تحكم الهيئة الدولية المقيمة بطنجة، واتساع نشاطها المعادي لمصالح المغرب؛
__________
(1) - انظر: " المغرب عبر التاريخ" لإبراهيم حركات 3/182.
(2) - انظر: "الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى" لأحمد بن خالد الناصري 9/67-68.
(3) - انظر : " الاستقصا " 9/51.
(4) - " المغرب عبر التاريخ" 3/229.
(5) - انظر تفاصيلها في " تاريخ تطوان " لمحمد داود، وانظر نتائج هذه الحرب في " إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس" لابن زيدان 3/487-489.
(6) - انظر : "الاستقصا" 9/110.(9/6)
وقوع أول إضراب في المغرب من طرف الدباغين بفاس للمطالبة برفع المكوس (1) ؛
ثورة بوعزة الهبري بوجدة وتازة سنة 1292 هـ (2) .
كما انشغل السلطان بتثبيت الأمن الداخلي وإخماد الفتن بالأطلس والمغرب الشرقي وسوس وتافيلالت .
... ... وإن كان السلطان قد ورث تركة ثقيلة من المشاكل، فقد أفلح في تقوية سلطان الجيش، والحفاظ على الوحدة (3) ، كما نجح في الإبقاء على المنافع الحافظة للأمة من وحدة البلاد وقوة السلطان والعسكر.
في عهد عبد العزيز بن الحسن الأول :
اندلاع الثورات في الحوز والشاوية ودكالة وسوس وغيرها، مباشرة بعد شيوع وفاة الحسن الأول ؛
انتشار وباء الكوليرا الذي "بدد شمل الثوار" (4) ؛
طغيان الحاجب باحماد على الرعية، وإدارته الفاسدة لشؤونها، إلى حين وفاته سنة 1318هـ-1900م (وهي سنة وفاة الشبيهي الإدريسي)؛
ثورة الجيلالي الزرهوني المشهور ب"بوحمارة"، وذلك لمدة سبع سنوات ابتداء من سنة 1320هـ 1902م، وكانت رغبته جامحة في تولي العرش (5)
ثورة أبي العباس أحمد الريسوني في الجبال، والذي سيصبح عاملا على أصيلا في عهد عبد الحفيظ الذي خلع أخاه عبد العزيز بن الحسن.
وبسبب توافق زمن تأليف الشبيهي للفجر الساطع مع فترة حكم عبد العزيز، وذلك خلال سنوات 1309-1317هـ(6)، وبسبب أن هذا المؤلف يمثل آخر ما كتبه الشبيهي، إضافة إلى اكتمال السن والتجربة لديه، فإني سأفصل أكثر في واقع سياسة الدولة العزيزية .
__________
(1) - "مظاهر يقظة المغرب الحديث " لمحمد المنوني 1/382.
(2) - " الاستقصا" 9/152.
(3) - للتفصيل راجع : " المغرب الأقصى في عهد السلطان الحسن الأول "لمحمد العربي معريش.
(4) - المغرب عبر التاريخ 3/289.
(5) - المغرب عبر التاريخ 3/291-301.
(6) - استغرق تأليفه ثمانية أعوام : أربعة للتسويد، وأربعة للتنقيح والتصحيح والإخراج.(9/7)
فالمصادر المؤرخة للدولة العزيزية تبرز مدى عمق الأزمة في أجهزة الدولة العزيزية، التنظيمية والمالية والعسكرية، ويلخص ذلك قول الحجوي الثعالبي واصفا حال رجال المخزن: " موصوفون بعدم الكفاءة والاختلاس والتزوير، يضاف إلى هذه الأخلاق السافلة، فإنهم جهال في تسيير شؤون البلاد، عاملين على تقديم مصالحهم الخاصة، والاستغناء الفاحش على حساب الرعية والجيش والمصلحة العليا للبلاد" (1).
إن الحجوي الثعالبي يتحسر على الروح الضعيفة للهياكل المخزنية، كما يعيب على الدولة عدم قدرتها على مواكبة الإصلاحات المرجوة، بل إن قراءة مذكرته يشيع في النفس إحساسا يقينيا بأن الوضع قد تلبس برذيلة الاستبداد والفساد بحيث أصبح يشكل فروعه وأغصانه، وأن أصحاب النفوذ قد استفحل أمرهم بنهب المال العام وقمع الأشراف والأحرار.
وهكذا فقد أرسل الحجوي كتابا مفتوحا إلى السلطان(2) يدعوه فيه إلى جملة من الإجراءات والإصلاحات منها :
وجوب قيام السلطان بمسؤولياته؛
تجديد نظام الدولة "الهرم" –بتعبير الحجوي-، وتحديث الهياكل المخزنية التقليدية ؛
تنحية الولاة الجهال غير المتعلمين؛
ضبط صرف المال العام؛
نشر العلوم والمعارف.
وللأسف فلم يلق " الكتاب المفتوح" آذانا صاغية، مما حدا بالحجوي إلى إعادة إرسال كتاب جديد إلى عبد الحفيظ لما تولى العرش.
وبهذا القدر من تتبع بعض أحداث العصر السياسية أكتفي، لأنتقل إلى الجزء التالي، وهو الوضع الاجتماعي بالمغرب في هذه الفترة.
... الحالة الاجتماعية :
... إن مجمل نتائج الوضع السياسي سيؤثر سلبا على الواقع الاجتماعي المغربي، ذلك أن فوضى التسيير، وكثرة الثورات الداخلية، وتربص المستعمر، والغلاء والوباء، كل ذلك سينشئ مشاكل اجتماعية متعددة.
__________
(1) - انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره للحجوي / ص:12 من مقدمة محمد الصغير الخلوفي.
(2) - انظر الرسالة في الملحق 2 من " انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره".(9/8)
... ومن البدهيات أن لا تقوم نهضة للاكتمال الثقافي والاجتماعي بعيدا عن الرشد السياسي، لأن الغزو والاستبداد لا يملكان الامتداد إلا في الفراغ الحقيقي لتصورات وتطبيقات أبعد ما تكون عن سبيل الأمة الوسط.
... ونتيجة لذلك فقد شهد المغرب الحديث سوابق اجتماعية منها:
توسع مجال " بلاد السايبة" غيرالمنقادة للسلطان، وذلك علىحساب "بلاد المخزن" ؛
هجرة القبائل بسبب انعدام السلم الاجتماعي؛
تفشي الأمراض والأوبئة (1)،وكذا المجاعات؛
انتشار الجهل خصوصا لدى الفتيات والنساء .
وفي نص جامع يلخص الحجوي الثعالبي وصف المجتمع في عهد الدولة العزيزية :
( … ثم السبب الأعظم في الانكسار فساد قلوب رعية مولاي عبد العزيز، واتهامهم له بالفسق والكفر حتى احتاج لجعل محضر كتب فيه علماء فاس إشهادا لمعاينتهم له يصلي التراويح ليلة سابع وعشرين رمضان معترفين بوجوب طاعته التي كانت في أعناق الأمة، واتهامهم له بميله للنجليز، وبيعه الصحراء لفرنسا، وغير هذا مما تقدم، وفساد قلوب الرعية أدوؤ داء يعالجه حكماء السياسة، فضلا عمن لامعرفة له بها؛ ثم إن مولاي عبد العزيز كان لين الجانب، شفيقا، لا يرى في سفك الدماء مصلحة، ولينه الكلي أظهره في مظهر الضعف، فتجرأت عليه الرعية التي لها قلوب حديدية كما أسلفنا، بل تجرأ عليه قواده ومستخدموه، … ، وراجت الدسائس على ألسنة طغام العامة بشتم السلطان ووزرائه،… وبالجملة رعية جاهلة بسيطة الفكر ) (2).
... وبالرغم من هذا الواقع البئيس المليء بالإحباطات ، فقد حافظ المغاربة على التشكيل الإسلامي العام (3) ، وكان لمؤسسة العلماء قدرة على ممارسة النقد، وتقويم الاعوجاج، والقيام بوظيفة الحسبة الشرعية.
-
__________
(1) - انظر تأريخ هذه الأوبئة في: المغرب عبر التاريخ 3/480.
(2) - انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره / المقدمة ص:24.
(3) - للإشارة فقد قللت المصادر من وجود ظاهرتي شرب الخمر والبغاء، مما يدل على عافية المجتمع الأخلاقية.(9/9)
المبحث الثاني : الحركة العلمية والدرس الفقهي والحديثي :
والمقصود هو تحديد واقع الدرس الفقهي والحديثي في الفترة التي عاصرها الشبيهي بين 1248 و1318هـ .
... ... والمحمود في هذه الفترة، أن الحركة العلمية كانت أفضل حالا من الوضع السياسي العام، ويمكن رصد أهم معالم الاستقرار العلمي فيما يلي:
ازدهار الوراقة (1) ونشر الكتاب ؛
انتشار المدارس والكتاتيب القرآنية في أغلب نواحي المغرب؛
دعم السلاطين للتعليم والمدارس .
الوراقة وصناعة الكتاب :
... ... لقد ازدهرت الوراقة خصوصا في عهد الحسن الأول، وأصبحت النساخة مصدرا مهما لكسب المال، "ومن هذه الفترة وصلت المطبعة الحجرية للمغرب، وتمركزت في فاس" (2).
... ... "وكان الغالب على المنتسخات الحسنية كتب الصنعة الكيماوية، فاستنسخ منها مجموعة ضخمة دبجها الوراقون المغاربة بخطوط جيدة، وزخرفة أنيقة، وتسفير بديع " (3).
... ... وقد كان الأمير محمد بن السلطان عبد الرحمن بن هشام شغوفا بنسخ الكتب، حيث اتخذ محلا خاصا لنسخ كتب الحديث الشريف وغيرها (4).
... ... وبخلاف الوراقة المزدهرة في العهد الحسني، فقد ضعف شأن هذه الخطة في الدولة العزيزية.
... ... ومن أبدع وراقي العصر المنوه بهم في تاريخ الوراقة :
عبد الرحمن بن العربي بن المهدي الشرفي الأندلسي ثم الفاسي (ت1304هـ-1887م)، وكان يكتب بخط شبيه بالخط الأندلسي أيام ازدهاره؛
محمد الكبير بن محمد الغرناطي ثم الفاسي (ت1317هـ-1899م)، الذي بخطه كانت كتابة المطبوعات الحجرية الأولى بفاس؛
__________
(1) - الوراقة لها مدلولات ثلاثة هي: 1 - " صناعة الورق "؛ 2 – " عملية الانتساخ والتصحيح"؛ 3- " النساخة،
أي حرفة النسخ"، انظر: " تاريخ الوراقة المغربية" للمحقق محمد المنوني ص:11.
(2) - تاريخ الوراقة المغربية ص:231.
(3) - المرجع نفسه ص:234.
(4) - إتحاف أعلام الناس 3/367.(9/10)
أحمد بن عبد الرحمن بصري، الذي كان "يضرب بجودة خطه المثل" (1) .
... ومما يحمد لهؤلاء الوراقين " أنهم حافظوا على الطابع الأصيل لمهنتهم، دون أن يتأثروا بالدعوة لإصلاح الكتابة التي بدأت –مع مر الزمن- تطل على المغرب" (2)؛ وإلى زمننا الحاضر نشهد التطور المشين والمحزن الذي أفرز ألوان الخط الخليط الذي لا يحترم تاريخ الخط العربي وأصوله وجماله .
... المجالس الحديثية :
... ... لقد دأب سلاطين المغرب على عقد المجالس الحديثية المنظمة، التي كانت مجالس حوار ومناظرة ومناقشة.
... ... كما ازدانت هذه المجالس بكبار المحدثين البارعين في شرح المصنفات الحديثية، وبرز محدثون تفرغوا للجامع الصحيح، حيث كانت تعقد مجالس لشرح الصحيح خلال الشهور الثلاثة رجب وشعبان ورمضان، حيث يتوج بالختمة البخارية، ومن هؤلاء :
عبد القادر بن أحمد الكوهن / ت1254هـ ،
العباس بن محمد بنكيران / ت1271هـ ،
محمد بن حمدون السلمي الفاسي / ت1274هـ،
أحمد بن محمد المرنيسي / ت1277هـ،
المهدي بن سودة المري / ت1294هـ ،
أحمد بن أحمد بناني / ت1306هـ.
... وقد كانت المجالس الحديثية منتشرة في المساجد والمدارس حيث يغلب على الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان سرد وشرح الحديث النبوي.
مجالس العلم :
... اشتهر عبد الرحمن بن هشام –على غرار السلطان سليمان- بظهائره الإصلاحية لمناهج التعليم الديني، فقد جاء في ظهير 12 محرم 1261هـ :
__________
(1) - راجع مزيدا من الأسماء في العصر العلوي الرابع من "تاريخ الوراقة المغربية" ، ابتداء من ص:229.
(2) - تاريخ الوراقة المغربية ص:275.(9/11)
" فقد بلغنا توافر طلبة العلم على العادة، وجدهم في الطلب، غير أنه قل التحصيل والإفادة، وذلك لمخالفة الفقهاء في إقرائهم عادة الشيوخ، وإعراضهم عما ينتج التحصيل والرسوخ، فإن الفقيه يبقى في سلكة سيدي خليل نحو العشر سنين، وفي الألفية العامين والثلاث، أكثر ما يجلب من الأقوال الشاذة والمعاني الغريبة ،…، وفي ذلك تضييع الأعمار التي هي أنفس المتاجر بلا فائدة، …، فترى الفقهاء يكثرون على المبتدئ من نقول الحواشي والاعتراضات، وينوعون الأقوال والعبارات، حتى لا يدري ما يمسك، ولا أي سبيل يسلك، ويقوم من مجلس الدرس أجهل مما كان، ولا يجد زيادة مع بلوغه في نفسه الإمكان، وهذا يؤدي إلى ضياع العلم الذي هو ملاك الدين، ويحمل على عموم الجهل في العالمين" (1).
... وهذا يدل على بعد نظر عبد الرحمن بن هشام في أوضاع التعليم، وطرق تدريسها وتحصيلها، وقصده إلى تحقيق الإدراك والفهم والإتقان.
... وقد عرفت الحركة العلمية نشاطا ملحوظا في كبرى المدن المغربية كفاس ومراكش، كما كانت للعلوم مراكز مشهورة على رأسها جامع القرويين(2) ، وبزرهون اشتهر المسجد الأعظم الذي شهد حلقات شرح الصحيح، وممن شارك في ذلك محمد الفضيل الشبيهي الإدريسي .
__________
(1) - انظر نص هذا الظهير في إتحاف أعلام الناس 5/118-121.
(2) - ينتقد الحجوي الواقع العلمي بقوله: ( وبعدما كنا أساتذة لأوربا صرنا الآن لم نصل درجة التلميذ، ولا تقل يا سيدي هذه مدرسة المصباحية ومدرسة العطارين والشراطين والصفارين وأساتذة القرويين، فهؤلاء لا يقاسون بما يوجد في مصر وتونس فضلا عن البلاد الأوروباوية من المدارس )- ص:16 من مقدمة "انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره".(9/12)
... وقد ظهرت مؤلفات وفتاوى في مواجهة قضايا الساعة، عكست اهتمام الفقهاء بموقف التشريع الإسلامي من النوازل الطارئة (1)، مثل:
موضوع الحماية القنصلية :
هداية الضال المشتغل بالقيل والقال لمحمد المأمون بن عمرالكتاني (ت1310هـ)؛
إيقاظ السكارى المحتمين بالنصارى لعلال بن عبدالله الفهري (ت1314هـ).
حول ضريبة المكس وتحديث الجيش :
أجوبة علماء فاس (محمد المهدي بن سودة، وأخيه عمر بن سودة، ومحمد الدويري، ومحمد الحمادي المكناسي، ومحمد الفيلالي) : وهي حول مساهمة الشعب في تكاليف الغرامة المترتبة عن حرب تطوان، وقد أوردها محمد داود في تاريخ تطوان 5/106 ( 118؛
عناية الاستعانة في حكم التوظيف والمعونة لعلي بن محمد السملالي (ت1311هـ) : ويتناول حكم توظيف المعونة لنفقات تحديث الجيش.
التجاوب مع أزمة المجاعة :
رسالة في الحث على الإسعاف زمن المجاعة لجعفر بن إدريس الكتاني (ت1323هـ)، وهو مطبوع في المطبعة الحجرية بفاس دون تاريخ.
الدعوة إلى الجهاد :
تحفة الراغب في السعادة في الترغيب لطلب الشهادة لأحمد بن الهاشمي الفيلالي (ت1327هـ)؛
غنية الإنجاد في مسائل الجهاد لمحمد التهامي بن عبد القادر المكناسي (ت1336هـ).
مؤلفات ضد البدع :
حديقة الأزهار المهداة لسيد الأبرار عليه السلام لمحمد بن جلون الكومي (ت1298هـ): حذر فيها من الاشتغال بالكيمياء والكنوز والنار والخط والتنجيم؛
تعظيم المنة بنصرة السنة لأحمد بن خالد الناصري (ت1315هـ).
في التنظيم الإداري :
تقييد في التعريف ببعض الولايات لأحمد بن خالد الناصري؛
رسالة في طريقة تحديث الجيش المغربي لمحمد بن أحمد التونسي (ت1292هـ)؛
مذكرة عبدالله بن سعيد السلاوي (ت1342هـ).
- مدخل -
...
__________
(1) - راجع تفصيل ذلك مع توثيق أماكن وأرقام المخطوطات في المصادر العربية لتاريخ المغرب للمحقق محمد المنوني 2/137 ( 166.(9/13)
... ينحدر محمد الفضيل بن الفاطمي من البيت الشريف، فهو شبيهي جوطي إدريسي حسني ، والقصد من هذا الفصل تجلية أصل المؤلف ، وفي سبيل ذلك سأتناول بالتحليل توضيح بعض فروع هذا البيت اللصيقة بالشبيهي وهي :
فرع الأدارسة ،
فرع الجوطيين ،
فرع الشبيهيين .
... ولتوضيح هذه الفروع، فإني سأمهد بجدول تفصيلي وبياني للنسل الشريف من فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب (1):
فاطمة الزهراء * علي بن أبي طالب
( (
الحسن ... ... الحسين
... ... ( ( ... ...
الحسن المثنى ... ... علي زين العابدين
... (
عبد الله الكامل
...
... أما علي زين العابدين فقد خلف أحد عشر ولدا هم :
3 - القاسم ... 2 – عبد الرحمن ... 1- الحسين الأكبر
6 - محمد الباقر ... 5 – سليمان ... 4 - داود
9 – عمر ... 8 - زيد ... 7 - عبد الله
11- الحسين الأصغر. ... 10 – علي
... ... ... ...
... ومن هؤلاء ينحدر الطاهريون والعراقيون والصقليون.
... والذي يهمنا في هذا المقام نسل عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب :
عبد الله الكامل
... ... ... ... ... ... ( ... ... ... ... ... ...
1- محمد النفس الزكية ... 2- موسى الجون 3- إبراهيم
4- يحيى ... 5- إدريس الأكبر 6- سليمان
7- عيسى.
...
... ... ومن أشهر فروع هؤلاء في المغرب:
__________
(1) - اعتمدت في سرد شجرة النسب الشريف، والمعلومات الواردة في هذا الفصل على :
الدرر البهية والجواهر النبوية في الفروع الحسنية والحسينية لإدريس الفضيلي العلوي ،
الشجرة الزكية لمحمد الزكي العلوي (مخطوط خ.ع بالرباط 375ج) ،
الإشراف علىبعض من بفاس من مشاهيرالأشراف لمحمد الطالب بن حمدون(مخطوط خ.ع بالرباط653 د )،
إتحاف أعلام الناس لابن زيدان ،
الدرة الفائقة في أبناء علي وفاطمة لمحمد الزكي العلوي (مخطوط خ.ع بالرباط 48ج )،
بهجة الأبصار في جميع من وقفت على تحقيق نسبه من آل النبي المختار لمحمد الحلفاوي.(9/14)
العلويون والإسماعيليون والأمرانيون الذين ينحدرون من محمد النفس الزكية ،
الأدارسة الذين ينحدرون من إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل.
... وبهذا الفرع أبتدئ تفصيل أصل البيت الشبيهي.
...
-
المبحث الأول : فرع الأدارسة والجوطيين
الأدارسة:
... ينحدر الأدارسة من إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل، الذي خلف إدريس الأزهر، وإليه تنسب الفروع التالية :
العلميون والشفشاونيون والكتانيون الذين ينحدرون من محمد بن إدريس الأزهر،
اليزيديون والمشرفيون الذين ينحدرون من عيسى بن إدريس الأزهر،
الألمريون والحموديون الذين ينحدرون من عمر بن إدريس الأزهر،
الكنونيون والدرقاويون الذين ينحدرون من أحمد بن إدريس الأزهر.
الجوطيون :
... وينتسب الجوطيون إلى يحيى الجوطي بن محمد بن يحيى بن القاسم بن إدريس الأزهر، وأصله من جوطة، وهي"قرية عظيمة على نهر سبو" (1) .
... وقد تفرع عن يحيى الجوطي الفروع التالية:
الشبيهيون (وسيأتي مزيد تفصيل عنهم)،
الطاهريون ،
الفرجيون.
... وللإشارة، فقد أعرضت عن التطويل في سرد سلسلة الانتساب لجملة من المحاذير:
الاختلاف بين مثبت ومنكر لجملة من الفروع والأسماء، ولذلك اقتصرت على المشهور منها من جهة، ولما يقربنا أكثر من فهم سهل لأصل الشبيهي من جهة أخرى؛
صعوبة التمييز في بعض حالات الانتساب للجناب النبوي، وذلك ما يستدعي العلم بالأنساب والتاريخ والوفيات، وهو ما يقصر عنه هذا البحث.
...
-
المبحث الثاني : فرع الشبيهيين
... ينتسب الشبيهيون –وهم فرع من الجوطيين- إلى أحمد الشبيه (بفتح الشين، نسبة إلى الشبه)، ويرجع أصل التسمية إلى معنيين :
الشبه في الصورة النبوية الشريفة ؛
الشبه في وجود الخاتم بين الكتفين .
__________
(1) - الدرة الفائقة ص:187.(9/15)
... وأمر الشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اشتهر في آل البيت، خصوصا عند الحسن والحسين، فقد كانا أشبه الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ففي صحيح البخاري كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - باب (22) مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما:
حديث 3748 : (… قال أنس: كان أشبههم – أي الحسين- برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان مخضوبا بالوسمة)،
حديث 3750 : عن عقبة بن الحارث قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه وحمل الحسن وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس شبيه بعلي، وعلي يضحك)،
حديث 3752 : عن أنس قال: (لم يكن أحد أشبه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من الحسن بن علي).
... وممن كان يشبهه - صلى الله عليه وسلم - كذلك ابنته فاطمة الزهراء وجعفر بن أبي طالب(1).
... قال ابن حجر: ( … ويحيى بن القاسم بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، فكل من هؤلاء مذكور في كتب الأنساب أنه كان يشبه، حتى إن يحيى المذكور كان يقال له الشبيه لأجل ذلك) (2).
... والشاهد في هذا النقل أن تسمية الشبيهيين جاءت من أحمد الشبيه، وهذا الإطلاق له سابقة في التاريخ.
...
... والسيد أحمد الشبيه خلف ولدين : عبد الواحد ومحمدا، وعنهما تفرعت فروع الشبيهيين، ومحمد الفضيل الشبيهي ينحدر من عبد الواحد حسب الرسم التالي : ... ... ...
مشجر نسب محمد الفضيل الشبيهي
أحمد الشبيه
(
عبد الواحد
(
عبد القادر
(
محمد
(
عبد الله
(
عبد القادر
(
محمد
(
عبد القادر
(
محمد
(
محمد
(
محمد الفاطمي
(
محمد الفضيل (المؤلف رحمه الله )
-
المبحث الأول : اسمه ونسبه
... هو شامة زرهون أبو عبد الله محمد الفضيل بن محمد الفاطمي الشبيهي الجوطي الإدريسي الحسني (3)
__________
(1) - انظر فتح الباري 7/122.
(2) - الفتح 7/122.
(3) - ترجمت للمؤلف المصادر والمراجع التالية :
فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لعبد الحي الكتاني 2/929 ؛
إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لابن زيدان 5/518( 520 ؛
إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام بن سودة 8/2824 (من موسوعة أعلام المغرب / تنسيق وتحقيق محمد حجي )؛
دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بن سودة 2/362 .(9/16)
.
... وأوردت المصادر نسبه بتفصيل، وهو :
... ( محمد الفضيل بن محمد الفاطمي بن محمد بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر النقيب بن عبد الله بن محمد بن عبد القادر بن عبد الواحد بن أحمد الشبيه بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن أبي غالب بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن عبد الواحد ابن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن حمود بن يحيى بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى الجوطي بن محمد بن يحيى العوام بن قاسم بن إدريس الثاني بن إدريس الأول بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي وفاطمة الزهراء بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ).
... وهذا النسب لا خلاف فيه يذكر.
المبحث الثاني : ولادته وأسرته
ولادته :
لم يؤرخ المترجمون لعام ولادة الشبيهي الإدريسي، إلا ما ذكره ابن زيدان عرضا في ترجمة أخيه أحمد بن الفاطمي، قال:
... ( كانت ولادته قبل ولادة أخيه سيدي الفضيل بثلاثة أعوام، وذلك أواسط العشرة الخامسة من المائة الثالثة بعد الألف ) (1).
... ويستنتج من ذلك أن ولادة أحمد بن الفاطمي كانت حوالي 1245 هـ، وبالتالي يكون العام التقريبي الذي ولد فيه محمد الفضيل الشبيهي هو 1248هـ= 1832م .
أسرته :
... تشير المصادر إلى أن الشبيهيين قد توزعوا بين مدينتين رئيستين هما مكناس وزرهون، إلا أن الأغلب منهم قد جاور الجامع الكبير وضريح المولى إدريس الأول بزرهون.
... وقد غلب على كثير من الشبيهيين العمل في خدمة هذا الجامع ورواده، وربما كان ذلك سببا مهما في اتجاه كثير منهم إلى وظيفة الإمامة والخطابة، وبالتالي تعلم الفقه وأنواع العلوم.
... لقد ساهم البيت الشبيهي في تخريج زمرة من الفقهاء والقضاة وغيرهم، منهم :
محمد بن عبد الواحد الشبيهي، ابن عم المؤلف، وكان فقيها مفتيا بالزاوية الإدريسية(2)؛
__________
(1) - إتحاف أعلام الناس 1/464.
(2) - إتحاف أعلام الناس 4/284-285.(9/17)
عبد الواحد بن عبد الرحمن بن عبد القادر الشبيهي، الذي ولي الخطابة والإمامة بمسجد الضريح (1). ...
... أما أسرة المؤلف الخاصة، فتتكون من :
والد المؤلف : محمد الفاطمي بن محمد بن محمد الشبيهي الذي تولى الخطبة والإمامة بالمسجد الأعظم وخطة القضاء بالزاوية الإدريسية، ومن شيوخه حمدون بن الحاج، وله أرجوزة في فروع الشبيهيين (2) ؛
أمه : رقية بنت الفضيل بن المكي بن علي المنوني؛
أخوه : أحمد بن الفاطمي الذي انتهت إليه رئاسة فن الحساب في وقته، أخذ عن محمد الفيلالي شيخ الجماعة بفاس، وأحمد المرنيسي، ومحمد بن حمدون بن الحاج (3)؛ ...
أولاده الخمسة : وكلهم ذكور وهم : الفاطمي والماحي ومحمد وعبد الصمد وعثمان، وهذا الأخير هو الذي لم يكن له حظ من العلم والتعلم.
الفاطمي بن محمد الفضيل الذي اعتنى به والده أشد عناية، فقد أخذ بفاس عن محمد بن عبد الواحد الشبيهي، ومحمد بن التهامي الوزاني، والحسن بن المهدي العلوي.
كما اشترك مع أبيه في الاستجازة من الشيخ علي بن ظاهر الوتري المدني عام 1297هـ، في زيارته الثانية للمغرب.
وقد تولى الإمامة والخطابة بعد والده، كما كان قيما على الخزانة العلمية بالزاوية الإدريسية، إلى أن توفي عام 1334هـ (4).
الماحي بن محمد الفضيل، الفقيه الخطيب بالجامع، والقائم بخزانة الكتب، وقد توفي بزرهون عام 1380هـ (5).
عبد الصمد بن محمد الفضيل، النساخ الماهر، تتلمذ على شيوخ زرهون.
محمد بن محمد الفضيل، وكان عدلا بنظارة أحباس الزاوية الإدريسية.
-
المبحث الثالث : نشأته ومكانته العلمية
__________
(1) - إتحاف أعلام الناس 5/393-394.
(2) - إتحاف أعلام الناس 5-518 ، وإتحاف المطالع 7/2560، ودليل مؤرخ المغرب الأقصى 1/89.
(3) - إتحاف أعلام الناس 1/464 ، وإتحاف المطالع 8/2844.
(4) - إتحاف أعلام الناس 5/520-522 ، وإتحاف المطالع 8/2891.
(5) - إتحاف المطالع 9/3354.(9/18)
... لقد سبق الحديث عن أبوي محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي، وأنه ترعرع في كنف أبويه الفقيه محمد الفاطمي وأمه رقية بنت الفضيل، ومن شأن مثل هذا الواقع الأسري أن يعين على التربية والتفقه في العلوم.
... كما أن البيئة المحيطة بالولد الشبيهي، من علماء وشيوخ، وخزانة للكتب، وسرد لصحيح البخاري في الزاوية الإدريسية، ستؤثر في بناء شخصية المؤلف وتوجيه مساره العلمي.
... ومن لطيف الأقدار أن هذا الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره سيتوجه رفقة أمه وأخيه أحمد إلى مكناس للأخذ عن شيوخها وعلمائها، وذلك بعد وفاة والدهما عام 1257هـ، وقد تيسرت لهما ظروف الإقامة العلمية بفضل عناية السلطان عبد الرحمن بن هشام الذي أصدر ظهيرا هذا نصه (1) :
" يعلم من كتابنا هذا السامي قدره النافذ بحول الله وقوته أمره، أننا أنعمنا على السيدة رقية بنت سيدي الفضيل المنوني-زوجة الفقيه الشريف الصائر إلى عفو الله سيدي الفاطمي الإدريسي- بالسكنى بدار حبس الزاوية الإدريسية الكائنة بالتوتة من مكناسة الزيتون، هي وولداه منها الصبيان سيدي أحمد وسيدي الفضيل إنعاما تاما من غير شيء يجب عليهم، والواقف عليه يعلمه ويعمل به، صدر به أمرنا المعتز بالله في 6 شعبان الأبرك عام 1258هـ".
... وقد أخذ الشبيهي علوم عصره، كما تفقه على أيدي شيوخ العصر، فبعد حفظه لكتاب الله المجيد، قرأ الفقه والنحو ومقدمة السنوسي وجمع الجوامع والشمائل للترمذي والشفا وصحيحي البخاري ومسلم والتفسير، وغيرها (2) .
... فقد أخذ التفسير وجمع الجوامع ومقدمة السنوسي عن أحمد المرنيسي، وصحيح البخاري عن محمد بن حمدون السلمي الفاسي، والحديث عن أحمد بن أحمد بناني، والمختصر الخليلي عن الداودي بن العربي التلمساني وأحمد بن محمد المرنيسي، وغير ذلك.
__________
(1) - انظر نسخة من هذا الظهير في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 1.
(2) - انظر : إتحاف أعلام الناس 5/519.(9/19)
... هذا هو واقع النشأة العلمية للشبيهي الإدريسي، التي أهلته فيما بعد للاتجاه نحو الفقه والحديث، بل إن الشبيهي سلك مسلكا طريفا في الجمع بين الرواية الحديثية وشرحها في ضوء الفقه الإسلامي.
... ولحضور الشبيهي العلمي، فقد أثنى عليه العلماء وحلاه المترجمون بأحلى الألقاب والأوصاف، ومن تلك التحليات :
قول تلميذه عبد الحي الكتاني : " وبالجملة فالرجل من مفاخر المتأخرين، وممن يبتهج به صف شيوخنا " (1) ؛
قول عبد السلام بن سودة : " العلامة المحدث المشارك المطلع الحجة" (2) ؛
قول ابن زيدان : " محرر نقاد، بحاث مطلع، صدر محقق ماهر، …، مفت نوازلي، خطيب بليغ متفنن" (3) ؛
قول محمد بن علي بن ظاهر الوتري المدني في إجازته(4) للمؤلف : " الفاضل العالم العامل، الجهبذ الألمعي السميدع اللوذعي الضابط".
-
المبحث الرابع : شخصيته ووظيفته
... تتميز شخصية الشبيهي رحمه الله بتنوع مثمر، فهو يجمع بين مجالات متعددة قد تبدو عند غيره متنافرة، ومن ذلك الجمع :
جمعه بين الفقه والحديث –وهو ما يتجلى واضحا في مؤلفه الفجر الساطع على الصحيح الجامع- في بيئة القرن التاسع عشر التي غلب على علمائها طلب الفقه مجردا، حيث كان الطالب يقضي من عمره عشر سنوات كاملة في حفظ المختصر الخليلي!
جمعه بين التفقه والسلوك في تناغم وتعاضد، بينما شاع في عصور الجمود العلمي التنافر بين الفقهاء والزهاد، وقد وصفه ابن زيدان بقوله :" كان رقيق القلب، سريع الدمعة، مكثرا من التلاوة لايفتر عنها غالبا، مع بسط ممزوج بآداب ووقار واحتشام" (5).
... وقد كان الشبيهي من أعيان الشرفاء بزرهون، مقدما عند عارفيه، مؤهلا للإمامة والخطابة، ومزكى من العلماء والمترجمين.
__________
(1) - فهرس الفهارس 2/929.
(2) - إتحاف المطالع 8/2824.
(3) - إتحاف أعلام الناس 5/518.
(4) - انظر نسخة من إجازة الوتري بخطه في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 2.
(5) - إتحاف أعلام الناس 5/518.(9/20)
... وهذه الشخصية المحبوبة عند العامة والخاصة، كان لها أكبر الأثر في تولية المؤلف وظائف متعددة :
قيامه بخطة الإمامة والخطابة بالمسجد الأعظم بالزاوية الإدريسية بزرهون منذ عهد السلطان محمد الرابع (1)، وإلى وفاته رحمه الله.
تكليفه بقبض الإعانات المعينة من أحباس زرهون، وذلك من عهد محمد الرابع؛
قيامه بالتعليم والتدريس في الزاوية الإدريسية، وذلك إلى حين وفاته بالزاوية الإدريسية ليلة الجمعة عاشر شعبان عام 1318 هـ = 1900م (2) .
... والملحظ الجامع في وظائف الشبيهي أن توليه لخطة الإمامة والخطابة والتدريس ونسخ الدواوين كان تعبيرا عن زهده في خطة العدالة ونيابة القضاء، وهي وظائف لو تطلع إليها لأدرك ما هو أعلى منها شأنا، لاعتباره وشأنه عند السلاطين من جهة، ولموقعه بين الأشراف الأدارسة من جهة أخرى، ولكنه التباعد عن وظائف الشبه والمتاهات .
-
المبحث الأول : شيوخه
... يمتاز تاريخنا العلمي بنوع مبتكر من التأليف يؤرخ لرحلة التعلم والتفقه لدى الطالب، ويكشف عن نوع العلوم والكتب المدروسة، وعدد الشيوخ المتلقى عنهم، ويسمى هذا النوع بالفهارس والأثبات والمعاجم والمشيخات والبرامج.
... ولقد اقتبست مصطلح "فهرسة" في عنونة هذا الفصل إشارة إلى "فهرسة الشبيهي" التي ألفها عبد الحي الكتاني (3)، والمفقودة بعد طول بحث، وإن كان مبحث الشيوخ ومبحث التلاميذ لا يمثلان كبير شيء أمام المعرفة التامة للكتاني بالشبيهي، وما لايدرك كله لايترك جله .
... و للشبيهي رحمه الله شيوخ كثيرون وجدت منهم ستة عشر، وهم :
1 - ... أحمد بن أحمد بناني، أبو العباس، شيخ الجماعة، أخذ عن عبد السلام بوغالب والوليد العراقي، وعنه محمد بن جعفر الكتاني.
__________
(1) - انظر ظهير تجديد هذه الوظيفة في عهد الحسن الأول في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 3.
(2) - إتحاف أعلام الناس 5/520، وإتحاف المطالع 8/2824.
(3) - ذكرها في فهرس الفهارس 2/929.(9/21)
كان يعقد مجالس لشرح الكتب الستة والموطأ، وتوفي عام 1306هـ (1).
2- ... أحمد بن محمد بناني، شيخ الجماعة المشهور ب "كلا" لكثرة جريانها على لسانه، أخذ عنه عبد السلام بن محمد الأمراني وأحمد بن الفاطمي الشبيهي والكامل بن عبد الله العلوي، وكان بارعا في التفسير والحديث.
توفي عام 1306هـ (2).
3- ... أحمد بن محمد بن علي المرنيسي، أبو العباس، أخذ عن حمدون ين الحاج والطيب بن كيران وأبي العباس بن سودة، وعنه جعفر بن إدريس الكتاني وحميد بن محمد بناني وأحمد بن الخياط الفاسي.
كان قوالا للحق كثير المذاكرة، وتوفي عام 1277هـ (3).
4- ... المولى حفيظ العلوي، العلامة الخير الذاكر، أخذ عن عبد القادر الكوهن، وتوفي عام 1273هـ (4).
5- ... الداودي بن العربي الحسني التلمساني، أخذ عن شيوخ تلمسان وكان بها قاضيا، ثم قدم إلى فاس ، وهو عمدة محمد الفضيل الشبيهي في الفقه، ومن تلاميذه حميد بن محمد بناني وأحمد بن الخياط.
له شرح على البخاري لم يكمل، وقد توفي عام 1271هـ (5).
6- ... عبد السلام بن الطائع بن حمو بن السعيد الحسني الجوطي، شيخ الجماعة، كان زاهدا ممتنعا من تولي القضاء حتى إنه أجبر على ذلك بإزالة ما بين يديه من الوظائف فصبر. أخذ عن حمدون بن الحاج والطيب بن كيران، وعنه حميد بناني.
توفي عام 1290هـ (6).
__________
(1) - ترجمته في: سلوة الأنفاس لمحمد بن جعفر الكتاني 3/27-28، وشجرة النور الزكية رقم 1695.
(2) - ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 3/121، وإتحاف المطالع 8/2777.
(3) - ترجمته في: فهرس الفهارس 1/361-362، وإتحاف المطالع 7/2618، وشجرة النور الزكية رقم 1608.
(4) - ذكر ابن زيدان في الإتحاف 5/519 أنه من شيوخ الشبيهي، لكن باسم "حفيد".
(5) - ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 5/518، وإتحاف المطالع 7/2600، وسلوة الأنفاس 1/262.
(6) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2648، وشجرة النور الزكية رقم 1619، وسلوة الأنفاس 1/96.(9/22)
7- ... عبد الله بن محمد بن محمد بن الخياط الزرهوني، انتهت إليه رئاسة التدريس والنوازل بالزاوية الإدريسية. أخذ عن بدر الدين الحمومي وأبي الحسن التسولي، وعنه الفضيل الشبيهي والحسن بن الشريف العلوي.
توفي عام 1295هـ (1).
8- ... عمر بن الطالب بن محمد بن سودة. أخذ عن العربي العراقي وعبد القادر الكوهن ومحمد الحجرتي، وعنه جعفر بن إدريس الكتاني ومحمد القادري.
توفي عام 1285هـ (2).
9- ... قاسم بن محمد القادري الحسني، أخذ عن الحاج الداودي وأحمد المرنيسي، وكان كثير التدريس متبعا للسنة حتى عرف بالفقيه السني.
توفي عام 1276هـ (3).
10- ... مالك بن العناية بن المفضل الغرباوي الزواوي، أخذ عن العربي الدرقاوي، وعنه أحمد والفضيل ابنا الفاطمي الشبيهي .
توفي عام 1278هـ (4).
11- ... محمد بن حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السلمي الفاسي، الشاعر الأديب، أخذ عن أبيه حمدون والطيب بن كيران وأبي العلاء العراقي، وعنه أخوه محمد الطالب وحميد بناني، وكان له مجلس في القرويين يشرح فيه صحيحي البخاري ومسلم والموطأ.
توفي عام 1274هـ (5).
12- ... محمد الطالب بن حمدون بن عبد الرحمن بن الحاج السلمي الفاسي، أخذ عن أبيه حمدون وأخيه محمد بن حمدون وأبي عبد الله اليازغي وعبد القادر الكوهن.
... كان مكثرا من الشيوخ، وتولى القضاء أزيد من 13 سنة، ولم يوجد في تركته ما يجهز به، وتوفي عام 1273هـ (6).
__________
(1) - ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 4/514-515.
(2) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2638، وشجرة النور الزكية رقم 1614.
(3) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2626، وسلوة الأنفاس 1/32.
(4) - ترجمته في: إتحاف أعلام الناس 4/304، وإتحاف المطالع 7/2621.
(5) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2610، وشجرة النور الزكية رقم 160، وسلوة الأنفاس 1/157.
(6) - ترجمته في: فهرس الفهارس 1/465-466، وسلوة الأنفاس 1/157.(9/23)
13- ... محمد بن عبد الرحمن الفيلالي الحجرتي السجلماسي، شيخ الجماعة في وقته، أخذ عن الطيب بن كيران وبدر الدين الحمومي وعبد السلام الآزمي، وعنه خلائق بفاس ومراكش والرباط ووجدة وتلمسان.
توفي عام 1275هـ (1).
14- ... محمد بن علي بن ظاهر الوتري المدني، ولد بالمدينة المنورة ورحل إلى مصر وتونس،ثم إلى المغرب عام 1287هـ وعام 1297هـ، وهو الذي أحيى موات الرواية بالمغرب. وقد أخذ عنه محمد الفضيل الشبيهي وعبد الحي الكتاني وعبد الكبير الكتاني وغيرهم.
توفي بالمدينة عام 1322هـ، ودفن بالبقيع (2).
15- ... محمد بن محمد المقري التلمساني، من عقب المقري صاحب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"، أخذ عن أحمد المرنيسي ومحمد الفيلالي وعبد السلام بوغالب، وعنه خلائق منهم محمد الفضيل الشبيهي.
توفي عام 1285هـ (3).
16- ... محمد المهدي بن الطالب بن محمد بن سودة المري، قاضي مكناس ونواحيها. أخذ عن عبد السلام الآزمي وبدر الدين الحمومي ومحمد الفيلالي الحجرتي وعبد القادر الكوهن، ورحل إلى مصر والحجاز، وكان يقرأ صحيح البخاري في الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان، وله حاشية على الجامع الصحيح. وأخذ عنه ابن الخياط الزكاري وجعفر الكتاني وحميد بناني وغيرهم كثير. توفي عام 1294هـ (4).
المبحث الثاني : تلامذته
... لم تشر المصادر المتوفرة إلى تلاميذ كثيرين للشبيهي، بالرغم من استثماره جل وقته في التدريس والتعليم، وقضائه أغلب حياته في الزاوية الإدريسية إماما وخطيبا ومعلما الناس الخير.
__________
(1) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2612، وشجرة النور الزكية رقم 1606.
(2) - ترجمته في: الأعلام للزركلي6/301، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام لعباس بن إبراهيم بن محمد السملالي التعارجي7/135-136.
(3) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2638، وسلوة الأنفاس 3/23.
(4) - ترجمته في: إتحاف المطالع 7/2656، وشجرة النور الزكية رقم 1615، وسلوة الأنفاس 1/303-304.(9/24)
... ومن هؤلاء التلاميذ المذكورين :
أخوه أحمد بن الفاطمي الشبيهي .
ابنه الفاطمي بن محمد الفضيل الشبيهي .
أحمد بن إدريس الخطابي الزرهوني، القاضي بزرهون. أخذ عن شيوخ فاس، وعن الشبيهي صحيح البخاري.
توفي عام 1323هـ (1).
عبد السلام بن عمر العلوي المدغري، أخذ عن الشبيهي ومحمد بن المدني كنون وأحمد بن محمد بناني. كان قاضيا بالصويرة وطنجة وغيرهما.
توفي عام 1350هـ (2).
محمد بن أحمد بن إدريس العلوي، قاضي فاس، كان مالك وقته في الفقه. أخذ عن الحسن بن الشريف العلوي والشبيهي ومحمد بن عبد الواحد الشبيهي وجعفر بن إدريس الكتاني. له تعليق على الموطأ وتعليق على صحيح البخاري.
توفي عام 1367هـ (3).
محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني الحسني، المحدث المسند، من أساطين العلم بالمغرب.
أخذ عن أبيه وخاله جعفر بن إدريس الكتاني وأخيه محمد بن عبد الكبير ومحمد بن قاسم القادري والشبيهي الذي أجازه بشرحه الفجر الساطع.
رحل إلى مصر والشام والحجاز، وكان جماعا للكتب، ومكتبته فخرت بالنفائس.
توفي عام 1382هـ (4).
... ...
-
المبحث الثالث : آثاره ومستنسخاته
... لقد قضى محمد الفضيل الشبيهي زمنا في الطلب، وزمنا في نسخ أمهات كتب الحديث، وختم عمره بإخراج الفجر الساطع على الصحيح الجامع، وهو وحده كاف في الشهادة له بالحضور والرسوخ.
__________
(1) - إتحاف أعلام الناس 1/463، وإتحاف المطالع 8/2839.
(2) - إتحاف المطالع 8/3007.
(3) - إتحاف المطالع 9/3230.
(4) - إتحاف المطالع 9/3371، وشجرة النور الزكية رقم 1718، والأعلام للزركلي 6/187-188.(9/25)
... ومن تميز الشبيهي بين أقرانه وشيوخ عصره، أنه من القلائل الذين تجاوزوا طريقة الحواشي والتعليقات السائدة يومئذ، واتجه إلى شرح متوسط وممتع للجامع الصحيح(1).
... أما في مجال النسخ وضبط الكتب، فقد كان الشبيهي متميزا بنسخ جيدة ومصححة من المصنفات الحديثية، وفي ذلك يقول ابن زيدان:
( ونسخ بخطه صحيحي البخاري ومسلم نسختين، بذل المجهود في تصحيحهما ومقابلتهما على الأصول المعول عليها بالمغرب، فكانتا عديمتي النظير، ولا سيما نسخة البخاري فإنها لاتعزز بثان، وكذا كتب بخطه ما عدا الترمذي من بقية الكتب الستة، وكذا كتب غير ذلك) (2).
... ولم يبق من هذه النسخ سوى نسخة صحيح مسلم عند بعض الشبيهيين بمكناس، ونسخة صحيح البخاري عند حفيده إدريس الشبيهي بزرهون، وقد وصف نسخة البخاري محمد عبد الحي الكتاني في سياق حديثه عن نسخة ميارة بقوله :
( وهي التي كان اعتمد شيخنا شامة فقهاء المغرب ومحدثيه أبو عبدالله محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي الزرهوني شارح الصحيح في نسخته العشارية التي انتسخ بخطه وصححها وضبطها عشرات المرات )(3) .
... وهذا الوصف مطابق لهذه النسخة، فهي مجزأة إلى عشرة أجزاء :
الجزء الأول: كتاب الوحي ( كتاب الأذان؛
الجزء الثاني: كتاب الجمعة ( كتاب صدقة الفطر؛
الجزء الثالث: كتاب الحج ( كتاب اللقطة؛
الجزء الرابع: كتاب المظالم (كتاب الجهاد والسير؛
الجزء الخامس: كتاب بدء الخلق ( كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -؛
الجزء السادس: كتاب المغازي ؛
الجزء السابع: كتاب تفسير القرءان ( كتاب فضائل القرءان؛
الجزء الثامن: كتاب النكاح ( كتاب اللباس؛
__________
(1) - إضافة إلى الفجر الساطع، فقد ألف الشبيهي كتابا جمع فيه خطبا على حسب الشهور والأحوال، إلا أنها فقدت، ولم يتبق منها سوى ثلاث ورقات عند حفيده إدريس الشبيهي بزرهون.
(2) - إتحاف أعلام الناس 5/520.
(3) - التنويه والإشادة في التعريف بمقام رواية ابن سعادة ص: 9 .(9/26)
الجزء التاسع: كتاب الأدب ( كتاب الحدود؛
الجزء العاشر: كتاب الديات ( كتاب التوحيد.
ومعتمد الشبيهي في ضبط وتصحيح نسخته على جملة من نسخ الجامع الصحيح، وقد بين ذلك رحمه الله في آخر ورقة من نسخته التي نسخ بيده :
( الحمد لله، قال كاتب هذا الجامع المبارك من أول ورقة منه :
قابلت هذا الجامع من أوله إلى آخره مع أصله، ومع نسخة أخرى في غاية الصحة والإتقان، وفرغت من ذلك أواسط رمضان عام 1302 هـ؛
ثم قابلت أيضا من أوله إلى آخره مع نسختين عتيقتين في غاية الإتقان والجودة، إحداهما بخط الشيخ القدوة شيخ الجماعة أبي محمد سيدي عبد القادر الفاسي، والأخرى بخط العلامة الحافظ المتقن أبي عبد الله سيدي ميارة قدس الله أرواحهما، وجعل في ظل الجنان غدوهما ورواحهما، وأفرغت جهدي وطاقتي في اقتفاء آثارهما والتصحيح عليهما، تقبل الله منا ذلك، ونظمنا في جملة حملة شريعته والمكبين على حفظ سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم -، المتبعين لآثاره وسيرته، وغفر لنا ولوالدينا ولأولادنا وأحبائنا وأهلينا ولجميع المسلمين، آمين، والحمد لله رب العلمين، وكان الفراغ من تلك المقابلة في أواسط محرم الحرام فاتح عام 1304هـ؛
ثم قابلته أيضا مقابلة أخرى حين الإقراء به، وبالغت في ضبطه وإتقانه، جعل الله ذلك خالصا لوجهه بمنه، وفرغت من ذلك أواسط رمضان عام 1309هـ؛
ثم قابلته أيضا مقابلة ضبط وتحرير وإتقان، وبالغت الجهد والطاقة في ذلك، تقبل الله بمنه وكرمه، وفرغت منه يوم الجمعة ثالث صفر عام 1313هـ ؛
ثم قابلته أيضا حين الإقراء به، وكان ختمه بختم جميع الجامع الصحيح يوم الأحد ثاني عشر رمضان عام 1314هـ تلقى الله ذلك منا بالقبول، وعاملنا بما نرجوه منه من غاية المن والسؤل بمنه وكرمه؛(9/27)
ثم قابلته أيضا حين الإقراء به، وبلغت الجهد في تصحيحه وتنميقه، تقبل الله منا ذلك، وجعله من العمل المراد به وجهه، وفرغت منه يوم الأربعاء رابع محرم الحرام عام 1316هـ ) (1).
وقد قام الشبيهي بتحبيس نسخة صحيح البخاري بشهادة عدلين على أولاده الذكور فمن بعدهم، فإن انقرضوا فإنها تصير حبسا على مسجد الزاوية الإدريسية بزرهون(2) .
-
-
مدخل :
...
لقد أتيت بفصول مبينة لعصر المؤلف رحمه الله، وكذا بيته وميراثه العلمي؛ والقصد مما يأتي من فصول جمع الباب الأول بصنوه الثاني المخصوص بالحديث عن "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" حتى يكتمل بنيان البحث، ويغدو واضح المعالم بتوفيق الله المنان .
-
المبحث الأول : القيمة العلمية للجامع الصحيح
للجامع الصحيح قيمة كبرى بين موسوعات الحديث الشريف، فقد جاء نتيجة جهود مثابرة للإمام البخاري في سبر طرق الأخبار وتمييز الصحيح منها، واشتغاله بحفظ الخطأ والشذوذ في الروايات، فتحصل له من ذلك جمع هائل من الميراث النبوي وضعه في ميزانه التصحيحي وفق شرطه الذي تميز به.
ولعل أهم نتائج بحث البخاري أمران: علو المنزلة في الصحة –وهذا قد أشبع بحثا عند الأقدمين-، وحسن الترتيب وهو ما يستحق الحديث.
حسن الترتيب للكتب والأبواب والأحاديث (3):
__________
(1) - انظر نسخة من هذه الورقة في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 4.
(2) - انظر نسخة من هذه الشهادة في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 5.
(3) - انظر تفصيل ذلك ضمن الفصل العاشر :" ذكر مناسبة الترتيب المذكور بالأبواب المذكورة ملخصا من كلام شيخنا شيخ الإسلام أبي حفص عمر البلقيني تغمده الله برحمته"، من هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر ص:653 ( 658.(9/28)
... كبرى الملاحظات في هذا الجامع هذا الترتيب البديع والبناء المتوازن للكتب والأبواب والأحاديث، فكتبه -وعددها 97 كتابا- قد تأسست على كتاب بدء الوحي، وهو أم الأبواب ومنبع الخيرات، وبه قامت الشرائع وجاءت الرسالات، ومنه عرف الإيمان والعلوم، كما يعتبر أس أعمال القلب وهي المعتقدات والنيات؛ وبعد العلم يكون العمل، وأفضل الأعمال البدنية الصلاة، ولا يتوصل إليها إلا بالطهارة، وغيرها من الأعمال التي بين العبد وخالقه.
وبعدها تأتي الأعمال التي بين العبد والخلق، ومنها البيوع والشفعة والحرث والمزارعة، إلى غير ذلك من المعاملات.
ثم لما انتهى من أنواع المعاملات التي بين العبد والخالق وبين العبد والخلق، ترجم لكتاب الجهاد إذ به يحصل إعلاء كلمة الله وإذلال الكفر، ومن عجيب ترتيبه ذكره عقب الجهاد كتاب بدء الخلق لأن الجهاد فيه إزهاق للأرواح التي مآلها إلى الفناء والزوال، ومن مناسبة ذلك ذكر الجنة والنار، ثم ذكر خلق آدم وترجم للأنبياء نبيا نبيا، ثم ذكر الفضائل والمناقب المتعلقة بهذه الأمة.
وبعد كتاب المغازي الذي ختمه بالوفاة النبوية -ومعناها اكتمال الشريعة البيضاء- أعقب ذلك بذكر كتاب التفسير، ثم فضائل القرآن، ولما كان هذا الكتاب المجيد وما يتعلق به هو الذي تحصل به الحياة المعتبرة، أعقب ذلك بما يحصل به النسل، فذكر النكاح والرضاع والنفقات، ثم الأطعمة والأشربة والعقيقة والصيد والأضاحي، ولما كانت المأكولات والمشروبات من أسباب المرض، ذكر كتاب الطب، ثم أردف بكتاب اللباس وما يتعلق بآداب النفس، ولذلك أردفه بكتب الأدب والبر والصلة والاستئذان، ولما كان السلام والاستئذان سببا لفتح الأبواب السفلية، أردفها بالدعوات التي هي سبب فتح الأبواب العلوية، وربطها بذكر الاستغفار والتوبة والأذكار والمواعظ والزهد وأحوال القيامة.(9/29)
وهكذا باقي الكتب في تناسب وتناغم، ولما كانت الأحكام إلى الكتاب والسنة محتاجة، ذكر كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، وكان أصل العصمة أولا وآخرا هو توحيد الله الذي يعتبر تاج العقيدة والعمل.
ومن ذلك الإحسان إبداعه في ترتيب الأحاديث :
... مثال ذلك الحديثان 5723 و5724 في باب الحمى من فيح جهنم من كتاب الطب :
ففي الأول عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الحمى من فيح جهنم، فأطفئوها بالماء)،
وفي الثاني أن أسماء كانت إذا أتيت بالمرأة قد حمت تدعو لها، أخذت الماء فصبته بينها وبين جيبها، وقالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نبردها بالماء.
... فسر إيراد حديث أسماء عقب حديث ابن عمر هو شرح المراد من الإطفاء بالماء، وأنه ليس الاغتسال فإنه ضار بالمحموم، وإنما القصد الاغتسال على كيفية مخصوصة، وهو الرش على البدن بين يديه وثوبه،
قال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/217: (وهذا من بديع ترتيبه).
ومن مميزات البخاري في الجامع الصحيح : تراجمه الجامعة لفقهه، وتقطيعه للحديث، وإعادة الحديث وتكراره، وغيرها من المميزات.
فقه البخاري في تراجمه :
... تعتبر تراجم البخاري لأبواب الجامع الصحيح محكمة النظام وجيدة السياق وحسنة الترتيب، فقد أودع فيها دقائق فقهه ولطيف إشاراته رحمه الله تعالى، بل هي كما قال ابن أبي جمرة : ( الجهة العظمى الموجبة لتقديمه) (1) .
... ومن إعجاب العلماء به فقد انكبوا على كشف أسرار هذه التراجم، وتتبع موافقتها لمعاني الأحاديث الشريفة، وصنفوا في ذلك كتبا منها المتواري على تراجم أبواب البخاري لابن المنير(ت683هـ)، وترجمان التراجم لابن رشيد السبتي (ت721هـ)، ومناسبات تراجم البخاري لبدر الدين بن جماعة (ت733هـ).
__________
(1) - هدي الساري مقدمة فتح الباري ص:14.(9/30)
كما اهتم بها كثير من شراح البخاري منهم القسطلاني وابن حجر وغيرهما ممن استفاد منهم الشبيهي في فقه تراجم البخاري، حيث ضمن شرحه كثيرا من أقوالهم، وعلق أحيانا كما أضاف شروحا أحيانا أخرى.
... وأكثر ما يهتم به الشبيهي في بيان التراجم :
النظر في سياق وصياغة الترجمة؛
بيان مناسبة الترجمة للحديث؛
الاعتذار عن صنيع البخاري في بعض التراجم، وحمل ذلك على التصويب والتعليل.
تقطيعه للحديث وتكراره (1):
يقصد بالتقطيع : " الإتيان بالحديث الواحد في الأبواب بحسب الاحتجاج في المسائل على حدة " (2) . ...
والإمام البخاري قلما يورد حديثا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، وإنما يعدد الطرق والمتون، ومن فوائد هذا التنوع من جانب التصحيح تخريج الحديث الواحد عن عدد من الصحابة، وذلك بقصد إخراجه عن حد الغرابة، وكذلك يفعل مع باقي الطبقات.
وفائدة هذا المنهج تعدد طرق الحديث الواحد الموجبة لتصحيحه، وقد فعل ذلك مع عدد من الأحاديث.
وأما التقطيع للحديث في الأبواب، فإنه يورده حسب فوائده الحديثية، وقد يفعل ذلك فرارا من التطويل.
وهذا المنحى العجيب عند البخاري من النفائس التي تستحق الإفراد بالتصنيف والتأليف، فإنه يتحصل منه فوائد شتى منها:
تتبع المعاني المقصودة من تقطيع الحديث؛
الحكمة من إعادة الحديث، سواء كانت الإعادة في السند أو في المتن، وعلى هذا فلا يوجد حديث واحد في موضعين على صورة واحدة إلا نادرا؛
توجيه عمل البخاري في تصرفه في الأحاديث.
-
المبحث الثاني : الرواية المغربية للجامع الصحيح
__________
(1) - راجع تفصيل ذلك في هدي الساري ص:16-17
(2) - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للسيوطي 2/150.(9/31)
لقد شهد المغرب الأقصى دخول روايات وأصول متعددة للجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه للإمام محمد بن إسماعيل البخاري، ولاقت إقبالا وعناية تليق بمقام النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وحديثه الصحيح .
ولقد وصل الجامع الصحيح من طريقين:
طريق النسفي إبراهيم بن معقل (ت295هـ)؛
طريق الفربري محمد بن يوسف (ت320هـ).
إلا أن أشهر الطرق في المغرب والمشرق هي رواية الفربري، لأن صاحبها آخر من روى صحيح البخاري، فهو أتقن الرواة عنه وآخرهم سماعا عنه وحياة بعده.
وقد أخذ عن الفربري جماعة نسبت إليهم روايات منها :
رواية ابن السكن سعيد بن عثمان (ت353هـ)، وعنه عبد الله بن أسد الجهني الطليطلي(ت395هـ) ؛
رواية المروزي محمد بن أحمد (ت371هـ)، وعنه عبد الله الأصيلي –نسبة إلى مدينة أصيلة بالمغرب- (ت392هـ)؛
رواية الجرجاني محمد بن محمد (ت373هـ)، وعنه الأصيلي كذلك؛
رواية المستملي إبراهيم بن أحمد (ت376هـ)؛
رواية السرخسي محمد بن عبدالله (ت381هـ)، وعنه أبو الحسن الداودي (ت467هـ)؛
رواية الكشميهني محمد بن مكي (ت389هـ)، وعنه كريمة بنت أحمد المروزية (ت463) .
رواية أبي ذر الهروي :
ثم جاء الحجة أبو ذر الهروي (ت434هـ) فروى عن الشيوخ الثلاثة: المستملي والسرخسي والكشميهني ، ورواية أبي ذر هي ( أتقن الروايات لضبطه لها وتمييزه لاختلاف سياقها) (1) .
...
... وقد استجلب هذا الأصل إلى المغرب الأمير المرابطي أبو عمر ميمون بن ياسين الصنهاجي (ت530هـ)، حيث ابتاعه من عيسى بن أبي ذر.
... ومن أشهر الرواة المغاربة عن أبي ذر :
أبو بكر بن محرز السجلماسي، ومن روايته نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط رقم 4330 ؛
يوسف بن حمود الصدفي السبتي (ت428هـ)؛
أبوعمران موسى بن عيسى الفاسي (ت430هـ)؛
سليمان بن خلف الباجي (ت474هـ)؛
__________
(1) - فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 1/7.(9/32)
ابن الغرديس بكار بن برهون .
ومن أيام السعديين اجتمع المغاربة على النسخة السعادية لأبي عمران موسى بن سعادة الأندلسي البلنسي، وهو يروي بها صحيح البخاري عن أبي علي الصدفي عن الباجي عن أبي ذرالهروي.
أجل أصول البخاري بالمغرب : الأصل الصدفي
والإشارة هنا إلى رواية أبي علي حسين بن فيره بن حيون الصدفي المعروف بابن سكرة، من أعظم محدثي الأندلس، ونسخته المعروفة بالأصل الصدفي (1) نسخها من نسخة محمد بن علي بن محمود المقروءة على أبي ذر الهروي .
وهذه النسخة التي طيف بها في الأمصار الإسلامية عليها سماعات جلة من العلماء منهم القاضي عياض السبتي والحافظ ابن حجر العسقلاني.
والظاهر أن الصدفي كتب نسختين بخطه، إحداهما من أصل محمد بن علي بن محمود وهي المحتمل وجودها الآن بليبيا، والأخرى من أصل أبي الوليد الباجي وهي مجهولة المكان، لكن يوجد فرع لها بالخزانة الحسنية بالرباط رقم 5053.
الرواية السعادية :
وهي فرع نسخه أبو عمران موسى بن سعادة من أصل شيخه وصهره أبي علي الصدفي، ورغم تشعب الروايات وانتشارها فإن "معتمد المغاربة رواية ابن سعادة هذه، أخذها عن الصدفي عن الباجي عن أبي ذر، فبينه وبين البخاري خمسة وسائط" (2) .
__________
(1) - للأصل الصدفي قصة في تنقله بين الأقطار، واحتمال مكان وجوده بليبيا ، انظر تفصيل ذلك في: فهرس الفهارس 2/111-112، والمزايا لابن عبد السلام الناصري ص:37، والتنويه والإشادة ص:31، ومدرسة الإمام البخاري في المغرب ليوسف الكتاني ص: 60 ( 67.
(2) - التنويه والإشادة ص:2.(9/33)
وقد بقي من النسخة الأصلية التي بخط ابن سعادة أسفار ثلاثة : الثاني والرابع والخامس، وهي بالخزانة العامة بالرباط رقم 1333د، بينما ضاع السفر الأول قديما، ثم جدد بأمر السلطان محمد الرابع من فرع النسخة الشيخة عام 1285هـ بخط محمد بن المجذوب الفاسي، كما ضاع السفر الثالث لما استعاره أحد المستشرقين ولم يعده إلى الخزانة العامة (1).
النسخة الشيخة وفروعها :
وهي فرع مستجد بالانتساخ من الأصل السعادي، نسخه أبو عبدالله محمد بن علي المري الأندلسي الفاسي المشهور بالجزولي (ت1013هـ).
كما تعتبر هذه النسخة المشهورة بالشيخة البديل الكامل المحفوظ، حيث تحتفظ به عائلة الفاطمي بن سليمان الأندلسي الفاسي بالرباط، ومنه نسخة على الشريط المصور (ميكروفيلم) بالخزانة العامة بالرباط رقم 736.
وعن هذا الفرع الجليل ستظهر نسخ أخرى مصححة لها قيمتها الفنية من حيث الضبط والتصحيح، والمشهور الموجود منها كاملا الآن :
نسخة ميارة محمد بن محمد الفاسي (ت1072هـ) ، المحفوظة بالخزانة العامة بالرباط رقم 662ج .
نسخ أبي السعود عبد القادر بن علي الفاسي الفهري (ت1091هـ)، ومنها عدة نسخ مخطوطة في خزانة الزاوية الحمزية رقم 398 وغيرها .
نسخة أحمد بن العربي بن سليمان الأندلسي الغرناطي (ت1141هـ)، وهي في خزانة القرويين بفاس .
نسخة أحمد بن قاسم جسوس الفاسي (ت1182هـ)، وهي بخزانة تمكروت رقم 952.
نسخ محمد بن محمد الدلائي (ت1197هـ)، ومنها نسخة بالخزانة الحسنية رقم 211.
نسخة أحمد بن عبد القادر الفاسي، في الخزانة الحسنية رقم 10571 .
نسخ عبد العزيز بن محمد المهدي الحلو المريني الفاسي (ت1233هـ) ، وهي في الخزانة العامة بالرباط رقم 695ج، وأخرى تحت رقم 1587د، والخزانة الحسنية رقم 3275.
نسخ محمد بن عبد العزيز الحلو ولد الآنف الذكر (ت1246هـ)، ومنها نسختان بالمكتبة الوطنية بتونس .
__________
(1) - صحيح البخاري في الدراسات المغربية للمنوني ص:71.(9/34)
نسخة محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي الزرهوني (ت1318هـ)، وهي عند حفيده إدريس الشبيهي بزرهون .
هذا هو مختصر رحلة الرواية المغربية للجامع الصحيح، وتلك أهم الأصول الباقية بخزائن المخطوطات، وإن الاهتبال الشديد للعلماء المغاربة بصحيح البخاري لجدير بأن يتوج بإخراج نسخة مطبوعة للرواية المغربية لهذا الكتاب الخالد .
وللإشارة فالرواية المغربية للجامع الصحيح تظل أساسية في متابعة الشروح المغربية للبخاري، وهو عمل ما زال ينتظر الإنجاز خصوصا مع توفر نسخ صحيحة لهذه الرواية.
كما أنبه في ختام هذا المبحث إلى أن إخراج الفجر الساطع على الصحيح الجامع كان يفترض فيه رقنه مع أصل مغربي للجامع الصحيح، ولكن هيهات، فالنسخ مخطوطة، وإخراجها عمل لوحده، والمطبوع من الجامع الصحيح إما روايات مشرقية كرواية اليونيني (1)، وإما نسخ ملفقة كالتي طبعت مع فتح الباري للحافظ ابن حجر .
المبحث الثالث : الشروح المغربية للجامع الصحيح
إذا كان الجامع الصحيح للإمام البخاري أعظم المصنفات الحديثية تقديرا، وأعلاها منزلة، وأكثرها شهرة عند الأئمة والعلماء، فلا عجب أن يعتني به المغاربة أكبر عناية، ويجعلوه بعد كتاب الله في الصدارة، وآية ذلك أن من أقدم الشروح على الصحيح "النصيحة" لأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي التلمساني (ت عام 402هـ) .
وقد استمرت عناية المغاربة بالصحيح، وانصب اهتمامهم عليه من جميع الوجوه، فوضعوا عليه الشروح والحواشي، وعلقوا على متونه وأسانيده، واختصروه وجردوا متونه، وبحثوا في مشكلاته وألفاظه، وبحثوا في تراجمه وفقه أبوابه، وعرفوا برجال أسانيده وأحوالهم، إلى غير ذلك من وجوه الاعتناء بالبخاري وجامعه .
__________
(1) - المنسوبة لأبي الحسن علي بن محمد اليونيني المتوفى عام 701هـ، ونسخته صحيحة مشهورة، وهي التي اعتمد شهاب الدين القسطلاني في شرحه، وقد كتب عنها أحمد شاكر بحثا حافلا في مقدمة الطبعة الأميرية للجامع الصحيح.(9/35)
والقصد في هذا المبحث تتبع الشروح المغربية التي تناولت الجامع الصحيح شرحا لمعانيه وغريبه ورواياته وما أشكل منه، والتي تعرضت لرجاله، وكذا التعاليق والحواشي.
ومن العجيب أن كثرة التأليف والتصنيف حول هذا الكتاب قد لازمته ظاهرة غريبة هي فقدان أكثر الأصول الخطية والنسخ لهذه الشروح، وبالتالي تعذر إخراجها إلى عالم المطبوعات.
وفيما يلي فهرس تفصيلي -مرتب ترتيبا أبجديا- لتاريخ التصنيف حول الجامع الصحيح في الغرب الإسلامي :
أجوبة على الصحيح لأبي محمد بن حزم الأندلسي (456هـ) : كشف الظنون 1/545.
الأجوبة الموعبة على المسائل المستغربة من البخاري لابن عبد البر النمري القرطبي (ت 463هـ) : كشف الظنون 1/545.
إرشاد اللبيب إلى مقاصد حديث الحبيب لمحمد بن أحمد بن غازي المكناسي (ت919هـ) : تحقيق محمد عبد الله التمسماني، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، 1409هـ-1989م.
الإشراف على أعلى شرف في التعريف برجال البخاري لقاسم بن عبدالله بن الشاط (ت723هـ) : مطبوع …
أنوار إرشاد الساري ومعونة القاري لمحمد بن أحمد بن عبد الله السوسي الجزولي (ت1189هـ) : الربع الثاني بالخزانة الحسنية رقم 1701.
بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها لعبدالله بن سعيد بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي (ت966هـ) : طبعة دار الكتب العلمية- دون تاريخ.
تراجم البخاري ومعاني ما أشكل من ذلك لأبي العباس أحمد بن رشيق الكاتب (ت646هـ) : جذوة المقتبس للحميدي ص:115.
ترجمان التراجم في إبداء وجه مناسبة تراجم صحيح البخاري لمحمد بن رشيد السبتي (ت721هـ) : مخطوط بالأسكوريال عدد 1732-1785، وفهرس الفهارس 1/332، وكشف الظنون 1/551.
التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح لمحمد بن قاسم الرصاع الأنصاري التونسي (ت894هـ) : الأول والثالث بدار الكتب الوطنية بتونس، وسفر في خ.ع بالرباط رقم 100ك.(9/36)
تشنيف المسامع ببعض فوائد الجامع لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد ابن يوسف العارف الفاسي (ت1036هـ) : طبعة حجرية بفاس.
التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الصحيح لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت474هـ) : طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب.
تفسير غريب ما في الصحيحين لابن فتوح الحميدي الميورقي (488هـ) : معجم المحدثين والمفسرين والقراء بالمغرب الأقصى لعبد العزيز بن عبد الله ص:34.
تقييد المهمل وتمييز المشكل في رجال الصحيحين لأبي علي حسين بن محمد الغساني الجياني (ت498هـ) : مخطوط بخزانة الجامع الكبير بمكناس، وقد طبع جزء منه بتحقيق محمد أبو الفضل.
تكميل حاشية ابن زكري لمحمد بن المدني كنون (ت1302هـ) : فهرس الفهارس 1/375.
جمع النهاية في بدء الخير وغاية المشهور لابن أبي جمرة الأزدي الأندلسي (ت966هـ) : خ.ع بالرباط رقم 263 د.
حاشية على البخاري لعبد الله بن محمد ميارة (ت1072هـ) : شجرة النور الزكية ص:309.
حاشية على الجامع الصحيح لأحمد الطالب بن سودة المري (ت1321هـ) : مخطوطة المؤلف في سفرين بالخزانة السودية بفاس، وكان يقرأ بها الصحيح بين يدي الحسن الأول، ونسخة بخزانة ابن يوسف بمراكش عدد 124، وسفران في خ.ع بالرباط رقم 1859ك و2712ك.
حاشية على صحيح البخاري ليوسف بن عمر الأنفاسي (القرن 8هـ) : خزانة الجامع الكبير بمكناس رقم 341.
حاشية على صحيح البخاري لأبي العباس أحمد بن أحمد زروق (ت899هـ) : مطبوعة في خمسة أجزاء /مصر.
حاشية على صحيح البخاري لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن زكري الفاسي (ت1144هـ) : طبعت بفاس عام 1328هـ في خمسة أجزاء مع تكملة محمد بن المدني كنون.
حاشية على صحيح البخاري لعبد القادر الفاسي (ت1091هـ): جمعها ابنه عبد الرحمن، وقد طبعت بفاس عام 1307هـ.(9/37)
روح التوشيح على الجامع الصحيح لأبي الحسين علي بن سلمان الدمناتي (ت1306هـ)، اختصر فيه التوشيح على الجامع الصحيح للسيوطي : مطبوع في مجلد بالمطبعة الوهبية بمصر عام 1298هـ.
زاد المجد الساري لمطالع البخاري لمحمد التاودي بن محمد الطالب بن سودة المري (ت1209هـ) : طبع بفاس عام 1327هـ.
شرح البخاري لابن بطال أبي الحسن علي بن خلف بن عبد الملك القرطبي (ت449هـ) : منه أجزاء متفرقة في القرويين عدد 127 و134، وخزانة الجامع الكبير بمكناس رقم 330، وخزانة ابن يوسف بمراكش عدد 485.
شرح البخاري للبناني محمد بن محمد العربي بن عبد السلام بن حمدون المكي الفاسي الأصل (ت1245هـ) : فهرس الفهارس 1/163.
شرح البخاري للتميمي أحمد بن محمد بن عمر بن ورد المري (ت540هـ)، وهو "شرح واسع جدا" كما وصفه القسطلاني في الإرشاد 1/42 : شجرة النور الزكية ص:134.
شرح البخاري للجزولي محمد بن أحمد بن عبد الله الحضيكي (ت1189هـ) : فهرس الفهارس 1/261.
شرح البخاري للداودي أبي محمد التلمساني (ت1271هـ) --- شيخ محمد الفضيل الشبيهي- : شجرة النور الزكية ص:400.
شرح البخاري للروداني محمد بن أحمد السوسي التييوتي (ت بعد 1290هـ) : السفر الثالث في خ.ع بالرباط رقم 126ك، والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام 6/314.
شرح البخاري للسوسي عبد الرحمن التغرغتي (ت1275هـ) : فهرس الفهارس 2/138.
شرح البخاري للشنقيطي محمد بن يحيى الولاتي (ت1330هـ)، في أربعة مجلدات، وامتاز بالتنبيه على كل حديث تمسك به مالك في الموطأ : شجرة النور الزكية ص: 435.
شرح البخاري لابن العربي أبي بكر محمد بن عبد الله (ت543هـ): كشف الظنون 1/553، وشجرة النور الزكية ص:136.
شرح البخاري للكتاني أحمد بن جعفر (ت1340هـ) : مدرسة الإمام البخاري في المغرب ص: 577.
شرح البخاري لابن المرابط محمد بن خلف المري (ت بعد 480هـ): شجرة النور الزكية ص: 122.(9/38)
شرح البخاري لابن مرزوق الأكبر محمد التلمساني (ت837هـ) : فهرس الفهارس 1/394، وشجرة النور الزكية ص:253.
شرح البخاري للناصري محمد المدني بن محمد بن عبد السلام (ت1238هـ) : فهرس الفهارس 1/413.
شرح صحيح البخاري لابن الأبار محمد بن عبد الله البلنسي القضاعي (قتل مظلوما عام 658هـ) : الذيل والتكملة 6/259.
شرح صحيح البخاري للهوزني عمر بن الحسن الإشبيلي (ت460هـ) : الإرشاد للقسطلاني 1/14، وكشف الظنون 1/546.
شرح على صحيح البخاري للقرطبي أحمد بن محمد بن إبراهيم بن عمر الأنصاري (ت656هـ) : السفر الأخير بالقرويين عدد139، والديباج المذهب ص:77، وشجرة النور الزكية ص:188.
شرح غريب البخاري للمكناسي محمد بن أحمد اليفرني الفاسي (ت818هـ) : القرويين عدد 145 ناقص الأول، والخزانة الحسنية رقم 355/1، والخزانة الناصرية بورزازات رقم 709/3.
شرح غريب الصحيح للجياني محمد بن أحمد (ت540هـ) : كشف الظنون 1/553، والذيل والتكملة/ السفر السادس ص:36.
شرح مشكلات البخاري للسنوسي محمد بن يوسف التلمساني (ت895هـ) : الخزانة الحسنية عدد 6414/6451، وخ.ع بالرباط رقم 1924ك.
شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لابن مالك النحوي محمد بن عبد الله (ت672هـ) : مطبعة لجنة البيان العربي-القاهرة، دون تاريخ.
طرر على صحيح البخاري لمحمد بن عبد الواحد الشبيهي (ت1324هـ) : إتحاف أعلام الناس 4/286.
الضوء الساري في أفق صحيح البخاري لمحمد بن إبراهيم بن محمد الهلالي المزواري (كان حيا قبل 1261هـ) : نسخة مصورة بالخزانة الحسنية 10937.
فتح الباري في شرح غريب البخاري لأحمد بن قاسم البوني الجزائري (ت1139هـ) : فهرس الفهارس 1/169، وشجرة النور الزكية ص:330.(9/39)
فتح الباري في ضبط ألفاظ الأحاديث التي اختصرها الشيخ العارف بالله من صحيح البخاري لعبد الرحمن بن عبد القادر المجاجي الراشدي الجزائري (كان حيا عام 1099هـ) : خ.ع بالرباط رقم 1775ك، و1965ك، والخزانة الحسنية رقم 5714.
الفجر الساطع على الصحيح الجامع لمحمد الفضيل الشبيهي الزرهوني (ت1318هـ) : موضوع هذا البحث، وسيأتي الكلام عن نسخه.
كتاب لتسمية شيوخ البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي لعلي بن محمد بن الحصار الخزرجي (ت611هـ ) : شجرة النور الزكية ص:173.
كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري لمحمد حبيب الله بن مايابا الجكني الشنقيطي (ت1363هـ) : طبع منه جزء بمصر / مدرسة الإمام البخاري في المغرب ص:577.
المتجر الربيح والمسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصحيح لمحمد بن أحمد بن مرزوق الحفيد التلمساني (ت842هـ): الثاني منه في خ.ع بالرباط رقم 572ك ، وفهرس الفهارس 1/397، وكشف الظنون 1/550.
المجالس لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي (ت 790هـ)، شرح فيه كتاب البيوع من صحيح البخاري : نيل الابتهاج 329، وشجرة النور الزكية ص:231.
معين القاري لصحيح البخاري لمحمد بن أحمد ميارة الحفيد (ت1144هـ) : فهرس الفهارس 1/159.
المخبر الفصيح الجامع لفوائد مسند البخاري الصحيح لعبد الواحد بن عمر بن التين الصفاقسي (ت611هـ) : سفر من كتاب الحج إلى كتاب الغصب بدار الكتب الوطنية بتونس 18474، وشجرة النور الزكية ص:168.
المفهم في شرح البخاري ومسلم لمحمد بن إسماعيل الأزدي الأندلسي (ت636هـ) : شجرة النور الزكية ص:181.
النصيحة في شرح البخاري لأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي التلمساني (ت402هـ) : الديباج المذهب ص:35.
النصيح في اختصار الصحيح لابن أبي صفرة المهلب بن أحمد بن أسيد التميمي الأسدي المري (ت435هـ) : الخزانة الحسنية رقم 2596.(9/40)
النهر الجاري في شرح البخاري لمحمد بن محمد سالم المجلسي الشنقيطي (ت1302هـ) : بخط المؤلف في سبعة أسفار ضخمة، كل واحد في 313 ورقة، ويوجد عند ولد حفيد المؤلف العبدة بن الجيلالي بمدينة العيون: مدرسة الإمام البخاري في المغرب ص:584.
النور الساري على صحيح البخاري لعبد الحي الكتاني (ت1382هـ): فهرس الفهارس 1/20.
-
المبحث الأول : المنهج الفقهي للمؤلف
... يعتبر الفقهاء على امتداد تاريخنا العلمي القادة الموثقين لأحكام الشريعة السمحة، وهم يمثلون صنفا نفيسا من أصناف أرباب العلوم التي برزت في أمتنا، حيث أسهموا في بناء أيام الازدهار العلمي والثقافي، وأشاعوا الحقائق الكبيرة سيما في عصور الازدهار الأولى.
... وبالرغم من سيطرة التقليد المذهبي على مساحة غير يسيرة من مسيرتنا العلمية، وافتقاد الفقهاء لروح التجديد والابتكار، فإن روح النهوض بالفقه لم يخل منها عصر ولا مصر.
... لقد شاعت في القرون الماضية مناهج في التأليف عجيبة، وسيطرت الحواشي والتعليقات على مناهج التعليم الشرعي (1)، بل لم ينج في بعض الأمصار إلا النادر من العلماء الذين رفضوا الانحدار الشائع في ميدان الفقه والفهم.
__________
(1) - ليس العيب في هذا النوع من التصنيف، فلكل طريقة مقاصدها ومصالحها، ولكن العيب في الاقتصار على ذلك، وتغييب المناهج والطرق التي سادت في تاريخنا التليد، وكذا تهميش المصادر الأولية من واقع الدرس الفقهي، وهو ما حدا بالحجوي أن يقول في الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي 4/189 :( انصبت جهود الفقهاء في عصور الانحطاط على تأليف المختصرات الفقهية التي بلغت حدا من الاختصار يشبه الطلاسم، فاحتاجت إلى من يشرحها، فكثرت الشروح على المختصرات، وتنوعت الحواشي عليها، الشيء الذي أدى إلى إفساد الفقه بل العلوم كلها ).(9/41)
... ولعل هؤلاء الحراس لأصول الاستدلال ومقاصد الشرع هم الذين أبقوا للفقه حيويته وحياته بين ركام من المعارف المعلولة الشاذة عن السياق العلمي العام الذي أصله أئمة المذاهب الفقهية ومجتهدوا العصور الراشدة ثقافيا.
... ولست أبالغ إن زعمت أن شراح المصنفات الحديثية قد أبقوا على الخط الجامع بين خزانة الفقه والتراث الحديثي الصحيح، وخدموا الشريعة بما يبقي للمعاني الصحيحة مكانتها في سلم التشريع .
... والشبيهي رحمه الله لم يبتعد عن روح هذه الطريق، فقد شغل وقته بدراسة الكتب الصحاح وضبط نسخها، وتوج ذلك الطلب بتأليف الفجر الساطع على الصحيح الجامع، وهو شرح لطيف سلك فيه طريق الجمع بين الرواية الصحيحة وفروع الفقه المالكي.
... ومنهج المؤلف الفقهي يجمع بين ترتيب وتوثيق أقوال المذهب والإشارة إلى الخلاف الفقهي العالي، وفق مسلك ترجيحي في الغالب للمذهب المالكي.
... ترتيب وتوثيق النقول الفقهية :
... وهو يعتمد على الشراح المالكيين مثل ابن التين الصفاقسي وابن بطال وابن أبي جمرة والداودي وابن غازي والعارف الفاسي وابن زكري، كما ينقل عن فقهاء المذهب أمثال ابن عبد البر وابن العربي وابن رشد وابن أبي زيد القيرواني وعياض والباجي والقرطبي وابن عرفة وزروق والأبي وابن الحاج والحطاب وخليل وجسوس وغيرهم.
...
... وتمتاز نقول المؤلف بخصائص الضبط والإتقان، حيث يحسن التصرف في الاستدلال وإيراد الشواهد، وهو أمين في عزو ما ينقل إلى أصحابه؛ كما يجيد ترتيب الأقوال بين أئمة المذهب ومجتهديه. ...
... وفي نقله يستروح بالنقل بالواسطة، كما يفعل مثلا مع النووي في شرحه على مسلم أو الأبي في إكمال الإكمال حيث يكتفي بالنقل من الفتح لابن حجر.
... أما إذا تعذرت المصادر كحال شروح ابن التين والمهلب والداودي، فإنه ينقل عن فتح العسقلاني وإرشاد القسطلاني وشرح ابن غازي وغيرهم .
...(9/42)
... وليس التمييز بين المصادر بالسهل، فقد يقع الخلط بين مؤلفات عدة للمصنف الواحد مثل ابن زكري الذي له حاشية على الصحيح وشرح النصيحة، أو المازري في المعلم بفوائد مسلم وغيره من مصنفاته.
... وفي القليل من المواضع، أشار الشبيهي إلى كتب غير معروفة مثل كتاب المطامح، ولم يوثق نقله بالشكل المعهود فيه.
... والجدير بالتنويه في المدرسة الفقهية بالغرب الإسلامي الوحدة الفكرية الجامعة بين علمائها، بحيث تكثر مجالات الالتقاء وتندر أسباب الفوارق بين اهتمامات فقهاء المغرب والأندلس، وذلك بسبب شيوع المذهب المالكي وغلبته، وتكون المجال الواحد في تلقي العلم والرحلة لطلبه، ثم تشابه البيئة وأوصاف المجتمعات المكونة لهذه الأقطار.
الإشارة إلى الخلاف الفقهي العالي :
... والقصد هنا الإشارة فقط إلى الخلق العلمي الذي امتاز به المؤلف، فهو رحب الصدر كريم الطبع، لا يذكر الأئمة والعلماء إلا بخير، وبتصفح فجره الساطع سيتجلى بوضوح إشاراته إلى مذاهب الصحابة وأئمة المذاهب الثلاثة أحمد والشافعي وأبي حنيفة، ونقله عن زكريا الأنصاري والنووي والسيوطي وغيرهم .
ترجيحه للمذهب المالكي :
... ولا عجب في ذلك، فالرجل من بيئة مالكية صرفة، وتأثره بجو القرن التاسع عشر ليس له دافع، فإذا كانت القرون السابقة عرفت تداول أمهات مصنفات المذهب المالكي كالمدونة وشروحها، والواضحة لابن حبيب،والبيان والتحصيل لابن رشد، وكتب ابن أبي زيد القيرواني، والعتبية، والموازية…، فإن المتأخرين شاع عندهم اعتماد مختصر ابن الحاجب، ومختصرخليل وتوضيحه، وابن عرفة وابن عاشر والمواق والحطاب والزرقاني وغيرهم، والمؤلف قد تأثر بهذا المنهج السائد، لكنه حافظ على تميزه في تعامله مع مختلف الأئمة، وحاول الاستفادة من كافة المدارس الفقهية، وبناء ثروة منتقاة من المعاني والأفهام.(9/43)
... ويعتبر الانصراف إلى طلب الفقه من المراجع المتأخرة، وعدم الاشتغال بطلب الحديث شائعا في البيئة المغربية، وفي ذلك يقول محمد المختار السوسي:
" … والمراجع المعتمدة فيها هي متن خليل وشراحه مثل الحطاب والدردير، والزرقاني وحواشيه مثل بناني والرهوني، وفتاوي الشيخ عليش، ومختصر الشيخ كنون، والتوضيح والمدونة وابن رشد وما إلى ذلك من كتب المذهب، ولم أتخط هذه المؤلفات المشهورة إلى المنازع العليا وآراء المذهب، لأن المقام في بيئتنا لايستدعي الإسهاب ولايستدعي سوق النصوص من كتب المذاهب، والحديث لايروج كثيرا عندنا في جبال جزولة الآن إلا بقدر" (1) .
-
المبحث الثاني : مميزات "الفجر الساطع على الصحيح الجامع"
إن مميزات الفجر الساطع بين الشروح المغربية ورحلة شروح الجامع الصحيح في الغرب الإسلامي متعددة، ويمكن رصد أهمها فيما يلي :
إغناؤه عن "مطولات الدفاتر" :
لعل أكبر ميزة للفجر الساطع هي شموله لكتب وأبواب الجامع الصحيح في توسط محمود يجعل القارئ مستمتعا بقراءته، فقد رام المؤلف أن يجعله "صغير الحجم، لطيف الجرم، مشتملا على علم غزير وتدقيق وتحرير، يسر الناظر ويريح الخاطر، ويغني في بابه عن مطولات الدفاتر" كما جاء في خطبة الشرح.
ومما يجعل هذه الميزة رائقة، طريقة المؤلف في جمع مادته وترتيبها في شكل يجمع نبذ الفوائد العلمية ونكت النقول الفقهية، وذلك في قصد وتوسط جعلا من شرحه تعليقا لطيفا على الجامع الصحيح .
الولوع بشرح الحديث في ضوء الفقه المالكي :
وهذه الميزة قد امتاز بها شرح ابن بطال، وجاءت عند الشبيهي واضحة جلية، فهو لا يترك حكما ولامسألة إلا تتبع فيه أقوال أعلام المذهب ومجتهديه، وله قدرة على ترتيب النقول وترجيح بعضها على بعض.
__________
(1) - خصائص فقه النوازل في سوس ونماذج مختارة منها للحسن العبادي ص:404 / أطروحة دكتوراة مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط.(9/44)
وتوجه الفقهاء نحو شرح أمهات المصادر الحديثية جدير بأن يقرب الشقة بين مناهج الفقهاء ومنهج المحدثين، ويوجد تكاملا بين المدرستين، مما يعود بتخريجات الفقهاء إلى السنة الصحيحة بعيدا عن الأقوال المرجوحة، وقد تجلى أثر هذا التوجه في منهج الشبيهي، إذ تأثره بالاستدلال بصحيح الروايات وعدم تقديم الأقوال الفقهية واضح .
والقصد أن أئمة الفقه هم أرباب صناعة فهم النصوص وتخريج الأحكام، وهذا شرف أهلهم لقيادة الأمة تاريخيا في مجال التشريع وضبط القوانين الإسلامية، بيد أن مناهجهم ينبغي أن تسدد بتوثيق الروايات وطرق الترجيح وكشف العلل القادحة، وأطباء هذا اللون من العلوم الشرعية هم المحدثون، فهم الذين صانوا تراث النبوة من الكذب والوهم، ووضعوا منهج التعديل والتجريح والتصحيح والتضعيف بما لايعرف له نظير في تاريخ العلوم.
فمن الإيجابيات المحصلة عند الشبيهي من هذا التوفيق :
اعتناؤه بفقه البخاري الذي ضمنه تراجم أبواب الصحيح؛
انفتاحه على مختلف الشراح والفقهاء، سيما ابن حجر في الفتح؛
شحذ ملكة المقارنة والترجيح والنقد الفقهي.
والملحظ الجدير بالتنويه أن الشبيهي يكن تقديرا وحبا للأئمة، وهو عف القلم حسن الحكم، ومما قاله في الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان :
" ينبغي لقارئ هذا المحل أن يعرف للإمام الأعظم أبي حنيفة رضي الله عنه حقه، ويلزم الأدب معه، ولا ينظر مذهبه ورأيه بعين الازدراء والاحتقار، ولا يتوهم أن ما ينقل عنه خطأ، بل هو عين الحق والصواب…"(1) .
الاهتمام بفقه تراجم البخاري :
لقد اهتم الشبيهي بإبداء وجه المناسبة بين الحديث والترجمة، وفك أغراض البخاري في الجمع بينهما، فكان بحق ولوعا بترجمان التراجم (2).
__________
(1) - الفجر الساطع 6/لوحة 142 ( أوائل شرح كتاب الحيل ).
(2) - اقتبست هذا من عنوان كتاب ابن رشيد السبتي "ترجمان التراجم في إبداء مناسبة تراجم صحيح البخاري"، وهو مخطوط في الأسكوريال رقم 1732/1785.(9/45)
وهو في منهجه لا يورد الأقوال والتفسيرات، وإنما في كثير من الحالات يرجح أو يوفق لإبراز معنى جديد (1).
ومن أمثلة ذلك الاعتناء :
قوله في كتاب التفسير (سورة النساء)، باب قوله تعالى: { إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } ، حديث 4581 :
( … ثم إنه ليس في الحديث مطابقة لآية الترجمة، ولعله أشار إلى بقيته المذكورة عنده في التوحيد، وهي قوله: "فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه"، أي من النار، وقال أبو سعيد: فإذا لم تصدقوني فاقرأوا: { إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } …إلخ، كذا ظهر لي، ولم أر من نبه عليه من الشراح، وهو حسن إن شاء الله، ثم وجدت العيني ذكر لها وجها آخر متكلفا بعيدا، وقال: "لم أر أحدا من الشراح ذكر وجه المطابقة لهذا الحديث" ) ؛
وقوله في كتاب التفسير (سورة الأحزاب)، باب قوله تعالى:" إِن تُبْدُوا شَيْئًا اَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا " ، حديث 4796 :
( ائذني له فإنه عمك : لأن امرأة أخيه أرضعتك وهي في عصمته، فهما مشتركان في اللبن، وهذا محل الترجمة، لأن المرأة إذا لم يجب عليها أن تحتجب من عمها من الرضاعة، فأحرى أن لا تحتجب من عمها من النسب، وأحرى نت أبيها ومن ذكر معه في آية الترجمة، وهي قوله : { لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي ءَابَائِهِنَّ } …إلخ، فمطابقته مأخوذة بالأحرى، هذا ما ظهر لي، وهو أولى مما لابن حجر، وإن تبعه عليه القسطلاني، وأولى مما للعيني أيضا، فانظر ذلك، والعلم عند الله).
الاعتناء بأصول المذهب المالكي :
__________
(1) - قال الكتاني في فهرس الفهارس 2/929 : ( وقد استدرك في شرحه المذكور على الصحيح، وانتقد أمورا على الحافظ ابن حجر، وفق لها وغفل عنها من قبله من الحفاظ، مما يعلم منه أن الفتح بيد الله ).(9/46)
وهذا الأمر ليس غريبا عن البيئة المغربية وتاريخ أعلامها المالكيين الذين تشبعوا بفقه مالك المؤسس على مقاصد الشريعة وتعليل الأحكام، وإجراء الفقه على المعاني.
والمقصود هنا أن تاريخ الفقه المالكي وتراثه العلمي الغني بأعلامه ونتاجه هو المؤسس لفلسفة المقاصد والتعليل، ولا عجب فإنه فقه نابع من فقه الفاروق عمر وكبار الصحب وفقهاء المدينة.
ومما يحمد للشبيهي رحمه الله أنه كثير الاعتناء والنصرة لأصول المذهب المالكي، وشرحه مليء بالالتفات إلى قواعد الشريعة ومجامعها وفهم الحكم المقصودة بها.
وقد ركزت على هذا المنحى كمثال، وإلا فالأصول المالكية حاضرة بقوة في شرح الأحاديث وتدعيمها بتخريجات الفقهاء، ومن تلك الأصول: المصالح المرسلة والاستحسان وسد الذرائع وغيرها.
-
المبحث الأول : تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه
لقد تظافرت الأدلة التي تقطع بنسبة "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" إلى مؤلفه محمد الفضيل الشبيهي ، ومن آكدها :
مسودة الفجر الساطع التي يوجد الجزء الأول منها لدى عائلة المؤلف بزرهون، التي منحتها اللجنة العلمية المشرفة على جائزة الحسن الثاني للمخطوطات جائزتها السنوية لعام 1988م.
أصل المؤلف من الفجر الساطع المحفوظ بالمجمع الثقافي للمخطوطات في "أبوظبي" بالإمارات العربية المتحدة.
مخطوطة شيخ الجماعة بمكناس محمد بن الحسين العرائشي (ت1351هـ) للفجر الساطع المحفوظ بالخزانة الحسنية، وهي منقولة من أصل المؤلف ومقابلة عليه .
عزو المحققين الفجر الساطع إلى محمد الفضيل الشبيهي، ومنهم :
عبد الحي الكتاني في فهرس الفهارس 2/929 : (صاحب الفجر الساطع على الصحيح الجامع، أنفس وأعلى ما كتبه المتأخرون المالكية على الصحيح مطلقا) .(9/47)
عبد الحي الكتاني في التنويه والإشادة في التعريف بمقام رواية ابن سعادة ص:9 (…ومنها نسخة الشيخ أبي عبد الله محمد ميارة شارح المرشد والتحفة، وهي نسخة معتمدة تداولتها أيضا أيدي الأعلام، أدركتها بفاس وقد انتقلت اليوم إلى مراكش، وهي التي كان اعتمد شيخنا شامة فقهاء المغرب ومحدثيه أبو عبد الله محمد الفضيل بن الفاطمي الشبيهي الزرهوني شارح الصحيح في نسخته العشارية التي انتسخ بخطه وصححها وضبطها عشرات المرات) .
ابن زيدان في إتحاف أعلام الناس 5/520 ( مؤلفاته منها تعليقه على الصحيح الجامع المعنون عنه بالفجر الساطع في أربعة مجلدات ضخام ) .
عبد السلام بن سودة في إتحاف المطالع 8/2824 : (له تآليف منها شرح على صحيح البخاري في أربعة أسفار ضخام سماه الفجر الساطع على الصحيح الجامع أو النهر الجاري على صحيح الإمام البخاري ) .
محمد المنوني في تاريخ الوراقة المغربية ص:300 ( الفجر الساطع على الصحيح الجامع لمحمد الفضيل الشبيهي في ستة أسفار ) .
فهذه الأدلة كافية في استمداد اليقين بأن هذا الكتاب صحيح الانتساب إلى الشبيهي رحمه الله .
المبحث الثاني : تحقيق عنوانه
تفيد مسودة (1) المؤلف إلى أنه سمى كتابه مبتدأ الأمر ب"النهر الجاري على صحيح البخاري"، ثم بعد التبييض شطب عليه واستبدله بالفجر الساطع على الصحيح الجامع (2)، وقد أثبت عبد السلام بن سودة العنوانين معا في إتحاف المطالع كما سبق قبل قليل، ولعله لم يطلع على تشطيب المؤلف على العنوان الأول .
__________
(1) - يراد بالمسودة النسخة الأولى للمؤلف قبل أن يهذبها ويخرجها سوية، فإذا سواها وصححها وأخرجها في حلتها الأخيرة فهي المبيضة؛ انظر: تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون ص:32.
(2) - انظر نسخة من الصفحة الدالة على ذلك من المسودة في ملحق الوثائق / الوثيقة رقم 6 ، وصورة الصفحة الثانية من أصل المؤلف / الوثيقة رقم 7.(9/48)
وعنوان "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" هو المثبت في مقدمة الشرح في قول الشبيهي: "… يسر الناظر ويريح الخاطر، ويغني في بابه عن مطولات الدفاتر، وسميته الفجر الساطع على الصحيح الجامع"، وهو العنوان المثبت في جميع النسخ المخطوطة، وكذا عند جميع المترجمين بلا خلاف، مما يثبت صحة العنوان.
-
المبحث الثالث : نسخه
تعتبر النسخ الكاملة والموجودة للفجر الساطع على الصحيح الجامع قليلة، وهي حسب بحثي واستقصائي :
أصل المؤلف المحفوظ بالمجمع الثقافي للمخطوطات في "أبو ظبي" بالإمارات العربية المتحدة.
نسختان لمحمد بن الحسين العرائشي :
الأولى كتبها للمؤرخ عبد الرحمن بن زيدان، وهي محفوظة بالخزانة الحسنية بالرباط رقم 11386ز؛
والثانية كتبها لعبد الحي الكتاني، وكانت محفوظة كذلك بالخزانة الحسنية بالرباط رقم 12838، ثم نقلت إلى مكتبة القصر الملكي بمراكش، وهي غير مفتوحة للعموم.
أما النسخ الناقصة فهي :
مسودة المؤلف المحفوظة عند حفدته بزرهون؛
الثمن الأول من نسخة بمكتبة محمد المنوني الشخصية (1)؛
الثمن الأول بخط ولد المؤلف عبد الصمد، وهي محفوظة بمؤسسة آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء؛
كراسة من عشر ورقات محفوظة بالخزانة العامة بالرباط رقم 3261ك .
أما النسخ المفقودة فهي:
__________
(1) - كان يحلو للمنوني رحمه الله أن يطلق على مكتبته تسمية "مكتبة ابن غازي"، اعتزازا بأصله المكناسي.(9/49)
نسخة كتبها محمد بن الحسين العرائشي لنفسه، وأفادني المحقق محمد المنوني رحمه الله أنه قرأ بعضا من الجامع الصحيح على العرائشي، وكان يملي عليه تعليق الشبيهي المسمى "الفجر الساطع على الصحيح الجامع"، وهو ما أثبته المنوني في "الحياة التعلمية والتعليمية وما إلى ذلك"، فقد أورد من مقروءاته على العرائشي : "صحيح البخاري أثناء كتاب الدعوات إلى أول كتاب الفتن بتعاليق الشيخ محمد بن الفضيل الشبيهي المسمى بالفجر الساطع على الصحيح الجامع"(1) ، وهذه النسخة بيعت ضمن ما بيع من كتب العرائشي بعد موته؛
كما أفاد محمد المنوني بأنه كانت نسخ أخرى موجودة عند بعض العلماء، منها:
نسخة كانت عند قاضي مكناس محمد بن أحمد العلوي الإسماعيلي (ت1367هـ)؛
نسخة كانت عند علال الفاسي، وعليها طرر بخطه، وكان يعتزم طبعها.
وبعد عرض مختلف نسخ الفجر الساطع على الصحيح الجامع، فإني أقصد الآن إلى تفصيل الكلام عن النسختين المعتمدتين في التحقيق :
1 – اًصل المؤلف :
هذا الأصل محفوظ بالمجمع الثقافي للمخطوطات في "أبو ظبي" بالإمارات العربية المتحدة، وقد أخرجه المؤلف من المسودة عام 1316هـ، وراجعه وصححه وهذبه عام 1317هـ، أي قبل العام الذي توفي فيه .
وأوصاف هذه النسخة :
الخط : مغربي دقيق من صنف المجوهر،
المقاس : 16 – 11،
المسطرة : 28 سطرا .
وهذا الأصل يقع في أربعة مجلدات على النحو التالي :
1 – المجلد الأول في 239 ورقة : من خطبة الشرح إلى "باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل"، وفي آخره أنه تم تخريجه قبيل انشقاق فجر سابع عشر جمادى الأولى عام 1314هـ ؛
__________
(1) - الحياة التعلمية والتعليمية وما إلى ذلك للمحقق محمد المنوني / من المختصر الذي نشره تلميذ المؤلف المصطفى غانم بمجلة المشكاة ع.34-35 ، 1422هـ-2001م ،ص:130 .(9/50)
2 – المجلد الثاني في 168 ورقة : من كتاب البيوع إلى "باب القسامة في الجاهلية"، وقد تم تخريجه إثر زوال يوم الأربعاء فاتح محرم الحرام عام 1315هـ؛
3 – المجلد الثالث في 155 ورقة : من باب "مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - " من كتاب مناقب الأنصار إلى باب "إذا أصاب القوم غنيمة" من كتاب الذبائح والصيد، وقد تم تخريجه عند شروق رابع جمادى الثانية عام 1315هـ ؛
4 – المجلد الرابع في 196 ورقة : من كتاب الأضاحي إلى نهاية الكتاب (1).
وجاء في ختام هذا المجلد : "وكان الفراغ من تبييضه ضحوة يوم الثلاثاء ثامن عشر ربيع الثاني عام ثلاثة عشر وثلاثمائة وألف، ومن إخراجه من مبيضته بعد زوال يوم الأربعاء رابع محرم الحرام فاتح عام ستة عشر وثلاثمائة وألف، ومن مراجعته وتصحيحه وتهذيبه ضحى يوم الثلاثاء خامس عشر صفر الخير عام سبعة عشر وثلاثمائة وألف" .
2- مخطوطة محمد بن الحسين العرائشي :
... ترجمة الناسخ (2):
... هو أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عبد القادر بن علال العرائشي الأصل والشهرة، المكناسي النشأة والدار والإقبار.
__________
(1) - تجدر الإشارة إلى أن تحقيق الفجر الساطع على الصحيح الجامع مقسم على ثلاث أطروحات:
المجلدان الأول والثاني يعمل فيهما ذ. أحمد الرشيدي بإشراف د.يوسف الكتاني بجامعة القرويين؛
المجلد الثالث ومن كتاب الأضاحي إلى نهاية كتاب اللباس من المجلد الرابع هو أساس هذا البحث؛
من كتاب الأدب من المجلد الرابع إلى نهاية الشرح تم تحقيقه من طرف عبد الفتاح الزنيفي ونوقش بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة عام1419هـ=1998م.
(2) - ترجمته في : سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام بن سودة / من موسوعة أعلام المغرب 8/3016-3018 ؛ و "محمد بن الحسين العرائشي شيخ الجماعة بمكناس" للمحقق محمد المنوني / مقال بمجلة دعوة الحق العدد 9 – 10 (مزدوج)، السنة 11، 1388هـ=1968م، ص:108-115 .(9/51)
... كانت ولادته عام 1280هـ، وأخذ عن جلة من العلماء منهم أحمد الطالب بن سودة، وعبد السلام بن الحاج الصنهاجي، وغيرهم من المذكورين في فهرسته: "عنوان السعادة والإسعاد لطالب الرواية بالإسناد" ؛ وعنه أخذ عبد الرحمن بن زيدان ومحمد بن المبارك الهلالي ومحمد بن عبد الهادي المنوني، وغيرهم.
... وكان متعدد الوظائف والانشغالات: مثل العدالة وتوقيت الجامع الأعظم، وكان له ولوع خاص بنسخ الكتب وجمعها، فقد نسخ الفجر الساطع للشبيهي، والتوشيح على الجامع الصحيح للسيوطي، والفهرست الكبرى لابن الخياط، وغيرها.
... توفي ضحى يوم السبت 9 شوال (وعند محمد المنوني: ليلة الأحد 10 شوال) عام 1351هـ، ودفن بالزاوية الكنتية بمكناس .
... مخطوطة العرائشي :
... نسخها من أصل المؤلف وقابلها عليه، وهي مكتوبة للمؤرخ ابن زيدان، ثم صارت ضمن الكتب الزيدانية المنقولة إلى الخزانة الحسنية بالرباط .
... أوصاف المخطوطة :
الخط : من صنف المسند ؛
المقاس : 14 – 9 ؛
المسطرة : 22 سطرا .
ومن مميزات هذه المخطوطة :
كونها في غاية الضبط والوضوح، وليس فيها إلحاق وتشطيب كحال أصل المؤلف؛
ندرة الخلاف بينها وبين أصل المؤلف، مما يدل على إتقان نسخ العرائشي وضبطه، ففي القسم الذي أحققه لم تتجاوز الخلافات عدد أصابع اليدين؛
تصحيحه وتعقبه على المؤلف في بعض الأحيان، أو إضافته بعض الطرر في هامش النسخة .
وتقع هذه المخطوطة في ستة أجزاء بالخزانة الحسنية بالرباط رقم 11386ز:
الجزء الأول في 221 ورقة : من خطبة الكتاب إلى باب "استئذان المرأة زوجها بالخروج إلى المسجد" ؛
الجزء الثاني في 183 ورقة : من كتاب الجمعة إلى باب "المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل"؛
الجزء الثالث في 262 ورقة : من كتاب البيوع إلى باب "القسامة في الجاهلية" ؛(9/52)
الجزء الرابع في 250 ورقة : من باب "مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - " من كتاب مناقب الأنصار إلى باب "إذا أصاب القوم غنيمة" من كتاب الذبائح والصيد ؛
الجزء الخامس في 137 ورقة : من كتاب الأضاحي إلى باب "الموعظة ساعة ساعة" من كتاب الدعوات ؛
الجزء السادس في 167 ورقة : من كتاب الرقاق إلى آخرالكتاب.
وجاء في آخر الجزء الرابع : ( فرغ من نسخه في 26 حجة الحرام عام 1331هـ ) .
... وتمتاز النسخة الزيدانية بإجازة فريدة مكتوبة على الصفحة الأولى منها بخط المجيز الشيخ عبد الحي الكتاني، وكانت هذه الإجازة بتاريخ 1342هـ، ونصها :
... ( الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى،
... أما بعد، فقد من الله علي بسماعي لمواضع من هذا الشرح المعجب الآتي في باب التحرير والتحصيل بما يطرب، ومناولة بجميعه من يد مؤلفه شيخنا ومفيدنا العلامة الفقيه المحدث الأصولي الخطيب المفتي المدرس، شامة زرهون، أبي عبد الله محمد الفضيل بن الفاطمي الحسني الشبيهي الإدريسي الزرهوني، وذلك يوم الإثنين 6 جمادى الثانية سنة 1318هـ، بداره بزرهون، وأجازني به وبكل ما له من مروي وتقييد وتأليف إجازة عامة مطلقة، وأملي منفردا الآن في الدنيا برواية هذا الشرح عنه، لا أعلم من استجازه فيه، ولا بقي من يرويه عنه، إذ مات رحمه الله بعد ذلك بنحو الشهرين، أي في شعبان 1318 بزرهون، وقد شاركته رحمه الله مع كبر سنه وقدم روايته في شيخه المشرقي الذي روى عنه الصحيح داخله، وهو المحدث المسند الرحال أبو الخير علي بن ظاهر الوتري المدني الحنفي، فإنه أجازني عامة مروياته مكاتبة من المدينة المنورة عام 1320، ومات سنة 1322 في المدينة، فعاش بعد ذلك المؤلف تلميذه نحو خمس سنوات.(9/53)
... وقد أجزت به وبما أجازني به مؤلفه وغيره، محبنا وصفينا بهجة مكناسة الزيتون وزينتها، عالمها وأديبها وكريمها العلامة النحرير، الدراكة الأديب، البارع الماجد، الشهير النقيب، مولاي عبد الرحمن بن زيدان العلوي الإسماعيلي، نفع الله به العباد والبلاد، وأدام فضله شرقا إلى يوم التناد .
... قاله وكتبه خادم الحديث وأهله محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني الإدريسي بفاس، لطف الله به وبالمسلمين، آمين، وذلك يوم الثلاثاء 27 قعدة عام 1342هـ بفاس، وقد كانت صدرت مني إجازة عامة لمؤلفه قديما سنة 1324هـ، والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى ).
-
المبحث الرابع : منهج التحقيق والتعليق
للعمل في المخطوطات متعة لا يعرفها إلا من ذاقها، إنها في أيسر حالاتها تنمية لحس الزمن في أعماقنا، وإرهاف لرعشة الماضي التليد في وجداننا، تعيشه كأنه الحاضر، هذه المخطوطة بخط الحافظ أبي عمرو الداني، وتلك بخط القاضي عياض السبتي، وتتلاحق الأزمنة أمامك، وأنت تقف في زمانك.
...
... وتبدو سيرة المخطوط العربي في رحلته الطويلة ممتعة ورائعة، فقد حمل إلينا تجارب أجيال غابرة بلغت شأوا من الحضارة وأورثتنا كنوزا ما أحوجنا للحفاظ عليها والكشف عما تحمله من حقائق وأفانين ومعارف.
... وقد حاولت في تحقيقي للفجر الساطع على الصحيح الجامع مراعاة ثلاثة مقاصد تأسس عليها تحقيق التراث العربي، وهي :
تقديم النص صحيحا مطابقا للأصل؛
توثيق النص نسبة ومادة؛
توضيح النص والتعليق عليه .(9/54)
... وفي ظلال ذلك، فقد قمت بنسخ المخطوط من أصل المؤلف ومقابلته على مخطوطة العرائشي ملتزما قواعد رسم الكتابة المتفق عليها اليوم، ومن المهم أن أذكر أن المخطوط الذي بين يدي، شأنه شأن كثير من مخطوطات التراث العربي، لم يعن كاتبه بتنظيم مادته وفقراته، بل إنه دمج بين متن البخاري والشرح إدماجا يصعب معه التفريق، وهذا ما تطلب مقابلة فقرات المخطوط مع فتح الباري لابن حجر من أجل تمييز المشروح من الشرح، مع تقسيم الفقرات وترقيم الأبواب والأحاديث حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي المتضمن في الفتح، إذ هو الأكثر شهرة بين الباحثين.
... والحق أقول، فقد أعياني تنظيم فقرات هذا المخطوط، ووجدت صعوبات شتى في تمييز متن البخاري عن الشرح، وأخذ ذلك أكثر من سنة ونصف متواصلة البحث والضبط.
...
... كما أن تقييد النص وضبطه بالحركات من المهمات، خصوصا فيما يشتبه من الألفاظ وأسماء الأعلام وكناهم وألقابهم، فضلا عن تقييد ما يصعب من اللغة بغية توضيح المعنى ودفع الاشتباه عنه.
... وفي مجال التعليق، فقد حاولت إيلاءه ما يستحق من عناية مراعيا أسسه التالية :
إثبات الخلافات بين الأصل والمخطوطة، وهي نادرة جدا، وتفسير ذلك أن العرائشي نسخ مخطوطته من أصل الشبيهي وقابلها عليه، وهو نساخ ماهر؛ ومن جميل الأقدار فقد تيسرت في هذا البحث أعلى النصوص المخطوطة حسب ترتيب أصول المحققات (1)، وهي أصل المؤلف –وتسمى النسخة الأم- ونسخة منقولة منه ومقابلة عليه؛
__________
(1) - انظر تفصيل الكلام عن "منازل النسخ" في تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون ص:37.(9/55)
وبالنسبة لشواهد القرءان الكريم فإني اتبعت رواية ورش عن الإمام نافع، بالعد الكوفي، وخرجت الآيات في كتاب التفسير ضمن المتن تسهيلا، وتجنبا لكثرة الهوامش؛ وأوليت القراءات القرآنية ما تستحق من توثيق وتوجيه؛ ولم أعط لبعض التصحيفات والتحريفات في الآيات أي قيمة، وإنما أوردت الشواهد طبقا للمصحف الشريف، ذلك أن الناسخ ينسى أو يسبق قلمه بالخطأ، ولا يقصده أبدا، وعلى كل حال فلا تجوز المجاملة في تحريف النص القرآني، وإنما يجب الالتزام بالأمانة الصارمة وعدم حفظ حق أحد في عدم التزام الدقة في الاستشهاد بالقرءان الكريم؛
أما الأحاديث النبوية فقد اتجهت غايتي إلى تخريج الحديث وعزوه إلى مصادر وأمهات الكتب الحديثية، وتبيان درجته من الصحة والسقم حسب الأصول والقواعد المتبعة في علم المصطلح؛
وبخصوص تراجم الأعلام والرجال وكذا البلدان، فقد عرفت بكل ذلك ما وسعني الأمر غير مقل في الترجمة ولا متوسع إلى حد الملل؛
وبالنسبة للنقول والأقوال، وهي كثيرة، فقد بذلت الجهد في توثيقها من المطبوعات والمخطوطات المتيسرة، ولا أدعي الاستقصاء فقد فاتني في ذلك أشياء وأشياء، ولله الكمال والجلال، وأنبه إلى أنني لا أذكر الطبعة والدار والسنة في المصادر والمراجع، مؤخرا ذلك إلى كشاف المصادر والمراجع ففيه الغناء، وإنما أذكر أرقام المخطوطات في حينها، وأوثق النقول من المجلات والدوريات .(9/56)
كما أنني لم أدخر وسعا في تصحيح النص والتعليق عليه، وإغنائه بما يفيد، وإن كان العمل التوثيقي والتحقيقي ينصرف أساسا إلى ضبط النص وتوضيحه، لكن ذلك لا يمنع في الوقت نفسه من شرح ما ينبغي شرحه، وإيراد الفوائد والفرائد من أمهات الشروح الحديثية والفقهية، من غير إطناب أو تطويل، ذلك أن التعليق على النص مسؤولية شرعية وتاريخية وعلمية في آن واحد، لذا من اللازم على المحقق أن يكون في غاية الضبط عند التعليق، ولا يجعل من الحواشي مكانا لإظهار معرفته في غير موضوع النص وتصحيحه، ويجتهد أن تكون تعليقاته جامعة نافعة مختصرة .
" وليس تحقيق المتن تحسينا أو تصحيحا، وإنما هو أمانة الأداء التي تقتضيها أمانة التاريخ، فإن متن الكتاب حكم على المؤلف، وحكم على عصره وبيئته، وهي اعتبارات تاريخية لها حرمتها، كما أن ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير.
وإذا كان المحقق موسوما بصفة الجرأة فأجدر به أن يتنحى عن مثل هذا العمل، وليدعه لغيره ممن هو موسوم بالإشفاق والحذر " (1) .
وعلاقة بموضوع التعليق، فقد اقتصدت في حواشي كتاب التفسير، ذلك أنه كبير من جهة، والتعليق خليق بأن يزيده ضخامة، كما أنه تضمن كثيرا من النقول والشروح فعزفت عن الإضافة حتى لا يكون تفسيرا للتفسير، وحري بذلك ألا يعجب جمهرة العلماء .
وخدمة لهذا الشرح، فقد ختمته بوضع فهارس فنية أو كشافات تخدم أغراضه وتقرب كل بعيد منه؛ ولم آل جهدا في الإخراج الطباعي الحسن.
... هذه هي آفاق البحث التي تحدد النص المتقن التحقيق، المجود الضبط والتدقيق.
-
الرموز المستعملة في "الفجر الساطع على الصحيح الجامع"
المص : المصنف؛
إلخ : إلى آخره؛
بخ : باختصار؛
ح : حينئذ ؛
خ : خليل بن إسحاق صاحب المختصر؛
هـ : نهاية النقل .
__________
(1) - تحقيق النصوص ونشرها ص:47.(9/57)
"كشاف الكتب الواردة في "الفجر الساطع"
اسم الكتاب ومؤلفه ... الصفحة
الإبانة للفوراني ... 842
الإتقان للسيوطي ... 611-612-616
الأحاديث الحسان في لبس الطيلسان للسيوطي ... 947
الأحكام لابن غازي ... 251
أحكام القرآن لابن العربي ... 43-333-393-437-590-770-861-863-867-869-912-919-956-975
الإحياء للغزالي ... 774
الأذكار للنووي ... 609-635-775-909
الأربعين للرازي ... 390
إرشاد الساري للقسطلاني ... 89-133-164-233-247-310-312-350-405-406-409-411-474-520-532-541-545-572-607-626-679-691-706-723-1003-1009
الاستيعاب لابن عبد البر ... 12-13-16-46-101-106-114-115-126-169-257-984
الإعجاز للباقلاني ... 254
آكام المرجان في أحكام الجان للشبلي ... 18
الاكتفا للكلاعي ... 14
الإكليل للحاكم ... 248
إكمال الإكمال للأبي ... 438-531-641-649-657-705-762-772-799-818-825-831-862-953-956-972-984-986-992
إكمال المعلم لعياض ... 258-262-278-291-438-473-579-590-620-641-667-671-693-695-712-714-733-739-747-751-754-762-799-800-801-818-830-841-848-935-954
التزامات الحطاب ... 686-761
الأنساب للدمياطي ... 150
انتقاض الاعتراض لابن حجر ... 829
الإيضاح لابن القاضي ... 610
البرهان للزركشي ... 635
بهجة النفوس لابن أبي جمرة ... 370-771
تاريخ ابن الفرات ... 937
تحفة الباري لزكريا الأنصاري ... 331-341-471-405-406-510-520-532-750
تحفة الأكابر لعبد الرحمن الفاسي ... 439
تحقيق الكلام في براءة يوسف عليه السلام للهاشمي ... 389
تحقيق المباني للشاذلي ... 781-812-980
تفسير الثعلبي ... 545
تفسير الخازن ... 393
تفسير الرازي ... 437-924
تفسير ابن عطية ... 420-544
تفسير القرطبي ... 654-800-832
تفسير ابن المنير ... 380
التلقين لعبد الوهاب البغدادي ... 817-830
التلويح لمغلطاي ... 139(10/1)
التمهيد لابن عبد البر ... 343-695-773-791-792-798-818-832-853-868-887-965
التنقيح للزركشي ... 52-77-101-126-133-155-199-226-228-417-494-519-544-578-697-829-839-854-871
التوشيح للسيوطي ... 34-126-182-196-225-272-370-520-553-621-626-653-674-679-705-822-849-871-1009
التوضيح للبلقيني ... 672
التوضيح لخليل بن إسحاق ... 845
التوضيح لابن الملقن ... 761
جامع البيان للطبري ... 976
الجامع لخليل ... 797-799-879-910-921-930
الجامع الصغير للسيوطي ... 897-946
جامع المعيار ... 389-776-908
الجمع بين الصحيحين للحميدي ... 296
جمع الوسائل ... 994
الجواهر لابن شاس ... --- - 800
حاشية على الجامع الصغير للحفني ... 942
حاشية على الرسالة للحطاب ... 921-986-993
حاشية الشفا للشمني ... 940-943
حاشية العارف الفاسي ... 417-872-1006
حاشية ابن غازي ... 887-931
حاشية على المرشد للطالب بن الحاج ... 271
حاشية محمد بناني على خليل ... 822-825
حاشية على مسلم لابن الشاط ... 986
الحلية لأبي نعيم ... 768
حواشي السندي على ابن ماجه ... 850
ديوان ابن يونس ... 953
الرسالة لابن أبي زيد ... 644-648-769-771-775-797-836-861-962-965-970-973-981-985-988-997
روح البيان للبروسوي ... 530-545
روح المعاني للألوسي ... 617
الروض الأنف للسهيلي ... 55-182-191-200-232-250-257-438
الروضة للنووي ... 37-651-957
سراج المريدين لابن العربي ... 529
السنة للخلال ... 529
سمط الجوهر الفاخر للمهدي الفاسي ... 233
شرح الأنوار للقلصادي ... 914
شرح ابن بطال ... 656-713-716
شرح الترغيب للفيومي ... 942
شرح الجامع الصغير للحفني ... 780
شرح الرسالة للشاذلي ... 811-908-986
شرح الرسالة لزروق ... 980
شرح الزرقاني على الموطأ ... 627-681-771-983
شرح السنة للبغوي ... 972
شرح السيرة للمناوي ... 795
شرح الشفا للخفاجي ... 18-875(10/2)
شرح صحيح مسلم للنووي ... 915-1010
شرح المرشد لجسوس ... 875
شرح المهذب للنووي ... 609
شرح المواهب اللدنية لعبد الباقي الزرقاني ... 150-180-247-270-476-530-983
شرح الوغليسية لزروق ... 960
شرف المصطفى ... 120
الشعب للبيهقي ... 941
الشفا لعياض ... 393-437-439-461-530-531
الطبقات للزبيدي ... 620
الطبقات الكبرى للسبكي ... 955
العارضة لابن العربي ... 287-649-758-674-680-687-689-695-698-714-731-754-758-806-825-877-879-920-937
العتبية للعتبي ... 691-695-815-836-989
عدة المريد لزروق ... 986
عمدة القاري للعيني ... 405-406-409-572-607-672-679-699-728
فتاوي ابن حجر الهيثمي ... 945
فتاوي السبكي ... 942
الفتح لابن حجر ... 16-25-35-37-89-133-142-155-158-163-175-180-181-182-212-213-224-247-257-269-289-312-361-369-405-406-408-409-417-419-437-440-451-457-473-474-476-490-507-510-512-516-520-527-541-545-572-579-588-607-616-618-619-620-622-629-634-646-653-665-672-679-733-792-793-849-853-860-862-871-880-889-902-920-921-927-939-969-986-1002-1003-1009
الفصيح لابن التين ... 64-254
فضائل القرآن للقاسم بن سلام ... 646
فيض القدير للمناوي ... 310-639-853-891-941-942-960
القاموس للفيروز آبادي ... 52
القبس لابن العربي ... 302-973-976
القوانين لابن جزي ... 680
قوت القلوب لأبي طالب المكي ... 986
الكشاف للزمخشري ... 505-522-569
الكنز للجعبري ... 613-619
الكنى لابن حجر ... 150
الكواكب الدراري للكرماني ... 126-184-253
المبهمات للخطيب البغدادي ... 703
مختصر خليل ... 754-817-827-835-838-840-910
مختصر ابن عرفة ... 154-819-953
المخصص لابن سيده ... 790
المدخل لابن الحاج ... 829-867-919-945-957
المدونة عن مالك ... 647-662-804-810-824-826-829-844-852-854
المرقاة للسيوطي ... 896-941
مسالك الحنفا للسيوطي ... 6(10/3)
المسالك لابن العربي ... 594-693-776-848-910-912-923-952-955
المستخرج لأبي نعيم ... 171-452
مسند أحمد ... 261-773-787-801-880-982
مسند إسحاق بن راهويه ... 296
مشارق الأنوار لعياض ... 215-226-244-281-335-424-444-453-478-594-646-63-733-747-750-778-930
المصابيح للدماميني ... 89-133-287-310-350-380-679-853-858-872-952
معجم البغوي ... 109
المعلم للمازري ... 831-861
المعيار للونشريسي ... 347-647-761-911-921-1001-1002
مغازي أبي الأسود ... 182
المفهم للقرطبي ... 14-39-89-146-167-189-199-201-204-206-211-212-213-226-232-438-512-518-531-618-640-641-657-717-772-784-831-869-875-917-921-924-964-1006
المقدمات لابن رشد ... 696-813-921-944-981
مكمل إكمال الإكمال للسنوسي ... 618
المنتقى للباجي ... 594-804-807-820-821-823-824-825-830-844-846
المواهب اللدنية للقسطلاني ... 90-115-125-136-180-370-476-941-945-983
الموطأ لمالك ... 106-260-689-755-817-983
نظم السيرة للعراقي ... 25-84
النكت للسبكي ... 83-528-697-701-827-828-871
الهدي لابن القيم ... 859-897-899-940-941-943
الهمزية للبوصيري ... 6
اليواقيت للشعراني ... 393(10/4)
كشاف المخطوطات والمصادر والمراجع
إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن بن زيدان، ط.1، 1350هـ-1932م، المطبعة الوطنية بالرباط – المغرب.
إتحاف المطالع بوفيات رجال القرن الثالث عشر والرابع لعبد السلام بن سودة / من موسوعة أعلام المغرب، تحقيق محمد حجي، ط.1، 1417هـ-1996م، دار الغرب الإسلامي ، بيروت – لبنان.
الإتقان في علوم القرآن للجلال السيوطي، تحقيق محمد أبو الفضل، 1974م، الهيئة المصرية للكتاب – مصر.
أحكام القرآن لأبي بكر بن العربي، تحقيق محمد علي البجاوي، دار الفكر – د.ت.
إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي – طبعة البابي الحلبي – مصر – د.ت.
أخبار التراث العربي، نشرة يصدرها معهد المخطوطات العربية ببغداد، ع.25، شعبان-رمضان 1406هـ، ماي-يونيو 1986م.
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري لأحمد القسطلاني، مصورة دار الكتاب العربي للطبعة الأميرية ببولاق، 1323هـ – مصر.
الاستقصا في أخبار دول المغرب الأقصى لأحمد بن خالد الناصري، تحقيق ولدي المؤلف جعفر ومحمد، 1965م، دار الكتاب، الدار البيضاء – المغرب.
الاستيعاب في معرفة الأصحاب ليوسف بن عبد البر النمري القرطبي، تحقيق علي محمد البجاوي، ط.1، 1412هـ-1992م، دار الجيل، بيروت – لبنان.
الإشراف على بعض من بفاس من مشاهير الأشراف لمحمد الطالب بن حمدون، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 653 د.
الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، تحقيق علي محمد البجاوي، ط.1، 1412هـ-1992م، دار الجيل، بيروت – لبنان.
إعجاز القرآن لأبي بكر الباقلاني، تحقيق أحمد صقر، ط.4، دار المعارف، مصر-د.ت.
الأعلام: قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعمرين والمستشرقين لخير الدين الزركلي، ط.10، 1992م، دار العلم للملايين، بيروت – لبنان.
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام لعباس بن إبراهيم السملالي التعارجي، نشر عبد الوهاب بنمنصور، 1983م، المطبعة الملكية – الرباط.(11/1)
أعلام السنن في شرح البخاري لحمد (أو أحمد) بن محمد الخطابي، دراسة وتحقيق يوسف الكتاني، ط.1، 1411هـ-1991م، منشورات عكاظ، الرباط – المغرب.
إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية ، تحقيق محمد عبد السلام إبراهيم، ط.1، 1411هـ-1991م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
آكام المرجان في أحكام الجان لمحمد بن عبد الله الشبلي، ضبط وتصحيح أحمد عبد السلام، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
الاكتفا في مغازي رسول الله والثلاثة الخلفا لأبي الربيع الكلاعي، تحقيق مصطفى عبد الواحد، 1387هـ-1968م، مكتبة الخانجي، القاهرة – مصر.
إكمال إكمال المعلم لأبي عبد الله الأبي، ومعه: مكمل إكمال الإكمال لأبي عبد الله السنوسي، ط.دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، د.ت.
إكمال المعلم بفوائد مسلم لعياض بن موسى السبتي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 933ج (الجزء الأول)، ورقم 1281ج (الجزء الثاني).
الإمام الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين لنور الدين عتر، ط.2، 1408هـ-1988م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
انتحار المغرب الأقصى بيد ثواره لمحمد الحجوي الثعالبي، نشر وتقديم محمد الصغير الخلوفي، ط.1994م، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط – المغرب.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل لعبد الله بن عمر البيضاوي، دار صادر، بيروت – لبنان ،د.ت.
إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون لإسماعيل باشا البغدادي، مصورة دار الفكر، 1402هـ.
البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرى لعبد الفتاح القاضي، ط.1، 1401هـ – 1981م، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان.
بغية الملتمس في تاريخ رجال الأندلس لأحمد بن يحيى الضبي، طبع مجريط 1884م.
بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة للجلال السيوطي، دار المعرفة، بيروت – لبنان، د.ت.(11/2)
بهجة الأبصار في جميع من وقفت على تحقيق نسبه من آل النبي المختار لمحمد الحلفاوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1256 ك (مجموع).
بهجة النفوس وتحليها بمعرفة ما لها وما عليها لابن أبي جمرة، دار الكتب العلمية، بيروت – د.ت.
البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني، تحقيق غانم قدوري الحمد، منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت، 1988م.
تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، تعريب فهمي أبو الفضل ومحمود حجازي، ط.الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، مصر – د.ت.
تاريخ الوراقة المغربية : صناعة المخطوط العربي من العصر الوسيط إلى الفترة المعاصرة لمحمد المنوني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط.1، 1412هـ-1991م، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء – المغرب.
تحرير الكلام في مسائل الالتزام لمحمد بن محمد الحطاب، تحقيق عبد السلام الشريف، ط.1، 1404هـ-1984م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان.
تحفة الباري بشرح صحيح البخاري لزكريا الأنصاري، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 760 ق (3 أجزاء).
تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون، ط.5، 1410هـ-مكتبة السنة، القاهرة - مصر .
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للجلال السيوطي ، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف، ط. دار الفكر- د.ت .
تذكرة الحفاظ للسيوطي، تحقيق علي محمد عمر، 1393هـ-1973م، مكتبة وهبة، القاهرة-مصر.
التذكرة في القراءات الثمان لطاهر بن غلبون، دراسة وتحقيق أيمن رشدي سويد، ط.1، 1412هـ-1991م، نشر الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة – المملكة العربية السعودية.
التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي الكلبي، ط.1، 1355هـ، المكتبة التجارية الكبرى – مصر .
تعليق المصابيح على الجامع الصحيح لمحمد بن أبي بكر الدماميني، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 718 ق.
تفسير الجلالين : جلال الدين المحلي وجلال الدين السيوطي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان-د.ت.(11/3)
تفسير القرءان العظيم لابن كثير، ط.دار الفكر، 1408هـ-1988م، بيروت – لبنان .
التفسير الكبير لفخر الدين الرازي، ط.1، 1357هـ-1938م، المطبعة المصرية، القاهرة-مصر.
تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة، ط.4، 1412هـ-1992م، دار الرشيد، حلب – سورية.
تقييد التاودي بن سودة على جامع خليل، مخطوط خ.ع بالرباط مجموع رقم 1643 د (ل 1/ب–ل 76/ب).
التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح لعبد الرحيم العراقي، تحقيق عبد الرحمن عثمان، 1401هـ-1981م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير لعبد الرحمن بن الجمزي، مكتبة الآداب-مصر،د.ت.
التلقين لعبد الوهاب البغدادي، 1413هـ-1993م، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية-المغرب.
التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح لمحمد بن بهادر الزركشي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 567 ج .
التنويه والإشادة في التعريف بمقام رواية ابن سعادة لمحمد عبد الحي الكتاني، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 3028ك .
تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني، مصورة دار صادر ببيروت عن طبعة دار المعارف، 1325هـ-حيدر آباد الدكن – الهند.
التوشيح على الجامع الصحيح للجلال السيوطي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1759 د.
التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب لخليل بن إسحاق الجندي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1249 ق .
جامع البيان عن تأويل آي القرءان لمحمد بن جرير الطبري، ط.دار المعرفة، بيروت لبنان – د.ت.
الجامع الصحيح لمسلم بن الحجاج، تحقيق فؤاد عبد الباقي،ط.1، 1374هـ،دار إحياء التراث العربي،بيروت.
الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير للجلال السيوطي، ط.1، 1401هـ-1981م، دار الفكر، بيروت – لبنان.
الجامع لأحكام القرآن المبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان لمحمد بن أحمد القرطبي، مطبعة دار الكتب المصرية، 1372هـ-1952م، مصر.(11/4)
جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس لمحمد بن فتوح الحميدي، ط.1، 1386هـ-1966م، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة – مصر.
الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي، ط.1، 1372هـ-1953م، دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن – الهند.
الجواهر الحسان في تفسير القرءان للثعالبي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان -د.ت.
حاشية الرهوني على شرح الزرقاني لمختصر خليل، ط.1، 1306هـ، المطبعة الأميرية، بولاق – مصر.
حاشية ابن زكري على البخاري، طبعة حجرية بفاس – د.ت.
حاشية السندي على البخاري، طبعة البابي الحلبي، مصر - د.ت.
حاشية العارف الفاسي على البخاري، مطبوعة بهامش حاشية ابن زكري.
الحلل السندسية في الأخبار التونسية للسراج، تحقيق الحبيب الهيلة، الدار التونسية للنشر – تونس.
الحياة التعلمية والتعليمية وما إلى ذلك لمحمد المنوني، نشر مختصره تلميذ المؤلف المصطفى غانم بمجلة المشكاة (أدبية فصلية) ع.34-35 ، 1422هـ-2001م، وجدة – المغرب .
خصائص فقه النوازل في سوس ونماذج مختارة منها للحسن العبادي، أطروحة مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط – المغرب .
الدرة الفائقة في أبناء علي وفاطمة لمحمد الزكي العلوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 48 ج .
الدرر البهية والجواهر النبوية في الفروع الحسنية والحسينية لإدريس الفضيلي العلوي، ط.حجرية بفاس-د.ت
الدر المنثور في التفسير بالمأثور للجلال السيوطي، طبع المكتبة الإسلامية ومكتبة جعفري،طهران ،إيران-د.ت.
دليل الرسائل الجامعية في السعودية لزيد آل حسين، ط.2، 1415هـ-1994م، منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض – السعودية.
دليل مخطوطات السيوطي وأماكن وجودها لأحمد الخازندار ومحمد الشيباني، ط.1، 1403هـ-1983م، مكتبة ابن تيمية - الكويت .
دليل مؤرخ المغرب الأقصى لعبد السلام بن سودة، ط.2، 1960م، دار الكتاب، الدار البيضاء – المغرب .(11/5)
الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون، تحقيق أحمد الأحمدي أبو النور،دار التراث-د.ت
الرسالة لابن أبي زيد القيرواني، 1416هـ-1996م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
روح البيان لإسماعيل حقي البروسوي، المطبعة العثمانية – د.ت.
روح المعاني في تفسير القرءان العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي، ط. إدارة الطباعة المنيرية، مصر – د.ت.
الروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لعبد الرحمن السهيلي، ضبط عبد الرؤوف سعد، 1398هـ-1978م، دار المعرفة، بيروت – لبنان .
زاد المعاد في خير العباد لابن قيم الجوزية، تحقيق وتعليق شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، ط.3، 1402هـ-1982م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
سلسلة الاحاديث الضعيفة وأثرها السيئ على الأمة لمحمد ناصر الدين الألباني، ط.المكتب الإسلامي- بيروت ودار المعارف بالرياض-السعودية، 1405هـ-1408هـ / 1985م-1988م.
سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لمحمد بن جعفر الكتاني، طبعة حجرية بفاس، 1316هـ.
السنن لأحمد بن شعيب النسائي، ط.1، 1348هـ-1930م، مصورة دار الفكر، بيروت-لبنان .
السنن لأحمد بن يزيد بن ماجه، تحقيق فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت-لبنان – د.ت .
السنن أبي داود، ط.1408هـ 1988م، دار الحديث، القاهرة – مصر.
سير أعلام النبلاء لمحمد بن أحمد الذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وزملائه، ط.7، 1410هـ-1990م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان .
سيرة ابن إسحاق، تحقيق محمد حميد الله، 1396هـ-1976م، مطبعة محمد الخامس، فاس – المغرب.
سيرة الإمام البخاري لعبد السلام المباركفوري، ط.2، 1407هـ1980م، الدار السلفية، بومباي – الهند.
السيرة النبوية لإسماعيل بن كثير، تحقيق مصطفى عبد الواحد، 1396هت-1976م، دار المعرفة، بيروت – لبنان.
الشجرة الزكية لمحمد الزكي العلوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 375 ج .(11/6)
شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن مخلوف، دار الكتاب العربي، بيروت-لبنان- د.ت .
شرح الرسالة لأحمد بن محمد زروق، طبع السلطان عبد الحفيظ، 1332هـ-1914م، مطبعة الجمالية، مصر.
شرح الرسالة لقاسم بن عيسى بن ناجي، مطبوع مع شرح الرسالة لزروق.
شرح الزرقاني على خليل لعبد الباقي الزرقاني، ط.دار الفكر، 1398هـ-1978م، بيروت – لبنان.
شرح الزرقاني على الموطأ ، المطبعة المصرية، 1279هـ.
شرح السنة أبي محمد البغوي، تحقيق شعيب الأرناؤوط ومحمد زهير الشاويش، ط.1، 1390هـ-1971م، المكتب الإسلامي، بيروت – لبنان.
شرح صحيح مسلم لمحيي الدين النووي، ط.دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، د.ت.
شرح المقدمة الوغليسية لزروق، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 866 ك .
الشفا في التعريف بحقوق المصطفى لعياض بن موسى السبتي، إشراف مكتب البحوث والدراسات، 1415هـ-1995م، دار الفكر، بيروت – لبنان .
الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية لإسماعيل الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، 1375هـ-1956م، مطابع دار الكتاب العربي، مصر.
صحيح البخاري: مصورة دار الجيل عن الطبعة الأميرية، تقديم أحمد شاكر، د.ت .
صحيح البخاري: نسخة محمد الفضيل الشبيهي / مخطوط بمكتبة حفيده إدريس الشبيهي بزرهون.
صحيح البخاري في الدراسات المغريبة من خلال رواته الأولين ورواياته وأصوله لمحمد المنوني، منشور بمجلة دعوة الحق س.17، ع.1، 1975م، ص:56-79 ؛ وذيل وتكملة لنفس الموضوع في العدد 2-3، 1975م، ص:113-115 .
الصلة في تاريخ أئمة الأندلس وعلمائهم ومحدثيهم وفقهائهم وأدبائهم لخلف بن بشكوال، تحقيق إدارة إحياء التراث، ط.1، 1386هـ-1966م، الدار المصرية للتأليف والترجمة، القاهرة – مصر.
الطب النبوي لابن قيم الجوزية، تحقيق عبد الغني عبد الخالق، المكتبة الثقافية، بيروت – لبنان – د.ت .
طبقات الحفاظ للجلال السيوطي، ط.1، 1403هـ-1983م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.(11/7)
طبقات الشافعية الكبرى لعبد الوهاب السبكي، ط.1، 1324هـ-1906م، مطبعة عيسى البابي الحلبي، القاهرة – مصر.
الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد، دار صادر ودار بيروت، 1380هـ-1960م، بيروت – لبنان.
عدة المريد الصادق من أسباب المقت في بيان الطريق القصد وذكر حوادث الوقت لأحمد زروق البرنسي، تحقيق إدريس عزوزي، 1418هـ-1997م، أطرو حة مرقونة بدار الحديث الحسنية بالرباط – المغرب.
عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين محمود العيني، ط.دار الطباعة المنيرية، مصر – د.ت.
عيون الأثر في فنون المغازي والسير لابن سيد الناس، دار المعرفة، بيروت – لبنان، د.ت.
غاية النهاية في طبقات القراء لمحمد بن محمد بن الجزري، نشر ج. برجستراسر
G. BERGSTRASSEUR ، ط.3، 1402هـ-1982م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، تحقيق بإشراف عبد العزيز بن باز، وترقيم محمد فؤاد عبد الباقي، تصوير دار الكتب العلمية، 1410هـ-1989م، عن ط. المطبعة السلفية، 1379هـ-1959م، القاهرة – مصر.
فتح الرؤوف المجيب على أنموذج اللبيب في خصائص الحبيب لعبد الرؤوف المناوي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 1825 د .
الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد الحجوي الثعالبي، نشر أيمن صالح شعبان، ط.1، 1416هـ-1995م، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان .
فهارس مسند الحميدي، إعداد محمد أيمن الشبراوي، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.
فهارس مصنف عبد الرزاق الصنعاني وكتاب الجامع لمعمر بن راشد الأزدي، إعداد مكتب التصحيح بالمكتب الإسلامي للطباعة والنشر، ط.1، 1407هـ-1987م، المكتب الإسلامي، بيروت – لبنان.
فهرس أحاديث كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة لمحمد أيمن الشبراوي، ط.1، 1408هـ-1988م، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.(11/8)
فهرس أحاديث المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، إعداد يوسف المرعشلي، ط.1، 1406هـ-1986م، دار المعرفة، بيروت – لبنان.
فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات لمحمد عبد الحي الكتاني، تحقيق إحسان عباس، 1402هـ-1982م، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان.
فيض القدير شرح الجامع الصغير لعبد الرؤوف المناوي، ط.2، 1391هـ1972م، دار المعرفة، بيروت .
القصيدة الهمزية في مدح خير البرية لمحمد بن سعيد البوصيري، 1413عـ-1993م، الدار العالمية، بيروت .
القوانين الفقهية لابن جزي الكلبي، دون ذكر الطبعة أو التاريخ.
قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد لأبي طالب المكي، دار صادر، بيروت – لبنان، د.ت.
الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي الجرجاني، ط.2، 1405هـ-1985م، دار الفكر، بيروت – لبنان.
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري، دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان – د.ت.
كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون لحاجي خليفة، مصورة دارالفكر، بيروت – 1402هـ.
كشف اللثام عن أسرار تخريج حديث سيد الأنام لعبد الموجود محمد عبد اللطيف، ط.1، 1404هـ-1984م، مكتبة الأزهر، القاهرة – مصر.
الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها لمكي بن أبي طالب القيسي، تحقيق محيي الدين رمضان، ط.3، 1403هـ-1984م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
كفاية الطالب لأبي الحسن المالكي، تحقيق يوسف محمد البقاعي، 1412هـ، دار الفكر-بيروت.
الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني، 1356هـ-1937م، المطبعة البهية المصرية.
لباب التأويل في معاني التنزيل لعلي بن محمد الخازن، ط.1، بولاق، مصر، د.ت.
لسان العرب لمحمد بن منظور، ط. 1374هـ-1955م، دار صادر ودار بيروت، بيروت – لبنان.
مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لعبد اللطيف بن عبدالملك، ط.1، 1406هـ-1986م، دار القلم، بيروت – لبنان .(11/9)
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي، تحقيق الرحالي الفاروق وعبدالله الأنصاري وعبدالعال إبراهيم ومحمد العناني، طبعة الأمير خليفة بن حمد آل ثاني، ط.1، 1402هـ-1982م، الدوحة – قطر
محمد بن الحسين العرائشي شيخ الجماعة بمكناس لمحمد المنوني، منشور بمجلة دعوة الحق، ع.9-10، س11، 1388هـ-1968م، ص:108-115 .
مختصر خليل، الطبعة الحجرية الثالثة، 1316هـ – فاس – المغرب .
مدارك التنزيل وحقائق التأويل لعبد الله بن أحمد النسفي، مطبوع بهامش لباب التأويل للخازن.
مدرسة الإمام البخاري في المغرب ليوسف الكتاني، ط. دار لسان العرب، بيروت – لبنان –د.ت .
المدونة الكبرى لمالك بن أنس، رواية سحنون عن ابن القاسم، مطبعة السعادة، 1323هـ – مصر.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان لعبدالله اليافعي، مؤسسة الأعلمي، 1390هـ، بيروت – لبنان .
مروج الذهب ومعادن الجوهر لعلي بن الحسين المسعودي، ط.1، 1385هـ-1965م، دار الأندلس، بيروت – لبنان.
مسالك الحنفا في والدي المصطفى للجلال السيوطي، مخطوط خ.ع بالرباط مجموع رقم 1194د (ل58/ب – ل63/ب ).
مشارق الأنوار على صحاح الآثار لعياض بن موسى السبتي، المطبعة المولوية، 1328هـ، فاس-المغرب.
المصادر العربية لتاريخ المغرب: الفترة المعاصرة (الجزء الثاني)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 1410هـ-1989م، مطبعة فضالة، المحمدية – المغرب .
مظاهر يقظة المغرب الحديث لمحمد المنوني، ط.1، 1405هـ-1989م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان
معجم البلدان لياقوت الحموي، دار صادر ودار بيروت – لبنان، د.ت.
المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وضع المستشرقين : وينسنك Wensinck ومنسنج Mensing وهاس Haas وفان لون Van loon ، وبمشاركة محمد فؤاد عبد الباقي، مطبعة بريل في مدينة ليدن، 1955م، إيرلندا.(11/10)
المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لمحمد فؤاد عبد الباقي، ط.2، 1408هـ-1988م، دار الحديث، القاهرة – مصر.
معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار لمحمد بن أحمد الذهبي، تحقيق شعيب الأرناؤوط وبشار عواد معروف وصالح مهدي عباس، ط.2، 1408هـ1988م، مؤسسة الرسالة، بيروت – لبنان.
المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، لأحمد الونشريسي، إشراف محمد حجي، 1401هـ-1981م، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية – المغرب.
المغازي للواقدي، تحقيق ماردسن جونس Mardsen Jones، 1956م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان.
المغرب الأقصى في عهد السلطان الأول لمحمد العربي معريش، ط.1، 1989م، دار الغرب الإسلامي، بيروت – لبنان .
المغرب عبر التاريخ لإبراهيم حركات، ط.1، 1985م، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء - المغرب.
"مغرب لا يقهر، ولكن…" العلي الغالي الريسوني، ط.1، 1412هـ-1992م، تطوان، دون ذكر المطبعة أو التاريخ.
مفتاح الصحيحين لمحمد التوقادي، طبعة مصورة لدار الكتب العلمية-بيروت عن طبعة الشركة الصحافية العثمانية، 1313هـ.
المفهم في حل ما أشكل من صحيح مسلم لأبي العباس القرطبي، مخطوط خ.ع بالرباط رقم 42 ق.
مقدمة ابن الصلاح ، دار الكتب العلمية، 1398هـ-1978م، بيروت – لبنان .
المنتقى شرح موطأ مالك لأبي الوليد الباجي، ط.1، 1331هـ-مطبعة السعادة – مصر .
موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان لنور الدين الهيثمي، تحقيق محمد عبد الرزاق حمزة، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، د.ت.
المواهب اللدنية بالمنح المحمدية لأحمد بن محمد القسطلاني، مطبعة محمد شاهين، 1281هـ – مصر .
الموطأ لمالك، رواية يحيى بن يحيى الليثي، 1401هـ-1981م، منشورات دار الآفاق الجديدة، بيروت – لبنان.
نسيم الرياض في شرح الشفا للقاضي عياض لأحمد الخفاجي، المطبعة العثمانية، 1314هـ .(11/11)
النشر في القراءات العشر لابن الجزري، تصحيح علي محمد الضباع، دار الفكر، بيروت – لبنان.
نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب لأحمد المقري، تحقيق إحسان عباس، 1408هـ-1988م، دار صادر – بيروت.
النكت على البخاري لتقي الدين السبكي، مخطوط مكتبة الجامع الكبير بمكناس رقم 154 .
هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني (مطبوع مع فتح الباري ) .(11/12)
كشاف الآيات القرآنية
السورة/رقم الآية ... الآية ... الصفحة
1- الفاتحة:
الفاتحة 5 ... "إياك نعبد وإياك نستعين" ... 911
2- سورة البقرة:
البقرة 12 ... "ولهن الربع" ... 758
البقرة 67 ... "وإذ قال موسى…" ... 827
البقرة 69 ... "صفراء فاقع لونها" ... 963
البقرة 74 ... "وإن منها لما يهبط من خشية الله" ... 163
البقرة 80 ... "وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة" ... 930
البقرة 102 ... " فلا تكفر" ... 923
البقرة 108 ... "لمسجد اسس على التقوى " ... 63
البقرة 171 ... "كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" ... 61-76
البقرة 172 ... "يأيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم" ... 768-837
البقرة 180 ... "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت" ... 630
البقرة 189 ... "يسألونك عن الاهلة قل هي مواقيت ..." ... 825
البقرة 196 ... "ففدية من صيام او صدقة او نسك" ... 885
البقرة 221 ... "ولا تنكحوا المشركات" ... 669-677-740
البقرة 226 ... "للذين يولون من نسائهم تربص أربعة أشهر" ... 741
البقرة 228 ... "والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء" ... 751
البقرة 228 ... "ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن" ... 753
البقرة 229 ... "الطلاق مرتان" ... 730
البقرة 230 ... "فلا تحل له من بعد" ... 732
البقرة 230 ... "حتى تنكح زوجا غيره" ... 649
البقرة 232 ... "فلا تعضلوهن" ... 677-754
البقرة 233 ... "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" ... 763
البقرة 233 ... "وعلى الوارث مثل ذلك" ... 766
البقرة 234 ... "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن ..." ... 757
البقرة 234 ... "فلا جناح" ... 757
البقرة 235 ... "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء" ... 675
البقرة 240 ... "غير إخراج" ... 757
البقرة249 ... "قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه" ... 90
البقرة290 ... "ولكن ليطمئن قلبي" ... 911(12/1)
البقرة 267 ... "وأنفقوا" ... 68
البقرة 285 ... "ءامن الرسول" ... 10-638
3- آل عمران:
آل عمران 41 ... "قال ءايتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام الا رمزا" ... 745
آل عمران 61 ... "فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ثم نبتهل" ... 240
آل عمران 102 ... "واتقوا الله حق تقاته…" ... 682
آل عمران 121 ... "وإذ غدوت" ... 125
آل عمران 122 ... "إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا…" ... 127
آل عمران 123 ... ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة" ... 87
آل عمران 128 ... "ليس لك من الامر شيء" ... 131
آل عمران 139 ... "ولا تهنوا" ... 125
آل عمران 153 ... "إذ تصعدون ولا تلوون على أحد" ... 131
آل عمران 154 ... "ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا…" ... 130-131
آل عمران 155 ... "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان" ... 129-130
آل عمران 169 ... "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا" ... 125
آل عمران 172 ... "الذين استجابوا لله والرسول" ... 136
4- النساء:
النساء 1 ... "يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" ... 682
النساء 3 ... "فانكحوا ما طاب لكم من النساء" ... 649
النساء 3 ... "مثنى وثلاث ورباع" ... 665
النساء 4 ... "وءاتوا النساء صدقاتهن نحلة" ... 684
النساء 11 ... "يوصيكم الله…" ... 880-889
النساء 12 ... "وإن كان رجل يورث كلالة" ... 889
النساء 20 ... "وءاتيتم إحداهن قنطارا" ... 684
النساء 22 ... "ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم" ... 669
النساء 23 ... "حرمت عليكم أمهاتكم" ... 668-669
النساء 23 ... "وربائبكم اللاتي في حجوركم" ... 671
النساء 23 ... "وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم" ... 667-669
النساء 23 ... "وأن تجمعوا بين الاختين" ... 671
النساء 24 ... "وأحل لكم ما وراء ذلكم" ... 672
النساء 34 ... "الرجال قوامون على النساء" ... 710
النساء 34 ... "واهجروهن في المضاجع" ... 710-711
النساء 88 ... "أركسهم" ... 127(12/2)
النساء 93 ... "ومن يقتل مومنا متعمدا" ... 11
النساء 128 ... "وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا…" ... 715
النساء 129 ... "ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء" ... 714
النساء 129 ... "فلا تميلوا كل الميل" ... 717
5- المائدة:
المائدة 3 ... "حرمت عليكم الميتة" ... 807
المائدة 3 ... "إلا ما ذكيتم" ... 808
المائدة3 ... "وأن تستقسموا بالازلام" ... 228-919
المائدة 4 ... "أحل لكم الطيبات" ... 860
المائدة 4 ... "مكلبين" ... 814
المائدة 5 ... "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب" ... 740
المائدة 48 ... "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب…" ... 610
المائدة 87 ... "يأيها الذين ءامنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم" ... 656
المائدة 90 ... "إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس…" ... 849
المائدة 94 ... "ليبلونكم الله بشيء من الصيد" ... 807
المائدة 96 ... "أحل لكم صيد البحر" ... 816
6- الأنعام:
الأنعام 62 ... "ردوا إلى الله مولاهم الحق" ... 126
الأنعام 119 ... "إلا ما اضطررتم إليه" ... 837
الأنعام 121 ... "وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم" ... 120-821
الأنعام 145 ... "قل لا أجد" ... 834
الأنعام 145 ... "فمن اضطر غير باغ ولا عاد …" ... 837
الأنعام 146 ... "ومن الذين هادوا" ... 80
7- الأعراف:
الأعراف 12 ... "ما منعك ألا تسجد" ... 718
الأعراف 32 ... "قل من حرم زينة الله" ... 778-933
الأعراف 95 ... "ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا" ... 986
الأعراف 165 ... "إنا هدنا إليك" ... 80
8- الأنفال:
الأنفال 7 ... "إحدى الطائفتين" ... 87
الأنفال 9 ... "إذ تستغيثون ربكم" ... 88
9- التوبة:
التوبة 3 ... "وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر" ... 232
التوبة 28 ... "إنما المشركون نجس" ... 6-234
التوبة 117 ... "الذين اتبعوه في ساعة العسرة" ... 246(12/3)
التوبة 118 ... "وعلى الثلاثة الذين خلفوا" ... 248-253
11- هود:
هود 69 ... "جاء بعجل حنيذ" ... 782
12- يوسف:
يوسف 2 ... "قرءانا عربيا" ... 612
يوسف 93 ... "اذهبوا بقميصي" ... 936
13-الرعد:
الرعد 16 ... "أم جعلوا لله شركاء" ... 913
14- إبراهيم:
إبراهيم 7 ... "لئن شكرتم لأزيدنكم" ... 253
15- الحجر:
الحجر 9 ... "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ... 613-619
الحجر 91 ... "الذين جعلوا القرءان عضين" ... 81
16- النحل:
النحل 66 ... "نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم" ... 858
النحل 69 ... "فيه شفاء للناس" ... 893-904
النحل 75 ... "وضرب الله مثلا…" ... 767
17- الإسراء:
الإسراء 1 ... "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا" ... 34
الإسراء 106 ... "وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث" ... 611
الإسراء 109 ... "يخرون للاذقان يبكون ويزيدهم خشوعا" ... 645
18-الكهف:
الكهف 29 ... "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن …" ... 656
19- مريم:
مريم 25 ... "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" ... 795
مريم 58 ... "خروا سجدا وبكيا" ... 645
20- طه:
طه 66 ... "يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" ... 924-925
21- الأنبياء:
الأنبياء 3 ... "أفتاتون السحر وأنتم تبصرون" ... 925
22- الحج:
الحج 23 ... "ولباسهم فيها حرير" ... 954
23- المومنون:
المومنون 51 ... "يأيها الرسل كلوا من الطيبات" ... 768
المومنون 89 ... "قل فأنى تسحرون" ... 925
المونون 97 ... "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين" ... 910
24- النور:
النور 6 ... "يرمون أزواجهم" ... 745
النور 31 ... "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن…" ... 726
النور 32 ... "إن يكونوا فقراء…" ... 660
النور 32 ... "وأنكحوا الايامى" ... 677
النور 58 ... "والذين لم يبلغوا الحلم منكم" ... 726
النور 61 ... "ليس عليكم جناح ان تاكلوا جميعا او اشتاتا" ... 777(12/4)
النور 61 ... "ليس على الاعمى حرج…" ... 776
25- الفرقان:
الفرقان 68 ... "ولا يقتلون" ... 11
26- الشعراء:
الشعراء 3 ... "لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مومنين" ... 42
الشعراء 219 ... "وتقلبك في الساجدين" ... 5
27- النمل:
النمل 62 ... "أمن يجيب المضطر إذا دعاه" ... 89
النمل 65 ... "قل لا يعلم من في السموات والارض الغيب إلا الله" ... 922
النمل 80 ... "إنك لا تسمع الموتى" ... 97
النمل 81 ... "وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم" ... 97
28- القصص:
القصص 88 ... "كل شيء هالك الا وجهه" ... 149
29- العنكبوت:
العنكبوت 51 ... "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك" ... 631
31- لقمان:
لقمان 34 ... "إن الله عنده علم الساعة" ... 922
33- الأحزاب:
الأحزاب 9 ... "فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها" ... 147
الأحزاب 10 ... "إذ جاؤوكم من فوقكم…" ... 146
الأحزاب 21 ... "لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة" ... 733
الأحزاب 28 ... "يأيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا…" ... 707-731
الأحزاب 49 ... "يأيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المومنات…" ... 734
الأحزاب 51 ... "ترجي من تشاء منهن" ... 716
الأحزاب 53 ... "فإذا طعمتم فانتشروا" ... 803
الأحزاب 70 ... "اتقوا الله وقولوا قولا سديدا" ... 682
35- فاطر:
فاطر 1 ... "أولي أجنحة" ... 665
فاطر 19 ... "وما يستوي الاعمى والبصير…" ... 97
فاطر 22 ... "إن يسمع من يشاء…" ... 97
36-يس:
يس 69 ... "وما علمناه الشهر" ... 212
39- الزمر:
الزمر 30 ... "إنك ميت وإنهم ميتون" ... 255-263
40- غافر:
غافر 85 ... "فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا" ... 199
43- الزخرف:
الزخرف 40 ... "أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي" ... 96
46-الأحقاف:
الأحقاف 15 ... "وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" ... 763
الأحقاف 20 ... "أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا" ... 859
الأحقاف 28 ... "وذلك إفكهم" ... 159
47-محمد:(12/5)
محمد 15 ... "فيها أنهار من ماء" ... 43
48- الفتح:
الفتح 1 ... "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" ... 165
الفتح 18 ... "لقد رضي الله عن المومنين" ... 165
الفتح 18 ... "وأثابهم فتحا قريبا" ... 165
الفتح 27 ... "فجعل من دون ذلك فتحا قريبا" ... 165
49- الحجرات:
الحجرات 5 ... "ولو انهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم" ... 968
الحجرات 10 ... "إنما المومنون إخوة" ... 78
55- الرحمن:
الرحمن 3 ... "خلق الانسان علمه البيان" ... 683
58-المجادلة:
المجادلة 1 ... "قد سمع الله قول التي تجادلك" ... 743
المجادلة 3 ... "ثم يعودون لما قالوا" ... 743
69- الحشر:
الحشر 2 ... "هو الذي أخرج الذين كفروا" ... 116
الحشر 7 ... "وما ءاتاكم الرسول" ... 997-999
60- الممتحنة:
الممتحنة 10 ... "فإن علمتموهن مومنات فلا ترجعوهن إلى الكفار" ... 172
64- التغابن:
التغابن 14 ... "إن من ازواجكم وأولادكم عدوا لكم" ... 663
65- الطلاق:
الطلاق 1 ... "يأيها النبيء اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن" ... 727
الطلاق 1 ... "لا تخرجوهن من بيوتهن" ... 752
الطلاق 4 ... "واللئي يئسن من المحيض من نسائكم…" ... 750
الطلاق 4 ... "وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن" ... 750
الطلاق 6 ... "وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى" ... 763
66- التحريم:
التحريم 1 ... "لم تحرم" ... 707-732
التحريم 6 ... "قوا أنفسكم وأهليكم نارا" ... 699
67- الملك:
الملك 16 ... "ءامنتم من في السماء" ... 226
68- القلم:
القلم 51 ... "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم" ... 914
72- الجن:
الجن 1 ... "قل اوحي إلي أنه استمع نفر من الجن" ... 19
73- المزمل:
المزمل 4 ... "ورتل القرءان ترتيلا" ... 639
المزمل 20 ... "فاقرأوا ما تيسر منه" ... 643
74- المدثر:
المدثر 48 ... "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" ... 33
78- النبأ:
النبأ 4-5 ... "كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون" ... 162(12/6)
النبأ 29 ... "وكل شيء احصيناه كتابا" ... 727
108- الكوثر:
الكوثر 1 ... "إنا أعطيناك الكوثر" ... 634-660
110- النصر:
النصر 1 ... "إذا جاء نصر الله والفتح" ... 207-165
113- الفلق:
الفلق 4 ... "ومن شر النفاثات في العقد" ... 925(12/7)
{ كشاف الموضوعات }
استفتاح………………………………………………..….… 1
مقدمة……………………………………………….… 2 – 8
قسم الدراسة
الباب الأول: العصر والبيت الشبيهي
الفصل الأول: عصر الشبيهي الإدريسي
مدخل…………………………………………………………..…..9
المبحث الأول: المجتمع المغربي أواخر القرن 13هـ وبداية القرن 14هـ…………………10
الوضع السياسي…………………………………….…....………....10-15
الحالة الاجتماعية…………………………………………………….16-17
المبحث الثاني: الحركة العلمية والدرس الفقهي والحديثي…….............................….18
الوراقة وصناعة الكتاب………………………………………………..18-19
المجالس الحديثية……………………………………………………… …20
مجالس العلم……………………..…………………………………20-23
الفصل الثاني: البيت الشبيهي
مدخل………………………………………………………24-26
المبحث الأول: فرع الأدارسة والجوطيين…………………………………...27-28
المبحث الثاني: فرع الشبيهيين…………………………………………...29-31
الباب الثاني: الميراث الشبيهي
الفصل الأول: النشأة والتحصيل العلمي والوظيفة
المبحث الأول: اسمه ونسبه…………………………………………………32
المبحث الثاني: ولادته وأسرته…………………………….....…………..33-35
المبحث الثالث: نشأته ومكانته العلمية…………………………….……….36-38
المبحث الرابع: شخصيته ووظيفته…………………………………… …..39-40
الفصل الثاني: فهرسة الشبيهي
المبحث الأول: شيوخه……………………………………....….…….….41-45
المبحث الثاني: تلامذته…………………………………….…………..46-47
المبحث الثالث: آثاره ومستنسخاته……………………………………….48-51
الباب الثالث: الفجر الساطع على الصحيح الجامع: دراسة وتحليل
مدخل……………………………………………………… ……52
الفصل الأول: الجامع الصحيح في الدراسات المغربية
المبحث الأول: القيمة العلمية للجامع الصحيح…………………………………..53
حسن الترتيب للكتب والأبواب والأحاديث………………………………..53-55
فقه البخاري في تراجمه……………………………………………….……56
تقطيعه للحديث وتكراره…………………………………………….57..-58(13/1)
المبحث الثاني: الرواية المغربية للجامع الصحيح………………………………59-64
المبحث الثالث: الشروح المغربية للجامع الصحيح…………………………….65-73
الفصل الثاني: الفجر الساطع: منهج ومميزات
المبحث الأول: المنهج الفقهي للمؤلف…………………………………………74
ترتيب وتوثيق النقول الفقهية……………………………………… ………75
الإشارة إلى الخلاف الفقهي العالي…………………………………… ……...76
ترجيحه للمذهب المالكي………………………………………… ……….77
المبحث الثاني: مميزات الفجر الساطع على الصحيح الجامع………………… ………79
الإغناء عن مطولات الدفاتر………………………………………………..79
الولوع بشرح الحديث في ضوء الفقه المالكي…………….………………….79-81
الاهتمام بفقه تراجم البخاري…………………….………………………...81
الاعتناء بأصول المذهب المالكي………………………….………………82-83
الفصل الثالث: تحقيقات حول الفجر الساطع
المبحث الأول: تحقيق نسبة الكتاب إلى مؤلفه………………………………...84-85
المبحث الثاني: تحقيق عنوانه………………………….……………………86
المبحث الثالث: نسخه……………….……………………………..87-94
المبحث الرابع: منهج التحقيق والتعليق………….………………………..95 -99
الرموز المستعملة في الفجر الساطع على الصحيح الجامع…………………..……….100
صور نموذجية لأصل المؤلف ومخطوطة العرائشي …………………..…. .…..101-104
قسم التحقيق: "كتاب الفجر الساطع على الصحيح الجامع"
باب المبعث…………………………………………….……….....…….1
كتاب المغازي…………………..………………………………..…….103
كتاب التفسير………………………..…………………………..……268
كتاب فضائل القرآن……………………………………………….….…611
كتاب النكاح………………………………………………….……...649
كتاب الطلاق…………………………………………………………727
كتاب النفقات…………………………………………………….…..760
كتاب الأطعمة…………………………………………………………768
كتاب العقيقة…………………………………………………………804
كتاب الذبائح والصيد…………………………………………………..807
كتاب الأضاحي……………………………………………………….838
كتاب الأشربة………………………………………………………..849
كتاب المرضى…………………………………………………………873(13/2)
كتاب الطب………………………………………………………….891
كتاب اللباس……………………………………………………..…..934
ملحق الوثائق……………………………..…………………….……1011
الكشافات
كشاف الآيات القرآنية ………………………………………..............1019
كشاف الأحاديث النبوية………………………………………….……1027
كشاف الكتب الواردة في الفجر الساطع على الصحيح الجامع ……………..……..1032
كشاف الأعلام………………………………………………………1039
كشاف المخطوطات والمراجع……………………………….…………….1065
كشاف الموضوعات…………………………………….……………...1074(13/3)