8138 - (مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء) لأنه في الصغر خال عن الشواغل وما صادف قلبا خاليا تمكن فيه
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى. . . فصادف قلبا خاليا فتمكنا
ونظمه نفطويه فقال:
أراني أنسى ما تعلمت في الكبر. . . ولست بناس ما تعلمت في الصغر
ومالعلم إلا بالتعلم في الصبا. . . وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر
ولو فلق القلب المعلم في الصبا. . . لألقي فيه العلم كالنقش في الحجر
وما العلم بعد الشيب إلا تعسف. . . إذا كل قلب المرء السمع والبصر
وهذا غالبي فقد تفقه القفال والقدوري بعد الشيب ففاقوا الشباب
(طب عن أبي الدرداء) قال المصنف في الدرر: سنده ضعيف وقال الهيثمي: فيه مروان بن سالم الشامي ضعفه الشيخان وأبو حاتم ورواه العسكري أيضا بلفظ " مثل الذي يتعلم في صغره كالرسم على الصخرة والذي يتعلم في الكبر كالذي يكتب على الماء "(5/509)
[ص:510] 8137 - (مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه) في كون كل منهما يكون وبالا على صاحبه يعذب عليه يوم القيامة فعلى العالم أي يفيض من العلم على مستحقه لوجه الله تعالى ولا يرى نفسه عليهم منة وإن لزمتهم بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى الله بزراعة العلوم فيها كمن يعير أرضا ليزرع فيها لنفسه وينفعه ولولا المتعلم ما نال ذلك المعلم قال الطيبي: هذا على التشبيه نحو قولهم النحو في الكلام كالملح في الطعام في إصلاحه باستعماله والفساد بإهماله لا في القلة والكثرة فتشبيه المعلم بالكنز وارد في مجرد عموم النفع لا في أمر آخر كيف لا والعلم يزيد بالإنفاق والكنز ينقص والعلم باق والكنز فان
فإن المال يفنى عن قريب. . . وإن العلم باق لا يزال
(طس عن أبي هريرة) قال المنذري والهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف(5/510)
8139 - (مثل الذي يجلس يسمع الحكمة) هي كل ما يمنع من الجهل وزجر عن القبيح (ولا يحدث عن صاحبه إلا بشر ما يسمع كمثل رجل أتى راعيا فقال: يا راعي أجزرني شاة من غنمك) أي أعطني شاة تصلح للذبح يقال أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها ولا يقال إلا في الغنم خاصة ذكره ابن الأثير (قال اذهب فخذ بأذن خيرها) أي الغنم شاة فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم
(حم هـ) وكذا أبو يعلى (عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه علي بن يزيد مختلف في الاحتجاج به(5/510)
8140 - (مثل الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب مثل الحمار يحمل أسفارا) أي كتبا كبارا من كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبه وظهره من الكد والتعب وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله (والذي يقول له أنصت لا جمعة له) أي كاملة مع كونها صحيحة
(حم عن ابن عباس) رمز لحسنه وفيه محمد بن نمير أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه الدارقطني ومجالد الهمداني قال أحمد: ليس بشيء وضعفه غيره(5/510)
8141 - (مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه) يعني يهملها ولا يحملها على العمل بما عملت به (مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها) وهذا مثل ضربه المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمن لم يعمل بعلمه وفيه وعيد شديد قال أبو الدرداء: وويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن علم ولم يعمل ألف مرة وقال التستري: الناس كلهم سكارة إلا العلماء والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه وقال الدنيا جهل وباطل إلا العلم والعلم حجة عليه إلا المعمول به والعمل هباء إلا بإخلاص والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به وقال الجنيد: متى أردت أن تشرف بالعلم وتكون من أهله وتنتصب له قبل إعطائه حقه احتجب عنك نوره وكان عليك لا لك وأخذ جمع من هذا الحديث وما علي منواله أن العاصي ليس له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن سيجيء في حديث التصريح بخلافه وعليه الأكثر
(طب) وكذا البزار (عن أبي برزة) الأسلمي قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: فيه محمد بن جابر الشحمي وهو ضعيف لسوء حفظه واختلاطه قال المنذري: ورواه الطبراني عن جندب بإسناد حسن(5/510)
[ص:511] 8142 - (مثل الذي يعين قومه على غير الحق مثل بعير تردى وهو يجر بذنبه) لفظ رواية أبي داود كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع منها بذنبه اه قال بعضهم: معنى الحديث أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص
(هق) من حديث عبد الرحمن بن عبيد الله بن مسعود عن أبيه (عن ابن مسعود) قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول فذكره وقضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة وإلا لما عدل للعزو إلى البيهقي والأمر بخلافه فقد عزاه المنذري وغيره إلى أبي داود وكذا ابن حبان في صحيحه وفيه انقطاع فإن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه(5/511)
8143 - (مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها) فالاستئجار للغزو صحيح وللغازي أجرته وثوابه
(د في مراسيله هق عن جبير بن نفير مرسلا) هو الحضرمي أخذ عن خالد بن الوليد وعبادة. قال الحافظ العراقي: ورواه ابن عربي من حديث معاذ وقال: مستقيم الإسناد منكر المتن(5/511)
8144 - (مثل المؤمن كمثل العطار إن جالسته نفعك وإن ماشيته نفعك وإن شاركته نفعك) فيه إرشاد إلى الرغبة في صحبة العلماء والصلحاء ومجالستهم فإنها تنفع في الدنيا والآخرة وإلى تجنب مصاحبة الأشرار فإنها تورث الشر كالريح إذا هبت على الطيب عبقت طيبا وعلى النتن حملت نتنا
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب. قال الهيثمي: هذا في الصحيح ورواه البزار أيضا ورجاله موثوقون(5/511)
8145 - (مثل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها من شيء نفعك) وفي رواية أنه ما أتاك منها نفعك قال ابن حجر: قد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة فإن موقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت وأن ما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح مستطاب وأنه لا يزال مستورا بدينه وأنه ينتفع بكل ما صدر عنه حيا وميتا وفي صحيح ابن حبان عن ابن عمر رفعه من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها طيب وفرعها في السماء والمراد بكون فرعها في السماء رفع عمله
(طب) والبزار من طريق سفيان بن حسين عن أبي بشر عن مجاهد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر في المختصر: وإسناده صحيح(5/511)
8146 - (مثل المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه كمثل البنيان يشد بعضه بعضا) فعليك بالتودد لعباد الله من المؤمنين بإفشاء السلام وإطعام الطعام وإظهار البشاشة بهم
(خط عن أبي موسى) الأشعري(5/511)
8147 - (مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما في الأمثال (لا تأكل إلا طيبا ولا تضع إلا طيبا) قال ابن الأثير: المشهور [ص:512] في الرواية بخاء معجمة وهو واحدة النخيل وروي بحاء مهملة يريد نحلة العسل ووجه الشبه حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى
(طب حب عن أبي رزين) العقيلي وفيه حجاج بن نصير. قال الذهبي في الضعفاء: ضعفوه أو تركوه(5/511)
8148 - (مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحيانا وتقوم أحيانا) أي هو كثير الآلام في بدنه وماله فيمرض ويصاب غالبا ويخلو من ذلك أحيانا ليكفر عنه سيئاته بخلاف الكافر فإن الغالب عليه الصحة كما مر ليجيء بسيئاته كاملة يوم القيامة
(ع والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه فهد بن حبان وهو ضعيف ورواه عنه البزار وفيه عبيد الله بن سلمة ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح(5/512)
8149 - (مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ومثل الكافر مثل الأرزة) بفتح الهمزة وفتح الراء المهملة ثم زاي على ما ذكره أبو عمرو وقال أبو عبيدة: بكسر الراء بوزن فاعلة وهي النابتة في الأرض وقيل بسكون الراء شجر معروف بالشام وهو شجر الصنوبر والصنوبر ثمرتها (لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر) قال في البحر: ظاهره أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذا وتارة كذا لأنه لا يطيق البلاء ولا يفارقه فمن ثم يميل يمنة ويسرة والمنافق على حالة واحدة من دوام الصحة في نفسه وأهله ويفعل الله ذلك بالمؤمن ليصرفه إليه في كل حال فكلما سكنت نفسه إلى شيء أمالها عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته فاختلاف الأحوال تميل بالمؤمن إلى الله والمنافق وإن اختلفت عليه الأحوال لا يرده ذلك إلى ربه لأنه أعماه وختم على قلبه فنفسه كالخشب المسندة لا تميل لشيء وقلبه كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الإيمان كالأرز لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت ومقصود الحديث أن يحذر المؤمن دوام السلامة خشية الاستدراج فيشتغل بالشكر ويستبشر بالأمراض والرزايا
(حم والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه. قال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف ورواه عنه البزار باللفظ المزبور بسند رجاله ثقات اه. وبه يعرف أن المصنف لو عزاه للبزار لصحة سنده كان أولى(5/512)
8150 - (مثل المؤمن مثل الخامة) وهي الطاقة الغضة اللينة من النبات التي لم تشتد بعد وقيل ما لها ساق واحد وألفها منقلبة عن واو (تحمر تارة وتصفر أخرى والكافر كالأرزة) بفتح الراء شجرة الأرز وبسكونها الصنوبر ذكره القاضي البيضاوي على ما مر تقريره وفيه وفيما قبله وبعده إشارة إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها جنته ودار خلوده وثباته
(حم عن أبي) بن كعب قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قال متى عهدك بأم ملدم - أي الحمى - قال: إن ذلك لوجع ما أصابني قط فذكره رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه من لم يسم(5/512)
8151 - (مثل) بفتح المثلثة بضبط المصنف (المؤمن كمثل) بفتح الثاء بضبطه (خامة الزرع) أي الطاقة الطرية اللينة أو [ص:513] الغضة وهي بخاء معجمة وتخفيف الميم أول ما ينبت على ساق وتقل ابن التين عن القزاز أنها بمهملة وقاف وفسرها بالطاقة من الزرع وذكر ابن الأثير أنها خاقة بخاء معجمة وقاف قال الحافظ: ما لان وضعف من الزرع الغض ولحوق الهاء على تأويل السنبلة (من حيث أتتها الريح كفتها) بتسهيل الهمزة والمعنى أمالتها وفي رواية كفأتها وفي رواية تفيئها الرياح أي تحركها وتميلها يمنة ويسرة وأصل التفيئة إلقاء الفيء على الشيء وهو الظل فالريح إذا أمالتها إلى جانب ألقت ظلها عليه ذكره القاصي (فإذا سكت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء) أي في الوقت الذي سبقت إرادته أن يقصمه فيه والمعنى أن المؤمن كثير الآلام في بدنه وأهله وماله وذا مكفر لسيئاته رافع لدرجاته والكافر قليلها وإن حل به شيء لم يكفر بل يأتي بها تامة يوم القيامة
(ق عن أبي هريرة)(5/512)
8152 - (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة) بضم الهمزة والراء مشددة الجيم وقد تخفف وقد تزاد نونا ساكنة قبل الجيم ولا يعرف في كلام العرب ذكره بعضهم قال ابن حجر: وليس مراده النفي المطلق بل إنه لا يعرف في كلام فصحائهم (ريحها طيب وطعمها طيب) وجرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان وخص الإيمان بالطعم وصفة الحلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم لللمؤمن من القرآن لإمكان حصول الإيمان بدون القراءة والطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه وخص الأرتجة بالمثل لأنه يداوي بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع وهي أفضل ثمار القرب (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة) بالمثناة (لا ريح لها) من حيث أنه مؤمن غير تال في الحال الذي لا يكون فيه تاليا وإن كان ممن حفظ القرآن ذكره ابن عربي (وطعمها حلو) وفي رواية طيب أي من حيث إنه مؤمن ذو إيمان (ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب) لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ وقت قراءته (وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة إنما هي للإيمان فشبهه بالريحانة لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب (ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة) وهي معروف تسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل (ليس لها ريح وطعمها مر) لأنه غير قارئ في الحال قال ابن عربي: وعلى هذا المجرى كل كلام طيب فيه رضا الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن كلام الله لا يضاهيه شيء أشار بضرب المثل إلى أمور منها أنه ضربه بما يخرجه الشجر للمشابهة بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بما يخرجه الشجر ومثل الكافر مما تنبته الأرض تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله وانحطاط شأن المنافق وإحباط [ص:514] عمله ومنها أن الشجر المثمر لا يخلو عمن يغرسه ويسقيه وكذا المؤمن يقيض له من يعلمه ويهديه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة
(حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري(5/513)
8153 - (مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما بينه العسكري (إن أكلت أكلت طيبا وإن وضعت وضعت طيبا وإن وقعت على عود نخر لم تكسره) لضعفها (ومثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرت وإن وزنت لم تنقص) وقد مر أنه إذا أطلق المؤمن غالبا أنه يعني به المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطنا وأخلاق الإسلام ظاهرا فشبه المؤمن بذبابة العسل لقلة مؤنتها وكثرة نفعها كما قيل إن قعدت على عش لم تكسره وإن وردت على ماء لم تكدره وقال علي: كونوا في الدنيا كالنحلة كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء. ومعنى إن أكلت إلخ: أي أنها لا تأكل بمرادها وما يلذ لها بل تأكل بأمر مسخرها في قوله {كلي من كل الثمرات} حلوها ومرها لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط فلذلك طاب وصفها لذة وحلاوة وشفاء فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيبا وهو الذي حلى بإذن ربه لا بهوى نفسه فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال وذكي الأخلاق وصالح الأعمال فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء وبقدر صفاء حله تنمو أعماله وتذكو
(هب) وكذا أحمد كلاهما (عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير أبي سبرة وقد وثق(5/514)
8154 - (مثل المؤمن كمثل البيت الخرب في الظاهر فإن دخلته وجدته مونفا) معجبا (ومثل الفاجر كمثل القبر المشرف المجصص يعجب من رأه وجوفه ممتلئ نتنا) من أحسن تأمل هذا الخبر قطع بأنه مصيب في تمثيله محق في قوله ومن دأبه الإنصاف والعمل على العدل والتسوية والنظر في الأمور بناظر العقل إذا سمع مثل هذا التمثيل علم أنه الحق الذي لا تمر الشبهة بساحته والصواب الذي لا يحوم الخطأ حوله
(هب عن أبي هريرة) وفيه شريك بن أبي نمر أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال يحيى والنسائي غير قوي وقال ابن معين مرة لا بأس به وحديثه في الصحيحين(5/514)
8155 - (مثل المؤمنين) الكاملين في الإيمان (في توادهم) بشد الدال مصدر تواد أي تحاب وفي رواية بدون في فيكون بدلا من المؤمنين بدل اشتمال (وتراحمهم) أي تلاطفهم (وتعاطفهم) قال ابن أبي جمرة: الثلاثة وإن تفاوت معناها بينها فرق لطيف فالمراد بالتراحم أن يرحم بعضهم بعضا لحلاوة الإيمان لا لشيء آخر وبالتواد التواصل الجالب للمحبة كالتهادي وبالتعاطف إعانة بعضهم بعضا (مثل الجسد الواحد) بالنسبة لجميع أعضائه وجه الشبه فيه التوافق في التعب والراحة (إذا اشتكى) أي مرض (منه عضو تداعى) من الدعوة (له سائر الجسد) أي باقيه اسم فاعل من سائر وهو مما يغلط فيه الخاصة فيستعملوه بمعنى الجميع يعني دعاء بعضهم بعضا إلى المشاركة في الألم ومنه تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت (بالسهر) بفتح الهاء ترك النوم لأن الألم يمنع النوم (والحمى) لأن فقد النوم يثيرها والحمى حرارة [ص:515] غريبة تشتعل في القلب فتنبث به في جميع البدن ثم لفظ الحديث خبر ومعناه أمر أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها وفي هذا التشبيه تقريب للفهم وإظهار المعاني في الصور المرئية
(حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه بل خرجه البخاري في الأدب لكنه أبدل مثل بتري والكل بحاله(5/514)
8156 - (مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) أشار به إلى اعتبار الإخلاص وهي جملة معترضة بين ما قبلها وبعدها (كمثل الصائم القائم الدائم) شبه حال الصائم الدائم بحال المجاهد في نيل الثواب في كل حركة وسكون أو المراد به (الذي لا يفتر) ساعة (من صيام ولا صدقة) فأجره مستمر وكذا المجاهد لا تضيع له لحظة بلا ثواب (حتى يرجع وتوكل الله تعالى للمجاهد في سبيله) أي تكفل كما في رواية (إن توفاه أن يدخله الجنة) أي عند موته كما ورد في الشهداء أو عند دخول السابقين ومن لا حساب عليهم (أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة) أو بمعنى الواو قال عياض: هذا تفخيم عظيم للجهاد لأن الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظبة على الصلاة وغيرها وقال غيره: وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد يقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال لكن عموم هذا الحديث خص بما دل عليه حديث ابن عباس ما العمل في أيام أفضل في هذه يعني أيام ذي الحجة نعم استشكل هذا الحديث بحديث أحمد المار ألا أنبئكم بخير أعمالكم إلى أن قال ذكر الله فإن ظاهره أن مجرد الذكر أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي
(ق ت ن) كلهم في الجهاد (عن أبي هريرة)(5/515)
8157 - (مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم) قيل يا رسول الله وما الغراب الأعصم قال هو (الذي إحدى رجليه بيضاء) قال ابن الأعرابي: الأعصم من الخيل الذي في يده بياض والعصمة بياض في ذراعي الظبي والوعل وقيل بياض في يديه أو إحداهما كالسوار قال الزمخشري: وتفسير الحديث يطابق هذا القول لكنه وضع الرجل مكان اليد قالوا: وهذا غير موجود في الغربان فمعناه لا يدخل أحد من المختالات المتبرجات الجنة اه
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه مطرح بن زيد وهو مجمع على ضعفه وفي رواية للطبراني أيضا كما في المغني مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم من مئة غراب قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف ولأحمد عن عمرو بن العاص كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران فإذا بغربان كثيرة فيها غراب أعصم أحمر المنقار فقال: لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في هذه الغربان وإسناده صحيح وهو في السنن الكبرى للنسائي(5/515)
8158 - (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة) بعين مهملة المترددة المتحيرة قال التوربشتي: وأكثر استعماله في الناقة وهي التي [ص:516] تخرج من إبل إلى أخرى ليضربها الفحل ثم اتسع في المواشي (بين الغنمين) أي القطيعين من الغنم قال في المفصل: قد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين في الفرقتين قال: ومنه هذا الحديث وقال الأندلسي في شرحه: تثنية الجمع ليس بقياس وقد يعرض في بعض المعاني ما يحوج إلى تثنيته كما في الحديث كأنه لا يمكن التعبير بمجرد الجمع فتستحق عند ذلك تثنيته (تعير) في رواية أخرى تكر (إلى هذه مرة وإلى هذه مرة) أي تعطف على هذه وعلى هذه (لا تدري أيهما تتبع) لأنها غريبة ليست منهما فكذا المنافق لا يستقر بالمسلمين ولا بالكافرين بل يقول لكل منهم أنا منكم قال الطيبي: شبه تردده بين المؤمنين والكافرين تبعا لهواه وقصدا لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل فلا تستقر على حال ولذلك وصفوا في التنزيل {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء}
(حم م) في أواخر الصحيح (ن) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري(5/515)
8159 - (مثل ابن آدم) بضم الميم وشد الثاء أي صور ابن آدم (إلى جنبه) في الكلام حذف تقديره مثل الذي إلى جنبه وفي رواية وإلى جنبه بالواو وهو حال (تسعة وتسعون منية) أي موتا يعني أن أصل خلقه الإنسان شأنه أن لا تفارقه البلايا والمصائب كما قيل البرايا أهداف المنايا كذا قرره بعضهم وقال القاضي: قوله مثل ابن آدم مبتدأ خبره الجملة التي بعده أو الظرف وتسعة وتسعون مرتفع به أي حال ابن آدم أن تسعة وتسعون منية متوجهة نحوه منتهية إلى جانبه قال: وقيل خبره محذوف وتقديره مثل الذي يكون إلى جنبه تسعة وتسعون منية ولعل الحذف من بعض الرواة اه. (إن أخطأته) تلك (المنايا) على الندرة جمع منية وهي الموت لأنها مقدرة بوقت مخصوص من المنى وهو التقدير لأن الموت مقدر والمراد هنا ما يؤدي إليه من أسبابه وسمى كل بلية من البلايا منية لأنها طلائعها ومقدماتها (وقع في الهرم حتى يموت) يعني أدركه الداء الذي لا دواء له بل يستمر إلى الموت وذكر العدد المخصص على منهج الفرض والتمثيل فليس المراد التحديد بل التكثير
(ت) في القدر وفي الزهد (والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن الشخير) قال الترمذي: حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه(5/516)
8160 - (مثل أصحابي) في أمتي (مثل الملح في الطعام) بجامع الإصلاح إذ بهم صلاح الدين الدنيا (كما لا يصلح الطعام إلا بالملح) بحسب الحاجة إلى القدر المصلح له أي ينبغي أن يحترموا ويعظموا ويرجع إليهم ولأن الملح يحفظ الطعام ويمنع من ورود الفساد عليه فكذا الصحابة حفظوا على الأمة أصل الشرع وفروعه ولأن الملح يطيب الطعام ومتى خلا منه لا يلتذ به فكذا أصحابه ينبغي للمؤمن أن لا يفارق سيرتهم ويمزج كل فعل بحسن متابعتهم قال في الفردوس: قال الحسن قد ذهب ملحنا فكيف نصنع
(ع عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو غير حسن قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف(5/516)
8161 - (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى) أي بالرأي والاستنباط (أوله خير أم آخره) قال البيضاوي: نفي تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية وأراد به التفاوت لاختصاص كل منهم بخاصية توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها والحكم بعدم نفعها فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات وتلقوا دعوة الرسول بالإجابة والإيمان والآخرين آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا [ص:517] الذين قبلهم بالإحسان وكما اجتهد الأولون في التأسيس والتمهيد اجتهد المتأخرون في التجريد والتلخيص وصرفوا عمرهم في التقدير والتأكيد فكل مغفور وسعيه مشكور وأجره موفور إلى هنا كلام القاضي وقد تمسك ابن عبد البر بهذا الحديث فيما رجحه من أن الأفضلية المذكورة في حديث خير الناس قرني إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد وأجاب عنه النووي بأن المراد ممن يشتبه عليه الحال في زمن عيسى ويرون ما في زمنه من البركة وانتظام شمل الإسلام فيشتبه الحال على من شاهد ذلك أي الزمانين خير وهذا الاشتباه مندفع بخير خير الناس قرني اه
(حم ت عن أنس) بن مالك (حم عن عمار) بن ياسر قال الهيثمي: وفيه موسى بن عبيدة الزبدي ضعيف وقال الزركشي: ضعفه النووي في فتاويه (ع عن علي) أمير المؤمنين (طب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعبف ذكره أيضا الهيثمي وقال ابن حجر في الفتح: هو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة. وأغرب النووي فعزاه في فتاويه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف مع أنه عند الترمذي بإسناد أقوى منه من حديث أنس وصححه ابن حبان من حديث عمار(5/516)
8162 - (مثل أهل بيتي) زاد في رواية فيكم (مثل سفينة نوح) في رواية في قومه (من ركبها نجا) أي خلص من الأمور المستصعبة (ومن تخلف عنها غرق) وفي رواية هلك ومن ثم ذهب قوم إلى أن قطب الأولياء في كل زمن لا يكون إلا منهم ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة جدهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في معادن الطغيان
(البزار) في مسنده (عن ابن عباس وعن ابن الزبير) بن العوام (ك) في التفسير من حديث مفضل بن صالح (عن أبي ذر) وقال: على شرط مسلم فرده الذهبي بأن مفضل خرج له الترمذي فقط وضعفوه اه ورواه أيضا الطبراني وأبو نعيم وغيرهما(5/517)
8163 - (مثل بلال) المؤذن (كمثل نحلة) بحاء مهملة (غدت تأكل الحلو والمر ثم يمسي حلوا كله)
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الطبراني باللفظ المزبور فلو عزاه إليه كان أولى قال الهيثمي: وإسناده حسن فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه من ضيق العطن وقد ذكر المصنف عن ابن الصلاح والنووي أن الكتب المبوبة أولى بالعزو إليها والركون لما فيها من المسانيد وغيرها لأن المصنف على الأبواب إنما يورد أصح ما فيه فيصلح الاحتجاج به(5/517)
8164 - (مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل كمثل أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة) في كونه آمن شعره وعلمه وكفر قلبه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن سعيد بن المسيب مرسلا)(5/517)
8165 - (مثل منى) بالصرف وعدمه ولهذا تكتب بالألف والياء قال النووي: والأجود صرفها وكتابتها بألف سميت به لما يمنى أن يراق بها من الدماء (كالرحم في ضيقه فإذا حملت وسعها الله)
(طس عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه(5/517)
8166 - (مثل هذه الدنيا) زاد أبو نعيم في روايته من الآخرة (مثل ثوب شق من أوله إلى آخره فبقى متعلقا بخيط في [ص:518] آخره فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع) هذا مثل ضربه المصطفى صلى الله عليه وسلم للدلالة على نقص الدنيا وسرعة زوالها قال ابن القيم: ويوضح هذا المثل خبر أحمد عن أبي سعيد صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر نهارا ثم قام فخطبنا فلم يترك شيئا قبل قيام الساعة إلا أخبر به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه وجعل الناس يلتفتون إلى الشمس هل بقي منها شيء فقال: إلا أنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه
(هب عن أنس) بن مالك قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف وذلك لأن فيه يحيى بن سعيد العطار أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: بين الضعف ورواه أبو نعيم من حديث أبان عن أنس أيضا وقال: غريب لم نكتبه إلا من حديث إبراهيم بن الأشعث وأبان بن أبي عياش لا تصح صحبته لأنس كان لهجا بالعبادة والحديث ليس من شأنه اه(5/517)
8167 - (مثلي ومثل الساعة كفرسي رهان مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قوم طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثويبه) مصغر ثوب بضبط المصنف (أتيتم أتيتم أنا ذاك أنا ذاك) قالوا: أصل ذلك أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بمخوف وكان بعيدا نزع ثوبه وأشار به إليهم فأخبرهم بما دهمهم وأكثر ما يفعل ذلك طليعة القوم ورقيبهم وفعلة ذلك أبين للناظر فهو أبلغ في الاستحثاث على التأهب للعدو
(هب عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لحسنه(5/518)
8168 - (مثلي ومثلكم كمثل رجل) أي صفتي وصفة ما بعثني الله به من إرشادكم لما ينجيكم العجيب الشأن كصفة رجل (أوقد) وفي رواية استوقد (نارا فجعل) وفي رواية كلما أضاءت ما حولها جعل (الفراش) جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفا به وتوقع نفسها في النار (والجنادب) جمع جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها وحكي كسر الجيم وفتح الدال نوع على خلقة الجراد يصر في الليل صرا شديدا (يقعن فيها ويذبهن عنها) أي يدفع عن النار والوقوع فيها (وأنا آخذ) روى اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال وفعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر (بحجزكم) جمع حجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار خصه لأن أخذ الوسط أقوى في المنع يعني أنا آخذكم حتى أبعدكم (عن النار) نار جهنم (وأنتم تفلتون) بشد اللام أي تخلصون (من يدي) وتطلبون الوقوع في النار بترك ما أمرت وفعل ما نهيت شبه تساقط الجهلة والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع فيها مع منعه لهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وعدم درايته بحر الدنيا ولو علم لم يدخلها بل ظن أن ضوء النار يريحه من ظلام الليل فكذا العاصي يظن أن المعاصي تريحه فيتعجل لذة ساعة بذلة الأبد وفيه فرط شفقته على أمته وحفظهم عن العذاب لأن الأمم في حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء في أكناف الآباء وقال الغزالي: التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالا والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدا
(حم م عن جابر) بن عبد الله ورواه أيضا البخاري باختلاف يسير(5/518)
8169 - (مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة وتحف بهم الملائكة) من جميع جهاتها (وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله على [ص:519] عرشه) قال حجة الإسلام: المراد بمجالس الذكر تدبر القرآن والتفقه في الدين وتعداد نعم الله علينا فقد قال مالك: مجالس الذكر ليس مثل مجالسكم هذه يقص أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد الحديث سردا إنما كنا نقعد فنذكر الإيمان والقرآن <فائدة> في الفتوحات أن عمار بن الراهب رأى في نومه مسكينة الطفاوية بعد موتها فقال: مرحبا يا مسكينة قالت: هيهات يا عمار هيهات ذهبت المسكنة وجاء الغنى الأكبر هيه ما تسأل عمن أبيح له الجنة بحذافيرها يظل حيث يشاء؟ قال: بم ذاك؟ قالت: على مجالس الذكر والصبر على الحق
(حل) وكذا الخطيب (عن أبي هريرة وأبي سعد) رمز المصنف لحسنه(5/518)
8170 - (مداراة) بغير همز وأصله الهمز (الناس صدقة) قال العامري: المداراة اللين والتعطف ومعناه أن من ابتلى بمخالطة الناس معاملة ومعاشرة فألان جانبه وتلطف ولم ينفرهم كتب له صدقة قال ابن حبان: المداراة التي تكون صدقة للمداري تخلقه بأخلاقه المستحسنة مع نحو عشيرته ما لم يشنها بمعصية والمداراة محثوث عليها مأمور بها ومن ثم قيل اتسعت دار من يداري وضاقت أسباب من يماري وفي شرح البخاري قالوا: المداراة الرفق بالجاهل في التعلم وبالفاسق بالنهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه والمداهنة معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه والأولى مندوبة والثانية محرمة وقال حجة الإسلام: الناس ثلاثة أحدهم مثل الغذاء لا يستغنى عنه والآخر مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت والثالث مثل الداء لا يحتاج إليه لكن العبد قد يبتلي به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع فتجب مداراته إلى الخلاص منه
(حب طب هب عن جابر) بن عبد الله هذا حديث له طرق عديدة وهذا الطريق كما قاله العلائي وغيره أعدلها فمن ثم عدل لها المصنف واقتصر عليه ومع ذلك فيه يوسف بن أسباط الراهب وأورده الذهبي في الضعفاء وقال أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيرا وفي اللسان عن ابن عدي: حديث لا أعرفه إلا من حديث أصرم والعباس الراوي عنه في عداد الضعفاء وقال الهيثمي: فيه عند الطبراني يوسف بن محمد بن المنكدر متروك وقال الحافظ في الفتح بعد ما عزاه لابن عدي والطبراني في الأوسط: فيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه وقال ابن عدي: لا بأس به قال الحافظ: وأخرجه ابن أبي عاصم في آداب الحكماء بسند أحسن منه(5/519)
8171 - (مررت ليلة أسري بي على موسى) أي جاوزت موسى بن عمران حال كونه (قائما يصلي في قبره) لفظ رواية مسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو يصلي في قبره أي يدعو الله ويثني عليه ويذكره فالمراد الصلاة اللغوية وقيل المراد الشرعية وعليه القرطبي فقال: الحديث بظاهره يدل على أنه رآه رؤية حقيقية في اليقظة وأنه حي في قبره يصلي الصلاة التي يصليها في الحياة وذلك وذلك ممكن ولا مانع من ذلك لأنه إلى الآن في الدنيا وهي دار تعبد فإن قيل كيف يصلون بعد الموت وليس تلك حالة تكليف؟ قلنا ذلك ليس بحكم التكليف بل بحكم الإكرام والتشريف لأنهم حبب إليهم في الدنيا الصلاة فلزموها ثم توفوا وهم على ذلك فتشرفوا بإبقاء ما كانوا يحيونه عليه فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية ويدل عليه خبر يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه ولا تدافع بين هذا وبين رؤيته إياه تلك الليلة في السماء لأن للأنبياء مراتع ومسارح يتصرفون فيما شاؤوا ثم يرجعون أو لأن أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به يتمكنون من التصرف والتقرب بحيث يرد السلام على المسلم وبهذا التعلق رآه يصلي في قبره ورآه في السماء فلا يلزم كون موسى عرج به من قبره ثم رد إليه بل ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره [ص:520] إلى يوم معاد الأرواح لأبدانها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء أي كما أن نبينا بالرفيق الأعلى وبدنه في ضريحه يرد السلام على من سلم عليه ومن كثف إدراكه وغلظ طبعه عن إدراك هذا فلينظر إلى السماء في علوها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان وإلى النار كيف تؤثر في الجسم البعيد مع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأتم وألطف وإذا تأملت هذه الكلمات علمت أن لا حاجة إلى ما أبدى في هذا المقام من التكلفات والتأويلات البعيدة التي منها أن هذا كان رؤية منام أو تمثيل أو إخبار عن وحي لا رؤية عين (خاتمة) أخرج ابن عساكر عن كعب أن قبر موسى بدمشق وذكر ابن حبان في صحيحه أن قبره بين مدين وبين بيت المقدس واعترضه الضياء المقدسي ثم ذكر أنه اشتهر أن قبره قريب من أريحاء بقرب الأرض المقدسة وقد دلت منامات وحكايات على أنه قبره. قال الحافظ العراقي: وليس في قبور الأنبياء ما هو محقق إلا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وأما قبر موسى وإبراهيم فمظنون
(حم م) في المناقب (ن) في الصلاة (عن أنس) بن مالك ولم يخرجه البخاري(5/519)
8172 - (مررت يوم أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس) بمهملتين أولاهما مكسورة كساء رقيق على ظهر البعير تحت قتبه (البالي من خشية الله تعالى) زاد الطبراني في بعض طرقه فعرفت فضل علمه بالله علي اه. شبهه به لرؤيته لاصقا بما لطى به من هيبة الله تعالى وشدة فرقه منه وتلك الخشية التي تلبس بها هي التي ترقيه في مدارج التبجيل والتعظيم حتى دعي في التنزيل بالرسول الكريم وعلى قدر خوف العبد من الرب يكون قربه. وفيه كما قال الزمخشري دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين وأنهم بين الخوف والرجاء. قال الحكيم الترمذي: وأوفر الخلق حظا من معرفة الله أعلمهم به وأعظمهم عنده منزلة وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة والأنبياء إنما فضلوا على الخلق بالمعرفة لا بالأعمال ولو تفاضلوا بالأعمال لكان المعمرون من الأنبياء وقومهم أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته
(طس عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح وقال شيخه العراقي: رواه محمد بن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة والبيهقي في الدلائل من حديث أنس وفيه الحارث بن سعد الأيادي ضعفه الجمهور(5/520)
8173 - (مر رجل بغصن شجرة) لم يقل بغصن يشعر أنه لم يكن مقطوعا (على ظهر طريق) أي ظاهره وفوقه (فقال والله لأنحين) لم يقل لأقطعن إيذانا بأن الشجرة كانت ملكا للغير أو كانت مثمرة (هذا عن المسلمين) بإبعاده الطريق (لا يؤذيهم) أي لئلا يضرهم (فأدخل الجنة) ببناء أدخل للمفعول أي فبسبب فعله ذلك أدخل الجنة مكافأة له على صنيعه قال الحكيم: لم يدخلها برفع الغصن بل بتلك الرحمة التي عم بها المسلمين كما يصرح به الحديث فشكر الله له عطفه ورأفته بهم فأدخله الجنة دار كرامته ومما يحقق ذلك ما روى أن عبدا لم يعمل خيرا قط ففرق فخرج هاربا ينادي في الأرض يا سماء اشفعي لي يا كذا يا كذا حتى وقع فأفاق فنودي قم فقد شفع لك من قبل فرقك من الله تعالى وقال الأشرفي: يمكن كون ذلك الرجل دخل بنيته الصالحة وإن لم ينحه ويمكن كونه نحاه قال الطيبي: والفاء على الأول سببية والسبب مذكور وعلى الثاني فصيحة تدل على محذوف هو سبب لما بعد الفاء أي أقسم بالله أن أبعد الغصن من الطريق ففعل وقوله لا يؤذيهم جملة مستأنفة لبيان علة التنحية
(حم م) في البر (عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك فقد عزاه الصدر المناوي وغيره لهما معا: البخاري في الصلاة وغيرها ومسلم في البر [ص:521] كلاهما عن أبي هريرة(5/520)
8174 - (مروا) وجوبا (أولادكم) وفي رواية أبناءكم قال الطيبي: مروا أصله أمروا حذفت همزته تخفيفا فلما حذفت فاء الفعل لم يحتج إلى همزة الوصل لتحريك الميم (بالصلاة) المكتوبة (وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) يعني إذا بلغ أولادكم سبعا فأمروهم بأداء الصلاة ليعتادوها ويأنسوا بها فإذا بلغوا عشرا فاضربوهم على تركها قال ابن عبد السلام: أمر للأولياء والصبي غير مخاطب إذ الأمر بالأمر بالشيء ليس أمرا بذلك الشيء (وفرقوا بينهم في المضاجع) أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشرا حذرا من غوائل الشهوة وإن كن أخواته قال الطيبي: جمع بين الأمر بالصلاة والتفرق بينهم في المضاجع في الطفولية تأديبا ومحافظة لأمر الله كله وتعليما لهم والمعاشرة بين الخلق وأن لا يقفوا مواقف التهم فيجتنبوا المحارم (وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة) وفي رواية فلا يرين ما بين سرته أو ركبته فإن ما بين سرته وركبته من عورته وفي رواية للدارقطني فلا تنظر الأمة إلى شيء من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة
(حم د ك) من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده (ابن عمرو) بن العاص قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود: إسناده حسن(5/521)
8175 - (مروا) بضمتين بوزن كلوا بغير همز تخفيفا وفي رواية للبخاري مري بوزن كلي خطابا لعائشة (أبا بكر) الصديق (فليصل) بسكون اللام الأولى وفي رواية فليصلي بكسرها وزيادة ياء مفتوحة آخره والفاء عاطفة أي فقولي له أو قولي فليصل وقد خرج بهذا الأمر عن أن يكون من قاعدة الأمر بالأمر بالفعل فإن الأصح أنه ليس أمرا وفي رواية للبخاري يصلي بإثبات الياء وإسقاط اللام وفي رواية له أن يصلي (بالناس) الظهر والعصر والعشاء وفي رواية للناس أي المسلمين قاله لما ثقل في مرض موته فصلى أبو بكر أياما ثم وجد خفة فخرج يهادى بين رجلين فذهب أبو بكر يتأخر فأومئ إليه أن مكانك وجلس على يساره فصلى قائما والنبي صلى الله عليه وسلم قاعدا مقتديا بأبي بكر وللحديث فوائد لا تكاد تحصى منها أن الأفقه يقدم على الأقرأ في الإمامة لأنه كان ثمة من هو أقرأ من أبي بكر لا أعلم كذا في فتح القدير <تنبيه> قال أصحابنا في الأصول: يجوز أن يجمع عن قياس كإمامة أبي بكر هنا فإن الصحب أجمعوا على خلافته وهي الإمامة العظمى ومستندهم القياس على الإمامة الصغرى وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى صلى الله عليه وسلم
(ق ت هـ) في الصلاة (عن عائشة ق عن أبي موسى) الأشعري (خ عن ابن عمر) بن الخطاب (هـ عن ابن عباس وعن سالم بن عبيد) الأشجعي من أهل الصفة نزل الكوفة روى عنه جماعة(5/521)
8176 - (مروا بالمعروف) أي بكل ما عرف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل بين الناس (وانهوا عن المنكر) أي المعاصي والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام. وعرفهما إشارة إلى تقررهما وثبوتهما وفي رواية عرف الأول ونكر الثاني ووجهه الإشارة إلى أن المعروف معهود مألوف والمنكر مجهول كمعدوم قال القاضي: الأمر بالمعروف يكون واجبا ومندوبا على حسب ما يؤمر به والنهي عن المنكر واجب كله لأن جميع ما أنكره الشرع [ص:522] حرام (قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم) زاد الطبراني وأبو نعيم في روايتهما عم ابن عمر يرفعه وقبل أن تستغفروا فلا يغفر لكم إن الأمر بالمعروف لا يقرب أجلا وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم ثم عمهم البلاء اه بنصه وقال عمر: إن الزاهد من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزعت منه الطاعة ولو أمر ولده أو عبده لاستخف به فكيف يستجاب دعاؤه من خالقه؟ وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكبائر قال ابن العربي: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى وفرادى بشرط القدرة والأمن
(هـ عن عائشة) قال الهيثمي: في إسناده لين وأقول: فيه معاوية بن هشام قال ابن معين: صالح وليس بذاك وهشام بن سعد قال في الكاشف: قال أبو حاتم: لا يحتج به وقال أحمد: لم يكن بالحافظ(5/521)
8177 - (مروا بالمعروف وإن لم تفعلوه وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله) لأنه يجب ترك المنكر وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر ولهذا قيل للحسن فلان لا يعظ ويقول أخاف أن أقول ما لا أفعل قال وأينا يفعل ما يقول؟ ود الشيطان لو ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر ولو توقف الأمر والنهي على الاجتناب لرفع الأمر بالمعروف وتعطل النهي عن المنكر وانسد باب النصيحة التي حث الشارع عليها سيما في هذا الزمان الذي صار فيه التلبس بالمعاصي شعار الأنام ودثار الخاص والعام لكن للأمر والنهي شروط مقررة في الفروع منها أن يكون مجمعا على وجوبه أو تحريمه وأن يعلم من الفاعل اعتقاد ذلك حال ارتكابه وأن لا يتولد من الأمر ما هو أنكر فإن غلب على ظنه تولد ذلك حرم الإنكار قال ابن عربي: لو كشف لرجل أن فلانا لا بد أن يزني بفلانة أو يشرب الخمر لزمه النهي لأن نور الكشف لا يطفئ نور الشرع فمشاهدته من طريق الكشف لا يسقط الأمر بالمعروف لأنه تعالى تعبدنا بإزالة المنكر وإن شهدنا كشفا أنه متحتم الوقوع
(طص) وكذا في الأوسط (عن أنس) بن مالك قال: قلنا يا رسول الله لا نأمر بالمعروف ولا ننه عن المنكر حتى نجتنبه كله فذكره قال الحافظ: فيه عبد القدوس بن حبيب أجمعوا على ضعفه وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان(5/522)
8178 - (مسألة الغني) أي سؤاله للناس من أموالهم إظهارا للفاقة واستكثارا (شين) أي عيب وعار (في وجهه يوم القيامة) لأنه جحد نعمة الله الواجب شكرها بسؤاله مع ما فيها من الذل والمقت والهوان في الدنيا لأن من سألهم ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال يحبونه لنفوسهم ومن طلب محبوبك فلا شيء أبغض إليك منه
(حم عن عمران) بن حصين رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(5/522)
8179 - (مشيك إلى المسجد وانصرافك إلى أهلك في الأجر سواء) أي يؤجر على رجوعه كما يؤجر على ذهابه لكن لا يلزم من ذلك تساوي مقداريهما
(ص عن يحيى بن يحيى الغساني) بفتح المعجمة وشد المهملة وبعد الألف نون نسبة إلى غسان قبيلة كبيرة من الأزد منها يحيى هذا قاضي دمشق روى عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وعنه ابن عيينة وغيره مرسلا(5/522)
[ص:523] 8180 - (مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا) زاد في رواية فإن الكباد من العب وقد مر غير مرة
(هب عن أنس) بن مالك وفي سنده لين(5/523)
8181 - (مضمضوا من اللبن) أي إذا شربتم لبنا فأديروا في فمكم ماء وحركوه ندبا (فإن له دسما) قالوا: وذلك من لبن الإبل آكد لأنه أشد زهومة والدسم الودك من شحم ولحم قال الفاكهاني: أصل لفظ المضمضة مشعر بالتحريك والإدارة يقال مضمض النعاس في عينه
(هـ عن ابن عباس وعن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته وهو كما قال قال مغلطاي: وهذا خرجه الأئمة الستة بغير لفظ الأمر وإطلاق المنذري وهم وقال الإمام ابن جرير: هذا صحيح عندنا وفي الفردوس: حديث صحيح(5/523)
8182 - (مطل الغني) أي تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال (ظلم) منه لرب الدين فهو حرام فالتركيب من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل وقيل من إضافة المصدر للمفعول يعني يجب وفاء الدين وإن كان مستحقه غنيا فالفقير أولى ولفظ المطل يؤذن بتقديم الطلب فتأخير الأداء مع عدم الطلب ليس بظلم. وقضية كونه ظلما أنه كبيرة فيفسق به إن تكرر وكذا إن لم يتكرر على ما جرى عليه بعضهم لكن يشهد للأول قول التهذيب المطل المدافعة بالغريم (وإذا اتبع) بالبناء للمجهول أحيل (أحدكم على مليء) كغني لفظا ومعنى وقيل بالهمز بمعنى فعيل. وضمن اتبع معنى أحيل فعداه بعلى (فليتبع) بالتخفيف أجود أي فليحتل والأمر للندب أو للإباحة عند الجمهور لا للوجوب خلافا للظاهرية وأكثر الحنابلة فإن بعض الأملياء عنده من اللدود والعسر ما يوجب كثرة الخصومة والمضارة فمن علم من حاله ذلك لا يطلب الشارع اتباعه بل عدمه لما فيه من تكثير الخصومة والظلم وأما من علم منه حسن القضاء فلا شك في ندب اتباعه للتخفيف عن المديون والتيسير ومن لا يعلم حاله فمباح. لكن لا يمكن إضافة هذا التفصيل إلى النص لأنه جمع بين معنيين متحاذيين بلفظ الأمر في إطلاق واحد فإن جعل للأقرب أضمر معه القيد. ذكره الكمال ابن الهمام. والحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة. زاد ابن الحاجب تبرأ بها الأولى واعترض بأن النقل حقيقة إنما هو في الأجسام وبأن قوله تبرأ إلخ حشو لا يفيد إدخال شيء في الحد ولا إخراجه وبأنه حكم الحوالة وتابع لها وحكم الحقيقة لا يؤخذ في تعريفها وبأن أخذ لفظ الحق بدل لفظ الدين أولى إذ لا يصدق الدين على المنافع إلا بتكلف
<تنبيه> من أمثالهم الحسنة: الكريم ينشئ بارقة هطلة ولا يرسل صاعقا مطلة
(ق 4 عن أبي هريرة) ورواه أحمد والترمذي عن ابن عمر(5/523)
8183 - (مع كل ختمة) أي مع كل ختمة يقرؤها الإنسان (دعوة مستجابة) بمعنى إذا عقبها بدعوة له أو لغيره استجيبت
(هب عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه في إسناده ضعف وروي من وجه آخر ضعيف عن أنس - إلى هنا كلامه(5/523)
8184 - (مع كل فرحة ترحة) أي مع كل سرور حزن يعني يعقبه حتى كأنه معه لئلا تسكن نفوس العقلاء إلى نعيمها ولا تعكف قلوب المؤمنين على فرحاتها فيمقته الله سبحانه عند هجوم ترحاتها {إن الله لا يحب الفرحين} والترح ضد الفرح [ص:524] يقال ترح إذا حزن ويعدى بالهمز
(خط) في ترجمة أبي بكر الشيرازي (عن ابن مسعود) وفيه حفص بن غياث أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول(5/523)
8185 - (معاذ بن جبل) الأنصاري (أعلم الناس بحلال الله وحرامه) قالوا: وإذا كان أعلم فهو أقضى فما معنى خبر وأقضاكم علي؟ وأجيب بأن القضاء يرجع إلى التفطن لوجوه حجاج الخصوم وقد يكون غير الأعلم أعظم فراسة وقريحة وفطنة ودربة وأحذق باستبانة وجه الصواب أسلم معاذ رضي الله عنه وعمره ثمانية عشر سنة وشهد بدرا وسائر المشاهد مات بالأردن في طاعون عمواس وسنه نحو خمس وثلاثين سنة
(حل عن أبي سعيد) الخدري وفيه زيد العمي وقد مر ضعفه وسلام بن سليمان قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه(5/524)
8186 - (معاذ بن جبل أمام العلماء) بفتح الهمزة أي قدامهم (يوم القيامة برتوة) بفتح الراء وسكون المثناة الفوقية أي برمية سهم وقيل بميل وقيل بمد البصر وقيل بخطوة وقيل بدرجة وأخرج ابن سعد عن أنس مرفوعا أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل. قال المؤلف: هذا وهو المقتضي لكونه يأتي أمام العلماء يوم القيامة وهم في أثره وعلم منه أن العلماء الذين يأتي أمامهم هم العلماء بالحلال والحرام وحملة الشريعة
(طب حل عن محمد بن كعب) القرظي (مرسلا) قال الهيثمي: فيه عبد الله بن محمد بن أزهر الأنصاري لم أعرف حاله وبقية رجاله رجال الصحيح(5/524)
8187 - (معترك المنايا) جمع منية من منى الله عليك خيرا قدر أي منايا هذه الأمة التي هي آخر الأمم ومعتركها ملابسة شدائدها والمعترك موضع الاعتراك للحرب (ما بين الستين) من السنين (إلى السبعين) لفظ رواية الحكيم والسبعين بالواو لا بالياء وذلك لأن مقدمات الضعف ونقص القوى تبدو بعد الأربعين ويستحكم الضعف إلى الستين وتتراجع القوى وذلك مقدمات الموت إلى السبعين في غالب هذه الأمة التي هي أقصر الأمم أعمارا ولم يجاوز منهم ذلك إلا القليل فأخذوا من الدنيا رزقا قليلا ببدن ضعيف في أمد قصير رفقا من الله بهم وخيرة لهم لئلا يأشروا ويبطروا كما وقع ذلك لمن عظم جسمه وطال عمره من الأمم الماضية ثم ضوعفت حسناتهم وأيدوا باليقين وأعطوا ليلة القدر وغيرها جبرا لما فاتهم وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال وقيل لعبد الملك بن مروان كم تعد فبكى وقال: أنا في معترك المنايا هذه ثلاث وستون فمات فيها
(الحكيم) في نوادره (عن أبي هريرة) وفيه محمد بن ربيعة أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: لا يعرف وكامل أبو العلاء أورده الذهبي وقال: خرجه ابن حبان ولم يصب في اقتصاره على الحكيم لما فيه من إيهام أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن البيهقي خرجه في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة وكذا الخطيب في التاريخ وأبو يعلى والديلمي والقضاعي وغيرهم وضعفه في الفتح بإبراهيم بن الفضل(5/524)
8188 - (معقبات) أي كلمات يأتي بعضها عقب بعض سميت معقبات لأنها تفعل أعقاب الصلوات وقال القاضي: المعقبات الكلمات التي يعقب بعضها بعضا مأخوذة من العقب ومنه قيل لملائكة الليل والنهار معقبات لأن بعضهم يعقب بعضا وقال ابن الأثير: سميت معقبات لأنها عادت مرة بعد أخرى أو لأنها تعاد عقب الصلاة والعقب من كل شيء ما جاء عقب ما قبله وقيل تسبيحات يعقبهن الثواب (لا يخيب قائلهن) زاد في رواية أو فاعلهن على الشك. قال القاضي: قد يقال [ص:525] للقائل فاعلا لأن القول فعل من الأفعال واعترض بأن الفعل لا يستعمل مكان القول إلا إذا صار القول مستمرا ثابتا رسوخ الفعل وقال ابن الأثير: والخيبة الحرمان والخسران (ثلاث) أي هن ثلاث (وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة في دبر) بضم الدال وتفتح (كل صلاة مكتوبة) قال الطيبي: وقوله معقبات يحتمل أن يكون صفة مبتدأ أقيمت مقام الموصوف أي كلمات معقبات ولا يخيب خبر ودبر كل صلاة ظرف يجوز أن يكون خبرا بعد خبر وأن يكون متعلقا بقائلهن لا يخيب ويحتمل أن يكون لا يخيب قائلهن صفة معقبات ودبر صفة أخرى أو خبرا آخر أو متعلقا بقائلهن وثلاث خبرا آخر ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاث وثلاثون والجملة بيان وفيه ندب هذه الأذكار عقب الصلوات وحكمته أن وقت الفرائض تفتح فيه الأبواب وترفع فيه الأعمال فالذكر حينئذ أرجى ثوابا وأعظم أجرا. وفيه جواز العد والإحصاء في الذكر والتسبيح ورد على من كرهه
(حم م ت ن) في الصلاة (عن كعب بن عجرة) ولم يخرجه البخاري وقول الدارقطني الصواب وقفه على كعب لأن من رفعه لا يقاوم في الحفظ: رده النووي(5/524)
8189 - (معلم الخير) يعني العلم الشرعي (يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر) في رواية في البحار. قال الغزالي: هذا في معلم قصد بتعليمه وجه الله دون التطاول والتفاخر بخلاف من نفسه مائلة إلى ذلك فقد انتهضت مطيعة للشيطان ليدليه بحبل غروره ويستدرجه بمكيدته إلى غمرة الهلاك وقصده أن يروج عليه الشر في معرض الخير حتى يلحقه {بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} أما من قصد بعلمه وجه الله سبحانه فإن علمه يتعدى نفعه حتى لدواب البحر بما منه الأمر بإحسان القتلة وغير ذلك فمن ثم كانت تستغفر له. ومن ثمرات العلم النافع خشية الله ومهابته
(طس عن جابر) بن عبد الله (البزار) في مسنده (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي: فيه من طريق الطبراني إسماعيل بن عبد الله بن زرارة قال الأزدي: منكر الحديث وإن وتقه ابن حبان ومن طريق البزار محمد بن عبد الملك وهو كذاب اه(5/525)
8190 - (مفاتيح) في رواية مفتاح (الغيب) أي خزائنه أو ما يتوصل إلى المغيبات على جهة الاستعارة بأن يجعل الغيب مخزنا مغلقا وذكر ما هو من خواص المخزن وهو المفتاح والمفتاح يطلق على ما كان محسوسا مما يحل غلقا كالقفل وعلى ما هو معنويا وفي رواية مفاتح بغير ياء جمع مفتح كما قاله القاضي وهو الخزانة إلى خزائن الغيب (خمس) واقتصر عليها وإن كانت مفاتيح الغيب لا تتناهى {وما يعلم جنود ربك إلا هو} لأن العدد لا ينفي الزائد أو لكونها التي كان القوم يدعون علمها أو لأنها الأمهات إذ الأمور إما أن تتعلق بالآخرة وهو علم الساعة أو بالدنيا وذلك إما متعلق بالجماد المأخوذ من الغيب أو بالحيوان في مبدئه وهو ما في الأرحام أو معاشه وهو الكسب أو معاده وهو الموت (لا يعلمها إلا الله) قال الزجاج: فمن ادعى شيئا منها كفر فهو تعالى المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها لا يتوصل إليها غيره فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها أو تأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته وفيه دليل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها (لا يعلم أحد ما يكون في غد) من خير أو شر (إلا الله ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام) ذكر أم أنثى؟ واحد أم متعدد؟ ناقص أو تام؟ شقي أم سعيد (إلا الله) وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر [ص:526] يعرفونها بالعادة ومع ذلك نفى أن يعرف أحد حقيقتها أي إلا بإقداره كالملك الموكل بالتخليق ونفخه الروح ونحو ذلك (ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) {إن الله عنده علم الساعة} لا يعلم ذلك نبي مرسل ولا ملك مقرب (ولا) في رواية وما (تدري نفس) برة أو فاجرة (بأي أرض تموت) أي أين تموت كما لا تدري في أي وقت تموت (إلا الله) فربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرح منها فيرمي بها مرامي القدر حتى تموت بأرض لم تخطر بباله وفي الكشاف عن المنصور أنه أهمه معرفة مدة عمره فرأى في منامه كأن خيالا أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس فأوله العلماء بخمس سنين وخمسة أشهر وغير ذلك حتى قال أبو حنيفة تأويلها أن مفاتيح الغيب خمس ولا يعلمها إلا الله وأن ما طلبت معرفته لا سبيل إليه (ولا يدري أحد متى يجيء المطر) ليلا أو نهارا (إلا الله تعالى) نعم إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء الله من خلقه والمنجم الذي يخبر بشيء من ذلك يقوله بالقياس والنظر في المطالع والقرابات وما يدرك بالدليل لا يكون غيبا على أنه مجرد ظن وقال في موضعين نفس وفي ثالث أحد لأن النفس هي الكاسبة وهي المائية قال الله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} وقال تعالى {الله يتوفى الأنفس} فلو قال بدلها لفظ أحد فيهما احتمل أن يفهم منه لا يعلم أحد ماذا تكسب نفسه أو بأي أرض تموت نفسه فتفوت المبالغة المقصودة وهي أن النفس لا تعرف حال نفسها حالا ومآلا وإذا لم تعرف نفسها فمعرفتها لغيرها أبعد والفرق بين العلم والدراية أن الدراية أخص لأنها علم باختيار أي لا تعلم وإن علمت جبلتها وعدل عن لفظ القرآن وهو تدري إلى تعلم فبماذا تكسب غدا لزيادة المبالغة إذ نفي العام يستلزم نفي الخاص بدون عكس فكأنه قال لا تعلم أصلا وإن احتالت. وفيه زجر عن اتباع المنجمين في تعاطيهم علم الغيب هذا ما قرره علماء الظاهر في هذا الحديث وقال بعض الصوفية: مفاتيح الغيب لها خمس مراتب وهي حضرة الغيب المشتملة على علم المعاني المجردة عن الأعيان والحقائق وصور الأشياء في علم الحق ويقابلها حضرة الشهود وبينهما عالم المثال المطلق وله الوسط وحضرة الأرواح بين الوسط والغيب لأن نسبته إلى الغيب أقوى وعالم المثال المقيد الذي بين الوسط وعالم الشهادة أقوى وكل مرتبة سوى هذه فتبع وفرع من فروع هذه الخمسة وأما قوله {لا يعلمها إلا هو} فمفسر بأنه لا يعلمها أحد بذاته ومن ذاته إلا هو لكن قد تعلم بإعلام الله فإن ثمة من يعلمها وقد وجدنا ذلك لغير واحد كما رأينا جماعة علموا متى يموتون وعلموا ما في الأرحام حال حمل المرأة بل وقبله والمفاتيح المشار إليها هي أسماء الذات وفيه رد على من زعم أن لنزول المطر وقتا معينا لا يتخلف عنه
(حم خ) في كتاب الاستسقاء (عن ابن عمر) بن الخطاب وظاهر هذا أن البخاري خرجه بهذا اللفظ والذي رأيته معزوا له مفاتيح الغيب خمس {إن الله عنده علم الساعة} إلى آخر الآية فليحرر(5/525)
8191 - (مفاتيح) وفي رواية مفتاح (الجنة شهادة أن لا إله إلا الله) فيه استعارة لطيفة لأن الكفر لما منع من دخول الجنة شبه بالغلق المانع من دخول الدار ونحوها والإتيان بالشهادة لما رفع المانع وكان سبب دخولها شبهه بالمفتاح وفي البخاري عن وهب أنه قيل له: أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله؟ قال: بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا فلا تنبه. قال الطيبي: مفاتيح الجنة مبتدأ وشهادة خبره وليس بينهما مطابقة من حيث الجمع والإفراد ولذا جعلت الشهادة المثمرة للأعمال الصالحة التي كأسنان المفاتيح جزءا منها بمنزلة واحدة
(حم عن معاذ) بن جبل قال الهيثمي: رجاله وثقوا إلا أن شهرا لم يسمع من معاذ(5/526)
8192 - (مفتاح الجنة الصلاة) أي مبيح دخولها الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة فلا يفتحها إلا الطاعة والصلاة أعظمها [ص:527] فيه استعارة وذلك أن الحدث لما منع من الصلاة شبه بالغلق المانع من الدخول والطهور لما رفع الحدث وكان سبب الإقدام على الصلاة شبه بالمفتاح (ومفتاح الصلاة) أي مجوز الدخول فيها (الطهور) بضم الطاء وجوز الرافعي فتحها لأن الفعل لا يمكن بدون آلته. وقال الولي العراقي: ضبطناه في أصلنا بالفتح وهو الماء على الأشهر واشتهر على الألسنة بالضم والمراد به الفعل. قال: والأول أظهر لأن الماء مفتاح واستعماله فتح قال الطيبي: جعلت الصلاة مقدمة لدخول الجنة كما جعل الوضوء مقدمة للصلاة فكما لا تمكن الصلاة بدون وضوء لا يتهيأ دخول الجنة بدون صلاة. قال بعضهم: فيه دليل لمن كفر تارك الصلاة اه. وقال غيره: فيه اشتراط الطهارة بصحة الصلاة لدلالة حصر المبتدأ في الخبر على انحصار مفتاح الصلاة في الطهور فدل على أنها مغلقة ممنوع منها لا يفتح غلقها ويزيل المنع منها إلا الطهور وفيه استعمال المجاز في الكلام فإن مفتاح الصلاة مجاز عما يفتحها من غلقها فالحدث كالفعل موضوع على المحدث كالقفل حتى إذا توضأ انحل قال ابن العربي: وهذه استعارة بديعة
<تنبيه> قد جعل الله لكل مطلوب مفتاحا يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور ومفتاح الحج الإحرام ومفتاح البر الصدقة ومفتاح الجنة التوحيد ومفتاح العلم حسن السؤال والإصغاء ومفتاح الظفر الصبر ومفتاح المزيد الشكر ومفتاح الولاية والمحبة الذكر ومفتاح الفلاح التقوى ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة ومفتاح الإجابة الدعاء ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ومفتاح الإيمان التفكر في مصنوعات الله ومفتاح الدخول على الله استسلام القلب والإخلاص له في الحب والبغض ومفتاح حياة القلوب تدبر القرآن والضراعة بالأسحار وترك الذنوب ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الحق والسعي في نفع الخلق ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار ومفتاح العز الطاعة ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ومفتاح كل خير الرغبة في الآخرة ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل. وهذا باب واسع من أنفع أبواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر ولا يقف عليه إلا الموفقون
(حم هب عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه(5/526)
8193 - (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير) أي سبب كون الصلاة محرمة ما ليس منها التكبير وأصل التحرم المنع وفيه أن الصلاة لا تنعقد إلا بلفظ الله أكبر وهو مذهب الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة: تنعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم قالوا: والتكبير من خصوصيات هذه الأمة وتمسك به الحنفية على أن التكبير ليس من الصلاة إذ الشيء لا يضاف إلى نفسه قلنا قد يضاف الجزء إلى الجملة كدهليز الدار (وتحليلها التسليم) أي أنها صارت بهما كذلك فهما مصدران يضافان إلى الفاعل. وقال في فتح القدير: الإسناد فيه مجازي لأن التحريم ليس نفس التكبير بل يثبت أو يجعل مجازا لغويا في استعمال لفظ التحريم فيما به أي ما يثبت به تحريم الصلاة التكبير ومثله في تحليلها التسليم والمستفاد من هذه وجوب المذكورات في الصلاة اه. وقال الخطابي: فيه أن التسليم ركن للصلاة كالتكبير وأن التحلل إنما يكون به دون الحدث والكلام لأنه عرف بأل وعينه كما عين الطهور وعرفه فانصرف إلى الطهارة المعروفة والتعريف بأل مع الإضافة يوجب التخصيص وفيه رد على الحنفية. وقال المظهر: سمي الدخول في الصلاة تحريما لأنه يحرم الكلام وغيره والتحليل جعل الشيء المحرم حلالا وسمي التسليم به لتحليله ما كان حراما على المصلي وقال الطيبي: شبه الشروع في الصلاة بالدخول في تحريم الملك المحمي عن الأغيار وجعل فتح باب الحرم بالتطهر عن الأدناس والأوضار وجعل الالتفات إلى الغير والشغل به تحليلا تنبيها على التكمل بعد الكمال
(حم د ت هـ) كلهم في الطهارة (عن علي) أمير المؤمنين رمز المؤلف لحسنه تبعا للنووي بل قال أعني المؤلف: إنه حديث متواتر وزعم ابن العربي أن إسناد أبي داود أصلح من الترمذي قال اليعمري: ولا وجه له وفيه محمد بن عقيل ضعفه الأكثر لسوء حفظه لكن ينبغي أن يكون حديثه حسنا(5/527)
[ص:528] 8194 - (مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة) وفي رواية أربعين وفي رواية أقل وفي أخرى أكثر قال البيهقي: القصد به تضعيف أجر الغزو على غيره وذلك يختلف باختلاف الناس في نياتهم وإخلاصهم ويختلف باختلاف الأوقات ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة بأربعين ومرة بستين وأخرى بما دونها وأخرى بما فوقها اه. وقال بعضهم: فمن وجب عليه الغزو وكان التخلي للعبادة المندوبة يفوته فالتخلي لها معصية بل هي حينئذ معصية لاستلزامها ترك الفرض وأما التعليل بأن الاشتغال بالعبادة لا يوجب الغفران ودخول الجنان فغير صواب
<تنبيه> ما ذكر من أن لفظ الحديث مقام الرجل في الصف هو ما في الكتاب كغيره عن عمران ابن حصين لكن وقع في المصابيح والمشكاة وغيرهما عنه مقام الرجل بالصمت وشرحه شارحوها عليه فقالوا: أي منزلته عند الله أفضل من عبادة ستين سنة لأن في العبادة آفات يسلم منها بالصمت كما قال في الحديث الآخر من صمت نجا
(طب ك) وكذا البيهقي كلهم في الجهاد (عن عمران) بن حصين قال الحاكم: على شرط البخاري وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وثقه ابن معين وضعفه أحمد(5/528)
8195 - (مكارم الأخلاق من أعمال الجنة) أي من الأعمال المقربة إليها قال البعض: هذا من إضافة الصفة للموصوف كقولهم جرد قطيفة وأخلاق ثياب قال الراغب: كل شيء يشرف في بابه فإنه يوصف به قال تعالى {وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج} وإذا وصف الله تعالى بمكارم الأخلاق فهو اسم لإحسانه وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي كالمنذري: وإسناده جيد(5/528)
[تابع حرف الميم](6/1)
8196 -[ص:2] (مكارم الأخلاق عشرة) هذا الحصر إضافي باعتبار المذكور هنا (تكون في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في الابن ولا تكون في الأب وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن أراد به السعادة: صدق الحديث) لأن الكذب يجانب الإيمان لأنه إذا قال كذا ولم يكن قد افترى على الله بزعمه أنه كونه فصدق الحديث من الإيمان (وصدق الناس) لأنه من الثقة بالله شجاعة وسماحة (وإعطاء السائل) لأنه من الرحمة (والمكافأة بالصنائع) لأنه من الشكر (وحفظ الأمانة) لأنه من الوفاء (وصلة الرحم) لأنها من العطف (والتذمم للجار) لأنه من نزاهة النفس (والتذمم للصاحب وإقراء الضيف) لأنه من السخاء فهذه مكارم الأخلاق الظاهرة وهي تنشأ من مكارم الأخلاق الباطنة (ورأسهن) كلهن (الحياء) لأنه من عفة الروح فكل خلق من هذه الأخلاق مكرمة لمن منحها يسعد بالواحد منها صاحبها فكيف بمن جمعت له كلها؟ والأخلاق الحسنة كثيرة وكل خلق حسن فهو من أخلاق الله والله يحب التخلق بأخلاقه فكل مكرمة من هذه الأخلاق يمنحها العبد فهي له شرف ورفعة في الدارين. وخرج البيهقي والحاكم والحكيم أن عليا كرم الله وجهه قال: سبحان الله ما أزهد الناس في الخير عجب لرجل يجيئه أخوه لحاجة لا يرى نفسه للخير أهلا فلو كنا لا نرجو ثوابا ولا نخاف عقابا لكان لنا أن نطلب مكارم الأخلاق لدلالتها على النجاح فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاص لو أن المكارم كانت سهلة لسابقكم إليها اللثام لكنها كريهة مرة لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها
(الحكيم) الترمذي (هب) كلاهما من طريق أيوب الوزان عن الوليد بن مسلم عن ثابت عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة (عن عائشة) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح ولعله من كلام بعض السلف وثابت بن يزيد ضعفه يحيى والوليد بن الوليد قال الدارقطني: منكر الحديث قال الحاكم: وفي اللسان ثابت بن يزيد الذي أدخله الوليد بينه وبين الأوزاعي مجهول وينبغي الحمل فيه عليه قال البيهقي في الشعب عقبه: وروي بإسناد آخر ضعيف موقوف على عائشة وهو به أشبه اه. وهو به صريح في شدة ضعف المرفوع الذي آثره المصنف(6/2)
8197 - (مكان الكي التكميد) أي يقوم مقامه ويغني عنه لمن ناب علته الكي وهو أن يسخن خرقة وسخة دسمة وتوضع على العضو والوجع مرة بعد أخرى ليسكن والخرقة الكمادة ذكره الزمخشري (ومكان العلاق السعوط) أي بدل إدخال الأصبع في حلق الطفل عند سقوط لهاته أن يسعط بالقسط البحري مرة على مرة (ومكان النفخ للدود) يعني أن هذه الثلاثة تبدل من هذه الثلاثة وتوضع محلها فتؤدي مؤداها في النفع والشفاء وهي أسهل مأخذا وأقل مؤونة. ذكره الزمخشري
(حم عن عائشة)(6/2)
[ص:3] 8198 - (مكتوب في الإنجيل كما تدين) بفتح التاء وكسر الدال بضبط المصنف (تدان) بضم التاء بضبطه قال الزمخشري: سمي الفعل المجازي فيه باسم الجزاء كما سميت الإجابة باسم الدعوة في قوله تعالى {له دعوة الحق} وفي الفردوس الدين يحتمل معان وهنا الجزاء يعني كما تجازي تجازى وقيل كما تصنع يصنع بك (وبالكيل الذي تكيل تكتال) وعليه قيل:
فان كنت قد أبصرت هذا فإنما. . . يصدق قول المرء ما هو فاعله
ففيك إلى الدنيا اعتراض وإنما. . . يكال لدى الميزان ما أنت كايله
وقد خانت الدنيا قرونا تتابعوا. . . كما خان أعلا البيت يوما أسافله
(فر عن فضالة بن عبيد) ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده في مسند الفردوس وليس كذلك بل ذكره بغير سند وبيض له ولده وروى الإمام أحمد في الزهد بسند عن مالك بن دينار قال: مكتوب في التوراة كما تدين تدان وكما تزرع تحصد(6/3)
8199 - (مكتوب في التوراة من بلغت له ابنة اثنتي عشرة سنة فلم يزوجها فأصابت إثما) يعني زنت فإثم ذلك عليه لأنه السبب فيه بتأخير تزويجها المؤدي إلى فسادها. وذكر الاثنتي عشرة سنة لأنها مظنة البلوغ المثير للشهوة
(هب عن عمر) بن الخطاب (وعن أنس) بن مالك وحديث أنس هذا أورده البيهقي من طريق شيخه الحاكم قال عقبه: قال الحاكم: هذا وجده في أصل كتابه يعني بكر بن محمد عبدان الصدفي وهذا الإسناد صحيح والمتن شاذ بمرة قال البيهقي: إنما نرويه بالإسناد الأول وهو بهذا الإسناد منكر(6/3)
8200 - (مكتوب في التوراة من سره أن تطول حياته ويزاد في رزقه فليصل رحمه) فإن صلة الرحم تزيد في العمر وفي الرزق وقد مر معنى هذا في عدة أخبار
(ك) في البر والصلة (عن ابن عباس) وقال: صحيح وأقره الذهبي وقال المنذري: رواه الحاكم والترمذي بإسناد لا بأس به(6/3)
8201 - (مكة أم القرى) قال المصنف في ساجعة الحرم: عن مجاهد وغيره خلق الله موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق الأرض بألفي عام وكان موضع البيت حشفة على الماء ترى ومنها دحيت الأرض ولذلك سميت أم القرى ولها أيضا أسماء كثيرة
(عد عن بريدة) قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح وهشام بن مصك أحد رجاله قال أحمد: مطروح الحديث وقال الفلاس: متروك(6/3)
8202 - (مكة مناخ) بضم الميم أي محل للمناخ أي إبراك الإبل ونحوها (لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها) لأنها غير مختصة بأحد بل هي موضع لأداء المناسك قال أبو حنيفة: فأرض الحرم موقوفة فلا يجوز تملكها لأحد. وتأول الحديث من أجاز بيع دورها بأنه إنما منع من ذلك لنفسه وصحبه لكونهم هاجروا منها لله فلا يرجعون في شيء منها. (1)
(ك) في البيع من حديث إسماعيل ضعفوه فالصحة من أين؟ وعده في الميزان من مناكير إسماعيل هذا
_________
(1) [وقال في السراج المنير: وبه أخذ أبو حنيفة فقال لا يجوز تملكها لأحد وخالفه الجمهور فأولوا الخبر. انتهى من السراج المنير. فليعلم قليلوا العلم والمطالعة من المتعصبين عن حقيقة التزام أبي حنيفة بنص الحديث وتركه الرأي خلاف ما يتوهمون. ومثل هذه المواقف كثيرة حيث يأخذ بظاهر الحديث ويترك الرأي والتأويل وإن خالفه غيره من المجتهدين جزاهم الله الخير أجمعين. دار الحديث](6/3)
[ص:4] 8203 - (ملئ) بضم الميم وفتح الهمزة بضبطه (عمار) بن ياسر (إيمانا إلى مشاشه) بضم الميم ومعجمتين أولاهما خفيفة يعني اختلط الإيمان بلحمه ودمه وعظمه وامتزج بسائر أجزائه امتزاجا لا يقبل التفرقة فلا يضره الكفر حين أكرهه عليه كفار مكة بضروب العذاب وفيه نزل {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال في الفتح: وهذه الصفة لا تقع إلا ممن أجاره الله الشيطان الرجيم ومن ثم جاء عن ابن مسعود في الصحيح أن عمارا أجاره الله من الشيطان
(هـ عن علي) أمير المؤمنين (ك عن ابن مسعود) وفي الباب عائشة عند البزار قالت: ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمار فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح: إسناده صحيح قال: وقد جاء في حديث آخر عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه خرجه النسائي بسند صحيح اه(6/4)
8204 - (ملعون من أتى امرأة في دبرها) أي جامعها فيه فهو من أعظم الكبائر إذا كان هذا في المرأة فكيف بالذكر وما نسب إلى مالك في كتاب السر من حل دبر الحليلة أنكره جمع
(حم د) وكذا النسائي وابن ماجه كلهم في النكاح من طريق سهل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: والحارث بن مخلد ليس بمشهور وقال ابن القطان: لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهل اه فرمز المصنف لصحته غير مسلم(6/4)
8205 - (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا) قال الحافظ العراقي: لعنة فاعل ذلك لا يناقضها ما مر من استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بوجه الله لأن ما هنا في جانب طلب تحصيل الشيء إما في دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس به أو النهي إنما هو عن سؤال المخلوقين به وكنى عن سؤال الله به في الأمور الدنيوية
(طب عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي في شرح العمدة: إسناده حسن وقال الهيثمي: فيه من لم أعرفه وقال في موضع آخر: رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح(6/4)
8206 - (ملعون من ضار) بالفتح مصدر ضره يضره إذا فعل به مكروها (مؤمنا أو مكر به) أي خدعه بغير حق أي هو مبعود من رحمة الله يوم القيامة جزاء على فعله حتى يسترضي خصمه أو يدركه الله بعفوه
(ت) في البر (عن أبي بكر) الصديق وقال: غريب ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه فرقد السنجي وهو وإن كان صالحا حديثه منكر قال البخاري: وساقه في الميزان من مناكيره وفيه أبو سلمة الكندي قال ابن معين: ليس بشيء وقال البخاري: تركوه(6/4)
8207 - (ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه) إنما استحق ساب أبويه اللعن لمقابلته نعمة الأبوين بالكفران وانتهائه إلى غاية العقوق والعصيان كيف وقد قرن الله برهما بعبادته - وإن كانا كافرين - وبتوحيده وشريعته (ملعون من ذبح لغير الله) قال القرطبي: إن كان المراد الكافر الذي ذبح للأصنام فلا خفاء بحاله وهي التي أهل بها والتي قال الله فيها {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه} وأما إن كان مسلما فتناوله عموم هذا اللعن لا تحل ذبيحته لأنه لا يقصد به الإباحة الشرعية وقد [ص:5] مر أنها شرط في الذكاة ويتصور ذبح المسلم لغير الله فيما إذا ذبح مجربا لآلة الذبح أو اللهو ولم يقصد الإباحة وما أشبهه وقال بعضهم: ذهب داود وإسحاق وعكرمة إلى أن ما ذبحه غير المالك تعديا كالسارق لا يوكل وهو قول شاذو الأئمة الأربعة علي حله لوقوع الذكاة بشروطها من المتعدي (ملعون من غير تخوم الأرض) أي معالمها وحدودها قال الزمخشري: روي بضم أوله وفتحه وهي مؤنثة والتخوم جمع لا واحد له وقيل وواحدها تخم والمراد تغيير حدود الحرم التي حددها إبراهيم وهو عام في كل حد ليس لأحد أن يزوي من حد غيره شيئا اه. وقيل أراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق قال القرطبي: والمغير لها إن أضافها إلى ملكه فغاصب وإلا فمتعد ظالم مفسد لملك الغير (ملعون من كمه أعمى عن طريق ملعون من وقع على بهيمة) أي جامعها (ملعون من عمل بعمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من دون النساء وأخذ من اقتصاره على اللعنة وعدم ذكره القتل أن كلا منهما لا يقتل وعليه الجمهور وذهب البعض إلى قتلهما تمسكا بخبر اقتلوا الفاعل والمفعول به وخبر من وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وفي كل مقال
(حم عن ابن عباس) وفيه محمد بن سلمة فإن كان السعدي فواهي الحديث أو البناني فتركه ابن حبان كما بينه الذهبي وفيه محمد بن إسحاق وفيه عمرو بن أبي عمرو لينه يحيى(6/4)
8208 - (ملعون من فرق) بالتشديد زاد الطبراني في روايته بين الوالدة وولدها وبين الأخ وأخيه اه. والمراد أنه مبعود من منازل الأخيار ومواطن الأبرار لا أنه مطرود من الرحمة بالكلية فالتفريق بين الأصل وفرعه في بعض صوره حرام شديد التحريم وفي بعضها مكروه شديد الكراهة لما فيه من البلاء العظيم والخطر الجسيم ومن ثم قيل:
لقتل بحد السيف أسهل موقعا. . . على النفس من قتل بحد فراق
أما بين الأخوين والأختين فجوزه الشافعي مطلقا ومنعه أبو حنيفة أخذا بمثل هذا الخبر واختلف أصحاب مالك في ذلك فجوزه بعضهم حتى بين الأصل والفرع ومنعه آخرون وأجازه بعض منهم بالإذن دون غيره
(ك) في البيع (هق) كلاهما (عن عمران) بن الحصين قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني عن عمران من هذا الوجه(6/5)
8209 - (ملعون من لعب بالشطرنج) بكسر الشين بضبط المصنف. قال في درة الغواص: يقولون للعبة الهندية الشطرنج بالشين والقياس كسرها لأن الاسم الأعجمي إذا عرب رد إلى ما يستعمل من نظائره وزنا وصيغة وليس في كلامهم فعلنل بكسرها وقد جوزوا كونه بشين معجمة من المشاطرة وبمهملة من التسطير (والناظر إليها كآكل لحم الخنزير) قال الذهبي: وأكل لحم الخنزير حرام بإجماع المسلمين ومن ثم ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى تحريمه أعني الشطرنج وقال الشافعي: يكره ولا يحرم فقد لعبه جماعة من الصحب ومن لا يحصى من التابعين ومن بعدهم وقال الحافظ: لم يثبت في تحريمه حديث صحيح ولا حسن
(عبدان) في الصحابة (وأبو موسى) في الذيل (وابن حزم) كلهم في الصحابة من طريق عبد المجيد بن أبي داود عن ابن جريج (عن حبة بن مسلم مرسلا) هو تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث وفي الميزان إنه خبر منكر اه. وروى الجملة الأولى منه الديلمي من حديث أنس وقضية صنيع المؤلف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه بل قال عقبه ابن حزم: حبة مجهول والإسناد منقطع وقال ابن القطان: حبة مجهول [ص:6] قال: وقيل: إنه حبة بن سلمة أخو شقيق بن سلمة وهو لا يعرف أيضا كذا في الإصابة(6/5)
8210 - (ملك موكل بالقرآن فمن قرأه من أعجمي أو عربي فلم يقومه قومه الملك ثم رفعه) إلى الله (قواما) والمراد بعدم تقويمه تحريفه واللحن فيه لحنا يغير المعنى لكن الذي يتجه أن هذا في غير العامد أما هو فإنه إذا قرأه محرفا فليس بقرآن
(الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من الشيرازي مع أن الحاكم والديلمي خرجاه(6/6)
8211 - (مملوكك يكفيك) أي مؤونة الخدمة (فإذا صلى فهو أخوك) أي في الإسلام (فأكرموهم) أي المماليك (كرامة أولادكم) أي مثلها (وأطعموهم مما تأكلون) أي من جنس أقواتكم والأكمل من نفس طعامكم بأن يأكل السيد وعبده من إناء واحد
<تنبيه> قال ابن العربي: سابقة الحرية عليها خلق الإنسان لكنه لما عصى الله ضرب له الرق وأدخله تحت ذل المملوكية وجعل في ذلك رفقا للأحرار وإبقاء الرق على النسل أثر من آثار الكفر يعمل على أصله حتى إذا تأكدت العقوبة واستمرت وقع الزجر موقعه كما أن العدة لما كانت أثرا من آثار النكاح عملت عمل أصلها في جمل من الأحكام
(هـ عن أبي بكر) الصديق(6/6)
8212 - (من الله تعالى لا من رسوله لعن الله قاطع السدر) أي سدر الحرم
(طب هق عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه يحيى بن الحارث قال العقيلي: لا يصح حديثه يعني هذا الحديث اه وقال الذهبي بعد ما عزاه للبيهقي: ضعيف جدا وفي معناه أحاديث أخر كلها ضعيفة إلا خبر جريج(6/6)
8213 - (من البر أن تصل صديق أبيك) أي في حياته وبعد موته وفي رواية مرت: إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه والبر هو الإحسان وأبر البر أحسنه وأفضله وأبر البر من قبيل جل جلاله وجد جده وجعل الجد جادا وإسناد الفعل إليه وجعل الجلال جليلا وإسناد الفعل إليه فجعل البر بارا ويبنى منه أفعل التفضيل وكذا كل ما هو من هذا القبيل نحو أفضل الفضل وأفجر الفجور وكون ذلك من البر لأن الولد إذا وصل ود أبيه اقتضى ذلك الترحم عليه والثناء الجميل فتصل إلى روحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياء وذلك أشد من كونه بارا في حياته
(طس عن أنس) بن مالك. قال الهيثمي: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي وهو متروك اه. وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه(6/6)
8214 - (من التمر والبسر) بكسر الباء بضبط المصنف (خمر) أي إن الخمر التي جاء القرآن بتحريمها تصنع منهما لأن ذلك يختص بما صنع من العنب كما ذهب إليه الكوفيون وقد خطب عمر رضي الله عنه على المنبر بحضرة أكابر الصحب وبين أن المراد بالخمر في الآية ليس خاصا بالمتخذ من العنب بل يتبادل المتخذ من غيرها وأن الخمر ما خامر العقل أي ستره من أي شيء كان
(طب عن جابر) رمز لحسنه وظاهر عدوله للطبراني واقتصاره عليه أنه لم يخرجه أحد من الستة [ص:7] وليس كذلك بل خرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير يرفعه بزيادة ولفظه إن من الحنطة خمرا وإن من الشعير خمرا ومن التمر خمرا ومن الزبيب خمرا ومن العسل خمرا اه. وقال الترمذي: حسن غريب وقال الصدر المناوي: سنده صحيح(6/6)
8215 - (من الجفاء) وهو ترك البر والصلة وغلظ الطبع (أن أذكر عند الرجل) لم يرد رجلا معينا فهو كالنكرة فعومل معاملتها كما في قوله: " ولقد أمر على اللئيم يسبني " بل وذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى أو خنثى (فلا يصلي علي) لغلظ طبعه وعدم مروءته فمن ذكر عندهم ولم يصل عليه فقد جفاه ولا يجوز لمؤمن لمنافاته كمال حبه ومن هذا الحديث ونحوه أخذ جمع من الأئمة من المذاهب الأربعة وجوب الصلاة عليه كلما ذكر
(عب عن قتادة مرسلا) ورواه عنه أيضا النميري وعبد الرزاق في جامعه قال القسطلاني: ورواته ثقات اه(6/7)
8216 - (من الحنطة خمر ومن التمر خمر ومن الشعير خمر ومن الزبيب خمر ومن العسل خمر) تمامه عند مخرجه وأنا أنهاكم عن كل مسكر ولأبي داود من وجه آخر عن الشعبي عن النعمان بلفظ إن من العنب خمرا وإن من العسل خمرا وإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا ولأحمد من حديث أنس بسند قال ابن حجر: صحيح " الخمر من العنب والعسل والحنطة والشعير والذرة وفي رواية الخلعي ذكر الزبيب بدل الشعير قال البيهقي: ليس المراد الحصر فيما ذكر بل إن الخمر يتخذ من غير العنب وجعل الطحاوي هذه الأحاديث متعارضة وأجيب بحمل حديث جابر وما أشبهه على الغالب أي أكثر ما يتخذ الخمر من العنب والبسر وحمل هذا الحديث على إرادة استيعاب ذكر ما عهد حينئذ أنه يتخذ منه الخمر والحاصل أن المراد بيان أن الخمر يطلق على ما لا يتخذ من العنب لا خصوص المذكورات وإذا ثبت كون كل مسكر خمرا من الشارع كان حقيقة شرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية فالمتخذ من هذه المذكورات يحرم شربه ويحد شاربه عند الشافعي ومالك وأحمد وهو حجة على أبي حنيفة في قوله: إنما يحرم عصير تمر أو عنب
(هـ حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر: ومن هذا الوجه خرجه أصحاب السنن(6/7)
8217 - (من الزرقة يمن) يعني أن زرقة عين الإنسان دالة على البركة والخير غالبا لسر علمه الشارع
(خط عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وأقره والأمر بخلافه فانه أورده في ترجمة إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب وذكر أنه ضعيف منكر الحديث لا يحتج به اه. وأقول: فيه أيضا الحارث بن أبي أسامة صاحب المسند أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال: ضعيف وسليمان بن أرقم قال الذهبي: تركوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: سليمان متروك وإسماعيل لا يحتج به(6/7)
8218 - (من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت طلق الوجه) أي ببشاشة وإظهار بشر فإن فاعل ذلك يكتب له به ثواب التصدق بشيء من ماله لأنه من الإحسان المأمور به
(هب عن الحسن البصري مرسلا)(6/7)
8219 - (من الصدقة أن تعلم) بفتح العين وشد اللام بضبط المصنف قال القاضي: والتعليم فعل يترتب عليه العلم غالبا ولذلك [ص:8] يقال علمته فلم يتعلم
(أبو خيثمة في) كتاب (العلم عن الحسن مرسلا) وهو البصري(6/7)
8220 - (من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم) يقال طال عليه واستطال إذا علا وترفع عليه (ومن الكبائر السبتان) بباء موحدة ومثناة فوقية بضبط المصنف (بالسبة) الواحدة أي أن يشتمك الرجل شتمة فتشتمه شتمتين في مقابلتها
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه(6/8)
8221 - (من المذي) بفتح فسكون أو كسر (الوضوء) أي واجب (ومن المني) بكسر النون وتشديد الياء (الغسل) أي واجب قال الشارح: فيه أنه أي المذي لا يوجب الغسل بل الوضوء وأنه نجس ولهذا أوجب النبي صلى الله عليه وسلم غسل الذكر اه. فأنت تعلم بأن ايحاب الوضوء منه لا يوجب نجاسته لأن الخارج الطاهر ناقض وإنما علمت نجاسته من دليل منفصل اه
<تنبيه> حكمة إيجاب غسل الجنابة أنها بعد عن القرب من الطاهر الطيب تعالى وهو فعل حدث تنزه عنه وسبح نفسه عن قول من نسب إليه ذلك لأنه فعل من زوجين لا يقوم إلا باجتماعهما وهو الفرد المنفرد الذي لا قرين له فأمر المكلف بغسل جميع بدنه ليخف القلب ويطهر من ثقل فعل الجنابة التي هي في نهاية البعد عن أوصاف الواحد الفرد فإذا طهر صلح لأن يذكر كلام الحق تعالى ويذكره فيتطهر الجسد ظاهرا بطهر القلب من استغراق الشهوة التي غلبته واستغرق وغاب بها عن ذكر الله وينبغي للمغتسل أن يتذكر مع غسل أعضائه ما وقع فيه مما يبعد عن الله ويتوب منها والتنظف لدخوله على ملك الموت
(ت) وكذا ابن ماجه في الطهارة (عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي: حسن صحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه(6/8)
8222 - (من المروءة أن ينصت الرجل لأخيه) أي في الإسلام (إذا حدثه) فلا يعرض عنه ولا يشتغل بحديث غيره فإن فيه استهانة به (ومن حسن المماشاة أن يقف الأخ لأخيه) في الإسلام (إذا انقطع شسع نعله) حتى يصلحه ويمشي لأن مفارقته ربما أورثت ضغينة
(خط عن أنس) بن مالك(6/8)
8223 - (من أخون الخيانة تجارة الوالي في رعيته) الظاهر أن المراد تجارته فيما تعم حاجتهم إليه من الأقوات وغيرها ويحتمل الإطلاق
(طب عن رجل)(6/8)
8224 - (من أسوأ الناس منزلة) أي عند الله (من أذهب آخرته بدنيا غيره) ومن ثم سماه المتشرعة أخس الأخساء فقالوا: لو أوصى للأخس صرف له
(هب عن أبي هريرة) وفيه شهر بن حوشب أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: لا يحتج به ووثقه ابن معين(6/8)
8225 - (من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) قال المظهر: الباء في بأهله باء التعدية [ص:9] كما في قوله بأبي أنت وأمي يعني يتمنى أحدهم أن يكون مفديا بأهله لو اتفقت رؤيتهم إياه ووصولهم إليه وقال الطيبي: لو هنا كما في قوله تعالى {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} لا بد لقوله يود من مفعول فلو مع ما بعده نزل منزلته كأنه قيل يود أحدهم ويحب ما لا يلزم قوله لو رآني بأهله أي يفديني بأهله وماله ليراني
(م عن أبي هريرة)(6/8)
8226 - (من أشراط الساعة) أي علاماتها (أن يتباهى) أي يتفاخر مبتدأ ومن أشراط خبره قدم للاهتمام لا للاختصاص إذا أشراطها كثيرة (الناس) المسلمون (في المساجد) أي يتفاخرون بتشييدها ويراؤون بتزيينها كما فعل أهل الكتاب بعد تحريف دينهم وأنتم تصيرون إلى حالهم فإذا صرتم كذلك فقد جاء أشراطها وقد كان المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مبني باللبن وسقفه الجريد وعمده جذوع النخل فزاد فيه عمر فبناه على بناء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غير فيه عثمان فزاد فيه وبنى جدره وعمده بحجارة وسقفه بالساج ذكره الطيبي وذهب الجمهور إلى كراهية نقش المسجد وتزويقه وشرذمة إلى عدم كراهته لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر لها أمرا ذمها كارتفاع الأمانة وأمورا حمدها كزخرفة المساجد وأمورا لا تحمد ولا تذم كنزول عيسى فليس أشراط الساعة من الأمور المذمومة
(ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو داود وابن ماجه في الصلاة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الستة غير جيد(6/9)
8227 - (من أشراط الساعة الفحش والتفحش) أي ظهورهما وغلبتهما في الناس (وقطيعة الرحم وتخوين الأمين وائتمان الخائن)
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اه ورمز المصنف لحسنه(6/9)
8228 - (من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين) تحيته (وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف) دون من لم يعرفه (وأن يبرد الصبي الشيخ) أي يجعله رسوله في حوائجه
(طب) من حديث سلمة بن كهيل (عن ابن مسعود) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح إلا أن سلمة وإن كان سمع من الصحابة لم أجد له رواية عن ابن مسعود(6/9)
8229 - (من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين) الرجل والمرأة (في النكاح) أي أن تكون واسطة بينهما فيه متسببا في إيقاعه مرغبا لكل منهما في صاحبه. يعني إذا وجدت الكفاءة وتوفرت الشروط وظهر وجه المصلحة
(هـ عن أبي رهم) بضم الراء وسكون الهاء وأبو رهم في الصحابة أنماري وسمعي وظهري وغفاري وأشعري وأرحبي فلو ميزه لكان أولى(6/9)
8230 - (من أفضل العمل إدخال السرور) أي الفرح (على المؤمن) إذا كان ذلك من المطلوبات الشرعية كأن (تقضي عنه [ص:10] دينا) لا يقدر على وفائه ويحتمل الإطلاق لأن تحمل ذلك عنه يسره غالبا (تقضي له حاجة) لا يستطيع إبلاغها أو يستطيعه (تنفس له كربة) من الكرب الدنيوية أو الأخروية فكل واحدة من هذه الخصال من أفضل الأعمال بلا إشكال بل ربما وقع في بعض الأحيان أن يكون ذلك من فروض الأعيان
(هب عن) محمد (بن المنكدر مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليها وهو عجب فقد خرجه الدارقطني في غرائب مالك من روايته عن ابن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال: فيه ضعف(6/9)
8231 - (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة) أي عظمها وهو بالجيم من انتفج جنبا البعير إذا ارتفعا وعظما خلقة وبخاء معجمة وهو ظاهر
(طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن يوسف ذكر له في الميزان هذا الحديث وقال: إنه مجهول وحديثه غير محفوظ اه ورواه الطبراني في الصغير وزاد وأن يرى الهلال بليلة فيقال لليلتين قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطاكي ولم أجد من ترجمه(6/10)
8232 - (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا) بفتح القاف والباء أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب (فيقال لليلتين) أي هو ابن ليلتين (وأن تتخذ المساجد طرقا) للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب فلا يصلي فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة (وأن يظهر موت الفجأة) فيسقط الإنسان ميتا وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى مصالحه
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رواه في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي وهو ضعيف اه(6/10)
8233 - (من اقتراب الساعة هلاك العرب) لفظ الرواية فيما وقفت عليه من النسخ إن من إلخ
(ت) في المناقب (عن طلحة بن مالك) الخزاعي وقيل الأسلمي قال الذهبي: نزل البصرة وله حديث روته عنه مولاته أم جرير قال الترمذي: غريب إنما نعرفه من حديث سليمان بن حرب اه وأم جرير لم يرو لها سوى الترمذي قال الذهبي: ولا تعرف اه لكن قال الزين العراقي: الحديث حسن(6/10)
8234 - (من اقتراب الساعة كثرة القطر) أي المطر (وقلة النبات) أي الزرع (وكثرة القراء) للقرآن (وقلة الفقهاء) أي الفقهاء بعلم طريق الآخرة كما بينه الغزالي (وكثرة الأمراء وقلة الأمناء) ولهذا قال عبد الله بن عمر فيما رواه أبو إسحاق عن سعيد بن وهب لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم فإذا أخذوه عن أصاغرهم وشرارهم هلكوا
(طب عن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري) قال الهيثمي: فيه عبد الغفار بن القاسم وهو وضاع اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب(6/10)
8235 - (من أكبر الكبائر الشرك بالله) بأن يتخذ معه إلها غيره وخصه لأنه الأغلب في بلاد العرب حالتئذ والمراد [ص:11] الكفر بإشراك أو بغيره لكن يقال إن الكفر بالإشراك أكبر من الكفر بغيره (واليمين الغموس) أي الكاذبة سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار وفي قرنها بالشرك إيذان بأنه لا شيء أفحش منها
(طس عن عبد الله ابن أنيس) تصغير أنس رمز المصنف لحسنه وهو كما قال بل أعلى فقد قال الهيثمي: رجاله موثوقون وقال ابن حجر: سنده حسن(6/10)
8236 - (من إكفاء الدين تفصح النبط) بنون فموحدة مفتوحة بضبط المصنف جمعه أنباط كسبب وأسباب جيل ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم (واتخاذهم القصور في الأمصار) جمع مصر
(طب عن ابن عباس) وفيه عمران بن تمام قال في الميزان: عن أبي حاتم: أتى بخبر منكر ثم ساقه اه قال في اللسان: ولفظ أبي حاتم كان مستورا حتى حدث عن أبي حمزة عن ابن عباس بهذا فافتضح(6/11)
8237 - (من بركة المرأة) على زوجها كما جاء مصرحا في رواية (تبكيرها بالأنثى) تمامه عند الخطيب والديلمي ألم تسمع قوله تعالى {يهب لمن يشاء إناثا} فبدأ بالاناث
(ابن عساكر) وكذا الخطيب والديلمي كلهم (عن واثلة) بن الأسقع ورواه الديلمي عن عائشة مرفوعا بلفظ من بركة المرأة على زوجها تيسير مهرها وأن تبكر بالإناث قال السخاوي: وهما ضعيفان اه بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات فقال: موضوع(6/11)
8238 - (من تمام التحية الأخذ باليد) أي إذا لقي المسلم المسلم فسلم عليه فمن تمام السلام أن يضع يده في يده فيصافحه فان المصافحة سنة مؤكدة كما مر غير مرة قال ابن بطال: الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة وذلك مستحب عند العلماء إنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه آخرون لأن كعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم. وجمع بأن المكروه تقبيل التكبر والتعظيم والمأذون فيه ما كان على وجه التقرب إلى الله لدين أو علم أو شرف ولهذا قال النووي: تقبيل اليد لنحو صلاح أو علم أو شرف ونحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يندب ولنحو غنى أو شوكة أو وجاهة عند أهل الدنيا مكروه شديد الكراهة وقال المتولي لا يجوز
(ت عن ابن مسعود) قال المنذري: رواه الترمذي عن رجل لم يسمه اه. وقال الترمذي في العلل: سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال: هذا حديث خطأ وإنما يروى من قول الأسود بن يزيد أو عبد الرحمن بن يزيد اه وفيه يحيى بن سليم الطائفي قال في الميزان: قال أحمد: رأيته يخلط في أحاديث فتركته ثم أورد له أخبارا هذا منها وقال ابن حجر: في سنده ضعف(6/11)
8239 - (من تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم) يعني العائد له (يده على جبهته) حيث لا عذر (ويسأله) عن حالته (كيف هو) زاد ابن السني في روايته ويقول له كيف أصبحت أو كيف أمسيت فإن ذلك ينفس عن المريض قال ابن بطال: في وضع اليد على المريض تنفيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا. وقد يعرف العلاج فيعرف العلة فيصف له ما يناسبه. وروى أبو يعلى عن عائشة أنه عليه السلام كان إذا عاد مريضا يضع يده على المكان الذي يألم ثم يقول بسم الله لا بأس قال المؤلف: رجاله موثقون (وتمام تحيتكم بينكم) أيها المسلمون (المصافحة) أي لا مزيد على السلام والمصافحة [ص:12] ولو زدتم على ذلك فهو تكلف
(حم) عن خلف بن الوليد عن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة (ت) في الاستئذان عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن يحيى عن أيوب عن عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم (عن أبي أمامة) قال الترمذي: ليس إسناده بذاك وفي موضع آخر: فيه علي بن يزيد ضعيف اه. وأورده في الميزان في ترجمة عبيد الله بن زجر من حديثه وقال: عن ابن المديني منكر الحديث وعن ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات وأورده ابن الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا(6/11)
8240 - (من تمام الصلاة) أي مكملاتها ومتمماتها (سكون الأطراف) أي اليدين والرجلين والرأس وغيرها من جميع الأعضاء فإن ذلك يورث الخشوع الذي هو روح العبادة وبه صلاحها قال الإمام الرازي: والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما حكاه في تفسيره وقال غيره: هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون ما في الأطراف بلازم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي الخشوع في القلب أخرجه الحاكم وقال بعضهم: نبه بهذا الحديث على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن وروى البيهقي بإسناد قال ابن حجر: صحيح عن مجاهد: كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود وكذا أبو بكر الصديق. فالعبث مكروه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي بكر) الصديق(6/12)
8241 - (من تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار) إشارة إلى قوله تعالى {فمن زخرح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز} وهذا قاله لمن قال له: يا رسول الله علمني دعوة أرجو بها خيرا ومقصود السائل المال الكثير فرده النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ رد بقوله ذلك في الجواب من قبيل الكناية وفيه من المبالغة والبداعة ما لا يخفى فمن أشكل عليه مطابقة الجواب للسؤال لم يفهم شيئا من أسرار ذلك المقال
(ت عن معاذ) بن جبل(6/12)
8242 - (من حسن الصلاة) وفي رواية من تمام الصلاة (إقامة الصف) أي تسوية الصفوف وإتمامها الأول فالأول فالمراد بالصف الجنس قال ابن بطال: وفيه أن تسوية الصفوف سنة لأن حسن الشيء أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لم يتم بحسب الحقيقة إلا به ونوزع بأن لفظ الشارع لا يحمل على ما دل عليه الوضع في اللسان العربي وإنما يحمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع
(ك) في الصلاة (عن أنس) بن مالك وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي(6/12)
8243 - (من) قال الطيبي: تبعيضية ويجوز كونها بيانية (حسن إسلام المرء) آثره على الإيمان لأنه الأعمال الظاهرة والفعل والترك إنما يتعاقبان عليها وزاد حسن ايماءا إلى أنه لا يتميز بصور الإيمان فعلا وتركا إلا إن اتصفت بالحسن بأن توفرت شروط مكملاتها فضلا عن المصححات وجعل الترك ترك ما لا يعني من الحسن (ترك ما لا يعنيه) بفتح أوله من عناه الأمر إذا تعلقت عنايته به وكان من قصده وإرادته وفي إفهامه أن من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا يعنيه والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه والذي يعني المرء من الأمور ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته ويعف فرجه ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم وسلامته في معاده وهو الإسلام [ص:13] والإيمان والإحسان وبذلك يسلم من سائر الآفات وجميع الشرور والمخاصمات وذلك أن حسن إسلامه ورسوخ حقيقة تقواه ومجانبته هواه ومعاناة ما عداه ضياع للوقت النفيس الذي لا يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لأجله فمن عبد الله على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه فقد حسن إسلامه كما مر وأخذ النووي من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل الرجل فيما ضرب امرأته قال بعضهم: ومما لا يعني العبد تعلمه ما لا يهم من العلوم وتركه أهم منه كمن ترك تعلم العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولو كان صادقا لبدأ باشتغاله بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وتراوس على الأقران وتطاول عليهم ونحوها من المهلكات قالوا وذا الحديث ربع الإسلام وقيل نصفه وقيل كله
<تنبيه> قال ابن عربي: من أمراض النفس التي يجب التداوي منها أن يفعل رجل خيرا مع بعض بنيه دون بعض فتعرضه لهذا فضول يثمر عداوة الولد لأبيه فهي كلمة شيطانية لا تقع إلا من جاهل غبي ولا دواء لها بعد وقوعها ودواؤها قبله النظر إلى هذا الحديث
(ت هـ عن أبي هريرة) قال في الأذكار: وهو حسن. (حم طب عن الحسن بن علي) بن أبي طالب قال الهيثمي: رجال أحمد والطبراني ثقات (الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أبي بكر الشيرازي) كذا بخط المصنف وفي نسخ أبي بكر الشيرازي (عن أبي ذر ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن علي بن أبي طالب طس عن زيد بن ثابت) قال الهيثمي: فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف (ابن عساكر) في التاريخ (عن) أبي عبد الرحمن (الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المكي من مسلمة الفتح وأشار باستيعاب مخرجيه إلى تقويه ورد زعم جمع ضعفه ومن ثم حسنه النووي بل صححه ابن عبد البر وبذكره خمسا من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلا(6/12)
8244 - (من حسن عبادة المرء حسن ظنه) كذا بخط المصنف وفي رواية خلقه بدل ظنه
(عد خط) في ترجمة محمد بن أبي الرميك (عن أنس) بن مالك وفيه سليمان بن الفضل أورده الذهبي في الضعفاء وقال في الميزان: قال ابن عدي رأيت له غير حديث منكر ثم ساق له هذا وقال: هذا بهذا الإسناد لا أصل له فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي خرجه وسلمه غير صواب(6/13)
8245 - (من حين يخرج أحدكم من منزله) ذاهبا (إلى مسجده) لنحو صلاة أو اعتكاف فيه (فرجل تكتب حسنة والأخرى تمحو سيئة) أي تذهبها
(ك) في الصلاة (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأفره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور(6/13)
8246 - (من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا) قالوا: هو المهدي
(م عن أبي سعيد) الخدري(6/13)
8247 - (من خير خصال الصائم السواك) صريح في جواز استياك الصائم بل ندبه وقد اختلف في السواك للصائم على أقوال: أحدهم لا بأس به مطلقا قبل الزوال وبعده بيابس أو رطب وعليه أبو حنيفة والثوري والأوزاعي. الثاني يكره بعد الزوال ويندب قبله وهو الأصح عند الشافعية. الثالث يكره بعد العصر فقط [ص:14] روي عن أبي هريرة. الرابع يكره في الفرض بعد الزوال لا في النفل ونقل عن أحمد. الخامس يكره بعد الزوال مطلقا ويكره الرطب مطلقا وعليه أحمد في رواية
(هـ) وكذا البيهقي في رواية أبي إسماعيل المؤدب واسمه إبراهيم بن سليمان عن مجاهد عن الشعبي عن مسروق (عن عائشة) قال البيهقي بعد تخريجه: مجالد غيره أثبت منه وقال ابن القيم: فيه مجالد وفيه ضعف قال الزين العراقي: ولم ينفرد به مجالد بل ورد من رواية السري بن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة والسري ضعيف ومجالد وإن ضعفه الجمهور وثقه النسائي وروى له مسلم مقرونا بغيره ورواه أبو نعيم من طريقين آخرين وبه يتقوى(6/13)
8248 - (من خير طيبكم) أيها الرجال (المسك) فإنه مما يخفى لونه ويظهر ريحه والظاهر أن من زائدة فإنه أطيب الطيب مطلقا كما جاء في عدة أخبار
(ن عن أبي سعيد) الخدري(6/14)
8249 - (من سعادة المرء) لفظ رواية البيهقي ابن آدم (حسن الخلق) بالضم فإن به يبلغ العبد خير الدنيا والآخرة (ومن شقاوته سوء الخلق) وإنه مقرب إلى النار موجب لغضب الجبار والسعادة الجد وفي إطلاق الشارع يراد بها الفوز بالنعيم الأخروي أو ما يترتب على ذلك
(هب) وكذا القضاعي (عن جابر) بن عبد الله قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف وذلك لأن فيه الحسن بن سفيان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: قال البخاري: لم يصح حديثه عن هشام بن عمار قال أبو حاتم: صدوق تغير عن القاسم بن عبد الله عن عمر العمري قال في الضعفاء: قال أحمد: كان يكذب ويضع ورواه عنه الخرائطي في المكارم(6/14)
8250 - (من سعادة المرء أن يشبه أباه) وسببه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء السائب بن عبد يزيد ومعه ابنه فنظر إليهما فقاله ولعل المراد بالسعادة هنا سعادة الدنيا لأن تشبيهه بأبيه ينفي التهمة ولأن شبهه به في طبع الذكورة وقوة الرجولية دون أمه في طبع الأنوثة
(ك في مناقب الشافعي) وكذا القضاعي في الشهاب وقال شارحه: غريب جدا (عن أنس) بن مالك وخرجه في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور(6/14)
8251 - (من سعادة المرء خفة لحيته) بحاء مهملة وتحتية فمثناة فوقية على ما درجوا عليه لكن في تاريخ الخطيب عن بعضهم أنه تصحيف وإنما هو لحييه بتحتيتين أي خفتهما بكثرة ذكر الله ثم قال الخطيب: لا يصح لحيته ولا لحييه اه. ويجري على رواية لحييه بتحتيتين الخطابي وابن السكيت وغيرهم وعلى الأول فالمراد خفة شعرها لأن لحية الرجل زينة له ومن ثم كانت عائشة تقسم فتقول والذي زين الرجال باللحى والزينة إذا كانت تامة وافرة ربما أعجب المرء بنفسه والإعجاب مهلك كما جاء في الخبر وفي خبر: شر ما أعطى المسلم قلب سوء في صورة حسنة فإذا نظر لغزارة لحيته أعجب بها والإعجاب هلاك فكانت خفتها سبب إزرائه بها فكان فوزا وهي السعادة ففي الخبر دلالة على أن خير الأمور في التزين الوسط وترك المبالغة وقد جاء في خبر: بينا رجل من بني إسرائيل لبس حلة فأعجبته نفسه فاختال في مشيته فخسف به في الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وفي الخبر اخشوشنوا وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ: كل ذلك دليل على كراهة المبالغة في الزينة وكره للرجل ما ظهر لونه من الطيب وكل ما أدى إلى الإعجاب فهو شفاء والسعادة في خلافه ففي خفة اللحية خفة الزينة وفي خفة الزينة السعادة وعلى تفسير لحييه بمثناتين تحتيتين فبعيد من المقام فلا إلتفات إليه وإن جل قائله
(طب) عن محمد بن محمد المروزي عن علي بن حجر عن يوسف بن [ص:15] الفرق عن سكين ابن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن ابن عباس قال الهيثمي: فيه يوسف بن الفرق قال الأزدي: كذاب (عد) عن ميمون بن سلمة عن عبد الرحمن بن عبيد الله الحلي عن أبي داود النخعي عن خطاب بن خفاف (عن ابن عباس) قال ابن الجوزي: موضوع المغيرة مجهول وسكين يروي الموضوعات عن الأثبات ويوسف كذاب وسويد ضعفه يحيى وقال النخعي: وضاع وقال الخطيب: يوسف منكر الحديث قال: ولا يصح لحيته ولا لحييه وفي الميزان: هذا الحديث كذب ووافقه الحافظ في اللسان(6/14)
8252 - (من سعادة ابن آدم استخارته الله) أي طلب الخير منه في الأمور والاستخارة طلب الخيرة في الشيء (ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله) فان من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط (ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له) أي كراهته له وغضبه عليه ومحبته لخلافه فيقول لو كان كذا كان أصلح لي وأولى مع أنه لا يكون إلا الذي كان وقدر في الأزل وقدم الاستخارة إشعارا بأن المقصود تفويض الأمر بالكلية إليه تعالى أولا وآخرا قال في النوادر: فالاستخارة في الأمور لمن ترك التدبير في أمره وفوضه إلى ولي الأمور الذي قهر وقدر من قبل خلقه فأهل اليقين عرفوا هذا فإذا نابهم أمر قالوا اللهم خر لنا فهذا من سعادته فإن خار الله له رضي بذلك وافقه أو خالفه لحسن خلقه مع ربه والآخر بسوء خلقه ترك الاستخارة فإذا حل به قضاؤه تسخط وحنق ولا نجاة ولا فائدة فليسخط على نفسه التي أبعدته عن ربه
(ت) في القدر (ك) في الدعاء (عن سعد) ابن أبي وقاص وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حميد وليس بقوي وقال في الميزان: ضعفوه ثم أورد له هذا الخبر قال ابن حجر: وأورده أحمد باللفظ المزبور عن سعد المذكور وسنده حسن(6/15)
8253 - (من سنن المرسلين الحلم والحياء والحجامة والسواك والتعطر) أي استعمال العطر في الثوب والبدن (وكثرة الأزواج) فقد كان سليمان عليه السلام له ألف زوجة لكن ليس المراد بكثرة التزوج والتطليق بل الجمع بين النساء في آن واحد وغايته في هذه الأمة أربع نسوة ومن قدر على العدل بينهن لم يكره له ذلك قال المصنف: وقد ورد الأمر بالتطيب في غير ما موطن من شرائع الإسلام كالجمعة والعيدين والكسوفين والاستسقاء وعند الإحرام وشرع مطلقا لكل حي ولميت كل قبيلة وحي وقال أبو ياسر البغدادي: الطيب من أعظم لذات البشر وأقوى الدواعي للوطء وقضاء الوطر
(هب عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: تفرد به قدامة بن محمد الحضرمي عن إسماعيل بن شبيب وليسا بقويين اه. وإسماعيل هذا قال في الميزان: واه وقال النسائي: منكر الحديث وهذا الحديث مما أنكر عليه وفي اللسان عن العقيلي: أحاديثه مناكير(6/15)
8254 - (من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء) ويوافقه خبر لا تقوم الساعة على أحد يقول لا اله إلا الله لأن هؤلاء هم الشرار ولا ينافيه خبر لا يزال طائفة الحديث فحمل الغاية فيه على وقت هبوب الريح الطيبة التي تقبض روح كل مؤمن فلا يبقى إلا الشرار فتفجؤهم الساعة
(خ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا البزار وغيره(6/15)
[ص:16] 8255 - (من شكر النعمة إفشاؤها) أي تشهيرها والتنويه بها والاعتراف بمكانها لقوله تعالى {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} فتوعدهم على كفران النعمة بالعذاب الشديد قال الحرالي: شكر كل نعمة إظهارها على حدها من جاه أو مال أو علم أو طعام أو شراب أو غيره وإنفاق فضلها والقناعة منها بالأدنى وقد خرج الطبراني وأبو نعيم أن عمر رضي الله عنه صعد المنبر يوما فقال: الحمد لله الذي صيرني ليس فوقي أحد ثم نزل فقيل له في ذلك فقال: إنما فعلته إظهارا للشكر وقال الجيلاني: قدمي هذه على رقبة كل ولي أي من أهل زمنه وقال القرشي: صحبت ست مئة شيخ ثم وزنت بهم فرجحتهم وقال الشاذلي: لا يكمل شكر العبد حتى يرى نعمة ملوك الدنيا دون نعمته من حيث أنهم مسخرون له وقال المرسي: ما سارت الأبدال من قاف إلى قاف إلا ليلقوا مثلي وقال: لو علم أهل المشرق والمغرب ما تحت هذه الشعرات ويشير للحيته من العلوم لأتوها ولو سعيا على الوجوه وقال الشاذلي: ما بقي عند غيرنا من أهل عصرنا علم نستفيده وإنما ننظر في كلامهم لنعرف ما من الله به علينا دونهم فنشكره عليه
(عب عن قتادة مرسلا)(6/16)
8256 - (من فقه الرجل رفقه في معيشته) أي إن ذلك من فهمه في الدين واتباعه طريق المرسلين
(حم طب عن أبي الدرداء) وسنده لا بأس به(6/16)
8257 - (من فقه الرجل) أي جودة فهمه وحسن تصرفه (أن يصلح معيشته) أي ما يتعيش به بأن يسعى في اكتسابها من الحلال من غير كد ولا تهافت ويستعمل القصد في الإنفاق من غير إسراف ولا تقتير (وليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك) أي ما يقوم بأودك وحاجة عيالك وخدمك ونحوهم فإنه من الضروريات التي لا بد منها فليس طلبه من محبة الدنيا المنهي عنها
(عد هب عن أبي الدرداء) ثم قال البيهقي: تفرد به سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية اه. قال الذهبي في الضعفاء: وسعيد بن سنان عن أبي الزاهرية متهم أي بالوضع(6/16)
8258 - (من كرامة المؤمن على الله تعالى نقاء ثوبه) أي نظافته ونزاهته عن الأدناس (ورضاه باليسير) من الملبس أو من المأكل والمشرب أو من الدنيا فالمحمود من اللباس نقاوة الثوب والتوسط في حسنه وكون لبس مثله غير خارم لمروءة جنسه وأما المباهاة في اللباس والتزين به فليس من خصال الشرف بل من سمات النساء ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس ما وجد فلبس الشملة والكساء الخشن والرداء والإزار الغليظ ويقسم من حضره أقبية الديباج المخصوصة بالذهب
(تتمة) دخل إلى الفقيه أبي الحسن العوضي زائر فوجده عريان فقال: نحن إذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضي أبو الطيب:
قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم. . . لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
(طب) وكذا أبو نعيم (عن ابن عمر) بن الخطاب. قال الهيثمي: فيه عباد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره وجرول بن جعيل ثقة وقال ابن المديني: له مناكير وبقية رجاله ثقات(6/16)
8259 - (من كرامتي على ربي أني ولدت) بمكة المعظمة حين طلع فجر الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول في إحدى الروايتين عن الحبر وجزم به جمع منهم الخوارزمي (مختونا) أي علي صورة المختون إذ الختان قطع القلفة ولا قطع هنا (ولم ير أحد سوأتي) كناية عن العورة. قال في المستدرك: تواترت الأخبار بولادته مختونا ومراده بالتواتر الاشتهار لا المصطلح عليه عند أهل الأثر كيف وقد قال الذهبي: لا أعلم صحة ذلك فضلا عن تواتره وقال الزين العراقي: عن [ص:17] ابن العديم: أخبار ولادته مختونا ضعيفة بل لم يثبت فيه شيء وسبقه لنحوه ابن القيم. وبفرضه ليس ذا من خصائصه فقد عد في الوشاح اثني عشر نبيا ولدوا مختونين والختان من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم فأتمهن وأشد الناس بلاء الأنبياء والإبتلاء به مع الصبر عليه مما يضاعف به الثواب والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسلب هذه الفضيلة وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله وما أعطي نبي خصوصية إلا وأعطى نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها وأعلى
(طس عن أنس) بن مالك وصححه الضياء في المختارة وقال مغلطاي: خبر الطبراني هذا رواه ابن عساكر في تاريخه من غير طريقه قال: ورواه أبو نعيم بسند جيد وابن عدي في الكامل عن ابن عباس اه. وقال ابن الجوزي: لا شك أنه ولد مختونا غير أن هذا الحديث لا يصح قال: فإن قيل لم لم يولد مطهر القلب من حظ الشيطان حتى شق صدره وأخرج قلبه؟ قلنا لأن الله أخفى أدون التطهرين الذي جرت العادة أن تفعله القابلة والطبيب وأظهر أشرفهما وهو القلب فأظهر أثر التجمل والعناية بالعصمة في طرقات الوحي اه(6/16)
8260 - (من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة (1)) فإظهار المصيبة والتحدث بها قادح في الصبر مفوت للأجر وكتمانها رأس الصبر وقد شكى الأحنف إلى عمه وجع ضرسه وكدره فقال: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة فما شكوتها لأحد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن كتمان هذه الثلاثة كنز يدخر لصاحبه يوم فاقته لا يطلع على ثوابه ملك ولا يدفع إلى خصمائه بل يعوضهم الله من باقي أعماله أو خزائن فضله ليبقى له كنزه وذلك لأنه لصفاء توحيده كتم مصائبه وأمراضه ومهماته عن الخلق صبرا ورضا عن ربه وحياءا منه أن يشكو أو يستعين بأحد من بريته
(حل) وكذا البيهقي كلاهما من حديث زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع. (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال أبو نعيم: تفرد به زافر بن عبد العزيز اه. وزافر بن سليمان قال الذهبي: قال ابن عدي: أعل حديثه وعبد العزيز بن أبي رواد قال ابن حبان: يروى عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة قال ابن الجوزي: حديث موضوع
_________
(1) أي المفروضة وهذا التقييد خلاف ما عليه الشافعية وعبارتهم ودفع صدقة التطوع سرا وفي رمضان ولنحو قريب كزوج وصديق فجار أقرب فأقرب أفضل وأما الزكاة فإظهارها أفضل في المال الظاهر وهو ماشية وزرع وثمر ومعدن أما الباطن وهو نقد وعرض وركاز فإخفاء زكاته أفضل واستثنى ابن عبد السلام وغيره من أولوية صدقة السر ما لو كان المتصدق ممن يقتدى به فإظهارها أولى(6/17)
8261 - (من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان) أي الجيعان وقيل لا يكون السغب إلا مع التعب ذكره ابن الأثير
(ك) في التفسير من حديث طلحة بن عمرو (عن جابر) بن عبد الله. قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي بأن طلحة واه فالصحة من أين؟(6/17)
8262 - (منا) أهل البيت (الذي) أي الرجل الذي (يصلي عيسى ابن مريم) روح الله عند نزوله من السماء في آخر الزمان عند ظهور الدجال (خلفه) فإنه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيجد الإمام المهدي يريد الصلاة فيحسن به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلي خلفه فأعظم به فضلا وشرفا لهذه الأمة ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن عيسى هو الإمام بالمهدي وجزم به السعد التفتازاني وعلله بأفضليته لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولا ليظهر أنه نزل تابعا لنبينا حاكما بشرعه ثم بعد ذلك يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل
(أبو نعيم في كتاب) أخبار (المهدي عن أبي سعيد) [ص:18] الخدري وفيه ضعف(6/17)
8263 - (من آتاه الله من هذا المال) أي من جنسه (شيئا) أي يظن حله (من غير أن يسأله) أي يطلبه من الناس (فليقبله) أي ندبا وإرشادا لا وجوبا (فإنما هو رزق ساقه الله إليه) قال ابن جرير: فمن أعطى ممن تجوز عطيته سلطانا أو غيره عدلا أو فاسقا فلا على الإنسان في قبوله ثم أخرج بسنده أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى ابن عمر ارفع إلي حوائجك فقال: لست بسائلك ولا براد عليك ما رزقني الله منك فبعث بألف دينار فقبلها
(حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/18)
8264 - (من آذى المسلمين في طرقهم) بالتخلي فيها كما بينه في رواية أخرى (وجب عليه لعنتهم) وفي رواية أصابته لعنتهم وقد استدل به على تحريم قضاء الحاجة في الطريق وعليه جرى الخطابي والبغوي في شرح السنة وتبعهم النووي في نكت التنبيه واختاره في المجموع من جهة الدليل لكن المذهب أنه مكروه قال الحرالي: والأذى إيلام النفس وما يتبعها من الأحوال والضر إيلام الجسم وما يتبعه من الحواس اه. وهو أحسن من تفسير الراغب الأذى بالضر حيث قال: الأذى ما يصل إلى الحيوان من ضرر في نفسه أو جسمه أو فتيانه دنيويا أو أخرويا
(طب عن حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة الغفاري من أصحاب الشجرة ومات بالكوفة قال المنذري والهيثمي: إسناده حسن ثم رمز المصنف لحسنه مال الولي العراقي إلى تضعيفه فقال: فيه عمران القطان اختلفوا فيه وشعيب بن بسام صدوق لكن له مناكير(6/18)
8265 - (من آذى العباس) بن عبد المطلب (فقد آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه) أي شقيقه
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه أيضا طراد في فضائل الصحابة بلفظ عمي بدل العباس وسببه أن العباس قال: يا رسول الله إنا نعرف ضغائن من أقوام بوقائع أوقعناها في الجاهلية فخطب فذكره وظاهر صنيع المؤلف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد رواه الترمذي باللفظ المزبور عن ابن عباس(6/18)
8266 - (من آذى عليا) بن أبي طالب (فقد آذاني) قال ذلك ثلاثا وقد كانت الصحابة يعرفون له ذلك أخرج الدارقطني عن عمر أنه سمع رجلا يقع في علي فقال: ويحك أتعرف عليا هذا ابن عمه وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما آذيت إلا هذا في قبره. وروى الإمام أحمد في زوائد المسند بلفظ إنك إن انتقصته فقد آذيت هذا في قبره
(حم تخ ك) في فضائل الصحابة (عن عمرو بن شاس) الأسلمي وقيل الأسدي شاعر فارس شجاع شهد الحديبية وهو القائل:
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا. . . كفا لمطايانا بوجهك هاديا
قال: خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني فوجدت في نفسي فقدمت فاستظهرت شكايته بالمسجد فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو والله لقد آذيتني قلت: أعوذ بالله أن أوذيك فقال: من آذى عليا إلخ قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/18)
8267 - (من آذى شعرة مني) أي أحدا من أبعاضي وإن صغر كنى به عن ذلك كما قال فاطمة بضعة مني (فقد آذاني ومن [ص:19] آذاني فقد آذى الله) زاد أبو نعيم والديلمي فعليه لعنة الله ملء السماء وملء الأرض وقد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وشرفهم ليس لأنفسهم وإنما الله الذي اجتباهم وكساهم حلة الشرف فلا ينبغي لمسلم أن يذمهم بما وقع منهم فإن الله طهرهم ويعلم الذام لهم أن ذلك راجع إليه ولو ظلموه فذلك الظلم في زعمه ظلم لا في نفس الأمر وإن حكم عليه ظاهر الشرع بإيذائه بل حكم ظلمهم إيمانا في نفس الأمر يشبه جري المقادير علينا في المال والنفس بغرق أو حرق أو غيرهما من الأمور المهلكة ولا يجوز له أن يذم قضاء الله بقدره بل يقابله بالرضى وإلا فالصبر ذكره ابن عربي
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه أيضا أبو نعيم والديلمي كما تقرر مسلسلا بأخذ شعرة فقال كل منهم حدثنا فلان وهو أخذ بشعرة إلى أن قال الصحابي حدثني النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بشعرة(6/18)
8268 - (من آذى أهل المدينة) النبوية (آذاه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) أي نفلا ولا فرضا والمراد نفي الكمال وقيل توبة ولا فدية لأنها تفادي المفدى وقيل شفاعة ولا فدية وفيه تحذير عظيم ووعيد شديد لمن آذى أهلها وأخرج الطبراني وغيره مرفوعا المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض حق على أمتي أن يكونوا جيراني ما اجتنبوا الكبائر فمن لم يفعل سقاه الله من طينة الخبال عصارة أهل النار وفي المدارك لما قدم المهدي المدينة استقبله مالك في أشرافها على أميال فلما أبصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسايره فقال: يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فإن ما في الأرض قوم خير من أهل المدينة
(طب عن ابن عمرو) بن العاصي قال الهيثمي: وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو ضعيف اه. ينظر ما في رمز المصنف لحسنه(6/19)
8269 - (من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ومن آذى الله يوشك أن يهلكه
(طس عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وفيه موسى بن خلف البصري العمي قال الذهبي: قال ابن حبان: كثرت روايته للمناكير وقال غيره: ضعيف ووثقه بعضهم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم من آذى مسلما إلخ(6/19)
8270 - (من آذى ذميا فأنا خصمه) المطالب بحقه لأن الذمي إذا أقر بالجزية لزم الإمام الدفع عنه فإذا آذاه إنسان فقد افتات عليه وتعرض لمخاصمته فصار خصمه (ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة)
(خط) في ترجمة داود بن علي بن خلف عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن ثقيف (عن ابن مسعود) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل أعله وقدح فيه وقال: حديث منكر بهذا الإسناد وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: قال أحمد: لا أصل له وداود الظاهري قال: قال الأزدي: تركوه وفي الميزان عباس بن أحمد الواعظ عن داود قال الخطيب: غير ثقة ومن بلاياه أتى بخبر من آذى ذميا أنا خصمه بإسناد مسلم والبخاري قال الخطيب: الحمل فيه على عباس اه قال في اللسان: له راو غير ابن التلاج وابن التلاج متهم بالاختلاق(6/19)
8271 - (من أمن رجلا على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرا) لكنه مؤمن بخلاف ما إذا كان مرتدا [ص:20] أو حربيا وفيه أن لكل مسلم ولو عبدا أو امرأة غير أسير ولا مكره تأمين كافر وكافرة قتله قال الإمام: وعليه دية ذمي
(ن عن عمرو بن الحمق) قال الهيثمي: ورواه عنه الطبراني بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات(6/19)
8272 - (من آوى) بالمد والقصر فكل منهما يلزم ويتعدى لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر وبه جاء التنزيل {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة} {وآويناهما} والمراد ضم إليه (ضالة) قال الزمخشري: صفة في الأصل للبهيمة فغلبت قال: والمعنى أن من يضمها إلى نفسه متملكا لها ولا ينشدها (فهو ضال) عن طريق الصواب أو آثم أو ضامن إن هلكت عنده عبر به عن الضمان للمشاكلة وذلك لأنه إذا التقطها فلم يعرفها فقد أضر بصاحبها وصار سببا في تضليله عنها فكان ضالا عن الحق (ما لم يعرفها) قال النووي: فيه لزوم تعريف اللقطة هبه قصر تملكها أو حفظها وهو الصحيح عند الشافعية ويحتمل أن المراد ضالة الإبل ونحوها مما لا يلتقط للتملك بل للحفظ فيجب تعريفها أبدا
(حم م) في القضاء (عن زيد بن خالد) الجهني ورواه النسائي أيضا ولم يخرجه البخاري(6/20)
8273 - (من آوى يتيما أو يتيمين) أي ضمهما إليه وقام بمؤونتهما (ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) تمامه عند مخرجه الطبراني وحرك أصبعيه السبابة والوسطى قال الطيبي: وقوله في الجنة خبر كان فيجب أن يقدر متعلقة خاصا ليوافقه قوله كهاتين أي متقارنين في الجنة اقترانا مثل اقتران هاتين الأصبعين ويجوز أن يكون كهاتين حالا من الضمير المستتر في الجنة
(طس عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم(6/20)
8274 - (من ابتاع) أي اشترى (طعاما) هو ما يؤكل (فلا يبعه حتى يستوفيه) أي يقبضه كما جاء مصرحا به في رواية لئلا يكون متصرفا في ملك غيره بلا إذنه فإن الزيادة على المسمى في الكيل والوازن للبائع وقيد الطعام اتفاقي لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضا عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز
(حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب(6/20)
8275 - (من ابتاع) أي اشترى (مملوكا) عبدا أو أمة (فليحمد الله) أي على تيسره له (وليكن أول ما يطعمه) الشيء (الحلو) أي ما فيه حلاوة خلقية أو مصنوعة (فإنه أطيب لنفسه) مع ما فيه من التفاؤل الحسن والأمر للندب
(ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة) ورواه عنها أيضا ابن عدي ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ مرفوعا وعده ابن الجوزي في الموضوعات(6/20)
8276 - (من ابتغى العلم) أي طلب تعلمه (ليباهي به العلماء) أي يفاخرهم ويطاولهم به (أو يماري به السفهاء) أي يجادلهم ويخاصمهم والمماراة المجادلة والمحاجة من المرية وهي الشك فإن كان واحد من المتخاصمين يشك فيما يقوله الآخر (أو تقبل) بطلبه [ص:21] (أفئدة الناس) أي قلوبهم (إليه فإلى النار) أي فالمبتغى ذلك مآله إلى النار وفي رواية فأدخله الله النار قال القاضي: ثم المختص بهذا الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بد من دخوله الجنة كما عرف بالنصوص الصحيحة فتأويل الحديث أن يكون تهديدا أو زجرا عن طلب الدنيا بعمل الآخرة وعد الذهبي تعلم العلم لشيء مما ذكر من الكبائر
(ك هب) من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عبد الله بن كعب (عن) أبيه (كعب بن مالك) قال الحاكم: لم يخرجا لإسحاق وإنما أخرجته شاهدا وقال الذهبي في الكبائر عقب تخريجه: في الحديث إسحاق واه(6/20)
8277 - (من ابتغى القضاء) أي طلبه (وسأل فيه) أي في توليته (شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده) قال الطيبي: جمع بين ابتغى وطلب وسأل إظهارا لحرصه فإن النفس مائلة إلى حب الرئاسة وطلب الترفع فمن منعها سلم من هذه الآفة ومن اتبع هواه وسأل القضاء هلك ولا سبيل إلى الشروع فيه إلا بالإكراه وفي الإكراه قمع هوى النفس وحينئذ يسدده إلى طريق الصواب
(ت عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع لمخرجه حيث قال: حسن غريب قال في المنار: ولم يبين علته وقد خرجه من طريقين ففيه من طريق خيثمة النضري لم تثبت عدالته وقال ابن معين: ليس بشيء ومن الطريق الأخرى بلال بن مرداس مجهول وعبد الأعلى بن عباس ضعيف(6/21)
8278 - (من ابتلى) البلاء الامتحان يعني من امتحن (من هذه) الإشارة إلى أمثال المذكورات في السبب الآتي في الفاقة أو جنس البنات مطلقا (البنات بشيء) من أحوالهن أو من أنفسهن لينظر هل يحسن أو يسيء وعد نفس وجودهن بلاء لما ينشأ عنهن من العار تارة والشر تارة والفتن بين الأصهار أخرى (فأحسن إليهن) بالقيام بهن على الوجه الزائد عن الواجب من نحو إنفاق وتجهيز وغير ذلك بما يليق بأمثالهن على الكمال المطلوب (كن له سترا) أي حجابا وأراد بالستر الجنس الشامل للقليل والكثير وإلا لقال أستارا (من النار) جزاءا وفاقا فمن سترهن بالإحسان جوزي بالستر من النيران وأفاد تأكيد حق البنات لضعفهن غالبا بخلاف الذكور لما لهم من القوة وجودة الرأي وإمكان التصرف غالبا
<تنبيه> قال الزين العراقي: لم يقيد هذه الرواية بالاحتساب وقيده في أخرى به والظاهر حمل المطلق على المقيد
(حم ق ت عن عائشة) قالت: دخلت امرأة ومعها بنتان لها فسألت فلم أجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فذكره(6/21)
8279 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه) أي نظره إلى من تحاكم إليه منهم (وإشارته ومقعده ومجلسه) وجميع وجوه الإكرام من السلام وغيره فيحرم عليه ترك التسوية
(قط طب هق عن أم سلمة) قال الذهبي في المهذب: إسناده واه(6/21)
8280 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر) بل يسوي بينهم [ص:22] في الرفع وعدمه لوجوب التسوية كما مر
(طب هق عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه الحديث: محمد بن العلاء أي أحد رجاله ليس بالقوي اه. وفيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي وقد سبق عن الخطيب أنه وضاع(6/21)
8281 - (من ابتلي) بضم التاء (فصبر وأعطى) بكسر الطاء (فشكر وظلم) بضم الظاء (فغفر وظلم) بفتح الظاء (فاستغفر: أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) استدل به القرطبي وغيره على أن حصول الابتلاء وكل ما يترتب عليه التكفير لا يحصل به الموعود إلا بانضمام الصبر إليه ورد بأن الكلام هنا في ثواب مخصوص وهو حصول الأمن والهداية لا في مطلق الثواب
(طب هب عن سخبرة) بمهملة مفتوحة فمعجمة ساكنة فموحدة تحتية مفتوحة وزن مسلمة هو الأزدي وقيل الأسدي وهو والد عبد الله بن سخبرة له صحبة ذكره ابن الأثير وفي التقريب كأصله: صحابي في إسناد حديثه ضعف اه ورمز المصنف لحسنه وأصله قول الحافظ في الفتح: خرجه الطبراني بسند حسن(6/22)
8283 - (من أتى المسجد) أي قصده (لشيء) أي لفعل شيء فيه (فهو حظه) أي نصيبه من إتيانه لا يحصل له غيره فمن أتاه لصلاة حصل له أجرها أو لزيارة بيت الله حصلا له ومن أتاه لهما مع تعلم علم أو إرشاد جاهل حصل له ما أتاه لأجله أو أتاه لنحو تفرج أو إنشاد ضالة فهو حظه وهو من قوله عليه السلام وإنما لكل امرء ما نوى
(د عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه عنه ابن ماجه أيضا قال عبد الحق: وفيه عثمان بن أبي عاتكة قال ابن معين: ليس بشيء وابن حنبل: لا بأس به وقال المنذري: ضعفه غير واحد وقال الذهبي: صدقه النسائي ووثقه غيره(6/22)
8282 - (من أبلى) بضم الهمزة وكسر اللام (بلاء) أي أنعم عليه بنعمة والبلاء يستعمل في الخير والشر لأن أصله الاختبار والامتحان كما تقرر (فذكره فقد شكره) يعني أن من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره وذا لا ينافي رؤية النعمة منه تعالى لأن للمعطي طريقا في وصولها وقد أثنى الله على عباده بأعمالهم وهو خالقها ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء ولا يحتقره (وإن كتمه فقد كفره) أي ستر نعمة العطاء وغطاها {لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}
(د والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله ورواته ثقات(6/22)
8284 - (من أتى عرافا) بالتشديد وهو من يخبر بالأمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يرده جمعه بينهما في الخبر الآتي قال النووي: والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ومن الكهنة من يزعم أن جنيا يلقي إليه الأخبار ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه وأمارات يستدل بها عليه وقال ابن حجر: الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الأمور المغيبة وكانوا في الجاهلية كثيرا فمعظمهم كان يعتمد على من تابعه من الجن وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدل على مواقعها من كلام من يسأله وهذا الأخير يسمى العراف بمهملتين اه (فسأله عن شيء) أي من المغيبات ونحوها (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) خص العدد بالأربعين على عادة العرب في [ص:23] ذكر الأربعين والسبعين ونحوهما للتكثير أو لأنها المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير ذكره القرطبي وخص الليلة لأن من عاداتهم ابتداء الحساب بالليالي. وخص الصلاة لكونها عماد الدين فصومه كذلك كذا قيل ثم اعلم أن ذا وما أشبهه كمن شرب الخمر يلزمه الصلاة وإن لم تقبل. إذ معنى عدم القبول عدم الثواب لاستحقاق العقاب فالصلاة مع القبول لفاعلها الثواب بلا عقاب ومع نفيه لا ثواب ولا عقاب هذا ما عليه النووي لكن اعترض بأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين فكيف يسقط ثواب صلاة صحيحة بمعصية لاحقة؟ فالوجه أن يقال المراد من عدم القبول عدم تضعيف الأجر لكنه إذا فعلها بشروطها برئت ذمته من المطالبة بها ويفوته قبول الرضا عنه وإكرامه ويتضح باعتبار ملوك الأرض {ولله المثل الأعلى} وذلك أن المهدي إما مردود عليه أو مقبول منه والمقبول إما مقرب مكرم وإما ليس كذلك فالأول البعيد المطرود والثاني المقبول التام الكامل والثالث لا يصدق عليه أنه كالأول فإنه لم يرد هديته بل التفت إليه وقبل منه لكن لما يثب صار كأنه غير مقبول منه فصدق عليه أنه لم يقبل منه
(حم م) في الطب (عن بعض أمهات المؤمنين) وعينها الحميدي بأنها حفصة(6/22)
8285 - (من أتى عرافا أو كاهنا) وهو من يخبر عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة (فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريدا وأفاد بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقدا صدقه فلو فعله استهزاء معتقدا كذبه فلا يلحقه الوعيد ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر قال الراغب: العرافة مختصة بالأمور الماضية والكهانة بالحادثة وكان ذلك في العرب كثيرا وآخر من روى عنه الأخبار العجيبة سطيح وسواد بن قارب
(حم ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث صحيح ورواه عنه البيهقي في السنن فقال الذهبي: إسناده قوي(6/23)
8286 - (من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهرا عليه (حتى يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه)
(ن هـ حب ك عن أبي الدرداء) قال الحاكم: على شرطهما وعلته أن معاوية بن عمرو رواه عن زائدة فوقفه وحسين الجعفي أحفظ كذا في المستدرك وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح وقال المنذري: سنده جيد(6/23)
8287 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب) خطبتها (كانت له ظهرا) أي فاتته الجمعة فلا يصح ما صلاه جمعة بل ظهرا لفوات شرطها من سماعه للخطبة وهذا إن لم يتم العدد إلا به
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن العاص(6/23)
8288 - (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا) أي جامعها حال حيضها (أو أتى امرأة في دبرها) قال الطيبي: أتى: لفظ مشترك بين المجامعة وإتيان الكاهن (فقد بريء مما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم قال الطيبي: تغليظ شديد ووعيد هائل كيف لم يكتف بكفره بل ضم إليه [ص:24] بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وصرح بالعلم تجديدا والمراد بالمنزل الكتاب والسنة أي من ارتكب هذه المذكورات فقد بريء من دين محمد صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه وفي تخصيص المرأة المنكوحة في دبرها دلالة على أن إتيان الأجنبية سيما الذكران أشد نكيرا وفي تقديم الكاهن عليهما ترق من الأهون إلى الأغلظ اه. وقال المظهر: المراد أن من فعل هذه المذكورات واستحلها فقد كفر ومن لم يستحلها فهو كافر النعمة على ما مر غير مرة وليس المراد حقيقة الكفر وإلا لما أمر في وطء الحائض بالكفارة كما بينه الترمذي وغيره واعلم أن إتيان الكاهن شديد التحريم حتى في الملل السابقة قال في السفر الثاني من التوراة: لا تتبعوا العرافين والقافة ولا تنطلقوا إليهم ولا تسألوهم عن شيء لئلا تتنجسوا بهم وفي الثالث من تبعهم وضل بهم أنزل به غضبي الشديد وأهله من شيعه اه. وإتيان الحائض مضر شرعا وطبا قال الحرالي: هو مؤذ للجسم والنفس لاختلاط النطفة بركس الدم الفاسد العافن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض لولدها أنواع من الآفات. <فائدة> قال الحافظ ابن حجر في اللسان في ترجمة سهل بن عمار: أصل وطء الحليلة في الدبر أي فعله مروي عن ابن عمرو عن نافع وعن مالك من طرق عدة صحيحة بعضها في صحيح البخاري وفي غريب مالك للدارقطني
(حم 4) في الطب والبعض في الطهارة (عن أبي هريرة) قال البغوي: سنده ضعيف قال المناوي: وهو كما قال وقال الترمذي: ضعفه البخاري وقال ابن سيد الناس: فيه أربع علل التفرد عن غير ثقة وهو موجب للضعف وضعف رواته والانقطاع ونكارة متنه وأطال في بيانه وقال الذهبي في الكبائر: ليس إسناده بالقائم وقال المنذري: رووه كلهم من طريق حكيم الأثرم عن ابن تميمة وهو طريق خالد عن أبي هريرة وسئل ابن المديني من حكيم فقال: عيانا هذا وقال البخاري: لا يعرف لابن تميمة سماع من أبي هريرة(6/23)
8289 - (من أتى كاهنا فسأله عن شيء حجبت عنه التوبة أربعين ليلة فإن صدقه بما قال كفر) تمسك به الخوارج على أصولهم الفاسدة في التكفير بالذنوب ومذهب أهل السنة أنه لا يكفر فمعناه قد كفر النعمة أي سترها فإن اعتقد صدقه في دعواه الإطلاع على الغيب كفر حقيقة على ما مر بسطه
(طب عن واثلة) بن الأسقع قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: فيه سليمان بن أحمد الواسطي وهو متروك(6/24)
8290 - (من أتى إليكم معروفا فكافئوه) لأن في ذلك التواصل والتحابب والذي أتاك المعروف محتاج كأنت فقابله بمثل فعله وأحسن قال سبحانه {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} قيل هو في الهدية وقيل السلام (فإن لم تجدوا) ما تكافئوه به (فادعوا) الله (له) أن يكافئه عنكم وفي خبر إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
(هب عن الحكيم بن عمير) الثمالي قال الهيثمي: فيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف(6/24)
8291 - (من أتى امرأة) أي جامعها (في حيضها) عمدا أو جهلا (فليتصدق) ندبا وقيل وجوبا (بدينار) أي بمثقال إسلامي خالص (ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار) ولا شيء على المرأة لأنه حق تعلق بالوطء فخوطب به الرجل دونها كالمهر
(طب عن ابن عباس) وصححه الحاكم لكن نوزع بضعف سنده واضطراب متنه فروى مرفوعا وموقوفا ومرسلا ومعضلا وبدينار مطلقا وبنصف كذلك وبخمسي دينار وباعتبار صفات الدم وبدونه وباعتبار أول الحيض وآخره لكن أطال ابن القطان في الانتصار له وأنه من [ص:25] طريق أبي داود صحيح وإن كان ضعيفا من غيرها قال ابن حجر: وهو الصواب ولا يضر الاضطراب فكم من حديث احتجوا به وفيه من الخلف أكثر مما في هذا الخبر؟ كخبر القلتين وفيه رد على النووي في زعمه ضعفه. اه(6/24)
8292 - (من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن أخوه من النسب (متنصلا) أي منتفيا من ذنبه معتذرا إليه (فليقبل ذلك منه) ندبا مؤكدا سواء كان (محقا) في اعتذاره (أو مبطلا) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد علي الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه لأن تنصله خروج من الذنب واستسلام له والله سبحانه يقبل التوبة ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه وهو يحب صفاته ويحب من تخلق بشيء منها كما سبق فمن عرض عليه التحلي بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه خائبا ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك فإطالة عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس فيعاقب بتقديم غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى يكون من آخر الواردين
<تنبيه> حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع عبد الله الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر إليه في السر فأنشد الختن
جفاء جرى لدى الناس فانبسط. . . وعذر إلى سر فأكد ما فرط
ومن رام أن يمحو جلى اعتدائه. . . خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط
فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو الذي جرى عليه التقصير وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث محقا أو مبطلا إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال والحاصل أن الكلام في مقامين مقام يتعلق بالعافي وهذا الأكمل فيه قبول العذر وإن علم كذبه سواء أنكر وقوع الذنب أو أقر فطلب العفو ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها به في الملأ فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به وهذا بالنسبة إلى الآحاد أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال
(ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن السني والديلمي(6/25)
8293 - (من اتبع الجنازة فليحمل بجوانب السرير كلها) النعش الذي فوقه الميت وفي الحديث إيماء إلى تفضيل التربيع في حمل الجنازة وهو أن يتقدم رجلان ويتأخر رجلان وهو مذهب الحنفية وفضل الشافعية الحمل بين العمودين وهو أن يضع واحد العمودين على عاتقيه ويحمل المؤخر رجلان لأدلة أخرى
(هـ عن ابن مسعود)(6/25)
8294 - (من اتبع كتاب الله) القرآن أي أحكامه (هداه من الضلالة ووقاه سوء الحساب يوم القيامة) تمامه عند الطبراني وذلك أن الله عز وجل قال: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} انتهى
(طس عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أبو شيبة وعمران بن أبي عمران وكلاهما ضعيف جدا(6/25)
8295 - (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا؟ فيقول خدعني فلان وغرني كذا ورجوت كذا وخفت كذا [ص:26] فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة ولا قوة إلا بالله قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدا لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفا منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجة الواضحة
(حم) من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وخرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال: استشهد به البخاري وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد(6/25)
8296 - (من أتته) في رواية الطبراني من هديت له (هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه فيها) لأنه تعالى قد أوصى في التنزيل بالإحسان إلى الجليس وهو يعم الصاحب في الحضر والرفيق في السفر والزوجة وهي أعظمها وإنما وجب لهم حق الإكرام بمقاسمتهم من الإنعام لأنه سبحانه وتعالى أقام لك من جهتهم مرفقا موفقا ومنفعا فإن لم يوجب لهم الحق لم يشكرهم والله لا يحب الكفور قال الحكيم: الجلساء هم الذين داوموا على مجالستك حتى صاروا معك كشيء واحد فليس كل من جلس إليك جليسك بل الجليس من أفضى إليك أسراره ويخالطك في أمورك فله حق وحرمة
(حكاية) قال ابن العربي: أخبرني بهجة الملك أبو طالب ابن عين الدولة ملك صور أنه أهدى لملك مصر هدية عظمى جمعت كل ظريفة وتحفة من الآلات السلطانية والذخائر العجيبة قال: إن وجه حسنها لم يوجد مثلها لعينها وواصل جمعها في أعوام كثيرة فلما كملت بعثها إليه فدخل الرسل عليه في فسطاط مصر وسلموا له كتب الهدية وكان بالمجلس ابن ربيعة ملك طيء ضيفا فقال له: الهدية مشتركة فقال: أما لمثلنا فلا تصح الشركة ولا تليق وهي بجملتها لك فأخذها. قال بهجة الملك: فما أسف على هبتها بل على كونه لم يقف على أعيانها حتى يرى ما لم تقع عينه على مثله في مملكته
(طب) وكذا الخطيب (عن الحسن بن علي) قال الهيثمي: وفيه يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضا في الكبير والأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي: وفيه مندل بن علي ضعيف وقد وثق ورواه أيضا العقيلي وابن حبان في الضعفاء والبيهقي من حديث ابن عباس ثم قال العقيلي: لا يصح في هذا المتن حديث قال في الميزان: وقد علقه البخاري وقال: لا يصح قال في اللسان: وله طريق إلى ابن عباس موقوفة وسندها جيد اه. أما المرفوع فحكم ابن الجوزي بوضعه من جميع طرقه(6/26)
8297 - (من اتخذ من الخدم غير ما) أي أمة (ينكح) ها (ثم بغين) أي زنين (فعليه مثل آثامهن) لأنه السبب فيها (من غير أن ينقص من آثامهن شيء) قال في المطامح: هذا ظاهر من حيث المعنى لأن فاعل السبب كفاعل المسبب ولا يتحقق ذلك إلا إذا قدر على الكف والمنع من المعصية وأسبابها اه. وأخذ منه أن العاجز عن الوطء ينبغي له عدم اتخاذ السراري ومن ثم قيل:
إذا تزوج شيخ الدار غانية. . . مليحة القد تزهى ساعة النظر
فقد تزايغ في أحواله وأتت. . . فأتى القيادة يستقصي عن الخبر
(البزار) في مسنده (عن سلمان) الفارسي وفيه عطاء بن يسار عن سلمان الفارسي قال عبد الحق: وعطاء لم يعلم سماعه منه فإن فيه سعيد بن الجرو لا أعلم له وجودا إلا هنا وفيه سلمة بن كلثوم يروي عنه جمع ومع ذلك هو مجهول الحال(6/26)
[ص:27] 8298 - (من اتقى الله) أي أطاعه في أمره ونهبه ولم يعصه بقدر الاستطاعة (عاش قويا) في دينه وبدنه حسا ومعنى وأي قوة أعظم من التأييد والنصر {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} (وسار في بلاده) كذا فيما وقفت عليه من النسخ لكن لفظ رواية العسكري وسار في بلاد عدوه (آمنا) مما يخاف {وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} قال الغزالي: التقوى كنز عزيز فإن ظفرت به فكم نجد فيه من جوهر شريف وعلق نفيس وخير كثير ورزق كريم وفوز كبير وملك عظيم فخيرات الدنيا جمعت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي التقوى وكل خير وسعادة في الدارين تحت هذه اللفظة فلا تنس نصيبك منها وقال بعض العارفين لشيخه: أوصني قال: أوصيك بوصية رب العالمين للأولين والآخرين من قوله {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله}
(حل عن علي) أمير المؤمنين ورواه بهذا اللفظ العسكري عن سمرة مرفوعا(6/27)
8299 - (من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شيء) لأن من كان ذا حظ من التقوى امتلأ قلبه بنور اليقين فانفتح عليه من الجلال والهيبة ما يهابه به كل من يراه وبقلة التقوى يقل اليقين وتستولي الظلمة على القلب ومن هذا حاله فهو كالكلب فأنى يهاب؟ فعلى قدر خوف العبد من ربه يكون خوف الخلق منه فكلما اشتد خوف العبد من الرب اشتد خوف الخلق منه قال بعضهم: الخائف الذي يخافه المخلوقات وهو الذي غلب عليه خوف الله وصار كله خوفا وقد كان سعيد بن المسيب مع شدة زهده وتقشفه يستأذنون عليه هيبة له كما يستأذنون على الأمراء بل أشد وكان يقول: ما استغنى أحد بالله إلا وافتقر الناس إليه
(الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع(6/27)
8300 - (من اتقى الله كل) بفتح الكاف وشد اللام (لسانه ولم يشف غيظه) ممن فعل به مكروها لأن التقوى عبارة عن امتثال أوامر الله وتجنب نواهيه ولن يصل العبد إلى القيام بأوامره إلا بمراقبة قلبه وجوارحه في لحظاته وأنفاسه بحيث يعلم أنه مطلع عليه وعلى ضميره ومشرف على ظاهره وباطنه محيط بجميع لحظاته وخطراته وخطواته وسائر حركاته وسكناته وذلك مانع له مما ذكر فمن زعم أنه من المتقين وهو ذرب اللسان منتصر لنفسه مشف لغيظه فهو من الكاذبين لا بل من الهالكين
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (التقوى عن سهل بن سعد) ورواه عنه أيضا الديلمي في مسند الفردوس قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف قال: ورأيناه في الأربعين البلدانية للسلفي(6/27)
8301 - (من اتقى الله وقاه كل شيء) يخافه {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} فأعظم بخصلة تضمنت موالاة الله وانتفاء الخوف والحزن وحصول البشرى في الدنيا والعقبى {إن الله يحب المتقين} {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة}
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير غير جيد(6/27)
8302 - (من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه) بضم أوله المهملة (في سبيل الله فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة) [ص:28] تفضلا منه بإنجاز وعده ولا يجب على الله شيء قال في الفردوس: أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة
(طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رجال الطبراني ثقات اه. وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني باللفظ المذكور من الوجه المزبور: رواته ثقات فكان ينبغي للمؤلف عزوه لأحمد إذ هو أولى بالعزو من الطبراني ثم إنه أيضا قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته(6/27)
8303 - (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة) قال بعض شراح المصابيح: المراد بالوجوب هنا وفيما مر ويأتي الثبوت لا الوجوب الاصطلاحي (ومن أثنتيم عليه شرا) بنصب خير وشر بإسقاط الجار وذكر الثناء مقابلا للشر للمشاكلة (وجبت له النار) أي إن طابق الثناء الواقع لأن مستحق أحد الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول يخالف الواقع أو مطلقا لأن إلهام الناس الثناء آية أنه غفر له وأورد لفظ الوجوب زيادة في التقريع والتهديد وإلا فقد يغفر للعاصي المؤمن قال القرطبي: هذا الحديث يعارضه حديث البخاري لا تسبوا الأموات إلخ والثناء بالشر سب فقيل: خاص بالمنافقين الذين شهد فيهم الصحب بما ظهر منهم وقيل: هو عام فيمن يظهر الشر ويعلن به فيكون من قبيل لا غيبة لفاسق وقيل: النهي بعد الدفن لا قبله (أنتم شهداء الله في الأرض) قاله ثلاثا للتأكيد وفي إضافة الشهداء إلى الله غاية التشريف وإشعار بأنهم عنده بمنزلة علية لأنه عدلهم حيث قبل شهادتهم {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} والوسط العدل قال بعض الشراح: والمراد شهادة الصحابة وغيرهم ممن كان بصفتهم لا شهادة الفسقة لأنهم قد يثنون على من هو مثلهم ولا شهادة من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل وقيل: معنى الخبر إن الثناء بالخير ممن أثنى عليه أهل الفضل وطابق الواقع فهو من أهل الجنة وإن لم يطابق الواقع فلا وكذا عكسه قال النووي: والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الناس الثناء عليه بخير فهو من أهل الجنة هب أفعاله تقتضيه أم لا ووقوع الثناء بالشر كان قبل النهي عن سب الأموات والنهي خاص بغير نحو منافق ومتجاهر بفسق أو بدعة كما مر
(حم ق ن عن أنس) قال: قاله لما مر بجنازة فأثنى عليها(6/28)
8304 - (من اجتنب أربعا) من الخصال (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر نظيره غير مرة (الدماء) بأن لا يريق دم امرئ ظلما (والأموال) بأن لا يتناول منها شيئا بغير حق (والفروج) بأن لا يستمتع بفرج غير حليلته أو بفرج حليلته حيث قام بها مانع عارض كحيض وغيره (والأشربة) بأن لا يدخل جوفه شرابا شأنه الإسكار وإن لم يسكر لقلته
(البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه داود بن الجراح. قال ابن معين وغيره: يغلط في حديث سفيان دون غيره قال الهيثمي: وهذا من حديثه عن سفيان وعد في الميزان هذا من مناكير داود ومن ثم قال ابن الجوزي: حديث لا يصح(6/28)
8305 - (من أجرى الله على يديه فرجا لمسلم) معصوم (فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا وهذا فضل عظيم لقضاء حوائج الناس لم يأت مثله إلا قليلا
(خط عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين وفيه المنذر بن زياد الطائي [ص:29] قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك(6/28)
8306 - (من أجل سلطان الله يوم القيامة) أراد بسلطان الله الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما تقتضيه نواميس الألوهية وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه الله وقد ورد هذا صريحا في خبر رواه الطيالسي
(طب عن أبي بكرة)(6/29)
8307 - (من أحاط حائطا على أرض فهي له) أي من أحيا مواتا وحاط عليه حائطا من جميع جوانبه ملكه فليس لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوط جدارا على موات ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا الخبر على من قصد نحو حوش لا دار
(حم د) في الإحياء (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) قال ابن حجر: في صحة سماعه منه خلف ورواه عبد بن حميد من حديث جابر(6/29)
8308 - (من أحب لله) أي لأجله ولوجهه مخلصا لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض لله) لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه (وأعطى لله) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه (ومنع لله) أي لأمر لله كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع الله لهما منها واقتصار المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا جملة وهي قوله ونكح لله هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله ذكره المظهر قال الطيبي: وهو بحسب اللغة أما عند علماء البيان ففيه مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرد من نفسه شخصا يطلب منه الإيمان وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى الإيمان والإحسان إذ من جملة حب الله حب رسوله ومتابعته
لو كان حبك صادقا لأطعته. . . إن المحب لمن يحب مطيع
ومن جملة البغض لله النفس الأمارة وأعداء الدين وقال بعضهم: وجه جعله ذلك استكمالا للإيمان أن مدار الدين على أربعة قواعد: قاعدتان باطنتان وقاعدتان ظاهرتان فالباطنتان الحب والبغض والظاهرتان الفعل والترك فمن استقامت نيته في حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل مراتب الإيمان
(تتمة) قال في الحكم: ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا ولا يطلب منه عرضا بل المحب من يبذل لك ليس المحب الذي تبذل له وقال ابن عربي: من صفة المحب أنه خارج عن نفسه بالكلية وذلك أن نفس الإنسان الذي يمتاز بها عن غيره إنما هي إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد منه محبوبه فقد خرج عن نفسه بالكلية فلا تصرف له إلا به وفيه وله فإذا أراد به محبوبه أمرا علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع لقبوله لأنه خرج له عن نفسه فلا إرادة له معه
(د) في السنة (والضياء) المقدسي وكذا البيهقي في الشعب (عن أبي أمامة) وخرجه الترمذي وكذا الإمام أحمد عن معاذ بن أنس مثله قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف اه. أي وذلك لأن فيه كما قال المنذري القاسم بن عبد الرحمن الشامي تكلم فيه غير واحد(6/29)
8309 - (من أحب لقاء الله) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان الله وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب الله لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء الله) حين يرى ماله من العذاب حالتئذ (كره الله لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف [ص:30] منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء الله حين أحب الله لقاءهم لأن المحبة صفة الله ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع وقال الزمخشري: لقاء الله هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوما وليس الغرض بلقاء الله الموت لأن كلا يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم وقال الحرالي: هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند الكشف حال الغرغرة وللخواص في محل الحياة إذ لو كشف لهم الغطاء لما ازدادوا يقينا فما هو للمؤمنين بعد الكشف من محبة لقاء الله فهو للموقن في حياته لكمال الكشف له مع وجوب حجاب الملك الظاهر
(تتمة) ذكر بعض العارفين أنه رأى امرأة في المطاف وجهها كالقمر معلقة بأستار الكعبة تبكى وتقول بحبك لي إلا ما غفرت لي فقال: يا هذه أما يكفيك أن تقولي بحبي لك فما هذه الجرأة؟ فالتفتت إليه وقالت له: يا بطال أما سمعت قوله تعالى {يحبهم ويحبونه} فلولا سبق محبته لما أحبوه فخجل واستغفر
(حم ق) في الدعوات (ت) في الزهد (ن) في الجنائز (عن عائشة وعن عبادة) بن الصامت وفي الباب غيرهما أيضا(6/29)
8310 - (من أحب الأنصار) لما لهم من المآثر الحميدة في نصرة الدين وقيام نواميس الشريعة وقتالهم بالسنان واللسان على إعلان الإيمان (أحبه الله) أي أنعم عليه وزاد في تقريبه والإحسان إليه (ومن أبغض الأنصار أبغضه الله) أي عذبه قالوا: ومن علامة محبتهم محبة ذريتهم وأن ينظر إليهم نظره إلى آبائهم بالأمس كما لو كان معهم
(حم تخ عن معاوية) بن أبي سفيان (هـ حب عن البراء) بن عازب قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح(6/30)
8311 - (من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع) يحتمل أن المراد الوضوء الشرعي ويحتمل اللغوي ثم رأيت المنذري قال في ترغيبه: المراد به غسل اليدين ويظهر أنه أراد بالغذاء ما يتغذى به البدن وإن أكل آخر النهار لأن المراد ما يؤكل أوله فقط وفيه رد على مالك في كراهته غسل اليدين قبله لأنه من فعل العجم من حديث جنادة بن المفلس عن كثير بن سليم
(هـ عن أنس) بن مالك قال الزين العراقي: وجنادة وكثير ضعيفان وجزم المنذري بضعف سنده وقال في الميزان: ضعفه ابن المزني وأبو حاتم وقال النسائي: متروك وقال أبو زرعة: واه وقال البخاري: منكر الحديث وساق له أخبارا هذا منها(6/30)
8312 - (من أحب شيئا أكثر من ذكره) أي علامة صدق المحبة إكثار ذكر المحبوب ولهذا قال أبو نواس:
وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى. . . فلا خير في اللذات من دونها ستر
قال في الرعاية: علامة المحبين كثرة ذكر المحبوب على الدوام لا يتقطعون ولا يملون ولا يفترون فذكر المحبوب هو الغالب على قلوب المحبين لا يريدون به بدلا ولا يبغون عنه حولا ولو قطعوا عن ذكر محبوبهم فسد عيشهم وقال بعضهم: علامة المحبة ذكر المحبوب على عدد الأنفاس
<فائدة> اجتمع عند رابعة علماء وزهاد وتفاوضوا في ذم الدنيا وهي ساكتة فلاموها فقالت: من أحب شيئا أكثر من ذكره إما بحمد أو ذم فإن كانت الدنيا في قلوبكم لا شيء فلم تذكرون لا شيء؟
(فر عن عائشة) ورواه عنها أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه أو جمعهما لكان أولى(6/30)
[ص:31] 8313 - (من أحب دنياه أضر بآخرته) لأن من أحب دنياه عمل في كسب شهوتها وأكب على معاصيه فلم يتفرغ لعمل الآخرة فأضر بنفسه في آخرته ومن نظر إلى فناء الدنيا وحساب حلالها وعذاب حرامها وشاهد بنور إيمانه جمال الآخرة أضر بنفسه في دنياه يحمل مشقة العبادات وتجنب الشهوات فصبر قليلا وتنعم طويلا ولأن من أحب دنياه شغلته عن تفريغ قلبه لحب ربه ولسانه لذكره فتضر آخرته ولا بد كما أن محبة الآخرة تضر بالدنيا ولا بد كما قال (ومن أحب آخرته أضر بدنياه) أي هما ككفتي الميزان فإذا رجحت إحدى الكفتين حفت الأخرى وعكسه وهما كالمشرق والمغرب ومحال أن يظفر سالك طريق الشرق بما يوجد في الغرب وهما كالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى فالجمع بين كمال الاستئصال في الدنيا والدين لا يكاد يقع إلا لمن سخره الله لتبديل خلقه في معاشهم ومعادهم وهم الأنبياء أما غيرهم فإذا شغلت قلوبهم بالدنيا انصرفت عن الآخرة وذلك أن حب الدنيا سبب لشغله بها والانهماك فيها وهو سبب للشغل عن الآخرة فتخلو عن الطاعة فيفوت الفوز بدرجاتها وهو عين المضرة. بنى ملك مدينة وتأنق فيها ثم صنع طعاما ونصب ببابها من يسأل عنها فلم يعبها إلا ثلاثة فسألهم فقالوا: رأينا عيبين قال: وما هما؟ قالوا: تخرب ويموت صاحبها قال: فهل ثم دار تسلم منهما؟ قالوا: نعم الآخرة فتخلى عن الملك وتعبد معهم ثم ودعهم فقالوا: هل رأيت منا ما تكره؟ قال: لا لكن عرفتموني فأكرمتموني فأصحب من لا يعرفوني. والباء في القرينتين للتعدية (فآثروا ما يبقى على ما يفنى) ومن أحبها صيرها غايته وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه والى الآخرة فعكس الأمر وقلب الحكمة فانتكس قلبه وانعكس سره إلى وراء فقد جعل الوسيلة غاية والتوسل بعمل الآخرة بالدنيا وهذا سر معكوس من كل وجه وقلب منكوس غاية الانتكاس وقد ذم الله من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة بقوله {يحبون العاجلة ويذرون الآخرة} وذم حبها يستلزم مدح بغضها وقال علي: الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب إذا قربت من إحداهما بعدت عن الأخرى
(حم ك) من حديث المطلب بن عبد الله (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: على شرطهما ورده الذهبي وقال: فيه انقطاع اه وقال المنذري والهيثمي: رجال أحمد ثقات(6/31)
8314 - (من أحب أن يسبق الدائب) أي المجد المجتهد من دأب في العمل جد أو تعب (المجتهد) أي المجد البالغ (فليكف عن الذنوب) لأن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان ويثمر الخسران وقيد الذنوب يمنع من المشي إلى الطاعة ومسارعة الخدمة وثقل الذنوب يمنع من الخفة للخيرات والنشاط في الطاعات. والدين شطران ترك المناهي وفعل الطاعات وترك المناهي وهو الأشد فمن كف عنها فهو من السابقين المجدين حقا والطاعة يقدر عليها كل أحد وترك الشهوات لا يقدر عليها إلا الصديقون وجوارحك نعمة من الله عليك ونعمة لدينك فالاستعانة بنعمة الله على معصيته غاية الكفران والخيانة في الأمانة الموعودة عندك غاية الطغيان
(حل) من حديث عبد الله بن محمد بن النعمان عن فروة بن أبي معراء عن علي بن مسهر عن يوسف بن ميمون عن عطاء (عن عائشة) ثم قال: غريب تفرد به يوسف عن عطاء(6/31)
8315 - (من أحب أن يتمثل له الرجال) وفي رواية العباد وفي أخرى عباد الله (قياما) أي ينتصب والمثول الانتصاب يعني يقومون قياما بأن يلزمهم بالقيام صفوفا على طريق الكبر والتجوه أو بأن يقام على رأسه وهو جالس قال الطيبي: قياما يجوز كونه مفعولا مطلقا لما في التمثيل من معنى القيام وأن يكون تمييز الاشتراك التمثيل بين المعنيين (فليتبوأ [ص:32] مقعده من النار) قال الزمخشري: أمر بمعنى الخبر كأنه قال من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار وحق له ذلك اه. وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه واعتقاد الكمال وذلك عجب وتكبر وجهل وغرور ولا يناقضه خير قوموا إلى سيدكم لأن سعدا لم يحب ذلك والوعيد إنما هو لمن أحبه قال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له ولا تعرض فيه للقيام بنهي ولا بغيره والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه وإن أحبه أثم قاموا أو لا فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم اه
(حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (عن معاوية) رمز لحسنه وهو تقصير فقد قال المنذري: رواه أبو داود بإسناد صحيح قال الديلمي: وفي الباب عمرو بن مرة وابن الزبير(6/31)
8316 - (من أحب فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح) قال الإمام: المحبة توجب الإقبال بالكلية على المحبوب وامتثال أمره والإعراض عن غيره واتباع طريقته ممن ادعى محبته وخالف سنته فهو كذاب وكتاب الله يكذبه {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}
(هق عن أبي هريرة) قال أعني البيهقي: هو مرسل اه. ورواه أبو يعلى عن ابن عباس باللفظ المذكور ورواه أيضا عن عبيد بن سعد قال الهيثمي: ورجاله ثقات ثم إن كان عبيد بن سعد صحابي وإلا فمرسل(6/32)
8317 - (من أحب قوما حشره الله في زمرتهم) فمن أحب أولياء الرحمن فهو معهم في الجنان ومن أحب حزب الشيطان فهو معهم في النيران قالوا: وذا مشروط بما إذا عمل مثل عملهم ولهذا يمثل لمحب المال ماله شجاعا أقرع يأخذ بلهزمتيه يقول أنا مالك أنا كنزك ويصفح له صفائح من نار فيكوى بها وعاشق الصدر إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة تجمع بينهما في النار ويعذب كل منها بصاحبه إذ {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين} فالمحب مع محبوبه دنيا وأخرى
(طب والضياء) المقدسي (عن أبي قرصافة) بكسر القاف واسمه حيدة قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم فقال السخاوي: فيه إسماعيل بن يحيى التيمي ضعيف(6/32)
8318 - (من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني) قالوا: ومن علامة حبهم حب ذريتهم بحيث ينظر إليهم الآن نظرة بالأمس إلى أصولهم لو كان معهم ويعلم أن نطفهم طاهرة وذريتهم مباركة ومن كانت حالته منهم غير قويمة فإنما تبغض أفعاله لا ذاته
(حم ك) في المناقب (عن أبي هريرة) قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما على عاتقيه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله إنك تحبهما فذكره قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقضية كلام المصنف أن ابن ماجه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه بل خرجه الترمذي أيضا ثم إن فيه عند ابن ماجه داود بن عوف أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه(6/32)
8319 - (من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني) لما أوتيه من كرم الشيم وعلو الهمم قال السهروردي: اقتضى هذا الخبر وما أشبهه من الأخبار الكثيرة في الحث على حب أهل البيت والتحذير من بغضهم تحريم بغضهم ووجوب حبهم وفي توثيق عرى الإيمان عن الحرالي أن خواص العلماء يجدون لأجل اختصاصهم بهذا الإيمان حلاوة ومحبة خاصة لنبيهم وتقديما له في قلوبهم حتى يجد إيثاره على أنفسهم وأهليهم
(ك) في فضائل الصحابة (عن [ص:33] سلمان) الفارسي قيل له: ما أشد حبك لعلي فذكره قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي ورواه أحمد باللفظ المزبور عن أم سلمة وسنده حسن(6/32)
8320 - (من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله) هذا معدود من معجزاته فإنه استشهد في وقعة الجمل كما هو معروف
(ت ك) في المناقب من حديث الصلت بن دينار عن أبي نضرة (عن جابر) بن عبد الله قال الذهبي: والصلت واه(6/33)
8321 - (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده) أي من بعد موته أو من بعد سفره ولا مفهوم له وإنما ذكر بيانا للتأبيد ولأنه المظنة فإن ذلك له صلة وسبق أن الأعمال تعرض على الوالدين بعد موتهما فإن وجدا خيرا سرهما ذلك أو ضده أحزنهما
(ع حب عن ابن عمر) بن الخطاب(6/33)
8322 - (من أحب أن تسره صحيفته) أي صحيفة أعماله إذا رآها يوم القيامة (فليكثر فيها من الاستغفار) فإنها تأتي يوم القيامة تتلألأ نورا كما في خبر آخر قال في الحلبيات: الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو بهما فالأول فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول الخير والثاني نافع جدا والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان الذنوب حتى توجد التوبة فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التوبة منه قال: وما ذكر من أن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند الناس أن لفظ أستغفر الله معناه التوبة فمن اعتقده فهو يريد التوبة لا محالة وذكر بعضهم أن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لآية {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} والمشهور عدم الاشتراط انتهى
(هب والضياء) المقدسي (عن الزبير) بن العوام ورواه عنه الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور قال الهيثمي: ورجاله ثقات(6/33)
8323 - (من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله) فإن من أحب شيئا سوى الله ولم تكن محبته له لله ولا لكونه معينا له على طاعة الله أظلم قلبه وعلاه الصدأ والرين فحال بينه وبين ذوق الإيمان وعذب به في الدنيا قبل اللقاء كما قيل:
أنت القتيل بأي من أحببته. . . فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي
فإذا كان يوم الميعاد كان المرء مع من أحبه إما منعما أو معذبا
(هب عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله ثقات وليس كما قال ففيه يحيى بن أبي طالب أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: وثقه الدارقطني وقال: موسى بن هارون أشهد أنه يكذب وأبو ثلج قال البخاري: في حديثه نظر(6/33)
8324 - (من أحب) وفي رواية للبخاري من سره (أن يبسط) بالبناء للمفعول وفي رواية من سره أن يعظم الله (له في رزقه) أي يوسعه عليه ويكثر له فيه بالبركة والنمو والزيادة (وأن ينسأ) بضم فسكون ثم همزة أي يؤخر ومنه النسيئة [ص:34] (له في أثره) محركا أي في بقية عمرة سمي أثرا لأنه يتبع العمر (فليصل) أي فليحسن بنحو مال وخدمة وزيادة (رحمه) أي قرابته وصلته تختلف باختلاف حال الواصل فتارة تكون بالإحسان وتارة بسلام وزيارة ونحو ذلك ولا يعارض هذا {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة} الآية لأن المراد بالبسط والتأخير هنا البسط في الكيف لا في الكم أو أن الخبر صدر في معرض الحث على الصلة بطريق المبالغة أو أنه يكتب في بطن أمه إن وصل رحمه فرزقه وأجله كذا وإن لم يصل فكذا
(ق د ن عن أنس) بن مالك (حم خ عن أبي هريرة)(6/33)
8325 - (من احتجب) من الولاة (عن الناس) بأن منع أرباب المهمات من الولوج عليه (لم يحجب عن النار) يوم القيامة لأن الجزاء من جنس العمل فكما احتجب دون حوائح عباد الله يحجبه الله من الجنة ويدنيه من النار {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}
<فائدة> قال العلم البلقيني: ذكر بعض المتصوفة أنه رأى أحمد بن طولون في النوم بحال حسنة وهو يقول: ما ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحقر حسنة متظلم عيي اللسان شديد البهت وما في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب لملتمسي الإنصاف
(ابن منده) في تاريخ الصحابة من طريق عبد الكريم الجزري عن عبدة بن رباح (عن) أبيه (رباح) غير منسوب قال ابن منده: هو من أهل الشام(6/34)
8326 - (من احتجم لسبع عشرة من الشهر وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان له شفاء من كل داء) أي من كل داء سببه غلبة الدم وهذا الخبر وما اكتنفه وما أشبهه موافق لما أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من الشهر أنفع من أوله وآخره قال ابن القيم: ومحل اختيار هذه الأوقات لها ما إذا كانت للاحتياط والتحرز عن الأذى وحفظ الصحة أما في مداواة الأمراض فحيث احتيج إليها وجب فعلها أي وقت كان
(د ك) في الطب (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن ضعفه ابن القطان بأنه من رواية سعيد الجمحي عن سهل عن أبيه وسهل وأبوه مجهولان اه. لكن ذكر جدي في نذكرته أن شيخه الحافظ العراقي أفتى بأن إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث خرجه أبو داود من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهل بن أبي صالح وسهل وثقه الأكثر ولينه بعضهم من قبل حفظه وله شواهد من حديث ابن عباس عن أحمد والترمذي ورجاله ثقات لكنه معلول وله شاهد آخر من حديث أنس عن ابن ماجه وسنده ضعيف(6/34)
8327 - (من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر كان دواء لداء سنة) ظاهره يخالف قوله في الخبر المار إن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقى فيها فلعله أراد هنا يوما مخصوصا وهو سابع عشر الشهر ذكره الطيبي
(طب هق عن معقل بن يسار) قال الذهبي في المهذب: فيه سلام الطويل وهو متروك اه. وفيه أيضا يزيد العمي ضعيف ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس قال الحافظ العراقي: وإسنادهما واحد لكن اختلف على راويه في الصحابة وكلاهما فيه يزيد العمي وهو ضعيف اه. وفي الباب خبر جيد وهو خبر البيهقي أيضا عن أنس مرفوعا من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من الشهر أخرج الله منه داء سنة قال الذهبي في المهذب: إسناده جيد مع نكارته(6/34)
8328 - (من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت فرأى في جسده وضحا) أي برصا والوضح التناقص من كل شيء (فلا [ص:35] يلومن إلا نفسه) فإنه الذي عرض جسده لذلك وتسبب فيه وروى الديلمي عن أبي جعفر النيسابوري قال: قلت يوما هذا الحديث غير صحيح فافتصدت يوم الأربعاء فأصابني برص فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فشكوت إليه فقال: إياك والاستهانة بحديثي فذكره. وقد كره أحمد الحجامة يوم السبت والأربعاء لهذا الحديث
(ك هق) وكذا أحمد وكأن المصنف أغفله سهوا (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي في التلخيص بأن فيه سليمان بن أرقم متروك وقال في المهذب: سليمان واه والمحفوظ مرسل وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وذكره في اللسان من حديث ابن عمرو وقال: قال ابن حبان: ليس هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم(6/34)
8329 - (من احتجم يوم الخميس فمرض فيه مات فيه) الظاهر أنه يلحق في هذا الخبر وما قبله من الأخبار الفصد بالحجامة ويحتمل خلافه قال ابن حجر بعد سياقه هذه الأخبار ونحوها: ولكون هذه الأحاديث لم يصح منها شيء قال حنبل بن إسحاق: كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأية ساعة كانت
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس)(6/35)
8330 - (من احتكر على المسلمين طعامهم) أي ادخر ما يشتريه منه وقت الغلاء ليبيعه بأغلى وأضافه إليهم وإن كان ملكا للمحتكر إيذانا بأنه قوتهم وما به معاشهم فهو من قبيل {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} أضاف الأموال إليهم لأنهم من جنس ما يقيم الناس به معاشهم (ضربه الله بالجذام) ألصقه الله وألزمه بعذاب الجذام (والإفلاس) خصهما لأن المحتكر أراد إصلاح بدنه وكثرة ماله فأفسد الله بدنه بالجذام وماله بالإفلاس ومن أراد نفعهم أصابه الله في نفسه وماله خيرا وبركة
(حم هـ ك عن ابن عمر) بن الخطاب قال المؤلف في مختصر الموضوعات: رجال ابن ماجه ثقات(6/35)
8331 - (من احتكر حكرة) قال الزمخشري: جملة من القوت من الحكر وهو الجمع والإمساك وهو الاحتكار أي يحصل جملة من القوت ويجمعها ويمسكها يريد نفع نفسه بالربح وضر غيره كما كشف عنه القناع بقوله (يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ) بالهمز وفي رواية ملعون أي مطرود عن درجة الأبرار لا عن رحمة الغفار (وقد برئت منه ذمة الله ورسوله) لكونه نقض ميثاق الله وعهده وهذا تشديد عظيم في الاحتكار وأخذ بظاهره مالك فحرم احتكار الطعام وغيره وخصه الشافعية والحنفية بالقوت
(حم ك) في البيع من حديث محمد بن هانىء عن إبراهيم بن إسحاق العسيلي عن عبد الأعلى عن حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) رفعه وتعقبه الذهبي بأن العسيلي كان يسرق الحديث كذا ذكره في التلخيص وقال في المهذب: حديث منكر تفرد به إبراهيم العسيلي وكان يسرق الحديث(6/35)
8332 - (من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما) قال الطيبي: لم يرد بأربعين التحديد بل مراده أن يجعل الاحتكار حرفة يقصد بها نفع نفسه وضر غيره بدليل قوله في الخبر المار يريد به الغلاء وأقل ما يتمون المرء في هذه الحرفة هذه المدة (وتصدق به لم يقبل منه) يعني لم يكن كفارة لإثم الاحتكار والقصد به المبالغة في الزجر فحسب قال الطيبي: والضمير في تصدق به راجح للطعام لا ليتصدق وجب أن يقدر الإرادة فيفيد مبالغة وأن من نوى الاحتكار هذا شأنه فكيف [ص:36] يمن فعله قال الحافظ ابن حجر: هذا وما قبله من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير وظاهرها غير مراد وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على نفي الإيمان وغير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورا ليس فيها ما يخرج عن الإسلام فما كان هو الجواب عنها فهو الجواب هنا
(ابن عساكر) في التاريخ عن أبي القاسم السمرقندي عن محمد بن علي الأنماطي عن محمد الدهان عن محمد بن الحسن عن خلاد بن محمد بن هانىء الأسدي عن أبيه عن عبد العزيز عن عبد الرحمن الطيالسي عن وصيف بن جبير (عن معاذ) بن جبل ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن علي والخطيب في التاريخ عن أنس وجعل ابن الجوزى أحاديث الاحتكار من قبيل الموضوع وهو مدفوع كما بينه العراقي وابن حجر(6/35)
8333 - (من أحدث) أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه قال ابن الكمال: الإحداث إيجاد شيء مسبوق بزمان وفي رواية من عمل وهو أعم فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها (في أمرنا) شأننا أي دين الإسلام عبر عنه بالأمر تنبيها على أن هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا وقال القاضي: الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل مجاز في الفعل والشأن والطريق وأطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه أو شأنه الذي تتعلق به شراشره وقال الطيبي: وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أن أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهورا محسوسا بحيث لا يخفي على كل ذي بصر وبصيرة (هذا) إشارة لجلالته ومزيد رفعته وتعظيمه من قبيل {ذلك الكتاب} وإن اختلفا في أداء الإشارة إذ تلك أدل على ذلك من هذا (ما ليس منه) أي رأيا ليس له في الكتاب أو السنة عاضد ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط (فهو رد) أي مردود على فاعله لبطلانه من إطلاق المصدر على اسم المفعول وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة {اليوم أكملت لكم دينكم} فمن رام زيادة حاول ما ليس بمرضي لأنه من قصور فهمه أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول كبناء نحو ربط ومدارس وتصنيف علم وغيرها وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده قال النووي: ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك وقال الطوفي: هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع لأن الدليل يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه والحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم كأن يقال في الوضوء بماء نجس هذا ليس من أمر الشرع وكلما كان كذلك فهو رد بهذا العمل رد فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث وإنما النزاع في الأولى ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فصحيح فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع فلو وجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لا يستقل الحديث بجميع أدلة الشرع لكن الثاني لم يوجد فحديثنا نصف أدلة الشرع وفيه أن النهي يقتضي الفساد لأن النهي ليس من الدين وأن حكم الحاكم لا يغير ما في الباطن وأن الصلح الفاسد منقوض والمأخوذ عليه مستحق الرد
(ق د هـ عن عائشة)(6/36)
8334 - (من أحرم) في رواية بدله من أهل (بحج أو عمرة من المسجد الأقصى) زاد في رواية إلى المسجد الحرام (كان كيوم ولدته أمه) أي خرج من ذنوبه كخروجه بغير ذنب من بطن أمه يوم ولادتها له وفيه شمول للكبائر والتبعات وفيه كلام معروف
(عب عن أم سلمة) ورواه عنها أبو داود قال المنذري: وقد اختلف في هذا المتن وإسناده اختلافا كبيرا رواه أولا عن جدته حكيمة وثانيا عن أمه عن أم سلمة ولفظه من أحرم من بيت المقدس بحج أو عمرة كان من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه وثالثا عن أم حكيم بنت أمية عنها من أهل بحج أو عمرة من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وجبت له الجنة اه(6/36)
[ص:37] 8335 - (من أحزن والديه) أي أدخل عليهما أو فعل بهما ما يحزنهما (فقد عقهما) قال الكلاباذي: إنما قصد أن لا تجفي الوالدين لأن فيه ألمهما فمن أحزنهما بقصد الجفاء فقد آلمهما وذلك عقوق
(خط في) كتاب (الجامع) لآداب المحدث والسامع (عن علي) أمير المؤمنين(6/37)
8336 - (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) قال الحكيم: إنما فضل هذا على غيره من الأعمال لأن اليتيم قد فقد تربية أبيه وهي أعظم الأغذية لتعهده لمصالحه فإذا قبض الله أباه فهو الولي لذلك اليتيم في جميع أموره ليبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك فيكافئه والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله ما تكفل به فلذلك صار بالقرب منه في الجنة وليس في الجنة بقعة أشرف من بقعة بها سيدنا محمد وسائر الرسل صلى الله عليه وعليهم وسلم فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة فقد سعد جده وسما سعده قال الحرالي: في ضمنه تهديد في ترك الإحسان له فمن أضاع يتيما ناله من عند الله عقوبات في ذات نفسه وزوجه وذريته من بعده ويجري مأخذ ما تقتضيه العزة على وجه الحكمة جزاءا وفاقا وحكما قصاصا؟
(الحكيم) الترمذي (عن أنس) بن مالك(6/37)
8337 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ثم أساءها حيث يخلو) بنفسه بأن يكون أداؤه لها في الملأ بنحو طول القنوت وإتمام الأركان وطول السجود والتخشع والتأدب وأداؤه إياها في السر بدون ذلك أو بعضه (فتلك) الخصلة أو الفعلة (استهانة استهان بها ربه) تعالى أي ذلك الفعل يشبه فعل المستهين به فإن قصد الاستهانة به كفر ومثل الصلاة في ذلك غيرها من العبادات قال ابن العربي: وهذا من أصعب الأمراض النفسية التي يجب التداوي لها ودواؤه أن يستحضر قوله تعالى {ألم يعلم بأن الله يرى} {ويعلم سركم وجهركم} {والله أحق أن تخشاه} ونحو ذلك من الآيات القرآنية {ما فرطنا في الكتاب من شيء}
(عب ع هب عن ابن مسعود) قال في المهذب مستدركا على البيهقي: قلت فيه إبراهيم الهجري ضعيف(6/37)
8338 - (من أحسن في الإسلام) بالإخلاص فيه أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته عليه إلى الموت (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) أي في زمن الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولا يعارضه {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب (ومن أساء في الإسلام) بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهرا وهو النفاق (أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية الإساءة فإذا ارتد ومات مرتدا كان كمن لم يسلم فيعاقب على كل ما تقدم
(حم ق هـ عن ابن مسعود) قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن سأله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ فذكره(6/37)
8339 - (من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس) لأنهم لا يقدرون على فعل شيء حتى يقدرهم الله عليه [ص:38] ولا يريدون شيئا حتى يريده الله (ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم ومن عمل لآخرته كفاه الله عز وجل دنياه اه بحروفه وبين بهذا الحديث أن صلاح حال العبد وسعادته وفلاحه واستقامة أمره مع الخلق إنما هو في رضا الحق فمن لم يحسن معاملته معه سرا واعتمد على المخلوق وتوكل عليه انعكس عليه مقصوده وحصل له الخذلان والذم واختلاف الأمر وفساد الحال فالمخلوق لا يقصد نفعك بالقصد الأول بل انتفاعك به والله تعالى يريد نفعك لا انتفاعه بك وإرادة المخلوق نفعك قد يكون فيها مضرة عليك وملاحظة هذا الحديث يمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله دون الله أو تطلب منه نفعا أو دفعا أو تعلق قلبك به والسعيد من عامل الخلق لله لا لهم وأحسن إليهم لله وخاف الله فيهم ولم يخفهم مع الله ورجا الله بالإحسان إليهم وأحبهم لحب الله ولم يحبهم مع الله
(ك في تاريخه) تاريخ نيسابور (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده(6/37)
8340 - (من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية فلا يتكلمن بالفارسية) يحتمل أن يلحق بها غيرها من اللغات بقرينة ما يأتي ويحتمل خلافه (فإنه) أي المتكلم بالفارسية أو التكلم بغير العربية (يورث النفاق) أراد النفاق العملي لا الإيماني أو الإنذار والتخويف والتحذير من الاعتياد والاطراد والتمادي بحيث يهجر اللسان العربي بل قد يقال الحديث على بابه وظاهره أن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة به وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان فصارت معرفته من الإيمان وصار اعتياد المتكلم به أعون على معرفة دين الله وأقرب إلى إقامة شعار الإسلام فلذلك صار دوام تركه جارا إلى النفاق واللسان بقارنه أمور أخرى من العلوم والأخلاق لأن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله أو فيما يبغضه هذا هو الوجه في توجيه الحديث وقد روى السلفي بسنده عن ابن عبد الحكم أن الشافعي كره للقادر النطق بالعجمية من غير أن يحرمه قال المجد ابن تيمية: وقد كان السلف يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية أما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة ويهجر العربية فهو موضوع النهي مع أن اعتياد اللغة يورث في الخلق والدين والعقل تأثيرا بينا ونفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب
(ك) من طريق عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح فتعقبه الذهبي بأن عمرو بن هارون أحد رجاله كذبه ابن معين وتركه الجماعة هذه عبارته. فكان ينبغي للمصنف حذفه وليته إذ ذكره بين حاله(6/38)
8341 - (من أحسن الرمي بالسهام) أي القسي (ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) الجليلة العظيمة التي أنعم الله عليه بها
(القراب) بفتح القاف وشد الراء وبعد الألف موحدة تحتية نسبة لعمل القرب (في) كتاب (الرمي عن يحيى بن سعيد مرسلا) هو ابن سعيد بن العاص الأموي(6/38)
8342 - (من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة) وهي (ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر) أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر قال الشافعي: بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال: أول ليلة من رجب وليلة نصف شعبان وليلتي [ص:39] العيد وليلة الجمعة
(ابن عساكر) في تاريخه (عن معاذ) بن جبل قال ابن حجر في تخريج الأذكار: حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد رواته متروك اه. وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث لا يصح وعبد الرحيم قال يحيى: كذاب والنسائي: متروك(6/38)
8343 - (من أحيا) وفي رواية من قام (ليلة) عيد (الفطر وليلة الأضحى) وفي رواية بدله ليلتي العيد (لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي قلوب الجهال وأهل الفسق والضلال. فإن قلت المؤمن الكامل لا يموت قلبه كما قال حجة الإسلام وعلمه عند الموت لا ينمحي وصفاؤه لا يتكدر كما أشار إليه الحسن بقوله: التراب لا يأكل محل الإيمان والمراد هنا من القلب اللطيفة الصالحة المدركة من الإنسان لا اللحم الصنوبري كما مر قال في الأذكار: يستحب إحياء ليلتي العيد بالذكر والصلاة وغيرهما فإنه وإن كان ضعيفا لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها قال: والظاهر أنه لا يحصل الإحياء إلا بمعظم الليل
(طب عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي: فيه عمر بن هارون البجلي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي لكن ضعفه جمع كثيرون وقال ابن حجر: حديث مضطرب الإسناد وفيه عمر بن هارون ضعيف وقد خولف في صحابيه وفي رفعه ورواه الحسن بن سفيان عن عبادة أيضا وفيه بشر بن رافع متهم بالوضع وأخرجه ابن ماجه من حديث بقية عن أبي أمامة بلفظ من قام ليلتي العيد لله محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب وبقية صدوق لكن كثير التدليس وقد رواه بالعنعنة ورواه ابن شاهين بسند فيه ضعيف ومجهول(6/39)
8344 - (من أحيا أرضا ميتة) بالتشديد. قال العراقي: لا التخفيف لأنه إذا خفف حذف منه تاء التأنيث والميتة والموات أرض لم تعمر قط ولا هي حريم لمعمور. قال القاضي: الأرض الميتة الخراب التي لا عمارة بها وإحياؤها عمارتها شبهت عمارة الأرض بحياة الأبدان وتعطلها وخلوها عن العمارة بفقد الحياة وزوالها عنها (فله فيها أجر) قال القاضي: ترتب الملك على مجرد الإحياء وإثباته لمن أحيا على العموم دليل على أن مجرد الإحياء كاف في التمكن ولا يشترط فيه إذن السلطان وقال أبو حنيفة: لا بد منه (وما أكلت العافية) أي كل طالب رزق آدميا أو غيره (منها فهو له صدقة) استدل به ابن حبان على أن الذمي لا يملك الموات لأن الأجر ليس إلا للمسلم وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر يتصدق ويجازى به في الدنيا قال ابن حجر: والأول أقرب للصواب وهو قضية الخبر إذا إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي
(حم ن) في الإحياء (عب والضياء) المقدسي كلهم من حديث عبيد الله بن عبد الرحمن (عن جابر) بن عبد الله وصرح ابن حبان بسماع هشام بن عروة منه وسماعه من جابر(6/39)
8345 - (من أحيا أرضا ميتة) أي لا مالك لها يقال أحيا الأرض يحييها إحياءا إذا أنشأ فيها أثرا وهذا يدل على أنه اختص بها تشبيها للعمارة في الأرض الموات بإحياء حيوان ميت والأرض الميتة والموات التي لا عمارة فيها ولا أثر عمارة فهي على أصل الخلقة وإحياؤها إلحاقها بالعامر المملوك (فهي له) أي يملكها بمجرد الإحياء وإن لم يأذن الإمام عند الشافعي حملا للخبر على التصرف بالفتيا لأنه أغلب تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وحمله أبو حنيفة على التصرف بالإمامة العظمى فشرط إذن الإمام وخالفه صاحباه (وليس لعرق) بكسر العين وسكون الراء (ظالم حق) بإضافة عرق إلى ظالم فهو صفة لمحذوف تقديره لعرق رجل ظالم والعرق أحد عروق الشجر أي ليس لعرق من عروق ما غرس بغير حق بأن غرس في ملك الغير بغير إذن معتبر حق وروي مقطوعا عن الإضافة بجعل الظلم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع كأن العرق بغرسه صار ظالما حتى كأن الفعل له. قال ابن حجر: وغلط الخطابي من رواه بالإضافة وقال [ص:40] ابن شعبان في الزاهر: العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فالظاهران البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون
(حم د) في الخراج (ت) في الأحكام وكذا النسائي في الإحياء خلافا لما يوهمه صنع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة (والضياء) في المختارة (عن سعيد بن زيد) ورواه عنه أيضا البيهقي في البيع قال الترمذي: حسن غريب(6/39)
8346 - (من أحيا سنني) بصيغة الجمع عند جمع لكن الأشهر الإفراد (فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة) وإحياؤها إظهارها بعمله بها والحث عليها فشبه إظهارها بعد ترك الأخذ بها بالإحياء ثم اشتق منه الفعل فجرت الاستعارة في المصدر أصلية ثم سرت إلى الفعل تبعا ومن ثم قالوا: السنة كسفينة نوح واتباع السنة يدفع البلاء عن أهل الأرض والسنة إنما سنها لما علم في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق ولو لم يكن إلا أن الله سبحانه وملائكته وحملة عرشه يستغفرون لمن اتبعها لكفى ويكفي في متبعها أنه يسير رويدا ويجيء أول الناس كما قيل:
من لي يمثل سيرك المدلل. . . تمشي رويدا وتجى في الأول
وفي رواية أحياني بدل أحبني فيهما
(السجزي عن أنس) بن مالك وفيه خالد بن أنس قال في الميزان: لا يعرف وحديثه منكر جدا ثم ساق هذا الخبر وأعاده في محل آخر وقال: خالد بن أنس لا يعرف حاله وحديثه منكر جدا ثم ساق هذا بحروفه ثم قال: ورواه بقية عن عاصم بن سعد وهو مجهول عنه قال في اللسان: وهذا الرجل ذكره العقيلي في الضعفاء وذكر له هذا الحديث وقال: لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به والراوي عنه عاصم مجهول وفي الباب أحاديث بأسانيد لينة وقد يكرر الذهبي ترجمة الرجل من كلام بعض من تقدم ولا ينسبه لقائله فيوهم أنه من تصرفه وليس بجيد فإن النفس لكلام المتقدمين أميل. إلى هنا كلامه(6/40)
8347 - (من أخاف أهل المدينة) النبوية (أخافه الله) زاد في رواية يوم القيامة وزاد أحمد في روايته وعليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل اه بنصه وفيه تحذير من إيذاء أهل المدينة أو بغضهم. قال المجد اللغوي: يتعين محبة أهل المدينة وسكانها وقطانها وجيرانها وتعظيمهم سيما العلماء والشرفاء وخدمة الحجرة النبوية وغيرهم من الخدمة كل على حسب حاله وقرابته وقربه من المصطفي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه قد ثبت لهم حق الجوار وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وزاد على ذلك بسند حسن ولفظه من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة ولعنه الله وغضب عليه ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا
(حب عن جابر) بن عبد الله سببه أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان ذهب بصر جابر فقيل لجابر: لو تنحيت عنه فخرج يمشي بين أبنية فنكب فقال: تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابناه: كيف وقد مات قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال السمهودي: يسير بن أرطأة أرسله معاوية بعد تحكيم الحكمين في جيش إلى المدينة فعاث فأفسد(6/40)
8348 - (من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي) هذا لم يرد نظيره لبقعة سواها وهو مما تمسك به من فضلها على مكة ومما فضلت به أيضا أنه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون وإذا قدم الدجال المدينة ردته الملائكة ورجفت ثلاث رجفات فيخرج إليه منها المنافقون
(حم عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: فيه محمد بن حفص الرصافي ضعيف(6/40)
[ص:41] 8349 - (من أخاف مؤمنا بغير حق كان حقا على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) جزاء وفاقا
(طس عن ابن عمر)(6/41)
8350 - (من أخذ السبع) أي السور السبع الأول من القرآن كما في رواية أحمد وغيره (فهو خير له) أي من حفظها واتخذ قراءتها وردا فذلك خير كثير يعني بذلك كثرة الثواب عند الله تعالى
(ك هب عن عائشة)(6/41)
8351 - (من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره كما يشير إليه عدم تقييده بظلما لكنه (يريد أداءها) الجملة حال من الضمير المستكن في أخذ (أدى الله عنه) جملة خبرية أي يسر الله له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه ويصح كونها إنشائية معنى بأن يخرج مخرج الدعاء له ثم إن قصد بها الإخبار عن المبتدأ مع كونها إنشائية معنى يحتاج لتأويله بنحو يستحق وإلا لم يحتج فتكون الجملة معنى وإنما استحق مريد الأداء هذا الدعاء لجعله نية إسقاط الواجب مقارنة لأخذه وذا دليل على خوفه وظاهره أن من نوى الوفاء ومات قبله لعسر أو فجأة لا يأخذ رب العالمين من حسناته في الآخرة بل يرضى الله رب الدين وخالف ابن عبد السلام (ومن أخذها) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها بصدقة أو غيرها (أتلفه الله) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة. وعبر بأتلفه لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب وهذا وعيد شديد يشمل من أخذه دينا وتصدق به ولا يجد وفاء فترد صدقته لأن الصدقة تطوع وقضاء الدين واجب واستدل البخاري على رد صدقة المديان بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال قال الزين زكريا: ولا يقال الصدقة ليست إضاعة لأنا نقول إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها ثواب فبطل كونها صدقة وبقيت إضاعة
(حم خ) في الاستقراض (هـ) في الأحكام (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم(6/41)
8352 - (من أخذ من الأرض شيئا) قل أو كثر (ظلما) هو وضع الشيء في غير محله. نصبه على أنه مفعول له أو تمييز أو حال (جاء يوم القيامة يحمل ترابها) أي الحصة المغصوبة (إلى المحشر) أي يكلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما في الخبر وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار وكذا فيما يأتي وفيه تحريم الظلم وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضا ملك سفلها إلى منتهى الأرض وله منع غيره من حفر سرداب أو بئر تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وغير ذلك
(حم طب عن يعلى بن مرة) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثق(6/41)
8353 - (من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به) أي هوى به إلى أسفلها أي بالأخذ غصبا لتلك الأرض المغصوبة والباء للتعدية والجملة إخبار ويحتمل كونها إنشاء معنى على ما تقرر (يوم القيامة) بأن يجعل كالطوق في عنقه على وزن [ص:42] {سيطوقون ما بخلوا به} ويعظم عنقه ليسع أو يطوق إثم ذلك ويلزمه لزوم الطوق أو يكلف الظالم جعله طوقا ولا يستطيع فيعذب بذلك فهو تكليف تعجيز للإيذاء لا تكليف ابتداء للجزاء ومثله غير عزيز كتكليف المصور نفخ الروح فيما صوره فمن اعترضه بأن القيامة ليست بزمن تكليف لم يتأمل أو أن هذه الصفات تتنوع لصاحب هذه الجناية بحسب قوة هذه المفسدة وضعفها فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا (إلى سبع أرضين) بفتح الراء وتسكن وأخطأ من زعم أن المراد سبعة أقاليم إذ لا اتجاه لتحمل شبر لم يأخذه ظلما بخلاف طباق الأرض فإنها تابعة ملكا وغصبا وفيه حجة للشافعي أن العقار يغصب ورد على أبي حنيفة ومن ثم وافق الشافعي أحمد وتغليظ عقوبة الغصب وأنه كبيرة وغير ذلك
(خ عن ابن عمر)(6/41)
8354 - (من أخذ من طريق المسلمين شيئا جاء به يوم القيامة يحمله) وفي رواية طوقه أي جعل له كالطوق أو هو طوق تكليف لا طوق تقليد على ما تقرر فيما قبله (من سبع أرضين) فيه كالذي قبله أن الأرض في الآخرة سبع طباق أيضا كالسماوات لكن لا دلالة في أية {ومن الأرض مثلهن} على ذلك كما ادعاه البعض لاحتمال المماثلة في الهيئة
(طب والضياء) المقدسي (عن الحكم بن الحارث) السلمي قال الذهبي: له صحبة وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حجر: وإسناده حسن وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه محمد بن عقبة السدنسي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وتركه أبو زرعة(6/42)
8355 - (من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة) قاله لمعلم أهدى له قوس فقال: هذه غير مال فأرمى به في سبيل الله وأخذ بظاهره أبو حنيفة فحرم أخذ الأجرة عليه وخالفه الباقون قائلين الخبر بفرض صحته منسوخ أو مؤول بأنه كان يحتسب التعليم. نعم الأولى كما قاله الغزالي الإقتداء بصاحب الشرع فلا يطلب على إفاضة العلم أجرا ولا يقصد جزاءا ولا شكورا بل يعلم لله
(حل هق عن أبي الدرداء) ثم قال أعني البيهقي: ضعيف وقال الدارمي: قال دحيم لا أصل له قال الذهبي: وإسناده قوي مع نكارته(6/42)
8356 - (من أخذ على) تعليم (القرآن أجرا فذلك حظه من القرآن) أي فلا ثواب له على إقرائه وتعليمه قال ابن حجر: يعارضه وما قبله خبر أبي سعيد في قصة اللديغ ورقيهم إياه بالفاتحة وكانوا امتنعوا حتى جعلوا لهم جعلا وصوب النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم وخبر البخاري إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله وفيه إشعار بنسخ الحكم الأول اه
(حل عن أبي هريرة) رضي الله عنه وفيه إسحاق بن العنبر قال الذهبي في الضعفاء: كذاب اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب(6/42)
8357 - (من أخذ بسنتي فهو مني) أي من أشياعي أو أهل ملتي من قولهم فلان مني كأنه بعضه متحد به (ومن رغب عن سنتي) أي تركها ومال عنها استهانة وزهدا فيها لا كسلا وتهاونا ذكره القاضي (فليس مني) أي ليس على منهاجي [ص:43] وطريقتي أو ليس بمتصل بي أو ليس من أتباعي وأشياعي على ما مر
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه جويبر قال يحيى: ليس بشيء وطلحة بن السماح لا يعرف(6/42)
8358 - (من أخرج أذى من المسجد) نجس أو طاهر كدم وزرق طير ومخاط وبصاق وتراب وحجر وقمامة ونحوها من كل ما يقذره (بنى الله له بيتا في الجنة) وفي بعض الروايات إن ذلك مهور الحور العين
(هـ عن أبي سعيد) الخدري وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون قال في الكاشف: ضعفه أبو داود(6/43)
8359 - (من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم) كشوك وحجر وقذر (كتب الله له به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة) تفضلا منه وكرما
(طس عن أبي الدرداء) اعلم أن تخريج المصنف غير محرر فإن الطبراني رواه في الأوسط عن أبي الدرداء بغير اللفظ المذكور ورواه في الكبير عن معاذ بغير لفظه أيضا وليس ما عزاه المصنف له موافقا لواحد منهما فأما لفظ رواية أبي الدرداء فنصه من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له مئة حسنة ولم يزد قال الهيثمي: وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف ولفظ رواية معاذ من رفع حجرا كتب له حسنة ومن كان له حسنة دخل الجنة قال الهيثمي: ورجاله ثقات وهذا الحديث سيجيء في هذا الجامع(6/43)
8360 - (من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنبا ثم ندم) على فعله (فهو) أي الندم (كفارته) لأن الندم توبة والتوبة إذا توفرت شروطها تجب ما قبلها
(طب هب عن ابن مسعود) رمز لحسنه وفيه الحسن بن صالح قال الذهبي: ضعفه ابن حبان وأبو سعيد البقال أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مختلف فيه(6/43)
8361 - (من أخلص لله) لفظ رواية أبي نعيم من أخلص العبادة لله (أربعين يوما) بأن طهر بدنه من الأدناس والقاذورات وحواسه الباطنة والظاهرة من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات وأعضائه من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدال المعلومة من الموازين العقلية والأحكام الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات الحكيمة سيما اللسان وخياله في الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان الآمال والأماني وذهنه من الأفكار الرديئة والاستحضارات الغير الواقعة المعتد بها وعقله من التقييد ونتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار وقلبه من التقلب التابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهم وتشتت العزمات ونفسه من أعراضها بل من عينها فإنه خمرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء مكثرة التشوفات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات وروحه من الحظوظ الشريفة المرجوة من الحق تعالى لمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه والمستشرف بنور البصيرة عليه وحقيقة الإنسانية من تغيير صور ما يرد عليه من الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلا (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) لأن المحافظة على الطهارة المعنوية ولزوم المجاهدة يوصل إلى حضرة المشاهدة ألا تراه سبحانه يقول {ومن الليل فتجهد به} فإذا كان مقصود الوجود لا يصل إلى المقام المحمود إلا [ص:44] بالركوع والسجود فكيف يطمع في الوصول من لم يكن له محصول ومن ثم قيل: فجاهد تشاهد قال القونوي: في هذا الحديث سر يجب التنبيه عليه وهو احتراز الإنسان أن يكون إخلاصه هذا طلبا لظهور ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فإنه حينئذ لم يكن أخلص لله. وروى النووي بإسناده إلى السوسي من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص وروى أيضا عن التستري من زهد في الدنيا أربعين يوما مخلصا في ذلك ظهرت له الكرامات ومن لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده وحكمة التقييد بالأربعين أنها مدة يصير المداومة على الشيء فيها خلقا كالأصلي الغريزي كما مر. وأخذ جمع من الصوفية منه أن خلوة المريد تكون أربعين يوما واحتجوا بوجوه أخر أظهرها أنه سبحانه خمر طينة آدم أربعين صباحا وفي شرح الأحكام لعبد الحق: هذا الحديث وإن لم يكن صحيح الإسناد فقد صححه الذوق الذي خصص به أهل العطاء والإمداد وفهم ذلك مستغلق إلا على أهل العلم الفتحي الذي طريقه الفيض الرباني بواسطة الإخلاص المحمدي
(حل) عن حبيب بن الحسن عن عباس بن يونس التكلي عن محمد بن يسار اليساري عن محمد بن إسماعيل عن يزيد بن يزيد الواسطي عن حجاج عن مكحول (عن أبي أيوب) الأنصاري أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: يزيد بن يزيد عن عبد الرحمن الواسطي كثير الخطأ وحجاج مجروح ومحمد بن إسماعيل مجهول ومكحول لم يصح سماعه من أبي أيوب اه. وتعقبه المؤلف بأن الحافظ العراقي اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه وهو تعقب لا يسمن ولا يغني من جوع(6/43)
8362 - (من ادان دينا ينوي) أي وهو ينوي كما جاء مصرحا به في رواية صحيحة (قضاءه أداه الله عنه يوم القيامة) بأن يرضي خصماءه وقال الغزالي: الشأن في صحة النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال
(طب عن ميمون) الكردي عن أبيه قال الهيثمي: رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته(6/44)
8363 - (من أدى إلى أمتي حديثا لتقام به سنة أو تثلم به بدعة فهو في الجنة) أي سيكون فيها أي يحكم له بدخولها ولفظ رواية أبي نعيم فله الجنة
(حل عن ابن عباس) وفيه عبد الرحمن بن حبيب أورده الذهبي في الضعفاء وقال: متهم بالوضع وإسماعيل بن يحيى التيمي قال أعني الذهبي: كذاب عدم(6/44)
8364 - (من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو أفضل) قال بعضهم: الأداء تسليم عن الثابت في الذمة بسبب الموجب كالوقت للصلاة والمال للزكاة والشهر للصوم إلى من يستحق ذلك الواجب
(هق عن الحسن مرسلا) وهو البصري وورد بمعناه مسندا من حديث جابر عند الطبراني وغيره قال الهيثمي: وسنده حسن بلفظ من أدى زكاة ماله فقد أذهب عنه شره(6/44)
8365 - (من أدرك ركعة) أي ركوع ركعة وفي رواية سجدة بدل ركعة والمراد منها الركعة قال ابن الكمال: والإدراك إحاطة الشيء بكماله (من الصلاة) المكتوبة (فقد أدرك الصلاة) يعني من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت وباقيها خارجه فقد أدرك الصلاة أي أداءا خلافا لأبي حنيفة حيث حكم بالبطلان في الصبح والعصر لدخول وقت النهي وقد روى الشيخان أيضا من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أي أداءا أما لو أدرك دونها فإنها تكون [ص:45] قضاء والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعا لها بخلاف ما دونها هذا هو الصحيح عند الشافعية وقيل: تكون قضاء مطلقا وقيل: ما وقع بعدها قضاء وما قبله أداء
(ق 4) في الصلاة (عن أبي هريرة)(6/44)
8366 - (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل) بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام (إليها أخرى) زاد أبو نعيم في روايته ومن أدركهم في التشهد صلى أربعا اه
(هـ ك) في الجمعة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وتعقبه في غيره بأنه ورد من طريقين في أحدهما عبد الرزاق بن عمرو واه وفي الأخرى إبراهيم بن عطية واه(6/45)
8367 - (من أدرك عرفة) أي الوقوف بها (قبل طلوع الفجر) ليلة النحر (فقد أدرك الحج) أي معظمه لأن الوقوف معظم أعماله وأشرفها فإدراكه كإدراكه ولأن الوقوف بها ضيق الوقت يفوت بفوته الحج في تلك السنة بخلاف بقية الأركان ووقت الوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر وخصوا الليلة بالذكر لأنها الواقعة في محل النظر والاشتباه
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه عمرو بن قيس المكي وهو ضعيف متروك اه ورواه الشافعي في مسنده عن ابن عمر(6/45)
8368 - (من أدرك رمضان وعليه من رمضان) أي من صومه (شيء) والحال أنه (لم يقضه) قبل مجيء مثله (فإنه لا يقبل منه حتى يصومه)
(حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح وأعاد في موضع آخر وقال: حديث حسن(6/45)
8369 - (من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجته وهو لا يريد الرجعة) إلى المسجد ليصلي مع الجماعة (فهو منافق) أي يكون دلالة على نفاقه وفعله يشبه فعله المنافقين
(هـ عن عثمان) بن عفان رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعفه وسبقه إليه المنذري وغيره وسببه أن فيه عبد الجبار ضعفه أبو زرعة وغيره وقال البخاري: له مناكير وحرملة بن يحيى قال أبو حاتم: لا يحتج به(6/45)
8370 - (من ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) قال الأكمل: عدى ادعى بإلى لتضمنه معنى انتسب (وهو) أي والحال أنه (يعلم) أنه غير أبيه وليس المراد بالعلم هنا حكم الذهن الحازم ولا الصفة التي توجب تمييزا لا يحتمل النقيض لعدم قصورها هنا إلا بطريق الكشف بل الظن الغالب (فالجنة عليه حرام) أي ممنوعة قبل العقوبة إن شاء عاقبه أو مع السابقين الأولين أو إن استحل لأن تحريم الحلال الذي لم تتطرقه تأويلات المجتهدين كفر وهو سيستلزم تحريم الجنة أو حرمت عليه جنة معينة كجنة عدن والفردوس أو ورد على التغليظ والتخويف أو أن هذا جزاؤه وقد يعفى عنه أو كان ذلك شرع من مضى أن أهل الكبائر يكفرون بها أو غير ذلك
(حم ق د هـ عن سعد) بن أبي وقاص (وأبي بكر) قال: كلاهما سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية لمسلم أيضا من حديث [ص:46] أبي عثمان لما ادعى زيادة أنه ابن أبي سفيان لقيت أبا بكر فقلت له: ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن وقاص يقول: سمعت أذني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكر: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم(6/45)
8371 - (من ادعى إلى غير أبيه) أي من رغب عن أبيه والتحق بغيره تركا للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفا من الإقرار بنسبه أو تقربا لغيره بالانتماء أو غير ذلك من الأغراض وعداه بإلى لتضمنه معنى الانتساب وكذا فيما قبله (أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله) أي طرده عن درجة الأبرار ومقام الأخيار لا من رحمة الغفار (المتتابعة) أي المتمادية (إلى يوم القيامة) لمعارضته لحكمة الله في الانتساب والداعي إلى غير أبيه كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان وإنما خلقه من غيره فقد كذب على الله فاستوجب الإبعاد والمنتمي لغير المعتق قد كفر النعمة واستن العقوق وضيع الحقوق وهذا الوعيد الشديد يفيد أن كلا منها كبيرة
(د عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه الإمام مسلم عن علي مرفوعا بلفظ من ادعى إلى غير أبيه أو تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين اه وهذا الخلف اليسير ليس بعذر في العدول عن الصحيح(6/46)
8372 - (من ادعى ما ليس له) من الحقوق (فليس منا) أي من العاملين بطريقتنا المتبعين لمنهاجنا (وليتبوأ مقعده من النار) قال القاضي: لا يحمل مثل هذا الوعيد في حق المؤمن على التأبيد
(هـ عن أبي ذر) قضية تصرف المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو عجب مع وجوده في صحيح مسلم باللفظ المذكور عن أبي ذر(6/46)
8373 - (من ادهن ولم يسم) الله تعالى عند ادهانه (ادهن معه ستون شيطانا) الظاهر أن المراد التكثير لا حقيقة العدد قياسا على نظائره السابقة واللاحقة قال الغزالي: قال أبو هريرة: التقى شيطان المؤمن وشيطان الكافر فإذا شيطان الكافر سمين دهين وشيطان المؤمن هزيل أشعث عار فقال شيطان الكافر للآخر: ما لك قال: أنا مع رجل إذا أكل سمى فأظل جائعا وإذا شرب سمى فأظل ظامئا وإذا ادهن سمى فأظل شعثا وإذا لبس سمى فأظل عريانا فقال شيطان الكافر: لكني مع رجل لا يفعل شيئا من ذلك فأشركه في الكل
(ابن السني في عمل يوم وليلة عن) أبي عيسى (دريد بن نافع القرشي) الأموي مولاهم الشامي نزل مصر مقبول لكنه مدلس كما في التقرب (مرسلا) قال الذهبي: مصري مستقيم الحديث وفي الفردوس هو مولى أبي أمية يروي عن الأزهري وغيره(6/46)
8374 - (من أذل نفسه في طاعة الله فهو أعز ممن تعزز بمعصية الله) لأن من أذل نفسه لله انكشف عنه غطاء الوهم والخيال وانجلت مرآته من صدأ الأغيار وطلب الحق بالحق وافتقر به إليه وذلك غاية الشرف والعزة إذ غاية الذل والافتقار إلى الله سبب للغنى وإذا صح الغنى انتفى العبد وبقي الرب فتتبدل الصفات البشرية بالصفات الملائكية فتشرق شموس القدم على ظلة الحدث فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل
(حل عن عائشة) وضعفه مخرجه أبو نعيم(6/46)
8375 - (من أذل) بالبناء للمجهول (عنده) أي بحضرته أو بعلمه (مؤمن فلم ينصره) على من ظلمه (هو) أي والحال أنه [ص:47] (يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة) فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم دنيويا كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به فلا يدفعه أو دينيا
(حم عن سهل بن حنيف) بالتصغير قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات(6/46)
8376 - (من أذن) للصلاة (سبع سنين محتسبا) أي متبرعا ناويا به وجه الله قال الزمخشري: الاحتساب من الحسبة كالاعتذار من العذر وإنما قيل احتسب العمل لمن ينوي به وجه الله لأن له حينئذ أن يعتد عمله فيجعله في حال مباشرة الفعل كأنه معتد (كتبت له براءة من النار) لأن مداومته على النطق بالشهادة والدعاء إلى الله هذه المدة الطويلة من غير باعث دنيوي صير نفسه كأنها معجونة بالتوحيد وذلك هدية من الله والرب لا يرجع في هديته
(ت هـ) كلاهما في الأذان (عن ابن عباس) وظاهر صنيع المصنف يدل على أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلافه فقد تعقبه الترمذي ببيان حاله فقال: فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعفوه وتركه يحيى وابن مهدي اه. وقال ابن الجوزي: حديثه لا يصح وجابر كان كذابا وقال ابن حجر: فيه جابر الجعفي وهو ضعيف جدا(6/47)
8377 - (من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة) قال الجلال البلقيني: حكمته أن العمر الأقصى مئة وعشرون سنة والاثنتي عشر عشرها ومن سنة الله أن العشر يقوم مقام الكل {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فكأنه تصدق بالدعاء إلى الله كل عمره ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره فكيف دونه؟ وأما خبر سبع سنين فإنها عشر العمر الغالب اه (وكتب له بتأذينه كل يوم ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة) فترفع بها درجاته في الجنان
(هـ ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري واغتر به المصنف فرمز لصحته وقد قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وأورده في الميزان من مناكير عبد الله بن صالح كاتب الليث فقال في التنقيح: هو ليس بعمدة وقال الحافظ ابن حجر: فيه عبيد الله بن صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عنه وهذا الحديث أحد ما أنكر عليه ورواه البخاري في تاريخه من حديث يحيى ابن المتوكل عن ابن جريج عن صدقة عن نافع وقال: هذا أشبه اه. فلو عزاه المصنف له لكان أولى(6/47)
8378 - (من أذن) أي لخمس (صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (ومن أم أصحابه) أي صلى بهم إماما (خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) فيه شمول الكبائر وقياس النظائر الحمل على الصغائر خاصة والخمس صادقة بأن تكون من يوم وليلة أو من أيام
(هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني البيهقي: لا أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم اه قال الذهبي: قال ابن عدي وغيره: هو متروك الحديث(6/47)
8379 - (من أذن سنة لا يطلب عليه) أي على أذانه المفهوم من أذن (أجرا) من أحد (دعي يوم القيامة ووقف على باب [ص:48] الجنة فقيل له اشفع لمن شئت) الشفاعة له فإنك تشفع ودعي ووقف بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة أو غيرهم بإذن ربهم قال الخطابي وغيره: في هذا الحديث وما قبله ندب التطوع بالأذان وكراهة أخذ الأجر عليه قال الطيبي: ولعل الكراهة لما أن المؤذن متبرع في ندائه المصلين وسبب في اجتماعهم فإذا كان مخلصا أخلصت صلاتهم قال تعالى {اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون}
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه موسى الطويل كذاب قال ابن حبان: زعم أنه رأى أنسا وروى عنه أشياء موضوعة ومحمد بن سلمة غاية في الضعف(6/47)
8380 - (من أذنب ذنبا فعلم أن له ربا إن شاء أن يغفر له غفر له وإن شاء أن يعذبه عذبه كان حقا على الله أن يغفر له) جعل اعترافه بالربوبية المستلزم لاعترافه بالعبودية وإقراره بذنبه سببا للمغفرة حيث أوجب الله المغفرة للتائبين المعترفين بالسيئات على سبيل الوعد والتفضل لا الوجوب الحقيقي إذ لا يجب على الله شيء
(ك حل) كلاهما من حديث قتيبة عن جابر بن مرزوق عن عبد الله العمري عن أبي طوالة (عن أنس) قال الحاكم: صحيح فقال الذهبي: لا والله ومن جابر حتى يكون حجة؟ بل هو نكرة وحديثه منكر اه. ورواه الطبراني من هذا الوجه وتعقبه الهيثمي بأن فيه جابر هذا وهو ضعيف جدا اه(6/48)
8381 - (من أذنب ذنبا فعلم أن الله قد اطلع عليه غفر له وإن لم يستغفر) ليس المراد منه ومما قبله الحث على فعل الذنب أو الترخيص فيه كما توهمه بعض أهل الغرة فإن الرسل إنما بعثوا للردع عن غشيان الذنوب بل ورد مورد البيان لعفو الله عن المذنبين وحسن التجوز عنهم ليعظموا الرغبة فيما عنده من الخير والمراد أنه سبحانه كما يحب أن يحسن إلى المحسن يحب أن يتجاوز عن المسيء والقصد بإيراده بهذا اللفظ الرد على منكر صدور الذنب من المؤمنين وأنه قادح في إيمانهم
(طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي: ضعيف جدا وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه إبراهيم بن هراسة وهو متروك(6/48)
8382 - (من أذنب ذنبا وهو يضحك) استخفافا بما اقترفه من الذنب (دخل النار) أي جهنم (وهو يبكي) جزاءا وفاقا وقضاءا عدلا
(حل عن ابن عباس) وفيه عمر بن أيوب قال الذهبي في الضعفاء: جرحه ابن حبان(6/48)
8383 - (من أرى الناس) أي أظهر لهم (فوق ما عنده) أي باطنه (من الخشية) لله أي من الخوف من الله تعالى (فهو منافق) أي انفاقا عمليا
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي ذر) الغفاري(6/48)
8384 - (من أراد الحج) أي قدر على أدائه لأن الإرادة مبدأ الفعل والفعل مسبوق بالقدرة فأطلق أحد سببي الفعل الآخر والعلاقة الملابسة لأن معنى قوله (فليتعجل) فليغتنم الفرصة إذا وجد الاستطاعة من القوة والزاد والراحلة والمراد قبل عروض مانع وهذا أمر ندبي لأن تأخير الحج عن وقت وجوبه سائغ كما علم من دليل آخر قال في الكاشف: والتفعيل بمعنى الاستفعال غير عزيز ومنه التعجل بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار
(حم د ك هق) في الحج [ص:49] من حديث أبي صفوان (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح وأبو صفوان مهران لم يجرح اه وأقره في التلخيص لكن تعقبه في المهذب فقال: قلت هذا التابعي مجهول وسبقه له ابن القطان فقال بعد ما عزاه لأبي داود: مهران أبو صفوان مجهول(6/48)
8385 - (من أراد الحج فليتعجل) بضبط ما قبله (فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) هذا من قبيل المجاز بإعتبار الأول إذ المريض لا يمرض بل الصحيح فسمى المشارف للمرض والضلال مريضا وضالة كما سمى المشارف للموت ميتا ومنه {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} أي صائرا إلى الفجور والكفر ذكره الزمخشري والقصد الحث على الاهتمام بتعجيل الحج قبل العوارض اه. وفيه أن الحج ليس فوريا بل على التراخي وبه أخذ الشافعي وقال أبو حنيفة بل هو على الفور وقد مر جوابه
(حم هـ عن الفضل) الظاهر أنه ابن العباس قال الكمال ابن أبي شريف في تخريج الكشاف: الحديث موقوف وقد عزاه الطبراني لأبي داود وحده مرفوعا وقال: إنه ليس فيه قوله فإنه قد يمرض المريض إلخ اه. قال: والحديث بتمامه عند أحمد وابن إسحاق وابن ماجه وفيه أبو إسرائيل الملائي وهو ضعيف سيء الحفظ إلى هنا كلامه وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه(6/49)
8386 - (من أراد) وفي رواية أبي نعيم من سره (أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده) زاد الحاكم في روايته فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه فمنزلة الله عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه وعلمه به وإجلاله وتعظيمه والحياء والخوف منه وإقامة الحرمة لأمره ونهيه والوقوف عند أحكامه بقلب سليم ونفس مطمئنة والتسليم له بدنا وروحا وقلبا ومراقبة تدبيره في أموره ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومننه وترك مشيئته لمشيئته وحسن الظن به والناس في ذلك درجات وحظوظهم بقدر حظوظهم من هذه الأشياء فأوفرهم حظا منها أعظمهم درجة عنده وعكسه بعكسه اه. وقال ابن عطاء الله: إذا أردت أن تعرف مقامك عنده فانظر ما أقامك فيه فإن كان في الخدمة فاجتهد في تصحيح عبوديتك ودوام المراقبة في خدمتك لأن شرط العبودية المراقبة في الخدمة لمراد المولى وهي المعرفة لأنك إذا عرفت أنه أوجدك وأعانك واستعملك قيما شاء وأنت عاجز عرفت نفسك وعرفت ربك ولزمت طاعته وقال بعض العارفين: إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك متى رزقك الطاعة والغنى به عنها فاعلم أنه أسبغ نعمة عليك ظاهرة وباطنة وخير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك
(قط في الأفراد عن أنس) بن مالك (حل عن أبي هريرة وعن سمرة) ولما رواه مخرجه أبو نعيم قال: إنه غريب من حديث صالح المزي وصالح المزي قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي وغيره: متروك ورواه الحاكم عن جابر وزاد فيه ما ذكر(6/49)
8387 - (من أراد) وفي رواية من أحب (أن يلقى الله طاهرا مطهرا) من الأدناس المعنوية (فليتزوج الحرائر) قال في الإتحاف: معنى الطهارة هنا السلامة من الآثام المتعلقة بالفروج لأن تزويج الحرائر أعون على العفاف من تزوج الإماء لاكتفاء النفس بهن عن طلب الإماء غالبا بخلاف العكس وقال الطيبي: إنما خصهن لأن الأمة مسببة له غير مؤدبة وتكون خراجة ولاجة غير لازمة للخدر وإذا لم تكن مؤدبة لم تحسن تأديب أولادها وتربيتهم بخلاف الحرائر [ص:50] ولأن الغرض من التزوج التناسل بخلاف التسري ولهذا جاز العزل عن الأمة مطلقا بغير إذنها قال: ويمكن حمل الحرائر على المعنى كما قال الحماسي:
ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة. . . يرى غمرات الموت ثم يزورها
وقال آخر: ورق ذوي الأطماع رق مخلد
وقيل: عبد الشهوة أقل من عبد الرق فإن للنكاح منافع دينية ودنيوية منها غض البض وكف النفس عن الحرام ونفع المرأة فهو ينفع بالتزويج نفسه في دنياه وآخرته وينفع المرأة ولذلك كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحبه ويقول أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن كما في خبر أحمد
(هـ عن أنس) بن مالك وفيه سلام بن سوار أورده الذهبي في الضعفاء وقال: لا يعرف وكثير بن سلام قال في الكاشف: ضعفوه والضحاك بن مزاحم وفيه خلف وقال المنذري بعد عزوه لابن ماجه: حديث ضعيف(6/49)
8388 - (من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء) ندبا مؤكدا ولو بجرعة من ماء فإن البركة في اتباع السنة لا في عين المأكول كما سبق
(حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه كلام(6/50)
8389 - (من أراد أهل المدينة) هم من كان بها في زمنه أو بعده وهو على سنته (بسوء) قال ابن الكمال: متعلق بأراد لا بإعتبار معناه الأصلي لأنه متعد بنفسه لا بالباء بل بإعتبار تضمنه معنى المس فإن عدى بالباء فالمعنى من مس أهل المدينة بسوء مريدا أي عامدا عالما مختارا لا ساهيا ولا مجبورا (أذابه الله) أي أهلكه بالكلية إهلاكا مستأصلا بحيث لم يبق من حقيقته شيء لا دفعة بل بالتدريج لكونه أشد إيلاما وأقوى تعذيبا وأقطع عقوبة فهو استعارة تمثيلية في ضمن التشبيه التمثيلي ولا يخفى لطف موقعه في الأذهان وغرابة موضعه عن أرباب البيان وما في قوله (كما يذوب) مصدرية أي ذوبا كذوب (الملح) ولقد أعجب وابدع حيث حتم بقوله (في الماء) فشبه أهل المدينة به إيماءا إلى أنهم كالماء في الصفاء قال القاضي عياض: وهذا حكمه في الآخرة بدليل رواية مسلم أذابه الله في النار أو يكون ذلك لمن أرادهم بسوء في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطانا بل يذهبه عن قرب كما انقضى شأن من حاربهم أيام بني أمية كعقبة بن مسلم فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله على أثر ذلك قال السمهودي: من تأمل هذا الحديث وما أشبهه مما مر لم يرتب في تفضيل سكنى المدينة على مكة مع تسليم مزيد المضاعفة لمكة
(حم م هـ عن أبي هريرة عن سعد) بن أبي وقاص(6/50)
8390 - (من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج) وفي رواية فلينفس (عن معسر) بإمهال أو أداء أو إبراء أو وساطة أو تأخير مطالبة ونحوها. وفيه من بيان عظم فضل التيسير والترغيب فيه والحث عليه ما لا يخفى
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: ورجاله ثقات(6/50)
8391 - (من أراد أمرا فشاور فيه امرءا مسلما وفقه الله تعالى لأرشد أموره) فإن المشورة عماد كل صلاح وباب كل فلاح ونجاح لكن ينبغي أن لا يشاور إلا من اجتمع فيه عقل كامل مع تجربة سابقة وذو دين وتقى مأمون [ص:51] السريرة موفق العزيمة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا محافظا على مشاورة أصحابه
(طس عن ابن عباس) ثم قال الطبراني: لم يروه عن النضر إلا محمد بن عبد الله بن علاثة تفرد به عنه عمرو بن الحصين قال جدنا للأم الزين العراقي في شرح الترمذي: وهذا إسناد واه. وقال ابن حجر: هو ضعيف جدا وفي شيخ عمرو وشيخ شيخه مقال اه. وقال الهيثمي: فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك اه(6/50)
8392 - (من ارتد عن دينه فاقتلوه) من الرد وهو كف بكره لما شأنه الإقبال برفق. ذكره الحرالي. والمراد من رجع عن دين الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر يستتاب وجوبا ثم يقتل إذا كان رجلا إجماعا وكذا إن كان أمرأة عند الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة: لا تقتل لأن معها عاصمها وهو الأنوثة وقد نهى المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن قتل النساء وسيجيء لذلك مزيد تقرير
(طب عن عصمة) بكسر فسكون (ابن مالك) قال الهيثمي: فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف(6/51)
8393 - (من أرضى سلطانا بما يسخط ربه خرج من دين الله) أي إن استحل ذلك أو هو زجر وتهويل وأخرج ابن سعد عن ابن مسعود قال: إن الرجل يدخل على السلطان ومعه دينه فيخرج وما معه دينه قيل: كيف قال: يرضيه بما يسخط الله
(ك) في الأحكام (عن جابر) بن عبد الله قال الذهبي تبعا للحاكم: تفرد به علاق عن جابر والرواة إليه ثقات(6/51)
8394 - (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وكله إليه (ومن أسخط الناس لرضى الله كفاه الله مؤونة الناس) لأنه جعل نفسه من حزب الله ولا يخيب من التجأ إليه {ألا إن حزب الله هم المفحلون} أوحى الله إلى داود عليه السلام ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السماوات والأرض إلا جعلت له مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه وأسخطت الأرض من تحت قدميه
(ت حل عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي والعسكري رمز المصنف لحسنه(6/51)
8395 - (من أرضى والديه فقد أرضى الله ومن أسخط والديه فقد أسخط الله) قد شهدت نصوص أخرى على أن هذا عام مخصوص بما إذا لم يكن في رضاهما مخالفة لشيء من أحكام الشرع وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك(6/51)
8396 - (من أريد ماله) أي أريد أخذ ماله (بغير حق فقاتل) في الدفع عنه (فقتل فهو شهيد) في حكم الآخرة لا الدنيا بمعنى أنه له أجر شهيد قال النووي: فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق وإن قل إن لم يندفع إلا به وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه وقال بعض المالكية: لا يجوز في الحقير
(3 عن ابن عمرو) بن العاص وقال بعض شراح الترمذي: إسناده صحيح(6/51)
[ص:52] 8397 - (من ازداد علما ولم يزدد في الدنيا زهدا لم يزدد من الله إلا بعدا) ومن ثم قال الحكماء: العلم في غير طاعة الله مادة الذنوب وقال الماوردي: قال الحكماء: أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة وأصل الزهد الرهبة وثمرته العبادة فإذا اقترن العلم والزهد فقد تمت السعادة وعمت الفضيلة وإن افترقا فياويح مفترقين ما أضر افتراقهما وأقبح انفرادهما وقال مالك بن دينار: من لم يؤت من العلم ما يقمعه فما أوتي من العلم لا ينفعه وقال حجة الإسلام: الناس في طلب العلم ثلاثة رجل طلبه ليتخذه زادا إلى المعاد لم يقصد إلا وجه الله فهذا من الفائزين ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة وينال به الجاه والمال ومع ذلك يعتقد خسة مقصده وسوء فعله فهذا من المخاطرين فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه سوء الخاتمة وإن وفق لها فهو من الفائزين ورجل استحوذ عليه الشيطان فاتخذ علمه ذريعة إلى التكاثر بالمال والتفاخر بالجاه والتعزز بكثرة الأتباع وهو مع ذلك يضمر أنه عند الله بمكان لاتسامه بسمة العلماء فهذا من الهالكين المغرورين إذ الرجاء منقطع عن توبته لظنه أنه من المحسنين
(فر عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف أي وذلك لأن فيه موسى بن إبراهيم قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك ورواه ابن حبان في روضة العقلاء موقوفا عن الحسن بن علي وروى الأزدي في الضعفاء من حديث علي من ازداد بالله علما ثم ازداد للدنيا حبا ازداد من الله عليه غضبا(6/52)
8398 - (من أسبغ الوضوء) أي أتمه وأكمله بشروطه وفروضه وسننه وآدابه (في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان)
(طص عن علي) أمير المؤمنين وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه عمر بن حفص العبدي متروك وقال العقيلي: ليس لهذا المتن إسناد صحيح(6/52)
8399 - (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء) بضم الخاء والمد: كبرا وإعجابا (فليس من الله في حل ولا حرام) بكسر الحاء من حل وقيل معناه لا يؤمن بحلال الله وحرامه قال النووي: معناه برئ من الله وفارق دينه
(د عن ابن مسعود)(6/52)
8400 - (من استجد قميصا) أي اتخذه جديدا (فلبسه فقال حين بلغ ترقوته الحمد لله الذي كساني ما أواري) أي أستر (به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق) أي صار خلقا باليا (فتصدق به كان في ذمة الله وفي جوار الله) بكسر الجيم أي حفظه والجار الذي يجير غيره أي يؤمنه مما يخاف (وفي كنف الله) بفتحتين الجانب والساتر (حيا وميتا)
(حم) من حديث أصبغ عن أبي العلاء الشامي (عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وأصبغ هو ابن زيد قال ابن عدي: له أحاديث غير محفوظة وابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وأبو العلاء قال: مجهول قال: والحديث غير ثابت(6/52)
8401 - (من استجمر فليستجمر ثلاثا) يحتمل كونه من الاستجمار وهو التبخر بالعود والطيب استفعال من الجمر الذي هو النار والمجمرة ما يوضع فيه الفحم للتبخر. ويحتمل كونه من الاستجمار الذي هو مسح المخرج بالجمار وهي الحجارة [ص:53] الصغار لأنه يطيب الريح كما يطيب البخور فيجب في الاستجمار بالحجر وما في معناه ثلاث مسحات مع رعاية الإنقاء عند الشافعي وأحمد ولم يشترط المالكية عددا وكذا الحنفية حيث وجب الاستنجاء عندهم بأن زاد الخارج على قدر الدرهم والحديث حجة عليهم قال الخطابي: لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن فائدة فلما اشترط العدد لفظا وعلم الإنقاء فيه معنى دلا على إيجاب الأمرين كالعدة بالإقراء فإن العدد شرط وإن تحققت براءة الرحم بقرء واحد
<تنبيه> استدل به من أنكر الاستنجاء بالماء وقد أنكره به حذيفة وابن الزبير وسعد بن مالك وابن المسيب وكان الحسن لا يستنجي به وقال عطاء: غسل الدبر مجوسية
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته ليس كما قال فقد قال الزين العراقي: فيه قيس بن الربيع صدوق يسيء الحفظ وقال الحافظ الهيثمي: فيه قيس بن الربيع وثقه الثوري وضعفه جمع كثيرون اه. وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ من استجمر فليوتر وفي أبي داود وابن ماجه بزيادة من فعل فحسن ومن لا فلا حرج وإنما آثر المؤلف هذه الرواية لصراحتها في الرد على الحنفية القائلين بالاكتفاء بدون الثلاث(6/52)
8402 - (من استحل بدرهم) في النكاح كذا هو ثابت في المتن في رواية الطيالسي وأبو يعلى وغيرهما وهذا حكاه ابن حجر في الفتح وكأنه سقط من قلم المصنف (فقد استحل) أي طلب حل النكاح كذا قرره البيهقي وساقه شاهدا على جواز النكاح بصداق كثر أو قل. وفيه أنه لا حد لأقل المهر قال ابن المنذر: فيه رد على من زعم أن أقل المهر عشرة دراهم ومن قال ربع دينار قال المازري: تعلق به من أجاز النكاح بأقل من ربع دينار لكن مالك قاسه على القطع في السرقة وقال عياض: تفرد به مالك عن الحجازيين وأجازه الكافة بما تراضى عليه الزوجان قال ابن حجر: وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شيء منها هذا الحديث
(هق) من حديث وكيع بن يحيى بن عبد الرحمن (عن ابن أبي لبيبة) تصغير لبة عن أبيه عن جده قال الذهبي في المهذب: قلت يحيى واه اه. وعزاه ابن حجر لابن أبي شيبة باللفظ المزبور عن ابن أبي لبيبة المذكور وقال: لا يثبت وعزاه الهيثمي لأبي يعلى وقال: فيه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ضعيف(6/53)
8403 - (من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع كن له طهورا) بضم الطاء ومن استطاب بأقل من ثلاث أحجار أو ما في معناها كما صرح به في رواية مسلم بقوله ولا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص عن ثلاث مع رعاية الإنقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويسن حينئذ الإيتار بقوله في حديث من استجمر فليوتر وليس بواجب لزيادة في أبي داود وقال ابن حجر: حسنة الإسناد ومن لا فلا حرج وبه يحصل الجمع بين الروايات وأما الاستدلال على عدم اشتراط العدد بالقياس على مسح الرأس ففاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص الصريح
(طب عن خزيمة بن ثابت) رمز المصنف لحسنه(6/53)
8404 - (من استطاع) أي قدر (أن يموت بالمدينة) أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت (فليمت بها) أي فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقا للمسبب على سببه كما في {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (فإني أشفع لمن يموت بها) أي أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة وأخذ منه حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها وقال ابن الحاج: حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا قال السمهودي: وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفي بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك ويظهر أن من [ص:54] مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصا
(حم ت) في أواخر الجامع (هـ) في الحج (حب) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي: حسن صحيح غريب قال الهيثمي: ورجال أحمد رجال الصحيح خلا عبد الله بن عكرمة ولم يتكلم فيه أحد بسوء(6/53)
8405 - (من استطاع) أي قدر إذ هي والقدرة والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل الأصول كما سبق (أن يكون له خبء) أي شيء مخبوء أي مدخر (من عمل صالح فليفعل) أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصارا قال ابن الكمال: والاستطاعة عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية
(الضياء) في المختارة وكذا الخطيب في تاريخه في ترجمة عمر الوراق (عن الزبير) بن العوام قال ابن الجوزي: قال الدارقطني: رفعه إسحاق بن إسماعيل ولم يتابع عليه وقد رواه شعبة وزهير والقطان وهشيم وابن عيينة وأبو معاوية وعبدة ومحمد بن زياد عن إسماعيل عن قيس عن الزبير موقوفا وهو الصحيح(6/54)
8407 - (من استطاع منكم أن ينفع أخاه) أي في الدين قال في الفردوس: يعني بالرقية (فلينفعه) أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي الى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطا وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال الحرالي: والنفع حصول موافق الجسم الظاهر وما يتصل به في مقابلة الضر ولذلك يخاطب به الكفار كثيرا لوقوع معنييهما في الظاهر الذي هو مقصدهم {يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا} وقال الكرماني: المنفعة اللذة أو ما يكون وسيلة إلى اللذة
(حم م هـ) في الطب (عن جابر) بن عبد الله قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى فجاء عمرو بن حزم فقال: يا رسول الله كانت عندنا رقية نرقي بها العقرب وإنك نهيت عن الرقى فعرضوها عليه فقال: ما أرى بأسا ثم ذكره وفي رواية لمسلم أيضا عن جابر قال: لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أرق؟ فذكره كأن السائل عرف أنه من حق الإيمان أن يعتقد أن المقدور كائن لا محالة ووجد الشرع يرخص في الاسترقاء ويأمر بالتداوي وبالإتقاء عن مواطن المهلكات فأشكل عليه الأمر كما أشكل على الصحب حين أخبروا أن الكتاب يسبق على الرجل فقالوا: ففيم العمل(6/54)
8406 - (من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه) بكسر العين محل الذم والمدح منه (بماله فليفعل) ندبا مؤكدا
(ك) في البيع من حديث أبي عصمة نوح عن عبد الرحمن بن بديل (عن أنس) وقد سكت المصنف كالحاكم عليه فأوهم أنه لا علة فيه وليس كما أوهم فقد استدركه الذهبي على الحاكم فقال: قلت نوح هالك(6/54)
8408 - (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد) ذكر أو أنثى نائم أو مستيقظ آدمي أو دابة أو غير ذلك (فليفعل) ندبا
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه(6/54)
[ص:55] 8409 - (من استطاع منكم أن يستر أخاه المؤمن بطرف ثوبه فليفعل) ذلك فإنه قربة يثاب عليها قال الحرالي: والاستطاعة مطاوعة النفس في العمل وإعطاؤها الانقياد فيه
(فر عن جابر) بن عبد الله وفيه المنكدر بن محمد المنكدر أورده الذهبي في الضعفاء وقال: اختلف قول أحمد فيه(6/55)
8410 - (من استعاذ بالله فأعيذوه) أي من سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم بالله كقوله بالله عليك أن تدفع عني شر فلان وإيذاءه واحفظني من فلان فأجيبوه واحفظوه لتعظيم اسم الله ذكره المظهر وقال الطيبي: قد جعل متعلق استعاذ محذوفا وبالله حالا أي من استعاذ بكم متوسلا بالله مستعطفا به ويمكن أن يكون بالله صلة استعاذ والمعنى من استعاذ بالله فلا تتعرضوا له بل أعيذوه وادفعوا عنه الأذى فوضع أعيذوه موضعه مبالغة ولهذا لما تزوج المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجونية وهم ليقبلها فقالت: أعوذ بالله منك فقال: قد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك (ومن سألكم بوجه الله) شيئا من أمر الدنيا والآخرة (فأعطوه) وقد ورد الحث على إعطائه بأعظم من هذا فروى الطبراني ملعون من سئل بوجه الله وقد سبق تقييده وورد أن الخضر أعطى نفسه لمن سأله فيه فباعه
(حم د) من حديث أبي نهيك (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الترمذي في العلل وذكر أنه سأل البخاري عن أبي نهيك فلم يعرف اسمه(6/55)
8411 - (من استعاذكم) أي من سأل منكم الإعاذة مستعينا (بالله) عند ضرورة أو حاجة حلت به أو ظلم ناله أو تجاوز عن جناية (فأعيذوه) أي أعينوه أو أجيبوه فإن إغاثة الملهوف فرض وفي رواية بدل أعيذوه أعينوه أي على ما تجوز الإعانة فيه {وتعاونوا على البر والتقوى} (ومن سألكم بالله) أي بحقه عليكم وأياديه لديكم أو سألكم بالله أي في الله أي سألكم شيئا غير ممنوع شرعا دنيويا أو أخرويا (فأعطوه) ما يستعين به على الطاعة إجلالا لمن سأل به فلا يعطى من هو على معصية أو فضول كما صرح به بعض الفحول (ومن دعاكم فأجيبوه) وجوبا إن كان لوليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في الفروع وندبا في غيرها ويحتمل من دعاكم لمعونة في بر أو دفع ضر (ومن صنع إليكم معروفا) هو اسم جامع للخير (فكافئوه) على إحسانه بمثله أو خير منه (فإن لم تجدوا ما تكافئوه) في رواية بإثبات النون وفي رواية المصابيح بحذفها قال الطيبي: سقطت من غير جازم ولا ناصب إما تخفيفا أو سهوا من النساخ (فادعوا له) وكرروا له الدعاء (حتى تروا) أي تعلموا (أنكم قد كافأتموه) يعني من أحسن إليكم أي إحسان فكافئوه بمثله فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المثلية ووجه المبالغة أنه رأى من نفسه تقصيرا في المجازاة فأحالها إلى الله ونعم المجازي هو قال الشاذلي: إنما أمر بالمكافأة ليستخلص القلب من إحسان الخلق ويتعلق بالملك الحق
(حم د) في الأدب (ن) في الزكاة (حب ك) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال النووي في رياضه: حديث صحيح(6/55)
8412 - (من استعجل أخطأ) أو كاد لأن العجلة تحمل على عدم التدبر والتأمل وقلة النظر في العواقب فيقع الخطأ ومن ثم قيل إنما تكون الزلة من العجلة قال ابن الكمال: والاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجيء وقته
(الحكيم) الترمذي (عن الحسن مرسلا) وهو البصري(6/55)
[ص:56] 8413 - (من استعف) بفاء واحدة مشددة وفي رواية استعفف بفاءين أي طلب العفة وهي الكف عن الحرام وعن السؤال (أعفه الله) أي جعله عفيفا من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي (ومن) ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى منها و (استغنى) أي أظهر الغنى عن الخلق (أغناه الله) أي ملأ الله قلبه غنى لأن من تحمل الخصاصة وكتم الفقر فصبر علما بأن الله القادر على كشفها كان ذلك تعرضا لإزالتها عنه كالمعتر الذي يتعرض ولا يسأل وقد أمر الله بإعطاء المعتر فالله أولى أن يعطي من يتعرض لفضله (ومن سأل الناس) أن يعطوه من أموالهم مدعيا للفقر (وله عدل خمس أواق) من الفضة جمع أوقية (فقد سأل إلحافا) أي إلحاحا وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه فهو نصب على الحال أي ملحفا يعني سؤال إلحاف أو عامله محذوف وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل إلحاله أي أعطاني من فضل ما عنده
(حم عن رجل من مزينة) من الصحابة وجهالته لا تضر لأن الصحابة عدول وقد رمز المصنف لحسنه(6/56)
8414 - (من استعمل رجلا من عصابة) (1) يعني أي إمام أو أمير نصب أميرا أو قيما أو عريفا أو إماما للصلاة على قوم وفيهم من هو أي ذلك المنصوب (أرضى لله منه فقد خان) أي من نصبه (الله ورسوله والمؤمنين (2))
(ك) في الأحكام من حديث حسين بن قيس عن عكرمة (عن ابن عباس) وقال: صحيح وتعقبه الذهبي فقال: حسين ضعيف وقال المنذري: حسين هذا هو حنش وهو واه وقال ابن حجر: فيه حسين بن قيس الرحبي واه وله شاهد من طريق إبراهيم بن زياد أحد المجهولين عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس وهو في تاريخ الخطيب
_________
(1) بكسر أوله أي جماعة
(2) فيلزم الحاكم رعاية المصلحة وتركها خيانة(6/56)
8415 - (من استعملناه) أي جعلناه عاملا أو طلبنا منه العمل والضمير راجع إلى من وقوله (على عمل) متعلق باستعملنا (فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) أي أخذ للشيء بغير حله فيكون حراما بل كبيرة قال في المطامح: وقد يطلق الغلول على ما يسرق من المغنم وهو الغالب العرفي
<تنبيه> قال الطيبي: قوله فما أخذ جزاء الشرط وما موصولة والعائد محذوف وهو خبره وجيء بالفاء لتضمنه معنى الشرط ويجوز كونها موصوفة
(د) في الخراج (ك) في الزكاة (عن بريدة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي(6/56)
8416 - (من استعملناه منكم) خطاب للمسلمين وخرج به الكافر فاستعماله على شيء من أموال بيت المال ممنوع (على عمل فكتمنا) بفتح الميم أخفى عنا (مخيطا) بكسر الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم بدل اشتمال أي كتم مخيطا (فما فوقه) عطفا على مخيطا أي شيئا يكون فوق الأبرة في الصغر (كان) الضمير عائد الى مصدر كتمنا (ذلك غلولا) أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة (يأتي به) أي بما غل (يوم القيامة) (1) تفضيحا [ص:57] وتعذيبا له وهذا مسوق لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رسول الله أقبل مني عملك قال: وما لك قال: سمعتك تقول كذا وكذا قال: وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجىء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اه. كذا في مسلم
(م د) في الخراج (عن) أبي ذرارة عن عدي (بن عميرة) بفتح العين المهملة فكسر الميم وآخره هاء ابن فروة الكندي صحابي مات في خلافة معاوية وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه بل خرجه بعينه البخاري عن أبي حميد الساعدي ولعل المصنف غفل لكون البخاري إنما ذكره في ذيل خطبة أولها أما بعد
_________
(1) أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر وأن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء قال الشافعي وطائفة: يجب تسليمه للإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة. وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن الزهري والأوزاعي ومالك الثوري والليث وأحمد والجمهور: يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي واختلفوا في صفة عقوبة الغال فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار: يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا تحرق ثيابه وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم(6/56)
8417 - (من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم) بالنصب صفة أو مدح لله وبالرفع بدل من الضمير أو خبر مبتدأ محذوف على المدح (وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف) حيث لا يجوز الفرار لكون عددنا لا يبلغ عدد نصف الكفار قال الطيبي: في تخصيص ذكر الفرار من الزحف إدماج معنى أن نصف هذا الذنب من أعظم الكبائر لأن السياق وارد في الاستغفار وعبارة في المبالغة عن حط الذنوب عنه فيلزم بإشارته أن هذا الذنب أعظم الذنوب
(ع وابن السني) أبو بكر أحمد بن محمد (عن البراء)(6/57)
8418 - (من استغفر الله في كل يوم سبعين مرة لم يكتب من الكاذبين) لأنه يبعد أن المؤمن يكذب في اليوم سبعين مرة (ومن استغفر الله في) كل (ليلة سبعين مرة لم يكتب من الغافلين) عن ذكر الله قال بعض العارفين لآخر: أوصني قال: ما أدري ما أقول غير أنك لا تفتر عن الحمد والاستغفار فإن ابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار
(ابن السني عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي باللفظ المزبور(6/57)
8419 - (من استغفر) الله (للمؤمنين والمؤمنات) بأي صفة كانت وورد في ذلك صيغ بألفاظ متقاربة (كتب الله له) أي أمر الله الحفظة أن تكتب له في صحيفته (بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) قال علي كرم الله وجهه: العجب ممن يهلك ومعه النجاة قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار وقال بعضهم: العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الاستغفار
(طب عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي: وإسناده جيد(6/57)
8420 - (من استغفر) الله (للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة كان من الذين يستجاب لهم) الدعاء (ويرزق [ص:58] بهم أهل الأرض) قال الغزالي: ورد في فضل الاستغفار أخبار خارجة عن الحصر حتى قرنه الله ببقاء الرسول فقال: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وقال بعضهم: كان لنا أمانان أحدهما كون الرسول فينا فذهب وبقي الاستغفار فإن ذهب هلكنا
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه عثمان بن أبي عاتكة وثقه غير واحد وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات(6/57)
8421 - (من استغنى) بالله عمن سواه (أغناه الله) أي أعطاه ما يستغني به عن الناس ويخلق في قلبه الغنى فإن الغنى غنى النفس (ومن استعف) أي امتنع عن السؤال (أعفه الله) بتشديد الفاء أي جازاه الله على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته (ومن استكفى) بالله (كفاه الله) ما أهمه ورزقه القناعة قال ابن الجوزي: لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم كان صاحبه معاملا لله في الباطن فيقع له الربح على قدر صدقه في ذلك وقال الطيبي: معنى قوله من استغنى أعفه الله يعف عن السؤال وإن لم يظهر الاستعفاف عن الناس لكنه إن أعطى شيئا لم يتركه يملأ الله قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن داوم على ذلك وأظهر الاستعفاف وتصبر ولو أعطى لم يقبل فهو أرفع درجة والصبر جامع لمكارم الأخلاق وقال ابن التين: معنى قوله أعفه إما يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما أن يرزقه القناعة وقال الحرالي: من ظن أن حاجته يسدها المال فليس برا إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسددها ربه ببره الخفي وجوده الوفي (ومن سأل) الناس (وله قيمة أوقية) من الوقاية لأن المال مخزون مصون أو لأنه يقي الشخص من الضرورة والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل قال الجوهري وغيره: أربعون درهما كذا كان قال البرماوي وغيره: وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء فعشرة دراهم وخمسة أسباع درهم اه. وأقول: كذا كان والآن اثني عشر درهما (فقد ألحف) أي سأل الناس إلحافا تبرما بما قسم له
<تنبيه> مقصود الحديث الإشارة إلى أن في طلب الرزق من باب المخلوق ذلا وعناءا وفي طلبه من الخالق بلوغ المنى والغنى. قال بعض العارفين: من استغنى بالله افتقر الناس إليه
قف بباب الواحد. . . تفتح لك الأبواب. . . واخضع لسبب واحد. . . تخضع لك الرقاب
هذا: وربنا يقول {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} فأين الذهاب والغنى غنى النفس من الحظوظ والأغراض لا غنى اليد بفاني الأعراض
إن الغنى هو الغنى بنفسه. . . ولو أنه عاري المناكب حافي
ما كل ما فوق البسيطة كافي. . . فإذا قنعت فبعض شيء كافي
(حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي سعيد) الخدري قال: سرحتني أمي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسأله فأتيته فوجدته قائما يخطب وهو يقول ذلك فقلت في نفسي: لنا خير من خمس أواق فرجعت ولم أسأله. قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح(6/58)
8422 - (من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول)
(ت) في الزكاة (عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا وموقوفا قال الترمذي: والموقوف أصح لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف عندهم وقال ابن المديني وغيره: كثير الغلط اه وقال الذهبي: فيه عبد الرحمن بن يزيد واه وصح من قول ابن عمر وقال ابن الجوزي: لا يصح مرفوعا(6/58)
[ص:59] 8423 - (من استفتح أول نهاره بخير وختمه بالخير) كصلاة وذكر وتسبيح وتحميد وتهليل وصدقة وأمر بمعروف ونهي عن منكر ونحو ذلك (قال الله لملائكته) يعني الحافظين الموكلين به (لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب) يعني الصغائر كما في قياس النظائر ويحتمل التعميم وفضل الله عظيم
(طب والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن يسر) قال الهيثمي: فيه الجراح بن يحيى المؤذن لم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/59)
8424 - (من استلحق شيئا ليس منه حته الله حت الورق) أي ورق الشجر
(الشاشي) أبو الهيثم بن كليب الأديب يروي الشمائل عن الترمذي نسبة إلى الشاشى بمعجمتين مدينة وراء نهر سيحون خرج منها جمع من العلماء (والضياء) المقدسي (عن سعد) بن أبي وقاص(6/59)
8425 - (من استمع إلى آية من كتاب الله) أي أصغى إلى قراءة آية منه وعدى الاستماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء قال في الكشاف: الاستماع جار مجرى الإصغاء والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية ويقال استمع إلى حديثه وسمع حديثه أي أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع اه (كتب الله له حسنة مضاعفة ومن تلى آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة) إشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل لأن النفع المتعدي أفضل من اللازم ومحله إن لم يخف نحو رياء كما يفيده أخبار أخر
(حم عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وفيه ضعف وانقطاع وقال تلميذه الهيثمي: فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى(6/59)
8426 - (من استمع) أي أصغى (إلى حديث قوم وهم له) أي لمن استمع (كارهون) أي لا يريدون استماعه قال الزمخشري: الجملة حال من القوم أو من ضمير استمع يعني حال كونهم يكرهونه لأجل استماعه أو يكرهون استماعه إذا علموا ذلك أو صفة قوم والواو لتأكيد لصوقها بالموصوف نظير {سبعة وثامنهم كلبهم} قال: والقوم الرجال خاصة وهذه صفة غالبة جمع قائم كصاحب وصحب اه (صب) بضم المهملة وشد الموحدة (في أذنيه) بالتثنية وفي رواية للبخاري بالإفراد (الآنك) بفتح الهمزة الممدودة وضم النون: الرصاص أو الخالص منه أو الأسود أو الأبيض أو القصدير. قال الزمخشري: وهي أعجمية وقال الجوهري: أفعل بضم العين من أبنية الجمع ولم يجىء عليه الواحد إلا آنك والجملة إخبار أو دعاء عليه وفيه وعيد شديد وموضعه فيمن يستمع لمفسدة كنميمة أما مستمع حديث قوم يقصد منعهم من الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته بل قد يندب بل يجب بحسب المواطن والرسائل حكم المقاصد (ومن أرى عينه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة) زاد الإسماعيلي يعذب بها وليس بفاعل وفي رواية بين شعيرتين وذلك ليطول عذابه لأن عقد ما بين الشعير مستحيل قال الطبري: إنما شدد الوعيد على الكذب على المنام مع أن الكذب يقظة أشد مفسدة لأن كذب المنام كذب على الله وقال القونوي: هذه المجازات والعقوبة صادرة من مقام العدل لأن العالم محصور في صورة ومعنى قلب في جسم وروح وعالم المثال برزخ بينهما جامع بين الطرفين وخيال الإنسان جزء من عالم المثال فالمركب في خياله من المواد الحسية والمعنوية يتعمد صورة لم يرها [ص:60] ثم يخبر عنها بصورة أنه اطلع عليها دون تعمد فقد كذب وأوهم السامع أن الحق أطلعه على ذلك فلا جرم مثل له عالم المعنوي في شعيرة وعالم الصور في شعيرة من الشعور الذي هو الإدراك وكلف أن يعقد بينهما العقد الصحيح على نحو ما ربط الحق سبحانه أحدهما بالآخر فلا يقدر على ذلك عقوبة من الله على كذبه به وتعجيزا له جزاءا وفاقا
(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه(6/59)
8427 - (من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين في الجنة) وبقية الحديث عند مخرجه الحكيم قيل: ومن الروحانيين يا رسول الله؟ قال: قراء أهل الجنة وهذا يدل على أن في الجنة أئمة كالأمراء وعرفاء وقراء فالأئمة هم الأنبياء والعرفاء هم أهل القرآن الذين عرفوا به في الدنيا والقراء يتلذذ أهل الجنة بأصواتهم سموا روحانيين للروح الذي على قلوبهم من فرحهم بالله أيام الدنيا وكل أحد في الجنة حظه من الله على درجته هنا
<تنبيه> قال القرطبي: قيل إن حرمانه سماع الروحانيين إنما هو في الوقت الذي يعذب فيه في النار فإن خرج بالشفاعة أو الرحمة العامة المعبر عنها في الحديث بالقبضة أدخل الجنة ولم يحرم شيئا ويجري مثله في حرمان الحرير والخمر والذهب والفضة لمستعملها في الدنيا
(الحكيم) الترمذي (عن أبي موسى) الأشعري(6/60)
8429 - (من استنجى من الريح فليس منا) أي ليس من العاملين بطريقتنا الآخذين بسنتنا فإن الاستنجاء من الريح غير واجب ولا مندوب
(ابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) بن عبد الله وفيه شرفي بن قطامي قال في الميزان: له نحو عشرة أحاديث فيها مناكير وساق هذا منها وقال الساجي: شرفي ضعيف وفي اللسان عن النديم كان كذبا(6/60)
8428 - (من استمع إلى قينة) أي أمة تغني قال الزمخشري: والقينة عند العرب الأمة والقين العبد قال: وإنما خص الأمة لأن الغناء أكثر ما يكون يتولاه الإماء دون الحرائر (صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) بالمد والضم ذكره القاضي وتمسك بذا من حرم الغناء وسماعه كالقرطبي تبعا لإمامه مالك وبه رد ابن تيمية على القشيري جعل أل في {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} للعموم والاستغراق فقال: من القول ما يحرم استماعه ومنه ما يكره كما هنا
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك(6/60)
8430 - (من استودع وديعة) فتلفت (فلا ضمان عليه) حيث لم يفرط لأنه محسن و {ما على المحسنين من سبيل}
(هـ هق عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني البيهقي: حديث ضعيف وجزم بضعفه الذهبي في المهذب وقال ابن حجر: فيه المثنى بن الصباح وهو متروك(6/60)
8431 - (من أسدى إلى قوم نعمة) قال في الفردوس: المسدي المعروف يقال أسدى إليه معروفا إذا أصابه بخير وفي جامع الأصول أسدى وأولى بمعنى المعروف صفة لمحذوف أي شيئا معروفا والمراد به الجميل والبر والإحسان قولا وعملا (فلم يشكروها له فدعا عليهم استجيب له) لأنهم كفروا بالنعمة واستخفوا بحقها لعدم شكرهم له ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والمسدي وإن كان واسطة لكنه طريق وصول نعمة الله إليهم والطريق حق من حيث [ص:61] جعله واسطة ذلك لا ينافي رؤية النعم من الله وإنما المنكر أن يرى الواسطة أصلا ومن تمام الشكر ستر عيب العطاء وعدم الاحتقار
(الشيرازي) في الألقاب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الحاكم والديلمي بأبسط من هذا ولفظه من أسدى إلى قوم نعمة فلم يقبلوها بالشكر فدعا عليهم استجيب له فيهم(6/60)
8432 - (من أسف على دنيا فاتته) أي حزن على فواتها وتحسر على فقدها قال الطيبي: ولا يجوز حمله على الغضب لأنه لا يجوز أن يقال غضب على ما فات بل على من فوت عليه اه وأشار بذلك إلى ما قال الراغب: الأسف الحزن والغضب معا وقد يقال الكل منهما على انفراده وحقيقته ثوران دم القلب شهوة للانتقام فمن كان على من دونه انتشر فصار غضبا أو فوقه انقبض فصار حزنا (اقترب من النار مسيرة ألف سنة) يعني قربا كثيرا جدا (ومن أسف على آخرة فاتته) أي على شيء من أعمال الآخرة المقربة من الجنة ورضوان الله ورحمته (اقترب من الجنة مسيرة ألف سنة) أي شيئا كثيرا جدا ومقصود الحديث الحث على القناعة والترغيب في فضلها وإيثار ما يبقى على ما يفنى قال ابن أدهم: قد حجبت قلوبنا بثلاثة أغطية فلن ينكشف للعبد اليقين حتى يرفع الفرح بالوجود والحزن على المفقود والسرور بالمدح فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط والساخط معذب وإذا سررت بالمدح فأنت معجب والعجب يحيط العمل قال الراغب: الحزن على ما فات لا يلم ما تشعث ولا يبرم ما تنكث كما قيل: " وهل جزع مجد علي فأجزعا " فأما غمه على المستقبل فإما أن يكون في شيء ممتنع كونه أو واجب كونه أو ممكن كونه فإن كان على ما هو ممتنع كونه فليس من شأن العاقل وكذا إن كان من قبيل الواجب كونه كالموت فإن كان ممكنا كونه فإن كان لا سبيل لدفعه كإمكان الموت قبل الهرم فالحزن له جهل واستجلاب غم إلى غم فإن أمكن دفعه احتال لرفعه بفعل غير مشوب بحزن فإن دفعه وإلا تلقاه بصبر
(الرازي في مشيخته عن ابن عمر) بن الخطاب(6/61)
8433 - (من أسلف) أي عقد السلم وهو بيع موصوف في الذمة وفي رواية أسلم والمعنى متحد وجعل بعضهم الهمزة للتسلب لأنه أزال سلامة الدراهم بالتسليم إلى من قد يكون مفلسا (في شيء فليسلف في كيل) مصدر كال أريد به ما يكال به (معلوم) إن كان السلف فيه مكيلا (ووزن معلوم إلى أجل معلوم) إن كان موزونا قالوا أو بعين أو ولا يسوغ بقاؤها على ظاهرها لاستلزامه جواز السلم في شيء واحد كيلا ووزنا وهو ممتنع لعزة الوجود واقتصر على الكيل والوزن لورود السبب على الخبر الآتي فإن كان المسلم فيه غير مكيل ولا موزون شرط العد أو الذرع فيما يليق به وقد قام الإجماع على وجوب وصف المسلم فيه يما يميزه ولم ينص عليه في الخبر لعلم المخاطبين به وقد وقع بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك خلف في صحة السلم وسببه هل ذلك المنازع فيه مما تضبطه الصفة أم لا
(حم ق 4) في السلم (عن ابن عباس) قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار لسنة ولسنتين فذكره(6/61)
8434 - (من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره) أي لا يستبدل عنه وإن عز أو عدم وإذا امتنع الاستبدال عنه امتنع بيعه من غيره قبل القبض قال الطيبي: يجوز أن يرجع الضمير إلى من في قوله من أسلف يعني لا يبيعه من غيره قبل القبض أو إلى شيء أي لا يبدل المبيع قبل القبض بشيء آخر
(هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وفيه عطية بن سعد العوفي [ص:62] وهو ضعيف وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب ومن ثم رمز المصنف لضعفه لكن أخرجه الترمذي في العلل الكبرى وحسنه وأقره عليه الحافظ ابن حجر وقال: ينبغي للمصنف عزوه إليه(6/61)
8435 - (من أسلم على يديه رجل وجبت له الجنة) المراد أنه أسلم بإشارته وترغيبه له في الإسلام
(طب) وكذا في الأوسط الجميع من حديث محمد بن معاوية النيسابوري عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد (عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: فيه محمد بن معاوية النيسابوري ضعفه الجمهور وقال ابن معين: كذاب وبقية رجاله ثقات اه وقال ابن حجر: رواه ابن عدي من وجهين ضعيفين وهو من أحدهما عند الطبراني والدارقطني اه. وفي الميزان: محمد بن معاوية كذبه الدارقطني وابن معين وغيرهما وقال مسلم والنسائي: متروك ثم أورد له هذا الخبر وقال: هذا منكر جدا تفرد به ابن معاوية وقال ابن معين: لا أصل لهذا الحديث ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له متابعات في مسند الشهاب(6/62)
8436 - (من أسلم على يديه رجل) وفي رواية الرجل قال ابن حجر: وبالتنكير أولى (فله ولاؤه) أي هو أحق بأن يرثه من غيره وفي رواية للبخاري في تاريخه هو أولى الناس بحياته ومماته قال البخاري: ولا يصح لمعارضته حديث إنما الولاء لمن أعتق وعلى التنزل فيتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم أو يؤول الولاء بالموالاة بالنصر والمعاونة لا بالإرث ويبقى الحديث متفق على صحته على عمومه؟ ذهب الجمهور إلى الثاني وقال أبو حنيفة: يستمر إن عقل عنه وإن لم يعقل فله التحول لغيره ويستحق الثاني وهلم جرا
(طب عد قط) ورواه الدارقطني عن معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم الشامي عن أبي أمامة ثم قال: الصدفي ضعيف (هق) من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم (عن أبي أمامة) الباهلي والحديث له عند هؤلاء طريقان أحدهما عن الفضل بن حبان عن مسدد عن عيسى بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة الثانية معاوية عن يحيى الصدفي عن القاسم وأورده ابن الجوزي من طريقيه في الموضوعات وقال: القاسم واه وجعفر يكذب ومعاوية ليس بشيء وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف وفي الميزان: هذا الخبر من مناكير جعفر بن الزبير وجعفر هذا كذبه شعبة ووضع مئة حديث(6/62)
8437 - (من أسلم على شيء فهو له) استدل به على أن من أسلم أحرز نفسه وماله
(عد هق عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل قال يس بن الزيات أحد رواته عن الزهري متروك(6/62)
8438 - (من أسلم من فارس فهو قرشي) هذا من قبيل سلمان منا أهل البيت
(ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الديلمي عن ابن عباس بلفظ من أسلم من فارس فهو من قريش هم إخواننا وعصبتنا اه بنصه(6/62)
8439 - (من أشاد) أي أشاع أصله من أشدت البنيان وشيدته إذا طولته فاستعير لرفع صوت الإنسان بما يكرهه صاحبه (على مسلم عورة يشينه بها بغير حق) قال الزمخشري: أشاده وأشاد به إذا أشاعه ورفع ذكره من أشدت البناء فهو مشاد وشيدته إذا طولته وفي العين الإشادة شبه الشديد وهو رفعك الصوت بما يكرهه صاحبك اه. (شانه الله بها في النار) نار جهنم (يوم القيامة) لأن البهتان وحده عظيم شأنه فما بالك به إذا قارنه قصد إضرار مسلم؟ وفي [ص:63] بعض الآثار " سأل سليمان داود: ما أثقل شيء جرما؟ قال: البهتان على البريء " وذلك لأن العبد ائتمن على جوارحه ووكل برعايتها مدة حياته لئلا يتدنس حتى يقدم على الله وهو مقدس يصلح لجواره بدار القدس فإن رعاها حق رعايتها فقال هذا في عرضه ما هو منه بريء فقد خونه في أمانة الله ولم يخن ودنس عرضه النقي وألزم جوارحه من الشين ما لم يلصق به بقية الكلمة في عنق صاحبها راجعة بثأرها وعارها وشنارها عليه لكونه هتك سترا علم الله أنه غير مهتوك فيكتب في شهود الزور
(هب عن أبي ذر) وفيه كما قال الحافظ العراقي عبد الله بن ميمون فإن لم يكن القداح فهو متروك اه. ورواه عنه الحاكم وصححه وضعفه الذهبي بأن سنده مظلم وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه(6/62)
8440 - (من أشار إلى أخيه) أي في الإسلام والذي في حكمه (بحديدة) يعني بسلاح كسكين وخنجر وسيف ورمح ونحو ذلك من كل آلة للجرح (فإن الملائكة تلعنه) أي تدعو عليه بالطرد والبعد عن الجنة أول الأمر وعن الرحمة الكاملة السابقة زاد في رواية حتى يدعه أي لأنه ترويع للمسلم وتخويفه وهو حرام (وإن كان أخاه) أي المشير أخا للمشار إليه ويصح عكسه (لأبيه وأمه) يعني وإن كان هازلا ولم يقصد ضربه كأن كان شقيقه لأن الشقيق لا يقصد قتل شقيقه غالبا فهو تعميم للنهي ومبالغة في التحذير منه مع كل أحد وإن لم يتهم قيد بمطلق الأخوة ثم قيد بأخوة الأب والأم إيذانا بأن اللعب المحض المعرى عن شوب قصد إذا كان حكمه كذا فما بالك بغيره؟ وإذا كان هذا يستحق اللعن بالإشارة فما الظن بالإصابة؟
(م) في الأدب (ت) في الفتن (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري(6/63)
8441 - (من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه) أي حل للمقصود بها أن يدفعه عن نفسه ولو أدى إلى قتله فوجب ههنا بمعنى حل ذكره ابن الأثير ولغيره أيضا أن يدفعه عنه وإن أدى لقتله قال ابن العربي: إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن أو القتل فكيف الذي يصيب بها؟ وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارة تهديد سواء كان جادا أو لاعبا إنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الورع ولا يخفى أن إثم الهازل دون الجاد
(ك عن عائشة) ورواه أحمد عن علقمة بن أبي علقمة عن أخيه عن عائشة. قال الهيثمي: وأخوه علقمة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/63)
8442 - (من اشتاق إلى الجنة سابق إلى الخيرات) أي إلى فعلها لكونها تقرب إليها والشوق الحنين ونزاع النفس (ومن أشفق من النار) أي خاف من نار جهنم (لهى) بكسر الهاء أي غفل (عن الشهوات) لغلبة الشوق على قلبه وشغله بطاعة ربه أي عن نيلها في الدنيا لاشتعال نار الخوف بحنانه. كان مالك بن دينار يطوف في السوق فإذا رأى الشيء يشتهيه قال لنفسه: اصبري فوالله لا أمنعك إلا لإكرامك علي قال في الإحياء: اتفق العلماء والحكماء على أن الطريق إلى سعادة الآخرة لا يتم إلا بنهي النفس عن الهوى ومخالفة الشهوات فالإيمان بهذا واجب اه. (ومن ارتقب) ترقب (الموت) أي انتظره وتوقع حلوله (هانت عليه اللذات) من مأكل ومشرب وغيرهما لعلمه أنها مكفرات للعوام ودرجات للخواص والموت أعظم المصائب فيهون عليه لأنه يوصل إلى ثوابها والدنيا جيفة فانية زائلة بما فيها بل بشكر الله تعالى إذ كل قضاء يقضيه خير {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة}
<تنبيه> قد أخرج أبو نعيم هذا الحديث مطولا عن علي مرفوعا بلفظ: بني الإسلام على أربعة أركان: على الصبر واليقين والجهاد والعدل وللصبر [ص:64] أربع شعب: الشوق والشفقة والزهد والترقب فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات ولليقين أربع شعب: تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة ومعرفة العبرة واتباع السنة فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة اتبع السنة ومن اتبع السنة فكأنما كان في الأولين وللجهاد أربع شعب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه وأحرز دينه ومن شنأ الفاسقين فقد غضب لله تعالى ومن غضب لله يغضب الله له. وللعدل أربع شعب: غوص الفهم وزهرة العلم وشرائع الحكم وروضة الحلم فمن غاص الفهم حمل العلم ومن رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحلم ومن ورد روضة الحلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس وهو في راحة اه
(هب عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه العقيلي في الضعفاء وتمام في فوائده وابن عساكر في تاريخه وابن صصري في أماليه وقال: حديث حسن غربب قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف وزعم ابن الجوزي وضعه(6/63)
8443 - (من اشترى سرقة) أي شيئا سرقه إنسان وباعه منه (وهو) أي والحال أنه (يعلم أنها سرقة فقد شرك في عارها وإثمها) وفي رواية للطبراني من أكلها وهو يعلم أنها سرقة فقد أشرك في إثم سرقتها
(ك هق) في البيع من حديث الزنجي عن مصعب عن شرحبيل مولى الأنصار (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن الزنجي وشرحبيل ضعيفان(6/64)
8444 - (من اشترى ثوبا بعشرة دراهم) مثلا (وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة) قال الطيبي: كان الظاهر أن يقال منه لكن المعنى لم يكتب له صلاة مقبولة مع كونها مجزئة مسقطة للقضاء كالصلاة بمحل مغصوب (ما دام عليه) زاد في رواية منه شيء وذلك لقبح ما هو ملتبس به لأنه ليس أهلا لها حينئذ فهو استبعاد للقبول لاتصافه بقبيح المخالفة وليس إحالة لإمكانه مع ذلك تفضلا وإنعاما وأخذ أحمد بظاهره فذهب إلى أن الصلاة لا تصح في المغصوب وفيه إشارة إلى أن ملابسة الحرام لبسا أو غيره كأكل مانعة لإجابة الدعاء لأن مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم يفيض بتلك الإرادة على اللسان فينطق به وملابسة الحرام مفسدة للقلب بدلالة الوجدان فيحرم الرقة والإخلاص وتصير أعماله أشباحا بلا أرواح وبفساده يفسد البدن كله فيفسد الدعاء لأنه نتيجة فاسدة
(حم) من حديث هشام (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم أدخل أصبعيه في أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله قال الذهبي: وهاشم لا يدرى من هو. وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف جدا. وقال أحمد: هذا الحديث ليس بشيء وقال الهيثمي: هاشم لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا على أن بقية مدلس وقال ابن عبد الهادي: رواه أحمد في المسند وضعفه في العلل(6/64)
8445 - (من أصاب ذنبا) أي كبيرة توجب حدا غير الكفر بقرينة أن المخاطب المسلمون فلو قتل المرتد لم يكن القتل كفارة وقيل الحديث عام مخصوص بآية {إن الله لا يغفر أن يشرك به} (فأقيم عليه حد ذلك الذنب) أي العقاب فهو (كفارته) ولفظ رواية أحمد كفارة له زاد البخاري في التوحيد وطهوره وهذا بالنسبة لذات الذنب أما بالنسبة لترك التوبة منه فلا يكفرها الحد لأنها معصية أخرى كما يعلم من دليل آخر وعليه حمل إطلاق أن إقامته ليست كفارة بل لا بد معها من التوبة وقوله سبحانه في المحاربين {لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} لا يناقض ذلك [ص:65] لأنه ذكر عقوبتهم في الدارين ولا يلزم اجتماعهما ولو زنى فحد فالحد كفارة لحق الله لا لأهل المرأة وزوجها بل حقهم باق كما في العارضة لما هتك من حرمتهم وجر إليهم من العار
(حم والضياء) المقدسي (عن خزيمة) بن ثابت قال الترمذي في العلل: سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال: هذا حديث فيه اضطراب وضعف جدا. وقال ابن الجوزي: قال ابن حبان: هذا ليس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الذهبي في المهذب: إسناده صالح(6/64)
8446 - (من أصاب مالا من نهاوش) روي بالنون من نهش الحية وبالميم من الاختلاط وبالتاء وبالياء وكسر الواو جمع نهواش أو مهواش من الهوش الجمع وهو كل مال أصيب من غير حله والهواش بالضم ما جمع من مال حرام (أذهبه الله في نهابر) بنون أوله أي مهالك وأمور مبددة جمع نهبر وأصل النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص. والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير حله
(ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن أبي سلمة الحمصي) تابعي روى عن بلال قاله في التقريب كأصله مجهول وفيه عمرو بن الحصين أورده في الميزان وقال: متروك وذكر نحوه السخاوي ولم يطلع عليه السبكي فإنه سئل عنه فقال: لا يصح ولا هو وارد في الكتب ومن أورده من العوام حديثا فإن علم عدم وروده أتم وإن اعتقد وروده لم يأثم وعذر بجهله(6/65)
8447 - (من أصاب من شيء فليلزمه) أي من أصاب من أمر مباح خيرا لزمه ملازمته ولا يعدل عنه إلى غيره إلا بصارف قوي لأن كلا ميسر لما خلق له ذكره الطيبي وفي رواية من حضر له في شيء فليلزمه قال الزمخشري: أي من بورك له في نحو صناعة أو حرفة أو تجارة فليقبل عليها قال في الحكم: من علامة إقامة الحق لك في الشيء إدامته إياك فيه مع حصول النتائج
<تنبيه> قال الراغب: فرق الله هم الناس للصناعات المتفاوتة وجعل آلاتهم الفكرية والبدنية مستعدة لها فجعل لمن قيضه لمراعاة العلم والمحافظة على الدين قلوبا صافية وعقولا بالمعارف لائقة وأمزجة لطيفة وأبدانا لينة ومن قيضه لمراعاة المهن الدنيوية كالزراعة والبناء جعل لهم قلوبا قاسية وعقولا كزة وأمزجة غليظة وأبدانا خشنة وكما أنه محال أن يصلح السمع للرؤية والبصر للسمع فمحال أن يكون من خلق المهنة يصلح للحكمة وقد جعل الله كل جنس من الفريقين نوعين رفيعا ووضيعا فالرفيع من تحرى الحذق في صناعته وأقبل على عمله وطلب مرضات ربه بقدر وسعه وأدى الأمانة بقدر جهده
(هـ) من حديث فروة بن يونس (عن أنس) قال الزمخشري: وفروة تكلم فيه الأزدي وقال غيره: نسب إلى الضعف والوضع انتهى. لكن رواه عنه البيهقي وكذا القضاعي بلفظ من رزق بدل من أصاب وهو يعضده(6/65)
8448 - (من أصاب حدا) أي ذنبا يوجب الحد فأقيم المسبب مقام السبب ويمكن أن يراد بالحد المحرم من قوله تعالى {تلك حدود الله فلا تعتدوها} أي تلك محارمه (فعجل) وفي نسخة فعجلت (عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدا فستره الله عليه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه) قال الطيبي: قوله فستره مع قوله عفا عنه معا عطف على الشرط أي من ستر الله عليه وتاب فوضع غفران الله موضع التوبة استشعارا بترجيح جانب الغفران وأن الذنب مطلوب له ولذلك وضع المظهر موضع الضمير في الجزاء وفيه حث على الستر والتوبة وأنه أولى وأحرى من الإظهار وقال ابن جرير: فيه أن إقامة الحد في الدنيا يكفر [ص:66] الذنب وإن لم يتب المحدود وإلا كان أهل الكبائر مخلدون في النار على خلاف ما عليه أهل الحق لأن العقوبة الدنيوية إذا لم تكفر إلا مع التوبة كانت كذلك في الآخرة لا يكون العقاب لأهل التوحيد بالنار منجيا لهم منها إن لم تسبق التوبة في الدنيا وكذلك يرده تصريح النصوص بأن الموحدين غير مخلدون
(ت) في الإيمان (هـ) في الحدود (ك) في التفسير والتوبة (عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال في المهذب: إسناده جيد وقال في الفتح: سنده حسن(6/65)
8449 - (من أصابته فاقة) أي شدة حاجة (فأنزلها بالناس) أي عرضها عليهم وسألهم سد خلته (لم تسد فاقته) لتركه القادر على حوائج جميع الخلق الذي لا يغلق بابه وقصد من يعجز عن جلب نفع نفسه ودفع ضرها (1) (ومن أنزلها بالله أوشك) بفتح الهمزة والشين (الله له بالغنى) أي أسرع غناه وعجله قال التوربشتي: والغناء بفتح الغين الكفاية من قولهم لا يغني غناء بالمد والهمزة ومن رواه بكسر الغين بالمد والكسر الكفاف مقصور على معنى اليسار فقد حرف المعنى لأنه قال يأتيه الكفاف عما هو فيه (إما بموت آجل أو غنى عاجل) كذا في نسخ هذا الكتاب تبعا لما في جامع الأصول وأكثر نسخ المصابيح والذي في سنن أبي داود والترمذي بموت عاجل أو غنى آجل وهو كما قال الطيبي أصح
(حم د) في باب من لا تحل له المسألة (ك) في الزكاة (عن ابن مسعود) ورواه عنه الترمذي أيضا وقال: حسن صحيح غريب وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي
_________
(1) قال العلقمي: بل يغضب الله على من أنزل حاجته لغيره العاجز وهو القادر على قضاء حوائج خلقه كلهم من غير أن ينقص من ملكه شيء وقد قال وهب بن منبه لرجل يأتي الملوك: ويحك أتأتي من يغلق عنك بابه ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه؟ فالعبد عاجز عن جلب مصالحه ودفع مضاره ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله تعالى(6/66)
8450 - (من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة) أو أزل أو لأواء هكذا هو عند أحمد والطبراني فكأنه سقط من قلم المصنف أو من النساخ (فقال الله ربي لا شريك له كشف ذلك عنه) قال في الفردوس: الأزل الضيق والشدة واللأواء الفقر وهذا إذا قال الكلمة بصدق عالما معناها عاملا بمقتضاها فإنه إذا أخلص وتيقن أن الله ربه لا شريك له وأنه الذي يكشف كربه ووجه قصده إليه لا يخيبه والقلوب التي تشوبها المعاصي قلوب معذبة قد أخدت غموم النفس بأنفاسها فالملوك يخافون من العذر والأمراء من العزل والأغنياء من الفقر والأصحاء من السقم وهذه أمور مظلمة تورد على القلب سحائب متراكمات مظلمة فإذا فر إلى ربه وسلم أمره إليه وألقى نفسه بين يديه من غير شركة أحد من الخلق كشف عنه ذلك فأما من قال ذلك بقلب غافل لاه فهيهات
(طب عن أسماء بنت عميس) ورواه عنها أيضا أحمد باللفظ المزبور قال: فالإضراب عنه لا ينبغي ثم إن فيه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أبو مسهر ووثقه جمع(6/66)
8451 - (من أصبح وهو) أي والحال أنه (لا يهم) وفي رواية ولم يهم (بظلم أحد) من الخلق (غفر له) بالبناء للمفعول أي غفر الله له (ما اجترم) وفي رواية للخطيب في تاريخه من أصبح وهو لا ينوي ظلم أحد أصبح وقد غفر له ما جنى وفي رواية وإن لم يستغفر أي من أصبح عازما على ترك ظلم مع قدرته على الظلم لكنه عقد عزمه على ذلك امتثالا لأمر [ص:67] الشارع وابتغاء لمرضاته أما من يصبح لا ينوي ظلم أحد لشهوة أو غفلة أو عجز أو شغل بمهم فلا ثواب له لأنه لم ينو طاعة ومن عزم فثواب عزمه غفران ما يطرأ من جناية لعدم العصمة فيغفر له بسالف نيته ويحتمل أنه على ظاهره كأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر بهذا عبدا طهر الله قلبه وصفى باطنه بمعرفة الله وخوفه ومراقبته عن وضر الأخلاق الدنية من نحو حقد وغل فإن حدث منه زلة لعدم العصمة غفر له وإن لم يستغفر لأنه مختاره ومحبوبه والغفران نعته
(ابن عساكر) في تاريخه من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وإسحاق قال في الميزان عن الأزدي: متروك الحديث وساق له في اللسان هذا الحديث ثم قال: عيينة ضعيف جدا وأعاده في اللسان في ترجمة عمار بن عبد الملك وقال: أتى عنه بقية بعجائب منها هذا الخبر ورواه عنه أيضا الديلمي والمخلص والبغوي وابن أبي الدنيا قال الحافظ العراقي: وسند الحديث ضعيف(6/66)
8452 - (من أصبح وهمه التقوى ثم أصاب فيما بين ذلك) يعني في أثناء ذلك اليوم (ذنبا غفر الله له) ما اجترم من الصغائر على نيته وإنما لكل امرىء ما نوى
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس)(6/67)
8453 - (من أصبح وهمه) وفي رواية لابن النجار في تاريخه من أصبح وأكثر همه وهي تبين المراد هنا (غير الله فليس من الله) أي لا حظ له في قربه ومحبته ورضاه وزاد في رواية في شيء فأفضل الطاعات مراقبة الحق على دوام الأوقات فمن كان همه غير الله كان مطلبه وبالا عليه واستيحاشك لفقد ما سواه دليل على عدم وصلتك به (ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين) أي بأحوالهم (فليس منهم) أي ليس من العاملين على منهاجهم وهذا رجل قد زاغ قلبه عن الله فضل في مفاوز الحيرة والفرح بأحوال النفس وبروحها وغياضها وذلك يميت القلب ويعمي عن الرب وينسي الحياء منه ويذهب لذة مراقبته ويلهي عن السرور بالقرب منه ومن أصبح مهتما بالله وبأمر خلقه لأجله وجد قوة تبعثه علي كل صعب فيهون وبشرى تغنيه عن كل شيء دونه وبشرى يفرق فيها جميع آمال قلبه فتدق الدنيا والآخرة في جنب ذلك الفرح
<فائدة> أخرج الحافظ ابن العطار بسنده عن العارف الأندلسي كنت ليلة عند العارف ابن طريف فقدم لنا ثريد بحمص فهممنا بالأكل فاعتزل فأمسكنا عن الأكل فقال: بلغني الآن أن حصن فلان أخذه العدو وأسر من فيه فلما كان بعد وقت قال: كلوا قد فرج الله عليهم فجاء الخبر بعد ذلك بذلك وقد عد من مقامات الأولياء مشاركة أحدهم لمن بلغه أنه في ضيق أو بلاء أو محنة حتى أنه يشارك المرأة في ألم الطلق والمعاقب في ألم الضرب المقارع ويقال إن الفضيل بن عياض كان على هذا وصاحب هذا المقام لا تطلع الشمس ولا تغرب إلا وبدنه ذائب كأنه شرب سما
(ك) في الرقاق (عن ابن مسعود) سكت عليه المصنف فأوهم أنه صالح وهو غفول عن تشنيع الذهبي على الحاكم بأن إسحاق بن بشر أحد رجاله عدم وقال: وأحسب أن الخبر موضوع وأورده في الميزان في ترجمة إسحاق هذا من حديثه وقال: كذبه ابن المديني والدارقطني ومن ثم حكم ابن الجوزي عليه بالوضع(6/67)
8454 - (من أصبح مطيعا لله في) شأن (والديه) أي أصليه المسلمين (أصبح له بابان مفتوحان من الجنة فإن كان واحدا فواحد) قال الطيبي: فيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى وهي من باب قوله {إن الذين يؤذون الله ورسوله} ومن الجنة يجوز كونه صفة أخرى لقوله بابان وكونه حالا من الضمير في مفتوحان وقوله [ص:68] فواحد أي فكأن الباب المفتوح واحد وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار وإن كان واحدا فواحد قال رجل: وإن ظلماه قال: وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه اه بلفظه. قال الطيبي: وأراد بالظلم ما يتعلق بالأمور الدنيوية لا الأخروية وفيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى
(ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) قال في اللسان: رجاله ثقات أثبات غير عبد الله بن يحيى السرخسي فهو أفقه اتهمه ابن عدي بالكذب(6/67)
8455 - (من أصبح منكم آمنا في سربه) بكسر السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحا بدنه (عنده قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك يعني من جمع الله له بين عافية بدنه وأمن قلبه حيث توجه وكفاف عيشه بقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها بأن يصرفها في طاعة المنعم لا في معصية ولا يفتر عن ذكره (فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها ومن ثم قال نفطويه:
إذا ما كساك الدهر ثوب مصحة. . . ولم يخل من قوت يحلى ويعذب
فلا تغبطن المترفين فإنه. . . على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب
وقال:
إذا القوت يأتي لك والصحة والأمن. . . وأصبحت أخا حزن فلا فارقك الحزن
وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى
(خد ت هـ) في الزهد من حديث مروان الفزاري عن عبد الرحمن بن أبي سهيلة عن سلمة بن عبد الله بن محصن (عن) أبيه (عبيد الله) بالتصغير على الأصح (ابن محصن) الأنصاري مختلف في صحبته وقال: حسن غريب قال ابن القطان: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن عبد الرحمن لا يعرف حاله وإن قال ابن معين مشهور فكم من مشهور لا تقبل روايته وفي الميزان سلمة قال أحمد: لا أعرفه ولينه العقيلي ثم ساق له هذا الخبر وقال: روي من طريق أبي الدرداء أيضا بإسناد لين(6/68)
8456 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد مريضا وشهد جنازة) أي حضرها وصلى عليها (وتصدق بصدقة فقد أوجب) أي فعل فعلا وجب له به دخول الجنة
(هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد عن ابن أبي غاضر عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي عن ابن لهيعة عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بالخبر الذي بعده ثم قال: هذا مؤكد للإسناد الأول وكلاهما ضعيف اه بنصه. وأورده ابن الجوزى في الموضوع ولم يصب إذ قصاراه أن فيه عبد العزيز بن عبد الله الأوسي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو داود: ضعيف وفيه ابن لهيعة أيضا(6/68)
8457 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد مريضا وأطعم مسكينا وشيع جنازة لم يتبعه ذنب أربعين سنة) أي إن اتقى [ص:69] الله مع ذلك وامتثل الأوامر واجتنب النواهي
(عد هب) كلاهما معا عن محمد بن أحمد المصيصي عن يوسف بن سعيد عن عمرو بن حمزة البصري عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء عن جابر قال ابن الجوزي: موضوع عمرو والخليل وإسماعيل ضعفاء ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضي الوضع (عن جابر) بن عبد الله قال ابن الجوزي: قال الدارقطني: تفرد به عمرو بن حمزة عن الخليل بن مرة وعمرو ضعيف والخليل قال ابن حبان: منكر الحديث(6/68)
8458 - (من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده فكتمها ولم يشكها إلى الناس كان حقا على الله أن يغفر له) لا يناقضه قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وارأساه وقول سعد قد اشتد بي الوجع يا رسول الله وقول عائشة وارأساه فإنه إنما قيل على وجه الإخبار لا الشكوى فإذا حمد الله ثم أخبر بعلته لم يكن شكوى بخلاف ما لو أخبر بها تبرما وتسخطا فالكلمة الواحدة قد يثاب عليها وقد يعاقب بالنية والقصد
(طب) عن أحمد الأبار عن هشام بن خالد عن بقية عن ابن جريج عن عطاء (عن ابن عباس) قال المنذري: لا بأس بإسناده وقال الهيثمي: فيه بقية وهو ضعيف اه. وعده في الميزان في ترجمة بقية من جملة ما طعن عليه فيه وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق وقال: قال أبو حاتم: هذا موضوع لا أصل له(6/69)
8459 - (من أصيب بمصيبة) أي بشيء يؤذيه في نفسه أو أهله أو ماله (فذكر مصيبته) تلك (فأحدث استرجاعا) أي قال {إنا لله وإنا إليه راجعون} (وإن تقادم عهدها) قال المصنف: وفي رواية من استرجع بعد أربعين سنة (كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب (1)) لأن الاسترجاع اعتراف من العبد بالتسليم وإذعان للثبات على حفظ الجوارح ولأنه قد تكلم بتلك الكلمة ثم دنسها بسوء أفعاله وأخلقها فإذا أعادها فقد جدد ما وهى وطهر ما تدنس. قال القاضي: وليس الصبر بالاسترجاع باللسان بل به وبالقلب بأن يتصور ما خلق لأجله فإنه راجع إلى ربه ويتذكر نعم الله عليه ليرى ما بقي عليه أضعاف ما استرده منه فيهون على نفسه ويستسلم له اه. وقال بعضهم: جعل الله هذه الكلمة ملجأ لذوي المصائب لما جمعت من المعاني العجيبة
<فائدة> ورد في حديث مرفوع أعل بإرساله مما يحبط الأجر في المصيبة صفق الرجل بيمينه على شماله وقوله فصبر جميل ورضا بما قضى الملك الجليل
(هـ عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وضعفه المنذري
_________
(1) جعل الله هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب وعصمة للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة فإن قوله إنا لله توحيد وإقرار بالعبودية والملك وقوله وإنا إليه راجعون: إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو قال سعيد بن جبير: لم يعطها الله نبيا ولو عرفها يعقوب لما قال {يا أسفى على يوسف}(6/69)
8460 - (من أصيب في جسده بشيء فتركه لله) فلم يأخذ عليه دية ولا إرشاء (كان كفارة له) أي من الصغائر
(حم عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه مجالد وقد اختلط(6/69)
8461 - (من أضحى) أي ظهر للشمس (يوما محرما) بحج أو عمرة (ملبيا) أي قال لبيك اللهم لبيك واستمر كذلك [ص:70] (حتى غربت الشمس) أي شمس ذلك اليوم (غفرت ذنوبه) يعني غفر له قبل غروبها (فعاد كما ولدته أمه) أي بغير ذنب قال المحب الطبري: الأضحى الظهور للشمس واعتزال الكن والظل يقال ضحيت للشمس بالكسر وضحيت أضحى إذا برزت لها وظهرت والضحايا بالفتح والمد قريب من نصف النهار والضحوة أول ارتفاع النهار والضحى بالضم والقصر فوق ذلك وبه سميت صلاة الضحى وليس الأضحى بشرط في حصول هذه المثوبة بل المقصود الإكثار من التلبية
(حم هـ عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه(6/69)
8462 - (من اضطجع مضجعا لم يذكر الله عليه كان عليه ترة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المهملة كما في شرح المصابيح أي نقص من تره يتره وقيل حسرة لأنها من لوازم النقصان قال الطيبي: روي كانت بالتأنيث ورفع ترة فينبغي أن يؤول مرجع الضمير من كانت مؤنثا أي الاضطجاعة والقعدة وترة مبتدأ والجار والمجرور خبره والجملة خبر كان وأما على رواية التذكير ونصب ترة فظاهر (يوم القيامة) فإن النوم على غير ذكر الله تعطيل للحياة وربما قبضت روحه في ليلته فكان من المبعدين والعبد يبعث على ما مات عليه وأما من نام على ذكر وطهارة فإنه يعرج بروحه إلى العرش ويكون مصليا إلى أن يستيقيظ فإن مات على تلك الحالة مات وهو من المقربين فيبعث على ما مات ذكره حجة الإسلام (ومن قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة)
(د) في الأدب (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وفيه محمد بن عجلان خرج له مسلم متابعة وأورده الذهبي في الضعفاء وظاهر صنيع المصنف أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الثقة وليس كذلك بل خرجه النسائي أيضا عن أبي هريرة(6/70)
8463 - (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية وصنيعه للخير قال القرطبي: هذا يؤذن بأن حقيقة الذكر طاعة الله في امتثال أمره وتجنب نهيه وقال بعض العارفين: هذا يعلمك بأن أصل الذكر إجابة الحق من حيث اللوازم (ومن عصى الله فلم يذكره وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية وصنيعه للخير قال القرطبي: لأنه كالمستهزىء والمتهاون ومن اتخذ آيات الله هزوا وقد قالوا في تأويل قوله سبحانه {ولا تتخذوا آيات الله هزوا} أي لا تتركوا أوامر الله فتكونوا مقصرين لاعبين قال: ويدخل فيه الاستغفار من الذنب قولا مع الإصرار فعلا وقال الغزالي: من أحب شيئا طمع في تحصيله ومتى طمع فيه كان عبده فمن أحب الدنيا استعبدته ومن أحب الله صار عبده ومن صار عبده صار حرا مما سواه خدمته الأكوان وأطاعه الإنس والجان لأن من أطاع الله أطاعه كل شيء ومن أحب الله ولم يخدمه بأداء الفرائض استخدمه الشيطان اه
(طب عن واقد) يحتمل أنه ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري تابعي ثقة فيلحرر قال الهيثمي: وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك اه. وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه(6/70)
8464 - (من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة) زاد أبو الشيخ [ابن حبان] في روايته ومن كسا مؤمنا عاريا كساه الله من خضر الجنة وإستبرقها ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة اه. بنصه
(حل عن أبي سعيد) الخدري وقال: غريب من حديث الفضل وأبي هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين تفرد به خالد بن يزيد ورواه [ص:71] عنه أيضا الديلمي وغيره(6/70)
8465 - (من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه الله على النار) أي نار الخلود التي أعدت للكافرين للأخبار الدالة على أن طائفة من العصاة يعذبون
(هب عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله هو بهذا الإسناد منكر اه(6/71)
8466 - (من أطعم مريضا شهوته أطعمه الله من ثمار الجنة) {جزاء وفاقا} ويظهر أن الكلام فيما إذا لم يعلم أن ذلك يضر كثيره وقليله بالمرض فإن ضره كثيره أطعمه القليل
(طب عن سلمان) الفارسي وفيه عبد الرحمن بن حماد قال أبو حاتم: منكر الحديث ذكره الهيثمي وأعاده في موضع آخر وقال: فيه أبو خالد عمرو بن خالد وهو كذاب متروك(6/71)
8467 - (من أطفأ عن مؤمن سيئة كان خيرا ممن أحيا موؤدة) أي أعظم أجرا منه على ذلك
(هب عن أبي هريرة) وفيه الوليد بن مسلم أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعي وعبد الواحد بن قيس قال يحيى: لا شيء(6/71)
8468 - (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم) أي نظر في بيت إلى ما يقصد أهل البيت ستره من نحو شق باب أو كوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل) لم يقل وجب إشارة إلى أنه خرج مخرج التعزير لا الحد ذكره القرطبي (لهم أن يفقأوا عينه) أي يرموه بشيء فيفقؤا عينه إن لم يندفع إلا بذلك وتهدر عين الناظر فلا دية ولا قصاص عند الشافعي والجمهور وقال الحنفية: يضمنها لأن النظر فوق الدخول والدخول لا يوجبه وأوجب المالكية القصاص وقالوا: لا يجوز قصد العين ولا غيرها لأن المعصية لا تدفع بالمعصية وأجاب الجمهور بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو تجرد عن ذلك السبب يسماها ولهذا قال القرطبي: الإنصاف خلاف ما قاله أصحابنا وقد اتفقوا على جواز دفع الصائل ولو أتى على النفس ولو بغير السبب المذكور وهذا منه مع ثبوت النص فيه وليس مع النص قياس وهل يلحق الاستماع بالنظر؟ وجهان أصحهما لا لأن النظر أشد ويشمل قوله اطلع كل مطلع كيف كان ومن أي جهة كانت من باب أو غيره إلى العورة أو غيرها ذكره القرطبي
<تنبيه> هذا الحديث يتناول الإناث فلو نظرت امرأة في بيت أجنبي جاز رميها على الأصح بناء على أن من شرطية تتناول الإناث وقيل لا يجوز بناء على مقابل أن من يختص بالذكور ووجه بأن المرأة لا يستتر منها شيء
(حم م عن أبي هريرة) وفي الباب أبو أمامة وغيره(6/71)
8469 - (من اطلع في كتاب أخيه) في الدين (بغير إذنه فكأنما اطلع في النار) أي أن ذلك يقربه منها ويدنيه من الإشراف عليها ليقع فيها فهو حرام شديد التحريم وقيل معناه فكأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النار ويحتمل أنه أراد عقوبة البصر لأن الجناية منه كما يعاقب السمع إذا استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون قال ابن الأثير: وهذا الحديث محمول على الكتاب الذي فيه سر وأمانة يكره صاحبه أن يطلع عليه وقيل عام في كل كتاب
(طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه(6/71)
[ص:72] 8470 - (من أعان مجاهدا في سبيل الله) على مؤون غزوه أو إخلافه في أهله بخير ونحو ذلك (أو) أعان (غارما في عسرته أو) أعان (مكاتبا في رقبته) أي في فكها بنحو أداء بعض النجوم عنه أو الشفاعة له (أظله الله) من حر الشمس عند دنوها من الرؤوس يوم القيامة (في ظله) أي في ظل عرشه كما تشهد له النظائر المارة (يوم لا ظل إلا ظله) إكراما له وجزاء بما فعل وأضاف الظل إليه للتشريف
(حم ك) في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله عن سهل بن حنيف وحديثه حسن اه(6/72)
8471 - (من أعان على قتل مؤمن) ولو (بشطر كلمة) نحو أق: من القتل (لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله) كناية عن كونه كافرا إذ {لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون} وقد يقال بعمومه ويكون المراد يستمر هذا حاله حتى يطهر من ذنبه بنار الجحيم فإذا طهر منه زال بأسه فزال يأسه وأدركته الرحمة فأخرج من دار النقمة وأسكن دار النعمة وذلك لأن القتل أخطر الأشياء شرعا وأقبحها عقلا لأن الإنسان مجبول على محبة بقاء الصورة الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم. قال الطيبي: وذا وعيد شديد لم ير أبلغ منه
(هـ) عن محمد بن إبراهيم الأنماطي عن محمد بن خراش عن مروان عن معاوية الفزاري عن يزيد بن أبي زياد الشامي عن الزهدي عن ابن المسيب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور أحمد. قال الذهبي: فيه يزيد بن أبي زياد الشامي تالف وقال ابن حجر كالمنذري: حديث ضعيف جدا وبالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه وتبع فيه أبا حاتم فإنه قال في العلل: باطل موضوع وفي الميزان: يزيد بن أبي زياد الشامي ضعفه المنذري وتركه النسائي وغيره وقال البخاري: منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر ثم قال: أعني في الميزان: وقال أحمد: ليس هذا الحديث بصحيح(6/72)
8472 - (من أعان ظالما سلطه الله عليه) مصداقه قوله سبحانه {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا}
(ابن عساكر) في التاريخ من جهة الحسن بن زكريا عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي عن حماد بن عاصم بن بهدلة عن زر (عن ابن مسعود) قال السخاوي: وابن زكريا هو العدوي متهم بالوضع فهو آفته(6/72)
8473 - (من أعان على خصومة بظلم) لفظ رواية الحاكم بغير حق (لم يزل في سخط الله) أي غضبه الشديد (حتى ينزع) أي يقلع عما هو عليه من الإعانة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذا كبيرة ولذلك عده الذهبي من الكبائر
(هـ ك) في الأحكام (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: صحيح ورواه عنه أيضا الطبراني باللفظ المذكور. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/72)
8474 - (من أعان ظالما) لفظ رواية الحاكم باطلا بدل ظالما (ليدحض) أي ليبطل من دحضت حجته بطلت (بباطله) أي بسبب ما ارتكبه من الباطل (حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) أي عهده وأمانته لأن لكل أحد عهدا [ص:73] بالحفظ والكلاءة فإذا فعل ما حرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمة الله
(ك) في الأحكام من حديث سليمان التيمي عن حنش عن عكرمة (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي فقال: قلت حنش الذهبي ضعيف اه(6/72)
8475 - (من اعتذر إليه أخوه بمعذرة) أي طلب قبول معذرته واعتذر عن فعله أظهر عذره. قال الراغب: والمعتذر هو المظهر لما يمحو به الذنب (فلم يقبلها) منه (كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس) لأن من صفاته تعالى قبول الإعتذار والعفو عن الزلات فمن أبى واستكبر عن ذلك فقد عرض نفسه لغضب الله ومقته. قال الراغب: وجميع المعاذير لا تنفك عن ثلاثة أوجه إما أن يقول لم أفعل أو فعلت لأجل كذا فيتبين ما يخرجه عن كونه ذنبا أو يقول فعلت ولا أعود فمن أنكر وأنبأ عن كذب ما نسب إليه فقد برئت منه ساحته وإن فعل وجحد فقد يعد التغابي عنه كرما ومن أقر فقد استوجب العفو بحسن ظنه بك. قال الحكماء: تحاذر عن مذنب لم يسلك بالإقرار طريقا حتى أخذ من رجائك رفيقا وإن قال فعلت ولا أعود فهذا هو التوبة وحق الإنسان أن يقتدي بالله في قبولها. قال الغزالي: مهما رأيت إنسانا يسيء الظن بالناس طالبا للعيوب فاعلم أنه خبيث في الباطن وأن ذلك خبث يترشح منه وإنما يرى غيره من حيث هو فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب والمؤمن سليم الصدر في حق الكافة وفيه إيذان بعظم جرم المكس فإنه من الجرائم العظام
(هـ والضياء) المقدسي وابن حبان في روضة العقلاء من طريق وكيع عن سفيان عن ابن جرير عن ابن مينا (عن جودان) غير منسوب. قال الحافظ العراقي: اختلف في صحبته وجهله أبو حاتم وقال: لا صحبة له وباقي رجاله ثقات. قال: ورواه الطبراني عن جابر بسند ضعيف اه. وفي الإصابة عن ابن حبان: إن كان ابن جرير سمعه فهو حسن غريب وما ذكر من أنه جودان بالجيم هو ما جرى عليه ابن ماجه. قال ابن حجر: وهو الصواب وقول العسكري يودان تصحيف(6/73)
8476 - (من اعتز (1) بالعبيد أذله الله) يحتمل الدعاء لأنه طلب العز من غير الله العزيز وتعلق بالأسباب دون مسببها فاستوجب الدعاء عليه أو هو خبر عن أن العبيد كلهم أذلاء تحت قهر العزيز فمن لجأ إلى أحد منهم فقد تعجل ذلا آخر على ذله وإنما سموا عبيدا لذلهم من قولهم طريق معبد أي مذلل بالأقدام وأيا ما كان فالعزة لله والاعتزاز بالعبيد من الجهل به وجهل العبد يذله لأنه مفتون بجميع من دونه والاعتزاز بالشر هو الامتناع به من النوائب فمن امتنع بما لا يملك به لنفسه نفعا ولا ضرا فقد ذل ومن اعتز بعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط من عين الله
<تنبيه> قال في الحكم: إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا تستعز بعز يفنى. العطاء من الخلق حرمان والمنع من الله إحسان جل ربنا أن يعامل العبد نقدا فيجازيه نسيئة إن الله حكم بحكم قبل خلق السماوات والأرض أن لا يطيعه أحد إلا أعزه ولا يعصيه أحد إلا أذله فربط مع الطاعة العز ومع المعصية الذل كما ربط مع الإحراق النار فمن لا طاعة له لا عز له قال الحكيم: الاعتزاز بالعبيد منشؤه من حب العز وطلبه له فإذا طلب العز للدنيا وطلبه من العبيد ترك العمل بالحق والقول به لينال ذلك العز فيعزوه ويعظموه وعاقبة أمره الذلة وأنه سبحانه يمهل المخذول وينتهي به إلى أن يستخف لباس الذل فعندها يلبسه إما في الدنيا أو يوم خروجه فيها فيخرجه من أذل ذلة وأعنف عنف
(الحكيم) الترمذي وكذا العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في الحلية (عن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الله بن عبد الله الأموي قال في الميزان عن العقيلي: لا يتابع على حديثه أورد له هذا الخبر وذكره ابن حبان في الثقات وقال: يخالف في روايته
_________
(1) بعين مهملة فمثناة فزاي كذا بخط المؤلف لكن الذي ذكره مخرجه الحكيم اغتر بغين معجمة وراء كذا هو بخطه(6/73)
[ص:74] 8477 - (من أعتق رقبة) قال الحرالي: هي ما ناله الرق من بني آدم فالمراد الرقبة المسترقة التي يراد فكها بالعتق (مسلمة) في رواية سليمة وفي وواية مؤمنة وخصها لا لإخراج الكافر بل تنويها بزيادة فضل عتق المؤمن هكذا قاله البعض لكن أخذ بعضهم بالمفهوم فقال: لا ينكر أن في عتق الكافر فضلا لكن لا يترتب عليه ذلك (أعتق الله) أي أنجى الله. وذكر بلفظ الإعتاق للمشاكلة (بكل عضو منها عضوا منه من النار) نار جهنم (1) (حتى فرجه بفرجه) خص الفرج بالذكر لكونه محل أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل كقولهم مات الناس حتى الكرام قال الزين العراقي: حرف الغاية في قوله حتى يحتمل أن تكون الغاية هنا للأعلى والأدنى فإن الغاية تستعمل في كل منهما فيحتمل أن يراد هنا الأدنى لشرف أعضاء العبادة عليه كالجبهة واليدين ونحو ذلك ويحتمل أن يراد الأعلى فإن حفظه أشد على النفس وأخذ من الخبر ندب إعتاق كامل الأعضاء تحقيقا للمقابلة ولهذا قيل يندب أن يعتق الذكر ذكرا والأنثى أنثى
<تنبيه> أخبر الصادق بأن الله يعتق فرج المعتق بثواب فرج المعتق ولا يتعلق بالفرج ذنب إلا نحو الزنا وذلك قسمان مباشرة فيما دون الفرج أو فيه من غير إيلاج كمال الحسفة الثاني إيلاجها والأول صغائر تكفرها الحسنات إجماعا والثاني كبائر لا يكفرها إلا التوبة فيحتمل حمل الحديث على الأول ويحتمل أن للعتق حظا في الموازنة ليس لغيرها وظاهر تكفير الكبائر لكونه أشق من غيره من العبادات كالصلاة
(هق ت عن أبي هريرة) وفيه بقية ومسلمة بن علي وهو الشامي قال الذهبي: قال الدارقطني: متروك وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطني وغيره
_________
(1) ظاهره أن العتق يكفر الكبائر وذلك لأن للعتق مزية على كثير من العبادات لأنه أشق من الوضوء والصلاة والصوم لما فيه من بذل المال الكثير ولذلك كان الحج أيضا يكفر الكبائر(6/74)
8478 - (من اعتقل رمحا في سبيل الله) الاعتقال أن يجعل الراكب الرمح تحت فخذه ويجر آخره على الأرض وراءه (عقله الله من الذنوب يوم القيامة) أي حماه منها وهذا دعاء أو خبر
(حل عن أبي هريرة) وهو حديث ضعيف(6/74)
8479 - (من اعتكف عشرا في رمضان) أي عشرا من الأيام بلياليها ويحتمل عشرا من الليالي فقط (كان كحجتين وعمرتين) أي يعدلهما في الثواب وهذا وارد على منهج الترغيب في الاعتكاف لما فيه من عكوف القلب على الحق والخلوة به والانقطاع عن الخلق والاشتغال به وحده بحيث يصير همه كله به وخطراته كلها بذكره فيصير أنسه بالله بدلا عن أنسه بالخلق
(هب عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وظاهر كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره وليس كذلك بل تعقبه فقال: إسناده ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك وقال البخاري: لا يكتب حديثه اه كلامه. وفيه أيضا عنبسة بن عبد الرحمن قال البخاري: تركوه وقال الذهبي في الضعفاء: متروك متهم أي بالوضع(6/74)
8480 - (من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر حيث اجتنب الكبائر وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي ومن اعتكف فلا يحرم من الكلام اه
(فر عن عائشة) وفيه من لا يعرف(6/74)
[ص:75] 8481 - (من أعطاه الله كتابه) القرآن (فظن أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد غلط) وفي رواية صغر (أعظم النعم) لأنه قد أعطي النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة ضئيلة فإذا رأى أن غيره ممن لم يعط ذلك أوتي أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما وعظم حقيرا قال الغزالي: كل من أوتي القرآن حق له أن لا ينظر إلى الدنيا الحقيرة نظرة بالاستحلاء فضلا عن أن يكون له فيها رغبة وليلزم الشكر على ذلك فإنه الكرامة العظمى
(تخ هب عن رجاء الغنوي) بفتح المعجمة وفتح النون وآخره واو نسبة إلى غنن وهو ابن أعصر أو يعصر ينسب إليه جمع كثير (مرسلا) قال الغزالي: رجاء مختلف في صحبته وقد ورد من حديث عبد الله بن عمر وجابر وللبراء نحوه وكلها ضعيفة اه. وأورد في الإصابة وجاء هذا في الصحابة في القسم الأول وقال: روت عنه ساكنة بنت الجعد ثم قال: وأما ابن حبان فذكره في ثقات التابعين وقال: أبو عمر لا يصح حديثه(6/75)
8482 - (من أعطي حظه من الرفق) أي نصيبه منه (فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير) كله إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان ولهذا قال نسطور لما بعث صاحبيه ليدعوان الملك إلى دين عيسى وأمرهما بالرفق فخالفا وأغلظا عليه فحبسهما وآذاهما فقال لهما نسطور: مثلكما كالمرأة التي لم تلد قط فولدت بعد ما كبرت فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا يطيق فقتلته
(حم ت عن أبي الدرداء) ورواه ابن منيع والديلمي عن عائشة(6/75)
8483 - (من أعطي شيئا فوجد) أي من أعطي حقا فليكن عارفا بحقه فإن وجد مالا (فليجز به) مكافأة على الصنيعة (ومن لم يجد) مالا (فليثن به) عليه ولا يجوز له كتمان نعمته (فإن أثنى) عليه (به فقد شكره) على ما أعطاه (وإن كتمه فقد كفره) أي كفر نعمته وفيه معنى قوله الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده والفاء في وجد عاطفة على الشرط وفي فليجر به جوابية وفائدة التعبير بحرف الترتيب الإشارة إلى أن من أعطي لا يؤخر الجزاء عن الإعطاء أيما وجد اليسار (ومن تحلى بما لم يعط) أي ومن تزين بشعار الزهاد وليس منهم (فإنه كلابس ثوبي زور) أي فهو كمن لبيس قميصا وصل كمه بكمين آخرين موهما أنه لابس قميصين فهو كالكاذب القائل ما لم يكن وقيل شبه بالثوبين أن المتحلي كذب كذبين فوصف نفسه بصفة ليست فيه ووصف غيره بأنه خصه بصلة. قال الطيبي: واتبع المجازي والمثنى بالمتحلي لأنهما أظهرا ما وجب عليهما لئلا يكفر المنعم وهذا إنما يظهر ما يلبس به على الناس ليسخر منهم
(خد د ت حب عن جابر) بن عبد الله قال الترمذي: حسن قال الصدر المناوي: وفيه إسماعيل بن عياش(6/75)
8484 - (من أعيته المكاسب) أي أعيته ولم يهتد لوجهها (فعليه بمصر) أي فيلتزم سكانها أو ليتجر بها (وعليه بالجانب الغربي منها) فإن المكاسب فيها ميسرة وفي جانبها الغربي أيسر ولم تزل الناس يترجمون مصر بكثرة الربح ونهوض المتجر. [ص:76] وقد روى الخطيب في التاريخ عن الجاحظ الأمصار عشرة فالصناعة بالبصرة والفصاحة بالكوفة والخير ببغداد والعز بالري والحسد بهراة والجفاء بنيسابور والبخل بمرو والطرمزة بسمرقند والمروة ببلخ والتجارة بمصر اه وفي الخطط أن في بعض الكتب الإلهية إن مصر خزائن الأرض كلها فمن أرادها بسوء قصمه الله وعن كعب الأحبار مصر بلد معافاة من الفتن من أرادها بسوء كبه الله على وجهه وعن أبي موسى ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته نعم كره بعض السلف استيطانها أخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر بن عبد العزيز قال لرجل: أين تسكن قال: الفسطاط قال: أف أتسكن الخبيثة المنتنة وتذر الطيبة الإسكندرية فإنك تجمع بها دنيا وأخرى طيبة الموطأ والذي نفس عمر بيده لوددت أن قبري يكون بها
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمرو) بن العاص(6/75)
8485 - (من أغاث ملهوفا) أي مكروبا وهو شامل للمظلوم والعاجز (كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة واحدة فيها صلاح أمره كله) أي في الدنيا والآخرة (وثنتان وسبعون درجات يوم القيامة) فيه ترغيب عظيم في الإعانة والإغاثة قال بعضهم: فضائل الإغاثة لا تسع بيانه الطروس فإنه يطلق في سائر الأحوال والأزمان والقضايا
(تخ هب) عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف عن غسان بن الفضل عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن زياد عن أبي حسان (عن أنس) بن مالك قضية تصرف المصنف أن البخاري خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد وقال: هو منكر الحديث وفي الميزان: وهاه ابن حبان وقال: حدث عن أنس بنسخة أكثرها موضوع ثم ساق منها هذا الخبر وحكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا(6/76)
8486 - (من اغبرت قدماه) أي أصابهما غبار أو صارتا ذا غبار والمراد المشي (في سبيل الله) أي في طريق يطلب فيها رضا الله فشمل طريق الجهاد وطلب العلم وحضور الجماعة والحج وغير ذلك لأنه اسم جنس مضاعف يفيد العموم إلا أن المتبادر في سبيل الله الجهاد (حرمه الله) كله (على النار) أبلغ من قوله أدخله الجنة وإذا كان ذا في غبار قدميه فكيف بمن بذل نفسه فقاتل وقتل في سبيل الله؟ فيه تنبيه على فضيلة المشي على الأقدام للطاعات وأنه من الأعمال الرابحة التي يستوجب العبد بها معالي الدرجات والفردوس الأعلى
(حم خ) في الصلاة والجهاد وفيه قصة (ت ن) في الجهاد (عن أبي عبس) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة عبد الرحمن بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة اه(6/76)
8487 - (من اغتاب غازيا فكأنما قتل مؤمنا) أي في مطلق حصول الإثم أو هو زجر وتهويل
(الشيرازي) أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ (عن ابن مسعود) وفيه الحسن بن أبي الحسن قال الذهبي في الضعفاء: منكر الحديث(6/76)
8488 - (من اغتسل يوم الجمعة) أي لها في وقت غسلها وهو من الفجر إلى الزوال (كان في طهارة) من الساعة التي صلى فيها الجمعة أو من وقت الغسل (إلى) مثلها من (الجمعة الأخرى) والمراد الطهارة المعنوية وهذا تنبيه على عظيم فضل الغسل لها
(ك) في باب الجمعة من حديث هارون بن مسلم العجلي عن أبان عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة (عن أبي قتادة) قال عبد الله: دخل علي أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال: غسل جنابة أو للجمعة قلت: من جنابة قال: أعد غسلا آخر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم: على شرطهما وهارون بصري ثقة تفرد عنه [ص:77] شريح بن يونس اه وتعقبه الذهبي في المهذب فقال: هذا حديث منكر وهارون لا يدرى من هو اه(6/76)
8489 - (من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أذله الله تعالى في الدنيا والآخرة) أي خذله بسبب تركه نصرة أخيه مع قدرته عليه لتركه للنصر وخذلانه أن يدركه سخطه أو يقابله بعقوبته. قال النووي: والغيبة ذكر الإنسان بما يكره بلفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة عين أو رأس أو يد وضابطه كل ما أفهمت به غيرك من نقص مسلم فهو غيبة ومنه المحاكاة بأن يمشى متعارجا أو مطأطئا أو غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية من ينقصه فكل ذلك حرام يجب إنكاره بلا خلاف. قال: ومنه إذا ذكر مصنف كتاب شخصا بعينه قاتلا قال فلان مريدا تنقيصه والشناعة عليه فهو حرام فإذا أراد بيان غلطه لئلا يقلد أو بيان ضعفه لئلا يغتر به فليس بغيبة بل نصيحة واجبة قال: ومن ذلك غيبة المتفقهين والمتعبدين فإنهم يعرضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم بالتصريح فيقال لأحدهم كيف حال فلان فيقولون الله يصلحنا الله يغفر لنا الله يصلحه نسأل الله العافية الله يتوب علينا وما أشبه ذلك مما يفهم تنقصه فكل ذلك غيبة محرمة وكما يحرم على المغتاب يحرم على السامع سماعها وإقرارها فيلزم السامع نهيه إن لم يخف ضررا فإن خافه لزمه الإنكار بقلبه ومفارقة المجلس
(ابن أبي الدنيا في) كتاب (ذم الغيبة عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وقال المنذري: أسانيده ضعيفة ورواه عنه أيضا البغوي في شرح السنة والحارث بن أبي أسامة(6/77)
8490 - (من أفتى بغير علم) في رواية أفتى بالبناء للمجهول وعليها اقتصر جمع منهم الكمال ابن أبي شريف ولفظ رواية الحاكم من أفتى الناس بغير علم (كان إثمه على من أفتاه) وقال الأشرفي: يجوز أن يكون أفتى الناس بمعنى استفتى أي كان إثمه على من استفتاه فإنه جعل في معرض الإفتاء بغير علم ويجوز أن يكون الأول مجهولا أي فإثم أصابه على من أفتاه أي الإثم على المفتي دون المستفتى اه. وخرج بقوله بغير علم ما لو اجتهد من هو أهل للاجتهاد فأخطأ فلا إثم عليه بل له أجر الاجتهاد (ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) قال الطيبي: إذا عدى أشار بعلى كان بمعنى المشورة أي استشاره وسأله كيف أفعل هذا الأمر
(د) في العلم (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وأورده عبد الحق في الأحكام ساكتا عليه قال ابن القطان: ولا أدري كيف سكت ولعله اعتقد اعتقادا أخطأ فيه كيف وهو يسمع تأثيم من أفتى بغير علم والخبر ضعيف لأمور ثم اندفع في توجيهه وأطال(6/77)
8491 - (من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض) لفظ رواية ابن لال وغيره السماوات بلفظ الجمع
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي(6/77)
8492 - (من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له) وفي رواية بدله من غير عذر وفي رواية من غير علة (لم يقض عنه صيام الدهر كله) وهو مبالغة ولهذا أكده بقوله (وإن صامه) أي الدهر حق الصيام ولم يقصر فيه وبذل جهده وطاقته وزاد في المبالغة حيث أسند القضاء إلى الصوم إسنادا مجازيا وأضاف الصوم إلى الدهر إجراءا للظرف مجرى المفعول به إذ الأصل لم يقض هو في الدهر كله أو هو مؤول بأن القضاء لا يقوم مقام الأداء وإن صام [ص:78] عوض اليوم دهرا (1) لأن الإثم لا يسقط بالقضاء وإن سقط به الصوم ولأن القضاء لا يساوي الأداء في الإكمال فقوله لم يقضه عنه صيام الدهر أي في وصفه الخاص به وهو الكمال وإن كان يقضى عنه وصفه العام المنحط عن كمال الأداء قال ابن المنير: هذا هو الأليق بمعنى الحديث ولا يحمل على نفي القضاء بالكلية إذ لا تعهد عبادة واجبة مؤقتة لا تقبل القضاء
(حم 4) كلهم في الصوم واللفظ للترمذي وذكره البخاري تعليقا بصيغة التمريض (عن أبي هريرة) وفيه أبو المطوس ابن يزيد الطوس تفرد به قال الترمذي في العلل عن البخاري: لا أعرف له غيره ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا وقال القرطبي: حديث ضعيف لا يحتج بمثله وقد صحت الأحاديث بخلافه وقال الدميري: ضعيف وإن علقه البخاري وسكت عليه أبو داود وممن جزم بضعفه البغوي وقال ابن حجر: فيه اضطراب قال الذهبي في الكبائر: هذا لم يثبت
_________
(1) ومذهب الشافعي أنه يجب عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار وبرئت ذمته وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثني عشر يوما لأن السنة اثنا عشر شهرا وقال سعيد بن المسيب: يلزمه أن يصوم ثلاثين يوما وقال النخعي: يلزمه أن يصوم ثلاثة آلاف يوم وقال علي وابن مسعود: لا يقضيه صوم الدهر واحتجا بهذا الحديث(6/77)
8493 - (من أفطر يوما) وفي رواية (من رمضان في الحضر) تعديا (فليهد بدنة) قيد بالحضر ليخرج السفر الذي يباح فيه القصر والفطر وهذا القيد ثابت في كتاب الدارقطني المعزو إليه كما ترى ومن عزى الحديث له وأسقط القيد كعبد الحق فقد وهم وقضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الدارقطني فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر للمساكين اه
(قط) من حديث عثمان السماك عن أحمد بن خالد بن عمرو الحمصي عن أبيه عن الحارث بن عبيدة الكلاعي عن مقاتل بن سليمان عن عطاء (عن جابر) ثم قال أعني الدارقطني: الحارث ومقاتل ضعيفان جدا اه. فقد برئ مخرجه من عهدته ببيان حاله فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد وفي الميزان: هذا حديث باطل يكفي في رده تلف خالد وشيخه ضعيف ومقاتل غير ثقة وخالد كذبه الغرياني ووهاه ابن عدي اه. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: مقاتل كذاب والحارث ضعيف وتبعه المؤلف في مختصره ساكتا عليه(6/78)
8494 - (من أفطر يوما من رمضان فمات قبل أن يقضيه) أي قبل أن يتمكن من قضائه (فعليه) في تركه (بكل يوم مد) من جنس الفطرة (لمسكين) أو فقير وبه قال الشافعي (1)
(حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الطبراني أيضا وفيه أشعث بن سوار ضعفه جمع اه
_________
(1) وحمله على ما إذا فات بغير عذر أما ما فات بعذر كمن أفطر فيه لمرض ولم يتمكن من قضائه بأن استمر مرضه حتى مات فلا إثم في هذا الفائت ولا تدارك له بالفدية(6/78)
8495 - (من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة) وبه أخذ الشافعي وقال مالك وأحمد: من أكل أو جامع ناسيا لزمه قضاء وكفارة وأنه عبادة تفسد بأكل وجماع عمدا فوجب أن يفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد [ص:79] الأول بالفرق لأن المنهي في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه كخلق وقتل صيد والثاني ما فيه فرق كتطيب ولبس فألحق الجماع بالأول لأنه إتلاف والثاني لأنه مخطىء في الفعل وبينهما فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا هذا الخبر وخبر من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فليس عليه بأس وخبر رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا تصح التسوية ولا بالشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والإمتثال بخلاف المنهي عنه فإنه للاتباع والكف والنسيان فيه غالب فإن قيل لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداويا لورود النص بالأكل والشرب رد بأنه ألحق بها الغير قياسا وإجماعا فإن قيل السهو كالجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقا لعموم النص رد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندور كثرة السهو
(ك هق عن أبي هريرة) قال البيهقي: رواته ثقات وتعقبه في المهذب بأن النسائي رواه عن يوسف بن سعيد عن علي بن بكار عن محمد بن عمرو وقال: هذا حديث منكر(6/78)
8496 - (من أقال مسلما) أي وافقه على نقض البيع أو البيعة وأجابه إليه (أقال الله عثرته) أي رفعه من سقوطه يقال أقاله يقيله إقالة وتقاؤلا إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا ندم أحدهما أو كلاهما وتكون الإقالة في البيعة والعهد كذا في النهاية قال ابن عبد السلام في الشجرة إقالة النادم من الإحسان المأمور به في القرآن لما له من الغرض فيما ندم عليه سيما في بيع العقار وتمليك الجوار
(د هـ ك) في البيع (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وقال ابن دقيق العيد: هو على شرطهما وصححه ابن حزم لكنه في اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطني(6/79)
8497 - (من أقال نادما) زاد في رواية صفقته أي وافقه على نقض البيع (1) (أقاله الله يوم القيامة) دعاء أو خبر قال المطرزي: الإقالة في الأصل فسخ البيع وألفه واو أو ياء فإن كانت واوا فاشتقاقه من القول لأن الفسخ لا بد فيه من قيل وقال وإن كانت ياء فيحتمل أن ينحت من القيلولة
(هق) من حديث زاهر بن نوح عن عبد الله بن جعفر ولد ابن المديني عن العلاء عن أبيه (عن أبي هريرة) وعبد الله مجمع على ضعفه كما بينه في الميزان وأورد هذا الخبر من مناكيره وأعاده في محل آخر ونقل تضعيفه عن الدارقطني
_________
(1) وأجابه إليه إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما وهي فسخ لا بيع فلا يترتب عليها أحكام البيع من الأخذ بالشفعة وغيره(6/79)
8498 - (من أقام مع المشركين) في ديارهم بعد إسلامه (فقد برئت منه الذمة) وهذا كان في صدر الإسلام حين كانت الهجرة إليه عليه الصلاة والسلام واجبة لنصرته ثم نسخ
(طب هق عن جرير) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه حجاج بن أرطاة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: متفق على تليينه قال أحمد: لا يحتج به وقال يحيى: ضعيف وقال النسائي: ليس بقوي وقال الدارقطني: لا يحتج به وقال ابن عدي: ربما أخطأ لكن لا يتعمد الكذب وقال ابن حبان: تركوه وفيه قيس بن أبي حازم وثقه قوم وقال ابن المديني عن القطان: منكر الحديث وأقره الذهبي(6/79)
8499 - (من أقام البينة على أسير) أي على قتله إياه (فله سلبه) (1) بالتحريك وهو ما على بدنه من الثياب قال الراغب: [ص:80] الأسر الشد بالقيد من قولهم أسرت القتب فسمى الأسير به ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وإن لم يشد ذلك ويتجوز به فيقال أنا أسير نعمتك
(هق عن أبي قتادة) رمز المصنف لصحته
_________
(1) أي بشرط أن يكون القاتل مسلما والسلب بفتح اللام ثياب القتيل التي عليه والخف والران وهو خف بلا قدم والمركوب الذي قاتل عليه وأمسكه بعنانه والسرج واللجام والنفقة التي معه والجنيبة التي تقاد معه وكفاية شر الحربي مثل قتله كأن يفقأ عينيه أو يقطع يديه أو رجليه(6/79)
8500 - (من اقتبس) أي تعلم من قبست من العلم واقتبست من الشيء إذا تعلمته والقبس شعبة من النار واقتباسها الأخذ منها (علما من النجوم) أي من علم تأثيرها لا تسييرها فلا يناقض ما سبق من خبر تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر وقد مر التنبيه على طريق الجمع (اقتبس شعبة) أي قطعة (من السحر) المعلوم تحريمه ثم استأنف جملة أخرى بقوله (زاد ما زاد) يعنى كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر أو زاد اقتباس شعب السحر ما زاده اقتباس علم النجوم ومن زعم أن المراد زاد النبي على ما رواه ابن عباس عنه في حق علم النجوم فقد تكلف ونكر علما للتقليل ومن ثم خص الاقتباس لأن فيه معنى العلة ومن النجوم صفة علما وفيه مبالغة ذكره الطيبي وذلك لأنه يحكم على الغيب الذي استأثره الله بعلمه فعلم تأثير النجوم باطل محرم وكذا العمل بمقتضاه كالتقرب إليها بتقريب القرابين لها كفر كذا قاله ابن رجب
<تنبيه> قال بعض العارفين: أصناف حكما عقلاء السالكين إذا حاولوا جلب نفع أو دفع ضر لم يحاوله بما يجانسه من الطبائع بل حاولوه بما هو فوق رتبته من عالم الأفلاك مثلا التي رتبتها غالبة رتب الطبائع ومستولية عليها فحاولوا ما يرومونه من أمر ظاهر لتلك بما هو أعلى منه كالطلاسم واستنزال الروحانيات المنسوبة عندهم للكواكب وهذا الاستيلاء الروحاني الفلكي الكوكبي على عالم الطبيعة هو المسمى علم السيميا وهو ضرب من السحر لأنه أمر لم يتحققه الشرع ولا يتم ولا يتحقق مع ذكر الله عليه بل يبطل ويضمحل اضمحلال السراب عند غشيانه والى نحوه يشير هذا الخبر
(حم د) في الطب (هـ) في الأدب (عن ابن عباس) وقال النووي في رياضه بعد عزوه لأبي داود: إسناده صحيح فرمز المصنف لحسنه فقط تقصير قال الذهبي في المهذب: حديث صحيح وقال في الكبائر: رواه أبو داود بسند صحيح(6/80)
8501 - (من اقتصد) في النفقة (أغناه الله ومن بذر) فيها (أفقره الله ومن تواضع رفعه الله ومن تجبر قصمه الله) أهانه وأذله
<تنبيه> في تذكرة العلم للبلقيني أن سبب موت أبي العباس الناشئ أنه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب نظمه فقال: كم تقولون لو شئت وتكلم بكلام عظيم فأنكروا عليه فقال: إيتوني بقرطاس ومحبرة فأخذه ودخل بيتا فانتظروه طويلا فلم يخرج فدخلوا فإذا هو ميت
(البزار) في مسنده (عن طلحة) بن عبيد الله قال: كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو صائم فأجهده الصوم فحلبنا له ناقة في قعب وصببنا عليه عسلا نكرمه به عند فطره فلما غابت الشمس ناولناه فلما ذاقه قال بيده كأنه يقول ما هذا قلنا: لبنا وعسلا أردنا أن نكرمك به أحسبه قال أكرمك الله بما أكرمتني أو دعوة هذا معناها ثم ذكره قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفه وقال شيخه الزين العراقي: فيه عمران بن هارون البصري قال الذهبي: شيخ لا يعرف حاله والحديث منكر(6/80)
8502 - (من اقتطع) أي أخذ أرضا باستيلاء عليها بغير حق قليلا كان أو كثيرا وتقييده بالشبر في رواية خرج مخرج [ص:81] التقليل سواء كانت لمالك معين أو غيره كبيت المال كما في بعض شروح مسلم وسواء اقتطعها للتملك أو ليزرعها ويردها وفي رواية لمسلم من اقتطع حق امرئ وهو يشمل غير المالك كجلد ميتة وسرجين وحد قذف ونصيب زوجة في القسم وغير ذلك حال كونه ظالما (لقي الله وهو عليه غضبان) في رواية وهو عنه معرض والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور وقد عرف بتعريف لفظي فقيل هو تغير يحصل عند غليان دم القلب لإرادة الانتقام وهذا بإطلاقه محال على الله تقدس وكذا ما شاكله كفرح وخداع واستهزاء لكن لها غايات كإرادة الانتقام من المغضوب عليهم في الغضب فإطلاقها عليه سبحانه بذلك الاعتبار وأفاد إثبات الغصب في العقار فهو رد على أبي حنيفة في نفيه وخص الغضب بهذا العاصي مع أنه سبحانه غضبان على غيره من العصاة لأن الظالم لم يرض بنعمة الله وغضب عليه حق طمع في قسمة غيره فجوزي بالمثل
(حم م عن وائل) بن حجر(6/80)
8503 - (من اقتنى) بالقاف (كلبا) أمسكه عنده للادخار (إلا كلب ماشية أو كلبا ضاريا) أي معلما للصيد معتاد له ومنه قول عمران لللحم ضراوة كضراوة الخمر أي من اعتاده لا يصبر عنه كما لا يصبر عن الخمر معتادها وروي ضاري بلغة من يحذف الألف من المنقوص حالة النصب وأو للتنويع لا للترديد (نقص من عمله) اي من أجر عمله ففيه إيماء إلى تحريم الإقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر إلا بسببه (كل يوم) من الأيام الذي اقتناه فيها (قيراطان) أي قدرا معلوما عند الله إما بأن يدخل عليه من السيئات ما ينقص أجره في يومه وإما بذهاب أجره في إطعامه لأن في كل كبد حراء أجر أو بغير ذلك ولا ينافيه خبر البخاري قيراط لأن من زاد حفظ ما لم يحفظه غيره أو أخبر أولا بنقص قيراط ثم زيد النقص أو ذلك منزل على حالتين كالقلة والكثرة أو خفة الضرر وشدته أو قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار أو قيراط فيما مضى من عمله وقيراط من مستقبله أو قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل أو مختلف باختلاف الأنواع والبقاع فقيراطان بالحرمين وقيراط بغيرهما أو الزمنين بأن خفف الشارع أولا ثم لما بلغه أنهم يأكلون معها غلظ أو لغير ذلك ولو تعددت الكلاب فهل تتعدد القراريط كما في صلاة الجنازة أولا كما في غسلات الولوغ؟ احتمالان وسبب النقص منع الملائكة من ولوج محله أو ضرر المارة أو الجار أو هو عقوبة للمقتني أو لتنجس الأواني أو لترويع الناس وتنجيسهم أو لغيرها قال بعض المتأخرين: والظاهر أن هذا القيراط دون القيراط في خبر من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط لأن هذا من قبيل المطلوب تركه وذلك من المطلوب فعله وعادة الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها كرما منه وأفاد حل اقتناء كلب لنحو ماشية وصيد وقيس به نحو حرس وزرع ودرب ودار بجامع الحاجة
(حم ق ت عن ابن عمر) بن الخطاب(6/81)
8504 - (من أقر بعين مؤمن) أي فرحها وأسرها أو بلغها أمنيتها حتى رضيت وسكنت (أقر الله عينه يوم القيامة) جزاء وفاقا
(ابن المبارك) في الزهد والرقائق (عن رجل) من التابعين (مرسلا) قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف(6/81)
8505 - (من أقرض ورقا) بفتح فكسر فضة (مرتين كان عدل صدقة مرة) وفي رواية لابن حبان في صحيحه من أقرض مسلما درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وهذا الحديث تقدم ما يعارضه في حرف الدال ومر الجمع بحمل هذا على أن الصدقة أفضل من حيث الانتهاء والقرض أفضل من حيث الابتداء لما فيه من صون وجه من لم يعتد السؤال
(هق عن ابن مسعود) ثم قال البيهقي: إسناده ضعيف ورواه بإسناد آخر قال الذهبي: فيه قيس مجهول وأبو الصباح [ص:82] مجمع على ضعفه وهذا الحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه كما تقرر فعدول المؤلف عن الصحيح وإيراد الضعيف من سوء التصرف اه(6/81)
8506 - (من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا) لأن في الاكتحال به مزية للعين وتقوية للبصر ومدد للروح متصل ببصر العين فإذا اكتحل فذهبت الغشاوة وصل النفع إلى بصر الروح ووجد له راحة وخفة فإذا كان ذلك منه في ذلك اليوم نال البركة فعوفي من الرمد
(هق) عن الحاكم عن عبد العزيز بن محمد عن علي بن محمد الوراق عن الحسين بن بشر عن محمد بن الصلت بن جويبر عن الضحاك (عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي: إسناده ضعيف بمرة قال: وجويبر ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس اه. وقال الحاكم: منكر وأنا أبرأ إلى الله من عهدة جويبر فقال السخاوي: قلت بل هو موضوع وقال الزركشي: لا يصح فيه أثر وهو بدعة وقال ابن رجب في لطائف المعارف: كل ما روي في فضل الاكتحال والاختضاب والاغتسال فيه موضوع لا يصح وقال ابن حجر: حديث إسناده واه جدا وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الوجه بسند ليس فيه غير أحمد بن منصور وهو إسناد مختلف بهذا المتن قطعا اه(6/82)
8507 - (من اكتوى أو استرقى فقد برىء من التوكل) لفعله ما يسن التنزه عنه من الاكتواء لخطره والاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله لاحتمال كونه شركا أو هذا فيمن فعل معتمدا عليها لا على الله فصار بذلك بريئا من التوكل فإن فقد ذلك لم يكن بريئا منه وقد سبق أن الكي لا يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا بل عند تعينه طريقا للشقاء وعدم قيام غيره مقامه مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى والتوكل عليه وقال ابن قتيبة: الكي نوعان كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه من اكتوى لم يتوكل لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع. والثاني كي الجرح إذا فسد والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي فيه فإن كان لأمر محتمل فخلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق
(حم ت هـ ك عن المغيرة) بن شعبة قال الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن حبان والحاكم(6/82)
8508 - (من أكثر من الاستغفار) وفي رواية للبيهقي من لزم الاستغفار (جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) مقتبس من قوله تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا} لأن من داوم على الاستغفار وقام بحقه كان متقيا وناظرا إلى قوله تقدس {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا} قال الحكيم: وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذاب الذنوب والعيوب فإذا كان العبد مستيقظا على نفسه فكلما أذنب أو أعتب أتبعهما استغفارا فلم يبق في وبالها وعذابها وإذا لها عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى وفي الآخرة عذاب النار وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجا ومن الضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب
(حم ك) في التوبة (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن فيه الحكم بن مصعب فيه جهالة اه وقال في المهذب: مجهول وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك بل خرجه أبو داود والنسائي في يوم وليلة قال الحافظ العراقي: وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي: فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به(6/82)
[ص:83] 8509 - (من أكثر ذكر الله فقد برىء من النفاق) لأن في إكثار الذكر دلالة على محبته لله لأن من أحب شيئا أكثر من ذكره ومن أحبه فهو مؤمن حقا
(طص عن أبي هريرة) وفيه موصل بن إسماعيل قال الذهبي في الذيل: قال البخاري: منكر الحديث وسهل بن أبي صالح أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة وقال ابن معين وغيره: ليس بقوي اه. ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب(6/83)
8510 - (من أكثر ذكر الله أحبه الله تعالى) قال في الحكم: لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور {وما ذلك على الله بعزيز}
(فر عن عائشة) وفيه أحمد بن سهل الواسطي قال الذهبي: قال الحاكم: له مناكير ونعيم بن مودع قال النسائي: غير ثقة(6/83)
8511 - (من أكرم القبلة) فلم يستقبلها ولم يستدبرها ببول ولا غائط احتراما لكونها جهة معظمة (أكرمه الله تعالى) أي في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جزاءا وفاقا
(قط عن الوضين بن عطاء مرسلا) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه تقدم لكن يعضده ما رواه الدارقطني أيضا في سننه عن طاوس مرسلا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله فلا يستقبلها ولا يستدبرها وما رواه الطبراني في تهذيب الآثار عن سراقة بن مالك مرفوعا إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله فلا تستقبلوا القبلة وفيه أحمد بن ثابت الملقب فرخويه متهم(6/83)
8512 - (من أكرم امرءا مسلما فإنما أكرم الله تعالى) لفظ رواية الطبراني من أكرم أخاه المؤمن والقصد بالحديث الحث على تراحم المؤمنين وتعاطف بعضهم على بعض والتحذير من التدابر والتقاطع واحتقار المسلم والمحافظة على توقيره وتعظيمه والإحسان إليه بالقول والفعل
(طس عن جابر) بن عبد الله قال في الميزان: خبر باطل اه لكن قال الحافظ العراقي: حديث ضعيف وقال تلميذه الهيثمي: فيه بحر بن كثير وهو متروك اه(6/83)
8513 - (من أكل لحما فليتوضأ) أي لحم إبل كما يرشد إليه بعض الروايات أو لحما مسته النار كما جاء في الأخبار من الأمر بالوضوء مما مسته وكيفما كان فالخبر منسوخ أو محمول على الندب
(حم طب عن سهل بن الحنظلية) رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه سليمان بن أبي الربيع لم أر من ترجمه والقاسم بن عبد الرحمن مختلف في الاحتجاج به(6/83)
8514 - (من أكل الطين فكأنما) وفي رواية فإنما (أعان على قتل نفسه) لأنه رديء مؤذ يسد مجاري العروق شديد البرد واليبس قوي التجفيف يمنع استطلاق البطن ويورث نفث الدم وقروح الدم وقد استدل بعض المجتهدين على ذهابه إلى تحريم أكل الطين بقوله تعالى {كلوا مما في الأرض} وما قال كلوا الأرض قال الحرالي: والطين متخمر الماء والتراب
(طب عن سلمان) قال الهيثمي: فيه يحيى بن يزيد الأهوازي جهله الذهبي وبقية رجاله رجال الصحيح اه وفي الميزان: يحيى بن يزيد الأهوازي حديثه في أكل الطين لم يصح والرجل لا يعرف اه وقال ابن حبان: الحديث باطل وكذا قال الخطيب وقال ابن الجوزي: موضوع وقال الرافعي: أخبار النهي عن أكل الطين لا يثبت منها شيء وقال ابن حجر: جمع ابن منده فيها جزءا [ص:84] ليس فيه ما يثبت وعقد لها البيهقي بابا وقال: لا يصح منها شيء وقال المصنف في الدرر تبعا للزركشي: أحاديثه لا تصح وقضية صنيع المصنف أنه مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه والأمر بخلافه فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن أبي هريرة(6/83)
8515 - (من أكل ثوما) بضم الثاء المثلثة (أو بصلا) أي نيئا من جوع أو غيره كما في لفظ رواية البخاري (فليعتزلنا أو ليعتزل) شك من الراوي (مسجدنا) أيها المسلمون أي الأماكن المعدة للصلاة فالمراد بالمسجد الجنس كما يدل عليه رواية أحمد مساجدنا فالإضافة للملابسة أو تقديره مسجد أهل ملتنا وأما ما قيل الإضافة تفيد أن النهي خاص بمسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم أو المسجد الذي فرضه للصلاة فيه يوم خيبر فقد تعقبوه بأن علة النهي تأذي الملائكة وذا شامل للمصلي منفردا وقضيته ترك الصلاة إلى التنصل من الرائحة وذلك قد يفضي بخروج الوقت وهو محرم فلزم إما جواز تأخير الصلاة إلى خروج الوقت أو حرمة أكل ذلك لأن ما أفضى لمحرم يحرم وكل منهما منتف والجواب أن أداء الصلاة في الوقت فرض والفرض لا يترك عند اجتماعه بمحرم وبأن المراد بالملائكة الملائكة الذين مع المصلي فإنه لا بد أن يكون معه من ملائكة ينوي بهم عند التسليم عن يمينه وشماله فلا يلزم من كون الجماعة متروكة بتأذي جمع من المؤمنين مع ملائكتهم كون الصلاة متروكة بتأذي ملائكة المصلي وحده وألحق بهذين كل ما آذى ريحه كالكراث وأخذ منه أن كل من به ما يؤذي الناس كجذام وبرص وبخر وجراحة نضاحة وذات ريح تؤذي ونحو سماك وزبال وقصاب يمنع من المسجد وقال ابن عبد البر: ومنه يؤخذ أن من آذى الناس بلسانه يمنع من المسجد إلا أن ما ذكر من منع الأجذم وما معه نازع فيه ابن المنير بأن أكل الثوم أدخل في نفسه المانع اختيارا بخلاف أولئك وأشار ابن دقيق العيد إلى أن هذا كله توسع غير مرضي (وليقعد) بواو العطف وفي رواية أو ليقعد (في بيته) بالشك وهو أخص من الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره وقيل إنه تأكيد لما قبله على وجه المبالغة
<تنبيه> قال في الفتح: حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه
(ق) في الصلاة (عن جابر) بن عبد الله قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم والبصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها فذكره ورواه عنه أيضا أبو داود والنسائي قال المصنف: وهو متواتر(6/84)
8516 - (من أكل بالعلم) يعني اتخذ علمه ذريعة إلى جلب المال والتكالب على جمعه رجاء أن يقضي من الدنيا وطره ويتنعم بأكل الطيبات (طمس الله على وجهه) وفي رواية الديلمي طمس الله عز وجل عينيه (ورده على عقبيه وكانت النار أولى به) وإن انتفع الناس بعلمه لأن ما أفسد بعلمه أكثر مما أصلحه بقوله إذ لا يستجرى الجاهل على الرغبة في الدنيا إلا باستجراء العالم واتخاذهم العلم مجلبة لحطامها فقد صار علمه سببا لجرأة عباد الله على معاصيه ونفسه الجاهلة مع ذلك تمنيه وترجيه وتخيل له أنه خير من كثير من الناس وبذلك ينقطع عن التوبة فيخاف عليه سوء الخاتمة فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره وتتدلى بحبل غروره قال حجة الإسلام: والعلم النافع مما يزيد الخوف من الله والبصيرة بعيوب النفس ويقلل الرغبة في الدنيا ويزيد الرغبة في الآخرة ويطلع على مكائد الشيطان وغروره وكيفية تلبيسه على علماء الشر حتى عرضهم لمقت الله وسخطه حيث أكلوا الدنيا بالدين واتخذوا العلم ذريعة إلى أخذ الأموال من السلاطين وأكل أموال الأوقاف واليتامى والمساكين وصرف هممهم طول نهارهم الى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق واضطرهم ذلك إلى المماراة والمنافسة والمباهاة - إلى هنا كلام الحجة
(الشيرازي) في الألقاب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي(6/84)
[ص:85] 8517 - (من أكل فشبع وشرب فروى) بفتح فكسر (فقال الحمد لله الذي أطعمني وأشبعني وسقاني وأرواني خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) أي كحاله وقت ولادة أمه له في كونه لا ذنب له والظاهر أن المراد الصغائر لا الكبائر كنظائره وفي رواية لأبي داود عن أنس مرفوعا من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وفي الحديث دليل على جواز الشبع ورد على من كرهه من الصوفية والمكروه منه ما يزيد على الاعتدال وهو الأكل بكل البطن حتى لا يترك للماء ولا للنفس مساغا وحينئذ قد ينتهي إلى التحريم
(ع وابن السني عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه وقال ابن حجر: سنده ضعيف اه. ووجهه أن فيه محمد بن إبراهيم الشامي قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن حبان: يضع الحديث وحرب بن شريح قال أعني الذهبي: لينه بعضهم(6/85)
8518 - (من أكل قبل أن يشرب) في الصوم (وتسحر ومس شيئا من الطيب) أي في ليل الصوم (قوي على الصيام) لأن الطيب غذاء الروح
(هب عن أنس) بن مالك(6/85)
8519 - (من أكل من قصعة) بفتح القاف أي من أكل طعاما من آنية قصعة أو غيرها (ثم لحسها) تواضعا واستكانة وتعظيما لما أنعم الله به عليه وصيانة لها عن الشيطان (استغفرت له القصعة) لأنه إذا فرغ من طعامه لحسها الشيطان فإذا لحسها الإنسان فقد خلصها من لحسه فاستغفرت له شكرا بما فعل ولا مانع شرعا ولا عقلا من أن يخلق الله في الجماد تمييزا ونطقا أو ذلك كناية عن حصول المغفرة له ابتداء لأنه لما كان حصول المغفرة بواسطة لحسها جعلت كأنها طلبت له المغفرة وقال القاضي: معناه أن من أكل فيها ولحسها تواضعا واستكانة وتعظيما لما أنعم الله عليه من رزق وصيانة عن التلف غفر له ولما كانت المغفرة بسبب لحس القصعة جعلت كأنها تستغفر له وتطلب المغفرة لأجله لا يقال التسمية عند الأكل دافعة للشيطان فلا حاجة إلى لحسها لدفعه لأنا نقول هو إذا سمى على أكله ثم رفض ما بقي ذهب سلطان التسمية وحراسته فإذا استقصى لحسها شكرت له فسألت ربها المغفرة وهي الستر لذنوبه حيث سترها قال زين الحفاظ: وإذا سلت الطعام بأصبعه كان لاحسا للقصعة بواسطة الأصبع خلافا لما زعمه ابن العربي من أن اللحس إنما يكون بلسانه قال في المطامح: وشرب الماء الذي يغسل به القصعة لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما يفعله أجلاف المريدين من بيعه والنداء عليه فبدعة وضلالة
(حم ت هـ) في الأطعمة (عن نبيشة) بمعجمة مصغرا ابن عبد الله الهذلي ويقال له نبيشة الخير وقيل هو ابن عمرو بن عوف الهذلي وكذا رواه عنه الدارمي وابن شاهين والحكيم وغيرهم وقال الترمذي: غريب وكذا قال الدارقطني(6/85)
8520 - (من أكل مع قوم تمرا) لفظ رواية ابن حبان من تمر وهم شركاء فيه (فلا يقرن) تمرة بتمرة ليأكلهما معا (إلا أن يأذنوا له) فلا نهي قال النووي: اختلف في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة والصواب التفصيل فإن كان الطعام مشتركا لم يجز القران إلا بإذن صريح أو ما يقوم مقامه من قرينة قوية تغلب ظن الرضى وإن كان له وحده فالأدب [ص:86] تركه ككلما يقتضي الشره إلا أن يكون مستعجلا يريد به الإسراع لشغل آخر قال: وقول الخطابي المنع كان في زمن قلة العيش وأما الآن فلا حاجة للاستئذان مردود إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت كيف وهو غير ثابت اه. قال ابن حجر: ولعل النووي أشار إلى ما أخرجه ابن شاهين والبزار في تفسيره عن بريد رفعه كنت نهيتكم عن القران في التمر وإن الله وسع عليكم فأقرنوا فإن في إسناده ضعفا وقد حكى الحازمي الإجماع على جواز القران أي للمالك أو للمأذون قال ابن حجر: وفي معنى التمر الرطب والزبيب والعنب ونحوها لوضوح العلة الجامعة
(طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن فإذا أراد أن يفعل ذلك فليستأذنهم فإن أذنوا فليفعل(6/85)
8521 - (من أكل من هذه اللحوم فليغسل يده من ريح وضره) بفتح الواو والضاد المعجمة أي دسمه وزهومته يعني يزيل رائحة ذلك بالغسل بالماء وبغيره لكن بعد لعق أصابعه كما تقدم حيازة لبركة الطعام كما تقدم (لا يؤذي من حذاءه) من الآدميين أو الملائكة فترك غسل اليد من الطعام مكروه لتأذي الحافظين به
(ع عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه الوازع بن نافع وهو متروك وقال الحافظ العراقي وتبعه القسطلاني: في سنده ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن سلمة فإن كان ابن كهيل ففي الضعفاء للذهبي: واهي الحديث أو البناني فتركه ابن حبان عن الوازع بن نافع قال أحمد وغيره: غير ثقة(6/86)
8522 - (من أكل طيبا) أي حلالا (وعمل في) موافقة (سنة) نكرها لأن كل عمل يفتقر إلى معرفة سنة وردت فيه (وأمن الناس بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية والمراد الشرور كالظلم والغش والإيذاء كذا قرره التوربشتي قال الطيبي: وأراد أن سنة نكرة وضعت موضع المعرفة لإرادة استغراق الجنس بحسب أفراده وفائدته أن كل عمل وردت فيه سنة ينبغي رعايتها حتى قضاء الحاجة وإماطة الأذى (دخل الجنة) أي من اتصف بهذه الخصلة استحق دخولها مع الفائزين الأولين أو بدون عذاب وإلا فمن لا يعمل بالسنة وكان شريرا خبيثا ومات على الإسلام يدخلها بعد العذاب أو العفو. وهذا الحديث له عند مخرجه الترمذي تتمة وهي قال رجل: يا رسول الله إن هذا اليوم في الناس لكثير قال: وسيكون في قرون بعدي اه. بنصه
(ت) قبيل باب صفة الجنة (ك) في الأطعمة (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه سألت محمدا يعني البخاري عنه فلم يعرف اسم أبي بشير أحد رواته وعرفه من وجه آخر وضعفه اه وقال ابن الجوزي: قال أحمد: ما سمعت بأنكر من هذا الحديث(6/86)
8523 - (من ألطف مؤمنا أو خف له في شيء من حوائجه صغر أو كبر كان حقا على الله أن يخدمه) بضم فسكون وكسر الدال أي يجعل له خدما (من خدم أهل الجنة) يتولون خدمته جزاء ومكافأة على خدمته لأخيه في دار الدنيا {إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا} وهذا إبانة عن عظيم فضل قضاء حوائج الناس
(البزار) في مسنده (عن أنس) ابن مالك قال الهيثمي: فيه يعلى بن ميمون وهو متروك(6/86)
[ص:87] 8524 - (من ألف المسجد) أي تعود القعود فيه لنحو اعتكاف وصلاة وذكر الله عز وجل وتعلم أو تعليم علم شرعي ابتغاء وجه الله تعالى (ألفه الله تعالى) أي آواه إلى كنفه وأدخله في حرز حفظه. قال الراغب: الألف الاجتماع مع القيام يقال ألفت بينهم ومنه الألفة ويقال المألوف ألف وأليف وألوف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتبت ترتيبا قدم فيه ما حقه أن يقدم وآخر فيه ما حقه أن يؤخر
<فائدة> قال مالك بن دينار: المنافقون في المساجد كالعصافير في القفص وكان أبو مسلم الخولاني يكثر الجلوس في المساجد ويقول: المساجد مجالس الكرام
(طص عن أبي سعيد) الخدري قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وعزاه إلى الأوسط لا الأصغر وقال تلميذه الهيمثي: فيه ابن لهيعة وهو ضعيف(6/87)
8525 - (من ألقى) لفظ رواية ابن عدي من خلع (جلباب الحياء فلا غيبة له) يعني المجاهر المتظاهر بالفواحش لا غيبة له إذا ذكر بما فيه فقط ليعرف فيحذر. قال في الفردوس: الجلباب الإزار وقيل كل ما يستتر به من الثوب وهذا فيمن أظهره وترك الحياء فيه لأن النهي عن الغيبة إنما هو لإيذائه المغتاب بما لم يعيبه من شيء ظهر شينه فهو يستره ويكره إضافته له فلا يقدر على التبري منه وأما من فضح نفسه بترك الحياء فهو غير مبال في ذكره لم يلحقه منه أذى فلا يلحقه وعيد الغيبة وهي ذكر العيب بظهر الغيب
(هق) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك قال البيهقي: في إسناده ضعف وإن صح حمل على فاسق معلن بفسقه اه وقال الذهبي: أبو سعيد الساعدي أحد رجاله مجهول وفي الميزان ليس بعمدة ثم أورد له هذا الخبر. قال الحافظ العراقي: ورواه عنه أيضا ابن عدي وابن حبان في الضعفاء وأبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب بسند ضعيف(6/87)
8526 - (من أماط الأذى) من نحو شوك وحجر (من طريق المسلمين) المسلوك (كتب له) به (حسنة ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب على ما مر نظيره
(خد) من حديث المستنير بن الأخضر بن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده (عن معقل بن يسار) قال معاوية: كنت مع معقل في بعض الطرقات فمر بأذى فأماطه فرأيت مثله فنحيته فقال: ما حملك على ذلك قلت: رأيتك صنعت فصنعت فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: سنده حسن اه. ومن ثم رمز المصنف لحسنه(6/87)
8527 - (من أم قوما) أي صلى بهم إماما (وهم له كارهون) لمعنى مذموم فيه شرعا فإن كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل الملام عليهم (فإن صلاته لا تجاوز ترقوته) أي لا ترفع إلى الله رفع العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع كما سلف تقريره
(طب) من حديث شهر بن حوشب عن أبي عبد الرحمن الصعاني (عن جنادة) بضم الجيم وخفة النون ابن أبي أمية الأزدي قال الحافظ في الإصابة: سنده ضعيف(6/87)
8528 - (من أم الناس فأصاب الوقت) أي وقعت الصلاة بهم في الوقت (وأتم الصلاة) بأن أوقعها بشروطها وأركانها (فله ولهم) أي فله ثوابها ولهم ثوابها (ومن انتقص من ذلك شيئا) بأن كان في صلاته خلل ككونه جنبا أو محدثا أو ذا نجاسة خفيفة [ص:88] أو أخل ببعض الأركان الحقيقية (فعليه ولا عليهم) أي فعليه الوزر ولهم الثواب لا عليهم الإثم إذ لا تقصير منهم وهو المجازف
(حم د هـ ك) وقال: على شرط البخاري (عن عقبة بن عامر) الجهني قال عبد الحق: فيه يحيى بن أيوب لا يحتج به وقال ابن القطان: لولا هو لكنا نقول الحديث صحيح وقال الذهبي في المهذب: تابعه ابن أبي حازم عن حرملة(6/87)
8529 - (من أم قوما وفيهم من هو أقرأ منه لكتاب الله وأعلم لم يزل في ثفال) بكسر الثاء المثلثة وفتح الفاء أي هبوط (إلى يوم القيامة)
(عق) من حديث الهيثم بن عقاب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان: والهيثم بن عقاب لا يعرف وقال عبد الحق: مجهول وقال العقيلي: حديث غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه العقيلي خرجه وسلمه غير جيد(6/88)
8530 - (من أمركم من الولاة) أي ولاة الأمور (بمعصية فلا تطيعوه) أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق {والله أحق أن ترضوه}
(حم هـ ك عن أبي سعيد) الخدري قال: كنا في سرية عليها عبد الله بن حذافة وكان من أهل بدر وفيه دعابة فنزل منزلا فأوقد القوم نارا يصطلون فقال: أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا: بلى قال: فإني أعزم عليكم إلا تواثبتم في النار فقام ناس فتحجزوا حتى ظن أنهم واقعون فيها قال: أمسكوا فإنما كنت أضحك معكم فلما قدموا ذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره(6/88)
8531 - (من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف) أي برفق ولين فإنه أدعى للقبول
(هق) من طريق الحاكم (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه سلام بن ميمون الخواص أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان: بطل الاحتجاج به وقال أبو حاتم: لا يكتب حديثه ووثقه ابن معين عن زافر قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه عن المثنى بن الصباح ضعفه ابن معين وقال سهل متروك عن عمرو بن شعيب مختلف فيه(6/88)
8532 - (من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له) ولهذا كان نبي الله داود لا يأكل إلا من عمل يده والأحاديث الدالة على طلب الكسب كثيرة وورد أنه كان أخوان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدهما يحترف والآخر لا يحترف فشكا المحترف أخاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: لعلك ترزق به وفيه أن الكسب لا ينافي التوكل أي حيث أيقن بالله ووثق بقضائه وقد ظاهر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب بين درعين ولبس المغفر وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة وهاجر وأمر بالهجرة وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليهم من السماء وقال اعقل وتوكل
(طس) وكذا ابن عساكر (عن ابن عباس) قال الحافظ الزين العراقي: سنده ضعيف وقال تلميذه الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم(6/88)
8533 - (من أمسك بركاب أخيه المسلم) حتى يركب أو هو راكب فمشى معه (لا يرجوه ولا يخافه) بل إكراما لله تعالى لكونه نحو عالم أو صالح أو شريف (غفر له) أي الصغائر وكم له من نظائر
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه حفص [ص:89] ابن عمر المازني ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/88)
8534 - (من انتسب إلى تسعة آباء كفار (1) يريد بهم) يعني يريد بالانتساب إليهم (عزا وكرما) لفظ رواية أحمد وأبو يعلى فيما وقفت عليه من النسخ وكرامة بدل كرما (كان عاشرهم في النار) أي نار جهنم لأن من أحب قوما حشر في زمرتهم ومن افتخر بهم فقد أحبهم وزيادة وهذا نهي شديد عن الافتخار بالكفرة لكن محل ذلك كما قاله ابن حجر ما إذا أورده على طريق المفاخرة والمشاجرة والظاهر أن مراده بهذا العدد التكثير لا التحديد
(حم) وكذا أبو يعلى بهذا اللفظ من هذا الوجه (عن أبي ريحانة) أبو ريحانة اثنان مدني وسعدي فكان ينبغي تمييزه قال الهيثمي: رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لحسنه وقال ابن حجر في الفتح: إسناده حسن
_________
(1) انظر حكمة التقييد بهذا العدد هل له حكمة أو لا مفهوم له فمتى قصد بالانتساب إلى الكفار الافتخار كان الحكم كذلك كما يشير إليه بقوله يريد بهم عزا إلخ؟ . والظاهر أن المراد الزجر والتنفير عن الافتخار بهم(6/89)
8535 - (من انتقل) أي تحول وارتحل من بلده أو محله إلى محل آخر (ليتعلم علما) من العلوم الشرعية (غفر له) ما تقدم من الصغائر (قبل أن يخطو) خطوة من موضعه إذا أراد بذلك وجه الله تعالى ويتعين الانتقال لتعلم الفروض العينية
(الشيرازي) في الألقاب (عن عائشة) ورواه عنها ابن شاهين والديلمي(6/89)
8536 - (من انتهب) أي أخذ ما لا يجوز له أخذه قهرا جهرا (فليس منا) أي على طريقتنا وليس من العاملين بعملنا المطيعين لأمرنا فأخذ المرء مال المعصوم بغير إذنه ولا علم رضاه حرام شديد التحريم بل يكفر مستحله ولو قضيبا من أراك ومن هذا كره مالك - وطائفة - النهب في نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها وإما أن يحمل على أنه علق التملك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته خلاف
(حم ت والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك (حم د هـ والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الديلمي: وفي الباب عمران بن حصين وغيره(6/89)
8537 - (من أنظر معسرا) أي أمهل مديونا فقيرا من المنظرة قال الحرالي: وهي التأخير المرتقب نجازه (أو وضع عنه) أي حط عنه من دينه وفي رواية أبي نعيم أو وهب له أو وضع عنه (أظله الله في ظله) أي وقاه الله من حر يوم القيامة على سبيل الكناية أو أظله في ظل عرشه حقيقة أو أدخله الجنة (يوم لا ظل إلا ظله) أي ظل الله والمراد به ظل الجنة وإضافته لله إضافة ملك وجزم جمع بالأول فقالوا: المراد الكرامة والحماية من مكاره الموقف وإنما استحق المنظر ذلك لأنه آثر المديون على نفسه وأراحه فأراحه الله والجزاء من جنس العمل
(حم م) في حديث طويل وكذا ابن ماجه (عن أبي اليسر)(6/89)
8538 - (من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته) إلى أن يتوب فيقبل توبته ولا يعاجله بعقوبة ذنبه ولا يميته فجأة قبل التوبة جزاءا وفاقا قال ابن العربي: هذا إذا أنظره من قبل نفسه لا بأمر حاكم فإن رفعه حتى أثبت لم يكن له ثواب وقد أمر الله بالصبر على المعسر في قوله {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} فمتى علم رب الدين عسره حرم [ص:90] مطالبته وإن لم يثبت عسره عند القاضي وإبراؤه أفضل من إنظاره على الأصح لأن الإبراء يحصل مقصود الإنظار وزيادة ولا مانع من أن المندوب يفضل الواجب أحيانا نظرا للمدارك
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: وفيه الحكم بن الجارود وقد ضعفه الأزدي وشيخ الحاكم وشيخ شيخه لم أعرفهما(6/89)
8539 - (من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله كل يوم مثلاه صدقة) قال السبكي: وزع أجره على الأيام يكثر بكثرتها ويقل بقلتها وسره ما يقاسيه المنظر من ألم الصبر مع تشوق القلب لماله فلذلك كان ينال كل يوم عوضا جديدا. وقد تعلق بهذا من ذهب إلى أن إنظاره أفضل من إبرائه فإن أجره وإن كان أوفر لكنه ينتهي بنهايته
(حم هـ ك عن بريدة) قال الدميري: انفرد به ابن ماجه بسند ضعيف وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال الذهبي في المهذب: إسناده صالح وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح(6/90)
8540 - (من أنعم عليه بنعمة فليحمد الله) عليها لأنه يحط عنه غب الواجب ويصون نفسه عن الكفران وترتبط به النعمة ويستمد المزيد وقيل الحمد والشكر قيد للنعمة الموجودة وقيد للنعمة المفقودة (ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله) فإن الاستغفار يجلب الرزق وييسره {استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا} (ومن حزبه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله)
(هب) من حديث سعيد بن داود الزبيدي عن ابن أبي حازم عن عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه (عن) جده (علي) أمير المؤمنين قال ابن أبي حازم وعبد العزيز كنا جلوسا فدخل الثوري فقال له جعفر إنك رجل يطلبك السلطان وأنا يتبعني السلطان فقم غير مطرود قال سفيان فحدث لا قوم قال جعفر أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره ثم قام فناداه جعفر يا سفيان خذهن ثلاث وأي ثلاث وأشار بأصبعيه اه. وظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه ببيان حاله فقال: تفرد به الزبيدي عنه والمحفوظ أنه من قول جعفر وقد روي من وجه آخر ضعيف اه والزبيدي هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقالوا: ضعفه أبو زرعة وغيره وعبد العزيز قال أبو زرعة يسيء الحفظ(6/90)
8541 - (من أنعم الله عليه بنعمة فأراد بقاءها فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله) تمامه عند مخرجه الطبراني ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله}
(طب عن عقبة بن عامر الجهني) قال الهيثمي: فيه خالد بن نجيح وهو كذاب(6/90)
8542 - (من أنفق نفقة في سبيل الله) أي في جهاد أو غيره من وجوه القرب (كتبت له سبع مئة ضعف) أخذ منه بعضهم أن هذا نهاية التضعيف ورد بآية {والله يضاعف لمن يشاء}
(حم ت ن ك) كلهم في الجهاد (عن خزيم) بضم الخاء وفتح الزاي المعجمتين بغير هاء (ابن فاتك) الأسدي شهد الحديبية وهو خزيم بن الأخزم بن شداد بن عمرو بن فاتك نسبة لجده ولم يصح أنه شهد بدرا قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي: حسن وإنما يعرف من حديث الركين بن الربيع(6/90)
[ص:91] 8543 - (من أهان قرشيا) القبيلة المعروفة (أهانه الله) أي من أحل بأحد من قريش هوانا جازاه الله بمثله وقابل هوانه بهوانه ولكن هوان الله أشد وأعظم وجاء في رواية عند الطبراني عن أنس تقييده بقبل موته قال الحرالي: والإهانة الإطراح إذلالا واحتقارا
(حم ك) في المناقب وكذا الطبراني وأبو يعلى والبزار كلهم (عن عثمان) قال الهيثمي: رجالهم ثقات وفي الحديث قصة ورواه الترمذي باللفظ المزبور وكأن المصنف ذهل عنه(6/91)
8544 - (من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له) قال الطيبي: إنه لا إهلال أفضل وأعلى من ذلك لأنه أهل من أفضل البقاع ثم انتهى إلى الأفضل أي مطلقا فلا غرو أن يعامل معاملة الأفضل فيغفر له وهذا يستثنى من الأمر بالإحرام من الميقات وتفضيله على الإحرام من دويرة أهله لهذا الوعد العظيم وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند أبي داود " ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة " اه فحذفه غير جيد
(هـ عن أم سلمة) رمز لحسنه وفيه محمد بن إسحاق وفيه كلام ولفظ رواية ابن ماجه فيما وقفت عليه " كانت كفارة لما قبلها من الذنوب " ثم إن عزوه لابن ماجه يؤذن بأن تفرد به عن الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أم سلمة وكأن رمز المصنف بالهاء سبق قلم من الدال ثم إن فيه يحيى بن سفيان الخنسي قال أبو حاتم: ليس يحتج به وقال الذهبي: وثق وقال المنذري: اختلف فيه يعني في إسناده ومتنه(6/91)
8545 - (من بات) يعني نام (على طهارة) من الحدثين (ثم مات من ليلته) تلك (مات شهيدا) أي يكون من شهداء الآخرة لأن النفوس تعرج الى الله في منامها فما كان طاهرا سجد تحت العرش وما كان غير طاهر تباعد في سجوده هكذا رواه الحكيم وغيره وفي رواية لا يؤذن له في السجود فإذا بات طاهرا ومات تحت العرش حصل على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الزمخشري: البيتوتة خلاف الظلول وهي أن يدرك الليل نمت أو لم تنم والظاهر أن المراد إحياء الليل أو أكثره فإن من لازمه الطهارة الحسية أو المعنوية يقال فلان يظل صائما ويبيت قائما اه
(ابن السني عن أنس)(6/91)
8546 - (من بات كالا من طلب) الكسب (الحلال بات مغفورا له) لأن طلب كسب الحلال من أصول الورع وأساس التقوى
(ابن عساكر عن أنس) بن مالك(6/91)
8547 - (من بات) أي نام وعبر بالبيتوتة لكون النوم غالبا إنما هو ليلا (على ظهر بيت) يعني مكان (ليس عليه حجار) أي حائط مانع من السقوط والحجرة المنع وفي رواية حجاب أي ستر تشبيه بالحجر الذي هو العقل المانع من الوقوع في الهلكة وفي رواية حجاب بالباء وهو الذي يحجب الإنسان من الوقوع وفي أخرى حجاز وهو ما حجز به من نحو حائط يعني من نام على سطح لا سترة له تمنعه من السقوط (فقد) تصدى للهلاك (برئت منه الذمة) أي أزال عصمة نفسه وصار كالمهدر الذي لا ذمة له فربما انقلب من نومه فسقط فمات هدرا من غير تأهب ولا استعداد للموت قال الزمخشري: وذلك لأن لكل أحد ذمة من الله بالكلاءة فإذا ألقى بيده إلى الهلكة فقد خذلته ذمة الله وتبرأت منه
(خد د) في الأدب (عن علي بن شيبان) الحنفي اليماني له وفادة رمز لحسنه وفيه كما قال الذهبي: أبو عمران [ص:92] الجوني لا يعرف وفيه عبد الرحمن بن علي هذا قال ابن القطان: هو مجهول(6/91)
8548 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده غمر) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء: ريح لحم أو دسمه أو وسخه زاد أبو داود ولم يغسله (فأصابه شيء) أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه) لتعرضه لما يؤذيه من الهوام بغير فائدة وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام لريح الطعام فتؤذيه
(خد ت) في الزهد (ك) كلهم (عن أبي هريرة) وقضية تصرف المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل رواه أبو داود قال ابن حجر: بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي هريرة رفعه من بات وفي يده غمر لم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه اه. فزاد على الترمذي قوله ولم يغسله مع صحة إسناده فالقاعدة عندهم أن أبا داود مقدم في العرف إليه على الترمذي فإهماله العزو إليه مع صحة إسناده وزيادة متنه من سوء التصرف(6/92)
8549 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده ريح غمر) محركا (فأصابه وضح) بفتح الواو والضاد المعجمة جميعا بعدهما حاء مهملة (فلا يلومن إلا نفسه) لتمكينه الشيطان من نفسه بإتيانه ما يتجسس له به والوضح عبارة عن سوء مزاج يحصل بسببه فساد بلغم يضعف القوة
(طس) وكذا البزار (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: إسناده حسن وسبقه لتحسينه المنذري(6/92)
8550 - (من باع دارا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها) لأنها ثمن الدنيا المذمومة وقد خلق الله الأرض وجعلها مسكنا لعباده وخلق الثقلين ليعبدوه وجعل ما على الأرض زينة لهم {لنبلوهم أيهم أحسن عملا} فصارت فتنة لهم {إلا من رحم ربك} فعصمه وصارت سببا للمعاصي فنزعت البركة منها فإذا بيعت وجعل ثمنها متجرا لم يبارك له في ثمنها ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهادا. وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها فالبركة مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه. قال الطيبي: وبيع الأراضي وصرف ثمنها إلى أرض أو دار قال الحرالي: والبيع رغبة المالك عما في يده إلى ما في يد غيره
(هـ) في الأحكام (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) بن اليمان ورواه عنه أيضا الطبراني وغيره. قال الهيثمي: وفيه الصباح بن يحيى وهو متروك ورواه عنه أحمد وغيره وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وقد ضعفوه ورواه عنه أيضا ابن ماجه عن سعيد بن حريث من باع منكم دارا أو عقارا قمن - بالقاف - أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله وقال المصنف: هذا متواتر كذا قال(6/92)
8551 - (من باع عيبا) أي معيوبا كضرب الأمير مضروبه (لم يبينه) أي لم يبين البائع للمشتري ما فيه من العيوب (لم يزل في مقت الله) أي غضبه الشديد والمقت أشد الغضب (ولم تزل الملائكة تلعنه) لأنه غش الذي ابتاع منه ولم ينصح قال الطيبي: قد تقرر في علم المعاني أن المصدر إذا وضع موضع الفاعل أو المفعول كان للمبالغة كرجل عدل أي هو مجسم من العدل جعل المعيب نفس العيب دلالة على شناعة هذا البيع وأنه عين العيب ولذلك لم يكن من شيم المسلمين كما قال في الحديث المتقدم: فإن غش فليس منا أو يقدر ذا عيب والتنكير للتقليل وفي قوله في مقت الله مبالغتان فإن المقت أشد الغضب وجعله ظرفا له. هذا ما وقفت عليه في نسخ الكتاب وهو الموجود في المصابيح والمشكاة وغيرهما والذي رأيته في سنن ابن ماجه من باع عبدا بعيب ولم يبينه لم يزل في مقت الله اه. وأيا ما كان فيه من باع شيئا فعلم أنه معيب يجب عليه وكذا على كل من علم به إعلام المشتري بأن يريه إن أمكن رؤيته أو يخبره به إن لم [ص:93] يمكن
(هـ) من حديث ابن سباع (عن واثلة) بن الأسقع قال أبو سباع: اشتريت ناقة من دار واثلة فلما خرجت بها أدركني يجر رداءه قال: اشتريت؟ قلت: نعم. قال: هل بين لك ما فيها؟ قلت: وما فيها؟ إنها لظاهرة الصحة. قال: أردت بها لحما أو سفرا؟ قلت: بل الحج قال: فإن بخفها نقبا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الوهاب بن الضحاك قال في الكاشف: قال أبو داود: يضع الحديث وبقية وقد مر ومعاوية بن يحيى قال في الكاشف: ضعفوه(6/92)
8552 - (من باع الخمر فليشقص الخنازير) أي يذبحها بالمشقص وهو نصل عريض يعني من استحل بيعها استحل أكلها ولم يأمره بذبحها لكنه تحذير وتعظيم لإثم بائع الخمر كذا قرره قوم. قال ابن العربي: وهذا حديث بديع لم يفهمه من زعم أن معناه ذلك بل يربأ المرء بنفسه عن أن يضيفه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من تكلف القول وضعف الاستعارة والتغلغل على مبادىء الفصاحة وإنما معناه فليبعضه وليجعله أشقاصا فيقول منه حلال ومنه حرام وذلك لأنه تعالى حرم شرب الخمر فمن أراد أن يبعض حالها فيجعل الشرب وحده حراما ويجيز البيع فليفعل كذلك في الخنزير فإنه لا فرق بين الحالين والذاتين والحكمين وأخاف أن يدخل فيه من قال: إن شقصا منه وهو الشعر حلال وهذا مما وهم فيه من رأيته تعرض لتأويله وهذا الباب الحق
(حم د عن المغيرة) بن شعبة رمز المصنف لصحته(6/93)
8553 - (من باع عقر دار من غير ضرورة) قال في الفردوس: عقر الدار بفتح العين أصلها (سلط الله على ثمنها تالفا يتلفه) لما سبق تقريره ولأن الإنسان يطلب منه أن يكون له آثار في الأرض فلما محى أثره ببيعها رغبة في ثمنها جوزي بفواته (1) قال في الكاشف: أخذ معاوية في إحياء أرض في آخر أمره فقيل له: ما حملك على هذا؟ فقال: ما حملني عليه إلا قول القائل:
ليس الفتى بفتى لا يستضاء به. . . ولا يكون له في الأرض آثار
وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا مع ما فيهم من العسف فسأل بعض الأنبياء ربه عن سبب تعميرهم فأوحى الله إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي
(طس عن معقل بن يسار) قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم منهم عبد الله بن يعلى الليثي رمز لحسنه وفيه علي بن عثمان اللاحقي قال في الميزان: عن أبي خراش فيه خلاف ورده في اللسان بتوثيق ابن حبان وجعفر بن حرب أورده في الميزان وقال من كبار المعتزلة
_________
(1) وهذا مشاهد. فالإنسان لا يزال ينتفع بعقاره ويحصل له ريعه ما دام باقيا فإذا باعه تصرم ثمنه(6/93)
8554 - (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له) أي لا يحصل له الثواب الموعود للمضحي على أضحيته (1) قال ابن الكمال: والأضحية اسم لما يذبح في أيام النحر تقربا إلى الله
(ك) في التفسير (هق) كلاهما من حديث عبد الله بن عياش عن الأعرج (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي في التلخيص فقال ابن عياش ضعف وقد خرج له مسلم
_________
(1) فبيع جلدها حرام وكذا إعطاؤه للجزار وللمضحي الانتفاع به كما في الأضحية المندوبة دون الواجبة بنحو نذر(6/93)
8555 - (من بدأ بالسلام) على من لقيه أو دخل عليه (فهو أولى بالله ورسوله (1)) لأن السلام شرع لهذه الأمة ليأمن [ص:94] بعضهم بعضا ويسلم بعضهم من بعض في الدم والمال والعرض ومن ثم قال الصديق: السلام أمان للعباد فيما بينهم فأولاهم بالله أوفرهم حظا من أن يأمنه الناس ويسلموا منه
(حم عن أبي أمامة) الباهلي وفيه عبد الله بن زحر أورده الذهبي في الضعفاء وقال: له صحيفة واهية عن علي بن يزيد
_________
(1) يحتمل أن المراد أولى بأمان الله وأمان رسوله أي أولى بأن يرد عليه من سلم عليه ويؤمنه لأن السلام معناه الأمان فيجب الرد والله أعلم بمراد نبيه(6/93)
8556 - (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه (1)) لما تقرر أنه مأمن من للعباد فيما بينهم فمن أهمله وبدأ بالكلام فقد ترك الحق والحرمة فحقيق أن لا يجاب وجدير بأن يهان ولا يهاب قال في التجنيس وغيره: هذا في الفضاء فيسلم أولا ثم يتكلم وأما في البيوت فيستأذن فإذا دخل سلم لقوله سبحانه وتعالى {لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} فأمر بالاستئذان قبل السلام
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه هارون بن محمد أبو الطيب وهو كذاب (حل) من حديث هشام بن عبد الملك عن بقية عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع (عن ابن عمر) ثم قال: غريب من حديث عبد العزيز لم نكتبه إلا من حديث بقية
_________
(1) فيه الحث على السلام والزجر عن تركه(6/94)
8557 - (من بدأ) بدال مهملة قال الزمخشري: بدوت أبدو إذا أثبت البدو وفيه قيل لأهل البادية بادية (جفا) أي من سكنها صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه وانفراده وغلظ طبعه لبعده عن لطف الطباع ومكارم الأخلاق فيفوته الأدب ويتبلد ذهنه ويقف عن فهم دقيق المعاني ولطيف البيان فكره
(حم عن البراء) بن عازب رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر ثم قال: رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة اه ورواه أبو داود والترمذي(6/94)
8558 - (من بدا جفا) أي من قطن بالبادية صار فيه جفاء الأعراب (ومن اتبع الصيد غفل) بفتحات أي من شغل الصيد قلبه وألهاه صارت فيه غفلة (1) قال الزمخشري: وليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش يعم الجن فمن تعرض لها خلبلته وغفلته اه (ومن أتى أبواب السلطان افتتن) زاد في رواية أحمد وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا اه. وذلك لأن الداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تنعمهم فيزدري نعمة الله عليه أو يهمل الإنكار عليهم مع وجوبه فيفسق فتضيق صدورهم بإظهار ظلهم وبقبيح فعلهم وإما أن يطمع في دنياهم وذلك هو السحت. قال عمار بن ياسر لعلي: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ماذا بني؟ قال علي: أربع دعائم الجفاء والعمى والغفلة والشك فمن جفا احتقر الحق وجهر بالباطل ومقت العلماء ومن عمي نسي الذكر ومن غفل حاد عن الرشد وغرته الأماني فأخذته الحسرة والندامة وبدا له من الله ما لم يحتسب. وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تعقبه وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه ظاهر حال صنيع المؤلف أنه لم يره لأحد أعلى من الطبراني ولا أحق بالعزو وهو عجيب فقد خرجه باللفظ المزبور أحمد عن أبي هريرة وعن ابن عباس قال المنذري والهيثمي: وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة اه وفي مسند الطبراني وهب بن منبه أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة مشهور ضعفه الفلاس
_________
(1) والظاهر أن المراد غفل عن الذكر والعبادة. والظاهر أن الاكتساب بالاصطياد مفضول بالنسبة لبقية المباحات(6/94)
[ص:95] 8559 - (من بدل دينه) أي انتقل من الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر وأصر (فاقتلوه) أي بعد الاستتابة وجوبا كما جاء في بعض طرق الحديث عن علي وهذا عام خص منه من بدل دينه في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر لأنه يجري على إحكام الظاهر ومن بدل دينه في الظاهر مكرها وعمومه يشمل الرجل وهو إجماع والمرأة وعليه الأئمة الثلاثة ويهودي تنصر وعكسه وعليه الشافعي ومالك في رواية وقال أبو حنيفة: لا تقتل المرأة ولأن من شرطية لا تعم المؤنث للنهي عن قتل النساء كما لا تقتل في الكفر الأصلي لا تقتل في الطارىء ولا في المنتقل لأن الكفر ملة واحدة
<تنبيه> هذا الحديث مثل به أصحابنا في الأصول إلى ما ذهبوا إليه من أن مذهب الصحابي لا يخصص العام فإن الحديث من رواية ابن عباس مع قوله إن المرتدة لا تقتل
(حم خ 4 عن ابن عباس) قال ابن حجر: واستدركه الحاكم فوهم(6/95)
8560 - (من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره) قال الحكيم: زيادة العمر في هذا ونحوه على وجهين أحدهما البركة فالقصير من العمر إذا احتشى من أعمال البر أربى على كثير. الثاني أنه تعالى قدر الآجال والأرزاق والحظوظ بين أهلها ثم أثبت ذلك في أم الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه أحد فما في أم الكتاب لا زيادة فيه ولا نقص وما في صحف الملائكة يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء بالإحداث التي تكون من أهلها في الأرض
(خد ك) في البر والصلة (عن معاذ بن أنس) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضا أبو يعلى قال الذهبي: ورجاله ثقات إلا زياد بن قائد ففيه خلاف وقال المنذري: رواه الطبراني وأبو يعلى والحاكم كلهم من طريق زياد بن قائد(6/95)
8561 - (من بلغ) وفي راوية أبي نعيم من ضرب (حدا في غير حد فهو من المعتدين) أي من توجه عليه تعزير وجب على الحاكم أن لا يبلغ به الحد بأن ينقص عن أقل حدود المعزر فمتى جاوز ذلك فهو من المعتدين الآثمين الذين أخبر الله سبحانه أنه لا يحبهم فيجب أن ينقص في العبد عن عشرين جلدة ونصف سنة في الحبس والتعزيب وفي الحر عن أربعين وسنة
(هق عن النعمان بن بشير) ثم قال البيهقي: المحفوظ مرسل(6/95)
8562 - (من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها) أي لم يعطه الله إياها وإن أعطيها حرم من ذوق ما أنكره ولهذا قال الصوفية: كل من أنكر شيئا على القوم بغير دليل عوقب بحرمان ما أنكره فلا يعطيه الله له أبدا والفضيلة ما يفضل به الشيء على غيره يقال لفلان فضيلة أي خصلة حميدة وفي حديث الديلمي عن جابر من بلغه عن الله عز وجل شيء فيه فضيلة فأخذ بها إيمانا رجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك
(طس عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي: وفيه بزيغ أبو الحليل وهو ضعيف اه. وحكم ابن الجوزي بوضعه بعد ما أورده من حديث أنس هذا وقال: فيه يزيغ متروك ومن حديث جابر وقال: فيه البياضي كذاب وإسماعيل بن يحيى كذاب اه. وأقره المصنف وفي المقاصد عن ابن حجر هذا لا يصح(6/95)
8563 - (من بنى) بنفسه أو بنى له بأمره (لله مسجدا) أي محلا للصلاة يعني وقفه لذلك فخرج الباني بالأجرة كما يرشد إليه السياق ونكره ليشيع فيشمل الكبير والصغير وبه صرحت رواية الترمذي وإطلاق البناء غالبي فلو ملك بقعة لا بناء بها أو كان يملكه بناء فوقفه مسجدا صح نظرا للمعنى (بنى الله له) إسناد البناء إليه سبحانه مجاز وأبرز الفاعل [ص:96] تعظيما وافتخارا ولئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده لباني المسجد (بيتا في الجنة) متعلق ببنى وفيه أن فاعل ذلك يدخل الجنة إذ القصد ببنيانه له إسكانه إياه
(م عن علي) أمير المؤمنين ظاهره أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد خرجاه معا عن عثمان في الصلاة كما عزاه لهما الصدر المناوي وغيره والعجب أن المصنف نفسه عزاه لهما معا في الأحاديث المتواترة وعد هذا منها(6/95)
8564 - (من بنى مسجدا) التنكير للشيوع فيشمل الصغير والكبير وزاد الترمذي في روايته لسمويه من بنى لله بيتا وفي رواية لابن ماجه من بنى الله مسجدا يذكر فيه اسم الله (يبتغي به وجه الله) أي يطلب به رضاه وهو بمعنى حديث الطبراني لا يريد به رياء ولا سمعة وأيا ما كان فالمراد الإخلاص وقد شدد الأئمة في تحريمه حتى قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص وقول بعض الشراح ومعنى يبتغي به وجه الله يطلب به ذات الله فإن بناه بقصد الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يقدح في إخلاص الباني وابتغاء وجه الله أمر زائد هو أعلى وأجل من ذلك فلا يلائم سياق قوله (بنى الله له مثله في الجنة) ولو كان المراد ذلك لقيل في الجواب أعطاه الله مطلوبه أو تفضل عليه بالنظر إليه الذي وقع البناء لأجله وبقصده. فان قلت: ما الحكمة في اقتصاره في الحديث المار على الإضافة لله واقتصاره هنا على لفظ الابتغاء؟ قلت: قد سمعت أن المراد النص على شرطية الإخلاص وبإضافته إلى الله تعالى في الخبر الأول علم ذلك ولما لم يذكر لفظ الجلالة في الثاني احتاج إلى إلحاق القيد. وقوله مثله أي بنى مثل المسجد في الشرف ولا يلزم كون جهة الشرف متحدة فإن شرف المساجد في الدنيا بالتعبد فيها وشرف ذلك البناء في جهة الحسن الحسنى أو المراد بيان وصف ذلك البيت ويكون له عشر بيوت في الجنة أو لفظ المثل يراد به الإفراد فلا يمتنع كون الجزاء أبنية متعددة هي عشر مثله فلا وجه للاستشغاب بأن الحسنة بعشرة أمثالها على أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة بحسب الكيفية فكم من بيت خير من عشر بل مئة بل ألف؟ أما سمعت خبر موضع شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها؟ وهنا أجوبة غير مرضية
(حم ق ت ن هـ) من حديث عبيد الله الخولاني (عن عثمان) بن عفان ذكر الخولاني أنه سمع عثمان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم قد أكثرتم وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره(6/96)
8565 - (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص) وفي رواية مثل مفحص (قطاة) حمله الأكثر على المبالغة لأن مفحصها بقدر ما تحفره (لبيضها) وترقد عليه وقدره لا يكفي للصلاة فيه وزعم أن المراد بالمسجد محل السجود فحسب يأباه لفظ بنى لإشعاره بوجود بناء حقيقي أو ما في معناه قال ابن حجر: لكن لا تمنع إرادة الآخر مجازا إذ بناء كل شيء بحسبه وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا يكون أكثر من قدر محل السجود وقال الزركشي: لو هنا للتقليل وقد عده من معانيها ابن هشام الخضراوي وجعل منها اتقوا النار ولو بشق تمرة والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لولا منها (بنى الله له بيتا في الجنة) إن كان قد بنى المسجد من حلال كما جاء مصرحا به في رواية البيهقي عن أبي هريرة ولفظه من بنى لله بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتا في الجنة من در وياقوت اه. وهذا من أعظم أنواع الإعظام والإكرام لإيذائه بأنه مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبنى وأنه عند الله بمكان جليل يبنى له بدار القرار بجوار الغفار
<تنبيه> قال الزركشي: خص القطاة بالذكر دون غيرها لأن العرب تضرب به المثل في الصدق ففيه رمز إلى المحافظة على الإخلاص في بنائه والصدق في إنشائه
(حم) وكذا البزار عن أنس قال الهيثمي: فيه جابر الجعبي ضعيف(6/96)
8566 - (من بنى لله مسجدا بنى الله له في الجنة أوسع منه) فيه إشعار بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه وفيه [ص:97] إيذان بدخول فاعل ذلك الجنة إذ القصد بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول
<فائدة> قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على مسجد بناه كان بعيدا من الإخلاص قال غيره: ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة كما أشار إليه الحديث السابق إن الله يدخل بالسهم الواحد الحديث وبحث بعضهم أنه يدخل في الثواب المذكور من حوط على بعضه وجعله مسجدا بغير بناء ومن يملك نحو بيت فوقفه مسجدا نظرا للمعنى وحقيقة البناء إنما هي المباشرة لكن المعنى يقتضي دخول الأمر به وإسناد البناء إلى الله مجاز وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده على باني المسجد
(طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي: فيه علي بن يزيد ضعف ورواه أيضا أحمد عن ابن عمرو بفتح العين. قال الزين العراقي: وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال(6/96)
8567 - (من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه كان عليه وبالا يوم القيامة) ومن ثم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وقيل في قوله تعالى {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا} أنه الرياسة والتطاول في البناء. قال القونوي: اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقا فالأحوال والقرائن تخصصه وذلك أن بناء المسجد والربط ومواضع التعبد يؤجر الباني عليها اتفاقا فالمراد هنا إنما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فهمة الباني وقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ولا نتيجة في الآخرة لأنه لم يقصد بما فعله أمرا وراء هذه الدار ففعله عرض زائل لا ثمرة له ولا أجر
(هب عن أنس) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه مشهور والضحاك بن حمزة قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي: غير ثقة(6/97)
8568 - (من بنى) بناء (فوق ما يكفيه) لنفسه وأهله على الوجه اللائق المتعارف لأمثاله (كلف يوم القيامة أن يحمله على عنقه) أي وليس بحامل فهو تكليف تعجيز كما مر نظيره
<تنبيه> قال حجة الإسلام: من أبواب الشيطان ووساوسه حب التزين في البناء والثياب والأثاث فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالبا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه إلى التزين بالأثواب والدواب ويسخره فيها طول عمره وإذا أوقعه فيها استغنى عن معاودته فإن بعض ذلك يجره لبعض فلا يزال يدرجه من شيء إلى شيء حتى يساق إليه أجله فيموت وهو في سبيل الشيطان واتباع الهوى
(طب حل عن ابن مسعود) قال في الميزان: هذا حديث منكر وقال الحافظ العراقي: إسناده فيه لين وانقطاع(6/97)
8569 - (من بنى) بناء وجعل ارتفاعه (فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء) أي من جهة العلو والظاهر أنه من الملائكة (يا عدو الله إلى أين تريد) أغفل المصنف من خرجه وعزاه في الدرر إلى الطبراني
(عن أنس) وفيه الربيع بن سليمان [ص:98] الجيري أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقيل كان فقيها دينا لم يتقن السماع من ابن وهب(6/97)
8570 - (من تاب) أي رجع عن ذنبه بشرطه (قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) أي قبل توبته ورضيها فرجع متعطفا عليه برحمته وذلك لأن العبد إذا جاء في الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه قابله الله بالعفو والتجاوز وفيه تطبيب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث عليها وردع عن اليأس والقنوط وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم وقوله تاب الله عليه كناية عن قبول توبته لأن قبوله مستلزم لتعطف الله وترحمه عليه وقوله قبل أن تطلع حد لقبول التوبة ولها حد آخر وهو وقوعها قبل الغرغرة كما في الحديث الآتي ولصحتها شروط مبينة في الأصول والفروع
(م) في الدعوات (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري(6/98)
8571 - (من تاب إلى الله قبل أن يغرغر) أي يأخذ في حالة النزع (قبل الله منه) توبته ومن قبل توبته لم يعذبه أبدا قال الكلاباذي: ومعلوم أن هذا وقت لا يتلافى فيه ما فات فتوبته الندم بالقلب والاستغفار باللسان أما حال الغرغرة فلا تقبل توبته ولا ينفذ تصرفه لقوله تعالى {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} لأن الاعتبار إنما هو بالإيمان بالغيب
(ك) في التوبة (عن رجل) من الصحابة ولم يصححه ولا ضعفه(6/98)
8572 - (من تأنى أصاب أو كاد) أن يصيب أي قارب الإصابة (ومن عجل أخطأ أو كاد) أن يخطىء لأن العجلة شؤم الطبع وجبلة الخلق فجاء المشرع بضد الطبع وكفه وجعل في التأني اليمن والبركة فإذا ترك شؤم الطبع وأخذ بأمر الشرع أصاب الحق أو قارب لتعرضه لرضى ربه قال الغزالي: الاستعجال هو الخصلة المفوتة للمقاصد الموقعة في المعاصي ومنها تبدو آفات كثيرة وفي المثل السائر إذا لم تستعجل تصل قال:
قد يدرك المتأني بعض حاجته. . . وقد يكون مع المستعجل الزلل
ومن آفاته أنه مفوت للورع فإن أصل العبادة وملاكها الورع والورع أصله النظر البالغ في كل شيء والبحث التام عن كل شيء هو بصدده فإن كان المكلف مستعجلا لم يقع منه توقف ونظر في الأمور كما يجب ويتسارع إلى كل طعام فيقع في الزلل والخلل
(طب) وكذا في الأوسط (عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي: رواه عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وضعفه النسائي وفيه ابن لهيعة(6/98)
8573 - (من تأهل من بلد) أي تزوج بها يعني ونوى إقامة أربعة أيام صحاح (فليصل صلاة المقيم) أي فيتم الصلاة ولا يجوز له القصر لأنه صار مقيما
(حم عن عثمان) بن عفان قال الهيثمي: فيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وسببه أنه لما حج صلى بمنى أربع ركعات فأنكر عليه الناس فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. قال الهيثمي: وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وقال الحافظ في الفتح: هذا الحديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج به قال: ويرده قول عروة: إن عائشة تأولت ما تأول عثمان ولا جائز أن يتأهل فدل على وهاه هذا الخبر والمنقول أن إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا وأما من أقام بمكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم اه(6/98)
8574 - (من تبتل) أي تخلى من النكاح وانقطع عنه كما يفعل رهبان النصارى (فليس منا) أي ليس على سنتنا وطريقتنا لكونه ترك ما علم أن الشارع نظر إليه من تكثير الأمة والمباهاة بها
(عب عن أبي قلابة) بكسر القاف وخفة اللام: عبد الله بن زيد الجرمي (مرسلا)(6/98)
[ص:99] 8575 - (من تبع) وفي رواية من شيع (جنازة وحملها ثلاث مرار) في رواية مرات (فقد قضى ما عليه من حقها) يحتمل أن المراد بالحمل ثلاثا أنه يحمل حتى يتعب فيترك ثم هكذا ثم هكذا. وتعلق بهذا الخبر من ذهب إلى أن السنة المشي خلف الجنازة لأن التابع والمشيع إنما يكون من خلف قلنا ليس هكذا بل يكون معه وأمامه وخلفه وليس له من هذا اللفظ موضع مخصوص بل الكل محتمل فخص أحد المواضع المحتملة فعل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والخليفتين بعده من المشي أمامها لأنه شافع والشافع يتقدم
(ت) في الجنائز (عن أبي هريرة) وقال: غريب قال: فيه أبو المهزم يزيد بن سفيان ضعفه شعبة اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح والمتهم به أبو المهزم. وقال النسائي: هو متروك الحديث(6/99)
8576 - (من تتبع ما يسقط من السفرة) فأكله تواضعا واستكانة وتعظيما لما رزقه الله وصيانة له عن التلف (غفر له) لتعظيمه المنعم بتعظيم ما أنعم به عليه والمراد الصغائر دون الكبائر وهو قياس النظائر
(الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن عبد الله بن أم حرام) بحاء وراء مهملتين(6/99)
8577 - (من تحلم) بالتشديد أي تكلف الحلم بأن زعم أنه حلم حلما أي رأى رؤيا في حال كونه (كاذبا) في دعواه أنه رأى ذلك في منامه (كلف) بضم الكاف وشد اللام المكسورة (يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين) بكسر العين تثنية شعيرة (ولن) يقدر أن (يعقد بينهما) لأن اتصال أحدهما بالأخرى غير ممكن عادة فهو يعذب حتى يفعل ذلك ولا يمكنه فعله فكأنه يقول يكلف ما لا يستطيعه فيعذب عليه فهو كناية عن تعذيبه على الدوام ولا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق لأنه ليس في دار التكليف ووجه اختصاص الشعير بذلك دون غيره لما في المنام من الشعور وبما دل عليه فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق وإنما شدد الوعيد على ذلك مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ يكون شهادة في قتل أو حد لأن الكذب في النوم كذب على الله تعالى لأن الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزائها فهو منه تعالى والكذب على الخالق أقبح منه على المخلوق
(ت هـ عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول بل هو في البخاري في التعبير ولفظه من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل اه(6/99)
8578 - (من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة) أي من تجاوز رقابهم بالخطو إليها (اتخذ) ببنائه للفاعل (جسرا إلى جهنم (1)) [ص:100] أي اتخذ لنفسه جسرا يمر عليه إلى جهنم بسبب ذلك أو للمفعول أي يجعل جسرا يمر عليه من يساق لجهنم جزاء لكل بمثل عمله وضعفه التوربشتي قال الزين العراقي: والمشهور في رواية هذا الحديث اتخذ ببنائه للمفعول بضم التاء وكسر الخاء بمعنى أنه يجعل جسرا على طريق جهنم ليوطأ ويتخطى كما يتخطى رقاب الناس قال: ويجوز بناءه للفاعل والأول أظهر وأوفق للرواية وقد ذكره الديلمي بلفظ من تخطى رقبة أخيه المسلم جعله الله يوم القيامة جسرا ممتدا إلى جهنم اه. والتخطي حرام في بعض صوره ومكروه في بعضها ومحل التفصيل كتب الفروع
(حم ت هـ عن معاذ بن أنس) قال الترمذي: غريب ضعيف فيه رشدين بن سعد ضعفوه اه وتبعه عبد الحق
_________
(1) وظاهر الحديث أن التخطي حرام وقال شيخ الإسلام في شرح البهجة: وإذا قلنا بالكراهة أي كراهة التخطي فكلام الشيخين يقتضي أنها كراهة تنزيه واعتمده الرملي وهذا في غير إمام أو رجل صالح لأن الصالح بتبرك به ولا يتأذى الناس بتخطيه وألحق بعضهم بالصالح الرجل العظيم ولو في الدنيا قال: لأن الناس يتسامحون بتخطيه ولا يتأذون به وواجد فرجة لا يصلها إلا بالتخطي ولم يرج سدها فلا يكره له وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلائها لكن يسن له إن وجد غيرها أن لا يتخطى فإن رجا سدها كأن رجا أن يتقدم أحد إليها إذا أقيمت الصلاة كره وقيد بعضهم جواز التخطي للفرجة برجل أو رجلين(6/99)
8579 - (من تخطى الحرمتين) أي تزوج محرمه كزوجة أبيه بعقد (فخطو وسطه بالسيف) أي اضربوه به والمراد اقتلوه فليس المراد السيف بعينه بل القتل وجعل السيف عبارة عنه لأنه يكون ثمة غالبا فتمسك ابن القيم بظاهره وزعمه أن فيه دلالة على القتل بالتوسيط لا اتجاه له وهذا قاله فيمن تزوج امرأة أبيه بعقد على صورة الشرع قال ابن جرير: وإنما كان متخطئا حرمتين لأنه جمع بين كبيرتين إحداهما عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} والثانية إتيانه فرجا محرما عليه وأعظم من ذلك إقدامه عليه بمشهد من المصطفى صلى الله عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الشارع العقد عليها بكل حال ونص عليه في كتابه نصا لا يقبل تأويلا ولا شبهة ففعله دليل على تكذيبه لمحمد فيما جابه عن الدين وجحود الحكمة في تنزيله فإن كان قد أسلم فهو ردة وإن كان له عهد فإظهاره لذلك نقص فمن ثم أمر بقتله بالسيف فقتله بالسيف ليس لكونه زنا فحسب فسقط الاعتراض بأن حد الزنا المنصوص عليه في الكتاب إنما هو رجم المحصن وجلد غيره ولم يخص ذلك بالعزاب دون المحارم ثم قال ابن جرير: الحديث مبين لخطأ من زعم أنه لو تزوج مسلم محرمة كأخته ثم وطئها عالما عامدا فالعقد شبهة تدرء الحد فتوجب المهر هذا كلام الإمام ابن جرير وقد رأيت في سبب الحديث من كلام الراوي نفسه ما يخالفه وهو أن الحديث إنما ورد في رجل أكره أخته فزنا بها وفي معجم الطبراني عن صالح بن راشد أن الحجاج أتى برجل اغتصب أخته نفسها فقال: احبسوه واسألوا من هنا من الصحابة فسألوا عبد الله بن مطرف فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تخطى الحرمتين فخطوا وسطه بالسيف ثم كتبوا بذلك إلى ابن عباس فكتب إليهم بمثله اه وفي مصنف ابن أبي شيبة من طريق بكر بن عبد الله المزني أتي الحجاج برجل قد وقع على ابنته فذكره. وقد اختلف العلماء فيمن وطىء محرمه على أقوال: الأول أنه زنا فيحد له وهو قول الشافعي ومالك الثاني يقتل وهو قول أحمد الثالث يدرء عنه الحد إن تزوج بشهود وهو قول أبي حنيفة وأقاموا عليه القيامة وحاصل ما عليه الشافعي ومالك أنه إن استحل كفر وإلا فكالزنا
(طب هب عن عبد الله بن أبي مطرف) بضم أوله وفتح ثانيه وشد الراء المكسورة الأزدي قال الذهبي: شامي يروى له حديث لا يثبت قاله البخاري وقضية كلام المصنف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بأن البخاري قال: عبد الله بن مطرف له صحبة ولم يصح إسناده اه بنصه ولما عزى الهيثمي الحديث للطبراني قال: وفيه رندة بن قضاعة عن الأوزاعي وثقه هشام بن عمار وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات اه(6/100)
8580 - (من تخطى حلقة قوم) بسكون اللام (بغير إذنهم) أي ولم يعلم رضاهم (فهو عاص) أي آثم
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير وهو متروك(6/100)
8581 - (من تداوى بحرام كخمر (1) لم يجعل الله فيه شفاء) فإن الله لم يجعل شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها كما ورد في حديث [ص:101] {ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس} والمحرم وإن أثر في إزالة المرض لكن يعقبه أمراض قلبية ومن شرب الخمر للتداوي أثم. نعم يجوز التداوي بمعجون بخمر ولو لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم أو معرفة المتداوي وعدم ما يقوم مقامه
(أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة)
_________
(1) أو غيره من سائر الأعيان النجسة مع وجود طاهر يقوم مقامه(6/100)
8582 - (من ترك الجمعة) ممن تلزمه (من غير عذر) وهو من أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدينار) أي مثقال إسلامي (فإن لم يجد فبنصف دينار) فإن ذلك كفارة الترك والأمر للندب لا للوجوب
(حم د ن هـ حب ك) من حديث قدامة (عن سمرة) بن جندب قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال البخاري: لا يصح سماع قدامة من سمرة وقال أحمد: قدامة لا يعرف اه. وقال الدميري: حديث منقطع مضطرب وذكر نحوه ابن القيم(6/101)
8583 - (من ترك الجمعة بغير عذر) وهو من أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدرهم) فضة (أو نصف درهم أو صاع أو مد) وفي رواية أو نصف صاع وفي أخرى أو نصف مد وقد وقع التعارض بين هذا الحديث وما قبله ويمكن أن يقال في الجمع إن هذا بالنسبة لأصل السنة وأما كماله فلا يحصل إلا بما ذكر في الأول
(هق عن سمرة) بن جندب قال الدميري: اتفقوا على ضعف هذه الروايات كلها وقول الحاكم حديث ضعيف مردود وهذا مع ما قبله اضطراب يضعف لأجله(6/101)
8584 - (من ترك اللباس) أي لبس الثياب الحسنة وفي رواية ترك ثوب جمال (تواضعا لله تعالى) أي لا ليقال إنه متواضع أو زاهد ونحوه والناقد بصير (وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق) أي يشهره بين الناس ويباهي به ويقال هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة الحميدة (حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) ومن ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف ويعتقل الشاة وفي رواية لأحمد من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعا لله تعالى والباقي سواء قال أبو البقاء: أن يلبس مفعول ترك أي ترك لبس صالح الثياب وهو يقدر جملة في موضع الحال وتواضعا يجوز كونه مفعولا له أي للتواضع وكونه مصدرا في محل الحال أي متواضعا اه ثم هذا إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل وأن التواضع الفعلي مطلوب كالقولي وهذا من أعظم أنواع التواضع لأنه مقصور على نفس الفاعل فمقاساته أشق بخلاف التواضع المتعدي فإنه خفض الجناح وحسن التخلق ومزاولته أخف على النفس من هذا لرجوعه لحسن الخلق لكن بزيادة نوع كسر نفس ولين جانب ولما أرادوا أن يغيروا زي عمر عند إقباله على بيت المقدس زجرهم وقال: إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره
<تنبيه> عرف بعضهم التواضع بأنه الخضوع لغة وعرفا بأنه حط النفس الى ما دون قدرها واعطاؤها من التوقير أقل من استحقاقها
(ت ك) في الإيمان واللباس (عن معاذ بن أنس) وأقره الذهبي في باب الإيمان وضعفه في باب اللباس فقال: عبد الرحيم بن ميمون أحد رواته ضعفه ابن معين اه وأورده ابن الجوزي في العلل وأعله به(6/101)
8585 - (من ترك صلاة) أي من الخمس عامدا عالما بغير عذر (لقي الله وهو عليه غضبان) أي مستحقا لعقوبة المغضوب [ص:102] عليهم فإن شاء رضي عليه وسامحه وإن شاء عذبه وشاححه قال الطيبي: إذا أطلق الغضب على الله حمل على الغاية وهي إرادة الانتقام فترك الفريضة أو تفويتها بلا عذر كبيرة فإن لازم تركها ومات على ذلك فهو من الأشقياء الخاسرين إلا أن يدركه عفو الله
<تنبيه> قال القيصري: الوجود كله بأجزائه مصل لله بدوام وجود الوجود لا ينفك عن الصلاة فإنه في مقام العبودية لله فمن حقق النظر رأي الوجود كله باطنا وظاهرا مصليا فمن ترك الصلاة فقد خالف الخليقة كلها ولذلك يحشر مع فرعون وهامان كما جاء في بعض الأخبار
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه سهل بن محمود ذكره ابن أبي حازم وقال: لم يرو عنه إلا الدورقي وسعدان وبقية رجاله رجال الصحيح(6/101)
8586 - (من ترك صلاة العصر) أي متعمدا كما في الرواية الآتية (حبط) وفي رواية البخاري فقد حبط بكسر الموحدة (عمله) أي بطل كمال ثواب عمله يومه ذلك. وأخذ بظاهره المعتزلة فأحبطوا الطاعة بالمعصية وخص العصر لأنها مظنة التأخير بالتعب من شغل النهار أو لأن فوتها أقبح من فوت غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها على القول المنصوص قال ابن تيمية: وهي التي عرضت على من قبلنا فضيعوها فالمحافظ عليها له الأجر مرتين وهي التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل وهي خاتمة فرائض النهار وبفوتها يصير عمل نهاره أبتر غير كامل الثواب فتعبيره بالحبوط وهو البطلان ليس للتقريع والتهويل فحسب كما ظن وسلف في شرح خبر الذي تفوته صلاة العصر ما له تعلق بذلك قال الحرالي: والإحباط من الحبط وهو فساد في الشيء الصالح يفسده عن وهم صلاحه اه
(حم خ ن) كلهم في الصلاة (عن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية ودال مهملة ابن الحصيب بحاء فصاد مهملتين ولم يخرجه مسلم(6/102)
8587 - (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا) أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن ينخلع عن الإيمان بانحلال عروته وسقوط عماده كما يقال لمن قارب البلد إنه بلغها أو فعل فعل الكفار وتشبه بهم لأنهم لا يصلون أو فقد ستر تلك الأقوال والأفعال المخصوصة التي كلفه الله بأن يبديها
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود البغدادي فما أدري أهو هو أم لا؟ اه وقال ابن حجر: الحديث سئل عنه الدارقطني فقال: رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا ووقفه أشبه بالصواب اه. وقال الحافظ العراقي: في مسنده مقال. نعم روى أحمد بسند رجاله ثقات من ترك صلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة محمد اه(6/102)
8588 - (من ترك الرمي) بالسهام (بعد ما علمه رغبة عنه فإنها) أي الخصلة التي هي معرفة الرمي ثم أهملها (نعمة كفرها) فإنه ينكي العدو ونعم العون في الحرب وهذا خرج مخرج الزجر والتغليظ فتعلم الرمي مندوب وتركه بعد معرفته مكروه. نعم شرط ندبه عدم الإكباب عليه بحيث تضيع بعض الواجبات بسببه وإلا فلا يطلب بل يكره بل قد يحرم إذ لا يجوز ترك فرض لسنة ومحله أيضا ما لم يعارضه ما هو أهم منه ومن ثم لما سئل عنه بعض العلماء قال: هو حسن لكنها أيامك فانظر بما تقطعها
(طب عن عقبة بن عامر) ورواه عنه الطيالسي(6/102)
8589 - (من ترك ثلاث جمع تهاونا بها) أي إهانة وعدل إلى التفاعل للدلالة على أن الجمعة شأنها أنها أعلى رتبة وأرفع مكانة من أن يتصور فيه الاستهانة بوجه فلا يقدر أحد على إهانته إلا تكلفا وزورا قال أبو البقاء: وتهاونا منصوب على أنه مفعول له ويجوز أن يكون منصوبا في موضع الحال أي متهاونا (طبع الله على قلبه) أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة أو صير قلبه قلب منافق. والطبع بالسكون الختم وبالتحريك الدنس [ص:103] وأصله من الوسخ يغشى السيف ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الآثام والقبائح
(حم 4 ك) في المناقب (عن أبي الجعد) الضمري ويقال الضميري بالتصغير قال الترمذي عن البخاري: لا أعرف اسمه وقال: لا أعرف له إلا هذا الحديث لكن ذكر العسكري أن اسمه الأقرع وقيل جنادة صحابي له حديث قتل يوم الجمل قال الحاكم مرة: هو على شرط مسلم وأخرى: سكت قال الذهبي في التلخيص: هو حسن وقال في الكبائر: سنده قوي وعده المصنف في الأحاديث المتواترة(6/102)
8590 - (من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين) أراد النفاق العملي قال في فتح القدير: صرح أصحابنا بأن الجمعة فرض آكد من الظهر وبإكفار جاحدها
<فائدة> قال الغزالي: اختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم يكن يشهد جمعة ولا جماعة فقال: في النار فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك فيقول: في النار
(طب عن أسامة بن زيد) قال الهيثمي: فيه جابر الجعفي وهو ضعيف عند الأكثر لكن له شاهد صحيح وهو خبر أبي يعلى عن الحبر يرفعه من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/103)
8591 - (من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان) وفي رواية نصف دينه (فليتق الله في النصف الباقي) جعل التقوى نصفين نصفا تزوجا ونصفا غيره قال أبو حاتم: المقيم لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفي بالتزوج أحدهما قال الطيبي: وقوله فقد استكمل جواب والشرط فليتق الله عطف عليه أو الجواب الثاني والأول عطف على الشرط فعليه السبب مركب والمسبب مفرد فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين فمن حصله فعليه بالنصف الباقي وهذا أبلغ لإيذائه بأنه معلوم مقدر وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقدرا وعلى الأول السبب مفرد والمسبب مركب
<فائدة> قال الغزالي عن بعضهم: غلبت علي شهوتي في بدىء إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى الله فرآني شخص في المنام فقال: تحب أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك قلت: نعم قال: مد رقبتك فمددتها فجرد سيفا من نور وضرب به عنقي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلكك فاشتد فرأيت شخصا يخاطبني فيما بين صدري وجنبي يقول: ويحك كم تسأل الله رفع ما لا يحب رفعه تزوج فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي
(طب) بل في معاجيمه الثلاثة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: ورواه بإسنادين وفيهما يزيد الرقاشي وجابر الجعفي وكلاهما ضعيف وقد وثقا. وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف اه وذلك لأن فيه عمرو بن أبي سلمة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ثقة وقال أبو حاتم: لا يحتج به اه وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وفيه آفات ورواه الحاكم بلفظ من تزوج امرأة فقد أعطي نصف العبادة قال ابن حجر: وسنده ضعيف(6/103)
8592 - (من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها ولا يطلبها لعن في السماوات والأرض) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ الأرضين بالجمع وذلك لما اشتمل عليه من التدليس والتحلي بأوصاف التدليس وذلك من علامات النفاق إذ المنافق من يظهر خلاف ما يبطن
<تنبيه> قال ابن عربي: من مرض الأحوال النفسانية التي يجب التداوي منها صحبة الصالحين ليشتهر أنه منهم وهو في نفسه مع شهوته فإن حضر معهم سماعا وقد عشق أمرد أو جارية فأصابه وجد وغلب عليه حال من عشقه يصيح ويتنفس الصعداء ويقول الله أو هو هو ويشير بإشارات الصوفية فيظن الحاضرون أنه حال إلهي مع كونه ذا وجد صحيح وحال صحيحة لكن فيهما {وقد خاب من دساها} قال: ومن أمراض الأحوال أن يلبس دون ما في نفسه مما يحل له فمتى عرف هذه العلل وأدواءها واستعملها نفع نفسه قال: وكان في زمن [ص:104] نور الدين شيخ كثير الزعقات والتنهيدات في حال وجده بالله بحيث كان يشعب على الطائفين حال طوافه فكان يطوف على سطح الحرم وكان صادق الحال فابتلي بحب مغنية فانتقل وجده إليها والناس يظنون أنه في الله فجاء إلى الصوفية ورمى خرقته وذكر قصته وقال: لا أكذب في حالي ولزم خدمة المغنية فأخبرت أنه من الأولياء وابتلي فاستحيت وتابت ببركة صدقه ولزمت خدمته فزال ذلك التعلق من قلبه ورجع لحاله فلبس خرقته ولم ير أن يكذب مع الله في حاله فهذا حال صدقهم فليحذر من الكذب في ذلك ولا يظهر للناس إلا ما يظهر لله إلى هنا كلامه وفي حكمة الأشراف صاحب الرياء عند الصوفية كمنافق علمت منه الطوية فكلما أراد أن يستر ما علموا كذبوه وفضحوه
ومهما يكن عند امرىء من خليقة. . . وإن خالها تخفى على الناس تعلم
قال: ومن المرائين قوم زينوا ظاهرهم وتشبهوا بالفقراء ناصبين شبكة احتيالهم على العوام فإن كان ذلك حظهم من الله فيا فضيحتهم بين يديه. وروى ابن كامل في معجمه وابن النجار في تاريخه عن أنس قال: وعظ النبي صلى الله عليه وسلم يوما فإذا رجل قد صعق فقال صلى الله عليه وسلم: من ذا الذي لبس علينا ديننا إن كان صادقا فقد شهد نفسه وإن كان كاذبا محقه الله
(طس عن أبي هريرة) قال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: فيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب اه فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب(6/103)
8593 - (من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن (فهو منهم) وقيل المعنى من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء كذا ذكره ابن رسلان وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال: لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظن به من لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظن السوء فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه وقال بعضهم: قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث الله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهدبين المرضيين وبين المغضوب عليهم والضالين الى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه. وقال ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم فكما في قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وهو نظير قول ابن عمرو من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة معهم فقد حمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها كان حكمه كذلك
(هـ) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزركشي: فيه ضعف ولم يروه عن ابن خالد إلا كثير بن مروان [ص:105] وقال المصنف في الدرر: سنده ضعيف وقال الصدر المناوي: فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف كما قاله المنذري وقال السخاوي: سنده ضعيف لكن له شواهد وقال ابن تيمية: سنده جيد وقال ابن حجر في الفتح: سنده حسن (طس عن حذيفة) بن اليمان. قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات اه. وبه عرف أن سند الطبراني أمثل من طريق أبي داود(6/104)
8594 - (من تصبح كل يوم) أي أكل في الصباح تفعل من صبحت القوم أي سقيتهم الصبوح والأصل في الصبوح شرب الغداة وقد يستعمل في الأكل أيضا لأن شرب اللبن عند العرب بمنزلة الأكل (بسبع تمرات) بفتح الميم جمع تمرة (عجوة) بنصبه صفة أو عطف بيان لتمرات وهي ضرب من أجود التمر (1) (لم يضره في ذلك اليوم) ظرف معمول ليضره أو صفة لقوله (سم) بتثليث السين (ولا سحر) وليس ذلك عاما في العجوة بل خاصا بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها أي المدينة لم يضره ذلك اليوم سم قال القرطبي: فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة واختصاص بعض الثمار في بعض الأماكن ببعض الخواص في بعض الأشياء غير بعيد وهذا من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني وتكلفه بعضهم من ترجيعه إلى القياس وزعمه أن السموم إنما تقتل لإفراط بردها فإذا دام على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة واستعانت بها الحرارة الغريزية فقابل ذلك برد السم فبرأ صاحبه اه. فمما لا ينبغي أن يلتفت إليه أما أولا فلأن هذا وإن يقع في السم لا ينجع في السحر وأما ثانيا فلأن ذلك يدفع كما قال القرطبي خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقا بل خصوصية التمر فإن من الأدوية الحارة ما هو أبلغ في ذلك منه كما هو معروف عند أهله فالصواب القول باختصاص ذلك بعجوة المدينة وجهاتها لأن الخطاب لهم فهو من العام الذي أريد به الخصوص وقد يكون الشيء دواء نافعا لأهله في محله وفي بعضها سم قاتل ثم هل ذلك خاص بزمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أو عام؟ قولان رجح بعضهم الأول قال بعض المحققين: والذي يدفع الاحتمال التجربة المتكررة فإن وجد ذلك كذلك الآن علم أنها خاصة دائمة وإلا فخاصة مخصوصة ومما تقرر علم أنه لا اتجاه لزعم بعضهم أن ذلك لخاصية في هواء المدينة أو لكون التمر حافظا لصحة أهلها لكونه غذاء وهو بمنزلة الحنطة لغيرهم قال القرطبي: وتخصيصه بسبع لخاصية لهذا العدد علمها الشارع وقد جاء ذلك في مواضع كثيرة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في مرضه صبوا علي من سبع قرب وقوله غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا وقد جاء هذا العدد في غير الطلب كقوله تعالى {سبع بقرات سمان} {وسبع عجاف} وسبع كسني يوسف {وسبع سنبلات} وكذا سبعون وسبع مئة فمن جاء من هذا العدد مجيء التداوي فذلك لخاصة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها وما جاء في غيره فالعرب تضع هذا العدد للتكثير لا لإرادة عدد بعينه ولا حصر اه. وقال بعضهم: خص السبع لأن لهذا العدد خاصية ليست لغيره فالسماوات والأرض والأيام والطواف والسعي ورمي الجمار وتكبير العيد في الأولى سبع وأسنان الإنسان والنجوم سبع والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه إذ العدد شفع ووتر والوتر أول وثاني والشفع كذلك فهذه أربع مراتب أول وثان ووتر أول وثان ولا تجمع هذه المراتب في أقل من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة الشفع والوتر والأوائل والثواني والمراد بالوتر الأول الثلاثة وبالثاني الخمسة وبالشفع الأول الاثنين والثاني [ص:106] الأربعة وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة سيما في البحارين وقال بقراط: كل شيء في هذا العالم يقدر على سبعة أجزاء وشرط الانتفاع بهذا وما أشبهه حسن الاعتقاد وتلقيه بالقبول
(حم) في الأطعمة (د) في الطب (عن سعد) بن أبي وقاص
_________
(1) وألينه وفي رواية بتمر المدينة وقال ابن الأثير: العجوة ضرب أكبر من الصيحاني يقرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بيده(6/105)
8595 - (من تصدق بشيء من جسده أعطي بقدر ما تصدق) يعني من جنى عليه إنسان كأن قطع منه عضوا أو أزال منفعته فعفا عنه لوجه الله أثابه الله تعالى عليه بقدر الجناية ويحتمل أن المراد بالتصدق بذلك أن يباشر بعض الطاعة ببعض بدنه كأن يزيل الأذى عن الطريق بيده فيثاب بقدر ذلك أخرج ابن سعد عن الربيع بن خيثم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة
(طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه ورواه عنه أحمد أيضا باللفظ المزبور قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد في المسند والطبراني: رجال المسند رجال الصحيح اه. فاقتضى أن رجال الطبراني ليسوا كذلك فكان ينبغي للمصنف عزوه له(6/106)
8596 - (من تطبب ولم يعلم منه طب) أي من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة ولفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله (فهو ضامن) لمن طبه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل ومن سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخذه عن أهله فطب وبذل الجهد الصناعي فلا ضمان عليه قال الخطابي: لا أعلم خلافا أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض ضمن أي بالدية لا القود إذ لا يستبد به بدون إذن المريض والضمان على العاقلة وشمل الخبر من طب بوصفه أو قوله وهو ما يخص باسم الطبائعي وبمروده وهو الكحال وبمراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه وشرطه وهو الحجام وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء وبقربته وهو الحاقن فاسم الطبيب يشمل الكل وتخصيصه ببعض الأنواع عرف حادث
(د ن) متصلا ومنقطعا (هـ) في الديات (ك) في الطب (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني من طريقين عن ابن عمرو أيضا وقال: لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه مرسلا قال الغرياني: وفيه عيسى بن أبي عمران في طريق وقال أبو حاتم غير صدوق يرويه عن الوليد بن مسلم وفي طريق آخر محمد بن الصباح وثقه أبو زرعة وله حديث منكر(6/106)
8597 - (من تعذرت عليه التجارة) الظاهر أن التعذر قلة الربح وعدم سهولته (فعليه بعمان) أي فيلزم النجادة بها فإنها كثيرة الربح وهو فيها أسهل تناولا من غيرها وعمان بضم العين وخفة الميم بلد باليمن وصقع من البحرين وقرية على البحر بجنب البصرة وعمان بفتح العين وشد الميم مدينة في أرض البلقاء من كور دمشق والحديث يحتملها ويظهر أن الكلام في ذلك الزمن فلا يلزم اطراده إلى هذا الزمان
(طب عن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة (ابن السمط) بكسر المهملة وسكون الميم وقيل بفتح المهملة وكسر الميم الكندي أمير حمص لمعاوية وكان من فرسانه قال الذهبي: اختلف في صحبته وجزم ابن سعد بأن له وفادة(6/106)
8598 - (من تعظم في نفسه) أي تكبر وتجوه (واختال في مشيته) أي تكبر وتبختر وأعجب في نفسه فيها (لقي الله وهو عليه غضبان) أي يفعل به ما يفعله الغضبان بالمغضوب عليه لمنازعته له في إزاره وردائه تعالى فإن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه وفيه أن ذلك كبيرة (1)
(حم خد عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي: [ص:107] رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: رواته محتج بهم في الصحيح
_________
(1) والكلام في الاختيال في غير الحرب أما فيها فمطلوب ومن التكبر الترفع في المجالس والتقدم والغضب إذا لم يبدأ بالسلام وجحد الحق إذا ناظر والنظر إلى العامة كأنه ينظر إلى البهائم وغير ذلك فهذا كله يشمله الوعيد وإنما لقيه وهو عليه غضبان لأنه نازعه في خصوص صفته إذ الكبرياء رداؤه(6/106)
8599 - (من تعلق شيئا) أي تمسك بشيء من المداواة واعتقد أنه فاعل للشفاء أو دافع للداء (وكل إليه) أي وكل الله شفاءه إلى ذلك الشيء فلا يحصل شفاؤه أو المراد من علق تميمة من تمائم الجاهلية يظن أنها تدفع أو تنفع فإن ذلك حرام والحرام لا دواء فيه وكذا لو جهل معناها وإن تجرد عن الاعتقاد المذكور فإن من علق شيئا من أسماء الله الصريحة فهو جائز بل مطلوب محبوب فإن من وكل إلى أسماء الله أخذ الله بيده وأما قول ابن العربي: السنة في الأسماء والقرآن الذكر دون التعليق فممنوع أو المراد من تعلقت نفسه بمخلوق غير الله وكله الله إليه فمن أنزل حوائجه بالله والتجأ إليه وفوض أمره كله إليه كفاه كل مؤونة وقرب عليه كل بعيد ويسر له كل عسير ومن تعلق بغيره أو سكن إلى علمه وعقله واعتمد على حوله وقوته وكله الله إلى ذلك وخذله وحرمه توفيقه وأهمله فلم تصحح مطالبه ولم تتيسر مآربه وهذا معروف على القطع من نصوص الشريعة وأنواع التجارب
(حم ت ك عن عبد الله بن عليم) بالتصغير الجهني أبو سعيد الكوفي أدرك المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يره فروى عن عمر وغيره وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهينة(6/107)
8600 - (من تعلم الرمي) بالنشاب (ثم تركه فقد عصاني) (1) لأنه قد حصلت له أهلية الدفاع عن الدين ونكاية العدو فتعين قيامه بوظيفة الجهاد فإذا تركه حتى جهله فقد فرط في القيام مما تعين عليه وتشديد الوعيد يفيد حرمته بل إنه كبيرة لكن مذهب الشافعية الكراهة وأفتى ابن الصلاح بأن الرمي أفضل من الضرب بالسيف لأن فضيلة كل منهما إنما هي من حيث كونه عدة وقوة لأهل الطاعة على أهل المعصية والرمي أبلغ في ذلك
(هـ عن عقبة بن عامر) الجهني وفيه عثمان بن نعيم قال في الميزان: تفرد عنه ابن لهيعة ومن مناكيره هذا الحديث الراوي له ابن ماجه اه
_________
(1) وفي رواية فليس منا أي ليس على طريقتنا ولا سنتنا كما قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ومن غشنا فليس منا وهو ذم بلا شك(6/107)
8601 - (من تعلم علما لغير الله) كالتنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند الحكام (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ له فيها منزلا فإنها داره وقراره هكذا ساقه المؤلف فيما وقفت عليه من النسخ وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ رواية الترمذي وابن ماجه من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار هكذا ساقه عنهما جمع منهم المنذري قال ابن عطاء الله: جعل الله العلم الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه وسببا في تحصيل العقوبة لديه ولا يغرنك أن يكون به انتفاع للبادي والحاضر وفي الخبر إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ومثل من يتعلم العلم لاكتساب الدنيا والرفعة فيها كمن رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما أشرف الوسيلة وما أخس المتوسل إليه قال السيد السمهودي: وقد جرت العادة الإلهية بتمييز هذا القسم من المنتسبين للعلم عمن يعتدي به منهم بإظهار ما يخفيه من مضمراته وكشف ما يستره من عوراته سيما المنهمك في الدنيا المستعبد لأهلها {ليميز الله الخبيث من الطيب} ومثل هذا يجب تجنبه أوحى الله إلى داود لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدك عن محبتي أولئك قطاع الطرق على عبادي. وليت شعري من شهد بقلبه أن الله هو الفعال وأنه لا نافع ولا ضار إلا هو وأن قلوب العباد بيده وأنه لا يناله من الدنيا إلا ما قسم [ص:108] له كيف يقصد بعلمه غير الله من جلب الدنيا وقد مازج قلبه العلم فإنه لا يأتيه إلا ما قدر له منها وأن هذا القصد لا يفيده من الدنيا إلا الخسران
(ت عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه ابن ماجه أيضا قال المنذري: ورواه الترمذي وابن ماجه كلاهما عن خالد بن درنك عن ابن عمر ولم يسمع منه ورجالهما ثقات(6/107)
8602 - (من تقحم في الدنيا) أي رمى نفسه وتهافت في تحصيلها ولم يحترز عن الحرام والشبه (فهو يتقحم في النار) أي نار جهنم يقال قحم في الأمر رمى بنفسه فيه بغير روية
(هب عن أبي هريرة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه فإنه تعقبه بما نصه قال أبو حازم: تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى بن سعيد اه(6/108)
8603 - (من تمسك بالسنة) من السنن بفتحتين الطريق يعني من تمسك بطريق مرضية يقتدي به فيها (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين وإلا فالمؤمن الفاسق الزائغ المبتدع يدخلها بعد العذاب أو العفو وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قالت عائشة: يا رسول الله وما السنة قال: حب أبيك وصاحبه عمر اه بنصه وبالجملة فعلامة الفوز بالجنة التمسك بالسنة قال أبو يزيد البسطامي: هممت أن أسال الله كفاية مؤونة الطعام والنساء ثم قلت: كيف يجوز لي أن أسأل ما لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال الداراني: ربما وقع في قلبي نكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة وقال الجنيد: الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا على من اقتفى أثر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال العارف ابن قوام: كانت الأحوال تطرقني في بدايتي فنهاني شيخي عن الكلام فاستأذنت الشيخ في المضي لوالدتي فأذن وقال: سيحدث لك الليلة أمر عجيب فاثبت ولا تجزع فلما خرجت ذاهبا سمعت صوتا من جهة السماء فرفعت رأسي فإذا نور كأنه سلسلة يتداخل بعضه في بعض فالتقت على ظهري حتى أحسست ببردها فرجعت فأخبرت الشيخ فقال: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذن لي في الكلام
(قط في الأفراد) من حديث عمر مولى عفرة عن هشام (عن عائشة) قال ابن الجوزي في العلل: وعمر ضعيف وقال ابن حبان: يقلب الأخبار ولا يحتج به(6/108)
8604 - (من تمنى على أمتي الغلاء ليلة واحدة أحبط الله عمله أربعين سنة) الظاهر أن المراد به مزيد الزجر والتهويل والتنفير عن ذلك الفعل لا حقيقة الإحباط وذلك لأنه لما كانت الأنفس مجبولة على محبة الاستئثار على العير حذرها مما لا يحل من ذلك وهول الأمر لمزيد من الزجر
(ابن عساكر) في التاريخ من طريق مأمون السلمي عن أحمد بن عبد الله الشيباني عن بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب أورده المؤلف في مختصر الموضوعات من زيادته على أصله ثم قال: مأمون وشيخه كذابان هكذا قال وعجب منه كيف خرجه هنا مع اعترافه بذلك وكأنه نسي ما قرره ثم؟ وأما ابن الجوزي فإنه أورده من حديث الخطيب عن سليمان بن عيسى السجزي عن عبد العزيز به ثم قال: موضوع قال مخرجه الخطيب: منكر جدا لا أعلم رواه غير سليمان وهو كذاب اه. وفي الميزان سليمان بن عيسى السجزي هالك وقال أبو حاتم: كذاب وقال ابن عدي: وضاع ومن بلاياه هذا الخبر اه فعدل المؤلف عن طريق فيها كذاب واحد إلى طريق فيها كذابان(6/108)
8605 - (من تواضع لله) أي لأجل عظمة الله تواضعا حقيقيا وهو كما قال ابن عطاء الله: ما كان ناشئا عن شهود عظمة الحق وتجلى صمته فالتواضع للناس مع اعتقاد عظمة في النفس واقتدار ليس بتواضع حقيقي بل هو بالتكبر أشبه (رفعه الله) لأن من أذل [ص:109] نفسه لله فقد بذل نفسه لله فيجازيه الله بأحسن ما عمل وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن سودة أوحى الله إلى موسى: أتدري لما اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي قال: لا يارب قال: لأنه لم يتواضع لي أحد قط تواضعك وزاد في رواية ومن تكبر على الله وضعه الله حيث يجعله في أسفل السافلين وجاء في رواية تفسير الرفعة هنا بأنه يصيره في نفسه صغيرا وفي أعين الناس كبيرا وقيل التواضع لله أن يضع نفسه حيث وضعها الله من المعجز وذل العبودية تحت أوامره سبحانه بالامتثال وزواجره بالانزجار وأحكامه بالتسليم للأقدار ليكون عبدا في كل حال فيرفعه بين الخلائق وإن تعدى طوره وتجاوز حده وتكبر وضعه بين الخلائق وقال الطيبي: في التواضع مصلحة الدارين فلو استعمله الناس في الدنيا زالت من بينهم الشحناء واستراحوا من نصب المباهاة والمفاخرة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو نعيم في الحلية وقال: انتعش رفعك الله فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم ومن تكبر خفضه الله وقال آخر خفضك الله فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير حتى يكون أهون من كلب اه. (تتمة) قال ابن الحاج: قال بعض أهل التحقيق: من رأى أنه خير من الكلب فالكلب خير منه قال وهذا واضح ألا ترى أن الكلب يقطع بعدم دخوله النار وغيره من المكلفين قد يدخلها؟ فالكلب والحالة هذه أفضل منه قال: فمن أراد الرفعة فليتواضع لله فإن الرفعة لا تقع إلا بقدر النزول ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أسفل الشجرة صعد إلى أعلاها كأن سائلا سأله ما صعد بك ههنا وأنت قد نزلت تحت أصلها؟ فقال لسان حاله من تواضع لله رفعه الله
<تنبيه> قال في الحكم: ما طلب لك شيء مثل الاضطرار ولا أسرع بالرهب إليك من الذلة والافتقار
(حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: رواه ابن ماجه بلفظ من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله قال أعني العراقي: وإسناده حسن ورواه أحمد والبزار عن عمر بلفظ من تواضع لله رفعه الله وقال: انتعش نعشك الله فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه كبير قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح: خرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد رفعه بلفظ من تواضع لله رفعه الله حتى يجعله في أعلى عليين قال: وصححه ابن حبان بل خرجه مسلم في الصحيح والترمذي في الجامع بلفظ ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله هكذا خرجاه معا عن أبي هريرة رفعه فالضرب عن ذلك كله صفحا وعزوه إلى أبي نعيم وحده مع لين سنده من العجب العجاب(6/108)
8606 - (من توضأ كما أمر) بالبناء للمفعول أي كما أمره الله من استيعاب الشروط والفروض (وصلى كما أمر) كذلك (غفر له ما تقدم من عمل) أي من عمل السيئات والمراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار ما اجتنبت الكبائر والمراد الصلاة المفروضة بدليل الخبر المذكور وفيه دليل على فضل الوضوء وأنه مكفر للذنب وعلى شرف الصلاة عقبه وأن السعادة الواحدة قد يرجى منها غفران ما تقدم من الذنوب وأن الثواب من كرم الله إذ العبد لا يستحق بصلاة مغفرة ذنوب كثيرة ولو كان ذلك على حكم محض الجزاء وتقدير الثواب بالفعل لكانت العبادة الواحدة تكفر السيئة الواحدة فلما كفرت ذنوبا كثيرة عرف أن المغفرة من الكريم بفضله العميم وليست على حكم المقابلة ولا على قضية المعاوضة
(حم ن هـ حب عن أبي أيوب) الأنصاري (و) عن (عقبة بن عامر) الجهني. قال الهيثمي: رجاله موثقون(6/109)
8607 - (من توضأ) أي جدد وضوءه (علي طهر) قال الولي العراقي: أي مع طهر فعلى معناها هنا المصاحبة كقوله تعالى {وآتى المال على حبه} اه. أي مع طهر الوضوء الذي صلي به فرضا أو نفلا كما بينه فعل راوي الخبر وهو ابن عمر فمن لم يصل به شيئا لا يسن له تجديده فإن فعل كره وقيل حرم وأيا ما كان لا ينال الثواب الموعود بقوله (كتب) [ص:110] بالبناء للمجهول ورواية الترمذي كتب الله ولعل المؤلف لم يستحضرها حيث قال في فتاويه الحديثية: لفظ الحديث كتب له بالبناء للمجهول من غير ذكر الله اه. وذكر ذلك رد على السائل حيث كتب كتب الله (له) بالتجديد (عشر حسنات) أي عشر وضوءات إذ أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر وأفاد أن الوضوء لكل صلاة لا يجب وما ورد مما يخالفه منسوخ كما مر وندب تجديده أي لمن صلى صلاة وخرج الغسل فلا يسن تجديد عند الشافعية كالتيمم
<فائدة> سئل المؤلف عن حديث الوضوء نور على نور: فنقل عن المنذري والعراقي أنهما لم يريا من خرجاه وأن ابن حجر ذكر أن رزينا أورده في كتابه قال: ومعناه ظاهر لأن الوضوء يكسب أعضاءه نورا ولهذا قيل باشتقاقه من الوضاءة ودليله قصة الغرة والتحجيل فكان الوضوء على الوضوء يقوي ذلك النور ويزيده إذا لم يعرض من الحديث ما يقتضي ستره قال: وقد كان شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي يذكر لنا أن العارفين يشاهدون الحدث على الأعضاء ويرتبون عليه مقتضاه. قال: وفيه إشارة إلى ذلك
(د ت هـ) كلهم في الطهارة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي: سنده ضعيف وفي المهذب: فيه عبد الرحمن بن زياد لين ونقل بعضهم عن البخاري أنه حديث منكر وقال البغوي في شرح السنة: إسناده ضعيف وذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف وقال: قال في شرح أبي داود: هو ضعيف في إسناده ضعيفان عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وأبو غطيف مجهول عينا وحالا قال الولي العراقي: فإن قلت الشواهد في الباب موجودة منها حديث أنس وابن حنظلة وبريدة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة قلت ليس في شيء من هذه الأحاديث تعيين هذا الثواب وإنما فيها وجود ذلك من فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم اه وممن جرى على ضعفه المؤلف في فتاويه الحديثية فقال: المشهور تضعيفه وقال ابن حجر: سنده ضعيف(6/109)
8608 - (من توضأ بعد الغسل) من نحو جنابة (فليس منا) أي ليس من العاملين بسنتنا المتبعين لمنهاجنا لأن الغسل يكفي للحدث الأكبر والأصغر لكن مذهب الشافعي أن الغسل يسن له الوضوء وتحصل السنة بتقديمه وتوسطه وتأخيره لكن التقديم أفضل
(طب عن ابن عباس) قال في الميزان: غريب جدا وفيه أبان بن عياش واه ويوسف بن خالد السهمي قال يحيى: كذاب(6/110)
8609 - (من توضأ في موضع بوله فأصابه الوسواس فلا يلومن إلا نفسه) أي فلا يلوم صاحب الشرع الآمر بالوضوء لأنه لم يفعله في محله أو على وجه لا يتسلط منه الشيطان بالوسواس الذي إنما ينشأ عن خبل في العقل أو قلة في الفقه. والوسواس بفتح الواو حديث النفس كما في الصحاح وفي النهاية حديث النفس في الأفكار وفي المشارق ما يلقيه الشيطان في القلب وأصله الحركة الخفية وهي من أسماء الشيطان أيضا وبكسرها مصدر بمعنى الوسوسة وهي كلام في اختلاط وفيه أنه يكره الوضوء في الموضع الذي بال فيه وقد أشار في الحديث إلى تعليل النهي بأن هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المتطهر يتوهم أنه أصابه شيء من قطره أو رشاشه فيحصل له وسواس
(عد عن ابن عمرو) بن العاص وهو من حديث منصور بن عمار عن ابن لهيعة والكلام فيه معروف قال الولي العراقي: وحكم العقيلي عليه بالوقف تحكم لا دليل عليه(6/110)
8610 - (من توضأ يوم الجمعة فيها) قال الزمخشري: الباء متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخصلة أو الفعلة ينال الفضل والخصلة هي الوضوء (ونعمت) أي ونعمت الخصلة هي فحذف المخصوص بالمدح وقيل أي فبالرخصة أخذ ونعمت السنة التي ترك وفيه انحراف عن مراعاة حق اللفظ فإن الضمير الثاني يرجع إلى غير ما يرجع إليه الضمير الأول ويحتمل أن يقال فعليه [ص:111] بتلك الفعلة اه وقال غيره: هو كلام يطلق للتجويز والتحسين أي فأهلا بتلك الخصلة أو الفعلة المحصلة للواجب ونعمت الخصلة هي أو فبالسنة أخذ أي بما جوزته من الاقتصار على الوضوء ونعمت الخصلة أو الفعلة لأن الوضوء تطهير لجميع البدن إذ البدن باعتبار ما يخرج منه من الحدث غير متجزئ فكان الواجب غسل جميعه غير أن الحدث الخفيف لما كثر وقوعه كان في إيجابه حرج فاكتفى الشارع بغسل الأعضاء التي هي الأطراف تسهيلا على العباد وجعله طهارة لكل بدن كالصلوات فإنها خمس بثواب خمسين فلما كان تطهيرا للجميع كان تكفيرا لخطايا الجميع وقوله فيها ونعمت يفيد أن الوضوء قربة مقصودة فلا يصح بدون نية فهو رد على الحنفية (ومن اغتسل) يومها (فالغسل أفضل) من الاقتصار على الوضوء لأنه أكمل وأشمل وفيه ندب الغسل لمريد الجمعة وهو سنة مؤكدة يكره تركها كما مر مرارا
(حم 3 وابن خزيمة) في صحيحه من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب بضم الدال وتفتح قال الترمذي: حسن قال في الإمام: من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث قال ابن حجر: وهو مذهب المديني وقيل لم يسمع منه إلا حديث العقيقة وقيل: لا مطلقا(6/110)
8611 - (من تولى غير مواليه) أي اتخذ غيرهم وليا يرثه ويعقل عنه وزاد في رواية تقييده بغير إذنهم قال جمع: ولا مفهوم له بل ذكر تأكيدا للتحريم قال ابن حجر: ويحتمل أن يكون قوله من تولى شاملا للمعنى الأعم من الموالاة وإن منها مطلق النصرة والإعانة والإرث ويكون قوله بغير إذن مواليه يتعلق مفهومه بالأولين بما عدا الإرث وقال ابن العربي: التولي لغير الموالي يكون بوجوه منها أن يكون حليفا لقوم فيخلع حلفهم ليعقده مع غيرهم (فقد خلع ريقة الإسلام من عنقه) أي أهمل حدود الله وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فاستعير للإسلام أي ما يشد به نفسه من عرى الإسلام وأحكامه وذلك لأن من رغب عن موالاة من أنعم عليه بالحرية كافر بالنعمة ظالم بوضع الولاء في غير محله ومن كفر نعمة العباد فهو بكفران نعم الله أجدر
(حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي: فيه خالد بن حبان وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح(6/111)
8612 - (من جادل في خصومه) أي استعمل المراء والتعصب (بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) أي يترك ذلك ويتوب منه توبة صحيحة وأخذ الذهبي وغيره منه أن الجدال بغير علم من الكبائر قال الغزالي: والمراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه والجدال عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي به مال أو حق مقصود وذلك يكون ابتداء ويكون اعتراضا والمراء لا يكون إلا باعتراض على كلام سبق
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغيبة) والأصبهاني في الترغيب والترهيب (عن أبي هريرة) قال الذهبي: فيه رجاء أبو يحيى صاحب السقط وهو لين وقال الحافظ العراقي: وفيه رجاء أبو يحيى ضعفه الجمهور(6/111)
8613 - (من جامع المشرك) بالله والمراد الكافر ونص على الشرك لأنه الأغلب حينئذ (وسكن معه) أي في ديار الكفر (فإنه مثله) أي من بعض الوجوه لأن الإقبال على عدو الله وموالاته توجب إعراضه عن الله ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفران قال الزمخشري: وهذا أمر معقول فإن مولاة الولي وموالاة عدوه متنافيان قال:
تود عدوي ثم تزعم أنني. . . صديقك ليس النول عنك بعازب
وفيه إبرام وإلزام بالتصلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم {لا يتخذ المؤمنون [ص:112] الكافرين أولياء من دون المؤمنين} والمؤمن أولى بموالاة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسما لمادة الفساد {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتتقلبوا خاسرين} ولم يمنع من صلة أرحام من لهم من الكافرين ولا من مخالطتهم في أمر الدنيا بغير سكنى فيما يجري مجرى المعاملة من نحو بيع وشراء وأخذ وعطاء ليوالوا في الدين أهل الدين ولا يضرهم أن يبارزوا من لا يجاريهم من الكافرين ذكره الحرالي وفي الزهد لأحمد عن ابن دينار أوحى الله إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تدخلوا مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي وقوله من جاء مع المشرك ظن بعضهم أن معناه أتى معه مناصرا وظهيرا فجاء فعل ماض ومع المشرك جار ومجرور وقال بعضهم: معناه نكح الشخص المشرك يعني إذا أسلم فتأخرت عنه زوجته المشركة حتى بانت منه فحذر من وطئه إياها ويؤيده ما روي عن سمرة بن جندب مرفوعا لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو منهم وأفاد الخبر وجوب الهجرة أي على من عجز عن إظهار دينه وأمكنته بغير ضرر
<تنبيه> قال ابن تيمية: المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة والمشاركة في الهدى الظاهر توجب مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان والزمان وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلا سبب لوقوع ما مر واكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة ولما كان مظنة الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به وأدير التحريم عليه فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات فيصير مساكن الكفار مثله وأيضا المشاركة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة وهذا مما يشهد به الحس فإن الرجلين إذا كانا من بلد واجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم بموجب الطبع وإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والمولاة فكيف المشابهة في الأمور الدينية؟ فالموالاة للمشركين تنافي الإيمان {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}
(د عن سمرة) بن جندب رمز المصنف لحسنه وفيه سليمان بن موسى الأموي الأشدق قال في الكاشف: قال النسائي: ليس بالقوي وقال البخاري: له مناكير(6/111)
8614 - (من جر ثوبه) وفي رواية لمسلم ثيابه وفي رواية ذكرها الذهبي في الكبائر شيئا بدل ثوبه فبين به أن الازار والسراويل والجبة ونحوها من كل ملبوس فيه الوعيد قال الزين العراقي: بل ورد عند أبي داود دخول العمامة فيه قال: وهل المراد جر طرفها على الأرض أو المبالغة في تطويلها وتعظيمها؟ الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير معهود والإسبال في كل شيء بحسبه (خيلاء) بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة (لم ينظر الله إليه) وفي رواية لمسلم فإن الله لا ينظر إليه نظر رحمة عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين العراقي وقال الكشاف: نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية لأن من اعتد بالشخص التفت إليه ثم كثر حتى صار عبارة عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر وهو تقليب الحدقة والله منزه عن ذلك فهي بمعنى الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية (يوم القيامة) خصه لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما يتجدد من الحوادث وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر: يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له: إنك لست ممن يفعله خيلاء قال ابن عبد البر: ومفهوم الحديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم [ص:113] بكل حال وقال النووي: لا يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره
(حم ق 4) كلهم في اللباس إلا النسائي ففي الزينة (حم عن ابن عمر) بن الخطاب زاد أبو داود والترمذي والنسائي قال ابن عمر: قالت أم سلمة: يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال: يرخين شبرا قالت: إذن تنكشف أقدامهن قال: فترخيه ذراعا لا يزدن عليه وإسناده صحيح ورواه الطبراني عن ابن مسعود باللفظ المذكور وزاد وإن كان على الله كريما(6/112)
8615 - (من جرد ظهر امرئ مسلم) أي عراه من ثيابه (بغير حق لقي) بالقاف (الله وهو) أي والحال أنه (عليه غضبان) والمراد فيما يظهر أنه جرده من ثيابه ليضربه وفعل ويحتمل على بعد أن المراد هتك العورة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك كبيرة
(طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) قال الهيثمي كالمنذري: وإسناده جيد وقال ابن حجر في الفتح: في سنده مقال(6/113)
8616 - (من جعل قاضيا بين الناس) بأن تولى القضاء بينهم (فقد ذبح) أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح (بغير سكين) بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد في التوقي لخطره وقال القاضي: قوله بغير سكين يريد به كخنق وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته شبهت به التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة ويحتمل أن المراد أن التولية إهلاك لكن لا بآلته المحسوس فينبغي أن لا يستشرف له ولا يحرص عليه
(حم د هـ ك) في القضاء كلهم (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي: إسناده صحيح وقال ابن حجر: أعله ابن الجوزي وقال: لا يصح وليس كما قال وكفاه قوة تخريج النسائي له وقد صححه الدارقطني وغيره(6/113)
8617 - (من جلب على الخيل يوم الرهان) ككتاب ما يجعل لمن غلب يقال تراهن القوم أخرج كل واحد منهم رهنا ليفوز بالجميع إذا غلب (فليس منا) الجلب في السباق أن يتبع الرجل فرسه إنسانا فيزجره ويصيح حثا على السبق والمراد ليس على طريقتنا
(طب عن ابن عباس) ورواه عنه ابن أبي عاصم أيضا وقال ابن حجر بعد إيراده عنه وعن الطبراني: إسناد ابن أبي عاصم لا بأس به أي وطريق الطبراني مضعف وذلك لأن فيه عنده ضرار بن صرد قال الذهبي في الضعفاء: قال النسائي: متروك اه. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في عدوله عن ابن أبي عاصم واقتصاره على الطبراني(6/113)
8618 - (من جمع بين صلاتين من غير عذر) كسفر ومطر كذا مثل به الشافعي للعذر (فقد أتى بابا من أبواب الكبائر) تمسك به أبو حنيفة على منع الجمع في السفر وقال الشافعية السفر عذر كما تقرر
(ت ك) كلاهما من حديث خنش عن عكرمة (عن ابن عباس) قال الحاكم: وخنش ثقة ورده الذهبي في تلخيصه بأنهم ضعفوه قال في تنقيح التحقيق: لم يتابع الحاكم على توثيقه فقد كذبه أحمد والنسائي والدارقطني وقال البيهقي: تفرد به خنش وهو ضعيف لا يحتج به وذكره ابن حبان في الضعفاء وتركه ابن معين ورواه الدارقطني من هذا الوجه وقال: فيه خنش أبو علي الرجبي متروك وقال ابن حجر: خرجه الترمذي وفيه خنس أبو قيس وهو واه جدا وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بما هو تعسف [ص:114] للمصنف فإن سلم عدم وضعه فهو واه جدا(6/113)
8619 - (من جمع المال من غير حقه سلطه الله على الماء والطين) أي سبب لجامعه صرفه في البنيان الذي للرياء والسمعة أو فوق ما يحتاجه أو نحو ذلك
(هب عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه محمد بن عبد الرحمن القشيري أي أحد رجاله من شيوخ بقية المجهولين اه. وبقية مر الكلام فيه غير مرة وفي الميزان عن ابن عدي محمد بن عبد الرحمن هذا منكر الحديث وساق له أحبارا هذا منها وقال: قال الأزدي: كذاب متروك الحديث اه(6/114)
8620 - (من جمع القرآن) لعل المراد حفظه فإنهم بوبوا عليه ثواب حافظ القرآن (متعه الله بعقله حتى يموت) أي لا يزال عقله موفرا تاما كاملا لا يعتريه خلل ولا خبل كما يعرض لمن أدركه الهرم وطعن في السن غالبا
(عد) من حديث رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي في العلل: قال ابن عدي: لا يرويه عن جرير غير رشدين ورشدين قال يحيى: ليس بشيء والنسائي: متروك اه(6/114)
8621 - (من جهز غازيا) أي هيأ له أسباب سفره أو أعطاه عدة الغزو ومنه تجهيز العروس وتجهيز الميت (حتى يستقل) وفي رواية للبخاري أو خلفه في أهله بخير (كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع) أي يستوي معه في الأجر إلى انقضاء غزوه بموته أو فراغ الوقعة فالوعد مرتب على تمام التجهيز المشار إليه بقوله حتى يستقل وعلى انقضاء الغزو وذهب البعض إلى أن المراد بالأخبار الواردة بمثل ثواب الفعل حصول الأجر بغير تضعيف وأن التضعيف يختص بالمباشرة وهل هذا الثواب مقصور على من جهز من لا يستطيع الجهاد أو عام؟ احتمالان أرجحهما الثاني إذ يكون يقدر على الجهاد يمنعه الشح ومثل المجهز المعين كما في خبر مر وأفاد قوله يستقل أنه لو جهز بعضا وترك بعضا لا يحصل له الثواب الموعود بل له بقدر ما جهز وكذا جميع الطاعات من أعان عليها كان له مثلها كما ذكره بعضهم
(هـ عن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما: وفيه صالح بن معاذ شيخ البزار وبقية رجاله ثقات(6/114)
8622 - (من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها حرم على النار) أي نار جهنم وفي رواية حرمه الله على النار وفيه أن رواتب الظهر أربع قبلها وأربع بعدها لكن المؤكد ركعتان قبلها وركعتان بعدها
(4) في الصلاة (ك) من حديث مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان (عن أم حبيبة) قال الذهبي في المهذب: هذا الحديث معلل على وجوه وهو منقطع ما بين مكحول وعنبسة وقال أبو زرعة: مكحول لم يسمع من عنبسة(6/114)
8623 - (من حافظ على شفعة الضحى) بضم الشين وقد تفتح من الشفع بمعنى الزوج والمراد ركعتا الضحى ويروى بالفتح والضم كالغرفة وإنما سماها شفعة لأنها أكثر من واحدة قال القتبي: الشفع الزوج ولم أسمع به مؤنثا إلا هنا وأحسبه ذهب بتأنيثه إلى الفعلة أو الصلاة الواحدة (غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) أي كثيرة جدا والمراد [ص:115] الصغائر على وزان ما مر
(حم ت هـ عن أبي هريرة) وفيه النهاس بن فهم القيسي قال في الميزان: تركه القطان وضعفه ابن معين ثم أورد له هذا الخبر(6/114)
8624 - (من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من الشعب بدل وجبت إلخ أوجب الجنة فلينظر والمراد من حافظ على ذلك محتسبا كما قيده به في روايات أخر
(هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين فقال: كأنه المصلوب منهم(6/115)
8625 - (من حاول أمرا) أي حصوله أو دفعه (بمعصية) لله (كان أبعد لما رجا) أي أمل (وأقرب لمجيء ما اتقى)
(حل) من حديث عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة (عن أنس) ثم قال: غريب من حديث مالك وإسحاق لم يكتبه إلا من حديث محمد بن أحمد بن إدريس عن عبد الوهاب بن نافع قال العقيلي: منكر الحديث فقال الذهبي: قلت بل هالك(6/115)
8626 - (من حج) زاد الطبراني والدارقطني أو اعتمر (لله) أي لابتغاء وجه الله طلبا لرضاه والمراد الإخلاص بأن لا يكون قصده نحو تجارة أو زيارة ويحتمل بتكلف الحمل على الظاهر من أن المراد ابتغاء النظر إلى وجه الله في الآخرة ورجاء الجنة والتخلص من النار (فلم يرفث) أي يفحش من القول أو يخاطب امرأة بما يتعلق بجماع وفاؤه مثلثة في الماضي والمضارع قال ابن حجر: والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل (ولم يفسق) أي لم يخرج عن حد الاستقامة بفعل معصية أو جدال أو مراء أو ملاحاة نحو رقيق أو أجير والفاء في فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه (رجع) أي صار (كيوم) بجره على الإعراب وبفتحه على البناء وإضافته لقوله (ولدته أمه) في خلوه عن الذنوب وهو يشمل الكبائر والتبعات وإليه ذهب القرطبي وعياض لكن قال الطبري: وهو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها وقال الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق الله لا العباد ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها لا نفسها فلو أخرها بعده تحدد إثم آخر ولم يذكر الجدال مع النهي عنه في الآية لأنه أريد به الخصومة مع الرفقاء اكتفاء بذكر البعض أو خروجا عن حدود الشريعة في الفسق أو لاختلاف في الموقف لم يحتج لذكره هنا
(حم خ ن هـ عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أنه من تفردات البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه لهما جمع منهم الصدر المناوي(6/115)
8627 - (من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده الطواف بالبيت) طواف الوداع فهو واجب وإن نفر من مني جير بالدم ولا يلزم حائضا طهرت خارج مكة ولو مكث بعده أعاده
(حم 3 والضياء) المقدسي (عن الحارث ابن أوس أو ابن عبد الله بن أوس (الثقفي) قال الذهبي: له حديث واحد في طواف الوداع اختلف فيه على الحجاج بن أرطاة ومراده هذا الحديث(6/115)
[ص:116] 8628 - (من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي) ومن ثم ذهب جمع من الصوفية إلى أن الهجرة إليه ميتا كمن هاجر إليه حيا. وأخذ منه السبكي أنه تسن زيارته حتى للنساء وإن كانت زيارة القبور لهن مكروهة وأطال في إبطال ما زعمه ابن تيمية من حرمة السفر لزيارته حتى على الرجال
(طب) عن ابن عمر قال الهيثمي: فيه عائشة بنت يونس ولم أجد من ترجمها (هق عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي: تفرد به حفص بن سليمان وهو ضعيف وقال ابن عدي: حفص هذا هو القارئ ضعفوه جدا مع إمامته في القراءة ورمي بالكذب والوضع ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر وأعله بأن فيه حفص بن أبي داود ضعفوه ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع لكن نازعه السبكي(6/116)
8629 - (من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج (1)) قال المحب الطبري: لا أعلم أحدا قال بظاهره من الإجزاء عنهما بحج واحد وهو محمول على أنه يقع للأصل فرضا وللفرع ثوابا
(قط عن جابر) بن عبد الله وفيه عثمان بن عبد الرحمن ضعفوه وقال الغريباني في مختصر الدارقطني: فيه محمد بن عمرو البصري الأنصاري كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا وقال ابن نمير: لا يساوي شيئا
_________
(1) أي إذا كان الفاعل قد حج عن نفسه والقصد: الترغيب في الحج عن الوالدين(6/116)
8630 - (من حج عن والديه) لفظ رواية الدارقطني أبويه (أو قضى عنهما بعثه الله يوم القيامة مع الأبرار) جمع بار وهو الكثير البر المتسع في الإحسان المتجنب العقوق والعصيان
(طس قط عن ابن عباس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه صلة بن سليمان العطار متروك وفي الميزان: قال النسائي: متروك والدارقطني: يترك حديثه قال: ومن مناكيره هذا الخبر اه وقال الغرياني في اختصار الدارقطني: فيه صلة بن سليمان عن ابن جريح تركوه قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال ابن معين: ليس بثقة وقال مرة: كان كذابا ترك الناس حديثه قال النسائي: متروك الحديث اه. فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه غير جيد(6/116)
8631 - (من حدث) وفي رواية ابن ماجه من روى (عني بحديث) لفظ روايات ابن ماجه حديثا وفي رواية له من روى عني حديثا (وهو) أي والحال أنه (يرى) بضم ففتح يظن وبفتحتين ذكره بعضهم وقال النووي: يرى ضبطنا بضمن الياء والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع قال: وهذا هو المشهور في اللفظين وقال عياض: الرواية عندنا الكاذبين على الجمع قال الطيبي: وقوله أحد الكاذبين من باب القلم أحد اللسانين والخال أحد الأبوين يعلم أنه كذب بكسر الكاف مصدر وبفتح فكسر أي ذو كذب على حذف مضاف أو المصدر بمعنى الفاعل (فهو أحد الكاذبين) بصيغة الجمع باعتبار كثرة النقلة وبالتثنية باعتبار المفتري والناقل عنه والأول كما في الديباج أشهر فليس لراوي حديث أن يقول قال الرسول إلا إن علم صحته ويقول في الضعيف روى أو بلغنا فإن روى ما علم أو ظن وضعه ولم يبين حاله أيدرج في جملة الكذابين لإعانته المفتري على نشر فريته فيشاركه في الإثم كمن أعان ظالما ولهذا كان بعض التابعين يهاب الرفع ويوقف قائلا الكذب على الصحابي أهون
(حم م) في أول صحيحه (هـ) في السنة (عن سمرة) بفتح فضم ففتح ابن جندب بضم الدال وفتحها ولم يخرجه البخاري رواه ابن ماجه عن سمرة من طريقين وعن علي من طريقين وعن المغيرة من طريق واحد(6/116)
[ص:117] 8632 - (من حدث بحديث) وفي رواية حديثا (فعطس عنده فهو حق) لأن للروح كشف غطاء عن الملكوت وذكر هنالك فإذا تحرك لذلك تنفس وهو عطاسه فإذا كان في ذلك الوقت كان وقت تحقق الحديث
(الحكيم) الترمذي من طريق معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج (عن أبي هريرة) قال المصنف في الدرر تبعا للزركشي: وحسنه النووي في فتاويه وأخطأ من قال إنه باطل وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من الحكيم وهو عجب فقد خرجه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى باللفظ المذكور كلهم من الطريق المذكور وقال أعني الطبراني: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وكذا أبو يعلى والديلمي قال الهيثمي: وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف اه. وعزاه النووي في الأذكار لأبي يعلى ثم قال: كل إسناده ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه قال: وأكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين وقد رواه معاوية الشامي وممن خرجه البيهقي في الشعب وقال: إنه منكر اه. وبالجملة هو حديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزي: ويكفي في رده قول النووي في فتاويه: له أصل أصيل اه وقول بعضهم: حديث باطل وإن كان إسناده كالشمس إذ كيف يجوز أن يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بصدق كل محدث عطس عنده وكم أرى في الناس من كذاب ومحدث بباطل قارن حديثه العطاس: رده الزركشي وغيره بأن إسناده إذا صح ولم يكن في العقل ما يأباه وجب تلقيه بالقبول وقد صح في الحديث العطاس من الله وكان هذا الأمر المضاف إلى الله حق ولا يضاف إليه إلا حق(6/117)
8633 - (من حسب كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه) قال الغزالي: بين بهذا الخبر أن حرص الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين وإهماله وتضييعه خسران مبين هذا علاجه من حيث العلم وأما علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكوت
(ابن أبي السني عن أبي ذر)(6/117)
8634 - (من حضر معصية) وهي مخالفة الشارع بترك واجب أو فعل محرم أعم من الكبائر والصغائر (فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها فكأنه حضرها) لأن من ود شيئا كان من عمله ولهذا خاطب الله سبحانه بني إسرائيل بقوله {وإذا قتلتم نفسا} مع أن القائلين هم الماضون من أسلافهم
(هق عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن أبي سليم أو ابن أبي سليمان قال الذهبي: غير قوي(6/117)
8635 - (من حضر إماما) أي مجلسه والمراد الإمام الأعظم ومثله نوابه وكذا القضاة وكل ذي ولاية عامة (فليقل خيرا أو ليسكت) قال في الفردوس: يعني بالإمام السلطان ويلحق به من ذكر
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه صالح بن محمد بن زياد وثقه أحمد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر وقال: فيه محمد بن محمد التمار قال ابن حبان: ثقة وربما أخطأ وقد أكثر عنه الطبراني(6/117)
[ص:118] 8636 - (من حفظ على أمتي) يعني نقل إليهم بطريق التخريج والإسناد على ما سيجيء (أربعين حديثا من السنة) صحاحا أو حسانا قيل أو ضعافا يعمل بها في الفضائل (كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة) وفي رواية كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء وفي رواية بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء قال الأصفهاني: واختلف في هذه فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث الأحكام وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن سليمة من القدح كيفما كانت وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة وذهب بعضهم إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين وتوافق حال المتبصرين وكلها صواب والمرجع إلى حقيقة يقين العبد وما أعد الله لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام به بمعرفة ورشاد نال من الله ما وعده رسوله يوم المعاد ووجه إيثار هذا العدد بذلك أن الأربعين أقل عدد له ربع عشر صحيح فكما دل حديث الزكاة على تطهير ربع العشر الباقي فكذا العمل بربع عشر الأربعين يخرج باقيها عن كونه غير معمول به فخصت بالذكر إشارة لذلك
(عد عن ابن عباس) قال النووي: طرقه كلها ضعيفة وقال الزين العراقي: رواه أيضا ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر وضعفه وقال العلائي: تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي قال أحمد وابن معين: كذاب وقال ابن عدي: وضاع وقال صالح: هذا الحديث باطل وقال البيهقي في الشعب: بين مشهور بين الناس وليس إسناده بصحيح وقال ابن عساكر: الحديث روي عن علي وعمر وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال لكن كثرة طرقه تقويه وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه(6/118)
8637 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من سنتي) ونقلها إليهم (أدخلته يوم القيامة في شفاعتي (1)) فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد وإن حفظ عن ظهر قلب إذ المدار على نفع الأمة ولم يوجد واستنباط معنى من النص يخصصه سائغ ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل وإن كان يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه ففي دخوله في هذا الوعد وقفة إذ لم يحفظ هو على الأمة وإنما حافظه صاحب الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس كدخول المسند للمجتهد وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان وتقريب تناوله لا أجر إسناده وحاصله أنه إن لم يحفظه الحفظ التام لم يدخل في الوعد الدخول التام ذكره العز بن جماعة وحاول بعض أهل القرن العاشر اعتراضه فلم يأت بطائل
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري قال ابن حجر: حديث من حفظ ورد في رواية ثلاثة عشر صحابيا خرجها ابن الجوزي في العلل بين ضويعفها كلها وأفرده المنذري بجزء ولخصت القول فيه في الإملاء ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة اه
_________
(1) قال العلقمي: الحفظ هو ضبط الشيء ومنعه من الضياع فتارة يكون حفظ العلم بالقلب وإن لم يكتب وتارة في الكتاب وإن لم يحفظ بقلبه فلو حفظ في كتابه ثم نقل إلى الناس دخل في وعد الحديث وإن كتبها في عشرين كتابا(6/118)
8638 - (من حفظ ما بين فقميه) بضم الفاء وفتحها لحييه وهو الفم من أكل الحرام وقبيح الكلام (ورجليه) وهو الفرج [ص:119] من نحو زنا ولواط وسحاق ومقدماتها فمن قصره على الزنا فقد قصر في رواية من حفظ لي ومعنى كون النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا له أنه طالب لهذه المحافظة ونفعها راجع إليه لأنه هو الهادي واهتداء المدلول نافع له (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سابقة عذاب وإلا فلو لم يحفظها دخل أيضا بعد التعذيب بل إن سومح لم يعذب
(حم ك) في الحدود وكذا أبو يعلى والطبراني كلهم (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال المنذري: رواته ثقات وقال الهيثمي: رجال الطبراني وأبي يعلى ثقات والظاهر أن الراوي الذي سقط عند أحمد سليمان بن يسار(6/118)
8639 - (من حفظ عشر آيات من أول) وفي رواية من آخر (سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) لما في قصة أهل الكهف من العجائب فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال فلا يفتن أو لأن من تدبر هذه الآيات وتأمل معناها حذره فأمن منه أو هذه خصوصية أودعت في السورة (1) ومن ثم ورد في رواية كلها وعليه يجتمع رواية من أول ومن آخر ويكون ذكر العشر استدراجا لحفظ الكل والتعريف للعهد أو للجنس لأن الدجال من يكثر الكذب والتمويه وفي خبر يكون في آخر الزمان دجالون وفيه جواز الدعاء بالعصمة من نوع معين والممتنع الدعاء بمطلقها لاختصاصها بالنبي صلى الله عليه وسلم والملك
(حم م) في الصلاة (د) في الملاحم (ن) كلهم (عن أبي الدرداء) ووهم الحاكم فاستدركه وقال الترمذي: حسن صحيح ولم يخرجه البخاري
_________
(1) فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال ويجوز أن يكون التخصيص بها لما فيها - أي العشر الآيات الأول - من ذكر التوحيد وخلاص أصحاب الكهف من شر الكفرة المتجبرة(6/119)
8640 - (من حفظ لسانه) أي صانه عن النطق بالكذب وغيره من المحرمات (وسمعه) من الاستماع إلى ما لا يجوز كغيبة ونميمة (وبصره) عن النظر إلى محرم أو صورة مليحة بشهوة نفس أو إلى مسلم بعين الاحتقار (يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة) ظاهر اللفظ يشمل الواقف بعرفة وغيره لكن قضية السياق أن الكلام في الحاج الواقف بها فتدبر
(هب عن الفضل) بن عباس ورواه عنه أبو يعلى أيضا(6/119)
8641 - (من حلف على يمين) أي بها وهو مجموع المقسم به والمقسم عليه لكن المراد هنا المقسم عليه مجازا ذكرا للكل وإرادة للبعض (فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه) يعني من حلف يمينا جزما ثم بدا له أمر فعله أفضل من إبرار يمينه فليفعل ذلك الأمر ويكفر بعد فعله وفي جواز التكفير قبل الحنث وبعد اليمين خلاف جوزه الشافعية ومنعه الحنفية
<فائدة> قيل اليمين ضروري لا يغتفر إلى تعريف وقيل غير ضروري للاختلاف في التعاليق هل هي أيمان أو التزامات؟ والضروري لا يختلف وإذا بطل كونه ضروريا فالنظر يفتقر للتعريف وعرفه ابن العربي بأنه ربط العقد بالامتناع من الفعل أو القدوم عليه بمعظم حقيقة أو اعتقادا ونوزع بخروج اليمين الغموس واللغو والتعاليق
(حم م ت) في الأيمان (عن أبي هريرة) قال: أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أهله فوجد الصبية ناموا فأتاه أهله بطعام فخلف لا يأكل لأجل الصبية ثم بدا له فأكل فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر فذكره ولم يخرجه البخاري(6/119)
[ص:120] 8642 - (من حلف بغير الله فقد كفر) وفي رواية أشرك أي فعل فعل أهل الشرك أو تشبه بهم إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن أن يعظمه لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له فهو يشرك غير الله في تعظيمه ورجحه ابن جرير. ومن هذا التقرير علم أن من زعم أن الخبر ورد على منهج الزجر والتغليظ فقد تكلف قال النووي: ومن المكروه قول الصائم وحق هذا الخاتم الذي على فمي
(حم ت ك) في الأيمان (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده على شرط مسلم وقال الزين العراقي في أماليه: رجاله ثقات(6/120)
8643 - (من حلف) أي أراد الحلف (فليحلف برب الكعبة) لا بالكعبة فإن الحلف بمخلوق مكروه وإن كان عظيما كالكعبة والأنبياء والملائكة وإقسام الله ببعض مخلوقاته تنبيه على شرفها
(حم هق عن قتيلة) بقاف مضمومة ومثناة فوقية مفتوحة مصغرا (1) (بنت صيفي) الجهنية والأنصارية صحابية من المهاجرات
_________
(1) قالت قتيلة: جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نعم القوم أنتم يا محمد لولا أنكم تشركون قال: سبحان الله وما ذلك قال: تقولون والكعبة إذا حلفتم فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال: إنه قد قال من حلف فليحلف برب الكعبة ثم قال: نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا قال: وما ذاك قال: تقولون ما شاء الله وشئت قال: فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إنه قد قال من قال ما شاء الله فليقل ثم شئت(6/120)
8644 - (من حلف علي يمين) أي على محلوف يمين قال القاضي: إنما قال على يمين تنزيلا للحلف منزلة المحلوف عليه اتساعا (صبر) بفتح الصاد وسكون الموحدة هي التي تلزم ويجبر حالفها عليها حال كونه (يقتطع بها) أي بسبب اليمين (مال) وفي رواية حق (امرئ) وهي بالترجيح أحق لعمومها وشمولها غير المال كحد قذف ونصيب زوجة في قسم ونحو ذلك (مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك بل حقه أوجب رعاية لإمكان أن يرضي الله المسلم المظلوم يوم الجزاء برفع درجاته فيعفو عن ظالمه والكافر لا يصلح لذلك (هو فيها فاجر) أراد بالفجور لازمه وهو الكذب وقال القاضي: أقام الفجور مقام الكذب ليدل على أنه من أنواعه (لقي الله) يوم القيامة (وهو عليه غضبان) فيعامله معاملة المغضوب عليه من كونه لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يكرمه بل يهينه ويعذبه أو وهو عليه غضبان أي مريد لعقوبته وإذا لقيه وهو يريدها جاز بعد ذلك أن يرفع عنه تماديه بشرط أن لا يكون متعلق إرادته عذاب واصب فإن ما تعلق به وصف الإرادة لا بد من وقوعه. وغفران الجرائم أصل من أصول الدين إما بالموازنة أو بالطول المحض. والتنوين للتهويل أو للإشارة إلى عظم هذه الجريمة وفي رواية لقي الله أجذم وفي أخرى أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة وهذا خرج مخرج الزجر والمبالغة في المنع بدليل تأكيد إيجاب النار في الرواية الأخيرة بتحريم الجنة فإن أحدها يستلزم الآخر والمقام يقتضي التأكيد إذ مرتكب هذه الجريمة قد بلغ في الاعتداء الغاية حيث اقتطع حق امرئ لا تعلق له به واستخف بحرمة الإسلام ومع ذلك فلا يجري على ظاهره وفيه أن اقتطاع الحق يوجب دخول النار إلا أن يبرئ صاحب الحق أو يعفو عن الحق والكلام فيما إذا حلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته فإن حلف بغير ذلك فليس بيمين شرعي وإنما سموه الفقهاء يمينا مجازا كمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشى لأنه إنما علق فعله بشرط فإنه إذا وقع الشرط وقع المشروط
(حم ق 4 عن الأشعث بن قيس) بن معد يكرب بن معاوية الكندي اسمه معد يكرب وفد في قومه [ص:121] فأسلموا ثم ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأسر فأسلم فزوجه أبو بكر أخته ثم شهد اليرموك والقادسية وكان ممن ألزم عليا بالتحكيم (وابن مسعود) وهذا الحديث فيه قصة وذلك أن ابن مسعود لما حدث بذلك في مجلسه دخل الأشعث بن قيس فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قالوا: كذا وكذا قال: صدق في نزلت كان بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: هل لك بينة قلت: لا قال: فيمينه قلت: إذن يحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك - فذكره - فنزلت {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية(6/120)
8645 - (من حلف على يمين) أي من حلف يمينا بالله أو بطلاق (فقال) متصلا باللفظ (إن شاء الله فقد استثنى (1)) أي فلا حنث عليه كما في رواية الترمذي وذلك لأن المشيئة وعدمها غير معلوم والوقوع بخلافها محال. وفي تعبيره بالفاء في فقال إشعار بالاتصال لأنها موضوعة لغير التراخي فمتى انفصل الاستثناء لم يؤثر والاستثناء استفعال من المثنى بضم فسكون من ثنيت الشيء إذا عطفته فإن المستثنى عطف بعض ما ذكره لأنها عرفا إخراج بعض ما تناوله اللفظ بإلا وأخواتها
(د ن ك) في الأيمان وصححه (عن ابن عمر) بن الخطاب يرفعه ووقفه بعضهم وقول الترمذي لم يرفعه غير أبي أيوب تعقبه مغلطاي بأن غيره رفعه أيضا وقال ابن حجر: رجاله ثقات
_________
(1) ولا فرق بين الحلف بالله أو بالطلاق أو بالعتاق عند أكثرهم وقال مالك والأوزاعي: إذا حلف بطلاق أو عتاق فالاستثناء لا يغني عنه شيئا وقال المالكية: الاستثناء لا يعمل إلا في يمين تدخلها الكفارة ولا بد من قصد التعليق فلو قصد التبرك بذكر الله أو أطلق وقع الطلاق(6/121)
8646 - (من حلف بالأمانة) أي الفرائض كصلاة وصوم وحج (فليس منا) أي ليس من جملة المتقين معدودا ولا من جملة أكابر المسلمين محسوبا وليس من ذوي أسوتنا فإنه من ديدن أهل الكتاب ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته والأمانة أمر من أموره فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين السماء والصفات فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء قال الطيبي: ولعله أراد الوعيد عليه لكونه حلفا بغير الله وصفاته ولا تتعلق به الكفارة وفاقا وقال الشافعية: من قال علي أمانة الله لأفعلن كذا وأراد اليمين كان يمينا وإلا فلا وقال أشهب المالكي: الأمانة محتملة فإن أريد بها بين الخلق فغير يمين وإن أريد بها التي هي من صفات ذاته تعالى فهي يمين ولهذا صح الحلف بالصفات (1)
(د) في الأيمان والنذور (عن بريدة) وإسناده صحيح كما في الأذكار وفي الرياض: حديث صحيح
_________
(1) وإذا قال الحالف وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة ولم يعدها الشافعي يمينا(6/121)
8647 - (من حمل) وفي رواية من شهر (علينا السلاح) أي قاتلنا بالسلاح فهو منصوب بنزع الخافض وجعلهم مفعول حمل وعلينا حال أي حمله علينا لا لنا لنحو حراسة عن دفع عدو ذكره الطيبي وهو هنا ما أعد للحرب وفي رواية بدل السلاح السيف وكنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل اللازم له غالبا قال ابن دقيق العيد: يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتال به ويحتمل أن المراد حمل للضرب به وكيفما كان ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه وقال ابن العربي: حمل السلاح لا يخلو أن يكون باسم حرابة أو تأويل أو ديانة فإن كان لحرابة فجزاؤه نص في الكتاب أو منازعة في ولاية فهم البغاة بشرطه أو لديانة فإن كانت بدعة فإن كفرناه بها فمرتد وإلا فكمحارب في القتل والقتال (فليس منا) إن استحل ذلك فإن لم يستحل فالمراد ليس متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بطرائقنا. أطلقه مع احتمال إرادة ليس على ملتنا مبالغة في الزجر عن إدخال الرعب على الناس وجمع الضمير ليعم جميع الأمة
(مالك [ص:122] حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه مسلم عن أبي هريرة وزاد فيه ومن غشنا فليس منا(6/121)
8648 - (من حمل بجوانب السرير) الذي عليه الميت (الأربع غفر له أربعون كبيرة) ومنه أن حمل الجنازة ليس فيه دناءة بل هو مستحب لما فيه من بر الميت وإكرامه وبهذا أخذ الخنفية فذهبوا إلى أن التربيع أفضل من الحمل بين العمودين وقال الشافعية: الحمل بين العمودين أفضل
(ابن عساكر) في التاريخ (عن واثلة) بن الأسقع رواه عنه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط وفيه علي بن عمارة وهو ضعيف كما قال الهيثمي(6/122)
8649 - (من حمل من) وفي رواية عن (أمتي أربعين حديثا بعثه الله) في رواية لقي الله (يوم القيامة فقيها عالما) يعني حشر يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء أو أعطي مثل ثواب الفقيه العالم وجعل معه في درجته وهذا تنويه عظيم بفضل رواية الحديث وحفظه
(عد عن أنس) وفيه عمر بن شاكر قال في الميزان: بصري واه له عن أنس نحو عشرين حديثا مناكير وقال ابن عدي: له نسخة نحو عشرين حديثا غير محفوظة ثم سرد منها هذا الخبر ثم قال في الميزان: قلت هذا من وضع سليمان بن سلمة اه(6/122)
8650 - (من حمل) من السوق (سلعته) بكسر السين بضاعته والجمع سلع كسدرة وسدر ولفظ رواية البيهقي من حمل بضاعته (فقد برئ من الكبر) وذلك لما يلزم الحمل من التواضع وطرح النفس قال الحرالي: وإذا كان ذا فيمن يحمل متاعه فكيف بمن يحمل أمتعة الناس إعانة لهم؟ والكبر آية المطرودين عن منازل النعيم وهذا حث على التواضع وترك عادة أهل النخوة
(هب) وكذا ابن لال (عن أبي أمامة) قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله في إسناده ضعف اه وذلك لأن فيه سويد بن سعيد وهو ضعيف عن بقية وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقي قال في الميزان: لا يعتمد عليه ولا يعرف ولعله الوجهي(6/122)
8651 - (من حمل أخاه) في الدين (على شسع) في رواية على شسع نعل والشسع بالكسر قبال النعل (فكأنما حمله على دابة في سبيل الله) في رواية بدله فكأنما حمله على فرس شاك في السلاح في سبيل الله
(خط عن أنس) وفيه محمد بن جبار قال الخطيب: يحدث بمناكير اه وأورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن منده: ليس بذلك والصوري ضعيف وفيه أبو معمر مجهول وعبد الواحد بن زيد قال الذهبي: قال البخاري والنسائي: متروك وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح(6/122)
8652 - (من حوسب عذب) بالبناء للمفعول يعني من حوسب بمناقشة كما يدل عليه الخبر الآتي من نوقش الحساب عذب والمراد هنا المبالغة في الاستيفاء والمعنى وتحرير الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب لأن حسنات العبد موقوفة على القبول وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا تحصل النجاة
(ن والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك وقضية تصرف المصنف أن هذا الحديث مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في أواخر صحيحه من حديث عائشة بلفظ من حوسب يوم القيامة عذب قيل أليس قال الله {فسوف يحاسب حسابا يسيرا} فقال: ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب اه بنصه(6/122)
[ص:123] 8653 - (من خاف أدلج) بسكون الدال مخففا سار من أول الليل وأما بالتشديد فمعناه سار من آخره (ومن أدلج بلغ المنزل) يعني من خشي الله أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر كذا في الكشاف وقال في الرياض: المراد التشمير في الطاعة. وفي الترغيب معناه من خاف ألزمه الخوف السلوك إلى الآخرة والمبادرة بالعمل الصالح خوف القواطع والعوائق. وقيل هو حث على قيام الليل. جعل قيامه من علامات الخوف لأن الخائف يدلج أي منعه الخوف من نوم كل الليل والأظهر أنه ضرب مثلا لكل من خاف الردى أو فوت ما يتمنى أن يصل إلى السير بالسرى ولا يركن إلى الراحة والهوى حتى يبلغ المنى (ألا إن سلعة الله غالية) أي رفيعة القدر (ألا إن سلعة الله الجنة) قال الطيبي: هذا مثل ضربه لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه فإن تيقظ في سيره وأخلص في عمله أمن من الشيطان وكيده ومن قطع الطريق انتهى وثمن هذه السلعة العمل الصالح المشار إليه بقوله {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا} وقال العلائي: أخبر أن الخوف من الله هو المقتضي للسير إليه بالعمل الصالح والمشار إليه بالإدلاج وعبر ببلوغ المنزلة عن النجاة المترتبة على العمل الصالح وأصل ذلك كله الخوف
(ت) في الزهد (ك) في الرقاق (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي لكن تعقبه الصدر المناوي بأن فيه عندهما يزيد بن سنان ضعفه أحمد وابن المديني اه وقال ابن طاهر: يزيد متروك والحديث لا يصح مسندا وإنما هو من كلام أبي ذر(6/123)
8654 - (من خبب) بخاء معجمة ثم موحدة تحتية مكررة (زوجة امرئ) أي خدعها وأفسدها (أو مملوكة فليس منا) أي ليس على طريقتنا ولا من العاملين بقوانين أحكام شريعتنا قال شيخنا الشعراوي: ومن ذلك ما لو جاءته امرأة غضبانة من زوجها ليصلح بينهما مثلا فيبسط لها في الطعام ويزيد في النفقة والإكرام ولو إكراما لزوجها فربما مالت لغيره وازدرت ما عنده فيدخل في هذا الحديث ومقام العارف أن يؤاخذ نفسه باللازم وإن لم يقصده. قال: وقد فعلت هذا الخلق مرارا فأضيق على المرأة الغضبانة وأوصي عيالي أن يجوعوها لترجع وتعرف حق نعمة زوجها. وكذا القول في العبد
(د عن أبي هريرة) وفيه هارون بن محمد أبو الطيب قال في الميزان: قال ابن معين: كذاب ثم أورد له هذا الخبر(6/123)
8655 - (من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة) أي استغفرت له الملائكة (حتى يمسي) أي يدخل في المساء (ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح) أي يدخل في الصباح يحتمل أن المراد بالملائكة الحفظة ويحتمل أن المراد الملائكة الموكلين بالقرآن وسماعه
(حل عن سعد) بن أبي وقاص وفيه هشام بن عبد الله قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن حبان: كثرت مخالفته للأثبات ثم روى له حديثين موضوعين ومصعب بن سعد قال أعني الذهبي: خرجه ابن عدي(6/123)
8656 - (من ختم له بصيام يوم) أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب
(البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان قال الهيثمي: رجاله موثقون(6/123)
[ص:124] 8657 - (من خرج) لفظ رواية الترمذي من خرج من بيته (في طلب العلم) أي الشرعي النافع الذي أريد به وجه الله (فهو في سبيل الله) أي حكمه حكم من هو في الجهاد (حتى يرجع) لما في طلبه من إحياء الدين وإذلال الشيطان وإتعاب النفس كما في الجهاد فلذلك أشبهه وفي قوله حتى يرجع إشارة إلى أنه بعد الرجوع وإنذار القوم له درجة أعلى من تلك الدرجة لأنه حينئذ وارث الأنبياء في تكميل الناقصين
(ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن أنس) وقال الترمذي: حسن غريب ولم يرفعه بعضهم وفيه خالد بن يزيد اللؤلؤي قال العقيلي: لا يتابع على كثير من حديثه ثم ذكر له هذا الخبر قال الذهبي: واه مقارب(6/124)
8658 - (من خضب شعره بالسواد سود الله وجهه) دعاء أو خبر (يوم القيامة) وهذا وعيد شديد يفيد التحريم وبه أخذ جمع شافعية فحرموه به لغير الجهاد فيجوز به لإرهاب العدو ورجحه النووي ومنهم من فرق بين الرجل والمرأة فأجازه لها دونه واختاره الحليمي
(طب) من رواية الوضين عن جنادة عن أبي الدرداء قال الزين العراقي في شرح الترمذي: فيه الوضين بن عطاء ضعيف وقال ابن حجر في الفتح: سنده لين وقال في الميزان: قال أبو حاتم: هذا حديث موضوع اه. وذلك لأن فيه جعفر بن محمد بن فضال وهو الدقاق قال الذهبي: كذبه الدارقطني ومحمد بن سليمان بن أبي داود قال أبو حاتم: منكر الحديث وجنادة ضعفه أبو زرعة(6/124)
8659 - (من خلقه الله لواحدة من المنزلتين وفقه الله لعملها) فمن خلقه الله للسعادة أقدره على أعمالها حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} ومن خلقه للشقاوة منعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشده {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}
(طب عن عمران) رمز لحسنه(6/124)
8660 - (من دخل البيت) أي الكعبة المعظمة (دخل في حسنة وخرج من سيئئة مغفورا له) ترغيب عظيم في دخول الكعبة قال العراقي: وندبه متفق عليه لكن محله ما لم يؤذ أو يتأذى بنحو زحمة قال الشافعي: واستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحدا بدخوله
(طب هب عن ابن عباس) قال البيهقي: تفرد به عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف وقال المحب الطبري: هو حسن غريب وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه عبد الله بن المؤمل وفيه ضعف ووثقه ابن سعد(6/124)
8661 - (من دخل الحمام بغير مئزر) ساتر لعورته عن العيون (لعنه الملكان) أي الحافظان الكاتبان حتى يستتر وفيه أن كشف العورة أو بعضها بحضرة من لا يحل له النظر إليها حرام فإن كان بحضرة من يحل له النظر إليها أو كان خاليا وكشفها لحاجة جاز
(الشيرازي عن أنس) بن مالك(6/124)
8662 - (من دخلت عينه) أي نظر بعينه إلى من في الدار من أهلها وهو بالباب (قبل أن يستأنس ويسلم فلا إذن له) أي فلا ينبغي لرب الدار أن يأذن له (وقد عصى ربه) ومن ثم جاز لرب الدار أن يرميه وإن انفقأت عينه
(طب) من حديث إسحاق بن يحيى (عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي: وإسحاق لم يدرك عبادة وبقية رجاله ثقات اه(6/124)
[ص:125] 8663 - (من دعا إلى هدى) أي إلى ما يهتدى به من العمل الصالح ونكره ليشيع فيتناول الحقير كإماطة الأذى عن الطريق (كان له من الأجر مثل أجور من تبعه) فهبه ابتدعه أو سبق إليه لأن اتباعهم له تولد عن فعله الذي هو من سنن المرسلين (لا ينقص ذلك) الإشارة إلى مصدر كان (من أجورهم شيئا) دفع ما يتوهم أن أجر الداعي إنما يكون بالتنقيص من أجر التابع وضمه إلى أجر الداعي فكما يترتب الثواب والعقاب على ما يباشره ويزاوله يترتب كل منهما على ما هو سبب فعله كالإرشاد إليه والحث عليه قال البيضاوي: أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية للثواب والعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب والعقاب ارتباط المسببات بالأسباب وفعل ما له تأثير في صدوره بوجه ولما كانت الجهة التي بها استوجب الجزاء المتسبب غير الجهة التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره شيئا وكذا يقال فيما يأتي إلى هنا كلام القاضي وقال الطيبي: الهدى إما الدلالة الموصلة إلى البغية أو مطلق الإرشاد وهو في الحديث ما يهتدي به من الأعمال وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له هدى يطلق على ما قل وكثر والحقير والعظيم فأعظمه هدى من دعا إلى الله وعمل صالحا وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى ولهذا عظم شأن الفقيه الداعي المنذر حتى فضل واحد منهم على ألف عابد ولأن نفعه يعم الأشخاص والأعصار إلى يوم الدين (ومن دعا إلى ضلالة) ابتدعها أو سبق بها (فإن عليه من الإثم مثل آثام من تبعه) لتولده عن فعله الذي هو من خصال الشيطان والعبد يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه كما يعاقب السكران على جنايته حال سكره وإذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا فالله يعاقب على الأسباب المحرمة وما تولد منها كما يثيب على الأسباب المأمور بها وما تولد منها ولهذا كان على قابيل القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل ومر أن ذا لا يعارضه حديث " إذا مات الإنسان انقطع عمله " إلا من ثلاث لأنه نبه بتلك الثلاث على ما في معناها من كل ما يدوم النفع به للغير (ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) ضمير الجمع في أجورهم وآثامهم يعود لمن باعتبار المعنى فإن قيل إذا دعا واحد جمعا إلى ضلالة فاتبعوه لزم كون السيئة واحدة وهي الدعوة مع أن هنا آثاما كثيرة قلنا تلك الدعوة في المعنى متعددة لأن دعوى الجمع دفعة دعوة لكل من أجابها فإن قيل كيف التوبة مما تولد وليس من فعله والمرء إنما يتوب مما فعله اختيارا قلنا يحصل بالندم ودفعه عن الغير ما أمكن
<تنبيه> أخذ المقريزي من هذا الخبر أن كل أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بسببه مثله والحياة أجر فيحصل للنبي صلى الله عليه وسلم مثلها زيادة على ماله من الأجر الخاص من نفسه على هذا المهتدي وعلى ماله من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا تصل جميع الأمة إلى عرف نشرها ولا يبلغون معاشر عشرها فجميع حسنات المسلمين وأعمالهم الصالحة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر مع مضاعفة لا يحصيها إلا الله لأن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة وللرابع ثمانية وهكذا تضعف كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك يعرف تفضيل السلف على الخلف فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كلما ازدادوا واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا
(حم م 4 عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري(6/125)
[ص:126] 8664 - (من دعا لأخيه) في الدين (بظهر الغيب) أي في غيبته (قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) بالتنوين أي بمثل ما دعوت له به
(م د عن أبي الدرداء)(6/126)
8665 - (من دعا على من ظلمه فقد انتصر) أي أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه فنقص ثواب المظلوم بحسبه وهذا إخبار بأن من انتصر ولو بلسانه فقد استوفى حقه فلا إثم عليه ولا أجر له فالحديث تعريض بكراهة الانتصار وندب العفو بجعل أجره على الله {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} وفيه شفقته على جميع أمته مظلومهم وظالمهم فأما مظلومهم فأحب له العفو لئلا يحرم الأجر وظالمهم خوف أن يدعو عليه المظلوم فيجاب وقد مدح الله المنتصرين من البغي كما مدح العافين فحمل الثاني على من ندر منه البغي فيقال عثرته والأول على ما إذا كان الداعي تجاوز جرأة وفجورا
(ت عن عائشة) ذكر في العلل أنه سئل عنه البخاري فقال: لا أعلم أحدا رواه غير أبي الأحوص لكن هو من حديث أبي حمزة وضعف أبا حمزة جدا اه(6/126)
8666 - (من دعا رجلا بغير اسمه لعنته الملائكة) أي دعت عليه بالبعد عن منازل الأبرار ومواطن الأخيار ولعل المراد أنه دعاه بلقب يكرهه بخلاف ما لو دعاه بنحو يا عبد الله
(ابن السني) أحمد بن محمد وكذا ابن لال (عن عمير بن سعد) هما في الصحابة اثنان أنصاري وعبدي فكان ينبغي تمييزه قال ابن الجوزي: قال النسائي: هذا حديث منكر(6/126)
8667 - (من دعي إلى عرس) أي إلى وليمة عرس (أو نحوه) كختان وعقيقة (فليجب) وجوبا في وليمة العرس عند توفر الشروط المبينة في الفروع وندبا في غيرها وأخذ بظاهره بعض الشافعية فأوجب الإجابة إلى الدعوة مطلقا عرسا أو غيره بشرطه ونقله ابن عبد البر عن العنبري قاضي البصرة وزعم ابن حزم بأنه قول جمهور الصحب والتابعين وهو الذي فهمه ابن عمر من الخبر فعند عبد الرزاق قال ابن حجر: بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه دعي إلى طعام فقال رجل: أعفني فقال ابن عمر: إنه لا عافية لك من هذا فقم وجزم باختصاص الوجوب بوليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع
(م) في الوليمة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان: أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن راهويه عن عيسى عن بقية وليس لبقية في الصحيح سواه أخرجه شاهدا اه ورواه عنه أبو داود أيضا(6/126)
8668 - (من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه) مكافأة له على كظم غيظه وقهر نفسه لله (ومن حفظ لسانه) أي عن الوقيعة في أعراض الناس أو عن النطق بما يحرم (ستر الله عورته) عن الخلق فلا يطلع الناس على عيوبه
(طس) وكذا في الأوسط (عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه عبد السلام بن هلال وهو ضعيف(6/126)
8669 - (من دفن ثلاثة من الولد) أي من أولاده ذكورا أو إناثا ولعل المراد من أولاد الصلب ويحتمل شموله لأولاد الأولاد (حرم الله عليه النار) أي نار جهنم بأن يدخل الجنة من غير عذاب بالكلية وظاهره أن الكلام في المسلم. [ص:127]
(طب عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه وقال الهيثمي: فيه سنان مجهول(6/126)
8670 - (من دل على خير) شمل جميع أنواع الخصال الحميدة (فله) من الأجر (مثل أجر فاعله) أي له ثواب كما لفاعله ثواب ولا يلزم تساوي قدرهما ذكره النووي أو أن المراد المثل بغير تضعيف وقد مر هذا غير مرة
<تنبيه> علم من هذا الحديث وحدث من دعا إلى هدى المتقدم أن كل أجر حصل الدال والداعي حصل للمصطفى صلى الله عليه وسلم مثله زيادة على ما له من الأجر الخاص من نفسه على دلالته أو هدايته للمهتدي وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى عرف نشرها ولا يبلغون عشر عشرها وهكذا نقول إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم مسطرة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى يقصر العقل عن إدراكها لأن كل مهد ودال وعالم يحصل له أجر إلى يوم القيامة ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة والرابع ثمانية وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كل ما زاد واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى يوم القيامة وهذا أمر لا يحصره إلا الله فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر وكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور الذي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه وسلم وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازاد الخلف ازداد أجر السلف وتضاعف ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل فليتأمل المسلم هذا المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر وقد مر بعض هذا في حديث من دعا
(حم م) في الجهاد وفيه قصة (د) في الأدب (ت) في العلم (عن أبي مسعود) البدري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله فقال: ما عندي فقال رجل: أنا أدله على من يحمله فذكره(6/127)
8671 - (من ذب) أي من دفع (عن عرض أخيه) زاد في رواية لمسلم (بالغيبة) قال الطيبي: هو كناية عن الغيبة كأنه قيل من ذب عن غيبة أخيه في غيبته وعلى هذا فقوله بالغيبة ظرف ويجوز كونه حالا (كان حقا على الله أن يقيه) وفي رواية أن يعتقه (من النار) زاد في رواية {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} قال الطيبي: هو استشهاد لقوله كان حقا إلخ وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه وإن قال بلسانه اسكت وهو مشته ذلك بقلبه فذلك نفاق قال الغزالي: ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي الذب عنه صريحا كما دلت عليه الأخبار
(حم طب عن أسماء بنت يزيد) قال المنذري: إسناد أحمد حسن وقال الهيثمي:. إسناد حسن وقال الصدر المناوي: إسناده ضعيف والمؤلف رمز لحسنه(6/127)
8672 - (من ذبح لضيفه ذبيحة) إكراما له لأجل الله (كانت فداءه من النار) أي نار جهنم فلا يدخلها إلا تحلة القسم [ص:128] بل يكرم بالجنة كما أكرم ضيفه بإحسان الضيافة
(ك) في تاريخه من حديث أبي عوانة عن عامر بن شعيب عن عبد الوهاب الثقفي عن جده عن الحسن (عن جابر) بن عبد الله ثم قال الحاكم: عامر بن شعيب روى أحاديث منكرة بل أكثرها موضوع اه. فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان القادح لا ينبغي(6/127)
8673 - (من ذرعه) بذال معجمة وراء عين مفتوحات أي غلبه (القيء وهو صائم) فرضا (فليس عليه قضاء) يجب (ومن استقاء) أي تكلف القيء عامدا عالما (فليقض) وجوبا لبطلان صومه وبهذا التفصيل أخذ الشافعي
(4 ك) في الصوم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارمي وابن حبان والدارقطني وغيرهم وذكر الترمذي أنه سأل عنه البخاري فقال: لا أراه محفوظا وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده وأنكره أحمد وقال الدارمي: زعم أهل البصرة أن هشاما وهم فيه(6/128)
8674 - (من ذكر الله ففاضت عيناه) أي الدموع من عينه فأسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هي التي فاضت ولما كان فيض العين تارة يكون من الخشية وتارة يكون من الشوق وتارة من المحبة بين أن الكلام هنا في مقام الخوف فقال (من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه لم يعذبه الله يوم القيامة) فإنه تعالى لا يجمع على عبده خوفين فمن خافه في الدنيا لم يخفه يوم الفزع الأكبر بل يكون من الآمنين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
(ك) في التوبة (عن أنس) بن مالك وقال: صحيح وأقره عليه الذهبي(6/128)
8675 - (من ذكر الله عند الوضوء طهر جسده كله) أي ظاهره وباطنه (فإن لم يذكر اسم الله) عند وضوئه (لم يظهر منه إلا ما أصاب الماء) أي من الظاهر دون الباطن وذلك موقع نظر الخلق وطهارة الباطن يعني القلب بالذكر وخلوه عن الأخلاق الذميمة موقع نظر الحق فمن اقتصر على طهارة ظاهره فهو كمن أراد أن يدعو ملكا لبيته وتركه مشحونا بالقذر واشتغل في تخصيص ظاهر الدار وما أجدر من فعل ذلك بالبوار
(عب عن الحسن) الضبي (الكوفي مرسلا) قال الذهبي: ثقة قال عبد الحق: وفيه محمد بن أبان لا أعرفه الآن وقال ابن القطان: فيه من لا يعرف البتة وهو مرداس بن محمد راويه عن أبان اه ورواه الدارقطني عن أبي هريرة مسندا مرفوعا قال الحافظ العراقي: وسنده أيضا ضعيف(6/128)
8676 - (من ذكر امرءا بما) وفي رواية بشيء (ليس فيه ليعيبه) به بين الناس (حبسه الله) عن دخول الجنة (في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما قال) أي وليس بقادر على ذلك فهو كناية عن دوام تعذببه يعني طوله من قبيل الخبر المار كلف أن يعقد بين شعيرتين ونحو ذلك
(طب عن أبي الدرداء) قال المنذري: إسناده جيد وقال الهيثمي: رواه الطبراني عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف(6/128)
8677 - (من ذكر رجلا بما فيه) من النقائص والعيوب (فقد اغتابه) والغيبة حرام فعليه أن يستحله تمامه عند مخرجه [ص:129] ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته اه بنصه
(ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن أبي هريرة) وفيه أبو بكر بن أبي صبرة المدني قال في الميزان: ضعفه البخاري وغيره وقال أحمد: كان يضع الحديث فقال ابن عدي: ليس بشيء ثم ساق له أخبارا هذا منها(6/128)
8678 - (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي) حيث أحرم نفسه فضل الصلاة عليه المقرب لدخول الجنة المبعد عن النار قال في الأذكار: ويستحب لقارئ الحديث ومن في معناه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع صوته بالصلاة والسلام عليه بلا مبالغة ولا يقتصر على أحدهما والحديث يدل على وجوب الصلاة عليه كلما جرى ذكره وإليه صار جمع من المذاهب الأربعة وقيل يجب ذلك في العمر مرة فقط
(ابن السني عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد جزم النووي في الأذكار بضعف إسناده(6/129)
8679 - (من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي خطئ طريق الجنة) فلم ينجح قصده لبخله بما يرغب فيه عن مستحقه وفي رواية لابن عاصم " من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة " قال في الإتحاف: ومعنى النسيان فيه الترك كما قال تعالى {أتتك آياتنا فنسيتها} وليس المراد به الذهول لأن الناسي غير مكلف
(طب عن الحسين) بن علي بن أبي طالب رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه بشر بن محمد الكندي أو بشير فإن كان بشر فقد ضعفه ابن المبارك وابن معين والدارقطني وغيرهم وإن كان بشير فلم أر من ذكره اه وقال القسطلاني: حديث معلول(6/129)
8680 - (من ذكرت عنده فليصل علي فإنه) اي الشأن (من صلى علي مرة واحدة) أي طلب لي من الله دوام التشريف (صلى الله عليه عشرا) أي رحمه وضاعف أجره عشر مرات هكذا سياق الحديث عند مخرجيه والظاهر أن فيه حذفا والتقدير من ذكرت عنده ولم يصل علي فقد شقي أو فقد فاته ثواب كثير أو نحو ذلك
(ت) وكذا الطبراني وابن السني (عن أنس) بن مالك قال النووي في الأذكار: وإسناده جيد قال الهيثمي: رجاله ثقات(6/129)
8681 - (من ذهب بصره في الدنيا) أي بعمى أو فقء عين أو تغويرها أو إخراجها (جعل الله له نورا يوم القيامة إن كان صالحا) الظاهر أن المراد مسلما كما قالوه في خبر أو ولد صالح يدعو له
(طس عن ابن مسعود) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه بشر بن إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف(6/129)
8682 - (من ذهب في حاجة أخيه المسلم) لأجل الله (فقضيت حاجته كتب له حجة وعمرة وإن لم تقض كتب له عمرة) أي كتبت له بذلك أجر عمرة مقبولة مكافأة له على ذلك
(هب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين(6/129)
8683 - (من رأى) من أخيه المؤمن (عورة) أي عيبا أو خللا أو شيئا قبيحا (فسترها) عليه (كان كمن أحيا موءودة من قبرها) يعني كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة أي كمن رأى حيا مدفونا في قبره فأخرجه من القبر كيلا يموت ووجه الشبه [ص:130] أن الساتر دفع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي بمنزلة الموت فكأنه أحياه كما دفع الموت عن الموءودة من أخرجها من القبر وهذا في عورة مسلم غير متجاهر بفسقه كما مر
(خد) في الأدب (ك) في الحدود وصححه وأقره الذهبي (عن عقبة بن عامر) قال كاتبه دجين: كان لنا جيران يشربون الخمر فنهيتهم فأبوا فأردت أن أدعو لهم الشرط أي أعوان السلطان فقال عقبة: دعهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره(6/129)
8684 - (من رأى شيئا يعجبه) لفظ رواية الديلمي والبزار شيئا فأعجبه له أو لغيره (فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله) أي لا قوة على الطاعة إلا بمعونته (لم تضره العين) وفي حديث عن عامر بن ربيعة فليدع بالبركة قال السخاوي: وهذا مما جرب لمنع الإصابة بالعين
(ابن السني عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار والديلمي قال الهيثمي: وفيه أبو بكر الهذلي ضعيف جدا(6/130)
8685 - (من رأى حية فلم يقتلها مخافة طلبها) أي أن يطالب بدمها في الدنيا والآخرة ويحتمل أن المراد مخافة أن تطلبه هي فتعدو عليه (فليس منا) أي ليس من العاملين بأوامرنا المراعين لقوانيننا زاد أبو داود ما سالمناهن منذ حاربناهن
(طب عن أبي ليلى) بفتح اللامين رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وبقية رجاله ثقات(6/130)
8686 - (من رأى مبتلى) في بدنه أو دينه فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء) سبق أن الطيبي زعم أن الخطاب فيما ابتلاك يشعر بأن الكلام في عاص خلع الريقة من عنقه لا في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلفة ويسن السجود لذلك شكرا لله على سلامته منه وفي الأذكار: قال العلماء: ينبغي أن يقول هذا الذكر سرا بحيث يسمع نفسه ولا يسمعه المبتلى إلا أن يكون بليته معصية فيسمعه إن لم يخف مفسدة
(ت) في الدعوات (عن أبي هريرة) وقال الترمذي: غريب اه. ورمز لحسنه قال الصدر المناوي: وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بصري ليس بقوي(6/130)
8687 - (من رأى) يعني علم (منكم) معشر المسلمين المكلفين القادرين فالخطاب لجميع الأمة حاضرها بالمشافهة وغائبها بطريق التبع أو لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة (منكرا) أي شيئا قبحه الشرع فعلا أو قولا ولو صغيرة (فليغيره) أي فليزله وجوبا شرعا وقال المعتزلة: عقلا ثم إن علم أكثر من واحد فكفاية وإلا فعين لقوله تعالى {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} والواجب أن يزيله (بيده) حيث كان مما يزال بها ككسر آلة لهو وآنية خمر (فإن لم يستطيع) الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به لكون فاعله أقوى منه (ف) الواجب تغييره (بلسانه) أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو تذكير بالله أو إغلاظ بشرط أن لا يغلب ظن أن النهي يزيد عبادا أو أن لا يعلم عادة أنه لا يؤثر على ما عليه الأكثر لكن في الروضة خلافه ثم إن كان المأمور ظاهرا كصلاة وصوم لم يختص بالعلماء وإلا اختص بهم أو بمن علمه منهم وأن يكون المنكر مجمعا عليه أو يعتقد فاعله تحريمه أو حله وضعفت شبهته جدا كنكاح متعة ولا يناقض الخبر {عليكم أنفسكم} [ص:131] لأن معناه إذا كلفتم ما أمرتم به لا يضركم تقصير غيركم (فإن لم يستطع) ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح (فبقلبه) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل وهذا واجب عينا على كل أحد بخلاف الذي قبله فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل طريق ممكن فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده ولا القلب لمن يمكنه باللسان (وذلك) أي الإنكار بالقلب (أضعف الإيمان) أي خصاله فالمراد به الإسلام أو آثاره وثمراته فالمراد به حقيقة من التصديق وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل وصلاح الإيمان وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام قال القيصري: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقوى شعب الإيمان بوجه وأضعفها بوجه فتغييره باليد واللسان أقوى وتغييره بالقلب أضعف الإيمان
(حم م) في الإيمان (4) في مواضع متعددة من حديث طارق بن شهاب (عن أبي سعيد) قال طارق: أول من بدأ يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة فقال: قد ترك ما هنالك فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره(6/130)
8688 - (من رآني في المنام) أي في حال النوم وقال العصام في وقت النوم - فيه نظر - أي رآني بصفتي التي أنا عليها وهكذا بغيرها على ما يأتي إيضاحه (فقد رآني) أي فليبشر بأنه رآني حقيقة أي حقيقتي كما هي فلم يتحد الشرط والجزاء وهو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره بأن رؤيته حق ليست بأضغاث أحلامية ولا تخيلات شيطانية ثم أردف ذلك بما هو تتميم للمعنى وتعليل للحكم فقال (فإن الشيطان لا يتمثل بي) وفي رواية لمسلم فإن الشيطان لا ينبغي له أن يتشبه بي وفي أخرى له لا ينبغي أن يتمثل في صورتي وفي رواية لغيره لا يتكونني وذلك لئلا يتدرع بالكذب على لسانه في النوم وكما استحال تصوره بصورته يقظة إذ لو وقع اشتبه الحق بالباطل ومنه أخذ أن جميع الأنبياء كذلك وظاهر الحديث أن رؤياه صحيحة وإن كان على غير صفته المعروفة وبه صرح النووي مضعفا لتقييد الحكيم الترمذي وعياض وغيرهما بما إذا رآه على صورته المعروفة في حياته وتبعه عليه بعض المحققين ثم قال: فإن قيل كيف يرى على خلاف صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد؟ قلنا التغيير في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته حيث شاء الله وصفاته متخيلة في الأذهان والإدراك لا يشترط فيه تحقق الإبصار ولا قرب المسافة ولا كون المتخيل ظاهرا على الأرض حيا حياة دنيوية وإنما الشرط كونه موجودا اه وما ذكر ملخص من كلام القرطبي حيث قال: اختلف في معنى الحديث فقال قوم من القاصرين هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كما يرى في اليقظة وهو قول يدرك فساده ببادئ العقل إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين وأن يحيى الآن ويخرج من قبره ويخاطب الناس ويخلو قبره عنه فيزار غير جثته ويسلم على غائب لأنه يرى ليلا ونهارا على اتصال الأوقات وهذه جهالات لا يتفوه بالتزامها من له أدنى مسكة من عقل وملتزم ذلك مختل مخبول وقال قوم من رآه بصفته فرؤياه حق أو بغيرها فأضغاث أحلام ومعلوم أنه قد يرى على حالة مخالفة ومع ذلك تكون تلك الرؤيا حقا كما لو رؤي قد ملأ بلدا أو دارا بجسمه فإنه يدل على امتلاء تلك البلدة بالحق والشرع وتلك الدار بالبركة وكثيرا ما وقع ذلك قال: والصحيح أن رؤيته على أي حال كان غير باطلة ولا من الأضغاث بل حق في نفسها وتصوير تلك الصورة وتمثيل ذلك المثال ليس من الشيطان بل مثل الله ذلك للرائي بشرى فينبسط للخير أن إنذار فيزجر عن الشر أو تنبيه على خير يحصل وقد ذكرنا أن المرئي في المنام أمثلة المرئيات لا أنفسها غير أن تلك الأمثلة تارة تطابق حقيقة المرئي وتارة لا وأن المطابقة قد تظهر في اليقظة على نحو ما أدرك في النوم وقد لا فإذا لم تظهر في اليقظة كذلك فالمقصود بتلك الصورة معناها لا عينها ولذا خالف المثال
[ص:132] صورة المرئي بزيادة أو نقص أو تغير لون أو زيادة عضو أو بعضه فكله تنبيه على معاني تلك الأمور اه وحاصل كلامه أن رؤيته بصفته إدراك لذاته وبغيرها إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج لتعبير والثانية تحتاجه ولسلفنا الصوفية ما يوافق معناه ذلك وإن اختلف اللفظ حيث قالوا هنا ميزان يجب التنبيه له وهو أن الرؤية الصحيحة أن يرى بصورته الثابتة بالنقل الصحيح فإن رآه بغيرها كطويل أو قصير أو شيخ أو شديد السمرة لم يكن رآه وحصول الجزم في نفس الرائي بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم غير حجة بل ذلك المرئي صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي أو خياله أو صفته أو حكم من أحكام الإسلام أو بالنسبة للمحل الذي رأى فيه تلك الصورة قال القونوي كابن عربي: وقد جربناه فوجدناه لم ينخرم قالوا والمصطفى صلى الله عليه وسلم وإن ظهر بجميع أسماء الحق وصفاته تخلقا وتحققا فمقتضى رسالته للخلق أن يكون الأظهر فيه حكما وسلطنة من صفات الحق الهداية والاسم الهادي والشيطان مظهر الاسم المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يظهر أحدهما بصورة الآخر والنبي صلى الله عليه وسلم خلق للهداية فلو ساغ ظهور إبليس بصورته زال الاعتماد عليه فلذلك عصم صورته عن أن يظهر لها شيطان فإن قيل عظمة الحق تعالى لا صورة له معينة توجب الاشتباه بخلاف النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأيضا مقتضى حكمة الحق أن يضل ويهدي من يشاء بخلاف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه مقيد بالهداية ظاهر بصورتها فتجب عصمة صورته من مظهرية الشيطان اه وقال عياض: لم يختلف العلماء في جواز صحة رؤية الله في النوم وإن رئي على صفة لا يليق بجلاله من صفات الأجسام لتحقق أن المرئي غير ذات الله إذ لا يجوز عليه التجسم ولا اختلاف الحالات بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فكانت رؤيته تعالى في النوم من باب التمثيل والتخييل وقال ابن العربي: في رؤية الله في النوم أوهام وخواطر في القلب بأمثال لا تليق به في الحقيقة ويتعالى عليها وهي دلالات للرائي على أمر كان ويكون كسائر المرئيات وقال غيره: رؤيته تعالى في النوم حق وصدق لا كذب فيها في قول ولا فعل
(حم خ ت عن أنس) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح قال المصنف: والحديث متواتر(6/131)
8689 - (من رآني) يعني في النوم (فقد رأى الحق) أي الرؤيا الصحيحة الصادقة وهي التي يريها الملك الموكل يضرب أمثال الرؤية بطريق الحكمة لبشارة أو نذارة أو معاتبة ليكون على بصيرة من أمره وتوفيق من ربه وأبعد البعض فقال: يمكن أن يراد بالحق هو الله مبالغة تنبيها على من رآه على وجه المحبة والاتباع كأنه رأى الله كقوله من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله اه. وهذا يأباه قوله (فإن الشيطان لا يتزيى بي) بالزاي المعجمة أي لا يظهر في زيي وفي رواية فإن الشيطان لا يتكونني أي لا يتكلف كونا مثل كوني ذكره الكرماني وقال غيره: قوله لا يتزيى بي أي لا يستطيع ذلك يشير إلى أنه تعالى وإن مكنه من التصور في أي صورة أراد فإنه لا يمكنه من التصور في صورة النبي. قال ابن أبي جمرة: الشيطان لا يتصور بصورته أصلا فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذلك خلل في دين الرائي قال: هذا هو الحق وقد جرب فوجد كذلك وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يظهر الرائي هل عنده خلل أم لا؟ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم نوراني كالمرآة الصقيلة فما كان في الناظر فيها من حسن أو غيره تصور فيها وهي في ذاتها حسنة لنقص ولا شين فيها وكذا يقال في كلامه في النوم فما وافق سنته فهو حق وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي قال: ويؤخذ من قوله فإن الشيطان إلخ أن من تمثلت صورة المصطفى صلى الله عليه وسلم في خاطره من أرباب القلوب وتصور له في عالم سره أنه يكلمه أن ذلك يكون حقا بل هو أصدق من مرأى غيرهم لتنوير قلوبهم
(حم ق عن أبي قتادة) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح(6/132)
8690 - (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) بفتح القاف رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة قال الدماميني: [ص:133] وهذه بشارة لرائيه بموته على الإسلام لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من تحقق منه الوفاة على الإسلام اه. وقال جمع منهم ابن أبي جمرة: بل يراه في الدنيا حقيقة قال: وذا عام في أهل التوفيق ومحتمل في غيرهم فإن خرق العادة قد يقع للزنديق إغواء وإملاء وقد نص على إمكان رؤيته بل وقوعها أعلام منهم حجة الإسلام وقول ابن حجر يلزم عليه أن هؤلاء صحابة وبقاء الصحبة للقيامة رد بأن شرط الصحبة رؤيته على الوجه المتعارف قال الحجة: وليس المراد أنه يرى بدنه بل مثالا له صار آلة يتأدى بها المعنى والآلة تكون حقيقية وخيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من التشكل ليس روح النبي صلى الله عليه وسلم ولا شخصه بل مثاله اه وقال الشاذلي: لو حجب عني طرفة عين ما عددت نفسي مسلما وكان بعضهم إذا سئل عن شيء قال: حتى أعرضه عليه ثم يطرق ثم يقول: قال كذا فيكون كما أخبر لا يتخلف (ولا يتمثل الشيطان بي) استئناف جواب لمن قال ما سبب ذلك يعني ليس ذلك المنام من قبيل تمثل الشيطان بي في خيال الرائي بما شاء من التخيلات
<فائدة> سئل شيخ الاسلام زكريا عن رجل زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بقول له مر أمتي بصيام ثلاثة أيام وأن يعيدوا بعدها ويخطبوا فهل يجب الصوم أو يندب أو يجوز أو يحرم؟ وهل يكره أن يقول أحد للناس أمركم النبي عليه الصلاة والسلام بصيام أيام لأنه كذب عليه ومستنده الرؤيا التي سمعها من غير رائيها أو منه؟ وهل يمتنع أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقول للنائم إنه النبي عليه الصلاة والسلام ويأمره بطاعة ليتوصل بذلك إلى معصية كما يمتنع عليه التشكل في صورته الشريفة أم لا وبه تتميز الرؤية له صلى الله عليه وآله وسلم الصادقة من الكاذبة؟ وهل يثبت شيء من أحكام الشرع بالرؤية في النوم؟ وهل المرئي ذاته صلى الله عليه وسلم أو روحه أو مثل ذلك؟ أجاب لا يجب على أحد الصوم ولا غيره من الأحكام بما ذكر ولا مندوب بل قد يكره أو يحرم لكن إن غلب على الظن صدق الرؤية فله العمل بما دلت عليه ما لم يكن فيه تغيير حكم شرعي ولا يثبت بها شيء من الأحكام لعدم ضبط الرؤية لا للشك في الرؤية ويحرم على الشحص أن يقول أمركم النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فيما ذكر بل يأتي بما يدل على مستنده من الرؤية إذ لا يمتنع عقلا أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وسلم ليقول للنائم إنه النبي ويأمره بالطاعة والرؤية الصادقة هي الخالصة من الأضغاث والأضغاث أنواع: الأول تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأنه يرى أنه قطع رأسه الثاني أن يرى أن بعض الأنبياء يأمره بمحرم أو محال. الثالث ما تتحدث به النفس في اليقظة تمنيا فيراه كما هو في المنام ورؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك لذاته ورؤيته بغير صفته إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج إلى تعبير والثانية تحتاج إليه ويحمل على هذا قول النووي: الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كانت صفته المعروفة أو غيرها وللعلماء في ذلك كلام كثير ليس هذا محل ذكره وفيما ذكرته كفاية اه بنصه
(ق) في الرؤيا (د عن أبي هريرة) ورواه الطبراني وزاد ولا بالكعبة وقال: لا تحفظ هذه اللفظة إلا في هذا الحديث(6/132)
8691 - (من رأيتموه) أي علمتموه (يذكر أبا بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (بسوء) وتنقيص (فإنما يريد الإسلام) أي فإنما قصده بذلك تنقيص الإسلام والطعن فيه فإنهما شيخا الإسلام وبهما كان تأسيس الدين وتقرير قواعده وقمع المرتدين وفتح الفتوحات وفي رواية للديلمي من رأيتموه يذكر أبا بكر وعمر بسوء فاقتلوه فإنما يريدني والإسلام. وقوله فإنما إلخ استثناف بياني كأنه قيل ما سبب قتله فأجاب بأن بينه وبينهما كمال اتحاد فمن سبهما فكأنه سبه ومن سبه سب الإسلام فيقتل وهذا محمول على سب يتضمن تكفيرا بدليل قوله في الحديث الآتي من سب الأنبياء قتل ومن سب أصحابي جلد وهذا الحديث رواه الحافظ عبد الباقي
(ابن قانع) في معجم الصحابة في ترجمة الحجاج بن منبه من حديث إبراهيم بن منبه بن الحجاج بن منبه (عن) أبيه عن جده (الحجاج) بن منبه (السهمي) بفتح [ص:134] المهملة وسكون الهاء وآخره ميم نسبة إلى سهم بن عمرو من ولده خلق كثير من الصحابة فمن بعدهم قال في الميزان: هو حديث منكر جدا وإبراهيم مجهول لا أعلم له راويا غير أحمد بن إبراهيم الكربزي ولم يذكر ابن عبد البر ولا غيره الحجاج بن منبه في الصحابة بل ذكروا الحجاج بن الحارث السهمي ممن هاجر إلى أرض الحبشة وليس هو هذا وقال في الإصابة: في إسناده غير واحد من المجهولين(6/133)
8692 - (من رابط) من الرباط بكسر ففتح مخففا وهو ملازمة الثغر أي المكان الذي بيننا وبين الكفار (فواق ناقة) بضم الفاء وتفتح ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر وخص الناقة بالذكر لكثرة تداولها لحلبها فهو أقرب للتعميم (حرمه الله على النار) أي منعه عنها كما في {وحرام على قرية} ومعناه حرم الله النار عليه والمراد نار الخلود وإلا فمعلوم أن من رابط ولو طول عمره وعصى من جهة أخرى يدخل النار إن لم يعف عنه ثم يخرج منها بالشفاعة والفضل
<تنبيه> قال ابن حبيب: الرباط شعبة من الجهاد وبقدر خوف ذلك الثغر يكون كثرة الأجر وقال أبو عمرو: شرع الجهاد لسفك دماء المشركين وشرع الرباط لصون دماء المسلمين وصون دمائهم أحب إلي من سفك دماء أولئك وهذا يدل على أنه مفضل على الجهاد
(عق) من حديث محمد بن حميد عن أنس بن جندل عن هشام عن أبيه (عن عائشة) ثم قال أعني العقيلي: إن كان محمد بن حميد ضبطه وإلا فليس أنس ممن يحتج بحديثه اه. وفي الميزان عن أبي حاتم: أنس بن جندل مجهول وأورده العقيلي أيضا في ترجمة سليمان بن مرقاع من حديثه وقال: منكر الحديث لا يتابع عليه ذكره الحافظ في اللسان وسبقه ابن الجوزي فقال: حديث منكر لا يعرف إلا بسليمان بن مرقاع ولا يتابع عليه وسليمان منكر الحديث(6/134)
8693 - (من رابط) أي راقب العدو في الثغر المقارب لبلاده (ليلة في سبيل الله كانت تلك الليلة) أي ثوابها (كألف ليلة صيامها وقيامها) أي مثل ثواب ألف ليلة يصام يومها ويقام فيها فإضافة الصيام إلى الليل لأدنى ملابسة وإلا فالليل لا يصام فيه قيل: وذا فيمن ذهب للثغر لحراسة المسلمين فيه مدة لا في سكانه أبدا وهم وإن كانوا حماة غير مرابطين قال ابن حجر: وفيه نظر لأن ذلك المكان قد يكون وطنه وينوي الإقامة فيه لدفع العدو
(هـ عن عثمان) بن عفان وفيه هشام بن عمار وقد مر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال في الكاشف: ضعفوه ومصعب بن ثابت قال في الكاشف: بين لغلطه(6/134)
8694 - (من راح روحة في سبيل الله) أي في الجهاد لإعلاء كلمة الدين (كان له بمثل ما أصابه من الغبار) أي غبار التراب (مسكا يوم القيامة) أي يكون ما أعد له يوم القيامة من النعيم قدر ذلك الغبار الذي أصابه في المعركة وفي ذهابه إليها مسكا يتنعم به وعلى هذا فالمراد الحقيقة ويحتمل أنه من قبيل التشبيه البليغ أو الاستعارة التبعية والمراد كثرة الثواب بكل روحة لغزو
(هـ والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك وفيه شبيب البجلي قال أبو حاتم: لين نقله عنه في الكاشف(6/134)
8695 - (من رآءى بالله) أي بعمل من أعمال الآخرة المقربة من الله الجالبة لرضاه (لغير الله) أي فعل ذلك لا لله بل ليراه الناس فيعتقد ويعظم أو يعطى (فقد برئ من الله) يعني لم يحصل له منه تعالى على ذلك العمل ثواب بل عقاب إن لم [ص:135] يعف عنه لكونه شركا خفيا وقد سئل الشافعي عن الرياء فقال على البديهة هو فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا بسوء اختيار النفوس فأحبطت أعمالهم اه. قال الغزالي: وذا يدل على علمه بأسرار القلب وعلم الآخرة
(طب عن أبي هند) الداري يزيد قال الهيثمي: وفيه جماعة لم أعرفهم(6/134)
8696 - (من ربي صغيرا حتى يقول لا إله إلا الله لم يحاسبه الله) أي في الموقف والصغير شامل لولد وولده غيره لليتيم ولغيره وذلك لأن كل مولود يولد على فطرة الإسلام وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما في الحديث فمن رباه تربية موافقة للفطرة الأصلية حتى يعقل ويشهد شهادة الحق جوزي على ذلك بإدخال الجنة بغير حساب مطلقا ويحتمل أن المراد بغير حساب مفسر بكونه يسيرا سليم العاقبة فلخلوه عن الضرر والمشقة عبر عنه بعدم الحساب مبالغة حثا على تأديب الأطفال لا سيما الأيتام بآداب الإسلام ليتمرنوا على ذلك وينشأوا عليه والظاهر أن الكلام في مجتنب الكبائر ويحتمل الإطلاق وفضل الله واسع
(طس) عن أبي عمير عبد الكبير بن محمد عن الشاذكوني عن عيسى بن يونس عن هشام عن عروة عن عائشة (عد) عن قاسم بن علي الجوهري عن عبد الكبير عن الشاذكوني عن عيسى عن هشام عن عروة (عن عائشة) ثم قال مخرجه ابن عدي: لا يصح وأصل البلاء فيه من أبي عمير قال: وقد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني وإبراهيم حدث بالأباطيل قال الهيثمي: فيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو ضعيف اه. وقال في الميزان: متنه موضوع وقال في اللسان: خبر باطل والشاذكوني هالك اه(6/135)
8697 - (من رحم ولو ذبيحة عصفور) بضم أوله وحكى فتحه قيل سمي به لأنه عصى وفر (رحمه الله) أي تفضل عليه وأحسن إليه (يوم القيامة) ومن أدركته الرحمة يومئذ فهو من السابقين إلى دار النعيم وخص العصفور بالذكر لكونه أصغر مأكول ينذبح وإذا استلزمت رحمته رحمة الله مع حقارته وهوانه على الناس فرحمة ما فوقه سيما الآدمي أولى وأفاد معاملة الذبيحة حال الذبح بالشفقة والرحمة وإحسان الذبحة كما ورد مصرحا به في عدة أخبار. وخرج أحمد خبر قيل: يا رسول الله إني أذبح الشاة وأنا أرحمها فقال: إن رحمتها رحمك الله وخرج عبد الرزاق أن شاة انفلتت من جزار حتى جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اصبري لأمر الله وأنت يا جزار فسقها للموت سوقا رفيقا ومن الرفق بها والرحمة بها أن لا يذبح أخرى عندها ولا يحد السكين وهي تنظر فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظه فقال أفلا قبل هذا؟ تريد أن تميتها موتات؟ رواه الطبراني وغيره
<تنبيه> قال ابن عربي: عم برحمتك وشفقتك جميع الجيوان والمخلوقات ولا تقل هذا نبات هذا جماد ما عنده خبر نعم عنده أخبار أنت ما عندك خبر فاترك الوجود على ما هو عليه وارحمه برحمة موجده ولا تنظر فيه من حيث ما يقام فيه في الوقت حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين
(خد طب والضياء) المقدسي (عن أبي أمامة) قال الهيثمي: رجاله ثقات اه. وفي الميزان في ترجمة الوليد بن جميل عن أبي حاتم وله أحاديث منكرة وساق منها هذا(6/135)
8698 - (من رد عن عرض أخيه) في الدين أي رد على من اغتابه وشان من أذاه وعابه (رد الله عن وجهه) أي ذانه وخصه لأن تعذيبه أنكى في الإيلام وأشد في الهوان (النار يوم القيامة) جزاء بما فعل وذلك لأن عرض المؤمن كدمه فمن هتك عرضه فكأنه سفك دمه ومن عمل على صون عرضه فكأنه صان دمه فيجازى على ذلك بصونه [ص:136] عن النار يوم القيامة إن كان ممن استحق دخولها وإلا كان زيادة رفعة في درجاته في الآخرة في الجنة والعموم المستفاد من كلمة من مخصوص بغير كافر وغير فاسق متجاهر كما مر وزاد الطبراني في روايته {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}
(حم ت عن أبي الدرداء) قال الترمذي: حسن قال ابن القطان: ومانعه من الصحة أن فيه مرزوق التيمي وهو والد يحيى بن بكير وهو مجهول الحال(6/135)
8699 - (من رد عن عرض أخيه) في الإسلام (كان له) أي الرد أي ثوابه (حجابا من النار) يوم القيامة وذلك بظهر الغيب أفضل منه بحضوره وإذا رد عن عرضه فأحرى أن لا يتولى ذلك فيغتابه بل ينبغي أن يكاشفه فيما ينكر منه لكن بلطف فذلك من نصره له كما دل عليه خير انصر أخاك ظالما أو مظلوما الحديث
(هق عن أبي الدرداء) رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد في أحد دواوين الإسلام الستة مع أن الترمذي خرجه(6/136)
8700 - (من رد عادية ماء أو عادية نار فله أجر شهيد) أي من صرف ماء جاريا متعديا أو متجاوزا إلى إهلاك معصوم أو صرف نارا كذلك فله مثل أجر شهيد من شهداء الآخرة مكافأة له على إنقاذه معصوما من الغرق أو الحرق
(النوسي) بفتح النون وسكون الواو وسين مهملة نسبة إلى نوس (في كتاب) فضل (قضاء الحوائج) للناس (عن علي) أمير المؤمنين(6/136)
8701 - (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) بالله تعالى لاعتقاده أن لله شريكا في تقدير الخير والشر {تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا} وهذا وارد على منهج الزجر والتهويل وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد قالوا: يا رسول الله ما كفارة ذلك قال: يقول أحدكم اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك اه. فينبغي لمن طرقته الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي في حاجته متوكلا عليه
(حم طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي(6/136)
8702 - (من رزق في شيء فليلزمه) أي جعلت معيشته في شيء فلا ينتقل عنه حتى يتغير ذكره الغزالي وذلك أنه قد لا يفتح عليه في المنتقل إليه فيصير فارغا بطالا والمسلم إذا احتاج أول ما يبذل دينه كما رواه البيهقي
(هب عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عبد الله الأنصاري قال الذهبي: اتهم أي بالوضع وهو ضعيف عن فروة بن يونس الكلابي وقد ضعفه الأزدي عن هلال بن جبير قال أعني الذهبي: وفيه جهالة ورواه عنه أيضا ابن ماجه قال الحافظ العراقي: بسند حسن فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة غير جيد وممن خرجه لابن ماجه والديلمي وغيره(6/136)
8703 - (من رزق تقى فقد رزق خير الدنيا والآخرة) يعني من منحه الله الهداية والتقوى فقد أعطاه الله خير الدارين وصار عليه كريما بقوله تعالى {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان في الثواب (عن عائشة) فيه عبد الصمد ابن النعمان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: صدوق مشهور وقال الدارقطني: غير قوي وعيسى بن ميمون فإن كان الخواص فقد ضعفوه أو القرشي وهو الظاهر فهو متهم كما ذكره الذهبي(6/136)
[ص:137] 8704 - (من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي) وذلك لأن أعظم البلاء الفادح في الدين شهوة البطن وشهوة الفرج وبالمرأة الصالحة تحصل العفة عن الزنا وهو الشطر الأول فيبقى الشطر الثاني وهو شهوة البطن فأوصاه بالتقوى فيه لتكمل ديانته وتحصل استقامته وهذا التوجيه أولى من قول بعض الموالي المرأة الصالحة تمنع زوجها عن القباحة الخارجية فعبر عن إعانتها إياه بالشطر بمعنى البعض مطلقا أو بمعنى النصف انتهى. وقيد بالصالحة لأن غيرها وإن كانت تعفه عن الزنا لكن ربما تحمله على التورط في المهالك وكسب الحطام من الحرام وجعل المرأة رزقا لأنا إن قلنا إن الرزق ما ينتفع به كما أطلقه البعض فظاهر وإن قلنا إنه ما ينتفع به للتغذي كما عبر البعض فكذلك لأنه كما أن ما يتغذى به يدفع الجوع كذلك النكاح يدفع التوقان إلى الباه فيكون تشبيها بليغا أو استعارة تبعية قال ابن حجر في الفتح: هذا الحديث وإن كان فيه ضعف فمجموع طرقه تدل على أنه لما يحصل به المقصود من الترغيب في التزويج أصلا لكن في حق من يتأتى منه النسل
(ك) في النكاح من حديث زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن يزيد (عن أنس) بن مالك قال الحاكم: صحيح فتعقبه الذهبي بأن زهيرا وثق لكن له مناكير اه. وقال ابن حجر: سنده ضعيف(6/137)
8705 - (من رضى من الله باليسير من الرزق) بأن لم يضجر ولم يتسخط وقنع بما أعطاه الله وشكره عليه وأجمل في الطلب وترك الكد والتعب (رضى الله منه بالقليل من العمل) فلا يعاقبه على إقلاله من نوافل العبادة كما مر ويكون ثواب ذلك العمل القليل عند الله أكثر من ثواب العمل الكثير مع عدم الرضا وطلب الإكثار والكد بالليل والنهار فمن سامح سومح له ومن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط وليس له إلا ما قدر فرغ ربك من ثلاث وفي الطبراني عن أبي سعيد يرفعه من سخط رزقه وبث شكواه لم يصعد له إلى الله عمل ولقي الله وهو عليه غضبان قال الحرالي: والرضا هو إقرار ما ظهر عن إرادة
(هب عن علي) أمير المؤمنين وفيه إسحاق بن محمد الفروي أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي: ليس بثقة ووهاه أبو داود وتركه الدارقطني وقال أبو حاتم: صدوق لقن لذهاب بصره وقال مرة: يضطرب وقال الحافظ العراقي: رويناه في أمالي المحاملي بإسناد ضعيف من حديث علي ومن طريق المحاملي رواه في مسند الفردوس(6/137)
8706 - (من رضي عن الله) بقضائه وقدره (رضي الله تعالى عنه) بأن يدخله الجنة ويتجلى عليه فيها حتى يراه عيانا. قال الطيبي: ولعلو شأن هذه المرتبة التي هي الرضا من الجانبين خص الله كرام الصحب بها حيث قال: {رضي الله عنهم ورضوا عنه} قال بعضهم: ورضا العبد عن الله أن لا يختلج في سره أدنى حزازة من وقوع قضاء من أقضيته بل يجد في قلبه لذلك برد اليقين وثلج الصدر وشهود المصلحة وزيادة الطمأنينة ورضا الله عن العبد تأمينه من سخطه وإحلاله دار كرامته وقال السهروردي: الرضا يحصل لانشراح القلب وانفساحه وانشراح القلب من نور اليقين فإذا تمكن النور من الباطن اتسع الصدر وانفتحت عين البصيرة وعاين حسن تدبير الله فينزع التسخط والتضجر لأن انشراح الصدر يتضمن حلاوة الحب وفعل المحبوب بموقع الرضا عند المحب الصادق لأن المحب يرى أن الفعل من المحبوب مراده واختياره فيفنى في لذة رؤية اختيار المحبوب عن اختيار نفسه وقال بعض العارفين: الرضا عن الله باب الله الأعظم وجنة الدنيا ولذة العارفين والرضوان عن الله في الجنة وهم في الدنيا راضون عنه متلذذون بمجاري [ص:138] أقضيته سليمة صدورهم من الغل مطهرة قلوبهم عن الفساد لا يتحاسدون ولا يتباغضون وقال ابن أبي رواد: ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف ولكن في الرضا عن الله وقال ميمون بن مهران: من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء وقال رجل لابن كرام: أوصني. فقال: اجتهد في رضا خالفك بقدر ما تجتهد في رضا نفسك
(ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة)(6/137)
8707 - (من رفع رأسه قبل) رفع (الإمام) من المقتدين به (أو وضع) رأسه قبل وضع الإمام رأسه من غير عذر (فلا) يجوز له ذلك ولا (صلاة له) أي كاملة فهو من قبيل لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد هذا ما عليه الشافعي وكثير من الحنفية وحمله بعضهم على نفي الصحة
(ابن قانع) في المعجم (عن شيبان) بفتح أوله المعجم ابن مالك الأنصاري السلمي له وفادة(6/138)
8708 - (من رفع حجرا عن الطريق) أي أماط عن طريق الناس أذى من حجر أو غيره كشوك قاصدا إزالة الضرر عنهم احتسابا وخص الحجر بالذكر لغلبته أو لكونه أعظم ضررا أو بطريق التمثيل (كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة) أي لا بد له من دخولها إما بلا عذاب بأن اجتنب الكبائر أو لم يجتنبها وعفا عنه أو لم يعف عنه وعذب فإنه لا بد أن يخرج من النار والعموم المستفاد من كلمة من مشروط بالإيمان
(طب) من حديث أبي شبيبة المهري (عن معاذ) بن جبل قال أبو شيبة: كان معاذ يمشي ورجل معه فرفع حجرا من الطريق فقلت: ما هذا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: رجاله ثقات(6/138)
8709 - (من ركع ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة) الظاهر أنه أراد صلاة الضحى وذلك هو أكثرها عند الشافعية وأفضلها عند كثير منهم
(طس عن أبي ذر)(6/138)
8710 - (من ركع عشر ركعات فيما بين المغرب والعشاء بني له قصر في الجنة) تمامه كما في رواية فقال عمر: إذن تكثر قصورنا يا رسول الله وإنما استحق مصليها القصر المذكور لأن ذلك الوقت وقت غفلة لاشتغال الناس فيه بتناول الطعام والشراب فإذا ترك العبد شهوته وأقبل على الله تعالى بإحياء ذلك الوقت المغفول عنه بالصلاة استحق ذلك القصر العظيم في دار النعيم وظاهر الحديث أن ذلك لا يشترط فيه المداومة وأن بكل عشر ركعات في ذلك الوقت قصر وبه يصرح قول عمر إذن تكثر قصورنا
(ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن عبد الكريم بن الحارث مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الزهد وغيره(6/138)
8711 - (من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل) بكسر العين وفتحها أي مثل (محرر) زاد الحكيم في روايته ومن بلغ بسهم فله درجة في الجنة قال أبو نجيح الراوي: فبلغت يومئذ ستة عشر سهما اه. والمعنى من رمى بسهم بنية جهاد الكفار كان له ثواب مثل ثواب تحرير رقبة أي عتقها
(ت ن ك) في الجهاد (عن أبي نجيح) بفتح النون السلمي أو هو [ص:139] القيسي فلو ميزه لكان أولى قال: حاصرنا قطر الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فذكره قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي(6/138)
8712 - (من رمى) أي سب (مؤمنا بالكفر) بأن قال هو كافر وهو مؤمن فشبه السب بالرمي فيكون استعارة مصرحة وذكر فعل الرمي استعارة تبعية ووجه الشبه أنه كما أن الرمي يهلك ظاهرا فالسب يهلك باطنا فاشتركا في مطلق الإهلاك لكن الثاني أولى كقول المرتضى كرم الله وجهه " جراحات السنان لها التئام ". البيت. (فهو كقتله) في عظم الوزر وشدة الإصر عند الله تعالى فقوله كقتله إشارة إلى خبر عرض المؤمن كدمه يعني من سبه بالكفر هتك عرضه وعرض المؤمن كدمه فمن سبه بالكفر فكأنه سفك دمه أو المراد حكمه حكم قتله في الآخرة وحكمه فيها دخول النار
(طب عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري رمز المصنف لحسنه(6/139)
8713 - (من رمانا بالليل) أي رمى إلى جهتنا بالقسي ليلا وفي رواية بالنبل بدل الليل (فليس منا) لأنه حاربنا ومحاربة أهل الإيمان آية الكفران أو ليس على منهاجنا لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه فضمير المتكلم في الموضعين لأهل الإيمان وسببه أن قوما من المنافقين كانوا يرمون بيوت بعض المؤمنين فقاله ويشمل هذا التهديد كل من فعله من المسلمين بأحد منهم لعداوة واحتقار ومزاح لما فيه من التفزيع والترويع وذهب البعض إلى أن المراد بالرمي ليلا ذكره لغيره بسوء أو قذف خفية تشبيها برمي الليل
<تنبيه> قد خفي معنى هذا الحديث ومعرفة سببه على بعض عظماء الروم فأتى من الخلط والخبط بما يتعجب منه حيث قال عقب سياقه الحديث يعني من ذكر المؤمنين بسوء في الغيبة. وتخصيص الليل بالذكر لأن الغيبة أكثر ما تكون بالليل ولأنه يحتمل أن يكون سبب ورود الحديث واقعا في الليل وفي قوله رمانا استعارة مكنية وتبعية إلى هنا كلامه. وإنما أوردته ليتعجب منه
(حم) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه يحيى بن أبي سليمان وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر وزاد يونس ومن رقد على سطح لا جدار له فمات فدمه هدر(6/139)
8714 - (من روع مؤمنا) أي أفزعه فأخافه كأن أشار إليه بنحو سيف أو سكين ولو هازلا أو أشار إليه بحبل يوهمه أنه حية (لم يؤمن الله تعالى روعته) أي لم يسكن الله تعالى قلبه (يوم القيامة) حين يفزع الناس من هول الموقف وإذا كان هذا في مجرد الروع فما ظنك بما فوقه بل يخيفه ويرعبه جزاءا وفاقا يقال أمن زيد الأسد وأمن منه سلم منه وزنا ومعنى قال في المصباح وغيره: والأصل أن يستعمل في سكون القلب اه. ومنه أخذ الشافعية أن المالك يحرم عليه أخذ وديعته من تحت يد المودع بغير علمه لأنه فيه إرعابا له بظن ضياعها قال بعض الأئمة: ولا فرق في ذلك بين كونه جدا أو هزلا أو مزحا وجرى عليه الزركشي في التكملة نقلا عن القواعد فقال: ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزح حرام وقد جاء في الخبر لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا ومن ثم اتجه جزم بعضهم بحرمة كل ما فيه إرعاب للغير مطلقا
<تنبيه> ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر بعض موالي الروم تقريرا يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال: المعنى أن من أفزع مؤمنا وخوفه بأن قال له لم تؤمن بالله أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان والحال أنه آمن بالله روعته يوم القيامة أي أكون خصمه وأخوفه بالنار يوم القيامة قال: وهذا على تقدير [ص:140] أن يكون كلمة في قوله لم يؤمن بالله للنفي كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شيء تؤمن بالله؟ والإيمان بالله لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن بالله يجوز أن يكون بالتاء الفوقية والياء التحتية إلى هنا كلامه وهو عجب (ومن سعى بمؤمن) إلى سلطان ليؤذيه (أقامه الله تعالى مقام ذل وخزي يوم القيامة) فالسعاية حرام بل قضية الخبر أنها كبيرة وأفتى ابن عبد السلام في طائفة بأن من سعى بإنسان إلى سلطان ليغرمه شيئا فغرمه رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما لو قال هذا لزيد وهو لعمر ولكن الأرجح عند الشافعية خلافه لقيام الفارق وهو أنه لا إيجاب من الساعي شرعا
(هب عن أنس) بن مالك ثم قال أعني البيهقي: تفرد به مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ومبارك هذا أورده الذهبي في المتروكين وقال: قال أبو زرعة: ما أعرف له حديثا صحيحا وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره(6/139)
8715 - (من زار قبري) أي من زارني في قبري فقصد البقعة نفسها ليس بقربة كذا ذكره السبكي في الشفاء وحمل عليه ما نقل عن مالك من منع شد الرحل لمجرد زيارة القبر من غير إرادة إتيان المسجد للصلاة فيه (وجبت) أن حقت وثبتت ولزمت (له شفاعتي) أي سؤالي الله له أن يتجاوز عنه قال السبكي: يحتمل كون المراد له بخصوصه بمعنى أن الزائرين يخصون بشفاعة لا تحصل لغيرهم عموما ولا خصوصا أو المراد يفردون بشفاعة عمل يحصل لغيرهم ويكون إفرادهم بذلك تشريفا وتنويها يحسب الزيادة أو المراد ببركة الزيارة يجب دخولهم في عموم من تناله الشفاعة وفائدة البشرى بأنه يموت مسلما وعليه يجب إجراء اللفظ على عمومه إذ لو أضمر فيه شرط من الوفاة على الإسلام لم يكن لذكر الزيارة معنى إذ الإسلام وحده كاف في نيلها وعلى الأولين يصح هذا الإضمار والحاصل أن أثر الزيارة إما الموت على الإسلام مطلقا لكل زائر وإما شفاعة تخص الزائر أخص من العامة وقوله شفاعتي في الإضافة إليه تشريف لها إذ الملائكة وخواص البشر يشفعون فللزائر نسبة خاصة فيشفع هو فيه بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الزائر وفي ثبوت لفظة الزيارة رد على مالك حيث كره أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(عد هب) وكذا الدارقطني (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن القطان: وفيه عبد الله بن عمر العمري قال أبو حاتم: مجهول وموسى بن هلال البصري قال العقيلي: لا يصح حديثه ولا يتابع عليه وقال ابن القطان: فيه ضعيفان. وقال النووي في المجموع: ضعيف جدا. وقال الغرياني: فيه موسى بن هلال العبدي قال العقيلي: لا يتابع على حديثه. وقال أبو حاتم: مجهول. وقال السبكي: بل حسن أو صحيح. وقال الذهبي: طرقه كلها لينة لكن يتقوى بعضها ببعض قال ابن حجر: حديث غريب خرجه ابن خزيمة في صحيحه. وقال في القلب في سنده شيء وأنا أبرأ إلى الله من عهدته قال أعني ابن حجر: وغفل من زعم أن ابن خزيمة صححه وبالجملة فقول ابن تيمية موضوع غير صواب(6/140)
8716 - (من زارني بالمدينة) في حياتي أو بعد وفاتي (محتسبا) أي ناويا بزيارته وجه الله وثوابه وقيل له محتسبا لاعتداده بعمله فجعل حال مباشرته الفعل كأنه معتد به والاحتساب طلب الثواب كما سبق (كنت له شهيدا وشفيعا) أي شهيدا للبعض وشفيعا لباقيهم أو شهيدا للمطيع شفيعا للعاصي وهذه خصوصية زائدة على شهادته على جميع الأمم وعلى شفاعته العامة وفي رواية لمسلم كنت له شفيعا أو شهيدا وأو فيه بمعنى الواو للتقسيم كما تقرر وجعلها للشك رده عياض قال ابن الحاج: والمراد أنه شهيد له بالمقام الذي فيه الأجر (يوم القيامة) مكافأة له على صنيعه قالوا: وزيارة قبره الشريف من كمالات الحج بل زيارته عند الصوفية فرض وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيا قال الحكيم: زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم هجرة المضطرين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضا فانصرفوا فحقيق أن لا يخيبهم بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم. [ص:141]
(هب عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بحسن ففيه ضعفاء منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي: ترك وقال أبو حاتم: منكر الحديث(6/140)
8717 - (من زار قبر والديه) لفظ رواية الحكيم أبويه (أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عنده يس) أي سورتها (غفر له) ذنوبه والظاهر المنقاس أن المراد الصغائر وزاد في رواية وكتب برا بوالديه أي كان برا بهما غير عاق مضيع حقهما فعدل عنه إلى قوله كتب لمزيد الإثبات وأنه من الراسخين فيه مثبت في ديوان الأبرار ومنه قوله تعالى {فاكتبنا مع الشاهدين} اي اجعلنا في زمرتهم قال بعض موالي الروم: وتخصيص يوم الجمعة بالذكر إما أن يكون اتفاقيا إن كانت المغفرة لقراءة يس سواء قرئت على القبر في يوم جمعة أو غيرها وإما أن يكون قصديا إن كان سبب المغفرة قراءة يس على القبر في يوم الجمعة دون غيرها لا يقال قصد الزائر بقراءتها على قبرهما نفع والديه ومغفرتهما والحديث إنما دل على المغفرة للزائر فقط لأنا نقول الظاهر إنما غفر له لكونه سببا لحصول المغفرة بهما فدل على مغفرتهما بالأولى وقوله والديه أو أبويه من باب التغليب
(عد) عن محمد بن الضحاك عن يزيد بن خالد الأصبهاني عن عمر بن زياد عن يحيى بن سليم الطائفي عن هشام عن أبيه عن عائشة (عن) أبيها (أبي بكر) الصديق ثم قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل وعمرو متهم بالوضع اه. ومن ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع وتعقبه المصنف بأن له شاهدا وهو الحديث التالي لهذا وذلك غير صواب لتصريحهم حتى هو بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه(6/141)
8718 - (من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة مرة غفر الله له) ذنوبه (وكتب برا) بوالديه وقضية قوله كل اشتراط المداومة لحصول المغفرة فإما أن يحمل إطلاق الحديث الذي قبله عليه وإما أن يقال إن الزيارة في جمعة واحدة سبب حصول المغفرة والمداومة شرط لكتابته برا مع المغفرة وظاهر الحديث أن حصول المغفرة والكتابة برا وإن لم يقرأ يس فإما أن يحمل إطلاقه على الحديث الأول أو يقال إن ما يقاسيه الزائر من نصب إدامة الزيارة كل جمعة يوجب المغفرة والكتابة وإن لم يقرأ يس والفضل للمتقدم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي عن أبي بكر من زار قبر والديه كل جمعة أو أحدهما فقرأ عنده يس والقرآن الحكيم غفر له بعدد كل آية وحرف منها. وهنا سؤال هو أن تحصيل الحاصل محال فإذا حصلت المغفرة بحرف فما الذي يكفره بقية الحروف وأجيب بأن كل حرف يكفر البعض فيكون من قبيل قولهم إذا قوبل الجمع بالجمع تنقسم الآحاد وزعم أنه إنما يصح إذا تساوى عدد الذنوب والحروف يرده أنه يمكن أن يقابل البعض من غير نظر إلى الأفراد كواحد بثلاثة مثلا وفي رواية لأبي نعيم من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة قال السبكي: والزيارة لأداء الحق كزيارة قبر الوالدين يسن شد الرحل إليها تأدية لهذا الحق
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) ورواه الطبراني عنه بلفظه لكنه قال وكان برا وزاد بعد قوله أحدهما سنة قال الهيثمي: وفيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وقال العراقي: رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من رواية محمد بن النعمان يرفعه وهو معضل ومحمد بن النعمان مجهول وشيخه يحيى بن العلاء متروك وروى ابن أبي الدنيا من حديث ابن سيرين أن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله من البارين فقال العراقي: مرسل صحيح الإسناد(6/141)
8719 - (من زار قوما فلا يؤمهم) أي لا يصلي بهم إماما في موضعهم فيكره بغير إذنهم (وليؤمهم) ندبا (رجل منهم) حيث كان في المزورين من هو أهل للإمامة فالساكن بحق أولى بالإمامة من غيره كزائره ولا ينافيه خبر البخاري عن عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره وأمه ببيته لأنه بإذن عتبة ولأن الكلام في غير الامام الأعظم قال الزين العراقي: وعموم [ص:142] الحديث يقتضي أن صاحب المنزل يقدم وإن كان ولد الزائر وهو كذلك قال: وقضية التعبير بالقوم الذي هو للرجال أن الرجل إذا زار النساء يؤمهن إذ لا حق لهن في إمامة الرجال
(حم د ت) وكذا النسائي والبيهقي في السنن كلهم من حديث أبي عطية وهو العقيلي مولاهم (عن مالك بن الحويرث) قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا نتحدث فحضرت الصلاة يوما فقلنا يتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الترمذي: حسن وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وتعقبه الذهبي فقال: هذا حديث منكر وأبو عطية مجهول(6/141)
8720 - (من زرع زرعا فأكل منه طير أو عافية) أي كل طالب رزق (كان له صدقة) أي كان له فيما يأكله العوافي ثواب كثواب الصدقة تصدق بها في اختياره قال في الإتحاف: والعافية السباع أو نحوها مما يرد المياه والزرع
(حم) وكذا الطبراني في الكبير من طريق أحمد ولعل المصنف أغفله ذهولا (وابن خزيمة) في صحيحه (عن خلاد بن السائب) قال الهيثمي: إسناده حسن(6/142)
8721 - (من زنى خرج منه الإيمان) إن استحل وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقا نفاق معصية لا نفاق كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مر في عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك (فإن تاب تاب الله عليه) أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام
(طب عن شريك) قال الحافظ في الفتح: سنده جيد رمز لحسنه(6/142)
8722 - (من زنى أو شرب الخمر نزع منه الإيمان) أي كماله (كما يخلع الإنسان القميص من رأسه) أبرز المعقول بصورة المحسوس تحقيقا لوجه التشبيه ولم يذكر التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من الله وقد علق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح بدونه فقال {قد أفلح المؤمنون} الآيات وهذا يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك
(ك) في الإيمان من حديث عبد الله بن الوليد عن أبي حجيرة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: احتج مسلم بعبد الرحمن بن حجيرة وبعبد الله وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر: إسناده جيد(6/142)
8723 - (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن [ص:143] يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتما مقضيا وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته {والله عزيز ذو انتقام} فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو بحيطان داره ينبو عنه والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوثه بالمني وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما ورأيت في بعض التواريخ أن رجلا حصره البول فدخل خربة فبال ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا: إنها عظمة فرح امرأة وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد هبه بكرا أو محصنا سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون الفرج ومس محرم لأنها من اللمم
(ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المزبور(6/142)
8724 - (من زنى) بالتشديد (أمة) أي رماها بالزنا لا أنه زنى بها في الواقع وإلا لم يكن قوله (لم يرها تزنى) له فائدة (جلده الله يوم القيامة بسوط من نار) في الموقف على رؤوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءا وفاقا وقوله لم يرها تزنى جملة حالية من فاعل زنى أو من مفعوله والأمة أعم من كونها للقاذف أو لغيره قال المهلب: أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبدا أو أمة لم يجب عليه الحد ودل هذا الحديث على ذلك لأنه لو وجب عليه في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة وإنما خص دلك بالآخرة تمييزا للحر من المملوك اه. ومن تعقب حكاية الإجماع بما ورد عن ابن عمر في أم الولد من أن قاذفها يحد فقد وهم لأن مراده به بعد موت السيد
<تنبيه> قد أذنت هذه الأخبار بقبح الزنا وقد تظافر على ذلك أرباب الملل والنحل بل وبعض البهائم ففي البخاري أن قردة في الجاهلية زنت فرجمت وساقه الإسماعيلي مطولا عن عمرو بن ميمون قال: كنت باليمن في غنم لأهلي فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد سلا رفيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فرحا فشمها فصاح فاجتمعت القردة فجعل يصيح ويرمى إليها فذهبت القردة يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد فحفروا لهما حفرة فرجموهما وذكر أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق الأوزاعي أن مهرا نزى على امه فامتنع فأدخلت بيتا وجللت بكساء فأنزى عليها فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه من أصله بأسنانه
(حم عن أبي ذر) رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن أبي جعفر أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أحمد: ليس بقوي(6/143)
8725 - (من زهد في الدنيا) واشتغل بالتعبد (علمه الله بلا تعلم) من مخلوق (وهداه بلا هداية) من غير الله (وجعل بصيرا) بعيوب نفسه (وكشف عنه العمى) أي رفع عن بصيرته الحجب فانجلت له الأمور فعرف الأشياء النافعة وضدها والظاهر أن المراد بالعلم علم طريق الآخرة كما يشير إليه كلام حجة الإسلام قال الحجة: والذي يبعث على الزهد ترك آفات الدنيا وعيوبها وقد أكثر الناس القول فيه ومنه قول بعضهم تركت الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها [ص:144] وخسة شركائها قال الإمام: لكن يجيء من هذا رائحة الرغبة لأن من شكا فراق أحد أحب وصاله ومن ترك شيئا لمكان الشركاء فيه أخذه لو انفرد به فالقول البالغ له أن الدنيا عدوة الله وأنت محبه ومن أحب أحدا أبغض عدوه ولأنها وسخة جيفة لكنها ضمخت بطيب وطرزت بزينة فاغتر بظاهرها الغافلون وزهد فيها العاقلون
(حل) في مناقب المرتضي (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا الديلمي وفيه ضعيف(6/143)
8726 - (من ساء خلقه عذب نفسه) باسترساله مع خلقه بكثرة الإنفعال والقيل والقال فلا تزال نفسه شكسة يائسة فقيرة كزة محتاجة وأما صاحب الخلق الحسن فقلبه في راحة لأن نفسه طيبة غنية وبينهما بون بعيد قلب معذب وقلب مستريح (ومن كثر همه سقم بدنه) مع أنه لا يكون إلا ما قدر (ومن لاحى الرجال) أي قاولهم وخاصمهم ونازعهم (ذهبت كرامته) عليهم وأهانوه بينهم (وسقطت مروءته) وفي المثل من لاحاك فقد عاداك قال الفضيل كما رواه عنه البيهقي في الشعب لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير ولا تخالط سيء الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر. وقال أبو حازم: سيء الخلق أشقى الناس به نفسه هي منه في بلاء ثم زوجته ثم ولده
(الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (وابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في الطب) النبوي (عن أبي هريرة) وفيه سلام أو أبو سلام الخراساني قال الذهبي: قال أبو حاتم: متروك(6/144)
8727 - (من سأل الله الشهادة بصدق) قيد السؤال بالصدق لأنه معيار الأعمال ومفتاح بركاتها وبه ترجى ثمراتها (بلغه الله منازل الشهداء) مجازاة له على صدق الطلب وفي قوله منازل الشهداء بصيغة الجمع مبالغة ظاهرة (وإن مات على فراشه) لأن كلا منهما نوى خيرا وفعل ما يقدر عليه فاستويا في أصل الأجر ولا يلزم من استوائهما فيه من هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله إذ الأجر على العمل ونيته يزيد على مجرد النية فمن نوى الحج ولا مال له يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله ولا ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي الميت على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد فهما وإن استويا في الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثرا زائدا وقربا خاصا وهو فضل الله يؤتيه من يشاء فعلم من التقرير أنه لا حاجة لتأويل البعض وتكلفه بتقدير من بعد قوله بلغه الله فأعط ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم حقها وأنزلها منازلها يتبين لك المراد وفيه ندب سؤال الشهادة بنية صادقة
(م 4) في الجهاد من حديث سهل بن أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه (عن) جده (سهل بن حنيف) بضم المهملة مصغرا ولم يخرجه البخاري واستدركه الحاكم فوهم وسهل هذا تابعي ثقة واسم أبيه أسعد صحابي ولد في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسماه باسم جده لأمه بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة وكناه بكنيته وجده سهل بن حنيف بن وهب الأوسي شهد بدرا وثبت يوم أحد وأبلى يومئذ بلاء حسنا وليس في الصحابة سهل بن حنيف غيره ومن لطائف إسناد الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده(6/144)
8728 - (من سأل الله الجنة) أي دخولها بصدق وإيقان وحسن نية (ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ومن استعاذ من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار) وهذا القول يحتمل كونه بلسان القال بأن يخلق الله [ص:145] فيها الحياة والنطق وهو على كل شيء قدير أو بلسان الحال وتقديره قالت خزنة الجنة من قبيل قوله تعالى {واسأل القرية} ويؤيده ذكر الجنة في قوله اللهم أدخله الجنة وإلا لقالت اللهم أدخله إياي ويحتمل كونه التفات من التكلم إلى الغيبة وكذا الكلام في قوله قالت النار وجاء في رواية ذكر العدد في الاستجارة من النار ثلاثا وحذفه في سؤال الجنة وهو تنبيه على أن الرحمة تغلب الغضب وعلى أن عذابه شديد {إن الله شديد العقاب} فيكفي في طلب الجنة السؤال الواحد بخلاف الاستجارة من النار قال السمهودي: لك أن تقول ما الحكمة في تخصيص الثلاث مع أن الحسن بن سفيان روى عن أبي هريرة مرفوعا ما سأل الله عز وجل عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا سألني فأدخله وفي رواية لأبي يعلى بإسناد على شرط الشيخين ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استعاذ بك مني فأعذه وأدخله الجنة وفي رواية للطيالسي من قال أسأل الله الجنة سبعا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة وفي رواية له إن العبد إذا أكثر مسألة الله الجنة قالت الجنة يا رب إن عبدك هذا سألنيك فأسكنه إياي الحديث. وأجيب بأنه خص الثلاث في هذا الحديث لأنها أول مراتب الكثرة والسبعة في غيرها لأنها أول مراتب النهاية في الكثرة لاشتمالها على أقل الجمع من الأفراد وأقل الجمع من الأزواج
(ت) في صفة أهل الجنة (ن) في الاستعاذة وفي يوم وليلة وكذا ابن ماجه في الزهد خلافا لما يوهمه اقتصار المصنف على ذينك (ك) في باب الدعاء (عن أنس) بن مالك وقال: صحيح وسكت عليه الذهبي وكذا رواه عنه ابن حبان في صحيحه بهذا اللفظ من هذا الوجه(6/144)
8729 - (من سأل الناس) نصب بنزع الخافض أو مفعول به (أموالهم) بدل اشتمال منه (تكثرا) مفعوله أي لتكثر ماله لا لحاجة (فإنما يسأل جمر جهنم) أي سبب للعقاب بالنار أو هي قطع عظيمة من الجمر حقيقة يعذب بها كمانع الزكاة لأخذه ما لا يحل أو لكتمه نعمة الله وهو كفران فإن شاء (فليستقل منه) أي من ذلك السؤال أو من المال أو من الجمر (أو فليستكثر) أي وإن شاء فليستكثر أمر توبيخ وتهديد من قبيل {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ومن ثم قالوا: من قدر على قوت يوم لم يحل له السؤال والقياس أن الدافع إن علم بحاله أثم لإعانته على محرم إلا أن يجعله هبة لصحتها للغنى
<فائدة> أخرج ابن عساكر أن مطرف بن عبد الله بن الشخير كان يقول لابن أخيه إذا كانت لك حاجة اكتبها في رقعة فإني أصون وجهك عن الذل
يا أيها المبتغى نيل الرجال. . . وطالب الحاجات من ذي النوال
لا تحسبن الموت موت البلى. . . فإنما الموت سؤال الرجال
كلاهما موت ولكن ذا. . . أعظم من ذاك لذل السؤال
(حم م هـ عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري(6/145)
8730 - (من سأل) الناس (من غير فقر) أي عن غير حاجة بل لتكثير المال (فإنما) في رواية فكأنما (يأكل الجمر) جعل المأكول نفس الجمر مبالغة في التوبيخ والتهديد والمراد أنه يعاقب بالنار وقد يجعل على ظاهره وأن ما يأخذه يطعمه في الآخرة على صورة الجمر كما يكوى مانع الزكاة بها قال النووي: اتفقوا على النهي عن السؤال بلا ضرورة وفي القادر على الكسب وجهان أصحهما أنها حرام لظاهر الحديث والثاني يحل بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح في السؤال ولا يؤذي المسؤول وإلا حرم اتفاقا
(حم وابن خزيمة) في صحيحه (والضياء) في المختارة (عن حبشي) بضم الحاء المهملة فموحدة ساكنة فمعجمة بعدها ياء ثقيلة بضبطه (ابن جنادة) السلولي بفتح المهملة شهد حجة الوداع قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/145)
8731 - (من سئل بالله) قال بعضهم: قوله سأل يجوز كونه بصيغة المجهول وبصيغة المعلوم وقوله بالله أي بحب الله ورضاه [ص:146] وقوله (فأعطى) يجوز كونه بصيغة الفاعل أو المفعول أي أعطى السائل ما سأله امتثالا لآية {ويطعمون الطعام على حبه} الآية (كتب له سبعون حسنة) أي إن علم أن السائل لا يصرفه في نحو فسق والظاهر أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد لشيوع استعمال السبعين فيه لاشتمالها على جملة ما هو الأصل من كسور العدد فكأنها العدد بأسره ولا منافاة بين هذا الحديث وقوله تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} لأن المراد من الآية بيان أقل مراتب الثواب في مقابلة من جاء بحسنة واحدة ولا نهاية لأكثره كما يدل عليه {ليلة القدر خير من ألف شهر}
(هب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه محمد بن مسلم الطائفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه أحمد ووثقه ابن معين(6/145)
8732 - (من سئل عن علم) علمه قطعا وهو علم يحتاج إليه سائل في أمر دينه وقيل ما يلزم عليه تعليمه كمريد الإسلام يقول علمني الإسلام والمفتي في حلال أو حرام وقيل هو علم الشهادتين (فكتمه) عن أهله (ألجمه الله يوم القيامة بلجام) فارسي معرب (من نار) أي أدخل في فيه لجاما من نار مكافأة له على فعله حيث ألجم نفسه بالسكوت في محل الكلام فالحديث خرج على مشاكلة العقوبة للدنب وذلك لأنه سبحانه أخذ الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وفيه حث على تعليم العلم لأن تعلم العلم إنما هو لنشره ودعوة الخلق إلى الحق والكاتم يزاول إبطال هذه الحكمة وهو بعيد عن الحكيم المتقن ولهذا كان جزاؤه أن يلجم تشبيها له بالحيوان الذي سخر ومنع من قصد ما يريده فإن العالم شأنه دعاء الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وقوله بلجام من باب التشبيه لبيانه بقوله من نار على وزان {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} شبه ما يوضع في فيه من النار بلجام في الدابة ولولا ما ذكر من البيان كان استعارة لا تشبيها
(حم 4 ك عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: على شرطهما وقال المنذري: في طرقه كلها مقال إلا أن طريق أبي داود حسن وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعا وللحديث عن أبي هريرة طرق عشرة سردها ابن الجوزي ووهاها وفي اللسان كالميزان عن العقيلي: هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد بن محمد وأنه لا يصح اه. قال الذهبي في الكبائر: إسناده صحيح رواه عطاء عن أبي هريرة وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات لكن فيه انقطاع وساقه البيضاوي في تفسيره بلفظ من كتم علما عن أهله قال الولي العراقي: ولم أجده هكذا(6/146)
8733 - (من سب العرب فأولئك) أي السابون (هم المشركون بالله) أي بسبهم لكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم أو نحو ذلك مما يقتضي طعنا في الشريعة أو نقصا في ما جاء به صلى الله عليه وسلم وقال بعض علماء الروم: المراد من سب جنس العرب من حيث إنهم عرب فإنه حينئذ كافر لأن الأنبياء منهم فسب الجنس يستلزم سبهم وسبهم كفر ويؤيده خبر حب العرب إيمان وبغضهم كفر والضمير المستتر في سب يعود إلى من باعتبار اللفظ والجمع في اسم الإشارة والضمير في فأولئك هم المشركون عبارة عن من باعتبار المعنى والفاء في قوله فأولئك لتضمن معنى الشرط وضمير الفصل في هم المشركون لتأكيد إفادة الحصر للمبالغة
(هب) من حديث مطرف بن مغفل عن ثابت البناني (عن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المصف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه عقبه ببيان حاله فقال: تفرد به مغفل هذا وهو منكر بهذا الإسناد هذا لفظه وفي كلام الذهبي إشارة إلى أن هذا الخبر موضوع فإنه قال في الضعفاء والمناكير: مطرف بن مغفل عن ثابت له حديث موضوع ثم رأيته صرح بذلك في الميزان فقال: مطرف بن مغفل له حديث موضوع ثم ساق هذا الخبر بعينه(6/146)
8734 - (من سب أصحابي) أي شتمهم (فعليه لعنة الله والملائكة والناس) أي الطرد والبعد عن مواطن الأبرار ومنازل [ص:147] الأخيار والسب والدعاء من الخلق (أجمعين) تأكيد لمن سب أو الناس فقط أي كلهم وهذا شامل لمن لابس القتل منهم لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون فسبهم كبيرة ونسبتهم إلى الضلال أو الكفر كفر
(طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الله بن خراش وهو ضعيف(6/146)
8735 - (من سب الأنبياء قتل) لانتهاكه حرمة من أرسلهم واستخفافه بحقه وذلك كفر قال القيصري: إيذاء الأنبياء بسبب أو غيره كعيب شيء منهم كفر حتى من قال في النبي ثوبه وسخ يريد بذلك عيبه قتل كفرا لا حدا ولا تقبل توبته عند جمع من العلماء وقبلها الشافعية (ومن سب أصحابي جلد) تعزيرا ولا يقتل خلافا لبعض المالكية ولبعض منا في ساب الشيخين ولبعض فيهما والحسنين
(طب) وكذا الأوسط والصغير (عن علي) أمير المؤمنين وفيه عبيد الله العمري شيخ الطبراني قال في الميزان: رماه النسائي بالكذب قال في اللسان: ومن مناكيره هذا الخبر وساقه ثم قال: رواته كلهم ثقات إلا العمري(6/147)
8736 - (من سب عليا) بن أبي طالب (فقد سبني فقد سب الله) ومن سب الله فهو أعظم الأشقياء وفيه إشارة إلى كمال الاتحاد بين المصطفى والمرتضى بحيث أن محبة الواحد توجب محبة الآخر وبغضه يوجب بغضه ولا يلزم منه تفضيل علي على الشيخين لما بين في علم الكلام وقد أساء بعض علماء الروم الأدب مع الحضرة الإلهية حيث قال: فيه إشارة إلى كمال المناسبة والاتحاد بين هؤلاء الثلاثة وأستغفر الله من حكايته
(حم ك) في فضائل الصحابة من حديث أبي عبيد الله الجدلي (عن أم سلمة) قال الجدلي: دخلت على أم سلمة فقالت أيسب رسول فيكم فقلت سبحان الله قالت سمعته يقول فذكرته قال الحاكم: صحيح قال الذهبي: والجدلي وثق وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة(6/147)
8737 - (من سبح سبحة الضحى) أي صلى صلاتها وذكر الله تعالى وقتها وداوم على ذلك (حولا مجرما) بالجيم كمعظم بضبط المصنف أي حولا تاما (كتب الله له براءة من النار) أي خلاصا من النار بسبب اشتغاله بذلك في ذلك الوقت ودوامه عليه وإنما خصه وقت انتشار الناس في المعاش والغفلة عن ذكر الله وعن الصلاة ولأن فيه كلم موسى ربه وألقى السحرة سجدا كما نقل عن البيضاوي
(سمويه عن سعد) بن أبي وقاص(6/147)
8738 - (من سبح) أي قال سبحان الله (في) دبر (صلاة الغداة) أي عقب فراغه من الصبح وظاهر التقييد بها أن ذلك من خواصها فلا يحصل الموعود به على قول ما يأتي بقوله عقب غيرها ويحتمل أنه قيد اتفاقي (مئة تسبيحة) بأ قال سبحان الله ثلاثة وثلاثين والحمد لله ثلاثة وثلاثين والله أكبر كذلك ولا إله إلا الله مرة فيكون المجموع مئة مرة وعبر عنه بالتسبيح أوله من تسمية الكل باسم جزئه (وهلل) أي قال لا إله إلا الله (مئة تهليلة غفر له ذنوبه) بهذا الشرط وهو من سبح والظاهر أن المراد الصغائر كما مر نظائره غير مرة (ولو كانت) في الكثرة (مثل زبد البحر) وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه واختصاص هذه الألفاظ بالذكر واعتبار الأعداد المعينة بحكمة تخصها لا يطلع [ص:148] عليها إلا من خصه الله بمعرفة أسرار الحروف التي تركب منها هذا الذكر ومراتب قولها وسئل ابن حجر هل تحصل سنة التسبيح والتكبير المسنون دبر الصلاة بذكرها مفرقة فأجاب بأنه يجوز الضم بأن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويغررها كذلك ويجوز التفريق بأن يقول سبحان الله حتى يتم العدد وهكذا والأفضل التفريق لزيادة العمل فيه بحركة الأصابع بالعدد
<تنبيه> قال الغزالي: لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب فسبحان الله كلمة تدل على التقديس ولا إله إلا الله كلمة تدل على التوحيد والحمد لله تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق فيما وعد به من الحسنات والمغفرة ونحو ذلك بإزاء هذه المعارف وإنما هو من أبواب الإيمان واليقين
<تنبيه> قال ابن حجر في الفتح: قال بعضهم: الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلاة إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد لا يحصل له الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصة تفوت بمجاوزة ذلك قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي: فيه نظر لأنه أتى بالقدر الذي رتب الثواب عليه فإذا زاد عليه من جنسه كيف يكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله اه. ويمكن أن يفرق بالنية فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الوارد ثم أتى بالزيادة لم يضر وإلا ضر وقد بالغ القرافي في قواعده فقال: من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئا للأدب وقد مثله بعضهم بالدواء إذا زيد فيه سكرا مثلا ضر ويؤيده الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة عليه لما فيه من قطع الولاء لاحتمال أن يكون للولاء حكمة خاصة يفوت بفوتها
(ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وقضية صنيع المؤلف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في الصلاة بزيادة ولفظه من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين قتلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر(6/147)
8739 - (من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له) قال البيهقي: أراه إحياء الموات وقال غيره: يحتمل أن المراد بماء واحد المياه ويحتمل كون ما موصولة وجملة لم يسبق صلتها وكونها نكرة موصوفة بمعنى شيء والأخيران أولى كأنها أعم والحمل عليه أكمل وأتم فيشمل ما كل عين وبئر ومعدن كملح ونفط فالناس فيه سواء ومن سبق لشيء منها فهو أحق به حتى يكتفي وشمل من سبق لبقعة من نحو مسجد أو شارع وخرج الكافر فلا حق له وقوله فهو له أي فهو أحق بما سبق إليه من غيره يقدم منه بكفايته فإن زاد أزعج هذا ما قرره جمع شارحون ومن وقف على سبب الحديث وتأمله علم أن المراد إنما هو إحياء الموات ولذلك اقتصر عليه الإمام البيهقي فذكره غيره غفلة واسترسال مع ظاهر اللفظ
(د) في الخراج (والضياء) المقدسي (عن أم جندب) كذا رأيته في مسودة المؤلف بخطه من غير زيادة ولا نقصان وأم جندب غفارية وأزدية وظفرية فكان ينبغي التمييز ثم إن الذي في أبي داود إنما هو عن أم جندب بنت ثميلة عن أمها سودة بنت جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر عن أبيها أسمر بن مضرس الطائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا هو في الإصابة بخط الحافظ ابن حجر عازيا لأبي داود. وقال: إسناده جيد وسبقه إلى ذلك ابن الأثير وغيره فذهل المصنف عن ذلك كله قال البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث. وقال ابن السكن: ليس لأسمر إلا هذا الحديث الواحد(6/148)
8740 - (من ستر) أي غطى (على مؤمن من عورة) في بدنه أو عرضه أو ماله حسية أو معنوية ولو بنحو إعانته علي ستر دينه [ص:149] (فكأنما أحيا ميتا) قيل: ولعل وجهه أن مكشوف العورة يشبه الميت في كشف العورة وعدم الحركة فكما أن الميت يسر أهله بعود الحياة إليه فكذا من كانت عورته مكشوفة فسترت ففيه تشبيه بديع واستعارة تبعية اه. ولا يخفى تكلفه ثم هذا فيمن لم يعرف بأذى الناس ولم يتجاهر بالفساد وإلا ندب رفعه للحاكم ما لم يخف فتنة لأن الستر يقويه على فعله وكذا يقال في الخبر الآتي وإلى ذلك أشار حجة الإسلام حيث قال: إنما يرجوه عبد مؤمن يستر على الناس عوراتهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يحرك لسانه بذكر مساوئهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهونه لو سمعوه فهذا أجدر بأن يجازى بمثله في القيامة ومحله أيضا في ذنب مضى وانقضى أما المتلبس به فتجب المبادرة بمنعه منه بنفسه أو بغيره كالحاكم حيث لم يخف مفسدة به أو بغيره من كل معصوم وليس في الحديث ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه أيضا
<تنبيه> إظهار السر كإظهار العورة فكما يحرم كشفها يحرم إفشاؤها وكتمان الأسرار قد تطابق على الأمر به الملل وقد قالوا: صدور الأحرار قبور الأسرار. وقيل: قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه. وقيل لبعضهم: كيف أنت في كتم السر قال: أستره وأستر أني أستره
(طب والضياء) المقدسي (عن شهاب) ورواه الطبراني في الأوسط عن مسلمة بن مخلد قال رجاء بن حيوة: سمعت مسلمة بن مخلد يقول: بينا أنا على مصر فأتى البواب فقال: إن أعرابيا بالباب يستأذن فقلت: من أنت قال: جابر بن عبد الله فأشرفت عليه فقلت: أنزل إليك أو تصعد قال: لا تنزل ولا أصعد حديث بلغني أنك ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن جئت أسمعه قلت: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره لكنه قال: فكأنما أحيا موءودة فضرب بعيره راجعا(6/148)
8741 - (من ستر أخاه المسلم في الدنيا) في قبيح فعله وقوله (فلم يفضحه) بأن اطلع منه على ما يشينه في دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ولم يكشفه بالتحدث ولم يرفعه الحاكم بالشرط المار (ستره الله يوم القيامة) أي لم يفضحه على رؤوس الخلائق بإظهار عيوبه وذنوبه بل يسهل حسابه ويترك عقابه لأن الله حيي كريم وستر العورة من الحياء والكرم ففيه تخلق بخلق الله والله يحب التخلق بأخلاقه ودعى عثمان إلى قوم على ريبة فانطلق ليأخذهم فتفرقوا فلم يدركهم فأعتق رقبة شكرا لله تعالى أن لا يكون جرى على يديه خزي مسلم
(حم عن رجل) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضية تصرف المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في المظالم والإكراه ومسلم في الأدب ولفظهما من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ولفظ البخاري من ستر على مسلم إلخ فليس فيما آثره إلا زيادة قوله في الدنيا وهو صفة كاشقة فليس بعذر في العدول عما في الصحيحين عندهم وممن رواه أيضا من الستة الترمذي في الحدود عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ ستره الله في الدنيا والآخرة وكذا أبو داود والنسائي في الرجم فضرب المؤلف عن ذلك كله صفحا واقتصاره على أحمد غير جيد على أن فيه عند أحمد مع كون صحابيه مجهولا مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدني قال الهيثمي: ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات(6/149)
8742 - (من سره) أي أفرحه والفرح كيفية نفسانية تحصل من حركة الروح التي هي القلب إلى خارج قليلا قليلا (أن يكون أقوى) في رواية أكرم (الناس) في جميع أموره وسائر حركاته وسكناته (فليتوكل على الله) لأنه إذا قوي توكله قوي قلبه وذهبت مخافته ولم يبال بأحد {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} وكفى به حسيبا {أليس الله بكاف عبده} وليس في الحديث ما يقتضي ترك الاكتساب بل يكتسب مفوضا مسلما متوكلا على الكريم الوهاب معتمدا عليه طالبا منه غير ملاحظ لتسبب معتقدا أنه لا يعطي ويمنع إلا الله فلا يركن إلى سواه ولا يعتمد بقلبه على غيره قال الغزالي: طالب [ص:150] الكفاية من غيره هو التارك للتوكل وهو المكذب بهذه الآية فإن سؤاله في معرض الاستنطاق بالحق ولما أحكم أبناء الآخرة هذه الخصلة وأعطوها حقها تفرغوا للعبادة وتمكنوا من التفرد من الخلق والسياحة واقتحام الفيافي واستيطان الجبال والشعاب فصاروا أقوياء العباد ورجال الدين وأحرار الناس وملوك الأرض بالحقيقة يسيرون حيث شاؤوا وينزلون حيث أرادوا لا عائق لهم ولا حاجز دونهم وكل الأماكن لهم واحد وكل الأزمان عندهم واحد قال الخواص: ولو أن رجلا توكل على الله بصدق نية لاحتاج إليه الأمراء ومن دونهم وكيف يحتاج ومولاه الغني الحميد؟
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (التوكل عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه بهذا اللفظ الحاكم والبيهقي وأبو يعلى وإسحاق وعبد بن حميد والطبراني وأبو نعيم كلهم من طريق هشام بن زياد بن أبي المقدام عن محمد القرطبي عن ابن عباس قال البيهقي: في الزهد تكلموا في هشام بسبب هذا الحديث(6/149)
8743 - (من سره) من السرور وهو انشراح الصدر بلذة فيها طمأنينة النفس عاجلا وذلك في الحقيقة إنما يكون إذا لم يخف زواله ولا يكون إلا فيما يتعلق بالأمور الأخروية قال:
أشد الغم عندي في سرور. . . تيقن عنه صاحبه ارتحالا
(أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب) بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة وهي غم يأخذ بالنفس لشدته (فليكثر الدعاء في الرخاء) أي في حال الرفاهية والأمن والعافية لأن من شيمة المؤمن الشاكر الحازم أن يريش السهم قبل الرمي ويلتجئ إلى الله قبل الاضطرار بخلاف الكافر الشقي والمؤمن الغبي {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا} فتعين على من يريد النجاة من ورطات الشدائد والغموم أن لا يغفل بقلبه ولسانه عن التوجه إلى حضرة الحق تقدس بالحمد والابتهال إليه والثناء عليه إذ المراد بالدعاء في الرخاء كما قاله الإمام الحليمي دعاء الثناء والشكر والاعتراف بالمنن وسؤال التوفيق والمعونة والتأييد والاستغفار لعوارض التقصير فإن العبد وإن جهد لم يوف ما عليه من حقوق الله بتمامها ومن غفل عن ذلك ولم يلاحظه في زمن صحته وفراغه وأمنه كان صدق عليه قوله تعالى {فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون}
(ت ك عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي(6/150)
8744 - (من سره أن يحب الله ورسوله) أي من سره أن يزداد من محبة الله ورسوله (فليقرأ) القرآن نظرا (في المصحف) وهذا بناء على ما هو المتبادر أن فاعل يحب العبد وقال بعض موالي الروم: فاعل يحب لفظ الجلالة والرسول أي من سره أن يحبه الله ورسوله إلخ وذلك لأن في القراءة نظر زيادة ملاحظة للذات والصفات فيحصل من ذلك زيادة ارتباط توجب زيادة المحبة وكان بعض مشايخ الصوفية إذا سلك مريدا أشغله بذكر الجلالة وكتبها له في كفه وأمره بالنظر إليها حال الذكر قالوا: هذا أول شيء يرفع كما قاله عبادة بن الصامت ويبقى بعده على اللسان حجة فيتهاون الناس فيه حتى نذهب بذهاب حملته ثم تقوم الساعة على شرار الناس وليس فيهم من يقول الله الله
(حل هب عن ابن مسعود) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه إنما ذكره مقرونا ببيان حاله فقال عقبه: هكذا يروى هذا الإسناد مرفوعا وهو منكر تفرد به أبو سهل الحسن بن مالك عن شعبة اه وفيه الحر بن مالك العنبري قال في الميزان: أتى بخبر باطل ثم ساق هذا الخبر وقال: إنما اتخذت المصاحف بعد النبي صلى الله عليه وسلم قال في اللسان: وهذا التعليل ضعيف ففي الصحيحين نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وما المانع أن يكون الله أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أن صحبه يتخذون المصاحف؟ لكن الحر مجهول الحال(6/150)
[ص:151] 8745 - (من سره أن يجد حلاوة) وفي رواية لأبي نعيم طعم (الإيمان) استعار الحلاوة المحسوسة للكمالات الإيمانية العقلية بقرينة إضافتها الى الإيمان بجامع الالتذاذ بكل منهما (فليحب المرء لا يحبه) لشيء (إلا لله) أي لا يحبه إلا لأجل الله لا لغرض آخر كإحسان وإنما قال حلاوة الإيمان لأن أصل الإيمان الذي هو التصديق لا يتوقف على تلك المحبة والمراد الحب العقلي الذي هو موجب إيثار ما يقتضي العقل ورجحانه وإن كان على خلاف الهوى كحب المريض للدواء لا الحب الطبيعي إذ {لا يكلف الله إلا وسعها}
(حم ك) من حديث شعبة عن أبي بلح (عن أي هريرة) قال الحاكم: صحيح واحتج مسلم بأبي بلح قال الذهبي: قلت لم لا يحتج به وقد وثق وقال البخاري: فيه نظر اه وقال الحافظ العراقي في أماليه: حديث أحمد صحيح وهو من غير طريق الحاكم(6/151)
8746 - (من سره أن يسلم) من السلامة لا من الإسلام أي من سره أن يسلم في الدنيا من أذى الخلق وفي الآخرة من عقاب الحق (فليلزم الصمت) عما لا يعنيه ولا منفعة فيه ليسلم من الزلل ويقل حسابه لأن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة ولسلامة اللسان حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان وليس يسلم من ذلك كله إلا بتقييده بلجام الشرع قال الغزالي: ومن آفات اللسان الخطأ والكذب والنميمة والغيبة والرياء والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس والخصومة والفضول والخوض في الباطل والتحريف في الزيادة والنقص وإيذاء الخلق وهتك العورات وغير ذلك
(هب) وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] وابن أبي الدنيا (عن أنس) قال الزين العراقي كالمنذري: إسناده ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال ابن أبي فديك: قال ابن سعد: ليس بحجة وقال الهيثمي: فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو متروك وقال الذهبي في الضعفاء: تركوه وفي الميزان: عن الأزدي عمر الوقاصي منكر الحديث وعن أبي حاتم مجهول وله حديث باطل وساق هذا الخبر(6/151)
8747 - (من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن) بن علي أحد الريحانتين فإنه سيدهم وأهل الجنة كلهم شباب كما دل عليه خبر أهل الجنة جرد مرد لا يفنى شبابهم ولا يصح إضافة الشباب إليهم إلا بجعل الإضافة للبيان كقوله تعالى {من بهيمة الأنعام} وفي رواية الحسين بدل الحسن
(ع عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وليس بمسلم ففيه الربيع بن سعد الجعفي قال في الميزان: كوفي لا يكاد يعرف ثم أورد هذا الخبر مما خرجه أبو يعلى وابن حبان(6/151)
8748 - (من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى) ابن مريم (فلينظر إلى أبي ذر) الغفاري فإنه في مزيد التواضع ولين الجانب وخفض الجناح وكف النفس عن الشهوات يقرب من عيسى الذي كان في ذلك على غاية الكمال ونهاية التمام وفي رواية لابن عساكر أن أبا ذر يباري عيسى ابن مريم في عبادته أخرج أيضا أن جبريل كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو ذر فقال: هذا أبو ذر قال: وتعرفه قال: هو في أهل السماء أعرف منه في أهل الأرض وأفادت هذه الأحاديث أن أبا ذر تواضعه حقيقي لا يمازجه رياء ولا يشوبه سفه وأنه عند إلهه سبحانه وتعالى بحال الرضا لتشبيهه بروح الله الذي حاز قصب السبق في إظهار المسكنة والافتقار للواحد القهار
(ع عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه أحمد بلفظ من أحب أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم إلى ربه وصدقه وجده فلينظر إلى أبي ذر قال الهيثمي: رجاله وثقوا والبزار عن أبي مسعود بلفظ: من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى خلقا وخلقا فلينظر إلى [ص:152] أبي ذر قال الهيثمي: رجاله ثقات(6/151)
8749 - (من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج) السيدة الفاضلة الجليلة حاضنة المصطفى صلى الله عليه وسلم (أم أيمن) بركة الحبشية كان ورثها من أبيه وزوجها من زيد بن حارثة فولدت له أسامة وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقالا: ما يبكيك فما عند الله خير لنبيه قالت: إني لأعلم ذلك وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء فهيجتهما على البكاء فبكيا وهذا الحديث يلحق أم أيمن بالعشرة المبشرة بالجنة فإنه كما شهد لهم بها شهد لها بها فصار دخولها إياها مقطوعا به والمراد بالعموم في قوله من سره أن يتزوج إلخ ترغيب المؤمنين في أن يتزوجها واحد منهم فإن مات عنها أو فارقها تزوجها غيره وهكذا محبة فيها لكونها من أهل الجنة فإذا مات يكون معها في الجنة لأن المرء مع من أحب
(ابن سعد) في الطبقات (عن سفيان بن عقبة مرسلا) هو أخو قبيصة الكوفي قال الذهبي: صدوق(6/152)
8750 - (من سره أن ينظر إلى امرأة) أي يتأملها بعين بصيرته لا ببصره فإنه إلى الأجنبية حرام أو أن ذلك قبل نزول الحجاب أو وهي ملتفة بإزارها أو المخاطب بذلك جماعة النسوة والمحارم فلا يقال النظر إلى الأجنبية حرام (من الحور العين) أي إلى امرأة كأنها من الحور من حيث الكمال والجمال وكونها من أهل الجنة (فلينظر إلى أم رومان) بنت عامر بن عويمر الكنانية على ما في التجريد أو بنت سبع بن دهمان على ما في الفردوس وهي زوج أبي بكر الصديق وأم عائشة وعبد الرحمن صحابية كبيرة الشأن واسمها زينب وقيل دعد وزعم الواقدي ومن تبعه أنها ماتت في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنة سبع أو أربع أو خمس ونزل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قبرها واستغفر لها وجزم به الذهبي في التجريد لكن قال ابن حجر: الصحيح أنها عاشت بعده وبكونها زوجة الصديق يعلم خبط بعض موالي الروم حيث قال في محل إشكال النظر إليها قال في الفردوس: وهي بنت سبيع بن دهمان زوج أبي بكر أم عائشة
(ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد مرسلا) قضية تصرف المصنف أنه لم يقف عليه مسندا لأحد وهو ذهول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي من حديث أم سلمة قالت: لما دفنت أم رومان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره إلخ وعلى هذا فأم رومان ماتت في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم(6/152)
8751 - (من سرته حسنته) لكونه راجيا ثوابها مؤقنا بنفعها (وساءته سيئته فهو مؤمن) أي كامل الإيمان لأن من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة فذلك يكون من استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص بل ذلك يدل على استهانته بالدين فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله عنه والمؤمن يرى ذنبه كالجبل والكافر يراه كذباب مر على أنفه فالمؤمن البالغ الإيمان يندم على خطيئته ويأخذه القلق كاللديغ لإيقانه بخبر الآخرة وشرها بخلاف غير الكامل فإنه لا ينزعج لذلك لتراكم الظلمة في صدره وعلى قلبه فيحجبه عن ذلك ولهذا قال ابن مسعود فيما خرجه الحكيم الترمذي بأن المؤمن إذا أذنب فكأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله والمنافق ذنبه كذباب مر على أنفه فعلامة المؤمن أن توجعه المعصية حتى يسهر ليله فيما حل بقلبه من وجع الذنب ويقع في العويل كالذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو [ص:153] غيره فيتفجع لفراقه فيقع في النحيب فالمؤمن الكامل إذا أذنب يحل به أكثر من المصاب لحجبه عن ربه ومن أشفق من ذنوبه فكان على غاية الحذر منها لا يرجو لغفرها سوى ربه فهو يقبل على الله وهو الذي أراده الله من عباده ليتوب عليهم ويجزل ثوابهم نعم السرور بالحسنة مقيد في أخبار أخر بأن شرطه ألا ينتهي إلى العجب بها فيسر بما يرى من طاعته فيطمئن إلى أفعاله فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة الأمارة اللوامة فيهلك ولهذا قال بعض العارفين: ذنب يوصل العباد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله
(تتمة) قال الراغب: من لا يخوفه الهجاء ولا يسره الثناء لا يردعه عن سوء الفعال إلا سوط أو سيف وقيل من لم يردعه الذم عن سيئة ولم يستدعه المدح الى حسنة فهو جماد أو بهيمة وليس الثناء في نفسه بمحمود ولا مذموم وإنما يحمد ويذم بحسب المقاصد
(طب عن أبي موسى) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي: فيه موسى بن عتيك وهو هالك في الضعف نعم رواه الطبراني عن أبي أمامة باللفظ المذكور قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح اه فعدول المصنف عن الطرق الصحيحة واقتصاره على الضعيفة من سوء التصرف ثم ظاهر صنيعه أيضا أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرته إلى آخر ما هنا قال الحافظ العراقي في أماليه: صحيح على شرط الشيخين وأخرجه أحمد في المسند بلفظ من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن قال أعني العراقي: حديث صحيح اه(6/152)
8752 - (من سعى بالناس) أي وشى بهم إلى سلطان أو جائر ليؤذيهم وفي تعبيره بالناس إشعار بأن الكلام فيمن دأبه ذلك وعادته (فهو لغير رشده أو فيه شيء منه) أي من غير الرشد لأن العاقل الرشيد الكامل السعيد لا يتسبب إلى إيذاءه الناس بلا سبب قال بعض الحنفية: وإذا كان الساعي عادته السعي وإضاعة أموال الناس فعليه الضمان وإلا فلا قال الراغب: والرشد عناية إلهية تعين الإنسان عند توجهه في أموره فتقويه على ما فيه صلاحه وتفتره عما فيه فساده وأكثر ما يكون ذلك من الباطن نحو قوله تعالى {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} وكثيرا ما يكون ذلك بتقوية العزم أو بفسخه
(ك عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: له أسانيد هذا أمثلها وتعقبه الحافظ العراقي بأن فيه سهل بن عطية قال فيه ابن طاهر في التذكرة: منكر الرواية قال: والحديث لا أصل له(6/153)
8753 - (من سكن البادية جفا) أي غلظ قلبه وقسا فلا يرق لمعروف كبر وصلة رحم لبعده عن العلماء وقلة اختلاطه بالفضلاء فصار طبعه طبع الوحش قال القاضي: وأصل التركيب للنبو عن الشيء (ومن اتبع الصيد غفل) لحرصه الملهي عن الترحم والرقة أو لأنه إذا اهتم به غفل عن مصالحه أو لشبهه بالسباع وانجذابه عن الرقة قال الحافظ ابن حجر: يكره ملازمة الصيد والإكثار منه لأنه قد يشغل عن بعض الواجبات وكثير من المندوبات ودليله هذا الحديث وقال ابن المنير: الاشتغال بالصيد لمن عيشه به مشروع ولمن عرض له وعيشه بغيره مباح وأما التصيد لمجرد اللهو فهو محل النهي (ومن أتى السلطان افتتن) لأنه إن وافقه في مرامه فقد خاطر بدينه وإن خالفه فقد خاطر بروحه ولأنه يرى سعة الدنيا فيحتقر نعمة الله عليه وربما استخدمه فلا يسلم من الإثم في الدنيا والعقوبة في العقبى
<تنبيه> قال ابن تيمية: فيه أن سكنى الحاضرة يقتضي من كمال الإنسان في رقة القلب وغيرها ما لا تقتضيه سكنى البادية فهذا الأصل موجب كون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية وقد يتخلف المقتضي لمانع
(حم 3 عن ابن عباس) فيه من طريق الأربعة [ص:154] أبو موسى لا يعرف البتة قال ابن القطان: وقول الدولابي أبو موسى الثمالي لا يخرجه عن الجهالة وقال الكرابيسي: حديثه ليس بالقائم وقول الترمذي حسن مبني على رأي من لا يبغي على الإسلام مزيدا نعم له عند البزار سند حسن(6/153)
8754 - (من سل سيفه) فقاتل به الكفار (في سبيل الله) امتثالا لقوله تعالى {فاقتلوا المشركين} وغيرها من الآيات (فقد بايع الله) إما من البيع لقوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} وإما من البيعة لقوله تعالى {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} والمعنى على كلا التقديرين من حارب الكفار لإعلاء كلمة الله فقد بذل نفسه التي هي أحب الأشياء إليه ولا أحد أنفس ممن بذل نفس ما عنده فيكون في أرفع منازل الجنان وناهيك بذلك فضلا وورد في غير ما خبر أن الله يباهي بسيف الغازي وسلاحه قال في المطامح: وإذا باهى الله بعبد لم يعذبه أبدا وخص السيف بالذكر لأن استعماله في القتال أغلب لا لإخراج غيره فكل من جاهد الكفار بقوس أو رمح أو حجر أو غير ذلك كذلك
(ابن مردويه) في التفسير (عن أبي هريرة)(6/154)
8755 - (من سل علينا السيف) أي أخرجه من غمده لإضرارنا (فليس منا) حقيقة إن استحل ذلك وإلا فمعناه ليس من العاملين على طريقتنا المتبعين لارشادنا الدلالة الشقاق على النفاق وخرج بقوله علينا حمله لنا لنحو حراسة أو دفع عدو
(حم م) في الإيمان (عن سلمة بن الأكوع) قالوا تفرد به مسلم(6/154)
8756 - (من سلك طريقا) حسية أو معنوية ونكره ليتناول أنواع الطريق الموصلة إلى تحصيل أنواع العلوم الدينية (يلتمس) حال أو صفة أي يطلب فاستعار له اللمس وهي رواية (فيه) أي في غايته أو سببه وإرادة الحقيقة في غاية البعد للندرة (علما) نكره ليشمل كل علم وآلته ويندرج فيه ما قل وكثر وتقييده بقصد وجه الله به لا حاجة إليه لاشتراطه في كل عبادة لكن يعتذر لقائله هنا بأن تطرق الرياء للعلم أكثر فاحتيج للتنبيه على الإخلاص وظاهر قوله يلتمس أنه لا يشترط في حصول الجزاء الموعود به حصوله فيحصل إذا بذل الجهد بنية صادقة وإن لم يحصل شيئا لنحو بلادة (سهل الله له به) أي بسببه (طريقا) في الآخرة أو في الدنيا بأن يوفقه للعمل الصالح (إلى الجنة) أي إلى السلوك المفهوم من سلك ذكره بعضهم وقال الطيبي: الضمير في به عائد إلى من والباء للتعدية أي يوفقه أن يسلك طريق الجنة قال: ويجوز رجوع الضمير إلى العلم والباء سببية والعائد إلى من محذوف والمعنى سهل الله له بسبب العلم طريقا من طرق الجنة وذلك لأن العلم إنما يحصل بتعب ونصب وأفضل الأعمال أحزمها فمن تحمل المشقة في طلبه سهلت له سبل الجنة سيما إن حصل المطلوب قال ابن جماعة: والأظهر أن المراد أن يجازيه يوم القيامة بأن يسلك به طريقا لا صعوبة له فيه ولا هول إلى أن يدخله الجنة سالما فأبان أن العلم ساعد السعادة وأس السيادة والمرقاة إلى النجاة في الآخرة والمقوم لأخلاق النفوس الباطنة والظاهرة فهو نعم الدليل والمرشد إلى سواء السبيل وتقديم الظرفين للإختصاص لأن تسهيل طريق الجنة خاص بالله وغيره في مقابلته كالعدم لأنه في حقه غير مفيد وكذا بالنسبة لسببه فإن غير هذا السبب من أسباب التسهيل كالعدم لأنه أقوى الأسباب المسهلة وفيه حجة باهرة على شرف العلم وأهله في الدنيا والآخرة لكن الكلام في العلم النافع لأنه الذي يترتب عليه الجزاء المذكور كما تقرر
(ت) في العلم (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل للترمذي مقتصرا وهو عجب من هذا الإمام المطلع فقد خرجه مسلم بلفظه إلا أنه قال بدل يلتمس يطلب وما أراه إلا ذهل عنه(6/154)
[ص:155] 8757 - (من سلم على قوم) أي بدأهم بالسلام بدلالة السياق (فقد فضلهم) أي زاد عليهم في الفضل (بعشر حسنات) لأنه ذكرهم السلام وأرشدهم إلى ما شرع لإظهار الأمان بين الأنام وأولى الناس بالله ورسوله من بدأهم بالسلام كما في حديث آخر وفيه أن ابتداء السلام وإن كان سنة أفضل من رده وإن كان واجبا وزاد قوله (وإن ردوا عليه) أي رد عليه كل منهم إشارة إلى أن ما أتى به وحده أفضل من رد الجماعة أجمعين فإذا كانوا ثلاثة فردوا كلهم كان ما أتى به وحده يفضل على ما أتى به الكل بعشر حسنات وبهذا التقرير علم أن قول بعض موالي الروم قوله وإن ردوا عليه يشعر بأن رد السلام ليس بواجب وليس كذلك فلا بد من التأمل من قبيل الباطل كما لا يخفى على اللبيب الفاضل وقوله بقي في الحديث شيء وهو أن رد السلام من الأفعال الحسنة كالسلام فمن رده يحصل للمسلم فيلزم تساويهما في حصول عشر حسنات فكيف قوله من سلم على قوم فقد فضلهم بعشر حسنات وإن ردوا عليه فلا بد عن دفعه من الغبار انتهى. من قيل الهذيان كما لا يخفى على أهل هذا الشأن
(عد) من حديث رجاء بن وداع الراسبي عن غالب عن الحسن (عن رجل) قال غالب: بينما نحن جلوس مع الحسن إذ جاء أعرابي بصوت له جهوري كأنه من رجال شنوءة فقال: السلام عليكم حدثني أبي عن جدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال ابن عدي: لم يحضرني له غير هذا الحديث وضعفه(6/155)
8758 - (من سمع المؤذن) وفي رواية لأبي نعيم النداء بدل المؤذن (فقال مثل ما يقول) أي أجابه بمثل قوله إلا في الحيعلتين والتثويب كما سبق (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ولا يلزم منه تساويهما في الكم والكيف كما مر نظيره غير مرة
(طب عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه قال الهيثمي: هو من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف فيهم وقال المنذري: متنه حسن وشواهده كثيرة(6/155)
8759 - (من سمع) بالتشديد أي من نوه بعلمه وشهر ليراه الناس ويمدحوه (سمع الله به) أي شهره بين أهل العرصات وفضحه على روؤس الأشهاد وإنما سمى فعل المرائي سمعة ورياء لأنه يفعله ليسمع به ذكره القاضي وذكر نحوه البيضاوي وقال النووي: معنى هذا الحديث من راءى بعلمه وسمعه للناس ليكرموه ويعظموه فقد سمع الله به الناس وفضحه يوم القيامة لكونه فعله رياء وسمعة لا لأجل الله وقيل معناه من سمع بعيوب الناس أظهر الله عيوبه وقيل أسمعه المكروه وقيل أراه ثواب ذلك ولا يعطيه إياه ليكون حسرة عليه اه. قال بعض موالي الروم: وكل من هؤلاء القائلين خلط المسألتين في الحديث فالظاهر أنه لا كذلك وأن قوله من سمع سمع الله به مخصوص بالقول وقوله من راءى راءى الله به بالفعل وعليه فمعنى الأول من أمر الناس بالمعروف ونهاهم عن المنكر فإما أن يأمر نفسه بما أمر الناس به أو لا فإن كان الأول سمع الله به الناس بالخير يوم القيامة أي يعطى ثوابه ويدخله الجنة وإن كان الثاني سمع الله به الناس بالشر أي يظهر فضيحته يوم القيامة ويدخله النار إن لم يعف عنه ومعنى الثاني من فعل فعلا حسنا وأراد الناس فإما أن تكون إرادته إياهم بنية خالصة بأن يرغبهم في ذلك الفعل الحسن ليحوزوا ثوابه أو ليكرموه ويعظموه فإن كان الأول أثيب عليه أو الثاني افتضح يوم القيامة وحاصل المعنى أن من سمع سمع الله به إن خيرا فخير وإن شرا فشر ومن راءى راءى الله به إن خيرا فخير وإن شرا فشر ويدل عليه إطلاق الأفعال في الحديث مع ترك المفعول لكن يعكر عليه أن الرياء والسمعة مشهوران في الشرف فقط (ومن راءى) بعمله والرياء إظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها (راءى الله به) أي بلغ مسامع خلقه أنه مراء مزور وأشهره بذلك بين خلقه وقرع به أسماعهم ليشتهر بأنه مراء فيفتضح بين الناس ذكره القاضي [ص:156] وقال الزمخشري: السمعة أن يسمع الناس عمله وينوه به على سبيل الرياء يعني من نوه بعمله رياء وسمعة نوه الله بريائه وتسميعه وقرع به أسماع خلقه فتعارفوه وأشهروه بذلك فيفتضح اه قال ابن حجر: ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع ذلك في الآخرة فهو المعتمد وفيه ندب إخفاء العمل الصالح قال ابن عبد السلام: لكن يستثنى من يظهره ليقتدى به أو لينتفع به ككتابة العلم فمن كان إماما يستن بعلمه عالما بما لله عليه قاهرا لشيطانه استوى ما ظهر من علمه وما خفي لصحة قصده والأفضل في حق غيره الإخفاء مطلقا
(حم م) في آخر صحيحه (عن ابن عباس) قضية تصرف المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم فقد خرجه البخاري في الرقاق(6/155)
8760 - (من سمى المدينة يثرب) بفتح فسكون كانت سميت به باسم من يسكنها أولا (فليستغفر الله) أي فليطلب منه المغفرة لما وقع فيه من الإثم (هي طابة هي طابة) لأن اليثرب الفساد والتثريب التوبيخ والمؤاخذة بالذنب واللوم ولا يليق بها ذلك وظاهر أمره بالاستغفار أن تسميتها بذلك حرام لأن استغفارنا إنما هو عن خطيئة وهو ظاهر كلام جمع منهم الدميري قالوا: وتسميتها في التنزيل حكاية لقول المنافقين أو من باب مخاطبة الناس بما يعرفونه اه. والأكثر على الكراهة ولا ينافي الكراهة ما في الصحيحين في حديث الهجرة فإذا هي المدينة يثرب وفي رواية لا أراها إلا يثرب لأن ذلك كان قبل النهي كما ذكره السمهودي تبعا لصحاح الجوهري
(حم عن البراء) بن عازب ورواه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي: ورجاله ثقات اه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ورده ابن حجر(6/156)
8761 - (من سها في صلاته في ثلاث أو أربع فليتم فإن الزيادة خير من النقصان) أخذ به الشافعية فقالوا: من شك عمل بيقينه فيأخذ بالأقل وقالت الحنفية: إن كان الشك ليس عادة له وجب البناء على المتيقن وإن كثر الشك منه وجب العمل بما يقع عليه التحري للزوم الحرج بتقدير الإلزام فإن لم يقع تحريه على شيء بنى على الأقل
(ك) في سجود السهو عن عمار بن مطر الرهاوي عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس (عن عبد الرحمن بن عوف) رفعه قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي فقال: بل عمار تركوه(6/156)
8762 - (من سود) بفتح السين وفتح الواو المشددة بضبطه أي من كثر سواد قوم بأن ساكنهم وعاشرهم وناصرهم فهو منهم وإن لم يكن من قبيلتهم أو بلدهم (مع قوم فهو منهم ومن روع) بالتشديد بضبطه (مسلما لرضا سلطان جيء به يوم القيامة معه) أي مقيدا مغلولا مثله فيحشر معه ويدخل النار معه
(خط عن أنس) بن مالك(6/156)
8763 - (من شاب شيبة في الإسلام) وفي رواية في سبيل الله (كانت له نورا يوم القيامة) أي يصير الشيب نفسه نورا يهتدي به صاحبه ويسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة والشيب وإن لم يكن من كسب العبد لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه فيكره نتف الشيب من نحو لحية وشارب وعنفقة وحاجب وعذار للفاعل والمفعول به قال النووي: ولو قيل يحرم لم يبعد
(ت) في الجهاد (عن كعب بن مرة) البهزي صحابي نزل الأردن رمز لحسنه قال: رأى حجام شيبة في لحية النبي صلى الله عليه وسلم فأهوى ليأخذها فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يده فذكره قال الترمذي: حسن صحيح(6/156)
[ص:157] 8764 - (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا) يوم القيامة (ما لم يغيرها) بالسواد لا بغيره لورود الأمر بالتغيير بالغير وفي رواية أحمد ما لم يخضبها أو ينتفها وفي رواية لأبي الشيخ من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا تضيء ما بين السماء والأرض إلى يوم القيامة وفي الكبير والأوسط للطبراني من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة فقال له رجل: فإن رجالا ينتفون الشيب قال: من شاء فلينتف نوره
(الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أم سليم) بنت ملحان الأنصاري سهلة أو رميلة أو مليكة رمز لحسنه(6/157)
8765 - (من شدد سلطانه بمعصية الله) أي قوي حجته وبرهانه بارتكاب محرم كأن أقام بينة زورا أو نحوه مستعينا ببعض الظلمة على خصمه (أوهن الله كيده يوم القيامة) أي أضعف تدبيره ورده خاسئا إذ السلطان الحجة والبرهان أو هو من السلاطة والشدة بالفتح الحملة يقال شد على القوم في القتال شدا وشدادا أي حمل عليهم والمعنى من خرج على السلطان من البغاة وشق عصاه بمعصية الله أوهن الله كيده وعليه فالباء في بمعصية للملابسة حال من فاعل شدد أو معنى شدد قوي من الشدة بالكسر القوة والصلابة والمراد من قوي سلطانه أي إمامه الأعظم وأعانه على محرم كالظلم أضعفه الله فالباء بمعنى على أو في للملابسة حال من المفعول وأقرب الاحتمالات أولها
(حم عن قيس بن سعد) بن عبادة قال الهيثمي: وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات وقد رمز المؤلف لحسنه(6/157)
8766 - (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها) أي من شربها حتى مات وفي كلمة ثم إشارة إلى أن تراخي التوبة لا يمنع قبولها ما لم يغرغر (حرم منها) بضم الحاء وبالتخفيف وفي رواية مسلم حرمها (في الآخرة) يعني حرم دخول الجنة إن لم يعف عنه إذ ليس ثم إلا جنة أو نار والخمر من شراب الجنة فإذا لم يشربها في الآخرة لا يدخلها لأن شربها مرتب على دخولها فكأنه قال من شربها لا يدخل الجنة أو المراد جزاؤه أن يحرم شربها في الآخرة عقوبة له وإن دخلها كذا في المنضد ورجح واعترض بأنه يتألم بذلك والألم العقوبة والجنة ليست بدارها ورد بمنع تألمه لجواز نزع شهوتها منه واعترض بأنه إذا لم يتألم لا يكون منعها جزاء فلا يرتدع عنه في الدنيا والحديث ورد لذلك ومنع بأنه إذا لم يتألم لا يلتذ بها أيضا وكفى به جزاء
(حم ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب ولفظ رواية مسلم من شرب الخمر في الدنيا فلم يتب منها حرمها في الآخرة فلم يسقها وخرج بقوله لم يتب ما لو تاب فلا يدخل في هذا الوعيد وفيه أن التوبة من الذنب مكفرة له وبه صرح الكتاب والسنة قال القرطبي: وهو مقطوع به في الكفر أما غيره فهل هو مقطوع أو مظنون؟ قولان والذي أقوله أن من استقرأ الشريعة قرآنا وسنة علم القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين(6/157)
8767 - (من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة) وذلك لأن الخمر تدفع العطش فلما شربها مع تحريمها عليه في الدنيا فقد استعجل ما يدفع العطش فيحرم منها يوم القيامة جزاءا وفاقا ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه فيا لها من حسرة وندامة حيث باع أنهارا من خمرة لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل مفسد للدنيا والدين وبقيته عند أحمد من حديث قيس ألا كل مسكر حرام
(حم) وكذا أبو يعلى (عن قيس بن سعد) بن عبادة (و) عن (ابن عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه قال الزين العراقي: فيه من لم يسم وقال تلميذه الهيثمي: فيه من لم أعرفهم(6/157)
8768 - (من شرب خمرا) مختارا (خرج نور الإيمان من جوفه) فالخارج بعض نوره لا كماله ولفظ رواية الطبراني [ص:158] أخرج الله نور الإيمان إلخ
(طس) من رواية أبي عثمان الطنبدي (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي في شرح الترمذي: إسناده ضعيف وقال الهيثمي: فيه من لم أعرفهم وقال المنذري: ضعيف وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه(6/157)
8769 - (من شرب مسكرا ما كان) أي أي شيء كان سواء كان خمرا وهو المتخذ من العنب أو نبيذا وهو المتخذ من غيره (لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما) زاد أحمد فإن مات مات كافرا وخص الصلاة لأنها أفضل عبادات البدن فإن لم تقبل فغيرها أولى وخص الأربعين لأن الخمر يبقى في جوف الشارب وعروقه وأعصابه تلك المدة فلا تزول بالكلية غالبا إلا فيها قال ابن العربي: وقوله لم تقبل له صلاة أربعين يوما تعلقت به وبأمثاله الصوفية على قولهم إن البدن يبقى أربعين يوما لا يطعم ولا يشرب لاجتزائه بما تقدم من غذائه لهذه المدة بما يقتضيه فضيله وتوجيه ميراثه وقالت الغالية منهم: إن موسى لما تعلق باله بلقاء ربه نسي نفسه واشتغل بربه فلم يخطر له طعام ولا شراب على بال وذلك على الله غير عزيز وورد به خبر وإلا فتعين الجائزات من غير خبر من الله تعدى على دينه
(طب عن السائب بن يزيد) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وقضية تصرف المصنف حيث عدل للطبراني واقتصر عليه أنه لم يره مخرجا في شيء من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص الكل مرفوعا بلفظ من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه هذا لفظهم ثم زادوا فيه بعده(6/158)
8770 - (من شرب بصقة من خمر) أي شيئا قليلا بقدر ما يخرج من الفم من البصاق (فاجلدوه ثمانين) إن كان حرا ومن فيه رق عليه نصب حد الحر وقد بين به أن ما أسكر كثيره حرم قليله وإن كان قطرة واحدة وحد شاربه وإن لم يتأثر من ذلك وقد استدل به من ذهب إلى أن حد الخمر ثمانون وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي واختاره ابن المنذر والقول الآخر للشافعي أنه أربعون وهو المشهور وجاء عن أحمد كالمذهبين وظاهر الحديث أن الشارب ليس حده إلا ما ذكر وإن تكرر منه الشرب لكن في حديث في السنن قال ابن حجر: بطرق أسانيدها قوية أنه يقتل في المرة الرابعة ونقل الترمذي الإجماع على ترك القتل وهو محمول على من بعد من نقل غيره عنه القول به كعبد الله بن عمرو وبعض الظاهرية قال النووي: وهو قول باطل مخالف لإجماع الصحابة فمن بعدهم والحديث الوارد فيه منسوخ إما بحديث لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث وإما بأن الإجماع دل على نسخه قال الحافظ: قلت بل دليل النسخ منصوص وهو ما خرجه أبو داود والشافعي من طريق الزهري عن قبيصة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى أن قال فإذا شرب في الرابعة فاقتلوه قال: فأتي برجل قد شرب فجلد ثم أتي به في الرابعة قد شرب فجلده ثم أتي به فجلد ثم أتي به فجلده فرفع القتل عن الناس فكان رخصة اه ثم قال الحافظ: وقد استقر الإجماع على أن لا قتل فيه قال: وحديث قبيصة على شرط الصحيح لأن إيهام الصحابي لا يضر وله شواهد منها عند النسائي وغيره عن جابر فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب أربع مرات فلم يقتله فرأى المسلمون أن الحد قد رفع ثم قال النسائي: هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم. وقال: أحاديث القتل منسوخة وقال الترمذي: لا نعلم بين أهل العلم في القديم والحديث اختلافا في هذا قال: وسمعت محمدا يعني البخاري يقول: إنما كان هذا يعني القتل في أول الأمر ثم نسخ بعد وقال ابن المنذر: فإن الأصل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بجلده فإن تكرر أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة بالإجماع إلا ممن شذ ممن لا يعد خلافه خلافا قال الحافظ: وأشار به إلى بعض أهل الظاهر وهو ابن حزم
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه حميد بن كريب ولم أعرفه اه. [ص:159] ورواه أيضا عنه أبو يعلى باللفظ المزبور قال ابن حجر: وسنده واه(6/158)
8771 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أي مع محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فاكتفى بأحد الجزءين عن الآخر (دخل الجنة) ابتداء أو بعد تطهيره بالنار فالمراد لا بد من دخولها وفي رواية للشيخين أدخله الله الجنة على ما كان من العمل قال البيضاوي: فيه دليل على المعتزلة في مقامين أحدهما أن العصاة من أهل القبلة لا يخلدون في النار لعموم قوله من شهد الثاني أنه تعالى يعفو عن السيئات قبل التوبة واستيفاء العقوبة فإن قوله على ما كان من العمل حال من قوله أدخله الجنة والعمل غير حاصل حينئذ بل الحاصل إدخاله استحقاق ما يناسب عمله من ثواب أو عقاب فإن قيل ما ذكر يوجب أن لا يدخل أحد النار من العصاة قلنا اللازم منه عموم العفو وهو لا يستلزم عدم دخول النار لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب هذا وليس محتم عندنا أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو عن الجميع بموجب وعده بنحو قوله {يغفر الذنوب جميعا}
(البزار) في مسنده (عن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني من حديث جابر بلفظ من شهد أن لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار ورواه الشيخان بلفظ من شهد أن لا إله إلا الله وجبت له الجنة وذكر المصنف أنه بهذا اللفظ متواتر رواه نحو ثلاثين صحابيا(6/159)
8772 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه وليس قصر قلب لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن الله وإنما أشرك معه غيره {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله} (وأن محمدا رسول الله) صادقا من قلبه كما قيد به في أخبار أخر وزعم أن شهد بمعنى صدق بقلبه فلا يحتاج الى تقدير غير مرضي لأنه حينئذ إما أن يكون بمعنى صدق مجردا عن الإقرار باللسان أو معه فالأول يستلزم محذورا آخر وهو أن يكون المصدق بقلبه الذي لم يقر بلسانه بلا عذر مؤمنا إذ لا يدخلها إلا مؤمن وليس كذلك والثاني يستلزم الجمع بين المعنيين المختلفين بلفظ واحد وهو ممنوع ذكره بعض الكاملين (حرم الله عليه النار) أي نار الخلود وإذا تجنب الذنوب أو تاب أو عفي عنه وظاهره يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم لكن قامت الأدلة القطعية على أن طائفة من عصاة الموحدين يعذبون ثم يخرجون بالشفاعة فعلم أن ظاهره غير مراد فكأنه قال إن ذلك مقيد بمن عمل صالحا أو فيمن قالها تائبا ثم مات على ذلك أو أن ذلك قبل نزول الفرائض والأوامر والنواهي أو خرج مخرج الغالب إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية وجاء في أحاديث مرت ويأتي بعضها تقييد ذلك بقوله الشهادة مخلصا قال الحكيم: والإخلاص أن تخلص إيمانك حتى لا تفسده شهوات نفسك
<تنبيه> قال محقق: قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص وذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وللزواجر السمعية ويوجب كون الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلا وبالأصل باطلا بل يقتضي كون الانخلاع من ربقة التكليف والانسلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخيط وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع وذلك مفض إلى خراب الدنيا والأخرى قيل وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني
(حم م ت عن عبادة) بن الصامت حدث به وهو في الموت وذكر أنه لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضنا به(6/159)
8773 - (من شهد شهادة) باطلة (يستباح بها مال امرىء مسلم أو يسفك بها دمه) ظلما (فقد أوجب النار) أي فعل فعلا [ص:160] أوجب له دخولها وتعذيبه بها فشهادة الزور من الكبائر
(طب عن ابن عباس) ورواه عنه البزار أيضا وزاد من شرب شرابا حتى يذهب عقله الذي رزقه الله إياه فقد أتى بابا من أبواب الكبائر وقال الهيثمي: وفيه حاش واسمه حسين بن قيس وهو متروك وزعم أنه شيخ صدوق رمز المصنف لحسنه(6/159)
8774 - (من شهر سيفه) من غمده (ثم وضعه فدمه هدر) أي من أخرجه من غمده للقتال وأراد بوضعه ضرب به ذكره الديلمي وابن الأثير وقيل معنى وضعه ضرب به
(ن ك عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام وأخرجه عنه أيضا الطبراني مرفوعا وخرجه النسائي موقوفا قال ابن حجر: والذي وصله ثقة(6/160)
8775 - (من صام رمضان) أي في رمضان يعني صام أيامه كلها (إيمانا) مفعول له أي صامه إيمانا بفرضيته أو حال أي مصدقا أو مصدر أي صوم مؤمن (واحتسابا) أي طلبا للثواب غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (غفر له ما تقدم ذنبه) اسم جنس مضاف فيشمل كل ذنب لكن خصه الجمهور بالصغائر وفي الحديث الآتي وما تأخر واستشكاله بأن الغفر الستر فكيف يتصور فيما لم يقع منع بأن من لم يقع فرض وقوعه مبالغة وفيه فضل رمضان وصيامه وأن تنال به المغفرة وبأن الإيمان وهو التصديق والاحتساب وهو الطواعية شرط لنيل الثواب والمغفرة في صوم رمضان فينبغي الإتيان به بنية خالصة وطوية صافية امتثالا لأمره تعالى واتكالا على وعده من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عن قضاء الوطر بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه ولا يتمنى سرعة انصرامه ويستلذ مضاضته فإذا لم يفعل ذلك فقد مر في حديث رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع
<تنبيه> قال في الروض: قال سيبويه: مما لا يكون العمل إلا فيه كله المحرم وصفر يريد أن الاسم العلم يتناوله اللفظ كله وكذا إذا قلنا الأحد أو الأثنين فإن قلنا يوم الأحد شهر المحرم كان ظرفا ولم يجر مجرى المفعولات وذاك العموم من اللفظ لأنك تريد في الشهر وفي اليوم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ولم يقل شهور رمضان ليكون العمل كله قال: وهذه فائدة تساوي رحلة قال الكرماني: ولو ترك الصوم فيه لمرض ونيته أنه لولا العذر صامه دخل في هذا الحكم كما لو صلى قاعدا لعذر فإن له ثواب القائم
(حم ق) في الصوم (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضا(6/160)
8776 - (من صام رمضان إيمانا) تصديقا بثواب الله أو أنه حق (واحتسابا) لأمر الله به طالبا الأجر أو إرادة وجه الله لا لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشيء معتقدا أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصا بل لنحو خوف أو رياء (غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) قال الكرماني: من متعلق بغفر أي غفر من ذنبه ما تقدم فهو منصوب المحل أو مبينة لما تقدم فهو منصوب وهو مفعول ما لم يسم فاعله فمرفوع المحل والذنب وإن كان عاما إلا أنه اسم جنس مضاف فيقتضي مغفرة كل ذنب حتى تبعات الناس لكن علم من الأدلة الخارجية أن حقوق الخلق لا بد فيها من رضا الخصم فهو عام خص بحق الله إجماعا بل وبالصغائر عند قوم وظاهره أن ذلك لا يحصل إلا بصومه كله فإن صام بعضه وأفطر بعضه لعذر كمرض وكان لولاه لصام لأنه جاز الثواب لتقدم نية ذكره ابن جماعة والصوم أقسام: صيام العوام عن مفسدات الصيام وصوم الخواص عنها وعن إطلاق الجوارح في غير طاعة وصوم خواص الخواص حفظ قلوبهم عما سوى الله ففطرهم ظاهرا كفطر المسلمين ولا يفطرون باطنا إلى يوم الدين فإذا شاهدوا مولاهم ونظروا إليه عيانا أفطروا
(خط عن ابن عباس) ورواه أيضا أحمد والطبراني بهذه الزيادة قال الهيثمي: ورجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله وإرساله وقال في اللسان في ترجمة عبد الله العمري بعد ما نقل عن النسائي: إنه رماه بالكذب ومن [ص:161] مناكيره هذا الخبر وما تقدم قال: تفرد العمري بقوله وما تأخر وقد رواه الناس بدونها(6/160)
8777 - (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال) لم يقل ستة مع أن العدد مذكر لأنه إذا حذف جاز الوجهان (كان كصوم الدهر) في أصل التضعيف لا في التضعيف الحاصل بالفعل إذ المثلية لا تقتضي المساواة من كل وجه نعم يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازا فأخرجه مخرج التشبيه للمبالغة والحث وهذا تقرير يشير إلى أن مراده بالدهر السنة وبه صرح بعضهم لكن استبعده بعض آخر قائلا: المراد الأبد لأن الدهر المعرف باللام للعمر وخص شوال لأنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم فالصوم حينئذ أشق فثوابه أكثر وفيه ندب صوم الستة المذكورة وهو مذهب الشافعي قال الزاهدي: وصومها متتابعا أو متفرقا يكره عند أبي حنيفة وعن أبي يوسف يكره متتابعا لا متفرقا (1) وعن مالك يكره مطلقا
(حم م 4) كلهم في الصوم واللفظ لمسلم ولفظ أبي داود فكأنما صام الدهر (عن أبي أيوب) الأنصاري ولم يخرجه البخاري. قال الصدر المناوي: وطعن فيه من لا علم عنده وغره قول الترمذي حسن والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد واعتنى العراقي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا رووه عن سعد بن سعيد أكثرهم حفاظ أثبات
_________
(1) قال الحصكفي في شرح التنوير: وندب صوم الست من شوال ولا يكره التتابع على المختار خلافا للثاني والاتباع المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره بل يستحب ويسن(6/161)
8778 - (من صام رمضان وستا من شوال والأربعاء والخميس دخل الجنة) بالمعنى المار. قال بعض موالي الروم: قوله الأربعاء والخميس يحتمل أن يكونا من شوال غير الستة منه ويحتمل أن يكونا من جميع الشهور وهو الظاهر
(حم عن رجل) من الصحابة قال الهيثمي: فيه من لم يسم وبقية رجاله ثقات(6/161)
8779 - (من صام ثلاثة أيام من كل شهر) قيل الأيام البيض وقيل أي ثلاث كانت (فقد صام الدهر كله) وفي رواية فذلك صوم الدهر كله ووجهه أن صوم كل يوم حسنة و {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فمن صام ثلاثا من كل شهر فكأنه صام الشهر كله
(حم ت ن هـ والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) قال الديلمي: وفي الباب أبو هريرة وغيره(6/161)
8780 - (من صام يوما في سبيل الله) أي لله ولوجهه أو في الغزو أو الحج (بعد الله وجهه) أي ذاته والعرب تقول وجه الطريق تريد به عينه (عن النار) أي نجاه منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق عبر عنه بطريق التمثيل ليكون أبلغ لأن من كان مبعدا عن عدوه بهذا القدر لا يصل إليه ألبتة (سبعين خريفا) أي سنة أي نحاه وباعده عنها مسافة تقطع في سبعين سنة إذ كل ما مر خريف انتقضت سنة قيل لأنه آخر فصولها الأربع فهو من إطلاق اسم البعض على الكل وذكر الخريف من ذكر الجزء وإرادة الكل وخصه دون غيره من الفصول لأنه وقت بلوغ الثمار وحصول سعة العيش وذلك لأنه جمع بين تحمل مشقة الصوم ومشقة الغزو فاستحق هذا التشريف وذكر السبعين على عادة العرب في التكثير لكن هذا مقيد في الغزو بما إذا لم يضعفه الصوم عن القتال وإلا ففطره أفضل من [ص:162] صومه
(حم ق ت ن عن أبي سعيد) الخدري(6/161)
8781 - (من صام يوم عرفة غفر الله له سنتين سنة أمامه وسنة خلفه) وفي رواية لمسلم يكفر السنة التي قبله أي التي هو فيها والسنة التي بعده أي التي بعدها أي الذنوب الصادرة في العامين. قال النووي: والمراد غير الكبائر وقال البلقيني: الناس أقسام: منهم من لا صغائر له ولا كبائر فصوم عرفة له رفع درجات ومن له صغائر فقط بلا إصرار فهو مكفر له باجتناب الكبائر ومن له صغائر مع الإصرار فهي التي تكفر بالعمل الصالح كصلاة وصوم ومن له كبائر وصغائر فالمكفر له بالعمل الصالح الصغائر فقط ومن له كبائر فقط يكفر عنه بقدر ما كان يكفر من الصغائر
(هـ عن قتادة بن النعمان) رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام بن عمار وفيه مقال سلف وعياض بن عبد الله قال في الكاشف: قال أبو حاتم: ليس بقوي(6/162)
8782 - (من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون حسنة) ومن ثم ذهب جمع إلى أن أفضل الصيام بعد رمضان المحرم وخصه بالذكر لأنه أول السنة فمن عظمه بالصوم الذي هو من أعظم الطاعات جوزي بإجزال الثواب ولا تعارض بين قوله ثلاثون حسنة وبين آية {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} لأن الآية مبينة لأقل رتب الثواب ولا حد لأكثره كما يفهمه {ليلة القدر خير من ألف شهر}
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي(6/162)
8783 - (من صام يوما تطوعا لم يطلع عليه أحد) من الناس (لم يرض الله له بثواب دون الجنة) أي دخولها بغير عذاب أو مع السابقين الأولين والظاهر أنه لو أخفاه جهده فاطلع عليه غيره اضطرارا لا اختيارا منه أنه لا يضر في حصول الجزاء المذكور لأن المقصود بالجزاء من صام لوجه الله من غير شوب رياء بوجهه وذلك حاصل
(خط عن سهل بن سعد) وفيه عصام بن الوضاح قال الذهبي: له مناكير قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به(6/162)
8784 - (من صام الأبد) أي سرد الصوم دائما (فلا صام ولا أفطر) قال الزمخشري: لا نافية بمنزلتها في قوله تعالى {فلا صدق ولا صلى} اه وقال النووي: هذا دعاء عليه أو إخبار بأنه كالذي لم يفعل شيئا لأنه اعتاد ذلك لم يجد رياضة ولا مشقة يتعلق بها مزيد ثواب فكأنه لم يصم اه. ونوزع في الأول بأن الدعاء إنما يكون في مقابلة فعل منكر أو قبيح ولا كذلك صوم الدهر من حيث إنه صوم فلا يحسن الدعاء عليه وفي الثاني بمنع عدم حصول المشقة لأن الصوم ليس كالفطر فلا يخلو عن مشقة غايته أن فطر يوم وصوم يوم أشق فالأولى أن يقال معناه أن صومه وفطره سواء لا ثواب ولا عقاب فلا ينبغي فعله وزعم أن هذا فيمن لم يفطر الأيام المبينة رده ابن القيم بأنه ذكر ذلك جوابا لمن قال أرأيت من صام الدهر ولا يقال في جواب من صام حراما لا صام ولا أفطر فإن ذا مؤذن بأن فطره وصومه سواء كما تقرر ولا كذلك من صام الحرام فصوم يوم وفطر يوم أفضل
(حم ن هـ ك) في الصوم (عن عبد الله بن الشخير) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي(6/162)
8785 - (من صام ثلاثة أيام من شهر حرام: الخميس والجمعة والسبت) بين الثلاثة أيام بقوله الخميس والجمعة والسبت ولم [ص:163] يبين شهر حرام وقد قيل يحتمل أنه ليعمه كما بين في تفسير قوله {الشهر الحرام} ووجه كتابة سنتين أن صوم الثلاثة أيام يمنزلة عبادة سنة وكونها من شهر حرام بمنزلة عبادة سنة (كتب له عبادة سنتين) وظاهر الحديث حصول هذا الثواب الموعود وإن لم يداوم وفضل الله واسع
(طس) من حديث يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: ويعقوب مجهول ومسلمة إن كان الخشني فهو ضعيف وإن كان غيره فلم أعرفه(6/162)
8786 - (من صام يوما لم يخرقه كتب له عشر حسنات) لأن صومه حسنة والحسنة تضاعف بالعشر والمراد كما في الإتحاف لم يخرقه بما نهى الصائم عنه وقال بعض موالي الروم: ضمير الفاعل فيه عائد إلى الصوم ويحتمل عوده إلى اليوم الذي صام فيه وكيفما كان فمعناه أنه لم يصدر منه شيء من المنكرات في ذلك اليوم وإلا أحبط ثوابه فلا يكتب له شيء وفي قوله لم يخرقه استعارة تعرف بالتأمل
(د حم) وكذا الطبراني في الأوسط (عن البراء) بن عازب وفيه خباب الكلبي مدلس ذكره الهيثمي(6/163)
8787 - (من صبر على القوت الشديد) أي المعيشة الضيقة والفقر المدقع (صبرا جميلا) أي من غير تضجر ولا شكوى بل رضاء بالقضاء والقدر امتثالا لقوله تعالى {إن الله مع الصابرين} (أسكنه الله من الفردوس حيث شاء) مكافأة له على صبره على الضيق والضنك في الدنيا والفردوس أعلى درجات الجنة وأصله البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال بعض موالي الروم: والظاهر أن إضافة الجنة إلى الفردوس أي الواقع في بعض الروايات من إضافة العام إلى الخاص كشجر أراك وعلم الفقه ويوم الأحد وقيل من قبيل الإضافة البيانية
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) بن حبان في الثواب (عن البراء) بن عازب وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال الذهبي: ضعفوه وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في الديباجة مع أن الطبراني خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور قال الهيثمي: وفيه إسماعيل البجلي ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح(6/163)
8788 - (من صدع رأسه) أي حصل له وجع في رأسه والصداع وجع الرأس ويقال هو وجع أحد شقي الرأس والمتبادر من الحديث الأول لكن يكون من قبيل التجريد كقوله {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا} الآية (في سبيل الله) أي في الجهاد أو الحج أو نحو ذلك (فاحتسب) أي طلب بذلك الثواب من عند الله (غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب) مكافأة له على ما قاساه من مشقة السفر والغربة ومشقة الوجع ويؤخذ منه أنه نبه بالصداع على غيره من الأمراض لا سيما إن كان أشق والظاهر أن المراد الصغائر
(طب) وكذا البزار (عن ابن عمرو) بن العاص قال المنذري والهيثمي: سنده حسن(6/163)
8789 - (من صرع عن دابته) في سبيل الله فمات (فهو شهيد) أي من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال وعلى ذلك ترجم البخاري باب فضل من صرع في سبيل الله فمات فهو منهم أي من المجاهدين فلما كان الحديث ليس على شرطه أشار إليه بالترجمة وفي الباب ما رواه أبو داود والحاكم والطبراني عن أبي مالك الأشعري مرفوعا ومن وقصه فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء الله فهو شهيد والصرع كما في القاموس وغيره الطرح [ص:164] على الأرض وعلة معروفة تمنع الأعضاء النفيسة عن أفعالها منعا غير تام وسببه شدة تعرض في بعض بطون الدماغ أو في بعض مجاري الأعضاء من خلط غليظ أو لزج فيمنع الروح عن السلوك فيها سلوكا طبيعيا فتتشنج الأعضاء والمراد بالحديث السقوط عن الدابة حال قتال الكفار بسببه على أي وجه كان إما بطرح الدابة له أبو بعروض تلك العلة في تلك الحالة عروضا ناشئا عن القتال كأن أورثه شدة الانفعال
(طب عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي: رجاله ثقات وقال ابن حجر: إسناده حسن(6/163)
8790 - (من صلى الصبح) في رواية مسلم في جماعة وهي مقيدة للإطلاق (فهو في ذمة الله) بكسر الذال عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى (فلا يتبعنكم الله) ولفظ رواية مسلم فلا يطلبنكم الله وفي رواية الترمذي فلا تخفروا الله (بشيء من ذمته) قال ابن العربي: هذا إشارة إلى أن الحفظ غير مستحيل بقصد المؤذي إليه لكن الباري سيأخذ حقه منه في إخفار ذمته فهو إخبار عن إيقاع الجزاء لا عن وقوع الحفظ من الأذى وقال البيضاوي: ظاهره النهي عن مطالبته إياهم بشيء من عهده لكن المراد نهيهم عن التعرض لما يوجب المطالبة في نقض العهد واختفار الذمة لا على نفس المطالبة قال: ويحتمل أن المراد بالذمة الصلاة المقتضية للأمان فالمعنى لا تتركوا صلاة الصبح ولا تتهاونوا في شأنها فينتقض العهد الذي بينكم وبين ربكم فيطلبكم الله به ومن طلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه أدركه ومن أدركه كبه على وجهه في النار وذلك لأن صلاة الصبح فيها كلفة وتثاقل فأداؤها مظنة إخلاص المصلي والمخلص في أمان الله وقال الطيبي: قوله لا يطلبنكم أو لا يتبعنكم فيه مبالغات لأن الأصل لا تخفروا ذمته فجيء بالنهي كما ترى وصرح به بضمير الله ووضع المنهي الذي هو مسبب موضع التعرض الذي هو سبب فيه ثم أعاد الطلب وكرر الذمة ورتب عليه الوعيد والمعنى أن من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا تتعرضوا له بشيء ولو يسيرا فإنكم إن تعرضتم يدرككم ولن تفوتوه فيحيط بكم من جوانبكم والضمير في ذمته يعود لله لا إلى من تعرضتم
(ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في الصلاة باللفظ المزبور وزاد ما سمعته(6/164)
8791 - (من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح) أي فليتمها بأن يأتي بركعة أخرى وتكون أداء فلا دلالة فيه على قول أبي حنيفة إن طلوع الشمس في صلاة الصبح مفسد لها وتوجيه الحديث على ما قيل النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة خلاف الظاهر على أن بعضهم نازع في نسبة ذلك إليه وخص الصبح لا لاختصاصها بهذا الحكم بل لأن ذلك يغلب فيها لغلبة النوم
(ك) في الصلاة من حديث أبي النضر أحمد بن عتيق المروزي (عن أبي هريرة) ثم قال: على شرطهما إن كان ابن عتيق حفظه وهو ثقة ورواه الدارقطني بهذا اللفظ من حديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة وقال: أبو نهيك وثقه النسائي وغيره وقال أبو حاتم: لا يحتج به(6/164)
8792 - (من صلى البردين) بفتح الموحدة وسكون الراء صلاة الفجر والعصر لأنهما في بردي النهار أي طرفيه والمراد أداؤهما وقت الاختيار (دخل الجنة) مفهومه أن من لم يصلهما لا يدخلها وهو محمول على المستحل أو أراد دخولها ابتداء من غير عذاب وعبر بالماضي عن المضارع لمزيد التأكيد بجعل متحقق الوقوع كالواقع وخصهما لزيادة شرفهما أو لأنهما مشهودتان تشهدهما ملائكة الليل والنهار أو لكونهما ثقيلتان مشقتان على النفوس لكونهما وقت التشاغل والتثاقل ومن راعاهما راعى غيرهما بالأولى ومن حافظ عليهما فهو على غيرهما أشد محافظة وما عسى يقع منه تفريط [ص:165] فبالحرى أن يقع مكفرا فيغفر له ويدخل الجنة ذكره القاضي وهكذا كله بناء على أن من شرطية وقوله دخل الجنة جواب الشرط وذهب الفراء إلى أنها موصولة والمراد الذين يصلوهما أول ما فرضت الصلاة ثم ماتوا قبل فرض الخمس لأنها فرضت أولا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ثم فرضت الخمس فهو خبر عن ناس مخصوصين وهذا غريب
(م عن أبي موسى) الأشعري قضيته أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول فقد عزاه الديلمي للشيخين معا في الصلاة(6/164)
8793 - (من صلى الفجر) أي صلاة الفجر بإخلاص وفي رواية صلاة الصبح (فهو في ذمة الله) أي في أمانته وخص الصبح لأن فيها كلفة لا يواظبها إلا خالص الإيمان فيستحق الأمان (وحسابه على الله) أي فيما يخفيه وهو تشبيه أي كالواجب عليه في تحقق وقوع محاسبته على ما يخفيه من رياء أو غيره فيثيب المخلص ويجازي المسيء بعدله أو يعفو عنه بفضله وزعم أن المراد حسابه على الله فيما يفرط منه من الذنوب في غير الصلاة فإنه وإن حفظ من المحن ذلك اليوم بصلاته إياها لكنه إذا فرط منه ذنب آخر قد يؤاخذ به في الآخرة لا يخفى ما فيه من التكلف وقول بعض موالي الروم معناه أنه لا يعرف قدر ثوابه إلا الله بعيد
(طب عن والد أبي مالك الأشجعي) قال الهيثمي: فيه الهيثم بن يمان ضعفه الأزدي وبقية رجاله رجال الصحيح اه ورواه مسلم بلفظ من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشي من ذمة فإنه من يطلبه من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم(6/165)
8794 - (من صلى الغداة) أي الصبح مخلصا (كان في ذمة الله حتى يمسي) أي يدخل في المساء قال بعضهم: والظاهر أن القيد معتبر في الحديث الذي قبله وما كان من قبيله وأفاد الحديث التهديد الأبلغ والوعيد الأشد على إخفار ذمة الملك القهار والتحذير من إيذاء من صلى الغداة وفي رواية لأبي داود من صلى الفجر ثم قعد بذكر الله حتى تطلع الشمس وجبت له الجنة
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب(6/165)
8795 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم (فكأنما قام نصف الليل) أي اشتغل بالعبادة إلى نصف الليل (ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) نزل صلاة كل من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه ولا يلزم منه أن يبلغ ثوابه ثواب من قام الليل كله لأن هذا تشبيه في مطلق مقدار الثواب ولا يلزم من تشبيه الشيء بالشيء أخذه بجميع أحكامه ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة منفعة في قيام الليل غير التعب ذكره البيضاوي. وقال الطيبي: لم يرد بقوله فكأنما صلى الليل كله ولم يقل قام ليشاكل قوله صلى الصبح
(حم م) في الصلاة من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة (عن عثمان) بن عفان قال عبد الرحمن: دخل عثمان المسجد بعد صلاة المغرب فقعد وحده فقعدت إليه فقال: يا ابن أخي سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره وظاهره أنه من تفردات مسلم عن صاحبه وعن بقية الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود والترمذي عن عثمان أيضا نعم هو مما تفرد به عن البخاري(6/165)
8796 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم أي ثم صلى الصبح في جماعة كما قيد به في روايات أخر (فقد أخذ بحظه من ليلة القدر) أخذ به الشافعي فقال في القديم: من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها قال أبو زرعة: ولا يعرف له في الجديد ما يخالفه وفي المجموع ما نص عليه في القديم ولم يتعرض له في الحديث بموافقة ولا مخالفة فهو [ص:166] مذهبه بلا خلاف
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: فيه مسلمة بن علي وهو ضعيف وذكره مالك في الموطأ بلاغا عن سعيد بن المسيب اه. وقال الهيثمي: فيه مسلمة وهو ضعيف ورواه الخطيب في التاريخ من حديث أنس بلفظ من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر(6/165)
8797 - (من صلى في اليوم والليلة) وفي رواية في كل يوم وليلة (اثنتي عشرة ركعة) في رواية مسلم سجد بدل ركعة (تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة) ذكر اليوم دون الليلة وأن السنن الرواتب فيهما كما بينه خبر مسلم لأن ذلك كان معلوما عندهم والمراد الحث على المداومة أو لأن أكثر الصلاة في اليوم وفيه رد على مالك في قوله لا راتبة لغير الفجر وهذا الحديث له تنمة عند الترمذي عن أم حبيبة وهي بعد قوله في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر
(حم م د ن هـ عن أم حبيبة) قالت: فما تركتهن منذ سمعتهن وصحح الحاكم إسناده ولم يخرجه البخاري(6/166)
8798 - (من صلى قبل الظهر أربعا غفر له ذنوبه يومه ذلك) يعني الصغائر كما مر والأربع قبيل الظهر من السنن الرواتب لكن المؤكد منها ثنتان والأفضل أن يصلي الأربع بتسليمتين عند الشافعية وبتسليمة واحدة عند الحنفية وفيه الصلاة الواحدة قد يرجى منها غفران ذنوب كثيرة وأن الثواب من فضله تعالى وكرمه إذ لا يستحق العبد بأربع ركعات غفران عدد ذنوب ولو كان على حكم الجزاء وتقدير الثواب بالفعل كانت الصلاة الواردة تكفر سيئة واحدة كما مر
(خط) في ترجمة أبي سليمان الداراني من حديثه وماله غيره (عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عمر بن الفضل قال الذهبي: متهم بالكذب(6/166)
8799 - (من صلى قبل الظهر أربعا كان له) من الأجر (كعدل رقبة) أي مثل عتق نسمة (من بني إسماعيل) خصه لشرفه ولكونه أبا العرب ولمناسبته لعتقه في القصة المعروفة بناء على أنه الذبيح فأفاد أن للفرائض رواتب وهو رأي الجمهور وقال مالك: لا رواتب ولا توقيت لما عدا ركعتي الفجر
(طب عن رجل) من الأنصار رمز لحسنه قال الهيثمي: وفيه عمرو الأنصاري والرجل الأنصاري لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات(6/166)
8800 - (من صلى الضحى أربعا وقبل الأولى أربعا بنى له بيت في الجنة) وفي رواية بنى الله له بيتا في الجنة والظاهر أن المراد بقوله وقبل الأولى الظهر فإنها أول الصلوات المفروضة في ليلة الإسراء وهي أول الفرائض المفعولة في الضحى والضحى كما يراد به صدر النهار يراد به النهار كما في قوله تعالى {أن يأتيهم بأسنا ضحى} في مقابلة قوله {بياتا} وفيه ندب صلاة الضحى وهو المذهب المنصور وزعم أنها بدعة مؤول قال الحافظ العراقي: وقد اشتهر بين العوام أن من صلاها ثم قطعها عمي فتركها كثير خوفا من ذلك ولا أصل له
(طس عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الهيثمي في موضع: فيه جماعة لم أجد من ترجمهم وفي موضع: فيه جماعة لا يعرفون(6/166)
8801 - (من صلى قبل العصر أربعا) من الركعات (حرمه الله على النار) هذا لفظ الطبراني في الكبير ولفظه في الأوسط [ص:167] لم تمسه النار وإلى ندب أربع قبل العصر ذهب الشافعي لكنها عنده غير مؤكدة وخالف الحنفية وأولوا الحديث بأنه ليس لبيان سنة العصر بل لمجرد بيان أن من صلى قبله أربعا تطوعا حرم على النار
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال: جئت ورسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر فأدركته في آخر الحديث ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى إلخ فقلت: هذا حديث جيد فقال عمر بن الخطاب: ما فاتك من صدر الحديث أجود قلت: فهات حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وعزاه أعني الهيثمي في موضع آخر إلى أوسط الطبراني وقال: فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه(6/166)
8802 - (من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم) أي بشيء من أمور الدنيا ويحتمل الاطلاق (كتبتا) بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة بإذن ربهم وفي رواية رفعتا له (في عليين) علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء النقلين سمي به لأنه سبب الارتفاع إلى أعلى الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يكون الكروبيون والمغرب في الأصل اسم زمان مفعل من الغروب وتسمى صلاة المغرب صلاة الشاهد لطلوع نجم حينئذ يسمى الشاهد نسبت إليه وما قيل إنه لاستواء الشاهد والحاضر والمسافر في عددها فضعيف إذ الصبح لا تقصر ولا تسمى كذلك
(عب عن مكحول مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ورواه في مسند الفردوس مسندا عن ابن عباس بلفظ من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى قال الحافظ العراقي: وسنده ضعيف(6/167)
8803 - (من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة) قال البيضاوي: إن قلت كيف تعدل العبادة القليلة الكثيرة فإنه تضييع لما زاد من العمل الصالح وقد قال تعالى {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} قلت: الفعلان إذا اختلفا نوعا فلا إشكال إذ القدر اليسير من جنس قد يزيد في القيمة والبدل على ما يزيد مقداره ألف مرة وأكثر من جنس آخر وإن اتفقا فلعل القليل يكتسب بمقارنة ما يخصه من الأوقات والأحوال ما يرجحه عللا أمثاله ثم إن من العبادات يتضاعف ثوابها عشرة أضعاف على مراتب العبادات كما قال عليه الصلاة والسلام الصدقة بعشر أمثالها والقرض بسبعين فلعل القليل في هذا الوقت والحال بسببها يضاعف أكثر ما يضاعف الكثير في غيرهما فيعادل المجموع المجموع ويحتمل أن المراد أن ثواب القليل مضعفا يعادل ثواب الكثير غير مضعف وهذا الكلام سؤالا وجوابا يجري في جميع نظائره اه. وقال الطيبي: هذا وأمثاله من باب الحث والترغيب فيجوز أن يفضل ما لا يعرف فضله على ما يعرف وإن كان أفضل حثا وتحريضا
(ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الترمذي: غريب ضعيف اه. وذلك لأن فيه عمر بن أبي خثعم قال البخاري: منكر الحديث وضعفه جدا وقال ابن حبان: لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح بضع الحديث على الثقات(6/167)
8804 - (من صلى ما بين المغرب والعشاء فإنها) في رواية فإن ذلك (صلاة) في رواية من صلاة (الأوابين) ثم تلى قوله تعالى {إنه كان للأوابين غفورا} قال الزمخشري: هم التوابون الرجاعون عن المعاصي والأوب والتوب والثوب أخوات والقصد والإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين وهي ناشئة الليل وهي تذهب بملاغات النهار وتهذب آخره قال [ص:168] الغزالي: وإحياء ما بين العشاءين سنة مؤكدة لها فضل عظيم وقيل إنه المراد بقوله سبحانه وتعالى {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} وفي الكشاف عن علي بن الحسين أنه كان يصلي بينهما ويقول أما سمعتم قوله تعالى {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ} ولم يبين عدة صلاة الأوابين تنبيها على الإكثار من الصلاة بينهما زيادة على سنة المغرب والعشاء قال بعض موالي الروم: والظاهر أن خبر من في الحديث محذوف تقديره من صلى ما بين المغرب والعشاء يكون في زمرة الأوابين المقبولين عند الله لمشاركتهم إياهم في تلك الصلاة فقوله فإنها صلاة الأوابين أشار إلى أنه علة الحكم المحذوف وقائم مقامه
(ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن محمد بن المنكدر) (مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الرقائق(6/167)
8805 - (من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة) قال المظهر: المفهوم من الحديث أن السنة المذكورة في الحديث المار والعشرين في هذا الحديث هي مع الركعتين الراتبتين وقال ابن الصلاح: فيه ندب صلاة الرغائب لأنه مخصوص بما بين العشاءين فهو يشملها من جهة أن اثنى عشر داخلة في عشرين وما فيها من الأوصاف الزائدة لا يمنع من الدخول في العموم وخالفه ابن عبد السلام
(هـ عن عائشة) ورواه الترمذي عنها مقطوع السند(6/168)
8806 - (من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم) يحتمل الإطلاق ويحتمل أن المراد الكلام السوء أخذ من الخبر المار والحمل على الأعم أتم (غفر له بها ذنوب خمسين سنة) يعني الصغائر الواقعة في هذه المدة ولا تدافع بينه وبين خبر الاثنى عشر السابق لأن ذلك في الكتابة وهذا في المحو وقد ورد في عظم فضل الصلاة بعد المغرب أخبار كثيرة غير ما ذكر منها خبر من صلى بعد المغرب في ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب مرة واحدة وإذا زلزلت خمس عشرة مرة هون الله عليه سكرات الموت وأعاذه من عذاب القبر ويسر له الجواز على الصراط قال ابن حجر: في أماليه سنده ضعيف
(ابن نصر) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن غزوان قال في الميزان: عن أبي زرعة: منكر الحديث وعن ابن حبان: يقلب الأخبار ويرفع الموقوف(6/168)
8807 - (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب) قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي: يحتمل أن يكون الضحى مفعول صلى أي صلاة الضحى وثنتي عشرة تمييز ويحتمل أن يكون مفعول صلى ثنتي عشرة وأن يكون الضحى ظرفا أي من صلى وقت الضحى وتمسك به من جعل الضحى ثنتي عشرة ركعة وهو ما في الروضة كأصلها لكن الأصح عند الشافعية أن أكثرها ثمان ولا خلاف في أن أقلها ركعتان ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان ويتركها في بعض خوف أن يعتقد الناس وجوبها كما ترك المواظبة على التراويح لذلك
(ت هـ) في باب صلاة الضحى (عن أنس) بن مالك وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال: هو من حديث غيره وقال المناوي: ذكر النووي هذا الحديث في الأخبار الضعيفة وقال ابن حجر: سنده ضعيف(6/168)
8808 - (من صلى ركعتين في خلاء لا يراه إلا الله والملائكة كتب له براءة من النار) في الآخرة مما يعذب به المنافق [ص:169] من النار أو يشهد له بأنه غير منافق فإن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وهذا حالة بخلافهم ذكره الطيبي وفيه دليل على شرف الصلاة التي تقع في السر بحيث لا يطلع عليها أحد من الناس وأنها من أرجى الصلاة وأقربها للقبول
(ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد(6/168)
8809 - (من) شرطية والمشروط (صلى) وجزاء الشرط قوله الآتي وهو صلى الله عليه بها عشرا (علي واحدة) زاد البزار في روايته من تلقاء نفسه (صلى الله عليه بها عشرا) أي من دعا لي مرة رحمه الله وأقبل عليه بعطفه عشر مرات والدعاء له بالمغفرة وإن كان تحصيل الحاصل لكن حصول الأمور الجزئية قد يكون مشروطا بشروط من جملتها الدعاء ومن ثم حرض أمته على الدعاء بالوسيلة والمراد برحمة الله له إعطاء الفضل بالدرجات المقدرة له في علمه وذلك لا يتعدد فذكر العشرة للمبالغة في التكثير لا لإرادة عدد محصور وفيه فضل الصلاة عليه وأنه من أجل الأعمال وأشرف الأذكار كيف وفيه موافقة على ما قال عزت قدرته {إن الله وملائكته يصلون على النبي} صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلا أنه يرجى بها شفاعته كما في الخبر الآتي لكان يجب على العاقل أن لا يغفل عن ذلك
(حم م 3) في الصلاة (عن أبي هريرة) واللفظ لمسلم ولم يخرجه البخاري(6/169)
8810 - (من صلى علي) أي طلب لي من الله دوام التعظيم والترقي وقوله (واحدة) للتأكيد (صلى الله عليه بها عشر صلوات) أي رحمه وضاعف أجره بشهادة {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} قال الطيبي: الصلاة من العبد طلب التعظيم والتبجيل لجناب المصطفى ومن الله على العبد إن كان بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ لا المعنى وإن كان بمعنى التعظيم فيكون من الموافقة لفظا ومعنى وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران (وحط عنه عشر خطيئات) جمع خطيئة وهي الذنب (ورفع له عشر درجات) اي رتبا عالية في الجنة وفائدة ذكره وإن كانت الحسنة بعشر أنه سبحانه لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره فكذا جعل جزاء ذكر نبيه ذكر من ذكره ولم يكتف بذلك بل زاده الحط والرفع المذكورين وقال الحرالي: إن صلاة الله على عباده إقباله عليهم بعطفه إخراجا لهم من حال ظلمه إلى رفعة نور {هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور} فصلاته عليهم إخراجهم من ظلمات ما أوقفتهم في حوب تلك الإبتلاءات
<تنبيه> ذكر هنا أن الواحدة بعشرة وفي خبر أحمد عن ابن عمرو من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة قال في الإتحاف: قد اختلف مقدار الثواب في هذه الأحاديث ويجمع بأنه كان يعلم بهذا الثواب شيئا فشيئا فكلما علم بشيء قاله
(حم خد ن) في الصلاة (ك) في الدعاء (عن أنس) بن مالك قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وصححه ابن حبان وقال ابن حجر: رواته ثقات(6/169)
8811 - (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة) أي تدركه فيها شفاعة خاصة غير العامة وفي هذا الحديث وما قبله وبعده دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله وتكفير السيئات ورفع الدرجات والإغاثة بالشفاعة عند شدة الحاجة إليها قال الأبي: وقضية اللفظ حصول الصلاة بأي لفظ كان وإن كان الراجح الصفة الواردة في التشهد وفيه دليل على فضل الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من [ص:170] أفضل الأعمال وأجل الأذكار بموافقة الجبار على ما قال {إن الله وملائكته يصلون على النبي} صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلا رجاء شفاعته لكفى
(طب عن أبي الدرداء) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: وفيه انقطاع وقال الهيثمي: رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد لكن فيه انقطاع لأن خالدا لم يسمع من أبي الدرداء(6/169)
8812 - (من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا) أي بعيدا عني (أبلغته) أي أخبرت به من أحد من الملائكة وذلك لأن لروحه تعلقا بمقر بدنه الشريف وحرام على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فحاله كحال النائم الذي ترقى روحه بحسب قواها إلى ما شاء الله له مما اختص به من بلوغه غاية القدرة له بحسب قدره عند الله في الملكوت الأعلى ولها بالبدن تعلق فلذا أخبر بسماعه صلاة المصلي عليه عند قبره وذا لا ينافيه ما مر في خبر " حيثما كنتم فصلوا علي " من أن معناه لا تتكلفوا المعاودة إلى قبري فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ما ذاك إلا لأن الصلاة في الحضور مشافهة أفضل من الغيبة لكن المنهي عنه هو الاعتياد الرافع للحشمة المخالف لكمال المهابة والإجلال
(هب عن أبي هريرة) قال ابن حجر في الفتح: سنده جيد وهو غير جيد قال البيهقي: رواه في الشعب وفي كتاب حياة الأنبياء من حديث محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي هريرة وضعفه في كتاب حياة الأنبياء بابن مروان هذا وأشار الى أن له شواهد اه. وقال العقيلي: حديث لا أصل له وقال ابن دحية: موضوع تفرد به محمد بن مروان السدي قال: وكان كذابا وأورده ابن الجوزي في الموضوع وفي الميزان: ابن مروان السدي تركوه واتهم بالكذب ثم أورد له هذا الخبر(6/170)
8813 - (من صلى علي صلاة كتب الله له قيراطا) أصله قراط بالتشديد قلب أحد المتجانسين ياء بدليل جمعه على قراريط كدينار ودنانير (والقيراط مثل أحد) أي مثل جبل أحد في عظم القدر وهذا يستلزم دخول الجنة لأن من لا يدخلها لا ثواب له والمراد بالقيراط هنا نصيب من الآجر وهو من مجاز التشبيه شبه المعنى العظيم بالجسم العظيم وخص القيراط بالذكر لأن غالب ما تقع به المعاملة إذ ذاك كان به فالمراد تعظيم الثواب فمثل للعيان بأعظم الجبال خلقا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبا ويمكن كونه حقيقة بأن يجعل الله عمله يوم القيامة جسما قدر أحد ويوزن كذا قرروه وقال ابن العربي: تقدير الأعمال بنسبة الأوزان تقريبا للأفهام وذلك لفقه بليغ وهو أن أصغر القراريط إذا كان من ثلاث حبات فالذرة التي يخرج بها من النار جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءا من حبة من قيراط أكبره أكبر من جبل أحد وهو أكبر من هذا البلد قال: وقراريط الحسنات هذا تقديرها أما قيراط السيئات فهو من ثلاث حبات لا تزيد بل تمحقه الحسنة وتسقطه
(عب عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لحسنه(6/170)
8814 - (من صلى صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحاته حتى تتم) الظاهر أن المراد إذا صلى صلاة مفروضة وأخل بشيء من أبعاضها أو هيئاتها كملت من نوافله حتى تصير صلاة مفروضة مكملة السنن والآداب ويحتمل أن المراد أنه إذا حصل منه خلل في بعض الشروط أو الأركان ولم يعلم به في الدنيا يتمم له من تطوعه ولا مانع من شموله للأمرين فتدير
(طب عن عائذ) بمثناة تحتية ومعجمة (ابن قرظ) شامي روى عنه السكوني وغيره رمز لحسنه قال الهيثمي: رجاله ثقات(6/170)
8815 - (من صلى خلف إمام فليقرأ بفاتحة الكتاب) أي ولا يجزيه قراءة الإمام وهذا مذهب الشافعي وذهب الحنفية إلى أنه تجزيه قراءة إمامه مطلقا تمسكا بخبر " من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة " قال في الفتح: وهو حديث ضعيف [ص:171] عند الحفاظ
(طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه وفيه سعيد بن عبد العزيز قال الذهبي: نكره(6/170)
8816 - (من صلى عليه) وهو ميت (مئة من المسلمين غفر له) ذنوبه ظاهره حتى الكبائر وفي رواية سبعون وفي رواية أربعون وقد مر وجه الجمع
(هـ عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو الشيخ [ابن حبان] وغيره(6/171)
8817 - (من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه) أي لا حرج عليه فإنه جائز وبه أخذ الشافعي والجمهور بل يسن في المسجد عند الشافعي وأما ما وقع في رواية لأبي داود أيضا فلا شيء له فأجيب بأن الذي في نسخه الصحيحة المعتمدة المسموعة فلا شيء عليه وبأنه لو صح حمل على بعض الأجر فيمن صلى عليها في المسجد ولم يشيعها الى المقبرة ويحضر الدفن أو جعل له بمعنى عليه كما في قوله تعالى {وإن أسأتم فلها} جمعا بين الأدلة فقد صح في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على سهل بن بيضاء في المسجد وصلى على سعد بن معاذ في المسجد فمن ثم ذهب الشافعية إلى أن الصلاة عليه في المسجد أفضل عند أمن التلويث وكرهه مالك والحديث يرد عليه قال ابن العربي: ولا إشكال فيه بيد أن مالكا لاحتراسه وحسمه للذرائع منع من ذلك
(د عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وصالح مولى التوؤمة أحد رجاله كذبه مالك وقال ابن حبان: تغير فصار يأتي بأشياء تشبه الموضوعات(6/171)
8818 - (من صلى صلاة فريضة فله) أي عقبها (دعوة مستجابة ومن ختم القرآن) أي قراءة (فله دعوة مستجابة) فإما أن تعجل في الدنيا وإما أن تدخر له في الآخرة أو يعوض بما هو أصلح
(طب عن العرباض) بن سارية قال الهيثمي: فيه عبد الحميد بن سليمان وهو ضعيف(6/171)
8819 - (من صمت) عن النطق بالشر (نجا) من العقاب والعتاب يوم المآب قال الغزالي: هذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وجواهر حكمه ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة قال ابن حجر: الأحاديث الواردة في الصمت وفضله كمن صمت نجا وحديث ابن أبي الدنيا بسند رجاله ثقات أيسر العبادة الصمت لا يعارض حديث ابن عباس الذي جزم بقضيته الشيخ في التنبيه من النهي عن صمت يوم إلى الليل لاختلاف المقاصد في ذلك فالصمت المرغب فيه ترك الكلام الباطل وكذا المباح إن جر إليه والصمت المنهي عنه ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه وكذا المباح المستوي الطرفين
(حم ت) في الزهد (عن ابن عمرو) بن العاص وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة قال النووي في الأذكار بعد ما عزاه للترمذي: إسناده ضعيف وإنما ذكرته لأبينه لكونه مشهورا وقال الزين العراقي: سند الترمذي ضعيف وهو عند الطبراني بسند جيد وقال المنذري: رواة الطبراني ثقات اه. وقال ابن حجر: رواته ثقات(6/171)
[ص:172] 8820 - (من صنع إليه معروف) ببناء صنع للمجهول (فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء (1)) لاعترافه بالتقصير ولعجزه عن جزائه فوض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى قال بعضهم: إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء بالجزاء الأوفى
(ت) في البر (ن) في يوم وليلة (حب عن أسامة) بن يزيد قال الترمذي في جامعه: حسن صحيح غريب وذكر في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال هذا منكر وسعد بن الخمس أي أحد رجاله كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير ومالك ابنه مقارب الحديث
_________
(1) وهذا عند العجز عن مكافأته بالإحسان فإن قدر على مكافأته فالجمع بينهما أفضل من الاقتصار على الدعاء(6/172)
8821 - (من صنع) في رواية من اصطنع (إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته عليها يوم القيامة) فيه من الدلالة على عناية الله ورسوله بهم ما لا يخفى فهنيئا لمن فرج عنهم كربة أو لبى لهم دعوة أو أنالهم طلبة والوقائع الدالة على ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر فمن أراد الوقوف على كثير منها فعليه بتوثيق عرى الإيمان للبارزي ومؤلفات ابن الجوزي
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين وفيه عيسى بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال في الميزان عن الدارقطني: متروك الحديث وعن ابن حبان يروي عن آبائه أشياء موضوعة فمن ذلك هذا وساق عدة أخبار هذا منها ورواه عنه أيضا الجعابي في تاريخ الطالبين وفيه ما فيه(6/172)
8822 - (من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد المطلب) أي ذريته والكلام في المسلمين (في الدنيا فعلي مكافأته إذا لقيني) أي في القيامة يوم الفزع الأكبر ونعم المجازي والمكافئ في محل الاضطرار
(خط) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كامل الفزازي (عن عثمان) بن عفان وفيه عبد الرحمن بن أبي الزياد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه النسائي وقد وثق وأبان بن عثمان متكلم فيه وقال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح ورواه أيضا الطبراني في الأوسط قال الهيثمي: وفيه عبد الرحمن المذكور وهو ضعيف(6/172)
8823 - (من صور صورة) ذات روح (في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ) أي ألزم ذلك وطوقه ولا يقدر عليه فهو كناية عن دوام تعذيبه واستفيد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا كما جاز في الآخرة لكن ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال بل تعذيبه على كل حال وإظهار عجزه عما تعاطاه مبالغة في توبيخه وإظهارا لقبح فعله ذكره القرطبي وهذا وعيد شديد يفيد أن التصوير كبيرة وتمسك بعضهم بهذا الخبر على أنه أغلظ من القتل لأن وعيده ينقطع بحمل قوله تعالى {خالدا فيها} على الأمد الطويل وهنا لا يستقيم أن يقال يعذب زمنا طويلا ثم يخلص لكونه مغيا بما لا يمكن وهو نفخ الروح فيها المستحيل حصوله ولهذا ذهب المعتزلة إلى تخليده في النار وأهل السنة على خلافه وحملوا الخبر على من يكفر بالتصوير كمن يصور صنما ليعبد أو يقصد مضاهاة خلق الله وأما من لم يكفر به في حقه خرج مخرج الروع والتهويل فهو متروك الظاهر وفيه أن أفعال العباد مخلوقة لله للحوق الوعيد لمن تشبه بالخالق [ص:173] فكيف يقال إن الله خالق حقيقة واعترض بأن الوعيد على خلق الجواهر لا الأفعال والمعتزلة لم تقل بخلق الجواهر لغير الله وأجيب بأن الوعيد لاحق بالشكل والهيئة وذلك غير جوهر واعترض بأنه لو كان كذا كان تصوير غير ذي روح كذا ومنع بأن ذا رخص فيه بأثر ورد فيه نعم الاستدلال بذلك غير مرضي من جهة أخرى وهو أن المسألة قطعية والدليل من الآحاد
(حم ق ن) من حديث النضر بن أنس (عن ابن عباس) قال: كنت جالسا عند ابن عباس فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سأله رجل فقال: إني أصور هذه الصورة قال له ابن عباس: ادن فدنا فقال ابن عباس: سمعته يقول فذكره(6/172)
8724 - (من ضار) بشد الراء أي أوصل ضررا إلى مسلم بغير حق (ضار الله به) أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في العقبى (ومن شاق) بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو غيرها (شق الله عليه) أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة على نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته
(حم 4 عن أبي صرمة) بصاد مهملة مكسورة وراء ساكنة مالك بن قيس ويقال ابن أبي قيس ويقال قيس بن مالك أنصاري بخاري شهد بدرا وما بعدها وكان شاعرا مجيدا رمز لحسنه قال الترمذي: غريب قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه لؤلؤة وهو لا يعرف إلا فيه قال ابن القطان: وعندي أنه ضعيف ثم أطال في بيانه(6/173)
8825 - (من ضحى) أضحية (طيبة بها نفسه) أي من غير كراهة ولا تبرم بالإنفاق (محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار) أي حائلا بينه وبين دخول نار جهنم
(طب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي: فيه سليمان بن عمر النخعي وهو كذاب اه. فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب(6/173)
8826 - (من ضحى قبل الصلاة) أي ذبح أضحيته قبل صلاة العيد (فإنما ذبح لنفسه) ولم يضح وفي رواية فإنما هو لحم قدمه لأهله (ومن ذبح بعد الصلاة) للعيد (فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) وهي التضحية
(ق عن البراء)(6/173)
8827 - (من ضحك في الصلاة) زاد في رواية قهقه (فليعد الوضوء) لبطلانه بالقهقهة وبه أخذ أبو حنيفة ومر أن مذهب الشافعي عدم النقض به (و) ليعد (الصلاة) لبطلانها بذلك أي بالاتفاق إن ظهر منه حرفان أو حرف مفهم
(خط) من حديث عبد العزيز بن حصين عن عبد الكريم أبي أمية عن الحسن (عن أبي هريرة) وعبد الكريم تالف قال أحمد: ليس في الضحك حديث صحيح اه. ورواه الدارقطني من عدة وجوه بعدة أسانيد كلها ساقطة(6/173)
8828 - (من ضرب غلاما) أي عبدا يعني قنا ذكرا كان أم أنثى (له حدا لم يأته) أي لم يأت بموجب ذلك الحد ولم يكن ذلك لمصلحته كتأديب وتعليم قال الطيبي: جملة لم يأته صفة حدا والضمير المنصوب راجع إليه أي لم يأت موجبه فحذف المضاف (أو لطمه) أي ضربه على وجهه بغير جناية منه واللطم الضرب على الوجه ببطن الطف (فإن) ذلك ذنب منه وإن (كفارته) أي ستره يوم القيامة وغفره أن (يعتقه) فإن لم يفعل عوقب به في العقبى بقدر ما اعتدى به عليه [ص:174] أما في أحكام الدنيا فلا يلزمه عتقه ولا يعاقب لأجله لكونه ملكه هذا مذهب الأئمة الثلاثة وقال مالك: إن ضربه ضربا مبرحا أو مثل به لزمه عتقه ويؤدب فإن لم يعتقه صار حرا
(م) في النذر (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري(6/173)
8829 - (من ضرب مملوكه) حال كون السيد (ظالما) له في ضربه إياه وفي أصول صحيحة ظلما بدل ظالما (أقيد) وفي رواية اقتص (منه يوم القيامة) ولا يلزمه في أحكام الدنيا شيء من قود أو عقل أو حد أو غيرها لتصرفه في ملكه
(طب) وكذا البزار (عن عمار) بن ياسر قال الهيثمي كالمنذري: رجاله ثقات ومن ثم رمز لحسنه(6/174)
8830 - (من ضرب بسوط) وفي رواية من ضرب سوطا (ظلما اقتص منه يوم القيامة) وإن كان المضروب عبده
(خد هق) وكذا البزار والطبراني (عن أبي هريرة) قال الهيثمي كالمنذري: إسناده حسن اه. وفيه عبد الله بن شقيق العقيلي قال في الميزان: ثقة لكن فيه نصب وقال يحيى: قال التيمي: سيء الرأي فيه(6/174)
8831 - (من ضم يتيما له أو لغيره) أي تكفل بمؤونته وما يحتاجه (حتى يغنيه الله عنه وجبت له الجنة) زاد في رواية ألبتة وهو نصب على المصدر والمراد به القطع بالشيء والمراد أنه لا بد له من الجنة وإن تقدم عذاب لأن المراد أنه يدخلها بلا عذاب ألبتة
(طس عن عدي بن حاتم) قال الهيثمي: فيه المسيب بن شريك وهو متروك اه. فرمز المصنف لحسنه غير لائق وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في إيثاره هذا الطريق واقتصاره عليه مع وجود أمثل منه ففي الباب خبر أحمد والطبراني عن عمرو بن مالك القشيري يرفعه " من ضم يتيما من بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة " قال الهيثمي: فيه علي بن زيد وهو حسن الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح وخبرهما أيضا عن زرارة مرفوعا " من ضم يتيما بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة البتة " قال الهيثمي: حسن الإسناد(6/174)
8832 - (من ضن بالمال أن ينفقه) في وجوه البر (وبالليل أن يكابده فعليه بسبحان الله وبحمده) أي فليلزم قول سبحان الله وبحمده قال في الفردوس: يقال ضن بالشيء إذا بخل به فهو ضنين وهذا علق مضنة أي هو نفيس يضن به والمكابدة تحمل الضيق لصلاة الليل والشدة في طلب المعيشة
(أبو نعيم في) كتاب المعرفة (عن عبد الله بن حبيب) قال الذهبي في الصحابة: مجهول عن عبيد الله بن عمير وفي التقريب: عبد الله بن حبيب بن ربيعة بن عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرىء مشهور بكنيته ولأبيه صحبة وفيه عبيد الله بن سعيد بن كثير قال الذهبي: فيه ضعف عن أبيه سعيد قال السعدي: فيه غير لون من البدع وكان مختلطا غير ثقة قال الذهبي: وهذا مجازفة(6/174)
8833 - (من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا) في الجهاد (فلا جهاد له (1)) أي كاملا أو لا أجر له في جهاده
(حم [ص:175] د عن معاذ بن أنس) الجهني عن أبيه قال: غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم غزوة فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق فبعث مناديا ينادي بذلك رمز لحسنه وفيه عند أحمد إسماعيل بن عياش
_________
(1) وكذا من ضيق طريق الحاج والمسجد والجامع وفيه دليل على أنه يستحب للإمام إذا رأى بعض الناس فعل شيئا مما تقدم أن يبعث مناديا ينادي بإزالة ما تضرر به الناس ويتأذون به وهذا لا يختص بالجهاد بل أمير الحاج كذلك وكذا الأمير الحاكم في المدينة ومن يتكلم في الحسبة ونحو ذلك(6/174)
8834 - (من طاف بالبيت) الكعبة (سبعا) أي سبعة أشواط (وصلى ركعتين كان كعتق رقبة) وفي رواية أبي نعيم بدله كعدل رقبة يعتقها
(هـ) في الحج (عن ابن عمر) بن الخطاب. قال ابن الجوزي: حديث لا يصح ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه بلفظ من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة(6/175)
8835 - (من طاف بالبيت خمسين مرة) قيل أراد بالمرة الشوط ورد وقيل أراد خمسين أسبوعا (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) والمراد أن الخمسين توجد في صحيفته ولو في عمره كله لا أنه يأتي بها متوالية
(ت عن ابن عباس) ثم استغربه قال ابن الجوزي: فيه يحيى بن اليمان قال أحمد: ليس بحجة وابن المديني: تغير حفظه وأبو داود: يخطىء في الأحاديث ويقلبها وفيه شريك قال يحيى: ما زال مخلطا(6/175)
8836 - (من طلب) أي سأل من الله (الشهادة) أي أن يموت شهيدا حال كونه (صادقا) أي مخلصا في طلبه إياها (أعطيها) بالبناء للمفعول أي أجر الشهادة بأن يبلغه الله منازل الشهداء كما فسره بذلك في رواية أخرى (ولو لم تصبه) الشهادة بأن مات على فراشه وذلك أمر لا يطلع عليه إلا الله أو من أطلعه الله عليه وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه أو ما قبله جواب. قال عياض: هذا يدل على أن من نوى شيئا من أفعال الخير ولم يفعله لعذر يكون بمنزلة من عمله ويدل على ندب سؤال الشهادة ونية الخير لا يقال سؤالها ملزوم لتمني لقاء العدو المنهي عنه لأنه لا يتعين في سؤالها كونه على وجه يلزم منه ذلك بل يمكنه أن يقول اللهم إن قضيت بحضوري لقاء العدو فهب لي الشهادة أو ما في معنى ذلك
(حم عن أنس) بن مالك(6/175)
8837 - (من طلب العلم) الشرعي النافع (كان كفارة لما مضى) من الذنوب. قال الحرالي: وإذا كان هذا فيمن طلب فكيف بمن يفيده العامة والخاصة إذ هو أولى وأحق
(ت) في العلم (عن سخبرة) بسين مهملة مفتوحة وخاء معجمة ساكنة وموحدة تحتية مفتوحة وراء بعدها تاء التأنيث وهو الأزدي أو الأسدي في صحبته خلف قال مخرجه الترمذي: ضعيف الإسناد اه وفيه نفيع وهو أبو داود الأعمى قال أبو داود: ضعيف جدا وقال الذهبي: تركوه وكان يترفض ورواه الطبراني في الكبير قال الهيثمي: وفيه أبو داود الأعمى كذاب(6/175)
8838 - (من طلب العلم تكفل الله له برزقه) تكفلا خاصا بأن يسوقه من حيث لا يحتسب فينبغي لطالبه أن يتوكل على ربه ويقنع من القوت بما تيسر ومن اللباس بما ستر قال الشافعي: لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس قيل: ولا غني مكفي قال: ولا غني مكفي. وقال مالك: من لم يرض بالفقر لم يبلغ من العلم ما يريد وقال أبو حنيفة: يستعان عليه بجمع الهم وخوف العلائق
(خط) في ترجمة محمد بن القاسم السمسار (عن زياد بن الحارث الصدائي) بضم الصاد وفتح الدال المهملتين نسبة إلى صداء قبيلة من اليمن وفيه يونس بن عطاء أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به(6/175)
[ص:176] 8839 - (من طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع) قال في الفردوس: ويروى من خرج في طلب العلم إلخ. قال الغزالي: وهذا وما قبله وما بعده في العلم النافع وهو الذي يزيد في الخوف من الله وينقص من الرغبة في الدنيا وكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة فالجهل أعود عليك فيه فاستعذ بالله من علم لا ينفع
(حل عن أنس) بن مالك وفيه خالد بن يزيد مضعف(6/176)
8840 - (من طلب العلم ليجاري به العلماء) أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه رياء وسمعة (أو ليماري به السفهاء) أي يحاججهم ويجادلهم مباهاة وفخرا قال القاضي: المجاراة المفاخرة من الجري لأن كلا من المتفاخرين يجري مجرى الآخر والمباراة المحاجة والمجادلة من المرية وهو الشك فإن كلا منهما يشك فيما يقوله صاحبه أو يشككه بما يورده على حجته أو من المرىء وهو مسح الحالب الضرع ليستنزل منه اللبن فإن كلا من المتناظرين يستخرج ما عند صاحبه والسفهاء الجهال فإن عقولهم ناقصة مرجوحة بالإضافة إلى عقول العلماء (أو يصرف به وجوه الناس إليه) أي يطلب العلم بنية تحصيل المال والجاه وصرف وجوه العامة (أدخله الله النار) أي نار جهنم جزاءا بما عمل قال في العوارف: إنما كان المراء وما معه سببا لدخولها لظهور نفوسهم في طلب القهر والغلبة وهما من صفات الشيطنة قال حجة الإسلام: روي عن معاذ أن من العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن يوجد عند غيره فذاك في الدرك الأول من النار ومن يكون في علمه كالسلطان إن رد عليه غضب فذاك في الثاني ومن يجعل علمه وغرائب حديثه لأهل الشرف والمال فهو في الثالث ومن ينصب نفسه للفتيا فيفتي بالخطأ ففي الرابع ومن يتكلم بكلام أهل الكتاب ففي الخامس ومن يتخذ علمه نبلا وذكرا في الناس ففي السادس ومن يستفزه الزهو والعجب فإن وعظ عنف وأنف فذاك في السابع وفي الخبر " إن العبد ينشر له لواء من الثناء ما بين المشرق والمغرب وما يزن عند الله جناح بعوضة "
(ت) في العلم (عن كعب بن مالك) عن أبيه يرفعه رمز المصنف لحسنه وقال: غريب وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال الذهبي في الكبائر: واه وقال غيره: متكلم فيه من قبل حفظه وقال في اللسان: عن العقيلي في الباب عن جمع من الصحب كلها لينة الأسانيد قال: وقال العلائي: هذه الأحاديث بواطيل وقال في المهذب: عن الدارقطني إسحاق متروك(6/176)
8841 - (من طلب البدعة ألزمناه بدعته) الذي وقفت عليه في نسخ من هذا الجامع طلب بالباء والذي رأيته في أصول صحيحة من سنن البيهقي ومختصرها للذهبي بخطه من طلق للبدعة اه. ولفظ الدارقطني من طلق في البدعة ألزمناه بدعته وبه احتج من ذهب إلى أن الطلاق البدعي يلزم ويقع وإن كان حراما ومن ذهب إلى عدم لزومه تمسك بخبر " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد "
(هق عن معاذ) بن جبل قال في المطامح: سنده ضعيف ورواه الدارقطني من هذا الوجه ثم قال: فيه إسماعيل بن أبي أمية البصري متروك الحديث وقال ابن الجوزي: لا يصح وأورده في لسان الميزان وقال: قال ابن حزم: حديث موضوع وإسماعيل ساقط يعني إسماعيل بن أبي عباد البصري أحد رجاله(6/176)
8842 - (من ظلم قيد شبر) بكسر القاف وسكون التحتية أي قدره (من الأرض طوقه) بضم الطاء المهملة وكسر الواو المشددة مبنيا للمفعول (من سبع أرضين) بفتح الراء وقد يسكن أي يوم القيامة فيجعل الأرض في عنقه كالطوق وقيل [ص:177] أراد أطواق التكليف وقد مر ذلك فينبغي المبادرة بالخروج من تلك الظلامة قبل أن يكون ممن باع جنة عرضها السماوات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات {ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار} بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار وفي الحديث تهديد عظيم للغاصب قال بعض شراح البخاري: سيما ما يفعله بعضهم من بناء الربط والمدارس ونحوهما مما يظنون به القرب والذكر الجميل من غصب الأرض لذلك وغصب الآلات واستعمال العمال ظلما بتقدير أن يعطى من مال حرام المأخوذ ظلما الذي لم يقل بحل أخذه ولا الكفار على اختلاف مللهم فيزداد هذا الظالم بإرادته الخير على زعمه من الله بعدا
<تنبيه> هذا الحديث مما تمسك به المعتزلة على دوام تعذيب صاحب الكبيرة في النار قالوا لأنه تعالى لا يبدل القول لديه
(حم م ق عن عائشة وعن سعيد بن زيد) قال المصنف: وهذا متواتر(6/176)
8843 - (من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة) بضم الخاء وفتحها وسكون الراء ما يخترف أي يجتنى من الثمر أي لم يزل في بستان يجتني منه الثمر شبه ما يحوزه العابد من الثواب بما يحوزه المحترف من الثمر (حتى يرجع) ويخرج من ذلك التشبيه التلويح بقرب المتناول وقيل المراد بالخرفة هنا الطريق قال ابن جرير: وهو صحيح أيضا إذ معناه عليه أن عائده لم يزل سالكا طريق الجنة لأنه من الأمور التي يتوصل بها إليها
(م عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وتمامه عند مسلم قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها(6/177)
8844 - (من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ) أي لجأ إلى ملجأ وأي ملجأ قال ابن العربي: دليل على أن كل من صرح بالاستعاذة بالله لأحد في شيء فليجب إليه وليقبل منه وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة قد نكحها فقالت له: أعوذ بالله منك فقال: لقد عذت بمعاذ الحقي بأهلك
(حم) من حديث عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب (عن عثمان) بن عفان (وابن عمر) بن الخطاب وقال ابن موهب: إن عثمان قال لابن عمر: اذهب فافض قال: أو تعفيني قال: عزمت عليك قال: لا تعجل أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال: نعم قال: فإني أعوذ بالله أن أكون قاضيا قال الهيثمي: رجال ثقات رمز المصنف لحسنه(6/177)
8845 - (من عال جاريتين) أي من ربى بنتين صغيرتين وقام بمصالحهما من نحو نفقة وكسوة (حتى يدركا) رواية البخاري حتى يبلغا (دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) وضم أصبعيه مشيرا إلى قرب فاعل ذلك منه أي دخل مصاحبا لي قريبا مني يعني أن ذلك الفعل مما يقرب فاعله إلى درجة من درجات المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس: هذا من كرائم الحديث وغرره
(م ت عن أنس) بن مالك واستدركه الحاكم فوهم ورواه البخاري بلفظ من عال جاريتين حتى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين قال الأكمل: في الكلام تقديم وتأخير فأما في جاء ضمير يعود إلى من وقوله هو تأكيد له وقوله أنا معطوف عليه وتقديره هو وأنا ثم قدم أنا لكون المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصلا في تلك الخصلة أو قدم في الذكر لشرفه اه. واعترض بأن تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز فالأولى جعل أنا مبتدأ وهو معطوف عليه وكهاتين الخبر والجملة حالية بدون الواو نحو {اهبطوا بعضكم لبعض عدو}(6/177)
8846 - (من عال أهل بيت من المسلمين) أي قام بما يحتاجونه من نحو قوت وكسوة يومهم وليلتهم (غفر الله له ذنوبه) أي الصغائر فقط
(ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين(6/177)
8847 - (من عال ثلاث بنات) أي قام بما يحتجنه من نحو نفقة وكسوة وغيرهما (فأدبهن) بآداب الشريعة الإسلامية وعلمهن أمور دينهن (وزوجهن) من كفء عند احتياجهن للزواج (وأحسن إليهن) بعد الزواج بنحو صلة وزيارة (فله الجنة) أي مع السابقين الأولين قال ابن عباس: هذا من كرائم الحديث وغرره قال الزين العراقي: في هذا الحديث تأكيد حق البناء على حق البنين لضعفهن عن القيام بمصالحهن من الاكتساب وحسن التصرف وجزالة الرأي
(د عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: رجاله موثقون(6/177)
8848 - (من عد) بالتشديد بلفظ المصنف (غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت) فإن الموت مصاحب له إن لم يفجأه اليوم وافاه في غد والقصد بهذا الحث على قصر الأمل وأنه ينبغي للإنسان أن لا يطول أمله فيثقل عليه عمله ويقدر قرب الموت ويتفكر في قصر العمل ويقول في نفسه إني أحتمل مشقة العمل الصالح اليوم فلعلي أموت الليلة وأصبر الليلة فلعلي أموت غدا فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا أمدا قليلا ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم أو نفس فقرر هذا على ما قلبك كل يوم وكلف نفسك على الطاعة يوما فيوما فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على الطاعة نفرت واستعصت فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحا لا آخر له وإن سوفت وتساهلت جاء الموت في وقت لا تحتسبه وتحسرت تحسرا لا آخر له وعند الصباح يحمد القوم السرى {ولتعلمن نبأه بعد حين} وأنشد ابن أبي الدنيا:
أيا فرقة الأحباب لا بد لي منك. . . ويا دار دنيا إنني راحل عنك
ويا قصر الأيام ما لي وللمنى. . . ويا سكرات الموت ما لي وللضحك
وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة. . . إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي
ألا أي حي ليس بالموت موقنا. . . وأي يقين منه أشبه بالشك
(هب) وكذا الخطيب (عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه وليس كذلك بل إنما ذكره مقرونا ببيان حاله فقال عقبه: هذا إسناد مجهول وروي من وجه آخر ضعيف اه بنصه(6/177)
8849 - (من عرض عليه) طيب وفي رواية (ريحان) أي نبت طيب الريح من أنواع المشموم وليس المراد قصره على ما هو المتعارف عند الفقهاء من اختصاصه بما لا ساق له منها (فلا يرده) برفع الدال على الفصيح المشهور (فإنه خفيف المحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية مصدر ميمي أي قليل المنة (طيب الريح) تعليل ببعض العلة لا بتمامها والمراد لا يرده لأنه هدية قليلة نافعة ولا مؤونة فيها ولا منة ولا يتأذى المهدي بها فردها لا وجه له قال ابن القيم: هذا لفظ الحديث وبعضهم يرويه من عرض عليه طيب فلا يرده وليس بمعناه فإن الريحان تخف مؤونته ويتسامح به بخلاف نحو مسك وعنبر وظاهره أن رواية الطيب منكرة أو نادرة والأشهر أكثر ريحان وليس كذلك فقد قال ابن حجر: رواه أحمد وسبعة أنفس معه بلفظ الطيب ورواه مسلم بلفظ الريحان قال: والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد وفيه الترغيب في استعمال الطيب وعرضه من يستعمله
(م) في الطب (د) في الترجل وكذا النسائي في الزينة وابن حبان في صحيحه كلهم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري(6/177)
8850 - (من عزى ثكلى) بفتح المثلثة مقصورة من فقدت ولدها (كسي بردا في الجنة) مكافأة له على تعزيتها وذلك بأن يذكر لها الصبر وفضله والابتلاء وأجره والمصيبة وثوابها وما في ذلك من الآيات والأخبار والآثار لكن لا يعزي المرأة [ص:179] الشابة إلا محارمها أو زوجها (تتمة) كتب ذو القرنين لأمه حين حضرته الوفاة مرشدا أن اصنعي طعاما للنساء ولا يأكل منه من أثكلت ولدا ففعلت ودعتهن فلم تأكل منهن واحدة وقلن ما منا امرأة إلا وقد أثكلت ما هي له والدة فقالت: {إنا لله وإنا إليه راجعون} هلك ولدي وما كتب بهذا إلا تعزية لي
(ت عن أبي برزة) ثم قال أعني الترمذي: وليس إسناده بالقوي وقال البغوي: وهو غريب(6/177)
8851 - (من عزى مصابا) أي حمله على الصبر بوعد الأجر (فله) في رواية كان له (مثل أجره) أي له مثل أجر صبره إذ المصيبة ليست فعله وقد قال تعالى {إنما تجزون ما كنتم تعملون} كذا ذكره ابن عبد السلام واعترض قال النووي: والتعزية التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وذلك لأن التعزية تفعلة من العزاء وهو الصبر والتصبير يكون بالأمر بالصبر وبالحث عليه بذكر ما للصابرين من الأجر ويكون بالجمع بينهما وبالتذكير بما يحمل على الصبر كما في حديث الصحيحين " إن لله ما أخذ وله ما أعطى " ولا يتعين لها لفظ كتب الشافعي إلى ابن مهدي فأرسل إليه تعزية في ابنه وكان جزع عليه
إني معزيك لا أني على طمع. . . من الحياة ولكن سنة الدين
فما المعزى بباق بعد صاحبه. . . ولا المعزي ولو عاشا إلى حين
(ت هـ) وكذا البيهقي في السنن (عن ابن مسعود) قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم ويقال أكثر ما ابتلى به على هذا الحديث نقموه عليه وقال في الأذكار: إسناده ضعيف وذكره ابن الجوزي في الموضوع وقال الخطيب: رواه جمع عن أبي عاصم وليس شيء منها ثابتا وقال الذهبي: حماد بن الوليد واه وله طرق لا تصح وقال ابن حجر: كل التابعين لعلي أضعف منه بكثير وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل فقد ذكرها صاحب الكمال ولم أقف على سندها اه وقال الزركشي في تخريج الرافعي بعد ما ساق للحديث عدة طرق: هذا كله يرد على ابن الجوزي حيث ذكر الحديث في الموضوعات وقال العلائي: له طرق لا طعن فيها وليس واهبا فضلا عن كونه موضوعا(6/179)
8852 - (من عشق) من يتصور حل نكاحه لها شرعا لا كأمرد (فعف ثم مات مات شهيدا) أي يكون من شهداء الآخرة لأن العشق وإن كان مبدأه النظر والسماع لكنهما غير موجبين له فهو فعل الله بالعبد بلا سبب ولهذا قال أفلاطون: ما أعلم الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه ولا مذموم وقال بعض الحكماء: العشق طمع يحدث في القلب قهرا وكلما قوي زاد صاحبه قلقا وضجرا فيلتهب به الصدر فيحترق الدم فيصير مع الصفراء سوداء وطغيانه يفسد الفكر ويؤدي للجنون فربما مات وقتل نفسه وإذا كان فعل القلب وأكثر أفعاله ضروريات فلا يؤاخذ به بل يؤجر عليه والمراد بالعفة العفة عن إيتاء النفس حظها طلبا لراحة قلبه ومتابعة لهوى نفسه وإن كان في غير محرم وكان صاحبه يأثم لكن رتبة الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة كاملة أو بلية شاملة وإنما قارب وصف من عف وصف القتيل في سبيل الله لتركه لذة نفسه فكما بذل المجاهد مهجته لإعلاء كلمة الله فهذا جاهد نفسه في مخالفة هواها بمحبته للقديم خوفا ورهبة وإيثارا على ما يحدث ذكره في البحر
(خط) في ترجمة عطية بن الفضل (عن عائشة) وفيه أحمد بن محمد بن مسروق أورده الذهبي في الضعفاء وقال: لينه الدارقطني وسويد بن سعيد فإن كان هو الدقاق فقد قال علي بن عاصم منكر الحديث وإن كان الذي خرج له مسلم فقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أحمد: متروك وأبو حاتم: صدوق وفيه أيضا أبو يحيى القتات(6/179)
[ص:180] 8853 - (من عشق فكتم وعف ومات مات شهيدا) قال ابن عربي: العشق التقاء الحب بالمحب حتى خالط جميع أجزائه واشتمل عليه اشتمال الصماء
(خط) في ترجمة عثمان المروزي (عن ابن عباس) وفيه سويد بن سعيد قال أحمد: متروك وقال ابن معين: لو كان لي فرس ورمح لغزوته قال ابن الجوزي: ومدار الحديث عليه فهو لا يصح لأجله ورواه الحاكم من عدة طرق كلها معلولة وهذا الطريق أمثلها فقد قال ابن حجر: عن بعضهم إنه أقواها حتى يقال إن أبا الوليد الباجي رحمه الله تعالى نظم فيه:
إذا مات المحب جوى وعشقا. . . فتلك شهادة يا صاح حقا
رواه لنا ثقات عن ثقات. . . عن الحبر ابن عباس يرقى
وقد غلط في هذا الطريق بعض الرواة فأدخل إسنادا في إسناد اه. وقال ابن القيم: هذا الحديث والذي قبله كله منهما موضوع ولا يجوز كونه من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم وأطال لكن انتصر الزركشي لتقويته فقال: أنكره ابن معين وغيره على سويد لكنه لم ينفرد به فقد رواه الزبير بن بكار قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وهو إسناد صحيح وقد ذكره ابن حزم في معرض الاحتجاج وقال: رواته ثقات(6/180)
8854 - (من عفا عند القدرة) على الانتصار لنفسه والانتقام من ظالمه (عفا الله عنه يوم العسرة) أي يوم الفزع الأكبر وفي هذه العدة عموم لا يقاس أمره في العظيم {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور} فالعفو لذلك مندوب ندبا مؤكدا أصالة ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى كما مر
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه العلاء بن كثير وهو ضعيف(6/180)
8855 - (من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة) <تنبيه> قال الراغب: لذة العفو أطيب من لذة التشفي لأن لذة العفو يلحقها حمد العاقبة ولذة التشفي يلحقها ذم الندم والعقوبة وآلام حالات ذوي القدرة وهي طرف من الجزع
(خط عن ابن عباس) وفيه أحمد بن إسحاق البغدادي قال الخطيب: روى عنه أبو عوانة خبرا معللا من عفا إلخ فما أوهمه صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غبر جيد(6/180)
8856 - (من عفا عن قاتله دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب أو هو إعلام بوفاته على الإسلام والأمن من سوء الخاتمة
(ابن منده) الحافظ المشهور (عن جابر) بن عبد الله (الراسبي) قال صالح جزرة نزل البصرة قال الذهبي في الصحابة: جاء في حديث مظلم عن أبي شداد عنه اه. وهنا أمران الأول أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله هذا حديث غريب إن كان محفوظا اه. الثاني أنه تبعه على قول الراسبي وليس بصواب فقد قال أبو نعيم قوله الراسبي وهم وإنما هو الأنصاري اه. بنصه وأقره عليه الحافظ ابن حجر(6/180)
8857 - (من علق) على نفسه أو غيره من طفل أو دابة (تميمة) هي ما علق من القلائد لرفع العين (فقد أشرك) أي فعل فعل أهل الشرك وهم يريدون به دفع المقادير المكتوبة قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن [ص:181] أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك
(حم ك عن عقبة بن عامر) الجهني قال المنذري: رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات(6/180)
8858 - (من علق ودعة) بفتح أو سكون على نحو ولده (فلا ودع الله له) أي لا جعله في دعة وسكون وهو لفظ بنى من الودعة أي لا خفف الله عنه ما يخافه كذا ذكره ابن الأثير وهذا دعاء أو خبر وكذا يقال في قوله (ومن علق تميمة فلا تمم الله له) قال في مسند الفردوس: الودعة شيء يخرج من البحر شبه الصدف يتقون به العين والتميمة خرزات تعلق على الأولاد للعين فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
<تنبيه> قال ابن حجر كغيره: محل ما ذكر في هذا الخبر وما قبله تعليق ما ليس فيه قرآن ونحوه أما ما فيه ذكر الله فلا نهي عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره وكذا لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء والسرف
(حم ك عنه) ورواه أيضا الطبراني قال الهيثمي: رجالهم ثقات(6/181)
8859 - (من علم أن الصلاة عليه حق واجب) في رواية بدل واجب مكتوب (دخل الجنة) لأنه إذا تيقن حقيقتها وأنها عليه لا يتركها وإذا واظبها كفرت ما بينها من الصغائر فدخل الجنة مع السابقين الأولين ومن جحد حقيقتها كفر فلا يدخل الجنة بل مأواه النار خالدا فيها
(حم ك) في الإيمان (عن عثمان) بن عفان قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي في التلخيص ولكنه في المهذب قال: فيه عبد الملك مجهول وقال الهيثمي: رجال أحمد موثقون(6/181)
8860 - (من علم أن الله ربه وأني نبيه موقنا من قلبه) زاد الطبراني وأومأ بيده إلى جسده (حرمه الله على النار) أي نار الخلود
<فائدة> سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي فقيل: هل يمكن بشر أن يدركه فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه: بم عرفت ربك قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه
(البزار) في مسنده وكذا الخطيب وأبو نعيم في الحلية (عن عمران) بن الحصين رمز لحسنه. قال الهيثمي: فيه عمران القصير وهو متروك وعبد الله بن أبي القلوص(6/181)
8861 - (من علم) من أهل القرى الخارجة عن بلد الجمعة (أن الليل يأويه إلى أهله) إذا سار إلى محل إقامتها (فليشهد الجمعة) أي فليحضر صلاتها ليصليها أي يلزمه ذلك ومذهب الشافعي أن العبرة بسماع النداء تمسكا بخبر الجمعة على من سمع النداء
(هق عن أبي هريرة) عده ابن الجوزي من الأحاديث الواهية وأعله بمعارك بن عباد وقال الذهبي في المهذب: هذا الحديث ضعيف بمرة وفيه عبد الله بن سعيد متروك(6/181)
8862 - (من علم الرمي) أي رمي النشاب (ثم تركه فليس منا) أي من علم رمي السهم ثم تركه فليس من المتخلقين بأخلاقنا والعاملين بسنتنا أو ليس متصلا بنا ولا داخلا في زمرتنا وهذا أشد ممن لم يتعلمه لأنه لم يدخل في زمرتهم وهذا دخل ثم خرج فكأنه استهزاء به وهو كفران لتلك النعمة الخطيرة فيكره ذلك كراهة شديدة لما في التهديد من التشديد وثم للتراخي في الرتبة يعني رتبة الترك متراخية عن رتبة التعلم فلا يقدر عليها لا للتراخي في الزمن للحوق الوعيد له وإن [ص:182] كان الترك عقب التعلم وهذا تشديد عظيم في نسيانه بعد تعلمه
(م) في الجهاد من حديث عبد الرحمن المهدي (عن عقبة بن عامر) قال عبد الرحمن: قال رجل لعقبة كيف تختلف بين هذين الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ولم يخرجه البخاري(6/181)
8863 - (من علم) بفتح اللام المشددة بضبط المصنف (علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل) لأن العامل إنما يتلقى كيف تصحيح عمله من العالم فله الأجر على حسب الانتفاع بعلمه
(هـ عن معاذ بن أنس) وفيه سهل بن معاذ ضعفه كثيرون لكن الترمذي حسن له واحتج به الحاكم وهذا الخبر مما انفرد به ابن ماجه(6/182)
8864 - (من علم) بالتشديد بضبطه (آية من كتاب الله أو بابا من علم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة) وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي من علم آية من كتاب الله أو سنة في دين الله هيأ له الله من الثواب يوم القيامة ما لا يكون ثواب أفضل مما تهيأ له
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري(6/182)
8865 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد بضبطه (ميسرة المسجد كتب الله له كفلين من الأجر) أي نصيبين منه قاله لما ذكر أن ميسرة المسجد قد تعطلت وأصل هذا الحديث أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما رغب في تفضيل ميامن الصفوف عطل الناس ميسرة المسجد فقيل له ذلك فذكره فأعطى أهل الميسرة في هذه الحالة ضعف ما لأهل الميمنة من الأجر وليس لهم كما قال المؤلف وغيره ذلك في كل حال وإنما خص بذلك هذه الحالة لما صارت معطلة
(هـ عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال ابن حجر في الفتح: في إسناده مقال(6/182)
8866 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد بضبطه (جانب المسجد الأيسر) بالصلاة فيه (لقلة أهله فله أجران) قال ابن حجر: هذا وما قبله إن ثبت لا يعارض الخبر إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه بقية وهو مدلس وقد عنعنه لكنه ثقة وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور(6/182)
8867 - (من عمر) بضم العين والتشديد (من أمتي سبعين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بلغ أقصى العذر أو لم يبق له عذر في الرجوع إلى الله بطاعته لما شاهد من العبر مع ما أرسل إليه من الإنذار
(ك) وكذا القضاعي (عن سهل بن سعد) الساعدي وقال الحاكم: على شرط البخاري ولم يخرجاه قال الزيلعي: ووهم إذ هو في البخاري بلفظ من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر(6/182)
8868 - (من عمل عملا) أي أحدث فعلا (ليس عليه أمرنا) أي حكمنا وإذننا (فهو رد) أي مردود عليه فلا يقبل منه وفيه دليل للقاعدة الأصولية أن مطلق النهي يقتضي الفساد لأن المنهي عنه مخترع محدث وقد حكم عليه بالرد المستلزم [ص:183] للفساد قال الشيخ ابن حجر الهيثمي: وزعم أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الواحد باطل قال العلائي: وفيه أيضا دليل على اعتبار ما المسلمون عليه من جهة الأمر الشرعي أو العادة المستقرة فإن عموم قوله ليس عليه أمرنا يشمله قال: وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة
(حم م عن عائشة) وعلقه البخاري في صحيحه(6/182)
8869 - (من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله) قال مخرجه الترمذي: قال أحمد بن منيع قالوا من ذنب قد تاب منه
(ت) في الزهد من حديث محمد بن الحسن بن أبي يزيد عن ثور عن خالد بن معدان (عن معاذ) بن جبل وقال أعني الترمذي: حسن غريب وليس إسناده بمتصل اه. وقال البغوي: هو منقطع لأن خالد بن معدان لم يدرك معاذا ومحمد بن الحسن ابن أبي يزيد قال أبو داود وغيره: كذاب ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف في مختصره سوى بأن له شاهدا وهو قول الحسن كانوا يقولون من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يبتليه الله به ومن العجب أن المؤلف لم يكتف بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضا(6/183)
8870 - (من غدا إلى المسجد) في رواية خرج وفي رواية يخرج (وراح) أي ذهب ورجع وأصل الغدو الرواح بغدوة والرجوع بعشية استملال في كل ذهاب ورجوع توسعا (أعد الله) أي هيأ (له نزلا) أي محلا ينزله والنزل بضمتين المحل الذي يهيأ للنزول فيه وبضم فسكون ما يهيأ للقادم من نحو ضيافة فعلى الأول من في قوله (من الجنة) للتبعيض وعلى الثاني للتبيين وفي رواية بدل من في وهي محتملة لهما وفي رواية للبخاري أو راح بأو فعلى الواو لا بد من الأمرين حتى يعد له النزل وعلى أو يكفي أحدهما في الإعداد وكذا يقال في قوله (كلما غدا وراح) أي بكل غدوة وروحة إلى المسجد قال بعضهم: الغدو والرواح كالبكرة والعشي في قوله {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} أراد بهما الديمومة لا الوقتين المعلومين لأن المسجد بيت الله فمن دخله لعبادة أي وقت كان أعد الله له أجره لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين وفي قوله كلما إيماء إلى أن الكلام فيمن تعود ذلك
(حم ق) في الصلاة (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم وغيره(6/183)
8871 - (من غدا) أي ذهب (إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان ومن غدا إلى السوق غدا براية إبليس) قال الطيبي: تمثيل لبيان حزب الله وحزب الشيطان فمن أصبح يغدو إلى المسجد كأنه يرفع أعلام الإيمان ويظهر شرائع الإسلام ويتحرى في توهين أمر المخالفين وفيه ورد الحديث المار فذلكم الرباط ومن أصبح يغدو إلى السوق فهو من حزب الشيطان يرفع أعلامه ويشد من شوكته وينصر حزبه ويتوخى توهين دينه وفي قوله يغدو إشارة إلى أن التبكير إلى السوق محظور وأن من تأخر وراح بعد أداء وظائفه لطلب الحلال وما يقيم صلبه ويتعفف به عن السؤال كان من حزب الله وهذا إعلام بإدامته في الأسواق وجميع أعوانه وإذا كانت موطنه فينبغي أن لا يدخلها الرجل إلا بقدر الضرورة كبيت الخلاء فحق من ابتلى بدخولها أن يخطر بباله أنه بمحل الشيطان وحزبه
(هـ عن سلمان) الفارسي وفيه عنبس ابن ميمون قال في الكاشف: ضعفه ابن معين وغيره(6/183)
8872 - (من غدا أو راح) قال الزركشي: أصل غدا خرج بغدو أي مبتكرا أو راح رجع بالعشي ثم قد يستعملان في الخروج [ص:184] مطلقا توسعا وهذا الحديث وما قبله يصلح أن يحمل على الأصل وعلى التوسع (وهو في تعليم دينه فهو في الجنة) أي إن قصد به وجه الله وعمل بعلمه وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتطهيره من كل غش ودنس وحقد وغل ليصلح بذلك لقبول العلم والإطلاع على دقائقه وحقائق غوامضه فإن العلم كما قيل صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر عن الحدث والخبث فلا يحصل العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات ومساوئ الأخلاق والحاصل أن العلم إن خلصت فيه النية زكا ونما وأدخل صاحبه الجنة وإن قصد به غير الله حبط وضاع واستحق صاحبه النار
(حل عن أبي سعيد) الخدري وقال: غريب من حديث مسعر عن عطية اه وفيه الفضل بن الحكم وفيه كلام(6/183)
8873 - (من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله إلا كان له صدقة) أي يثاب عليه ثواب الصدقة وإن لم يكن باختياره ولم يعلم به وهذا الحديث كما ترى مدح لعمارة الأرض ويوافقه قوله تعالى {واستعمركم فيها} وقوله {أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها} وورد في أخبار وآيات أخر ذم عمارتها كخبر: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها وفي الحقيقة لا تعارض ولا تخالف فإن ما جاء في ذم الدنيا وعمارتها فباعتبار من رضيها حقا لنفسه وجعلها قاضية مراده كما قال تعالى {ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها} وما جاء في مدحها فباعتبار تناولها واتفاق ما يحصل من الغلات على ما يحمد ولذلك قال علي كرم الله وجهه: الدنيا دار تجارة لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها
(حم) وكذا الطبراني في الكبير من هذا الوجه (عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وسببه أن رجلا مر بأبي الدرداء وهو يغرس غرسا بدمشق فقال له: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا تعجل علي سمعته يقول فذكره قال الهيثمي: رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر(6/184)
8874 - (من غزا في سبيل الله) أي للجهاد (ولم ينو) وفي رواية وهو لا يريد (إلا عقالا) هو ما يربط به ركبة البعير (فله ما نوى) قال الطيبي: العقال حبل يشد به ركبة البعير وهو مبالغة في قطع النظر عن الغنيمة بل يكون غزوه خالصا لله غير مشوب بغرض دنيوي فإنه ليس للإنسان إلا ما نوى اه. وقال الزمخشري: أراد الشيء التافه الحقير فضرب مثلا له
(حم ن ك عن عبادة) بن الصامت(6/184)
8875 - (من غسل ميتا فليغتسل) قال أحمد: هذا منسوح وكذا جزم أبو داود وفي خبر الحبر: ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه أو يجمع بحمل الأمر على الندب أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما يصرح به خبر عند الخطيب وغيره. قال ابن حجر: وهذا أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث
(حم عن المغيرة) بن شعبة وخرجه الترمذي في العلل ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال لا يصح في هذا الباب شيء قال ابن الجوزي: طرقه كلها لا تصح وقال الهيثمي: في سنده من لم يسم اه لكن رمز المصنف لحسنه أخذا من قول الحافظ ابن حجر طرقه كثيرة وفيه خلاف طويل وأسوأ أحواله أن يكون حسنا فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض وقال الذهبي: طرقه أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء اه وذكر الماوردي أن بعض المحدثين خرج له مئة وعشرين طريقا(6/184)
[ص:185] 8876 - (من غسل الميت فليغتسل) قال الخطابي: إنما أمر به لإصابة الغسل من رشاش المغسول وربما كان ببدن الميت نجاسة وهو لا يعلم (ومن حمله) قال البغوي: أي مسه (فليتوضأ) قال الخطابي: لم ار أحدا قال بوجوب الوضوء من حمله وقيل معناه ليكن حامله على وضوء ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت
(د هـ حب عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن وضعفه الجمهور وقال ابن حجر: ذكر له البيهقي طرقا وضعفها ثم صحح وقفه وقال البخاري: الأشبه موقوف وقال ابن الجوزي: فيه محمد بن عمرو قال يحيى: ما زال الناس يتوقون حديثه(6/185)
8877 - (من غسل ميتا فستره ستره الله من الذنوب) يحتمل أن المراد ستر عورته ويحتمل أن المراد ستر ما يبدو له من علامة ردية كظلمة ويحتمل الأمرين وهو أظهر (ومن كفنه كساه الله من السندس) قال النووي: فيه أنه يسن إذا رأى الغاسل ما يعجبه أن يذكره وإذا رأى ما يكره لا يحدث به قال: وهكذا أطلقه أصحابنا لكن قال صاحب البيان: لو كان الميت مبتدعا معلنا ببدعته فينبغي ذكر ما يكره منه زجرا للناس عن البدعة
(طب عن أبي أمامة) وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه أبو عبد الله الشامي لم أجد من ترجمه اه. وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في المعرفة بزيادة ولفظه من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث(6/185)
8878 - (من غسل ميتا فليبدأ) في تغسيله (بعصره) يعني يمر يده على بطنه ليخرج ما فيه من أذى ثلاثا ويتعهد مسح بطنه في كل مرة من الثلاث أرفق مما قبلها وهذا مندوب لا واجب
(هق عن ابن سيرين مرسلا) ظاهره أن البيهقي لم يذكر له علة سوى الإرسال والأمر بخلافه بل قال مرسلا وراويه ضعيف اه. واستدرك عليه الذهبي في المهذب فقال: قلت فيه جماعة ضعفاء(6/185)
8879 - (من غش) أي خان والغش ستر حال الشيء (فليس منا) أي من متابعينا. قال الطيبي: لم يرد به نفيه عن الإسلام بل نفي خلقه عن أخلاق المسلمين أي ليس هو على سنتنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان كما يقول الإنسان لصاحبه أنا منك يريد الموافقة والمتابعة قال تعالى عن إبراهيم {فمن تبعني فإنه مني} وهذا قاله لما مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فابتلت أصابعه فقال: ما هذا؟ قال: أصابته السماء قال: أفلا صببته فوق الطعام ليراه الناس؟ ثم ذكره
(ت عن أبي هريرة) ظاهر عدوله للترمذي واقتصاره عليه أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد خرجه مسلم في الصحيح بلفظ من غشنا فليس منا بل عزاه المصنف نفسه إلى الشيخين معا في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر(6/185)
8880 - (من غش العرب لم يدخل في شفاعتي) أي يوم القيامة (ولم تنله مودتي) في ذلك الموقف الأعظم. قال الحكيم: غشهم أن يصدهم عن الهدى أو يحملهم على ما يبعدهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فقد قطع الرحم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فبسبب ذلك يحرم مودته وشفاعته ومن غشهم حسدهم على ما آتاهم الله من فضله ووضع رفعتهم وتحقير شأنهم وقال ابن تيمية: هذا كخبر يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك قال: كيف أبغضك وبك هداني الله [ص:186] قال: تبغض العرب فتبغضني اه فهذا قريب من معناه فإن الغش للنوع لا يكون مع محبتهم بل لا يكون إلا مع استخفاف أو نقص
(حم ت) في المناقب عن حفص بن عمر الأحمسي عن مخارق عن طارق (عن عثمان) وقال: غريب اه وحفص الأحمسي قال الذهبي: ضعفوه وقال ابن تيمية: ليس عند أهل الحديث بذاك والرواية المنكرة ظاهرة عليها وقد أنكر أكثر الحفاظ أحاديث حفص وقال البخاري وأبو زرعة: هو منكر الحديث(6/185)
8881 - (من غشنا فليس منا) أي ليس على منهاجنا لأن وصف المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش (والمكر والخداع في النار) أي صاحبهما يستحق دخولها لأن الداعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها والرغبة فيها وذلك يجر إليها وأخذ الذهبي من الوعيد على ذلك أن الثلاثة من الكبائر فعدها منها
(طب حل عن ابن مسعود) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الكبير وللصغير معا: رجاله ثقات وفي عاصم بن بهدلة كلام لسوء حفظه(6/186)
8882 - (من غل بعيرا أو شاة أتى به يحمله يوم القيامة) قال المظهر: معناه من سرق شيئا في الدنيا من زكاة أو غيرها يجيء به يوم القيامة وهو حامله وإن كان حيوانا له صوت رفيع ليعلم أهل الموقف حاله فتكون فضيحته أشهر وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشدد في الغلول كثيرا وأمر الخليفتان الراشدان بعده بتحريق متاع الغال فقيل هو منسوخ بالأخبار التي لم يذر التحريق فيها وقال ابن القيم: الصواب أنه من باب التعزير والعقوبة المالية الراجعة إلى اجتهاد الإمام بحسب المصلحة
(حم والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن أنيس) بالتصغير(6/186)
8883 - (من غلب على ماء) مباح أي سبق إليه (فهو أحق به) من غيره حتى تنتهي حاجته وليس لأحد إزعاجه قبل انقضاء حاجته
(طب والضياء عن سمرة) بن جندب(6/186)
8884 - (من فاته الغزو معي فليغز في البحر) زاد في رواية فإن غزوة في البحر أفضل من غزوتين في البر وفي رواية من عشر غزوات وبه استدل من فضل غزو البحر على البر وعكس آخرون وعليه ابن عبد البر كما مر
(طس عن واثلة) ابن الأسقع قال الهيثمي: فيه عمرو بن الحصين وهو ضعيف(6/186)
8885 - (من فدى أسيرا من أيدي العدو) أي الكفار (فأنا ذلك الأسير) أي فكأني أنا المأسور فرضا وقد فداني فله من الأجر في فدائه مثل ماله في فدائي وهذا خرج مخرج الترغيب الشديد والحث الأكيد على فكاك الأسرى وبذلك الجهد في ذلك وأن فيه من الثواب ما لا يحيط بقدره ووصفه إلا الوهاب
(طص عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أيوب بن أبي حجر قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح وضعفه الأزدي وبقية رجاله ثقات(6/186)
8886 - (من فر من ميراث وارثه) بأن فعل ما فوت بإرثه عليه في مرض موته (قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة) أفاد أن حرمان الوارث حرام بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره من حديث سويد بن سعيد عن عبد الرحيم بن يزيد العمي عن أبيه
(عن أنس) بن مالك وهؤلاء الثلاثة ضعفاء ومن ثم قال الشيباني حديث ضعيف [ص:187] جدا انفرد به ابن ماجه وقال الذهبي في الكبائر: في سنده مقال وقال المنذري: ضعيف(6/186)
8887 - (من فرق بين والدة وولدها) بما يزيل الملك (فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) فالتفريق بين الأمة وولدها بنحو البيع أو الهبة حرام شديد التحريم عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك بشرط كونه قبل التمييز عند الشافعي وقبل البلوغ عند أبي حنيفة وكذا مالك في رواية ابن غانم عنه وفي رواية عنه قبل أن يثغر وسواء رضيت الأم أم لا عند الشافعي وقال مالك: يجوز برضاها وذهب بعض الأئمة إلى منع التفريق بينهما مطلقا وقال كما قال ابن العربي: إنه ظاهر الحديث لأنه لم يفرق بين الوالدة وولدها بلفظ بين وفرق في جوابه حيث كرر بين في الثاني ليدل على عظم هذا الأمر وأنه لا يجوز التفريق بينهما في اللفظ بالبيع فكيف التفريق بين ذواتيهما؟ ذكره جمع. قال الطيبي: وفي درة الغواص من أوهام الخواص أن يدخلوا بين المظهرين وهو وهم وإنما أعادوها بين مظهر ومضمر لأن المضمر المتصل كجزء الكلمة فلا يعطف عليه بخلاف المظهر لاستقلاله
(حم ت ك) في البيع (عن أبي أيوب) خالد بن يزيد الأنصاري قال الترمذي: حسن غريب قال ابن القطان: ولم يصححه لأنه من رواية ابن وهب عن حي بن عبد الله وحي نظر فيه البخاري وقال أحمد: أحاديثه مناكير وقال ابن معين: لا بأس به فلا اختلاف فيه ولم يصححه اه وظاهر تقريره له على تحسينه لكن علم الحفاظ ابن حجر جزم بضعفه وتبعه السخاوي ورد تصحيح الحاكم له بأنه منتقد(6/187)
8888 - (من فرق) بين والدة وولدها (فليس منا) أي ليس من العاملين بشرعنا المتبعين لأمرنا
(طب عن معقل بن يسار) قال الهيثمي: وفيه نصر بن طريف وهو كذاب(6/187)
8889 - (من فطر صائما) بعشائه وكذا بتمر فإن لم يتيسر فبماء (كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا) فقد حاز الغني الشاكر أجر صيامه هو أو مثل أجر الفقير الذي فطره ففيه دلالة على تفضيل غني شاكر على فقير صابر ووقع في رواية البيهقي من فطر صائما أي فله مثل أجر من عمل الصوم لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم ويجوز كون من بمعنى ما والأصل كان له أجر ما عمله وهو الصوم
(حم ت هـ حب عن زيد بن خالد) الجهني قال في اللسان: عن العقيلي ليس يروى هذا من وجه يثبت(6/187)
8890 - (من فطر صائما) هو عام في القادر على الفطر وغيره وكذا يقال في قوله (أو جهز غازيا فله مثل أجره) قال الطيبي: نظم الصائم في سلك الغازي لانخراطهما في معنى المجاهدة مع أعداء الله وقدم الصائم لأن الصوم من الجهاد الأكبر جهاد النفس بكفها عن شهواتها
(هق عنه) أي عن زيد بن خالد وقضيته أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه فقد رواه النسائي في الصوم بجملته والترمذي وابن ماجه مقطعا في الصوم وفي الجهاد(6/187)
8891 - (من قاتل لتكون كلمة الله) أي كلمة توحيده وهي الدعوة إلى الإسلام (هي العليا) بضم العين تأنيث أعلى (فهو) [ص:188] أي المقاتل (في سبيل الله) قدم هو ليفيد الاختصاص فيفهم أن من قاتل للدنيا أو للغنيمة أو لإظهار نحو شجاعة أو ذب عن نفس أو مال فليس في سبيل الله ولا ثواب له نعم من قاتل للجنة ولم يخطر بباله إعلاء كلمة الله فهو كالمقاتل للإعلاء إذ مرجعهما وهو رضا الله واحد كذا قيل وهل يشترط مقاربة قصد الإعلاء للقتال أو يكفي عند التوجيه؟ رجح البعض الثاني لكن أقول يشترط أن لا يأتي بمناف بينهما كما هو ظاهر
(حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري عبد الله ابن قيس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فذكره(6/187)
8892 - (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة) بالضم والفتح ما بين الحلبتين (حرم الله على وجهه النار) أي نار الخلود في الجحيم وإن مسه عذابها الأليم لذنب ما قال أبو البقاء: في نصب فواق وجهان أحدهما أن يكون ظرفا تقديره وقت فواق أو وقتا مقدرا بذلك والثاني أن يكون جاريا مجرى المصدر أي قتالا بقدر الفواق
(حم عن) أبي نجيح (عمرو بن عنبسة) السلمي رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف(6/188)
8893 - (من قاد أعمى أربعين خطوة وجبت له الجنة) أي دخولها وإن كان منه قبل ذلك ما كان لكن من البين أن الكلام فيما إذا قاده لغير معصية بل لو قيل باشتراط قصد الامتثال لم يبعد
(ع طب) عن ابن عمر قال الهيثمي: وفيه عندهما علي بن عروة وهو كذاب (عد) بعدة أسانيد فيه عدة ضعفاء منها عن علي بن إسماعيل بن أبي النجم عن عامر بن يسار عن محمد بن عبد الملك الأنصاري وهو متروك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر ومنها عن إسماعيل بن محمد عن سليمان بن عبد الرحمن القشيري عن ثور عن ابن المنكدر عن ابن عمر (حل هب) عن طريق ابن عدي المذكورين (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي: إسناده ضعيف وقال ابن الجوزي: له عنه طرق فيها كذابون فهو موضوع (عد) عن عبد الله بن محمد المكي عن عبد الله بن أبان الثقفي عن الثوري عن عمرو بن دينار (عن ابن عباس) ثم قال مخرجه ابن عدي: عبد الله بن أبان حدث عن الثقات بالمناكير وهو مجهول اه. واقتطاع المؤلف ذلك من كلامه غير صواب (و) من حديث ميمون بن سلمة عن المسيب بن واضح عن أبي البحتري عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر (عن جابر) بن عبد الله (هب عن أنس) من طريقين في أحدهما المعلى بن هلال وفي الآخر أبو داود النخعي وبقية بن أسلم الثلاثة كذابون وتابع أبا داود يوسف بن عطية وهو ضعيف اه. وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل(6/188)
8894 - (من قاد أعمى) مسلما ويحتمل أن الذمي كذلك (أربعين خطوة) لفظ رواية الخطيب أربعين ذراعا (غفر الله له ما تقدم من ذنبه) الظاهر أن المراد الصغائر على ما مر
(خط) في ترجمة البحتري (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الباقي ابن قانع أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال الدارقطني: يخطئ كثيرا والمعلى بن مهدي قال أبو حاتم: يأتي أحيانا بالمنكر(6/188)
8895 - (من قال لا إله إلا الله) أي مخلصا (نفعته) وفي رواية أبي نعيم أنجته (يوما من دهره) إن قرنها بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الغزالي: ذكر في بعض الروايات الصدق والإخلاص فقال مرة من قال لا إله إلا الله مخلصا ومعنى الإخلاص مساعدة الحال للمقال (يصيبه) وفي رواية أبي نعيم أصابه (قبل ذلك ما أصابه) لأنه إذا أخلص [ص:189] عند قول تلك الكلمة أفاض الله على قلبه نورا أحياه به فبذلك النور طهر جسده فنفعته عند فصل القضاء وأهلته لجوار الجبار في دار القرار لكن ليس الغرض أنه يلفظ بهذا الكلام فحسب بل أنه عقد ضميره على التوحيد وجعل دين الإسلام مذهبه ومعتمده كما تقول قول الشافعي تريد مذهبه أشار إلى ذلك الزمخشري
<فائدة> قال ابن عربي: أوصيك أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا الله سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك أو رقبة من تقولها عنه بها ورد به خبر نبوي وأخبرني أبو العباس القسطلاني بمصر أن العارف أبا الربيع المالقي كان على مائدة وقد ذكر هذا الذكر عليها صبي صغير من أهل الكشف فلما مد يده للطعام بكى فقيل: ما شأنك قال: هذه جهنم أراها وأمي فيها فقال المالقي في نفسه: اللهم إني قد جعلت هذه التهليلة عتق أمه من النار فضحك الصبي وقال: الحمد لله الذي خرجت أمي منها وما أدري سبب خروجها قال المالقي: فظهر لي صحة الحديث قال ابن عربي: وقد عملت أنا على ذلك ورأيت بركته
(البزار) في مسنده (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الطبراني في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل يصيبه إلخ بعد ما يصيبه العذاب قال الطبراني: لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص تفرد به الحسين بن علي(6/188)
8896 - (من قال لا إله إلا الله مخلصا) زاد في رواية من قلبه (دخل الجنة) قال الطيبي: قوله مخلصا وفي رواية بدله صدقا أقيم مقام الاستقامة لأن ذلك يعبر به قولا عن مطابقة القول المخبر عنه ويعبر به فعلا عن تحري الأخلاق المرضية كقوله تعالى {والذي جاء بالصدق وصدق به} أي حقق ما أورده قولا بما نحراه فعلا وبهذا التقرير يندفع ما أوهمه ظاهر الأخبار من منع دخول كل من نطق بالشهادتين النار وإن كان من الفجار وقال الغزالي: معنى الإخلاص أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شركة لغيره فيكون الله محبوب قلبه ومعبود قلبه ومقصود قلبه ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لمنعها له عن مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب قال الفخر الرازي: اشترط القول والإخلاص لأن أحكام الإيمان بعضها يتعلق بالباطن وبعضها بالظاهر فمما يتعلق بالباطن أحكام الآخرة وذا متفرع على الإخلاص الذي هو باطن عن الخلق ومما يتعلق بالظاهر أحكام الدنيا وذا لا يعرف إلا بالقول فصار الإخلاص ركنا أصليا في حق الله والقول ركنا شرعيا في حق الخلق وقال الدقاق: معناه من قالها مخلصا في قالته دخل الجنة في حالته وهي جنة المعرفة {ولمن خاف مقام ربه جنتان}
<فائدة> جلس الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق وقد اعتم بعمامة سوداء وأسدلها بين كتفيه والناس بين يديه ينظرون إليه فوقف عليه الفرزدق وقال: يا أبا سعيد يزعم الناس أنه اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم قال: من ومن قال: أنت وأنا قال: ما أنا بخيرهم ولا أنت بشرهم لكن ما أعددت لهذا اليوم قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة قال: نعم والله العدة
(البزار) في مسنده (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: رجاله ثقات لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة اه وقد تناقض في هذا الحديث الحافظ العراقي فمرة حسنه وأخرى ضعفه(6/189)
8897 - (من قال سبحان الله) أي أنزهه عن النقائص (العظيم وبحمده) في محل الحال أي نسبحه حامدين له (غرست له بها نخلة في الجنة) أي غرست له بكل مرة نخلة فيها وخص النخل لكثرة منافعه وطيب ثمره قال في المطامح: أسرار الأذكار وترتيبها في التجليات والواردات لا يعرفه إلا أهل السلوك والمنازلات والكلام فيه بغير ذوق كلام من وراء حجاب قال العراقي: وغرس وغرز كلاهما بمعنى وضع على جهة الثبوت
(ت حب ك عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا النسائي وابن السني في يوم وليلة وحسنه واستغربه الترمذي وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم(6/189)
[ص:190] 8898 - (من قال سبحان الله وبحمده في يوم) واحد (مئة مرة) ولو متفرقة وفي أثناء النهار لكن متوالية وفي أوله وأول الليل أفضل ذكره النووي (حطت خطاياه) أي غفرت ذنوبه (وإن كانت مثل زبد البحر) كناية عن المبالغة في الكثرة وهذا وأمثاله نحو ما طلعت عليه الشمس كناية عبر بها عن الكثرة عرفا قال ابن بطال: والفضائل الواردة في التسبيح والتحميد ونحو ذلك إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحرام وغير ذلك فلا يظن ظان أن من أد من الذكر وأصر على ما شاء من شهواته وانتهك دين الله وحرماته أن يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازل الكاملين بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح قال عياض: وظاهر قوله مثل زبد مع قوله في حديث التهليل محيت عنه خطايا مئة سنة أن التسبيح أفضل لكون عدد الزبد أضعاف المئة لكن قوله في التهليل ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به يقتضي أنه أفضل
(حم ق ت هـ عن أبي هريرة)(6/190)
8899 - (من قال في القرآن بغير علم) أي من قال فيه قولا يعلم أن الحق غيره أو من قال في مشكلة بما لا يعرف من مذهب الصحب والتابعين (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ لنفسه نزلا فيها حيث نصب نفسه صاحب وحي يقوله ما شاء قال ابن الأثير: النهي يحتمل وجهين أحدهما أن يكون له في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتناول القرآن على وفقه محتجا به لغرضه ولو لم يكن له هوى لم يلح له منه ذلك المعنى وهذا يكون تارة مع العلم كمن يحتج منه بآية على تصحيح بدعته عالما بأنه غير مراد بالآية وتارة يكون مع الجهل بأن تكون الآية محتملة فيميل فهمه إلى ما يوافق غرضه ويرجحه برأيه وهواه فيكون فسر برأيه إذ لولاه لم يترجح عنده ذلك الاحتمال وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن فيستدل به بما يعلم أنه لم يرد به كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي بقوله {اذهب إلى فرعون إنه طغى} ويشير إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد بفرعون وهذا يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام وترغيبا للسامع وهو ممنوع الثاني أن يتسارع إلى تفسيره بظاهر العربية بغير استظهار بالسماع والنقل يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة والاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من فسر القرآن بغير علم فالنقل والسماع لا بد منهما أولا ثم هذه تستتبع التفهم والاستنباط ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر إلى هنا كلامه
(ت) في التفسير (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا أبو داود في العلم والنسائي في الفضائل خلافا لما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن فيه من جميع جهاته عبد الأعلى بن عامر الكوفي قال أحمد وغيره: ضعيف وردوا تصحيح الترمذي له(6/190)
8900 - (من قال في القرآن) وفي رواية للترمذي وغيره من قال في كتاب الله وفي رواية من تكلم في القرآن (برأيه) أي بما سنح في ذهنه وخطر بباله من غير دراية بالأصول ولا خبرة بالمنقول (فأصاب) أي فوافق هواه الصواب دون نظر كلام العلماء ومراجعة القوانين العلمية ومن غير أن يكون له وقوف على لغة العرب ووجوه استعمالها من حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وعلم بأسباب نزول الآيات والناسخ والمنسوخ منها وتعرف لأقوال الأئمة وتأويلاتهم (فقد أخطأ) في حكمه على القرآن بما لم يعرف أصله وشهادته على الله تعالى بأن ذلك هو مراده أما من قال فيه بالدليل وتكلم فيه على وجه التأويل فغير داخل في هذا الخبر ولما لم يتفطن بعض الناس لإدراك هذا [ص:191] المعنى طعن في صحة الخبر وحاول إنكاره بغير دليل
(3 عن جندب) بن عبد الله البجلي رمز المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده وإلا ففيه سهل بن عبد الله بن أبي حزم تكلم فيه أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم وقال الترمذي: تكلم فيه بعضهم(6/190)
8901 - (من قام رمضان) أي قام بالطاعة في رمضان أتى بقيام رمضان وهو التراويح أو قام إلى صلاة رمضان أو إلى إحياء لياليه بالعبادة غير ليلة القدر تقديرا ويحصل بنحو تلاوة أو صلاة أو ذكرا أو علم شرعي وكذا كل أخروي ويكفي بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة (إيمانا) تصديقا بوعد الله بالثواب عليه (واحتسابا) إخلاصا ونصبهما على الحال أو المفعول له وجمع بينهما لأن المصدق للشيء قد لا يفعله مخلصا بل لنحو رياء والمخلص في الفعل قد لا يكون مصدقا بثوابه فلا ملجىء لجعل الثاني تأكيدا للأول (غفر له ما تقدم من ذنبه) الذي هو حق لله تعالى والمراد الصغائر قال الزركشي: كل ما ورد من إطلاق غفران الذنوب كلها على فعل بعض الطاعات من غير توبة كهذا الحديث وحديث الوضوء يكفر الذنوب وحديث من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له فحملوه على الصغائر فإن الكبائر لا يكفرها غير التوبة ونازع في ذلك صاحب الذخائر وقال: فضل الله أوسع وكذا ابن المنذر في الأشراف فقال: في حديث من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه قال: يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها وحكاه ابن عبد البر عن بعض معاصريه قيل: وأراد به أبا محمد الأصيلي المحدث أن الكبائر والصغائر يكفرها الطهارة والصلاة لظاهر الأحاديث قال: وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو كان كما زعموا لم يكن للأمر بالتوبة معنى وقد أجمع المسلمون أنها فرض والفروض لا تصح إلا بقصد ولقول المصطفى صلى الله عليه وسلم كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وفيه جواز قوله رمضان بغير إضافة شهر قال أصحابنا ويكره قيام الليل كله أي إدامته لا ليلة أو ليالي بدليل ندبهم إحياء ليلتي العيد وغيرهما
(ق 4) في الصوم (عن أبي هريرة)(6/191)
8902 - (من قام ليلة القدر) أي أحياها مجردة عن قيام رمضان (إيمانا واحتسابا) إخلاصا من غير شوب نحو رياء طلبا للقبول. هبه شعر بها أم لا هذا مصدر في موضع الحال أي مؤمنا أو محتسبا أو مفعول من أجله قال أبو البقاء: ونظيره في جواز الوجهين {اعملوا آل داود شكرا} (غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي رواية وما تأخر قال الحافظ ابن رجب: ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر بخلاف صيام رمضان وقيامه وقد يقال يغفر لهم عند استكمال القيام في آخر ليلة منه قبل تمام نهارها وتتأخر المغفرة بالصوم إلى إكمال النهار بالصوم
(خ 3 عنه) أي عن أبي هريرة(6/191)
8903 - (من قام ليلتي العيد) الفطر والأضحى أي أحياهما (محتسبا) لله (لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي لا يشغف بحب الدنيا لأنه موت أو يأمن من سوء الخاتمة {أومن كان ميتا فأحييناه} أي كافرا فهديناه ويحصل ذا بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة على ما مر
(هـ عن أبي أمامة) الباهلي(6/191)
8904 - (من قام في الصلاة فالتفت رد الله عليه صلاته) أي لم يقبلها بمعنى أنه لا يثيبه عليها وأما الفرض فيسقط عنه ولا يلزمه قضاؤه فإن الالتفات بالوجه في الصلاة لا يبطلها بل هو مكروه تنزيها فإن التفت بصدره بطلت حقيقة
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه يوسف بن عطية وهو ضعيف(6/191)
[ص:192] 8905 - (من قام مقام رياء وسمعة فإنه في مقت الله حتى يجلس) يعني حتى يترك ذلك ويتوب وفي رواية أحمد من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به وسمع قال المنذري: وإسناده جيد
(طب عن عبد الله الخزاعي) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه يزيد بن عياض وهو متروك(6/192)
8906 - (من قبل بين عيني أمه) إكراما لها وشفقة وتعظيما واستعطافا (كان له ذلك) أي ثوابه (سترا من النار) أي حائلا بينه وبينها مانعا له من دخوله إياها ثم الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بخط الحفاظ بزيادة ما بعد قبل وهل مثل الأم أمهاتها والأب وآباه وفيه احتمال
(عد هب) كلاهما من حديث عقيل بن خويلد عن خلف بن يحيى القاضي عن أبي مقاتل عن عبد العزيز بن أبي رواد عبد الله بن طاوس عن أبيه (عن ابن عباس) قضية صنيع المصنف أن مخرجه سكتا عليه وليس كذلك بل تعقبه ابن عدي بقوله منكر إسنادا ومتنا وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته وقال البيهقي: إسناده غير قوي اه وقال ابن الجوزي: موضوع فيه أبو مقاتل لا تحل الرواية عنه اه وفي الميزان حفص بن سليم أبو مقاتل السمرقندي وهاه ابن قتيبة شديدا وكذبه ابن مهدي وقال السليماني: يضع الحديث ثم ساق له هذا الخبر قال في اللسان: عن الحاكم والنقاش حدث بأحاديث موضوعة وكذبه وكيع اه. ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئا(6/192)
8907 - (من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا) بالله (قد حل دمه) لأنها شاركت إبليس في ضرر آدم وبنيه وعداوتهم وتظاهرت معه فكانت سببا لإهباطه إلى الأرض فالعداوة بين بنيها وبينهم متأصلة متأكدة لا تبقى في ضررهم غاية فليس لها حرمة ولا ذمة
(حم) من حديث أبي الأحوص (عن ابن مسعود) قال أبو الأحوص: بينا ابن مسعود يخطب فإذا بحية تمشي على الجدار فقطع خطبته ثم ضربها بقضيبه فقتلها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ورواه عنه أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما ذكر الثلاثة: رجال البزار رجال الصحيح(6/192)
8908 - (من قتل حية أو عقربا فكأنما قتل كافرا) ومن قتل كافرا كان فداءه من النار لأنه عادى الله
(خط عن ابن مسعود) وأخرجه عنه الديلمي لكن بدون العقرب(6/192)
8909 - (من قتل حية فله سبع حسنات ومن قتل وزغة) بفتحات سام أبرص قال الزمخشري: سمي وزغا لخفته وسرعة حركته يقال لفلان وزغ أي رعشة وهو من وزغ الجنين في البطن توزيغا إذا تحرك اه. (فله حسنة) ومن له حسنة دخل الجنة كما في الخبر المار
(حم حب عن ابن مسعود)(6/192)
8910 - (من قتل عصفورا) بضم أوله ونبه بالعصفور لصغره على ما فوقه وألحق به تنزه المترفين بالاصطياد لا لأكل أو حاجة وفي رواية فما فوقها وهو محتمل لكونه فوقها في الحقارة والصغر وفوقها في الجثة والعظم (بغير حقه) في رواية حقها والتأنيث باعتبار الجنس والتذكير باعتبار اللفظ وحقها عبارة عن الانتفاع بها (سأله الله عنه) في رواية عن قتله أي عاقبه وعذبه عليه (يوم القيامة) تمامه عند مخرجه أحمد وغيره قيل: وما حقها يا رسول الله قال: أن تذبحه [ص:193] فتأكله ولا تقطع رأسه فترمى بها فما أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير صحيح وفي رواية للقضاعي وغيره من قتل عصفورا عبثا جاء يوم القيامة وله صراخ تحت العرش يقول رب سل هذا فيم قتلني من غير منفعة قال البغوي: فيه كراهة ذبح الحيوان لغير الأكل قال الخطابي: وفي معناه ما جرت به العادة من ذبح الحيوان عند قدوم الملوك والرؤساء وعند حدوث نعمة ونحو ذلك من الأمور
(حم عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه صهيب مولى ابن عامر قال الذهبي في المهذب: كان حذاء بمكة فيه جهالة وقد وثق وهذا إسناده جيد اه(6/192)
8911 - (من قتل كافرا (1)) وفي رواية للبخاري من قتل قتيلا (فله سلبه) أي فله أخذ ثيابه التي عليه والسلب بالفتح المسلوب (2) وهذا قاله يوم حنين فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم قال ابن حجر: ووهم من قال إنه قاله يوم بدر وإنما سماه قتيلا والقتيل لا يقتل لاكتساب لباس مقدمات القتل فهو مجاز باعتبار الأول من قبيل {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} وهذا الخبر حمله أبو حنيفة ومالك على أنه من التصرف بالإمامة العظمى فلا يكون السلب للقاتل إلا إذا نقله الإمام إياه وحمله الشافعي على الفتيا المقتضية للتشريع العام لأن ذلك هو الأغلب من تصرف النبي صلى الله عليه وسلم فلا يخمس السلب عند نابل هو للقاتل وإن لم ينقله الإمام
(ق د ت عن أبي قتادة) الأنصاري وفيه قصة (حم د عن أنس حم هـ عن سمرة) بن جندب قال ابن حجر: وسنده لا بأس به وقال الكمال بن أبي شريف في تخريج الكشاف: وهم الشرف الطيبي في شرحه للكشاف حيث عزاه لأبي داود من حديث ابن عباس فإن الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر من قتل قتيلا فله كذا وكذا لم يقل فله سلبه
_________
(1) أو كفانا شره بأن أثخنه أو أعماه أو قطع يديه أو رجليه أو أسره
(2) من ثياب وسلاح ومركوب يقاتل عليه أو ممسكا عنانه وهو بقاتل راجلا وآلته كسرج ولجام وعقود وكذا لباس كمنطقة وسواء وجنيية وهميان وما فيه من النفقة(6/193)
8912 - (من قتل معاهدا) أي من له عهد منا بنحو أمان قال ابن الأثير: وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب (لم يرح) بفتح أوليه على الأشهر وقد تضم الياء وتفتح الراء وتكسر (رائحة الجنة) أي لم يشمها حين شمها من لم يرتكب كبيرة لا أنه لا يجدها أصلا كما يفيده أخبار أخر جمعا بينه وبين ما تعاضد من الدلائل النقلية والعقلية على أن صاحب الكبيرة إذا كان موحدا محكوما بإسلامه لا يخلد في النار ولا يحرم من الجنة (وإن ريحها) الواو للحال (ليوجد) في رواية يوجد بلا لام (من مسيرة أربعين عاما) وروي مئة وخمس مئة وألف ولا تدافع لاختلافه باختلاف الأعمال والعمال والأحوال أو القصد المبالغة في التكثير لا خصوص العدد والوعيد يفيد أن قتله كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره لكن لا يلزم منه قتل المسلم به
<تنبيه> قال ابن القيم: ريح الجنة نوعان نوع يوجد في الدنيا تشمه الأرواح أحيانا لا تدركه العبارة ونوع يدرك بحاسة الشم للأبد كما يشم رائحة الأزهار ونحوها وذا يشترك أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب ومن بعد يدركه الخواص في الدنيا وقد أشهد الله عباده في هذه الدار آثارا من آثار الجنة وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذة الشهية والمناظر البهية والمناكح الشهية والنعيم والسرور وقرة العين
(حم خ) في الجزية (ن هـ) في الديات (عن ابن عمرو) بفتح العين ومن ضمه فقد صحف ابن العاص رفعه(6/193)
8913 - (من قتل معاهدا) بفتح الهاء أي من عوهد أي صولح مع المسلمين بنحو جزية أو هدنة من إمام أو أمان من مسلم ويجوز كسر الهاء على الفاعل قال في التنقيح: والفتح أكثر (في غير كنهه) أي في غير وقته أو غاية أمره والذي يحل فيه قتله وكنه الأمر حقيقته أو وقته أو غايته والمراد الوقت الذي بيننا وبينه فيه عهد أو أمان (حرم الله عليه الجنة) ما دام ملطخا بذنبه ذلك فإذا طهر بالنار صار إلى ديار الأبرار وقال القاضي: حرم الله عليه الجنة ليس فيه ما يدل على الدوام والإقناط الكلي فضلا عن القطع وقال غيره: هذا التحريم مخصوص بزمان ما لقيام الأدلة على أن من مات مسلما لا يخلد في النار وإن ارتكب كل كبيرة ومات على الإصرار
(حم د ن ك عن أبي بكرة) قال في المهذب: هذا إسناد صالح ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور الحاكم وقال: صحيح وأقره الذهبي(6/193)
8914 - (من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله) بعين مهملة أي قتله ظلما بغير جناية ولا عن جريرة ولا عن قصاص يقال عبطت الناقة إذا نحرتها من غير داء بها وقيل بمعجمة من الغبطة الفرح والسرور لأن القاتل يفرح بقتل خصمه فإذا كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله (لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) أي نافلة ولا فريضة والرواية الأولى أولى كما في المنضد لأن القاتل ظلما عليه القود هبه فرح بقتله أو لا والقتل أكبر الكبائر بعد الكفر
(د والضياء) المقدسي (عن عبادة) بن الصامت ورجاله ثقات(6/193)
8915 - (من قتل وزغا) بفتح الزاي والغين المعجمتين معروف ويسمى سام أبرص (غفر الله له) لفظ رواية الطبراني محا الله عنه (سبع خطيئات) لتشوف الشارع إلى إعدامه لكونه مجبولا على الإساءة وقد كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقى فيها وفي مسلم من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مئة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك قال النووي: سبب تكثير الثواب في قتله أول ضربة الحث على المبادرة بقتله والاعتناء به والحرص عليه فإنه لو فاته ربما انفلت وفات قتله والمقصود انتهاز الفرصة بالظفر على قتله اه. وفي رواية من قتله في أول ضربة له مئة وخمسون وفي الثانية سبعون ووجهه ابن الكمال بأن التعب باطني وظاهري والباطني تعب الاهتمام والإقدام والأول أولى بالاعتبار عند التعارض ولهذا كان الأقل ضربا أكثر جزاءا مع أن الظاهر المتبادر إلى الوهم خلافه اه. وتردد بعض الكاملين في إلحاق الفواسق الخمس به في الثواب الموعود ثم رجح المنع لأن الإلحاق بالقياس ممنوع لبطلان العدد المنصوص وبالدلالة يحتاج لمعرفة لحوق فسادها إلى رتبة فساد الفواسق وهو غير معروف ورجح البعض أنها مثلها لأنه صلى الله عليه وسلم سماها فويسقة فلو عمل بها كذلك كان عملا بالنص
(طس عن عائشة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وهو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ من قتل وزغا محا الله عنه سبع خطيئات(6/193)
8916 - (من قتله بطنه) أي مات بمرض بطنه كالاستقاء أو الاسهال أو من حفظ البطن من الحرام والشبه (لم يعذب في قبره) وإذا لم يعذب فيه لم يعذب في غيره لأنه أول منازل الآخرة فإن كان سهلا فما بعده أسهل وإلا فعكسه قال القرطبي: وحكمته أنه حاضر القلب عارفا بربه فلم يحتج لإعادة السؤال بخلاف من يموت بغيره من الأمراض [ص:195] فإنه يغيب عقولهم قال الطيبي: وفيه استعارة تبعية شبه ما يلحق للمبطون من ازهاق نفسه به بما يزهق النفس بالمحدد ونحوه والقرينة نسبة القتل إلى البطن
<تنبيه> هذا الحديث خص به حديث ابن ماجه والبيهقي من مات مريضا مات شهيدا ووقى فتنة القبر
(حم ن حب عن خالد بن عرفطة) الليثي أو البكري (وعن سليمان بن صرد) بضم المهملة وفتح الراء ابن أبي الجون الخزاعي كان اسمه في الجاهلية سيار فسماه المصطفى صلى الله عليه وسلم سليمان كان حبرا عابدا نزل الكوفة(6/193)
8917 - (من قتل دون ماله) أي عنده ودون في الأصل ظرف مكان بمعنى أسفل وتحت استعملت هنا بمعنى لأجل التي للسببية توسعا مجازا لأن الذي يقاتل على ماله كأنه يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه ذكره جمع (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا أي له ثواب كثواب شهيد مع ما بين الثوابين من التفاوت وذلك لأنه محق في القتال ومظلوم بطلبه منه (ومن قتل دون دمه) أي في الدفع عن نفسه (فهو شهيد ومن قتل دون دينه) أي في نصرة دين الله والذب عنه وفي قتال المرتدين (فهو شهيد ومن قتل دون أهله) أي في الدفع عن بضع حليلته أو قريبته (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا لأن المؤمن بإسلامه محترم ذاتا ودما وأهلا ومالا فإذا أريد شيء منه من ذلك جاز له الدفع عنه أو وجب على الخلاف المعروف لكن إنما يدفعه دفع الصائل فلا يصعد إلى رتبة وهو يرى ما دونه كافيا كما هو مقرر في الفروع فإذا أدى قتاله لقتله فهو هدر
(حم 3 حب) والقضاعي (عن سعيد بن زيد) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا: من قتل في سبيل الله قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل قالوا: فمن هم يا رسول الله فذكره قال المصنف: وهو متواتر(6/195)
8918 - (هن قتل دون مظلمته) قال الطيبي: يعني قدامها كقوله " تريك الندى ما دونها وهي دونه " (فهو شهيد) قال ابن جرير: هذا أبين بيان وأوضح برهان على الإذن لمن أريد ماله ظلما في قتال ظالمه والحث عليه كائنا من كان لأن مقام الشهادة عظيم فقتال اللصوص والقطاع مطلوب فتركه من ترك النهي عن المنكر ولا منكر أعظم من قتل المؤمن وأخذ ماله ظلما
(ن والضياء) المقدسي وكذا أحمد والقضاعي (عن سويد بن مقرن) بضم الميم وفتح القاف وشد الراء مكسورة (المزني) صحابي نزل الكوفة وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث وما قبله لا ذكر له في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فهذا خرجه البخاري في المظالم بلفظ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذا رواه مسلم في الإيمان(6/195)
8919 - (من قدم من نسكه) أي حجته أو عمرته (شيئا أو أخره فلا شيء عليه) يفسره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بمنى يوم النحر ما سئل عن شيء من الأعمال قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج
(هق عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه(6/195)
8920 - (من قذف مملوكه) أي رماه بالزنا وفي رواية عبده (وهو) أي والحال أنه: أي المملوك (بريء مما قال) سيده [ص:196] فيه لم يحد لقذفه في حكم الدنيا لأن شرط حد القذف الإحصان والقن غير محصن وعليه يستوي مملوكه ومملوك غيره لكنه يعزر لمملوك غيره و (جلد) السيد (يوم القيامة) أي ضرب يوم الجزاء الأكبر (حدا) لانقطاع الرق بزوال ملك السيد المجازي وانفراد البارىء تعالى بالملك الحقيقي وحصول التكافئ ولا تفاضل يومئذ إلا بالتقوى (إلا أن يكون) المملوك (كما قال) من كونه زانيا فلا يحد في الآخرة لا يقال قوله وهو بريء جملة حالية والأحوال شروط فكأنه قال جلد يوم القيامة بشرط كونه بريئا فيفهم أنه إذا لم يكن بريئا لا يجلد فلا ينافي قوله إلا أن يكون كما قال لأنا نقول إن كان مفهوم الشرط غير معتبر وهو ما عليه جمع فهذا مفهوم شرط وإن كان معتبرا وهو مذهب آخرين فينزل قوله وهو بريء على أن المراد أنه يغلب على ظنه براءته والواقع في نفس الأمر خلافها فحينئذ لا يحد لصدقه كذا قرره بعض الأعاظم وقال الطيبي: الإستثناء مشكل لأن قوله وهو بريء يأباه إلا أن يؤول قوله وهو بريء أن يعتقد ويظن براءته ويكون العبد كما قال في الواقع لا ما اعتقد هو فحينئذ لا يجلد لكونه صادقا فيه
(حم ق) في اللباس والنذر (د) في الأدب (ت) في البر كلهم (عن أبي هريرة) قال: قال أبو القاسم هي التوبة فذكره ورواه عنه أيضا النسائي(6/195)
8921 - (من قذف ذميا) أي رماه بالزنا (حد له يوم القيامة بسياط من نار) جمع سوط وهو معروف أما في الدنيا فلا يحد مسلم لقذف ذمي لكن يعزر والقصد بالحديث التحذير من قذفه وأنه حرام متوعد عليه بالعقوبة في الآخرة لما فيه من إيذائه
(طب) وكذا ابن عدي (عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك اه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: محمد بن محصن يضع وتعقبه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه(6/196)
8922 - (من قرأ القرآن يتأكل به) أي يستأكل به على حد {فمن تعجل في يومين} أي استعجل والباء للآلة ككتبت بالقلم (الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم) أي من جعل القرآن ذريعة ووسيلة إلى حطام الدنيا جاء يوم القيامة في أسوأ حال وأقبح صورة حيث عكس وجعل أشرف الأشياء وأعزها وصلت إلى أذل الأشياء وأحقرها وذا أبلغ من خبر لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم لأنه أخبر عن وجهه أنه عظم صرف ثم أكده بقوله وليس عليه لحم قال الأفضلي: من استجر الجيفة ببعض الملاهي والمعازف أهون ممن استجرها بالمصحف
(هب عن بريدة) قال ابن أبي حاتم: لا أصل لهذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن الجوزي: وفيه علي بن قادم ضعفه يحيى وأحمد بن ضبير ضعفه الدارقطني اه. وأورده الذهبي في المتروكين وقال: ضعفه ابن معين وكان شيعيا غاليا(6/196)
8923 - (من قرأ مئة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة) أي عبادتها قال السهيلي: ويقبح إخراج الباء هنا لتعلقها بما في ضمن الكلام من معنى التقرب والتهجد وكدخولها هنا خروجها من قوله أمرتك الخير لأنك إذا أمرته بخير فقد كلفته إياه وألزمته ففي ضمن الكلام ما يقتضي حذفها بخلاف نهيت عن الشر فإنه ليس في اللفظ والمعنى إلا ما يطلب حرف الجر وقال الأندلسي في شرح المفصل: قرأت السورة وقرأت بالسورة من باب حذف الجار وإيصال الفعل ومثله وسميته محمدا وبمحمد وقيل الباء زائدة والفعل من قسم المتعدي وقال ابن أبي الربيع: الأصل في قراءة بالسورة أن يعدى بنفسه فزيد حرف الجر لأن قرأت في معنى تلوت وتلوت لا يتعدى بنفسه وقال أبو حيان في شرح التسهيل: خرج الشلوبين [ص:197] قرأت بالسورة على أن الباء للإلصاق أي ألزقت قراءتي بالسورة
(حم ن عن تميم) الداري قال الحافظ العراقي: إسناده صحيح وقال الهيثمي: فيه سليمان بن موسى الشامي وثقه ابن معين وأبو حاتم وقال البخاري: عنده مناكير(6/196)
8924 - (من قرأ في ليلة) من الليالي ولو قيل في الليل معرفا لأوهم أن الثواب مرتبا على القراءة الواقعة في جنس الليل (مئة آية لم يكتب من الغافلين) الذي وقفت عليه في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ولم أر هذا اللفظ فيه فليحرر
(ك عن أبي هريرة) مرفوعا(6/197)
8925 - (من قرأ سورة البقرة) أي اتخذ قراءتها وردا وجعلها ديدنه وعادته (توج بتاج في الجنة) لما في حفظها والملازمة على تلاوتها من الكلفة والمشقة واشتمالها على الحكم والشرائع والقصص والمواعظ والوقائع الغريبة والمعجزات العجيبة وذكر خالصة أوليائه والمصطفين من عباده وتفضيح الشيطان ولعنه وكشف ما توسل به إلى تسويل آدم وذريته ولذلك سماها مع آل عمران الزهراوين قال الطيبي: وتخصيص ذكر التاج كناية عن الملك والسيادة كما يقال قعد فلان على السرير كناية عنه
(هب) عن علي بن أحمد بن عبيد بن أبي عمارة المستملي عن محمد بن النضر ابن الصلصال (عن الصلصال) بفتح الصاد ابن الدلهمين بفتح الدال واللام وسكون الهاء وفتح الميم وأحمد بن عبيد قال ابن عدي: ثقة له مناكير(6/197)
8926 - (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) قال التفتازاني: يعني لم يبق من شرائط دخول الجنة إلا الموت وكأن الموت يمنعه ويقول لا بد من حضوري أولا لتدخل الجنة اه قيل دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده ورجح ابن تيمية كونه قبله وفيه بعد ودبر الشيء كل شيء منه في دبر كدبر الحيوان
<فائدة> في كتاب الصوم من شرح البخاري للقسطلاني روي أن من أدمن قراءة آية الكرسي عقب كل صلاة فإنه لا يتولى قبض روحه إلا الله
(ن حب عن أبي أمامة) أورده ابن الجوزي في الموضوعات لتفرد محمد بن حميد به وردوه بأنه احتج به أجل من صنف في الصحيح وهو البخاري ووثقه أشد الناس مقالة في الرجال ابن معين قال ابن القيم: وروي من عدة طرق كلها ضعيفة لكنها إذا انضم بعضها لبعض مع تباين طرقها واختلاف مخرجيها دل على أن له أصلا وليس بموضوع وقال ابن حجر في تخريج المشكاة: غفل ابن الجوزي في زعمه وضعه وهو من أسمح ما وقع له وقال الدمياطي: له طرق كثيرة إذا انضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة ونقل الذهبي في تاريخه عن السيف ابن أبي المجد الحافظ قال صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات فأصاب في ذكره أحاديث مخالفة للعقل والنقل ومما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعضهم في أحد رواتها كفلان ضعيف أولين أو غير قوي وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ولا يعارض الكتاب والسنة ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام رجل في رواته وهذا عدوان ومجازفة فمن ذلك هذا الحديث(6/197)
8927 - (من قرأ الآيتين) وفي رواية للبخاري بالآيتين بزيادة الباء واللام للعهد (من آخر سورة البقرة) يعني من قوله تعالى {آمن الرسول} إلى آخر السورة فآخر الآية الأولى المصير ومن ثم إلى آخر السورة آية واحدة وأما {اكتسبت} فليست رأس آية باتفاق العادين ذكره ابن حجر (في ليلة كفتاه) بتخفيف الفاء أي أغتناه عن قيام تلك الليلة بالقرآن [ص:198] وأجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقا هبه داخل الصلاة أم خارجها أو أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا أو وقتاه من كل سوء مكروه وكفتاه شر الشيطان أو الآفات أو دفعتا عنه شر الثقلين أو كفتاه بما حصل له بسبب قراءتهما من الثواب عن طلب شيء آخر أو كفتاه قراءة آية الكرسي التي ورد أن من قرأها حين يأخذ مضجعه أمنه الله على داره وجاء في حديث إنه لم ينزل خير من خير الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه هاتان الآيتان أما خير الآخرة فإن قوله {آمن الرسول} إلى قوله {لا نفرق بين أحد من رسله} إشارة إلى الإيمان والتصديق وقوله {سمعنا وأطعنا} إلى الإسلام والإنقياد والأعمال الظاهرة وقوله {وإليك المصير} إشارة إلى جزاء العمل في الآخرة وقوله {لا يكلف الله} إلخ إشارة إلى المنافع الدنيوية لما فيهما من الذكر والدعاء والإيمان بجميع الكتب والرسل وغير ذلك ولهذا أنزلتا من كنز تحت العرش وقول الكرماني نقلا عن النووي كفتاه عن قراءة الكهف وآية الكرسي رده ابن حجر بأن النووي لم يقل ذلك مطلقا
(4 عن ابن مسعود) البدري وقضية كلامه أن الشيخين لم يخرجاه والأمر بخلافه فقد خرجاه من حديث ابن مسعود باللفظ المزبور وزادا لفظ كل فقالا في كل ليلة(6/197)
8928 - (من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تحجب الشمس) أي تغرب ذلك اليوم أي إن قرأها نهارا فإن قرأها ليلا صلوا عليه حتى تطلع الشمس وذلك لاشتمالها على جملة ما تحتويه الكتب السماوية من الحكم النظرية والأحكام العملية والتصفية الروحانية وبيان أحوال السعداء والأشقياء والترغيب في الطاعة والترهيب في المعصية بالوعد والوعيد إجمالا مع السؤال لما فيه صلاح الدارين والفوز بالحسنين ولذلك شمل الله قارئها برحمته وسألت له الملائكة مفغرة زلته
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف جدا وقال ابن حجر: طلحة ضعيف جدا ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع اه فكان ينبغي للمصنف حذفه(6/198)
8929 - (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه قال الطيبي: وقوله أضاء له يجوز كونه لازما وقوله ما بين الجمعتين ظرف فيكون إشراق ضوء النهار فيما بين الجمعتين بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة ويجوز كونه متعديا والظرف مفعول به وعليهما فسر {فلما أضاءت ما حوله} وروى الديلمي عن أبي هريرة يرفعه من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أعطى نورا من حيث مقامه إلى مكة وصلت عليه الملائكة حتى يصبح وعوفي من الداء والدبيلة وذات الجنب والبرص والجنون والجذام وفتنة الدجال قال ابن حجر: وفيه إسماعيل بن أبي زياد متروك كذبه جمع منهم الدارقطني
<تنبيه> قال ابن حجر: ذكر أبو عبيد أنه وقع في رواية شعبة من قرأها كما أنزلت وأولها على أن المراد يقرؤها بجميع وجوه القراءات قال وفيه نظر والمتبادر أنه يقرؤها كلها بغير نقص حسا ولا معنى وقد يشكل عليه ما ورد من زيادات أحرف ليست في المشهور مثل سفينة صالحة وأما الغلام فكان كافرا ويجاب أن المراد المتعبد بتلاوته
(ك) في التفسير من حديث نعيم بن هشام عن هشيم عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عبادة عن أبي سعيد (هق عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح فرده الذهبي فقال: قلت نعيم ذو مناكير وقال ابن حجر في تخريج الأذكار: حديث حسن قال: وهو أقوى ما ورد في سورة الكهف(6/198)
[ص:199] 8930 - (من قرأ) الآيات (العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) مر تقريره غير مرة فمن تدبرها لم يفتن بالدجال {أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء} قال الطيبي: التعريف فيه للعهد وهو الذي يخرج آخر الزمان يدعي الإلهية إما نفسه أو يراد به من شابهه في فعله ويجوز أن يكون للجنس لأن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس ومنه حديث يكون في آخر الزمان دجالون كذابون
(حم م ن عن أبي الدرداء)(6/199)
8931 - (من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال) لما في أولها من العجائب والآيات المانعة لمن تأملها وتدبرها حق التدبر من متابعته والاغترار بتلبيسه
(ت) في الفضائل (عن أبي الدرداء) وقال: حسن صحيح وصححه البغوي(6/199)
8932 - (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) قال الحافظ ابن حجر في أماليه: كذا وقع في روايات يوم الجمعة وفي روايات ليلة الجمعة ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها وأما خبر أبي الشيخ عن الحبر الذي جمع بينهما فضعيف جدا وخبر الضياء عن ابن عمر يرفعه من قرأ يوم الجمعة سورة الكهف سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضيء له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين ففيه محمد بن خالد تكلم فيه ابن منده وغيره وقد خفي حاله على المنذري حيث قال في الترغيب: لا بأس به ويحتمل أنه مشاه لشواهده واعلم أن المتبادر إلى أكثر الأذهان أنه ليس المطلوب قراءته ليلة الجمعة ويومها إلا الكهف وعليه العمل في الزوايا والمدارس وليس كذلك فقد وردت أحاديث في قراءة غيرها يومها وليلتها منها ما رواه التيمي في الترغيب من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروبا أي السماء السابعة وهو غريب ضعيف جدا وما رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس مرفوعا من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تجب الشمس قال ابن حجر: وفيه طلحة بن زيد ضعيف جدا بل نسب للوضع وخبر أبي داود عن الحبر من قرأ سورة يس والصافات ليلة الجمعة أعطاه الله سؤله وفيه انقطاع وخبر ابن مردويه عن كعب يرفعه " اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة " قال ابن حجر: مرسل سنده صحيح
(هب عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وهو تابع فيه للحافظ ابن حجر قال البيهقي: ورواه الثوري عن أبي هاشم موقوفا ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم مرفوعا قال الذهبي في المهذب: ووقفه أصح قال ابن حجر: ورجال الموقوف في طرقه كلها أتقن من رجال المرفوع قال: وفي الباب عن علي وزيد بن خالد وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم بأسانيد ضعيفة(6/199)
8933 - (من قرأ يس كل ليلة غفر له) أي الصغائر كنظائره
(هب عن أبي هريرة) وفيه المبارك بن فضالة أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال: ضعفه أحمد والنسائي وقال أبو زرعة: مدلس(6/199)
8934 - (من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورا له) وقياسه أن من قرأها في يومه أمسى مغفورا له أي الصغائر كما تقرر. [ص:200]
(حل عن ابن مسعود) أورده ابن الجوزي بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة وحكم بوضعه ورده المصنف بوروده من عدة طرق بعضها على شرط الصحيح(6/199)
8935 - (من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن مرتين) أي دون يس كما هو بين
(هب عن أبي سعيد) الخدري قال في الميزان: هذا حديث منكر اه وفيه طالوت بن عبادة قال أبو حاتم: صدوق وقال ابن الجوزي: ضعفه علماء النقل ونازعه الذهبي وسويد أبو حاتم ضعفه النسائي(6/200)
8936 - (من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات) لا يعارض ما قبله لاختلاف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وكلاهما خرج جوابا لسائل اقتضى حاله ما أجيب به
(هب عن أبي هريرة) سنده سند ما قبله وفيه ما فيه(6/200)
8937 - (من قرأ يس ابتغاء وجه الله) أي ابتغاء النظر إلى وجه الله في الآخرة أي لا للنجاة من النار والفوز بالجنة فإن هذا أمر أجل وأعظم من ذلك (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (فاقرؤها) ندبا (عند موتاكم) أي من حضره الموت قال الطيبي: الفاء جواب شرط محذوف أي إذا كان قراءة يس بالإخلاص تمحو الذنوب السالفة فاقرؤوها على من شارف الموت حتى يسمعها ويجريها على قلبه فيغفر له ما سلف
(هب عن معقل بن يسار) ضد اليمين(6/200)
8938 - (من قرأ حم الدخان في ليلة) أي ليلة كانت كما يفيده التنكير (أصبح) أي دخل في الصباح والحال أنه (يستغفر له سبعون ألف ملك) أي يطلبون له من الله الغفران لستر ذنوبه بالعفو عنها وعدم العقاب عليها
(ت) في فضائل القرآن عن سفيان بن وكيع عن زيد بن الحباب عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) وقال: غريب ورواه ابن الجوزي في الموضوع(6/200)
8939 - (من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة غفر له) أي ذنوبه الصغائر كما تقرر
(ت) في فضائله عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحباب عن هشام أبي المقدام عن الحسن (عن أبي هريرة) وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو المقدام يغفل والحسن لم يسمع من أبي هريرة اه قال الصدر المناوي: فهو ضعيف منقطع لكن له شواهد(6/200)
8940 - (من قرأ سورة الدخان في ليلة غفر له ما تقدم من ذنبه) مفرد مضاف فيعم لكن قد علمت غير مرة أن المراد الصغائر فحسب
(ابن الضريس) بضم المعجمة وشد الراء من حديث حماد بن سلمة عن أبي سفيان طريف السعدي (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال ابن حجر: ورواه غير حماد موصولا بذكر أبي هريرة لكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح قال النقاد: كل مسند جاء فيه التصريح بسماعه منه وهم اه(6/200)
8941 - (من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بها) أي بثواب قراءتها (بيتا في الجنة) ومن لازم ذلك [ص:201] دخوله الجنة لأنه إنما بنى له فيها ليسكنه
(طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي: فيه فضالة بن جبير ضعيف جدا(6/200)
8942 - (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا) هذا من الطب الإلهي وسبق أنه ينفع لحفظ الصحة وإزالة المرض قال البيهقي: وكان ابن مسعود يأمر بناته بقراءتها كل ليلة وقال الغزالي: سألت بعض مشايخنا عما يعتاده أولياؤنا من قراءة سورة الواقعة في أيام العسرة أليس المراد به أن يدفع الله به الشدة عنهم ويوسع عليهم في الدنيا فكيف يصح إرادة متاع الدنيا بعمل الآخرة؟ فأجاب بأن مرادهم أن يرزقهم قناعة أو قوتا يكون لهم عدة على عبادته وقوة على دروس العلم وهذا من إرادة الخير لا الدنيا وقراءة هذه السورة عند الشدة في أمر الرزق وردت به الأخبار المأثورة عن السلف حتى عوتب ابن مسعود في أمر ولده إذ لم يترك لهم دينارا فقال: خلفت لهم سورة الواقعة اه. وهذا الخبر رواه أيضا ابن لال والديلمي أيضا باللفظ المزبور من حديث ابن عباس وزادا فيه ومن قرأ في كل ليلة {لا أقسم بيوم القيامة} لقي الله يوم القيامة ووجهه في صورة القمر ليلة البدر
(هب عن ابن مسعود) وفيه أبو شجاع قال في الميزان: نكرة لا يعرف ثم أورد هذا الخبر من حديثه عن ابن مسعود قال ابن الجوزي في العلل: قال أحمد: هذا حديث منكر وقال الزيلعي تبعا لجمع: هو معلول من وجوه أحدها الانقطاع كما بينه الدارقطني وغيره الثاني نكارة متنه كما ذكره أحمد الثالث ضعف رواته كما قال ابن الجوزي الرابع اضطرابه وقد أجمع على ضعفه أحمد وأبو حاتم وابنه والدارقطني والبيهقي وغيرهم(6/201)
8943 - (من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجب الجنة) الموجود في نسخ الشعب فمات من يومه أو من ليلته فقد أوجب الله له الجنة
(عد هب عن أبي أمامة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله انفرد به سليمان بن عثمان عن محمد بن زياد اه. وممن جزم بضعفه الحافظ العراقي(6/201)
8944 - (من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن) لأنها متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة والأحدية المنافية لمطلق الشركة المثبتة لجميع صفات الكمال ونفي الولد والوالد الذي هو من لازم صمديته وأحديته والكفؤ المتضمن لنفي الشبيه وهذه الأصول هي مجامع التوحيد الاعتقادي المباين لكل شرك وضلال فمن ثم عدلت ثلثه
(حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي) بن كعب أو عن رجل من الأنصار كذا عبر به أحمد قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح(6/201)
8945 - (من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن أجمع) إذ مدار القرآن على الخبر والإنشاء والإنشاء أمر ونهي وإباحة والخبر خبر عن الخالق وأسمائه وصفاته وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عنه وعن أسمائه فعدلت ثلثا لكن ينبغي أن يعلم أنه لا يلزم من تشبيه قارئها بمن قرأ القرآن كله أن يبلغ ثوابه ثواب المشبه به إذ لا يلزم من تشبيه شيء بشيء أخذه بجميع أحكامه ولو كان قدر الثواب متحدا لم يكن القارىء كله غير التعب وفيه استعمال اللفظ في غير ما يتبادر للفهم لأن المتبادر من إطلاق ثلث القرآن أن المراد ثلث حجة المكتوب مثلا وقد ظهر أنه غير مراد
(عق عن رجاء الغنوي) وفيه أحمد بن الحارث الغساني قال في الميزان: قال أبو حاتم: متروك الحديث [ص:202] وفي اللسان: قال العقيلي: له مناكير لا يتابع عليها اه. قال أعني في اللسان: ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية ولا صحبة وحديث {قل هو الله أحد} ثابت من غير هذا الوجه بغير هذا اللفظ اه(6/201)
8946 - (من قرأ قل هو الله أحد) حتى يختمها هكذا هو ثابت في رواية أحمد فكأنه سقط من قلم المصنف (عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة) تمامه عند مخرجه أحمد فقال عمر: إذن نستكثر يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أكبر وأطيب
(حم عن معاذ بن أنس) الجهني قال الهيثمي: فيه رشدين بن سعد وزياد وكلاهما ضعيف وفيهما توثيق لين(6/202)
8947 - (من قرأ قل هو الله أحد عشرين مرة بنى الله له قصرا في الجنة) وفي هذا الحديث وما قبله إثبات فضل {قل هو الله أحد} وقد قال بعضهم: إنها تضاهي كلمة التوحيد لما اشتملت عليه من الجمل المثبتة والنافية مع زيادة تعليل ومعنى النفي أنه الخالق الرزاق المعبود لأنه ليس فوقه من يمنعه من ذلك كالوالد ولا من يساويه كالكفؤ ولا من يعينه كالولد
(ابن زنجويه) حميدة في كتاب الترغيب من طريق حسن بن أبي زينب عن أبيه (عن خالد بن زياد) الأنصاري قال أبو موسى: ذكر بعض أصحابنا أنه غير أبي أيوب الأنصاري(6/202)
8948 - (من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة غفرت له ذنوب خمسين سنة) قال القرطبي: اشتملت سورة الإخلاص على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال وبيانه أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لشيء حاز جميع فضائل الكمال وذلك لا يصلح إلا لله تعالى
(ابن نصر) أي محمد بن نصر من طريق أم كثير الأنصارية (عن أنس) بن مالك(6/202)
8949 - (من قرأ قل هو الله أحد مئة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة) أي سلامة بها (من النار) فلا يدخله إلا تحلة القسم
(طب عن فيروز) الديلمي اليماني صحابي له أحاديث وهو الذي قتل الأسود العنسي مدعي النبوة وهو ابن أخت النجاشي وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي: فيه محمد بن قدامة الجوهري وهو ضعيف(6/202)
8950 - (من قرأ قل هو الله أحد مئة مرة غفر الله له خطيئة خمسين عاما ما اجتنب خصالا أربعا الدماء) أي سفكها ظلما (والأموال) أي أخذها بغير حق (والفروج) المحرمة (والأشربة) المسكرة وخص هذه الأربعة لأنها أمهات الكبائر
(عد هب عن أنس) بن مالك وظاهره أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه والأمر بخلافه بل قالا تفرد به الخليل بن مرة وهو من الضعفاء الذين لا يكتب حديثهم(6/202)
[ص:203] 8951 - (من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفر الله له ذنوب مائتي سنة) ومن فوائد قراءتها العظيمة ما رواه الشيخان عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكر ذلك للمصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: اسألوه لأي شيء يصنع ذلك؟ فسألوه فقال: لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها فقال: أخبروه أن الله يحبه
(عب عن أنس) بن مالك وفيه عبد الرحمن بن الحسن الأسدي الأزدي أورده الذهبي وغيره في الضعفاء ورماه بالكذب ومحمد بن أيوب الرازي قال الذهبي: قال أبو حاتم: كذاب وصالح المري قال النسائي وغيره: متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه لكن نوزع(6/203)
8952 - (من قرأ في يوم قل الله أحد مائتي مرة كتب الله له ألفا وخمس مئة حسنة إلا أن يكون عليه دين) <فائدة> قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي: قال الدارقطني: أصح شيء في فضائل سور القرآن " قل هو الله أحد " وأصح شيء في فضل الصلاة صلاة التسبيح وقال العقيلي: ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت وقال ابن العربي: ليس فيها حديث صحيح ولا حسن وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وصنف المديني جزءا في تصحيحه فتنافيا والحق أن طرقه كلها ضعيفة إلى هنا كلامه
(عد هب عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره وليس كذلك فإنه أورده في ترجمة حاتم بن ميمون قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به ثم إن ظاهر كلام المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه فكأنه ذهول فقد خرجه الترمذي من حديث أنس هذا ولفظه " من قرأ قل هو الله أحد في يوم مائتي مرة كتب الله له ألفا وخمس مئة حسنة إلا أن يكون عليه دين "(6/203)
8953 - (من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله) أي يجعل الله ثواب قراءتها عتقه من النار وروى أبو الشيخ [ابن حبان] عن ابن عمر من قرأ " قل هو الله أحد " عشية عرفة ألف مرة أعطاه الله ما سأله
(الخياري في فوائده عن حذيفة) بن اليمان(6/203)
8954 - (من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبع مرات) زاد في رواية قبل أن يتكلم وفي أخرى وهو ثان رجله قال ابن الأثير: أي عاطف رجله في التشهد قبل أن ينهض قال: وفي حديث آخر من قال قبل أن يثني رجله وهو ضد الأول في اللفظ ومثله في المعنى لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالته التي هي عليها في التشهد اه. (اعاذه الله بها من السوء إلى الجمعة الأخرى) قال الحافظ ابن حجر: ينبغي تقييده بما بعد الذكر المأثور في الصحيح وفيه رد على ابن القيم ومن تبعه في نفيه استحباب الدعاء بعد السلام من الصلاة للمنفرد والإمام والمأموم قال: وغاية الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها وأمر بها فيها والمصلي مقبل على ربه يناجيه فإذا سلم انقطعت المناجاة وانتفى قربه فكيف يترك سؤاله حال مناجاته وقربه ثم يسأله بعد الانصراف؟ قال ابن حجر: وما ادعاه من النفي المطلق مردود
(ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن عائشة) قال ابن حجر: سنده ضعيف وله شاهد من مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن فرج بن فضالة وزاد في أوله فاتحة الكتاب وقال في آخره: كفر الله عنه [ص:204] ما بين الجمعتين وفرج ضعيف اه. وأخذ حجة الإسلام بقضية هذا الخبر وما بعده فجزم بندبه في بداية الهداية فقال: إذا فرغت وسلمت أي من صلاة الجمعة فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات والإخلاص سبعا والمعوذتين سبعا سبعا فذلك يعمصك من الجمعة إلى الجمعة ويكون لك حرزا من الشيطان اه(6/203)
8955 - (من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجله) أي قبل أن يصرف رجله عن حالته التي عليها في التشهد (فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبعا سبعا) من المرات (غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) أي من الصغائر إذا اجتنب الكبائر وقد سبق له نظائر وقد ألف الحافظ ابن حجر كتابا وسماه الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة جمع فيه ستة عشر خصلة تكفر ما تقدم وما تأخر: الحج وإسباغ الوضوء وإجابة المؤذن وموافقة الملائكة في التأمين وصلاة الضحى وقراءة الإخلاص والمعوذتين سبعا سبعا بعد سلام الإمام من الجمعة قبل أن يثني رجله وقيام ليلة القدر وقيام رمضان وصيامه وصوم عرفة والحج والعمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ومن جاء حاجا يريد وجه الله ومن قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده ومن قرأ آخر الحشر ومن قاد أعمى أربعين خطوة ومن سعى لأخيه المسلم في حاجة ومن التقيا فتصافحا وصليا عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أكل أو لبس فحمد الله وتبرأ من الحول والقوة
<تنبيه> ما ذكره المؤلف من أن سياق الحديث هكذا الأمر بخلافه بل سياقه عند مخرجه القشيري " من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} سبعا سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد كل من آمن بالله واليوم الآخر " هكذا هو في الأربعين أو هكذا نقله عنه الحافظ في الخصال المكفرة
(أبو الأسعد القشيري في) كتاب (الأربعين) له عن أبي عبد الرحمن السلمي عن محمد بن أحمد الرازي عن الحسين بن داود البلخي عن يزيد بن هارون عن حميد (عن أنس) بن مالك قال ابن حجر في الخصال: وفي إسناده ضعف شديد فإن الحسين البلخي قال الحاكم: كثير المناكير وحدث عن أقوام لا يحتمل منه السماع منهم وقال الخطيب: حدث عن يزيد بن هارون بنسخة أكثرها موضوع(6/204)
8956 - (من قرأ القرآن فليسأل الله به) بأن يدعو بعد ختمه بالأدعية المأثورة أو أنه كلما قرأ آية رحمة سألها أو آية عذاب تعوذ منه ونحو ذلك (فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس) قال النووي: يندب الدعاء عقب ختمه وفي أمور الآخرة آكد
(ت) في فضائل القرآن (عن عمران) بن الحصين ثم قال: إسناده ليس بذاك اه. رمز لحسنه ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فساقه(6/204)
8957 - (من قرض بيت شعر بعد العشاء) زاد العقيلي في روايته الآخرة (لم تقبل له صلاة تلك الليلة) ولا يزال كذلك (حتى يصبح) أي يدخل في الصباح وهذا في شعر فيه هجو أو إفراط في مدح أو كذب محض أو تغزل بنحو أمرد [ص:205] أو أجنبية أو الخمر أو نحو ذلك بخلاف ما كان في مدح الإسلام وأهله والزهد ومكارم الأخلاق ونحو ذلك
(حم) من حديث قزعة بن سويد عن عاصم بن مخلد عن أبي الشعث الصنعاني (عن شداد بن أوس) قال الهيثمي: قزعة بن سويد وثقه ابن معين وضعفه الجمهور إلا أن ذا لا يقتضي على الحديث بالوضع فقول ابن الجوزي هو لذلك موضوع ممنوع كما بينه الحافظ ابن حجر في القول المسدد(6/204)
8958 - (من قرن) أي جمع (بين حجة وعمرة أجزأه لهما طواف واحد) لدخول أعمال العمرة في الحج والإفراد أفضل بأن يحرم بالحج وحده ويفرغ منه ثم يحرم بالعمرة من سنته فإن لم يعتمر فيها فالتمتع أفضل والقرآن أفضل منه وبه قال الشافعي
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن عمر قال الهيثمي: لين(6/205)
8959 - (من قضى نسكه) أي حجه وعمرته (وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنبه) بالمعنى المقرر في نظائره وذهب البعض إلى أن الحج يكفر الكبائر أيضا والبعض إلى أنه يكفر حتى التبعات
(عبد بن حميد عن جابر) ابن عبد الله وفيه عبد الله بن عبيدة الترمذي قال في الميزان: وثقه غير واحد وقال ابن عدي: الضعف على حديثه بين وقال يحيى: ليس بشيء وقال أحمد: لا يشتغل به ولا بأخيه وقال ابن حبان: لا راوي له أي هذا الخبر غير أخيه فلا أدري البلاء من أيهما ثم ساقه(6/205)
8960 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة) ولو بالتسبب والسعي فيها (كان له من الأجر كمن حج واعتمر) قال حجة الإسلام: وقضاء حوائج الناس له فضل عظيم والعبد في حقوق الخلق له ثلاث درجات الأولى أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة وهو أن يسعى في أغراضهم رفقا بهم وإدخالا للسرور على قلوبهم الثانية أن ينزل منزلة البهائم والجمادات في حقهم فلا ينلهم خيره لكن يكف عنهم شره الثالثة أن ينزل منزلة العقارب والحيات والسباع الضارية لا يرجى خيره ويتقى شره فإن لم تقدر أن تلحق بأفق الملائكة فاحذر أن تنزل عن درجة الجمادات إلى مراتب العقارب والحيات فإن رضيت النزول من أعلى عليين فلا ترض بالهوي في أسفل سافلين فلعلك تنجو كفافا لا لك ولا عليك
(خط عن أنس) بن مالك وفيه من لم أعرفه(6/205)
8961 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له من الأجر كمن خدم الله عمره) وفي رواية بدله كان بمنزلة من خدم الله عمره قيل: هذا إجمال لا تسع بيانه لطروس فإنه يطلق في سائر الأزمان والأحوال فينبغي لمن عزم على معاونة أخيه في قضاء حاجته أن لا يجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحق إيمانا بأنه تعالى في عونه وأمر الحسن ثابتا البناني بالمشي في حاجة فقال: أنا معتكف فقال: يا أعمش أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك خير لك من حجة بعد حجة؟ وأخذ منه ومما قبله أنه يتأكد للشيخ السعي في مصالح طلبته ومساعدتهم بجاهه وماله عند قدرته على ذلك وسلامة دينه وعرضه
(حل) وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج عن دينار مولى أنس (عن أنس) بن مالك وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأعلى من أبي نعيم وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه والأمر بخلافه فقد خرجه البخاري في تاريخه ولفظه من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره وكذا الطبراني والخرائطي عن أنس يرفعه بسند قال الحافظ العراقي: ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوع(6/205)
[ص:206] 8962 - (من قطع سدرة) شجرة نبق زاد في رواية الطبراني من سدر الحرم (صوب الله رأسه في النار) أي نكسه أو أوقع رأسه في جهنم يوم القيامة والمراد سدر الحرم كما صرح به في رواية الطبراني أو السدر الذي بفلاة يستظل به ابن السبيل والحيوان أو في ملك إنسان فيقطعه ظلما ذكره الزمخشري. قال: والحديث مضطرب الرواية
<فائدة> قال في المطامح: سمعت من بعض أشياخي حديثا مسندا أن سدرة المنتهى قالت للمصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء استوص بأخواتي التي في الأرض خيرا
(د) في الأدب وكذا النسائي في السير خلافا لما يوهمه كلام المصنف (والضياء) في المختارة (عن عبد الله بن حبشي) بحاء مهملة مضمومة وموحدة ساكنة ومعجمة الخثعي نزل مكة وله صحبة وفيه سعيد بن محمد بن حبر قال ابن القطان: لا يعرف حاله وإن عرف نسبه وبيته وروى عنه جمع فالحديث لأجله حسن لا صحيح اه. ورواه الطبراني بسند قال الهيثمي: رجاله ثقات(6/206)
8963 - (من قطع رحما أو حلف على يمين فاجرة رأى وباله) قبل أن يموت قال في الإتحاف: في جمع اليمين الفاجرة مع القطيعة ما يلوح باشتراكهما في القطيعة لأن اليمين الفاجرة قطعت الوصلة بين العبد وبين الله والقطيعة قطعت ما بينه وبين الرحم وفي هذا الاقتران في التحذير ما لا يخفى
(تخ عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا) القاسم بن عبد الرحمن في التابعين هذلي ودمشقي وأموي لقي مئة من الصحابة ولعله المراد هنا(6/206)
8964 - (من قعد على فراش مغيبة) بفتح الميم وبكسر الغين المعجمة وسكونها أيضا مع كسر الياء: التي غاب زوجها (قيض الله له ثعبانا يوم القيامة) أي ينهشه ويعذبه بسمه وفي رواية الطبراني مثل الذي يجلس على فراش المغيبة مثل الذي ينهشه أسود من أساود يوم القيامة
(حم عن أبي قتادة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي كالمنذري: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف اه. لكن في الميزان عن أبي حاتم هذا حديث باطل(6/206)
8965 - (من كان آخر كلامه) في الدنيا (لا إله إلا الله) قال أبو البقاء: آخر بالرفع اسم كان ولا إله إلا الله في موضع نصب خبر كان ويجوز عكسه اه. قيل أهل الكتاب ينطقون بكلمة التوحيد فلم لم يذكر قرينتها وأجاب الطيبي بأن قرينتها صدورها عن صدر الرسالة. قال الكشاف في {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر} لما علم وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لاشتماله كلمة الشهادة عليهما مزدوجين مقترنين كأنهما واحد غير منفك أحدهما عن صاحبه انطوى تحت ذكر الإيمان بالله برسوله صلى الله عليه وسلم (دخل الجنة) لأنها شهادة شهد بها عند الموت وقد ماتت شهواته وذهلت نفسه لما حل به من هول الموت وذهب حرصه ورغبته وسكنت أخلاقه السيئة وذل وانقاد لربه فاستوى ظاهره بباطنه فغفر له بهذه الشهادة لصدقه وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والغي ونفسه شرهة بطرة ميتة على الدنيا عشقا وحرصا فلا يستوجب بذلك القول مغفرة بخلاف قائلها عند الموت ومثل من قالها في الصحة بعد رياضة نفسه وموت شهواته وصفائه عن التخليط قاله الغزالي فنسأل الله أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله إلا الله حالا ومقالا وظاهرا وباطنا حتى نودع الدنيا غير ملتفتين إليها بل متبرمين منها ومحبين للقاء الله
(حم د) في الجنائز (ك) فيها (عن معاذ) بن جبل وقال الحاكم: صحيح اه لكنه أعله ابن القطان بصالح بن أبي عريب فإنه لا يعرف حاله ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد وتعقب بأن ابن حبان [ص:207] ذكره في الثقات وانتصر له التاج السبكي وقال: حديث صحيح(6/206)
8966 - (من كان حالفا) أي من كان مريدا للحلف (فلا يحلف إلا بالله) يعني باسم من أسمائه وصفة من صفاته لأن في الحلف تعظيما للمحلوف وحقيقة العظمة لا تكون إلا لله قاله لما أدرك عمر يحلف بأبيه والحلف بالمخلوق مكروه كالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والكعبة لاقتضاء الحلف غاية تعظيم المحلوف به والعظمة محتصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره وأما قسمه تعالى ببعض خلقه كالفجر والشمس فعلى الإضماء أي ورب الفجر على أن اليمين من العبد إنما هو لترجيح جانب الصدق وصدق الله قطعي لا يتطرق إليه احتمال الكذب وإنما وقعت في كلامه جريا على عادة عباده تنويها بشرف ما شاء من خلقه وتعليما لعباده شرعية القسم وأخذ بهذا علي كرم الله وجهه ثم شريح وطاوس وعطاء فقالوا: لا يقضي بالطلاق على من حلف به فحنث قال في المطامح: ولا يعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة اه
<فائدة> سئل شيخ الإسلام زكريا عن قوم جرت عادتهم إذا حلفوا أن يقولوا ببركة سيدي فلان على الله هل هم مخطئون بحلفهم بغير الله تعالى؟ أجاب يكره الحلف المذكور ويمنع منه فإن لم يمتنع أدب إن قصد بعلى الاستعلاء على بابها
(ن عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه البخاري بلفظ من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت(6/207)
8967 - (من كان سهلا هينا لينا حرمه الله على النار) ومن ثم كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم في غاية اللين فكان إذا ذكر أصحابه الدنيا ذكرها معهم وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم وإذا ذكروا الطعام ذكره معهم وقال عمر فيما رواه الحاكم إنكم تؤنسون مني شدة وغلظة إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبده وخادمه فكان كما قال الله تعالى {بالمؤمنين رؤوف رحيم} فكنت بين يديه كالسيف المسلول إلا أن يغمدني لمكان لينه
(ك هق عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي(6/207)
8968 - (من كان عليه دين فهم بقضائه لم يزل معه من الله حارس) يحرسه أي من الشيطان أو من السلطان أو منهما حتى يوفي دينه لكن الظاهر أن المراد بالحارس المعين
(طس) من حديث ورقاء بنت هداب (عن عائشة) قالت ورقاء: كان عمر إذا خرج من منزله مر على أمهات المؤمنين فسلم عليهن قبل أن يأتي مجلسه فكان كلما مر وجد بباب عائشة رجلا فقال: ما لي أراك هنا قال: حق أطلبه من أم المؤمنين فدخل عليها فقال: أما لك كفاية في كل سنة قالت: بلى لكن علي فيها حقوق وقد سمعت أبا القاسم يقول من كان إلخ وأحب أن لا يزال معي من الله حارس(6/207)
8969 - (من كان في المسجد ينتظر الصلاة) أي في حكم من هو فيها في إجراء الثواب عليه وتناثر البر على رأسه كما مر (فهو في الصلاة ما لم يحدث) حدث سوء والمراد ينتقض طهره
(حم ن حب عن سهل بن سعد) الساعدي(6/207)
8970 - (من كان في قلبه مودة لأخيه) في الإسلام (ثم لم يطلعه عليها فقد خانه) والله لا يحب الخائنين
(ابن أبي الدنيا في) كتاب فضل (الإخوان عن مكحول مرسلا)(6/207)
[ص:208] 8971 - (من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحرى) أي فجدير وخليق (أن ينقلب منه كفافا) نصب على الحال أي مكفوفا من شر القضاء لا عليه ولا له وفي رواية لأحمد والطبراني من كان قاضيا فقضى بجهل كان من أهل النار ومن كان قاضيا عالما قضى بحق أو بعدل سأل المنقلب كفافا
(ت عن ابن عمر) بن الخطاب سببه كما بينه الترمذي في العلل أن عثمان قال: لابن عمر اذهب فأفت بين الناس قال: أو تعافيني يا أمير المؤمنين فقال: ما تكره منه وكان أبوك يقضي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الملك بن أبي جميلة أورده الذهبي في الضعفاء وقال: مجهول اه. وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال: رجاله ثقات(6/208)
8972 - (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) أخذ بظاهره أبو حنيفة فلم يوجب قراءة الفاتحة على المقتدي قالوا: وبه يخص عموم قوله تعالى {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} وخبر لا صلاة إلا بقراءة والأئمة الثلاثة على الوجوب لأن الحديث ضعيف من سائر طرقه (1)
(حم هـ) من حديث جابر الجعفي عن الزبير (عن جابر) بن عبد الله قال مغلطاي في شرح ابن ماجه: ضعفه الدارقطني والبيهقي وابن عدي وغيرهم وقال: عبد الحق الجعفي ساقط الحديث ثابت الكذب قائل بالمرجئة قال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب منه وقال الذهبي: هو واه بمرة وقال ابن حجر: طرقه كلها معلولة اه. قال الذهبي: وله طرق أخرى كلها واهية
_________
(1) قال ابن قاسم العبادي في حاشيته على المنهج ويدل على وجوبها على المأموم حديث عبادة بن الصامت قال: كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلفي قلنا: نعم قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فما ورد أن قراءة الإمام قراءة المأموم يحمل على السورة جمعا بينهما وخبر من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة ضعيف عند الحافظ كما بينه الدارقطني(6/208)
8973 - (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا) وفي رواية الخطيب لا يحضر مصلانا وأخذ بظاهره جمع منهم الليث فأوجبوها على الموسر وأوجبها أبو حنيفة على من يملك نصابا وجعلها الشافعية وأكثر المالكية سنة كفاية لكنها متأكدة خروجا من الخلاف (1)
(هـ ك) في باب الأضحية (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وصحح الترمذي وقفه وقال ابن حزم: حديث لا يصح
_________
(1) قال الدميري: اختلف العلماء في وجوب الأضحية على الموسر فقال جمهورهم: هي سنة في حقه إن تركها بلا عذر لم يأثم ولا قضاء عليه. وقال ربيعة والأوزاعي والليث: أنها واجبة على الموسر والمشهور عن أبي حنيفة أنها واجبة على مقيم يملك نصابا وعندنا أنها سنة من سنن الكفاية في حق أهل البيت الواحد(6/208)
8974 - (من كان له شعر فليكرمه) بتعهده بالتسريح والترجيل والدهن ولا يتركه حتى يتشعث ويتلبد لكنه لا يفرط في المبالغة في ذلك للنهي عن الترجل إلا غبا
(هـ) في الترجيل (عن أي هريرة) رمز لحسنه وأصله قول ابن حجر في الفتح: إسناده حسن وله شواهد من حديث عائشة في الغيلانيات وسنده أيضا حسن اه. لكن قال الحافظ العراقي: إسناده ليس بالقوي وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو وإن كان من أكابر العلماء ووثقه مالك لكن في الميزان عن ابن معين والنسائي تضعيفه وعن يحيى ابن أبي حاتم: لا يحتج به وعن أحمد: مضطرب الحديث ثم قال أعني في الميزان: ومن مناكيره خبر من كان له شعر فليكرمه(6/208)
[ص:209] 8975 - (من كان له صبي فليتصابى له) أي من كان له ولد صغير ذكرا أو أنثى فليتصابى له بلطف ولين في القول والفعل ويفرحه ليسره
(ابن عساكر) في تاريخه من حديث أبي سفيان القتبي (عن معاوية) الخليفة قال أبو سفيان: دخلت على معاوية وهو مستلق على ظهره وعلى صدره صبي أو صبية تناغيه فقلت: أمط هذا عنك يا أمير المؤمنين قال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره وفيه محمد بن عاصم قال الذهبي في الضعفاء: مجهول بيض له أبو حاتم وقضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمي خرجه باللفظ المزبور عن معاوية(6/209)
8976 - (من كان له قلب صالح) أي نية صادقة صالحة (تحنن الله عليه) أي عطف عليه برحمته
(الحكيم) الترمذي (عن بريد) تصغير برد(6/209)
8977 - (من كان له مال فلير عليه أثره) فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده حسنا كما مر في عدة أخبار قال الغزالي: وينوي بذلك امتثال أمر الله من ستر عورته وتجمله وليحذر أن يكون قصده من لباسه مراءاة الخلق
(طب عن أبي حازم) الأنصاري مولى بني بياضة وأورد حديثه أبو داود في المراسيل رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي: وفيه يحيى بن يزيد بن أبي بردة وهو ضعيف(6/209)
8978 - (من كان له وجهان في الدنيا) يعني من كان مع كل واحد من عدوين كأنه صديقه ويعده أنه ناصر له ويذم ذا عند ذا أو ذا عند ذا يأتي قوما بوجه وقوما بوجه على وجه الإفساد (كان له يوم القيامة لسانان من نار) كما كان في الدنيا له لسان عند كل طائفة قال الغزالي: اتفقوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق وللنفاق علامات هذه منها نعم إن جامل كل واحد منهما وكان صادقا لم يكن ذا لسانين فإن نقل كلام كل منهما للآخر فهو نمام دون لسان وذلك شر من النميمة وقيل لابن عمر: إنا ندخل على أمرئنا فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره قال: كنا نعده نفاقا على عهد المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فهذا نفاق إذا كان غنيا عن الدخول على الأمير والثناء عليه فلو استغنى عن الدخول فدخل فخاف إن لم يثن عليه فهو نفاق لأنه المحوج نفسه إليه فإن استغنى عن الدخول لو قنع بقليل وترك المال والجاه فدخل لضرورتهما فهو منافق وهذا معنى خبر حب المال والجاه ينبت النفاق في القلب لأنه يحوج إلى رعايتهم ومداهنتهم أما إن ابتلي به لضرورة وخاف إن لم يثن فهو معذور فإن اتقاء الشر جائز
(د) في الأدب (عن عمار) بن ياسر رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: سنده حسن اه لكن قال الصدر المناوي: فيه شريك بن عبد الله القاضي وفيه مقال نعم رواه البخاري في الأدب المفرد بسند حسن(6/209)
8979 - (من كان يؤمن بالله) أي إيمانا كاملا منجيا من عذابه المتوقف على امتثال الأوامر الآتية كمال الإيمان لا حقيقته وهو على المبالغة في الاستجلاب إلى هذه الأفعال كما تقول لولدك إن كنت ابني فأطعني تهييجا له على الطاعة ومبادرتها مع شهود حقوق الأبوة لا على أنه بانتفاء طاعته تنتفي الأبوة (واليوم الآخر) وهو من آخر أيام الحياة الدنيا إلى آخر ما يقع يوم القيامة وصف به لأنه لا ليل بعده ولا يقال يوم إلا لما يعقبه ليل أي بوجوده بما اشتمل عليه مما [ص:210] يجب الإيمان به فليفعل ما يأتي فإن الأمر للوجوب حملا على حقيقته عند فقد الصارف سيما وفرض انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الإيمان واكتفى بهما عن الإيمان بالرسل والكتب وغيرهما لأن الإيمان باليوم الآخر على ما هو عليه يستلزمه فإن إيمان اليهود به إيمان بأن النار لا تمسهم أياما معدودة وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا ونحو ذلك وإيمان النصارى به بأن الحشر ليس إلا بالأرواح ليس إيمانا به على ما هو عليه والإيمان به كذلك يستلزم الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو يستلزم الإيمان بجميع ما جاء به وفي ذكره تنبيه وإرشاد لإيقاظ النفس وتحرك الهمم للمبادرة لامتثال جواب الشرط وهو (فليحسن) بلام الأمر هنا وفيما بعده ويجوز سكونها وكسرها حيث دخلت عليها الفاء والواو بخلافها في ليصمت فمكسورة لا غير وقول النووي هو بالضم اعترضوه (إلى جاره) أي من كان يؤمن بجوار الله في الآخرة والرجوع إلى السكنى في جواره بدار كرامته فليكرم جاره في الدنيا بكف الأذى وتحمل ما صدر عنه منه والبشر في وجهه وغير ذلك كما لا يخفى رعايته على الموفقين والجار من بينك وبينه أربعون دارا من كل جانب ثم الأمر بالإكرام يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مندوبا ويجمع الجميع أن ذلك من مكارم الأخلاق (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يوم القيامة وصفه به لتأخره عن أيام الدنيا ولأنه أخر إليه الحساب والإيمان به تصديق ما فيه من الأحوال والأهوال (فليكرم ضيفه) الغني والفقير بطلاقة الوجه والإتحاف والزيارة وقد عظم شأن الجار والضيف حيث قرر حقهما بالإيمان بالله واليوم الآخر قال ابن تيمية: ولا يحصل الامتثال إلا بالقيام بكفايته فلو أطعمه بعض كفايته وتركه جائعا لم يكن له مكرما لانتفاء جزء الإكرام وإذا انتفى جزءه كله وفي كتاب المنتخب من الفردوس عن أبي الدرداء مرفوعا إذا أكل أحدكم مع الضيف فليلقمه بيده فإذا فعل ذلك كتب له به عمل سنة صيام نهارها وقيام ليلها ومن حديث قيس بن سعد من إكرام الضيف أن يضع له ما يغسل به حين يدخل المنزل ومن إكرامه أن يركبه إذا انقلب إلى منزله إن كان بعيدا ومن إكرامه أن يجلس تحته وأخرج ابن شاهين عن أبي هريرة يرفعه من أطعم أخاه لقمة حلوة لم يذق مرارة يوم القيامة (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا) أي كلاما يثاب عليه قال الشافعي: لكن بعد أن يتفكر فيما يريد التكلم به فإذا ظهر له أنه خير لا يترتب عليه مفسدة ولا يجر إليها أتى به (أو ليسكت) وفي رواية للبخاري بدله يصمت قال القرطبي: معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل له ثوابا أو خيرا فيغنم أو يسكت عن شيء فيجلب له عقابا أو شرا فيسلم وعليه فأو للتنويع والتقسيم فيسن له الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع الوقت فيما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وأثرها في رواية البخاري يصمت على يسكت لأنه أخص إذ هو السكوت مع القدرة وهذا هو المأمور به أما السكوت مع العجز لفساد آلة النطق فهو الخرس أو لتوقفها فهو العي وأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه وأنه إنما أمر به عند عدم قول الخبر قال القرطبي: وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة وهذا من جوامع الكلم لأن القول كله خير أو شر أو آيل إلى أحدهما فدخل في الخير كل مطلوب من فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف أنواعه ودخل فيه ما يؤول إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إليه فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت [ص:211] قال بعضهم: اجتمع الحديث على أمور ثلاثة تجمع مكارم الأخلاق وقال بعضهم: هذا الحديث من القواعد العظيمة العميقة لأنه بين فيه جميع أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح عملا
(حم ق ت هـ عن أبي شريح) بضم المعجمة وفتح الراء الخزاعي الكعبي اسمه خويلد بن عمر أو غير ذلك حمل لواء قومه يوم الفتح (وعن أبي هريرة)(6/209)
8980 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يوم القيامة قالوا هذا من خطاب التهييج من قبيل {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} وقضيته أن استحلال هذا المنهي عنه لا يليق بمن يؤمن بذلك فهذا هو المقتضي لذكر هذا الوصف لا أن الكفار غير مخاطبين بالفروع ولو قيل لا يحل لأحد لم يحصل الغرض (فلا يسق ماءه ولد غيره) يعني لا يطأ أمة حاملا سباها أو اشتراها فيحرم ذلك إجماعا لأن الجنين ينمو بمئة ويزيد في سمعه وبصره منه فيصير كأنه ابن لهما فإذا صار مشتركا اقتضت المشاركة توريثه وهو ابن غيره وتملكه وهو ابنه
(ت) وحسنه (عن رويفع) مصغر ابن ثابت الأنصاري يعد في البصريين له صحبة ورواية. ولي لمعاوية غزة وإفريقية رمز لحسنه ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان بلفظ لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره(6/211)
8981 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له (فلا يروعن) بالتشديد (مسلما) فإن ترويع المسلم حرام شديد التحريم ومنه يؤخذ أنه كبيرة
(طب عن سليمان بن صرد) قال: صلى أعرابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قرن فأخذها بعض القوم فلما سلم قال الأعرابي: القرن فكان بعض القوم ضحك فذكره رمز لحسنه قال الهيثمي: رواه الطبراني من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن مسلم فإن كان هو العبدي فمن رجال الصحيح وإن كان المكي فضعيف وبقية رجاله ثقات(6/211)
8982 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يصدق بلقاء الله والقدوم عليه (فلا يلبس) أي الرجل (حريرا ولا ذهبا) فإنه حرام عليه لما فيه من الخنوثة التي لا تليق بشهامة الرجال
(حم ك عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا الديلمي والحارث بن أبي أسامة(6/211)
8983 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما) فقد يكون فيه نحو حية أو عقرب وهو لا يشعر فيكون قد ألقى بنفسه الى التهلكة
(طب عن أبي أمامة) قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفيه فلبس أحدهما ثم جاء غراب فالتبس الأخرى فرمى به فوقعت منه حية فذكره. قال الهيثمي: صحيح إن شاء الله(6/211)
8984 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار) ساتر لعورته والأولى كونه سابغا (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام) فإنه لها مكروه إلا لعذر كحيض ونفاس. قال الغزالي: ويكره للرجل أن يعطيها أجرته فيكون كفاعل المكروه (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) وإن لم يشرب معهم لأنه تقرير على المنكر
(ت) في الاستئذان (ك) في الأدب (عن جابر) قال الترمذي: حسن غريب وقال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في المنار بعد ما عزاه للترمذي: فيه ليث بن أبي سليم ضعيف وقد رد من أجله أحاديث عدة وقضية صنيع المصنف أن الترمذي تفرد به من بين الستة والأمر بخلافه فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن جابر المذكور فكان ينبغي للمصنف ضمه إليه وإيثار الثاني فإن سنده أصح كما جزم به الصدر المناوي وغيره ولهذا قال ابن حجر: أخرجه النسائي من حديث جابر مرفوعا إسناده جيد [ص:212] وأخرجه الترمذي من وجه آخر بسند فيه ضعف وأبو داود عن ابن عمر بسند فيه انقطاع وأحمد عن ابن عمر(6/211)
8985 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) وفي رواية من كان يحب الله ورسوله (فليحب أسامة بن زيد) فإنه حب رسوله وابن حبه
(حم عن عائشة) قالت: لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/212)
8986 - (من كتم شهادة إذا دعى إليها كان كمن شهد بالزور) فكتمان الشهادة حرام شديد التحريم فهو من الكبائر {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
(طب) وكذا في الأوسط (عن أبي موسى) الأشعري وفيه عبد الله بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب وضعفه جمع وذكر الهيثمي كالمنذري أن جزرة كذبه وغيره ضعفه عن معاوية ابن صالح. قال الذهبي في الضعفاء: ثقة وقال أبو حاتم: لا يحتج به عن العلاء بن الحارث. قال الذهبي في الضعفاء: قال البخاري: منكر الحديث(6/212)
8987 - (من كتم على غال) أي ستر على من غل في الغنيمة (فهو مثله) في الإثم في أحكام الآخرة لا الدنيا ورأى بعض السلف أنه يحرق متاعه وعليه لا يعارضه الأمر بالستر لأن المراد به الستر المندوب إليه كالستر على ذوي الهيئات ممن انقضت معصيته
(د عن سمرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قالوا: رجاله ثقات(6/212)
8988 - (من كتم علما عن أهله ألجم) بالبناء للمفعول والفاعل الله وفي رواية ألجمه الله (يوم القيامة لجاما من نار) أي الممسك عن الكلام ممثل بمن ألزم نفسه بلجام وتنكير علم في حيز الشرط يوهم شمول العموم لكل علم حتى غير الشرعي وخصه كثير كالحليمي بالشرعي والمراد به ما أخذ من الشرع أو توقف هو عليه توقف وجود كعلم الكلام أو كمال كالنحو والمنطق والحديث نص في تحريم الكتم وخصه آخرون بما يلزمه تعليمه وتعين عليه واحترز بقوله عن أهله كتمه عن غير أهله فمطلوب بل واجب فقد سئل بعض العلماء عن شيء فلم يجب فقال السائل: أما سمعت خير من كتم علما إلخ قال: اترك اللجام واذهب فإن جاء من يفقهه فكتمته فليجمني وقوله تعالى {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} تنبيه على أن حفظ العلم عمن يفسده أو يضربه أولى وليس الظلم في إعطاء غير المستحق بأقل من الظلم في منع المستحق وجعل بعضهم حبس كتب العلم من صور الكتم سيما إن عزت نسخه وأخرج البيهقي عن الزهري إياك وغلول الكتب قيل: وما غلولها قال: حبسها
(عد عن ابن مسعود) بإسناد ضعيف قال الزركشي: ورواه عبد الله بن وهب المصري عن عبد الله بن عباس عن أبيه عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار وهذا إسناده صحيح ليس فيه مجروح وظن ابن الجوزي أن ابن وهب هو النشوي الذي قال فيه ابن حبان دجال وليس كذلك اه ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وحسنه بلفظ من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار وقال الذهبي: سنده قوي(6/212)
[ص:213] 8989 - (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) أي استنار وجهه وعلاه بهاءا وضيئا وفي العوارف وجهان في معنى هذا الحديث أحدهما اكتسابه نورا وضياءا والثاني أن وجوه أموره التي يتوجه إليها تحسن وتدركه المعونة منه تعالى في تصاريفه وأسراره والتوفيق في أقواله وأفعاله وقال غيره: التهجد بالليل يغسل الوجه عن الكدورات الحادثة بالنهار عن رؤية الأغيار التي لها خدش في القلب كالدنيا وجعل صاحب الكافي من الحنفية هذا دليلا على أن حسن الوجه من الصفات التي يقدم بها للإمامة فقال: قوله أحسنهم وجها أي أكثرهم صلاة بالليل لهذا الحديث قال في الفتح: والمحدثون لا يثبتونه
(هـ عن جابر) بن عبد الله قال العقيلي: حديث باطل لا أصل له ولم يتابع ثابتا عليه ثقة وأطنب ابن عدي في رده وأنه منكر بل مثلوا به للموضوع غير المقصود وممن مثل له به الحافظ العراقي في متن الألفية وقال: لا أصل له ولم يقصد ثابت وضعه وإنما دخل على شريك وهو بمجلس إملائه عند قوله حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فقال شريك متصل بالسند أو المتن حين نظر إلى ثابت ممازحا له من كثرت صلاته إلخ معرضا بزهده وعبادته فظن ثابت أن هذا متن السند فحدث به اه. ومن العجب العجاب أن المؤلف قال في كتابه أعذب المناهل: إن الحفاظ حكموا على هذا الحديث بالوضع وأطبقوا على أنه موضوع هذه عبارته فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به وضاع وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الذهبي: فيه ثابت بن موسى الضبي الكوفي العابد قال يحيى: كذاب وقال غيره: خبر باطل وقال الحاكم: هذا لم يثبت عن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم ينطق به قط علماء الحديث(6/213)
8990 - (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به) لأن السقط ما لا عبرة به ولا نفع فيه فإن كان لغوا لا إثم فيه حوسب على تضييع عمره وكفران النعمة يصرف نعمة اللسان عن الذكر إلى الهذيان وقلما سلم من الخروج إلى ما يوجب الآثام فتصير النار أولى به من الجنة لذلك ولهذا قال لقمان لابنه لو كان الكلام من فضة لكان السكوت من ذهب وقال الغزالي: لا تبسطن لسانك فيفسد عليك شأنك وفي المثل السائر رب كلمة تقول لصاحبها دعني ونظر بعضهم إلى رجل يكثر الكلام فقال: يا هذا ويحك إنما تملي كتابا إلى ربك يقرأ على رؤوس الأشهاد يوم الشدائد والأهوال وأنت عطشان عريان جوعان فانظر ماذا تملي؟ ولابن المبارك:
احفظ لسانك إن اللسا. . . ن سريع إلى المرء في قتله
وإن اللسان دليل الفؤا. . . د يدل الرجال على عقله
ولابن مطيع:
لسان المرء ليث في كمين. . . إذا خلى عليه له إغاره
فصنه عن الخنا بلجام صمت. . . يكن لك من بليته ستاره
قال عمر للأحنف: يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وقال معاوية يوما: لو ولد أبو سفيان الخلق كلهم كانوا عقلاء فقال له رجل: قد ولد من هو خير من أبي سفيان فكان فيهم العاقل والأحمق فقال معاوية: من كثر كلامه كثر سقطه
(طس) وكذا القضاعي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه من لا أعرفهم وأعاده في [ص:214] محل آخر وقال: فيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا اه. وفي الميزان: إنه خبر ساقط وذلك في ترجمة إبراهيم بن الأشعث أحد رواته أن أبا حاتم قال: كنا نظن به الخير فقد جاء بمثل هذا الحديث وذكر حديثا ساقطا ثم ساق هذا الحديث بعينه وذكر ابن الحباب في الثقات يغرب وينفرد ويخفي ويخالف اه وقال الزين العراقي: رواه في الحلية عن ابن عمر وسنده ضعيف وابن حبان في روضة العقلاء والبيهقي في الشعب موقوفا وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال العسكري: أحسب هذا الحديث وهما لأن هذا الكلام إنما يروى عن عمر من قوله(6/213)
8991 - (من كذب بالقدر) محركا (فقد كفر بما جئت به) وفي رواية الطبراني فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا مسوق للزجر والتهويل والأصح عدم تكفير أهل القبلة
(عد عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الخطاب قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وفيه سوار بن عبد الله قال أحمد والنسائي يحيى متروك اه وفي الميزان قال الثوري: سوار ليس بشيء وفي اللسان أورده العقيلي في ترجمته وقال: يروي في القدر أحاديث صحاحا فأما بهذا اللفظ فلا يحفظ إلا عنه اه ثم ناقشه ورواه الطبراني أيضا لكنه قال بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي: وفيه محمد بن الحسين القصاص لم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/214)
8992 - (من كذب في حلمه كلف يوم القيامة عقد شعيرة) لأن الرؤيا نوع من الوحي يريه الله تعالى عبده فمن كذب فيه فقد كذب في نوع من الوحي فاستحق الوعيد الشديد وقيل معناه ليس أن ذلك عذابه وجزاؤه بل أن يجعل ذلك شعاره ليعلم به أنه كان يزور الأحلام. قال القاضي: ولفظه كلف يشعر بالمعنى الأول قال ابن العربي: وخص الشعير بذلك لما بينهما من نسبة تلبسه بما لم يشعر به
(حم ت ك) في باب الرؤيا (عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم: وتعقبه ابن القطان بأن فيه عبد الأعلى بن عامر ضعفه أبو زرعة وغيره ثم إن كلام المصنف كالصريح في أن هذا غير موجود في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه بل هو كما قال الحافظ العراقي في البخاري من حديث ابن عباس(6/214)
8993 - (من كذب علي متعمدا) أي من أخبر عني بشيء على خلاف ما هو عليه (فليتبوأ) بسكون اللازم فليتخذ أو فلينزل أصله من إباء الإبل وهي أعطانها أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء عليه أي بوأه الله ذلك أو خبر بلفظ الأمر ومعناه استوجب ذلك فليوطن نفسه عليه والمراد أن هذا جزاؤه وقد يغفر له أو الأمر على حقيقته والمعنى من كذب فليأمر نفسه بالبواء ويلزم عليه ذكر الأخير الكرماني قال ابن حجر: وأولها أولاها (مقعده من النار) قال الطيبي: فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه كما أنه قصد بالكذب التعمية فليقصد في جزائه البوار وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك من أكبر الكبائر سيما في الدين وعليه الإجماع ولا التفات إلى ما شذ به الكرامية [ص:215] من حل وضع الحديث في الترغيب والترهيب واقتدى بهم بعض جهلة المتصوفة فأباحوه في ذلك ترغيبا في الخير بزعمهم الباطل وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية قال ابن جماعة وغيره: وهؤلاء أعظم الأصناف ضررا وأكثر خطرا إذ لسان حالهم يقول الشريعة محتاجة لكذا فنكملها ومن هذه الطبقة واضع حديث فضائل القرآن وظاهر الخبر عموم الوعيد في كل كذب وتخصيصه بالكذب في الدين لا دليل عليه ولو قصد الكذب عليه ولم يكن في الواقع كذبا لم يدخل في الوعيد لأن إثمه من جهة قصده واستشكل هذا بأن الكذب معصية مطلقا إلا لمصلحة والعاصي متوعد بالنار فما الذي امتاز به الكاذب عليه وأجيب بأن الكذب عليه يكفر متعمده عند جمع منهم الجويني لكن ضعفه ابنه بأن الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة ولا يلزم أن يكون مقر الكاذبين واحدا
(حم ق ت هـ عن أنس) بن مالك (حم خ د ن هـ عن الزبير) بن العوام (م عن أبي هريرة) الدوسي (ت عن علي) أمير المؤمنين (حم هـ عن جابر) بن عبد الله (وعن أبي سعيد) الخدري (ت هـ عن ابن مسعود) عبد الله (حم ك عن خالد بن عرفطة) العذري وصحف من قال عرفجة (وعن زيد بن أرقم) الأنصاري الخزرجي (حم عن سلمة بن الأكوع) هو أبو عمرو بن الأكوع (وعن عقبة بن عامر) الجهني (وعن معاوية) بن أبي سفيان الخليفة (طب عن السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي (وعن سلمان بن خالد الخزاعي وعن صهيب) الرومي (وعن طارق) بالقاف (ابن أشيم) بالمعجمة وزن أحمد بن مسعود الأشجعي (وعن طلحة بن عبيد الله) أحد العشرة (وعن ابن عباس) بن عبد المطلب (وعن ابن عمر) بن الخطاب (وعن ابن عمرو) بن العاص (وعن عتبة بن غزوان) بفتح المعجمة وسكون الزاي ابن جابر المازني صحابي جليل (وعن العروس بن عميرة وعن عمار بن ياسر) بكسر المهملة (وعن عمرو بن مرة الجهني وعن المغيرة) بضم الميم (ابن شعبة وعن يعلى بن مرة وعن أبي عبيدة بن الجراح وعن أبي موسى الأشعري (طس عن البزار عن معاذ بن جبل وعن نبيط) بالتصغير (ابن شريط) بفتح المعجمة الأشجعي الكوفي صحابي صغير (وعن ميمونة) أم المؤمنين (قط في الأفراد عن أبي رمثة) بكسر الراء وسكون الميم وبالمثلثة (وعن ابن الزبير وعن أبي رافع وعن أم أيمن) بركة الحبشية (خط عن سلمان الفارسي وعن أبي أمامة) الباهلي (ابن عساكر عن رافع بن خديج) بفتح المعجمة وكسر المهملة (وعن زيد بن أسد عن عائشة ابن صاعد في طرقه عن أبي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب وعن سعد بن بن أبي وقاص وعن حذيفة بن أبي أسيد وعن حذيفة بن اليمان أبو مسعود ابن الفرات في جزئه عن عثمان بن عفان البزار عن سعيد بن زيد عن أسامة بن زيد وعن بريدة وعن سفينة وعن أبي قتادة أبو نعيم في المعرفة عن جندع بن عمرو وعن مسعود بن المدحاس وعن عبد الله بن زغب بن قانع عن [ص:216] عبد الله بن أبي أوفي ك في المدخل عن عفان بن حبيب عد عن غزوان وعن أبي كبشة ابن الجوزي في مقدمة الموضوعات عن أبي ذر وعن أبي موسى الغافقي) ظاهر استقصاء المصنف في تعداده المخرجين والرواة أنه لم يروه من غير ذكر وليس كذلك بل قال ابن الجوزي: رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وتسعون صحابيا منهم العشرة ولا يعرف ذلك لغيره وخرجه الطبراني عن نحو هذا العدد وذكر ابن دحية أنه خرج من نحو أربع مئة طريق وقال بعضهم: رواه مائتان من الصحابة وألفاظهم متقاربة والمعنى واحد ومنها من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار قالوا وهذا أصعب ألفاظه وأشقها لشموله للمصحف واللحان والمحرف وقال ابن الصلاح: ليس في مرتبته من التواتر غيره لكن نوزع(6/214)
8994 - (من كذب علي فهو في النار) ظاهره ولو مرة قال أحمد: فيفسق وترد شهادته ورواياته ولو تاب وحسنت حالته تغليظا عليه وغالب الكذابين على النبي صلى الله عليه وسلم زنادقة أرادوا تبديل الدين قال حماد: وضعت الزنادقة أربعة عشر ألف حديث
<تنبيه> قال البيضاوي: ليس كل ما ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم صدقا والاستدلال فيه جائزا فإنه روى عن شعبة وأحمد والبخاري ومسلم أن نصف الحديث كذب وقد قال عليه الصلاة والسلام إنه سيكذب علي فهذا الخبر إن كان صدقا فلا بد أن يكذب عليه وقال من كذب علي متعمدا الحديث وإنما وقع هذا من الثقات لا عن تعمد بل لنسيان كما روي أن ابن عمر روى أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فبلغ ابن عباس قال: ذهب أبو عبد الرحمن إنه صلى الله عليه وسلم مر بيهودي يبكي على قبر فذكره أو لالتباس لفظ بلفظ أو تغيير عبارة ونقل بالمعنى نظيره أن ابن عمر روى أنه وقف على قتلى بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حفا ثم قال إنهم يسمعون ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت لا بل قال لتعلمون ما أقول إن الذي كنت أقول لهم هو الحق أو لأنه ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم حكاية فظن الراوي أنه من عنده أو لأن ما قاله مختص بسبب فغفل الراوي عنه كما روي أنه قال التاجر فاجر فقالت عائشة: إنما قاله في تاجر يدلس وقد يقع عن تعمد إما عن ملاحدة طعنا في الدين وتنفيرا للعقلاء عنه وإما عن الغلاة المتعصبين تقريرا لمذهبهم وردا لخصومهم كما روي أنه قال سيجيء أقوام يقولون القرآن مخلوق فمن قال ذلك فقد كفر أو جهلة القصاص ترقيقا لقلوب العوام وترغيبا لهم في الأذكار أو لغير ذلك
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب(6/216)
8995 - (من كذب في حلمه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) أشار بإيراده هذا الحديث غب الكذب عليه إلى أن الكذب عليه في الرؤيا كالكذب عليه في الرواية وربما كان أغلظ لاجتماع الكذب في رؤيا المنام مع الكذب عليه في اليقظة ولما عجز الكذبة في هذه العصور وقبلها عن افتراء الكذب في الرواية لجهلهم بمعرفة الأسانيد والمتون عدلوا إلى وضع منامات مكذوبة فيها أوامر ونواه بألفاظ عامية وكلمات ركيكة وتراكيب ضعيفة فعلى المكلف الضرب عن ذلك صفحا واعتقاد أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى ترك الناس على شريعة بيضاء ليلها كنهارها لا تحتاج إلى تتمة ولا تفتقر إلى زيادة وحسبك في الرد عليهم {اليوم أكملت لكم دينكم}
(حم عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه(6/216)
8996 - (من كرم أصله وطاب مولده حسن محضره) فكان مفتاحا للخير مغلاقا للشر ولا يذكر أحد في المجلس إلا بخير
(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي: قال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ورواه الديلمي عن ابن عمر(6/216)
[ص:217] 8997 - (من كظم غيظا) أي أمسك وكف عن إمضائه من كظمت القربة إذا ملأنها وشددت رأسها ذكره القاضي (وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا) لأنه قهر النفس الأمارة بالسوء فانحلت ظلمة قلبه فامتلأ يقينا وإيمانا ولهذا أثنى الله على الكاظمين الغيظ في كتابه وكان ذلك من آداب الأنبياء والمرسلين ومن ثم خدم أنس المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين فلم يقل له في شيء فعله لم فعلته ولا في شيء تركه لم تركته
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي: فيه من لم يسم ورواه أبو داود باللفظ المزبور لكنه قال على أن ينفذه بدل إنفاذه قال ابن طاهر: وفي إسناده مجهول وأورده في الميزان في ترجمة عبد الجليل وقال: قال البخاري: لا يتابع عليه ورواه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه زوجه الله من الحور العين يوم القيامة ومن ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه كساه الله رداء الإيمان يوم القيامة ومن أنكح عبدا وضع الله على رأسه تاج الملك يوم القيامة قال الهيثمي: فيه بقية مدلس ورواه الطبراني من حديث أبي مرحوم عن معاذ مرفوعا بلفظ " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلق يوم القيامة حتى يزوجه من أي الحور شاء " قال في المهذب: أبو مرحوم ليس بذاك(6/217)
8998 - (من كف غضبه) وفي رواية لسانه (ستر الله عورته) أي من منع نفسه عند هيجان الغضب عن أذى معصوم فعاجل ثوابه أن يستر عورته في الدنيا ومن ستره فيها لا يهتكه في الآخرة ولا يعذبه بنارها لأن من وراء الستر الرضا والنار إنما تلظت وتسعرت لغضبه فإذا كف العبد غضبه ستر الله عورته وأما ما صح أن موسى اغتسل عريانا فوضع ثوبه على حجر في خلوة ففر به فعدا وراءه يقول ثوبي يا حجر ويضربه بعصاه حتى أثرت فيه فهو ضرب تأديب لا انتقام
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزين العراقي: إسناده حسن(6/217)
8999 - (من كفن ميتا) أي قام له بالكفن من ماله واحتمال أن المراد فعل التكفين لا يلائم السياق (كان له بكل شعرة منه حسنة) يعطاها في الآخرة والظاهر أن المراد الميت المعسر العاجز عن الكفن وليس له من يلزمه مؤونة تجهيزه ويحتمل التعميم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي " من كفن ميتا كساه الله من السندس "
(خط عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي: تفرد به أبو العلاء خالد بن طهمان وتفرد به عنه الصلت بن الحجاج قال يحيى: خالد ضعيف وابن عدي: عامة أحاديث الصلت منكرة وفي الميزان: الظاهر أن هذا حديث موضوع(6/217)
9000 - (من كنت مولاه فعلي مولاه) أي وليه وناصره ولاء الإسلام {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} وخصه لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن سيرته وصفاء سريرته وكرم شيمته ورسوخ قدمه قيل سببه أن أسامة قال لعلي: لست مولاي إنما مولاي رسول الله فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك ومن الغريب ما ذكره في لسان الميزان في ترجمة اسفنديار بن الموفق الواعظ أنه كان يتشيع وكان متواضعا عابدا زاهدا عن ابن الجوزي [ص:218] أنه حكى عن بعض العدول أنه حضر مجلسه فقال لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه تغير وجه أبي بكر وعمر ونزلت {فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا} الآية هكذا ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من هذا الضلال وأستغفر الله قال ابن حجر: حديث كثير الطرق جدا استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفي بعضها قال ذلك يوم غدير خم وزاد البزار في رواية " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله " ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما خرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص " أمسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة " وأخرج أيضا قيل لعمر إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من الصحابة قال إنه مولاي وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما قال ذلك طار في الآفاق فبلغ الحارث بن النعمان فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال: يا محمد أمرتنا عن الله بالشهادتين فقبلنا وبالصلاة والزكاة والصيام والحج فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فهذا شيء منك أم من الله فقال: " والذي لا إله إلا هو إنه من الله " فولى وهو يقول: اللهم إن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو اتتنا بعذاب أليم فما وصل لراحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته فخرج من دبره فقتله ولا حجة في ذلك كله على تفضيله على الشيخين كما هو مقرر بمحله من فن الأصول
(حم هـ عن البراء) بن عازب (حم عن بريدة) بن الحصيب (ت ن والضياء) المقدسي (عن زيد بن أرقم) قال الهيثمي: رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر: رجاله رجال الصحيح وقال المصنف: حديث متواتر(6/217)
9001 - (من كنت وليه فعلي وليه) يدفع عنه ما يكره قال الشافعي: عنى به ولاء الإسلام ورواه الديلمي بلفظ " من كنت نبيه فعلي وليه " ولهذا قال أبو بكر فيما أخرجه الدارقطني " على عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي الذين حث على التمسك بهم
(حم ن ك عن بريدة) بن الحصيب قال الهيثمي في موضع: رجاله موثقون وفي آخر: رجاله ثقات وفي آخر: رجاله رجال الصحيح(6/218)
9002 - (من لبس الحرير في الدنيا) أي من الرجال كما أفاده الحديث المار " حرم الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم " (لم يلبسه في الآخرة) أي جزاؤه أن لا يلبسه فيها لاستعجاله ما أمر بتأخيره ووعد به فحرمه عند ميقاته كوارث قتل مورثه {أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها} وهذا وعيد مقتض لهذا الحكم وقد يتخلف لمانع وقد دلت النصوص القرآنية على أن التوبة لحوق الوعيد وكذا الحسنات الماحية والمصائب المكفرة والدعاء والشفاعة بل وشفاعة أرحم الراحمين إلى نفسه ولمالك الجزاء إسقاطه وهذا الحديث نظير " من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة "
(حم ق) في اللباس (ن) في الزينة كلهم (عن أنس) بن مالك(6/218)
9003 - (من لبس ثوب الشهرة) أي ثوب تكبر وتفاخر والشهرة هي التفاخر في اللباس المرتفع أو المنخفض للغاية ولهذا قال ابن القيم: هو من الثياب الغالي والمنخفض وقال ابن الأثير: ظهور الشيء في شنعة حتى بظهره للناس (أعرض الله عنه) أي لم ينظر الله إليه نظر رحمة ويستمر ذلك (حتى يضعه متى وضعه) بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب وقال ابن الأثير: المراد به ما ليس من لبس الرجال يعني يشتهر بينهم بمخالفة ثوبه لألوان ثيابهم وليس ذا مختصا [ص:219] بالثياب بل يحصل لمن لبس ما يخالف ملبوس الناس فيعجبوا من لباسه ويعتقدوه وقال القاضي: المراد بثوب الشهرة ما لا يحل لبسه وإلا لما رتب الوعيد عليه أو ما يقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء والإدلال والتيه عليه وكسر قلوبهم أو ما يتخذه المساخر ليجعل به نفسه ضحكة بين الناس أو ما يرائي به من الأعمال فكنى بالثوب عن العمل وهو شائع والأظهر الأول لملاءمته لقوله ألبسه الله ثوب مذلة
(هـ والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) وضعفه المنذري وقال غيره: فيه وكيع بن محرز الشامي قال في الميزان: قال البخاري رحمه الله تعالى: عنده عجائب وساق هذا منها وقال أبو حاتم: لا بأس به(6/218)
9004 - (من لبس ثوب شهرة) قال القاضي: الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث يشتهر به (ألبسه الله يوم القيامة) التي هي دار الجزاء وكشف الغطاء (ثوبا مثله) كذا بخط المصنف وفي رواية ثوب مذلة أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع الأعظم بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب لأنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على غيره فيلبسه الله مثله (ثم تلهب فيه النار) عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس العمل فأذله الله كما عاقب من أطال ثوبه خيلاء بأن خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ولبس الدنيء من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع فيذم إذا كان شهرة وخيلاء ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة كما أن لبس الرفيع منها يذم إذا كان لكبر أو فخر ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا للنعمة
(د هـ) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري: إسناده حسن اه وقال عبد الحق: فيه شريك بن عثمان بن أبي زرعة اه قال ابن القطان: يوهم ضعف عثمان وما به ضعف اه. ورواه عنه أيضا النسائي في الزينة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك عن السنة به غير لائق(6/219)
9005 - (من لبس الحرير) أي من الرجال (في الدنيا) أي عامدا عالما بلا عذر (ألبسه الله يوم القيامة ثوبا) أو قال يوما هكذا ذكره المنذري (من نار) جزاء بما عمل وفي رواية " من لبس ثوب حرير في الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة من النار أو ثوبا من النار " كذا ساقه المنذري
(حم) وكذا الطبراني (عن جويرية) تصغير جارية قال الهيثمي: فيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه اه. وقال المنذري عقب عزوه لأحمد والطبراني: فيه جابر الجعفي قال: ورواه البزار عن حذيفة رضي الله عنه موقوفا " من لبس ثوب حرير ألبسه الله يوما من نار ليس من أيامكم ولكن من أيام الله الطوال "(6/219)
9006 - (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته) الماحية لذلك (أن يعتقه) أي ندبا وأجمعوا على عدم وجوبه قال ابن العربي: إذا لطمته فقد ظلمته وفعلت به ما ليس لك فعله فتعين النظر في مغفرة ذلك الذنب بما يقارنه ويناسبه من العمل وهو العتق لينجو اللاطم من النار باخراج الملطوم من الرق فإن قيل: وباللطمة يستحق النار قلنا: حق الآدمي لا يسقط إلا برضاه واللطمة قد تكون بسبب دخول صاحبها النار بأن تصادفه وقد استوت حسناته وسيئاته فتوضع اللطمة في كفة السيئات فترجح فيقتضي النار فيكون عتقها عاصما منها أجرا في مقابل وزر محلا بمحل
(حم م د عن ابن عمر) بن الخطاب(6/219)
9007 - (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله) وفي رواية مسلم " من لعب بالنردشير فكأنما صنع يده في لحم الخنزير ودمه " والنردشير هو النرد ومعناه الفرس حلو قيل: سبب حرمته أن واضعه سابور بن أزدشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يوما والسواد والبياض بالليل [ص:220] والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان واللعب بها بالكسب فصار من يلعب بها حقيقا بالوعيد المفهوم من تشبيه أحد الأمرين بالآخر لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله. وقد اتفق السلف على حرمة اللعب به ونقل ابن قدامة عليه الإجماع ولا يخلو عن نزاع قال الزمخشري: دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس العشير
(حم د هـ) في الأدب (ك) في الإيمان (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي ولم يضعفه أبو داود قال ابن حجر: وهم من عزاه لمسلم(6/219)
9008 - (من لعب بطلاق أو عتاق) أي قال: طلقت زوجتي أو أعتقت عبدي هازلا (فهو كما قال) أي فيقع الطلاق والعتق فإن هزلهما جد كما مر
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف فرمز المصنف لحسنه لا يحسن(6/220)
9009 - (من لعق الصحفة ولعق أصابعه) من أثر الطعام (أشبعه الله في الدنيا والآخرة) يحتمل الدعاء والخبر قال زين الحفاظ العراقي: وينبغي في لعق الأصابع الابتداء بالوسطى فالسبابة فالإبهام كما ثبت في حديث كعب بن عجرة اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وسببه أن الوسطى أكثرها تلوثا بالطعام لكونها أعظم الأصابع وأطولها فينزل في الطعام منها أكثر منهما وينزل من السبابة فيه أكثر من الإبهام لطول السبابة عليها ويحتمل أن البداءة بالوسطى لأنه ينتقل منها إلى جهة اليمين في لعق الأصابع وذلك لأن الذي يلعق أصابعه يكون بطن كفه إلى جهة وجهه فإذا ابتدأ بالوسطى انتقل للسبابة على جهة يمينه ثم الإبهام كذلك بخلاف ما لو بدأ بالإبهام فإنه ينتقل إلى جهة يساره وهذا أظهر الاحتمالات
(طب عن العرباض) بن سارية قال زين الحفاظ العراقي: فيه شيخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن عزق ضعفه الذهبي وقال الهيثمي: فيه رجل مجهول(6/220)
9010 - (من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر) قال الطيبي: صفة لغدوات أي غدوات كائنة في كل شهر (لم يصبه عظيم من البلاء) لما في العسل من المنافع الدافعة للأدواء وتخصيص الثلاث لسر علمه الشارع والعسل يذكر ويؤنث وأسماؤه تزيد على المئة ومن منافعه أنه يجلي وسخ العروق والأمعاء ويدفع الفضلات ويغسل خمل المعدة ويشدها ويسخنها باعتدال ويفتح أفواه العروق ويحلل الرطوبة أكلا وطلاء وتغذية وينقي الكبد والصدر والكلى والمثانة ويدر البول والطمث وينفع السعال البلغمي وغير ذلك وهو غذاء من الأغذية ودواء من الأدوية وشراب من الأشربة وحلوى من الحلاوات وطلاء من الأطلية ومفرح من المفرحات
(هـ) عن إدريس بن عبد الكريم المغربي عن أبي الربيع الزهراني عن سعيد بن زكريا المدائني عن الزهر بن سعيد عن عبد الحميد بن سالم (عن أبي هريرة) قال في الميزان عن البخاري: لا يعرف لعبد الحميد سماع من أبي هريرة وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف لكنه قال: إن ابن ماجه خرجه من حديث جابر والمؤلف قال: عن أبي هريرة فليحرر وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الزبير: ليس بثقة وقال العقيلي: ليس لهذا الحديث أصل ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا وهو ما رواه أبو الشيخ [ابن حبان] في الثواب عن أبي هريرة مرفوعا من شرب العسل ثلاثة أيام في كل شهر على الريق عوفي من الداء الأكبر الفالج والجذام والبرص(6/220)
9011 - (من لقي الله) أي من لقي الأجل الذي قدره الله يعني الموت (لا يشرك به) أي والحال أنه لقيه وهو غير [ص:221] مشرك به (شيئا) قال أبو البقاء: شيئا مفعول يشرك ومنه قوله تعالى {ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} ويجوز كونه في موضع المصدر وتقديره لا يشرك به إشراكا كقوله تعالى {لا يضركم كيدهم شيئا} أي ضررا (دخل الجنة) أي من مات مؤمنا غير مشرك بالله دخل الجنة بفضل الله ابتداء أو بعد عتاب أو عقاب ومن مات مشركا دخل النار وخلد فيها بالدلائل الدالة عليه فإن قيل أهل الكتاب ليسوا بمشركين ولا يدخلون الجنة فالجواب أن الشرك هنا إن كان بمعنى الكفر فقد اندفع السؤال وإلا كان الكفر مساويا للشرك في استحقاق الخلود في النار فألحق به
(حم خ) في كتاب العلم (عن أنس) بن مالك قال: ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ من لقي إلخ قال: ألا أبشر الناس قال: لا أخاف أن يتكلوا كذا في البخاري وزاد أحمد والطبراني ولم تضره معه خطيئة كما لو لقيه وهو بشرك به دخل النار ولم ينفعه معه حسنة قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح ما خلا التابعي فلم يسم ثم إن ظاهر صنيع المؤلف أن هذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه وليس كذلك بل رواه مسلم من حديث جابر بزيادة وزاد " ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار "(6/220)
9012 - (من لقي الله بغير أثر) أي علامة من جراحة أو تعب نفساني أو غير ذلك (من جهاد) صفة وهي نكرة في سياق النفي فتعم كل جهاد مع العدو والنفس والشيطان (لقي الله وفيه ثلمة) أي نقصان يوم القيامة وأصلها أن تستعمل في نحو الجدار ثم استعيرت هنا للنقص والأثر ما بقي من رسم الشيء وحقيقته ما يدل على وجود الشيء ثم قيل إنه خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عام
<تنبيه> الجهاد من الجهد وهو المشقة فإنه سفر عن الوطن والسفر قطعة من العذاب مع ما فيه من المخاطرة بالنفس فلذلك عظمت درجة المجاهد لعظيم ما يلقى وكثرة حسناته لأنه يقاتل عن كل من وراءه من المسلمين ولولا الجهاد لوصل العدو إليهم فكأنه ناب مناب الكل
(ت هـ ك) في الجهاد من حديث الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عن سمى عن أبي صالح (عن أبي هريرة) قال الحاكم: هذا حديث كبير غير أن إسماعيل لم يحتجا به وقال الذهبي في موضع: إسماعيل ضعفوه وفي آخر: ضعيف واه اه(6/221)
9013 - (من لقي العدو فصبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره) أي لم يسأله الملكان منكر ونكير فيه كما يسأل غيره لما مر
(طب ك عن أبي أيوب) الأنصاري قال الهيثمي: وفيه منصف بن بهلول والد محمد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/221)
9014 - (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر) أي لم يفهم في أثناء صلاته أمورا تلك الأمور تنهى عن الفحشاء والمنكر (لم يزدد) بصلاته (من الله إلا بعدا) لأن صلاته ليست هي المستحق بها الثواب بل هي وبال يترتب عليه العذاب قال الحرالي: هذه الآفة غالبة على كثير من أبناء الدنيا واستدل به الغزالي على أن الخشوع شرط للصلاة قال: لأن صلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء والمنكر
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس وقال الزيلعي: فيه يحيى بن طلحة اليربوعي وثقه ابن حبان وضعفه النسائي وقال في الميزان: هو صويلح الحديث وقال النسائي: ليس بشيء وساق له هذا الخبر ثم قال: أفحش بن الجنيد فقال: هذا كذب وزور ورواه عنه أيضا ابن مردويه في تفسيره. قال الحافظ العراقي: وسندهما لين ورواه علي بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح(6/221)
9015 - (من لم يأت بيت المقدس يصلي فيه فليبعث) إليه (بزيت يسرج فيه) لينتفع بضوئه المصلون والعاكفون فإن [ص:222] ذلك يقوم مقام الصلاة فيه فإن من أعان على خير فله مثل أجره فاعله وذا قاله لما قالت له ميمونة يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال ائتوه فصلوا فيه قالت فإن لم نستطع فذكره
(هب عن ميمونة) أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ففيه عثمان بن عطاء الخراساني أورده الذهبي في الضعفاء وقال: ضعفه الدارقطني وغيره وقال عبد الحق: إسناده ليس بقوي(6/221)
9016 - (من لم يأخذ من شاربه) ما طال حتى يبين الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على طريقتنا الإسلامية وأخذ بظاهره جمع فأوجبوا قصه والجمهور على الندب كما مر غير مرة
(حم ت) في الاستئذان (ن) في الطهارة (والضياء) في المختارة (عن زيد بن أرقم) قال الترمذي: حسن(6/222)
9017 - (من لم يؤمن بالقدر) بالتحريك أي القضاء الإلهي (خيره وشره فأنا منه بريء)
(ع عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه صالح بن سرح وهو خارجي وأقول: فيه أيضا يزيد الرقاشي وهو متروك كما مر فتعقبيه الجناية برأس الخارجي وحده خارج عن الإنصاف(6/222)
9018 - (من لم يبيت الصيام) وفي رواية لابن ماجه من لم يفرضه من الليل أي يقطع بالصوم من الليل والفرض القطع وعند الدارقطني من لم يروضه أي يتعرض للصيام وينوبه وفي رواية حكاها ابن العربي من لم يبت الصيام والبت القطع (قبل طلوع الفجر) أي ينويه من الليل (فلا صيام له) ظاهره فرضا كان أو نفلا وعليه جمع منهم ابن عمر ومالك وداود الظاهري والمزني وخصه الأكثر بالفرض لخبر الدارقطني عن عائشة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: " هل عندكم من غداء قالت: لا قال: فإني إذا أصوم " الحديث وإذن للاستقبال والاستثناف واتفقوا على اشتراط التبييت في كل فرض لم يتعلق بزمن معين واختلفوا فيما له زمن معين فشرطه الأكثر فيه أخذا بعموم الحديث غير أن مالكا وأحمد في إحدى روايتين قالا لو نوى أول ليلة من رمضان صوم جميع الشهر أجزأ لأن صوم الكل كصوم يوم واحد قال القاضي: وهو قياس مردود في مقابلة النص ولم يشترط الحنفية التبييت في صوم رمضان والنذر المعين وشرطوه في النذر غير المعين والقضاء والكفارة
(قط) من طريق عبد الله بن عباد عن الفضل بن فضالة عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة (هق عن عائشة) قال الدارقطني: تفرد به عبد الله بن عباد عن الفضل وكلهم ثقات اه. وقال الذهبي: هو واه وقال الزين العراقي: قال الدارقطني: كلهم ثقات اه. يحتمل أن يراد به المفضل ومن بعده دون عبد الله بن عباد فيكون مراده أنه المتهم به وأنه عصب الجناية به ويحتمل أن يراد به رجاله كلهم عبد الله وغيره فيكون تقوية للحديث والأول أقرب لأن غير واحد اتهم عبد الله بهذا الحديث قال ابن حبان: يقلب الأخبار وعنده نسخة موضوعة ثم ذكر هذا الحديث وفهم ابن العربي من كلام الدارقطني تصحيحه فخطب له وادعى دعاوي عريضة(6/222)
9020 - (من لم يجمع) فسكون أي يحكم النية ويعقد العزيمة والإجماع العزم التام قال القاضي: يقال أجمع على الأمر وجمع إذا صمم ومنه {وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم} أي أحكموه بالعزيمة ولفظ رواية النسائي من لم يبيت (الصيام [ص:223] قبل الفجر) أي الصادق (فلا صيام له) أي صحيح فهو نفي للحقيقة الشرعية وإن وجد الإمساك وحمله من يجوز الصوم بالنية نهارا مطلقا على نفي الكمال. قال أصحابنا في الأصول: ومن البعيد تأويل الحنفية الحديث على القضاء والنذر لصحة غيرهما بنية من النهار عندهم وذلك لأن قصر العام النص في العموم على نادر لندرة القضاء والنذر بالنسبة إلى صوم المكلف به في أصل الشرع
<تنبيه> قال ابن العربي: ألبست القدرية بهذا الحديث على سلفنا الأصوليين وأسكنتهم في ضنك من النظر فقالت لهم: إن النفي بلا إذا اتصل باسم على تفصيل فإنه مجمل وقاضوهم وناظروهم فيه وما كان لهم أن يفعلوا فإن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يبعث لبيان المشاهدات فإذا نفى شيئا وأثبته فإنما ينفيه ويثبته شرعا فليس في كلامه بذلك احتمال فيدخله إجمال
(حم 3 عن حفصة) قال ابن حجر: سنده صحيح لكن اختلف في رفعه ووقفه وصوب النسائي وقفه اه. وفي العلل للترمذي عن البخاري أن هذا خطأ والصحيح وقفه على ابن عمر(6/222)
9019 - (من لم يترك) من الأموات (ولدا ولا والدا) يرثه (فورثته كلالة) هو أن يموت رجل ولا يدع ولدا ولا والدا يرثانه والكلالة الوارثون الذين ليس فيهم والد ولا ولد فهو واقع على الميت وعلى الوارث
(هق عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهري اسمه عبد الرحمن أو إسماعيل تابعي ثقة مكثر أحد الأئمة وفي موته أقوال(6/223)
9021 - (من لم يحلق عانته) يعني يزيل الشعر الذي على فرجه وحوله وخص الحلق لأنه الأغلب (ويقلم أظفاره) أي أظفار يديه ورجليه بقص أو غيره (ويجز شاربه) حتى تتبين الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على سنتنا الإسلامية فإن ذلك مندوب ندبا مؤكدا فتاركه متهاون بالسنة لا أن ذلك واجب كما ظن
(حم عن رجل) رمز لحسنه وليس كما ظن فقد قال الحافظ العراقي: هذا لا يثبت وفي إسناده ابن لهيعة والكلام فيه معروف(6/223)
9022 - (من لم يخلل أصابعه) أي أصابع يديه ورجليه في الوضوء والغسل (بالماء خللها الله بالنار) أي أدخل النار بينهما (يوم القيامة) جزاء له على إهماله وتقصيره فيما طلب منه وهذا الوعيد محمول على من لم يصل الماء لما بين أصابعه إلا بالتخليل فأفاد به أنه لا يجوز ترك ما خفي كما هو بين أما من يصل الماء له بدونه فهو له مندوب وتركه مكروه
(طب عن واثلة) بن الأسقع وضعفه المنذري ولم يبين وجهه وبينه الهيثمي فقال: فيه العلاء بن كثير الليثي وهو مجمع على ضعفه(6/223)
9023 - (من لم يدرك الركعة) في الوقت (لم يدرك الصلاة) أي أداء بل تكون قضاء
(هق) من حديث عبد العزيز بن محمد المكي (عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه وقال الذهبي في المهذب: لا أعرف المكي(6/223)
9024 - (من لم يدع) يترك (قول الزور) الكذب والميل عن الحق (والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الشرع عنه زاد البخاري في الأدب والجهل وزاد ابن وهب في الصوم وعليه فإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم ذكره العراقي (فليس لله حاجة) قال ابن الكمال: هذا وما أشبهه يتفرع على الكناية كقوله تعالى {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة} أي ليس له اعتبار عند الله اه. وأصله قول الزين العراقي فليس لله حاجة في كذا أي ليس مطلوبا له [ص:224] فكنى به عن طلبه تعالى لذلك تجوزا إذ الطلب في الشاهد إنما يكون غالبا عن حاجة الطالب (في أن يدع) أي يترك (طعامه وشرابه) فهو مجاز عن الرد وعدم القبول قال البيضاوي: فنفى السبب وأراد المسبب وإلا فهو سبحانه لا يحتاج إلى شيء وذلك لأن الغرض من إيجاب الصوم ليس نفس الجوع والظمأ بل ما يتبعه من كسر الشهوة وإطفاء ثائرة الغضب وقمع النفس الأمارة وتطويعها للنفس المطمئنة فوجوده بدون ذلك كعدمه ذكره كله البيضاوي رحمه الله تعالى فإن قيل: فيلزم الصائم القضاء إذا كذب قلنا: سقوط القضاء من أحكام الدنيا وهي تعتمد وجود الأركان والشرائط ولا خلل فيها فلا قضاء وأما عدم القبول فمعناه عدم استحقاق الفاعل الثواب في الآخرة أو نقصانه وذلك يعتمد اشتماله على الكمالات المقصودة وقول ابن بطال رحمه الله تعالى: معنى قوله حاجة أي إرادة في صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة رد بأنه لو لم يرد الله تركه لم يقع وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور بل التحذير من قوله وفيه كما قال الطيبي: دليل على أن الكذب والزور أصل الفواحش ومعدن النواهي بل قرين الشرك قال تعالى {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور} وقد علم أن الشرك مضاد الإخلاص وللصوم مزيد اختصاص بالإخلاص فيرتفع بما يضاده
(حم خ د ت هـ عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم(6/223)
9025 - (من لم يذر) بفتح الياء وذال معجمة أي يترك (المخابرة) وهي العمل على أرض ببعض ما يخرج منها كذا فسره أصحابنا قال ابن رسلان: ولا يستقيم إذ العمل من وظيفة العامل فلا يفسر العقد به (فليؤذن) بالبناء للمفعول (بحرب من الله ورسوله) وجه النهي أن منفعة الأرض ممكنة بالإجارة فلا حاجة للعمل عليها ببعض ما يخرج منها
(د ك عن جابر) وفيه عند أبي داود عبد الله بن رجاء أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال: صدوق قال الفلاس: كثير الغلط والتصحيف ورواه أيضا الترمذي في العلل وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال: إنما نهى عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا يشترطونها فمن لم ينته فليؤذن بحرب(6/224)
9026 - (من لم يرحم صغيرنا) أي من لا يكون من أهل الرحمة لأطفالنا أيها المسلمون (ويعرف حق كبيرنا) سنا أو علما (فليس منا) أي ليس على طريقتنا وسنتنا
(خد د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه ورواه الحاكم باللفظ المزبور وصححه وأقره الذهبي(6/224)
9027 - (من لم يرض بقضاء الله ويؤمن بقدر الله فليلتمس إلها غير الله) لا إله إلا هو فعلى العبد الرضى بقضائه وقدره ولا يلزم من الرضا بالقضاء الرضا بالمقضي
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه سهل بن أبي حزم وثقه ابن معين وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات(6/224)
9028 - (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) لأنه لم يطعه في امتثال أمره بشكر الناس الذين هم وسائط في إيصال نعم الله عليه والشكر إنما يتم بمطاوعته فمن لم يطعه لم يكن مؤديا شكره أو لأن من لم يشكر الناس مع ما يرى من حرصهم على حب الثناء على الإحسان فأولى بأن يتهاون في شكر من يستوي عليه الشكر والكفران احتمالان للبيضاوي والأول أقرب ومن ثم اقتصر عليه ابن العربي حيث قال: الشكر في العربية إخبار عن النعمة المبتدأة إلى المخبر وفائدته صرف النعم في الطاعة وإلا فذلك كفران وأصل النعم من الله والخلق وسائط وأسباب فالمنعم حقيقة هو الله وله الحمد وله الشكر فالحمد خبر عن جلاله والشكر خبر عن إنعامه وأفضاله لكنه أذن في الشكر للناس لما فيه من تأثير المحبة [ص:225] والألفة وفي رواية لا يشكر الله من لا يشكر الناس قال ابن العربي: روي برفع الله والناس ونصبهما ورفع أحدهما ونصب الآخر قال الزين العراقي: والمعروف المشهور في الرواية نصبهما ويشهد له حديث عبد الله بن أحمد: من لا يشكر الناس لم يشكر الله
(حم ت) في البر (والضياء) في المختارة (عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي: حسن وقال الهيثمي: سند أحمد حسن ولأبي داود وابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة وقال: صحيح(6/224)
9029 - (من لم يصل ركعتي الفجر) في وقتها (فليصلهما بعد ما تطلع الشمس) فيه أن الراتبة الفائتة تقتضى
(حم ت ك) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي(6/225)
9030 - (من لم يطهره البحر) الملح أي ماؤه (فلا طهره الله) دعا عليه فإنه الطهور ماؤه وفيه رد على كره التطهر به من السلف وأخرج الدارقطني عن ابن عباس البحر ماء طهور للملائكة إذا نزلوا توضؤوا وإذا صعدوا توضؤوا
(قط عن أبي هريرة) قال في المهذب: ساقه المؤلف يعني البيهقي من حديث محمد بن حميد وهو واه اه وقال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه سعيد بن ثوبان وأبو هند مجهولون(6/225)
9031 - (من لم يقبل رخصة الله) يعني لم يعمل بها (كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) في عظمها تمسك به الظاهرية فأوجبوا الفطر في السفر وقالوا: لو صامه لم ينعقد صومه وذهب الجمهور إلى جواز الصوم بل إلى أفضليته على الفطر وأجابوا عن هذا الحديث ونحوه بحمله على من يخاف ضررا وعلى من وجد في نفسه رغبة عن الفطر ولم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب قاله ابن عمر لما جاءه رجل فقال: إني أقوى على الصوم في السفر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره. رمز لحسنه. قال الزين العراقي في شرح الترمذي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني معا: إسناده حسن وقال الهيثمي: إسناد أحمد حسن(6/225)
9032 - (من لم يوتر فلا صلاة له) أي كاملة
(طس عن أبي هريرة)(6/225)
9033 - (من لم يوص) عند موته (لم يؤذن له في الكلام مع الموتى) عقوبة له على ما ترك ما أمر به وتمامه عند مخرجه أبي الشيخ قيل: يا رسول الله ويتكلمون قال: نعم ويتزاورون اه
(تتمة) أخرج ابن أبي الدنيا أن حفارا حفر قبرا ونام عنده فأتاه امرأتان فقالت إحداهما: أنشدك بالله إلا ما صرفت عنا هذه المرأة فاستيقظ فإذا بامرأة جيء بها فدفنها في قبر آخر فرأى في تلك الليلة المرأتين تقول إحداهما: جزاك الله خيرا فقال: ما لصاحبتك لم تتكلم فقالت: ماتت بغير وصية ومن لم يوص لم يتكلم إلى يوم القيامة
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (الوصايا عن قيس) بن قبيصة(6/225)
9034 - (من مات محرما حشر ملبيا) لأن من مات على شيء بعث عليه كما هو نص الخبر الآتي ولذلك قال بعض الصحابة: يحشر الناس يوم القيامة على مثل هيئتهم في الصلاة من الطمأنينة والهدوء ومن وجود النعيم بها واللذة وغير ذلك
(خط عن ابن عباس) وسببه كما في تاريخ ابن عساكر عن الصولي أن المغيرة المهلبي قال: سئل الحسن الخليع عن الأمين وأدبه فوصف أدبا كثيرا قيل: فالفقه؟ قال: ما سمعت فقها ولا حديثا إلا مرة نعى إليه غلام له بمكة فقال: حدثني أبي [ص:226] عن أبيه عن المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره(6/225)
9035 - (من مات مرابطا في سبيل الله آمنه الله من فتنة القبر) لأن المرابط ربط نفسه وسجنها وصيرها حبيسا لله في سبيله لحرب أعدائه فإذا مات على ذلك فقد ظهر صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر
(طب عن أبي أمامة) الباهلي رمز لحسنه وفيه محمد بن حفص الحمصي عن محمد بن حمير وابن حفص قال في اللسان كأصله: ضعفه ابن منده وتركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان وابن حمير جهله الدارقطني وضعفه غيره ذكره فيه أيضا(6/226)
9036 - (من مات على شيء بعثه الله عليه) أي يموت على ما عاش عليه ويراعى في ذلك حال قلبه لا حال شخصه لأن نظر الحق إلى القلوب دون ظواهر الحركات فمن صفات القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة ولا ينجو فيها إلا من أتى الله بقلب سليم كذا قرره حجة الإسلام
(حم ك) في الرقاق (عن جابر) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي(6/226)
9037 - (من مات من أمتي) أي أمة الإجابة والحال أنه (يعمل عمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من دون النساء ودفن في مقابر المسلمين (نقله الله إليهم) أي إلى مقابرهم فصيره فيهم (حتى يحشر) يوم القيامة (معهم) فيكون معهم أينما كانوا
<تنبيه> في تذكرة العلم البلقيني عن ابن عقيل: جرت مناظرة بين أبي علي بن الوليد وبين أبي يوسف القزويني في إباحته جماع الولدان في الجنة فقال ابن الوليد: لا يمتنع أن يجعل ذلك من جملة لذاتها لزوال المفسدة لأنه إنما منع منه في الدنيا لقطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك ولهذا أبيح شرب الخمر فيها وقال أبو يوسف: الميل إلى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه لأنه محل لم يخلق للوطء ولهذا لم يبح في شريعة من الشرائع بخلاف الخمر وهو مخرج الحدث والجنة منزهة من العاهات فقال ابن الوليد: العاهة التلوث بالأذى وهو مفقود
(خط عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل إنما ذكره مقرونا ببيان علته فإنه أورده في ترجمة عيسى بن مسلم الصفار المعروف بالأحمر عن حماد بن زيد عن سهل عن أنس قال: وعيسى هذا حدث عن مالك وحماد وابن عباس بأحاديث منكرة اه بنصه(6/226)
9038 - (من مات) عام في المكلفين بقرينة قوله (و) الحال أن (عليه صيام) هذا لفظ الشيخين ولم يصب من عزاه لهما بلفظ صوم (صام عنه) ولو بغير إذنه (وليه) أي جوازا لا لزوما عند الشافعي في القديم المعمول به كالجمهور وبالغ إمام الحرمين وأتباعه فادعوا الإجماع عليه واعتراضه بأن بعض الظاهرية أوجبه ساقط إذ الإمام قال: لا أقيم للظاهرية وزنا والجديد وهو مذهب أبي حنيفة ومالك عدم جواز الصوم عن الميت لأنه عبادة بدنية والمراد بوليه على الأول كل قريب أو الوارث أو عصبته وخرج الأجنبي فلا يصوم إلا بإذن الميت أو الولي بأجرة أو دونها
(حم ق د) في الصوم (عن عائشة) وصححه أحمد وعلق الشافعي به على ثبوت الحديث وقد ثبت(6/226)
9039 - (من مات) في رواية البخاري من أمتي (لا يشرك بالله شيئا) اقتصر على نفي الشرك لاستدعائه التوحيد بالاقتصار واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم إذ من كذب رسل الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو مشرك وهو كقولك من توضأ صحت صلاته أي مع سائر الشروط فالمراد من مات حال كونه مؤمنا بجميع ما يجب به الإيمان إجمالا في [ص:227] الإجمالي وتفصيلا في التفصيلي (دخل الجنة) أي عاقبة أمره دخولها ولا بد وإن دخل النار للتطهير وفيه دليل لجواز قياس العكس وهو إثبات ضد الحكم لضد الأصل ورد لمن خالف فيه من أهل الأصول
(حم ق عن ابن مسعود) ورواه مسلم من حديث جابر بزيادة قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله ما الموجبتان قال: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار(6/226)
9040 - (من مات بكرة فلا يقيلن إلا في قبره ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره) لأن المؤمن عزيز مكرم وإذا استحال جيفة ونتنا استقذرته النفوس ونفرت عنه الطباع فهان فينبغي الإسراع بما يواريه ليستمر على عزته
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: وفيه الحكم بن ظهيرة وهو متروك(6/227)
9041 - (من مات وهو مدمن خمر لقي الله وهو كعابد وثن) أي إن استحل شربها لكفره حينئذ
(طب حل) وكذا أحمد والبزار (عن ابن عباس) قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني وأحمد: رجال أحمد رجال الصحيح وفي إسناد الطبراني زيد بن فاختة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات(6/227)
9042 - (من مثل) بالتشديد (بالشعر) صيره مثله بضم الميم بأن نتفه أو حلقه من الخدود أو غيره بالسواد ذكره الزمخشري (فليس له عند الله خلاق) بالفتح حظ ونصيب وما تقرر من أن المراد الشعر بالتحريك هو ما فهمه جمع من شراح الحديث لكن حرر بعضهم على أن المراد بالشعر الكسر أي الكلام المنظوم وعليه يدل صنيع الهيثمي كالطبراني حيث ذكر الحديث فيما جاء في الشعر والشعراء وذكره بين الأحاديث الواردة في ذم الشعر وزجر الشعراء
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه حجاج بن نصير ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان وقال: يخطىء وبقية رجاله ثقات(6/227)
9043 - (من مثل بحيوان) بالتشديد قطع أطرافه وفي رواية بدل حيوان بأخيه (فعليه لعنة الله تعالى والملائكة والناس أجمعين) عام مخصوص بغير القاتل الممثل لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين لفعله ذلك يجارية من المدينة وعن جمع من السلف أن من قتل لكفر أو ردة يمثل به بالحرق بالنار ونقل ذلك عن أبي بكر وخالد بن الوليد وصح أن عليا كرم الله وجهه حرق المرتدين فقال الحبر: لو كنت أنا لم أحرقهم بل أقتلهم بالسيف فإنه لا يعذب بالنار إلا خالقها اه. فأشار رضي الله عنه إلى أن المجتهد لا يقلد مجتهدا ولا ينكر عليه وأنه لو كان هو الإمام ورفع إليه ذلك لم يحرقهم لأنه خلاف قضية اجتهاده وبه يعرف أن مولانا ابن حجر الهيثمي قد جازف وأساء الأدب حيث عبر عن ذلك بما لفظه فأنكر عليه ابن عباس اه (1) أو خفي على الشيخ أن المجتهد لا ينكر على مجتهد كلا بل ذلك مما طغى به القلم فزلت به القدم وأصل فعل الصديق والمرتضى فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم بالعرنيين حيث قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتعذيبهم في الشمس فصاروا يطلبون الماء فيقول النار وذلك لكونهم قتلوا ونهبوا وارتدوا وأجيب بأجوبة منها أنه كان قبل تحريم المثلة
(طب عن [ص:228] ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر فقد قال الهيثمي: فيه بقية وهو مدلس والأصم بن هرمز ولم أعرفه
_________
(1) سبب قول ابن عباس ذلك أن المرتدين الذين حرقهم علي كانوا ادعوا فيه الألوهية فلما حرقهم زاد كفر أصحابهم وقالوا: لا يعذب بالنار إلا خالقها فلما بلغ ابن عباس قال ذلك(6/227)
9044 - (من مرض ليلة فصبر ورضي بها عن الله خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فيه شمول للكبائر والقياس استثناؤها كما مر
(الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة)(6/228)
9045 - (من مس الحصا) أي سوى الأرض للسجود فإنهم كانوا يسجدون عليها وقيل هو تقليب السبحة وعدها (فقد لغا) أي وقع في باطل مذموم أو فعل ما لا يعنيه ولا يليق به فيكره مس الحصى وغيره من أنواع اللعب في جميع الصلاة وألحق به حال الخطبة بل يقبل بقلبه وجوارحه عليها
(هـ عن أبي هريرة) رمز لحسنه وعدول المصنف لابن ماجه واقتصاره عليه كالصريح في أنه لم يره لواحد من الشيخين ولا لغيرهما من الستة سواه: هو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في باب التنظف والتبكير للجمعة كلهم عن أبي هريرة(6/228)
9046 - (من مس ذكره) في رواية لابن ماجه فرجه قال الحرالي: والمس ملاقاة الجرمين بغير حائل (فليتوضأ) ولفظ رواية الترمذي فلا يصلي حتى يتوضأ وذلك لبطلان طهره بمسه وهذا الخبر عام مخصوص بمفهوم خبر إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ إذ الإفضاء مبالغة المس ببطن الكف وبه رد قول أحمد ظهر الكف كبطنها ومس المرأة فرجها كمس الرجل ذكره كما يدل عليه رواية من مس فرجه ومس فرج غيره أفحش وأبلغ في اللذة فهو أولى بالنقض هذا كله ما عليه الشافعية والحنابلة قالوا: وخبر هل هو إلا بضعة منك بفرض صحته منسوخ أو محمول على المس بحائل كما هو المناسب بحال المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنع الحنفية النسخ وأخذوا به مؤولين للحديث المشروح بأنه جعل مس الذكر كناية عما يخرج منه قالوا وهو من أسرار البلاغة يكنون عن الشيء ويرمزون إليه بذكر ما هو من روادفه فلما كان مس الذكر غالبا يرادف خروج الحدث منه ويلازمه عبر به عنه كما عبر عن المجيء من الغائط لما قصد الغائط لأجله اه ولا يخفى بعده ومنشأ الخلاف أن خبر الواحد هل يجب العمل به فقال الشافعية: نعم مطلقا وقال الحنفية: لا فيما تعم به البلوى ومثلوا بهذا الحديث لأن ما تعم به البلوى يكثر السؤال عنه فتقضى العادة بنقله تواترا لتوفر الدواعي على نقله فلا يعمل بالآحاد فيه قلنا لا نسلم قضاء العادة بذلك
(مالك) في الموطأ (حم 4 ك) كلهم في الطهارة (عن بسرة) بضم المهملة وسكون الموحدة (بنت صفوان) بن نوفل الأسدية أخت عقبة بن أبي معيط لأمه قال الترمذي والحاكم: صحيح ورواه عنه أيضا الشافعي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود وقال الدارقطني: حديث ثابت وصححه ابن معين والبيهقي والحارمي وهو على شرط البخاري بكل حال وعده المصنف من الأحاديث المتواترة ونقل ابن الرفعة عن القاضي أبي الطيب أنه رواه تسعة عشر صحابيا ونقل البعض عن ابن معين أنه لا يصح رده ابن الجوزي وغيره بل أفردوه بتأليف(6/228)
9047 - (من مشى إلى) أداء (صلاة مكتوبة فهي) أي المشية والخصلة (كحجة) أي كثوابها (ومن مشى إلى صلاة تطوع [ص:229] فهي كعمرة نافلة) أي كثوابها لكن لا يلزم التساوي في المقدار. استدل به من ذهب إلى أن العمرة سنة لا فرض
(طب عن أبي أمامة) قال في المطامح: فيه علتان انقطاع في سنده لأن مكحولا رواه عن أبي أمامة ولم يسمع منه وفيه رجل مجهول(6/228)
9048 - (من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة) والحسنة بعشر أمثالها
(طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي: فيه عثمان بن مطر وهو ضعيف(6/229)
9049 - (من مشى مع ظالم ليعينه) على ظلمه (وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام) هذا مسوق للزجر والتهويل والتهديد أو المراد خرج عن طريقه المسلمين أو المراد إن استحل الظلم والمعاونة عليه
(طب والضياء) المقدسي (عن أوس بن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة بن أوس صحابي قال المنذري: ضعيف غريب وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: فيه عياش بن موسى لم أجد من ترجمه وبقية رجاله وثقوا وفي بعضهم كلام رواه عنه أيضا الديلمي(6/229)
9050 - (من ملك ذا رحم) أصله محل تكوين الولد ثم استعير للقرابة فيقع على كل من بينك وبينه نسب (محرم) وهو من لا يحل نكاحه من الأقارب (فهو حر) يعني يعتق عليه بدخوله في ملكه قال الطيبي: وفهم من السياق معنى الندب لجعله الجزاء من باب الإخبار والتنبيه على تحري الأداء إذ لم يقل من ملك ذا رحم فيعتقه بل هو حر والجملة الإسمية المقتضية للدوام والثبوت في الأزمنة الماضية والآتية تنبىء عنه لأنه لم يكن في الأزمنة الماضية حرا فاستبان أنه لا تمسك به للحنفية والمالكية في عتقهم كل محرم وأنه ليس بحجة على الشافعي في قوله لا يعتق إلا الأصل والفرع وقول بعضهم: ينزل على الأصول والفروع ممنوع لما فيه من صرف العام على العموم لغير صارف يجاب بل نفي العتق عن غيرهما للأصل المعقول وهو أنه لا عتق بدون إعتاق خولف في الأصول لخبر لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أي بالشراء من غير حاجة إلى صيغة إعتاق وفي الفروع لقوله تعالى {وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون} دل على نفي اجتماع الولد به والعبدية وقول الترمذي العمل على هذا الحديث عند أهل العلم فنحتاج نحن إلى بيان مخصص له بخلاف الحنفية أجيب بأن مخصصه القياس على النفقة فإنها لا تلزم عندنا لغير أصل وفرع
<تنبيه> قال أبو البقاء: عادة الفقهاء المولعين بالتدقيق يوردون على هذا الحديث وأمثاله إشكالا هو أن من مبتدأ تحتاج إلى خبر وخبره فهو حر وهو لا يعود على من بل على المملوك فتبقى من لا عائد عليها وهذا عند المحققين ليس بشيء لأن خير من قوله ملك وفي ملك ضمير يعود على من وقوله فهو حر جواب الشرط
(حم هـ) في العتق (ت) في الأحكام (هـ ك) في العتق من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال أبو داود والترمذي: لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن وفيه علل أخرى انقطاعه ووقفه على عمر أو على الحسن أو على جابر أو على النخعي(6/229)
9051 - (من منح منحة) بكسر الميم أي عطية وهي تكون في الحيوان وفي الرقبة والمنفعة والمراد هنا منحة (ورق) قال الزمخشري: وهي القرض أي قرض الدراهم (أو منحة لبن) قال: وهي أن يعيره أخوه ناقته أو شاته فيحلبها مدة ثم يردها (أو هدى زقاقا) بزاي مضمومة وقاف مكررة الطريق يريد أن من دل ضالا أو أعمى على طريقه ذكره ابن الأثير وقال الطيبي: يروى بتشديد الدال إما للمبالغة من الهداية أو من الهدية أي من تصدق بزقاق من نخل وهو السكة والصف من شجر (فهو كعتق نسمة) وفي رواية كان له عتق رقبة قال ابن العربي: ومن أسلف رجلا دراهم فهو [ص:230] أيضا منحة وفي ذلك ثواب كثير لأن عطاء المنفعة مدة كعطاء العين وجعله كعتق رقبة لأن خلصه من أسر الحاجة والضلال كما خلص الرقبة من أصل الرق وللباري أن يجعل القليل من العمل كالكثير لأن الحكم له وهو العلي الكبير والنسمة كل ذي روح وقيل كل ذي نفس مأخوذ من النسم
(حم ت) في البر (حب عن البراء) بن عازب قال الحاكم: حسن صحيح غريب وكذا قال البغوي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح(6/229)
9052 - (من منح منحة) أي عطية (غدت بصدقة) الجملة خبر من والضمير العائد محذوف تقديره غدت تلك المنحة له ملتبسة بصدقة (وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها) منصوبان على الظرفية أي في أول النهار وأول الليل والصبوح بالفتح الشرب أول النهار والغبوق بالفتح الشرب أول الليل وقيل هما مجروران على البدل
(م عن أبي هريرة)(6/230)
9053 - (من منع فضل ماء أو كلأ) يعني أي شخص حفر بئرا بموات للارتفاق فهو أحق بمائها وبما حولها من الكلأ حتى يرتحل وعلى كل حالة يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته وحاجة ماشيته للمحتاج فإن لم يفعل وفي رواية لأحمد من منع فضل مائه أو فضل كلئه واتفقت الروايات على أن الجواب قوله (منعه الله فضله يوم القيامة) لتعديه بمنع ما ليس له قال الرافعي: وله المنع من سقى الزرع به قال جمع: والنهي عن بيع فضل الماء للتحريم وحمله على التنزيه يحتاج لدليل
(حم عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه محمد بن راشد الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم قال ابن حجر: هذا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي مسنده ليث بن سليم ورواه الطبراني في الصغير من حديث الأعمش عن عمرو بن شعيب وقال: لم يرو الأعمش عن عمرو غيره ورواه في الكبير من حديث واثلة بلفظ آخر وإسناده ضعيف إلى هنا كلامه(6/230)
9054 - (من نام عن وتره) في رواية بدله حزبه وهو ما يجعله الإنسان على نفسه من نحو صلاة وتلاوة كالورد (أو نسيه فليصله إذا ذكره) لفظ رواية الدارقطني إذا أصبح وذكره زاد الترمذي وإذا استيقظ وفيه أن الوتر يقضى دائما كالفرض وهو مذهب الشافعي واستدل به أيضا على أن تأخير الوتر لآخر الليل أفضل أي إن وثق بيقظة وأنت خبير بأنه لا دلالة فيه على ذلك
(حم ك عن أبي سعيد) الخدري وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف وذكر القزويني ما يدل على أن الخبر واه ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن أبي سعيد قال الغرياني: وفيه محمد بن إسماعيل الجعفري قال أبو حاتم: منكر الحديث وعنه محمد بن إبراهيم السمرقندي لم أر له ذكرا إلا أن يكون الذي روى عنه ابن السماك فهو هالك وشيخ الجعفري عبد الله بن سلمة بن أسد عن زيد بن أسلم لم أر له ذكرا(6/230)
9055 - (من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه) حيث فعل ما يؤدي إلى ذلك وفي الميزان عن مروان الطاطري بفتح الطاءين قلت لليث بن سعد: يا أبا الحارث تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة عن عقيل عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم من نام بعد العصر فقال: أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل
(ع) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة قال الذهبي عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة (عن عائشة) وعمرو بن الحصين عن ابن علاثة قال الذهبي في الضعفاء: تركوه وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى عن شيخه عمرو بن الحصين وهو متروك ورواه ابن حبان عن أحمد بن يحيى بن زهير عن عيسى بن أبي حرب الصقال عن خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن [ص:231] الزهري عن عروة عن عائشة وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال: خالد كذاب والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث اه(6/230)
9056 - (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) أي من نذر طاعة الله وجب عليه الوفاء بنذره ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به لأن النذر مفهومه الشرعي إيجاب قربة وذا إنما يتحقق في الطاعة ويتصور نذر الواجب بأن يوقته وينقلب المندوب بالنذر واجبا (1)
(حم خ 4) في الأيمان والنذور وغيرهما (عن عائشة) زاد الطحاوي وليكفر عن يمينه قال ابن القطان: عندي شك في رفع الزيادة
_________
(1) وهل يجب فيه كفارة أو لا قال الجمهور: لا وعن أحمد والثوري وإسحاق وبعض الشافعية والحنفية نعم ونقل الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك كالقولين واتفقوا على تحريم النذر في المعصية واختلافهم إنما هو في وجوب الكفارة(6/231)
9057 - (من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين (1)) حمله مالك والأكثر على النذر المطلق كعلي نذر وحمله كثيرون على نذر اللجاج والغضب
(هـ) في النذر (عن عقبة بن عامر) رمز لحسنه ورواه أبو داود وغيره عن ابن عباس قال الصدر المناوي: في إسناد ابن ماجه من لا يعتمد
_________
(1) قال الدميري اختلف العلماء في المراد بقوله صلى الله عليه وسلم كفارة النذر كفارة يمين فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج والغضب وهو أن يقول إنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلا إن كلمت زيدا لله على حجة أو غيرهما فيكلمه فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه وهذا هو الصحيح من مذهبنا وحمله مالك وكثيرون على النذر المطلق كقوله علي نذر وحمله أحمد وبعض أصحابنا على نذر المعصية كمن نذر أن يشرب الخمر وحمله جماعة على جميع أنواع النذر فقالوا: هو مخير في جميع أنواع النذر بين الوفاء بما التزمه وبين كفارة يمين(6/231)
9058 - (من نزل على قوم) في رواية بقوم (فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم) لأن صوم التطوع حينئذ يورث حقدا في النفس وجبر خاطر المضيف يورث المودة والمحبة في الله وهو أعم نفعا ولا يعارضه خبر " إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم " لأن المراد به الفرض وبفرض إرادة العموم فالأول فيما إذا نزل ضيفا فيجبر خاطر المضيف بالفطر إن شق عليه صومه والثاني فيما إذا دعاه أهل بيته إلى طعامه فيخبرهم بالواقع ولا يقدح فيه أنه دخل على أم سليم فأتته بتمر وسمن فقال: " أعيدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فاني صائم " لأن أم سليم كانت عنده بمنزلة أهل بيته هذا كله بفرض صحة الحديث المشروح وإلا فهو حديث في سنده ضعيف
(ت عن عائشة) ثم قال: أعني الترمذي سألت محمدا يعني البخاري عنه فقال: حديث منكر وقال عبد الحق: ما في رجاله من يقبل حديثه وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح(6/231)
9059 - (من نسي صلاة) مكتوبة أو نافلة مؤقتة فلم يصلها حتى خرج وقتها (أو نام عنها) كذلك قال الطيبي: ضمن نام معنى غفل أي غفل عنها في حال نومه (فكفارتها) أي تلك المتروكة قال الطيبي: الكفارة عبارة عن الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة (أن يصليها) وجوبا في المكتوبة وندبا في النفل (إذا ذكرها) ويبادر بالمكتوبة وجوبا إن فاتت بغير عذر وندبا إن فاتت به تعجيلا لبراءة ذمته وإذا شرع القضاء للناسي مع عدم الإثم فالعامد أولى
(حم ق ت عن أنس) بن مالك وفي رواية عنه لمسلم " من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " قضية صنيع [ص:232] المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هؤلاء الأربعة والأمر بخلافه فقد عزوه للستة كلهم(6/231)
9060 - (من نسي الصلاة علي) أي تركها عمدا على حد {نسوا الله فنسيهم} (خطئ) بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء وهمز يقال خطئ في دينه إذا أثم وأخطأ سلك سبيل الخطأ أو فعل غير الصواب (طريق الجنة) ومن أخطأ طريقها لم يبق له إلا الطريق إلى النار
(هـ عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه بضعفه فقال: هذا حديث إسناده ضعيف لضعف راويه جبارة بن المفلس وجابر بن يزيد وقال المنذري: ضعيف وجبارة له مناكير وفي الميزان: عن ابن معين كذاب وعن ابن نمير يضع الحديث فيرويه ولا يدري ومن مناكيره هذا الخبر قال: وهذا بهذا الإسناد باطل اه. لكن انتصر له ابن الملقن فقال: حديث ضعيف لكنه تقوى بما رواه الطبراني عن الحسن بن علي مرفوعا " من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي خطئ طريق الجنة " وتبعه الحافظ ابن حجر فقال: خرجه ابن ماجه عن ابن عباس والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة والطبراني عن الحسين بن علي قال: وهذه الطرق يسد بعضها بعضا اه. فكان ينبغي للمؤلف استيعاب الطرق وفيه إشارة إلى تقويته(6/232)
9061 - (من نسي) مفعوله محذوف وهو صومه بقرينة قوله (وهو صائم) أي والحال أنه صائم (فأكل أو شرب) قليلا أو كثيرا كما رجحه النووي من الشافعية خصهما من بين المفطرات لغلبتهما وندرة غيرهما كالجماع (فليتم صومه) أضافه إليه إشارة إلى أنه لم يفطر وإنما أمر بالإتمام لفوت ركنه ظاهرا ثم علل كون الصائم لا يفطر بقوله (فإنما أطعمه الله وسقاه) فليس له فيه مدخل فكأنه لم يوجد منه فعل. قال الطيبي: إنما للحصر أي ما أطعمه وما سقاه أحد إلا الله تعالى فدل على أن النسيان من الله ومن لطفه في حق عباده تيسيرا عليهم ودفعا للحرج وأخذ منه الأكثر أنه لا قضاء وذهب مالك وأحمد إلى أن من أكل أو جامع ناسيا لزمه القضاء والكفارة لأنه عبادة تفسد بالأكل والجماع فوجب أن تفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد الأول بالمنع بأنه لم يتعرض له فيه بل روى الدارقطني وابنا حبان وخزيمة سقوط القضاء بلفظ " فلا قضاء عليه " والثاني بالفرق لأن النهي في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه كحلق وقتل صيد والثاني فرق في وقت الصلاة كتطيب ولبس فالحق الجماع بالأول لأنه إتلاف والثاني بأنه مخطئ في الوقت وهذا مخطئ في الفعل وبينهما فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا خبر: من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فليس عليه بأس وخبر: من أفطر رمضان ناسيا فلا قضاء ولا كفارة وخبر: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل: لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا ينتفي لأن الشيء لا يبقى مع المنافي لتسويته ولأنها للشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والامتثال ولأن المنهي عنه فإنه للامتناع والكف والترك والنسيان به غالب فإن قيل: لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداويا لورود النص بالأكل والشرب رد لأنه ألحق بها الغير قياسا وإجماعا فإن قيل السهو والجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقا لعموم النص ورد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندرة كثرة السهو
(حم ق هـ) في الصوم (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة مع أن الجماعة كلهم رووه بألفاظ متقاربة(6/232)
[ص:233] 9062 - (من نصر أخاه) في الإسلام (بظهر الغيب) زاد البزار في روايته وهو يستطيع نصره (نصره الله في الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا ونصر المظلوم فرض كفاية على القادر إذا لم يترتب على نصره مفسدة أشد من مفسدة الترك فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الندب بالشرط المذكور فلو تساوت المفسدتان خير وشرط الناصر كونه عالما بكون الفعل ظلما
(هق والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك ويروى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال الذهبي في المهذب: وأخطأ من رفعه(6/233)
9063 - (من نظر إلى أخيه) في الدين (نظر ود) أي محبة ولفظ رواية الطبراني محبة (غفر الله له) أي ذنوبه. قال الحكيم: نظرة المودة قضاء المنية وقد أيس المشتاق إلى الله أن ينظر الله في هذه الدار فإذا نظر إلى عبده المطيع فإنما يقضي منيته من ربه ولا يشفيه ذلك فكل لحظة بلحظ الله يريد التشفي من حرقات الشوق إلى رؤية ربه وقد حبسه الله في هذا السجن بباقي أنفاسه فيستوجب بتلك النظرة التي أورثتها العبرة من الحسرة المغفرة
(الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه باللفظ المزبور الطبراني في الأوسط بزيادة فقال " من نظر إلى أخيه نظر مودة لم يكن في قلبه عليه إحنة لم يطرف حتى يغفر له ما تقدم من ذنبه " قال الهيثمي: فيه سوار بن مصعب متروك(6/233)
9064 - (من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها في غير حق أخافه الله يوم القيامة) قال الطيبي: قال الطيبي: قوله يخيفه يجوز أن يكون حالا من فاعل نظر وأن يكون صفة للمصدر على حذف الراجع أي بها
(طب) وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقي في الشعب (عن ابن عمرو) بن العاص قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال المنذري: ضعيف وقال الهيثمي: ورواه الطبراني عن شيخه أحمد بن الرحمن بن عقال وضعفه أبو عروبة(6/233)
9065 - (من نفس) أي أمهل وفرج من تنفيس الخناق أي إرحائه وقال عياض: التنفيس المد في الأجل والتأخير ومنه {والصبح إذا تنفس} أي امتد حتى صار نهارا (عن غريمه) بأن آخر مطالبته (أو محا عنه) أي أبرأه من الدين المكتوب عليه (كان في ظل العرش يوم القيامة) لأن الإعسار من أعظم كرب الدنيا بل هو أعظمها فجوزي من نفس عن أحد من عيال المعسرين بتفريج أعظم كرب الآخرة وهو هول الموقف وشدائده بالإزاحة من ذلك ورفعته إلى أشرف المقامات ثم قالوا وقد يكون ثواب المندوب أكمل من ثواب الواجب
(حم م عن أبي هريرة)(6/233)
9066 - (من نيح عليه) بكسر النون وسكون التحتية مبنيا للمفعول من الماضي وفي رواية من نيح عليه مضارع مبنى للمفعول وفي أخرى من يناح بألف مرفوعا على أن من موصولة لا شرطية (يعذب) بجزمه على أن من شرطية ورفعه بجعلها موصولة أو شرطية بتقدير فإنه يعذب أو خبر مبتدأ محذوف أي فهو يعذب (بما نيح عليه) بإدخال باء السببية على ما فهي مصدرية غير ظرفية أي بالنياحة أي مدة النواح عليه والنون مكسورة عند الكل ذكره في الفتح ولبعضهم ما نيح بغير موحدة قال العيني: ما في هذه الرواية للمدة أي يعذب مدة النواح عليه ولا يقال ما ظرفية وهذا إذا أوصى به فإنه من دأب الجاهلية فهو إنما يعذب بذنبه لا بذنب غيره فلا تدافع بينه وبين آية {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أو المراد بالميت المحتضر فإذا سمع الصراخ تحسر كما مر بما فيه
(حم ق ت عن المغيرة) بن شعبة قال علي بن ربيعة: [ص:234] مات رجل فنيح عليه فرقى المغيرة المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما بال هذا النواح في الإسلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره(6/233)
9067 - (من نوقش المحاسبة) نصب بنزع الخافض أي من ضويق في محاسبته بحيث سئل عن كل شيء فاستقصى في محاسبته حتى لم يترك منه شيء من الكبائر ولا من الصغائر إلا وأوخذ به قال الحرالي: المحاسبة مفاعلة من الحساب وهو استيفاء الأعداد فيما للمرء وعليه من الأعمال الظاهرة والباطنة ليجازى بها ثم قال: وحقيقة المحاسبة ذكر الشيء والجزاء عليه (هلك) أي يكون نفس المناقشة والتوقيف عليها هلاكه لما فيه من التوبيخ أو أنها تفضي إلى العذاب لأن التقصير غالب على العباد فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك وعذب ولكن يغفر الله لمن يشاء
(طب) وكذا في الأوسط (عن ابن الزبير) رمز المصنف لحسنه وهو فوق ذلك فقد قال المنذري بعد عزوه للطبراني في الكبير: إسناده صحيح وقال الهيثمي: رجال الكبير رجال الصحيح وكذا رجال الأوسط غير عمرو بن أبي عاصم النبيل وهو ثقة(6/234)
9068 - (من نوقش الحساب) أي عوسر فيه واستقصى فلم يسامح بشيء من نقش الشوكة وهو استخراجها كلها ومنه انتقشت منه جميع حقي ذكره الزمخشري (عذب) وفي رواية لمسلم هلك أي يكون نفس تلك المضايقة عذابا وسببا مفضيا للعذاب على ما تقرر فيما قبله وفي خبر أحمد لا يحاسب أحد يوم القيامة فيغفر له قال الحكيم: يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه في الموقف فيمحص في البرزخ فيخرج وقد اقتص منه اه. ثم إن ذا لا يعارضه خبر ابن مردويه لا يحاسب رجل يوم القيامة إلا دخل الجنة لعدم التنافي بين التعذيب ودخولها إذ الموحد وإن عذب لا بد من إخراجه بالشفاعة أو عموم الرحمة
(ق عن عائشة) وكذا رواه عنها أبو داود والترمذي وتمامه قالت عائشة: فقلت أليس يقول الله {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} الآية فقال: إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة هلك هكذا هو عند مخرجيه المذكورين(6/234)
9069 - (من هجر أخاه) في الإسلام (سنة) أي بغير عذر شرعي (فهو كسفك دمه) أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته ومن المصلحة ما جاء من هجر بعض السلف لبعض فقد هجر سعد بن أبي وقاص عمار بن ياسر وعثمان عبد الرحمن بن عوف وطاوس ووهب بن منبه والحسن وابن سيرين إلى أن ماتوا وهجر ابن المسيب أباه وكان زياتا فلم يكلمه إلى أن مات وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره فمات ابن أبي ليلى فلم يشهد جنازته وهجر أحمد بن حنبل عمه وأولاده لقبولهم جائزة السلطان وأخرج البيهقي أن معاوية باع سقاية من نقد بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال معاوية: لا أرى به بأسا فقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخبرني عن رأيك لا أساكنك بأرض أنت فيها أبدا
(حب خد) في الأدب (ك) في البر والصلة (عن حدرد) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي: سنده صحيح وفي خبر أبي داود " من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار " قال العراقي: سنده صحيح(6/234)
[ص:235] 9070 - (من وافق من أخيه) أي في الدين (شهوة غفر له) أي ذنوبه الصغائر
(طب) من حديث نصر بن نجيح الباهلي عن عمرو بن حفص عن زياد النميري عن أنس (عن أبي الدرداء) فيه شيئان الأول أن المصنف سكت عليه وكان حقه أن يرمز إليه بعلامة الضعف لشدة ضعفه بل قال ابن الجوزي: موضوع وعمرو بن حفص متروك وقال الذهبي في الضعفاء: نصر بن نجيح عن عمران بن حفص عن زياد النميري إسناده مجهول الثاني أنه اقتصر على عزوه للطبراني فأشعر بانفراده به مع أن البزار خرجه باللفظ المزبور عن أبي الدرداء ولما عزاه الهيثمي للطبراني والبزار قال: فيه زياد النميري وثقه ابن حبان وقال: يخطئ وضعفه غيره وفيه من لم أعرفه هكذا قال(6/235)
9071 - (من وافق) وفي رواية من صادف ويقال مثله فيما يأتي (موته) من المؤمنين (عند انقضاء رمضان دخل الجنة) أي بغير عذاب (ومن وافق موته عند انقضاء عرفة) أي من وقف بها (دخل الجنة) كذلك (ومن وافق موته عند انقضاء صدقة) تصدق بها وقبلت (دخل الجنة) أي من غير سبق عذاب وإلا فكل من مات على الإيمان لا بد من دخوله إياها قطعا وإن لم يوافق موته ما ذكر ولو عذب ما عذب
(حل) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) وفيه نصر بن حماد قال الذهبي: قال النسائي: ليس بثقة ومحمد بن حجاوة قال أعني الذهبي: قال أبو عوانة: الوضاح كان يغلو في التشيع(6/235)
9072 - (من وجد سعة) من الأموات (فليكفن في ثوب حبرة) كعنبة على الوصف والإضافة برد يماني مخطط ذو ألوان ومنه ما روي أن رجلا قال: يا رسول الله رأيت سد يأجوج كالبرد المحبر طريقة حمراء وطريقة سوداء قال: قد رأيته قال المظهر: اختار بعض الأئمة كون الكفن حبرة لهذا الحديث والأصح أفضلية الأبيض لأن أحاديثه أكثر اه. وذهب بعض الحنفية إلى أنه يسن كون في أحد الأكفان حبرة لهذا الحديث ويؤيده خبر أبي داود كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبين وبرد حبرة وسنده حسن
(حم عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة(6/235)
9073 - (من وجد من هذا الوسواس) بفتح الواو أي وسوسة الشيطان أي شيئا (فليقل آمنا بالله ورسوله ثلاثا) من المرات (فإن ذلك يذهب عنه) إن قاله بنية صادقة وقوة يقين
(ابن السني عن عائشة) وفيه ليث بن سالم قال في الميزان: لا يعرف روى عنه عبيد بن واقد خبرا منكرا اه وقال في اللسان: قال ابن عدي: غير معروف وساق له هذا الخبر(6/235)
9074 - (من وجد تمرا) وهو صائم (فليفطر عليه) ندبا مؤكدا (ومن لا) يجده (فليفطر على الماء فإنه طهور) فالفطر عليه يحصل السنة
(ت ن ك عن أنس) بن مالك قال الحاكم: على شرط البخاري ورواه عنه أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم(6/235)
9075 - (من وسع على عياله) وهم في نفقته (في يوم عاشوراء) عاشر المحرم وفي رواية بإسقاط في (وسع الله عليه في سنته كلها) دعاء أو خبر وذلك لأن الله سبحانه أغرق الدنيا بالطوفان فلم يبق إلا سفينة نوح بمن فيها فرد عليهم دنياهم يوم عاشوراء وأمروا بالهبوط للتأهب للعيال في أمر معاشهم بسلام وبركات عليهم وعلى من في أصلابهم من الموحدين [ص:236] فكان ذلك يوم التوسعة والزيادة في وظائف المعاش فيسن زيادة ذلك في كل عام ذكره الحكيم وذلك مجرب للبركة والتوسعة قال جابر الصحابي: جربناه فوجدناه صحيحا وقال ابن عيينة: جربناه خمسين أو ستين سنة وقال ابن حبيب أحد أئمة المالكية:
لا تنس ينسك الرحمن عاشورا. . . واذكره لا زلت في الأخبار مذكورا
قال الرسول صلاة الله تشمله. . . قولا وجدنا عليه الحق والنورا
من بات في ليل عاشوراء ذا سعة. . . يكن بعيشته في الحول مجبورا
فارغب فديتك فيما فيه رغبنا. . . خير الورى كلهم حيا ومقبورا
قال المؤلف: فهذا من هذا الإمام الجليل يدل على أن للحديث أصلا
(طس) عن عبد الوارث بن إبراهيم عن علي بن أبي طالب البزار عن هيصم بن شداخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال العقيلي: الهيصم مجهول والحديث غير محفوظ (هب) من هذا الوجه (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال: تفرد به هيصم عن الأعمش وقال ابن حجر في أماليه: اتفقوا على ضعف الهيصم وعلى تفرده به وقال البيهقي في موضع: أسانيده كلها ضعيفة وقال ابن رجب في اللطائف: لا يصح إسناده وقد روي من وجوه أخر لا يصح شيء منها ورواه ابن عدي عن أبي هريرة قال الزين العراقي في أماليه: وفي إسناده لين فيه حجاج بن نصير ومحمد بن ذكوان وسليمان بن أبي عبد الله مضعفون لكن ابن حبان ذكرهم في الثقات فالحديث حسن على رأيه وله طريق آخر صححه ابن ناصر وفيه زيادة منكرة اه. وتعقب ابن حجر حكم ابن الجوزي بوضعه وقال المجد اللغوي: ما يروى في فضل صوم يوم عاشوراء والصلاة فيه والانفاق والخضاب والادهان والاكتحال بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وفي القنية للحنفية الاكتحال يوم عاشوراء لما صار علامة لبغض أهل البيت وجب تركه(6/235)
9076 - (من وصل صفا) من صفوف الصلاة (وصله الله) أي زاد في بره وصلته وأدخله في رحمته (ومن قطع صفا) منها (قطعه الله) أي قطع عنه مزيد بره قال الحرالي: والوصل التكملة مع المكمل شيئا واحدا
(ن ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب ووهم من قال عمرو بن العاص قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي(6/236)
9077 - (من وضع الخمر على كفه) أي ليشربها أو ليسقيها غيره أو نحو ذلك ثم دعا (لم تقبل له دعوة ومن أدمن) أي داوم (على شربها سقي من الخبال) بفتح المعجمة وخفة الموحدة جاء في خبر تفسيره بأنه عصارة أهل النار: الفساد والجنون
(طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه(6/236)
9078 - (من وطئ امرأته وهي حائض) أي في حال حيضها (فقضى) أي قدر (بينهما ولد) أي العلوق بولد منه في تلك الحالة (فأصابه) أي الولد أو الواطئ (جذام فلا يلومن إلا نفسه) لتسببه فيما يورثه فلا يلزم الشارع لأنه قد حذر منه فلما علم الرجل أن وطء الحائض مؤذ شرعا وطبعا وأقدم عليه فكأنه وطن نفسه على حصول الأذى فلا يلومن إلا نفسه
(طس عن أبي هريرة) وفيه محمد بن السري متكلم فيه ورواه عنه الديلمي أيضا(6/236)
[ص:237] 9079 - (من وطئ أمته فولدت له) ما فيه صورة آدمي ولو بقول أهل الخبرة (فهي معتقة عن دبر) منه أن يحكم بعتقها بموته من رأس المال وإن أحبلها في المرض أما لو لم تكن صورة خفية وقال أهل الخبرة: لو بقي لتصور فلا تعتق
(حم عن ابن عباس)(6/237)
9080 - (من وطئ على إزار) أي علاه برجله (خيلاء) أي تيها وتكبرا (وطئه في النار) أي يلبس مثل ذلك الثوب الذي كان يرفل فيه في الدنيا ويجره تعاظما في نار جهنم ويعذب باشتعال النار فيه جزاء بما فعل
(حم عن صهيب) بضم المهملة الرومي رمز لحسنه ورواه الطبراني باللفظ المزبور من حديث وهيب بن معقل(6/237)
9081 - (من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه) أراد شر لسانه وفرجه (دخل الجنة) أي بغير عذاب أو مع السابقين قالوا وذا من جوامع الكلم
(ن ك) في الحدود (هب) كلهم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره وفي سنده مقال ورواه أحمد بلفظ " ثنتان من وقاه الله شرهما دخل الجنة ما بين لحبيه وما بين رجليه " قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير تميم بن يزيد مولى بني زمعة وهو ثقة(6/237)
9082 - (من وقر صاحب بدعة) وفي رواية من وقر أهل البدع (فقد أعان على هدم الإسلام) لأن المبتدع مخالف للسنة مائل عن الاستقامة ومن وقره حاول اعوجاج الاستقامة لأن معاونة نقيض الشيء معاونة لرفع ذلك الشيء فكان الظاهر أن يقال من وقر المبتدع فقد استخف السنة فوضع موضعه أعان على هدم الإسلام إيذانا بأن مستخف السنة مستخف للإسلام ومستخفه هادم لبنائه وهو من باب التغليظ فإذا كان هذا حال الموقر فما حال المبتدع ومفهومه أن من وقر صاحب سنة فقد أعان على تشييد الإسلام ورفع بنائه
(طب) وكذا أبو نعيم من طريقه عن الحسن بن علان الوراق عن محمد بن محمد بن الواسط عن أحمد بن معاوية عن عيسى بن يونس عن ثور عن ابن معدان (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة ورواه عن بشر أيضا البيهقي في الشعب قال ابن الجوزي: موضوع أحمد حدث عنه بأباطيل ورواه ابن عدي عن عائشة قال الحافظ العراقي: وأسانيدها كلها ضعيفة بل قال ابن الجوزي: إنها كلها موضوعة(6/237)
9083 - (من وقى شر لقلقه) أي لسانه (وقبقبه) أي بطنه من القبقبة وهي صوت يسمع من البطن فكأنها حكاية ذلك الصوت (وذبذبه) أي ذكره سمي به لتذبذبه أي تحركه (فقد وجبت له الجنة) أي استحق دخولها
(هب عن أنس) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بحلافه بل قال عقبه في إسناده ضعف اه. وقال الحافظ العراقي: سنده ضعيف(6/237)
9084 - (من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل) أي فعل فعل أهل الجهل مع ما في ذلك من عظيم البركة التي فاتته وفي رواية لابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعا من ولد له مولود فسماه محمدا تبركا به كان هو ومولوده في الجنة قال المؤلف في مختصر الموضوعات: هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن
(طب) عن أحمد بن النضر [ص:238] عن مصعب بن سعيد عن موسى بن أعين عن ليث عن مجاهد (عد) عن عمر بن الحسين عن مصعب عن أعين عن ليث عن مجاهد (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه مصعب بن سعيد وهو ضعيف وأورده في الميزان في ترجمة ليث بن أبي سليم وقال: قال أحمد: مضطرب الحديث لكن حدثوا عنه وضعفه يحيى والنسائي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: تفرد به موسى عن ليث وليث تركه أحمد وغيره وقال ابن حبان: اختلط آخر عمره وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اه وتعقبه المؤلف بأنه لم يبلغ أمره أن يحكم عليه بالوضع(6/237)
9085 - (من ولد له ولد) في رواية مولود (فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان) ريح تعرض لهم فربما غشي عليهم منها كذا قيل وأولى منه قول الحافظ ابن حجر أم الصبيان هي التابعة من الجنة
(ع) وكذا البيهقي (عن الحسين) بن علي كرم الله وجهه قال الهيثمي: فيه مروان بن سالم الغفاري وهو متروك وأقول: تعصيبه الجناية برأسه وحده يؤذن بأنه ليس فيه مما يحمل عليه سواه والأمر بخلافه ففيه يحيى بن العلاء البجلي الرازي قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين قال: أحد كذاب وضاع وقال في الميزان: قال أحمد: كذاب يضع ثم أورده له أخبارا هذا منها(6/238)
9086 - (من ولى شيئا من أمور المسلمين لم ينظر الله في حاجته حتى ينظر في حوائجهم) أي بنصح ورفق وصدق وهمة وحسن عزيمة والرفق يحسن وقعه عند عظم أثره فرفق الإمام برعيته أعظم أجرا من رفق الرجل بأهل بيته ودونه مراتب لا تحصى كرفق الإمام بالمقتدين في التطويل ورفق المعلم بمن يعلمه ورفق رب الدين في اقتضائه
<فائدة> قال القاضي: الفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو لم يحصل لاختل به أمره والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل لكن قد لا يبلغ حد الاضطرار بحيث لو لم يجد لامتنع التعيش والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بالذي لا شيء له أصلا واستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه حسين بن قيس وهو متروك وزعم محصن أنه شيخ صدوق وبقية رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: رجاله رجال الصحيح إلا حسين بن قيس المعروف بحنش ولا يضر في المتابعات(6/238)
9087 - (من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين) أي فقد عرض نفسه لعذاب يجد فيه ألما كألم الذبح بغير سكين في صعوبته وشدته وامتداد مدته شبه به التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة أو ذبح بحيث لا يرى ذبحه أو المراد أن التولية إهلاك لكن لا بألة محسوسة فينبغي أن لا يتشوق إليه ولا يحرص عليه قال التوربشتي: شتان ما بين الذبحين فإن الذبح بالسكين عناء ساعة والآخر عناء عمره أو المراد أنه ينبغي أن تموت جميع دواعيه الخبيثة وشهواته الردية فهو مذبوح بغير سكين فعلى هذا القضاء مرغب فيه وعلى ما قبله محذر منه قال المظهر: خطر القضاء كثير وضرره عظيم لأن النفس مائلة لما تحبه ومن له منصب يتوقع جاهه أو يخاف سلطنته ويميل إلى الرشوة وهما الداء العضال وما أحسن قول ابن الفضل:
ولما أن توليت القضايا. . . وفاض الجور من كفيك فيضا
ذبحت بغير سكين وإنا. . . لنرجو الذبح بالسكين أيضا
(د ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال الحافظ العراقي: سنده صحيح(6/238)
[ص:239] 9088 - (من وهب هبة فهو أحق منها ما لم يثب منها) أخذ به مالك فجوز الرجوع في الهبة للأجانب غير ذوات الثواب مطلقا إلا في هبة أحد الزوجين من الآخر ومذهب الشافعية أنه بعد القبض ليس له طلب الثواب
(ك) في البيع (هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: على شرطهما إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا اه. ونقل ابن حجر عنه وعن ابن حزم أنهما صححاه وأقراه وإنما وقفت على نسخة من تلخيص المستدرك للذهبي بخطه فرأيته كتب على الهامش بخطه ما صورته موضوع اه. فلينظر بعد ما بين الحكم بالصحة والحكم بالوضع من البون ثم رأيته في الميزان ساقه في ترجمة إسحاق بن محمد الهاشمي وقال عقب قوله إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا ما نصه قلت الحمل فيه عليه بلا ريب وهذا الكلام معروف من قول عمر غير مرفوع اه(6/239)
9089 - (من لا حياء له فلا غيبة له) أي فلا تحرم غيبته أي لا يحرم ذكره بما تجاهر به من المعصية ليعرف فيحذر
(الخرائطي في) كتاب (مساوى الأخلاق وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس)(6/239)
9090 - (من لا يرحم) بالبناء للفاعل (لا يرحم) بالبناء للمفعول أي من لا يكون من أهل الرحمة لا يرحمه الله أو من لا يرحم الناس بالإحسان لا يثاب من قبل الرحمن {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} أو من لا يكون فيه رحمة الإيمان في الدنيا لا يرحم في الآخرة أو من لا يرحم نفسه بامتثال الأمر وتجنب النهي لا يرحمه الله لأنه ليس عنده عهد فالرحمة الأولى بمعنى الأعمال والثانية بمعنى الجزاء ولا يثاب إلا من عمل صالحا أو الأولى الصدقة والثانية البلاء أي لا يسلم من البلاء إلا من تصدق أو غير ذلك وهو بالرفع فيهما على الخبر وبالجزم على أن من موصولة أو شرطية ورفع الأول وجزم الثاني وعكسه وأفاد الحث على رحمة جميع الخلق مؤمن وكافر وحر وقن وبهيمة وغير ذلك ودخل في الرحمة التعهد بنحو إطعام وتخفيف حمل ونحو ذلك
(حم د ق ت عن أبي هريرة ق عن جرير) بن عبد الله وسببه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قبل الحسين فقال الأقرع بن حابس: لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه فذكره قال المصنف: هذا حديث متواتر(6/239)
9091 - (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله) قال الطيبي: الرحمة الثانية حقيقة والأولى مجازية إذ الرحمة من الخلق العطف والرأفة وهو لا يجوز على الله ومن الله الرضا عمن رحمه لأن من رق له القلب فقد عرض له الإنعام أو إرادته والجزاء من جنس العمل فمن رحم خلق الله رحمه الله قال الزين العراقي: وجاء في رواية تقييده بالمسلمين فهل يحمل إطلاق الناس على التقييد أو الأمر أعم ورحمة كل أحد بحسب ما أذن فيه الشارع فإن كانوا أهل ذمة فيحفظ لهم ذمتهم أو حربيين دخلوا بإذن فيحفظ لهم ذلك لا أن المراد بالرحمة مودتهم وموالاتهم
(حم ق ت عن جرير) بن عبد الله (حم ن عن أبي سعيد) الخدري وفي الباب أنس وغيره(6/239)
9092 - (من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء) أمره أو سلطانه فهو عبارة عن غاية الرفعة ومنتهى الجلالة لا عن محل يستقر فيه ومن تمام الرحمة إيثار الأطفال بذلك لضعفهم وتوقير الكبير لسنه وفي رواية بدل من في السماء أهل السماء وفي شرح الحكم رؤي بعضهم في المنام فقيل له: ما فعل الله بك قال: غفر لي ورحمني وسببه أني مررت بشارع بغداد في مطر شديد فرأيت هرة ترعد من البرد فرحمتها وجعلتها بين أثوابي
(طب) عن [ص:240] جرير بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وكان حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: إسناده جيد قوي(6/239)
9093 - (من لا يرحم لا يرحم) أكثر ضبطهم فيه بالضم على الخبر قاله القاضي وقال أبو البقاء: الجيد أن يكون من بمعنى الذي فيرتفع الفعلان وإن جعلت شرطا بجزمهما جاز (ومن لا يغفر لا يغفر له) دل بمنطوقه على أن من لم يكن رحيما لا يرحمه الله ومن لا يغفر لا يغفر الله له ومن شهد أفعال الحق في الخلق وأيقن بأنه المتصرف فيهم رحمهم ومن لم يرحمهم واشتغل بهم عن الحق كان سببا لمقته من الله وجلب كل رزية إليه ويدل على العكس بمفهومه وهو أن كل من كان رحيما يرحمه الله الرحمن ومن يغفر يغفر الله له
(حم عن جرير) بن عبد الله قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/240)
9094 - (من لا يرحم لا يرحم ومن لا يغفر لا يغفر له ومن لا يتب لا يتب عليه) في منطوقه ومفهومه العمل المذكور فيما قبله
(طب عن جرير) بن عبد الله رمز المصنف لصحته لكن قضية كلام الهيثمي أنه غير صحيح فإنه عزاه لأحمد والطبراني ثم قال: رجال أحمد رجال الصحيح فأفهم أن رجال الطبراني ليسوا كذلك وقد يقال لا مانع من كونه صحيحا مع كون رجاله غير رجال الصحيح وقال المنذري: إسناده صحيح(6/240)
9095 - (من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله) فلا يسامحه ولا يدع عقابه ومفهومه أن من يستحي من الناس يستحي الله منه يعني أنه يسامحه ولا يعاقبه وقد مر غير مرة أن حقيقة الحياء مستحيلة عليه تعالى
(طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: فيه جماعة لم أعرفهم اه. ولعل المصنف عرفهم حيث رمز لحسنه وسببه أن أنسا خرج لصلاة فوجد الناس راجعين منها فتوارى عنهم ثم ذكره(6/240)
9096 - (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) قال ابن العربي: روي برفع الجلالة والناس ومعناه من لا يشكره الناس لا يشكره الله وبنصبهما أي من لا يشكر الناس بالثناء بما أولوه لا يشكر الله فإنه أمر بذلك عبيده أو من لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله ومن شكرهم كمن شكره وبرفع الناس ونصب الجلالة وبرفع الجلالة ونصب الناس ومعناه لا يكون من الله شاكرا إلا من كان شاكرا للناس وشكر الله ثناؤه على المحسن وإجراؤه النعم عليه بغير زوال قال ابن عطاء الله: إن كانت عين القلب تنظر إلى أن الله تعالى واحد فالشريعة تقتضي أنه لا بد من شكر خليقته والناس في ذلك على أقسام غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حفرة قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهده من رب العالمين إما اعتقادا فشركه جلي وإما استنادا فشركه خفي وصاحب حقيقة غائب عن الخلق بشهود الملك الحق وفني عن الأسباب بشهود مسببها فهذا عبد مواجه بالحقيقة ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استوى على مداها غير أنه غريق الأنوار مطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناؤه على بقائه وغيبته على حضوره وأكمل منه عبد شرب فازداد صحوا أو غاب فازداد حضورا فلا جمعه يحجبه عن فرقه ولا فرقه يحجبه عن جمعه ولا فناؤه يصرفه عن بقائه ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه فالأكمل مقام البقاء المقتضي لإثبات الآثار وقد قال الله تعالى {أن اشكر لي ولوالديك} وهو المشار إليه في هذا الخبر وما ضاهاه من الأخبار
(ت عن أبي هريرة)(6/240)
[ص:241] 9097 - (من يتزود في الدنيا) من العمل الصالح (ينفعه في الآخرة) ولا يعول إلا على نفعها قال تعالى {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}
(طب هب والضياء) المقدسي (عن جرير) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/241)
9098 - (من يتكفل) أي يضمن (لي) من الكفالة وهي الضمان (أن لا يسأل الناس شيئا) قال الطيبي: أن مصدرية والفعل معها مفعول يتكفل أي من يلتزم لي عدم السؤال (وأتكفل) بالرفع (له بالجنة) أي أضمنها له على كرم الله وفضله وهو لا يخيب ضمان نبيه وفيه دلالة على شدة الاهتمام بشأن الكف عن السؤال
(د ك عن ثوبان) فكان ثوبان يسقط سوطه وهو راكب وربما وقع على عاتق رجل فيأخذه فيناوله فلا يأخذه منه حتى ينزل هو فيأخذه رواه الطبراني(6/241)
9099 - (من يحرم) من الحرمان وهو متعد إلى مفعولين الأول الضمير العائد إلى من والثاني (الرفق) ضد العنف فأل فيه لتعريف الحقيقة (يحرم الخير كله) بالبناء للمجهول أي صار محروما من الخير ولامه للعهد الذهني وهو الخير الحاصل من الرفق وفيه فضل الرفق وشرفه ومن ثم قيل الرفق في الأمور كالمسك في العطور قال الأكمل: والحرمان يتعدى إلى مفعولين يقال حرمت الرجل العطية حرمانا والمفعول الأول الضمير العائد إلى من والثاني هو الرفق فأل لتعريف الحقيقة وفي الخير للعهد الذهني والمعهود هو الخير المقابل للرفق وهو خير كثير
(حم م) في البر (د) في الأدب وزاد كله (هـ عن جرير) بن عبد الله ورواه مسلم من طريق آخر بلفظ من حرم الرفق حرم الخير(6/241)
9100 - (من يخفر ذمتي) أي يزيل عهدي وينقصه والخفرة بضم الخاء العهد والذمام (كنت خصمه) في رواية يوم القيامة (ومن خاصمته خصمته) لأن المؤيد بالحجج الباهرة والبراهين القاطعة
(طب) وكذا في الأوسط (عن جندب) قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره هكذا في الطبراني قال الهيثمي: ورجاله ثقات(6/241)
9101 - (من يدخل الجنة ينعم) بفتح الياء والعين أي يصب نعمه ويدوم نعيمه (فيها) فكأنه مظنة أن يقال كف فقال (لا ييأس) بفتح الهمزة أي لا يفتقر وفي رواية بضمها أي لا يحزن ولا يرى بأسا قيل: والصواب الأول وذا تأكيد لما قبله وإنما جيء بالواو للتقرير على وزان {لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (لا تبلى) بفتح حرف المضارعة واللام (ثيابه) لأنها غير مركبة من العناصر (ولا يفنى شبابه) إذ لا هرم ثم ولا موت {يطوف عليهم ولدان مخلدون} أي يبقون أبدا على شكل الولدان وحد الرصانة وهذا صريح في أن الجنة أبدية لا تفتى والنار مثلها وزعم جهم بن صفوان أنهما فانيتان لأنهما حادثتان ولم يتابعه أحد من الإسلاميين بل كفروه به وذهب بعضهم إلى إفناء النار دون الجنة وأطال ابن القيم كشيخه ابن تيمية في الانتصار له في عدة كراريس وقد صار بذلك أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان لمخالفته نص القرآن وختم بذلك كتابه الذي في وصف الجنان فكان من قبيل خبر إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا قدر ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وقد سلف عن الزمخشري في ذلك ما فيه بلاغ فراجعه وقد قال السبكي في ابن تيمية هو ضال مضل
(م) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة فذكره ولم يخرجه البخاري وفي الباب ابن عمر وغيره(6/241)
[ص:242] 9102 - (من يرائي) أي يظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم وليس هو كذلك (يرائي الله به) أي يظهر سريرته على رؤوس الخلائق ليفتضح أو ليكون ذلك حظه فقط (ومن يسمع) الناس عمله ويظهره لهم ليعتقدوه ويبروه (يسمع الله به) يوم القيامة أي يظهر للخلق سريرته ويملأ أسماعهم مما انطوى عليه جزاءا وفاقا
(حم ت هـ عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه(6/242)
9103 - (من يرد) بضم المثناة تحت من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة بالوقوع في المقدور وقيل اعتقاد النفع والضر وقيل ميل يتبعه الاعتقاد وهذا لا يصح في الإرادة القديمة (الله به خيرا) أي جميع الخيرات لأن النكرة تفيد العموم أو خيرا كبيرا عظيما كثيرا فالتنوين للتعظيم (يفقهه في الدين) أي يفهمه أسرار أمر الشارع ونهيه بالنور الرباني الذي أناخه في قلبه كما يرشد إليه قول الحسن إنما الفقيه من فقه عن الله أمره ونهيه ولا يكون ذلك إلا لعامل بعلمه ومر عن حجة الإسلام أن حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد العمل فأورث الخشية فالتقوى وأما الذين يتدارسون أبوابا منه ليعزز به الواحد منهم فأجنبي من هذه الرتبة العظمى وقال في موضع آخر: أراد الفقه المذكور العلم بمعرفة الله وصفاته قال: وأما الفقه الذي هو معرفة الأحكام الشرعية فقد استحوذ على أهله الشيطان واستغراهم الطغيان وأصبح كل منهم بعاجل حظه مشغوفا فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ومنار الهدى في الأقطار منطمسا فتعين أن المراد هو علم الآخرة الذي هو فرض عين فنظر الفقيه بالإضافة إلى صلاح الدنيا ونظر هذا بالإضافة إلى صلاح الآخرة ولو سئل فقيه عن نحو الإخلاص والتوكل أو وجه التحرز عن الرياء لما عرفه مع كونه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه ولو سئل عن اللعان والظهار يسرد من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج لشيء منها وقد سمى الله في كتابه علم طريق الآخرة فقها وحكمة وضياء ونورا ورشدا
(حم ق عن معاوية) بن أبي سفيان (حم ت عن ابن عباس هـ عن أبي هريرة) وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله بل بقيته عند الشيخين والله المعطي وأنا القاسم خرجه البخاري في العلم والخمس ومسلم في الزكاة ووجه ارتباط هاتين الجملتين بما قبلهما أن إثبات الخير للمتفقه لا يكون بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه به على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم ورثته(6/242)
9104 - (من يرد الله به خيرا) بالتنكير في سياق الشرط فيعم أي من يرد الله به جميع الخيرات (يفقهه) بسكون الهاء لأنها جواب الشرط (في الدين) أي يفهمه علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو والصرف. روى أن سلمان نزل على نبطية بالعراق فقال: هنا مكان نظيف نصلي فيه قالت: طهر قلبك وصل حيث شئت فقال: فقهت أي فهمت فمفهوم الحديث أنه من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام لم يرد الله به خيرا (ويلهمه برشده) بباء موحدة أوله بخط المصنف وفيه كالذي قبله شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين علامة على حسن الخاتمة وروى البخاري في الصحيح معلقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما العلم بالتعلم هكذا ذكره معلقا بهاتين الجملتين ووصله ابن أبي عاصم من حديث معاوية
(حل عن ابن مسعود) رمز لحسنه وهو فيه تابع لابن حجر حيث قال في المختصر: إسناده حسن لكن قال الذهبي: هو حديث منكر ورواه عنه الطبراني أيضا(6/242)
[ص:243] 9105 - (من يرد الله يهده يفهمه) علم الذات والصفات الناشئ عنه ملابسة كل خلق سني وتجنب كل خلق دني فمن عرف سعة رحمته أثمرت معرفته سعة الرجاء ومن عرف شدة نقمته أثمرت معرفته شدة الخوف وأثمر خوفه الكف عن الذنوب والبكاء والحزن وحسن الإنقياد والإذعان ومن عرف إحاطة علمه لكل معلوم ورؤيته لكل مبصر أثمر ذلك العلم الحياء منه والمراقبة وإتقان العبادة وإصلاح القلب وإخلاص العمل ومن عرفه بالتفرد بالضر والنفع لم يعتمد إلا عليه ولم يفوض إلا إليه ومن عرفه بالعظمة والجلال هابه وعامله بالذلة والافتقار ومن عرف أن النعم كلها منه أحبه وأثمرت محبته آثارها فهذه بعض ثمرات المهتدي لفقه بعض الصفات
(السجزي عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه(6/243)
9106 - (من يرد الله به خيرا) أي جميع الخيرات أو خيرا غزيرا (يصب منه) بكسر الصادر عند الأكثر والفاعل الله وروي بفتحها واستحسنه ابن الجوزي ورجحه الطيبي بأنه أليق بالأدب لآية {وإذا مرضت فهو يشفين} والضمير في قوله منه على التقديرين للخير قال الزمخشري: أي ينل منه بالمصائب ويبتليه بها ليثيبه عليها وقال القاضي: أي يوصل إليه المصائب ليطهره من الذنوب ويرفع درجته وهي اسم لكل مكروه وذلك لأن الابتلاء بالمصائب طب إلهي يداوي به الإنسان من أمراض الذنوب المهلكة ويصح عود الضمير في يصب إلى من وفي منه إلى الله وإلى الخير والمعنى أن الخير لا يحصل للإنسان إلا بإرادته تعالى وعليه فلا شاهد فيه وإنما تركه لوضوحه لأن الخير الذي هو مراد لمن يحصل له مختار مرضي به إذا كان بإرادة من الغير لا من نفسه فلأن يكون ما يحصل بغير إرادة ورضا أولى
(حم خ) في الطب (عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي أيضا(6/243)
9107 - (من يرد هوان قريش) القبيلة المعروفة (أهانه الله) هذا أعظم من الخبر المار من أهان قريشا إلخ لأنه جعل هوان الله لمن أراد هوانها لكنه إنما خرج مخرج الزجر والتغليظ ليكون الإنتهاء عن أذاهم أسرع امتثالا وإلا فحكم الله المطرد في عدله أنه لا يعاقب على الإرادات
(حم ت ك) في المناقب (عن سعد) بن أبي وقاص قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال المناوي: سنده جيد(6/243)
9108 - (من يسر على معسر) مسلم أو غيره بإبراء أو هبة أو صدقة أو نظرة إلى ميسرة وإعانة بنحو شفاعة أو إفناء يخلصه من ضائقة (يسر الله عليه) مطالبه وأموره (في الدنيا) بتوسيع رزقه وحفظه من الشدائد ومعاونته على فعل الخيرات (و) في (الآخرة) بتسهيل الحساب والعفو عن العقاب ونحو ذلك من وجوه الكرامة والزلفى ولما كان الإعسار أعظم كرب الدنيا لم يخص جزاؤه بالآخرة بل عممه فيهما
(هـ عن أبي هريرة)(6/243)
9109 - (من يضمن) من الضمان بمعنى الوفاء بترك المعصية فأطلق الضمان وأراد لازمه وهو أداء الحق الذي عليه (لي ما بين لحييه) بفتح فسكون هما العظمان بجانبي الفم وأراد بما بينهما اللسان وما يتأتى به النطق وغيره فيشمل سائر الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأدى بالفم من الفعل والنطق باللسان أصل كل مطلوب (وما بين رجليه) أي الفرج والمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بالواجب والصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه [ص:244] في الحلال وكفه عن الحرام (أضمن) بالجزم جواب الشرط (له الجنة) أي دخوله إياها وهذا تحذير من شهوة البطن والفرج وأنها مهلكة ولا يقدر على كسر شهوتها إلا الصديقون
(خ) في الرقائق وغيرها (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه عنه كثيرون منهم الترمذي(6/243)
9110 - (من يعمل سوءا) دخل فيه البر والفاجر والولي والعدو والمؤمن والكافر (يجز به في الدنيا) زاد الحكيم في روايته عن ابن عمر أو الآخرة فأما في الآية فقد أجمله وميز في الخبر بين الموطنين وأخبر بأن جزاءه إما في الدنيا والآخرة وليس يجمع الجزاء فيهما ففسر في الخير مجمل التنزيل وبين أن المؤمن يجزى بالسوء في الدنيا كتعب وحزن والكافر يصيبه ذلك فيها ويعاقب أيضا في العقبى لأن المؤمن صابر محتسب مذعن لربه والكافر ساخط على ربه مصر على عداوته فيزداد نارا على نار
(ك عن أبي بكر) الصديق ورواه الحكيم عن الزبير قال: لما صلب ابن الزبير بمكة قال ابن عمر رحمك الله أبا خبيب إن كنت وإن كنت ولقد سمعت أباك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال ابن عمر فإن يك هذا بذاك فهه فهه يعني جوزي به ومعناه أنه قاتل في حرم الله وأحدث فيه حدثا عظيما اه(6/244)
9111 - (من يك في حاجة أخيه) أي في قضاء حاجة أخيه في الدين (يكن الله في حاجته) الحاجة اسم لما يفتقر إليه الإنسان ومعناه على ظاهره ظاهر وكان لتقرير الخبر وتأتي بمعنى صار وزائدة وتامة وهنا لا تصح لواحد منها قال الأكمل: فينبغي أن الأولى بمعنى سعى لأن السعي في الحاجة يستلزم الكون فيها والثانية بمعنى قضى ورد بأن الاستمرار والانقطاع إنما يفهم من القرائن لا من كان وهنا الغرض بيان كون الأول سببا للثاني فقط فإن تكرر السبب تكرر المسبب وإلا فلا ولم يقل من قضى حاجته إشعارا بأن الله هو الذي يقضيها وليس للعبد إلا المباشرة والكون في الحاجة أعم من السعي فيها
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه(6/244)
9112 - (منى مناخ من سبق) من الحاج وغيرهم قال الطيبي: جملة مستأنفة لبيان موجب عدم البناء فيها أي ليس مختصا بأحد إنما هو موضع العبادات من رمى وذبح وحلق وغيرها فلا يجوز البناء فيها لأحد لئلا يكثر بها البناء فتضيق على الحاج وهي غير مختصة بأحد بل هي موضع للمناسك ومثلها عرفة ومزدلفة قال ابن العربي: هذا الحديث يقتضي بظاهره أنه لا استحقاق لأحد بمنى إلا بحكم الإناخة بها لقضاء النسك ثم بنى بعد ذلك بها لكن في غير موضع النسك ثم أخربت قال: ورأيت بمدينة السلام يوم الجمعة كل أحد يأتي بحصير أو خمرة بفرشها فإذا دخل الناس تحاموها فأنكرته وقلت لفخر الإسلام الشاشي أيتخذ المسجد وطنا أو سكنا قال: لا بل إذا وضع مصلاه كان أحق به لحديث منى مناح من سبق فإذا نزل بمنى برحله ثم خرج لحاجته ليس لغيره نزع رحله قال ابن العربي: وذا أصل في جواز كل مباح للانتفاع به دون الاستحقاق والتملك
(ت هـ ك) في الحج (عن عائشة) قالت: يا رسول الله ألا نبني لك بناء بمنى يظلك؟ قال: لا ثم ذكره قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الترمذي: حسن قال في المنار: ولم يبين لم لا يصح وعندي أنه ضعيف لأن فيه مسكة أم يوسف لا يعرف حالها ولا يعرف روى عنها غير ابنها اه(6/244)
9113 - (مناولة المسكين) أي إعطاؤه الصدقة (تقي ميتة السوء) أي الموت مع الإصرار على معصية أو قنوط من رحمه [ص:245] أو حرق أو لدغ أو نحوها. بين به أن أفضل أنواع كيفيات التصدق وأعلاها المناولة وذلك لأن الله تفضل على هذه الأمة بأخذ صدقاتهم بيده كما مر في أخبار ولم يكله إلى ملائكته ولا لأحد من خلقه {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات} فلذلك ندب أن يتولى المتصدق المناولة وكان فضلها عظيما
(طب هب والضياء عن الحارث بن النعمان) كان قد عمي فاتخذ خيطا في مصلاه بحجرته فيه صدقته فإذا جاء مسكين جره فناوله منه فيقول أهله نكفيك فيقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي: فيه من لم أعرفه(6/244)
9114 - (منبري هذا على ترعة من ترع الجنة) أي موضع بعينه في الآخرة هناك أو المراد أن التعبد عنده يورث الجنة فكأنه قطعة منها وقول البعض المراد منبر هناك يبعده اسم الإشارة وأقول: جاء في رواية لأحمد والطبراني تفسير الترعة بالباب عن بعض الصحابة
(حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح ومن ثم رمز المصنف لصحته(6/245)
9115 - (منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره) فالمعاهد والمؤمن لا يجوز التعرض له نفسا وعضوا ومالا ما دام عقد الأمان والمعاقدة باق ولذلك شروط وأحكام مبنية في كتب الفروع
(ك عن علي) أمير المؤمنين(6/245)
9116 - (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا) النهمة شدة الحرص على الشيء ومنه النهم من الجوع كما في النهاية قال الطيبي: إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان لا يشبعان استعارة لعدم انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيها جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من المتعارف ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم ومن ثم أمر الله رسوله بقوله {وقل رب ذدني علما} ويعضده قول ابن مسعود عقبه لا يستويان أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن وقال الراغب: النهم بالعلم استعارة وهو أن يحمل على نفسه ما يقصر قواها عنه فينبت والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى اه. وهذا التقرير أقوى من قول الماوردي: في الحديث تنبيه على أن العلم يقتضي ما بقي منه ويستدعي ما تأخر عنه وليس للراغب فيه قناعة ببعضه قال حجة الإسلام: اجتمع في الإنسان أربعة أوصاف سبعية وبهيمية وشيطانية وربانية فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من التهجم على الناس بنحو ضرب وشتم والبغضاء وغير ذلك ومن حيث سلط عليه الشهوة يتعاطى أفعال البهائم كشره وحرص وشبق ومن حيث إنه في نفسه أمر رباني كما قال تعالى {قل الروح من أمر ربي} يدعي لنفسه الربوبية ويحب الاستيلاء والاستعلاء والتخصص والاستبداد بالأمور والتعوذ بالربانية والانسلال عن رتبة العبودية ويشتهي الإطلاع على العلوم كلها ويدعي لنفسه العلم والمعرفة والإحاطة بحقائق الأمور ويفرح إذا نسب إلى العلم وهو حريص على ذلك لا يشبع منه
(عد) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال: محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء منكرة اه. ومن ثم قال ابن الجوزي في العلل: حديث لا يصح (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف(6/245)
9117 - (موالينا منا) في الاستنان بسنتنا والاحترام والإكرام لاتصالهم بنا فليس المراد أنه يحرم عليهم أخذ الزكاة كما قيل
(طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه مسلم بن سالم ويقال ابن مسلمة بن سالم ضعفه أبو داود [ص:246] وغيره ووثقه ابن حبان وهذا حديث رواه أيضا ابن قانع في معجمه من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده بلفظ " مولانا منا وابن أخينا منا وحليفنا منا "(6/245)
9118 - (موت الغريب) وفي رواية موت الغربة (شهادة) أي في حكم الآخرة زاد في الفردوس وإنه إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه ويساره فلم ير إلا غريبا وذكر أهله وولده فيتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو الله عنه ألفي ألف سيئة ويكتب له ألفي ألف حسنة اه قال البغدادي: وهذا فيمن تغرب لقربة أو مباح كتجارة فمات غريبا متوحشا عن مؤانس متحسرا في وحدته مستسلما في نفسه مسلما إلى ربه فيما ينزل به فهو شهيد لصعوبة ما حل به
(هـ) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) وفيه الهذيل بن الحكم قال في الميزان: قال ابن حبان والبخاري: منكر الحديث جدا قال: ومن مناكيره هذا الحديث وقال ابن حجر: حديث ضعيف لأنه يعني ابن ماجه أخرجه من طريق الهذيل بن الحكم عن ابن أبي رواد عن عكرمة والهذيل قال البخاري: منكر الحديث وزعم عبد الحق أن الدارقطني صححه فتعقبه ابن القطان فأجاد اه. وسبقه له البيهقي فقال عقب تخريجه في الشعب: أشار البخاري إلى تفرد الهذيل به وقال: هو منكر الحديث اه. وقال المنذري: قد جاء في أن موت الغريب شهادة جملة من الأحاديث لا يبلغ شيء منها درجة الحسن وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأنه ورد من طرق فيتقوى بها(6/246)
9919 - (موت الفجأة) بفاء مضمومة مع المد ومفتوحة مع القصر البغتة مصدر فجاء الأمر فجأة بغتة وزعم الكرماني أنه في بعض الروايات بكسر الفاء (أخذة أسف) بفتح السين أي غضب وبكسرها والمد أي أخذه غضبان يعني هو من أثار غضب الله تعالى فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة ولم يمرضه ليكون المرض كفارة لذنوبه كأخذة من مضى من العصاة المردة كما قال تعالى {أخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} وهذا وارد في حق الكفار والفجار لا في المؤمنين الأتقياء كما أفصح به في الخير الآتي. قال ابن العربي: وليس موت القوم فجأة إنما الفجأة موت اليقظة بغتة
(هـ حم د) في الجنائز (عن عبيد) بالتصغير (ابن خالد) السلمي البهربي شهد صفين مع علي وأدرك زمن الحجاج قال الأزدي: له طرق في كل منها مقال ولم يصح منها حديث اه وقال المنذري: حديث عبيد هذا رجاله ثقات اه ولعله مستند المصنف في إشارته لحسنه لكن ظاهر كلام ابن حجر توهينه فإنه لما نقل عن ابن رشيد أن في إسناده مقالا أقره وسكت عليه لكنه قال في تخريج المختصر: إسناده صحيح قال: وليس في الباب حديث صحيح غيره(6/246)
9120 - (موت الفجأة راحة للمؤمن) أي المتأهب للموت المراقب له فهو غير مكروه في حقه بخلاف من هو على غير استعداد منه كما أشار إليه بقوله (وأخذة أسف للفاجر) أي الكافر أو الفاسق لما ذكر وقد مات إبراهيم الخليل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا مرض كما بينه جمع وقال ابن السكن الهجري توفي إبراهيم وداود وسليمان عليهم السلام فجأة قال: وكذلك الصالحون وهو تخفيف عن المؤمن قال النووي في تهذيبه بعد نقله ذلك: قلت هو تخفيف ورحمة في حق المراقبين وقال في الإحياء: وهو تخفيف إلا لمن ليس مستعدا للموت لكونه مثقل الظهر <فائدة> يسمى موت الفجأة الموت الأبيض قال الزمخشري: ومعنى بياضه خلوه عما يحدثه من لا يعافص من توبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته وهو من الأضداد
(حم هق عن عائشة) وفيه قصة قال الهيثمي: وفيه عبد الله بن الوليد الوصافي وهو متروك وقال ابن حجر: حديث غريب فيه صالح بن موسى وهو ضعيف لكن له شواهد(6/246)
[ص:247] 9121 - (موتان الأرض) يعني مواتها الذي ليس بمملوك (لله ورسوله فمن أحيا شيئا منها فهو له) وإن لم يأذن الإمام مطلقا عند الشافعي وشرطه أبو حنيفة مطلقا وقال مالك: إن تسامح الناس فيه لقربه من العمران لم يشترط وإلا شرط
(هق عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي: تفرد بوصله معاوية بن هشام قال الذهبي: قلت هذا مما أنكر عليه اه. وبه يعرف أن المصنف لم يصب في رمزه لحسنه(6/247)
9122 - (موسى بن عمران صفي الله) أي اصطفاه الله برسالته وخصه بكلامه والكلام خصوصية اختص بها من بين الأنبياء والرسل لم يشاركه فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب وأصل الصفي ما يصطفيه الرئيس لنفسه دون أصحابه وجمعه صفايا قال الشاعر:
لك المرباع منها والصفايا. . . وحكمك والنشيطة والفصول
(ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره(6/247)
9123 - (موضع سوط في الجنة) خص السوط بالذكر لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول في منزل أن يلقى سوطه قبل أن ينزل معلما بذلك المكان الذي يريده لئلا يسبقه إليه أحد (خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة مع نعيمها لا انقضاء لها والدنيا مع ما فيها فانية وهذا في محل سوط فما الظن بأعلى ما فيها وهو النظر إلى وجه الله الكريم الذي ينسي في لذته كل نعيم {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}
(خ ت هـ عن سهل بن سعد) الساعدي (ت عن أبي هريرة)(6/247)
9124 - (مولى القوم) أي عتيقهم قال ابن حجر: المراد بالمولى هو المعتق بفتح المثناة وأما المولى من أعلى فلا يرد هنا وقال النووي في التهذيب: في هذا الحديث سواء كان مولى عتاقة وهو الأكثر أو مولى حلف ومناصرة أو مولى إسلام بأن أسلم على يد واحدة من قبيلة كالبخاري مولى الجعفيين أسلم على يد أحدهم وقد ينسبون إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب الهاشمي مولى شقران مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم (من أنفسهم) أي ينتسب نسبتهم ويرثونه إن كان مولى عتاقة فالمعتق يرث العتيق بالعصوبة إذا فقد عصبة النسب فإن لم يكن مولى عتاقة فالمراد من أنفسهم في الإكرام والاحترام وقيل المراد من أنفسهم في حكم الحل والحرمة كمولى القرشي لا تحل له الصدقة وقيل القصد بذلك جواز نسبة العبد إلى مولاه بلفظ النسبة
(خ) في الفرائض ووهم من زعم أنه ليس فيه (عن أنس) وفيه قصة وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به إمام الفن عن صاحبه وليس كذلك ففي الفردوس اتفقا على إخراجه ورواه أيضا أحمد(6/247)
9125 - (مولى الرجل أخوه وابن عمه) المولى الرب والمالك والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والصهر والمعتق وقد جاء أكثرها في الأخبار فينزل على كل ما يليق به
(طب عن سهل بن حنيف) رمز لحسنه وفيه يحيى بن يزيد قال الذهبي: ضعيف(6/247)
9126 - (مهنة إحداكن) بفتح الميم وتكسر خدمتها قال الزمخشري: والكسر عند الإثبات خطأ وفي رواية إلى إحداكن [ص:248] (في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء الله) أي فضله وثوابه عند الله
(ع) وكذا البيهقي (عن أنس) بن مالك قال: جئن النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن ذهب الرجال بالفضل والجهاد فذكره. قال ابن الجوزي: حديث لا يصح قال ابن حبان: روح أي أحد رجاله يروي عن الثقات الموضوعات لا تحل الرواية عنه(6/247)
9127 - (ميامن الخيل في شقرها) أي بركتها في الأحمر الصافي منها والشقرة حمرة صافية وبقيته عند مخرجيه أبي الشيخ والطيالسي وأيمنها ناصية ما كان واضح الجبين محجل ثلاث قوائم طلق اليد اليمنى اه بنصه
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ابن حبان] والديلمي(6/248)
9128 - (ميتة البحر حلال وماؤه طهور) هو بمعنى خبر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وفيه أن ما لا يعيش إلا في البحر من جميع أنواع الحيوان ميتتها طاهرة يحل أكلها ولو بصورة كلب وخنزير
(قط ك) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده عبد الله (بن عمرو) بن العاص قال ابن حجر: هو من طريق المثنى عن عمر والمثنى ضعيف اه. وقال الغرياني في مختصر الدارقطني: فيه المثنى بن الصباح لينه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن عياش لكن توبع(6/248)
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف الميم](6/248)
9129 - (الماء) زاد في رواية أبي داود طهور (لا ينجسه شيء) هذا متروك الظاهر فيما إذا تغير بالنجاسة اتفاقا رخصه الشافعية والحنابلة بمفهوم خبر أبي داود وغيره " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا " فينجس ما دونها بكل حال وأخذ مالك وجمع بإطلاقه فقالوا: لا ينجس الماء إلا بالتغير وأل في قوله الماء للاستغراق أو للعهد أو الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة ويعلم حكم غيره بطريق الأولى أو لبيان الجنس أي أن هذا هو الأصل في الماء وقوله طهور بفتح الطاء على المشهور لأن المراد به الماء. قال ابن العراقي: في أصل سماعنا ولا ينجسه شيء بالواو وفي الرواية الأخرى بحذفها والأولى تدل على أن قوله لا ينجسه شيء ليس تفسيرا لقوله الماء طهور بل حكم على الماء بأمرين بكونه طهورا وبكونه لا ينجسه شيء ولا يلزم من الطهورية عدم التنجس
(طس عن عائشة) وقضية كلام المؤلف أنه لم يخرجه أحد في الكتب الستة وهو عجيب فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن أبي سعيد الخدري ولفظه مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهو يطرح فيها ما يكره من النتن فقال " الماء لا ينجسه شيء " وهو حديث حسنه اليعمري وغيره ورواه عنه أبو داود بلفظ: " الماء طهور لا ينجسه شيء ". قال الولي العراقي بعد ما حكى اختلاف الناس فيه: والحديث صحيح ورواه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما والدارقطني عن سهل بن سعد يرفعه ورمز المؤلف لحسنه(6/248)
9130 - (الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه) أو على لونه قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الماء قل أو كثر إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته لونا أو طعما أو ريحا فهو نجس
<تنبيه> ذكر ابن سراقة في الأعداد وأبو سعيد النيسابوري في شرف المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم جعل الماء مزيلا للنجاسة وأن كثير الماء لا يؤثر فيه الخبث والاستنجاء بالجامد
(قط) من حديث راشد (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال مخرجه الدارقطني: لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي والصواب من قول راشد [ص:249] وأسنده محمد الغضيضي عن أبي أمامة وهو مجهول اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال ابن حجر: فيه رشدين بن سعد متروك. قال ابن يونس: كان صالحا أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث ورواه ابن ماجه والطبراني وفيه رشدين أيضا(6/248)
9131 - (المائد في البحر) اسم فاعل من ماد يميد إذا دار رأسه من غثيان معدته بشم ريح البحر قال تعالى {أن تميد بكم} أي لئلا تضطرب بكم (الذي يصيبه القيء له أجر شهيد) إن ركبه لطاعة كغزو وحج وتحصيل علم أو لتجارة إن لم يكن له طريق سواه ولم يتجر لزيادة مال بل للقوت ذكره المظهر. قال الطيبي: الذي يصيبه ليس بصفة مخصصة بل مبينة (والغرق) بفتح الغين وكسر الراء (له أجر شهيدين) فيه حث على ركوب البحر للغزو
(د) في الجهاد (عن أم حرام) بفتح الحاء والراء رمز لحسنه وفيه هلال بن ميمون الرملي قال أبو حاتم: غير قوي(6/249)
9132 - (المؤذن يغفر له مدى صوته) أي غاية صوته يعني يغفر له مغفرة طويلة عريضة على طريق المبالغة أي يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت وقيل تغفر خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجساما ملأت ما بين الجوانب التي يبلغها ومدى على الأول نصب على الظرف وعلى الثاني رفع على أنه أقيم مقام الفاعل (ويشهد له كل رطب) أي نام (ويابس) أي جماد (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) أي ما بين الأذان إلى الأذان قال أبو البقاء: الجيد عند أهل اللغة مدى صوته وهو ظرف مكان وأما مد صوته فله وجه وهو يحتمل شيئين أحدهما أن يكون تقديره مسافة مد صوته الثاني أن يكون بمعنى المكان أي امتداد صوته وهو منصوب لا غير وفي المعنى على هذا وجهان أحدهما لو كانت ذنوبه تملأ هذا المكان لغفرت له الثاني يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان يقدر بهذه المسافة وقال التوربشتي: قوله مدى صوته أي غايته وفيه حث على استفراغ الجهد في رفع الصوت بالأذان وقال البيضاوي: غاية الصوت يكون أخفى لا محالة فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه همس صوته فلأن يشهد له من هو أدنى منه وسمع مبادئ صوته أولى قال الطيبي: قوله وشاهد إلخ عطف على قوله المؤذن يغفر له وفيه إشعار بأن الجملة الثانية مسببة عن الأولى وأن العطف بيان لحصول الجملتين في الوجود وتفويض ترتب الثانية موكول إلى ذهن السامع الذكي والثانية وإن كانت متأثرة عن الأولى ومسببة عنها بهذا الاعتبار كذلك الأولى متأثرة من الثانية باعتبار مضاعفة الثواب وإليه أشار من قال يغفر للمؤذن لأن كل من سمعه أسرع إلى الصلاة ثم غفرت خطاياه للصلاة المسببة لندائه فكأنه لأجل إسراع الشاهد قد غفر للمؤذن فالضمير المجرور في له للشاهد لا للمؤذن كما ظن ويشهد له خبر " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا "
(حم د ن هـ حب) كلهم في الأذان من حديث أبي يحيى (عن أبي هريرة) قال الصدر المناوي: وأبو يحيى هذا لم ينسب فيعرف حاله(6/249)
9133 - (المؤذن يغفر له مدى صوته وأجره مثل أجر من صلى معه) قال ابن عربي: والمؤذنون أفضل جماعة دعت إلى الله عن أمر الله ورسوله ولولا رفق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمته لأذن فإنه لو أذن وتخلف عن إجابته من سمعه إذا قال حي علي الصلاة عصى {وكان بالمؤمنين رحيما}
(طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف(6/249)
[ص:250] 9134 - (المؤذن المحتسب) أي الذي أراد بأذانه وجه الله وثوابه (كالشهيد) أي المقتول في معركة الكفار (المتشحط في دمه) زاد في رواية للطبراني أيضا يتمنى على الله ما يشتهي به الأذان والإقامة (إذا مات لم يدود في قبره) أي لم يقع فيه الدود وكذا في الفردوس قال القرطبي: ظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض كالشهيد
(طب عن ابن عمرو) بن العاص وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه إبراهيم بن رستم ضعفه ابن عدي ووثقه غيره وفيه أيضا من لا يعرف ترجمته اه. وأقول: فيه أيضا سالم الأفطس قال ابن حبان: يقلب الأخبار ويتفرد بالمعضلات(6/250)
9135 - (المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) أي وقت الأذان منوط بنظر المؤذن العدل العارف فلا يحتاج فيه لمراجعة الإمام لأنه الراصد للوقت ووقت الإقامة منوط بنظر الإمام لكن لو أذن غير المؤذن بدون إذنه أو أقام غير الإمام بغير إذنه اعتد به
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب فضل (الأذان عن أبي هريرة) رمز لحسنه ينظر في قول الشيخ عن أبي هريرة فإن الحافظ ابن حجر ذكر أن أبا الشيخ خرجه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر قال: وفيه مبارك بن عباد ضعيف وذكر أن الذي رواه عن أبي هريرة ابن عدي ويحتمل أن أبا الشيخ خرجه عن صحابيين لكني لم أره ورواه البيهقي عن علي موقوفا قال: ورفعه غير محفوظ وقال الذهبي: بل لا يصح(6/250)
9136 - (المؤذنون) جمع سلامة للمؤذن (أطول الناس أعناقا) بفتح الهمزة جمع عنق (يوم القيامة) أي أكثرهم تشوفا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما تشوف إليه أو يكونون سادة والعرب تصف السادة بطول العنق أو معناه أكثر ثوابا يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه أو أكثر جماعات يقال جاء في عنق من الناس أي جماعة ومن أجاب دعوة المؤذن يكون معه أو أكثر الناس رجى لأن من رجى شيئا طال إليه عنقه والناس حين الكرب يكون المؤذنون أكثرهم رجاءا ومد العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن وعليه اقتصر القاضي حيث قال: تعديل عنق الرجل وطوله كناية عن فرحه وعلو درجته وإناقته على غيره كما أن حنو القدر واطمئنانه وخضوع العنق وانكساره يعبر به عن الحيرة والهوان والهم أو المراد أنه إذا وصل العرق إلى الأفواه طالت أعناق المؤذنين حقيقة لشلا ينالهم ذلك وروي إعناقا بكسر الهمزة أي أشدهم إسراعا إلى الجنة من سار العنق
(حم م هـ) في الإيمان (عن معاوية) ولم يخرجه البخاري قال المصنف: هذا متواتر(6/250)
9137 - (المؤذنون أمناء المسلمين على فطورهم وسحورهم) لأنهم بأذانهم يفطرون من صيامهم وبه يصلون فحق عليهم أن يفرغوا جهدهم ويبذلوا وسعهم في تحرير دخول الوقت حذرا من فطر الصائم قبل الغروب وصلاة المصلي قبل دخول الوقت فمن قصر في ذلك فهو من الخائنين المبغوضين إلى الله وعليه إثم من عمل بقضية أذانه إلى يوم القيامة
(طب عن أبي محذورة) المؤذن رمز لحسنه قال ابن حجر: في سنده يحيى الحماني مختلف فيه وقال الهيثمي: سنده حسن(6/250)
9138 - (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم) أي يتبعونهم ويعتمدون على أذانهم (وحاجتهم) المراد به حاجة الصائمين إلى الإفطار واشتغال المنوطة بأوقات الصلاة ذكره الرابعي قال: وقد يحتج به لندب العدالة في المؤذن لأنه سماه أمينا واللائق بحال الأمين كونه عدلا
(هق عن الحسن) البصري (مرسلا) ورواه عنه أيضا إمام الأئمة الشافعي(6/250)
[ص:251] 9139 - (المؤمن يأكل في معي) بكسر الميم مقصور مصران (واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) قيل ذا خاص بمعاء رجل قيل هو نضلة الغفاري وقيل غيره فاللام عهدية وقيل عام وهو تمثيل لكون المؤمن يأكل بقدر ما يمسك رمقه ويقوى به على الطاعة فكأنه يأكل في معاء واحد والكافر لشدة حرصه كأنه يأكل في أمعاء كثيرة فالسبعة للتكثير قال القرطبي: وهذا أرجح أو المؤمن يأكل للضرورة والكافر يأكل للشهوة أو المؤمن يقل حرصه وشرهه على الطعام ويبارك له في مأكله ومشربه فيشبع من قليل والكافر شديد الحرص لا يطمح بصره إلا للمطاعم والمشارب كالأنعام فمثل ما بينهما من التفاوت كما بين من يأكل في وعاء ومن يأكل في سبعة وهذا باعتبار الأعم الأغلب ولعلك إن وجدت مسلما أكولا ولو فحصت وجدت من الكفار من تفضل نهمته أضعافا مضاعفة وقيل أراد بالسبعة صفات سبع الحرص والشره وبعد الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن وقيل شهوات الطعام سبع شهوة النفس وشهوة العين وشهوة الفم وشهوة الأذن وشهوة الأنف وشهوة الجوع وهي الضرورة وهي التي يأكل بها المؤمن قال بعض الصحابة: وددت لو جعل رزقي في حصاة ألوكها حتى أموت أو المراد المؤمن الكامل الإيمان لأن شدة خوفه وكثرة تفكره تمنعه من استيفاء شهوته أو المؤمن يسمى فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل بخلاف الكافر وقال ابن العربي: السبعة كناية عن الحواس الخمس والشهوة والحاجة وفيه حث على التقلل من الدنيا والزهد والقناعة بما تيسر وقد كان العقلاء في الجاهلية والإسلام يمتدحون بقلة الأكل ويذمون كثرته وقال الغزالي: المعاء كناية عن الشهوة فشهوته سبعة أمثال شهوة المؤمن
(حم ق ت هـ عن ابن عمر) بن الخطاب (حم م عن جابر) بن عبد الله (حم ق هـ عن أبي هريرة (م هـ عن أبي موسى) قال المصنف: والحديث متواتر(6/251)
9140 - (المؤمن) وفي رواية المسلم (يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء) قال أبو حاتم السجستاني: المعاء مذكر ولم أسمع من أثق به يؤنثه وهذا الحديث يأتي فيه من التوجيه ما ذكر فيما قبله قال ابن عبد البر: ولا سبيل إلى حمله على ظاهره لأن المشاهدة تدفعه فكم من كافر يكون أقل أكلا وشربا من مسلم وعكسه وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله وشربه وقيل ليست حقيقة العدد مرادة بل المراد التكثير وأن من شأن المؤمن التقلل من الأكل والشرب لشغله بأسباب العبادة وعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل والشرب ما يمسك الرمق ويعين على التعبد والكافر لا يقف مع مقصود الشرع بل هو تابع لشهوته مسترسل في لذته غير خائف من تبعات الحرام فلذلك صار أكل المؤمن إذا نسب إلى أكل الكافر وشربه بقدر السبع منه ولا يلزم منه الاطراد فقد يوجد مؤمن يأكل ويشرب كثيرا لعارض مرض أو نحوه ويكون في الكفار من يأكل قليلا لمراعاة الصحة على رأي الأطباء أو الرياضة على رأي الرهبان أو لعارض كضعف معدة
(حم م ت عن أبي هريرة)(6/251)
9141 - (المؤمن مرآة المؤمن) أي يبصر من نفسه بما لا يراه بدونه ولا ينظر الإنسان في المرآة إلا وجهه ونفسه ولو أنه جهد كل الجهد أن يرى جرم المرآة لا يراه لأن صورة نفسه حاجبة له وقال الطيبي: إن المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه كالمرأة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ولو كان أدنى شيء فالمؤمن إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء حاله تعريفات وتلويحات فإذا ظهر له منه عيب قادح كافحه فإن رجع صادقه وقال العامري: معناه كن لأخيك كالمرآة تريه محاسن أحواله وتبعثه على الشكر وتمنعه من الكبر وتريه قبائح أموره بلين في خفية تنصحه ولا تفضحه [ص:252] هذا في العامة أما الخواص فمن اجتمع فيه خلائق الإيمان وتكاملت عنده آداب الإسلام ثم تجوهر باطنه عن أخلاق النفس ترقى قلبه إلى ذروة الإحسان فيصير لصفائه كالمرآة إذا نظر إليه المؤمنون رأوا قبائح أحوالهم في صفاء حاله وسوء آدابهم في حسن شمائله
(طس والضياء) وكذا البزار والقضاعي (عن أنس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني والبزار: وفيه عثمان بن محمد من ولد ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال ابن القطان: الغالب على حديثه الوهم وبقية رجاله ثقات(6/251)
9142 - (المؤمن مرآة المؤمن) فأنت مرآة لأخيك يبصر حاله فيك وهو مرآة لك تبصر حالك فيه فإن شهدت في أخيك خيرا فهو لك وإن شهدت غيره فهو لك وكل إنسان مشهده عائد عليه ومن ثم قالوا: من مشهدك يأتيك روح مددك (والمؤمن أخو المؤمن) أي بينه وبينه أخوه ثابتة بسبب الإيمان {إنما المؤمنون إخوة} (يكف عليه ضيعته) أي يجمع عليه معيشته ويضمها له وضيعة الرجل ما منه معاشه (ويحوطه من ورائه) أي يحفظه ويصونه ويذب عنه ويدفع عنه من يغتابه أو يلحق به ضررا ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك قال بعض العارفين: كن رداءا وقميصا لأخيك المؤمن وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله فإنك أخوه بالنص القرآني فاجعله مرآة ترى فيها نفسك فكما يزبل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة فأزل عنه كل أذى به عن نفسه
(خد د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي: إسناده حسن(6/252)
9143 - (المؤمن للمؤمن) اللام فيه للجنس والمراد بعض المؤمنين لبعض (كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إلا بمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه (يشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه وبعضا منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضا مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيها لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه ويعاتبه ذكره الحرالي وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه
<تنبيه> قال الراغب: إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث
(ق) في الأدب (ت ن) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري(6/252)
9144 - (المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) يعني المؤمن من حقه أن يكون موصوفا بذلك (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) قالوا: وذا من جوامع الكلم <فائدة> خرج الحكيم الترمذي عن أبي سعيد مرفوعا: المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاء {الذين آمنوا بالله ورسوله لم يرتابوا} والذي يأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم والذي إذا أشرف على طمع تركه قال: فالجزء الأول هم الظالمون لأنفسهم ضيعوا العبودية واستوفوا الرزق واكتالوا النعم بالمكيال الأوفى وكالوا الطاعات بكيل الخسر فهم من المطففين والثاني هو المقتصد المقتفي والثالث تركوا الهوى وشهوة النفس فهم المقربون. [ص:253]
(هـ عن فضالة بن عبيد) ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه فرمز المصنف لحسنه(6/252)
9145 - (المؤمن يموت بعرق الجبين) أي عرق جبينه حال موته علامة إيمانه لأنه إذا جاءته البشرى مع قبيح ما جاء به خجل واستحيى فعرق جبينه لأن أسافله ماتت وقوة الحياة فيما علا والحياء في العينين وذلك وقت البشرى وانكشاف الغطاء والكافر في عمى عن ذلك وقال ابن العربي: معناه أن المؤمن الذي يهون عليه الموت لا يجد من شدته إلا بقدر ما يفيض جبينه ويتفصد اه ويؤيد الأول ما أخرج الحكيم عن سلمان أنه قال عند موته سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أرقب الميت عند موته ثلاثا فإن رشح جبينه وذرفت عيناه فهو رحمة نزلت به وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقه فهو عذاب
(حم ت ن هـ ك عن بريدة) رمز لحسنه قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح واعترضه الصدر المناوي بأن قتادة رواه عن عبد الله بن بريدة ولا يعرف له سماعا منه كما قاله الترمذي(6/253)
9146 - (المؤمن يألف) لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه وفي رواية ألف مألوف والألف اللازم للشيء فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان قال الطيبي: وقوله المؤمن ألف يحتمل كونه مصدرا على سبيل المبالغة كرجل عدل أو اسم كان أي يكون مكان الألفة ومنتهاها ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه والألفة سبب للاعتصام بالله وبحبله وبه يحصل الإجماع بين المسلمين وبضده تحصل النفرة بينهم وإنما تحصل الألفة بتوفيق إلهي لقوله سبحانه {واعتصموا بحبل الله جميعا} إلى قوله {فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} ومن التآلف ترك المداعاة والاعتذار عند توهم شيء في النفس وترك الجدال والمراء وكثرة المزاح
(حم عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح اه ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة باللفظ المزبور وقال: على شرطهما ولم أعلم له علة اه وتعقبه الذهبي بأنه معلول وعلته انقطاعه فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي ولم يلق أبا صخر الأشجعي ولا المديني لقي أبا هريرة(6/253)
9147 - (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) قال الماوردي: بين به أن الإنسان لا يصلح حاله إلا الألفة الجامعة فإنه مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفا مألوفا تختطفه أيدي حاسديه وتحكم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة ولم تصف له مدة وإذا كان ألفا مألوفا انتصر بالألف على أعاديه وامتنع بهم من حساده فسلمت نعمته منهم وصفت مودته بينهم وإن كان صفو الزمان كدرا ويسره عسرا وسلمه خطر والعرب تقول من قل ذل اه
(قط في الإفراد والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله(6/253)
9148 - (المؤمن يغار والله أشد غيرا) بفتح الغين وسكون الياء وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيره العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم وعليه يحمل ما وقع لكثير من العظماء فمن ذلك ما رواه [ص:254] أحمد أن عليا كرم الله وجهه دعا على رجل فعمي فورا ومطرف بن الشخير دعا على من كذب عليه فخر مكانه ميتا
(م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه ففي مسند الفردوس أن البخاري خرجه عن أبي سلمة(6/253)
9149 - (المؤمن غر) أي يغره كل أحد ويغره كل شيء ولا يعرف الشر وليس بذي مكر ولا فطنة للشر فهو ينخذع لسلامة صدره وحسن ظنه وينخدع لانقياده ولينه (كريم) أي شريف الأخلاق (والفاجر) أي الفاسق (خب لئيم) أي جريء فيسعى في الأرض بالفساد فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر وليس ذا منه عقلا والخب بفتح الخاء المعجمة الخداع والساعي بين الناس بالفساد والشر وقد تكسر خاؤه فأما المصدر فبالكسر لا غير وقال الراغب: الخب استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية صغيرها وكبيرها
<تنبيه> قال بعض العارفين: كن عمري الفعل فإن الفاروق يقول من خدعنا في الله انخدعنا له فإذا رأيت من يخدعك وعلمت أنه مخادع فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه فإنك إذا فعلت ذلك فقد وفيت الأمر حقه لأنك إنما عاملت الصفة التي ظهر لك فيها والإنسان إنما يعامل الناس لصفاتهم لا لأعيانهم ألا تراه لو كان صادقا مخادعا فعامله بما ظهر منه وهو يسعد بصدقه ويشقى بخداعه فلا تفضحه بخداعه وتجاهل وتصنع له باللون الذي أراه منك وادع له وارحمه عسى الله أن يرحمه بك فإذا فعلت ذلك كنت مؤمنا حقا فالمؤمن غر كريم لأن خلق الإيمان يعطى المعاملة بالظاهر والمنافق خب لئيم أي على نفسه حيث لم يسلك بها طريق نجاتها وسعادتها
(د) في الأدب (ت) في البر (ك) في الإيمان من حديث الحجاج بن قرافصة (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم: الحجاج عابد لا بأس به انتهى. وقال المنذري: لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق وقال ابن الجوزي: فيه بشر بن رافع قال ابن حبان: روى أشياء موضوعة كأنه يتعمدها لكن روي من طرق آخر لا بأس بها اه وحكم القزوبني بوضعه ورد عليه ابن حجر وقال: هو لا ينزل عن درجة الحسن وأطال(6/254)
9150 - (المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله) لأن الدنيا سجنه وأمنية المسجون إخراجه من سجنه فعينه ممتدة إلى باب السجن فإذا استشرف الإذن له بالخروج حمد الله على خلاصه من السجن وشوق إلى ربه ولهذا لما أحس معاذ بالموت قال: مرحبا بحبيب جاء على ناقة لا أفلح من ندم الحمد لله
(ن عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه(6/254)
9151 - (المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) إشارة إلى أن المؤمن الكامل في نعوت الإيمان الجامع لمكارمه من علم وعمل وتوكل وطمأنينة إلى ربه ومحبة المؤمنين فيه وإقبالهم عليه في أهل الإيمان المتحققين بأخلاق الإيمان بمنزلة الرأس في الجسد (يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) هذا بيان لوجه الشبه فمن آذى مؤمنا واحدا فكأنما آذى جميع المؤمنين ومن قتل واحدا فكأنما أتلف من الجسد عضوا وآلم جميع أعضاء ذلك الجسد ففرض على أهل الإيمان تعظيمه ورفع محله وحمل مؤونته وحفظ جانبه والتألم لألمه والسرور بسلامته والاستضاءة بنوره إلى غير ذلك وأعضاؤه مع الرأس كالجسد ونقل العارف الشعراوي عن الخواص أن من ادعى مشاركة المسلمين في همومهم وأمراضهم ورجح ألم بدنه من البلاء النازل عليه على البلاء النازل على غيره فدعواه كمال الإيمان غير صحيحة قال الشعراوي: وربما [ص:255] أشارك المريض في ألم النزع والمطلقة في الولادة والمعاقب في بيت الوالي في المقارع ولبس الخودة المحماة حتى أحس بدهن رأسي سائلا على وجهي لكنه داخل الجلد
(حم عن سهل بن سعد) رمز لحسنه قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي: رجاله رجال الصحيح وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن مصعب بن ثابت وهو ثقة ورواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح اه(6/254)
9152 - (المؤمن مكفر) أي مرزء في نفسه وماله ليكفر خطاياه فيلقى الله سبحانه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها وقيل معناه يصطنع المعروف فلا يشكر
(ك) في الإيمان (عن سعد) بن أبي وقاص وقال: غريب صحيح ما خرجاه لجهالة محمد بن عبد العزيز راويه(6/255)
9153 - (المؤمن يسير المؤونة) أي قليل الكلفة على إخوانه زاد القضاعي في رواية كثير المعونة قال العامري: حسب المؤمن التوقي في مراتب الإيمان فشاهد بكماله نور الغيب كالعيان ورأى جمال الجنة وتعاهدها وشين الدنيا وفناءها فاقتصر في مهماته على يسير مؤونتها تورعا من الحرام خوف العقاب وعن الشبهات خشية العقاب وعن كثير من المباحات تخفيفا لمؤونة الوقوف عند الحساب
(حل) عن محمد بن الحسن عن مخلد بن جعفر عن محمد بن سهل العطار عن مضارب بن يزيد الكلبي عن أبيه عن ابن يوسف الغرياني عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال أبو نعيم: غريب من حديث إبراهيم وابن عجلان لم نكتبه إلا من حديث مضارب اه. وقال ابن الجوزي: موضوع ومحمد بن سهل كان يضع الحديث وتعقبه المؤلف بأن له طريقا آخر عند البيهقي وهو ما ذكره هنا بقوله (هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخفش (عن أبي هريرة)(6/255)
9154 - (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومن ثم عدوا من أعظم أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم واعلم أن الله لم يسلطهم عليك إلا لذنب صدر منك فاستغفر الله من ذنبك واعلم أن ذلك عقوبة منه تعالى وكن فيما بينهم سميعا لحقهم أصم عن باطلهم نطوقا بمحاسنهم صموتا عن مساوئهم لكن احذر مخالطة متفقهة الزمان ذكره الغزالي وقال الذهبي في الزهد: مخالطة الناس إذا كانت شرعية فهي من العبادة وغاية ما في العزلة التعبد فمن خالطهم بحيث اشتغل بهم عن الله وعن السنن الشرعية فذا بطال فليفر منهم واستدل به البعض على أن حج التطوع أفضل من صدقة النفل لأن الحج يحتاج لمخالطة الناس قال حجة الإسلام: وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل مع أن كلا منهما لا ينفك عن غوائل تنفر عنها وفوائد تدعو إليها وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار الغزلة وميل الشافعي وأحمد إلى مقابله وساتدل كل لمذهبه بما يطول والإنصاف أن الترجيح يختلف باختلاف الناس فقد تكون العزلة لشخص أفضل والمخالطة لآخر أفضل فالقلب المستعد للإقبال على الله المنتهى لاستغراقه في شهود الحضرة: العزلة له أولى والعالم بدقائق الحلال والحرم مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا ألا ترى إلى تولية النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من امرائه وقوله لأبي ذر إني أراك رجلا ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتأمر على اثنين الحديث
(حم خد ت) في الزهد بسند جيد كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب لكن الترمذي لم يسم الصحابي بل قال: عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ العراقي: [ص:256] والطريق واحد رمز لحسنه وهو كذلك فقد قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن(6/255)
9155 - (المؤمن أكرم على الله من بعض ملائكته) لأن الملائكة ليست لهم شهوة تدعو إلى قبيح ولا أنفس خبيثة والمؤمن قد سلطت عليه الشهوة المهلكة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء التي هي أعظم أعدائه فهو أبدا في مقاساة وشدائد والأجر والكرامة على قدر المشقة والمراد بالمؤمن الكامل وبعض الملائكة عوامهم فخواص المؤمنين أفضل من عوام الملائكة قال الحسن: المؤمن لو لم يذنب لكان يطير في الملكوت لكن الله قمعه بالذنوب وقال الإمام الرازي: سمى الله المؤمن ثالث نفسه في عشرة مواضع في المراقبة والولاية والموالاة والصلاة والعزة والطاعة والمشاقة والأذى والالتجاء والشهادة وقال ابن العربي: قد انحصر في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم فقط وهو قسمان قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم المختصر الوجيز من الطول البسيط وقسم قبل الكمال فظهرت فيه صفات الجلال والجمال فصار الأفضل الأكرم على الله بكل حال
(هـ) من رواية أبي المهزم يزيد بن سفيان (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي: وأبو المهزم تركه شعبة وضعفه ابن معين(6/256)
9156 - (المؤمن أخو المؤمن) أي في الدنيا {إنما المؤمنون إخوة} وإذا كان أخوه فينبغي أن يعاشره معاشرة الأخوة في التحابب والتصافي وتجنب التجافي قال الزين العراقي: وهذه الأخوة دون الأخوة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين قدم المدينة ولهذه الأخوة مزية على أخوة الإسلام قال العامري: قد يطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن ويريد جملة من يسم مؤمنا وقد يريد الخواص وقد يريد خواص الخواص ويعرف بقرائن الحديث وقوله هنا أخو المؤمن أراد أخوه الاشتباه في صفة الإيمان كقوله تعالى {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} ولم يرد هنا أخوة النسب فجعل علامة الإيمان معاضدته له في الخير والنفع ودفع المضار وجلب المسار وقيل الأخوة مشتقة من الأخية للفرس تضرب في الأرض فيشد بها فتمنعه من الضياع (لا يدع نصيحته على كل حال) أي لا ينبغي له أن يترك نصحه في حال من الأحوال على الوجه اللائق بحسب ما يقتضيه المقام فإن اقتضى الإعلان فعل وإن اقتضى الإسرار لا يعلن فالنصيحة في الملأ بالحق حق وهي فضيحة لا يفعلها إلا الجهلاء إذ فائدة النصيحة المشروعة حصول النفع وثبوت الود وهي في الملأ لا تقبل بل تثمر عداوة فهي مذمومة لذلك ولكونها تخجل وتلجئ المخاطب بالنصح إلى الكذب في اعتذاره أو خذله فيكون سببا لفساد كثير فطريقه أن ينصحه في خلوة بطريق حسن فما كل مأمور به يجري على ظاهره
(ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله(6/256)
9157 - (المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه في الدنيا إنما يثرب على الكافر) والتثريب والتقريع والتوبيخ قاله في قصة أبي الهيثم بن التيهان حين أكل عنده لحما وبسرا ورطبا وماءا عذبا فقيل يا رسول الله هذا من النعيم الذي يسأل عنه يوم القيامة فقال ذلك كذا في الفردوس
(طب عن ابن مسعود) وفيه عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء قال: وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ووثقه غيره والكلبي تركه القطان وابن مهدي(6/256)
9158 - (المؤمن كيس) أي عاقل والكيس العقل (فطن) حاذق والفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره فيهدم دنياه ليبني بها أخراه ولا يهدم أخراه ليبني بها دنياه (حذر) أي مستعد متأهب لما بين يديه متيقظ لما يهجم عليه قالوا والمراد بالمؤمن هنا الكامل الذي وقفته معرفته على غوامض [ص:257] الأمور حتى صار حازما يحذر ما سيقع فلا يؤتى من جهة الغفلة سئل ابن عباس عن عمر فقال: كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركا وهذا أدب شريعة نبه النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وتمام الحديث كما في الأمثال وغيرها وقاف متثبت عالم ورع إذا ذكر تذكر وإذا علم تعلم والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا يرعوي عن محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفيما أنفق
(القضاعي) في مسند الشهاب وكذا العسكري في الأمثال (عن أنس) بن مالك قال العامري: حسن غريب وليس فيما زعمه بمصيب بل فيه أبو داود النخعي كذاب قال في الميزان: عن يحيى كان أكذب الناس ثم سرد له عدة أخبار هذا منها قال ابن عدي: أجمعوا على أنه كان وضاعا ورواه الديلمي في مسند الفردوس أيضا وزاد وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم كحاطب ليل لا يبالي من أي كسب ولا فيما أنفق(6/256)
9159 - (المؤمن هين) من الهون بفتح الهاء السكينة والوقار (لين) بتخفيف لين على فعل من اللين ضد الخشونة قيل يطلق على الإنسان بالتخفيف وعلى غيره على الأصل كما في الكشاف وفي المثل إذا عز أخوك فهن ومعناه إذا عاسر فياسر اه. (حتى تخاله من اللين أحمق) أي تظنه من كثرة لينه غير متنبه لطريق الحق
<تنبيه> في هذا الخبر إشارة إلى مقام التكوين وهو أن يكون حال العبد السالك بين التجلي والاستتار بين الجذب والسلوك ومن ذلك تستقيم عبوديته ويعطى المعرفة بالله ولهذا قيل المؤمن يتلون في يومه سبعين مرة وذلك بحسب تجليات الحق عليه والمنافق يثبت على قدم واحد تسعين سنة لكونه محجوبا بالمراسم الخلقية
(هب) من حديث يزيد بن عياض عن صفوان عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه تفرد به يزيد بن عياض وليس بقوي وروي من وجه صحيح مرسلا اه وقال الذهبي في الضعفاء: يزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك(6/257)
9160 - (المؤمن واه راقع) أي واه لدينه بالذنوب رافع له بالتوبة فكلما انخرق دينه بالمعصية رقعه بالتوبة قال الزمخشري: شبهه بمن وهى ثوبه فيرقعه وقد وهى الثوب إذا بلى (فالسعيد) وفي رواية فسعيد وفي أخرى فخيرهم (من مات عل رقعه) أي من مات وهو راقع لدينه بالتوبة والندم قال الغزالي: فمعاودة الذنب مع رقعه بالتوبة المرة بعد المرة لا يلحق صاحبها بدرجة المصرين ومن ألحقه بها فهو كفقيه يؤيس المتفقة عن نيل درجة الفقهاء بفتور عن التكرار في أوقات نادرة وذا يدل على نفصان الفقيه فالكامل هو من لا يؤيس الخلق عن درجات السعادة بما يتفق لهم من الفترات ومقارفة السيئات
(البزار) في مسنده وكذا الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي في الشعب فإغفاله لهؤلاء غير جيد كلهم (عن جابر) قال الزين العراقي تبعا للمنذري: سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه عند الثلاثة سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف(6/257)
9161 - (المؤمن منفعة) أي كل شؤونه نفع لإخوانه (إن ماشيته نفعك) بإرشاد الطريق والأنس والاستفادة ونحو ذلك (وإن شاورته) فيما يعرض لك من المهمات التي يضطرب رأيك فيها (نفعك) بإشارته عليك بما ينفعك (وإن شاركته) في أمر دنيوي أو غيره (نفعك) بمعرفته وتحمل المشاق عنك (وكل شيء من أمره منفعة) تعميم بعد تخصيص
<تنبيه> قال الراغب: لما احتاج الناس بعضهم إلى بعض سخر الله كل واحد من كافتهم لصناعة ما يتعاطاه وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية واتفاقات سماوية ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه لمزاولتها فإذا [ص:258] جعل الله صناعة أخرى فربما وجد متبلدا فيها ومتبرما بها سخرهم الله لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها ومن البلاد إلا أطيبها ومن الصناعات إلا أجملها ومن الأفعال إلا أرفعها ولتشاجروا على ذلك ولكن الله بحكمته جعل كلا منهم في ذلك مجبرا في صورة مخير والناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولا
(حل عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال: غريب بهذا اللفظ تفرد به ليث بن أبي سليم عن مجاهد وهو ثابت صحيح(6/257)
9162 - (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة) أي حدوثه له (كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة) ويكون ذلك كله (كما يشتهي) من جهة القدر والشكل والهيئة وغيرها والمراد أن ذلك يكون إن اشتهى كونه لكنه لا يشتهي ذلك فلا يولد له فلا تعارض بينه وبين خبر العقيلي بسند صحيح إن الجنة لا يكون فيها ولد
(حم ت هـ حب عن أبي سعيد) الخدري قال في الميزان: تفرد به سعيد بن خالد الخزاعي وقد ضعفه أبو زرعة وغيره(6/258)
9163 - (المؤمنون هينون لينون) قال ابن الأعرابي: تخفيفهما للمدح وتثقيلهما للذم وقال غيره: هما سواء والأصل التثقيل كميت وميت والمراد بالهين سهولته في أمر دنياه ومهمات نفسه أما في أمر دينه فكما قال عمر فصرت في الدين أصلب من الحجر وقال بعض السلف: الجبل يمكن أن ينحت منه ولا ينحت من دين المؤمن شيء واللين لين الجانب وسهولة الانقياد إلى الخير والمسامحة في المعاملة (كالجمل) أي كل واحد منهم. قال الزمخشري: ويجوز جعله صفة لمصدر محذوف أي لينون لينا مثل لين الجمل (الأنف) بفتح الهمزة وكسر النون من أنف البعير إذا اشتكى أنفه من البرة فقد أنف على القصر وروي آنف بالمد. قال الزمخشري: والصحيح الأول اه. وبالغ في شرح المصابيح فقال المد خطأ قال ابن الكمال: مدحهم بالسهولة واللين لأنهما من الأخلاق الحسنة على ما نطق به الكتاب المبين {فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} فإن قلت: من أمثالهم لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ ففيه نهي عن اللين فما وجه كونه مدح؟ قلت: لا شبهة في أن خير الأمور أوساطها وقد أطبق العقل والنقل على أن طرفي الإفراط والتفريط في الأفعال والأحوال والأقوال مذموم إنما الممدوح ما في الطبيعة من حالة جبلية مقابلة لغلظ القلب وقساوته وإنما يعبر عنها باللين تسمية لها باسم أثرها وذلك سائغ (إن قيد انقاد وإذا أنيخ على صخرة استناخ) فإن البعير إذا كان أنفا للوجع الذي به ذلول منقاد إلى طريق سلك به فيه أطاع والمراد أن المؤمن سهل يقضي حوائج الناس ويخدمهم وشديد الإنقياد للشارع في أوامره ونواهيه وخص ضرب المثل بالجمل لأن الإبل أكثر أموالهم وآخرها. قال في الفائق: والمحذوف من يائي هين لين الأولى وقيل الثانية والكاف مرفوعة المحل على أنها خبر ثالث
(ابن المبارك) في كتاب الزهد والرقائق من حديث سعيد بن عبد العزيز (عن مكحول مرسلا هب) عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه القضاعي أيضا وقال العامري: إنه حسن وقضية صنيع المصنف أن مخرجه خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرج المرسل أولا ثم هذا ثم قال المرسل أصح اه. وذلك لأن في المسند عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم: أحاديثه منكرة وقال ابن الجنيد: لا يساوي فلسا وقال العقيلي في الضعفاء: هذا الحديث من منكرات عبد العزيز وقال ابن طاهر: لا يتابع على رواياته(6/258)
[ص:259] 9164 - (المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله) أفاد تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والتعاضد في غير إثم ولا مكروه ونصرتهم والذب عنهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم وغير ذلك وفيه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر وكل ما تعلق بهم بسبب حتى الهرة والدجاجة ذكره الزمخشري قال ابن عربي: ومع هذا التمثيل فأنزل كل أحد منزلته كما تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع وتفتح سمعك لشيء لا يعطيه البصر وتصرف يدك في أمر لا يكون لرجلك وكذا جميع قواك فنزل كل عضو منك فيما خلق له وإذا ساويت بين المسلمين فأعط العالم حقه من التعظيم والإصغاء لما يأتي به والجاهل حقه من نذكيره وتنبيهه على طلب العلم والسعادة والغافل حقه بأن توقظه من نوم غفلته بالتذكر لما غفل عنه مما هو عالم له غير مستعمل لعلمه فيه والسلطان حقه من السمع والطاعة فيما يباح والصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة والكبير حقه من الشرف والتوقير
(حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ بل بما يقرب منه(6/259)
9165 - (الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة من المهارة وهي الحذق (مع السفرة) الكتبة جمع سافر من السفر وأصله من الكشف فإن الكاتب يبين ما يكتبه ويوضحه ومنه قيل للكتاب سفر بكسر السين لأنه يكشف الحقائق ويسفر عنها والمراد الملائكة الذين هم حملة اللوح المحفوظ سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المنزلة إلى الأنبياء منه كأنهم يستنسخونها وقيل لأنهم يسافرون إلى الناس برسالات الله (الكرام) جمع كريم (البررة) أي المطيعون جمع بار بمعنى محسن ومعنى كونه رفيقا لهم أنه أحل مقامهم وأنزل منازلهم الرفيعة وأسكن مقاماتهم العالية من جوار الحق تعالى {إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر} على قوة هذه الحالة تقول {إنا لله وإنا إليه راجعون} وقيل معناه كونه عاملا بعملهم بل أفضل فقد جاء في بعض الطرق أن الملائكة لم يعطوا فضيلة حفظ القرآن وأنهم حريصون على استماعه من بني آدم فأعظم بها من صفة شريفة وأي شيء أعظم من كلام رب العالمين الذي منه بدأ وإليه يعود؟ وقال القاضي: الماهر بالقرآن حافظ له أمين عليه يؤديه إلى المؤمنين يكشف لهم ما يلتبس عليهم معدود من عداد السفرة فإنهم الحاملون لأصله الحافظون له ينزلون به على أنبياء الله ورسله ويؤدون إليهم ألفاظه ويكشفون معانيه (والذي يقرؤه ويتعتع) أي يتوقف في تلاوته والتعتعة في الكلام التردد فيه لحصر أو عي أو ضعف حفظ (وهو عليه) أي والحال أن القرآن على ذلك القارئ (شاق له أجران) أي أجر بقراءته وأجر بمشقته ولا يلزم من ذلك أفضلية المتتعتع على الماهر لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجرين بل الآجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة
(ق د هـ عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا الاثنين والأمر بخلافه بل رووه جميعا(6/259)
9166 - (المتباريان) أي المتعارضان بفعلهما في الطعام ليميز أيهما يغلب (لا يجابان ولا يؤكل طعامهما) تنزيها فتكره إجابتهما وأكله لما فيه من المباهاة والرياء ولهذا دعي بعض العلماء لوليمة فلم يجب فقيل له: كان السلف يجيبون قال: كانوا يدعون للمؤاخاة والمؤاساة وأنتم تدعون للمباهاة والمكافأة
(هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي(6/259)
[ص:260] 9167 - (المتحابون في الله) يكونون يوم القيامة (على كراسي من ياقوت حول العرش) لأنهم لما قدموا أمر الله والحب فيه على حظوظ النفوس الدنيوية الباعثة غالبا على المحبة لغير الله كالجمال والكرم والأفضال ونحو ذلك وأخلصوا محبتهم لله ولم يشبها أحد منهم بحظ دنيوي استوجبوا هذا الإعظام وجوزوا بهذا الإكرام
(طب عن أبي أيوب) الأنصاري رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد العزيز الليثي وقد وثق على ضعف فيه كثير اه. وأورده في الميزان في ترجمته من حديثه وقال: قال البخاري: منكر الحديث وأبو حاتم: لا يشتغل به والنسائي: ضعيف وابن حبان: اختلط آخرا فاستحق الترك اه. وقال العلائي: لا بأس بإسناده وروي بألفاظ متقاربة المعنى واختار المصنف منها هذا الطريق لكونه أحسنها إسنادا على ما فيه مما سمعته(6/260)
9168 - (المتشبع بما لم يعط) بالبناء للمجهول وفي رواية للعسكري بما لم ينل وأصل المتشبع الذي يظهر أنه شبعان وليس بشبعان ومعناه هنا كما قاله النووي وغيره أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست بحاصلة (كلابس ثوبي زور) أي ذي زور وهو من يزور على الناس فيلبس لباس ذوي التقشف ويتزيى بزي أهل الزهد والصلاح والعلم وليس هو بتلك الصفة وأضاف الثوبين إلى الزور لأنهما لبسا لأجله وثنى باعتبار الرداء والإزار يعني أن المتحلي بما ليس له كمن لبس ثوبين من الزور فارتدى بأحدهما وتأزر بالآخرة ذكره القاضي تلخيصا من قول الزمخشري المتشبع بموحدة على معنيين أحدهما المتكلف إسرافا في الأكل وزيادة على الشبع الثاني المشبعة بالشبعان وليس به وبهذا المعنى استعير للمتحلي بفضيلة وليس من أهلها ومشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو من يزور على الناس بأن تزيى بزي أهل الزهد رياء وأضاف الثوبين إلى الزور لكونهما ملبوسين لأجله فقد اختصا به اختصاصا يسوغ إضافتهما إليه وأراد أن المتحلي كمن لبس ثوبين من الزور ارتدى بأحدهما وائتزر بالآخر اه. وهو بمعنى قول بعضهم هو الذي يلبس ثياب الزهاد وباطنه مملوء بالفساد وكل منهما زور أي مخالف بالنسبة للآخر أو من يصل بكمية كمين ليرى أنه لابس قميصين أو من يلبس ثوبين لغيره موهما أنهما له قال القرطبي: وكيف كان يتحصل منه أن تشبع المرأة على ضرتها بما لم يعطها زوجها حرام لأنه تشبه بمحرم قال في المطامح: وذا من بديع التشبيه وبليغه ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم أن لا ينتصب للتدريس والإفادة حتى يتمكن من الأهلية ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سواء شرط الواقف أم لا فإنه لعب في الدين وإزراء به قال الشبلي: من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه
(حم ق د) في الأدب (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق (م عن عائشة) قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن لي زوجا وضرة وإني أتشبع من زوجي أقول أعطاني وكساني كذا وهو كذب فذكره(6/260)
9169 - (المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون) لفظ رواية أبي نعيم الطاحونة وذلك لأن الفقه هو المصحح لجميع العبادات وهي بدونه فاسدة فالمتعبد على جهل يتعب نفسه دائما كالحمار وهو يحسب أنه يحسن صنعا وفي تشبيهه بالحمار مذمة ظاهرة وتهجين لحاله كما في قوله {كمثل الحمار يحمل أسفارا} وشهادة عليه بالبله وقلة العقل
(حل) عن سهل بن إسماعلي الواسطي عن محمود بن محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي عن بقية عن ثور عن خالد بن معدان (عن واثلة) بن الأسقع ومحمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي الزاهد قال في الميزان عن الدارقطني: كذاب وقال ابن عدي: عامة أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار كان يضع الحديث ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح محمد بن إبراهيم وضاع وتعقبه المولف بأن له متابعا(6/260)
[ص:261] 9170 - (المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر) أي لا تصح صلاته وبهذا أخذ الظاهرية وتمسك به أبو حنيفة فأوجب القصر في السفر ولقول عائشة فرضت الصلاة في السفر والحضر ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ورد بأنه غير ثابت وإن سلم فليس بحجة أو منسوخ بالآية أو معارض بما روي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قصر في السفر وأتم ولأنهما استويا في الصبح والمغرب وبأنه ليس بصريح في منع الزيادة
(قط في الأفراد عن أبي هريرة) واعترضه ابن الجوزي في التحقيق بأن فيه بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن مفلس كان كذابا اه. قال في التنقيح: كأنه اشتبه عليه ابن المفلس هذا بآخر وهو أحمد بن محمد الصلت بن المفلس الحماني كذاب وضاع قال: والحديث لا يصح فإن رواته مجهولون إلى هنا كلامه وأنت تعلم بعد إذ سمعته أنه كان ينبغي للمصنف عدم إيراده(6/261)
9171 - (المتمسك بسنتي) تمثيل للمعلوم بالمحسوس تصوير للسامع كأنه ينظر إليه ليحكم اعتقاده متيقنا فينجو (عند فساد أمتي) حين يكون كما قال فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فمن تمسك بها حينئذ (له أجر شهيد) وفي رواية البيهقي في الزهد مئة شهيد وذلك لأن السنة عند غلبة الفساد لا يجد المتمسك بها من يعينه بل يؤذيه ويهينه فيصيره على ما يناله بسبب التمسك بها من الأذى يجازى برفع درجته إلى منازل الشهداء قال الطيبي: وقال عند فساد أمتي ولم يقل فسادهم لأن أبلغ كأن ذواتهم قد فسدت فلا يصدر منهم صلاح ولا ينجع فيهم وعظ
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه محمد بن صالح العدوي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله ثقات انتهى وقد رمز المصنف لحسنه(6/261)
9172 - (المتمسك بسنتي) التي هي شقيقة القرآن والوحي الثاني (عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر) لأنه إذا عارض من تمكن من الرياسة ونفاذ قولهم عند الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لسعيه في هتك سترهم وكشف عوراتهم وإبانة كذبهم وحط رئاستهم وذلك أعظم من القبض على النار إذ هو أعظم من محاربة الكفار فإن الكافر قد تعاون القلب والأركان على هلاكه وأولئك الفساق حرمة الإيمان معهم فيحتاج إلى التأني في أمورهم وملاطفتهم وأخذهم بالأخف فالأخف ومقاساة ذلك أشق من قبض الجمر لأن الجمر يحرق اليد وهذا يحرق القلب والكبد وقد وقع للسبكي أنه دخل على بعض الأمراء وعليه خلعة من حرير فأخذ يلاطفه ويداعبه إلى أن قال له في أثناء المباسطة يا أمير لبس الصوف الغالي العالي أحسن منظرا عندي من هذا وأكثر رونقا وطلاوة ومع ذلك يحل وذا يحرم فاستحسن الأمير كلامه وخلع الخلعة بطيب نفس فلما خرج وجد أعداؤه من طائفته فرصة فانتهزوها وقالوا: يا أمير ما قصد إلا الطعن عليك والتعريض بأنك تفعل المحرم فأدى ذلك إلى عزله من منصبه وأوذي كثيرا وبين بهذا الخبر أن المؤمن في آخر الزمان لا بد أنه يصيبه من الأذى على إيمانه ما أصاب الصدر الأول فإذا وجد في أهل هذا الزمن الأخير هذه الخصال التي كانت في أوائلهم جاز أن يساويهم في الخيرية فيكونوا فيها كهم ويكون المراد بخبر خير الناس قرني الخصوص في قوم منهم لا جميعهم ومعلوم أن قرنه كان منهم أبو جهل ومسيلمة وأضرابهما ذكره في بحر الفوائد
(الحكيم) الترمذي (عن ابن مسعود)(6/261)
9173 - (المجالس بالأمانة) أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر ذكره جمال الإسلام أبو بكر محمد العامري الواعظ البغدادي في شرح الشهاب قال: وفيه إشارة إلى مجالسة أهل الأمانة [ص:262] وتجنب أهل الخيانة اه. وقال العسكري: أراد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في حديث وربما كان فيه ما يكرهون فيأمنونه على سرهم فذلك الحديث كالأمانة عنده فمن أظهره فهو قتات وقال ابن الأثير: هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث
(خط عن علي) أمير المؤمنين وقضية كلام المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد عزاه هو في الدرر لابن ماجه من حديث جابر بهذا اللفظ ورواه بهذا اللفظ القضاعي في الشهاب وقال العامري في شرحه وتبعه الحضرمي اليمني: حديث صحيح وقال ابن حجر في الفتح: سنده ضعيف(6/261)
9174 - (المجالس بالأمانة) متعلق بمحذوف أي المجالس إنما تحسن أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع من قول وفعل (إلا) الظاهر أنه استثناء منقطع (ثلاثة مجالس سفك) بالرفع خبر مبتدأ محذوف وكذا ما بعده تقديره أحدها سفك (دم حرام) أي إراقة دم سائل من مسلم بغير حق (أو فرج حرام) أي وطئه على وجه الزنا (أو اقتطاع مال) أي ومجلس يقتطع فيه مال لمسلم أو ذمي (بغير حق) شرعي يبيحه يعني من قال في مجلس أريد قتل فلان أو الزنا بفلانة أو أخذ مال فلان ظلما لا يجوز للمستمعين حفظ سره بل عليهم إفشاؤه دفعا للمفسدة ذكره بعضهم وقال القاضي: يريد أن المؤمن ينبغي إذا حضر مجلسا ووجد أهله على منكر أن يستر عوراتهم ولا يشيع ما يرى منهم إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فله فساد كبيرة واخفاؤه إضرار عظيم
(د) في الأدب من حديث ابن أخي جابر (عن جابر) وقال المنذري: ابن أبي خالد مجهول قال: وفيه أيضا عبد الله بن نافع الصائغ روى له مسلم وغيره وفيه كلام وقال الزين العراقي: وابن أخيه غير مسمى عنده وأما المؤلف فقد رمز لحسنه(6/262)
9175 - (المجاهد من جاهد نفسه) زاد في رواية في الله أي فهو نفسه الأمارة بالسوء على ما فيه رضا الله من فعل الطاعات وتجنب المخالفات وجهادها أصل جهاد العدو الخارج فإنه ما لم يجاهد نفسه لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه لم يمكنه جهاد العدو الخارج وكيف يمكنه جهاد عدوه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه؟ وما لم يجاهد نفسه على الخروج لعدوه لا يمكنه الخروج
<تنبيه> قال حجة الإسلام: النفس تطلق لمعنيين أحدهما المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان وهو المراد هنا وهو الغالب على استعمال الصوفية فهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس والثاني اللطيفة الإنسانية التي هي الإنسان بالحقيقة وهي نفس الإنسان وذاته لكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب اختلاف أحوالها وبهذا الاعتبار قسموها إلى مطمئنة ولوامة وأمارة وغير ذلك
(ت حب عن فضالة بن عبيد) قال العلائي: حديث حسن وإسناده جيد ورواه أيضا أحمد والطبراني والقضاعي عنه(6/262)
9176 - (المحتكر) الطعام على الناس ليغلو (ملعون) أي مطرود مبعود عن منازل الأخيار أو عن دخول الجنة مع السابقين الأولين الأبرار أو خرج مخرج الزجر والتهويل ومن ثم كان السلف يشددون النكير على المحتكر
(ك) في البيع عن إسرائيل عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب (عن ابن عمر) بن الخطاب صححه الحاكم فاستدرك عليه الذهبي في التلخيص فقال: قلت علي بن سالم ضعيف وهذا رواه ابن ماجه(6/262)
[ص:263] 9177 - (المحرمة لا تنتقب) بنقاب بكسر النون فلها ستر رأسها وسائر بدنها إلا الوجه فيحرم ستر شيء منه بنقاب أو غيره عند الشافعية (ولا تلبس القفازين) بقاف مضمومة ففاء مشددة ثوب على اليدين يحشى بنحو قطن وأفاد تحريم لبسهما وهو مذهب الجمهور
(د عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لصحته وقضية عدول المصنف لأبي داود أنه لا وجود له في أحد الصحيحين وهو ذهول بالغ إذ هو في البخاري بلفظ ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين اه. بنصه ولعل المصنف غفل عنه لكونه إنما ذكره في ذيل حديث(6/263)
9178 - (المحروم من حرم الوصية) قاله لما قيل هلك فلان فقال: أليس كان عندنا آنفا فقيل: مات فجأة فذكره وللحديث تتمة وهي من مات على وصية مات على سبيل وسنة وتقى وشهادة ومات مغفورا له وفيه أن الوصية سنة مؤكدة بل تجب على من عليه أو عنده حق لله أو لآدمي بلا شهود وكانت الوصية أول الإسلام واجبة للأقارب ثم نسخ وجوبها بآية المواريث وبقي الندب
(هـ عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وذلك لأن فيه درست بن زياد البزار قال في الكاشف: وهاه أبو زرعة عن يزيد الرقاشي وقد مر ضعفه غير مرة(6/263)
9179 - (المختلعات) زاد في رواية أحمد والنسائي والمنتزعات والمراد كما قال الطيبي: ينزعن أنفسهن من أزواجهن وينشزن عليهم (هن المنافقات) أي اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن لغير عذر هن منافقات نفاقا عمليا. قال ابن العربي: الغالب من النساء قلة الرضا والصبر فهن ينشزن على الرجال ويكفون العشير فلذلك سماهن منافقات والنفاق كفران العشير قال في الفردوس: وقيل إنهن اللاتي يخالعن أزواجهن من غير مضارة منهم
(تتمة) نقل ابن عبد البر عن مالك أن المختلعة هي التي اختلعت من جميع مالها والمفتدية من افتدت ببعضه والمبارية من بارت زوجها قبل الدخول قال: وقد يستعمل بعض ذلك موضع بعض
(ت عن ثوبان) قال في العلل: سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فلم يعرفه ورواه النسائي من حديث الحسن عن أبي هريرة وقال: لم يسمع الحسن من أبي هريرة قال العراقي: رواه الطبراني عن عقبة بسند ضعيف. وقال في الفتح: خرجه أحمد والنسائي عن أبي هريرة وفي صحته نظر لأن الحسن عند الأكثر لم يسمع من أبي هريرة(6/263)
9180 - (المختلعات والمتبرجات) أي مظهرات الزينة للأجانب (هن المنافقات) بالمعنى المقرر فيما قبله
(حل عن ابن مسعود) ورواه أبو يعلى عن أبي هريرة باللفظ المزبور(6/263)
9181 - (المدبر) أي عتقه (من الثلث) فسبيله سبيل الوصايا (1) وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه لم يروه إلا كذلك والذي رأيته في الفردوس وغيره معزوا له المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث
(هـ عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال ابن حجر: وروي مرفوعا وموقوفا والصحيح وقفه وأما رفعه فضعيف وذلك لأن فيه علي بن ظبيان العبسي قال في الميزان عن ابن حاتم: متروك وعن ابن ميمون كذاب خبيث وقال الدارقطني: ضعيف ثم ساق له هذا الخبر
_________
(1) وللموصي أن يعود فيما أوصى به وإن كان سبيله سبيل العتق بالصفة فهو أولى بالجواز ما لم توجد الصفة المعلق بها اه(6/263)
[ص:264] 9182 - (المدبر لا يباع ولا يوهب) أي لا يصح بيعه ولا هبته (وهو حر من الثلث) أخذ بقضيته أبو حنيفة وسفيان وجمع فمنعوا بيعه وأجازه الشافعي وقال: الحديث ضعيف
(قط عن ابن عمر) بن الخطاب قال مخرجه الدارقطني: لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف وإنما هو من قول ابن عمر قال: ولا يثبت مرفوعا ورواته ضعفاء اه وقال عبد الحق: إسناده ضعيف والصحيح موقوف وقال في المنار: فيه عبيدة بن حسان قال أبو حاتم: منكر الحديث وأبو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجوزي مجهول والصحيح وقفه وقال ابن حجر: فيه عبيدة بن حبان ضعيف وقال الدارقطني: الصواب وقفه وخرجه من وجه آخر عن ابن عمر أضعف منه(6/264)
9183 - (المدعى عليه) إذا أنكر (أولى باليمين إلا أن تقوم عليه بينة) فإنه يعمل بها والبينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذا في غير القسامة فأما فيها فإنها في جانب المدعي على ما مر
(هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه(6/264)
9184 - (المدينة حرم آمن) قال القرطبي: روي بمدة بعد الهمزة وكسر الميم على النعت لحرم أي من أن يعزوه قريش أو من الدجال أو الطاعون أو يأمن صيدها وشجرها وروي بغير مد وسكون مصدر أي ذات أمن فهي ثانية الحرمين المشاركة لمكة في التفضيل والتكريم وقال السمهودي: لحرمها من الخصائص ما يزيد على مئة إلا أن حرم مكة شاركها في بعض ذلك كتحريم قطع الرطب من شجرها وحشيشها وصيدها واصطيادها وتنفيره وحمل السلاح للقتال بها وأمر لقطتها ونقل نحو التراب منها أو إليها ونبش الكافر إذا دفن بها وامتازت بتحريمها على لسان أشرف الأنبياء بدعوته وكون المتعرض لصيدها وشجرها يسلب على ما ذهب إليه جمع واشتمالها على أفضل البقاع ودفن أفضل الخلق بها وكونها محفوفة بالشهداء وكون افتتاحها بالقرآن وسائر البلاد بالسيف والسنان ووجوب الهجرة إليها والسكنى بها لنصرته وطيب ريحها وغير ذلك قال المصنف: ومما ساوت فيه مكة أن من مات بها حصل له الأمن والشفاعة
(أبو عوانة عن سهل بن حنيف)(6/264)
9185 - (المدينة خير من مكة) لأنها حرم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ومنزل البركات وبها عزت كلمة الإسلام وعلت وتقررت الشرائع وأحكمت وغالب الفرائض فيها نزلت وبه تمسك من فضلها على مكة وهو مذهب عمر ومالك وأكثر المدنيين والجمهور على أن مكة أفضل والخبر مؤول بأنها خير منها من جهة السلامة من الأذى الكائن للمصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه بمكة أو من حيث كثرة الثمار والزرع والخلاف فيما عدا الكعبة فهي أفضل من المدينة اتفاقا خلا البقعة التي ضمت أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهي أفضل حتى من الكعبة كما حكى عياض الإجماع عليه
(طب قط في الأفراد عن رافع بن خديج) وفيه قصة وهي أن مروان تكلم يوما على المنبر فذكر مكة وأطنب فيها ولم يذكر المدينة فقام رافع فقال: يا هذا ذكرت مكة فأطنبت ولم تذكر المدينة وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المدينة إلخ وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي رواد ضعفه ابن عدي وقال الأزدي: لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر قال في الميزان: عقبة قلت ليس هو بصحيح وقد صح في مكة خلافه(6/264)
9186 - (المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومتبوأ الحلال والحرام) وسميت في التوراة بطيبة وطابة [ص:265] وجابرة والمجبورة والمدينة والمرحومة والعذراء والمحبوبة والقاصمة والسكينة ومن أسمائها بندر والبلاط وحسنه ومدخل صدق ودار السنة ودار الهجرة والبحرة والبحيرة والطيبة وغير ذلك
(طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي: فيه عيسى بن مينا قالون وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر في تخريج المختصر: تفرد به قالون راوي نافع وهو صدوق عن عبد الله بن نافع وفيه لين وشيخ ابن نافع هو أبو المثنى واسمه سليمان بن يزيد الخزاعي ضعيف والحديث غريب جدا سندا ومتنا اه. وتبعه عليه الكمال بن أبي شريف(6/264)
9187 - (المراء في القرآن) أي الشك في كونه كلام الله (كفر) أو المراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم والمجادلة في الآي المتشابهة المؤدي ذلك إلى الجحود والفتن وإراقة الدماء فسماه باسم ما يخاف عاقبته وهو قريب من قول القاضي: أراد بالمراء التدارؤ وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض فيتطرق إليه قدح وطعن ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات والجمع بين المختلفات ما أمكنه فإن القرآن يصدق بعضه بعضا فإن أشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق فليعتقد أنه من سوء فهمه وليكله إلى عالمه وهو الله ورسوله {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} اه. وقال بعضهم: المراء في القرآن إن أدى إلى اعتقاد تناقض حقيقي فيه أو اختلال في نظمه فهو كفر حقيقي وقيل: أراد إنكار قراءة من السبع فإذا قال هذه ليست من القرآن فقد أنكر القرآن وهو كفر قال الحرالي: والامتراء مجادلة تستخرج السوء من خبيئة المجادل
(د) في السنة (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وسكت عليه هو والمنذري ورواه عنه أيضا الامام أحمد باللفظ المزبور وزيادة فكان ينبغي عزوه إليه أيضا ولفظه المراء في القرآن كفر فما عرفتم فاعملوا به وما جهلتم فردوه إلى عالمه(6/265)
9188 - (المرء) مثلث الميم الرجل أو الإنسان كما في القاموس (في صلاة ما انتظرها) أي مدة انتظاره وإقامتها في المسجد فحكمه حكم ما هو داخل الصلاة في حصول الثواب على ذلك
(عبد بن حميد عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته(6/265)
9189 - (المرء) قليل بمفرده (كثير بأخيه) في النسب أو في الدين قال العسكري: أراد أن الرجل وإن كان قليلا في نفسه حين انفراده كثيرا باجتماعه معه فهو كخبر اثنان فما فوقهما جماعة اه وهذا كما ترى ذهاب منه إلى أن المراد الأخوة في الإسلام ونزله الماوردي على أنهما أخوة النسب ووجهه بأنه تعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التجادل والفرقة أنفة من استعلاء الأباعد على الأقارب وتوقيا من تسلط الغرباء الأجانب اه
(ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الإخوان) وكذا العسكري (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه الديلمي والقضاعي عن أنس قال شارحه العامري: وهو غريب(6/265)
9190 - (المرء مع من أحب) طبعا وعقلا وجزاءا ومحلا فكل مهتم بشيء فهو منجذب إليه وإلى أهله بطبعه شاء أم أبى وكل امرئ يصبو إلى مناسبه رضي أم سخط فالنفوس العلوية تنجذب بذواتها وهممها وعملها إلى أعلى والنفوس الدنية تنجذب بذواتها إلى أسفل ومن أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين هو؟ ومع من هو في هذا العالم؟ فإن الروح إذا فارقت البدن تكون مع الرفيق الذي كانت تنجذب إليه في الدنيا فهو أولى بها فمن أحب الله فهو معه في الدنيا والآخرة إن تكلم فبالله وإن نطق فمن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله واتفقوا على أن المحبة لا تصح إلا بتوحد المحبوب [ص:266] وأن من ادعى محبته ثم لم يحفظ حدوده فليس بصادق وقيل المراد هنا من أحب قوما بإخلاص فهو في زمرتهم وإن لم يعمل عملهم لثبوت التقارب مع قلوبهم قال أنس: ما فرح المسلمون بشيء فرحهم بهذا الحديث. وفي ضمنه حث على حب الأخيار رجاء اللحاق بهم في دار القرار والخلاص من النار والقرب من الجبار والترغيب في الحب في الله والترهيب من التباغض بين المسلمين لأن من لازمها فوات هذه المعية وفيه رمز إلى أن التحابب بين الكفار ينتج لهم المعية في النار وبئس القرار {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار}
(حم ق) في الأدب (3 عن أنس) بن مالك (ق عن ابن مسعود) قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم فذكره قال العلائي: الحديث مشهور أو متواتر لكثرة طرقه وعده المصنف في الأحاديث المتواترة(6/265)
9191 - (المرء مع من أحب) قال ابن العربي: يريد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفي الآخرة بالمعاينة والقرب الشهودي فمن لم يتحقق بهذا وادعى المحبة فدعواه كاذبة (وله ما اكتسب) في رواية وعليه بدل وله وفي رواية المرء على دين خليله أي عادة خليله فمن كانت عادته في خلق الله ما عودهم الله من لطائف مننه وأسبغ عليهم من جزيل نعمه وعطف بعضهم على بعض فلم يظهر في العالم غضبا لا يشوبه رحمة ولا عداوة لا يتخللها مودة فذلك الذي يستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه لشروطها
<فائدة> قال بعض الصوفية: قلت لشيخنا يا سيدي إذا ارتقى الولي إلى المرتبة العظمى كالقطبية هل يرقى بعض جماعته كما هو الواقع في أبناء الدنيا من أهل الولايات؟ فتبسم وحسن رجائي وقال ما لا يحل كشفه. وفي ثنائه هم القوم لا يشقى جليسهم
(ت عن أنس) بن مالك رمز لصحته وسببه كما في سنن الدارقطني وغيره جاء أعرابي فبال بالمسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر فصب عليه دلوا من ماء فقال الأعرابي: يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يعمل بعملهم فذكره(6/266)
9192 - (المرأة) في الجنة تكون (لآخر أزواجها) في الدنيا قال البيهقي: فلذا حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة اه قال بعضهم: وإنما كانت لآخرهم لأنها تركت الزوج ولم يتركها هو ولا يعارضه خبر أنه سئل عن المرأة يموت زوجها فتتزوج آخر ثم يموت فلمن هي؟ قال: لأحسنهما خلقا كان معها لأن المراد به من فرق بينهما الطلاق لا الموت لأنه إذا وقع على غير بأس فهو لسوء الخلق لأنه أبغض الحلال إلى الله
(طب عن أبي الدرداء خط عن عائشة) قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف(6/266)
9193 - (المرأة عورة) أي هي موصوفة بهذه الصفة ومن هذه صفته فحقه أن يستر والمعنى أنه يستقبح تبرزها وظهورها للرجل والعورة سوأة الإنسان وكل ما يستحي منه؟ كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها قال ابن الكمال: فلا حاجة إلى أن يقال هو خبر بمعنى الأمر قال في الصحاح: والعورة كل خلل يتخوف منه وقال القاضي: العورة كل ما يستحى من إظهاره وأصلها من العار وهو المذمة (فإذا خرجت) من خدرها (استشرفها الشيطان) يعني رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كلاهما في الفتنة أو المراد شيطان الإنس سماه به على التشبيه بمعنى أن أهل الفسق إذا رأوها بارزة طمحوا بأبصارهم نحوها والاستشراف فعلهم لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه ذكره القاضي وقال الطيبي: هذا كله خارج عن المقصود والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس فإذا خرجت طمع وأطمع لأنها حبائله وأعظم فخوخه وأصل الاستشراف وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر
(ت) في النكاح (عن ابن مسعود) وقال: [ص:267] حسن غريب ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور الطبراني وزاد وإنها أقرب ما يكون من الله وهي في قعر بيتها قال الهيثمي: رجاله موثقون ورواه أيضا ابن حبان عنه(6/266)
9194 - (المرض سوط الله في الأرض يؤدب به عباده) لأنه يخمد النفس الأمارة ويذلها ويدهشها من طلب حظوظها ومن تأمل ذلك واستحضره انفتح له باب التسليم والرضا بقضاء الله العزيز الحكيم
(الخليلي في جزء من حديثه عن جرير) بن عبد الله(6/267)
9195 - (المريض تحات) أصله تتحات (خطاياه) أي ذنوبه عنه (كما يتحات ورق الشجر) من هبوب الرياح فإن مات من مرضه ذلك مات وقد خلصت سبيكة إيمانه من الخبث فلقي الله طاهرا مطهرا صالحا لجواره بدار كرامته
(هب والضياء) المقدسي وكذا أبو يعلى والبغوي (عن أسد بن كرز) بن العامر القسري جد خالد بن عبد الله أمير العراق له ولأبيه صحبة ورواه باللفظ المزبور عن أسد المذكور ابن أحمد في زوائد المسند قال الهيثمي: وإسناده حسن اه. لكن قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: فيه انقطاع بين خالد وأسد(6/267)
9196 - (المزر كله حرام) هو بالكسر نبيذ يتخذ من نحو ذرة وشعير (أبيضه وأحمره وأسوده وأخضره) يعني بأي لون كان وخص هذه لأنها أصول الألوان
(طب عن ابن عباس)(6/267)
9197 - (المستبان) أي الذي يسب كل منهما الآخر (ما قالا) أي إثم ما قالاه من السب والشتم (فعلى البادئ منهما) لأنه السبب لتلك المخاصمة فللمسبوب أن ينتصر ويسبه بما ليس بقذف ولا كذب كيا ظالم ولا يأثم {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} والعفو أفضل فإن قيل: إذا لم يسكت المسبوب ويرى البادئ من ظلمه بوقوع التقاص فكيف صح أن يقدر فيه إثم ما قالا قلنا: إضافته بمعنى في والمعنى إثم كائن فيما قالاه وإثم الابتداء على البادئ ويستمر هذا الحكم (حتى يعتدي المظلوم) أي يتعدى الحد في السب فلا يكون الإثم على البادئ فقط بل عليهما وقيل المراد أنه يحصل إثم ما قالا وللبادئ أكثر من المظلوم ما لم يتعد فيربو إثم المظلوم وقيل: المعنى أنه إذا سبه فرد عليه كان كفافا فإن زاد بالغضب والتعصب لنفسه كان ظالما وكان كل منهما فاسقا
(حم م د ت عن أبي هريرة) وفي الباب أنس وغيره(6/267)
9198 - (المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان) أي كل منهما يتسقط صاحبه وينتقصه من الهتر وهو الباطل من القول ذكره الزمخشري. وقال ابن الأثير: أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام وفيه كما قال الغزالي: أنه لا يجوز مقابلة السب بالسب وكذا سائر المعاصي وإنما القصاص والغرامة على ما ورد به الشرع قال: وقال قوم تجوز المقابلة فيما لا كذب فيه ونهيه عن التعيير بمثله نهي تنزيه والأفضل تركه لكنه لا يعصى
(حم خد) والطيالسي (عن عياض بن حمار) بلفظ الحيوان المعروف قال: قلت يا رسول الله رجل من قومي يسبني وهو دوني علي بأس أن أنتصر منه؟ فذكره قال الزين العراقي: إسناده صحيح وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح(6/267)
9199 - (المستحاضة) وهي التي حدثها دائم (تغتسل من قرء إلى قرء) لكن يلزمها تجديد الوضوء لكل فرض وغسل [ص:268] الفرج وتعصيبه
(طس عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: فيه بقية ومر أنه مدلس(6/267)
9200 - (المستشار مؤتمن) أي أمين على ما استشير فيه فمن أفضى إلى أخيه بسره وأمنه على نفسه فقد جعله بمحلها فيجب عليه أن لا يشير عليه إلا بما يراه صوابا فإنه كالإمامة للرجل الذي لا يأمن على إيداع ماله إلا ثقة والسر قد يكون في إذاعته تلف النفس أولى بأن لا يجعل إلا عند موثوق به وفيه حث على ما يحصل به معظم الدين وهو النصح لله ورسوله وعامة المسلمين وبه يحصل التحابب والإئتلاف وبضده يكون التباغض والاختلاف
<تنبيه> قال بعض الكاملين: يحتاج الناصح والمشير إلى علم كبير كثير فإنه يحتاج أولا إلى علم الشريعة وهو العلم العام المتضمن لأحوال الناس وعلم الزمان وعلم المكان وعلم الترجيح إذا تقابلت هذه الأمور فيكون ما يصلح الزمان يفسد الحال أو المكان وهكذا فينظر في الترجيح فيفعل بحسب الأرجح عنده مثاله أن يضيق الزمن عن فعل أمرين اقتضاهما الحال فيشير بأهمهما وإذا عرف من حال إنسان بالمخالفة وأنه إذا أرشده لشيء فعل ضده يشير عليه بما لا ينبغي ليفعل ما ينبغي وهذا يسمى علم السياسة فإنه يسوس بذلك النفوس الجموحة الشاردة عن طريق مصالحها فلذلك قالوا يحتاج المشير والناصح إلى علم وعقل وفكر صحيح ورؤية حسنة واعتدال مزاج وتؤدة وتأن فإن لم تجمع هذه الخصال فخطأه أسرع من إصابته فلا يشير ولا ينصح قالوا: وما في مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة
(4 عن أبي هريرة ت عن أم سلمة عن ابن مسعود) وفي الباب عبد الله بن الزبير والهيثم بن التيهان والنعمان بن بشير وجابر وغيرهم قال المصنف: وهذا متواتر(6/268)
9201 - (المستشار مؤتمن) أن أمين فيما يسأل من الأمور ذكره الطيبي لأنه قلد الأمر الذي استشير فيه فإذا عرف المصلحة لمن قلده أمره فلا يكتمه فإن كتم ضره وقد قال عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار فيكون قد ترك الإحسان وغشه فيما استشاره فيه وخان وقوله (إن شاء أشار وإن شاء لم يشر) عنى به أنه غير واجب بمعنى أنه لا يتعين أي ما لم يتحقق بترك إشارته حصول ضرر لمحترم من نفس أو مال أو عرض وإلا تعين نصحه بل لو تعلق به علمه به وجب وإن لم يستشره كما تفيده أدلة أخرى قال العامري في شرح الشهاب: وحقيقة المشورة استخراج صواب رأيه واشتقاق الكلمة من قولهم شور العسل استخلصه من موضعه وصفاه من الشمع
(طب) وكذا في الأوسط (عن سمرة) بن جندب رمز لحسنه قال الهيثمي: رواه من طريقين في أحدهما إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف وفي الأخرى عبد الرحمن بن عمر بن جبلة وهو متروك وقال ابن الجوزي: حديث لا يثبت إسناده ولا متنه(6/268)
9202 - (المستشار مؤتمن) أي هو بالخيار إن شاء قال وإن شاء سكت كالمودع ذكره بعضهم (فإذا استشير) أحدكم في شيء (فليشر) على من استشاره (بما هو صانع لنفسه) لأن الدين النصيحة كما تقرر وأقصى موجبات التحابب أن يرى الإنسان لأخيه ما يراه نفسه {إنما المؤمنون إخوة} وفيه إشعار لطلب التألف على الإيمان ولهذا كره لعن الكافر رجاء إسلامه وفيه إلماح بطلب الاستشارة المأمور بها في قوله تعالى {وشاورهم في الأمر} وقيل المشاورة حصن من الندامة وأمن وسلامة ونعم المؤازرة والمشاورة وفي الحديث قصة وهي أن الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر أتوا المسيب بن نجية خطبوا بنته أو أخته فقال: مكانكم حتى أعود فأتى عليا فقال: أتيت أمير المؤمنين لأشاوره فقال: أما الحسن فمطلاق ولا تخطئ النساء عنده وأما الحسين فمعلق زوج ابن جعفر فرجع فزوجه فلامه الحسنان فقال: أشار علي أمير المؤمنين فأتياه فقالا: وضعت منا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره
(طس عن علي) أمير المؤمنين ثم قال [ص:269] الطبراني لم يروه إلا عبد الرحمن بن عيينة البصري اه. قال ابن حجر: ولولاه لما كان الحديث حسنا لأن رجاله موثقون إلا هو فلم أر له ذكرا إلا في هذا الحديث والمستغرب منه آخره إلى هنا كلامه. وقال الهيثمي: شيخ الطبراني وشيخ شيخه المذكوران لا أعرفهما اه. وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير جيد(6/268)
9203 - (المسجد بيت كل مؤمن) وفي رواية بدله كل تقي قال الطبراني: يشير به إلى أنه لا بأس بالإقامة فيه والانتفاع به فيما يحل كأكل وشرب وقعود ونوم وشبهه من الأعمال التي لا ينزه المسجد عنها قال المهلب: وفيه جواز سكنى الفقراء بالمسجد قال الزين العراقي: لكن الظاهر أن المراد بالحديث ملازمته لنحو اعتكاف وصلاة وقراءة ونحو ذلك مما بنيت المساجد له اه وقال بعضهم: أفاد الخبر أنه موطن لأتقياء الأمة لكن يشترط أن لا يشغله بغير ما بني له فمن اتخذه رحله ومعاشه وحديث دنياه فهو ممقوت. كان الصالحون لا يتكلمون فيه بمباح دنيوي وكلم إنسان خلف بن أيوب وهو فيه فأخرج رأسه منه فأجابه وقال كعب: نجد في كتاب الله من لم يغد للمسجد أو يروح إلا ليعلم أو يتعلم أو ليذكر الله فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن لم يغد أو يروح إليه إلا لأحاديث الناس وتعبير الحديث بالمؤمن أو بالمتقي يشعر بأنه لا دخل للنساء فيه ولذلك بوب البخاري عليه فقال باب نوم الرجال في المسجد فأفهم كراهته في حق النساء قال الزين العراقي: ولا شك في منعه لمن خيف عليها أو منها الفتنة بنومها فيه فإن أمن ذلك فلا بأس به كقصة الأمة التي كان لها حفش أو خباء في المسجد وقد ذكره البخاري أيضا وبوب عليه باب نوم النساء في المسجد
(حل) من حديث صالح المزي عن أبي عثمان الحريري (عن سلمان) الفارسي قال أبو عثمان: كتب سلمان إلى أبي الدرداء يا أخي عليك بالمسجد فالزمه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ثم قال أبو نعيم: غريب لم نكتبه إلا من حديث صالح المزي لم نكتبه إلا من هذا الوجه وصالح ضعيف ورواه عنه أيضا الطبراني والقضاعي من حديث محمد بن واسع قال: كتب سلمان إلى أبي العود أما بعد فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطاع رده واغتنم دعوة المؤمن المبتلى وليكن المسجد بيتك فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وسنده ضعيف لكن له كما قال السخاوي شواهد كخبر أبي نعيم أيضا المساجد مجالس الكرام فقول العامري في شرح الشهاب: صحيح خطأ صريح(6/269)
9204 - (المسجد الذي أسس على التقوى) المذكور في قوله تعالى {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم} الآية هو (مسجدي هذا) مسجد المدينة وبهذا أخذ مالك كما في العتبية عنه وفي خبر آخر أنه مسجد قباء ومال ابن كثير إلى ترجيح الأخذ به لكثرة أحاديثه قال: ولا ينافيه هذا الخبر لأنه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى فمسجده أولى وقال زين الحفاظ العراقي في شرح الترمذي: الأصح أنه مسجد المدينة خلافا لابن العربي قال: وقد صح القول به عن جمع لا يحصون فهم أولى من العمل بحديث قباء وأطال في تقرير ذلك قال: ويمكن أن يقال إن المسجد الموصوف لكونه أسس على التقوى يصدق على كل منهما وعين المصطفى صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة لفضله على مسجد قباء
(م ت عن أبي سعيد) الخدري قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت لبعض نسائه فقلت: يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى فذكره (حم ك عن أبي) بن كعب قال: اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى فسألاه عن ذلك قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي قال الزين العراقي: وليس كذلك فإن عبد الله بن عامر الأسلمي أحد رجاله ضعيف(6/269)
9205 - (المسك) بالكسر معروف (أطيب الطيب) قال في المطامح: يجوز كونه حكما شرعيا وكونه إخباريا عاديا
(م ت عن أبي سعيد) الخدري(6/269)
[ص:270] 9206 - (المسلم) الكامل في الإسلام قال ابن الكمال: ولا يلزم منه أن من اتصف بما يأتي فقط يكون كاملا لأن المراد بذلك مع رعاية بقية الأركان (من) أي إنسان أتى بأركان الدين و (سلم المسلمون) وغيرهم من أهل الذمة فالتقييد غالبي كالتعبير بجمع المذكر (من لسانه ويده) خصا بالذكر لأن الأذى بهما أغلب وقدم اللسان لأكثرية الأذى به ولكونه المعبر عما في الضمير وعبر به دون القول ليشمل من أخرج لسانه استهزاء وباليد دون بقية الجوارح ليدخل اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير ظلما وأما إقامة الحد والتعزير فبالنظر إلى المقصود الشرعي إصلاح ولو مآلا لا أبدا وفيه من أنواع البديع جناس الإشتقاق
<تنبيه> قال القيصري: الإسلام مقام عظيم وحال شريف من تحقق به في الدنيا فحاله حال أهل الجنة في العقبى ومعناه الإنقياد للأوامر وترك الاستعصاء لها والإمساك عن إيذاء من دخل في الإسلام من جميع الخلق ونفع أهله وكف الأذى عنهم
(م عن جابر) قضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول بل خرجه الشيخان معا باللفظ المزبور من حديث ابن عمر كما ذكره المصنف نفسه في الدرر وانفرد مسلم بروايته عن جابر قال المصنف: الحديث متواتر ومن جوامع الكلم(6/270)
9207 - (المسلم) الكامل قال الكمال: نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية وقال الطيبي: التعريف في المسلم والمؤمن للجنس (من سلم المسلمون من لسانه ويده) بأن لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم وأعراضهم قدم اللسان لأن التعرض به أسرع وقوعا وأكثر وخص اليد لأن معظم مزاولة الأفعال بها لا يقال إذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلما كاملا وإن لم يأت بأركان الإسلام المبني عليها لأنا نقول هذا ورد على سبيل المبالغة تعظيما لترك الإيذاء كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل وهو محصور فيه على سبيل الإدعاء للمبالغة (والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) يعني ائتمنوه وجعلوه أمينا عليها لكونه مجربا مختبرا في حفظها وعدم الخيانة فيها قال الطيبي: وذكر المسلم والمؤمن بمعنى واحد تأكيدا وتقريرا لكنه لم يذكر في الثانية ما يدل على ما يثمر اللسان من البذاء أو البهتان لأن آفة اللسان ظاهرة وآفة اليد مفتقرة إلى البيان قال القاضي: فمن لم يراع حكم الله في ذمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ومن لم يكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية حق الحق وملازمة العدل بينه وبينهم فلعله لا يراعى ما بينه وبين ربه فيخل بإيمانه
(حم ت ن ك عن أبي هريرة) لكن في رواية الحاكم زيادة وهي والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب(6/270)
9208 - (المسلم) حرا كان أو قنا بالغا أو صبيا (أخو المسلم) أي يجمعهما دين واحد {إنما المؤمنون إخوة} فهم كالأخوة الحقيقية وهي أن يجمع الشخصين ولادة من صلب أو رحم أو منهما بل الأخوة الدينية أعظم من الحقيقة لأن ثمرة هذه دنيوية وتلك أخروية
(د) في الأدب (عن سويد بن الحنظلية) وفي نسخ ابن حنظلة الكوفي صحابي معروف قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدوله له فتخرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخى فخلوا سبيله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: صدقت المسلم أخو المسلم رمز المؤلف لحسنه. وقضية صنيعه أنه مما لا وجود له في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في عدة مواضع عن ابن عمر [ص:271] مرفوعا باللفظ المزبور بعينه وزيادة ونصه المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه هكذا هو في كتاب المظالم وغيره فالعدول إلى غيره من ضيق العطن(6/270)
9209 - (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإيذاء المسلم من نقصان الإسلام والإيذاء ضربان ضرب ظاهر بالجوارح كأخذ المال بنحو سرقة أو نهب وضرب باطن كالحسد والغل والبغض والحقد والكبر وسوء الظن والقسوة ونحو ذلك فكله مضر بالمسلم مؤذ له وقد أمر الشرع بكف النوعين من الإيذاء وهلك بذلك خلق كثير (والمهاجر) أي هجرة تامة فاضلة (من هجر) أي ترك (ما نهى الله عنه) أي ليس المهاجر حقيقة من هاجر من بلاد الكفر بل من هجر نفسه وأكرهها على الطاعة وحملها تجنب المنهي لأن النفس أشد عداوة من الكافر لقربها وملازمتها وحرصها على منع الخير فالمجاهد الحقيقي من جاهد نفسه واتبع سنة نبيه واقتفى طريقه في أقواله وأفعاله على اختلاف أحواله بحيث لا يكون له حركة ولا سكون إلا على السنة وهذه الهجرة العليا لثبوت فضلها على الدوام قال الخطابي: أراد به أن أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حق المسلمين وإثبات اسم الشيء على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم وقيل: أراد بيان علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر مثله في علامة المنافق أو أراد الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه فهو تنبيه بالأولى على الأولى فكأنه يقول للمهاجرين لا تتكلموا على مجرد التحول من داركم فإن الشأن إنما هو في امتثال أوامر الشرع ونواهيه فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام
(خ) في الإيمان واللفظ له (د) في الجهاد (ن) في الإيمان لكنه قال من هجر ما حرم الله عليه (عن ابن عمرو) ابن العاص ولم يخرجه مسلم(6/271)
9210 - (المسلم مرآة المسلم فإذا رأى به شيئا فليأخذه) أي إذا أبصر ببدنه أو ثوبه نحو قذر أو قذاه لم يشعر به فلينحه عنه ثم ليره إياه كما جاء في خبر آخر
(ابن منيع عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبيد الله قال الذهبي: قال أحمد: غير ثقة(6/271)
9211 - (المسلمون إخوة) أي جمعتهم الأخوة الإسلامية بالحضرة المحمدية لاتحاد المرافقة في ورود المشرب الإيماني والمدد الإحساني وكل اتفاق بين شيئين أو أشياء يطلق عليه اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والبالغ وضدهما فأخوك من وافقك في الذوق ومدد الأفهام لا من شاركك في معنى صورة النطف في الأرحام (لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) والتقوى غيب عنا إذ محلها القلب فلا يجوز للمتقي أن يحقر مسلما وكيف يحتقره وهو لا يعلم الخاتمة لنفسه ولا له؟ ونبه بالأخوة على المساواة وأن لا يرى أحد لنفسه على أحد من المسلمين فضلا إذ يلزم منه قطع وصلة الأخوة المأمور بها
(طب عن حبيب بن خراش) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك(6/271)
9212 - (المسلمون شركاء في ثلاث) من الخصال قال البيضاوي: لما كان الأسماء الثلاثة في معنى الجمع انتهى بهذا الاعتبار فقال في ثلاث (في الكلأ) الذي ينبت في الموات فلا يختص به أحد (والماء) أي ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (والنار) يعني الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه أو الحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت في موات أو هو على ظاهره قال البيضاوي: المراد من الاشتراك في النار أنه لا يمنع من الإستصباح منها [ص:272] والإستضاءة بضوئها لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينتقصها ويؤدي إلى إطفائها
(حم د) في البيع من حديث أبي خراش (عن رجل) من المهاجرين قال: غزوت مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثا أسمعه يقول بلفظه فذكره رمز لحسنه ولم يسم الرجل ولا يضر فإنه صحابي وهم عدول ذكره المناوي لكن قال ابن حجر: قد سماه أبو داود حبان بن زيد وهو تابعي معروف أي فالحديث مرسل(6/271)
9213 - (المسلمون على شروطهم) الجائزة شرعا أي ثابتون عليها واقفون عندها وفي التعبير بعلى إشارة إلى علو مرتبتهم وفي وصفهم بالإسلام ما يقتضي الوفاء بالشرط ويحث عليه
(د) وكذا أحمد في البيع من حديث سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح (عن أبي هريرة) قال الذهبي: لم يصححه يعني الحاكم وكثير ضعفه النسائي ومشاه غيره اه. وقال ابن حجر: الحديث ضعفه ابن حزم وعبد الحق وحسنه الترمذي(6/272)
9214 - (المسلمون) ووقع في الرافعي المؤمنون قال ابن حجر: والذي في جميع الروايات المسلمون (عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك) يعني ما وافق منها كتاب الله لخبر كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل أي كشرط نصر نحو ظالم وباغ وشن غارة على المسلمين ونحوها من الشروط الباطلة
(ك) في البيع من حديث العزيز بن عبد الرحمن الجوزي البالسي عن خصيف بن أبي رباح (عن أنس) بن مالك وعبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف عن عروة (عن عائشة) قال ابن القطان: قال أحمد: عبد العزيز أحاديثه كذب موضوعة وقال الذهبي في المهذب: هو واه وقال ابن القطان: خصيف ضعيف وقال ابن حجر: رواه الحاكم والبيهقي عن أنس وهو واه وعن عائشة وهو واه اه(6/272)
9215 - (المسلمون عند شروطهم فيما أحل) بخلاف ما حرم فلا يجب بل لا يجوز الوفاء به
(طب عن رافع بن خديج) قال الهيثمي: فيه حكيم بن جبير وهو متروك وقال أبو زرعة: محله الصدق(6/272)
9216 - (المشاؤون إلى المساجد في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها أي ظلمة الليل إلى الصلاة أو الإعتكاف فيها (أولئك الخواضون في رحمة الله) لما قاسوا مشقة ملازمة المشي إلى المساجد في الظلم جوزوا بصب الرحمة عليهم بحيث غمرت كل أحد منهم من فرقه إلى قدمه حتى صاروا كأنهم يخوضون فيها
(هـ عن أبي هريرة) رمز لحسنه وليس كما قال قال مغلطاي في شرح أبي داود: حديث ضعيف لضعف أبي رافع الأنصاري المزني البصري أحد رواته فإنه وإن قال فيه البخاري: مقارب الحديث فقد قال أحمد: منكر الحديث اه. وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح فيه إسماعيل بن رافع أبو رافع قال النسائي: منكر الحديث وقال ابن عدي: الأحاديث كلها فيها نظر(6/272)
9217 - (المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء) لما اقترفه الإنسان في دار الهوان {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
(ص حل) من حديث الفضيل بن عياض عن سليمان بن مهران الكاهلي عن مسلم بن صبيح (عن مسروق) ابن الأجدع (مرسلا) لفظ أبي نعيم في الحلية عن مسروق بن الأجدع قال: قال أبو بكر الصديق: يا رسول الله ما أشد هذه الآية {من يعمل سوءا يجز به} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المصائب إلخ ثم قال أبو نعيم: عزيز من حديث الفضيل ما كتبته إلا من هذا الوجه حدثنا عبد الله بن جعفر أبو السعود أحمد بن الفرات(6/272)
[ص:273] 9218 - (المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه) قال في الكشاف: البياض من النور والسواد من الظلمة فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه ومن كان من أهل ظلمة الباطل وصف بسواد اللون وكسوفه وسموده وأحاطت به الظلمة من كل جانب قال بعض السلف: لولا مصائب الدنيا وردنا يوم القيامة مفاليس
(طس عن ابن عباس) وضعفه المنذري وقال الهيثمي: فيه سليمان بن مرقاع منكر الحديث(6/273)
9219 - (المضمضة والاستنشاق سنة) وبهذا أخذ مالك والشافعي وقال أحمد: هما واجبان وقال أبو حنيفة: واجبان في الغسل مسنونان في الوضوء قال ابن القيم: لم يحفظ عنه أنه أخل بها مرة واحدة (والأذنان من الرأس) لا من الوجه ولا مستقلتان فيمسحان بماء الرأس عند أبي حنيفة ومالك وأحمد وقال الشافعي: عضوان مستقلان
(خط) في ترجمة محمد بن أبي الفرج المعروف بابن سميكة (عن ابن عباس) وفيه محمد بن محمد الباغندي أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال ابن عدي: أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب وسويد بن سعيد منكر الحديث والقاسم بن غصن ضعفه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن مسلم البصري قال الذهبي: واه مجمع على ضعفه اه. ورواه الدارقطني من هذا الوجه أيضا ففيه ما فيه قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني: فيه القاسم بن غصن ضعفه أبو حاتم ووثقه غيره وعنه سويد بن سعيد له مناكير وضعفه النسائي وقال ابن حجر: الحديث ضعيف(6/273)
9220 - (المطلقة ثلاثا ليس لها) على المطلق (سكنى ولا نفقة) في مدة العدة وعلله في بعض طرق الحديث بأنهما إنما يجبان عليه ما كانت له عليها رجعة وإليه ذهب الجمهور وأجابوا عن قول عمر لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت بأن قول الشارع مقدم على قول الصحابي
(ن عن فاطمة بنت قيس) رمز لصحته وقضية كلام المصنف أن هذا لا ذكر له في أحد الصحيحين ولعله ذهول فقد عزاه الديلمي إلى مسلم بزيادة ولفظه المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة إنما السكنى والنفقة لمن تملك الرجعة اه بنصه(6/273)
9221 - (المعتدي) وفي رواية للقضاعي المتعدي ولعله تصحيف (في الصدقة) بأن يعطيها غير مستحقها أو لكون الآخذ يتواضع له أو يخدمه أو يثني عليه (كمانعها) في بقائها في ذمته أو في أنه لا ثواب له لأنه لم يخرجها مخلصا لله أو معناه أن العامل المتعدي في الصدقة يأخذ أكثر مما يجب والمانع الذي يمنع أداء الواجب كلاهما في الوزر سواء وقيل أراد أن الساعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في العام القابل فيكون سببه فهما في الإثم سيان وقال البغوي: معناه على المعتدي في الصدقة من الإثم ما على مانعها فلا يحل للمالك كتم شيء من المال وإن تعدى الساعي قال الطيبي: يريد أن المشبه به في الحديث ليس بمطلق بل مقيد بقيد استمرار المنع فإذا فقد القيد فقد التشبيه
(حم د ت هـ) في الزكاة من حديث سعيد بن سنان (عن أنس) قال الترمذي: غريب من هذا الوجه وقد تكلم أحمد في سعيد بن سنان اه. وقال المنذري: طعن فيه غير واحد من الأئمة وقال النووي: لم يروه غير سعيد وهو ضعيف وقال الذهبي: غير حجة وبه يعرف خطأ العامري في جزمه بصحته(6/273)
9222 - (المعتكف يتبع الجنازة) أي يشيعها يعني له ذلك ولا يبطل به اعتكافه (ويعود المريض) أخذ منه أحمد [ص:274] والشافعي أن للمعتكف الخروج للقرب إذا اشترطه وقال مالك: لا يجوز اشتراط ذلك ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وإذا خرج لحاجة قنع رأسه حتى يرجع اه
(هـ) من حديث هياج بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق (عن أنس) بن مالك قال الذهبي: وعنبسة قال أبو حاتم:: يضع الحديث وهياج قال أحمد: متروك وعبد الخالق قال النسائي: غير ثقة(6/273)
9223 - (المعتكف يعكف الذنوب) أي يمنعها ويدفعها يقال عكفته عن حاجته منعته (ويجري له من الأجر كأجر عامل الحسنات كلها) أي فاعلها قال في الفردوس: قيل لمن يلازم المسجد وأقام على العبادة فيه معتكف وعاكف وأصله الحبس
(هـ هب عن ابن عباس)(6/274)
9224 - (المعروف باب من أبواب الجنة) أي فعله (وهو يدفع مصارع السوء) أي يردها
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان في الثواب (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن القاسم الأزدي قال الذهبي في الضعفاء: كذبه أحمد والدارقطني عن عنبسة وهو متهم(6/274)
9225 - (المعك) بسكون العين المطل واللي بأداء الحق (طرف من الظلم) إن وقع من موسر وفي قوله طرف إلماح بأنه ليس بكبيرة لكن مر ما يخالفه
(طب حل والضياء) المقدسي (عن حبشي) بضم فسكون (ابن جنادة) السلولي أبي الجنوب(6/274)
9226 - (المغبون لا محمود ولا مأجور) لكونه لم يحتسب بما زاد على قيمته فيؤجر ولم يتحمد إلى بائعه فيحمد لكن استرسل في وقت المبايعة فاستغبن فغبن فلم يقع عند البائع موقع المعروف فيحمد بل رجع لنفسه فقال: خدعته فذهب الحمد ولم يحتسب فذهب الأجر ومن ثم قيل الغبن في البيع جود بالعقل وأصل الغبن النقص
(خط عن علي) أمير المؤمنين وفيه أحمد بن ظاهر البغدادي سئل عنه تلميذه الأنبدوني قال: لو قيل له حدثكم أبو بكر الصديق قال: نعم وضعفه كذا ذكره مخرجه الخطيب عقبه فاقتصار المصنف على العزو له وحذف ذلك من سوء التصرف (طب عن الحسن) بن علي قال الهيثمي: وفيه محمد بن هشام ضعيف وبقية رجاله ثقات (ع عن الحسين) بن علي يرفعه قال أبو هاشم: كنت أحمل متاعا إلى الحسين فيماكسني فيه فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته فقلت له في ذلك فقال حدثني أبي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الهيثمي بعد ما عزاه لأبي يعلى: فيه أبو هاشم العبادي قال الذهبي: لا يكاد يعرف ولم أجد لغيره فيه كلاما اه وعبارة الذهبي هذا حديث منكر وأبو هاشم لا يعرف وقد اضطرب فمرة عن الحسن ومرة عن الحسين وأورده في الفردوس بلفظ أتاني جبريل فقال: يا محمد ماكس عن درهمك فإن المغبون إلى آخر ما هنا ورواه الحكيم في نوادره من حديث عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده وطرقه كلها ترجع إلى أهل البيت(6/274)
9227 - (المغرب وتر النهار) أطلق كونها وترا لقربها منه وإلا فصلاة المغرب ليلية جهرية وفيه إشارة إلى أن أول وقتها يقع أول ما تغرب الشمس (فأوتروا صلاة الليل) أي ندبا لا وجوبا بدليل خبر هل علي غيرها قال: لا إلا أن تطوع
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه(6/274)
[ص:275] 9228 - (المقام المحمود) الموعود به النبي صلى الله عليه وسلم هو (الشفاعة) في فصل القضاء يوم القيامة ووراء ذلك أقوال هذا الحديث يردها
(حل هب عن أبي هريرة)(6/275)
9229 - (المقيم على الزنا) وفي رواية الطبراني على الخمر (كعابد وثن) في مطلق التعذيب بالنار ولا يلزم منه استواؤهما بل ذلك يخلد وذا يخرج ويدخل الجنة وقد يعفى عنه فلا يدخل النار فإطلاق النساوي زجر وتنفير كيف والزنا يجمع خلال الشر بأسرها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة والحياء والأنفة وعدم المراقبة وسواد الوجه وظلمته والكآبة والمقت وظلمة القلب وطمس النور والفقر اللازم وقلة الهيبة وفقد العفة وعكر الوحشة على الوجه إلى غيره ذلك مما هو كالمحسوس قال جدي رحمه الله تعالى: إن العارفين يشاهدون جنابة الزاني على وجهه ويشمون من بدنه نتنا وأنه إذا اغتسل أبصروا أثر الزنا على وجه الماء عيانا
(الخرائطي في) كتاب (مساوي الأخلاق وابن عساكر) في ترجمة سعيد بن عمارة من طريق الخرائطي (عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وذلك أن فيه إبراهيم بن الهيثم أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي: أحاديث مستقيمة سوى حديث الفار عن سعيد بن عمارة قال الأزدي: متروك والحارث بن النعمان قال البخاري: منكر الحديث(6/275)
9230 - (المكاتب عبد) أي في أكثر الأحكام كشهادته وإرثه وحده وجناية له أو لغيره فلا يحملها قرابته ولا عاقلة سيده وليس كالعبد في أن سيده يبيعه ويأخذ كسبه ذكره الرافعي (ما بقي) بكسر القاف لغة القرآن (من مكاتبته) أي من نجومها (درهم) فلا يعتق منه بقدر ما أدى وهو قول الجمهور قاطبة ويؤيده قصة بريرة ومخالفة بعض السلف مؤولة وفيه جواز بيع المكاتب لأنه مملوك والمملوك يباع ومنع المالكية والحنفية بيعه
(د) في العتق وكذا النسائي فما أوهمه صنيع المؤلف من أن أبا داود منفرد بإخراجه من بين الستة غير جيد (عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وصححه الحاكم وخرجه عنه ابن حبان أيضا في أثناء حديث قال الشافعي: لا أعلم أحدا رواه إلا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته وعلى هذا فتيا المفتين انتهى. قال الصدر المناوي: ومع هذا ففيه ابن عياش والمقال فيه معروف(6/275)
9231 - (المكثرون) من المال (هم الأسفلون يوم القيامة) لطول حسابهم وتوقع عقابهم وفي رواية المكثرون هم المقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا أي ضرب يديه بالعطاء فيه من سائر جهاته قالوا ولفظ القول يستعمل في غير النطق كقوله:
قال له الطير تقدم راشدا. . . إنك لا ترجع إلا حامدا
وقوله " قالت العينان سمعا وطاعة
(الطيالسي) أبو داود (عن أبي ذر) رمز لصحته وهو بمعناه في الصحيحين ولفظهما المكثرون هم الأخسرون قال أبو ذر: من هم يا رسول الله؟ فقال: هم الأكثرون أمولا إلا من قال هكذا وهكذا(6/275)
9232 - (المكر والخديعة في النار) يعني صاحب المكر والخداع لا يكون تقيا ولا خائفا لله لأنه إذا مكر غدر وإذا غدر خدع وذا لا يكون في تقى وكل خلة جانبت التقى فهي في النار
(هب) من حديث أبي رافع (عن قيس بن سعد) بن عبادة قال أبو رافع: قال قيس لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول المكر إلخ لكنت أمكر هذه الأمة [ص:276] قال في الميزان: في سنده لين وذلك لأن فيه أحمد بن عبيد قال ابن معين: صدوق له مناكير والجراح بن مليح قال الدارقطني: ليس بشيء ووثقه غيره وخالف الذهبي فقال في الكبائر: سنده قوي ورواه البزار والديلمي عن أبي هريرة والقضاعي عن ابن مسعود(6/275)
9233 - (المكر والخديعة والخيانة في النار) أي تدخل أصحابها في النار قال الراغب: والمكر والخديعة متقاربان وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره وذلك ضربان: أحدهما مذموم وهو الأشهر عند الناس والأكثر وذلك أن يقصد فاعله إنزال مكروه بالمخدوع وإياه قصد المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ومعناه يؤديان بقاصدهما إلى النار والثاني بعكسه وهو أن يقصد فاعلهما إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة بهما كما يفعل بالصبي إذا امتنع من فعل خير وقال الحكماء: المكر والخديعة يحتاج إليهما في هذا العالم لأن السفيه يميل إلى الباطل ولا يقبل الحق لمنافاته لطبعه فيحتاج أن يخدع عن باطله بزخارف مموهة كخديعة الصبي عن الثدي عند الفطام ولهذا قيل مخرق فإن الدنيا مخاريق وسفسط فإن الدنيا سفسطة وليس ذا حثا على تعاطي الخبث بل على جذب الناس إلى الخير بالاحتيال ولكون المكر والخديعة ضربان سيئا وحسنا قال تعالى {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور} {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} ووصف نفسه بالمكر الحسن فقال {والله خير الماكرين}
(د في مراسيله عن الحسن مرسلا) وهو البصري(6/276)
9234 - (الملحمة الكبرى) أي الحرب الكثير (وفتح القسطنطينية وخروج الدجال) يكون ذلك كله (في سبعة أشهر) وفي خبر أحمد وأبي داود وابن ماجه بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين قال ابن كثير: مشكل إلا أن يكون من أول الملحمة وآخرها ست سنين ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر
(حم د) في الملاحم (ت هـ) في الفتن (ك عن معاذ) بن جبل واستغربه الترمذي قال المناوي: وفيه أبو بكر ابن أبي مريم الغساني الشامي قال الذهبي: ضعفوه(6/276)
9235 - (الملك في قريش) القبيلة المشهورة (والقضاء في الأنصار) خصهم به لأنهم أكثر فقها فمنهم معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم (والأذان في الحبشة) الذين منهم بلال زاد أحمد في روايته هنا والشرعة في اليمن هكذا هو ثابت في جميع الأصول (والأمانة في الأزد) بسكون الزاي قال النووي في التهذيب: يعني اليمن هكذا جزم به الزين العراقي في القرب ويقال الأسد أيضا بسكون السين يجتمع نسبهم مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في عامر بن شالخ وروى الترمذي وحسنه عن أنس مرفوعا: ألا إن الأزد أسد الله في الأرض يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم وليأتين على الناس زمان يقول الرجل يا ليت أبي كان أزديا ويا ليت أمي كانت أزدية
(حم ت) في فضل اليمن (عن أبي هريرة) مرفوعا وموقوفا قال الترمذي: ووقفه أصح قال الهيثمي: ورجال أحمد ثقات(6/276)
9236 - (المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ قل يا أيها الكافرون) أي سورتها أي علامته أنه لا يفعلهما فإذا وجد من هو [ص:277] متماد على تركهما أشعر بنفاق في قلبه ولعل هذا خرج مخرج الزجر والتهويل عن تركهما والحث على فعلهما فلا يحكم في ظاهر الشرع على تاركهما بأحكام المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل نعم إن أهملهما استخفافا بأمر الشارع فهو منافق حقيقة قال الزمخشري: والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى
(فر عن عبد الله بن جراد) وفيه يعلى بن الأشدق قال الذهبي: قال البخاري: لا يكتب حديثه(6/276)
9237 - (المنافق) يملك عينيه أي دمعهما (يبكي كما يشاء) لأنه أبدا ذو لونين باطن وظاهر ويقين وشك ودهاء ومكر وزهادة ورغبة وبذل وحرص وإخلاص ورياء وصدق وكذب وصبر وجزع وجود وبخل وسعة وضيق وذا لا يكون إلا في قلب للنفس عليه شعبة من الشيطان وإنما سمي نفاقا لأنه دخل عليه الأمر من بابين من باب الله ومن باب النفس والشيطان فيخلط عليه الحال ويساعده الشيطان بإرسال الدمع متى شاء كما قال مالك بن دينار: قرأت في التوراة إذا استكمل العبد النفاق ملك عينيه ومن ثم قيل دمع الفاجر حاضر قال الصلاح الصفدي: رأيت من يبكي إحدى عينيه ثم يقول لها قفي فتقف دمعه ويقول للأخرى ابكي أنت فيجري دمعها
(فر) من حديث إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي أمير المؤمنين عن أبيه (عن) جده (علي) أمير المؤمنين وإسحاق هذا من رجال البخاري وفي الضعفاء للذهبي عن أبي داود أنه واه وعيسى قال الذهبي: متروك ومن ثم قال السخاوي: حديث ضعيف وقال ابن عدي: ضعيف جدا(6/277)
9238 - (المنتعل راكب) أي الذي في رجليه نعل في حكم الراكب وإن كان ماشيا
(ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) ابن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا ولعل المصنف لم يستحضره وكذا أبو الشيخ [ابن حبان] باللفظ المزبور(6/277)
9239 - (المنتعل بمنزلة الراكب) في رفع الأذى عن الرجل
(سمويه عن جابر) بن عبد الله(6/277)
9240 - (المنحة مردودة) سبق أنها ناقة أو شاة يعطيها الرجل لصاحبه يشرب لبنها (والناس على شروطهم ما وافق الحق)
(البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي: وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف جدا فرمز المؤلف لحسنه إما ذهول وإما لاعتضاده(6/277)
9241 - (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) لا يعارضه ما يجيء عقبه أنه من ولد العباس لحمله على أنه شعبة منه
<تنبيه> قال العارف البسطامي في الجفر: هذه الدرة اليتيمة والحكمة القديمة ستدخل في باب السبب إلى مكتب الأدب ليقرأ لوح الوجود ثم يخرج منه ويدخل إلى مكتب التسليم ليطالع لوح الشهود وقيل يولد في فارس وهو خماسي القد عقيقي الخد وقد آتاه الله في حال الطفولية الحكمة وفصل الخطاب وأما أمه فاسمها نرجس من أولاد الحواريين وقيل يولد بجزيرة العرب وقيل يخرج من المغرب فأول من يشم رائحته طائفة من أرباب القلوب المطلعين على أسرار الغيوب وأول من يبايعه أبدال الشام عند قبة الإسلام وأهل مكة بين الركن والمقام ثم عصائب العراق ولا يخرج حتى تخرب خوز وكرمان وروم ويونان ولا يظهر الهوارج والأشرار والخوارج ومن أمارات خروجه يكون المطر قيظا والولد غيظا ومن أكبر أمارات خروجه انتشار علم الحرف وقيل علم التصوف وقيل اختلاف الأقوال وقيل [ص:278] علم النحو وقيل كثرة الفتاوى وقيل كثرة المساجد وقيل ركوب الفروج على السروج وقيل كثرة السراري وقيل ارتفاع البنيان وقيل ولاية الصبيان قال: وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة وهو والسيف أخوان ولولا السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله لكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطيعونه ويخافونه ويقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه إلى هنا كلامه بنصه وحروفه
(د هـ ك) في الفتن (عن أم سلمة) وفيه علي بن نفيل قال في الميزان: عن العقيلي لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به وقال أبو حاتم: لا بأس به(6/277)
9242 - (المهدي من ولد العباس عمي) حاول بعضهم التوفيق بينه وبين ما قبله وبعده بأنه من ولد فاطمة لكنه يدلى إلى بعض بطون بني العباس
(غريبة) قال البسطامي في الجفر: قال علي كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف {بسم الله الرحمن الرحيم} يكون أوان ولادة المهدي قال:
إذا نفد الزمان على حروف. . . ببسم الله فالمهدي قاما
ودوران الخروج عقيب صوم. . . ألا بلغه من عندي سلاما
(قط في الأفراد) والديلمي في مسنده (عن عثمان) بن عفان قال ابن الجوزي: فيه محمد بن الوليد المقري قال ابن عدي: يضع الحديث ويصله ويسرق ويقلب الأسانيد والمتون وقال ابن أبي معشر هو كذاب وقال السمهودي: ما بعده وما قبله أصح منه وأما هذا ففيه محمد بن الوليد وضاع مع أنه لو صح حمل على المهدي ثالث العباسيين وعليه يحمل أيضا خبر الرافعي ألا أبشرك يا عم أن من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي إلى آخر الزمان به ينشر الهدى وبه يطفأ نيران الضلال إن الله فتح بنا هذا الأمر وبذريتك يختم(6/278)
9243 - (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) وقيل إنه يصير منصرفا في عالم الكون والفساد بأسرار الحروف قال البسطامي: ومن فهم سر العين اطلع على سر أسرار العلوم الحرفية والمعارف الإلهية ولهذا كان جد المهدي علي كرم الله وجهه من أعلم الصحابة بدقائق العلوم ولطائف الحكم وكان من أجل علومه علم أسرار الحروف ألا ترى أن العين قد وقعت في مفتاح اسمه
(حم هـ عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه وفيه ياسين العجلي قال في الميزان: عن البخاري: فيه نظر ثم ساق له هذا الخبر(6/278)
9244 - (المهدي مني أجلى الجبهة) بالجيم أي منحسر الشعر من مقدم رأسه (أقنى الأنف) أي طويله (يملأ الأرض قسطا وعدلا) القسط بكسر القاف والجور والعدل وليس المراد هنا إلا العدل فالجمع للإطناب والعطف تفسيري (كما ملئت جورا وظلما) فسروا الجور بأنه الظلم والظلم وضع الشيء في غير موضعه فهو من عطف الرديف كما بينه ما قبله (يملك سبع سنين) زاد في رواية أو ثمان أو تسع وفي رواية أخرى يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم يبعثه ما بين الثلاثين إلى الأربعين قال البسطامي: ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وما أقل مدته وأحقرها بين الستين يتممها تميم الذي هو من البؤس سليم عزيز على القلوب مليح الشروق والغروب شيخ فإن يعرفه أهل العرفان ظهر الحق خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وثمانية أيام فالإمام المهدي أبو الحق والدجال أبو الباطل والمهدي أبو الأخيار والدجال أبو الأشرار والمهدي سيف إدريس والدجال سيف إبليس والمهدي حبيب العشاق والدجال حبيب الفساق [ص:279] والمهدي سيف الكتاب والدجال سيف الخراب والمهدي لباسه أخضر والدجال لباسه أصفر والدجال قد حال عند أرباب الحال والمسيح قد شاخ عند أرباب القال والمهدي قد سل السيف فافهم بالوصف وحسن الصف
(د ك) في الفتن (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم: صحيح ورده الذهبي بأن فيه عمران القطان ضعيف ولم يخرج له مسلم(6/278)
9245 - (المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري) قال في المطامح: حكى أنه يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر اه. وأخبار المهدي كثيرة شهيرة أفردها غير واحد في التأليف قال السمهودي: ويتحصل مما ثبت في الأخبار عنه أنه من ولد فاطمة وفي أبي داود أنه من ولد الحسن والسر فيه ترك الحسن الخلافة لله شفقة على الأمة فجعل القائم بالخلافة بالحق عند شدة الحاجة وامتلاء الأرض ظلما من ولده وهذه سنة الله في عباده إنه يعطى لمن ترك شيئا من أجله أفضل مما ترك أو ذريته وقد بالغ الحسن في ترك الخلافة ونهى أخاه عنها وتذكر ذلك ليلة مقتله فترحم على أخيه وما روى من كونه من ولد الحسين فواه جدا اه
<تنبيه> أخبار المهدي لا يعارضها خير لا مهدي إلا عيسى بن مريم لأن المراد به كما قال القرطبي: لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى
(الروياتي) في مسنده (عن حذيفة) قال ابن الجوزي: قال ابن حمدان الرازي: حديث باطل اه وفيه محمد بن إبراهيم الصوري قال في الميزان عن ابن الجلاب: روى عن رواد خبرا باطلا أو منكرا في ذكر المهدي ثم ساق هذا الخبر وقال: هذا باطل(6/279)
9246 - (الموت كفارة لكل مسلم) لما يلقاه من الآلام والأوجاع وفي رواية لكل ذنب قال ابن الجوزي: وفي بعض طرق الحديث ما يفهم أن المراد بالموت الطاعون فإنهم كانوا في الصدر الأول يطلقون الموت ويريدونه به اه. وقال الغزالي: أراد المسلم حقا المؤمن صدقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ويتحقق فيه أخلاق المؤمنين ولم يدنس من المعاصي إلا باللمم والصغائر فالموت يطهره منها ويكفرها بعد اجتنابه الكبائر وإقامته الفرائض
(حب هب) وكذا الخطيب في تاريخه كلهم (عن أنس) بن مالك قال ابن العربي: حديث صحيح وقال الحافظ العراقي في أماليه: ورد من طرق يبلغ بها درجة السن وزعم الصغاني كابن الجوزي وابن طاهر وغيرهم وضعه قال ابن حجر: ممنوع مع وجود هذه الطرق وقد جمع شيخنا العراقي طرقه في جزء والذي يصح في ذلك خبر البخاري الطاعون كفارة لكل مسلم(6/279)
9247 - (الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم) أيها الأمة (شهداء الله في الأرض) قاله لما مر بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال: وجبت ثم ذكره وقد مر غير مرة
(ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته(6/279)
9248 - (الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) قال ابن حبان: أراد بثيابه أعماله من خير وشر من قبيل {وثيابك فطهر} لتصريح الأخبار ببعث الناس عراة اه وأخذ بظاهره الخطابي وقال: لا يعارضه بعث الناس عراة لأن البعض يحشر عاريا والبعض كاسيا أو يخرجون من قبورهم بثيابهم ثم تتناثر عنهم قال التوربشتي: وقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد سمع عدي بن حاتم {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} فعمد إلى عقالين أسود وأبيض فوضعهما تحت وسادته الحديث وقد رأى بعضهم الجمع بين الحديثين فقال: البعث غير الحشر فالبعث بثياب والحشر بدونها قال: ولم ينصع هذا القائل شيئا فإنه ظن أنه نصر السنة وقد ضيع أكثر مما حفظ فإنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد وقد روينا عن أفضل الصحب أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه وقال: إنما هما للمهل والتراب ثم إنهم ليس لهم [ص:280] أن يحملوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم يبعث في ثيابه على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى اه. وتعقبه القاضي فقال: العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الرازي إذ لا يبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يبعد إعادة عظامه النخرة فإن الدليل الدال على جواز إعادة المعدوم لا تخصيص له بشيء دون شيء غير أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام يحشر الناس حفاة عراة حمله جمهور أهل المعاني وبعثهم على أنهم أولوا الثياب بالأعمال التي يموت عليها من الصالحات والسيئات والعرب تطلق الثياب وتستعير بها للأعمال فإن الرجل يلابسها ويخالطها كما يلابس الملابس قال الراجز:
لكل دهر قد لبست أثوبا. . . حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا اه
قال الطيبي: وجواب القاضي عن قول التوربشتي صحيح لكن قوله كالهروي: ليس لهم حملها على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى: قوي متين ويعضده إخراج بموت على المضارع الدال على الاستمرار وأن فعل الطاعات والحسنات دأبه وعادته وأما العذر عن الصحابي فيقال إنه عرف مغزى الكلام لكنه سلك سبيل الإبهام وحمل الكلام على غير ما يترقب
(د حب ك) من حديث أبي سلمة (عن أبي سعيد) الخدري قال أبو سلمة: لما احتضر أبو سعيد دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وقال المنذري: فيه يحيى بن أيوب الغافقي المصري احتج به الشيخان وله مناكير(6/279)
9249 - (الميت من ذات الجنب شهيد) أي من شهداء الآخرة وهم كثيرون. قال في الفردوس: ذات الجنب الدبيلة وهي قرحة قبيحة تثقب البطن
(حم طب عن عقبة) بن عامر رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد أعله الحافظ الهيثمي بأن فيه عندهما معا ابن لهيعة(6/280)
9250 - (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) روي بإثبات الباء الجارة وحذفها وذا إذا أوصاهم بفعله كما مر فلا ندافع بينه وبين آية {ولا تزر وازرة وزر أخرى}
<فائدة> قال الحسن البصري: شر الناس للميت أهله يبالغون في البكاء عليه والإحداد مع كونه يضره ولا يهون عليهم قضاء دينه ليبردوا مضجعه ويخلصوه من الحبس فاعتقال اللسان بين عسكر الموتى
(حم ق ن هـ عن عمر) بن الخطاب(6/280)
9251 - (الميزان) وفي رواية الموازين (بيد الرحمن) وفي رواية بيد الحق (يرفع أقواما ويضع آخرين) يعني أن جميع ما كان وما يكون بتقدير خبير بصير يعرف ما يؤول إليه أحوال عبادة فيقدر ما هو أصلح لهم وأقرب إلى جمع شملهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطي ويقبض ويبسط كما توحيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولو أفقرهم جميعا لهلكوا
(البزار) في مسنده (عن نعيم بن همار) وفي نسخ حمار. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح اه. ورواه الحاكم عن النواس مرفوعا وزاد في آخره إلى يوم القيامة وقال: على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه أبو نعيم عن سبرة بن مالك(6/280)
(حرف النون)(6/280)
9252 - (ناركم هذه) أي التي توقدونها في جميع الدنيا وتنتفعون بها فيها (جزء) واحد (من سبعين جزءا) وفي رواية لأحمد من مئة جزء وجمع بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص أو الحكم للزائد (من نار جهنم لكل جزء منها [ص:281] حرها) أي حرارة كل جزء من السبعين جزءا من نار جهنم مثل حرارة ناركم. قال القاضي: معناه أن النار التي نجدها في الدنيا بالنسبة إلى نار جهنم في حرها ونكايتها وسرعة اشتعالها واحد في سبعين وكأنها فضلت على ما عندها بتسعة وستين جزءا من الشدة والحرارة ولذلك تتقد فيها نيران الدنيا كالناس والحجارة وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرجه أحد الشيخين والأمر بخلافه بل خرجه البخاري في الصحيح ولفظه: ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية؟ قال: فضلت عليهن بتسعة وتسعين جزءا كلهن مثل حرها انتهى بنصه. فأعاد عليه السلام حكاية تفضيل نار جهنم ليتميز عذاب الله عن عذاب الخلق وقال حجة الإسلام: نار الدنيا لا تناسب جهنم لكن لما كان أشد عذاب في الدنيا عذاب النار عرف عذاب جهنم بها وهيهات لو وجد أهل الجحيم مثل هذه النار لخاضوها هربا مما هم فيه وفي رواية لأحمد: جزء من مئة جزء والحكم للزائد
(ت) في صفة جهنم (عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان لتخريجه وهو عجب فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ: ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله؟ قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها اه(6/280)
9253 - (ناموا فإذا انتبهتم فأحسنوا) يحتمل أن المراد به القيام إلى التهجد
(هب عن ابن مسعود) ورواه عنه البزار أيضا قال البيهقي: وفيه يحيى بن المنذر ضعفه الدارقطني وغيره(6/281)
9254 - (نبات الشعر في الأنف) وعدم نباته لفساد المنبت يؤذن باستعداد البدن لعروض الجذام. وهذا من دقائق الحكمة التي كان يعلمها المصطفى صلى الله عليه وسلم. قال الحرالي: كان يتكلم في علوم الأولين بكلمات يعجز عنها إدراك الخلق لأن الخلق لا يستطيعون حصر المحسوسات غاية إدراكهم حصر كليات المعقولات ومن استجلى أحواله علم إطلاع حسه على إحاطة المحسوسات وأحكامها. قال ابن الكمال: وفيه دلالة على أن الأمر يكون من العلل أيضا فاندفع تمسك الشافعي ومالك بقوله تعالى: {فإذا أمنتم} الآية في الاحتجاج على أن الإحصار لا يكون إلا عن (1) والجذام معروف. قال الجوهري: الجذام كالصدام بالكسر وقال الأزهري: بالضم وفي مجمع الأمثال للميداني: هذا هو القياس لأن هذه الأدواء على هذه الصيغة وردت كالزكام والجذام والصداع
(ع) عن شيبان عن فروخ عن أبي الربيع السمان واسمه أشعث بن سعيد عن هشام عن عروة عن عائشة (طس) عن أحمد الأبار عن عبيد بن محمد التيمي عن أبي الربيع (عن عائشة) قال ابن الجوزي: موضوع وأبو الربيع متروك. وسئل ابن معين عن هذا الحديث فقال: باطل وكذا قال البغوي وابن حبان. قال المؤلف: والأشبه أنه ضعيف لا موضوع وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني وفيه الربيع والسمان وهو ضعيف وفي الميزان: قال البغوي: هذا باطل. اه
_________
(1) بياض بالأصل ولعل تقدير الكلام: إلا عن قهر: وباقي لفظ الحديث (أمان من الجذام) والله أعلم. اه(6/281)
9255 - (نبدأ بما بدأ الله به) فنبدأ بالصفا قبل المروة. وهذا وإن ورد على سبب لكن العبرة بعموم اللفظ فيقدم على مقدم كالوجه في الوضوء
(حم 3) عن جابر بن عبد الله رمز لصحته(6/281)
9256 - (نجاء أول هذه الأمة) وهم الصحب والتابعون بإحسان (ومن داناهم) من السلف (باليقين والزهد) الذي هو من صفات [ص:282] العلم القطعي الذي فوق المعرفة فعلى قدر قربهم من التقوى أدركوا من اليقين والمصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أرفع العالمين قدرا (ويهلك) أي يكاد يهلك (آخرها بالبخل والأمل) أي بالاسترسال فيهما. والمراد أن الصدر الأول قد تحلوا باليقين والزهد وتخلوا من البخل والأمل وذلك من أسباب النجاة من العقاب وفي آخر الزمان ينعكس الحال وذا من الأسباب المؤدية للهلاك ومع ذلك تكون طائفة مقامة على أمر الله ظاهرين على الحق إلى قرب قيام الساعة. فلا تعارض بين هذا الخبر وخبر: أمتي مثل المطر: لا يدرى أوله خير أم آخره؟ لأن المراد بعض الأمة. وفيه ذم البخل والآمل لكن إنما يذم من الأمل: الاسترسال كما تقرر أما أصله فلا بد منه لقيام هذا العالم. قال الحسن: السهو والأمل نعمتان عظيمتان ولولاهما ما مشى الناس في الطريق. وقال الثوري: خلق الإنسان أحمق ولولا ذلك لما تهنأ بالعيش وإنما عمرت الدنيا بقلة عقول أهلها ومر عيسى بشيخ يثير الأرض بمسحاته فقال: اللهم انزع أمله فوضع مسحاته واضطجع فدعا عيسى برد أمله فعمل فسأله فقال: بينا أعمل قالت نفسي أنت شيخ كبير فإلى متى تعمل؟ فتركت ثم قالت لا بد من عيش ما بقيت فعملت
(ابن أبي الدنيا) وكذا ابن لال (عن ابن عمرو) بن العاص قال العلائي: هو من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وابن لهيعة لا يحتج به(6/281)
9257 - (نح الأذى) من نحو شوك وحجر (عن طريق المسلمين) فإنه لك صدقة والأمر للندب ويظهر أن المراد الطريق المسلوك لا المهجور
(ع حب عن أبي برزة الأسلمي)(6/282)
9258 - (نزل الحجر الأسود من الجنة) زاد الآزرقي: مع آدم: أي حقيقة واتساعا: بمعنى أنه بما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وذلك لأن الجنة وما فيها خلق غير قابل للزوال مباين لما خلق في دار الدنيا وقد كسر الحجر وذلك من أقوى أسباب الزوال فاضطر الحال إلى تأويله بأنه لما فيه من السر والكرامة يشارك جواهر دار البقاء (وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم) وإنما لم يبيضه توحيد أهل الإيمان لأنه طمس نوره لتستر زينته عن الظلمة فالسواد كالحجاب المانع من الرؤية أو لأن اسوداده للاعتبار ليعرف أن الخطايا إذا أثرت في الحجر ففي القلوب أولى وقال بعضهم: إنما سودته الخطايا دون غيره من أجزاء البيت لأنه ألقم ما كتب فيه من العهد يوم {ألست بربكم} وهو الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيده فكل مولود يولد على الفطرة وقلبه أبيض بسبب ذلك العهد ثم يسود بالذنوب فكذا الحجر الذي ألقم فيه العهد وقال القاضي: لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم أمر الخطايا والذنوب والمعنى أن الحجر لما له من الشرف والكرامة ولما فيه من الأمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض مسودا فكيف بقلوبهم؟ لأنه من حيث إنه مكفر للخطايا محاء الذنوب كأنه من الجنة من كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذا بياض شديد فسودته خطاياهم هذا واحتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا وسمعا
(ت) وكذا النسائي (في الحج عن ابن عباس) قال في الفتح: وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق لكنه اختلط لكن له طريق آخر في صحيح ابن خزيمة فتقوى بها اه. وقال في المنار: هو من رواية جرير عن عطاء ولا ينبغي أن يصحح ما يرويه عطاء(6/282)
[ص:283] 9259 - (نصبر ولا نعاقب) قال ذلك يوم أحد لما مثل بحمزة فأنزل الله يوم الفتح {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية
(عم عن أبي) بن كعب(6/283)
9260 - (نصرت) يوم الأحزاب وكانوا اثني عشر ألفا حين حاصروا المدينة (بالصبا) بفتح الصاد مقصورا: الريح التي تجيء من ظهرك إذا استقبلت القبلة وتسمى القبول بفتح القاف لأنها تقابل باب الكعبة وفي التفسير: إنها التي حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل السير إليه فإليها يستريح كل محزون فأرسلت عليهم الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب عليهم وأخمدت نارهم وقلعت خيامهم فانهزموا (وأهلكت) بضم الهمزة وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال تجيء من قبل الوجه إذا استقبلت القبلة فأتت تقلع الشجر وتهدم البيوت وترفع الظعينة بين السماء والأرض حتى ترى كأنها جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم. ومن لطيف المناسبة أن القبول نصرت أهل القبول والدبور أهلكت أهل الإدبار وفيه تفضيل بعض المخلوقات على بعض وإخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحديث بالنعمة والشكر لا الفخر والإخبار عن الأمم الماضية وأهلها
(حم ق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير(6/283)
9261 - (نصرت يوم الأحزاب بالصبا) في غزوة الخندق (وكانت عذابا على من كان قبلي) فقد هلك بها عاد وغيرهم. وهذه الريح قد سخرت لسليمان عليه السلام أيضا {غدوها شهر ورواحها شهر} لكن معجزة نبينا أظهر لأن تلك سخرت لذات مولانا سليمان عليه السلام وهذه سخرت لصفة من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هيئته فتلك إنما كانت تسير بأمر سليمان عليه السلام وهذه تسير من غير توسط أمر من نبينا عليه الصلاة والسلام فهو من تشبيه الأعلى بالعلي كما في: كما صليت على إبراهيم
(الشافعي) في مسنده (عن محمد بن عمر) بن علي بن أبي طالب (مرسلا) هو في التابعين متعدد فكان ينبغي تمييزه. وأخرج الترمذي في العلل عن ابن عباس قال: أتت الصبا الشمال فقالت: مر بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فقالت الشمال: إن الحرة لا تسري بالليل فكانت الريح التي نصر بها الصبا(6/283)
9262 - (نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين) هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق ثلث منايا أمتي من العين وقد يجاب بأنه أراد بكل منهما التقريب لا التحديد والنصف يقرب من الثلث والمراد نحوهما وما بينهما أو أنه أطلق النصف والثلث غير مريد بهما حقيقتهما بل إعلاما بأن تأثير العائن في الناس بحيث يفضي إلى التلف بالكلية أمر كثير جدا أو أنه أعلم أولا بالقليل ثم أوحي إليه بالكثير
(طب عن أسماء بنت عميس) قال الهيثمي: وفيه علي بن عروة الدمشقي وهو كذاب وقال الذهبي: قال ابن حبان: يضع الحديث(6/283)
9263 - (نضر الله) بضاد معجمة مشددة وتخفف قال في البحر: وهو أفصح وقال الصدر المناوي: أكثر الشيوخ يشددون وأكثر أهل الأدب يخففون من النضارة: الحسن والرونق (امرءا) أي رجلا ومؤنثه: امرأة وفيه لغات: مرءا: بفتح الميم وكسرها وضمها وامرءا: بزيادة همزة الوصل مع ضمها ومع فتحها ومع كسرها في سائر الأحوال ومع تغيره باعتبار إعرابها فتضم الراء مع الرفع وتفتح مع النصب وتكسر مع الجر والمعنى: خصه الله بالبهجة [ص:284] والسرور أو حسن وجهه عند الناس وحاله بينهم وأصله: {نضرة النعيم} (سمع منا شيئا) من الأحاديث بما رزق من العلم والمعرفة والمراد بقوله شيئا: عموم الأقوال والأفعال الصادرة من المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بدليل صيغة منا بلفظ الجمع ولهذا أوقع امرءا موقع عبدا وهو أعم من العبد لما في العبد من معنى الإستكانة والمضي لأمر الله ورسوله بلا امتناع وعدم الإستنكاف مع أداء ما سمع إلى من هو أعلم منه فإن حقيقة العبودية مشعرة بذلك (فبلغه) أي أداه إلى من يبلغه (كما سمعه) أي من غير زيادة ولا نقص فمن زاد أو نقص فهو مغير لا مبلغ فيكون الدعاء مصروفا عنه قال الطيبي: كما سمعه: إما حال من فاعل بلغه وإما مفعول مطلق وإما موصولة أو مصدرية قال التوربشتي: ورب: موضوعة للتقليل فاستعيرت في الحديث للتكثير (فرب مبلغ) بفتح اللام (أوعى) أي أعظم تذكرا. قال المظهر: وعى يعي وعيا: إذا حفظ كلاما بقلبه ودام على حفظه ولم ينسه. وقال الطيبي: الوعي: إدامة الحفظ وعدم النسيان (من سامع) لما رزق من جودة الفهم وكمال العلم والمعرفة. وخص مبلغ سنته بالدعاء لكونه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجوزي بما يليق بحاله وقد رأى بعض العلماء المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النوم فقال له: أنت قلت نضر الله امرءا إلخ؟ قال: نعم ووجهه يتهلل أنا قلته وكرره ثلاثا قالوا: ولذلك لا يزال في وجوه المحدثين نضارة ببركة دعائه وفيه وجوب تبليغ العلم وهو الميثاق المأخوذ على العلماء وأنه يكون في آخر الزمان من له الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه لكنه قليل بدلالة رب ذكره بعضهم ومنعه ابن جماعة بمنع دلالته على المدعي فإن حامل السنة يجوز أن يؤخذ عنه وإن كان جاهلا بمعناها فهو مأجور على نقلها وإن لم يفهمها وأن اختصار الحديث لغير المبحر ممنوع وأن النقل بالمعنى مدفوع إلا على المتأهل ففيه خلف وجه المنع أنه سد لطريق الاستنباط على من بعده
(حم ت عن ابن مسعود) قال الترمذي: صحيح قال ابن القطان: فيه سماك بن حرب يقبل التلقين وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث مشهور خرج في السنن أو بعضها من حديث ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وصححه ابن حبان والحاكم وذكر أبو القاسم بن منده في تذكرته أنه رواه عن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربعة وعشرون صحابيا ثم سود أسماءهم وقال عبد الغني في الأدب: تذاكرت أنا والدارقطني طرق هذا الحديث فقال: هذا أصح شيء روي فيه(6/283)
9264 - (نضر الله امرأ) بفتح النون وضاد معجمة قال التوربشتي: الحسن والرونق يتعدى ولا يتعدى قال الحافظ العراقي: روي مشددا ومخففا ومعناه ألبسه النضرة وخلوص اللون: يعني جمله الله وزينه أو معناه: أوصله الله إلى نضرة الجنة وهي نعيمها قال تعالى {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} {وجوه يومئذ ناضرة} {ولقاهم نضرة وسرورا} وقال جرير:
طرب الحمام بذكركن فشاقني. . . لا زلت في فنن الرياض الناضر
أي مورف غض
وقيل: معناه حسن الله وجهه في الناس أي جاهه وقدره ثم إن قوله نضر يحتمل الخبر والدعاء وعلى كل فيحتمل كونه في الدنيا وكونه في الآخرة وكونه فيهما (سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) قال الخطابي: فيه دلالة على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بمتناه في الفقه لأن فعله يقطع طريق الاستنباط على من بعده ممن هو أفقه منه (ورب حامل فقه ليس بفقيه) بين به أن راوي الحديث ليس الفقه [ص:285] من شرطه إنما شرطه الحفظ أما الفهم والتدبر فعلى الفقيه وهذا أقوى دليل على رد قبول من شرط لقبول الرواية كون الراوي فقيها عالما وقسم التحمل إلى شيئين: لأن حامل الحديث لا يخلو إما أن يكون فقيها أو غير فقيه والفقيه إما أن يكون غيره أفقه أو لا فانقسم بذلك إليهما. وفيه كالذي قبله على أن أساس كل خير حسن الاستماع {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} وقد حقق العارفون أن كلام الله رسالة من الله لعبيده ومخاطبة لهم وهو البحر المشتمل على جواهر العلم المتضمن لظاهره وباطنه. ولهذا قاموا بأدب سماعه ورعوه حق رعايته وقد تجلى لخلقه في كلامه {لو كانوا يعقلون} وكذا كلام رسوله مما يتعين حسن الاستماع لأنه لا ينطق عن الهوى
(ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن زيد بن ثابت) قال الترمذي: صحيح. وقال ابن حجر في تخريج المختصر: حديث زيد بن ثابت هذا صحيح خرجه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم والخطيب وأبو نعيم والطيالسي والترمذي وفي الباب عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وأنس وغيرهم. وقال في موضع آخر: الحديث صحيح المتن وإن كان بعض أسانيده معلول(6/284)
9265 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له) أي إن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة جاء الولد يشبهه وعكسه جاء الولد يشبه المرأة (وإن اجتمعا جميعا كان الولد منها ومنه) أي بين الشبهين. والنطفة: القليل من الماء سمى به ماء الآدمي لقلته
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن ابن عباس)(6/285)
9266 - (نظر الرجل) يعني الإنسان ولو أنثى: وخص الرجل لكون الخطاب مع الرجل غالبا (إلى أخيه) أي في الدين (على شوق) منه إليه (خير) أي أكثر أجرا (من اعتكاف سنة في مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة. قال الحكيم: فالاعتكاف في مسجده صلى الله عليه وسلم مضاعف لتضعيف الصلاة وكما أن الصلاة بمسجده تعدل ألفا: فكذا اعتكاف يوم فيه بألف في غيره فجعل هذا النظر على شوق منه خير من الاعتكاف ثم وذلك لأن المعتكف غايته أنه حبس نفسه على الانبساط مقبلا على ربه في مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام مهبط الوحي والنظر على شوق أكثر من هذا فإنه لما انتبه بقلبه واشتعل نور اليقين فيه عرف ربه وانكشف له الغطاء عن جلاله وجماله واشتاق إليه فلم يزل يدوم له الشوق حتى قلق بالحياة وضاق بها ذرعا فإذا نظر إلى الكعبة استروح إليها لكونها بنيته وإلى القرآن استراح إليه لكونه كلامه وإلى أخيه استراح المشاهدة نور الجلال والجمال الذي أشرق في صدره
(الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه ابن لال والديلمي باللفظ المزبور عن ابن عمر(6/285)
9267 - (نعم) كلمة مدح (الإدام) بكسر الهمزة ما يؤتدم به (الخل) لأنه سهل الحصول قامع للصفراء نافع لأكثر الأبدان. واللام فيه للجنس فالخبر حجة في أن ما خلل من الخمر حلال طاهر: أي بشرطه المعروف في الفروع وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحبه ويشربه ممزوجا بالعسل وذلك من أنفع المطعومات. قال ابن العربي: ولذلك جمعهما الأطباء وجعلوهما أصل المشروبات ولم يكن في صناعة الطب شراب سواه ثم حدث عند المتأخرين تركيب آخر ولم يكن عند من تقدم قال: ولم يكن عند الأطباء إلا السكنجبين فلما كان زمان الخلفاء دبروا الأشربة وحركوها عنه والأول [ص:286] أقوى وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعده كان الخل ليقطع شهوة الرجال. وأخرج ابن عساكر عن أنس مرفوعا: من تأدم بالخل وكل الله له ملكين يستغفران الله له إلى أن يفرغ قال في اللسان: ورواته ثقات غير الحسن بن علي الدمشقي واستفيد من الاقتصار عليه في الأدم: مدح الاقتصاد ومنع الاسترسال مع النفس في حلاوة الأطعمة. قال ابن القيم: هذا ثناء عليه بحسب الوقت لا لتفضيله على غيره لأن سببه أن أهله قدموا له خبزا فقال: ما من أدم؟ قالوا: ما عندنا إلا خلا فقال ذلك جبرا لقلب من قدمه وتطييبا لنفسه لا تفضيلا له على غيره إذ لو حصل نحو لحم أو عسل أو لبن كان أحق بالمدح
(حم م 4) في الطعام (عن جابر) بن عبد الله. وسببه أن جابر دخل عليه نفر من الصحابة فقدم إليهم خبزا وخلا فقال: كلوا فإني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول: فذكره (م ن عن عائشة) وفي رواية أحمد عن جابر زيادة وسياقها نعم الإدام الخل: إنه هلاك بالرجل أن يدخل إليه النفر من إخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليهم وهلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم اه(6/285)
9268 - (نعم البئر بئر غرس) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وسين مهملة وقيل هي بضم الغين. بئر بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل شرقي المسجد إلى جهة الشمال بين النخيل وتعرف ناحيتها بها وكانت خربت فجددت بعد السبع مئة وماؤها غزير (هي من عيون الجنة وماؤها أطيب المياه) وذرعها فيما ذكره ابن النجار في تاريخ المدينة طولا: سبعة أذرع منها ذراعان ماؤها وعرضها عشرة أذرع ولو لم يكن من فضلها إلا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غسل منها بوصية منه لكفى. قال الحافظ العراقي: والآبار التي كان يتطهر منها سبعة: بئر أريس وبئر حاء وبئر رومة وبئر غرس وبئر بضاعة وبئر البصة وبئر السقيا أو العهن وبئر جمل
(ابن سعد) في طبقاته (عن عمر بن الحكم مرسلا)(6/286)
9269 - (نعم) بكسر النون وسكون العين المهملة (الجهاد: الحج) قاله حين سأله نساؤه عن الجهاد وقال ابن بطال: وفيه أن النساء لا يلزمهن الجهاد لأنهن لسن من أهل القتال للعدو والمطلوب الستر ومجانبة الرجال فلهذا كان الحج أفضل لهن. نعم لهن التطوع بالجهاد وللإمام الاستعانة بالأنثى لنحو سقي الماء ومداواة الجرحى
(خ عن عائشة) قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم نساؤه عن الجهاد في سبيل الله: أي هل يفعلنه؟ فذكره(6/286)
9270 - (نعم السحور: التمر) أي فإن في التسحر به ثوابا كبيرا قال الطيبي: إنما مدحه في هذا الوقت لأن في نفس السحور بركة فيكون المبدوء به والمنتهى إليه بركة
(حل عن جابر) بن عبد الله ثم قال: غريب من حديث عمرو بن دينار تفرد به زمعة بن صالح اه ورواه عنه أيضا الخطيب في تاريخه وابن عدي في الكامل والطبراني باللفظ المزبور عن جابر قال الهيثمي: وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعيف ورواه البزار باللفظ المزبور عن جابر قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/286)
9271 - (نعم الشيء الهدية أمام الحاجة) وفي رواية للحاكم والديلمي عن عائشة: نعم العون الهدية في طلب الحاجة وفي رواية للديلمي: نعم المفتاح الهدية أمام الحاجة
(تتمة) قال الخطيب: حضر إلى الدارقطني بعض الغرباء وسأله [ص:287] القراءة فامتنع وتعلل فسأله أن يملي عليه أحاديث فأملى عليه من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على عشرة متون كلها نعم الشيء الهدية أمام الحاجة فانصرف ثم جاء وقد أهدى إليه شيئا فقربه وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثا متون كلها: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه قال ابن الجوزي: واعجبا من الدارقطني وكيف روى حديثين ليس فيهما ما يصح ولم يبين؟ ثم اندفع في توجيه بطلانهما فتعقبه المؤلف بقوله: واعجبا من ابن الجوزي كيف يحكم على رد الأحاديث الثابتة بلا تثبت؟ فإن الحديث: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه: ورد من رواية أكثر من عشرة من الصحابة فهو متواتر على رأي من يكتفي في التواتر بعشرة
(طب عن الحسين) بن علي. قال الهيثمي: فيه هاشم بن سعد وثقه ابن حبان وضعفه جمع وحكم ابن الجوزي بوضعه وقد عرفت أن الحاكم رواه من حديث عائشة وسنده أجود من هذا فلو عزاه إليه كان أولى(6/286)
9272 - (نعم العبد الحجام) لفظ رواية الحاكم: نعم الدواء الحجامة (يذهب بالدم ويخف الصلب ويجلو عن البصر) القذى والرمص ونحو ذلك
(ت هـ ك) في الطب (عن ابن عباس) قال الحاكم: صحيح قال الذهبي: قلت لا كذا في التلخيص ولم يبين لم ذلك؟ وبينه في الميزان فأورده في ترجمة عباد بن منصور الساجي ونقل تضعيفه عن النسائي وغيره قال الساجي ضعيف مدلس روى مناكير اه وكما أن عباد هذا في سند الحاكم هو في ابن ماجه(6/287)
9273 - (نعم العطية) أي خير عطية (كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمه إياها) لأن فيها صلاح الدارين وفيه حث على تعلم العلم والحكمة وبذلها لمن طلبها وعرضها على من لم يطلبها رجاء انتفاعه مع إخلاص النية شكرا لنعمتها لتكون نعمة وإلا انقلبت حجة ونقمة قال تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}
(طب عن ابن عباس) وفيه عمرو بن الحصين العقيلي قال الذهبي في الضعفاء: تركوه. وقال الزين العراقي: سند الحديث ضعيف(6/287)
9274 - (نعم العون على الدين) بكسر الدال (قوت سنة) أي ادخار قوت سنة. وذلك لا ينافي الزهد لأن الساعي في طلب العلم والكمال وليس معه كفايته " كساع إلى الهيجا بغير سلاح. . . كباز يروم الصيد بلا جناح " ومن عدم المال صار مستغرق الأوقات في ضرورات المعيشة أما ما زاد على السنة فمذموم لأن من أمل بقاء أكثر منها فهو طويل الأمل جدا
(فر عن معاوية بن حيدة) وفيه محمد بن داود بن دينار. قال الذهبي في الضعفاء: روى عنه ابن عدي وقال: كان يكذب وبهز بن حكيم وقد ضعفه(6/287)
9275 - (نعم الميتة) بكسر الميم (أن يموت الرجل دون حقه) فإنه يموت شهيدا لما مر
(حم) من حديث أبي بكر بن حفص (عن سعد) بن أبي وقاص وفيه قصة قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا بكر بن حفص لم يسمع من سعد(6/287)
9276 - (نعم تحفة المؤمن التمر) فإنه بركة كما في حديث آخر. فينبغي للمسافر إذا قدم أن يهدي منه لإخوانه وجيرانه وفي حديث: نعم سحور المؤمن من التمر
(خط) من حديث محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان سبط الحسين (عن) أمه (فاطمة) بنت الحسن هكذا رواه الخطيب فما أوهمه إطلاق عزو المصنف لفاطمة أنها الكبرى بنت [ص:288] المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير صواب ثم إن محمد هذا قد وثقه النسائي مرة ومرة قال: ليس بالقوي وكذا في الكاشف(6/287)
9277 - (نعم سلاح المؤمن: الصبر والدعاء) أي الطلب من الله تعالى والصبر: القوة على مقاومة الآلام والأهوال وغيرها فهو شامل للصبر على كل شدة ومصيبة فليتخذ عدة فهو من أشرف العدد وليقرع به باب المهمات فإنه مفتاح الفرج ومن لج ولج ومن جد وجد ولكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل الصبر. قال بعضهم: وجميع المراتب العلية والمراقي السنية الدينية والدنيوية إنما تنال بالصبر
(فر عن ابن عباس) وفيه من لم أعرفه(6/288)
9278 - (نعمت) وفي رواية: نعم (الأضحية: الجذع من الضأن) وهو ما أكمل سنة ودخل في الثانية فالأضحية به مجزئة محبوبة بخلاف الجذع من المعز فلا تجزئ التضحية به عند الأئمة الربعة. وحكى عياض الإجماع عليه وشذ ابن حزم
(ت عن أبي هريرة) من حديث أبي كياش قال أبو كياش: جلبت غنما جذعانا إلى المدينة فكسدت علي فلقيت أبا هريرة فسألته: فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فذكره فانتهبه الناس كذا رواه الترمذي ثم استغربه ونقل عن البخاري أن الراجح وقفه قال الحافظ العراقي: وحكى القرطبي عن الترمذي أنه حسن وليس كذلك قال ابن حجر في الفتح: وفي سنده ضعف وفي الباب جابر وعقبة وغيرهما(6/288)
9279 - (نعلان) ألبسهما و (أجاهد فيهما خير من أن أعتق ولد الزنا) أي العامل بعمل أبويه المصر على ذلك العاهر العاجز المتظاهر المتمرد على الله المبارز لمولاه أما غيره فحديث آخر
(حم هـ ك عن ميمونة بنت سعد) أو سعيد الصحابية وفيه زيد بن جبير قال الذهبي: أبو زيد الضبي عن ميمونة بنت سعد لا يعرف وخبره لا يصح(6/288)
9280 - (نعمتان) تثنية نعمة وهي الحالة الحسنة أو النفع المفعول على وجه الإحسان للغير. وزاد في رواية " من نعم الله " (مغبون فيهما) بالسكون والتحريك قال الجوهري: في البيع بالسكون وفي الراوي بالتحريك فيصح كل في الخبر. إذ من لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبن ولم يحمد رأيه (كثير من الناس: الصحة والفراغ) من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الآخروية فلا ينافي الحديث المار: إن الله يحب العبد المحترف لأنه في حرفة لا تمنع القيام بالطاعات. شبه المكلف بالتاجر والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن عامل الله بامتثال أوامره ربح ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله. والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس. ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل. وقال حكيم: الدنيا بحذافيرها في الأمن والسلامة. وفي منشور الحكم: من الفراغ تكون الصبوة ومن أمضى يومه في حق قضاه أو فرض أداه أو مجد أثله أو حمد حصله أو خير أسسه أو علم اقتبسه فقد عتق يومه وظلم نفسه. قال:
لقد هاج الفراغ عليك شغلا. . . وأسباب البلاء من الفراغ
(تخ) في الرقائق (ن هـ) في الزهد (عن ابن عباس) ورواه عنه النسائي أيضا واستدركه الحاكم فوهم(6/288)
9281 - (نفس المؤمن) أي روحه (معلقة) بعد موته (بدينه) أي محبوسة عن مقامها الكريم الذي أعد لها أو عن [ص:289] دخولها الجنة في زمرة الصالحين. وينصره ما في خبر آخر: تشكو إلى ربها الوحدة (حتى يقضى عنه) بالبناء للمفعول أو الفاعل وحينئذ فيحتمل أن يراد: يقضي المديون يوم الحساب دينه. ذكره الطيبي أو المراد أن سره معلق بدينه: أي مشغول لا يتفرغ بما أمر به حتى يقضيه أو المراد بالدين: دينا أدانه في فضول أو لمحرم وإنما يؤدي الله عمن ادان لجائز ونوى وفاءه. وفيه حث الإنسان على وفاء دينه قبل موته ليسلم من هذا الوعيد الشديد
(حم ت) في الجنائز (هـ) في الأحكام (ك) في البيع (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح وصححه ابن حبان أيضا ورواه عنه الشافعي وغيره(6/288)
9282 - (نفقة الرجل على أهله) من نحو زوجة وولد وخادم: يريد بها وجه الله (صدقة) في الثواب وفي رواية: نفقته على نفسه وأهله صدقة وذلك لأنه يكف به عن السؤال ويكف من ينفق عليه وهذا إن قصد الامتثال والقربة كما دل عليه قوله في رواية: وهو يحتسبها فدل على أن شرط الثواب: الاحتساب. وأخذ منه تقييد إطلاق الثواب في جماع الحليلة بما إذا قصد نحو ولد أو إعفاف قال في الإتحاف: وأهله هنا: زوجته وخدمه ونحو ذلك ممن هو في مؤونته عادة أو شرعا
(خ) في كتاب المغازي (ت عن ابن مسعود) عقبة بن عمرو البدري. وقضية كلام المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه مع أنه في الفردوس عزاه لهما جميعا باللفظ المزبور(6/289)
9283 - (نفي بعدهم ونستعين الله عليهم) قاله لحذيفة لما خرج هو وأبوه ليشهدا بدرا فأخذهما كفار قريش فأخذوا منهما عهدا أن لا يقاتلا معه فأتياه فأخبراه فقال انصرفا ثم ذكره
(م عن حذيفة) بن اليمان(6/289)
9284 - (نهران من الجنة: النيل والفرات) لا تعارض بينه وبين عدها أربعة في الحديث المار لاحتمال أنه أعلم أولا بالاثنين
(الشيرازي عن أبي هريرة) رمز لحسنه(6/289)
9285 - (نهيتكم) آنفا (عن زيارة القبور) وأما الآن (فزوروها فإنها تذكركم الموت) فيه ندب زيارة القبور بعد نهيهم عنها. ففيه الجمع بين الناسخ والمنسوخ. والمخاطب به الرجال
(ك عن أنس)(6/289)
9286 - (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن لكم فيها عبرة) الخطاب فيه وفيما قبله للرجال فيكره للنساء زيارتها وهي كراهة تحريم إن اشتملت زيارتهن على التعديد والبكاء والنوح على عادتهن. وإلا فكراهة تنزيه. ويستثنى قبور الأنبياء فيسن لهن زيارتها وألحق بهم الأولياء
(طب عن أم سلمة) رمز لحسنه قال الهيثمي: فيه يحيى بن المتوكل وهو ضعيف ورواه أحمد بلفظ: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح اه. فلو عزاه المصنف له كان أولى(6/289)
9287 - (نهيت عن التعري) أي عن كشف العورة بلا حاجة. وفي معجم الطبراني عن ابن عباس بإسناد ضعيف أن ذلك أول ما أوحي إليه فما رؤيت عورته بعد اه
(الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه عمرو بن ثابت وهو ابن أبي المقدام أورده الذهبي في الضعفاء وقال: تركوه وقال أبو داود: رافضي وسلمان بن حرب وسيجيء ضعفه(6/289)
[ص:290] 9288 - (نهيت أن أمشي عريانا) أي نهاني الله تعالى عن المشي حال كوني عريانا من لباس يواري عورتي وهذا قبل أن ينزل عليه الوحي كما يصرح به السبب الآتي وصرح به الديلمي عن ابن عباس فنهى قبل النبوة عن المشي عريانا ثم نهى بعدها عن التعري مطلقا
(طب عن العباس) بن عبد المطلب قال: كنا ننقل الحجارة إلى البيت حين كانت قريش تبنيه فانفردت قريش رجلان رجلان ينقلان الحجارة فكنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ننقل الحجارة على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة فإذا غشينا للناس اتزرنا فبينما أنا أمشي وهو أمامي ليس عليه إزار فخر فألقيت حجري وجئت أسعى فإذا هو ينظر إلى السماء فوقه قلت ما شأنك؟ فقام فأخذ إزاره وقال نهيت إلخ فكنت أكتمها مخافة أن يقولوا مجنون حتى أظهر الله نبوته قال الهيثمي: فيه قيس بن الربيع ضعفه جمع ووثقه شعبة وغيره اه. وفيه أيضا سماك بن حرب أورده في الضعفاء وقال: ثقة كان شعبة يضعفه وقال ابن حجر: وقيل أبي حراش في حديثه لين وهذا الحديث رواه بنحوه الطبراني أيضا والحاكم من حديث أبي الطفيل وفيه: بينما هو يحمل الحجارة من أجياد لبناء الكعبة وعليه نمرة فضاقت عليه فذهب يضعها على عاتقه فبدت عورته من صغرها فنودي: يا محمد خمر عورتك فلم ير عورته عريانا بعد ذلك فكان بين ذلك وبين البعث خمس سنين(6/290)
9289 - (نهيت عن المصلين) قاله مرتين وفي رواية البزار: عن ضرب المصلين وفي رواية: عن قتل المصلين
(طب) وكذا الدارقطني (عن أنس) بن مالك. قال الهيثمي: فيه عامر بن سنان وهو منكر الحديث اه لكن له شواهد اه(6/290)
9290 - (نهينا عن الكلام في الصلاة) إلا بالقرآن والذكر والدعاء فمن تكلم بغير ذلك بطلت صلاته وعورض ذلك بما جاز في الأخبار الصحيحة من ندب الإتيان بالأذكار المعروفة المشهورة في الركوع والسجود بأنها قرآنا وقد نهى عن القرآن فيهما وأجيب بأن خصوصية لا أنه أمر أمته بذلك أو دعاء
(طب عن ابن مسعود)(6/290)
9291 - (نوروا منازلكم بالصلاة وقراءة القرآن) زاد الديلمي في رواية: فإنها صوامع المؤمنين وذلك لأن القلب كالمرآة وآثار الصلاة والقرآن تزيده إشرافا ونورا وضياء حتى تتلألأ فيه جلية الحق وينكشف منه حقيقة الأمر المطلوب في الدين وبذلك تحصل الطمأنينة واليقين {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}
(هب) من حديث كثير (عن أنس) بن مالك وكثير هذا: قال ابن حبان: هو ابن عبد الله يروي عن أنس ويضع عليه وقال أبو حاتم: لا يروى عن أنس حديثا له أصل وقال أبو زرعة: واهي الحديث(6/290)
9292 - (نوروا بالفجر) أي صلوا صلاة الصبح إذا استنار الأفق كثيرا (فإنه) أي التنوير به (أعظم للأجر) ظاهره أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني: نؤر يا بلال بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم اه بنصه
(سمويه عن رافع بن خديج) رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن ففيه إدريس بن جعفر العطار قال الذهبي في الضعفاء: قال الدارقطني: متروك ويزيد بن عياض قال النسائي وغيره: متروك(6/290)
9293 - (نوم الصائم عبادة وصمته) وفي رواية: ونفسه (تسبيح) أي بمنزلة التسبيح (وعمله مضاعف) والحسنة بعشرة إلى [ص:291] ما فوقها (ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور) أي ذنوبه الصغائر ما اجتنبت الكبائر كما تقدم في خبر الصلوات الخمس
(هب عن عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل إنما ذكره مقرونا ببيان عليه فقال عقبه: معروف بن حسان أي أحد رجاله ضعيف وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه اه. وقال الحافظ العراقي: فيه سليمان النخعي أحد الكذابين اه وأقول: فيه أيضا عبد الملك بن عمير أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد: مضطرب الحديث وقال ابن معين: مختلط وقال أبو حاتم: ليس بحافظ وعجب من المصنف كيف يعزو الحديث إلى مخرجه ويحذف من كلامه ما أعله به؟ وأعجب منه أن له طريقا خالية عن كذاب أورده الزين العراقي في أماليه من حديث ابن عمر فأهمل تلك وآثره هذه مقتصرا عليها(6/290)
9294 - (نوم على علم خير من صلاة على جهل) لأن تركها خير من فعلها فقد يظن المبطل مصححا والممنوع جائزا بل واجبا والشر خيرا لجهله بالفرق بينهما وتقاربهما في بعض الوجوه فيعد على الله المعصية بالطاعة ويحتسبها عنده فأعظم بها من قباحة وشناعة ومع ذلك فللأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها كالإخلاص والرياء والعجب فمن لم يعلم هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادة الظاهرة وكيفية التحرز منها وحفظ العمل عنها فقلما يسلم له عمل الظاهر فتفوته طاعات الظاهر والباطن فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكد {وذلك هو الخسران المبين} فلذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا ما قال ومن أتعب نفسه في العبادة على خبط فليس له إلا العناء قال علي كرم الله وجهه قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك وروي أن صوفيا حلق لحيته وقال: إنها تنبت على المعصية ولطخ شاربه بالعذرة وقال: أردت التواضع
(حل عن سلمان) الفارسي وفيه أبو البحتري. قال الذهبي في الضعفاء: وقال وحيم كذاب(6/291)
9295 - (نية المرء خير من عمله) لأن تخليد الله العبد في الجنة ليس بعمله وإنما هو لنيته لأنه لو كان بعمله كان خلوده فيها بقدر مدة عمله أو أضعافه لكنه جازاه بنيته لأنه لو كان ناويا أن يطيع الله أبدا فلما اخترمته منيته جوزي بنيته وكذا الكافر لأنه لو جوزي بعمله لم يستحق التخليد في النار إلا بقدر مدة كفره لأنه نوى الإقامة على كفره أبدا لو بقي فجوزي بنيته ذكره بعضهم وقال الكرماني: المراد أن النية خير من العمل بلا نية إذ لو كان المراد خير من عمل مع نية لزم كون الشيء خيرا من نفسه مع غيره أو المراد أن الجزء الذي هو النية خير من الجزء الذي هو العمل لاستحالة دخول الرياء فيها أو أن النية خير من جملة الخيرات الواقعة بعمله أو أن النية فعل القلب وفعل الأشرف أشرف أو لأن القصد من الطاعة تنوير القلب وتنويره بها أكثر لأنها صفته وقال ابن الكمال: هذا ترجيح لعمل القلب على عمل الجوارح على ما دل عليه خبر الوزغة وقد أفصح عنه البيضاوي حيث قال في تفسير {والله يضاعف لمن يشاء} بفضله على حسب حال المنفق من إخلاصه وثقته بربه ومن أجله تفاوتت الأعمال في مقادير الثواب فالمعنى أن جنس النية راجح على جنس العمل بدلالة أن كلا من الجنسين إذا انفرد عن الآخر يثاب على الأول دون الثاني وهذا لا يتمشى في حق الكافر ولذا قال نية المؤمن اه وقال البعض: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن النية عبودية القلب والعمل عبودية الجوارح وعمل القلب أبلغ وأنفع وهو أمير والجوارح رعية وعمل الملك أعظم وأبلغ ولأن العمل يدخل تحت الحصر والنية لا إذ المتحقق في إيمانه عقد نيته على أن يطيع الله ما أحياه ولو أماته ثم أحياه وثم ثم وهذا اعتقاد منبرم مستدام فيترتب له من الجزاء على نيته ما لا يترتب له على عمله وقال بعضهم: معناه أن المؤمن كلما عمل خيرا [ص:292] نوى أن يعمل ما هو خير منه فليس لنيته في الخير منتهى والفاجر كلما عمل شرا نوى أن يعمل ما هو شر منه فليس لنيته في الشر منتهى وقال بعضهم في حديث آخر: من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر حسنات فالعمل في هذا الحديث خير من النية وليس ذلك مرادا للحديث الأول وإنما تكون النية خيرا من العمل في حال دون حال وقال بعض شراح مسلم: أفاد هذا الخبر أن الثواب المترتب على الصلاة أكثر للنية وباقية لغيرها من قيام وغيره
(هب عن أنس) بن مالك وفيه شيئان: الأول أن كلام المصنف يوهم أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه: هذا إسناد ضعيف اه. وذلك لأن فيه أبو عبد الرحمن السلمي وقد سبق قول جمع فيه أنه وضاع ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه. الثاني أنه ورد من عدة طرق من هذا الوجه وغيره وأمثل وأنزل فرواه باللفظ المذكور عن أنس المزبور القضاعي في مسند الشهاب وابن عساكر في أماليه وقال: غريب ورواه الطبراني أيضا كذلك والحاصل أنه له عدة طرق تجبر ضعفه وأن من حكم بحسنه فقد فرط وممن جزم بضعفه المصنف في الدرر تبعا للزركشي(6/291)
9296 - (نية المؤمن خير) وفي رواية بدله: أبلغ (من عمله) لما تقرر ولأن المؤمن في عمل ونيته عند فراغه لعمل ثان ولأن النية بانفرادها توصل إلى ما لا يوصله العمل بانفراده ولأنها هي التي تقلب العمل الصالح فاسدا والفاسد صالحا مثابا عليه ويثاب على العمل ويعاقب عليها أضعاف ما يعاقب عليه فكانت أبلغ وأنفع وقيل إذا فسدت النية وقعت البلية ومن الناس من تكون نيته وهمته أجل من الدنيا وما عليها وآخر نيته وهمته من أخس نية وهمة فالنية تبلغ بصاحبها في الخير والشر ما لا يبلغه عمله فأين نية من طلب العلم وعلمه ليصلي الله عليه وملائكته وتستغفر له دواب البر وحيتان البحر إلى نية من طلبه لمأكل أو وظيفة كتدريس وسبحان الله كم بين من يريد بعلمه وجه الله والنظر إليه وسماع كلامه وتسليمه علمه في جنة عدن وبين من يطلب حظا خسيسا كتدريس أو غيره من العرض الفاني (وعمل المنافق خير من نيته وكل يعمل على نيته فإذا عمل المؤمن عملا) صالحا (ثار في قلبه نور) ثم يفيض على جوارحه قال الحكيم: والنية نهوض القلب إلى الله وبدوها خاطر ثم المشيئة ثم الإرادة ثم النهوض ثم اللحوق إلى الله تعالى مرتحلا بعقله وعمله وذهنه وهمته وعزمه فمن هنا تتم النية ومنه يخرج إلى الأركان فيظهر على الجوارح فعله وإذا صح العزم خرج الرياء والفخر والخيلاء من جميع أعماله وبلغ مقام الأقوياء وأما غير الكامل فصدره مرج من المروج ملتف فيه من النبات ما إذا تخطى فيه لا يكاد يستبين موضع قدمه أن يضعه من كثرة النفاق فهذا صدر فيه أشغال النفس وفنونها ووساوس شهواتها فمن أين يأتي النور وإنما يستنير قلب أجرد أزهر في صدره فسح قد شرحه الله للإسلام فهو على نور من ربه رطب بذكر الله ورحمته وصلب بآلاء الله والناس في هذه النية على طبقات أمانية العامة فارتحالهم إلى الله بهذا العلم والعقل والذهن والهمة والعزم فمبلغ ارتحالهم المحو ثم ليس لقلوبهم من القوة ما يرتحلون به فيطيرون لأنه لا ريش لقلوبهم والمحو مسدود لأن القلوب لما مالت إلى النفوس وإطاعتها انسد طريقها إلى ربها وأما العارفون فنياتهم صارت كلها نية واحدة لأن القلب ارتحل إلى الله ووجد الطريق إليه فمر والقلب أمير والنفس أسير
(طب عن سهل بن سعد) الساعدي قال الهيثمي: رجاله موثقون إلا حاتم بن عباد بن دينار لم أر من ذكر له ترجمة اه وأطلق الحافظ العراقي أنه ضعيف من طريقه(6/292)
[ص:293] فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [أي حرف النون](6/293)
9297 - (النائحة إذا لم تتب قبل موتها) أي قبل حضور موتها قيد به إيذانا بأن شرط التوبة أن يتوب وهو يؤمل البقاء ويتمكن من العمل ذكره التوربشتي (تقام) يعني تحشر ويحتمل أنها تقام حقيقة على تلك الحال بين أهل النار والموقف جزاء على قيامها في النياحة (يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) أي يصير جلدها أجرب حتى يكون جلدها كقميص على أعضائها والدرع قميص النساء والقطران دهن يدهن به الجمل الأجرب فيحترق لحدته وحرارته فيشتمل على لذع القطران وحرقته وإسراع النار في الجلد واللون الوحش ونتن الريح جزاءا وفاقا فخصت بذلك الدرع لأنها كانت تجرح بكلماتها المؤنقة قلب المصاب وبلون القطران لكونها كانت تلبس السواد في المآتم قال ابن العربي: وهذا الخبر ونحوه من الأخبار الوعيدية مجرية على الإطلاق في موضع ومقيدة بالمشيئة في آخر فيحمل المطلق على المقيد ضرورة إذ لو حمل على إطلاقه بطل التقييد ولم يكن له فائدة
(حم م) في الجنائز (عن أبي مالك الأشعري) لكنه بعض حديث في مسلم ورواه ابن حبان مستقلا(6/293)
9298 - (النائم الطاهر كالصائم القائم) فالصائم بترك الشهوات يطهر وبقيام الليل يرحم فيحيا والنائم محتسبا إذا نام على طهر فنفسه تعرج إلى الله فإن كان طاهرا قرب فسجد تحت العرش كما مر وربما كان النوم عند خاصة الله أرفع وأبر من القيام لأن نفوسهم تطلب الانفلات إلى فسحة التوحيد تحت العرش فبالنوم تذهب إلى هناك فترتاح وتطهر وترجع بالكرامات ولذلك كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتحرى نوم السحر فكان نومه عنده حينئذ أفضل من قيامه لأنه حال القيام يعرج إليه قلبه بعقله وحال النوم تعرج النفس مع القلب والعقل والعارف قد اعتدل نومه بصومه ومكثه في نومه بقومته فهذا قصد المشتاقين إلى الله بالمنامات يتوخون بها ليجدوا أحوال النفوس ويتوقعون من الله المنن والكرامات ولذلك كان الصديق يقول لأن أسمع برؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا فقوله في هذا الحديث النائم الطاهر كالصائم القائم نظير حديث الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر
(الحكيم) الترمذي (عن عمرو بن حريث) ورواه عنه أيضا الديلمي قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف(6/293)
9299 - (الناجش) أي الذي يزيد في السلعة لا لرغبة بل ليخدع غيره أو الذي يمدح سلعته ويطري في مدحها بالكذب ليغر غيره ويخدعه (آكل ربا) أي تناوله ما خدع به غيره مثل تناوله الربا في الحرمة وخص الأكل لأنه أعظم وجوه الانتفاعات (ملعون) أي مطرود مبعود عن منازل الأخيار فأفاد أن النجش حرام بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة
(طب) من حديث العوام بن حوشب (عن عبد الله بن أبي أوفى) قال الهيثمي: رجاله ثقات لكن لا أعلم للعوام سماعا من ابن أبي أوفى(6/293)
9300 - (النار جبار) المراد بالنار الحريق فمن أوقدها بملكه لغرض فطيرتها الريح فشعلتها في مال غيره ولا يملك ردها فلا يضمنه وقال قوم: النار تصحيف البئر ورده الخطابي
(د هـ) في الديات (عن أبي هريرة) وفيه محمد بن المتوكل [ص:294] العسقلاني أورده الذهبي في الضعفاء وقال: قال أبو حاتم: لين(6/293)
9301 - (النار عدو لكم) قال ابن العربي: معناه أنها تنافي أموالكم وأبدانكم على الإطلاق منافاة العدو لكن تتصل منفعتها بكم بوسائط فذكر العداوة مجاز لوجود معناها فيها (فاحذروها) أي خذوا حذركم وأطفئوا السرج قبل نومكم وهذا التقرير بناء على أن المراد نار الدنيا ويجوز أن المراد نار الآخرة فيكون المعنى احذروا ما يقربكم إلى جهنم
(حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه كلامه كالصريح في أن لا وجود له في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد عزاه الديلمي لهما جميعا من حديث ابن عمر هذا باللفظ المزبور وزيادة ولفظه: النار عدو فاحذروها واطفئوها إذا رقدتم اه بنصه(6/294)
9302 - (الناس تبع لقريش (1)) خبر بمعنى الأمر كما يدل عليه خبر قدموا قريشا وقيل خبر على ظاهره والمراد الناس بعضهم وهو سائر العرب من غير قريش ذكره ابن حجر (في الخير والشر) أي في الإسلام والجاهلية كما في رواية لأنهم كانوا في الجاهلية متبوعين في كفرهم لكون أمر الكعبة في يدهم فكذا هم متبوعون في الإسلام أو أن السابق بالإسلام كان من قريش فكذا في الكفر لأنهم أول من رد دعوته وكفر به وأعرض عن الآيات والنذر فكانوا قدوة في الحالين وقال القاضي: معناه أن مسلمي قريش قدوة غيرهم من المسلمين لأنهم المتقدمون في التصديق والسابقون في الإيمان وكافرهم قدوة غيرهم من الكفار فإنهم أول من رد الدعوة وكفر بالرسول صلى الله عليه وسلم
(حم م) في المغازي (عن جابر) ولم يخرجه البخاري
_________
(1) قال النووي: معناه في الإسلام والجاهلية كما صرح به في الرواية الأخرى لأنهم كانوا في الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله تعالى وأهل حج بيت الله وكانت العرب تنتظر إسلامهم فلما أسلموا وفتحت مكة جاءت وجوه العرب من كل جهة ودخل الناس في دين الله أفواجا وكذلك في الإسلام هم أصحاب الخلافة والناس لهم تبع بين رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن هذا الحكم مستمر إلى آخر الدنيا ما بقي من الناس اثنان وقد ظهر ما قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمن زمنه إلى الآن الخلافة في قريش من غير مزاحمة لهم فيها وتبقى كذلك إن شاء الله ما بقي اثنان(6/294)
9303 - (الناس ولد آدم وآدم من تراب) فهم من تراب وتمسك به من فضل الملك على البشر لأن التفضيل إن كان باعتبار أصل الخلقة فمن خلق من نور أفضل ممن خلق من تراب وإن كان باعتبار ما يقوم بالمخلوق من صفات الكمال فالملائكة محض عبادة وليس من اتبع هواه وشغلته شهوته عن عبادة مولاه بأفضل من هذا ومحل بسطه علم الكلام
(ابن سعد) في طبقاته (عن أبي هريرة) رمز لحسنه(6/294)
9304 - (الناس رجلان عالم ومتعلم ولا خير فيما سواهما) لأنه بالبهائم أشبه قال الغزالي: العلم والعبارة جوهران لأجلهما كان كلما ترى وتسمع من تصنيف المصنفين وتعليم المعلمين ووعظ الواعظيم ونظر المناظرين بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض وما فيهما فأعظم بأمرين هما المقصود من خلق الدارين فحق على العبد أن لا يشتغل إلا بهما ولا يدأب إلا لهما ولا ينظر إلا فيهما وما سواهما باطل لا خير فيه ولغو لا حاصل له والعمل أشرف الجوهرين وأفضلهما كما جاء في خبرين
(تتمة) قال علي كرم الله وجهه لكميل بن زياد: يا كميل القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة: عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق [ص:295] يميلون مع كل ريح العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل المال تنقصه النفقة ومحبة العلم دين يدان بها مكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته وضيعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه إن ههنا وأشار لصدره علما لو أصبت له حمله
(طب عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا في الأوسط قال الهيثمي: وفي الكبير الربيع بن بدر وفي الأوسط نهشل بن سعيد وهما كذابان وأقول: في سند الكبير أيضا سليمان بن داود الشاذكوني الحافظ قال الذهبي في الضعفاء: كذبه ابن معين وقال البخاري: فيه نظر فتعصيب الهيثمي الجناية برأس الربيع وحده تعصب(6/294)
9305 - (الناس ثلاثة سالم وغانم وشاجب) بشين معجمة وجيم وموحدة أي هالك إما سالم من الإثم وإما غانم للأجر وإما هالك آثم قال أبو عبيد: ويروى الناس ثلاثة السالم الساكت والغانم الذي يأمر بالخير وينهى عن المنكر والشاجب الناطق بالخنا المعين على الظلم
(طب) وكذا أبو يعلى (عن عقبة بن عامر) الجهني (و) عن (أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وقال شيخه العراقي: ضعفه ابن عدي(6/295)
9306 - (الناس معادن) كمعادن الذهب والفضة ومعدن كل شيء أصله أي أصول بيوتهم تعقب أمثالها ويسري كرم أعراقها إلى فروعها والمعادن جمع معدن من عدن بالمكان أقام ومنه سمي المعدن لأن الناس يقيمون فيه صيفا وشتاءا ومعدن كل شيء مركزه كما في الصحاح وبه يعرف أن إطلاق اسم المعدن على بعض الأجساد كالذهب من تسمية الشي باسم مركزه والحديث ورد على منهج التشبيه في التفاضل في الصفات الوهبية والكسبية كالأخلاق الجبلية والآداب الحاصلة بواسطة الأدلة وشتان في القياس بين الذهب والفضة والرصاص والنحاس فبقدر ما بين ذلك من التفاوت تكون الصفة في الأشخاص فكأنه قال الناس يتفاوتون في الصفات الذاتية والعرضية كما تتفاوت المعادن في ذواتها وأعراضها القائمة بها من العلل والأدناس ذكره بعضهم وقال القاضي: المعدن المستقر والمستوطن من عدن بالبلد إذا توطنه فكما أن المعادن منها ما يحصل منه شيء يعبأ به ومنها ما يحصل منه بكد وتعب كثير شيء قليل ومنها ما هو بعكسه ومنها ما يظفر منه بمغارات مملوءة ذهبا فمن الناس من لا يعي ولا يفقه ولا تغني عنه الآيات والنذر ومنهم من يحصل له علم قليل واجتهاد طويل ومنهم من هو بالعكس ومنهم من تفيض عليه من حيث لا يحتسب بلا سوق وطلب معالم كثيرة وتنكشف له المغيبات ولم يبق بينه وبين القدس حجاب وذا من جوامع الكلم الذي أوتيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأفاد الترغيب في تطبع الأوصاف الجميلة والتوصل إليها بكل حيلة (والعرق دساس وأدب السوء كعرق السوء) فعلى العاقل أن يتخير لنطفته ولا يضعها إلا في أصل أصيل وعنصر طاهر فإن الولد فيه عرق ينزع إلى أمه فهو تابع لها في الأخلاق والطباع إشارة إلى أن ما في معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق وضدها ينبغي استخراجه برياضة النفس كما يستخرج جوهر المعدن بالمقاساة والتعب قال بعضهم: ومن كان وليا في علم الله فلا تتغير ولايته وإن وقع في معصية لأن الحقائق الوضعية لا يقدح فيها النقائص الكسبية فالذهب والفضة موجودان في المعادن والمعدن الأصلي صحيح لكن قد يدخل عليه علل نفسية في ظاهره فيعالج لتزول فكما أن المعدن في أصله صحيح لا يخرج عن معدنيته فكذا المؤمن الحقيقي أو الولي الحقيقي لا يخرجه ما جرى على جوارحه من النقائص عن حقيقة إيمانه أو ولايته وقال بعضهم: المراد أن كل من كان أصله عند الله مؤمنا فهو يرجع إلى أصله كالمعدن ومن كان عنده كافرا رجع إلى أصله كذلك وحقيقة الأمر مستورة عنا الآن لأنه تعالى يفعل ما يشاء فيقلب التراب ذهبا وعكسه والجماد مائعا وعكسه والنبات حيوانا وعكسه
(هب عن ابن عباس) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح والحميدي تكلم في محمد بن سليمان أحد رجاله [ص:296] وقال النسائي: ضعيف وابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه لا في سنده ولا في متنه وفي الميزان: محمد بن سليمان ضعفه النسائي وابن أبي حاتم وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه متنا ولا إسنادا ومن ذلك هذا الخبر وساق هذا(6/295)
9307 - (الناس تبع لكم يا أهل المدينة في العلم) كيف ومنهم الفقهاء السبعة المشهورون ولو لم يكن إلا الإمام مالك لكفى
(ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري(6/296)
9308 - (الناكح في قومه) أي من عشيرته وقرابته (كالمعشب في داره) العشب الكلأ الرطب
(طب عن طلحة (1)) ابن عبيد الله قال الهيثمي: فيه أيوب بن سليمان بن حر لم أجد من ذكره هو ولا أبوه وبقية رجاله ثقات
_________
(1) وسببه أن رجلا من الأنصار استشار ممن ينكح؟ فذكره له ووجه الشبه وجود الرفق فقرب الكلأ يحصل به رفق وعدم مشقة والتزوج من العشيرة(6/296)
9309 - (النبي لا يورث) لأنه لو ورث لظن أن له رغبة في الدنيا لوارثه ولاحتمال أن يتمنى مورثه موته فيهلك وزعم أن خوف زكريا من مواليه يوهم أن خوفه منهم كان من ماله إذ نبوته بعده لا يخاف عليها لأنها من فضله تعالى يعطيها من يشاء فيلزم كونه موروثا مدفوعا بأن خوفه منهم لاحتمال شرتهم من جهة تغييرهم أحكام شرعه فطلب ولدا يرث نبوته ليحفظها
(ع عن حذيفة) رمز المصنف لصحته(6/296)
9310 - (النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود (1) في الجنة والوئيد في الجنة) لم يكتف بقوله عقب الكل في الجنة لأن المراتب فيها متفاوتة فابتدأ بالنبي والمراد جميع الأنبياء فأخبر بأنهم في أعلى المراتب في الجنة ودون ذلك الشهيد وبعده المولود (1) أي الصغير تبعا لأبويه في الإيمان فيلحق بدرجته في الجنة وإن لم يعمل بعمله تكرمة لأبيه والوئيد بفتح الواو وكسر الهمزة المدفون حيا فعيل بمعنى مفعول
(حم د عن رجل) من الصحابة وسببه قالت: حسناء بنت معاوية حدثني عمي قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من في الجنة؟ فذكره
_________
(1) [" المولود ": أي الذي يموت بعد الولادة. دار الحديث](6/296)
9311 - (النبييون والمرسلون سادة أهل الجنة والشهداء قواد أهل الجنة وحملة القرآن) أي حفظته العاملون بأحكامه (عرفاء أهل الجنة) أي رؤساؤهم وفيه مغايرة بين النبي والرسول
(حل عن أبي هريرة)(6/296)
9312 - (النجوم) أي الكواكب سميت بها لأنها تنجم أي تطلع من مطالعها في أفلاكها (أمنة للسماء) الأمنة بفتحات وقيل بضم ففتح مصدر بمعنى الأمن فوصفها بالأمنة من قبيل قولهم رجل عدل يعني أنها سبب أمن السماء فما دامت النجوم باقية لا تنفطر ولا تتشقق ولا يموت أهلها (فإذا ذهبت النجوم) أي تناثرت (أتى السماء ما توعد) من الانفطار والطي كالسجل قيل ويمكن كون أمنة جمع أمن وعليه فقوله (وأنا أمنة لأصحابي) من قبيل {إن إبراهيم كان [ص:297] أمة قانتا لله} (فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون) من الفتن والحروب واختلاف القلوب وقد وقع (وأصحابي أمنة لأمتي) أمة الإجابة (فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) من ظهور البدع وغلبة الأهواء واختلاف العقائد وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وانتهاك الحرمين وكل هذه معجزات وقعت قال ابن الأثير: فالإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه وبموته جالت الآراء واختلفت الأهواء وقلت الأنوار وقويت الظلم وكذا حال السماء عند ذهاب النجوم وقال بعضهم: الأمنة الوافر الأمانة الذي يؤتمن على كل شيء سمى المصطفى صلى الله عليه وسلم به لأنه ائتمنه على وحيه ودينه ثم هذا لا تعارض بينه وبين الحديث المار إن الله إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها لاحتمال كون المراد برحمتهم أمنهم من المسخ والقذف والخسف ونحو ذلك من أنواع العذاب وبإتيان ما يوعدون من الفتن بينهم بعد أن كان بابها منسدا عنهم بوجوده قال العامري: عنى هنا أئمة أصحابه الذين لازموا دوام صحبته سفرا وحضرا فتفقهوا في الدين وعلوم القرآن وساروا بهديه ظاهرا باطنا وهم القليل عددا من أصحابه يقتدي بهم كل من وقع في عمياء الجهل وقال الترمذي الحكيم: في حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم ليس كل من لقيه وتابعه أو رآه رؤية واحدة دخل فيه إنما هم من لازمه غدوا وعشيا فكان يتلقى الوحي منه طويا ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهاجا للأمة وينظر منه إلى أدب الإسلام وشمائله فصاروا من بعده أئمة أدلة فيهم الاقتداء وعلى سيرتهم الاحتذاء وبهم الأمان والإيمان
(حم عن أبي موسى) الأشعري قال: صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: نجلس حتى نصلي معك العشاء فجلسنا فخرج علينا وقال: ما زلتم ههنا قلنا: صلينا معك المغرب ثم قلنا: لو جلسنا معك حتى نصلي العشاء قال: أحسنتم وأصبتم قال: فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إليها ثم ذكره ولم يخرجه البخاري(6/296)
9313 - (النجوم أمان) لفظ رواية الطبراني النجوم جعلت أمانا (لأهل السماء) بالمعنى المقرر (وأهل بيتي أمان لأمتي) شبههم بنجوم السماء وهي التي يقع بها الاهتداء وهي الطوالع والغوارب والسيارات والثابتات فكذلك بهم الاقتداء وبهم الأمان من الهلاك قال الحكيم الترمذي: أهل بيته هنا من خلفه على منهاجه من بعده وهم الصديقون وهم الأبدال قال: وذهب قوم إلى أن المراد بأهل بيته هنا أهل بيته في النسب وهذا مذهب لا نظام له ولا وفاق ولا مساغ لأن أهل بيته بنو هاشم والمطلب فمتى كان هؤلاء أمنا للأمة حتى إذا ذهبوا ذهبت الدنيا إنما يكون هذا لمن هم أدلة الهدى في كل وقت ومن قال أهل بيته ذريته فموجود في ذريته الميل والفساد كما يوجد في غيرها فمنهم المحسن والمسيء فبأي شيء صاروا أمانا لأهل الأرض فإن قيل بحرمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فحرمته عظيمة وفي الأرض أعظم حرمة من حرمة ذريته وهو كتاب الله ولم يذكره فالحرمة لأهل التقوى قال العامري البغدادي في شرح الشهاب: ذهب قوم غلب عليهم الجهل بالآيات والسنن والآثار إلى أن أهل البيت هنا أهل بيته لا غير وكيف يكونون أمانا مع ما وجد في كثير منهم من الفساد وتعدي الحدود فإن قيل فحرمة القرابة قلنا حرمتها جليلة لكن حرمة كتاب الله أعظم من حرمة الذرية وحرمة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالنبوة والرسالة لا بالعشيرة وإنما المراد بهم هنا أهل التقوى وأبدال الأنبياء الذين سلكوا طريقه وأحيوا سنته وفي حديث آل محمد كل تقى وقال السمهودي: يحتمل أن المراد بأهل بيته هنا علماؤهم الذين يقتدى بهم كما يقتدى بالنجوم التي إذا خلت السماء منها جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون وذلك عند موت المهدي لأن نزول عيسى لقتل الدجال في زمنه كما جاءت به الأخبار ويحتمل أن المراد مطلق أهل بيته وهو الأظهر لأنه سبحانه وتعالى لما خلق الدنيا لأجل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جعل دوامها بدولته ثم بدوام أهل بيته
(ع [ص:298] عن سلمة بن الأكوع) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا الطبراني ومسدد وابن أبي شيبة بأسانيد ضعيفة لكن تعدد طرقه ربما يصيره حسنا(6/297)
9314 - (النخل والشجر بركة على أهله وعلى عقبهم) أي ذريتهم (بعدهم إذا كانوا لله شاكرين) لأن الشكر يرتبط به العتيد ويجتلب به المزيد {لئن شكرتم لأزيدنكم}
(طب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين. قال الهيثمي: فيه محمد بن جامع العطار وهو ضعيف(6/298)
9315 - (الندم توبة) أي هو معظم أركانها لأن الندم وحده كاف فيها من قبيل الحج عرفة وإنما كان أعظم أركانها لأن الندم شيء متعلق بالقلب والجوارح تبع له فإذا ندم القلب انقطع عن المعاصي فرجعت برجوعه الجوارح
(تتمة) قال في الحكم: من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المرافقات وترك الندم على ما فعلته من الزلات
<فائدة> من ألفاظهم البليغة مخلب المعصية يقص بالندامة وجناح الطاعة يوصل بالإدامة
(حم تخ هـ ك عن ابن مسعود ك هب عن أنس) بن مالك وفي الباب ابن عباس وأبو هيريرة ووائل بن حجر وغيرهم قال في شرح الشهاب: هو حديث صحيح وقال ابن حجر في الفتح: حديث حسن(6/298)
9316 - (الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) قال الغزالي: إنما نص على أن الندم توبة ولم يذكر جميع شروطها ومقدماتها لأن الندم غير مقدور للعبد فإنه قد يندم على أمر وهو يريد أن لا يكون والتوبة مقدورة له مأمور بها فعلم أن في هذا الخبر معنى لا يفهم من ظاهره وهو أن الندم لتعظيم الله وخوف عقابه مما يبعث على التوبة النصوح فإذا ذكر مقدمات التوبة الثلاث وهي ذكر غاية قبح الذنوب وذكر شدة عقوبة الله وأليم غضبه وذكر ضعف العبد وقلة حيلته يندم ويحمله الندم على ترك اختيار الذنب وتبقى ندامته بقلبه في المستقبل فتحمله على الابتهال والتضرع ويجزم بعدم العود إليه وبذلك تتم شروط التوبة الأربعة فلما كان الندم من أسباب التوبة سماه باسمها
(طب حل عن أبي سعيد الأنصاري) قال الهيثمي: وفيه من لم أعرفهم وقال السخاوي: سنده ضعيف وقال في موضع آخر: في سنده اختلاف كثير(6/298)
9317 - (النذر يمين وكفارته كفارة يمين) أراد نذر اللجاج والغضب
(طب عن عقبة بن عامر) الجهني رمز المصنف لصحته وفيه أمران: الأول أن عدوله للطبراني واقتصاره عليه يوهم أنه لا يوجد مخرجا لأعلى ولا أحق بالعزو منه وليس كذلك بل رواه أحمد في المسند وسبق عن الحافظ ابن حجر أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبراني الثاني أن الحافظ العراقي قال: إن الحديث حسن لا صحيح(6/298)
9318 - (النصر) من الله للعبد على أعداء دينه ودنياه إنما يكون (مع الصبر) على الطاعة وعن المعصية فهما أخوان شقيقان متلازمان والثاني بسبب الأول وقد أخبر الله أنه مع الصابرين أي بهدايته ونصره المبين قال {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} ومن خيريته لهم كونه سببا لنصرهم على أعدائهم وأنفسهم ولهذا لا يحصل الظفر لمن انتصر لنفسه غالبا [ص:299] قال بعض العارفين: الصبر أنصر لصاحبه من الرجال ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد (والفرج) يحصل سريعا (مع الكرب) فلا يدوم معه الكرب فعلى من نزل به أن يكون صابرا محتسبا راجيا سرعة الفرج حسن الظن بربه فإنه أرحم من كل راحم (وإن مع العسر يسرا) كما نطق به القرآن مرتين ولن يغلب عسر يسرين لأن النكرة إذا أعيدت تكون غير الأولى والمعرفة عينها غالبا قال البعض: وجعل مع على بابها هو الظاهر إذ أواخر أوقات الصبر والكرب والعسر أوائل أوقات مقابلها فتحققت المقارنة وقيل إن نظر للعلم الأزلي فهي متقارنة إذ لا ترتب فيه أو للوجود الحقيقي فمع بمعنى بعد لأن بينهما تضادا فلا تتصور المقارنة اه. وأطيل في رده بما لا يلاقيه عند التأمل
(خط عن أنس) وفيه عبد الرحمن بن زاذان قال في الميزان: متهم روى حديثا باطلا عن أنس ثم ساق هذا الخبر(6/298)
9319 - (النظر إلى علي) أمير المؤمنين (عبادة) أي رؤبته تحمل النطق بكلمة التوحيد لما علاه من سيما العبادة قال الزمخشري: عن ابن الأعرابي: إذا برز قال الناس لا إله إلا الله ما أشرق هذا الفتى ما أعلمه ما أكرمه ما أحلمه ما أشجعه فكانت رؤبته تحمل على النطق بالعبادة فيا لها من سعادة
(طب) عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أحمد بن بديل اليماني عن يحيى الرملي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال الهيثمي بعد ما عزاه له: فيه أحمد بن بديل اليمامي وثقه ابن حبان وقال: مستقيم الحديث وقال ابن أبي حاتم: فيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اه. وخرجه الطبراني أيضا عن طليق بن محمد قال: رأيت عمران بن حصين يحد النظر إلى علي فقيل له فقال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكره قال الهيثمي: فيه عمران بن خالد الخزاعي ضعيف (ك) في فضائل علي (عن ابن مسعود وعن عمران بن حصين) قال الحاكم: صحيح فقال الذهبي في التلخيص: بل موضوع وفي الميزان: هذا باطل في نقدي اه. وأورده ابن الجوزي في الموضوع من حديث أبي بكر وعثمان وابن مسعود والحبر ومعاذ وجابر وأنس وأبي هريرة وثوبان وعمران وعائشة ووهاها كلها وتعقبه المصنف وغيره بأنه ورد في رواية أحد عشر صحابيا بعدة طرق وتلك عدة التواتر عند قوم(6/299)
9320 - (النظر إلى الكعبة عبادة) أي من العبادة المثاب عليها قال المصنف في الشاجعة: وهو أفضل من الصلاة والقيام والجهاد وروي أن النظر إليها يعدل عبادة سنة وأن من نظر إليها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه قال:
قفوا واجتلوا من كعبة الله منظرا. . . فما لفوات منه في الدهر تعويض
وقد لبست سود اللباس تواضعا. . . وكل ليالينا بأنوارها بيض
وما من سماء ولا أرض إلا وفيها بيت بإزاء الكعبة ولكل بيت عمار وزوار فجملة البيوت أربعة عشر أو خمسة عشر كما ورد في عدة آثار وإن استغرب ذلك زعيم {وفوق كل ذي علم عليم} قال الحكيم: ورد في خبر أن النظر إلى البحر عبادة والنظر إلى العالم عبادة والنظر إلى الكعبة عبادة والنظر إلى وجه الأبوين عبادة وإنما صار عبادة لأنه عبد الله بتلك النظرة فنظر إلى البحر بعين القدرة وإلى سعته وعرضه وأمواجه فاعتبر ونظر إلى وجه العالم وإلى ما ألبس من نور العلم فأجله وهابه ووقره ونظر إلى الكعبة تلدذا بها شوقا إلى ربها ونظر إلى أبويه فذل لهما ورق وشكر لله لتربيتهما إياه وتعظيما لحرمتهما
(أبو الشيخ [ابن حبان] ) ابن حبان في الثواب (عن عائشة) وفيه زافر بن سليمان قال الذهبي في الضعفاء: قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه(6/299)
9321 - (النظر إلى المرأة) لفظ رواية أبي نعيم النظر في وجه المرأة (الحسناء والخضرة) أي إلى الشيء الأخضر ويحتمل [ص:300] أن المراد الزرع والشجر خاصة (يزيدان في البصر) أي في القوة الباصرة قال العامري: يحتمل أن يريد زيادة بصره ببهجة جمال الخضرة وحسن المرأة من جمالها وأن يريد زيادة قوة بصيرته بطرق الاعتبار بخضرة النبات وحياة الأرض بعد الممات وكذا نظره إلى جمال حليلته يكف بصره عن غيرها فتقوى بصيرة هداه ويأمن ظلمة هواه والمراد بالمرأة الحليلة لا الأجنبية لأن النظر إليها يظلم البصر كما أنه يظلم البصيرة
(حل) عن محمد بن حميد عن محمد بن أحمد البوراني عن إبراهيم بن حبيب بن سلام عن ابن أبي فديك عن جعفر بن محمد عن أبيه (عن جابر) بن عبد الله قال في الميزان: خبر باطل وقال العامري في شرح الشهاب: ضعيف غريب جدا(6/299)
9322 - (النفقة كلها في سبيل الله) فيؤجر المنفق عليها (إلا) النفقة في (البناء فلا خير فيه) أي في الإنفاق فيه فلا أجر فيه وهذا في بناء لم يقصد به قربة كمسجد ورباط أو فيما زاد على الحاجة اللائقة بالباني وعياله كما مر غير مرة
(ت) في الزهد (عن أنس) وقال: غريب قال الصدر المناوي: وفيه محمد بن حميد الرازي وزافر بن سليمان وشبيب بن بشر ومحمد قال البخاري: فيه نظر وكذبه أبو زرعة وزافر فيه ضعف وشبيب لين اه وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه(6/300)
9323 - (النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله) أي في الجهاد لإعلاء الدين (بسبع مئة ضعف)
(حم والضياء) والبيهقي في السنن (عن بريدة) قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد: فيه أبو زهير ولم أجد من ترجمه وقال الذهبي في المهذب: هذا ضعيف وفيه أبو زهير الضبعي لا أعرفه وهذا الحديث قد وهم فيه على العسكري في الصحابة وأبو موسى فجعلا صحابيه عبد الله بن زهر وهو خطأ وإنما هو عن أبي زهير الضبعي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه نبه عليه في الإصابة(6/300)
9324 - (النميمة والشتيمة) أي الشتم. قال الجوهري: الشتم السب والاسم الشتيمة (والحمية) الأنفة والغيرة والمراد أهل هذه الصفات الثلاث (في النار) نار جهنم أي يكونون فيها يوم القيامة إن لم يدركهم العفو (لا يجتمعن) أي هذه الصفات (في صدر مؤمن) أي في قلب إنسان كامل الإيمان والمراد إذا صدر كل منها لغير مصلحة شرعية أما لها فيجوز بل قد يجب والأمثلة لا تخفى على من له ممارسة للأحكام الشرعية
(طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي: فيه عفير بن معدان أجمعوا على ضعفه وأورده في الميزان في ترجمة يزيد بن سنان وقال: ضعفوه(6/300)
9325 - (النوم أخو الموت) لانقطاع العمل فيه (ولا يموت أهل الجنة) فلا ينامون قاله لمن سأل أينام أهل الجنة؟ وفيه إشارة إلى ذم كثرة النوم لكثرة مفاسده الأخروية بل والدنيوية فإنه يورث الغفلة والشبهات وفساد المزاج الطبيعي والنفساني ويكثر البلغم والسوداء ويضعف المعدة وينتن الفم ويولد دود القرح ويضعف البصر والباه حتى لا يكون له داعية للجماع ويفسد الماء ويورث الأمراض المزمنة في الولد المتخلق من تلك النطفة حال تكوينه ويضعف الجسد هذا في النوم في غير وقت العصر والصبح فإنه فيهما أعظم ضررا لأنه يفسد كيموس صحة حكم عين المزاح المادي والصوري ولا يمكن استقصاء مفاسده في العقل والنفس والروح ومنها أنه يورث ضعف الحال بحكم الخاصية وعدم الإيمان بالبعث والنشور قال بعضهم: إياكم وكثرة النوم تبعا لما ترونه من بعض العارفين فإن لهم أحكاما خلافكم فإن بعضهم يخلع عليه القوة على خلع نفسه عنه متى شاء وسراحها إلى أي وجه شاء من غير ارتباط بعالم الخيال
<تنبيه> النوم بالنهار أكثر ضررا من النوم بالليل طبا. قال ابن سينا: النوم بالنهار رديء جدا وتركه لمن [ص:301] اعتاده أردأ
(هب عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط والبزار. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح(6/300)
9326 - (النية الحسنة تدخل صاحبها الجنة) قضية صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه الديلمي والخلق الحسن يدخل صاحبه الجنة والجوار الحسن يدخل صاحبه الجنة فقال رجل: يا رسول الله وإن كان رجل سوء قال: نعم على رغم أنفك اه بنصه فحذف المصنف لذلك من سوء التصرف. قال ابن القيم: النية نوعان نوع يتعلق بالمعبود ونوع يتعلق بالعباد فالأول نية تتضمن إفراد المعبود وهي نية الإخلاص الذي هو روح العمل ومواكب العبودية وبها أمر الأولون والآخرون {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين} والثاني تمييز العبادة عن العادة ومراتب العبادة اه
(فر عن جابر) بن عبد الله وفيه عبد الرحيم الفارابي قال الذهبي في الضعفاء: متهم أي بالوضع عن إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله قال أعني الذهبي: كذاب عدم اه. فكان ينبغي للمصنف حذفه(6/301)
9327 - (النية الصادقة معلقة بالعرش فإذا صدق العبد نيته تحرك العرش فيغفر له) يحتمل أن المراد التحرك الحقيقي ويكون ذلك انبساطا وسرورا بذلك ويحتمل أن المراد تحرك الملائكة الذين عنده ويحتمل على ما مر نظيره في خبر اهتز العرش لموت سعد والقصد التنبيه على أنه ينبغي لكل عامل أن يقصد بعمله وجه الله لا سيما العلم فلا يقصد به توصلا إلى غرض دنيوي كمال أو جاه أو شهرة أو سمعة بل يمحض قصده لله قال الشريف السمهودي: قال لي شيخنا شيخ الإسلام الشرف المناوي إنه كان كلما يخرج إلى الدرس يقف بدهليزه حتى يحصل النية ويصححها ثم يحضر
(خط) من حديث قرة عن عطاء (عن ابن عباس) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وفيه مجاهيل وقرة منكر الحديث وفيه أيضا القاسم بن نصر السامري قال في الميزان: لا يعرف أتى بخبر عجيب ثم ساق هذا الخبر(6/301)
باب المناهي(6/301)
9328 - (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات) جمع أغلوطة كأعجوبة أي ما يغالط به العالم من المسائل المشكلة لتشوش فكره ويستنزل ويستسقط رأيه لما فيه من إيذاء المسؤول وإظهار فضل السائل مع عدم نفعها في الدين قال الأوزاعي: إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط فلقد رأيتهم أقل الناس علما وكان أفاضل الصحابة إذا سئلوا عن شيء قالوا: وقع؟ فإن قيل نعم أفتوا وإلا قالوا دع حتى يقع وقد انقسم الناس في هذا الباب فمن ذاهب إلى كراهة المسائل مطلقا وسد بابها حتى قل فهمه وعلمه بحدود ما أنزل الله على رسوله فصار حامل فقه غير فقيه وهم أتباع أهل الحديث ومنهم من توسع في البحث عما لم يقع وأكثر الخصومة والجدال حتى تولد منه الأهواء والبغضاء ويقترن ذلك بنية الغلو والمباهاة وهذا الذي ذمه العلماء ودلت السنة على قبحه وأما فقهاء الحديث فوجهوا هممهم إلى البحث عن معاني الكتاب والسنة وكلام السلف والزهد والدقائق ونحوها مما فيه صفاء القلوب والإخلاص لعلام الغيوب وهذا محمود مطلوب
(حم د عن معاوية) بن أبي سفيان وفيه عبد الله بن سعد قال أبو حاتم: مجهول قال [ص:302] ابن القطان: صدق أبو حاتم لو لم يقله لقلناه وذكره الساجي في ضعفاء الشام(6/301)
9329 - (نهى عن الاختصار في الصلاة) وهو وضع اليد على الخصر وهو المستدق فوق الورك وأعلى الخاصرة وهو ما فوق الطفطفة والشراسيف وتسمى شاكلة أيضا والطفطفة أطراف الخاصرة والشراسيف أطراف الضلع الذي يشرف على البطن أو هو من المخصرة وهي العصا بأن يتوكأ عليها أو من الاختصار ضد التطويل بأن يختصر السورة أو بعضها أو يخفف الصلاة بترك الطمأنينة يسرع بالصلاة بأن لا يمد قيامها وركوعها وسجودها وتشهدها أو يترك الطمأنينة في محالها الأربع أو بعضها قال الغزالي: والأول هو الصحيح لأن الاختصار فعل المتكبرين أو اليهود أو راحة أهل النار أو غير ذلك قال الزمخشري: وأما خبر المختصرون يوم القيامة على وجوههم نور فهم من تهجد فإذا تعب وضع يده على خصره أو المتوكل على عمله يوم القيامة
(حم د ت عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وقضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وليس كذلك فقد قال الحافظ العراقي: إنه متفق عليه بلفظ نهى أن يصلي الرجل مختصرا وقال الصدر المناوي: رواه الشيخان في الصلاة عن أبي هريرة ولفظ البخاري نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخصر في الصلاة(6/302)
9330 - (نهى عن الاختصاء) تحريما للآدمي لتفويته النسل المطلوب لحفظ النوع وعمارة الأرض وتكثير الأمة ولما فيه من تعذيب النفس والتشويه مع إدخال الضرر الذي ربما أفضى إلى الهلاك وتغيير خلق الله وكفر نعمة الرجولية لأن خلق الإنسان رجلا من النعم العظيمة فإذا زال ذلك فقد تشبه بالمرأة وفي غير الآدمي خلاف والأصح كما قاله النووي تحريم خصاء غير المأكول مطلقا وأما المأكول فيجوز في صغيره لا كبيره ونظمه ابن الوردي فقال:
ولأجل طيب اللحم يخصى. . . جائز الأكل صغيرا
قال ابن حجر في الفتح: اتفقوا يعني الشافعية على منع الجب والاختصاء فيلحق به ما في معناه من التداوي لقطع شهوة النكاح فما في شرح السنة للبغوي من جوازه محمول على دواء يسكن الشهوة ولا يقطعها أصالة
(ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه يوسف بن يونس الأفطس قال في الميزان: عن ابن عدي كل ما روي عن الثقات فهو منكر فمن ذلك هذا الحديث(6/302)
9331 - (نهى عن الإقران) بهمزة مكسورة بين لام وقاف عند جمع وهي رواية مسلم كما ذكره عياض قال: وكذا هو في أكثر الروايات وقال القرطبي: كذا وقعت اللفظة لجميع رواة مسلم وليست معروفة فإنها وقعت رباعية من أقرن وصوابه القران لأنه من قرن يقرن ثلاثيا كما في رواية أخرى قال الفراء: يقال قرن بين الحج ولا يقال أقرن قال القرطبي: غير أنه جاء في الصحاح أقرن الدم في العرق واستقرن كثر فيحتمل حمل الإقران المذكور عليه فيكون معناه نهى عن الإكثار من أكل التمر إذا أكل مع غيره ويرجع معناه إلى القران المذكور في الرواية الأخرى وقال ابن حجر: الرواية الفصحى أنسب وهكذا جاء عند أحمد والطيالسي وهو أن يقرن تمرة بتمرة فيأكلها معا لأن فيه إجحافا برفيقه مع ما فيه من الشره (1) والنهي للتنزيه إن كان الآكل مالكا مطلق التصرف وإلا فللتحريم وقال ابن بطال: هو للندب مطلقا عند الجمهور لأن الذي يوضع للأكل سبيله سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في الأكل والأرجح الأول ومثل التمرتين اللقمتان كما صرح به ابن العربي (إلا أن يستأذن الرجل أخاه) أي رفيقه المشارك له في ذلك فيأذن له فيجوز لأنه حقه فله إسقاطه ويقوم مقام صريح إذنه قرينة يغلب على الظن رضاه فإن كان شريكه أكثر من واحد شرط إذن الكل قال ابن حجر: وهذا يقوي مذهب من يصحح هبة المجهول
(حم ق د عن ابن عمر) [ص:303] ابن الخطاب ورواه عنه أيضا الترمذي وابن ماجه في الأطعمة والنسائي في الوليمة فتخصيص المؤلف الثلاث من الستة غير جيد
_________
(1) [ويقاس عليه كل تناول للطعام على وجه الشره أو بحيث يسبق رفيقه في كمية المأكول. دار الحديث](6/302)
9332 - (نهى عن الإقعاء في الصلاة) بأن يقعد على وركيه ناصبا فخذيه قال البيهقي: والإقعاء نوعان أحدهما هذا وهو المنهي عنه كما تقرر والثاني صح فعله عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يضع أطراف أصابع رجليه وركبتيه على الأرض وأليه على عقبيه وهو سنة في الجلوس بين السجدتين
(ك هق عن سمرة) بن جندب قال الحاكم: صحيح ورواه عنه أيضا الطبراني في الكبير قال الهيثمي: وفيه سلام بن أبي حبرة متروك(6/303)
9333 - (نهى عن الإقعاء) وهو نصب قدميه ووضع ألييه على عقبيه (والتورك) بأن يجلس على كعب يسراه بعد أن يضجعها بحيث يلي ظاهر الأرض ويخرجها من جهة يمينه ويلصق وركه بالأرض (في الصلاة)
(حم هق عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار باللفظ المزبور عن شيخه هارون بن سفيان قال الهيثمي: لم أر من ذكره وبقية رجاله رجال الصحيح وفي مسلم عن عائشة كان ينهى عن قعية الشيطان قال النووي في الخلاصة: قال بعض الحفاظ: ليس في النهي عن الإقعاء حديث صحيح إلا حديث عائشة(6/303)
9334 - (نهى عن الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة) النهي للتحريم فيحرم على الرجال والنساء الأكل في إناء ذهب أو فضة إلا إن عجز عن غيره
(ن عن أنس) بن مالك(6/303)
9335 - (نهى عن التبتل) أي الانقطاع عن النكاح لأن القصد من هذا الدين بالذات تكثير أهله على سائر الأديان والتبتل في حق عيسى ويحيى فضيلة عظيمة كما دل عليه القرآن وتركه في حق نبينا أعظم لأن فضيلة القوة على النكاح والإكثار منه مع تقلله من الغذاء والملاذ المحرك له من أعظم المعجزات ومحل النهي فيمن اتخذ ذلك سنة يستن بها أما من تبتل لفقد القدرة على التزوج لفقد أو عدم موافقة فلا يدخل في النهي
(حم ق ن عن سعد) بن أبي وقاص (حم ت ن هـ عن سمرة) بن حندب(6/303)
9336 - (نهى عن التبقر في المال والأهل) أي الكثرة والسعة والبقر الشق والتوسعة كذا قرره بعضهم وقال الزمخشري: التبقر تفعل من بقر بطنه شقه وفتحه فوضع موضع التفرق والتبدد والمعنى النهي عن أن يكون في أهله وماله تفرق في بلاد شتى فيؤدي إلى توزع قلبه
(حم عن ابن مسعود) قال الهيثمي: رواه بأسانيد وفيها رجل لم يسم اه وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف(6/303)
9337 - (نهى عن التحريش بين البهائم) أي الإغراء بينها وتهييج بعضها على بعض وهل النهي للتحريم أو الكراهة قولان قال جدنا للأم الزين العراقي: ودخل في ذلك مناطحة الثيران والكبوش ومناقرة الديوك ونحو ذلك
(د ت) في الجهاد (عن ابن عباس) رمز لحسنه وأصله قول الترمذي: حسن صحيح(6/303)
[ص:304] 9338 - (نهى عن أكل) في رواية أبي داود لحم (الضب) دويبة تشبه الحرذون لكن أكبر منه وذكر ابن خالويه أنه يعيش سبع مئة سنة وأخذ بهذا قوم فحرموا أكل الضب وعزي لعلي قال ابن حجر: وهذا الحديث يعارضه ما في الحديث المتفق عليه أن خالدا سأل المصطفى صلى الله عليه وسلم: أحرام هو؟ فقال: لا لكني أعافه فأكله خالد وهو ينظره اه وأجمع الجمهور على حله لكن بالكراهة التحريمية عند الحنفية وبدونها عند غيرهم
(ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) في الأطعمة (عن عبد الرحمن بن شبل) قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وفيه إسماعيل بن عياش ضعيف وقال العراقي: تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة وقال المناوي: فيه ضمضم بن زرعة فيه مقال وقال الهيثمي: فيه إسماعيل بن عياش ضعيف في أهل الحجاز وقال ابن حجر في التخريج: سنده شامي ولا يخلو عن مقال لكن قال في الفتح: سنده حسن ولا يغتر بقول الخطابي ليس إسناده بذاك ولا بقول ابن الجوزي لا يصح ففيه تساهل لا يخفى(6/304)
9339 - (نهى عن أكل لحم كل ذي ناب من السباع) أي ما يعدو بنابه منها كأسد وذئب ونمر ويفسر هذا النهي ويبين أنه تحريم الخبر المار أكل كل ذي ناب من السباع حرام وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاث وعن مالك قولان كما مر
(ق) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه(6/304)
9340 - (نهى عن أكل لحم كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب) بكسر الميم وفتح اللام (من الطير) كصقر وعقاب وغراب قال الطيبي: وقوله وكل معطوف على قوله نهى عن أكل إلخ فيلزم منه تحريم كل ذي مخلب منه لأن الواو تشرك بين المعطوف والمعطوف عليه في العامل ومعناه وقد صار إلى تحريم كل ذي مخلب الأئمة الثلاثة ومشهور مذهب مالك اباحته اه قال الحرالي: وحكمة النهي عن أكل السباع وما في معناها لحماية سورة غضبها لشدة المعرة في ظهور الغضب في العبيد لأنه لا يصلح إلا لسيدهم وفيه رد على مالك في قوله لا يحرم كل ذي ناب ومخلب لآية {قل لا أجد فيما أوحى الي محرما على طاعم يطعمه} وقضية التقييد بذي المخلب منع أكل سباع الطير العادية كعقاب وغراب
(حم م) في الصيد (د هـ) من رواية ميمون بن مهران (عن ابن عباس) لم يخرجه البخاري وقول ابن القطان لم يسمعه ميمون من ابن عباس لما بينهما من سعيد بن جبير رده الخطيب بأن الصحيح أنه ليس بينهما أحد(6/304)
9341 - (نهى) نهي تحريم (عن أكل لحوم الحمر الأهلية) التي تألف البيوت ولها أصحاب ترجع إليهم وهي كالأنسية ضد الوحشية وقال بعضهم: سميت الأهلية بمعنى أنها مملوكة ولها أهل ترجع إليهم ويرجعون إليها بخلاف الوحشية فإنها لا أهل لها قال الحرالي: وحكمته الحماية من بلادتها اه وذهب إلى تحريمها الأئمة الثلاثة وعن مالك روايتان أشهرهما يكره تنزيها وأحلها ابن عباس وعزي لعطاء تمسكا بخبر أبي داود أطعم أهلك من سمين حمرك وأجيب من جانب الجمهور بأنه حديث مضطرب وبأن في مساقه ما يشير إلى اضطرارهم وليس الكلام فيه قال النووي: مال إلى تحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء فمن الصحب فمن بعدهم ولم نجد عن أحد من الصحابة فيه خلافا إلا عن ابن عباس وعند المالكية ثلاث روايات ثالثها الكراهة
(ق عن البراء) بن عازب (وعن جابر) بن عبد الله (وعن علي) أمير المؤمنين (وعن ابن عمر) بن الخطاب (وعن أبي ثعلبة) الخشني وله طرق وألفاظ(6/304)
[ص:305] 9342 - (نهى) يوم خيبر (عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع) قد تقدم ما في الأخيرين من المذاهب والبغال كالحمير فيما مر وأما الخيل فحرم أكلها كثيرون من الحنفية واستظهروا عليه بآية {والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك وكرهه مالك وأباحه الشافعي كالجمهور بلا كراهة وهذا الخبر متفق على ضعفه والآية مكية والإذن في أكل الخيل بعد الهجرة بنحو سبع سنين
(د) في الأطعمة (هـ) في الذبائح (عن خالد بن الوليد) رمز المصنف لحسنه قال أبو داود: منسوخ وقال البيهقي: إسناده مضطرب وقال ابن حجر: حديث شاذ منكر(6/305)
9343 - (نهى عن أكل لحم الجلالة) بالفتح والتشديد التي تأكل الجلة بالكسر وهي البعر وزعم ابن حزم اختصاصها بذوات الأربع والمعروف التعميم فالجلة البعر فوضع موضع العذرة يقال جلت الدابة الجلة ومضت الإماء يجتللن أي يلتقطن الجلة والنهي للتنزيه عند جمهور الشافعية فيكره أكلها إذا تغير لحمها بأكل النجاسة وللتحريم عند بعضهم وهو مذهب الحنابلة وألبانها أي شرب ألبانها قال القاضي: ولعله أراد بها البقرة اللبون فإنها تعتاد أكل الأرواث وتحرص عليها دون سائر الدواب وسائر الأحوال فسماها بوصفها الخاص بها غالبا وألحق بلحمها ولبنها بيضها وتزول الكراهة أو الحرمة بزوال ريح النجاسة بعد علفها بطاهر وجاء في خبر تقديره بأربعين يوما
(د ت) في الأطعمة (هـ) في الذبائح (ك) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم: حسن غريب قال الصدر المناوي: وفيه محمد بن إسحاق(6/305)
9344 - (نهى عن أكل) البهيمة (المجثمة) بالجيم والمثلثة المفتوحة (وهي التي تصبر بالنبل) أي تحبس يعني تربط ويرمي إليها حتى تموت من جثم بالمكان توقف فيه فإذا ماتت بالرمي لم يحل أكلها لأنها موقوفة بخلاف ما لو أخذت فذبحت
(غربية) في معجم الأدباء زعموا أن المبرد ورد الدينور زائرا لعيسى بن ماهان فأول ما دخل وقضى سلامه قال عيسى: أيها الشيخ ما الشاة المجثمة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أكلها قال: القليلة اللبن مثل اللحية فقال: هل من شاهد قال: نعم قول الراجز:
لم يبق من آل الحميد نسمه. . . إلا عنيز لحية مجثمه
فإذا بالخادم يستأذن لأبي حنيفة الدينوري فدخل فقال: أيها الشيخ ما المجثمة التي نهى عنها قال: التي جثمت على ركبها وذبحت من خلف قفاها قال: كيف تقوله وهذا شيخ العراقي يعني المبرد يقول هي القليلة اللبن وأنشد البيتين قال أبو حنيفة: أيمان البيعة يلزمني إن كان هذا التفسير سمعه هذا الشيخ أو رآه وإن كان البيتان إلا لساعتهما هذه فقال المبرد: صدق أبو حنيفة فإني أنفت أن أرد عليك من العراق وذكري ما قد شاع فأول ما تسألني عنه لا أعرفه فاستحسن منه هذا الإقرار وترك البهت
(ت) في الصيد (عن أبي الدرداء) رمز لحسنه وقال: غريب ورواه الدارمي عن ابن عباس(6/305)
9345 - (نهى عن أكل الطعام الحار حتى يمكن أكله) بأن يبرد قليلا فإن الحار لا بركة فيه كما في الحديث المار والنهي للتنزيه إلا إن خيف ضرر فيكون للتحريم
(هب عن صهيب)(6/305)
9346 - (نهى عن أكل الرخمة) طائر أبقع معروف يأكل الجيف ولا يصيد والنهي للتحريم
(عد هق عن ابن عباس) قال [ص:306] ابن حجر: حديث ضعيف جدا فيه خارجة بن مصعب وهو ضعيف جدا(6/305)
9347 - (نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو) أي يظهر (صلاحها) بأن تصير على الصفة المطلوبة منه وبيعه قبل ذلك لا يصح إلا بشرط القطع (وعن بيع النخل حتى تزهو) بفتح التاء وبالواو وفي رواية تزهى أي تحمر وصوب الخطابي تزهى دون تزهو قال ابن الأثير: منهم من أنكر نزهى كما أن منهم من أنكر تزهو والصواب الروايات على اللغتين زهت تزهو وأزهت تزهى أي تحمر وأفهم قوله حتى يبدو صلاحها أنه لا يكتفي بوقت بدو الصلاح بل لا بد من حصوله بالفعل في الكل أو البعض
(خ عن أنس) ابن مالك(6/306)
9348 - (نهى عن بيع ضراب الجمل) بالجيم بخطه أي أجرة ضرابه وهو عسب الفحل فاستئجاره لذلك باطل عند الشافعي وأبي حنيفة للضرر والجهالة وأجازه مالك للحاجة (وعن بيع الماء) من نحو بئر بفلاة أي بشرط أن لا يكون ثم ما يستقى منه وأن تدعو الحاجة له لسقي ماشية لا زرع وأن لا يحتاجه مالكه (والأرض لتحرث) يعني عن إجارتها للزرع والنهي للتنزيه ليعتادوا إعارتها وإرفاق بعضهم بعضا وتصح إجارتها بغير ما يخرج منها اتفاقا ومما يخرج منها منعه مالك وأجازه الشافعي
(م ت) في البيوع المنهية (عن جابر) ولم يخرجه البخاري(6/306)
9349 - (نهى عن بيع فضل الماء) أي عن بيع ما فضل عن حاجته من ذي حاجة لا ثمن له فالأولى إعطاؤه بلا ثمن فالنهي في الأول للتحريم وفي الثاني للتنزيه ذكره الشافعية وقال بعض المالكية: ليس له منعه وله طلب القيمة كإطعام المضطر ورد بأن الطعام منقطع المادة غير مستخلف والماء مستخلف ما دام في منبعه حتى لو جمعه في نحو حوض أو إناء فله منعه كالطعام وتأويل بعضهم الخبر بأن المراد ماء الفحل في النزو غير قويم لعطفه عليه في رواية أخرى فيكون تكرارا
(م ن هـ عن جابر حم 4 عن إياس بن عبد) بغير إضافة يكنى أبا عوف له صحبة يعد في الحجازيين وشهد فتح مصر وصححه الترمذي وقال ابن دقيق العيد: على شرطهما ولم يخرجه البخاري(6/306)
9350 - (نهى عن بيع الذهب بالورق) بكسر الراء الفضة (دينا) أي غير حال حاضر بالمجلس قال النووي: أجمعوا على تحريم بيع ذهب بذهب أو فضة مؤجلا وكذا بر ببر أو بشعير وكذا كل شيئين اشتركا في علة الربا
(حم ق ن عن البراء) بن عازب (و) عن (زيد بن أرقم)(6/306)
9351 - (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) من الطرفين فيكون من بيع الكالئ بالكالئ لأن الربا يجري في الحيوان هكذا قرره الشافعي توفيقا بين هذا الحديث وخبر البخاري أن المصطفى صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا ورده رباعيا وقال: خياركم أحسنكم قضاءا وتعلق الحنفية والحنابلة بظاهر الخبر فمنعوا بيع الحيوان بالحيوان وجعلوه ناسخا لحديث البخاري مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال وفصل مالك فقال: يجوز إن اختلف الجنس ويحرم إن اتحد ونزل الخبرين على هذين
(حم 4) في الربا (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب قال الترمذي: حسن صحيح وقال غيره: رجاله ثقات إلا أن الحفاظ رجحوا إرساله لما في سماع الحسن عن سمرة من النزاع لكن رواه ابن حبان والدارقطني عن ابن عباس(6/306)
[ص:307] 9352 - (نهى عن بيع السلاح) وهو كل نافع في الحرب (في الفتنة) أي لأهل الحرب
(طب هق عن عمران) بن الحصين قال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه يحيى بن كثير السقاء وهو متروك اه ورواه عنه أيضا البزار وابن عدي قال ابن حجر: وهو ضعيف والصواب وقفه كما قاله ابن عدي وعلقه البخاري(6/307)
9353 - (نهى عن بيع السنين) أي يبيع ما تثمره نخله سنتين أو ثلاثا أو أربعا وأكثر لأنه غرر
(حم م د ن هـ عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا ابن حبان(6/307)
9354 - (نهى عن بيع الشاة باللحم) فيه أنه لا يباع حيوان أي ولو سمكا وجرادا بلحم ولو من سمك وجراد فيستوي فيه الجنس وغيره والمأكولات وغيرها
(ك هق) من رواية الحسن (عن سمرة) بن جندب قال البيهقي: وفي سماعه منه خلاف فمن أثبته عده موصولا(6/307)
9355 - (نهى عن بيع اللحم بالحيوان) ولو من سمك وجراد فيستوي فيه الجنس وغيره وسواء كان لحم الحيوان مأكولا أولا للربا قال سعيد بن المسيب: كان من ميسر أهل الجاهلية
(مالك) في الموطأ (والشافعي) في المسند (ك) كلهم (عن سعيد بن المسيب مرسلا) وهو عند أبي داود عن سهل بن سعد وحكم بضعفه لما أنه انفرد به مروان عن مالك ولم يتابع عليه وصوب الرواية المرسلة لكنه له شاهد بينه المصنف بقوله (البزار) في مسنده (عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا قال ابن حجر: وفيه ثابت بن زهير وهو ضعيف وأخرجه من رواية أبي أمية بن يعلى عن نافع وأبو أمية ضعيف(6/307)
9356 - (نهى عن بيع المضامين) وهي ما في البطون من الأجنة (والملاقيح وحبل الحبلة) بفتح الباء فيهما لكن الأولى مصدر حبلت المرأة بكسر الباء والثاني اسم جمع حابل كظالم وظلمة وقال الأخفش: وهو جمع حابلة قال ابن الانباري: الهاء في الحبلة للمبالغة
(طب) وكذا البزار (عن ابن عباس) ورواه البزار عن ابن عمر قال الهيثمي: فيه إبراهيم بن إسماعيل بن جبيبة وثقه أحمد وضعفه جمهور الأئمة وأخرجه عبد الرزاق قال ابن حجر: وسنده قوي اه ومن ثم رمز المصنف لصحته(6/307)
9357 - (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو) أي يظهر وهو بلا همزة وأخطأ من همزه: صلاحها. وفي رواية حتى تزهو وهو بمعناه ويكفي بدو صلاح بعض ثمر البستان (وتأمن العاهة)
(حم عن عائشة)(6/307)
9358 - (نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان) صاع البائع وصاع المشتري (فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان) أفاد أنه لا يصح بيع المكيل قبل قبضه وهو مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة: إلا العقار وخص مالك المنع بالطعام أخذا بمفهوم هذا الخبر
(البزار) من طريق محمد الحموي عن مخلد بن حسين عن هشام بن محمد (عن أبي هريرة) وقال: لا نعلمه إلا من هذا الوجه قال الهيثمي: فيه مسلم بن أبي مسلم الحرمي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح [ص:308] قال ابن حجر: وفي الباب أنس وابن عباس عند ابن عدي بسندين ضعيفين جدا وقال: روي من أوجه إذا ضم بعضها لبعض قوي مع ما ثبت عن ابن عمر وابن عباس(6/307)
9359 - (نهى عن بيع المحفلات) بفتح الفاء جمع محفلة من الحفل الجمع ومنه محفل للموضع الذي يجتمع فيه الناس والمراد المصراة وهي شاة أو بقرة أو ناقة يترك صاحبها حلبها حتى يجتمع لبنها والنهي للتحريم للتدليس ومذهب الشافعي صحة البيع وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه البزار وقال: من ابتاعهن فهو بالخيار إذا حلبهن
(البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته وليس بصحيح فقد قال الهيثمي: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف(6/308)
9360 - (نهى عن بيعتين) بكسر الباء نظرا للهيئة وبفتحها نظرا للمرة وقال الزركشي: الأحسن ضبطه بالكسر (في بيعة) بأن يبيعه شيئا على أن يشتري منه شيئا آخر وأن يقول بعتكه بعشرة نقدا وبعشرين نسيئة فخذ بأيهما شئت قال العراقي: هذا لا يقتضي اختصاص النهي بالمذكور حتى يدل انتفاء النهي عن بيعة ثالثة فإن هذا مفهوم بعت وقد اختلف الأصول في أن مفهوم العدد حجة وأما هذا فسماه السبكي مفهوم المعدود وليس بحجة اتفاقا ويجيء مثله في النهي عن لبستين فلا يقتضي النهي عن لبسة ثالثة
(ت ن) في البيوع المنهية (عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن صحيح ورواه البيهقي أيضا وزاد صفقة واحدة(6/308)
9361 - (نهى أن تلقى البيوع) بضم التاء وفتح اللام وقاف مشددة مبنيا للمفعول والبيوع بالرفع نائب الفاعل وأصله تتلقى فحذفت إحدى التاءين والمعنى تستقبل أصحاب البيوع وهو أن تتلقى السلعة الواردة لمحل بيعها قبل وصولها له والنهي معقول وهو منع الضرر ولا يعارضه النهي عن بيع الحاضر للبادي لأنه اقتضى عدم الاستقصاء للجالب وحديث التلقي يقتضي الاستقصاء له لأنا نقول الأحكام مبنية على المصالح ومنها تقديم مصلحة الجماعة على الواحد فكما روعي هنا مصلحة الجالب روعي ثم مصلحة أهل الحضر على مصلحة الواحد وهو الجالب فالحديثان متماثلان لا متعارضان
(ت هـ عن ابن مسعود) قضية تقرير المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك فقد رواه مسلم هكذا والبخاري موقوفا(6/308)
9362 - (نهى عن تلقي الجلب) محركا بمعنى مفعول ما يجلب من بلد لبلد وهو المعبر عنه بتلقي الركبان فيحرم عند الشافعي ومالك وجوزه الحنفية إن لم يضر بالناس وشرط التحريم علم النهي
(هـ) في البيوع المنهية (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قضية صنيع المصنف تفرد زين به من بين الستة والأمر بخلافه بل خرجه الجماعة كلهم إلا البخاري بأكثر فائدة وهو لا تتلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه شيئا فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار كذا أورده في البيوع المنهية عن أبي هريرة(6/308)
9363 - (نهى عن ثمن الكلب) نهي تحريم (وعن ثمن السنور) الذي لا نفع فيه أو المتوحش الذي لا يمكن تسليمه أو النهي للتنزيه ولا بعد في جمع الكلام الواحد نهيا تحريميا وآخر تنزيهيا
(حم 4 ك عن جابر) قضية صنيع المصنف [ص:309] أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في البيع عن جابر باللفظ المزبور(6/308)
9364 - (نهى عن ثمن الكلب) لنجاسته عند الشافعية والنهي عن اتخاذه عند المالكية وهل النهي عندهم للتنزيه أو للتحريم قولان قال ابن العربي: والصحيح دليلا جواز البيع (إلا الكلب المعلم) فإنه يجوز بيعه عند الحنفية للضرورة
(حم ن عن جابر) قال ابن حجر: رجاله ثقات وليس في محله فقد قال ابن الجوزي: فيه الحسين بن أبي جعفر قال يحيى: ليس بشيء وضعفه أحمد وقال ابن حبان: هذا الخبر بهذا الإسناد لا أصل له(6/309)
9365 - (نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد) فإن لا يحل أخذ ثمنه عند الحنفية لصحة بيعه عندهم للحاجة إليه وفيه لمالك قولان
(ت عن أبي هريرة) قال ابن حجر: هو من رواية أبي المهزم عنه وهو ضعيف(6/309)
9366 - (نهى عن ثمن الكلب) نهي تحريم (وثمن الدم) هو على ظاهره فيحرم بيع الدم وأخذ ثمنه والمراد أجرة الحجامة (وكسب البغي) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وشد الياء الزانية أي كسبها بالزنى أي ما تأخذه عليه
(خ) منفردا به في باب ثمن الكلب (عن أبي جحيفة) ولم يخرجه بجملته غيره من الستة قال المناوي: ووهم صاحب المنتقى في عزوه لمسلم(6/309)
9367 - (نهى أن يستنجى ببعرة أو عظم) نبه بالبعرة على جنس الجنس وبالعظم على كل مطعوم فأفاد منع الاستنجاء بكل نجس ومطعوم خلافا لأبي حنيفة حيث جوزه بنجس جامد وعظم ولا يجزئ بحجر نجس خلافا لابن حزم وجاء في بعض الروايات تعليل المنع من العظم بأنه طعام إخواننا من الجن ومعناه أنه تعالى جعلن لهم فيه رزقا فإنا نشاهد جوهر العظم وما يحمله من اللحم لا ينقص منه شيء قال ابن عربي: وأخبرني بعض المكاشفين أنه رأى الجن يأتون إلى العظم فيشمونه كما تشم السباع ثم يرجعون وقد أخذوا أرزاقهم وغذاءهم من ذلك الشم
(حم م د عن جابر)(6/309)
9368 - (نهى أن يقعد على القبر) أي يجلس عليه لأن في القعود عليه تهاونا بالميت والموت وقيل أراد للإحداد والحزن وقول مالك المراد القعود للحدث قالوا ضعيف (وأن يقصص) بقاف وصادين مهملتين وهو بمعنى يجصص الوارد في أكثر الروايات أي يبيض بالجص وهو الجبس وقيل الجير والمراد بهما لأنه نوع زينة ولا يليق بمن صار إلى البلى قال الزمخشري: القصة الجصة وليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه لاستواء التصريف لكن الفصحاء على القاف اه. (وأن يبني عليه) قبة أو غيرها فيكره كل من الثلاثة تنزيها فإن كان في مسبلة أو موقوفة حرم بناؤه والبناء عليه ووجب هدمه قال ابن القيم: والمساجد المبنية على القبور يجب هدمها حتى تسوى الأرض إذ هي أولى بالهدم من مسجد الضرار الذي هدمه النبي صلى الله عليه وسلم وكذا القباب والأبنية التي على القبور وهي أولى بالهدم من بناء الغاصب اه. وأفتى جمع شافعيون بوجوب هدم كل بناء بالقرافة حتى قبة إمامنا الشافعي رضي الله عنه التي بناها بعض الملوك والقول بكراهة التنزيه في القعود على القبور هو ما عليه الشيخان حتى قال في المجموع: إن الشافعي وجمهور أصحابه عليه لكنه في شرح مسلم قال: إنها للتحريم واحتج بهذا الحديث
(حم م د ن) في الجنائز (عن جابر) بن عبد الله ولم يخرجه البخاري(6/309)
[ص:310] 9369 - (نهى أن يطرق الرجل أهله) بضم الراء من الطروق وهو المجيء ليلا فقوله (ليلا) تأكيد وإيضاح قال ابن جرير: الطريق أصله الطرق ثم استعمل ما في معناه كالضارب بالحصى ومنه مطرقة الحداد لأنه يطرق بها أي يضرب ومنه هذا الحديث فمعناه نهى أن يقدم عليهم ليلا لأن من شأن القارع ليلا قرع الباب وذلك كراهة أن يهجم من حليلته على ما يقبح عند إطلاعه عليه فيكون سببا لبغضها وفراقها فنبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على ما تدوم به الألفة ويتأكد به المحبة فينبغي أن يجتنب مباشرة أهله في حال البذاذة وعدم النظافة وأن لا يتعرض لرؤية عورة منها وكلمة أن في قوله أن يطرق مصدرية وليلا ينصب على الظرفية
(ق عن جابر) بن عبد الله ورواه أحمد بن سعد بزيادة ولفظه نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا بعد صلاة العشاء قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك سعدا(6/310)
9370 - (نهى أن يقتل شيء من الدواب صبرا) مر عما قريب فراجعه
(حم م عن جابر) بن عبد الله(6/310)
9371 - (نهى أن يكتب على القبر شيء) فتكره الكتابة عليه ولو اسم صاحبه في لوح أو غيره عند الثلاثة خلافا للحنفية وقول الحاكم العمل على خلافه فالأئمة من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذه الخلف عن السلف: رده الذهبي بأنه لا طائل تحته ولا نعلم صحابيا فعله بل شيء أحدثه التابعون ولم يبلغهم النهي
(هـ ك) في الجنائز (عن جابر) قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه عنه الترمذي أيضا بلفظ نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ وقال: حسن صحيح(6/310)
9372 - (نهى أن يضع) في رواية يرفع (الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره) تحريما إن لم يأمن انكشاف عورته وإلا فتنزيها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك في المسجد لضرورة أو لبيان الجواز وإلا فحاله في المجامع كان على خلاف ذلك من الوقار التام ومزيد الاحتشام والقول بأن هذا النهي منسوخ بفعله رده ابن حجر بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال على أن هذا النهي عام لأنه قول يتناول الجميع واستلقاؤه في المسجد فعل قد يدعي قصره عليه
(حم عن أبي سعيد) الخدري ورواه الطبراني أيضا ورمز المصنف لحسنه وهو تقصير بل حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي: رجاله ثقات اه. وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين بل ولا لأحد من الستة وإلا لما اقتصر على غيره وهو غفلة فقد خرجه مسلم والبخاري في اللباس باللفظ المذكور لكنه قال: يرفع بدل يضع وأبو داود في الأدب والترمذي في الاستئذان عن جابر والمؤلف كأنه تبع المازري حيث قال: هذا الحديث ليس في الكتب الستة وذهل عن رد الحافظ ابن حجر له بأنه عند البخاري في اللباس(6/310)
9373 - (نهى أن يدخل) بالبناء للمفعول ويمكن للفاعل (الماء) للاغتسال ونحوه (إلا بمئزر) أي بشيء يستر عورته
(ك) في الطهارة (عن جابر) ثم قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص لكنه ضعفه في الميزان وعده من مناكير حماد بن شعيب الحماني وقال: قال يحيى: لا يكتب حديثه والنسائي: ضعيف وتبعه في اللسان ونقل عن ابن الجارود عن البخاري بأنه قال: منكر الحديث(6/310)
[ص:311] 9374 - (نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه) أي بيده اليمنى فيكره تنزيها عند الشافعية وتحريما عند الظاهرية وعلة النهي إظهار شرفها ومرتبتها على اليسار وهي في أدب الشرع مرصدة للأكل والشرب والأخذ بخلاف اليسار فإنها للقذر وأسافل البدن والمرأة كالرجل والدبر كالذكر كما مر وفيه شمول لحالة البول وغيرها لكن قيده في رواية لمسلم بقوله وهو يبول والأصح عند الشافعية الأخذ بالإطلاق وأجيب عما أورد عليه من لزوم ترك حمل العام على الخاص بأنه لا محذور فيه هنا إذ ذاك محله فيما إذا لم يخرج القيد مخرج الغالب ولم يكن العام أولى بالحكم من الخاص وما هنا بخلافه إذ الغالب أن مس الذكر إنما يكون حال البول ولأنه إذا نهى عن المس باليمين حال الاستنجاء مع مظنة الحاجة إليه فعنه في غيرها أولى مع أن كراهة مس الذكر لا تختص باليمين بل اليسار مثلها في غير حالة البول والاستنجاء
<تنبيه> قال الغزالي: على العبد شكر النعمة في جميع أفعاله فمن استنجى بيمينه أو مس بها فرجه فقد كفر نعمة اليدين لأن الله تعالى خلقهما وجعل إحداهما أقوى من الأخرى فاستحقت الأقوى بمزيد رجحانها للتشريف والتفضيل وتفضيل الناقص عدول به عن العدل والله لا يأمر إلا بالعدل والأعمال بعضها شريف كأخذ المصحف وبعضها خسيس كإزالة الخبث فإذا أخذت المصحف باليسار وأزلت الخبث أو مسست الفرج باليمين فقد خصصت الشريف بالخسيس فنقصته حقه وظلمته وعدلت عن العدل (وأن يمشي في نعل واحدة وأن يشتمل الصماء) افتعال من الشملة وهو كساء يغطى به الرأس ويلتف به قال الزركشي: وهو في قول الفقهاء أن يجلل بدنه بثوب ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر فربما تبدو منه عورته وعند اللغويين أن يتجلل به فلا يرفع منه جانبا فتكون الكراهة لعدم قدرته على الاستعمال ببدنه مما يعرض له في الصلاة (وأن يحتبى في ثوب ليس على فرجه منه شيء) فإنه إذا كان كذلك بدت عورته والستر مأمور به وجوبا. قال الزركشي: والاحتباء بالثوب أن يتحزم به على حقويه وركبتيه وكانت العرب تفعله لترتفق به في الجلوس وكذا فسره البخاري في باب اللباس وقال الخطابي: أن يجمع ظهره ورجليه بثوب
(ن عن جابر) بن عبد الله(6/311)
9375 - (نهى أن يقوم الإمام فوق شيء) أي عال كمصطبة (والناس) أي المأمومون (خلفه) يعني أسفل كما فسر في رواية فيكره أي تنزيها ارتفاع الإمام على المقتدين أي بلا حاجة
(د ك عن حذيفة) قال ابن حجر: له طريقان أحدهما فيه مجهولان والأخرى تفرد بها زياد وهو مختلف في توثيقه(6/311)
9376 - (نهى عن التختم بالذهب) وفي رواية عن خاتم الذهب وهذا في حق الرجال وأما في حق النساء فيجوز
(ت عن عمران بن حصين) رمز المصنف لصحته(6/311)
9377 - (نهى عن الترجل) أي التمشط أي تسريح الشعر فيكره لأنه من زي العجم (إلا غبا) أي يوما بعد يوم فلا يكره بل يسن فالمراد النهي عن المواظبة عليه والاهتمام به لأنه مبالغة في التزيين وتهالك به وأما خبر النسائي عن أبي قتادة أنه كانت [ص:312] له جمة فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم فحمل على أنه كان محتاجا لذلك لغزارة شعره أو هو لبيان الجواز قال الولي العراقي: ولا فرق في النهي عن التسريح كل يوم بين الرأس واللحية وأما حديث أنه كان يسرح لحيته كل يوم مرتين فلم أقف عليه بإسناده ولم أره إلا في الإحياء ولا يخفى ما فيها من الأحاديث التي لا أصل لها ولا فرق بين الرجل والمرأة لكن الكراهة فيها أخف لأن التزيين في حقهن أوسع منه في حق الرجال ومع هذا فترك الترفه والتنعم لهن أولى
(حم) في الترجل (3) من حديث الحسن (عن عبد الله بن مغفل) قال الترمذي: حسن صحيح قال أبو الوليد: وهذا وإن رواه ثقات لكنه لا يثبت لأن رواية الحسن عن أبي مغفل فيها نظر وقال المنذري: في الحديث اضطراب(6/311)
9378 - (نهى عن التكلف للضيف) أي أن يتكلف المضيف له ضيافة فوق ما يليق بالحال لما فيه من الإضرار بل لا يمسك موجودا ولا يتكلف مفقودا ولا يزيد على عادته قال الحرالي: والتكلف أن يحمل المرء على أن يكلف بالأمر كلفة بالأشياء التي يدعو إليها طبعه
(ك) في الأطعمة (عن سلمان) الفارسي قال الذهبي: سنده لين(6/312)
9379 - (نهى عن الجذاذ بالليل) بالفتح والكسر صرام النخل وهو قطع ثمرها (والحصاد بالليل) قطع الزرع كانوا يجذون ويحصدون ليلا فرارا من الفقراء فنهوا عنه لقوله تعالى {وآتوا حقه يوم حصاده} ذكره الزمخشري وخفي ذلك على من علله بأنه لأجل الهوام لئلا تصيب الناس
(هق عن الحسين) بن علي رمز لحسنه ورواه عنه أيضا الخطيب في التاريخ(6/312)
9380 - (نهى عن الجدال بالقرآن) قال الزمخشري: يعني الجدال في آيات الله بالكفر والمراد الجدال بالباطل من الطعن فيها والقصد إلى إدحاض الحق وإخفاء نور الله فقد دل على ذلك في قوله تعالى {وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق} أما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها وحل مشكلها ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ورد أهل الزيع بها وعنها فأعظم جهاد في سبيل الله
(السجزي عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه(6/312)
9381 - (نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر) لأنه إقرار على معصية (وأن يأكل الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى (وهو) أي والحال أنه (منبطح على وجهه) في رواية على بطنه فيكره ذلك لأنه مع ما فيه من قبح الهيئة يضر بالمعدة وأمعاء الجنب ويمنع من حسن الاستمراء لعدم بقاء المعدة على وضعها الطبيعي
(د هـ ك عن ابن عمر) بن الخطاب قال في المطامح: حديث ضعيف(6/312)
9382 - (نهى عن الجمة) بضم الجيم وشدة الميم (للحرة) أي عن سدل الشعر وإرساله على كتفيها (و) نهى (عن العقصة) أي الشعر المعقوص (للأمة) للتشبيه بالحرائر
(طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: ورواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير ثقات اه وعجب من المصنف كيف أغفل الطريق الصحيحة وآثر المرجوحة(6/312)
[ص:313] 9383 - (نهى عن الجلالة) التي تأكل الجلة أي العذرة من الأنعام (أن يركب عليها) حتى يتيقن ذهاب النجاسة منها وزوال اسم الجلالة عنها ولفظ أبي داود نهى عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها فلعل المؤلف سقط من قلمه في الإبل سهوا (أو يشرب من ألبانها) أو يؤكل من لحمها بالأولى وأخذ بظاهره جمع من السلف فمنعوا ركوبها قال عمر لرجل له إبل جلالة: لا تحج عليها ولا تعتمر وقال ابنه: لا أصاحب أحدا ركبها وحمل ذلك في المطامح على التغليظ قال: وليس في ركوبها معنى يوجب التحريم اه ومن زعم أن ذلك لنجاسة عرقها فينجسه فقد وهم إذ الرواية مقيدة في الصحيح بالإبل وعرقها طاهر
(د ك عن ابن عمر) بن الخطاب قال النووي بعد عزوه لأبي داود: إسناده صحيح(6/313)
9384 - (نهى عن الحبوة) بكسر الحاء وضمها من الاحتباء وهو ضم ساقيه لبطنه بشيء مع ظهره وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب قال الزمخشري: وهي للعرب خاصة كان يقال حبي العرب حيطانها وعمائمها تيجانها وجاء في خبر إن الاحتباء حيطان أي ليس في البراري حيطان فإذا أرادوا الاستناد احتبوا لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدر (يوم الجمعة والإمام يخطب) لأنه مجلبة للنوم وتعرض الطهر للنقض لعدم التمكن معها وجاء في رواية النهي عن الاحتباء مطلقا غير مقيد بيوم الجمعة فالظاهر أن ذكرها هنا لاختصاص الكراهة بل لكونه أشد كراهة قال ابن الأثير: وإنما نهى عنه مطلقا لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته
(حم د ت ك) في الجمعة (عن معاذ بن أنس) قال الترمذي: حسن وقال الحاكم: صحيح وقال عبد الحق: إسناده ضعيف قال ابن القطان: وذلك لأن فيه عبد الرحيم بن ميمون ضعفه ابن معين قال: ولعل عبد الحق عنى بقوله سنده ضعيف جميع من فيه وتسامح فيه لكونه من الفضائل اه وقال المنذري: ابن ميمون ذكر أبو حاتم أنه لا يحتج به. وقال الذهبي في المهذب: فيه ابن ميمون ضعيف وفي الميزان: ضعفه يحيى وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به ثم أورد له هذا الخبر وقال المناوي: وفيه أيضا سهل بن معاذ ضعفوه(6/313)
9385 - (نهى عن الحكرة بالبلد) أي اشتراء القوت وحبسه ليقل فيغلو والفرق بين الاحتكار والادخار إنما كان لصلاح خاصة الماسك فهو ادخار وما كان لغيره فهو احتكار ذكره الحرالي (وعن التلقي) للركبان خارج البلد (وعن السوم قبل طلوع الشمس) أي أن يساوم بسلعة حالتئذ لأنه وقت ذكر الله فلا يشتغل بغيره ويمكن كونه من رعي الإبل لأنها إذا رعت قبل طلوعها والمرعى ندى أصابها منه وباء ربما قتلها (وعن ذبح قنى الغنم) بالقاف قال الزمخشري: هو الذي يقتنى للولد والنهي في هذه للتنزيه
(هب عن علي) أمير المؤمنين(6/313)
9386 - (نهى عن الخذف) بخاء وذال معجمتين وفاء: الرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو غيرهما لأنه يفقأ العين ولا ينكا العدو ولا يقتل الصيد قال المهلب: أباح الله الصيد على صفة فقال {تناله أيديكم ورماحكم} وليس الرمي بالبندقة ونحوها من ذلك إنما هو قيد وأطلق الشارع أن الخذف لا يصاد به لكونه ليس مجهزا وقد اتفق العلماء إلا من شذ على تحريم أكل ما قتله البندقة أو الحجر لأنه يقتل الصيد بقوة رامية لا بحده وفيه تحريم الرمي بنحو البندق إن خيف [ص:314] ادخال الضرر منه على حيوان محترم فإن أمن ذلك كأن كان بنحو فلاة جاز كما قال النووي وغيره وقال القرطبي: وبنكأ عند أكثر الرواة بالهمز وروي بدونه وهو أشبه وأوجه
(حم ق) في الذبائح (د) في الأدب (هـ) في تعظيم الحديث من حديث سعيد بن جبير (عن عبد الله بن مغفل) قال سعيد: كان جالسا إلى جنبه ابن أخ له فخذف فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها وقال: إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا وتكسر السن وتفقأ العين فعاد ابن أخيه فخذف فقال أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ثم تخذف؟ لا أكلمك أبدا ورواه عنه النسائي في الديات أيضا وكأن المصنف أغفله سهوا(6/313)
9387 - (نهى عن الدواء الخبيث) أي السم أو النجس أو الخمر ولحم غير المأكول وروثه وبوله فلا تدافع بينه وبين حديث العرنيين: وقيل أراد الخبيث المذاق لمشقته على الطباع والأدوية وإن كانت كلها كريهة لكن بعضها أقل كراهة
(حم د ت هـ ك) في الطب (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في المهذب: إسناد صحيح(6/314)
9388 - (نهى عن الديباج) أي الثياب المتخذة من الإبريسم (والحرير والإستبرق) غليظ الديباج أو رقيقه وذكر الحرير بعد الديباج من ذكر العام بعد الخاص وذكر الإستبرق بعد الحرير من ذكر الخاص بعد العام دفعا لتوهم أن اختصاصها باسم لا يخرجها عن حكم العام
(د عن البراء) بن عازب(6/314)
9389 - (نهى عن الذبيحة أن تفترس قبل أن تموت) أي أن يبان رأسها قبل أن تبرد ذكره الزمخشري والنهي للتنزيه
(طب هق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا ابن عدي وغيره(6/314)
9390 - (نهى عن الرقى) بوزن العلى جميع رقية بالضم يقال رقاه أي عوذه والنهي عن الرقية بغير القرآن وأسماء الله وصفاته (والتمائم) جمع نميمة ومر أنها خرزت تعلقها العرب على الطفل لدفع العين ثم اتسع فيها فسموا بها كل عوذة (والتولة) بكسر ففتح ما يحبب المرأة للرجل من سحر وغيره كذا جزم ابن الأثير ونقله غيره عن الأصمعي وأقروه لكن الزمخشري اقتصر على أنه التفريق بين الأم وولدها فإنه لما ذكر أن معنى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لا توله والدة على ولدها أي لا تعذر عنه قال: ومنه نهى عن التولة هذا كلامه والمعنى الأول أنسب بالسياق وأما الرقية بالقرآن أو بالأسماء أو بالصفات فجائز كما مر قال ابن التين: الرقى بذلك هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار حصل الشفاء بإذن الله تعالى فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقى المنهى عنها التي يستعملها المعزم ممن يزعم تسخير الجن تأتي مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر أسماء الله وصفاته ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ من مردتهم فلذلك نهى عن الرقى بما جهل معناه ليكون بريئا من شوب الشرك وفي الموطأ أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقى عائشة ارقيها بكتاب الله
(ك عن ابن مسعود)(6/314)
9391 - (نهى عن الركوب على جلود النمار) لما فيه من الخيلاء والزينة أو لأنه زي العجم أو غير ذلك
(د ن عن معاوية)(6/314)
[ص:315] 9392 - (نهى عن الزور) قال قتادة: يعني ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق
(ق عنه) أي عن معاوية وأصله كما في البخاري ومسلم إنه أعني معاوية قال ذات يوم: إنكم قد أحدثتم زي سوء وأن نبي الله نهى عن الزور وفي رواية البخاري ومسلم والنسائي عن ابن المسيب قال: قدم معاوية المدينة فخطبنا وأخرج كبة من شعر فقال ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور(6/315)
9393 - (نهى عن السدل في الصلاة) أي إرسال الثوب حتى يصيب الأرض وخص الصلاة مع أنه منهي عنه مطلقا لأنه من الخيلاء وهي في الصلاة أقبح فالسدل مكروه مطلقا وفي الصلاة أشد والمراد سدل اليد وهو إرسالها أو أن يلتحف بثوبه فيدخل يديه من داخله فيركع ويسجد وهو كذلك كما هو شأن اليهود أو أراد سدل الشعر فإنه ربما ستر الجبهة وغطى الوجه قال العراقي: ويدل عليه قوله (وأن يغطى الرجل فاه) لأنه من فعل الجاهلية كانوا يتلثمون بالعمائم فيغطون أفواههم فنهوا عنه لأنه ربما منع من إتمام القراءة أو إكمال السجود قال البغوي: فإن عرض له ثتاؤب غطى فمه بثوب أو بيد لخبر فيه
(حم 4 ك) في الصلاة من حديث عطاء (عن أبي هريرة) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن الكل رووا الكل والترمذي إنما اقتصر على الجملة الأولى وقال: لا يعرف من حديث عسل بن سفيان اه. قال المناوي: وعسل هو اليربوعي أبو فروة ضعيف وقال الذهبي في المهذب: هذا منكر(6/315)
9394 - (نهى عن السواك بعود الريحان وقال إنه يحرك الجذام) لخاصية فيه علمها الشارع وهذا الحديث هو في نسخ الكتاب كما ترى لكن رأيت المؤلف ساقه بعينه في الموضوعات بلظ نهى عن السواك بعود الريحان والرمان وقال إنه يحرك عرق الجزام فزاد الرمان فإما أن يكون سقط من قلم النساخ هنا أو من قلم المؤلف نفسه وفي شرح أبي داود للمولى العراقي روى ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق ضمرة بن حبيب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان والرمان وقال يحرك عرق الجذام هذه عبارته
(الحرث) بن أبي أسامة في مسنده من حديث الحكم بن موسى عن عيسى بن يونس عن أبي بكر بن أبي مريم (عن ضمرة بن حبيب) بن صهيب الزبيدي بضم الزاي أبي عتبة الضمري تابعي ثقة (مرسلا) قال ابن حجر: هذا مرسل وضعيف اه. وهذا أسنده أبو نعيم عن سمرة بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التخلل بعود الريحان والرمان وقال إنه يحرك عرق الجذام قال ابن محمود شارح أبي داود: وهو ضعيف بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأخرجه الأزدي عن محمد بن الحسين الحافظ عن قبيصة بن ذؤيب نهى عن السواك بعود الريحان والرمان(6/315)
9395 - (نهى عن السوم قبل طلوع الشمس) أي سوم السلعة لكونه وقت ذكر وشغل بالعبادة أو عن الرعي ويقويه قوله (وعن ذبح ذوات الدر) أي ذوات اللبن وهو مصدر در اللبن إذا جرى
(هـ ك عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا ابن أبي شيبة قال في المطامح: وسنده ضعيف(6/315)
9396 - (نهى عن الشرب قائما) فيكره تنزيها لما فيه من الآفات العديدة التي منها عدم استقراره في المعدة حتى يقسمه [ص:316] الكبد على الأعضاء وينزل بسرعة وحده فيخاف منه أن يبرد حرارة المعدة ويسرع النفوذ إلى الأسافل بغير تدريج وكل ذلك مضر ولا ينافيه أنه فعله لأنه فعله نادرا أو لحاجة أو ليرى الناس أنه غير صائم ولا يعترض بالعوائد لأنها بمنزلة الخارج عن القياس إذ هي تهدم أصولا وتبني أصولا قال ابن العربي: وللمرء ثمانية أحوال قائم ماش مستند راكع ساجد متكئ قاعد مضطجع كلها يمكن الشرب فيها وأمناها وأكثرها استعمالا القعود والقيام فنهى الشرع عنه لما فيه من الاستعمال المؤذي للبدن قال في المفهم: لم يصر أحد إلى أن النهي في الحديث للتحريم ولا التفات لابن حزم وإنما حمل على الكراهة والجمهور على عدم الكراهة فمن السلف الشيخان والمرتضى ثم مالك تمسك بشربه من زمزم قائما وكأنهم رأوه متأخرا عن النهي فإنه في حجة الوداع فهو ناسخ وحقق ذلك حكم الخلفاء الثلاثة بخلافه ويبعد أن يخفى عليهم النهي مع شدة ملازمتهم له وتشديدهم في الدين وهذا وإن لم يصلح للنسخ يصلح لترجيح أحد الحديثين ومن قال بالكراهة جمع بأن فعله بين الجواز ونهيه يقتضي التنزيه (والأكل قائما) قال قتادة: قلنا لأنس فالأكل قائما فقال: هو أيسر من الشرب ووجهه بعضهم بأنه يورث داءا في الجوف قال في المفهم: وهذا شيء لم يقل به أحد فيما علمت وعلى ما حكاه النقلة الحفاظ فهو رأيه لا روايته والأصل الإباحة والقياس خلى عن الجامع أي فلا يكره بحال
(الضياء) من حديث قتادة (عن أنس) بن مالك(6/315)
9397 - (نهى عن الشرب من في السقاء) أي فم القربة لأن انصباب الماء دفعة واحدة في المعدة ضار جدا وقد يكون فيه ما لا يراه الشارب فيدخل جوفه فيؤذيه ولأنه قد ينتنه بتردد أنفاسه فيعاف ولأن الشرب كذلك يملأ الجوف من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء ويزاحمه أو يؤذيه قال ابن القيم: أما الكرع بالفم فتكاد الأطباء تحرمه ويقولون مضر بالمعدة جدا ثم إن ما تقرر لا ينافيه ما في الشمائل أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قام إلى قربة معلقة فشرب من فمها فقطعت ميمونة أو أم سليم موضع فمه فاتخذته عندها تبركا لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ليس كغيره تبركا وطهارة وعطرية وأمنا من الغوائل والحوادث
(خ د ت هـ عن ابن عباس) ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة لكن الصدر المناوي قال: رواه الجماعة كلهم في الأشربة إلا مسلما(6/316)
9398 - (نهى عن الشرب من في السقاء) لا يعارضه ما قبله وخبر الترمذي أنه دعى بأداوة يوم أحد فاختنث فمها ثم شرب منها لأن التعارض إنما يكون بين خبرين صحيحين وخبر الباب صالح للاحتجاج به وأما خبر الترمذي فقال فيه الترمذي نفسه: ليس إسناده بصحيح وبفرض صحته فهو لبيان الجواز أو لكونه في حال الضرورة عند الحرب أو لفقد الإناء أو لكونه لم يتمكن من التفريغ فيه لشغله بأمر العدو أو كان لعذر آخر اقتضاه المقام (وعن ركوب الجلالة) لأنها تعرق فيتلوث الراكب بعرقها كما مر (والمجثمة) هي كل حيوان يربط ويرمى ليقتل سميت به لأنها إذا رميت تجثم بالأرض أي تلزمها وتلصق بها وجثم الطائر جثوما
(حم 3 ك) في الجهاد (عنه) أي عن ابن عباس قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي(6/316)
9399 - (نهى عن الشرب) ألحق به الأكل (من ثلمة القدح) بضم المثلثة محل الكسر منه لأن الوسخ والقذى والزهومة يجتمع في الثلمة ولا يصل إليه الغسل ومن ثم جاء في رواية أنه مقعد الشيطان وأنه لا يتماسك عليه الفم فربما انصب على الشارب (وأن ينفخ في الشراب) أي المشروب بنحو تنفسه فيه ثم يفصل القدح عن فيه ثم يتنفس فقد يسقط من ريقه فيه ما يقذره والنفخ في الطعام كهو في الشراب والنفخ أشد كراهة من التنفس فيه
(حم د ك) في الأشربة (عن [ص:317] أبي سعيد) الخدري وفيه قرة بن عبد الرحمن بن جبريل المصري خرج له مسلم مقرونا بغيره وقال أحمد: منكر الحديث وابن معين: ضعيف(6/316)
9400 - (نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة) والنهي للتحريم لثبوت الوعيد عليه بالنار في عدة أخبار ونقل ابن المنذر الإجماع عليه لكن نوزع بأن معاوية بن قرة أحد التابعين حمله على التنزيه ونقل عن نص الشافعي في القديم وأخذ منه منع الأكل بالأولى وجاء التصريح به في رواية لأحمد وألحق بالشرب والأكل ما في معناها من نحو تطيب وتكحل وسائر وجوه الاستعمال العرفي والرجال والنساء في ذلك سواء عند الشافعية والمالكية والكلام فيما كله ذهب أو فضة أما نحو مخلوط منهما أو مضبب أو مموه فورد فيه خبر الدارقطني والبيهقي من شرب في آنية الذهب والفضة أو في إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم قال البيهقي: المشهور وقفه (ونهى عن لبس الذهب والحرير) ولو ديباجا وهو ما غلظ منه أو رق (ونهى عن جلود النمور أن يركب عليها ونهى عن المتعة ونهى عن تشييد البناء) أي رفعه وأعلاه فوق الحاجة
(طب عن معاوية) ورواه الدارقطني بنحوه عن علي(6/317)
9401 - (نهى عن الشراء والبيع في المسجد) ومثلهما ما في معناهما من العقود فيكره كراهة تنزيه لأن المساجد لم تبن لذلك كما في حديث مسلم (وأن ينشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر) وورد في غير ما خبر الترخيص فيه وجمع بحمل النهي على التنزيه والرخصة على بيان الجواز وبأن المرخص فيه الشعر المحمود كالذي في الزهد ومكارم الأخلاق والمنهي عنه خلافه. مر رجل بالمسجد يبيع فقال له عطاء: عليك بسوق الدنيا فإنما هذا سوق الآخرة (ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) لأنه ربما قطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف الأول فالأول
(حم) في الصلاة (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي: حسن لكن عمرو بن شعيب أي أحد رجاله احتج به قوم ووهاه آخرون(6/317)
9402 - (نهى عن الشغار) بالكسر أي نكاح الشغار وهو أن يزوجه موليته على أن يزوجه موليته معاوضة من شغر الكلب رفع رجله ليبول وشغر البلد من السلطان خلا والنهي للتحريم إجماعا على ما حكاه ابن عبد البر والنووي ونوزعا ويبطل العقد عند الثلاثة للتشريك في البضع أو للشرط أو للخلو عن المهر أو التعليق وقال الحنفية: يصح ويلزم مهر المثل
(حم ق 4) في النكاح (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني عن أبي بن كعب مرفوعا وزاد قالوا: وما الشغار قال: نكاح المرأة بالمرأة لا صداق بينهما(6/317)
9403 - (نهى عن الشهرتين دقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ولكن سداد بين ذلك واقتصاد) أي توسط يقال قصد في الأمر قصدا توسط وطلب الأسد ولم يجاوز الحد وهو على قصد أي رشده وإن خير الأمور [ص:318] أوساطها
(هب عن أبي هريرة وزيد بن ثابت)(6/317)
9404 - (نهى عن الصرف) أي بيع أحد النقدين بالآخر (قبل موته بشهرين) قال بعض شراح مسلم: الصرف بيع ذهب بفضة أو أحدهما بفلوس وقد كرهه جماعة من السلف تمسكا بهذا النهي وسببه ضيق الأمر وكثرة حرجه وعسر التوقي والتخلص فيه من الربا إلا مع سعة العلم وثخانة الدين وقال بعضهم: حكم الصرف أنه مباح الأصل كجنسه الذي هو البيع لكن يكره العمل به لما فيه من الخطر ولهذا ذكر أصبغ من المالكية أنه يكره الاستظلال بحانوت صيرفي
(البزار) في مسنده (طب عن أبي بكرة) قال الهيثمي: فيه بحر بن كثير السقاء وهو ضعيف والحديث في الصحيح من غير ذكر تاريخ اه. ورمز المصنف لحسنه ولعله لتعدد طرقه(6/318)
9405 - (نهى عن الصماء) بالمد أي اشتمالها بأن يخلل نفسه بثوبه ولا يرفعه شيئا من جوانبه ولا يمكنه إخراج يديه إلا من سفله فيخاف ظهور عورته سمى صماء لسد المنافذ كلها كالصخرة الصماء (والاحتباء في ثوب واحد) بأن يقعد على ألييه وينصب ساقيه ويلف عليهما ثوبا أو نحوه وهذه القعدة تسمى الحبوة بضم الحاء وكسرها وكان ذلك عادة العرب وحكمة النهي خوف كشف العورة
(د عن جابر) بن عبد الله(6/318)
9406 - (نهى عن الصورة) أي عن نقش صورة حيوان تام الخلقة على نحو سقف وجدار أو ممتهن كبساط لأنه تشبه بخلق الله وعلى هذا التقرير فالنهي عن نفس التصوير فهو الحرام بالاتفاق وقد عد من الكبائر وأما كون الصورة في البيت فاختلف في تحريمه والجمهور على التحريم فإن قيل: إذا كان التصوير حراما فكيف روي أنه لما وجد خاتم دانيال وجد عليه أسد ولبؤة بينهما صبي يلحسانه وذلك أن بختنصر قيل له يولد له مولود يكون هلاكك على يده فجعل يقتل من يولد فلما ولدت أم دانيال إياه ألقته في غيضة رجاء أن يسلم فقيض الله أسدا يحفظه ولبؤة ترضعه فنقشه بمرأى منه ليتذكر نعمة الله؟ قلنا: شرع من قبلنا ليس شرعا لنا
(ت عن جابر) بن عبد الله(6/318)
9407 - (نهى عن الصلاة إلى القبور) تحذيرا لأمته أن يعظموا قبره أو قبر غيره من الأولياء فربما تغالوا فعبدوه فنهى أمته عنه غيرة عليهم من ركونهم إلى غير الله فيتأكد الحذر لما فيه من المفاسد التي منها إيذاء أصحابها فإنهم يتأذون بالفعل عند قبورهم من اتخاذها مساجد وإيقاد السرج فيها ويكرهونه غاية الكراهة كما كان المسيح يكره ما يفعله النصارى معه
(حب عن أنس) بن مالك(6/318)
9408 - (نهى) نهي تحريم وقيل تنزيه (عن الصلاة) في غير حرم مكة سوى الجمعة بحديثين فيها (بعد) فعل صلاة (الصبح حتى تطلع) وفي رواية تشرق (الشمس) أي وترتفع كرمح كما تقيده رواية حتى ترتفع فالمراد طلوع مخصوص (و) نهى عن الصلاة (بعد) فعل (العصر حتى تغرب) الشمس وفي رواية تغيب فلو أحرم بما لا سبب له أو بما له سبب متأخر أثم ولم تنعقد كصوم العيد بخلاف ما له سبب متقدم أو مقارن فلا يكره عند الشافعية. وقال أبو حنيفة: يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة مطلقا إلا عصر يومه عند الاصفرار وقال مالك: يحرم النفل لا الفرض ووافقه أحمد لكنه جوز ركعتي الطواف وكما تكره الصلاة بعد هاتين تكره من الطلوع إلى الارتفاع كرمح ومن الاستواء إلى الزوال في غير [ص:319] يوم الجمعة ومن الاصفرار إلى الغروب قال ابن حجر: ومحصل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات التي يكره فيها الصلاة خمسة عند طلوع الشمس وعند غروبها وبعد الصبح والعصر وعند الاستواء وترجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس فشمل الصلاة عند الطلوع وكذا من صلاة العصر إلى الغروب ولا يعكر عليه أن من لم يصل الصبح مثلا حتى تغرب يكره له التنفل حينئذ لأن الكلام أجري على الغالب المعتاد وهذه صورة نادرة لا مقصودة
<فائدة> فرق ابن جرير وابن سيرين في الصلاة بعد الصبح والعصر والصلاة عند الطلوع والغروب فقالا تكره في الأوليين وتحرم في الأخريين وقال ابن حزم تبعا لابن عمر تحرم الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وتباح بعد العصر حتى تصفر تمسكا بما رواه أبو داود قال ابن حجر بإسناد قوي إنه نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة
<تنبيه> أخذ بعمومه الجمهور وخصه الشافعي بخبر الحاكم وابن حبان عن جبير بن مطعم لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار. قال بعضهم: وبين الحديثين عموم وخصوص فالأول عام في المكان خاص بالزمان والثاني بالعكس فليس عموم أحدهما على خصوص الآخر بأولى من عكسه
(ق ن عن عمر) بن الخطاب(6/318)
9409 - (نهى عن الصلاة نصف النهار) عند استواء الشمس في قبة الفلك لأن ذلك هو أعلى أمكنتها والسجود في الوقت إذا توهم مضافا إليها كان تعظيما لشأنها وإكبارا لقدرها فنهوا عن الصلاة حينئذ حتى لا يجري هذا الوهم ولا يظن هذا الخيال. قال الطيبي: ونصف ظرف للصلاة على تأويل أن يصلي ويستمر على ذلك (حتى تزول الشمس) أي تأخذ في الميل إلى جهة الغرب في رأى العين وجاء عند مسلم تعليل النهي بأنها ساعة تسجر فيها جهنم واستشكل بأن فعل الصلاة مظنة وجود الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب فكيف أمر بتركها وأجيب بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه وبأن وقت ظهور الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاءا فناسب الإمساك عنها حينئذ فتكره تحريما حال الاستواء عند الأئمة الثلاثة كالجمهور وخالف مالك فعمم الجواز واستثنى الشافعي يوم الجمعة ويدل له قوله (إلا يوم الجمعة) فإنها لا تكره فيه عند الاستواء وهو وإن كان ضعيفا لكن له شواهد جمة
(الشافعي) في مسنده في كتاب الجمعة عن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن سعيد (عن أبي هريرة) قال ابن حجر: وإبراهيم وسعيد ضعيفان اه وقال البيهقي: في إسناده من لا يحتج به لكن إذا انضمت رواياته فطرقه أحدثت بعض قوة وقال ابن سيد الناس: فيه من لا تقوم به الحجة لكن الشافعي لم يعتمد عليه فقط بل احتج بأشياء منها خبر ابن شهاب عن ثعلبة عن أبي مالك أنه قال النهي عن الصلاة عند الاستواء صحيح لكنه خص منه يوم الجمعة بما روي من العمل المستفيض في زمن عمر وهو لا يكون إلا عن توقيف اه وهذا الخبر رواه أيضا أبو داود من حديث أبي الخليل عن أبي قتادة بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا في يوم الجمعة وقال إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة. قال أبو داود: وأبو الخليل لم يلق أبا قتادة وقال في الفتح: في إسناده انقطاع لكن ذكر له البيهقي شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي الخبر اه. وبذلك يتجه رمز المؤلف لحسنه فهو حسن لغيره(6/319)
9410 - (نهى عن الصلاة في الحمام) داخلها ومسلخها والنهي للتنزيه لا للتحريم (وعن السلام على بادي العورة) أي كاشفها عبثا أو لحاجة كقاضي الحاجة فيكره أيضا تنزيها
(عق عن أنس) بن مالك(6/319)
9411 - (نهى عن الصلاة في السراويل) وفي رواية في البخاري في سراويل قال النيسابوري: معناه على تقدير صحته نهى عن الصلاة [ص:320] فيه وحده من غير رداء قال ابن الجوزي: ويدل له ما رويناه عن أبي بريدة عن أبيه مرفوعا نهى أن يصلي الرجل في السروال الواحد ليس عليه غيره
(خط) وكذا الطبراني في الأوسط (عن جابر) بن عبد الله وفيه الحسين بن وردان أورده الذهبي في الضعفاء وقال: لا يعرف وحديثه منكر في ذم السراويل اه. وفي الميزان نحوه وقال ابن الجوزي: حديث لا يصح وقال العقيلي: لا يعرف إلا بحسين بن وردان ولا يتابع عليه وقال الهيثمي: فيه حسين بن وردان قال أبو حاتم: غير قوي(6/319)
9412 - (نهى عن الضحك من الضرطة) لفظ رواية الطبراني الضراط أي نهاهم عن الضحك إذا سمعوا صوت الريح وقال: لم يضحك أحدكم مما يفعل؟ أي أن كل إنسان لا يخلو من ذلك
(طس عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الهيثمي بأن فيه عبد الله بن عصمة النصببي وقد قال ابن عدي: له مناكير اه وفي الميزان: تركه ابن حبان وقال: لا تحل الرواية عنه ثم أورد له هذا له الخبر(6/320)
9413 - (نهى عن الطعام الحار) أي عن أكله (حتى يبرد) أي يصير بين الحرارة والبرودة كما تشير إليه حتى يذهب بخاره
(هب عن عبد الواحد بن معاوية بن خديج مرسلا) وفيه الحسن بن هانئ ويحيى بن أيوب وهما ضعيفان وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليه وليس كما ظن بل خرجه البيهقي نفسه من حديث صهيب مرفوعا بلفظ نهى عن أكل الطعام الحار حتى يمكن(6/320)
9414 - (نهى عن العب نفسا) بفتح الفاء بضبطه (واحدا) لأنه ربما اختنق به ولأنه يورث وجع الكبد كما مر (وقال ذلك شرب الشيطان) نسب إليه لأنه الآمر به والحامل عليه وذكر في حديث آخر أنه شرب البعير قال الحافظ: وذلك لأنها شبيهة بالشياطين في نفارها وفي حديث آخر على ذروة كل بعير شيطان
(هب عن ابن شهاب) الزهري مرسلا(6/320)
9415 - (نهى عن العمرة) أي فعلها (قبل) فعل (الحج) لا يعارضه أنه اعتمر قبل الحج ثلاث عمر وبعد ذلك عمرته في الحجة التي حجها لأنه إنما نهى عن ذلك لسبب وقد زال بإكمال الدين أو يحمل النهي على الندب جمعا بينهما أو أنه إنما نهى عنه لئلا يميل الناس إلى التمتع وخفته فيضيع الإفراد الأفضل عند قوم
(د عن رجل) من الصحابة قال الخطابي: وفي إسناده مقال(6/320)
9416 - (نهى عن الغناء) بالكسر والمد صوت معروف وقد يقصر واصطلاحا رفع الصوت بنحو شعر أو زجر على نحو مخصوص (والاستماع إلى الغناء وعن الغيبة والاستماع إلى الغيبة وعن النميمة والاستماع إلى النميمة)
(طب خط عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف وقال الهيثمي: فيه فرات بن السائب وهو متروك(6/320)
9417 - (نهى عن الكي) نهي تنزيه حيث أمكن الاستغناء عنه بغيره لأنه يشبه التعذيب بعذاب الله الذي نهى عنه ولما فيه من الألم الذي ربما زاد على ألم المرض أما عند تعيينه طريقا فلا يكره فقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ [ص:321] الذي اهتز لموته عرش الرحمن وأبي بن كعب المخصوص بأنه أقرأ الأمة وأما قوله في وصف السبعين ألفا لا يكتوون محمول على ما إذا لم يضطر إليه ومن اعتقد أن مثل سعد بن معاذ وأبي بن كعب لا يصلح أن يكون منهم فقد أخطأ كما ذكره القرطبي وأخرج مسلم عن ابن سعد إن الملائكة كانت تسلم على عمران بن حصين فلما اكتوى انقطع التسليم فلما تركه عاد إليه وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته فاكتوينا فما أفلحنا ولا نجحنا
(طب عن سعيد الظفري) بفتح الظاء المعجمة والفاء وآخره راء نسبة إلى ظفر بطن من الأنصار قال الذهبي: الأصح أنه سعد بن النعمان بدري (ت ك عن عمران) بن الحصين قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي فابتلينا فاكتوينا فلا أفلحنا ولا نجحنا قال الترمذي: حسن صحيح وقال ابن حجر في الفتح: سنده قوي(6/320)
9418 - (نهى عن المتعة) أي عن نكاح المتعة كما هو لفظ رواية أحمد وهو النكاح المؤقت بمدة معلومة أو مجهولة سمى به لأن الغرض منه مجرد التمتع دون النسل وغيره قال بعض الأئمة: هذا من غريب الشريعة فإنه تداوله النسخ مرتين أبيح ثم حرم ثم أبيح ثم حرم فإنه كان جائزا في صدر الدين ثم نسخ في خيبر أو عمرة القضاء أو الفتح أو أوطاس أو تبوك أو حجة الوداع والأصح عند جمع الفتح والنووي الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت مؤبدا قال عياض كابن المنذر وقد جاء عن الأوائل الرخصة ثم فيها وقع الإجماع على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض وأجمعوا على أنه متى وقع الآن أبطل هبه قبل الدخول أو بعده إلا أن زفر جعلها كالشروط الفاسدة ولا عبرة بقوله
<تنبيه> أخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قلت لابن عباس لما أفتى بحل المتعة أتدري ما صنعت ربما أفتيت فسارت بفتياك الركبان وقالت فيه الشعراء قال ما قالوا قلت قالوا
قد قال لي الشيخ لما طال مجلسه. . . يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة. . . تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير قال الهيثمي: فيه الحجاج بن أرطاة ثقة يدلس وبقية رجاله رجال الصحيح
(حم عن جابر) بن عبد الله (خ) في المغازي والذبائح والنكاح (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الطبراني في الأوسط بلفظ نهى عن متعة النساء في حجة الوداع(6/321)
9419 - (نهى عن المثلة) بضم فسكون قطع أطراف الحيوان أو بعضها وهو حي للتشويه به وحديث تحريم المثلة خاص بغير من مثل وإن تمثيل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالعرنيين كان أول الإسلام ثم نسخ أو أنهم مثلوا بالرعاة
(ك عن عمران) بن حصين (طب عن ابن عمر) بن الخطاب (وعن المغيرة) بن شعبة قضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في شيء من الكتب الستة وهو غفلة فقد خرجه أبو داود عن عمران بلفظ ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة اه(6/321)
9420 - (نهى عن المجر) كذا فيما وقفت عليه من نسخ الكتاب والثابت في الأصول الصحيحة نهى عن بيح المجر وهو بفتح الميم وسكون الجيم آخره راء مهملة ما في بطن الحيوان أي عن بيعه وشرائه والشراء به قال الزمخشري: ويجوز تسمية بيع المجر مجرا اتساعا ومجازا ولا يقال لما بالبطن مجرا إلا إذا ثقلت الحامل وأما المجر محركا فداء في الشاة انتهى كلامه
(هق عن ابن عمر) بن الخطاب بسند فيه موسى بن عبيد الزبدي وقال: إنه تفرد به وأنه ضعف بسببه [ص:322] ووافقه على ذلك الذهبي(6/321)
9421 - (نهى) النبي صلى الله عليه وسلم (عن المحاقلة) بيع الحنطة في سنبلها بالبر صافيا لعدم التماثل (و) نهى عن بيع (المخاضرة) بخاءفضاد معجمتين مفاعلة من الخضرة لأن البيع وقع على شيء أخضر وهو الثمار والحبوب قبل بدو صلاحها (والملامسة) بأن يلمس ثوبا مطويا أو في ظلمة ثم يشتريه على أنه لا خيار له إذا رآه أو يقول إذا لمسته فقد بعتكه (والمنابذة) بأن يجعلا النبذ بيعا (والمزابنة) مفاعلة من الزبن الدفع الشديد لأن كلا من المتبايعين يزين الآخر أي يدفعه عن حقه بما يزداد منه فإذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعا فيحرص أحدهما على فسخ البيع والآخر على إمضائه ومنه الزبانية لأنهم يزينون الكفرة في النار وهي بيع تمر يابس برطب وبيع زبيب بعنب كيلا
(خ عن أنس) بن مالك(6/322)
9422 - (نهى عن المخابرة) هي المزارعة على المخبرة أي النصيب ذكره الزمخشري وقال القاضي: هي المزارعة بالنصيب بأن يستأجر الأرض بجزء من ريعها وفساد هذا العقد لجهالة الأجرة وقدرها واشتقافها من الخبر بالضم وهو النصيب ومن الخبر وهو الزراعة ومنه الخبر للنبات والأكار والخبر الأرض اللينة اه والمراد النهي عن العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبدن من العامل وفي رواية نهى عن المخاضرة قال ابن الأثير: وهو بيع الثمار خضرا لم يبد صلاحها
(حم عن زيد بن ثابت) كلام المصنف كالصريح أن ذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول فقد قال الحافظ ابن حجر: إنه متفق عليه من حديث جابر قال: وأخرجه أبو داود من حديث زيد بن ثابت(6/322)
9423 - (نهى عن المراثي) أن يندب الميت فيقال نحو واكهفاه واجبلاه فيحرم لأنه فعل الجاهلية
(د ك عن ابن أبي أوفى)(6/322)
9424 - (نهى عن المزابنة) مفاعلة من الزبن وهو الدفع لأن كلا من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقه أو لأن أحدهما إذا وقف على ما فيه من الغبن أراد دفع البيع عن نفسه وأراد صاحبه دفعه عن هذه الإرادة بإمضاء البيع فيتزابنان
<تنبيه> هذا الحديث رواه أحمد بلفظ نهى عن المزابنة التمر بالتمر قال أبو البقاء: يجوز فيه الجر على البدل والنصب على إضمار أعني والرفع على إضمار هي بيع التمر بالتمر
(ق ن هـ) في البيع (عن ابن عمر) بن الخطاب(6/322)
9425 - (نهى عن المزابنة والمحاقلة) بضم الميم وفتح المهملة من الحقل وهو الزرع إذا تشعب ورقه ولم يغلظ ساقه وأصله الساحة الطيبة التربة الصالحة للزرع ومنه حقل إذا زرع والمحقلة المزرعة وعرفا بيع البر في سنبله بكيل معلوم من بر خالص والمانع فيه عدم العلم بالمماثلة
(ق عن أبي سعيد) الخدري قال ابن حجر: وفي الباب ابن عمر وابن عباس وأنس وأبو هريرة وكلها في الصحيحين أو أحدهما اه(6/322)
9426 - (نهى عن المزارعة) العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبزر من المالك قال الجمهور: لا تصح المزارعة والمخابرة وحملوا الآثار الواردة بخلافه على المساقاة
(حم) في البيع (عن ثابت بن الضحاك) الأشهلي قيل هو ممن بايع تحت الشجرة وقد مر وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته في صحيح مسلم وأمر بالمؤاجرة وقال: [ص:323] لا بأس بها اه بنصه(6/322)
9427 - (نهى عن المزايدة) أي أن يزيد في ثمن السلعة لا لرغبة فيها والنهي للتحريم
(البزار) في مسنده (عن سفيان بن وهب) الخولاني شهد حجة الوداع وشهد فتح مصر رمز لصحته(6/323)
9428 - (نهى عن المقدم) بفاء ودال مهملة الثوب المشبع حمرة بالعصفر كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ وفيه حجة لمن ذهب إلى تحريم لبس المعصفر على الرجل وعليه الحليمي والبيهقي من أصحابنا وحمل الشافعي النهي على الكراهة وكرهه مالك للرجال والنساء
(هـ) من رواية يزيد بن أبي زياد عن الحسن بن سهيل (عن ابن عمر) بن الخطاب قال: نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المقدم قال يزيد: قلت للحسن ما المقدم قال: المشبع بالعصفر(6/323)
9429 - (نهى عن المنابذة) وهو أن يجعل نبذ المبيع بيعا أو قاطعا للخيار (وعن الملامسة) وهو أن يكتفي باللمس عن النظر ولا خيار بعده ويجعلا اللمس بيعا أو قاطعا للخيار
(حم ق د ن هـ عن أبي سعيد) الخدري(6/323)
9430 - (نهى عن المواقعة) وفي رواية الوقاع أي الجماع (قبل الملاعبة) كذا هو في نسخة المصنف بخطه باللام وفي نسخ وهو رواية بالدال بدل اللام
(خط) في ترجمة المظهري الشيرازي (عن جابر) بن عبد الله وفيه خلف بن محمد الخيام قال في الميزان: قال الحاكم: سقط بروايته حديث نهى عن الوقاع قبل الملاعبة وقال الخليلي: خلط وهو ضعيف جدا روى متونا لا تعرف وفيه عبد الله العتكي أدخله البخاري في الضعفاء ونوزع(6/323)
9431 - (نهى) نهي تحريم أو تنزيه (عن المياثر الحمر) جمع ميثرة بالكسر مفعلة من الوثارة بالمثلثة وهي لبدة الفرس تتخذ من حرير أحمر وهي وسادة السرج يعني نهى عن الركوب على دابة على سرجها وسادة حمراء لأنها من مراكب الأعاجم المتكبرين (والقسى) بفتح القاف وكسر السين المشددة أي ونهى عن لبس القسى نوع من الثياب فيه خطوط من حرير منسوبة إلى قس قرية بمصر على ساحل البحر قال الحافظ العراقي: فإن كان حريره أكثر فالنهي للتحريم وإلا للتنزيه
(خ ت) في اللباس (عن البراء) بن عازب ورواه ابن ماجه عن علي فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة غير جيد(6/323)
9432 - (نهى) قال ابن حجر: هكذا عندهم على البناء للمجهول وهو محمول على الرفع اه (عن الميثرة الأرجوان) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم: صبغ أحمر أو صوف أحمر يتخذ كالفرش الصغير ويحشى بنحو قطن أو صوف يجعله الراكب تحته فوق الرحل أو السرج فإن كان من حرير فالنهي للتحريم أو من غيره فللتنزيه لما فيه من الترفه والتشبه بعظماء الفرس فإنه كان شعارهم في ذلك الوقت فلما لم يصر شعارهم زال ذلك المعنى فزالت الكراهة ذكره الزين العراقي وليس علة النهي كونه أحمر لما تبين في عدة أخبار من حل لبسه وقد لبسه المصطفى صلى الله عليه وسلم
(ن عن عمران) بن حصين رمز لحسنه وقضية تصرف المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل هو عند أبي داود أيضا عن على بلفظ نهى عن مياثر الأرجوان قال ابن حجر: وسنده صحيح(6/323)
[ص:324] 9433 - (نهى عن النجش) بنون مفتوحة وجيم ساكنة وشين معجمة وضبطه المطرزي بتحريك الجيم وجعل السكون رواية وهو الزيادة في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره من نجشت الصيد إذا أثرته كأن الناجش يثير كثرة الثمن بنجشه وحرم إجماعا على العالم بالنهي وإن لم يواطئ البائع لأنه خداع وغش والنهي للبطلان عند قوم وللتحريم فقط عند الشافعي وفسر النجش بأعم من ذلك وهو المكر والخداع والاحتيال للأذى
(ق ن هـ عن ابن عمر) بن الخطاب(6/324)
9434 - (نهى عن النذر) لأن من لا ينقاد إلى الخير إلا بقائد من نحو نذر أو يمين فليس بصادق في التقرب إلى ربه وعلله في خبر آخر بأنه لا يغني من الله شيئا وإنما يستخرج به من مال البخيل وهو يفهم أن النذر المنهي عنه ما قصد به تحصيل غرض ودفع مكروه على ظن أن النذر يرد عنه القدر وليس مطلق النذر منهيا عنه إذ لو كان كذا لما لزم الوفاء به
(ق د ن هـ) في النذور (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الطبراني وزاد وأمر بالوفاء به وسنده صحيح(6/324)
9435 - (نهى عن النعي) أي نعي الجاهلية أي إذاعة موت الميت والنداء به وندبه وتعديد شمائله كانت العرب إذا مات منهم شريف أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل ينعاه يقول نعاء فلانا أي أنع فلانا وفيه تحريم النعي وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره كما تقرر أما الإعلام بموته والثناء عليه فلا ضير فيه لما في الصحيحين أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعا
(حم ت هـ عن حذيفة) رمز المصنف لحسنه(6/324)
9436 - (نهى عن النفخ في الشراب) لأنه يغير رائحة الماء وقد يقع فيه شيء من الريق فيعافه الشارب ويستقذره والنهي للتنزيه قال ابن العربي: لكن إن علم أنه يناوله لغيره بعده حرم لأنه إضرار به وقال الحافظ العراقي: فيه كراهة النفخ في الإناء الذي يشرب فيه سواء فيه الماء واللبن والنهي للتنزيه لا للتحريم ولا فرق بين كون النفخ فيه لحاجة أو لا كما دل عليه حديث يا رسول الله القذاة أراها في الإناء فلم يرخص له في النفخ
(ت عن أبي سعيد) الخدري وقال: صحيح(6/324)
9437 - (نهى عن النفخ في الطعام) لأنه يؤذن بالعجلة وشدة الشره وقلة الصبر قال المهلب: ومحل ذلك إذا أكل مع غيره فإن أكل وحده أو مع من لا يتقذر منه شيئا كزوجته وولده وخادمه وتلميذه فلا بأس أو نحو ذلك (و) في (الشراب) لما ذكر لاشتراكهما في العلة المذكورة
(حم عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه البزار عن أبي هريرة باللفظ المزبور قال الحافظ العراقي: وهو في أبي داود والترمذي أيضا لكنهم قالوا في الإناء(6/324)
9438 - (نهى عن النهبى) بضم النون وسكون الهاء مقصورا أي أخذ ما ليس له قهرا جهرا فنهب مال الغير غير جائز ويجوز بالإذن في الموهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره إلا أنه ليس على ما ينبغي فإن أصل الحديث كما في شروح الصحيحين وغيرهما أنه كان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل من الغارات فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك وتشديد النهي (والمثلة) بضم فسكون [ص:325] مصدر مثل بالمقتول أي جدعه أو قطع عضوه والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة أو مؤولة كما سبق
(حم خ) في المظالم (عن عبد الله بن زيد) بن عبد ربه الأنصاري صحابي مشهور وهذا مما انفرد به البخاري عن الستة وهذا الحديث لم أره في نسخة المؤلف التي بخطه(6/324)
9439 - (نهى عن النفخ في السجود) تنزيها إن لم يظهر منه شيء من الحروف وتحريما إن بان منه حرفان أو حرف مفهم لبطلان الصلاة بذلك (وعن النفخ في الشراب) بل إن كان حارا صبر حتى يبرد وإن كان قذاة أزالها بنحو خلال أو أمال القدح لتسقط أو أبدل الماء إن أمكن قال الحافظ العراقي: وكراهة هذا النفخ في ثلاثة مواضع في الشراب والطعام والسجود والعلة مختلفة لمعان مختلفة أما في الشراب فبين سؤال الرجل الذي يرى القذاة ويراد به في الطعام تبريده ولم يأذن بالنفخ فيه للتبريد بل نهى عن أكله حارا وأما النفخ في السجود فالظاهر أن النهي عنه خشية أن يخرج مع النفخ حرفان نحو أف فتبطل الصلاة أو خوف أن يكون فمه متغيرا فيتأذى به الملك
(طب عن زيد بن ثابت) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الزين العراقي: فيه خالد بن إلياس وهو متروك وقال البيهقي: حديث زيد بن ثابت مرفوعا ضعيف بمرة(6/325)
9440 - (نهى عن النهبة) أي أخذ المال بالغارة يعني أن يأخذ كل واحد من الجيش ما وجد من الغنيمة من الكفار بل يلزمهم جمع الغنيمة عند الإمام ليقسم بينهم بحكم الشرع (والخليسة) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وفتح السين ما يستلخص من السبع فيموت قبل ذكاته فعيلة بمعنى مفعولة
(حم عن زيد بن خالد) الجهني رمز المصنف لحسنه(6/325)
9441 - (نهى عن النوح) على الميت (والشعر) أي إنشاؤه أو إنشاده (والتصاوير) التي للحيوان التام الخلقة بخلاف نحو الشجر والقمرين وحيوان مقطوع الرأس أو اليدين (وجلود السباع) أن تفرش لأنه دأب الجبابرة وحلية المترفين (والتبرج) إظهار المرأة زينتها ومحاسنها لأجنبي (والغناء) أي فعله أو استماعه (والذهب) أي التحلي به للرجال (والخز والحرير) أي لبسه للرجال بلا عذر
(حم عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه(6/325)
9442 - (نهى عن النوم قبل العشاء) أي قبل صلاة العشاء لتعريضها للفوات باستغراق النوم أو تفويت جماعتها كسلا أو تأخيرها عن وقتها المختار أو عن قيام الليل وكان عمر يضرب الناس على ذلك ويقول اسهروا أول الليل فيكره تنزيها لا تحريما لا يقال إذا كانت العلة ما ذكر فينبغي أن يفرق بين الليل الطويل والقصير لأنا نقول الأولى إطلاق الكراهة لأن الشيء إذا شرع لكونه مظنة قد يستمر فيصير هيئة (وعن حديث بعدها) أي بعد صلاتها فيما لا مصلحة فيه
(طب عن ابن عباس) قال الهيثمي: فيه أبو سعد عود المكي ولم أر من ذكره(6/325)
9443 - (نهى عن النياحة) وهي قول واويلاه واحسرتاه والندبة على عد شمائل الميت فيحرم
(د عن أم عطية) رمز المصنف لصحته(6/325)
[ص:326] 9444 - (نهى عن الوحدة) وهي (أن يبيت الرجل) ومثله المرأة (وحده) أي في دار ليس فيها أحد
(حم عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز المصنف لحسنه وهو تقصير بل حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح(6/326)
9445 - (نهى عن الوسم) بسين مهملة وقد رواه بعضهم بمعجمة وهو وهم (في الوجه) أي الكي فيه بنار من السمة وهي العلامة بنحو كي فيحرم وسم الآدمي لكرامته وكذا غيره على الأصح عند الشافعية أما وسم غير الآدمي في غير وجهه فسائغ اتفاقا بل يسن في نعم الجزية والزكاة وهو مستثنى من تعذيب الحيوان بالنار للمصلحة الراجحة لكن ينبغي كما قال القرطبي أن يقتصر فيه على خفيف يحصل به المقصود ولا يبالغ في التعذيب ولا التشويه (والضرب في الوجه) من كل حيوان محترم ولو غير آدمي لكنه فيه أشد لأنه مجمع المجاسن ولطيف يظهر فيه أثر الضرب فربما شانه وربما أعدم بعض الحواس قال جدنا للأم الزين العراقي: وفيه دليل على تحريم ما اعتاده الحبشة من الكي والشروط في الوجه بل يحرم الكي في جميع بدن الآدمي كما في شرح مسلم للنووي
(حم م ن عن جابر) بن عبد الله(6/326)
9446 - (نهى عن الوشم) بالشين المعجمة فيحرم في الوجه بل وفي جميع البدن لما فيه من النجاسة المجتمعة وقد جاء في عدة طرق لعن فاعله كما سبق
(حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه(6/326)
9447 - (نهى عن الوصال) تتابع الصوم فرضا أو نفلا من غير فطر ليلا ودخول الليل وقت فطر وليس بفطر وخبر إذا أقبل الليل من ههنا محمول على وقته وإلا لم يتصور الوصال فلم يحرم وقيل صوم السنة من غير أن يفطر الأيام المنهية وموجب النهي إيراث الضعف والملل والعجز عن المواظبة على بقية العبادات والنهي للتحريم على الأصح عند الشافعية وللتنزيه عند مالك والحنابلة وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته فقال له رجل من المسلمين: إنك تواصل قال: وأيكم مثلي؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم رأوا الهلال فقال: لو تأخر لزدتكم كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا اه. واللفظ للبخاري قال البيضاوي: يريد بقوله أيكم مثلي: الفرق بينه وبين غيره لأنه تعالى يفيض عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه من حيث إنه يشغله عن احتباس الجوع والعطش ويقوم على الطاعة ويحرسه عن تحليل يفضي إلى هلاك القوى وضعف الأعضاء
(ق عن ابن عمر) بن الخطاب (وعن عائشة وعن أبي هريرة)(6/326)
9448 - (نهى عن إجابة طعام) أي الإجابة إلى أكل الطعام (الفاسقين) لأن الغالب عدم تجنبهم للحرام ولا ينافيه الأمر بإحسان الظن بالمسلم وظاهر حاله تجنب الحرام لأن الكلام في الفسقة المعلنين بفسقهم فنهى عن الإجابة إلى طعامهم زجرا لهم ليرتدعوا فهو من قبيل انصر أخاك ظالما أو مظلوما ومنه أخذ عدم لزوم إجابة وليمة العرس إذا كان هناك منكر
(طب عن عمران) بن حصين قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني: فيه أبو مروان الواسطي ولم أجد من ترجمه اه. وأقول: فيه من طريق البيهقي أبو عبد الرحمن السلمي وقد سبق أنه كان يضع الحديث(6/326)
9449 - (نهى عن اختناث الأسقية) أي أن تكسر أفواه القرب ويشرب منها لأنه ينتنها بما يصيبه من نفسه وبخار معدته [ص:327] وقد لا تطيب نفس أحد للشرب منه بعده أو لأنه ينصب بقوة فيشرق به فتقطع العروق الضعيفة التي بإزاء القلب أو لغير ذلك فكره تنزيها لا تحريما اتفاقا ولأحاديث الرخصة في ذلك وإباحته ذكره النووي والاختناث الإمالة والتكسر ومنه المخنث من الرجال وهو الذي يتكسر في مشيه وكلامه كما مر وفعل النبي صلى الله عليه وسلم للاختناث يوم أحد إنما كان للضرورة لكونها حالة حرب قال في المفهم: وأصل هذه اللفظة التكسر والتثني ومنه المخنث وهو من يتكسر في كلامه تكسر النساء ويتثنى في مشيه مثلهن ولا ينافيه نهيه هنا أنه قام إلى قربة فخنثها وشرب منها على أنه علم أنه لم يكن فيها شيء يضر وأنه لم يستقذر منه شيء
(حم ق د ت هـ عن أبي سعيد) الخدري زاد مسلم في رواية عنه أن يشرب من أفواهها وفي أخرى عنه أيضا واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منها(6/326)