كتاب الزهد والرقائق
(... ) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْن أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أبُو أسَامَةَ وَاثنُ نُمَيْرٍ،
عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَنَا الإسْنَادِ: إنْ كُنَّا لَنَمْكُثُ* وَلَمْ يَذْكُرْ: آلَ مُحَمَّدٍ.
وَزَادَ أبُو كُرَيْبِ فِى حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ: إلا ال يأتِينَا اللُّحَيْمُ.
27 - (2973) حدثّنا ائو كُرَيْب، مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء بْنِ كُرَيْمب، حَدتَّشَا أبُو أسَامَةَ،
عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ+ تُوُفِّىَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَمَا فِى رَفِّى منْ شَىْء يَأكُلُهُ فُو كَبِدٍ، إلا شَطرَ شَعِيرٍ فى رَفٍّ لِى، فاكَلتُ مِنْهُ حَتَّى طًالَ عَلَىَّ، فَكِلتُهُ فَفَنِىَ.
28 - (2972) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، حَد، شَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أبِى حَازمٍ، عَنْ ائيه،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ، أنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: وَالله يَا ابْنَ اخْتِى، إنْ كُنَّا لنَنْظُرُ إلى الهلال ثُمَّ الهِلال ثُمَّ الهِلالِ، ثًلالَةَ أهلَّة فِى شَهْرَيْنِ، وَمَا أَوقِدَ فِى ائيَات رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَارَ.
قَالً: قُلتُ.
يَا خَالَةُ، فَمَا كَانَ يُعَيِّشُكُمْ ؟ قَالَت: الأسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالمَاءُ، إلاَ أنَّهُ قَدْ كَان لرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) جيرَان! مِنَ الأنْصَارِ، وَكَانَتْ لًهُمْ مَنَائِحُ، فَكَانُوا يُرْسِلُونَ إلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ ألبًانِهَا، فَيَسقِينَاهُ.
29 - (2974) حلثّنى أبُو الطَّاهِر أحْمَدُ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى أبُو صَخْرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطِ.
ح وَحَد"شِى هرونَ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، عروة.
والقائل يحيى بن يمان: حدثنا عمرو الناقد، وفى نسخة ابن الحذاء: حدثنا عمرو الناقد، قال: حدثنا عبدة قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن هشام، وهو وهم، وليس يروى عبدة عن يحيى بن يمان، والصواب رواية الجلودى.
قال القاصْى: وعند الأسدى (1) من شيوخنا: حدثنا عمرو الناقد، حدثنا عبدة بن سليمان ويحيى بن يمان، حدثنا هشام.
وهو صحيح.
وعند التميمى عن الجيانى: ويحيى بن يمان، حدثنا هشام.
وهو صحيح أيضا، راجع إلى معنى رواية الجلودى.
وقولها: " شطر شعير فى رف لى)، قال القاصْى: الرف: خشب يرفع عن الأرض
فى البيت، يوفى عليه ما يرفع، قاله الحربى.
وقال غيره: هو القرية (2).
والشطر: نصف الوسق، قاله ابن أبى حازم.
ونصف كل شىء شطره.
وفى هذا أنّ البركة اْكثر ما توجد فى المجهولات والمبهمات، واْما ما حصر بالعدد / أو بالكيل فمعرّف (3) قدره.
(1) فى ح: التميمى.
(3) هكذا فى الأصل، وفى ح: فيعرف.
(2) فى ح، والرسا لة: الغرفة.(8/524)
كتاب الزهد والرقائق
525
أخْبَرَنِى أبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْط، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ - زَوْجِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَتْ: لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَمَا شَبِعَ مِنْ خبزِ!زَيْمت، فِى يَوْمٍ وَاحِدِ، مَرتًيْنِ.
30 - (2975) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَكِّىُّ العَطَارُ،
عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ أمِّه، عَنْ عَائشَةَ.
ح وَحَد"ننَا سَعيدُ بْنُ مَنْصُور، حَد، شَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العطار، حلَثنى منصور بن عبد الرحمن الَحَجبِىُّ، عَنْ أمًّهِ صَفيَّة، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: تُوُفَىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ شَبِعَ النَّاسُ مِنَ الأسْوَ!يْنِ: التَّمْر وَالمَاءِ.
31 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورِ
ابْنِ صَفيَّةَ، عَنْ امِّه، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: تُوُفِّىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَدْ شَبِعْنَا مِنَ الأسْوَدَيْنِ: المَاءِ وَالَتَّمْرِ.
(... ) وحدئمنا أبُوكُرَيْب، حَد، شَا الأشْجَعِىُّ.
ح وَحَد، شَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ، حدثنا أبُو أحْمَدَ، كِلاهُمَا عَنْ سُفيَانَ، بِهذَا الإسْنَادِ، غَيْرَ أنَّ فِى حَدِيثِهِمَا عَنْ سُفْيَانَ: وَمَا شَبِعْنَا مِنَ ا لأسْوَدَيْنِ.
32 - (2976) حدئمنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد وَابْنُ ائى عمَرَ، قَالا: حدثنا مَرْوَانُ يَعْنيَانِ الفَزَارِىَّ - عَنْ يَزيدَ - وَهُوَ ابْنُ كَيْسانَ - عًنْ أبِى حَازِمِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: وَالًّذى نَفْسى بِيَدِهِ - وَقَالَ ابْنُ عَبَّادِ: وَالَّذِى نَفْسُ أبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ - مَا أشْبَعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أهلَهُ ولا يعارض هذا الكيل فى إخراج النفقة لما جاء: (كيلوا طعامكم يبارك لكم) (1) إذا
بقى الأصل مجهولا، بل فى كيل ما يخرج البركة فى الباقى وحسن النظر، والإخراج عن الحزر والجزاف بسبب التبذير، واخراج اكثر من الحاجة، وليس ذلك من تدبير المعيشهَ التى هى أحد اليسارين.
وهذا معنى الحديث الآخر (2)، ولا تعارض بينهما.
قال الإمام: وخرج مسلم بعد هذا: حدثنا محمد بن عباد وابن أبى عمر قال: حدثنا مروان عن يزيد بن كيسان الحديث.
وقع فى نسخة ابن الحذاء عن ابن ماهان: حدئنا محمد بن غسان وابن أبى عمر، جعل (غسان) موضع (عباد)، وهو وهم، والصواب: محمد بن عباد، وهو المكى.
(1) الخارى، كالبيوع، بما يتحب من الكيل 3 / لما.
(2) الذى ذكره الجارى: قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): " اكتالوا حتى تشوفوا) وقوله: " فما زال يكيل لهم حتى أداه)، كالبيوع، باليهل على الباخ والمعطى 3 / لما.
526(8/525)
كتاب الزهد والرقائق
ثَلالَةَ أيَّامٍ تِبَاعًا، مِنْ خبزِ حِنْطَة، حَتَى فَارَقَ الدُّنْيَا.
33 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنْ حَاتِبم، حَد، لَنَايحيى بْنُ سَعيد، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، حَدثنِى أبُو حَازِم قَالَ: رَايْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يُشيرُ بإصْبَعِهِ مِرَارًا يَقُولُءً وَالَّذِى نَفْسُ أبِى هُرَيْرَة بِيَدِهِ، مَا شَبِعَ نَبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَأهْلُهُ ثَلاثَةَ أيَّابم تِبَاعًا، مِنْ خبزِ حِنْطَةٍ، حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
34 - (2977) حل!ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قَالا: حدثنا أبُو الأحْوَصِ، عَنْ سِمَاك، قَالَ: سَمعْتُ النُّعمَانَ بْنَ بَشيرٍ يَقُولُ: ألَسْتُمْ فِى طَعَامٍ وَشَرَاب مَا شِئْتُمْ ؟ لَقَدْ رَأيْتُ نَبِيّكُمْ ( صلى الله عليه وسلم ) وَمًا يَجِدُ مِنَ الدَّقَلِ مَا يًمْلأُ بِهِ بَطنَهُ.
وَقُتَيْبَةُ لَمْ يَذْكُرْ: بِهِ.
35 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا يَحْيَى بْنُ اَدَمَ، حدثنا زُهَيْر.
ح وَحَد*شَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أخْبَرَثَا الملائى، حَدثنَا إسْرَائيلُ، كِلاهُمَا عَنْ سِمَاك، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَزَادَ فى حَدِيثِ زُهَيْرٍ: وَمَا تَرْضَوْنَ دُونَ ألوَانِ التَّمْرِ وَالزُّبْدِ.
36 - (2978) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَئى - قَالا:
قال القاصْى: وقد جاء بعد فى الحديث نفسه: وقال ابن عباد: (والذى نفس أبى هريرة بيده لا.
كذا لجميعهم.
ولابن ماهان: وقال ابن اْبى عمر.
وقوله: (ما يجد من الدقل ما يملاْ بطنه ": الدقل: ثمر الدوم، وهو شبه النخل،
وهو حب كبير لها نواة ممدودة بمقدار الخرزة يشبه نواء الثمر، فإذا يبس صار ما عليه شبه الليف.
واختلاف ألفاظ هذه الأحاديث باختلاف معانيها، فجاء أنه دا ما شبع من خبز بر ثلاثا تباعا)، فهو اْصل فى اختصاص هذا التوالى بالبر.
وجاء فى حديث اخر: (من خبز وزيت فى يوم واحد مرتين فهو توالى ذلك بإدام، وعليه يحمل ما لم يذكر به الإدام.
قوله فى الحديث الاَخر: (ما شبع كل محمد يومين من خبز إلا واْحدهما تمر! (1) وفى رواية: دا من خبز بر) (2) وهذا فى عموم الآل كله، لم يتفق لهم ذلك فى يومين.
وقد يخصه هو فيتفق له[ ذلك] (3) فى يومين ولا يتفق فى ثلاثة.
(1) حديث رقم (25) بالباب.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) حديث رقم (23) بالباب.(8/526)
كتاب الزهد والرقائق
527
حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد*شَا شُعْبَةٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْب، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يَخْطُبُ قَالَ: ذَكَرَ عُمَر مَا أصَابَ النَّاسُ منَ الدُّنْيَا.
فَقَالَ: لًقَدْ رأيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَظَلُّ اليَوْمَ يَلتَوى، مَا يَجِدُ دَقلاً يَمْلأُ بِهِ بَطنَهُ.
وقوله: (ما توفى حتى شبع الناس من الأسودين التمر والماء " وذلك الا فُتحت خيبر.
وذكر الماء هنا على طريق التيع للتمر لانطلاق اسم الاَسودين عليهما، وإلا فقد كانوا يشبعون من الماء ولا يتعذر عليهم جملة وعلى ما تقدم بتآلف الروايات ولا يتعارض.
وفى هذه الاَحاديث التى جاءت فى عيش النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وتعلله، ودعائه أن يجعل الله
رزقه قوتا، دليل على فضل الزهد فى الدنيا والتقلل منها.
وهذا مما لا خلاف فى فضيلته لخفة حسابه.
!كنما اختلف العلماء اْيهما أفضل: الغنى أم الفقر ؟ واحتجت كل طائفة بحجج، منها: الحديث الذى جاء فى هذا الموضع من دخول الفقراء الجنة قبل الاَغنياء، وغير ذلك، تقدم الكلام عليها مبينا فى كتاب الزكاة.
وقد رأيت لبعض من نصر الغنى من الشارحين - وهو أبو القاسم بن أبى صفرة - أنه لا فضيلة فى السبق إلى الجنة، المذكورة فى هذا الحديث، دإنما الفضيلة فى درجاتها، واحتج بدخول هؤلاء وغيرهم ممن جاء فى الحديث الجنة والنبى بعد فى الشفاعة، قال: ولا بشر أفضل من محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وقد سبقه هؤلاء بدخول - الجنة - قال: وكذلك من فكر من المؤمنين والشهداء وغيرهم ممن يشفع.
قال القاصْى: وهذا مما لا أساعده عليه ؛ لاءنه لم يرد نص بسبقهم للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) [ لدخول الجنة، بل فى نص الحديث: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (1) أول من يفتح له باب الجنة ؛ وأنّ الخازن يقول له: " بذلك أمرت الا أفتح لأحدٍ قبلك) (2)، فأين هذا مما قاله.
وقد يجمع / بين هذا وبين ما جاء فيمن ينطلق به إلى الجنة فى الموقف، والنبى ( صلى الله عليه وسلم )
فى الشفاعة وغير ذلك، مما جاء فى الحديث أن يكون النبى ( صلى الله عليه وسلم ) [ عليهم] (3) يدخلهم ويستفتح لهم ويدخل معهم، ئم يرجع إلى شفاعته، وهو فى ذلك فى الجنة، كما جاء فى الحديث: (أدخل الجنة من امتك من الباب الأيمن من لا حساب عليه) (4) فانظر كيف جاء أدخلهم مع اْن ما فيه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من لذة الحظوة وبلوغ الأمل فى الشفاعة، والقرب من الله تعالى، والنظر إليه اْلذ من كل نعيم.
ويحتمل اْن هؤلاء السابقين إلى الجنة ينعمون فى أفنيتها وظلالها، ويتلذذون بما هم
(1) سقط من ز، واستدرك فى ح.
(3) ساقطة من ح، والمئبت من ز.
(2) سبق فى كالإيمان، برقم (197).
(4) سبق فى كالإيمان، برقم (194).
528(8/527)
كتاب الزهد والرقائق
37 - (2979) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى ائو هَانِئي، سَمِعَ أبَا عَبْد الرَّحمَنِ الحُبُلِىَّ يَقُولُ: سَمعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنَ العَاصِ، وَسألَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: ألَسْنَا منْ فُقَرَاء المُهَاجِرِينَ ؟ فَقًالَ لَهُ عَبْدُ اللهَ: ألَكَ امْرَاةٌ تَأوِى إلَيْهَا ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: ائَكَ مَسَكَنٌ تَسكُنُهُ ؟ قَألَ: نَعَمْ.
قَالَ: فأنْتَ مِنَ الأغْنيَاء.
قَألَ: فَإنَّ لِى خَالِمًا.
قَالَ: فَأنْتَ مِنَ المُلُوكِ.
(... ) قَالَ أبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَجَاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، وَأنَا عِنْدَهُ، فَقَالُوا: يَا أبَا مُحَمَّد، إئا، وَاللهِ، مَأ نَقْدِرُ عَلَى شَىء.
لا نَفَقَة، وَلا دَابَّة، وَلا مَتَاع.
فَقَالَ لَهُمْ: مَا شِئتُمْ إن شِئْتُمْ رَجَعْتُمْ إلَيْنَا فَأعْطَيْنَاكُمْ مَأ يَسَّرَ اللهُ "لَكُمْ، وَإنْ شِئْتُمْ ذَكَرْنَا أمْرَكُمْ لِلسئُلطَانِ، وَإنْ شئتُمْ صَبَرْتُمْ فَإنِّى سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقولُ: (إنَّ فُقَرَأ ءَ المُهَاجِرينَ يَسْبِقُونَ الأغْنِيَاءً، يَوْمَ القِيَامَةِ، إلَى الجًنَّةِ، بِأرْبَعِينَ خَرَيفًا لما.
قَألُوا: فَإنَّا نَصْبِرُ، لا نَسْألُ شَيْئا.
فيه إلى أن يدخل محمد ( صلى الله عليه وسلم ) - الجنة بعد تمام شفاعته، ثم يدخلونها معه على قدر منازلهم وسبقهم - والله أعلم.
وقوله: " أربعون خريفا): أى أربعون سنة، والخريف السنة، والخريف أيضا:
أحد فصولها.(8/528)
كتاب الزهد والرقائق / باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا...
إلخ
529
(1) باب لا تدخلوا مساكن الدين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين 38 - (2980) حدّثنا يَحْمى بْنُ أيُّوبَ وَقَتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، جَميعًا عَنْ إسْمَاعِيلَ.
قَالَ: ابْنُ أيُّوبَ: حَد*شَا إسْمَاعيلُ بْنُ جَعْفَر، أخبَرَنِى عَبْدُ الله بْنُ دينًارٍ ؛ ائهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اَلله ( صلى الله عليه وسلم ) لأصْحَابِ الحِجْرِ: " لَا تَدْخُلُوا عَلى هَؤُلاَ القَوْم الَمُعَذَبِينَ، إلا أنْ تَكُونوا بَاكِينَ، فًإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أنْ يُصِيبَكمْ مِثْلُ مَا أصَابَهُمْ).
39 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ - وَهُوَ يَذْكُرُ الحجْرَ، مَسَاكِنَ ثَمُودَ - قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدًا لله: إنًّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولَِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى الحجْرِ.
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّنِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ، إلا أنْ تَكُوَنوا بَاكِينَ، حَنَرًا أنْ يُصِيْبًكُمْ مِثْلُ مَا أصَابَهُمْ) ثُمَّ زَجَرَ فَأسْرعً حَتَّى خَفَفَها.
40 - (2981) حدّثنى الحَكَمُ بْنُ مُوسَى أبُو صَالِحٍ، حَد*شَا شُعَيْبُ بْنُ إسْحَاقَ، أخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله عَنْ نَافِع ؛ أنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ أخْبَرَهُ ؛ أنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى الحِجْرِ، أرْضِ ثَمُودَ، فَاسْتَقوا مِنْ آبَارِهَا، وَعَجَنُوا بِهِ العَجِينَ، فَأمَرَهُم رَسُولُ
قوله فى النهى عن الدخول على أصحاب الحجر: ا لا تدخلوا عليهم إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم): كذا هو فى حديث يحيى وقتيبة وابن حجر ومعناه: خشية أن يصيبكم، (وحذراً أن يصيبكم) [ لما جاء فى الحديث بعده عن حرملة: ا لا تدخلوا عليهم إلا أن تكونا باكين] (1)، حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم "، وقد يكون " حذرًا) فى هذا الحديث متعلقا بالبكاء، واْن يكون البكاء للحذر مما أصابهم.
ومن عرف نفسه وتقصيرها فى حق مولاها، وعرف ربه وعظيم سلطانه وشدة بطشه
لم يغتر، ولا أمن مكره واشتد خوفه، واعتبر بِمَنْ قبه أنه{ فَلا يَأْمَنُ مكْر اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ ا لْخَا سِرونَ} (2).
(1) سقط من ح، واستدرك فى الهامش.
(2) 1 لاءعراف: 99.
530(8/529)
كتاب الزهد والرقائق / باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا...
إلخ
اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُهْرِيقُوا مَأ اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الإبِلَ العَجِينَ.
وَأمَرَهُمْ أنْ يَسْتَقُوا مِنَ البِئرِ التِى كَانَتْ تَرِلحُ!ا النَاقَةٌ.
(... ) وحدثنا إسْحَقُ بْنُ مُوسَى الأنْصَارِىّ، حدثنا أنَسُ بْنُ عِيَاضبى، حَدفنِى عُبَيْدُ اللهِ، بِهَذاَ الإسْنَادِ، مِثْلهُ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: فَاسْتَقَوْا مِنْ بئارِهَا وَاعْتجَنُوا بِهِ.
وقوله: (ثم زجر فأسرع): يريد ناقته، فحذف اختصازا.(8/530)
كتاب الزهد والرقائق / باب الإحسان إلى الأرملة...
الخ
531
(2) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم
1 4 - (2982) حدثّنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنب، حدثنا مَالِلث، عَنْ ثَوْرِبْنِ
زَيْد، عَنْ أبِى الغَيْثِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: (السَّاعِى عَلَى الأرْمَلَة وَالمسكينِ، كَالمُجَاهدِ فِى سَبِيلِ اللهِ - وَأحْسَبُهُ قَالَ - وَكَالقَائِم لا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِم لاَ يُفْطِرُ"َ.
42 - (2983) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا إسْحَقُ بْنُ عِيسَى، حدثنا مَالِلث،
عَنْ ثَوْر بْنِ زَيْد الدِّيلِىِّ، قَالَ سَمِعْتُ أبَا الغَيْثً يُحَدِّثُ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " كَأً فِلُ اليَتِيم، لَهُ أوْ لِغَيْرِهِ، أنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِى الجَنَّةِ لما وَأشَارَ مَالِلث بِالسّبَابَةِ وَا لوُسْطَى.
وفوله: " الساعى على الاَرملة): أى الكاسب لها والعامل لقوتهم.
والسعى: العمل.
قال الإمام: قال ابن السكيت: الأرامل: المساكين من جماعة رجال ونساء.
قال ابن الأنبارى: الغالب على الأرامل أنهن من النساء دون الرجال.
قال ابن قتيبة: سميت المرأة التى مات عنها زوجها أرملة لما يقع عليها من الفقر وذهاب الزاد بعد موته، يقال: أرمل الرجل: فنى زاده.
قال ابن الاَنبارى: ويقال للرجل اذا ماتت امرأته: [ أيم، ولا يقال: أرمل ؛ لأنه ليس سبيل الرجل أن يفتقر ويذهب زاده لموت امرأته] (1)، فدل ذلك على أنه اسم واقع للنساء إذا كان الرجال هم المنفقون عليهن.
وقول جرير: فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر، أراد الفقير الذى نفذ (2) زاده، ثم بين المعنى بقوله: الذكر يقال هذا رجل أرمل والرجل الا"رمل، كما يقال: الأنبل والأفضل.
قال القاضى: فى هذا الحديث فضل ما للساعى لقوام عيشه وعيش مَنْ يقوم به وابتغاء فضل الله الذى به قوام بدنه لعبادة ربه، وقوام مَنْ يمونه ويستر عوراتهم وأجر نفقاتهم اْنه كالمجاهد، وكالصائم القائم، وذلك أنه فى كل تصرف له فى ذلك فى طاعة ربه وامتثال أمره، وكذلك الحديث الذى بعده فى كافل اليتيم وهو القائم عليه، [ وأنه مع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ا فى الجنة كهاتين، إما فى تمثيل قرب المنازل كمجاورة السبابة والوسطى، أو لتمثيل التفضيل] (3).
[ بين المنزلتين، وأنّ] (4) درجة الكافل لليتيم تالية لدرجة النبى وثانية لها،
(1) سقط من ح.
(4) سقط من ح، واستدرك بالهامة.
(2) فى!: فقد.
(3) سقط من ح.(8/531)
532 كتاب الزهدوالرقائق / باب الإحسان الى الأرملة...
إلخ كتدريج السبابة والوسطى.
وذكر مسلم أنّ فى الحديث: المشير بالسبابة والوسطى هو مالك وجاء فى الموطأ (1) الحديث مدرجا غير منسوب لقائل إلا فى موطأ ابن بكير قال: وأشار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالسبابة والوسطى.
(1) كالشعر، باب السنة فى الشعر، رقم (1).(8/532)
كتاب الزهد والرقائق / باب فضل بناء المساجد
(3) باب فضل بناء المساجد (1)
533
43 - (533) حدّثنى هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِىّ وَأحْمَدُ بْنُ عيسَى، قَالا: حدثنا اثنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْرٌو - وَهُوَ ابْنُ الحَارِثِ - أنَّ بُكَيْرًا حَد*لهُ ؛ أنًّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَ الةَ حَدءَّنهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ الله الخَوْلانىَّ يَذْكُرُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ عثمَانَ بْنَ عَفَّانَ، عنْدَ قَوْل النَّاسِ فيه حِينَ بَنَى مَسْجِدَ الرَّسُولِ ( صلى الله عليه وسلم ): إَنَّكُمْ قَدْ كْثَرْتُمْ، وَإنِّى سَمعْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ+ "مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْز: حَسِبْتُ أنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِى بِهِ وً جْهَ اللهِ، بَنَى اللَهُ لَهُ مِثْلهُ فِى الجَنَةِ".
-
وَفِى رِوَايةِ هَرُونَ: " بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّة).
44 - (... ) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، كِلاهُمَا عَنِ الضَّحَّاكِ.
قَالَ
ابْنُ المُثَنَّى: حدثنا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَد، "أخْبَرَنَا عَبْدُ الحَميد بْنُ جَعفَم، حَدثَّنِى أبِى عَنْ مَحْمُود بْنِ لَبِيد، أنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانً ارادَ بنَاءَ المسْجد، فَكًرِهَ النَّاس ذَلِكَ، وَأحَبّوا أنْ يَدَعَهُ علًى هَيْئَته.
فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُوَلُ: " مَنْ بَنَى مَسْجِدًا للهِ، بَنَى اللهُ لَهُ فِى الجَنَّةِ مِثْلَهَ ".
(... ) وحدّثناه إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىّ، حَد*شَا أبُو بَكْرٍ الخَفِىّ وَعَبْدُ المَلكِ بْنُ الضبَاحِ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْد الحَميد بْنِ جَعْفَر، بِهَذَا الإسْنَاد، غَيْرَ أنَّ فِى حَديثِهِمَا، (بَنى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِى الجَنَّةِ).
ً
(1! لم يُعَفَق عليه فى جميع النسخ.
534(8/533)
كتاب الزهد والرقائق / باب الصدقة فى المساكين
(4) باب الصدقة فى المساكين
45 - (2984) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظ لأبِى بَكْرٍ - قَالا: حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أبى سَلَمَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثىِّ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (بَيْنَا رَجُل بفَلاةٍ مِنَ الأرْضِ، فَسَمِعَ صَوْتًا فِى سَحَابَة: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلان.
فَتَنَحَّى ذَلكَ السَّحَابُ، فَأَفْرغً مَأءَهُ فى حَرَّةٍ، فَإذَا شَرْجَة!منْ تلكَ الشِّرَل قَد اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ المَاءَ كُلَّهُ.
فَتَتَئعَ المَاءَ، فَإذَا رَجُل قَائِئم فِى حَديقَتِهِ يُحَوَ! اَلمَاءَ بمِسْحَاتِه.
فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الله، مَأ اسْمُكَ ؟ قَالَ: فُلان! - للاسْ! الَّذِى سَمِعَ فِى السًّحَابَة.
فًقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ الله، لَمَ تَسْألُنِى عَنِ اسْمِى ؟ فَقَاً: إنِّى سَمِعْتُ صَوْئا فِى السَّحًاب الَّذى هَذَا مَأؤُهُ يَقُوَلُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلالط، لاسْمكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ؟ قَالَ: أمَّأ إذ قُلتً هَذَا، فَإنِّى أنْظُرُ إلَى مَأ يَخْرُجُ منْهَا، فَأتَصَدَّقُ بثُلُثَه، واَكُلُ ائا وَعِيَالِى ثُثثا، وَأرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ).
ًً
(... ) وحدثناه أحمَدُ بْنُ عَبْدةًا لضمى، أخْبَرَنَا أبُو دَاوُدَ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ ائى سَلَمَةَ، حدثنا وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ، بِهَذَا الإسْنَاد، غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: (وَأجْعَلُ ثُلُثَهُ فِى المَسَاكينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ).
وقوله فى حديث السحابة: " اسق حديقة فلان): الحديقة: اْرض ذات شجر.
والحديقة: كل روضة اْحدق بها حاجز، قالوا: واْصله: كل ما اْحاط به البناء فسميت به البساتين.
والحديقة: اْيضا: القطعة من النخل، وهو مراد الحديث - والله أعلم.
وقوله قيه: (فتنحى ذلك السحاب): اْى اعتمد وقصد، يقال: تنحيت وانتحيت ونحوت الشىء: إذا قصدته، ومنه سمى علم النحو، اْى قصد كلام العرب.
وقوله: " فأفرغ ماَه فى حرة دا: الحرة أرض فيها حجارة سود كأنها اْحرقت بالنار.
وقوله: " فإذا شرجة من تلك الشراج) بفتح الشين فى المفرد وسكون الراَ، هى: مسايل المياه فى الحرار.(8/534)
كتاب الزهد والرقائق / باب من أشرك فى عمله غير الله...
إلخ
535
(5) باب من أشرك فى عمله غير الله (وفى نسخة: باب تحريم الرياَ) 46 - (2985) حلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد*شَا إسْقاعِيلُ بْنُ إبْراَهِيمَ، أخْبَرَنَا رَوْحُ
ابنُ القَاسِم، عَنِ العَلاء بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ، عَنْ أبيه، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " قَالً اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أنَا أغْنَى الشُّرَكَاَءِ عَنِ الشًّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلأ أشْرَكَ فِيهِ معى غَيْرِى، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ ".
47 - (2986) حدّثنا عُمرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاث، حَدثَّنِى أبِى، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيع، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنًِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ ".
48 - (2987) حدّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ
ابْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْد!با العَلَقِى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ يُسَمِّعْ يُسَمّع اللهُ بِهِ، وَمَنْ يُرَائِى يُرَائِى اللهُ بِهِ لما.
(... ) وحدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حَد*لنَا المُلائىُّ، حَد!اَلنَا سُفْيَانُ، بهَذَا الإسْنَاد.
وَزَادَ: وَلَمْ أسْمَعُ أحَدًا غَيْرَهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) حدّثنا سَعيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثىُّ، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الوَلِيد بْنِ حَرْب - قَالَ سَعِيد: أظُنُّهُ قَالَ: ابنُ الحَارِثِ بْنِ أبِى مُوسَى - قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةً بْنَ كُهَيْلً قَالَ:
وقوله: " من سمع سمع الله به "، قال الإمام: يريد: من راءى بعمله وسمَّع به الناس ليكرموه ويعظموه، شهره الله يوم القيامة، حتى يرى الناس ويسمعوا ما حلَّ به من الفضيحة، وقد وقع فى بعض الاَحاديث: " ومن يشاقق يشقق الله عليه) (1) وهذا يحتمل أن يريد به المشاقة بمعنى الخلاف، أو يحمل على الناس ما يشق عليهم.
قال القاصْى: وقيل: معنى (من سمع سمع الله به): أى من أذ 3 على مسلم
عيبًا وشنعه عليه اْظهر الله عيوبه.
وقيل: (سمع به) أسمعه المكروه.
وقوله فى هذا الحديث: وحدثنا سعيد بن عمرو الأشعثى، أنبأنا سفيان، عن الوليد
(1) البخاري، كالأحكام، بمن شاق شقق الله عليه 9 / 80.(8/535)
536 كتاب الزهدوالرقائق / باب من أشرك فى عمله غيرالله...
إلخ سَمِعْتُ جُنْدبا - وَلمْ أسْمَعُ أحَدًا يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَيْرَهُ - يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ الثَّوْرِىًّ.
(... ) وحدمّثناه ابْنُ ائى عُمَرَ، حَد، شَا سُفْيَانُ، حَد، شَا المخ دُوقُ الأمينُ، الوَلِيدُ بْنُ حَرْب، بِهَذا الإسْنَادِ.
ابن حرب[ قال سعيد: اْظنه قال: ابن الحازث بن ائى موسى قال: سمعت سلمة بن كهيل.
يحتمل أنه قال فى موضع: " ابن حرب) وهو الصحيح] (1) لا ابن الحارث ؛ ولهذا قال بعضهم: لا يصح فيه الثاء، ويحتمل انه وقع فى نسبه بعد حرب: ابن الحارث ابن أبى موسى - والله اْعلم.
وقد ذكر البخارى (2) فيه: عن شعبة، عن رجل من اَل اْبى برثة يفال له: ولاد، بعد أن ترجم عليه الوليد بن حرب عن سلمة.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) انظر: التاريخ الكبير 8 / 143.(8/536)
كتاب الزهد والرقائق / باب التكلم بالكلمة يهوى بها...
إلخ 537
(6) باب التكلم بالكلمة يهوى بها فى النار
(وفى نسخة: باب حفظ اللسان)
49 - المه 29) حدّثنا قَتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدءَّننَا بَكْر - يَعْنِى ابْنَ مُضَرَ - عَنِ ابْنِ الهَ ال عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهيمَ، عَنْ عِيسَى بْنًِ طَلحَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ طل!ور يَقُولُ: " إنَّ العَبْدً لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِى الثَّارِ، أبْعَدَ مَا بَيْنَ المَشْرِقِ وَ ا لمَغْرِبِ).
50 - (... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ أبِى عُمَرَ المَكِّىُّ، حَد*شَا عَبْدُ العَزِيزِ الدَّرَاوَرْدىُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَاد، عَنْ مُحَمَّد بْنِ إبْرَاهيمَ، عَنْ عيِسَى بْنِ طَلحَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (إنَّ العَبْدَ لًيَتَكَلَّمُ بِاَلكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا، يَهْوِى بَهَا فِى التارِ، ائعَدَ مَا بَيْنً المشْرِقِ وَالمغْرِبِ لما.
وقوله: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوى بها فى النار) الحديث: هذا
مثل قوله فى الحديث الاخر: (ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت) (1) وقوله أيضًا: ا لا يلقى لها بالأَ) (2) قيل: هى اليهمية يتكلم بها عند سلطان جائريرضيه بها فيما يسخط الله.
وقيل: بل هى من الرفث والخنا، ويحتمل أن يكون فى التعريض بمسلم بكبيرة، أو بمجون، أو استخفاف بحق النبوة والشريعة دن لم يعتقد ذلك.
وقوله: (ما يتبين ما فيها، كقوله: (ما يلقى لها بالأَ دا فيستغفر منها ويتوب ؛
لاَنه استخفها ولم يعلم مقدار ما قاله.
(1) الزمذى، كالزهد، بقلة الكلام، رقم (9 231)، أحمد 2 / 5 35.
(2) البخارى، كالرقاق، بحفظ اللسان 8 / 125.
اس!لى
129 / ءا
538(8/537)
كتاب الزهد والرقائق / باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله...
إلخ
(7) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله، وينهى عن المنكر ويفعله 51 - (2989) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَأبوُ بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ
نُمَيْر وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لأبِى كُرَيْبٍ - قَالَيحيى وَإسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَألَ الآخَرُونَ: حَد*شَا - أبُو مُغَاوِيَةَ، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أسَامَةَ بْنِ زَيْد، قَالَ: قِيلَ لَهُ: ألا ثَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ ؟ فَقَالَ أتَرُوْنَ أنِّى لأ أكُلِّمُهُ إلأ أسْمًعُكُمْ ؟ وَاللهِ، لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فيمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ، َ مأ دُونَ أنْ أفْتَتِح أمْرًا لأ أحِبُّ أنْ كُونَ أوَّلً مَنْ فَتَحَهُ، وَلأ أقُولُ لأحَد، يَكُونُ عَلَىَّ أميرًا: إنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ !عْدَ مَأ سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (يُؤْتَى بِالرَّجُل يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُلقَى فِى النَّارِ، فَتَمدَلِقُ أقتَابُ بَطَنِهِ، فَيُدورُ وقوله: فى حديث أسامة بن زيد: " أترون أنى لا أكلمه إلا بسمعكم) ويروى: (سمعكم "، [ ويري!ى: " أسمعكم)]! ا) وكله بمعنى.
وقوله بعد: (دون أن أفتح بابا لا[ أحب أن] (2) أكون اْول مَنْ فتحه): يعنى فى المجاهرةإ3) بالنكير والقيام بذلك على الأمراء، وما يُخشى من سوء عقباه كما تولد من إنكارهم جهارًا على عئمان بعد هذا، وما أدى إلى سفك دمه واضطراب الأمور بعده.
وفيه التلطف مع الا"مراء، وعرض ما ينكر عليهم سراً، وكذلك يلزم مع غيرهم من المسلمين ما أمكن / ذلك، فإنه اولى بالقبول وأجدرْ بالنفع، وأبعد لهتك الستر وتحريك الاَنفة.
وفوله: " لا أقول لاَحد يكون على أميرًا: إنه خير الناسك " الى آخره: الحديث حجة كله على ذم المداهنة فى الحق والمواجهة بما يبطن خلافه، والملق بالباطل، وهذا هو المذموم.
والحال الاَولى هى المداراة المحمو، 5 ؛ لابنه ليس فيها قدح فى الدين ولا حظ منه، إنما هى ملاكلفة فى الكلام، أو هى مجاملة بأسباب الدنيا ومعاطاة بها لصلاح دين أو دنيا.
والمداهنة: إنما هى إعطاء بالدين ومصانعة بالكذب، والتزيين للقبيح، وتحويب الباطل للوصول إلى اسباب الدنيا وصلاحها+
وقوله: (فتندلق أقتاب بطنه "، قال الإمام: قال ائالكلبيد (4): ال القتاب: الأمعاء،
قال الكسائى: واحدها قتب، وقال الأصمعى: واحدها قتبة، قال: وبها سمى الرجل قتيبة، وهو تصغيرها، فقال أيو عبيد: القتب: ما تحوى من البطن، يعنى استدار،
(1) من ز.
(2) مات مق الحديث، وخذ.
(4) انظر: غريب الحديث 2 / ْ 3، 31.
(3) فى ز: المهاجرة.(8/538)
كتاب الزهد والرقائق / باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله...
إلخ 539 بِهَا كَمَا يَدُورُ الحِمَارُ بِالرَّحَى، فَيَجْتَمِعُ إلَيْهِ اهْلُ النَّارِ.
فَيَقُولُونَ: يَا فُلانُ، مَالَكَ ؟ ألَمْ تَكُنْ تَأمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ المُنْكَرِ ؟ فَيَقُولُ: بَلى، قَدْ كُنْتُ اَمُرُ بِالمَعْرُوفِ وَلا اَتِيمِ! وَأنْهَى عَنِ المُنْكَرِ واتيهِ).
(... ) حدّثنا عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا جَرِيرو، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى وَائِل، قَالَ:
كُنَّا عِنْدَ أسَامَةَ بْنِ زَيْد.
فَقَالَ رَجُل: مَا يَمْنَعُكَ أنْ تَدْخُلَ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ فِيمَا يَصْنَعُ ؟ وَسَاقَ الحَدِيثَ !بِمِثْلِهِ.
وهو (1) الحوايا.
وأمّا الأمعاء فهى الاَقصاب، واحدها قصب.
قال أبو عبيد: وأمّا قوله: (فتندلق) قال: الاندلاق: خروج الشىء من مكانه، وكل شىء ندر (2) خارجا فقد اندلق، ومنه قيل للسيف: قد اندلق من جفنه: إذا شقه حتى يخرج منه.
ويقال للخيل: قد اندلقت: إذا خرجت فأسرعت السير.
(1) فى ز ة وهى.
(2) فى حد: يبرز.
540(8/539)
كتاب الزهد والرقائق / باب النهى عن هتك الإنسان ستر نفسه
(8) باب النهى عن هتك الإنسان ستر نفسه
52 - (2990) حلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ
عَبْدٌ: حَدثنِى.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَد 8شَا - يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حَدّثنَا ابْنُ أخى ابْنً شِهَاب عَنْ عَمِّه، قَالَ: قَالَ سَالِمٌ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (كُلً أمَتِى مُعًافاَة إلا المُجَاهِرِينَ، وَإنَّ منْ الإجْهَارِ أنْ يَعْمَلَ العَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمًلأ، ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرهُ رَبُّهُ، فَيَقُولُ: يَا فُلانُ، قَدْ عًملتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهَ عَنْهُ).
قَالَ زُهَيْرٌ: " وَانَ مِنَ الهِجَارِ).
وقوله: " كل أمتى معافى إلا المجاهرين.
فإن من الإجهار "[ عند الفارسى: الإهجار، وكذلك فى اَخر الحديث قال زهير: (وأنّ من الهجار "] (1) وعند ابن ماهان: من الهجار، والصواب - والله أعلم - تقديم الجيم على الهاء فيهما ؛ لأنه من معنى قوله: (المجاهرين) فى أول الحديث، وقد فسره فى الحديث، وهو المشتهر بالذنوب الذى لا يتستر بها، ويكشف من ستر الله عنه، ويجهر بالتحدث بمعاصيه.
فقد استثناه الله فيمن يعاقبه، إلا أنّ فضله ورحمته وسعت كل شىء.
والجهار والإجهار والمجاهرة: الظهور والإعلان، جهر وأجهر بقوله وقراءته: إذا أعلنها، لكن قد يخرج قول من قال: " الإهجار دا على الفحش والخنا وكثرة الكلام.
يقال منه: أهجر فى كلامه وفعل هذا.
وأما الهجار فلا معنى له هنا، وهو تصحيف، إنما هو الحبل أو الوتد الذى يشد به البعير، أو الحلقة التى يتعلم فيها الطعن.
(1) سقط من ح، واستدرك فى الهامش.(8/540)
كتاب الزهد والرقائق / باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب 541
(9) باب تشميت العاطس، وكراهة التثاؤب
53 - (2991) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عبْد الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَد، لنَا حفْض - وَهُوَ ابْنُ غِيَاث - عَنْ سُلَيْمَانَ التَيْمِى، عَنْ أنَسِ بْنِ مَاَلِك، قَالَ: عَطَسَ عنْدَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلانِ، فَشَمَّتً أحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّت الاَخَرَ.
فَقَالَ ائَذً ى لَمْ يُشَمِّتْهُ ةَ عَطَسَ فُلانو فَشَمّتَهُ، وَعَطَسْتُ أنَا فَلَمْ تُشَمِّتْنِى.
قَالً: (إنَّ هَذَا حَمِدَ الَلهَ، يانَّكَ لَمْ تَحْمَدِ اللهِ لما.
وذكر تشميت العاطس، قال أبو عبيد (1): يقال: شمت العاطس سمته بالسين والشين: أى دعوت له بالخير، والشين أعلى اللغتين.
قال ثعلب: معنى التشميت بالشين: أبعد الله عنك الشماته.
قال: وأصله السين من السمت، وهو القصد والهوى (2).
وقال ابن الا"نبارى: كل دلما بالخير مسمت (3).
قال القاضى ت اختلف العلماء فى تشميت العاطس، بعد اجتماعهم على أن تشميته
إذا حمد الله مشروع.
فمنهم من أوجبه على كل من يسمع حمده، د لى هذا ذهب أهل الظاهر لقوله - عليه السلام -: (اذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته) وهو الذى ذكره ابن مزين (4) عن مالك، وهو مشهور مذهب مالك ومَنْ اتبعه فى جماعة من العلماء، إلى أنه فرض لكن على الكفاية يجزئ فيه دعاء بعض عن بعض كرد السلام.
وحكى الشيخ أبو محمد بن أبى زيد (ْ) هذين القولين.
وذهبت / فرقة إلى أنه على الندب والاستحباب، دإليه ذهب القاضى أبو محمد بن نصر وأنّ قوله: (حق " أى فى حكم الاَدب وكرم الاَخلاق، كقوله: (حق الإبل ال يحلب على الماء " (6).
(3) انظر: غريبط الحديثط 2 / 183.
(2) قى ز: والهدى، والمثبت من ح.
فى!: مشصت.
هو أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن مزين، مولى رملة بنمق عثمان بن عفان، أصله من طليطلة، فانتقل إلى قرطبة، روى عن عيسى بن ديار ومحمد بن عيسى ال العشى وغيرهما ثم رحل إلى المشرق فلقى مطرف بن عبد الله، وروى عنه الموطأ.
قال ابن لبابة: هو أفقه من رأيط فى علم مالك وأصحابه، ولى قضاء طليطلة، ومن تصانيفه تفسير الموطأ، وتسمية رجال الموول، توفى سنة 259 هـ.
انظر: الديباج المذهب: 2 / 361، 1 لاَ علام 8 / 134.
هو عبد الله بن عبد الرحمن القيروانى، وكان إمام وقته، وجامع مذهب مالك وشحارح أقواله، وذابا عن مذهبه حتى أنه عرف بمالك الصغير، تفقه بأبى بكر بن اللباد وأبى الفضل القيسى، ومن تصانحفه مختصر المدونة، وعليها المعول، وكتاب الذب عن مذهب مالك وغيرهما، وتوفى - رحمه الله - سنة 386 هـ.
الظرت الديباج المذهب 1 / 427، شجرة النور 1 / 96.
سبق فى كالزكاة، حديثط رقم (24).
(5)
(6)
129 / ب
542(8/541)
كتاب الزهد والرقائق / باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب
(... ) وحدثنا أبُو كُرَيْب، حَدثنَا أبُو خَالِد - يَعْنِى الأحْمَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيمِىِّ، عَنْ أنَس، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
54 - (2992) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر - واللفظ لزهير - قَالا: حَد*شَا القَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ عَاصِم بْنِ كُلَيْب، عَنْ أبِى بُرْدَةَ، قَالَ: دَخَلتُ عَلى أبِى مُوسَى، وَهُوَ فى بَيْتِ بِنْتِ الفَضْلِ بْنِ عَبَّاس أ فَعَطَسْتُ فَلَمْ يُشَمِّتْنِى، وَعَطَسَتْ فَشَمتهَا، فَرَجَعْتُ إلَى امِّى فَأخْبَرْتُها.
فَلَمَا جَاءَهَا قَالَتْ: عَطَسَ عِنْلَكَ ابْنِى فَلَمْ تُشَمِّتْهُ، وَعَطَسَتْ فَشَمَتَّهَا، فَقَالَ: إن ابْنَكِ عَطَسَ، فَلَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلَمْ اشَمِّتْهُ،
ثم اختلف العلماء فى كيفية الحمد والرد، واختلفت فى ذلك الآثار، فقيل: يقول: الحمد لله، وقيل: الحمد لله رب العالمين (1)، وقيل: الحمد لله على كل حال.
وخيّره الطبرى فيما شاء من ذلك.
ولا خلاف أنه مأمور بالحمد، وأما المشمت (2) فيقول: يرحمك الله.
وقيل: يقول: الحمد لله، يرحمك الله.
وقيل: يرحمنا الله ! اياكم.
واختلفوا أيضا فى رد العاطس على المشمت، فقيل: يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم.
وقيل: يقول: [ يرحمنا الله وإياكم] (3)، يغفر الله لنا ولكم.
وقال مالك والشافعى: إن شاء قال: يغفر الله لنا ولكم، أو يقول: يهد!يكم الله ويصلح بالكم.
ومَنْ تكرر منه العطاس فالذى يأخذ به مالك أن يشمته ثلاثا ثم يمسك، للحديث الذى رواه فى الموطأ.
لكنه فى الموطأ على الشك: ا لا اْدرى فى الثانية اْو الثالثة) (4) وجاء فى كتاب أبى داود وغيره مبينا: " شمت أخاك ثلاثا، فما زاد فهو زكام) (5) ووقع فى كتاب مسلم: ثم عطس أخرى، فقال له النبى ( صلى الله عليه وسلم ): " الرجل مزكوم) وهذا لم يذكر أنه تكرر منه، وظاهره أنه مَنْ عرف أنْ عطاسه من زكام فلا يرد عليه، أو يكون قد تكرر العطاس من هذا الرجل.
وقيل: وكانت هذه بعد الثالثة، فتتفق الأحاديث.
ولعل الراوى لم يحضر إلا بعد الثالثة، أو لم يجعل باله إلا حينئذٍ - والله اْعلم.
(1) رواه ابن اْبى شيبة عن النخعى مقطوغا به، برقم (6046).
(2) فى خط ؟ التشميت.
(3) من خ.
(4) انظر: الموطأ، كالاستئذان، بالتشميت فى العطاس 2 / 965.
(5) أبو!اود، كالأدب، بكم مرة يثمت العاطس.
رقم (5034).(8/542)
كتاب الزهد والرقائق / باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب
543
وَعَطَسَتْ، فَحَمِدت الله، فَشَمّتُهَا.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ الله فَشَمَتوهُ، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ اللهَ، فَلا تُشَمَتوهُ).
55 - (2993) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حدثنا وَكِيع، حَدءَّلنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَارٍ، عَنْ إياسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الاكْوَع، عَنْ أبِيهِ.
ح وَحَد، لنَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا أبُو النَّضْرِ، هَاشِمُ بْنُ القَاسِم، حَد، شَا عكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارِ، حَدئنى إيَأسُ بْنُ سَلَمَه بْنِ الأكْوَع ؛ أنَّ أبَاهُ حَد، لهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، وَعَطَسَ رَجُل عِنْدَهُ فَمالَ لَهُ: "يَرْحَمُكَ اللهُ لما، ثُمَّ عَطَسَ أخْرَى فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " الرخلُ مَزْكُومو).
56 - (2994) حدّثنا يَحْمىَ بْنُ أيُوبَ وَقَتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ، قَالُوا: حَد، شَا إسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَ، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (التثاؤ!بُ مِنَ الشَيْطَانِ.
فَإذَا تَثَاََبَ أحَدُكُمَْ فَاليَكظمْ مَأ اسْتَطَاعَ لا.
57 - (2995) حدّثنى أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِىُّ، مَألِكُ بْنُ عَبْدِ الوَاحِدِ، حَد، شًا بشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَد، شًا سُهَيْلُ بْنُ أبِى صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنًا لأبِى سَعيد الخُدْرِىِّ يُحَدًّثُ ائى عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إذَا تَئَاوَبَ أحَدُكُمْ فَليُمْسَك بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ، فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدخُلُ).
58 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ عَبدِ الرخْمَنِ
وقوله: (إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه دإن لم يحمد فلا تشمتوه): دليل أن
هذا الحق إنما هو اذا حمد.
قال مالك: لا يشمته حتى يُسمع حمده دإن بعد عنك، فإن رأيت مَنْ يَلِيَهُ أ فشمته.
واستحب له العلماء أن يسمع بالحمد من يليه] (1) قال بعض شيوخنا: وامر العاطس بالحمد لما فيه من المنفعة ة لخروج ما اختخق من الاَبخرة بدماغه.
وقوله: " دخلت على أبى موسى وهو فئ بيت ابنة الفضل بن عباس) كذا لكافة الرواة، وفى نسخ شيوخنا وسمعناه من القاضى أبى على: وهو فى بيت ابنة ابن الفضل ابن عباس، وهو وهم، والصواب ما للكافة.
وهى أم كلثوم بنت الفضل زوج ابى موسى المذكور، خلف عليها بعد فراق الحسن بن على لها، وعنها مات أبو موسى وولدت له ابنه
(1) سقط من ز.
130 / ب
544(8/543)
كتاب الزهد والرقائق / باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب
ابْنِ أبِى سَعيد، عَنْ أبيه ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إذَا تَثاوَب أحَدُكُمْ، فَليُمْسِكْ بِيَدِهِ، فَإنَّ الشَّيْطَانً يًدخُلُ لماَ.
َ
59 - (... ) حدّثنى أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ
أبى صَالح، عَن ابْن أبى سَعيد الخُدْرىِّ، عَنْ ائيه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إذَا تَثَاوَبَ أحَدكمْ فِى الصلاةِ، فَليَكْظِمْ مَا اسْتطاع، فإن الشيْطان يدْخل ".
(... ) حدّثناه عثمَانُ بْنُ أبِى يث!يْبَةَ، حَدثنَا جَرِير، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أِبِيه، وَعَنِ ابْنِ أبِى سَعِيدٍ، عَنْ أبِى سَعِيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَلِيثِ بِشْرٍ وعَبدِ العَزِيزِ.
موسى، وتزوجها بعده عمران بن طلحة ففارقها وماتت بالكوفة، وقبرها بظاهرها.
وقوله: (التثاؤب من الشيطان): اى من تكسيله وسببه.
وقيل: أضيف إليه لأنه يرضيه، كذا جاء للرواة " التثاؤب) من تثاءب، ممدودة.
قال ثابت: لا يقال: تثاءب، وإنما يقال: تثائب بشد الهمزة، وهى الثوباء بالمد.
وقال ابن دريد: أصله من ثاب الرجل فهو مثوب: إذا استرخى وكسل.
وقوله: (فليكظم ما استطاع)، قال الإمم: قال ابن عرفة: فى قوله: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} (1): الكاظم: الممسك على ما فى قلبه.
وأصله فى الكظم للبحير، وهو أن يردد (2) فى حلقة.
وكظم فلان غيظه: إذا تجرعه، وكظم خصمه: إذا أجابه بالمسكت فأفحمه، وكظه كذلك ايضا.
قال القاصْى: أمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بكظم التثاؤب ورده، ووضع اليد على الفم ؛ لئلا يبلغ الشيطان / العدو أمله فى المسلم بكل ما يسوءه ويكره منه، من تشويه صورته، ودخوله فى فمه، وضحكه منه، وتفله فيه.
ولهذا - والله أعلم - أمر المتثائب بالتفل لطرح ما عسى أن يكون ألقاه الشيطان فى فيه، أو لما مسه من ريقه إن كان دخل.
(1) على عمران: 134.
(2) فى ز: يدركها.(8/544)
كتاب الزهد والرقائق / باب فى أحاديث متفرقة
545
(ْا) باب فى أحاديث متفرقة
60 - (2996) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْدٌ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ
ابْنُ رَافِعٍ: حَدةَشَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا معْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " خُلِقَتِ الملائِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجَانّ مِنْ مَارِج مِنْ ثَار، وَخُلِقَ آدَمُ ممَّا وصُفَ لَكُمْ).
وقوله: " وخلق الجان من مارج من نار)، قال الإمام: المارج: اللهيب المختلط بسواد النار.
وقال الفراء: المارج: نار دون الحجاب، ومنها هذه الصواعق، وترى جلد السماءمنها.
546(8/545)
كتاب الزهد والرقائق / باب فى الفأر وأنه مسخ
(11) باب فى الفأر وأنه مسخ
61 - (2997) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ
عَبْد اللهِ الرُّزِّىُّ، جَمِيعًا عَنِ الثَّقَفِىِّ - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنَّى - حَد 8لنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدثنَا خَالَدٌ عَنْ مُحَمَّد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فُقدَتْ امَّة! مِنْ بَنِى إسْرَائيلَ، لا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَلا أرَاهَا إلا الفَأرَ، الا تَرَوْنَهًا إذَا وَضِعَ لًهَا ألبَانُ الإبِلِ لَمْ تَشْربهُ، ! إذَا وضُعَ لَهَا البَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْهُ ؟ لما.
قَالَ ائو هُرَيْرَةَ: فَحَدَّثْتُ هَنَا الحَديثَ كَعْبًا فَقَالَ: آنْتَ سَمِعْتَهُ مِن رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ ذَلِكَ مِرَارًا.
قُلتُ: أ أَقْرَاُ التَّوْرَاةَ ؟
قَألَ إسْحَقُ فِى رِوَايَتِهِ: " لا نَدْرِى مَا فَعَلَتْ).
62 - (... ) وحدّثنى أبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ عَنْ هِشَا أ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: (الفَأً رَةُ مَسْخٌ، واَيَةُ ذَلِكَ أنَّهُ يُوضَعُ بَيْنَ يَلَيْهَا لَبَن الغَنَم فَثَشْرَبُهُ، وَيُوضَعُ بَيْنَ يَلَيْهَا لَبَنُ الإبِل فَلا تَذُوقُهُ) فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: أسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: أفأنْزِلَتْ عَلَىَّ التَّوْرَاةُ ؟.
وقوله: (فقدت أمة من بنى إسرائيل) وذكر الفأر، وذكر أنها لا تشرب ألبان الإبل، وتشرب البان الشاة، قال القاصْى: استدل - عليه السلام - بهذا على أنها من بنى اسرائيل ة لتحريم الإبل عليهم وألبانها.
وقول أبى هريرة لما قال له كعب فى هذا الحديث: أسمعت هذا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟
" أ أنزلت علىّ التوراة ؟ لما يريد أبو هريرة: أنه لا علم عنده إلا من جهة ما سمع من النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وأنه لا يحدث عن غيره من الكتب، كما يحدّث كعب الذى سأله ويخبر عن التوراة والكتب المتقدمة.
وفى الحديث الاَخر قبله قلت: " أ أقرأ التوراة ؟) كذا هو بمد همزة التقرير، مثل: آقرأت التوراة ؟ بمعنى ما تقدم، وهو صحيح - والله أعلم.(8/546)
كتاب الزهد والرقائق / باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين
547
(12) باب لا يلدغ المومن من جحر مرتين
63 - (2998) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا لَيْمث، عَنْ عُقَيْل، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ
ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قال: ا لا يُلدغُ المومِ!ص، مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ، مَرتيْنِ).
(... ) وَحَدثنِيهِ أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب عَنْ يُونُسَ.
ح وَحَدثَّنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، قَالا: حَد، شَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهيمَ، حَدثنَا ابْنُ أخِى ابْن شِهِاب عَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
وقوله: " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين): هذا يروى على وجهين: أحدهما:
بضم الغين على الخبر، ومعناه: المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذى لا يستغفل فيخدع مرة بعد أخرى، وهو لا يفطن بذلك.
وقيل: إنه إنما أراد الخدل فى آمر الاَخرة دون الدنيا.
والوجه الآخر: كون الرواية بكسر الغين لالتقاء الساكنين على جهة النهى، على ال يؤتى من ناحية الغفلة، وهذا يصح إذ يتوجه اْيضا ؛ لأنه من كلامه المخترع البديع الجامع الذى لم يسبق إليه، وسببه معروف حين أسر أبا عزة (1) بن عمير الشاعر اْخا مصعب بن عمير يوم أحد، فسأله أن يمن عليه وقد كان اْسره يوم بدر، فسأله ذلك، فمنّ عليه وعاهده ألا يحرض عليه ولا يهجوه.
فلما لحق بقومه رجع إلى ما كان عليه، فلما أسر هذه الثانية وسأله المن، قال ( صلى الله عليه وسلم ) هذا الكلام.
ومعرفة هذا السبب مخرجة عن معنى من ذهب فيه إلى النهى، وإنما هو على الخبر منه ( صلى الله عليه وسلم ).
وفيه تنبيه عظيم للغافل وتأديب العاقل، واْن المراد إذا جرب الأذى من موضع اْو وجه ما تنبه حتى لا يعود إليه ئانية منه.
(1) فى ز: أبا عزيز، والمثبت أولى.
وهو: عمرو بن عبد الله بن عمير بن أهيب (وهب) ابن حذافة بن جمح الجمحى، نسب إلى جده، قتله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) صبرا بحمراَ الأسد، وكان ذا بنات فلم يبق إلا النساء.
نسب قريش ص 397 (بنو جمح)، وجمهرة أنساب العرب ص 162 - الموريطانط 2 / 179.
وقد تبين من نسب أبى عزة، أنه الجمحى - من بنى جمح - ولكن مصعب بن عمير بن هاشم بن
عبد مناف بن عبد الدار، من بنى عبد الدار، فزيادة (أخا مصعب بن عمير " فى تعريف أبى عزة الجمحى وهم، ولعل سبب ذلك انه كان لمصعب بن عمير أخا اسمه: زرارة بن عمير، يكنى: ابا عزيز، وكان أيضا ممن أسر يوم بدر، فلذا جاَ الضبط فى دا ز لما أبا عزيز لما جاء بعده ؛ " أخا مصعب بن عمير، قهو وهم على وهم.
وانظر نسب " مصعب " و(زرارقط ابنى عمير بن هاشم، من بنى عبد الدار فى جمهرة ابن حزم ص 126.
548(8/547)
كتاب الزهد والرقائق / باب المؤمن أمره كله خير
(13) باب المؤمن أمره كله خير (1)
64 - (2999) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد الأزْدِىُّ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، جَمِيعًا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ المُغِيرَةِ - وَاللَّفْظُ لشَيْبَانَ - حَدءَّلنَا سَحلَيْمَانُ، حَدثنَا ثَابتو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ابِى لَيْلَى، عَنْ صُهَيْب، قَالً: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (عَجبًا لَأمْرِ المؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْر، وَلَيْسَ ذَاكَ لأحَدً إِلا للِمُؤْمِنِ ؛ إِنْ اصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكًانَ خَيْرًا لَهُ.
وَإِنْ اصَابتْهُ ضَرَّاَُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ".
(1) لم يُعلَّق عليه فى جميع النسخ.(8/548)
كتاب الزهد والرقائق / باب النهى عن المدن...
إلخ 549
(14) باب النهى عن المدح إذا كان فيه إفراط
وخيف منه فتنة على الممدوح
65 - (3000) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعْ، عَنْ خَالد الحذَّاء،
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنَ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ ابِيه، قَالَ: مَدحً رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالً، فَقَالَ: " وَيْحَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ لا مِرَارًا " إِذَا كَانَ احَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لا مَحَالَةَ، فَليَقُلْ: أحْسِبُ فُلانًا، وَالله حَسِيبُهُ، وَلا ازَكِّى عَلَى اللهِ أحَايم.
أَحْسِبُهُ، إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ، كَذَا وَكَذَا).
66 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّاد بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِى رَوَاد، حدثنا مُحَمدُ
ابْنُ جَعْفَر.
ح وَحَد 8شِى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، اخْبَرَنَاَ غُنْدَرٌ قَالَ: شُعْبَةُ حًد، شَا عَنْ خَالد الحَذَّاء، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ ذكُرَ عِنْدَهُ رَجُل.
فَقَالَ رً جُل: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا مِنْ رَجُل، بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أَفْضَلُ مِنْهُ فِى كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " وَيْحَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ) مِرَارًا يَقُولُ ذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ كَانَ أَحدُكُمْ مَادحًا أَخَاهُ، لاَ مَحَألَةَ، فلَيَقُلْ: أَحْسِبُ فُلانًا - إِنْ كَانَ يُرَى أً نَّهُ كَنَلكَ - وَلا أُزَكِّى عَلَى الَله أَحَدًا).
وذكر احاديث المدح وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (قطعت عنق أخيك ": قال أهل العلم: هذا
كله فى التفاوت فى المدح ووصف الإنسان مما ليس فيه، أو لمن يخشى عليه العجب والفساد بسماع المدح دالا فقد مدح - عليه السلام - ومدح بحضرته غيره بالنظم والنثر فلم ينكر، بل قد حض كعب بن زهير.
قال بعض: هذا المتقدم من المقتصد فى المدح، فى الحديث أنه كان ( صلى الله عليه وسلم ) لا يقبل الثناء إلا من مكافئ، أى من مقتصد فى المدح على أحد التأويلات.
احتج أيضا لهذا بقوله: ا لا تطرونى كما أطرت النصارى المسيح) (1).
وأما قوله: (احئوا التراب فى وجوه المدّاحين " فقد حمله المقداد / وغيره - ممن جاء بعد - على ظاهره، وقال: خيبوهم ولا تعطوهم شيئا لاءجل مدحهم من قولهم.
تربت يداه.
وقيل: إذا مدحتم فتذكروا أنكم من تراب وتواضعوا، ولا تعجبوا بالمدح.
وكان
(1) البخارى، كأحاديث الأنبياء، بقول الله: (وَاذْص فِي الْكِتَابِ مَريَمَ ! أ مريم 160، 4 / 1 " 2، أحمد 23 / 2، 24.
130 / ب
550(8/549)
كتاب الزهد والرقائق / باب النهى عن المدح.
.
إلخ
(... ) وَحَد*شِيهِ عَمْزو النَّاقدُ، حدثنا هَاشِمُ بْنُ القَاسِم.
ح وَحَد"شَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، كلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإسْنَاد، نَحْوَ حَديثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ.
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِهِمَا: فَقَالً رَجُلٌ: مَا مِنْ رَجُلٍ، بَعْدَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أفْضَلُ مِنْهُ.
67 - (3001) حدّثنى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصّبَاح، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّأءَ
عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْد الله بْنِ ابِى بُرْدَةَ، عَنْ ابى مُوسَى، قَالَ: سَمِعَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً يثنِى عَلَى رَجُلٍ، وُيطريِهِ فِى الَمِدْحَةِ فَقَالَ: ا لَقَدْ اهلَكْتمْ - اوْ قَطَعْتُمْ - ظَهْرَ الرَّجُلِ).
68 - (3002) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنى، جَمِيعة عَنِ ابْنِ مَهْدِىٍّ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ المُثنى - قَالا: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبيبِ، عَنْ مُجَاهد، عَنْ أَبِى مَعْمَرٍ، قَالَ: قَامَ رَجُل يُثْنى عَلَى أَمِيرٍ مِنَ الأمَرَاء.
فَجَعَل المِقدادُ يَحْثِى عَلَيْهَِ الًتُّرَابَ، وَقَالَ: أَمَرَنَأ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ ثَحْثِىَ فِى وُجُوهِ المَدَّاَحِينَ الترَابَ.
69 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَفْظُ لاِبنِ المُثَنى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْمرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّام بْنِ الحَارِثِ ؛ أَنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمَانَ.
فَعَمِدَ المِقْدَادُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ - وَكَانَ رَجُلاً ضَخْمًا -
بعض من لقيناه يحكى أنّ معناه: قوموا عنهم واْثيروا بقيامكم النقع عليهم والتراب، وهو أبعد التأويلات.
وقوله: دا أحسب، ولا أزكى على الله أحدا " فى هذا أنه لا يقطع على عاقبة اْحد
ولا على ضميره ث وإذ ذلك مغيب عنا، د نما يقول بحسب الظاهر.
ومعنى قطع العنق هنا وقطع الظهر: الهلاك، وأصله القتل، وهذا استعارة له من ذلك بهلاكه من جهة الدين، وربما كان من جهة الدنيا أيضا، وما يسببه عليه عجبه.
قال الإمام: خرج مسلم فى حديث: قام رجل يثنى على أمير، فجعل المقداد يحثى
عليه التراب: حدثنا أبو بكر بن ائى شيبة وابن المثنى، جمعيا عن ابن مهدى عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد عن أبى معمر، الحديث.
هكذا إسناده عن حببب، عن مجاهد، عن أبى معمر.
وفى نسخة ابن ماهان ؛ عن حميد، عن مجاهد.
جعل (حميدا) مكان " حبيب) وهو تصحيف، والصواب: حبيب، وهو ابن أبى ثابت.
قال القاصْى: وذكر بعده: حدثنا ابن مثنى وابن بشار قالا: حدثنا عبد الرحصن،(8/550)
كتاب الزهد والرقائق / باب النهى عن المدح...
الخ
551
فَجَعَل يَحْثُو فِى وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأنُكَ ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فاحْثُوا فِى وُجُوهِهِمُ التُّرابَ ".
(... ) وحلّطناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد*شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ مَنْصُورٍ.
ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا الاشْجَعِى عُبَيْدُ الله بْنُ عُبَيْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْياَن الثَّوْرِىَ، عَنِ الأعْمَشِ وَمَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَن هًمَّام، عن المِقْدَاد عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
عن سفيان، عن منصور.
وحدثنا عثمان بن أبى شيبة.
حدثنا الاَشجعى عبيد الله بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن سفيان.
كذا لجميعهم، وعند السمرقندى وبعضهم: عبيد الله بن عبيد الرحمن مصغرا.
وكذا[ ذكره البخارى (1).
وكذا وجدته فى حاشية صحيح مسلم بخط شيخنا التميمى] (2).
وكذا قيدناه عن أصحاب العذرى.
(1) التاردخ الكبير 5 / 90 س.
(2) سقط من ز.
552(8/551)
كتاب الزهد والرقائق / باب مناولة الاكبر
(15) باب مناولة الأكبر (1)
70 - (3003) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حَدثنِى أبِى، حَدثنَا صَخْز - يَعْنِى
ابْنَ جُوَيْرِيَةَ - عَنْ نَافِعٍ ؛ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ حَدّثهُ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " أرَانى فِى المَنَامِ اتَسَوَّكُ بِسِوَاك فَجَذَبَنِى رَجُلاَنِ ؛ اخدهما ثْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنًاوَلتُ السِّوَاكَ الاَ"صْغَرَ مِنْهُمَا.
فَقِيلَ لِى: كبِّرْ.
فَدَفَعْتُهُ إِلَى اكْبَرِ ".
(1) لم يُعلَّق عليه فى جميع النسخ.(8/552)
كتاب الزهد والرقائق / باب التثبت فى الحديث...
إلخ
553
(16) باب التثبت فى الحديث، وحكم كتابة العلم
71 - (2493) حدّثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف، حَدثنَا بِه سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ،
عَنْ أَبيه، قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ وَيَقُول: اسْمَعِىَ يَارَبَّةَ الحُجْرَةِ، اسْمَعِى يَاربَّةَ الحُجْرً ةَ، وَعَائشَةُ تُصَلِّى.
فَلَمَّا قَضَتْ صَلاَتَهَا قَالَتْ لعُرْوَةَ: أَلا تَسْمَعُ إِلَى هَذَا وَمَقَالَتِهِ آنِفًا ؟ إِنًّمَا كَانَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يُحَدِّثُ حَدِيثًا، لَوْ عَدَّهُ العَأدُّ لا"حْصَاهُ.
72 - (3004) حدّثنا هَدَابُ بْنُ خَالد الا"زْدِىُّ، حَا ثَنَا هَمَّام!، عَنْ زَيْد بْنِ أَسْلَمَ،
عَنْ عَطَاَِ بْنِ يَسَارِ، عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىًِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ تًكْتُبُوا عنِّى، وَمَنْ كَتَبَ عنِّى غَيْرَ القُران فَليَمحُهُ، وَحد"ثوا عنِّى وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ - قَالَ هَمَّام: احْسِبُهُ قَالَ - مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
وقوله - عليه السلام -: " لا تكتبوا عنى، ومن كتب عنى غير القران فليمحه)،
قال الإمام ت روى عن زيد بن ثابت أنه دخل على معاوية فسأله عن حديث، فأمر إنسانا فكتبه.
فقال له زيد: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمر ألا نكتب[ شيئا] (1) من حديثه فمحاه (2).
وهذا النهى قال فيه بعض العلماء: إنما نهى أن يكتب الحديث مع القران فى صحيفة واحدة لئلا يختلط به، فيشتبه على القارئ.
ويحتمل أن يكون النهى منسوخا، وقد قال عليه فى خطبته: (اكتبوا لاَبى شاه لما (3) لما استكتبه، وقال ( صلى الله عليه وسلم ) لرجل شكا إليه سوء الحفظ: " استعن بيمينك " (4)، وكتب - عليه السلام - كتابا فى الصدقات والديات (ْ)، أو كتب عنه فعمل به الاَمة ولم ينكرها أحد، وقد أمر ( صلى الله عليه وسلم ) أمته بالتبليغ، فماذا لم يكتب ذهب العلم.
قال القاصْى: بين السلف اختلاف كبير فى كتابة العلم من الصحابة والتابعين، فكرهه
كثير منهم، وأجازه الاَكثر.
فمنعه لما جاء من النهى عنه، ومخافة الاتكال على الكتاب وترك الحفظ، ولئلا يكتب شى مع القراَن.
ومنهم من كان يكتب، فإذا حفظ محا.
ثم
(1) فى هامش ح.
* (2) أبو داود، كالعلم، بكتابة العلم، رقم (3647).
(3) سبتما فى كالحج، بتحريم مكة وصيدها، برقم (447).
(4) الترمذى، كالعلم، بما جاء فى الرخصة فى كتابة العلم (2667).
(5) سبتما فى كالحج، بفضل المدينة، برقم (467).(8/553)
554 كتاب الزهدوالرفائق / باب تشميت العاط!وكراهة التثاؤب وقع بعد الإتفاق على جوازه لما جاء عنه - عليه السلام - من إذنه لعبد الله بن عمرو فى الكتاب (1).
قوله: (حدثوا عنى ولا حرج)، قال القاصْى: فيه إباحة الحديث عنه، وتبليغ ما سمع منه، بل قد جاءت الاَثار (2) بالحض على التبليغ والأمر به /.
لكنه قرن هذا بقوله بعد: " ومن كذب على لما الحديث.
قال: اْحسبه قال: " متعمداً) تحذيرا من التساهل بالحديث عنه مما لم يتحقق، وتنبيها على التحرز فى ذلك لئلا يقع فى الكذب، لا سيما على الرواية التى ليست بقول (متعمداً)، وقد تقدم الكلام على هذا الحديث اْول الكتاب.
وقول أبى هريرة حين حدث: (اسمعى ياربة الحجرة) يريد عائشة، ذلك - والله أعلم - ليكون قوة فى حديثه لإقرارها له ما يحدث به، ولم تنكر شيئا منه سوى إكثاره كما قالت فى الحديث: دا كان ( صلى الله عليه وسلم ) يحدث حديثا لوعدّه العاد لاءحصاه ".
وفيه إكرام الحرم، وأنه لم ينادها باسمها ولا بلقبها المعلوم من أم المؤمنين، بل بالكتابة، بلفظ تشترك فيه مع سواها من النساء.
(1) أبو داود، كالله، بكتابة العلم، برقم (3629).
(2) منها: فى البخارى: كالله، بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) " رب مبلغ أوعى من سامع) 1 / 26.(8/554)
كتاب الزهد والرقائق / باب قصة اصحاب الأخدود...
إلخ
555
(17) باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام
73 - (3005) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حدثنا ثَابِمث، عَنْ
عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى، عَنْ صهَيْب ؛ أًنَّ رَسُولَ اللهِ على قَالَ: " كَانَ مَللث فيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِر، فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ لًلِمَلِكِ: إِنِّى قَدْ كَبِرتُ، فَابْعَثْ إِلَىًّ غُلاَما أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ.
فَبْعَثَ إِلَيْه غُلاَمًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فى طَرِيقِه، إِذَا سَلَكَ، رَاهِ!ث، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمَهُ فَاغْجَبَهُ، فَكًانَ إِذَا أَتَى الستَاحِرَ مَرًّ بِالرَّاهبَ وَقَعَدَ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِر ضَرَبَه، فَشَكَا ذَلِك إِلَى الرَّاهِب فَقَالَ: إِذَا خَشِيتَ السًّاحرَ فَقُلْ: حَبَسَنى اهْلِى، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِى السَّاَحِرُ.
فَبَيْنمَا هُوَ كَنَلِك إِذ أَتَى عَلَى دَابَّة عَظِيمة قَدْ حَبَسَت النَّاصَ.
فَقَالَ: اليَومَ أَعْلَمُ اَلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَم الرَّاهِبُ افْضَلُ ؟ فَأخَذَ حَجَراً كَقَاًلَ: اللّهُمّ، إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهبِ أَحَبَّ إلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَنِ! الدَّابَّةَ، حَتى يَمْضِىَ النَّاص.
فَرَماهَا فَقَتَلَهَا، َ وَمَضَى النَّاَسُ.
فَأَتَى الرَّاهِبَ فَا"خْبرَهُ.
فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ: أَىْ بُنَى، أَنْتَ اليَوْمِ أَفْضَلُ مِنَى، قَدْ بَلَغَ مِنْ أمْرِكَ مَا أرَى، ! اِنَكَ سَتُبْتَلَى، فَإِن ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّ عَلَىَّ.
وَكَان الغُلامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَ الأبْرَصَ، وَيُدَاوِى النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الَأدْواء.
فَسَمِعَ جَلِيس! للمَلِكِ كَانَ قَدْ عَمِئَ، فَاعتاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَة.
فَقَال: مَا هَهُنَا لَكَ اجْمَعُ، إِنْ انتَ شَفَيْتَنِى.
فَقَالً: إِنِّى لا أَشْفِى أَحَداً، إِنَّمَا يَشْفِى اللًهُ، فَإنْ أَنْتَ اَمَنْتَ بالله دَعَوَتُ اللهَ فَشَفَاكَ.
فامَنَ بالله فَشَفَاه الله.
فَأتَى المَلِكَ فَجَلسَ إِلَيْهَ كَمَا كَان يَجلَسُ.
فَقَالَ لَهُ الملكُ: مَنْ رَدَ عَلًيْكً بَصَرَكَ ؟ قَالَ: رأى.
قَالَ: وَلَكَ رَدت غَيْرِى ؟ قَالً: ربِّى وَرَبُّكَ اللهُ.
فَاع خَذهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَنَبهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلام، فَجِىءَ بِالغُلام.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: أَىْ بُنَىَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ.
فَقَالَ: إِنِّى لاَ أشْفِى أحَداً، إِنَمَا يَشْفِى اللهُ.
فَأخَذَهُ فَلمْ يَزَلْ يُعَذبهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِىءَ بِالرَّاهِبِ.
فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ وقوله فى حديث صاحب الاَخدود: (إذا خشيت أهلك فقل: حبسنى الساحر): جواز الكذب للضرورة لا سيما فى الله، وفى المدافعة عن الإيمان، ومن يصدع عنه.
قوله: (دعا بالمئثار): كذا هو مهموز، وعند السمرقندى: (المنثار) بالنون،
وهما لغتان صحيحتان ؛ بالنون والهمز.
ويسهّل فيقال بالياء ولا يهمز.
5516(8/555)
كتاب الزهد والرقائق / باب قصة أصحاب الأخدود...
إلخ
دِينِكَ.
فَا"بَى.
فَدَعَا بالمِئْشَارِ، فَوَضَعَ المِئشَارَ فِى مَفْرِقِ رَأسِهِ، فَشَقّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ.
ثُمَّ جِىءَ بِجَلِيسِ المَلِكَِ فَقِيلَ له: ارْجِعْ عَنْ دينكَ فَا"بَى.
فَوَضَعَ المئْشَارَ فِى مَفْرِقِ رَاشهِ، فَشَقّهُ حَثَّى وَقَعَ شِقَّاهُ.
ثُمَّ جِىءَ بالغُلاَم فَقِيلً لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دينِكً.
فَائى.
فَدَفَعَهُ إِلَىَ نَفَرٍ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: افْ!بُوا به إِلَىَ جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعدُوا بَه الجَبَلَ، فإذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، !اِلا فَاطًرَحُوُه.
فَنَ!بُوا بِه فَصَعدُوا به الجًبًلَ.
فَقَالَءَ اللّهُمَّ، اكْفِنِيهِم بمَا شِئتَ.
فَرَجَفَ بِهِمُ الجَبَلُ فَسَقَطُوا.
وَجَاءَ يَمْشِى إِلَىًا لمَلِك.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ أً صْحَابُكَ ؟ قَالَ: كَفَانِيهِمُ الله.
فَدَفَعَهُ إِلى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابه، فًقَالَ: اذهَبُوا بِه فَاخملُوهُ فى قُرْتُورٍ، فَتَوَسئَطُوا بِهِ البَحْرَ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإِلا فًاَقْذِفُوهُ.
فَنَهبُوا بهَ.
فَقَاَل: اَللهُمَّ، اكفِنِيهِمْ بِمَا شئْتَ فَانْكَفَأتْ بِهِمُ السَّفينَةُ فَغَرقُوا، وَجَاءَ يَمْشِى إِلَى المًلِك.
فَقَالَ لَهُ المَلِكُ: مَا فَعَلَ اصْحًابُكَ ؟ قَالَ: كَفَانيهِمُ اَللهُ.
فَقالَ لِلمَلِك: إِنَّكَ لَسْتَ بقَاتلَى حَتَّى تَفعَلَ مَا آمُرُكَ به.
قَالَ: وَمَاهُوَ ؟ قَالَ.
تَجْمَعُ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحد، وَتَصلُبُنِى عَلَى جأع، ثْمَّ خُذْ سًهْفا منْ كِنَانَتى، ثُمَّ ضَع السَّهْمَ فِى كَبِدِ القَوْسِ ثُمَّ قُل: بِاسْم الله رَبِّ الَغُلامِ، ثُمَّ ارْمِنِى.
فَإِنًّكَ إِذَا فًعَلتَ ذَلِكَ قَتَلتَنِى.
فَجَمَعَ النَّاسَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصًلَبَهُ
قوله: [ " فرجف بهم الجبل)، قال الإمام: (أى تحرك حركة شديدة، ومنه قوله:
{ يَوْمَ تَرْخفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ} (1)] (2) أى: تتزلزل.
قال القاضى: روى هذا الحرف لنا الخشنى عن الطبرى: " فزحف) بالحاء والزاى.
والرواية الأولى عليها جماعة شيوخنا، وهى أصح، وإن كان قد يكون الزحف بمعنى الحركة والتقدم، يقال ت زحف القوم إلى عدوهم: إذا نهضوا.
وقوله: " فإذا بلغثم ذروته): قال الأمام: أى أعلاه.
وذروة كل شىء: أعلاه.
وقوله: " اذهبوا به فاحملوه فى قُرقُور دا بَضم القافين، القرقور: أعظم السفن، وجمعه قراقير.
تال القاصْى: الذى عرفناه فى هذا اْن القرقور صغير السفن[ وفى العين: هو ضرب
من السفن، وفى الهروى: الفرقور: صغير السفن] (3)، كذا رويناه عن شيخنا الحافظ أبى الحسين بن سراج اللغوى، وقرأناه عليه فيه ووقع فى بعض الروايات عن الهروى فيه: أعظم السفن، كما ذكره الإمام.
وكذا كان عند شيخنا القاضى الشهيد فيه.
وكذا فى
(1)1 لمز!ل 140.
(2، 3) سقط من ز.(8/556)
كتاب الزهد والرقائق / باب قصة اْصحاب الأخدود...
إلخ 557 عَلَى جةتْج ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كنَانَتهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِى كَبِدِ القَوْسِ ثُمَّ قَالَ: باسم الله رَبِّ الغُلاَم، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السًّهْمُ فِى صُدْغهِ، فَوَضَع يَدَهُ فِى صُدْغه فِى مَوْضِع السَّهْم، فَمَاتَ.
فَقَالَ النَّاسُ: آمَثَّا بِرَبِّ الغُلامِ، آمَنًّا بِرَبِّ الغُلام، اَمَنَّا بِرَبًّ الغُلام.
فَ التِى المَلكُ فَقيلَ لَهُ: أَرَايْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ ؟ قَدْ، وَالله، نَزَل بِكَ حَنَركُ، قَدْ امنَ النَّاسُ فَاَ"مَرَ بِالَاخدُودِ فِى أَفْوَاهِ السكِّكِ فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمً النِّيرَانَ.
وَ قَالَ.
مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ !ينهِ فَأحْمُوهُ فِيهَا.
أَوْ قيلَ لَهُ: اقْتَحمْ.
فَفَعَلُوا.
حَتَّى جَاءَت امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِىٌ، فَتَقَاعَسَتْ ان تَقَعَ فِيهَا.
فَقَالَ لَهَاَ الغُلامُ: يَا أُمَّهِ، اصْبِرِى، فَإِنَّكِ عَلَىَ الحَقِّ ".
كتاب الحربى.
وأرى هذه الرواية رأى الإمام، وأنكرها لنا اْبو الحسين وقال: إنما هو الصغير على ما وقع فى أكثر نسخ الهروى، وهو الذى يدل عليه معنى الحديث ؛ لأن السفن الكبار لا تستعمل فى مثل هذا، دانما يستعمل فيه ما صغر منها، وكذلك فى حديث موسى - عليه السلام -: (فلما رأوا التابوت) يريد فى اليم (ركبوا القراقير حتى أتوا به).
وقال ابن لويد فى الجمهرة: القرقور ضرب من السفن، عربى معروف.
والمعروف
عند الناس فيه استعماله فيما صغر منها وخف للتصرف فيه.
وعظام السفن إنما يستعمل لعظيم الأشغال وحمل ال الثقال لا للتصرف فى الحوائج.
ووقع فى رواية العذرى: "قرقورقدا على معنى السفينة، والكل بضم القاف.
وقوله: (فى صعيد واحد)، قال الإمام: الصعيد: الطريق الذى لا نبات فيه، وكذلك الزلق الصعيد أيضا: وجه الأرض كالتراب.
قال القاضى: المراد فى هذا الحديث بالصعيد ال الرض نفسها، لا الطريق.
وقول الغلام هذا، وفعله ما فعل بنفسه، ودل عليه الملك من قتله ليشتهر فى الناس
أمر الإيمان ويروا برهانه كما كان.
وقوله /: (فأمر بالأخدود "، قال الإمام: هو الشق العظيم فى الأرض، وجمعه اخاديد، وقد تقدم ذكر السكك.
وقوله: (فمن لم يرجع عن دينه فاحمه فيه أو قيل له: اقتحم)، قال القاصْى: كذا
هو فى جميع النسخ، وقال بعضهم: لعل صوابه: (فأحموه فيها، أو قولوا له: اقتحم) ولا يبعد عندى صحة معنى " أحموه) على ماروى من أحميت الحديدة والشىء فى النار.
وفى هذا الحديث صبر الصالحين على الابتلاء فى ذات الله، وما يلزمهم من إظهار دينه والدعاء لتوحيده، واستقتالهم أنفسهم فى ذلك، وهو مراد الغلام بقوله للملك: " لست
131 / ب
558(8/557)
كتاب الزهد والرقائق / باب قصة أصحاب الأخدود...
إلخ
بقاتلى حتى تصلبنى وتجمع الناس وتضع السهم فى كبد القوس وتقول: بسم الله رب الغلام ليرى الناس ذلك فيؤمنوا بالله كما كان.
وفيه إثبات كرامات الاَولياء داجابة دعواتهم باختبارهم كما اْظهر الله فى قصة هذا الغلام، وكفاية الله له من تلك المهالك.
وكبد القوس: مقبضها عند الرمى.(8/558)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر
(18) باب حديث جابر الطويل، وقصة أبى اليسر
559
74 - (3006) حدّثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ - وَتَقَارَبَا فِى لفْظِ الحَدِيثِ - وَالسَياق لِهَرُونَ - قَالا: حَدثنَا حَاتمُ بْنُ إسْمَاعيلَ عَنْ يَعْقُوب بْنِ مُجَاهد أبِى حَزْرَةَ، عَنْ عُبَادَةً بْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّاَمِت، قَالَ: َ خَرَجْتُ أنَا وَأبِى نَطلُبُ الًعِلم فِى هَذَا الحَىِّ مِنَ الأنْصَارِ، قَبْلَ أنْ يَهلِكُوا فَكَانَ أؤًلُ مَنْ لَقَينَا أبَا اليَسَرِ - صَاحِبَ رَسُوليِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - وَمَعَهُ غُلامٌ لَهُ، مَعَهُ ضِمَأمَهٌ مِنْ صُحُف، وَعَلَى أبِى اليَسَرِ بُرْدَة وَمَعافِرِىّ، وَعًلَى غلامه بُرْدَة وَمَعافِرىّ.
فَقَالَ لَهُ ائى: يَا عَمِّ، إنًّى أرَى فِى وجْهِكَ سَفُعةً مِنْ غَضَبٍ قَالَ: أجَل، كَانَ لِى عَلَى فُلانِ بْنِ فُلانِ الحَرَامِىِّ مَال!، فأَتَيْتُ أهْلَهُ فَسَلَّمْتُ.
فَقَلتُ: ثَمَّ وقوله: " خرجنا نطلق العلم): فيه الرحلة فى طلبه.
وقوله: (معه ضمامة من صحف)، قال الإمام: أى رزمة ضم بعضها إلى بعض.
قال القاصْى: كذا رويناه " ضمامة) كما قال بكسر الضاد، وكذا هو فى جميع النسخ.
وكتبنا فيه عن بعض شيوخن ال (ضمامة،.
قال الهروى (1) فى حديث الرجم: الأضاميم: الحجارة، واحدتها أضمامة ة لأن بعضها ضم إلى بعض.
وكذلك فى جماعات الكتب والناس ولا يبعد عندى صحة ما جاعت به الرواية من ذلك، كما قالوا: ضبارة د ضبارة لجماعة الكتب، ولفافة لما يلف من الشىء - والله أعلم.
وقوله: (وعلى أبى اليسر بردة ومعافرى)، قال الإمام: البردة تقدم ذكرها، والمعافرى، بفتح الميم، منسوب إلى معافر (2)، اسم قرية.
وقوله: هى قرية تعمل فيها الثياب تسمى المعافرية باسمها.
واْصل هذا قبيل من العرب من اليمن، سموا به باسم جبل ببلادهم يقال له: معافر.
وحكى لنا ابو الحسين فى القبيل: معافر أيضا بالضم، وأنكر يعقوب الضم.
(واْبو اليسر) بفتح الياَ باثنتين تحتها وفتح السين المهملة.
وقوله: (فى وجهك سفعة من غضب،، قال الإمام: أى علامة.
قال اْبو بكر: يقال: سفعمت الشىء اذا أعلمته، ومنه قول الشاعر:
(1) لم نجدها فى غريب الحديث للهروى، د انما رجدلاها فى غريب الحديث للخطابى 1 / 283.
(2) هى قبيلة من اليمن، رهو معافر بن يعفر بن مالك بن الحارث بن مرة بن أدد بن عمرر بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، لهم مخلاف باليمن ينسب إليه الثياب المعافرية.
انظر: معجم البلدان
153 / 5.
132 / 1(8/559)
560 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر هُوَ ؟ قَالُوا: لا.
فَخَرَجَ عَلىَّ ابن لَهُ جَفْرٌ.
فَقُلتُ لَهُ: ابن أبُوكَ ؟ قَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أرِيكَةَ أمِّى.
فَقُلتُ: اخْرُجْ إلَىَّ، فَقَدْ عَلمْتُ ابن ائتَ.
فَخَرَجَ.
فَقُلتُ: مَا خَمَلَكَ عَلَى أن اخْتَبأتَ مِنِّى ؟ قَالَ: أنَا، وَاللهِ، أحَلَثكَ، ثُمَّ لا "كْذبُكَ.
خَشيتُ، وَاللهِ، أنْ أحَلثكَ فَاكْنِبَكَ، وَأنْ اكدَكَ فَأخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُوَل الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَكُنْتُ، وَالله، مُعْسِزا.
قَالَ: قُلتُ: اَلَله! قَالَ: الله.
قُلتُ آللهِ! قاَل: اللهَ.
قُلتُ: آللهِ! قَالَ: اللهَ.
قَالَ: فأتى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحًاهَا بِيَدِهِ.
فَقًالَ: إنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِى، دالا أنْتَ فِىَ حِل.
فَأشْهَدُ بَصَرُ عَينىَّ هَاتَيْنِ - وَوَضَعَ! !بَعَيْه عَلَى عَيْنَيْهِ - وَسَمع أُذُنَىَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلبِى هَنَا - وَأشَارَ إلى مَنَاط قَلبه - رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يَقُولُ: (مَنْ ائظَرَ مُعْسِرًا، او وَضَعَ عَنْهُ، أظَلَّهُ اللهُ فِى ظِلِّهِ)+ً
وكنت إذانفس الجبان نزت له سفعت على العرنين منه بميسم
قال القاضى: يقال سفعة وسُفعة بفتح السين وضمها، وكذا رويناهما معا.
وأصل
ذلك من السواد، وهو الارتداد الذى يظهر على وجه الغضبان.
وقوله: (على قلان بن فلان الجذامى " كذا لابن ماهان بضم الجيم وذال معجمة، وعند أكثر الرواة: دا الحرامى) بحاء مهلمة مفتوحة وراء، وعند الطبرى: (الحزامى) بكسرها وبالزاى، وهى أحد روايات ابن عيسى.
وقوله: " فخرح ابن له جفر)، قال الإمام: قال الهروى (1): فى حديث حليمة
التى أرضعت النبى ( صلى الله عليه وسلم ): فبلغ ستا وهو جفر.
يقال: استجفر الصبى: إذا قوى على الأكل فهو جفر.
واْصله فى اْولاد الغنم، فإذا اْتى على أولادها / المعز أربعة اْشهر، وفُصل عن اْمه، واخذ فى الرعى قيل له: جفر، والأنثى: جفرة.
ومنه حديث أم زرع: " يكفيه ذيل الجفرة لما (2).
قال الق الى: قال غيره: الجفر: الذى قارب البلوغ ابن اْربعة عشرة سنة ونحوها.
وقوله: (دخل أريكة أمى)، قال الإمام: قال أحمد بن يحيى: الأريكة: السرير
فى الحجلة، ولا يسمى مفردًااْريكة.
وقال الأزهرى: كل ما اتكئ عليه فهو أريكة.
قال الق الى: وقوله: (قلت ة آلله.
قال: الله): كذا ضبطناه بالكسر هنا ممدود وعلى الفسم والتقرير عليه، ورويناه فى غيره عن بعض شيوخنا بالفتح والكسر معا،
(1) غريب لطديث 2 / 307.
(2) سبق فى كالفضائل، برقم (92).(8/560)
كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر 561 (3007) قَالَ: فَقُلتُ لَهُ أنَا: يَا عَمِّ، لَوْ أنَّكَ أخَذْتَ بُرْدَةَ غُلامكَ وَأعْطَيتَهُ مَعَافِريَّكَ، وأخَذْتَ مَعَافِريَّهُ وَأعْطَيْتُه بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّة وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ.
فَمَسَحَ رَأسِى وَقَالَ: اللَّهُمَّ، بَارِكْ فيه.
يَا ابْنَ أخِى، بَصَرُ عَينىَّ هَاتَيْنِ، وَسَمع أذُنىَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلبِى هَذَا - وَاشَارَ إلىَ مًنَاطِ قَلبِهِ - رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوْ يَقُولُ: (أطعِمُوهُمْ مِمَّا كلُونَ، وَألبِسُوهُمْ مِمَّا تَلبَسُونَ).
وَكَانَ أنْ أعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاع اللّطيَا اهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ أنْ يَأخُذَ مِنْ حَسَنَاتِى يَوْمَ القِيَامَةِ.
وأكئر أهل العربية لا يجيزون فيه غير الكسر.
وحكى أبو عبيد عن الكسائى: كل يمين ليس فيها واو قسم - يعنى أو أخواتها - فهى نصب، إلا فى قولهم: الله لا اَتيك، فإنه خفض.
وذلك أن القسم فيه عندهم معنى الفعل، أى أقسم وأحلف والله أو بالله، فإذا حذفوا حرفه عمل الفعل عمله.
وقوله: (فأشهد بصر عينى)، قال القاصْى: كذا رواه الرواة بفتح الصاد وضم الراء، وكذا[ " سمع أذنى " بسكون الميم.
قال سيبويه: العرب تقول] (1): سمع اْذنى زَيدًا، ورأى عينى يقول ذلك ويفعل ذلك، وأنشدوا:
ورأى عينى الفتى أخاك يعطى الجزيل فعليك ذاك
وعند العذرى: (بصَر عينى) بفتح الصاد وفتح الراء و(عيناى) بالرفع.
وكذا (سمع أذناى) بكسر الميم على الفعل، لكن قوله: " ووعاه قلبى " تحول بين الفعل ومفعوله، وهو قوله بعد: (رسول الله ".
وقوله: (واشار إلى نياط قلبه) هذه رواية العذرى، ولغيره (مياط) بالميم.
ونياط القلب: عرق معلق منه، قاله صاحب العين.
وقوله: (ولو اْخذت بردة غلامك وأعطيته معافيرك، وأخذت معافرته وأعطيته برديك فكانت عليك حلة وعليه حلة): كذا رويناه عن الجميع، وكذا هو فى سائر النسخ والأصول التى رايت، والروايات الواقعة لنا، وقد نبهنا على اختلال (2) الرواية فيه بعض شيوخنا وقال: لعله: ا لو اخذت معافرته وأعطيته برديك لاءن مفهوم الكلام إنما أراد أن يكون على كل واحد بردتان أو معافرتان وهذا إنما يستقيم بأو كما قال.
وأما بواو العطف فيقتضى اْن بيدك كل واحد ما عليه من برد ومعافرى بما على الآخر ولا ئمرة لهذا ولا فائدة.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) فى الرسالة: اختلاف.
132 / ب(8/561)
562 كتاب الزهدوالرفائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر (3008) ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى ائيْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فِى مَسْجده، وَهُوَ يُصَلَى فِى ثَوْب وَاحِد، مُشثتَمِلاَ بِهِ فَتَخَطَّيْتُ القَوْمَ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلًةِ* فَقلتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، أتُصَلِّى فِى ثَوْب وَاحد!ردَاؤُكَ إلى جَنْبكَ ؟ قَالَ: فَقَالَ بيَده فِى صدْرِى هَكَذَا، وَفَر! بَيْنَ اصَابعه وَقَؤَسًهَا، أً ردْتُ أنْ يَدْخُلَ عًلَىّ الأحْمَقُ مثْلُكً، َ فًيَرَانِى كَيْفَ أ!منَعُ، فَيَصْنَعُ مثْلهُ.
ًَ
وقوله: " فكانت عليك حلة وعليه حلة دا: قال أبو عبيد (1): الحلة: إزار ورداء،
ولا يسمى حلة حتى يكونا ثوبين، ومنه فى الحديث اْنه " راْى رجلأ عليه حلة قد ائتزر بإحداهما وارتدى بالأخر) قيل: سميت حلة لحلولها اْحدهما على الآخر.
وقيل: لا يقال الحلة إلا للثوب الجديد الذى يحل من طيه.
وقوله: دل فتخطيت القوم حتى جلست بينه وبين القبلة لما: كل ذلك حرصا على القرب منه والسماع والمزاحمة فى طلب العلم.
وقوله: (يصلى مشتملا فى ثوب واحد) لعله غير اشتمال الصماء، والمنهى عنه إنما هى الشملة الصماء، وقد مضى تفسيرها (2)، وما عداها من أنزل الاشتمال من الاعتطاف والاصطناع (3) وغيره فليس بمنهى عنه.
وفى هذا الحديث دليل على صلاة الرجل فى ثوب واحد ليس عليه غيره.
وقول جابر: ا ليرانى ال الحمق مثلك فيصنع مثله): لئلا يلتزم الناس الرداء أبدًا فى الصلاة، فيظنه من لا علم عنده أنه لباس الرداء / أبدأ فيها من حدودها اللازمة.
ولا خلاف اْنه من مسئحبات الصلاة وفضائلها، لا سيما للأئمة وفى المساجد.
وقد قيل ذلك فى قوله تعالى: { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كلِّ مَسْجِد} (4).
وفيل: المراد بالاَية: لبس الثياب وستر العورة.
وفيل: لبس الثياب فى الطواف بالبيت.
وفيه اْن لْول هذا اللفظ ومثله لمغير المنكر فالمؤدب والحاكم والزاجر لا حرج فيه، إذا
قاله لمن يستوجبه ؛ لاءنه ليس بهتك عرض ولا كشف سريرة، إذ كل أحد فيه نوع من الحمق والغفلهَ عن مصالحه، والنظر، فيما ينجيه، ومنه قول ابن عباس: الناس كلهم حمقى، ولولا ذلك[ ما عاشوا.
ومثل ذلك: الشتم بظالم إذ كل] (ْ) اْحد ظالم لنفسه، فيمثل هذه الألفاظ زجرأ ولو التقى من استحق الزجر والتغيير فى الأغلاط لا بغيرها من الألفاظ السفهة والقزع.
ولعله سماه اْحمق لما لم يوافقه من فعله، وترك توقيره، لما فى تخطيه إليه الناس وجلوسه بينه وبين القبلة.
(1) انظر: غريب الحديث 1 / 228.
(2) فى كاللباس، بالنهى عن اضتمال الصماء، برقم (70).
(3) فى ح والرسالة: والاضطباع.
(4) الأعراف: 31.
(5) سقط من ز، واستدرك فى ح.(8/562)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر 563 أتَانَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى مَسْجِدِنَا هَذَا، وَفِى يَده عُرْجُونُ ابْنِ طَأب، فَرَأى فِى قبْلَة المَسْجد نُخَامَةً فَحَكًهَا بالعرْجُونِ.
ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا فًقًالَ: (أيكُمْ يُحبُّ أنْ يُعْرِضَ اَللهُ عَنْهُ ؟ لمَا قًألَ: فَخَشَعْنَا.
ثمَّ قَالَ: (ائكُمْ يُحِبُّ أنْ يُعْرضَ اللهُ عَنْهُ ؟)َ قال: فخشعنا.
ثم قال: " أيكم يحب أن يعرض الله عنه ؟) قُلنَا: لاَ أيّنا، يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: (فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا قَامَ يُصَلِّى، فَإنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلا يَبْصُقَن قِبًلَ وَجْهِهِ، وَلا
وقوله: " وفى يده عرجون ابن طاب)، قال الإمام: العرجون: عود الكباسة.
والكباسة والعذق بكسر العين والعثكال والُعئكول كله واحد.
وكل غصن من اغصان الكباسة فيه شمراخ، والشمراخ هو الذى عليه البسر، من خمس تمرات إلى ثمان.
و(ابن طاب): نوع من التمر.
قال ابن حمزة: (ابن طاب لما: عذق بالمدينة.
والعذق، بفتح العين، هو النخل نفسه.
وقوله: (فخشعنا): الخشوع: السكون والتذلل، وأيضا الخضوع، وأيضا الخوف، وأيضا غض البصر فى الصلاة، قال الله تعالىِ: { وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرخْمَنِ} (1) أى انخفضت وسكنت وقوله: { فِى صَلاتِهِمْ خَالثعون} (2) أى خاضعون.
وقيل: خائفون.
قال ابن سيرين: كان المسلمون يلتفتون فى صَلاتهم فنزلت هذه الآية، فغضوا أبصارهم، فكان أحدهم ينظر إلى موضع سجوده.
ويقال: خشع له ويخشع: إذا تذلل.
قال ابن سلام: الخشوع: الخوف الثابت فى القلب.
قال الليث: الخشوع قريب المعنى من الخضوع، إلا أن الخضوع[ فى البدن، والخشوع] (3) يكون فى البدن والبصر والصوت.
قال القاضى: كذا رويناه: (فخشعنا) بالخاء المعجمة عن الا"سدى والخشنى وغيرهما
من شيوخنا، كما رواه الإمام اْبو عبد الله.
ورويناه عن القاضى الشهيد: (فجشعنا) بالجيم وكسر الشين، وكذا هو فى كتاب القاضى التميمى بخطه بالجيم، ومعناها صحيح.
فبالخاء من الخشوع، على ما فسره وبالجيم بمعنى القرع، ومنه الحديث الاَخر: (فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) (4).
قال الهروى: أى جزعا لفراقه.
والجشع الحرص على الاكل وغيره.
وقوله: (فإن الله قبل وجهه): [ أى قبلة الله المعظمة.
وقوله: (فلا يبصقن قبل وجهه] (ْ) ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره تحت رجله اليسرى): تعظيم أيضا لجهة اليمين، ولأنها منزهة أبدًا عن الاَقذار وعن استعمالها فى الأقذار فاستعمل فيها جهة اليسار وتحت الرجل ة لئلا يؤذى من على يساره، إلا إذا دعته الضرورة فيباح له أن يبصق حيث أمكنه ويدفن.
(1) طه: 108.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
(5) من خ.
(2) 1 لمؤمنون: 2.
(4) أحمد 5 / 235.
133 / ءا(8/563)
564 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر عَنْ يَمِينِه، وَليَبْصُقْ عَنْ يَسَارِه، تَحْتَ رِجْلِه اليُسْرَى.
فَإنْ عَجِلتْ بِه بَادِرَو فَليَقُلْ بِثَوْبِه هَكَذَا لما ثُمَ طَوَى ثَوْبهُ بَعْضَهُ عَلًى بَعْضبى، فَقَالً: (أرُونِى عَبيرًا) فَقَامَ فَتى مِنَ الحَى يَشْتَدُّ إلَى أهْلهِ، فَجَاءَ بِخَلُوق فِى رَاحَتِهِ.
فَأخَنَهُ رَسُولُ اللهِ عليه فًجَعَلَهُ عَلَى رَأسِ العُرْجُونِ، ثُمَ لَطَخً بِهِ على أثَرِ الئحأمَةِ.
فَقَالَ جَابِرٌ: فَمِنْ هُنَاكَ جَعَلتُمُ الخَلُوقَ فِى مَسَاجِدِكُمْ.
(3009) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَة بَطنِ بُوَاط، وَهُوَ يَطلُبُ المَجْدىَّ بْنَ عمرو الجُهَنِى، وَكَانَ الئاضِحُ يَعْقُبُهُ منَّا الخَمْسَةُ وَالَسَتَّةُ وَالسئَبْغَةُ.
فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ
وقوله: (فإن عجلت به بادرة): أى غلبته بصقة أو نخامة بدرت منه فلم يقدر على
وقوله: أرونى عبيرًا، قال الإمام: قال أبو عبيد: العبير عند العرب الزعفران وحده.
وقال الأصمعى: / هو أخلاط تجمع بالزعفران.
قال ابن قتيبة: ولا اْدرى القول الا ما قاله الأصمعى لقوله - عليه السلام -: دا أتعجز إحداكن اْن تنخذ تومتين ثم تخلطهما بعبير وزعفران دا.
والتومة حبة تعمل من فضة كالدرة.
قال القاصْى: وقوله: (فأتى بخلوق ": هو طيب يخلط بزعفران وهو العنبر (1) على
ما تقدم تصحيحه قبل، ويدل عليه قوله: (اْرونى عنبرًا لما ثم قال: (فجاء بخلوق ".
!!مساك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) العرجون فى يده على عادة العرب من إمساك المخاصر فى اْيديها، وكان ( صلى الله عليه وسلم ) يفعل هذا.
وفى حديث قبله: دا وفى يده عسيب نخلة ".
وفى الحديث تعظيم المساجد وتنزيهها عن الأقذار، وقد تقدم هذا فى الصلاة، وجواز تطييبهأ وتجميرها، إلا أن مالكا راْى أنّ الصدقة أفضل، لا أنه كره التجمير، وكفى فى ذلك بإجزائه عمل المسلمين على مر الأعصار فى المسجد الحرام، ومسجد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك.
وقوله: " فثار فتى من الحى يجهد): أى قام يجرى، كما جاء فى الرواية الأخرى.
وقوله: دا بطن بُواط): هكذا ضبطه أهل اللغة بضم الباء وتخفيف الواو، هى أكثر روايات المحدثين، كذا قيده البكرى.
وهو جبل من جبال جهينة.
وهو عند العذرى بفتح الباء، وصحح لنا هذا الوجه ابن سراج.
وقوله: (وهو يطلب المجدى بن عمرو) بالميم، كذا لعامة الرواة والنسخ، وفى بعضها: (النجدى بن عمرو) بالنون، وكذا فى كتاب القاضى التميهمى.
والمعروف
(1) فى ح: العبير.(8/564)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر
565
الأنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ، فَأنَاخَهُ فَرَكِبَهُ، ثُمَّ بَعَثَهُ فَثَلدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَلَدُّنِ.
فَقَالَ لَهُ: شَأ.
لَعَنَكَ اللهُ.
فَقَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ هَذا اللاعِنُ بَعيرَهُ ؟) قَالَ: أنَا، يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: " انْزِلْ عَنْهُ، فَلا تَصْحَبْنًا بِمَلعُونٍ.
لا تَدْعُوا عَلَى أنفُسِكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أوْلادكُمْ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْألُ فِيها عَطَاءو، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)َ.
(3010) سِرْنَا مَعَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى إذَا كَانَتْ عُشَيْشيَة، وَدَنَوْنَا مَاءً مِنْ مِيأهِ العَرَبِ، قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): َ " مَنْ رَجُل يَتَقَذَمُنَأ فَيَمْدُرُ الحَوْضَ فَيَشْرَبُ وَيَسْقينَا ؟ " قَالَ جَابِرْ: فَقُمْتُ فَقُلتُ: هَنَا رَجُل يَا رَسُولَ اللهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " أىُّ رَجُلٍ مَعَ بالميم، وهو الذى ذكره الخطابى (1) فى هذا الحديث، وهو المجدى بن عمرو الجهنى.
وقوله: (كان الناضح يعتقبه منا الخمسة)، قال الإمام: الناضح: جمل السقى،
" ويعتقبه " أى يتدارك ركوبه.
وقال صاحب الانفعال: اعتقبت الرجل: ركبت عقبه وركب أخرى، وعقبت بعده: أى جئت بعده.
قال القاصْى: قال صاحب العين فى العقبة: مقدار فرسخين.
وقد جاء هذا الحرف
فى رواية الفارسى: (يعقبه منا الخمسة " وهو بمعنى، يقال فى هذا وغيره عقبه يعقبه.
وكذلك فى كل ما ذهب وخلفه اخر مكانه، ويقال فيه: اعتقبا وتعاقبا.
قال الإمام: وقوله: " فركبه " يقال: ركبته بكسر الكاف أركبه ركوبا، أى علقته، وركبته بفتح الكاف أركبه ركبا، ضربته بركبتك وضربت ركبته.
وقوله (فتلدن عليه بعض التلذن): أى تلكأ ولم ينبعث.
وقوله: لا شأ.
لعنك الله "، قال القاضى: كذا رواه بعضهم بالشين المعجمة، وعند العذرى " سر " بالسين المهملة والراء، وعند بعضهم، وكذا فى أصل ابن عيسى: " ساْ) بسين مهملة مهموز، وخرجه عليه " سر) وكتب عليه بخطه (جأ وشأ) زجر للبعير.
وفى كتاب العين " سأ) بالسين المهملة زجر الحمار ليحتبس وشأشاْت بالحمار: إذا قلت له تشؤتشؤ، لزجره للسير.
وقوله: (عشيشية لما: كذا الرواية ل الكثرهم على التصغير.
قال سيبويه: صغروها
على غير مكبرها.
وقوله ة " فيمدر الحوض)، قال الإمام: يقال: مدرت الحوض مدرًا: إذا طينته لئلا يتسرب منه الماء.
(1) انظر: غريب الحديث 1 / 125.
133 / ب(8/565)
566 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر جَابِرٍ ؟) فَقَام جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ.
فَانْطَلَقْنَا إلى البِئرِ، فَنَزَعْنَا فِى الحَوْضِ سَجْلاً أوْ سَجْلَيْنِ.
ثُمَّ مَدَرْنَاهُ.
ثُمَّ نَزَعْنَا فِيه حَتَّى أفْهَقْنَاهُ.
فَكَانَ أوَّلَ طَالِع عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (أتَأذَنَانِ ؟) قُلنَا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ الله، فَأشْرعً نَاقَتَهُ فَشَرِبَتْ.
شَنَقَ لَهَا فَشَجَتْ فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ بهَا فَأنَاخَهَا.
ثُمَّ جَاََ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الحَوْضِ فَتَوَضَّأ منْهُ ثُمَ قُمْتُ فَتَوَضأتُ مِنْ مُتَوَضأ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَنَهبَ جَئاَرُ بْنُ صَخْرٍ يَقْضِى حَاجَتَهُ.
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )
وقوله: " فنزعنا فى الحوض سجلاً أو سجلين لمأ: قال صاحب / الأفعال: نزعث الدلو: جريتها، ونزعت بالسهم: رميت به، ونزعت باَية من القراَن: أكما تلوتها محتجا بها.
قال الهروكما (1): والسجل: الدلو ملأكما.
وقوله: (أفهقناه): أكما ملأناه.
والفهق: الامتلاء، يقال: أفهقت الإناَ ففهق،
وبئر مفهاق: أكما كبيرة.
قال القاصْى: وقع فى رواية السمرقندكما: (حتى أضففناه) وهو صحيح المعنى.
قيل: معناه: ملأناه، كأنه - والله أعلم - بلغنا بالماء ضفتيه وهما جانباه، أو جمعنا فيه الماء.
وضفة الناس: جماعتهم بفتح الضاد.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهما: " أتأذنان دأ قلنا: نعم، هو - والله أعلم - لاءنهما كانا أحق
بالماء أو، لاءنفسهما وظهرهما لسبقهما إلى الماء، واستقائهما إياه، وعملهما الحوض لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من يتقدمنا فيمدر الحوض فيشرب ويسقينا، فلما كان هو أول طالع عليهما احتاج إلى إذنهما فى تقديمه، صان كان - عليه السلام - تقديمه واجبا فى كل شىء، ولكن هذه الحقوق المالية حائزها بالملك أو بالسبق أحق بها، مع علمه - عليه السلام - بتقديمها له وإيثاره على أنفسهما، لكنه أخذ بأفضل الأخلاق واستعمل من الاَداب الشرعية والنفيسة ما يقتدكما به فيها.
وقوله: (فأشرع ناقته)، قال الإمام: يقال: شرعت الدواب فى الماء: إذا شربت
منه وأشرعتها اْنا[ منه] (2).
وقوله: (فشنق لها): يقال: شنقت الناقة وأشنفتها: كففتها بزمامها.
قال الق الى: شرع الرجل الماء: ورده، ويختص الشروع بالشرب بالفم من الماَ بغير آنية ولا آلة.
وشنقت البعير: إذا جذبت خطامه إليك واْنت راكبه.
وقال فى الجمهرة (3): شنقت الناقة: إذا جذبت راْسها بذمامها حتى تقارب قفاها قادمة الرحل.
(1) انظر: غريب الحديث 1 / 354.
(3) 1 نظر: 3 / 67 ما د ة! شنق).
(2) ساقطة من ز.(8/566)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر 567
ليُصَلِّىَ، وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْلحَةوذَهَبْتُ أنْ أخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا فَلَمْ تَبْلُغْ لِى، وَكَانَتْ لَهَأ ذَبَاذِبُ فًنَكّسْتُها ثُمَ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْها، ثُمَّ جِئْتُ حَثَّى قُمْتُ عَنْ يَسَارِ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَأخَذَ بِيدِى فَأدَارَنِى حَتَى أقَامَنى عَنْ يَمِينِهِ.
ثُمَّ جَاء جَبَّارُ بْنُ صَخْرِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَامَ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَأخَذَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِيَدَيْنَا جَميعَا، فَدَفَعَنَا حَثَّى أقَامَنَا خَلفَهُ.
فَجَعلَ رَسُولُ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَرْمُقُنِى وَأنَا لا أشْعُرُ، ثُمَّ فَطِنْتُ بِهِ.
وقوله: " فئجت وبالت،: كذا بالثاَ والجيم عند العذرى، وعند غيره: " فشجت) بالشين المعجمة.
وصوبه بعض الشيوخ وضبطناه هنا بتخفيف الجيم والفاء فيه أصلية، ومعناه على هذا: باعدت بين رجليها وتفاجت لتبول.
د لى هذا نحى الجيانى فى تصويب الحرف، وروايته عن العذرى ما تقدم، وقال: صوابه: (وفشجت "، دن كان بعضهم روى هذه الرواية (فشجت) بتشديد الجيم، ولا معنى لها ولا لرواية العذرى هنا.
واْنكر بعضهم الجيم مع الشين وقال: انما هو (فشحت) بالحاَ المهملة، كأنه من قولهم: شحى فاه: إذا فتحه، من معنى " تفاجت لا المتقدم.
ووجدت معلقا عن بضعهم: صوابه: (فشجت ".
قيل: لطل معناه: أمسكت عن الشىء (1) من قولهم: الحديث ذو شجون، أى يمسك بعضه بعضا.
وقد ذكر الخطابى (2) هذا الحديث ورواه: " ففسحت) كما اختاره الجيانى وفسره: تفاحت وفرجت ما بين رجليها لتبول، وكذا ذكره الهروى (3).
وقوله: ا لها ذباذب " قال الإمام: الذباذب: أسافل الثوب.
قال الهروى: قال
ابن عرفة: المذبذب: المضطرب الذى لا يبقى على حالة مستقيمة، يقال ة تذبذب الشىَ إذا اضطرب، ومنه قيل لأسافل الثوب: ذباذب.
قال القاصْى: الذباذب هنا: الأطراف والاءهداب، والذلاذل مثله.
وقوله: " ثم تواقصت عليها)، فال الإمام: يقول: أمسكت عليها بعنقى، وهو
أن يحنى عليها عنقه.
/ والاَوقص (4): الذى قصرت عنقه.
والوقص، بفتح القاف: قصر العنق، وبإسكانها: دق العنق، قاله ابن السكيت وغيره.
وقوله: " فجعل يرمقنى وأنا لا أشعر دا: يقال: رمقت الشىء رمقا: أتبعت النظر إليه.
وقوله: (فقال هكذا بيده): يعنى شد وسطك.
قال القاضى: فيه جواز الإشارة فى الصلاة، لاسيما بما يعود على مَنْ معه فيها،
(1) في الرسالة والأبي: المشي.
(3) انظر: غريب الحديث 2 / 110.
(2) انظر: غرب الحديث2 / 127.
(4) فى ز: الأقوص، والمنبت من ح.
1 / 134(8/567)
568 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر فَقَالَ هَكَذَا، بيَلِه.
يَعْنِى شُدَّ وَسَطَكَ.
فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يَأ جَابرُ) قُلتُ: لَبَّيْكَ يَأ رَسُولً الَله.
قَالَ: (إذَا كَانَ وَاسغا فَخَالفْ بَيْنَ طَرَفَيْه.
!فَا كَانَ ضيًّقًا فَاشْدُدْهُ عَلَى حِقْوِكَ لما.
(3011) سرْنَأ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَكَانَ قَوتُ كُلِّ رَجل منَّا، فِى كُلِّ يَوْمٍ، تَمْرة.
فَكَانَ يَمَصّها ثُمَّ يَصرّهَا فِى ثَوْبِهِ، وَكُنَّا نَخْتَبِطُ بِقِسِيَنّاَ وَكلُ، حَتَّى قَرِحَتْ اشْدَاقُنَا.
فاْقْسِمُ أخْطِئَهَا رجُل مِنَّا يَوْمَا.
فَانْطَلَقْنَا بِهِ نَنْعَشُهُ، فَشَهِدْنَأ أىنهُ لَمْ يُعْطَهَا، فَأعْطِيهَا فَقَامَ فَأ خَذَ هَا.
وكذلك العمل الخفيف فيها، كرده عليه[ لجابر من على] (1) شماله إلى يمينه، كما فعل بابن عباس فى الحديث الآخر (2)، ورده له ولجبار خلفه، وأنّ هدا حكم المصلين خلف الإمام ة إذا كان واحداً فعن يمينه، صإن كانا اثنين خلفه.
وقد يفسر هذا ويقدر فى الصلاة، وتقدم هناك (3) ذكر العمل فى الصلاة وما فيه من خلاف.
وقوله: (اشدده على حقوك): هو شد الإزار من الجسد وهو الخصر، وقد يسمى به الإزار لكونه هناك، ومنه الحديث: (فأعطانا حقوه) (4).
وفيه أن الصلاة بما يشغل الإنسان من لباس أو غيره ممنوعة صإن لم يكن عليه سواه عند الضرورة وأنه اولى من تغطية الجسد به، ومنه النهى عن صلاة الحازق وهو الضيق الخف، وفيه جواز الصلاة فى المئزر [ وإن لم يكن عليه سواه عند الضرورة، وأنه اْولى من تغطية الجسد به] (5) وحبسه (6).
وقوله: دل نختبط بقسينا)، قال الإمام: أى نضرب بها الشجر ليتحات ورقه، واسم الورق المخبول: خبط بفتح الباء، وهو من علف الإبل.
والمخبط: العصا التى يخبط بها أوراق الشجر.
وقوله: (ينعشه): قال صاحب الأفعال: نعش الله فلانا نعشا: أى جبره، والرجل غيره كذلك، وأنعشه لغة.
وقال غيره: النعش: الارتفاع، ومنه سمى نعش الجنازة لارتفاعه.
ونعشت الرجل: أى رفعت منزلته.
قال الهروى: وقالت عائشة فى أبيها: (فانتاش الدين ينعشه إياه) أي: استدركه بإقامته إياه من مصرعه.
وانتعش العليل: إذا اْفاق.
(1) فى ز: جابر بن على.
(2) سبق فى كصلاة المسافرينَ، بالدعاء فى صلاة الليل، برقم (363).
(3) سبق فى كالمساجد، بجواز لعن الشيطان أئناء الصلاة، برقم (ْ4).
(4) سبق فى كالجنالْز، بغسل الميت برقم لا 93).
(5) سقط من ز، والمثبت من ح.
يلا) فى ز: وجنسه.(8/568)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر
569
(3012) سِرْنَا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى نَزلنَا وَاديًا أفْيَحَ، فَنَصبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقْضِى حَاجَتَهُ، فَأجمعْثُهُ بِإدَاوَة مِنْ مًاء.
فَنَظَرَ رَسُولُ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، فَإذَا شَجَرَتَانِ بشَاطِئ الوَادى.
ً فَانْطَلَقًَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) إَلَى إحْدَاهُمَا فَأخَذَ بغُصْني مِيقْ أغْصَانِهَا.
فًقَالَ: (انْقَادَى عَلَىَّ بإفْنِ اللهِ) فَأنْقَادَتْ مَعَهُ كَالبَعِيرِ المَخْشُوشِ، الًّذى يُصَانِع قَائدَهُ، حَتَّى أتَى الشَّجَرً ةَ الأخْرَى، فَأخَذَ بِغُصْنٍ مِنْ أغْصَانهَا، فَقَالَ: (انْقَادىَ عَلَىَّ بلئنِ اللَهِ " فَانْقَادَتْ مَعَهُ كَذَلِكَ، حَتَّى إذا كَانَ بالمَنْصَفِ ممًّا بَيْنَهُمَا، لأمَ بَيْنَهُمَا - يَعْنِى جَمَعَهُما - فَقَالَ: (التَئمَا عَلَىَّ بإذْنِ اللهِ) فَالتأمَثَا.
قَالً جَابِر!: فَخَرَجْتُ اخْضِرُ مَخَافَةَ أنْ يُحِسَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِقُرْبِى فَيَبْتَعِدَ - وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد: فَيَتَبغَدَ - فَجَلَسْتُ أحَدِّثُ نَفْسِى، فَحَانَتْ مِنِّى لَفْتَة، فَإذَا ائا بِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مُقْبلًاً، وَإذَا الشَّجَرَتَانِ قَد افْتَرَقَتَا.
فَقَامَتْ كُلُّ وَاحدَة مِنْهُمَا عَلَى سَاق.
فَرَأيْتُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَفَ وَقْفَةً.
فَقَالً بِرَأسه هَكَذَا - وَأشَارَ أبُوَ إسمَاعيلَ بِرأسه يَفينًا وَشِمالأ - ثُمَّ أقْبَلً.
فَلَمَّا انْتَهَى إلىَّ قَألَ: " يَاَ جًابِرُ، هَلْ رَأيْتَ مَقَامِى ؟) قُلتُ: َ نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: (فَانْطلَقْ إلَى الشَّجَرَتَيْنِ فَاقْطَعْ مِنْ كُلِّ وَاحِدة منْهُمَا غُصْنًا، فَأقْبِلْ بِهِمَا، حَتَّى إذَا قُمْتَ مَقَامِى فَأرْسِلْ غُصْنًا عَنْ يَمِينِكَ وَغُصْنا عَنْ يَسَارِكَ).
قال القاضى: قال بعضهم: معناه هنا: يرفعه ويقيمه - والله أعلم - من شدة الضعف والجهد، وهو من نحو ما تقدم من التفسير.
والاَشبه عندكما هنا أن يكون معنى "ننعشه): أكما يشد منه ويشهد له، كما قال فى الحديث: (فشهدنا له أنه لم يعطها) يعنى الثمرة " فأعطيها ".
وقوله: (واديا أفيح): أى واسعا.
وقوله فى الشجرة: " فانقادت عليه كالبعير المخشوش): هو الذى يجعل فى أنفه خشاش، وهو عود يعرض فى أنفه اذا كان صعبا، ويشد فيه حبل لينقاد ويذل، وهو مع ذلك يتمانع لصعوبته، فإذا شُدَّ عليه وألمه نزع العود انقاد شيئا ؛ ولذا قال: " الذى يصانع قائده).
وقوله: (بالمنصف): أى نصف المسافة.
وقوله: " فلأم بينهما): كذا لابن عيسى مهموز مقصور بغير مد، ولغيره: "لاءم) بالمد - والهمز، وكلاهما صحيحع، أكما جمع بينهما، كما قال: " التئما علىّ بإذن الله)
134 / ب(8/569)
570 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر قَالَ جَابِر!: فَقُمْتُ فَأخَذْتُ حَجَرًا فَكَسَرْتُهُ وَحَسَرْ!هُ، فَانْنَلَقَ لِى.
فَأتَيْتُ الشَّجَرَتَيْنِ فَقَطَعْتُ مِنْ كُلِّ وَاحِل!ةٍ مِنْهُمَا غُصْنا، ثُمَّ أقْبَلتُ أجُرهُمَا حَتَّى قُمْتُ مَقَامَ رَسُول اللهِ على أرْسَلتُ غُصْنًا عَنْ يَمِينِى وَغُصْنًا عَنْ يَسَارِى، ثُم لَحِقْتُهُ فَقُلتُ: قَدْ فَعَلتُ، يَا رَسُولَ الله، فَعَمَّ فَاكَ ؟ قَالَ: (إنِّى مَرَرْتُ بقَبْرَيْنِ يُعَذبانِ، فَأحْبَبْتُ، بشَفَاعَتِى، أنْ يَرفَّهَ عَنْهُمَا، مَادًامَ الغُصْنَانِ رَطبَيْنِ).
فالتأمتا.
وعند العذركما: " فالام) بغير همز رباعى، وليس بشىء وهو تغيير.
وقوله: (فخرجت أحضر)، قال الإمام: أكما اْجركما.
قال فى الأفعال: أحضر: جرى جريا شديدًا.
والحضر: المطلق.
قال الهروى: احضر إذا عدى، واستحضر دابته: إذا حملها على الحضر وهو العدو.
قال القاضى: وقوله: (فحانت منى لفتة) بفتح اللام، أى نظرة والتفاتة.
وعند الصدفى ت " حالت) باللام، وهما بمعنى الحين، والحال: الوقت، اْكما اتفقت وكانت /.
وقوله: دا فأخذت حجراً فكسرته فحسرته دا، قال الإمام: يعنى غصنًا من اْغصان الشجرة،
يريد قشرتها، ومنه يقال: حصرت الدابة: إذا أتعبتها فى السير حتى تتجرد من بدانتها.
قال القاضى: هذا تفسير الهروكما لهذا الحرف فى هذا الحديث، [ (1) ولا يعطى مساق الكلام ولا صحته ال يريد بحسرته قشرة الغصن كما قال، فإنه بعد لم يصل إليه وبعد ذلك قال: " ثم أتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا " فكيف وقد قال: (فحسرته فانزلق دا ؟ وهذا يدل أنه إنما أراد الحجر نفسه وأنه كسره، كما قال: ثم أزال عنه كل ما تشظى وتكسر منه، حتى اندلق وبقى حاداً يمكن به القطع.
دإلى هذا نحا الخطابى، وكذا رويناه عنه فى كتابه (2) بالسين المهملة.
واْما روايتنا عن جميع شيوخنا فى هذا الحرف فى الام فإنما هى بالشين المعجمة، وهو أصح، ومعناه: حشر: أكما خفيف.
وقوله: (فاندلق) بذال معجمة، أكما انحد.
وذلق كل لثمىء حده.
وسنان مزلق:
أى محدد.
وقوله - عليه السلام -: " فأحمبت بشفاعتى أن يرفه عنهما ما دام الغصنان رطبين) يفسر مشكل قوله فى الحديث الآخر: دا لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (3))، وأن ذلك بدعوته لهما بذلك، لا كما قال بعضهم مما ذكرناه أول الكتاب فى الطهارة.
(1) بداية سمّط من ز.
(2) انظر: غرب الحديث 1 / 127.
(3) الحديث أخرجه مسلم، كالطهارة، بإلدليل على نجاسة البول، برقم (111).(8/570)
كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر 571 (3013) قَالَ: فَأتَيْنَا العَسْكَرَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " يَا جَابِرُ، نَادِ بِوَضُوء) فَقُلتُ: ألا وَضُوءَ ؟ ألا وَضُوءَ ؟ ألا وَضُوءَ ؟ قَالَ: قُالَتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا وجَدْتُ فِى الرَّكْبِ مِنْ قَطرَة.
وَكَانَ رَجُل مِنَ الأنْصَارِ يُبَرِّدُ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) المَاءَ، َ فِى أشْجَاب لَهُ، عَلَى حِمَارَةٍ مِنْ جَرِيد.
قَالَ: فَقَالَ لِىَ: (انْطَلِقْ إلَى فُلانِ بْنِ فُلان الأنْصَارىِّ، فَانْظُر هَلْ فِى أشْجَابِهِ مِنْ شَىْءً؟) قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إلَيْهِ فَنَظَرْتُ فِيهَا فَلَمًْ أجدْ فيها إلا قَطرَةً فِى عَزْلاءِ شَجْبٍ مِنْهَا، ئَوْ أنِّى أفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ.
فَأتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فًقُلتُ: يَا رَسُولَ
وقوله: (يبرد الماء فى أشجاب له): فيل: أعواد تعلق عليها قرب الماء وأوانيه، مأخوفة من مشجب الثياب.
قوله: (على حمارة من جريد ": كذا الرواية الصحيحة عند شيوخنا، وعند ابن عيسى: " حمار) كلاهما بالحاء، وهى مثل الا"شجاب.
ومنه سميت الاَعواد التى يوضع عليها السرج حماراً.
ووقع عند السمرقندى: (على جمارة " بجيم مضمومة وميم مشدودة، وليس بشىء لقوله بعد ذلك: (من جريد ".
قال القاصْى: بهذا فسر فى الحديث الا"شجاب شيوخنا، وهو صحيح فى العربية.
قال
ابن ثريد: الشجاب والمشجب واحد، ويقال لها: الشجب أيضأ، ويسمون الثلاث الخشبات التى يعلق عليها الراعى سقاءه ودلوه: الشجب، وقد يسمى الحمارة.
قال القاضى: ولكنه مع قوله: (على حمارة له " لا يستقيم اْن يقال: (فى أشجاب على حمار " دانما الأشجاب هنا الاَسقية الخليقة، ويدل عليه الحديث بقوله: "يبرد الماء فى أشجاب له على حمارة من جريد).
وقوله: (فانظر هل فى أشجابه من شىء)، وقوله: " إلا قطرة فى عزلاء شجب دا فهذا كله يدل أنها السقاء.
ومنه فى حديث ابن عباس: (فقام إلى شجب فاصطب منه الماء) (1).
فهذا هو تفسير الشجب فى هذا الحديث وما قالوه.
قال الهروى: الشجب من الأسقية ما استشن وأخلق.
وقال بعضهم: سقاء شاجب، أى يابس.
وقوله: " عزلاء شجب لا: أى فمه ومخرج الماء منه.
وقوله: ا لو أنى أفرغه لشربه يابسه دا: أى لقلة ما كان فيه من الماء وفرط يبس الشجب،
لو فرغ هذا الماء منه لاشتفه الشجب.
وهذا كله يدل على أن الا"شجاب هنا الاَسقية.
وقوله: " يغمزه بيده " أى يحركه ويعصره.
(1) سبق فى كصلاة المسافى ين، بالدعاء فى صلاة الليل.
حديط برقم (183) -(8/571)
572 كتاب الزهدوالرقائق / باب حديث جابرالطويل وقصة أبى اليسر الله، إنِّى لَمْ أجَدْ فِيهَا إلا قَطرَة فِى عَزْلاء شَجْمب منْهَا.
لَوْ أنِّى أفْرِغُهُ لَشَرِبَهُ يَابِسُهُ.
قَألَ: (اف!بْ فَأتِنى به) فَأتَيْتُهُ بِه فَأخَنَهُ بِيَدِهِ فَجَعَلَ يَتَكَلّمُ بِشَىْء لا ادرِى مَا هُو، ويَغْمِزُهُ بيَدَيْه.
ثُمَّ أعْطَانِيه فَقَاَلً: (يَا جًابِرُ، نَاد بجَفْنَة) فَقُلتُ: يَا جَفْنَةَ الرَّكْبِ، فَأتَيتُ بِهَا تُحمَلَُ، فَوَضَعْتُهَاَ بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ) بِيَلِهِ فِى الجَفْنَةِ هَكَذَا.
فَبَسَطَهَا وَفَرَّقَ بَيْنَ أصَابِعِهِ، ثُمَّ وَضَعَهَا فِى قَعْرِ الجفْنَة.
وَقًألَ: (خُذْ يَا جَابِرُ، فَصُبَّ عَلَىَّ وَقُلْ: باسم اللهِ) فَصَبَبْتُ عَلَيْه وقلت: باسم الله* فرأيت الماء يفور من بين أصابع رسول اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) ثم فأرت الجفنةَ ودارت حَتَّى امْتَلأتْ.
فَقَالَ: (يَا جَابِرُ، نَادِ مَنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِماء لما قَالَ: فأتَى النَّاسُ فَاسْتَقَوْا حَتَّى رَوُوا.
قَألَ: فَقُلتُ: هَلْ بَقِىَ أحَدٌ لَهُ حَاجَةٌ ؟ فَرَفَعَ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَدَهُ مِنَ الجَفْنَةِ وَهِىَ مَلأى.
(3014) وَشَكَا النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الجُوعَ.
فَقَالَ: (عَسَى اللهُ أنْ يُطعِمَكُمْ لما فَأتَيْنَا سِيفَ البَحْرِ، فَزخَرَ البَحْرُ زَخْرَةً، فَألقَى دَاتَة.
فأوْرَيْنَا عَلَى شِقِّهَا النَّارَ.
فَأطّبَخْنَا واشْتَوَيْنَا وَ!كَلنَا حتَّى شَبِعْنَا.
قَالَ جَابِرٌ: فَدَخَلتُ أنَا وَفُلانٌ وَفُلانٌ، حَتّى عَدَّ خَمْسَة، ِ فى
وقوله: (فأتينا سيف البحر): هو ساحله بكسر السين.
وقوله: " فزخر البحر زخرة): كذا رواية أكئرهم بالخاء المعجمة، ووقع للعذرى وابن ماهان (زجر " والاءول الصواب.
وقالوا: زخر البحر يزخر زخوراً: اذا طما موجه.
وحجاج العين بفتح الحاء وكسرها: عظمها المستدير بها.
وقوله: " أعظم كفل فى الركب): الكفل، بكسر الكاف وإسكان الفاء: الكساء الذى يحويه راكب البعير على سنامه إذا ارتدفه لئلا يسقط، فيحفظ الكفل الراكب.
قال الهروى (1): قال أبو منصور: وجه اشتق{ يُؤْتِكُمْ كِفْينِ مِن رَّحْمَتِهِ} (2)، اى! يبين يحفظانكم من هلكة المعاصى، كما يحفظ الكفل الراكب.
قال القاصى: الكفل هنا: النصيب، وزيادة أبو منصور تحكم منه، ويرد عليه قوله رجالى: { وَمن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ منْهَا} (3)، ائرى هذه مَحفظه ؟ ووقعت فى رواية التميمى والصدفى فى هذا الحرف] (4): (كفل) بفتح الكاف والفاء، والصحيح ما تقدم.
وكذا روى الجيانى وغيره عن العذرى فى الحرف الاَخر قبيل هذا: " أعظم رحل)
(1) انظر: غريب الحديث 4 / 428، 429.
(3)1 لنساَ: 85.
(2) الحديد: 28.
(4) نهاية السقط من ز، والمثبت من ح.(8/572)
كتاب الزهد والرقائق / باب حديث جابر الطويل وقصة أبى اليسر
573
حجَاجِ عَيْنهَا، مَا يَرَانَا أحَد، حتَى خَرَجْنَا فَأخَذْنَا ضِلَعًا مِنْ أضْلاعه فَقَوَّسْنَاهُ، ئُمَّ دَعَوْنَا بِأعظَم رَجُلٍ فِى الرَّكْبِ، وَأعْظَم جَمَلٍ فِى الرَّكْبِ، وَأعْظَم كِفْلٍَ فِى الرَّكْبِ، فَدَخَلَ تَحْتَهُ مَا يُطَأطِئُ رَأسَهُ.
ولغيره: (رجل، وهو أصوب وأشبه بمساق الكلام.
وكذلك اختلف فيه رواة البخارى (1)
وفى هذا الحديث غرائب من معجزاته الباهرة وعجائب من علامات نبوته الظاهرة ؛ من طاعة الشجرتين له وانقيادهما والتئامهما ثم افتراقهما، وتكثير الماء ونبعه من بين أصابعه، وهذه فى ذاتها قد رويت عنه فى مواطن بروايات متفقة المعنى (2).
ومن بركته فى بيوتهم بالثمرة، ومن الكلام فى خبر هذه الدابة التى ألقاها البحر فى غزوة أبى عبيدة فى الجهاد، ويظهر أنها قصة أخرى لسياق الحديث.
وظاهره اْن ذلك لمحضر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وفى هذه الغزوة.
وقد يحتمل أنها تلك وأوردها جابر هنا بعد ذكره ما شاهده مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مما ذكر، وعطف هذه القصة عليه.
(1) البخارى، كالمغازى، بغزوة سيف البحر 5 / 210.
(2) أشار إلى بعضها ال! عام مسلم فى صحيحه، كالفضائل، بمعجزات النبى - عليه السلام - فى أحاديث رقم (4 - 7، 10).
574(8/573)
كتاب الزهد والرقائق / باب فى حديث الهجرة...إلخ
(19) باب فى حديث الهجرة. ويقال له: حديث الرَّحْل
75 - (2009) حلثّنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حدثنا الحَسَنُ بْنُ اعيَنَ، حدثنا زُهَيْز، حدثنا أبُو إسْحَقَ قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِب يَقُولُ: جَاءَ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ إلَى أبِى فِى مَنْزِلِه، فَاشْتَرَى منْهُ رَحْلاً، فَقَالَ لِعَازِب: ابْدَثْ مَعِىَ ابْنَكَ يَحْملهُ مَعِىَ إلَى مَنْزِلىِ.
فَقَالَ لِى أبِى: احْمِلهُ.
فَحَمَلتُهُ، وَخَرَجَ أبِىَ مَعَهُ يَنْتَقدُ ثَمَنَهُ.
فَقَالَ لًهُ ائى: يَا أبَا بَكْر، حَدِّثْنِى كَيْفَ صَنَعْتُمَا لَيْلَةَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: نَعَمْ.
اشْرَيْنَا لَيْلَتَنَا كُلَّهَا، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَة، وَخَلا الطَّرِيقُ فَلا يَمُرُّ فيه أَحَد، حَتَّى رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَ!طَوِيلَة لَها فِئ، لَمْ تَأتِ عَلَيْهِ الشًّمْسُ بَعْدُ، فَنَزَلنَا عِنْلَ!ا، بأتَيْتُ الصَّخْرَةَ فَسَؤَيْتُ بِيَدِى مَكَانًا، يَنَامُ فِيهِ النَّبِىُّ
وقوله فى حديث الهجرة: (حتى قام قائم الظهيرة ا]: الظهيرة: هى الهاجرة،
وهى ساعة الزوال وانتصاف النهار، ومنه سميت صلاة الظهر.
قال يعقوب: الظهيرة: نصف النهار فى القيظ حتى تكون الشمس بحيال رأسك وتركد، وركودها أن تدوم حيال رأسك، كأنها لا تبرح.
وهذا معنى قوله: (قام قائم الظهيرة)، كأنه وقف ولم يبرح، إما كناية عن الشمس أو الظل لوقوفه عن الزيادة حينئذ، حتى يستبين زوال الشمس.
وقوله: دل - فرفعت لنا صخرة طويلة): أى ظهرت وارتفعت لاءبصارنا.
وقوله: " لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد): يريد ظل أول النهار، أى لم يف عليه.
والظل: ما كان من غدوة إلى الزوال مالم يصبه شمس، وهو أبرد وأطيب.
والفىء: ما كان بعد الزوال ورجوعه من المشرق إلى المغرب، مما كانت عليه الشمس وأصابت أرضه.
وقوله: " فبسطت عليه فروة، ثم قلت: نم) قيل: أراد بالفروة هنا حشيشة من النبات، لكنه ورد فى صحيح البخارى: دا فروة معى لما (1)، وهذا يبعد هذا التاويل - والله أعلم.
وفى حديث الخضر: أنه جلس على فروة بيضاء وحصير تحته خضراً.
وقال عبد الرزاق: أراد بالفروة الأرض اليابسة.
وقال الهروى: قال غيره: يعنى الهشيم اليابس، شبه بالفروة.
وقال الخطابى (2): هى الأرض البيضاء.
(1) البخارى، كمناف الأنصار، بهجرة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) واْصحابه إلى المدينة 5 / 82.
(2) انظر: غريب الحديث 1 / 222.(8/574)
كتاب الزهدوالرقائق / باب فى حديث الهجرة...
الخ 575 ( صلى الله عليه وسلم ) فِى ظِلِّهَا، ثُمَّ بَسَطتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً.
ثُمَ قُلتُ: نَمْ يَأ رَسُولَ الله، وَأنَأ أنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ.
فَنَامَ، وخرَجْتُ أنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإذَا ائا بِرَاعِى غَنَمٍ مُقْبِلٍ بِغنمِهِ إلى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ منْهَا الَّذى أرَدْنَا.
فَلَقيتُهُ فَقُلتُ: لمَنْ أنْتَ يَأ غُلامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُل مِنْ أهْلِ المَدينَة.
قُلتُ، ائى غَنَمكَ لَبَن ؟ قًالَ: نَعَمْ.
قُلتُ: أفَتَحْلُبُ لِى ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَأخَذَ شَاةً فًقُلتُ لَهُ: انْفُضِ الضَّرَع مِنَ الشَّعَرِ وَالتُرَابِ والقَذَى - قَالَ: فَرَأيْتُ البَرَاءَ يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الأخْرَى يَنفُضُ - فَحَلَبَ لِى، فِى قَعْب مَعَهُ، كثبَةً مِنْ لَبَن.
قَالَ: وَمَعِى إدَاوَةو أرْتَوى فِيهَا لِلنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، ليَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأ.
قَاذَ: فأتَيْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَكَرِهْتُ أنْ أوْقظَهُ مِنْ نَوْمه، فوَافَقْتُهُ اسْتَيْقًظَ.
فَصَبَبْتُ عَلَى اللّبَنِ مِنَ المَاء حَتَى بَرَدَ أسْفَلُهُ.
فَقُلتُ: يَاَ رَسُولَ اللَهَ، اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللبن.
قَالَ: فَشَرِبَ حَتى رضيتُ.
ثمَ قَالَ: " ألَمْ يأنِ لِلرَحيلِ ؟ " قُلتُ: بَلَى.
قَالَ: فاَرْتَحَلنَا بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَاتّبَعَنا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ.
قَالً: وَنَحْنُ فِى
وقوله: " وأنا أنفض لك ما حولك،: أى أفتش وأبحث لئلا يفجأك من يغتالك.
والنفيضة: الجماعة تتقدم العسكر فتنفض ما أمامه، قال ابن دريد: كالطليعة.
وقوله فى الراعى: (رجل من أهل المدينة): قيل: هو وهم، وصوابه: من أهل مكة.
وكذا وقع فى البخارى (1) من رواية إسرائيل: " لرجل من قريش " وفى رواية غيره: ا لرجل من المدينة أو مكة) (2).
وقوله: (أفى غنمك لبن ": ضبطناه / كذا بفتح اللام والباء، وا لُبْن) بضم اللام وسكون الباء على وصف جماعة الشياه، أى ذوات ألبان، ويقال: شاة لبنة، وشاة لبن، وقد تسكن مثل هذا.
والقعب: اناء من خشب مقعر معروف.
(وكثبة من لبن " بضم الكاف، وهى قدر الحلبة، قاله يعقوب.
وقيل: القليل
منه، قاله ابن الا"عرابى.
وفيه جواز الشرب من الغنم التى عند الرعاة إذا كانت بالبواثى، وحيث يعرف أنّ أربابها لا يطلبون لبنها، وأنه مباح للرعاة أو حيث العادة أنّ ذلك لا يمنع ويباح لشاربه.
وقد سئل مالك عن المسألة على الجملة فقال: لا يعجبنى، وقد تقدم الكلام على هذا.
(1) البخارى، كاللقطة 3 / 166.
(2) البخارى، كالمناقب، بعلامات النجوة 4 / 241.
135 / أ
576(8/575)
كتاب الزهد والرقائق / باب فى حديث الهجرة...
إلخ
جَلَد مِنَ الأرْضِ.
فَقُلتُ: يَأ رَسُولَ الله، اُئينَا.
فَقَالَ: ا لا تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنَا)، فَدَعَا عَلَيْهً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إَلى بًطنِها.
أُرَى فَقَالَ: إنِّى قَدْ عَلِمْتُ أنَّكُمَا قَدْ دَعَوتُمَا عَلَى، فًادْعُوَا لِى، فَاللهُ لَكُمَا أنْ أرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ.
فَدَعَا اللهَ، فَنَجَى، فَرَجَعَ لا يَلقَى أحَا، إلا قَالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَهُنا.
فَلا يَلقَى أحدًا إلا رَفه.
قَالَ: وَوَفَى لَنَأ.
(... ) وَحَدهَّشيه زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدهَّشَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ.
ح وَحَدثنَاه إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَأ الَنَّضرُ بْنُ شُمَيْلٍ، كًلاهُمَا عَنْ إسْرَائيلَ، عَنْ أبِى إسحَقَ، عَنِ البَرَاءِ.
قَالَ+ اشْتَرى ائو بَكْرٍ مِنْ أبِى رَحْلاً بِثلاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا.
وَسَاقَ الحَلِيثَ، بمَعْنى حَديث زُهَيْرٍ عَنْ أبى إسْحَقَ.
وَقَالَ فِى حَديثه، مِنْ رِوَايَة عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ: فَلَمَّاَ دَنَأ دَعَا عًلَيْهِ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَاخَ فَرَسُهُ فِى الأَرضَ إلَى بَطنهَ، وَوَثَبَ عَنْهُ.
وَقَالَ: يَأ مُحَمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أنًّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادع اللهَ أنْ يُخَلَّصَنِى مَمًّاَ ائأس فيه، وَلَكَ عَلَىَّ لأعَميّنًّ عَلَى مَنْ وَرَائِى.
وَهَذهِ كِنَانَتِى، فَخُذَ سَهْمًا مِنْهَا فَإنَّكَ سَتَمُرَ عًلَى إبِلِى وَغِلمَانِى بمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ منهَا حَاجَتَكَ.
قَالَ: ا لا حَاجَةَ لِى فِى إبلِكَ لما.
فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ لَيْلاً، فَتَنَازَعُوا أيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلًيْهِ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (أنْزِلُ عَلَىَ بَنِى النَجَّارِ، أخْوَالِ عَبْدِ المُطَّلِبِ،
" وجدد الا"رض) بفتح الجيم: الخشن منها، قاله لنا ابن سراج.
وفى الجمهرة والغريبين: هو المستوى، كذا رواه العذرى.
ولغيره: " جلد) باللام بمعنى الأول، أى صلب خشن غليظ.
واحتاج لذكر (جدد الأرض) هاهنا ارتطام فرس سراقة فيها، وتسوخها (1) لتبين المعجزة وتظهر الاَية، إذ لو كانت الأرض سبخة ورخوا دهنية لم يستغرب مثل ذلك فيها.
وقوله: " لأعمين على من ورائى): أى اْخفى اْمركم وألبسه عليهم، حتى لا يتبعوكم.
وقوله: دل ارتطمت فرسه إلى بطنها)، قال الإمام: أى ذهبت وساخت.
قال القاضى: وقوله - عليه السلام -: (أنزل على بنى النجار، أخوال عبد المطلب، اْكرمهم[ بذلك] (2): فيه صلة القرابة وبرهم دإيثارهم.
(1) فى ح: وسؤوخها.
(2) من خط.(8/576)
كتاب الزهدوالرقائق / باب فى حديث الهجرة...
الخ س ه أكْرمُهُم بذَلِكَ " فَصَعَدَ الرِّجَالُ وَالئسَاءُ فَوْقَ البُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الغِلْمَانُ وَالخَدَمُ فِى الطُرُقِ.
يُنً الونَ: يَا مُحَمَدُ، يَا رَسُولَ اللهِ، يَا مُحَمَدُ، يَا رَسُولَ اللهِ.
وقوله: (فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الخدم والغلمان فى الطريق ينادون يا محمد، يا رسول الله): فيه ما كان اتى الله نبيه - عليه السلام - من المحبة فى القلوب ما خص الله به هذا الحى من ال النصار ؛ لما أراده الله بهم من الخير، وما قضاه من إظهار دينه على أيديهم.
578(8/577)
كتاب التفسير
بسم الله الرحمن الرحيم
54 -كتاب التفسير
أ - (3015) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الرَّراقِ، حَدتنَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَا أ
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدثنا أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ والله ( صلى الله عليه وسلم ): " قيلَ لبَنِى إسْرَائِيلَ: ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدا وَقُولُواَ حِطَّةَ يُغْفَرْ لَكُم خَطَايَاكُمْ.
فَبَدلوا.
فَدً خَلُوَا البَابَ يَزْحَفُونَ عَلَى أسْتَاهِهِم.
وَقَالُوا: حبَة فِى شَعَرَةٍ ).
2 - (3016) حدّثنى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد بْنِ بُكَيْر التاقِدُ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْد: حَدثنِى.
وَقَالً الاَخَرَان: حَدتَّشَا - يَعْقُوبُ - يَعْنُونَ ابْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعًدٍ - حَد، شًا أبِى، عَنْ صَالِحٍ - وَهُوَ ابْن كَيْسَانَ - عَنِ ابْنِ شِهَاب.
قَالَ: أخْبَرَنِى ائسُ بْن مَالك ؛ أنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَل - تَابَعَ الوَحْىَ عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تُوُفِّىَ، وً كْثر مَا كَانَ الوَحْىُ يَوْمَ تُوورفّىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
3 - (3017) حدّثنى أبُو خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - وَهُوَ ابْنُ مَهْدِئَ - حَد، شَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَاب ؛ أن اليَهُودَ قَالوا لعُمَرَ: إنَكُمْ تَقْرَؤُونَ اَيَةً، لَوْ أنْزِلَتْ فينَا لاتَخَذْنَا ذَلكَ اليَوْمَ عِيدًا.
فَقًالَ عُمَرُ: إنِّى لأعْلًمُ حيْثُ أنْزِلَتْ، وَأىَّ يَوْم ائزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَيْثُ اثْزِلَمت.
أنْزِلَتْ بِعَرَفَةَ، وَرَسُوَلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَاقِفٌ بِعَرَفَة.
قال الإمام: وقول عائشة: " فيعضلها) (1): العضل: التضييق أو المنع، يقال: عضلنى عن الاَمر: أى منعنى عنه، وأعضل فى الأمر: إذا ضاقت عليك الحيل فيه.
وأصله من عضلت الناقة: إذا تشب ولدها فلم يسهل مخرجه، والدجاجة نشب بيضها، والمسألة المعضلة: الصعبة المخرج، وداء عضال: شديد.
وقول على - رضى الله عنه -: معضلة ولا أبا حسن.
قال الفراَ: هذه معرفة وضعت موضع النكرة، كأنه قال ة ولا رجل كأبى حسن ؛ لاَن التنزيه (2) لا يقع على المعارف.
وقال غيره من البصريين: فى الكلام حذف مضاف نكرة لا يتعرف بما اْضيف إليه، والتقدير: معضلة ولا مثل معضلة أبى حسن.
قال: والمعنى يقتضى ذلك.
(1) حديث رقم (8) بألباب.
(2) فى خ: التبرلْة.(8/578)
كتاب التفسير
379
قَالَ سُفْيَانُ: أشُلث كَانَ يَوْمَ جُمُعَة أمْ لا.
يَعْنِى: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَصْت عَلَيكُمْ نِعْمَتِى} (1).
"
4 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَبْب - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قَالَ: حَد*شَا عَبْدُ الله بْنُ إدْرِيسَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمً، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَاب، قَالَ: قَالتِ اليَهُودُ لعُمَرَ: لَوْ عَلَيْنَا، مَعْشَرَ يَهُود، نَزَلَتْ هَذه الآيَةُ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكًمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكَمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}، نَعْلًمُ اليَوْمَ ائَذِى أنْزِلَتْ فِيه، لاتخذنا ذلك اليوم عيداً.
قال: فقال عمر: فَقد علمت اليَوْمَ الذِى انْزِلَتْ فيه، وَالسًّاعَةَ، وَأيْنَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ نَزَلَتْ.
نَزَلَتْ لَيْلةَ جَمع، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِعَرَفَاتٍ.
5 - (... ) وَحَدثَنِى عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْن، أخْبَرَنَا أبُو عُمَيْس عن قيس بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَاب، قَالَ: جَاءَ رَجُل مِنَ اليًهُودِ إلَى عُمَرَ.
فَقَالَ: يَا أميرَ المؤمِنِينَ، اَيَة! فِى كِتَابكُمْ تَقْرَؤونَفا، لَوْ عَلَينَا نَزَلَتْ، مَعْشَر اليَهُودِ، لاتَخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا.
قَالَ: وَأَى آَية ؟ قَالَ: { ائيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُغ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكمُ الأِسْلامَ دِينًا} ة فَقَالَ عُمَرُ: إنَى لأعْلَمُ اليَوْمَ الَّذِى نَزَلَتْ فِيهِ، وَالمَكَانَ الَّدِى نَزَلَتْ فِيهِ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِعَرَفَاتٍ، فِى يَوْم جُمُعَة.
6 - (3018) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرع وَحَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُجِيبِى - قَالَ أبُو الطَّاهِرِ: حَد، شَا.
وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أخْبَرَنَا - ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزبيْر ؟ أئهُ سَألَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللًهِ: { وَإِنْ خِمغْ أَلا
قال القاضى: وقوله فى حديث ابن أبى شيبة فى قوله: { الْيَوْمَ اكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ}: نزلت ليلة جمعة ونحن مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعرفات.
كذا لابن ماهان، ولغيرهَ: ا ليلة جمع)، والوجه ال الول صحيح كما قال فى سائر الأحاديث، وكما جاء فى الحديث بعده: " يوم جمعة).
وقوله: (يريد أن يتزوجها بغير أن يقسط فى صداقها، أى يعدل، قال الله تعالى:
{ وَإِدط خِفْتُمْ ألاَّ تُقْسِطُوا فِى ايامَى} (2): أى تعدلوا.
(1) 1 لما ئد ة: 3.
(2) النساكا ة 3.
135 / ب
580(8/579)
كتاب التفسير
تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} (1) قَالَتْ: يَا ابْنَ أخْتِى، هِىَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حجْرِ وَلِيِّهَا، تُشَارِكُهُ فِى مَاله، فَيُعْجبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَليهَا أنْ يَتَزَوَّجَهَا بغَيْرِ أنْ يُقْسِط فِى صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيهًاَ مثل مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ.
فَنُهُوا أنْ يَنْكحُوهُنَّ إلا أنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا بِهِنَّ أعْلَى سُنَتِهِنًّ مِنَ الضَدَاقِ، وَأمِرُوا أنْ يَنْكِحُوَا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ.
قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائشَةُ: ثُمَّ إن النَّاسَ اسْتَفْتُوا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، بَعْدَ هَذه الآيَة فِيهِنَّ، فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجًَ: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكَمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَئَ عًلَيْكُم فِى الْكِتَابِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِى لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَوْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُن} (2).
قَالَتْ ة وَائَنِى ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى ؛ أنَّهُ يتلَى عَلَيْكُمْ فِى الكتَاب، الآيَةُ الأولَى التِى قَالَ
اللهُ فِيهَا: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مَّنَ النِّسَاءِ}.
قَالَتْ عائِشَةُ: وَقَولُ اللهِ فِى الآيَةِ الأخْرَى: { وَتَوْغَبُونَ اَن تَنكِحُوهُن} رَغْبَةَ أحَدكُمْ
عَنِ اليَتِيمَة الَّتِى تَكُونُ فِى حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَليلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ.
فَنُهُوا أنْ يَنكِحُوَا مَا رَغِبُوا فِى مًالِها وَجَمَالِهَا مِنْ يتَامَى النِّسَاءِ إلا بِالقِسطِ، مِنْ أجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ.
(... ) وحدّثنا الحَسَنُ الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، جَمِيعًا عَنْ يَعْقِوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد، حَد، شَا أبى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب.
أخْبَرَنِى عُرْوَةُ ؛ أنَّهُ سَألَ عَائِشَةَ عَنْ قَولِ الله.
{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى} ً وَسَاقَ الحَديثَ بِمِثْلِ حَديث يُونُسَ عِنِ الزُّهْرِىِّ.
وَزَادَ فِى آخِرهِ: مِنْ أجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ، إذا كُنَّ قًلِيلاتِ المَالِ وَالَجَمَاَلِ.
7 - (... ) حدّتنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَا لا: حَدثنَا أبُو أسَامَةَ.
حَد، شَا هِشَام عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فِى قَوْلِهِ: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقسِطُوا فِى الْيَتَامَى} قَالَتْ: أثْزِلَتْ
وقوله: " فنهوا أن ينكحوا ما رغب فى جمالها ومالها إلا بالقسط): أى طلبوا.
وقوله: (من أجل رغبتهم عنهنِ ": يفى تركهم وكراهتهم لهن إذا كن قليلات
المال والجمال، قال الله تعالى: { وَتَرْنجُونَ / أَن تَنكِحُوهُن} رغبت فيه، إذا أردته، ورغبت عنه ؛ إذا كرهته.
(1)1 لنساء: 3.
(2) 1 لنساء: 127.(8/580)
كتاب التفسير
581
فِى الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ اليَتِيمَةُ وَهُوَ وَليّهَا وَوَارِثُهَا، وَلَهَا مَالٌ، وَلَيْسَ لَهَا أحَدٌ يُخَ ال مُ !ونَهَا، فَلا يُنْكحُهَا لمَالِهَا، فَيضُرُ بِهَا وَيُسِىءُ!حْبَتَهَا.
فَقَالَ: { وَإِنْ خِفْتُمْ اَلاَّ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى فَانكِحُوَا مَا طًابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ}.
يَقُولُ: مَا اخْللتُ لَكُمْ.
وَدع هَنِهِ الَّتِى تَضُرّ بِهَا.
8 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ، حَد، شَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هشَابم، عَنْ ائيهِ،
عَنْ عَائشَةَ، فِى قَوْلهِ: { وَمَا يُتْلَئ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ اللأَتَى لا تُؤْتونَهًن مَا كُتِبَ لَهَنَّ وَتَرْغَبُونَ أًن تَنكِحُوهُن} قَالَتْ: أنْزِلَتْ فى اليَتِيمَةِ، تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَشْرَكُهُ فِى مَالِه، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أنْ يُزَوًّ جَهَا غَيْره، فَيَشْرَكُهُ فِى مَالِهِ فَيَعْضِلُهَا فَلا يَتَزَوًّ جُهَا وَلا يُزَوِّجُها غَيرُهُ.
9 - (... ) حلّلنا ائو كُرَيْب، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ، أخْبَرَنَا هشَامو، عَنْ أبيه، عَنْ عَائشَةَ،
فِى قَولِه.
{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءً قُلِ اللَّهُ ئفْتِيكُمْ فِيهِن} الاَيَةَ (1).
قَالَتْ، هِىَ اليَتِيمَةُ التِى تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَهَا ال تَكُونَ قَدْ شَرِكَتْهُ فِى مَالِهِ، حَتَى فِى العَذْقِ، فَيَرْغَبُ - يَعْنِى - أنْ يَنْكِحَهَا.
وَيَكْرَهُ أنْ ينكِحَهَا رَجُلاً فَيَشْرِكُهُ فِى مَالِهِ، فَيَعْضِلُهَا.
10 - (3019) حدّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد - ننَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هشَامٍ،
عَنْ أبِيه، عَنْ عَائشَةَ، فِى قَوْله: { وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأكُلْ بِالْمَعْرُوف} (2) قَالَتْ: أَنْزِلَتْ فِى وَالِىَ مَالِ اليَتِيم الَّذِى يَقُومُ عًلَيْهِ وُيصْلِحُهُ، إنَا كَانَ مُحْتَاجًا أنْ ياكُلَ مِنْهُ.
11 - (... ) وحدّثناه أبُو كُرَيْب، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ، حَد، شَا هشَامٌ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: { وَمَن كَانًَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًاَ فَلْيَأكُلْ بِالْمَعروف}
وقوله: (حتى فى العذق): قال القاصْى: هو هنا بفتحِ العين، ومعناه: النخلة بنفسها وقد مرّ (3).
وذكر فى الحديث: قوله ظ لى: { وَمَن كَان عيا فَلْيَسْتَعْفِفْ} الاَ!ة (4)، قالت عائشة: " أنزلت فى والى مال اليتيم الذى يقوم عليه ويصلحه، اذا كان محتاجا اْن يأكل منه) الحديث: اختلف السلف فى معنى هذه الاَية، وهل هى محكمة أو منسوخة ؟ فقيل: هى محكمة، ومعناها ما ذكر عن عائشة، وهو قول جماعة غيرها (ْ).
وقيل:
(1) النساء: 127.
(2) النساء: 6.
(3) سبق فى كالجنائز، بركوب المصلى على الجنازة، رقم (89).
(4) النساء: 6.
(5) منهم / ابيت اعباس، كما أخرج فلك مالك فى الموطأ، كصفة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، بجامع فى الطعام والراب
582(8/581)
كتاب التفسير
قَالَتْ: أنْزِلَتْ فِى وَلىِّ اليَتِي! أنْ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إذَا كَانَ مُحْتَاجَا، بِقَدرِ مَالِهِ، بِالمعْرُوفِ.
!،، صوص محص ه،، صوص حمص ص ! ص ص 5 ص
(... ) وحدثناه أبو كريب، حدثنا ابن نمير، حدثنا هِشام، بِهذا الإسنادِ.
12 - (3020) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدئمنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَيق هشَابمِ،
عَنْ أبِيه، عَنْ عَائشَةَ، فِى قَوْله عَر وَجَلَّ: { إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وإِذْ زَاغَتِ الَأَبْصَارُ وَبَلَغًتِ الْقُلُوبُ الْحًنَاجِر} (1) قَالَتْ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الخَنْدَقِ.
13 - (3021) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدثنَا هِشَامٌ،
عَنْ أبيه، عَنْ عَائشَةَ: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْوَافحًا} الاَيَةَ (2).
قَالَتْ: أنْزِلَت فِى المَرْأةِ تًكُونُ عنْدَ الرَّجُلِ، فَتَطُولُ صُحْبَتُها، فَيُرِيدُ طَلاقَهَا.
فَتَقُولُ: لا تُطَلَقْنِى، وَأمْسِكْنِى، وَأنْتَ فِى حِل مِنَى، فَنَزَلَتْ هَنِ! الآيَةُ.
سء، لم صه ص حمصء، ءص ص ص ص محص ص من ص هء ص ه ص ص ص
14 - (... ) حدثنا ابو كريب، حدثنا ابو اسامة، حدثنا هشامِ، عن ابيه، عن عائِشق!
فِى قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: { وَإِنِ امْرَأَةٌ "خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْوًا فحَا}.
قَالًت: نَزَلَتْ فِى المَرْأة تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، فَلَعَلَّهُ ألا يَسْتَكْثِرَ مِنْهَا، وَتَكُونُ لَهَا صُحْبَةٌ وَوَلَد، فَتَكْرَهُ أنْ يُفَارِقًهَا.
فَتَقُولُ لَهُ: أنْتَ فِى حِل مِنْ شَأنِى.
ذلك له إذا سافر فيه، وهو قول أهل العراق (3).
وقيل له الاَكل منه إذا كان محتاجا وهو على الجملة، وهو المذكور عن عائشة فى الحديث الثانى فى الأم.
وقاله عطاء وغيره.
وقيل ذلك بالقرض منه إذا احتاج ثم يرده (4).
وقيل ذلك فى الغلل من الثمر واللبن لا من العين.
وميل: المراد بذلك كله الإنفاق على اليتيم منه فى حال عسره ويسره ؛ لئلا يسرف ويضيعه فى الإنفاق عليه مع قلة المال فينفذ، وروى عن ربيعة ويحيى بن سعيد.
وٍ ذهب ابن عباس وزيد بن أسلم إلى أنها منسوخة بقوله: { إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْما} (5) الاَية.
وقيل: بقوله تعالى: { وَلا تَأكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} (6).
(1) 1 لأحزاب: 10.
(2) ا لنساء: 128.
(3) قال الجصاص: روى عن أبى يوسف أنه لا يأكل من مال اليتيم إفا كان مقيما، فإن خرج لقاضى دين له أو ضياع له، فله أن ينفق.
انظر: أحكام القراَن 2 / 65.
(4) انظر: تفسير لبن كثير 1 / 478.
(5) ا لنساء:.
ا.
يلا) ا لبقرة: مه ا.(8/582)
كتاب التفسير
583
15 - (3022) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَأ أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أِبِيه، قَالَ: قَالَتْ لِى عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أخْثِى، أمِرُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لأصْحَابِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، فسَبّوهُمْ.
،، صصهه5، ََصصصصصصصصسَرء،، ءصصصصصصصصعصصصص!!صصصص55ص
(... ) وحدثناه ابو بكرِ بن ابِى شيبة، حدثنا ابو اسامة، حدثنا هِشام، بِهذا الإسنادِ،
وقوله عائشة: (أمروا أن يستغفروا لا"صحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فسبوهم دا قالته - والله اْعلم - عندما سمعت أهل مصر يقولون فى عثمان ما قالوا، وأهل الشام وبنى أمية يقولون فى على ما قالوا، وقالت الحرورية فى الجميع ما قالوِا - والله أعلم.
والأمر بالاستغفار الذى اْشار إليه قوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاءوا مِنْ بَعْلِ!مْ يفوئونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَاننَا} (1)[ الاَدز] (2).
وبهذا احتج مالك (3) أن لا حق فى الفىَ لمَنْ لسَبّ أصحاب النبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لاَن الله إنما جعله لِمَنْ جاَ بعدهم ممن يستغفرلهم لالمنَ سبّهم.
وقول ابن عباس فى قوله تعالى: { وَمَن يَقْتُلْ مؤْمنًا مُّتَعَمِّدًا} (4): (ما نسخها شىء)، وقوله: ا لا توبة له)، وقوله فى اَية الفرقان: (َإلاّ مَن تَابَ وَآمَنَ} (5): (نزلت فى أهل الشرك)، وقوله: " نسختها اَية المدينة): يعنى اية النساء.
هذا عن ابن عباس فى توبة القاتل، وأنها غير مقبولة.
وروى عنه أن آية النساء ناسخة لآية الفرقان، واْنه لا توبة للقاتل المسلم، وهو الذى ذكر عنه مسلم، والمشهور عنه.
وقد روى عنه (6) قبول توبته، وجواز مغفرِة الله له وعفوه عنه بقوله: { وَمَن يَعْمَلْ لمُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثمَّ يَسْتَغْفِرِ الثَهَ يَجِدِ الثَهَ غَفُورًا رَّحِيمَا} (7).
وهذا هو الذى عليه جماعة السلف[ وأهل السنة أجمع، وكل ما روى عن بعض السلف] (8) مما ظاهره خلاف هذا على التغليظ والتثمديد، والاَية خبر محض، والأخبار لا يدخلها النسخ كما قال ابن عباس، لكن يدخلها التخصيص والاستثناء والشرط.
وقد اختلف فى معناها، فذهب أكثرهم إلى أن معناها: جزاوْه إن جازاه واْنفذ عليه وعيده، وفيه حديث مروى بهذا عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقيل: معناه: مَنْ قتل مستحلا لقتله لاَجل إيمانه وهذا كفر (9).
وقيل ت الاَية نزلت فى رجل معين قتل مسلما ثم
(1) الحشر: 10.
(2) ساقطة من ح.
(3) انظر: أحعَام القراَن للقرطبى 18 / 32، معالم التنزيل للبغوى 4 / 1 32.
(4) 1 لنساء: 93.
(5) ا لفرقان: 70.
(6) ذكر ذلك عنه القرطبى فى تفسيره 5 / 333.
(7) النساء: 110.
يه) سقط من ز.
لا) قال ابن كثير: رواه ابن مردويه ب!سنافى مرفوعا، ولكن لا يصح.
تفسير ابن كئير 1 / 537.
1 / 136
584(8/583)
كتاب التفسير 16 - (3023) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حدثنا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ المُغيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْر، قَالَ: اً خْتَلَفَ أفلُ الكُوفَةِ فِى هَذه الآيَة: { وَمَن يَقْتُل مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاوُهُ جَهًنَّمُ} (1) فَرَحَلتُ إلَى ابْن عَبَّاس فَسَألتُهُ عَنهًا، فًقَالَ: لَقَدْ أنْزِلَتْ اَخِرَ مَا أنْزِلَ.
ثُمَّ مَا نَسَخَهَا شَىْء!.
17 - (... ) ود دّئنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَحَد*شَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا النَّضْرُ، فَالا جَمِيغا: حَدثنَا شُعْبَة.
بِهَذَا الإسْنَادِ.
فِى حَلِيثِ ابْنِ جَعْفَر: نَزَلَتْ فِى اخر مَا أنْزِلَ.
وَفِى! دِيثِ النَّضْرِ: إنَّهَا لَمِنْ اخرِ مَا أثْزِلَتْ.
18 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْيط جَعْفَر، حَدوّرَشَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْر، قَالَ: أمَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن أَبْزَى انْ أَسْألَ ابْنَ عَبَّاسِ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ !{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} فَسَألتُهُ فَفَالَ: لَمْ يَنْسَخْها شَىْء!.
وَعَنْ هَنِهِ الآيَةِ: { وَالَّذِينَ لا يَلحونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا
ارتد (2).
وقيل: المعنى: خلود دون خلود إن لم يعف الله عنه / من دخولها، وهو مثل قوله تعالى: { وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسولَة وَيتَعَدَّ خدُودَه} الآية (3).
والآية العامة تقضى على هذه وتفسرها وهى قوله تعالىِ: { ٍ نَّ اللَّهَ لا يَفْفِرُ أَن يُشْركَ به وَيَفْفِرُ مَا دُونَ ذَلكَ لمَن يَشَاء} (4)، وقوله: { ِ إِنَّ اللَّهَ يَفْفِر الذُّنوب جَمِيعا} (5).
ً
وقوله فى الحديث: (فرحلت إلى ابن عباس).
هذا هو الصواب بالراء والحاء المهملة،
وعن ابن ماهان: " فدخلت " بالدال والخاء المعجمة.
وذكر مسلم فى هذا الحديث: حدثنا محمد بن مثنى ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور، عن ابن جبير، قال: أمرنى عبد الرحمن بن أبزى (6) أن أسأل ابن عباس.
كذا وقع عندنا فى سائر النسخ، وكذا ذكره البخارى (7) عن شعبة أيضا، وذكره اْبو عبيد عن سعيد بن
(1) النساء: 93.
(2) انظر: جامع البيان للطبرى 5 / 7 1 2.
(3) 1 لنساء: 14.
(4) 1 لنساء: لما.
(5) ا لزمر: 53.
(6) قال البخارى: هو مولى خزاعة الكوفى، له صحبة، وهو من قدماء موالى مكة.
التارلخ الكبير 5 / 245، انظر: الإصا بة 4 / 149.
(7) البخارى، كالتفسير، سورة الفرقان 6 / 139.(8/584)
كتاب التفسير 585 اخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ ائَتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} (1).
قَالَ: نَزَلَتْ فِى اهْلِ الشَرْكِ.
19 - (... ) حدَّثنى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، حَد*شَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ القَأسِم الَليْثِىُّ، حَد"ننَا أَبُو مُعَاوِيَةَ - يَعْنِى شَيْبَانَ - عَنْ مَنْصُورِ بْنِ المُعْتَمِرِ، عَنْ س!عِيد بْنِ جُبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَألَ: ثَزَلَتْ هَذه الآيَةُ بِمَكَّةَ: { وَالَّذِينَ لا يَونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًاَ آخَرَ} إِلَى قَوْله: { مُهَانًا} (2).
فَقَالَ المُشرِكُونَ: وَمَا يُغْنِى عَنَّا الإِسْلاَمُ وَقَدْ عَدَلنَا باللّهِ وَقَدْ قَتَلنَا النفسً الَّتِى حَرَّمَ اللّهُ وَأَتَيْنَا الفَوَاحِشَ ؟ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِلاَّ مَن تَابَ وًا مَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا} (3) إِلَى اخرِ الاَيَةِ.
قَالَ: فَا"مَّا مَنْ دَخَلَ فِى الإِسْلاَمِ وَعَقَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ، فَلاَ تَوْبَةَ لَهُ.
20 - (... ) حدتثنى عَبْدُ اللّهِ بْنُ هَاشِم وَعَبْدُ الرخمَنِ بْنُ بِشْرِ العَبْدِىُّ، قَالا: حَا شَا يَحْمىَ - وَهُوَ ابْنُ سَعيد القَطَّانُ - عَنِ ابْنِ جرَيْج، حَدثنِى القَأسِمُ بْنُ أَبِى بَزَّةَ، عَنْ سَعيد ابْنِ جَبَيْر، قَالَ: قُلتَُ لابْنِ عَتاس: أَلمَنْ قَتَلَ مؤْمِنًا مُتَعَمِّدَا مِنْ تَوْبَة ؟ قَالَ: لا.
قَالًءَ فَتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِه الاَيَةَ اثَتِى فِى الفرْقَانَ: { وَالَّدِينَ لأ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهًِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتًلُونَ النَّفسَ الَّتِى حَرَّمَ اللًّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} إِلَى اَخِرِ الآيَة.
قَالَ: هَذه آيَةٌ مَكِّيَّة، نَسَخَتهَا آيَةٌ مَدَنيَّةو: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهًّغُ خالِدًا}.
ً
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ هَاشِبم: فَتَلَوْتُ هَذِهِ الاَيَةَ الَّتِى فِى الفُرْقَانِ: { إِلاَّ مَن تَابَ}.
جبير: قال لى سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، ورواه عن جماعة، اْمرنى ابن اْبزى.
قال بعضهم: فلعله فى رواية شعبة ة أمرنى ابن عبد الرحمن فسقط[ ابن] (4)، ولعله: أمر ابن عبد الرحمن فسقط الاَلف وتصحف بهذه.
وعبد الرحمن بن أبزى له صحبة.
قال القاضى: وأما الذى يبعد عن أن يجعل سعيدًا سأل له ابن عباس مما لا يعلم فقال: حدثنا أبو النصر هاشم بن القاسم الليثى: كذا هو، وفى بعض النسخ: التميمى، ولم يروه.
وفى أصل ابن عيسى: التميمى، وروايته: (الليثى).
وقال البخارى (5) فيه: (الليثى " قال: ويقال: " التميمى).
(1) 1 لفرقان: 68.
(4) من !.
(2) ا لفرقان: 68، 69.
(5) التاريخ الكبير: 8 / 235.
(3) 1 لفرقان: 70.
586(8/585)
كتاب التفسير
21 - (3024) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَهَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد -
قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا - جَعْفَرُ بْنُ عَوْن، أخْبَرَنَا أبُو عُمَيْسي، عَنْ عَبْدِ المَجيدِ بْنِ سُهَيْل، عَنْ عُبَيْد اللّهِ بْنِ عَبْد اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَاذَ: قَالَ دىَ ابْنُ عَئاس: تَعْلَمُ - وَقَالً هَرُونَ: تَدْرِى - اَخًِسُورَة نَزَلَت مِنَ القُران، نَزَلَتْ جَمِيغَا ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}.
قَالَ: صَدَقْتَ.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ ابِى شَيْبَةَ: تَعْلَمُ اىُّ سُورَة.
وَلَمْ يَقُلْ: اَخِرَ.
(... ) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا أبُو عُمَيْسٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثله.
وَقَالَ: آخِرَ سُورَةٍ.
وَقَالَ ة عَبْدِ المَجِيدِ، وَلَمْ يَقُلِ: ابْنِ سُهَيْل.
22 - (3025) حّدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ داِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَأحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضبىُّ - وَاللَفْظُ لابْنِ أَبِى شَيْبَةَ - قَالَ: حَلَّثَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أَخْبَرَنَا - سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو، عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: لَقَىِ نَاش مِنَ المُسْلِمينَ رَجُلاً فِى غُنَيْمَة لَهُ.
قال الإمام: خرج مسلم حديث ابن عباس: (تعلم آخر سورة نزلت من القراَن جميعا ؟ قلت: نعم) الحديث، قال: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وهرون بن عبد الله، وعبد بن حميد، عن جعفر بن عون، أنبأنا اْبو عميس، عن المجيد بن سهيل.
قال بعضهم: هكذا هو الصواب: عبد المجيد، بتقديم الميم على الجيم.
ووقع فى نسخة ابن ماهان فى إسناد هذا الحديث: (عبد الحميد) مكان " عبد المجيد دا والاءول الصواب.
قال القاضى: ما قاله الإمام هو ما نقله من كلام الجيانى أبى على شيخنا - رحمه الله.
وقد اخثلف فى اسمه، فذكره مالك فى موطثه من رواية يحيى بن يحيى الاْندلسى، وسماه عبد الحميد بتقديم الحاء، ونسبه: ابن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف.
ووافق هذا القول سفيان بن عيينة فقال فيه أيضًا: عبد الحميد.
واْما البخارى (1) فسماه: عبد المجيد، وكذا اْيضا رواه ابن القاسم فى الموطأ والقعنبى وجماعة من الرواة عن مالك.
فاستبان أن الخلات فى هذا الاسم مشهور، دان كان هذا فالحكم بالخطأ على أحدهما والتصويب للآخر مثعذر.
قال أبو عمر بن عبد البر فيه: عبد الحميد، ويقال: عبد المجيد، وهو اعثر.
(1) انظر: الت!يخ للكبير 6 / 110، برقم (1870).(8/586)
كتاب التفسير 587 فَقَالَ: الئَلاَمُ عَلَيْكُمْ.
فَا"خَذُوهُ فَقَتَلُوهُ وَاخَذُوا تِلكَ الغُنْيمَةَ.
فَنَزَلَتْ: (وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا).
وَقَرَاهَا ابْنُ عَثاسٍ: الممئَلاَمَ.
23 - (3026) حدَّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَدثنَا غنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَثمئَارِ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَئى - قَالا: حَذَئَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِى إِسْحَقَ، قَالَ: سَمِعْتُ اَلبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَت الانْصَارُ إِذَا حَجُوا فَرَجَعُوا، لَمْ يَدْخُلُوا البُيُوتَ إِلا مِنْ ظُهُورِهَا.
قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ منَ اَلأنْصَارِ فَدخَلَ مِنْ بَأبه.
فَقيلَ لَهُ لى دلِكَ.
فَنَزَلَتْ هَنِهِ الآيَةُ: { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأتوا الْبُيوتَ مِن ظُهُورِهَا} (1).
ً
وقوله: فى سبب نزول الاَية: { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَئ إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَت مُؤْمِا} (2):
هذه قراعه ابن عباس، وجماعة من القراء.
وقراْ جماعة " السثَلم) (3).
والقراعحان فى السبع.
وقراْ بعضهم: (السئلم) بكسر السين.
فمن قرأ: " السلام) فقد تبين فى الحديث سببه ؛ أن الرجل سلم عليهم ليأمن بذلك، وليظهر أنه مسلم، فعاتبهم الله على ذلك.
ومن قرأ القراعه الأخرى، فمعناه: التى بيده واستسلم واْظهر الإيمان، ف{ كَذَلِكَ كُنتُم مّن فيُ} أى مختفين بإيمانكم.
وقيل: كفازا.
وقيل: مثله قبل أن يظهر ما أظهر.
وقرأ أبو جعفر: (مؤمنا لا بفتح[ الميم] (4)، أى لسنا نأمن منك.
(1) الباقرة: 189.
(2) 1 لنساَ: 94.
(3) المدنيان، وابن عامر، وحمزة.
(4) بياض فى الأصل، والمثبت من ح.
588(8/587)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: { ألم يأن...
}
(1) باب فى قوله تعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّه} (1)
24 - (3027) حلّدنى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى الصَّدَفِىّ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَفرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ سَعيدِ بْنِ أبِى هِلال، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْد الله، عَنْ أبِيه ؛ أًنَّ ابْنَ مَسْعُود قَالَ ة مَا كَانَ بَيْنَ إسْلامِنًا وَبَيْنَ أنْ عَاتَبَنَاًا للهُ بِهَنِهِ الآيَةِ: { أَلَم يَأنِ لِلَّذِينً آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قلوبُفمْ لِذِكْوِ اللَّه}.
إلا أرْبَمُ سِنِينَ.
(1) الحديد: 16.
وترك الإمام والقاض الباب بجر تعليق.(8/588)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: { خذوا زينتكم...
}
589
(2) باب فى قوله تعالى: { خُذوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (1)
25 - (3028) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَحَدثنِى
أَبُو بَكْرِ بْنُ نَأفِع - وَاللَفْظُ لَهُ - حدثنا غُنْدَر!، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ البَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَتِ المَرْاةُ تَطُوفُ بالبَيْت وَهْىَ عُرْيَانَةٌ.
فَتَقُولُ: مَنْ يُعِيرُنِى تِطًوَافا ؟ تَجْعَلُهُ عَلَى فَرْجِهَا.
وَتَقُولُ:
اليَوْمَ يَبْدُوبَعْضُهُ أَوْكُلُّهُ فَمَابَدَامِنْهُ فَلاَ أُحِلُهُ
فَنَزَلَتْ هَلهِ الآيَةُ: { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
وقوله فى الحديث: (من يعيرنى تطوافًا) بكسر التاء: هو بون (2) تلبسه المراْة تطوف به.
قال الخطابى: كان أهل الجاهلية يطوفون عراة ويرمون بثيابهم، [ ثم لا] (3) يأخذونها، ويتركونها تداس حتى تبلى.
وهى التى تسمى (اللفا لما.
وقال ابن إسحق: كان غير أهل الحرم من العرب لا يطوفون أول قدومهم مكة الا فى ثياب الحمس، [ وهم قي يش ومن ولدت] (4).
(1) 1 لاءعراف: 31.
(2) كذا فى ز، وفى ح: ثوب.
(3، 4) سقط من ز، والمثبت من ح.
590(8/589)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: { ولا تكرهوا...
}
(3) باب فى قوله تعالى: { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} (1)
26 - (3029) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، جَمِيعًا عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ - وَاللَفْظُ لأبِى كُرَيْب - حَد!شَا أبُو مُعَاوِيَةَ، حدثنا الأعْمَشُ، عًنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ الله "!نُ أبِىِّ بْن سَلُولَ يَقُولُ لِجَارِيَة لَهُ: اف!بِى فَابْغِينَا شَيْئًا.
فَأنْزَلَ اللهُ عَر وَجَلَّ: { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنً تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ} لَهُن{ غَفُورٌ رحِيمٌ }.
27 - (... ) وحدّثنى أبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حدثنا ائو عَوَانَةَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ
أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أنَّ جَارِيَةً لعَبْد الله بْنِ ائىِّ بْنِ سَلُولَ يُقَالُ لَهَا: مُسَيْكَةُ.
وَأخْرَى يُقَالُ لَهَا: اميْمَةُ.
فَكَانَ يُكْرِهُهُمَأ عًلَىَ الز.
لَى.
فَشَكَتَأ ذَلِكَ إلى الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فَأنْزَلَ اللهُ: { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} إلَى قَوْلِهِ: { غَفُورٌ رحِيمٌ }.
وقوله فى الاَية: { وَمَن يكْرِههّنَ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِن غَفُورٌ رحِيثم}، ومر السمرقندى.
وبعضهم: (فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم)، وهذا لم يقراْ به فيما علمت، ولعله ورد فى هذه الآية مورد التفسير (2)، كأنه قال: يعنى لهن، ولذلك قال[ اْهل التفسير: معناه: فإن الله للمكرهات] (3) من بعد إكراههن غفور رحيم.
[ وسمى فى الحديث الجاريتين] (4): نسيكة واْميمة، وقيل: مسكة.
وقيل: معاذة
(1) ا لنور: 33.
(2) قال الإمام البغوى فى تفسير الاَية: وكان الحسن إذا قرا هذه ا، ية قال: لهن، والله لهن.
معالم التزيل 3 / 344.
(3!4) بياض فى الأصل، والمثبت من ح.(8/590)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: { اولئك الذين يدعون...
}
591
(4) باب فى قوله تعالى: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعونَ يَبْتَغونَ إِلَئ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ} (1)
28 - (3030) حلئنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الله بْنُ إدْرِيس، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِى مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، فِى قَوْلِهِ عَز وَجَلَّ: ! أُوْلًكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ أيهم أقرب}.
قَالَ: كَانَ نَفَر مِنَ الجِن اشْلَمُوا، وَكَانُوا يُعْبَدونَ، فَبَقِىَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ عَلَى عِبَادَتِهِمْ، وَقَدْ أسْلَمَ الثفَرُ مِنَ الجِن.
29 - (... ) حدثنى أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع العَبْدِىُّ، حَد*شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حدثنا سفيَانُ،
عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِى مَعْمَر، عَنْ عَبْدِ اللهِ: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَلحونَ يَيْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسيلَةَ} قَالَ: كَانَ نَفَرٌ مِنَ الإنْسِ يَعْبُدُونَ نَفَرا مِنَ الجِنِّ، فَأسْلَمَ النَّفَرُ مِنَ الجِنِّ، وَاسْتَمْسَكَ الإنْسُ بِعِبَ التِهِمْ.
فَنَزَلَتْ: له أُوْلَئِكَ ائَذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى ربِّهِم الْوَسيلَةَ}.
(... ) وَحَدةَلنيهِ بِشْرُ بْنُ خَالدٍ.
أخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَر - عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، بِهَنَا الإسنَادِ.
30 - (... ) وحدّثنى حَخاجُ بْنُ الشَاعِرِ، حدثنا عَبْدُ الضَمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ، حَدءَّشِى أبِى، حَدثنَا حُسَيْن، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَد الزَّمَّانِىِّ، عَنْ عَبْد الله بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُود: { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونً إِلَى رَئهِمُ الْوَسيلَةَ} قَاَلَ: نَزَلَتْ فِى نَفَرٍ مِنَ اَلعَرَبِ كَانُوًا يَعْبُدُونَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ، فَأسْلَبمَ الجِنيُونَ.
وَالإنْسُ اتَذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ لا يَشْعُرُونَ.
فَنَزَلَتْ: ! أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغونَ إِلَى رَبِّهِم انوَسِيلَةَ} َ.
(1) الإسراء: 57، وترك الإمام والقاضى الباب بغير تعليق.
592(8/591)
كتاب التفسير / باب فى سورة براَ ة...
إلخ
(5) باب فى سورة براءة والأنفال والحشر (1)
31 - (3031) حدثّنى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُطِيع، حَدثنَا هُشَيْئم، عَنْ أبِى بِشْرٍ، عَنْ سَعيد
ابْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلتُ لابْنِ عَبَّاس: سُورَةُ التَّوْبَةِ ؟ قَالَ: اَلتَّوْبَة ؟ قَالَ: بَلْ هِىَ الفَاضحًةُ.
مَا زَالَتْ تَنْزِلُ: وَمِنْهُمْ، وَمنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا ألا يَبْقَى منَّا أحَد إلَا ذُكِرَ فِيها.
قَالَت: قُلتُ: سُورَةُ الأنْفَالِ ؟ قَالَ: تِلكً سُورَةُ بَدْر.
قَالَ: قُلتُ: فَالحَشْرُ ؟ تَالَ: نَزَلَتْ فِى بَنِى النَّضِير.
(1) ترك الإمام والقاضى الباب بغير تعليق.(8/592)
كتاب التفسير / باب فى نزول تحريم الخمر
593
(6) باب فى نزول تحريم الخمر
32 - (3032) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِىُ بْنُ مُسْهِر، عَنْ أبى حَيَّانَ،
عَنِ الشّعْبِىِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَر رَسُولِ اللهً ( صلى الله عليه وسلم )، فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ، ألا وَإنَّ الخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُها، يَوْمَ نَزَلً، وَهِىَ مِنْ خَمْسَة أشْيَاََ: مِنَ الحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالزَّبِيبِ، وَالعَسَلِ.
وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ+ وَثَلاثَةُ أشْيَاََ وَ!دْتُ، أيُّهَا النَّاسُ، أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ عَهِدَ إلَيْنَا فِيها: الجَدّ، وَالكَلالَةُ، وَأبْوَابٌ مِنْ أبْوَابِ الرَبا.
33 - (... ) وحدّثنا أبُو كُرَيْب، أخْبَرَنَا ابْنُ إدْرِش!، حدثنا أبُو حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِىِّ،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ، عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، يَقُولُ: أمَّا بَعْدُ، أيُّهَا النَّاسُ، فإئهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ وَهِىَ مِنْ خَمْسَة: من اَلعنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالعَسَلِ، وَالحنْطَة، وَالشَّعِيرِ.
وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْل.
وَثَلاتًٌ، أيها النَّاَسُ، وَلِدْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانً عَهِدَ إلَيْنَا فِيهنَّ عَهْدًا نَنْتَهِى إلَيْهِ: الجَدُّ، وَالكَلالَةُ، وَأبْوَابٌ مِنْ أبْوَابِ الرَبأ.
(... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيةَ.
ح وَ حدثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَأ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلاهُمَا عَنْ أبِى حَيَّانَ، بِهَذَا الإسْنَادِ، بِمثْلِ حَديثهِما.
غَيْرَ أَنَّ ابْنَ عُلَيَّةَ فِى حَديثِهِ: العِنَبِ، كَمَا قَالَ ابْنُ إدْرِش!.
وَفِى حَدِيث عِيسًى: الَزًّ بِيبِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مُسْهِر.
وتقدم تفسير الكلالة (1) والكلام فى تحريم الخمر (2) وغير ذلك، ما تكرر ههنا.
(1) انظر: كالفرائض، بميراث الكلالة.
(2) انظر: كالاَشربة، بتحريم الخمر...
، وما بعده.
594(8/593)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: { هذان خصمان...
}
(7) باب فى قوله تعالى: { هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} (1)
34 - (3033) حدّثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدئمنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أبِى هَاشِمٍ، عَنْ أبِى مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا فَرٍّ يُقْسِمُ قَسَفا إنَّ: { هَذَانِ خَع!مَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَئهِمْ} إنَّهَا نزَلَتْ فِى الَّذينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْر: حَمْزَةُ، وَعَلِىّ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ الحَارِثِ، وَعتبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ، وَالوَلِيَدُ بْنُ عُتْبَةَ.
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيع.
ح وَحَدّثنِى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، جَميعًا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبِى هَاشِمٍ، عَنْ أبِى مجْلِزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَاد.
قَالَ: سَمِعْتُ أبَا فَر يُقْسِمُ، لَنَزَلَتْ: { هَذَانِ خَصْمَانِ} بِمِثْلَِ حَلِيثِ هُشَيْمٍ.
وخرج مسلم حديث: { هَذَانِ خَمْمَانِ} فقال فيه: عن اْبى مجلز، عن قيس بن عباد - وهو بضم[ العين - قال: سمعت] (2) أبا فر يقسم.
قال الدارقطنى: اْخرج البخارى (3) عن ابى مجلز، عن قيل، عن على قال: اْنا أول من يجثو بين[ يدى الرحمن للخصومة.
قال قيس: وفيهم نزلت الاَية، ولم يجاوز به قيسا، ثم] (4) قال البخارى: وقال عثمان عن جرير، [ عن منصور، عن اْبى هاشم، عن أبى مجلز قوله: قال الدارقطنى.
فاضطرب] (5) الحديث.
قال القاضى - رضى الله عنه -: [ هذا اخر ما جمعناه فى شرح مسلم] (6) وتقصيناه
[ وطالعناه من قول] (7) الشارحين وأحصيناه، وأضفنا إليه[ من نظرنا وتخريجنا] (8) وتوجيهنا ما هدانا الله تعالى إليه[ وأوجزنا اللفظ] (9) فى ذلك وحررناه.
وإلى الله أضرع[ اْن يجعل ما كتبنا من] (ْا) ذلك لوجهه ورضاه وينفعنا به،
[ وينفع من اكتتبه] (11) أو اكتسبه، أو طالعه، أو اقتناه، وأن[ نصلى] (12) على سيدنا محمد نبيه وصفيه ويسلم عليه تسليما، وعلى اَله ومن تبعه واقتفاه.
(1)1 لحج: 19.
(2) بياض فى الأصل، والمئبت من حِ.
(3) كالتفسير، سورة الحج، ب{ هنَانِ خَمْمَانِ اخْتَصَفوا فِى رَبِّهِمْ} 6 / 123.
(4 - 12) بياض فى الأصل، والمثبت من ح.(8/594)
كتاب التفسير / باب فى قوله تعالى: {هذان خصمان...}
595
انتهى الجزء الئامن من كتاب إكمال المعلم وبانتهائه كمل جميع الديوان والحمد لله حق حمده، وصلواته على سيدنا محمد وعلى كه وصحبه وسلم تسليمأ كثيراً، والله أعلم (1).
(1) جاءفمانهاية نسخة ز:
تم الكتاب بحمدالله ذى الجود رب العبادومجرى الماء فما العود
ياناظراً فى الخط كن بالله مجتهداَ اغفرلكاتبه ياخيرمعبود
اخر النسخة.
تم التصوير بقسم الجغرافيا بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول فى يوم الأحد 23 من رمضان 1366 هـ الموافق 0 1 من اغسطس 1947 م.
فهرس الموضوعات
الموضوع
فهرس الموضوعات
597
الصفحة(8/595)