الشرح المختصر على بلوغ المرام(/)
المقدمة
(مقدمة تسجيلات الاستقامة)
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آلة وصحبة والتابعين له بإحسان إلي يوم الدين
أما بعد
فيسر إخوانكم في مؤسسة الاستقامة الإسلامية للإنتاج والتوزيع في عنيزة أن يقدموا لكم تسجيلا جديدا لشرح بلوغ المرام الذي يشرحه فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله تعالى بعد صلاة العصر مباشرة في الجامع الكبير في مدينة عنيزة وقد اخترنا تسمية هذا الشرح :الشرح المختصر بعد صلاة العصر وكانت بداية شرح الشيخ في غرة شهر جمادى الأولى في عام سبعة عشر وأربعمائة وألف من الهجرة وتستمعون في هذه المجموعة شرح الكتب التالية الطهارة والصلاة والجنائز وقد جاء شرح هذه الكتب في ثمانية عشر شريطا من الأول إلى السادس لكتاب الطهارة ومن السابع إلى في كتابي الصلاة والجنائز والآن أيها الأخوة مع الشريط الأول .
(مقدمة قارئ المتن)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام .
الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديما وحديثا والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وآله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرا حثيثا وعلى أتباعه الذين ورثوا علمه والعلماء ورثة الأنبياء أكرم بهم وارثا وموروثا
أما بعد(1/1)
فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية حررته تحريرا بالغا ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغا ويستعين به الطالب المبتدي ولا يستغن عنه الراغب المنتهي وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة لإرادة نصح الأمة فالمراد بالسبعة أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة وبالستة من عدا أحمد وبالخمسة من عدا البخاري ومسلم وقد أقول الأربعة وأحمد وبالأربعة من عدا الثلاثة الأُول وبالثلاثة من عداهم وعدا الأخير والمتفق عليه البخاري ومسلم وقد لا أذكر معهما غيرهما وما عدا ذلك فهو مبين . وسميته بلوغ المرام من أدلة الأحكام والله أسأل أن لا يجعل ما علمنا علينا وبالا وأن يرزقنا العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى .
(كلام الشيخ )
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد(1/2)
فقد قال الله عز وجل ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) والذكر هو القرآن الكريم كما قال تبارك وتعالى ( إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ) وقال عز وجل ( وإن هو إلا ذكر لك ولقومك وسوف تسئلون ) حفظ الله تعالى هذا القرآن من التحريف والتغيير والتبديل والزيادة والنقص وكل من حاول أن يحرف كلام الله عز وجل قيض الله له من يبين له باطنه وزيف قوله فبقى كتاب الله تعالى محفوظا نحن نقول كتاب الله تعالى محفوظ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ثم إن الله تعالى حفظ سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بما قيض لها من العلماء الناصحين الذين وهبهم الله تعالى علما وحكمة فميزوا صحيحها من ضعيفها وميزوا شاذا من محفوظها ومنكرها من معروفها وكانت السنة بفضل الله على هؤلاء العلماء صارت بينة واضحة ناصعة يعرف منها الصحيح من الضعيف من الباطل وتنوعت أراء العلماء في تدوين السنة فمنهم من دونها على المسانيد ومنهم من دونها على الأبواب ومنهم من دونها على الرجال واختلفوا فيها اختلافا كثيرا لكن هي ولله الحمد محفوظة . فمنهم من دونها على الأسانيد بمعنى أنه يذكر مسند أبي بكر وحده يعني كل ما روي عن أبي بكر . مسند عمر وحده يعني كل ما روي عن عمر مسند عثمان وحده كل ما روي عن عثمان مسند على بن أبي طالب وحده كل ما روي عن على و هلم جرا ومنهم من ألف على البواب . الأبواب يعني باب كذا كتاب كذا وهذا أيضا كثير ومنهم من ألف على وجه مختصر ومنهم من ألف على وجه مطول ومن خير ما ألف على وجه مختصر كتاب بلوغ المرام للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله فأنه كتاب من أحسن الكتب وأجمعها كتاب بين فيه المؤلف رحمه الله مرتبة الأحاديث وهذه ميزة يتميز بها عن غيره لأن كثيرا من العلماء تجده يذكر الشرط ومن رواه وخرجه لكن لا يذكر مرتبته في الصحة من عدمها أما هذا الكتاب فقد تميز بهذه الميزة لأن مؤلفه إما م حافظ رحمه الله في علك(1/3)
الحديث بدأ هذا الكتاب بقوله الحمد لله على نعمه الظاهرة والباطنة قديم وحديثا يحمد الله سبحانه وتعالى على نعمه التي لا تحصى وكم لله علينا من نعم عظيمة كثيرة لا نحصيها أبدا وإن تعوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) نعم الله علينا ظاهرة وباطنة قديما وحديثا وفي قوله قديما وحديثا ما يسمى عند البلاغيين براعة الاستهلال الحديث الكتاب في الحديث ثم ذكر الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرا حثيثا وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم والعلماء ورثة الأنبياء أكرم بهم وارثا وموروثا العلماء ورثة الأنبياء لأن هذه الأمة لا نبي فيها بعد خاتم النبيين محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن يرشد الناس من يهد الناس كم يبين لهم دينهم من يتحمل المسؤولية فيهم هم العلماء الذين ورثوا محمد - صلى الله عليه وسلم - ورثوه في العلم وفي الدعوة وورثوه في العبادة والإرشاد وفي الصبر على ذلك وليس كل من كان عالما يكون وارثا للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوارث لابد أن يكون خلفا للموروث فيما تركه لمن بعده ولا يمكن أن يكون العالم وارثا للنبي حتى يقوم بدعوته وبيان سنته والعمل بها ويكون داعيا إلي الله بمقاله وحاله هذا هو العالم الذي يقال أنه من ورثة الأنبياء نسأل الله أن يجعني وإياكم منهم العلماء الذين ورثوا علمهم اكرم بهم وارثا وموروثا يعني ما أكرمهم وارثا وهم العلماء وموروثا وهم الأنبياء ثم ذكر رحمه الله تعالى مصطلحاته فيما يذكره عقب كل حديث لقد ذكر عقب كل حديث من خرجه من السبعة الذين هم الإمام أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة أبو بعضهم وقد بين ذلك مفصلا وذكر رحمه الله أن ما رواه البخاري ومسلم يسميه متفق عليه وهذا اصطلاحه وعليه جرى أكثر الناس ومن العلماء من قال إن المتفق عليه ما رواه البخاري ومسلم والإمام(1/4)
أحمد كصاحب المنتقى رحمه الله مجد الدين جد شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى عليه من الله الرحمة والرضوان هذا قال إذا قال المتفق عليه فالمراد الإمام أحمد والبخاري ومسلم قال الحافظ ابن حجر وقد لا أذكر معهما أي البخاري ومسلم غيرهما اكتفاء بما رواياه لأن البخاري ومسلم تلقت الأمة كتابيهما صحيح البخاري وصحيح مسلم تلقتهما بالقبول والاعتماد حتى ذكر بعض العلماء أن ما اتفق عليه البخاري ومسلم فهو مفيد للعلم اليقيني فعلى كل حال هذا الكتاب من أحسن الكتب التي ألفت في هذا الموضوع وقد شرعنا فيه اليوم ولله الحمد وهو يوم الحد السابع والعشرين من شهر ربيع الأول عام سبعة عشر وأربعمائة وألف نسأل الله تعالى أن يرزقنا إتمامه على خير وهذا الكتاب قال المؤلف في أخر خطبته له قال نسأل اله تعالى أن لا يجعل ما علمنا عينا وبالا يعني يجعل علمنا خيرا لنا لا وبالا علينا لأن العلم أيها الأخوة إما وبال على الإنسان وإما خير إن قاده إلى رضوان الله فهذا خير وإن لم يقده إلى رضوان الله فهذا وبال عليه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن حجة لك أو عليك قال رحمه الله أسال الله أن لا يجعل ما علمنا علينا وبالا و يرزقنا العمل بما يرضيه تبارك وتعالى نسأل الله لنا وله ذلك وأن يتقبل منا ومنه بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى(1/5)
كتاب الطهارة
باب المياه
((عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة واللفظ له وصححه ابن خزيمة و الترمذي ورواه مالك والشافعي وأحمد .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الماء طهور لا ينجسه أخرجه الثلاثة وصححه أحمد
وعن أبي أمامة الباهلي رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه و طعمه و لونه أخرجه ابن ماجة وضعفه أ[و حاتم وللبيهقي الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيه .))
قال المؤلف ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في مؤلفه بلوغ المرام قال كتب الطهارة باب المياه بدأ العلماء رحمهم الله الذين يتكلمون على الفقه بدءوا كتبهم الحديثية والمسائل وذلك لأن الطهارة تنقسم إلى قسمين .
الأول طهارة القلب والثاني طهارة البدن .
فأما طهارة القلب فهي طهارة معنوية ومعناها أن يطهر الإنسان قلبه من الشرك كله صغيره وكبيره ظاهره وخفيه ويطهره كذلك من إرادة البدعة البدع كلها قليلها وكثيرها قوليها وفعليها ويطهه كذلك من الغل والحقد على المؤمنين والحسد وكراهة ما يسر المؤمن وغير ذلك مما يجب التنزه عنه وهذا هو الأهم وأما الطهارة الأخرى وهى طهارة ابدن فهي طهارة ظاهرية ويقصد بها شيئان .
الأول : الطهارة من الأحداث
الثاني : الطهارة من الأنجاس والأقذار كالأبوال والغائط وغير ذلك .
أما النوع الأول من الطهارة فيحصل باتباع الكتاب والسنة ودراستهما دراسة حقيقية تشمل الدراسة اللفظية والدراسة المعنوية والتلاوة والاتباع .(2/1)
وأما الثاني فيحصل : بالماء ولهذا قال المؤلف بعد كتاب الطهارة باب المياه وجمعها باعتبار أنواعها لأن الماء طهور لا شك فيه ونجس لا شك فيه ومشتبه هل هو نجس أو طهور على ما يأتي أن شاء الله تعالى فبدأ رحمه الله فبدأ رحمه الله بحديث أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته ولهذا الحديث سبب وهو أن قوما جاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله أنا نركب البحر وليس معنا ماء نتوضأ به فأمرهم أن يتوضئوا بماء البحر فقال لهم هو الطهور ماؤه يعني أن ماؤه طهور بالفتح ما تحصل به الطهارة وبالضم الطهور فعل الطهارة والمراد به هنا المعنى الأول أو هو الذي ماؤه يطهر حتى لو تغير بالملوحة وغيرها فإنه لا يضر لأن تغيره هذا لمكثه لا لطارئ فيه ثم إن الملوحة أيضا أصله من الماء . الطهور ماؤه وهذا عام في كل مياه البحار حتى المستنقعات التي تكون في أرٍض السباخ وحتى الغدران التي تكون من لأمطار كل ذلك طهور الطهور ماؤه .(2/2)
الحل ميتته : لم يرد السؤال عنه ولكن من كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحره على بذل العلم ذكر لهم ما قد يحتاجون إليه لأنه ربما ينفد ما عندهم من الطعام والشراب فيحتاجون إلى طعام فبين لهم أن البحر ميتته حلال وعموم الحديث يشمل كل أنواع القوت حتى لو كان نظيره في البر يحرم فإنه في البحر لا يحرم بل ميتته حلال وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم فقال: ( أحل لكم صيد البحر متاع لكم وللسيارة ) أما صيد البحر فهو القوت الذي يؤخذ حيا وأما طعامه فهو القوت الذي يؤخذ ميتا هكذا فسره عبد الله بن عباس رضى الله عنه فعلى هذا فلو وجدت سمكا طافيا على ظهر الماء أو قد ألقته الأمواج على الساحل ووجدته ميتا فكله ولا حرج عليك لأنه حلال بنص النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى البحار ذكر المياه على سبيل العموم فقال وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الماء طهور لا ينجسه شيء . إن الماء. الماء عام كل ماء نبع من الأرض أو نزل من السماء فإنه طهور وقوله لا ينجسه شيء أي أن الماء يطهر ولا ينجس . ولا ينجسه شيء لكن جاءت الأحاديث بعد هذا تدل أنه إذا تغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة فإنه يكون نجسا فإنه يكون نجسا وعلى هذا فلو أن الإنسان وجد ماءا قد جمعته الأمطار ولو كان قليلا ولو كان يغلب على ظنه أن السباع تشرب منه فأنه طهور ما دام لم يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه بنجاسة فإنه طهور ولو سقطت في الماء فأرة فماتت فيه ولم يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه بنجاسة فهو طهور يتطهر منه الإنسان ويشرب منه ولا حرج عليه في ذلك إلا إذا قيل إنه إذا شرب منه فإنه يضره صحيا فإنه لا يشرب لكن يتوضأ منه ولا حرج إذا القاعدة جميع مياه البحار طهور .(2/3)
ثانيا جميع المياه على وجه الأرض طهور إلا إذا تغيرت بالنجاسة طعمها أو لونها أو ريحها فإن قال قائل فإن كانت النجاسة ليس لها رائحة بينة وليس لون ووقعت فيه وهي كثيرة نسبيا فهل تنجسه ؟ نقول : ظاهر الحديث أنها لا تنجسه لكن العلماء رحمهم الله يقولون إذا كانت النجاسة ريحها ليس قويا ولونها يوافق لون الماء والطعم لم يتغير فأنه يقدر لو كان لونها يخالف لون الماء ثم بعد هذا التقدير إذا قدر أن الماء يتغير صار نجسا وهذه نجاسة التقدير يعني أفرض مثلا أن هذا ماء في إناء صغير بال فيه أحد لكن بوله لا ريح له لأن الإنسان إذا كان معه إدرار فأن لونه لا يتغير وريحه تكون ضعيفة وهنا لابد أن نقدر أن هذا الشيء مخالف لونه للون الماء حتى نحكم عليه بالطهارة أو النجاسة فإذا شككنا فهذا هو المشكوك فيه لأن الماء إذا سقطت فيه نجاسة ولم تغيره فهو طهور لا إشكال فيه وإن غيرته فهو نجس لا إشكال فيه وإن تردد الأمر بين أن تغيره أو لا فهو مشكوك فيه والمشكوك فيه يرجع فيه إلي الأصل وما هو الأصل الطهارة والله أعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/4)
((الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في الأحاديث في بابا المياه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب أخرجه مسلم وللبخاري لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه ولمسلم منه ولأبى داود ولا يغتسل فيه من الجنابة وعن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تغتسل المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة وليغترفا جميعا أخرجه أبو داود والنسائي وإسناده صحيح . وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل بفضل ميمونة رضى الله عنها أخرجه مسلم ولأصحاب السنن أغتسل بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في جفنة فجاء يغتسل منها فقالت إني كنت جنبا فقال إن الماء لا يجنب وصححه الترمذي وابن خزيمة .))
بسم الله الرحمن الرحيم(2/5)
هذه أحاديث في بلوغ المرام ذكرها المؤلف في باب المياه من كتاب الطهارة عن أبي هريرة رضى الله عنه وعن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن ميمونة أما حديث أبي هريرة ففيه مسألتان المسألة الأولي وفيها نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل الإنسان في الماء الدائم وهو جنب يعني عليه جنابة فوجد ماء في غدير أو نحوه فانغمس فيه ونوى الغسل من الجنابة فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم -عن ذلك ووجه النهي أنه إذا رجل فاغتسل فيه من الجنابة وآخر كذلك وثالث ورابع تلوث الماء وصار ير صالح للاستعمال ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -أن يغتسل فيه من الجنابة وإذا كان منهيا أن يغتسل فيه من الجنابة والغسل من الجنابة واجب فكذلك لا غسل فيه من أجل التنظيف وإزالة الأذى هذا إذا كان دائم لا يجري أما إذا كان يجري فلا بأس مثل أن يغتسل الإنسان في بركة البركة هذه لا تجري لكنها يأتيها سواقي تصب فيها وتجري فهذا لا بأس به .
أما الحديث الثاني ففيه ألفاظ أخري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه هذا أيضا مما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يبول في الماء الدائم الراكد الذي لا يجري ثم يغتسل فيه لان هذا تناقض كيف تجعله مبالا مكانا للنجس والقذر ثم تغتسل منه ففي هذا تناقض ثم إن الإنسان إذا بال في الماء الراكد وجاء أخر فبال وثالث ورابع تنجس الماء وفي لفظ مسلم ثم يغتسل منه والفرق بين فيه ومنه أن الذي يغتسل فيه يعني ينغمس فيه ومنه يعني يغترف منه ويغتسل به وكلاهما منهي عنه للتناقض والتضاد ولأبى داود ولا يغتسل فيه من الجنابة وكما ذكرنا أن تقييده بالجنابة ليس إخراج لما سواه من الاغتسال ولكن إذا كان منهي عن الاغتسال من الجنابة فغيره من باب أولى .(2/6)
أما الحديث التالي فعن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مجهول لكن جهالة الصحابي لا تضر لأن الصحابة كلهم ثقاة كلهم لا يمكن أن يكذب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة أو المرأة بفضل الرجل وليغترفا جميعا هذا هو الأفضل والمشروع يعني مثلا رجل وزوجته عندهما إناء يمكن أن يغتسل الرجل قبل المرأة ثم تأتي المرأة فتغتسل أو تغتسل المرأة ثم يأتي الرجل فيغتسل فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي إرشاد لا نهي تحريم وأمر بحال أفضل من هاتين الحالتين وهى أن يغترفا جميعا فيجلس الرجل إلى جانب الإناء والمرأة إلي الجانب الأخر لأن هذا أوفر للماء وأجمع للقلب وأشد للمحبة بين الزوجين ولهذا أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم -إلى ذلك فأما الحديث الثالث فهو عن ميمونة رضى الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل بفضل ماءها فقالت إني جنب فقال إن الماء لا يجنب فدل ذلك على أن النهي في الحديث الأول ليس للتحريم وإنما للإرشاد والأولى والله الموفق .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المياه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب . أخرجه مسلم وفي لفظ له فليرقه و الترمذي أخراهن أو أولاهن وعن أبي قتادة رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم . أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب المياه في كتاب الطهارة من بلوغ المرام .(2/7)
قال عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب يعني تطهيرا ويجوز الفتح على أنه ما يطهر به لكن الضم أولى طُهورأن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب .
والكلب هنا هو الحيوان المعروف وظاهر الحديث أنه يشمل الكلب الذي يباح اقتنائه وغيره والكلاب التي يباح اقتنائها ثلاثة أنواع .
1- كلب الحرث يعني يكون للإنسان بستانا ويجعل فيه كلبا يحرث البستان عن الذئاب والثعالب وغيرها .
2- كلب الماشية يكون عند الإنسان ماشية في البر يحتاج إلى حمايتها وحفظها يتخذ كلبا ليحميها من الذئاب والسباع ومن السراق ونحوهم لأن بعض الكلاب معلم إذا أتي شخص أجنبي نبح حتى ينتبه صاحبه له .
3- كلب الصيد يتخذ الإنسان كلبا يعلمه الصيد ويصيد به . فهذه ثلاثة أنواع من الكلاب المباحة وكذلك إذا كان الإنسان في قصر يحتاج إلى كلب يحرس القصر فلا بأس لأن هذا أشد من حماية الماشية وإذا جاز اتخاذ البيت لحماية الماشية فاتخاذه لحماية البيت وأهله من باب أولى .
على كل حال ظاهر الحديث إذا ولغ فيه الكلب يشمل الكلب الذي يباح اقتنائه والذي لا يباح اقتنائه وقد علمتم الذي يباح وما عدا ذلك فلا يباح ويحرم على الإنسان أن يتخذ كلبا يلهو به أو يتخذه في غير هذه الأنواع(2/8)
وقوله أولاهن بالتراب يعني معناه إذا غسله أول مرة ذر عليه التراب ثم دلفه به ثم غسله ست غسلات وهذا أحسن ما يكون لأنه إذا كان التراب في الأولى صارت الغسلات الباقية لا تحتاج إلى تراب لأن نجاستها خفت . وظاهر الحديث وجوب الغسل سبع مرات وأن لم يكن هناك نجاسة لأن الولوغ في الغالب لا يغير الماء سيما إذا كان الماء كثيرا لكن الحديث عام فإن قال قائل فهل مثل ذلك نجاسته بالبول والعذرة والعرق والدمع وما أشبه ذلك ؟ قلنا أكثر العلماء على هذا يقولون بقية نجاسته كولوغه وبعضهم يقول إن هذا خاص بالولوغ وعلى هذا أهل الظاهر وبعض أهل المعاني أيضا وقالوا إن فيه دودة صغيرة لا تدركها العين إذا ولغ الكلب في الإناء تلوث الإناء بها ثم إذا غسل سبع مرات مع التراب زالت هذه الدودة الصغيرة وإلا بقيت عالقة في الإناء فإذا استعمله الناس نزلت هذه الدودة مع الطعام والشراب وخرقت المعدة ومن ثم قال بعض العلماء إنه لا يجزئ عن التراب غيره ولو كان أشد تنظيفا منه لان النبي عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب خص التراب ولعل فيه خصيصة لا نعلمها ثم إن التراب أحد أنواع الطهورين لأن الطهور إما ماء وإما تراب وغير التراب ليس يطهر التراب يطهر بالتيمم وهذا القول أرجح إلا إذا تعذر التراب فيغني عنه الصابون ونحوه مما يزيل أثر النجاسة ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث أبي قتادة في الهرة وهي القط أو البس وهي معروفه إذا ولغت في الإناء فإنها طاهرة لا تنجسه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيها إنها ليست بنجس ثم علل ذلك بقوله إنها من الطوافين عليكم يعني من الأشياء التي يكثر ترددها على الناس في بيوتهم لشق على الناس التحرز منها ولكن من رحمته عز وجل رفع عنها النجس وجعلها طاهرة والله عز وجل يحكم بما يشاء ولهذا الحمر مثلا قبل أن تحرم بساعات وهي(2/9)
حرام طيبة فما حرمت من حين حرمت صارت خبيثة نجسة فالله عز وجل يحكم بما يشاء فالهرة سلب الله نجاستها وكانت طاهرة والحكمة من ذلك أن لا يشق الله على العباد سبحانه وتعالى لأنه بالناس رؤوف رحيم وقوله أنها من الطوافين يقال أن هذه العلة هي العلة الحقيقية وعلى هذا فالفأرة وما أشبهها مما يكثر ترده في البيوت تكون من الطاهرات إذا ولغت في الإناء فإنه يكون طاهرا أو إذا سقطت في الإناء فخرجت منه حية فإنه يكون طاهرا وقوله إنها ليست بنجس يستثنى من ذلك بولها وعذرها فإنه نجس لأن كل شيء لا يؤكل فبوله وعذرته نجسة حتى وإن كان طاهرا فهاهو الآدمي مثلا بوله وعذرته نجسة وهو طاهر في حياته وكذلك بعد الموت وكذلك الهرة فهي طاهرة إلا بولها وعذرتها فإنها نجسة والحق بعض العلماء بالهرة ما كان دونها في الخلقة وإن كان نادر الوجود في البيوت وهذا القول ضعيف لأننا إذا قلنا بأن العلة هي الخلقة وإنما كان مثلها أو دونها فهو طاهر ألغينا العلة التي نص عليها الشرع وأثبتنا علة من عند أنفسنا وهذا لا يجوز بل يقال كل ما يشق التحرز منه من الحيوان المحرم الأكل فهو طاهر إلا الكلب فإنه يستثنى لأنه نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المياه عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجرهم الناس فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذنوب من ماء فأهريق عليه متفق عليه . وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحلت لنا ميتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت وأما الدمان فالطحال والكبد . أخرجه أحمد وابن ماجة وفيه ضعف .
بسم الله الرحمن الرحيم .(2/10)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتبه بلوغ المرام في باب المياه فيما ساقه من الأحاديث في هذا الموضوع .
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد . الأعرابي هو ساكن البادية والغالب على الأعراب الجهل لأنهم ليسوا في المدن والقرى حتى يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله فهم جهال فدخل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -وكان فيه برحة متسع فتنحى طائفة وجعل يبول فزجره الناس أي نهروه بشدة ليقوم من بوله لأن البول نجس والمسجد يجب أن يطهر من النجاسة فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تذرموه يعني لا تقطعوا عليه بوله دعوه يكمل فلما قضى من بوله أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بذنوب من ماء والذنوب هو الدلو المملوءة فأهريق عليه ثم دعا الأعرابي فقال له إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من القذر إنما هي للصلاة والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - فقال الأعرابي اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا أحدا قال ذلك لأن الصحابة نهروه وزجروه وأما محمد - صلى الله عليه وسلم - فتكلم معه بهدوء وبين له الحكم الشرعي على وجه أطمئن إليه ففي هذا الحديث فوائد منها .(2/11)
أن الجاهل لا يكلم كما يكلم العالم وإنما يرفق به لأن هذا الأعرابي ظن أن هذه البرحة كالبر أي مكان يبول فيه الإنسان فلا بأس به ومنها أي الفوائد أن الغالب على البادية الجهل وكذلك من كان في معنى البادية وهو الذي لا يحضر مجالس العلم ولا يختلف إلى العلماء فإنه سيغلب لعيه الجهل ومنها وجوب المبادرة بإنكار المنكر لأن الصحابة بادروا بإنكار المنكر وزجروه بشدة ومنها أنه إذا كان المنكر ومنها إذا كان المنكر لا يزول إلا بما هو أعظم فإنه لا ينكر بل يسكت عليه حتى ينكر فيما بعد ودليل ذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى الصحابة أن يقطعوا عليه بوله ووجه ذلك أن المفسدة حصلت بأول البول وقطعه يه مضرة على نفس الأعرابي وفيه أنه ربما يتلوث ثياب الأعرابي وأفخاذه وربما تتلوث من المسجد بقعة كبيرة حيث يترشش البول فلما كان هذا المنكر وهو البول في المسجد قطعه يترتب عليه ما هو أعظم منه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإبقاء عليه ومنها أن الأرض تطهر إذا صب عليها الماء ولا حاجة إلى تحجيرها كما يفعل البعض بل يصب الماء على مكان النجاسة وتطهر الأرض إلا إذا كانت النجاسة لها جرم كالعذرة والدم الجاف فلابد أن يزال هذا الجرم ثم يغسل مكانه بصب الماء عليه ومن فوائد الحديث أن النجاسة على الأرض لا يشترط فيها عدد يكفي أن تغمر بالماء فتطهر ومن فوائد الحديث ان بول الآدمي نجس ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بتطهير الأرض منه وهو كذلك وقد ورد الوعيد على من لا يستنزه ويستبرء من بوله كما سيذكر إن شاء الله تعالى ومن فوائد الحديث أنه يشترط للصلاة طهارة البقعة لأن المسجد مكان الصلاة ولو لم تشترط الطهارة ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بأن يراق على بوله الماء ومن فوائد الحديث أن لا يجوز إلقاء النجاسة في المساجد وكذلك لا يجوز إلقاء القمامة فيها ولو كانت طاهرة لأنه يجب أن تنزه المساجد عن الأذى والقذر لأن النبي - صلى(2/12)
الله عليه وسلم - عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ومن فوائد الحديث أن تطهير المساجد فرض لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك أريقوا على بوله وهو فرض كفاية إن قام به أحد يكفي كالموظف أو غيره وإلا وجب على كل من علم بالنجاسة أن يزيلها أو يخبر من يزيلها ومن فوائد الحديث حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وتعليمه وحكمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التعليم ولهذا نزل هذا الجاهل في المنزلة التي يستحقها لم يزجره ولم يوبخه ولم يقطب في وجهه بل كلمه بهدوء ومن فوائد الحديث أيضا حسن تعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث بين أن المساجد لا يصلح فيها شيء من الأذى والقذر وأنها بنيت لعبادة الله عز وجل كالصلاة والذكر وغيره ومنها أيضا أن لا يفعل شيء يتعلق بالدنيا في هذه المساجد فلا يباع فيها ولا يشترى ولا تنشد الضالة ولا يكتتب فيها بصنعة فلو كان الإنسان خياطا وفعل هذا بها كان حراما لأنها لم تبنى للدنيا إنما بنيت لما يقرب لله عز وجل ومن الفوائد أن البول نجس وان المساجد يجب تطهيرها وأن طهارة الأرض تكون بمكاثرتها بالماء والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المياه عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسو الله - صلى الله عليه وسلم - أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت وأما الدمان فالكبد والطحال أخرجه أحمد وابن ماجة وفيه ضعف وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء أخرجه البخاري وأبو داود وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء
بسم الله الرحمن الرحيم .(2/13)
ساق المؤلف ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الطهارة في باب المياه حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسو الله - صلى الله عليه وسلم - أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالجراد والحوت وأما الدمان فالكبد والطحال . أحلت يعني أحل الله لنا ميتتان ودمان ثم فصل ذلك بأن الميتتين هما الجراد والحوت والدمان الكبد والطحال لكن المؤلف ذكر أن سنده ضعيف وهو ضعيف بالسند المرفوع لكن صحيح موقوفا فإنه صح عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن فعل ذلك والصحابي إذا قال أحلت لنا فله حكم الرفع لأن المحلل هو الله ورسوله فإذا قال الصحابي أحلت لنا يعني أحل لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك . ميتتان ودمان الميتة الأولى الجراد وهو معروف والجراد طائر يرسله الله تعالى رحمه ويرسله نقمة قد يسلط على الزروع والأعشاب فيأكلها ويتلفها كما أرسله الله تعالى على آل فرعون أرسل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات أرسل عليهم الجراد يأكل الزروع والضفادع يفسد الماء والدم يأخذ من أبدانهم وغير ذلك المهم أن الجراد حلال ميتته وكان بعض الناس يجمعونه ويبيعونه فيأكله الناس وهو شهي طيب فإن وجدت جراد ميتا فهو حلال وإن وجدته حيا لم يحتج إلى تذكية لأنه ليس فيه دم . والحوت هو كل ما يعيش في الماء والبحار فهو حلال حيه وميتته فإذا وجدت البحر قد لفظ حوتا ميتا فكله ولا بأس وإن وجدته حيا فأرسلته إلى أي مكان حتى مات فهو حلال دليل هذا من كتاب الله تعالى قوله جل وعلا ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة ) قال ابن عباس رضى الله عنهما صيد البحر ما أخذ حيا من البحر من الحوت وأما الدمان اللذان أحلهما الله تعالى فالكبد والطحال وهما أيضا معروفان في جوف الحيوان الطحال ماسك بالكرش والكبد مستقل وكلاهما من الدم لكنهما حلال أحلهما الله عز وجل . وأعلم أن جميع ما ف البحر حلال حيه(2/14)
وميته سواء كان على شكل الذئاب أو الدواب أو على شكل الآدمي أو أي شكل كان لأن الله تعالى قال أحل لكم صيد البحر وطعامه ) سواء أخذ حيا أم ميتا وكذلك الكبد والطحال هما حلال وكل ما يبقى من الدم بعد التذكية فهو حلال في العروق والقلب وغيره . وأفاد الحديث أن الأصل في الميتة أنها حرام لقول الله تعالى ( حرمت عليكم الميتة ) إلا ميتة السمك والجراد والدم الأصل فيه التحريم لقوله الله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ) إلا الطحال والكبد وما يبقى من الدم بعد التذكية . وساق المؤلف رحمه الله تعالى هذا الحديث في باب المياه إشارة إلى أن ما كان حلالا فهو طاهر وعلى هذا فلو سقط الجراد في ماء ومات فيه وتغير الماء فإنه أي الماء طاهرا وكذلك لو سقط فيه حوت ومات وأنتن فصارت له رائحة فهو حلال أيضا وطاهر وليس بنجس وكذلك الدم فلو أن كبد الحيوان المذكى سقط في ماء وأحمر الماء منه فهو طهور يتطهر به ويشرب ولا بأس منه وكذلك الطحال . وأعمل أن الدماء منها طاهر ومنها نجس والطهر م الحيتان كلها كل دم الحوت طاهر لأن ميتته طاهرة وكل ما ميتته طاهرة فدمه طاهر وهذا ضابط ينفعنا كل شيء ميتته طاهرة فهو طاهر إلا الآدمي فإن جمهور العلماء على أن دم بي آدم نجس لكن يعفى عن يسيره إلا ما خرج من السبيلين ونحن نقول دم الآدمي أختلف العلماء فيهم رحمهم الله تعالى فمنهم من يقول إنه نجس لكن ما خرج من غير السبيلين يعفى عن يسيره وما خرج مهما فلا يعفى عنه ومنهم من يقول إنه طاهر إلا ما خرج من السبيلين فإنه نجس لا يعفى عنه وعلة ذلك قال لو كان دم الآدمي نجسا لكان إذا قطع عضو من أعضائه صار العضو نجسا لأن العضو أبلغ من الدم فإذا كان ما قطع منه وهو حي طاهر كيده ورجله وغلفته عند الختان طاهر فكذلك الدم يكون طاهرا ولان الصحابة رضى الله عنهم كانوا يجرحون في الغزو ولم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بغسل ثيابهم بل إن الشهداء الذين يستشهدون(2/15)
في سبيل الله وثيابهم ملطخة بالدماء أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدفنوا في ثيابهم ودمائهم ولم يأمر بغسلها ولو كانت دماء الآدمي نجسه لوجب غسلها لأن الميت لا يجوز أن يتلوث كفنه بالنجاسة على كل حال القول بأن دم الآدمي طاهر هو الأصح إلا ما خرج من السبيلين لكن من باب الاحتياط ومراعاة خلاف العلماء ينبغي للإنسان أن يغسل الدم عن ثوبه احتياطا واتباعا لأكثر أهل العلم أما من حيث النظر فليس في السنة ما يدل على أن دم الإنسان نجس إلا ما خرج من السبيلين وهو أيضا قول موافق للقياس لأن أعلى ما نقول أن الدم جزء من الإنسان وأجزاءه طاهرة فيكون الدم طاهرا ودم ما لا يؤكل نجس قليله وكثيره ولا يستثنى منه شيء مثل الكلب والهر ولا ينتفع بشيء منها لأن ميتتها نجسة فكذلك دمائها ودم ما يؤكل نجس لكنه يعفى عن يسيره إذا خرجت الحياة لقوله تعالى ( قل لا أجد فيما أوحي إلى محرم على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس) أي نجس فإن سألنا سأل ما تقولون في رجل فيه باصور يخرج منه الدم وأخر فيه ناسور يخرج منه الدم نقول الباسور نجس لأنه يخرج من داخل الدبر والناصور ليس بنجس لأنه يخرج من خارج الدبر فهو جرح يكون خارج الدبر لكنه قريب منه فهو كباقي الدمان وقد علمتم أن دم الآدمي طاهرة إلا ما خرج من أحد السبيلين والباسور نجس قليله وكثيره والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المياه عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء أخرجه البخاري وأبو داود وذاد وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء وعن أبي واقد الليثي رضى الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له(2/16)
بسم الله الرحمن الرحيم قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام فيما نقله عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي شفاء أخرجه البخاري وابو داود وذاد وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء والذباب معروف وهو من أضعف الحيوانات وأحقرها وأسرعها موتا ولهذا قال الله تعالى ( يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) فجميع ما يعبد مندون الله تعالى لا يستطيع أن يخلق ذبابا ولو أن الذباب أخذ منه شيئا لا يستنقذوه منه فحتى هو يغلبهم فهم ضعفاء فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا وقع في شراب من ماء أو لبن أو مرق أو أي شراب لو وقع فيه ذباب أمر أ، نغمسه ثم ننزعه ثم نرميه أما الشراب فنشربه ثم علل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بأن في أحد جناحيه داء وفي الأخر دواء وهو يتقي بجناحه الذي فه الداء إذا أهوى جعله الأسفل فإن نزعته قبل أن تغمسه صار الشراب فيه الداء دون الشفاء وإذا غمسته تقابل الشفاء والداء فارتفع الداء ففي هذا الحديث من الفوائد .
أولا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما جاء بطب القلوب والشفاء من أدوائها جاء بطب الأبدان أيضا ففي السنة من وصف الدواء وبيان الأدوية الشيء الكثير والرسول - صلى الله عليه وسلم - كلنا يعلم أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يتعلم الطب فمن أين جاءه ذلك إلا من الوحي فيكون ذلك شاهدا على أنه رسول الله حقا - صلى الله عليه وسلم - .(2/17)
ثانيا : أن الأشياء تداوى بضدها وهذه قاعدة معروفة في الطب فالحار يداوي بالبارد فالحمى إذا أصابت الإنسان فإن دوائها بالتبريد قال - صلى الله عليه وسلم -الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء والحمى حرارة تبرد بالماء والطب الحاضر شاهد بذلك الآن .
ثالثا : أن الذباب ميتته طاهرة وهذا هو الذي ساق المؤلف الحديث من أجله وإذا كانت ميتته طاهرة كان ما وقع فيه من الشراب طاهرا فأي شراب يقع فيه ذباب ويموت فهو طاهر ويشرب فإن كرهه الإنسان فله تركه ولا شيء عليه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم إليه الضب وهو حيوان معروف ولم يأكل منه فقيل له أحرام هو يا رسول الله قال لا ولكنه ليس في أرض قومي فأجدني أعافه وتركه وهو حلال فأن كانت نفسك لا تتحمل شراب وقع فيه ذباب فلا عليك أن لا تشربه فإن قال قائل إذا وقع الذباب في شراب فمات فيه فغمسته ثم أخرجته فهل يلزمني أن أخبره بأن الذباب وقع فيه ومات ؟ الجواب لا يلزمك لأن موت الذباب فيه لم يؤثر شيئا ولم ينقله من الحل إلى التحريم ولا من الطهارة إلى النجاسة . الحق العلماء رحمهم الله تعالى بذلك كل شيء يشبه الذباب وهو ما ليس له دم إذا جرح مثل البعوضة والجرادة والعقرب والخنفساء والجعل والدودة وما أشبه ذلك كل هذا ميتته طاهرة أما ما له نفس سائلة وهو حرام الأكل فميتته نجسة وكذلك إذا كان مباح الكل فإن ميتته نجسة مثل الفأرة فإن لها دم فإن سقطت في ماء وماتت فإن كان الماء قليلا يتغير بها فهو نجس وإن كان لا يتغير بها فهو طهور ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفأرة إذا سقطت في السمن فمات قال القوها وما حولها ثم كلوه لكن الذباب ما قال فيه بخلاف العقرب فإن سقطت في الماء وماتت فإن الماء طهور لأن العقرب ليس لها دم والخلاصة أن كل حيوان ليس له دم يسيل فميتته طاهرة وما له دم يسيل فميتته نجسه والله الموفق
سؤل الشيخ عن صعق هذه الحيوانات بالكهرباء(2/18)
فقال لا بأس به لأن ليس من باب التعذيب بالنار وإنما يقضي عليها موتا
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المياه عن
أبي واقد الليثي رضى الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام أبي واقد الليثي رضى الله عنه قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت .(2/19)
يعني أي جزء يقطع من البهيمة وهي حية فهو ميت يكون كميتة هذه البهيمة وعلى هذا فما قطع من السمك والجراد ونحوها فإنه طاهر لأن ميتته طاهرة وما قطع من الآدمي فهو طاهر لأن ميتته طاهرة وما قطع من الشاة والبعير والبقر فهو نجس لأن ميتتهم نجسة وهذه قاعدة أخذ بها أهل العلم رحمهم الله وأصلوها وفرعوا عليها تفريعات كثيرة فمنها إذا قطعت يد السارق مثلا فاليد طاهرة كما أن الإنسان لو مات فإن ميتته طاهرة ولكن هل يصلى علي الجزء يقال لا لا يصلى عليه ما دام أصله حيا ومعلوم إذا قطع يد الإنسان فإنه يبقى حيا أما لو كان ميتا مثل أن يموت إنسان في البر وتأكله السباع ولا نجد إلا يده أو رجله ونحو ذلك فإننا نصلي علي هذا الجزء لأنه جزء ميت لم يصلى عليه ولو وجد جملة الميت الذي مات في البر وأكلته السباع فصلي عليه ودفن ثم بعد ذلك يوجد جزء منه فإنه لا يصلى عليها لأن قد صلى على الأصل وكذلك يتفرع على هذا أنه لو قطع رجلٌ رجلَ شاة وهى حية فهي لا تحل له لأن الشاة إذا ماتت فهي نجسة فكذلك ما قطع منها يكون نجسا وحراما إلا إذا ذكيت ذكاة شرعية وقطعت أوداجها ثم قطع الإنسان منها يدا أو رجلا قبل أن تموت فإن هذه اليد أو الرجل حلال وذلك لأنها ذبحت وانتهت من الحياة وإن كانت قطعت من حي لكن من حي في حكم الميت فتكون هذه اليد الذي قطعت من الذبيحة لأن الذبيحة حلال وكذلك أيضا ولو قطع رجل جزء من وزغ فهو نجس لأن ميتته نجسة ولو قطع جزء من جراد أو سمك فهو حلال لأن الميت منه حلال والمهم ما قطع نمن الحي فهو تابع لميتته طاهرة ونجاسة وحلا وحرمة فإن قال قائل لماذا جاء المؤلف رحمه الله بهذا الحديث هنا ؟ قلنا من أجل أن يبين أنه لو قطع يد من حيوان ميت طاهرة ثم سقطت في ماء وغيرته فأنه يكون طاهرا ولو كانت رجل شاة فقطعت ووقعت في ماء فغيرته فهو نجس لأن ميتة الشاة نجسة
باب الآنية(2/20)
عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة متفق عليه وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم متفق عليه
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب الآنية والآنية جمع إناء وهي الأوعية التي تفرغ فيها الأشياء وذكره المؤلف عقب كتاب الطهارة لأن الماء جوهر سيال يسل يحتاج إلى آنية تحفظه ولهذا ذكر العلماء رحمهم الله تعالى ومنهم المؤلف ذكروا باب الآنية عقب كتاب الطهارة والأصل في الأواني أنها حلال مباحة لقول الله تعالى ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) فكل ما خلق الله تعالى لنا في الأرض فهو حلال لنا إلا ما دل الدليل على تحريمه فتاح الآنية من كل شيء كالحديد والزجاج وغيرها وكل شيء إلا ما حرمه الله ورسوله ومن الذهب والفضة فلا يجوز للمسلم أن يأكل في آنية الذهب والفضة سواء كان إناء كبيرا كالصحفة والقدر والطاسة الكبيرة أو صغيرا كالملعقة والشوكة وما أشبه ذلك كل هذا حرام بل ومن كبائر الذنوب ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه كما في حديث حذيفة ثم بين الحكمة من ذلك فقال فهي لهم في الدنيا أي الكفار لأنهم يأكلون ويتمتعون والنار مثوىً لهم فهم والعياذ بالله عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا يأكلون في آنية الذهب والفضة ويشربون منه لكنهم محرومون منها في الآخرة ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - فهي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة(2/21)
ويفهم من الحديث أن في الأكل في الذهب والفضة مع تحريمه مشابهة للكفار لأن ذلك من خصائصهم فهم الذين يفعلون ذلك أما المؤمن فلا . ثم ذكر في حديث أم سلمة رضى الله تعالى عنها وعيد من يفعل ذلك فذكر الفضة والذهب من باب أولى أنه يجرجر في بطنه نار جهنم يتجرعها نسأل الله العافية فكل شربة يتجرعها وهذا كقوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) فدل هذان الحديثان على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وأن ذلك من كبائر الذنوب قال أهل العلم وكذلك ما يطلى بهما مثل أن يكون من نحاس ويطليه بالذهب أو الفضة فهو حرام أما إذا كان مجرد لون فلا بأس به ومع ذلك فالأولى تركه حتى لا يساء الظن به أو يقتدى به ويكون كالذي جر الإثم على نفسه فهذا حكم الكل والشرب في آنية الذهب و والفضة .نسأل الله لنا ولكم الهداية والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الآنية. عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دبغ الإهاب فقد طهر أخرجه مسلم وعند الأربعة أيما اهاب دبغ فقد طهر وعن سلمة بن المحق رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -دباغ جلود الميتة طهوها صححه ابن حبان وعن ميمونة رضى الله عنها قال مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بشاة يجرونها فقال لو أخذتم إهابها فقالوا إنها ميتة فقال يطهرها الماء والقرظ أخرجه أبو داود والنسائي .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/22)
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى لبيان حكم جلود الميتة إذا دبغت وذكرها في باب الآنية لأن الجلود تتخذ أواني مثل القرب والرايات وما أشبهها وأعلم أن الميتة نجسة إلا ما سبقت الإشارة إليه مثل ميتة الإنسان والجراد وما ليس له نفس سائلة والميتة النجسة كل أجزائها نجسة اللحم والشحم وكل أجزائها إلا الشعر والوبر والصوف والريش الشعر للماعز والبقر والوبر للإبل والصوف للضأن والريش للطائر هذه الأشياء الأربعة في حكم المنفصل فإذا ماتت شاة وجز أهلها صوفها فهو طاهر لأنه ليس به دم واختلفوا في العظام فمنهم من قال ينجس وعليه أكثرهم ومنهم من قال لا ينجس وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى يقول لأن العظام لا تحلها الحياة وليس فيه دم وكذلك كانت ميتة ما ليس به دم طاهرة فكذلك العظم يكون طاهرا وإن كان عظم ميتة ولكن لابد من غسل ظاهره لأنه تنجس بالتقاء النجاسة بقينا في الجلد فهو قبل الدبغ نجس لأنه من جملة الميتة وتدخله الحياة ويحتقن به الدم فهو قبل الدبغ نجس لا يجوز الانتفاع به أما بعد الدبغ دبغا تاما فقد اختلف العلماء فيه فمنهم أنه يكون طاهرا وهو الراجح إذا دباغا كاملا كجلد المذكاة تماما فيجوز استعماله في اللبن وفي الماء وفي الدهن
الشريط الثاني(2/23)
ولكن لابد من غسل ظاهره لأنه تنجس بالتقاء النجاسة بقينا في الجلد فهو قبل الدبغ نجس لأنه من جملة الميتة وتدخله الحياة ويحتقن به الدم فهو قبل الدبغ نجس لا يجوز الانتفاع به لأي شيء أما بعد الدبغ دبغا تاما بحيث يزول تغيره ونتنه فقد اختلف العلماء فيه فمنهم أنه يكون طاهرا وهو الراجح إذا دباغا كاملا كجلد المذكاة تماما فيجوز استعماله في اللبن وفي الماء وفي الدهن وغيره والدليل هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه اله تعالى وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (أيما إهاب دبغ فقد طهر) وأيما أداة شرط تعم جميع الجلود إذا دبغت فإنها تكون طاهرة وكذلك قال (دباغ جلود الميتة طهورها) أي أن الدباغ يطهرها وكذلك حديث ميمونة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - (مر بشاة يجرونها . شاة ميتة تجر لأجل تلقى في البر للكلاب والذئاب فقال : النبي - صلى الله عليه وسلم -هلا أخذتم إهابها قالوا إنها ميتة ومعلوم أن الميتة نجسة قال يطهرها الماء والقرظ وهو ما يدبغ به وهو نبات معروف فدل ذلك على أن جلد الميتة إذا دبغ صار طاهرا ينتفع به كما ينتفع بجلد المذكاة وأختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جلود غير ما يؤكل كجلد الذئب والنمر وما أشبه ذلك إذا دبغ هل يطهر أو لا ؟ فمنهم من قال إنه يطهر إذا دبغ دبغا تاما لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أيما إهاب دبغ فقد طهر وقوله دباغ جلود الميتة طهورها ومنهم من قال إنه لا يطهر والفرق بينه وبين جلد المتية التي تحل للذكاة أن نجاسة جلود ما لا يؤكل نجاسة عينية وأما جلود ما ذكي فنجاستها طارئة لأنه لم ينجس إلا بالموت فيكون كالثوب إذا غسلته من نجاسة صار طاهرا وهذا القول أقرب أنه إذا دبغ جلد ما لا يؤكل لحمه فإنه لا يطهر بذلك وإذا دبغ جلد ما يؤكل لحمه بعد موته ولم يذكى فإنه يكون طاهرا ومناسبة ذكر ذلك في باب الأوعية أن الجلود تتخذ أوعية أن الجلود تتخذ أوعية قربا وما أشبه ذلك(2/24)
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الآنية . عن أبي ثعلبة الخشني رضى الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله إنا بأٍرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. متفق عليه . وعن عمران بن حصين رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضئوا من مزادة متفق عليه في حديث طويل . وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة أخرجه البخاري .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من الأحاديث في باب الآنية(2/25)
عن أبي ثعلبة الخشني رضى الله تعالى عنه قال : قلت يا رسول الله إنا بأٍرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها. أهل الكتاب هم اليهود والنصارى وسموا بذلك لأن الله تعالى أنزل عليهم الكتابين التوراة والإنجيل والتوراة هي الأم والإنجيل فرع عن التوراة ولهذا لم يكن فيه شيء كثير من المشروعات زائد عن ما في التوراة وأهل الكتاب لهم أحكامهم الخاصة من بين سائر الكفار منها أن ذبائحهم حلال يعني ذبيحة اليهودي والنصراني حلال لا كراهة فيها دليل ذلك قول (الله تعالى يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين) إلى قوله (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامهم حل لكم ). قال ابن عباس رضى الله عنه طعامهم ذبائحهم ودليله أن النبي أهدت إليه امرأة من اليهود شاة في خيبر فأكل منها ودعاهم رجل يهودي على خبز الشعير وإهالة سنخة . تغيرت رائحته وهذا يدل على أن ذبيحتهم حلال وهم اليهود والنصارى ثانيا أن نسائهم حلال للمسلمين فيجوز الزواج من اليهودية والنصرانية للمسلم وأما المرأة المسلمة فلا تحل للكافر على كل حال . ويذكر أن بعض الناس من النصارى قال لرجل مسلم كيف يحل لكم أن تتزوجوا نسائنا ولا يحل لنا أن نتزوج نسائكم قال المسلم نعم نحن نتزوج بنسائكم لأننا نؤمن برسولنا ورسولكم وأما فتؤمنون برسولكم ولا تؤمنون برسولنا . فألقم حجر وبهت . على كل خال هذه من أحكام اليهود والنصارى ثالثا أن أهل الكتاب تعقد لهم الذمة . بمعنى أن نعقد معهم الذمة ونبقيهم في بلادنا ويؤدون الجزية ونحميهم ونذب عنهم ولا نمكن أحد يعتدي عليهم وهل يلحق مع أهل الكتاب سائر الكفار ؟ فيه قولان للعلماء والأصح أن الكفار كلهم سواء في عقد الذمة كما أنهم سواء في العهد فإنه يجوز أن نعاهد الكفار إذا دعت الحاجة لذلك ويكون معاهد معصوم الدم والمال والاعتداء عليه محرم ولهذا قال النبي - صلى(2/26)
الله عليه وسلم - من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة .
آنية الكفار هل هي حلال لنا أو لا سأل أبو ثعلبة الخشني رضى الله عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -عن ذلك قال أنأكل في آنيتهم من صحون وقدور وغيرها قال لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها وإنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لا نختلط بهم ليس لنجاستها لأنه لو كانت نجسة لم يشترط أن لا نجد غيرها إذ لو كانت نجسة لقال اغسلوها ولم يشترط أن لا نجد غيرها إذ الغسل يطهرها إنما من اجل أن لا نختلط بهم كثيرا لأننا لو كنا نأكل في آنيتهم ويأكلوا في آنيتنا صرنا شبه مختلطين والإنسان يجب عليه أن يبتعد عن مخالطة الكفار مهما أمكن لأنهم نجس ولا ينبغي للإنسان أن يجالسهم كثيرا إلا ما دعت الحاجة أو الضرورة إليه . نأخذ من هذا الحديث أننا لا نأكل في آنية الكفار إلا أننا لا نجد غيرها فنغسلها ونأكل فيها كما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر حديث عمران بن حصين رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ هو وأصحابه من مزادة امرأة مشركة . والمزادة عبادة عن جلدين غرز أحدهما بالأخر فصارا قربة كبيرة وعاءا للماء وكان ذلك في قصة غريبة نفد الماء من عند النبي - صلى الله عليه وسلم -وأصحابه فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلين يطلبان الماء أحدهما علي بن أبي طالب فوجدا امرأة قد أتت بالمزادة فيها الماء فسألاها عن الماء فقالت عهدي بالماء أمس مثل هذا الوقت فاستبعدا الماء ثم طلبا منها أن تأتي للرسول - صلى الله عليه وسلم - فجاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأنزل المزادة من على البعير وأمر أصحابه وكانوا خلقا كثيرا أن يشربوا منها ويسقوا الإبل فسقوا ورووا والمزادة لم تنقص شيئا ورجعت إلى قومها رجعت إلى قومها مبهوتة المزادة لم تنقص شيئا والقوم جمع غفير كلهم سقوا ورووا فجاءت قومها فقالت لهم جئتكم من أسحر الناس أو من نبي .(2/27)
المهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضئوا من هذه المزادة والمشركون ذبائحهم حران وجلود ذبائحهم إذا ذبحوها كجلود الميتة لكن المزادة مدبوغة فساق المؤلف هذا الحديث ليبين أن جلد الميتة إذا دبغ صار طاهرا لا ينجس به الماء ولو تغير به وهذا هو الحق أنه إذا دبغ جلد ما ذكي فإنه يكون طاهرا ولو كان من ميتة أو من ذبيحة من لا تحل ذبائحهم . ثم ذكر حديث أنس بن مالك رضى الله عنه وكان أنس خادم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وكان لأنس نحو عشر سنين فأتت به أمه إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت يا رسول الله هذا أنس بن مالك يخدمك فقبل وقال اللهم أطل عمره وأكثر ولده وبارك في ماله فأطل الله عمره وحتى كان من أخر الصحابة موتا وأكثر ولده حتى بلغوا فوق المائة وبارك له في ماله حتى قيل أن له بستانين تثمر في العام مرتين لبركه دعائه - صلى الله عليه وسلم -المهم أنه كان يخدمه فانكسر قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - فرقتين فخرزه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة يعني خاطه بسلسة من فضة فدل ذلك على أنه لا بأس بالفضة اليسيرة في الآنية بخلاف الشرب في الآنية التي كلها فضة فهذا حرام لكن الشيء الذي يربط به الإناء لا بأس به وفي فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاعدة اقتصادية مهمة ليتنا نعمل بها وهي أنه إذا انكسر الشيء أو شق الثوب وأمكن إصلاحه فهذه هي السنة أن تصلحه لا أن ترمه وتأتي بغيره جديدا كما يفعله بعض المسرفين الآن فالسنة أن تصلح الشيء وترممه وتستعمله هذا هو الاقتصاد وما علا من اقتصد وهذا الحديث أصل في الاقتصاد وهو أنه إذا أمكن إصلاح المال والانتفاع به فإن هذا هو السنة الآن وللأسف الشديد لو يعطل في السيارة أقل شيء يبيعها الإنسان بنصف الثمن ولا يصلحها ويشتري بها جديدة وربما استدان ثمن الجديدة نسأل الله الهداية بل ربما لو(2/28)
خرج الموديل الجديد فيشتري منه ويترك الأول مع أنه صالح وهذا من الإسراف الذي لا يحبه الله عز وجل والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصالة والسلام على نبينا محمدا وعلى أله وصحبه أجمعين .
أما بعد
قال رحمه الله عز وجل
باب إزالة النجاسة وبيانها
عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر تتخذ خلا قال : قال لا أخرجه مسلم و الترمذي وقال حسن صحيح وعنه رضى الله عنه قال : لما كان يوم خيبر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس متفق عليه .
بسم الله الرحمن الرحيم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب إزالة النجاسة وبيانها والنجاسة هي العين المستقذرة شرعا التي يجب التنزه منها والأصل في الأشياء الطهارة والحل وهاتان قاعدتان ينبغي لطالب العلم أن يعرفهما لبني عليهما ملا يحصى من المسائل فأي شيء يقول لك إنسان أنه حرام فقل له ما الدليل على ذلك وإلا فهو حلال وأي شيء يقول لك إنه نجس فقل ما الدليل على ذلك وإلا فإنه طاهر إلا العبادات فالأصل فيها المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد . والمراد أمر الدين من أحدث فيه ما ليس منه فإنه مردود عليه ولا يقبل منه وهو آثم أيضا أما غير العبادات من المعاملات والمنافع وغيرها فالأصل فيها الحل والطهارة إلا ما دل الدليل على خلافه ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر تتخذ خلا قال : قال لا . والخمر كل ما أسكر على وجه اللذة فإنه خمر لأن الخمر شراب إذا شربه الإنسان اشتدت لذته وطرب وسكر حتى كأنه ملك من الملوك أو وزير من الوزراء كما قال الشاعر الجاهلي(2/29)
ونشربها فتتركنا ملوكا وكما قال حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أتاه النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو سكران قبل أن تحرم الخمر فقال له حمزة هل أنتم إلا عبيد أبي قال ذلك وهو سكران وأعلم أن الخمر لا يختص بشيء معين يعني ليس هو العنب أو التمر أو الشعير أو غيره بل الخمر كل ما أسكر من أي نوع كان فإنه خمر وهو حرام بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين ومن أنكر تحريمه وهو ممن عاش بين المسلمين فهو مرتد كافر يباح دمه يؤمر بالتوبة والإقرار بالتحريم وإلا قتل ثم اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل هي نجسة كالبول والغائط وروث الحمير وما أشبه ذلك أو طاهرة محرمة وبناء على القاعدة التي ذكرناها آنفا نقول لمن قال أنها نجسة أين الدليل هي حرام لا شك كلن من قال أنها نجسة أين الدليل ؟ ليس هناك دليل في الواقع على نجاسة الخمر غاية ما في ذلك قوله تعالى يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون والرجس هو النجس لقوله تعالى ( قل لا أجد فيما أوحي إلى محرم على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أي نجس ولكن لا دليل في الآية لأن الله تعالى قرن الخمر بالميسر والأنصاب والأزلام وهذه الثلاثة ليست بنجسة بالاتفاق فما بال الثلاثة تكون نجسة وهذه الثلاثة التي قرنت معها وجعل الخبر خبرا واحدا عن الجميع فما بالها تكون نجسة وأيضا قال الله تعالى رجس من عمل الشيطان فهي رجس عملي وليس رجسا ذاتيا وإذا لم يكن هناك دليل فالأصل الطهارة ثم نقول إن الخمر لما حرمت أراقها المسلمون في أسواق المدينة ولو كانت نجسة ما أراقوها في الأسواق لأنه لا يجوز أن تصب المياه النجسة في مسالك الناس وطرقهم وأيضا فإنها لما حرمت لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل الأواني منها ولو كانت نجسة لأمرهم بغسل الأواني لأنهم سوف يستعملونها(2/30)
ولهذا لما حرمت الحمر الأهلية أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بغسل الأواني منها لأنها نجسة وأيضا فقد ثبت في صحيح مسلم أن رجلا أتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه راوية خمر والراوية قربة كبيرة مملوءة بالخمر فأهداها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم أنها حرمت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - له أما علمت أنها حرمت والحرام لا يجوز قبوله فأمسك الرجل فساره أحد الصحابة فقال له بعها فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ساررته قال لت بعها يا رسول الله فقال إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ومنعه من بيعها ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم -ولم يأمره أن يغسل الراوية ولم ينهه أن يصبه في مجلسه فل هذا على أن الخمر ليست بنجسة وإن كان جمهور العلماء على نجاستها ولكن إن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله فالصواب أنها ليست نجسة لكن لا شك في تحريمها وبناءا على ذلك ما يوجد الآن من العطور التي يقال إن فيها نسبة كبيرة من الكحول ليست بنجسة ولو رشها الإنسان على ثوبه فله أن يصلي فيه لكن لا شك أن تجنبها أولى لعموم قوله تعالى فاجتنبوه لكننا لا نحرمها لاحتمال أن يكون قوله تعالى فاجتنبوه أي اجتنبوا شربه بدليل التعليل وهو قوله إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر وهذا لا يصير بمجر استعمالها رشا أو دهنا لكن الإنسان يحتاط فلا يستعمل هذه العطور التي فيها كحول إلا عند الحاجة كأم يعقم بها حرجا وما أشبه ذلك ولكن إذا تخمر شيء من الأشياء وصار خمرا هل يجوز أن نجعله خلا بأن نصب عليه شيئا يزيد تخمره أو لا ؟ في هذا الحديث الذي ذكره المؤلف دليل على أنه لا يخلل وعلامة الخمر أنه يغلي فمثلا لو جعل عصيرا من عنب ومضى عليه أياما حارة تراه يطيش ويعلو هذا دليل على أنه صار خمرا وربما يصب عليه مادة تجعله(2/31)
يهدأ ويزول إسكاره فهل هذا جائز أو لا؟ الجواب كما في هذا الحديث أنه لا يجوز لكن ماذا نصنع بها ؟ تراق في السوق وتهدر . وأتى المؤلف رحمه الله تعالى بهذا الحديث في باب إزالة النجاسة وبيانها اتباعا لأكثر العلماء الذين قالوا إن الخمر نجسة والصواب كما سمعتم وفهمتم من التقرير أن ليست بنجسة نجاسة حسية والله أعلم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب إزالة النجاسة وبيانها عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : لما كان يوم خيبر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس متفق عليه وعن عمرو بن خارجة رضى الله عنه قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بمني وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي أخرجه أحمد و الترمذي وصححه
بسم الله الرحمن الرحيم(2/32)
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من الأحاديث في باب إزالة النجاسة وبيانها عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال : لما كان يوم خيبر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس و خيبر مكان معروف في الشمال الغربي من المدينة يبعد عنها نحو 100 ميل أي 150 كم وكان معاقل وحصون ومزارع اليهود بني النضير الذين أجلاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينة فتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - عنوة وقسم أرضها بين المجاهدين واستعمل عليها اليهود قالوا يا محمد نحن أهل نخل وزرع فنريد أن تبقينا في مزارعنا ونخيلنا على أن لكم النصف ولنا النصف فأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك وقال نقركم على ذلك ما شئنا أو قال ما شاء الله تعالى وبقوا يحرثوا ويزرعون ويقاسمهم المسلمون التمرة والزرع فإن النبي- صلى الله عليه وسلم -عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها وبقوا ما شاء الله تعالى ثم نقضوا العهد في عهد أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه فأجلاهم من خيبر إلي اذرعان نحو الشام خيبر غزوة معروفه من أراد التوسع فليرجع إلي كتب التاريخ المهم أن الحمر الأهلية التي تركب الآن كانت في الأول حلالا يأكلها الناس ويركبونها ويشربون البانها كالابل تماما ثم إن الله تعالى بحكمته حرمها لان الله تعالى يحكم ما يريد ما شاء حرمه وما شاء حلله في خيبر أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة وكان رضى الله عنه جهوري الصوت أن ينادي في الناس إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية ثم علق فإنها رجس أي نجس وهذا دليل على فوائد كثيرة منها أن الحكم لله عز وجل يحلل ما شاء ويحرم ما شاء ولا معقب لحكمه ولو شاء لحرم على العباد لك شيء ولو شاء لحلل لهم كل شيء لكن تحليله وتحريمه تابع لحكمته عز وجل ورحمته ولهذا كان الحلال أكثر بكثير من الحرام وإليكم الدليل حيوان البحر كله حلال حيه(2/33)
وميته وقد قال العلماء إن البحر يتضمن 75% والبر 25% أيضا البر أكثر ما في البر من الحيوان حلال والحرام قليل مما يدل على أن رحمه الله سبقت غضبه والله تعالى لا يحلل إلا لحكمة ولا يحرم إلا بحكمة ومن فوائد الحديث أنه ينبغي إبلاغ الشرع بأقوى وسيلة إبلاغ بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أمر أبا طلحة أن ينادي وعلى هذا فيكون استعمال مكبر الصوت في الخطبة والمحاضرات والمواعظ مما جاءت بأصله السنة وهو أ، يشرع إبلاغ الناس بأقٌوى وسيلة إبلاغ ومن فوائد الحديث أن حكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم لله ولهذا جاز أن يقرن حكم الله وحكم رسوله بالوقت قال إن الله ورسوله ينهيانكم ولم يقل إن الله ثم رسوله لأن حكم الرسول حكم لله عز وجل قال الله تعالى ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) وقال تعالى ( ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) ولم يقل ثم رسوله وقال تعالى ( يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه وقال تعالى ولو أمهم رضوا ما أتاهم الله ورسوله ) والآيات في هذا كثيرة تدل على أن إشراك الله ورسوله في الواو في المسائل الشرعية لا بأس به أما في الأمور الكونية فلا لا يكمن أن يشترك الله ورسوله بالواو ولهذا لما جاء رجل يخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما شاء الله وشئت قال أجعلتني لله ندا أنكر عليه ليقول ما شاء الله ثم شئت فيفرق بين الأمور الكونية والأمور الشرعية . ومن فوائد الحديث أن الأصل في النهي التحريم لأن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا طلحة أن ينادي كان من أجل امنع ولهذا أمتنع الصحابة حتى إن القدور لتفور بلحم الحمر فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأراقتها واتلافها حتى أنه أمر أولا بكسر القدور قالوا يا رسول الله أو نغسلها قال أو اغسلوها ومن فوائد الحديث جواز التوكيل في إبلاغ العلم يعني يجوز أن تقول لشخص اذهب إلى هؤلاء القوم وقل لهم أن فلان يقول لكم إن هذا حرام أو حلال(2/34)
مما أحل الله أو حرم الله لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل أبا طلحة أن ينادي في الناس إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر ومن الفوائد أن كلمة اللحوم تشمل جميع الأجزاء اللحم والشحم وغيره وعلى هذا فنقول إن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -بالوضوء من لحم الإبل يشمل جميع أجزاء اللحم من الشحم اللحم والكبد والكرش وغيره أما من قال من العلماء أنه خاص باللحم الأحمر فهذا غير صحيح ومن فوائد الحديث حسن تعليم الرسول - صلى الله عليه وسلم -حيث أنه لما ذكر الحكم ذكر الحكمة لما قال ينهيانكم عن لحوم الحمر بين الحكم بقوله إنها رجس من أجل أن تطيب النفوس وينقاد الناس انقيادا تاما لان الإنسان إذا عرف الحكمة انقاد أكثر ولهذا كان من هديه - صلى الله عليه وسلم - إذا ذكر الحكم ذكر الحكمة لاسيما في الأمور التي تحتاج إلي زيادة طمائنينة النفس .
ومن فوائد الحديث أن كل نجس حرام وهل العكس صحيح ؟ أن نقول كل حرام نجس ؟ الجواب لا ليس كل حرام نجس لان السم حرام وليس بنجس والدخان حرام وليس بنجس فنول كل نجس حرام وليس كل حرام نجسا .
ومن الفوائد أن الحمر وهي من الطوافين علينا تستثنى من الطوافين وهى نجس لأن سيأتينا إن شاء الله في حديث أبي قتادة في الهرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم يعني من الحيوانات التي تترد كثيرا عليكم ولو كان نجسا لشق عليكم . ولا شك أن الحمر يكثر تردداها علينا لاسيما من اقتناها للحل لكن هذا مستثنى فالحر نجسة لكن عرقها وريقها وما يخرج من انفها طاهر ويستثنى أيضا من هذا كما سيأتي إن شاء الله الكلاب التي يجوز اتخاذها فإنها من الطوافين علينا ومع ذلك هي نجسة إذا ولغ الكلب في الإناء يغسل سبع مرات . والله الموفق
(الحمر الوحشية حلال وطاهرة وهي معروفة في البر لكن هي الآن انقطعت)
بسم الله الرحمن الرحيم(2/35)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى آله وصحبه أجمعين . نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب إزالة النجاسة وبيانها . عن عمرو بن خارجة رضى الله عنه قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمني وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي أخرجه أحمد و الترمذي وصححه . وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى ذلك الغسل متفق عليه .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/36)
ساق المؤلف ابن حجر في كتابه بلوغ المرام في باب إزالة النجاسة وبيانها حديث عمرو بن خارجة رضى الله عنه قال : خطبنا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمني وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي . الخطبة هي تذكير الناس بموعظة أو أحكام شرعية أو أمر بمعروف وما أشبه ذلك وكانت خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على ثلاثة أقسام قسم دائمة مشروعة مستمرة لابد منها وذلك خطب الجمعة فإن خطبتي الجمعة لابد منها حتى أن الفقهاء رحمهم الله يقولون أن الجمعة لا تصح إلا بخطبتي وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس والثانية خطبة عارضة لسبب شرعي وذلك كخطبة الكسوف فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -لما كسفت الشمس خرج من بيته وصلى بالناس صلاة الكسوف وهي معروفة وقام بعد الصلاة فخطب الناس وهذه الخطبة أختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل هي خطبة مشروعة عند كل صلاة كسوف كما تشرع الخطبة في العيدين أم أنها خطبة لعارض والصحيح أنها خطبة مشروعة وأنه يسن لصلاة الكسوف خطبة تكون بعد الصلاة يعظ الخطيب الناس فيها بما يناسب الحال والنوع الثالث من خطبه خطب لها أسباب غير مرتبط بالأمور الشرعية لكن يحدث حادث فيقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيخطب الناس مثل خطبته - صلى الله عليه وسلم -في قصة بريرة لما كاتبت أهلها وجاءت تستعين عائشة رضى الله عنها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - خذيها واشترطي عليهم الولاء فأبوا إلا أن يكون لهم الولاء ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال خذيه فأخذته ثم قام فخطب الناس فقال ما بال أقوام يشترطون ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن مائة شرط وفي لفظ وإن شرط مائة مرة ولها نظائر ومن ذلك خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فقد خطب عليه الصلاة والسلام في عرفة وخطب في منى يوم العيد وفي أوسط أيام التشريق فخطب الناس في منى على راحلته وكان عمرو(2/37)
بن خارجة حول الراحلة ولعابها يسيل من فمها على كتف عمرو بن خارجة ففي هذا الحديث فوائد منها حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تعليم الخلق في كل مناسبة وهكذا ينبغي للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء أن يبينوا للناس كل ما يحتاجون إليه كلما دعت الحاجة إلى الكلام تكلموا ز ومنها جواز الخطبة على الراحلة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب على راحلته وهذا مشروط بما لو لم يشق على الراحلة فإن شق على الراحلة فإنه لا يجوز بل يريحها ويبركها ويخطب عليها وهي باركة مثلا أما إن كان لا يؤثر عليها فخطبته عليها وهي قائمة أبلغ في إيصال الكلام إلى الناس ومنها أن لعاب البعير طاهر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -أقر عمرا على ذلك ولم يأمره بغسله ولو كان نجسا لأمره بغسله وفي هذا ضابط معروف وهو أن كل ما يؤكل لحمه فإن كل ما يخرج منه طاهر إلا الدم وعلى هذا فريق البعير طاهر وكذلك ريقه وبوله وعرقه وغير ذلك إلا الدم فإن الله تعالى نص على أن الدم المسفوح نجس فكل شيء يؤكل لحمه فإن كامل يخرج منه طاهر ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -العرنيين الذين قدموا المدينة فاستوخموها أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة وأن يشربوا من أبوالها وألبانها فهذا يدل على طهارة أبوالها كذلك أيضا ما يخرج من الدجاج والحمام وسائر الطيور المباحة فكل ما يخرج من شيء يؤكل لحمه فهو طاهر إلا الدم ولا نقول لأنه يخرج من طاهر لأن الهرة طاهرة ويخرج منها البول وهو نجس ومن الفوائد أيضا أنه كلما ارتفع الخطيب وتبين فإنه أكمل لأنه يسمع أكثر ولأن الناس إذا رأوا المتكلم كان ذلك أشد للاتباع والاستماع إليه ولهذا يفرق بين أن تسمع صوت إنسان ولا تراه بين أن تسمعه وتراه فالثانية أشد انتباها وقد روى عن الصحابة رضى الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خطب استقبلوه بوجوههم لأجل أن يجتمع لهم السماع والمشاهدة والله الموفق .(2/38)
( رد على سؤال )( المهم أن الإنسان إذا أعتق عبدا صار وارثا له )
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب إزالة النجاسة وبيانها . وعن عائشة رضى الله عنها قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى ذلك الغسل متفق عليه ولمسلم لقد كنت افركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركا فيصلي فيه وفي لفظ له لقد كنت أحته يابسا بظفري من ثوبه وعن أبي السمح رضى الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام أخرجه أبو داود والنسائي وصححه الحاكم وعن أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال في دم الحيض يصيب الثوب تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه متفق عليه .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله في كتابه بلوغ المرام في باب إزالة النجاسة وبيانها(2/39)
عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيخرج إلى الصلاة وبقع الماء في ثوبه وفي لفظ كانت تحته من ثوب النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي لفظ كانت تحته يابسا بظفرها من ثوبه . وفي هذا الحديث بيان حكم المني وهو الماء الذي يخرج من الإنسان دفقا بشهوة وهو الذي يخلق منه الإنسان كما قال الله تبارك وتعالى ( فلينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب ) هذا الماء الدافق على حسب ما جاء ف بحديث عائشة رضى الله عنها بجميع ألفاظه طاهر كما هو مقتضى هذه الأحاديث لكن إن كان رطبا فإن الإنسان يغسله حتى يذهب لأن بقائه على الثوب فيه شيء من الاستقذار وإن كان يابسا فإنه يحكه بظفره حتى يزول وبهذا نعرف أن مني الإنسان طاهر فإن غسله دفعا لتشويه المنظر إذا كان رطبا أو حكه إذا كان يابسا فهو خير وإلا فلا حرج عليه قال العلماء والخارج من ذكر الإنسان أربعة أشياء البول والمذي والمني والودي أما البول فرائق وهو من فضلات الطعام والشراب وهو نجس كالعذرة ويغسل حتى يطهر المحل إن كان أرضا فإنه يكفي أن يصب على محل البول ماءا يغمره وإن كان ثوبا فيكفي أن يغسله مرتين أو ثلاثا حتى يزول أثره وإن كان إناء فيغسله حتى يزول الأثر وليس لذلك عدد معين لكن الغالب أنه لا يطهر بأقل من ثلاث أما المذي فهو ماء رقيق يخرج عقب الشهوة بدون أن يحس المرء به يعني إذا ثارت شهوة الإنسان ثم بردت يحس برطوبة هذه الرطوبة تسمى مَذْيَا أو مَذيا هذه ليست بولا ولا منيا بل وسط بينهما ولذلك ليست كالبول في وجوب الغسل وليست كالمني في الطهارة بل يكفي أن يغمره الإنسان بالماء بدون فرك ولا عصر فلو حصل المذي فإنه يصب عليه الماء حتى يعمه فقط لأنه عين بين طرفين البول النجس والمني الطاهر وليس هو ما يخرج من البعض لمرض في قنوات البول إما دائم أو غالب من غير شهوة فإن المذي لابد أن يتقدمه شهوة أما الودي(2/40)
فإنه الماء الأبيض الذي يخرج عقب البول بعد الانتهاء منه هي بقية البول لكنها عصارة المثانة وحكمها كالبول يجب غسلها فصار البول والودي نجسان يجب غسلهما غسلا تاما والمني طاهر لا يجب تطهير الثوب منه والبدن و المذي بينهما نجس لكن نجاسته خفيفة وإذا حصل من الإنسان يجب عليه غسل ذكره وأنثييه يعني خصيتيه ويستثنى من البول بول الذكر الغلام الصغير الذي لم يفطم فإن بوله خفيف يكفي فيه النضح والنضح أن يصب عليه ماء يغمره بدون عصر ودليل ذلك حديث أبي السمح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام وصح عنه - صلى الله عليه وسلم -أنه أوتي بغلام لم يأكل الطعام فأقعده في حجره لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم -من حسن أخلاقه رحيم بالصغار يرحم الصغار ويرق لهم أجلسه في حجره فبال الصبي في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا بماء فاتبعه إياه ولا حاش الصبي ولا انتهره ولا قال شيء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -أحسن الناس أخلاقا وهو على خلق عظيم كما قال ربه تبارك وتعالى وإنك لعلى خلق عظيم ) فبهذا تبين أن البول يستثنى منه بول الغلام الذكر الصغير الذي لم يفطم فإنه يكفي فيه النضح أما الأنثى فبولها كبول الكبير يغسل غسلا ولو كانت صغيره لم تفطم . والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب إزالة النجاسة وبيانها عن أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال في دم الحيض يصيب الثوب تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه متفق عليه وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قالت حولة يا رسول الله فإن لم يذهب الدم قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره أخرجه الترمذي وسنده ضعيف .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/41)
هذا الحديث ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في باب إزالة النجاسة وبيانها وهو دم الحيض هل هو نجس أو طاهر ؟ هذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله تعالى عن أسماء يدل على أنه نجس حيث أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في دم الحيض أن تحته المرأة يعني تحته بظفرها أو بحجر أو بنحوه مما يزيل جرم الدم ثم تقرصه بالماء والقرص هو الدلك بأطراف الأصابع ثم تنضحه يعني تغسله ثم تصلي فيه وهذا فيه دليل على أن دم الحيض نجس يجب غسله عند الصلاة وفيه دليل أيضا على أن المرأة إذا تنجس ثوبها بدم الحيض فإنها تغسل الدم وتصلي فيه ولا حاجة أن تجعل لها ثوبا للصلاة وثوبا للعمل وثوبا للحيض كما تفعل بعض النساء اليوم بل الثوب واحد إذا أصابته النجاسة غسل وصلي فيه ولا حرج وفي هذا الحديث دليل على تقدم إزالة النجاسة على الصلاة يعني أن الإنسان يطهر ثيابه أولا ثم يصلي لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم تصلي فيه واستدل كثير من العلماء بهذا على أن إزالة النجاسة من الثوب والبدن والبقعة شرط لصحة الصلاة وعلى أن الإنسان لو صلى وفي ثوبه نجاسة أو في بدنه أو في مصلاه وهي تمسه فإن صلاته لا تصح ولكن لو أن الإنسان وجد نجاسة ونسي أن يغسلها ولم يتذكر إلا بعد انتهاء الصلاة فصلاته صحيحة وكذلك لو لم يعلم بها إلا بعد انتهاء الصلاة فصلاته صحيحة لقوله تعالى ( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ) وهذا خطأ فإن ذكر في أثناء الصلاة أو علم بها في الصلاة فإن كان يمكنه أن يخلع ما فيه نجاسة ويمضي في صلاته فعل وأن لم يمكنه قطع الصلاة وغسل النجاسة وصلى من جديد مثال ذلك رجل لما دخل في الصلاة ذكر أن في سرواله نجاسة فنقول له أخلع السروال وامضي في صلاتك ولا حرج عليك أو ذكر أن على غترته نجاسة نقول أخلع الغترة وأمضي في صلاتك ولا حرج ودليل ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلى بأصحاب ذات يوم فخلع نعليه فخلع الصحابة نعالهم فلما انصرف من الصلاة سألهم(2/42)
ما بالكم خلعتم نعالكم قالوا يا رسول الله رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا ظنوا أن الصلاة بالنعال نخس جوازها أو لغير ذلك المهم أنهم اقتدوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم أنه أتاني جبريل آنفا فأخبرني أن فيهما قذرا فخلعتهما فدل ذلك على أن الإنسان إذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وأمكنه أن يزيل ما فيه النجاسة ويمضي في صلاته فعل وكذلك لو لم يدخل إلا بعد أن شرع في الصلاة ثم ذكر فأنه يزيل ما أصابته النجاسة ويمضي في صلاته أما لو كانت النجاسة على الثوب وليس عليه ثوب سواه وذكر أن فيه نجاسة في الصلاة فهنا لابد أن يقطع الصلاة لأنه لا يمكن أن يخلع ثوبه لو خلعه لبقي عاريا فنقول الآن أنصرف من صلاتك وأغسل الثوب وابتدأ من جديد .
وأما حديث أبي هريرة عن خوله أنها قالت يا رسول الله فإن لم يذهب الدم قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره فالحديث كما قال المؤلف ضعيف لكن معناه صحيح يعني لو الإنسان غسل الدم وذهب الدم وصارت أخر غسله من الماء لم تتغير بالدم لكن بقي اللون فاللون لا يضر لأن النجاسة زالت والمقصود زوال النجاسة دون لونها والله الموفق .
قال رحمه الله تعالى .
باب الوضوء
عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء أخرجه مالك وأحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقا . وعن حمران أن عثمان دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا متفق عليه .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/43)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب الوضوء والوضوء هو التعبد لله عز وجل بتطهير الأعضاء الأربعة الوجه واليدين والرأس والرجلين فهو عبادة من أجل العبادات ولهذا رتب النبي - صلى الله عليه وسلم -عليه مغفرة الذنوب وأخبر أن الإنسان كلما توضأ خرجت خطايا أعضائه مع أخر قطرة من الماء وأن من توضأ كما توضأ - صلى الله عليه وسلم - ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه فهو عبادة ينبغي للإنسان إذا أراد أن يتوضأ أن ينوي امتثال أمر الله لأن الله تعالى أمر بذلك فقال يأيها الذين أمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الخ الآية وأن يشعر أنه متأس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ كما جاء في القرآن والوضوء شرط لصحة الصلاة لا يقبل الله صلاة بغير وضوء فإن لم يجد ماء فليتيمم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في التيمم وللوضوء صفتان صفة مجزئة وصفة كاملة فالمجزئة أن غسل وجه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه وأذنيه ويغسل رجليه إلى الكعبين والكامل سنذكره إن شاء الله تعالى كما جاء في حديث عثمان رضى الله عنه ذكر المؤلف الحديث الأول عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء ) لولا أن أشق يعني أتعب وأحرج أمتي يعني أمة الإجابة الذين استجابوا لله وللرسول . لأمرتهم يعني لألزمتهم بالسواك مع كل وضوء ولكن منعه - صلى الله عليه وسلم -من الإلزام المشقة على الأمة وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يريد أن يشق على أمته فإنه بالمؤمنين رؤوف رحيم والسواك مع الوضوء يكون مع المضمضة لأن هذا هو محل تطهير الفم والسواك لتطهير الفم كما ضح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال السواك مطهرة للفم مرضاة للرب فيكون السواك مع المضمضة وإن شئت تسوكت بعد انتهاء الوضوء وإن شئت قبل البداية ولكن أفضل ما(2/44)
يكون مع المضمضة ويستفاد من هذا الحديث فوائد منها تأكد السواك مع الوضوء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لولا المشقة لألزمت الأمة به ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رؤوف رحيم وأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحب أن يشق على الأمة ولهذا أمثلة كثيرة منها أنه - صلى الله عليه وسلم - تأخر ذات ليلة في صلاة العشاء حتى مضى عامة الليل أو ثلث الليل ثم خرج وصلى بالناس وقال إنها لوقتها لولا أن أشق على أمتي ومنها أن - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في رمضان ثلاث ليال في القيام قيام رمضان ثم تأخر فقال إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ومنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا أشتد الحر أن يبرد الناس بصلاة الظهر يعني يؤخروها إلى قرب صلاة العصر حتى تكثر الأفياء والأمثلة على هذا كثيرة لكن يجب أن نأخذ هذه الفائدة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يحب المشقة على أمته ويتفرع على هذه الفائدة أنه إذا خير الإنسان بين شيئن فليختر أيسرهما ما لم يكن إثما كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك فإنه ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما ومن ذلك إذا أختلف العلماء في مسألة وتكافأة الأدلة ولم يتبين رجحان أحد القولين وكان أحدهما سهلا والثاني صعبا فإننا نأخذ بالأسهل لأن ذلك هو الأوفق لرؤية الشريعة والله تعالى يقول في كتابه ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) ويقول - صلى الله عليه وسلم - حين يبعث البعوث للدعوة إلى الله يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ويقول إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ويقول - صلى الله عليه وسلم - بعثت بالحنيفية السمحة ويقول إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه والأدلة على هذا كثيرة ولله الحمد أن دين الإسلام دين اليسر والسهولة والسماحة والأخلاق فما وجدت طريقا إلى التيسير وهو لا يغضب الله ورسوله فاسلكه فإنه هو الأوفق لروح الشريعة(2/45)
أسال الله تعالى أن يرزقنا التمسك بها ظاهرا وباطنا والوفاة عليها . أما حديث حمران فهو مولي من موالي أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وعثمان كمالا يخفى هو الخلفة الثالث لهذه الأمة أول الخلفاء أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي بإجماع المسلمين لكن شذ عن هذا إلا الرافضة حيث ادعوا كذبا وزورا أن أولى الناس بالخلافة علي بن أبي طالب وكذبوا على علي بن أبي طالب وكذبوا على المسلمين كلهم . الصحابة بايعوا لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي ومن قال إن على أحق بالخلافة فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار وقدح فيهم لكن الرافضة لا يبالون نسأل الله العافية على كل حال عثمان رضي الله عنه هو الخليفة الثالث لهذه الأمة وكان رضي الله عنه كغيره من الخلفاء يريدون أن ينشروا دين الله تعالى بالقول وبالفعل فأراد أن يري المسلمين كيف كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدعا بوضوء أي ماء يتوضأ به فأوتي بماء فغسل كفيه ثلاثا ثم تمضمض وأستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا ثم يديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ثم قال رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي هذا علم الناس رضي الله عنه بالفعل لأن المشاهدة تكون فيها فائدتان الأول الإطلاع على معرفة الشيء الثانية أن المشاهدة تطبع الشيء بالذهن وصار يتصوره دائما وسيأتي إن شاء الله الكلام على هذا الحديث وفي الحديث دليل على أن الاستنجاء لا دخل له في الوضوء وهو تطهير القبل والدبر مما يخرج من بول أو غائط لا دخل له في الوضوء إطلاقا إنما هو إزالة النجاسة متى أزلتها ولم تعد مرة ثانية فلا حاجة للاستنجاء عند الوضوء لأنه لا علاقة له به والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في باب الوضوء .(2/46)
وعن حمران أن عثمان دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا متفق عليه .
وعن علي رضي الله عنه في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ومسح برأسه واحدة أخرجه أبو داود وأخرجه الترمذي والنسائي بإسناد صحيح بل قال الترمذي إنه أصح شيء في الباب وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأسه فاقبل بيديه وأدبر متفق عليه وفي لفظ لهما بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه وردهما إلى المكان الذي بدأ منه وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة الوضوء قال ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه متفق عليه .(2/47)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى عدد من الأحاديث في كيفية صفة الوضوء وذلك أنه عبادة من العبادات يثاب عليه الإنسان كما مرت الإشارة إليه من ذلك حديث حمران مولى عثمان رضي الله عنه أن عثمان دعا بوضوء أي بماء يتوضأ به وذكر صفة الوضوء وسبق الكلام عليها وفيه من الفوائد تواضع الصحابة رضي الله عنهم حيث تواضع الخليفة الراشد رضي الله عنه فجاء بماء وتوضأ والناس ينظرون حتى يري الناس تطبيق الوضوء فعلا وفي حديث علي وما بعده عبد الله بن زيد دليل على أن الأفضل أن يتوضأ ثلاثا ثلاثا يغسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ويستنشق ويستنثر ثلاثا ويمسح برأسه وأذنيه ويغسل رجليه ثلاثا لكن الرأس لا يمسح إلا مرة فقط وكيفية المسح الأفضل أن يمر بيديه من مقدم الرأس إلي قفاه ثم يردهما ولا يكرر وكذلك مسح الأذنين يدخل السباحتين وهما ما بين الوسطى والإبهام في السماخين وهو السقف الذي في وسط الأذن ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه وهو الذي يلي الرأس هذه هي الصفة المستحبة والفضل ولو أن الإنسان اقتصر على غسل وجهه مرة وعلى المضمضة مرة وغسل اليدين إلى المرفقين مرة ومسح الرأس والأذنين وغسل الرجلين مرة لكفى لأن هذا هوالذي ذكره الله في القرآن وأعلم أنه يكره للإنسان أن يزيد على ثلاثة بل بعض العلماء يقول إنه حرام لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وقال من زاد على ذلك فقد أساء وتعدى وظلم وكذلك يكره أن يغسل رأسه بدلا عن مسحه لو قال قائل متنطع بدل من المسح الغسل أفضل وأنظف قلنا هذا بدعة وأنت للإثم أقرب منك إلى السلامة حتى أن بعض العلماء يقول من غسل رأسه بدلا من مسحه لم يجزئه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وفي كيفية الوضوء دليل على رحمة الله تعالى وحكمته أنظر الرأس يمسح ولا يغسل لماذا ؟ لأنك لو غسلت الرأس لنزل الماء إلأى الكتفين وإلى الظهر ولا سيما إذا كان(2/48)
الإنسان كثير الشعر فإنه يتألم ويتأذى في أيام الشتاء فمن رحمه الله تعالى أنه جعل الرأس لا يغسل وإنما يمسح .والله الموفق
س : سئل الشيخ عن التخليل
(ج : التخليل ليس بواجب لا في أصابع اليدين ولا في أصابع الرجلين إذا علمت أن الماء وصل إلى ما بينها أو غلب على ظنك فإن لم تعلم بأن تكون الأصابع متلاصقة لأن بعض الناس تكون أصابعهم متلاصقة تلاصقا تاما يحتاج إلى تخليل فهنا لابد من التخليل )
بسم الله الحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه متفق عليه . وعنه رضي الله عنه إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده متفق عليه وهذا لفظ مسلم .
بسم الله الرحمن الرحيم .(2/49)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في باب الوضوء فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه . قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا استيقظ أحدكم من نومه هذا عام يشمل نوم الليل ونوم النهار ولكن قوله فإن الشيطان يبيت على خيشومه يدل على أن المراد بالنوم هنا نوم الليل لأن البيتوتة لا تكون إلا في الليل وعلى كل حال فإن الله تعالى قد يسلط الشيطان على بني آدم فإذا نام بات الشيطان على خيشومه بإذن الله عز وجل فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستنثار وهو أن تستنشق الماء ثم تستنثره ثلاث مرات تطهيرا للخيشوم من أثر الشيطان وهذا التسليط من الله عظ زجل له حكمة لكننا لا نعلم ما هي إلا أننا نعلم أنه لم يسلط إلا لحكمة وهو غير أستنثار الوضوء لأن استنثار الوضوء يكون من أعمال الوضوء لكن هذا استنثار خاص حتى لو فرض أن الإنسان في البر وليس عنده ماء ويريد أن يتيمم بدل الوضوء نقول أستنثر ثلاثا لهذه الحكمة . أما حديث أبي هريرة التالي فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرشد الأمة إلى أن الإنسان إذا قام من النوم وأراد أن يتوضأ فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا وكانوا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس عندهم صنابير ماء إنما هي أواني توضع فيها المياه ويتوضأ منها ويغتسل منها والإنسان لابد له أن يغمس يده فنهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يغمس الرجل يده حتى يغسلها ثلاثا وبين الحكمة من ذلك في قوله فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده والمراد أنه قد يكون الشيطان عبث بها وألقى فيها أوساخا وهو لا يدري وإلا فكل واحد يدري أن يده باتت في فراشه لكن مراده أنه لا يدري ما حصل بها فيكون هذا التعليم شبيها بالتعليم السابق في الاستنثار بأن الشيطان يبيت على الخيشوم فهنا ربما يسلط على النائم ويضع في يديه أشياء ملوثة ضارة فبهذا نهى(2/50)
أن يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا ولكن لو غمسها ؟ نقول له لو غمستها قبل أن تغسلها ثلاثا فاستغفر الله وتب إلى الله ولا تعد لما نهاك عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -أما الماء فإنه باق على طهوريته لا يتأثر بشيء لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -هنا لم يتعرض للماء اطلاقا لا قال أنه يكون طهورا ولا أنه نجسا فعلى هذا يبقى على ما كان عليه وهو أنه طهور والله الموفق
س : سئل الشيخ عن حديث من لم يخلل يده من الوضوء فليخلله من نار جهنم .
ج : الحديث الذي ذكرت من لم يخلل يده من الوضوء فليخلله من نار جهنم . حديث موضوع كذب لا يصح لأن تخليل الأصابع سنة إلا إذا علمت أن الماء لم يصل إلى ما بينها فخللها .
بسم الله الرحمن الرحيم .
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء عن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال : قال سول الله - صلى الله عليه وسلم - أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة ولأبي داود في رواية إذا توضأت فمضمض وعن عثمان رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته في الوضوء أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة بسم الله الرحمن الرحيم مما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى من أحاديث الوضوء حديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أسبغ الوضوء يعني أتمه وإتمام الوضوء يكون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه والإسباغه هو الإتمام كما جاء به القرآن كما قال تعالى وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة أي أتمها فمثلا في غسل الوجه تغسل الوجه كله من الأذن إلى الأذن عرضا ومن منحنى الجبهة من عند الرأس إلى أسفل اللحية طولا
الشريط الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء(2/51)
وَعَنْ لَقِيطِ بْنُ صَبْرَةَ, - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْبِغْ اَلْوُضُوءَ, وَخَلِّلْ بَيْنَ اَلْأَصَابِعِ, وَبَالِغْ فِي اَلِاسْتِنْشَاقِ, إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (???) وَلِأَبِي دَاوُدَ فِي رِوَايَةٍ: إِذَا تَوَضَّأْتَ فَمَضْمِضْ (???) .
40- وَعَنْ عُثْمَانَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ فِي اَلْوُضُوءِ أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/52)
مما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى من أحاديث الوضوء حديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أسبغ الوضوء يعني أتمه وإتمام الوضوء يكون باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه والإسباغ هو الإتمام كما جاء به القرآن كما قال تعالى (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) أي أتمها فمثلا في غسل الوجه تغسل الوجه كله من الأذن إلى الأذن عرضا ومن منحنى الجبهة من عند الرأس إلى أسفل اللحية طولا في اليدين تغسل اليدين من أطراف الأصابع إلى المرفقين ولا تزد لكن المرفقان داخلان في الغسل لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يغسل مرفقاه في الغسل وأما صنع أبو هريرة - رضي الله عنه -أنه يتوضأ حتى يبلغ منكبيه عند غسل يديه فهذا اجتهاد منه رضي الله عنه قد يصيب وقد يخطئ لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يزيد على أن يدير الماء على مرفقيه فقط وتمسح الرأس تبدأ بمقدمه إلى قفاك ثم ترد يديك وتمسح معه الأذنين وتغسل الرجلين إلى الكعبين وهما العظمان الناتئان في اسفل الساق وهما داخلان في الغسل مع المضمضة والاستنشاق هذا هو إسباغ الوضوء . أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع والتخليل معناه إدخال الماء بين الأصابع وكانوا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس عندهم هذا الماء الغزير الكثير الذي يخرج من الصنابير بغزارة إذا غسلت يدك دخل الماء بينها بدون تخليل أما في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -كان الماء يكون ف بالإناء وهو قليل حتى كان ابن عباس رضي الله عنهما يتوضأ ولا يرى أثر وضوئه إلا رشاش قليل حوله من قلة استعمال الماء فلابد من تخليل الأصابع قال أهل العلم وتخليل أصابع الرجلين أوكد من تخليل أصابع اليدين لأن أصابع الرجلين غلابا متراصة فتحتاج إلى تخليل وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتخليل بين الأصابع عام يشمل أصابع الرجلين واليدين الثالث قال وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون(2/53)
صائما الاستنشاق هو سحب الماء في الأنفس بنفس إلى داخل الأنف فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمبالغة فيه إلا أن يكون الإنسان صائما لأنه لو بالغ وهو صائم فربما يصل الماء إلي معدته من حيث لا يشعر فلذلك استثنى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصائم فلا يبالغ في الاستنشاق فاستفدنا من هذا الحديث فوائد منها حرص النبي - صلى الله عليه وسلم -على تعليم الأمة حيث كان يوصيهم بما فيه كمال دينهم ومنها مشروعية إسباغ الوضوء أي إكماله وهو نوعان واجب ومستحب فالواجب أن يغسل مرة واحدة والمستحب الثلاث والسنة أن يتوضأ مرة مرة أحيانا ومرتين مرتين أحيانا وثلاثا ثلاثا أحيانا ولا يزيد وكذلك يتوضأ بغسل الوجه ثلاثا واليدين مرتين والرجلين مرة في وضوء واحد لأن كل هذا مما جاءت به السنة والإنسان ينبغي له أن يفعل كل ما جاءت به السنة حتى يكون مستوعبا لما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى لا ينسى شيئا مما جاءت به الشريعة لأن العمل بالشريعة حفظ لها ومن فوائد الحديث مشروعية تخليل الأصابع والتخليل نوعان واجب وذلك فيما إذا علمنا أن الماء لا يصل إلى الأصابع لقلته أو لشدة تراصها ومستحب وهو إذا علمنا أن الماء يصل بينها ولكن من باب الاحتياط أن يخلل بينها ومن الفوائد أن يبالغ في الاستنشاق إلا لو كان صائما فلا يبالغ وأيضا لو كانت المبالغة تضره صحيا لأن الضرر منفي شرعا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا ضرر ولا ضرار ) ومن الفوائد إعمال الاحتياط وذلك بقوله إلا أن تكون صائما يعني أن الإنسان يحتاط في عبادته فلا يفعل شيئا يخشى أن يفسدها وأيضا من الفوائد أن ما وصل إلى الجوف من طريق الأنف فإنه مفطر كالذي يصل من طريق الفم لأن الأنف منفذ إلى الحلق ثم المعدة وأما ما وصل من طريق العين والأذن كالكحل وقطرة الأذن فهذا لا بأس به ف،ه لا يضر حتى لو وجد طعمه في حلقه لأنه ليس منفذا معتادا وكذلك لو جرح الإنسان فداوى الجرح بما(2/54)
يعلق بعروقه فإنه لا يفطر أيضا وكذلك لو أخذ إبرة في العضل أو الفخذ أو العرق فإنه لا يضره أيضا لأنه ليس أكلا وشربا .. وفي رواية أخرى إذا توضأت فمضمض فذكر المضمضة وأمر بها وأتي بهذه الرواية ليجيب أن المضمضة واجبة ونحن لسنا بحاجة إليها وإلا فهي تقوي الحكم والمضمضة والاستنشاق داخلان في غسل الوجه وهما من الوجه بلا شك وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتمضمض ويستنشق
أما حديث عثمان - رضي الله عنه - فهو أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخلل لحيته في الوضوء وإسناده حسن ولا بأس به وذلك أن لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت كثيفة فكان يخللها من أجل أن يدخل الماء بينها ولكن هذا ليس بواجب وقد قال أهل العلم رحمهم الله أن الشعر بالنسبة للتطهير ثلاثة أنواع . الأول يجب إيصال الماء إلى ظاهره وباطنه وذلك في غسل الجنابة لابد أن يصل الماء إلى ظاهر الشعر وباطنه ويخلل اللحية وكذلك المرأة تخلل الرأس حتى يصل الماء إلى أصول الشعر .
والثاني لا يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر سواء كان خفيفا أو ثقيلا وهذا في التيمم . فالمتيمم يمسح يده بيديه ولا يحتاج أن يخلل اللحية سواء كان التيمم عن جنابة أو حدث أصغر .
والثالث : التفصيل إذا كان الشعر كثيفا لا يتبين من ورائه لون الجلد فأنه يجب غسل ما تحته في غسل الجنابة ولا يجب في الوضوء وأن كان خفيفا يرى من ورائه لون الجلد فإنه يجب وصول الماء إلى أصوله في الوضوء وفي الجنابة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء عن 41- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى بِثُلُثَيْ مُدٍّ, فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (???) .(2/55)
42- وَعَنْهُ, أَنَّهُ رَأَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ اَلْمَاءِ اَلَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيّ ُ (???) .
وَهُوَ عِنْدَ "مُسْلِمٍ" مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ بِلَفْظٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرَ فَضْلِ يَدَيْهِ, وَهُوَ اَلْمَحْفُوظ ُ (???) .
43- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " "إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ, مِنْ أَثَرِ اَلْوُضُوءِ, فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/56)
تناولنا في الدرس الماضي حديث عثمان رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته في الوضوء وبينا أن الشعر بالنسبة للطهارة ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول يجب إيصال الماء إلى أصوله سواء أن كان كثيفا أو خفيفا وذلك في غسل الجنابة أو غسل الحيض للمرأة والثاني ما لا يجب سواء كان الشعر خفيفا أو كثيفا وذلك في طهارة التيمم . والثالث : ما فيه التفصيل فيجب إيصال الماء إلى أصوله إن كان خفيفا ولا يجب إن كان كثيفا وذلك في الوضوء . وفي هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يخلل لحيته في الوضوء دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان ذا لحية وهذا أمر لا شك فيه وكانت لحيه كثيفة عريضة وكان - صلى الله عليه وسلم - يأمر بإعفاء اللحية ويقول خالفوا المجوس وأخبر أ، إعفائها ما الفطرة التي فطر الناس عليها وهي أيضا من سنن أخوانه من المرسلين كما في قوله تعالى عن هارون عندما قال لأخيه موسى ( يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ) وكان الناس فيما سبق من الزمان يعيبون عيبا شديدا على من حلق لحيته ويقولون لا يحلق لحيته إلاالكافر ولكن مع الآسف أنه لما حصل الاستعمار الكافر على بعض بلاد المسلمين واحتلوا بلاد المسلمين برهة من الزمن اكتسب المسلمون لضعفهم من أخلاق هؤلاء الكفار لأن العادة أن الضعيف يقتدي بالقوي وقد ابتلي المسلمون باستعمار بلادهم من الغرب أو الشرق وأهل الغرب والشرق إما يهود أو نصارى أو وثنيون فلما استولوا على المسلمين اكسبوهم من أخلاقهم الذميمة فصار كثير من المسلمين يحلقون لحاهم مع الآسف مخالفين بذلك هدى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصوه في أمر فقد جمعوا بين المخالفة في الهدى والعصيان في الأمر والعياذ بالله فعصوا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - واتبعوا أهوائهم وصاروا يحلقون لحاهم حتى أن الواحد يحافظ على حلق لحيته أكثر مما يحافظ على نظافة فمه بالسواك وغيره تجده كل صباح يمر(2/57)
عليها بالموس ومنهم من أبتلي بأشد من ذلك فصار ينتفها نتفا فيدخل في النمص قد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - النامصة والمتنصة فيكون معرضا نفسه للدخول في اللعنة والعياذ بالله والعجب أ، الشيطان يلعب بالناس إلا من عصم اله تعالى تجده يحافظ على حلق لحيته ولكنه يعفي شاربه ويبقيه وطال حتى ينزل في الإناء وهو يشرب لكنه لا يهمه ذلك لأن الشيطان لعب به سفه حلمه . وإعفاء اللحية وحف الشارب هو أحد الفطر التي فطر اله الناس عليها ومن ذلك أن قوما ابتلوا بالإبقاء على أظفارهم لا يقصونها مع أن قصها من الفطرة التي حث عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن بعض الناس يبقي أظافره إما تغافلا أو تكاسلا ومنهم من يفعل تشبها بالكفار لأن الكفار يطيلونها إما للدفاع عن أنفسهم ويجعلونها لهم بمنزلة السكاكين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الظفر فمدى الحبشة يتخذها الحبشة حتى تكون كالحراب لهم يذكون بها الحيوان ويدافعون بها عن أنفسهم . المهم أن البعض يتخذ الأظافر ولا يقصها وهذا خلافا للسنة وخلاف الفطرة والنظافة وأيضا مما يتعلق بالفطرة نتف الإبط فإن بعض الناس لا ينتف إبطه والإبط يكون فيه الشعر في باطنه فمقل ومستكثر لكن بعض الناس لا يهمه ربما يبقى الشعر مدة طويلة فيكثر وينتن ويتأذى من كان على جنبه مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بنتفه ومما يتعلق بالفطرة حلق العانة فإن بعض الناس أيضا يتهاون فيها وتجده يغفل مدة طويلة وقد وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بأربعين يوما فقط لا يزيد على أرٍبعين يوم الشارب الأظفار والآباط والعانة قا لأنس بن مالك رضي الله عنه وقت النبي - صلى الله عليه وسلم - لنا في ذلك أي في هذه الأربعة أن لا تترك فوق أرٍبعين يوما على رأس كل شهر نظف نفسك منها لكن الشارب قال العلماء ينبغي أن يقصه كل يوم جمعه لأنه سريع النمو وإذا نما يخالط الشراب فعلى كل حال هذه الأمور ينبغي للمؤمن أن(2/58)
يكمل إيمانه بها امتثالا لأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وامتثال أمر الرسول من امتثال أمر الله تعالى كما قال تعالى ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) والنظافة والسواك الذي جاء به الإسلام موافقا للفطرة والله الموفق .
س :
ج : الإسراف في الماء في الوضوء غلط وسيأتي إن شاء الله تعالى في حديث عبد الله بن زيد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوتي بثلثي مد فتوضأ به وبقيت مسألأة بعض الناس يقول إنني لا أتمكن من نتف الإبط يصعب علي جدا ؟ نقول ليس بلازم نتفه فهناك مواد كيميائية يدهن بها فيسقط الشعر .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء عن
41- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى بِثُلُثَيْ مُدٍّ, فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (???) .
42- وَعَنْهُ, أَنَّهُ رَأَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ اَلْمَاءِ اَلَّذِي أَخَذَ لِرَأْسِهِ. أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيّ ُ (???) .
وَهُوَ عِنْدَ "مُسْلِمٍ" مِنْ هَذَا اَلْوَجْهِ بِلَفْظٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرَ فَضْلِ يَدَيْهِ, وَهُوَ اَلْمَحْفُوظ ُ (????) .
وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/59)
هذان حديثان وردا عن عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - في صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - الأول أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعيه يعني ثلثي مد يتوضأ به فتوضأ وجعل يدلك ذراعيه وذلك لأن الماء الذي توضأ به كان قليلا ثلثا مد وهو يساوي بالنسبة للصاع عندنا 2 من 15 لأن الصاع المعروف عندنا خمسة أمداد بالمد النبوي وهذا يدل على أنه ينبغي على المسلم أن يقلل من استعمال الماء في الوضوء وأن لا يسرف فيه وهذا ممكن إذا كان يتوضأ من إناء لأنه سوف يخفف لكن إذا كان يتوضأ من المواسير فتقييده بهذا متعذر . وزفي الحديث دليل على الماء إذا كان قليلا يخشى الإنسان أن لا يعم جميع العضو فإنه يدلكه ليتيقن من جريان الماء على جميع العضو ومثله إذا كان قد تدهن بدهن فإنه ينبغي أن يمر يده على العضو ليتأكد أن الماء جرى على جميع العضو لأنه يشترط أن يجري الماء على الأعضاء حتى يتقاطر منها ولا يجزئ المسح يعني لو بل الإنسان يده ومسح وجهه أو ذراعه أو رجله لا يجزئه ذلك لأن هذا مسح وليس بغسل .
وأما حديثه الثاني ففيه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -توضأ فأخذ لأذنيه ماءا غير الذي أخذه لرأسه لكن هذا الحديث ضعيف ليس بصحيح والصحيح أن أخذ ماءا لرأسه غير فضل يديه وذلك هو الذي رواه مسلم في صحيحه فيكون هو المحفوظ وهو الصحيح ووجه ذلك من حيث المعنى أن الأذنين من الرأس فلا حاجة أن يأخذ لهما ماءا جديدا بخلاف الرأس فأنه ليس من اليدين ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم -إذا غسل يديه أخذ ماءا لمسح رأسه ويمسح أذنيه بما بقى من رأس ولا يحتاج أن يأخذ ماءا جديدا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم(2/60)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء 43- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ, مِنْ أَثَرِ اَلْوُضُوءِ, فَمَنْ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (????) .
44- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ اَلتَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ, وَتَرَجُّلِهِ, وَطُهُورِهُ, وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/61)
ذكر الحافظ في كتابه بلوغ المرام في بابا الوضوء حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول إن أمتي يأتون يوم القيامة غرلا محجلين من أثر الوضوء الغر من الأغر وهو ابيض الوجه والتحجيل بياض أطراف الأعضاء وذلك أن الوضوء يكون في الوجه وفي اليدين وفي الرجلين فإذا جاءت هذه الأمة يوم القيامة صار على هذه الأعضاء نور يتلألأ أبيض يعرفون به دون غيرهم من الأمم ولهذا جاء في الحديث سيما لكم ليست لغيركم فهذه الأمة يوم القيامة تأتي ولله الحمد فيها هذا البياض في وجوهها وفي أيديها وأرجلها من أثر الوضوء وفي هذا الحديث دليل على فوائد منها إثبات الحشر يوم القيامة وهو اليوم الآخر والإيمان به أحد أركان الإيمان الستة كما قال - صلى الله عليه وسلم - لجبريل حين سأله عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر والقدر خيره وشره فمن لم يؤمن بالبعث وشك فيه فهو كافر لأنه مكذب الله ورسوله وإجماع المسلمين ولابد أن يبعث الناس لأنه إيجاد هذه الخليقة و إمضاء هذه الأحكام القدرية والحكام الشرعية عيها وإرسال الرسل وإنزال الكتب ومشروعية الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل هذا لا يمكن أن يكون عبثا يخلق الناس ويوجدون ويؤمن هؤلاء فيقتلوا الكفار وما أشبه ذلك ثم تذهب المسألة سدى لا يحشرون ولا يبعثون ولا يحاسبون هذا شيء عبث ولهذا قال تعالى ( وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) فالذي يظن أن هذه الخليقة لا تبعث هذا كافر والعياذ بالله ( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبئن بما عملتم وذلك على الله يسير ) وفي هذا دليل على أن الوضوء له قدر كبير على هذه الأمة وأنهم يأتون يوم القيامة على هذه الصفة تعرف به هذه الأمة وفي هذا دليل على أن لله أن يختص برحمته من يشاء وكم من وكم من فرائض ومناقب اختصت بها هذه(2/62)
الأمة ولله الحمد خيرات كثيرة أحيانا يبينها الرسول - صلى الله عليه وسلم - مجموعة وأحيانا يفرقها قال - صلى الله عليه وسلم - أعطيت خمسا لم يعطهن نبي من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسية شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهور وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكانت النبي يبحث لقومه خاصة وبعثت للناس عامة فهذه الأمة والحمد لله لها فضائل كثيرة تميزت بها عن سائر الأمم أما قوله فمن استطاع منكم أن يطيل غرلته فليفعل فهذا مدرج ليس من كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أشار إلي ذلك المحققون ومنهم ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية قال
وإطالة الغرات ليس بممكن أيضا وهذا واضح التبيان وقال أبو هريرة قالها من كيسه فغدا يميزه أولو العرفان(2/63)
ويدل على هذا أن الغرة هي الوجه وهل يمكن أن يطال الوجه عن حده ؟ لا التحجيل يمكن فيمكن أن تزيد الماء إلى نصف الساق أو ثلثه يكن الغرة لا يمكن تطويلها والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يتكلم بشيء محال وعلى هذا فليس من السنة أن يزيد الإنسان على غسل الوجه يعني لا يقل أزود الغرة فأغسل نصف الرأس مع الوجه فهذا لا يصح وعلى هذا فقوله فمن استطاع منكم أن يطيل غرته من كلام أبي هريرة رضي الله عنه فإذا قال قائل إذا كانت من كلام أبي هريرة فهل يمكن أن يخطئ أبو هريرة ؟ الجواب يمكن أن يخطئ أبو هريرة ولا يخطئ محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن الشيء الغير ممكن شرعا أو غير ممكن قدرا لا يمكن أن يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . أما حديث عائشة والذي ذكره بعد هذا الحديث قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله تنعله يعني لباس النعل إذا أراد أن يلبس النعل يبدأ برجله اليمنى إذا أرٍاد أن يرجل رأسه يبدأ بالجانب الأيمن كما أنه لما حلق رأسه بالحج بدأ بالجانب الأيمن والترجل هو تسريح الشعر ومسحه ودهنه وكان - صلى الله عليه وسلم -يتخذ الشعر شعر الرأس لأن الناس في عهده يتخذون ذلك فكان - صلى الله عليه وسلم - يفعل هذا فمن السنة المطلوبة شرعا أن تكون كما يكون الناس ما لم يكن محرما فكان - صلى الله عليه وسلم -لمحبته للنظافة ولأن النظافة من الدين كان يرجل شعره يعني يسرحه ويدهنه ويمشطه حتى أنه وهو معتكف كان يخرج رأسه من المسجد إلى فترجل رأسه وهو معتكف - صلى الله عليه وسلم - المهم أن يترجل لكنه نهى عن الترجل إلا غبا يعني نهى أن يرجل رأسه كل يوم حتى لا يكون ليس له هم إلا أصلاح الهندام وإصلاح الشعر والثياب لكن إذا كان يوم ويوم يومين ما يرجل ويوم يرجل وما أشبه ذلك أما ظهروه فكان يسبغ الوضوء وكذلك الغسل يبدأ باليمين ما لم يكن عضوا واحدا كالوجه مثلا فلا نقل(2/64)
أبدأ بيمين الوجه خذ بيدين وأغسل وجهك جميعا لكن لو فرض أنه لا يستطيع أن يأخذ بيديه جميعا ويأخذ بيد واحدة فهل يبدأ باليمين أو يبدأ من فوق ناحية جبهته يحتمل هذا وهذا والمر في ذلك واسع لكن عندما يريد أن يبدأ بيديه بماذا يبدأ باليمين وكذلك الرجلين أما الأذنان فهما من الرأس وهما عضو واحد ولهذا يمسح أذنيه جميعا لا يبدأ باليمنى قبل اليسرى إلا إذا كان لا يستطيع أن يمسح إلا بيد واحدة فيبدأ باليمنى وطهوره قال وفي شأنه كله يعني كل أحواله يبدأ باليمين فالأصل البداية باليمين والعلماء رحمهم الله يقولون أمور القذر والأذى تكون باليسار ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستجمر الإنسان بيمينه بالأحجار أو أن يستنجى بالماء بيمينه . اليسرى للأذى فمثلا إذا أراد الإنسان أن يستنجي أو يستجمر أو يستنشق أو يغسل النجاسة فبيساره لأنه أذى فكل أذى نقدم له اليسار وكل خلع نقدم له اليسار يعني أراد الإنسان أن يخلع نعليه يبدأ باليسرى أراد خلع ثوبه يبدأ باليسرى أراد خلع سرواله يخرج اليسرى قبل ولو أراد أن يلبسه يدخل اليمنى فاللبس إكرام يبدأ فيه باليمين والخلع ضد الإكرام فيبدأ فيه باليسار إذا أراد الإنسان أن يخرج من المسجد يقدم اليسرى وإذا أن يدخل يقدم اليمنى وإذا أراد أن يدخل الحمام يقدم اليسرى لأن الحمام أقذر من غيره وعند الخروج يقدم اليمنى وهذه القاعدة ذكرها أهل العلم رحمهم الله تعالى أخذوها بالتتبع والاستقراء من السنة أن اليسرى تقدم للأذى والقذر واليمنى تقدم لما سواه بقى علينا عندما تريد أن تكرم أحدا هل تبدأ بالأيمن أم بالأيسر أو بمن ؟ إن كان أحدهما عن يمينك والأخر عن يسارك فأبدأ باليمين سواء كان أشرف أو دون فمثلا إذا عنده صبى عن يمينه ورجل وقور عن يساره وأراد أن يعطيهما شيئا يبدأ ؟ قالوا باليمين قال صبى يا أخوان وهذا رجل شريف وقور ثم قا ليبدأ بالصبي أما إذا كان أمامه تبدأ بالكبير مثلا إنسان دخل مكان(2/65)
وأراد أن يسلم يبدأ بالكبير ما يبدأ باليمين ولهذا لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان بيده سواك فأتاه ناس فأراد أن يعطى اليمين فقيل له كبر كبر فيجب أن نعرف الفرق بين أن يقابل الإنسان أحدا وبين أن يكون أحدهما عن يمينه والأخر عن يساره ففي الأولى يبدأ بالكبر وفي الثانية يبدأ باليمين ودليل هذا أن ابن عباس رضي الله عنهما كان على يمين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان الأشياخ والكبراء على يسار الرسول - صلى الله عليه وسلم - ففرغ من الإناء فأستأذن ابن عباس فقال لا أوثر سؤرك يا رسول الله أحدا فأعطاه ابن عباس والأشياخ على يساره لأنه يبدأ باليمين في مثل هذه الصورة والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الوضوء
45- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فابدأوا بِمَيَامِنِكُمْ أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (????) .
46- وَعَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ, فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ, وَعَلَى اَلْعِمَامَةِ وَالْخُفَّيْنِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ (????) .
47- وَعَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا -فِي صِفَةِ حَجِّ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ - صلى الله عليه وسلم - اِبْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اَللَّهُ بِهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ, هَكَذَا بِلَفْظِ اَلْأَمْر ِ (????) وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ اَلْخَبَر ِ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/66)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب الوضوء أحاديث سبق الكلام عليها ومنها حديث عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم -كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله وسبق الكلام على هذا الحديث وبيان ما يشتمل عليه أما حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم فهو أمر يعني الإنسان إذا توضأ يبدأ باليمين والذي فيه التيامن اليدان والرجلان وعلى هذا فيبدأ الإنسان بغسل اليد اليمنى قبل اليسرى وبغسل الرجل اليمنى قبل اليسرى لأن هذا هو الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - أما حديث المغيرة بن شعبة فهو يروي - رضي الله عنه -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح على ناصيته وعلى العمامة والخفين وكان المغيرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -في سفر وكان - صلى الله عليه وسلم - يلبس العمامة لأنها من لبس الناس في ذلك الوقت ويلبس الخفين وما زال الناس يلبسون الخفين إلى يومنا هذا أما العمائم فاختلفت الأعراف فتغيرت الأمور ففي هذا الحديث دليل على جواز لبس العمامة وهو كذلك فلبسها جائز ما لم يخالف العادة فأن خالف العادة صار لباس شهرة ولهذا لو لبس العمامة رجل يعيش في قوم لا يلبسونها لصار شهرة يشار إليه بالأصابع ولبسها ليس من السنة فنقول افعل السنة ولو أشار الناس إليك بل هو من أمور العادة وفي الحديث دليل على جواز الاقتصار على مسح بعض الرأس لقوله على ناصيته وبهذا أخذ بعض أهل العلم وقال إن الرأس لا يجب استيعابه بالمسح بل يكفي مسح بعضها لكنه لا دلالة في الحديث على ذلك إنما يدل الحديث على أن من كان عليه العمامة كفاه مسح الناصية لأن العمامة لا تغطي الرأس كله بل تظهر الناصية فإذا كان عليه عمامة كفاه مسح الناصية أما إذا لم يكن عليه عمامة فالواجب أن يمسح جميع الرأس كما سبق وفيه دليل على جواز المسح على الخفين والخفان هما ما يلبس على الرجل من جلد ونحوه(2/67)
وأما ما يلبس من الصوف والقطن فهو جورب وسيأتي إن شاء الله الكلام على مسح العمامة والخفين كما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى . وأما حديث جابر ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى من طواف البيت وصلى ركعتين خرج إلى المسعى فلما دنا من الصفا قرأ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) وقال ابدءوا بما بدأ الله به هكذا رواية النسائي لكنها في صحيح مسلم أبدأ بما بدأ الله به ولا يمنع أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم -قال أبدأ بما بدأ الله به ثم أمر الأمة فقال أبدءوا بما أمر الله به على كل حال في قوله أبدأ أو أبدأ بما بدأ الله به دليل على الترتيب بين أعضاء الوضوء يعني تبدأ أولا بغسل الوجه ثم اليدين ثم بمسح الرأس ثم الرجلين فلو قدمت بعضها على بعض صار باطلا لأنه خلاف ما أمر الله به بقول إذا قمت إلى الصلاة فاغسلوا وجهكم وأيدكم إلى المرافق الآية وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد والله الموفق .
س : سؤال عن الجبيرة
ج : الجبيرة بارك الله فيك التي توضع على الكسر أو الجرح فإنها تمسح كلها في الحدث الصغر والأكبر وليس لها مدة كالخف ل ما دام الإنسان محتاجا إليها فيمسح عليها .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَعَنْهُ أي جابر بن عبد الله قَالَ: كَانَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ اَلْمَاءَ عَلَى مُرْفَقَيْهِ. أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِ ضَعِيف ٍ (????) .
49- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اِسْمَ اَللَّهِ عَلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, بِإِسْنَادٍ ضَعِيف ٍ (????) .
50- وَلِلترْمِذِيِّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْد ٍ (????) .(2/68)
51- وَأَبِي سَعِيدٍ نَحْوُه ُ (????) . قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْء ٌ (????) .
52- وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَفْصِلُ بَيْنَ اَلْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادِ ضَعِيف ٍ53- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - -فِي صِفَةِ اَلْوُضُوءِ- " ثُمَّ تَمَضْمَضَ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا, يُمَضْمِضُ وَيَنْثِرُ مِنْ اَلْكَفِّ اَلَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ اَلْمَاءَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ ُ (????) .
54- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ - رضي الله عنه - -فِي صِفَةِ اَلْوُضُوءِ- ثُمَّ أَدْخَلَ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ, فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ, يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/69)
هذه أحاديث تتعلق بالوضوء ساقها المؤلف رحمه في كتابه بلوغ المرام منها حديث جابر انه رأى النبي - رضي الله عنه - إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه يعني إذا غسل يديه غسل مرفقيه معهما وهذا الحديث كما قال المؤلف إسناده ضعيف لكنه صحيح من حيث المعنى فالإنسان إذا توضأ لابد أن يغسل المرفقين مع الذراع ولابد أن يكون الغسل كاملا لليد من أطراف الأصابع إلى المرفقين ومنها التسمية في الوضوء فقد قال النبي - رضي الله عنه - فيما يروى عنه لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه لكن هذا الحديث ضعيف كما قال المؤلف إسناده ضعيف وقال الإمام احمد لا يثبت فيه شيء ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل التسمية في الوضوء واجبة أم لا والصحيح أنها ليست واجبة وان الإنسان إذا توضأ ولم يسم فوضوءه صحيح لكن الأفضل أن يسم ألا إذا كان في بيت الخلاء ( المرحاض ) فانه لا يسم وان أراد أن يذكر الله بقلبه فلا باس لكن المهم أن التسمية ليست واجبة ولهذا نرى أن الذين وصفوا وضوء النبي - رضي الله عنه - لم يذكروا أن النبي - رضي الله عنه - كان يسمي عند الوضوء ومنها المضمضة والاستنشاق هل يفصل بينهما فيتمضمض أولا ثم يستنثر ثانيا أو يجمعهما في كف واحد اختلفت الأحاديث في ذلك واقرب ما يكون انه يأخذ غرفة يتمضمض منها ويستنشق والغرفة الثانية كذلك والثالثة كذلك فيكون ثلاث مرات في ثلاث غرفات هذا اقرب ما روي عن النبي - رضي الله عنه - في ذلك ولو انه تمضمض وفصل بين المضمضة والاستنشاق فنرجو انه ليس به باس لكن الأفضل الجمع .والله الموفق
55- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا, وَفِي قَدَمِهِ مِثْلُ اَلظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ اَلْمَاءُ. فَقَالَ: "اِرْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيّ ُ (????) .(2/70)
56- وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ, وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
57- وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ, فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ, ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ" أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ (????) .
وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَزَادَ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
في بقية باب الوضوء التي ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في بلوغ المرام فمنها أن النبي - رضي الله عنه - كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع أل خمسة أمداد . الصاع النبوي اقل من الصاع الموجود عندنا الآن في القصيم ينحو الخمس ويزيد قليلا وقد ذكر لنا مشايخنا أن زنة الصاع النبوي ثمانين ريال فرنسي وان زنة الصاع الموجود(2/71)
104ريالات وهذا الفرق بنحو ما قلنا الخمس أو يزيد قليلا واما المد فهو ربع الصاع فإذا رأيت إذا عرفت أن النبي - رضي الله عنه - كان يقتصد حتى في استعمال ماء الطهارة وهذا أساس من الأسس الاقتصادية وهو انه ينبغي للإنسان أن لا يسرف في شيء أبدا لا في الآكل ولا في الشرب ولا في اللباس ولا في المسكن ولا في المركوب ولا في غير ذلك الاقتصاد نصف المعيشة وقد قيل ما عال من اقتصد وإذا طبقت هذا اليوم على حال الناس اليوم رأيت العجب العجاب وان أكثر الناس يعيشون في افراط وتبذير حتى الفقير الذي لا يجد شيئا تجده يرتدي ويأثر نفسه وهمته من اجل أمور كمالية لا داعي لها تجد الفقير مثلا يعمر بيتا لا يكون لمثله فوق مستواه بكثير ويستدين على ذلك الدراهم الكثيرة ثم إذا فرغ ذهب يجمله بالديكور والفرش وغيرها وكل ذلك دين ثم عند المركوب يشتري السيارة الفخمة التي يكفيه ربعها فيشتري ب 70 ألف و80 ألف أو 100 ألف وربما يكفيه 20 ألفا أو ما أشبه ذلك كل هذا من الغلط ومن الإسراف والتبذير ولا يجوز للإنسان أن يستدين على شيء لا يدري أيوفي أم لا لو كان الدين أمرا مرغوبا فيه لارشد إليه النبي - رضي الله عنه - الرج لالذي طلب من الرسول - رضي الله عنه - أن يزوجه المرأة وقال له ما عندك شيء يعني صداقا قال عندي إزاري قال إزارك أن أعطيتها إياه لم يبق لك إزار وإن أبقيته ما كان لها صداق فالتمس ولو خاتما من حديد فطلب الرجل فلم يجد شيئا فقال امعك شيء من القرآن فقال نعم سورة كذا وكذا فقال زوجتكها بما معك من القرآن ولم يقل استرقض من الناس واشغل ذمتك بالديون فدل هذا على انه لا ينبغي للإنسان وان يقتصر بقدر المستطاع كذلك يوجد بعض الناس يكفيه من الغداء ربع ما يقدمون حتى ولو لم ألا هو أهله تجده يجعل غداءا كثيرا يكفي لعشرة وهو أربعة وهذا أيضا من الغلط لا سيما إذا كانت الفضلة لا يوجد لها من يأكلها الاقتصاد كله خير سواء في ماء الوضوء أو في غيره .(2/72)
أما الحديث الثاني فهو أن النبي - رضي الله عنه - رأى رجلا قد توضأ وفي قدمه مثل الظفر لم يصبها الماء فقال ارجع فاحسن وضوءك فهذا يدل على انه يجب على الإنسان أن يستوعب جميع أعضاء الوضوء بالطهارة وانه إذا لم يفعل فان وضوءه لم يصح ثم أن ذكر عن قرب فان يعيد العضو الذي حدث فيه الخلل وان طالت المدة فانه يعيد الوضوء من أوله .
إذا رأيت رجل توضأ ثم خرج من الميضأة و إذا مرفقه لم يصبه الماء فهنا نقول اغسل المرفق وامسح رأسك و أذنيك واغسل قدميك فانه لابد من الترتيب فيغسل ما حصل به الخلل وما بعده و أما إذا كان الخلل في القدم وذكر حين طلع من الميضأة رأى أن بعض قدمه لم يصبه الماء فنه يغسل ما لم يصبه الماء وكفاه لان القدم هي آخر شيء ليس بعها شيء من الأعضاء أما أن لم يذكر ألا بعد مدة طويلة فانه لابد أن يعيد الوضوء من أوله لان الوضوء عبادة واحدة فلابد أن يكون بعضه يوالى بعضا .
واما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسيأتي الكلام عنه في الدرس القادم
إذا نسى المضمضة والاستنشاق فانه يتمضمض ثم يستنشق ويغسل يديه ويمسح رأسه وأذنيه ويغسل قدميه كما قلت لكم يعد الذي حصل به الخلل وما بعده ألا إذا قد طال الفصل أي عذر
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في بقية الأحاديث في باب الوضوء
- وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ, فَيُسْبِغُ اَلْوُضُوءَ, ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ اَلْجَنَّةِ" أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ (????) .
وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَزَادَ: اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ اَلتَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ اَلْمُتَطَهِّرِينَ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/73)
في هذا الحديث حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له 0000 الحديث )
وقوله عليه الصلاة والسلام ما منكم من أحد يتوضأ الوضوء سبق أنه غسل الوجه وغسل اليدين إلى المرفقين ومن غسل الوجه المضمضة والاستنشاق وغسل اليدين إلى المرفقين ومسح الرأس ومنه الأذنان وغسل الرجلين إلى الكعبين إذا توضأ الإنسان هذا الوضوء واسبغه يعني أتمه والإسباغ يعني الإتمام قال تعالى ( واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) أي أتمها ثم يقول أشهد أن لا اله ألا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله أشهد يعني نطقا بلسانه واعتقادا بقلبه انه لا معبود حقٌ ألا الله فكل ما عبد سوى الله فإنه باطل كما قال تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) فمعنى قول لا اله ألا الله يعني لا معبودا حقٌ ألا الله وما سوى ذلك فإنه معبودا باطل لا ينفع عابديه شيء بل قد قال تعالى ( إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم له واردون ) أي تحصبون في جهنم والعياذ بالله ومعنى تحصبون أي ترمون كما يرمي الإنسان الحصبى أي الحصى الصغار فالمعنى أنتم حصب جهنم انتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها إذ لو كانت آلهة حقا ما وردت النار ولا ورد عابدوها النار لكنها آلهة باطلة إذاً معنى قولك لا اله إلا الله يعني انك تقر وتعترف بلسانك وتعتقد بقلبك انه لا أحد يعبد سوى الله إلا وهو باطل فالعبادة حقا لله واشهد أن محمدا عبده ورسوله . محمد هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله تعالى بمكة وهاجر إلى المدينة بامر الله تعالى وتوفي فيها - صلى الله عليه وسلم - فهو عبد وهو أقوى الناس عبادة واعبدهم لله واتقاهم لله وأخشاهم لله واقومهم لامر الله هو عبد ورسول لا يكذب - صلى الله(2/74)
عليه وسلم -بل هو الصادق المصدوق واشهد أن محمدا عبده ورسوله – اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين هذا اللفظ وإن كان في الترمذي ولكن معناه صحيح لان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين فمن هو التواب . التواب هو الرجاع إلى الله تعالى الذي يرجع إلى الله من معصيته إلى طاعته فإذا فعل ذنبا ذكر الله تعالى يعني ذكر عظمة الله وذكر عقاب الله فاستغفر وقال اللهم اغفر لي وتاب إلى الله وإذا أخل بواجب ذكر الله ثم قال أين أنا من هذا الواجب ثم قام بأدائه أو قضاوه أن كان قد فات وقته فيعبد الله عز وجل محبة وتعظيما – واجعلني من المتطهرين الذين يتطهرون الطهارة الحسية وهو شيئان رفع الأحداث وتنظيف الانجاس فالطهارة أما رفع حدث واما ازالة خبث فتسأل الله أن يجعلك من المتطهرين هذه الطهارة الظاهرة الحسية وكذلك الطهارة المعنوية طهارة القلب من الشرك من الشك من النفاق ومن الغل على المسلمين من الحقد من الحسد ومن كراهة الحق ومحبة الباطل إلى غير ذلك مما يجب أن يطهر الإنسان قلبه منه وطهارة القلب اعظم من طهارة البدن لأنها عليها المدار إذا لم يتطهر قلبه فسد جسمه كله قال تعالى ( أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) هذا ذكر مناسب ودعاء مناسب لان الإنسان لما طهر ظاهره بالوضوء ناسب أن يسأل الله الطهارة طهارة الباطن بل ناسب أن يتطهر باطنه بالإخلاص لله عز وجل والشهادة لرسوله بالحق فإذا اسبغ الوضوء وقال هذا الذكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحت له أبواب الجنة وابواب الجنة ثمانية كل باب له أقوام مخصصون باب الريان للصائمين باب الصلاة لاهل الصلاة باب الجهاد لاهل الجهاد وهلم جرا لكن لا يمنع أن يدخل الإنسان من كل الأبواب إذا كان قد اتى من كل واحدة من أنواع العبادات بنصيب دعي من الأبواب كلها تفتح له أبواب الجنة ولكن كيف تفتح بمعنى أن الله يسر له أعمال أهل الجنة(2/75)
كلها كل الأعمال تيسر له لان الإنسان إذا عمل العمل الذي يدخل به الجنة فتحت له أبوابها فالمعنى أن الله ييسر له أعمال الجنة من كل الأبواب جعلنا الله وإياكم منها فالحرص يا اخي على هذا الذكر إذا فرغت من الوضوء قل اشهد أن لا اله إلا الله واشهد وحده لا شريك له أن محمد عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
باب المسح على الخفين
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب المسح على الخفين
58- عَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَوَضَّأَ, فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ, فَقَالَ: "دَعْهُمَا, فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ" فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
59- وَلِلْأَرْبَعَةِ عَنْهُ إِلَّا النَّسَائِيَّ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَسَحَ أَعْلَى اَلْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْف ٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى باب المسح على الخفين(2/76)
ذكر ذلك بعد أن ذكر الأحاديث الواردة في صفة الوضوء لان الخفين ما يلبس على الرجل من جلد أو نحوه وإذا كان الملبوس على القدمين من صوف أو قطن أو ما أشبه ذلك يسمى جورب ويسمى عند العامة شراب من محاسن الشريعة والمسح على الخفين من محاسن الشريعة وتيسيرها وتسهيلها وذلك لان القدمين ولا سيما في الشتاء يلحقهما البرد ويتعب الرجل وإذا ضربه أدنى شيء يدمي أصابعه أو عقبه أو ما أشبه ذلك فكان من محاسن الشريعة أن يسر الله على العباد أباح لهم المسح على الخفين أو على الجوارح ولكن بشروط الشرط الأول أن يلبسهما على طهارة فلا يصح أن يمسح عل الخفين إذا لبسهما على غير طهارة ودليل ذلك حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رجليه اهوى المغيرة لينزع خفيه فقال النبي صلى الله عليه دعهما فاني ادخلتهما طاهرتين ومسح عليهما فبقوله أدخلتهما طاهرتين دليل على انه لابد أن يكون لبس الخفين على طهارة فان لبس على غير طهارة وأراد الوضوء بعد ذلك وجب عليه أن ينزعهما ويغسل قدميه فان نسي ومسح عليهما إعداد الوضوء والصلاة أن صلى لانه لبسهما على غير طهارة وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا كان عليه خفان فان الأفضل أن يمسح عليهما ولا يخلعهما لان النبي صلى الله عليه وسلم قال دعهما فاني أدخلتهما طاهرتين فدل ذلك على أن إبقائهما والمسح عليهما افضل وفي هذا الحديث دليل على جواز معوانة المتوضأ على وضوئه لان النبي صلى الله اعانه المغيرة ولا بأس بذلك ولكن لا ينبغي للإنسان أن يطلب أحد يعينه لان سؤال الناس مذموم لكن لو كان أحد يريد أن يكرمك ويساعدك فالأفضل أن تمكنه من ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب ويمكن أصاحبه من معاونته وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم لكن من خاف على نفسه من الإعجاب والترفع إذا خدمه الناس فلا بأس أن يسد الباب وان لا(2/77)
يمكن أحد يخدمه ولكل مقام مقال وفي هذا الحديث دليل على انه لابد من أن يكون الخفان طاهرين يعني لا يصح أن يمسح كنادر نجسات كما يفعله بعض الجهال يشترى من الكنادر التي جلودها من جلود السباع أو جلود الحيات أو ما أشبه ذلك ثم يمسح عليه وهذا لا يجوز لأنها جلود نجسة على القول الراجح لأنها لا تطهر بالدباغ وان كان بعض العلماء يقول إن جلود السباع إذا دبغت صارت طاهرة لعموم قوله ايما إهاب دبغ فقد طهر والقول الراجح أنها تبقى على نجاستها وانه لا يجوز للإنسان أن يلبسها وانه إذا مسه وهي رطبه أو يده رطبه تنجست يده والله الموفق
إذا شك انهما طاهرتين أو لا فلا يمسح لانه لابد أن يتيقن انه ادخلهما طاهرتين
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المسح على الخفين
- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: لَوْ كَانَ اَلدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ اَلْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ مِنْ أَعْلَاهُ, وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ حَسَن ٍ (????) .
61- وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ, إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ, وَبَوْلٍ, وَنَوْمٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَاه ُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/78)
سبق لنا في باب المسح على الخفين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على خفيه وذكر المؤلف في حديث المغيرة رواية ضعيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح أعلى الخف و أسفله ولكن هذه الرواية شاذة منكر لا عبرة بها و المسح إنما يكون لأعلى الخف كما في حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - انه قال لو كان الدين بالرأي لكان اسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح أعلى خفيه أو قال أعلى الخف يقول - رضي الله عنه -لو كان الدين بالرأي والمراد بالرأي يعني بادي الرأي أول وهلة لكان الإنسان يقول مسح اسفل الخف أولى لان اسفل الخف للأرض ويعلق به التراب والأذى فكان مسحه أولى ولكن إذا تأمل الإنسان ونظر بعين العقل لا بعين الرأي لوجد أن أعلى الخف أولى من أعلاه وذلك لان مسح أسفله لا يزيده تطهيرا بل يزيده تلويثا لان المسح ليس غسلا حتى يزيل الأذى والوسخ المسح أن تبل يدك بالماء ثم تمرها على المكان وهذا لو كان بالأسفل لكان لا يزيده إلا تلويثا فكان العقل والدين يدل على أن أعلى الخف هو الذي يمسح يعني ظاهر القدم وكيفية المسح هي أن تبل يديك بالماء ثم تمسح ظاهر الخف من أصابعه إلى ساقه مرة واحدة لان كل ممسوح لا يكرر مسحه . ثم هل تمسح اليمني أولا ثم اليسرى ثانيا أو تمسح بهما جميعا يحتمل .السنة لم تصرح بهذا فيحتمل أن الإنسان يمسح هما جميعا اليد اليمنى على الرجل اليمنى واليد اليسرى على الرجل اليسرى ويحتمل أن تبدأ أولا باليمنى ثم ثانيا باليسرى كالغسل والأمر في هذا واسع و يقول - رضي الله عنه - ولقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح على أعلى الخف وثبت عن علي - رضي الله عنه - في صحيح مسلم أن - صلى الله عليه وسلم -وسلم وقت المسح على الخفين فعلي بن أبي طالب من جملة من روى أحاديث المسح على الخفين و أحاديث المسح على الخفين متواترة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوت لا شك فيه(2/79)
ومع ذلك فان الرافضة يمنعون المسح على الخفين يقولون ما فيه مسح مع من جملة من رواها أي من روي أحاديث المسح على الخفين أمام الأئمة عندهم وهو هلي بن أبي طالب مما يدل على أن هؤلاء القوم انما يتعبدون لله تعالى في آرائهم لا بما دل عليه الشرع وعلى كل حال ذكر بعض أهل العلم رحمهم الله بعض أهل السنة ذكروا هذا الحكم اعني المسح على الخفين في مؤلفاتهم في العقائد مع أنها ليست من العقائد لكن لما كان شعار الرافضة وهم من رؤساء البدع لما كان شعارهم عدم المسح جعل بعض أهل السنة المسح على الخفين في العقيدة لانه شعار ظاهر. الرافض لا يمسح على الخفين فلذلك لما كان هذا الشعار لرؤساء البدع جعله أهل السنة من عقائدهم المسح على الخفين ثم أن المسح على الخفين له وقت معين وله حال معينة يأتي أن شاء الله تعالى الكلام عليها في المستقبل
س :
ج :كل عضوء بارك الله فيك من أعضاء الوضوء لابد أن تأخذ له ماء جديد
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله في سياق الأحاديث في باب المسح على الخفين:
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ, إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ, وَبَوْلٍ, وَنَوْمٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَاه ُ (????) .
62- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: جَعَلَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ, وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. يَعْنِي: فِي اَلْمَسْحِ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/80)
هذه أحاديث في المسح على الخفين ساقها المؤلف رحمه الله في بلوغ المرام الأول عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم فقوله رضي الله عنه كان النبي يأمرنا إلا ننزع لان الإنسان إذا كان عليه خفان أو جوارب وللشراب ولبسها على طهارة فانه إذا أراد أن يتوضأ لا ينزعهما بل يمسح عليهما كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -للمغيرة دعهما فاني أدخلتهما طاهرتين فسح عليهما لكن في حديث صفوان رضي الله عنه فائدتان الأولى: مدة المسح والفائدة الثانية :ما هو الحدث الذي يمسح فيه على الخفين أما المدة فيوم وليلة وثلاثة أيام للمسافر تبتدأ من أول مرة مسح بعد الحدث وتنتهي بتمام ثلاثة أيام فإذا لبس فلبس صلاة الفجر ومسح بعد الحدث عند صلاة الظهر فابتداء المدة من صلاة الظهر من الوقت الذي مسح وإذا كان لبس بعد الفجر من الساعة السادسة ومسح الساعة الثانية عشر فابتداء المدة من الساعة الثانية عشر يعني ما قبل المسحة الأولى لا يحسب من المدة هذه قاعدة المسحة الأولى يعني بعد الحدث . أما الفائدة الثانية في حديث صفوان فهي ما هو الحدث الذي يمسح فيه على الخفين . الحدث هو الغائط والبول والنوم يعني الحدث الأصغر أما الجنابة فلا وعلى هذا فإذا كان على الإنسان جنابة وقد لبس خفيه وجب عليه أن ينزعهما وأن يغسل جميع بدنه لان الجنابة يجب فيها غسل جميع البدن إلا الجبيرة وستأتي أن شاء الله وفي هذا الحديث اعني حديث صفوان دليل على أن البول والغائط ينقضان الوضوء وخروج الريح من الدبر ينقض الوضوء واكل لحم الإبل ينقض الوضوء والونم المستغرق الذي لا يحث الإنسان بنفسه لو احدث ينقض الوضوء أما الغسل فلا يجوز فيه المسح على الخفين .(2/81)
حديث على - رضي الله عنه - الذي بعده دليل على أن المسح للمقيم يوم وليلة ابتداءً من أول مرة مسح بعد الحدث فإذا قدرنا انه لبس الخف في صلاة الفجر وبقي على طهارة إلى أن صلى العشاء من يومه ومسح على الخف أول مرة في الفجر من اليوم الثاني فما قبل المسح لا يحسب يبتدي من المسح في اليوم الثاني وحينئذ ربما يمسح الإنسان أو ربما يصلى لابسا خفيه اكثر من عشرين صلاة حسب انتقاد الوضوء انك إذا حسبت من أول مرة مسحت فما قبل أول مرة لا تحسبه فمثلا إذا لبس لصلاة الفجر يوم السبت ولم يحدث إلى أن نام ومسح الساعة الثالثة لصلاة الفجر يوم الأحد ابتداء المدة من صباح يوم الأحد وما قبل المسح لا يحسب فيكون السبت هذا غير محسوب يبدأ من الأحد وليلة الاثنين كاملة وإذا قدرنا انه مسح لصلاة فجر الاثنين وبقي على طهارته حتى نام ليلة الثلاثاء أيضا يوم الاثنين ما يحسب عليه لانه لم ينتقض وضوءه .
ثم هنا أيضا لو أن الإنسان خلع الجوارب أو الخف قبل المدة فهل ينتقض وضوءه ؟ الجواب لا ينتقض وباق على طهارته لكن لا يعيد لبسها إلا على طهارة كذلك أيضا لو انقضت المدة وهو على طهارة فان طهارته لا تنتقض يبقى على وضوءه إلى أن ينتقض وضوءه هذا القول هو الراجح أن الوضوء لا ينتقض بتمام المدة ولا بخلع الخفين والله الموفق
ج : الدم لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من القبل أو الدبر والقيئ لا ينقض الوضوء وكل ما خرج من البدن لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط والريح
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المسح على الخفين
63- وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى اَلْعَصَائِبِ - يَعْنِي: اَلْعَمَائِمَ -وَالتَّسَاخِينِ- يَعْنِي: اَلْخِفَافَ رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ (????) .(2/82)
64- وَعَنْ عُمَرَ -مَوْقُوفًا- و]عَنْ] أَنَسٍ -مَرْفُوعًا-: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا, وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا, وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ" أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَه ُ (????) .
65- وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ, وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً, إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ: أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/83)
هذه الأحاديث في بقيه المسح على ما يلبس من الخفين وغيره وقد سبق لنا انه يمسح على الخفين والجوارب بشروط أن يلبسها على طهارة وان يكون في الحدث الأصغر وان يكون في المدة المحددة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر فلا مسح بعد ذلك وسبق لنا انه إذا تمت المدة والإنسان على طهارة فهو باق على طهارته حتى يحدث وسبق لنا أيضا انه إذا خلع الخفين أو الجوارب بعد مسحهما فهو باق على طهارته حتى يحدث أما حديث ثوبان الذي ذكره المؤلف ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية فأمرهم أن يمسحوا على التساخين وعلى العصائب العصائب يعني العمائم والتساخين يعني الجوارب وسميت تساخين لأنها تسخن بها الرجل إذا لبست عليها ففي هذا الحديث دليل على أن الإنسان يمسح على ما يحصل به تسخين الرجل سواء كان مخرقا أو غير مخرق سواء كان خفيا أو ثقيلا كل ما تلبسه على رجلك مما يحصل به فائدة التسخين فانه يمسح عليه واما اشتراط بعض العلماء إلا يكون فيه خرق وان يكون صفيقا فهذا لا دليل عليه امسح ما دام اسم الخف باقيا لانه جاء مطلقا بدون قيد وإذا أطلق الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فليس لنا أن نقيده لان تقييده تضييق على الناس فيبقى ما أطلقه الله ورسوله على إطلاقه ولا يقيد بشيء أما العمائم فيمسح عليها
- باب المسح على الخفينالشريط الرابع
وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى اَلْعَصَائِبِ - يَعْنِي: اَلْعَمَائِمَ -وَالتَّسَاخِينِ- يَعْنِي: اَلْخِفَافَ رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ (????) .(2/84)
64- وَعَنْ عُمَرَ -مَوْقُوفًا- و]عَنْ] أَنَسٍ -مَرْفُوعًا-: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا, وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا, وَلَا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ" أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَه ُ (????) .
65- وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ, وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً, إِذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ: أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (????) .
66- وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَمْسَحُ عَلَى اَلْخُفَّيْنِ? قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: يَوْمًا? قَالَ: "نَعَمْ", قَالَ: وَيَوْمَيْنِ? قَالَ: "نَعَمْ", قَالَ: وَثَلَاثَةً? قَالَ: "نَعَمْ, وَمَا شِئْتَ" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ (????) .(2/85)
هذه بقية الأحاديث في ما يابس من الخفين وغيره وقد سبق لنا أنه يمسح على الخفين والجوارب بشروط أن يلبسها على طهارة وان يكون في الحدث الأصغر وان يكون في المدة المحددة وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر ولا مسح بعد ذلك وسبق لنا أنه إذا تمت المدة والإنسان على طهارة بقي على طهارة حتى يحدث وسبق لنا أيضا أنه إذا خلع الخفين أو الجوارب بعد مسحهما فهو باق على طهارة حتى يحدث. أما حديث ثوبان الذي ذكره المؤلف ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأمرهم أن يمسحوا على التساخين وعلى العصائب و العصائب يعني العمائم والتساخين الجوارب وسميت تساخين لأنها تسخن بها الرجل إذا لبست عليها ففي هذا الحديث دليل على الإنسان يمسح على ما يحصل به تسخين الرجل سواء كان مخرقا أو غير مخرق وسواء كان خفيفا أو ثقيلا كل ما تلبسه على رجلك مما يحصل به فائدة التسخين فأنه يمسح عليه وأما اشتراط بعض العلماء أن لا يكون فيه خرق وان يكون صفيقا فهذا لا دليل عليه امسح ما دام اسم الخف باقيا لانه جاء مطلقا بدون قيد وإذا أطلق الله ورسوله شيئا فليس لنا أن نقيده لان تقييده تضييق على الناس فيبقى ما أطلقه الله ورسوله على إطلاقه ولا يقيد بشيء أما العمائم فيمسح عليها إذا أدار الإنسان على رأسه فانه يمسح عليها واختلف العلماء رحمهم الله هل تلحق بالخف فيكون لابد أن يلبسها عل طهارة وتكون موقتة بيوم وليلة للمقيم وللمسافر ثلاثة أيام أو لا تلحق به والأصل عدم الإلحاق لان الفرق بين الرجل والرأس ظاهر الرأس لا يجب غسله من أول الأمر طهارته طهارة المسح فطهارته أخف من طهارة الرجل أما الرجل فهي غسل ألا مع الجوارب أو الخفين وحينئذ لا يصح القياس وعلى هذا فمتى لبس الإنسان العمامة على طهارة أو على غير طهارة بمدة أو بغير مدة فيمسح ما دامت على رأسه يمسح ولكن إذا خلعها 00فأي0 ولكن لابد أن تكون عمامة يحصل في نزعها شيء من المشقة و أما(2/86)
الغترة والطاقية وما شابهها فلا تمسح لأنها ليست كالعمامة العمامة تحتاج إلى لف والى اخذ أو إدخال بعضها في بعض ويحصل بها من تسخين الرأس ما يخشى على الرأس إذا خلعها ومسح الرأس أن تتأثر بعد الحرارة ببرودة لهذا صارت العمامة أهون من الخفين واشترط بعض العلماء أن تكون لها ذؤابة يعني أن يكون طرفها من الخلف مرخى أو أن تكون محنكة يعني ملفوفة على الحنك ولكن هذا ليس بصحيح الصحيح انه مادامت عمامة يمسح عليها ألا في الحدث الأكبر يعني الحدث الأكبر ما فيه شيء ممسوح كل شيء يغسل حتى الرأس فلا تمسح في الحدث الأكبر و أما حديث انس و ابن عمر موقوفا وما بعده ففيه دليل على أن الإنسان لابد أن يلبس الخفين على طهارة كاملة لقوله إذا توضأ وعلى هذا فإذا غسل رجله ثم لبس الخف ثم غسل الرجل الأخرى ثم لبس الخف فانه لا يمسح لأنه لبس اليمنى قبل أن تتم طهارته فلابد أن يتم الطهارة أولا ثم يمسح وقال بعض العلماء انه لا بأس أن يغسل الرجل اليمنى ثم يدخلها الخف ثم الرجل اليسرى ثم يدخلها الخف ولكن الأحوط أن لا يدخل اليمنى حتى تتم طهارته وبقي علينا شيء مما يمسح وهو الجبيرة يعني اللفافة التي تلف على أو كسر أو جرح فهذه تمسح في الحدث الأصغر والأكبر وليس لها وقت محدود ولا يشترط أن تلبس على طهارة يعني مثلا الإنسان إذا انكسرت ذراعه ثم لف عليها جبائر أو جبس أو كان به جرح ولف عليها لفافة تحتها دواء فانه يمسح على هذه اللفافة في الحدث الأكبر والأصغر بدون توقيت ولا يشترط أن يلبسها على طهارة وكذلك لو كان على ظهره لزقة لوجود ألم فيه فانه يمسح عليها في الحدث الأكبر بان يمر يده عليها ويكفى عنه غسل حتى تبر ويزيلها والله الموفق .
ج :المسح على العمامة بان يدير يده عليها ويسن أن يمسح ما ظهر من مقدم رأسه
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ نَوَا قض اَلْوُضُوءِ(2/87)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال رحمه الله تعالى باب نوا قض الوضوء
67- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - -عَلَى عَهْدِهِ- يَنْتَظِرُونَ اَلْعِشَاءَ حَتَّى تَخْفِقَ رُؤُوسُهُمْ, ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلدَّارَقُطْنِيّ ُ (????) .
وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِم ٍ (????) .
68- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي اِمْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ, أَفَأَدَعُ اَلصَّلَاةَ? قَالَ: "لَا. إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ, وَلَيْسَ بِحَيْضٍ, فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي اَلصَّلَاةَ, وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ اَلدَّمَ, ثُمَّ صَلِّي مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
وَلِلْبُخَارِيِّ: ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ (????) .
وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إِلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْدً ا (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/88)
قال ابن حجر رضي الله عنه في كتابه بلوغ المرام باب نواقض الوضوء ونواقض الوضوء يعني مفسداته والعلماء رحمهم الله يعبرون عن المفسدات بتعبيرات متعددة متنوعة فهنا قالوا نواقض الوضوء وفي الصلاة سموها مبطلات الصلاة وفي الصوم مفسدات الصوم وهذه تعبيرات كلها معناها واحد فنواقض الوضوء يعني مفسداته يعني التي إذا وجدت انتقض الوضوء وصار لابد من وضوء جديد عند إرادة الصلاة واعلم أن الأصل أن الرجل إذا توضأ وضوءا على الوجه الشرعي فان وضوءه باق ولا ينتقض ألا بدليل وإذا عرفت هذه القاعدة فان أي أحد يقول لك هذا ناقض للوضوء قل عليك الدليل وجه هذه القاعدة أن ما ثبت بدليل شرعي لا يمكن أن يرفع ألا بدليل شرعي فإذا ثبت أن هذا الوضوء صح بمقتضى الدليل الشرعي فان أي إنسان يقول أن هذا الوضوء فسد فعليه بدليل الشرع وعلى هذا فأي إنسان يقول لك مثلا هذا ينقض الوضوء قل له أين الدليل هات الدليل إذا قال لك مس المرأة بشهوة ينقض الوضوء قل له أين الدليل إذا قال لك القيء ينقض الوضوء قل له أين الدليل إذا قال لك الدم الخارج من البدن ينقض الوضوء قل أين الدليل كل شيء يقال لك انه ينقض الوضوء فقل لمن قاله أين الدليل فان جاء بدليل شرعي صحيح أخذناه وإلا فقوله مردود ويعمل بالأصل وهو بقاء الوضوء(2/89)
من نواقض الوضوء : البول والغائض والريح وقد سبق في حديث صفوان بن عسال في باب المسح على الخفين ولكن من غائط وبول وثبت أيضا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة في الرجل يكون في بطنه الشيء يعني قرقرة مثلا فيخرج عليه اخرج منه أو لا فقال لا ينطلق حتى يسمع صوت أو يجد ريح فإذا كانت الريح وهي هواء خارج من الدبر تنقض الوضوء وكذلك كل ما خرج من الدبر أو من القبل سواء كان معهودا أو غير معهود فانه ينقض الوضوء هذا واحد النوم سبق أيضا في حديث صفوان بن عسال انه قال ولكن من غائط وبول ونوم فالنوم ينقض الوضوء ولكن حديث انس الذي ذكره المؤلف رحمه الله مصدرا به باب نواقض الوضوء يدل على أن النوم فيه تفصيل أن ذلك دم عرق وامرها أن تتوضأ لكل صلاة فدل هذا على أن فقد قال انس رضي الله عنه كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الاخرة يعني يحضرون إلى المسجد وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يؤخر من صلاة العشاء حتى انه ذات ليلة خرج وقد مضى ثلث الليل فقال انه لوقتها لولا أن اشق على أمتي فكان الصحابة ينتظرونه - صلى الله عليه وسلم - حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون تخفق يعني تنزل من النوم ثم يصلون ولا يتوضئون وعلى هذه النوم يكون فيه التفصيل إذا كان الإنسان لم يتعمق في النوم بحيث لو احدث لاحس فان نومه لا ينقض الوضوء حتى لو بقي مدة طويلة ينعس لكن لو احدث لاحس في نفسه فانه لا ينتقض الوضوء حتى لو كان نائم على وسادة وصار يخيل إليه انه نام ولكن لو احدث لاحس فانه لا ينتقض الوضوء المهم أن يكون معه صحو ما دام يحس بنفسه لو انتقض وضوئه فانه لا ينتقض بهذا النوم فان استغرق في النوم وصار لو احدث ما أحس بنفسه فانه ينتقض وضوئه حتى لو فرضنا أن عنده رجل يسمع ويشم وقال لهذا النائم إنني لم اسمع صوتا ولم أجد ريحا ولكن النائم قد تعمق في النوم فان نومه يفسد وضوئه وينتقض الضوء مع انه ربما(2/90)
يكون الأمر ظاهر بأنه لم يحدث لكن العبرة في نفس الإنسان مادام لو احدث لم يحس فان وضوئه ينتقض هذا أحد نوا قض الوضوء من( نوا قض الوضوء) الدم إذا خرج من قبل المرأة أن كان حيضا أوجب الغسل وان كان استحاضة أوجب الوضوء لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الخارج من الفرجين ناقض للوضوء سواء كان قليلا أم كثيرا وسواء كان له جرم كالبول والغائط والدم أو لم يكن له جرم كالريح إلا أن الريح من قبل المرأة لا ينقض الوضوء لان الريح الخارج من قبل المرأة ليس بريح خارج من البطن لكنه من نفس الفرج فلا ينقض الوضوء واما الريح من الدبر فناقضة للوضوء لأنها تخرج من البطن من النجاسات والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب نوا قض الوضوء
68- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! إِنِّي اِمْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ, أَفَأَدَعُ اَلصَّلَاةَ? قَالَ: "لَا. إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ, وَلَيْسَ بِحَيْضٍ, فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي اَلصَّلَاةَ, وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ اَلدَّمَ, ثُمَّ صَلِّي مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ([49]) .
وَلِلْبُخَارِيِّ: ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ ([50]) .
وَأَشَارَ مُسْلِمٌ إِلَى أَنَّهُ حَذَفَهَا عَمْدً ا ([51]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/91)
ذكر المؤلف رحمه الله في كتاب بلوغ المرام ما نقله عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله أنى استحاض فلا اطهر أفأدع الصلاة - استحاض يعني تصيبني حيضة شديدة طويلة المدى فلا اطهر وظاهر الحديث أنها ترى الدم كل الشهر لقولها فلا اطهر - أفادع الصلاة قال لا إنما ذلك عرق يعني هذا الدم الذي يخرج دم عرق ودم الحيض ليس دم عرق بل هو دم طبيعة وجبلة ترخيه الرحم بإذن الله عز وجل ودم العرق يختلف عن دم الحيض ثم أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة إذا أقبلت الحيضة يعني إذا جاء وقتها تدع الصلاة ثم إذا أدبرت وانتهى وقتها تغتسل وتصلي وتطهر ما أصابها من الدم إلا أنها تتوضأ لكل صلاة فمثلا إذا كانت هذه المرأة ترى الدم مدة عشرون يوم في كل شهر أو كل الشهر ولها عادة سابقة فإننا نقول لها اجلسي عادتك السابقة فقط ثم اغتسلي وصلي حتى وإن كان الدم يجري فلتغتسل وتصلي مثال هذا امرأة كانت عادتها تسعة أيام ثم أصيبت بمرض الاستحاضة فصار الدم يمشي معها دائما أو اكثر الزمن نقول إذا جاء وقت العادة فاجلسي لا تصلي ولا يأتيها الزوج ولا تصوم وتجتنب كل ما تجتنبه الحائض فإذا انتهت السبعة أيام التي هي عادتها فلتغسل الدم ولتغتسل ثم تصلي فإذا جاء وقت الصلاة ثانية توضأت وصلت ثم إذا جاء وقت الثالثة توضأت وصلت قال أهل العلم وكذلك من به حدث دائم كرجل فيه سلس بول لا يمسك البول فهذا أيضا حكمه حكم المستحاضة في انه يتوضأ كلما دخل وقت الصلاة وإذا توضأ بعد دخول وقت الصلاة فليصلي ما شاء من فروض ونوافل وكذلك من به سلس ريح فبعض الناس يكون به أرياح كثيرة غازات في بطنه لا يستطيع أن يمسكها فحكمه حكم من به سلس البول نقول له لا تتوضأ للصلاة إلا إذا دخل وقتها وإذا خرج منك شيء لا تطيقه ولا تستطيع منعه فانه لا ينقض الوضوء لقوله تعالى ( لا يكلف الله نفس إلا وسعها ) والله(2/92)
الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب نوا قض الوضوء
69- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً مَذَّاءً, فَأَمَرْتُ اَلْمِقْدَادَ بْنَ اَلْأَسْوَدِ أَنْ يَسْأَلَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ ? فَقَالَ: "فِيهِ اَلْوُضُوءُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (????) .
70- وَعَنْ عَائِشَةَ, رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ, ثُمَّ خَرَجَ إِلَى اَلصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَضَعَّفَهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/93)
سبق لنا شيء من نوا قض الوضوء البول والغائط والريح والنوم ثم ذكر المؤلف رحمه الله في سياق الأحاديث التي ذكرها في هذا الباب حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وهو ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها . انه كان رجلا مذاءا يعني كثير المذي والمذي هو ماء رقيق يخرج عقب الشهوة بدون إحساس به فإذا أحس الإنسان بالشهوة وبردت الشهوة أحس بهذا الماء لكنه بدون أن يحس بخروجه لكن يحس برطوبته وهو يعتري كثيرا من الناس بل اكثر الرجال يحصل لهم هذا ومن الناس من لا يحصل له ذلك وكان علي بن أبي طالب لمكان ابنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - منه استحيى أن يسال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فامر المقداد بن الأسود - رضي الله عنه - أن يسال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك مخافة أن يواجه الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما يتلق بالشهوة وابنته معه فسأله أي أن المقداد سال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال فيه الوضوء يعني انه إذا خرج من الإنسان المذي وجب عليه الوضوء وق جاءت أحاديث أخرى تدخل انه يجب عليه غسل الذكر والوضوء وأحاديث أخرى في السنن على انه يجب عليه غسل الذكر والخصيتين والوضوء أيضا فدل ذلك على أن المذي ناقض للوضوء لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالوضوء منه وانه يجب غسل الذكر وإن لم يصبه شيء من المذي ويجب غسل الأنثين كذلك يعني الخصيتين وإن لم يصبهما منه قال علماء الطب والحكمة من غسل الذكر والانثيين انه يقلل خروج المذي وربما يقطعه ففيه فائدة طبية مع الفائدة الشريعة وفي هذا الحديث فوائد منها : انه لا ينبغي للإنسان أن يصارح أصهاره يعني أهل زوجته بشيء يتعلق بالشهوة والفرج فإن هذا قد يكون خارما للمروءة . ومنها أن الإنسان إذا يستحي أن يسال وجب عليه أن يوكل من يسال عنه فيما يحتاج إلى معرفته لان علي بن أبي طالب لم يمنعه الحياء أن يوكل من يسال واما أن يترك السؤال(2/94)
إذا كان يستحيي في أمر من يلزمه معرفته فإن هذا لا يجوز ومنها جواز التوكيل في العلم يعني يجوز أن توكل إنسانا تقول اذهب إلى حلقة فلان وأتني بما يقول من العلم أو أن توكل إنسانا يسال لك عن مسالة دينية لكن بشرط أن تكون واثقا بأمانته وحفظه يعني أن تكون عندك ثقة بحفظه وأمانته لئلا يخدعك أو يتوهم خلاف ما سمع ومنها انه يجب غسل الذكر والانثيين في المذي وانه يجب فيه الوضوء وهذا هو الذي ساق المؤلف الحديث من اجله أن المذي ناقض للوضوء وسبق أن طهارة خفيفة يكتفي فيها بالنضح إذا اصابه الثوب أو إصابة البدن فيكفي أن تعم المحل بالماء بدون عصر وبدون دلك لان نجاسته خفيفة
أما حديث عائشة رضي الله عنها فهي تذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ والحديث وإن كان ضعيف السند لكنه حجة فيما ثبت من طرق أخرى وهو أن مس المرأة لا ينقض الوضوء ومباشرتها لا تنقض الوضوء حتى وإن كان بشهوة ما لم يحدث منه شيء فلو أن إنسانا قبل زوجته أو ضمها أو باشرها بغير الفرج وهو على وضوء فإنه يصلي ولا وضوء عليه إلا أن يخرج منه مذي أو ودي فيجب حكم ذلك ولا يرد على هذا قوله تعالى أو لامستم النساء لان المراد بالملامسة في الآية الكريمة الجماع وليس المس باليد كما فسر ذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الآية به فقال لامستم النساء أي جامعتموهن ولهذا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم في تقبيل المرأة والإنسان على وضوء قال ما أبالي أقبلت امرأتي أم شممت ريحانا يعني إنني لو حصل لي متعة التقبيل وسرور فان ذلك لا يضر كما لو شم الإنسان ريحانا وسر بذلك وتمتع بشمه فإنه لا ينتقض وضوءه فكذلك مس المرأة . والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب نوا قض الوضوء(2/95)
71- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا, فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ, أَمْ لَا? فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ اَلْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا, أَوْ يَجِدَ رِيحًا أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ ([54]) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من أحاديث في باب نوا قض الوضوء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا, فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ, أَمْ لَا? فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ اَلْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا, أَوْ يَجِدَ رِيحًا . هذا يعني أن الإنسان قد يحس في بطنه قرقرة أو انتفاخا وما أشبه ذلك فيشكل عليه اخرج منه شيء أم لم يخرج فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحكم وانه باق على طهارته فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وهذا الحديث اصل عظيم في البناء على ما ثبت وان الأصل بقاء ما كان على ما كان وقد اخذ العلماء منه مسائل كثيرة في الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحج والبيع وجميع أبواب الفقه وهو أن الأصل بقاء ما كان على ما كان فإذا شككت هل ارتفع الأصل فابني على الأصل وأنه لم يحصل شيء فنبدأ أولا بما دل عليه الحديث إذا أشكل على الإنسان هل خرج منه ريح أو لا فلا يلتف إلى هذا يستمر يصلي ويقرأ ويعمل كل شيء يعمله الطاهر حتى يتيقن انه احدث لان الأصل بقاء الطهارة ومن ذلك ما يوسوس به الشيطان كثيرا من خروج شيء من الذكر فأن بعض الناس يحس ببرودة على راس ذكره ويظن انه قد خرج منه شيء فلا يلتف لهذا وليتلهى عنه ولا يذهب يبحث لان بعض الناس إذا أحس بالبرودة هذه ذهب يكشف عن عورته وينظر هل خرج منه شيء أم لا وهذا غلط هذا من التنطع الذي حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -(2/96)
بقوله هلك المتنطعون والعلماء رحمهم الله وعلى رأسهم الإمام احمد بن حنبل يقول يتلهى عن ذلك ولا يلتفت إليه حتى أن بعض العلماء قال يرش على سراويله أو إزاره ماءا لاجل أن لا يلبس الشيطان عليه ومن ذلك أيضا أن الإنسان لو احدث ونقض الوضوء ثم حضر وقت الصلاة وشك هل توضأ أو لا فنقول انك لم تتوضأ لان الأصل عدم الوضوء ومن ذلك لو شك الإنسان في صلاته بعد أن انتهى منها هل صلى أربعا أو خمسا أو ثلاثا أو ما أشبه ذلك فلا يلتفت إلى هذا ولا يعتبر ومن ذلك لو شك الإنسان في الطواف بعد أن فرغ منه هل طاف سبعة أشواط فلا يلتف لهذا ومنه أيضا ول شك في السعي بعد أن فرغ منه هل سعى سبعا أو اقل فلا يلتف إليه ومنه أيضا لو شك الرجل هل باع هذا الشيء على فلان أو لا فلا يلتف إلى ذلك ومن هذا لو شك هل طلق زوجته أم لا فلا تطلق ومن ذلك لو شك لو أراد أن يفعل شيئا ثم قال أخشى أنى حلفت أنى لا افعله فلا يلتفت إلى ذلك المهم أن هذا الحديث دل على قاعدة عظيمة تشمل جميع أبواب الفقه وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ومن ذلك أيضا لو انه فعل شيئا مما يظنه مفسدا للصوم مفطرا لكنه لم يتيقن فنقول الأصل بقاء ما كان على ما كان ومن ذلك لو شك هل هذا الشيء ناقض للوضوء أم لا مثل أن يشك هل مس المرأة ناقض للوضوء أم لا نقول ما ينقض الوضوء ما دام ما عندك يقين وهكذا قاعدة عظيمة جدا ومن فوائد هذا الحديث بعد هذه القاعدة العظيمة أن الريح ناقض للوضوء لقوله حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ومن فوائده العمل بالسماع ولكن لابد أن يكون سماعا محققا أما لو كان وهما فانه لا يلتفت إليه فإذا اقل الإنسان لو فرضنا أن الذي حصل له الشك رجل لا يشم ولا يسمع قلنا متى تيقن بأي طريقة عمل بها ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما ذكر هذا للتمثيل فقط والمراد لا ينصرف حتى يتيقن والله الموفق(2/97)
ج: إذا شك الإنسان انه توضأ أم لا بعد نقض الوضوء فلينصرف من الصلاة ولو كان إماما ويكمل بهم بعض الجماعة
72 - وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَسَسْتُ ذَكَرِي أَوْ قَالَ اَلرَّجُلُ يَمَسُّ ذَكَرَهُ فِي اَلصَّلَاةِ, أَعَلَيْهِ وُضُوءٍ ? فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "لَا, إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّان َ ([55]) .
وَقَالَ اِبْنُ اَلْمَدِينِيِّ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.
73- وَعَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّان َ ([56]) .
وَقَالَ اَلْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا اَلْبَابِ.
بسم الله الرحمن الرحيم(2/98)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب نوا قض الوضوء الأحاديث الواردة في نقض الوضوء بمس الذكر وذكر في ذلك حديثين أولهما حديث طلق بن على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه الوضوء قال لا إنما هو بضعة منك والمس يكون باليد وبدون حائل لان المس بغير اليد لا يسمى مسا والمس بحائل لا يسمى مسا أيضا لوجود الحائل ففي الحديث الأول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن مس الذكر هل ينقض الوضوء قال لا ثم علله بعلة ثابتة لا تتغير وقال إنما هو بضعة منك أي جزء منك فكما أن الإنسان لو مس بيده رجله أو رأسه أو أذنه أو شيئا من أعضائه لم ينتقض وضوءه كذلك إذا مس ذكره لانه جزء من البدن أما حديث بسرة ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من مس ذكره فليتوضأ وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة إذا مس الإنسان ذكره هل ينتقض وضوءه أو لا والصحيح انه لا ينتقض إلا ما كان بشهوة وبهذا نجمع بين حديث طلق بن على وحديث بسرة وهو انه إذا مس ذكره كما يمس بقية أعضائه فإنه لا ينتقض وضوءه لانه لا فرق وإن مسه المس الخاص بالذكر الذي تكون به الشهوة فانه ينتقض وضوءه هذا هو اقرب ما قيل في هذه المسالة وبعضهم قال حديث بسرة على سبيل الاستحباب وحديث طلق على سبيل الوجوب يعني أن مس الذكر لا يجب فيه الوضوء ولكن يستحب فيه الوضوء ولكن الأول اصح انه إن مسه بشهوة وجب الوضوء وإن مسه بغير شهوة لم يجب لكن أن توضأ فهو خير هذا إذا قصد المس أما إذا لم يقصد المس فانه ينتقض ولا إشكال في هذا مثل إنسان أراد أن يربط سرواله فمسه بلا قصد فهذا لا ينتقض وضوءه والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب نواقض الوضوء(2/99)
74- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ أَوْ رُعَافٌ, أَوْ قَلَسٌ, أَوْ مَذْيٌ فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ, ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ, وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ أَخْرَجَهُ اِبْنُ مَاجَ ه (????) .
وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
75- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ اَلْغَنَمِ? قَالَ: إِنْ شِئْتَ قَالَ: أَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ اَلْإِبِلِ ? قَالَ: نَعَمْ أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ (????) .
76- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ غَسَّلَ مَيْتًا فَلْيَغْتَسِلْ, وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَه ُ (????) .
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا اَلْبَابِ شَيْءٌ.
بسم الله الرحمن الرحيم(2/100)
قال ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب بلوغ المرام فيما ساقه من الأحاديث في باب نوا قض الوضوء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من أصابه قيئ أو رعاف قلس أو مذي فَلْيَنْصَرِفْ فَلْيَتَوَضَّأْ, ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ, وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ هذا الحديث كما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى ضعيف لا يصح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - وعذر المؤلف في ذكره ليبين انه ضعيف لا يعتمد عليه ومعنى الحديث أن الإنسان إذا كان يصلي فقاء أو أصابه قلس وهو ما يخرج من المعدة ملئ الفم واقل أو أصابه مذي أو أصابه رعاف فليذهب ويتوضأ وهو على صلاته ثم يرجع ويكمل صلاته إذا عرفت أن هذه هي الصورة في هذا الحديث تبين لك انه ضعيف وانه لا يمكن أن يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف إنسان مثلا ينتقض وضوءه ثم يذهب إلى الحمام ويتوضأ ويرجع ويكمل صلاته هذا شاذ ومنكر وهو ضعيف لا يصح لكن كما قلنا لكم المؤلف ذكره هنا ليبين انه ضعيف حتى لا يغتر به أحد أما ما يتعلق بهذه الأمور الأربعة التي ذكرت بالحديث(2/101)
فأولا : القيء. القيء لا ينقض الوضوء مهما كان فإذا قاء الإنسان وهو على وضوء فوضوءه باق يصلي ولا حرج عليه وهل القيء نجس أو لا اكثر العلماء على انه نجس يجب أن ينظف الثوب والبدن منه وقال بعض العلماء انه ليس بنجس لانه لو كان نجسا لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لان هذا من الأمور التي تقع كثيرا والأمة مبتلاة به ولو كان ينقض الوضوء لبينه الله ورسوله كما بين البول والغائط والريح فلما لم يوجد في القرآن والسنة أن القيء نجس علم انه ليس بنجس الأصل أن القيء لا ينقض الوضوء قل أو كثر وانه لا دليل على نجاسته والنجاسة تحتاج إلى دليل لان الأصل في الأشياء الحل والأصل فيها الطهارة إلا ما قام الدليل على انه نجس أو انه حرام لكن مع ذلك لا باس بالإنسان إذا أصاب ثوبه قيء أو اصب جسده أن يتنظف منه احتاطا .
الثانية : المذي المذي نجس ينقض الوضوء ومن أصابه المذي فعليه أن يغسل ذكره وخصيتيه والمذي هو ماء رقيق يخرج عقب الشهوة وليس مع الشهوة بل هو عقيبها إذا فترت الشهوة أحس الإنسان برطوبة هذا نجس يوجب الوضوء ويغسل لكنه غسله غسل خفيف ينضح نضحا .
ثالثا: القلس وهو ما كان ملئ الفم أو اقل مما يخرج من المعدة إذا تجشى الإنسان يعني إذا فغر خرج منه هذا الشيء القليل هذا ليس بنجس ولا ينقض الوضوء .
رابعا : الرعاف الدم الذي يخرج من الأنف هذا لا ينقض الوضوء قل أو كثر لكن هل هو نجس أو لا اكثر العلماء على انه نجس لكن لا دليل على نجاسة دم الآدمي ألا ما خرج من السبيلين من الذكر أو من الدبر أو من فرج المرأة أما ما سوى ذلك فلا دليل على نجاسته وكان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يصلون بثيابهم في أيام الحروب وهي ملطخة بالدماء الكثيرة ولا يغسلونها لكن لا شك أن غسله احسن أولا لصورته وثانيا دفعا لخلاف اكثر العلماء هذا حكم هذه الأربعة المذكورة في حديث عائشة لكن الحديث ضعيف كما سمعتم في كلام المؤلف .(2/102)
أما الحديث الثاني فهو حديث جابر في لحم الإبل ولحم الغنم هل ينقض الوضوء أم لا بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك وفصله أما لحم الغنم فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - هل يتوضأ منه الإنسان قال إن شئت يعني إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ لكن إن كان مطبوخا فالأفضل أن يتوضأ لان الأفضل للإنسان أن يتوضأ مما مست النار وإن كان نيا فليس له ثواب وليس عليه عقاب أما الإبل فقال اتوضأ من لحوم الإبل قال نعم فقوله في لحم الغنم إن شئت وفي لحم الإبل نعم يدل على أن لحم الإبل يجب الوضوء منه و ألا لكان مخيرا فيه الإنسان فلما خيره النبي - صلى الله عليه وسلم - في لحم الغنم وقال في لحم الإبل نعم علم أن الوضوء من لحم الإبل واجب فإذا آكل الإنسان لحم الإبل وهو متوضأ انتقض وضوءه سواء كان اللحم احمر أو شحما أو كرشا أو أمعاءً أو كبدا أو قلبا أو راسا كل ما في جلد البعير ولا فرق بين القليل والكثير ولا بين النيئ والمطبوخ لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يستفصل ومن القواعد المقررة في أصول الفقه أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال فإن قال قائل ما تقولون في لبن الإبل هل ينقض الوضوء قلنا لا ينقض الوضوء لان النص إنما ورد في اللحم أما اللبن فلم يرد النص في وجوب الوضوء منه لكن إن توضأ فهو احسن والدليل على عدم الوجوب أن قوما من عُرينة وجُهينة قدموا المدينة فأصابهم مرض فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا إلى ابل الصدقة وان يشربوا من ابوالها وألبانها ولم يأمرهم بالوضوء لان لبن الناقة وبولها إذا خلط وشُرب فأنه ينفع من المرض هؤلاء القوم خرجوا إلى ابل الصدقة وشربوا من ألبانها وابوالها وصحوا عافاهم الله لكنهم بدلوا نعمة الله كفرا قتلوا الراعي وثملوا عينيه قبل أن يقتلوه وثمل العين معناه أن الإنسان يحفي مخيطا حديدا من نار حتى يجمر ثم يكحل به العين حتى تنفجر والعياذ بالله ثم قتلوا(2/103)
الراعي واستاقوا الإبل ذهبوا بها وجاء الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارسل في طلبهم فأوتى بهم إلى المدينة فأمر - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى ثم تركهم في حرة المدينة في الشمس في الرمضاء وجعلوا يستسقون اسقونا أعطونا ماءا فتركهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ماتوا لانهم فعلوا فعله شنيعة والعياذ بالله الرسول - صلى الله عليه وسلم - يمن عليهم ويخرجهم إلى ابل الصدقة مرضى ويداويهم ثم لما صحوا والعياذ بالله قتلوا الراعي واخذوا الإبل هذه فعلة شنعاء جدا وكان جزائهم هذا الجزاء الصارم لانه كلما عظم الذنب عظمت العقوبة حتى يرتدع الناس إذ أن الناس لو ترك المجال لهم مفتوحا أو تهاون الولاة في عقوبتهم فإنهم والعياذ بالله يفسدون في الأرض وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيدهم وارجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم وما رأينا ذنبا يجمع لصاحبة بين العقوبتين عقوبة الدنيا والآخرة إلا هذا والعياذ بالله عقوبة شديدة خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم لان هؤلاء يسعون في الأرض فسادا ويحاربون الله بمحاربة دينه ويحاربون رسوله بمحاربة شريعته فكان هذا جزائهم والدين الإسلامي دين رجمة حزم وصرامة في موضعها وهذه الصرامة في الحدود هي رحمة الله لانه يرتدع بها الناس وتستقيم أحوالهم ارأيتم قول الله عز وجل (ولكم في القصاص حياة ) يعني إذا قتل إنسان شخصا عمدا قتلنا القاتل فسمى الله ذلك حياة مع انه بدل ما يموت واحد يموت اثنين لكن يحيا بالاثنين أمما عظيمة ولهذا قال ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب انتبه يا أولي الألباب لا تقول إذا قتلنا اثنين زدنا الطين بلة لا هذا حياة استعمل عقلك ( ولكم في القصاص حياة يا أولي(2/104)
الألباب انتبه يا أولي الألباب لعلكم تتقون ) المهم أن هؤلاء الذين خرجوا إلى ابل الصدقة وشربوا من ألبانها وابوالها لم يأمرهم النبي ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب انتبه يا أولي الألباب إذا شربوا اللبن أن يتوضؤا فدل ذلك على أن الوضوء من لبن الإبل ليس بواجب لكنه أحوط لانه روى احمد في المسند بسند جيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال توضوءا من البان الإبل أمر بالوضوء منها لكنه على سبيل الاستحباب والله اعلم
ج :المرق لا ينقض الوضوء أيضا إنما إن كان فيه لحما ولو صغيرا فإنه ينقض الوضوء إذا آكل اللحم
76- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ غَسَّلَ مَيْتًا فَلْيَغْتَسِلْ, وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَه ُ (????) .
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا اَلْبَابِ شَيْءٌ.
77- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اَللَّهُ; أَنَّ فِي اَلْكِتَابِ اَلَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ لَا يَمَسَّ اَلْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ رَوَاهُ مَالِكٌ مُرْسَلاً, وَوَصَلَهُ النَّسَائِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَهُوَ مَعْلُولٌ.
78- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُذْكُرُ اَللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَعَلَّقَهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????)
. بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام فيمانقله عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ غَسَّلَ مَيْتًا فَلْيَغْتَسِلْ, وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ .(2/105)
تغسيل الميت فرض كفاية يجب على المسلمين إذا مات منهم ميت أن يغسلوه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف بعرفة فجاءوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - يستفتونه رجل محرم واقف بعرفة سقط من راحلته فمات - رضي الله عنه - فجاءوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا يفعلون به قال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا يعني يقوم من قبره يقول لبيك اللهم لبيك لانه مات في عبادة كالمجاهد في سبيل الله إذا كان يوم القيامة خرج من قبره وجرحه ينزف دما اللون لون الدم والريح ريح المسك هكذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرجل الذي مات محرما اغسلوه هذا أمر فرض كفاية بماء وسدر لان السدر ينظف البدن تنظيفا قويا وكفنوه في ثوبين ثياب الإحرام ولهذا إذا مات المحرمين لا تأتوا له بخرقه جديدة كفنوه في إزاره وردائه كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تحنطوه يعني لا تجعلوا فيه طيبا ولا تخمرا رأسه يعني لا تغطوه لان المحرم لا يغطى رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا فقول الرسول هنا إن صح الحديث من غسل ميتا فليغتسل يعني إذا غسله إنسان وباشر تغسيله فإنه يغتسل لكن ليس على سبيل الوجوب بل على سبيل الاستحباب لانه لا موجب للغسل ولكن على سبيل الاستحباب إن صح الحديث والامام احمد رحمه الله تعالى لا يصحح الحديث يقول هذا الحديث غير صحيح لا يصح في هذا الباب شيء ومن حمله فليتوضأ هذا أيضا إن صح الحديث فالمعني أن الذي يحمله ينبغي أن يحمله على وضوء حتى لا يتأخر في الصلاة على الميت لانه إذا كان حاملا له من بيته إلى المسجد أو إلى مصلى الجنائز فإذا كان على وضوء لم يتأخر والا تأخر هذا إن صح الحديث لكن إذا كان الحديث لا يصح كما قال أمام أهل السنة احمد بن حنبل رحمه الله تعالى فقد كفينا همه وعلى هذا فمن غسل ميتا فلا يجب عليه الغسل ولا يؤمر به(2/106)
أيضا ومن حمله فلا يتوضأ لكن من أراد أن يصلي عليه فلابد من الوضوء لعموم قول النبي- صلى الله عليه وسلم - لا يقبل الله صلاة أحدا إذا احدث حتى يتوضأ .
أما حديث عمرو بن حزم أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ذكر في الكتاب الذي كتبه له ألا يمس القرآن إلا طاهر فهذا الحديث اختلف المحدثون في وصله وإرساله ولكن الأمة تلقته بالقبول وعملوا به وارتضوه وعلى هذا فيكون صحيحا باعتبار عمل الأمة به وإن كان مرسلا فلا يمس القرآن إلا طاهر يعني طاهر من الحدثين الأكبر والأصغر فإذا أردت أن تمس المصحف فلا تمسه إلا بوضوء وأما إذا قلبت صفحاته بعود أو مسواك أو مسسته من وراء حائل فلا باس به ولو كنت على غير الوضوء أما مس الظرف الذي يجعل فيه المصحف فلا باس به وكذلك مس جرابه الذي ينفصل منه فلا باس به واما جلدة المصحف المتصلة به والمخيطة به فلها حكمه فلا تلمس .
واما حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل احيانه فالمعنى أن الذكر لا يشترط له طهور اذكر الله على كل حال حتى لو كنت جنبا فاذكر الله لكن لا تقرأ القرآن وأنت جنب حتى تغتسل وعلى هذا فإذا قال الإنسان سبحان الله والحمد لله والله اكبر ولا اله إلا الله وهو على غير الوضوء فلا باس كذلك لو مس الإنسان التفسير فلا باس لانه ليس المصحف وكذلك لو مس كتابا فيه آيات فلا باس به لانه ليس بمصحف المحرم إنما هو مس المصحف فقط فإذا قال الإنسان لماذا قلنا تعظيما لكلام الله تعالى إلا تمسه إلا وأنت طاهر وبهذا نعرف انه يجب علينا احترام المصحف لانه كلام ربنا عز وجل فلا نلقيه في الأسواق ولا في الأماكن القذرة ولا نفعل شيئا يكون فيه امتهان للقرآن أبدا لانه أمر عظيم أن تمتهن كلام الله سبحانه وتعالى وهو اشرف الكلام واصدق الكلام واحسن الكلام وانفع الكلام . والله الموفق(2/107)
ج : لا لا الذي يموت في الإحرام ليس شهيدا لكنه يكفن كما سمعت في ثوب الإحرام إلا أن كان مثلا حريق أو غريق أو مبطون أو ما أشبه ذلك
ج2 أي يجوز أن الإنسان يحط النظارات على المصحف ولا باس أو أن يضع عليه كتابا آخر لكن الأفضل أن الكتاب الآخر يكون تحته
بسم الله الرحمن الرحيم
مقل المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في كتابه بلوغ المرام في باب نواقض الوضوء
78- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُذْكُرُ اَللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَعَلَّقَهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????) .
79- وَعَنْ أَنَسِ]بْنِ مَالِكٍ] - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اِحْتَجَمَ وَصَلَّى, وَلَمْ يَتَوَضَّأْ أَخْرَجَهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَلَيَّنَه ُ (????) .
80- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ, فَإِذَا نَامَتْ اَلْعَيْنَانِ اِسْتَطْلَقَ اَلْوِكَاءُ رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ وَمَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ
وَهَذِهِ اَلزِّيَادَةُ فِي هَذَا اَلْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ دُونَ قَوْلِهِ: اِسْتَطْلَقَ اَلْوِكَاءُ وَفِي كِلَا الْإِسْنَادَيْنِ ضَعْف ٌ (????) .
81- وَلِأَبِي دَاوُدَ أَيْضًا, عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: إِنَّمَا اَلْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضً ا (????) .(2/108)
82- وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَأْتِي أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ, فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ, وَلَمْ يُحْدِثْ, فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا أَخْرَجَهُ اَلْبَزَّار ُ (????) .
83- وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْد ٍ (????) .
84- وَلِمُسْلِمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.
85- وَلِلْحَاكِمِ. عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الشَّيْطَانُ, فَقَالَ: إِنَّكَ أَحْدَثْتَ, فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ
وَأَخْرَجَهُ اِبْنُ حِبَّانَ بِلَفْظِ: فَلْيَقُلْ فِي نَفْسِهِ (????) .
هذه الأحاديث التي ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في باب نوا قض الوضوء سبق الكلام على اكثر أحكامها لكن نذكر ما لم يتقدم . عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل احيانه يعني لا يمنعه عن ذكر الله شيء يذكر الله قائما وقاعدا ومضجعا وعلى وضوء وعلى غير وضوء لان دوام ذكر الله عز وج لمن افضل الأعمال حتى أن رجلا أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -فقال يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزال لسانك رطبا بذكر الله يعني اكثر من الذكر وقد امتدح الله عز وجل أولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم والحقيقة أن القلب اليقظ يذكر الله في كل شيء لانه لا يرى شيئا إلا وهو من آيات الله عز وجل إن رأى الإنسان وكيف خلقته أو رأى السماء أو الأرض ونباتها أو أي شيء فانه يذكر بذلك ربه عز وجل
ففي كل شيء له أية تدل على انه الواحد(2/109)
فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحواله حتى وإن كان جنبا يقول لا اله إلا الله. الحمد لله, سبحان الله , لا حول ولا قوة إلا بالله إلا القرآن لانه لا يقراءه وهو جنب حتى يغتسل كذلك أيضا حديث انس - رضي الله عنه - مر علينا الكلام على أحكامه وهوان النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وصلى ولم يتوضأ والحجامة معروفة وهي استخراج الدم الفاسد من البدن وهي من أنواع الأدوية التي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - هي والعسل والكي فهي لمن اعتادها مفيدة جدا ومن لم يعتدها فهي في حقه سهلة لا يهتم بها لكن من اعتادها فلابد أن يحتجم كلما رأى الدم قد هاج به والحجامة لها أحكام منها أنها لا تنقض الوضوء ولو خرج منها دم كثير لانه سبق لنا أن الخارج من البدن لا ينقض الوضوء إلا من شيء واحد وهو ما خرج من السبيلين القبل والدبر وما عدا ذلك فانه لا ينقض الوضوء القيء والدم وماء القروح وغيرها كلها لا تنقض الوضوء قلت أو كثرت ومن أحكام الحجامة أن الإنسان إذا كان صائما واحتجم بطل صومه لان النبي - صلى الله عليه وسلم -قال افطر الحاجم والمحجوم ومن أحكامها أنها تجوز للمحرم يجوز للمحرم أن يحتجم فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه احتجم وهو محرم حتى لو أدى ذلك إلى حلق الشعر الذي في مكان الحجامة من رأسه فلا باس يعني لو كان إنسان محرما وهاج به الدم واحتاج إلى الحجامة في رأسه فانه يحلق الشعر فانه لا يمكن أن يحتجم وعليه شعر يحلقه ويحتجم ولا شيء عليه لا أثم ولا فدية ومنها أيضا أن الحجامة لها أوقات معينة في الشهر يعرفها الذين يتعاطونها ليس كطل وقت تحتجم لا فيه أوقات من الشهر لا تحتجم عند ضمور الهلال وعند مليء القمر بل بين ذلك لكن إذا هاج الدم بالإنسان وصار لابد أن يحتجم لان بعض الناس الذي اعتادوا الحجامة إذا لم يحتجم ربما يغمى عليه فيسقط فهذا أي وقت يهيج بك الدم فاحتجم .(2/110)
أما بقية الأحاديث فهي فيما يتعلق بالنوم وقد ذكرنا فيما سبق أن النوم لا ينقض الوضوء إلا إذا كان عميقا بحيث لو احدث الإنسان لم يحس بنفسه
بسم الله الرحمن الرحيم
بَابُ آداب قَضَاءِ اَلْحَاجَةِ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينامحمد وعلى اله وصحبه أجمعين
86- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ اَلْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ, وَهُوَ مَعْلُول ٌ (????) .
87- وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ اَلْخَلَاءَ قَالَ: "اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ اَلْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ" أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَة ُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/111)
قال المؤلف ابن حجر رحمه الله تعالى باب آداب قضاء الحاجة يعني باب الآداب التي ينبغي للإنسان أن يتخلق بها إذا أراد البول أو الغائط لكن العلماء رحمهم الله يكنون عن الأشياء التي يستقبح ذكرها بما يدل عليها فيسمون البول والغائط يسمونه الحاجة واعلم أن الله عز وجل له رحمة عليك عظيمة فهذا الطعام الذي يأتي إليك أولا من أنبته هو الله عز وجل قال تعالى افراءيتم ما تحرثون أءنتم تزرعونه أم نحن الزارعون والجواب على هذا بدهي واضح هو أن الزارع هو الله تعالى لو نشاء جعلناه حطاما فظلتم تفكهون إنا لمغرمون بل نحن محرومون يعني لو شاء الله عز وجل لجعل هذا الزرع بعد نباته واستوائه وتهيئه للأكل جعله حطاما ففات عليكم ولم يقل ولو نشاء ما أنبتناه بل قال لجعلناه حطاما بعد تعلق النفوس به ويتهيأ يجعله الله عز وجل حطاما لا ينتفع به انظر إلى هذا الطعام الذي تآكله من زرعه ونماه ويسره إلى أن وصل إليك من الذي أنضجه إلى آخر مالا يعد ولا يحصى ثم انظر كيف تتلذذ بآكله وتطلبه إذا احتجت إليه فتأكله وأنت متلذذ به في فمك متغذ به في معدتك ثم انظر إلى ما اودع الله تعالى في هذا الجسم من الآيات العظيمة التي نبه الله تعالى إليها بقوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون البدن معامل عظيمة في مومياء عظيمة جدا الكبد الأمعاء الكلى الطحال كل شيء له عملية خاصة بإذن الله عز وجل ثم انظر كيف يمتص هذا الجسم من الطعام ما كان غذاءً له ثم جعل الله لما لا فائدة منه جعل له مخارج معينة يخرج منها بسهولة باختياره إلا من أصيب بمرض بانطلاق بول أو نحوه والا فهو بالخيار نعمة من الله عز وجل ثم انظر كيف يخرج هذا الشيء يخرج بيسر وسهولة ولو شاء الله لحبسه لو شاء الله لحبس البول فضاقت عليك الأرض بما رحبت وادى ذلك إلى هلاكك ولو شاء الله لحبس الريح أو الغائط لكنها نعم عظيمة ثم انظر إلى هذه الريح التي يجعلها الله في البطن فأنها تفتح الأمعاء حتى يسهل خروج الطعام أو(2/112)
خروج السفل من الطعام مع هذه الأمعاء الدقيقة إلى مخارجه المهم لو أراد الإنسان يعدد هذه النعم العظيمة لعجز عنها كما قال عز وجل ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ثم انظر إلى نعمة اله تعالى من الناحية الشرعية حيث جعل لتناول هذا الغذاء ذكرا وجعل لاخراجه ذكرا أما ذكر الله عند تناوله فالبسملة في أوله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة وهو ربيبه قال يا غلام سم الله إذا أردت أن تأكل وكل بيمينك وكل مما يليك كذلك أيضا إذا انتهيت من الآكل هناك ذكر تتقرب بها إلى الله وتنتفع به أن تحمد الله عز وجل فان الله يرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها كذلك أيضا عند إخراج هذا الطعام له ذكر عند الابتداء وعند الانتهاء عند الابتداء عند الابتداء ذكر انس بن مالك رضي الله عنه فيما ذكره المؤلف رحمه الله إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال أعوذ بالله من الخبث والخبائث إذا دخل الخلاء يعني إذا أراد دخوله ليس المعنى إذا دخل في جوفه إذا أراد دخوله قال اللهم أنى أعوذ بك من الخبث والخبائث الخبث الشر والخبائث أهل الشر فكأنك استعذت بالله عز وجل من الشر وأهله وروي في الكلمة الأولى الخُبُث بضم الباء والخبائث فسرها أهل العلم بان الخبث جمع خبيث وهو الشيطان والخبائث جمع خبيثة وهي إناث الشياطين فكأنه استعاذ من ذكران الشياطين وإناثها وانما ناسب أن يستعيذ بالله منهم في هذا الحال لان الخلاء وهي الأماكن القذرة المعدة لقضاء الحاجة هي مأوى الشياطين ومساكنهم .(2/113)
الله عز وجل حكيم الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبون والطيبون للطيبات مأوى الملائكة الكرام بيوت الله تعالى المساجد وماوى الشياطين الحشوش محل قضاء الحاجة الأماكن النتنة الخبيثة فإذا دخلت فربما ينالك شر من هؤلاء الشياطين التي في هذا المكان القذر فتقول أعوذ بالله من شر الخبث والخبائث ولهذا اكثر ما تسلط مردة الجن في الخلاء لأنها مساكنه فقد يدخل الإنسان من دون أن يستعيذ بالله منهم فيناله شر ولهذا قل إذا أردت الدخول أعوذ بالله من الخبث والخبائث وكذلك ورد في الحديث لكن ليس في الصحيحين أن تقول بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث فاحرص يا أخي على ذكر الله عز وجل واعلم أن الشريعة الإسلامية شاملة عامة كل شيء له مدخل فيه اللباس الطعام الشراب النوم دخول المسجد والبيت والخلاء والجماع كل شيء الشريعة الإسلامية عامة شاملة حتى إذا أردت أن تلبس تقدم اليد اليمنى تدخل الكم الأيمن قبل الأيسر وكذلك السروال تدخل رجلك اليمنى قبل اليسرى وفي الخلع العكس تخلع اليسرى قبل اليمنى فكل شيء ولله الحمد في الشريعة الإسلامية نسال الله تعالى أن يميتنا وإياكم عليها هذه الشريعة عامة شاملة ك لشيء تدخل فيه بمعنى أن يمكن لكل إنسان أن يجعل كل عمل له عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
88- وَعَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ اَلْخَلَاءَ, فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً, فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
89- وَعَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "خُذِ اَلْإِدَاوَةَ". فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي, فَقَضَى حَاجَتَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/114)
سبق لنا في الدرس الماضي قبل أمس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه وكان خاتمه - صلى الله عليه وسلم -قد كتب عليه محمد رسول الله محمد في الأسفل ورسول في الوسط ولفظ الجلالة فوق وقد اتخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الختم حين كان يكاتب الملوك يدعوهم إلى الدين الإسلامي فقيل له انهم لا يقبلون كتابا إلا مختوما فاتخذ الخاتم وجعل هذا الكتاب مكتوبا عليه محمد رسول الله ولبس الخاتم ليس بسنة لكنه مباح للرجال أما النساء فهو حليتهن تتحلى به المرأة لزوجها والمرأة مطلوب منها أن تتحلى لزوجها بكل ما يوجد المودة بينها وبينه أما الرج لفلا لكن يباح له اتخاذ الخاتم وليس بحرام عليه وليس بمطلوب منه أيضا لكنه لا يلبس شيئا من خواتم الذهب لان النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم ذلك على الرجال حتى انه رأى رجلا في يده خاتم من ذهب فقال يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده وكذلك أيضا نزع النبي - صلى الله عليه وسلم - الخاتم الذهب من يد لابسه وطرحه فلما انصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل للرجل خذ خاتمك انتفع به قال لا والله لا اخذ خاتما رمى به النبي - صلى الله عليه وسلم -وانما كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه لان فيه اسم الله ولهذا اخذ من هذا الحديث العلماء رحمهم الله أن الإنسان لا يدخل بشيء فيه اسم الله إلى بيت الخلاء تكريما لاسم الله عز وجل لكن إن احتاج إلى دخوله بشيء فيه ذكر الله فليجعله خفيا قال العلماء إذا كان عليه خاتم نقش عليه اسمه عبد الله مثلا أو عبد الرحمن واحتاج إلى دخوله معه في الخلاء فليجعل خطه مما يلي باطن يده وليقبض عليه حتى لا يبرز ويظهر ومثل ذلك أيضا إذا كان مع الإنسان أوراق فيها ذكر الله فلا يدخل بها الخلاء إلا إذا كان لحاجة كما لو خاف أن تسرق لو جعلها خارج الباب أو خاف أن ينساها أو كان فيها أشياء يخشى أن يطلع عليها الناس المهم إذا كان لحاجة لا باس ولا سيما إذا(2/115)
كانت في جيبه خفيه لا تظهر واما المصحف فقال العلماء انه يحرم أن يدخل ومعه المصحف لان كلام الله تعالى اشرف الكلام قالوا إلا إذا كان في محل عام وخاف إذا وضع المصحف أن يسرق فهذه ضرورة فلا باس أن يدخل ومعه المصحف لكن يكن في جيبه مغطى حتى لا يكون ظاهرا . والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب آداب قضاء الحاجة
88- وَعَنْهُ أي عن انس - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدْخُلُ اَلْخَلَاءَ, فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً, فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
89- وَعَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "خُذِ اَلْإِدَاوَةَ". فَانْطَلَقَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي, فَقَضَى حَاجَتَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
90- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اِتَّقُوا اَللَّاعِنِينَ: اَلَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ اَلنَّاسِ, أَوْ فِي ظِلِّهِمْ رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
91- زَادَ أَبُو دَاوُدَ, عَنْ مُعَاذٍ: وَالْمَوَارِدَ (????) .
92 - وَلِأَحْمَدَ; عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَوْ نَقْعِ مَاءٍ وَفِيهِمَا ضَعْف ٌ (????) .
93- وَأَخْرَجَ اَلطَّبَرَانِيُّ اَلنَّهْيَ عَن ْ (????) تَحْتِ اَلْأَشْجَارِ اَلْمُثْمِرَةِ, وَضَفَّةِ اَلنَّهْرِ الْجَارِي. مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيف ٍ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/116)
هذه الأحاديث التي ذكرها المؤلف في كتابه بلوغ المرام في باب آداب قضاء الحاجة تتعلق بالاستنجاء فعن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء يعني المكان المعد لقضاء الحاجة المرحاض فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً وهذا يدل على انه يتحدث عن فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الخلاء يحمل اداوة من ماء وهي وعاء من جلد يجعل فيه الماء كالدلو واما العنزة فهي رمح قصير في طرفه حديدة مدبوبة الرأس يركزها النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يصلي حتى تكون سترة له ويركزها أيضا إذا أراد قضاء الحاجة من اجل أن يستتر بالثوب الذي يضعه عليها فكان انس يقول فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً فيستنجي بالماء ففي هذا الحديث دليل على جواز الاستنجاء بالماء من البول أو الغائط وانه كاف وإن لم يستجمر بالأحجار أو يتمندل بالمنديل ولعل قائلا يقول كيف يستنجي بالماء فيلوث يده بالنجاسة ؟ فنقول هو يلوث يده بالنجاسة من اجل إزالة النجاسة والتلوث بها من اجل إزالتها لا يعد قبحا ولا مخالفا للمروءة ونظير ذلك لو أن المحرم أصابه طيب في ثوبه ثياب الإحرام أو في بدنه ثم اخذ ماء فجعل يغسله فهنا سوف يباشر الطيب والمحرم لا يجوز له مباشرة الطيب فيقال إن هذا باشر الطيب من اجل إزالة الطيب فلا يعد مستعملا له ففي هذا الحديث دليلا على انه لا باس أن يقتصر على الماء بدون الأحجار وبدون المناديل وفي الحديث دليل على جواز استخدام الأحرار يعني غير العبيد لان النبي - صلى الله عليه وسلم - استخدم انس بن مالك - رضي الله عنه - والغلام الذي معه فيجوز للإنسان أن يستخدم الأحرار سواءً باجرة أو بغير أجرة لكن الصغار لا يستخدمهم إلا بإذن وليهم إلا فيما جرت به العادة مثلا لو كان عندك صبي عمره عشر سنوات فلا تستخدمه إلا بإذن وليه إلا في الشيء(2/117)
اليسير مثلا أن تقول له اعطني الشيء الفلاني ناولني إياه في مكان قريب فلا باس لانه قد جرت العادة به أما أن ترسله إلى مكان بعيد أو قريب لكن ليس بالمكان الحاضر فلا تفعل إلا بإذن وليه لان الصغير لا يتصرف بنفسه التصرف الكامل .
واما حديث المغيرة فيقول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال خذ الاداوة وهي إناء من جلد يشبه الدلو يحمله المسافرون خذ الاداوة فأخذها المغيرة فيقول فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته توارى يعني تغطى انطلق بعيدا حتى لا يراه أحد وهذا من آداب قضاء الحاجة إذا أردت في البر أن تقضي حاجتك فابعد حتى لا يراك الناس لان كون الإنسان يجلس يقضي حاجته والناس يرونه فيه شيء من القبح وفيه شيء من خرم المروءة لكن ابعد حتى لا ترى أما أن تكون في وادي أو أن تستظل أو تتوارى في شجرة أو في أكمة أو في سيارة المهم أن لا تقعد أمام الناي حتى لو استدبرتهم ولم يشاهدوا عورتك لا تفعل لان هذا يخالف المروءة أما أن يجلس ويكشف عورته أمام الناس فهذا حرام ولا يجوز . والله اعلم
الشريط الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ ابن حجر في سياق الأحاديث في كتابه بلوغ المرام باب آداب قضاء الحاجة
90- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اِتَّقُوا اَللَّاعِنِينَ: اَلَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ اَلنَّاسِ, أَوْ فِي ظِلِّهِمْ رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
91- زَادَ أَبُو دَاوُدَ, عَنْ مُعَاذٍ: وَالْمَوَارِدَ ([81])ولفظه: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل.
92 - وَلِأَحْمَدَ; عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَوْ نَقْعِ مَاءٍ وَفِيهِمَا ضَعْف ٌ (????) .
93- وَأَخْرَجَ اَلطَّبَرَانِيُّ اَلنَّهْيَ عَن ْ (????) تَحْتِ اَلْأَشْجَارِ اَلْمُثْمِرَةِ, وَضَفَّةِ اَلنَّهْرِ الْجَارِي. مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ بِسَنَدٍ ضَعِيف ٍ (????) .(2/118)
94- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَغَوَّطَ اَلرَّجُلَانِ فَلْيَتَوَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ, وَلَا يَتَحَدَّثَا. فَإِنَّ اَللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ رَوَاهُ . احمد (????) وَصَحَّحَهُ اِبْنُ اَلسَّكَنِ, وَابْنُ اَلْقَطَّانِ, وَهُوَ مَعْلُول ٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض الأحاديث في بيان المواضع التي لا يجوز فيها البول ولا الغائط .(2/119)
أولا : طريق الناس فإنه لا يجوز للإنسان أن يبول في الطريق ولا أن يتغوط فيها لان ذلك يؤذي المسلمين ويؤدي إلى تنجس أقدامهم وثيابهم فلهذا جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - سببا للعن فقال اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم والتخلي هنا يشمل البول والغائط لان في كل منهما تخليا وكذلك أيضا لا يجوز أن يتغوط الإنسان في مجالس الناس التي جرت العادة أن يجلسوا فيها سواء كان ذلك في الظل أو في الشمس لان الناس يحتاجون إلى المجالس ويحتاجون في الشتاء إلى المجلس الذي فيه الشمس وفي الصيف إلى المجلس الذي فيه الظل فلا يجوز للإنسان أن يتغوط أو يبول في مجالس الناس قال بعض أهل العلم إلا إذا كانوا يجلسون على شيء محرم كان يجلسوا على شرب الدخان أو الشيشة أو لعب القمار أو غيبة الناس فلا باس أن يتغوط ليفرقهم ولكن هذا فيه نظر بل يقال لا يجوز أن يتغوط في المجالس وهؤلاء الذين يجلسون على المنكر يجب عليه أن يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر فهذا شيء وهذا شيء . وكذلك أيضا لا يجوز التغوط تحت الأشجار المثمرة سواء كانت ثمارا مما يؤكل كالنخيل والعنب البرتقال وما أشبه ذلك لان هذا فيه محظوران الأول انه ربما يتساقط من هذا الشجر ما هو طعام للناس والطعام محترم وثانيا انه يتأذى بذلك من يأتي يجني هذه الثمار وعلى هذا فإذا كانت الثمار لا تؤكل كثمار القرظ الذي يدبغ به وغير ذلك فانه لا يجوز أن يتغوط أو يبول تحت هذه الأشجار التي فيها ثمار يتخذها الناس لحاجاتهم لان هذه وان لم تكن مطعومة لكن تؤذي من أتى ليجنيها وإذا شئت قاعدة عامة فقل لا يجوز التغوط ببول أو غائط في أي مكان يؤذي المسلمين سواء إن كان ظلا أو مشمسا أو أشجار مثمرة أو غير لما في ذلك من أذية المسلمين وأذية المسلمين ليست بالأمر الهين قال الله تعالى ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وأثما مبينا ) ولا فرق بين الأذية القولية(2/120)
أو الفعلية وكذلك أيضا لا يجوز للإنسان أن يبول أو يتغوط في طريق الناس الذي لا يسلك إلا قليلا لانه ربما يأتي إنسان فيمر به وهو رطب فيتلوث ويتنجس .
أما آخر الأحاديث التي ذكرها المؤلف هنا فهي الرجلان يجلسان على قضاء الحاجة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كل واحد منهما يتوارى عن الآخر بان يستتر والا يتحدثا فان الله يمقت على ذلك أي يبغضه لان هذا والعياذ بالله فيه كشف العورة وفيه خرم المروءة وكأن في هذا الحديث والله اعلم أن يفعل الإنسان ما يوجب تأخره في الخلاء لان الحديث إذا تجاذب الناس إلى الحديث غفلوا وسهوا وأطالوا المكث فكأن فيه إشارة إلى انه لا ينبغي للإنسان أن يتحدث ففي الخلاء أو يفعل ما يطيل بقائه ولهذا قال العلماء أنه يحرم الجلوس على قضاء الحاجة اكثر مما يحتاج إليه وان الإنسان من حين أن ينتهي يجب عليه أن يقوم ولا يتأخر اللهم إذا كان مبتلى بمرض التقاطر لان بعض الناس لا يخرج البول منه جميعا دفعه واحدة ربما يبقى دقيقتين أو ثلاثا حتى تنتهي نقط البول فهذا على حسب الحاجة وبه نعرف أن ما يفعله الكفار من صنع المجالس التي يجلسون عليها ويدلون أرجلهم ويأخذ بعضهم الجريدة أو الصحيفة أو المجلة يقرأها في الحمام فيبقى مدة طويلة لانه يسهو ويلهو أن هذا لا شك أنه من خرم المروءة ومن السفه في العقل لان هذا المكان ليس مكان جلوس للمطالعة والمراجعة إذ انه مأوى الشياطين لكن من حكمة الله عز وجل أن كل إنسان يأوي لما يشاكله الخبيثات للخبيثين لما كانت هذه المراحيض محل الخبث والشياطين صار هؤلاء الكفار أل=ين هم أولياء الشياطين كما قال تعالى ( والذين كفروا اوليائهم الطاغوت ) صاروا يألفون هذه الأماكن ويبقون فيها لأنهم خبثاء لمكان خبيث فالحمد لله على نعمة الإسلام ونسأل الله تعالى أن يديم علينا وعليكم هذه النعمة وان يتوفنا عليها انه على كل شيء قدير
بسم الله الرحمن الرحيم(2/121)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب آداب قضاء الحاجة
95- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ, وَهُوَ يَبُولُ, وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ اَلْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ, وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي اَلْإِنَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
تقدم لنا أن الشريعة الإسلامية كاملة من كل وجه وأنها جاء فيها إخبار الناس بكل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم من ذلك من ساقه المؤلف رحمه الله في بلوغ المرام في باب آداب قضاء الحاجة عن أبي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ, وَهُوَ يَبُولُ وهذا نهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يمس الإنسان ذكره بيمينه وهو يبول تكريما لليمين لان الإنسان في حال البول قد يحصل منه رشاش فإذا كان الرشاش فانه ينبغي أن يكون على اليد اليسرى دون اليمنى ولكن أحيانا قد يضطر الإنسان إلى ذلك فإذا اضطر إلى هذا فلا باس مثل أن تكون الأرض صلبة ويده اليسرى لا يستطيع أن يحركها فحين إذا يكون محتاجا إلى مسك ذكره بيمينه فلا باس به أما بدون حاجة فان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك قال لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ثانيا قال ولا يتمسح من الخلاء بيمينه يعني إذا أراد أن يطهر محل الخارج يعني يستنجي أو يستجمر فانه لا يتمسح بيمينه والعلة في ذلك والحكمة ما سبق هي تكريما لليمين وعليه فيمسح بيساره لا بالاستجمار ولا في الاستنجاء والثالث قال ولا يتنفس في الإناء وهذا أيضا مما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لان فيه أذية وربما يكون فيه ضرر وذلك حينما يريد الإنسان أن يشرب ماءً أو لبنا أو مرقا أو غيره فانه لا يتنفس في الإناء إذا أراد(2/122)
يتنفس يفصل الإناء ثم يتنفس واعلم أن شرب الماء له سنن قولية وفعلية أما القولية فان يسمي إذا أراد أن يشرب وقال بعض العلماء يجب أن يسمي إذا أراد أن يشرب لئلا يشاركه الشيطان في شربه كذلك أيضا انه إذا انتهى حمد الله أما السنن الفعلية فانه يتنفس ثلاث مرات ويفصل الإناء عن فمه في كل مرة فانه إذا تنفس ثلاث مرات اهنأ وأبرأ وامرأ فيه ثلاث فوائد الهناء والبراءة من الظمأ وانه يكون امرأ اسهل لخروجه وهضمه ومن السنن الفعلية أن الإنسان يمص الماء مصا كما يمص الصبي اللبن من الثدي من اجل أن ينزل إلى المعدة شيئا فشيئا ويكتسب من حرارة الفم ما يجعله مناسبا للمعدة حتى لا ينزل إلى المعدة وهو بار جدا فيؤثر عليها ولاسيما مع العطش الشديد فان العطش الشديد يرفع حرارة المعدة فإذا نزل إليها الماء البارد دفعة واحدة تبرد فينبغي في شرب الماء أن يمصه مصا أما غيره من الأشربة فيعبه عبا كاللبن والمرق وما أشبه ذلك وفي هذا الحديث دليل على شمول الشريعة الإسلامية وأنها ولله الحمد ما تركت شيئا إلا بينته للناس فنسأل الله أن يثبتنا وإياكم عليها وان يرزقنا وإياكم العفو والعافية في الدنيا والآخرة(2/123)
ج : الآكل باليد اليسرى والشرب باليد اليسرى حرام لان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه وقال إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ورأى رجلا يأكل بشماله فأمره أن يأكل بيمينه فقال لا أستطيع قال ما استطعت فما رفع الرجل يده اليمنى إلى فمه ابد وهذا يدل على وجوب الآكل باليمين والشرب باليمين وهو كذلك وما اعتاده بعض الناس إذا كان يأكل اخذ الكأس بيساره فهو غلط خطأ لان المحرم لا يباح إلا للضرورة ولا ضرورة هنا لاسيما في الوقت الحاضر لما كانت الكؤوس كل واحد له كاس خاصة يعني بعض الناس يقول أخشى أن ألوث الكأس على من يشرب بعدي الآن لا يوجد هذا الخوف لذلك الإنسان إذا رأى أخاه يشرب باليسار يجب أن ينبهه لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب . والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
96- وَعَنْ سَلْمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ" رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
97- وَلِلسَّبْعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ - رضي الله عنه - لَا تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ, وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/124)
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله من الأحاديث في باب آداب قضاء الحاجة عن سلمان - رضي الله عنه - وسلمان هو الفارسي وهو من فارس آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال عنه فيما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سلمان منا أهل البيت يعني من هذه الأمة وإن كان فارسيا لان الفرس والروم وغيرهم من الأمم إذا أمنوا بالرسول - صلى الله عليه وسلم -صاروا من أمته وصار لا فرق بينهم وبين العرب إلا بالتقوى فمن كان منهم اتقى لله فهو اكرم عند الله عظ زجل وإن كان جنس العرب افضل من غيره لان العرب هم الذين بعث منهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يبعث إلا في أزكى الشعوب والقبائل اختاره الله تعالى من هذه الأمة أو من هذا الشعب أي من قريش مما يدل على أن هذا الشعب افضل الشعوب وافضل الأمم كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم وهو واضح لان الله تعالى ما كان ليبعث افضل الرسل إلا في افضل الشعوب وهم العرب لكن من آمن من غير العرب فإنه إذا كان خيرا من العربي في العلم والإيمان والتقوى فهو اكرم عند الله تعالى سلمان يقول لقد نهانا - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وهذا من آداب قضاء الحاجة أن لا تستقبل القبلة بغائط ولا بول لا في البنيان يعني في البر ولا في البلد يعني في المراحيض لا بغائط ولا بول لان القبلة تجاه بيت الله وإذا كان الله قد أوجب على كل مصل أن يصلي إلى القبلة فهذا يدل على تعظيم هذه القبلة واستقبالها بالبول أو الغائط ينافي التعظيم ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -أن يستقبل الإنسان القبلة بغائط أو بول فمثلاً إذا كانت وجهته القصيم فإنه يتجه إلى الجنوب أو إلى الشمال وإذا كانت المدينة يتجه إلى الشرق أو الغرب لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل المدينة لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولا تستدبروها(2/125)
ولكن شرقوا أو غربوا فلما بين لهم - صلى الله عليه وسلم - الجهات الممنوعة بين لهم الجهات الجائزة لان هذه من عادة الرسول إذا ذكر الممنوع ذكر الجائز من اجل أن الناس يسهل عليهم ترك الممنوع إذاً يحرم على الإنسان أن يستقبل القبلة بغائط أو بول لا في الفضاء ولا في البنيان والدليل حديث سلمان وحديث أبو أيوب الذي أخرجه السبعة الأئمة الحفاظ المخرجين للحديث اخرجوا عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول ولكن شرقوا أو غربوا قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله وهذا دليل على أن استقبال القبلة لا يجوز لا في الفضاء ولا في البنيان وعليه فمن كان مرحاضه متجها إلى القبلة وجب عليه أن يغيره كسر الكرسي ويصرفه إلى جهة اليمين أو الشمال وال كان عاصيا لله من حين أن يجلس إلى أن ينتهي ويكون هذا من كفران النعمة الله يمن عليك أن تجلس على هذا الكرسي تخرج الأذى من بطنك بول أو غائط وأنت مقيم على معصيته هذا ينافي الشكر والله تعالى يقول (من يطع الرسول فقد أطاع الله )يعني من يعص الرسول فقد عصى الله وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول وجب علينا أن نقول سمعنا واطعنا لكن إذا قال القائل أنا إذا كسرته خسرت مائة ريال أو اكثر نقول أيما أولى خسران الدين ولا الدنيا ؟ الدنيا , أنت إذا فعلت هذا ولتخسر 200ريال 1000تسلم أنت بنفسك وتسلم عائلتك ويسلم من يأتي من بعدك ويسلم من يستأجر البيت أو يشتريه في المستقبل البيت ربما انك تبيعه أو يورث من بعدك ويبيعه الورثة فيكون الإثم عليك أنت إذاً من كان له مرحاض مستقبل القبلة وجب عليه تعديله حتى تكون القبلة عن اليمين أو عن الشمال أما الاستدبار فهذا مختلف فيه يعني مثلا إذا جلس الإنسان مستدبر القبلة فإذا كان في الفضاء فهو(2/126)
حرام لا شك فيه ولذلك يجب عليك إذا كنت في الفضاء يعني في البر وأردت أن تقضي حاجتك لابد أن لا تكون القبلة أمامك ولا ورائك بل عن يمينك أو شمالك فإذا كنت في البر حرم عليك الاستقبال والاستدبار وإذا كنت في مراحيض مبنية حرم عليك الاستقبال لحديث أبي أيوب فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله واما الاستدبار مثل أن يكون المرحاض إذا جلس الإنسان على الكرسي تكون القبلة وراءه فهذا مختلف فيه فمن العلماء من قال انه جائز ومنهم من قال انه ممنوع ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى قال انه لا يجوز استدبار القبلة ولو كنت في البنيان لعموم حديث أبي أيوب لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول ولا شك أن قوله أحوط لكن الظاهر الجواز يعني استدبار القبلة في البنيان لا باس به الدليل قال ابن عمر رضي الله عنهما رقيت يوما على بيت حفصة فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستقبل الشام مستقبل الكعبة وفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخصص عموم قوله لان الفعل سنة والقول سنة فإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستدبر الكعبة مستقبل الشام في البنيان أمكن الجمع قد يقول قائل مثلا انه لا يجوز لأننا لا ندري هل النهي قبل ذلك أو بعد ذلك قد يكون النهي عن الاستقبال والاستدبار بعد أن كان الرسول يستدبرها لا ندري فيقال أن العموم والخصوص لا يشترط فيهما العلم بالتقدم أو التأخر بمعنى انه يخصص العام بما يخصصه سواء سبق أو لحق ويأتي أن شاء الله تعالى بقية الكلام عن حيث سلمان - رضي الله عنه -
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب آداب قضاء الحاجة .(2/127)
96- وَعَنْ سَلْمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ" رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه بلوغ المرام في آداب قضاء الحاجة مما ذكر من الأحاديث حديث سلمان الفارسي - رضي الله عنه - انه قال لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وسبب تحديثه بهذا أن رجلا من المشركين قال له علمكم نبيكم حتى الخراءه يعني علمكم نبيكم كل شيء حتى آداب قضاء الحاجة قال اجل يعني علمنا كل شيء فالنبي - صلى الله عليه وسلم - علم أمته كل شيء ما من شيء تحتاجه الأمة في أمور دينها ودنياها إلا وعلمها إياه - صلى الله عليه وسلم - ما من خير إلا دلهم عليه وحثهم عليه وما من شر إلا بينه وحذرهم منه صلوات الله وسلامه عليه حتى يرك أمته بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك قال أبو ذر لقد توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منها علما حتى الطيور في السماء ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - لامته منها علما فما من شيء يحتاجه الناس إلا بينه لهم حتى الخراءة قال سلمان للرجل المشرك نعم لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وسبق لنا الكلام على هذه الجملة وبينا انه لا يحل للإنسان أن يستقبل القبلة حال قضاء الحاجة ولا أن يستدبرها وانه إذا كانت المراحيض قد بنيت واتجاهها للقبلة وجب نقلها وصرفها عن اتجاه القبلة وأما استدبار القبلة فذكرنا أن الإنسان إذا كان في البنيان وفي مكان محيط به جدران فلا بأس أن يستدبرها قال رضي الله عنه لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وان نستنجي باليمين يعني(2/128)
نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نستنجي باليمين سواء بالأحجار أو بالمناديل أو بالتراب أو بالماء المهم أن لا تجعل اليد اليمنى تباشر تنقية القبل أو الدبر وإنما يكون ذلك بأي شيء ؟باليد اليسرى لان اليمنى تقدم على اليسرى واليسرى للأذى والقذر ولذلك عندما يريد الإنسان أن يتمخض بان يخرج ما في انفه من الأذى فلا يتمخض باليد اليمنى بل باليد اليسرى لان القاعدة عند العلماء أن اليسرى تقدم للأذى واليمنى لما سوها ولهذا نُهي الإنسان أن يأكل بالشمال وأمر أن يأكل باليمين ونُهي أن يعطي بالشمال ويأخذ بالشمال بل يكون إعطاءه أخذه وباليمين وقوله أن نستنجي باليمين وان نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار وهنا أطلق الاستنجاء وأراد به الاستجمار يعني نهى الرسول أن يستجمر الإنسان بأقل من ثلاثة أحجار حتى ولو انقي يعني انه لو إنسان مسح ذكره بعد انتهاء البول مرة ثم الثانية وأنقى ما بقي فيه رطوبة إطلاقا قلنا لابد أن يمسح الثالثة لان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستجمر بأقل من ثلاثة أحجار فإذا مسح الثالثة ولم ينقي زاد الرابعة فإذا أنقى في الرابعة قلنا له زد خامسة لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاستجمار أن يكون على وتر فقال إذا استجمر أحدكم فليوتر إذا أنقى بأربع يزيد خامسة وإذا أنقى بست مثلا يزيد سابعة ولا ينقص عن ثلاثة أحجار وقال وان نستنجي برجيع أو عظم يعني ونهى أن نستنجي برجيع أو عظم والرجيع هو ارواث البهائم ووجه ذلك أن أرواث البهائم إن كانت نجسة كأرواث الحمير والبغال فإنه لا يجوز الاستجمار بها لأنها لا تزيد الإنسان إلا نجاسة وإن كانت طاهرة كبعر الإبل وسلق البقر وما أشبه ذلك فإنه لا يجوز الاستجمار بها لأنها علف بهائم الجن فإن الدن لما وفدوا إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان منهم مسلمون الجن ذكر الله تعالى في سورة الجن انهم ثلاث أقسام قصم مسلم وقسم كافر قسم صالح دون ذلك فهذه أربعة أقسام مسلم كامل الإيمان(2/129)
وكافر خالص وصالح ودون ذلك فكما أن الأنس فيهم الكافر والفاسق والمؤمن كذلك أيضا الجن فيهم الصالحون وفيهم دون ذلك فيهم الفاسقون وهم الكفار وفيهم المسلمون المهم الذين وفدوا من الجن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمنوا به وصدقوا ولما اجتمعوا إليه قالوا أنصتوا يعني قال بعضهم لبعض أنصتوا ليستمعوا إلى القرآن فلما قضوا ولوا إلى قومهم منذرين فانظر آداب الجن في حضور الذكر تواصوا بالإنصات أنصتوا حتى لا يفوتهم شيء من الكلام وبقوا إلى أن انتهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا قال فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين يعني ما قاموا قبل أن يخلص الرسول - صلى الله عليه وسلم -من الذكر لان الإنسان الذي يقوم من الذكر بون عذر خطر عليه أن ينصرف عن ذكر الله عز وجل بدون عذر أما كان له عذر فلا باس لكن إذا حضرت مجالس الذكر لا تنصرف حتى يقضي لا يكن الجن أءدب منك الجن لما قضي ولوا إلى قومهم منذرين فانتفعوا هم وذهبوا دعاة إلى الحق فقالوا إنا سمعنا كتابا انزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه المهم أن لا يجوز أن يستجمر الإنسان بروث البهائم إن كان نجسا فلنجاسته وإن كان طاهرا فلاحترامه لانه علف بهائم الجن أو عظم كذلك أيضا لا يجوز للإنسان أن يستجمر بعظم العظم إن كان من مذكاة يعني عظم من شاة مذبوحة أو بعير أو بقرة أو غيره مما ذكي فهو طاهر لكن لا يجوز الاستجمار به لانه زاد الجن طعام الجن هذه العظام التي نرمي بها يجدها الجن مملوءة لحما فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للوفد الذي أتوه لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه افر ما يكون لحما سبحان الله عظم تحت الجدار أو في الزبالة يكون لحما نقول نعم يكون لحم نؤمن بذلك لان الذي اخبرنا من ؟ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكننا لا نراه لان الجن محجوبون عنا هم واطعمتهم واحوالهم ما ندري عنهم شيئا لكنا نؤمن بما اخبر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - ولكم كل بعرة(2/130)
علف لدوابكم فلهذا فلوا أن الإنسان استجمر ببعرة ثلاث مرات وانقت تماما فإن ذلك لا ينفعه ولا يطهر المحل وذلك لانه استجمر بما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكذلك يقال في العظام فالعظام الطاهرة عرفنا أنها تكون لحما للجن والعظام النجسة كعظم الحمار لا يجوز الاستجمار بها لماذا لانه نجس لا تزيد الانسانالا نجاسة ولا يمكن أن تستجير من الرمضاء بالنار فبهذا الحديث وبغيره من الأحاديث يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية شاملة عامة لكل شيء وفهمنا من هذاالحديث أن الاستجمار يجب أن يكون بشيء طاهر وان يمذكون بغير محترم فلا يجوز الاستتجمار بالطعام ولا بعلف البهائم ولا بالاوراق التي فيها ذكر الله أو فيها كلام أهل العلم الشرعي كالفقه أما الاوراق التي ليس فيها إلا كلام فاضي فهذه لا حرمة لها لكن الاوراق التي فيها ما يحترم من كلام العلماء واشد كم ذلك كلام الله ورسوله فهذه لا يجوز الاستجمار بها كذلك لابد أن يكون الاستجمار بثلاثة أحجار فاكثر فلا يجوز الاقتصار على حجر واحد وإذا نقي الإنسان بما يجوز الاستجمار به وبالعدد المطلوب صار كمن غسل فرجه تماما يعني كالماء تماما لو ترطب المحل بعرق أو بغيره فانه لا ينجس الثياب لان بالاستجمار يكون طاهرا تماما
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب قضاء الحاجة
98- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قالت: أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ أَتَى اَلْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد َ (????) .
99- وَعَنْهَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ اَلْغَائِطِ قَالَ: "غُفْرَانَكَ" أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ. وَصَحَّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ, وَالْحَاكِم ُ (????) .(2/131)
100- وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اَلْغَائِطَ, فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ, وَلَمْ أَجِدْ ثَالِثًا. فَأَتَيْتُهُ بِرَوْثَةٍ. فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى اَلرَّوْثَةَ, وَقَالَ: "هَذَا رجس أو رِكْسٌ" أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????) .
زَادَ أَحْمَدُ, وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ: ائْتِنِي بِغَيْرِهَا (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/132)
هذه أحاديث ساقها ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه البلوغ في باب آداب قضاء الحاجة منها حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا أتى أحدكم الغائط فليستتر الغائط يعني المكان الذي يريد أن يقضي حاجته فيه فليستتر يعني عن الناس والاستتار نوعان استتار واجب وهو الذي يكون فيه ستر العورة واستتار سنة مستحب وهو الذي يستر فيه الإنسان عن الناس يستر جميع بدنه كما سبق في حديث المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انطلق حتى توارى عنهم فقضى حاجته وهذا من الآداب وستر العورة من الآداب الواجبة والاستتار جملة من الآداب المستحبة وذكر أيضا في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج من الغائط قال غفرانك يعني اسألك غفرانك والغفران مصدر غفر يغفر كالشكران مصدر شكر يشكر والمراد بالمغفرة أن الله تعال يستر الذنب ذنبك ويعفو عنك فلا يعاقبك عليه والمغفرة تكون في الدنيا والأبخرة فاما في الدنيا فإن الحسنات يذهبن السيئات واما في الآخرة فإن الله تعالى يخلو بعبده المؤمن فيقرره بذنوبه يقول فعلت كذا يوم كذا وكذا وكذا ثم يقول الله تعالى إني سترتها عليك في الدنيا وأنا اغفرها لك اليوم واختلف العلماء في السبب لماذا كان يقول غفرانك والصحيح أن السبب في هذا أن الإنسان لما تخلى الأذى المؤذي في بدنه سال الله أن يخليه من الأذى إلى هو العقوبة لان الذنوب تثقل الكاهل وتهلك الإنسان وهذا الخارج الخبيث أيضا يؤذي الإنسان ويثقل كاهله ويؤدي إلى الهلاك لو احتبس البول أو الغائط هلك الإنسان فلما تذكر الإنسان أن الله خفف عنه بخروج هذا الأذى سال الله أن يخفف عنه ذنوبه هذا هو اصح ما قيل في السبب والحكمة من قول الإنسان إذا خرج قال غفرانك فإذا خرجت من الحمام قدم رجلك اليمنى فقدم رجلك اليمنى وقل غفرانك وإن زدت الحمد لله الذي اذهب عني الأذى وعافاني فحسن .(2/133)
واما حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آتي الغائط فأمره أن يأتيه بثلاثة أحجار فوجد حجرين ولم يجد ثالثا فاخذ روثة وجاء بها جهلا منه رضي الله عنه فاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجرين وألقى الروثة وقال أنها رجس أو قال ركس ائْتِنِي بِغَيْرِهَا فدل هذا على أن الاستجمار لا يكفي بأقل من ثلاثة أحجار وعلى أن الاستنجاء بالنجس لا يفيد لان النبي - صلى الله عليه وسلم - علل رد الروثة بأنها رجس أي نجس وهذا لأنها روثة حمار وروث الحمار نجس وفي هذا الحديث دليل على استخدام الأحرار انه يجوز للإنسان أن يستخدم الحر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه
قال رحمه الله تعالى
باب الغسل وحكم الجنب
بَابُ اَلْغُسْلِ وَحُكْمِ اَلْجُنُبِ
108- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْمَاءُ مِنْ اَلْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيّ ِ (????) .
109- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا اَلْأَرْبَعِ, ثُمَّ جَهَدَهَا, فَقَدْ وَجَبَ اَلْغُسْلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
زَادَ مُسْلِمٌ: "وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ " (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/134)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب الغسل وحكم الجنب تركنا الكلام على بقية أحاديث الباب السابق لان معناها قد تقدم لنا وشرحناها ولا حاجة إلى إعادته فبدأنا بهذا الباب باب الغسل وحكم الجنب أي بيان ما يوجب الغسل وذلك أن الطهارة نوعان طهارة من الحدث الأصغر توجب الوضوء فقط وهي تطهير الأعضاء الأربعة الوجه واليدين والرأس والرجلين وطهارة كبرى توجب الغسل يعني غسل البدن كله وفي هذا الباب بين المؤلف رحمه الله تعالى ما تيسر من ذلك فذكر حديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الماء من الماء, الماء الأول يعني ماء الطهارة والماء الثاني يعني المني المعنى أن الغسل لا يجب إلا بالإنزال بإنزال المني وهذا كان في أول الأمر كان في أول السلام انه لا يجب الغسل إلا من الإنزال حتى لو جامع الإنسان فلا غسل عليه إذا لم ينزل ففي هذا الحديث دليل على انه متى نزل المني وجب الغسل سواء نزل بجماع أو نزل بتقبيل أو بضم أو تفكير أو غير ذلك المهم أن ينزل بشهوة واما إذا نزل المني لمرض بالإنسان فإنه لا يوجب الغسل وانما يوجب الوضوء فقط والماء الذي يوجب الغسل هو الدافق كما قال ( فينظر الإنسان مما خلق خلق من ماء دافق ) والدافق هو الموجب للغسل لان هذا الدافق بإذن الله يخرج من جميع البدن واما الذي ليس بدافق فانه لا يوجب الغسل إلا إذا كان من نائم فالنام إذا استيقظ ووجد على لباسه منيا فانه يجب عليه الغسل وان لم يذكر الاحتلام لان النائم لا يشعر ربما يحتلم ويخرج منه المني بلذة ولكن بدون شعور على كل حال المني إذا كان من يقظان فلابد أن يكون بلذة حتى يوجب الغسل أما إذا كان يغير لذة فلا يجب فيه إلا الوضوء أما إذا كان من نائم بان استيقظ النائم فوجد على لباسه أو فخذه اثر الجنابة فإنه يجب عليه أن يغتسل هذا أحد موجبات الغسل إنزال المني الموجب الثاني الجماع فمتى جامع الرجل امرأته(2/135)
سواء انزل أم لم ينزل فإنه يجب عليه أن يغتسل وسواء أولج جميع ذكره أو أولج الحشفة ولهذا قال عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل شعبها الأربع وهن اليدان والرجلان وهو كناية عن الجماع ولهذا قال ثم جهدها أي أولج فيها ذكره ولو بقدر الحشفة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا التقى الختانان فقد وجب والختانان المراد به ختان الذكر الذي حده من فوق الحشة وختان الأنثى والمهم أن العلماء يقولون إذا غيب الحشفة فإنه يجب الغسل على الرجل والمرأة سواء انزل أم لم ينزل ولهذا قال في رواية مسلم فقد وجب الغسل وإن لم ينزل فهذان موجبان للغسل الأول إنزال المني والثاني الجماع وإن لم ينزل . والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
111- وَعَنْ أَنَسِ]بْنِ مَالِكٍ] - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - -فِي اَلْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى اَلرَّجُلُ- قَالَ: "تَغْتَسِلُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
زَادَ مُسْلِمٌ: فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْم ٍ (?????)وَهَلْ يَكُونُ هَذَا? قَالَ: "نَعَمْ فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ اَلشَّبَهُ? (?????) .
112- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ اَلْجَنَابَةِ, وَيَوْمَ اَلْجُمُعَةِ, وَمِنْ اَلْحِجَامَةِ, وَمِنْ غُسْلِ اَلْمَيِّتِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى(2/136)
وَعَنْ أَنَسِ { بْنِ مَالِكٍ] - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - -فِي اَلْمَرْأَةِ تَرَى فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى اَلرَّجُلُ يعني بذلك الاحتلام إذا احتلمت المرأة فهل عليها من غسل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - نعم إذا هي رأت الماء يعني الجنابة ففهم من هذا أن المرأة قد تحتلم ولهذا لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك قالت أم سلمة أو يكون هذا قال نعم فمن أين يكون الشبة يعني أن للمرأة ماء يحصل عند الشهوة كما أن للرجل كذلك وقوله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأت الماء ففيه دليل على أنها إذا احتلمت ورأت أن رجلا يجامعها ولم تر شيئا بعد اليقظة فلا شيء عليها وهكذا الرجل أيضا إذا احتلم في الليل فرأى انه يجامع ولم ير شيئا بع استيقاظه فلا شيء عليه واما إذا رأى شيئا بعد استيقاظه فإنه يجب عليه الغسل وإذا رأى بللا ولم يدر اهو بول أو مني وأشكل عليه فإنه يغسله ولا يجب عليه الغسل احتاطا ولا يجب عليه الغسل لانه لم يتيقن بأنه أجنب فإن رأى في لباسه يعني في سرواله أو قميصه اثر الجنابة ولم يدر اهو من النومة التي استيقظ منها أو من نومة سابقة فإنه يجعله من آخر نومة نامها مثال ذلك رجل لما كان بعد الظهر وجد في لباسه اثر المني ولا يدر هل هو من نوم القائلة أو من نوم الليل إن كان من نوم القائلة فإنه يغتسل ولا يعيد إلا صلاة الظهر وإن كان من نوم الليل فإنه يغتسل ويعيد الفجر والظهر نقول اجعله من نوم القائلة من آخر نوم لان ما قبلها مشكوك فيه والأصل عدم الجنابة .(2/137)
ثم ذكر حديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من أربعة من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت أربعة أشياء كان يغتسل منها لكنها تختلف أما غسل الجنابة فواجب ولا تصح الصلاة إلا به واما غسل الجمعة فواجب لكن تصح الصلاة بدونه واما غسل الحجامة فهو سنة لانه يعيد للجسد نشاطه بعد إخراج الدم منه واما غسل بعد تغسيل الميت فهو سنة وليس بواجب .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الغسل وحكم الجنب
113- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - -فِي قِصَّةِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ, عِنْدَمَا أَسْلَم- وَأَمَرَهُ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَغْتَسِلَ رَوَاهُ عَبْدُ اَلرَّزَّاق ِ (?????) .
وَأَصْلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
114- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: غُسْلُ اَلْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَة ُ (?????) .
115- وَعَنْ سَمُرَةَ بن جندب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ, وَمَنْ اِغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيّ ُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/138)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في باب الغسل وحكم الجنب من بلوغ المرام أحاديث سبق الكلام عليها ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه فيمن اسلم هل يغتسل أو لا فذكر أبو هريرة أن ثمامة بن اثال اسلم أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل وهذا الأمر ليس هو للوجوب على القول الراحج وانما هو للاستحباب لانه اسلم أناس كثيرون لا يحصون كثرة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون أن يأمرهم بالاغتسال ومثل هذا الأمر اعني الاغتسال بعد الإسلام يخفى عن من اسلم حديثا وإذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يبين ذلك لمن يسلم ولم يشتهر مع انه مما تتوافر الدواعي على نقله دل ذلك على انه ليس بواجب فإذا اسلم الإنسان قلنا له الأفضل أن تغتسل تطهيرا لجسمك كما طهرت قلبك من الشرك أما الوجوب فلا لكن الختان يجب على من اسلم ولم يختتن يجب عليه أن يختتن لان الختان واجب لكن إذا خيف أننا لو أمرناه بالختان من حين أن يسلم لارتد عن الإسلام فإننا لا نأمره بذلك ننتظر حتى يتمكن الإسلام من قلبه ويدخل الإيمان قلبه حينئذ نأمره لان بعضهم أي بعض الذين اسلموا حديثا ربما لو قلت لابد أن تختتن ينفر ويدع الإسلام فلا يمكن أن نأمرهم بشيء من مشروعات الإسلام من اجل أن نهدم الإسلام بل ننتظر حتى يتمكن الإسلام من قلبه أمرناه بالختان ثم ذكر حديث أبي سعيد رضي الله عنه في غسل الجنب فقد روى أبو سعيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انه قال غسل الجمعة واجب على كل محتلم غسل الجمعة يعني الغسل الذي يجب في الجمعة واجب أي لازم على كل محتلم أي على كل بالغ وهذا يدل على وجوب غسل الجمعة على كل بالغ ولكنه مقيد بمن يحضر الجمعة واما من لم يحضر الجمعة كالنساء والمرضى والمسافرين إذا لم يكونوا في بلد تقام فيه الجمعة وما أشبه ذلك فهؤلاء لا غسل عليهم الغسل واجب على من لم يحضر الجمعة حتى ولو كان مسافرا وهو في بلد نازل يوم الجمعة ويمشي منها آخر النهار(2/139)
فإن الجمعة واجبة عليه وغسلها واجب عليه لكن إذا تعذر عليه الغسل سقط الواجب وهذا الغسل الواجب ليس عن جنابة ولهذا لو فرض أن الإنسان صلى الجمعة بلا اغتسال قلنا انك أثم ولكن صلاة الجمعة صحيحة لان هذا الغسل لتطهر وليس عن حدث كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لو إنكم تطهرتم ليومكم هذا وهذا القول اعني القول بالوجوب لغسل الجمعة هو الراحج من أقوال العلماء والدليل فيه واضح جدا فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال غسل الجمعة واجب والقائل من الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو اعلم الخلق بشريعة الله لا شك يعلم الواجب من الشريعة وغير الواجب ثم هو افصح الخلق في كلامه وبلاغته فلا يمكن أن يعبر عن شيء ليس بلازم فيقول انه واجب ثم هو أيضا انصح الخلق لا يمكن أن يعبر بما يدل على الوجوب وليس بواجب لانه لو عبر عن الشيء الذي ليس بواجب بلفظ الوجوب لعد هذا تعمية ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كلامه صريح ما فيه تعمية ولا تضليل وضح وضوح الشمس ثم انه يؤيد الوجوب أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يخطب الناس يوم الجمعة فدخل أمير المؤمنين عثمان - رضي الله عنه - وهو يخطب وكان أمير المؤمنين عمر هو الخليفة فدخل عثمان فانتقده أن تأخر في الحضور فقال والله يا أمير المؤمنين ما زدت على أن توضأت ثم أتيت والوضوء أيضا يعني ما اغتسلت وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل فوبخه أمام الناس وهو يخطب ومقام عثمان رضي الله عنه في الإسلام معروف ليس من الأعراب أو من الناس الذين يوبخون هذا التوبيخ أمام أعين الناس ولا يمكن لامير المؤمنين عمر أن يوبخه هذا التوبيخ في هذا المجمع إلا وهو يرى انه واجب ولذلك الإنسان قد يأخذه العجب أن يقول لماذا ذهب بعض العلماء إلى عدم الوجوب مع أن الحديث صريح واضح من افصح الخلق وانصح الخق واعلم الخلق بشريعة الله تعالى كيف يكون هذا لكن الذين قالوا(2/140)
بعدم الوجوب استدلوا بالحديث الذي بعده حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل افضل فبها أي فبالرخصة اخذ ونعمت الرخصة لكن هذا الحديث لا يمكن أبدا أن يعارض حديث أبي سعيد إلا إذا كسر الحجر بالبيضة الحجر يكسر بالبيضة ولا البيضة تكسر بالحجر ؟ البيضة تكسر بالحجر فحديث أبي سعيد أخرجه السبعة كل أئمة الحديث المخرجين أخرجوه وهو واضح وصريح وحديث سمرة أولا أن العلماء قد اختلفوا في كونه منقطعا أو متصلا لان هذا مبني على رواية الحسن عن سمرة وفيه خلاف بين المحدثين وثانيا انك إذا تأملت اللفظ لم تجد عليه نور لفظ النبوة من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل افضل كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - له نور وطلاوة وحلاوة وهذا اللفظ كما ترى فيه شيء من الركاكة ولذلك نقول حديث سمرة هذا ضعيف سندا وركيك متنا وضعيف بالنسبة لحديث أبي سعيد لانه قد أخرجه السبعة وواضح وبَينٌ وحديث سمرة لم يخرجه البخاري ولا مسلم وفيه هذه الركاكة في متنه لذلك نحن ندين الله عز وجل بأنه يجب على كل مسلم أن يغتسل للجمعة قبل الصلاة إلا من لا يحضرها كالنساء والمرضى والمسافر الذي ليس في بلد تقام فيه الجمعة وما أشبه ذلك فغن قال قائل متى يكون الاغتسال هل هو من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس ؟ نقول الأفضل أن يكون من بعد طلوع الشمس عند الرواح تغتسل ثم تسير إلى الجمعة هذا هو الأفضل والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
116- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُنَا اَلْقُرْآنَ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَهَذَا لَفْظُ اَلتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّان َ (?????) .(2/141)
117- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
زَادَ اَلْحَاكِمُ: فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ (?????) .
118- وَلِلْأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً وَهُوَ مَعْلُول ٌ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/142)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقل من الأحاديث في باب غسل الجنابة وأحكام الجنب عن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن ما لم يكون جنبا يعني يعلمهم القرآن إلا إذا كان على جنابة وفي لفظ ما لم نكن جنبا يعني إذا كان المُعَلَمون جنبا فلا يقرئهم في هذا الحديث دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم أمته القرآن وقد حث - صلى الله عليه وسلم - على تعليم القرآن فقال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه وهذا يشمل تعليم لفظه وتعليم معناه فيكون الذي يعلم التفسير خير الناس لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه والذي يعلم في حلقات تحفيظ القرآن في المساجد خير الناس أيضا لانه يعلم الناس ألفاظ القرآن الكريم وفي هذا الحديث دليل على أن الذي عليه جنابة لا يقرأ القرآن لا تعليما ولا تعلما لقوله ما لم يكن جنبا أو اللفظ الثاني ما لم نكن جنبا وهذا يدل على انه لا يحل أن يقرا القران وهو جنب لان إبلاغ القرآن واجب ولا يترك الواجب إلا من اجل واجب مثله لذلك نقول يحرم على الإنسان إذا كان جنبا أن يتلوى شيئا من القرآن وأما الذكر الذي يوافق القرآن فلا باس به مثل أن يقول القائل ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ومثل أن يقول لا اله إلا أنت سبحان أنى كنت من الظالمين يريد الذكر فلا باس به مثل أن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون يريد الذكر فلا باس ولو كان جنبا لان الجنابة لا تمنع الذكر كما قالت عائشة رضي الله عنها كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل احيانه واما الحائض اختلف فيها العلماء هل يحرم عليها قراءة القرآن أو لا ؟ فمنهم من قال انه لا يحرم عليها قراءة القرآن لا تعلما ولا تعليما ولا تعبدا ولا تحصنا وذلك لانه ليس في السنة نص صحيح صريح يمنع الحائض من قراءة القرآن ولا تقاس على الجنب لان صاحب الجنابة يمكنه(2/143)
أن يتخلص منها بالاغتسال والحائض لا يمكنها أن توفق الدم فلهذا رخص لها ما لم يرخص للجنب ومن العلماء من قال انه يحرم عليها قراءة القرآن كالجنب ومنهم من قال قولا وسطا أن ما تحتاج إليه فلا باس به وما كان تعبدا فلا تحتاج إليه من تعليم أو التعلم أو تعاهد القرآن لئلا تنساه أو التحصن بالقرآن كأية الكرسي في الورد وما أشبه ذلك وهذا قول وسط انه ما دعت إليه الحاجة فلا باس أن تقرأ القرآن ولو كان عليها الحيض واما مجرد التعبد فلا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
117- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ, ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
زَادَ اَلْحَاكِمُ: فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ (?????) .
118- وَلِلْأَرْبَعَةِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً وَهُوَ مَعْلُول ٌ (?????) .
119- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اِغْتَسَلَ مِنْ اَلْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ, ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ, فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ, ثُمَّ يَتَوَضَّأُ, ثُمَّ يَأْخُذُ اَلْمَاءَ, فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ اَلشَّعْرِ, ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ, ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ, ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (?????) .
120- وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ, فَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا اَلْأَرْضَ
وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ(2/144)
وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ, وَفِيهِ: وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث ساقها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام فيما يتعلق بالجنب منها أن الإنسان إذا أتى أهله يعني جامع أهله أراد أن يعود مرة ثانية فليتوضأ بينهما وضوءا وذلك لوجهين الوجه الأول أن الوضوء يخفف الجنابة والثاني انه يعطي الجسد نشاطا لان الإنسان بعد الجماع والإنزال يفتر ويضعف ويكسل إذا توضأ عاد عليه بعض النشاط فيستفاد من هذا الحديث أن الدين الإسلامي شامل لمصالح البدن ومصالح القلب وامور الدين والدنيا ويستفاد منه أن الإنسان إذا أراد أن يأتي أهله مره ثانية بعد الأول فإنه يتوضأ بان يغسل وجهه ويديه ويمسح رأسه ويغسل رجليه وهذا ليس على سبيل الوجوب بل على سبيل الاستحباب ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانا يطوف على نسائه كلهن بغسل واحد ومن ذلك أيضا أن الإنسان إذا أراد أن ينام بعد الجماع فالأفضل أن يغتسل فإن لم يمكن فليتوضأ فإن لم يمكن فينم ولا حرج عليه لان النبي - صلى الله عليه وسلم -أحيانا يجامع يعني يأتي أهله ثم ينام ولا يمس ماءً ولكن يكره للإنسان أن ينام على جنابة دون أن يتوضأ لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ فليرقد ولان الإنسان لا يدري فلعل هذه آخر رقدة يرقدها فلا ينبغي أن ينام على جنابة بل إما أن يغتسل وهو افضل أو يتوضأ ثم ذكر صفة الغسل في حديث عائشة وميمونة رضي الله عنهما والغسل له صفتان صفة واجبة لابد منها وهي أن ينوي الإنسان رفع الجنابة أو أن ينوي الصلاة ونحوها مما لابد فيه من الغسل ثم يعم بدنه جميعا بالماء مع المضمضة والاستنشاق وهذا مجز فلو نوى الإنسان وانغمس في بركة وخرج منها أجزئه وإن لم يتوضأ ولكن لابد من المضمضة والاستنشاق . أما الصفة الثانية فهي الأكمل والأفضل أن يغسل فرجه وينظفه مما حصل(2/145)
من اثر الجنابة ثم يتوضأ وضوءا كاملا ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات يروي بذلك أصول شعره ثم يغسل سائر بدنه وهذا هو الأفضل ولو اقتصر على الأول لكفي وفي هذا الحديث وغيره أيضا من النصوص دليل على أن الإنسان إذا اغسل من الجنابة كفاه عن الوضوء فالوضوء قبل الغسل سنة وليس بواجب ولو اقتصر على الغسل يرتفع عنه الحدث الأكبر والأصغر والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب بلوغ المرام باب الغسل وحكم الجنب
121- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي اِمْرَأَةٌ أَشُدُّ شَعْرَ رَأْسِي, أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ اَلْجَنَابَةِ? وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَيْضَةِ? فَقَالَ: "لَا, إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ" رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
122- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنِّي لَا أُحِلُّ اَلْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (?????) .
123- وَعَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ, تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنَ اَلْجَنَابَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
زَادَ اِبْنُ حِبَّانَ: وَتَلْتَقِي (?????) .
124- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً, فَاغْسِلُوا اَلشَّعْرَ, وَأَنْقُوا اَلْبَشَرَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَاه ُ (?????) .
125- وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ, وَفِيهِ رَاوٍ مَجْهُول ٌ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/146)
هذه بقية الأحاديث التي ساقها الحافظ ابن حجر في باب الغسل وحكم الجنب من كتابه بلوغ المرام .
سبق لنا في حديث ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من غسله أتته بالمنديل فردها وجعل ينفض الماء بيده أتته بالمنديل من اجل أن يتنشف به حتى لا يكون في إزاره أو رداءه شيء من الرطوبة فتؤذيه ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد ذلك وجعل ينفض الماء بيده يعني يسلته من بدنه وينفضه استدل بعض العلماء بهذا الحديث على انه لا ينبغي أن يتنشف الإنسان إذا اغتسل واستدل به بعضهم على العكس وقالوا إن إتيان ميمونة بالمنديل يدل على أن ذلك من عادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكونه ردها لا لأجل أن يزيل عنهما الجنابة بدليل أن يزيله بيده ينفضه بيده والصحيح أن التمندل لا باس به يعني يجوز للإنسان إذا اغتسل أن يستعمل المنديل ولاسيما في أيام الشتاء لانه لو بقى الماء ثم ترطب ثيابه تأذى به فعلى كل حال لا باس إذا انتهى من غسل الجنابة أو غسل الجمعة أن يتنشف بالمنديل وكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رد المنديل التي جاءت بها ميمونة لا ندري ما السبب ربما تكون المنديل لم تكن نظيفة أو غير ذلك من أسباب الله اعلم المهم انه لا حرج أن يتمندل الإنسان إذا فرغ من الاغتسال .
واما حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها فإنها كانت تشد شعر رأسها يعني تضفره تجعله جدايل فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - هل يلزمها أن تنفضه إذا اغتسلت من الجنابة أو من الحيض فقال لا يلزمك ولكن تروي أصول الشعر وتغسل الشعر بالماء حتى يدخل إلى جميع أجزاءه وهذا يكفيها سواء كانت في غسل الجنابة أو في غسل الحيضة لان المقصود تعميم الماء لسائر الجسد .(2/147)
ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إني لا احل المسجد لحائض ولا جنب والمعني انه لا يجوز للحائض أن تمكث في المسجد ولو لاستماع الذكر أو المحاضرة أو غير ذلك لان النبي - صلى الله عليه وسلم - في العيد أمر أن تخرج النساء وامر الحيض أن يعتزلن المصلى وهذا يدل على أن الحائض لا يجوز أن تبقى في المسجد واما مرورها بالمسجد فلا باس يعني تمر من باب إلى باب أو تدخل المسجد لحاجة تأخذها وتذهب بها فلا باس وكذلك عند الضرورة فلا باس مثل أن يكون الإنسان مسافرا ثم يكون معه أهله ويدخل المسجد ليصلي فيه ويخشى على المرأة إذا أبقاها في السيارة أو عند باب المسجد فتدخل المسجد للضرورة لا باس بذلك ويتعلق بهذه المسألة المرأة إذا كانت مع أهلها في حج أو عمرة وهي حائض فمن المعلوم انه يشق عليها أن تبقى وحدها في السيارة حتى يطوفوا ويسعوا فماذا تصنع نقول تدخل في المسعى فإنه ليس من المسجد الحرام ولذلك إذا خرج المعتكف من المسجد الحرام إلى المسعى بطل اعتكافه إلا إذا كان هناك ضرورة لان المسعى ليس من المسجد وكذلك أيضا يجوز للحائض والجنب أن يمكثا في المسعى ويجوز البيع والشراء في المسعى لانه ليس من المسجد الحرام ولا يجوز الطواف فيه فالطواف لابد أن يكون في المسجد وعلى هذا إذا ازدحم الناس وصاروا يطوفون في السطح فانهم إذا إلى المهبط الذي على المسعى لا ينزلون لانهم لو نزلوا لخرجوا من المسجد والطواف لابد أن يكون في المسجد فلا يصح طوافهم اللهم إلا إذا كان هناك ازدحام كبير في الصف ولم يتمكن الإنسان واضطر إلى أن ينزل إلى المسعى والناس كلهم مجتمعون بعضهم إلى بعض فنرجو أن لا يكون في هذا باس أما مع السعة فلا يجوز الطواف في المسعى لانه ليس من المسجد كذلك الجنب يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يحل المسجد لجنب والحكمة والله اعلم أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب فإذا دخل المسد آذى الملائكة(2/148)
لأنها محلهم المساجد كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من آكل بصلا أو ثوما فلا يقربن مساجدنا فإن ذلك يؤذي الملائكة فلا يحل للجنب أن يدخل المسجد ويمكث فيه أما عبور فلا باس كما قال تعالى ( ولا جنبا إلا عابري سبيل ) قال العلماء ما لم يتوضأ فإن توضأ الجنب جاز أن يمكث في المسجد يعني إن توضأ كما يتوضأ للصلاة بدون اغتسال فلا باس أن يمكث في المسجد واستدلوا بان الصحابة رضي الله عنهم العزاب كانوا ينامون في المسجد وكان الواحد إذا أجنب منهم توضأ وعاد فنام هذا مما يباح للجنب أن يمكث في المسجد إذا توضأ أما بدون وضوء فلا وعلى هذا فنقول الجنب لا يصلي لانه حرام عليه ولا يقرأ القرآن ولا يمكث في المسجد إلا بوضوء أو لضرورة فالضرورات شيء آخر أما لغير الضرورة فلا يجوز أن يمكث في المسجد لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إنه لا يحله لجنب .
أما بقية الأحاديث ففيها دليل على انه يجب على الإنسان أن يعم بدنه كله بالغسل لا يدع شيء حتى لو كان عليه لفافة أو خاتم ضيق لا يمر الماء من تحته فالواجب عليه أن يزيل ذلك وان يصل الماء إلى جميع البدن والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى
بَابُ اَلتَّيَمُّمِ
126- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ, وَجُعِلَتْ لِي اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا, فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ اَلصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَذَكَرَ اَلْحَدِيث َ (?????) .
127- وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا, إِذَا لَمْ نَجِدِ اَلْمَاءَ (?????) .
128- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - عِنْدَ أَحْمَدَ: وَجُعِلَ اَلتُّرَابُ لِي طَهُورًا (?????) .(2/149)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه بلوغ المرام باب التيمم لما ذكر رحمه الله تعالى الطهارة بالماء وضوءا وغسلا ذكر التيمم وهي الطهارة بصعيد الأرض وذلك بان يضرب الإنسان بيده على الأرض فيمسح يديه وكفيه فقط وهي أي طهارة التيمم بدلا عن طهارة الماء وهي من خصائص هذه الأمة كما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي يعني من الأنبياء وفضل الله تعالى واسع ولا حجر على الله تعالى فمن شاء أعطاه من فضله ومن شاء لم يعطه لان الملك ملك الله عز وجل يعطي من يشاء ويمنع من يشاء لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع يقول أعطيت خمسا يعني أعطاني الله تعالى خمسا فضلني بها على الإنسان من قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر يعني انه إذا كان له عدو من الكفار فإن عدوه يكون مرهوبا منه إذا كان بينه وبينه مسافة شهر ومن المعلوم أن الرعب إذا نزل بالأعداء فانهم لن يستقيموا ابد ولن يصمدوا أمام من يقاتلهم
الشريط السادس(2/150)
ومن المعلوم أن الرعب إذا نزل بالأعداء فانهم لن يستقيموا ابد ولن يصمدوا أمام من يقاتلهم وهو من اكبر العون والنصر إذا انزل الله تعالى الرعب في قلب العدو وهذه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولامته لكن لامته الذين يجاهدون جهادا أي يقاتلون من اجل أن تكون كلمة الله هي العليا لا من اجل عصبية أو حمية أو عروبة أو ما أشبه ذلك إذا كان المسلمون حقيقة يقاتلون لله وبالله وفي الله فإنهم منصورون بالرعب مسيرة شهر أما الذين يقاتلون من اجل الديار يقيمون عليها دين الله أو لا يقيمونه لأجل التربة فقط فهؤلاء ليسوا مقاتلين في سبيل الله لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً أي ذلك في سبيل الله قال من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ليس هناك غيره من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا وليقام دين الله في ارض الله فهذا هو المقاتل في سبيل الله .(2/151)
الثانية قال : وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا جعل الله الأرض للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولامته مسجدا وطهورا أي يتطهر به وهذا هو الشاهد وكانت الأمم قبلنا لا يصلون إلا في مكان معين في الكنسية أو في البيعة أو الدير وما أشبه ذلك لكن هذه الأمة أي مكان من الأرض تصلي فيه كذلك في الطهور كانت الأمم قبلنا إذا لم يجدوا ماءً لم يصلوا وبقت الصلاة دينا في ذممهم حتى يجدا الماء ثم يتطهرون به ثم يقضون ما فاتهم من الصلاة ولا شك أن هذه مشقة عظيمة ولكن هذه الأمة ولله الحمد رفع الله عنها هذه المشقة أيما رجل أدركته الصلاة فليصل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا فرق في الأرض بين أن تكون رملة أو سبخة أو حجرية أو غير ذلك لان النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يخصص أرضا دون ارض وكذلك في الآية الكريمة ( فتيمموا صعيدا طيبا )ولم يخصص الله تعالى صعيدا دون صعيد واما حديث مسلم جعلت تربتها لنا طهورا وحديث احمد جعل التراب لي طهور فهذا لا يقتضي التخصيص لان بعض أفراد العام إذا ذكر في حكم يوافق أو يناسب العام فإنه لا يدل على التخصيص فيقال هذا ذكر بعض أفراد العام بنفس الحكم ولا يقتضي التخصيص . والتخصيص أن يذكر بعض أفراد العام بحكم يخالف العام فيكون مخرجا من العموم واما إذا كان بحكم يوافقه فهذا ليس بتخصيص وعلى هذا فيجوز للإنسان أن يتيمم بكل ارض ويأتي أن شاء الله بقية الكلام على الحديث .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب التيمم
بَابُ اَلتَّيَمُّمِ
126- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ, وَجُعِلَتْ لِي اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا, فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ اَلصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَذَكَرَ اَلْحَدِيث َ (?????) .(2/152)
127- وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا, إِذَا لَمْ نَجِدِ اَلْمَاءَ (?????) .
128- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - عِنْدَ أَحْمَدَ: وَجُعِلَ اَلتُّرَابُ لِي طَهُورًا (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق الكلام على ابتداء ونكمل الكلام عليه أن شاء الله تعالى يقول - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . الجاعل لذلك هو الله عز وجل لقد جعل الله هذه الأرض مسجدا أي مكانا للصلاة وطهورا أي يطهر من الأحداث فاما الأول وهو كونها مسجدا فإن هذا هو الأصل أن جميع الأرض مسجد فمن قال من الناس أن هذه البقعة لا تصح فيها الصلاة فعليه الدليل وإلا فالأصل أن جميع الأرض مسجد وبناءًا على هذا الأصل إذا صلى الإنسان في دار مغصوبة أو ارض مغصوبة فالصلاة صحيحة لأنها من الأرض وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا والغصب له جهة أخرى لا شك انه آثم بغصبه الأرض واستيلائه عليها لكن الصلاة ليس لها دخل في الموضوع كذلك أيضا لو صلى إنسان في المسجد الحرام في الكعبة أو في الحجر فريضة أو نافلة فصلاته صحيحة لأنها من الأرض فتدخل في العموم وكذلك لو صلى الإنسان في الشارع فصلاته صحيحة لان الشارع من الأرض وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا أما إذا دل الدليل على انه لا يصلي في هذا المكان المعين فلا يصلى فيه مثاله لو صلى الإنسان في مقبرة فإنه لا يصح أن يصلى في المقبرة سواءً كانت القبور خلفة أو عن يمينه أو عن شماله أو أمامه لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سد جميع طرق الشرك والصلاة في المقابر وسيلة من وسائل الشرك إلا انه يستثنى من ذلك الصلاة على الجنازة فإنه لا باس أن يصلى عليها في المقبرة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على قبر بعد دفن ولان الصلاة في المقبرة لها سبب معلوم ظاهر يرى وهو كون الميت بين يدي المصلي(2/153)
فلوجود هذا السبب الحسي الظاهر يضعف كون الصلاة وسيلة لعبادة القبور كذلك أيضا مما نهى عنه من الأماكن أعطان الإبل وهي أماكنها التي تأوي فيها وتبيت فيها هذه لا تصح فيها الصلاة زاما مباركها العارضة مثل أن تجد في البر مبارك الإبل فلا باس أن تصلي فيه لكن الأمكنة التي تأوي إليها وتبيت فيها فهذه لا يصلى فيهالا ن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في مبارك الإبل يعني في اعطانها واما النم فيصلى في اعطانها ولا باس بذلك لان الني - صلى الله عليه وسلم - سئل أنصلي في مرابض الغنم قال نعم ومن ذلك أيضا من الأماكن التي ينهى عن الصلاة فيها الأماكن النجسة فلا تجوز الصلاة فيها لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يطهر مكانه حيث أن المسجد مكان للصلاة فلا يمكن أن يكون في أماكن الصلاة نجاسة وهذا يدل على انه لا يمكن أن يصلي الإنسان على شيء نجس لكن إذا كان يباشر النجاسة أما إذا كان لا يباشرها كما لو كان عنده سجادة يصلي عليها في طرفها نجاسة لكنه لا يمس النجاسة ولا يسجد عليها ولا يركع عليها ولا يجلس عليها فلا باس لانه لا يباشر النجاسة المهم أن هذه قاعدة خذها معك الأرض كلها مسجد يصلى فيه إلا ما دل الدليل على انه لا يصلى فيه فيؤخذ بالدليل . كذلك أيضا قال وطهورا أي يتطهر به ولكن يتطهر به من الحدث الأكبر والأصغر واما النجاسة فلا يتيمم لها فلو كان على الإنسان نجاسة على ثوبه أو نجاسة على بدنه وليس عنده ماء يغسلها وصلى فانه لا يتيمم بخلاف ما إذا كان محدثا حدثا اصغر أو اكبر ولم يجد ماء فإنه يتيمم .(2/154)
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض هذا عام كل الأرض محل للتيمم الأرض الرملية والطينية والصحراء واليابسة والندية كلها يتيمم بها لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن شيئا ولانه - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر ويتيمم في الأسفار والأرض قد تكون رملية كما في الأرض التي مر بها وهو ذاهب إلى تبوك وكذلك قد تكون أمطرت فابتلت ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال لا تتيمموا إلا بأرض لها غبار المهم أن جميع الأرض يتييم بها وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -طهورا دليل على أن التيمم مطهر وليس كما قال بعض العلماء انه مبيح وليس بمطهر بل هو مطهر فإذا تيممت لصلاة النافلة فصل به الفريضة وإذا تيممت لصلاة وبقيت على طهارتك حتى دخل وقت الصلاة الأخرى فلا تعد التيمم يكفي التيمم الأول ما دمت لم تحدث وإذا تيممت عن الجنابة أول مرة فلا تعد التييم عن الجنابة إلا بجنابة أخرى جديدة وهلم جرا المهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل التراب طهورا كما أن الماء طهور فما يطهره الماء يطهره التيمم هذا بالنسبة للأحداث أما النجاسات فلا .والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب التيمم
بَابُ اَلتَّيَمُّمِ
126- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ, وَجُعِلَتْ لِي اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا, فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ اَلصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَذَكَرَ اَلْحَدِيث َ (?????) .
127- وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا, إِذَا لَمْ نَجِدِ اَلْمَاءَ (?????) .
128- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - عِنْدَ أَحْمَدَ: وَجُعِلَ اَلتُّرَابُ لِي طَهُورًا (?????) .(2/155)
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق الكلام على حديث جابر رضي الله عنه في بعض جمله منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وبينا أن الأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا ما دل الدليل على انه لا يصلى فيه وان جميع الأرض أيضا يتيمم عليها سواء كانت رملية أو ترابية أو صخرية ندية أو يابسة لعموم الحديث وفي الحديث من الفوائد أن المحافظة على الوقت اشد اعتبارا من المحافظة على غيرها ولهذا يصلي الإنسان في الوقت على كل حال ولهذا لو فرض أن الإنسان لا يستطيع أن يتيمم ولا يستطيع أن يتوضأ فإنه يصلي ولو بلا تيمم ولا وضوء لان الوقت مقدم على كل شيء أيما رجل أدركته الصلاة فليصل على أي حال كان وفي بقية الحديث أحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي الغنائم هي ما يغنمه المسلمون من الكفار عند قتالهم وذلك أن المسلمين مأمورون بالجهاد والجهاد فرض كفاية فإذا جاهدوا الكفار وغنموا أموالهم فالغنائم هذه حلال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل رزقي تحت ظل رمحي وكما قال الله تعالى ( ومغانم كثيرة تاخذونها ) فالمغانم ما يؤخذ من الكفار بالقتال وهي حلال لهذه الأمة أما الأمم السابقة فإنهم إذا غنموا من أعدائهم أموالا جمعوها في مكان ثم انزل الله من السماء نارا فأحرقتها فلا يستفيد منها المسلمون لكن هذه الأمة ولله الحمد احل الله لها المغانم يعني ما كسبوه من الكفار بالقتال .(2/156)
وأعطيت الشفاعة وهي الشفاعة الخاصة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي أن يشفع للخلق يوم القيامة حين يحشرون حفاة عراة غرلا نحشر يوم القيامة ليس علينا ثياب ولا نعال والختان يرجع فيكون الناس كأنهم لم يختنوا في الدنيا يرجعون على هذا وفي بعض ألفاظ الحديث بهما يعني ليس معهم أموال الحر والعبد والذكر والأنثى والمالك والمملوك كلهم في صعيد واحد كلهم عراة ولما قالت عائشة يا رسول الله الرجال والنساء يعني يحشرون جميعا عراة قال نعم الرجال والنساء لكن الأمر اشد من أن يهمهم ذلك كل لا هي بنفسه لا ينظر بعضهم لبعض لان الهول شديد اليوم مقداره خمسون ألف سنة والشمس فوق الرؤوس بمقدار ميل والجبال تطاير هباءً منبثا إن زلزلة الساعة شيء عظيم ويلحق الناس من الغم والكرب مالا يطيقون فيقول بعضهم لبعض اطلبوا من يشفع لنا عند الله تعالى يأتون إلى آدم يذكرونه بنعمة الله عليه أن الله خلقه بيده واسجد له الملائكة وعلمه أسماء كل شيء اشفع لنا عند ربك فيذكر معصيته أن الله نهاه عن الآكل من الشجرة فأكل منها فيخجل أن يشفع إلى الله وقد عصى الله عز وجل مع أن أكله من الشجرة تاب منه فتاب الله عليه واجتباه سبحانه وتعالى وهداه لكن المقام مقام عظيم شديد صعب يتعذر فيأتون إلى نوح ويقولون له أنت أول رسول بعثه الله إلى الأرض ويذكرون نعم الله عليه اشفع لنا عند ربك من هذا الموقف العظيم فيعتذر بأنه سال ما ليس له به علم وهو انه قال الله له انه سينجيه أهله فأنجاه أهله إلا أحد أبنائه كان كافرا فاغرقه الله تعالى فقال نوح رب إن ابني من أهلي وإن وعدك حق ووعدتني أن تنجيني وأهلي قال الله تعالى(2/157)
( إنه ليس من اهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به عم إني اعظك أن تكون من الجاهلين)هذا كلام الله عز وجل لنوح رسول أول الرسل ومن أولي العزم يقول له هذا الكلام العظيم إنه ليس من اهلك إنه يعني سؤالك أن ننجيه وهو كافر عمل غير صالح فلا تسالني ما ليس لك به علم إني اعظك أن تكون من الجاهلين كلام شديد عظيم جدا هذا أول الرسل - صلى الله عليه وسلم - قال الله له هذا وأخر الرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - قال الله تعالى (وإذ تقول للذي انعم الله عليه وأنعمت عليه امسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما تبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) هذه أيضا موعظة عظيمة شديدة جدا على من ؟ على افضل الرسل - صلى الله عليه وسلم - يقول الله له هذا لان الله عظيم عز وجل ولا ينفع عنده نسب ولا حسب إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) رزقني الله وإياكم التقوى ما فيه لا قريب ولا بعيد الناس عند رب العالمين سواء إلا المتقين يأتون إلى نوح يعتذر بماذا بأنه سال ما ليس له به علم يأتون إلى إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - إمام الحنفاء وخليل الرحمن عز وجل يسألونه الشفاعة ويذكرونه بنعمة الله عليه ولكنه يعتذر لانه كذب ثلاث كذبات وهي تورية لا يأُم بها الإنسان لكن لما كان المقام مقام شفاعة والأمر عظيم رأى أن مثل هذا يمنعه أن يتقدم للشفاعة فيعتذر فيذهبون إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - وهو افضل أنبياء بني إسرائيل وقصته في القرآن كثيرة معروفة وهو قوي في ذات الله عز وجل ويذكرون نعمة الله عليه أن الله تعالى كلمه تكليما اصطفاه بكلامه وكتب له التوراة بيده ولكنه يعتذر بأنه قتل نفسا لم يؤمر بقتلها وهو القبطي الذي رآه في شجار مع رجل من بني إسرائيل من قوم موسى فيعتذر مع أن الأمر سهل لانه تاب من ذلك وأوتي الرسالة لكن كما قلت لكم المقام مقام عظيم والأمر خطير والشفاعة ليس هينة في هذا المقام يعتذر ثم يأتون إلى عيسي كل واحد يحولهم على(2/158)
من بعده يأتون إلى عيسى فيعتذر لكنه لا يذكر ذنبه يعتذر بان هناك مقام ارفع من مقامه وهو مقام محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يقول انه فعل ذنبا أو شيئا من هذا لا بل يقول اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول أنا لها ثم يستأذن رب العزة أن يشفع فيأذن الله تعالى له هذه الشفاعة أعطيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحده لم يشاركه فيها أحد وهي داخلة في ضمن قوله تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وهذا والله المقام المحمود كل الأمم تحت شفاعته هذه المؤمن والكافر من كان من هذه ومن كان من غيرها وانظر إلى ربنا جل وعلا كيف أراد أن يظهر فضل هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - الهم الله تعالى الناس أن يذهبوا إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى انتهت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو شاء الله لذهبوا إليه من أول الأمر دون أن يحصل هذا التردد لكن الله جل وعلا وله الحمد والفضل والمنة أراد أن يظهر شرف هذا النبي الكريم بان تتعذر الأنبياء كلهم وأبو البشر آدم عن الشفاعة حتى تأتى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نشكر الله تعالى أن جعلنا من أمته نسال الله أن يحقق لنا اتباعه فنعم علينا أن يكون إمامنا ورسولنا وقدوتنا بهذه المنزلة العظيمة فنشكر الله سبحانه وتعالى ونساله أن يتوفانا على ملته وان يحشرنا في زمرته وان يدخلنا في شفاعته .
ج: نعم الأنبياء يصلى ويسلم عليهم إذا كان الله عز وجل يصلي على المؤمنين فالأنبياء أولى .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب التيمم(2/159)
126- عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ, وَجُعِلَتْ لِي اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا, فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ اَلصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَذَكَرَ اَلْحَدِيث َ (?????) .
127- وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا, إِذَا لَمْ نَجِدِ اَلْمَاءَ (?????) .
128- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - عِنْدَ أَحْمَدَ: وَجُعِلَ اَلتُّرَابُ لِي طَهُورًا (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/160)
اقل المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب التيمم أول حديث منه وهو حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وسبق الكلام على اكثر جمله وبقيت الجملة الخامسة وهي قوله - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة وهذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - الرسل السابقون يبعثون إلى أقوامهم خاصة فأنبياء بني إسرائيل في بني إسرائيل ونوح في قومه وهود لقومه وصالح لقومه وهكذا بقية الرسل كل مرسل إلى قومه فقط ولذلك كانت شرائعهم مختلفة في غير أصول الشرائع لان كل رسول بعث بما يناسب قومه كما قال تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) أما محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه رسول إلى جميع البشر بل إلى الجن والأنس إلى يوم القيامة ولذلك كانت آيته القرآن العظيم هي الآية الخالدة الباقية الذي لا يمكن أن تنفد معانية ولا أحكامه كال من كل وجه كما قال تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء هذا القرآن الذي بين أيدينا نقرأه الآن كما قراءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكما قراءه أبو بكر وعمر وباقي الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لم يتغير ولم يتبدل محفوظا من عند الله عز وجل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها هذا القرآن باق والشريعة باقية وهي صالحة لكل زمان ومكان لا يمكن أن تأتى الشريعة الإسلامية بما يناقض المالح أو بما يكون فيه مفاسد بل هي شريعة صالحة لكل زمان ومكان ولكل أمة في مشارق الأرض ومغاربها ولهذا يجب على كل البشر أن يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لان مرسل إليهم ويجب على أمة محمد الذين بلغتهم الدعوة أن ينشروها في العالم حتى تقوم الحجة على الجميع ويجب على أهل الكتاب الن يؤمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لانه ذكر في كتبهم وبين ووضح حتى انهم يعرفونه كما يعرفون أبنائهم لا يخفى عليهم ولكنهم قاتلهم الله ولعنهم إلى يوم القيامة يعرفونه كما يعرفون أبنائهم(2/161)
فحسدوا العرب أن كان فيهم هذا الرسول الذي نوه عنه في الكتب السابقة وبشرت به الأنبياء واخذ على الأنبياء العهد والميثاق إن جاءهم أن يؤمنوا به كل الأنبياء قد أعطوا الله عهدا وميثاقا غليظا انه إذا بعث محمد اتبعوه قال الله تبارك وتعالى ( وإذ اخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) وكذلك أممهم يجب عليهم أن يتبعوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا اقسم الرسول - صلى الله عليه وسلم -انه لا يسمع به يهوديا ولا نصرانيا ثم لا يؤمن به ويتبعه إلا كان من أصحاب النار حتى وإن زعم بأنه يتبع كتابا نقول إذا كنت تتبع كتابا التوراة أو الإنجيل وكنت صادقا في ذلك فلابد أن تؤمن بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فإذا كذب الرسول أو قال انه رسول العرب خاصة فهو كافر بعيسى إن كان نصرانيا وبموسى إن كان يهوديا وبمحمد كماهم يعلنون الكفر به الآن بل انهم يدعون إلى الكفر به تجد الدعايات النصرانية في كل وقت وحين وكذلك اليهود ولولا ما كان بينهم وبين العرب من الحروب لرأيت نشر اليهودية في كل مكان ثم إنهم خبثاء يدعون من طرف خفي رأيت كتابا يبياع في الأسواق مع الأسف لكن اكثر الناس يجهلون في الواقع اسمه التين والزيتون ذكر أن في التين والزيتون شفاء واستشهد بالتوارة والإنجيل أتدرون لماذا لانهم لن يعجزوا أن يستشهدوا بأقوال الأطباء المشهورين لكن أتوا بأقوال التوراة والإنجيل من اجل أن يتشربها الناس وان يقبلوها وان يعرفوها الصغار والكبار ومن اجل انه لو شفي قال هذا ما دل عليه التوراة والإنجيل ثم يكون مرورهما على النشء المسلم أمرا هينا ثم يقع في قلوب المسلمين تعظيم هذين الكتابين والاقتداء بما فيها والنصارى لهم دعايات عظيمة مخطط لها ومدروسة ليست ارتجالية يأتون إلينا ويعزوننا في كل شيء بالنسبة للأخلاق كما نسمع عن هذه الأفلام(2/162)
الخليعة التي تأتى عبر القنوات الفضائية وكذلك بالمجلات والصحف إلى أن وصل الأمر إلى ما يخل بالعقيدة لانه إذا وقع في قلب الإنسان تعظيم التوراة والإنجيل مع أنها محرفة فانه خطر أن نتبعها وندع القرآن أنا لا أقول اكفر بالتوراة والإنجيل نحن نؤمن بهما ونؤمن انه إذا لم نؤمن بهما فلسنا بمؤمنين لكننا نؤمن بالتوراة التي أنزلت على موسى والإنجيل الذي انزل على عيسى قبل أن يحرفا ويبدلا ثم نؤمن أيضا أنها قد نسخت شرائعها وما فيها مخالف للشريعة الإسلامية لا يرضى عند الله ولا يقبل ولا يزيد صاحبه إلا بعدا من الله عز وجل لكن هم يريدون أن يدخلوا على المسلمين ما يخل بعقيدتهم ولو من هذه الناحية الله اكبر ضاقت الدنيا أن لا نجد ما يدل على الشفاء في هذه المخلوقات إلا عن طريق التوراة والإنجيل ولكن هو الكيد واقول بحول الله تعالى انهم يكيدون كيدا والله تعالى يكيد كيدا ولكن مهل الكافرين أمهلهم رويدا نسأل الله تعالى أن يعز الإسلام والمسلمين وان يذل الشرك والمشركين وان يدمر أعداء الدين والملحدين والمنافقين .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب التيمم
129- وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: بَعَثَنِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَاجَةٍ, فَأَجْنَبْتُ, فَلَمْ أَجِدِ اَلْمَاءَ, فَتَمَرَّغْتُ فِي اَلصَّعِيدِ كَمَا تَتمَرَّغُ اَلدَّابَّةُ, ثُمَّ أَتَيْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْكَ هَكَذَا" ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ اَلْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً, ثُمَّ مَسَحَ اَلشِّمَالَ عَلَى اَلْيَمِينِ, وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ (?????) .(2/163)
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: وَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ اَلْأَرْضَ, وَنَفَخَ فِيهِمَا, ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْه ِ (?????) .
130- وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ, وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى اَلْمِرْفَقَيْنِ رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَصَحَّحَ اَلْأَئِمَّةُ وَقْفَه ُ (?????) .
131- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلصَّعِيدُ وُضُوءُ اَلْمُسْلِمِ, وَإِنْ لَمْ يَجِدِ اَلْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ, فَإِذَا وَجَدَ اَلْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اَللَّهَ, وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ رَوَاهُ اَلْبَزَّارُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ اَلْقَطَّانِ, ]و] لَكِنْ صَوَّبَ اَلدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَه ُ ([137]) .
132- وَلِلتِّرْمِذِيِّ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ نَحْوُهُ, وَصَحَّحَه ُ ([138]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/164)
هذه الأحاديث في أحكام التيمم منها حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه في حاجة فاجنب يعني أصابته جنابة وليس عنده ماء ففكر رضي الله عنه ماذا يصنع وكان لا يعلم عن صفة التيمم عن الجنابة فتمرغ في الصعيد كما تتمرغ الدابة يعني تقلب على الأرض كما تتقلب الدابة ظنا منه أن التيمم كالغسل يجب أن يعم جميع البدن ثم صلى ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك واخبره فقال إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا وضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم -أن يعيد الصلاة لانه رضي الله عنه اجتهد وظن أن هذا هو الواجب ففعله ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها أن الإنسان إذا لم يجد النص من القرآن والسنة على حكم المسألة فله أن يجتهد ولا يتوقف يجتهد إن أصاب فله أجران وإن اخطأ فله اجر ولهذا لم يعنف النبي - صلى الله عليه وسلم - عمار بن ياسر رضي الله عنه حينما اجتهد وتمرغ في الصعيد ومنها انه يجوز التيمم عن الجنابة كما يجوز التيمم عن الحدث الأصغر وقد كان فيه خلاف قديم لكن الأمة والحمد اجمعوا على انه لا باس أن يتيمم عن الجنابة كما يتيمم عن الحدث الأصغر ومنها أن التيمم عن الجنابة وعن الحدث الأصغر سواء بخلاف طهارة الماء في الجنابة لابد أن يعم جميع البدن واما الوضوء فالأعضاء الأربعة كما هو معروف أما التيمم ففي عضوين فقط هما الوجه والكفان ومنها أي من فوائد حديث عمار أن التيمم ضربة واحدة لا ضربتان لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إنما كان يكفيك أن تقول كذا ومنها انه يبدأ بمسح الوجه قبل مسح اليدين لان النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأ به قبلهما وهو كذلك في القرآن الكريم قال الله تعالى ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) ومنها أن لابد أن يعم جميع الوجه بالتيمم وقد كان بعض العوام يمسح الأنف وما حوله وهذا تقصير بل لابد أن تمسح جميع الوجه من الأذن إلى(2/165)
الأذن ومن منحنى الجبهة فوق إلى اسفل اللحية ومنها انه لا يجب تخليل الشعر بالتيمم لا في الحدث الأصغر ولا الأكبر بخلاف الماء ولذلك لم يخلل النبي - صلى الله عليه وسلم - لحيته ولا أمر بذلك زمنها انه لا تشترط التسمية في التيمم لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمار إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ولم يذكر التسمية ولم يأمر بها بل لو قال قائل انه لا تشرع التسمية في التيمم لكان له وجه لكن العلماء قاسوا وجوب التسمية في التيمم على وجوبها في الوضوء والصحيح أنها ليست واجبة لا في الوضوء ولا في الغسل ولا في التيمم ومنها أن التيمم عن الجنابة كالغسل يعني إذا تيممت أول مرة عن الجنابة فإنك لا تتيمم مرة ثانية عن الجنابة حتى تجد الماء فتغتسل ومنها أن حديث ابن عمر الذي ذكره المؤلف رحمه الله بعد ذلك وهو قوله التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين والمرفقين ضعيف لانه شاذ لمخالفته للحديث الصحيح والحديث إذا خالف الحديث الصحيح فهو شاذ بل إن شئت فقل إنه منكر لان رواته ضعفاء وعلى هذا فلا عبرة به فالتيمم ضربة واحدة فقط يمسح بها الوجه ثم الكفان فقط دون الذراعين .
أما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن التيمم وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين يعني أن التيمم بمنزلة الوضوء حتى لو بقيت عشر سنوات ما عندك ماء فانه كاف قال فإن وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا تيمم عن جنابة ثم وجد الماء وجب عليه الاغتسال وإذا تيمم عن لحدث الأصغر ثم وجد الماء وجب عليه لوضوء والله الموفق
س: عن المسح على الجبيرة
ج: لا الجبيرة إذا مسحها تكفي يكفي المسح عن التيمم .
الجبيرة تمسح كلها لابد أن يدير المسح عليها كلها .
الجبيرة هي اللزقة على الجرح أو الكسر أو ما أشبه ذلك .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/166)
133- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ رَجُلَانِ فِي سَفَرٍ, فَحَضَرَتْ اَلصَّلَاةَ -وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ- فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا, فَصَلَّيَا, ثُمَّ وَجَدَا اَلْمَاءَ فِي اَلْوَقْتِ. فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا اَلصَّلَاةَ وَالْوُضُوءَ, وَلَمْ يُعِدِ اَلْآخَرُ, ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ, فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: "أَصَبْتَ اَلسُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ" وَقَالَ لِلْآخَرِ: "لَكَ اَلْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, ]و] النَّسَائِيّ ُ ([139]).
بسم الله الرحمن الرحيم(2/167)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيما نقله من الأحاديث في باب التيمم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلين خرجا في سفر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا مسافرين فحضرت الصلاة ولم يعين أي صلاة كانت وهذا لا يضر المهم أنها قد حضرت وليس عندهما ماء فتيمما صعيدا طيبا ثم صليا ثم عبد الصلاة وجدا الماء في الوقت يعني بعد أن صليا وجدا الماء أما أحدهما فلم يصل واكتفى بالصلاة الأولى وأما الآخر فتوضأ واعاد الصلاة فاختلفا رضي الله عنهما لان كل إنسان له اجتهاده فالأول لم يعد الصلاة لانه فعل ما أمر به حيث أن الله عز وجل أمره بالوضوء من الحدث الأصغر وبالغسل من الجنابة وإذا مل يجد الماء تيمم فهذا الرجل فعل كذلك تيمم وصلى لعدم وجود الماء أما الثاني فاجتهاده انه يقول ما دام الوقت باقيا ولم اصل الصلاة بوضوء فني أتوضأ واصلي فاجتهد كل منهما اجتهاده ولكن لما اخبرا النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك قال للذي لم يعد أصبت السنة واجزأتك صلاتك ومعلوم أن إصابة السنة هي الحق وأجزأتك صلاتك لانه صلى على الوجه الذي أمر به لم يجد الماء فتيمم فأجزاته الصلاة واما الثاني فقال لك الأجر مرتين لانه قد عمل مجتهدا متأولا والله سبحانه لا يضيع اجر من احسن عملا فصار له الأجر مرتين ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأول بإعادة الصلاة لان صلاته اجزأته ولم يوبخ الثاني لانه مجتهد والمجتهد لا يوبخ حتى لو اخطأ فأنه لا يوبخ إلا إذا فعل شيئا عظيما كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة أسامة بن زيد رضي الله عنه فقد لحق أسامة رضي الله عنه رجلا من المشركين ليقتله فلما أدركه أسامة قال الرجل المشرك أشهد أن لا اله إلا الله فظن أسامة انه قالها خوفا من القتل فقتله فاخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال: له الرسول - صلى الله عليه وسلم - يا أسامة قتلته بعد أن قال لا اله إلا الله قال :نعم يا رسول الله لانه(2/168)
قالها تعوذا يعني خوفا من القتل ما قالها برضاه قال: اقتلته بعد أن قال: لا اله إلا الله قال: نعم لانه قالها تعوذا قال: اقتلته بعد أن قال: لا اله إلا الله قال: نعم لأنه قالها تعوذا قال: أسامة فما زال يكررها حتى تمنيت أنى لم اكن أسلمت قال له الرسول قال: اقتلته بعد أن قال: لا اله إلا الله قال: نعم لانه قالها تعوذا
: كيف تصنع بال اله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة فوبخه لان الأمر عظيم ففي هذا الحديث الذي ساقه المؤلف حديث أبي سعيد دليل على أن الإنسان إذا تيمم لعدم وجود الماء ثم حضر الماء أما أتى به أحد أو أمطرت السماء أو وصل إلى مكان فيه الماء فإنه لا يعد ولاشيء عليه تجزئه صلاته وفيه أيضا دليل على أن الإنسان إذا عمل العمل مرتين اجتهادا فإنه يؤجر مرتين فضلا من الله عز وجل وإلا فالثاني لما لم يكن على السنة ليس لهاجر فيه لكن لما كان يعمله تقربا إلى الله أثابه الله عليه لان فضل الله تعالى أوسع من منعه ورحمته سبقت غضبه فإن قال قائل لو حصلت مثل هذه القضية ثم أعاد الإنسان يعني تيمم وصلى ثم وجد الماء في الوقت وأعاد قال أريد طلب الأجر مرتين وهو يدري أن السنة أن لا يعيد فهل له الأجر مرتين ؟ الجواب لا ليس له الأجر مرتين لأنه إذا علم السنة وخالفها فليس له اجر بل هو إلى الوزر اقرب وفي هذا الحديث دليل على أن الاجتهاد لا ينكر على صاحبه إذا علم منه حسن النية وانه لم ينو المخالفة لكن هذا الذي أوصله إليه اجتهاده فإنه لا ينكر عليه لكن يبين له الصواب أما الإنكار فلا فلو أن إنسانا معه امرأته كاشفة وجهها بناء على أن هذا هو المعروف عند علمائهم وانهم لا يرون به باس فهذا لا ينكر عليه لانه مجتهد وهذا الذي أداه إليه اجتهاده لكن ينصح ويقال إن هذا قول ضعيف والقول الصحيح انه يجب عليها أن تستر وجهها ويبين له ذلك هذا من جهة الحكم الشرعي أما من جهة الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فله أن يمكر عليه إذا كان(2/169)
في بلد محافظ لا تكشف النساء وجوههن فيه فله أن ينكر ويقال حتى وإن كان هذا مذهبهم فأنت في بلد ليس هذا مذهبهم فينكر عليه حتى لا تقتدي النساء بعضهن ببعض فهناك فرق بين الأمر الشرعي وبين الأمر التأديبي الذي يقصد به حفظ الأمة وعدم انزلاقها في الأمور الضعيفة كذلك لو رأيت إنسان آكل لحم ابل وصلى ولم يتوضأ لا تنكر عليه مع انه صلى في نظرك وهو محدث في نظرك انه صلى كما لو تبول أو تغوط لكن لما كان لحم الإبل مختلفا فيه هل ينقض الوضوء أم لا فليس لك الحق أن تنكر لأنه محل اجتهاد لكن تنصحه وتخبره بان لحم الإبل ينقض الوضوء لحمه كله ينقض الوضوء الكبد والقلب والكرش وسائر لحمه ينقض الوضوء لان الرسول أمر بالوضوء من لحم الإبل فعليك أن تأخذ بما دل عليه الدليل وان لا تصل إلا بوضوء إذا أكلت لحم ابل سواء أن كان نيا أو مطبوخا المهم أن مسائل الاجتهاد والحمد لله الأمر فيها واسع ولهذا انظر إلى هذه المسألة ما أنكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الرجل الذي اجتهد فاخطأ ولهذا أمثلة كثيرة في السنة فالذي ينبغي للإنسان أن يعرف مدارك الحق وان لا ينكر في غير محل الإنكار وان لا يسكت في غير محل السكوت فلكل مقام مقال فإن قال قائل فإن وجد الماء وهو يصلي مثلا إنسان تيمم وشرع يصلي وإذا بصاحبه قد جاء بالماء وهو يصلي ما بعد انتهى هل يخرج من الصلاة ويتوضأ ويعيد الصلاة أو يستمر في صلاته ؟ قلنا بل يخرج من الصلاة ويتوضأ ويبدأ الصلاة من جديد لانه لما وجد الماء بطل التيمم وإذا بطل التيمم في آخر الصلاة صار أولها صحيحا وأخرها باطلا والصلاة لا تتجزأ إذا بطل أخرها بطل أولها فنقول هذا يقطع صلاته ويتوضأ ويعيد الصلاة من جديد والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب التيمم(2/170)
134- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ - عز وجل - وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ (?????) قَالَ: "إِذَا كَانَتْ بِالرَّجُلِ اَلْجِرَاحَةُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَالْقُرُوحُ, فَيُجْنِبُ, فَيَخَافُ أَنْ يَمُوتَ إِنْ اِغْتَسَلَ: تَيَمَّمَ" . رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ مَوْقُوفًا, وَرَفَعَهُ اَلْبَزَّارُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَالْحَاكِم ُ (?????) .
135- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: اِنْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى اَلْجَبَائِرِ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه بِسَنَدٍ وَاهٍ جِدًّ ا (?????) .
136- وَعَنْ جَابِرٍ]بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ] رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا فِي اَلرَّجُلِ اَلَّذِي شُجَّ, فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ -: "إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ, وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً, ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ, وَفِيهِ اِخْتِلَافٌ عَلَى رُوَاتِه ِ (?????) .
137- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مِنْ اَلسُّنَّةِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ اَلرَّجُلُ بِالتَّيَمُّمِ إِلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً, ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ اَلْأُخْرَى رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ جِدًّ ا (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/171)
هذه أحاديث في بيان الرجل تكون فيه الجراحة أو تكون فيه الجبائر على الكسر ماذا يصنع يقول العلماء رحمهم الله تعالى إن الواجب على الإنسان إذا كان فيه جرح وغسل العضو الذي فيه الجرح أن يغسله كله فإن خاف من غسل الجرح خاف من الماء فإنه يمسحه مسحا يعني يبل يده ويمرها على الجرح فإن خاف من ذلك أيضا فإنه يتيمم فتون المراتب ثلاثة الغسل أولا ثم المسح ثم التيمم وكذلك إذا كان على الإنسان جبيرة يعني قد لف على يده جبيرة وذلك إذا انكسرت اليد مثلا ثم جبرت ولف عليها خرقة فإنه يمسح على الخرقة في الحدث الأكبر والأصغر إلى أن تبرأ فإذا برئت أزالها ولا يحتاج إلى إعادة الغسل أو التيمم واما حديث ابن عباس الأخير أن من السنة أن الإنسان إذا صلى بالتيمم أعاد التيمم للصلاة الأخرى فهو ضعيف جداكما قال المؤلف وليت المؤلف لم يأت به لانه لا عمل عليه فالتيمم كما سبق يقوم مقام الماء إذا تيمم الإنسان فهو على طهارته حتى لو خرج الوقت فهو باق على طهارته ما لم يحدث والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب الحيض
138- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ, فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - "إِنَّ دَمَ اَلْحَيْضِ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ, فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي مِنَ اَلصَّلَاةِ, فَإِذَا كَانَ اَلْآخَرُ فَتَوَضَّئِي, وَصَلِّي" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ, وَاسْتَنْكَرَهُ أَبُو حَاتِم ٍ (?????) .(2/172)
139- وَفِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: لِتَجْلِسْ فِي مِرْكَنٍ, فَإِذَا رَأَتْ صُفْرَةً فَوْقَ اَلْمَاءِ, فَلْتَغْتَسِلْ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ غُسْلاً وَاحِدًا, وَتَغْتَسِلْ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ غُسْلاً وَاحِدًا, وَتَغْتَسِلْ لِلْفَجْرِ غُسْلاً, وَتَتَوَضَّأْ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه في كتابه بلوغ المرام باب الحيض وضعه المؤلف رحمه الله تعالى كغيره من العلماء في كتاب الطهارة لان أهم ما يتعلق به الطهارة حيث إن الطهارة من شروط الصلاة وإلا فله علاقة في كتاب العدد لان العدد بابها مبني على الحيض والنفاس اعني وضع الحمل لكن ذكره العلماء رحمهم الله في كتاب الطهارة لان أهم ما يتعلق به هو الطهارة .(2/173)
الحيض دم طبيعة وجبلة يعتاد المرأة إذا بلغت سنا تتهيأ به للحمل لانه بإذن الله يغذي الجنين في بطن أمه فالجنين في بطن أمه لا يأكل ولا يشرب ولكن الله تعالى جعل في وسط بطنه جعل سرة منغمسة في جدران الرحم تمتص الدم ليتغذى به الجنين والله سبحانه وتعالى على كل شيء قدير ولهذى يتغذى به لكنه لا يصل إلى معدته لانه لو وصل الدم إلى المعدة احتاج إلى البراز والبول وهذا غير ممكن لكنه بإذن الله يتفرق هذا الدم في عروقه ولا يحتاج إلى خروج وهذا الدم دم طبيعي جعله الله في المرأة منذ خلقت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين دخل على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حجة الوداع وحاضت في أثناء الطريق بعد أن أحرمت بالعمرة متمتعة فدخل عليها وهي تبكي رضي الله عنها لأنها عرفت أنها لن تطوف ولن تسعى وهي حائض لان الطواف لا يصح من الحائض والسعي لا يصح إلا مسبوقا بطواف فقال ما شأنك أخبرته أنها حائض قال إن هذا شي كتبه الله على بنات آدم فدل هذا الحديث على أنه ليس سببه نساء بني إسرائيل ولكن السبب أن طبيعة المرأة هكذا وهذا الحيض لها أحكام متعددة كثيرة تبلغ عددا كثيرا منها أن الحائض لا تصلي بإجماع المسلمين ولو صلت فهي آثمة ومنها أنها لا تقضي الصلاة التي تمر بها وهي حائض بالإجماع أيضا لم يخالف في هذا إلا الخوارج المتشددين في الدين هم الذين حالفوا في ذلك وإلا فقد اجمع المسلمون على أن الحائض لا تقضي الصلاة ومنها انه يحرم عليها أن تصوم لا فريضة ولا نافلة وهذا أيضا بالإجماع ومنها أنها لو صامت فهي آثمة ولا يجزئها وهذا أيضا بالإجماع ومنها أيضا أنها إذا أفطرت وجب عليها القضاء إذا كان الصوم واجبا وهذا إجماع فالحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة وقد سالت امرأة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت لها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة قالت لها احرورية أنت يعني أنت من الخوارج قالت لا ولكني اسأل قالت كان يصيبنا ذلك(2/174)
فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة والخوارج يرون أن المرأة الحائض تجب عليها الصلاة لكن لا تصليها إلا بعد طهارتها فتقضيها .
الحيض له علامات ذكر في هذا الحديث حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سالت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخبرها أن دم الحيض اسود يُعْرَف وفي لفظ يُعْرف أي له رائحة فله علامات أولا انه اسود ودم الإستحاضة احمر كغيره من الدماء ولهذا وصف النبي - صلى الله عليه وسلم - دم الاستحاضة بأنه دم عرق ودماء العروق معروفة حمراء أما دم الحيض فهو اسود . الثاني انه يعرف يعني له رائحة منتنة كريهة الفرق الثالث أن دم الحيض غليظ ودم الاستحاضة ليس غليظا رقيقا لانه دم عرق الفرق الرابع أن م الحيض لا يتجمد بخلاف دم الاستحاضة فإنه يتجمد فهذه أربع علامات تفرق بين الحيض والاستحاضة .(2/175)
فما حكم المرأة إذا أتتها الاستحاضة ؟ حكمها أن تجلس أيام الحيض ثم تغتسل وتصلي ولو كان الدم يمشي لان ما عدا الحيض تجب فيه الصلاة فمثلا إذا ذكرنا امرأة يأتيها الدم عشرين يوما وتطهر عشرة أيام هذه مستحاضة نقول لها إذا كانت ليس لها عادة سابقة اجلسي دم الحيض ثم اغتسلي إذا قالت ما هو دم الحيض نقول هو الأسود المنتن الثخين الذي لا يتجمد هذا دم الحيض فإذا قالت أن حيضها فإذا قالت أن حيضها سواء ليس فيه فرق قلنا اجلسي ستة أيام أو سبعة من أول ما أتاك الحيض فمثلا إذا أتاها في نصف الشهر أول ما أتاها نقول اجلسي ستة أيام أو سبعة وفي الشهر الثاني من النصف اجلسي ستة أيام أو سبعة فالمستحاضة ترجع إلى عادتها إن كانت ذات عادة ثم إلى التمييز ثم إلى عادة غالب النساء ستة أيام أو سبعة فإذا قال قائل الحائض هل تطوف ؟ قلنا لا الحائض لا تطوف لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة احرمي بالحج ولا تطوفي ولا تسعي حتى تطهري ولما أراد الرجوع إلى المدينة قيل له إن صفية قد حاضت وهي من أمهات المؤمنين رضي الله عنها قال أحابستنا هي قالوا أنها قد افاضت قال فانفروا فدل ذلك على أن الحائض لا تطوف بل إذا كان طوافها ركنا من أركان الحج أو العمرة وجب عليها أن تبقى حتى تطهر ثم تطوف فإن كانت لا يمكنها البقاء نقول اذهبي مع اهلك وأنت باقية على إحرامك وإذا طهرت ارجعي فإذا قالت انهالا يمكن أن ترجع كما لو كان في أقصى شرق آسيا أو في بلاد أخرى لا يمكنها أن الرجوع قلنا حينئذ تطوف للضرورة وهي حائض فتتلجم ثم تطوف وهذا لا يجوز إلا في حال الضرورة القصوى وعلى هذا فالمرأة التي في السعودية مثلا لا يمكن أن تلحقها الضرورة لان من الممكن أن تذهب مع قومها ثم إذا طهرت رجعت ولو كانت في أقصى الجزيرة العربية حتى لو كانوا من المقيمين يعني ليسوا من السعوديين يمكن أن ترجع وهي على ما بقى من إحرامها وإذا طهرت عاد بها محرمها وطافت والله الموفق(2/176)
بسم الله الرحمن الرحيم
144- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ اَلْمَرْأَةُ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "اِصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا اَلنِّكَاحَ" رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
145- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُنِي فَأَتَّزِرُ, فَيُبَاشِرُنِي وَأَنَا حَائِضٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
148- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا جِئْنَا سَرِفَ حِضْتُ, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "اِفْعَلِي مَا يَفْعَلُ اَلْحَاجُّ, غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي حَدِيث طويل ٍ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/177)
هذه الأحاديث التي استمعنا إليها ساقها الحافظ ابن حجر رحمه تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب الحيض منها حديث انس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا خاضت المرأة لا يأكلونها ولا يشاربونها ولا يجالسونها يبتعدون عنها وهذا من تشددهم في الطهارة واليهود يتشددون في الطهارة حتى قيل انه إذا تنجس الثوب عندهم لا يطهره إلا انهم يقصوا القطعة التي أصابتها النجاسة ولا يمكن أن يطهر بالغسل عندهم وعلى عكس النصارى لو يرى العذرة على ثوبه لا يبالى بها ولهذا كانت هذه الأمة في باب الطهارة وسطا بين اليهود والنصارى اليهود يتشددون والنصارى يتهاونون وهذا داخل في ضمن قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لامته اصنعوا كل شيء يعني قاربوا النساء ولو كن حيضا اصنعوا كل شيء إلا النكاح أي الجماع وعلى هذا فيجوز للرجل أن يستمتع بزوجته الحائض بكل شيء إلا انه لا يجامعها في الفرج واما التقبيل والضم والمباشرة فيما دون الفرج فإن ذلك لا باس به ولكن ينبغي للإنسان إذا أراد أن يباشرها أن يأمرها أن تتزر أي تجعل إزار عليها لئلا يشاهد محل الدم والقذر فيتقزز منها وتكرهها نفسه ولهذا تقول عائشة كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرني فاتزر يعني البس إزارا فيباشرني وأنا حائض لئلا يرى منها ما يكره أما إذا لم تكن حائضا فأنه لا باس أن يجامعها وليس عليها شيء وكذلك هو أيضا لا باس أن يجامعها وليس عليه شيء لكن ينبغي إذا أراد ذلك أن يتغطيا بشيء بلحاف حتى لا تبرز عورتهما بروزا ظاهرا وعلى هذا فنقول للرجل لك أن تباشر زوجتك الحائض بكل شيء إلا الجماع لكن إذا أردت أن تباشرها فيما بين الفخذين مثلا أو ما أشبه ذلك فمرها فلتتزر تأسيا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .(2/178)
ومن الأحاديث التي ذكرها حديث عائشة رضي الله عنها حين حاضت بسرد مكان معروف في طريق مكة من المدينة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد حج بنسائه في حجة الوداع واعتمرن يعني احرمن بالعمرة متمتعات بها إلى الحج وفي أثناء الطريق وفي سرد حاضت عائشة رضي الله عنها فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -وهي تبكي فقال لها ما يبكيك فأخبرته بأنها أصابها الحيض فقال لها - صلى الله عليه وسلم - مسليا لها إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم كتبه الله تعالى قدرا على بنات آدم منذ خلقن إلى أن يأذن الله تعالى بخراب العالم ثم أمرها أن تجعل عمرتها حجا وتكون قارنة ولكنه قال هلا اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت وكذلك لا تسعى بين الصفا والمروة ففعلت رضي الله عنها ففي هذا دليل على أن الحائض لا يح للها أن تطوف بالبيت ويحل لها أن تسعى فلو أنها طافت وبعد إكمال الطواف حاضت لقلنا لها اسع ولا حرج لان المسعى خارج المسجد الحرام ليس منه ولهذا فلو كان الإنسان معتكفا في المسجد الحرام فإنه لا يجوز أن يخرج إلى المسعى لان يكون قد خرج إلى خارج المسجد وأيضا لا يصح الطواف فيه لانه خارج المسجد ويجوز للحائض أن تجلس فيه تنتظر أهلها أو ما أشبه ذلك ويجوز البيع والشراء فيه لانه ليس من المسجد الحرام المهم أن الحائض لا تطوف بالبيت ولها أن تسعى إذا أتاها الحيض بعد الطواف وفي هذا دليل على أن الحائض لا تمكث في المسجد ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحيض حين امرهن أن يخرجن إلى صلاة العيد أمرهن أن يعتزلن المصلى لان مصلى العيد مسجد ولهذا إذا دخلت مصلى العيد في عيد أو استسقاء فلا تجلس حتى تصلي ركعتين لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فإن قال قائل هل يصح أن تقف بعرفة وفي مزدلفة وفي منى وترمي الجمرات ؟ قلنا نعم كل هذا جائز واما الطواف فلا ويسقط عنها طواف الوداع إذا(2/179)
أكملت الحج ثم جاءها الحيض قبل أن تطوف للوداع سقط عنها لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس وهم ينصرفون من كل وجه أن لا ينفر حتى يكون آخر عهده بالبيت إلا انه خفف عن الحائض والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في باب الحيض من كتاب بلوغ المرام
150- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَتِ اَلنُّفَسَاءُ تَقْعُدُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ نِفَاسِهَا أَرْبَعِينَ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُد َ (?????) .
وَفِي لَفْظٍ لَهُ: وَلَمْ يَأْمُرْهَا اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَضَاءِ صَلَاةِ اَلنِّفَاسِ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِم ُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(2/180)
هذا الحديث آخر ما نقله المؤلف من كتاب الحيض واعلم أن الدماء التي تصيب المرأة أنواع الحيض وهو دم طبيعة وجبلة كتبه الله تعالى على بنات آدم والثاني النفاس وهذا الذي يخرج عند الولادة والثالث الاستحاضة وهذا الدم الذي يطبق على المرأة ويستمر عليها والرابع دم الفساد وهذا الذي تراه الحامل على وجه ليس حيضا فهذه أربعة دماء أهمها الحيض وقد سبق الكلام فيه والنفاس هو الدم الذي يأتي عند ولادة المرأة أما قبل الولادة بيوم أو يومين مع الطلق واما بعد الولادة وليس لازما لكل امرأة بل من النساء من تلد بلا دم يعني يخرج الجنين بدون أن يكون هناك دم سائل يستمر على المرأة ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى إن النفاس لا حد لأقله ربما تبقى المرأة يوم أو يومين أو اكثر حتى أربعين يوما أو إلى ستين يوما أو حتى سبعين يوما لكن الراجح أن أعلاه ستون يوما واما اقله فلا حد له قد تطهر المرأة بعد يومين أو ثلاثة أو خمسة أو اقل وإذا طهرت المرأة من النفاس فإنه يلزمها أن تصلي حتى قبل عشرة أيام وان تصوم رمضان ويجوز لزوجها أن يجامعها وتعود كأنها لم تصب نفاس ولكن النفاس يختلف عن الحيض في بعض الأمور منها أن طلاق الحائض محرم لا يحل لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اخبره عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ابنه عبد الله بن عمر طلق زوجته وهي حائض تغيظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لان هذا معصية لله قال الله تعالى يا ايها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) وطلاق المرأة لعدتها أن يطلقها وهي حامل أو في ظهر لم يجامعها فيه في هاتين الصورتين فقط هذا الطلاق للعدة أن يطلقها وهى حامل أو في طهر لم يجامعها فيه فإن طلقها وهي حائض فهو عاص لله عز وجل وأيضا لو طلقها في طهر جامعها فيه لانه لم يطلق للعدة النفاس لا يحرم فيه الطلاق لو طلق الإنسان امرأته وهي نفساء فلا باس لأنها تبتدأ العدة من حين أن يطلقها ووجه ذلك أن النفاس لا يحتسب من(2/181)
العدة واما الحيض فيحتسب من العدة لان عدة المرأة إذا طلقت ثلاث حيض لكن النفاس لا يحتسب من العدة ولذلك إذا طلقها وهي نفسا وقع الطلاق ولم يأثم بذلك لانه طلق للعدة واما قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمر مر عبد الله أن يطلقها طاهرا أو حاملا فإن مراده طاهرا من الحيض الذي طلقها فيه وليس على عمومه ويدل لهذا أن الله قال طلقوهن لعدتهن وان المطلق على نفاس مطلق للعدة وينبغي أن المرأة إذا أصابها الطلق أن لا تتسرع في ترك الصلاة حتى يتبين أن الدم خرج وانه دم نفاس واما ما تراه الحامل بدون طلق فهذا ينظر فيه إن كان حيضا مستمرا من قبل أن تحمل على عادته العادية فهو حيض وإن تغير فليس بحيض أو انقطع في أول الحمل ثم عاد فليس بحيض وذلك أن الغالب أن الحوامل لا يحضن قال الإمام احمد رحمه الله تعالى إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض والله الموفق.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وحبه وسلم أجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى
---
[1] - صحيح. رواه أبو داود (142 و 143)، والنسائي (1 /66 و 69)، والترمذي، (38)، وابن ماجه (448)، وابن خزيمة (150 و 168) من طريق عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، به.
[2] - صحيح. سنن أبي داود (144) .
[3] - صحيح. رواه الترمذي (31)، وابن خزيمة (1 /78-79) وقال الترمذي: حسن صحيح. قلت: يعني بشواهده، فله شواهد عن أكثر من عشرة من الصحابة رضي الله عنهم، وقد ذكرت ذلك مفصلا في "الأصل".
[4] - صحيح. رواه أحمد (4/39)، وابن خزيمة (118) واللفظ لابن خزيمة.
[5] - البيهقي (1 /65) وقال: "هذا إسناد صحيح".
[6] - صحيح. رواه مسلم (236)، وقال البيهقي: "وهذا أصح من الذي قبله" .
[7] - صحيح. رواه البخاري (136)، ومسلم (246) (35) وقوله: "فمن استطاع …" مدرج من كلام أبي هريرة. والله أعلم.
[8] - صحيح. رواه أحمد (4/39)، وابن خزيمة (118) واللفظ لابن خزيمة.(2/182)
[9] - البيهقي (1 /65) وقال: "هذا إسناد صحيح".
[10] - صحيح. رواه مسلم (236)، وقال البيهقي: "وهذا أصح من الذي قبله" .
[11] - صحيح. رواه البخاري (136)، ومسلم (246) (35) وقوله: "فمن استطاع …" مدرج من كلام أبي هريرة. والله أعلم.
[12] - صحيح. رواه البخاري (136)، ومسلم (246) (35) وقوله: "فمن استطاع …" مدرج من كلام أبي هريرة. والله أعلم.
[13] - صحيح. رواه البخاري (168)، ومسلم (268) (67) من طريق مسروق، عن عائشة، به .
[14] - صحيح. رواه أبو داود (4141)، والترمذي (1766)، والنسائي في "الكبرى" (5 /482)، وابن ماجه (402)، وابن خزيمة (178) واللفظ لابن ماجه. وأما لفظ أبي داود، وابن خزيمة، فهو: "إذا لبستم، وإذا توضأتم فابدأوا بأيامنكم". وأما الترمذي والنسائي فلفظهما: كان إذا ليس قميصا بدأ بميامنه. ومن هذا يتضح لك خطأ الحافظ رحمه الله في عزوه الحديث لمخرجيه هكذا على الإطلاق.
[15] - صحيح. رواه مسلم (274) (83).
[16] - صحيح. النسائي (536).
[17] - مسلم (2/888)، أي: بلفظ: "أبدأ" وانظر رقم (742).
[18] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (1/15/83) .
[19] - حسن بشواهده . رواه أحمد (2/418)، وأبو داود (101)، وابن ماجه (399) .
[20] - سنن الترمذي (25).
[21] - "العلل الكبير" (112-113) .
[22] - كما في "مسائل ابن هانيء" (1/16/3). قلت: ولكن الحديث حسن بشواهده، وصححه غير واحد من الحافظ، وقد فصلت القول فيه في "الأصل".
[23] - صحيح. وهو جزء من الحديث المتقدم برقم (34).
[24] - صحيح. وهو جزء من الحديث المتقدم برقم (35).
[25] - صحيح. رواه أبو داود (173). ووهم الحافظ -رحمه الله- في عزوه للنسائي، إذا لم يروه لا في "الكبرى" ولا في "الصغرى" والله أعلم.
[26] - صحيح. رواه البخاري (201)، ومسلم (325) (51).(2/183)
[27] - صحيح. رواه مسلم (234) عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي، فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس، فأدركت من قوله: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلى ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة" قال: فقلت: ما أجود هذه، فإذا قاتل بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر. قال: إني قد رأيتك جئت آنفا، قال: فذكره. وزاد: "الثمانية، يدخل من أيها شاء".
[28] - سنن الترمذي (55)، وهذه الزيادة التي عند الترمذي لا تصح، كما هو مبين "بالأصل".
[29] - صحيح. رواه مسلم (234) عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإبل، فجاءت نوبتي، فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يحدث الناس، فأدركت من قوله: "ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلى ركعتين، مقبل عليهما بقلبه ووجهه، إلا وجبت له الجنة" قال: فقلت: ما أجود هذه، فإذا قاتل بين يدي يقول: التي قبلها أجود، فنظرت فإذا عمر. قال: إني قد رأيتك جئت آنفا، قال: فذكره. وزاد: "الثمانية، يدخل من أيها شاء".
[30] - سنن الترمذي (55)، وهذه الزيادة التي عند الترمذي لا تصح، كما هو مبين "بالأصل".
[31] - صحيح. رواه البخاري (206)، ومسلم (274) (79).
[32] - ضعيف. رواه أبو داود (165)، والترمذي (97)، وابن ماجه (550) وله عدة علل، وقد ضعفه جمع كثير من الأئمة.
[33] - صحيح. رواه أبو داود (162).
[34] - حسن. رواه النسائي (1/83-84)، والترمذي (96)، وابن خزيمة (196)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
[35] - حسن. رواه النسائي (1/83-84)، والترمذي (96)، وابن خزيمة (196)، وقال الترمذي: حسن صحيح.(2/184)
[36] - صحيح. رواه مسلم (276) من طريق شريح بن هانيء، قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين؟ فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألناه فقال: فذكره دون قوله: يعني في المسح على الخفين، فإن هذه الجملة من صياغة الحافظ.
[37] - صحيح. رواه أحمد (577)، وأبو داود (146)، والحاكم (169)، وقد أعل الحديث بما لا يقدح.
[38] - انظر الدارقطني (103 - 204)، والحاكم (181) .
[39] - حسن. رواه الدارقطني (194)، وابن خزيمة (192)، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أن له شواهد ذكرتها "بالأصل" ومن أجل ذلك حسنة البخاري، كما نقل عنه الترمذي في "العلل".
[40] - صحيح. رواه أحمد (577)، وأبو داود (146)، والحاكم (169)، وقد أعل الحديث بما لا يقدح.
[41] - انظر الدارقطني (103 - 204)، والحاكم (181) .
[42] - حسن. رواه الدارقطني (194)، وابن خزيمة (192)، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أن له شواهد ذكرتها "بالأصل" ومن أجل ذلك حسنة البخاري، كما نقل عنه الترمذي في "العلل".
[43] - ضعيف. رواه أبو داود (158).
[44] - صحيح . رواه أبو داود (200)، والدارقطني (1/131/3) وقال الدار قطني: صحيح .
[45] - مسلم ( 376 ) ولفظه: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون. ثم يصلون ولا يتوضأون . وله روايات أخرى ذكرتها "بالأصل".
[46] - صحيح. رواه البخاري (328)، ومسلم (333).
[47] - (1/332/فتح ) .
[48] - إذ قال: "وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره". قلت: ومثل ذلك قال النسائي، ولكن لم يتفرد حماد بهذه الزيادة، كما بينته في "الأصل".
[49] - صحيح. رواه البخاري (328)، ومسلم (333).
[50] - (1/332/فتح ) .
[51] - إذ قال: "وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره". قلت: ومثل ذلك قال النسائي، ولكن لم يتفرد حماد بهذه الزيادة، كما بينته في "الأصل".(2/185)
[52] - صحيح. رواه البخاري (132)، ومسلم (303)، ولفظ مسلم: (منه) بدل (فيه).
[53] - صحيح. رواه أحمد (610)، وهو وإن ضعفه البخاري، وأعله غيره إلا أن هناك من صححه وهو الصواب.
[54] - صحيح. مسلم (362) .
[55] - حسن. رواه أبو داود (182 و 183)، والنسائي (101)، والترمذي (85)، وابن ماجه (483)، وأحمد (43)، وابن حبان (207 موارد). ولكن ينبغي معرفة أن هذا الحديث منسوخ، إذ قال ابن حزم في "المحلي" (139) ولنعم ما قال: "هذا الخبر -خبر طلق- صحيح إلا أنهم لا حجة لهم فيه لوجوه: أحدها: أن هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مس الفرج، هذا لا شك فيه، فإذا هو كذلك فحكمه منسوخ يقينا حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوضوء من مس الفرج، ولا يحل ترك ما تيقن أنه ناسخ، والأخذ بما تيقن أنه منسوخ. وثانيها: أن كلامه عليه السلام: "هل هو إلا بضعة منك؟" دليل بين على أنه كان قبل الأمر بالوضوء منه؛ لأنه لو كان بعده لم يقل عليه السلام هذا الكلام، بل كان يبين أن الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف فيه حكم أصلا، وأنه كسائر الأعضاء" .
[56] - صحيح. رواه أبو داود (181)، والنسائي (100)، والترمذي (82)، وابن ماجه (479)، وأحمد (6 /406)، وابن حبان (212 موارد). وقد أعل هذا الحديث بما لا يقدح، كما هو مبين "بالأصل".
[57] - ضعيف. رواه ابن ماجه (1221).
[58] - صحيح. رواه مسلم (360).
[59] - صحيح. رواه أحمد رقم (7675)، والترمذي (993). والحديث قد أعله جماعة كالإمام أحمد كما نقل الحافظ ولكن طرق الحديث وشواهده الكثيرة لا تدع أدنى شك في تصحيحه، وانظر "الأصل" إن شئت معرفة ذلك. "تنبيه": وهم الحافظ عي عزوه للنسائي. والله أعلم .(2/186)
[60] - صحيح. رواه أحمد رقم (7675)، والترمذي (993). والحديث قد أعله جماعة كالإمام أحمد كما نقل الحافظ ولكن طرق الحديث وشواهده الكثيرة لا تدع أدنى شك في تصحيحه، وانظر "الأصل" إن شئت معرفة ذلك. "تنبيه": وهم الحافظ عي عزوه للنسائي. والله أعلم .
[61] - صحيح. علقه البخاري (214/فتح)، ووصله مسلم (373) .
[62] - صحيح. علقه البخاري (214/فتح)، ووصله مسلم (373) .
[63] - ضعيف. رواه الدارقطني (151-152).
[64] - حسن. رواه أحمد (4/97)، وأبو داود (203) وفي الأصل زيادة تفصيل.
[65] - منكر. رواه أبو داود (202).
[66] - رواه البزار (281).
[67] - صحيح. ولفظه: شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل يخيل إليه أن يجد الشيء في الصلاة؟ قال: "لا ينصرف حتى سمع صوتا، أو يجد ريحا". البخاري (137)، ومسلم (361).
[68] - ضعيف. رواه الحاكم (134)، وابن حبان (2666)، وتمامه عندهما: "حتى يسمع صوتا بأذنه، أو يجد ريحا بأنفه".
[69] - منكر . رواه أبو داود (19)، والترمذي (1746)، والنسائي (1/178)، وابن ماجه (303).
[70] - صحيح. رواه البخاري (142)، ومسلم (375)، وأبو داود (4)، والترمذي (5)، والنسائي (10)، وابن ماجه (296)، أحمد (3/99 و 101 و 282).
[71] - صحيح. رواه البخاري (150)، ومسلم (271)، (70) واللفظ لمسلم. والعنزة: رميح بين العصا والرمح، فيه زج.
[72] - صحيح. رواه البخاري (363)، ومسلم (274) (77).
[73] - صحيح. رواه البخاري (150)، ومسلم (271)، (70) واللفظ لمسلم. والعنزة: رميح بين العصا والرمح، فيه زج.
[74] - صحيح. رواه البخاري (363)، ومسلم (274) (77).
[75] - صحيح. رواه مسلم (269).
[76] - ضعيف. أي بلفظ: "والموارد" وباقيه صحيح. رواه أبو داود (26) ولفظه: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل".
[77] - ضعيف. رواه أحمد (2715).
[78] - أي: التخلي.(2/187)
[79] - منكر. رواه الطبراني بتمامه في "الأوسط" كما في مجمع البحرين (349)، وفي "الكبير" الشطر الأخير منه كما في "مجمع الزوائد" (104).
[80] - صحيح. رواه مسلم (269).
[81] - ضعيف. أي بلفظ: "والموارد" وباقيه صحيح. رواه أبو داود (26) ولفظه: "اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل".
[82] - ضعيف. رواه أحمد (2715).
[83] - أي: التخلي.
[84] - منكر. رواه الطبراني بتمامه في "الأوسط" كما في مجمع البحرين (349)، وفي "الكبير" الشطر الأخير منه كما في "مجمع الزوائد" (104).
[85] - كذا بالأصل دون ذكر من أخرجه، ولم أجده من حديث جابر، وهو عند أحمد وأبي داود من حديث أبي سعيد.
[86] - ضعيف. وانظر الأصل.
[87] - صحيح. رواه البخاري (153)، ومسلم (267) (63) .
[88] - صحيح. رواه مسلم (262) قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل. لقد نهانا... الحديث.
[89] - صحيح. رواه البخاري (144 و 394)، ومسلم (264)، وأبو داود (9)، والنسائي (12-23)، الترمذي (8)، وابن ماجه (318)، وأحمد (5 /414 و 416 و 417 و 421).
[90] - صحيح. رواه مسلم (262) قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل. لقد نهانا... الحديث.
[91] - ضعيف. ووهم الحافظ في نسبته لعائشة رضي الله عنها، وإنما الحديث لأبي هريرة عند أبي داود (35).
[92] - حسن. رواه أبو داود (30)، والترمذي (7)، وابن ماجه (300)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (79)، وأحمد (655)، وابن حبان (1444)، والحاكم (185)، من حديث عائشة رضي الله عنها .
[93] - صحيح. رواه البخاري (156).
[94] - رواه أحمد (1 /450)، والدارقطني (1 /55) واللفظ للدارقطني، وأما لفظ أحمد، فهو: "ائتني بحجر". وهي زيادة صحيحة.(2/188)
[95] - صحيح. رواه مسلم (343)، عن أبي سعيد الخدري قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء، حتى إذا كنا في بني سالم، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان. فصرخ به، فخرج يجر إزاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعجلنا الرجل" فقال عتبان: يا رسول الله. أرأيت الرجل يعجل عن امرأته ولم يمن ماذا عليه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما…" الحديث .
[96] - البخاري. ( 180 )، ولفظه: "إذا أعجلت -أو قحطت- فعليك الوضوء" وهو رواية لمسلم.
[97] - صحيح. رواه البخاري (291)، ومسلم (348).
[98] - وهي صحيحة أيضا.
[99] - عزوه للمتفق عليه وهم الحافظ -رحمه الله- إذا الحديث لم يروه البخاري.
[100] - تحرف في "الأصلين" إلى "أم سلمة" وما أثبته من صحيح مسلم.
[101] - صحيح. رواه مسلم ( 311 ) وهو بتمامه: عن أنس بن مالك؛ أن أم سليم سألت نبي الله صلى الله عليه وسلم: عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأت ذلك المرأة فلتغتسل" فقالت أم سليم: واستحييت من ذلك. قالت: وهل يكون هذا؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "نعم. فمن أين يكون الشبه. إن ماء الرجل غليظ أبيض. وماء المرأة رقيق أصفر. فمن أيهما علا أو سبق يكون منه الشبه".
[102] - ضعيف. رواه أبو داود (348)، وابن خزيمة (256)، والحديث عند أبي داود من فعله، وعند ابن خزيمة من قوله!! .
[103] - صحيح. وهو في "مصنف عبد الرازق" (6/9-10/9834) وفيه: "فأمره أن يغتسل فاغتسل".
[104] - البخاري (4372)، ومسلم (1764) من حديث أبي هريرة أيضا، وفيه: "فانطلق -أي: ثمامة- إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل".
[105] - صحيح. رواه البخاري (879)، ومسلم (846)، وأبو داود (341)، والنسائي (3/92)، وابن ماجه (1089)، وأحمد (3 /60). "تنبيه": وهم الحافظ رحمه الله في عزوه الحديث للترمذي.(2/189)
[106] - حسن. رواه أبو داود (354)، والترمذي (497)، والنسائي (3/94)، وأحمد (51 و 15 و 22)، وقال الترمذي: "حديث حسن". قلت: وعزو الحافظ الحديث للخمسة وهم منه رحمه الله إذ الحديث ليس عند ابن ماجه، عن سمرة، وإنما عنده عن أنس. انظر "الجمعة وفضلها" لأبي بكر المروزي (31 بتحقيقي) والحافظ نفسه عزاه في "الفتح" لأصحاب السنن الثلاثة.
[107] - ضعيف. رواه أبو داود (229)، والنسائي (144)، والترمذي (146)، ابن ماجه (594)، وأحمد (1/83)، وابن حبان (799). ولبعضهم ألفاظ أخر.
[108] - صحيح. رواه مسلم (308).
[109] - مستدرك الحاكم (152) وهي زيادة صحيحة أيضا.
[110] - صحيح. رواه أبو داود (228) والنسائي في "الكبرى"، والترمذي (118 و 119)، وابن ماجه (583). وأما عن تعليل من أعله فتفصيل ذلك في "الأصل" إذ ليست كل علة تقدح في صحة الحديث. وانظر أيضا "ناسخ الحديث ومنسوخه" لابن شاهين (129) بتحقيقي.
[111] - صحيح. رواه مسلم (308).
[112] - مستدرك الحاكم (152) وهي زيادة صحيحة أيضا.
[113] - صحيح. رواه أبو داود (228) والنسائي في "الكبرى"، والترمذي (118 و 119)، وابن ماجه (583). وأما عن تعليل من أعله فتفصيل ذلك في "الأصل" إذ ليست كل علة تقدح في صحة الحديث. وانظر أيضا "ناسخ الحديث ومنسوخه" لابن شاهين (129) بتحقيقي.
[114] - صحيح. رواه البخاري (248)، ومسلم (316)، وبما أن المؤلف ساق لفظ مسلم فعنده بعد قول: "أصول الشعر" إضافة وهي قولها: "حتى إذا رأى أن قد استبرأ".
[115] - صحيح. رواه البخاري، (249)، وانظر أطرافه، ومسلم (317).
[116] - صحيح. رواه مسلم (330)، وزاد: "ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين".
[117] - ضعيف. رواه أبو داود (232)، وابن خزيمة (1327).
[118] - صحيح. رواه البخاري (261)، ومسلم (321) (45)، وليس عند البخاري لفظه: "من الجنابة ".(2/190)
[119] - ابن حبان برقم (1111) وسندها صحيح، إلا أن الحافظ في "الفتح" (1/373) مال إلى أنها مدرجة.
[120] - منكر. رواه أبو داود (248)، والترمذي (106).
[121] - ضعيف. رواه أحمد (654).
[122] - صحيح. رواه البخاري (335)، ومسلم (521) وتمامه: "وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" والسياق للبخاري. تنبيه: هكذا الحديث في الأصل دون ذكر من أخرجه وكتب بالهامش: لعله سقط "متفق عليه".
[123] - صحيح. رواه مسلم (522)، وأوله: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت..." الحديث.
[124] - حسن. رواه أحمد (763) وتمام لفظه: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء" فقلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: "نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت: أحمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم".
[125] - صحيح. رواه البخاري (335)، ومسلم (521) وتمامه: "وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" والسياق للبخاري. تنبيه: هكذا الحديث في الأصل دون ذكر من أخرجه وكتب بالهامش: لعله سقط "متفق عليه".
[126] - صحيح. رواه مسلم (522)، وأوله: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت..." الحديث.
[127] - حسن. رواه أحمد (763) وتمام لفظه: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء" فقلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: "نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت: أحمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم".
[128] - صحيح. رواه البخاري (335)، ومسلم (521) وتمامه: "وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" والسياق للبخاري. تنبيه: هكذا الحديث في الأصل دون ذكر من أخرجه وكتب بالهامش: لعله سقط "متفق عليه".(2/191)
[129] - صحيح. رواه مسلم (522)، وأوله: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت..." الحديث.
[130] - حسن. رواه أحمد (763) وتمام لفظه: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء" فقلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: "نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت: أحمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم".
[131] - صحيح. رواه البخاري (335)، ومسلم (521) وتمامه: "وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة" والسياق للبخاري. تنبيه: هكذا الحديث في الأصل دون ذكر من أخرجه وكتب بالهامش: لعله سقط "متفق عليه".
[132] - صحيح. رواه مسلم (522)، وأوله: "فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت..." الحديث.
[133] - حسن. رواه أحمد (763) وتمام لفظه: "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء" فقلنا: يا رسول الله! ما هو؟ قال: "نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض، وسميت: أحمد، وجعل التراب لي طهورا، وجعلت أمتي خير الأمم".
[134] - صحيح. رواه البخاري (347)، ومسلم (368).
[135] - البخاري رقم (338).
[136] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (1806).
[137] - صحيح. رواه البزار (310 زوائد) وما بعده يشهد له.
[138] - صحيح. رواه الترمذي (124) ولفظه: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته؛ فإن ذلك خير" وقال: "حديث حسن صحيح".
[139] - صحيح. رواه أبو داود (338)، والنسائي (113).
[140] - صحيح. رواه أبو داود (338)، والنسائي (113).
[141] - ضعيف موقوفا، ومرفوعا. والموقوف رواه الدار قطني (177/9). والمرفوع رواه ابن خزيمة (272)، والحاكم (165).
[142] - موضوع. رواه ابن ماجه (657).(2/192)
[143] - ضعيف. رواه أبو داود (336) من حديث جابر، قال: خرجنا في سفر، فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك، فقال: "قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاه العي السؤال، ..." الحديث. وإطلاق التحسين على الحديث لأن له شواهد كما في "جامع الأصول" (764) فهو من باب الخطأ، إذ الشواهد إنما تشهد للقدر الذي ذكرته فقط هنا، وأما القدر الذي ذكره الحافظ -وهو محل الشاهد- فيبقي على ضعفه. والله أعلم.
[144] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (185).
[145] - حسن. رواه أبو داود (286)، والنسائي (185)، وابن حبان (1348)، والحاكم (174) وزادوا خلا ابن حبان: "فإنما هو عرق".
[146] - صحيح. رواه أبو داود (296)، عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله. إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا، فلم تصل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله! هذا من الشيطان، لتجلس..." الحديث.(2/193)
[147] - صحيح. رواه مسلم (302) ولفظه: عن أنس؛ أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم، لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح" فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه. فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول: كذا وكذا. فلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما. ومعنى "وجد": غضب.
[148] - صحيح. رواه البخاري (300)، ومسلم (293)، واللفظ للبخاري.
[149] - صحيح. رواه البخاري (305)، ومسلم (1211) (120).
[150] - ضعيف. رواه أبو داود (311)، والترمذي (139)، وابن ماجه (648)، وأحمد (6/300) وقال الترمذي: "غريب".
[151] - ضعيف. كسابقه، وهو عند أبي داود (312)، والحاكم (175).(2/194)
كِتَابُ اَلصَّلَاةِ
بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ
151- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ نَبِيَّ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَقْتُ اَلظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ, وَكَانَ ظِلُّ اَلرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ اَلْعَصْرُ, وَوَقْتُ اَلْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ اَلشَّمْسُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ اَلشَّفَقُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اَللَّيْلِ اَلْأَوْسَطِ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ اَلشَّمْسُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (???) .
152- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي اَلْعَصْرِ: وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ (???) .
153- وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ (???) .
154- وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيَ اَلْعَصْرَ, ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى اَلْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ, وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ اَلْعِشَاءِ, وَكَانَ يَكْرَهُ اَلنَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا, وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ اَلْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ اَلرَّجُلُ جَلِيسَهُ, وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى اَلْمِائَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/1)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام كتاب الصلاة لما فرغ رحمه الله تعالى من ذكر الطهارة وما يتعلق بها ذكر الصلاة والصلاة هي أحد أركان الإسلام العظام وهي اعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي التي لا تسقط عن أحد لابد أن يصليها المسلم أما الزكاة فتسقط عن الفقير واما الصيام فيسقط عن العاجز واما الحج فلا يجب إلا على المستطيع أما الصلاة فلا تسقط عن أحد لابد أن يصلي الإنسان بكل حال ولهذا من تركها أي الصلاة كسلا وتهاونا فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام والعياذ بالله لا يرث ولا يورث وإذا مات فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يقال له اللهم اغفر له وارحمه وإنما يخرج به إلى ناحية من البر ويحفر له حفرة يرمث فيها كما ترمث جيفة الحمار لانه كافر والكافر أضل سبيلا من الحمار ومن جميع البهائم إلا إذا تاب وهداه الله وأقام الصلاة فلا باس يعود إلى إسلامه أما إن بقى مصرا على تركها حتى مات فهذا حاله نسأل الله العافية والصلاة فرضها الله عز وجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة من الله إلى الرسول وفرضها عليه وهو - صلى الله عليه وسلم - فوق السماوات ليس في الأرض وفرضها خمسين صلاة كل يوم وليلة لكن الله تعالى خفف على العباد وصارت خمس صلوات بالفعل لكنها خمسون في الميزان واهما شروطها الوقت لكن المؤلف رحمه الله قم الطهارة لأنها اكثر أحكاما من الوقت ثم بدأ لما ذكر كتاب الصلاة بدأ بالوقت فذكر توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلوات الخمس مفصلة قال وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر وقت العصر يعني إلى أن يحضر وقت العصر إذا زالت الشمس يعني إذا مالت نحو الغروب وعلامتها بالظل وذلك أن الشمس إذا طلعت ارتفع لكل شيء واقف ظل نحو المغرب وكلما ارتفعت الشمس قصر هذا الظل فإذا أنت هي وبدأ بالزيادة فهذه هي العلامة علامة أن الشمس قد زالت وطريقا(3/2)
بالساعات أن تقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين فالنصف هو الزوال لأنها تقطع السماء من المشرق إلى المغرب فإذا انتصفت فهذا هو الزوال إذا انتصفت فيما بين المشرق والمغرب فهذا هو الزوال يمتد وقت الظهر إلى دخول وقت العصر وليس بينهما شيء يعني ما فه وقت بين الظهر والعصر بل يمتد وقت الظهر من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر ووقت العصر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم تصفر الشمس يعني يبقى إلى أن تكون صفراء وهو يختلف باختلاف الفصول والمهم انه إذا نقلب لونها إلى اصفر انتهى وقت العصر ومع ذلك فقد ثبت في الحديث الصحيح أن وقتها يمتد إلى الغروب لكن ما بين اصفرار الشمس وغروب الشمس لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لضرورة ووقت المغرب ما لم يغب الشفق يعني من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق وهو اللون الأحمر الذي يتبع الشمس بعد الغروب فإذا غاب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل ثم ينتهي وقت الفرائض الأربع هذه ويبقى من نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتا للصلوات المفروضة .
الشريط السابع
كِتَابُ اَلصَّلَاةِ
بَابُ اَلْمَوَاقِيتِ
151- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ نَبِيَّ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وَقْتُ اَلظُّهْرِ إِذَا زَالَتْ اَلشَّمْسُ, وَكَانَ ظِلُّ اَلرَّجُلِ كَطُولِهِ مَا لَمْ يَحْضُرْ اَلْعَصْرُ, وَوَقْتُ اَلْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ اَلشَّمْسُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْمَغْرِبِ مَا لَمْ يَغِبْ اَلشَّفَقُ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اَللَّيْلِ اَلْأَوْسَطِ, وَوَقْتُ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعْ اَلشَّمْسُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (???) .
152- وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي اَلْعَصْرِ: وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ (???) .
153- وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ (???) .(3/3)
154- وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيَ اَلْعَصْرَ, ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى اَلْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ, وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ اَلْعِشَاءِ, وَكَانَ يَكْرَهُ اَلنَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا, وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ اَلْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ اَلرَّجُلُ جَلِيسَهُ, وَيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى اَلْمِائَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/4)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام كتاب الصلاة لما فرغ رحمه الله تعالى من ذكر الطهارة وما يتعلق بها ذكر الصلاة والصلاة هي أحد أركان الإسلام العظام وهي اعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي التي لا تسقط عن أحد لابد أن يصليها المسلم أما الزكاة فتسقط عن الفقير واما الصيام فيسقط عن العاجز واما الحج فلا يجب إلا على المستطيع أما الصلاة فلا تسقط عن أحد لابد أن يصلي الإنسان بكل حال ولهذا من تركها أي الصلاة كسلا وتهاونا فهو كافر مرتد خارج عن الإسلام والعياذ بالله لا يرث ولا يورث وإذا مات فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يقال له اللهم اغفر له وارحمه وإنما يخرج به إلى ناحية من البر ويحفر له حفرة يرمث فيها كما ترمث جيفة الحمار لانه كافر والكافر أضل سبيلا من الحمار ومن جميع البهائم إلا إذا تاب وهداه الله وأقام الصلاة فلا باس يعود إلى إسلامه أما إن بقى مصرا على تركها حتى مات فهذا حاله نسأل الله العافية والصلاة فرضها الله عز وجل على النبي - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة من الله إلى الرسول وفرضها عليه وهو - صلى الله عليه وسلم - فوق السماوات ليس في الأرض وفرضها خمسين صلاة كل يوم وليلة لكن الله تعالى خفف على العباد وصارت خمس صلوات بالفعل لكنها خمسون في الميزان واهما شروطها الوقت لكن المؤلف رحمه الله قم الطهارة لأنها اكثر أحكاما من الوقت ثم بدأ لما ذكر كتاب الصلاة بدأ بالوقت فذكر توقيت النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلوات الخمس مفصلة قال وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر وقت العصر يعني إلى أن يحضر وقت العصر إذا زالت الشمس يعني إذا مالت نحو الغروب وعلامتها بالظل وذلك أن الشمس إذا طلعت ارتفع لكل شيء واقف ظل نحو المغرب وكلما ارتفعت الشمس قصر هذا الظل فإذا أنت هي وبدأ بالزيادة فهذه هي العلامة علامة أن الشمس قد زالت وطريقا(3/5)
بالساعات أن تقسم ما بين طلوع الشمس إلى غروبها نصفين فالنصف هو الزوال لأنها تقطع السماء من المشرق إلى المغرب فإذا انتصفت فهذا هو الزوال إذا انتصفت فيما بين المشرق والمغرب فهذا هو الزوال يمتد وقت الظهر إلى دخول وقت العصر وليس بينهما شيء يعني ما فه وقت بين الظهر والعصر بل يمتد وقت الظهر من زوال الشمس إلى دخول وقت العصر ووقت العصر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم تصفر الشمس يعني يبقى إلى أن تكون صفراء وهو يختلف باختلاف الفصول والمهم انه إذا نقلب لونها إلى اصفر انتهى وقت العصر ومع ذلك فقد ثبت في الحديث الصحيح أن وقتها يمتد إلى الغروب لكن ما بين اصفرار الشمس وغروب الشمس لا يجوز تأخير الصلاة إليه إلا لضرورة ووقت المغرب ما لم يغب الشفق يعني من غروب الشمس إلى أن يغيب الشفق وهو اللون الأحمر الذي يتبع الشمس بعد الغروب فإذا غاب دخل وقت العشاء إلى نصف الليل ثم ينتهي وقت الفرائض الأربع هذه ويبقى من نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتا للصلوات المفروضة .وكيف نعرف نصف الليل أن نقسم ما بين غروب الشمس إلى طلوع الشمس نصفين فنصف الليل هو ما بينهما وربما يقال نقسم ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر فهذا هو منتهى وقت صلاة العشاء ووقت الفجر من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس ولكن يجب التحرز والاحتراز التام لطلوع الفجر لان طلوع الفجر ولا سيما في عصرنا هذا ومع وقم الأنوار يكون خفيا فلا تتعجل في الصلاة ولا في الأذان انتظر حتى ترى الفجر ثم آذن ولقد كان بعض الناس يؤذن للفجر مبكرا اعتمادا على التقويم الذي بين أيدي الناس وهذا التقويم قد قدم وقت الفجر خمس دقائق وعلى هذا فالمؤذن ينتظر خمس دقائق بعد التوقيت الذي بأيدي الناس اليوم لان بحسب الحساب المحرر تبين أن التقويم مقدم خمس دقائق على مدار السنة كلها وفي صلاة الفجر خاصة والاحتياط واجب لانه لو تقدم الإنسان على الوقت بقدر تكبيرة الإحرام فقط ما صحت الصلاة(3/6)
فالاحتياط أمر واجب والحمد لله لا يضر لو اخرت خمس دقائق واذنت فانه يصلي الناس الذي يكون على اليقين والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المواقيت
- وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيَ اَلْعَصْرَ, ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إِلَى رَحْلِهِ فِي أَقْصَى اَلْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ, وَكَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ مِنْ اَلْعِشَاءِ, وَكَانَ يَكْرَهُ اَلنَّوْمَ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا, وَكَانَ يَنْفَتِلُ مِنْ صَلَاةِ اَلْغَدَاةِ حِينَ يَعْرِفُ اَلرَّجُلُ جَلِيسَهُ, وكان َيَقْرَأُ بِالسِّتِّينَ إِلَى اَلْمِائَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (???) .
155- وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا يقدمها وَأَحْيَانًا يؤخرها : إِذَا رَآهُمْ اِجْتَمَعُوا عَجَّلَ, وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ, وَالصُّبْحَ: كَانَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ (????) .
156- وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: فَأَقَامَ اَلْفَجْرَ حِينَ اِنْشَقَّ اَلْفَجْرُ, وَالنَّاسُ لَا يَكَادُ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
157- وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي اَلْمَغْرِبَ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا وَإِنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
158- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ بِالْعَشَاءِ, حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اَللَّيْلِ, ثُمَّ خَرَجَ, فَصَلَّى, وَقَالَ: "إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي" رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/7)
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام تدل على مسائل منها أن الأفضل في جميع الصلوات أن يبادر بها الفجر والعصر والمغرب وكذلك الظهر إلا إذا اشتد الحر وانه - صلى الله عليه وسلم - في العشاء يستحب أن يؤخر منها فكلما أخرت صلاة العشاء فهو افضل إلا إذا شق على المأمومين وأنت إمامهم فلا تؤخر ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رآهم اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطئوا آخر واعتم ذات ليلة في صلاة العشاء ثم خرج فصلى وقال وقد ذهب عامة الليل إنه لوقتها لولا أن اشق على أمتي وفي هذه الأحاديث أيضا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبل العشاء لان النوم قبل العشاء يحصل به واحد من أمرين إما أن ينام نوما عميقا ولا يقوم وإما أن ينام نوما خفيفا فيقوم وهو كسلان ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها أيضا يكرهه - صلى الله عليه وسلم - لانه إذا تحدث بعد العشاء ربما يطول به الحديث فيتأخر في النوم فلا يتمكن من التهجد وربما لا يتمكن من صلاة الفجر في وقتها وربما يتمكن من الصلاة لكن مع كسل وخمول ثم إن أهل العلم بالطب يقولون إن النوم في أول الليل افضل بكثير من النوم في آخر الليل أو في النهار وهذا عكس حال الناس اليوم اكثر الناس اليوم يسهرون سهرا طويلا بعد العشاء لا ينامون إلا بعد منتصف الليل ثم إذا قاموا إلى الفجر قاموا كسالى ثم ينامون في النهار إن كانوا ذوي عمل وظيفي اضاعوا أعمالهم فتأخروا في المجيء وإذا جاءوا فإذا هم على كسل وسأم ولو أن الناس اقتدوا بنبيهم - صلى الله عليه وسلم - وناموا بعد أن يصلوا العشاء لكان ذلك خيرا لهم إلا انه استثنى من الحديث بعد العشاء الحديث اليسير مع الأهل أو الضيوف أو ما أشبه به أو عند الحاجة فهذا لا باس به لكن كون الإنسان يطيل هذا الطول العظيم وربما يكون بقائه سهران على مسائل لا خير فيها أو على مسائل(3/8)
فيها ضرر فالذي ينبغي للإنسان أن يهتم بنفسه وان يقتدي بنبيه - صلى الله عليه وسلم - كذلك استثنى العلماء السهر في طلب العلم وتحفظ القرآن أو الحديث كما كان أبو هريرة رضي الله عنه يسهر في الليل يتحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولهذا أوصاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوتر قبل أن ينام حتى لا ينام نوما عميقا فلا يوتر فقال رضي الله عنه أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وان أوتر قبل أن أنام والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المواقيت
161- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ اَلصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلِ أَنْ تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ اَلصُّبْحَ, وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ اَلْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ اَلشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ اَلْعَصْرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( } محرم ربيع أول { ) .
162- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ, وَقَالَ: "سَجْدَةً" بَدَلَ "رَكْعَةً". ثُمَّ قَالَ: وَالسَّجْدَةُ إِنَّمَا هِيَ اَلرَّكْعَةُ ( } محرم ربيع ثان { ) .
163- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " لَا صَلَاةَ بَعْدَ اَلصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ اَلشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ اَلْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ اَلشَّمْسُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ اَلْفَجْرِ ( } محرم جمادى أول { ) .(3/9)
164- وَلَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّي فِيهِنَّ, وَأَنْ ([16]) نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ اَلشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ, وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ اَلظَّهِيرَةِ حَتَّى تَزُولَ ([17]) اَلشَّمْسُ, وَحِينَ تَتَضَيَّفُ ([18]) اَلشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ ( } محرم رمضان { ) .
وَالْحُكْمُ اَلثَّانِي عِنْدَ "اَلشَّافِعِيِّ" مِنْ:
165- حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَزَادَ: إِلَّا يَوْمَ اَلْجُمْعَةِ ( } صفر شوال { ) .
166- وَكَذَا لِأَبِي دَاوُدَ: عَنْ أَبِي قَتَادَةَ نَحْوُهُ ( } صفر محرم { ) .
167- وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا اَلْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ { أَ] وْ?نَهَارٍ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ ( } صفر صفر { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/10)
هذه الأحاديث فيما يتعلق بأوقات الصلاة منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر معنى هذا الحديث أن الإنسان لو قدر انه نسى أو انم حتى لم يبقى على طلوع الشمس إلا مقدار ركعة ثم أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر يعني كأنه صلاها كلها في الوقت وهذه من رحمة الله عز وجل ولكن لا يجوز للإنسان أن يؤخر الصلاة إلى أن لا يبقى إلا مقدار ركعة ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين أن من رحمة الله تعالى بالعباد أن رحمته سبقت غضبه وان من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر وصار كالذي جميع الصلاة في وقتها وكذلك في العصر فإن قال قائل أليس قد مر علينا أن صلاة العصر إلى اصفرار الشمس قلنا بلى لكنه إلى اصفرار الشمس وقت احتياط يعني لك أن تؤخر ما لم تصفر الشمس واما الغروب فهو قوت ضرورة يعني لو أن إنسان اضطر إلى أن يؤخر صلاة العصر إلى ما بعد اصفرار الشمس فإنه يكون قد أدركها كأنما صلاها كلها في الوقت إذا أدرك ركعة قبل أن تغرب الشمس واما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وحديث عقبة بن عامر ففيه بيان أوقات النهي أوقات النهي خمسة في البسط وثلاثة في الاختصار أما الاختصار فهي من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح وهذه المسافة تقطعها الشمس في حوالي ما بين الربع الساعة إلى ثلث الساعة وعند قيامها حتى تزول يعني عند قيامها يعني عند زوال الشمس قبيل الزوال بعشرة دقائق ومن صلاة العصر إلى الغروب هذه ثلاثة أوقات في الاختصار من صلاة الصبح إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح وقبل زوال الشمس بعشر دقائق ومن صلاة العصر إلى الغروب أما المفصل فهي من صلاة الصبح إلى أن تطلع الشمس ومن طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح وعند الزوال ومن صلاة العصر إلى أن تضيف الشمس للغروب(3/11)
أي حتى يبقى بينها وبين الغروب مقدار رمح ومن بعد ذلك إلى الغروب تكون خمسة وتختلف هذه الأوقات بان الثلاثة التي هي من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وإذا تضيفت للغروب حتى تغرب هذه الثلاثة لا تجوز فيها الصلاة ولا يجوز فيها دفن الميت وعلى هذا فلو وصلنا إلى المقبرة ومعنا جنازة قريبا ما تطلع أو طلعت ننتظر حتى ترتفع قيد رمح ولا ندفن الميت في هذا الوقت وكذلك عند زوال الشمس لو أننا حضرنا إلى القبور حين بقى على صلاة الظهر عشر دقائق لا ندفن حتى تزول الشمس وكذلك في العصر لو انتهينا إلى المقبرة والشمس قد بقى عليها أن تغيب مقدار رمح فإنه لا يجوز أن يدفن الميت حتى تغيب الشمس هذه الأوقات المنهي عن الصلاة فيها يستثنى فيها مسائل أولا: الفريضة فهي متى ذكرتها فصلها في أي وقت من ليل أو نهار لانه ليس على الفرائض نهي .ثانيا : يستثنى من ذلك ماله سبب مثل تحية المسجد تصليها متى دخلت المسجد في أي وقت سواء بعد صلاة الصبح أو بعد العصر أو عند الغروب أو في أي وقت ثالثا : ركعتي الطواف إذا طاف الإنسان بالكعبة فإنه يصلي ركعتي الطواف أي ساعة كان رابعا : سنة الوضوء إذا توضأ الإنسان في أي وقت فإنه يستحب أن يصلي ركعتين فياي وقت كان خامسا : سنة الفجر إذا فاتت بحيث دخلت المسجد والناس يصلون الفجر فلك أن تلصليها بعد الصلاة لأنها لها سبب والقاعدة أن كل نفل له سبب فإنه يصلى في أي وقت كان متى وجد السبب فصل .(3/12)
واما حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى فيه أية ساعة شاء من ليل أو نهار فهذا مطلق يحمل على الأحاديث المقيدة التي فيها النهي عن صلاة النفل إذا لم يكن لها لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجه هذا إلى القائمين عن المسجد الحرام أن لا يمنعوا أحدا تباح له الصلاة في أي وقت شاء من ليل أو نهار وقد استدل به بعض العلماء على انه لا نهي عن صلاة النفل في المسجد الحرام ولكن الصواب خلاف ذلك وان هذا يحمل على ما جاء في النصوص من التقييد .والله الموفق
ج : يصلي بعد صلاة الفجر مباشرة ولو أخرها فلا باس .
بسم الله الرحمن الرحيم .
169- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْفَجْرُ فَجْرَانِ: فَجْرٌ يُحَرِّمُ اَلطَّعَامَ وَتَحِلُّ فِيهِ اَلصَّلَاةُ, وَفَجْرٌ تَحْرُمُ فِيهِ اَلصَّلَاةُ - أَيْ: صَلَاةُ اَلصُّبْحِ - وَيَحِلَّ فِيهِ اَلطَّعَامُ رَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَالْحَاكِمُ, وَصَحَّحَاهُ ( } صفر ربيع أول { ) .
170- وَلِلْحَاكِمِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ - رضي الله عنه - نَحْوُهُ, وَزَادَ فِي اَلَّذِي يُحَرِّمُ اَلطَّعَامَ: إِنَّهُ يَذْهَبُ مُسْتَطِيلاً فِي اَلْأُفُقِ وَفِي اَلْآخَرِ: إِنَّهُ كَذَنَبِ اَلسِّرْحَان ( } صفر ربيع ثان { ) .
بسم الله الرحم الرحيم(3/13)
تقدم لنا أن صلاة الفجر يدخل وقتها إذا طلع الفجر إلى أن تطلع الشمس وقد بين لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن الفجر فجران فجر تحل فيه الصلاة ويحرم فيه الطعام أي على الصائم وفجر آخر تحرم فيه الصلاة ويح ل فيه الطعام يعني للصائم وفي حديث جابر ذكر فرقا بينهما بان الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة يكون مستطيرا في الأفق يعني يمتد من الشمال إلى الجنوب واما الثاني الذي يحرم الصلاة ويحل الطعام فهو يذهب مستطيلا في الأفق بان ينشق طولا من المشرق إلى المغرب فتبين في هذا الحديث أن صلاة الصبح لا تحل إلا بعد طلوع الفجر لقوله تحل فيه الصلاة وان الطعام على الصائم لا يحرم إلا إذا طلع الفجر بل إذا تبين لقول الله تبارك وتعالى ( فالان باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ) قال حتى يتبين ولم يقل حتى يطلع يعني لو فرض انه طلع ولم يتبين للإنسان فليس عليه شيء لو آكل أو شرب حتى يتبين واعم أن الفجر كما جاء في الحديث فجران قال العلماء هما فجران أحدهما صادق والثاني كاذب وذكروا بينهما ثلاثة فروق الفرق الأول في شكلهما فالصادق يمتد من الشمال إلى الجنوب والكاذب من الشرق إلى الغرب مستطيل كذنب السرحان يعني الذئب .
الثاني : أن الصادق ليس بينه وبين الأفق ظلمه بل النور متصل بالأفق واما الكاذب فبينه وبين الأفق ظلمة يعني أن النور لا يمتد إلى آخر الأفق . الفرق الثالث : أن الفجر الكاذب المستطيل يظلم بعد ذلك ولا يستمر النور فيه واما الصادق فانه لا يظلم بل يزداد قوة حتى تطلع الشمس .(3/14)
هذه ثلاثة فروق بين الفجر الصادق والكاذب وفي هذا الحديث حديث ابن عباس بيان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بين لامته البيان التام وبلغ البلاغ المبين - صلى الله عليه وسلم - وان ترك الناس على بيضاء نقية يعني على جادة بيضاء نقية لا يزيغ عنها إلا هالك نسأل الله تعالى أن يهدينا وإياكم لها وان يوفقنا لتطبيقها سرا وعلنا .والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه أجمعين قال رحمه الله تعالى
بَابُ اَلْأَذَانِ
178- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ - رضي الله عنه - قَالَ: طَافَ بِي -وَأَنَا نَائِمٌ- رَجُلٌ فَقَالَ: تَقُولُ: "اَللَّهُ أَكْبَرَ اَللَّهِ أَكْبَرُ, فَذَكَرَ اَلْآذَانَ - بِتَرْبِيع اَلتَّكْبِيرِ بِغَيْرِ تَرْجِيعٍ, وَالْإِقَامَةَ فُرَادَى, إِلَّا قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ - قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ..." اَلْحَدِيثَ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ ( } صفر جمادى أول { ) .
وَزَادَ أَحْمَدُ فِي آخِرِهِ قِصَّةَ قَوْلِ بِلَالٍ فِي آذَانِ اَلْفَجْرِ: اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ ( } صفر جمادى ثان { ) .
179- وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مِنْ اَلسُّنَّةِ إِذَا قَالَ اَلْمُؤَذِّنُ فِي اَلْفَجْرِ: حَيٌّ عَلَى اَلْفَلَاحِ, قَالَ: اَلصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ اَلنَّوْمِ ( } صفر رجب { ) .
180- عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ اَلْآذَانَ, فَذَكَرَ فِيهِ اَلتَّرْجِيعَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ. وَلَكِنْ ذَكَرَ اَلتَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ مَرَّتَيْنِ فَقَطْ ( } صفر شعبان { ) .(3/15)
وَرَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ فَذَكَرُوهُ مُرَبَّعًا ( } صفر رمضان { ) .
181- وَعَنْ أَنَسِ { بْنِ مَالِكٍ] - رضي الله عنه - قَالَ: أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ اَلْآذَانَ, وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ, إِلَّا اَلْإِقَامَةَ, يَعْنِي قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ اَلِاسْتِثْنَاءَ ( } ربيع أول شوال { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب الأذان والاذان هو الإعلام بدخول وقت الصلاة وهو من نعم الله تعالى على هذه الأمة لان اليهود يعلنون لمجيء صلاتهم بما يسمى البوق والنصارى بما يسمى الناقوس وكلاهما آلة لهو لكن هذه الأمة ولله الحمد يسر الله لها هذا الأذان الطيب المبارك والصحابة رضي الله تعالى عنهم لما قدموا المدينة وكثروا فيها وصارت المدينة مدينة إسلام وبلدا تقام فيه الشعائر فرض الله عليهم الأذان ثم إنهم اختلفوا فقال بعضهم فقال بعضهم نستعمل البوق وقال اخرون نستعمل الناقوس وقال أخرون بل نوقد نارا عظيمة تضيء المدينة يعلم أن الوقت قد دخل فهذى الله سبحانه وتعالى بعض الصحابة بان رأوا في المنام رجلا يطوف عليهم فعلمهم الأذان وقال تقول الله اكبر الله اكبر إلى أخره فلما اصبح الرائي وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه اخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال أنها لرويا حق إذهب إلى بلال فالقه عليه فإنه أندى صوتا منك وجاء عمر أيضا لما سمع بالاذان فقال يا رسول الله إني رأيت مثلما رأى فاتفقت الرؤيا واقرها النبي - صلى الله عليه وسلم - وصار المسلمون ولله الحمد يعلنون بهذا التكبير والتعظيم له عز وجل والتوحيد للخالق والشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة والدعوة إلى الصلاة والدعوة إلى الكفاح والختام بالتوحيد ذكر عظيم واعلام بدخول الوقت والاذان فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ولهذا قال النبي - صلى الله(3/16)
عليه وسلم - في حديث مالك بن الحويرث إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم فهو فرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ولابد أن يكون من شخص واحد فلو آذن شخص وكمله آخر لم يجز لانه لابد أن يكون المؤذن شخص واحد وإذا كان لا يمكن أن يقوم بالاذان اثنان فمن باب أولى أن لا يجزئ الأذان من الشريط المسجل خلافا لما يفعله بعض الناس في الشركات والمكاتب يجعلون شريطا مسجلا إذا حان الأذان اشتغل هذا لا يجوز ولا يجوز أن يستغنى به عن الأذان الذي قوم به رجل من المسلمين لان هذا مجرد حكاية صوت فلا تحصل به الكفاية لكن لما دب المسلمين العجز وكثر فيهم الجهل في دين الله ظنوا أن المراد بذلك مجرد الإعلام فصاروا يفتحون المسجل ويقتدون به وهذا غلط عظيم لا يحل الاقتصار عليه ولا تبرأ به الذمة لابد أن يكون الأذان من ذاكر لله عز وجل ثم إن الأذان لا يصح قبل الوقت لا في الفجر ولا في غيره من الأوقات لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وإذا كانت الصلاة مما يسن تأخيره فان الأذان يؤخر معها كالظهر مثلا في حال الإبراد إذا اشتد الحر فإنه تؤخر حتى يخف الحر ويؤخر الأذان معها ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأراد بلال أن يؤذن فقال ابرد ثم انتظر ثم قام ليؤذن فقال ابرد ثم انتظر ثم قام ليؤذن فقال ابرد وفي الرابعة أو الثالثة آذن له بعد أن رأوا فيء التلول وانكسرت الافياء قال له آذن فدل هذا على أن الأذان يكون عند دخول الوقت ويكون كذلك عند إرادة الصلاة في الصلاة التي يسن تأخيرها ثم إن الأذان ينبغي أن يكون من رجل طيب حسن الأداء قوي الصوت وإذا كان على محل عال فهو افضل واحسن وقد يسر اله تعالى ولله الحمد هذه الآلة الميكروفون فصار المؤذن يؤذن في جوف المسجد ويسمع اذانه من على المنارة وهذه من نعمة الله عز وجل لأنه أقوى صوتا وأوسع انتشارا مع السهولة والتيسير وليعلم أن للأذان شروطا غير دخول(3/17)
الوقت . منها أن يؤديه الإنسان على الوجه الأكمل فلا يلحن فيه لحنا يخل المعنى فلا يصح الأذان إذا قال آلله اكبر ولا إذا قال الله اكبآر ولا يصح أيضا عند كثير من العلماء إذا قال اشهد أن محمدا رسولَ الله بل لابد أن نقول اشهد أن محمدا رسولُ الله ولابد أيضا أن يكون مرتبا فلو بدا بالتشهد قبل التكبير لم يجزه يبأ بالتكبير أولا ثم بشهادة أن لا اله إلا الله ثم شهادة أن محمدا رسول الله ثم حي على الصلاة ثم حي على الفلاح ثم التكبير ثم التهليل ويسن أن يقول في أذان الفجر الذي بعد طلوع الفجر أن يقول الصلاة خير من النوم مرتين بعد قوله حي على الفلاح لكن هذا ليس بواجب لكن الأفضل أن يقوله الصلاة خير من النوم كأنه يقول للناس قوموا إلى الصلاة فإنه الصلاة خير من النوم والله اعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الأذان
- وَعَنْ أَنَسِ { بْنِ مَالِكٍ] - رضي الله عنه - قَالَ: " أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ اَلْآذَانَ, وَيُوتِرَ اَلْإِقَامَةَ, إِلَّا اَلْإِقَامَةَ, يَعْنِي قَوْلَهُ: قَدْ قَامَتِ اَلصَّلَاةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ اَلِاسْتِثْنَاءَ ( } ربيع أول محرم { ) .
وَلِلنَّسَائِيِّ: أَمَرَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَالاً ( } ربيع أول صفر { ) .
182- وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالاً يُؤَذِّنُ وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ, هَاهُنَا وَهَاهُنَا, وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ( } ربيع أول ربيع أول { ) .
وَلِابْنِ مَاجَهْ: وَجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ( } ربيع أول ربيع ثان { ) .
وَلِأَبِي دَاوُدَ: لَوَى عُنُقَهُ, لَمَّا بَلَغَ "حَيَّ عَلَى اَلصَّلَاةِ " يَمِينًا وَشِمَالاً وَلَمْ يَسْتَدِرْ ( } ربيع أول جمادى أول { ) .(3/18)
وَأَصْلِهِ فِي اَلصَّحِيحَيْنِ ( } ربيع أول جمادى ثان { ) .
183- وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْجَبَهُ صَوْتُهُ, فَعَلَّمَهُ اَلْآذَانَ رَوَاهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ ( } ربيع أول رجب { ) .
184- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اَلْعِيدَيْنِ, غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ, بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( } ربيع أول شعبان { ) .
185- وَنَحْوُهُ فِي اَلْمُتَّفَق عليه ِ: عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, وَغَيْرُهُ ( } ربيع أول رمضان { ) .
186- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةٌ - رضي الله عنه - فِي اَلْحَدِيثِ اَلطَّوِيلِ, فِي نَوْمهُمْ عَنْ اَلصَّلَاةِ - ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ, فَصَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ( } ربيع ثان شوال { ) .
187- وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَى اَلْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا اَلْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ, بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ ( } ربيع ثان محرم { ) .
188- وَلَهُ عَنْ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : جَمَعَ بَيْنَ اَلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ ( } ربيع ثان صفر { ) .
زَادَ أَبُو دَاوُدَ: لِكُلِّ صَلَاةٍ .
وَفِي رِوَايَةِ لَهُ: وَلَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا .(3/19)
189 و 190- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ, وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم قَالَا: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ, فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ اِبْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ", وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى لَا يُنَادِي, حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ, أَصْبَحْتَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( } ربيع ثان ربيع أول { ) .
وَفِي آخِرِهِ إِدْرَاجٌ ( } ربيع ثان ربيع ثان { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الأحاديث ذكرها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام فيما يتعلق بالأذان وذلك أن الأذان يكون شفعا والإقامة وترا فالأذان خمسة عشرة جملة الله اكبر أربع مرات في أوله والشهادتان أربع وحي على الصالة حي على الفلاح أربع والله اكبر مرتين ثم التوحيد هذه خمسة عشرة جملة والإقامة إحدى عشرة جملة لان التكبير في أولها مرتين فقط والتشهد مرة مرة والحيعلتان مرة مرة واما قد قامت الصلاة فمرتين فهي إحدى عشرة جملة واما الصلاة خير من النوم فهي سنة في أذان الفجر فقط وليس بواجب ومما تدل عليه هذه الأحاديث .(3/20)
أنه ينبغي للمؤذن أن يجعل إصبعيه في أذنيه قال العلماء لان ذلك ارفع للصوت لانه إذا جعلها في أذنيه إنحبس الصوت وصار مخرجه واحدا فصار ذلك أندى للصوت وأعلى ويستفاد منه أن استعمال مكبر الصوت في الأذان من الأمور المطلوبة لانه ابلغ في الإعلان وأوسع واشمل ومن ذلك أيضا أن المؤذن يلتفت في حي على الصلاة حي على الفلاح عن اليمين وعن الشمال واختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل يقول حي على الصلاة على اليمين حي على الصالة على اليسار وحي على الفلاح على اليمين حي على الفلاح على اليسار أو يقول حي على الصلاة على اليمين مرتين وحي على الفلاح على اليسار مرتين ولكل وجه نظر المهم أن يلتفت . لكن هذا في عصر الصحابة رضي الله عنهم وفي العصور التالية أما الآن فإن المؤذن يؤذن أما لاقط الصوت ليس في المنارة حتى يلتفت يمينا وشمالا من اجل أن يبلغ الصوت من عن يمينه ومن على شماله وعلى هذا فإذا علمنا أن الالتفات ليس سنة بذاته وانما هو من اجل أن يبلغ الذين عن اليمين والذين عن الشمال قلنا من كان يؤذن في لاقط الصوت فلا يلتفت فبنظر تلقاء وجه ويكون مكبر الصوت في المنارة عن الإمام وعن اليمين وعن الشمال وعن الخلف كما هو موجود على المناير يجعلون أربع سماعات وما يؤخذ من هذه الأحاديث أن الإنسان إذا فاتته الصلاة وهو في البر ثم قام ولو بعد خروج الوقت فإنه يؤذن كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما أدلج ذات ليلة وهو في سفر ونزل بأخر الليل ونام وأمر بلال رضي الله عنه أن يرقب الفجر ولكن بلالا نام مثل غيره ما أيقظهم إلا حر الشمس فاستيقظوا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرحيل من المكان تقدموا قليلا عن هذا المكان ثم أمر بلالا فأذن وصلى سنة الفجر ثم صلى صلاة الفجر كما كان يصليها كل يوم ويستفاد من هذا الحديث أن المقضية ينادى لها لا يقال فات الوقت لان الأذان تبع الصلاة وأيضا المقضية تقضى على حسبها فما يقضى من صلاة الليل في(3/21)
النهار يجهر فيه وما يقضى من صلاة النهار في الليل لا يجهر وفيه أيضا أن الرواتب تقضى كما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - راتبة الفجر ومما يستفاد من هذه الأحاديث أن المجمع إذا ساغ الجمع بين الصلاتين كالظهر والعصر أو المغرب والعشاء فإنه يكفي أذان واحد ولكل صلاة إقامة يعني أذان واحد وإقامتين كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حين جمع في عرفة آذن بلال أذان واحدا وأقام مرتين للظهر مرة وللعصر مرة وكذلك في مزدلفة آذن أذان واحد وأقام للمغرب إقامة وللعشاء إقامة .والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا سَمِعْتُمْ اَلنِّدَاءَ, فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ اَلْمُؤَذِّنُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ( } ربيع ثان جمادى أول { ) .
193- وَلِلْبُخَارِيِّ: عَنْ مُعَاوِيَةَ ( } ربيع ثان جمادى ثان { ) .
194- وَلِمُسْلِمٍ: " عَنْ عُمَرَ فِي فَضْلِ اَلْقَوْلِ كَمَا يَقُولُ اَلْمُؤَذِّنُ كَلِمَةً كَلِمَةً, سِوَى اَلْحَيْعَلَتَيْنِ, فَيَقُولُ: "لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاَللَّهِ" " ( } ربيع ثان رجب { ) .
195- وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ - رضي الله عنه - " أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ اِجْعَلْنِي إِمَامَ قَوْمِي . فقَالَ : "أَنْتَ إِمَامُهُمْ , وَاقْتَدِ بِأَضْعَفِهِمْ , وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا " أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ , وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . ( } ربيع ثان شعبان { )(3/22)
196- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ لَنَا اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - " وَإِذَا حَضَرَتِ اَلصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ . . . " اَلْحَدِيثَ أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ . ( } ربيع ثان رمضان { )
197- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلَالٍ : " إِذَا أَذَّنْتَ فَتَرَسَّلْ , وَإِذَا أَقَمْتُ فَاحْدُرْ , وَاجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ قَدْرَ مَا يَفْرُغُ اَلْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ " اَلْحَدِيثَ . رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ . ( } جمادى أول شوال { ) .
198- وَلَهُ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " لَا يُؤَذِّنُ إِلَّا مُتَوَضِّئٌ " وَضَعَّفَهُ أَيْضًا ( } جمادى أول محرم { ) .
فَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا .
199- وَلَهُ : عَنْ زِيَادِ بْنِ اَلْحَارِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ " وَضَعَّفَهُ أَيْضًا ( } جمادى أول صفر { ) .
200- وَلِأَبِي دَاوُدَ: فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ : أَنَا رَأَيْتُهُ - يَعْنِي : اَلْأَذَانُ - وَأَنَا كُنْتُ أُرِيدُهُ . قَالَ : "فَأَقِمْ أَنْتَ " وَفِيهِ ضَعْفٌ أَيْضًا ( } جمادى أول ربيع أول { ) .
201- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اَلْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ , وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ " رَوَاهُ اِبْنُ عَدِيٍّ وَضَعَّفَهُ . ( } جمادى أول ربيع ثان { )
202- وَلِلْبَيْهَقِيِّ نَحْوُهُ : عَنْ عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ ( } جمادى أول جمادى أول { ) .(3/23)
203- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا يُرَدُّ اَلدُّعَاءُ بَيْنَ اَلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . ( } جمادى أول جمادى ثان { ) .
204- { وَعَنْ جَابِرٍ- رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ : اَللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ اَلدَّعْوَةِ اَلتَّامَّةِ , وَالصَّلَاةِ اَلْقَائِمَةِ , آتِ مُحَمَّدًا اَلْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ , وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا اَلَّذِي وَعَدْتَهُ , حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ " أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ . ( } جمادى أول رجب { )
بسم الله الرحمن الرحيم(3/24)
هذه الأحاديث التي ساقها الحافظ ابن حر رحمه الله في باب الأذان من كتابه بلوغ المرام منها النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن من سمع المؤذن فليقل مثلما يقول إلا في حي على الصلاة حي على الفلاح فيقول لا حول ولا قوة إلا بالله وعلى هذا فإذا قال الله اكبر فقل الله اكبر وتابع حتى ينتهي إلا إذا قال حي على الصلاة فقل لا حول ولا قوه إلا بالله حي على الفلاح قل لا حول ولا قوة إلا بالله وإذا قال الصلاة خير من النوم فقل مثلها لعموم الحديث ولم يستثنى إلا الحيعلتان وما سواهما فيقول الإنسان مثلما يقول ومنها أن الإنسان إذا سمع المؤذن فيقل مثلما يقول على أي حال كان حتى لو كان يقرأ فيتابع المؤذن وإذا كان في صلاة فمن العلماء من قال حتى لو كان في صلاة فإنه يجيب المؤذن لان هذا ذكر وجد سببه في الصلاة فكان مشروعا كالرجل إذا عطس في الصلاة فإنه يحمد الله تعالى ولكن الصحيح انه لا يتابع المؤذن في الصلاة والفرق بينه وبين الحمد عند العطاس أن الحمد كلمة واحدة لا تشغله عن صلاته لكن هذا كلمات تشغله عن الصلاة والصلاة فيها شغل وهي ذكر لله أيضا لكن هل يقضيه إذا سلم ؟ يقول بعض العلماء يقضيه إذا سلم لان المدة ليست طويلة كذلك إذا سمع الإنسان وهو على قضاء الحاجة فإنه لا يجيب لأنه لا يمكن الذكر في هذا الموضع ولكن إذا انتهى فإن من العلماء من قال يقضيه بعد انتهائه ومما دلت عليه هذه الأحاديث أن الإنسان إذا انتهى من إجابة المؤذن فانه يسال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة يقول اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة . رب هذه الدعوة التامة سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - رب لهذه الدعوة التامة لانه هو الذي شرعها سبحانه وتعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -وكذلك في القرآن فإن القرآن قد ذكر الله تعالى فيه القرآن لقوله تعالى وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوها ولعبا وقوله إذا نودي للصلاة من يوم(3/25)
الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله رب هذه الدعوة التامة يعني الأذان والصلاة القائمة يعني الإقامة آت محمدا الوسيلة محمدا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوسيلة درجة هي أعلى درجات الجنة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله تعالى وارجو أن أكون أنا هو وابعثه يعني يوم القيامة مقاما محمودا يعني يحمده أهل الموقف ومنه الشفاعة كما سبق لنا في باب التيمم فإنها من المقام المحمود الذي يبعث عليه - صلى الله عليه وسلم - وقوله الذي وعدته يشير إلى قوله( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) إنك لا تخلف الميعاد هذه الجملة الأخيرة ليست في الصحيحين ولكنها صحيحة يختم بها هذا الدعاء . هذا مما ينبغي أن يقوله الإنسان بعد فرا الأذان وهل يقوله المؤذن نفسه ؟ نقول نعم يقوله المؤذن وهل يجيب المؤذن نفسه يعني يقول مثلما يقول ؟ في هذا خلاف بين العلماء منهم من قال إن المؤذن يتابع فإذا قال الله اكبر يقول الله اكبر سرا كما يقوله من سمعه والصحيح انه لا يقول لكن الدعاء الذي بعد الأذان يقوله المؤذن والسامع وينبغي بعد ذلك أن يدعو الله تعالى فإن الدعاء بين الأذان والإقامة حري بالاجابة كما قال - صلى الله عليه وسلم - الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد فادعو الله تعالى بما شئت ومن ذلك أيضا أن تصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغت قل اللهم صل على محمد ثم سل الله الوسيلة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ومنها أن تقول إذا قال المؤذن اشهد أن لا اله إلا الله اشهد أن محمدا رسول الله وتابعته أن تقول رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا فبعض الناس يقولها من حين أن يسمع المؤذن وبعض الناس يقولها إذا فرغ ولكن ظاهر الحديث أنها تقال عند الشهادتين بعد متابعة الإمام فيهما ثم تقولها .(3/26)
ثم ذكر المؤلف أحاديث ضعيفة لكن عليها العمل وهي أن الإمام املك للإقامة والمؤذن املك للأذان لان الأذان موكول المؤذن والإقامة موكولة للإمام فلا تقام الصلاة إلا بعد آذن الإمام واذن الإمام تارة يكون باللفظ مثل أن يقول اقم الصلاة وتارة يكون بالعادة انه إذا اقبل تقام الصلاة ومنها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أوصى عثمان الثقفي أن يتخذ مؤذنا لا يتخذ على اذانه أجرا وهذا على سبيل الاستحباب واما ما يأخذه الناس الآن من الأئمة والمؤذنين فهذا ليس من باب الإجارة بل هو من باب المكافأة من بيت المال فليس به حرج بأي وجه من الوجوه ومن ذلك أيضا أن يجعل بين الأذان والإقامة فصل يتمكن الناس فيه من الوضوء ونحو ذلك لاجل أن يكون هناك سعة للناس الذين يأتون إلى المسجد لان ذلك من باب الرفق بالناس والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب شرط الصلاة
بَابُ شُرُوطِ اَلصَّلَاةِ
205- عَنْ عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فِي اَلصَّلَاةِ فَلْيَنْصَرِفْ , وَلْيَتَوَضَّأْ , وَلْيُعِدْ اَلصَّلَاةَ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (????)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب شروط الصلاة وشروط الصلاة نوعان : شروط للوجوب وشروط للصحة فاما شروط الوجوب فهي الإسلام والبلوغ والعقل وانتفاء الموانع . الإسلام ضد الكفر والكافر لا تجب عليه الصلاة يعني أننا لا نأمره بها بل نقول اسلم أولا ثم صل ثانيا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله فإن هم أجابوك لذلك فاعلمهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة .(3/27)
الثاني : البلوغ فالصغير لا تجب عليه الصلاة لكن يؤمر بها إذا تم له سبع سنين ويضرب عليها إذا تم له عشر سنين لامر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وانما يؤمر بسبع ويضرب لعشر من اجل أن يتهيأ لأدائها إذا بلغ وابن عشر يمكن أن يبلغ يعني يمكن أن يحتلم الصبي له عشر سنين بعد تمامها لذلك يضرب عليها حتى يتهيأ لها فإذا بلغ وجداه قد اعتادها وهانت وسهلت عليه.
الثالث : العقل وضده الجنون وتغطية العقل فالمجنون ليس عليه صلاة وكذلك المهوس الذي اختزل عقله وإن لم يكن منه حال منكرة لكنه لا يدري ولا يميز فلا صلاة عليه وكذلك من أغمى عليه لمرض أو لحادث فإنه لا صلاة عليه ولا يقضيها إذا صحا واما من زال عقله بسبب منه عليه القضاء كما لو غاب عقله بالبنج مثلا وبقى صلاتين أو ثلاثة لم يصحُ فإنه إذا صحا يقض لان ذلك بفعله وكذلك والعياذ بالله لو أن الإنسان شرب مسرا فسكر فعليه قضاء الصلاة .
الرابع : انتفاء الموانع مثل المرأة إذا حاضت أو نفست فإنها لا تجب عليها الصلاة ولا تؤمر بقضائها لقول أم المؤمنين رضي الله عنها كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة .(3/28)
القسم الثاني من شروط الصلاة شروط الصحة وهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة بمعني أنها لا تصح بدونها فمنها الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر واجتناب النجاسة فمن صلى محدثا حدثا اكبر أو اصغر ناسيا أو جاهلا فعليه الوضوء والإعادة فلو صلى وهو محدث وهو ناس ثم ذكر بعد أن انتهى من الصلاة أوجبنا عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة ومن أصابته جنابة ولم يعلم بها إلا بعد أن صلى كرجل احتلم بالليل ولم يعلم بها إلا بعد صلى الفجر وجب عليه الغسل واعادة الصلاة لان الطهارة من الحدث شرط لصحة الصلاة الطهارة أيضا من النجاسة لا يجوز للإنسان أن يصلي وفي ثوبه نجاسة أو في بدنه أو على مكان نجس لان من شرط صحة الصلاة اجتناب النجاسة لكن النجاسة تختلف عن الطهارة من الحدث لانه إذا نسى وصلى في ثوب نجس أو كان على بدنه نجاسة أو على مكان نجس وهو لا يدري فصلاته صحيحة لان اجتناب النجاسة يعذر فيه بالجهل والنسيان ولو أن الإنسان احدث في أثناء الصلاة فإنه يجب عليه أن ينصرف ويتوضأ ويعيدها ولا يقول أنا مع الجماعة أو أنا أمام استحي فإن الله لا يستحي من الحق ولهذا جاء في حديث على بن طلق إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليعد الصلاة لأنه احدث فإذا احدث الإنسان في أثناء الصلاة وجب عليه أن ينصرف ويتوضأ ويعيد الصلاة من جديد وكذلك لو شرع في الصلاة ثم ذكر في أثناء الصلاة انه على غير وضوء وجب عليه أن ينصرف ويتوضأ ويعد الصلاة من جديد ولا يستح ثم إن هنا حيلة توجب أن لا يذمه الناس وان لا يلومه الناس وذلك بان ينصرف ويضع يده على انفه كأنه ارعف والرعاف كل معرض له فينصرف ويتوضأ ويعيد الصلاة وفي هذا الحديث حديث على بن طلق دليل على انه لا باس أن يصرح الإنسان بما يستحيا منه إذا كان ذلك لغرض صحيح لقوله إذ افسا أحدكم لان اكثر الناس يستحي أن يقول مثل هذه العبارة ولكن نقول إن الله لا يستح من الحق ما دام في ذلك مصلحة فلا باس . والله الموفق(3/29)
بسم الله الرحم الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب شرط الصلاة من كتابه بلوغ المرام
-وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنه - قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَصَابَهُ قَيْءٌ , أَوْ رُعَافٌ , أَوْ مَذْيٌ , فَلْيَنْصَرِفْ , فَلْيَتَوَضَّأْ , ثُمَّ لِيَبْنِ عَلَى صَلَاتِهِ , وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَا يَتَكَلَّمُ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ , وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ ([59]) .
207- وَعَنْهَا , عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لَا يَقْبَلُ اَللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إِلَّا بِخِمَارٍ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ. ([60])
208- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ : إِنْ كَانَ اَلثَّوْبُ وَاسِعًا فَالْتَحِفْ بِهِ" - يَعْنِي : فِي اَلصَّلَاةِ - وَلِمُسْلِمٍ : "فَخَالِفْ بَيْنَ طَرَفَيْهِ - وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَاتَّزِرْ بِهِ " . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ([61])
209- وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي اَلثَّوْبِ اَلْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ ([62])
بسم الله الرحم الرحيم(3/30)
هذه الأحاديث ساقها ابن حجر في بلوغ المرام لبيان حكم ستر العورة في الصلاة وستر العورة في الصلاة واجب لقول الله تعالى ( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ) أي عند كل صلاة أمر الله تعالى بأخذ الزينة وهي اللباس عند كل صلاة وبين في السنة أن هذا الأمر للوجوب وانه لا تصح الصلاة لمن قدر على ستر عورته إذا صلى عريانا وقد نقل بعض العلماء الإجماع على أن من صلى عريانا وهو قادر على ستر عورته فإنه صلاته لا تصح أما أن كان عاجزا فإن الله تعالى يقول ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) مثل أن يكون في البر وقد احترق ثوبه وليس عنده شيء فهذا إذا وجبت الصلاة لابد أن يصلي وإن كان عريانا قال أهل العلم والعورة في الصلاة تنقسم إلى ثلاثة أقسام عورة مخففة وعورة مغلظة وعورة متوسطة أما العورة المخففة فهي عورة الذكر من سبع سنوات إلى عشر فهذا يكفيه أن يستر سوءتيه يعني القبل والدبر ويصلي واما المغلظة فهي عورة المرأة الحرة البالغة فهذه عورتها جميع بدنها إلا وجهها لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار حائض يعني بالغة للحيض وليس معناه حائض بالفعل لأنها لا تصلي لكن المراد من بلغت بالحيض فهذه لا تقبل صلاتها إلا بخمار يغطي رأسها وبقية البدن ستره أمر معلوم لكن اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الكفين والقدمين هل هما من العورة أو لا وهذا في الصلاة لا في النظر ؟ فمن العلماء من رخص في الصلاة وكفاها وقدماها ظاهرتان ومن منهم من قال لا يرخص لها إلا بإخراج الوجه فقط ولاشك أن هذا هو الاحتياط لكن لو أن امرأة سألتنا وقالت أنها صلت ولم تستر الكفين والقدمين قلنا أن صلاتها صحيحة لكن الأحسن أن لا تعود .أما المتوسطة فهي ما عدا ذلك وهي ما بين السرة والركبة ويشمل عورة الذكر من حين أن يتم له عشر سنين إلى أن يشيب وكذلك عورة المرأة التي دون البلوغ وكذلك عورة الأمة على ما قاله(3/31)
الفقهاء رحمهم الله فهولاء كلهم عورتهم ما بين السرة والركبة هذا في الصلاة أما في اللباس المعتاد فالمراة لابد أن تلبس لباسا ساترا وكان لباس نساء الصحابة يستر ما بين الكعب والكف إذا كانت في بيتها وإذا خرجت للسوق معروف أنها تتلفع بالمرط أو شبهه .
واما حديث جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له إن كان الثوب واسعا فالتحف به وإن كان ضيقا فاتزر به يعني إذا كان عند إنسان ثوب واسع فإنه يجعله لحافا يشمل جميع بدنه وإن كان ضيقا لا يسع البدن كله فإنه يتزر به فدل ذلك على أن الرجل أل يجب عليه أن يستر ما فوق السرة في حال الصلاة لكن الأفضل أن يستره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء واشترط العلماء رحمهم الله في الثوب الذي تستر به العورة في الصلاة أن يكون طاهرا لان النجس لا تجوز الصلاة فيه ولهذا لما اخبر جبريل عليه السلام النبي - صلى الله عليه وسلم -أن في نعليه قذر وكان يصلي فيهما خلعهما فدل ذلك على انه لا يجوز للإنسان أن يلبس شيئا نجسا اشترطوا أيضا أن يكون مباحا فإن كان مغصوبا مثل إنسان سرق ثوبا وصلى فيه أو كان رجلا ولبس ثوب حرير وصلى فيه فقالوا إن صلاته لا تصح وهم مختلفون في هذا منهم من قال تصح مع الإثم يعني أثم لبس الثوب المحرم ومنهم من قال لا تصح فإن قال قائل فإن كان الإنسان في البر وليس معه إلا ثوب نجس ولم يد ماء يغسله به ماذا يصنع ؟ نقول يصلي فيه ولا حرج عليه لان الله يقول ( فتقوا الله ما استطعتم ) ويقول ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ولا يترك الصلاة وفي هذا الحال يصلي ولا إعادة عليه خلافا لمن قال من العلماء يصلي ثم يعيد فهذا قول ضعيف والله تعالى لم يوجب العبادة مرتين على العباد وقد فعلوا ما امروا به فهذا الرجل الذي لم يجد أل ثوبا نجسا فإنه يصلي فيه صلاة مأمورا بها وحين اذاً لا اعادة عليه والله(3/32)
الموفق
ج: الثوب الخفيف لا يستر العورة فمثلا إذا لبس الإنسان ترى من وراءه البشرة ولون الجلد يعني يعرف إذا اسود أو احمر أو ابيض فهذا لا ينفع
بسم الله الرحمن الرحم
- وَلَهُمَا أي البخاري ومسلم مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي اَلثَّوْبِ اَلْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيْءٌ ([63])
210- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- ; أَنَّهَا سَأَلَتْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَتُصَلِّي اَلْمَرْأَةُ فِي دِرْعٍ وَخِمَارٍ , بِغَيْرِ إِزَارٍ ? قَالَ : "إِذَا كَانَ اَلدِّرْعُ سَابِغًا يُغَطِّي ظُهُورَ قَدَمَيْهَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَ اَلْأَئِمَّةُ وَقْفَهُ . (????)
211- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : كُنَّا مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي لَيْلَةٍ مَظْلَمَةٍ , فَأَشْكَلَتْ عَلَيْنَا اَلْقِبْلَةُ , فَصَلَّيْنَا . فَلَمَّا طَلَعَتِ اَلشَّمْسُ إِذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا إِلَى غَيْرِ اَلْقِبْلَةِ , فَنَزَلَتْ : (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللَّهِ ) أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ . ([65])
212- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَقَوَّاهُ اَلْبُخَارِيُّ . ([66])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/33)
ذكرنا أن من شروط الصلاة حفظ العورة وأنه لابد أن تكون الثياب طاهرة مباحة ساترة ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء . الثوب الواحد يعني بذلك الإزار أو الرداء لا يصلي فيها وليس على عاتقه منها شيء فدل ذلك على انه يجب على الإنسان إذا كان عنده ثوب واسعان يستر منكبيه أو أحد منكبيه لقوله ليس على عاتقه منه شيء ولكن لو صلى دون أن يستر عاتقيه فلا باس إنما الأفضل أن يستر عاتقيه .
ثم ذكر حديث أم سلمة رضي الله عنها وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الثوب الواحد للمرأة لا باس به إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها وهو دليل على انه لابد أن يكون للمرأة ثوب واسع عند الصلاة يغطي ظهور القدمين وظاهرة أن لا يجب ستر باطن القدمين وعلى هذا فلو سجدت وظهر بطن قدميها فلا باس .(3/34)
ثم ذكر حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه بما يتعلق باستقبال القبلة وهو من شروط الصلاة فلا تصح الصلاة إلا باستقبال القبلة لكنه يسقط في ثلاثة مواضع الأول عند العجز والثاني عند الخوف والثالث النافلة في السفر في هذه المواطن الثلاثة لا يجب استقبال القبلة أما العجز فان يكون الإنسان مثلا على سرير في مرضه وليس عنده من يوجهه إلى القبلة فيصل إلى حيث استطاع واما الخوف فرجل قد لحقه عدو وهرب من عدوه وهو متوجه إلى غير القبلة فيصل ولو كان ظهره إلى القبلة ودليل ذلك قول الله تعالى (اتقوا الله ما استطعتم ) وقوله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقوله تعالى ( فإن خفتم فرجالا أو ركبانا ) واما الثالث وهو النافلة في السفر فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في اكثر من حديث انه كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به ثم إن استقبال القبلة كان في أول قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستقبل بيت المقدس نحو ستة عشر شهرا يعني سنة وأربعة اشهر ثم أمر أن يتجه إلى الكعبة فالواجب الاتجاه إلى الكعبة من كان يشاهد الكعبة وجب أن يتجه إلى عين المبني كالذي يكونون في المسجد الحرام لابد أن يتوجهوا إلى عين الكعبة واما الذي لا يتمكن من رؤيتها كالذي يكون في أطراف مكة أو في بلاد أخرى فيكفيه استقبال الجهة ويدل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ما بين المشرق والمغرب قبلة وذلك أن أهل المدينة قبلتهم الجنوب فمن المشرق والمغرب كله وجه للقبلة فالانحراف اليسير لا يضر أما الانحراف الكبير بحيث تكون القبلة عن اليمين أو اليسار فإنه يضر ولا تصح الصلاة إلا في المواطن التي ذكرنا أي لا تصح الصلاة والإنسان غير مستقبل القبلة إلا في المواطن التي ذكرناها فإذا خفيت القبلة على الإنسان لظرف فإن كان يمكنه أن يعرفها بسؤال من يثق به وجب عليه أن يفعل وان لم يمكن تحرى واتجه ثم إن تبين انه أصاب فذلك المطلوب وإن تبين انه اخطأ(3/35)
فهو معفو عنه لقول الله تعالى ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) فإذا كنت في السفر أو في البر وان لم تكن مسافرا كما لو خرجت إلى النزهة وحان وقت الصلاة وتحريت واتجهت إلى جهة من الجهات وثليت إليها ثم تبين انك على غعير القبلة فلا حرج عليك ولكن بماذانستدل على القبلة إذا كنا في السفر نستدل عليها بالشمس والقمر والنجوم لأنها كلها تدل على القبلة الشمس تشرق من المشرق وتغرب من المغرب يعني مثلا إذا كنت شرقا عن مكة فاتجه إلى المغرب إذا كنت غرب مكة فاتجه إلى المشرق وإذا كنت جنوب مكة فاتجه إلى الشمال وإذا كنت شمال مكة فاتجه إلى الجنوب فالشمس اكبر دليل وفي الليل القمر القمر يشرق من المشرق ويغرب من المغرب فهو لم القمر فالنجوم فالقطب الشمالي شمال كما هو معروف فإذا عرفت هذا فاعرف موقعك من القطب ثم اعرف موقع القبلة واتجه إليها والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه اجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الاحاديث في باب شروط الصلاة من كتاب بلوغ المرام .
- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (????)
زَادَ اَلْبُخَارِيُّ : يُومِئُ بِرَأْسِهِ , وَلَمْ يَكُنْ يَصْنَعُهُ فِي اَلْمَكْتُوبَةِ (????) .
214- وَلِأَبِي دَاوُدَ : مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ : كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اِسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ اَلْقِبْلَةِ , فَكَبَّرَ , ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ كَانَ وَجْهَ رِكَابِهِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ . (????)(3/36)
215- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - أن اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : اَلْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا اَلْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَلَهُ عِلَّةٌ . (????) .
216- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-]قَالَ] : نَهَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ : اَلْمَزْبَلَةِ , وَالْمَجْزَرَةِ , وَالْمَقْبَرَةِ , وَقَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ , وَالْحَمَّامِ , وَمَعَاطِنِ اَلْإِبِلِ , وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اَللَّهِ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/37)
بقى لنا من الدرس الماضي أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة وان من صلى إلى غير القبلة فلا صلاة له وذكرنا انه يستثنى من ذلك العاجز والخائف والمتنفل في السفر وبقي علينا مسألة وهي أن بعض الناس ينزل بيتا جديدا يستأجره مثلا ثم يصلي يظن انه متجه إلى القبلة ولا يكون متجها إليها فهذا يعيد صلاته حتى لو صلى شهرا أو شهرين وجب عليه الإعادة وذلك لانه يجب على من نزل بيتا أن يسأل أهل البيت أين القبلة حتى يكون على بصيرة من الأمر أما أن يصلي هكذا فهذا لا يجوز فاستقبال القبلة شرط في صحة الصلاة لا تصح الصلاة إلا بها ثم ذكر حديث عامر بن ربيعة الدال على أن المتنفل في السفر لا يلزمه استقبال القبلة مسافرا على راحلته أو بعير أو سيارة أو أي شيء يريد أن يتنفل وهو مسافر فلا باس يتنفل ولو كان وجهه إلى غير القبلة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي على راحلته حيثما توجهت به وفي هذا الحديث دليل على أن المسافر يتنفل واما قول بعض الجهال من السنة في السفر ترك السنة فهذه كلمة باطلة لا اصل لها بل من السنة فعل السنة إلا ما استثنى والذي دلت السنة على استثنائه وانه لا يصلى راتبة الظهر والمغرب والعشاء هذه الثلاث السنة في السفر إن لا تصليها وما عدا ذلك فصله صل كل شيء تهجد بالليل وصل الضحى وتحية المسجد والاستخارة وكل شيء والخسوف وسنة الوضوء السفر والحضر سواء إلا في هذه الثلاث فالسنة عدمها ولكن لو كان مسافر في المسجد الحرام ينتظر صلاة الظهر أراد أن ينتفل تنفلا غير راتب نقول لا باس صل ما دام غير راتب صل ما شئت لانه ليس هناك نهي وليس هناك أفضلية في ترك المستحبات وفي ذلك دليل على أن الإنسان إذا صلى على راحلة في السفر فإنه يومئ لانه لا يمكن السجود يومئ بالركوع والسجود ويجعل السجود اخفض من الركوع ولكن لا نشير على سائق السيارة أن يتنفل لان هذا بين أمرين أما أن يشغل قلبه بمراقبة الطريق واما أن يشغل قلبه بالنافلة واما(3/38)
أن يشغل قلبه بهذا وهذا فهذا صعب ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بحضر الطعام لان قلبه يتعلق به ولا يستحضر ما يقول ويفعل في صلاته وعلى هذا فساق السيارة لا نرى أن يتنفل لانه على خطر أن اقبل على صلاته اعرض عن مسؤوليته في قيادة السيارة وإن اشتغل بقيادة السيارة اعرض عن صلاته ثم ذكر أحاديث تتعلق بأماكن الصلاة
الشريط الثامن
وليس هناك أفضلية في ترك المستحبات وفي ذلك دليل على أن الإنسان إذا صلى على راحلة في السفر فإنه يومئ لانه لا يمكن السجود يومئ بالركوع والسجود ويجعل السجود اخفض من الركوع ولكن لا نشير على سائق السيارة أن يتنفل لان هذا بين أمرين أما أن يشغل قلبه بمراقبة الطريق واما أن يشغل قلبه بالنافلة واما أن يشغل قلبه بهذا وهذا فهذا صعب ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بحضر الطعام لان قلب
ه يتعلق به ولا يستحضر ما يقول ويفعل في صلاته وعلى هذا فساق السيارة لا نرى أن يتنفل لانه على خطر أن اقبل على صلاته اعرض عن مسئوليته في قيادة السيارة وإن اشتغل بقيادة السيارة اعرض عن صلاته .والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب شروط الصلاة
215- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - أن اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال : اَلْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا اَلْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَلَهُ عِلَّةٌ . (????) .
216- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-(قَالَ] : نَهَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ : اَلْمَزْبَلَةِ , وَالْمَجْزَرَةِ , وَالْمَقْبَرَةِ , وَقَارِعَةِ اَلطَّرِيقِ , وَالْحَمَّامِ , وَمَعَاطِنِ اَلْإِبِلِ , وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اَللَّهِ رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ ([73]) .(3/39)
217- وَعَنْ أَبِي مَرْثَدٍ اَلْغَنَوِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : لَا تُصَلُّوا إِلَى اَلْقُبُورِ , وَلَا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ . ([74])
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد وابن عمر وأبي مرثد في بيان الأمكنة التي يصلى فيها والتي لا يصلى فيها واعلم أن الأرض كلها مسجد كلها يصح أن تصلى فيها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فكل مكان في الأرض فالصلاة فيه صحيحة فرضها ونفلها لكن يستثنى أشياء منها المقبرة فإن المقبرة لا تصح الصلاة فيها سواء كانت القبور عن يمينك أو عن شمالك أم وراءك أو خلفك لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة وسواء صليت في طرفها الذي ليس فيه القبور أو في ما بين القبور مادم تداخل سور المقبرة فإنه لا يحل لك أن تصلي ولو صليت فصلاتك باطلة ويستثنى من الصلاة في المقبرة الصلاة على الجنازة لانه ثبتعن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه صلى على القبر فالصلاة على الجنازة لا باس بها لانه ليس فيها ركوع ولا سجود ولانه ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه صلى على قبر .
الموضع الثاني مما لا تصح فيه الصلاة الحمام فإن الحمام مأوى الشياطين وما كان مأوى الشياطين لا تصح الصلاة فيه سواء كان داخل الغرفة أو خارج الغرفة مما يحيط به سور الحمام أو فوق سطحه أيضا وذلك انه لو كانت هناك بناية بنيت للحمام فإن لا تصح الصلاة فيها مطلقا وأما لو كانت مراحيض داخل سقف المسجد مثلا فإنه لا باس أن يصلى على السقف لان هذا ليس سقفا للمراحيض بل هو للسجد كما يوجد في بعض المساجد يكون مثلا أن تكون المراحيض اسفل ويكون سقف المسجد شاملا لها فلا باس أن يصلى على السقف .(3/40)
الموضع الثالث : اعطان الإبل واعطان الإبل لا يصلى فيها لان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة فيها واعطان الإبل هي الأمكنة التي تقيم فيها وتأوي إليها وليس في المرابض التي تربض فيها ثم تقوم ولا تعود هذا لا باس بع فمثلا لو وجدت في البر مكان لابل فصل فيه أما إذا كان مما تأوي إليه وتقيم فيه وتعطن فيه بعد الشرب فإن ذلك لا تجوز الصلاة فيه لان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك أما مرابض الغنم والبقر فلا باس بالصلاة فيها .
الموضع الرابع : النجس والنجس لا تصح الصلاة فيه أما لو كنت في مكان حجرة مثلا بعضها نجس والأخر طاهر فلا باس أن تصلي في الطاهر لكن مكان صلاتك لابد أن يكون طاهرا فال يجوز للإنسان أن يصلي على شيء نجس لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يصب على بوله ماءٌ حتى يطهر .
الموضع الخامس : أن تصلي إلى قبر يعني تصلي وبين يديك قبر ولو كان في غير المقبرة فإنه لا يحل لك أن تصل وإن صليت فإن صلاتك باطلة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تصلوا إلى القبور يعني لا تجعلوها قبلة لكم فأما لو كان حول المسجد مقبرة لكن قد جال بينها وبين المسجد جدار فلا باس بالصلاة في المسجد إلا إذا كان الجدار قصيرا بحيث يكون الذي يصلي فيه كأنه يصلي إلى القبر فهنا ممنوع . هذه أماكن لا تصح الصلاة فيها .(3/41)
أما الصلاة في المكان المغصوب فهذه محل خلاف بين العلماء منهم من يقول إن الصلاة لا تصح ومنهم من يقول تصح وعليه أثم الغصب وهذا هو القول الراجح أن الصلاة في المكان المغصوب صحيحة لكن على الغاصب أثم الغصب كذلك الصلاة في الكعبة المشرفة جائز فرضها ونفلها لأنها من الأرض فهي داخلة في العموم فتصح صلاة الفريضة والنافلة فيها واما قارعة الطريق يعني السوق الذي يمر به الناس فإن كان محلا لسير الناس فالصلاة فيه حرام لانه تضييق على الناس والناس لابد أن يمشوا فاما أن تضيق عليهم وتمنعهم من السير واما أن يشوشوا عليك صلاتك فلا تحل الصلاة في الطريق لكن لو فرض أن الطريق خاليا فلا باس بذلك لان حديث ابن عمر حديث ضعيف لم يصح عن ابن عمر ولاعن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأما الصلاة في المجزرة و المزبلة فإن صلى الإنسان على الشيء الطاهر منها فلا باس لكن الأولى أن تبتعد عنها لئلا يتأذى بالرائحة وتتشوش عليه الصلاة وإن صلى على المكان النجس فلا يجوز لان من شروط الصلاة أن يكون المحل طاهرا والله الموفق .
ج: المساجد التي تبنى على القبور لا تصح الصلاة فيها ولهذا لما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن معمر أو يعمل مسجده في المدينة وكان في مكانه قبور المشركين نبشها
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب شروط الصلاة
218- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ اَلْمَسْجِدَ , فَلْيَنْظُرْ, فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ أَذًى أَوْ قَذَرًا فَلْيَمْسَحْهُ , وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ (????)(3/42)
219- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ اَلْأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا اَلتُّرَابُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ (????
بسم الله الرحمن الرحيم
هذان الحديثان نقلهما الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في شروط الصلاة إشارة إلى انه لابد أن يكون الإنسان طاهر الثوب وطاهر البدن وطاهر البقعة أما الثوب فلان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من وطئ الأذى بنعليه أن يميط ما فيهما من الأذى ويصلي فيهما وكذلك أيضا اخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الإنسان إذا وطئ الأذى بنعليه فإن طهورهما التراب يعني إذا وطئ الأذى ثم مشى وزال الأذى بالمشي عليها فإنهما تطهران فدل ذلك على انه لابد أن يكون الملبوس طاهرا سواء في القدمين أو على البدن كله مثل السراويل والقميص والرداء وغير ذلك واما طهارة البقعة فقد سبق الإشارة إلى ذلك لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يطهر ويراق عليه الماء لأجل أن يكون طاهرا , واما البدن فوجه وجوب تطهيره انه إذا وجب تطهير ما يلبس وما يصلى عليه وهو منفصل عن الإنسان فطهارة بدنه من باب أولى حتى يقف الإنسان بين يدي ربه وهو طاهر من الأحداث والأنجاس والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
مقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب شروط الصلاة
220- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ اَلْحَكَمِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّ هَذِهِ اَلصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ اَلنَّاسِ , إِنَّمَا هُوَ اَلتَّسْبِيحُ , وَالتَّكْبِيرُ , وَقِرَاءَةُ اَلْقُرْآنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([77]) .(3/43)
221- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ : إِنْ كُنَّا لَنَتَكَلَّمُ فِي اَلصَّلَاةِ عَلَى عَهْدِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ أَحَدُنَا صَاحِبَهُ بِحَاجَتِهِ , حَتَّى نَزَلَتْ : (حَافِظُوا عَلَى اَلصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ اَلْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)((اَلْبَقَرَة : 238] , فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ , وَنُهِينَا عَنْ اَلْكَلَامِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ ([78])
222 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلتَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ , وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ([79]) .
زَادَ مُسْلِمٌ فِي اَلصَّلَاةِ .
223- وَعَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي , وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ اَلْمِرْجَلِ , مِنْ اَلْبُكَاءِ
أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ , إِلَّا اِبْنَ مَاجَهْ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . ([80])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/44)
هذه الأحاديث في بيان حكم الكلام في الصلاة وأعلم أيها المصلي انك إذا كبرت ورفعت يديك ووقفت بين يدي الله تعالى فإنك تناجي الله سبحانه وتعالى ويناجيك إذا قلت الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قلت الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي وإذا قتل مالك يوم الدين قال الله تعالى مجدني عبدي وإذا قلت إياك نعبد وإياك نستعيد قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي نصفين وإذا قلت اهدنا الصراط المستقيم قال الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فإذا منت تناجي الله تعالى فلا تناجي غيره من المخلوقين ولهذا انزل الله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين قال زيد بن أرقم راوي الحديث فامرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام فإن هذا هو حقيقة القنوت لله عز وجل لكن إذا كان الإنسان لا يدري وتكلم وهو لا يدري أن الكلام حرام فصلاته صحيحة لحديث معاوية ابن الحكم رضي الله عنه وهو انه دخل يوما في الصلاة فعطس رجل من القوم وهو يصلي فقال الحمد لله فقال له معاوية بن الحكم رضي الله عنه يرحمك الله فجعل الصحابة ينظرون إليه بأبصارهم منكرين عليه فقال يا ثكل امياه تكلم مرة ثانية فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت فلما انتهى من الصلاة دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال معاوية فبابي هو وامي ما رأيت معلما احسن تعليما منه - صلى الله عليه وسلم - والله ما قهرني وما نهرني يعني لم يعبس في وجهي ولم ينهرني في كلامه وإنما كلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بلطف ولين قال له إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث دليل على مسائل منها ما نحن بصدده أن الإنسان إذا تكلم وهو يصلي يظن أن الكلام لا باس به فصلاته صحيحة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر معاوية بإعادة الصلاة ول و كانت باطلة لامره بإعادتها ومن فوائد(3/45)
الحديث أن الإنسان إذا عطس في الصلاة قال الحمد لله سواء كانت قائما أو راكعا أو قاعدا أو ساجدا وفي غير الصلاة من باب أولى إذا عطست فاحمد الله فأنها نعمة من الله تعالى عليك فتحمد الله سبحانه وتعالى على هذا ومن الفوائد جواز الالتفات للحاجة لان الصحابة رضي الله عنهم رموا معاوية بأبصارهم ومعاوية ليس أمامهم أما عن أيمانهم أو شمالهم ومنها جواز الحركة للحاجة أيضا لان الصحابة جعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتون معاوية ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنها حسن تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - وحسن خلقه وحكمته حيث إنه ينزل كل إنسان منزلته فهذا الرجل لم يتعمد أن يتكلم وهو يعلم انه حرام وهو ما جاء يصلي إلا ليتق الله عز وجل فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - من حاله أنه ليس أهلا للتوبيخ أو النهر بعامله بحاله ومنها انه ينبغي للإنسان إذا ذكر الشيء الممنوع أن يذكر الشيء المباح فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -لما قال له أن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس بين ما يصح في الصلاة وقال إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القران أو كما قا ل- صلى الله عليه وسلم - ومنها جواز رواية الحديث بالمعنى لان قوله أو كما قال يعني انه قال هذا أو ما معناه لكن يحسن بالإنسان إذا نقل الحدي بالمعنى أن يقول أو كما قال كما قال معاوية رضي اله عنه ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الصحابة الذين جعلوا يضربون على أفخاذهم أمرهم أن يسبحوا ولهذا جاء في حديث أبي هريرة إنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء في الصلاة فقال إنما التسبيح للرجال واما النساء فلا تسبح في الصلاة لان النساء إذا سبحن ورفعن أصواتهن شوشن على الرجال وربما يكون صوت المرأة رخيما حسنا فيحصل بذلك فتنة واما التصفيق فليس بصوت أما الرجال فيسبحون الله عز وجل يقولون سبحان الله للإمام إذا نابه شيء وذلك تنبيها للإمام لان الإمام إنما اخطأ لسهو أو(3/46)
قلة علم فيسبحون الله تنزيها له سبحانه وتعالى عما لا يليق به من الجهل والنسيان فهذا هو السبب أن من أراد أن ينبه الإمام يقول سبحان الله وفي هذا الحديث دليل على أن الحركة للحاجة لا باس بها كما آذن الرسول - صلى الله عليه وسلم - للنساء أن يصفقن في الصلاة لكن هذه حركة لمصلحة الصلاة ومن الفوائد أن التسبيح في غير موضع الحاجة لا باس حتى لو كان الإنسان يقرا أو يستمع لقراءة أمامه فاخطأ أمامه فانه يقول سبحان الله إذا كان لا يستطيع أن يرد عليه ولكن هل يسبح الإنسان وهو يصلي لفعل غير أمامه ؟ الجواب لا يعني لو كان واحد يصلي جنبك ورايته قام إلى ثالثة في الراتبة لا تقل سبحان الله وأنت في صلاة لانه ليس إماما لك ولا يوجد بين صلاتك وصلاته ارتباط نعم لو حركنه بيدك تنبيها له لا باس لكن يعفى في الكلام إذا غصبا عن الإنسان كما جاء في حديث عبد الله بن الشخير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وكان لصدره أزيز كأزيز المرجل وهو القدر إذا صار يغلي لان الرسول - صلى الله عليه وسلم -أحيانا كان يكون له ذلك من خشية الله تعالى فإذا كان الكلام بغير قصد من الإنسان فانه لا يبطل الصلاة حتى لو فرض أن الإنسان استأذن عليه أحد فاجاب ناسيا انه في صلاة قال ادخل أو قال نعم فأنها لا تبطل صلاته لانه بغير قصد منه وكذلك لو سقط عليه شيء هو يصلي فقال بغير قصد ( اح مثلا ) فإن ذلك لا يضر لانه بغير قصد ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
مقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب شروط الصلاة
224 - وَعَنْ عَلَيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ لِي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَدْخَلَانِ , فَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي تَنَحْنَحَ لِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَابْنُ مَاجَهْ . ([81])(3/47)
225- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-(قَالَ] : قُلْتُ لِبِلَالٍ : كَيْفَ رَأَيْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَرُدَّ عَلَيْهِمْ حِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ , وَهُوَ يُصَلِّي ? قَالَ : يَقُولُ هَكَذَا , وَبَسَطَ كَفَّهُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ([82])
226- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ , فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا , وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ([83])
وَلِمُسْلِمٍ : وَهُوَ يَؤُمُّ اَلنَّاسَ فِي اَلْمَسْجِدِ .
227- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اُقْتُلُوا اَلْأَسْوَدَيْنِ فِي اَلصَّلَاةِ : اَلْحَيَّةَ, وَالْعَقْرَبَ أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ ([84]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/48)
سبق لنا في الدرس الماضي حكم الكلام في الصلاة وان ما جاء من غير فإنه لا يؤثر وكذلك أيضا إذا تنحنح الإنسان في صلاته تنبيها لمن أتى إليه أو ما أشبه ذلك فلا باس لقول على رضي الله عنه كان لي مدخلان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يعين زمان الحصول يعني وقت في الليل ووقت في النهار فإذا دخلت وو يصلي تنحنح لي فدل هذا على أن النحنحة ليست بكلام لأنها لو كانت كلاما لا بطلت الصلاة ولكن لا ينبغي أن يتنحنح إلا لحاجة أما بدون حاجة فلا ينبغي لأنها من الحركة الزائدة على المشروع في الصلاة فتكون مكروهة على الأقل إلا للحاجة واما إذا سلم على الإنسان وهو يصلي فإنه لا يرد باللفظ لو قال عليكم السلام بطلت صلاته لكن يشير بيده يبسطها هكذا لان ابن عمر رضي الله عنهما سأل بلالا عن ذلك فاخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلموا عليه بسط كفه ثم ذكر المؤلف حديث أبي قتادة رضي الله عنه في حكم العمل والحركة في الصلاة الحركة في الصلاة قال العلماء إنها خمسة أقسام حركة واجبة وحركة محرمة وحركة مستحبة وحركة مكروهة وحركة مباحة أما الواجبة فهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة هذه واجبة مثاله انسنا يصلي إلى غير القبلة فجاءه رجل وقال له إن القبلة على يمينك فانحرف إلى يمينه فهذه حركة لكنها واجبة لأنها لا تتم الصلاة إلا بهذا الانحراف ومثله ما حصل لأهل قباء وهم يصلون حيث أتاهم رجل وهم في صلاة الفجر فاخبرهم بتوجيه القبلة إلى الكعبة فانحرفوا وهم يصلون من جهة الشمال إلى جهة الجنوب وكذلك لو أن الإنسان رأى في ثوبه نجاسة وامكنه خلعه وهو يصلي فانه يجب عليه خلعه وهذه حركة واجبة لانه يتوقف عليها صحة الصلاة والحركة المحرمة هي ما ينافي الصلاة مثل القهقهة يعني الضحك بصوت هذا وإن قل يبطل الصلاة لانه ينافي الصلاة تماما ومثل اللعب يعي إنسان مثلا يصلي فجعل شخص يلعب كرة مثلا فلو لعب معه ولو قليلا بطلت صلاته لان هذا ينافي الصلاة وكذلك(3/49)
العمل الكثير فهو حرم ويبطل الصلاة والحركة المستحبة فهي التي يكوون فيها كمال الصلاة مثل أن يتقدم المصلي إلى فرجة انفتحت أمامه وهو يصلي مثلا هو في الصف الثاني فانفتحت فرجة في الصف الأول فتقدم هذه سنة لان فيها كمال الصلاة ومثل ما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ابن عباس رضي عنهما فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام يصلي في الليل فقام ابن عباس رضي الله عنهما ووقف إلى يساره فأداره النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليسار إلى اليمين فهذه أيضا حركة مستحبة لأنها من كمال الصلاة واما المكروهة فهي اليسيرة لغير حاجة يعني ليست لعبا في الصلاة لكنها أيضا ليس كثيرة كما يفعل بعض الناس من تعديل الغترة أو النظر في الساعة وما أشبه ذلك أو يتفطن لشيء وهو يصلي فيكتبه وما أشبه ذلك هذا حركة يسيرة لكنها مكروهة إلا لحاجة . وأما المباحة فهي الحركة الكثيرة للضرورة أو الحركة اليسيرة للحاجة مثال الذي للضرورة كما لو كان الإنسان يصلي فأحس بعدو يريد أن يقتله فهرب منه وهو يصلي فإن هذه حركة كثيرة في العادة لكنها لا تبطل الصلاة لأنها للضرورة وكذلك لو هاجمته حية أو عقرب فجعل يحاول قتلها فلا باس ولو كثر العمل لان هذا للضرورة .(3/50)
ثم ذكر المؤلف حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي بالناس وهو حاملا أمامة بنت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جدها من قبل الأم فهي طفلة صغيرة وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - رحيما شفيقا حريصا على تطييب قلوب الناس حتى الصغار فهذه الطفلة لعلها تعلقت به أو صاحت أو ما أشبه ذلك وقد قيل إن ذلك حين موت أمها زينب رضي الله عنها أخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي بالناس فجعل يحملها وهو يصلي إذا قام حملها على كتفه وإذا سجد وضعها على الأرض فهذه حركات متعددة لكنها للحاجة ومتفرقة أيضا يعني حركة القيام وحركة السجود هذه وإن تعددت ولكنها متفرقة فلا تبطل الصلاة وفي هذه القصة دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احسن الناس أخلاقا وقد كان - صلى الله عليه وسلم - أخشى الناس واتقاهم لله فلو أن إنسان عنده طفلة في البيت تصيح متعلقة به وأخذها وحملها على كتفه أو على صدره وكان إذا قام حملها وإذا سجد وضعها يسكتها فإن هذا لا باس به لانه فعله من هو خير منا فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن قال قائل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قلنا لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخشى الناس واتقاهم لله ولك فيه أسوة وفيه أيضا دليل على أن الصبي إذا لم نعلم نجاسته فهو طاهر وإن كان يغلب على الظن انه نجس لكن إذا لم تعلم فإنه طاهر يجوز أن تحمله في الصلاة وان تحمله في الطواف ولا حرج عليك وفيه أيضا دليل على الإنسان وإن كان يصلى في جماعة وحصل مثل هذا الحالة يفعله ولا يبالي حتى لو انتقده الناس يقول هذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خير منا ولنعلم الناس السهولة في الدين واليسر والسماحة والتشدد في الدين تعمق ولهذا عاقب النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين واصلوا في الصوم نهاهم(3/51)
لكنهم صاموا رضي الله عنهم ظنا منهم انه إنما نهاهم رافة بهم وهم قادرون لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنهم متعمقون فواصل بهم يوما ويوما حتى هل هلال شوال وقال لو تأخر الهلال لزدتكم وقال انه فعل ذلك ليعلم هؤلاء المتعمقون انهم على غير شيء فوصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنهم متعمقون وهم صحابة رضي الله عنهم لكن التشدد في الدين ليس من الدين لان النبي - صلى الله عليه وسلم -قال كلمة موجزة واضحة قال الدين يسر لكنه ليس يسرا على مزاج الناس يفعلون ما شاءوا ويقولون الدين يسر لكن كل تشريعاته يسر والحمد لله نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم التمسك به والوفاة عليه
ج: أي نع إذا صارت الطفلة ما تسكت تشيلها إذا قامت رفعتها وإذا سجدت وضعتها على الأرض
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينامحمدا وعلى اله وصحبه أجمعين
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب سترة المصلي
بَابُ سُتْرَةِ اَلْمُصَلِّي
228- عَنْ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ اَلْحَارِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَوْ يَعْلَمُ اَلْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ اَلْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنْ اَلْإِثْمِ لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . ([85])
وَوَقَعَ فِي "اَلْبَزَّارِ" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ : أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ([86])
229- وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ - عَنْ سُتْرَةِ اَلْمُصَلِّي . فَقَالَ : "مِثْلُ مُؤْخِرَةِ اَلرَّحْلِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ . ([87])(3/52)
230- وَعَنْ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ اَلْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَتِرْ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ أَخْرَجَهُ اَلْحَاكِمُ ([88])
231 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْطَعُ صَلَاةَ اَلْمَرْءِ اَلْمُسْلِمِ - إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ اَلرَّحْلِ - اَلْمَرْأَةُ , وَالْحِمَارُ , وَالْكَلْبُ اَلْأَسْوَدُ . . . " اَلْحَدِيثَ . وَفِيهِ اَلْكَلْبُ اَلْأَسْوَدِ شَيْطَانٌ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ([89]) .
232- وَلَهُ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - نَحْوُهُ دُونَ : "اَلْكَلْبِ" (????)
233- وَلِأَبِي دَاوُدَ , وَالنَّسَائِيِّ : عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- نَحْوُهُ , دُونَ آخِرِهِ . وَقَيَّدَ اَلْمَرْأَةَ بِالْحَائِضِ (????) .
234- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنْ اَلنَّاسِ , فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ , فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ , فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ([92])
235- وَفِي رِوَايَةٍ : فَإِنَّ مَعَهُ اَلْقَرِينَ ([93]) .(3/53)
236- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا , فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلْيَخُطَّ خَطًّا , ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَنْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ , وَلَمْ يُصِبْ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ , بَلْ هُوَ حَسَنٌ . ([94])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/54)
هذه بقية الأحاديث في باب سترة والمصلي وقد سبق لنا انه لا يحل للإنسان أن يمر بين يدي المصلي إلا في المطاف وإذا كان الإنسان يصلي في الممرات وإذا كان مع الإمام أما المطاف فلا حرج على الإنسان أن يمر بين يديه المصلين إذ كان يطوف لان المصلين في المطاف ليس لهم حق المطاف للطائفين فإذا صلوا في المطاف سواء خلف مقام إبراهيم أو في أي مكان آخر فإنه لا حرمة لهم ولا حق لهم كذلك أيضا إذا صلوا في الممرات مثل طرق المسجد وأبوابه فإنه لا حرمة لهم وللإنسان أن يمر بين أيديهم وان يتخطى رقابهم لانهم هم الذين اعتدوا على المسلمين وضيقوا عليهم في أماكن مرورهم والثالث إذا كان مع الإمام فإن سترة الإمام سترة للمأمومين فلا حرج أن يمر بين يدي المأمومين لكن لا ينبغي أن يفعل إلا لحاجة لانه يشوش علي المصلين وإن كان لا يخل بصلاتهم أما بقية الباب فذكر المؤلف حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بين انه إذا صلى الإنسان ولم يضع سترة ومر بين يديه المرأة والحمار والكلب الأسود فإن صلاته تبطل ويجب عليه أن يعيدها من جديد وأما إذا مرت من وراء السترة فلا حرج وكذلك إذ لم يكن له سترة ومرت من فوق موضع سجوده فلا حرج هذه الأشياء الثلاثة : الحمار إذا مر بين يدي المصلي بين يدي المصلي فإنه يقطع صلاته إذا لم يكن من وراء سترة فعليه أن يعيدها من جديد وإذا مر الكلب الأسود خاصة فإنه يقطع صلاته وعليه أن يعيدها من جديد وإذا مرت المرأة الحائض يعني التي قد بلغت فإنها تقطع صلاته ويجب عليه الإعادة من جديد أما إذا مرت المرأة التي دون البلوغ فإنه لا تبطل الصلاة لكنها تنقصها وسؤل النبي - صلى الله عليه وسلم - لماذا يختص قطع الصلاة بالكلب الأسود ؟ فقال إن الكلب الأسود شيطان أما حديث أبي سعيد ففيه أن الإنسان إذا وضع له سترة أراد أحد أن يمر بين يديه أي بينه وبين سترته فإنه يدفعه حتى لو أدى إلى مقاتلته يعني مضاربته(3/55)
فإنه يدفعه وذلك لان هذا الذي يريد أن يمر اعتدى عليه فإن أبى يقول البني - صلى الله عليه وسلم - فليقاتله فإنما هو شيطان لكن قال العلماء رحمهم الله إنه إذا أدى منع هذا المار إلى كثرة الحركة في الصلاة كما لو كان الذين يمرون كثيرا فإنه لا يلزمه أن يمنعه في هذا الحال لانه لو تشاغل بمنع الناس المارين لبطلت صلاته من كثرة الحركة فقيدوا هذا الحديث بما إذا لم يؤد ذلك أي المدافعة إلى بطلان الصلاة بكثرة الحركة فإن أذى إلى ذلك فإنه لا يدفع كل من مر وإنما يدفع واحد بعد واحد حتى لا تبطل صلاته والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب
بَابُ اَلْحَثِّ عَلَى اَلْخُشُوعِ فِي اَلصَّلَاةِ
238- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُصَلِّيَ اَلرَّجُلُ مُخْتَصِرًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ . ([95])
وَمَعْنَاهُ : أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ عَلَى خَاصِرَتِهِ ([96])
239- وَفِي اَلْبُخَارِيِّ : عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ ذَلِكَ فِعْلُ اَلْيَهُودِ في صلاتهم ([97])
240- وَعَنْ أَنَسٍ- رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُدِّمَ اَلْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا اَلْمَغْرِبَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . ([98])
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب الحث على الخشوع في الصلاة(3/56)
الخشوع في الصلاة يعني حضور القلب أن الإنسان يحضر قلبه في صلاته من التكبير إلى التسليم بحيث لا يوسوس ولا يفكر في غير صلاته والخشوع في الصلاة هو لب الصلاة وروحها وصلاة بلا خشوع كقشور بلا لُب ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الخشوع في الصلاة واجب فهيا وان من غلب على اكثر صلاته الوسواس والتفكير فإن صلاته لا تصح وعليه أن يعيدها مرة ثانية حتى يحضر قلبه أما في الصلاة أو في أكثرها وهذا قول قوي وظاهر كلام شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى انه يميل إلى ذلك كما في كتابه القواعد النورانية ولكن اكثر العلماء يقولون انه لا تجب عليه الإعادة إذا غفل في صلاته وصار يفكر ويوسوس إنما قلنا ذلك ليتبين لكم أن الخشوع في الصلاة أمره مهم وانه يجب على الإنسان أن يعالج نفسه حتى يصلي صلاة لها لُب ولها روح ولها معنى وإلا كيف تقف بين يدي الله عز وجل تخاطبه تقول إياك نعبد وإياك نستعين وقلبك يجول يمينا وشمالا أما في الأسواق أو مجالس أصحابك واما في كتب علمك حتى لو كنت تفكر في العلم فإن ذلك ينافي الخشوع في الصلاة اجعل قلبك دائما حاضر في الصلاة ثم ذكر المؤلف نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الإنسان مختصرا ومعناه أن يضع يده على خاصرته والخاصرة ما فوق (الحقو) وهي اسفل البطن من اليمين أو من الشمال وزاد في حديث عائشة أن ذلك من فعل اليهود في صلاتهم انهم يصلون مختصرين لان المشروع في الصلاة أن يضع الإنسان يده اليمنى على ذراعه اليسرى ويضعهما على صدره هذا هو الأفضل سواء كان في القيام الذي قبل الركع أو الذي بعده تضع اليد اليمنى على ذراع اليسرى وتضعهما جميعا على صدرك هذا هو السنة ونرى بعض الاخوة إذا قام يصلي يضع يده اليمنى على اليسرى ثم يدسها تحت إبطه تقريبا يعني يميلها إلى الجانب الأيسر وهذا خلاف السنة بل هو من البدعة يعني الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما كان يفعل هكذا في صلاته وهؤلاء يفعلون ذلك على انه سنة(3/57)
فيكونون بذلك مبتدعين مخالفين هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لي بعض الناس إنهم يقولون إن القلب من الجانب الأيسر فنضع اليدين على الجانب الأيسر وهذا غلط هذا قياس فاسد في مقابلة النص وعلى هذا فمن رأى منكم شخصا يصلي وهو واضعا يده اليمني على اليسرى على الجنب هكذا فلينصحه وليقل له هذا من البدع ومن الأمور المنكرة كيف تشرع في عبادة والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعلها إذاً الصلاة مختصرا منهي عنها وهل النهي للتحريم ؟ قال بعضهم إنه للتحريم لان الأصل أن النهي للتحريم وأيضا لان فيه مشابهة لليهود في عباداتهم ومشابهة الكفار محرمة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من تشبه بقوم فهو منهم ثم ذكر المؤلف الأمر بان يبدأ الإنسان بالعشاء قبل الصلاة يعني إذا قدم العشاء وقد آذن المؤذن وأنت بين أمرين أما أن تذهب تصلي وقلبك مشغول بالطعام وأما أن تبقى وتأكل ثم تذهب وتصلي الأرجح الثاني أن تبقى وتأكل وتشبع ثم تذهب وتصلي إن أدركت الجماعة فهذا المطلوب وإن لم تدرك فلا شيء عليك لان الإنسان إذا ذهب وقلبه متعلق بالطعام انشغل قلبه عن الصلاة وهذا مما استدل به بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على وجوب الخشوع في الصلاة قال إذا جاز أن تترك واجب الجماعة فإن الواجب لا يسقط إلا بواجب لكن اكثر العلماء كما قلت لكم يقولون انه لا يبطل الصلاة لكن يدل على أن ما يتعلق بنفس العبادة يحافظ عليه الإنسان اكثر مما يتعلق بأمر خارج الجماعة لا شك أنها مطلوبة لكن الخشوع في الصلاة الصق بالصلاة من صلاة الجماعة والخلاصة انه إذا قدم لك الطعام وأنت تشتهيه فلا تذهب تصلي سواء في بيتك أو في المسجد لا تذهب حتى تاكل إلا انه ينبغي التفطن لمسألة وهي انه لا يجعل ذلك عادة لا يقدم العشاء إلا إذا آذن لا لكن لو فرض أن الإنسان تلهي بشغله ولم يتفرغ للطعام إلا بعد الأذان ثم قدم الطعام فانه لا يبدأ به إلا بعد الصلاة من اجل أن(3/58)
يتفرغ للصلاة ويشغل قلبه فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة
241- وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ - رضي الله عنه - (????) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ فِي اَلصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحِ اَلْحَصَى , فَإِنَّ اَلرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ ([100])
وَزَادَ أَحْمَدُ : "وَاحِدَةً أَوْ دَعْ" ([101])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/59)
سبق لنا انه مما يدعو إلى الخشوع في الصلاة أن يكون الإنسان خالي الذهن بعيدا عما يشغله وان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يصلي الإنسان بحضرة الطعام وان الإنسان إذا حضر الطعام عشاء أو غداء فإنه لا يصلي حتى يشبع لانه لو ذهب يصلي وهو في هذه الحال تعلق قلبه بالطعام وانشغل عن الصلاة وكذلك إذا كان يدافعه الأخبثان يعني إذا كان محصورا ببول أو غائط أو ريح فإنه لا يصلي حتى يتخلى من ذلك لانه إذا صلى وهو محصور صار ذلك سبا لانشغال قلبه وصار يحرص على أن يسرع في صلاته ولا يطمئن وكان في ذلك ضرر عليه في بدنه ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الإنسان وهو يدافع الاخبثين فإذا قال قائل أرأيتم لو كان الإنسان يدافع الاخبثين ولو ذهب يقضي الحاجة ثم يتوضأ فاتته صلاة الجماعة فهل يدخل مع الجماعة على هذه الحال أو يذهب ويتحلى ثم يتوضأ ويصلي ؟ قلنا الثاني يعني نقول اذهب وتخلً وتوضأ وصل لان المحافظة على شيء بنفس الصلاة أولى من المحافظة على شيء خارج منها كذلك أيضا يستفاد من هذا الحديث أن كل مشغل للقلب فإنه لا يصل الإنسان في حال وجوده فلو فرضنا أن الإنسان عنده صبيان في البيت أراد أن يصلي وهم يصيحون ولو دخل يصلي انشغل بهم أو يسكتهم ثم يصلي ؟ نقول سكتهم أولا ثم صل لان كونك تنشغل بهم هذا يخل بالصلاة وهكذا كل مشغل لا تصل وأنت في حال ينشغل فيها قلبك عم حضور الصلاة لان حضور القلب في الصلاة مهم جدا من أهم ما يكون وقد ذكرنا لكم فيما سبق أن بعض أهل العلم ذكر أنه يجب الخشوع في الصلاة يعني يجب حضور القلب في الصلاة ومما يدعو إلى الخشوع أيضا أن لا يشغل المصلي نفسه بالحركة ولهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح الإنسان محل سجوده وقال واحدة أو دع وان كان فلابد فواحدة ولا تزد وذلك أن الإنسان إذا انشغل بمسح موضع سجوده فهذه حركة لا داعي لها لكن أحيانا يحتاج إلى ذلك مثل أن يكون المصلي في صحراء وفيها(3/60)
أحجار صغيرة فاراد أن يزيلها عن موضع سجوده عن محل جبهته فهذه حلة لا باس بها وكذلك لو كان في الأرض شوك فمسحه بيده من اجل أن يزول عن محل جبهته فلا باس لأنها حاجة وإلا فلا يمسح لان ذلك حركة في الصلاة لا داعي لها ومن الحركات التي لا داعي لها ما يفعله بعض الناس من النظر إلى الساعة أو بتحريك الغترة أو المشلح أو القلم أو ما أشبه ذلك فهذا كله مما ينافي الخشوع في الصلاة ولهذا يذكر عن عمر رضي الله عنه انه رأى رجلا يصلي يعبث في لحيته فقال لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه يعني لو كان قلبه حاضرا مقبلا على الصلاة لخشعت جوارحه يعني أعضائه فالحاصل انه ينبغي للإنسان أن يبتعد عن كل شيء يخل بحضور قلبه في الصلاة والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة
243 - عَنْ عَائِشَةَ --رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا-- قَالَتْ : سَأَلْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ اَلِالْتِفَاتِ فِي اَلصَّلَاةِ ? فَقَالَ : "هُوَ اِخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ اَلشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ اَلْعَبْدِ رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . ([102])
244- وَلِلتِّرْمِذِيِّ : عَنْ أَنَسٍ - وَصَحَّحَهُ - إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي اَلصَّلَاةِ , فَإِنَّهُ هَلَكَةٌ , فَإِنْ كَانَ فَلَا بُدَّ فَفِي اَلتَّطَوُّعِ ([103])
245- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي اَلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ , فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ , وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ([104])
وَفِي رِوَايَةٍ : أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ([105])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/61)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى أحاديث في باب الخشوع في الصلاة سبق الكلام على بعضها ومنه ما في هذا الدرس عن عائشة رضي الله عنها أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد الالتفات في الصلاة نوعان التفات بالقلب والتفات بالبدن أما الالتفات بالقلب فمعناه أن الإنسان يسرح كما يقولون يعني إذا دخل في الصلاة صار يوجس يمينا وشمالا ماذا فعل وماذا سيفعل وماذا كان وماذا سيكون وما أشبه ذلك وهذا يخل بالخشوع في الصلاة وينقص اجر الصلاة حتى أن الرجل لينصرف من صلاته وما كتب له إلا نصفها أو ربعها أو خمسها أو عشرها أو اقل من ذلك حسب حضور قلبه في الصلاة فكلما ابعد في الهواجيس وانشغل بها نقص من صلاته بقدرها وهذا التفات بالقلب أما الالتفات بالبدن فهو نوعان التفات بالبدن كله فهذا يبطل الصلاة لانه يعني الانصراف عن القبلة والتفات بالرقبة فقط فهذا ينقص اجر الصلاة وهو الذي ذكره في هذا الحديث انه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد يعين سرقة يسرقها لانه إذا التفت الإنسان نقصت صلاته إذا أن المشروع في حق المصلي أن ينظر إلى موضع السجود إلا إذا جلس بين السجدتين أو جلس للتشهد فانه ينظر إلى موضع الإشارة إلى يده وهو يشير بها واما ما عدا ذلك فانه ينظر إلى موضع سجوده حتى الذين في البيت الحرام لا ينظرون إلى الكعبة ولكن ينظرون إلى موضع السجود أو إلى موضع الإشارة في حال الجلوس واما النظر إلى الكعبة فانه خلاف المشروع ومما يوجب انشغال الفكر لان الإنسان إذا نظر إلى الكعبة ربما يفكر في الكعبة وفي بنايتها وربما ينشغل بالطائفين إذا كان هو ينتفل وهم يطوفون وما أشبه هذا والنظر إلى الكعبة ليس من العبادة كما يزعم بعض العلماء لان هذا يحتاج إلى دليل ولا دليل على أن النظر إلى الكعبة عبادة النظر إليها كغيرها من مخلوقات الله عز وجل فهذا الالتفات بالبدن له نوعان نوع بكل(3/62)
البدن فخذا يبطل الصلاة ونوع آخر بالرقبة والكتف فهذا لا يبطلها ولكن ينقصها إلا إذا كان لحاجة فلا باس مثل أن يخاف الإنسان من عدو أو من سبع يعدو عليه أو ما أشبه ذلك فهنا لا باس أن يلتفت إذا كان لحاجة أما لغير حاجة فإنه يكره لانه اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد وهنا يجب أن يتنبه الإنسان لمسالة وهو إذا كان في المسجد الحرام فإن الواجب أن يتجه إلى عين الكعبة ما دام يمنكه مشاهدتها ولا يصح أن يتجه إلى جهتها لان فرض من قرب من القبلة إصابة عينها كما قال ذلك أهل العلم ونرى كثيرا في المسجد الحارم ممن يصلون ويتجهون إلى الجهة وهذا خطأ عظيم لكن بحمد اله تعالى نجد أن المطاف وما حوله يمكن أن يتجه الإنسان فيه إلى عين الكعبة لانه يشاهدها أما ما فوق السطح فقد اتجهت بلاطه إلى جهة القبلة فلا إشكال فيه واما الدور الثاني فإن القائمين على المسجد الحرام قد وضعوا خطوطا دقيقة إذا قام الإنسان يصلي عليها فإنه يتجه إلى عين الكعبة وفي هذا الحديث التحذير من الالتفات في الصلاة كما جاء في الحديث الآخر إياك والالتفات في الصلاة فإن هلكة لانه ما دام اختلاس يختلسه أعدى عدو لك وهو الشيطان يختلسه م صلاة التي هي افضل العبادات فعليك أن تحذر من هذا وان لا تلفت إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة
245- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي اَلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ , فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ , وَلَكِنْ عَنْ شِمَالِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ([106])
وَفِي رِوَايَةٍ : أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ ([107])(3/63)
246- وَعَنْهُ قَالَ : كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا , فَإِنَّهُ لَا تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ ([108])
247- وَاتَّفَقَا عَلَى حَدِيثِهَا فِي قِصَّةِ أَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ , وَفِيهِ : فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي ([109])
بسم الله الرحمن الرحيم(3/64)
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب الخشوع في الصلاة في كتابه بلوغ المرام عن انس رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا قام أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه يناجيه يعني يخاطبه وذلك أن الإنسان إذا دخل في الصلاة فقد دخل على الله عز وجل ووقف بين يديه فليستشعر انه يخاطب الله تبارك وتعالى ولهذا يقول سبحانك اللهم وبحمدك فيخاطب الله بكامل صفاته وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي هذه مناجاة إذا قلت الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل حمدني عبدي يسمعك سبحانه وتعالى ويرد عليك يقول حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي أبنا يستحضر هذا عند الصلاة اكثر الناس يقرأ الفاتحة مجرد قراءة لا يشعر بهذا المعني العظيم انه كلما قرأ أية إجابة الله عز وجل فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل إياك نعبد العبادة لله والاستعانة استعانة بالله على امور دينك ودنياك إياك نعبد وإياك نستعين يقول الله عز وجل هذا بين وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قلا اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين هذه الثلاث آيات يقول الله عز وجل هذه لعبدي ولعبدي ما سأل هذا وجه المناجاة انك تناجي الله عز وجل وأنت تصلي فلو فرض انك تناجي ملكا أو رئيسا من رؤساء الدنيا الست تشعر بالهيبة والتعظيم وانك في مقام عال رفيع هنا تخاطب ملك الملوك عز وجل خالق السماوات والأرض فيجب أن تكون معه متأدبا معظما له ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - فلا يبزقن قبل وجهه ولاعن يمينه البزاق معروف التفل الغليظ من نخامة أو غيرها لا تبزق قبل وجهك وأنت تصلي فإن فعلت ذلك فأنت أثم لان هذا(3/65)
سوء أدب مع الله عز وجل لو انك بين يدي إنسان أمير أو وزير أو سلطان أو كبير ما استطعت أن تبزق بين يديه فكيف وأنت بين يدي الله عز وجل ولهذا قال فلا يبزقن قبل وجهه فإن الله قبل وجهه ولما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - نخامة في جدار المسجد في قبلته عزل الإمام الذي تنخم لانه أساء الأدب مع الله عز وجل فلم يصلح أن يكون إماما للمسلمين وهذا يدل على أن الإنسان إذا تنخم في الصلاة قبل وجهه كان آثما ووجب إزالته عن الإمامة إذا كان إماما ولكن ماذا يصنع إذا تته نخامة قال ولكن عن يساره أو تحت قدمه هذا إذا لم يكن في المسجد يتفل عن يساره ولو التفت ما فيه مانع لانه التفات لحاجة أو تحت قدمه يعني يبزق تحت القدم ويطأ عليها حتى تزول ويستفاد من هذا الحديث أن النخامة طاهرة لأنها لو كانت نجسة ما صح أن يبزق تحت قدمه فإذا قال قائل فإذا كان في المسجد ماذا يصنع ؟ نقول إذا كان معه منديل ففي المنديل وإن لم يكن معه ففي ثوبه المهم أو لا يبزقن قبل وجهه ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا تحت قدمه إذا كان في المسجد فهاتان جهتان ممنوعتان على كل حال وهما قبل الوجه واليمين وهنا جهتان ممنوعتان إذا كان في المسجد وهما اليسار وتحت القدم فماذا يبقى ؟ يبقى كما قال العلماء أن يبزق في ثوبه أو منديله وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - إن الله قبل وجهه دليل على سعته سعة الله عز وجل لان الله واسع عليم كما قال تعالى ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ) محيط بكل شيء جل وعلا ولكن ليس يعني أن الله في الأرض بل الله تعالى في السماء مستو على عرشه ومن قال أن الله في الأرض فهو مرتد عن الإسلام كافر بالله عز وجل لانه مكذب بالقرآن والسنة واجماع المسلمين متنقص لرب العالمين عز وجل فالله تعالى لا يحويه مكان ولا يمكن أن تكون الأمكنة حالة فيه بل هو سبحانه وتعالى فوق كل شيء فمن قال أن الله في الأرض فقد كفر وارتد عن(3/66)
دين الإسلام فيجب عليه أن يتوب إلى الله وان يؤمن بان الله تعالى فوق كل شيء كما قال تعالى ( وهو القاهر فوق عبادة ) وقال عز وجل ( الرحمن على العرش استوى ) أي علا على العرش عز وجل علوً يليق بعظمته وجلاله والعرش فوق كل شيء فوق المخلوقات كلها لان الله تعالى استوى عليه فهو فوق المخلوقات والله تعالى فوق العرش ومع ذلك فهو قبل وجه المصلي فلو قال قائل كيف يكون قبل وجه المصلي وهو فوق ؟ نقول الذي يورد هذا الإيراد ما قدر الله حق قدره ولا عرف عظمة الله تعالى لان الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء فهو قادر على أن يكون فوق كل شيء وقبل وجه المصلي وأيضا قبل الشيء لا يمنع أن يكون عاليا فهاهنا مثل نحن نقابل الشمس عند الغروب أين تكون تكون قبل وجوهنا وهي فوق في السماء هذا في المخلوقات أما الخالق فيجب عليك إذا اخبر الله عن نفسه بشيء أن تقول آمنا وصدقنا ولا تقل سوى ذلك لا تقل كيف ولما انك قاصر لا تستطيع أن تدرك كل شيء ولا تستطيع أن تحيط بكل شيء وإني أسألك ما هي روحك ؟ ما ندري (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) هذه الروح التي في أبداننا ونعيش بها وإذا فارقت البدن هلكنا ومع ذلك لا ندري ما هي لا نعلم من صفات الروح إلا ما جاء في الكتاب والسنة فقط وهذا يد لعلى أن الإنسان قاصر ولهذا لما قالوا ما هي الروح قال الله تعالى ( قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) كأن الله يوبخهم يقول تسأل عن الروح ما بقى لك من العلم إلا الروح وهكذا صفات الرب عز وجل إياك أن تورد على قلبك أو على غيرك لما وكيف هذه دعها عنك إن فعلت ذلك فأنت مبتدع كل ما اخبر الله به عن نفسه فواجب المؤمن أن يقول سمعنا وآمنا وصدقنا ولا يتعرض كيف ولما لأننا لا نحيط بالله عز وجل كما قال تعالى ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ) والله الموفق(3/67)
وكذلك لا تجعل نقوشا تصلي عليها كالنقوش التي تكون في بعض السجادات تلهي كل هذا ينبغي إزالته لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عائشة أن تزيل القرام عن الجدار وفي هذا دليل على جواز ستر الجدار لكن لا ينبغي إلا إذا كان هناك حاجة مثل أن ستره عن الغبار أو أن يتلف الجو فيكون باردا في الصيف ودافئ في الشتاء أما لمجرد الزينة فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما امرنا أن نكسو الحجارة والطين لكن إذا كان فيه مصحة فلا باس .
ثم ذكر المؤلف حديث انبجانية أبي جهم وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -أهدى إليه رجل من الصحابة ياقال له أبو جهم خميصة يعني مساءً معلما له أعلام فصلي به النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فنظر إليها فلما انصرف قال اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وأتوني بانبجانية أبي جهم فإنها أتهتني انفا عن صلاتي ففيه دليل على ما ذكرنا أن كل شيء يشغل الإنسان فإنه يتخلى عنه في صلاته جتى الثياب إذا قدرنا أنها تشغله في الصلاة فليزلها وليتخل عنها وكذلك قال العلماء مما يشغل لو انه حمل شيئا ثقيلا في الصلاة فإنه لا ينبغي مثل أن يضع في جيبه شيئا ثقيلا يشغله عن الصلاة فلا يفعل فكل ما يشغل عن الصلاة فاجتنبه وفي هذا الحديث حديث أبي جهم حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لما رد على أبي جهم الخميصة قال ائتوني بانبجانيته حتى لا ينكسر قلبه فيقول لماذا ردها - صلى الله عليه وسلم - فالنبي - صلى الله عليه وسلم - ردها وطلب سواها وفيه دليل على انه يجوز سؤال الغير إذا كان لمصلحة يعني يجوز أن تقول للشخص اعطني كذا إذا كان لمصلحة مثل أن يكون جبر قلبه أو فرحه وسروره لان بعض الناس لو تقول اعطني كذا يفرح أن يخدمك أو يعطيك شيئا تطلبه منه فهذا لا يدخل في السؤال المذموم السؤال المذموم أن تحرج غيرك بسؤالك واما أن تدخل السرور عليه بسؤالك فهذا خير(3/68)
ثم ذكر حديث جابر فيمن يرفعون أبصارهم إلى السماء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ذلك قولا شديدا واشتد قوله فيه حتى انه قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم والعياذ بالله ففي الصلاة لا يجوز لك أن ترفع بصرك إلى السماء لان هذا محرم بل من كبائر الذنوب بل إن بعض العلماء يقول إذا رفع بصره إلى السماء بطلت صلاته ووجب عليه أن يستأنفها منن جديد لان هذه معصية منهي عنها والسبب في هذا انه سوء أدب مع الله تعالى لان المصلي ينبغي له أن يخضع ويطمن رأسه ولا يرفع بصره إلى السماء نشاهد بعض الناس إذا قال سمع الله لمن حمده رفع بصره إلى السماء وهذا حرام عليه لا يجوز بل نقول أن بعض العلماء يقول إن صلاته باطلة يجب أن يعيدها من جديد فليتنبه الإنسان إلى هذا فإذا قال قائل إلى أين ينظر ؟ نقول ينظر إلى موضع سجوده يطمن رأسه وينظر إلى موضع السجود إلا في حال التشهد أو الجلوس بين السجدتين حيث يشير بإصبعه فإنه ينظر إلى إصبعه وماعدا ذلك فلينظر إلى موضع سجوده والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة
249- وَلَهُ : عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ , وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ ([110])
يَقُولُ : لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ , وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ ([111])
250- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : اَلتَّثَاؤُبُ مِنْ اَلشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اِسْتَطَاعَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([112])
وَاَلتِّرْمِذِيُّ , وَزَادَ : فِي اَلصَّلَاةِ ([113]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/69)
قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب الحث على الخشوع في الصلاة نقل عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ , وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ ( } محرم محرم ربيع ثان { ) لا صلاة يعني لا تصلوا النفي هنا بمعنى النهي بحضرة طعام يعني إذا حضر الطعام بين يدي الإنسان وهو يشتهيه وقد حل له أكله فإنه لا يصلي حتى يأكل ويشبع وقولنا هو يحل له أكله احترازا فيما لو قدم الفطور للإنسان فإنه يصل ولو كان حضر الطعام لانه لا يمكنه أن يأكل منه لكن إذا حضر وقد حل له الآكل وهو مشته إياه فإنه لا يحل له أن يصلي حتى يقض نهمته منه ويشبع وكان ابن عمر رضي الله عنهما وهو من اشد الناس ورعا وتمسكا بالسنة كان يقدم له العشاء فيتعشى وه يسمع قراءة الإمام ولا يذهب يصلي لان المحافظة على ما يتعلق بصلب الصلاة أولى من المحافظة على ما يتعلق بأمر خارج وهو الجماعة أما إذا حضر الطعام وهو لا يريد أن يأكل ولا يشتهيه فإنه يصلي لانه لو صلى في هذه الحال لم ينشغل فكره ولا باله و أما قوله وهو يدافعه الاخبثان فالمراد وهو يدافعه البول أو الغائط لأنهما خبثان نجسان فإذا كان الإنسان محصورا يدافع الاخبثان المعنى انه محتاج إلى أن يبول أو يتغوط فإنه لا يصل لأنه حين إذاً سوف ينشغل باله وربما يسرع في الصلاة إسراعا مخلا بها ثم إن في حبس أو الغائط ضررا على البدن لان الله تعالى جعل لهما مخارج إذا منع من المخرج مع دعاء الحاجة إلى ذلك فإنه لا شك انه يضر فلهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الإنسان في هذه الحال أما إذا أحس بذلك شيئا يسيرا فلا باس بذلك أن يصلي لكن إذا كان يدافع وقد اشتد عليه الحصر فإنه لا يجوز له أن يصلي حتى أن الإنسان لو فرض انه دخل مع الجماعة ثم در عليه البول وحصره فإنه ينصرف ويقطع صلاته ولا حرج عليه لأنه إنما قطعها بعذر شرعي ولا شك بان(3/70)
الإنسان يجوز أن يترك الجماعة إذا حصره البول أو الغائط حتى يقضي حاجته واختلف العلماء لو قاض وقت الصلاة مثل أن يستيقظ الإنسان من نومه قبيل طلوع الشمس ويكون محصورا فهل نقول يتوضأ دون أن يبول ويصلي من اجل إدراك الوقت أو نقول بل يقضي حاجته ثم يتوضأ ويصلي ولو طلع الوقت ؟ الصحيح انه يقضي حاجته ويتوَضأ ويقبل على ربه وهو فارغ البال ومثل ذلك لو حصره الريح أحيانا يكون في الإنسان غازات في بطنه يشق عليه منعها وتؤلمه كثيرا فهي مثل البول أو الغائط لا يصل حتى يذهب ويستريح بخروج الريح ثم يتوضأ ويصل ومثله كل ما يشغل الإنسان عن صلاته فإنه لا يصل حتى ينتهي منه أما الحديث الثاني فهو عن التثاؤب . التثاؤب يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه من الشيطان وكيف كان من الشيطان؟ نقول آمنا بالله ورسوله وصدقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبر انه من الشيطان أما كيف يكون ذلك ؟ فليس الينا اله اعلم كيف يكون ذلك هل أن الشيطان له سلطة يتسلط على جسد ابن آدم حتى يتثاءب أو أن المعني انه يدل على الكسل والاسترخاء فهو من الشيطان ليثبط عن العبادة ولهذا قيده في رواية الترمذي التثاؤب في الصلاة لكن الصحيح أن نقول إنه من الشيطان أما كيف كان فالله اعلم فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع يعني إذا أتاه التثاؤب لا يفتح فمه ويصوت كما يفعل بعض العامة الآن تجده إذا أتاه التثاؤب فتح فمه وربما يكون معه صوت لا هذا منهي عنه بل اكظم ما استطعت فإن لم تستطع فضع يدك على فمك حتى لا يكون للشيطان عليك سبيل لان الشيطان إذا تثاءب الإنسان ولم يضع يده على فمه يضحك منه ويسخر به لانه غلبه حيث أن التثاؤب من الشيطان فأنت إذا أصابك التثاؤب في الصلاة أو غير الصلاة فاكظم فإن لم تستطع فضع يدك على فمك وظاهر الحديث انه لا يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بل يكزم ما استطاع ثم إذا لم يستطع وضع يده على فمه ولكن لا يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبه(3/71)
نعرف أن بعض العامة إذا تثاءبوا قالوا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليسوا على صواب لانه لو كان أمرا مشروعا لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما بين الفعل المشروع وهو وضع اليد على الفم إذا لم يستطع أن يكظم والله الموفق
ج: نعم هم معذورون في هذا إذا كان مع العمال وعندهم خلطة أسمنت ويخشون إذا ذهبوا إلى الصلاة صلاة الجماعة يبس الأسمنت وفسد عليهم فلا باس وكذلك أيضا الخباز لو خاف على خبزه في التنور وكذلك صاحب الدابة إذا خاف أن تهرب كل هؤلاء يعذرون بترك الجماعة لان هذا يشغلهم
الشريط التاسع(3/72)
و أما قوله وهو يدافعه الأخبثان فالمراد وهو يدافعه البول أو الغائط لأنهما خبثان نجسان فإذا كان الإنسان محصورا يدافع الاخبثان المعنى انه محتاج إلى أن يبول أو يتغوط فإنه لا يصل لأنه حينئذً سوف ينشغل باله وربما يسرع في الصلاة إسراعا مخلا بها ثم إن في حبس أو الغائط ضررا على البدن لان الله تعالى جعل لهما مخارج إذا منع من المخرج مع دعاء الحاجة إلى ذلك فإنه لا شك انه يضر فلهذا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي الإنسان في هذه الحال أما إذا أحس بذلك شيئا يسيرا فلا باس بذلك أن يصلي لكن إذا كان يدافع وقد اشتد عليه الحصر فإنه لا يجوز له أن يصلي حتى أن الإنسان لو فرض انه دخل مع الجماعة ثم در عليه البول وحصره فإنه ينصرف ويقطع صلاته ولا حرج عليه لأنه إنما قطعها بعذر شرعي ولا شك بان الإنسان يجوز أن يترك الجماعة إذا حصره البول أو الغائط حتى يقضي حاجته واختلف العلماء لو قاض وقت الصلاة مثل أن يستيقظ الإنسان من نومه قبيل طلوع الشمس ويكون محصورا فهل نقول يتوضأ دون أن يبول ويصلي من اجل إدراك الوقت أو نقول بل يقضي حاجته ثم يتوضأ ويصلي ولو طلع الوقت ؟ الصحيح انه يقضي حاجته ويتوَضأ ويقبل على ربه وهو فارغ البال ومثل ذلك لو حصره الريح أحيانا يكون في الإنسان غازات في بطنه يشق عليه منعها وتؤلمه كثيرا فهي مثل البول أو الغائط لا يصل حتى يذهب ويستريح بخروج الريح ثم يتوضأ ويصل ومثله كل ما يشغل الإنسان عن صلاته فإنه لا يصل حتى ينتهي منه أما الحديث الثاني فهو عن التثاؤب . التثاؤب يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه من الشيطان وكيف كان من الشيطان؟ نقول آمنا بالله ورسوله وصدقنا النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبر انه من الشيطان أما كيف يكون ذلك ؟ فليس إلينا اله اعلم كيف يكون ذلك هل أن الشيطان له سلطة يتسلط على جسد ابن آدم حتى يتثاءب أو أن المعني انه يدل على الكسل والاسترخاء فهو من الشيطان ليثبط عن(3/73)
العبادة ولهذا قيده في رواية الترمذي التثاؤب في الصلاة لكن الصحيح أن نقول إنه من الشيطان أما كيف كان فالله اعلم فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع يعني إذا أتاه التثاؤب لا يفتح فمه ويصوت كما يفعل بعض العامة الآن تجده إذا أتاه التثاؤب فتح فمه وربما يكون معه صوت لا هذا منهي عنه بل اكظم ما استطعت فإن لم تستطع فضع يدك على فمك حتى لا يكون للشيطان عليك سبيل لان الشيطان إذا تثاءب الإنسان ولم يضع يده على فمه يضحك منه ويسخر به لانه غلبه حيث أن التثاؤب من الشيطان فأنت إذا أصابك التثاؤب في الصلاة أو غير الصلاة فاكظم فإن لم تستطع فضع يدك على فمك وظاهر الحديث انه لا يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بل يكظم ما استطاع ثم إذا لم يستطع وضع يده على فمه ولكن لا يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبه نعرف أن بعض العامة إذا تثاءبوا قالوا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ليسوا على صواب لانه لو كان أمرا مشروعا لبينه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما بين الفعل المشروع وهو وضع اليد على الفم إذا لم يستطع أن يكظم والله الموفق
ج: نعم هم معذورون في هذا إذا كان مع العمال وعندهم خلطة أسمنت ويخشون إذا ذهبوا إلى الصلاة صلاة الجماعة يبس الأسمنت وفسد عليهم فلا باس وكذلك أيضا الخباز لو خاف على خبزه في التنور وكذلك صاحب الدابة إذا خاف أن تهرب كل هؤلاء يعذرون بترك الجماعة لان هذا يشغلهم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي نبينا محمدا وعلى اله وأصحابه أجمعين قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام .
بَابُ اَلْمَسَاجِدِ
251- عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِبِنَاءِ اَلْمَسَاجِدِ فِي اَلدُّورِ , وَأَنْ تُنَظَّفَ , وَتُطَيَّبَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ , وَصَحَّحَ إِرْسَالَهُ .(3/74)
(?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب المساجد والمساجد جمع مسجد وهو موطن السجود ويلق على موطن السجود سواء بيني أو لم يبنى مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فكل الأرض مسجد كما جاء في حديث الترمذي الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام ويطلق على المساجد التي تبنى وتعد للصلاة فيها وهو المراد هنا والمساجد التي تبنى وتعد للصلاة فيها نوعان نوع مخصص من عند الله تعالى ونوع مخصص يضعه البشر ويبنونه ويعتمدونه مسجدا فأما الأول فهو ثلاثة مساجد لا تزيد المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى هذه ثلاثة مساجد وضعها الله عز وجل وجعل لها مزية خاصة فمنها أن المسجد الحرام هو أفضلها والصلاة فيه بمائة ألف صلاة ثم المسجد النبوي والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ثم المسجد الأقصى والصلاة فيه بخمس مائة صلاة وهذه الثلاث مساجد هي التي تشد إليها الرحال كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى فلو شد الإنسان الرحل لمسجد في الرياض مثلا قلنا هذا حرام ولا يحل لانه لا مساجد تشد إليها الرحال إلا المساجد الثلاثة ولو أراد الإنسان أن يشد الرحل إلى مسجد في مكة غير المسجد الحرام قلنا هذا حرام وكذلك لو أراد أن يشد الرحل إلى مسجد في المدينة أو مسجد في فلسطين غير هذين المسجدين قلنا هذا حرام لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد هذه المساجد لو زيد فيها فإن الزيادة لها حكم المزيد ولو بلغت ما بلغت فمثلا الزيادة التي حصلت في المسجد الحرام حكمها حكم المسجد الحرام الذي كان في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والزيادة التي حصلت في المسجد النبوي حكمها حكم المسجد أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا لما زاد عثمان رضي الله عنه الزيادة من نحو القبلة صار المسلمون(3/75)
يصلون في هذه الزيادة ويرون أن الصف الأول هو الأول في هذه الزيادة ولا يتأخرون فيصلون في المسجد الذي كان معروف في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لان الزيادة لها حكم المزيد وكذلك يقال في المسجد الأقصى ما زيد فيه فله حكم الأصل أما المساجد الأخرى غير المساجد الثلاثة فإن إقامتها فرض كفاية يجب على المسلمين أن يقيموا المساجد في الدور والمراد بالدور ما نسميه نحن بالحواري يجب على المسلمين أن يضعوا في كل حي مسجدا يجمعهم ويصلون فيه ويعتكفون فيع ويقرءون القران والعلم ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ببناء المساجد في الدور يعني الحارات والأحياء وأمر أن تنظف وتطيب والتنظيف إزالة الأذى ولهذا جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد يعني حتى الشيء الصغير إذا أخرجه الإنسان من المسجد فإن له أجرا في ذلك. ولما ماتت المرأة السوداء كانت تنظف مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزيل عنها القمامة ماتت في الليل وكأن الصحابة رضي الله عنهم احبوا أن لا يزعجوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيخبرونه بجنازتها فدفنوها ليلا فلما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا إنها ماتت فقال هلا كنتم آذنتموني فكأنهم حقروا من شأنها فقال دلوني على قبرها فخرج هو بنفسه - صلى الله عليه وسلم - وصلى على قبرها وهذا دل على فضيلة خدمة المساجد وتنظيفها وأما قول أن تطيب يعني أن يوضع فيها الطيب سواء كان من الدهن أو البخور ولهذا كان السلف يطيبون المساجد بالبخور كما في حديث نعيم بن المجمر قال العلماء انه سمى بذلك لانه كان يجمر المسجد يعني يبخره . الحاصل أن في هذا الحديث دليل على وجوب إقامة المساجد في الأحياء وعلى أنها تنظف وتطيب لأنها بيوت الله واحب البقاع إلى الله المساجد ولأنها مأوى الملائكة ولهذا نهى من آكل بصلا أو ثوما عن دخول(3/76)
المسجد حتى وإن كان لا يريد الصلاة فإنه لا يدخل المسجد من اجل رائحته التي تتأذى بها الملائكة والله اعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيا محمدا وعلى اله وصحبه أجمعين
252- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاتَلَ اَللَّهُ اَلْيَهُودَ : اِتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????)
وَزَادَ مُسْلِمُ وَالنَّصَارَى (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/77)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث التي ذكرها في باب المساجد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد اليهود هم الذين يدعون انهم اتباع موسى - صلى الله عليه وسلم - والنصارى هم الذين يدعون انهم اتباع عيسى - صلى الله عليه وسلم - وكلهم بعد بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسوا اتباعا لا لموسى ولا لعيسى أما اليهود فقد كفروا بموسى حين كفروا بعيسى لان اليهود كافرون بعيسى يرون انه ليس نبيا وسرون أن مريم التي أحصنت فرجها بغي زانية والعياذ بالله ويقولون إن عيسى ولد زنى ولهذا حاولوا قتلة كما قال الله عز وجل ( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ) فهم في نيتهم وفي عملهم قتلة قاتلون لعيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم حقيقة لم يقتلوه لان الله تعالى رفعه إليه كما قال ( بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما) فهم كفروا بموسى لكفرهم بعيسى ثم زادوا على ذلك انهم كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين الذي قال الله تعالى فيه( واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال اءقررتم وأخذتم على ذلكم اصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين وأنا معكم من الشاهدين) محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي اخذ الله على جميع الأنبياء أن يؤمنوا به واخذ عليهم العهد والميثاق الشديد الغليظ على أن يؤمنوا به كفر به اليهود والنصارى أما النصارى فإنهم تبعوا عيسى - صلى الله عليه وسلم -وأمنوا بموسى لكنهم كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكذبوه فصاروا بذلك كفرةً بعيسى وموسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بل هم أي اليهود والنصارى كفرة بجميع الرسل عليهم السلام لان من كذب رسولا واحد فقد كذب جميع المرسلين كما قال تعالى ( كذبت قوم نوح المرسلين ) مع انه لم يرسل(3/78)
أحد قبل نوح لكن لما كذبوا نوحا صاروا مكذبين لجميع الرسل النصارى اسمهم النصارى في الكتاب والسنة وكلام العلماء إلى أن ترقت اوربا التي تدين بدين النصارى فسموا أنفسهم مسيحيين من اجل أن يخففوا الوطأة ومن اجل أن يموهوا على الناس انهم اتباع رسول فقالوا المسيحيين نسبة إلى عيسى بن مريم والمسيح بن مريم نشهد بالله انه بريء منهم لانهم كذبوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - بل كذبوا عيسى أليس عيسى يقول لهم ( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد فما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ) يعني هذا الرسول الذي بشر به عيسى قالوا هذا سحر مبين فردوا بشارة عيسى وهذا تكذيب له سموا أنفسهم مسيحيين تلطفا ولأجل أن يوهموا الناس انهم على دين المسيح وهم كافرون به بلا شك وهو بريء منهم واستمع إلى قوله تعالى ( يا عيسى بن مريم أءنت قلت للناس اتخذوني وأمي ألهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك أنت علام الغيوب ) فهؤلاء اليهود والنصارى كفرة ليسوا على دين ومن زعم انهم على دين مرضي عند الله بعد بعثة محمد كافر مثلهم بل اشد منهم لانه مكذب للقرآن والقرآن قد كفرهم ( إن الذين من أهل الكتاب والشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية ) فمن قال إن دينهم مقبول وانهم على دين وان الأديان ثلاثة وما أشبه ذلك مما يروجون به على الناس فإنه كافر ما فيه الآن دين إلا دين محمد - صلى الله عليه وسلم - كل الأديان نسخت لا فرق بين دين عيسى ودين موسى ودسن صالح ودسن هود ودسن نوح كلها منسوخة بالدين الإسلامي والذي نسخها هو الذي شرعها أولا وهو الذي له الحكم واليه يرجع الأمر كله نسخ هذه الأديان بهذا الدين المحمدي جعلنا الله من اتباعه فالمهم هؤلاء اليهود والنصارى ليسوا على دين أبدا لكن هم الآن(3/79)
يدعون انهم على دين وليسوا كذلك ثم اعلم أن اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء حتى لو تظاهروا بالعداوة وهم إلى الآن لم يتظاهروا بها فإنهم أولياء كما قال الله تعالى وهو عالم بذات الصدور ( يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) هذا كلامه وهو اعلم بذات الصدور لا تظن أن هناك فرقا بين اليهود والنصارى في محاربة الإسلام كلهم يحاربون الإسلام كلهم على حد سواء في محاربة الإسلام ومن تتبع الحوادث منذ فجر التاريخ عرف أن الواقع كما اخبر الله عز وجل انهم أولياء يوالي بعضهم بعضا ويساعد بعضهم بعضا ويدافع بعضهم عن بعض لكن أحيانا بالخيانة والخفاء أحيانا بالصراحة والوضوح هؤلاء اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يعين لما مات أنبيائهم جعلوا عليهم مساجد وهذا شرك أو وسيلة للشرك وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يحذر ما صنعوا حتى إنه وهو في سياق الموت يقول ذلك - صلى الله عليه وسلم - لعن من اتخذ القبور مساجد ومع الأسف الشديد انه يوجد في الأمة الإسلامية اليوم من جعلوا قبور من هم دون الأنبياء مساجد جعلوا أولياء يتخذونهم أولياء والله اعلم بحالهم وبنوا على قبورهم مساجد وجعلوا يطوفون بها ويحترمونها ويعظمونها وينذرون لها ويتصدقون لها وهذا كله أما شرك واما وسيلة للشرك ولكن صدق رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لتتبعن سنن من كان قبلكم حذوا القذة بالقذة قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن يعني هم اليهود والنصارى فتبع فئام من الأمة اليهود والنصارى إذا حكم بناء المساجد على القبور محرم ملعون فاعله كما اخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا بني قبر على مسجد يجب أن يهدم المسجد وإذا بقى بحكم السلطة حرمت الصلاة فيه وبطلت الصلاة فيه لا نه أشد من مسجد الضرار الذي قال الله فيه لا تقم فيه أبدا فالمساجد المبنية على القبور اشد من مسجد الضرار لذلك نقول الصلاة في(3/80)
المساجد المبنية على القبور باطلة وحرام ولو صلى الإنسان في بيته وحده لا يصلي في هذه المساجد واما لو بني المسجد أولا ثم دفن فيه فالواجب نبش هذا القبر ونقل من دفن فيه إلى مقابر المسلمين إن كان مسلما ولا يجوز أن يبقى فيه فإن بقي بحكم السلطة نظرنا إن كان مبنيا في القبلة وليس بينه و بين القبلة حائل فإنه لا يصلى في هذا المسجد لانه مستقبل القبر وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه نهى عن الصلاة إلى القبور وإن كان عن اليمين أو الشمال أو الخلف فالصلاة في المسجد صحيحة لان المسجد سابق على القبر. وحكم الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور أو التي دفن فيها الموتى فإن قال قائل أليس قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد النبوي لكن مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبن على القبر والرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يدفن فيه فليس فيه المحظور الأول ولا الثاني المسجد لم يبن على القبر والرسول لم يدفن في المسجد وقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في حجرة منفصلة عن المسجد لكن لما وسع المسجد في آخر المائة الأولى من الهجرة في سنة أربع وتسعين أو حولها لما وسع المسجد ادخلوا الحجرة في المسجد ولعلهم ادخلوها صيانة لها لئلا يعتدي عليها أحد أو لسبب من الأسباب لا ندري ما هو لكنها لا تدخل في بناء المساجد على القبور ولا في دفن الموتى في المساجد خارجة عن هذا وهذا فلا حجة فيها ولا يمكن لاحد أن يحتج بها وإن احتج محتج بذلك بينا له الفرق فرق بين من يبني مسجدا على قبر أو يأتي بميت يدفنه فيه وبين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المساجد(3/81)
254- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : " بَعَثَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً , فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ , فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي اَلْمَسْجِدِ " اَلْحَدِيثَ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
255- وَعَنْهُ - رضي الله عنه - " أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - مُرَّ بِحَسَّانَ يَنْشُدُ فِي اَلْمَسْجِدِ , فَلَحَظَ إِلَيْهِ , فَقَالَ : "قَدْ كُنْتُ أَنْشُدُ , وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ " . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
256- وَعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي اَلْمَسْجِدِ فَلْيَقُلْ : لَا رَدَّهَا اَللَّهُ عَلَيْكَ , فَإِنَّ اَلْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????)
257- وَعَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ , أَوْ يَبْتَاعُ فِي اَلْمَسْجِدِ , فَقُولُوا : لَا أَرْبَحَ اَللَّهُ تِجَارَتَكَ " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/82)
هذه أحاديث ساقها المؤلف رحمه الله في باب أحكام المساجد من بلوغ المرام فيها مسائل فالحديث الأول فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجال يعني للغزو والقتال في سبيل الله فأتوا برجل من الكفار فربطوه في سارية المسجد وهو العامود الذي يوضع عليه السقف ففي هذا دليل على جواز هذه الحال أن يدخل الكافر المسجد ويربط في سارية من السواري أو يدخل على سبيل الدعوة إلى الله عز وجل مثل أن ندخله من اجل أن يستمع إلى القران أو ما أشبه ذلك وكذلك ندخله إذا كان هذا الكافر عنده معرفة بإصلاح الكهرباء أو غير ذلك مما يعرفه هذا الكافر فإنه لا باس أن يدخل لان ذلك من مصلحة المسجد واما إذا لم يكن لمصلحة المسجد فإن الكافر لا يدخل لان الله تعالى قال في المشركين إنهم نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا فمكة لا يدخلها الكفار أبدا لا المشرك ولا اليهودي أو النصراني ولا الذي لا يصلي لان الذي لا يصلي كافر مرتد فلا يحل له أن يدخل مكة لان البيت الحرام وحرم مكة كله لا يجل للكافر أن يدخله المساجد أيضا لا يدخلها الكفار إلا إذا كان في ذلك مصلحة أما للمسجد أو لا للإسلام والمسلمين .(3/83)
ومن أحكام المساجد أيضا انه لا يجوز فيها إنشاد الضالة وهو أن يأتي إنسان قد ضاع له شيء فيقف في المسجد ويقول من رد لي الشيء الفلاني أو من وجد لي كذا أو بأي عبارة كانت المهم انهم يسألوا الناس هل وجدوا ضالتهم أو لا فهذا حرام ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من سمع شخصا يقول ذلك أن يدعو عليه بان الله لا يردها عليه فقال إذا سمعتم من ينشد الضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك أي ادعوا الله يعني ادعوا الله أن لا يردها عليه ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا إلا لانه فعل محرما لا يليق بالمسجد وسواء كان الضائع دراهم أو متاع أو غير ذلك وقوله فإن المساجد لم تبن لهذا يحتمل انه من جملة ما يقال له يعني أننا نقول لا ردها عليه فإن المساجد لم تبن لهذا حتى يطيب قلبه ولا يكن في نفسه شيء ويحتمل انه تعليل للحكم وانه لا يقال مع الدعاء على من انشد الضالة لكن إذا رأى الإنسان أن من المصلحة أن يقال مع الدعاء بان يقول لا ردها الله عليك فان المساجد لم تبن لهذا وانما بنيت للصلاة والذكر .(3/84)
وكذلك أيضا البيع والشراء فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رايتم من يبيع أو يبتاع . يبيع يعرض السلعة يبتاع يشتري السلعة في المسجد فقولوا لا اربح الله تجارتك فلا يجوز البيع والشراء في المسجد وقد امرنا أن ندعوا عليه بان الله لا يربح تجارته وهذا ظاهر ومن ذلك أن يقول شخص في المسجد يا فلان عندك السلعة الفلانية فيقول نعم فيقول أريد منها كذا وكذا فهذا بيع وشراء حرام لان البيع والشراء ليس له صيغة معينة بل كل ما دل على عقد البيع فإنه بيع وشراء وكذلك أيضا إذا باع الإنسان مصارفة يعني إنسان معه ورقة فئة مائة ريال أعطاها لشخص وقال اعطني فئة عشرة هذا حرام لان ذلك مصارفة وهي نوع من البيع لكن يبدو والله اعمل يظهر لنا أن لو كان مع الإنسان عشرة ريالات ومر به مسكين في المسجد أراد أن يعطيه اقل من عشرة فقال هذه عشرة واعطني ثمانية فهذا لا باس به لانه إحسان إلى الفقير وليس من باب التجارة فالظاهر أن هذا ليس به باس وهو ليس بيعا وشراء من اجل الربح والتجارة فليس به باس واما الوفاء في المسجد يعني إنسان وجد صاحبه الذي يطلبه فهذا لا باس به لان هذا ليس بيعا ولا شراء إنما هو ايفاء واستيفاء ومن ذلك إذا استعار منه شيئا ثم رده فلا باس واما الإجارة مثل أن يتفق مع شخص يقول اجر لي بيتك بكذا فهذا حرام فان قال قائل فإذا عقد البيع أو الإجارة في المسجد فهل يتم العقد أم لا ؟ الجواب لا يتم لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كل شرط ليس في كتاب الله فإنما هو باطل وإن كان مائة شرط .(3/85)
وذكر المؤلف حديث إنشاد الشعر في المسجد هل هو جائز أو لا مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحسان بن ثابت شاعر الإسلام مر به وهو ينشد قصائد فلحظ إليه كالمستنكر فقال له حسان لقد كنت انشد فيه وفيه من هو خير منك يعني بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعين كأنه يقول لا تنكر علي لقد كنت انشد وفيه من هو خير منك ولا يقال إن هذا من باب سوء الأدب مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يفرح إذا قال له قائل فيه من هو خير منك يفرح بالشريعة وهو يؤمن إيمانا تاما أن رسول الله خير منه لكن إنشاد الشعر الذي فيه الغزل والتغني بالمردان وما أشبه ذلك لا يجوز كذلك أيضا لو كان يشوش على الذين بالمسجد فإنه لا يجوز أن يشوش عليهم إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى الصحابة أن يشوش بعضهم على بعض بالقرآن فالجهر بالشعر من باب أولى والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
مقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب المساجد
- وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا تُقَامُ اَلْحُدُودُ فِي اَلْمَسَاجِدِ , وَلَا يُسْتَقَادُ فِيهَا " رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ ضَعِيف ٍ (?????)
259- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : " أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ اَلْخَنْدَقِ , فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِي اَلْمَسْجِدِ , لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
260- وَعَنْهَا قَالَتْ : " رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِي , وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى اَلْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي اَلْمَسْجِدِ . . . " اَلْحَدِيثَ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/86)
من أحكام المساجد التي ثبتت بها السنة ما سبق من النهي عن البيع والشراء في المسجد وأن الإنسان إذا رأى من يبيع أو يشتري في المسجد فليقل لا اربح الله تجارتك وكذلك إنشاد الضالة يعني البحث عنها من يرد علي الضالة وما أشبه ذلك ومن أحكام المساجد أن لا تقام فيها الحدود وان لا يستقاد فيها أما الحدود فهي العقوبات المقدرة في الشرع لفعل معصية هذا هو الحد المراد به هنا مثل حد الزنا فن الزاني والوانية إذا لم يكونا محصنين يجلدان على مائة جلدة ويغربان عن الوطن لمدة سنة كاملة وفائدة الحدود أن المحدود لا يعاقب في الآخرة تكفي عقوبته في الدنيا وفيها ردعا عن المعصية لان الناس إذا علموا انهم سيقام عليهم الحد لفعل هذه المعصية تركوها ففيه فائدتان فائدة للمحدود المجرم الذي فعل المعصية وعوقب عليها وهي أنها تكفر ما حصل منه من الإثم والثانية أنها تردع غير المحدود عن فعل هذه المعصية ومن الحدود قطع يد السارق ومنها أن من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فإن جزائه أن تقطع أيديهم وأرجلهم أو ينفوا من الأرض أو يقتلوا أو يصلبوا فلا تقام الحدود في المساجد واما التعزيز بغير الحد فلا باس به إذا لم يكن به ضرر على أهل المسجد كالتعزيز بالسوط والسوطين وما أشبه ذلك بشرط أن لا يكون في ذلك ضرر على أهل المسجد ومن أحكام المساجد انه يجوز أن يضرب في المسجد الواسع خيمة صغيرة تكون للإنسان إذا دعت الحاجة إلى ذلك أو المصلحة كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب على سعد بن معاذ رضي الله عنه حين أصيب في غزوة الخندق حتى يعوده عن قرب وكان سعد بن معاذ رضي الله عنه هو سيد الأوس وحلفائهم بنو قريظة وله معهم موقف معروف فهذا الرجل رضي الله عنه من أفاضل الصحابة وهو سيد الأوس ولما أصيب في أكحله في غزوة الخندق وكان عزيزا على النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليه قبة في المسجد يعني خيمة من اجل أن يعوده عن(3/87)
قرب فدل ذلك على جواز ضرب القبة في المسجد للمصلحة أو الحاجة لكن بشرط أن لا يحصل بذلك ضرر على أهل المسجد كالتضييق ونحوه ومن أحكام المساجد انه يجوز فيها اللعب بالحراب والسيوف والرماح والبنادق وما أشبه ذلك إذا كان فيه مصلحة كما اقر النبي - صلى الله عليه وسلم - الحبشة على اللعب في المسجد فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقر هم تأليفا لهم وبيان أن الإسلام دين واسع ليس كدين النصارى ولا كدين اليهود بل هو دين قيم فيه التسامح والتساهل وفي حديث عائشة رضي الله عنها قي قصة الحبشة دليل على أن المرأة يجوز لها أن تنظر إلى الرجل وليست كالرجل فإن الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى المرأة إلا إذا كانت من محارمه أو زوجته وما المرأة فيجوز أن تنظر إلى الرجال بشرط أن لا يكون في ذلك شهوة أو تمتع وإنما هو مجرد نظر وفيه دليل على حسن خلق النبي مع أهله حيث مكن عائشة رضي الله عنها أن تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد وهو يسترها - صلى الله عليه وسلم - لئلا يروها أما هي فتراهم ولا حرج في ذلك والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
- وَعَنْهَا : " أَنَّ وَلِيدَةً سَوْدَاءَ كَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي اَلْمَسْجِدِ , فَكَانَتْ تَأْتِينِي , فَتَحَدَّثُ عِنْدِي . . . " اَلْحَدِيثَ. مُتَّفِقٌ عَلَيْه ِ (?????)
262- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اَلْبُزَاقُ فِي اَلْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
263- وَعَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا تَقُومُ اَلسَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى اَلنَّاسُ فِي اَلْمَسَاجِدِ " أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَة َ (?????)(3/88)
264- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ اَلْمَسَاجِدِ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????)
265- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي , حَتَّى اَلْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا اَلرَّجُلُ مِنْ اَلْمَسْجِدِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . (?????)
266- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ اَلْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/89)
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف من بلوغ المرام تدل على مسائل منها انه لا ينبغي للناس أن يتباهوا بالمساجد أي انه عند عمارتها يشيدونها ويزخرفونها ويجعلونها وكأنها قصور الملوك فإن هذا من علاما الساعة حيث قال - صلى الله عليه وسلم - لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد فتباهي الناس في المساجد يخرجها عن الحال التي ينبغي أن تكون عليها لانه لا ينبغي أن تكون محلا للزينة والتفات القلوب لما فيها من زينة وإنما تكون متواضعة حتى تكون اقرب للقلوب ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - ما أمرت بتشييد المساجد تشييدها يعني طليها بالشيد وهو الجص وشبهه والمراد زخرفتها والتباهي بها وقد كان بعض الجهال يقول منتقضا على بعض المساجد التي لم تزخرف يقول أليست لو كانت بيتا لك لحسنتها وجملتها وأدخلت عليها شيئا من الزينة والزخرفة فظن أن بيت الله المبني للعبادة وقراءة القران والذكر مثل بيت الإنسان الذي يريد أن يفخر به على غيره أو أن يجاري غيره في زخرفة البيت وهذا غلط محض المساجد للعبادة وعلى العكس من ذلك أن بعض الناس يؤذي المساجد فمنها أن بعض الناس يتنخم فيها أو يبزق وهذا لا يجوز ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - البزاق في المسجد خطيئة وهي الذنب ولا يجوز للإنسان أن يفعل الذنب لكن إذا فعله كيف يتوب منه قال وكفارتها دفنها وهذا في المساجد التي كانت قديما تفرش بالحصى والرمل وما أشبه ذلك أما في مساجدنا الآن فكفارتها أن يمسحها حتى تذهب وتزول ثم إن الأمر والحمد لله قد وسع الله فيه لا تكاد تجد إنسانا إلا ومعه منديل يستطيعان يستعمله أو في ثوبه أما في المسجد فلا يجوز ولهذا كان من الثواب والاجر أن الإنسان ينظف المساجد كما قال - صلى الله عليه وسلم - عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها من المسجد وهي الأذى الصغير كالريشة وقشر الحبة وما أشبه ذلك ففيه دليل على تنظيف المساجد وان ذلك من الأمور المطلوبة المحبوبة أما(3/90)
زخرفتها فلا .ومن أحكامها أيضا أن الإنسان إذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين كما في حديث أبي قتادة رضي الله عنه سواء كان في الصباح أو في المساء في العصر أو بعد الفجر في أي ساعة كانت إذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وهذا إذا كان عل طهارة واما إذا لم يكن على طهارة فمعلوم انه لا يصلي ولهذا لم يقل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تدخلوا المساجد إلا وانتم على طهارة بل قال إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فإن كنت على طهارة فصل وإلا فلا صلاة بدون وضوء ولا يستثن من ذلك شيء حتى لو دخل الإنسان بحضور حلقة ذكر أو تلاوة قرآن أو ما أشبه ذلك فلا يجلس حتى يصلي ركعتين والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صفة الصلاة
بَابُ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ : حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا (?????)
268- وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ حِبَّانَ (?????) وَفِي لَفْظٍ لِأَحْمَدَ : فَأَقِمْ صُلْبَكَ حَتَّى تَرْجِعَ اَلْعِظَامُ (?????)(3/91)
وَلِلنَّسَائِيِّ , وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ : إِنَّهَا لَنْ (?????) تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ اَلْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اَللَّهُ , ثُمَّ يُكَبِّرَ اَللَّهَ , وَيَحْمَدَهُ , وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ . (?????) وَفِيهَا (?????)فَإِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ وَإِلَّا فَاحْمَدِ اَللَّهَ , وَكَبِّرْهُ , وهلِّلْهُ (?????)
وَلِأَبِي دَاوُدَ : ثُمَّ اِقْرَأْ بِأُمِّ اَلْقُرْآنِ وَبِمَا شَاءَ اَللَّهُ (?????)
وَلِابْنِ حِبَّانَ : ثُمَّ بِمَا شِئْتَ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/92)
سبق لنا في آخر باب أحكام المساجد حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وهذه تسمى عند أهل العلم تحية المسجد أن الإنسان إذا دخل المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين وسبق لنا انه مشروط بما إذا دخل على طهارة أما إذا كان على غير طهارة فإنه لا يكمن أن يصلي وهو غير متوضأ وظاهر الحديث أن الإنسان إذا دخل المسجد في أي وقت كان فلا يجلس حتى يصلي ركعتين حتى في أوقات النهي مثل بعد صلاة الفجر وبعد طلوع الشمس قبل أن ترتفع بعد صلاة العصر وعند الغروب والزوال أي وقت تدخل لا تجلس حتى تصلي ركعتين واختلف العلماء رحمهم الله فمنهم من قال انه يج أن يصلي وانه إذا جلس بدون صلاة فهو عاص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن يعص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد عصى الله تعالى وأنه يكون آثما وجمهور العلماء على انهما سنة لكنهما سنة مؤكدة لا ينبغي إطلاقا للإنسان أن يدعهما حتى لو دخلت والخطيب يخطب يوم الجمعة لا تجلس حتى تصلي ركعتين مع أن الاستماع إلى خطبة الجمعة واجب لكن تحية المسجد مؤكدة جدا إلا أن الإنسان إذا دخل والامام يخطب فإنه يصلي الركعتين ويخففهما من اج أن يتفرغ لاستماع الخطبة كذلك إذا دخلت والمؤذن يؤذن فإن كان في غير جمعة فقف حتى يتمم المؤذن أذانه لاجل أن تتابعه وتدعو بعده بالدعاء المعروف ثم صل أما إذا كان أذان الجمعة الثاني الذي يكون عند حضور الإمام فلا تتابع المؤذن صل الركعتين ولو كان يؤذن حتى تتفرغ لاستماع الخطبة لان استماع الخطبة واجب وإجابة المؤذن سنة فلا تترك الواجب من اجل فعل السنة وقوله - صلى الله عليه وسلم - حتى يصلي ركعتين طيب لو صلى ثلاث ركعات مثل لو دخل وهو لم يصل المغرب فصلى المغرب فه ليكف عن الركعتين ؟ نقول نعم يكفي إذا صلى ثلاث ركعات فقد صلى ركعتين وزاد وإذا دخل المسجد ومن نيته أن يوتر بركعة فأتى بركعة فقط(3/93)
فالظاهر انه أتى بما يلزم يعني أتى بتحية المسجد لان قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يجلس حتى يصلي ركعتين بناء على الغالب فإذا دخل إنسان بعد أن صلى العشاء في مسجد آخر وصلى الوتر ركعة أجزى ولو انه دخل المسجد وكان يقرأ القران فمر بأية سجدة وسجد فهل تغن عن صلاة الركعتين ؟ نقول لا تغن لان هذا سجود وليس بصلاة ركعتين وإذا دخل المسجد وهو يريد أن يشرب مثلا فهل يجلس ليشرب ثم يصلي ركعتين أو نقول اشرب قائما ثم صل ؟ الثاني هو الإحسان أن يشرب قائما ثم يصلي ركعتين لان الشرب قائما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه شرب قائما في زمزم وشرب قائما حين استيقظ من الليل فوجد شنا معلقا فشرب منه قائما فنقول اشرب قائما ثم صل الركعتين وإذا دخل الإنسان والإمام يصلي الفريضة ودخل مع الإمام كفاه عن الركعتين لانهما إذا كان من جنس اجتمعتا فتتداخلان ويكتفى بأحدهما عن الآخر وعلى هذا إذا أتيت إلى المسجد لصلاة الفجر. الراتبة تكفي عن تحية المسجد وتحية المسجد لا تكفي عن الراتبة والجمع بينهما بنية واحدة لا باس به والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال رحمه الله تعالى بَابُ صِفَةِ اَلصَّلَاةِ(3/94)
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا " أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ : " حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا " (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب ضفة الصلاة صفتها يعني بذلك كيف يصل الإنسان واعلم انه لابد في كل عبادة من شرطين الأول : الإخلاص لله تبارك وتعالى لئلا ينوي بعبادته إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة وهذا يتكلم عليه الذين يتكلون في التوحيد .(3/95)
والثاني : المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا يتكلم عليه أهل الفقه ولا يمكن أن تتابع النبي - صلى الله عليه وسلم -إلا إذا عرفت كيف يفعل ولهذا تجد العلماء رحمهم الله تعالى اعني علماء الفقه يتكلمون على صفة الوضوء وعلى صفة الصلاة وعلى صفة الحج كل ذلك من اجل تحقيق متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - صلى وكان يقول صلوا كما رأيتموني اصلي ابتدأ المؤلف رحمه الله تعالى هذا الباب بحديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي يعرف عند العلماء بحديث المسيء في صلاته وذلك أن رجلا أتى فصلى صلاة لا يطمئن فيها ثم جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد مع أصحابه فسلم فرد عليه السلام وقال لها رجع فصل فإنك لم تصل لان النبي - صلى الله عليه وسلم - رمقه ورأى انهلا يطمئن قال ارجع فصل فأنك لم تصل لأنه لم يطمئن في صلاته والذي لا يطمئن في صلاته وجودها كالعدم ولهذا قال إنك لم تصل أي لم تصل صلاة تبرئ ذمتك وتجزئ عن فريضتك فرجع الرج لو صلى لكنه صلى كصلاته الأولى لأنه جاهل ثم عاد فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه السلام وقال له ارجع فصل فأنك لم تصل فرجع وصلى لكن كصلاته الأولى بدون طمأنينة ثم عاد فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه وقال ارجع فصل فأنك لم تصل فقال الرجل والذي بعثك بالحق لا احسن غير هذا فعلمني فأقسم رضي الله عنه بالذي بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالحق وهو رب العالمين جل وعلا انه لا يحسن غير هذا وإنما اختار هذا القسم دون أن يقول والله لا احسن غير هذا ليكون إقرارا منه أن ما يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا فهو حق يجب الالتزام به فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - أحوج ما يكون إلى التعليم وان نفسه تتطلع إلى ذلك وانه متشوق ومتشوف إلى هذا علمه قال إذا قمت إلى الصالة فاسبغ الوضوء يعني إذا أردت أن تقوم للصلاة فاسبغ الوضوء(3/96)
يعني توضأ وضوء سابغا أي كاملا ولم يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - صفة الوضوء لأنها معلومة ثم استقبل القبلة فكبر واستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة فكبر يعني تكبيرة الإحرام وهي ركن من أركان الصلاة لا يمكن أن يدخل في الصلاة إلا بها ومعني كبر أن قل الله اكبر ثم أقرا ما تيسر معك من القران ولم يعين له النبي - صلى الله عليه وسلم -لانه جاهل لا يدري وفي بعض الروايات انه عين له أن يقرأ بفاتحة الكتاب فإن صحت هذه الرواية فذاك وإن لم تصح فقد دلت الأدلة الكثيرة على انه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ثم اركع حتى تطمئن راكعا والركوع هو أن يحني الإنسان ظهره ويعتمد بيديه على ركبته وهو دليل على تعظيم الراكع لله عز وجل لان الانحناء دليل على التعظيم ولهذا شرع في الركوع أن يقول الإنسان سبحان ربي العظيم . وقوله حتى تطمئن قال العلماء الطمأنينة هي سكون الأعضاء والله الموفق .
قال المؤلف رحمه الله تعالى .
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
وَلِابْنِ مَاجَهْ بِإِسْنَادِ مُسْلِمٍ : حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/97)
سبق الكلام على أول هذا الحديث في الدرس الماضي ونحن نتكلم عليه إن شاء الله فقرة فقرة أولا قال : - صلى الله عليه وسلم - إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء يعني توضأ وضوءً كاملا وهذا دليل على أن الصلاة لا تصح بغير وضوء وهو كذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا احدث حتى يتوضأ فلو أن إنسان صلى بغير وضوء متعمدا فصلاته باطلة وهو أثم وذهب بعض العلماء إلى أنها أي الصلاة بغير وضوء عمدا ردة عن الإسلام والعياذ بالله وكفر وأن الإنسان يحتاج إلى أن يجدد إسلامه ويغتسل لانه استهزاء بالله تبارك وتعالى ولو انه صلى بغير وضوء ناسيا فإنه إذا ذكر يتوضأ ويعد الصلاة ولو انه صلى بغير وضوء جاهلا مثل أن يأكل لحم الإبل وهو لا يدري انه ينقض الوضوء ثم يتبين له انه ينقض الوضوء فإنه يجب عليه أن يتوضأ ويعيد الصلاة لان الوضوء شرط لصحة الصلاة وقوله ثم استقبل القبلة هذا يدل على وجوب استقبال القبلة لقول الله تعالى ( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) فلا تصح الصلاة إلا باستقبال القبلة فإن كنت في المسجد الحرام تشاهد الكعبة فلابد أن تتجه إلى عينها وإن كنت بعيدا فاتجه إلى جهتها والجهة كافية فلو صلى الإنسان إلى غير القبلة عالما ذاكرا فإنه أثم وصلاته مردودة ويجب عليه أن يعيد الصلاة من جديد ولو صلى إلى غير القبلة مجتهدا مثل أن يكون في البر لا يجد محاريب مساجد واجتهد وصلى إلى جهة ظن أنها القبلة فانه إذا تبين له بعد دلك انه لغير القبلة فصلاته صحيحة لانه اتقى الله ما استطاع ويسقط استقبال القبلة بالعجز عنها مثل أن يكون شخصا مريضا متجها إلى غير القبلة وليس عنده أحدا يوجهه فصلى إلى غير القبلة فصلاته صحيحة لانه عاجز وقد قال الله تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ويسقط أيضا بالخوف مثل أن يكون إنسان هاربا من عدو والعدو جاءه من قبل القبلة فيستدبر القبلة أو(3/98)
تكون عن يمينه أو شماله هذا لا باس به أيضا يصلي ولا حرج عليه لانه مضطر إلى ذلك خائف ويسقط استقبال القبلة في النافلة في السفر إذا كان الإنسان مسافرا فانه يصلي النافلة حيث كان وجهه ولو كانت القبلة خلف ظهره لان ذلك ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه إذا كان في السفر فانه يصلي حيث كان وجهه لكن هذا في النافلة فقط أما الفريضة فلابد أن ينزل ويتجه إلى القبلة هذا قوله استقبل القبلة وقوله كبر يعني قل الله اكبر وهذه تسمى تكبيرة الإحرام ولابد أن تكون بلفظ الله اكبر فإن قال الله اعلم أو الله اجل أو غير ذلك لم تصح صلاته لابد أن يقول الله اكبر ولا يجوز أن يمد الهمزة فبقول آلله اكبر ولا أن يمد همزة اكبر فيقول الله آكبر ولا يمد الباء كل هذا إذا فعله فإن تكبيره لا يصح ولا يجوز أيضا أن ينصب لفظ الجلالة فإنه يختل المعنى اختلالا بينا فيكون لحنا يحيل المعنى ولا تنعقد الصلاة به ولا تصح وكذلك أيضا في الأذان والإقامة وتكبيرات الصلاة فإن ذلك لا يجزئه ولا تبرأ به الذمة لانه لحن يحيل المعنى وقوله كبر يسن عند هذا التكبير أن يرفع يديه إلى حذو المنكبين أو إلى شحمة أذنيه كما جاءت بذلك السنة ويكون ابتداء الرفع مع ابتداء التكبير وإن شاء رفع يديه ثم كبر وإن شاء كبر وأتم التكبير ثم رفع يديه كل ذلك سنة ثم بهد هذا يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره ذلا لله عز وجل وخضوع بين يديه ولا ينبغي أن يجعلها تحت سرته لعدم صحة الحديث في ذلك وأيضا ولا على سترته لعدم صحة الحديث واقرب ما فيه حديث وائل بن حجر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يضعهما على صدره ويأتي إن شاء الله تتمة الكلام على هذا الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صفة الصلاة(3/99)
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا " أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/100)
سبق الكلام على أول هذا الحديث الذي جمع غالب صفة الصلاة قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للرجل ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن أي ما كان سهلا ويسيرا عليك ولم يبين له النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا يقرأ لكن هناك أحاديث تدل على انه لابد من قراءة فاتحة الكتاب يعني سورة الحمد لله رب العالمين الخ لابد أن تقرأ في كل ركعة سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا وسواء في الفريضة أو في النافلة حتى في الصلاة الجهرية وكان مع الإمام فلابد أن يقرأها ولو كان الإمام يقرأ لان هذا لان هذا مستثنى فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - انصرف ذات يوم من صلاة الفجر وكان أصحابه يقرءون خلفه فقال لهم لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإن لا صلاة لمن لم يقرأ بها ولا تسقط الفاتحة إلا إذا جاء الإنسان والإمام راكع فإنه هنا تسقط عنه الفاتحة يكبر تكبيرة الإحرام ثم يركع لكن يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل ثم يركع وفي هذه الحال تسقط عنه الفاتحة ودليل ذلك أن رجلا يقال له أبو بكرة أتى المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكعا فأسرع وركع قبل أن يدخل في الصف ثم دخل في الصف ولم يقرا الفاتحة فلما انصرف النبي من صلاته سأل من الفاعل فقال أبو بكرة أنا فقال له زادك الله حرصا ولا تعد ولم يأمره أن يعيد الركعة التي أدرك الركوع فيها فدل ذلك على أن الإنسان إذا أدرك الركوع مع الإمام سقطت عنه الفاتحة ووجهه من جهة النظر أن الفاتحة إنما تقرأ حال القيام وهذا الرجل سقط عنه القيام من اجل متابعة الإمام في الركوع فسقطت عنه الفاتحة فإنه كان لا يعرف الفاتحة ويعرف غيرها من القرآن قرأ بقدرها من القرآن فإن لم يعرف شيئا من القرآن سبح وهلل وكبر كما جاء ذلك في السنة .(3/101)
قال ثم اركع حتى تطمئن راكعا والركوع يعني انحناء الظهر قال العلماء والفرض منه الانحناء بحيث يمكن الرجل المعتدل مس ركبتيه بيديه وقولهم المعتدل احترازا من الرجل القصير اليدين أو الطويل اليدين لان الطويل اليدين يمكنه أن يمس ركبتيه وهو قريب الوقوف والقصير اليدين لا يمكنه إلا إذا ركع ركوعا تاما فالواجب من الركوع أن ينحني بقدر أن يمس ركبتيه بيديه إذا كان معتدل اليدين وقال بعض العلماء الواجب من الركوع أن يكون إلى الركوع التام اقرب منه إلى القيام التام وهذا أيضا حد جيد وعند الركوع السنة أن يرفع يديه إلى حذو منكبيه ثم يضعهما على ركبتيه مفرجتي الأصابع ويقول سبحان ربي العظيم يكررها ثلاثا أو خمسا أو سبعا ويقول أيضا سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ويقول أيضا سبوح قدوس رب الملائكة والروح ولا يجوز له أن يقرأ القرآن وهو راكع لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا إني نهيت أن اقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فاما الركوع فعظموا فيه الرب فاما السجود فاكثروا من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ) وينبغي في الركوع أن يخفض ظهره لا أن يقوس الظهر وان يجعل رأسه موازنا لظهره محاذيا له لا يرفع رأسه ولا ينزلها فيكون مستو الظهر ورأسه محاذيا لظهره وتسوية الظهر هنا سنة حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليسو ظهره بحيث لو صب عليه الماء لاستقر من شدة التسوية هذا هو الأكمل ثم بعد يسبح يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده الإمام والمنفرد واما المأموم فيقول في حال نهوضه ربنا ولك الحمد لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولا ربنا ولك الحمد ويأتي أن شاء الله بقية الكلام على هذا في الدرس القادم .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صفة الصلاة(3/102)
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/103)
سبق الكلام على جملتين من هذا الحديث وهما إذا قمت إلى الصلاة فاسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما معك من القران ثم اركع حتى تطمئن راكعا قال : ثم ارفع حتى تطمئن رافعا يعني من الركوع وإذا رفعت فقل سمع الله لمن حمده إن كنت إماما أو منفردا وأما المأموم فيقول بدلها ربنا ولك الحمد ثم قال حتى تطمئن قائما فالطمأنينة في القيام بعد الركوع كالطمأنينة في الركوع والسنة أن تجعل القيام بعد الركوع بقدر الركوع كما قال ذلك البراء رضي الله عنه حين رمق صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجد أن ركوعه وقيامة بعد الركوع قريبا من السواء يعني قيامه من الركوع كان قريبا من الركوع وبه نعرف خطأ من إذا رايتهم يصلون رفعوا من الركوع ثم سجدوا بسرعة هؤلاء إن كانوا لم يطمئنوا وإن اطمئنوا فصلاتهم ناقصة لان السنة أن تكون الصلاة متقاربة في هذا القيام يقول الإمام والمنفرد بعد أن يستتم قائما ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملئ السماوات وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد وإن قال ربنا ولك الحمد ملئ السماوات وملئ ما شئت من شيء بعد أهل الثناء أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني يقول هذا مرة وهذا .(3/104)
قال ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا يعني بعد أن تطمئن في القيام بعد الركوع اسجد ولكن كيف السجود اسجد على يدي أو على ركبتي السجود على الركبتين يعني تبدأ بالركبتين أولا ثم اليدين إلا إن كان الإنسان مريضا أو في ظهره وجع أو ما أشبه ذلك ولا يستطيع إلا أن يقدم يديه فلا حرج أما مع القدرة فليقدم الركبتين لان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي أن يبرك الإنسان في سجوده كبروك البعير والبعير إذا برك يقدم يديه كما هو مشاهد ومعروف ثم إن هذا هو الترتيب الجسدي لان الإنسان قائم فهذا هو القول الراجح وأما من قال انه يقدم اليدين واستدل بحديث أبي هريرة إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وقال إن ركبتي البعير في يديه فجوابه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير لو قال هكذا قلنا لا تبرك على الركب لكن قال فلا يبرك كما يبرك والفرق بين العبارتين واضح فلا يبرك نهي عن الكيفية والكيفية في العبير إذا برك يقدم اليدين لا إشكال في هذا فعلى كل حال قدم اليدين إلا إذا كنت عاجزا أو يشق عليك فلا باس أن تقدم اليدين السجود قال حتى تطمئن ساجدا ويجب أن يسجد على الأعضاء السبعة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - امرنا أن نسجد على سبعة أعضاء الجبهة وأشار بيده إلى الأنف وهذه الإشارة تعني أن الأنف تابع للجبهة وليس عضوا مستقلا واليدين يعني الكفين والركبتين وأطراف القدمين يعني الأصابع هذا السجود واجبا وينبغي في السجود أن يرفع ظهره عن فخذيه يعني يعلوي ويحدودب ولا يمتد كما يفعله بعض الجهال إذا سجد مد نفسه أو قريب من ذلك هذا خلاف السنة والسنة أن ترفع ظهرك أما بالنسبة لليدين فتضعهما مضمومة الأصابع نستقبل بأصابعها القبلة وتكون حذو المنكبين أو تكون حذاء أذنيك كل هذا جائز وتفرجهما عن جنبيك إلا إذا كنت في الصف في الجماعة وخفت أن يتأذى الذي إلى جنبك فلا تجافي لانه لا ينبغي للإنسان أن يؤذي الناس من اجل(3/105)
فعل سنة وإنما يسجد وينضم على حسب ما يتقي به أذية جاره وفي هذا السجود يقول سبحان ريب الأعلى ويكثر من الدعاء لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أما السجود فاكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم قال أهل اعلم وإذا تعب لمرض أو لطول السجود فلا حرج أن يضع مرفقيه على ركبتيه لتساعد اليدين وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن وضع الذراعين على الأرض في حلا السجود فقال - صلى الله عليه وسلم - لا يبسط أحدكم يديه انبساط الكلب يعني الكلب إذا ربض مد يديه فشبه النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الذي يسجد على ذراعية بالكلب تحذيرا من هذا الفعل ويأتي إن شاء الله البقية .
ج : لا يقول سمع الله لمن حمده
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صفة الصلاة
267- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : إِذَا قُمْتُ إِلَى اَلصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ اَلْوُضُوءَ , ثُمَّ اِسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ , فَكَبِّرْ , ثُمَّ اِقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ اَلْقُرْآنِ , ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا , ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا , , ثُمَّ اِفْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/106)
سبق الكلام على أول هذا الحديث إلى أن انتهينا إلى السجود تسجد حتى تطمئن ساجدا وبينا أن السجود يجب أن يكون على سبعة اعظم الجبهة ومنها الأنف والكفين والركبتين وأطراف القدمين وأن الإنسان يضع يجديه على الأرض بحاء منكبيه أو يجعل الجبهة بينهما أو يرفعهما قليلا حتى يحاذي الجبهة أما بالنسبة للرجلين فالركبتان يبقيان على طبيعتهما بدون ضم ولا تفريج واما القدمان فيضم بعضهما إلى بعض ولا يفرجهما ويقول سبحان ربي الأعلى ويدعو قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ارفع حتى تطمئن قاعدا وهذا جلوس بين السجدتين وهو ركن من أركان الصلاة والطمأنينة أيضا فيه ركن في هذه الجلسة يفترش فينصب قدمه اليمنى يجعلها واقفة ويجلس على اليسرى على بطنها ويضع يديه أما على فخذيه وأما أن يضع اليد اليمنى على الركبة اليمنى واليد اليسرى يلقمها الركبة ويضم من أصابعه الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويبقي السبابة مرتفعة قليلا كلما دعا رفع إصبعه إشارة إلى علو الله عز وجل ويقول ربي اغفر لى ثلاث مرات ربي اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واجبرني واهدني ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى ثم يقوم إلى الركعة الثانية في خلال الركعة الثانية هل يجلس ويستريح ثم ينهض أو ينهض من السجود إلى القيام ؟ الصحيح من أقوال العلماء في هذه المسألة الوسط وهوان الإنسان إذا كان محتاجا إلى هذه الجلسة جلس مثل أن يكون كبيرا أو مريضا أو لا يستطيع أن يقوم ناهضا فهذا يجلس لكن هذه الجلسة ليس لها تكبير قبلها ولا بعدها وليس فيها ذكر إنما هي تيسير على الإنسان أن لا يقوم ناهضا من السجود إلى القيام وتسمى هذه عند العلماء جلسة الاستراحة لان الإنسان يستريح فيها وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه فعلها كما في حديث مالك بن الحويرث لكن فعلها والله اعلم للحاجة لان مالك من الوفود الذين وفدوا في السنة التاسعة من الهجرة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ ذاك(3/107)
قد أخذه اللحم فلعله - صلى الله عليه وسلم - كان يستريح في هذا ومعلوم أن العبادات وإن كانت محبوبة إلى الله عز وجل لكن الله تعالى يريد بنا اليسر وان لا نشق على أنفسنا ولهذا شرعت هذه الجلسة لمن كان يحتاج إليها ثم يصلي الركعة الثانية كالركعة الأولى تماما ثم يجلس للتشهد الأول وسيأتي أن شاء الله تعالى بقية الكلام على هذا الحديث وما يليه من الأحاديث .
الشريط العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
269- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ اَلسَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : رَأَيْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ , وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ , ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرِهِ , فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اِسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ , فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا , وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ اَلْقِبْلَةَ , وَإِذَا جَلَسَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى وَنَصَبَ اَلْيُمْنَى , وَإِذَا جَلَسَ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى وَنَصَبَ اَلْأُخْرَى , وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/108)
هذا الحديث حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء لم يذكرها فيما سبق منها رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام فإنه يسن أن يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام وقد ورد في ذلك ثلاث صفات الصفة الأولى : أن يبتدأ رفع اليدين مع ابتداء التكبير وينهيه بانتهائه والثاني أن يرفع يديه أولا ثم يكبر والثالثة أن يكبر أولا ثم يرفع يديه وكل هذا جائز وفيه أيضا في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ركع خفض ظهره يعني لم يقوسه و إنما يخفضه حتى يكون مساويا لرأسه وهذا هو الأفضل والأكمل وكان أيضا يمكن يديه من ركبتيه يعني يضع اليدين على الركبتين قال العلماء مفرجة الأصابع حتى يتمكن اكثر كأنه قابض على ركبتيه ومنها التفريق بين التشهد الأول والأخير ففي التشهد الأول يفترش يعني ينصب رجله اليمنى ويجلس على رجله اليسرى وفي التشهد الأخير ينصب الرجل اليمنى ويخرج اليسرى من الجانب الأيمن ويمكن مقعدته من الأرض وهذا في كل صلاة فيها تشهدان يكون التشهد الأخير على هذا الوضع ويسمى التورك واما الثنائية كالفجر وصلاة الليل والسنن الرواتب والصلاة المقصورة في السفر فهذه ليس فيها تورك . لان التورك إنما يكون في الثلاثية والرباعية في التشهد الأخير وثمة صفة ثانية في التورك أن الإنسان بأتي برجليه اليمنى واليسرى ويخرجهما من الجانب الأيمن وفيه أيضا ثالثة أن يسدل رجله اليمنى ويدخل رجله اليسرى بين الفخذ والساق كل هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فعل الإنسان هذا مرة وهذا مرة كان خيرا وفيه أيضا انه إذا رفع من الركوع استوى قائما يعني اعتدل واستقر حتى يعود كل فقار موضعه خلافا لما يفعله بعض الناس الآن من يركع ويرفع يسجد بدون أن يستقر وهذا يبطل الصلاة وبقي موضع ثاني يرفع يديه فيه وهو عند الركوع يرفع يديه إلى حذو المنكبين أو إلى فروع أذنيه أو إلى شحمة الأذنين وكذلك إذا رفع من الركوع رفع(3/109)
يديه وإذا قام إلى التشهد الأول رفع يديه وفي ما سوى ذلك ليس فيه رفع اليدين فلا يرفع عند السجود ولا عند الرفع من السجود ولا عند الجلوس بين السجدتين والحديث الذي ورد في ذلك حديث ضعيف فيه انقلاب على الراوي وهو أن الرسول كان يرفع يديه في كل خفض ورفع والصواب انه يكبر في كل خفض ورفع أما رفع اليدين فلا يكون إلا في أربعة مواضع عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول والله الموفق
سؤال الذي يضع رجل على رجل في السجود فقد أخل بركن من أركان الصلاة فلا تصح صلاته لانه ركن لابد أن يقوم به الإنسان وكذلك بعض الناس يرفع رجله في السجود ويستمر رافعا لها هذا أيضا لا يصح سجوده وإذا لم يصح سجوده لم تصح صلاته
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
271- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ :كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيهَّةً , قَبْلِ أَنْ يَقْرَأَ , فَسَأَلْتُهُ , فَقَالَ : "أَقُولُ : اَللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ اَلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ , اَللَّهُمَّ نقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى اَلثَّوْبُ اَلْأَبْيَضُ مِنْ اَلدَّنَسِ , اَللَّهُمَّ اِغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ :مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/110)
هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه ساقه المؤلف في باب صفة الصلاة وفيهما بيان ما يقوله الإنسان في استفتاح الصلاة من المعلوم أن الإنسان أول ما يدخل في الصلاة يكبر وهذه تكبيرة الإحرام ثم يستفتح والاستفتاح جاءت فيه أنواع عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فأي نوع استفتحت به أدركت السنة لكن الأفضل أن الإنسان يستفتح بهذا مرة وهذا مرة إذا كان يعرف ذلك فمن هذا الاستفتاح ما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر للصلاة سكت هنيهة يعني سكوتا قليلا قبل أن يقرأ فقال له أبو هريرة رضي الله عنه بابي أنت وأمي يا رسول الله ماذا تقول بين التكبير والقراءة فقال أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد . ففي هذا الحديث فوائد منها حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة الحق والعلم ولهذا سأل أبو هريرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ماذا يقول ومنها جواز قول الإنسان في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأي أنت وأمي أو بابي هو وأمي يعني أفديك بابي وأمي فأنت احب إلى فأنت أبي وأمي واقدم أبي وأمي فداء لك ومن المعلوم انه يجب فداء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنفس والأب والأم والولد لانه - صلى الله عليه وسلم - أحق الناس حق عليك ومن فوائد هذا الحديث فقه الصحابة رضي الله عنهم فها هو أبو هريرة اسلم سنة سبع من الهجرة ومع ذلك كان عنده هذا الفقه حيث قال أرأيت سكوت بين التكبير والقراءة ما تقول فيه ففهم رضي الله عنه انه لا يمكن أن يكون سكوت في الصلاة ليس فيه ذكر لابد أن يقول شيئا لكنه لا يجهر به فهو لم يقل أرأيت سكوت بين التكبير والقراءة ما هو بل قال ما تقول فيه فهو يدل على انه كان يعلم انه يقول شيئا لكنه اسر به وهذا من فقه الصحابة رضي الله عنهم وهو أن الصلاة ليس فيها(3/111)
سكوت كلها ذكر من أولها إلى أخرها إما قرأن وإما ثناء على الله تعالى وإما دعاء وإما تسبيح كلها ذكر ومن فوائده أيضا أن السكوت يطلق على عدم الجهل بالقول حيث قال سكوتك مع انه ما سكت لكن عدم الجهل بالقول يطلق عليه السكوت ومنها حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على تعليم الأمة وعلى تواضعه - صلى الله عليه وسلم - فإنه من حين سأله أبو هريرة أجاب لما في ذلك من نشر العلم ومنها بيان قول من قال من العلماء أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجهر بالذكر عقب الصلاة من اجل تعليم الناس فيقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يمكن أن يخالف ما يرى انه الحق من اجل التعليم لانه بإمكانه أن يعلم بدون أن يجهر ولهذا كان لا يجهر بالاستفتاح حيث أن السنة فيه السر فقول من قال من العلماء رحمهم الله إن الذكر بعد الصلاة الأفضل فيه الإسرار وان الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بذلك ليعلم الناس . الرسول - صلى الله عليه وسلم -يعلم الناس بدون أن يجهر به يقول للناس قولوا كذا وكذا بل قد قال لهم لما شكا إليه فقراء الأنصار أن الأغنياء سبقوهم أرشدهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا سبحان الله والحمد لله والله اكبر ثلاثا وثلاثين دبر كل صلاة لكن مشكلة الإنسان مهما بلغ من العلم انه إذا اعتقد شيئا حاول أن يؤول النصوص على وجه مستكره من اجل أن يوافق ما كان يراه وهذه محنة ابتلي بها كثير من العلماء تجدهم يرون قولا من الأقوال فتاتي السنة على خلافه فيذهب يؤولها تأويلا مستكرها لا يقبل من اجل أن يبقى على رأيه وهذا غلط عظيم النصوص يجب أن تكون متبوعة لا تابعة يعني لا يجوز لك أن تجر النصوص إلى رأيك بل يجب أن تتبعك رأيك النصوص وان تجعل رأيك تابعا للنصوص ومن فوائد هذا الحديث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -اللهم باعد بيني وبين خطاياي إلى أخره إشارة إلى أن الرسل - صلى الله عليه وسلم - قد يقع منهم الخطأ ولكنهم معصومون من(3/112)
الاستمرار في الخطأ وهذا هو الفرق بينهم وبين أممهم الأمم غير معصومين من الإصرار على الخطأ قد يخطئ الإنسان ويبقى على خطئه فلا يمن الله عليه بعلم ولا يمين عليه بهداية لكن الرسل عيهم الصلاة والسلام وإن وقع منهم الخطأ فإن مرجعهم إلى التوبة أن يتوب الله عليهم ولهذا نوح - صلى الله عليه وسلم - سأل الله تعالى أن ينجي ابنه من الغرق فماذا قال الله تعالى له قال له إنه ليس من اهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين . فاستغفر نوح - صلى الله عليه وسلم - ربه قال رب أنى أعوذ بك أن أسألك ما ليس به علم وإلا تغفر لي وترحمني اكن من الخاسرين فقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - اللهم باعد بيني وبين خطاياي صريح انه قد يخطي - صلى الله عليه وسلم - لكنه لا يمكن أن يتعمد البقاء والاستمرار على الخطيئة لابد أن يتوب ثم إن غالب ما كان فيه خطأ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كله صادر عن اجتهاد لكنه اخطأ فيه مثل قوله تعالى ({عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (43) سورة التوبة) يعني عاتبه على هذا أن يأذن لهؤلاء المنافقين قبل أن يعلم حقيقتهم قال عفا الله عنك ولكن انظر إلى اللطف في مخاطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أول ما بدأ بالعفو عن الخطيئة قال عفا الله عنك وقال عز وجل يا أيها النبي لم تحرم ما احل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم فغفر الله له لكن بين له أن هذا لا يليق أن يحرم ما احل الله له ابتغاء مرضاة أزواجه فالحاصل أن الرسل عليهم الصلاة والسلام فد يقع منهم الخطأ لكن إذا وقع فغالبه عن اجتهاد ينبههم الله عليه وإذا لم يكن عن اجتهاد فإنه لابد أن يفغر الله لهم وييسر لهم التوبة أما غيرهم وهم الأمم فهم يقعون في الخطأ عن اجتهاد وعن عمد وربما يبتلون فلا يوفقون للتوبة .(3/113)
اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب وهذا يضرب مثلا لأبعد ما يكون ولهذا إذا أردنا أن نذكر شيئا متباعدا قلنا بينهما كما ما بين المشرق والمغرب يعين أبعدها عني اللهم نقني من خطاياي وهذه مرتبة اشد من الأولى الأولى باعد بيني وبينها حتى لا أقع فيها والثانية نقني منها إذا أصبتها نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وإنما ذكر الثوب الأبيض لان الثوب الأبيض أي دنس يصيبه يتبين ولهذا تجد الإنسان يلبس الثوب الأسود فترة طويلة لا يحتاج إلى غسل أما الأبيض فعكس ذلك ولهذا قال كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس المرتبة الثالثة زيادة على التنفية التطهير اللهم أغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد الماء منظف الثلج والبرد مبرد فجمع بين التنظيف والبرودة فإذا قال قائل المعروف أن الماء الساخن أسرع في الإنقاء واشد فلماذا قال الثلج والبرد ؟ قال العلماء لان الذنوب عقوباتها حارة مؤلمة فيناسب ذكر البرودة التي تقابل الحرارة والإيلام إذاًَ إذا كبرنا تكبيرة الإحرام نقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد . هل نقول غير ذلك؟ نعم إذا شئنا قلنا سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك لكن الأفضل أن تبادل بينها أحيانا تقول هذا أحيانا تقول هذا إحياء للسنتين جميعا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة - وَنَحْوُهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ اَلْخَمْسَةِ (?????) .
وَفِيهِ : وَكَانَ يَقُولُ بَعْدَ اَلتَّكْبِيرِ : أَعُوذُ بِاَللَّهِ اَلسَّمِيعِ اَلْعَلِيمِ مِنَ اَلشَّيْطَانِ اَلرَّجِيمِ , مِنْ هَمْزِهِ , وَنَفْخِهِ , وَنَفْثِهِ (?????)(3/114)
274- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَفْتِحُ اَلصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ : بِـ (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ) وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ , وَلَمْ يُصَوِّبْهُ , وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ . وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مِنْ اَلرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا . وَإِذَا رَفَعَ مِنْ اَلسُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا . وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ اَلتَّحِيَّةَ . وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى وَيَنْصِبُ اَلْيُمْنَى . وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ اَلشَّيْطَانِ , وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ اَلرَّجُلُ زِرَاعَيْهِ اِفْتِرَاشَ اَلسَّبُعِ . وَكَانَ يُخْتَمُ اَلصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ , وَلَهُ عِلَّةٌ (?????)
275- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا اِفْتَتَحَ اَلصَّلَاةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
276- وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ , عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ : يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ, ثُمَّ يُكَبِّرَ (?????)
277- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - نَحْوُ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ , وَلَكِنْ قَالَ : حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ (?????) .
278 - وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ اَلْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ اَلْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ (?????)(3/115)
279- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ اَلصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ اَلْقُرْآنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ , لِابْنِ حِبَّانَ وَاَلدَّارَقُطْنِيِّ : لَا تَجْزِي صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ (?????)
وَفِي أُخْرَى , لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيِّ , وَابْنِ حِبَّانَ : لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ ? " قُلْنَا : نِعْمَ . قَالَ : "لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ , فَإِنَّهُ لَا صَلَاةِ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا (?????)
280- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ اَلصَّلَاةِ بِـ (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
زَادَ مُسْلِمٌ: لَا يَذْكُرُونَ : (بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ ) فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ , وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ : لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيم ِ (?????)
وَفِي أُخْرَى لِابْنِ خُزَيْمَةَ : كَانُوا يُسِرُّونَ . (?????)
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اَلنَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ , خِلَافًا لِمَنْ أَعَلَّهَا. (?????) .(3/116)
281- وَعَنْ نُعَيْمٍ اَلْمُجَمِّرِ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ : (بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ) . ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ اَلْقُرْآنِ , حَتَّى إِذَا بَلَغَ : (وَلَا اَلضَّالِّينَ) , قَالَ : "آمِينَ" وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ , وَإِذَا قَامَ مِنْ اَلْجُلُوسِ : اَللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/117)
هذه الأحاديث تقدم الكلام على اكثر ما فيها لكننا نعود إلى الاستفتاح ونقول أن استفتاح الصلاة بعد تكبيرة الإحرام أن يقول الإنسان اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد أو يقول ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ) أما الأول فقد شرحناه بالأمس واما الثاني فمعنى سبحانك اللهم وبحمدك أي أنزهه عن كل عيب ونقص وعن مماثلة المخلوقين بأنك كامل الصفات واسع الهبات عظيم السلطان لهم المجد كله والحمد كله ولهذا قرنه بقوله وبحمدك أي وأحمدك فالباء هنا للمصاحبة أي انك تجمع بين تنزيه الله عز وجل عن النقائص والعيوب وبين الثناء عليه بحمده سبحانه وتعالى وتبارك اسمك يعني أن اسمك تنال فيه بركة ولهذا ربما يتوقف حل الطعام على البسملة فلهذا لو أن إنسان ذبح ذبيحة ولم يذكر اسم الله صارت ميتة تحرم عليه ولو صاد صيدا ولمم يقل بسم الله عند ارسال السهم صار حرام ميتة لا يجوز أكله والصحيح انه لا تحل الذبيحة إذا ترك اسم الله عليها سواء كان ناسيا أو ذاكرا لعموم قول الله تعالى {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (121) سورة الأنعام وهذا نهي أن يأكل الإنسان من شيء لم يذكر اسم الله عليه لكن لو آكل الآكل وهو لم يدري اذكر اسم الله عليه أو لا والذابح مسلم فهو لا حرج عليه لان عائشة رضي الله عنها ذكرت أن قوم جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا أن قوم يأتوننا باللحم لا ندري اذكر اسم الله عليه أم لا قال سموا انتم وكلوا قالت وكانوا حديث عهد بالكفر ومنها أي من أثار اسم الله عز وجل ونزول البركة به أن الإنسان إذا سمى على آكل امتنع(3/118)
الشيطان من مشاركته وإذا لم يسم شاركه الشيطان في أكله ولهذا نقول أن القول الراجح أن التسمية على الآكل والشرب واجبة وانه لا يحل للإنسان أن يأكل بلا تسمية ولا أن يشرب بلا تسمية فأن نسي وذكر في أثناء الطعام أو وسط الشراب قال بسم الله أوله واخره وان نسي حتى خلص فقد قال الله ز وجل ( رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) (286) سورة البقرة) ومن ذلك أن التسمية على الوضوء اكمل وافضل مما لو ترك التسمية قال بعض العلماء أن التسمية على الوضوء واجبة والصحيح أنها ليست واجبة ولكنها سنة إنما هي تعطي الوضوء كمال كل هذا من أثار قوله وتبارك اسمك ومن ذلك أن الإنسان إذا أتى أهله وقال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ثم يقدر الله بينهما ولد ذكر كان أو انثى فان الشيطان لا يضره وكل هذا من كون اسم الله تعالى مباركا وعلى كل حال فاسم الله تعالى مباركا تحل به البركة ونزع البركة إذا لم يسم الله على الشيء وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو ابتر أي ناقص البركة وهذا الحديث اختلف علماء الحديث في تصحيحه فمنهم من حسنه ومنهم من صححه ومنهم من ضعفه لكن لاشك أن البسملة أمر مهم وكل ذلك من بركة اسم الله تبارك وتعالى وتعالى جدك يعني تعالت عظمتك فالجد هنا بمعني العظمة والسلطان وليس الجد هو أب الأب أو الأم لان الله تعالى لم يلد ولم يولد لكن تعالى جدك أي تعالت عظمتك وسلطانك فهو سبحانه وتعالى عظيم العظمة عظيم السلطان والغني والجود والكرم وتعالى جدك ولا اله غيرك أي لا اله حق سواك فكل الآلة التي تعبد من دون الله كلها باطلة الاله الحق هو الله تبارك وتعالى ولا اله غيرك كل ما يوجد في الأرض ويقال إنه اله فإنه باطل {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}(3/119)
(62) سورة الحج حتى من عبد الأنبياء أو الملائكة فإنه عبدهم على وجه باطل لا اله إلا الله لا اله غيره حتى المسيخ عيسى بن مريم عبده من عبده من الناس ولكنه عبادة باطلة وكل هذه الآلة إذا كان يوم القيامة فإنها تلقى في جهنم إذلالا لعابديها حتى لو كانت من الأحجار الحجر لا يعذب لكن إهانة لعابديها تلقى في نار جهنم كما قال الله تبارك وتعالى ({إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (98) {لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} (99) {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ} (100) سورة الأنبياء) لانجوا أنفسهم لكنهم ليسوا آلهة ولما نزلت هذه الآية فرح المشركون بها وقالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم - أنت تزعم أن ألهتنا تحصب في النار وعيسى بن مريم يعبد من دون الله أيطرح في النار قال الله تعالى {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (58) سورة الزخرف فانزل الله تعالى بعد قولهم وكل فيها خالدون وهم فيها لا يسمعون ) انزل بعدها {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} (101) {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} (102) {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } (103) سورة الأنبياء) ففي هذه الآية دفع دعوى هؤلاء المشركين لان عيسى بن مريم - صلى الله عليه وسلم - ممن سبقت له من الله الحسنى وهو أحد الرسل الخمسة الذين هم أولو العزم فأولو العزم من الرسل هم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام وأفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى وعيسى ونوح في درجة واحدة نوح سبقه بالرسالة وبمعاناة قومه(3/120)
لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما وعيسى بن مريم سبقه بالإيذاء التام
نقل المؤلف رجمه تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَفْتِحُ اَلصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ : بِـ (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ) وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ , وَلَمْ يُصَوِّبْهُ , وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ . وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مِنْ اَلرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا . وَإِذَا رَفَعَ مِنْ اَلسُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا . وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ اَلتَّحِيَّةَ . وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى وَيَنْصِبُ اَلْيُمْنَى . وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ اَلشَّيْطَانِ , وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ اَلرَّجُلُ زِرَاعَيْهِ اِفْتِرَاشَ اَلسَّبُعِ . وَكَانَ يُخْتَمُ اَلصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ , وَلَهُ عِلَّةٌ (?????)
275- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إِذَا اِفْتَتَحَ اَلصَّلَاةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
276- وَفِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ , عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ : يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ, ثُمَّ يُكَبِّرَ (?????)
277- وَلِمُسْلِمٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - نَحْوُ حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ , وَلَكِنْ قَالَ : حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ (?????) .(3/121)
278 - وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَضَعَ يَدَهُ اَلْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ اَلْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ (?????)
279- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ اَلصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ اَلْقُرْآنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ , لِابْنِ حِبَّانَ وَاَلدَّارَقُطْنِيِّ : لَا تَجْزِي صَلَاةٌ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ (?????)
وَفِي أُخْرَى , لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيِّ , وَابْنِ حِبَّانَ : لَعَلَّكُمْ تَقْرَءُونَ خَلْفَ إِمَامِكُمْ ? " قُلْنَا : نِعْمَ . قَالَ : "لَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ , فَإِنَّهُ لَا صَلَاةِ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا (?????)
280- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ اَلصَّلَاةِ بِـ (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)(3/122)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله عنها في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم الكلام على اكثر فقراته لكن بقى فقرة أو فقرتان منها قولها رضي الله عنها وكان ينهى عن عقبة الشيطان وعقبة الشيطان هي الإقعاء وأضافها لشيطان لأنها من أمره فإن الشيطان يأمر بالفحشاء وهي أن يجلس الإنسان على آليتيه وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض فإن هذا يشبه إقعاء الكلب والإنسان منهي أن يفعل مثل أفعال البهائم لا في الصلاة ولا في غيرها وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه فالتشبه بالحيوان في كل شيء من الأمور المنهي عنها لان الله تعالى فضل بني آدم على كثير ممن خلق وكرم الله بني آدم فحملهم في البر والبحر فلا ينبغي للإنسان أن ينزل بنفسه حتى يكون كالحيوان .(3/123)
وفي الحديث أيضا وكان يختم الصلاة بالتسليم يعني انه إذا انتهى من صلاته ختمها بالتسليم فيقول السلام عليكم ورحمة الله من اليمين السلام عليكم ورحمة الله من اليسار واختلف العلماء رحمهم الله في التسليم هل هو ركن أو واجب أو سنة أو إطلاق من محذور والظاهر انه ركن فافتتاح الصلاة بالتكبير ركن واختتامهما بالتسليم ركن وعلى هذا القول هل كلتا التسليمتين ركن أو التسليمة الأولى ؟ أيضا فيه خلاف والأقرب أن التسليمتين كلتاهما ركن ولابد منهما وبناء على ذلك ينبغي للإنسان مع الإمام أن لا يسلم إلا إذا سلم الإمام التسليمتين جميعا فبعض الناس إذا سلم الإمام الأولى على اليمين سلم هو على اليمين ثم إذا سلم الإمام على اليسار سلم هو على اليسار هذا وإن كان جائزا لكن الأفضل أن لا تسلم حتى يتم الإمام التسليمتين جميعا كذلك أيضا بعض الناس إذا فاتهم شيء من الصلاة وسلم الإمام التسليمة الأولى قام ليقي ما فاته وهذا غلط لا تقم لقضاء ما فاتك حتى يسلم الإمام التسليمة الثانية لان الإمام إلى الآن ما انتهت صلاته ولهذا لو فرض أن الإمام حين سلم التسليمة الأولى احدث فخرج منه ريح بطلت صلاته لان صلاته لم تنته بعد فلابد من التسليمتين جميعا ولا يقوم الإنسان لقضاء ما فاته حتى يسلم الإمام التسليمتين جميعا وقد قال بعض العلماء إن المأموم إذا قام لقضاء ما فاته قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية انقلبت صلاته نفلا ولم تجزئه عن الفريضة وهذه مسألة خطيرة أما حديث وائل بن حجر فهو يحكي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره وقد مر علينا أن من السنة أن يضع الإنسان يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة أو على الرسغ يعني بين الكف والذراع ولكن هل يضعها تحت سرته أو على سرته أو على صدره ؟ احسن الأحوال أن يكون على صدره يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره قبل الركوع وبعد الركوع .(3/124)
أما حديث عبادة بن الصامت ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب يعني الحمد لله فمن لم يقرأ بالحمد فإن صلاته لا تجزئه صلاته تعتبر باطلة لان قراءة الفاتحة ركن على الإمام والمأموم والمنفرد فإن الأحاديث عامة ليست فيها استثناء مأموم من العموم فلا يمكن أن تصح صلاة بغير قراءة الفاتحة حتى المأموم يجب عليه أن يقرأ الفاتحة وإن لم يفعل بطلت صلاته إلا في حال واحدة فأنها تسقط عنه إذا جاء والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام قائما ثم يركع وإن لم يقرأ الفاتحة لانه ثبت في صحيح البخاري وغيره عن أبي بكرة رضي الله عنه انه أتى والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع فاسرع وركع قبل أن يدخل في الصف ثم دخل في الصف فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - زادك الله حرصا ولا تعد ولا فبرق بين أن تكون صلاة الإمام جهرا أو سرا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - انفتل ذات يوم من صلاة الفجر وانصرف إلى أصحابه وقال لعلكم تقرؤون حلف أمامكم قالوا نعم قال لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها وهذا يدل على فضل فاتحة الكتاب حتى أن الصلاة لا تقبل إلا إذا قرأ بها لفضلها وأهميتها وهي اعظم سورة في كتاب الله اعظم سورة في كتاب الله تعالى هي الفاتحة وهي شفاء من المرض ولدغ الحية والعقرب لكن تحتاج إلى شيئين إلى أهلية الفاعل وقابلية المفعول به يعني تحتاج إلى أن نكون القارئ مؤمنا بفائدتها وان يكون الذي يقرأ عليه الفاتحة كذلك مؤمنا بفاعليتها فإذا اجتمع هذا وهذا فإنها شفاء بإذن الله تعالى وقعت قصة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن سرية نزلوا بقوم من العرب فأبوا أن يضيفوهم فتنحى هؤلاء القوم ثم سلط الله على رئيس العرب عقربا فلدغته وكانت شديدة فطلبوا من يقرأ عليه وجاءوا إلى السرية وقالوا هل فيكم من يقرأ يعني على هذا اللديغ قالوا نعم لكن لا نقرأ عليه إلا بكذا وكذا من الغنم قالوا(3/125)
لا باس فأعطوهم الغنم فذهب أحد رجال السرية يقرأ على هذا اللديغ بالفاتحة فقط فقام اللديغ كأنما نشط من عقال سبحان الله على طول برئ واعطوهم الغنم وكأنهم رضي الله عنهم صار في نفوسهم شيء هل تحل لهم الغنم أم لا حتى أتوا المدينة فسألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - هل نأخذ الغنم قال نعم خذوها واضربوا لي معكم بسهما للهم صل وسلم عليه قال هذا تطييبا لقلوبهم ثم قال للقارئ بعني ماذا قرأت عليه قال بفاتحة الكتاب قال وما يدريك أنها رقية وهذا الاستفهام للتقرير يعني اقره على أنها رقية واما ما يفعله بعض العوام من انه كلما أرادوا شيئا قالوا الفاتحة وهذا والحمد لله لا يوجد عندنا لكن يوجد عند أخواتنا الذين يفدون إلي البلاد كل شيء الفاتحة عند عقد النكاح الفاتحة وعند الصلح وعند أي شيء وهذا بدعة ولا يجوز لانه لو كانت خيرا لكان أول من يفعلها الرسول وأصحابه لكنها بدعة وليست مشروعة والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ اَلصَّلَاةِ بِـ (اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
زَادَ مُسْلِمٌ: لَا يَذْكُرُونَ : (بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ ) فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ وَلَا فِي آخِرِهَا . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ , وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ : لَا يَجْهَرُونَ بِبِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيم ِ (?????)
وَفِي أُخْرَى لِابْنِ خُزَيْمَةَ : كَانُوا يُسِرُّونَ . (?????)
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ اَلنَّفْيُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ , خِلَافًا لِمَنْ أَعَلَّهَا. (?????) .(3/126)
281- وَعَنْ نُعَيْمٍ اَلْمُجَمِّرِ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَرَأَ : (بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ) . ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ اَلْقُرْآنِ , حَتَّى إِذَا بَلَغَ : (وَلَا اَلضَّالِّينَ) , قَالَ : "آمِينَ" وَيَقُولُ كُلَّمَا سَجَدَ , وَإِذَا قَامَ مِنْ اَلْجُلُوسِ : اَللَّهُ أَكْبَرُ . ثُمَّ يَقُولُ إِذَا سَلَّمَ : وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ (?????)
282- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَرَأْتُمْ اَلْفَاتِحَةِ فَاقْرَءُوا : ( بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ ) , فَإِنَّهَا إِحْدَى آيَاتِهَا رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ , وَصَوَّبَ وَقْفَهُ . (?????)
283- وَعَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ اَلْقُرْآنِ رَفَعَ صَوْتَهُ وَقَالَ : "آمِينَ". رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَحَسَّنَهُ , وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ . (?????) .
284 ـ وَلِأَبِي دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ نَحْوُهُ. (?????)(3/127)
285- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنْ اَلْقُرْآنِ شَيْئًا , فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِيٌ]مِنْهُ] . قَالَ : "سُبْحَانَ اَللَّهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ , وَلَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ , وَلَا حَوْلٌ وَلَا قُوَّةً إِلَّا بِاَللَّهِ اَلْعَلِيِّ اَلْعَظِيمِ . . . اَلْحَدِيثَ . رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَالنَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ , وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ . (?????)
286 - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بِنَا , فَيَقْرَأُ فِي اَلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ - فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْأُولَيَيْنِ - بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ , وَيُسْمِعُنَا اَلْآيَةَ أَحْيَانًا , وَيُطَوِّلُ اَلرَّكْعَةَ اَلْأُولَى , وَيَقْرَأُ فِي اَلْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
287 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : كُنَّا نَحْزُرُ قِيَامَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي اَلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ , فَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْأُولَيَيْنِ مِنْ اَلظُّهْرِ قَدْرَ : (الم تَنْزِيلُ) اَلسَّجْدَةِ . وَفِي اَلْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ اَلنِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ . وَفِي اَلْأُولَيَيْنِ مِنْ اَلْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ اَلْأُخْرَيَيْنِ مِنْ اَلظُّهْرِ , وَالْأُخْرَيَيْنِ على النصف من ذلك رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/128)
هذه الأحاديث في بيان كيفية قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته وهي تدل على أمور الأمر الأول انه لا يجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية لان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا لا يجهرون بذلك كما ثبت ذلك في الصحيحين وغيرهما فالسنة أن الإنسان إذا كانت إماما في صلاة الليل أو في صلاة قيام الليل فإنه لا يجهر بالبسملة لأنها ليست من الفاتحة بدليل ما ثبت في الحديث الصحيح أن الله تبارك وتعالى قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي ولم يذكر البسملة وما ورد من الأحاديث مما يدل على أنها من الفاتحة وعلى انه يجهر بها فهو ضعيف بالنسبة للأحاديث الصحيحة الدالة على أنها ليست منها وأنه لا يجهر بها لكن لو جهر بها الإنسان فانه لا ينكر عليه كما قال بعض أهل العلم لان هذا مما يسوغ فيه الاجتهاد ولكن الأفضل أن يسر بالبسملة ولو في الصلاة الجهرية . ومما دلت عليه هذه الأحاديث الجهر بآمين أن الإنسان إذا انتهى من الفتحة يقول آمين ويجهر بها إذا كان يجهر بالفاتحة كصلاة المغرب والعشاء والفجر وقيام الليل وما أشبه ذلك فانه يجهر بها وحديث الجهر بآمين صحيح فلا ينبغي تركه ولا الإنكار على من جهر وإنما يتوجه الإنكار على من اسر بقول آمين لأنها ثبتت بها الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -على وجه يحتج به ومما دلت عليه هذه الأحاديث انه ينبغي أن يقرأ في الركعتين الأوليين بسورة مع الفاتحة في الظهر والعصر وأما الركعتان الباقيتان فإنه لا يزيد فيهما عن الفاتحة كما دل على ذلك حديث أبي قتادة رضي الله عنه وهو في الصحيحين وقد ضبط المسألة قال كان يقرأ بكذا وكان يقرأ بالفاتحة
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة(3/129)
- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - ( } محرم شعبان رجب { ) قَالَ : كَانَ فُلَانٍ يُطِيلُ اَلْأُولَيَيْنِ مِنْ اَلظُّهْرِ, وَيُخَفِّفُ اَلْعَصْرَ, وَيَقْرَأُ فِي اَلْمَغْرِبِ بِقِصَارِ اَلْمُفَصَّلِ وَفِي اَلْعِشَاءِ بِوَسَطِهِ وَفِي اَلصُّبْحِ بِطُولِهِ . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءِ أَحَدٍ أَشْبَهَ صَلَاةِ بِرَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ هَذَا . أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (?????)
289 - وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ - رضي الله عنه - قَالَ : سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي اَلْمَغْرِبِ بِالطُّورِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
290 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ اَلْفَجْرِ يَوْمَ اَلْجُمْعَةِ : (الم تَنْزِيلُ ) اَلسَّجْدَةَ , و (هَلْ أَتَى عَلَى اَلْإِنْسَانِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
291 - وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ مَسْعُودٍ : يُدِيمُ ذَلِكَ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/130)
سبق لنا في الدرس الماضي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم رجلا لا يحسن الفاتحة أن يقول سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإذا كان الإنسان حديث عهد بالإسلام ولا يعرف القرآن ولم يتمكن من تعلم شيء منه قلنا له قل بدل الفاتحة سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ولكن مع ذلك يجب عليه أن يتعلم الفاتحة لأنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب أما ما ذكره المؤلف في درس اليوم ففيه أن الإنسان ينبغي له في الصلوات أن يقرأ في الفجر بطوال المفصل وفي المغرب بقصار المفصل وفي الظهر والعصر والعشاء بأوساطه والمفصل أوله سورة ق وينتهي طواله بسورة المرسلات ويبتدأ المتوسط بسورة عم وينتهي بسورة الليل وقصاره من سورة الضحي إلى الناس فالذي ينبغي للإنسان أن يلتزم بهذا يعني يتحر أن يقرأ في الصبح مثل ق واقتربت الساعة وأما في المغرب فمن قصاره في الباقي من أوساطه ولا باس أحيانا أن يقرأ في المغرب بطوال المفصل كما قال جبير بن المطعم رضي الله عنه سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في المغرب بالطور وهذه من الطوال لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك أحيانا وبسماع جبير بن مطعم لهذه السورة حل الإيمان في قلبه يقول سمعت حتى بلغ قوله تعالى أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون ) يقول فكاد قلبي يطير من شدة وقع هذه الآية في قلبي حتى دخل الإيمان في قلبه فآمن رضي الله عنه لان هذه الآية حجة واضحة على أن الله وحده هو الخالق لان الله يقول هل خلق هؤلاء بغير خالق أم هم الذين ٍ حين من الدهر فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بهما في فجر الجمعة ويديم ذلك لكن ليس على سبيل الوجوب بل هذا هو الأفضل وما يفعله بعض الأئمة من كونهم يقسمون السجدة قسمين هذا(3/131)
خطأ عظيم هذا تشطير للسنة ومخالفة لها وبدعة في دين الله عز وجل لكنهم جهال ويجب أن يعلموا ويبين لهم أن هذا خطا كذلك البعض يقتصر على هل أتى على الإنسان وهذا كالأول يقال أن تقرأ السورتين كما قرأهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما أن تقرا بغيرهما والبعض يقرأ في فجر الجمعة شيئا من الكهف وهذا أيضا غلط لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - قراءة سورة الكهف يوم الجمعة لا في صلاة الفجر ولا في صلاة الجمعة ومن العوام من يقرأ في الفجر الجمعة والمنافقون وهذا جهل لان النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يقرأ بهما في صلاة الجمعة لا في الفجر .
يسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
292 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَمَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا يَسْأَلُ, وَلَا آيَةُ عَذَابٍ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْهَا أَخْرَجَهُ اَلْخَمْسَةُ , وَحَسَّنَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ (?????)
293 - وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ اَلْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا , فَأَمَّا اَلرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ اَلرَّبَّ , وَأَمَّا اَلسُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي اَلدُّعَاءِ , فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/132)
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صفة الصلاة في حكم السؤال عند أية الرحمة والتعوذ عند أية العذاب يعني إذا كان الإنسان يصلي فمرت به أية رحمة فهل يسأل الله من فضله أن يكون من أهل هذا الثواب أو مر به عقاب فهل يتعوذ بالله منه ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه انه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في صلاة الليل فما مرت به أية رحمة إلا سأل ولا أية عذاب إلا تعوذ ولا أية تسبيح إلا سبح وهذا في صلاة الليل فإذا مر بك مثلا إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر هذه أية رحمة فإنك تقول وأنت تصلي في الليل اللهم اجعلني منهم وإذا مر بك أية وعيد كقوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير تعوذ وقل اللهم أعذني من ذلك هذا في صلاة الليل وإذا مرت بك أية تسبيح فإنك تسبح مثل قول الله تبارك وتعالى واليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) تقول سبحانه وبحمده هذا أيضا في صلاة الليل فهل يثبت هذا الحكم في صلاة الفريضة لان الأصل أن ما ثبت في صلاة النافلة ثبت في صلاة الفريضة إلا بدليل أو لا يثبت ذلك ؟ نقول أما في صلاة الليل فإنه لا شك انه سنة لان صلاة الليل يطلب فيها التطويل والتأني كما قال تعالى {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} (6) سورة المزمل يعني هي اشد وطأ في مواطأة القلب للسان وأقوم قيلا يعني في القراءة أما صلاة الفريضة فغن الواصفين لصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكروا انه كان يفعل ذلك على انهم نقلوا صفات كثيرة لكن ما منهم أحد قال أنه إذا مر بأية تسبيح سبح أو أية رحمة سأل أو أية وعيد تعوذ وعلى هذا فيقال في صلاة الفريضة الأفضل أن لا تفعل ولكن إن فعلت فلا باس وهذا ما لم تتطلب التلاوة جوابا فإن تطلبت جوابا فأجب مثل قوله تعالى أليس الله بأحكم الحاكمين فهنا تقول بلا والله مثل(3/133)
{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى} (40) سورة القيامة ) تقول بلا والله لان هذا سؤال من الرب عز وجل يتطلب جوابا فاجب ربك أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إلا وإني نهيت يعني نهاني الله عز وجل أن اقرأ القرآن راكعا أو ساجد يعني في حال الركوع لا تقرأ القرآن في حلا السجود لا تقرّأ القرآن متى يقرأ في حال القيام ثم إنه لما ذكر - صلى الله عليه وسلم - الممنوع ذكر الجائز كعادته - صلى الله عليه وسلم - انه إذا ذكر الممنوع ذكر الجائز الذي يحل محله قال فأما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أي حريٌ أن يستجاب لكم فإذا قرأ القرآن وهو راكع قلنا انه ارتكب معصية لانه وقع فيما نهى الله عنه واختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل تبطل صلاته ؟ أكثر العلماء على أن صلاته لا تبطل لان القرآن ذكر مشروع للصلاة لكن هذا المحل ليس محله ومنهم من قال إن الصلاة تبطل لانه أتى بقول منهي عنه والأصل أن من فعل منهي عنه في العبادة بخصوصها أن عبادته تبطل والى هذا ذهب ابن حزم رحمه الله تعالى وقال إذا قرأ القرآن وهو راكع أو ساجد بطلت صلاته لكن جمهور العلماء على أنها لا تبطل فإن قال قائل إذا دعا بشيء من القرآن مثل أن يقول وهو ساجد ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ؟ قلنا هذا لا باس به لانه إنما قصد الدعاء ولم يقصد التلاوة وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما إشارة إلى علو شان القرآن وأنه لا ينبغي للإنسان ن يقرأه إلا وهو قائم لان القيام فيه التعظيم ولهذا إذا دخل الرجل المعظم عند الناس قاموا له اكراما وإجلالا فكان محل القرآن هو القيام أما لركوع والسجود فلا وفيه أيضا إشارة إلى أن الإنسان يكرر التعظيم لله عز وجل في حال الركوع لان هيئته هيئة المعظم فينبغي أن يقول قوله أيضا قول معظم فيكثر من سبحان ربي العظيم(3/134)
ويكررها كثيرا مادام راكعا.
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة 294 - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ : "سُبْحَانَكَ اَللَّهُمَّ]رَبَّنَا] ([194]) وَبِحَمْدِكَ , اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????)
295- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ --رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ-- قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ إِلَى اَلصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ , ثُمَّ يَقُولُ : "سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ , ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : "رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ" ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ, ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ( } محرم رمضان جمادى ثان { ) ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ , ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي اَلصَّلَاةِ كُلِّهَا , وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ اِثْنَتَيْنِ بَعْدَ اَلْجُلُوسِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
296- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ --رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ-- قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ قَالَ : " اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ مِلْءَ اَلسَّمَوَاتِ وَمِلْءَ اَلْأَرْضِ , وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ , أَهْلَ اَلثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ , أَحَقُّ مَا قَالَ اَلْعَبْدُ - وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ - اَللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ , وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلَا يَنْفَعُ ذَا اَلْجَدِّ مِنْكَ اَلْجَدُّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/135)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام فيما نقله عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي وقد بينت رضي الله عنها في رواية أخرى انه لما نزل عليه قول الله تعالى (إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله افواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا) فإنه لما نزلت عليه هذه السورة صار يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي فينبغي للإنسان أن يتأسى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويكثر من هذا الذكر والدعاء ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك هذا ثناء وتنزيه لله سبحانه وتعالى اللهم اغفر لي هذا دعاء وهذا مطابق لقوله تعالى فسبح بحمد ربك واستغفره وظاهر الحديث انه يقول ذلك في الركوع والسجود وعلى هذا فيكون في الركون دعاء أحيانا يعني اصل الركوع انه يعظم فيه الرب لكن هذا الدعاء الوارد عن النبي عليه الصلاة والسلام أم هذا الدعاء الوارد عن النبي مستزمن فينبغي للإنسان أن يحرص عليه أم حديث أبي هريرة ففيه بيان التكبيرات تكبيرات الانتقال وذلك أن التكبيرات ثلاث أنواع نوع ركن ونوع واجب ونوع سنه أم الركن فهو تكبيرة الإحرام فهي ركن لا تنعقد الصلاة إلا بها لو أن إنسان مثلا وقف في لاصف ثم نسي فاستعاذ بالله من الشيطان الرجيم وقرأ الفاتحة دون أن يكبر للاحرام فصلاته لم تنعقد لان تكبيرة الإحرام ركن لا تنعقد الصلاه إلا بها واما السنة فقال العلماء إذا أدرك الإنسان الإمام راكعا كبر تكبيرة الإحرام قائما ثم ركع تكبيرة الإحرام هنا سنة أن شاء كبر وان شاء لم يكبر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للهرب العالمين والصلاة السلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة(3/136)
297- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى اَلْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَأَطْرَافِ اَلْقَدَمَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
298 - وَعَنْ اِبْنِ بُحَيْنَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ , حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/137)
قال الحافظ بن حجر رحمه الله في كتابه بلوغ المرام في ما ساقه من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الصلاة فنقل عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال أمرت أن اسجد على سبعة اعظم على الجبهة واشار بيده إلى انفه والكفين والركبتين وأطراف القدمين أمرت أي أمه الله عز وجل لان النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد مأمور يأمره الله تعالى وينهاه لقد سبق انه قال عليه الصلاة والسلام إلا أنى نهيت أن أقرأ القرآن راكعا وساجدا والذي نهاه هو الله وهنا يقول أمرت أن اسجد والذي أمره هو الله فالنبي - صلى الله عليه وسلم - عبد مأمور لكنه صلوات الله وسلامه عليه أقوم الناس بعبادة الله وأقومهم بشكر الله حتى انه ليقف من الليل حتى تتورم قدماه من طول القيام - صلى الله عليه وسلم - ويقال له في ذلك فيقول أفلا أكون عبدا شكورا أمرت أن اسجد على سبعة اعظم على الجبهة وأشار بيده إلى انفه إشارة إلى أن الأنف جزء من الجبهة وانه يجب السجود عليه والكفين والركبتين وأطراف القدمين يعني الأصابع فهذه سبعة اعظم لابد من السجود عليها فمن سجد ورفع جبهته فان سجوده لا يصح ومن سجد ورفع انفه فان سجوده لا يصح ومن سجد ورفع كفه فان سجوده لا يصح ومن سجد ورفع رجله فان سجوده لا يصح أما أن يرفع بعض عضو مثل أن يرفع شيئا من أصابعه والكف على الأرض فإن ذلك لا يمنع من صحة السجود وكذلك لو رفع أطراف أصابعه غير إبهامه فإن سجوده صحيح لكن الأفضل أن يجعل جميع أصابعه تمس الأرض في حال سجوده وظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - الكفين أن السجود عليها صحيح سواء سجد على ظهورهما أو بطونهما فلو سجد على ظهر الكف فسجوده صحيح لكنه خلاف السنة وكذلك القدمان لابد أن يسجد عليهما وهما مستقيمتان حتى يكون أطراف القدمين على الأرض أما لو اضجعهما وسجد على جنب الرجل فإنه لا يصح لابد أن يسجد على أطراف القدمين كما قال ذلك النبي - صلى الله(3/138)
عليه وسلم - كثير من الناس يكون فيه حكة مثلا وهو ساجد فيرفع يده ليحك ما حكه من البدن هذا لا يجوز يجب أن يتصبر حتى يرفع من السجود وكثير من الناس يسجد ويضع إحدى رجليه على الأخرى فهذا أيضا لا يصح سجوده وظاهر الحديث انه يصح السجود ولو كان بينه وبين مسجده حائل يعني لو وضع منديل وسجد عليه فإنه لا باس به لانه يصح انه سجد على الجبهة أو على الأعضاء لكن قال العلماء رحمهم الله يكره أن يسجد على شيء في جبهته فقط يعني يكون بينه وبين الأرض حائل بالنسبة للجبهة فقط وعللوا ذلك بان هذا فعل الرافضة لان الرافضة المبتدعة يتبركون بالسجود على الطين الذي من تربة كربلاء ولذلك تجدهن يصنعون لبنات صغيرة الطين وييبسونها وتجد الإنسان منهم يحملها في جيبه إذا سجد وضعها بين جبهته وبين الأرض تبركا كما يزعمون بهذه التربة وهم مبتدعة لا شك لكن لو تجعل منديلا صغيرا تضع عليه الجبهة فقط قال العلماء إن ذلك مكروه لانه شبه بالمبتدعة الرافضة وأما إذا سجد على بعض أعضائه يعني وضع كفيه على الأرض ثم وضع جبهته على ظهر الكف فإن سجوده لا يصح لانه حال ببعض أعضاء السجود عن الأرض وإذا سجد على شيء متصل به كالغترة والمشلح فهو مكروه إلا لحاجة ولهذا قال انس بن مالك رضي الله عنه كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في شدة الحر فإذا لم يستطع احدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه فقوله إذا لم يستطع دليل على انه مع الاستطاعة لا يبسط الثوب ولهذا نقول السجود على الحائل ينقسم لثلاث أقسام القسم الأول أن يكون الحائل من أعضاء السجود فهذا لا يصح سجوده . الثاني أن يكون الحائل متصلا به وليس من أعضاء سجوده كالغترة وطرف الثوب وعلى طرف المشلح ...............................
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة(3/139)
298 - وَعَنْ اِبْنِ بُحَيْنَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ , حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
299- وَعَنْ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ , وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
300- وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَكَعَ فَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ , وَإِذَا سَجَدَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ رَوَاهُ اَلْحَاكِمُ . (?????)
301- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . (?????)
302- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ اَلسَّجْدَتَيْنِ : اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي , وَارْحَمْنِي , وَاهْدِنِي , وَعَافِنِي , وَارْزُقْنِي رَوَاهُ اَلْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ , وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ , وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/140)
هذه الأحاديث في بيان كيفية السجود وبيان ما يقوله بين السجدتين أما الأول فحديث عبد الله بن بحينه رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد ففرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه والحديث الذي بعده انه أمر بوضع الكف على الأرض وإقامة الذراعين وعلى هذا فيكون السجود تضع كفك على الأرض وترفع مرفقيك عن الأرض وتفرج عن جنبيك حتى يبدو بياض الإبط وهذا في من كان يلبس الرداء لان الرداء إذا فرجت بين يديك تبين بياض الإبطين وأما البستنا الآن فلا يمكن أن يبدو البياض لأنها مستورة وهذا التفريج سنة وليس بواجب ولكن ولكن إذا كان يتأذى منه من كان إلى جنبك في الصلاة فلا تفعل لان الناس في حال صلاة الجماعة يصف بعضهم إلى جنب بعض والمشروع أن يتراصوا فإذا كان كذلك فإن تفريج اليدين عند السجود يؤذي من كان إلى جنبه ومعلوم أن الإنسان لا ينبغي له أن يؤذي غيره لفعل سنة السنة إذا كان فيها أذية لغيرك فلا تفعلها ولكن لا تضع مرفقيك على الأرض لان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك أن يفترش الإنسان ذراعيه في السجود افتراش السبع ولكن أقمهما بدون أن تجافيهما إذا كان حولك من يتأذى بالمجافاة أما ما يقوله بين السجدتين فهو يقول ربي اغفر لي وارحمني وعافني وأهدني وارزقني هكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل الله المغفرة وهي العفو عن الذنب وستره عن العباد فالمغفرة تتضمن شيئين(3/141)
أولا : ستر الذنب عن الناس والثاني التجاوز عن العقاب عليه .أما الرحمة فهي حصول المطلوب أن يرحمك الله سبحانه وتعالى ويدخلك في رحمته وبالمغفرة والرحمة تزول المكروهات وتحصل المثوبات لان الرحمة غفر العقاب عن الذنوب والرحمة جلب المنافع والخيرات وأما المعافاة فتشمل المعافاة من أمراض القلوب والأبدان والمعافاة من حقوق الناس أن تعتدي عليهم والمعافاة من الناس أن يعتدوا عليك فهذه أربعة أشياء معافاة من أمراض الأبدان معافاة من أمراض القلوب معافاة من الناس أن ينالوك بسوء ومعافاة منك أن تنال الناس بسوء كلها داخلة في قول عافني واشدها أمراض القلوب نسأل الله العافية وهي أنواع كثيرة منها ما يتعلق باليقين فيمرض الإنسان من هذه الناحية بحيث يكون في قلبه شك مما اخبر الله به أما عن نفسه عز وجل وأما عن اليوم الآخر واما عن إخبار الأمم السابقة أو غير ذلك وهذا وقع كثيرا للمتكلمين الذين أنكروا ما وصف الله به نفسه والعياذ بالله وحرفوا الكلم عن مواضعه وهذه مرتبة فوق الشك نسأل الله العافية لانهم من يشكوا فقط بل جزموا بان هذا الظاهر الذي هو ظاهر القرآن والسنة ليس مرادا بل المراد غيره فتوهموا وكذبوا على الله عز وجل كذلك من أمراض القلوب الشرك كالرياء ومحبة مراءاة الناس وان يطلع الناس على عباداته وكأنك تعمل لعباد الله لا لله والعياذ بالله ودواء هذا أن تعلم أن الناس لن ينفعوك وان الذي بيده الخير والنفع هو الله عز وجل وان ترجو بالعمل ثواب الآخرة لان الإنسان إذا رجا ثواب الآخرة لا تهمه الدنيا لا يهمه أن يمدحه الناس أو أن يذموه لانه إنما يعمل لشيء مستقبل ولكن إذا اظهر الإنسان العمل للناس من اجل أن يقتدوا به ويعملوا به كان هذا محمودا فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -يصلي ويري الناس صلاته حتى قعد مرة على المنبر يريهم كيف يصلي وقال إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي وكذلك إذا اظهر الخير ليتأسى به الناس في(3/142)
فعله فيفعلوا مثله كما لو قال مثلا إني صائم في يوم اثنين أو خميس أو الايام البيض قال ذلك من اجل أن يشجع إخوانه على الصيام فالمهم أن الأعمال بالنيات إذا نوى خيرا في إعلان الطاعة فهو خير ولهذا امتدح الله عز وجل إن الذين ينفقون اموالهم في سبيل الله سرا وعلانية ومن أمراض القلوب الخبيثة مرض الزنا والعياذ بالله ومحبة النساء أجارنا الله وإياكم من ذلك كما قال الله تبارك وتعالى في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ({يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (32) سورة الأحزاب
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
302- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ اَلسَّجْدَتَيْنِ : اَللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي , وَارْحَمْنِي , وَاهْدِنِي , وَعَافِنِي , وَارْزُقْنِي رَوَاهُ اَلْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيُّ , وَاللَّفْظُ لِأَبِي دَاوُدَ , وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . (?????)
303- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ رَأَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي , فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/143)
سبق لنا الكلام على بعض حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فيما يقوله النبي - صلى الله عليه وسلم - بين السجدتين كان يقول ربي اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني سبق الكلام على ربي اغفر لي وارحمني وعافني وأما قوله اهدني فمعناه دلني على الحق ووفقني لاتباعه لان الإنسان الذي لا يكون على حق تارة يكون السبب الجهل بحيث لا يعرف الحق وتارة يكون العناد والاستكبار فهو يعلم الحق لكنه لا يريده والعياذ بالله والثاني اشد لان الذي يعلم الحق ولا يريده اشد من الذي لا يعلم الحق ولا يفعله لان الأول شيمته شيمة اليهود والعياذ بالله علموا الحق ولم يتبعوه والثاني شيمته شيمة النصارى أرادوا الحق ولم يوفقوا له ولهذا اقل سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى من فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى ومن فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود لان العالم يفسد بعد العلم بالحق لكنه لا يريده أعاذنا الله وإياكم من ذلك وأما العابد فهو حريص على العبادة يريدها لكنه لا يعرفها فيعبد الله على جهل كما فعل النصارى قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنت تقول اللهم اهدني أبش معني اهدني ؟ يعني دلني على الخير ووفقني لاتباعه فأنت تسال شيئين الأول الدلالة على الخير والثاني التوفيق لاتباعه وأما ارزقني فأنت تسأل الله الرزق وهو كل ما يستقيم به بدن الإنسان فهو رزق من حلال أو حرام حتى الحرام رزق لكن الحرام رزق فيه تبعه ويؤاخذ عليه الإنسان ويحاسب عليه ويأثم به والرزق الحلال ليس فيه تبعة ولا أثم قال السفاريني رحمه الله تعالى في عقيدته والرزق ما ينفع من حلال وضده فحل عن المحال لان الله تعالى يقول وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . وكثير من الناس رزقه على الحرام يرابي ويقامر ويرزقه الله تعالى فالرزق كل ما يستقيم به البدن وكذلك كل ما يستقيم به الدين كالعلم وهو افضل من المال لان العلم نور يهتدي به الإنسان ويهدي به الله تعالى غيره(3/144)
والمال ينتفع به الإنسان وربما ينتفع به غيره لكن المال افضل بكثير من المال حتى صاحب المال الكثير المتصدق الباذل ماله في سبيل الله ليس كالعالم الذي ينفع الناس بعلمه .
الشريط الحادي عشر
الأول الدلالة على الخير والثاني التوفيق لاتباعه وأما ارزقني فأنت تسأل الله الرزق وهو كل ما يستقيم به بدن الإنسان فهو رزق من حلال أو حرام حتى الحرام رزق لكن الحرام رزق فيه تبعه ويؤاخذ عليه الإنسان ويحاسب عليه ويأثم به والرزق الحلال ليس فيه تبعة ولا أثم قال السفاريني رحمه الله تعالى في عقيدته والرزق ما ينفع من حلال وضده فحل عن المحال لان الله تعالى يقول وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها . وكثير من الناس رزقه على الحرام يرابي ويقامر ويرزقه الله تعالى فالرزق كل ما يستقيم به البدن وكذلك كل ما يستقيم به الدين كالعلم وهو افضل من المال لان العلم نور يهتدي به الإنسان ويهدي به الله تعالى غيره والمال ينتفع به الإنسان وربما ينتفع به غيره لكن المال افضل بكثير من المال حتى صاحب المال الكثير المتصدق الباذل ماله في سبيل الله ليس كالعالم الذي ينفع الناس بعلمه .حتى في الواقع نحن نعلم في التاريخ القديم أن هناك أناس أغنياء وملوكا وخلفاء نفعوا الناس في حياتهم وبنوا المساجد وشيدوا المدارس لكن طوي ذكرهم ونسوا ونعلم أن هناك علماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أبقي الله ذكرهم بعلمهم تجدهم ماتوا من مئات السنين ولم يخلفوا إلا العلم ومع ذلك كان ذكرهم بين الناس اكثر بكثير من ذكر الخلفاء والأغنياء الذين نفعوا الناس في حياتهم بأموالهم فالمهم أن الرزق إذا قلت اللهم ارزقني يشمل الرزق الذي به قوام البدن وبه قوام الدين وهو العلم يشمل الأمرين جميعا لكنه لا شك أن المؤمن إذا قال اللهم ارزقني فإنما يسأل الله تعالى رزقا حلالا لا يسأله رزقا حراما لانه قال قبل ذلك اهدني والذي يكسب المال من حلال وحرام ما اهتدى لكن إذا قلت أنت(3/145)
بنفسك اللهم ارزقني أي رزقا حلالا يستقيم به بدني ورزقا يزول به جهلي ويحصل به علمي رزق العلم والمال .
أما حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه فيذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه كان إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا إذا كان في وتر من صلاته ما هو وتر الصلاة ؟ الركعة الأولى والركعة الثالثة يعني إذا قام للثانية أو قام للرابعة فإنه يجلس حتى يستقر قاعدا ثم يقوم هكذا قال مالك بن الحويرث ومالك بن الحويرث رضي الله عنه كان من الوافدين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السنة التاسعة من الهجرة بعد أن تقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في السن وكان له إذ ذاك في السنة التاسعة من الهجرة 61سنة - صلى الله عليه وسلم - فكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينهض للثانية أو للرابعة يجلس جلوس استقرار ثم ينهض وقد ورد بلفظ آخر في حديث مالك انه يعتمد على يديه عند النهوض فهل يعتمد كالعاجن يضم أصابعه أم يبسطها ؟ أنكر النووي رحمه الله تعالى حديث كالعاجن وقال إياك أن تأخذ به فإنه ما ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - انه يقوم كالعاجن وإن كان بعض الناس صححه لكن العلماء مختلفين هل يكون كالعاجن أو يبسطها بسطا على الأرض ويقوم المهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يجلس ثم يعتمد على يديه ويقوم وهذا يدل على انه كان يفع لهذا للحاجة بعد أن كبر وتقدمت به السن وأما في حال نشاطه فإنه كان يقوم من السجود إلى القيام بدون أن يجلس وهذه الجلسة تسمى عند العلماء جلسة الاستراحة يعني يستريح فيها المصلي ولذلك ليس لها تكبير وليس فيها ذكر فالإنسان لا يكبر إذا أراد أن يجلس ولا يكبر إذا أراد أن يقوم ولا يقول فيها ذكرا لا دعاء مما يدل على أنها جلسة غير مقصودة وإنما هي استراحة من اجل أن يقوم الإنسان بدون تعب لان الرب عز وجل يحب لعباه التيسير كما قال تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )(3/146)
ولهذا كان اصح أقوال العلماء في هذه الجلسة أن من احتاج إليها فالأفضل أن لا يكلف نفسه بل يجلس كالكبير وثقيل اللحم والمريض ومن بركبه وجع فهذا الأفضل أن يجلس ليقوم عن راحة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ اَلْبَعِيرُ , وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ أَخْرَجَهُ اَلثَّلَاثَةُ . (?????)
وَهُوَ أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ وَائِلٍ :
311- رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ أَخْرَجَهُ اَلْأَرْبَعَةُ . (?????)
فَإِنْ لِلْأَوَّلِ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ :
312- اِبْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - صَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ , وَذَكَرَهُ اَلْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَوْقُوفًا . ( } صفر محرم شوال { )
313- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ اَلْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ اَلْيُسْرَى , وَالْيُمْنَى عَلَى اَلْيُمْنَى , وَعَقَدَ ثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ , وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ اَلسَّبَّابَةِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ : وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا , وَأَشَارَ بِاَلَّتِي تَلِي اَلْإِبْهَامَ (?????)(3/147)
314- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : اِلْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : اَلتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ , وَالصَّلَوَاتُ , وَالطَّيِّبَاتُ , اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَرَحْمَةَ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ , اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ , أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ اَلدُّعَاءِ أَعْجَبُهُ إِلَيْهِ , فَيَدْعُو مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَلِلنَّسَائِيِّ : كُنَّا نَقُولُ قَبْلِ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا اَلتَّشَهُّدُ " . (?????)
وَلِأَحْمَدَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ اَلتَّشَهُّد , وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ اَلنَّاسَ . (?????)
315- وَلِمُسْلِمٍ : عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ يُعَلِّمُنَا اَلتَّشَهُّدَ: " اَلتَّحِيَّاتُ اَلْمُبَارَكَاتُ اَلصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ... إِلَى آخِرِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم(3/148)
هذه الأحاديث التي ذكرها ابن حجر في بلوغ المرام تدل على مسائل منها إذا أراد الإنسان أن يسجد السجدة الأولى فهو سوف يسجد للقيام فهل يقدم يديه أو ركبتيه في حديث أبي هريرة قال إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه وفي حديث وائل بن حجر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد قدم ركبتيه قبل يديه قال بن حجر رحمه الله والحديث الأول أقوى وكأنه يشير إلى الترجيح ولكن إشارته إلى الترجيح مبنية على أن بين الحديثين تعارضا وليس بينهما تعارض والحمد لله فهما دالان على شيء واحد على أن السنة أن يبدأ الإنسان إذا سجد بركبتيه قبل يديه لكن حديث وائل بن حجر سنة فعلية حكى فيها فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث أبي هريرة سنة قولية اخبر فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يضع الرجل يديه قبل ركبتيه في السجود ووجه ذل أن حديث أبي هريرة قال فيه النبي ?- صلى الله عليه وسلم -إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وإذا شاهدنا البعير حين يبرك وجدنا انه يقدم يديه لا إشكال في هذا كل من شاهد البعير إذا برك فإنه يقدم يديه قبل رجليه فإذا نزل الإنسان من القيام إلى السجود على يديه أشبه البعير تماما حين يبرك وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه وإذا نهى أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير فلازم ذلك أن يقدم ركبتيه قبل يديه كما هو فعله - صلى الله عليه وسلم - كما رواه وائل بن حجر وعلى هذا فيقال ينهى الإنسان إذا سجد السجدة الأولى ينهى أن يقدم يديه وإذا نهى أن يقدم يديه فإنه يؤمر أن يقدم ركبتيه وبهذا يتفق الحديثان ولا يكون أحدهما منافيا للأخر فإن قال قائل ما تقولون في قوله في حديث أبي هريرة وليضع يديه قبل ركبتيه قلنا نقول فيه ما قاله العلامة الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى إن هذا مما انقلب على الراوي وكأن الراوي أراد أن يقول وليضع ركبتيه قبل يديه فانقلب عليه الأمر وقال وليضع يديه(3/149)
قبل ركبتيه وهذا شيء يقع الوهم من الإنسان يحتمل وليس بمتعذر ولا بمحال ولو أننا قلنا إن العبارة لم تنقلب على الراوي لكان أول الحديث مناقضا لآخره لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبرك الإنسان كما يبرك البعير وهذا نهي عن تقديم اليدين وأخر الحديث يدل على انه مأمور بأن يبدأ بيديه فيكون مناقضا والعبرة بالقاعدة لا بالتفريع عليها والقاعدة لا يبرك كما يبرك البعير والتفريع وليضع يديه قبل ركبتيه هذا التفريع لا يتطابق مع القاعدة وعلى هذا فيكون كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى يقول منقلبا على الراوي ولا غرو فإن الرواة تنقلب عليهم الأحاديث وقد ذكر رحمه الله في زاد المعاد عدة أمثلة من الأحاديث الصحيحة التي في البخاري وغيره منقلبة على رواتها لان الراوي غير معصوم منها أن النار يبقى فيا فضل ما تمتلئ فينشئ الله لها أقواما فيدخلهم النار حتى تمتلئ وهذا منقلب لان الذي يبقى فيها فضل هي الجنة عمن دخلها من أهل الدنيا فينشئ الله تعالى أقواما فيدخلهم الجنة بفضله ورحمته عز وجل أما النار فال يبقى فيها فضل تقول هل من مزيد حتى يضع عليها رجله فيزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط يعني كفاية كفاية فالانقلاب على الرواة أمر وارد لان الإنسان خطاء ولكن العبرة بالقواعد والأصول والقاعدة لا يبرك كما يبرك البعير بعض الناس يقول إن البعير يبرك على ركبتيه لان ركبتي البعير في يديه قلنا نعم هذا صحيح لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يقل فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير بل قال فلا يبرك كما يبرك البعير فالنهي عن الصفة وليس عن العضو الذي يركز عليه وبين العبارتين فرق واضح فعلى كل حال نقول الإنسان إذا أراد أن يسجد السجدة الأولى من قيام فإنه يبدأ بركبتيه ثم يديه ثم جبهته وانفه وهذا هو الترتيب الطبيعي للبدن ينزل اسفل فاسفل ويقوم أعلى فأعلى عند القيام من السجود يبدأ بالجبهة ثم اليدين ثم الركبتين عند الانحدار بالعكس وهذا(3/150)
هو الترتيب الطبيعي للبدن ونقول انه إذا كان الإنسان عاجزا أما لثقل بدنه أو لمرضه أو لوجع في ركبتيه فلا باس أن يقدم يديه لان هذا حاجة وهذا هو الذي أشار إليه البخاري رحمه في حديث ابن عمر الذي جعله الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى شاهدا لحديث أبي هريرة ابن عمر لما كبر رضي الله عنه ثقل حتى كان يجلس في الصلاة متربعا لا يجلس مفترشا لان رجليه لا تقله فصار رضي الله عنه إذا أراد أن يسجد يضع يديه قبل ركبتيه وهذا هو الذي ذكره البخاري عن ابن عمر تعليقا وأشار إليه ابن حجر مستشهدا به على تقوية حديث أبي هريرة ولكن لا شاهد فيه لان ابن عمر كان يقول بأنه لا تقله رجلاه فهو رضي الله عنه قد كبر وثقل ويأتي أن شاء الله بقية الكلام على الحديثين الباقيين والله اعلم .
ج : يعد التسبيح باليد اليمنى اليمنى احسن
بسم الله الرحمن الرحيم
تقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة 314- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : اِلْتَفَتَ إِلَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : اَلتَّحِيَّاتُ لِلَّهِ , وَالصَّلَوَاتُ , وَالطَّيِّبَاتُ , اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ وَرَحْمَةَ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ , اَلسَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اَللَّهِ اَلصَّالِحِينَ , أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , ثُمَّ لِيَتَخَيَّرْ مِنْ اَلدُّعَاءِ أَعْجَبُهُ إِلَيْهِ , فَيَدْعُو مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَلِلنَّسَائِيِّ : كُنَّا نَقُولُ قَبْلِ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا اَلتَّشَهُّدُ . (?????)
وَلِأَحْمَدَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَّمَهُ اَلتَّشَهُّد , وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ اَلنَّاسَ . (?????)(3/151)
315- وَلِمُسْلِمٍ : عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - قَالَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ يُعَلِّمُنَا اَلتَّشَهُّدَ: " اَلتَّحِيَّاتُ اَلْمُبَارَكَاتُ اَلصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ... إِلَى آخِرِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذان الحديثان حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحديث ابن عباس رضي الله عنهما في بيان كيفية التشهد وذلك أن الله تعالى فرض علينا أن نتشهد في الصلاة كما قال عبد الله بن مسعود كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله من عباده السلام على جبريل السلام على ميكائيل السلام على فلان وفلان فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام انك إذا قلت السلام على الله اوهم هذا أن الله تعالى يلحقه النقص وانك تدعو أن يلحقه النقص ولهذا قال فإن الله هو السلام أي السالم من كل نقص وعيب جل وعلا فهو كامل الصفات كما قال تعالى ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم فقوله قبل أن يفرض علينا دليل على أن التشهد فرض ولكن هل هو ركن لا تصح الصلاة إلا به أو هو واجب تصح الصلاة بدونه ؟ نقول أما التشهد الأخير فإنه ركن لا تصح الصلاة إلا به واما التشهد الأول فإنه واجب إذا تركه الإنسان عمدا بطلت صلاته وإن تركه سهوا جبره بسجود السهو والدليل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قام يوما من الأيام في صلاة الظهر عن التشهد الأول ولم يجلس فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه سجد سجدتين ثم سلم وهذا دليل على أن التشهد الأول ليس بركن لانه لو كان ركنا لوجب أن يأتي به على كل حال أما الأخير فإنه ركن وصفته التحيات لله والصلوات والطيبات التحيات يعني جميع التعظيمات القلبية والقولية والبدنية لله عز وجل لا أحد يستحق التعظيم على وجه الإطلاق إلا الله تبارك وتعالى فإنه محدود ليس تاما ولا كاملا وإلا من المعلوم أن الإنسان يعظم أباه وأمه وشيخه ومن هو اكبر منه لكن هذا تعظيم محدود أما(3/152)
التحية الكاملة والتعظيم الكامل فإنه لله رب العالمين . التحيات لله والصلوات جميع الصلوات لله لا أحد يصلى له إلا الله عز وجل ومن صلى لغير الله كفر بل من سجد سجدة واحدة لغير الله كفر والطيبات يعني جميع الطيبات لله فهو أولا طيب وصفاته طيبة وأفعاله طيبة وشرائعه طيبة ولا يقبل إلا الطيب كما قال تعالى ( إليه يصعد الكلم الطيب ) وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا فالطيبات لله عز وج لاما غير ففيه طيب وخبث الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات والخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات أم الطيب الأكمل الأوفر فهو لله عز وجل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته تسلم على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلفظ الخطاب السلام عليك أيها النبي وأنت في أي مكان من الأرض السلام عليك أيها النبي ولو كنت في جوف الأرض أو في الجو إذا قلت السلام عليك أيها النبي فإن لله ملائكة يحملون هذا السلام منك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتقول السلام عليك تخاطب كأنه حاضر عندك وذلك لقوة الإرادة والتعيين كأنه أمامك وإلا فمن المعلوم انه - صلى الله عليه وسلم - في قبره في المدينة وقد جاء في البخاري أن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا نقول في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام عليك أيها النبي فلما مات كنا نقول السلام على النبي ورحمة يعني بحذف الخطاب لكن هذا رأي له رضي الله عنه مخالف بنص الحديث فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم أمته هذا الحديث إلى يوم القيامة وصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيما رآه مالك في الموطأ بأصح إسناد انه قال وهو يخطب الناس يعلمهم التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وعمر افقه من عبد الله بن مسعود واعلم بأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وخطب بذلك على المنبر ولم ينكر عليه أحد وعلى هذا فنحن نقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله ثم إن حديث ابن مسعود رضي(3/153)
الله عنه ليسوا يسلمون على النبي - صلى الله عليه وسلم - سلام المخاطب العادي حتى يقال إنه لما مات تعذر هذا لانهم يقولون السلام عليك أيها النبي وهم في مكة والطائف وفي كل مكان والرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمعهم وهو حي فليس هذا من باب السلام المباشر الذي يكون بين الناس عند اللقاء ونحو ذلك ولهذا تبين أن حديث ابن مسعود رضي الله عنه رأي له لكنه منقوض برأي من هو افقه منه وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه بإعلانه ذلك أمام الصحابة وهو أيضا منقوض بالنظر لان السلام عليك أيها النبي حتى الصحابة ما يعتقدون وهم وراء الرسول انهم يخاطبون الرسول مباشرة كمخاطبته وهو في السوق أو في المجلس السلام عليك أيها النبي أي يا أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثلاث جمل السلام والرحمة والبركة السلام يعني السلامة من كل نقص السلامة من كل ما يؤذيك أيها النبي حتى السلام له يوم القيامة تدخل في هذا ودعاء الرسل يوم القيامة عند الصراط يقولون اللهم سلم اللهم سلم ثم اعلم ن قولك السلام عليك أيها النبي ربما نتوسع فيه ونقول إن هذا سلام على الرسول وعلى شريعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لان جل شريعته لا شك أن له اثر كبير لذلك نقول السلام عليك ينبغي أن تجعل معناه اعم واشمل أي عليك شخصيا وعلى شريعتك واما ورحمة الله فهو أمر زائد مع السلامة أن الله يرحم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأما بركاته فهو أمر زائد أيضا أي خيراته الكثيرة عليك أيها النبي ثم تقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أي علينا نحن معشر الأمة الإسلامية أو علينا نحن جماعة المسجد أو علينا نحن أهل الدنيا الأحياء الآن وعلى عباد الله الصالحين يشمل كل عبد صالح في السماء والأرض كما قال ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -فأنت إذا قلت على عباد الله الصالحين تسلم على الصالحين من البشر ومنهم الرسل عليهم الصلاة والسلام ومنهم اتباع الرسل وهل تسلم على الجن الصالحين نعم(3/154)
تسلم عليهم لان الجن فيهم صالحون كما قال الله تعالى عنهم في سورة الجن وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك تسلم على الملائمة إذا هذه جملة من اعم ما يكون لأنك تسلم على الصالح في السماء والأرض كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - تأمل الآن الترتيب النبوي في هذتا الحديث أولا بدأنا بحق الله تعالى ثم بحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم بحق أنفسنا ثم بحق عباد الله الصالحين حق الله التحيات لله والصلوات والطيبات حق الرسول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته حقنا السلام علينا حق العباد وعلى عباد الله الصالحين حق الله وحق رسول الله مقدم على حقوق أنفسنا وهو كذلك يجب على الإنسان أن يقدم حق الله وحق رسوله على حقه نفسه ولهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يؤمن أحدكم حتى أكون احب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين وقال - صلى الله عليه وسلم -لا يذوق أحد طعم الإيمان حتى يكون الله ورسوله احب إليه مما سواهما أما أنت وغيرك من الصالحين فقدم نفسك ابدأ بنفسك أولا إلا إذا كان لغيرك الحق فقدمه على نفسك لا تقدم نفسك فمثلا إذا أهدى إليك إنسان معروفا فهل تقول جزاني الله وجزاني خيرا أو تقول جزاك الله خيرا ؟ الثاني لأنها مكافأة إذا عطس الإنسان وقال الحمد لله فقلت يرحمك الله هل تقول يهدينا الله ويهديكم أو يقول يهديكم الله ويصلح بالكم ؟ الثاني لان هذا مكافأة إذا كان مكافأة لا تبدأ بنفسك أبدا بمن تكافئه لا بنفسك .(3/155)
أشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا عبده ورسوله وهذه شهادة قلبية قولية تشهد بقلبك ولسانك أن لا اله إلا الله أي لا معبود حق إلا الله فجميع ما يعبد من دون الله فهو باطل والإله الحق هو الله عز وجل فهو الذي يجب أن تكون العبادة له وان يكون التعظيم له وان يكون الخوف منه وان تكون الرهبة إليه وان تكون الخشية له وان يكون التوكل عليه فهو سبحانه وتعالى إليه المنتهي ومنه المبتدى وله كل شيء قال الله تعالى (قل إنما أمرت أن اعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء ) فمعنى قولك لا اله إلا الله أي لا معبود حق إلا الله وأنا من جملة العابدين له واشهد أن محمدا عبده ورسوله محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ورسوله فهو عبدا لله يفعل الله به ما يشاء عبدا لله يتعبد لله ويتذلل له ويقوم بطاعته وليس ربا وليس له من حقوق الربوبية شيء حتى أن رجلا قال ما شاء الله وشئت قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجعلتني لله ندا بل ما شاء الله وحده فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس له حق من الربوبية أبدا وليس له حق في العبادة أبدا بل من عبده فإن الرسول لو خرج لقاتله فهؤلاء الذين يعلقون آمالهم ورجائهم وخوفهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم مشركون شركا اكبر والعياذ بالله خارجون من النار لو خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان يقاتلوهم وهم يدعون انهم يعظمونه واشهد أن محمدا عبده ورسوله وما احسن ما قاله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى عبد لا يعبد ورسول لا يكلف واعلم أن الناس في رسول الله انقسموا في انقسموا إلى ثلاث أقسام قوم غلوا فيه وعبدوه واتخذوه اله حتى انهم إذا أخذهم الضر ما يدعون الله يدعون الرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله والرسول قوم آخرون كذب الرسول وقالوا انه ليس رسول وقالوا انه رسول للعرب خاصة والثالث قوم أمنوا به وانه رسول رب العالمين وقالوا عبد الله(3/156)
ورسوله اسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن هذا شأنه انه على كل شيء قدير
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
316- وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ : سَمِعَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رِجْلاً يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ , لَمْ يَحْمَدِ ( } صفر محرم شعبان { ) اَللَّهَ , وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : " عَجِلَ هَذَا " ثُمَّ دَعَاهُ , فَقَالَ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ . ( } صفر محرم رمضان { ) رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ , ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَالثَّلَاثَةُ , وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ , وَابْنُ حِبَّانَ , وَالْحَاكِمُ . (?????)
318- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ , يَقُولُ : اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ , وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ اَلتَّشَهُّدِ اَلْأَخِيرِ
بسم الله الرحمن الرحيم(3/157)
ذكر المؤلف الحافظ بن حجر رحمه الله في كتابه بلوغ المرام ماذا يقوله الإنسان بعد التشهد وسبق لنا أن خرجنا حديث لابن مسعود وابن عباس في كيفية التشهد التحيات لله والصلوات والطيبات إلى قوله واشهد ان محمد عبده ورسوله ومن ذلك أي من التشهد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فان الصحابة سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى أل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم اللهم بارك على محمد وعلى أل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم انك حميد مجيد فهذا أيضا مما يلحق بالتشهد لكنه في التشهد الأخير أما التشهد الأول فانه ينتهي بقوله واشهد أن محمد عبده ورسوله ثم ينهض وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه ذات المعاد أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يخفف التشهد الأول حتى كأنه جالس على رمض أي على حجر محمى أما التشهد الأخير فإنه يزيد فيه اللهم صلى على محمد وعلى أل محمد وهو رسول الله محمد بن عبد اله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي - صلى الله عليه وسلم - وال محمد م اتباعه على دينه في هذا الموضع نفسرهم بأنهم اتباعه على دينه أما إذا قيل اللهم صل على محمد وعلى اله وأصحابه واتباعه إذا جمعت الثلاثة اله وأصحابه واتباعه صار المراد باله المؤمنون من قرابته وبالأصحاب الذين ثبتت لهم صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتثبت صحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في رؤية الإنسان مؤمنا به ويموت على ذلك فمن اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمنا به ومات على ذلك فهو صحابي سواء طالت الصحبة أو قصرت أما اتباعه فهم الآخذون بسنته حقيقة وقولا وعملا وقوله كما صليت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم يعني كما انك تفضلت بالصلاة على إبراهيم وعلى أل إبراهيم فتفضل بالصلاة على محمد وعلى اله محمد وهذا من باب التوسل إلى(3/158)
الله تعالى بأفعاله انك حميد مجيد أي محمود وحميد هنا بمعني محمود ومجيد بمعنى ذوي عظمة وسلطان اللهم بارك على محمد وعلى اله محمد كما باركت على أل إبراهيم انك حميد مجيد البركة زيادة الخير وكثرته واستقراره ونمائه وثباته سواء كان بالعمل أو بالمال أو بالولد واما حديث فضالة بن عبيد فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله ولم يصل على نبيه فقال عجل هذا وهذا في التشهد كان هذا الصحابي والله اعلم من حين أن جلس دعا ولم يقرأ التحيات ولا الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دعا إذ دعا أن يثني على الله تعالى ويصلي على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ومن جملة الدعاء المأمور به في التشهد الأخير قال إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليقل اوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيى والممات ومن فتنة المسيخ الجدال وهذا الدعاء واجب عند بعض العلماء لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به حتى أن طاووس رحمه الله لما اخبره ابنه انه صلى ولم يدع بهذا الدعاء أمره أن يعيد الصلاة مما يدل على اهميته وتاكده ويأتي إن شاء الله شرحه في الدرس القادم والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى فيما ساقه من أحاديث في باب صفة الصلاة
318- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ , يَقُولُ : اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ , وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : إِذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِنْ اَلتَّشَهُّدِ اَلْأَخِيرِ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/159)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في بلوغ المرام فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا تشهد أحدكم يعني التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع يقول أعوذ بالله من عذاب جهنم أعوذ بالله يعني اعتصم بالله واستجير به من هذه الأشياء أولا: من عذاب جهنم يعني من عذاب النار وحتى يشمل الاستعاذة بالله من المعاصي التي هي أسباب دخول النار ومن دخول النار بعد فعل المعاصي فهو يتضمن تجنب المعاصي وتوبة الله سبحانه وتعالى على العبد بعد فعل المعصية لان أسباب دخول النار وهي المعاصي تارة يعصم الإنسان منها ويبتعد عنها من الأصل وتارة يفعلها ويعفو الله عنه فأنت إذا استعذت بالله عز وجل من عذاب جهنم شمل الأمرين وجهنم اسم من أسماء النار أجارنا الله وإياكم منها لتهمتها وظلمته وقعرها والعياذ بالله وفي الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ذات يوم مع أصحابه فسمع وجبة يعني ضربة شيء فقال أتدرون ما هذا قال الله ورسوله اعلم قال : هذا حجر ألقى به في نار جهنم فهو يهوي فيها سبعين سنة والآن وصل قعرها فلذلك سميت جهنم ومن عذاب القبر والقبر ما يدفن فيه الميت وفيه عذاب فإن عذاب القبر ثابت بالقرآن والسنة وإجماع المسلمين أما القرآن فقد اقل الله تبارك وتعالى ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أي مادوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون 0اخرجوا أنفسكم كأنهم شاحون بأنفسهم لا يريدون أن تخرج من أجسامهم لانهم قد بشروا بالعذاب وغضب الرحمن والعياذ بالله فلا تكاد تخرج أنفسهم إلا بمشقة وصعوبة يقول اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون اليوم يعني يوم موتكم وهذا إثبات لعذاب القبر وقال الله تبارك وتعالى في أل فرعون ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) في الصباح والمساء (ويوم تقوم الساعة ادخلوا أل فرعون اشد(3/160)
العذاب ) فدل هذا على انهم معذبون قبل يوم القيامة وهذا هو عذاب القبر وثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين في المدينة فقال انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير وما يعذبان في كبير يعني ما يعذبان في أمر شاق عليهما بل سهل أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول يعني لا يبالي ولا يتطهر منه والعياذ بالله فصار يعذب على عدم التنزه من البول قال العلماء رحمهم الله وإذا كان الإنسان يعذب على ترك واجب في الصلاة وهو التنزه من البول فما بالك بمن ترك الصلاة كلها والعياذ بالله يكون اشد واشد وهذا حق لان من ترك الصلاة فانه كافر مرتد حلال الدم والمال يجب قتله إلا أن يتوب وهو إذا حشر يوم القيامة يحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف والأنبياء واتباعهم بريؤون منه والعياذ بالله حتى ولو كان يقول لا اله إلا الله اشهد أن محمد رسول الله وهو لا يصلي فهو كافر مرتد يجب أن يقتل إلا أن يتوب ويعود إلى الصلاة والعياذ بالله ولهذا يجب على من عنده أحد لا يصلي أن يناصحه أولا ويكرر النصيحة له فان لم يفعل وجب أن يرفع أمره إلى ولاة الأمر لينفذوا فيه حكم الله بقتله حتى لو كان ابنك أو أباك أو أخاك لا تبالي بأحد حق الله تعالى أحق واما إجماع المسلمين على عذاب القبر فكل المسلمين في صلاتهم يقولون أعوذ بالله من عذاب القبر ومن عذاب جهنم ولا يتعوذ من شيء لا يؤمنون به إذا عذاب القبر ثابت بالكتاب والسنة واجماع المسلمين وهو من حين أن ينتقل الإنسان إلى الآخرة وهو من أهل العذاب يعذب ربما يكون في أول نهاره مذكورا في أهله منعما في بيته وأخر النهار معذبا في قبره والعياذ بالله عذاب الآخرة الذي هو اشد أبقى أعاذنا الله وإياكم منه ومن عذاب القبر فان قال قائل فإذا كان الإنسان لم يقبر كرجل مات في البر وأكلته السباع نقول تعذب روحه لان الروح ما تأكلها السباع تبقى فإذا تعذر تعذيب الجسد(3/161)
عذبت الروح مع أن الجسد ربما يجمعهما الله تعالى بالجسد في حدث لا ندري عنه كما في قصة الرجل الذي كان مسرف على نفسه خائف من عذاب ربه فقال لاهله إذا أنا مت فاحرقوني واسحقوني ودروني في اليم في البحر أنى أخاف أن قضى الله علي أو كلمة نحوها أن يعذبني عذابا لا يعذبه أحد من العالمين ففعل أهله نفذوا الوصية فجمعه الله عز وجل وسال لما فعلت هذا قال يا رب فعلته خوف من عذابك فغفر الله له غفر الله له لان الذي حمله على ذلك كمال الإيمان بالله عز وجل والتعذيب لكنه ظن انه إذا فعل هذا نجى ففعل ذلك متأولا وليس شاكا في قدرة الله وان الله عاجز لكن متأول لكن لما كان الحامل له على ذلك خوف الله غفر الله له لان الإنسان كلما كان اشد إيمانا بالله كان اقرب إلى مغفرة الله اسأل الله أن يغفر لنا ولكم خطيئتنا يوم الدين ولا يخزينا يوم يبعثون انه على كل شيء قدير
ج: إذا عطس الرجل وهو يصلي يقول الحمد لله
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة
318- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ , يَقُولُ : اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ , وَمِنْ عَذَابِ اَلْقَبْرِ , وَمِنْ فِتْنَةِ اَلْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ , وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ اَلْمَسِيحِ اَلدَّجَّالِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/162)
سبق الكلام على أول هذا الحديث وهو قوله أعوذ بالله من عذاب القبر قال ومن فتنة المحيا والممات لان الفتنة التي تكون في الحياة والفتنة التي تكون في الممات أما الفتنة في الحياة فأنها تنقسم إلى قسمين فتنة جهل وفتنة عناد أما فتنة الجهل فمعناها أن الإنسان يشتبه عليه الحق ولا يعرفه ولا يهتدي إليه فيعمل على ضلال والعياذ بالله مثل كثير من أصحاب الطرق التي حدثت في الإسلام فصار أهلها يتعبدون لله تعالى بعبادات ما انزل الله بها من سلطان فهم والعياذ بالله فتنوا واما فتنة العناد فهي أن يعلم الإنسان الحق ولكنه يريد خلاف الحق فيضل والعياذ بالله مثل أن يعلم أن الزنا حرام فيزني أو أن شرب الخمر حرام فيشرب الخمر أو أن الربا حرام فيرابي أو أن الغش حرام فيغش أو أن ترك الصلاة كفر فيترك الصلاة أو ما أشبه ذلك ففتنة المحيا تدور على هذين الأمرين هما الجهل والعناد واما فتنة الممات فقيل أنها فتنة القبر لان النعالين منصرفين عنه وهو احب الناس إليه وهم أشفق الناس به أبناءه وأباه وأخوانه وأقاربه وأصدقائه يولون عنه تاركينه في هذه الحفرة لانه انتهت حياته لانه انتقل إلى عالم الآخرة فيأتيه ملكان يسألانه عن ثلاثة أشياء يقولان له من ربك هذا واحد ما دينك هذا اثنين من نبيك هذه ثلاثة يسأل عن هذه الثلاثة امتحان فأما المؤمن جعلني الله وإياكم منهم فانه إذا قالا له الملكان من ربك قالا ربي الله وإذا قال له من نبيك قال نبيي محمد وإذا قالا له ما دينك قال ديني الإسلام فينادي مناد من السماء أن صدق عبده فيفسح له في قبره ويفتح له باب من الجنة ويكون آخر يومه بعد موته خيرا من أوله وانعم وأطيب لانه في الدنيا في دار الهم والغم والكدر والنكد فإذا انتقل إلى عالم الآخرة وصار من أهل الجنة انتقل إلى خير مما انتقل منه.(3/163)
أما المنافق أو المرتاب أعاذنا الله وإياكم من ذلك فانه إذا قيل له من ربك قال هاه هاه لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ولم يدخل الإيمان قلبه بل هو مرتاب شاك والعياذ بالله فيقولان له ما دينك فيقول هاه هاه لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فيقولان له من نبيك فيقول هاه هاه لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فينادي مناد من السماء أن كذب عبدي ويضرب بمرزبة من حديد عظيمة يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين وهذا والعياذ بالله من الفتن العظيمة وقيل المراد بفتنة الممات الفتنة التي تكن عند الموت ذلك أن ساعة الموت ساعة حرجة وساعة ضيق اشد ما يكون عند الإنسان من الساعات ساعة الموت عصمنا الله وإياكم من الزلل يسلط الشيطان على الإنسان ويأتيه ويشككه ويقول له كن على دين اليهودية كن على دين النصرانية حتى يقال له قل لا اله إلا الله فيقول لا والعياذ بالله هذا أيضا فتنة عظيمة جدا نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنها اشد ما يكون من فتن الدنيا وذكروا أن الإمام احمد رحمة الله تعالى كان في سياق الموت وكان يغمى عليه ويقول بعد بعد فإذا أفاق سؤل ما تقول بعد بعد قال إن الشيطان يتمثل أمامي يعض على أنامله يقول فتني يا احمد يعني ما أغويتك فتني فيقول بعد بعد لماذا يقول بعد بعد لان الإنسان ما دامت روحه في بدنه يخشى عليه الفتنة ولا يأمنها وربما يختم له بسوء الخاتمة والعياذ بالله فيذهب ما عمله هباء منثورا ولهذا كان من كان آخر كلامه من الدنيا لا اله إلا الله دخل الجنة لأخلاصه هذه لا شك أنها فتنة عظيمة .(3/164)
وأما الرابع فقال ومن فتنة المسيخ الدجال والمسيح الدجال فتنة عظيمة أيضا وهي من فتنة المحيا لكنه نص عليها لأنها اشد ما يكون فتنة ما بين خلق آدم وقيام الساعة فتنة اشد من فتنة الدجال هذا الدجال رجل خبيث يبعثه الله عز وجل فيخرج منبين الشام والعراق ويتبعه من يهود اصفان من ايران سبعون ألفا يؤيدونه وينصرونه والعياذ بالله يأتي إلى الناس أول ما يأتي يقول انه نبي فإذا رأى الناس يتبعوه بتمويهاته ادعى انه رب وقال انه رب فاعبدوه فيعبده ما شاء الله من العباد ويضلون به ومن فتنته انه يأتي القوم فيدعوهم إلى الإيمان به والكفر بالله فان أمنوا درت عليهم ماشيته ونبتت زروعه واخصبوا وإن عصوه اصبحوا وليس في أراضيهم نبات ولا في مواشيهم ضرع ومن فتنته أيضا انه يأمر السماء فتمطر يقول أيتها السماء أمطري فتمطر ويأمر الأرض القاحلة فتنبت انه يقتل الرجل ويقطعه قطعتين ويمشي بين قطعتيه ثم يقف ويأمره أن يحيا ويقوم هذا المقطع يقوم حيا لكن هذا إذا قام حيا قال اشهد انك المسيح الدجال الذي اخبرنا عنك الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم يحاول أن يقتله أي الدجال فيعجز لان اصل قدرته على هذه الأشياء هي من الله تعالى فإذا شاء الله تعالى منعه قدرته وسمي مسيحا لانه اعور مسيح العين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر الدجال مرة وشدد فيه القول حتى ظن الصحابة انه في طرف الدينة وانه قد جاء من شدة تأثير النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه فيكم وإن يخرج بعد ن افارقكم ( هذه الكلمة أو نحوها ) فأمرء حجيج نفسه يعني كل يحاج عن نفسه والله خليفتي على كل مسلم وقال انه اعور وإن ربكم ليس باعور المهم أن فتنة الدجال فتنة عظيمة أجارنا الله وإياكم منها والمراد الدجال الأكبر الذي يأتي في آخر الزمان أما الدجاجلة الآخرون فهم كثيرون لكن فتننتهم دون فتنة هذا وقد اخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - انه يكون في أمته(3/165)
دجالون يكذبون على الأمة يضلونها بغير علم نسأل الله العافية واخبر - صلى الله عليه وسلم - انه ما من رسول إلا واخبر قومه المسيح الدجال وخوفهم منه لانهم لا يعلمون متى يخرج فيحذرون قومهم منه والله الموفق
ج: أي نعم إذا قال الميت ذهب إلى مثواه الأخير فهذه كلمة منكرة حرام ولو أن قائلها اعتقد مدلول هذا لصار كافرا لانه إذا جعل القبر مثواه الأخير فهذا يعني انه ليس هناك بعث والمثوى الأخير فهو أما الجنة واما النار ولذلك يجب على من سمعها أن ينكر على من قالها ويبين له خطورتها .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة 319- وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ اَلصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي . قَالَ قُلْ : " اَللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا , وَلَا يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ , فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ , وَارْحَمْنِي , إِنَّكَ أَنْتَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
320- وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ : " اَلسَّلَام عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " وَعَنْ شِمَالِهِ : " اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اَللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ . (?????)(3/166)
321- وَعَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ اَلْمُلْكُ , وَلَهُ اَلْحَمْدُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , اَللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ , وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلَا يَنْفَعُ ذَا اَلْجَدِّ مِنْكَ اَلْجدُّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/167)
هذه ثلاثة أحاديث نقلها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في باب صفة الصلاة الأول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي ثبتت خلافته بما يشبه أن كون نصا صريحا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلفه في أمته في الصلاة وهذه أمامه وخلفه في أمته في الحج عام تسع من الهجرة وهذه قيادة وسألته امرأة في حاجة لها فقالت إن لم أجدك يا رسول الله قال ائتي أبا بكر وهذا كالنص الصريح على انه الخليفة من بعده وقال - صلى الله عليه وسلم - يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر يعني أن يكون خليفة ولهذا اجمع أهل السنة على أن الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو أبو بكر رضي الله عنه ثم من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان خليفة لعهد أبي بكر رضي الله عنه إليه وهذا من فقه أبي بكر وعلمه بما يحبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن عمر وابا بكر هما الوزيران الوحيدان للرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يذهبان معه جميعا ويرجعان معه جميعا ودائما يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر أتيت أنا وأبو بكر وعمر فهما وزيراه ولهذا لما قال زيد بن علي بن الحسن رضي الله عنه لما سأله الرافضة ماذا تقول في أبي بكر وعمر أثنى عليهما خيرا وقال هما وزيرا جدا يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخالفوه وتبعه اتباع يسمون الزيدية ثم إن الرافضة تشعبوا شعبا كثيرة بعضهم وصلت بهم الحال إلى الكفر بالله عز وجل والخروج من لمة الإسلام وبعضهم قريب من ذلك وبعضهم دون هذا لانهم فرقا شتى المهم أن أبا بكر رضي الله عنه كان أخص أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنبي حتى سئل من احب الناس إليك قال عائشة قيل من الرجال قال أبوها فصرح - صلى الله عليه وسلم - أن احب الرجال إليه أبو بكر رضي الله عنه احب إليه من عمر ومن عثمان ومن علي ومن العباس واحب إليه من كل أحد(3/168)
احب الرجال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -هو أبو بكر رضي الله عنه ونحن نفضل حب أبي بكر على غيره من الصحابة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - فضل حبه على غيره من الصحابة إذا عرفت ذلك وعرفت أن السائل هو احب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصح الخلق للحق وأعلمهم بما هو انفع للخلق عرفت مقدار هذا السؤال ومقدار الجواب السائل أبو بكر يقول علمني دعاء أدعو به في صلاتي والصلاة افضل عبادات البدن فنا ثلاث ميزات فضيلة السائل والمسئول وفضيلة المحل السائل أبو بكر والمسئول النبي - صلى الله عليه وسلم - والمحل الصلاة عرفت أن هذا الدعاء من افضل الأدعية قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك واغفر لي انك أنت الغفور الرحيم هذا دعاء جامع فيه أولا اعتراف الإنسان بظلم نفسه ولا شك أننا ظالمون لانفسنا ظلما كثيرا من عدة جهات في حق الله وفي حق العباد وفي حق القرابة وفي حق الأباعد الظلم كثير ولهذا قال اللهم أنى ظلمت نفسي ظلما كثيرا هذا من ؟ أبو بكر يقول إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا بأمر من ؟ بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما بالك نحن إلى الله المشتكى الذنوب كثيرة والظلم كثير ثم أثنى على الله بأنه لا يغفر الذنوب إلا الله كما قال الله عز وجل في صفة المتقين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله لا أحد يستطيع أن يغفر لك ذنبا واحدا أبدا مهما كان قربه من الله فإنه لا يستطيع أن يغفر لك ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك قال من عندك لان المغفرة من عند الله اعظم مغفرة لانه سبحانه تعالى أجود الاجودين واكرم الأكرمين فالمغفرة منه اعظم المغفرات وارحمني أي من عندك والمغفرة حط الذنوب والرحمة الثواب على الطاعات واغفر(3/169)
لي مغفرة من عندك وارحمني انك أنت الغفور الرحيم تثني على الله عز وجل بأنه وحده الغفور الرحيم في هذا الحديث لم يبين أبو بكر رضي الله عنه متى يقال هذا الدعاء في السجود أم في التشهد أم في القيام أم ماذا اقرب ما يكون محلان أولا في السجود وثانيا بعد التشهد أما الأول فيرجحه أن الإنسان اقرب ما يكون من ربه وهو ساجد وقد امرنا - صلى الله عليه وسلم - أن نكثر من الدعاء في السجود وقال انه قمن أن يستجاب لكم فهذا يرجح أن يكون هذا الدعاء في السجود وأما الثاني وهو بعد التشهد فلان النبي أمر إذا فرغنا من التشهد الأخير أن ندعو الله كما مر علينا في الدرس السابق قولوا أعوذ بالله من عذاب جهنم وكما ثبت في حديث ابن مسعود قال - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر التشهد ثم تخيروا من الدعاء ما شاء فهذا يرجح أن يكون هذا الدعاء الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر يكون عند الفراغ من التشهد الأخير وقبل السلام على كل حال أن كنت في صلاة تطيل سجودها كصلاة الليل فاجعله في السجود وإن كنت في صلاة لا تطيل سجودها فاجعله قبل السلام والأمر في هذا واسع المهم أن لا تخرج هذا الدعاء عن صلب الصلاة لانه قال أدعو به في صلاتي قال : قل اللهم أنى ظلمت نفسي إلى أخره .(3/170)
ثم ذكر المؤلف حديث وائل بن حجر رضي الله عنه انه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسلم يقول السلام عليكم ورحمة اله وبركاته عن اليمين وعن السلام وبركاته اختلف فيها العلماء هل هي ثابتة أم لم تكن ثابتة فمنهم من لم يثبتها ومنهم من أتثبتها ولكن ينبغي أن نقول هذا أحيانا وليس دائما الأكثر الاقتصار على قول السلام عليكم ورحمة الله هذا الأكثر ولهذا قال فقهاء الحنابلة رحمهم الله الأولى أن لا يزيد وبركاته وذلك لان هذه اللفظة مختلف فيها هل هي ثابتة أو لا وإذا اقتصرت على شيء ثابت فهو الأولى والأكمل وإذا قلت هذا أحيانا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فلا باس بذلك والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث الواردة في باب صفة الصلاة .
321- وَعَنْ اَلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةِ مَكْتُوبَةٍ : " لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ اَلْمُلْكُ , وَلَهُ اَلْحَمْدُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , اَللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ , وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ , وَلَا يَنْفَعُ ذَا اَلْجَدِّ مِنْكَ اَلْجَدُّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/171)
لما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى الأحاديث في بيان صفة الصلاة ذكر الأحاديث التى تدل على ما يقوله الإنسان بعد صلاته وقد قال الله تعالى فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فالفريضة بعدها ذكر والنافلة ليس بعدها ذكر الفريضة بعدها ذكر تبدئه بقولك استغفر الله ثلاثا بعد السلام مباشرة لان الإنسان لا يخلو من تقصير في صلاته فيستغفر الله عما حصل من خلل في صلاته ثم يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام يثنى على الله تعالى بأنه هو السلام السالم من كل نقص السالم من كل شيء لا يليق بجلاله عز وجل ومنك السلام يعني ومنك السلامة أنت من تسلم من تشاء من كل النقائص والعيوب تباركت يا ذا الجلال والاكرام أي حلت البركة في ذكرك وذكر اسمك يا ذا الجلال أي يا ذا العظمة والاكرام يعني ويا ذا الاكرام فإن الله تعالى هو محل الاكرام يعني أهل أن يكرم وهو أيضا يكرم من يستحق الاكرام من عباده فيكرم أهل الجنة بما يكرمهم به من النعيم المقيم ثم بعد ذلك تذكر الله عز وجل بما ورد ومنه ما ساقه المؤلف رحمه الله تعالى عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة لا اله إلا الله ?وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا اله إلا الله يعني لا معبود بحق إلا الله وحده توكيد يعني تؤكد أن الله ليس له شريك لا شريك له له الملك كل ملك السموات والأرض فهو لله وحده وله الحمد أي وله الأوصاف الكاملة التي يحمد عليها عز وجل وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض قال الله تبارك وتعالى {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا(3/172)
قَدِيرًا} (44) سورة فاطر) اللهم لا مانع لما أعطيت يعني انك إذا أكسبت فلا يمنعه أحد إذا أراد الله لشخص أن يرزقه علما لم يستطع أحد أن يمنع هذا الرزقان يعطيه مالا لم يستطع أحد أن يمنع هذا المال أن يعطيه أولاد لم يستطع أحد أن يمنع هؤلاء الأولاد فلا مانع لم أعطى الله ولا معطى لما منعت يعني إذا منعت شيئا فلا يستطيع أحد أن يعطيه إذا قدرت على هذا الإنسان أن يكون فقيرا لن يغنيه أحد أو أن يكون جاهلا لن يعلمه أحد أن لا يكون له زوجة ولا أولاد لم يرزقه أحد زوجة ولا أولاد فالأمر كله بيد الله عز وجل ولا ينفع ذا الجد منك الجد يعني لا ينفع الغنى والحظ والشرف والجاه فلا يغني من الله شيء إذا أراد الله بالإنسان سوءا فلا مرد له ولو كان أغنى الناس وأقوى الناس قال الله تعالى ( قل اللهم ما مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وترخج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب )كل الأمر بيد الله عز وجل فينبغي لنا دبر كل صلاة مكتوبة أن نقول هذا الذكر لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صفة الصلاة(3/173)
324- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : مَنْ سَبَّحَ اَللَّهَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ , وَحَمِدَ اَللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ , وَكَبَّرَ اَللَّهُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ , فَتِلْكَ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ , وَقَالَ تَمَامَ اَلْمِائَةِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ , لَهُ اَلْمُلْكُ , وَلَهُ اَلْحَمْدُ , وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ , غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ , وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ اَلْبَحْرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
[وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : أَنَّ اَلتَّكْبِيرَ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ]. ([230])
325- وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ : " أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ : لَا تَدَعَنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولُ : اَللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَالنَّسَائِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ . (?????)
326- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَرَأَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ إِلَّا اَلْمَوْتُ َوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????) وَزَادَ فِيهِ اَلطَّبَرَانِيُّ : وَقُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/174)
هذه الأحاديث في بيان ما يقال بعد الصلاة منها حديث أبي هريرة من سبح الله ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين دبر كل صلاة فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر هذا من الأذكار التي تقال بعد الصلوات المكتوبة سبحان الله والحمد لله والله اكبر ثلاثا وثلاثين تكون تسعة تسعين وتقول تمام المائة لا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فتغفر لك خطاياك وإن كانت مثل زبد البحر زبد البحر من يحصيه لا يحيه إلا الله ز وجل فهذه الأذكار تكفر الخطايا ووردت أذكار أخرى بدلها أن تقول سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله اكبر أربعا وثلاثين تكون جميعا مائة وورد أيضا نوع ثالث أن تقول سبحان الله والحمد لله والله اكبر ولا اله إلا الله خمسا وعشرين الجميع مائة وورد نوع رابع أن تقول سبحان الله عشر والحمد لله عشر والله اكبر عشر مرات كل هذا ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا قلت هذا مرة وهذا مرة كان ذلك أوفق للسنة واتبع للنبي - صلى الله عليه وسلم - . أما حديث معاذ رضي الله عنه وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصاه أن يقول دبر كل صلاة مكتوبة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك المراد بدبر الصلاة هنا آخر الصلاة قبل أن يسلم كما جاء ذلك صريحا في بعض ألفاظ هذا الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يدعو بهذا الدعاء قبل أن يسلم فيكون هذا الدعاء في نفس الصلاة وظاهر صنيع المؤلف رحمه الله انه يقال بعد السلام والى هذا ذهب بعض أهل العلم وقال أن هذا الدعاء يقال بعد السلام والصواب انه يقال قبل السلام إذا انتهيت ولم يبق إلا السلام فقل اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك كما أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم -معاذ بن جبل رضي(3/175)
الله عنه والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب صفة الصلاة
326- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ قَرَأَ آيَةَ اَلْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ اَلْجَنَّةِ إِلَّا اَلْمَوْتُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????) وَزَادَ فِيهِ اَلطَّبَرَانِيُّ : وَقُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ (?????)
327- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
328-]وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ لِيَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - " صَلِّ قَائِمًا , فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ,فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ وإلا فَأَوْمِئْ رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
329- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِمَرِيضٍ - صَلَّى عَلَى وِسَادَةٍ , فَرَمَى بِهَا - وَقَالَ : " صَلِّ عَلَى اَلْأَرْضِ إِنْ اِسْتَطَعْتَ , وَإِلَّا فَأَوْمِئْ إِيمَاءً , وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ قَوِيٍّ وَلَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/176)
هذه الأحاديث بقية باب صفة الصلاة منها انه ينبغي للإنسان إذا أتى بالأذكار الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دبر الصلاة فليقرأ أية الكرسي وقل هو الله أحد فإن من قرأها دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت يعني أن قرأتها من أسباب دخول الجنة أية الكرسي تنتهي إلى قوله وهو العلي العظيم واما لا اكراه في الدين فليست منها وقل هو الله أحد معروفة . ثم ذكر حديث مالك بن الحويرث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلوا كما رأيتموني اصلي وذلك أن مالك بن الحويرث رضي الله عنه كان ممن قدم إلى المدينة وافدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ليتعلم دينه فبقي عنده نحو من عشرين ليلة ثم إنهم فهموا كيف كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي فقال لهم صلوا كما رأيتموني اصلي وأما حديث عمران بن الحصين لإ إنه كان مريضا رضي الله عنه من بواسير كانت فيه فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - صل قائما يعني الفريضة فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك فيصلي المريض أولا قائما فإن لم يستطع يعني عجز عجزا تاما أو كان يستطيع لكن بمشقة شديدة تلهيه عن حضور قلبه في صلاته فإنه يصلي قاعدا وإذا صلي قاعدا فإنه يتربع في حال القيام والركوع ويجلس بين السجدتين مفترشا كالعادة ويجلس في التشهدين مفترشا إلا في التشهد الأخير في الثلاثية والرباعية فيومئ إيماءً ويجعل ركوعه ارفع وسجوده اخفض ولا يجعل شيئا يرفعه على الأرض حتى يع جبهته عليه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يصلي على وسادة فرمى بها وقال صل على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماءً واجعل سجوك أخفض من ركوعك وهذه لانه لا ينبغي للإنسان أن يتعمق ويتنطع في دينه بل يكون دينه على الأيسر والأسهل ما دم ذلك هو المشروع
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب سجود السهو وغيره(3/177)
بَابُ سُجُودِ اَلسَّهْوِ وَغَيْرِهِ من سجود التلاوة والشكر
330- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ , فَقَامَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْأُولَيَيْنِ , وَلَمْ يَجْلِسْ , فَقَامَ اَلنَّاسُ مَعَهُ , حَتَّى إِذَا قَضَى اَلصَّلَاةَ , وَانْتَظَرَ اَلنَّاسُ تَسْلِيمَهُ , كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ . وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ , ثُمَّ سَلَّمَ أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَهَذَا لَفْظُ اَلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ : يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ وَيسَجَدَ اَلنَّاسُ مَعَهُ , مَكَانَ مَا نَسِىَ مِنَ الْجُلُوسِ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/178)
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب سجد السهو وغيره من سجود التلاوة والشكر . السهو يقال سهى في صلاته وسهى عن صلاته أما سهى في صلاته فالمعنى انه نسى منها شيئا أما ركوعا أو سجودا أو تسبيحا وأما سهى عن صلاته فالمعنى غفل عنها وتهاون بها فالأول السهو في الصلاة أمر جبلي يحصل من كل أحد حتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه سهى في صلاته ولا يلام العبد لانه من طبيعة الإنسان واما السهو عن الصلاة فهو المذموم الذي قال الله تعالى فيه (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) أي غافلون عنها لا يهتمون بها بل يتهاونون بها السهو في الصلاة وقع من النبي في عدة مواضع منها ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى فيما رواه عبد الله بن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -صلى بهم صلاة الظهر فقام من الركعتين ولم يجلس أي نسى التشهد الأول فقام الناس معه لان المأموم تابع لإمامه فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين ثم سلم ففي هذا الحديث وقع السهو من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث نسى التشهد الأول فقام وقام الناس معه ولكنه - صلى الله عليه وسلم -جبر هذا النقص بسجدتين قبل السلام فيستفاد منه فوائد منها وقوع السهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه يمكن أن ينسى كما ينسى الناس ولهذا قال لهم إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ومنها أن الإنسان إذا ترك التشهد الأول نسيانا فصلاته صحيحه لكن يجبره بسجود السهو فدل ذلك على التشهد الأول ليس بركن لان الركن لا يجبره سجود السهو
الشريط الثاني عشر
بَابُ سُجُودِ اَلسَّهْوِ وَغَيْرِهِ من سجود التلاوة والشكر(3/179)
330- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ , فَقَامَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ اَلْأُولَيَيْنِ , وَلَمْ يَجْلِسْ , فَقَامَ اَلنَّاسُ مَعَهُ , حَتَّى إِذَا قَضَى اَلصَّلَاةَ , وَانْتَظَرَ اَلنَّاسُ تَسْلِيمَهُ , كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ . وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ , ثُمَّ سَلَّمَ أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ , وَهَذَا لَفْظُ اَلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لمُسْلِمٍ : يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ وَيسَجَدَ اَلنَّاسُ مَعَهُ , مَكَانَ مَا نَسِىَ مِنَ الْجُلُوسِ (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى باب سجود السهو وغيره من سجود التلاوة
والشكر . السهو يقال سهى في صلاته وسهى عن صلاته أما سهى في
صلاته فالمعنى انه نسى منها شيئا أما ركوعا أو سجودا أو تسبيحا وأما
سهى عن صلاته فالمعنى غفل عنها وتهاون بها فالأول السهو في الصلاة
أمر جبلي يحصل من كل أحد حتى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه سهى في صلاته ولا
يلام العبد لانه من طبيعة الإنسان وأما السهو عن الصلاة فهو المذموم الذي
قال الله تعالى فيه (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون )
أي غافلون عنها لا يهتمون بها بل يتهاونون بها السهو في الصلاة وقع من
النبي في عدة مواضع منها ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى فيما رواه عبد
الله بن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -صلى بهم صلاة الظهر فقام من الركعتين ولم يجلس
أي نسى التشهد الأول فقام الناس معه لان المأموم تابع لإمامه فلما قضى
الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين ثم سلم ففي هذا الحديث وقع
السهو من الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث نسى التشهد الأول فقام وقام الناس معه ولكنه - صلى الله عليه وسلم -(3/180)
جبر هذا النقص بسجدتين قبل السلام فيستفاد منه فوائد منها وقوع السهو من
النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه يمكن أن ينسى كما ينسى الناس ولهذا قال لهم إنما أنا بشر
مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ومنها أن الإنسان إذا ترك
التشهد الأول نسيانا فصلاته صحيحه لكن يجبره بسجود السهو فدل ذلك
على التشهد الأول ليس بركن لان الركن لا يسقط بسجود السهو ولكن هل
إذا قام ناسيا التشهد الأول هل يرجع أو لا ؟ الجواب لا يرجع لانه ترك
موضعه إذا قام واعتدل قائما فانه لا يرجع سواء ذكر هو بنفسه أو سبح به
الناس يستمر فإذا انتهت الصلاة سجد سجدتين قبل أن يسلم كما فعل
النبي - صلى الله عليه وسلم - أما لو نهض وقبل أن يعتدل نبهه الجماعة أو تنبه هو فانه يستقر
قاعدا ويتشهد ولا سهو عليه لانه لم يتركه ومن هذا أي من فوائد الحديث
أن الإنسان إذا ترك واجبا من واجبات الصلاة فإنه يسجد للسهو قبل السلام
كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز أن يؤخره إلى ما بعد السلام لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
صلوا كما رأيتموني اصلي لكن لو نسي أن يسجد سجود السهو وسلم قلنا
اسجد بعد السلام أما لو كان ذاكرا فإنه يسجد قبل السلام كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -
وهكذا كل سهو كان عن نقص فإن سجود السهو فيه قبل السلام ول نسي أن
يقول سبحان ربي العظيم في الركوع سجد قبل السلام ولو نسي أن يقول
سبحان ربي الأعلى في السجود سجد قبل السلام ولو نسي أن يقول سمع الله
لمن حمده سجد قبل السلام ولو نسي أن يقول ربنا ولك الحمد سجد قبل
السلام المهم انه كلما نسي واجبا من واجبات الصلاة ناسيا فإنه يسجد قبل
السلام قياسا على التشهد الأول الذي سجد فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل السلام والله اعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وحبه أجمعين نقل المؤلف
رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب سجود السهو وغيره(3/181)
- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ : صَلَّى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلَاتِي اَلْعَشِيّ ِ ( } صفر ربيع ثان ربيع أول { ) رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ اَلْمَسْجِدِ , فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا , وَفِي اَلْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ , وَخَرَجَ سَرَعَانُ اَلنَّاسِ , فَقَالُوا : أَقُصِرَتْ . ( } صفر ربيع ثان ربيع ثان { ) الصَّلَاةُ , وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَا اَلْيَدَيْنِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ , أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتْ ? فَقَالَ : " لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ " فَقَالَ : بَلَى , قَدْ نَسِيتُ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ , فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ , أَوْ أَطْوَلَ] ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ , ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ , فَكَبَّرَ , فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ , أَوْ أَطْوَلَ [ . ([245]) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : صَلَاةُ اَلْعَصْرِ . (?????)
وَلِأَبِي دَاوُدَ , فَقَالَ : أَصَدَقَ ذُو اَلْيَدَيْنِ ? " فَأَوْمَئُوا : أَيْ نَعَمْ . (?????)
وَهِيَ فِي " اَلصَّحِيحَيْنِ " لَكِنْ بِلَفْظِ : فَقَالُوا . (?????)
وَهِيَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ : وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَقَّنَهُ اَللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا هو الحديث الثاني من أحاديث باب سجود السهو أما الحديث الأول فقد
سبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يجلس يعني ترك التشهد الأول
وانه - صلى الله عليه وسلم - سجد سجدتي السهو قبل السلام أما هذا فإن أبا هريرة رضي الله(3/182)
عنه يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -صلى بهم صلاة العصر فصلى ركعتين ثم سلم ناسيا
ثم قام - صلى الله عليه وسلم - إلى خشبة في مقدم المسجد معروضة فاتكأ عليها وشبك بين يديه
ووضع خده على ظهر كفه كأنه غضبان وذلك والله اعلم انه لما لم يكمل
الصلاة صار في نفسه ضيق من حيث لا يشعر الصحابة رضي الله عنهم
كلهم سكتوا من هينة النبي - صلى الله عليه وسلم -وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - اشد الناس مهابة لمن لقيه يعني
أن من لقيه هابة هيبة شديدة لكنه إذا كلمه وعاشرة احبه ووجد اللين واللطف
وهذه الهيبة التي يلقيها الله سبحانه وتعالى في قلوب الناس لبعض الناس لا
شك أن فيها مصلحة عظيمة لان الإنسان إذا ديست هيبته لم يكن له قيمة
فإذا كان مهيبا لكنك إذا خالطته وعاشرته أحببته للين قلبه وحسن أخلاقه
فهذا من نعمة الله على العبد المهم أن الناس سكتوا هيبة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وكان في القوم أخص أصحابه به أبو بكر وعمر رضي الله عنهم فهابا أن
يكلماه مع انهما اقرب الناس إليه لكن المقام مقام عظيم أن يسلم رسول
الله - صلى الله عليه وسلم -من ركعتين في صلاة العصر الصلاة الوسطى التي خصها الله بالذكر
حافظوا على الصلوات والصالة الوسطى في القوم رجل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يداعبه
وكان يداه طويلتين وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسميه ذا اليدين يعني يقول يا ذا اليدين
يمزح معه - صلى الله عليه وسلم - وكان - صلى الله عليه وسلم - من حسن خلقه انه يحب المزح لكن بقدر فقال يا
رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة انظر إلى هذا التقسيم من صحابي لم
يدرس علم المنطق ولا علم الكلام لانه ما فيه أما أن الصلاة قد قصرت وأما
أن يكون نسى فيه قسم ثالث لا يمكن أن يقع وهو أن يتعمد السلام قبل التمام
فهو أما ناسي أو الصلاة مقصورة قصر الصلاة حكم شرعي يمكن أن يحدث(3/183)
في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما حدث في عهده زيادة الصلاة عن ركعتين كانت
الصلاة أول ما فرضت ركعتين ثم زيد فيها فصارت أربعا للحضر وركعتين
للسفر قال يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لم انس ولم
تقصر فنفي الأمرين جميعا أما نفيه أنها قصرت فهذا حكم شرعي لا يكن أن
يخطأ فيه واما قوله لم انس فهو طبيعة بشرية يمكن أن يقع منه النسيان فلما
قال لم انس ولم تقصر بناء على ظنه - صلى الله عليه وسلم - قال أي ذي اليدين بلى قد نسيت
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للجماعة اصدق ذو اليدين وإنما سأل الجماعة لانه قد تعارض
عنده ما في نفسه وقول ذي اليدين فهل يأخذ بما في نفسه أو بما قال ذو
اليدين إذاً لابد من مرجح فسأل الصحابة اصدق ذو اليدين قالوا نعم فتقدم
إلى مكانه الذي صلى فيه وصلى ما بقي ثم تشهد وسلم ثم سجد سجدتين
مثل سجوده في الصلاة أو أطول يكبر عند السجود وعند الرفع منه ثم سلم
فيكون سلم في هذه الصلاة ثلاث تسليمات التسليمة الأولى نسيانا والثانية
والثالثة عمدا انتهت الصلاة ففي هذا الحديث فوائد عظيمة تزيد على أربعين
فائدة لكن بعضها واضح وبعضها يحناج إلى تأمل وتدبر منها أن الإنسان إذا
سلم قبل أن يتمم صلاته وذكر أذُكر فإنه يتممها ولا يحتاج إلى يبدئها من
جديد لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أتم الصلاة بعد أن قام وتقدم في المسجد وصار فيه
مراجعة بينه وبين ذي اليدين وبينه وبين الصحابة فصلى ما بقي ومنها أن
الإنسان إذا سلم قبل أن يتمم الصلاة ثم ذكر وأتمها فأنه لا يسجد للسهو إلا
بعد السلام لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بعد السالم ومنها أن الإنسان إذا سجد بعد
السلام يكبر مع كل انتقال يعني يكبر عند السجود وعند الرفع منه ويسلم ومنها
انه إذا سجد بعد السلام فإنه لا يتشهد لسجود السهو لان التشهد إنما هو للصلاة(3/184)
وهذا سجود يجبر به الصلاة أو يجبر به النقص الذي حصل في الصلاة
ومنها جواز النسيان على النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني انه يمكن أن ينسى حتى في الصلاة
يمكن أن ينسى لانه - صلى الله عليه وسلم - بشر يجوز عليه ما يجوز على البشر ولهذا قال (
إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ) والقول بان الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا ينسى قول يكذبه قول
الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو نفسه اخبر - صلى الله عليه وسلم - انه بشر مثلنا يناله ما ينال الإنسان من حيث
البشرية وينسى كما ننسى ويجوع ويعطش كما نجوع ونعطش ويبرد ويحتر
كما نبرد ونحتر ويتعب كما نتعب ويأخذه الكبر كما يأخذ الكبر أحدنا المهم
انه بشر - صلى الله عليه وسلم - مثل غيره لكنه امتاز على البشرية بان الله تعالى أوحى إليه
وجعله رسولا ومنها أن الرجل قد يهابه اقرب الناس إليه فإن اقرب الناس
إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأخصهم به من الرجال أبو بكر وعمر رضي الله عنها ومع
ذلك هابا أن يكلماه فالإنسان قد يكون مهيبا حتى عند ولده أو والده كما يكون
مهيبا عند سائر الناس ومنها فهم الصحابة وفقهم رضي الله عنهم وانهم
يتكلمون بالكلمات من غير تكلف كلمات يكتب عليها أصحاب المنطق
الصفحات بقول ذي اليدين أنسيت أم قصرت الصلاة ولهذا قال شيخ الإسلام
ابن تيميه رحمه الله تعالى كنت أظن دائما أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه
الذي ولا يستفيد منه البليد فالبليد لا ينتفع به لانه صعب عليه والذكي لا
يحتاج إليه لانه فضول كلام ولهذا قيل علم أهل الكلام كلام فقط ما فيه فائدة
وصدق رحمه الله تعالى ويأتي أن شاء الله تعالى بقية الفوائد على هذا
الحديث العظيم نسأل الله أن يرزقنا وإيالكم الفقه في دينه والعمل بما
يرضيه
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب سجود السهو وغيره(3/185)
- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ- قَالَ : صَلَّى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِحْدَى صَلَاتِي اَلْعَشِيّ ِ ( } صفر جمادى أول محرم { ) رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَةٍ فِي مُقَدَّمِ اَلْمَسْجِدِ , فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا , وَفِي اَلْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ , فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ , وَخَرَجَ سَرَعَانُ اَلنَّاسِ , فَقَالُوا : أَقُصِرَتْ . ( } صفر جمادى أول صفر { ) الصَّلَاةُ , وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَا اَلْيَدَيْنِ , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ , أَنَسِيتَ أَمْ قُصِرَتْ ? فَقَالَ : " لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ " فَقَالَ : بَلَى , قَدْ نَسِيتُ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ كَبَّرَ , فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ , أَوْ أَطْوَلَ] ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَكَبَّرَ , ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ , فَكَبَّرَ , فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ , أَوْ أَطْوَلَ [ . ([253]) ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَكَبَّرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ , وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ : صَلَاةُ اَلْعَصْرِ . (?????)
وَلِأَبِي دَاوُدَ , فَقَالَ : أَصَدَقَ ذُو اَلْيَدَيْنِ ? " فَأَوْمَئُوا : أَيْ نَعَمْ . (?????)
وَهِيَ فِي " اَلصَّحِيحَيْنِ " لَكِنْ بِلَفْظِ : فَقَالُوا . (?????)
وَهِيَ فِي رِوَايَةٍ لَهُ : وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَقَّنَهُ اَللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
سبق الكلام على هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة في سلام النبي - صلى الله عليه وسلم - من
الركعتين في صلاة العصر من فوائد هذا الحديث تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك
حين عارضه ذو اليدين وقال لم انس ولم تقصر فرجع - صلى الله عليه وسلم - إلى الحق وسأل(3/186)
الصحابة حتى صدقوا ذي اليدين هذا لا شك انه من تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم -ولو
كان من أهل الاستكبار لبقي على ما كان عنه ولم يرجع إلى أحد ومن
فوائد هذا الحدي ثان الإمام إذا نبهه أحد وليس عنده ما يخالفه فإنه يرجع
إلى قوله فإما إذا كان عنده ما يخالف هذا المنبه فإنه يعمل بما في ظنه ما
لم يؤيد هذا المنبه وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرجع إلى قول ذي اليدين لانه كان
يظن انه لم ينس ولم تقصر الصلاة فلما قال انه صدق أتم صلاته ومن
فوائد الحديث أن الكلام من الناسي لا يبطل الصلاة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلم ولان
الصحابة تكلموا ولان سرعان الناس الذين خرجوا من يوم سلم الإمام
خرجوا يقولون قصرت الصلاة واختل العلماء فيما إذا لو تلكم عمدا
لمصلحة الصلاة فقال بعض العلماء لا باس أن يتكلم عمدا لمصلحة الصلاة
لان ذا اليدين تلكم عمدا والصحابة تكلموا عمدا لان بعضهم أومئ وبعضهم
قال نعم وبناء على هذا القول لو أن الإمام غلط فسبحوا به فقام وهو
غلطان ثم سبحوا به فلم يدر ما يريدون فلبعض الجماعة أن يتكلم ويقول
انك نسيت كذا وكذا مثاله لو انه قام من الركعة الأولى من السجدة الثانية
وجلس فان هذا الجلوس جلوس بين السجدتين لكنه نسي فظن انه التشهد
فقرأ التشهد ثم قام هنا قام وقد بقى عليه سجدة فقالوا سبحان الله فلما
قال سبحا ن الله جلس ثم قام فقالوا سبحان الله لانه قد يكون يظن انه
نسى شيئا المهم إذا لم يدر ماذا يقولون فان من العلماء من يقول
للمأمومين أن يتكلم واحد منهم ينبهه ولا تبطل صلاته لان هذا من مصلحة
الصلاة لكن في هذا نظر لان الصحابة تلكموا قبل أن يعلموا أن الصلاة
ناقصة واعني بذلك ذي اليدين أما الآخرون فإنه كان فرضا عليهم أن
يجيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أن الإنسان إذا تكلم في الصلاة ناسيا فصلاته
لا تبطل مثال ذلك لو أن شخصا يصلي فاستأذن عليه رجل يدق الباب(3/187)
فنسي انه في صلاة فقال تفضل ثم ذكر انه في الصلاة فليمض في صلاته
ولا تبطل لانه كان ناسيا وكذلك لو كلمته أمه أو أخوه أو أهله وهو يصلي
فنسي وقال نعم فصلاته صحيحه لانه كان ناسيا ومن فوائد الحديث أن
الإنسان إذا سلم قبل أن يتمم الصلاة ثم ذكر عن قرب فانه يبني على ما
سبق أما إذا طال الفصل فانه لابد أن يستأنف الصلاة من أولها لانه تشترط
الموالاة فإذا طال الفصل الفرق بين أول الصلاة وأخرها فلابد من أن يعيد
الصلاة من أولها ومن فوائد هذا الحديث أن الإنسان إذا خرج من المسجد
ظانا أن صلاته قد تمت ثم ذكر ورجع فانه يبني على ما سبق ولا يحتاج
أن يعيدها لان الظاهر أن الصلاة عند الناس لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تقدم
ليصلي ما بقي وكانوا قريبين رجعوا لان لا يمكن أن يتركوا الناس يصلون
وهم لا يرجعون ومن فوائد هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى يلطف بعبده
إذا كان من عادته أن يأتي بالعبادة على وجهها ثم طرأ عليه ما يكون خطا
في العبادة فان من الناس من يكرمه الله ويكون في قلبه شيء من
الانضباط من اجل أن ينتبه كما حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - حينما تقدم إلى الخشبة
واتكأ عليها كأنه غضبان ومن فوائد هذا الحديث أن سجود السهو في
الزيادة بعد السلام لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد بعدما سلم والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب سجود السهو وغيره(3/188)
- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ , فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ? فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ , ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ , فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْساً شَفَعْنَ] لَهُ [ ([259]) صَلَاتَهُ , وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامً ا ([260]) كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
335 - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اَللَّهِ , أَحَدَثَ فِي اَلصَّلَاةِ شَيْءٌ ? قَالَ : " وَمَا ذَلِكَ ? " . ( } صفر جمادى ثان صفر { ) قَالُوا : صَلَّيْتَ كَذَا , قَالَ : فَثَنَى رِجْلَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ اَلْقِبْلَةَ , فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ , ثُمَّ سَلَّمَ , ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ : " إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي اَلصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ , وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ , فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي , وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ اَلصَّوَابَ , فلْيُتِمَّ عَلَيْهِ , ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ : فَلْيُتِمَّ , ثُمَّ يُسَلِّمْ , ثُمَّ يَسْجُدْ . (?????)
وَلِمُسْلِمٍ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ سَجْدَتَيْ اَلسَّهْوِ بَعْدَ اَلسَّلَامِ وَالْكَلَامِ (?????)(3/189)
336 - وَلِأَحْمَدَ , وَأَبِي دَاوُدَ , وَالنَّسَائِيِّ ; مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ بْنِ جَعْفَرٍ مَرْفُوعاً : مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ , فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الأحاديث في السهو في الصلاة إذا شك الإنسان في عدد الصلاة هل
صلى ثلاثا أو أربعا أو اثنتين أو ثلاثا فإننا نسأل هل يرجح شيئا ن كان
يرجح شيئا بنى عليه وأتم صلاته وسجد سجدتين بد أن يسلم وإن قال لا
ارجح إنه متردد هل صلى اثنتين أو ثلاثا بدون ترجيح قلنا اجعلها اثنتين
ابن على اليقين ثم كمل الصالة ثم اسجد سجدتين قبل السلام هذا حكم
الشك يكون على قسمين إذا شك في عدد الركعات أو شك هل سجد
سجدتين أو سجدة واحدة فإننا نقول بهذا التفصيل هل ترجح شيئا إذا قال
نعم فإنه يبني على ما ترجح عنده ويتمم عليه ويسلم ثم يسجد سجدتين
بعد السلام وإن اقل انه لا يرجح شيئا قلنا ابن على اليقين على الأقل وتمم
عليه واسجد سجدتين قبل السلام هذه هو التفصيل وهو الذي ل عليه
حديث أبي سعيد وحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أما حديث
أبي سعيد فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر هل صلى
ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن وما هو المتيقن المتيقن
هو الأقل لانه قال اطرح الشك وابن على ما استيقنت يعني على الأقل
فليتم عليه وليسجد سجدتين قبل أن يسلم مثاله إذا صلى رجل الظهر في
الركعة الثالثة شك هل الثالثة أو الثانية دون أن يرجح نقول اجعلها الثانية
وكمل واسجد سجدتين قبل السلام أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه
فإنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسا فلما سلم قيل له احدث شيء في الصلاة قال
وما ذاك قالوا صليت خمسا فثنى رجليه ثم سجد سجدتين وسلم ثم قال لهم
إنه لو حدث شيء في لا صلاة لأنبأتكم به ولكني بشر أنسى كما تنسون فإذا(3/190)
شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ثم ليبن عليه ثم ليسجد سجدتين
بعدما يسلم فقوله فليتحر الصواب هذا في حال إذا غلب على ظنه أحد
الاحتمالين مثاله صلى الظهر وفي الركعة الثالثة شك هل هي الثانية أو
الثالثة وترجح عنده أنها الثالثة ماذا يفعل يجعلها الثالثة ويترك ركعة يسلم
ثم يسجد بعد السلام هذا حكم الشك الذي بينته السنة ولله الحمد وفي هذا
الحديث حديث ابن مسعود رضي الله عنه من الفوائد جواز السهو على
النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة فإنه سهى وصلى خمسا وفيه أيضا أن سجود السهو
إذا كان بزيادة فإنه يكون بعد السلام كما دل عليه هذا الحديث وحديث أبي
هريرة السابق في قصة ذي اليدين والحكمة في هذا انه إذا كان عن زيادة
فإن سجود السهو زائد عن سجود الصلاة فكان من الحكمة أن لا يجتمع
زيادتان في الصلاة زيادة السهو وزيادة السجود واما إذا كان عن نقص
فإنه يكون قبل السلام والحكمة في ذلك انه يجبر ما نقص منها قبل أن
يسلم وهذا من الحكمة العظيمة البالغة وبه تبين أن سجود السهو له
أسباب ثلاثة وهي الزيادة والنقص والشك وله حالان حال يترجح فيها أحد
الحالين وحال لا يترجح سجود السهو عن النقص متى ؟ قبل السلام عن
زيادة بعد عن شك لا رجحان فيه قبل السلام عن شك فيه رجحان بعد
السلام والله الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب سجود السهو وغيره
- وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ , فَقَامَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ , فَاسْتَتَمَّ قَائِمًا , فَلْيَمْضِ ,ولا يعود وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ , وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِمْ قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَابْنُ مَاجَهْ , وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ , وَاللَّفْظُ لَهُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ . (?????)(3/191)
338 - وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلَفَ اَلْإِمَامَ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا اَلْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ" رَوَاهُ اَلْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ . (?????)
339 - وَعَنْ ثَوْبَانَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ , وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ . (?????)
فَصْلٌ
340 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي : ( إِذَا اَلسَّمَاءُ اِنْشَقَّتْ ) , و : ( اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
341 - وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : ( ص ) لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ اَلسُّجُودِ , وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْجُدُ فِيهَا رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
342- وَعَنْهُ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ بِالنَّجْمِ رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
343- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اَلنَّجْمَ , فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
344- وَعَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ - رضي الله عنه - قَالَ : فُضِّلَتْ سُورَةُ اَلْحَجِّ بِسَجْدَتَيْنِ . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي " اَلْمَرَاسِيلِ " . (?????)
345 - وَرَوَاهُ أَحْمَدُ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ , وَزَادَ : فَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا , فَلَا يَقْرَأْهَا وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ . (?????)(3/192)
346- وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ : يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ , وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ . رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . وَفِيهِ : إِنَّ اَللَّهَ] تَعَالَى [ لَمْ يَفْرِضْ اَلسُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ . (?????) وَهُوَ فِي " اَلْمُوَطَّأِ. (?????)
347 - وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- ] قَالَ [ : كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَيْنَا اَلْقُرْآنَ , فَإِذَا مَرَّ بِالسَّجْدَةِ , كَبَّرَ , وَسَجَدَ , وَسَجَدْنَا مَعَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ فِيهِ لِيِنٌ . (?????)
348 - وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ خَرَّ سَاجِداً لِلَّهِ رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ . (?????)
349- وَعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رضي الله عنه - قَالَ : سَجَدَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَطَالَ اَلسُّجُودَ , ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ : " إِنَّ جِبْرِيلَ آتَانِي , فَبَشَّرَنِي , فَسَجَدْت لِلَّهِ شُكْرًا" رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . (?????)
350 - وَعَنْ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ عَلِيًّا إِلَى اَلْيَمَنِ - فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ - قَالَ : فَكَتَبَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - بِإِسْلَامِهِمْ , فَلَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْكِتَابَ خَرَّ سَاجِدًا شكرا لله تعالى على ذلك رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ . (?????)
وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيِّ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/193)
هذه الأحاديث في باقي أحكام سجود السهو في أحكام التلاوة وفي سجود التلاوة وفي سجود الشكر أما ما يتعلق بالسهو ففيه حديث المغيرة بن شعبة في من قام عن التشهد الأول انه إذا استتم قائما فلا يرجع ولكن يسجد للسهو فإذا نسى الإنسان التشهد الأول وقام حتى استتم قائما فإنه لا يرجع سواء شرع في القراءة أو لم يشرع فليستمر في صلاته ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فأما أن ذكر قبل أن يستتم قائما فإنه يرجع لكن حديث المغيرة الذي ساقه المؤلف يقول إنه لا سهو عليه ولكن الفقهاء رحمهم الله نظرا لضعف الحديث فصلوا في هذا فقالوا إذا نهض عن التشهد الأول فإن تجاوز موضع الجلوس قبل أن يستتم قائما رجع وسجد للسهو يعني رجع وكمل التشهد وسجد للسهو لانه زاد في صلاته وهو نهوضه قبل أن يستتم قائما وأما إذا نهض ولكن لم يتعد موضع الجلوس فإنه يرجع ولا سهو عليه ثم ذكر المؤلف أحاديث سجود التلاوة وذلك أن الإنسان إذا مر بسجدة في القرآن الكريم فإن يستحب له أن يسجد سواء كان في الصلاة أو خارج الصلاة وسواء كان في الصباح أو في المساء بعد العصر أو بعد الظهر أو في أي وقت إذا مر بآية السجدة فليسجد ولكن هل يكبر ؟ الأحاديث التي ساقها المؤلف ليس فيها انه يكبر ولا انه يسلم وانما يسجد ويقول سبحان ربي الأعلى مرات سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي اللهم لك سجدت وبك آمنت ولعيك توكلت سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وبقوته فتبارك الله احسن الخالقين اللهم اكتب بها أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك زخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود أو يقول ما شاء من الذكر بعد أن يقول سبحان ربي الأعلى ولكن في السنن أن النبي كبر عند السجود ولم يكبر حين الرفع ولا سلم - صلى الله عليه وسلم - وهذا لا باس أن يعمل به الإنسان بان يكبر إذا سجد وإذا رفع لا يكبر ولا يسلم إلا إذا كان في صلاة ومر بآية سجدة فإنه يكبر إذا سجد ويكبر إذا نهض(3/194)
لأنها دخلت في الصلاة وفي الأحاديث التي ساقها المؤلف دليل على أن القارئ إذا لم يسجد فإن المستمع لا يسجد كما في حديث زيد بن ثابت انه قرا على النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة النجم فلم يسجد فيها لان زيدا كان هو القارئ ولم يسجد فلم يسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه دليل على أن سجود التلاوة ليس بواجب لانه لو كان واجبا لأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - وسجد معه كما يؤيد ذلك حديث عمر رضي الله عنه انه قرأ أية سجدة ولم يسجد فيها وقال من سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا حرج وقال إن الله لم يقدر علينا السجود إلا أن نشاء يعني إلا هنا أداة استثناء منقطع يعني إن شئنا سجدنا وإن شئنا لم نسجد واما سجود الشكر فهو أن الإنسان إذا بشر بشيء يسره من نصر المسلمين أو نجاح في درس أو ولد أو زواج أو شيء يسره فإنه ينبغي أن يسجد لله سجود الشكر ويكبر إذا سجد ويقول سبحان ربي الأعلى ثم يثني على الله تبارك وتعالى بما هو أهله وينص على النعمة التي أصابته اللهم إني أشكرك على نعمتك علي في هذا الشيء ثم يقوم بلا تكبير ولا سلام والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صلاة التطوع
بَابُ صَلَاةِ اَلتَّطَوُّعِ
351 - عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الْأَسْلَمِيِّ -رِضَى اَللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : " قَالَ لِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَلْ . فَقُلْتُ : أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي اَلْجَنَّةِ . فَقَالَ : أَوَغَيْرَ ذَلِكَ ? , قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ , قَالَ : " فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ اَلسُّجُودِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث ساقه المؤلف الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ
باب صلاة التطوع صلاة التطوع هي الصلاة التي ليست بواجبة والصلاة
الواجبة هي الصلوات الخمس الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر(3/195)
والجمعة بدل عن الظهر والظهر بدل عنها إذا فاتت فأما الوتر فليس
بواجب وما عدا هذه الصلوات الخمس فإنه ليس بواجب الذي اجمع عليه
العلماء هي هذه الصلوات الخمس أما الوتر ففيه خلاف والصحيح انه ليس
بواجب وأما صلاة العيد فمختلف فيها والصحيح أنها واجبة لكنها ليست
كوجوب الصلوات الخمس وأما صلاة الكسوف فمختلف فيها أيضا
والصحيح أنها واجبة على اقل تقدير أن تكون فرض كفاية وما سوى ذلك
فهو تطوع ومن نعمة الله تبارك وتعالى انه شرع لعبادة سننا من جنس
الفرائض فالصلوات المفروضة لها تطوع سنن الزكاة لها تطوع صدقة
والصيام له تطوع الحج له تطوع الجهاد له تطوع وذلك أن الإنسان لا
يخلو من تقصير في الواجبات فجعل الله تعالى هذا التطوع جبرا لما يحصل
من التقصير ولولا أن الله تعالى شرع لنا هذا لكان التعبد به بدعة ولكان
المتعبد آثما لكن من نعمة الله تعالى أن شرع لعباده هذا التطوع ليزدادوا
عملا صالحا ولتجبر به فرائضهم فلله الحمد والمنة بدأ المؤلف رحمه الله
تعالى بذكر حديث ربيعة بن مالك ربيعة بن مالك قضى للنبي - صلى الله عليه وسلم - حاجة فقال
له سل يعني اسأل شيئا أعطيك إياه مكافأة على ذلك فكانت همته عالية
رضي الله عنه ما سأل شيئا من امور الدنيا قال أسألك مرافقتك في الجنة
انظر للهمة العالية ما قال أريد ناقة ولا بستانا ولا متاعا ولا ثيابا ولا
دراهم ولا دنانير بل قال أسألك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك يعني(3/196)
أن تسألني غير ذلك أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعرف مدى تصميم الرجل على ما سأل قال هو ذاك يعني ما أسألك غير هذا قال فأعني على نفسك بكثرة السجود يعني بكثرة الصلاة فدل هذا على أن كثرة الصلاة من أسباب مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والصلاة خير موضع اكثر منها ما استطعت ولكن اعلم أن المراد بذلك الصلاة التي هي الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه التي إذا كبر الإنسان فيها شعر بأنه وافق بين يدي الله يناجيه وخشع قلبه وتخشع جوارحه ويستنير قلبه وليست كصلاة كثير من الناس نسأل الله أن يعمنا بعفوه صلاة أليه فقط حركات يحركها وهو في مكان والقلب في ميدان آخر هذه صلاة صورية في الحقيقة فاقدة الروح ما هي إلا جسم قشور لا لب فيها فالمراد بالصلاة التي تكون سببا لمرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة وأسال اله لي ولكم ذلك أن نكون رفقاء له في الجنة وحسن أولئك رفيقا هي الصلاة ذات الخشوع حضور القلب والطمأنينة وان يشعر الإنسان بأنه بين يدي الله يناجيه إذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله له حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل هذه الصلاة فالمهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال اعني على نفسك بكثرة السجود فهل نظن أن ربيعة رضي الله عنه قل من السجود أو كثر من السجود ؟ كثر من السجود لا شك لان هو طلب عوضا فقيل العوض نعطيك بشرط أن تكثر من السجود إذاً هو سوف يحرص على أن يكثر الصلاة لله عز وجل ولكن هناك أوقات لا تجوز فيها الصلاة إلا لسبب وهي من صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح وقبيل الزوال حتى تزول الشمس ومن صلاة العصر إلى الغروب هذه أوقات(3/197)
لا تجوز فيها الصلاة إلا إذا كان لها سبب كدخول المسجد مثلا فإنك إذا دخلته تصلي في أي وقت فيما عدا ذلك كثر لو تصلي من حين ارتفاع الشمس قيد رمح في أول النهار عشرين أو ثلاثين أو أربعين مائة فهو خير لكن الأعمال تتفاضل طلب العلم افضل من صلاة النافلة لان طلب العلم من الجهاد في سبيل الله قال الإمام احمد رحمه الله تعالى تذاكر ليلة احب إلى من قيامها يعني التذاكر في العلم احب إلى من قيامها ولكن إذا كان الإنسان ليس أهلا لطلب العلم لعدم فهمه أو لعدم حفظه أو ما أشبه ذلك فالصلاة خير والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة التطوع
352 - وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : " حَفِظْتُ مِنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ رَكَعَاتٍ : رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ اَلظُّهْرِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ اَلْمَغْرِبِ فِي بَيْتِهِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ اَلْعِشَاءِ فِي بَيْتِهِ , وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ اَلصُّبْحِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا : " وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ اَلْجُمْعَةِ فِي بَيْتِهِ " . (?????)
353- وَلِمُسْلِمٍ : " كَانَ إِذَا طَلَعَ اَلْفَجْرُ لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ " (?????)
354 - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- : أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - " كَانَ لَا يَدَعُ أَرْبَعًا قَبْلَ اَلظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ اَلْغَدَاةِ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
355 - وَعَنْهَا قَالَتْ : " لَمْ يَكُنْ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى شَيْءٍ مِنْ اَلنَّوَافِلِ أَشَدَّ تَعَاهُدًا مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ اَلْفَجْرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)(3/198)
356 - وَلِمُسْلِمٍ : " رَكْعَتَا اَلْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ اَلدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " (?????)
357- وَعَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : سَمِعْتَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : " مَنْ صَلَّى اِثْنَتَا عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي يَوْمهٍ وَلَيْلتهٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِي اَلْجَنَّةِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَفِي رِوَايَةٍ " تَطَوُّعًا" . (?????)
358 - وَلِلتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ , وَزَادَ : " أَرْبَعًا قَبْلَ اَلظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ اَلْمَغْرِبِ , وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ اَلْعِشَاءِ , وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ اَلْفَجْرِ " (?????)
359 - وَلِلْخَمْسَةِ عَنْهَا : " مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعٍ قَبْلَ اَلظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اَللَّهُ عَلَى اَلنَّارِ " (?????)
360 - وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " رَحِمَ اَللَّهُ اِمْرَأً صَلَّى أَرْبَعًا قَبْلَ اَلْعَصْرِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ , وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَصَحَّحَهُ . (?????)
361 - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " صَلُّوا قَبْلَ اَلْمَغْرِبِ , صَلُّوا قَبْلَ اَلْمَغْرِبِ " ثُمَّ قَالَ فِي اَلثَّالِثَةِ : " لِمَنْ شَاءَ " كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا اَلنَّاسُ سُنَّةً " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
وَفِي رِوَايَةِ اِبْنِ حِبَّانَ : " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى قَبْلَ اَلْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ " (?????)(3/199)
362 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ ابن عباسٍ] قَالَ [ : " كُنَّا نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ اَلشَّمْسِ , فَكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يَرَانَا , فَلَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَانَا " (?????)
363 - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّفُ اَلرَّكْعَتَيْنِ اَللَّتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ , حَتَّى إِنِّي أَقُولُ : أَقَرَأَ بِأُمِّ اَلْكِتَابِ? " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
364 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ- : " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ فِي رَكْعَتَيْ اَلْفَجْرِ : ( قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ ) و : ( قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ ) " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????)
365 - وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ : " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ اَلْفَجْرِ اِضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ اَلْأَيْمَنِ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????)
366- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ اَلرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ اَلصُّبْحِ , فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى جَنْبِهِ اَلْأَيْمَنِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ , وَأَبُو دَاوُدَ , وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ . (?????)
367- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " صَلَاةُ اَللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى , فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ اَلصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً , تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/200)
هذه أحاديث ساقه المؤلف في الرواتب التابعة للمفروضات يعني السنن التي تتبع الفرائض وهي اثنتي عشرة ركعة أربعا قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل صلاة الفجر من صلاهن في يومه وليلته بنى الله له بيتا في الجنة وهذه الرواتب الاثنتى عشرة بعضها أوكد من بعض أكدها سنة الفجر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدعها حضرا ولا سفرا وقال فيها - صلى الله عليه وسلم - ركعتا الفجر يعني سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي معها غيرها من أذان الفجر إلى الصلاة وكان يخففها هذه السنة حتى تقول عائشة اقرأ بأم القرآن وكان يقرأ في الركعة الأولى قل يا أيها الكافرون مع الفاتحة وفي الركعة الثانية قل هو الله أحد مع الفاتحة أحيانا يقرأ قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا وما انزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون في الركعة الأولى وفي الثانية قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم إلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون وإذا فاتت هذه الرواتب فإنها تقضى فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فاتته راتبة الظهر التي بعدها قضاها بعد العصر - صلى الله عليه وسلم - وكذلك سنة الفجر إذا دخلت المسجد والناس يصلون الفجر ولم تصل السنة فصلها بعد الصلاة وإن شئت أخرها حتى ترتفع الشمس قيد رمح بعد طلوعها ومن السنن سنن ليست راتبة مثل ركعتين قبل المغرب فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب وقال في الثالثة لمن شاء لئلا يتخذها الناس سنة راتبة ومنها أن يصلي أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها فقد جاء في الحديث من صلى أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها حرمه الله(3/201)
على النار ومنها أن يصلي أربعا قبل العصر فقد جاء في الحديث رحم الله رجلا صلى قبل العصر أربعا لكن هذه ليست رتبة الرواتب اثنتي عشرة ركعة فقط أربع ركعات قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل صلاة الصبح والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة التطوع
368 - وَلِلْخَمْسَةِ - وَصَحَّحَهُ اِبْنِ حِبَّانَ - : " صَلَاةُ اَللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى" " وَقَالَ النَّسَائِيُّ : "هَذَا خَطَأٌ" . (?????)
369 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " أَفْضَلُ اَلصَّلَاةِ بَعْدَ اَلْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اَللَّيْلِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ . (?????)
370 - وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ اَلْأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : " اَلْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ , مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ , وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ " رَوَاهُ اَلْأَرْبَعَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيَّ , وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ , وَرَجَّحَ النَّسَائِيُّ وَقْفَهُ . (?????)
371 - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ : " لَيْسَ اَلْوِتْرُ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ اَلْمَكْتُوبَةِ , وَلَكِنْ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ . (?????)(3/202)
372- وَعَنْ جَابِرٍ " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ, ثُمَّ اِنْتَظَرُوهُ مِنْ اَلْقَابِلَةِ فَلَمَّا يَخْرُجْ , وَقَالَ : " إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ اَلْوِتْرُ " رَوَاهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????)
373- وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ حُذَافَةَ - رضي الله عنه - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ اَللَّهَ أَمَدَّكُمْ بِصَلَاةٍ هِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمُرِ اَلنَّعَمِ " قُلْنَا : وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ? قَالَ : " اَلْوِتْرُ , مَا بَيْنَ صَلَاةِ اَلْعِشَاءِ إِلَى طُلُوعِ اَلْفَجْرِ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . (?????)
374 - وَرَوَى أَحْمَدُ : عَنْ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ . (?????)
375 - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ , عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اَلْوِتْرُ حَقٌّ, فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَد لَيِّنٍ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ . (?????) .
376- وَلَهُ شَاهِدٌ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ . (?????) .(3/203)
377- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " ]مَا] كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً, يُصَلِّي أَرْبَعًا, فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ, ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا, فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ, ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا. قَالَتْ عَائِشَةُ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ? قَالَ: "يَا عَائِشَةُ, إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي". " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????) .
378- وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَنْهَا: " كَانَ يُصَلِّي مِنْ اَللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ, وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ, وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ اَلْفَجْرِ, فَتِلْكَ ثَلَاثُ عَشْرَةَ " (?????) .
379- وَعَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنْ اَللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً, يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ, لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي آخِرِهَا. " (?????) .
380 - وَعَنْهَا قَالَتْ: " مِنْ كُلِّ اَللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى اَلسَّحَرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا . (?????) .
381 - وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " يَا عَبْدَ اَللَّهِ! لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ, كَانَ يَقُومُ مِنْ اَللَّيْلِ, فَتَرَكَ قِيَامَ اَلنَّهَارِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????) .(3/204)
382- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " أَوْتِرُوا يَا أَهْلُ اَلْقُرْآنَ, فَإِنَّ اَللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ اَلْوِتْرَ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . (?????) .
383- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " اِجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????) .
384- وَعَنْ طَلْقٍ بْنِ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتَ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالثَّلَاثَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????) .
385 - وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوتِرُ بِـ "سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى", و: "قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ", و: "قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ" " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ. وَزَادَ: " وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ " (?????) .
386- وَلِأَبِي دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ: " كُلَّ سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ, وَفِي اَلْأَخِيرَةِ: "قُلْ هُوَ اَللَّهُ أَحَدٌ", وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ " (?????) .
387- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
388- وَلِابْنِ حِبَّانَ: " مَنْ أَدْرَكَ اَلصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ " (?????) .(3/205)
389 - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ نَامَ عَنْ اَلْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ . (?????) .
390 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اَللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ, وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اَللَّيْلِ, فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اَللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ, وَذَلِكَ أَفْضَلُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
391- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-, عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا طَلَعَ اَلْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اَللَّيْلِ وَالْوَتْرُ، فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ . (?????) .
392- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي اَلضُّحَى أَرْبَعًا, وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اَللَّهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في الوتر تدل على مسائل(3/206)
المسألة الأولى تأكيد الوتر وانه سنة مؤكدة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به ولولا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لاعربي حين سأله عن الصلوات الخمس هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع لكان القول بالوجوب قويا جدا ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في الوتر هل هو واجب يأثم الإنسان بتركه أو هو سنة لا يأثم بتركه أو يفصل بين إنسان يقوم في الليل فهو واجب بحقه ومن لا يقوم فليس بواجب واقرب الأقوال الثلاثة انه ليس بواجب مطلقا ولكنه سنة مؤكدة المسألة الثانية أن وقت الوتر من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر من صلاة العشاء ولو مجموعة حتى لو جمعنا العشاء إلى المغرب جمع تقديم دخل وقت الوتر إلى طلوع الفجر وبعد طلوع الفجر لا وتر حتى ولو كان قبل إقامة الصلاة لان الوتر ينتهي بطلوع الفجر لكن لو أن الإنسان نسيه أو نام عنه أو مرض فإنه يقضيه في النهار لكن ضعغا فلو كان من عادته انو يوتر بثلاث جعلها أربعا أو كان من عادته أن يوتر بخمس جعلها ستا إلى إحدى عشرة ركعة فلو كان من عادته أن يوتر بإحدى عشر جعلها أثنى عشرة ركعة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غلبه نومه أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة(3/207)
المسألة الثالثة أن اقل الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة أما كون اقله ركعة فلان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ومن احب أن يوتر بركعة فليفعل وقال إذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى وأما كون أكثره إحدى عشر ركعة فلقول عائشة رضي الله عنها ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة لكن إن أوتر بواحدة يصلي ركعة ويسلم وإن أوتر بثلاث صلاها سردا بتشهد واحد وإن شاء صلى ركعتين وسلم ثم أتى بركعة واحدة وإن أوتر بخمس سردها سردا وتشهد في الأخيرة وإن أوتر بسبع سردها سردا وتشهد في الأخيرة وإن أوتر بتسع سرد ثمانية ثم جلس في الأخيرة وتشهد ولم يسلم ثم قام وأتى بركعة وسلم وإن أوتر بإحدى عشرة صلى ركعتين ركعتين وأوتر بواحدة المسألة الرابعة أن الأفضل أن يكون الوتر في آخر الليل فإذا كان يخشى أن لا يقوم فإنه يوتر قبل أن ينام لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من خاف إلا قوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك افضل وأوصى أبا هريرة رضي الله عنه أن يتوتر قبل أن ينام لان أبا هريرة كان يسهر ي أول الليل يتحفظ أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيصعب عليه أن يقوم من آخر الليل ولكن لو أن الإنسان أوتر من أول الليل بناءً على انه يخشى أن لا يقوم ثم قدر له فقام فإنه يصلي ركعتين ركعتين بلا وتر أما كونه يصلي ركعتين ركعتين فلقول النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الليل مثنى مثنى وأما كونه لا يوتر مرة أخرى فلقول النبي - صلى الله عليه وسلم -لا وتران في ليلة .(3/208)
المسألة الخامسة أن يجعل آخر صلاته في الليل وترا ولكن لا يمنعه هذا إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ولم يقل لا تصلوا بعد الوتر وبين العبارتين فرق فالإنسان إذا طمع أن لا يقوم مثلا ثم أوتر فقد جعل آخر صلاته في الليل وترا فإذا قام فلا نهي عن الصلاة يصلي ما شاء لكن بدون وتر والله الموفق
بس الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة التطوع
392- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي اَلضُّحَى أَرْبَعًا, وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اَللَّهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
393- وَلَهُ عَنْهَا: , أَنَّهَا سُئِلَتْ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي اَلضُّحَى? قَالَتْ: لَا, إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ. - ([328]) .
394- وَلَهُ عَنْهَا: " مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي سُبْحَةَ اَلضُّحَى قَطُّ, وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا " (?????) .
395- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " صَلَاةُ اَلْأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ اَلْفِصَالُ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ . (?????) .
396- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ صَلَّى اَلضُّحَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اَللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي اَلْجَنَّةِ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ . (?????) .
397- وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: " دَخَلَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْتِي, فَصَلَّى اَلضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ " رَوَاهُ اِبْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/209)
هذه الأحاديث ساقها المؤلف رحمه الله تعالى في صلاة الضحى وصلاة الضحى اقلها ركعتان ولا حد لأكثرها لحديث عائشة الذي صدر به المؤلف رحمه الله تعالى الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله فاقلها ركعتان ولا حد لأكثرها أما وقتها فإن من ارتفاع الشمس قيد رمح يعني حوالي متر وشيء يسير إلى قبيل الزوال وتقدير ذلك بالساعات بعد طلوه الشمس بثلث ساعة قبل زوالها يعني قبل صلاة الظهر بعشر دقائق وتجوز في أول الوقت وفي أخره يعني تجزي في الوقت الذي يسميه الناس صلاة الإشراق لان صلاة الإشراق هي صلاة الضحي إلى قبيل الزوال وفي آخر الوقت افضل لحديث صلاة الأوابين حين ترمض الفصال يعني حين يشتد عليها الحر والرمضاء والفصال جمع فصيل وهي أولاد الإبل هذه صلاة الضحى واختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل هي سنة أو غير سنة لان الأحاديث فيها مختلفة فقال بعضهم إنها سنة دائمة وقال بعضهم إنها ليست بسنة لان عائشة سئلت هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجيئ من مغيب وفصل بعضهم فقال من كان يصلي من الليل فإنها ليست سنة دائمة في حقه يصلي أحيانا ويدع أحيانا وأما من لا يصل فهي سنة في حقه دائما لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى بها أبا هريرة رضي الله عنه لانه ليس يقوم الليل حيث انه يشتغل بتعاهد أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أوصاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاث ركعتي الضحى وصيام ثلاثة أيام من كل شهر وان يوتر قبل أن ينام والصحيح أنها سنة دائمة لو لم يكن من ذلك إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبر بأنه كل يوم تطلع فيه الشمس يصبح على كل عضو من أعضاء ابن آدم صدقة والأعضاء ثلاثمائة وستين مفصل في الإنسان كما جاء في الحديث كل مفصل له صدقة كل يوم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى وهذا يدل على أن صلاة الضحى(3/210)
سنة كل يوم هذا هو القول الراجح في هذه المسألة ولكن إن صلى ركعتين فحسن أو أربعا فحسن لكن بسلامين كل ركعتين لهما سلام أو ثمان أو عشر أو ما استطاع والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتابه بلوغ المرام
بَابُ صَلَاةِ اَلْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ
398- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا-; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " صَلَاةُ اَلْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ اَلْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????) .
399- وَلَهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: " بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا " (?????) .
400- وَكَذَا لِلْبُخَارِيِّ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ, وَقَالَ: "دَرَجَةً " (?????) .
401- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ, ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا, ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ, ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ اَلصَّلَاةَ, فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ اَلْعِشَاءَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/211)
هذه الأحاديث ساقها الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام باب صلاة الجماعة والإمامة يعني أن هذا الباب معقود لشيئين للجماعة والإمامة والجماعة يعني اجتماع الناس في مكان واحد في الصلوات الخمس وهي واجبة على الرجال البالغين الأحرار واختلف العلماء رحمهم الله هل هي شرط لصحة الصلاة أم هي واجب يأثم بتركه مع صحة الصلاة فمن العلماء من قال أنها شرط لصحة الصلاة وان الإنسان القادر الذي تجب عليه الجماعة إذا تركها بلا عذر فصلاته مردودة غير مقبولة مهما صل والى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى وجماعة من العلماء وهو رواية عن الإمام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر والقول الثاني أنها واجب لكن تصح الصلاة بدونها مع الإثم وهذا القول هو الصحيح لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال صلاة الجماعة افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ولو كانت غير صحيحة ما صار فيها فضل لا قليل ولا كثير والصواب أنها واجبة فرض عين على الرجال الأحرار البالغين وانهم إذا تركوها بال عر فهم آثمون وإن كان لعذر شرعي فليس فيه أثم ثم اختلف القائلون بالوجوب وان الصلاة تصح مع الإثم هل يجب أن تصلى في المساجد أو يجوز أن تصلى في البيوت بمعنى لو اجتمع جماعة في بيت وصلوا الجماعة فليس عليهم أثم وإنما الإثم على صلى منفردا في بيته وكونه في المساجد منهم من قال أنها فرض كفاية ومنهم من قال أنها سنة ولكن القول الراجح أنها تجب في المساجد ولا يجوز التخلف عنها والدليل على هذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقسم وهو الصادق البار بهذا القسم - صلى الله عليه وسلم - انه قد هم أن يأمر رجلا فيحتطب ثم يأمر رجلا فيصلي بالناس يأمر بالصلاة فيؤذن لها وتقام ثم يخالف إلى قوم لا يشهدون الصلاة فيحرق عليهم بيوتهم بالنار وقال إلى قوم ولم يقل إلا أن يصلوا جماعة في بيوتهم فدل هذا(3/212)
على انه يجب أن تكون الصلاة في المساجد جماعة ثم إن صلاة الجماعة فيها خير كثير فهي افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة والواجد من الناس لو قيل له إنك إذا جلبت سلعة إلى بلد آخر ربحت في
العشرة درهما واحدا في كل عشرة لوجدته يركب الصعب والذلول لاجل هذا الربح فكيف بهذا الربح العظيم في صلاة الجماعة العشرة بمائتين وسبعين والواحدة بسبع وعشرين اجر عظيم يفوته الإنسان على نفسه مع قدرته عليه ومع انه سوف يحتاج إلى هذا الأجر في يوم ليس عنده درهم ولا دينار ولا ينفعه أهل ولا قريب لا ينفعه إلا عمله الصالح فالعاقل فضلا عن المؤمن يفضل الربح على الخسران فكيف إذا كان الربح كثيرا من فوائد الجماعة أنها سبب للألفة والحبة فإنك إذا رأيت الرجل يشهد الجماعة تشاهده في المسجد أحببته والفته وعرفت انك وهو على سفينة واحدة ومن الفوائد أنها تعلم الجاهل كم من إنسان لم يدر كيفية الصلاة لكن لما كان يحافظ على الجماعة مع المسلمين عرف كيف يصلي ولهذا لو سألت الصبي كيف تصلي ما عرف لكن تجده مع الجماعة يصلي وإذا صلى وحده يصلي كما يصلي مع الجماعة ففيها فائدة التعليم ومن الفوائد إظهار شعائر الإسلام والصلاة من اعظم الشعائر ولو صلى الناس في بيوتهم ما تبين أن هذه البلاد بلاد إسلام وذلك أنهم لو صلوا في بيوتهم لم يحتاجوا إلى بناء المساجد فتبقى البلاد بلا مساجد وبلا شعيرة تظهر ولا يفرق بينها وبين بلاد الكفر والعياذ بالله ولها فوائد عظيمة قد لا يكون الوقت متسع لبسطها لكن الخلاصة انه يجب على الإنسان أن يصلي مع الجماعة في المساجد فإن لم يفعل فهو أثم إلا بعذر والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة(3/213)
401- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْتَطَبَ, ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا, ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ اَلنَّاسَ, ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى رِجَالٍ لَا يَشْهَدُونَ اَلصَّلَاةَ, فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ اَلْعِشَاءَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????) .
402- وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " أَثْقَلُ اَلصَّلَاةِ عَلَى اَلْمُنَافِقِينَ: صَلَاةُ اَلْعِشَاءِ, وَصَلَاةُ اَلْفَجْرِ, وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
403- وَعَنْهُ قَالَ: " أَتَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى اَلْمَسْجِدِ, فَرَخَّصَ لَهُ, فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ, فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ?" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَجِبْ" " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
404- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَنْ سَمِعَ اَلنِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ, وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ, وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ, لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ وَقْفَه ُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/214)
سبق الكلام على بيان حكم صلاة الجماعة وان الصحيح أنها واجبة وأنها لابد أن تكون في المسجد ولا يجوز للإنسان أن يتخلف ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر والمنافقون قوم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وأول ما ظهر النفاق في هذه الأمة بعد غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة لانهم لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - انتصر على قريش لحقهم الذعر والرعب وخافوا من المسلمين فجعلوا يقولون إذا لقوا الذين أمنوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون فظهر النفاق بعد غزوة بدر فصاروا يظهرون للمسلمين انهم مسلمين وإذا رجعوا إلى الكفار اليهود أو غيرهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون فكانوا يتسترون يذكرون الله لكن لا يذكرون اله إلا قليلا يأتون إلى الصلاة لكن لا يأتون إليها إلا رياءً وسمعة يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا يأتون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون له نشهد إنك لرسول الله ولكن الله كذبهم فقال والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ولما كانوا لا يأتون إلا رياءً وسمعة صاروا يستثقلون الصلوات لانهم لا يأتونها عن رغبة والعياذ بالله بل عن خوف من الناس ومراءاة لهم وإذا كانوا إنما يأتون من اجل مراءاة الناس ثقلت عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر لانه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -ليس هناك أنوار مضيئة تجعلهم يشاهدون حتى يراءوا في صلاتهم وأيضا صلاة العشاء تأتى في ابتداء النوم
?
?
?
الشريط الثالث عشر
بسم الله الرحمن الرحيم(3/215)
سبق الكلام على بيان حكم صلاة الجماعة وان الصحيح أنها واجبة وأنها لابد أن تكون في المسجد ولا يجوز للإنسان أن يتخلف ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر والمنافقون قوم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وأول ما ظهر النفاق في هذه الأمة بعد غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة لانهم لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - انتصر على قريش لحقهم الذعر والرعب وخافوا من المسلمين فجعلوا يقولون إذا لقوا الذين أمنوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون فظهر النفاق بعد غزوة بدر فصاروا يظهرون للمسلمين انهم مسلمين وإذا رجعوا إلى الكفار اليهود أو غيرهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون فكانوا يتسترون يذكرون الله لكن لا يذكرون اله إلا قليلا يأتون إلى الصلاة لكن لا يأتون إليها إلا رياءً وسمعة يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا يأتون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقولون له نشهد إنك لرسول الله ولكن الله كذبهم فقال والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ولما كانوا لا يأتون إلا رياءً وسمعة صاروا يستثقلون الصلوات لانهم لا يأتونها عن رغبة والعياذ بالله بل عن خوف من الناس ومراءاة لهم وإذا كانوا إنما يأتون من اجل مراءاة الناس ثقلت عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر لانه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -ليس هناك أنوار مضيئة تجعلهم يشاهدون حتى يراءوا في صلاتهم وأيضا صلاة العشاء تأتى في ابتداء النوم وصلاة الفجر في انتهاء النوم فهم يفضلون الراحة على الصلاة ولذلك صارت اثقل الصلوات عليهم صلاة العشاء وصلاة الفجر أولا لانهم لا يشاهدون في هذا إن وجدوا أو فقدوا والثاني انهما تأتيان في وقت النوم فلوجود الداعي وعدم الدافع صارت ثقيلة عليهم وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا لا ليخبر أن الصلوات(3/216)
ثقيلة على المنافقين ولكن من أل أن يحث الأمة الإتيان إلى الصلوات وحضور المساجد وان تكون الصلوات عليهم خفيفة فينبغي أن يكون قلب الإنسان معلقا بها كلما فرغ منها اشتاق إليها حتى يكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله وإذا دخل فيها فلتكن قرة عينه حتى يكون كرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي قال حبب إلى من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة فالمؤمن هذه حاله مع الصلاة هي قرة عينه وانس نفسه يرتاح لها قلبه معلق بها دائما أسال الله أن يجعلني وإياكم منهم لكن المنافقين والعياذ بالله يتأخرون وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ولا يشهدونها إلا رياءً وسمعة نسأل الله العافية والسلامة فأنت إذا وجدت من نفسك أن الصلاة ثقيلة عليك فاتهمها بالنفاق انك شاركت المنافقين في ثقل الصلاة عليهم وإذا رأيتك مرتاح إليها تحبها وتألفها وتستأنس بها فتفاءل خيرا واحسن الظن بالله عز وجل فإن هذه علامة الإيمان قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو يعملون ما فيهما لاتوهما ولو حبوا يعني لو يعملون ما فيهما من الأجر والثواب وما في التهاون فيهما من العقاب لو يعلمون ذلك لاتوهما ولو حبوا يعني على الركب يعني حتى لو كانوا لا يستطيعون المشي لأتوا إليهما وقد سبق في الحديث الذي قبله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقسم بأنه لو يجد أحدهم عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء يعني لو يجد عرموش من اللحم أو مرماتين حسنتين وهما ما بين أظلاف الشاة أو ما بين أضلاعها يعني شيء زهيد من اللحم لأتى إلى الصلاة ولكن حرموا الأجر والثواب والخير لان إيمانهم إما مفقود بالكلية كالمنافقين أو ضعيف والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رجمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة(3/217)
403- وَعَنْهُ أي أبي هريرة قَالَ: " أَتَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ! لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى اَلْمَسْجِدِ, فَرَخَّصَ لَهُ, فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ, فَقَالَ: "هَلْ تَسْمَعُ اَلنِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ?" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَجِبْ" " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
404- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " مَنْ سَمِعَ اَلنِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ " رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ, وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ, وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ, لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ وَقْفَه ُ (?????) .
405- وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ اَلْأَسْوَدِ - رضي الله عنه - " أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ اَلصُّبْحِ, فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا هُوَ بِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا, فَدَعَا بِهِمَا, فَجِيءَ بِهِمَا تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا, فَقَالَ لَهُمَا: "مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا?" قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا. قَالَ: "فَلَا
تَفْعَلَا, إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمْ, ثُمَّ أَدْرَكْتُمْ اَلْإِمَامَ وَلَمْ يُصَلِّ, فَصَلِّيَا مَعَهُ, فَإِنَّهَا لَكُمْ نَافِلَةٌ" " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاللَّفْظُ لَهُ, وَالثَّلَاثَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّان َ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/218)
هذه الأحاديث ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في باب صلاة الجماعة وكلها تدل على وجوب صلاة الجماعة في المسجد فمنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا أعمى لا يبصر أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في ترك الصلاة فقال إنه رجل أعمى وليس له قائد يقوده إلى المسجد فرخص له النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما ولى دعاه وقال هل تسمع النداء قال نعم قال : فاجب فدل ذلك على أن صلاة الجماعة في المسجد لا تسقط حتى عن الأعمى بل يجب عليه أن يدبر من يقوده إلى المسجد حتى يحضر إلى المسجد هذا إذا كان يسمع النداء أما إذا كان بعيد ا بحيث لا يسمع النداء فإن الصلاة لا يجب عليه في المسجد وله أن يصلي في بيته لكن المراد بسماع ذلك إذا كان هناك صوت عادي بدون مكبر صوت وأما مع مكبر الصوت فمعلوم أن مكبر الصوت ينقل الصوت إلى مكان بعيد لكن يقال قدر لو كان المؤذن يؤذن بصوته الخاص وليس هناك عمائر طويلة تحجب الصوت ن كنت تسمعه على هذا التقدير وجب عليك أن تحضر إلى المسجد وإلا فلا ومن المعلوم انه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم تكن البيوت رفيعة تحجب الصوت وليس هناك مكبرات صوت تبعد الصوت فيقدر انه لو كان المؤذن يؤذن بالصوت المعتاد وليس هناك عمائر طويلة تحجب الصوت فإن كان يسمعه وجب عليه الحضور ومن لا فلا لكن مع ذلك الأفضل أن يحضر إذا سقط عنه الوجوب بقيت السنية فالأفضل أن يحضر لانه تكتب خطاه إلى المسجد ويشارك المسلمين في مسجدهم ويحصل له بذلك فضل الجماعة افضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة(3/219)
كذلك أيضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له وبهذا الحديث استدل شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى على أن صلاة الجماعة في المسجد شرط لصحة الصلاة وان من أمكنه أن يحضر إلى المسجد ولم يفعل فصلاته باطلة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا صلاة له إلا من عذر إذا كان معذورا كالمريض ومن يمرض المريض ومن يخاف على تلف ماله أو يخاف على أولاده في البيت فليس عندهم من يؤنسهم أو ما أشبه ذلك فهذا معذور أما بلا عذر فإن الجماعة لا تسقط عنه يجب أن يحضر إلى المسجد إذا سمع النداء .(3/220)
أما حديث يزيد بن الأسود فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ذات يوم صلاة الصبح وذلك في منى فرأى رجلين لم يصليا فدعا بهما أمر بإحضارهما فاحضرا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ترعد فرائصهما خوفا ومهابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أعطى المهابة فقال ما منعكما أن تصليا معنا قالا يا رسول الله صلينا في رحالنا يعني أدوا الصلاة صلوا في رحالهما أما لانهما لا يعلمان بوجوب صلاة الجماعة وأما انهما ظنا أن الناس قد صلوا وأما لعذر من الأعذار المهم انهما صليا في مكانهما فقال لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام لم يصل فصليا معه فإنها لكما نافلة ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها هيبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن له مهابة عظيمة في القلوب مع حسن خلقه وحسن معاملته للناس وبشاشته - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك له هيبة عظيمة ومنها الإنكار على من جلس في المسجد والناس يصلون حتى وإن كان قد صلى ينكر عليه لان هذا شذوذ عن جماعة المسلين ومنها أن من صلى في مسجد ثم أتى إلى مسجد آخر ووجدهم يصلون فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة الثانية نافلة والأولى فريضة ومنها أن الإنسان إذا أتى إلى المسجد ووجد الناس يصلون صلى معهم ولو في وقت النهي لان هذه القصة كانت بعد صلاة الفجر فإذا خلت المسجد ووجدت الناس يصلون فصل معهم ولو كنت قد صليت ولو كان ذلك بعد العصر أو بعد الفجر فإذا كان قد حضر إلى المسجد ليصلي على جنازة في صلاة العصر وقد صلى في مسجده فإنه يدخل معهم ويصلي معهم ومنها أن جميع ذوات الأسباب من النوافل تجوز في وقت النهي قياسا على جواز النافلة في إعادة الصلاة لان العلة واحدة ومنها أن هؤلاء الذين دخلوا في الصلاة مع الإمام إذا صلوا معه ركعتين وسلموا معه فلا حرج لكن الأفضل أن يقضوا ما فاتهم لكن إذا سلموا مع الإمام وقد صلوا ركعتين فلا باس لأنها نافلة والنافلة يجوز(3/221)
الاقتصار فيها على ركعتين لا سيما إذا كانوا حضروا من اجل الجنازة ويخشون إن أتموا الصلاة فاتتهم صلاة الجنازة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه وسلم نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
406- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّمَا جُعِلَ اَلْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ, فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا, وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ, وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا, وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ, وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ, فَقُولُوا: اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ, وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا, وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ, وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا, وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَهَذَا لَفْظُه ُ (?????) .
وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْن ِ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/222)
ساق المؤلف الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل الإمام ليؤتم به جعل يعني شرع يعني أن الله تعالى شرع الإمامة من اجل أن يأتم الناس بإمامهم حتى لا يخالفوه والجعل هنا جعلا شرعيا وهو أحد القسمين والقسم الثاني الجعل الكوني مثل قوله تعالى وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا أي صيرناه وهذا جعل قدري كوني أما إنما جعل الإمام ليؤتم به فهو جعل شرعي ومثله الجعل الشرعي قوله تعالى ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام يعني ما جعلها شرعا أما قدرا فقد جعلها فهي موجودة في الجاهلية البحيرة والوصيلة والحام كلها موجود فهي مجعلوة قدرا لكنها غير مجعولة شرعا وقوله الإمام يعني أمام الصلاة ليؤتم به ليقتدى به فإذا كبر فكبروا يعني تكبيرة الإحرام ولا تكبروا حتى يكبر يعني حتى يتم التكبير فمن كبر تكبيرة الإحرام مع الإمام أعاد الصلاة ومن كبر قبله أعاد الصلاة ومن كبر قبل أن يتم أعاد الصلاة ومن كبر بعد أن يتم فصلاته صحيحة فهذه أربع حالات إن كبر قبله إن كبر قبله أو معه أعاد الصلاة أو كبر معه فصلاته صحيحة منعقدة فلا يكبر قبل أن يكبر الإمام تكبيرة الإحرام وإذا كبر فلا يتأخر ولهذا قال إذا مكبر فكبروا فورا لا تتأخروا بعض الناس يتأخر أما يتسوف واما يعبث وإما يجلس ينتظر الركوع حتى إذا قام فدخل الصلاة كل هذا خلاف ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر فلا تتأخر حتى لو أخرجت المسواك من جيبك فدعه وأدرك تكبيرة الإحرام انك لو تأخرت قليلا فاتتك تكبيرة الإحرام وخسرت وإدراك تكبيرة الإحرام أهم من التسوك لان إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام مشروع في داخل الصلاة والتسوك مشروع للصلاة خارج الصلاة وما كان داخلها فهو أولى بالمراعاة وإذا ركع فاركعوا فمن ركع قبله فصلاته باطلة ومن ركع معه ففي صلاته نظر ومن ركع بعده فورا فهذا أتم(3/223)
الحالات ومن تأخر فإنه لا يحل له ذلك بعض الناس يتأخر يكون باقي عليه أية من السورة التي يقرأها يقول كملها وأتابع غلط من حين أن يكبر فكبر ولو كان باقي عليك سنة واحدة من السورة فلا تتأخر من حين أن يكبر للركوع ويصل إليه كبر واركع أل قراءة الفاتحة فإنه يوجد بعض الأئمة يسرع ولا يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة فيكملها ولو ركع الإمام ثم إن كان هذا دأب الإمام أي انه يسرع ولا يتمكن الناس من قراءة الفاتحة فالواجب أن ينصح فإن اهتدى وصار يتأخر ويمكن الناس من قراءة الفاتحة فهو أمامه وإلا وجب عزله لانه لا يصلي لنفسه حتى يركع إذا خلص الفاتحة بل يصلي لنفسه ولغيره فيقال له تأن في الصلاة حتى يدركها الناس فإن اهتدى فهذا المطلوب وأدى الأمانة وإن لم يهتد وصار يسرع ولا يتمكن الناس من قراءة الفاتحة وجب عزله وأنت أيضا إذا عرفت أن هذا من شأنه وطبعه فلك أن تنفرد تترك متابعته لان الطمأنينة في الصلاة واجبة وقراءة الفاتحة واجبة وكونك لا تدرك ذلك مع الإمام اتركه كمل وحدك بطمأنينة ثم صل الصلاة الأخرى في مسجد آخر ودع الصلاة معه وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولا اللهم ربنا ولك الحمد لم يقل قولا سمع الله لمن حمده مع انه قال إذا كبر فكبروا لكن إذا قال سمع الله لمن حمده لا تقل سمع الله لمن حمده إن قلت ذلك فقد عصيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن قل اللهم ربنا ولك والحمد أو ربنا ولك الحمد أو اللهم ربنا ولك الحمد كلها جائزة فإذا قال سمع الله لمن حمده فإياك أن تقول سمع الله لمن حمده لان معلم الأمة ومرشد الأمة وامام الأمة وسيد الأمة محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إذا قال سمع الله لمن حمده فقولا ربنا ولك الحمد هل يمكن أن يكتم الخير عن أمته هل يمكن أن يعلمها ما لم يكن في دينها وشرعها أبدا لا يمكن إذا قال سمع الله لمن حمده فقولا ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا أيضا السجود لا تسجد ولا(3/224)
تحني ظهرك حتى يقع الإمام ساجدا فلا تسجد معه ولا قبله ولا تتأخر عنه اسجد إذا سجد من حين أن يسجد فإن كان الإمام ينقطع صوته بالتكبير قبل أن يصل إلى الأرض فهل المعتبر صوته أو الوصول إلى الأرض ؟ المعتبر وصوله إلى الأرض قال البراء بن عازب رضي الله عنه كان النبي- صلى الله عليه وسلم - إذا قال سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدا ثم نقع سجودا بعده فإن كنت تعرف أن الإمام إذا قال الله اكبر للسجود انقطع صوته قبل أن يصل إلى الأرض فلا تتحرك حتى يصل إلى الأرض ثم وإذا قلت بأنه وصل إلى الأرض قبل أن ينقطع صوته بالتكبير فاسجد لان العبرة بالسجود بالفعل نعم لو كنت بعيدا ولا تدري عن الإمام فاعتبر الصوت أما لو كنت تدري عن الإمام فاعتبر السجود قال أهل العلم والمأموم مع أمامه له أربع حالات مسابقة وموافقة ومتابعه ومخالفة أربع حالات ثلاث منها غير مشروعة وواحدة مشروعة مسابقة حرام موافقة حرام تخلف حرام أو على الأقل مكروه متابعه هي المشروعة فلنضرب لهذا أمثلة كبر قبل أن يكبر الإمام هذه مسابقة تبطل صلاته كبر مع الإمام موافقة أيضا هذا خلاف ما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - كبر بعد الإمام بفترة هذا تخلف غير مشروع أيضا كبر بعد الإمام مباشرة هذه متابعة وهذه هي الحالة المشروع متابعة الإمام وفي هذا الحديث دليل على المأموم مأمور بمتابعة الإمام في افعلا الصلاة أما الأقوال فلا ولهذا لك أن تسبق الإمام في قراءة الفاتحة في الصلاة السرية مثلا لو كنت تعرف أن الإمام يتأنى في قراءته وأنت تسرع وأكملت الفاتحة قبله في الصلاة السرية كالظهر مثلا فلا باس المتابعة في الأفعال وكذلك أيضا لو اختلفت النية مثل أن يكون الإمام يصلي الظهر وأنت تصلي العصر أو هو يصلي العصر وأنت تصلي الظهر فهذا أيضا لا باس به انك ما خالفت الإمام ولو كان يصلي المغرب وأنت تصلي العشاء فلا باس فإذا سلم من(3/225)
المغرب وقد بقيت عليك ركعة فقم وائت بها وإذا كان يصلي العشاء وأنت تصلي المغرب فهنا قد يشكل على الإنسان إذا كان يصلي العشاء وأنت تصلي المغرب لا باس ادخل معه وهذه يقع كثيرا مثل أن تكون مثلا أتيت وأنت جامع بين المغرب والعشاء وتأتى إلى البلد وتجد الناس يصلون صلاة العشاء وأنت مل تصل صلاة المغرب ماذا تفعل ادخل مع الإمام ثم إن أدركته في أول ركعة وقام هو إلى الرابعة فلا تتبعه انك لو تبعته صليت المغرب أربعا وهذا لا يجوز اجلس واقرأ التحيات وسلم ثم ادخل مع الإمام فيما بقي من الصلاة ولا باس عليك قد يقول قائل ليش يسلم قبل الإمام نقول الحاجة كما لو أن الإنسان مثلا في أثناء الصلاة أحس ببول أو غائط أو ريح أتعبته فله أن ينفرد ويكمل صلاته ويروح لانه معذور هذا أيضا معذور شرعا لا يمكن أن يصلي أربعا فله أن ينفرد ويقرأ التشهد ويدخل مع الإمام فيما بقي من الصلاة وإذا دخل معه في الركعة الثانية يسلم معه لانه ذلك يكون قد صلى ثلاث ركعات فيسلم مع الإمام فإذا قال قائل كيف يصح هذا لانه إذا أدركه في الثانية سوف يتشهد في الأولى وسوف يترك التشهد في الثانية نقول هذا لا يضر كما لو أن الإنسان أدرك الظهر مع الجماعة في الركعة الثانية ماذا يكون ؟ سيتشهد في الأولى وسيترك التشهد في الثانية متابعة للإمام المسالة ما فيها إشكال طيب لو الإنسان أتى إلى الإمام وهو يصلي التراويح في رمضان وهو لم يصل العشاء هل يدخل مع الإمام ؟ نعم يدخل ولو كان الإمام يصلي التراويح وهو يصلي الفريضة ما فيه مانع اختلاف النية لا يضر والدليل على هذا أن معاذ بن جيل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم العشاء إماما فهي له نافلة ولهم فريضة فلا باس بهذا في صلاة التراويح إذا صليت وسلم إذا كنت مقيما فاكمل أربعا وإن كنت مسافرا فاكمل ركعتين يعني لو دخلت معه في الركعة الأولى وأنت مسافر فسلم معه وإن(3/226)
كنت مقيما وصليت معه الأولى فإذا سلم فأت بركعتين لو قال إذا سلم وقام يصلي الركعتين الأخريين في التراويح هل ادخل معه ثانية لأكمل صلاة العشاء جماعة نقول لا تدخل انك أدركت فضيلة الجماعة حين دكت ركعتين أولا وكونك تدخل وأنت سابقه في الصلاة فيها نظر فلا تدخل معه والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
406- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّمَا جُعِلَ اَلْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ, فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا, وَلَا تُكَبِّرُوا حَتَّى يُكَبِّرَ, وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا, وَلَا تَرْكَعُوا حَتَّى يَرْكَعَ, وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اَللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ, فَقُولُوا: اَللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ اَلْحَمْدُ, وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا, وَلَا تَسْجُدُوا حَتَّى يَسْجُدَ, وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا, وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَهَذَا لَفْظُه ُ (?????) .
وَأَصْلُهُ فِي اَلصَّحِيحَيْن ِ (?????) .
407- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا. فَقَالَ: "تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي, وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ" " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([348]) .
408- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " اِحْتَجَرَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُجْرَةً بِخَصَفَةٍ, فَصَلَّى فِيهَا, فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ, وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ... " اَلْحَدِيثَ, وَفِيهِ: " أَفْضَلُ صَلَاةِ اَلْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا اَلْمَكْتُوبَةَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ([349]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/227)
سبق الكلام على حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما جعل الإمام ليؤتم به وذكرنا أن المأموم بالنسبة للإمام له أربع حالات مسابقة وموافقة ومتابعة وتخلف وان ثلاث حالات منها منهي عنها وواحدة هي المشروعة وهي المتابعة أن الإنسان لا يتقدم على أمامه ولا يوافقه ولا يتخلف عنه بل ينتقل إلى الركن الذي انتقل إليه الإمام بمجرد أن ينتقل إليه الإمام قال في الحديث وإذا صلى قائما فصلوا قياما يعني إذا صلى الإمام قائما فإنه يجب أن تتابعوه وتصلوا قياما ويستثنى من ذلك العاجز عن القيام فإن لا يلزمه أن يقوم إذا صلى خلف أمام صلي قائما لانه معذور ولا يقال مثلا لماذا لا نقول له لا تصل ما دمت لا يمكنك متابعة الإمام في القيام فلا تصل مع الجماعة بل نقول صل مع الجماعة واتق الله ما استطعت وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا يعني لو أمامنا لا يستطيع القيام وصلي قاعدا فإننا نصلي قعودا ول كنا قادرين على القيام كل ذلك من اجل متابعة الإمام واشترط بعض العلماء رحمهم اله انه لابد أن يكون الإمام الذي صلي قاعدا أمام الحي يعني الإمام الراتب للمسجد ولابد أن يرجى زوال علته ولكن هذا خلاف اهر الحديث بل ظاهر الحديث بأنه لو صلي بنا الإمام قاعدا ولو كان أول مرة يصلي فإننا نصلي قعودا وبانه لا فرق بان يكون مرجوا زوال العلة أو غير مرجو زوالها ولا شك أن الأخذ بظاهر الحديث أولى لان كل من ادخل قيدا على ما أطلقه الله ورسوله فإننا نقول له أين الدليل على هذا القيد النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يستثن شيئا قال إذا صلى قاعدا فصلوا قعودا وقد زعم بعض أهل العلم أن هذا الحديث منسوخ وانه إذا صلى الإمام قاعدا فصل قاعدا واحتجوا فيما ذهبوا إليه بان النبي في مرض موته خرج إلى أصحابه وقد صلى بهم أبو بكر فجلس إلى يسار أبي بكر وصلى بهم - صلى الله عليه وسلم - قاعدا وهم بقوا قياما وهذا متأخر في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -(3/228)
قالوا وهذا دليل على النسخ ولكن هذا قول مردود لان شرط النسخ العلم بتأخر الناسخ والثاني عدم إمكان الجمع بين ما ادعي بأنه منسوخ وما ادعي بأنه ناسخ فإن أمكن الجمع فلا نسخ وهن قد أمكن الجمع والجمع ما أشار إليه الإمام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى حيث قال إن قصة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم قاعدا هو أن أبا بكر بدأ بهم الصلاة قائما فلزمهم القيام لانهم ابتدءوا الصلاة قياما وبناء على هذا لو أن الإمام صلى بهم قائما أولا ثم أصابته علة فجلس فإنهم يتمون صلاتهم قياما لان الجز عن القيام طرأ على الإمام لم يبتد بهم الصلاة قاعدا ومن المعلوم المتفق عليه بين العلماء انه إذا أمكن الجمع فإنه لا نسخ والجمع هنا ممكن وفي حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على متابعة الإمام دليل على أن المأموم ممن يرى الجلية في الركعة الأولى والثالثة التي تسمى جلية الاستراحة والإمام لا يراها أن المأموم لا يجلس لانه إذا جلس تخلف عن الإمام فلم يقم حين قام الإمام ومخالفة الإمام ليست بالأمر الهين لكن بعض الناس عن اجتهاد وحب لاتباع السنة فيما يرى انه سنة تجدهم يصلون خلف الإمام الذي لا يجلس جلسة الاستراحة ويجلسون وهذا خطا منهم بل نقول ائتموا بإمامكم ما دام الإمام لو صلى قاعدا وانتم قادرون على القيام تصلون قعودا فكيف لا تتبعون في هذا كما أن العكس بالعكس لو كان الإمام يرى الجلوس والمأموم لا يرى الجلوس فإننا لا نقول له لا تجلس بل نقول اجلس مع الإمام وان كنت لا ترى أن الجلوس سنة قد يقول لا اجلس بل أطيل السجود حتى إذا ظننت انه قد قام قمت نقول هذا غلط هذا ليس بصحيح انك تتخلف عن متابعة الإمام فالتخلف عن متابعة الإمام سواء كان في الجلوس بعد قيام الإمام يعني إذا لم يكن يرى الجلسة أو كان بالقيام إذا كان الإمام يرى الجلسة نقول اتبع أمامك أن جلس هذه الجلسة اجلس وإن لم يجلس فلا تجلس هذا إن كنت تريد اتباع السنة والله الموفق(3/229)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وصحبه وسلم نقل الحافظ رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
407- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا. فَقَالَ: "تَقَدَّمُوا فَائْتَمُّوا بِي, وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ" " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([350]) .
408- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " اِحْتَجَرَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حُجْرَةً بِخَصَفَةٍ, فَصَلَّى فِيهَا, فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ, وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ... " اَلْحَدِيثَ, وَفِيهِ: " أَفْضَلُ صَلَاةِ اَلْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا اَلْمَكْتُوبَةَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ([351]) .
409- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: " صَلَّى مُعَاذٌ بِأَصْحَابِهِ اَلْعِشَاءَ, فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ يَا مُعَاذُ فَتَّانًا? إِذَا أَمَمْتَ اَلنَّاسَ فَاقْرَأْ: بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا, وَ: سَبِّحْ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى, وَ: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ, وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى". " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/230)
هذه الأحاديث فيما يتعلق بصلاة الجماعة منها حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ حجرة في المسجد يصلي فيها صلاة الليل فاحتجرها ثم علم به بعض أصحابه فجاءوا يصلون معه فصلى بهم - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث استدل به بعض العلماء على أن يجوز للإنسان أن يأتم بإنسان لم ينو أن يكون إماما له لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم بهم فقد صلوا خلفه وهو لا يعلم بهم والى هذا ذهب بعض أهل العلم وقال لو كان رجل يصلي وحده ثم جاء قوم فصلوا ورائه وهو لا يشعر بهم وتابعوه فإن الجماعة تصح وذهب بض العلماء إلى أن هذا لا يصح قالوا لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إنما الأعمال بالنيات وهذا الإمام لم ينو فلا يصح أن يكون إماما بدون نية لكن الذي يظهر أن هذا لا باس به وان الإنسان إذا صلى وحده ودخل معه أحد فإنه يصح أن يكون إماما به سواء نوى أو لم ينو لانهم جعلوه إماما وكون الإنسان يدخل وحده الصلاة ثم يأتيه قوم فيصلي بهم ثبت هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث ابن عباس رضي الله عنهما حين بات عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل وصف وحده ثم قام ابن عباس رضي الله عنهما وتوضأ ودخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن هذه الصورة علم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ونوى أن يكون إماما له ولهذا لما وقف ابن عباس عن يساره أداره النبي - صلى الله عليه وسلم -وجعله عن يمينه ثم قال - صلى الله عليه وسلم -افضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة فدل هذا على أن الأفضل أن يصل الإنسان النوافل في بيته ألا المكتوبة وهي الفريضة فلا بد أن يحضر المسجد وأما جميع النوافل كصلاة الليل والوتر والضحي وراتبة الفريضة فالأفضل أن يصليها في بيته قال النبي - صلى الله عليه وسلم -هذا وهو في المدينة ومعلوم أن الصلاة في مسجده- صلى الله عليه وسلم - خير(3/231)
من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام فجعل - صلى الله عليه وسلم - صلاة الإنسان حتى في المدينة صلاة النافلة افضل من أن يصلي في المسجد النبوي خلافا لما يفهمه بعض الناس الذين يريدون أن يكون الأجر والثواب على حسب أهوائهم نقول نذهب نصلي في المسجد النبوي أو في المسجد الحرام ولا نصلي في بيوتنا نريد افضل فيقال لهم أأنتم اعلم أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول صل في بيتك افضل من أن تأتي في المسجد النبوي وافضل من الصلاة في المسجد الحرام إلا المكتوبة فلابد أن تكون في المسجد أما النافلة فصلاتها في البيت افضل . أما الحديث الآخر فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرا فقال تقدموا فأتموا بي وليأتم بكم من بعدي وهذا يفعله بعض الناس اليوم وقبل اليوم تجد من يأتي مبكرا في الصف الأول مكان لكن يصف في الثاني ويجد في الثاني مكان ويصف في الثالث ويتأخر وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله والعياذ بالله لان هذا يدل على الكسل فتجده يصف في الصف الثاني والأول ما تم أليس هذا يدل على الكسل لو كنا نريد أن نشاهد محفلا من المحافل لكان الواحد منا يحب أن يكون في الصف الأول لئلا يخفى عليه شيء من المحفل والصفوف في الصلاة تجد بعض الناس لا يبالي تجد الصف الأول نصفه ما فيه أحد ويقوم يصلي في الثاني حتى يأتي الإمام ثم إن بعض الأئمة هداهم الله لا يهتم بهذا يعني لا يهمه أن تكون الصفوف تامة أو لا تجد أقصى ما عنده أن يلتف يمين وشمال يقول سوي واعتدل ولا ينظر في الصف وهذا خطأ وتفريط من الأئمة الذي ينبغي لهم أن يفعلوا كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالتسوية واتمام الأول فالأول وقد كان الرسول هو بنفسه - صلى الله عليه وسلم - يمشي على الصف يمسح الصدور والمناكب ويقول استووا فالذي ينبغي للإنسان إذا دخل المسجد ا يختار المكان(3/232)
الأول فالأول الصف الأول فإن وجده تاما صف في الثاني من وراء الإمام أما أن يتأخر فهذا يخشى عليه من الحديث والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد له رب العالمين والصالة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
409- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: " صَلَّى مُعَاذٌ بِأَصْحَابِهِ اَلْعِشَاءَ, فَطَوَّلَ عَلَيْهِمْ, فَقَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ يَا مُعَاذُ فَتَّانًا? إِذَا أَمَمْتَ اَلنَّاسَ فَاقْرَأْ: بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا, وَ: سَبِّحْ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى, وَ: اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ, وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى". " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ . (?????) .
410- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا فِي قِصَّةِ صَلَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ, وَهُوَ مَرِيضٌ - قَالَتْ: " فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ, فَكَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا, يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَيَقْتَدِي اَلنَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/233)
هذه الأحاديث فيما يتعلق بالإمامة ذكر رحمه الله عن جابر رضي الله عنه في قصة معاذ بن جبل وكان معاذ يحرص على أن يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا لشرف الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فإن الظاهر والله اعلم أن الإمام إذا كان اتقى لله واعلم بشريعة الله فإنه أولى أن يصلى خلفه من أمام جاهل ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤم القوم أقرءوهم لكتاب الله سواء فأعلمهم بالسنة وثانيا ليتعلم من صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لان الناس يتعلمون من صلاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إما بالقول وأما بالفعل ولها لما صنع المنبر للرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان في الأول يخطب يوم الجمعة إلى جنب جزع نخلة فصنع له منبر من الخشب فصار يخطب عليه في أول جمعة خطب على المنبر فقد الجزع مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل الجزع يحن مثل ما تحن البعير العشار فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسكته سكت الجزع فسكت فكان يصلي على المنبر يصعد عليه ويكبر وهو على المنبر ويركع وهو على المنبر وينزل ويسجد في الأرض وقال إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعموا صلاتكم وكان إذا وفدت إليه الوفود أمرهم أن يصلوا خلفه حتى يعرفوا كيف يصلي ثك يقول لهم صلوا كما رأيتموني اصلي فالمهم أن معاذ بن جبل يحرص على أن يصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فيصلي خلفه صلاة العشاء ثم يذهب إلى قومه وقومه أهل بساتين وحيطان ينتظرونه لانه أقرأهم رضي الله عنه فيصلي بهم صلاة العشاء في يوم من الأيام افتتح البقرة سورة البقرة وهم قوم يتعبون في النهار يحتاجون إلى النوم فانصرف رجل من القوم وصلى وحده فقال معاذ أنت منافق ليش تخلفت عن الصلاة فذهب الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واخبره فدعا معاذا وقال له يا معاذ فتانا يعني أتريد أن تكون صادا لناس عن دين الله ثم أمره أن يقرأ بالسور المتوسطة اقرأ باسم ربك والشمس وضحاها(3/234)
والليل إذا يغشى ونحوها فدل هذا على انه ينبغي للإنسان إذا أم الناس أن يخفف وان لا يزيد عن المشروع وان تكون قراءته في العشاء ونحوها بأوساط المفصل مثل الليل والشمس وسبح وما أشبهها أما في الفجر فيطول لان النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يطيل القراءة فيها ولهذا سماها الله تعالى قرأنا لأنها تطول فيها القراءة فقال أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر أي صلاة الفجر والمغرب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقصره فانقسمت الصلوات الخمس إلى ثلاثة أقسام قسم تطول فيه القراءة وهو صلاة الفجر وقسم تقصر فيه وهو المغرب وقسم وسط وهو الظهر والعصر والعشاء هكذا جاءت السنة لكن لا باس أن يطيل أحيانا في صلاة المغرب أو أن يقصر في صلاة الفجر لاسيما في السفر وفي هذا الحديث دليل على الإنكار على الإمام إذا خالف السنة بالتطويل والإشفاق على الناس وفيه دليل على انه يجوز للمأموم أن يتخلف عن صلاة الجماعة إذا كان الإمام يطيل الصلاة اكثر من المشروع لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على الرجل وإنما أنكر على معاذ ولهذا قال العلماء يعذر الرج لعن صلاة الجماعة إذا كان الإمام يطيل الصلاة اكثر من المشروع لكن إذا كان حوله مساجد يصلي في المساجد الأخرى ولا يعذر لكن إذا لم يكن في المكان إلا مسجد واحد فيعذر إنما يجب على الإمام أن يتقي الله عز وجل في المأمومين وفي هذا الحديث من الفوائد أيضا أن كل إنسان يفعل ما ينفر الناس عن العبادة فإنه فتان فله نصيب من قوله تعالى في أصحاب الأخدود ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )(3/235)
ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها في قصة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مرض - صلى الله عليه وسلم - لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - وثقل به المرض وصار لا يستطيع أن يصلى بالناس دعا أبا بكر رضي الله عنه وقال لنسائه يدعون أبا بكر فذهبن ودعون عمر لان أبا بكر رجل رقيق كثير البكاء وعمر اشد أقوى ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - رده ووبخهن وقال أنكن صواحبات يوسف يعني أن هذا كيد منكن وأمرهن أن يدعين أبا بكر فجاء أبو بكر فاستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أنت الإمام عني قال العلماء وفي استخلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يكون أما للناس في اعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين دليل على انه هو الخليفة بعده والحمد لله انه صار هو الخليفة بعده بإجماع الصحابة رضي الله عنهم صار أبو بكر يصلي بالناس إماما في يوم من الأيام وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خفة يعني خف عليه المرض فخرج إلى الناس وهم يصلون حتى كادوا يقطعون صلاتهم لما رأوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحا به ثم جلس إلى يسار أبي بكر وكان صوته ضعيفا - صلى الله عليه وسلم - فجعل يكبر وأبو بكر يسمع تكبيره وأبو بكر يكبر للناس فأبو بكر يقتدي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - والناس يقتدون بأبي بكر رضي الله عنه ثم أتموا الصلاة أتموها قياما والرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلي بهم جالسا وقد سبق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا صلى قاعدا فصلوا قعودا وهنا صلوا قياما والرسول - صلى الله عليه وسلم -يصلي قاعدا وقد سبق أن قلنا أن الإمام احمد رحمه الله تعالى يقول الجمع بينهما انه إذا ابتدأ الإمام الصلاة قائما ثم اعتل فجلس فانهم يتمون الصلاة قياما بخلاف ما إذا ابتدأ بهم الصلاة قاعدا فانهم يتمون قعودا . في هذا الحديث فوائد عظيمة منها فضل أبو بكر رضي الله عنه انه الإمام الثاني بعد رسول الله في هذا الأمة وفي هذا(3/236)
دليل على أن الإنسان يجوز أن ينتقل من إمامة إلى ائتمان لان أبا بكر كان أمام ثم صار مأموما وفيه دليل على انه يجوز أن يبتدأ الصلاة بهم أمام ويكمل بهم أمام آخر فينتقل الناس من أمام إلى أمام فالناس انتقلوا من إمامة أبا بكر إلى إمامة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفيه دليل على جواز المرور بين يدي المصلين لان سترة الإمام سترة لمن خلفه والرسول - صلى الله عليه وسلم - مر بين يدي الصف فيما يظهر وفيه دلل على جواز التبليغ وراء الإمام يعني إذا كان صوت الإمام لا يسمع فانه يبلغ معه أحد المأمومين فإذا كان المسجد واسعا وصت الإمام لا يسمع فالسنة أن يقول الإمام لاحد المصلين بلغ عني والعبرة بصلاة الإمام يعني أن المأمومين يتابعون الإمام لا المبلغ فلو ركعوا قبل المبلغ بعد ركوع الإمام فلا باس لان المبلغ مثلهم مأموم لكن إذا لم يكن حاجة للمبلغ فلا حاجة للتبليغ مثل أن يكون السمج ضيقا والناس قليلين لان رفع المأموم صوته غير مشروع ولهذا احب أن أنبهكم على انه نسمع بعض المأمومين يقرأ أو يسبح بصوت مسموع وهذا منهي عنه المأموم ليس له الحق أن يرفع صوته إلا إذا دعت الحاجة للتبليغ وراء الإمام والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في صلاة الجماعة والإمامة
411- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ اَلنَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ, فَإِنَّ فِيهِمْ اَلصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا اَلْحَاجَةِ, فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيُصَلِّ كَيْفَ شَاءَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .(3/237)
412 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ أَبِي: " جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا. قَالَ: "فَإِذَا حَضَرَتْ اَلصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ, وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا", قَالَ: فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي, فَقَدَّمُونِي, وَأَنَا اِبْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيّ ُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/238)
هذان الحديثان فيما يتعلق بالإمامة أولها عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا أم أحدكم الناس فليخفف فإنه وراءه الصغير والكبير وذا الحاجة إذا أم أحدكم الناس أي صار إماما لهم فليخفف يعني لا يطيل بهم والمراد بذلك أن تكون صلاته كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله - صلى الله عليه وسلم - صلوا كما رأيتموني اصلي وإنما أمر بالتخفيف في مقابلة أئمة كانوا يطيلون على الناس منهم معاذ بن جبل رضي الله عنه كما سبق انه أم قومه فابتدأ فيهم القراءة بسورة البقرة فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم -وقال له أتريد أن تكون يا معاذ فتانا ومنها أن رجلا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إني لا تخلف عن صلاة الفجر من اجل فلان مما يطيل بنا فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أم أحدكم الناس فليخفف وأما الذي يصلي كصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا قد خفف ولم يثقل قال انس بن مالك رضي الله عنه ما صليت وراء أمام أخف ولا أتم صلاة من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا حجة للبطالين النقارين الذين يخففون صلاتهم جدا لا حجة لهم في هذا الحديث وهو قوله إذا آم أحدكم الناس فليخفف لان المراد بذلك التخفيف الذي يوافق السنة والدليل على أن هذا المراد قوله صلوا كما رأيتموني اصلي فلا يمكن أن يقول ذلك ثم يأمر الناس أن يخففوا اقل من صلاته هذا لا يمكن لانه تناقض وعلى هذا فيكون المعنى أن لا يطيل إطالة اكثر مما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وعلى هذا ففي صلاة الفجر يطيل القرآن حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يقرأ فيها بألف لام ميم تنزيل السجدة في يوم الجمعة في الركعة الأولى وفي الثانية هل أتى على الإنسان حين من الدهر وكذلك الخلفاء الراشدون ربما يقرؤون بسورة النحل وما أشبهها وكذلك في يوم الجمعة يقرأ بالجمعة والمنافقين أو سبح والغاشية .(3/239)
وأما حديث عمرو بن سلمة رضي الله عنه فقد قال فيما يحكي عن ابيه انه جاء وافدا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعا إلى قومه من عند الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال جئتكم من عند الرسول حقا قال ذلك رضي الله عنه لما رأى من صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - الدالة على صدقه وانه رسول الله حقا فقال إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا إذا حضرت الصلاة يعني دخل وقتها وحان فعلها فليؤذن لكم أحدكم واللام هذه للوجوب وفي قوله أحدكم دليل على أن الأذان فرض كفاية ليس فرضا على كل أحد وفيه دليل على أن متابعة المؤذن غير واجبة لانه لم يقل وليتابعه أحدكم مع انه كان في مقام التعليم فإجابة المؤذن سنة وليست واجبة وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعتم المؤذن فقولا مثلما يقول فالأمر هنا للندب وليس للوجوب قال عمرو رضي الله عنه فنظروا في القوم فوجدوني اكثر القوم قرأنا مع انه صغير له ست أو سبع سنوات لكنه كان ذكيا رضي الله عنه وكان يتلقف الركبان الذين يأتون من المدينة فيتعلم منهم القراءة فكان اقرأ قومه فقدموه يصلي بهم فكان يصلي بهم وكان عليه إزار قصير إذا سجد ارتفع حتى بدا طرف فخذه فخرجت امرأة من القوم فقالت غطوا عنا إست قارئكم أسته يعني الدبر فالإست هي الدبر وليست فرج المرأة كما هو معروف عند الناس يقول فاشتروا لي ثوبا جديدا فما فرحت بعد الإسلام مثل فرحي بهذا الثوب رضي الله عنه فدل هذا الحديث على أن الذي يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله تعالى يعني أكثرهم حفظا وأجودهم قراءة ودل أيضا على أن إمامة الصبي في الفريضة جائزة لان هذا له ست أو سبع سنين وأما من قال من العلماء رحمهم الله تعالى إن الصبي لا يكون إماما في الفريضة ولا مصافا في الفريضة فإنه قول ضعيف والصواب أن الصبي والصواب أن الصبي يصح أن يكون إماما للبالغين وان يصف مع البالغ في الصف وحده لان كل هذا مما جاءت به السنة عن النبي(3/240)
- صلى الله عليه وسلم - وفي هذا الحديث دليل على فضيلة القرآن وأن حامله هو إمام الناس ولكن لابد أن يكون عارفا لمعنى القرآن عاملا به لان الصحابة الذين كانوا يقرؤون القرآن لا يقرءون عشر آيات لا يتجاوزونها حتى يتعلموا ما فيها من العلم ويعملوا بها فتعلموا رضي الله عنهم القرآن والعلم والعمل جميعا وأما رج لقارئ لكنه غير عامل بالقرآن مثل أن يكون يضيع الصلاة ويتهاون بها أو لا يزكي عاقا لوالديه أو مسبلا لثوبه أو حالقا للحيته فهذا لا يقم للإمامة لكن إذا كان مستقيما في ظاهره وباطنة على الله عز وجل فإنه يقدم الأقرأ هذا ما لم يكن للمسجد أمام راتب فإن كان له أمام راتب فهو إمامهم ولو كان اقل منهم قراءة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه وأمام المسجد سلطان في مسجده والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
413- وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " يَؤُمُّ اَلْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اَللَّهِ, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلسُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً, فَإِنْ كَانُوا فِي اَلْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا -وَفِي رِوَايَةٍ: سِنًّا- وَلَا يَؤُمَّنَّ اَلرَّجُلُ اَلرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ, وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ". " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/241)
قال رحمه الله تعالى فيما نقله في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجماعة والإمامة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يؤم القوم أقرءوهم لكتاب الله يؤم بمعنى يكون إماما وهذا خبر بمعنى الأمر يعني ليؤم القوم كما سبق في حديث عمرو بن سلمة قال ليؤمكم أكثركم قرآنا قال يؤم القوم أقرءوهم لكتاب الله تعالى يعني إذا اجتمع جماعة وأرادوا أن يصلوا جماعة فإنهم يقدمون أقرأهم لكتاب الله تعالى يعني أحسنهم قراءة في إجادة القراءة وأكثرهم حفظا وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا كان أكثرهم قرآنا فإنه أفقههم وأعلمهم لانهم لا يتجاوزن عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل فإن كانوا في القراءة سواء ومراده - صلى الله عليه وسلم - سواء يعني متساويين ولا يضر الاختلاف اليسير لان هذا لابد منه فأعلمهم بالسنة أي بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد أعلمهم بالسنة التي تتعلق بالصلاة فلو فرضنا أن رجلا عنده علم بالسنة بالزكاة والصيام والحج والبيوع والفرائض والقضاء لكنه لا يفقه من السنة شيء فيما يتعلق بالصلاة فإنه يقدم أعلمهم بالسنة في الصلاة لأنها هي العمل الذي يشترك فيه هؤلاء الجماعة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة وهذا فيمن كان في مكان فيه مهاجرون مثل المدينة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن فيها قوما ساكنين وفيها مهاجرين أما إذا كانت البلد بلد إسلام من الأول فإنه لا يمكن أن يتأتى هذا الوصف وهو أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء بان وصلوا إلى بلد الإسلام جميعا فأقدمهم سنا أو قال سلما يعني أولهم إسلاما الذي اسلم أولا فإذا قدرنا أن هناك رجلين اسلما من بعد الكفر أحدهما اسلم قبل ثلاث سنوات والأخر قبل أربع سنوات فإنه يقدم من اسلم قبل أربع سنوات فإن كانوا سواء في الإسلام قدم أكبرهم سنا لكن أول ما يقدم الأقرأ لكتاب الله قال ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه هذا نهي مؤكد(3/242)
لان النون في قوله يؤمن نون توكيد يعني أكد النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن أن يؤم الرجل الرجل في سلطانه إلا بإذنه فمثلا المسجد إذا كان له أمام راتب فالأمام الراتب هو السلطان في المسجد لا يجوز لاحد أن يتقدم إلا بإذن الإمام الراتب فإن صلوا بدون آذن الإمام الراتب فهل تبطل صلاتهم ؟ قال بعض أهل العلم أنها تبطل صلاتهم لأنها صلاة منهي عنها والمنهي عنه باطل فلو قدر أن الإمام تأخر خمس دقائق أو نحوه ثم تقدم رجل وصلى بالناس فإنه يقال لهم أعيدوا صلاتكم هكذا ذهب بعض أهل العلم وقال بعض العلماء بل هم آثمون وصلاتهم صحيحة لكن العلماء متفقون على انهم ارتكبوا النهي لان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه فإن قال قائل إذا تأخر الإمام ماذا نصنع نقول تأخر الوقت واسع نتأخر حتى يحضر إلا إذا كان قد آذن لهم بان قال إذا تأخرت لمدة عشر دقائق أو ربع ساعة فأقيموا الصلاة فحين إذاَ يقيمونها إذا بلغ الحد الذي حده الإمام وإلا يجب عليهم الانتظار لكن لو فرض أن شق عليهم الانتظار فلهم أن يخرجوا إلى مسجد آخر يصلون الجماعة فيه أما هذا المسجد فهو إلى أمامه أو يذهبون إليه للإمام ولهذا لما تأخر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الليالي في صلاة العشاء حتى مضي عامة الليل ذهبوا إليه يقرعون عليه الباب يا رسول الله الصلاة الصلاة فحضر وصلى - صلى الله عليه وسلم - وقال إنه لوقتها لولا أن اشق على أمتي المهم أنهم يراسلون الإمام يرسلون وحدا إليه يا فلان تأخرت احضر صل بنا فإن شق بان كان مكانه بعيدا أو لا يدري أين مكانه فإنهم إذا خافوا خروج الوقت صلوا لان الصلاة في الوقت أهم من الجماعة وإلا كما قلت أولا يتفرقون يذهبون إلى مساجد أخرى ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ومن ذلك أيضا إذا حضر السلطان يعني الملك أو الرئيس إذا كانت البلاد مرؤوسة فإنه هو الذي يصلي لانه هو السلطان فكل من سواه فهو دونه(3/243)
فإذا حضر فإنه يصلي سواء حضر الصلوات الخمس أو الجمعة إلا إذا آذن وقال للإمام الراتب صل فيصل ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه يعني مثلا رجل ضيف على إنسان سواء كان بدعوة أو لسفر أو غير ذلك المهم حضر إلى البيت وقدم الرجل الطعام فلا يجوز للإنسان أن يتقدم إلى السفرة إلا بإذن صاحب المحل لقوله ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه الطعام لصاحب البيت إلى الآن لم يأذن لك في أكله ربما يكون عنده أشياء يريد أن يحضرها فانتظر حتى يقول تفضل لكن إذا علمنا بان العادة جرت بان الرجل إذا قدم الطعام وعرف أن هذا هو طعام الضيف وعرف أن هذا هو الأذن فإننا نعتبر هذا يعني الأذن إذا كان من العادة إذا قدم للضيف الطعام وعرف انه لا يزيد على ذلك وان تقديمه آذن فلا باس يتقدم وإن لم يقل له تفضل لان تقديمه يعني الأذن في أكله أما إذا لم تجر العادة فانتظر حتى يقول تفضل ثم كل لقوله ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
414- وَلِابْنِ مَاجَهْ: مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: " وَلَا تَؤُمَّنَّ اِمْرَأَةٌ رَجُلًا, وَلَا أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا, وَلَا فَاجِرٌ مُؤْمِنًا. " وَإِسْنَادُهُ وَاه ٍ (?????) .
415 - وَعَنْ أَنَسٍ, عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " رُصُّوا صُفُوفَكُمْ, وَقَارِبُوا بَيْنَهَا, وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ. " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????) .
416- ?عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " خَيْرُ صُفُوفِ اَلرِّجَالِ أَوَّلُهَا, وَشَرُّهَا آخِرُهَا, وَخَيْرُ صُفُوفِ اَلنِّسَاءِ آخِرُهَا, وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) . بسم الله الرحمن الرحيم(3/244)
هذان الحديثان مما يتعلق بصلاة الجماعة وذلك في الصفوف فإن المشروع في صلاة الجماعة أن يكونوا صفوفا فإن لم يكن مع الإمام إلا واحد قاموا عن يمينه وإن كان معه اثنان فاكثر صاروا خلفه هذه هي السنة ولكن ينبغي أن يقاربوا بين الصفوف وان يرصوها وان يحاذوا بالأعناق كما دل عليه حديث انس بن مالك رضي الله عنه رصوا صفوفكم يعني تراصوا لا تدعوا فرجة ببينكم وقد اخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الفُرَجْ تدخل من بينها الشياطين فتحول بين الإنسان وبين صلاته لكن المراصة نوعان الأولى يكون بها سد الخلل بان لا يبقى بين الرجل وصاحبة فرجة هذه مشروعة ومراصة شديدة تتعب المصلين فهذه مؤذية وليست هي التي أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - لان إيذاء الناس وخاصة في الصلاة أمر غير مرغوب فيه بل منهي عنه فهذه مراصة أما قوله قاربوا بينها فالمعنى أن يقرب الصف الثاني من الصف الأول والثالث من الثاني ونحن ولله الحمد في وقتنا الحاضر قد فرشت المساجد ووضعت الخطوط للصفوف هي متقاربة لكن إذا لم يكن هناك خطوط فإن من الناس من لا يبالي يأتي ويصف في أي مكان ولو كان بعيدا من الصف وهذا خلاف السنة خلاف ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا كان المشروع في الصفوف أن تكون متقاربة فكذلك المشروع بين الإمام والمأمومين إن لا يبعد الإمام عن الصف الأول بل يكون قريبا منه بحيث يبقى بينه وبين الصف مقدار محل السجود أو يزيد قليلا هذا هو الأفضل وذلك كله من اجل تحقيق الوحدة بين المسلمين والتقارب بينهم وعدم الفرقة واما قوله وحاذوا بالعناق فالمعنى هو التسوية يعني أن يسوي الناس الصفوف وهنا ثلاث أشياء الأعناق والأكتاف والأقدام أما الأقدام فالمحاذاة فيها بمحاذاة الأكعب يعني بحيث يكون كعب الإنسان على حذاء كعب أخيه واما المناكب وهي الأكتاف فكذلك هذا إذا أمكن أما إذا لم يمكن مثل أن يكون في الصف رجل احدب فالعبرة هنا بكعب القدم لان المحاذاة(3/245)
في مثل هذا مستحيلة ول أراد أن يحاذي بمنكبيه من كانوا حوله لزم أن يتأخر في قدميه والعبرة بالقدمين كذلك الأعناق يحاذى بينها وفي الغالب انه إذا حاذى بين المناكب حاذى بين الأعناق ثم أن مسؤولية المقاربة والمحاذاة على الإمام هو الذي عليه أن يراعي هذا إذا رأى متقدما قال تأخر وإذا رأى متباعدا قال ادن وما أشبه ذلك حتى كان نبينا - صلى الله عليه وسلم - يمر بالصفوف يمسح الصدور والمناكب ويقول استووا ولا تدعوا فروجا للشيطان وكان الصحابة لما كثر الناس واتسع المسجد صاروا يوكلون رجالا يجوبون الصفوف فإذا رأوها قد استوت اخبروا الإمام فكبر وهذا يدل على عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - وعناية خلفائه الراشدين بالصفوف وأن المسؤول هو الإمام واما حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال خير صفوف الرجال أولها شرها أخرها وخير صفوف النساء أخرها وشرها أولها ففيه دليل على أن الرجال ينبغي لهم أن يتقدموا إلى الصف الأول فالأول حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما صح عنه في البخاري وغيره قال لو يعلم الناس ما في النداء يعني الأذان والصف الأول يعني من الأجر ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه يعني يعملوا قرعة لاستهموا وهذا يدل على فضيلة الصف الأول والأيمن من كل صف افضل من الأيسر وهذا عند التساوي يعني إذا كان بعدهم من الإمام متساويا أو متقاربا واما إذا بعد اليمين وقرب اليسار فاليسار افضل من اجل دنوه من الإمام واما النساء فإن خير صفوفهن أخرها وشر صفوفهن أولها وجه ذلك أن الأول يكون قريبا من الرجال وكلما قربت المرأة من الرجل قربت أسباب الفتنة ولهذا كانت خير صفوف النساء أخرها وفي هذا دليل على أن النساء يشرع لهن الصفوف كالرجال فإذا كانت النساء في مكان خاص كما يوجد الآن في كثير من المساجد فإن خير صفوفهن أولها أول الصفوف لبعدهن عن الرجال وكذلك أيضا يجب عليهن أن يكملن الأول فالأول كالرجال وكذلك لو صلت(3/246)
امرأة منهن خلف الصف بطلت صلاتها كما تبطل صلاة الرجل لان النبي - صلى الله عليه وسلم - اثبت للنساء صفوفا وإذا ثبتت الصفوف فإنها تكون كصفوف الرجال تماما إذ لا فرق أما المرأة وحدها مع الرجال فتصف وحدها حتى لو كان الرجل من محارمها فإنها لا تصف معه فلو صلى الإنسان بزوجته وصار إماما لها فإنها تقف خلفه ولا تقف إلى جنبه وكذلك لو صلى بأي من محارمه
ج : هؤلاء الذين يفرجون أقدامهم قد فهموا النص خطأَ لان الصحابة كانوا يلصق أحدهم كعبه في كعب أخيه لكن فهما أن المعنى أن الإنسان يفرج بين رجليه وهذا فهم خاطئ مخالف للسنة وغلط لكن مراد الصحابة انهم يتراصون حتى أن الإنسان يلصق كعبه بكعب صاحبه ولم يأت في السنة انهم كانوا يفرجون أقدامهم أبدا لكن هذا من فهم بعض الشباب ظنوا انه هو الصواب فصاروا يفعلون ذلك ويجب أن ينبهوا على هذا أن ينبهوا أن هذا فهم خاطئ للنص والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
417- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ, فَأَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي, فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
418- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ, وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/247)
هذان الحديثان ساقهما الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجماعة والإمامة فيهما بيان شيء من أحكام الصلاة أولا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة وكان ابن عباس رضي الله عنهما ذكيا عاقلا حريصا على العلم فبات ذات ليلة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عند ميمونة بنت الحارث وهي خالة عبد الله بن عباس لما كان من الليل قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوضأ وقام يصلي ولكنه فعل ذلك بهدوء لئلا يستيقظ الغلام ولكن الغلام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان حريصا على معرفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام رضي الله عنه وتوضأ ثم قام إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يساره ولعل يساره هو الأقرب لابن عباس رضي الله عنه فقام عن يساره فاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسه من وراءه فجعله عن يمينه ففي هذا الحديث فوائد منها جواز بيتوتة الرجل عند زوج أخته أو خالته أو عمته . والله الموفق
الشريط الرابع عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
417- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ, فَأَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَأْسِي مِنْ وَرَائِي, فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
418- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ, وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/248)
هذان الحديثان ساقهما الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجماعة والإمامة فيهما بيان شيء من أحكام الصلاة أولا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما انه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة وكان ابن عباس رضي الله عنهما ذكيا عاقلا حريصا على العلم فبات ذات ليلة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عند ميمونة بنت الحارث وهي خالة عبد الله بن عباس لما كان من الليل قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوضأ وقام يصلي ولكنه فعل ذلك بهدوء لئلا يستيقظ الغلام ولكن الغلام عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان حريصا على معرفة هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام رضي الله عنه وتوضأ ثم قام إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن يساره ولعل يساره هو الأقرب لابن عباس رضي الله عنه فقام عن يساره فاخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - برأسه من وراءه فجعله عن يمينه ففي هذا الحديث فوائد منها جواز بيتوتة الرجل عند زوج أخته أو خالته أو عمته أو نحو ذلك وليس في هذا غضاضة لان ابن عباس رضي الله عنه فعل هذا ومن الفوائد حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته ومراعاته لأحوالهم حيث كان يتوضأ بسر وخفيه حتى لا يستيقظ الغلام ومن فوائده انه لا مقام للمأموم الواحد عن يسار الإمام وإنما يكون عن يمينه لان اليمين افضل من اليسار لكن لو كانوا ثلاثة وكان المكان ضيقا فإن أحدهما يكون عن يمين الإمام والثاني عن يسار الإمام هذا هو السنة وليست السنة أن يكون الرجلان عن يمين الإمام كما يظنه بعض العوام يعني مثلا لو كنا ثلاثة والمكان ضيق لا يتسع أن يتقدم الإمام فنقول يكون الإمام بين الاثنين لا يكون عن يسارهما كما هو ظن كثير من العامة بل يكون واحد عن اليمين وواحد عن اليسار ومن فوائد هذا الحديث جواز نية الإمامة في أثناء الصلاة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل في الصالة وهو لا يظن أن ابن عباس يكون معه(3/249)
فإذا صف الإنسان وحده ثم جاء آخر ودخل معه في الصلاة فلا باس فينوى هذا الأول ينوى أن يكون إماما ويكمل الصلاة ومن فوائده انه إذا دعت الحاجة إلى الحركة في الصلاة فإنه لا باس بها فمادام ذلك من مصلحتها فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرك وحرك تحرك بيده الكريمة وحرك عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حيث جعله عن يمينه ومنها انك إذا أردت أن تحرك الإنسان عن يمينك فلا تجعله يأتي من أمامك ولكن من خلفك لانه لو جاء من أمامك صار متقدما عليك ومنها انه لا يجب أن يكون الواحد عن يمين الإنسان لكنه الأفضل يعني لو أن الواحد صف عن يسار الإمام فإن صلاته لا تبطل لان ذلك ليس فيه إلا مجرد فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعني أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم ينه أن يكون المأموم عن يسار الإمام ولم يأمر أن يكون المأموم عن يمين الإمام وإنما كان ذلك مجرد فعل قال العلماء ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب وإنما يدل على الاستحباب وهو واضح لانه لو كان للوجوب لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين انفتل من الصلاة يقول لابن عباس لا تقم هاهنا فإنه لا يجوز أو كلمة نحوها المهم أن القول الراجح في هذه المسألة وهي كون المأموم عن يسار الإمام أن الصلاة لا تبطل بذلك وكونه عن يمينه افضل وليس بواجب ومن فوائد هذا الحديث جواز صلاة النافلة جماعة يعني يجوز أن يصلي قوم النافلة جماعة لكن هذا ليس دائما بل أحيانا وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - النوافل في بعض الأحيان صلى مرة بابن عباس ومرة بابن مسعود ومرة بحذيفة بن اليمان . ثم ذكر المؤلف حديث انس بن مالك رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى به وبأمه وبيتيم معه فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - أمامهم وقام انس واليتيم وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام المرأة خلفهم ففي هذا فوائد منها جواز صلاة النافلة أحيانا جماعة لان هذه الصلاة كانت نافلة وكان جواز مصافة(3/250)
الصغير يعني إذا تم الصف أو ما تم وقام إنسان بالغ وصغير خلف الصف فالصلاة صحيحة في الفريضة وفي النافلة أما في النافلة فهي نص سنة واضحة صريحة وأما في الفريضة فيقال ما صبت في النافلة ثبت في الفريضة إلا بدليل ولا دليل على التفريق وعلى هذا فإذا دخل رجل وصبي المسجد وخاف أن تفوته الركعة والصف الأول ما تم فله أن يصف هو والصغير وراء الصف ولا حرج ولا كراهة ولا تبطل الصلاة بذلك لا في الفريضة ولا النافلة ومن الفوائد أن مقام المرأة مع الرجال في الصالة أن تكون خلفهم ول كانت من المحارم حتى الرجل مع زوجته لو صلى بها جماعة لا مكان للمرأة في مصاف الرجال أبدا تكون وحدها وأيضا من الفوائد أن الإنسان إذا جاء والصف قد تم فإنه يصف خل فالصف وحده ولا حرج عليه ووجه ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم -جعل المرأة خلف الرجال وحدها لانه لا مكان لها في الصف شرعا فكذلك إذا لم يكن للإنسان مكان في الصف فإنه يصلي خلف الصف وحده ولا حرج عليه في ذلك وهنا ثلاث حالات الأولى انه إذا جاء والصف قد تم فإنه يصلي وحده خلف الصف وهذا هو الأفضل وهو جائز الحالة الثانية أن يجلب أحدا من الصف ليصلي معه وهذه لا تجوز لانه إذا فعل ذلك أساء إلى صاحبه حيث أخره من الصف الفاضل إلى المفضول ولأنه يفتح فرجة في الصف فينقطع الصف وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -من قطع صفا قطعه الله تعالى ثم انه يشوش على هذا المصلي الحالة الثالثة أن يتقدم ويصلي مع الإمام وهذا أيضا غير صحيحة لماذا؟ لانه يتخطى الصفوف وتخطي الصفوف منهي عنه حتى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب فقال اجلس فقد آذيت ثم إذا دخل مع الإمام وجاء بعده آخر ولم يجد مكانا قلنا يذهب مع الإمام ذهب صاروا ثلاثة ثم إذا جاء آخر صاروا أربعة وهلم جرا فيكون الإمام صفا تاما وهذا خلاف السنة ولذلك تبين أن القول الراجح الموافق للأصول الشرعية أن الإنسان إذا جاء والصف تام فله أن يصلي وحده خلف(3/251)
الصف بصلاة الإمام ولا باس في ذلك
هذه فائدة مهمة وهي إذا كان أمام ومأموم اثنين بعض الناس يقول يتأخر المأموم عن الإمام قليلا وهذا غلط وخلاف الحق وخلاف ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - من تسوية الصف لان الإمام مع المأموم الواحد صف والسنة في الصف التسوية فهذا لا اصل له ولا صحة له حتى وإن قال به بعض العلماء فهو قول ضعيف جدا بل ساقط لا يعمل به إذا كان أمام ومأموم صفا جميعا حتى يتساويان
نعم أي نعم إذا لم يكن عذر .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
419- وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّهُ اِنْتَهَى إِلَى اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ رَاكِعٌ, فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى اَلصَّفِّ, فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - " زَادَكَ اَللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ . (?????) .
وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِيهِ: " فَرَكَعَ دُونَ اَلصَّفِّ, ثُمَّ مَشَى إِلَى اَلصَّفِّ " (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/252)
هذا الحديث ساقه المؤلف رحمه الله تعالى في باب صلاة الجماعة والإمامة عن أبي بكرة رضي الله عنه انه انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو راكع يعني دخل المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - راكع فخاف أن تفوته الركعة فأسرع ثم ركع ثم دخل في الصف فلما سلم فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل من الفاعل قال أبو بكرة أنا يا رسول الله قال زادك الله حرصا ولا تعد يعني لا تعد لمثل هذا ففي هذا الحديث دليل على فوائد أولا أن الإنسان إذا جاء والإمام راكع فلا يستعجل إنما يمشي وعليه السكينة لانه مقبل أن يكون بين يدي الله عز وجل يناجي ربه جل وعلا فليكن بأدب وخشوع وسكينة ووقار ثانيا انه لا يجوز أن يركع الإنسان قبل أن يدخل في الصف لان النبي - صلى الله عليه وسلم -قال لا تعد ثالثا أن قراءة الفاتحة تسقط عن المأموم إذا لم يدركها مع الإمام يعني إذا جاء والإمام راكع فليكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل ثم يركع ولا يضره إذا فاتته الفاتحة لانه لم يدرك القيام الذي و محل الفاتحة ويدل على انه أدرك الركعة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر أبا بكرة رضي الله عنه أن يعيد ركعته بل جعلها مجزية فلد هذا على أن الإنسان إذا أدرك الإمام راكعا ثم كبر ودخل معه فإنه لا يلزمه قراءة الفاتحة لأنها سقطت عنه لعدم وجوب القيام عليه في هذه الحال إذ انه مأمور بمتابعة الإمام ومنها حن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - لانه رأى أن هذا الرجل رضي الله عنه أسرع وركع قبل أن يدخل في الصف اجتهادا منه وحرصا على الخير فلم يوبخه الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم ينهره وإنما قال زادك الله حرصا فدعا له - صلى الله عليه وسلم - لانه رضي الله عنه إنما حمله على ذلك الحرص على إدراك الجماعة فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - من حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسن خلقه وحسن دعوته إلى الحق على عكس كثير م الناس اليوم إذا رأى إنسانا(3/253)
مخالفا وبخه ونهره وزجره وهذا غلط قابل الناس باللين واللطف والعطف حتى يقبلوا منك ويدخلوا في دين الله عن رغبة ومن فوائد الحديث أن الإنسان ينهي أن يدخل مسرعا أو أن يركع قبل أن يدخل إلى الصف بل يبقى في سكينة إلى أن يصل إلى الصف ثم يدخل بسكينة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
420 - وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ ]اَلْجُهَنِيِّ] - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ اَلصَّفِّ وَحْدَهُ, فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ اَلصَّلَاةَ. " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّانَ . (?????) .
421- وَلَهُ عَنْ طَلْق ٍ (?????) " لَا صَلَاةَ لِمُنْفَرِدٍ خَلْفَ اَلصَّفِّ " (?????) .
+420- وَزَادَ اَلطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ وَابِصَةَ: " أَلَا دَخَلْتَ مَعَهُمْ أَوْ اِجْتَرَرْتَ رَجُلًا? " (?????) .
422- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا سَمِعْتُمْ اَلْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى اَلصَّلَاةِ, وَعَلَيْكُمْ اَلسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ, وَلَا تُسْرِعُوا, فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
بسم الله الرحمن الرحيم(3/254)
قال ابن حجر رحمه الله تعالى فيما نقله من الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في باب صلاة الجماعة والإمامة عن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -رأى رجلا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة ومن حديث طلق بن حبيب رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا صلاة لمنفرد خلف الصف هذين الحديثان في حكم صلاة الرجل خلف الصف فصلاة الرجل خلف الصف لها حالات الأولى أن يكون الصف لم يتم بان يأتي شخص والإمام عند الركوع فيصف وراء الناس والصف لم يتم ثم يمضي في صلاته فهذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله تعالى فمنهم من يقول إن صلاته صحيحة وهذا مذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأبو حنيفة ورواية عن الإمام احمد وهؤلاء يرون أن المصافة ليست واجبة لكنها سنة لكن إن حصل يدخل في الصف فهو افضل وإن لم يحصل فصلاته صحيحة ويحملون قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمنفرد خلف الصف على نفي الكمال أي لا صلاة كاملة فهو كقوله - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة بحضرة طعام أي لا صلاة كاملة والقول الثاني أن الصلاة خلف الصف صلاة المنفرد باطلة يجب عليه أن يعيد الصلاة سواء كان الصف تاما أو لم يتم وهذا هو المشهور من مذهب الإمام احمد رحمه الله تعالى ودليلهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمنفرد خلف الصف وان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى رجلا يصلي وحده خلف الصف أمره أن يعيد الصلاة ولا يؤمر بإعادة إلا إذا كانت الصلاة باطلة والقول الثالث انه إذا كان الصف تاما فلا باس أن يصلي وحده وإن كان غير تام فصلاته باطلة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى وهو الحق وهو الصواب لان الله تعالى يقول اتقوا الله ما استطعتم ) وهذا الرجل ما يستطيع أن يدخل في الصف فإذا صلى وحده لكمال الصف الذي قبله فصلاته صحيحة ولا يؤمر بالإعادة وعلى هذا يحمل أمر النبي - صلى الله عليه(3/255)
وسلم - الرجل الذي رآه يصلي خلف الصف انه وجد مكانا لكنه فرط وصلى وحده وهذا هو الصحيح وأما ما في حديث وابصة هلا دخلت معهم أو اجتررت أحدا فهو يدل على أن الصف لم يتم لقوله هلا دخلت معهم لانه لا يمكن أن يدخل معهم إلا إذا كان الصف غير تام واما قول هاو اجتررت أحدا فهذا ليس بصحيح الحديث هذا ضعيف لانه لا يجوز أن يجر الإنسان أحدا من الصف لاجل أن يصف معه بل أن وجد مكانا في الصف خل فيه وإن لم يجد صلى وحده خلف الصف والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
422- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا سَمِعْتُمْ اَلْإِقَامَةَ فَامْشُوا إِلَى اَلصَّلَاةِ, وَعَلَيْكُمْ اَلسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ, وَلَا تُسْرِعُوا, فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????)
423- وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " صَلَاةُ اَلرَّجُلِ مَعَ اَلرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ, وَصَلَاتُهُ مَعَ اَلرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ اَلرَّجُلِ, وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اَللَّهِ - عز وجل - " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ حِبَّان َ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/256)
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعال في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجماعة والإمامة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا قوله إذا سمعتم الإقامة يعني إقامة الصلاة وهذا دليل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد وهو كذلك وكان بلال رضي الله عنه يقيم خارج المسجد من اجل أن يسمعه الناس ولهذا كان يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا تسبقني بآمين ففيه دليل على أن ما يصنعه بعض الناس اليوم من إقامة الصلاة من على المنارة لا باس به لان هذا كان جنسه موجودا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن الذي لا ينبغي أن تنقل الصلاة من على المنارة لان هذا يشوش على أهل البيوت في بيوتهم وعلى أهل المساجد القريبة ويحصل في هذا ارتباك وأذية ولهذا لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يصلون أوزاعا ويجهرون بالقراءة قال - صلى الله عليه وسلم - كلكم يناجي ربه يعني انه لا حاجة لرفع الصوت الإنسان يناجي ربه عز وجل فلا يؤدين بعضكم بعضا في القراءة فهذا حديث صحيح أخرجه أصحاب السنن فقوله لا يؤدين يدل على أن هذا أذية والأذية لاسيما في العبادات اقل أحوالها الكراهة كما يفعله بعض الناس من انه يرفع صوت الصلاة من على المنارة لا شك انه مؤذي وانه أثم إذا شوش على المصلين الآخرين ولقد بلغنا انه في بعض البلاد يكون صوت القارئ وأدائه للقراءة جيدا فيشوش على المسجد الآخر الذي بقربه حتى انهم أحيانا يتابعون المسجد الآخر وينسون قراءة إمامهم وربما أمنوا على قراءة المسجد المجاور وهذا لا شك انه غلط عظيم وما الذي يستفاد من هذا لا يستفاد شيئا أبدا إلا انه يؤذي جيران المسجد له صبيان ينامون مريض قلق كل الليل صلى الفجر ويريد أن ينام الفجر فيحصل بذلك أذى على الناس لكن بعض الناس يزين له الشيء في عينه دون أن(3/257)
ينظر إلى عواقبه أما الإقامة فلا باس بها إن شاء الله تعالى على أن بعض الناس يقولون لا تشهرون الإقامة لان أولادنا يبقون في البيت يقولون ما بعد أقام لكن نقول ما انه ورد جنسها في السنة فلا يمكن النهي عنه أيضا من فوائد الحديث أن الإنسان إذا سمع الإقامة فليمش على عادته بسكينة ووقار سكينة في القلب ووقار في الهيئة لا يكون مخففا ولا يسرع بل كأنه مقبل على اعظم من يعظمه وإذا كان الإنسان مقبلا على ملك من ملكوك الدنيا لوجدته يقبل بسكينة ووقار يصلح المشلح والغترة ويهندم نفسه لانه سيقابل ملكا فكيف وهو مقبل على الله تعالى ملك الملوك جل وعلا لا تسرع الأمر واسع يقول - صلى الله عليه وسلم - ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ومن فوائد هذا الحديث تعظيم الصلاة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يؤتى إليها بسكينة ووقار ومنها أن الإنسان إذا أدرك الإمام على حال فليدخل معه لقوله ما أدركتم فصلوا حتى لو أدركه ساجدا فكبر للإحرام قائما ثم اسجد لا تقول انتظر حتى يقوم لا اسجد وإن كنت لا تدرك الركعة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ما أدركتم فصلوا ومنها أيضا أن الإنسان لا يقوم لقضاء ما فاته حتى تنتهي صلاة الإمام لقوله وما فاتكم فأتموا الإتمام لا يكون إلا بعد انتهاء الاقتداء وبهذا نعرف خطأ بعض الناس الذين يقومون لقضاء ما فتهم بعد أن يسلم الإمام إما قبل أن يسلم التسليمتين وإما قبل أن يسلم التسليمة الثانية وقد ذكر بعض الفقهاء أن الإنسان إذا قام قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية لقضاء ما فاته فإن صلاته تنقلب نفلا ويجب عليه إعادة الصلاة من جديد هكذا ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله تعالى فالمسألة خطيرة انتظر لا تقم لقضاء ما فتك حتى يسلم الإمام التسليمتين جميعا ومن فوائد هذا الحديث أن ما يقضيه الإنسان آخر صلاته لان إتمام الشيء في آخره ولهذا قال فأتموا وعليه فإذا أدركت مع الإمام في صلاة العصر ركعتين فقد(3/258)
فاتك ركعتان إذا قمت لقضائهما فاقرأ الفاتحة فقط لان آخر الصلاة يقتر فيه على الفاتحة وهذا أيضا كقوله في بعض ألفاظ الحديث وما فاتكم فاقضوا لان معنى فاقضوا يعني أتموا والقضاء يأتي بمعني الإتمام في اللغة العربية كما في قول الله تبارك وتعالى فقضاهن سبع سماوات في يومين قضاهن يعني اتمهن أما حديث أبي بن كعب رضي الله عنه فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه صلاة الرجل مع الرجل أذكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أذكى من صلاته مع الرجل وما كان اكثر فهو احب إلى الله تعالى ففيه دليل على مسائل أيضا المسألة الأولى انه كلما كثر الجمع في الصلاة فهو افضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - ما كان اكثر فهو احب إلى الله المسألة الثانية انه إذا دخل رجلا وقد فاتتهما الصلاة فإنهما يصليان جماعة لان صلاة الرجل مع الرجل أذكى من صلته وحده احسن من كونهما يتفرقان كل واحد يلي وحده وما يفعله بعض أن الناس انه إذا دخل اثنان المسجد كل واحد يصلي وحده فهو غلط واضح لان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول صلاة الرجل مع الرجل أذكى من صلاته وحده وهذا عام وإذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل رجل قد فاتته الصلاة قال من يقوم مع هذا فيتصدق عليه ويصلي معه إذا كان أمر أن يصلي الرجل مع الرجل مع أنها نافلة كيف لو كانت فريضة وهذا من غرائب العلم ومن أخطاء الفهم أن يقال إذا دخل اثنان فاتتهما الصلاة لا يصليان جماعة وإذا واحد يقوم فيصلي معه هذا قلب للمعلومات وللحقائق وهو خطأ واضح أبش الدليل قالوا لا ن ابن مسعود رضي الله عنه دخل يوما من الأيام ومعه أصحابه وكان الناس قد صلوا فرجع فصلى في بيته فيقال أولا إذا ثبت هذا عن ابن مسعود فقد نقل عن ابن مسعود خلافه أيضا قد نقل عنه انه دخل مع أصحابه والناس قد صلوا فصلى بهم جماعة فيكون لابن مسعود في هذا قولان ثانيا لو فرض أن ابن ليس عنه إلا قول واحد فهذا له احتمالات فيمكن رجع حتى لا(3/259)
يقال هذا صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صلى مع الجماعة ويمكن أن يقول أمام المسجد لماذا رجع ابن مسعود ولم يصل معنا ما الذي عندي حتى يمنعه من الصالة خلفي رجع حتى لا يقول الناس هذا ابن مسعود تفوته الصلاة فيتهاون الناس فيها لانه إذا تهاون الصحابي فغيره من باب أولى المهم هذه قضية لها احتمالات كثيرة ثم لو فرض أن هذا رأي ابن مسعود أنأخذ برأي ابن مسعود الذي ليس قولا وإنما مجرد فعل يحتمل احتمالات كثيرة أو نأخذ بقول محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ بل محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وقد قال صلاة الرجل مع الرجل أذكى من صلاته وحده وهذا يعم جميع الحالات فالمهم يا أخواني أن الرجل مهما بلغ في العلم والحديث ليس معصوما كل بنى آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون فكون الإنسان يجادل انتصارا لشخص معين أو لرأي معين بغير حق هذا من شأن الكفار والعياذ بالله يعني فيه تشبه منهم لانهم يقولون إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على أثارهم مقتدون يجب على الإنسان أن يرجع للحق أينما كان ومن أي شخص كان وفي حديث أبي بن كعب رضي الله عنهم فيه دليل على ثبوت المحبة لله عز وجل أي أن يحب جعلنا الله وإياكم من أحبابه نعم إن الله ُيحِب وُيحَب يقول الله عز وجل فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه وقال تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) فالله تبارك وتعالى يحب من الأعمال والأشخاص والأماكن في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال في مكة أنت احب البقاع إلى الله المؤمنون أهل السنة والجماعة يقولون كل صفة أثبتها الله لنفسه أو أثبتها له رسول - صلى الله عليه وسلم - فإنا لنقبلها ونؤمن بها ونعتقدها ثابتة لله مهما كان فيجب علينا أن نقول إن الله ُيحِب وُيحَب والذ شيء للإنسان محبته فبعض الأحيان يكون القلب فارغا إلا من ذكر الله يجري في قلبه محبة ولذة مع الله عز وجل لا يساويها أي شيء في الدنيا(3/260)
أحيانا تسولي عليه الغفلة تمر به الأيام وهو لا يحس بشيء نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أحبابه اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجماعة والإمامة
424- وَعَنْ أُمِّ وَرَقَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا, " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَهَا أَنْ تَؤُمَّ أَهْلَ دَارِهَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ . (?????) .
425- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ; " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اِسْتَخْلَفَ اِبْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ, يَؤُمُّ اَلنَّاسَ, وَهُوَ أَعْمَى " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُد َ (?????) .
426- وَنَحْوُهُ لِابْنِ حِبَّانَ: عَنْ عَائِشَة َ (?????) رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا.
427- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ, وَصَلُّوا خَلْفَ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ . (?????) .
428- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ اَلصَّلَاةَ وَالْإِمَامُ عَلَى حَالٍ, فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ اَلْإِمَامُ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ . (?????) .
بسم الله الرحم الرحيم(3/261)
هذه الأحاديث الثلاثة ختم بها المؤلف رحمه الله تعالى باب صلاة الجماعة والإمامة الأول في إمامة الأعمى هل يجوز أن يكون الأعمى إماما للمبصرين فقد دل الحديث الأول على انه يجوز أن الاعمى إماما للمبصرين لان النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم يصلي بالناس وهو رجل أعمى وهذا داخل في عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤم القوم أقرءوهم لكتاب الله فإذا كان رفقة معهم اعمى وهو أقرءوهم لكتاب الله فهو أحقهم بالإمامة لكن لو استوى اعمى وبصير في التقدير بان كانا في القراءة سواء أو في السنة واو في السن فإن البصير أولى لان البصير اشد ضبطا للقبلة من الرج الأعمى فالأعمى ربما يتيامن أو يتياسر حتى لو عدلته أول الصلاة فربما يتغير لكن على كل حال العمى لا يمنع من الإمامة واما الثاني فهو هل يشترط في الإمامة أن يكون عدلا مستقيما في دينه أو لا يشترط الصحيح انه ليس بشرط وأنه يجوز أن يكون الفاسق إماما في الصلاة كحالق اللحية مثلا وشارب الدخان يجوز أن يكون أما لان كل من صحت صلاته صحت إمامته إلا المرأة فلا تكون إماما للرجال وما عدا ذلك فكل من صحت صلاته صحت أماته لكن ول اجتمع رجلان كل منهما فاسق من وجه كرجل يشرب الدخان ورجل حالق اللحية فايمها يقدم يقدم شارب الدخان على حالق اللحية لان حالق اللحية مجاهر والعياذ بالله في المعصية فإنه كأنه يقول للناس الذين يقابلونه اشهدوا انه عاص للرسول - صلى الله عليه وسلم - والعياذ بالله فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفاء اللحى وهو يمشي بين الناس حالقا لحيته كأنه يعلن عصيانه للنبي - صلى الله عليه وسلم - شارب الدخان ليس يشربه دائما وربما لا يشربه أمام الناس فهو أهون منه ولهذا لو اجتمع اثنان أحدهما يشرب الدخان والثاني حالق اللحية فالذي يصلي بالأخر شار الدخان أولى من حالق اللحية ولو اجتمع حالق اللحية ومسبل الثوب لكان حالق اللحية أولى من مسبل الثوب(3/262)
بالإمامة لان مسبل الثوب إن كان يجره خيلاء فإنه لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب اليم وإن كان لا يجره خيلاء لكن نزل عن الكعبين ففي النار وأيضا الثياب تتعلق بالصلاة لان الثوب ساتر للعورة فيتعلق بالصلاة فأنت معصية من لا تتعقل معصيته بالصلاة أولى بالإمامة ممن تتعلق معصيته بالصلاة ولكن مع ذلك لا ينبغي انيقدم الفاسق العاصي للإمامة لكن إذا حصل وقدم فالصلاة صحيحة حتى لو كان مسبلا أو حالقا لحيته أو شاربا للدخان لكن لما كان الإمامة اتقى لله عز وجل فهو أولى أما آخر الأحاديث إذا تى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام لكن هذا وإن كان ضعيفا لكن سبق ما يشهد له وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رحمه الله تعالى باب صلاة المسافر والمريض
بَابُ صَلَاةِ اَلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ
429- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ اَلصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ , فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ اَلْحَضَرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (?????) .
وَلِلْبُخَارِيِّ: " ثُمَّ هَاجَرَ, فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا, وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ اَلسَّفَرِ عَلَى اَلْأَوَّلِ " (?????) .
430- زَادَ أَحْمَدُ: " إِلَّا اَلْمَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرُ اَلنَّهَارِ, وَإِلَّا اَلصُّبْحَ, فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا اَلْقِرَاءَةُ " (?????) .
431- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْصُرُ فِي اَلسَّفَرِ وَيُتِمُّ, وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ. " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُول ٌ (?????) .(3/263)
وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ فِعْلِهَا, وَقَالَتْ: " إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ " أَخْرَجَهُ اَلْبَيْهَقِيّ ُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب صلاة المسافر والمريض المسافر هو المفارق لوطنه والمريض هو من اعتلت صحته وكلاهما يحتاج إلى تيسير وتسهيل لان السفر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - قطعة من العذاب يمنع الأسفار نومه وراحته وهذا في الأسفار التي كانت على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أما اليوم فالسفر ولله الحمد ميسر لا يمنع الراحة ولا النوم لكن الحكم ثابت حتى مع عدم المشقة واختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل السفر محدود بمسافة معينة أو انه يرجع فيه إلى العرف أي إلى ما يتعارفه الناس فما كان سفرا عند الناس فهو سفر وما ليس بسفر فليس بسفر الأقرب إلى القواعد الشرعية انه راجع إلى العرف أي أن ما عده الناس سفرا يتأهب له الإنسان ويودع عند المفارقة ويستقبل عند الرجوع فهو سفر وما لا فلا وقال بعض العلماء إنه محدد واختلف المحددون كم يحدد ثمانين أو تسعين أو اقل أو اكثر على خلاف بينهم أما المريض فهو من اعتلت صحته والمر ض أنواع أمراض العين وأمراض الإنسان أمراض الأعضاء أمراض البطن أمراض الصحة العامة يختلف لكن المراد بالمريض هنا المريض الذي يشق عليه أن يؤدي الصلاة كما يؤديها غيره ثم ذكر حديث عائشة رضي الله عنها أن الصلاة أول ما فرضت الرباعية كانت ركعتين فالفجر والظهر والعصر كتين والمرغب ثلاثة لأنها وتر النهار هذا أول ما فرضت الصلاة والصلاة فرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة إما بسنة أو بثلاث سنوات على حسب اختلاف في المؤرخين فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة كان يصلي الفجر ركعتين والظهر ركعتين والعصر ركعتين والمغرب ثلاثا والعشاء ركعتين ولما هاجر إلى المدينة زيد في صلاة الحضر فصار يصلي أربعا الظهر والعصر(3/264)
والعشاء أما الفجر فبقيت على ما هي عليه لانه عوض عن الركعتين بطول القراءة واما المغرب فبقيت على ما هي لانه وتر لو انه زيد فيها أو نقص اختلت الوترية زيد في صلاة الحضر وبقيت صلاة السفر على ما كانت عليه واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في القصر للمسافر هل هو رخصة وسنة أو واجب فقال بعض العلماء انه واجب وآخرون قالوا هو سنة والصواب انه سنة مؤكدة وأنه يكره الإنسان المسافر أن يصلي أربعا بل يصلي ركعتين ولولا فعل الصحابة رضي الله عنهم لكان القول بالوجوب اصح من القول بالاستحباب الصحابة رضي الله عنهم تابعوا عثمان بن عفان رضي الله عنه في الإتمام في السفر فإن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه قد عرف أن خلافته بقيت مدة طويلة فكان في أول خلافته يصلي في الحج في منى ركعتين ركعتين كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -وأبو بكر وعمر يفعلون ثم إنه رضي الله عنه بدا له أن يصلي أربعا في منى فكان يصلي أربعا أنكر الصحابة رضي الله عنهم عليه ذلك ولكنهم يصلون ورأه ويتمون ولو كان القصر واجبا ما صلوا خلفه إتماما لانه إذا كان القصر واجبا كان الإتمام زيادة متعمدة يبطل الصلاة لولا هذا لكنت أقول بان القصر واجب لان الأدلة قوية جدا في الوجوب لكن تبين لي من فعل الصحابة رضي الله عنهم أن القصر سنة مؤكدة وليس بواجب إلا انه إذا ائتم المسافر بمن يتم لزمه الإتمام سواء أدرك الصلاة من أولها أو من أثنائها حتى لو لم يدرك إلا التشهد الأخير وجب عليه أن يتم فمصلا لو أن إنسانا مسافرا مر بقوم يصلون ويتمون ودخل مع الإمام في الركعة الثالثة يعني أدرك ركعتين مع الإمام وجب عليه أن يأتي بعد سلام الإمام بركعتين ويتم ولو أدركه في الرابعة لزمه أن يأتي بثلاث ركعات ولو أدركه في التشهد الأخير لزمه أن يتأتى بأربع إذا شككت هل الإمام مسافر أو غير مسافر فالجواب أن نعمل بالقرائن إذا كانت القرينة تدل على انه مسافر فهو مسافر كما يوجد الآن في(3/265)
المساجد التي على الطرق عند المحطات أو غير المحطات فإن الغالب الذي يغلب على الظن أن الناس الذين يصلون في هذه المساجد مسافرون فإذا أدركته معه ركعة واحدة وأنت مسافر فات بركعة واحدة لان الظاهر انه مسافر كذلك أيضا في المطار إذا كنت تنتظر الرحلة ووجدت أناسا يصلون فاعمل بالقرينة إذا وجدت هؤلاء القوم الذين يصلون إذا وجدت عندهم حقائبهم فهو دليل على انهم مسافرون وإذا رأيت الإمام لابسا ما يلبسه أهل المطار فهو مقيم فاعمل بالقرائن ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة المسافر والمريض
432- وَعَنْ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى (?????) رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى (?????) مَعْصِيَتُهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ . (?????) .
وَفِي رِوَايَةٍ: " كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى (?????) عَزَائِمُهُ " (?????) .
433 - وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَال ٍ ( } ربيع أول شعبان رمضان { ) أَوْ فَرَاسِخَ, صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
434 - وَعَنْهُ قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ اَلْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى اَلْمَدِينَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة المسافر والمريض(3/266)
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن الله يحب أن تؤتي كما يكره أن تؤتي معصيته وفي لفظ ما يحب أن تؤتي عزائمه معنى هذا الحديث أن الإنسان إذا يسر الله عليه وجعل له رخصة فلا ينبغي أن يعدل عنها فمثلا المسافر رخص الله له في الفطر فلا ينبغي أن يصوم ويشق على نفسه بالصوم ويقول أن لا احب أن يخر ج رمضان ويكون علي صوم بل نقول له الأفضل أن تفطر ما دام يشق عليك الصيام في السفر والمريض كذلك بعض الناس يمرض ويشق عليه الصوم لكن يقول أنا أتحسر أن لا أصوم فيصوم مع مشقة الصوم عليه وهذا غلط كل رخص الله لك فيه فاته وأنت مطمئن البال لان الله تعالى يحب ذلك أما حديث انس وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين فالمعني أن السفر تثبت له الأحكام ولو كان قصيرا لان الثلاثة أميال أربعة كيلوا ونصف تقريبا وثلاثة فراسخ نزيد على ذلك ثلاثة أضعاف وهذا مسافة قصيرة لكن ما دام يسمى سفرا ويتأهب له الإنسان ويستعد له فهو سفر ولو كان قصيرا وبهذا استند لشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى على أن السفر سفر سواء قربت المسافة أم بعدت ما دام يستعد له ويحمل المتاع والماء وعلى هذا فلو أراد الإنسان أن يذهب مثلا إلى بريدة من هنا إن كان يرجع في يومه مثل الموظف ينتهي من وظيفته ويرجع فهذا غير مسافر وإن كان يريد أن يبقى عند أصحابه أو قرابة يومين أو ثلاثة فهو مسافر فالمدة الطويلة في المسافة القصيرة سفر لانه إذا كان يريد أن يبقى يومين أو ثلاثة ففي العادة انه يحمل المتاع ويحمل المال وإن كان الآن موجود كل شيء لكن هذا هو الأصل أن يحمل المتاع لانه لابد أن يأكل ويشرب في اليومين مثلا وأما حديث انس الثاني فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى مكة من المدينة وذلك في حجة الوداع فكان يصلي ركعتين من حين أن خرج من المدينة إلى أن رجع ففي هذا دليل على فوائد أولا أن(3/267)
الإنسان يقضر الصلاة حتى لو مر بالبلد الذي تزوج فيها فإن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يقصر الصلاة في مكة وهو بلدة الأول وقد تزوج فيه ورزق فيه أولادا ومع ذلك كان يقصر - صلى الله عليه وسلم - قصر في مكة عام الفتح وقصر فيها في حجة الوداع ومن الفوائد أن الإنسان إذا أقام في بلد غير بلده لحاجه وهو يريد الرجوع فإنه مسافر سواء طالت المدة أم قصرت وعلى هذا فلو ذهب الإنسان مثلا من مكة إلى المدينة يريد أن يقضي حاجة أو يريد أن يزور أحدا أو يريد أن يطلب علما وبقي يومين أو ثلاثة أو شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين ولم ينو الإقامة المطلقة فإنه مسافر له رخص السفر لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد المدة التي إذا اقامها الإنسان انقطع سفره وما دام لم يحدد فالإنسان ما دام مسافرا لم ينو الإقامة إلا لشغل فإنه يعتبر مسافرا ولكن ليعلم أن الإنسان إذا كان في بلد تقام فيه الجماعة فإنه يجب عليه حضور الجماعة والجماعة في الحضر يصلون أربعا فيجب عليه أن يصلي أربعا تبعا لإمامه والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة المسافر والمريض
435- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " أَقَامَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ " وَفِي لَفْظٍ: " بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (?????) .
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: " سَبْعَ عَشْرَةَ " (?????) .
وَفِي أُخْرَى: " خَمْسَ عَشْرَةَ " . (?????) .
436- وَلَهُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " ثَمَانِيَ عَشْرَةَ " (?????) .
437 - وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ: " أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ اَلصَّلَاةَ " وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ, إِلَّا أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي وَصْلِه ِ (?????) .(3/268)
438 - وَعَنْ أَنَسٍ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اِرْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ اَلشَّمْسُ أَخَّرَ اَلظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ اَلْعَصْرِ, ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا, فَإِنْ زَاغَتْ اَلشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى اَلظُّهْرَ, ثُمَّ رَكِبَ " (?????) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ اَلْحَاكِمِ فِي "اَلْأَرْبَعِينَ" بِإِسْنَادِ اَلصَّحِيحِ: " صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ, ثُمَّ رَكِبَ " (?????) .
وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي "مُسْتَخْرَجِ مُسْلِمٍ": " كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ, فَزَالَتْ اَلشَّمْسُ صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا, ثُمَّ اِرْتَحَلَ "
439- وَعَنْ مُعَاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا, وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/269)
هذه الأحاديث ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى في أحكام قصر المسافر إذا أقام ببلد هل يقصر ما دام مقيما حتى يرجع إلى بلده أو لا يقصر وهذه المسألة اختلف فيها العلماء على أقوال كثيرة مثال ذلك رجل أراد أن يسافر إلى مكة للعمرة فمر بالمدينة وأقام فيها أياما وهو يريد مكة فهل هو مسافر ما دام مقيما في المدينة ولو طالت المدة أو إذا زاد عن أربعة أيام أو عشرة أو خمسة عشرا وما أشبه ذلك هذه المسألة اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله وكل منهم أدلى بما يرى انه حجة ولكن كلها حجج متقابلة متعارضة لا يصح منها إلا أن يقال ما دام الإنسان مسافر فهو مسافر ولو أقام أياما أو شهورا ما دام يريد أن يغادر البلد لكنه أقام مدة أيام ليستريح أو ليبيع تجارته أو ليشتري تجارة أو من اجل مريضا يريد أن يمرضه أو غير ذلك فالصواب انه لا حد لهذا وذلك أن أي حدود يحدها الإنسان في عبادة من العبادات فإنه يقال له ما الدليل لان الحد يحتاج إلى دليل قدر أربعة أيام يقال ما الدليل على أربعة أو عشرة يقال ما الدليل فإذا لم يأت بدليل مقول ما دام الوصف قائما وهو السفر فهو مسافر وهذا الذي اخترناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى وكذلك اختيار الشيخ عبد الرحمن بن سعد رحمه الله تعالى وهو التحقيق عند التدقيق لان مثلا يقول بعض العلماء إذا كنت مسافر ومررت ببلد وأقمت فيها ونويت فيه الإقامة اكثر من أربعة أيام انقطع السفر فيقال أين الدليل ما فيه دليل وقال البعض إذا أقم خمسة عشر يوما وبعضهم قال تسعة عشر والأخر قال خمسة أيام وقد ذكر النووي رحمه الله تعالى في كتابه شرح المهذب المسمى بالمجموع ذكر اكثر من عشرين قول للعلماء وهذا يدل على انه ليس هناك نص فاصل بين وإذا لم يكن هناك نص فاصل بين محدد رجعنا إلى الأصل وهو أن الإنسان مسافر مادام مفارقا لوطنه فإذا رجع إليه فهو مقيم ثم ذكر المؤلف أحاديث في هذا ذكر فيه أحاديث ابن عباس رضي الله عنهما(3/270)
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام في مكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة وفي رواية سبعة عشر يوما ولا معارضة بين الروايتين لان الذي قال تسعة عشر عد يوم الدخول ويوم الخروج والذي قال سبعة لم يعدهما والباقي سبعة عشر أم بقية الروايات فهي شاذة لا معول عليها فرواية خمسة عشر شاذة لمخالفتها للأحاديث الصحيحة بقي عندنا تسعة عشر وسبعة عشر وثمانية عشر هذه كلها لا معارضة بينها لان الذين قالوا لان الذين قالوا سبعة عشر أرادوا الأيام الصافية وحذفوا يومي الدخول والخروج أقام متى في فتح مكة أقام تسعة عشر يوما وهو يقصر الصلاة فزاد عن أربعة أيام في حجة الوداع أقام عشرة أيام لانه وصل مكة يوم الرابع من ذي الحجة وغادرها صباح يوم الرابع عشر ولهذا سئل انس بن مالك كم أقمتم قال عشرة أيام وقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ولم يبين الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن من أقام عشرين يوما أو تسعة عشر أو أربعة أيام أو اكثر أو اقل انه قطع السفر فلا نحدد ما لم يحدده الله ورسوله فنضيق على عباد الله بل نقول ما دمت ناويا الرجوع من هذا البلد وإنما أقمت لحاجة إذا انقضت رجعت فأنت مسافر وهذا هو القول الذي إذا تأمله الإنسان اطمأنت نفسه إليه وعرف انه الحق لان أي إنسان يحدد فما اسهل أن نقول أين الدليل وبناء على ذلك لو رجلا ذهب إلى مكة للحج في شوال بقى عليه كم ذو القعدة وذو الحجة أي أيام الحج يعني اكثر من خمسين يوما نقول لا باس اقصر الصلاة أنت مسافر امسح على الخفين ثلاثة أيام لكن المسافر إذا ائتم بمن يصلي أربعا وجب عليه أن يصلي أربعا سواء أدرك الصلاة من أولها أو لم يدرك إلا التشهد يجب عليه أن يصلي أربعا لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا وهذا يشمل المسافرين والحاضرين أما مسلك الجمع فالجمع أوسع من القصر لان الجمع يجوز عند الحاجة والمشقة سواء في الحضر أو في السفر ولذلك نقول كلما جاز القصر(3/271)
جاز الجمع وليس كلما جاز الجمع جاز القصر هذا ضابط مفيد كلما جاز القصر جاز الجمع ولا نقول كل ما جاز الجمع جاز القصر ولهذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجمع إذا سافر فإذا نزل منزلا ليرتحل منه قبل زوال الشمس أي قبل الظهر أخرها مع العصر وإن زالت الشمس قبل أن يرتحل قدم العصر حتى يستمر في سيره وهذا سنة أما إذا كان المسافر نازلا فالجمع جائز لكن تركه افضل فالجمع إذاَ أما سنة وأما جائز متى يكون سنة إذا جد به السير صار سنة ويكون جائزا إذا لم جد به السير ولذلك أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبوك عشرين يقصر الصلاة ويصلي جمعا وهو مقيم فالصواب أن الجمع للمسافر جائز سواء جد به السير أم لم يجد به لكن أن جد به السير فالجمع افضل وإن لم يجد به فتركه افضل ولهذا لم يجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في منى في أيام الحج لانه مقيم وجمع في عرفة لمصلحة وجمع في مزدلفة للحاجة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة المسافر والمريض
438 - وَعَنْ أَنَسٍ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اِرْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ اَلشَّمْسُ أَخَّرَ اَلظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ اَلْعَصْرِ, ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا, فَإِنْ زَاغَتْ اَلشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى اَلظُّهْرَ, ثُمَّ رَكِبَ " (?????) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ اَلْحَاكِمِ فِي "اَلْأَرْبَعِينَ" بِإِسْنَادِ اَلصَّحِيحِ: " صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ, ثُمَّ رَكِبَ " (?????) .
وَلِأَبِي نُعَيْمٍ فِي "مُسْتَخْرَجِ مُسْلِمٍ": " كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ, فَزَالَتْ اَلشَّمْسُ صَلَّى اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا, ثُمَّ اِرْتَحَلَ "(3/272)
439- وَعَنْ مُعَاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يُصَلِّي اَلظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا, وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
440- وَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا= ذ0 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " لَا تَقْصُرُوا اَلصَّلَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ; مِنْ مَكَّةَ إِلَى عُسْفَانَ " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيف ٍ (?????) وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ، كَذَا أَخْرَجَهُ اِبْنُ خُزَيْم َةَ.
441- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " خَيْرُ أُمَّتِي اَلَّذِينَ إِذَا أَسَاءُوا اِسْتَغْفَرُوا, وَإِذَا سَافَرُوا قَصَرُوا وَأَفْطَرُوا " أَخْرَجَهُ اَلطَّبَرَانِيُّ فِي "اَلْأَوْسَطِ" بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ . (?????) .
وَهُوَ فِي مُرْسَلِ سَعِيدِ بْنِ اَلْمُسَيَّبِ عِنْدَ اَلْبَيْهَقِيِّ مُخْتَصَر ٌ (?????) .
442 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ, فَسَأَلْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ اَلصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: "صَلِّ قَائِمًا, فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا, فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
بسم الله الرحمن الرحيم(3/273)
هذه أحاديث في بيان الجمع في السفر فالجمع في السفر جائز سواء كان الإنسان نازلا أو سائرا لانه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه جمع في مكة في حجة الوداع وهو نازل في الأبطح في حديث أبي جحيفة رضي الله عنه لكن الأفضل للمسافر إذا كان نازلا أن لا يجمع إلا لحاجة وأما إذا كان سائرا فالأفضل أن يجمع ولكن هل يجمع جمع تقديم أو جمع تأخير ينظر للأيسر والأسهل وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر جمع تقديم ثم ارتحل وأما إذا ارتحل قبل أن تزول الشمس فإنه يؤخر الظهر إلى العصر لان ذلك ايسر له فكان - صلى الله عليه وسلم - يتبع الأيسر هذا من أسباب من أسباب الجمع من أسباب الجمع أيضا المرض إذا مرض الإنسان وصار يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها فإنه يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء جمع تقديم أو تأخير الأيسر له لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة من غير خوف ولا مطر قالوا ما أراد إلى ذلك قال: أراد أن لا يحرج أمته يعني أن يحدث لهم الحرج والمشقة بسبب الجمع كذلك من أسباب الجمع المطر إذا كانت السماء تمطر في النهار أو في الليل وكان المطر يبل الثياب يعني أن الثياب تبتل من الماء فنه يجوز له الجمع سواء في وقت البرودة الشديدة أو الخفيفة لان العلة هنا هي المطر فإن كانت السماء قد أقلعت نظرنا إذا كان المطر قد خلف وحلا ومشقة في الحضور إلى المسجد جمع أيضا من اجل الوحل لان هذا مشقة أن يحضر الناس من بيوتهم إلى المساجد مع الوحل هذا من أسباب الجمع أيضا إذا كان هناك شغل يشغل الإنسان بحيث يكون مثلا في دراسة والحصة تكون في وقت الصلاة ويشق عليه أن يدعها ويذهب إلى المسجد أو يبقى يصلي فله أن يجمع وهذا يحتاج إليه الناس في غير هذه البلاد لان هذه البلاد وله الحمد إذا آذن خرج الناس يصلون لكن في بلاد أخرى في بلاد الكفر يكون وقت(3/274)
الدراسة في وقت الصلاة يشق على الطالب أن يذهب ليصلي وربما لا يرخص له فمثل هذا يجوز له الجمع على أن هؤلاء الذين يدرسون لهم الجمع من وجهين الوجه الأول انهم مسافرون يترخصون برخص السفر والوجه الثاني أن يشق لعيهم مغادرة القاعة من اجل الصلاة والضابط في الجمع أن كلما شق على الإنسان أن يصلي لك لصلاة لوقتها جاز له الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء لعموم قول الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثت بالحنيفية السمحة وقوله إنما بعثتم ميسرين وقوله إن هذا الدين يسر والنصوص في هذا كثيرة ولله الحمد أن الأمر سهل ميسر والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة المسافر والمريض
442 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ, فَسَأَلْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ اَلصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: "صَلِّ قَائِمًا, فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا, فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ" " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ.
443- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: " عَادَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرِيضًا, فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ, فَرَمَى بِهَا, وَقَالَ: "صَلِّ عَلَى اَلْأَرْضِ إِنْ اِسْتَطَعْتَ, وَإِلَّا فَأَوْمِ إِيمَاءً, وَاجْعَلْ سُجُودَكَ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ" " رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ. وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَقْفَهُ.
444- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " رَأَيْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مُتَرَبِّعًا " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ.
بسم الله الرحمن الرحيم(3/275)
هذه الأحاديث الثلاثة فيما يتعلق بصلاة المريض منها حديث عمران ابن الحصين انه كان فيه بواسير والبواسير داء في المقعدة معروفة ينزف دما ويؤلم الإنسان وكانت البواسير فيما سبق يصعب علاجها ويشق على الناس وربما يؤدي إلى الهلاك لان الطب لم يترق بعد لكن الآن ولله الحمد صار أمرها سهلا فعمران بن حصين رضي الله عنه كان به بواسير فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب هذه ثلاثة مراتب المرتبة الأولى انه جب على المريض أن يصلي قائما وهذه في الفريضة لقول الله تبارك وتعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين قوموا فلابد من القيام قال أهل العلم سواء قام غير معتمد على شيء ولا مستند أو قام معتمدا على عصى أو على عامود أو دار أو إنسان المهم متى استطاع أن يصلي قائما سواء كان على اعتماد أو غيره فإنه يجب عليه أن يصلي قائما فإن لم يستطع بان مكان به ألم في ظهره لا يستطيع أن يعتمد أبدا أو يستطيع لكن يشق عليه مشقة شديدة تشغله عن الخشوع في الصلاة فإنه يصلي قاعدا ولكن كيف يصلي وهو قاعد يصلي متربعا لقول عائشة رضي الله عنها رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعا وهذا في حال القيام والركوع وإذا صلى قاعدا فإنه يومئ بالركوع بمعنى يحني ظهره حتى يقارب وجهه ما وراء ركبتيه ثم يرفع ثم يسجد فإن استطاع أن يسجد سجد وإلا أومئ بالسجود لكن يجعل إيمائه بالسجود اخفض من إيمائه بالركوع في حال السجود يثني رجليه كالعادة وأيضا في حال الجلوس بين السجدتين أو التشهد كذلك يثني رجليه كالعادة وعلى هذا يكون متربعا في حال القيام والركوع وأما الجلوس بين السجدتين وللتشهد فكالعادة إذا قدر وإن لم يقدر جلس على أي صفة كان في هذا الحديث دليل على يسر الشريعة وتسهيلها وان الأمر فيها واسع ولله الحمد وان الإنسان يفعل ما يقدر عليه من الواجب وما لا يقدر عليه فإنه(3/276)
يسقط عنه فإن قال قائل فإن كان لا يستطيع أن يصل إلى الأرض بإيمائه فهل يضع شيئا مرتفعا يسجد عليه كالوسادة والمنصة الصغيرة وما أشبه ذلك فالجواب لا لا يفعل لان هذا من التكلف ولهذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يصلي على وسادة فرمى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني أخذها وأبعدها وأمره أن يومئ بالسجود لأننا منهيون عن التنطع والتعمق ومأمورون بالأخذ باليسر والسهولة ولله الحمد فإن قال قائل انه يستطيع أن يسجد إلا على جهته يعني مثلا إنسان فيه جروح في الجبهة لا يستطع أن يصل إلى الأرض بجبهته لكن يستطيع أن يحني ظهره إلى قريب السجود فهل نقول لما سقط عنه السجود بالجبهة سقط عنه باليدين أو نقول يسجد باليدين ويقرب جدا من الأرض بقدر ما يستطيع ؟ الجواب بالثاني مثلا نقول أنت الآن الذي يمنعك من السجود على الجبهة الجروح انحني حتى تصل إلى السجود الن هيئتك حينئذ اقرب إلى الساجد من الإيماء فيلزمه أن يضع كفيه على الأرض ثم يدني جبهته إلى الأرض بقدر ما يستطيع فإذا قال قائل انه يستطيع أن يسجد على الأرض لكن قد قال له الطبيب لا تسجد على الأرض لانه قد سوى عملية في عينه والطبيب يقول لا تسجد فهل يأخذ بقول الطبيب أو يقول أنا قادر وسأسجد ولا أبالي ؟ فالجواب يأخذ بقول الطبيب ولا يسجد لو قال أتحمل الألم حال السجود ولا يهمني قلنا لا إن الله تعالى يقول لا تقتلوا أنفسكم الله ارحم بك من نفسك لا تسجد فإذا قال إن الطبيب غير مسلم فهل اقبل قوله ؟ فالجواب نعم يقبل قوله ولو كان غير مسلم لان هذه مهنة وصنعة ولا غرض للكافر في أن يضر المسلم بها فالكافر يهمه أن تنجح صنعته ولا حرج بالأخذ بقول الكافر إذا كان موثوقا به من حيث الصنعة ويدل لهذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اخذ بقول الكافر في اخطر حال يكون عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في حال خطرة ومع ذلك اخذ بقول الكافر وذلك انه(3/277)
ف الهجرة من مكة إلى المدينة استعمل رجلا مشركا يدله على الطريق استأجره يقال له عبد الله بن اريقط استأجره ليدله على الطريق ومعلوم أن هذا فيه خطر على الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما دله هذا المشرك على قريش وقريش كانت تطلبه ومع ذلك لما وثق بقوله انه رجل ماهر في الدلالة اعتبر دلالته هذا دليل على انه يجوز الأخذ بقول الكافر في مثل هذه الأمور لان هذه ليست مسالة دينية نقول ربما أضله بل هذه صنعة تجريبية فيجوز أن يأخذ بقول الكافر إذا قال لا تسجد على الأرض لان ذلك يخل بالعملية ومثلب لذلك لو قال له لا تصوم في رمضان لان ذلك يؤثر على بدنه فله أن يفطر بقوله ما دام واثقا به ذكرنا أن حديث عمران بن حصين صل قائما في الفريضة أما النافلة فيجوز للإنسان أن يصلي قاعدا ول كان قادرا على القيام لكنه إذا صلى قاعدا وهو قادر على القيام كتب له نصف الأجر فقط وإن كان عاجزا كتب له الأجر كاملا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من مرض وسافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما فإن قال قائل فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعمران فإن لم تستطع فعلى جنب يعني يتوجه إلى القبلة ويصلي على جنب أي جنبيه الأيمن أو الأيسر الذي يسهل عليه ويومئ برأسه في الركوع والسجود فإن لم يستطع أن يومئ بالرأس فماذا يصنع ؟ قال بعض العلماء يومئ بالعين وقال بعضهم لا يومئ بالعين لان الإيماء إنما ورد في الرأس وأما العين فحديثها ضعيف وهذا الثاني اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى يقول ما في إيماء بالعين إما بالرأس وإما لا شيء عليه وأما ما يفعله بعض العوام يومئ بإصبعه يعني يوقف وعند الركوع يثنيه قليلا وعند السجود يثنيه اكثر فهذا لا اصل له ولا يعمل به لانه لم يأت في القرآن ولا في السنة ولا في أقوال العملاء لكنه رأى عامي بحت فلا عمل عليه والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم(3/278)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وأصحابه أجمعين قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام باب صلاة الجمعة
بَابُ صَلَاةُ اَلْجُمُعَةِ
445- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ, " أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ -عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ- "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ اَلْجُمُعَاتِ, أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اَللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ, ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ اَلْغَافِلِينَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
446- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ اَلْأَكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْجُمُعَةَ, ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (?????) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " كُنَّا نَجْمَعُ مَعَهُ إِذَا زَالَتِ اَلشَّمْسُ, ثُمَّ نَرْجِعُ, نَتَتَبَّعُ اَلْفَيْءَ " (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/279)
قال بن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب صلاة الجمعة لما ذكر رحمه الله من الأحاديث ما ذكر في صلاة الجمعة التي تجب في الصلوات الخمس كلها ذكر صلاة الجمعة وصلاة الجمعة واجبة بالنص والإجماع قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره ابن حجر رحمه الله في هذا الكتاب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : على أعواد منبره يعني يوم الجمعة وهو يخطب الناس لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختم الله على قلوبهم فليكونن من الغافلين والعياذ بالله وهذا وعيد شديد وصلاة الجمعة أوكد بكثير من صلاة الجمعة لان المسلمين مجمعون على وجوبها لم يخالف منهم أحد ثم هي صلاة فريدة منفردة لا تجمع إليها العصر لأنها صلاة مستقلة لابد فيها من الجمع واجتماع النسا فيها على أمام واحد ولها مزايا كثيرة وخصائص معلومة لذلك كانت مؤكدة جدا ففي الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله تعالى دليل على أن ترك الجمعة من كبائر الذنوب وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه فلا يصل إليه الخير كالنقود التي ختمت بالطابع لا يمكن أن يدخلها شيء ولا يخرج منها شيء فكذلك من ترك ثلاث جمع تهاونا ثم أنها تختص بالمدن والقرى فلا تقام في البوادي والأسفار لانه لابد فيها من اجتماع كبير لذلك لو أن إنسانا مسافرا ثم أدركته الجمعة وهو في السفر فأقام الجمعة وصلى هو أصحابه الذين معه في السيارة فإنهم آثمون وصلاتهم باطلة لأنهم تعدوا حدود الله فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر وتدركه الجمعة في السفر وأدركته الجمعة في اكبر مجمع للمسلمين وذلك في حجة الوداع يوم عرفة لانه كان يوم جمعة ومع ذلك ما أقام بالناس الجمعة لانه مسافر
?
?
الشريط الخامس عشر(3/280)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمدا وعلى اله وأصحابه أجمعين قال الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام باب صلاة الجمعة
بَابُ صَلَاةُ اَلْجُمُعَةِ
445- عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ, وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمْ, " أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ -عَلَى أَعْوَادِ مِنْبَرِهِ- "لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ اَلْجُمُعَاتِ, أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اَللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ, ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ اَلْغَافِلِينَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . (?????) .
446- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ اَلْأَكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْجُمُعَةَ, ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (?????) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " كُنَّا نَجْمَعُ مَعَهُ إِذَا زَالَتِ اَلشَّمْسُ, ثُمَّ نَرْجِعُ, نَتَتَبَّعُ اَلْفَيْءَ " (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/281)
قال بن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب صلاة الجمعة لما ذكر رحمه الله من الأحاديث ما ذكر في صلاة الجمعة التي تجب في الصلوات الخمس كلها ذكر صلاة الجمعة وصلاة الجمعة واجبة بالنص والإجماع قال الله تبارك وتعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره ابن حجر رحمه الله في هذا الكتاب عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : على أعواد منبره يعني يوم الجمعة وهو يخطب الناس لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختم الله على قلوبهم فليكونا من الغافلين والعياذ بالله وهذا وعيد شديد وصلاة الجمعة أوكد بكثير من صلاة الجمعة لان المسلمين مجمعون على وجوبها لم يخالف منهم أحد ثم هي صلاة فريدة منفردة لا تجمع إليها العصر لأنها صلاة مستقلة لابد فيها من الجمع واجتماع النسا فيها على أمام واحد ولها مزايا كثيرة وخصائص معلومة لذلك كانت مؤكدة جدا ففي الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله تعالى دليل على أن ترك الجمعة من كبائر الذنوب وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه فلا يصل إليه الخير كالنقود التي ختمت بالطابع لا يمكن أن يدخلها شيء ولا يخرج منها شيء فكذلك من ترك ثلاث جمع تهاونا ثم أنها تختص بالمدن والقرى فلا تقام في البوادي والأسفار لانه لابد فيها من اجتماع كبير لذلك لو أن إنسانا مسافرا ثم أدركته الجمعة وهو في السفر فأقام الجمعة وصلى هو أصحابه الذين معه في السيارة فإنهم آثمون وصلاتهم باطلة لأنهم تعدوا حدود الله فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسافر وتدركه الجمعة في السفر وأدركته الجمعة في اكبر مجمع للمسلمين وذلك في حجة الوداع يوم عرفة لانه كان يوم جمعة ومع ذلك ما أقام بالناس الجمعة لانه مسافر فهؤلاء الجهال الجهال الذين يوصوف بان(3/282)
جهلهم مركب والجهل المركب شر من الجهل البسيط لان الجهل البسيط معناه عدم العلم والذي لا يعلم ممكن يتعلم ويعلم لكن هذا الجهل الذي يرى انه عالم وهو جاهل فإن جهله مركب ولهذا يذكر أن رجلا يسمى الحكيم يدعي العلم فحث الناس على الصدقة وقال تصدقوا ببناتكم على فتيانكم أعطوهم إياهم هدية يتزوجونهم وهذا على كلامه افضل من الدراهم كل واحد يأخذ بنت بدون مهر على أنها صدقة فيقول في هذا الشاعر
ومن رام العلوم بغير شيء يضل عن السراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليه حتى يكون أضل من توما الحكيم
تصدق بالبنات على رجال يريد بذاك جنات النعيم
هذا جهل توما المركب وكان لل حمار يركبه فقيل على لسان الحمار
قال حمار الحكيم توما لو انصف الدهر كنت اركب لانني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب(3/283)
على كل حال هذا يقال على لسان الحمار وقوله لو انصف الدهر هذا منكر لان الذي يدبر الأمور هو الله لكن الشعراء يتبعهم الغاوون المهم أن الحمار أنا جاهل وصاحبي جاهل مركب ولو كانت الأمور تمشي على حسب العلم لكنت أنا اركب الرجل لأنني خير منه فهؤلاء جهال الذين يمشون بغير علم ويدعون انهم علماء وانهم متمسكون بالسنة هؤلاء هم الخطر على الناس ولهذا قال الله تبارك وتعالى قل إنما حرم بي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وان تقولوا على مالا تعلمون قال ابن القيم رحمه الله تعالى القول على الله بغير علم اعظم من الشرك لان القائل على الله بلا علم يضل الناس ويمشيهم على غير شريعة الله فهؤلاء الهال مساكين الذين قالوا صلاة الجمعة واجبة سواء كانت في حضر أو سفر وسمعنا عنهم انهم يصلون الجمعة وهم يصلون هؤلاء ضالون مضلون عليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وان يرجعوا عن هذا لأنهم أخطاءوا خطأ عظيما هل اعلم بشريعة الله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ لا هل هم اشد حرصا على تنفيذ شريعة الله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ لا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسافر وتمضي عليه الأيام والليالي والأسابيع في سفره ما أقم الجمعة في سفرة من الأسفار أبدا إذاَ ماذا يصنع الذي تدركه الجمعة في سفره ؟ نقول يصلي الظهر ويصليها قصرا ركعتين وإذا شاء جمع إليها العصر نعم لو أن المسافر أدركته الجمعة وهو في بلد تقام فيه الجمعة وهو باق فيها إلى آخر النهار وجبت عليه الجمعة لانه داخل في عموم قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) والمسافرون الذين في البلد من المؤمنين بلا شك فهم داخلون في عموم الآية ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) فالمهم أن الجمعة لها خصائص تنفرد بها عن غيرها(3/284)
من الصلوات ولهذا كانت فرضا على كل إنسان من أهلها بإجماع المسلمين ويجب أن تكون في مكان واحد في البلد كله وقد ذكر العلماء أن الجمعة لم تتعدد في البلد الواحد إلا في القرن الثالث الهجري يعني مضي زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وزمن الخلفاء الراشدين وزمن التابعين والمسلمون كلهم يصلون في مكان واحد الجمعة ولم تتعدد ألا فيما فوق المائتين من الهجرة مما يدل على أن المسلمين يحترمون الهجرة أما ما يفعله الناس الآن في وقتنا فإن شيء يؤسف له تجد البلد الواحد الصغير فيه جمعتان وتجد أن المساجد لا تمتلئ والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجمعة
446- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ اَلْأَكْوَعِ - رضي الله عنه - قَالَ: " كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْجُمُعَةَ, ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ بِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ ( } ربيع ثان محرم صفر { ) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: " كُنَّا نَجْمَعُ مَعَهُ إِذَا زَالَتِ اَلشَّمْسُ, ثُمَّ نَرْجِعُ, نَتَتَبَّعُ اَلْفَيْءَ " ( } ربيع ثان محرم ربيع أول { ) .
447 - وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ اَلْجُمُعَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ . ( } ربيع ثان محرم ربيع ثان { ) .
وَفِي رِوَايَةٍ: " فِي عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . " ( } ربيع ثان محرم جمادى أول { ) .(3/285)
448- وَعَنْ جَابِرٍ " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا, فَجَاءَتْ عِيرٌ مِنَ اَلشَّامِ, فَانْفَتَلَ اَلنَّاسُ إِلَيْهَا, حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . ( } ربيع ثان محرم جمادى ثان { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الأحاديث ذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام فيما يتعلق بصلاة الجمعة وفيها الإشارة إلى وقت صلاة الجمعة ففي حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ما كنا نقيل ولا نتغدي في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة إلا بعد الجمعة وهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبادر بصلاة الجمعة ولا يؤخرها وكذلك الحديث الذي سبقه فيه أيضا انه يبادر بها لأنهم يرجعون من الصلاة وليس للحيطان ظل يستظل بها والحيطان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت قصيرة ليست كالحيطان التي في عهدنا تجد العمارات طويلة لها ظل لكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت قصيرة والظل قصير فكانوا يتتبعون الفيء وهذا يدل على انه كان في عز الحر وهو من الفروق بين الظهر والجمعة الظهر إذا اشتد الحر فالأفضل أن يؤخر إلى قرب صلاة العصر إلى قرب صلاة العصر حتى تكون ألا فياء ويبرد الجو أما الجمعة فأنها تفعل حين الزوال بدون تأخير حتى في شدة الحر والحكمة في ذلك أن الجمعة يتقدم الناس إليها يأتون من الساعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة فلو أخرت لشق ذلك على الناس فكان التقديم ارفق بهم واحسن ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخر صلاة الجمعة في شدة الحر أما في الظهر فقال إذا اشتد الحر فابردوا فإن شدة الحر من فيح جهنم وفي هذا دليل على أن ما يفعله الناس اليوم من عدم الابراد في صلاة الظهر انه موافق للسنة فيما يظهر وذلك إذا كانت صلاة الجمعة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت خوفا على المشقة على الناس انتظار(3/286)
الصلاة فالناس اليوم لو انهم ابردوا لشق عليهم لأنهم لو ابردوا لكانت الصلاة حوالي الساعة ثلاث أو ثلاث إلا ربع أو اثنتين ونصف وهذا وقت انصراف الناس من أعمالهم وتجد هناك فيه تعب بعد العمل فيشق لعيهم أن يؤخروا الصلاة فلذلك كان الناس من زمن ليس بالعبيد كثيرا كانوا لا يؤخرون الصلاة في شدة الحر وأما حديث جابر ري الله عنه فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يخطب يوم الجمعة فقدمت عير من الشام فانفتل الناس إليها ولم يبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أثنى عشر رجلا وكان سبب ذلك أن الناس أصابهم قلة في التجارة والطعام وكان من عادتهم أن العير إذا أقبلت ضربوا الدفوف بين يديها حتى يسمع الناس بها ففي أثناء الخطبة سمع الناس الدفوف فخرجوا من المسجد وذهبوا إليها حتى لم يبق معه إلا أثنى عشر رجلا وانزل اله تعلا في هذه الفعلة عتابا للمسلمين فقال تعالى وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ) عاتبهم الله تعالى لأنهم خرجوا من الصلاة من اجل التجارة وما عند الله خير من اللهو ومن التجارة استدل العلماء في هذا الحديث على انه تام صلاة الجمعة باثنى عشر رجلا وانه لا يشترط فيها أن يكون أربعون رجلا والقول الراجح أنها تنعقد بأقل من ذلك تنعقد بثلاث فلو فرض أن قرية صغيرة ليس فيها إلا ثلاثة من الناس فإن الجمعة تنعقد بهم وليس هناك دليل على عدد معين حتى الثلاثة أيضا فيها خلاف بعض الناس يقول إذا كان اثنان في قرية مستوطنين فإنها تجب عليهما الجمعة كسائر الجماعات لكن الصحيح انه لابد من ثلاثة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما من ثلاثة في قرية لا تقام فيهم الجمعة إلا استحوذ عليهم الشيطان ولان الجمعة تحتاج إلى أمام ومناد لقوله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة والمناد لا يناد إلا إذا حضر الإمام فهذان اثنان فإذا قلنا أنها تنعقد باثنين لم يبق(3/287)
للخطاب شيء يوجه إليهم فيكون اقل اقل ما تنعقد به الجمعة ثلاثة والله الموفق
قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام بابا صلاة الجمعة
449- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ اَلْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَلْيُضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى, وَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ " رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَاَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَاللَّفْظُ لَهُ, وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ, لَكِنْ قَوَّى أَبُو حَاتِمٍ إِرْسَالَهُ . ( } ربيع ثان محرم رجب { ) .
450- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَخْطُبُ قَائِمًا, ثُمَّ يَجْلِسُ, ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ قَائِمًا, فَمَنْ أَنْبَأَك َ ([418]) أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا, فَقَدْ كَذَبَ " أَخْرَجَهُ مُسْلِم ٌ ( } ربيع ثان محرم رمضان { ) .
451- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ, احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلَا صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ, حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ, وَيَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابُ اَللَّهِ, وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْي ُ ([420]) مُحَمَّدٍ, وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " ( } ربيع ثان صفر محرم { ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ كَانَتْ خُطْبَةُ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ: " يَحْمَدُ اَللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ, ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ, وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ "(3/288)
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " مَنْ يَهْدِه ِ ( } ربيع ثان صفر صفر { ) اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ " ( } ربيع ثان صفر ربيع أول { ) .
وَلِلنَّسَائِيِّ: " وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي اَلنَّارِ " ( } ربيع ثان صفر ربيع ثان { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث في باب صلاة الجمعة ساقه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام منها حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فليضف إليها أخرى فقد تمت صلاته يعني الإنسان إذا أدرك من صلاة الجمعة ركعة أتمها جمعة يعني أضاف إليها أخرى فقد تمتم جمعته وأما إذا أدرك دون ركعة فليصل أربعا مثال الأول رجل جاء والإمام في الركعة الثانية يوم الجمعة فدخل مع الإمام فإذا سلم الإمام أتى بواحدة وتمت جمعته ومثال الثاني رجل أتى وقد رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية فهنا لم يدرك شيئا من صلاة الجمعة فعليه أن يصلي الظهر أربعا وأما قوله في الحديث أو غيرها فهي كلمة شاذة لا معول عليها ولا تستقيم لان الإنسان لو أدرك ركعة من الظهر لزمه أن يصلي ثلاثا بعدها ولو أدرك ركعة من المغرب لزمه أن يضيف إليها اثنتين فذه الكلمة شاذة لا عبرة بها نعم الفجر إذا أدرك منها ركعة أضاف إليها أخرى وتمت صلاة الفجر وأما الحديثان بعد ذلك فهما في الخطبة خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة كان خطب قائما فإذا أتم الخطبة الأولى جلس ثم خطب الثانية يقول فمن نبأك أن كان يخطب جالسا فقد كذب فالسنة في الخطبة أن يكون قائما لان ذلك اظهر للناس وابين أقوى في إرساء الخطبة ومن المعلوم أن الناس يفرقون بين أن يسمعوا الصوت ويروا المتكلم وبين أن يسمعوا الصوت بلا رؤية المتكلم وفي هذا نقول المراتب ثلاثة المرتبة الأولى أن يسمع المتكلم وينظر إليه وهذه أعلاها لانه يجتمع في حق السامع إدراك المتكلم بالعين والاذن(3/289)
والثانية أن يسمع صوته ولا يراه وهذه اضعف تأثير المتكلم أو الخطيب في هذه الحال أضف مما لو كان يشاهده الثالثة أن يسمع صوته ولا يراه ولكنه يسمعه منقولا كالذي يسمعه مسجلا ولذلك تجد الذين يسجلون خطبة الجمعة وهم يستمعون إلي الخطيب في المسجد ثم يستمعونها من الشريط بعد ذلك يقولون سبحان الله ه لهذه الخطبة التي سمعنا لانهم تأثروا تأثرا بالغا وهم يستمعون إليها لكن الشريط لا يتأثر به الإنسان فهذه ثلاث مراتب أعلاها المشاهدة والسماع ولهذا كان كلما دنا الإنسان من الإمام يوم الجمعة فانه افضل لكن بعض أن يكمل الصف الأول فالأول وأما حديث جابر رضي الله عنه فهو في خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان يحمد الله ويثني عليه ثم يقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار نعوذ بالله وكان أيضا إذا خطب احمرت عيناه واشتد غضبه وعلا صوته حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم منذر الجيش أن يدخل البلد فجأة خائفا يقول يا أيها الناس إن الجيش قد دهمكم الجيش عندكم إما في الصباح أو المساء وفي مثل هذه الحال سيكون فيها الإنسان فزعا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - في حلا الخطبة يكون متأثرا وكما يقول الناس الآن متحمسا شديدا لان هذا ابلغ في التأثير على السامع بخلاف الإنسان الذي يقرأ الخطبة وهو يرسلها إرسالا فإن هذا وإن كان يؤثر لكن تأثره اضعف من تأثير الذي يؤديها بشدة وانفعال وغضب ثم إن لكل مقام مقال أحيانا يكون موضوع الخطبة موضوعا يستدعي مثل هذه الحالة يعني موضوعا وعظيا أحيانا يكون الموضوع لبيان أحكام فقهية أو أحكام عقدية أو ما أشبه ذلك فلكل موضوع ما يناسبه ويأتي إن شاء الله شرح حديث جابر رضي الله عنه والله الموفق
نقل الحافظ رحمه الله تعالى فيما ساقه من الأحاديث في باب صلاة الجمعة(3/290)
451- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ, احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلَا صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ, حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ, وَيَقُولُ: "أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ خَيْرَ اَلْحَدِيثِ كِتَابُ اَللَّهِ, وَخَيْرَ اَلْهَدْيِ هَدْي ُ ([425]) مُحَمَّدٍ, وَشَرَّ اَلْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " ( } ربيع ثان صفر جمادى ثان { ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ كَانَتْ خُطْبَةُ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ: " يَحْمَدُ اَللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ, ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ, وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ "
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " مَنْ يَهْدِه ِ ( } ربيع ثان صفر رجب { ) اَللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ " ( } ربيع ثان صفر شعبان { ) .
وَلِلنَّسَائِيِّ: " وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي اَلنَّارِ " ( } ربيع ثان صفر رمضان { ) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/291)
هذا الحديث وهو حديث جابر رضي الله عنه سبق الكلام على أوله وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطب تغير واشتد غضبه واحمرت عيناه وعلا صوته وفي هذا الحديث انه كان يقول بعد أن يحمد الله ويثني عليه أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله يعني القرآن الكريم فإنه خير الحديث لما يشتمل عليه من الأخبار الصادقة والقصص النافعة الحسنة والأحكام العادلة والثواب الجزيل لمن قراه وسعادة الدنيا والأبخرة لمن تمسك به قال الله تبارك وتعالى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى هذا القرآن الكريم فيه خبر ما قبلنا ونبأ ما بعدنا وحكم ما بيننا ولهذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم يتلونه سرا وجهرا ويتعلمونه حفظا ومعنىَ وعملا فكانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعملوها وما فيها من العلم والعمل فهو خير الحديث وفيه أيضا من فوائد هذا الحديث أن القرآن الكريم يسمى حديثا لانه كلام الله والكلام حديث قال الله تعالى ومن اصدق من الله حديثا وأضافه الله إلى نفسه لانه سبحانه وتعالى هو الذي تكلم به تكلم به حق وألقاه على جبريل الأمين ثم أن جبريل ألقاه على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - والهدي هو الطريق والسنة فلا هدي مثل هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا هدي خير منه ولهذا نعرف ضلال هؤلاء القوم الذين سلكوا في عباد الله خير من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا لهم قوانين مخالفة لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - يحكمون بها في عباد الله عز وجل يظنون أنها خير من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا شك انهم بذلك ضالون وان خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وفي هذا أيضا رد على أهل البدع الذين ابتدعوا في دين الله تعالى ما ليس منه فشرعوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله تعالى فيقال هل هذا الهدي من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ والجواب لا فنقول لهم انتم على ضلال ولهذا قال - صلى(3/292)
الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها يعني أمور الدين محدثاتها أي ما احدث في الدين وإن استحسنه محدثه فإنه شر يؤدي إلى الضلالة والهلاك وتعلق القلب بغير الله عز وجل والإشراك في رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكل بدعة ضلالة كل بدعة فهي ضلالة وليس في البدع خير وفي هذه الجملة رد على من توهم من بعض أهل العلم وزعم أن البدعة فيها ما هو خير وما هو شر وقد اخطأ من قسم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة قال شيخ الإسلام ومن ظن أن البدعة حسنة فإنه لا يخلو من أمرين إما أن يكون واهما في ظنه أنها حسنة وإما أن يكون واهما في ظنه أنها بدعة يعني فهي إما أنها ليست ببدعة فتكون حسنة لما تشتمل عليه من الحسن وأما إن كانت بدعة فلا يمكن أن تشتمل بدعة مع حسن أبدا وافصح من نطق بالضاد وأعلمهم بالله وشرعه وانصحهم لبعاده يقول كل بدعة ضلالة وبهذا نعرف ضلال هؤلاء القوم الذين ابتدعوا في هذا الشهر شهر ربيع الأول ابتدعوا بدعة يسمونها الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنهم على ضلال وإثم وان هذا الاحتفال لا يزيدهم من الله تعالى إلا بعدا والعياذ بالله لانه نهي عن البدع وشدد فيها وهؤلاء ابتدعوا هذه البدعة الضالة ثم إنها لا تقتصر على بدعة اقتصروا فيها على ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -وحياته والصلاة عليه بل كما نسمع يجتمع فيها الرجال والنساء وتدار فيها الموائد ويحصل فيها الصراخ والزعاق والغش وكذلك أيضا الغلو الزائد في الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهي بدعة ضلالة تشتمل على عظائم الأمور بل على شيء من عظائم الأمور وكل بدعة ضلالة وفي رواية النسائي وكل ضلالة في النار لان الضلالة خلاف الهدي وخلاف الهدي في النار قال تعالى فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون فيبغي للخطباء أن يخطبوا بهذه الكلمات التي يخطب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اشتملت عليه من الأصول العظيمة والمواعظ النافعة وأن يكونوا في خطبتهم(3/293)
كهيئة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أننا ذكرنا بالأمس أن بعض الخطب يراد بها بيان أحكام شرعية فهذه لا تحتاج إلى اشتداد واحمرار عين وشدة غضب لأنها بيان أحكام ولكل مقام مقال والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اله وصحبه أجمعين قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في باب صلاة الجمعة
452 - وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " إِنَّ طُولَ صَلَاةِ اَلرَّجُلِ, وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . ([430]) .
453- وَعَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " مَا أَخَذْتُ: "ق وَالْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ", إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى اَلْمِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ اَلنَّاسَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . ([431]) .
454 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَمَثَلِ اَلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا, وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ: أَنْصِتْ, لَيْسَتْ لَهُ جُمُعَةٌ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ . ([432]) وَهُوَ يُفَسِّرُ.
455 - حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - فِي "اَلصَّحِيحَيْنِ" مَرْفُوعًا: " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامِ يَخْطُبُ, فَقَدْ لَغَوْتَ " ([433]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/294)
هذه الأحاديث في باب صلاة الجمعة ذكرها صاحب بلوغ المرام فيما يتعلق بالخطبة وغيرها ومنها حديث عمار بن اسر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث أن طول صلاة الرجل يعني يوم الجمعة وقصر خطبته يعني يوم الجمعة مئنة من فقهه أي دليل وعلامة على فقهه وذلك أن المطلوب من الخطبة هو الموعظة أو بيان الأحكام ولكلما كانت اقصر كان الناس لهم أوعى واحفظ وإذا كانت طويلة تمل السامعين من وجه ويضيع أخرها أولها ولا يستفيد الناس منها فائدة طولا لذلك كان الأفضل أن يقصر الخطبة بشرط إلا يكون تقصيرا يخل بالمقصود أما الصلاة فيطولها لان الصلاة هي صلة بين العبد وربه والمصلي يناجي ربه عز وجل إذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله له حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي وإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل وإذا قال اهدني الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ولا الضالين قال الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل وما دامت صلة بين العبد وربه والإنسان يناجي ربه فإنه يناجي احب شيء إليه وكل إنسان فإنه يحب طول المقام مع من يحبه لذلك كان طول صلاة الرجل دليل على فقهه لكن ما هو ميزان الطول لان بعض الناس يستطيل القصير وبعضهم يستقصر الطويل الميزان لهذا عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة الجمعة إما الجمعة والمنافقين وإما سبح باسم ربك الأعلى والغاشية هذا مرة وهذا مرة كذلك أيضا مما يتعلق بالخطبة الانصات للخطيب فإنه الانصات للخطيب واجب يجب على الإنسان أن ينصت للخطيب انصاتا تاما حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال من مس الحصى فقد لغى ومن لغى فلا جمعة له الحصى هو أن مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان(3/295)
مفروشا بالحصى الحصى الصغار كالجمار التي يرمى بها بعض الناس يعبث بالحصى إما يمسكه أو يأخذه بكفه أو غير ذلك فقال من مس الحصى فقد لغي لانه اشتغل بذلك عن استماع الخطبة أما الكلام فقد اخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من تكلم والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا وجه المشابهة أن الحمار الذي يحمل أسفار لا يستفيد منها والأسفار هي الكتب الحمار لو حملته كتبا لم ينتفع بها كذلك هذا الذي جاء يستمع الخطبة لكنه يتكلم لم ينتفع لانه يشتغل بكلامه عن استماعه قال والذي يقول له أنصت ليست له جمعة يعني الذي يسمعه يقول أنصت اسكت لا تتلك يعين ينهاه هذا ليست له جمعة مع انه نهي عن منكر لكنه نهي عن منكر بمثله ولأنه إذا قلا له أنصت ربما يقول الذي يتكلم أنصت عن ايش ثم يقول هذا أنصت عن الكلام ثم يقول ما تكلمت كلاما كثير فيرد ويقول بلى كثير تطول ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول له أنصت ليست له جمعة ومعنى انه ليست له جمعة انه يحرم من اجرها وإن كانت الصلاة تجزي وتبرئ بها الذمة لكن يحرم اجر الجمعة واجر الجمعة عظيم فضلت بها هذه الأمة على سائر الأمم فبين بهذا معنى قوله فقد لغى الثابت في الصحيحين إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت إلا انه يستثنى من ذلك ما إذا تكلم الإنسان مع الإمام أو الخطيب فهذا لا باس به لان رجلا دخل يوم الجمعة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فتكلم قال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل وكذلك كلم النبي - صلى الله عليه وسلم -الرجل الذي دخل وهو يخطب فجلس فقال له أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين وتجوز فيهما فإذا كان الكلام مع الإمام لحاجة أو مصلحة اعني مع الإمام الذي يخطب فانه لا باس به فإن قال قائل لو سلم علي مسلم هل أرد عليه لان رد السلام واجب ؟ نقول لا ترد عليه لان هذا الذي سلم وقت الخطبة لا يستحق ردا إذا يعتبر كمثل الحمار يحمل أسفارا فلا ترد عليه لكن إذا(3/296)
خفت أن يقع في قلبه شيء أو يتكلم يقول ليش ما سلمت علي أو ليش ما رديت علي السلام فاغمزه أو سكته بالإشارة فإذا انتهت الخطبة قل له يا أخي لا يجوز للإنسان أن يتكلم والإمام يخطب ولا يسلم فإن قال قائل أرابت لو أن رجلا عطس والأمام يخطب فحمد الله أيجب علي أن أقول يرحمك الله ؟ الجواب لا يجب علي وهو نفسه أي العاطس لا ينبغي له أن يجهر بالحمد لئلا يشوش على الناس أو ربما يتكلم إنسان جاهل ويقول يرحمك الله فإن قال قائل أريت لو سمع الخطيب يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أيصلى عليه لان النبي - صلى الله عليه وسلم - من خصائصه انه إذا ذكر عندك وجب عليك أن تصلي عليه - صلى الله عليه وسلم - لان جبريل قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - رغم انف امرئ ذكرت عنده فلم يصلي عليك قل آمين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آمين دعاء من جبريل وتامين من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأي إنسان يذكر عنده رسول الله - صلى الله عليه وسلم -فإن الواجب عليه أن يصلي عليه فليستقبل رغم الأنف ورغم الأنف كناية عن الإذلال لان معناها أي سقط في الرغام أي التراب وهذا غاية الذل ولهذا نقول إذا سمعت الخطيب يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا باس أن تصلي عليه لكن قال العلماء يصلي عليه سرا لئلا يشوش على من حوله فإن قال قائل فإذا سمعت الخطيب يدعو فهل أؤمن على دعائه لان دعاء الخطيب لنفسه ودعاء لمن يستمع إليه؟ فالجواب نعم أمن على دعائه ولكن بدون جهر لان الخطي هو يدعو لنفسه ولهذا لو قال الخطيب اللهم اغفر لي وارحمن واجعلني من عبادك الصالحين نهيناه عن هذا ورد في الحديث أن الإمام إذا خص نفسه بالدعاء فقد خان المأمومين قال شيخ الإسلام هذا محمول على الدعاء الذي يجهر به ويكون دعاء له وللمأمومين أما الدعاء الخاص فهذا لا باس به لكن الدعاء العام الذي يؤمن عليه لا يجوز له أن يخص نفسه به فإن فعل فقد خان المأمومين الخطيب إذا دعا(3/297)
سيدعو للعموم يقول ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وما أشبه فهل نؤمن على دعائه ؟ الجواب نعم لان دعائه دعاء دعاء لنا والله الموفق
ج : السواك من اللغو يعين من جعل يعبث بالسواك فإنه يلغو ليس له جمعة إلا إذا كان يتسوك لحاجة مثل أن يغلبه النعاس فيتسوك لطرد النعاس فهذا لا باس به
ج: قم له بالعمل بدون قول --- إذا غلط في أية رد عليه كما لو غلط وهو يصلي رد عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب صلاة الجمعة
453- وَعَنْ أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " مَا أَخَذْتُ: "ق وَالْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ", إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى اَلْمِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ اَلنَّاسَ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ . ([434]) .
456 - وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: " دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ, وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ . فَقَالَ: "صَلَّيْتَ?" قَالَ: لَا. قَالَ: "قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/298)
نقل الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ فيما نقله عن أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا أَخَذْتُ: "ق وَالْقُرْآنِ اَلْمَجِيدِ", إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا كُلَّ جُمُعَةٍ عَلَى اَلْمِنْبَر وهذه السورة كان النبي ِ - صلى الله عليه وسلم - يخطب بها لأنها اشتملت على مواعظ عظيمة ختمها الله تعالى بقوله إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب بها على أناس يفهمون معناها ويتأثرون بها فتكفي عن الخطبة التي ينشئها الإنسان من عنده لكن لو خطب الإنسان اليوم على عامة لا يفهمون المعنى لم تغنهم شيئا لا أن يضيف إليها تفسير آياتها وما فيها من العبر فحينئذ تنفع(3/299)
وأما حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب الناس يوم الجمعة فدخل رجل فجلس فقال صليت قال لا قال قم فصل ركعتين وتجوز فيهما يعني خففهما ففيه دليل على فوائد منها جواز تكلم الخطيب إذا دعت الحاجة إلى ذلك مثل هذه المسألة لو أن الخطيب رأى رجلا دخل المسجد وجلس ولم يصل فليسأله هل صلى أو لا إذا كان يخشى أن صلى ولم يره أما إذا كان يعرف انه دخل المسجد مع الباب ورآه ثم جلس الرجل فلا حاجة أن يقول أصليت لانه يعلم انه ما صلى فيقل له قم فصل ركعتين وتجوز فيهما ومن فوائده أنه يجوز لمن كلمه الخطيب أن يرد عليه لان هذا الرجل رد على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن فوائده تأكيد تحية المسجد لمن دخل حتى ولو كان الإمام يخطب مع أن استماع الخطبة واجب ومع ذلك أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي تحية المسجد ولو تشاغل بهما عن عن سماع الخطبة وقد استدل بهذا الحديث من يرى أن سنة أو تحية المسجد واجبة وهذا ليس ببعيد أن تكون واجبة لانه ما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطع خطبته ويأمر هذا أن يصلي مع تشاغله عن استماع الخطبة الواجب إلا لأنها واجبة لانه لا يشتغل عن الواجب إلا بواجب لكن هناك أدلة ظاهرها يقتضي أنها ليست بواجبة ولكنها سنة مؤكدة فلا ينبغي لمن دخل المسجد أن يجلس حتى يصلي ركعتين سواء دخل في الصباح أو في المساء بعد صلاة الفجر أو بعد العصر أو في أي وقت لا تجلس حتى تصلي ركعتين ويغني عنهما إذا صلى الإنسان الراتبة مثل الظهر له راتبة قبله فإذا دخل المسجد وصلى ونوى الراتبة أجزئ عن تحية المسجد وكذلك في الفجر إذا دخل ولم يصل سنة الفجر وصلى السنة أجزأت عن الراتبة لكن تحية المسجد لا تجزئ عن الراتبة فالراتبة تجزئ عن تحية المسجد ولا عكس ومن فوائد الحديث أن الإنسان إذا دخل والإمام يخطب يوم الجمعة أراد أن يصلي تحية المسجد فليخفف من اجل أن لا يطول انشغاله عن استماع الخطبة وإذا دخل الإنسان(3/300)
والمؤذن يؤذن فإن الأفضل أن يتابع المؤذن فإذا انتهى صلى لان هذا زمن قصير ولا يضر لكن لا يجلس حتى يصلي ركعتين إلا إذا دخل يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الذي عند حضور الإمام وهو الأذان الثاني فإنه يصلي التحية ولو كان المؤذن يؤذن لان فراغه لاستماع الخطبة أهم من إجابة المؤذن وهذه مسألة قل من يتفطن لها حتى انك ترى بعض الناس يقف كأنه يجيب المؤذن فإذا فرغ المؤذن من حين أن يفرغ كبر بالتحية مما يقوي ظنك انه لم يجب المؤذن وإنما وقف صامتا لانه لو كان أجاب لدعا بما يدعا به بعد الأذان على كل حال إذا دخلت يوم الجمعة والمؤذن يؤذن الأذان الثاني الذي عند حضور الإمام فصل التحية ولا تنتظر من اجل أن تتفرغ لاستماع الخطبة والله الموفق
ج: إذا خرج الإنسان من المسجد يتوضا مثلا يعني بنية أن يعود عن قرب فلا يعيد التحية لكن لو خرج من المسجد بنية المغادرة ثم لما خرج لاقاه صاحب له أو هو أراد أن يرجع إلى المسجد فإنه يصلي التحية ولو قرب الزمن
ج: المستمع إلى الخطبة لا يقول لغيره صل ركعتين والذي يقول هو الخطيب
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ رحمه الله تعالى في سياق الأحايث في باب صلاة الجمعة
457 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ; " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ, وَالْمُنَافِقِينَ " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (?????) .
458- وَلَهُ: عَنِ اَلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: " كَانَ يَقْرَأُ فِي اَلْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ: بِـ "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى", وَ: "هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ اَلْغَاشِيَةِ" " (?????) .(3/301)
459- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ: " صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اَلْعِيدَ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ, فَقَالَ: "مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ" " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَة َ ([438]) .
460 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([439]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/302)
هذه الأحاديث ذكرها الحافظ ابن حجر رحمه اله تعالى في كتابه بلوغ المرام فيما يقرأ به الإنسان يوم الجمعة يوم الجمعة يقرأ في صبيحتها أي في صلاة الفجر سورة السجدة ألم تنزيل زفي الثانية هل أتى على الإنسان ويديم ذلك يعني يكون اكثر ما يقرا بهما كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ولا يفعل كما يفعله جهال الأئمة بحيث يقرا السجدة في الركعتين جميعا أو هل أتى في الركعتين جميعا فإن هذا مشاقة للسنة بل نقول إما أن تقرأ كما قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - وإما أن تقرا بسور أخرى الأمر واسع أما أن تشطر السنة وتقسم ما لم يقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا من باب المشاقة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما في صلاة الجمعة فيقرأ أحيانا بسورة الجمعة يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس وفي الثانية يقرأ بالمنافقين إذا جاءك المنافقون قالوا ) والمناسبة في هاتين السورتين في هذا المجمع العظيم المناسبة ظاهرة لان سورة الجمعة فيها الأمر بصلاة الجمعة يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله أما سورة المنافقين ففيها بيان حل المنافقين والتحذير منهم وان يطهر الإنسان قلبه من النفاق لان الإنسان محتاج إلى تطهير القلب دائما فكما أن ثوب الإنسان إذا توسخ حرص على انه غسله ويزيل عنه الوسخ فكذلك القلب بل أولى ولهذا يجب أن نعتني بقلوبنا اكثر من أن نعتني بأبداننا لان القلب هو الذي عليه المدار يسال الإنسان عما في قلبه قال تعالى انه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر ) وقال أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور فعلى الإنسان أن يطهر قلبه من النفاق وسوء الأخلاق أو يقرا في صلاة الجمعة يقرا سبح اسم ربك الأعلى وسورة الغاشية كذلك ذكر النعمان بن بشير رضي الله عنه وعن أبيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بهما ي صلاة العيد وكذلك يقرأ ق واقتربت الساعة فينبغي(3/303)
للإمام أن يحرص على قراءة ما كان النبي يقرؤه ويديمه وأما ما كان يقرؤه نادرا فلا يبدو أن اتباعه من السنة لكن من الجائز يعني مثلا قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في بسورة الزلزلة أو في صلاة الفجر في السفر أو ما اسبه ذلك فهذا لا يظهر لي أن ذلك من السنة لان هذا أمر وقع اتفاقا لكن ما لازم عليه وداوم عليه فإنه ظاهر انه من السنة فالذي ينبغي للإنسان هو أن يتبع آثار النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهرا وباطنا وأما حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فيما إذا كان يوم الجمعة يوم العيد فإن الذي يحضر صلاة العيد ن شاء صلى الجمعة وإن شاء صلى ظهرا أما من لم يحضر صلاة العيد فالواجب عليه أن يحضر الجمعة لان الإمام سوف يجمع فمثلا إذا صادف يوم العيد يوم الجمعة فيصلي الناس صلاة العيد في أول النهار ثم يقول لهم الإمام من حضر صلاتنا هذه فإنا مجمعون فمن شاء صلى الجمعة ومن شاء صلاها ظهرا حتى يكون على بصيرة من أمرهم والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجمعة
459- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضي الله عنه - قَالَ: " صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اَلْعِيدَ, ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ, فَقَالَ: "مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ" " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا اَلتِّرْمِذِيَّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَة َ ([440]) .
460 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([441]) .
بسم الله الحمن الرحيم(3/304)
هذه الأحاديث ساقها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام في بيان ما إذا العيد والجمعة في يوم فماذا يكون الأمر في الحقيقة إذا حصل هذا فقد اجتمع للمسلمين عيدان العيد الأول عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة وله صلاته المعينة التي تكون بعد الزوال والعيد الثاني عيد الفطر وله صلاته المعينة التي تكون في أول النهار فإذا صلى الناس صلاة العيد فهذه الصلاة فرض عين على الرجال على القول الراجح يجب على كل رجل أن يصلي صلاة العيد مع الإمام ومن تركها فهو أثم لكنها ليست بالتوكيد كصلاة الجمعة لان صلاة الجمعة فرض على الأعيان بالإجماع وصلاة العيد فيها خلاف لكن الراجح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيميه وجماعة من العلماء أنها فرض عين على(3/305)
الرجال فإذا صلوها مع الإمام فهم في الخيار من صلاة الجمعة إن شاءوا صلوها مع الإمام وصلوا الجمعة فيكونون قد صلوا صلاة العيدين صلاة عيد الفطر وصلاة عيد الجمعة وإن شاءوا لم يحضروا إلى الجمعة لكن تجب عليهم صلاة الظهر لان الظهر وقت لابد فيه من صلاة فإما الجمعة وإما الظهر وأما من لم يحضر مع الإمام صلاة العيد فإن الجمعة واجبة عليه لانه لأبد أن يصلي صلاة عيد في هذا اليوم فإذا لم يصلي العيد مع الإمام وجب عليه أن يصلي صلاة الجمعة هذا بالنسبة للمأمومين يقال لمن حضر صلاة العيد إن شئت فاحضر صلاة الجمعة وإن شئت فصل ظهرا ولا تحضر أما الإمام فليلزمه أن يقيم صلاة العيد ويقيم صلاة الجمعة لان النبي - صلى الله عليه وسلم - بين انه سيصلي الجمعة أما الحديث الثاني حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا يعني أربعا بسلامين يصلي ركعتين ويسلم ثم ركعتين ويسلم وهذا الأمر ليس للوجوب وإنما هو للاستحباب لانه لا يجب على المسلمين في اليوم والليلة إلا خمس صلوات فقط وقد ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ركعتين بعد الجمعة في بيته فهنا سنتان سنة قوليه وهي أن يصلي بعد الجمعة أربعا وسنة فعليه وهي أن يصلي بعدها ركعتين فاختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك فمنهم من قال الركعتان كافيتان اقتداء بالسنة الفعلية ومنهم من قال الأفضل أن يصلي ست ركعات أربعا بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وركعتين بفعله - صلى الله عليه وسلم - فيجمع بين السنتين القولية والفعلية ومنهم من قال يصلي أربعا إن صلى السنة في المسجد وإن صلى في بيته فيصلي ركعتين فقط وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه لكن الذي يظهر لي انه يصلي أربع ركعات اتباعا لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - لانه إذا تعارضت السنة القولية والفعلية قدمت القولية وهنا تعارضت السنتان(3/306)
القولية التي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي أربعا والفعلية وهي أن يصلي ركعتين في بيته فنقول نقدم القولية ويصلي أربع ركعات بسلامين سواء صلى في المسجد أو بيته أما قبل صلاة الجمعة فليس لها راتبة الإنسان من حين أن يأتي يصلي لو صلى عشرين ركعة أو أربعين ما فيه عدد معين لكن إذا بقي على زوال الشمس عشر دقائق أو نحوها فليمسك عن الصلاة لانه يدخل وقت النهي لان وقت النهي يكون في وسط النهار عند قيام الشمس حتى تزول ولا فرق بين يوم الجمعة وغيرها إلا من دخل المسجد في هذا الوقت يعني في وقت النهي فإنه يصلي ركعتين تحية المسجد لان تحية المسجد ليس عليها نهي ومن الخطأ الفادح ما يفعله بعض الجهال تجده قد جاء مبكرا وصلى ما شاء الله أن يصلي ثم جلس يقرا القرآن فإذا قارب مجيء الإمام بربع ساعة أو عشر دقائق قام يصلي فهذا عاص بصلاته والعياذ بالله لا يكتسب من هذه الصلاة إلا إثما لانه تعمد أن يصلي في وقت النهي بدون سبب نعم لو فرض أن الرجل جاء متأخرا وصار يصلي حتى دخل الإمام فهذا رخص فيه بعض العلماء وقال إن الصحابة إذا جاءوا يصلون إلى أن يأتي الإمام لكن إنسان جالس وإذا جاء وقت النهي قام يصلي فهذا معصية ظاهرة للرسول - صلى الله عليه وسلم - فعلى من رأى أحدا يفعل ذلك أن يحتسب الأجر عند اله وان ينصحه وان يقول إن هذا حرام ما الذي احل لك أن تصلي وقت النهي بدون سبب فإن قال بعض العلماء يقول إن الجمعة ما فيها نهي عند الزوال قلنا إن الله يقول وإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير واحسن تأويلا فإن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر فمرد النزاع ليس أقوال العلماء مرد النزاع إلى الكتاب والسنة فها هو النبي - صلى الله عليه وسلم - يصرح بأنه لا تجوز الصلاة عند قيام الشمس حتى تزول فهات حرفا واحدا صحيحا عن الرسول يقول إلا يوم الجمعة إذا جئت به فعلى العين والراس كلنا نحب الخير(3/307)
ونحب أن نتزود بالصلاة والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجمعة
461- وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ, أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ: " إِذَا صَلَّيْتَ الْجُمُعَةَ فَلَا تَصِلْهَا بِصَلَاةٍ, حَتَّى تُكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ, فَإِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنَا بِذَلِكَ: أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً بِصَلَاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([442]) .
462- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنِ اغْتَسَلَ, ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ, فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ, ثُمَّ أَنْصَتَ, حَتَّى يَفْرُغَ اَلْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ, ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ: غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ اَلْأُخْرَى, وَفَضْلُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ ([443]) .
463- وَعَنْهُ; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: " فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي, يَسْأَلُ اَللَّهَ - عز وجل - شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ ([444]) .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ " ([445]) .
464- وَعَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ اَلْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى اَلصَّلَاةُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَرَجَّحَ اَلدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ . ([446]) .
465- وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَه ْ ([447]) .(3/308)
466- وَجَابِرِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيّ ِ : ([448]) " أَنَّهَا مَا بَيْنَ صَلَاةِ اَلْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ اَلشَّمْسِ " ِ.
وَقَدْ اِخْتُلَفَ فِيهَا عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلًا, أَمْلَيْتُهَا فِي "شَرْحِ اَلْبُخَارِيِّ " ([449]) .
467 - وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا جُمُعَةً " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيف ٍ ([450]) .(3/309)
هذه الأحاديث فيا يتعلق بصلاة الجمعة منها حديث السائب بن يزيد عن معاوية رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر إلا توصل صلاة بصلاة حتى يخرج الإنسان أو يتكلم وهذا فيما بين الفريضة والنافلة انك لا تصل النافلة بالفريضة بل إذا سلمت من الفريضة فتكلم بما شاء الله تعالى أو اخرج من المسجد وصلها في بيتك وذلك من اجل التمييز بين الفريضة والنافلة ولهذا قال العلماء رحمهم الله تعالى يسن الفصل بين الفرض وسنته بكلام أو قيام من موضعه حتى يتميز هذا من هذا لكن لو فرض أن الإنسان وجد نفسه في مكان ضيق لا يمكن أن يتحرك عن مكانه فالصفوف كلها متراصة فنقول له الأمر سهل اجعل السنة في البيت فإنها في البيت افضل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - افضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وكان صلى الله عليه وسلم يصلي الرواتب في بيته لا يصليها في المسجد صل الراتبة في البيت التي قبل الصلاة والتي بعد الصلاة فإن ذلك افضل ثم ذكر المؤلف حديث ساعة الجمعة الجمعة فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى شيء إلا أعطاه إياه أي شيء اسأل الجنة أساله النجاة من النار أو الرزق الواسع أو العلم النافع اسأل ما شئت مادمن قائم تصلي فإنك إن سألت الله فإنه يستجيب لك ما لم تسأل إثما أو قطيعة رحم فإن سألت إثما فإن الله تعالى لا يعينك على الإثم إن سألت قطيعة حم فإن الله لا يعينك على هذا لكن إذا كان شيئا مباحا أو مرغوبا فيه فإنك إن سألت الله فإنه يستجيب لك لكن متى هذه الساعة يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى إنه اختلف فيها على أربعين قولا أو اكثر من أربعين قولا لكن ارجاها ساعتان الساعة الأولى إذا جاء الإمام يوم الجمعة وجلس ينتظر أذان المؤذن إلى أن تقضى الصلاة هذه أرجى ساعة تكون لأنها وقت اجتماع الناس واجتماع على فريضة من فرائض الله وكلما كان الناس اكثر كانوا اقرب إلى الإجابة ولان يكون فيها قائما يصلي صلاة مفروضة وهي صلاة(3/310)
الجمعة وعلى هذا فنحث إخواننا على الدعاء من حين يحضر الإمام إلى أن تقضى الصلاة لكن في حال الخطبة لا تسأل شيئا بين الخطبتين يمكن أن تدعوا بعد فراغ المؤذن من الأذان قبل أن يبدأ الخطيب في الخطبة وفي أثناء الصلاة في السجود وبين السجدتين وفي التشهد كل هذا ترجى الإجابة فيه ويلي هذا العصر لكن العصر فيه إشكال لان الحديث مقيد وهو قائم يصلي والعصر ما فيه صلاة لانه ما فيه صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس لكن قال العلماء إن الذي يكون جالسا ينتظر صلاة المغرب هو في صلاة ما انتظر الصلاة فيكون في هذا الحديث تجوز وهو التعبير بالصلاة عن منتظر الصلاة ولكن الأول الذي رواه مسلم عن أبي بردة الاسلمي ابن أبي موسى عن ابيه أبي موسى الاشعري رضي الله عنه اقرب إلى الصواب ما بين الإمام إلى أن تقضى الصلاة فاغتنم هذا الوقت بالدعاء واحسن الظن بالله وثق بوعده بتارك وتعالى فإن الله لا يخلف الميعاد والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الجمعة
467 - وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ فَصَاعِدًا جُمُعَةً " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيف ٍ ([451]) .
468- وَعَنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كُلَّ جُمُعَةٍ " رَوَاهُ اَلْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ لَيِّن ٍ (?????) .
469- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي اَلْخُطْبَةِ يَقْرَأُ آيَاتٍ مِنَ اَلْقُرْآنِ, وَيُذَكِّرُ اَلنَّاسَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد َ (?????) .
وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِم ٍ (?????) .(3/311)
470- وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةً: مَمْلُوكٌ, وَاِمْرَأَةٌ, وَصَبِيٌّ, وَمَرِيضٌ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ طَارِقٌ مِنَ اَلنَّبِيِّ > (?????) (?????) .
وَأَخْرَجَهُ اَلْحَاكِمُ مِنْ رِوَايَةِ طَارِقٍ اَلْمَذْكُورِ عَنْ أَبِي مُوسَى ([457]) .
471- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَيْسَ عَلَى مُسَافِرٍ جُمُعَةٌ " رَوَاهُ اَلطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيف ٍ ([458]) .
472- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (إِذَا ( (?????) اسْتَوَى عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلْنَاهُ بِوُجُوهِنَا " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ . ([460]) .
473- وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عِنْدَ اِبْنِ خُزَيْمَة َ ([461]) .
474- وَعَنِ اَلْحَكَمِ بْنِ حَزْنٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " شَهِدْنَا الْجُمُعَةَ مَعَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا أَوْ قَوْسٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد َ ([462]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/312)
هذه الأحاديث تتعلق بالجمعة وشروطها وغير ذلك فمنها حديث جابر قال مضت السنة أن في أربعين فصاعدا جمعة فهذا الحديث في صحته نظر والصواب أن الجمعة تنعقد بثلاث إذا كانوا مستوطنين خطيب وإمام ومؤذن وحاضر لقوله تعالى يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) فإذا قلنا أن قرية صغيرة ارتحل عنها أهلها ولك يبق فيها إلا ثلاثة فإنهم يقيمون الجمعة وذهب بعض أهل العلم انه لابد من اثني عشر رجلا لان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب فأقبلت عير من الشام وكان الناس في حاجة إلى الطعام فلما سمعوا بها وكانت العادة أن العير إذا أقبلت إلى المدينة ضربت الدفوف ليخبروا أهل المدينة انهم قدموا فلما سمعوا ذلك خرجوا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبق معه إلا اثني عشر رجلا كما قال الله تعالى وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين فبقي اثني عشر رجلا فأقام بهم الجمعة فدل ذلك على أنها تنعقد باثني عشر رجلا وهذا قول بعض العلماء والقول الثالث أنها لا تنعقد إلا بأربعين لكن القول الأول هو الصواب أنها تنعقد بثلاثة فإذا قال قائل كيف يكون ثلاثة ؟ قلنا نعم ممكن إذا كانت قرية صغيرة وارتحل عنها أهلها وبقى فيها ثلاثة فيقيمون الجمعة وفي هذه الأحاديث أن الجمعة لا تجب على المسافر وهذا معلوم مشهور من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان إذا سافر لا يصلي الجمعة تصادفه الجمعة وهو في سفره فلا يصلي لكن لو كان المسافر مقيما في بلد يتنظر آخر النهار وأقيمت الجمعة فإنه يجب عليه أن يحضر إلى الجمعة لعموم قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) فهو داخل في هذا الخطاب فهو من الذين آمنوا فيجب عليه أن يسعى إلى الجمعة وكذلك يجب على المسافر أن يصلي مع الجماعة إذا لم يشق(3/313)
عليه لعموم من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له وهذا يشمل المسافر وغيره وأما المرأة لا تجب عليها الجمعة لكن لو حضرت وصلت مع الناس أجزت فلو كانت النساء تحضر المساجد يوم الجمعة ويصلين مع الإمام فإن ذلك يجزئ كما هو الشأن الآن في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد التي تحضر إليها النساء فالمرأة في بيتها لا تجب عليها الجمعة تصلي في بيتها أربعا لكن إذا حضرت الجمعة أجزأت وأما العبد المملوك فإن آذن له سيده بصلاة الجمعة وجب عليه أن يصلي لانه لا عذر له وإن لم يأذن له فلا أثم عليه ولا جمعة عليه لانه مملوك والمملوك ليس حرا يتصرف في نفسه كما شاء ومما أفادته هذه الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على المنبر وعلا عليه استقبله الصحابة بوجوههم من اجل أن يجتمع المشاهدة بالعين والسمع بالأذن فيكون هذا أوعى للقلب لان هذا شيء مشاهد أنت إذا كنت تستمع إلى إنسان ولا تراه ليس كما إذا استمعت إليه وأنت تراه الثاني يكون أوعى للقلب واحضر للقلب لكن إذا كان الإنسان بعيدا لو الفتل لا يرى الإمام فإنه لا شيء عليه المهم أن يستمع إلى الخطبة وفي هذا الحديث إشارة إلى انه لا ينبغي أن يجعل المنبر داخلا لان بعض المساجد تجد المنبر داخلا لا يرى الخطيب إلا من كان قريبا جدا وهذا لا ينبغي بل الذي ينبغي أن يكون الخطيب بارزا حتى يراه اكبر عدد ممكن ودلت هذه الأحاديث على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتمد إذا خطب على عصا أو قوس لكن هذا قال فيه ابن القيم رحمه الله تعالى قبل أن يصنع له المنبر ولما صنع له المنبر ترك ذلك وعلى هذا فنقول إذا كان الخطيب محتاجا إلى العصا يعتمد عليها أو كان انشط له في الخطبة لان بعض الناس إذا كان معه عصا يعتمد عليه صار انشط له في الخطبة فليستعملها وإن لم يكن محتاجا إليه فليست بسنة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم(3/314)
قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب
بَابُ صَلَاةِ اَلْعِيدَيْنِ
485- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ اَلنَّاسُ, وَالْأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي اَلنَّاسُ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ (?????) .
486- وَعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ, عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ اَلصَّحَابَةِ, " أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا, فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ, فَأَمَرَهُمْ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُفْطِرُوا, وَإِذَا أَصْبَحُوا أن يَغْدُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ -وَهَذَا لَفْظُهُ- وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ (?????) .
487- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَغْدُو يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ " أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ (?????) .
وَفِي رِوَايَةٍ مُعَلَّقَةٍ -وَوَصَلَهَا أَحْمَدُ-: وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا (?????) .
488- وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ, وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ اَلْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/315)
قال الحافظ رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام باب صلاة العيدين العيدين اثنين ليس لهما ثالث فعيد العام أما الفطر وأما الأضحى أما عيد الفطر فمناسبته أن المسلمين ينتهون من فرض الصيام الذي هو أحد أركان الإسلام وأما عيد الأضحى فإن المسلمين ينتهون من الوقوف بعرفة وأفعال الحج في يوم العيد فيكون عند تمام ركن من أركان الإسلام وليس في الإسلام عيد سوى هذين العيدين أما عيد الأسبوع يوم الجمعة فإنه يتكرر في الشهر أربع مرات أو خمس مرات وليس له شعائر العيد لانه لا يصلى له صلاة عيد وإنما يصلي صلاة جمعة وليس في الإسلام عيد سوى ذلك لا عيد ميلاد ولا عيد انتصار في بدر ولا عيد فتح مكة ولا عيد تولي ملك ولا تولي رئيس ولا شيء أبدا من الأعياد باطلة إلا ثلاثة الأعياد عيد الفطر وعيد النحر وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد الناس يلعبون في يومين يجعلونهما عيدين فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال إن الله أبدلكم بخير منهما عيد عيد الأضحى وعيد الفطر وهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره كل ما يسمى عيدا في السنة إلا هذين العيدين والعيدان لهما أحكام منها تحريم صومهما فيحرم على الإنسان أن يصوم يوم الفطر أو يوم الأضحى حتى لو نذر الإنسان وقال لله علي نذر أن أصوم يوم الاثنين فصادف يوم العيد فإنه لا يجوز أن يوفي بنذره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من نذر أن يعصي الله فلا يعصه ولكن يكفر كفارة يمين ومن أحكام العيدين انهما تشرع لهما الصلاة في الصحراء خارج البلد ولا يصلي في الجوامع إلا إذا كان هناك عذر كبرد شديد لا يتحمله الناس أو سيول أو ما أشبه مما يعذر به الناس فيصلون في الجوامع وال فالسنة أن يكونوا في الصحراء إظهارا لهذه الشعيرة ولذلك كان المشروع في صلاة عيد الفطر والأضحى يخرج إلى المصلي من طريق ويرجع من طريق آخر من اجل من اجل أن تظهر الشعائر في جميع(3/316)
طرق المدينة ومنها أن صلاة العيد فرض عين لا يجوز لرجل أن يتخلف عنها إلا لعذر حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النساء أن يخرجن العواتق وذوات الخدور
الشريط السادس عشر
وقال لله علي نذر أن أصوم يوم الاثنين فصادف يوم العيد فإنه لا يجوز أن يوفي بنذره لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من نذر أن يعصي الله فلا يعصه ولكن يكفر كفارة يمين ومن أحكام العيدين انهما تشرع لهما الصلاة في الصحراء خارج البلد ولا يصلي في الجوامع إلا إذا كان هناك عذر كبرد شديد لا يتحمله الناس أو سيول أو ما أشبه مما يعذر به الناس فيصلون في الجوامع وال فالسنة أن يكونوا في الصحراء إظهارا لهذه الشعيرة ولذلك كان المشروع في صلاة عيد الفطر والأضحى يخرج إلى المصلي من طريق ويرجع من طريق آخر من اجل من اجل أن تظهر الشعائر في جميع طرق المدينة ومنها أن صلاة العيد فرض عين لا يجوز لرجل أن يتخلف عنها إلا لعذر حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر النساء أن يخرجن العواتق وذوات الخدور يعني التي ليس من عادتهن أن يخرجن لأي شيء أمرهن أن يخرجن إلى صلاة العيد حتى الحيض أمرهن أن يخرجن لكن يعتزلن المصلى لان مصلى العيد حكمه حكم المسجد ولهذا إذا جئت إلى مصلى العيد فلا تجلس حتى تصلي ركعتين لانه مسجد وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين لكن إذا فاتت صلاة العيد يعني رجل تأهب وخرج ولما أتى المصلى وجد الناس قد صلوا فماذا يصنع هل يقضيها أولا ؟ اختلف في هذا أهل العلم رحمهم الله تعالى فمنهم من اقل إنه يقضيها ومنهم من قال إنه لا يقضيها والصحيح انه لا يقضيها كما أن الجمعة إذا فاتت لا يقضيها لكن الجمعة إذا فاتت يصلي الظهر لان الوقت وقت ظهر فإما أن يصلي الجمعة أو يصلي الظهر فليست صلاة الظهر قضاء للجمعة ولهذا تصلى أربعا لكنها تصلى صلاة الظهر لان الظهر فرض الوقت صلاة العيد ما هناك ظهر إذا أدركت(3/317)
الصلاة وصليت مع المسلمين كما صلوا فهي صلاة عيد وإن لم تدرك فلا شيء عليك ما تصلي صلاة العيد لكن إذا دخلت مصلى العيد فصل ركعتين تحية المسجد ومن أحكام صلاة العيد أن العيد ليس عائدا لكل إنسان العيد يوم يعيد الناس ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس فليس لأحد أن يخرج على المسلمين ويعيد كما شاء كما يوجد بعض البلاد إذا سمعوا ببلد أقام العيد افطروا وأهل البلد المقيمين فيها صائمون هذا غلط وشذوذ عن الجماعة بل اتبع البلد الذي أنت فيه الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس والحمد لله الأمر واسع كون الإنسان يشذ عن الناس فيفطر وهم صائمون أو يصوم وهم مفطرون هذا غلط الأمة أمة واحدة نعم لو كانت البلاد الإسلامية إمامهم واحدا وسلطانهم واحدا وأمر بالفطر في بلده وجب على الأمة الإسلامية كلها أن تتبع هذا الإمام لكن كما تعلمون الأمة الإسلامية مع الأسف متمزقة منذ عهد بعيد وكل أمير له ولاية فإذا اتبع أميرك لا تخرج عن الناس لا تشذ عنهم فمن شذ شذ في النار ثم إن صلاة العيد إذا فاتت البلد كله بحيث لم يعلموا بالعيد إلا بعد الظهر فإنهم لا يصلون العيد يفطرون ويصلون العيد من الغد كما جاءت به السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ركبا قدموا المدينة وشهدوا انهم رأوا الهلال بالأمس يعني هلال الفطر فيكون اليوم يوم عيد فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفطروا وأمرهم أن يخرجوا إلى المصلى غدا ليصلوا الصلاة في وقتها وهذا لا نظير له يعني ما له نظير في الصلوات الصلاة إذا فاتت تصليها إذا كرتها لكن صلاة العيد لا إذا فاتت الناس كلهم لا يصلون بعد الظهر يخرجون إلى المصلى من الغد ويصلون صلاة العيد ويأتي إن شاء الله تعالى بقية الأحكام المتعلقة بهذا الباب(3/318)
489- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: " أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ اَلْعَوَاتِقَ, وَالْحُيَّضَ فِي الْعِيدَيْنِ; يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ اَلْمُسْلِمِينَ, وَيَعْتَزِلُ اَلْحُيَّضُ اَلْمُصَلَّى " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????) .
490- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ: " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ, وَعُمَرُ: يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ اَلْخُطْبَةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????) .
491- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى يَوْمَ اَلْعِيدِ رَكْعَتَيْنِ, لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا " أَخْرَجَهُ اَلسَّبْعَةُ (?????) .
492- وَعَنْهُ: " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى اَلْعِيدَ بِلَا أَذَانٍ, وَلَا إِقَامَةٍ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (?????) .
وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيِّ (?????) .
493- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُصَلِّي قَبْلَ اَلْعِيدِ شَيْئًا, فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ " رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (?????) .
494- وَعَنْهُ قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ يَوْمَ اَلْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إِلَى اَلْمُصَلَّى, وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ اَلصَّلَاةُ, ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ اَلنَّاسِ -وَالنَّاسُ عَلَى صُفُوفِهِمْ- فَيَعِظُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????) .
495- وَعَنْ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " اَلتَّكْبِيرُ فِي اَلْفِطْرِ سَبْعٌ فِي اَلْأُولَى وَخَمْسٌ فِي اَلْآخِرَةِ, وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (?????) .(3/319)
وَنَقَلَ اَلتِّرْمِذِيُّ عَنِ اَلْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَهُ (?????) .
496- وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ: " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي اَلْأَضْحَى وَالْفِطْرِ بِـ (ق), وَ (اقْتَرَبَتْ). " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (?????) .
497- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْعِيدِ خَالَفَ اَلطَّرِيقَ " أَخْرَجَهُ اَلْبُخَارِيُّ (?????) .
498- وَلِأَبِي دَاوُدَ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ, نَحْوُهُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/320)
هذه أحاديث في باب صلاة العيدين أوردها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام فمنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم يقوم مقابل الناس والناس على صفوفهم فيعظهم ويذكرهم ففيه دليل على أن العيد يخالف الجمعة في هذا الجمعة تتقدم الخطبتان عل الصلاة وأما العيد فبالعكس الصلاة قبل الخطبة وظاهر هذا الحديث وغيره أن العيد ليس له إلا خطبة واحدة لكن ذكر الفقهاء رحمهم الله أن العيد له خطبتان واستدلوا بحديث في صحته نظر فمن اقتصر على خطبة واحدة فلا حرج ومن خطب خطبتين فأرجو أن لا يكون به باس ومن الأحكام في الأحاديث أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوم الفطر لا يخرج إلى الصلاة حتى يأكل تمرات وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو ما أشبه ذلك لكن يقطعها على وتر فيستحب في عيد الفطر أن لا يخرج إلى الصلاة حتى يأكل هذه التمرات وأم في عيد الأضحى فإنه لا يكل إلا إذا رجع ذبح أضحيته واكل منها حتى يكون أول طعام يطعمه يوم العيد من أضحيته امتثالا لقوله تعالى فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ومن الأحكام التي دلت عليها الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يقرأ في صلاة العيدين ب ق واقتربت ق في الركعة الأولى كاملة واقتربت في الثانية كاملة أيضا فينبغي للإمام أن يقرا بهما أحيانا وبسبح والغاشية أحيانا لتحصل له السنة ولا يقل هذه طويلة لان السنة كلها خير وليست طويلة منهي عنها بل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرا بها ويأمر بالتخفيف فدل ذلك على أن ق واقتربت لا تعد مما يطول ومما دلت عليه الأحاديث أيضا أن العيدين فيهما تكبيرات زاوئد في الصلاة الركعة الأولى فيه ا ست زوائد في الصلاة وهي مع تكبيرة الإحرام سبع والثانية فيها خمس فتكون التكبيرات الزوائد إحدى عشرة تكبيرة وهل يكون بين هذه التكبيرات شيء ؟ قال الفقهاء رحمهم الله تعالى ينبغي أن يحمد الله(3/321)
ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - بين التكبيرتين ولكن هذه التكبيرات يجهر بها الإمام أما المأمومون فلا يجهرون بها يكبرونها سرا خلافا لما نسمع من بعض الناس في الأعياد إذا كبر الإمام هذه التكبيرات الزوائد رفعوا أصواتهم معه كأنما يكبر بهم وهذا خطأ غلط فيكبرون سرا ومما دلت عليه أيضا انه يسن للنساء حضور صلاة العيد أما غير صلاة العيد فالأفضل أن يصلين في بيوتهن لكن في العيد ينبغي أن يخرج النساء لكن تخرج غير متطيبة ولا متبرجة وتلبس العباءة ولهذا لما قلن يا رسول الله المرأة ليس لها جلباب كيف تخرج قال لتلبسها أختها من جلبابها يعني العباءة ومنها أي الأحكام انه ليس لصلاة العيد سنة قبلها ولا بعدها فلا يصل الإنسان قبلها ولا يصل بعدها إلا إذا جاء قبل مجيء الإمام فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين لان مصلى العيد مسجد ( هنا سقط في التسجيل ودخل الشيخ مباشرة في باب صلاة الاستسقاء )
499- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: " قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلْمَدِينَةَ, وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا. فَقَالَ: "قَدْ أَبْدَلَكُمُ اَللَّهُ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ اَلْأَضْحَى, وَيَوْمَ اَلْفِطْرِ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (?????) .
500- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: " مِنَ اَلسُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى اَلْعِيدِ مَاشِيًا " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَحَسَّنَهُ (?????) .
501- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّهُمْ أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ. فَصَلَّى بِهِمْ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ اَلْعِيدِ فِي اَلْمَسْجِدِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ لَيِّنٍ ([482]) .
بَابُ صَلَاةِ اَلِاسْتِسْقَاءِ(3/322)
513- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " خَرَجَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَاضِعًا, مُتَبَذِّلًا, مُتَخَشِّعًا, مُتَرَسِّلًا, مُتَضَرِّعًا, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, كَمَا يُصَلِّي فِي اَلْعِيدِ, لَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَأَبُو عَوَانَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ ([483]) .
514- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " شَكَا اَلنَّاسُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قُحُوطَ الْمَطَرِ, فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ, فَوُضِعَ لَهُ فِي اَلْمُصَلَّى, وَوَعَدَ اَلنَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ, فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ اَلشَّمْسِ, فَقَعَدَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ, فَكَبَّرَ وَحَمِدَ اَللَّهَ, ثُمَّ قَالَ: "إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدَبَ دِيَارِكُمْ, وَقَدْ أَمَرَكُمْ اَللَّهُ أَنْ تَدْعُوَهُ, وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ, ثُمَّ قَالَ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ, اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ, مَالِكِ يَوْمِ اَلدِّينِ, لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ, اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَللَّهُ, لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَنْتَ اَلْغَنِيُّ وَنَحْنُ اَلْفُقَرَاءُ, أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ, وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ قُوَّةً وَبَلَاغًا إِلَى حِينٍ" ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ, ثُمَّ حَوَّلَ إِلَى اَلنَّاسِ ظَهْرَهُ, وَقَلَبَ رِدَاءَهُ, وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ, ثُمَّ أَقْبِلَ عَلَى اَلنَّاسِ وَنَزَلَ, وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ, فَأَنْشَأَ اَللَّهُ سَحَابَةً, فَرَعَدَتْ, وَبَرَقَتْ, ثُمَّ أَمْطَرَتْ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ: "غَرِيبٌ, وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ" ([484]) .
وَقِصَّةُ اَلتَّحْوِيلِ فِي "اَلصَّحِيحِ" مِنْ:(3/323)
515- حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَفِيهِ: " فَتَوَجَّهَ إِلَى اَلْقِبْلَةِ, يَدْعُو, ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ, جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ " ([485]) .
516- وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ مُرْسَلِ ([486]) أَبِي جَعْفَرٍ اَلْبَاقِرِ: وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ؛ لِيَتَحَوَّلَ اَلْقَحْطُ ([487]) .
باب صلاة الاستسقاء
فإن قال الإنسان ما هو سبب سقوط المطر وإجداب الأرض ؟ فالجواب أن السبب هو المعاصي لقول الله تعالى ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) فالمعاصي سبب الشر والفتن والبلاء والمرض وغير ذلك من الأشياء التي تضر العباد فإذا رجع الناس إلى عبادة الله والى طاعته فالله سبحانه وتعالى افهم من خلقه يعطيهم من النعم ما هو اعظم مما عملوا فإذا حصل الأجداب أي عدم نبات الأرض أو خسوف المطر أي عدم نزوله فإنه يشرع للمسلمين أن يستسقوا أن يطلبوا من الله تعالى السقيا وقد طلب النبي - صلى الله عليه وسلم - السقيا من الله تعالى فانزل الله المطر في الحال كما في حديث انس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة فشكا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يجد الناس من عدم نزول المطر فرفع يديه وقال اللهم أغثنا ثلاث مرات فانزل الله المطر وكما في هذه الأحاديث التي ساقها المؤلف في هذا الباب ونزول المطر بعد دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل على انه رسول الله حقا لان الله استجاب دعائه وأغاث المسلمين وسقاهم وكانت هذه الآية أية معنوية يعرف بها استجابة الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وكان غيث بني إسرائيل بآية حسية فإنه امتنع عنهم المطر فإن موسى - صلى الله عليه وسلم - يستسقي ربه فيأمره الله تعالى أن يضرب الحجر فيضرب الحجر فيتفجر عيونا يشاهده الناس فكانت هذه أية حسية لان بني إسرائيل اغلظ طباعا(3/324)
واشد انقيادا للحق فكانت لا تجز فيهم الآيات المعنوية فأراهم الله تعالى الآيات الحسية ولكنهم مع ذلك ابلد من يكون من الخلق كما قال الله تعالى مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا )
ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أحاديث في صفة الاستسقاء والصلاة الخاصة به أن الناس يخرجون إلى مصلى العيد لكنهم يخرجون متخشعين متبذلين غير متطيبين ولا لابسي ثياب جميلة إظهار للفقر والفاقة والفرق بين هذا وبين صلاة العيد أن صلاة العيد يستحب لها التجمل والتطيب لأنها صلاة فرح وشكر أما هذه فإنه صلاة استكانة وخضوع فناسب أن يأتي الناس إليها على وجه التبذل وعدم التزين فيصلى بهم ركعتين ثم يدعوا الله عز وجل وإن شاء دعا أولا ثم صلى كل ذلك جاءت به السنة صلاة العيد الخطبة بعدها تأكيدا وأما الاستسقاء فإنه يجوز أن يكون ذلك بعدها أو قبلها وسيأتي أن شاء الله تعالى بقية الكلام على هذا الموضوع
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الاستسقاء
517- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ, وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اَللَّهِ, هَلَكَتِ اَلْأَمْوَالُ, وَانْقَطَعَتِ اَلسُّبُلُ, فَادْعُ اَللَّهَ(] عَزَّ وَجَلَّ] يُغِيثُنَا, فَرَفَعَ يَدَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: "اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا, اَللَّهُمَّ أَغِثْنَا..." " فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ، وَفِيهِ اَلدُّعَاءُ بِإِمْسَاكِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????) .(3/325)
518- وَعَنْ أَنَسٍ; " أَنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - كَانَ إِذَا قَحِطُوا يَسْتَسْقِي بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ. وَقَالَ: اَللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا, وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (?????) .
519- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: " أَصَابَنَا -وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ- - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ, حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ اَلْمَطَرِ, وَقَالَ: "إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ" " رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (?????) .
520- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأَى اَلْمَطَرَ قَالَ: " اَللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا " أَخْرَجَاهُ (?????) .
521- وَعَنْ سَعْدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَعَا فِي اَلِاسْتِسْقَاءِ: " اَللَّهُمَّ جَلِّلْنَا سَحَابًا, كَثِيفًا, قَصِيفًا, دَلُوقًا, ضَحُوكًا, تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذًا, قِطْقِطًا, سَجْلًا, يَا ذَا اَلْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي "صَحِيحِهِ" (?????) .
522- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يَسْتَسْقِي, فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ, لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ, فَقَالَ: ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ ([493]) .(3/326)
523- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث ساقها الحافظ ابن حجر رحمه اله تعالى في باب صلاة الاستسقاء منها حديث انس رضي الله عنه الذي دخل والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادعوا الله يغيثنا فعلم النبي - صلى الله عليه وسلم -أن هذا الرجل صادق لانه تكلم والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب وفي مجمع الناس فلولا انه صادق ما تكلم فرفع يديه وقال اللهم اغثنا اللهم اغثنا اللهم اغثنا ثلاث مرات قال عمر فوالله ما نرى في السماء سحاب ولا قذعا السماء صافية فانشأ الله تعالى سحابة من وراء سلع الجبل المعروف وكان يأتي من نحوه السحاب أنشأ الله تعالى مثل الترس صغيرة فارتفعت في السماء وانتشرت ورعدت وبرقت وامطرت والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينزل من منبره حتى صار المطر يتحادر من لحيته - صلى الله عليه وسلم - وبقي المطر اسبوعا كاملا والسماء تمطر ليلا ونهارا حتى دخل رجل من الجمعة الثانية أو الرجل الأول وقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادعوا الله يمسكها عنا فرفع يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الاكام والضراب وبطون الاودية ومنابت الشجر وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يشير بيده الكريمة إلى السماء فلا يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت بأمر الله عز وجل فخرج الناس يمشون في الشمس ففي هذا الحديث دليل على مسائل عظيمة منها قدرة الله عز وجل وإنه تعالى إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون كلمة واحدة لا زيادة عليها فيكون الشيء كما أراد الله عز وجل ومنها أية صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كون الله يجيبه بهذه الفورية البالغة دليل على صدقه وأنه رسول الله حقا لانه(3/327)
لو كاذبا ما اجاب الله دعوته لان الكاذب لا ينصر بل مآله الفشل والخسران ولاخذلان فدل هذا على صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه رسول الله حقاولهذا اجاب الله دعائه في الاستسقاء والاستسحاء ومنها انه إذا استسقى في خطبة الجمعة رفع يديه كما جاء ذلك مصرحا به في هذه الرواية لكن المؤلف رحمه اختصرها فالخطيب إذا دعا في الاستسقاء خاصة فإنه يرفع يديه ولا يرفع يديه في غير هذا لا يرفع يديه في الدعاء للمسلمين ولا في اصلاح الأمور ونما يرفع يديه عند الاستسقاء فقد في خطبة الجمعة والناس كذلك رفعوا أيديهم لان الناس تبع لخطيبهم فإذا شرع للخطيب أن يرفع يديه شرع للماموم المستمع المأمن على دعائه أن يرفع يديه لان الدعاء للجميع ومن الفوائد انه يجوز للإنسان أن يكلم الخطيب إذا كان لمصلحة لان الرجل دخل وكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه فإذا كلم الخطيب رجل لمصلحة فلا باس به لكن إذا تلكم أحد والامام يخطب فهذا حرام عليه ويحرم من اجر الجمعة ولا ثواب جمعة له ومن فوائد هذا الحديث انه ينبغي للإنسان إذا طلب شيئا أن يبين السبب حتى يقتنع المطلوب فإن هذا الرجل الذي طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله بالغيث بين السبب قال هلك المال وانقطعت السبل يعني المواشي هلكت لأنها لا ترعي شيئا والسبل انقطعت لان المال هزيل والابل هزيلة لا تستطيع المشي فإذا طلبت شيئا من شخص ينبغي أن تبين السبب ليطمئن ويجيبك ومنها جواز سؤال الغير أن يدعو للمسلمين يعين انه يجوز أن تقول لشخص الذي ترجى إجابته لصلاحه ادع الله للمسلمين بكذا وكذا لان هذا الرجل سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغيث المسلمين وهذا عموم أما لو سالت شخصا واحد لمصلحتك أنت وقتل يا فلان أدعو الله لي فهذا لا ينبغي لانه ليس من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطلب من أحد أن يدعو له ولان في ذلك اتكالا على دعاء هذا الرجل الذي سألته أن يدعو الله(3/328)
لك ولانه قد يؤدي إلى غرور هذا الرجل بنفسه وأنه أهل لان يطلب منه الدعاء لذلك لا تطلب من أحد أن يدعو لك ادع الله أنت فالله يقول ادعون استجب لكم فأنت ادع ربك ليس بينك وبينه حجاب فإن قال قائل أليس عكاشة بن محصن قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ادع الله أن يجعلني من هم ؟ قلنا بلى لكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليس كغيره للرسول - صلى الله عليه وسلم - ليست لغيره فإن قال قائل أليس الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال للصحابه ايكم أدرك اويسا القرني فليسأله أن يستغفر له وهذا من التابعين ؟ قلنا بلى لكن هذا خاص باويس لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للصحابة اطلبوا من أبي بكر أن يدعو لكم ونحن نعمل علم اليقين أن أبا بكر افضل من أويس لكن هذا خاص باويس والخصائص لا نعلم أسبابها هذا فضل من الله تعالى يؤتيه من يشاء أما إذا طلب الإنسان الدعاء من شخص على وجه العموم فهذا إحسان إلى الغير وإحسان إلى الداعي وإحسان إلى المدعو له هذا لا باس به كما جاء في هذا الحديث ومنها أن رفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء وهو كذلك فالدعاء من آدابه وأسباب إجابته أن ترفع يديك إلا في المواضع التي لم ترد السنة بالرفع فيها فإنها لا ترفع فلو قال إنسان أنا ارفع يدي بين السجدتين لادعو الله قلنا لا لو قال ارفع يدي في التشهد الأخير في الدعاء قلنا لا لان ذلك لم يرد بل ورد خلافه لانه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه رفع يديه في الدعاء في الصلاة إلا في القنوت ومن فوائد هذا الحديث جواز التوسل بدعاء الغير وعلى هذا يحمل حديث عمر رضي الله عنه عمر بن الخطاب في عهده وفي خلافته أصاب الناس قحط شديد جدا للغاية فجاءوا يطلبون منه أن يسأل الله الاستسقاء فقال اللهم أنا كنا نتوسل إليك بنينا فتسقنا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فيسقون لكن ما هو التوسل التوسل هو ما جاء في حديث انس انهم يتوسلون إلى الله بدعاء النبي - صلى الله عليه(3/329)
وسلم - كذلك عمر توسل إلى الله بدعاء العباس بن عبد المطلب لقرابته من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولهذا جاء في ألفاظ هذا الحديث قم يا عباس فادع الله فيقوم العباس فيدعو فيسقون والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الاستسقاء
519- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: " أَصَابَنَا -وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ- - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ, حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ اَلْمَطَرِ, وَقَالَ: "إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ" " رَوَاهُ مُسْلِمٌ. (?????) .
520- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأَى اَلْمَطَرَ قَالَ: " اَللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا " أَخْرَجَاهُ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/330)
هذا ن الحديثان في بيان ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله ويقوله إذا نزل نزل مطر أما الأول فحديث انس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصابهم مطر فحسر عن ثوبه يعني كشفه حتى أصابه من المطر وقال انه حديث عهد بربه وذلك أن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء وهذا المطر خلقه الله تعالى في حين نزوله فكان حديث عهد بالله تعالى فاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصيبه ما هو حديث عهد بالله عز وجل وهذه سنة فعلية يعني ينبغي للإنسان إذا نزل المطر أن يكشف عن ثوبه أو عن غترته أو عن شيء من جسده حتى يصيبه المطر اقتداء بالني - صلى الله عليه وسلم - وأما السنة القولية فحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نزل المطر قال اللهم صيبا نافعا يعني اجعله صيبا والصيب هو النازل كما قال تعالى أو كصيب من السماء ونافعا أي نافعا للعباد على الأرض تنبت وتحيى وكذلك ينزل في جوفها يسقي الناس فيما بعد ذلك فيسن للإنسان إذا نزل المطر أن يقول اللهم صيبا نافعا يعني اجعله صيبا ونافعا لانه قد يكون صيب وينزل ولا ينفع كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال ليست السنة أن لا تمطروا لكن السنة أن تمطروا فلا تنبت الأرض شيئا والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب صلاة الاستسقاء
522- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " خَرَجَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ اَلسَّلَامُ يَسْتَسْقِي, فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى اَلسَّمَاءِ تَقُولُ: اَللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ, لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ, فَقَالَ: ارْجِعُوا لَقَدْ سُقِيتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ ([497]) .(3/331)
523- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى اَلسَّمَاءِ " أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (?????) .
بَابُ اَللِّبَاسِ
524- عَنْ أَبِي عَامِرٍ اَلْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ اَلْحِرَ (?????) وَالْحَرِيرَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيِّ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/332)
هذان حديثان ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في باب صلاة الاستسقاء الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أن سليمان عليه السلام خرج يوما يستسقي يعني يطلب نزول المطر فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائما إلى السماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غني عن سقياك فرجع وقال ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم ففي هذا دليل على ما نطق به القرآن الكريم من أن سليمان - صلى الله عليه وسلم - علمه الله منطق الطير ومنطق كل شيء فمن ذلك هذه النملة وهي معروفة وهي من اذكى الحشرات وأعظمها نظرا للمستقبل لأنها تبني بيوتا في الأرض جحورا وتجعل هذه الجحور في أعلى الأرض يعني في المكان العالي لئلا يفسد جحورها المطر وتدخر الحب ولها طريقة تستعملها في ادخاره وهي أنها تقرض رؤوس الحب من اجل إلا ينبت لانه لو بقي على ما هو عليه نبت إذا جاءه المطر فهي تقرض رؤوسه من اجل أن ينبت وإذا كان مطر كثير وصل البلل إلى هذه الحبوب فإنها تفردها في الشمس من اجل أن تنشف ولا تعفن وسأل سأل فقال هل يجوز أن أخذ هذه الحبوب التي نشرتها أو ندعها لها فهذه الحشرة بإذن الله لها ذكاء عجيب وبلاغة وفصاحة لما أتى سليمان على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم هذا إرشاد ترشدهم إلى أن يدخلوا المساكن لأنها ملاجئ وملاذ لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهذا تحذير أن يحطمهم سليمان وجنوده وهذا تحذير أن يحطمهم سليمان وجنوده لانهم لا يشعرون بهذا النمل ولو شعروا بها وهي في الطريق أيضا فسيحطمونها لأي يمكن أن يتجنبوا الطريق من اجلها وهم لا يشعرون وهذا اعتذار اعتذار لسليمان وجنوده انهم لن يشعروا بكم فالمهم أن سليمان - صلى الله عليه وسلم - خرج يستسقي فوجد هذه النملة مستلقية على ظهرها لانه لا يمكنها أن ترفع جميع قوائمها إلى السماء إلا إذا استلقت على ظهرها وتقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غني عن سقياك وهذا توسل(3/333)
إلى الله عز وجل في حالها وأنها من سائر الخلق وأنها لا غنى لها عن سقيا الله عز وجل ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها أية من آيات الله سبحانه وتعالى التي امد سليمان بها لان الله تعالى أعطاه آيات كثيرة منها الملك الذي لا ينبغي لاحد من بعده ومنها أن الله تبارك وتعالى في العلو فوق كل شيء وان الحشراتن وهي التي لا تعقل تعلم أن بارئها وخالقها فوق فوق السماوات فترفع قوائمها إليه عز وجل ففيه دليل على أن أولئك الثيران الذين انكروا علو الله عز وجل النمل افقه منهم بالله واعلم منهم بالله لكنهم في الحقيقة ثيران الخلق ثيران الورى الذين لا يفهمون ولا يعقلون فالله سبحانه وتعالى عال بذاته فوق عرشه فوق كل شيء ولا ينكر ذلك إلا ضال في دينه سفيه في عقله وفيه أيضا دليل على أن النمل ينطق وهو كذلك النمل له نطق يفهم بعضه لغة بعض ويعرفها ولها طرق عجيبة في الدلالة حتى انك ربما تبعدها عن بيتها وعن جحرها فإذا بها تدله وتتخذ طريق مع صاحباتها طريق لا اعوجاج فيه شاهدنا ذلك باعيننا تتخذ طريقا من مكان طلب الرزق إلى البيوت طريقا مستقيما ليس فيه اعوجاج لا تميل يمينا ولا يسارا تجد اسراب النمل على هذا الطريق بإذن الله عز وجل ومن فوائد الحديث أن المشروع في الدعاء أن يرفع الداعي يديه إلى ربه عز وجل لانه يستجدي ربه يقول اعطني وهذا لابد من رفع اليدين إلى الله عز وجل فالمشروع في الدعاء رفع اليدين إلا ما جاء في السنة بعدم رفعه ومن ذلك أي من المواضع التي لا ترفع فيها الايدي الدعاء في الصلاة ماعدا القنوت الدعاء بين السجدتين ليس فيه رفع وبعد التشهد ليس فيه رفع وفي اثاناء الركوع ليس فيه رفع وفي الاستفتاح اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب كذلك في خطبة الجمعة لا ترفع الايدي بالدعاء سواء كان دعاء خاصا أو عاما كما نشاهده من بعض الجهال الذين يرفعون أيديهم عند دعاء الخطيب فإنه جهل ينبغي أن ينبهوا عليه(3/334)
إذا انتهت الخطبة إلا في الاستسقاء أو الاستصحاء فالسنة رفع الدين يعني مثلا إذا دعا الخطيب بالاستسقاء اللهم اغثنا أو ما أشبه ذلك فليرفع يديه وليرفع الناس أيديهم معه وكذلك إذا دعا بالاستصحاء أي اللهم جوالينا ولا علينا فليرفع يديه أيضا كما جاءت به الينة وفي الحديث من الفوائد التوسل إلى الله تعالى بذكر حاجة الداعي لان الإنسان إذا دعا ربه وذكر حاجته فهو يعني بلسان الحال انه لا يجلي هذه الحال إلا الله تعالى ولهذا قال اللهم إنا خلق من خلق والله عز وج لقد تكفل بأرزاق جمع الخلق وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها فلا تمنع عنا سقياك لانه إذا نزل المطر نبتت الأرض وحصل لهذا النمل رزق يرتزق به والتوسل إلى الله تعالى يكون بأمور الأمر الأول التوسل بالإيمان بالله لان الإيمان بالله سبب للعطاء والمغفرة والرحمة كما قال الله تبارك وتعالى ( الذين يقولون ربنا إننا امنا فاغفر لنا ) فتوسلوا إلى الله بالإيمان ومنها التوسل بالعمل الصالح التوسل بالعمل الصالح أيضا من أسباب الإجابة ودليل ذلك قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة وهم في الغار فعجزوا عنها فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم أحدهم توسل ببر والديه والثاني توسل بالعفة والثالث توسل بالأمانة ومن التوسل التوسل بأسماء الله تعالى عامة أو خاصة فالعامة كما اء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في جعاء الهم والكرب اسألأك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك إلى آخر الحديث والخاصة مثل أن يقول الإنسان اللهم اغفر لي انك أنت الغفور الرحيم فطلب المغفرة وتوسل إلى الله تعالى باسمه الغفور الرابعة التوسل إلى الله تعالى بافعاله أن تتوسل بافعال الله تعالى بما تدعوه إياه ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - فيما علم أمته اللهم صل على محمد وعلى اله محمد كما صليت على إبراهيم وعلى أل إبراهيم هذا توسل إلى الله تعالى بافعاله الخامس التوسل إلى الله تعالى(3/335)
بذكر حاجة الإنسان بان يقول اللهم أنى فقير أو مريض أو يذكر حاجته يتوسل إلى الله تعالى به ومنه قول موسى - صلى الله عليه وسلم - رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير ) ومنه هذا الحديث هذه خمسة أشياء كلها جائزة ومنها التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصاليح الذي ترجى اجابته فإن هذا من التوسل المباح فقد كان الصحابة رضي الله عنه يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله لهم لكن هذا لا ينبغي للإنسان أن يسأل الرجل الصالح أن يدعو له إنما يسأله أن يدعو للمسلمين عموما فيقول ادع الله لهم بالغيث أو النصر أما أن يسأله أن يدعو لنفسه فهذا لا ينبغي وليس من عمل السلف الصالح وأما حديث وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر يا تنسنا يا أخي من دعائك فهذا حديث ضعيف ليس صحيحا فلا يعتمد عليه فينبغي للإنسان أن يتوسل إلى الله تعالى بكل وسيلة تكون سببا للدعاء هذا الحديث الذي ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في قصة النملة استدل به بعض العلماء على إثبات علو الله تعالى وأنه ثابت حتى عند من ليس له عقل لكن الحديث ضعيف يعني لم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما تكلمنا عليه لفوائده فقط وأما أن نقول إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاله فلا لانه ضعيف أما حديث انس بن مالك الذي ختم به المؤلف باب الاستسقاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بالاستسقاء وأشار ببعض كفيه فهذا الحديث اختلف العلماء في معناه منهم من قال اشار بظهر كفيه يعني دعا باليدين مقلوبتين ظهورها إلى السماء وبطونها إلى الأرض ومنهم من قال إنه كناية عن المبالغة في رفع اليدين لان الإنسان إذا رفع يديه كثيرا صار ظهورها إلى السماء فالأول ذهب إليه كثير من العلماء وتوسعوا فيه حتى قالوا إن الإنسان إذا دعا بكشف الضر فإنه يدع بظهور كفيه مثل أن يقول اللهم اشفني من مرضي أو اللهم اغنني من الفقر توسعوا فيه ومنهم من قال ليس هذا مراد الحديث وإنما المراد(3/336)
انه بالغ في الرفع حتى صارت ظهور كفيه إلى السماء وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وهو الحق أن الرسول ما دعا بظهر كفيه أبدا لا في الاستسقاء ولا غيره وإنما كان يبالغ في الاستسقاء حتى يظن الرائي انه دعا بظهر كفيه والله الموفق
أما اللباس فياتي إن شاء الله الكلام عليه
قال رحمه الله تعالى باب اللباس
بَابُ اَللِّبَاسِ
524- عَنْ أَبِي عَامِرٍ اَلْأَشْعَرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ اَلْحِرَ (?????) وَالْحَرِيرَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَصْلُهُ فِي اَلْبُخَارِيِّ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/337)
يقول الموؤلف رحمه الله تعالى باب اللباس وهو ما يلبسه الإنسان من قميص أو سراويل أو عمامة أو غير ذلك واعملم أن الله سبحانه وتعالى انزل على عباده لباسين اللباس الأول لباس معنوي وهو لباس التقوى واللباس الثاني لباس حسي وهو ما يستر به الإنسان جسمه وهذا النوعين نوعان أيضا نوع يواري السوءة ويستر العورة ونوع رياش أو ريش أي لباس كمال وجمال وكله من نعمة الله ومن حكمة الله أن جعل الإنسان عاري العورة حتى يحتاج إلى لباس يسترها وينتقل من هذه الحاجة إلى حاجة اللباس المعنوي وهو لباس التقوى فيعلم أنه لابد له من لباس التقي كما انه لابد له من لباس الجسد والأصل في لباس الجسد انه حلال كل شيء تستر به جسمك فهو حلال هذا هو الأصل لانه داخل في عموم قوله تعالى ( هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ) وداخل في قوله تعالى قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق ) فانكر الله على من حرم زينة الله التي اخرج لعباده وعلى هذا فإذا قال قائل لانسان هذا الثوب حرام عليك فليقل له أين الدليل الأصل الحل وإذا قال هذا التفصيل حرام فليقل أين الدليل لان الأصل أن الإنسان يلبس ماشاء من الثياب وعلى أي كيفية فصلها كما شاء هذا هو الأصل إلا إذا ورد في القرآن أو السنة أو إجماع المسلمين ما يقتضي التحريم فيعمل به من ذلك لباس الحرير على الرجال فإنه حرام لان لباس الحرير يقتضي الميوعة والليونة والرقة وهذا ليس بمناسب للرجل الذي ينبغي فيه الحزم والقوة والخشونة ولكن تحتاج إليه النساء ولهذا كان الحرير حراما على الرجال حلالا للنساء ثم ذكر المؤلف حديث أبي عامر الاشعري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف أربعة أشياء كلها حرام لقوله يستحلون فدل ذلك على أنها حرام وان هؤلاء يستحلونها والاستحلال نوعان النوع الأول اعتقاد أنها حلال والثاني استعمالها استعمال المستحل لها وإن(3/338)
اعتقد أنها حرام وكلاهما فيه الإثم العظيم وتأمل قوله الحر والحرير الحر يعني الفرج والمراد يستحلون الزنا واللواط والعياذ بالله ويرونه حلالا وصدق رسول - صلى الله عليه وسلم - بما قال حيث كان الواقع يشهد له فالان في الأمة الإسلامية التي تستقبل القبلة وتشهد أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله فيها من يستحل الزنا واللواط فقد بلغنا بخبر الثقات أن في البلاد الإسلامية شباب مرد يتجملون بلباس الحرير والذهب ويكونون في الأسواق ويعرضون أنفسهم يتلوط بهم الناس نسال الله العافية في بلاد اسلامية تصلي الصلوات الخمس إلى القبلة تنادي بالأذان وكذلك فيها أي البلاد نساء متجملات فتيات يعرضن أنفسهم للزنا والعياذ بالله فصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في أمته من يستحل الحر أي الفرج والمراد الزنا واللواط والعياذ بالله والحرير يعني لبس الحرير وهذا يختص بالرجال اعني تحريم لبس الحرير بالرجال وانظر كيف قرن بين استحلال الفرج والحرير لان الرجل ولاسيما الفتا ولا سيما إن كان جميلا إذا لبس الحرير كان ذلك مدعاة للتلوط به والعياذ بالله بل يبقى مائعا كالمراة تماما والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فقرن الحر بالحرير الحكمة فيه واضحة جدا وعلى هذا فيكون لباس الحرير على الرجال حراما مقرونا بالزنا أو اللواط كذلك الخمر يستحلون الخمر والخمر كل شارب اكر أو إن شئت فقل كل مطعوم اسكر أيهما اعم الثاني أو الأول ؟ كل مطعوم اشمل لان المطعوم يشمل الشراب والأكل لقول الله تعالى فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني ) فكل مطعوم اسكر فهو خمر وكل خمر فهو حرام وتحريمها ثابت بالكتاب والسنة واجماع المسلمين وهو معلوم بالضرورة من دين الإسلام في بلاد الإسلام ومعنى استحلال الحرام له وجهان الوجه الأول أن يقول إنه حلال والاني أن يشربوه أو يطعموه طعام المستحل له وإن اعتقدوا انه حرام ولقد صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - استحل(3/339)
الخمر استحلته بعض الأمة الإسلامية ورأت انه لا باس به وتجاوزت الحد وسمته الشراب الروحي قاتلهم الله شراب لعن شاربه وحامله والمحمول إليه ومشتريه ويسمى شرابا روحيا يعني مطهر للروح وهو أم الخبائث كما جاء في الحديث وحكمه أن شاربه يعذر بما لا يقل عن أربعين جلدة أو ثمانين أو مائة أو ألف جلدة حسب ما يردع الناس لانه ما فيه جد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - معين إنما هو راجع إلى نظر القاضي فيعاقب الشارب بما يستحق وبما يردعه إذا شرب مرة وجلد ومرة وجلد ومرة وجلد ومرة رابعة فإنه يقتل قال شيخ الإسلام لانه مثل الصائل الذي لا يندفع إلا بالقتل هذا جلد ثلاث مرات في الخمر وشرب الرابعة متى يتوب ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى إن قتل شارب الخمر في الرابعة مشروع إذا لم ينته الناس بدونه وصدق رحمه الله وهذا قد ورد فيه حديث صحيح في السنن اخذ به بعض العلماء مطلقا وقال إذا شرب وجلد وشرب وجلد وشرب وجلد ثم شرب الرابعة وجب قتله بكل حال وهذا مذهب ابن حزم رحمه الله تعالى والظاهرية أما شيخ الإسلام ففصل وقال إذا لم ينته الناس بدون القتل قتل لان هذا من جنس الصائل والصائل إذا لم يندفع إلا بالقتل فإنه يتقل ولو أن الحكومات فعلت مثل هذا لقل شرب الخمر وصار نادرا لكن مع الأسف أن بعض الحكومات التي تحكم البلاد الإسلامية تبيح هذا سمعنا انه يباع علنا في الأسواق وأنه في جرار تجعل في الثلاجات كأنه الشراب الحلال والعياذ بالله مع انه أم الخبائث سالب العقول مفسد الديار قرأت في مجلة قبل سنوات أن شاب شرب الخمر ودخل على أمه في بلاد غير السعودية والحمد له ودخل على أمه الساعة الواحدة من الليل بعد منتصف الليل وهو سكران فطلب من أمه أن يزني بها ولكنها أبت فذهب إلى المطبخ وقال إما أن تمكنيني من ذلك أو اذبح نفسي فأدركتها الشفقة فمكنته فزنى بها ثم اصبح وأحس انه فعل هذا الجرم العظيم فأتى إلى أمه وقال لها أفعلت كذا قالت لا خافت(3/340)
عليه قال بل فعلت ثم اخذ البنزين ودخل الحمام وصبها على نفسه واوقد في نفسه أيش النهاية نهاية شرب الخمر زناَ بالأم وقتل للنفس والعياذ بالله ولهذا كان من ابشع المحرمات وكبائر الذنوب أما المعازف فهي جمع معزف وهي آلة اللهو وهي أيضا حرام كل آلة لهو سواء كانت موسيقي أو طنبور اوعود اوغيرها فإنه داخلة في الحديث ولا يستثنى من ذلك إلا شيء واحدالدف يجوز في حالة العرس وفي العيد وإذا قم كبير القوم من السفر لانه هذا مما جاءت به السنة والدف هو الطار الذي ليس له إلا وجه واحد هذا جائز في هذه الأحوال الثلاثة وهي العرس والعيد قدوم كبير القوم أما العرس فهو سنة يسن أن يضرب عيه بالدف يعني يؤمر أن يضرب عليه بالدف وأما في الاعياد فهو مباح لا نامر به ولا ننهى عنه وأما في قدوم الغائب فكذلك مباح لا نامر به ولا ننهي عنه دليل الاعراس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال يعني في الدف وأ/ا العياد فدليله أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه خل على عائشة وعندها جاريتنان تغنيان وتضربان بالدف فانتهرهما أبو بكر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - دعهما فإنها أيام عيد وكذلك آذن للحبشة أن يلعبوا برماحهم وسيوفهم في أيام العيد أما قدوم الغائب فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فجاءت امرأة وقالت يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالما أن اضرب بالدف بين يديك ليش فرح بقدومه أو اوف بنذرك فجعلت تدف بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلما دخل عمر القت الدف تحتها هيبة من عمر رضي اللهعنه لكن النبي - صلى الله عليه وسلم -آذن لها فدل ذلك على جواز الدف في مثل هذه الحالة وإلا فالأصل أن المعازف كلها حرام هذا هو الأصل ولا يهولنك تهاون الناس بها اليوم وكثرة استعمالها فإن هذا مصداق هذا الحديث يستحلونها الحر والحرير والخمر والمعازف فإذا قال قائل أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - قد اخبر بهذا(3/341)
؟ قلنا بلى لكن هل اخبر به مقررا له أو محذرا منه ايهما الثاني لا شك ولو كان ما اخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذه الأمور تقريرا لقنا إنه قرر أن تعبد الاصنام أيضا لانه قال لتركبن سنن من كان قبلكم قالوا من قال اليهود والنصارى هل يمكن أن يقول قائل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - آذن لامته أن تكون أمة يهودية أو نصرانية ؟ لا لكنه يخبر بذلك محذرا منه والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين مقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب اللباس
525- وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: " نَهَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَشْرَبَ فِي آنِيَةِ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ, وَأَنْ نَأْكُلَ فِيهَا, وَعَنْ لُبْسِ اَلْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ, وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (?????) .
526- وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: " نَهَى اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُبْسِ اَلْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْنِ, أَوْ ثَلَاثٍ, أَوْ أَرْبَعٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/342)
تقدم لنا قاعدة مهمة في باب اللباس وهي أن الأصل في اللباس الحل جنسا ونوعا ووصفا لعموم قول الله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وان من ادعى أن هذا اللباس محرم أو أن كيفية هذه اللباس محرمة فعليه بالدليل وذكر المؤلف رحمه الله تعالى فيما سبق حديث أبي عامر الاشعري ليكونن من اقواما يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ما حديث حذيفة فقد تضمن النهي أن الآكل في انائين والشرب فيهما وهما آنية الذهب والفضة ويقال في الاواني ما يقال في اللباس يعني أن الأصل في الاواني وه يالاوعية التي يجعل فيها الطعام والشراب الأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه لقوله تعالى هو الذي خلق لكم ما في الأرض ) فجميع الاواني من خشب وخزف وحجارة وغيرها الأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على تحريمه فمما قام الدليل على تحريمه الآكل والشرب في إناء الذهب والفضة لحديث حذيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن ذلك ولحديث أم سلمة رضي الله عنها الذي يأكل في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم قال اه لالعلم وما طلي بالذهب والفضة فله حكم ما كان من الذهب والفضة يعني لو كان إناءمن النحاس طلى بالذهب صار الآكل فيه حراما أو طلي بفضة صار الآكل والشرب فيه حراما قالوا أيضا وكذلك ما سمي بذهب أو فضة مثل أن يكون إناء من نحاس وفيه مسامير من الذهب أو من الفضة فإنه حرام وهو عام للرجال والنساء بخلاف اللباس كذلك في حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحرير والذيباج وأن نجلس عليه فيكون التحريم عاما للباس والجلوس واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في جلوس النساء على الحرير فقال بعض العلماء إنه لا يجوز لانه إنما رخص لهن في لبسه لحاجتهن إلى التزين والفراش منفصل عن المرأة وقال بعض العلماء إنه حلال للنساء أن يجلسن على الحرير لعموم احل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها والاحتياط في الوقل الأول(3/343)
أي أن النساء لا يجوز لهن أن يجلس على الحرير وإن جاز لهن أن يلبسن الحرير والفرق ظاهر أما حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ففيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا موضع اصبعين أو ثلاث أو أربع يعني مثلا لو فرض أن الإنسان عليه ثوب من صوف أو قطن وفيه علم أي خط من الحرير أربع اصابع فما دون فلا باس به لان النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في ذلك أما إذا كان الثوب فيه علم حرير وعلم قطن يعني خطوط متفرقة فهذا ينظر ايهما اكثر ظهورا فإن كان الأكثر ظهورا الحرير فهو حرام وإن كان الأكثر سوى الحرير فهو حلال فتبين بهذا انه إذا كان الثوب فيه حرير في مكان واحد فالعبرة بماذا ؟ بأربع اصابع فالاربع فما دون حلال وما زاد فهو حرام أما إذا كان كل الثوب مخطط فالعبرة بالاكثر حتى لو فرض أن الخط الواحد من الحرير اصبع ثم بعده قطن ثم حرير اصبع ثم بعده قطن فإن كان الأكثر هو الحرير فهو حرام وإن كان الأكثر سواه فهو حلال فهذا هو الضابط فيما كان مخلوطا بحرير وغيره أن يقال إن كان الحرير في موضع واحد فالضابط أربع اصابع فما دون حلال وما زاد فهو حرام وإن كان في كل الثوب مشاعا فيه فالضابط ما هو الأكثر يكون الحكم له والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب اللباس
527- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِعَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ, وَالزُّبَيْرِ فِي قَمِيصِ اَلْحَرِيرِ, فِي سَفَرٍ, مِنْ حَكَّةٍ كَانَتْ بِهِمَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (?????) .(3/344)
528- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَسَانِي اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَرَاءَ, فَخَرَجْتُ فِيهَا, فَرَأَيْتُ اَلْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ, فَشَقَقْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَهَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ (?????) .
529- وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي, وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ. " (?????) . رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (?????) .
530- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يَرَى (?????) أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ " رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/345)
هذه الأحاديث في باب اللباس ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف في سفر في لبس الحرير لحكة كانت بهما والحكة معروفة وهي التهاب يكون في الجلد يحتاج إلى أن يحكه الإنسان ومن ادويته وعلاجه أن يلبس الإنسان حريرا فيرخصللانسان في لبس الحرير والمراد بها الشديدة التي ليست معتادة ولهذا عبر بعض العلماء عنها بوقله من جرب يعني معناها أنها من حكة شديدة أما الحكة المعتادة فلا يجوز للإنسان أن يلبس الحرير من اجلها وقوله في سفر هذا ليس قيدا فإنه إذا حصلت الحكة الشديدة جاز للإنسان أن يلبس الحرير سواء في سفر أو في حضر ولكن ينبغي إذا كان يخشى أن يتهم بلباس الحرير أو أن يقتدى به عليه أن يلبس عليه قميصا أخرا فيكون الحرير مما يلي الجسم والثاني ظاهرا حتى لا يتهم أو يقتدى به فإن قالوا انه إذا لبس ثوبين لم ينفع لانه ربما يحتمي عليه اكثر قلنا لا باس وإذا سأله سائل لما تلبس الحرير يقول بسبب كذا وفي هذا دليل على أن لباس الحرير ليس محرما لذاته لان المحرم لذاته لا تجيزه إلا الضرورة لكنه محرم لغيره وذلك لئلا يلتحق الرجل بالمراة لان الذي يحتاج إلى لبس الحرير هن النساء حتى يتجملن للازواج وأما حديث علي بن أبي طالب هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه لحة سيراء يعني مخططة فيها اعلام من حرير وعلام من قطن أو صوف فلبسها علي رضي الله عنه ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذلك له فعرف ذلك في وجهه فتركها على رضي الله عنه فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه لكنها عرفت الكراهة في وجهه فقطعها علي رضي الله عنه بين نسائه وهذا يدل على انه إذا كان الحرير وما معه متساويا فإنه لا ينبغي للإنسان لبسه وقد سبق أن قلنا إن الحرير مع غيره ينقسم إلى ثلاث أقسام القسم الأول أن يكون الحرير اكثر فهذا حرام والثاني أن يكون اقل فهذا(3/346)
مباح بشرط أن لا يزيد عن أربعة اصابع في الموضع الواحد الثالث أن يكون وما معه متساويان فهذا جائز لكنه لا ينبغي لان النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذلك أما حديث علي الآخر فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها والمحلل والمحرم هو الله عز وجل اوالنبي - صلى الله عليه وسلم - فإن تحليل النبي - صلى الله عليه وسلم - من تحليل الله لقول الله تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله ) يعني ومن عصى الرسول فقد عصى الله وليس لاحد أن يحلل أو يحرم إلا بإذن الله إلا بدليل شرعي ولهذا كان السلف الصالح كالامام احمد وغيره يكرهون أن يقولوا على الشيء انه حرام إلا إذا ورد النص بالتحريم أي بلفظ التحريم لانهم يتهيبون أن يقولوا حراما في شيء فيه النهي فقط إذا قد يكون المراد بالنهي الكراهة وهؤلاء الذين يتسرعون ويتعجلون كل شيء محرم كل شيء حلال فهم قد افتروا على الله الكذب وقد قال الله تعالى إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب اليم ) كذلك اشد من هذا واعظم أولئك الذين يترعون بالتكفير يكفرون عباد الله ويخرجونهم من الملة بغير دليل من الشرع هؤلاء الذين يكفرون بلا دليل يعود تكفيرهم إليهم يعني يكونون هم الكفار والعياذ بالله فلو قلت لمسلم أنت كافر ولم يكفره الله ورسوله كنت أنت الكافر كما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه من دعا رجلا بالكفر أو قال يا عدو الله وليس كذلك رجعت على القائل القائل كيف يكون كافر وهو يصلي ؟ نقول نعم هو وإن كان يصلي الآن لكن يخشى أن تكون عاقبته الكفر والعياذ بالله يطبع على قلبه في النهاية لان قول الرسول حق وقد اخبر انه لابد أن يكون الكافر إما الذي رمي بالكفر وإما القائل ولا تستغربوا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الرجل ليعمل بعمل اه لالجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار(3/347)
فيدخلها من يقول أن هذا يلسم الذي يكفر المسلمين بلا دليل التكفير ليس بالأمر الهين ما هو مجرد أن تقول الإنسان كافر حتى تكون كلمة عابرة هي تتضمن حل دم المكفر وحل ماله وجواز قتله وإذا كان وليا فلا بيعة له فالمسألة خطيرة جدا فهؤلاء الذين ابتلوا والعياذ بالله في الاونة الأخيرة في البحث في هذه الأمور ومحاولة أن يكفروا ولاة الأمور من اجل أن يستبيحوا بذلك الخروج عليهم هؤلاء هم ورثة الخوارج الذين قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم إنهم يقرؤن القرآن ولا يجاوز حناجرهم وإنهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية والعياذ بالله وامر بقتالهم وقلتهم لانهم كفروا عباد الله والعجب أن يصبون جام غضبهم على من لم يكفره الله ورسوله ويستكون على الكفار الحقيقين الذي يجب أن نحذر الناس منهم كاليهود والنصارى والشيوعيين والالحاديين وهذا لا شك من الخطر العظيم على الأمة الإسلامية العجب أن هؤلاء يحرصون على البحث في هذه الأمور والمناقشة فيها واتعاب انفهم وغيرهم ولو فتشت ما فتشت لوجدت عندهم اخلالا في اعظم أركان الإسلام وهو شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لان هؤلاء يريدون أن يكونوا شركاء مع الله في التشريع والتكفير وعدم التكفير والشرع لله والتكفير لله عز وجل هؤلاء يريدون أن يكونوا مع الله يكفرون من شاءوا ويؤمنون من شاءوا فاحذروا هؤلاء احذروا هؤلاء والبحث معمهم ليس فيه فائدة لان غالبهم ولا أقول كلهم يتكلون عن هوى وليس للهدى والبث مع من يتكلم عن هوى بحث لا طائل تحته ليس فيه إلا مجرد ضياع الوقت أو التلبيس ولاتشبيه على الناس إذا أراد أن يباحثك في مجلس ثم يورد عليك من الشبه ما يضل به كثير من الناس الحاضرين فمثل هؤلاء الأحسن أن يقال فيهم كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - للصحابة حين قال أبو سفيان افيكم محمد افيكم ابن أبي قحافة افيكم عمر(3/348)
قال لا تجيبوه لا تجيبوهم اتركوهم لان إجابة هؤلاء اعزاز لهم لكن عدم اجابتهم اذلال لهم وهم إذا عرفوا انهم لن يجابوا سوف تتقطع قلوبهم من الحسرة والحرارة ولكن الحق أحق أن يتبع الأمة الإسلامية أمة هادئة تامر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتحذر من أسباب الفتن ما ظهر منها وما بطن هذه هي الأمة حقيقة وانظروا إلى ما حصل في عهد السلف الصالح كيف يعاملون الناس إذا تكلم أحد بشيء يحتمل انيكون كفرا حملوه على احسن المحاول مهما أمكن بقدر الإمكان ثم دلوه على الحق وقالوا هذا الكلام لا ينبغي إن كان كفرا صريحا قالوا هذا كفر وإن كان ليس بصريح حذروه منه لئلا يتكلم وإذا كانوا أولياء امور أيضا يلتمسون لهم العذر ويحملون تصرفهم على احسن محمل وولي الأمر ليس ينظر بعين واحدة ينظر بعينين وله جناحان جناح يأمر بالخير واخر يأمر بالشر كل خليفة له بطانتان ثم انه لا ينظر إلى قول واحد ينظر إلى كل من حوله فقد يفعل الشيء متاولا ويأتي هؤلاء المبتدعون ويقولون هذا كافر اخرجوا عليه قاتلوه ثم يفسدون اكثر مما يصلحون ولنا في بعض الدول التي تعرفونها ولا تخفى عليكم لنا أسوة ماذا راح من الاموال والقتلى يدخل على القرية الهادئة الوادعة ليس عندهم سلاح فيذبحونهم ذبح الشياة والعياذ بالله أو يضبونهم بالسواطير وربما بعضهم يختطف النساء والعياذ بالله بعد أن يقتل أهلها كل هذا من التسرع وعدم التاني وعدم الحكمة في معالجة الأمور والمه مان الاحلال والتحريم والتكفير والتبديع والحكم بالاسلام أو بالايمان ليس الينا نحن عباد مربون متعبدون الأمر إلى الله تعالى من كفره الله ورسوله كفرناه ولو كانوا بائنا أو امهانتا ومن لم يكفره الله ورسوله لم نكفره ولو كان اعدى الناس لنا هذا هو الواجب أما التسرع والتهيج واللغط واقامة الفتن فهذا ليس من شان المسلمين هذا من طرق الخوارج والعياذ بالله فنسأل الله تعالى أن يجمع قلوبنا على الحق وأن يهدنا الصراط المستقيم وان(3/349)
يهد هؤلاء إلى سواء السبيل انه على كل شيء قدير
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب اللباس
529- وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي, وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ. " (?????) . رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (?????) .
530- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يَرَى (?????) أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ " رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيما نقله في كتاب اللباس من بلوغ المرام عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احل الذهب والفضة لإناث أمتي وحرم على ذكورها قوله احل يعني احله الله عز وجل الذهب والحرير لإناث الأمة صغارها وكبارها فالمرأة صغيرة كانت أم كبيرة يحل لها أن تلبس الذهب والحرير لكن بشرط أن لا يصل ذلك إلى حد الإسراف فإن وصل إلى حد الإسراف كان حراما لان الله تعالى إنما أباح لنا من الطيبات والزينة ما لم نصل إلى حد الإسراف فالمرأة تتحلى بما شاءت من الذهب وتلبس ما شاءت من الحرير
531- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِيِّ وَالْمُعَصْفَرِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?????) .
532- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, قَالَ: " رَأَى عَلَيَّ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ, فَقَالَ: "أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا?" " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (?????) .(3/350)
533- وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّهَا أَخْرَجَتْ جُبَّةَ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكْفُوفَةَ اَلْجَيْبِ وَالْكُمَّيْنِ وَالْفَرْجَيْنِ, بِالدِّيبَاجِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (?????) .
وَأَصْلُهُ فِي "مُسْلِمٍ", وَزَادَ: " كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ, فَقَبَضْتُهَا, وَكَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلْبَسُهَا, فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى نَسْتَشْفِي بِهَا " (?????) .
وَزَادَ اَلْبُخَارِيُّ فِي "اَلْأَدَبِ اَلْمُفْرَدِ". " وَكَانَ يَلْبَسُهَا لِلْوَفْدِ وَالْجُمُعَةِ " (?????) .
الشريط السابع عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب اللباس
529- وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " أُحِلَّ اَلذَّهَبُ وَالْحَرِيرُ لِإِنَاثِ أُمَّتِي, وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهِمْ. " (?????) . رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (?????) .
530- وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَنْ يَرَى (?????) أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ " رَوَاهُ اَلْبَيْهَقِيُّ (?????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(3/351)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى فيما نقله في كتاب اللباس من بلوغ المرام عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احل الذهب والفضة لإناث أمتي وحرم على ذكورها قوله احل يعني احله الله عز وجل الذهب والحرير لإناث الأمة صغارها وكبارها فالمرأة صغيرة كانت أم كبيرة يحل لها أن تلبس الذهب والحرير لكن بشرط أن لا يصل ذلك إلى حد الإسراف فإن وصل إلى حد الإسراف كان حراما لان الله تعالى إنما أباح لنا من الطيبات والزينة ما لم نصل إلى حد الإسراف فالمرأة تتحلى بما شاءت من الذهب وتلبس ما شاءت من الحرير إلا انه لا يحل لها أن تسرف في ذلك ولا يحل لها أن تلبس ذهبا على صورة حيوان كما يوجد في بعض الاسورة إسورة على شكل ثعبان فهذه لا يجوز لبسها لأنها مصورة وكذلك يوجد في بعض القلائد ما يكون على كل صورة الأسد أو الفراشة أو النملة أو ما شابة ذلك فكل هذا حرام والواجب أن تقص رؤوس هذه فإذا قص الرأس ولم يبق إلا الجسد فلا باس وهل في حليها زكاة إذا لبست حليا هل فيه زكاة ؟ في هذا خلاف بين العلماء والراجح أن الزكاة واجبة فيه إذا بلغ النصاب وهو ثمانية وخمسون جراما من الذهب فإذا بلغ هذا المبلغ وجبت زكاته ربع العشر إن أخرجت المرأة من مالها فذلك وإن لم تخرج واخرج عنها زوجها أو أبوها أو ابنها أو غير ذلك فلا باس بذلك وقوله وحرم على ذكورها يعني حرم لباس الحرير على الذكور وحرم لباس الذهب على الذكور فلا يجوز أن يلبس شيئا من الذهب لا خاتما ولا سوار ولا قلادة ولا أزرارا ولا غير ذلك كل ذلك حرام لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - وما يفعله بعض المترفين من اتخاذ الخاتم من الذهب فإنه إنما يلبس في يديه جمرا والعياذ بالله فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه رأى رجلا يلبس خاتما من ذهب فقال أيعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيلقيها في يده أو قال يضعها في يده ثم نزع الخاتم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه نزع(3/352)
الخاتم ورمى به ثم انصرف فقيل للرجل خذ خاتمك انتفع به قال والله لا اخذ خاتما رمى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتركه وهذا يدل على الإنكار باليد والتغيير باليد لان النبي - صلى الله عليه وسلم - ذو سلطان فهو الإمام - صلى الله عليه وسلم - وهو المؤدب أما غيره من الناس ممن ليس له التغيير باليد فلا يغير باليد لان ذلك يؤدي إلى الشقاق والنزاع والفتن وربما يظن الظان أن هذا حرام وهو ليس بحرام فيغير بيده فيحصل في هذا نزاع فالتغيير باليد إنما هو لولاة الأمور وأما التغيير باللسان والأمر بالمعروف فواجب على الجميع بالشروط المعروفة عند أهل العلم كذلك أيضا بعض المترفين يُلبس أسنانه ذهبا وهذا أيضا حرام ولا يحل إلا عند الضرورة إذا انكسر سنه واستبدله بذهب فلا باس لان هذا ضرورة والضرورة لها أحكام ولهذا جدع انف رجل من الصحابة في حرب من الحروب فاتخذ بدل الأنف اتخذ فضة فأنتنت وفسدت فأذن له النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ أنفا من ذهب لان الذهب لا يصدأ ولا ينتن فدل ذلك على أن اتخاذ الذهب للضرورة بالنسبة للرجال لا باس به أما لغير الضرورة فلا يجوز وأما حديث عمران ابن حصين رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أن الله يحب إذا نعم على عبده نعمة أن يرى اثر نعمته عليه فهذا حديث عام كل إنسان انعم الله عليه بنعمه فإن الله يحب أن يرى اثر هذه النعمة عليه فلنبدأ بالعلم إذا انعم الله على العبد بالعلم فإن الله يحب أن يرى اثر نعمته عليه أولا بالعمل بالعلم وهذا من أهم الأشياء أن الإنسان إذا رزقه الله علما أن يعمل به إذا رزقه علما بأحكام الطهارة أحكام الصلاة أو الزكاة أو الحج أو المعاملات أو الأنكحة أحكام الفرائض فلترى اثر نعمة الله عليه بالعمل بذلك أما رجل أعطاه الله العلم وان الصلاة مع الجماعة واجبة مثلا ثم صار يتخلف عن الجماعة فهذا لم ير اثر نعمة الله عليه بل هذا علمه صار وبالا عليه والعياذ(3/353)
بالله لان النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن حجة لك أو عليك ما فيه فاصلة أو واسطة إما لك إن عملت به أو عليك إن لم تعمل به كذلك أيضا المال إذا انعم الله على الإنسان بالمال فإنه يحب أن يرى اثر نعمته عليه كذلك ببذل المال فيما ينفعه في الدنيا والآخرة صدقة على فقير إعانة متحاج وما أشبه ذلك وأول وأولى من ينفق عليه الأهل فإن النفقة على الأهل افضل من النفقة على المساكين لان النفقة على الأهل واجبة والواجب احب إلى الله من التطوع ومن ذلك أن يرى اثر نعمته عليه في اللباس وهذا هو الذي ساق المؤلف الحديث من اجله إذا انعم الله عليه بنعمة فلير اثر النعمة عليه في اللباس الجميل اللائق به أما أن يغنيه الله تعالى ثم يلبس لباس الفقراء فهذا لباس شهرة وهو منهي عنه نعم لو فرض أن هذا الغني في وسط أناس فقراء ولو لبس ما يليق به لانكسرت قلوبهم ولصار في قلبه استعلاء عليهم فهنا لا حرج عليه أن يلبس مثل لباسهم أما إذا كان في وسط مجتمع فيه الأغنياء والفقراء فإنه يلبس لباس الأغنياء ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه لا يدخل الجنة من في قلبه أدنى مثقال حبة خردل من كبر قالوا يا رسول الله كلنا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا فهل هذا من الكبر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن اله جميل يحب الجمال أي يحب التجمل الكبر بطر الحق وغمط الناس فدل هذا على أن الإنسان لا حرج عليه أن يلبس الحسن من ثياب أو نعال أو مشالح أو يركب السيارات الفخمة إذا كان من ذوي الغني أما إذا كان من ذوي الفقر فليستعمل من ذلك ما يناسبه وإنه من المؤسف انه يوجد اليوم في شبابنا من يختار أفخم السيارات بالثمن الغالي الذي ليس مدركا له ولكنه يؤجل عليه لسنوات وهو بإمكانه أن يحصل على سيارة يقضي غرضه بها بأقل من ذلك بكثير ولكنه يريد أن يباري السفهاء ويجاري الأغنياء وهذا خطأ ضلال في الدين وسفه في العقل والعامة يقولون مثلا حقيقيا يقولون مد(3/354)
رجلك على قدر لحافك يعني الغطى إذا صار واسع مد رجلك لكه إذا كان صغير مد رجلك على قدرها لا تأخذ اكثر مما ولذلك يخشى من أزمة اقتصادية عظيمة بالنسبة لشبابنا لأنها أنهكتهم الديون الآن تجد الشاب وعمره عشرون سنة عليه من الديون مالا يستطيعه من له ستون سنة كله بسبب المفاخرة يا أخي إذا يمكنك أن تشتري سيارة بأربعين ألفا فكيف تشتري سيارة بثمانين ألفا ولا يغرنك هؤلاء الذين يصيدون في الماء العكر هؤلاء التجار والشركات يقولون لك مثلا خذها بالتقسيط كل شهر ألف وخمس سهل أو اقل من هذا أحيانا هذا يضرك في المستقبل لا يمكن أن تبني اقتصادك وأنت كل شهر تسلم قسطا مما تحصله لهؤلاء الشركات أو الأغنياء اعرف نفسك واعرف قدرك اشتر ما يكفيك فقط وإذا كان هذا بقدر الضرورة فإذا اخذ الإنسان ما يحتاجه فإن الله تعالى يعينه على ذلك كما جاء في الحديث ثلاثة حق على الله عونهم ذكر منهم المتزوج يريد العفاف فعلينا أن ننتبه لهذا وان نحذر شبابنا منه حتى نسلم من الضائقة الاقتصادية التي تتوعدنا نسأل السلامة والله الموفق
---
[1] - صحيح. رواه مسلم (612) (173)، وتمامه: "فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان". وله ألفاظ أخر.
[2] - صحيح. رواه مسلم (613) وعنده: "والشمس مرتفعة... ". ومعنى "بيضاء نقية": أي: لم يدخلها شيء من الصفرة، وفي الحديث السابق: "ما لم تصفر الشمس".
[3] - صحيح. رواه مسلم (614) من حديث طويل، وفيه: "ثم أمره، فأقام بالعصر... ".
[4] - صحيح. رواه البخاري (547)، ومسلم (647) واللفظ للبخاري. و "رحله": بفتح الراء وسكون الحاء المهملة "مسكنة". و "حية": أي بيضاء نقية كما في الرواية السابقة، وصح عن أحد التابعين قوله: حياتها أن تجد حرها. و "ينفتل": أي: ينصرف.
[5] - صحيح. رواه مسلم (612) (173)، وتمامه: "فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع بين قرني شيطان". وله ألفاظ أخر.(3/355)
[6] - صحيح. رواه مسلم (613) وعنده: "والشمس مرتفعة... ". ومعنى "بيضاء نقية": أي: لم يدخلها شيء من الصفرة، وفي الحديث السابق: "ما لم تصفر الشمس".
[7] - صحيح. رواه مسلم (614) من حديث طويل، وفيه: "ثم أمره، فأقام بالعصر... ".
[8] - صحيح. رواه البخاري (547)، ومسلم (647) واللفظ للبخاري. و "رحله": بفتح الراء وسكون الحاء المهملة "مسكنة". و "حية": أي بيضاء نقية كما في الرواية السابقة، وصح عن أحد التابعين قوله: حياتها أن تجد حرها. و "ينفتل": أي: ينصرف.
[9] - صحيح. رواه البخاري (547)، ومسلم (647) واللفظ للبخاري. و "رحله": بفتح الراء وسكون الحاء المهملة "مسكنة". و "حية": أي بيضاء نقية كما في الرواية السابقة، وصح عن أحد التابعين قوله: حياتها أن تجد حرها. و "ينفتل": أي: ينصرف.
[10] - صحيح. رواه البخاري (560)، ومسلم (646)، واللفظ للبخاري ولفظ مسلم: "والعشاء أحيانا يؤخرها، وأحيانا يعجل".
[11] - صحيح. رواه البخاري (559)، ومسلم (637). وقال الحافظ في "الفتح" (2 /41): "ومقتضاه المبادرة بالمغرب في أول وقتها، بحيث أن الفراغ منها يقع والضوء باق".
[12] - صحيح. رواه مسلم (638) (219). و "أعتم": أخرها حتى اشتدت عتمة الليل، وهي ظلمته.
[13] - صحيح. رواه البخاري (579)، ومسلم (608).
[14] - صحيح. رواه مسلم (609) ولفظه: "من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع فقد أدركها" والسجدة إنما هي الركعة.
[15] - صحيح. رواه البخاري (586)، ومسلم (827) وفي لفظ البخاري "ترتفع" بدل "تطلع". وأن لفظ مسلم فعدا عما ذكره الحافظ فقد وقع عنده تقديم النهي عن الصلاة بعد العصر على النهي بعد صلاة الفجر. وعنده أيضا "تغرب" بدل "تغيب".
[16] - في مسلم: "أو أن".
[17] - في مسلم: "تميل" .
[18] - في مسلم: "تتضيف". وهي بمعنى "تميل" .(3/356)
[19] - صحيح. رواه مسلم (831). و "قائم الظهيرة": أي قيام الشمس وقت الزوال، وذلك عند بلوغها وسط السماء فإنها عند ذلك يبطئ حركتها.
[20] - ضعيف جدا. رواه الشافعي في "المسند" (139 /408) عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار، حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة. قلت: وفي إسناده متروكان.
[21] - ضعيف. رواه أبو داود (1083) عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة، وقال: "إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة". قلت: وفي سنده ضعف وانقطاع. وأما عن الصلاة نصف النهار، فقد قال ابن القيم في "الزاد" (1/380): "اختلف الناس في كراهة الصلاة نصف النهار على ثلاثة أقوال. أحدها: أنه ليس وقت كراهة بحال، وهو مذهب مالك. الثاني: أنه وقت كراهة في يوم الجمعة وغيرها، وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب أحمد. الثالث: أنه وقت كراهة إلا يوم الجمعة، فليس بوقت كراهة، وهذا مذهب الشافعي". ا. هـ. قلت: ومذهب الشافعي هو أعدل المذاهب، وهو الذي تدل عليه الأحاديث الصحيحة.
[22] - صحيح. رواه أبو داود (1894)، والنسائي (184 و 523)، والترمذي (868)، وابن ماجه (1254)، وأحمد (4/80 و 81 و 82 و 83 و 84)، وابن حبان (1552 و 1553 و 1554). وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
[23] - صحيح. رواه ابن خزيمة (356)، وعنه الحاكم (191)، ويشهد له ما بعده.
[24] - صحيح. رواه الحاكم (191) وقال: "إسناده صحيح". وقال الذهبي: "صحيح". "والسرحان": هو: الذئب، والمراد أنه لا يذهب مستطيلا ممتدا، بل يرتفع في السماء كالعمود. قاله الصنعاني.
[25] - صحيح وإسناده حسن. رواه أبو داود (499)، والترمذي (189)، وأحمد (4 /43)، وابن خزيمة (371) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وقال ابن خزيمة (197): "خبر ثابت صحيح من جهة النقل".
[26] - انظر ما قبله.
[27] - رواه ابن خزيمة (386) بسند صحيح.(3/357)
[28] - صحيح. رواه مسلم (379). "والترجيع": أي في الشهادتين فيقولها مرة بصوت منخفض، ومرة أخرى بصوت مرتفع.
[29] - صحيح. رواه أبو داود (502)، والنسائي (2 /4-5)، والترمذي (192 )، وابن ماجه (709)، وأحمد (3 /409 و 6 /401)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
[30] - صحيح. رواه البخاري (605)، ومسلم (378).
[31] - صحيح. رواه البخاري (605)، ومسلم (378).
[32] - صحيح. رواه النسائي (2/3) .
[33] - صحيح. رواه أحمد (4/308-309)، والترمذي (197)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
[34] - ابن ماجه (711)، وهو صحيح أيضا، وإن كان في سنده ضعيف.
[35] - أبو داود (520) وهو منكر .
[36] - قلت. هو في البخاري (634)، ومسلم (503)، عن ابن أبي جحيفة، عن أبيه؛ أنه رأى بلالا يؤذن. قال: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا.
[37] - رواه ابن خزيمة (377).
[38] - صحيح. رواه مسلم (887).
[39] - وتخريجه وسياق لفظه بالأصل.
[40] - صحيح. رواه مسلم (681) في حديث طويل.
[41] - صحيح. رواه مسلم (2/891/عبد الباقي)، وفي مسلم بعد اللفظ المذكور قوله: "ولم يسبح بينهما شيئا". قلت: وهذا هو الصواب في تلك الليلة -ليلة مزدلفة- وأما ما ذكره بعضهم أن من السنة صلاة ركعتين سنة المغرب اعتمادا منه على رواية ابن مسعود التي في "البخاري" فهو خطأ، وقد رددت عيه مفصلا "بالأصل".
[42] - صحيح. رواه مسلم (1288) (289 و 290) وقوله: "بإقامة واحدة" أي: لكل صلاة كما هي رواية أبي داود (1928)، وهذا الحمل لرواية مسلم أولى من القول بشذوذها. وأما رواية أبي داود: "ولم يناد في واحدة منهما" فهي شاذة. والله أعلم.
[43] - صحيح. رواه البخاري (617)، ومسلم (1092) واللفظ للبخاري.(3/358)
[44] - الإدراج أقسام، منها إدراج كلام بعض الرواة في متن الحديث، وقد يقع الإدراج في أول الحديث وفي وسطه، كما يقع عقبه، كما في المثال المذكور هنا. والجملة المدرجة هي قوله: "وكان رجلا أعمى لا ينادي، حتى يقال له: أصبحت. أصبحت". والراجح أنها من قول الزهري كما روى ذلك الطحاوي في: "شرح المعاني" وغيره بالإسناد الصحيح من نفس طريق البخاري، خلافا لما جزم به ابن قدامة في "المغني" من أن القائل هو ابن عمر. ولكن لا يمنع من أن ابن شهاب قاله أن يكون قاله غيره.
[45] - صحيح. رواه البخاري (611)، ومسلم (383).
[46] - صحيح. رواه البخاري (612) وفي رواية له برقم (914) من طريق أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان، وهو جالس على المنبر، أذن المؤذن قال: الله أكبر. الله أكبر. قال معاوية: الله أكبر. الله أكبر. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. فقال معاوية: أنا فقال: أشهد أن محمدا رسول الله. فقال معاوية: وأنا. فلما قضى التأذين. قال: يا أيها الناس! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس -حين أذن المؤذن- يقول: ما سمعتم مني من مقالتي.
[47] - صحيح. رواه مسلم (385) ونصه: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذ قال المؤذن: الله أكبر. الله أكبر. فقال أحدكم: الله أكبر. الله أكبر. ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله. قال: أشهد أن لا إله إلا الله. ثم قال: أشهد أن محمدا رسول الله. قال: أشهد أن محمدا رسول الله. ثم قال: حي على الصلاة . قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: حي على الفلاح. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: الله أكبر. الله أكبر. قال: الله أكبر . الله أكبر . ثم قال: لا إله إلا الله. قال: لا إله إلا الله. من قلبه دخل الجنة".(3/359)
[48] - صحيح . رواه أبو داود (531) ، والترمذي (209) ، وابن ماجه (714) ، وأحمد (4/21و217) ، والحاكم (1/199و201) . وقال الترمذي : حسن كما نقل الحافظ عنه ، ويتأيد نقل الحافظ بنقل غيره من الأئمة الآخرين كالنووي ، والزيلعي، والمزي وغيرهم ، إلا أنه في بعض النسخ التي اعتمد عليها الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- قول الترمذي : "حسن صحيح" . ولم أجد ما يؤيد ذلك إلى الآن. فالله أعلم . قلت : ولفظ وطريق الحديث عند الترمذي ، وابن ماجه يختلف عنه عند الباقين ، ولم يكن يحسن من الحافظ -رحمه الله- العزو لهم كلهم هكذا إجمالا .
[49] - صحيح . رواه البخاري (628) ، ومسلم (674) ، وأبو داود (589) ، والنسائي (2/9) ، والترمذي (205) ، وابن ماجه (9799) ، وأحمد (3/436 و5/53) وله ألفاظ ، وهو عند بعضهم مطولا ، وعند بعضهم مختصرا . وزاد البخاري في بعض رواياته : "وصلوا كما رأيتموني أصلي" وهي عند أحمد بلفظ : "كما تروني أصلي" ، وليست هذه الزيادة عند أحد من أصحاب الكتب الستة سوى البخاري . وانظر رقم (327) .
[50] - منكر . رواه الترمذي (1959) ، وتمامه : "والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ، ولا تقوموا حتى تروني" . وقال الترمذي : "حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، من حديث عبد المنعم ، وهو إسناد مجهول ، وعبد المنعم : شيخ بصري" . قلت: عبد المنعم : هو ابن نعيم الأسواري ، وهو منكر الحديث كما قال البخاري وأبو حاتم .
[51] - ضعيف . رواه الترمذي (200) وضعَّفه بالانقطاع بين الزهري وبين أبي هريرة . قلت : ورواه أيضا (201) موقوفا على أبي هريرة - ولا يصح أيضا - بلفظ : "لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ ".(3/360)
[52] - ضعيف . رواه الترمذي (199) وقال : "حديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي ، والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث". قلت: نعم هذا هو الصواب ، وإن خالف بعضهم في ذلك كالعلامة أحمد شاكر -رحمه الله- الذي وثقه ، وصحَّح حديثه ، وكالحازمي الذي حسَّن حديثه.
[53] - ضعيف . رواه أبو داود (512).
[54] - ضعيف . رواه ابن عدي في "الكامل" (4/1327) وفي سنده شريك بن عبد الله القاضي ، وهو سيئ الحفظ . وبه أعله ابن عدي .
[55] - صحيح موقوفا . رواه البيهقي (2/19) ولفظه : "المؤذن أملك بالأذان ، والإمام أملك بالإقامة ".
[56] - صحيح . رواه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (67و68و69) ، وابن خزيمة في "صحيحه" (425و426و427) . ورواه الترمذي (3594) وذاد فيه : "فماذا نقول يا رسول الله ؟ قال : سلوا الله العافية في الدنيا والآخرة ". قلت : وهي زيادة ضعيفة تفرَّد بها يحيى بن يمان ، وفي حفظه ضعف ، وفي "الأصل" زيادة تفصيل في طرق الحديث وألفاظه.
[57] - صحيح . وهذا الحديث لا يوجد في "الأصل" ، وإنما هو من "أ" مع الإشارة في الهامش إلى أنه من نسخة ، فأنا أثبته هنا زائدا ، وإن كانت النفس تطمئن إلى ما في "الأصل" أكثر ، خاصة وفيه وَهْمٌ في التخريج . والله أعلم . رواه البخاري (614) ، وأبو داود (529) ، والنسائي (2/26 - 27) ، والترمذي (211) ، وابن ماجه (722) .
[58] - ضعيف . رواه أبو داود (205) ، والنسائي في "عشرة النساء " ، (137 - 140) ، والترمذي (1166) ، وأحمد (1/86) وجعله من مسند علي بن أبي طالب ، وهو خطأ منه كما نَبَّهَ على ذلك ابن كثير في "التفسير" (1 /385) ، وابن حبان في "صحيحه" (2237) . قلت : والحديث ضعيف؛ لأن مَدَاره على مجهول هذا أولا . وثانيا: عند بعضهم زيادة النهي عن إتيان النساء في أدبارهن ، وهذه الزيادة صحيحة بما لها من شواهد أخرى. ثالثا : الحديث لم يروه ابن ماجه ، وهذا من أوهام الحافظ -رحمه الله- .(3/361)
[59] - تقدم تخريجه برقم (74).
[60] - صحيح . وإن أعله بعضهم بما لا يقدح . ورواه أبو داود (641) ، والترمذي (377) ، وابن ماجه (655) ، وأحمد (6/150 و 218 و 259) ، وابن خزيمة (775).
[61] - صحيح . رواه البخاري (361) ، ومسلم (3010) ، واللفظ هنا للبخاري.
[62] - "صحيح . رواه البخاري" (359) ، ومسلم (516).
[63] - "صحيح . رواه البخاري" (359) ، ومسلم (516).
[64] - "ضعيف مرفوعا وموقوفا" . رواه أبو داود (640) ، وقال عقبه : "روى هذا الحديث مالك بن أنس ، وبكر بن مضر ، وحفص بن غياث ، وإسماعيل بن جعفر ، وابن أبي ذئب ، وابن إسحاق عن محمد بن زيد ، عن أمه ، عن أم سلمة ، لم يذكر أحد منهم النبي -صلى الله عليه وسلم- قصروا به على أم سلمة - رضي الله عنها- " . قلت : وهذا الموقوف هو الصواب كما نقل الحافظ عن الأئمة ، ولكن لا يعني صحة الموقوف ، فَفَرْقٌ بين صواب الرواية وصحتها ، إذ الموقوف أيضا سنده ضعيف ، وعليه فلا حجة في قول الصنعاني في "السبل" (1/276) وقول تابعه الفقي بأن الموقوف له حكم الرفع !!.
[65] - رواه الترمذي (345 و 2957) ، وقال : "هذا حديث غريب ، لا نعرفه إلى من حديث أشعث السمان ؛ أبي الربيع ، عن عاصم بن عبيد الله ، وأشعث يُضَعَّفُ في الحديث" . ونحو ذلك قال في الموطن الأول . قلت : العلة ليست في أشعث فقط ، فهو وإن كان متروكا إلا أن عاصم بن عبيد الله أيضا سيئ الحفظ . وذهب شيخنا -حفظه الله- إلى أن هذا الحديث لا علة له إلا عاصم بن عبيد الله باعتبار متابعة عمرو بن قيس الملائي - وهو ثقة - لأشعث كما عند أبي داود الطيالسي (1145) ، وأقول : هذا وَهْم من الشيخ -حفظه الله- ، فإن المُتَابع هو "عمر بن قيس سندل" وهو متروك أيضا ، ولعل وقوع التحريف في "مسند الطيالسي" كان سبب ذلك الوهم . وأما حديث جابر الذي يشهد لهذا الحديث فهو أوهى منه فلا يفرح به . وعليه فلا ينفك الضعف عن الحديث بل هو ضعيف جدا كما تقدم .(3/362)
[66] - صحيح . رواه الترمذي (344) وقال : حديث حسن صحيح . قلت : وليس في إسناده إلا الحسن بن بكر شيخ الترمذي فيه جهالة ، وللحديث طرق أخرى وشواهد يصح بها ، إلا أن هذا الطريق هو الذي قوَّاه البخاري .
[67] - صحيح رواه البخاري (1093) ، ومسلم (701) وهذه الصلاة صلاة السبحة بالليل كما في رواية مسلم، وبعض روايات البخاري، واللفظ الذي ذكره الحافظ هنا هو لفظ البخاري .
[68] - هذه الزيادة للبخاري برقم (1097) ، ويومئ برأسه أي في الركوع والسجود .
[69] - حسن . رواه أبو داود (1225) وصححه غير واحد .
[70] - صحيح . رواه الترمذي (317) ، وهو وإن كان معلولا بالإرسال ؛ إلا أنها ليست بعلة قادحة ، ولذلك مال الحافظ نفسه إلى تصحيح الحديث في "التلخيص" (1/277) . ونقل ابن تيمية في "الفتاوى" (22/160) تصحيح الحفاظ له .
[71] - منكر . وقد تحرَّف في الأصل : "ابن عمر" إلى : "ابن عمرو" . رواه الترمذي (346/347) . وهذا الحديث من مناكير زيد بن جبيرة كما قال الساجي ، وكما هو صنيع ابن عدي في "الكامل" ، والذهبي في الميزان إذ عَدَّا هذا الحديث من مناكيره ، ومجيء الحديث من طريق آخر لا يشفع لمن صحَّحه ! كالعلامة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- ، إذ هما "جميعا واهيين" كما قال أبو حاتم في "العلل" (1/148).
[72] - صحيح . رواه الترمذي (317) ، وهو وإن كان معلولا بالإرسال ؛ إلا أنها ليست بعلة قادحة ، ولذلك مال الحافظ نفسه إلى تصحيح الحديث في "التلخيص" (1/277) . ونقل ابن تيمية في "الفتاوى" (22/160) تصحيح الحفاظ له .(3/363)
[73] - منكر . وقد تحرَّف في الأصل : "ابن عمر" إلى : "ابن عمرو" . رواه الترمذي (346/347) . وهذا الحديث من مناكير زيد بن جبيرة كما قال الساجي ، وكما هو صنيع ابن عدي في "الكامل" ، والذهبي في الميزان إذ عَدَّا هذا الحديث من مناكيره ، ومجيء الحديث من طريق آخر لا يشفع لمن صحَّحه ! كالعلامة الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- ، إذ هما "جميعا واهيين" كما قال أبو حاتم في "العلل" (1/148).
[74] - صحيح . رواه مسلم (972) . وفي "أ" : "أخرجه" بدل : "رواه" .
[75] - صحيح. رواه أبو داود (650) وصحَّحه ابن خزيمة (786) ، ولفظه : قال أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه- بينما رسول -صلى الله عليه سلم- يصلي بأصحابه ، إذ خلع نعليه ، فوضعهما عن يساره ، فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم ، فلما قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته قال : "ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ " قالوا : رأيناك ألقيت نعليك ، فألقينا نعالنا ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن جبريل أتاني ، فأخبرني أن فيها قذرا ". وقال -صلى الله عليه وسلم- : "إذا جاء أحدكم . . . الحديث " . قلت : وأُعِلَّ بالإرسال ، ولا يضر ذلك ، خاصة وهناك ما يشهد له ، ثم الموصول هو الراجح ، كما ذهب إلى ذلك أبو حاتم في "العلل" (1/330/121) .
[76] - صحيح . رواه أبو داود (386) ، وصحَّحه ابن حبان (1404) ، وهو وإن كان حسن الإسناد إلا أنه صحيح بشواهده المذكورة "بالأصل".
[77] - صحيح . رواه مسلم (537) في الحديث الطويل المعروف بحديث الجارية .
[78] - صحيح . رواه البخاري (1200) ، ومسلم (539) ، إلى أن مسلمًا لم يَسُقْ من الآية إلى قوله تعالى : (وقوموا لله قانتين) .
[79] - صحيح . رواه البخاري (1203) ، ومسلم (422) .(3/364)
[80] - صحيح . رواه أبو داود (904) ، والنسائي (3/13) ، والترمذي في الشمائل (315) ، وأحمد (4/25 و 26) ، وصححه ابن خزيمة (665 و 753) . والمرجل : القِدْر . الأزيز : صوت غليانها .
[81] - ضعيف . بهذا اللفظ ، حسن بلفظ "سبح" بدل "تنحنح" وكنت فصلت القول فيه في تخريجي "لمشكل الآثار " للطحاوي ، الحديث الأول من المجلد الخامس . ثم طبع المشكل بعد تشويه العمل باتفاق لصين كبيرين ؛ أحدهما الناشر والثاني شاهد ومراجع كما تشهد بذلك خطوطهما التي بحوزتي، وعما قريب سيعرف الناس حقيقة الأمر. وإلى الله المشتكى.
[82] - صحيح . رواه أبو داود (927) ، والترمذي (368) ، وقال الترمذي : "حسن صحيح" . قلت : ولفظه : "كان يشير بيده " .
[83] - صحيح . رواه البخاري (516) ، ومسلم (543) .
[84] - صحيح . رواه أبو داود (921) ، والنسائي (3/10) ، والترمذي (390) ، وابن ماجه (1245) ، وصححه ابن حبان برقم (2352) . وقال الترمذي : "حديث حسن صحيح" .(3/365)
[85] - صحيح . رواه البخاري (510) ، ومسلم (507) ، واللفظ متفق عليه ، ولذلك لا وجه لقول الحافظ : أن اللفظ للبخاري ، وإن قصد -رحمه الله- أن هذا اللفظ للبخاري دون مسلم لقوله : "من الإثم" فليس بصحيح؛ لأن هذا اللفظ ليس للبخاري كما أنه ليس لمسلم ، فحقه الحذف ، وإن احتج مُحتجٌ أنها رواية الكشميهني فاحسن جواب على ذلك هو جواب الحافظ نفسه في : "الفتح" (1/858) : "وليست هذه الزيادة في شيء من الروايات عند غيره ، والحديث في "الموطأ" بدونها . وقال ابن عبد البر: لم يُخْتَلف على مالك في شيء منه ، وكذا رواه باقي الستة ، وأصحاب المسانيد ، والمستخرجات بدونها ، ولم أرها في شيء من الروايات مطلقا، لكن في "مصنف ابن أبي شيبة ": "يعني : من الإثم " فيحتمل أن تكون ذكرت في أصل البخاري حاشية، فظنها الكشميهني أصلا؛ لأنه لم يكن من أهل العلم ولا من الحُفَّاظ ، بل كان راوية ، وقد عزاه المحب الطبري في "الأحكام" للبخاري وأطلق ، فعِيبَ ذلك عليه ، وعلى صاحب "العمدة" في إيهامه أنها في "الصحيحين" ، وأنكر ابن الصلاح في "مشكل الوسيط " على من أثبتها في الخبر، فقال : لفظ الإثم ليس في الحديث صريحا ، ولما ذكره النووي في "شرح المهذب " دونها قال : وفي رواية رويناها في الأربعين لعبد القادر الهروي : "ماذا عليه من الإثم " . ا. هـ . قلت : وبعد هذا التحقيق البديع يذهل الحافظ عنه ، وينسب هذا اللفظ : "من الإثم" للبخاري . تنبيه : روى البخاري ومسلم قول أبي النضر - أحد رواة الحديث - : "لا أدري أقال : أربعين يوما ، أو شهرا ، أو سنة ".
[86] - شاذ . وهذا من أخطاء ابن عيينة - -رحمه الله- - فقد كان يخطئ في هذا الحديث إسنادا ومتنا ، ففي المتن قوله : "خريفا " كما هنا ، وأما في الإسناد فقد كان يخالف الثوري ، ومالكا ، غير أني وجدته رجع إلى الصواب في السند ، كما ذكرت ذلك في "المشكل" عند الحديث رقم (86) .(3/366)
[87] - صحيح . رواه مسلم (500) ، ووقع في "الأصل" : "ستر" بدل : "سُترة" . و "مؤخرة الرحل" : هي الخشبة التي يستند إليها الراكب .
[88] - حسن . رواه الحاكم (1/252) ، واللفظ الذي ساقه الحافظ لابن أبي شيبة (1/278) .
[89] - صحيح . رواه مسلم (510) ، وساقه الحافظ بمعناه ، وإلا فلفظه عند مسلم هو : "إذا قام أحدكم يصلي ، فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل مؤخرة الرحل . فإذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار ، والمرأة والكلب الأسود". قال عبد الله بن الصامت : قلت يا أبا ذر ! ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر ؟! قال يا ابن أخي ! سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : "الكلب الأسود شيطان" .
[90] - صحيح . رواه مسلم (511) ولفظه : "يقطع الصلاة المرأة ، والحمار ، والكلب ، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل" . وقول الحافظ : "دون الكلب" لعله وَهْم ، وإلا فهذا لفظ مسلم وفيه لفظ "الكلب" أو لعل الحافظ أراد دون وصف الكلب . والله أعلم .
[91] - صحيح مرفوعا . رواه أبو داود (703) ولفظه : "يقطع الصلاة :المرأة الحائض . والكلب". وأما النسائي فرواه موقوفا ومرفوعا عن ابن عباس (2/64) .
[92] - صحيح . رواه البخاري (509) ، ومسلم (505) وعند مسلم : "فليدفع في نحره" .
[93] - صحيح . وهي لمسلم (506) من حديث ابن عمر ، ووهم الصنعاني في "السبل" فجعلها من حديث أبي هريرة !.
[94] - ضعيف ؛ لاضطرابه ، وجهالة بعض رواته ، وممن ضعفه سفيان بن عيينة ، والشافعي ، والبغوي ، والعراقي ، وغيرهم . ورواه أحمد (2/249و 255و 266) ، وابن ماجه (943) ، وابن حبان (2361) ونفي الاضطراب من الحافظ قد يمشى ، أما التحسين فلا ، إذ لو سلمنا بنفي الاضطراب تبقى الجهالة ، والحافظ نفسه حكم على بعض رواته بالجهالة ، كما هو مذكور "بالأصل".
[95] - صحيح . رواه البخاري (1219و 1220) ، ومسلم (545) .(3/367)
[96] - قلت : وفسره الحافظ بهذا التفسير ونص عليه منعا للالتباس بغيره إذ حكى بعضهم تفاسير أخرى لهذا اللفظ .
[97] - صحيح موقوفا . رواه البخاري (3458) من طريق مسروق ، عن عائشة - رضي الله عنها- كانت تكره أن يجعل المصلي يده في خاصرته ، وتقول : إن اليهود تفعله .
[98] - صحيح . رواه البخاري (672) ، ومسلم (557) ، وعند مسلم "قُرِّبَ" بدل "قُدِّمَ" وعندهما "تصلوا صلاة المغرب" . وزادا : "ولا تعجلوا عند عشائكم " .
[99] - وقع في "أ" : "أبي هريرة" وهو خطأ .
[100] - ضعيف . رواه أبو داود (945) ، والنسائي (3/6) ، والترمذي (379) ، وابن ماجه (1027) ، وأحمد (5/150و163و179) من طريق أبي الأحوص ، عن أبي ذر . وقال الترمذي : "حديث حسن " . قلت : كلا . فإن أبا الأحوص "لا يعرف له حال " كما قال ابن القطان ، والعجب بن الحافظ -رحمه الله- إذ أطلق القول بصحة الإسناد هنا . بينما قال في "التقريب" عن أبي الأحوص : "مقبول" يعني : إذا توبع وإلا فَلَيِّن الحديث . قلت : وفي الحديث علة أخرى ، فهو ضعيف على أية حال .
[101] - صحيح . رواه أحمد (5/163) وهو وإن كان في سنده ابن أبي ليلى وهو مُتَكَلَّم فيه من قِبَل حفظه إلا أنه حفظه ، ومما يدل على ذلك الحديث التالي .
[102] - صحيح . رواه البخاري (751) .
[103] - ضعيف . رواه الترمذي (589) ، وللحديث تتمة طويلة ، ولئن نقل الحافظ هنا عن الترمذي تصحيحه ، فإن النقل عن الترمذي في ذلك مختلف باعتراف الحافظ نفسه ، وبيان ذلك "بالأصل" .
[104] - صحيح . رواه البخاري (1214) ، ومسلم (551) .
[105] - هي للبخاري في مواطن ، منها رقم 413 .
[106] - صحيح . رواه البخاري (1214) ، ومسلم (551) .
[107] - هي للبخاري في مواطن ، منها رقم 413 .
[108] - صحيح . رواه البخاري (374) . و"القرام" بكسر القاف وتخفيف الراء: ستر رقيق من صوف ذو ألوان و" أميطي": أزيلي وزْنًا ومعنى.(3/368)
[109] - صحيح . رواه البخاري (373) ، ومسلم (556) ولفظه : عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في خميصة ذات أعلام ، فنظر إلى أعلامها نظرة ، فلما انصرف قال : "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، وائتوني بأنبجانية أبي جهم ، فإنها ألهتني عن صلاتي" و"الخميصة" : كساء مربع من صوف . و"الأنبجانية" : كساء يتخذ من صوف ، وله خمل ، ولا علم له.
[110] - صحيح . رواه مسلم (560) وفي الحديث قصة لا بأس من ذكرها . قال ابن أبي عتيق : تحدثت أنا والقاسم عند عائشة -رضي الله عنها- حديثا . وكان القاسم رجلا لحانة . وكان لأم ولد فقالت له عائشة : ما لك لا تحدَّث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أوتيت . هذا أدَّبَتْه أمه وأنت أدبتك أمك . قال : فغضب القاسم وأضَبَّ عليها . فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام . قالت : أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس . قال : إني أصلي . قالت : اجلس غُدَر ! إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : - الحديث. و"الأخبثان" هما : البول والغائط .
[111] - صحيح . رواه مسلم (560) وفي الحديث قصة لا بأس من ذكرها . قال ابن أبي عتيق : تحدثت أنا والقاسم عند عائشة -رضي الله عنها- حديثا . وكان القاسم رجلا لحانة . وكان لأم ولد فقالت له عائشة : ما لك لا تحدَّث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أوتيت . هذا أدَّبَتْه أمه وأنت أدبتك أمك . قال : فغضب القاسم وأضَبَّ عليها . فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام . قالت : أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس . قال : إني أصلي . قالت : اجلس غُدَر ! إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : - الحديث. و"الأخبثان" هما : البول والغائط .
[112] - صحيح . رواه مسلم (2994) .
[113] - صحيح . رواه الترمذي (370) وهو من نفس طريق مسلم ، وهذه الزيادة موضعها بعد قوله : "التثاؤب" . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .(3/369)
[114] - صحيح . رواه مسلم (560) وفي الحديث قصة لا بأس من ذكرها . قال ابن أبي عتيق : تحدثت أنا والقاسم عند عائشة -رضي الله عنها- حديثا . وكان القاسم رجلا لحانة . وكان لأم ولد فقالت له عائشة : ما لك لا تحدَّث كما يتحدث ابن أخي هذا ؟ أما إني قد علمت من أين أوتيت . هذا أدَّبَتْه أمه وأنت أدبتك أمك . قال : فغضب القاسم وأضَبَّ عليها . فلما رأى مائدة عائشة قد أتي بها قام . قالت : أين ؟ قال : أصلي . قالت : اجلس . قال : إني أصلي . قالت : اجلس غُدَر ! إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : - الحديث. و"الأخبثان" هما : البول والغائط .
[115] - صحيح . رواه أحمد (6/279) ، وأبو داود (455) ، والترمذي (594) ، وتعليل الترمذي إياه بالإرسال ليس بشيء . "فائدة" : قوله : "ببناء المساجد في الدور " قال سفيان بن عيينة : يعني : في القبائل .
[116] - صحيح . رواه البخاري (437) ، ومسلم (530) .
[117] - برقم (530) (21) وأوله "لعن" بدل : "قاتل" .
[118] - صحيح . انظر رقم (113) .
[119] - صحيح . رواه البخاري (3212) ، ومسلم (2485) .
[120] - صحيح . رواه مسلم (568) .
[121] - صحيح . رواه الترمذي (1321) . والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (176) وزادا : "وإذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد ، فقولوا : لا رد الله عليك " . وقال الترمذي : "حسن غريب" .
[122] - حسن . رواه أحمد (3/434) ، وأبو داود (4490) ، وإذا كان الحافظ ضعَّفه هنا ، فقد قال في "التلخيص" (4/78) : "لا بأس بإسناده" .
[123] - صحيح . رواه البخاري (463) ، ومسلم (1769) .
[124] - صحيح . رواه البخاري (454) ، ومسلم (892) .(3/370)
[125] - صحيح . رواه البخاري (439) . ولفظه كما في البخاري : عن عائشة ، أن وليدة كانت سوداء لحي من العرب فأعتقوها ، فكانت معهم . قالت : فخرجت صبية لهم عليها وشاح أحمر من سيور . قالت : فوضعته ـ أو وقع منها ـ فمرت به حدياةٌ وهو مُلْقًى ، فحسبته لحمًا فخطفته. قالت فالتمسوه فلم يجدوه . قالت : فاتهموني به . قالت : فطفقوا يفتشون حتى فتشوا قُبُلَها. قالت : والله إني لقائمة معهم إذ مرت الحدياة فألقته . قالت : فوقع بينهم . قالت : فقلت : هذا الذي اتهمتموني به زعمتم ، وأنا منه بريئة وهو ذا هو . قالت : فجاءت إلى رسول الله ، فأسلمت . قالت عائشة : فكان لها خباء في المسجد ، أو حفش ، قالت : فكانت تأتيني ، فتحدث عندي . قالت : فلا تجلس عندي مجلسا إلا قالت : /6 /7 ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا /7 /7 ألا إنه من بلدة الكفر أنجاني /7 /6 . قالت عائشة : فقلت لها : ما شأنك لا تقعدين معي مقعدا إلا قلت هذا ؟ قالت : فحدثتني بهذا الحديث . "تنبيه" : الحديث من أفراد البخاري ، وعزوه لمسلم وهم من الحافظ ـ رحمه الله ـ والله أعلم .
[126] - صحيح . رواه البخاري (415) ، ومسلم (552) ، وفي لفظ لمسلم "التفل" .
[127] - صحيح . رواه أبو داود (449) ، والنسائي (2/32) ، وابن ماجه (739) ، وأحمد (3/134 و 145 و152 و230 و283) ، وابن خزيمة (1323) .(3/371)
[128] - صحيح . رواه أبو داود (448) ، وابن حبان (1615) ، وعندهما : قال ابن عباس : "لَتُزَخْرِفُنَّهَا كما زخرفتها اليهود والنصارى" . قلت : والموقوف عن ابن عباس علقه البخاري بصيغة الجزم (1/539/ فتح ) . والتشييد -كما قال البغوي في "شرح السنة " (2/349-350)- هو : "رفع البناء وتطويله ، ومنه قوله سبحانه وتعالى (في بروج مشيدة) وهي التي طُوِّلَ بناؤها ، يقال : شاد الرجل بناءه يشيده ، وشيَّد يشيّده ، وقيل : البروج المشيدة : الحصون المجصصة ، والشيد : الجص . . . وقول ابن عباس معناه : أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرَّفوا وبدلوا أمر دينهم ، وأنتم تصيرون إلى مثل حالهم ، وسيصير أمركم إلى المُرَاءَات بالمساجد ، والمباهاة بتشييدها وتزيينها " .
[129] - ضعيف . رواه أبو داود (4619 ، والترمذي (2916) ، وابن خزيمة (1297) ، وقال الترمذي : "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وذاكرت به محمد بن إسماعيل فلم يعرفه واستغربه " .
[130] - صحيح . رواه البخاري (11639 ) ، ومسلم (714) ، واللفظ للبخاري . ولهما : "فليركع ركعتين قبل أن يجلس" . ولمسلم : "فلا يجلس حتى يركع ركعتين " .
[131] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .
[132] - قلت : وهو على شرط الشيخين .
[133] - يريد قوله : "ثم ارفع حتى تطمئن قائما" . قلت: هي عند أحمد (4/340) بسند صحيح ، وأما عزوها لابن حبان فما أظنه إلا وهما .
[134] - صحيح . وهذه الرواية عند أحمد (4/340) ، وابن حبان (1787) وزادا : "إلى مفاصلها " .
[135] - كذا بالأصل ، وفي النسائي : "لم" ، وفي أبي داود : "لا" .(3/372)
[136] - صحيح . رواه أبو داود (858) ، والنسائي (2/226) .
[137] - أي : في رواية .
[138] - صحيح . رواه أبو داود (861) .
[139] - صحيح . رواه أبو داود (8529) .
[140] - صحيح . رواه ابن حبان (1787) .
[141] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .
[142] - قلت : وهو على شرط الشيخين .
[143] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .
[144] - قلت : وهو على شرط الشيخين .
[145] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .
[146] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .
[147] - صحيح . رواه البخاري (757) ، ومسلم (397) ، وأبو داود (856) ، والنسائي (2/124) ، والترمذي (303) ، وابن ماجه (1060) ، وأحمد (2/437) وللحديث طرق وألفاظ قد فصلت القول فيها في "الأصل" ، وخاصة أن اللفظ المذكور عزاه الحافظ للبخاري وليس كذلك ، إذ فيه بعض اختلاف .(3/373)
[148] - صحيح . رواه البخاري (828) . و"هصر " : أي : ثناه في استواء من غير تقويس . قاله الخطابي.
[149] - صحيح . رواه البخاري (744) ، ومسلم (598) ، وتحرف في "أ" إلى "هنيهة" و (هنية) تصغير "هنة" أي : قليلا من الزمن .
[150] - ضعيف . رواه أبو داود (775) ، والنسائي (2/132) ، والترمذي (242) ، وابن ماجه (804) ، وأحمد (3/50) . وقال الإمام أحمد : "لا يصح هذا الحديث " . قلت : وله شواهد إلا أنها معلولة كلها ، فعن عائشة عند الترمذي (243) ، وابن ماجه (806) ، وضعَّفه الترمذي ، والدارقطني ، والبيهقي ، وأعله أبو داود . وعن أنس عند الدارقطني ، والطبراني ، ولكن قال عنه أبو حاتم في "العلل" (1/135/374) : "حديث كذب ، لا أصل له " . والعجب من تقاطر قوم على العمل بهذا الدليل الضعيف من دون ما يزيد على عشرة أدلة أخرى في الباب !.
[151] - أما هذا اللفظ فهو صحيح . فقد روي عن جماعة غير أبي سعيد ، بالإضافة إلى بعض المراسيل ، وقد ذكرتها كلها مفصلة "بالأصل" . وعند بعضهم - كأبي داود - تفسير من بعض الرواة : "نفخه: الكبر . وهمزه : الموت . ونفثه : الشعر".
[152] - ضعيف . رواه مسلم (498) ، وأما عن علته ، فقد أفصح الحافظ عنها في "التلخيص" (1/217) فقال : "هو من رواية أبي الجوزاء عنها ، وقال ابن عبد البر : هو مرسل ، لم يسمع أبو الجوزاء منها" ، وقال الحافظ نفسه عن ذات الإسناد في موضع آخر : "رجال إسناده ثقات ، لكن فيه انقطاع" .
[153] - صحيح . رواه البخاري (735) ، ومسلم (390) .
[154] - صحيح . رواه أبو داود (730) .
[155] - صحيح . رواه مسلم (391) (26) .
[156] - صحيح . رواه ابن خزيمة (479) ، وهو وإن كان بسند ضعيف ، إلا أن له شواهد تشهد له ، وهي مذكورة بالأصل ، وانظر مقدمة "صفة الصلاة" لشيخنا -حفظه الله تعالى- . طبعة مكتبة المعارف بالرياض .(3/374)
[157] - صحيح . رواه البخاري (756) ، ومسلم (394 ) ، واللفظ لمسلم ، وأما اللفظ المتفق عليه فهو : "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " .
[158] - صحيح . رواه الدارقطني (1 /321 - 322 ) من حديث عبادة ، وقال الدارقطني : "هذا إسناد صحيح" . وأما رواية ابن حبان (1789) فهي من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبي هريرة ، به وزاد من قول عبد الرحمن لأبي هريرة : "قلت: وإن كنت خلف الإمام ؟ قال : فأخذ بيدي، وقال : اقرأ في نفسك " .
[159] - حسن . رواه أحمد (5/321 - 322) ، وأبو داود (823) ، والترمذي (311) ، وابن حبان (1785). وقال الترمذي : "حديث حسن " .
[160] - صحيح . رواه البخاري (743) ، ومسلم (399) ، واللفظ للبخاري .
[161] - وهي زيادة صحيحة ، وأسوق هنا الرواية بتمامها من مسلم إذ سياقه لها يختلف عن سياق البخاري . قال أنس بن مالك : "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين . لا يذكرون : بسم الله الرحمن الرحيم . في أول قراءة ولا في آخرها" . وفي رواية : فلم أسمع أحدا منهم يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . قلت : وقد أعل بعضهم هذه الزيادة التي عند مسلم بما لا يقدح.
[162] - صحيح . رواه أحمد (3/275) ، والنسائي (2/135) ، وابن خزيمة (1/250) ، واللفظ لأحمد . وقد أعله بعضهم بالاضطراب ، وأجاب على هذه العلة الحافظ في "الفتح" (228) .
[163] - ابن خزيمة (498) ، بسند ضعيف ؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ، وأبو بكر ، وعمر .
[164] - قلت : نعم . ولكن بعد ثبوت رواية ابن خزيمة ، وقد تبين أنها لا تثبت ، وأما عن إعلال رواية مسلم، فقد أجاب الحافظ نفسه في "الفتح" أحسن جواب.
[165] - صحيح . رواه النسائي (2/134) ، وابن خزيمة (499) .(3/375)
[166] - ضعيف . رواه مسلم (498) ، وأما عن علته ، فقد أفصح الحافظ عنها في "التلخيص" (1/217) فقال : "هو من رواية أبي الجوزاء عنها ، وقال ابن عبد البر : هو مرسل ، لم يسمع أبو الجوزاء منها" ، وقال الحافظ نفسه عن ذات الإسناد في موضع آخر : "رجال إسناده ثقات ، لكن فيه انقطاع" .
[167] - صحيح . رواه البخاري (735) ، ومسلم (390) .
[168] - صحيح . رواه أبو داود (730) .
[169] - صحيح . رواه مسلم (391) (26) .
[170] - صحيح . رواه ابن خزيمة (479) ، وهو وإن كان بسند ضعيف ، إلا أن له شواهد تشهد له ، وهي مذكورة بالأصل ، وانظر مقدمة "صفة الصلاة" لشيخنا -حفظه الله تعالى- . طبعة مكتبة المعارف بالرياض .
[171] - صحيح . رواه البخاري (756) ، ومسلم (394 ) ، واللفظ لمسلم ، وأما اللفظ المتفق عليه فهو : "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " .
[172] - صحيح . رواه الدارقطني (1 /321 - 322 ) من حديث عبادة ، وقال الدارقطني : "هذا إسناد صحيح" . وأما رواية ابن حبان (1789) فهي من طريق عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة ، عن أبي هريرة ، به وزاد من قول عبد الرحمن لأبي هريرة : "قلت: وإن كنت خلف الإمام ؟ قال : فأخذ بيدي، وقال : اقرأ في نفسك " .
[173] - حسن . رواه أحمد (5/321 - 322) ، وأبو داود (823) ، والترمذي (311) ، وابن حبان (1785). وقال الترمذي : "حديث حسن " .
[174] - صحيح . رواه البخاري (743) ، ومسلم (399) ، واللفظ للبخاري .
[175] - صحيح . رواه البخاري (743) ، ومسلم (399) ، واللفظ للبخاري .(3/376)
[176] - وهي زيادة صحيحة ، وأسوق هنا الرواية بتمامها من مسلم إذ سياقه لها يختلف عن سياق البخاري . قال أنس بن مالك : "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين . لا يذكرون : بسم الله الرحمن الرحيم . في أول قراءة ولا في آخرها" . وفي رواية : فلم أسمع أحدا منهم يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . قلت : وقد أعل بعضهم هذه الزيادة التي عند مسلم بما لا يقدح.
[177] - صحيح . رواه أحمد (3/275) ، والنسائي (2/135) ، وابن خزيمة (1/250) ، واللفظ لأحمد . وقد أعله بعضهم بالاضطراب ، وأجاب على هذه العلة الحافظ في "الفتح" (228) .
[178] - ابن خزيمة (498) ، بسند ضعيف ؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يسر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة ، وأبو بكر ، وعمر .
[179] - قلت : نعم . ولكن بعد ثبوت رواية ابن خزيمة ، وقد تبين أنها لا تثبت ، وأما عن إعلال رواية مسلم، فقد أجاب الحافظ نفسه في "الفتح" أحسن جواب.
[180] - صحيح . رواه النسائي (2/134) ، وابن خزيمة (499) .
[181] - رواه الدارقطني مرفوعا وموقوفا (2/ 312) ، ولفظه : " إذا قرأتم الحمد الله ، فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم ، إنها أم القرآن ،وأم الكتاب ، والسبع المثاني ، وبسم الله الرحمن الرحيم إحداها" . وقال في "العلل" : (8/149) عن الموقوف : "هو أشبهها بالصواب " .
[182] - صحيح بما بعده ، رواه الدارقطني (1/335) ، والحاكم (1/223) .
[183] - صحيح . رواه أبو داود (932) ، والترمذي ( 248) عن وائل بن حجر -رضي الله عنه- قال : "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا قرأ (ولا الضالين) قال : " آمين" ورفع بها صوته" . واللفظ لأبي داود. وقال الترمذي : "حديث حسن" . قلت: بل صحيح ، ثم هو له شواهد أخرى مذكورة "بالأصل" . وقال الحافظ في "التلخيص " (1/236) : "سنده صحيح" .(3/377)
[184] - حسن . رواه (4/353و356) ، وأبو داود (832) ، والنسائي (2/143) ، وابن حبان (1808) ، والدارقطني (1/313) ، والحاكم (1/241) من طريق إبراهيم السكسكي ، عن ابن أبي أوفى . وزادوا جميعا إلا النسائي وابن حبان. "قال: يا رسول الله ! هذا لله -عز وجل- فما لِيَ ؟ قال : قل اللهم ارحمني وارزقني ، وعافني ، واهدني . فلما قام قال هكذا بيده . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أما هذا فقد ملأ يده من الخير" . قلت : والسكسكي مُتَكَلَّمٌ فيه ، ولكنه متابع.
[185] - صحيح . رواه البخاري (759) ، ومسلم (451) .
[186] - صحيح . رواه مسلم (452) ، ونَحْزُرُ : نُقَدِّرُ.
[187] - كذا في "أ" ولا مانع من الترضي عن غير الصحابة، وإن كان بالصحابة أشهر وأعرف .
[188] - صحيح رواه النسائي (2/167 و 167 - 168) ولكن تصرف الحافظ في بعض ألفاظه.
[189] - صحيح . رواه البخاري (765) ، ومسلم (463) .
[190] - صحيح . رواه البخاري (891) ، ومسلم (880) واللفظ للبخاري .
[191] - ضعيف . رواه الطبراني في "الصغير" (986) بسند ضعيف ، وله علة أخرى أبان أبو حاتم عنها في "العلل" (1/204/586) .(3/378)
[192] - صحيح . رواه أبو داود (871) ، والنسائي (3/225 - 226) ، والترمذي (262) ، وابن ماجه (1351) ، وأحمد (5/382) ، وأوله : "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فكان يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم . وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ، وما مر آية رحمة . . . الحديث. وزاد ابن ماجه : " وإذا مر بآية فيها تنزيه لله سبح" . وأما لفظ النسائي : قال حذيفة : "صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة فافتتح البقرة ، فقلت : يركع عند المائة فمضى ، فقلت : يركع عند المائتين فمضى ، فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى . فافتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران ، فقرأها ، يقرأ مترسلا ، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مَرَّ بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ ، ثم ركع ، فقال : سبحان ربي العظيم ، وكان ركوعه نحوًا من قيامه ، ثم رفع رأسه ، فقال: سمع الله لمن حمده ، فكان قيامه قريبا من ركوعه ، ثم سجد فجعل يقول : سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريبا من ركوعه . قلت : وبنحو لفظ النسائي رواه مسلم في "صحيحه" (772) .
[193] - صحيح 0 رواه مسلم (479) من طريق عبد الله بن معبد ، عن ابن عباس قال : كشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الستارة ، والناس صفوف خلف أبي بكر ، فقال : "أيها الناس ! إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم ، أو تُرَى له ، ألا وإني . . . الحديث . وقمن : بفتح الميم وكسرها ، جدير وحقيق .
[194] - سقطت من الأصلين ، واستدركتها من "الصحيحين" وهي مثبتة في المطبوع من البلوغ وشرحه.
[195] - صحيح . رواه البخاري (817) ، ومسلم (484) ، وزاد "يتأول القرآن" . قلت: إشارة إلى قوله تعالى : (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توبا) كما في رواية مسلم .
[196] - تحرف في " أ " إلى " يجلس " .
[197] - صحيح . رواه البخاري (789) ، ومسلم (392) .
[198] - صحيح . رواه مسلم ( 477 ) .(3/379)
[199] - صحيح . رواه البخاري ( 812) ، ومسلم ( 490 ) ( 230 ) وزادا : " ولا نَكْفُتْ الثيابَ ولا الشعر".
[200] - صحيح . رواه البخاري (807) ، ومسلم (495) .
[201] - صحيح . رواه البخاري (807) ، ومسلم (495) .
[202] - صحيح . رواه مسلم (494) .
[203] - صحيح . رواه الحاكم (1/224 ) مقتصرا على شطره الأول ، وروى الشطر الثاني (1/227 ) . وقال في الموضوعين : " صحيح على شرط مسلم ".
[204] - صحيح . رواه النسائي ( 3 / 224 ) ، وابن خزيمة ( 1238 ) ، وأعله النسائي بقوله : " لا أعلم أحدا روى هذا الحديث غير أبي داود الحفري وهو ثقة ، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ . والله -تعالى- أعلم". قلت : وليس مع النسائي إلا الظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا ، فيبقى الحديث على صحته ، حتى نتيقن من علته . والله أعلم . وصفة التربع : هو جعل باطن القدم اليمنى تحت الفخذ اليسرى ، وباطن القدم اليسرى تحت الفخذ اليمنى ، ووضع الكفين على الركبتين.
[205] - صحيح . رواه أبو داود (850) ، والترمذي (284) ، وابن ماجه (898) ، والحاكم (1 / 262/ 271) .
[206] - صحيح . رواه أبو داود (850) ، والترمذي (284) ، وابن ماجه (898) ، والحاكم (1 / 262/ 271) .
[207] - صحيح . رواه البخاري ( 823 ) ، وهذه القعدة هي المعروفة عند الفقهاء بجلسة الاستراحة ، قال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 302 ) : " وفي الحديث مشروعية جلسة الاستراحة ، وأخذ بها الشافعي وطائفة من أهل الحديث ، وعن أحمد روايتان ، وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى القول بها" . قلت : والحنابلة يقلدون الإمام أحمد في الرواية الأولى حيث لا دليل معه ، ويخالفونه في الرواية الثانية حيث الدليل معه ، كل ذلك من أجل العمل بما في كتب مذهبهم المتأخرة ! كالروض المربع ! ولا حول ولا قوة إلا بالله .(3/380)
[208] - صحيح . رواه أبو داود (840) ، والنسائي (2/ 207 ) ، والترمذي ( 269 ) ، ولفظ الترمذي : " يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل" . وهي رواية لأبي داود ( 841 ) ، والنسائي ( 2 / 207 ) .
[209] - ضعيف . رواه أبو داود ( 838 ) ، والنسائي ( 2 / 206 - 207 ) ، والترمذي ( 268 ) وابن ماجه ( 882 ) ، وقال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب ، لا نعرف أحدا رواه مثل هذا غير شريك " قلت : وهو سيئ الحفظ .
[210] - حسن . رواه ابن خزيمة ( 627 ) ولفظه : عن ابن عمر "أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه ، وقال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك" . وهذا الحديث أُعِلَّ بما لا يَقْدَحُ ، وقد صححه غير ابن خزيمة: الحاكمُ ، وشيخنا الألباني حفظه الله . والموقوف علقه البخاري ( 2 / 290 /فتح ) .
[211] - صحيح . رواه مسلم ( 580 ) ( 115 ) ، والرواية برقم ( 116 ) .
[212] - صحيح . رواه البخاري (831) ، ومسلم (402) . وزاد البخاري في رواية ( 6265 ) : " وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض قلنا : السلام . يعني على النبي -صلى الله عليه وسلم- " . قال الحافظ : " ظاهرها أنهم كانوا يقولون : السلام عليك أيها النبي بكاف الخطاب في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فلما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة ، فصاروا يقولون : السلام على النبي" . وانظر " صفة الصلاة " لشيخنا حفظه الله ص ( 18 - 25 ) وص ( 161 - 162 ) .
[213] - هذه الرواية للنسائي في "الكبرى" (1 / 378 / 120 ) بسند صحيح .
[214] - ضعيف . رواه أحمد ( 3562 ) ، وفي سنده انقطاع .(3/381)
[215] - صحيح . رواه البخاري (831) ، ومسلم (402) . وزاد البخاري في رواية ( 6265 ) : " وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض قلنا : السلام . يعني على النبي -صلى الله عليه وسلم- " . قال الحافظ : " ظاهرها أنهم كانوا يقولون : السلام عليك أيها النبي بكاف الخطاب في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فلما مات النبي -صلى الله عليه وسلم- تركوا الخطاب وذكروه بلفظ الغيبة ، فصاروا يقولون : السلام على النبي" . وانظر " صفة الصلاة " لشيخنا حفظه الله ص ( 18 - 25 ) وص ( 161 - 162 ) .
[216] - هذه الرواية للنسائي في "الكبرى" (1 / 378 / 120 ) بسند صحيح .
[217] - ضعيف . رواه أحمد ( 3562 ) ، وفي سنده انقطاع .
[218] - تحرف في " الأصلين " إلى : " يمجد " ، وهو وإن كان وقع في رواية النسائي على هذا النحو إلا إني أقطع بتحريفه ؛ لأن رواية النسائي سياقها غير هذا السياق كما سيأتي .
[219] - تحرف في " الأصلين " إلى " بتمجيد " وهو من لوازم التحريف أو الخطأ السابق .
[220] - صحيح . رواه أحمد ( 6 / 18 ) ، وأبو داود ( 1481 ) ، والنسائي ( 3 / 44 - 45 ) ، والترمذي ( 3477 ) ، وابن حبان ( 1960 ) ، والحاكم ( 1 / 230 و 268 ) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وعند أحمد " لم يذكر الله " بدل " لم يحمد الله " . وعند الحاكم : " لم يحمد الله ولم يمجده " . وأما النسائي فلفظه في " الكبرى " ( 1 / 380 - 381 / 1207 ) ، وفي " المجتبى" . " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلاً يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : عجلت أيها المصلي ، ثم علَّمهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : وسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يصلي فمجَّد الله ، وحمده ، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- : فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ادع تُجَب . وسَلْ تُعْطَ " .(3/382)
[221] - صحيح . رواه مسلم ( 588 ) ، وعزوه للبخاري وهم من الحافظ -رحمه الله- إذ الحديث ليس فيه ، وإنما الذي في البخاري من فعله -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا من أمره . ولفظه في " البخاري " ( 1377 ) : "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر . ومن عذاب النار . ومن فتنة المحيا والممات . ومن فتنة المسيح الدجال" . وهذه الرواية عند مسلم ( 588 ) (131) ، فهذا اللفظ هو المتفق عليه وليس الذي ذكره الحافظ .
[222] - صحيح . رواه مسلم ( 588 ) ، وعزوه للبخاري وهم من الحافظ -رحمه الله- إذ الحديث ليس فيه ، وإنما الذي في البخاري من فعله -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا من أمره . ولفظه في " البخاري " ( 1377 ) : "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر . ومن عذاب النار . ومن فتنة المحيا والممات . ومن فتنة المسيح الدجال" . وهذه الرواية عند مسلم ( 588 ) (131) ، فهذا اللفظ هو المتفق عليه وليس الذي ذكره الحافظ .
[223] - صحيح . رواه مسلم ( 588 ) (130 ) .
[224] - صحيح . رواه مسلم ( 588 ) ، وعزوه للبخاري وهم من الحافظ -رحمه الله- إذ الحديث ليس فيه ، وإنما الذي في البخاري من فعله -صلى الله عليه وسلم- ، وهذا من أمره . ولفظه في " البخاري " ( 1377 ) : "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر . ومن عذاب النار . ومن فتنة المحيا والممات . ومن فتنة المسيح الدجال" . وهذه الرواية عند مسلم ( 588 ) (131) ، فهذا اللفظ هو المتفق عليه وليس الذي ذكره الحافظ .
[225] - صحيح . رواه البخاري ( 834 ) ، ومسلم ( 2705 ) .
[226] - صحيح . رواه أبو داود (997) . " تنبيه : وقع في المطبوع من "البلوغ" : زيادة "وبركاته" في تسليمه عن الشمال ، وهو خطأ فاحش ، وإن زعم بعضهم أنها زيادة صحيحة .
[227] - صحيح . رواه البخاري ( 844 ) ، ومسلم ( 593 ) .(3/383)
[228] - صحيح . رواه البخاري ( 844 ) ، ومسلم ( 593 ) .
[229] - صحيح . رواه مسلم ( 597 ) .
[230] - صحيح . وهي رواية كعب بن عُجرة عند مسلم ( 596 ) ، وأما قوله في : " سبل السلام " بأنها من حديث أبي هريرة . فهو خطأ.
[231] - صحيح . رواه أحمد ( 6 / 244 - 245 ) ، وأبو داود ( 1522 ) ، والنسائي ( 3 / 53 ) من طريق عقبة بن مسلم ، حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي ، عن الصنابحي ، عن معاذ به . وعندهم قول النبي -صلى الله عليه وسلم- :لمعاذ : " يا معاذ والله إني لأحبك" وعند النسائي وأحمد : " وأنا أحبك يا رسول الله " وزاد أحمد : " بأبي أنت وأمي " . وعند أبي داود وأحمد عقيب الحديث : وأوصى بذلك معاذٌ الصنابحيَّ ، وأوصى الصنابحيُّ أبا عبد الرحمن . زاد أحمد : وأوصى أبو عبد الرحمن عقبةَ بن مسلم .
[232] - صحيح . رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة " ( 100 ) ، وابن حبان في " كتاب الصلاة " كما في الترغيب " ( 2 / 261 ) . قلت : وللحديث طرق وشواهد ذكرتها في " الأصل " مع الرد على ابن الجوزي .
[233] - هذه الزيادة للطبراني في " الكبير " ( 8 / 134 / 7532 ) وإسنادها جيد كما قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 261 ) ، والهيثمي في " المجمع " ( 10 / 102 ) .
[234] - صحيح . رواه النسائي في " عمل اليوم والليلة " ( 100 ) ، وابن حبان في " كتاب الصلاة " كما في الترغيب " ( 2 / 261 ) . قلت : وللحديث طرق وشواهد ذكرتها في " الأصل " مع الرد على ابن الجوزي .
[235] - هذه الزيادة للطبراني في " الكبير " ( 8 / 134 / 7532 ) وإسنادها جيد كما قال المنذري في " الترغيب " ( 2 / 261 ) ، والهيثمي في " المجمع " ( 10 / 102 ) .
[236] - صحيح . رواه البخاري (631 ) . " تنبيه " : هذه القطعة من حديث مالك بن الحويرث -رضي الله عنه- ، تفرد البخاري بروايتها .
[237] - صحيح . رواه البخاري (1117) .(3/384)
[238] - صحيح مرفوعا . رواه البيهقي في " المعرفة " ( 4359 ) ، من طريق أبي بكر الحنفي ، حدثنا سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر به . لكن أعله أبو حاتم ، فقال ولده في " العلل " (1 / 113 / 307 ) : سُئِلَ أبي عن حديث رواه أبي بكر الحنفي ، عن الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل على مريض وهو يصلي على وسادة ؟ قال : هذا خطأ . إنما هو عن جابر قوله : إنه دخل على مريض . فقيل له : فإن أبا أسامة قد روى عن الثوري هذا الحديث مرفوعا . فقال : ليس بشيء ، هو موقوف " . وذكر الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 226 ) متابِعا ثالثا لهما عند البزار - ولم أره - ألا وهو عبد الوهاب بن عطاء . قلت : وللحديث طريق آخر عند أبي يعلى في " مسنده " ، وشاهدان من حديث ابن عمر وابن عباس كما تجد ذلك " بالأصل " ، فالحديث صحيح والحمد لله .
[239] - صحيح . رواه البخاري ( 829 ) ، ومسلم ( 570 ) ، وأبو داود ( 1034 ) ، والنسائي ( 3 / 19 - 20 ) ، والترمذي ( 391 ) ، وابن ماجه ( 1206 ) ، وأحمد ( 5 / 345 و 346 ) . وقال الترمذي " حسن صحيح " .
[240] - هذه الرواية عند مسلم (570) ( 86 ) ، كما أنها أيضا رواية البخاري ( 1230 ) .
[241] - صحيح . رواه البخاري ( 829 ) ، ومسلم ( 570 ) ، وأبو داود ( 1034 ) ، والنسائي ( 3 / 19 - 20 ) ، والترمذي ( 391 ) ، وابن ماجه ( 1206 ) ، وأحمد ( 5 / 345 و 346 ) . وقال الترمذي " حسن صحيح " .
[242] - هذه الرواية عند مسلم (570) ( 86 ) ، كما أنها أيضا رواية البخاري ( 1230 ) .
[243] - عند البخاري : قال محمد بن سيرين : وأكثر ظني أنها العصر . وفي مسلم : إما الظهر وإما العصر .
[244] - في البخاري : " أقصرت " .
[245] - سقطت من الأصلين واستدركتها من البخاري .
[246] - صحيح . رواه البخاري ( 1229 ) ، ومسلم ( 573 ) .
[247] - مسلم ( 573 ) ( 99 ) .
[248] - صحيح . رواه أبو داود ( 1008 ) .(3/385)
[249] - صحيح . البخاري ( 1228 ) ، ومسلم ( 573 ) ( 99 ) .
[250] - منكر رواه أبو داود (1012) في سنده محمد بن كثير بن أبي عطاء يروي مناكير ، خاصة عن الأوزاعي ، وهذا منها .
[251] - عند البخاري : قال محمد بن سيرين : وأكثر ظني أنها العصر . وفي مسلم : إما الظهر وإما العصر .
[252] - في البخاري : " أقصرت " .
[253] - سقطت من الأصلين واستدركتها من البخاري .
[254] - صحيح . رواه البخاري ( 1229 ) ، ومسلم ( 573 ) .
[255] - مسلم ( 573 ) ( 99 ) .
[256] - صحيح . رواه أبو داود ( 1008 ) .
[257] - صحيح . البخاري ( 1228 ) ، ومسلم ( 573 ) ( 99 ) .
[258] - منكر رواه أبو داود (1012) في سنده محمد بن كثير بن أبي عطاء يروي مناكير ، خاصة عن الأوزاعي ، وهذا منها .
[259] - سقطت من الأصلين ، واستدركتها من الصحيح " وهي موجودة في المطبوع من " البلوغ " و " الشرح " .
[260] - في مسلم : " إتماما لأربع ".
[261] - صحيح . رواه مسلم ( 571 ) . وترغيما : أي : إلصاقا لأنفه بالتراب ، والمراد : رده خاسئا . وإهانته وإذلاله .
[262] - كذا بالأصلين وفي " الصحيحين " : " وما ذاك " .
[263] - صحيح . رواه البخاري (401) ، ومسلم ( 572 ) ، واللفظ لمسلم ، إذ في البخاري زيادة : " ثم ليسلم " وهو ما اعتبره الحافظ رواية للبخاري .
[264] - صحيح . رواه البخاري ( 1 /504 / فتح ) .
[265] - صحيح . وهذه الرواية في مسلم برقم ( 572 ) ( 95 ) .
[266] - ضعيف . رواه أحمد ( 1 / 205 و 205 - 206 ) ، وأبو داود ( 1033) ، والنسائي ( 3 / 30 ) ، وابن خزيمة ( 1033 ) ، بسند ضعيف ، وإن حاول الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- توثيق رجاله ، ومن ثَمَّ تصحيحه ( 1747 ) ، وفي " الأصل " بيان ذلك .(3/386)
[267] - ضعيف جدا . رواه أبو داود ( 1036 ) ، وابن ماجه ( 1208 ) ، والدارقطني ( 1 / 378 - 379 / 2 ) ، وإنما قال الحافظ ما قال؛ لأن مدار الحديث عندهم على جابر الجعفي ، وهو متروك . وقال أبو داود في " السنن " : " وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث " . " تنبيه " : وقف شيخنا -حفظه الله- على متابع لجابر الجعفي عند الطحاوي في " شرح معاني الآثار" وصححه من هذا الطريق ، ثم قال في " الإرواء " : " وتلك فائدة عزيزة لا تكاد تجدها في كتب التخريجات ككتاب الزيلعي والعسقلاني فضلاً عن غيرها " . قلت : الحديث رواه الطحاوي ( 1 / 440 ) فقال : حدثنا ابن مرزوق ، قال : حدثنا أبو عامر ، عن إبراهير بن طهمان ، عن المغيرة بن شبيل ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : صلى بنا المغيرة بن شعبة فقام من الركعتين قائما فقلنا : سبحان الله . فأومأ ، وقال : " سبحان الله " فمضى في صلاته فلما قضى صلاته وسلم سجد سجدتين وهو جالس ، ثم قال : صلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : فاستوى قائما من جلوسه ، فمضى في صلاته ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس ، ثم قال : " إذا صلى أحدكم فقام من الجلوس ، فإن لم يستتم قائما ، فليجلس ، وليس عليه سجدتان ، فإن استوى قائما ، فليمض في صلاته ، وليسجد سجدتين وهو جالس " . وهذا سند صحيح - كما جزم بذلك شيخنا - أقول : ولكنه في الظاهر فقط ، وإلا فإنني في شك كبير من ذلك ؛ لأن إبراهيم بن طهمان لا تعرف له رواية عن مغيرة بن شبيل ، ومن كتب التراجم يُلاحظ أنهم يذكرون جابر بن يزيد الجعفي في شيوخ ابن طهمان ، وفي تلاميذ المغيرة ، بينما لا نجد في شيوخ ابن طهمان ذكرا للمغيرة بن شبيل ، ولا نجد في تلاميذ المغيرة ذكرا لابن طهمان . فإذا أضفنا إلى ذلك أن الحديث مداره على جابر الجعفي ، علمنا أن خطأ وقع في هذا السند إما من الناسخ أو من الطابع وذلك بسقوط الجعفي ، وإما من شيخ الطحاوي فإنه مع ثقته كان يخطئ(3/387)
ولا يرجع . والله أعلم .
[268] - ضعيف جدا . رواه البيهقي ( 2 / 352 ) معلقا ، رواه الدارقطني مسندا ( 1 / 377 / 1 ) وزاد : "وإن سها من خلف الإمام فليس عليه سهو ، والإمام كافيه " . قلت : وهو ضعيف جدا ، إن لم يكن موضوعا ، ففي سنده أبو الحسين المديني وهو مجهول ، وفيه أيضا خارجة بن مصعب ، قال عنه الحافظ : " متروك ، وكان يدلس عن الكذابين ، ويقال : إن ابن معين كذَّبه " وأخيرا : لم أجد الحديث في "زوائد البزار ، ولا ذكره الهيثم ، فالله أعلم . ومما تجدر الإشارة إليه أن الحديث وقع في المطبوع من " البلوغ ، " سبل السلام " مَعْزوًّا للترمذي ، وهو خطأ فاحش ، وليس ذلك من الحافظ ، وإنما من غيره يقينا ؛ وذلك لصحة الأصول التي لديَّ ؛ ولأن الطيب آبادي قال في التعليق المغني : " أخرجه البيهقي والبزار كما في بلوغ المرام " . وأيضا خرَّجه الحافظ في " التلخيص " ( 2 / 6 ) فلم يذكر الترمذي .
[269] - ضعيف . رواه أبو داود (1038) ، وابن ماجه (1219) من طريق إسماعيل بن عياش ، عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي ، عن زهير بن سالم العنسي ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير [عن أبيه ] ، عن ثوبان به . والزيادة في السنن لأبي داود وعقَّب الصنعاني على قول الحافظ : بسند ضعيف بقوله : "لأن في إسناده إسماعيل بن عياش ، وفيه مقال وخلاف ، قال البخاري : إذا حدث عن أهل بلده - يعني : الشاميين - فصحيح ، وهذا الحديث من روايته عن الشاميين ، فتضعيف الحديث به فيه نظر " . وبمثل هذا رد ابن التركماني على البيهقي كما في " الجوهر النقي " ، ( 2 / 338 ) . قلت : سلمنا بذلك ، وأن إسماعيل بن عياش ليس علة الحديث ، ولكن علته زهير بن سالم العنسي ، فقد قال عنه الدارقطني : " حمصي منكر الحديث ، روى عن ثوبان ولم يسمع منه" .
[270] - صحيح . رواه مسلم ( 578 ) ( 108 ) .
[271] - صحيح . رواه البخاري ( 1069 ) .(3/388)
[272] - صحيح . رواه البخاري ( 1071 ) وزاد : " وسجد معه المسلمون ، والمشركون ، والجن ، والإنس " .
[273] - صحيح . رواه البخاري ( 2 / 554 / فتح ) ؛ ومسلم ( 577 ) .
[274] - مرسل حسن الإسناد . رواه أبو داود في " المراسيل " ( 78 ) من طريق معاوية بن صالح ، عن عامر بن جشيب ، عن خالد بن معدان ؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : فذكره ، وقال أبو داود في " المراسيل " : " وقد أسند ، ولا يصح " .
[275] - ضعيف . رواه أحمد ( 4 / 151 و 155 ) ، والترمذي ( 578 ) من طريق ابن لهيعة ، عن مشرح بن هاعان ، عن عقبة ، به . قال الترمذي : " هذا حديث ليس إسناده بالقوي " . قلت : وحاول شعيب الأرنؤوط تقوية الحديث - متعقبا لأبي داود - بأنه جاء من رواية أحد العبادلة عن ابن لهيعة وهي رواية صحيحة : وغفل عن علة الحديث وهي تفرد ابن لهيعة برفعه ، وأن الصحيح فيه الإرسال ، والوقف ، ثم أيضا في السند مشرح بن هاعان ، وهو وإن كان وثقه ابن معين ، إلا أن ابن حبان قال في " الثقات " : " يخطئ ويخالف " . وقال في " المجروحين " : " يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها ، والصواب في أمره ترك ما انفرد من الروايات ، والاعتبار بما وافق الثقات " . ومثله أيضا فعل شيخنا في "المشكاة " (1/ 324) ، لكنه عاد فضعَّفه في "ضعيف السنن" ، ومن يدري لعل شعيبا ظل على تقيده للشيخ في رأيه الأول، إذ "ضعيف السنن" طبع بعد "المراسيل" بسنوات ! .
[276] - تحرف في " أ " إلى : " يشاء " .(3/389)
[277] - صحيح . رواه البخاري ( 1077 ) ، من طريق ربيعة بن عبد الله بن الهدير ؛ أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل ، حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس ، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال : يا أيها الناس ! إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ، ومن لم يسجد فلا إثم عليه ، ولم يسجد عمر -رضي الله عنه- . وزاد نافع ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- : إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء " . وهو في " الموطأ " ( 1 / 206 / 16 ) بنحوه ورجاله ثقات إلا أنه منقطع بين عروة بن الزبير وبين عمر بن الخطاب .
[278] - ضعيف . رواه أبو داود ( 1413 ) من طريق عبد الله العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر به ، وزاد : قال عبد الرازق : وكان الثوري يعجبه هذا الحديث . قال أبو داود يعجبه لأنه " كَبَّرَ" قلت : وهذه اللفظة منكرة تفرد بها العمري ، وهو ضعيف ، وقال الحافظ في " التلخيص " ( 2 / 9 ) : " وخرَّجه الحاكم من رواية العمري أيضا ، لكن وقع عنده مصغرا ، وهو الثقة " . قلت : نعم رواه الحاكم ( 1 / 222 ) ولفظه : " كنا نجلس عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقرأ القرآن فربما مر بسجدة فيسجد ونسجد معه " . ولكن ليس فيه المتابعة على لفظ التكبير . وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وسجود الصحابة بسجود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خارج الصلاة سنة عزيزة . قلت : رواه البخاري ( 1075 ) ، ومسلم ( 575 ) من طريق عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : ربما قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن ، فيمر بالسجدة فيسجد بنا ، حتى ازدحمنا عنده ، حتى ما يجد أحدنا مكانا ليسجد فيه . في غير صلاة . واللفظ لمسلم .(3/390)
[279] - صحيح بشواهده . رواه أبو داود ( 2774 ) ، والترمذي ( 1578 ) ، وابن ماجه ( 1394 ) ، وأحمد ( 5 / 45 ) وهو وإن كان ضعيف السند إلا أنه يشهد له أحاديث أخر منها ما ذكره المؤلف عن عبد الرحمن بن عوف والبراء ، ومنها عن أنس ، وسعد بن أبي وقاص ، وجابر وغيرهم ، وفعله بعد الصحابة -رضي الله عنهم- ، وكل هذه الأحاديث والآثار مذكورة بالتفصيل في " الأصل" .
[280] - صحيح . انظر ما قبله . رواه أحمد ( 1 / 191 ) ، والحاكم ( 1 / 550 ) .
[281] - صحيح . انظر ما قبله . رواه البيهقي ( 2 / 369 ) وقال : " أخرج البخاري صدر هذا الحديث ... فلم يسقه بتمامه ، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه " .
[282] - انظر ( 8 / 65 / فتح ) ووقع في رواية الإسماعيلي مثل ما وقع في " سنن البيهقي " كما قال الحافظ في " الفتح " .
[283] - صحيح . رواه مسلم ( 489 ) .
[284] - صحيح . رواه البخاري ( 1180 ) ، ومسلم ( 729 ) ، واللفظ للبخاري .
[285] - صحيح . رواه البخاري ( 937 ) ، ومسلم ( 729 ) وساقها الحافظ بالمعنى .
[286] - صحيح . رواه مسلم ( 723 ) ( 88 ) من حديث حفصة ، وبنحوه البخاري أيضا ( 1181 ) .
[287] - صحيح . رواه البخاري ( 1182 ) .
[288] - صحيح . رواه البخاري ( 1169 ) ، ومسلم ( 724 ) ( 94 ) واللفظ للبخاري .
[289] - صحيح . رواه مسلم ( 725 ) ، عن عائشة -رضي الله عنها- .
[290] - صحيح . رواه مسلم (728 ) .
[291] - صحيح . رواه الترمذي ( 415 ) من حديث أم حبيبة وقال : "حسن صحيح" .
[292] - صحيح . رواه أبو داود ( 1269 ) ، والنسائي ( 3 / 266 ) ، والترمذي ( 427 ) ، وابن ماجه ( 1160 ) ، وأحمد ( 6 / 326 ) من حديث أم حبيبة ، وله طرق مفصلة بالأصل .(3/391)
[293] - حسن . رواه أحمد ( 2 / 117 ) ، وأبو داود ( 1271 ) ، والترمذي ( 430 ) ، وابن خزيمة ( 1193 ) . وقال الترمذي : " هذا حديث غريب حسن " " فائدة" : قال العراقي : " جرت عادة المصنف أن يقدم الوصف بالحُسْن على الغرابة ، وقدم هنا " غريب " على " حسن " والظاهر أنه يقدم الوصف الغالب على الحديث ، فإن غلب عليه الحسن قدَّمه ، وإن غلب عليه الغرابة قدمها . وهذا الحديث بهذا الوصف لا يُعرف إلا من هذا الوجه ، وانتفت وجوه المتابعات والشواهد ، فغلب عليه وصف الغرابة .
[294] - صحيح . رواه البخاري ( 1183 ) ، وهذا اللفظ الذي عزاه الحافظ هنا للبخاري ألا وهو قوله : " صلوا قبل المغرب . صلوا قبل المغرب " ، إنما هو وهم من الحافظ -رحمه الله- ؛ إذ الحديث في الصحيح بلفظ : " صلوا قبل صلاة المغرب " قال في الثالثة : الحديث . وفي رواية ( 7368 ) : " خشية " بدل " كراهية " .
[295] - صحيح ، رواه ابن حبان ( 1588 ) ، وتمامه : ثم قال : " صلوا قبل المغرب ركعتين " ثم قال عند الثالثة : " لمن شاء " خاف أن يحسبها الناس سنة .
[296] - صحيح ، رواه مسلم ( 836 ) .
[297] - صحيح . رواه البخاري ( 1171 ) ، ومسلم ( 724 ) ، واللفظ الذي ساقه الحافظ أقرب ما يكون إلى لفظ البخاري .
[298] - صحيح . رواه مسلم . ( 726 ) .
[299] - صحيح . رواه البخاري ( 1160 ) .
[300] - صحيح . رواه أحمد ( 2 / 415 ) ، وأبو داود ( 1261 ) ، والترمذي ( 420 ) . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه .
[301] - صحيح . رواه البخاري ( 990 ) ، ومسلم ( 749 ) ، وتحرف في " أ " : " ابن عمر " إلى : " أبي عمر " .(3/392)
[302] - صحيح . رواه أبو داود ( 1295 ) ، والنسائي ( 3 / 227 ) ، والترمذي ( 597 ) ، وابن ماجه ( 1322 ) ، وأحمد ( 2 / 26 و 51 ) . وقول النسائي موجود في " سننه " وهو يريد أن الحديث خطأ بهذا اللفظ " والنهار " وهذه الزيادة محل نزاع بين الأئمة ، وممن صححها أمير المؤمنين محمد بن إسماعيل البخاري، رحمه الله .
[303] - ًصحيح . رواه مسلم (1163) ، وأوله : " أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، و .... " الحديث .
[304] - صحيح . رواه أبو داود ( 1422 ) ، والنسائي ( 3 / 238 ) ، وابن ماجه ( 1190 ) ، وابن حبان ( 2410 ) .
[305] - رواه النسائي ( 3 / 229 ) ، والترمذي ( 453 و 454 ) ، والحاكم ( 1 / 300 ) . وقال الترمذي : حديث حسن .
[306] - ضعيف بهذا اللفظ . رواه ابن حبان ( 2409 ) ،.
[307] - صحيح . رواه أبو داود ( 1418 ) ، والترمذي ( 452 ) ، وابن ماجه ( 1168 ) ، والحاكم ( 1 / 306 ) وقال الترمذي : غريب . وللحديث ما يشهد له ، إلا أن شيخنا المحدث العلامة الألباني -حفظه الله تعالى- ذهب إلى تضعيف جملة " هي خير لكم من حمر النعم" لخلو الشواهد منها . ووقع في " أ " : " رواه أحمد . والأربعة " بدل : " الخمسة " .
[308] - صحيح . رواه أحمد ( 2 / 208 ) ولفظه : " إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم ، وهي الوتر" . والحديث وإن كان عند أحمد بسند ضعيف ، إلا أنه صحيح بما له من طرق أخرى ، وشواهد كالحديث السابق ، وتفصيل ذلك " بالأصل " .
[309] - ضعيف. رواه أبو داود (1419)، والحاكم (1/305-306).
[310] - ضعيف أيضا. وهو عند أحمد (2/443)، ولفظه: "من لم يوتر فليس منا".
[311] - صحيح. رواه البخاري (1147)، ومسلم (738)، وما بين الحاصرتين سقط من "أ".
[312] - صحيح. رواه البخاري (1140)، ومسلم (738) (128).
[313] - صحيح. رواه مسلم (737) وعزوه للبخاري وهم.
[314] - صحيح. رواه البخاري (996)، ومسلم (745).(3/393)
[315] - صحيح. رواه البخاري (1152)، ومسلم (1159) (185).
[316] - صحيح. رواه أبو داود (1416)، والنسائي (3/228-229)، والترمذي (453)، وابن ماجه (1169)، وأحمد (877)، وابن خزيمة (1067).
[317] - صحيح. رواه البخاري (998)، ومسلم (751) (151).
[318] - صحيح. رواه أحمد (4/23)، وأبو داود (1439)، والنسائي (3/229-230)، والترمذي (470)، وابن حبان (2449) من طريق قيس بن طلق قال: زارني أبي يوما في رمضان، فأمسى عندنا وأفطر، فقام بنا تلك الليلة وأوتر،؛ ثم انحدر إلى مسجده فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر، قدم رجلا، فقال: أوتر بأصحابك، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: … الحديث.
[319] - صحيح. رواه أحمد (3/406 و 407)، وأبو داود (1423)، والنسائي (3/235-236)، وفي ألفاظهم اختلاف.
[320] - صحيح دون لفظ:"والمعوذتين"، رواه أبو داود (1424)، والترمذي (463)، وقال الترمذي:"حسن غريب".
[321] - صحيح. رواه مسلم (754).
[322] - أي: من حديث أبي سعيد، وهو صحيح أيضا. رواه ابن حبان (2408).
[323] - صحيح. رواه أبو داود (1431)، والترمذي (465)، وابن ماجه (1188)، وأحمد (3/44) وأعل الحديث بما لا يقدح كما كنت بينت ذلك في "الناسخ والمنسوخ" لابن شاهين (215)، ثم زدت ذلك إيضاحا "بالأصل".
[324] - صحيح. رواه مسلم (755).
[325] - ضعيف بهذا اللفظ مرفوعا، رواه الترمذي (469).
[326] - صحيح. رواه مسلم (719) (79).
[327] - صحيح. رواه مسلم (719) (79).
[328] - صحيح. رواه مسلم (717).
[329] - صحيح. رواه مسلم (718)، وتمامه: وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به، خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم. قلت: والحديث أيضا عند البخاري (1128) بتمامه.(3/394)
[330] - صحيح. رواه مسلم (748) وفيه: أن زيد بن أرقم رأى قوما يصلون من الضحى. فقال: أما لقد عملوا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحديث بنصه. ومن الواضح أن عزو الحافظ الحديث للترمذي إنما هو وهم.
[331] - ضعيف. رواه الترمذي (473) وقال: حديث غريب.
[332] - ضعيف. رواه ابن حبان (2531) وفي سنده انقطاع.
[333] - صحيح. رواه البخاري (645)، ومسلم (650) و "الفذ": أي: المنفرد.
[334] - صحيح. رواه البخاري (648)، ومسلم (649).
[335] - صحيح. رواه البخاري (646). "تنبيه": قد وقع خلاف في العدد وتمييزه في أحاديث فضل صلاة الجماعة، وقد تناولتها بالتفصيل في "الأصل".
[336] - صحيح. رواه البخاري (644)، ومسلم (651) العرق: هو العظم إذا كان عليه لحم، وإذا لم يكن عليه لحم فهو العراق. المرماة: ما بين ظلفي الشاة من اللحم، وقيل في تفسيرها غير ذلك.
[337] - صحيح. رواه البخاري (644)، ومسلم (651) العرق: هو العظم إذا كان عليه لحم، وإذا لم يكن عليه لحم فهو العراق. المرماة: ما بين ظلفي الشاة من اللحم، وقيل في تفسيرها غير ذلك.
[338] - صحيح. رواه البخاري (657)، ومسلم (651).
[339] - صحيح. رواه مسلم (653).
[340] - صحيح مرفوعا. رواه ابن ماجه (793)، والدارقطني (1/420)، وابن حبان (2064)، والحاكم (1/245).
[341] - صحيح. رواه مسلم (653).
[342] - صحيح مرفوعا. رواه ابن ماجه (793)، والدارقطني (1/420)، وابن حبان (2064)، والحاكم (1/245).
[343] - صحيح. رواه أحمد (4/160 و 161)، والنسائي (2/112)، وأبو داود (575) و (576)، والترمذي (219)، وابن حبان (1564 و 1565) وقال الترمذي: "حسن صحيح". الفرائض: جمع فريضة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف تهتز عند الفزع والخوف. وقوله: "فلا تفعلا" قال ابن حبان: لفظة زجر مرادها ابتداء أمر مستأنف.
[344] - صحيح. رواه أبو داود (603).(3/395)
[345] - هو في البخاري (734)، ومسلم (417) ولفظه: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا، فصلوا جلوسا أجمعون" وهذا لفظ البخاري.
[346] - صحيح. رواه أبو داود (603).
[347] - هو في البخاري (734)، ومسلم (417) ولفظه: "إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا، فصلوا جلوسا أجمعون" وهذا لفظ البخاري.
[348] - صحيح. رواه مسلم (438) وتمامه: "لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله".
[349] - صحيح. رواه البخاري (731)، ومسلم (781).
[350] - صحيح. رواه مسلم (438) وتمامه: "لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله".
[351] - صحيح. رواه البخاري (731)، ومسلم (781).
[352] - صحيح. رواه البخاري (705)، ومسلم (465) (179).
[353] - صحيح. رواه البخاري (705)، ومسلم (465) (179).
[354] - صحيح. رواه البخاري (713)، ومسلم (418).
[355] - صحيح. رواه البخاري (703)، ومسلم (467).
[356] - صحيح. رواه البخاري (4302)، وأبو داود (585، والنسائي (2/80-81) واللفظ للبخاري من حديث طويل.
[357] - صحيح. رواه مسلم (673). و "سلما": أي: إسلاما. و "تكرمته": الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به.
[358] - منكر. رواه ابن ماجه (1081).
[359] - صحيح. رواه أبو داود (667)، والنسائي (2/92)، وابن حبان (2166) وعند ابن حبان "بالأكتاف" بدل "بالأعناق". وزادوا جميعا: "فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف". والحذف: غنم سود صغار.
[360] - صحيح. رواه مسلم (440).
[361] - صحيح. رواه البخاري (726)، ومسلم (763).
[362] - صحيح. رواه البخاري (727)، ومسلم (658).
[363] - صحيح. رواه البخاري (726)، ومسلم (763).(3/396)
[364] - صحيح. رواه البخاري (727)، ومسلم (658).
[365] - صحيح. رواه البخاري (783).
[366] - صحيح. رواه أبو داود (684)، ولكن لفظه: قال صلى الله عليه وسلم: "أيكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف"؟ … الحديث.
[367] - صحيح. رواه أحمد (4/228)، وأبو داود (682)، والترمذي (230)، وابن حبان (2198 و 2199 و 2200) وقال الترمذي: "حديث حسن". قلت: وللحديث طرق تفصيلها بالأصل.
[368] - كذا الأصل، وهو وهم كما سيأتي.
[369] - صحيح. رواه ابن حبان (2202)، عن علي بن شيبان، قال: قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاته إذا رجل فرد، فوقف عليه نبي الله صلى الله عليه وسلم، حتى قضى الرجل صلاته، ثم قال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: "استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف". وأما قول الحافظ: "عن طلق" فهو وهم منه رحمه الله.
[370] - موضوع. رواه الطبراني في "الكبير" (22/145-146/394) من طريق السري بن إسماعيل، عن الشعبي، عن وابصة به. وآفته السري بن إسماعيل، وهو أحد الكاذبين الكبار الذي لا دين لهم ولا ورع، كان يكذب على الشعبي، وما الغضاضة في ذلك وهو يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ألا قبَّحه الله. والعجب من الحافظ رحمه الله كيف سكت على هذا الحديث!.
[371] - صحيح. رواه البخاري (636)، ومسلم (602).
[372] - صحيح. رواه البخاري (636)، ومسلم (602).
[373] - حسن. رواه أبو داود (554)، والنسائي (2/104-105)، وابن حبان (2056).
[374] - حسن. رواه أبو داود (592)، وابن خزيمة (1676).
[375] - صحيح. رواه أبو داود (595)، وأحمد (3/132 و 192)، وهو وإن كان عندهما بسند حسن إلا أن الحديث صحيح بشاهده التالي.
[376] - صحيح. رواه ابن حبان (2134)، (2135)، عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يصلي بالناس.(3/397)
[377] - موضوع. رواه الدارقطني (2/56)، وله طرق عن ابن عمر، ولكن كلها واهية، ففي قول الحافظ "بإسناد ضعيف" تسامح كبير، ومثله قول النووي في "المجموع" (4/153).
[378] - صحيح. رواه الترمذي (591) وقال: "حديث غريب". قلت: ولا يضر ذلك إن شاء الله تعالى، إذ له شواهد يصح بها كما ذكرته "بالأصل".
[379] - صحيح. رواه البخاري (1090)، ومسلم (685).
[380] - صحيح. رواه البخاري (3935)، ولفظه: "ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، ففرضت أربعا، وتركت صلاة السفر على الأولى".
[381] - صحيح. روه أحمد (6/241) من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن عائشة، به. قلت: وهو وإن كان رجاله ثقات كما قال الهيثمي في: "المجمع" (2/154) إلا أنه منقطع بين الشعبي وبين عائشة، فقد قال ابن معين في "تاريخ الدوري" (2/286): "ما روى الشعبي عن عائشة فهو مرسل"، لكن الحديث جاء من طريق موصول. رواه ابن خزيمة (305)، وابن حبان (2738) من طريق محبوب بن الحسن، حدثنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة به. وقال ابن خزيمة: "هذا حديث غريب لم يسنده أحد أعلمه غير محبوب بن الحسن، رواه أصحاب داود، فقالوا: عن الشعبي، عن عائشة خلا محبوب بن الحسن". قلت: ومحبوب ليس بالقوي كما قال أبو حاتم (4/1/389)، لكنه لم يتفرد بوصله كما قال ابن خزيمة، فقد تابعه مرجي بن رجاء، كما في "شرح معاني الآثار" للطحاوي (1/415)، فهو به صحيح.(3/398)
[382] - رواه الدارقطني (2/44/189)، والبيهقي (3/141) من طريق سعيد بن محمد بن ثواب، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عمرو بن سعيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عائشة به. وقال الدارقطني: "وهذا إسناد صحيح". قلت: وهو كما قال، فرجاله كلهم ثقات، وابن ثواب، أدخله ابن حبان في: "الثقات" (8/272)، وقال: "مستقيم الحديث". ومع هذا فهو معلول كما قال الحافظ بل قال ابن القيم في "الزاد" (1/464-465): "لا يصح، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم".
[383] - صحيح. رواه البيهقي (3/143) عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها كانت تصلي في السفر أربعا. فقلت لها: لو صليت ركعتين، فقالت: يا ابن أختي إنه لا يشق علي. قلت: وقد ثبت عنها رضي الله عنها أنها كانت تتم، كما في: "الصحيحين" وقد ذكرت ذلك "بالأصل".
[384] - في "أ": "يؤتى" وهو تحريف.
[385] - في "أ": "يؤتى" وهو تحريف.
[386] - صحيح. رواه أحمد (2/108)، وابن خزيمة (950)، وابن حبان (2742).
[387] - في "أ": "يؤتى" وهو تحريف.
[388] - صحيح. رواه ابن حبان (354) من حديث ابن عباس.
[389] - في "أ": "أيام"، وكتب بالهامش: صوابه: "أميال".
[390] - صحيح. رواه مسلم (691).
[391] - صحيح. رواه البخاري (1081)، ومسلم (693) من حديث أنس، وعند البخاري. قلت: أقمتم بمكة شيئا؟ قال: أقمنا بها عشرا. ولمسلم نحوه.
[392] - صحيح. اللفظ الأول. رواه البخاري (1080)، واللفظ الثاني عنده برقم (4298).
[393] - هذه الرواية عند أبي داود برقم (1230) وهي وإن كان إسنادها صحيحا، إلا أن رواية البخاري السابقة أرجح منها وإلى هذا أشار أبو داود، أو أن يصار إلى الجمع بين الروايتين، كما فعل البيهقي في "المعرفة" (4/273) إذ قال: "ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن يكون من قال: سبعة عشر يوما. لم يعد يوم الدخول ويوم الخروج".
[394] - سنن أبي داود (1231)، وهي رواية ضعيفة سندا، منكرة متنا.(3/399)
[395] - ضعيف. رواه أبو داود (1229) وفي سنده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.
[396] - صحيح. رواه أبو داود (1235) من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر، به. قال أبو داود: "غير معمر لا يسنده". قلت: وأجاب عن ذلك النووي، فقال في "الخلاصة": "هو حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم، لا يقدح فيه تفرد معمر، فإنه ثقة حافظ، فزيادته مقبولة". وأعلَّه أيضا الدارقطني، ولكن أجيب عن ذلك.
[397] - صحيح. رواه البخاري (2/582-583)، ومسلم (704).
[398] - قال الحافظ في "الفتح" (2/583) عن حديث أنس السابق: "كذا فيه الظهر فقط، وهو المحفوظ... ومقتضاه أنه كان لا يجمع بين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما... لكن روى إسحاق بن رهوايه هذا الحديث عن شبابة فقال: "كان إذا كان في سفر، فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا، ثم ارتحل" أخرجه الإسماعيلي، وأعل بتفرد إسحاق بذلك، عن شبابة، ثم تفرد جعفر الفريابي به، عن إسحاق، وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان. وقد وقع نظيره في "الأربعين" للحاكم قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني -هو أحد شيوخ مسلم- قال: حدثنا محمد بن عبد الله الواسطي، فذكر الحديث، وفيه: "فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر، ثم ركب". قال الحافظ: صلاح الدين العلائي: هكذا وجدته بعد التتبع في نسخ كثيرة من "الأربعين" بزيادة العصر. وسند هذه الزيادة جيد. انتهى. قلت: -القائل: ابن حجر- وهي متابعة قوية لرواية إسحاق بن رهوايه، إن كانت ثابتة، لكن في ثبوتها نظر". انتهى من "الفتح". قلت: انظر كيف جزم هنا في البلوغ بصحة سنده، دون متابعة وتردد في "الفتح" مع وجود هذه المتابعة القوية التي ذكرها.
[399] - صحيح. رواه مسلم (706) وزاد: "قال: فقلت: ما حمله على ذلك؟ قال: فقال: أراد أن لا يحرج أمته".
[400] - صحيح. رواه البخاري (2/582-583)، ومسلم (704).(3/400)
[401] - قال الحافظ في "الفتح" (2/583) عن حديث أنس السابق: "كذا فيه الظهر فقط، وهو المحفوظ... ومقتضاه أنه كان لا يجمع بين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما... لكن روى إسحاق بن رهوايه هذا الحديث عن شبابة فقال: "كان إذا كان في سفر، فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا، ثم ارتحل" أخرجه الإسماعيلي، وأعل بتفرد إسحاق بذلك، عن شبابة، ثم تفرد جعفر الفريابي به، عن إسحاق، وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان. وقد وقع نظيره في "الأربعين" للحاكم قال: حدثنا محمد بن يعقوب الأصم، حدثنا محمد بن إسحاق الصنعاني -هو أحد شيوخ مسلم- قال: حدثنا محمد بن عبد الله الواسطي، فذكر الحديث، وفيه: "فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر، ثم ركب". قال الحافظ: صلاح الدين العلائي: هكذا وجدته بعد التتبع في نسخ كثيرة من "الأربعين" بزيادة العصر. وسند هذه الزيادة جيد. انتهى. قلت: -القائل: ابن حجر- وهي متابعة قوية لرواية إسحاق بن رهوايه، إن كانت ثابتة، لكن في ثبوتها نظر". انتهى من "الفتح". قلت: انظر كيف جزم هنا في البلوغ بصحة سنده، دون متابعة وتردد في "الفتح" مع وجود هذه المتابعة القوية التي ذكرها.
[402] - صحيح. رواه مسلم (706) وزاد: "قال: فقلت: ما حمله على ذلك؟ قال: فقال: أراد أن لا يحرج أمته".
[403] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (1/387) وفي سنده أحد المتروكين، وفيه علة أخرى أيضا.
[404] - ضعيف. رواه الطبراني في: "الأوسط". كما في "مجمع البحرين" (921) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، به. وقال: لم يروه عن أبي الزبير، إلا ابن لهيعة. وقال الهيثمي في "المجمع" (2/157): "فيه ابن لهيعة، وفيه كلام". قلت: بل هو ضعيف، وأيضا أبو الزبير مدلس، وقد عنعنه.(3/401)
[405] - رواه الشافعي في "المسند" (1/512/179) بلفظ: "خياركم الذين إذا سافروا قصروا الصلاة، وأفطروا -أو قال-: لم يصوموا" وفضلا عن كونه مرسلا، فهو من رواية إبراهيم بن أبي يحيى شيخ الشافعي، وهو: "كذاب. كل بلاء فيه".
[406] - صحيح. رواه مسلم (865). ومعنى ودعهم: تركهم.
[407] - صحيح. رواه البخاري (4168)، ومسلم (860).
[408] - صحيح. رواه مسلم (860) (31).
[409] - صحيح. رواه مسلم (865). ومعنى ودعهم: تركهم.
[410] - صحيح. رواه البخاري (4168)، ومسلم (860).
[411] - صحيح. رواه مسلم (860) (31).
[412] - صحيح. رواه البخاري (4168)، ومسلم (860).
[413] - صحيح. رواه مسلم (860) (31).
[414] - صحيح. رواه البخاري (939)، ومسلم (859). "تنبيه": لا فائدة من قول الحافظ "واللفظ لمسلم" إذ هو عند البخاري أيضا بنفس اللفظ، بل وفي غير موطن، منها الموطن المذكور.
[415] - وهي رواية علي بن حجر عند مسلم (859).
[416] - صحيح. رواه مسلم (863). "تنبيه": الحديث أيضا عند البخاري (936)، فكان حقه أن يقول: متفق عليه، واللفظ لمسلم. ومعنى انفتل: انصرف.
[417] - صحيح. رواه النسائي (1/274-275)، وابن ماجه (1123)، والدارقطني (2/12/12).
[418] - كذا بالأصلين، وفي مسلم: "نبأك".
[419] - صحيح. رواه مسلم (862) (35) وتمامه: فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة.
[420] - وضبطت في "أ"، بضم الهاء، وفتح الدال، وهو كذلك في "الصحيح".
[421] - وقول النووي -ومن تابعه ممن أخرج البلوغ- بأن قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" هو من العام المخصوص، لا دليل عليه، وانظر "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
[422] - في الأصلين: "يهدي" وهو خطأ لا شك، وصوابه "يهد" بحذف الياء، وما أثبته من "الصحيح".
[423] - صحيح، والحديث برواياته رواه مسلم (867).
[424] - النسائي (3/189) بإسناد صحيح.(3/402)
[425] - وضبطت في "أ"، بضم الهاء، وفتح الدال، وهو كذلك في "الصحيح".
[426] - وقول النووي -ومن تابعه ممن أخرج البلوغ- بأن قوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة" هو من العام المخصوص، لا دليل عليه، وانظر "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
[427] - في الأصلين: "يهدي" وهو خطأ لا شك، وصوابه "يهد" بحذف الياء، وما أثبته من "الصحيح".
[428] - صحيح، والحديث برواياته رواه مسلم (867).
[429] - النسائي (3/189) بإسناد صحيح.
[430] - صحيح. رواه مسلم (869)، وهو بتمامه: قال أبو وائل: خطبنا عمار، فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان! لقد أبلغت وأوجزت. فلو كنت تنفست - أي: أطلت - فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. وزاد: "فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة. وإن من البيان سحرا". "ومئنة": علامة ودليل، والمعنى: أي: مما يعرف به فقه الخطيب. قلت: وإذ كان الأمر كذلك فانظر إلى حال خطباء زمانك هذا. واسترجع الله.
[431] - صحيح. رواه مسلم (873) (52) وانظر رقم (469).
[432] - ضعيف. رواه أحمد (1/230/ رقم 2033)، وفيه مجالد بن سعيد، وهو ضعيف.
[433] - صحيح. رواه البخاري (935)، ومسلم (851). ومعنى: "لغوت": قال الزين بن المنير: اتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو ما لا يحسن من الكلام.
[434] - صحيح. رواه مسلم (873) (52) وانظر رقم (469).
[435] - صحيح. رواه البخاري (931)، ومسلم (875) (55).
[436] - صحيح. رواه مسلم (879).
[437] - صحيح. رواه مسلم (878).(3/403)
[438] - صحيح لغيره. رواه أبو داود (1070)، والنسائي (3/194)، وابن ماجه (1310)، وأحمد (4/372)، وابن خزيمة (1464)، والحديث صححه علي بن المديني، والحاكم. قلت: وفي سنده إياس بن أبي رملة، وهو مجهول كما قال الحافظ في "التقريب". ولكن الحديث صحيح لغيره بما له من شواهد أخرى. "تنبيه": قول الحافظ: "وصححه ابن خزيمة" إنما هو وهم منه رحمه الله؛ إذا ابن خزيمة لم يصحح الحديث، وإنما علق صحته بعدالة ابن أبي رملة، فقال: "إن صح الخبر فإني لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح".
[439] - صحيح. رواه مسلم (881).
[440] - صحيح لغيره. رواه أبو داود (1070)، والنسائي (3/194)، وابن ماجه (1310)، وأحمد (4/372)، وابن خزيمة (1464)، والحديث صححه علي بن المديني، والحاكم. قلت: وفي سنده إياس بن أبي رملة، وهو مجهول كما قال الحافظ في "التقريب". ولكن الحديث صحيح لغيره بما له من شواهد أخرى. "تنبيه": قول الحافظ: "وصححه ابن خزيمة" إنما هو وهم منه رحمه الله؛ إذا ابن خزيمة لم يصحح الحديث، وإنما علق صحته بعدالة ابن أبي رملة، فقال: "إن صح الخبر فإني لا أعرف إياس بن أبي رملة بعدالة ولا جرح".
[441] - صحيح. رواه مسلم (881).
[442] - صحيح. رواه مسلم (883) وعنده: "توصل".
[443] - صحيح. رواه مسلم (857) (27).
[444] - صحيح. رواه البخاري (935)، ومسلم (852).
[445] - مسلم (852) (15).
[446] - ضعيف مرفوعا. والصحيح أنه موقوف. رواه مسلم (853)، وانظر "الجمعة وفضلها" لأبي بكر المروزي (رقم 10 بتحقيقي).(3/404)
[447] - حديث عبد الله بن سلام. رواه ابن ماجه (1139) عنه قال: قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس. إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئا إلا قضى الله حاجته. قال عبد الله: فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو بعض ساعة. فقلت: صدقت. أو بعض ساعة. قلت: أي ساعة هي؟ قال: "هي آخر ساعات النهار" قلت: إنها ليست ساعة صلاة؟ قال: بلى. إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس، لا يحبسه إلا الصلاة، فهو في الصلاة". قلت: وهو حديث صحيح.
[448] - حديث جابر. رواه أبو داود (1048)، والنسائي (3/99-100) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئا إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر". وهو حديث صحيح، واللفظ للنسائي. "تنبيه": قول الحافظ: أنها ما بين صلاة العصر وغروب الشمس. هو تعبير منه بالمعنى، وإلا فليس هذا اللفظ في شيء من روايات الحديث.
[449] - انظر. "فتح الباري" (2/416) وما بعدها.
[450] - موضوع. رواه الدارقطني (2/3-4/1) وفي سنده عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، قال عنه ابن حبان في "المجروحين" (2/138): "يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيكثر، والملزقات بالأثبات فيفحش، لا يحل الاحتجاج به بحال". كما أنه أورد له هذا الحديث أيضا في ترجمته. وبذلك تعرف أن قول الحافظ: بإسناد ضعيف فيه تسامح.
[451] - موضوع. رواه الدارقطني (2/3-4/1) وفي سنده عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، قال عنه ابن حبان في "المجروحين" (2/138): "يأتي بالمقلوبات عن الثقات فيكثر، والملزقات بالأثبات فيفحش، لا يحل الاحتجاج به بحال". كما أنه أورد له هذا الحديث أيضا في ترجمته. وبذلك تعرف أن قول الحافظ: بإسناد ضعيف فيه تسامح.(3/405)
[452] - موضوع. رواه البزار (1/307-308) حدثنا خالد بن يوسف، حدثني أبي؛ يوسف بن خالد، حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة، حدثنا خبيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة، عن سمرة بن جندب به، وعنده زيادة: والمسلمين والمسلمات وقال: "لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد". قلت: وهذا إسناد هالك، فخالد بن يوسف ضعيف كما في "الميزان"، وأبوه يوسف بن خالد السمتي تركوه وكذبه ابن معين كما في "التقريب". وجعفر بن سعد ليس بالقوي كما في "التقريب"، وخبيب بن سليمان مجهول كما في "التقريب"، وسليمان بن سمرة مقبول كما في "التقريب"!! وبعد ذلك لم يبق إلا أن نقول أن قول الحافظ: "بإسناد لين" هو قول لين!.
[453] - حسن. رواه أبو داود (1101) ولفظه: عن جابر بن سمرة قال: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا، وخطبته قصدا؛ يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس.
[454] - حسن. رواه مسلم (866) ولفظه: عن جابر بن سمرة، قال: "كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات، فكانت صلاته قصدا، وخطبته قصدا. قلت: هذا هو أصل الحديث وليس حديث أم هشام بنت حارثة المتقدم برقم (453) كما ذهب إلى ذلك الصنعاني، وقلده في ذلك من علق على "البلوغ".
[455] - صحيح. رواه أبو داود (1067) والحديث وإن أعل بمثل قول أبي داود، فقد أجيب بمثل قول النووي: "وهذا غير قادح في صحته، فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة، والحديث على شرط الشيخين". قلت: وغير ذلك فللحديث شواهد كثيرة، وهي مخرجة في "الأصل".
[456] - صحيح. رواه أبو داود (1067) والحديث وإن أعل بمثل قول أبي داود، فقد أجيب بمثل قول النووي: "وهذا غير قادح في صحته، فإنه يكون مرسل صحابي، وهو حجة، والحديث على شرط الشيخين". قلت: وغير ذلك فللحديث شواهد كثيرة، وهي مخرجة في "الأصل".
[457] - المستدرك (188)، وذكر أبي موسى في الإسناد ليس بمحفوظ، ولكن الحديث صحيح كما في التعليق السابق.(3/406)
[458] - صحيح. رواه الطبراني في "الأوسط" (822) وسنده ضعيف كما قال الحافظ، إذ في سنده عبد الله بن نافع وهو ضعيف، ولكن للحديث شواهد يصح بها.
[459] - سقط من"أ".
[460] - صحيح. رواه الترمذي (509) وهو وإن كان ضعيف السند، بل موضوع؛ فإنه من رواية محمد بن الفضل بن عطية، وهو كذاب، إلا أنه كما قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يستحبون استقبال الإمام إذا خطب". قلت: وما ذلك إلا من أجل كثرة الآثار الواردة عن الصحابة في ذلك، مع وجود أحدها في "صحيح البخاري"، وفي رسالتي "سنن مهجورة" بيان لهذه السنة، وما ورد فيها من آثار.
[461] - لم أجده في المطبوع، والله أعلم.
[462] - حسن. رواه أبو داود (1096) ولفظه: عن الحكم بن حزن قال: وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير -فأمر بنا، أو أمر لنا بشيء من التمر، والشأن إذا ذاك دون-فأقمنا بها أياما، شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام متوكئا على عصا أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: "أيها الناس! إنكم لن تطيقوا -أو: لن تفعلوا- كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا".
[463] - صحيح. رواه الترمذي (802) من حديث محمد بن المنكدر، عن عائشة رضي الله عنها. وأقول: هو حديث صحيح، إلا أنه ضعيف من هذا الوجه، وبيان ذلك "بالأصل".
[464] - صحيح. رواه أحمد (5/57 و 58)، وأبو داود (1157).
[465] - صحيح. رواه البخاري (953).
[466] - حسن. وهي عند البخاري (2/446/ فتح)، ووصلها أحمد (326). "تنبيه": اللفظ الذي ذكره الحافظ وعزاه للبخاري هنا إنما هو وهم من الحافظ رحمه الله، فهذا اللفظ إنما هو للإمام أحمد، ونص على ذلك الحافظ في "الفتح" أيضا، وإنما لفظ البخاري هو: "ويأكلهن وترا".(3/407)
[467] - حسن. رواه أحمد (5/352)، والترمذي (542)، وابن حبان (2812) واللفظ للترمذي، وقوله عقبه: "حديث غريب" هو قول غريب. وقال الحاكم في "المستدرك" (1/294): "هذه سنة عزيزة من طريق الرواية، مستفيضة في بلاد المسلمين".
[468] - صحيح. رواه البخاري (324)، ومسلم (890) مع مراعاة أن الحافظ قد تصرف في اللفظ.
[469] - صحيح. رواه البخاري (963)، ومسلم (888).
[470] - صحيح. رواه البخاري (964) وفي غير موضع، ومسلم (2/606/رقم 884)، وأبو داود (1159)، والنسائي (3/193)، والترمذي (537)، وابن ماجه (1291)، وأحمد (1/340/ رقم 3153).
[471] - صحيح. رواه أبو داود (1147) وزاد: "وأبا بكر، وعمر أو عثمان". وقال الحافظ في "الفتح" (2/452): "إسناده صحيح".
[472] - يشير إلى ما رواه البخاري (9/344/فتح) عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم خطب، ولم يذكر آذانا ولا إقامة... الحديث. انظر (2/451/فتح).
[473] - حسن. رواه ابن ماجه (1293) ولا يظن ظان أن بين هذا الحديث وبين حديث ابن عباس السابق (491) تعارض فحديث ابن عباس خاص بالصلاة في المصلى، وبهذا الجمع قال غير واحد.
[474] - صحيح. رواه البخاري (956)، ومسلم (889) ولم كان المصنف قد ساق لفظ البخاري، فتمامه: فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه، أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف. قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان -وهو أمير المدينة- في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذت بثوبه، فجبذني، فارتفع فخطب قبل الصلاة. فقلت له: غيرتم والله. فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم! فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم. فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة.
[475] - صحيح. رواه أبو داود (1151) وهو وإن كان في سنده ضعف، فإن له شواهد يصح بها، وقد ذكرتها "بالأصل".(3/408)
[476] - العلل الكبير (1/288).
[477] - صحيح. رواه مسلم (891).
[478] - صحيح لغيره. رواه البخاري (986)، وله شواهد ذكرتها في "الأصل"، ومنها حديث ابن عمر الآتي.
[479] - صحيح بما قبله وبما له من شواهد. رواه أبو داود (1156) ولفظه: عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ يوم العيد في طريق، ثم رجع في طريق آخر.
[480] - صحيح. رواه أبو داود (1134)، والنسائي (3/179-180).
[481] - ضعيف. رواه الترمذي (530) وأما قوله: "هذا حديث حسن" فليس بحسن، إذ إسناده تالف، وفيه عدة علل، ولا يقال بأن له شواهد، فكلها لا تصلح للاستشهاد بها بل ضعفها الحافظ بنفسه. وتخريج الشواهد والكلام عليها مفصل "بالأصل".
[482] - منكر. رواه أبو داود (1160).
[483] - حسن. رواه أبو داود (1165)، والنسائي (3/163)، والترمذي (558 و 559)، وابن ماجه (1266) وأحمد (1/230 و 269 و 355)، وابن حبان (2862). وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". والتبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. والترسل: التأني في المشي، وعدم العجلة.
[484] - حسن. رواه أبو داود (1173)، وصححه ابن حبان (2860).
[485] - صحيح. رواه البخاري (2/514/فتح)، وهو أيضا في مسلم (894) خلا الجهر بالقراءة. وعبد الله بن زيد: هو ابن زيد بن عاصم المازني؛ وليس هو عبد الله بن زيد صاحب النداء، وممن كان يقول بأنه صاحب النداء سفيان بن عيينة، ولكن البخاري وهمه (2/498/فتح).
[486] - كذا بالأصل، و "المطبوع": وهو كذلك في "الشرح"، وهو الصواب عندي؛ لأنه كذلك في"السنن" وتحرف في "أ" إلى: "حديث".(3/409)
[487] - صحيح. رواه الدارقطني (2/66/2)، وهو وإن كان مرسلا بإسناد صحيح عند الدارقطني، فقد رواه الحاكم (1/326)، موصولا عن جابر رضي الله عنه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه". وقال الذهبي: "غريب عجيب صحيح". قلت: وإسناد الحاكم أصح من إسناد الدارقطني، وأيضا جاء عن أنس لكن من طريق أحد الكذابين.
[488] - صحيح. رواه البخاري (1014)، ومسلم (897)، وتمامه: "اللهم أغثنا. قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار. قال: فطلعت من روائه سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس ستا، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب- فاستقبله قائما، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يمسكها عنا. قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال: فأقلعت. وخرجنا نمشي في الشمس".
[489] - صحيح. رواه البخاري (1010).
[490] - صحيح. رواه مسلم (898).
[491] - صحيح. رواه البخاري (1032). "تنبيه": وهذا من أوهام الحافظ رحمه الله إذ عزا الحديث للشيخين، وتبعه على ذلك غير واحد بل استنكر الصنعاني على المصنف أنه لم يقل: "متفق عليه"!!.
[492] - قال الحافظ في "التلخيص" (2/99): "وعن محمد بن إسحاق، حدثني الزهري، عن عائشة بنت سعد؛ أن أباها حدثها أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل واديا دهشا لا ماء فيه فذكر الحديث، وفيه ألفاظ غريبة كثيرة، أخرجه أبو عوانة بسند واه".(3/410)
[493] - حسن. رواه الدارقطني (2/66/1)، والحاكم (1/325-326)، من طريق محمد بن عون مولى أم يحيي بنت الحكم، عن أبيه، قال: حدثنا ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: وهذا سند لا بأس به، محمد بن عون سكت عنه البخاري (1/1/197) وقال أحمد في"العلل" (2/211): "رجل معروف". وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/411). ووالده عون قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/1/16) عنه: "عن الزهري مرسل، روى عنه الماجشون". قلت: بل سمع منه كما هو مصرح به في هذا الحديث، وسكت عنه في "الجرح والتعديل" (3/1/386)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/281)، وأما ابن شهاب، وأبو سلمة فثقتان من رجال البخاري ومسلم. فمثل هذا الإسناد لا بأس به، خاصة وأنه جاء من طريق آخر. فرواه الطحاوي في "المشكل" (875)، والخطيب في "التاريخ" (12/65)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1246) من طريق محمد بن عزيز، حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة به. قلت: ومحمد بن عزيز وعمه سلامة فيهما ضعف خفيف، وهما ممن يكتب حديثهما؛ إلا أنه تكلم في سماع محمد من سلامة، وسماع سلامة من عقيل ولكن لا بأس بهذا الإسناد هنا. وجاء الحديث من طريقين آخرين مقطوعين: الأول: رواه ابن حبان في "الثقات" (8/414)، وابن أبي حاتم في "التفسير" كما عند ابن كثير (3/347)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/101)، والطبراني في "الدعاء" (968)، من طريق مسعر بن كدام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، قال خرج سليمان …... فذكره. وفي سنده زيد العمي وهو ضعيف. الثاني: رواه عبد الرازق في "المصنف" (3/95-96)، ومن طريقه الطبراني في "الدعاء" (967)، عن معمر، عن الزهري، أن سليمان بن داود ….... به. وسنده صحيح إلى الزهري. وخلاصة الأمر: أن الحديث حسن بطريقيه الأولين. "تنبيه": لم أجد في الحديث في "مسند" الإمام أحمد إذ هو المراد عند إطلاق العزو كما فعل(3/411)
الحافظ هنا وفي "التلخيص" (2/97) فقد رجعت إلى مسند أبي هريرة فلم أجده فيه، ولا عثرت عليه في مسند أحمد بطريق الفهارس، ثم أخيرا قرأت "الأطراف" للحافظ ترجمة أبي سلمة، عن أبي هريرة فلم أجده أيضا، مما يرجع عندي أن الحديث إما أن يكون في كتاب آخر من كتب الإمام أحمد، أو أن يكون الحافظ وهم في عزوه لأحمد. والله أعلم.
[494] - صحيح. رواه مسلم (896).
[495] - صحيح. رواه مسلم (898).
[496] - صحيح. رواه البخاري (1032). "تنبيه": وهذا من أوهام الحافظ رحمه الله إذ عزا الحديث للشيخين، وتبعه على ذلك غير واحد بل استنكر الصنعاني على المصنف أنه لم يقل: "متفق عليه"!!.(3/412)
[497] - حسن. رواه الدارقطني (2/66/1)، والحاكم (1/325-326)، من طريق محمد بن عون مولى أم يحيي بنت الحكم، عن أبيه، قال: حدثنا ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. قلت: وهذا سند لا بأس به، محمد بن عون سكت عنه البخاري (1/1/197) وقال أحمد في"العلل" (2/211): "رجل معروف". وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/411). ووالده عون قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/1/16) عنه: "عن الزهري مرسل، روى عنه الماجشون". قلت: بل سمع منه كما هو مصرح به في هذا الحديث، وسكت عنه في "الجرح والتعديل" (3/1/386)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7/281)، وأما ابن شهاب، وأبو سلمة فثقتان من رجال البخاري ومسلم. فمثل هذا الإسناد لا بأس به، خاصة وأنه جاء من طريق آخر. فرواه الطحاوي في "المشكل" (875)، والخطيب في "التاريخ" (12/65)، وأبو الشيخ في "العظمة" (1246) من طريق محمد بن عزيز، حدثنا سلامة بن روح، عن عقيل، عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة به. قلت: ومحمد بن عزيز وعمه سلامة فيهما ضعف خفيف، وهما ممن يكتب حديثهما؛ إلا أنه تكلم في سماع محمد من سلامة، وسماع سلامة من عقيل ولكن لا بأس بهذا الإسناد هنا. وجاء الحديث من طريقين آخرين مقطوعين: الأول: رواه ابن حبان في "الثقات" (8/414)، وابن أبي حاتم في "التفسير" كما عند ابن كثير (3/347)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/101)، والطبراني في "الدعاء" (968)، من طريق مسعر بن كدام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، قال خرج سليمان …... فذكره. وفي سنده زيد العمي وهو ضعيف. الثاني: رواه عبد الرازق في "المصنف" (3/95-96)، ومن طريقه الطبراني في "الدعاء" (967)، عن معمر، عن الزهري، أن سليمان بن داود ….... به. وسنده صحيح إلى الزهري. وخلاصة الأمر: أن الحديث حسن بطريقيه الأولين. "تنبيه": لم أجد في الحديث في "مسند" الإمام أحمد إذ هو المراد عند إطلاق العزو كما فعل(3/413)
الحافظ هنا وفي "التلخيص" (2/97) فقد رجعت إلى مسند أبي هريرة فلم أجده فيه، ولا عثرت عليه في مسند أحمد بطريق الفهارس، ثم أخيرا قرأت "الأطراف" للحافظ ترجمة أبي سلمة، عن أبي هريرة فلم أجده أيضا، مما يرجع عندي أن الحديث إما أن يكون في كتاب آخر من كتب الإمام أحمد، أو أن يكون الحافظ وهم في عزوه لأحمد. والله أعلم.
[498] - صحيح. رواه مسلم (896).
[499] - في "الأصلين": "الحر" أي: الفرج. والمراد: أنهم يستحلون الزنا، وهو هكذا في النسخة المطبوعة من "البلوغ". بل زاد ناسخ "أ" بتفسير "الحر" في الهامش بالفرج. وهو بالخاء والزاي المعجمتين. في "سنن أبي داود".
[500] - صحيح. رواه أبو داود (4039)، في كتاب اللباس باب ما جاء في الخز. وهو عند البخاري معلقا مجزوما به (10/51/5590) من طريق عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني- سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم -يعني: الفقير- لحاجة، فيقولوا: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة". وقد صححه غير واحد، ولم يصب من ضعفه.
[501] - في "الأصلين": "الحر" أي: الفرج. والمراد: أنهم يستحلون الزنا، وهو هكذا في النسخة المطبوعة من "البلوغ". بل زاد ناسخ "أ" بتفسير "الحر" في الهامش بالفرج. وهو بالخاء والزاي المعجمتين. في "سنن أبي داود".(3/414)
[502] - صحيح. رواه أبو داود (4039)، في كتاب اللباس باب ما جاء في الخز. وهو عند البخاري معلقا مجزوما به (10/51/5590) من طريق عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري -والله ما كذبني- سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم -يعني: الفقير- لحاجة، فيقولوا: ارجع إلينا غدا، فيبيتهم الله، ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة". وقد صححه غير واحد، ولم يصب من ضعفه.
[503] - صحيح. رواه البخاري (5837).
[504] - صحيح. رواه البخاري (10/284-285/فتح)، ومسلم (2069) (15).
[505] - صحيح. رواه البخاري (2919)، ومسلم (2076).
[506] - صحيح. رواه البخاري (5840)، ومسلم (2071). "تنبيه" لا وزن لقول الحافظ: "وهذا لفظ مسلم" إذ هو نفس لفظ البخاري حرفا بحرف سواء بسواء.
[507] - كذا في"الأصلين": وفي المصادر"ذكورها".
[508] - صحيح. رواه أحمد (4/394 و 407)، والنسائي (8/161)، والترمذي (1720). وقال الترمذي: "حديث أبي موسى حديث حسن صحيح". قلت: وبشواهده المذكورة في "الأصل".
[509] - تحرف في"أ" إلى: "ترى".
[510] - صحيح. رواه البيهقي (3/271)، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أن له شواهد أخرى يصح بها.
[511] - كذا في"الأصلين": وفي المصادر"ذكورها".
[512] - صحيح. رواه أحمد (4/394 و 407)، والنسائي (8/161)، والترمذي (1720). وقال الترمذي: "حديث أبي موسى حديث حسن صحيح". قلت: وبشواهده المذكورة في "الأصل".
[513] - تحرف في"أ" إلى: "ترى".
[514] - صحيح. رواه البيهقي (3/271)، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أن له شواهد أخرى يصح بها.(3/415)
[515] - صحيح. رواه مسلم (2078)، وتمامه: "وعن تختم الذهب. وعن قراءة القرآن في الركوع". القسي: هي ثياب مضلعة بالحرير تجلب من مصر تعمل بالقس وهي قرية على ساحل البحر قريبة من تنيس. المعصفر: المصبوغ بالعصفر، وهو صبغ أصفر اللون.
[516] - صحيح. رواه مسلم (2077)، وتمامه قال عبد الله بن عمرو: قلت: أغسلهما. قال: "بل أحرقهما".
[517] - حسن. رواه أبو داود (4054).
[518] - حسن. وهو عند مسلم (3/1641) وعنده: "يستشفى".
[519] - حسن. رواه البخاري في "الأدب المفرد" ص (127-128/رقم 348).
[520] - كذا في"الأصلين": وفي المصادر"ذكورها".
[521] - صحيح. رواه أحمد (4/394 و 407)، والنسائي (8/161)، والترمذي (1720). وقال الترمذي: "حديث أبي موسى حديث حسن صحيح". قلت: وبشواهده المذكورة في "الأصل".
[522] - تحرف في"أ" إلى: "ترى".
[523] - صحيح. رواه البيهقي (3/271)، وهو وإن كان ضعيف السند، إلا أن له شواهد أخرى يصح بها.(3/416)
كِتَابُ اَلْجَنَائِزِ
534- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ (???) اَللَّذَّاتِ: اَلْمَوْتِ " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (???) .
535- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ اَلْمَوْتَ لِضُرٍّ يَنْزِلُ بِهِ, فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ: اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ اَلْحَيَاةُ خَيْرًا لِي, وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ اَلْوَفَاةُ خَيْرًا لِي " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/1)
قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام كتاب الجنائز وهي جمع جَنازة أو جِِنازة قال بعض علماء اللغة الجنازة بالفتح الميت والجنازة بالكسر النعش عليه الميت واعلم أن الإنسان له أربع دور الدار الأولى في بطن أمه والثانية في الحياة الدنيا والثالثة في البرزخ ما بين موته وقيام الساعة والرابعة الأخيرة الجنة أو النار جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة كل حي لابد أن يموت قال الله تبارك وتعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام وقال الله تعالى كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز قال الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد وهذا أمر لا يحتاج إلى إقامة دليل لانه مشاهد كلنا يشهد غاديا إلى الله ورائحا يشاهد ميتا في أول النهار وميتا في آخر النهار وميتا في الليل كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إنكم تودعون كل يوم غاديا إلى الله ورائحا والعجب من نفوسنا أننا نشاهد هؤلاء الناس يموتون ويذهبون وكأنا لم يكتب علينا الموت نشاهدهم كانوا معنا على الأرض يأكلون ويشربون ويتمتعون ثم يكونون بين أيدينا جثثا هامدة ونحن كذلك ولكن كأن الموت يتعدانا إلى غيرنا وكأنا لم يتعد غيرنا إلينا وهذا من الغفلة ولهذا جاء في حديث أبي هريرة اكثروا من ذكر هاذم اللذات الموت هاذم أي قاطع اللذات يعني لذات الدنيا الموت وهذا الحديث ضعفه بعض أهل اعلم لكن على تقدير انه حسن فالمراد بذلك أن تكثر من ذكر الموت لتستعد له لا لتكدر صفوك في الدنيا وتقول أنا سأموت لماذا اعمل ثم يضيق صدرك لا المراد إن صح الحديث اكثروا من ذكره أي من تذكره في نفوسكم من اجل أن تستعدوا له هذا هو المراد وهذا لا شك أنه ينبغي أن يتذكر الإنسان انه لن يخلد في الدنيا ولا يدري أيضا ماذا بقائه فيها قد يصبح صحيحا معافي ولا يمسي إلا في قبره أو بالعكس لذلك يجب أن(4/2)
نستعد للموت بالتوبة النصوح والإنابة إلى الله والرجوع إلى طاعته من معصيته والقيام بما أمر به تبارك وتعالى لانه ما أمر بشيء لحاجته إليه ولكن والله لمصلحتنا ومنفعتنا ورحمته بنا وإلا فإن الله يقول إن تكفروا فإن الله غني عنكم ويقول من كفر فإن الله غني عن العالمين وفي الحديث القدسي يقول يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا على افجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا لو كان الناس على افجر قلب رجل ما نقص شيء ولكن لمصلحتنا امرنا بما ينفعنا ونهانا عن ما يضرنا عز وجل ورغبنا في الخير وحذرنا من الشر حتى نقوم بطاعته اسأل الله أن يعينني وإياكم على ذكره وشركه وحسن عبادته أما الحديث الآخر الذي ساقه المؤلف حديث انس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به الإنسان بلا شك انه ليس في نعيم دائما في هذه الدنيا بل يكون يوما في نعيم ويما في غم وهم وكما قال الشاعر الحكيم
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر(4/3)
هكذا الدنيا الإنسان ربما يصاب بمصائب في نفسه في أهله في ماله في مجتمعه يصاب لا أحد يسلم من المصائب من الناس من لا يصبر يتمنى الموت لهذا الضرر الذي نزل به وهذا لا يجوز بل الواجب أن نقابل ما يحصل علينا من الضرر بالصبر والاحتساب احتساب الأجر من الله عز وجل وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب فإن كان لا محالة فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي يعني إن كان ولابد وعجز الإنسان عن الصبر فليدع بهذا الدعاء أحيني إن كانت قد تكون الحياة خيرا لك حتى مع هذه المصائب والبلايا كم من إنسان رفعه الله تعالى درجات بمصيبة أصابته فقل هذا فإن قال قائل أليست مريم وهي من القانتين قالت يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ألأيس هذا تمنيا للموت ؟ فالجواب لا ليس هذا تمنيا للموت بل هي تمنت أنها ماتت ولم تصب بهذه المصيبة فالتمنى عائد إلى المصيبة لا إلى البقاء وفرق بين أن يتمنى الإنسان انه لم يصب بهذه المصيبة بين أن يتمنى الموت بينهما فرق عظيم ومريم عليها السلام أصيبت بمصيبة عظيمة كانت بكرا لم يمسسها بشر فابتليت بولد وبين من بين بني إسرائيل العتاة الطغاة الذين يفرحون بشيء يعيبون به عباد الله فخافت إذا جاءت بولد بدون زوج خافت أن تتهم بالزنى وهكذا وقع اليهود يقولون إن مريم زانية والعياذ بالله وأن عيسى ليس برسول بل هو ابن زنى ابن بغي ولهذا قتلوه على حسب زعمهم وهم ما قتلوه وما صلبوه فخافت من العار لكن الله عز وجل أنجاها أنجاها بآية عجيبة لما عرضوا لها بالزنى وقالوا لها يا اخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا ) أمك ليس بغي ما هي بزانية وأبوك أما به سوء ولهذا قال بعض العلماء إن هذه الآية تشهد للحديث الضعيف أن من زنى زنى أهله لانهم قالوا ما كان أبوك امرئ سوء لو كان أبوك امرئ سوء يزني لزنيت أو كانت أمك بغي لزنيت لكنهما طاهران فمن أين هذا؟ ما أجابتهم ماذا صنعت ؟ عجيب(4/4)
أشارت إليه تقول اسألوا هذا قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا الطفل في المهد ما يتكلم فأجاب بكلام عجيب بليغ قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويم أموت ويم ابعث حيا كلام طويل منسق في غاية ما يكون من الإجادة حينئذ عرفوا أن الأمر خارق للعادة كما خرق هذا الصبي العادة في الكلام في هذا لانطق البليغ كذلك قد يأتي الحمل بدون زوج المهم ان قول مريم عليها السلام يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ليس هذا تمنيا للموت لكن تمنيا أنها لم تصب بهذه المصيبة قبل الموت وفرق بين تمني الموت وتمني السلامة من المصيبة بينهما فرق لكن قال بعض العلماء إذا حصل فتنة في الدين فلا باس أن يتمنى الإنسان الموت لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أردت بعبادك فتنة فاقبضي إليك غير مفتون ولكن هذا ليس بصحيح يعني ليس هذا القول بصحيح ولا الاستدلال بالحديث بصحيح لان قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - اقبضي إليك غير مفتون ينصب على قوله غير مفتون وليس ينصب على تعجل الموت بل إن أردت بعبادك فتنة فسلمني منها حتى أموت ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يتمنى الموت مطلقا لا لاجل فتنة في الدين ولا في فتنة في الدنيا ولكن يسأل الله السلامة والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الجنائز
536- وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه - عَنِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " اَلْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ " رَوَاهُ اَلثَّلَاثَةُ (???) وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (???) .(4/5)
537- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَا: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ (???) لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَالْأَرْبَعَةُ (???) .
538- وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " اقْرَؤُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/6)
هذه الأحاديث ساقها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام في بيان حال الإنسان عند الموت ولا شك أن الإنسان عند الموت يكون في أحرج ساعة من حياته لأنها هي الحد الفاصل بين السعادة والشقاوة فمن ختم له بخير في هذه اللحظة الرهيبة فهو من أهل الخير جعلني الله وإياكم منهم ومن ختم له بشر فهو من أهل الشر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الرجل ليعمل بعم لأهل الجنة حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها وهذا الحديث له شاهدان وقعا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أما الأول فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في عزوة وكان معه رجل شجاع مقدام لا يدع للعدو شاذة ولا فاذة إلا قضى لعيها فكان الناس يتعجبون منه لشجاعته وإقدامه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -إن هذا من أهل النار أعوذ بالله فعظم ذلك على الصحابة وقالوا إذا كان هذا من أهل النار فمن ينجو منها ثم قال رجل منهم والله لالزمنه يعني ألازمه انظر ماذا يختم له بأي شيء فقاتل الرجل فأصابه سهم أصاب هذا الشجاع سهم فغضب أن يكون بهذه المثابة من الشجاعة ويصيبه السهم فسل سيفه والعياذ بالله ووضعه على صدره واتكأ عليه حتى خرج من ظهره فقتل نفسه والعياذ بالله وقاتل نفسه في النار فرجع الرجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له اشهد أن لا اله إلا الله وانك رسول الله قال وبما قال إن الرجل الذي قلت بفيه كذا وكذا صار ختام حياته أن قتل نفسه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدوا للناس وهو من أهل النار والعياذ بالله اللهم احسن خاتمتنا هذا شاهد الشاهد الثاني رجل من بني عبد الاشهل كافر منابذ للدعوة النبوية لما سمع بغزوة أحد وسمع الناس يخرجون القى الله في قلبه الإيمان فامن(4/7)
وخرج يقاتل مع المسلمين واستشهد ورآه أصحابه في آخر رمق وقالوا يا فلان ما الذي خرج بك احدب على قومك أم رغبة في الإسلام وإني لأشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - واخبر انه من أهل الجنة وهو لمن يسجد لله سجدة لكن ألقى الله في قلبه الإيمان وختم له بخاتمة السعادة أسال الله أن يختم لي ولكم بخاتمة السعادة هذه الساعة ساعة رهيبة عظيمة هي الفاصلة يذكر أن الإمام احمد رحمه الله تعالى كان في ساعة الموت وكان يغمى عليه من سكرات الموت وكان يقول بعد بعد ولم يدروا ماذا يقول فلما افاق قيل له يا أبا عبد الله سمعناك تقول بعد بعد قال نعم كان الشيطان أمامي يعض أنامله ويقول فتني يا احمد يعني ما أدركت فتني يا احمد فقلت بعد بعد يعني أن الإنسان مادامت روحه في حسده فإنه عرضة للضلال والشقاء نعوذ بالله .(4/8)
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمن يموت بعرق الجبين لها معنيان المعنى الأول أن المؤمن يعمل ويكدح إلى أن يموت فيموت وهو عامل والعامل عادة يعرق من العمل والمعنى الثاني انه يشدد عليه الموت حتى يعرق جبينه لان الإنسان قد يتقاصر بحياته عن درجة الصابرين فإذا شدد عليه بالموت وصبر نال الدرجة العليا ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أصفى عباد الله واحب بني آدم له شدد عليه الموت تشديدا عظيما حتى أن يسكر ويغتم ويقول لا اله إلا الله إن لموت سكرات ومع ذلك هو أقوى الناس إيمانا بلا شك فالمؤمن يشدد عليه الموت حتى يعرق جبينه فلا تقل إذا شدد الموت على أخيك أو أبيك أو ابنك أن هذا دليل على الشقاء بل قد يكون دليل على الإيمان لان المؤمن يموت بعرق الجبين ومما ينبغي حال الموت أن يلقن الميت المحتضر لا اله إلا الله خصوصا إذا رأيت انه يريد أن يتكلم ولكن يعجز لقنه قل له قل لا اله إلا الله حتى إذا ختم له بها كان من أهل الجنة من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة ولكن هل يأمره يقول قل لا اله إلا الله أو يذكر الله عنده فقط حتى يسمع هذا ينبني على حال الإنسان عند الموت بعض الناس عند الموت يرزقه الله تعالى طمأنينة ولاسيما إذا بشر بالجنة فإنه يطمئن ويفرح ويسر كما قال الله تعالى إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة الذي كنتم توعدون يبشرونهم بالجنة قبل أن تخرج أرواحهم من أبدانهم نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ا تدعون نزلا من غفور رحيم ) حينئذ تستبشر النفس وتخرج من بدنها الذي الفته مدة الحياة تخرج سهلة منقادة كأنما تسل الشعرة من العجين من سهولة الموت عليها مع مشقته المهم إذا كان الإنسان في حال طمأنينة فلا باس أن تقول يا فلان قل لا اله إلا الله أما إذا رايته ضيق الصدر وخفت إذا قلت قل لا(4/9)
اله إلا الله أن تأخذه العزة بالإثم ويقول لا وهذا خطر عظيم هذا يكفي أن تقول عنده لا اله إلا الله حتى يسمع وقد حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - وفاة عمه أبي طالب الذي كان يدفع عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويقول في قصيدته اللامية المشهورة
لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل
ويقول
ولقد علمت بان دين محمد من خير أديان البرية دينا
وله مقاماته الشهيرة في الدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حضرته الوفاة كان عنده الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعنده رجلان من قريش فقال له يا عم قل لا الله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فإذا هم أن يقولها وإذا بجانبه جلساء السوء قالا له أترغب عن ملة عبد المطلب فكان آخر ما قال بل على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا اله إلا الله فمات على الكفر فهنا قال له الرسول لانه إن قالها كفته وإن لم يقلها فهو كافر من اصله لكنه أبى أن يقولها فمات فكان من أهل النار ولكن من اجل غنائه بالإسلام ودفاعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - آذن الله جل ولعا لرسول أن يشفع له ولم يأذن له أن يشفع لكافر أبدا إلا لهذا آذن الله تعالى أن يشفع له فكان في ضحضاح من نار عليه نعلان يغلي منهما دماغه والعياذ بالله وهو أهون أهل النار عذابا ويرى انه أشدهم عذابا لان لو يرى انه أهونهم لهان عليه الأمر وتسلى بذلك لكن يرى انه اشدهم أما أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - استأذن من الله أن يستغفر لامه فابى الله أن يستغفر لها أمه أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - استأذن من الله أن يستغفر لها قال لا قال يا رب ازور قبرها فإذن الله له لكنه زار قبرها ولم يستغفر لها وجعل يبكي - صلى الله عليه وسلم - وأبكى الصحابة الذين معه لكن لماذا ما آذن الله أن يستغفر لامه لأنها ماتت على الكفر والله عز وجل لم يحابي أحدا(4/10)
إن أكرمكم عند الله اتقاكم فلم يأذن له لان الله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم هذه أم الرسول والسائل من اله أن يستغفر لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأبى الله عليه وبعد الظهر اليوم اتصل بي في الهاتف من يقول إن بعض الناس يدعوا بالرحمة لديانا امرأة من الإنجليز ماتت يقول يدعوا لها ويبكي فنقول هذا حرام وهو نوع من ولاية الكفار ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ولا يحل لاحد أن يدعو لها بالرحمة أبدا ومن فعل ذلك فهو أثم خارج عن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين ما كان للنبي والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) عشيقها الذي كان معها مسلم في الديانة والله اعلم بما في قلبه لكنه جهز بالأمس وصلى عليه في المسجد صلاة الجنازة لكن هذه ما صلي عليها هذا جاءت في الكنيسة وصلوا عليها صلاتهم التي يعرفونها وهي عند الله مردودة غير مقبولة المهم يا أخواني الحديث خرج عن الموضوع لكن لعل فيه خير إن شاء الله تعالى المهم المشرك لا يجوز لأحد أن يدعو له بالرحمة أبدا فإن قال قائل وهل يجوز أن يدعو له بالنار واللعنة ؟ نقول لا لا تدع له بالنار ولا باللعنة هو من أهل النار سواء دعوت أو لم تدع ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تسبوا الأموات وهذا عام فإنهم أفضوا إلى ما قدموا لانه أن كانوا من أهل الخير لا تضرهم وإن كانوا من أهل الشر فهي حقت عليهم فلا حاجة لهذا ولا لهذا المهم نقول تلقين الميت إذا حضر اجله إن كان يتحمل فقل قل لا اله إلا الله تدخل الجنة وما أشبه ذلك وإن كان لا يتحمل عرفت انه في ضيق صدر عظيم فاذكر الله عنده لعله يتذكر قال العلماء وإذا لقنه ثم عاد فتكلم يلقنه ثانيا لماذا ؟ إذا لقنه ثم عاد وتكلم كلام غير لا اله إلا الله يلقنه(4/11)
ثانيا حتى يكون آخر كلامه لا اله إلا الله وثالثة حسب ما يكون الأمر .
أما الحديث الثالث فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اقرءوا على موتاكم يس والقرآن الحكيم سورة عظيمة ولعلنا إن شاء الله نتكلم عليها في الدرس المقبل لكن إذا علمت أن الرجل فاقرأ عليه يس وظاهر الحديث انك تقرأها بنفسك لان فيها ذكر الجنة والنار والنفخ في الصور وفيها أشياء تليق بالمقام لكن هذا الحديث ضعفه بعض العلماء وقال إن ضعيف فلا يعمل به والله اعلم
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الجنائز
539- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " دَخَلَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبِي سَلَمَةَ - رضي الله عنه - وَقَدْ شُقَّ بَصَرُهُ ( } رمضان { ) فَأَغْمَضَهُ, ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اَلرُّوحَ إِذَا قُبِضَ, اتَّبَعَهُ الْبَصَرُ" فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ, فَقَالَ: "لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ. فَإِنَّ اَلْمَلَائِكَةَ تُؤَمِّنُ عَلَى مَا تَقُولُونَ". ثُمَّ قَالَ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ, وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي اَلْمَهْدِيِّينَ, وَافْسِحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ, وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ, وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ ([10]) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/12)
هذا الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها ساقه المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب الجنائز وأم سلمة هي إحدى أمهات المؤمنين تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أبي سلمة وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال ما من أحد يصاب بمصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها إلا اجره الله في مصيبته واخلفه خيرا منها فكانت أم سلمة تقول لما مات أبو سلمة وهو ابن عمها واحب الناس إليها تقول من خير من أبي سلمة فما انتهت عدتها من موت أبي سلمة حتى خطبها النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا لها من أبي سلمة وقد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده كعادته - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يعود المرضى من أصحابه ويزور الأصحاء تحببا وتودا إليهم لانه - صلى الله عليه وسلم - احسن الناس خلقا دخل على أبي سلمة رضي الله عنه وقد شق بصره أو شًََُُُق بصره يعني شخصت عينه وهذا يعني انه مات فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الروح إذا قبض اتبعه البصر يعني الإنسان إذا مات فإنه يشاهد نفسه خارجة من بدنه وينظر إليها وتشخص عينه لأنها تبقى حياة كثيرة في العين بعد مفارقة الروح لما قال - صلى الله عليه وسلم - إن الروح إذا قبض تبعه البصر علم من في البيت أن الرجل قد مات فضجوا فقال - صلى الله عليه وسلم - لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير لان أهل الجاهلية إذا مات الميت منهم يقولون يا ويلاه يا ثبوراه وانقطاع ظهراه وما أشبه ذلك من ألفاظ الندب والثبور والعياذ بالله قال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون يعني إذا دعا الإنسان في هذه الحال في تلك المصيبة في الصدمة الأولى فإن الملائكة تقول آمين وتأمين الملائكة على الدعاء حري بان يجاب ثم اغمض النبي - صلى الله عليه وسلم - عينيه أي عيني أبي سلمة فيؤخذ من هذا انه يسن لمن حضر الميت وشخص بصر الميت أن(4/13)
يغمض عينيه ما دام حارا لانه إذا برد تصلبت الأعضاء وتصلب الجلد وبقى شاخص البصر فأغمضهما وقال - صلى الله عليه وسلم - هذه الأدعية العظيمة قال اللهم اغفر لأبى سلمة دعا له بالمغفرة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حري بالإجابة اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين يعني ارفع درجته في الجنة في جملة المهديين من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وافتح له في قبره أي وسع قبره لان القبر ضيق من الناحية الحسية إذا هو حفرة بقدر جسد الميت لكنه يوسع للإنسان المؤمن وسع الله قبورنا وقبوركم وافتح له في قبره يعني وسع ونور له فيه لان القبر من الناحية الحسية مظلم ما فيه فرجة على الفضاء مظلم لكن الله تعالى ينوره بالعمل الصالح واخلفه في عقبه يعني كن خليفة له في عقبه زوجنه وذريته فلننظر هذه خمس جمل من الدعاء الأولى اللهم اغفر لابي سلمة والثانية ارفع درجته في المهديين والثالثة أفسح له في قبرة والرابعة نور له فيه والخامسة اخلفه في عقبه الذي في الدنيا علمنا به فن الله تعالى خلفه في قعبه لان أبا سلمة خلفه في عقبه افضل البشر وسيدهم محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج أم سلمة وصار أولاد أبي سلمة في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا من اعظم ما يكون خليفة أن يكون خليفة الرجل في أهله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما الأربع الأخرى هي عند الله تعالى لا نعلم لكننا نرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحظى الناس بإجابة دعائه فنسأل الله تعالى أن يغفر لابي سلمة وان يرفع درجته في المهديين وان ينور له في قبره وان يفسح له فيه إنه على كل شيء قدير يؤخذ من هذا الحديث انه ينبغي لمن حضر الميت أن يغمض عينيه وان يدعو له بمثل هذا الدعاء خمس جمل يقول اللهم اغفر لفلان وارفع درجته في المهديين وافسح له في قبره ونور له فيه واخلفه في عقبه والله الموفق .(4/14)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
540- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
541- وَعَنْهَا " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اَلصِّدِّيقَ - رضي الله عنه - قَبَّلَ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَوْتِهِ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/15)
هذان الحديثان ذكرهما المؤلف ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب البلوغ في كتاب الجنائز عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توفي سجي ببردة حبرة يعني سجي بثوب أي غطي وهذا يدل على انه ينبغي إذا مات الإنسان قبل أن يجهزوا تغسيله أن يغطى بثوب لا يكون ثقيلا ولا خفيفا يرواي وجهه حتى يستعدوا لتجهيز الماء لتغسيله وغير ذلك لان النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل به هكذا وهذا يدل على أن هذا كان من عادتهم وإذا كان من عادتهم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - صار سنة أما الحديث الثاني ففيه جواز تقبيل الميت بعد موته لان أبا بكر رضي الله عنه فعل هذا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مُرضَ مَرض موته نحو اثني عشر يوما وفي ذلك اليوم الذي مات فيه كان احسن ما يكون وأطيب ما يكون فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى بستان له خارج المدينة لانه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - طيبا ولكنه ما ارتفع النهار حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات وماج الناس واضطربوا وحصل شيء عظيم قال انس رضي الله عنه قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأضاء له كل شيء ولما مات اظلم منها كل شيء اضطرب الناس وأرسلوا إلى أبي بكر واخبروه وكان بلا شك اعظم الناس مصيبة بفقد النبي - صلى الله عليه وسلم - لان أبا بكر هو أخص أصحابه به وهو احب أصحابه إليه رضي الله عنه فجاء مطمئنا مترسلا حتى خل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مغطى بهذه البردة وقال له بابي أنت وأمي طبت حيا وميتا يعني أنت طيب في الحياة وبعد الممات ثم قبله رضي الله عنه وغطاه وخرج إلى الناس وهم في المسجد قد ضاقت بهم الأرض وكان فيهم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يمت وإنما صعد فليبعثه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم من خلاف نسوا الآيات الواردة في هذا من شدة ما وقع بهم من الأسى(4/16)
والحزن فجاء أبو بكر رضي الله عنه وصعد المنبر وقال كلمته المشهورة التي جدير أن تكتب بماء الذهب وقبل أن يصعد على المنبر قال لعمر يا أيها الرجل على رسلك يعني خفف ولا تتكلف هذه الكلفة ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه وقال أما بعد يا أيها الناس من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت رضي الله عنه كلمات عظيمة في هذا الموقف العظيم في هذا الحزن والشدة ثم تلا قوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ) وقرأ وإنك ميت وإنهم ميتون ) قال عمر فوالله ما قرأها حتى عقلت فما تقلني رجلاي أثرت فيه المصيبة وعلم أنها حق ثم خرج الناس من المسجد يتلون هذه الآيات إنك ميت وإنهم ميتون وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ثم بقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيته وجعل الناس يصلون عليه أر تالا رجالا ونساءا بدون أمام لانهم كرهوا أن يؤمهم أحد بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبقي على هذا حتى تمت البيعة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه ودفنوه ليلة الأربعاء وهو قد مات يوم الاثنين وأخروا دفنه لئلا تبقى أمة محمد بلا أمام ولا سلطان حتى اتفق رايهم على أبي بكر رضي الله عنه فبايعوه بالخلافة وحينئذ دفونا النبي - صلى الله عليه وسلم - الشاهد من هذا أن أبا بكر رضي الله عنه حين دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مغطى كشف عن وجهه وقبله فدل هذا على انه يجوز تقبيل الميت بعد موته والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
542- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " نَفْسُ اَلْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ, حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (????) .(4/17)
543- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ فِي اَلَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَاتَ: " اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الجنائز عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه والدين هو كل ما يدخل في الذمة من ثمن مبيع أو قرض أو اجره أو قيمة مثله أو غير ذلك كل ما ثبت في ذمة الإنسان فإنه دين وإذا مات الإنسان وجب على ورثته أن يبادروا بقضاء دينه حتى قال أهل العلم يقضى دينه قبل دفنه بمعني انه يحصر أهل الدين ويؤتى بهم ويعطون ديونهم قبل أن يدفن ولكن لا يؤخر الدفن من اجل ذلك بل يعجل الدفن ويعجل قضاء الدين ولهذا قال العلماء يجب على الورثة أن يسرعوا في قضاء دين الميت وذلك لان الورثة ليس لهم حق في المال إلا بعد الدين يعني ليس لهم حق إذا كان مال الإنسان مليون ريال مثلا فليس لهم من هذه المليون ولا قرش واحد إلا إذا قضوا الدين لان الله تعالى من بعد وصية يوصى بها أو دين وما يوجد من تهاون بعض الورثة في قضاء دينه فإنه بلا ك عدوان على الميت ومخالفة لما يجب عليهم من المبادرة لقضاء الدين واعلم أن الدين أمره عظيم وخطره جسيم والتهاون به غلط عظيم وبعض الناس ولاسيما الشباب أغراهم البيع بالتقسيط في الوقت الحاضر حيث انهم يأخذون السيارة الفخمة بالتقسيط كل شهر ألف أو ألف واكثر ويتساهلون في هذا فتتوالى عليهم الديون وصاحب الدين لابد أن يأخذ حقه فيؤدي ذلك غدا إلى حبسهم وعزلهم وإيذائهم وهم في غني عن هذه الديون ثم إذا ماتوا صار الدين متعلقا بأنفسهم نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه بل إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي على الإنسان الذي عليه الدين(4/18)
إذا لم يكن له وفاء
وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما فهو في قصة الرجل الذي مات في عرفة وهو حاج رضي الله عنه سقط من على راحلته فمات فأتوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتونه ماذا يصنعون بهذا الرجل الذي مات وهو محرم فقال اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ولا تخمروا رأسه ولا تحنطوه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا يعني يخرج من قبره يقول لبيك اللهم لبيك ففي هذا الحديث فوائد كثيرة منها أن الحوادث المركوبات موجودة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى في عهد الرسول الحوادث موجودة يسقط الإنسان من على راحلته أو تعثر به أو ما أشبه ذلك فيموت ومنها جواز الاستفتاء والفتوى في حال الوقوف بعرفة ومنها أن الميت إذا مات وهو محرم فإنه يغسل بماء وسدر الماء ظاهر والسدر هو عبارة عن أوراق السد اليابسة تدق ثم توع في قدر ويصب عليها الماء ثم تضرب باليد حتى يرغي السد ويكون له رغوة فتؤخذ الرغوة ويغسل بها راس الميت ولحيته ويغسل بالتفل ما بقي من بدنه ففي هذا دليل على أن تغسيل الميت فرض لكنه فرض كفاية لقوله اغسلوه بما وسدر ومنها أن الماء المتغير بالشيء الطاهر يبقى على طهوريته وهو دليل على أن تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام طهور وطاهر ونجس تقسيم لا اصل له ولا دليل له والصواب أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط هما الطهور والنجس فقط أما الطاهر فلا وجود له في الشريعة وفيه أيضا أن الميت إذا مات لا يكفن بكفن جديد بل يكفن بإزاره وردائه لانه مات وهي عليه فيكفن به وما قد يفعل الآن من كونهم يخلعون ثياب الإحرام عن الميت ويكفونه بثياب أخرى غلط بل يكفن في نفس الإحرام لانه سوف يبعث يوم القيامة ملبيا ومثله الشهيد إذا قتل في سبيل الله تعالى وعليه ثياب فإن ثيابه لا تنزع يكفن في ثيابه لكن الشهيد لا يغسل ولا يصلي عليه لكن الميت حال الحج يغسل ويصلى عليه ومن الفوائد انه لا يجوز أن يغطى راس المحرم لقوله - صلى الله عليه وسلم - لا تخمروا(4/19)
رأسه وهذا إذا كان رجلا أما إذا كانت امرأة فيغطى ومنها أن المحرم لا يجوز أن يتلبس بالطيب لقوله - صلى الله عليه وسلم - ولا تحنطوه والحنوط هي أطياب تخلط ويطيب بها الميت ومنها أن الميت إذا مات وهو محرم فإنه لا يكمل عنه النسك خلافا لما قاله بعض العلماء بأنه إذا مات يقضى ما عليه فهذا قول لا دليل عليه بل الدليل على خلافه أن الميت إذ مات لا يقضى عنه ما بقي ونحن إذا قضينا عنه ما بقي أسأنا إليه إسأة كبيرة لأننا إذا قضينا عنه ما بقى استحل التحلل والثاني فلا يبعث يوم القيامة ملبيا لانه لا يبعث ملبيا إلا إذا مات محرما ومن الفوائد أيضا انه يجب على من أشكل عليه شيء أن يسأل العلماء وان لا يتبع رأيه لان بعض الناس يتبع رأيه بل إذا أشكل عليك شيء لابد أن تسأل العلماء لان الله أمرك بهذا بقوله فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سيق الأحاديث في كتاب الجنائز
544- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " لَمَّا أَرَادُوا غَسْلَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا: وَاَللَّهُ مَا نَدْرِي, نُجَرِّدُ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا, أَمْ لَا?….. " اَلْحَدِيثَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ (????) .(4/20)
545- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " دَخَلَ عَلَيْنَا اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: "اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا, أَوْ خَمْسًا, أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ, بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا, أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ"، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ, فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ.فَقَالَ: "أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ" " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
وَفِي رِوَايَةٍ: " ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ اَلْوُضُوءِ مِنْهَا " (????) .
وَفِي لَفْظٍ ِللْبُخَارِيِّ: " فَضَفَّرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ, فَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا " (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/21)
هذان الحديثان من الأحاديث التي ساقها ابن حجر رحمه الله تعالى في كتاب الجنائز من كتاب بلوغ المرام الأول عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما توفي سبق انهم سجوه يعني غطوه - صلى الله عليه وسلم - ببرد في حبره في ثيابه ولما أرادوا أن يغسلوه أشكل عليهم فقالوا أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نجرد موتانا يعني هل نخلع ثيابه ونغسله كما نخلع ثياب الأموات أم نحترمه - صلى الله عليه وسلم - ونغسله في قميصه لكن الله هداهم فغسلوه في قميصه ولم يجردوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلم من هذا الحديث أن من عادة الصحابة رضي الله عنهم في عهد نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - أنهم إذا أرادوا أن يغسلوا الميت خلعوا ثيابه لكن قال العلماء يجب أن يكون على عورته ثوب يعني يغطى بشيء يستره العورة المغلظة كالقبل والدبر لابد أن يكون عليها شيء يسترها فإذا أردنا أن نغسل ميت وضعنا هذه الخرقة ولففناها على عورته المغلظة على قبله ودبره وخلعنا ثيابه ثم غسلناه وإذا أرد المغسل أن ينظف فرجه جعل على يديه خقة على يد المغسل ودلك بها فرجة من وراء الستارة يدلك فرجه والدبر لئلا ينظر إلى عورته لأنها عورة مغلظة ثم بعد ذلك يغسله كما في حديث أم عطية رضي الله عنها وهي امرأة من الأنصار تغسل النساء في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ماتت ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب جعلن يغسلنها قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها وعلى هذا فإذا غسلنا فرج الميت وضأناه لكن المضمضة والاستنشاق لا نضع الماء في فمه وفي انفه لأنه لو وضع في فمه وفي انفه ربما ينحدر إلى بطنه ويحرك أمعائه وينزل منه شيء لان الميت ليس له أراده يستطيع أن يمنع أو يدفع فلا يصب في فمه ماء ولا في انفه ولكن تبل خرقة ثم يدلك الغاسل أسنانه ولثته ولسانه عوضا عن المضمضة الاستنشاق أيضا يبل خرقه وينظف بها(4/22)
منخريه ولا يدخل الماء فيها لانه كما قلت لكم إذا دخل الماء إلى جوفه ويخرج من أمعائه ثم بعد ذلك يغسل وجهه ثم يديه إلى المرفقين من الأصابع إلى المرفقين ثم رأسه يمسح أو يغسل والغسل هنا أولى لانه كالغسل من الجنابة فيغسل رأسه ثم رجليه ثم بعد ذلك يفيض الماء على بقية البدن ولكن هذا الماء هل يكفي مرة أو مرتين أو ثلاث نقول مرة واحدة تكفي لكن الأفضل أن ينظف الجسم تماما فإذا لم ينظف تماما من المرة الأولى غسل الجسم ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وعاشرة حتى ينقى تماما ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - للنساء الآتي يغسلن ابنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا كما في رواية البخاري أو اكثر من ذلك عن رأيتن ذلك يعني إن كان الأمر يلزم فاغسلنها حتى تنظف تماما قال اغسلنها بماء وسدر السدر قال العلماء يخلط بالماء يعني يدق تدق أوراق السدر وتوضع في الماء ثم يضرب الماء باليد حتى تكون له رغوة الرغوة هذه يغسل بها الرأس والبقية التي تتبقى بالماء وهي تستقر في الإناء يغسل بها بقية البدن لان ذلك انظف قال ويجعل في الغسلة الأخيرة كافور وهو نوع من الطيب معروف ابيض يشبه الشبة يدق في آخر غسلة ويجعل في الماء لانه يصلب البدن وله رائحة طيبة تطرد الهوام إذا وضع في القبر وكان فيه هوام نمل أو غيره فإن هذه الرائحة تطرده قال - صلى الله عليه وسلم - وأجعلن في الغسلة الأخيرة كافوا أو قال شيئا من كافور ثم قال لهن - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغتن فآذنني يعني أعلمنني هن فعلن فعلن كما أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بدان بميامنها ومواضع الوضوء منها وتقول أم عطية ضفرنا شعرها ثلاثة قرون والقيناها خلفها يعني شعر الرأس جدلنه حتى صار ثلاث قرون وجعلنه خلفها فدل هذه على انه ينبغي أن يضفر أيضا شعر المرأة ثلاثة قرون ما يخلي الشعر هكذا بدون أن يضفر بل يضفر ثلاث جدايل ويكون من وراء المرأة كما فعلت أم عطية رضي الله عنها فلما فرغن من(4/23)
غسل بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها اخبرن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعطاهن حقوه يعني إزاره الذي يلي جسده وقال أشعرنها إياه يعني لفوه عليها مباشرة وذلك تبركا بحقوه - صلى الله عليه وسلم - فدل هذا على أن الذي يلي غسل المرأة امرأة ولا يلي غسل المرأة رجل أبدا حتى لو كان اباها أو ابنها أو عمها أو خالها أو غيره من محارمها لا يغسلها إلا الزوج فإن الزوج يغسل امرأته وهي تغسله لقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) إلا أن العلماء رحمهم الله قالوا إن من دون سبع سنين الطفل إذا مات وله دون السبع فإنه يجوز أن تغسله المرأة وإن كان ذكرا أو يغسله الرجل وإن كانت أنثى أما ما فوق السبع فلا يغسل المرأة إلا امرأة ولا الرجل إلا رجل إلا الزوجين فيغسل كل واحد منهما الآخر ولكن إذا لم يكن هناك رجل وماتت امرأة ولنفرض أن امرأة ماتت مع قوم في البر وليس معهم امرأة فإنها لا تغسل بل تيمم يعني يضرب الرجل يديه في التراب ويمسح به وجه المرأة وكفيها وقيل إذا كان معها رجال من المحارم فلا باس لكن بدون مس وبدون كشف للبدن فيصب عليها الماء صبا ويعم جميع البدن ويكتفى بذلك لكن المشهور عند الفقهاء رحمهم الله أن الرجل لا يغسل المرأة ولو كان من محارمها والمرأة لا تغسل الرجل ولو كانت من محارمه إلا الزوجين فيغسل أحدهما الآخر وفي هذا الحديث دليل على أن الميت يغسل ويكرر غسله حسب الحاجة فالميت إذا مات وهو في حال صحة جيدة كما لو مات في حادث أو بغتة وهو ممن يتنظف ويراعي نظافته هذا ربما يكفيه غسلة واحدة أو ثلاث لكن إذا كان رجلا كثير الوسخ كالعامل مثلا أو كان مريضا طال مرضه فهذا يكثر عليه الماء ويكرر عليه إلى أن ينظف جسمه تماما ومن فوائد الحديث أن المرأة يضفر شعرها ثلاثة قرون ويجعل من ورائها كما فعلت النساء في بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه دليل على أن الرجل لا يحضر(4/24)
تغسيل ابنته ولو كان أباها لان النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يحضر تغسيل ابنته بل ذهب عنهن وقال إذا فرغتن فاخبريني زفيه دليل على رافة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأولاده حيث كفنها في إزاره - صلى الله عليه وسلم - وفيه أيضا دليل على التبرك بثياب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد كان الصحابة يتبركون بعرقه وبفضل وضوئه ويتبركون بثيابه ويتبركون بكل ما يتصل به - صلى الله عليه وسلم - أما غير النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يتبرك به يعني إنسان من علم واعبد الناس واتقى الني فلا يجوز أن يتبرك بثيابه ولا عرقه ولا ريحه ولا التمسح به ولا غير ذلك التبرك بهذه الأمور خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقط والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتاب الجنائز
546- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " كُفِّنَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ, لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ. " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
547- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: " لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ جَاءٍ اِبْنُهُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ, فَأَعْطَاه ُ]إِيَّاهُ] " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
548- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ, فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ, وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَصَحَّحَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/25)
هذه الأحاديث ذكرها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام في كتاب الجنائز منها حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة هذا الكفن واجب يعني يجب على المسلمين أن يكفنوا موتاهم بثوب يستر جميع البدن ليس محرما ولا مغصوبا ولا محلا بذهب أو فضة المهم أنها لفافة يباح استعمالها والواجب فيه ثوب يستر جميع الميت من رأسه إلى إبهام رجله لكن السنة والأفضل أن يكون ثلاثة أثواب يلف بعضها على بعض فيوضع الميت عليها ثم يلف طرف اللفافة العليا على الميت من اليمين والشمال ثم طرفها الوسطى من اليمين والشمال ثم طرف اللفافة السفلي من اليمين والشمال وتربط وجعل اكثر الفاضل على رأسه وإن لم يفضل شيء فإنه يشد من عند رأسه ومن عند رجليه وإذا وضع في القبر حلت العقد فصار الكفن واجب فرض كفاية والواجب منه ما يستر الميت كله والأفضل أن يكون بثلاث لفائف كما فعل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقولها رضي الله عنها بيض فيه دليل على الأفضل أن يكفن الميت في الأبيض سواء كان رجلا أو امرأة وقوله من كرسف أي من قطن وهذا ليس بواجب يعني لو كفن بلفائف من الصوف فلا باس لكن الكرسف احسن لانه من القطن وهو ابرد على الميت بخلاف الصوف وفي قولها ليس فيها قميص ولا عمامة دليل على انه لا يسن أن يوضع مع الكفن قميص ولا عمامة لا عمامة تشد على الرأس ولا قميص له أكمام وإنما هي لفائف يلف بعضها على بعض كما بينا وظاهر السنة انه لا فرق بين الرجل والمرأة وان المرأة تكفن بثلاث ثياب كالرجل وأما ما وري أن المرأة تكفن بإزار وخمار وقميص ولفافتين فهذا ضعيف وعلى هذا فلا فرق بين الرجال والنساء الواجب ثوب واحد يستر جميع الميت والأفضل ثلاثة أثواب كما سمعتم ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن عبد الله ابن عبد الله ابن أبي لما مات أبوه عبد الله بن أبي طلب من النبي - صلى الله عليه وسلم -(4/26)
قميصه ليكفن أباه به فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك عبد الله بن أبي الأب وليس الابن هذا راس المنافقين وهو اكبر المنافقين وأشدهم إياذائا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمنافقون كما نقرأ في كتاب الله في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا ولا ينفعه قميص الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا دعاء الرسول إن دعا له ولا صلاته إن صلى عليه بل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي أن يصلي على المنافقين فقال الله تعالى له ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) فإن قال إنسان إذا لماذا يعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - قميصه لعبد الله بن عبد الله بن أبي ن سلول ليكفن أباه به؟ قلنا لاسباب منها أن عبد الله الابن من خيار المؤمنين سبحان من بيده ملكوت كل شيء الأب من اشد الناس إيذائا للرسول وأعظمهم نفاقا والابن من خيار الصحابة رضي الله عنه وكان من عادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - انه لا يسأل شيئا إلا أعطاه إياه فسأله هذا الرجل الصحابي الذي هو من احسن الصحابة وخيارهم سأله قميصه أن يكفن فيه أباه فأعطاه إياه والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن هذا لا ينفع أباه إذاَ ليس فيه إحسان إلى الأب لانه لن ينتفع بذلك ولكن فيه إحسان إلى الابن جبرا لخاطره وإجابة لطلبه وقيل أن أيضا أن عبد الله بن أبي المنافق لما استشهد حمزة بن عبد المطلب وكان الحمزة رضي الله عنه رجلا ضخما فلم يجدوا شيئا يكفنوه به ويستروه كله إلا ثوب عبد الله بن أبي فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكافئه لكن هذا ليس بصحيح بل الصحيح ما ذكرناه أن هذا القميص لن ينفع عبد الله المنافق وان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أجاب ابنه لانه من خيار المؤمنين وكان - صلى الله عليه وسلم - لا يرد سألا سأله لحسن خلقه وكرمه - صلى الله عليه وسلم - لكن في هذا الحديث دليل على انه يجوز أن يكون الكفن قميصا ولا باس به وفيه أيضا دليل(4/27)
على التبرك بلباس الرسول - صلى الله عليه وسلم - أي بما يمس بدنه من قميص أو إزار أو غير ذلك وسبق أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطى مغسلات ابنته حقوه وقال أشعرنها إياه أما الحديث الأخير أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر بلباس البياض وان يكفن فيها الموتى وقال إنها من خير ثيابكم فذلك لان الأبيض جميل ناصع نور مضيء فكان افضل من غيره فإذا تيسر لك أن لا تلبس إلا الأبيض فهذا هو الأبيض ولكن لا باس أن تلبس غيره فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبس العمامة السوداء وكان - صلى الله عليه وسلم - يلبس الحلة المعلمة بأحمر ولا باس به البس ما تيسر لكن إذا صار عندك شيء ابيض وغير ابيض فالأبيض احسن
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
49- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
550- وَعَنْهُ قَالَ: " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ اَلرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحَدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ, ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ?", فَيُقَدِّمُهُ فِي اَللَّحْدِ, وَلَمْ يُغَسَّلُوا, وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (????) .
551- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: " سَمِعْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَا تُغَالُوا فِي اَلْكَفَنِ, فَإِنَّهُ يُسْلُبُ سَرِيعًا" " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/28)
هذه أحاديث ذكرها الحافظ في بلوغ المرام فيما يتعلق بالكفن وقد سبق بيان ذلك لكن الأحاديث التي ذكرها في هذا اليوم منها أن الإنسان ينبغي له إذا كفن أخاه أن يحسن كفنه وإحسان الكفن له معنيان المعنى الأول أن يختار احسن ما يكون وهو الأبيض النظيف الجديد والثاني أن يكفنه على الوجه المشروع وقد سبق بيان ذلك أما الحديث الثاني فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع الرجلين والثلاثة في ثوب واحد من شهداء أحد ولم يغلوا ولم يصل عليهم أحد جبل معروف في شمالي المدينة
الشريط الثامن عشر
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
49- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
550- وَعَنْهُ قَالَ: " كَانَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ اَلرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحَدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ, ثُمَّ يَقُولُ: "أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ?", فَيُقَدِّمُهُ فِي اَللَّحْدِ, وَلَمْ يُغَسَّلُوا, وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (????) .
551- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: " سَمِعْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لَا تُغَالُوا فِي اَلْكَفَنِ, فَإِنَّهُ يُسْلُبُ سَرِيعًا" " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/29)
هذه أحاديث ذكرها الحافظ في بلوغ المرام فيما يتعلق بالكفن وقد سبق بيان ذلك لكن الأحاديث التي ذكرها في هذا اليوم منها أن الإنسان ينبغي له إذا كفن أخاه أن يحسن كفنه وإحسان الكفن له معنيان المعنى الأول أن يختار احسن ما يكون وهو الأبيض النظيف الجديد والثاني أن يكفنه على الوجه المشروع وقد سبق بيان ذلك أما الحديث الثاني فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع الرجلين والثلاثة في ثوب واحد من شهداء أحد ولم يغسلوا ولم يصل عليهم أحد جبل معروف في شمالي المدينة وهو حصل فيه وقعة اشتبك فيها المسلمون والكفار وكانت الدولة والغلبة في أول الأمر للمسلمين حتى أن الكفار ولوا الأدبار وذهبوا وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من حسن ترتيبه في الجهاد قد جعل خمسين رجلا على جبل من اجل أن يحمي ظهور المسلمين عن الكفار وقال لهم لا تبرحوا عن مكانكم إلا تنزلوا سواء كانت الدائرة لنا أو علينا ولما انكشف المشركون وولوا الأدبار وصار المسلمون يجمعون الغنائم نزل بعضهم ليجمع الغنائم مع المسلمين يساعدهم عليها فتذكرهم أميرهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تبرحوا عن مكانكم لكنهم أصروا على النزول فنزلوا فلما تخلى الجبل عنهم من وراء المسلمين كر فرسان المشركين على المسلمين من خلفهم واختلطوا بهم وحصل ما حصل من الهزيمة واستشهد من المسلمين في ذلك اليوم سبعون رجلا من نحو ستمائة رجل وكسرت رباعية النبي - صلى الله عليه وسلم - وشج وجهه وحصل من البلاء ما لا يتصوره الإنسان والمسلمون قد اثخن فيهم الجراح وتعبوا والشهداء سبعون رجلا فشق عليهم أن يجمعوا لكل إنسان كفنا وان يحفروا لكل إنسان قبرا فصاروا يجمعون الاثنين والثلاثة في لفافة واحدة وعليهم ثيابهم ثم يضعونهم في قبر واحد فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم - انظروا أكثرهم قرأنا فيقدمونه يجعلونه الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه ولم يغسلوا ولم يصلى عليهم لان تغسيلهم يوجب أن(4/30)
تزول دمائهم ودمائهم الأفضل أن تبقى عليهم وقال بعض العلماء يجب أن تبقى عليهم لان دمائهم طاهرة وهم إذا بعثوا يوم القيامة يبعثون وجروحهم تنزف دما اللون لون الدم والريح ريح مسك فلذلك لم تغسل ثيابهم ولا أبدانهم ولم يصلى عليهم لان الصلاة شفاعة للميت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه فالمصلون على الجنازة شفعاء لها عند الله عز وجل يدعون لها بالرحمة وهؤلاء الشهداء رضي الله عنهم قد كفر الله عنهم كل شيء إلا الدين فلا يحتاجون إلى شفاعة ولهذا إذا صلي على الميت وعليه دين وقبل الله تبارك وتعالى دعاء المصلين له فإن الدين لا يغفر ولا تنفع فيه الصلاة على الجنازة حتى يقضى الدين كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يترك الصلاة على الأموات إذا كان عليهم ديون ليس لها وفاء ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها أن الشهيد لا يصلى عليه وانه يدفن في مصرعه لان شهداء أحد دفنوا في مكان استشهادهم حتى أن بعضهم نقلوا إلى المدينة فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يردوا إلى مضاجعهم ومنها انه إذا كثر الموتى وشق أفراد كل ميت بقبر انهم يجمعون في قبر واحد ومنها انه يقدم الأكثر قرانا ومنها فضيلة قراءة القرآن وان قارئ القرآن له فضيلة وميزية على غيره ومنها أن الشهداء يدفنون في ثيابهم ويلف عليهم خرقة واحدة تجمع الاثنين والثلاثة فإذا قال قائل من هو الشهيد قلنا إن الشهيد هو الذي قتل في سبيل الله وقد قاتل لتكون كلمة الله هي العليا هذا الشهيد وأما من قاتل لأنه شجاع أو قاتل حمية أو قاتل رياء فليس من الشهداء وكذلك من قاتل انتقاما من العدو لا لتكون كلمة الله هي العليا فليس شهيدا إذا قتل وكذلك من قاتل لتحرير وطنه لا من اجل انه وطن إسلامي ليقيم عليه دين الإسلام فإنه ليس في سبيل ولهذا يجب علينا أن نحمي ألسنتنا من إطلاق شيء لا يثبت(4/31)
شرعا بحيث نقول فلان قتل في هذه المعركة فهو شهيد وقد بوب البخاري الله على هذه المسألة بقوله باب لا يقال فلان شهيد والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الجنائز
552- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا ; أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهَا: " لَوْ مُتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ " اَلْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (????) .
553- وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا: " أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلَامُ أَوْصَتْ أَنْ يُغَسِّلَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اَللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ (????) .
554- وَعَنْ بُرَيْدَةَ - رضي الله عنه - -فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ اَلَّتِي أَمَرَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجْمِهَا فِي اَلزِّنَا- قَالَ: " ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصُلِّيَ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
555- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " أُتِيَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ, فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/32)
ذكر المؤلف الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام حديثين يدلان على ما سبقت الإشارة إليه من أن الرجل يجوز أن يغسل امرأته والمرأة كذلك يجوز أن تغسل زوجها أما ما سوى ذلك فإنه لا يجوز للرجل أن تغسل المرأة ولا المرأة أن تغسل الرجل إلا ما كان دون سبع سنين فلا باس أن يغسله الرجل أو المرأة فإذا ماتت امرأة ولها ابن وليس عندها نساء فإنه لا يجوز أن يغسلها ابنها أو أبوها أو عمها كل هؤلاء لا يغسلونها ولكن تغسلها امرأة إن كان وإلا يممت وقال بعض العلماء إن كان من محارمها فإنه يصب عليها الماء بلا مس أما الزوجان فيغسل بعضهما الأخر ثم ذك حديثين آخرين في الإنسان الذي أقيم عليه الحد هل يصلى عليه أو لا وذلك في قصة الغامدية رضي الله عنها التي زنت فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ترجم لان الزاني إذا كان قد تزوج بنكاح صحيح وجامع زوجته ثم زني بعد ذلك فإنه يرجم بالحجارة يوقف ويأتي الناس حوله ويأخذون حصى لا صغيرة ولا كبيرة ويضربونه حتى يموت ولا يتقصدون المقاتل لانهم لو تقصدوا المقاتل لهلك بأول حجر يضربه لكن يقصدون الظهر والصدر الأشياء التي لا يموت بها سريعا وذلك من اجل أن يذوق ألم الحجارة كما ذاق لذة الزنى المحرم هذه المرأة رضي الله عنها زنت وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ترجم فرجمت ثم أمر أن يصلى عليها فصلي عليها فدل ذلك على أن الإنسان المقتول بحد يصلى عليه وكذلك المقتول بقصاص يعني لو أن أحدا قتل شخصا عمدا وتمت شروط القصاص واقتيد منه فإن المقتول بالقصاص يغسل ويكفن ويصلى عليه وأما من قتل لكفره فإنه لا يصلى عليه لان الكافر لا يجوز أن يصلى عليه ولا أن يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة ومن دعا لكافر بالرحمة والمغفرة فقد خرج بهذا عن سبيل المؤمنين لان الله تعالى قال ( ما كان للنبي والذين أمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم ) فأي إنسان يترحم على الكافر أو يستغفر(4/33)
له فإن عليه أن يتوب إلى الله لان خرج في هذه المسألة عن سبيل النبي - صلى الله عليه وسلم -والمؤمنين فعليه أن يتوب إلى ربه ويؤب إلى رشده لان الكافر مهما دعوت له فإن الله لن يغفر له أبدا مهما عمل من خير لو فرض أن كافر كان يصلح الطرق ويعمر الأربطة وينفع المسلمين فإنه عمله غير مقبول كما قال تعالى ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا ) فكيف إذا كان عمله من اجل الدعوة إلى النصرانية إما بالقول وإما بالفعل لان بعض الكفار يكون عنده فعل خير للأرامل والفقراء لكن لمن لأرامل الكفار وفقرائهم لا يفع المسلين بشيء وإنما ينفع الكفار هذا يدعو للنصرانية لانه يريد أن يبقى هؤلاء على نصرانيتهم حيث أن الذي احسن إليهم نصراني كذلك ربما يفتح هذا الإحسان العام في بلاد المسلمين الفقيرة من اجل أن يحول أبناء المسلمين إلى نصارى ليس لرحمة المسلمين لا يمكن لأي كافر أن يبذل إحسانا للمسلمين وقصده إحسانا للمسلمين أبدا لان الله بين أن الكفار أعداء فقال( يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وقال تعالى (فإن الله عدو للكافرين) لا يمكن أيها أن يعمل كافر إحسانا ول في بلاد الإسلام يريد به الخير أبدا إنما يريد أن يقول الناس هذا رجل أو امرأة نصراني يحسن للناس يرحم الضعفاء ويعين الفقراء وما أشبه ذلك دعوة للنصرانية لكن أحيانا تكون دعوة واضحة وأحيانا دعوة مبطنة وليس هذا من الخير أبدا فهؤلاء النصارى أو اليهود أو المشركون لا يجوز أن يصلى عليهم أو يترحم عليهم ومن فعل ذلك فعليه أن يتوب إلى الله ويستغفر من هذا الذنب إذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو اشرف البشر جاها عند الله سأل الله أن يستغفر لامي قال يا رب ائذن لي أن استغفر لامه قال الله له لا تستغفر لامك لماذا لأنها ماتت على الكفر فسأل الله أن يأذن له أن يزور قبرها فزار قبرها لكن ما دعا لها وهي أمه أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - كيف غيرها من(4/34)
الكفار كذلك أيضا الرجل الذي لا يصلي لو مات رجل وهو لا يصلي قلنا هذا كافر مات على الكفر فلا يجوز أن يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين ويحرم على أهله إذا كانوا يعلمون انه مات وهو لا يصلي يحرم عليهم أن يغسلوه أو يكفنوه أو يصلوا عليه وإذا جاءوا به لمساجد المسلمين فقد خانوا المسلمين أن يقدموا إليهم رجلا كافرا يصلون عليه لكن ماذا يصنعون به ؟ نقول يخرج به خارج البلد في ملح بعيد عن العمران وعن الأحياء ويحفر له حفره ما هو قبر لانه ليس له كرامة يحفر له حفره ويرمث فيها بثيابه ولا يعدا له بالرحمة لانه مات كافرا نسأل الله العافية أما الحديث الثاني فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوتي برجل قتل نفسه بمشاخص أنواع من أمشاط الحديد قتل نفسه بها فلم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قاتل لنفسه وقاتل نفسه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب يقول الله عز وجل ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزائه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما ) وقاتل نفسه وهو مؤمن يدخل في الآية لأنه قتل مؤمنا متعمدا فيكون جزائه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما واخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق اخبر أن إلى يقتل نفسه بشيء يعذب به في نار جهنم إذا قتل نفسه بحديدة فهي في يده في نار جهنم يجأ بها بطنه خالدا مخلدا إذا قتل نفسه بسم أعطى سما يوم القيامة في نار جهنم يتحساه خالدا مخلدا إذا قتل نفسه بالتردي من جبل يعني رمى نفسه من جبل أو من جدار فإنه كذلك يهيئ له في نار جهنم جدار يقوم عليه فيطرح نفسه خالدا مخلدا هكذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن هؤلاء أولئك الذين ينتحرون في بلاد اليهود يحمل معه متفجرات يجعلها على نفسه ثم يفجرها بنفسه وهو يعلم علم اليقين انه سيموت هذا قاتل نفسه لا شك والله تعالى يقول لا تقتلوا أنفسكم امرنا بالجهاد وقال لا تقتلوا(4/35)
أنفسكم وهؤلاء قتلوا أنفسهم فيدخلون في الحديث انهم يعذبون في نار جهنم خالدين فيها مخلدين والعياذ بالله وأي فائدة تحصل للإنسان إنسان مسلم يجب أن يحمي نفسه من الهلاك يجب أن يبقى مع إخوانه لا أن يهلك نفسه هذا إذا لم يترتب على هذا ضرر فكيف إذا ترتب على هذا ضرر كما هو الواقع الآن إذا حصل مثل هذه التفجيرات ترتب على هذا أضرار عظيمة مادية ومعنوية ونفسية كما تسمعون في الإذاعات فهذا العمل عمل والعياذ بالله محرم بل ومن كبائر الذنوب قد يقولون إننا نريد الانتقام من هؤلاء المجرمين اليهود عليهم لعنة الله إلى يوم القيامة نقول ليس الانتقام بما حرم الله عليك انتقم منهم بغير ما حرم الله ثم انظر ماذا يترتب على الانتقام من المصالح وماذا يترتب عليه من المفاسد حكم الشرع والعقل قبل أن تحكم العاطفة يقولون إن البراء بن مالك رضي الله عنه أخو انس بن مالك في عزوة اليمامة لما حاصروا حديقة مسليمة الكذاب وعجزوا أن يدخلوها والباب مغلق قال لهم احملوني من مراء جدار والقوني بينهم افتح لكم الباب ففعلوا فرموه من وراء جدار وفتح الباب قالوا هذا الرجل رمى نفسه بين أيدي الكفار وهو واحد واهم جماعة لكن هل هذا الرجل أيقن 100 % انه سيهلك ؟ لا ولذلك ما هلك فتح الباب للصحابة ودخلوا الحديقة وقتلوا مسيلمة ففرق بين شيء فيه احتمال البقاء وأخر فيه يقين الهلاك بينهما فرق عظيم فعلى كل حال قاتل النفس لم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن هل صلى عليه الصحابة ؟ نعم صلوا عليه لأنه ليس كافرا بل يصلى عليه فإذا قال إنسان في وقتنا الحاضر لو جيء إلى المسجد بشخص قالت لنفسه فهل من السنة أن يوق الإمام أنا لا أصلي عليه فصلوا عليه ؟ فالجواب إن كان الإمام له قيمته في المجتمع كأمير أو عالم كبير أو سيد وجيه أو ما أشبه ذلك فإن من السنة أن يقول صلوا عليه أنا لا اصلي عليه لان في هذا ردعا لأمثاله حتى لا يقدم أحدا على قتل نفسه والصلاة حصلت(4/36)
بفعل الناس وسقطت الفريضة وإنما كانت الأمور هكذا لان الصلاة على الميت شفاعة له عند الله عز وجل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فالذين يصلون على الميت شفعاء يسألون الله له الرحمة والمغفرة والعفو وان يفسح له في قبره وينور له فيه فهم شفعاء لذلك كان الرجل إذا فعل مثل هذه الأشياء التي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عليه لكن لابد للناس أن يصلوا عليه لكن الأمير والعالم والشريف وما أشبه ذلك إذا تركز الصلاة عليه ردعا لامثاله كان ذلك من السنة والله الموفق
ج: الذي يصلي أحيانا وأحيانا يخلي هذا لا يكفر على ما أراه أنا وإن كان غيري يرى انه يكفر فإن من السلف من يقول إذا ترك صلاة واحدة عمدا حتى خرج وقتها بلا عذر فهو كافر لكني أرى انه لا يكفر إلا من لا يصلي واما من يصلي ويخلي فهو فاسق بلا شك لكنه ليس كافر فهذا يصلي عليه ويفعل به كما يفعل بأموات المسلمين
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
556- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - -فِي قِصَّةِ اَلْمَرْأَةِ اَلَّتِي كَانَتْ تَقُمُّ اَلْمَسْجِدَ- قَالَ: " فَسَأَلَ عَنْهَا اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ] فَقَالُوا: مَاتَتْ, فَقَالَ: "أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي"? فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا] ([32]) فَقَالَ: "دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهَا", فَدَلُّوهُ, فَصَلَّى عَلَيْهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
وَزَادَ مُسْلِمٌ, ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ هَذِهِ اَلْقُبُورَ مَمْلُوءَةٌ ظُلْمَةً عَلَى أَهْلِهَا, وَإِنَّ اَللَّهَ يُنَوِّرُهَا لَهُمْ بِصَلَاتِي عَلَيْهِمْ "(4/37)
557- وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنْهَى عَنِ اَلنَّعْيِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ (????) .
558- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى اَلنَّجَاشِيَّ فِي اَلْيَوْمِ اَلَّذِي مَاتَ فِيهِ, وَخَرَجَ بِهِمْ مِنَ الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ, وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) . 33
بسم الله الرحمن الرحيم(4/38)
هذه الأحاديث الثلاثة ذكرها الحافظ ابن حجر في كتابه بلوغ المرام في كتاب الجنائز تتضمن مسألتين الأولى الصلاة على القبر بعد الدفن والمسألة الثانية الصلاة على الغائب أما المسألة الأولى وهي الصلاة على الميت بعد دفنه فإنه مشروعة لمن فاتته الصلاة عليه ودليل هذا هذه القصة أن امرأة كانت تقم المسجد تقمه يعني تنظفه من القمامة فماتت بالليل فكان الصحابة رضي الله عنهم تقالوا أمرها وقالوا امرأة تقم المسجد والوقت ليل فلم يزعجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنها فقالوا إنها ماتت فقال هلا كنتم آذنتموني يعني علمتموني ثم قال دلوني على قبرها فدلوه فصلى عليه ففي هذا الحديث دليل على فوائد منها فضيلة تنظيف المسجد من القمامة والأذى كقطع الأوراق والمناديل والتراب وما أشبه ذلك فإن هذا من الأعمال الصالحة والمقربة إلى الله عز وجل وأما تنظيفه من النجاسة فواجب مثل أن ينجسه هر يعني القط فواجب تنظيفه على من علم أو أن يبلغ من له الشأن في هذا لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بال الأعرابي في المسجد أمر أن يطهر بصب الماء عليه ومن فوائد هذا الحديث الاعتراف لأهل الفضل بفضلهم سواء كانوا رجالا أو نساءً لان النبي - صلى الله عليه وسلم - عظم من شأن هذه المرأة التي كانت تقم المسجد ومنها حسن رعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه حيث انه يتفقدهم ويسأل عنهم - صلى الله عليه وسلم - وهذا دأبه لأنه - صلى الله عليه وسلم - احسن الناس صحبه وأكملهم أخلاقا - صلى الله عليه وسلم -ومنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم الغيب وإلا لعلم بموت هذه المرأة ولعلم بموضع قبرها ولكنه لم يعلم لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعلم من الغيب إلا ما اطلعه الله عليه وإلا فهو كغيره سواء كما قال تعالى قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحى إليكم ) وكما انه لا يعلم الغيب فهو(4/39)
ينسى ما علم - صلى الله عليه وسلم - كما قال - صلى الله عليه وسلم - ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ) ومنها مشروعية الصلاة على القبر وهذا هو الشاهد من الحديث في هذا الباب لكن لمن لم يصل عليه أما من صلى عليه فإنه لا يشرع له تكرار الصلاة لكن من لم يصل وفاتته الصلاة فله أن يصل على القبر لان النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك لكن ينبغي أن لا يكون هذا اعني الصلاة على القبر إلا لسبب إما قرابة أو أن هذا الرجل له معروف على المسلمين يعني معروف على المسلمين بتنظيف مساجدهم أما العادي فلا ولهذا لا نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يدل على قبر كل من مات ليصل عليه لكن هذه المرأة لما كان لها شأن عام مصلحة عامة خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى على قبرها كالمكافأة لها أما العاديون فلا لا يشرع أن الإنسان يخرج ليصل عليه إلا أن يكون له نوع قرابة كابن العم والأخ والأخت والزوجة والأب وغير ذلك لكن الزوج من المعلوم أن المرأة لا تخرج إلى المقابر لكن الزوجة لو ماتت وهو لا يدري أو كان في مكان أخر فقدم فلا حرج أن يخرج ويصلي عليها ومن فوائد هذا الحديث أن من دل أحدا على القبر فإنه لا يصلي معه يصلي وحده لان ظاهر هذا السياق أن الصحابة الذين دلوه على قبرها لم يصلوا معه لكن إن ورد في رواية أخرى انهم صلوا معه كان فيه دليل على جواز إعادة الصلاة على القبر ممن صلى إذا كان تبعا لغيره أما الصلاة على الغائب فقد ثبتت في قصة النجاشي ملك الحبشة اسلم رحمه الله لكنه لم ير النبي فكان مخضرما بين التابعين والصحابة ليس من التابعين لانه أعلى منهم وأرقى لكونه اسلم في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكونه لم يجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - المهم أن هذا الرجل ملك صالح آوى المهاجرين إليه من الصحابة رضي الله عنهم وتوفاه الله تعالى والنبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بعد أن رجع المهاجرون من عنده وهو(4/40)
في بلد الكفر الملك مسلم ورعيته كفار اللهم إلا قليلا ماتت واخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في يومه وفي ذلك الوقت ما فيه مواصلات لا هواتف ولا برقيات ولا غيرها لكنه الوحي من عند الله جل وعلا اخبر بموته فاخبر الصحابة رضي الله عنهم وقال إن مات أخ لكم صالح من الحبشة وأمرهم فخرجوا إلى المصلى وصفوا كان الجنازة بين أيديهم والمصلى قيل إنه مصلى الجنائز لان من عادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن لا يصلي على الجنائز في المسجد اكثر الأحيان أن لا يصلي في المسجد وإنما اعد لهم مكان خاص يصلون فيه على الجنائز وقيل أن المراد بالمصلى مصلى العيد لان المدينة كغيرها يشرع للناس أن لا يصلوا في المسجد صلاة العيد بل يصلوا خارج البلد لكن هذه السنة في المدينة تركت من أزمنة بعيدة وصاروا يصلون في المسجد النبوي وإلا فلا شك أن السنة أن لا يصلوا في المسجد النبوي وإنما يصلون خارج البلد اقتداءً بمن أسس المسجد النبوي وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - المهم أن قوله خرج بهم إلى المصلى يحتمل أن المراد به مصلى الجنائز ويحتمل أن المراد به مصلى العيد أما كونه مصلى الجنائز فلا غرابة لانه مكان صلاة الجنائز وأما كونه مصلى العيد فمن اجل التنويه بشأن هذا الرجل ورفعة ذكره وانه أهل لان يخرج إلى مصلى العيد للصلاة عليه على كل حال في هذا دليل على انه يصلى على الغائب صلاة الجنائز وأن الناس يصفون كما يصفون على الجنازة الحاضرة ولكن هل يصلى على كل ميت غائب ؟ الجواب لا يصلى على كل ميت غائب لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصلي على كل ميت غائب إذاُ ما هو الضابط قال بعض العلماء الضابط أن كل من كان فيه مصلحة للمسلمين من عالم يرشدهم أو غني يتصدق عليهم يبرهم بخير فهذا يصلى عليه ومن كان إنسانا عاديا فلا يصلى عليه وقال أهل العلم بل لا يصلى على أحد إلا من مات في مكان ولم يصلى عليه وهذا القول اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه وهو(4/41)
الراجح انه لا يصلى على أحد مهما بلغ في العلم ونفع المسلمين إلا إذا مات في مكان لم يصل عليه فإنه يصلى عليه قياما بالواجب ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يموت فيهم الكبير في العلم والغني في المال بل والخلفاء ولم يعهد أن أحد منهم صلى على هؤلاء فدل ذلك على انه لا يشرع الصلاة على الغائب إلا من لم يصل عليه كما لو غرق في البحر ولم يصل عليه أو مات في زلال ولم يصل عليه وما أشبه ذلك فهذه يصلى عليه الصلاة على الغائب ولكن هل تحدد الصلاة على الغائب والصلاة على القبر هل تحدد بزمن أو لا يرى بعض العلماء أنها تحدد بشهر وانه لا يصلى على الغائب إذا مضى على موته شهر ولا يصلى على القبر إذا مات على موته شهر والصواب انه ليس لذلك حد وانه إذا مات الإنسان ودفن فللإنسان أن يصلي عليه ولو بعد شهرين أو ثلاثة أو سنة أو سنتين بشرط أن يكون هذا المصلي حين موت صاحب القبر من أهل الصلاة على الجنائز فمثلا إذا كان هذا القبر من أجداد الإنسان ومات وهو ابن عشر سنين فله أن يخرج ويصلي على جده لان ابن عشر سنين من أهل الصلاة على الجنائز أما لو كان له عشرون سنة ومات جده قبل عشرين سنة فإنه لا يصلي عليه لماذا لأنه مات قبل أن يولد أو قبل أن يكون من أهل الصلاة ولهذا لو قال قائل الآن هل يشرع لي أن اصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجنازة يعني على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قلنا لا هل يشرع أن اصلي على عثمان رضي الله عنه ؟ قلنا لا لأنهم ماتوا قبل وجودك بأزمنة كثيرة فالضابط أن يكون هذا الميت الذي تصلي على قبره قد مات وأنت قد ولدت وبلغت سنا تكون فيه من أهل الصلاة على الميت أما الصلاة على الغائب فقد علمت انه لا يصلى على الغائب إلا إذا كان لم يصلى عليه وهذا لا حد له أيضا لأننا لو لم نعلم بموت إنسان إلا بعد عشر سنوات وهو لم يصل عليه فلنا أن نصلي عليه والله الموفق(4/42)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
559- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: سَمِعْتُ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ, فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا, لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا, إِلَّا شَفَّعَهُمْ اَللَّهُ فِيهِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
560- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " صَلَّيْتُ وَرَاءَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا, فَقَامَ وَسْطَهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
561- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " وَاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى اِبْنَيْ بَيْضَاءَ فِي اَلْمَسْجِدِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
562- وَعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: " كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا, وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ خَمْسًا, فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/43)
هذه الأحاديث فيما يتعلق بصلاة الجنازة ذكرها الحافظ ابن جر في بلوغ المرام منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه قوله ما من رجل مسلم يعني أو امرأة لكن القرآن والسنة تارة يأتي التعبير فيهما بذكر الرجال وتارة باسم النساء والأصل أن الرجال والمساء سواء في شريعة الله إلا ما دل الدليل على ما هو خاص بالرجال أو خاص بالنساء وقوله مسلم احترازا من غير المسلم لان غير المسلم صلي عليه أربعون ألفا ما نفعوه بل زلا يجوز أن يصلى على غير المسلم ولهذا يجب التنبه إلى مسالة خطيرة يفعلها بعض الناس يموت الإنسان عندهم وهم يشهدون عليه أنه لا يصلي فيغسلونه ويكفنونه ويأتون به إلى المسلمين ويصلون عليه وهذا حرام عليهم لأنه لا يجوز أن يصلى على كافر وعلى من مات عنده رجل لا يصلي عليه أن يحمله على سيارة بثيابه ثم يخرج به إلى مكان في البرية فيحفر له حفرة ويرمثه فيها بدون قبر ولا لحد لأنه لا كرامة ولا حرمة له ولا ن غير المسلم إذا مات لا يجوز أبدا أن يدعا له بالرحمة ولا بالمغفرة مهما كان إحسانه على عباد الله وقوله - صلى الله عليه وسلم - لا يشركون بالله شيئا هذا شرط مهم وهو تحقيق التوحيد في المصلين على الجنازة بحيث لا يقع منه شرك لا اصغر ولا اكبر بل الظاهر أن المراد بالشرك هنا الأصغر لان وله ما من رجل مسلم يغني عن نفي الشرك الأكبر إذ لا يكون مسلما ومعه شرك اكبر فعليه يكون في هذا دليل على أهمية الإخلاص والابتعاد عن الشرك ولو كان الشرك الأصغر فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركا اصغر كأن يقول والنبي والرسول وحياتي وحياة فلان والكعبة يحلف بذلك فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ومن علق تميمة من غير القرآن فقد أشرك يعني لو أتى بطلاسم علقها في رقبته أو ربطها في يده أو ما أشبه ذلك فقد أشرك وأما(4/44)
التميمة من القرآن فقد قال بعض العلماء إنها جائزة وبعضهم كرهها ففي هذا الحديث دليل على أهمية تحقيق الإخلاص والتوحيد وانه تجب العناية بإخلاص العبد لربه تبارك وتعالى حتى لا يفوته هذا القيد لا يشركون بالله شيئا وقلوه إلا شفعهم الله فيه يعني قبل دعواتهم له لان الشفاعة تنفع المؤمنين بخلاف الكافرين فإنه لا تنفعهم وأما حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على ابني بيضاء في المسجد ففيه دليل على جواز صلاة الجنازة في المسجد إلا أن العلماء يقولون ما لم يخشى تلويث المسجد فإن خشي تلويثه بان كانت الجنازة متجرحة بحروق أو غيرها ويخشى إذا حضروا بها إلى المسجد أن تلوث المسجد لا يصلى بها في المسجد بل يصلى عليها في مكان أخر أما إذا كان يؤمن من تلويث المسجد فإنه لا باس أن يصلى على الجنائز في المسجد والأصل أن الجنائز لها مكان خاص يصلى عليها فيه لكن لا باس أن يصلى عليها في المسجد وقد جرت العادة عادة الناس اليوم بالصلاة على الجنازة في المسجد وهذا لا باس به ولا حرج فيه
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الجنائز
562- وَعَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: " كَانَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا, وَإِنَّهُ كَبَّرَ عَلَى جَنَازَةٍ خَمْسًا, فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُهَا " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ (????) .
563- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - " أَنَّهُ كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ سِتًّا, وَقَالَ: إِنَّهُ بَدْرِيٌّ " رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ (????) .
وَأَصْلُهُ فِي "اَلْبُخَارِيِّ" (????) .(4/45)
564- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَبِّرُ عَلَى جَنَائِزِنَا أَرْبَعًا وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ فِي اَلتَّكْبِيرَةِ اَلْأُولَى " رَوَاهُ اَلشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ (????) .
565- وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: " صَلَّيْتُ خَلَفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جَنَازَةٍ, فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الكْتِابِ فَقَالَ: "لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ" " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيُّ (????) .
566- وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ, وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ, وَاعْفُ عَنْهُ, وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ, وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ, وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ, وَنَقِّهِ مِنْ اَلْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ ( } ربيع ثان جمادى أول { ) اَلثَّوْبَ اَلْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ, وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ, وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ, وَأَدْخِلْهُ اَلْجَنَّةَ, وَقِهِ فِتْنَةَ اَلْقَبْرِ وَعَذَابَ اَلنَّارِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ (????) .
567- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ يَقُولُ: "اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا, وَمَيِّتِنَا, وَشَاهِدِنَا, وَغَائِبِنَا, وَصَغِيرِنَا, وَكَبِيرِنَا, وَذَكَرِنَا, وَأُنْثَانَا, اَللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى اَلْإِسْلَامِ, وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى اَلْإِيمَانِ, اَللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ, وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَالْأَرْبَعَةُ (????) .(4/46)
568- وَعَنْهُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى اَلْمَيِّتِ فَأَخْلِصُوا لَهُ اَلدُّعَاءَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث ساقها الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام في الصلاة على الجنائز منها التكبيرات على الجنازة أربعا ويجوز أن تكبر خمسا وستا وسبعا كل ذلك جاءت به السنة لكن أن كثر ما جاءت به السنة تكبيرات أربع وقد ثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كبر خمسا فلنذك صفة صلاة الجنازة إذا قدم الميت فإن كان ذكرا قام الإمام عند رأسه وإن كانت أنثى قام عند وسطها ولا فرق أن يكون الرأس عن يسار الإمام أو عن يمين الإمام لأنه لم يرد في ذلك سنة معينة ولو أن ذاهب ذهب إلى أن يكون الرأس عن يسار الإمام لتكون جملة الميت عن يمين الإمام لكان له وجه لكننا لا نعلم في هذا سنة فالمسألة سهلة وما ظنه بعض الإمام من أن الميت يكون رأسه عن يمين الإمام فهذا لا اصل له اجعله عن يمينك أو عن يسارك المهم أن الرجل تقف عن رأسه والمرأة عند وسطها ثم إنه إذا كانوا جماعة فإن الإمام يقف وحده على الجنازة ولا يكن معه أحد لا أقارب الميت ولا غيرهم خلافا لما يظنه بعض العوام انه لابد أن يكون أهل الميت يقفون مع الإمام فإن هذا لا اصل له لكن يقدمون الميت ثم يدخلون في الصفوف وإذا كان لا يمكن أن يدخلوا في الصفوف صفوا وراء الإمام بينه وبين الصف الأول ويرفع الإنسان يديه عند كل تكبيرة عند التكبيرة الأولى والثانية والثالثة والرابعة إن زاد المهم انه يرفع يديه عند كل تكبيرة هكذا جاءت به السنة ووجهه أن كل تكبيرة تعتبر كأنها ركعة متميزة فلابد من علامة على كل تكبيرة يقرأ في التكبيرة الأولى سورة الفاتحة بدون استفتاح يعني ما تقول سبحانك اللهم وبحمدك ولا اللهم باعد بيني وبين خطاياي وإنما تكبر ثم تستعيذ بالله من(4/47)
الشيطان الرجيم ثم تقرأ الفاتحة فإن الفاتحة ركن في صلاة الجنازة لو تركها الإنسان لم تصح صلاته لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ثم تكبر الثانية فتصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - واحسن ما يكون ما علمه الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمته حين قالوا كيف نصلي عليك إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا قال قولا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ثم تكبر الثالثة وتدعو بالدعاء العام الله اللهم اغفر لحينا وميتنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا اللهم من أحييته منا فاحيه على الإسلام ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ثم تدع للميت فتبدأ بالدعاء العام أولا ثم بالدعاء للميت اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه واكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه اللهم أفسح له في قبره ونور له فيه اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ثم تكبر الرابعة وتقول بعدها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ثم تسلم وإن كنت تريد أن تكبر خمسا فبعد الثالثة تدع بالدعاء العام وبعد الرابعة بالدعاء الخاص بالميت وبعد الخامسة ربنا أتنا في الدنيا حسنة الآية ثم تسلم قال أهل العلم والتسليمة واحدة لان صلاة الجنازة مبنية على التخفيف والإسراع ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعوا بالجنازة وسيأتي إن شاء الله الكلام على هذا الحديث في الدرس القادم هذه صلاة الجنازة وكيفيتها وذا كانت امرأة فقل اللهم اغفر لها وارحمها وإذا كنت لا تدرس مثل أن تكون في مؤخر المسجد ولا تدري أرجل هو أو امرأة(4/48)
فقل اللهم اغفر لها يعني لهذه الجنازة أو اللهم اغفر له أي لهذا الشخص يعني انك تأتى بضمير يصلح لهذا وهذا وإذا فات الإنسان بعض التكبير كما لو دخل في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الثانية فإنه بالخيار إن شاء قال ما يقول الإمام وإن شاء بدأ بالفاتحة والفاتحة لابد منها ثم إذا كبر الإمام الثالثة يدع للميت وإذا سم الإمام فإن شاء سلم معه وإن شاء أتى بالتكبيرة الرابعة وسلم والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
569- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " أَسْرِعُوا بِالْجَنَازَةِ, فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ, وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
570- وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " "مَنْ شَهِدَ اَلْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ". قِيلَ: وَمَا اَلْقِيرَاطَانِ? قَالَ: "مِثْلُ اَلْجَبَلَيْنِ اَلْعَظِيمَيْنِ" " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (????) .
وَلِمُسْلِمٍ: " حَتَّى تُوضَعَ فِي اَللَّحْدِ " (????) .
وَلِلْبُخَارِيِّ: " مَنْ تَبِعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا, وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطَيْنِ, كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ " (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/49)
ساق المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام في كتاب الجنائز فيما يتعلق بالدفن والإسراع بالجنازة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فير تدمونها إليه وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع بالجنازة أي بالإسراع في تجهيزها بالتغسيل والتكفين والصلاة والمشي إلى أن تدفن وبين سبب ذلك - صلى الله عليه وسلم - أن الجنازة إما أن تكون صالحة فإن كانت صالحة فخير تقدمونها إليه أسرعوا بها إلى هذا الخير لا تمنعوها من هذا الخير وإن تكن سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم وتتخلصون منه لان الجنائز إما صالحة وإما غير صالحة إن كانت صالحة جعلنا الله وإياكم منهم فإنها تقول إذا خرجت من بيتها تقول قدموني قدموني تحثهم على الإسراع بها وإن كانت غير ذلك فإنها تقول إذا خرجت من بيتها يا ويلها أين تذهبون بها فالواجب أن الإنسان لا يحبس الميت بل يسرع إلا إذا شك في موته فإنه ينتظر حتى يتيقن موته كما ذكر أهل ذلك فينتظر فإذا تيقن موته فإنه لا يؤخر لان ذلك معصية للرسول - صلى الله عليه وسلم - وجناية على الميت حيث أخر عن الخير الذي قدره الله له وما يفعله بعض الناس اليوم مع الأسف الشديد انه إذا مات الميت وله وأقارب في بلد أخر حبسوه حتى يأتي أقاربه ربما يبقى يوما أو يوما وليلة فإن هذا ولا شك معصية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجناية على الميت وماذا يستفيد من حضور صديقه أو قريبه أو ما أشبه ذلك هو يستفيد أن يصلي وصديقه إذا وصل إلى البلد يذهب إلى القبر ويصلي عليه أما كونه يحبس من اجل أن يحضر أقاربه أو أصدقائه أو غير ذلك فهذا غلط كبير وعادة سيئة قبيحة قد يقول قائل أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخر دفنه من يوم الاثنين إلى ليلة الأربعاء نقول بلى لكن أخروه لانه لما مات كانت مصيبته عظيمة وصارت الأمة ليس له إمام وليس لها خليفة(4/50)
سلطان فأبقاه الصحابة رضي الله عنهم حتى حصلت البيعة لأبى بكر رضي الله عنه فلما تمت البيعة وصارت وصار في الأرض خليفة لله عز وجل في خلقه دفنوه ومن المعلوم أن الصحابة لا يمكن أن يعصوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالأمر بالإسراع بالجنازة إلا لسبب والسبب هو هذا ثم ساق المؤلف الأحاديث الدالة على فضيلة اتباع الجنازة اتبعا الجنازة إذا اتبعها الإنسان حتى يصلى عليها كتب له قيراط وإذا تبعها كان له قيراطان والقيراط قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل الجبلين العظيمين أصغرهما مثل أحد ولما بلغ ابن عمر رضي الله عنه هذه الحديث قال والله لقد فرطنا في قراريط كثيرة وصار يخرج مع الجنائز كلما سنحت له الفرصة فدل هذا على انه ينبغي أن تتبع الجنائز والذي ينبغي أن تحمل على الأكتاف ويمشي الناس بها مشيا إلا إذا كان هناك حاجة مثل أن يكون في شدة حر أو شدة برد أو ريح شديدة أو مطر أو بعد مقبرة فلا باس أن تحمل في السيارة وأما إذا لم يكن حاجة فإن الأفضل أن تحمل على الأكتاف والله الموفق
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
571- وَعَنْ سَالِمٍ, عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنه - " أَنَّهُ رَأَى اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ, يَمْشُونَ أَمَامَ الْجَنَازَةِ " رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَأَعَلَّهُ النَّسَائِيُّ وَطَائِفَةٌ بِالْإِرْسَالِ (????) .
572- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ, وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
573- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا, فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .(4/51)
574- وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ - رضي الله عنه - " أَدْخَلَ الْمَيِّتَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيِ الْقَبْرَ، وَقَالَ: هَذَا مِنَ السُّنَّةِ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد َ (????) .
575- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقُبُورِ, فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ, وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْوَقْف ِ (????) .
576- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم ٍ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/52)
هذه أحاديث فيما يتعلق بالجنائز منها المشيعون للجنازة الذين يتبعونها هل يكونون خلفها أو أمامها أو عن يمينها أو عن شمالها والجواب على ذلك نقول الأمر واسع والحمد لله كن أمامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها المهم أن لا تبتعد عنها بحيث لا تعد مشيعا لها ولكن الأفضل للمشاة أن يكونوا إمام الجنازة وعن يمينها وعن شمالها وأما الراكبون فيكونون ورائها هذا باعتبار ما سبق من أن الناس يركبون على البهائم الحمر أو الإبل أما الآن فالراكبون على السيارات وهي إذا كانت وراء المشيعين أزعجتهم وأتعبتهم لهذا نقول أهل السيارات يتقدمون لئلا يؤذوا الناس ومنها هل المرأة تتبع الجنائز ؟ تقول أم عطية رضي الله عنها نهينا عن اتباع الجنائز والذي نهاهم هو النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن قالت لم يعزم علينا وهذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمهم الله فقيل إن النساء يكره لهن أن يتبعن الجنائز وقال بعضهم إنه يحرم أن يتبعن الجنائز فالذين قالوا إنه يكره كراهة تنزيه قالوا إن عطية قالت لم يعزم علينا والذين قالوا يحرم قالوا إن هذا فهم أم عطية ونحن متعبدون بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فما دام النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اتباع الجنائز للنساء فإنه حرام والقول بالتحريم اقرب إلى قواعد الشريعة لان اتباع النساء للجنائز يحصل فيه فتنة وشر وبلاء ومزاحمة للرجال وصياح وعيل لان النساء معروفات بالنياحة والصياح ولهذا تجد أن الأحاديث حول النياحة تذكر النساء لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - النائحة والمستمعة وقال النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب فالنساء لسن أهلا لاتباع الجنائز فالصواب أن اتباع المرأة للجنائز حرام وانه يجب صدهن إذا أردن أن يتبعن الجنائز ثم ذكر أيضا مما يتعقل بهذا إذا مرت الجنازة بالإنسان وهو جالس فه ليقوم أو يبقى جالسا والجواب إن كان يريد اتباعها فلابد أن(4/53)
يقوم ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فقوموا ومن تبعها فلا يجلس حتى توضع وأما من كان لا يريد القيام فقال بعض العلماء إن السنة أن يقوم وقال آخرون إن السنة أن لا يقوم وذلك لتعارض الأدلة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أمر إذا مرت الجنازة بالإنسان أن يقوم وقام هو - صلى الله عليه وسلم -لما مرت به جنازة يهودي قام وقال إن للموت فزعا ومن العلماء من قال إن هذا منسوخ لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قام ثم تركه والصواب انه ليس بمنسوخ وأنه يسن للإنسان إذا مرات به جنازة أن يقوم وإنما قعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقم لبيان الجواز وأن الأمر ليس للوجوب إذ لو خلت السنة عن مثل هذا الحديث لقنا إنه يجب على الإنسان إذا مرت به جنازة أن يقوم لها وعلى هذا فنقو الذي نسخ هو الوجوب فقط وأما الاستحباب فإنه يسن للإنسان إذا مرت به جنازة أن يقوم وقيامه للجنازة إذا مرات فيه مصلحة عظيمة وهي انه يذكر الإنسان انه سيحمل كما حمل هذا وسيشيع كما شيع هذا لكن لو قلنا لا تقم ومرت الجنازة على الجلوس وهو لا يبالون وهم في ضحكهم وكلامهم ولهوهم لم يكن للموت فزعة ولم يكن له أهمية فالصواب أن القيام للجنازة إذا مرت سنة لا ينبغي للإنسان تركه ومما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى في هذه الأحاديث إذا وضع الميت في قبره فإنه يقال بسم الله وعلى ملة رسول الله ويضعه على جنبه الأيمن مستقبل القبلة قال أهل العلم وضعه على الجنب الأيمن سنة واستقبال القبلة واجب وبناءً على ذلك لو وضعه على جنبه الأيسر مع استقبال القبلة لم يكن آثما لكن الأفضل أن يكون على جنبه الأيمن كما هو السنة في النوم فالإنسان إذا أراد أن ينام ينبغي أن ينام على جنبه الأيمن سواء كان مستقبل القبلة أو غير مستقبل لكن الدفن لما كانت رقدة باقية مستمرة إلى يوم القيامة صار لابد أن يوجه الميت فيها إلى القبلة سواءً كان على الجنب الأيمن أو الأيسر لكن الأيمن افضل(4/54)
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
575- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " إِذَا وَضَعْتُمْ مَوْتَاكُمْ فِي الْقُبُورِ, فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ, وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَأَعَلَّهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِالْوَقْف ِ (????) .
576- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا; أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِم ٍ (????) .
577- وَزَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: " فِي الْإِثْمِ " (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/55)
الحديث الأول سبق الكلام عليه وهو ما يقال إذا وضع الميت في القبر بسم الله وعلى ملة رسول الله وان بعض العلماء قال هذا لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما هو موضوع على الصحابة أما حديث عائشة فهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كسر عظم الميت ككسره حيا ومن المعلوم أن كسر عظم الحي محرم وعدوان وظلم وأنه لا يحل كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كذلك الميت كسر عظمه ككسره حيا لان الميت له حرمة فلا يحل لأحد أن يكسر عظم الميت مهما كان حتى لو فرض أن القبر ضيق فالواجب أن يوسع حتى يمد الميت مدا فلا يكسر منه شيء لان كسر عظمه ككسر عظم الحي تماما وبهذا الحديث يستدل على ما يفعله بعض الناس اليوم من التبرع بالأعضاء بعد الموت من التبرع بالكلى أو التبر بقرنية العين أو غيرها من جسم الميت انه حرام ولا يجوز فلا يحل لأحد أن يأخذ من جسم الميت بعد موته شيئا إلا الأظفار إذا طالت والشعور التي يستحب أخذها كشعر العانة والإبط فهذا لا باس وأما ما سوى ذلك فإنه يجب أن يبقى ولا يجوز لأحد أن يأخذ منه شيئا حتى لو فرض أن الميت أوصى بعد موته فقال إذا مت فخذوا الكلية أو القرنية أو ما أشبه ذلك فإنه لا يجوز تنفيذ وصيته لان الميت نفسه لا يجوز أن يتبرع بشيء من أعضائه ولهذا قال صرح فقهاء الحنابلة رحمهم الله تعالى في كتاب الجنائز انه لا يجوز أن يؤخذ من أعضاء الميت شيء ولو أوصى به هكذا ذكره صاحب الإقناع ولذلك اتجاه الناس وتهافتهم اليوم من التبرع بالأعضاء فإنهم في غفلة عن الدين وعن النصوص الشرعية والإنسان إذا قدر الله له أن يموت مات ولو ركب له شيء فإنه إذا أتاه الموت سيموت وإذا قدر انه يبقى زمنا فمآله إلى الموت ولهذا لما جاء ملك الموت إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - ليقبض روحه جاءه في صورة إنسان فظنه رجلا معتديا فلطمه موسى - صلى الله عليه وسلم - فذهب ملك الموت إلى الله(4/56)
تعالى وقال إنك أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت فأرسله الله تعالى إلى موسى وقال له ليضع يده على جلد ثور وله من السنين بقدر ما تحت يده من الشعر قال ثم ماذا قال الموت كل نفس ذائقة الموت لابد من الموت قال فمن الآن ما دام المآل الموت بعد الزمن أو قرب فمن الآن ولكن دعا الله عز وجل أن يقربه من الأرض المقدسة الحاصل أن تهافت الناس في هذا الشيء في غفلة عن النصوص أما تبرع الحي فكذلك أيضا لا يجوز للحي أن يتبرع بشيء من أعضائه لا الكلية ولا الكبد ولا غيره حتى لأقرب الناس إليه لو فرض أن أمه ستموت إن لم يتبرع لها بكلية فإنه لا يجوز أن يتبرع لها بكلية أو أبوه أو أخوه أو صديقه أو أحد من أقاربه قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم أنت لست حرا تتصرف كما تشاء فلا يجوز للإنسان أن يتبرع لكليته لأحد حتى لو مات أبوك أو أمك إن لم تتبرع لا تتبرع أولا لان اخذ الكيلة من الإنسان مفسدة ثم وضعها في هذا المحتاج إليها قد ينجح وقد لا ينجح ونما كان اخذ الكيلة مفسدة لان الله تعالى لم يخلق شيئا عبثا فالكليتان تتساعدان في تصفية البول والدم وكل ما يتعلق بالجسم ولهذا فيهما مئات الأنواع من التصفية في هذه الكلية الصغيرة فأنت إذا أخذتها وأعطيتها لإنسان معناها انك أفقدت جسمك أمرا حيويا مهما وإذا قلت أن الإنسان يعيش بكلية واحدة فإنه لابد أن يكون هناك دائما أدوية يستعملها كما هو الواقع للقوية ثم إذا قدر أن هذه الكلية التي بقيت أصيبت بمرض فليس أمامه إلا الموت يعني يبقى بلا كلية لكن لو بقيت الأولى التي تبرع بها نفعت لذلك نقول ونبين لإخواننا أن التبرع بالأعضاء في الحياة وبعد الممات محرم لا يجوز فإن قال قائل التبرع بالدم قلنا لا باس يجوز بشرط أن لا يتضرر المتبرع فإذا قال الأطباء إن هذا الرجل دمه كثير لو تبرع بشيء منه لا يضره فلا باس والفرق بين الدم والعضو أن الدم إذا اخذ يخلفه دم أخر في الحال بمجرد ما ينال طعاما لكن العضو ما(4/57)
يأتي بدله عضو فالتبرع بالدم لا باس به بشرط أن لا يتضرر المتبرع والتبرع بالأعضاء محرم على كل حال من الأموات والأحياء فلا تقتل نفسك بأحياء غيرك وما وردفي قصة الثلاثة الذين جرحوا في إحدى المعارك واحتاجوا إلى ماء وجيء لأحدهم بماء فقال أعط الثاني والثاني قال أعط الثالث هذا أولا القصة ما ندري هل هي صحيحة أو لا والثاني لو صحت فهو اجتهاد منهم والثالث لو كان اجتهادا فهؤلاء لو ماتوا فما ماتوا بشيء هم سببه إنما ماتوا بعطش ليسوا هم أسبابه فعلى كل حال المرجع إلى الكتاب والسنة والنفس محترمة والإنسان ليس له أن يفعل بنفسه ما شاء وإذا كان لا يجوز أن تتلف قرشا واحد من مالك بلا فائدة فكيف تتبرع من جسمك ولهذا جاء في الحديث كسر عظم الميت ككسره حيا والله الموفق
أما شراء الكلى إذا كانت قد نزعت من الإنسان فلا باس به مع أني سمعت لما صار التبرع بالكلى سمعت الآن انه في بعض البلاد غير الإسلامية انهم يأخذون الصبيان ويقتلونهم ويأخذون كلاهم لأنه معلوم أنها ستكون غالية فصارت الآن محل كسب للناس نسأل الله السلامة والعافية
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
578- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " أَلْحَدُو ا (????) لِي لَحْدًا, وَانْصِبُوا عَلَى اللَّبِنِ نُصْبًا, كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
579- وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ, وَزَادَ: " وَرُفِعَ قَبْرُهُ عَنِ الْأَرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ " وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّان َ (????) .
580- وَلِمُسْلِمٍ عَنْهُ: " نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ, وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ, وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ " (????) .(4/58)
581- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ, وَأَتَى الْقَبْرَ, فَحَثَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ, وَهُوَ قَائِمٌ " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيّ ُ (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أحاديث في أحكام الجنائز منها حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللحد هو أن يحفر حفره بجانب القبر من جهة القبلة ليوضع فيها الميت ويكون الذي ورائه عة في القبر وأما نصب اللبن فمعناه أن اللبن يوقف وقفا ومعناه يسند إلى جانب القبر حتى يكون واقفا والحكمة من ذلك لو وضع عليه اللبن مسطحا غير منصوب لكان مع ثقل التراب ينهدم على الميت كان يبقى منصوبا واخبر سعد رضي الله عنه أن هذا هو الذي صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني فعله الصحابة اجتهادا منهم أو اقتداءً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقبر تارة يكون لحدا وتارة يكون شقا والشق هو أن يحفر الحفرة في وسط القبر ويوضع فيها الميت وهذا مكروه إلا إذا دعت الحاجة إليه كما لو كانت الأرض رخوة رملا أو ترابا منهالا فهنا يوضع الشق في نصف القبر ويوضع من الجانبين لبن ثم يوضع الميت بين هذا اللبن ثم يسقف عليه واللحد ولهذا جاء في الحديث اللحد لنا والشق لغيرنا لكن العلماء يقولون إذا كان هناك حاجة للشق فلا باس به ثم ذكر أيضا انه رفع قبره نحو شبر عن الأرض ووجه ذلك أن القبر لما حفر التراب لا يكون كالتراب الأصلي الذي في الأرض لان التراب الأصلي الذي في الأرض ملتبد تماما وهذا قد بعثر ثم إن مكان الميت أيضا صار فضاءً ليس به طين فكان لابد أن يرتفع القبر عن الأرض إلا أن العلماء قالوا لا يزاد على تراب القبر بمعنى انك لا تزيد القبر ترابا من غيره لأنك لو فعلت هذا لارتفع القبر ورفع القبور منهي عنه وأما حديث(4/59)
أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نعى أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه فهذه ثلاثة أشياء أولا أن يجصص أي يوضع عليه الجص الأبيض وهذا النهي للتحريم فلا يجوز أن تشيد القبور لان بيوت الأموات وتشييدها ربما يؤدي إلى الغلو فيها وعبادة أهلها فلهذا نهي عنه كذلك نهي أن يبنى عليه إذا دفن الميت فإنه لا يجوز أن يبنى عليه لا مسجد ولا غير مسجد وأما ما وقع للرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن قبره لم يبنى عليه فالرسول - صلى الله عليه وسلم - دفن في بيته وهو مبني من قبل وهذه من خصائص الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يدفن في بيته وأما غيره فيدفن مع الناس لكن النبي - صلى الله عليه وسلم -دفن في بيته قالت عائشة مخافة أن يتخذ قبره مسجدا واختار أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أن يدفنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لانهما صاحباه في الحياة ووزيراه وكان دائما يقول ذهبت أنا وأبو بكر وعمر ورجعت أنا وأبو بكر وعمر فهما وزيراه رضي الله عنهما فاختارا أن يدفنا معه فدفنا معه وسوف يخرجون يوم القيامة من هذه الأجداث بعضهم إلى بعض اللهم احشرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - واشد من هذا أن يبنى عليه مسجد فإن بناء المساجد على القبور سبب للعنة الله والعياذ بالله قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد اقل ذلك وهو في سياق الموت - صلى الله عليه وسلم - لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبورا أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا - صلى الله عليه وسلم -ولذلك إذا بني المسجد على القبر وجب أن يهدم لأنه مسجد ملعون فاعله ولا تصح الصلاة فيه وأما إذا بني المسجد أولا ثم دفن فيه الميت فإنه لا حق للميت في هذا المكان وهو في مكان مغصوبة في ارض مغصوبة يجب أن ينبش وأن يدفن مع الناس ولا يحل إقراره في المسجد أبدا لكن المسجد تصح الصلاة فيه إلا أن يكون القبر في قبلته فإنه لا تصح(4/60)
الصلاة فيه لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تصلوا إلى القبور وأما القعود على القبر فكذلك يحرم على الإنسان أن يقعد على قبر أخيه لما في ذلك من الإهانة والإذلال حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال لئن يجلس أحدكم على جمرة فتخرق ثيابه فتمضي إلى جلده خير له من أن يقعد على قبر وهذا وعيد لمن قعد على القبور وأما الكتابة على القبر فقد ورد النهي عنها أيضا إلا أن بعض العلماء رخص في الكتابة اليسيرة ككتابة الاسم أو كتابة الوسم أما أن يكتب شيء زائد على ذلك فإنه منهي عنه وسمعنا انه في بعض البلاد الإسلامية يجعلون نصيبة طويلة على القبر يعني ينصبون حجرا طويلا ويكتبون فيه الفاتحة وهذا حرام ولا يحل وعلى من رائها فليزيلها إلا أن يخشى فتنة في ذلك فليدعها والإثم على واضعها فهذه أشياء نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تفعل في القبور البناء عليها والكتابة والجلوس الرابع التجصيص والله الموفق
الشريط التاسع عشر
نقل المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
581- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ, وَأَتَى الْقَبْرَ, فَحَثَى عَلَيْهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ, وَهُوَ قَائِمٌ " رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيّ ُ (????) .
582- وَعَنْ عُثْمَانَ - رضي الله عنه - قَالَ: " كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ وَقَالَ: "اِسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ, فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ" " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِم ُ (????) .(4/61)
583- وَعَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ أَحَدِ التَّابِعِينَ قَالَ: " كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ إِذَا سُوِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْرُهُ, وَانْصَرَفَ اَلنَّاسُ عَنْهُ, أَنْ يُقَالَ عِنْدَ قَبْرِهِ: يَا فُلَانُ! قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ. ثَلَاثُ مَرَّاتٍ, يَا ُفلَانُ! قُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ, وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ, وَنَبِيِّ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - " رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مَوْقُوفًا . (????) .
584- وَلِلطَّبَرَانِيِّ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا مُطَوَّلً ا (????) .
585- وَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
زَادَ اَلتِّرْمِذِيُّ: " فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ " (????) .
586- زَادَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " وَتُزَهِّدُ فِي الدُّنْيَا " (????) .
587- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - " أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ زَائِرَاتِ الْقُبُورِ " أَخْرَجَهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ . (????) .
588- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلنَّائِحَةَ , وَالْمُسْتَمِعَةَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ . (????)
بسم الله الرحمن الرحيم(4/62)
هذه الأحاديث ساقها الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشارك في دفن الميت فيقف ويحثٌ عليه ثلاث حثيات وهو قائم وهذا من المشاركة لان الإنسان ينبغي له أن يشارك إذا شيع الميت في حمله ودفنه وهذا من المشاركة في الدفن ثلاث مرات قال العلماء وينبغي أن تكون من قبل الرأس ولكن الأمر واسع سواء من قبل الرأس أو من الرجلين أو من الوسط وهذا إذا تيسر أما إذا كان فيه مشقة لكثرة الحاضرين عند القبر فلا ينبغي أن يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى ومما ذكره رحمه الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من دفن الميت وسوي التراب عليه وقف وقال استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل فينبغي إذا تم دفن الميت وسوي التراب عليه أن يقف الإنسان ويقول اللهم اغفر له اللهم اغفر له اللهم ثبته اللهم ثبته اللهم ثبته ثم ينصرف لان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت وكان - صلى الله عليه وسلم - في غالب احيانه إذا دعا دعا ثلاثا فتستغفر للميت ثلاث مرات وتسأل له التثبيت وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - فإنه الآن يسأل يعني حين يتم دفنه يسال يأتيه ملكان فيسألانه عن ثلاثة أشياء من ربك وما دينك ومن نبيك وهذه الثلاثة هي ثلاثة الأصول التي بنى عليها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله رسالته المشهورة ثلاثة الأصول من ربك ما دينك من نبيك أما المؤمن فيثبته الله عز وجل بالقول الثابت فيقول ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد أسال الله أن يجعلني وإياكم منهم أما المنافق المرتاب الذي يقول بلسانه ولم يصل الإيمان قلبه أعاذنا الله وإياكم من هذا فيقول ها ها لا ادري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته يعني ما عنده إيمان نسال اله العافية يقول ها ها كأنه يتذكر شيئا نسيه وهذا يكون اشد حسرة مما لو كان لا يدري أبدا ففي هذه الحال ينبغي للمسلمين أن(4/63)
يستغفروا لأخيهم ويسألوا الله له التثبيت لعل الله سبحانه وتعالى يستجيب دعائه رب دعوة من رجل صالح في هذا المكان يثبت الله بها هذا الميت ويغفر الله له وأما حديث أبي إمامة والحديث الأخر الموقوف فإنهما ضعيفان يعني تلقين الميت بعد دفنه أن يقول قل لا اله إلا الله قل ربي الإسلام قل نبيي محمد فهذا حديث ليس بصحيح لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعتمد عله ولا يعمل به لان النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود وإسناده صحيح لم يذكر هذا ثم الميت لا يسمع ولا يدري ما يقال له في هذه الحال فكيف يلقن ليس حيا حتى نلقنه هو ميت الآن انتهى من دار العمل وصار في دار الجزاء المهم أن تلقين الميت المدفون غير صحيح فلا يعمل به ثم ذكر حديث زيارة القبور كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها لما كان المسلمون حديثي عهد بكفر نهى عنها خوفا من تعظيمها والتبرك بها ودعا أهلها فلما وقر الاسمان في القلوب واستقر أمر بها فقال - صلى الله عليه وسلم - كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فنهى أولا وأمر ثانيا وبين الحكمة من هذا قال إنها تذكر الآخرة وفي لفظ تذكر الموت وصدق نبينا - صلى الله عليه وسلم - الإنسان إذا زار المقبرة من يزور يزور أباه أخاه عمه خاله قريبه صديقه صاحبه من كان معه بالأمس على ظهر الأرض يمشي ويذهب ويجيء ويعمل اصبح الآن رهينا في قبره لا يملك نفعا ولا ضرا يتمنى أن في ميزان حسناته حسنة واحدة يتمنى انه لم يخرج من الدنيا حتى عمل صالحا لان الله قال ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال ربي أرجعون) يعني إلى الدنيا لعلي اعمل صالحا فيما تركت لكن فات الأوان ذهب وقت العمل كنت في سعة كنت في الامكان أن تزيد من العمل الصالح لكن بعد الموت لا عمل فأن ترى هؤلاء الذين هم مرتهنون في قبورهم وهم بالأمس كانوا على ظهر الأرض اصح منك بدنا أذكى منك ذهنا واسد منك عقولا يقولون ويفعلون ويأمرون وينهون(4/64)
اصبحوا الآن لا حراك لهم مرتهنين بأعمالهم ولا شك أن هذا يذكر الإنسان الآخرة يذكره الموت لانه لا يدري لعله بعد سويعات قليلة يكون من أصحاب القبور لا يدري لا يتذكر الإنسان فلهذا أمر النبي- صلى الله عليه وسلم - بزيارة القبور من كفاء المفسدة وحصول المصلحة قال ( زوروا القبور فانها تذكر الآخرة ) فزيارة القبور سنة ينبغي للإنسان أن يخرج من بيته إلى المقبرة امتثالا لامر من؟ لامر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيقف على القبور ويسلم عليهم بما يأتي ذكره أن شاء الله تعالى ويدعوا لهم كما جاءت بذلك السنة ويزور المقبرة في أي وقت في الصباح في المساء في وسط النهار في الليل في أي ساعة لان النبي- صلى الله عليه وسلم - لم يحدد يعني لم يقل زوروها في الوقت الفلاني وهو نفسه صلوات الله وسلامه عليه زار المقبرة في الليل خرج إلى البقيع وسلم عليهم عليه الصلاة والسلام ودعا لهم ولكن لا يحل للمرأة أن تزور المقبرة بل زيارة المرأة للمقبرة من كبائر الذنوب لان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور واللعن هو الطرد والابعاد عن رحمة الله فال يحل للمراة أن تخرج من بيتها إلى المقبرة أو تزورها أي قبر كان ولهذا نأسف أننا نرى في أحد نساء يزرن قبور الشهداء شهداء أحد وهذا حرام عليهن وهن ملعونات غير مأجورات سواء كررن الزيارة أو لم يزرن إلا مرة واحدة لا النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور يعني ولو مرة واحدة أما لو مرت المرأة بالمقبرة مقبرة غير مسورة وسلمت وهي ماشية فلا بأس لكن أن تخرج من بيتها لقصد الزيارة فهي آثمة فاعلة كبيرة ملعونة على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -
والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
588- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اَلنَّائِحَةَ , وَالْمُسْتَمِعَةَ " أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ . (????)(4/65)
589- وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: " أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لَا نَنُوحَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
590- وَعَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - عَنِ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " اَلْمَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْه ِ (????) .
591- وَلَهُمَا: نَحْوُهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَة َ (????) .
592- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: " شَهِدْتُ بِنْتًا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُدْفَنُ , 151 وَرَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ عِنْدَ اَلْقَبْرِ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????) .
النَّسَائِيّ َ (????)
593- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا " أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه ْ (????) . وَأَصْلُهُ فِي "مُسْلِمٍ", لَكِنْ قَالَ: زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ اَلرَّجُلُ بِاللَّيْلِ, حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.
بسم الله الرحمن الرحيم(4/66)
هذه الأحاديث ساقا الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام فيما يتعلق بالجنائز منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن النائحة والمستمعة قال العلماء النائحة هي التي تبكي برنة كما تنوح الحمامة تبكي على الميت لان هذا البكاء ليس بكاء طبيعيا تجلبه الطبيعة والجبلة لكنه بكاء متكلف ينبئ عن جزع وسخط فإذا قامت المرأة تبكي بنياحة برنة كأنما تنوح الحمام فأنها ملعونة على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن النبي- صلى الله عليه وسلم - النائحة والمستمعة يعني التي تستمع إليها تجلس عندها وتستمع لان هذه المستمعة تشجعها على فعلها وتشهد منكرا ومن شهد منكرا فكفاعله لقول الله تعالى ( وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديثا غيره إنكم إذا مثلهم ) وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - انه قال في النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تقام يوم القيامة من قبرها وعليها سربال من قطران ودرع من جرب والعياذ بالله تلبس سربال ثوب ودرع الدرع يكون عبارة عن جرب يكون في جسدها والسربال من قطران والقطران معروف سريع الاشتعال سيئ العلقة فهي تقام يوم القيامة على هذا الوجه والعياذ بالله وهذا يدل على أن النياحة من كبائر الذنوب واخبر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم أن الميت يعذب بما نيح عليه يعني بسبب النياحة عليه يعذب في قبره وهذا الحديث قال بعض العلماء انه للميت إذا أوصى أن يناح عليه وقال بعض العلماء انه في الميت الذي يعلم من أهله انهم ينوحون ولم ينههم والصحيح انه عام ولكن هذا العذاب ليس عذاب عقوبة بل عذاب تأذي ونظير هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السفر قطعة من العذاب يعني عذاب التأذي ليس عذاب العقوبة فالميت في قبره إذا ناح عليه أهله تأذى بذلك تعب ضميره ولم يسترح بل وكذلك إذا بكى أهله عليه حتى البكاء إلا إذا كان بكاءً تقتضيه الطبيعة فهذا لا بأس به فقد شوهد(4/67)
النبي صلى الله عليه وعلى أهله وصحبه وسلم عند قبر ابنته وهي تدفن وعيناه تذرفان عليه الصلاة والسلام فالبكاء الطبيعي الذي لم يتكلف وليس فيه نياحة لا بأس به ولا يعذب الميت عليه لكن البكاء المتكلف أو النياحة يعذب الميت عليه في قبره وقوله عليه الصلاه والسلام النائحة ليس هذا خاصا بالنساء لكن لما كان الغالب أن الذي ينوح هن النساء جاء الوعيد فيهن وإلا فلو ناح الرجل لكن مثل المرأة أو اشد لانه متشبه بالنساء فلو قام الرجل ينوح على ميت له من ابن أو أخ أو عم دخل في الحديث لان ما ثبت في النساء ثبت في الرجل إلا بدليل نسال الله أن يحمينا من أسباب غضبه وعقابه
والله الموفق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أهله وصحبه وسلم
نقل المؤلف رحمه الله في سياق الأحاديث في كتاب الجنائز
593- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: " لَا تَدْفِنُوا مَوْتَاكُمْ بِاللَّيْلِ إِلَّا أَنْ تُضْطَرُّوا " أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه ْ (????) . وَأَصْلُهُ فِي "مُسْلِمٍ", لَكِنْ قَالَ: زَجَرَ أَنْ يُقْبَرَ اَلرَّجُلُ بِاللَّيْلِ, حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ.
594- وَعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرٍ -حِينَ قُتِلَ- قَالَ اَلنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - "اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا, فَقَدْ أَتَاهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ" " أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ, إِلَّا النسائي.(4/68)
595- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى اَلمَقَابِرِ: " اَلسَّلَامُ عَلَى أَهْلِ اَلدِّيَارِ مِنَ اَلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ, وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اَللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ, أَسْأَلُ اَللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ " رَوَاهُ مُسْلِم ٌ (????) .
596- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: " مَرَّ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُبُورِ اَلْمَدِينَةِ, فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: "اَلسَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ اَلْقُبُورِ, يَغْفِرُ اَللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ, أَنْتُمْ سَلَفُنَا وَنَحْنُ بِالْأَثَرِ" " رَوَاهُ اَلتِّرْمِذِيُّ, وَقَالَ: حَسَن ٌ (????) .
597- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ, فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا قَدَّمُوا " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (????) .
598- وَرَوَى اَلتِّرْمِذِيُّ عَنِ اَلمُغِيرَةِ نَحْوَهُ, لَكِنْ قَالَ: " فَتُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ " (????) .
بسم الله الرحمن الرحيم(4/69)
هذه الأحاديث في باب الجنائز في بلوغ المرام منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الدفن ليلا وهذا إذا كان يؤدي إلى تفريط أو نقص فيما يجب للميت فإنه ينهى عنه حتى يصبح الناس ويأتون بما يلزم أما إذا كان يحصل كل ما ينبغي من تغسيل وتكفين وصلاة ودفن فإن الدفن في الليل ليس بمكروه لان ثبت انه ماتت امرأة كانت تقم المسجد فدنها الصحابة ليلا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هلا كنتم اعلمتموني واقرهم على ذلك فالدفن في الليل إذا استوفي الناس ما يلزم مت تغسيل وتكفين وصلاة ودفن فلا باس به وفي الأحاديث التي ساقها المؤلف انه لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - اصنعوا لأل جعفر طعاما فقد اتاهم ما يشغلهم وجعفر هو ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان رضي الله عنه قد استشهد في غزوة مؤتة فجاء الخبر فحزن عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وامر أهله أن يصنعوا لأل جعفرا طعاما وعلل ذلك بانه اتاهم ما يشغلهم من الخبر بموت جعفر رضي الله عنه فسيكون معهم حزن وانشغال عن صناعة الطعام فاراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يصنع لهم الطعام كالمعاونة لهم على ما اصابهم وعلى هذا فإذا اصيب الإنسان بموت قريبه من اب أو أخ أو غيره فإنه يسن أن يرسل بطعام إلى أهل الميت لكن طعام يكفيهم فقط ليس كالولائم كما يفعله بعض الناس اليوم تجدهم يبعثون بالغنم والطعام وغير ذلك ويجتمع الناس وكأنه حفل عرس وهذا من البدع وقد ذكر أهل العلم انه مكروه وهذا اقل احواله أن يكون مكروها وقد يصل إلى درجة التحريم لكن إذا كان أهل عشرة مثلا فلا باس إذا راينا انهم سوف ينشغلون عن صنع الطعام أن نرسل إليهم ما يكفيهم ولهذا لم يات النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل جفعر ولم يات الصحابة إليهم خلافا لما يفعله بعض النس اليوم في بعض البلاد تجدهم يصنعون الولائم الكثيرة ويحضر الناس الكثيرون ويجتمعون عليها(4/70)
وكأنهم في وليمة عرس فهؤلاء اضاعوا اموالهم وفعلوا ما ينهي عنه وأما حديث بريدة بن الحصيب فهو في زيارة المقابر إذا خرج الانسا الىالمقبرة فإنه يقف على القبور ويسلم عليهم يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين نسألأ الله لمنا ولكم العافية اللهم لا ترحمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ثم ينصرف ولا يحتاج أن يقرأ قرانا يقول ثوابه لهم أو يذكر ذكرا ويقول ثوابه لهم بل يقتصد على ما جاءت به السنة والحديث الاخير حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا تسبوا الأموات يعني لا تعيبوهم ولا تذكروهم بسوء فإنهم افضوا إلى ما قدموا حتى لو كانوا فساقا في حال الحياة وماتوا على الفسق فإنك لا تعيبهم ولا تسبهم بفسقهم لا تكن فلان فعل اوفعل لانه افضى إلى ما قدم وحسابه على الله عز وجل وفي حديث الترمذي فتؤذوا الأحياء يعني إذا سمعكم الأحياء تسبون امواتهم آذيتموهم فالحاصل انه لا يجوز سب الأموات النهم افضوا إلى ما قدموا والله الموفق
---
[1] - هذا اللفظ وقع في بعض الروايات كما هو هنا، وجاء في بعضها "هادم" وفي بعض آخر "هازم". أي: جاء بالذال المعجمة، وبالدال المهملة، وبالزاي، وكل ذلك له وجه فالأول بمعنى القطع. والثاني بمعنى: الهدم. والثالث بمعنى: القهر والغلبة. المراد بذلك كله: الموت.
[2] - صحيح. رواه الترمذي (2307)، والنسائي (4/4)، وابن حبان (2992) وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب". قلت: ولو اقتصر رحمه الله على التحسين لكان أولى إذ لا وجه للغرابة. والله أعلم. وقد زاد ابن حبان في "صحيحه": "فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه، ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه" وسندها حسن كإسناد أصل الحديث. وإنما صححت الحديث لشواهده الكثيرة. وهي مخرجة في "الأصل".
[3] - صحيح. رواه البخاري (5671)، ومسلم (2680).(4/71)
[4] - ووقع في"أ" : "الترمذي" وهو خطأ.
[5] - صحيح. رواه الترمذي (982)، والنسائي (4/5-6)، وابن ماجه (1452)، وللحديث إسناد عند النسائي على شرط الشيخين، وله شاهد صحيح عن ابن مسعود.
[6] - أي: اذكروا وقولوا لمن حضره الموت؛ ليكون آخر كلامه: لا إله إلا الله.
[7] - صحيح. أما حديث أبي سعيد: فرواه مسلم (916)، وأبو داود (3117)، والنسائي (4/5)، والترمذي (976)، وابن ماجه (1445). وقال الترمذي: "حسن غريب صحيح". وأما حديث أبي هريرة: فرواه مسلم (917)، وابن ماجه (1444)، وزاد البزار بسند صحيح على شرط مسلم: "فإنه من كان آخر كلمته: لا إله إلا الله. عند الموت، دخل الجنة يوما من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه".
[8] - ضعيف. رواه أبو داود (321)، والنسائي في: "عمل اليوم والليلة" (1074)، وابن حبان (3002)، وله عدة علل فصلت فيها القول بالأصل، وتجد هناك أيضا الرد على تأويل ابن حبان للحديث.
[9] - قال النووي (5/476-477): "بفتح الشين، ورفع بصره، وهو فاعل شق، هكذا ضبطناه وهو المشهور، وضبط بعضهم بصره بالنصب وهو صحيح أيضا، والشين مفتوحة بلا خلاف.. وهو الذي حضره الموت، وصار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه".
[10] - صحيح. رواه مسلم (920).
[11] - صحيح. رواه البخاري (5814)، ومسلم (942).
[12] - صحيح. رواه البخاري (8/146-147 و 10/166/فتح).
[13] - صحيح. رواه أحمد (2/440 و 475 و 508)، والترمذي (1078) و (1079)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن". قلت: هو صحيح؛ إذ له شواهد عن أربعة من الصحابة ذكرتها "بالأصل".
[14] - صحيح. رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206)، وتمامه: "ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا. (وفي رواية: فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي).(4/72)
[15] - حسن. رواه أحمد (6/267)، وأبو داود (3141)، ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم من رجل إلا وذقنه في صدره، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو: أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسلوه وعليه قميصه، يصبون الماء فوق القميص، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم. وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه.
[16] - صحيح. رواه البخاري (1253)، ومسلم (939) (36).
[17] - صحيح. رواه البخاري (167)، ومسلم (939) (42 و 43).
[18] - صحيح. وهذا اللفظ عند البخاري برقم (1263).
[19] - صحيح. رواه البخاري (1264)، ومسلم (841). سحولية: بضم السين المهملة ويروى بالفتح، نسبة إلى سحول؛ قرية باليمن، وقال الأزهري: بالفتح: المدينة. وبالضم: الثياب. وقيل: النسب إلى القرية بالضم، وأما بالفتح فنسبة إلى القصار؛ لأنه يسحل الثياب؛ أي: ينقيها. الكرسف: بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنة هو: القطن .(4/73)
[20] - صحيح. رواه البخاري (1269)، ومسلم (2400). هذا وقد جاءت أحاديث أخرى يتعارض ظاهرها مع حديث ابن عمر، وجواب ذلك مبسوط في "سبل السلام" وغيره "كالفتح". "تنبيه": أخذ بعضهم كالإسماعيلي وابن حجر وغيرهما من هذا الحديث جواز طلب آثار أهل الخير منهم للتبرك بها!! وأقول: كلا. فهذا يجوز فقط -أي: التبرك- بآثار النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره من أهل الخير والصلاح، ودليلنا على هذا، هو ذلك الأصل الأصيل، الذي نجهر به ليل نهار، ونعلمه كل الناس، ألا وهو: "على فهم السلف الصالح" وتلك هي التي تميز أصحاب الدعوة السلفية عن غيرهم من أصحاب الدعوات الأخرى، سواء كانت مذهبية فقهية، أو دعوية فكرية، أو منهجية حزبية. وهذا المثال من الأمثلة الواضحة على أنه بدون هذا القيد يلج الإنسان إلى الابتداع من أوسع أبوابه، والعياذ بالله، ففي السنة نجد أن الصحابة رضي الله عنهم تبركوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم، وبعرقه، وبغير ذلك من آثاره صلى الله عليه وسلم كما في "الصحيحين" وغيرهما. ولكن هل نجد الصحابة أو السلف الصالح في القرون الثلاثة المفضلة قد فعلوا ذلك بآثار أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم؟ لا شك أن كل منصف سيقول: لا لم نجد؟ فنقول: لو كان ذلك خيرا لسبقونا إليه، ولكن لما لم يفعلوا ذلك وجعلوه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم، وجب علينا أن لا نتعدى فهمهم، وإلا وقعنا في مثل ما يقع فيه كثير من الناس في البدع والضلالة بسبب طرحهم لهذا القيد "على فهم السلف الصالح" وإلا فكثير من هؤلاء -إن لم يكن كلهم- مع ضلالهم يقولون بوجوب الأخذ بالكتاب والسنة. وأخيرا أذكر بعض من تصدر المجالس والندوات في أيامنا هذه أن هذا الأصل له أدلته من كتاب الله عز وجل ومن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لا كما ذكر أحدهم في بعض دروسه! من أنه طوال حياته العلمية! لا يعرف إلا الكتاب والسنة وهكذا تلقى من مشائخه! إلى أن ابتدع السلفيون هذا القول. وعلى أية(4/74)
حال كل ذلك مفصل في رسالتي "السلفيون المفترى عليهم" والحمد لله أولا وآخرا.
[21] - صحيح. رواه أحمد (3426)، وأبو داود (4061)، والترمذي (994)، وابن ماجه (3566). وقال الترمذي: "حسن صحيح".
[22] - صحيح. رواه مسلم (943)، وأوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما. فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه. إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث. وانظر رقم (593) الآتي.
[23] - صحيح. رواه البخاري (1343).
[24] - ضعيف. رواه أبو داود (3154).
[25] - صحيح. رواه مسلم (943)، وأوله: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما. فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه. إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحديث. وانظر رقم (593) الآتي.
[26] - صحيح. رواه البخاري (1343).
[27] - ضعيف. رواه أبو داود (3154).
[28] - صحيح. رواه أحمد (6/228)، وابن ماجه (1465)، وفي"أ" : "لغسلتك".
[29] - حسن. رواه الدارقطني (2/79/12).
[30] - صحيح. رواه مسلم (1695).
[31] - حسن. رواه مسلم (978). مشاقص: جمع مشقص، وهو نصل عريض.
[32] - هذه الزيادة غير موجودة بالأصلين، ولكنها في النسخ المطبوعة وأيضا في "الشرح"، وهي أيضا من الحديث ولذلك أبقيتها.
[33] - صحيح. رواه البخاري (458)، ومسلم (956).
[34] - حسن. رواه أحمد (5/385 و 406)، والترمذي (986)، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح". وما في هذا الحديث من النهي عن النعي مطلقا مقيد بأحاديث أخر كالحديث التالي مثلا، فليس المراد بالنهي كل نعي.
[35] - صحيح. رواه البخاري (1245)، ومسلم (951) (62).
[36] - حسن. رواه مسلم (948).
[37] - صحيح. رواه البخاري (3/201/فتح)، ومسلم (964).(4/75)
[38] - صحيح. رواه مسلم (973).
[39] - صحيح. رواه مسلم (957)، وأبو داود (3197)، والنسائي (4/72)، والترمذي (1023)، وابن ماجه (1505).
[40] - صحيح. رواه مسلم (957)، وأبو داود (3197)، والنسائي (4/72)، والترمذي (1023)، وابن ماجه (1505).
[41] - صحيح. رواه غير سعيد بن منصور جماعة، وصححه ابن حزم في "المحلى" (5/126).
[42] - رواه البخاري (4004) بلفظ: أن عليا رضي الله عنه كبر على سهل بن حنيف، فقال: إنه شهد بدرا.
[43] - رواه الشافعي في "المسند" (1/209/578) وسنده ضعيف جدا من أجل شيخ الشافعي ابن أبي يحيى فهو "متروك" وأعله الصنعاني في "السبل" بعلة ليست بعلة.
[44] - صحيح. رواه البخاري (1335).
[45] - كذا بالأصلين، وهي رواية لمسلم، وهو كذلك "بالشرح".
[46] - صحيح. رواه مسلم (963)، وزاد: قال عوف: فتمنيت أن لو كنت أنا الميت؛ لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الميت.
[47] - صحيح. رواه أبو داود (3201)، والترمذي (1024)، وابن ماجه (1498)، وقد أعل هذا الحديث بما لا يقدح، وبيان ذلك في "الأصل". "تنبيه": وهو الحافظ في عزوه الحديث لمسلم.
[48] - حسن. رواه أبو داود (3199)، وابن حبان (3076).
[49] - صحيح. رواه البخاري (1315)، ومسلم (944) (50).
[50] - صحيح. رواه البخاري (3/196/فتح)، ومسلم (945) (52).
[51] - صحيح. وهذه الرواية في مسلم (2/653).
[52] - صحيح. رواه البخاري (47) وتمامه: "ومن صلى عليها، ثم رجع قبل أن تدفن، فإنه يرجع بقيراط".
[53] - صحيح. رواه أحمد (4539)، وأبو داود (3179)، والنسائي (4/56)، والترمذي (1007 و 1008)، وابن ماجه (1482)، وابن حبان (766 و 767 و 768 موارد). وما أعل به الحديث، فليس بقادح، وقد أجبت عنه في "ناسخ الحديث" (327) لابن شاهين، وأيضا في الأصل.
[54] - صحيح. رواه البخاري (1287)، ومسلم (938)، وانظر "ناسخ الحديث" (314).(4/76)
[55] - صحيح. رواه البخاري (1310)، ومسلم (959) (77)، واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري مثله إلا أن عنده: "فلا يقعد".
[56] - صحيح. رواه أبو داود (3211).
[57] - صحيح. رواه أحمد (2/27 و 40 و 59 و 69 و 127-128)، وأبو داود (3213)، وابن حبان (3110)، وفي رواية: "وعلى سنة رسول الله". وأما إعلال الدارقطني رحمه الله للحديث بالوقف فمجاب عليه "بالأصل". "تنبيه": إطلاق العزو هكذا للنسائي غير جيد، فإن الحديث عند النسائي في "عمل اليوم والليلة".
[58] - صحيح. رواه أبو داود (3207).
[59] - صحيح. رواه أحمد (2/27 و 40 و 59 و 69 و 127-128)، وأبو داود (3213)، وابن حبان (3110)، وفي رواية: "وعلى سنة رسول الله". وأما إعلال الدارقطني رحمه الله للحديث بالوقف فمجاب عليه "بالأصل". "تنبيه": إطلاق العزو هكذا للنسائي غير جيد، فإن الحديث عند النسائي في "عمل اليوم والليلة".
[60] - صحيح. رواه أبو داود (3207).
[61] - ضعيف. رواه ابن ماجه (1617)، وهذه اللفظ ليست من الحديث، وإنما هي تفسير من بعض الرواة.
[62] - بوصل الهمزة وفتح الحاء، ويجوز بقطع الهمزة وكسر الحاء. واللحد: هو الشق تحت الجانب القبلي من القبر.
[63] - صحيح. رواه مسلم (966).
[64] - رواه البيهقي (3/407)، وابن حبان (8/218/6601) وهو معلول.
[65] - صحيح. رواه مسلم (970).
[66] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (2/76/1).
[67] - ضعيف جدا. رواه الدارقطني (2/76/1).
[68] - صحيح. رواه أبو داود (3221)، والحاكم (1/370) وفي "أ": "واسألوا".
[69] - ضعيف.
[70] - ضعيف. وتفصيل الكلام على هذا الحديث والأثر السابق تجده "بالأصل"، وفيه رد على كلام الحافظ في "التلخيص".
[71] - صحيح. رواه مسلم ( 977 )، وتمامه: "ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا فيه الأسقية كلها. ولا تشربوا مسكرا ".(4/77)
[72] - صحيح. رواه الترمذي ( 1054 )، وقال: "حديث حسن صحيح".
[73] - ضعيف. رواه ابن ماجه ( 1571 ).
[74] - صحيح. رواه الترمذي ( 1056 )، وابن حبان ( 3178 )، وله شواهد. وقد ذكرتها وذكرت ألفاظها، وتكلمت على أسانيدها في رسالة "القول المأثور بما ورد في زيارة المرأة للقبور" وعسى أن يطيع قريبا.
[75] - ضعيف . رواه أبو داود (3128) .
[76] - ضعيف . رواه أبو داود (3128) .
[77] - صحيح. رواه البخاري ( 1306 )، ومسلم ( 936 ).
[78] - صحيح. رواه البخاري ( 1292 )، ومسلم ( 927 ) ( 17 ).
[79] - صحيح. رواه البخاري ( 1291 )، ومسلم ( 933 )، ولفظه: "من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه" زاد مسلم: "يوم القيامة".
[80] - صحيح. رواه البخاري ( 1285 ).
[81] - حسن. رواه أحمد ( 1 / 205 )، وأبو داود ( 3132 )، والترمذي ( 998 )، وابن ماجه ( 1610 )، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
[82] - صحيح. رواه ابن ماجه ( 1521 ).
[83] - صحيح. رواه ابن ماجه ( 1521 ).
[84] - صحيح. رواه مسلم ( 975 ).
[85] - ضعيف. رواه الترمذي ( 1053 ) وقال: حديث حسن غريب. قلت: وهذا الحديث ضعيف؛ لضعف سنده -وإن كان هناك ما يشهد له- خاصة وإن هذا الحديث فيه جملة منكرة.
[86] - صحيح. رواه البخاري ( 1393 ).
[87] - صحيح. رواه الترمذي ( 1982 ).(4/78)
كِتَابُ اَلزَّكَاةُ
599- عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا - رضي الله عنه - إِلَى اَلْيَمَنِ... " فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ, وَفِيهِ: " أَنَّ اَللَّهَ قَدِ اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ, تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ, فَتُرَدُّ في (???) فُقَرَائِهِمْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(5/1)
لما ختم المؤلف رحمه الله تعالى ما يتعلق بالصلاة ذكر ما يتعلق بالزكاة وذلك لان الإسلام بني على خمسة أركان الأول شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله والثاني أقام الصلاة الثالث إيتاء الزكاة والرابع صوم رمضان والخامس حج البيت رتب الفقهاء رحمهم الله الفقه في العبادات على هذا الترتيب فبدءوا بالصلاة وقبلها الطهارة لأنها اكثر شروطها أحكاما ثم انتهت الصلاة أخرها الصلاة على الجنائز فذكروا الزكاة وهي حق المال والله عز وجل حكيم اختبر العباد بعدة أشياء أولا الصلاة اعملا بدنية لها شروط تتقدمها أيضا اعمل بدنية أيضا كالطهارة والزكاة عمل مالي والإنسان مجبول على محبة المال والصوم كف النفس عن الشهوات الأكل والشرب والجماع وما يتبع ذلك والحج عمل مالي وبدني لذلك كان الإنسان إذا أتى بهذا العبادات المتنوعة على الوجه الذي يرضي الرب عز وجل كان ذلك دليلا على تمام استسلامه لله تعالى وانه يقول سمعنا واطعنا فالزكاة حق واجب في مال معين ليس جميع الأموال تجب فيها الزكاة فهي واجبة في أموال معينة تبين إن شاء الله فيما بعد واختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل فرضت الزكاة في مكة أو المدينة واجمعوا على أن الصلاة فرضت لكن الزكاة اختلفوا فيها فقيل فرضت في مكة ولكن الأموال التي تجب فيها الزكاة ومقاديرها ومقادير النصاب واهل الزكاة هذه في المدينة وقيل بل فرضت الزكاة في المدينة في السنة الثانية وعلى كل حال اجمع المسلمون على أنها أحد أركان الإسلام وان من جحد وجوبها فإنه كافر ولو أداها يعني لوا أحد قال الزكاة غير واجبة لكني سأؤديها تطوعا صار كافرا والعياذ بالله لان هذه من المسائل التي اجمع المسلمون عليها إجماعا ضروريا معلوما بالضرورة من الدين ومن اقر بوجوبها ولكن تركها بخلا فقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل يكفر أم لا فعن الإمام احمد رواية انه يكفر وقال بذلك كثير من العلماء والصحيح انه لا يكفر لكن عليه هذا(5/2)
الوعيد العظيم والعياذ بالله انه إذا كانت يوم القيامة أحميت على النار وصفحت صفائح من نار يكوي بها جنبه وجبينه وظهره وانه يمثل له ماله شجاعا اقرع يعني حية كبيرة ليس على رأسها شعر من كثرة السم له ذبيبتان يعني غدتان مملوئتان من السم والعياذ بالله يأكل بشدقيه ويقول أنا كنزك أنا مالك ففيها وعيد شديد لمن تركها لكنه لا يكفر على القول الراجح وللأسف الشديد أن بعض الناس اليوم يتخذ الزكاة مغرما كأنها ضريبة أو غرم كأنه لا يربح منها والعياذ بالله فتجده يحاول بكل وسيلة أن لا يؤديها حتى يسال العلماء من هنا وهناك لعله يجد قولا بعدم وجوب الزكاة عليه في شيء منالمال وهذا من الشيطان والعياذ بالله كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر ) فالزكاة والله غنيمة لا ينفع الإنسان من ماله إلا ما أنفقه لله عز وجل ثم ذكر المؤلف حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذا إلى اليمن وكان بعثه إياه في السنة العاشرة في ربيع الأول بعثه إلى اليمن داعيا وقاضيا وحاكما رضي الله عنه ثلاث وظائف داعيا إلى الإسلام وقاضيا يقضي بين الناس وحاكما يحكم عليهم بمنزلة الأمير فبعثه إلى اليمن وبعث معه أبا موسى الاشعري وقال لكل واحد منها اذهب إلى جهة وتقاربا ولا تختلفان بعثه إلى اليمن وأمره أن يدعوهم أولا إلى التوحيد شهادة أن لا آله إلا الله وان محمدا رسول الله ثم إلى الصلاة ثم إلى الزكاة وقال في الزكاة أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم والأغنياء جمع غني والمراد به هنا من يملك نصابا زكويا هذا الغني حتى وإن كان عند الناس ليس بغني لكن عنده نصابا تجب فيه الزكاة وترد في فقرائهم والفقراء قيل المراد بهم من كان في عرف الناس فقيرا وقيل المراد الذين لا يجدون كفايتهم المهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال أعلمهم أن الله افترض عليهم(5/3)
صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وسيأتي إن شاء الله بقية الكلام على الحديث
والله اعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين قال المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في كتاب الزكاة
599- عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: " أَنَّ اَلنَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذًا - رضي الله عنه - إِلَى اَلْيَمَنِ... " فَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ, وَفِيهِ: " أَنَّ اَللَّهَ قَدِ اِفْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ, تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ, فَتُرَدُّ في (???) فُقَرَائِهِمْ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيّ ِ (???) .
604- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " لَيْسَ عَلَى اَلْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا] فِي [ فَرَسِهِ صَدَقَةٌ " رَوَاهُ اَلْبُخَارِيّ ُ (???) .
وَلِمُسْلِمٍ: " لَيْسَ فِي اَلْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةُ اَلْفِطْرِ " (???) .
بسم الله الرحمن الرحيم(5/4)
سبق لنا بيان حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذً إلى اليمن وأمره أن يدعوهم إلى شهادة أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله ثم إلى الصلاة ثم إلى الزكاة لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم الغني في هذا الباب هو الذي يملك نصابا زكويا واما الفقراء فهم الذين لا يجدون الكفاية وقوله فقرائهم قال أهل العلم أي فقراء اليمن لان زكاة كل قوم في مكانهم فلا تصرف الزكاة إلى بلد أخر مع وجود مستحقين في بلد المال لان المستحقين في بلد المال قد تعلقت نفوسهم بالمال وشارفوا للزكاة وهم في حاجة وهم أهل لها فالأقربون أولى بالمعروف نعم لو فرض أن الذين في البلد حاجتهم يسيرة وأن الذين ليسوا في البلد حاجتهم اشد فربما يسمح في ذلك أن يدفع الإنسان زكاته إلى الفقراء الذين هم اشد حاجة أما مع التساوي فإنه لا يجوز إخراجها عن بلدها بل تصرف في نفس البلد قال أهل العلم وما كان حوله مما لا يعد سفرا فإنه مثل أهل البلد مثل أن يكون حول المدينة قري صغيرة ليست بعيدة عنها فإن أهلها يعطون من الزكاة أما حديث أبي هريرة فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس على المسلم في عبده أو فرصه صدقه العبد الذي اختاره الإنسان ليخدمه ويقضي حاجاته ليس فيه صدقه وكذلك الفرس الذي أعده للركوب وقضاء الحاجة هذا ليس فيه زكاة وأما عبد التجارة الذي يكون عنده عبيد يبيع ويشتري فيهم ففيهم زكاة العروض كما سيأتي إن شاء الله وكذلك تجارة الخيل يبيع ويشتري في الخيل فعليها زكاته أما إنسان عنده خيل يستعملها في حاجاته أو يؤجرها فلا زكاة عليه وكذلك السيارات لو كان عند إنسان سيارات أعدها لنفسه لركوبه هو وأهله فلا زكاة فيها وكذلك السيارات المعدة للأجرة ليس فيها زكاة والعقارات المعدة للأجرة ليس فيها زكاة لأنها كله يتخذها الإنسان لنفسه فهي كالفرس والعبد ولله الموفق(5/5)