إرشاد الأنام إلى معرفة أحاديث الأحكام
? أولا : كتاب الطهارة وهو على عدة أبواب
? الأول : باب المياه و هو على عدة أبواب :
1. باب طهارة ماء الثلج و البرد
1. عن عائشة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ وفيه " اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ................. " متفق عليه .
2. )) عن أبي هريرة نحوه متفق عليه
3. )) عن عَبْدَ(1)اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ مِلْءُ السَّمَاءِ وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بِالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْمَاءِ الْبَارِدِ اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْوَسَخِ "رواه مسلم
4. )) عن عوف بن مالك قال : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ ......." رواه مسلم
? باب طهورية ماء البحر
__________
(1) هو علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي ، مات بالكوفة ، روى له الجماعة شهد الحديبية ، و في كتاب الجهاد من البخاري يدل على أنه شهد الخندق(1/1)
1. )) عن أبي هريرة يقول سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ " رواه الخمسة
? الإسناد : صحيح ، رجاله ثقات ، رجال الشيخين إلا
1. )) المغيرة بن أبي بردة ،قد وثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات ،و قال أبوداود ( معروف )
2. )) سعيد بن سلمة ، قد اختلف في اسمه ، ووثقه النسائي ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وروى له أصحاب السنن هذا الحديث
? من صححه :1) البخاري كما في العلل الكبير للترمذي
? 2) صححه الترمذي ، و ابن حبان ، و البغوي ، الطحاوي و آخرون
? قال ابن عبد البر (( هو عندي حديث صحيح ، لأن العلماء تلقوه بالقبول له ، و العمل به ، و لا يخالف في جملته أحد من الفقهاء .. )) التمهيد
? دليل من قال لا يتوضأ بماء البحر
1) عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" لَا يَرْكَبُ الْبَحْرَ إِلَّا حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ تَحْتَ الْبَحْرِ نَارًا وَتَحْتَ النَّارِ بَحْرًا" رواه سعيد بن منصور في سننه ، ومن طريقه أبوداود ، والبيهقي
? إسناده ضعيف و فيه ثلاث علل :
? الأولى : الاضطراب في إسناده
? الثانية : ضعف بشير بن مسلم
1 ) ذكره ابن حبان في الثقات من أتباع التابعين ، وعليه فلا يمكن أن يروي عن عبد الله بن عمرو .
2 ) و أشار البخاري في التاريخ الكبير إلى أن بينه و بين عبد الله بن عمرو رجل
3 ) سكت عليه ابن أبي حاتم
4 ) قال في التقريب : مجهول(1/2)
? الثالثة : ضعف بشر أبي عبد الله الكندي ، لم يرو عنه إلا مطرف ، و لم يوثقه أحد ، قال الذهبي : لا يكاد يعرف . تهذيب التهذيب
? ممن ضعف هذا الحديث :
1 ) قال البخاري : لم يصح حديثه . التاريخ الكبير
2 ) قال ابن عبد البر : و هو حديث ضعيف مظلم الإسناد ، لا يصححه أهل العلم بالحديث ؛ لأن رواته مجهولون ، لا يعرفون ، وحديث أم حرام يرده . التمهيد
3 ) الخطابي في معالم السنن ، النووي في المجموع
(2) عن عبد الله بن عمرو ، قال : ماء البحر لا يجزي من وضوء و لا جنابة ، إن تحت البحر نارا ، ثم ماء ، ثم نار " رواه ابن أبي شيبة ، البيهقي ، عبد الرزاق
? إسناده : صحيح ، وعنعنة قتادة قد روى عنه شعبة ، وهو لا يحمل عنه إلا ما صرح فيه بالتحديث ، لكن لا حجة بالموقوف إذا خالف المرفوع
4 ) عن ابن عمر يقول : التيمم أحب إلي من الوضوء من ماء البحر " رواه ابن أبي شيبة ، ابن المنذر في الأوسط
? إسناده : صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين
? باب : الأصل في الماء الطهارة
1 قوله تعالى " .. فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طيِّبًا .. "
2 )) عن أبي سعيد الخدري قال : قيل يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَالنَّتَنُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ قَالَ الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ " رواه أحمد ، و أبوداود ، و الترمذي ، و النسائي ، وابن ماجة ، والدارقطني ، والبيهقي ، و رواه الحاكم من حديث ابن عباس
? إسناده : صحيح بشواهده، صححه أحمد بن حنبل ، يحي بن معين، ابن حزم ، الحاكم ، ابن الملقن ، جود أبو أسامة إسناده ، حسنه الترمذي ، قال البغوي : ( إسناده صحيح ) صححه النووي في المجموع ، ابن تيمية في الفتاوي، صححه الألباني في الإرواء ، شعيب في تحقيق المسند(1/3)
3 ) الإجماع : قد نقله ابن تيمية ، قال : الفقهاء كلهم اتفقوا على أن الأصل في الأعيان الطهارة ، وأن النجاسات محصاة مستقصاة ، وما خرج عن الضبط والحصر فهو طاهر ، كما يقولونه فيما ينقض الوضوء ويوجب الغسل ، وما لايحل نكاحه وشبه ذلك "
4 ) قوله تعالى : " وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ "
? قال ابن تيمية على هذه الآية : التفصيل :التبيين ، فبيَّن المحرمات ، فما لم يبين تحريمه ليس بمحرم ، وما ليس بمحرم فهو حلال ، إذ ليس إلا حلال أو حرام "
5 ) استصحاب البراءة الأصلية : قال الشوكاني : " حق استصحاب البراءة الأصلية وأصالة الطهارة أن يطالب من زعم بنجاسة عين من الأعيان بالدليل فإن نهض به كما في نجاسة بول الآدمي وغائطه والروثة فذاك وإن عجز عنه أو جاء بما لا تقوم به الحجة فالواجب علينا الوقوف على ما يقتضيه الأصل والبراءة "
? باب أن الماء قسمان طهور ، ونجس .
? وأن الماء المتغير بالطاهرات طاهر مطهر ما دام يسمى ماءًَََََ .
1 ) قوله تعالى : " وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا "
? وجه الاستدلال : أن كلمة " ماء " نكرة في سياق النفي فتعم كل ماء سواء كان مطلقا أو مقيداًَ ، متغيراًَ، أو غير متغيرً، مستعملاًَ، أو غير مستعمل، خرج الماء النجس بالإجماع وبقي ما عداه على أنه طهور . مجموع الفتاوي
? قال ابن المنذر : فالطهارة على ظاهر كتاب الله بكل ماء إلا ما منع منه كتاب أو سنة أو إجماع . والماء الذي منع الإجماع الطهارة منه هو الماء الذي غلبت عليه النجاسة بلون أو طعم أو ريح(1)
__________
(1) 1 الأوسط ( 1 / 268)(1/4)
2) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ". متفق عليه
3 ) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ فَقَالَ اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ تَعْنِي إِزَارَهُ ". متفق عليه
4 ) عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ :اغْتَسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ قَصْعَةٍ فِيهَا أَثَرُ الْعَجِينِ ". رواه أحمد ، النسائي، ابن ماجة
1 ) أنه حديثان في الحقيقة جمعا معا
أما الأول : وهو قصة اغتساله صلى الله عليه وسلم وميمونة من إناءٍِِ واحد – فثابت من حديث ميمونة نفسها ، ومن حديث ابن عباس عنها كما في الصحيحين
أما الثاني : وهو قصة اغتساله صلى الله عليه وسلم من قصعة فيها أثر العجين – فهو ثابت من حديث أم هانئ ، كما في رواية أحمد قالت : " دَخَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ اغْتَسَلَ بِمَاءٍ كَانَ فِي صَحْفَةٍ إِنِّي لَأَرَى فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي ضُحًى ".(1/5)
2 ) قد ورد من عدة طرق عن أم هانئ
1) طريق مجاهد :
1) الإسناد : رجاله ثقات رجال الشيخين
2 ) الإسناد : إسناده صحيح منقطع
3 ) العلة : مجاهد لم يسمع من أم هانئ
4 ) الدليل : قال البخاري فيما نقل عنه الترمذي في (( جامعه )) عقب الحديث :" لا أعرف لمجاهد سماعا من أم هانئ "
2 ) طريق عطاء عنها :
1) التخريج : رواه أحمد ، الطبراني في الكبير ، ابن حزم
2) رجال الإسناد : رجاله كلهم ثقات
3 ) الإسناد : صحيح منقطع ، ابن جريج قد صرح بالتحديث ، وهو مكثر عن عطاء ، فلا تضر عنعنته ، وقد توبع كما سيأتي
4 ) العلة : عطاء – وهو ابن أبي رباح – لم يسمع من أم هانىء فيما قاله علي بن المديني في (( علله )) ص 71، وما جاء مصرحاًَ بسماعه منها في بعض الروايات خطأ
? فقد أخرجه النسائي في المجتبى ، والطبراني في الكبير من طريق موسى بن أعين ، قال فيه : عن عطاء حدثتني أم هانىء . ذكر تصريح عطاء بسماعه من أم هانىء ، وهو خطأ ولم يتابعه عليه أحد ، ونظنه من موسى أو ممن دونه .
6 ) المتابعات : تابع ابن جريج (( عبد الملك بن سليمان )) عند النسائي في المجتبى
? قال في التقريب : صدوق له أوهام . والحق أنه ثقة فقد وثقه أحمد ، ويحي بن معين ، النسائي،ابن سعد الترمذي ، ابن عمار الموصلي ، الثوري،ابن المبارك الدارقطني .
? قد أخذ عليه وهمه في حديث الشفعة ، ثم ماذا ؟، ومن الذي لا يهم ؟ ولذلك لم يمنع هذا الوهم من أن يوثقه الأئمة . قال يحي بن معين عندما سئل عن حديث الشفعة ، قال : هو حديث لم يحدث به إلا عبد الملك ، وقد أنكره الناس عليه ، ولكن عبد الملك ثقة صدوق لم يرد علي مثله .
3 ) طريق المطلب بن حنطب عنها :
1 ) التخريج : رواه عبد الرزاق ، ومن طريقه أحمد ، الطبراني في الكبير ، ابن خزيمة ، البيهقي ، ابن حزم
2 ) رجال الإسناد:رجاله ثقات رجال الشيخين إلا المطلب بن حنطب ، قال الحافظ في التقريب : صدوق كثير التدليس و الإرسال(1/6)
? قلت : لم أجد أحداًَ نص على تدليسه سوى الحافظ في التقريب، ولم يذكر ذلك عنه في التهذيب ، ولا في تعريف أهل التقديس ، ولم يذكر ذلك عنه المزي في تهذيب الكمال .
3 ) الإسناد : صحيح منقطع ، دون قصة أبي ذر مع النبي
4 ) العلة :1 ) المطلب بن حنطب لم يلق أم هانىء فروايته عنها من قبيل الإرسال، و الإرسال ليس من التدليس عند ابن حجر ، وكثيراًَ ما يخلط بينهما .
? قال الترمذي في سننه ، قال محمد – يعني البخاري- لا أعرف للمطلب ابن عبد الله سماعاًَ من أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا قوله : حدثني من شهد خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
? قال أبو حاتم : وعامة حديثه مراسيل غير أني رأيت حديثا يقول فيه حدثني خالي أبو سلمة " الجرح والتعديل .
? قال ابن سعد في الطبقات الكبرى : (( كان كثير الحديث ، وليس يحتج بحديثه ؛ لأنه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيراًَ وليس له لقي ، وعامة أصحابه يدلسون )) .
2 ) في هذا الحديث أن أباذر هو الذي كان يستر النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في الصحيحين أن فاطمة هي التي كانت تستره .
? وجمع بينهما الحافظ في الفتح : بأن ذلك تكرر منه ، ويؤيده ما رواه ابن خزيمة من طريق مجاهد عن أم هانىء وفيه : أن أبا ذر ستره لما اغتسل ، وفي رواية أبي مرة عنها أن فاطمة بنته هي التي سترته .
? قلت : أن هذا الجمع فيه ضعف لوجهين :
1 ) ليس في صحيح ابن خزيمة من طريق مجاهد عنها أن أبا ذر ستر النبي صلى الله عليه وسلم ،إنما جاء عنده ذلك من طريق المطلب بن عبد الله عن أم هانىء
2 ) ورواية مجاهد عنها أخرجها ابن خزيمة بلفظ أحمد والبخاري وغيرهما
3 ) ومما يبعد تكرار ذلك أنها قالت عند مسلم : فلم أره سبحها قبل ولا بعد .
? قال الحافظ : ويحتمل أن يكون أحدهما ستره في ابتداء الغسل والآخر في أثنائه )) .(1/7)
? قلت : تفرد بذكر أبي ذر في ستره للنبي صلى الله عليه وسلم المطلب بن عبد الله بن حنطب ، وهو لم يسمع من أم هانىء ، وعليه فيكون ضعيفا ، وما في الصحيحين مقدم عليه ، ولا أرى داعيا للتكلف بالجمع بين الحديثين ما دام أن أحدهما ضعيف
4 ) طريق يوسف بن ماهك :
1 ) التخريج : رواه أحمد ، والطبراني في الكبير
2 ) رجال الإسناد : رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين عدا
? "عبد الله بن خثيم " وهو مختلف فيه :
1 ) من وثقه : وثقه ابن معين والنسائي في رواية عنهما ، وابن سعد والعجلي، وقال ابن عدي : هو عزيز الحديث ، وأحاديثه أحاديث حسان مما يجب أن يكتب ، وذكره ابن حبان في (( ثقاته )) لكنه قال : يخطئ . وقال عنه أيضا : كان من أهل الفضل والنسك والفقه . مشاهير علماء الأمصار ، قال الحافظ : صدوق .
2 ) من ضعفه :ضعفه ابن معين والنسائي في رواية أخرى عنهما ،وقال ابن المديني : منكر الحديث ، وقال أبوحاتم : لا يحتج به .
? فمثله لا يحتمل تفرُّده ، ولكنه متابعة قوية .
5 ) طريق أبي مرة مولى عقيل ، ورد من عدة طرق :
1 ) رواية سعيد بن أبي هند ، عنه
1 )) التخريج : رواه ابن أبي شيبة ، الطحاوي ، الطبراني في الكبير
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات رجال الشيخين عدا
? محمد بن إسحاق روى له مسلم ، وروى له البخاري تعليقا وهو صدوق يدلس .
3 )) السند : إسناده حسن ، لأن محمد بن إسحاق حديثه حسن لا يرتقي إلى درجة الصحة ، وقد صرح بالتحديث عند الطحاوي وغيره .
(( 2 )) طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري عنه :
1 )) التخريج : رواه أحمد ( 44/ 26892 ) والحميدي ، وابن الجارود ، ابن عبد البر في التمهيد وغيرهم .
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات رجال الشيخين ، عدا
? محمد بن عجلان ، صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة ، روى له البخاري تعليقا ، ومسلم في صحيحه .(1/8)
3 )) السند : إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان ، فهو – و إن أخرج له مسلم – لا يرتقي إلى رتبة رجال الصحيح .
4 )) العلة : ابن عجلان صدوق ، وهو و إن كانت اختلطت عليه أحاديث سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة بأحاديث سعيد المقبري عن أبي هريرة .
5 )) المتابعات : إلا أنه قد توبع هنا ، فقد تابعه
? (( ابن أبي ذئب )) ، عن المقبري ، فقد أخرجه أحمد من طريق زيد بن الحباب ، الطحاوي في شرح معاني الآثار من طريق بشر بن عمر الزهراني ، ولم يذكر فيها موضع الشاهد (( أثر العجين )) .
(( 3 )) طريق ميمون بن ميسرة ، عنه :
1 )) التخريج : رواه عبد الرزاق في المصنف
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات إلا ميمون بن ميسرة ، أورده ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، والبخاري في التاريخ الكبير ولم يذكرا فيه شيئاًَ
3 )) العلة : لم يذكر لميمون سماعاًَ من أم هانىء ، بل ذكر البخاري ، وابن أبي حاتم السماع من أبي هريرة فقط، ولم يذكرا له سماعا من مالك بل روى عنه يعلى بن عطاء كما ذكرا .
(( 4 )) طريق إبراهيم بن عبد الله بن حنين :
1 )) التخريج : رواه أحمد (( 44 / 26897 )) ، ابن أبي شيبة ، ابن حبان ، الطبراني في الكبير .
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات رجال الشيخين عدا
? محمد بن عمرو من رجال الشيخين إلا أنه صدوق له أوهام
3 )) السند : إسناده حسن ، وليس فيه موضع الشاهد
(( 5 )) أبي النضر سالم بن أبي أمية ، عنه :
1 )) التخريج : رواه أحمد (( 44 / 26907 )) ، النسائي .
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات رجال الشيخين .
3 )) السند : إسناده صحيح على شرط الشيخين ، وليس فيه موضع الشاهد .
(((1/9)
6 )) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ وَقَامَ يُصَلِّي فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ... " متفق عليه
(((1/10)
7 )) عَنْ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ لَهُ فَأَدْلَجْنَا لَيْلَتَنَا حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسْنَا فَغَلَبَتْنَا أَعْيُنُنَا حَتَّى بَزَغَتْ الشَّمْسُ قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ اسْتَيْقَظَ مِنَّا أَبُو بَكْرٍ وَكُنَّا لَا نُوقِظُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنَامِهِ إِذَا نَامَ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَامَ عِنْدَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَأَى الشَّمْسَ قَدْ بَزَغَتْ قَالَ ارْتَحِلُوا فَسَارَ بِنَا حَتَّى إِذَا ابْيَضَّتْ الشَّمْسُ نَزَلَ فَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا فُلَانُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ فَصَلَّى ثُمَّ عَجَّلَنِي فِي رَكْبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ نَطْلُبُ الْمَاءَ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ فَقُلْنَا لَهَا أَيْنَ الْمَاءُ قَالَتْ أَيْهَاهْ أَيْهَاهْ لَا مَاءَ لَكُمْ قُلْنَا فَكَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَالَتْ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قُلْنَا انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ وَمَا رَسُولُ اللَّهِ فَلَمْ(1/11)
نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا حَتَّى انْطَلَقْنَا بِهَا فَاسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرَتْهُ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَتْنَا وَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا مُؤتِمَةٌ لَهَا صِبْيَانٌ أَيْتَامٌ فَأَمَرَ بِرَاوِيَتِهَا فَأُنِيخَتْ فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ ثُمَّ بَعَثَ بِرَاوِيَتِهَا فَشَرِبْنَا وَنَحْنُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا عِطَاشٌ حَتَّى رَوِينَا وَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنْ الْمَاءِ يَعْنِي الْمَزَادَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَاتُوا مَا كَانَ عِنْدَكُمْ فَجَمَعْنَا لَهَا مِنْ كِسَرٍ وَتَمْرٍ وَصَرَّ لَهَا صُرَّةً فَقَالَ لَهَا اذْهَبِي فَأَطْعِمِي هَذَا عِيَالَكِ وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ لَقَدْ لَقِيتُ أَسْحَرَ الْبَشَرِ أَوْ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ كَمَا زَعَمَ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ ذَيْتَ وَذَيْتَ فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا " . متفق عليه
? وَالْمَزَادَة مَعْرُوفَة وَهِيَ أَكْبَر مِنْ الْقِرْبَة ، وَالْمَزَادَتَانِ : حِمْلُ بَعِير ، سُمِّيَتْ مَزَادَة ؛ لِأَنَّهُ يُزَاد فِيهَا مِنْ جِلْد آخَر مِنْ غَيْرهَا .
? باب : الوضوء بالماء المحرم كالمغصوب وغيره .
1 )) القياس على الصلاة في الثوب المسبل ، وقد ورد النهي في حديثين :
((1/12)
1 ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : بَيْنَمَا رَجُلٌ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ إِذْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ قَالَ فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ قَالَ فَذَهَبَ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ مَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَكَ أَمَرْتَهُ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ سَكَتَّ قَالَ إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ عَبْدٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ " .
1 )) رواه أحمد ( 27 / 16628 ) ، أبوداود وقد سمَّى الصحابي وهو أبو هريرة، ورواه النسائي في الكبرى مختصراًَ ، ورواه البيهقي
2 )) رجال الإسناد : رجاله ثقات ، رجال الشيخين ، عدا
? أبان بن يزيد العطار ، فمن رجال مسلم
? أبو جعفر وهو الأنصاري المدني كما صرح البيهقي في السنن .
3 )) السند : إسناده ، ضعيف
4 )) العلة : في إسناده ثلاث علل :
? الأولى : جهالة أبي جعفر المدني الأنصاري ، لم يرو عنه سوى يحي بن أبي كثير .
? 1 )) قال الدارمي : أبو جعفر هذا رجل من الأنصار
? 2 )) قال ابن القطان : مجهول
? 3 )) قال في التقريب : مقبول ، ومن زعم أنه محمد بن علي بن الحسين فقد وهم .
? قال ابن حبان في صحيحه : هو محمد بن علي بن الحسين
? تعقبه الحافظ في التهذيب : ليس هذا بمستقيم ؛ لأن محمد بن على لم يكن مؤذناًَ ، ولأن أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة في عدة أحاديث ، وأما محمد بن علي بن الحسين ، فلم يدرك أبا هريرة فتعين أنه غيره .
? العلة الثانية : اختلف في إسناده :
? 1 )) المخالفة الأولى : زيادة إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، فقد رواه أبان العطار ، عن يحي بن أبي كثير عن أبي جعفر هكذا(1/13)
? خالفه حرب بن شداد في سنن البيهقي ، فرواه عن يحي قال حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، أن أبا جعفر المدني حدثه ، فزاد في الإسناد إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، وهذا من المزيد في متصل الأسانيد .
? وكما صرح يحي بن أبي كثير بالتحديث من إسحاق ، قد صرح أيضا بالتحديث من أبي جعفر كما في بغية الباحث في زوائد مسند الحارث فلعله سمعه منهما .
? المخالفة الثانية : إسقاط مابين يحي وعطاء ، قال البيهقي : رواه هشام الدستوائي ، عن يحي بن أبي كثير ، عن عطاء بن يسار ، فأسقط من بين يحي و عطاء
? العلة الثالثة : نكارة المتن :
? 1 )) إذا كانت الصلاة لا تقبل من أجل الإسبال ، فلماذا يطلب منه إعادة الوضوء ، وهو لم يحدث ، ما بال الوضوء ؟ .
? 2 )) لماذا لم يبلغه بأن يرفع إزاره ، فقد يكون الرجل جاهلاًَ ، والبلاغ تعليمه ما أخطأ فيه ، لا أن يحيله على أمر قد أحسنه ، فما إعادته للوضوء إلا عبث
? 3 )) تجديد الوضوء لا يشرع في هذه الصورة ، لأنه ما إن فرغ من وضوئه حتى يطلب منه أن يعيده ، لا لنقض في الوضوء ، ولكن لأن الله لا يقبل صلاة المسبل إزاره .
2 )) عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :" مَنْ أَسْبَلَ إِزَارَهُ فِي صَلَاتِهِ خُيَلَاءَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَامٍ " رواه أبوداود
قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا جَمَاعَةٌ عَنْ عَاصِمٍ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ .
? ورواه البيهقي في الكبرى ، والطبراني في الكبير ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ، والبزار كما في البحر الزخار ، والزهد لهناد السري(1/14)
? روى مرفوعا رفعه أبو عوانة ، في روايته عن عاصم ، ورواه جماعة من الثقات عن عاصم موقوفاًَ فالوقف أقوى ، ورجاله رجال الصحيح أثبات ثقات فإن كان الراجح رفعه فلا إشكال ، وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع لأن مثل هذا لا يقال بالرأي . قال البزار : وهذا الكلام لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن عبد الله ، وقد رواه غير واحد ، عن عاصم ، عن أبي عثمان ، عن عبد الله موقوفا ، وأسنده أبو عوانة .
? الدليل الثاني : 1 )) الماء المغصوب كسبه محرم بالإتفاق ، عن أبي بكرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا لِيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ".متفق عليه
? 2 )) فإذا كان كسبه محرماًََ وصححنا الوضوء به نكون بذلك قد رتبنا على الفعل المحرم أثراًَ صحيحا ًَ ، وهذا فيه مضادة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ".(1/15)
? قال ابن حزم في المحلى : " فكان من توضأ بماء مغصوب أو أخذ بغير حق أو أغتسل به أو من إناء كذلك، فلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الإناء في غسله ووضوئه حرام وبضرورة يدري كل ذي حس سليم أن الحرام المنهي عنه هو غير الواجب المفترض عمله، فإذ لا شك في هذا فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، والذي لا تجزئ الصلاة إلا به، بل هو وضوء محرم، هو فيه عاص لله تعالى، وكذلك الغسل، والصلاة بغير الوضوء الذي أمره الله تعالى به وبغير الغسل الذي أمر الله تعالى به لا تجزئ، وهذا أمر لا إشكال فيه . وقال : " وكل هؤلاء عمل عملا ليس عليه أمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مردود بحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
? أدلة القائلين بصحة الوضوء :
الأول : عدم الدليل المقتضي لفساد الطهارة ، فهذا قد تطهر الطهارة الشرعية بغسل ما يجب غسله ، فطهارته صحيحة ، ولا يحكم ببطلانها إلا بدليل من كتاب أوسنة أو إجماع ، ولا دليل هنا .
الثاني : إن المنع من الوضوء بالماء المغصوب لا يختص بالطهارة ، فالغاصب مأذون له في المسح في الجملة ، والمنع عارض أدركه من جهة الغصب ، لا من جهة الطهارة ، فأشبه غاصب مدية الذبح ، وكلب الصيد ، فيأثمون ، ويصح فعلهم .
? الباب الثالث : حكم رفع الحدث و الخبث من ماء زمزم
? 1)) بعضهم يرجع المنع إلى كونه ماء مباركاًَ ، فيكون النهي من باب التعظيم ففي صحيح مسلم من حديث أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ "
? 2 )) من فرق بين الوضوء والغسل فيرجع المنع إلى مخالفة شرط الواقف :
? 1 )) عن ابن عباس يقول وهو قائم عند زمزم ، إني لا أحلها لمغتسل ، ولكن هي لشارب – أحسبه قال – ومتوضئ حل وبل . رواه عبد الرزاق في المصنف . إسناده صحيح(1/16)
? 2 )) وفي رواية عند ابن أبي شيبة من طريق سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن أبي زيد ، عن ابن عباس قال : لا أحلها لمغتسل يغتسل في المسجد ، وهي لشارب و متوضئ حل وبل . وإسناده صحيح
? 3 )) و عن العباس قال : هي حل و بل ، لا أحلها لمغتسل . رواه أحمد في العلل ومعرفة الرجال ، والفاكهي في أخبار مكة
? 2 )) من قال بجواز الوضوء ورفع الحدث بها :
? 1 )) قوله تعالى " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا " وهذا ماء طهور ، فلا يجوز التيمم مع وجوده 2 )) عن جابر بن عبد الله قال : عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ مَا لَكُمْ قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً . متفق عليه
? الباب الرابع : الماء المتغير ، ويشتمل على فصلين :
? الفصل الأول : في الماء المتغير بالطاهرات .
? الفصل الثاني : في الماء المتغير بنجاسة .
? الفصل الأول : في الماء المتغير بالطاهرات . ويشتمل على خمس مباحث : الأول :طهورية الماء المتغير بالطاهرات ممازج أو غير ممازج مما لا يشق الاحتراز منه ، وقد سبقت أدلة طهوريته في بيان أقسام الماء
? أما الآثار عن السلف :
1 )) عن ابن عباس ، قال : يجزئه أن لا يعيد على رأسه الغسل _ يعني إذا غسل رأسه بالخطمي . إسناده صحيح(1/17)
2 )) عن عبد الله بن مسعود ، قال : من غسل رأسه بالخطمي ، وهو جنب ، فقد أبلغ الغسل . إسناده حسن . هذا الأثر موقوف على عبد الله بن مسعود ، وقد رواه جماعة منهم : الأول : الحارث بن الأزمع :
? أخرجه عبد الرزاق ومن طريقه الطبراني عن الثوري
? و أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ، والطبراني من طريق شعبة
? و أخرجه عبد الرزاق والبيهقي من طريق سفيان بن عيينة
? و أخرجه ابن أبي شيبة ، عن أبي الأحوص وزكريا بن أبي زائدة فرقهما
? والطبراني في الكبير من طريق زهير بن معاوية ، وحجاج بن أرطأة كلهم رووه عن أبي إسحاق ، عن الحارث بن الأزمع به .
? الحارث بن الأزمع ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال: يروي عن عمر ، وابن مسعود ، وعمرو بن العاص . الثقات .
? قال ابن سعد : كان قليل الحديث . الطبقات الكبرى . وقال العجلي : من أصحاب عبد الله ثقة . معرفة الثقات . وذكره ابن أبي حاتم ، وذكر أنه يروي عن عمر وابن مسعود وعمرو بن العاص ، وسكت عليه . الجرح والتعديل .
? ومن كان مثله من كبار التابعين بحيث يروي عن عمر ، وكان قليل الحديث كما قال ابن سعد ، ووثقه ابن حبان والعجلي ، لا يضره أن يسكت عليه
? وعنعنة أبي إسحاق قد زالت برواية شعبة عنه .
الثاني : سارية بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود ، رواه عنه الأعمش
وقد اختلف الرواة عن الأعمش على أربعة اختلافات :
? الأول : رواه ابن أبي شيبة ، من طريق سفيان الثوري ، ولم يذكر سارية ، وقد أشار إلي ذلك ابن أبي شيبة إلا أن البخاري في التاريخ الكبير من طريق ابن يوسف عن سفيان ، بذكر سارية .
? الثاني : روى ابن أبي شيبة ، من طريق حفص ، وروى البخاري في التاريخ الكبير من طريق أبي حمزة ، عن الأعمش ، بذكر سارية به .
? الثالث : وروى البخاري في التاريخ الكبير ، وعلقه البيهقي من طريق أبي عوانة بذكر عن ثابت بن قطبة . وأعله البيهقي ورجح رواية سفيان أي بذكر سارية بدلاًَ من ثابت ابن قطبة(1/18)
? الرابع : ورواه ابن أبي شيبة ، قال حدثنا حفص ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي أجزأه ذلك . قال إبراهيم : مثل ذلك ، أو قال : لا يعيد عليه . ورجاله ثقات إلا أن إبراهيم لم يسمع من ابن مسعود .
? وعلى هذا الاختلاف على الأعمش ، يتبين ما يلي :
? 1 )) فأما نرجح أو نضعف طريق الأعمش ، وعلى كلا الاحتمالين يبقى طريق الحارث حديث حسن ، ولم يختلف عليه .
? 2 )) ذكر ثابت بن قطبة انفرد به أبو عوانة من سائر الرواة عن الأعمش فذكره شاذ.
? 3 )) أما طريق سارية وإبراهيم فمدارهما على الأعمش ، سفيان الثوري من أثبت أصحاب الأعمش قد نص على ذكر سارية في إسناده ، وهو مقدم على غيره في الأعمش ، وقد توبع
? 4 )) أما ذكر إبراهيم في إسناده فقد رواه حفص بن غياث ، وفيه ثلاث علل :
? 1 )) أن حفص قد تكلم في حفظه لحديث الأعمش ، تكلم فيه الإمام أحمد وغيره كما في شرح علل الترمذي لابن رجب .
? 2 )) قد اختلف على حفص ، فتارة يرويه كما رواه سفيان الثوري ، وتارة يرويه بذكر إبراهيم .
? 3 )) قد تابعه زائدة بن قدامة بذكر إبراهيم إلا أنه انفرد به الطبراني في المعجم الكبير ، وهو إذا تفرد بحديث كان من مظنة الحديث المنكر والغريب ، نص عليه ابن رجب في شرحه لعلل الترمذي ( ص : 70 )
? وعلى كل حال ، فالاختلاف على الأعمش كما قلنا لا يؤثر على طريق الحارث لسلامته من الاختلاف ، وقد رجح البخاري في تاريخه الكبير بعد أن ساق طرق الحديث ، قال : حديث الحارث أصح . ( 4 / 207 )
3 )) عن سعيد بن جبير في الجنب يغسل رأسه بالسدر ، قال :" لا يغسل رأسه". رواه ابن أبي شيبة ، وإسناده صحيح .(1/19)
? قال ابن حزم في المحلى : " وهذا قول ثابت عن ابن مسعود قال: إذا غسل الجنب رأسه بالخطمي أجزأه، وكذلك نصا عن ابن عباس ، وروي أيضا هذا عن على بن أبى طالب، وثبت عن سعيد بن المسيب وابن جريج وعن صواحب النبي - صلى الله عليه وسلم - من نساء الأنصار والتابعات منهن ، أن المرأة الجنب والحائض إذا امتشطت بحناء رقيق أن ذلك يجزئها من غسل رأسها للحيضة والجنابة ولا تعيد غسله، وثبت عن إبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وأبى سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن جبير أنهم قالوا : " في الجنب يغسل رأسه بالسدر والخطمي ، أنه يجزئه ذلك من غسل رأسه للجنابة " .
? الثاني : الماء المتغير بطاهر يشق صون الماء عنه
? الإجماع : نقل الإجماع على طهوريته النووي في المجموع
? تعقب : قول النووي : مجمع عليه ، إن كان يقصد في المذهب فذاك ، و إن كان يقصد الإجماع العام ،فغير مسلم ؛ لأن الخلاف فيه محفوظ في المذهب المالكي ، قال الخرشي : اختاره اللخمي ، وقال : وهو المعروف من المذهب ، وقدمه خليل في مختصره .
? الثالث : الماء المتغير بطول مكثه
? الأول : الإجماع على طهوريته ، قال ابن المنذر في الأوسط :" اجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوضوء بالماء الآجن الذي قد طال مكثه في الموضع من غير نجاسة حلت فيه جائزة إلا شيئاًَ يروى عن ابن سيرين ".
? قال ابن تيمية في الفتاوي الكبرى :" أما ما تغير بمكثه ومقره فهو باق على طهوريته باتفاق العلماء ". وحكاه في مجموع الفتاوي .
? قال ابن رشد في بداية المجتهد :" وكذلك أجمعوا على أن كل ما يغير الماء مما لا ينفك عنه غالبا أنه لا يسلب صفة الطهارة والتطهير إلا خلافا شاذا روى في الماء الآجن عن ابن سيرين، وهو أيضا محجوج يتناول اسم الماء المطلق له ."
? وكذلك حكاه ابن مفلح في المبدع .(1/20)
? ثانياًَ : لأن تغيره جاء من غير مخالطة ، فلم يخالطه شيء لا طاهر ولا نجس ، والماء طهور في نفسه حتى تخالطه الأخباث العارضة ، وهذا ما لم يحصل في الماء الآجن
? وأما ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه توضأ بماء آجن ، فهذا الحديث يذكره الفقهاء كصاحب المبدع ، والروض ، ولا يذكرون من خرجه ، ولم أجده في كتب السنة من السنن والمسانيد والمعاجم ، وقد ذكر ابن قاسم النجدي في حاشيته بأنه رواه البيهقي ، وبالرجوع إلى البيهقي لم أجده بهذا اللفظ ، أما ما رواه البيهقي :
? 1 )) عن عروة في قصة أحد وما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه قال : وسعى علي بن أبي طالب إلى المهراس فأتى بماء في مجنة فأراد رسول الله أن يشرب منه فوجد له ريحا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا ماء آجن فمضمض منه وغسلت فاطمة عن أبيها الدم. وهذا فيه علتان : 1 – أنه مرسل . 2 – فيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد اختلط بعد احتراق كتبه .
2 )) عن عبيد الله بن كعب بن مالك قال : فلما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى فم الشعب ، خرج علي بن أبي طالب حتى ملا درقته من المهراس ، ثم جاء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منه فوجد له ريحاًَ ، فعافه ، فلم يشرب منه ، وغسل عن وجهه الدم ، وصب على رأسه ، وهو يقول : اشتد غضب الله على من دمي وجه نبيه - صلى الله عليه وسلم - . إسناده ضعيف ، وفيه علتان : الأولى : كونه مرسلاًَ .الثانية : فيه رجل مبهم ، ومع ذلك اختلف فيه على ابن إسحاق .(1/21)
? ثالثاًَ : ما رواه ابن المنذر في الأوسط : عن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعدين في أحد ، قال : ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب فأتى المهراس ، فأتى بماء في درقته ، فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب منه فوجد له ريحا فعافه فغسل به الدماء التي في وجهه ، وهو يقول : « اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - » . وكان الذي دمى وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ عتبة بن أبي وقاص ، قال إسحاق : ففي ذلك بيان على أنه طاهر ، لولا ذلك لم يغسل النبي صلى الله عليه وسلم الدم به . إسناده صحيح
? رابعاًَ : ما رواه ابن أبي شيبة بسنده عن ابن سيرين أنه كان يكره الوضوء بالماء الآجن . إسناده صحيح . فلعل المقصود أن نفسه تكرهه ؛ لأنه منتن الرائحة لا أنها كراهة شرعية .
? حكم الطهارة بالنبيذ
الأول : عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ :كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ لَقِيَ الْجِنَّ فَقَالَ : أَمَعَكَ مَاءٌ فَقُلْتُ : لَا ، فَقَالَ : مَا هَذَا فِي الْإِدَاوَةِ قُلْتُ : نَبِيذٌ قَالَ : أَرِنِيهَا تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ثُمَّ صَلَّى بِنَا . رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجة ، الترمذي ، والطبراني في الكبير ، وابن أبي شيبة
? إسناده ضعيف
? علته : هذا الإسناد مداره على أبي فزارة ،عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث ، عن ابن مسعود ، وأبو زيد هذا مجهول كما قال جميع النقاد
? 1 )) قال البخاري : " أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : تمرة طيبة وماء طهور . رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله ، وروى علقمة عن عبد الله أنه قال : لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " . الكامل ، البيهقي في سننه(1/22)
? 2 )) قال الترمذي : " أبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث . لا يعرف له رواية غير هذا الحديث " . سنن الترمذي .
? 3 )) قال الحاكم : "رجل مجهول لا يوقف على صحة كنيته ولا اسمه ولا يعرف له راوياًَ غير أبي فزارة ولا رواية من وجه ثابت إلا هذا الحديث الواحد ". تهذيب الكمال
? 4 )) قال ابن حبان : "يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه ، ليس يدرى من هو ، لا يعرف أبوه ، ولا بلده ، والإنسان إذا كان بهذا النعت ، ثم لم يرو إلا خبراًَ واحداًَ خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي يستحق مجانبته فيها ولا يحتج بها " . المجروحين .
? 5 )) قال أبو بكر بن أبي داود : " كان أبو زيد هذا نباذاًَ في الكوفة . تهذيب الكمال .
? 6 )) قال ابن عبد البر : " اتفقوا على أن أبا زيد مجهول ، وحديثه منكر " . تهذيب التهذيب .
? طرق الحديث : روي هذا الحديث عن ابن مسعود من ستة طرق هذا كان أولها .
? الطريق الثاني : طريق عن ابن عباس ، عن ابن مسعود .
? علته : إسناده ضعيف ، 1 )) فيه ابن لهيعة ، وضعفه مشهور .
? 2 )) اختلف فيه على ابن لهيعة : رواه أحمد من طريق يحي بن إسحاق عن ابن لهيعة به من مسند ابن مسعود ، وتابعه عليه يحي بن بكير عند الدارقطني ، والطبراني .
? 3 )) خالفهما أسد بن موسى ، ومروان بن محمد ، فروياه عن ابن لهيعة به من مسند ابن عباس . عند الطحاوي ، وابن ماجة .
? قال البزار في البحر الزخار : " وهذا الحديث لا يثبت لابن لهيعة ؛ لأن ابن لهيعة كانت قد احترقت كتبه ، فكان يقرأ من كتب غيره ، فصار في أحاديثه أحاديث مناكير ، وهذا منها . فالحديث ضعيف .
? الطريق الثالث : عن أبي رافع ، عن ابن مسعود .
? التخريج : رواه الدارقطني ، وابن الجوزي في العلل المتناهية ، والطحاوي في مشكل الآثار
? علته : هذا الحديث فيه علتان :(1/23)
? الأولى : نفيع الصائغ ، أبو رافع . قال الدارقطني : " وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود ، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة " .
? وأجيب على قول الدارقطني :
? 1 )) نقل في نصب الراية عن ابن دقيق العيد في الإمام قوله : وقول الدارقطني وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود لا ينبغي أن يفهم منه أنه لا يمكن إدراكه وسماعه منه ، فإن أبا رافع الصائغ جاهلي إسلامي .
? 2 )) قال ابن عبد البر في الاستيعاب :" لم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو من كبار التابعين اسمه نفيع ، وكان أصله من المدينة ، ثم انتقل إلى البصرة ، روى عن أبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعبد الله ابن مسعود ، وروى عنه خلاس بن عمرو الهجري ، والحسن البصري ، وقتادة ، وثابت البناني ، وعلي بن زيد ، ولم يرو عنه أهل المدينة
- وقال أيضاًَ في الاستيعاب : عظم روايته عن عمر وأبي هريرة ، ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة ، اللهم إلا أن يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ثبوت السماع ولو مرة ، وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذهب.
? 3 )) قال ابن التركماني في الجوهر النقي تعليقاًَ على قول الدارقطني قال : " فهو على مذهب من يشترط في الاتصال ثبوت السماع ، وقد أنكر مسلم ذلك في مقدمة كتابه إنكاراًَ شديداًَ ، وزعم أنه قول مخترع ، وأن المتفق عليه أنه يكفي للاتصال إمكان اللقاء أو السماع ، ثم قال : على أن صاحب الكمال صرح بأنه سمع منه وكذا ذكر الصريفيني فيما قرأت بخطه .."
- وقد قال الحافظ في نفيع الصائغ ، ثقة ثبت .
? العلة الثانية : علي بن زيد بن جدعان ، ضعفه الإمام أحمد ، ويحي بن معين ، والنسائي ، قال حماد بن زيد : حدثنا علي بن زيد ، وكان يقلب الأحاديث ، وفي رواية : كان علي ابن زيد يحدثنا اليوم بالحديث ، ثم يحدثنا غداًَ فكأنه ليس بذاك . وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صالح الحديث ، وإلى اللين ما هو(1/24)
- ولذا قال ابن دقيق العيد : وهذا الطريق أقرب من طريق أبي فزارة ، وإن كان طريق أبي فزارة أشهر ، فإن علي بن زيد وإن ضعف فقد ذكر بالصدق .
- قال الحافظ في التقريب : " ضعيف " .
? الطريق الرابع : عن أبي وائل ، عن ابن مسعود .
? التخريج : أخرجه الدارقطني في سننه .
? علته : فيه الحسين بن عبيد الله ، قال الدارقطني : الحسين بن عبيد الله يضع الحديث على الثقات .
? الطريق الخامس : عن عبيدة و أبي أحوص ، عن ابن مسعود .
? التخريج : أخرجه الدارقطني في سننه .
? علته : فيه كلاًَ : 1 )) الحسن بن قتيبة ، قال الدارقطني : ضعيف ، وقال العقيلي : كثير الوهم ، وقال ابن عدي : وللحسن بن قتيبة هذا أحاديث غرائب حسان ، وأرجو أنه لا بأس به .
- تعقبه الحافظ بقوله : بل هو هالك ، قال الدارقطني في رواية البرقاني "متروك الحديث " وقال الذهبي في الميزان عن الدارقطني بأنه متروك الحديث . الميزان .
2 )) محمد بن عيسى بن حيان ، فقد نقل الحافظ الذهبي في الميزان ، عن الدارقطني أنه قال : ضعيف متروك . وقال الحاكم : متروك . وقال آخر : كان مغفلاًَ ، وأما البرقاني فوثقه .
? الطريق السادس : عن ابن غيلان ، عن ابن مسعود
? التخريج : أخرجه الدارقطني ، ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق
? علته : فيه رجل مجهول لا يعرف " عن فلان ابن غيلان الثقفي " ، قال الدارقطني : الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول ، قيل اسمه : عمرو ، وقيل : عبد الله بن عمرو بن غيلان .(1/25)
? قال ابن أبي حاتم في العلل :"سألت أبي وأبا زرعة عن حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ ، فقالا : هذا حديث ليس بقوي ؛ لأنه لم يروه غير أبي فزارة عن أبي زيد . وحماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي رافع ، عن ابن مسعود . وعلي بن زيد ليس بالقوي ، وأبو زيد شيخ مجهول لا يعرف ، وعلقمة يقول : لم يكن عبد الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن فوددت أنه كان معه . قلت لهما : فإن معاوية بن سلام يحدث عن أخيه ، عن جده ، عن ابن غيلان ، عن ابن مسعود قالا : وهذا أيضاًَ ليس بشيء ، ابن غيلان مجهول ، ولا يصح في هذا الباب شيء .
الدليل الثاني : عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" النبيذ وضوء لمن لم يجد الماء ".
? التخريج : رواه الدارقطني ، ومن طريقه ابن الجوزي في العلل المتناهية ، وفي التحقيق ، وابن عدي في الكامل ، ومن طريقه البيهقي في الكبرى .
? علته : فيه علتان : 1 )) وهم المسيب بن الواضح في رفعه ، قال الدارقطني : " وهم فيه المسيب بن واضح في موضعين ، في ذكر ابن عباس ، وفي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد اختلف فيه على المسيب ، فحدثنا به محمد بن المظفر ، نا محمد بن محمد بن سليمان ، نا المسيب بهذا الإسناد موقوفاًَ غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا إلى ابن عباس ، والمسيب ضعيف ثم ساق الدارقطني بإسناده عن هقل بن زياد ، والوليد بن مسلم كلاهما عن الأوزاعي ، عن يحي بن أبي كثير ، عن عكرمة قال : " النبيذ وضوء لمن لم يجد غيره ". وتابع الأوزاعي شيبان النحوي وعلي بن المبارك ، كلاهما عن يحي ، عن عكرمة موقوفاًَ عليه .(1/26)
? 2 )) المسيب بن واضح ضعيف له مناكير وقد تفرد به فهو حديث منكر ، وقد ساق أحاديثه المنكرة ابن عدي في الكامل ثم قال : والمسيب بن واضح له حديث كثير عن شيوخه ، وعامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته ، لا يتعمده ، بل كان يشبه عليه ، وهو لا بأس به . وقال فيه أيضاًَ : كان النسائي حسن الرأي فيه ، ويقول الناس يؤذوننا فيه : أي يتكلمون فيه .
? وجاء في الميزان : وقال أبو حاتم : صدوق ، يخطئ كثيراًَ ، فإذا قيل له لم يقبل . وسأل ابن عدي عبدان كما في الكامل أيما أحب إليك ، عبد الوهاب بن الضحاك ، أو المسيب ؟ قال :" كلاهما سواء ". قال الذهبي : عبد الوهاب هذا ضعيف جداًَ . قال أبوداود : كان يضع الحديث . وقال النباتي ، والدارقطني : متروك . وقال الجوزقاني : كان كثير الخطأ والوهم . لسان الميزان .
? وللحديث طريق آخر ، أخرجه الدارقطني ولكن قال :" فيه أبان هو ابن أبي عياش . متروك الحديث . وأبو عبيدة مجاعة : ضعيف . والمحفوظ أنه رأي عكرمة غير مرفوع . فالخلاصة أن حديث ابن مسعود جاء من ثلاثة طرق ضعيفة .
? هل هذه الطرق الضعيفة يمكن أن يقوي بعضها بعضاًَ فتكون حسنة لغيرها ، فيصلح الاحتجاج بها ، على أن الضعيف إذا جاء من طريق آخر شد بعضه بعضاًَ كما قال بعضهم في قوله سبحانه و تعالى في شهادة امرأة " فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى " ؟
? الجواب : هذا يمكن أن يقال لولا أن الحديث فيه مخالفات :
? الأولى : المخالفة لظاهر الكتاب ، قال تعالى " فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا"، فنقلنا عند عدم وجود الماء إلى التيمم ، ولو كان هناك سائل آخر يمكن التطهر منه لأحالنا عليه كالنبيذ ، وعليه فإذا لم نجد إلا نبيذاًَ فإننا لم نجد الماء .(1/27)
? الثاني : مخالفته للسنة ، عن أبي ذر ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَجْنَبَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَاءٍ فَاسْتَتَرَ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ : " إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ وَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ ". رواه أحمد ، وأبوداود ، والنسائي ، والدارقطني ، والبيهقي .
? إسناده : مداره على أبي قلابة ، عن عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر. وفيه علتان :
? الأولى : فيه (( عمرو بن بُجْدان )) ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال العجلي : بصري ، تابعي ، ثقة . وصحح حديثه الحاكم ، ومن قبله الترمذي ، وذكره البخاري في التاريخ الكبير ولم يورد جرحاًَ ولا تعديلاًَ ، وذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، وسكت عليه . قال الذهبي : حسنه الترمذي ، ولم يرقه إلى الصحة للجهالة بحالة الراوي ، وقال : وقد وثق عمرو مع جهالته . الميزان . بينما صحح حديثه في المستدرك وقال في الكاشف : وثق . قال عبد الله بن أحمد : قلت لأبي عمرو بن بجدان معروف ؟ قال : لا . تهذيب التهذيب . وقال ابن القطان : لا يعرف كم في تهذيب وقال ابن حجر في التقريب : لا يعرف حاله .
? قلت :1 )) من عادة الحافظ في الراوي إذا كان لم يرو عنه إلا واحد ، وكان من التابعين ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله ، وقد وثقه ابن حبان أن يقول في حقه : مقبول ، أي حين يتابع .(1/28)
? 2 )) كيف وقد صحح حديثه الترمذي ، والحاكم والبيهقي وابن حبان ، فهذا توثيق ضمني ، وقد أجاب ابن دقيق العيد على قول ابن القطان في عمرو بن بجدان : لا يعرف حاله ، فقال كما في نصب الراية " ومن العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو ابن بجدان ، مع تفرده بالحديث ، وهو قد نقل كلامه : هذا حديث حسن صحيح ، وأي فرق بين أن يقول : هو ثقة ، أو يصحح له حديثاًَ انفرد به . وإن كان توقف في ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة ، فليس هذا بمقتضى مذهبه ؛ فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال ، فذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله ، وهو تصحيح الترمذي له
? 3 )) تصحيح الحاكم والبيهقي وابن حبان مع الترمذي يفيد الراوي قوة ، مع كون حديثه هذا له شاهد من حديث أبي هريرة . وسيأتي ذكره . فالحديث حسن .
? العلة الثانية : أن رواية خالد الحذاء لم يختلف عليه في إسناده ، وأما رواية أيوب فقد اختلف عليه ، ففي بعض طرقها ما يوافق رواية خالد ، والبعض الآخر يخالفه في الإسناد فقد جاء ،1 )) عن أيوب عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر ، عن أبي ذر 2 )) عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من بني قشير ، عن أبي ذر .
3 )) عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عمه أبي المهلب ، عن أبي ذر .(1/29)
? ولكن الخلاف على أيوب لا يضر ، قال أحمد شاكر في تحقيقه لسنن الترمذي " عن رجل من بني قشير ، عن أبي ذر ، وهذا الرجل هو الأول نفسه ، لأن بني قشير من بني عامر كما في الاشتقاق لابن دريد ، وهو عمرو بن بجدان نفسه " . فعلى هذا قوله " عن رجل من بني قشير ، أو عن رجل من بني عامر من بني عامر " لا فرق بينهما وهو عمرو بن بجدان ؛ لأنه قشيري من بني عامر . فيبقى رواية أبي المهلب ، فإن لم تكن كنبة لعمرو ابن بجدان ، فقد تفرد بها خلف بن موسى بن خلف العمي ، حدثني أبي ، وخلف وأبوه ، كل واحد منهما صدوق له أوهام ، فيكون هذا من أوهامه لمخالفته من هو أوثق منه .
? وقد ضعف الحديث لأجل هذا الاختلاف ابن القطان في الوهم والإيهام وقال : هذا كله اختلاف على أيوب في روايته إياه عن أبي قلابة ، وجميعه في علل الدارقطني وسننه ، وهو حديث ضعيف لا شك فيه .
? وقد تعقبه ابن دقيق العيد في الإمام فقال :" أما الاختلاف الذي ذكره من كتاب الدارقطني فينبغي على طريقته ، وطريقة الفقه أن ينظر في ذلك 1 )) إذ لا تعارض بين قولنا : عن رجل ، وبين قولنا عن رجل من بني عامر ، وبين قولنا : عن رجل من بني بجدان . 2 )) وأما من أسقط ذكر هذا الرجل فيؤخذ بالزيادة ويحكم بها . 3 )) وأما من قال : عن أبى المهلب ، فإن كان كنية لعمرو فلا اختلاف ، وإلا فهي رواية واحدة مخالفة احتمالاًَ لا يقيناًَ . 4 )) وأما من قال : عن رجل من بني قشير ، قال : يا نبي الله ، فهي مخالفة ، فكان يجب أن ينظر في إسنادها على طريقته ، فإن لم يكن ثابتاًَ لم يعلل بها " .(1/30)
? قال أحمد شاكر في تحقيقه للسنن :" وهذا الذي حققه ابن دقيق العيد بديع ممتع ، وهو الصواب لأصول هذا الفن ، وأنا أظن أن رواية من قال : إن رجلاًَ من بني قشير قال : يا نبي الله . فيها خطأ ، وأن أصله ما ذكرته من رواية ابن أبي عروبة ، عند أحمد في المسند ، عن رجل من بني قشير ، فذكر القصة في كونه أتى أبا ذر ، وسأله ، وأجابه وأن يكون سقط من بعض الرواة ذكر أبي ذر خطأ فقط .
? أما الشاهد ، فقد رواه البزار من حديث أبي هريرة ، وقال : البزار لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه . وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . وفي تلخيص الحبير قال صححه ابن القطان ، لكن قال الدارقطني في العلل : إن إرساله أصح .
ثالثاًَ : المخالفة لما ثبت في مسلم ، عَنْ دَاوُدَ عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ فَقَالَ عَلْقَمَةُ أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ قَالَ : لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوْ اغْتِيلَ قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ قَالَ : فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَقَالَ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ قَالَ : فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ ... "
? الماء المتغير بالنجاسة
و يشتمل على مبحثين :
? الأول : الماء المتغير بمجاورة النجاسة .(1/31)
? الثاني : الماء المتغير بمخالطة النجاسة .
? المبحث الأول : الماء المتغير بمجاورة النجاسة .
? حكمه : إذا تغيرت رائحة الماء بمجاورة النجاسة ، فهو طهور بالإجماع .
? نقل الإجماع عدد من العلماء ، 1 )) الحطاب من المالكية في مواهب الجليل : " أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ بِمُجَاوِرَةِ شَيْءٍ لَهُ فَإِنَّ تَغَيُّرَهُ بِالْمُجَاوِرَةِ لَا يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُجَاوِرُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَاءِ أَوْ مُلَاصِقًا لَهُ فَالْأَوَّلُ : كَمَا لَوْ كَانَ إلَى جَانِبِ الْمَاءِ جِيفَةٌ أَوْ عُذْرَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا فَنَقَلَتْ الرِّيحُ رَائِحَةَ ذَلِكَ إلَى الْمَاءِ فَتَغَيَّر ،َ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا .... "
? 2 )) النووي من الشافعية قال في المجموع :" لو تغير بجيفة بقربه يعنى جيفة ملقاة خارج الماء قريبة منه وفي هذه الصورة لا تضر الجيفة قطعا بل الماء طهور بلا خلاف ".
? 3 )) ابن مفلح الصغير في المبدع ، وصاحب الشرح الكبير من الحنابلة .
? المبحث الثاني : الماء المتغير بممازجة النجاسة .
? إذا وقعت في الماء نجاسة فغيرت طعمه أو لونه نجس ، وفي الريح خلاف شاذ عن عبد الملك بن الماجشون كما في الذخيرة للقرافي
? الدليل على نجاستها :
? الإجماع : حكى الإجماع على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة
? 1 )) الطحاوي من الحنفية فقال : " قد أجمعوا أن النجاسة إذا وقعت في البئر ، فغلبت على طعم مائها ، أو ريحه أو لونه ، أن ماءها قد فسد ". وكذلك الباجي من المالكية كما في البحر الرائق .
? 2 )) الشافعي قال : إذا تغير طعم الماء أو ريحه أو لونه كان نجساًَ ، يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه لا يُثْبِت مثله أهل الحديث ، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه اختلافاًَ.الأم. وحكى الإجماع النووي في المجموع .(1/32)
? 3 )) ابن قدامة من الحنابلة في المغني ، وابن تيمية في مجموع الفتاوي ،وقال :" والماء لنجاسته سببان : أحدهما متفق عليه ، والآخر مختلف فيه ، فالمتفق عليه : المتغير بالنجاسة ".
? 4 )) قال ابن المنذر : " أجمع أهل العلم على أن الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسة ، فغيرت النجاسة الماء طعماًَ أو لوناًَ أو ريحاًَ ، أنه نجس ما دام كذلك ، ولا يجزي الوضوء والاغتسال به . الأوسط .
? 5 )) إجماع المحدثين ، قال ابن حبان في صحيحه : قوله - صلى الله عليه وسلم - " الماء لا ينجسه شيء " ، وقوله " إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء " يَخُص هذين الخبرين الإجماع على أن الماء قليلاًَ كان أو كثيراًَ ، فغير طعمه أو لونه ، أو ريحه نجاسة وقعت فيه أن ذلك الماء نجس بهذا الإجماع " . الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان . وحكاه البيهقي في الكبرى ، وابن عبد البر في التمهيد ، والعراقي في طرح التثريب .
? ثانياًَ : عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ ".
? التخريج : رواه ابن ماجة ، والبيهقي والطبراني في الكبير ، والدارقطني ، وابن الجوزي في التحقيق ، وابن عدي في الكامل .
? السند : إسناده ضعيف
? علته : في إسناده علتان : الأولى : فيه رشدين بن سعد ، جاء في ترجمته :
? ضعفه أحمد بن حنبل وقدم ابن لهيعة عليه ، وقال يحي بن معين ، كما في رواية ابن أبي خيثمة عنه : " رشدين بن سعد لا يكتب حديثه " .
? قال أبو حاتم الرازي : " رشدين بن سعد منكر الحديث ، وفيه غفلة ، ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث ما أقربه من داود بن المحبر ، وابن لهيعة أستر ، ورشدين أضعف . وقال أبو زرعة : ضعيف الحديث . الجرح والتعديل .(1/33)
? قال ابن حبان : " كان ممن يجيب في كل ما يسأل ، ويقرأ كل ما يدفع إليه ، سواء كان ذلك حديثه أو من غير حديثه ، ويقلب المناكير في أخباره على مستقيم حديثه . المجروحين . وذكره العقيلي في الضعفاء
? العلة الثانية : الاختلاف ، وقد وقع الخلاف في موضعين :
? الأول : هل هو من مسند أبي أمامة ، أو من مسند ثوبان . اختلف على مروان بن محمد ، فرواه عنه العباس بن الوليد الخلال ، كما عند الطبراني ، وأبو الأزهر كما في سنن البيهقي ، عن مروان بن محمد ، من مسند أبي أمامة .
? وتابع مروان بن محمد كلاًَ من : 1 )) محمد بن يوسف الغضيضي ، قال الخطيب في تاريخ بغداد :" وكان ثقة " ، رواه الدارقطني ، وابن عدي في الكامل ، وقال الدارقطني : " لم يرفعه غير رشدين بن سعد ، عن معاوية بن صالح ، وليس بالقوي الصواب فيه قول راشد" . السنن
? 2 )) ثور بن يزيد ، عند البيهقي في الكبرى ، وإسناده ضعيف ، فيه عطية بن بقية ، ووالده بقية بن الوليد . وأخرجه البيهقي من طريق أخرى ، وسنده ضعيف جداًَ غير صالح في المتابعات ؛ لأن فيه حفص بن عمر الرازي الإمام . قال فيه أبو حاتم : كان يكذب ، وقال البخاري : يتكلمون فيه . وكذبه أبو زرعة . الجرح والتعديل ، التاريخ الكبير ، لسان الميزان . وبهذا تعقب على الدارقطني قوله " لم يرفعه غير رشدين بن سعد " حيث رواه بقية بن الوليد ، وحفص بن عمر
? وخالفهم جميعا عيسى بن خالد ، عند الدارقطني ، ومن طريقه ابن الجوزي في التحقيق وجعله من مسند ثوبان .
? الاختلاف الثاني : أنه يروي موصولاًَ ، وتارة مرسلاًَ ، وتارة موقوفاًَ . اختلف على راشد بن سعد ، 1 )) فرواه عنه من سبة من مسند أبي أمامة .
? 2 )) ورواه عنه مرسلاًََ الأحوص بن حكيم عند عبد الرزاق ، والدارقطني ، والطحاوي ، قال الدارقطني : مرسل ، ووقفه أبو أسامة على راشد .(1/34)
? 3 )) ورواه أبو أسامة ، عن الأحوص ، عن أبي عون وراشد بن سعد من قولهما . كما عند الدارقطني ، وقال ابن أبي حاتم في العلل :" سألت أبي عن حديث رواه عيسى بن يونس ، عن الأحوص بن حكيم وذكره ، فقال أبي : يوصله رشدين بن سعد ، يقول : عن أبي أمامة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورشدين ليس بالقوي ، والصحيح مرسل .
? والحديث ضعفه الشافعي في الأم ، والدارقطني في العلل كما في تلخيص الحبير ، والبيهقي في السنن. وقال النووي : اتفق المحدثون على تضعيفه كما في المجموع .
? قال صديق حسن خان " وقد اتفق أهل الحديث على ضعف الزيادة – يعني زيادة الاستثناء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه – لكنه قد وقع الإجماع على مضمونها ، كما نقله ابن النذر ، وابن الملقن في البد المنير ، والمهدي في البحر ، فمن كان يقول : بحجية الإجماع ، كان الدليل عنده على ما أفادته تلك الزيادة هو الإجماع ، ومن كان لا يقول بحجية الإجماع ، كان هذا الإجماع مفيداًَ لصحة تلك الرواية ، لكونها صارت مما أجمع على معناها وتلقى بالقبول ، فالاستدلال بها ، لا إجماع ". الروضة الندية .
? وأما من قال : ولا أعرف أن الإجماع يعتبر به في تقوية الحديث الضعيف ، فالإجماع وحده حجة ، ولا يعتبر بالحديث الضعيف لا من القرآن ، ولا من الإجماع ، ولا من غيرهما إلا من السنة فقط بشروط ليس هذا مجال ذكرهما ، هذا الذي أعرفه من عمل أئمة الحديث .(1/35)
? تعقب : أن تلقي الأمة له بالقبول والعمل به يقوم له مقام الإسناد وبهذا قال علماء الحديث ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ مُتُونِ الصَّحِيحَيْنِ مِمَّا يَعْلَمُ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ عِلْمًا قَطْعِيًّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ تَارَةً لِتَوَاتُرِهِ عِنْدَهُمْ وَتَارَةً لِتَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهُ بِالْقَبُولِ . وَخَبَرُ الْوَاحِدِ الْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ يُوجِبُ الْعِلْمَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ كالإسفراييني وَابْنِ فورك ؛ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِهِ لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ ؛ لَكِنْ لَمَّا اقْتَرَنَ بِهِ إجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى تَلَقِّيهِ بِالتَّصْدِيقِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ إجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْفِقْهِ عَلَى حُكْمٍ مُسْتَنِدِينَ فِي ذَلِكَ إلَى ظَاهِرٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ خَبَرِ وَاحِدٍ فَإِنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ يَصِيرُ قَطْعِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَإِنْ كَانَ بِدُونِ الْإِجْمَاعِ لَيْسَ بِقَطْعِيِّ ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مَعْصُومٌ فَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَجْمَعُونَ عَلَى تَحْلِيلِ حَرَامٍ وَلَا تَحْرِيمِ حَلَالٍ كَذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ لَا يُجْمِعُونَ عَلَى التَّصْدِيقِ بِكَذِبِ وَلَا التَّكْذِيبِ بِصِدْقِ . وَتَارَةً يَكُونُ عِلْمُ أَحَدِهِمْ لِقَرَائِنَ تَحْتَفِ بِالْأَخْبَارِ تُوجِبُ لَهُمْ الْعِلْمَ وَمَنْ عَلِمَ مَا عَلِمُوهُ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا حَصَلَ لَهُمْ ". مجموع الفتاوي(1/36)
? قال المناوي في شرح نخبة الفكر :" وقوله في المتن - أيضاً - لذاته يخرج ما يسمى صحيحاً لأمر خارج عنه - كما تقدم - كالحسن إذا روى من غير وجه وما اعتضد بتلقي الأمة له بالقبول وإن لم يكن له إسناد صحيح ".اليواقيت والدرر
? قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ :" مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لَا نَعْلَمُ لَهُ إسْنَادًا صَحِيحًا ، وَأَشْبَهَهَا مَا رَوَى أَيُّوبُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَحِلُّ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَأَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ ، وَتَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهُ بِالْقَبُولِ وَالْعَمَلِ بِهِ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَعْنَاهُ ، وَذَلِكَ يَقُومُ لَهُ مَقَامَ الْإِسْنَادِ . المنتقى .
? الباب الخامس : طهارة الماء المستعمل
? الأدلة على طهارة الماء المستعمل :(1/37)
? الأول : روى البخاري بسنده عن الزهري قال: " أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا وفيه " ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَيْنَيْهِ قَالَ فَوَاللَّهِ مَا تَنَخَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ ". وهو بكماله لأحمد والبخاري
? الثاني : روى البخاري في باب استعمال فضل وضوء الناس ، عن ابن شهاب قال : قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ
وَهُوَ الَّذِي مَجَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي وَجْهِهِ وَهُوَ غُلَامٌ مِنْ بِئْرِهِمْ(1/38)
وَقَالَ عُرْوَةُ عَنْ الْمِسْوَرِ وَغَيْرِهِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ وَإِذَا تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ .
? الثالث : عن جابر بن عبد الله قال :" جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ .متفق عليه.
? الرابع : عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ " متفق عليه
? وفي رواية لمسلم :" مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَنَحْنُ جُنُبَانِ "
? وفي رواية للبخاري :" مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا ".
? وفي رواية للبخاري من حديث أنس :" كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمَرْأَةُ مِنْ نِسَائِهِ يَغْتَسِلَانِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ " زَادَ مُسْلِمٌ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ مِنْ الْجَنَابَةِ .
? الخامس : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ :" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينَا فَيُكْثِرُ فَأَتَانَا فَوَضَعْنَا لَهُ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً مَرَّةً وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ وَضُوئِهِ فِي يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِهِ ثُمَّ رَدَّ يَدَهُ إِلَى نَاصِيَتِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ أُذُنَيْهِ مُقَدَّمَهُمَا وَمُؤَخَّرَهُمَا ".(1/39)
? التخريج : رواه أحمد ، الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ،وغيرهم
? السند : إسناده ضعيف
? علته : في إسناده علتان : الأولى : مدار الحديث على عبد الله بن عقيل ، وقد تفرد به ، والأكثر على ضعفه ، ضعفه ابن معين ، وأبو حاتم ، وابن عيينة ، وأبو زرعة ، وابن خزيمة ، وغيرهم ، كما سيأتي في باب الحيض إن شاء الله.
? الثانية : اضطرب عبد الله بن محمد بن عقيل في متنه ، تارة يورده مختصراًَ ، وتارة مفصلاًَ . وبيان ذلك :
? 1 )) أنه رواه أحد عشر نفساًَ عن ابن عقيل ، ولم يذكروا موضع الشاهد ، وقد رواه كلاًَ من :1- معمر ، 2 - بشر بن مفضل ، 3- الحسن بن صالح ، 4 - روح بن القاسم ، 5 - سفيان بن عيينة وقد أخرجه الحميدي من طريق سفيان وزاد : ووصف لنا سفيان المسح ، فوضع يديه على قرنيه ، ثم مسح بهما إلى جبهته ، ثم رفعهما على قرنيه من وسط رأسه ،ثم مسح إلى قفاه. قال سفيان : وكان ابن عجلان حدثناه أولاًَ عن ابن عقيل ، عن الربيع ، فزاد في المسح ، قال : ثم مسح من قرنيه على عارضيه حتى بلغ طرف لحيته ، فلما سألنا ابن عقيل عنه لم يصف لنا في المسح العارضين ، وكان في حفظه شيء، فكرهت أن ألقنه . 6 – شريك وقد صرح فيه كما في سنن ابن ماجة " وأخذ ماء جديداًَ لرأسه " فهنا تصريح أنه أخذ ماء جديداًَ لرأسه ، إلا أنه من طريق شريك ، وشريك سيء الحفظ . 7 – فليح بن سليمان ، 8 - عبيد الله بن عمرو ، 9 – سعيد بن أبي عروبة ، 10 – محمد بن عجلان ، 11 – سفيان الثوري كما عند الطبراني في الكبير ، مطولاًَ ، وليس فيه موضع الشاهد
? 2 )) موضع الشاهد منه جاء من طريق سفيان ، عن ابن عقيل بألفاظ مختلفة ، بيان ذلك : 1 – رواه أحمد ، عن وكيع ، عن سفيان ، عن ابن عقيل :" ومسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه مرتين ، بدأ بمؤخره ثم رد يده إلى ناصيته "(1/40)
? 2 – ولفظ أبي داود من طريق عبد الله بن داود ، عن سفيان ،عن ابن عقيل : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه من فضل ماء كان في يده " .
? 3 – ولفظ الدارقطني من طريق عبد الله بن داود :" توضأ ومسح رأسه ببلل يديه ". وفي رواية من نفس الطريق :" ومسح رأسه بما فضل في يديه من الماء" وهذا الخطأ من ابن عقيل ؛ لأن في حفظه ليناًَ .
? 3 )) ولحديث سفيان عن ابن عقيل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بفضل يديه . شاهد مرسل بسند لا بأس به ، فقد رواه ابن أبي شيبة بسنده عن أبي جعفر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :" أنه كان يمسح رأسه بفضل وضوئه " . وفي إسناده معمر بن يحي بن سام ، وقد أخرج له البخاري حديثاًَ واحداًَ في المتابعات . وقال أبو زرعة :" ثقة " الجرح والتعديل . وقال الآجري ، عن أبي داود : بلغني أنه لا بأس به وكأنه لم يرضه . تهذيب التهذيب ، وذكره ابن حبان في الثقات ، وقال في التقريب :" مقبول " ، والحق أنه صدوق ، فيكفي فيه توثيق أبي زرعة ، وابن حبان .
? وأبو جعفر : هو محمد بن علي بن الحسين .
? 4 )) وقد خالف حديث عبد الله بن عقيل ، حديث عبد الله بن زيد عند الإمام مسلم من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم يذكر " أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأَ فَمَضْمَضَ ثُمَّ اسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا ". فهذا هو المعروف من الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أخذ ماء جديداًَ لرأسه غير فضل يديه .
? ويحتمل أن يقال : إنه لا تعارض بينهما ؛ 1 - لأن كونه - صلى الله عليه وسلم - مسح رأسه بماء غير فضل يديه لا يدل على الحصر ، ولا نفي لما عداه ، ولا يستلزم عدم وقوع غيره . فيحتمل أن يكون فعل هذا مرة ، وهذا مرة .(1/41)
? 2 – خاصة أن كل حديث له إسناد مستقل فيعتبر حديثاًَ برأسه ، وهذا جيد لولا ضعف عبد الله بن عقيل من جهة ، وكثرة من روى عنه الحديث بدون هذه الزيادة . والله أعلم .
? السادس : عن ابن عباس قال : اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَنَابَةٍ فَلَمَّا خَرَجَ رَأَى لُمْعَةً عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَأَخَذَ مِنْ شَعَرِهِ فَبَلَّهَا ثُمَّ مَضَى إِلَى الصَّلَاةِ ".
? التخريج : رواه أحمد ، وابن أبي شيبة ، ومن طريقه ابن ماجة والبيهقي في الخلافيات .
? إسناده : سنده ضعيف جداًَ .
? علته : فيه أبو علي الرحبي : اسمه حسين بن قيس ، قال أحمد : متروك الحديث ضعيف . الضعفاء الكبير . وقال البخاري : ترك أحمد حديثه . التاريخ الكبير . وقال ابن حبان : كان يقلب الأخبار ، و يلزق رواية الضعفاء ، وكذبه أحمد بن حنبل ، وتركه يحي بن معين . المجروحين .
? السابع : السابع : عن العلاء بن زياد ، قال :" اغتسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنابة ،فخرج ، فأبصر لمعة بمنكبه لم يصبها الماء ، فأخذ بجمته فبلها به "
? التخريج : رواه ابن أبي شيبة ، وعبد الرزاق في المصنف .
? إسناده : سنده ضعيف .
? علته : رجاله ثقات إلا أنه مرسل . العلاء بن زياد ، هو أبو نصر البصري ، من الطبقة الرابعة تلي الوسطى من التابعين ، توفي بالشام 194 هجرياًَ .
? الثامن : عن علي قال :" إذا توضأ الرجل ، فنسي أن يمسح برأسه ، فوجد في لحيته بللاًَ ، أخذ من لحيته ، فمسح رأسه " . رواه ابن أبي شيبة في مصنفه .
? فيه علتان : الأولى : عنعنة قتادة ،(1/42)