كتاب البر والصلة / باب صلة الرحم...
إلخ يُحَذَثُ عَنْ أَبِيه، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ رَجُلاً قَالَ: يَارَسُولَ الله، إِنَّ لِى قَرَابَةً، اصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِى، وَاحْسِنُ إلَيْهِمْ وُشميئُونَ إلَىَّ، وَأحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَى.
فَقَالَ: ا لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلتَ، فَكَأنًّمَا تُسِفُّهُمُ المَلًّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيزعَلَيْهِمْ، مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ).
يسقيهم الرماد أ أى] (1) الحار.
سفهم من السفوف.
كذا ضبطنا هذا الحرف عن شيوخنا، وفى بعض نسخ مسلم القديمة: " كأنما يسقيهم الماء)، وهو خطأ وتصحيف لا معنى له.
والمل: التراب المحمى الذى يدفن فيه الخبز وهو المل أيضا.
وقيل: المل: الجمر.
وروى فى غير هذا الحرف: (كأنما يسفيهم " بالفاء، أى يرمى فى وجوههم ذلك، يريد: أنك ب!حسانك إليهم تخزيهم وتحقرهم فى أنفسهم، 1 وتبلى قلوبهم برؤيتهم حسن فعلك معهم، وقبح مكافأتهم، فهم من الخزى عند أنفسهم] (2) عند ذلك كمن يرمى فى وجهه التراب والرماد المحمى.
ونكاية القلوب كمن سقا الجمر أو الرماد المحمى، او أن ذلك الذى يأكلونه من رفدك داحسانك كمن يأكل ذلك ويحرق به اْحشاعه.
وقوله: (ولا يزال معك ظهير من الله عليهم): أى معين وكاف لأذاهم.
وتوله: لا واْحلم عنهم ويجهلون لا: أى يسبوننى.
والجهل: القبح من القول فى مثل هذا.
(1) زائدة فى ز.
(2) فى هامش خ.(8/22)
كتاب البر والصلة / باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر
23
(7) باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر
23 - (2559) حدّثنى يَحْمَى بْنُ يَحْمَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنِ ابْنِ شِهَاب،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَ رَسُولَ الله عليه قَالَ: لا لا تَبَاغَضُوا، ولاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُواَ عِبَاَدَ الله إِخْوَانَا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ ).
(... ) حدثنا حَاجبُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، حَدءَّننَا مُحَمَدُ بْنُ الوَلِيدِ الزّبيْدىُّ، عَنِ الزُّهْرِىً، أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِك ؛ أَنَّ رَسُولًَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
ح وَحَدةَشِيهِ حَرْمَلًةُ بْنُ يَحْمَى، أَخْبَرَنِى بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى لملونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أَنَسِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَديِثِ مَالِكٍ
(... ) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أَبِى عُمَرَ وَعَمْرو الئاقِدُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ،
عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَزَادًا بْنُ عُيَيْنَةَ: (وَلاَ تَقَاطَعُوا ".
(... ) حدثنا أَبُو كَامِلٍ، حدثنا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيع.
حِ وَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرراقِ، جَمِيفا عَنْ مَعْمر، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا
قوله: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا " الحديث، قال الإمام: قوله - عليه الصلاة والسلام -: " لا تباغضوا، ولا تدابروا): التدابر: المعاداة، يقال: دابرت الرجل: عاديته.
وقيل: معناه: لا تقاطعوا ولا تهاجروا ة لأن المتهاجرين إذا ولى أحدهما عن صاحبه فقد ولاه دبره.
وقوله: (ولا تجسسوا، ولا تحسسوا) (1): التحسس عن بواطن الأمور، واْكثر ما
يقال فى الشر.
والجاسوس: صاحب سر الشر.
قال ثعلب: التحسس بالحاء: اْن تطلبه لنفسك، وبالجيم طلبه لغيرك.
وقال غيره: التجسس بالجيم: البحث عن العورات، وبا لحاء: ا لاستماع.
قال القاضى: قال بعض أصحاب المعانى: ا لا تباغضوا لما إشارة الى النهى عن الأهواء المضلة الموجبة للتباغض والتخالف.
(1) حديث رقم (30) من هذا الكتاب.
43 / ب
24(8/23)
كتاب البر والصلة / باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر
ا لإِسْنَادِ.
أفَا رِوَايَةُ يَزِيدَ عَنْهُ فَكَرِوَابَة سُفْيَانَ عَنِ الرفرِىِّ.
يَذْكُرُ الخِصَالَ الأزبَعَةَ جَمِيعًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَرأقِ: (وَلا تًحَاسَدُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَلا تَدَابَرُوا).
24 - (... ) وحّدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَدبرشَا أبُو دَاوُدَ، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ،
عَنْ أَنَسٍ ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عبَادَ الله إِخْوَانًا).
ومعنى (تنافسوا): اْى ساروا فى الحرص على الدنيا وأسبابها والرغبة فى ذلك لا فى غيرها من سبل الخير.
وقيل: دل لا تدابروا): أى لا تجادلوا / ولا يبغى بعضكم لبعض الغوائل، [ بل] (1) تعاونوا على البر والتقوى، وكونوا عباد الله إخوانا فى التعاون على ذلك، لا يترفع بعضكم على بعض.
وقيل: التحسس والتجسس سواء، وفى المنافسة معنى من معانى المحاسدة.
وفيه: ا لا تناجشوا).
[ من النجش] (2)، وهو هنا - والله أعلم - فى غير البيع ؛
لاءنه فى البيع: الزيادة فى ثمن السلعة ولا يريد شراءها، [ فإنما هو] (3) من ذم بعضهم بعضأ.
وقد قيل: النجش: التنفير عن الشىء.
والنجش: الإطراء.
ومنه: نجش الوحش،
وهو تنفيرها من مكان إلى غيره، فكأنه ينفر القلوب عنه، أو يكون بمعنى تتنافر قلوبكم، مثل تقاطعوا وتدابروا سواء.
لكن فى بعضها: (ولا يبع بعضكم على بيع بعض) فهذا يوافق[ معناه ؛ لمناجشته] (4) " ويكون من الزيادة اْو من التنفير عن سلعة غيره بماطراء سلعته.
قوله: ا لا تهاجروا لما (5): كذا عند ابن ماهان، ورويناه من طرقنا عن الجلودى: (تهجروا)، وضبطناه عن أبى بحر: " تهجروا) بكسر التاء والهاء والجيم.
ومعنى الكلمة: لا تهتجروا، أو يكون تقولوا (6) من الهجر بمعنى: تهاجروا، ومن هجر الكلام وهو
(1) من خط.
(4) فى ح: معنى المناجئمة.
(6) فى خط: تفتعلوا.
(2، 3) فى هامش خط.
(5) حديث رقم (29) من هذا الكتاب.
(8/24)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الئحاسد والتباغض والتدابر
25
(... ) حَدّثنِيهِ عَلِىّ بْنُ نَصْرِ الجَهْضَمِىُّ.
حَا شَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدئنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مْثَلَهُ.
وَزَادَ: (كَمَا أمَرَكُمُ الله لما.
الفحش منه، اْى لا تتساببوا (1) وتتقابحوا، وكذلك جاء بعد هذا فى رواية قتيبة (إلا المتهاجرين دا (2) على ما ذكرناه.
وعند الهوزنى: (المتهجرين).
(1) فى الأبى: تتسابوا.
(2) فى!: المهتجرين.
26
(8/25)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الهجر فوق ثلاث...
إلخ
(8) باب تحريم الهجر فوق ثلاث، بلا عذر شرعى
25 - (2560) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك، عَنِ ابْنِ شِهَاب،
عَنْ عَطَاء بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ الا"نْصَارِىِّ ؛ أَنَّ رَسُولً اً لله ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: "ً لا يَحِلُّ لِمُسلمٍ أنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الًّذِى يَبْدَا بِالسَّلاَم).
(... ) حدثنا قُثَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَزَهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَألُوا: حدثنا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، اخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، اخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَدثنَا حَاجبُ بْنُ الوَلِيدِ، حَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، عَنِ الزبيْدىِّ.
ح وَ حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنظَلِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدً، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَر، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
بإسْنَادِ مَالِكٍ، وَمِثْلِ حَديثه.
إِلاً قَوْلَهُ: (فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا) فَإِنَّهُمْ جَمِيعًا قَالُواَ فِى حَدِيثِهِمْ، غَيْرَ مَالِكً.
(فَيصُدُّ هَذَا وَيَصُدّ هَذَا).
26 - (2561) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ أبِى فُدَيْك، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ - وَهْوَابْنُ عُثْمَانَ - عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله " ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَحِلُّ لِلمُؤْمِن أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ".
وقوله: ا لا هجرة بعد ثلاث دا، (ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث): مقتضاه من دليل الخطاب أن الهجرة فى الثلاث معفو عنها، وإنما الحرج فيما بعد ثلاث ؛ إذ لابد للبشر من مغاضبة، وسوء خلق، ووجد لاءمر يقع بينهم، فعفى عن الثلاث.
وقد يحتمل السكوت عن حكمها لتتلطف فى الشرع والنهى على ما ورائها، وهذا على من لا يقول بدليل الخطاب من الاَصوليين.
وقوله: " وخيرهما الذى يبدأ بالسلام): يحتج به من يرى أن السلام يقطع الهجرة، ويزيل الحرج، دإن لم يكلمه.
وهو قول مالك وغيره.
وقال أحمد بن حنبل وابن القاسم: إن[ كان] (1) يؤذيه فلا يقطع السلام هجرته.
وعندنا أنه إذا اعتزل كلامه لم تقبل شهادته
(1) ساقطة من ز، والمئجت من ح.
(8/26)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الهجر فوق ثلاث...
إلخ 27 27 - (2562) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّد - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ ثَلاَثٍ !).
عليه و(ن سلم عليه.
ومعنى قوله: (وخيرهما الذى يبدأ بالسلام): أى أفضلهما وأكثرهما
ثوابا.
وقوله: " يصد هذا ويصد هذا) مثل قوله: (يعرض هذا ويعرض هذا)، واصله اْن يولى كل واحد منهما الاَخر عرضه، وهو جانبه.
والصد ايضأ: الجانب والناحية.
28
(8/27)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظن...
إلخْ
(9) باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش، ونحوها
28 - (563 2) حديثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ أبِى الزَناد،
عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِيَّاكُمْ وَالظَنَّ، فَإنَّ الظًّنَّ كذَبُ الحَديثِ، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَافَسُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوَا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وً لاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عَبَادَ اللّهِ إِخْوَانا ".
29 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابن مُحَمَّد - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ انًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ تَهَجَّرُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيعْ بَعْضبى، وَكُونُوا عِبَادَ اللّه إِخْوَانا).
30 - (... ) حل!ثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِير، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِح، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: فَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانا).
(... ) حدّثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ وَعَلِىُّ بْنُ نَصْرٍ الجَهْضَمِىُّ، قَالا: حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ الا"عْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ: (لاَ تَقَاطَعُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا إِخْوَانا، كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ).
31 - (... ) وحدّثنى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمىُّ، حَد*شَا حَئانُ، حَد، شَا وُهَيْبٌ، حدثنا سُهَيْلٌ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ تَنَافَسُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخوَانا).
وقوله: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث): قيل: يريد الظن السوء بالناس.
قال الخطابى: هو تحقيق الظن وتصديقه دون ما يهجس فى النفس، فإن ذلك لا يملك، وقال سفيان: الظن الذى يأثم به أن يظن ظنا ويتكلم به، فإن لم يتكلم[ لم] (1) يأثم.
وقيل: يحتمل الحكم فى دين الله بالظن المجرد دون بناء على أصل ولا تحقيق نظر واستدلال.
قال الإمام: خرج مسلم فى بعض طرق هذا الحديث: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أبو!اود، حدثنا شعبة، عن قتاثة، عن أنس ؛ أن النبى - عليه الصلاة والسلام - قال: " لا
(1) قى هامث!خ.
(8/28)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظن...
إلخ 29 تحاسدوا) ثم عقب بعد بقوله (1): حدثنيه على بن نصر الجهضمى (2)، كذا عند اْبى اْحمد وهو الصواب، وفى نسخة أبى العلاء: حدثنيه نصر بن على، جعل بدل / على بن نصر ابن على.
وذكر مسلم بعد هذا بأحاديث: حدثنا الأعمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة، ثم أردف على هذا حديث على بن نصر: حدثنا وهب بن جرير، ولم يختلف الشيخ فى هذا الموضع 5 فى هذه المتابعة ائها[ عن] (3) على بن نصر، وهو أبو الحسن على ابن نصر بن على بن نصر الجهضمى، ومات على بن نصر هذا مع أبيه نصر بن على فى سنة واحدة سنة خمسيئ ومائتين، مات الأب فى ربيع الآخر، ومات ابنه فى شعبان من السنة ا لمذكورة.
قال القاضى: هذا ما لخصه من كلام الجيانى - رحمه الله - وقد وافق ابن ماهان على الرواية الأولى فيما قيدناه عن شيوخنا العذرى عن الرازى، والطبرى عن الفارسى، كلاهما عن الجلودى.
يإنما قيدنا على بن نصر عن السمرقندى عن الفارسى عن السجزى عن الجلودى.
واما الحديث[ الاخر] (4) الذى لم تختلف عنده (ْ) فيه النسخ (6)[ فى] (7) على بن نصر عن وهب بن جرير، فأكثر الرواة فيها على ما قال.
لكن قيدنا وسمعنا هذا الموضععلى القاضى ائى على عن العذرى، وعلى الفقيه اْبى محمد عن الطبرى: نصر بن على، كما تقدم لابن ماهان والعذرى والطبرى.
قيل: وهم يخطحون قول من قال فى هذين الحديثين: نصر بن على، يكن كان مسلم يروى عن نصر بن على والد على بن نصر أ كثيرا، ولم يقع له عن ائيه إلا مواضعقليلة، وروى عن والده على بن نصر] (8) أيضا، وروى البخارى عن على الأسفل نظر، وعلى هذا الأسفل هو على بن نصر بن على بن نصر بن على الجهضمى.
وله ذكر قبل وفاة على هذا وابنه نصر وأما جده على بن نصر، فتوفى سنة تسع وثمانين ومائة.
ومات أبوه نصر بن على جدهم ال العلى فى اخر ائام أبى جعفر المنصور.
ذكر ذلك كله البخارى.
وقد كتبنا عن شيوخنا توهيم من قال فى هذين الحديثين: نصر بن على، ولا اْدرى لم ذلك.
ومسلم قد روى عنهما جميعا إلا ألا يجعلوا لنصر سماعأَ لابن وهب، فليس هذا،
(1) فى ز: بقوله.
(2) هو أبو الحسن على بن نصر بن على بن نصر بن على الجهضمى البصرى الصغير الحافظ، روى عن وهب بن جرير بن حازم وأبى داود الطيالسى وعبد الصمد بن عبد الوارث وغيرهم، وعنه مسلم وأبو داود والترمذى والخسائى وغيرهم، وثقه صالح بن محمد، وذكره ابن حبان هو وأبوه فى الثقات، مات سنة خمسيهأ ومائتين.
التهذيب 7 / 0 39، 391.
(3) من خط.
(5) فى ز: غيره، والمثبت من ح.
(7) ساقطة من ز.
(4) فى هامش خط -
(6) فى ز: الشيخ، والمثبت من ح.
(8) فى هامش !.
30 (8/29)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظن...
إلخ وهو مذهب مسلم وهو معاصر لوهب، وقد سمع منه ابنه على ووفاتهما واحدة على ما تقدم، ففى توهيمهم لهذه الرواية نظر.
وقد جاء عنه - اْيضا - فى حديث: (عُذبت امرأة فى هرة) (1): حدثنا نصر بن على، حدثنا عبد الأعلى.
كذا فى كتاب أبى عيسى، وعند أبى بحر وغيره: حدثنا على بن نصر، وفى الباب: حدثنا أبو كامل، حدثنا يزيد بن زريع، وحدثنا محمد بن رافع.
وعند ابن حميد كلاهما عن عبد الرزاق وعن معمر عن الزهرى بهذا الإسناد.
وأما فى رواية يزيد عنه كذا لاكئر شيوخنا: يزيد عن معمر، وعند الهوزنى وهى رواية ابن ماهان.
وأما فى رواية يزيد وعبد بن حميد فالاءول إن شاء الله الصواب ؛ لقوله: واْما حديث عبد الرزاق.
وعنه إنما روى عن عبد الرزاق، فدل انه لم يذكره قبل.
ونهيه عن الهجرة وتأكيده فى ذلك ؛ لاءنها على الجملة بين المؤمنين محرمة، والألفة واجبة، وفى تقاطعهم فساد أمرهم، وانحلال عقدهم، واضطراب أمر دينهم ودنياهم.
(1) سياْتى برقم (134) من هذا الكتاب.(8/30)
كتاب البر والصلة / باب تحريم ظلم المسلم...
إلخ
31
(10) باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله
32 - (2564) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَد - ننَا دَاوُدُ - يَعْنِى ابْنَ قَبْس
- عَنْ أَبِى سَعِيد - مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ة (لاَ تَحَاسَدُوا، !وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْض، وَكُونُوا عبَادَ الله إِخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِم، لاَ يَظلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُه، التَقْوَى هًهُنَا " وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَات " بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِم عَلَى المُسْلِم حَرَام!، لحَمُهُ وً مَالُهُ وَعِرْضُهُ لما.
33 - (... ) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْح، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْب، عَنْ أُسَامَةَ - وَهُوَ ابْنُ زَيْد - أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعيد - مَوْلَى عَبْدِ الله بْنَّ عًامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ - يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُوًلُ: قَالَ رَسُولُ اللهَ على.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ دَاوُدَ.
وَزَادَ وَنَقَصَ.
وَمِمَّا زَادَ فِيهِ: " إِنَ الله لاَ يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلاَ إِلَى صُوَرِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى
وقوله: (المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله لما أى لا يترك نصره إذا احتاج إليه، ومعونته فى الحق.
وقوله: " ولا يحقره ": كذا رواية السجزى والسمرقندى بالحاء المهملة والقاف، أى لا يتكبر عليه ويستصغره ويذله.
ورواه العذرى: (يخفره " بالخاء المعجمة والفاء، وضم الياء أوله.
ومعناه: يغدره.
يقال: خفرت الرجل إذا أجرته وأمنته، وأخفرته إذا لم تف بذمته وأسلمخه وغدَرْته.
وبحسب ذلك اختلفوا فى قوله اَخر الحديث: " بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه "، والصواب من ذلك أن يكون بالقاف من الاستحقار، وكذلك وقع فى غير مسلم بغير خلاف.
وروى: " يحتقر ".
وقوله: " التقوى هاهنا " وأشار إلى صدره، وفى الحديث الآخر بعده: (إن الله لا ينظر إلى صوركم أ وأموالكم] (1)، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ": نظر الله هنا: هو رؤية الله لذلك ليجازى عليه ويئيبه، ونظر الله ورؤيته محيطة بكل شىء، وإنما المراد من ذلك أ هنا] (2) بالتخصيص ما يثيب عليه ويجازى من ذلك، فكل هذا إسْارة إلى النيات
(1، 2) فى حاض !.
32
(8/31)
كتاب البر والصلة / باب تحريم ظلم المسلم...
إلخ
قُلُوبِكُمْ) وَأشَارَ بِا"! ابِعِهِ إِلَى صَدرِهِ.
34 - (... ) حدّثنا عَمْرو النَّاقِدُ، حَدثنَا كَثِيرُ بْنُ هشَابم، حَدثنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ،
عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأصَمِّ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الله لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأعْمَالِكُمْ).
والمقاصد، واْن المجازى عليه ما كان للقلب فيه عمل من قصد ونية وذكر.
قال الإمام: جعل بعض الناس هذا الكلام حجة على أن الفعل محله القلب، وقد تقدم الكلام عليه وذكر كلام الناس فيه مبسوطا.
(8/32)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن الشحناء والتهاجر
(11) باب النهى عن الشحناء والتهاجر
33
35 - (2565) حدتمنا قُثَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالك بْنِ أَنَسٍ - فِيمَا قُرِئَ عَلَيْه - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، انَ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجًنَّةِ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الَخًمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُل عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ باللّه شَيْئًا، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْن أَخيه شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَى يَصْطَلَحَاَ، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا).
(... ) حَد*شِيهِ زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا جَرِير!.
ح وَحَد، شَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَاحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضبَىُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ الدَّرًا وَرْدِىِّ، كلاَهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، بَإِسنَادِ مَالِك.
نَحْوَ حَدِيثهِ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ الدَّرَاوَرْدِىًّ: (إِلآَ المُتَهَاجِرَيْنِ) مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدَةً.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: (إِلاَّ المُهْثَجِرَيْنِ ".
36 - (... ) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَد، شَا سُفْيَانُ، عَنْ مُسْلِم! بْنِ أَبِى مَرْيَمَ، عَنْ ابِى صَالِحٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ مَرَّةَ قَالَ: " تُعْرَضُ الأعْمَالُ فِى كُلِّ يَوْم خَمِيسٍ ! ا ثنَيْنِ، فَيَغْفِرُ الله - عَزَّ وَجَلَّ - فِى ذَلكَ اليَوْم لِكُلِّ امْرِئٍ لاَ يُشْرِكُ باللّه شَيْئًا، إِلاَّ امْرَأ كَانَتْ بَيْثَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَاَلُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَى يَصْطَلِحَاَ، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا).
(... ) حدّثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَعَمْرُو بْنُ سَوَّاد، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا مَالكُ
ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُسْلِم بْنِ أَبِى مَرْيَمَ، عَنْ أَبِىً صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اَلله
قوله: " تفتح أبواب الجنة يوم الخميس، فيغفر لكل عبد مسلم لا يشرك بالله شيئا،
إلا رجلا كانت بينه وبن أخيه شحناء)، فال القاصْى: قال الباجى: معنى فتح أبوابها: كثرة الصفح والغفران فى هذين اليومن، ورفعة المنازل، داعطاء الجزيل من الثواب، ويحتمل ال يكون على ظاهره، وأن فتح أبوابها علامة على ذلك ودليل عليه.
وقوله: " اركوا هذين حتى يفيئا،، قال الإمام: أى أخروهما.
قال ابن الأعرابى: يقال: ركاه يركوه: إذا أخره.
34 (8/33)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن الشحناء والتهاجر ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (تعْرَضُ أعْمَالُ النَّاسِ فِى كُلِّ جُمُعَة مَرتيْنِ، يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلّ عَبْد مُؤْمِنِ، إِلاَّ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أخِيهًِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا - أوِ ارْكُوا - هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئًا).
قال القاضى: يؤيد هذا[ ما] (1) فى الرواية الأخرى: (اْنظروا) بمعنى: أخروا.
وقد رواه السمرقندى هنا: (اتركوا لما، وفى الموطأ (2): (اركوا واتركوا).
والشحناء: العداوة والشناَن، كأنه شجن قلبه بغضا له ؛ أى ولاه.
(1) فى!: قوله.
(2) كحسن الخلق، بما جاء في المهاجرة 2 / 909 (18).(8/34)
كتاب البر"والصلة / باب فى فضل الحب فى اللّه
35
(12) باب فى فضل الحب فى الله
37 - (2566) حدّثنا قُثَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسبى - فِيَما قُرِئَ عَلَيْهِ - عَنْ
عَبْد اللّه بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ، عَنْ أً بِى الحُبَابِ، سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَفَ قَالً: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن الله يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَةِ: أَيْنَ المُتَحَابّونَ بِجَلاَلِى، اليَوْمَ أُظِلُهُمْ فِى ظِلَى، يَوْمَ لاَظِل إِلاَّظِلِّى).
38 - (567 2) حدئنى عَبْدُ الا"عْلَى بْنُ حَمَّاد، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ،
عَنْ أبِى رَافِعٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (ًأَن رَجُلاً زَارَ أَخًا لَة فِى قَريَة أخرَى، فَاع رْصَدَ الله لَهُ عَلَى مَدْرَجَته مَلَكًا، فَلَمَّا اتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ ترِيدُ ؟ قَالَ: أُرِيدُ أخًا لِى فِى هَده القَرْيَة.
قَالَ: هَلْ لًكً عَلَيْه مِنْ نعْمَة تَرُبّهَا ؟ قَالَ: لاَ، غَيْرَ ألِّى احْبَبْتُهُ فِى الله - عَزَّ وَجًلًّ.
قَالً: فَإِنِّى رَسُولُ الله إِلًيْكَ، بِا"نًّ اللّهَ قَدْ أحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ لما.
(... ) قَالَ الشَّيْخُ أبُو أحْمَدَ: أخْبَرَنِى أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُوَيهَ القُشَيْرِى، حَا شَا
قوله: (أين المتحابون لجلالى): أى لعظيم حقى وطاعتى، لا لغرض كساء.
وقوله: (اليوم أظلهم فى ظلى، يوم لا ظل الا ظلى) إضافة ملك وتشريف.
والظلال كلها لله.
وقد جاء مفسرًا: (ظل عرشى).
وظاهره كونه فى ظله من الحر والشمس، ووهج الموقف، واْنفاس الخلق، وهو تأويل الا"كثر.
وذهب عيسى[ بن كيسان] (1) أن معناه: كفه عن المكاره وإكرامه، وجعله فى كنفه وستره.
ومنه قولهم: السلطان ظل الله فى الأرض.
وقيل: خاصته.
وقد يصح فى الحديث الا"ول هذا التأويل أيضأ، يقال: فلان فى ظل فلان، أى فى كنفه وعزته.
وقد يكون هذا الظل عبارة عن الراحة والتنعم، يقال: هو[ فى] (2) عيش ظليل، أى طيب.
وقوله: " ان أخأَ زار أخا له، فأرصد الله له ملكا على مدرجته،: أى جعله يرقبه
على طريقه حتى يمر به، ومدرجة الطريق: قارعته.
وقوله: " هل لك عليه من نعمة تربها لا: أى تقوم عليها وتسعى فى صلاحها،
(1) فى خط: بن دينار.
(2) زائدة فى خط.
36(8/35)
كتاب البر والصلة / باب فى فضل الحمب فى الله
عَبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَّاد، حَد، لنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وتنهض له بسبب ذلك.
فقال: لا.
وقوله: (فإن الله أحبك كما أحببته دا: [ فيه] (1): محبة الله - تغالى - لعبيده رحمتُه لهم، ورضاه عنهم، وارادته لهم، وفعله بهم فى ذلك[ فعل] (2) المحب بحبيبه، ومراده له من الخير.
وأصل المحبة: الميل، والله تعالى منزه عن ذلك (3).
(1، 2) ساقطة من ز، والمثجت من هاصش ح.
(3) مذهب أهل السنة وسلف الأمة هو: إثبات صفة المحبة، كما أثبتها الله لنفسه بلا تأويل ولا تكييف.(8/36)
كتاب البر والصلة / باب فضل عيادة المريض
37
(13) باب فضل عيادة المريض
39 - (2568) حد ثّنا سَعِيَدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَابُو الرَّبِيع الزَّهْرَانِىُّ، قَالا: حدثنا حَمَّادٌ - يَعْنيَانِ ابْنَ زَيْد - عَنْ ايُّوبَ، عَنْ أبِى قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِى أَسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ - قَالَ ابُو الرًّ بِيع: رَفَعَهُ إً لَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَفِى حَدِيثِ سَعِيد: قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " عَأئدُ المَرِيضِ فِى مخْرَفَةِ الجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ لما.
قوله: (عائد المريض فى مخرفة الجنة " بفتح الميم والراء، وفى الرواية الأخرى: (فى خرفة الجنة) بضم الخاء، وجاء فى الأم من تفسيره: قيل: ما خرفة الجنة يارسول الله ؟ قال: " جناها)، قال الإمام: قال أبو عبيد: قال الا"صمعى: واحد المخارف مخرف.
وهو جناء النخل، سُمى بذلك لابنه يخترف، أى يجنى.
قال شمر: المخرفة: سكة بيئ صفين من نخل يخترف من ايهما شاء.
وقال غيره: المخرفة: الطريق، فمعنى الحديث: اْنه على طريق تؤديه إلى الجنة، ومنه قول عمر: (تركتكم على أ مثل] (1) مخرفة النعم "، أى مثل طريقتها.
قال القاضى: وقد قيل: المخرف: البستان الذى فيه الفاكهة تخترف.
وقيل: القطعة
من النخل.
وقال الخطابى (2): المخرف بالفتح: الفاكهة نفسها.
والمخرف بالكسر: وعاء يجمع فيه ذلك.
ومنهم من يفتح الميم فيجعله كالمسجد، والمسجد لموضع السجود ومنهم من يكسرها فيجعله كالمربد.
وعيادة المريض من الطاعات المرغب فيها، العظيمة الاَجر.
وقد جاء فيها هذا الحديث وغيره.
وقد يكون من فروض الكفاية، لا سيما المرضى من الغرباء ومن لا قائم عليهم ولا كافل لهم، فلو تركت عيادتهم لهلكوا، وماتوا ضرا وعطشًا وجوعًا، فعيادتهم تطلع على أحوالهم ويتذرع بها الى معونتهم، دإعانتهم، وهى كإغالْة الملهوف، دإنجاء الهالك، وتخليص الغريق.
من حضرها لزمته، فمئى لم يعادوا لم يعلم حالهم فى ذلك.
ولفظة " العيادة، تقتضى التكرار والعود والرجوع إليه مرة بعد أخرى لافتقاد حاله.
والعودة: الرجوع، ومنه: العود أحمد.
وجاء: عودًا بعد بدء، أى رجع.
ويقال: عدت المريض عودًا وعيادة، والياء عندهم منقلبة عن واو.
(1) ساقطة من ح.
(2) انظر غريب الحديثط 482 / 1.
38(8/37)
كتاب البر والصلة / باب فضل عيادة المريض 40 - (... ) حدّثنايحيى بْنُيحيى التَّميمِىُّ، أخْبَرَنَا هُشَيْئم، عَنْ خَالدٍ، عَنْ أَبِى قلابَةَ، عَنْ أَبِى أسْمَاءَ، عَنْ ثَوْبَانَ - مَوْلَىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ عَادَ مَرِيضا، لَمْ يَزَلْ فِى خُرْفَةِ الجَئةِ حَتَّى يَرْجِعَ).
41 - (... ) حدّثنايحيى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثِىُ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حَدثنَا خَالذ
عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ أَبِى أسْمَاءَ الرَّحَبِىِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ المُسلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، لَمْ يَزَلْ فِى خُرْفَةِ الجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ لا.
42 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَمِيعًا عَنْ يَزِيدَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا عَاصِم الأحْوَلُ، عَنْ عَبْد اللّه بْنِ زَيْد - وَهُو أبُو قِلاَبَةَ - عَنْ أَبى الا"شْعَثِ الصَّنْعَانىِّ، عَنْ أبِى أَسْمَاءَ الرَّحَبِىَِّ، عَنْ ثَوْبَانَ - مَوْلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَنْ عَادَ مَرِيضا، لَمْ يَزَلْ فِى خُرْفَةِ الجَنَّةِ لما.
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللّه، وَمَا خُرْفَةُ الجَنةِ ؟ قَالَ: (جَنَاهَأ).
قال الإمام: خرج مسلم حديث: (من عاد مريضأ لم يزل فى خرفة الجنة حتى يرجع)، خرجه عن حماد بن زيد عن أبى قلابة، ومن حديث هاشم ويزيد بن زريع كلاهما عن خالد الحذاَ، عن أبى قلابة أيضا، عن أبى أسماء.
أ وذكره مسلم أيضأ من حديث يزيد بن هارون عن عاصم الأحول (1) عن قلابة عن
أبى أسماء.
قال الترمذى: سألت البخارى عن إسناد هذا الحديث فقال: رواه] (2) عن عاصم الاَحول وأبى غفار عن أبى قلابة، عن أبى الاَشعث، عن أبى أسماء، قال: وأحاديث أبى قلابة عن أبى أسماء ليس فيها أبو الا"شعث إلا هذا الحديث الواحد.
قال الإمام ت وذكر الأثرم عن أحمد بن حتبل اْنه قال: وقع أبو قلابة إلى الشام وهو يروى عن ابى ال الشعث أ وأبى أسماء، وأراه قد سمع منهما، وروى أيضا عن أبى الأشعث] (3) عن أبى أسماء.
(1) هو أبو عبد الرحمن عاصم بن سليمان الأحول البصرى مولى بنط تميم، روى عن أنس وعبد الله بن سرجس وعمرو بن سلمة الجرمى وغيرهم، وعنه قتادة، ومات قبله، وسلجان التمى ومعمر بن راشد وغيرهم، وثقه ابن معيهما، ونكره ابن حبان فى الثقات.
مات سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين.
التهذيب 42 / 5، 43.
(2، 3) سقط من ز، والمئبت من ح.(8/38)
كتاب البر والصلة / باب فضل عيادة المريض
39
(... ) حدّثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعيدٍ، حَدثنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصمٍ الأحْوَلِ، بِهَنَا
ا لإِسْنَادِ.
43 - (2569) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِ! بْنِ مَيْمُونٍ، حَدتَّشَا بَهْز، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أبِى رَافِعٍ، عَنْ ابِى هُريْرَةَ، قَألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إِن الله - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ يَوْمَ القِيَامَة: يَا بْنَ المَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِى.
قَألَ: يَارَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَلث العالَمِينَ ؟ قَالَ: َ امَا عَلمْتَ أَنَّ عَبْدى فُلألا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، امَا عَلمْتَ انَكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِى عنْدَهُ ؟ يَا بْنَ آَدَمَ، اسْتَطَعًمْتُكَ فَلَمْ تُطعمْنِى.
قَألَ: يَارَلث، وَكَيْفَ أُطعمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ العَالمنَ ؟ قَألَ: أمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطعَمَكً عَبْدى فُلاَنو فَلَمْ تُطعِمْهُ، أَمَاَ عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطعَمتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلكَ عنْدى ؟ يَا بْنَ اَ!مَ، اسْتًسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِى.
قَالَ: يَارَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ العالَمَيَنَ ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عبْدِى فُلاَنو فَلَمْ تَسْقِ! أَمَاْ إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِى لما.
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: (إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا بن ادم، مرضت فلم تعدنى.
قال: يا رب، كيف أعودك وائت رب العالمين ؟ قال: أما علمت أن عبدى فلانأَ مرض فلم تعده، أما[ علصت] (1) أنك لو عدته لوجدتنى عنده.
يا بن اَدم، استطعمتك فلم تطعمنى ؟ قال: يا رب، كيف أطعمك وأنت رب العالمن ؟ قال: اْما علمت أنه استطعمك فلان فلم تطعمه، أما علصت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى "، قال الإمام: قد فسر فى هذا الحديث معنى المرض، وأن المراد به مرض العبد المخلوق.
!إضافة البارى - سبحانه - [ ذلك] (2) إلى نفسه تشريفأَ للعبد، وتقريبأَ له.
والعرب إذا أرادت تشريف أحد حلته محلها، وعبرت عنه كما تعبر عن نفسها.
وأما قوله: ا لو عدته لوجدتنى عنده " فإنه يريد ثوابى وكرامتى، وعبر عن ذلك بوجوده على جهة التجوز والاستعارة، وكلاهما[ سائغ] (3) شائعٍ فى لسان العرب.
وقد قدمنا ذا أمثاله.
وعلى هذا المعنى يحمل قوله تعالى: { وَوَجد اللَّهَ عندَهُ} (4) سى مجازاة اللّه - تعالى - ومثل هذا كثير.
قال القاصْى: وقد جاء فى آخر الحديث فى الإطعام: " لو أطعمته لوجدت ذلك عندى" وكذلك قال فى السقى أى ثواب ذلك وجزاؤه.
وهذا تفسير: " لوجدتنى عنده).
(1) ساقطة من ح.
(4) النور: 39.
(2، 3) من ح.(8/39)
كتاب البر والصلة / باب ثواب المؤمن فيما يصيبه...
إلخ
(14) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن
أو نحو ذلك، حتى الشوكة يشاكها
44 - (2570) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - قَألَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَد، شَا - جَرِيرو عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ أبِى وَائل، عَنْ مَسْرُوق، قَألَ: قَألَتْ عَائشَةُ: مَأ رَأَيْتُ رَجُلاً أَشَذَ عَلَيْهِ الوَجَعُ مِنُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ً.
وَفِى رِوَايَةِ عثمَانَ - مَكانَ الوً جَعُ - وَجَعًا.
(... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذٍ، أَخْبَرَنِى أَبِى.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَألا: حَد، شَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ.
ح وحَدثَّنِى بِشْرُ بْنُ خَالِد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ - كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الاغْمَشِ.
ح وَحَد*شِىً أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَد، شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
ح وَحَد!شًا ابْنُ نُمَيْر، حدثنا مُصْعَبُ بْنُ المِقْدَام، كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الا"عْمَشِ، بإِسْنَادِ جَرِير، مثلَ حَدِيثِهِ.
45 - (2571) حدّثنا عثمَانُ بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ص!سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيم -
قَألَ إِسْحَق: اخْبَرَنَا.
وَقَألَ الاَخَرَانِ: حَدَ، شَا - جَرِيرو عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيمِىِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْد اللّه، قَألَ: دَخَلتُ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسَسْتُهُ بِيَدِى.
فَقُلتُ: يَا رَسُولً اللمس إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )
وقوله: (ما رأيت رجلاً أشد عليه الوجع من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): تريد المرض.
والعرب تسمى كل مرض وجعا، وهذا يفسره قوله فى الحديث الاخر: ذلك بأن لك أجرين قال: "أجل)، وقوله فى الحديث الاَخر: " أشد الناس بلاء الاَنبياء، ثم الأمثل فالا"مثل) إلى ت الده: كا فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشى على الأرض ما عليه خطيئظ (1).
وقوله: " إنا معشر الاَنبياء يضاعف لنا[ البلاء كما يضاعف] (2) الاَجر) قالوا:
" / س الله أنبياءه وأولياءه بذلك بحسب ما خصهم به من قوة العزم والصبر والاحتساب ليتم
قي لام، الخ - خط / شِ ! البخارى، كالطب، ب" أشد الناس بلاءًا لأنبياء، ثم الا"ول فالا"ول) معلقا 7 / 149، اش - !.
!، كالزهد، بما جاء فى الصبر والبلاء4 / 0 52 برقم (2398)، الدارمى 2 / 0 32.
؟لا آ!ابر حا ادع - م.(8/40)
كتاب البروالصلة / باب لْواب المؤمن فيمايصيبه...
إلخ 41 " أَجَل، إِنِّى أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلاَنِ منْكُم لما.
قَالَ: فَقُلتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ اجْرَيْنِ.
فَقَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَجَلْ)، ثُمَّ قَاً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا مِنْ مُسْلِم يُصيبُهُ ا ؟ ى مِنْ مَرَضٍ فَمَا سِوَاهُ، إِلاَّ حَطَّ اللّهُ بِهِ سثتاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا).
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ زهُيْر: فَمَسَسْتُهُ بِيَدِى.
(... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمّدُّ بْنُ رَافِع، حد - ننَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا سُفْيَانُ.
ح وَحَد، شَا إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَيَحىْ بْنُ عَبْدِ المَلِك بْنِ أَبِى غَنيَّةَ، كُلُّهُمْ عَنِ اَلاعمَشِ، بإِسْنَادِ جَرِير.
نَحْوَ حَديثه.
وَزَادَ فِى حَديث أً بِى مُعَاويَةَ.
قَالَ: (نَعَمْ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَلِهِ، مَا عًلَى الاع رْضَِ مُسلِم!.
ً
46 - (2572) حدثنا زهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَقُ بْنُ اِبْرَاهِيمَ، جَميعًا عَنْ جَرِير.
قَالَ زهُيْر: حَد، شَا جَرِيرو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَن إِبْرَاهيمِ، عَنِ الاع سْوَد، قَالً: دَخَلَ شَبَابو مِنْ قُرَيْثمبى عَلَى عَائشَةَ، وَهىَ بمنًى وَهُمْ يَضْحَكُوَن.
فَقَالَتْ: مَاَ يُضْحكُكُمْ ؟ قَالُوا: فُلاَنوخَرَّ عَلَى طُنُبَ فُسْطَاط، فًكًادَتْ عُنُقُهُ أَوْ عَيْنُهُ أَنْ تَذْهَبَ.
فَقَالَتْءَ لاَ ثَضْحَكُوا، فَإِنِّى سَمعْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَال: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شوْكَةً فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ كُتبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةَو، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَة لا.
لهم الخير، ويعظم لهم به الأجر، ويستخرج منهم حالات الصبر والرضى[ والسْكر والتسليم، والتوكل والتفويض، والتضرع والدعاء، إعظاما لاسرهم] (1) وتوفية لثوابهم[ وتأكيداً] (2) لتصابرهم فى رحمة الممتحنين، والسْفقة على المبتلن، ويذكره به عن دونهم، وموعظة لمن ليس فى درجتهم ليتأسوا بهم ويقتدوا برضاهم وصبرهم.
ومحو السيئات التى سلفت منهم، لاسيما لمن اجترا الصغائر على الاَنبياء.
وقول عائشة للذين ضحكوا من الذى سقط: ا لا تضحكوا ": الضحك فى (3) ممْل
هذا غير مستحسن ولا مباح، إلا ال يكون من غلبة مما طبع عليه البشر.
وأما قصدا ففيه شماتة بالمسلم وسخرية بمصابه، والمؤمنون إنما وصفهم الله بالرحمة والتراحم بينهم ومن خلقهم السْفقة بعضهم لبعض.
(1) فى هامش خ.
(2) يلاحظ أن ما بعد هذه الكلمة غير موافق فى ح، ووجد توافقها فى الصفحة التى بعدها بورقتن فوجد خلط فى نسخة الحرم (358 أ) بعدها (362 ب) فى ح.
(3) فى!من.
42(8/41)
كتاب البر والصلة / باب ثواب المؤمن فيما يصيبه...
إلخ 47 - (... ) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لَهُمَا.
ح وَحَد، شَا إِسْحْقُ الحَنْظَلِىّ - قَالَ إِسبْحَقُ: اخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانً: حَدثنَا - ابُو مُعَاويَةَ عَنِ الاغْمَشِ، عنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا يُصِيب المُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ بِهَ الرَجَةً، أوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَة لا.
48 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشْرٍ، حَد، شَا هشَامٌ، عَنْ أبيه، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تُصِيبُ الَمُؤْمِنَ شَوْكَةٌ فًمَا فَوْقَهَا، إِلَا قًصَّ الله بَهَا مِنْ خَطِيئَتِهِ).
(... ) حدثنا أبُو كُرَيْب، حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا هِشَامٌ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
49 - (... ) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرنَا ابْنُ وهْب، أخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أنَس وَيُوُنسُ
ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عًائشَةَ ؛ انَّ رَسُولَ الله كله قَالَ: (مَا مِنْ مُصِيبَةٍ يُصَابُ بِهَا ألمُسْلمُ إِلاَّ كُفرَ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشّوْكَةِ يُشَاكُهَا).
50 - (... ) حدّثنا أبُو الطَّاهرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَالكُ بْنُ أنَسٍ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجً النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )
قوله: " وطنب الفسطاط)]: حباله التى يشتد بها.
والفسطاط: الخباء ونحوه، ويقال:
بضم الفاء وكسرها، ويقال أيضا: فسياط بضم الفاء وكسرها فيهما اْيضا.
وقوله: " ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة، [ ومحيت عنه بها خطيئة دا، وفى الرواية الأخرى: " رفعه الله بها درجه)] (1)، وفى الأخرى: (إلا كتب الله له بها حسنة) اْى تصيبه شوكة وهو أدنى الاَذى.
ومصائب الدنيا ورفعة الدرجات وزيادة الحسنات بذلك خلاف، من ذهب أنها (2) تكفر ففط، وقد روى نحوه عن ابن مسعود، قال: الوجع لا يكتب به الأجر ولكن يكفر به الخطايا، واعتمد على الأحاديث التى جاءت فيها تكفير الخطايا فقط، ولعله لم يبلغه قوله فى هذا الحديث: " إلا كتب الله له بها حسنة)، وقوله: " إلا قص الله بها من خطيئته لما، وفى رواية السمرقندى: " نقص) وكلاهما متقارب المعنى، اْى حوسب بقدرها وحط عنه مثلها، كما جاء فى الرواية الأخرى: (حط وكفر) وأصل القص: الأخذ، ومنه: القصاص أخذ حق المقتص من صاحبه.
(1) من خ.
(2) فى خ: أنه.(8/42)
كتاب البر والصلة / باب ثواب المؤمن فيما يصيبه...
إلخ
43
قَالَ: (لاَ يُصيبُ المُؤْمِنَ مِنْ مُصِيبَة، حَتَى الشَّوْكَة، إِلاَّ قُصَّ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ، اوْ كُفِّرَ بِهَا مِنْ خَطَاياهُ).
لاَ يَدْرِى يَزِيدُ أَيّتهُمَا قَالَ عُرْوَةُ.
51 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنَا حَيْوَةُ،
حدثنا ابْنُ الهَاد، عَنْ ابِى بكْرِ بْنِ حَزْمِ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائشَةَ قَالَت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولَُ: " مَا مِنْ شَىْءِ يُصيبُ المُؤْمِنَ، حَتَّى الشَّوْكَةِ تُصِيُبهُ، إِلاَّ كَتَبَ الله لَهُ بِهَا حَسَنَة، أَوْحُطَّتْ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَة).
52 - (2573) حلّلنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَابُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا ابُو اسَامَةَ،
- عَنِ الوَلِيدِ بْنِ كَثيرِ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَأء، عَنْ عَطَأَءِ بْنِ يَسَارِ، عَنْ أِبِى سَعِيد وَأَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَتهُمَا سَمعَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " (مَا يُصِيبُ المُؤْمِنَ مِن وَصب، وَلأَ نَصَبِ، وَلاَ سَقَبم، وَلاَ!زَنِ، حَتَّى الهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلأَكُفرَ بِهِ مِنْ سيئاتِهِ لما.
وقوله: ا لا يصيب المؤمن من وصب ولا نصب "، قال الإمام: الوصب: لزوم الوجع، ومنه قوله تعالى: { وَلَهُمْ عَذَابئ وَاصِبٌ } (1) أى لازم ثابت، والنصب: التعب.
قال القاضى: الأشبه هنا أن يكون النصب بمعنى الوصب.
قال الخليل: النصب: الداء، يعنى بسكون الصاد، ففتحه على اتباع وصب، والله أعلم، وليس هذا موضع الإعياء.
وقوله: (حتى الهم يهمه) بضم الياء وفتح الهاء على ما لم يسم فاعله.
وقوله: حدثنا سفيان - يعنى ابن عيينة، عن ابن محيصن شيخ من قريش.
كذا هو بتنوين الصاد فى رواية أكثرهم فى سند الحديث.
وعند العذرى: ابن محيص بغير نون فى اَخره.
قال مسلم: عمر بن عبد الرحمن بن محيصة من أهل مكة، كذا رواية السمرقندى والعذرى: " عبد الرحمن بن محيص) كذا لكافة شيوخنا عنه.
وعند ابن عيسى: (ابن محيصن لما بزياثة نون، وصوابه: عمر بن عبد الرحمن[ بن محيص] (2) كذا ذكره البخارى (3)، وقال: هو أبو حفص (4)ْ المكى السهمى القرشى روى عنه سفيان بن عيينة وعبد الله بن مؤمل، وقال عن ابن جريج: اْخبرنى عمر بن عبد الرحمن، وكانت اْمه بنت المطلب بن أبى وداعة.
(1) 1 لصا فات: 9.
(3) انظر: تاريخ البخارى 8 / 53.
(2) فى هامش خ.
(4) فى الأبى: محيض.
44 (8/43)
كتاب البر والصلة / باب لْواب المؤمن فيما يصيبه...
إلخ (2574) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو بكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظ لِقُتَيْبَةَ - حَد، شَا سَفْيَانُ، عَنً ابْنِ مُحيَصِن، شَيْخٍ مِنْ قُرَيْشٍ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالً: لَمَّا نَزَلَتْ{ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يجْزَ بِهِ} (1).
بَلَغَتْ مِنَ المُسْلمينَ مَبْلغًا شَديدًا.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قَارِبُوا وَسَلِّدُوا، فَفِى كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ المُسْلَمُ كَفَّارَةو، حَتَّىَ النَّكْبَةِ يُنْكَبُهَا، اوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا).
قَالَ مُسْلِم: هُوَ عُمَرُبْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ، مِنْ أَهْلِ مكَّةَ.
53 - (2575) حدّثنى عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ،
حدثنا الحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، حَد، شِى ابُو الزبيْرِ، حدثنا جَابِرُ بْنُ عَبْد الله ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائبِ، أوْ امِّ المُسَيَّب.
فَقَالَ: (مَالَكِ يَا امَّ السَّائِب - أوْ يَا اتمَ المُسَيَّبِ - تُزَفْزِفنَ ؟) قَالَت: الحُمَّى، لاً بَارَكَ الله فيهَا.
فَقَالَ: (لاَ تَسمى الحُمَّى، فَإِنَّهَا تُنْ!بُ خَطَاَيَا بَنِى آدَمَ، كًمَا يُنْ!بُ الكِيرُ خَبَثَ الحًدِيدِ).
وقوله: [ لما] (2) نزلت: { مَن يَعْمَلْ سُوءًا يجْزَ بِهِ} بلغت من المسلمين مبلغا شديداً، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (قاربوا وسددوا، ففى كل ما يصاب به المؤمن كفارة) الحديث، قيل فى معنى الآية: ما جاء فى هدا الحديث، من أن المسلم يجزى عن سيئاته بالمصائب فى الدنيا.
وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين.
وقال الحسن: نزلت فى الكفار خاصة.
وقوله: (قاربوا): أى اقتصدوا ولا تغلوا ولا تقصروا، ولكن حالا بين حالن:
لا وسددوا): أى اقتصدوا السداد، وهو الصواب.
وقوله: (حتى النكبة ينكبها): وهى مثل العثرة بالرجل، وقد ينجرح منه أصبعه.
وأصل النكب: القلب، وهو ممْل اللب.
وقوله: " مالكِ يا أم السائب تزقى فين (3) دا بالزاى (4)[ المعجمة] (ْ) والفاء فيهما
والتاء مضمومة ومفتوحة معًا، كذا روينا فى هذا الحرف هنا عن جميع رواة مسلم، وقد رواه بعض الرواة بالقاف والراء.
قال أبو مروان بن سراج: بالفاف والفاء معا بمعنى واحد صحيحان، ْ بمعنى: ترعدين.
والزقى فة بالزاى والفاء: صوت خفيف الريح، ومنه زفزفت الريح الحشيش: حركته، وزفئ ف النعام فى طيرانه: حرك جناحيه.
(1) النساء: 122.
(2) فى هامش ح.
(3) قى ز: ترفرفين 10 (4) فى ز: بالراء.
(5) ساقطة من ز.(8/44)
كتاب البروالصلة / باب ثواب المؤمن فيمايصيبه...
إلخ 45 54 - (2576) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِبرِىُّ، حدثنايحيى بْنُ سَعيد وَبِشْرُ
ابْنُ المُفَضَّل، قَالا: حدثنا عِمْرَانُ أَبُو بَكْر، حَدثنَى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَأع، قَاً: قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاس: أَلاَ اريكَ امْرَأَة مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ ؟ قُلتُ: بَلَى.
قَالَ: هَذه المرْأةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَتْ: إِنِّى أُصْرعُ، صإِنِّى أَتَكَشَّفُ، فَادع الله لِى.
قَالَ: (إِنْ شِئتِ صَبَرْت وَلَكِ الجَنَّةُ، صانْ شئْت دَعَوْتُ اللّه أَنْ يُعَافِيَك).
قَالَتْ: أَصْبِرُ.
قَالَتْ: فَإنِّى أَتَكَشَّفُ، فَادع الله أَلاَّ أَتَكَشًّفً، فَدَعَا لَهَا.
قال الإمام: قوله: (ترفرف!!ن) قال اْبو عبيد: قوله فى الحديث: " إن الشمس ترفرف) معناه: تدور وتجىء وتذهب، ورفرفت الثريد بالسمن: كثرته.
قال القاضى: كأنه فسر بهذا الحديث المتقدم على رواية من رواه بالقاف، ولعله لم يرو الأخرى المشهورة، ومبه: رفراف السحاب، وهو ما اضطرب منه.
ورفرف الخمر بالماء مزجها به.
وهو من الاضطراب.
46(8/45)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظلم
(15) باب تحريم الظلم
55 - (2577) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بَهْرَامَ الدّارِمِىُّ، حَدثنَا مَرْوَانُ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّد اللِّمَشْقى - حَدثنَا سَعيدُ بْنُ عَبْد العَزِيزِ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أبِى إِدْرِشَ! الخَوْلاَنِىّ، عَنْ أبِى فَز، عَن الَنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - فِيَما رَوَى عَنِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أنَّهُ قَالَ: (يَا عبَادى، إنِّى حَرَّمْتُ الظُّلمَ عَلَى نَفْسِى وَجَعَلتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرّمًا، فَلاَ تَظَالَمُوا.
يَا عِبَادى، كُلُّكُم ضَاذَ إِلاَّ مَنْ هليتُهُ، فَاسْتَهْدُونِى أهْدكُمْ.
يَا عبَادِى، كُلُّكُمْ جَائِع إِلاَّ مَنْ أطَعَمْتُهُ، فَاسْتَطعمُونِى أطعِمْكُمْ.
يَا عبَادِى، كُلُكُمْ عًار إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُوثِى ثْسُكلمْ+ يَاعِبَادِى، إِنَّكُمْ تُخْطِئُوَنَ بِالفيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأنَا أَغْفِرُ الذ!نوبَ
وقوله تعالى: (يا عبادى، إنى حرمت الظلم على نفسى) الحديث، قال الإمام: معنى قوله: (حرمث الظلم على نفسى): أى تقدست عنه وتعاليت، والظلم مستحيل منه سبحانه وتعالى جده ؛ لأنه إنما يكون إذا تعديت الحدود وتجوزت المراسم، والبارى - جلت قدرته - ليس فوقه أحد يحد له حدا أو يرسم له رسمأ، حتى يكون متجاوزا لذلك ظالما، ولا فوقه من يستحق أن يطيعه حتى يحلل له الحلال ويحرم عليه الحرام، ولكن تحريم الشىء يقتضى المنع منه والكف عنه، فسمى البارى تقدسه عن الظلم بهذا اللفظ فقال: (حرمت على نفسى الظلم لما.
أما قوله: (يا عبادى كلكم ضال إلا من هديته) فكان ظاهره أن الناس على الضلال يُخلقون إلا من هداه الله - سبحانه - وقد ذكر فى الحديث أنهم على الفطرة مولدون، وقد يراد بهذا[ هاهنا] (1): وصفهم بما كانوا عليه قبل بعثة النبى - عليه الصلاة والسلام - إليهم، أو إنهم إن تركوا وما فى طباعهم من إيثار الراحة داعمال النظر ضلوا، إلا مَنْ هد 51 الله - سبحانه.
وظاهر هذا يطابق مذهب الأشعرية ؛ فى قولهم: إن المهتدى بهدى الله اهتدى، وأنه - سبحانه - إنما أراد هداية مَنْ اهتدى مِنْ خلقه خاصة.
والمعتزلة ثقول بأنه - سبحانه - أراد من سائر الخليقة أن يهتدوا، ولكن منهم من استحب العمى على الهدى.
وقوله - عليه الصلاة والسلام - هاهنا: " كلكم ضالٌ إلا مَنْ هديته) فجعل من هداه
(1) فى ز: هنا، والمثبت من ح.(8/46)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظلم 47 جَميعًا، فَاسْتَغْفِرُونِى أغْفِرْ لَكُمْ.
يَا عِبَادى، إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّى فَثَضُرُّوثِى، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِى فَتَنْفَعُونِى.
يَا عبَادى، لَوْ أنَّ أوَّلكُمْ واخِرَكُمْ، ! اِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلبِ رَجْل وَاحِد منكُمَْ، مَا زَادَ ذَلكَ فِى مُ!ى شَيْئا.
يَا عِبَادى، لَوْ أنَّ أولكُمْ وآخِرَكُمْ، داِنْسَكُمْ وَختكُمْ، كَانُوا عَلَىَ أفْجَرِ قَلبِ رَجُل وَاحد، َ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلكِى شَيْئا.
يَا عِبَادىَ، لَوْ أن او!كُمْ واخرَكُمْ، وَإِنْسَكُمْ وَجِنًّكمْ، قَامُوا فِى صَعِيد وَاحد فَسَألُونِى، فَا"عطَيْتُ كُل إِنْسَالط مَسْألَتَهُ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مَّما عنْدى إلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخيَطُ إِذَا اُدخِلَ البَحْرَ.
يَا عبَادِى، إِنَمَا هِىَ أَعْمَالُكُمْ احْصيهَاَ لَكُم، ثُمً أُوَفّيكُمْ إِيَّاها، فَمَنْ وَجَدَ خَيْزا فَليَحْمَدِ الله، َ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ فَلِكَ فَلاَ يَلُومَنًّ إِلاَّ نَفْسَهُ ".
قَالَ سَعِيد: كَانَ ابُو إِدْرِش! الخَوْلاَنِىُّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذا الحدَيثِ، جَثَا عَلَى ركبَتَيْهِ.
ص كّص ص، ص ه 5، 5 ص صَ سر،، َ كّصً و،
(... ) حدثنِيهِ أبو بكر بن إسحق، حدثنا ائو مسْهِر، حدثنا سعيد بْن عَبْد العَزِيزِ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ أنَّ مَرْوَانَ أَتَمُهُمَا حَدِيئا.
مستثنى من الجملة يدل على بطلان قولهم: إنه أراد[ هدايته بالجملة.
قال الفاضى: وقول أبى ذر فى أول الحديث] (1): فيما يرويه عن ربه، وقد جاء
مثل هذا فى غير حديث عن ابن عباس وغيره، حجة فى جواز إطلاق هذا اللفظ فى حق النبى - عليه الصلاة والسلام - فيما أوحى إليه.
وقوله: " ما نقص ذلك مما عندى إلا كما نقص المخيط إذا أدخل فى البحر): معناه:
إنه لم ينقص شيئا، كما قال فى الحديث الاَخر له: " لا يغيضها نفقة) (2) اى لا ينقصها ؛ لاَن ما عند الله لا يدخله نقص، وانما يدخل النقص المقدر المحدد الفانى، وما عند الله هو (3) رحمته وأفضاله على عباده، وهى صفاته الباقية التى لا تفنى، ولا يأخذها حد ولا حصر.
وقوله: (إلا ما ينقص المخيط إذا أدخل البحر،: غاية فى باب التمثيل فى هذا، ويقرب لك أفهام بما يشاهد ؛ فإن ماء البحر من أعظم المرئيات عيانا واكثرها.
ودخول المخيط فيه، وهى الإبرة التى يخاط بها، وخروجها لا ينقص شيئا ؛ إذ لا يعلق بها من ماء البحر
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(3) فى خ: هى.
(2)1 حمد 313 / 2، 500.
48(8/47)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظلم (... ) قَالَ أَبُو إِسْحَقَ: حَدذَشَا بِهَذَا الحَلِيذ الحَسَنُ وَ الحُسَينُ، ابْنَا بِشْر، وَمُحَمَّدُ
ابْنُ يَحْ!ىَ، قَالوا: حَدثنَا أَبُو مُسْهِر.
فَذَكَرُوا الحَدَيِثَ بِطُولِهِ.
(... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، كِلاَهمَا عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ
عَبْد الوَارِثِ، حدثنا هَمَّام، حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَبى قِلاَبَةَ، عَنْ ابِى اسَمَاءَ، عَنْ ابِى ذَرٍّ، قَالً: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - فيَما يَرْوِى عَنْ ر.
ده تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: (إِنِّى حَرَّمْت عَلَى نَفْسِى الظُّلمَ وَعَلَى عِبَادى، َ فَلاَ تَظَالَمُوا).
وً سَاقَ الحَدِيثَ بِنَحْوِهِ.
وَحَد يثُ أبى إِدْريسَ الَّذِى ذَكَرْنَاهُ أتَمُّ مِنْ هَذَا.
56 - (2578) حدثنا عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْثَحب، حَد*شَا دَاوُدُ - يَعْنِى ابْنَ قَيْس - عَنْ عُبَيْد الله بْنِ مقْسَمٍ، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْد الله ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (اتَّقُوا الظُّالًمَ فَإنَّ الطلمً ظُلُمَاتوَ يَوْمَ القِيَامَة.
وَاتًّقُوا الشُّحً، فَإِنَّ الشُّحَ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ عًلَى أنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَاستَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ لا.
57 - (2579) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍِ، حدثنا شَبَابَةُ، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيز المَاجشُونُ، عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ !ينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): لا إِن الظُّلمً ظُلُمَاتو يَوْمَ القِيَامَةِ).
شىءلصقالتها.
قوله: (الظلم ظلمات يوم القيامة): قيل: ظاهره أنه ظلمات على صاحبه[ حتى] (1)
لا يهتدى يوم القيامة سبيلا حيث يسعى نور المؤمنين بين أيديهم وباْيمانهم.
وقد تكون الظلمات هنا: الشدائد، وبه فسروا قوله تعالى: { قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} (2) أى شدائدهما.
وقد تكون الظلمات هاهنا عبارة عن الاتكال بالعفوبات عليه، وقابل بهذه اللفظة قوله: " الظلم دا لمجانسة الكلام، كما قال تعالى: { مُسْتَهْزِئُونَ.
اللَّهُ يَسْتَهْزِئ بِهِمْ} (3).
وقوله: " اتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم): يحتمل أن هذا هو الهلاك الذى اْخبر عنهم فى الدنيا، ويحتمل أنه اراد هلاك الاَخرة.
وهذا الشح: الحرص على ما ليس عندك والبخل بما عندك، !ال الله والى: { أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ} (4).
ديل: يأتون الحرب معكم لاءجل الغنيمة.
(1) فى هامش ح.
(2) الأنعام: 63.
(3) البقرة: 4 1، 5 1.
(4) 1 لأ حزاب: 19.(8/48)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظلم
49
58 - (2580) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا لَيْمث، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبيه ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: ( المُسِلمُ اخُو المُسْلِ!، لاَ يَظلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُ! مَنْ كَانَ فِى حًاَجَةِ أخيه كَانَ اللّهُ فِى حَاجَته، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ الله عَنْهُ بها كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْم الَقِيَاَمَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَةِ لما.
59 - (2581) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالا: حدثنا إِسْماعيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالَ:
وقوله: (مَنْ فرّج عن مسلم كربة أ من كرب الدنيا] (1) فرّج الله عنه كربة من كرب
يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة،: فى هذا فضل معونة المسلم للمسلم فى كل خير، وفعله المعروف إليه، وستره عليه.
وهذا الستر فى غير المستهترين، وأما المنكشفون المستهترون الذين يقدم إليهم فى الستر وستروا غير مرة فلم يرعوا وتمادوا، فكشف أمرهم وقمع شرهم مما يجب ؛ لأن كثرة الستر عليهم من المهادنة على معاصى الله - تعالى - ومصانعة أهلها.
وهذا - أيضا - فى ستر معصية أ انقضت وفاتت] (2)، وأما إذا عرف انفراد رجل بعمل معصية واجتماعهم لذلك فليس الستر هاهنا السكوت على ذلك وتركهم إياها، بل يتعين على من عرف ذلك إذا أمكنه بتغييرهم عن ذلك كل حال وتغييره، دان لم يتفق ذلك إلا بكشفه لمن يعينه أو للسلطان.
وأما إيصاء حال من يضطر إلى كشف حاله من الشهود والاَمناء والمحدثن، فبيان حالهم ممن يقبل منه ذلك وينتفع به مما يجب على أهله.
فأما فى الشاهد فعند طلب ذلك منه لتجريحه، أو اذا رأى حكمأَ يقطع بشهادته وقد
علم منه ما يسقطها، فيجب رفعها.
وأما فى أصحاب الحديث وحملة العلم المقلدين فيه، فيجب كشف أحوالهم السيئة لمن عرفها ممن يقلد فى ذلك، ويلتفت إلى قوله ؛ لئلا يغتر بهم ويقلد فى دين الله من لا يجب.
على هذا اجتمع رأى الأئمة قديما وحديثا.
وليس الستر هنا بمرغب فيه ولا مباح.
وفيه أن المجازاة فى الاَخرة قد تكون من جنس العمل فى الدنيا من خير أو شر.
ولشد
فى الحديث ما يدل على الإثم فى كشفه ورفعه إلى السلطان، و(نما فيه الترغيب على ستره.
ولا خلاف أن رفعه له وكشفه معصية الله مباح له غير مكروه ولا ممنوع، إن كانت له نية من أجل عصيانه لله، ولم يقصد كشف ستره والانتقام منه مجردًا فهذا يكون (3) له.
(1) سقط من خ.
(3) فى خ: يكره.
(2) فى ز: الغضب وعايته ؛ والمثبت من ح.(8/49)
50 كتاب البروالصلة / باب تحريم الظلم (أَتَدْرُ!نَ مَا المُفْلِسُ ؟).
قَالُوا: المُفلِسُ فِينَا مَيق لاَ!رْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ.
فَقَالَ: (إِنَّ المُفْلِسَ منْ أُمَّتِى، يَأتِى يَوْمَ القِيَامَة بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ صَزَكَاة، وَيَأبى قَد شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفيَ هَذَا، وَثًلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ !مَ هًذَا، وضَرَبَ هَذَا.
فَيُعْطَى هَنَا مِنْ حَسَنَاتهِ وَهَندا مِنْ حَسَنَاتهِ، فَإِنْ فَنيَمت حَسَنَا - !هُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، اخِذَ مِنْ خَطَأيَاهُمْ فَطُرِحًتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِخَ فِى النَّاَرِ".
وقوله: فى المفلس: (هو الذى يأتى بصلاة وصيام وزكاة، وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا لا الحديث، يعنى: أن هذا هو حقيقة المفلس خاصة ؛ لأنه فى استعمال الناس فيمن قل ماله وعدمه حتى صار فلوسا، وهذا لمن ينقطع وقد تنقلت به الحال، ويرجو الانجبار لحاله، دإذا بقيت له صحته وسلم له دينه لم يهلك فى الدنيا ولا فى الآخرة.
فأعلمهم أن حقيقة المفلس هو الهلاك التام والعدم المتصل المهلك، مثل هذا الذى كانت له حسنات وللناس عليه تباعات، فأخذوا حسناته كما يؤخذ من الغريم ما بيده، ثم لما لم يكن (1) له حسنات طرحت عليه سيئاتهم، وطرح فى النار ؛ ليتم هلاكه وتأبد فلسه، وأيس من فلاحه وانجبار حاله، إلا ما يكون بعد، مما تفضل الله به من إخريج المذنبين !إدخالهم الجنة، بعد الأمر الذى قدره الله فى هذا البوار، نعوذ بالله من فلس الدنيا وا لاَخرة.
وقد ردت المبتدعة هذا الحديث، وقالوا: ررارضط قولى: { وَلا تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ أُخرى} (2)،
وقد غلطوا فى النظر والتأويل، وهذا إنما عوقب بوزره وظلمه أخاه ولا حبط عمله، كما احتجت به المعتزلة لمذهبها، لكنه سقطت حسناته لما قوبلت سيئاته ومظالمه وزادت عليها فى الوزر (3)، واستوجب العقوبة بما زاد وكان ثواب حسناته الساقطة فى الوزن للمظلوم ثوابا على صبره ومحنته به، [ و] (4) فضلا زاده الله من عنده.
دانما عوقب بما اجترح وعلى وزره، ولم يظلم، ولا أخذ شىء من عمله، ولا أحبط الا بحكم الموازنة والمحاسبة، ورجحان السيئات، قال الله تعالى: { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِفُيُ فَأُوْلَئِكَ الَّنيِنَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنم خَالِمُونَ} (5).
فمعنى أخذ الحسنات وطرح السيئات نوع من العقوباث التى أعدها الله للظالمن، وزيادة
فى ثواب المظلومين الصابرين، لا أنه مواخذ بذنب لم يعمله من ذنوب غيره، ولا أُحبطت حسناته لسيئاته، ولا دفعت لغيره، بل زيد المظلوم على أجره مثل ثواب حسنات ظالمه،
(1) فى خ: تكن.
(4) فى هامش ز.
(2) الأسراء: 15.
(5) 1 لمؤمنون: 103.
(3) فى خ: الذنوب.(8/50)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الظلم
51
60 - (2582) حل!ثنايحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ ابِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالَ: الَتُؤَس الحُقُوق إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، حَتًّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الجَلحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ لا.
فضلا من الله تعالى.
هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وعليه يتأول ظاهر هذا الحديث، حتى لا يجد ملحد
فيه مطعنأَولاله به حجة.
وقوله: " لتؤدن الحقوق الى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)، قال الإمام: اضطرب العلماء فى إعادة البهائم، ووقف الشيخ أبو الحسن الأشعرى فى ذلك، وجوز أن يُعاد المجانين ومن لم يبلغه الدعوة وجواز أن يعادوا ولم يرد عنده قطع فى ذلك.
والمسألة موقوفة على السمع.
وأقوى ما يتعلق به من يقطع بإعادة البهائم قوِله عزوجل: { وَإِذَا الْوُحُوشُ حشِرَتْ} (1).
ومن لم يقطع على الإعادة يقول: معنى{ حشِرتْ}: أى ماتت، والاَحاديث الواردة فى ذلك عنده من اْخبار الاَحاد إنما توجب الظن، والمراد من المسألة القطع.
وقد قال بعض شيوخنا فى قوله ت (تقاد الشاة الجلحاء من الشاة القرناء): أن المراد به ضرب مثل ة ليشعر البارى - سبحانه - الخليقة أنها دار قصاص ومجازاة، وأنه لا يبقى لاءحد عند أحد حق، فضرب المثل بالبهائم التى ليست مكلفة حتى يستحق فيها القصاص، ليفهم منه أن بنى اَدم المكلفين أحق وأولى بالقصاص منهم.
ويصح عندى أن يخلق البارى - سبحانه - هذه الحركة فى البهائم فى الاَخرة ليشعر
أهل المحشر بما هم صائرون إليه من العدل بينهم.
وسمى ذلك قصاصا لا على معنى قصاص التكليف، ولكن على معنى قصاص
ا لمجا زا ة.
والقطع فى هذا لا سبيل إليه، داجراء الكلام على ظاهره إذا لم يمغ منه عقل ولا سمع
أولى وأوجب.
والجلحاء: هى الجماء التى لا قرن لها، ويقال: قرية جلحاء لا حصن لها.
والاءجلح
من الناس: الذى انحسر الشعر عن جانبىِ راشه، وسطح أجلح: الذى لم يحجب بجدار ولا غيره، ومنه حديث ائى ايوب: (من بات على سطح أجلح فلا دية له)، وهودج أجلح: الذى لا راْس له.
(1) التكوير: ه.(8/51)
52 كتاب البروالصلة / باب تحريم الظلم 61 - (2583) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُميْر، حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا بُرَيْدُ
ابْنُ أبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ+ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِى للِظَّالِم، فإِذَا اخَنَهُ لَمْ يُملِتْهُ)، ثُمَّ قَرَا: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَة إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } (1).
قال القاضى: توقف مَنْ توقف[ من الأئمة] (2) فى إعادتها، إنما هو على القطع بذلك على الله، كما يقطع بإعادة أهل الثواب والعقاب ومن يجازى، ولم تكن الظواهر الواردة فى ذلك نصا ولا أخبارًا متواترة، ولا هى مما ثحتها عمل، فيجب العمل بها (3)، كما يجب بالظواهر وأخبار الآحاد، والمسالة علمية مجردة، والأظهر حشر المخلوقات كلها مجموع ظواهر الآيات والأحاديث، دانه ليس من شرط الإعادة المجازاة والعقاب والئواب، فقد وقع الإجماع على أن أولاد الاَنبياء فى الجنة ولا مجازاة على الأطفال.
واختلف الناس فيمن بعدهم اختلافأ كثيراً[ بإمضاء] (4) ذكره، ويأتى منه إن شاء الله.
قال الإمام: وقوله: (ان الله يملى للظالم): أى يمهل ويؤخر ويطيل له المدة.
قال
ابن الأنبارى: اشتقاف من الملوة، وهى المدة والزمان قال غيره: يقال: ملوة[ بفتح الميم وضمها] (5) وكسر ها.
وقوله: (حتى اذا أخذه لم يفلته)، قال القاضى: قيل: اْى لم ينفلت منه، وقيل: يكون معناه: أى لم يخلصه أحد منه.
يقال: انفلت الرجل من الآخر واْفلت واْفلته أنا.
(1) هود: 102
(2) سقط من خ.
(3) فى ح: بذلك.
(4) فى خ: إنما مضى.
(5) فى ح: بضم الميم وفتحها.(8/52)
كتاب البر والصلة / باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما
53
(16) باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما
62 - (2584) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ يُونُسَ، حَد*شَا زُهَيْر، حَد*شَا ابُو الزبيْرِ، عَنْ جَابِر قَالَ: اقْتَتَلَ غُلاَمَان ؛ غُلاَم! مِنَ اَ!مُهَاجرِينَ وَغُلاَم مِنَ الا"نْصَارِ، فَنَادَى المُهَاجِرُ أَو المُفَاجرُونَ: يَالَ المُهَاَجِرِبنَ! وَنَاسَ الأَنْصَارِىُّ: يَالَ الأنْصَارِ! فَخَرَجَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: " مَا هَذَا ؟ دَعْوَى أَهْلِ الجَاهليَّة! لا.
قَالُوا: لاَ يَا رَسُولَ الله إِلاَّ أَنَّ غُلاَمَيْنِ اقْتَتَلا، فَكَسَعَ أَحَلصمَا الآخَرَ.
قَالَ: " فًلَاً بَأسَ، وَليَنْصُرِ الرَّجُلُ اخَاهُ ظَالمًا أَوْ مَظلُوما، إنْ كَأنَ ظَالِمًا فَليَنْهَهُ، فَإِنَّهُ لَهُ نَصْز، وَإِنْ كَأنَ مَظلَومًا فَليَنْصُرْهُ).
63 - (... ) حلفّنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضئىُّ وَابْنُ أَبِى عُمَر - وَاللفْظُ لاِبْنِ أَبِى شَيْبَةَ - قَالَ ابْنُ عبْدَةَ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُور: حَد*شَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرو جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّه يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )
وفوله عليه الصلاة والسلام - حين سمع: يا للاْنصار، يا للمهاجرين، من الرجلين اللذين اقتتلا -: (ما هذا ؟ أدعوى الجاهلية): نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الدعوى (1) بالقبائل كما كانت الجاهلية تفعل، وأن تناصفها إنما كان بالعصبة.
والإسلام جاء بالقضاء والفصل بالحق فى الاَمور، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: (دعوها، فإنها منتنة ": أى قبيحة ودنيئة.
لكن قوله هاهنا لما قيل له القصة: " لا بأس دا.
دليل على الرخصة فى ذلك إذا كان لنصرة الحق، كما قال فى حلف الفضول: ا لو دعيت فيه لاءجبت) (2).
وقد يكون قوله: ا لا بأس لما: أى لم يقع تحت هذه الدعوة بأس كان خافه قبل، وهو (3) أظهر.
وقوله: " فكسع أحدهما الآخر دا، قال الإمام: كسعت الرجل: إذا ضربت مؤخره فاكتسع، [ أى سقط على قفاه.
وفى حديث اخر: " فضرب عرقوب فرسه حتى اكتسعت)] (4) أى سقطت من مؤخرها.
قال الهروى: " كسع رجل من الأنصار): أى [ أى] (5) ضرب دبره.
(1) فى ز: المدعو، والمثبت من ح.
(2) البداية والنهاية 2 / 270.
(س) فى خط: وهذا.
(4) فى هامش خط.
(5) كماخ!.(8/53)
54 كتاب البروالصلة / باب نصرالأخ ظالما أومظلوما فِى غَزَاة، فَكَسَعَ رَجُل مِنَ المُهَاجرِينَ رَجُلاً مِنَ الأنْصَأرِ.
فَقَالَ الا2 نْصَأرِىُّ: يَا للأَنْصَأر! وَقَالَ المُهَاجِرِىُّ: يَا لَلمُهَاَجِرِينَ! فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهليَّةَ ؟).
قَالوا: يَا رَسُولَ الله، كَسَعَ رَجُل مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلأ مِنَ الانْصَأرِ.
فَقَألَ: (دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتنَة) فَسَمِعَهَا عَبْدُ اللّه بْنُ أُبىٍّ فَقَالَ: قَدْ فَعَلُوهَا.
وَالله، لَئنْ رَجَعْنَا إِلَى المَلِينَةِ لَيُخْرِجَنًّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ.
َ
قَالَ عُمَرُ: دَعْنِى أضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ.
فَقَال: (دَعْهُ، لاَ يتَحَدَّثُ التَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدا يَقْتُلُ أصْحَابَهُ).
64 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ياِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ - قَالَ
ابْنُ رافِع: حَدثنا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أخْبَرَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، اخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أيُّوبَ، عنْ عَمْرِو بْنِ !ينَار، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّه، قَالَ: كَسَعَ رَجُل مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلأ مِنَ
قال القاضى: قال الطبرى: والكسع: هو ضرب الرجل عجزة الاَخر بظهر الرجل.
وقال: هو ضرب الدبر.
وقيل: هو ضربه بالسيف على مؤخره.
وقال الخليل: هو ضربك دبر الرجل بيدك أو رجلك.
وقوله: (ولينصر الرجل أخاه ظالما اْو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر،
! ان كان مظلوما فلينصره): وفسره فى الحديث كما تراه.
قال بعضهم: هذا من فصيح الكلام ووجيزه، وتسمية الشىء بما يؤول إليه ؛ لاءنه لو لم ينهه ففعل ما لا يجب أدى ذلك إلى القصاص منه، فنهيه له كمنعه أن يقتص منه، ونصره على ذلك، وليس عندى هذا
والكلام أبن من أن يحتاج إلى هذا التكلف، وهو على وجهه.
فنصره بكفه عن الظلم ونهيه عنه نصره له بالحقيقة على الشيطان، والهوى، وخلق السوء الذى يحمل على الظلم، ومعونة لدينه وعقله، ونصره على الرجوع إلى الحق والوقوف عنده.
وقوله: " لا يتحدث الناس أن محمئا يقتل أصحابه): فيه ترك تغيير بعض الأمور
التى يجب تغييرها، مخافة اْن يؤدى تغييرها إلى اْكثر منها.
وقد مضى من ذلك أول الكتاب.
وكان النبى - عليه الصلاة والسلام - يستألف على الإسلام النافرين عنه، فكان يعفو
عن أشحِاء كثيرة أول الإسلام لذلك ؛ لئلا يزدادوا نفازا، وكانت العرب من حمية الأنف،(8/54)
كتاب البر والصلة / باب نصر الأخ ظالما أو مظلوما
الأنْصَارِ.
فَا"تِى النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَألَهُ القَوَدَ.
فَقَالَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (دَعُوهَا، فَإِنَّهَا منتِنَةٌ ).
قَالَ ابْنُ مَنْصُور فِى رِوَايَتِهِ: عَمْزو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا.
55
! إباءة الضيم، حيث كانوا، فكان - عليه الصلاة والسلام - يستألفهم بطلاقة وجهه، ولن كلمته، وبسط المال لهم، والإغضاء عن هناتهم، حتى يتمكن الإيمان فى قلوبهم، ويراهم أمثالهم فيدخل فى الإسلام ويتبعهم أتباعهم عليه.
ولهذا لم يقتل المنافقين، ووكل أمرهم إلى ظواهرهم، مع علمه ببواطن كثير منهم،
! إطلاع الله - تعالى - إياه على ذلك.
ولما كانوا معدودين فى الظاهر فى جملة اْنصاره واصحابه ومن تبعه، وقاتلوا معه غيرهم حمية أو طلب دنيا أو عصبية لمن معهم من عشائرهم، وعلمت بذلك العرب، فلو قتلهم لارتاب بذلك من يريد الدخول فى الإسلام ونفره ذلك عنه، وتوقع أن يكون ذلك لأمنه وعرض اَخر.
وقد اختلف: هل بقى حكم جواز ترك قتلهم والإغضاء عنهم ؟ أو نسخ ذلك اَخرا عند ظهور الإسلام عند قوله تعالى: { جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْفنَافِقِينَ} (1) وأنها ناسخة لما كان قبلها ؟ وقيل: إنما العفو عنهم ما لم يظهروا نفاقهم، فإذا أظهروه قتلوا، قاله غير واحد من أئمتنا وغيرهم، واستدلوا بقوله تعالى: { لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْفُافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قلُوبِهِم مَّوَضٌ } إلى قوله: { وَ!لُوا تَقْتِيلاً} (2).
(1) 1 لتوبة: 73، 1 يحري!: 9 - (2) 1 لأحزاب: 60، 61 -
56(8/55)
كتاب البر والصلة / باب تراحم المؤمنين...
إلخ
(17) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم
65 - (2585) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَأبُو عَامرٍ الا"شْعَرِىُّ، قَالا: حدثنا عَبْدُ
اللّه بْنُ إِدْرِش! وَأَبُو أُسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ أَبُو كُرَيْب، حَدثنَا ابْنُ المُبَارَك وَابْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو اُشَامَةَ، كلُّهُمْ عَنْ بُرَيْد، عَنْ أبى بُرْ!ةَ، عَنْ أَبِىَ مُوسَى، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (المُؤُمِنُ لِلمُوُمِنِ كَالبُنْيَاًنِ، يَشُدّ بَعْضُهُ بَعْضًا).
66 - (2586) حدثّنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْد الله بْنِ نُمَيْر، حَا شَا أبى، حدثنا زَكَرِئاءُ،
عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير، قَالَ، قَالَ رَسُولُ الله على: َ (مَثَلُ المُؤْمِنِيئَ فِى تَوَادِّهمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفهِمْ مَثَلُ الجَسَد، إذَا اشْتَكَى منْهُ عُضْو، تَدَاعَى لَهُ سَائرُ الجَسًدِ بالسَّهَرِ وَالحُمَّى)*
(... ) حديثنا إِسْحَقُ الحَنْظَلىُّ، أخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّف، عَنِ الشَّعْبِىَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ بِنَحْوِهِ.
67 - (... ) حَد*شَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيد الأشَجُّ، قَالا: حَد*شَا وَكِيعٌ،
عَنِ الأعْمَشِ، عنِ الشَّعْبِىِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشير، ً قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ( المُؤْمِنُونَ كَرَجُل وَاحِد، إِنِ اشْتَكَى رَأسُهُ، تَدَاعَى لًهُ سَائرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَرِ لما.
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّهِ بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا حَمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ، عَنِ الالمحمَشِ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنِ النُّعْمَاَنِ بْنِ بَشيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (المُسْلمُونَ كَرَجُلٍ وَاحِد، إِنِ اشْتَكَى عَيْنُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى رَاشُهُ اشْتَكَى كُلُّهُ لما.
(... ) حديثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِىِّ،
وقوله: " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) فيه الحض على تعاون المسلمين،
وتنا صرهم، وتآلفهم، وتوا د د هم، وتر ا حمهم.
وتمثيله - عليه الصلاة والسلام - فى ذلك فى البيان (1)، وفى الحديث الاَخر:
(1) فى!: بالبنيان.(8/56)
كتاب البر والصلة / باب تراحم المؤمنين...
إلخ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بِشَيِر، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَهُ.
57
"بالجسد إذا شكا (1) بعضه شكا (2) سائره كله دا تمثيل صحيح، وتقريب للأفهام فى إظهار المعانى فى الصور المرتبة، فيجب على المسلمن امتثال ما حض - عليه السلام - عليه[ من ذلك] (3) والتخلق به.
(1، 2) فى!: اشتكى.
(3) سقط حأخ!.
58(8/57)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن السباب
(18) باب النهى عن السباب
68 - (587 2) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ أيّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعيل - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ ابِيه، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (المُسْتَبَّانِ مَا قَالا، فَعَلَى البَادِئ، مَا لَمْ يَعْتًدِ المَظلُومُ).
وقوله: (المستبان ما قالا، فعلىِ البادئ، ما لم يعتد المظلوم): أكما يجاوز القدر الذكما
قال الاَخر له، قال اللّه تعالى: { ولَقَدْ عَلمتمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا منكُمْ فِي الشت} (1) قيلِ: جاوزوا المقدار الذى حد لهم.
فيه جواز الانتصَار من الظالمِ، وَقد قال تعالىَ: { وَلَمَنٍ انتمَر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَييل} (2)، وقال: { وَالَّذِين إِذَا اً صَابَفمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتصِرُون} (3) قيل: هذا عَلى ظاهره، والاَية محكمة والانتصار من الظالم محمود حسن وقيل: نسختها آية السيف، فهى منسوخة، وأبعد بعضهم النسخ فى مثل هذا، قال: لأنه خبر ولا يبعد النسخ فيه ة لأنه دإن كان خبرًا لمدح من هو بهذه الصفة، فقد حض على العمل بها قوله، ثم[ نسخ ذلك] (4)، واْن الخبر الذى لا يدخله النسخ فهو ما كان خبرًا عن شىء وقِعٍ واْمر كان لا مثل هذا.
ومع هذا كله فالعفو والصفح اْفضل، قال الله تعالى: { وَلَمَن صبر وَغَفَرَ إِنَّ ذَلكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (5)، وقال: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} (6) وقالَ - عليه الصلاة والسلام - فى الحديث بعد هذا: (ما زاد الَله عبدًا بعفو إلا عزا) (7) وسباب المؤمن فسوق محرم كما قال - عليه السلام.
جعل هذا الإثم على البادئ إذا لم يتعد الئانى، ومعناه: أن الثانى رد عليه مَنْ سبه
مثله ما لم يتعدكما إلى غيره من سلف، وإنما سبه فى نفسه بمثل ما سبه به ونحوه، مما هو أيضأَ غير بهتان ولا كذب.
وقد يكون التعدى الذى منع منه هذا من ذكر ما لا يباح له ذكره بحال من سبه بكذب وبهتان، وإن كان الأول قد رماه به، او من ذكر سلفه وغير نفسه فى سبه، أو بالزيادة فى نوع سبه، دإن كان مما قد يجوز سب المربى عند التأديب كالأحمق والجاهل والظالم ؛ لأن أحدًا لا ينفك من بعض هذه الصفات إلا الأنبياء والأولياء فهو إذا كافأه بسبه فلا حرج عليه، وبقى الإثم على الأول بابتدائه وتعرضه (8) بذلك.
وقد يقال: إنما يرتفع عنه حق صاحبه وتباعته، ويبقى حق الله - تعالى - في تعديه لعرض أخيه.
وقد يقال: إن الإثم يرتفع بانتصاف هذا منه، ويكون قوله: (على البادئ): أى اللوم والذم لتعرضه لذلك.
(1) 1 لبقرة: 65.
(2) 1 لشسورى: 1 4.
(3) 1 لشورى: 39.
(4) فى هامش ح.
(5) الشورى: 43.
(6) النور: 22.
(7) حديث رقم (69) بالباب التالى.
(8) فى ح: ولتعرضه.(8/58)
كتاب البر والصلة / باب استحباب العفو والتواضع
59
(19) باب استحباب العفو والتواضع
69 - المخ ه 2) حدثنايحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَء، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ددَا نَقَصَتْ صَدَقَة مِنْ مَالٍ، وَمَاَ زَادَ اللهَ عًبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَد للّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ الله).
قوله: " ما نقصت صدقة من مال): فيه وجهان:
أحدهما: أنه بقدر ما نقص منه يزيده الله فيه وينميه ويكثره.
والثانى: أنه دان نقص فى نفسه ففى[ الثواب والأجر] (1) عنها ما يجبر ذلك النقص بإضعافه.
وقوله: " ما زاد الله[ عبدًا] (2) بعفو إلا عزا): فيه - أيضا - وجهان:
أحدهما: ظاهره أن من عرف بالصفح والعفو ساد وعظم فى القلوب وزاد عزه.
الثانى: أن يكون أجره على ذلك فى الاَخرة وعزته هناك (3).
" وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله): فيه وجهان كذلك:
أحدهما: أن الله - تعالى - يمنحه ذلك فى الدنيا جزاء على تواضعه له، وأن تواضعه يثبت له فى القلوب محبة ومكانة وعزة.
والثالْى: أن يكون ذلك ثوابه فى الاَخرة على تواضعه.
وهذه الوجوه كلها فى الدنيا ظاهرة موجودة، وقد صدق - عليه السلام - فيما اْخبر منها.
وقد يكون جمع الوجهين فى جميعها.
وكان هذا كله تنبيها على رد[ قول] (4) من يقول (5): الصبر والحلم الذل.
ومن قاله من الجملة فإنما أراد به[ شبهه] (6) فى الاحتمال وعدم الانتصار.
(1) فى ح: الأجر والثواب.
(2) فى هامث!ح.
(3) فى ح: هنالك.
(4) فى هامث!ح.
(5) فى ح: قال.
(6) فى ح: بأنه يشبهه.(8/59)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الغيبة
(20) باب تحريم الغيبة
70 - (2589) حدّثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدهَّشَا إِسْمَاعِيلُ،
عَنِ العَلاء، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أتَدْرُونَ مَا الغِيبَةُ ؟ لما.
قَالُوا: اللَه وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: (ذِكْرُكَ أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ).
قِيلَ: افَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِى أخِى مَا أقُولُ ؟ قَالَ: (إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ، فَقَدْ بَهَتَّهُ لا.
قوله: (أتدرون ما الغيبة ؟ دا إلى قوله: " إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، دان لم يكن[ فيه] (1) فقد بهته): كذا هو بفتح الهاء مخففة، وأخطأ من شددها.
قال الإمام: يقال: بهت فلان فلانا: إذا كذب عليه فبهته، أى يخبر فى كذبه عليه
{ [ فَبُهِتَ] (2) الَّذِي كَفَرَ} (3): أى قطع حجته[ فتحير] (4).
والبهتان: الباطل الذى يتحير فى بطلانه.
قال القاصْى: والاءولى فى تفسير هذا الحديث أن يكون من البهتان، أى قلت فيه البهتان، ويفسره الحديث الآخر: " دان قلت باطلا فذلك البهتان " (ْ).
وقيل (6): بهته وأبهته بما لم يفعل، وهو قى يب من ا، َ ول.
قال صاحب الأفعال: بهت الرجل دهش، على ما لم يسم فاعله، وهى لغة القران الفصيحة.
وبهت بضم الهاء حائز.
وبهته بهتا وبهتا نا: قذ فه.
الاغتياب محرم، وأصله: ذكر الإنسان بما يسوؤه فى غيبته، والبهت فى وجهه، وكلاهما مذموم كان بحق أو باطل، إلا أن يكون لوجه شرعى، أن يقول له ذلك فى وجهه على طريق الوعظ والنصيحة.
ويسثحب فيمن كانت منه زلة التعريض دون التصريح ؛ لاءن التصريح يهتك حجاب الهيبة، وقد كان - عليه الصلاة والسلام - كثيراً ما يقول: دا ما بال أقوام يفعلون كذا) (7).
ولا يواجه به.
وأما فى الظهر والغيبة ففى مثل تجريح الشاهد والعالم المقتدى به إذا دعت إليه ضرورة، أو فى النصيحة عند المشورة، دان اكتفى فى المشورة بالتعريض وتركه تعيين العيب فحسن.
(1) ساقطة من ز.
(2) فى هام!ح.
(3) البقرة: 258.
(4) فى هامة ح.
(5) الموطأ، كالكلام، بما جاء فى الغيبة، رقم (10).
(6) فى ز: وفيه، والمثبت من ح.
(7) حديث رقم يا12) فى كالفضائل بكله ( صلى الله عليه وسلم ) بالله.(8/60)
كتاب البر والصلة / باب بشارة من ستر الله تعالى عيبه...
إلخ
(21) باب بشارة من ستر الله تعالى عيبه فى الدنيا
61
بأن يستر عليه فى الاَخرة
71 - (2590) حدّثنى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَابم العَيْشِىُّ، حَد، شَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيع - حَد، شَا رَوح، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبيهِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ يَسْتُرُ الله عَلَى عَبْدٍ فِى الدُّنْيَا، إِلاَّ سَتَرَهُ اللَه يَوْمَ القِيَامَةِ ".
72 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَد*شَا عَفَّانُ، حدثنا وهُيْبٌ، حَدثنَا سُهَيْل عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لاَ يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِى الدُّنْيَا، إِلاَّ سَتَرَهُ الله يَوْمً القِيَامَةِ).
قوله: ([ لا يستر الله عبدا] (1) فى الدنيا إلا ستره يوم القيامة): يكون ستره له ستر عيوبه ومعاصيه عن إذاعتها على أهل المحشر، وقد يكون ترك محاسبته عليها وذكرها له.
والا"ول أظهر ؛ لما جاء فى الحديث الاَخر: (سترك بذنوبه "، يقول: " سترتها عليك فى الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم) (2).
(1) دى ز.
لا يستر الله على عبد.
(2) سيأتى إن شاء الله فى كالتوبة، بقبول توبة القائل برقم (52).
62(8/61)
كتاب البر والصلة / باب مداراة من يتقى فحشه
(22) باب مداراة من يتقى فحشه
73 - (2591) حدلنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، وَأبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، وَعَمْزو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْلب وَابْنُ نُمَيْر، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْر - قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ - وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - عَنِ ابْنِ المُنكَدِرِ، سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزبيْرِ يَقُولُ: حَدثَّتْنِى عَائَشَةُ ؛ أنَّ رَجُلأ اسْثَأفَنَ عَلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (ائنَنُوا لَهُ، فَلَبئْسَ ابْنُ العَشِيرَةِ، أوْ بئْسَ رَجُلُ العَشِيرَة)، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْه الاَنَ لَهُ القَوْلَ.
قَالَتْ عَائشَةُ: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهَ، قُلتَ لَهُ الَّذى قُاَلتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ اَلقَوْلَ ؟ قَالَ: (يَا عَائشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ، مَنْ وَدَعَهُ - أَوْ تَرَكَهُ - النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ لما.
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وعُبْدُ بْنُ حُمَيْد، كِلاَهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ فِى هَذَا الإِسْنَادِ.
مِثْلَ مَعْئاهُ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: " بِئْسَ أَخُو القَوْم وَابْنُ العَشِيرَةِ).
قوله - عليه الصلاة والسلام - للذى قال له: (بئس ابن العثميرة): فيه أنه لا غيبة فيمن جاهر بفسقه، ولا كافر، ولا أمير جائر، ولا صاحب بدعة، وهذا الرجل هو عيينة ابن حصن، وكان حينئذ - والله اْعلم - لم يسلم، فلم يكن القول فيه غيبة، أو أراد - عليه الصلاة والسلام - إن كان قد أظهر الإسلام أن يبين حاله لئلا يغتر به من لم يعرف باطنه، وقد كان منه فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - وبعده من هذه الأمِور ما دلت على ضعف إيمانه.
! إلانة النبى - عليه الصلاة والسلام - له بالقول بعد هذا القول، تألفأ لمثله على الإسلام، بل فيه من أعلام النبوة قول النبى أنه: " بئس ابن العشيرة " علم من أعلام نبوته، وقد ظهر ذلك منه ؛ إذ هو ممن ارتد وجىء به أسيرًا إلى أبى بكر، وله مع عمر بن الخطاب خبر - والله أعلم - بما ختم له به.
هذا من المداراة وهو بذل الدنيا[ لصلاح الدنيا والدين.
وهى مباحة مستحسنة فى بعض الأحوال، خلاف المداهنة المذمومة المحرمة، وهو بذل الدين لصلاح الدنيا] (1) والنبى - عليه الصلاة والسلام - هنا بذل له من دنياه حسن عشيرته، ولا سيما كلمته وطلاقة وجهه،
(1) فى هامث!خ.(8/62)
كتاب البر والصلة / باب مداراة من يتقى فحشه 63 ولم يمدحه بقول، ولا روى ذلك فى حديث فيكون خلاف قوله فيه لعائشة، فلا يعترض على هذا بالمداهنة ولا بحديث ذى الوجهين، والنبى - عليه الصلاة والسلام - منزه عن هذا كله، وحديثه أصل فى المداراة وغيبة أهل الفسوق والكفار وأهل البدع والمجاهرة.
ومعنى قوله: " ابن العشيرة وأخو العشيرة): أى القبيلة والجماعة، والعرب
[ تستعمل] (1) مثل هذا القول: نعم ابن العشيرة وأخو العشيرة، يريدون قومه.
وعشيرة الرجل: جماعته وقومه.
وقد مضى تفسيره قبل.
وقوله - عليه السلام -: " إن من شر الناس منزلة عند الله، من ودعه الناس أو - تركه - اتقاَ فحشه)، قال الإمام: قال شمر: زعمت النحوية أن العرب أماتوا مصدر يدع وماضيه، والنبى - عليه الصلاة والسلام - أفصح العرب، وقال: ا لينتهيئ اْقوام عن ودعهم الجمعة) (2) أى تركهم.
قال القاضى: مذهب النحوية فى قولهم: " أماتوه " لم يكثروا استعماله، واستعملوا أمئال من ترك ورفض والرفض والنزل.
وقولهم: " أماتوه) يدل عليه، فإن تكلم به متكلم منهم فليس لكثرة كلامهم بعده، ألا ترى اْن هذين اللفظين من المصدر والفعل لا يكاد يوجد عن النبى - عليه الصلاة والسلام - فى غير هذين الحديثن، مع شك الراوى فى لفظ النبى كيف كان على ما فى الحديث، ولم يقل النحوية: انه خطأ ؛ إذ لا يجوز قوله فيكن منهم الاعتراض.
قوله: (اتقاَ فحشة ": أى قبيح كلامه ؛ لا"نه كان من جفاة الاَعراب.
وحمقائها وسادتها، وكان يسمى الاَحمق المطاع.
(1) ساقطة من ح.
(2) مبق فى كالجمعة بالتغلسِظ فى ترك الجمعة، رقم (40).
64(8/63)
كتاب البر والصلة / باب فضل الرفق
(23) باب فضل الرفق
74 - (2592) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدثَّنِىيحيى بْنُ سَعِيد، عَنْ سُفْيَانَ،
حدثنا مَنْصُوز، عَنْ تَميم بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ جَرِير، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ يُحْرَم اَلرِّفْقَ يُحْرَمِ الخَيْرَ).
75 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأَبُو سَعِيد الأشَجُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، قَالُوا: حدثنا وَكِيع.
ح وَ حدثنا أَبُو كُرَيْب، حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَ حدثنا أبُو سَعِيدٍ الأشجُّ، حَدةنَنَا حَفْض - يَعْنِى ابْنَ غيَاث - ً كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ.
ح وَحَدعشَا زُهَيْرُ ابْنُ حَرْب دإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظَُ لَهُمًا - قَالَ زُهَيْر: حَدةنَنَا، وَقَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا - جَرِير!، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ تَمِيم بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَل العَبْسِىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيزا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ يُحْرَم الرِّفْقَ يُحْرَم الخَيْرَ).
76 - (... ) حدّثنايحيى بْنُ يحيى.
أَخْبَرَنَا عبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زيَاد، عَنْ مُحَمَّد بْنِ
أَبِى إِسْمَاعيلَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَل، قَالَ: سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدًا لله يَقُولُ: َ قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ حُرِمَ الرِّفْقَ حُرِمَ الًخَيْرَ، أَوْ مَنْ يُحْرَم الرِّفْقَ يُحْرَم الخَيْرَ).
قوله: " من يحرم الرفق يحرم الخير): دل أن الرفق خير كله، ودليل على فضله ؛
لاءنه سبب كل خير، وجالب كل نفع، بضد الخوف والعنف، قال الله تعالى: { وَلَوْكُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضّوا مِنْ حَوْلِك} (1).
وقد ذكر فى الحديث أن الله يعطى على الرفق ما لا يعط على العنف، أى يتأتى به من ال الراض ويسهل من المطالب به ما لا يمَاْتى بغيره.
وقال فى الحديث الاَخر: " ما يكون فى شىء إلا زانه، ولا ينزع من شىء إلا شانه) ؛ لاكن التهور ليس من محاسن الأخلاق، وهو من مذامها.
والعنف هو ضد الرفق بضم العن.
قال أبو مروان بن سريج: ويقال بفتحها وكسرها.
وقوله فى حدثث جابر فى هذا الباب: حدثنا يحيى بن يحيى، أنبانا عبد الواحد بن
زياد عن محمد بن إسماعيل.
كذا عند جماعة شيوخنا وسائر النسخ، وفى كتاب القاضى
(1) آل عمران 1590.(8/64)
كتاب البر والصلة / باب فضل الرفق
65
77 - (93 5 2) حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ، حَد - ننِى ابْنُ الهَاد، عَنْ أَبى بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ - يَعْنِى بِنْتَ عَبْد الرَّحْمَنِ - عَنْ عَأئِشَةَ - زَوْجِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) - انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " يَا عَأئشَةُ، إِنَ اللهَ رَفِيق يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى العُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ ".
78 - (2594) حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَد، شَا أَبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ المقْدَامِ - وَهُوَ ابْنُ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ - عَنْ أَبًيه، عَنْ عَأئشَةَ - زَوج النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) - عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَىْءٍ إِلاًّ زَانَهُ، وَلاً يُنْزعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ).
79 - (... ) حلّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد - ننَا شُعْبَةُ، سَمْعتُ المقْدَامَ بْنَ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، بِهَذَا الإِسْنَاد.
وَزَادَ فِى الحَديث: رَكِبَتْ عَأئشَةُ بَعِيرًا.
فَكَانًتْ فيه صُعُوَبةو، فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهُ.
فَقَالً لَهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (عَلَيْكِ بِالَرِّفْقِ).
ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهَءَ
أبو عبد الله بن عيسى: عبد الرحمن بن زياد، والأول الصواب.
وعبد الواحد ذكره البخارى والحاكم، قد اتفقا عليه، وهو أبو بشر العبدى.
وقوله فى هذا الحديث: " إن الله رفيق يحب الرفق "، قال الإمام: البارى - سبحانه وتعالى - لا يوصف إلا بما سمى به نفسه، أو سماه به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، أو أجمعت الأمة عليه.
قال الشيخ أبو الحسن الاَشعرى: أو على معنى وما لم يرد فيه إذن فى إطلاقه، ولا ورد فيه منع ولم يستحل وصف البارى تعالى به، ففيه اختلاف، هل يبقى على حكم العقل لا يوصف بتحليل ولا تحريم، أو يمضنع لقوله والى: (وَلِلَّهِ الأَسْمَاء الْخسْنَئ} (1) وأثبت كون أسمائه حسنى، ولا حسن إلا ما ورد الشرع به.
وبن المتأخرين من الاَصولين اختلاف - أيضا - فى تسمية البارى - سبحانه - بما ورد
عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من جهة أخبار الاَحاد، فقال بعض المتأخرين من حذاق الأشعرية: يجوز أن يسمى بذلك ؛ لا"ن خبر الواحد عنده يقتضى العمل، وهذا[ عنده] (2) من باب العمليات، لكن يمنع من استعمال الاَقيسة الشرعية، دن كانت يعمل بها فى المسائل الفقهية.
(1) 1 لأعراف: 180.
(2) من خط.
66(8/65)
كتاب البر والصلة / باب فضل الرفق ومال بعض المتأخرين منهم إلى المنع من ذلك، ولم ير خبر الواحد عائدا عن الواحد بخبر اطلاق التسمية على الله - سبحانه.
والاءصل فى قبول خبر الواحد[ والعمل به إجماع الصحابة - رضى الله عنهم - وما
فهم عنهم فى المسائل منقولة عنهم استعمال خبر الواحد] (1) فيها، فكان من أجاز قبول خبر الواحد فى تسمية الله - سبحانه - [ فهم من مسالك الصحابة قبولهم ذلك فى مثل هذا، ومن منع منه لم يفهم من مسالكهم قبول مئل هذا] (2)، ولا يثبت الإجماع عنده على قبوله ملحق ما لم يقم عليه دليل.
فقوله فى هذا الحديث: (إن الله رفيق " أنه لم يرد فى الشريعة بإطلاقه، سواء هذا جرى على ما اْصلته لك هاهنا من الاختلاف، ويحتمل اْن يكون رفيق بعبد صفة فعل، وهو ما يخلقه الله - تعالى - من الرفق لعباده، كأحد التأويين فى تسميته لطيف اْنه بمعنى ملطف.
دالى هذا مال بعض اْصحابنا.
وقال بعضهم: يحتمل أن يريد: أنه ليس بعجول.
وهذا يقارب معنى الحلم.
(1، 2) من !.(8/66)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن لعن الدواب وغيرها
67
(24) باب النهى عن لعن الدواب وغيرها
80 - (2595) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَميعَا عَنِ ابْن عُلَيَّةَ.
قَالَ زُهَيْز: حَدتَّشَا إِسْمَاعيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، حدثنا أيُّوبُ، عَنْ أَبِىَ قِلاَبَةً، عَنْ أَبِى المهَلَّبِ، عَنْ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍَ، قَالَ: بَيْنًمَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَعْضِ أَسْفَارِه، وَامْرَأة مِنَ الأنْصًارِ عَلَى نَاقَة، فضَجرَتْ فَلَعَنَتْهَا، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالً: (خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا، فًإِنَّهَا مَلعُوَنَة! لما.
قَالَ عِمْرَانُ: فَكَا2تى أرَاهَا الآنَ تَمْشِى فِى النَّاسِ، مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَد.
81 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَابُو الرَّبيع، قَالا: حدثنا حَمَّاد! - وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ.
ح وَحَد*شَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا الثَقًفِىُّ، كلاَهمَا عَنْ أَيُّوبَ.
بإسْنَاد إِسْمَاعِيلَ.
نَحْوَ حَدِيثه.
إلاَّ أَنَّ فِى حَدِيثِ حَمَّاد: قَالَ عِمْرَانُ: فَكَا2تى أَنْظُرُ إِلَيْهَاَ نَاقَة وَرْقَاءَ.
وَفِى حَدِيثً الثقَفِىِّ: فَقَالَ: (خُنُوا مَاً عَلَيْهَا وَأَعْرُوهَا، فَإِنْهَا مَلعُونَةو دا.
82 - (2596) حدّثنا أَبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنِ، حدثنا يَزِيدُ - يَعْنِى
ابْنَ زُرَيع - حدثنا التَّيْمِىُّ، عَنْ أبى عُثْمَانَ، عَنْ أبِى بَرْزَةَ الأسْلَمِىِّ، قَالَ: بَيْنَمَا جَاريَةو عَلَى نَاقَة، عَلَيْهَا بَعْضُ مَتَاع القًوْم، إِذ بَصُرَتْ بالنِبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَتَضَايَقَ بِهِمُ الجَبَلُ.
فَقَالَت: حًلْ.
اللّهُمَّ، العَنْهَا.
قَالَ: فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تُصَاحِبُنْا نَاقَةو عَلَيْهَا لَعْنَة).
83 - (... ) حدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الا"عْلَى، حَد*شَا المُعْتَمِرُخ وَحَدثَنِى عُبَيْدُ الله
وقوله فى الناقة التى لعنتها المرأة: (دعوها فإنها ملعونة)، " ولا تصاحبنا ناقة عليها لعنة)، " خذوا ما عليها وأعروها فإنها ملعونة)، وقول عمران بن حصين: " فكأنى آنظر إليها ناقة ورقاء، تمشى فى الناس وما يعرض لها أحد)، قال القاصْى: الورقاء من النوق التى يخالط بياضها سواد، والذكر اْورق.
وقوله: فقالت: (حل!: هى كلمة يزجر بها الإبل.
يقال: حل يحل بسكون اللام فيهما، ويقال: حل حل بكسر اللام وتنوينها وبغير تنوين أيضا.
وأمر النبى - عليه الصلاة والسلام - فى هذه الناقة بما أمر من أخذ ما عليها ياعرائها
من أداتها ؛ لابنها لعنتها صاحبتها لاَمر أطلعه الله عليه فيها من لزوم اللعنة لها، أو لمعاقبة
68(8/67)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن لعن الدواب وغيرها ابْنُ سَعيد، حَدثنَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعيد - جَميعًا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيمىِّ، بِهَذَا الإسْنَاد.
!زَادَ فِىَ حًديث المُعْتَمِرِ: (لاَ، ايْمُ اَللًه، لأَ تصَاحبُنْا رَاحلَة عَلَيْهَا لَعْثَة منً اللهَ) اوْ كَمَا قَالَ+ً
84 - (2597) حدثنا هَرُورُ بْنُ سَعيد الأيْلِىُّ، حَدثَّنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ بلاَل - عَنِ العَلاَء بْن عَبْدَ الرَّحْمَنِ، حَد 8لهُ عَنْ ابِيهِ، عَنًْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ ة (لاَ يَنْبَغِى لِصِدًّ يقٍ ان يَكُونَ لَعَّانًأ).
(... ) حَدةَّشِيهِ أبُو كُرَيْب، حدثنا خَألدُ بْنُ مَخْلَد، عَنْ مُحَمَّد بْنِ جَعْفَر، عَنِ العَلاَء
ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
85 - (2598) حلثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ
صاحبتها ؛ لنهيه قبل عن اللعن.
فإن كان هذا وجهه ففيه العقاب فى المال ليزجر غيرها عن ذلك.
وأصل اللعن: الترك، وقيل: البعد، كذا قال أهل اللغة.
فلما دعت عليها باللعنة وكانت غير مكلفة ممن تدركها لعنة العقاب استعمل فيها معنى اللعنة اللغوية من الترك والإبعاد والخروج عن الملك ؛ معاقبة لقائلها - والله اعلم.
وقوله: دا لا يبنغى لصديق أن يكون لعانأَ ولا يكون اللاعنون شفعاء يوم القيامة ولا بشهداء): كله تعظيم لإثم اللعن وتجنبه، وأنه ليس من أخلاق المؤمنين والصديقن ولا الشهداء والشفعاء يوم القيامة، وأن مَنْ تخلق به فليس من هذه الطبقات العزيزة الرفيعة ؛ لاءن اللعنة - دإن كان أصلها فى اللغة الترك والإبعاد - فصار استعمالها فى الدعاء الإبعاد من رحمة الله، وليس هذه خلق المؤمنين، الذين وصفهم الله بالرحمة بينهم والتعاون على البر، وأنهم كالجسد الواحد، وكالبنيان يشد بعضه بعضا، وأن المسلم يحب لاءخيه ما يحب لنفسه، ومثله قوله تعالى - فى الحديث بعده -: دل إنى لم أبعث لعانا دإنما بعثت رحمة،، فمن دعا على أخيه المسلم باللعنة، وهى البعد (1) من رحمة الله، وهى بمثابة المقاطعة والعداوة ومحبة الشر أجمعه له، وهو ضد الشفاعة والشهادة المقتضية للإشفاق والرحمة وهى (2) غاية ط يرده اكافر، ونحاية طَ له وعاقبة أمره، فكيف يجوز لمسلم وقر الإيمان فى قلبه أن يحبه لأخيه ويدعو عليه به ؟ ا ولذا جاء فى الحديث الاَخر: " فكأنه قتله)، قيل: لاَن القائل قطع منافعه الدنيوية وحياته فيها عنه، وهذا باللعنة سعى فى فطع منافعه الاَخروية وحياته فى النعيم الدائم، بإبعاده من الجنة د لحاقه بأصحاب النار المبعدين، إذ هى مال
(1) فى خ: الإبعاد.
(2) فى خ: وهو.(8/68)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن لعن الدواب وغيرها 69 أَسْلَمَ ؛ أَنَّ عَبْدَ المَلك بْنَ مَرْوَانَ بَعَثَ إِلَى أُمِّ الدَّرْدَاء با"نْجَاد مِنْ عنْده، فَلَمَّا أَنْ كَانَ ذَاتَ لَيْلَة، قَامَ عَبْدُ المَلَكَ مِنَ اللَّيْلِ، فَدَعَا خَادمَهُ، فَكًةنَهُ أَبْ! عَلَيْهَ، َ فَلَعَنَهُ.
فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَت لَهُ أُمُّ الدَّرْدَاءَ: َ سَمعْتُكَ اللَّيْلَةَ لَعَنًْخَادمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ.
فَقَالَتْ: سَمعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لاَ يَكُونُ الَلَعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلاَ شُهَمَاءَ يَوْمَ الَقِيَاضَلا.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو غَسَّانَ المِسْمَعِى وَعَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمىُّ، قَالُوا: حَد - ننَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ خ وَحَد"ننَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزًّاقِ، كِلاَهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِ معْنَى حَديِثِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ.
86 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هشَامٍ، عَنْ هشَ اللابْنِ سَعْد، عَنْ زَيْد بْنِ أَسْلَمَ وأَبِى حَازِم، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِى الدَّرْدًاءِ، سَمِعْتُ رَسؤلَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولَُ: (إِنَّ اللَّعَّانِ!دن لاَ يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلا شُفَعَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ).
87 - (2599) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالا: حَد"ننَا مَرْوَانُ - يَعْنيَانِ الفَزَارِىَّ - عَنْ يَزيدَ - وَهْوَ ابْنُ كَيْسَاًنَ - عَنْ أَبى حَازِمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلً: يَا رَسُولَ الله، ادع عَلَى المُشْرِكِينَ.
قَالَ: " إِنِّىَ لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، ي!نَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً".
الملعونين ودار المبعدين.
وفيه يحتمل أن يكون معنى: " فكأنما قتله، فى الإثم، أى أن له من الإثم على لعنه كالإثم على قتله، وقد يكون هذا فى اللعانين عقابا لهم ونقصا من منازلهم ؛ لاَن الشفاعة فى الاَخرة والشهاثة إنما هى من الشفقة (1)، على المذنبين والرحمة لهم، فحرمها هؤلاء بفعلهم ضدها من اللعنة لهم المقتضية للقسوة عليه.
وما روى عن النبى - عليه الصلاة والسلام - فى لعن من لعنه بذكره بعد هذا ومعناه.
وقوله فى أول هذا الحديث: " بعث إلى أم الدرثاء بخادم ": كذا لابن ماهان، وللجلوى: بأنجاد، بفتح الهمزة، وهو جمع نجد، وهو متاع البيت الذى ينجد به من فرشت وستور ووسائد.
والتنجيد: التزيين، وبيت منجد: مزين بمتا عه.
(1) فى خط: الشفعة.(8/69)
كتاب البر والصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
(25) باب من لعنه النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) أو سبه أو دعا عليه، وليس هو أهلا لذلك، كان له زكاة وأجرا ورحمة
88 - (2600) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِير!، عَنِ الاغْمَشِ، عَنْ أبِى الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائشَةَ، قَالَث: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم) رَجُلاَنِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَىْء لاَ أدْرِى مًا هُوَ، فَا"غضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا.
فَلَمَا خَرَجَا قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ اضَابَ مِنَ الخْيرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هذَانِ.
قَالَ: (وَمَا ذاك ؟).
قَالَتْ: قُلتُ: لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا.
قَالَ: (أَوَ مَا عَلِمْت ما شَارَطتُ عَلَيْهِ ربِّىِ ؟ قُلتُ: اللّهُمَّ، إِنَّمَا انَا بَشَز، فَا"ىُّ المُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ فَاجْعًلهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرً أ).
!"
(... ) حدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدتَّشَا أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدتَّشَاهُ عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدىُّ وَ(سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، جَمِيعًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، كَلاَهُما عَنِ الَأعْمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَاد، نَحْوَ حَديث جَرِيرٍ.
وَقَالَ فِى حَدِيثِ عِيسَى: فَخَلَوا بِهِ فَسَبَّهُمَا، وَلَعَنَهُمَا، وَأَخْرَجَهُمًا.
89 - (2601) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عبْد الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا الأعْمَشُ،
عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله على: (اللّهُمَّ، إٍ نمَا انَا بَشَر، فَأَيّمَا رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ، أوْ لَعَنْتُهُ، أَوْ جَلَدْيهُ، فَاجْعَلهَا لَهُ زَكَاةً وَرحْمَةً).
قوله: (اللهم إنما أنا بشر، أرضى كما يرصى البشر، وأغضب كما يغضب البشر،
وإنى اتخذت عندك ربى عهدًا لن تخلفنيه، فأىّ مسلم لعنته أو سببته أو جلدته - وفى رواية: أو آذيتة - فاجعله له زكاة وأجرًا)، وفى رواية: " وكفارة ورحمة وقربة، تقربه إليك يوم القيامة، على اختلاف ألفاظ الحديث، وزيادة بعضها على بعض، قال الإمام: فإن قيل: قوله - عليه الصلاة والسلام -: ([ اللهم] "ا) إنى أنا بشر، أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، وأيما أحد دعوت عليه من أمتى بدعوة ليس لها بأهل ".
الحديث، قال الإمام - وفقه الله -: إن قيل: كيف يدعو النبى - عليه الصلاة والسلام -
(1) فى هامش ح.(8/70)
كتاب البروالصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ 71 (2602) وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حَد، شَا الأعْمَشُ، عَنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) مِثْلَهُ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ: (زَكَاةً وَاجْرًا لما.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَد، شَا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلأَهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بإِسْنَاد عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، مِثْلَ حَلِيثِه.
غَيْرَ أنَّ فِى حَدِيثِ عِيسَى جَعَلَ (وأجْرَا لما فِى حديث أَبى هُرْيَرةَ.
بدعوة على من ليس لها بأهل، وهذا مما لا يليق به ( صلى الله عليه وسلم ) ؟
قيل: المراد بقوله: ليس لها بأهل عندك فى باطن أمره، لا على ما يظهر اليه - عليه الصلاة والسلام - مما يقتضيه حاله حين دعائه عليه، فكأنه - عليه الصلاة والسلام - يقول: من كان باطن أمره عندك أنه ممن يرضى عنه فاجعل دعوتى عليه الذى اقتضاها ما ظهر إلى من مقتضى حاله حيمئذ طهورا وزكاة.
وهذا معنى صحيح لا إحالة فيه وهو - عليه الصلاة والسلام - متعبد بالظواهر، وحساب الناس فى البواطن على الله تعالى.
فإن قيل: معنى قوله: " وأغضب كما يغضب البشر " وهذا يشير إلى أن ثلك الدعوة وقعت بحكم سورة الغضب، لا على أنها من مقتضى الشرع، فبقى السؤال على حاله ؟ قيل: يحتمل أن يكون - عليه الصلاة والسلام - أراد أن دعوته - عليه الصلاة والسلام - او سبه أو جلده كان مما خير بين فعله له عقوبة به للجانى (1)، أو تركه.
والزجر له بما سوى ذلك، فيكون الغضب لله تعالى على لعنته أو جلده، ولا يكون ذلك خارجا عن لشرعه ولا موقعا له فيما لا يجوز.
ويحتمل أن يكون خرج هذا مخرج الإشفاق منه - عليه الصلاة والسلام - وتعليم أمته الخوف مِنْ تعدى حدود الله تعالى، فكأنه - عليه الصلاة والسلام - يظهر الإشفاق من أن يكون الغضب يحمله على زياثة يسيرة فى عقوبة الجانى لولا الغضب ما زادها ولا أوقعها، ويكون ذلك من الصغائر على القول بجواز وقوعها من (2) الاَنبياء - عليهم السلام - وإشفاقا منه - عليه الصلاة والسلام - يإن لم يقع منه.
وقد وقع اللعن والسباب من غير قصد إليه، فلا يكون فى ذلك نازل منزلة اللعنة الواقعة رغبة منه إلى الله سبحانه وطلبا للاستجابة، فمثل هذه الطرائق ينبغى أن تسلك فى[ مثل] (3) هذا الحديث.
قال القاضى: [ قد] (4) يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا
(1) فى! ة للحال.
(3) ساقطة من ز، واستدركت فى الهامش.
(2) فى!: على، والمثبت من ز.
(4) ساقطة من ح.
72(8/71)
كتاب البر والصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
وجعل (وَرَحْمَةً) فِى حَدِيثِ جَابِرٍ.
90 - (2601) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا المُغِيرَةُ - يَعْنى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ الحِزَامىَّ - عَنْ ابِى الزناد، عَنِ الالمحرَج، عًنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: َ (اللهُمَّ، إِنِّى أتَّخَذ عنْدَكَ عَهْدًا لَنَْ تُخْلِفَنِيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا بَشز، فَاثىُّ المُؤْمننَ اَذيْتُهُ، شَتَمْتُهُ، لَعَنْتُهُ، جَلَدْ"تمهُ، فَاجعَلهَا لَهُ صَلاَةً وَزَكَاةً وَقُرْبَةً، تُقَرَبهُ بِهَا إِلَيْكَ يَوْمَ الَقَيَامَةِ).
(... ) حدّثناه ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، حَد، شَا أَبُو الزنادِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ،
إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: (أَوْ جَلَدُّهُ).
قَالَ أَبُو الزنادِ: وَهْىَ لُغَةُ أَبِى هُرَيْرَةَ.
وَإِنَّمَا هِىَ.
(جَلَدْ"لهُ).
(... ) حدّثنى سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ،
منوى، لكن بما جرت به عاثة العرب فى دغم كلامها وصلة خطابها، د يراد بعض ألفاظها عند حرجها وتأكيدها وعينها، ليس على نية إجابة ذلك، كقوله: (تربت يمينك)، و"عقرى حلقى "، ونحوه مما جاء فى الحديث من قوله: " لا كبر سنك)، (ولا أشبع الله بطنك)، وقد يسمون السب لعنا، فأشفق - عليه السلام - من موافقة أمثالها، فعاهد ربه ودعاه ورغب إليه باْن يجعل ذلك القول رحمة وقربة كما قال، ولم يكن صفته - عليه السلام - الفحش ولا التفحش، ولا بعث سبابأَ ولا لعانا.
ومثل هذا إنما كان يجرى على لسانه فى الليل، وقد تقدم فى الحديث اْن يدعو على دوس ؛ لاءنها كفرت، فقال: (اللهم اهد دوسأ لما، وقال للذى جرحه وأثمى وجهه يوم أحد: " اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون ".
وقد يكون فعله (1) هذا - عليه السلامْ - ودعاؤه ربه إشفاقا على المدعو عليه وتأنيسا،
لئلا يلحقه من الخوف والحذر من ذلك ومن يقبل دعائه ما يحمله على اليأس والقنوط، وقد يكون سؤالا منه لربه فيمن جلده أو سبه بوجه حق وعقاب على جرم، أن يكون ذلك عقوبة ! الدنيا وكفارة له لما فعله، 1 وتمحيصا] (2) له عن عقابه عليه فى الاَخرة، كما جاء فى ألحديث الآخر، وهو أحد معانى الصلاة فى اللغة.
وقوله: " وفدية): اى اجعل لعنتى وجلدى له فدية من عذابك فى الآخرة.
وأما قوله: " أغضب كما يغضب البشر ": فهو - عليه الصلاة والسلام - لا يقول ولا
(ا لأنى حا: قوله.
(2) فى ز: تلخيصا، والمثبت من ح.(8/72)
كتاب البر والصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
73
عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِنَحْوِهِ.
91 - (... ) حدثنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَلئنَالَيْثٌ، عَنْ سَعِيدِبْنِ أَبِى سَعيد، عَنْ سَالم - مَوْلَى النَّصْرِيَنَ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُوًا للًه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول: " اللّهُمَّ، إِنَّمَا مُحَمَّدٌ بَشَرٌ، يَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ البَشَرُ، وَإِنِّى قَد اتَّخَذْتُ عِنْدَكَ عَهْدًا لَنْ تُخْلفَنيه، فَاع يُّمَا مُؤْمِنٍ اَفَيْتُهُ، اوْ سَبَبْتُهُ، أَوْ جَلَدْ - !هُ، فَاجْعَلهَا لَهُ كًفَّارَةً، وَقُرْبَةً، تُقَرَبهُ بِهَا إِلَيْكً يَومَ القِيَامَةِ ".
92 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (اللّهُمَّ، فَاعيُّمَا عَبْدٍ مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ يَوْمَ القِيَامَةِ).
93 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد.
قَالَ زُهَيْر: حدثنا يَعْقُوبُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا ابْنُ أَخِى ابْنِ شِهَاب، عَنْ عَمِّه، حًدّثنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّهُ قَالَ ت سَمِعْتُ رَسُولَ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ) يقُولُ.
(اللّهُمَّ، إِنِّى اتَّخَذْتُ عِنْدَكً عَهْدًا لَنْ تُخْلِفَنِيهِ، فَاعيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، أَوْ جَلَدْتهُ، فَاجعَلْ ذَلِكَ كَفَّارَةً لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ).
94 - (2602) حدّثنى هَرُونَ بْنُ عَبْدِ اللّه وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، قَالا: حَدّثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: اخْبَرَنِى ابُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابَرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله علته يَقُولُ: " إِنَّمَا أَنَا بَشَر، وَإِنِّى اشْتَرَطتُ عَلَى رصثى عَزَّ وَجَلَّ أَىُّ عَبْدٍ مِن المُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أوْ شَتَمْتُهُ، أنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَأجْرًا).
يفعل فى حال غضبه ورضاه إلا صدقأ وحقا، لكن غضبه لله تعالى قد يحمله على الشدة فى أمره، وتعجيل عقوبة مخالفه، وترك ما قد أبيح له من الإغضاء عنه والصفح، فقد جاء فى الحديث: أنه " ما انتقم لنفسه قط إلا أن ينتهك حرمة الله) (1).
وفى الباب ة عن سالم مولى النصرلن، بالصاد المهملة، وعند العذرى بالمعجمة،
وهو خطأ، والصواب الاَول وهو سالم الملفب بسيلان، أبو عبد الله مولى مالك بن أوس ابن الحدثان البصرى، ويقال: مولى شداد البصرى (2)، وكذا قاله البخارى وغيره.
(1) سبق فى كالفضائل، بمباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للاَثام، برقم (77).
(2) فى!: النصرى.
74(8/73)
كتاب البر والصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ (... ) حَدثنيه ابْنُ أَبِى خَلَف، حدثنا رَوْخ.
ح وَحَد*شَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنَا أبُو عَ ال م، جَمِيغا عًنَ ابْنِ جُرَيْحٍ، ئهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
95 - (2603) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَأَبُو مَعْن الرَّقَاشىُّ - وَاللَفْظُ لزُهيْر -
ص ص ص سر، ص، 5،،، ص ص صحر 5 ص، ة، ص !ءص !رَه ص، 5، ء ص ص قالا: حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا إسحق بن ابِىَِ طلحة، حَدثنى أنَسُ بْنُ مَالك، قَالَ: كَانَتْ عند أمِّ سُلَيم يتيمة وهى أُمُّ أنًس - فَرَاى رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ اليَتيمَةَ.
فَقَالً: ئ! اَنْت هيَهْ ؟ لَقَد كَبِرْت لاَ كَبرَ سنُّك).
فَرَجَعَت اليَتيمَةُ إِلَى امِّ سُلَيْم تَبكِى.
فَقَالَتْ أُمُّ سُلًيْمَ: مَالَك ؟ يَا بُنيَّةُ! قَالًتِ اَلجَاَرِيَةُ: دَعَا عَلَىًّ نَبِىُّ الله كلية ألآيَكْبَرَ سنِّى.
فَالاَنَ لاَ يَكْبَرُ س!نِّى أبًدا.
أوْ قَالَتْ: قَرْنِى.
فَخَرَجَتْ امُّ سُليْم مُسْتَعْجلَة تَلُوثُ خمًارَهَا، حَتَّى لَقيَتْ رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مُالَك يَاَ ائم سُلَيْم ؟ إَ دا.
فَقَالَتْ: يَا نَبَىَّ الله، أَدَعَوْتَ عَلَى يَتيمَتى ؟ قَالَ: " وَمَا ذَاك يَا أُمَّ سُلًيْمٍ ؟) قَالَت: زَعَمَتْ أَنَّكَ دَعَوْتَ أَلآ يَكْبَرَ سئهَا وَلاَ يَكبَرً قَرْنُهَا.
قَالَ: فَضَحَكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَّ قَالَ: (يَا أُمَّ سُلَيْمِ، أمَا تَعْلَميَنَ أَن شَرْطى عَلَى ربِّى، انى اشْتَرً طتُ عَلَى ر!لِّى فَقُلتُ: إِنَّمَا أَنَا بَشَز، أرْضى كَمَا يَرْضًى البَشرُ، وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ البَشَرُ، فَا"يُّمَا أحَد دَعَوْتُ عَلَيْه - منْ أُمَّتِى - بِدَعْوَة لَيْسَ لَهَا بِاع هْل،، تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُوزا وَزَكَاةً وَقُرْبَة يُقَرِّئهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمً القِيَاَمَة).
وَقَالَ أبُو مَعْني: يُتيًّمَة، بِالتَّصْغِيرِ فِى المَوَاضِع الثَّلاَثَةِ مِنَ الحَلِيثِ.
96 - (4 260) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزى.
ح وَحَا شَا ابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حَد*شَا أُمَيَّةُ بْنُ خَالد، حَدثنَا شعْبَةُ، عَنْ أبِى حَفزَةَ القَصَّابِ، عَن ابْنِ عَبَّاس، قالَ: كُنْتُ ألعَبُ مَعَ الصَبْيَان، فَجَاءَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَتوَارَيْتُ خَلفً بَاب.
قَالَ!: فَجَاََ فَحَطَانِى حَط ة.
وَقَالَ: َ (اف!بْ وَادع لِى مُعَاوِيَةَ).
قَالَ: فَجِئْتُ
وقوله: " أو جلده) فى حديث ابن اْبى عمر، قال: وهى لغة أبى هريرة على إدغام المثلين فى جلدته.
وقولها: ا لا يكبر[ سنى] (1))، أو قالت: (قرنى): السن والقرن بفتح القاف سواء، يقال ة هو سنه وقرنه، أى مماثله فى المولد، فكأنهما فى قوله: ا لا كبر سنك ولا كبر قرنك) تقول: لا طال عمرك ؛ لأنه إذا طال عمره طال عمر قرنه وسنه.
(1) فى هامش ح.
وهو حديث (95).(8/74)
كتاب البروالصلة / باب من لعنه النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ 75 فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ.
قَالَ: ثُمَّ قَألَ لِى: (اف!بْ فَادع لِى مُعَاوِيَةَ لما.
قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ فَقَالَ: (لاَ أَشْبَعَ الله بَطنَهُ ".
قَالَ ابْنُ المُثنى: قُلتُ لأمَيَّةَ: مَا حَطَانِى ؟ قَالَ: قَفَدَنِى قَفْدَةً.
97 - (... ) حدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَد*شَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسبى يَقُولُ: كُنْتُ الَعَبُ مَعَ الصمِّبْيَانِ، فَجَاءَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخْتَبَأتُ مِنْهُ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وضحك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من خوف أم سليم وهيبتها من إجابة دعوته، قيل: إنه - عليه الصلاة والسلام - لم يقصد الدعاء عليها، إلا كما تفدم من الجارى على لسان العرب.
وقوله: (تلوث خمارها).
أى تديره على رأسها.
وقوله ة " كنت ألعب مع الصبيان ": فيه جواز ترك الصبيان لذلك.
وقوله: فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فحطأنى حطأة - بحاء وطاء مهملة والطاء ساكنة مهموز - وقال: (اذهب فادع لى معاوية " فجئت، فقلت: هو ياْكل إلى قوله: " لا اْشبع الله بطنه)، قال الإمام: يحمل على انه من القول السابق إلى اللسان من غير قصد إلى وقوعه، ولا رغبة إلى الله تعالى فى استجابته.
وأما قوله: (فحطأنى حطأة) ذكر مسلم عن أمية - يعنى ابن خالد - فى معناه: (قفدنى قفدة " بتقديم القاف.
قال الهروى فى حديث ابن عباس هذا: " فحطانى حطوة) جاء به الراوى غير مهموز، وقال ابن الا"عرابى: الحطو: تحريك الشىء مزعزعا له، ورواه شمر بالهمز، وحكى عن غيره: لا تكون الحطأة إلا ضربة بالكف[ على] (1) بين الكتفين.
قال القاضى: الحطاة، قيل: لا تكون إلا[ بالضرب باليد] (2) مبسوطة.
وتفسير أمية
لها بالقفد قريب منه، وهو صفح القفا، وقيل: صفح الرأس، ويحتمل أن فعل النبى به ذلك ليس على طريق الصفع والعقاب ة إذ لم يتقدم بالخبر ما يوجب ذلك، ولكنه على طريق ما يفعل بالصغار والشباب من الملاعبة والتأنيس لهم، كما قيل: أذَّن ابن عباس فى الصلاة.
ويحتمل أنه قصد تأديبه على أمر فرّط فيه لمن أمره واشتغل باللعب عنه.
ولذلك يحتمل اْن دعاءه على معاوية كان على طريق جد وتحقيق وضجر عليه ؛ إذ لم يبادر بإجابة دعوته المرة بعد الثانية، ولعله ظن أنه أمر على تراخ وغير معجل، أو كان محتاجا إلى الطعام.
(1) زائدة فى ز.
(2) فى هامش !.
76(8/75)
كتاب البر والصلة / باب ذم ذى الوجهين وتحريم فعله
(26) باب ذم ذى الوجهين، وتحريم فعله
98 - (2526) حدثنا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك، عَنْ أَبِى الزَنادِ،
عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُريرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ مِنْ شَرًّا لئاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الذِى يَأتِى هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاءِ بِوَجْهٍ لما.
99 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا لَيْمث.
ح وَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبيمب، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالكٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّهُ سمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِنَّ شَرَّ النًّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ ".
100 - (... ) حلّطنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْمَى، اخْبَرَنِى ابْنُ وَهْب، اخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، حَدثَّنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدَّثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا جَرِيرو، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (تَجِدُور مِنْ شَرِّ النَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّذِى يَأتِى هَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلاَءِ بِوَجْهٍ لما.
وقوله: (من شر الناس ذو الوجهيئ): تقدم الكلام فيه وهو بين وهذا فيما ليس طريقه الإصلاح والخير بل فى الباطل والكذب وتزيينه لكل طائفة عملها وتقبيحه عند الاَخرى، وذم كل واحدة عند الاَخرى[ بخلاف المداراة والإصلاح المرغب فيه، وانما يأتى لكل طائفة بكلام فيه صلاح الاشرى] (1)، ويعتذر لكل واحدة عن الانحرى وينقل لها الجميل عنها.
(1) فى هامش خ.(8/76)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الكذب وبيان المباح منه
77
(27) باب تحريم الكذب وبيان المباح منه
101 - (2605) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ،
عَنِ ابْنِ شِهَاب، اخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف ؟ أَنَّ امَّهُ - امَّ كُلثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ ابْنِ أَبِى مُعَيْط - وَكَانَتْ مِنَ ال مُهَاجِرَات الأوَلِ، اللاَّتِى بًايَعْنَ النِبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) - أَخْبَرَتْهُ ؟ أنَّهَا سَمِعَتْ رَسُوًلَ الله كلية وَهُوَ يَقُولُ: ا لَيْسَ الكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِى خَيْرًا).
قَالَ ابْنُ شِهَاب: وَلَمْ أَسْمَعْ يُرَخَّصُ فِى شَىْء مما يَقُولُ النَّاسُ كَذبوإِلا فِى ثَلاَث: الحَرْبُ، والإِصْلاَحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأتَهُ وَحَديثُ المَرْأ روْجَهَا.
وقوله: ا ليس الكذاب الذى يصلح بين الناس ويقول خيرًا وينمى خيرًا) بعد هذا فى
الاءم يبين ما قلناه.
وقول ابن شهاب فى الحديث: " لم أسمع احدًا يرخص فى شىء مما يقول الناس كذب
إلا فى ثلاث: الحرب، والإصلاح[ بين الناس] (1)، وكذب الرجل امرأته وكذب المرأة زوجها)، قال القاصْى: لا خلاف فى جواز الكذب فى هذا.
واختلف فى الصورة الجائزة فيه (2)، وما هو هذا الكذب المباح فى هذه الأبواب ؟ فحمله قوم على الإطلاق، واْجازوا قول ما لم يكن فى ذلك لما فيه من الصلاحِ، واْن الكذب المذموم إِنما هو ما فيه مضرة المسلمين، واحتجوا بقول: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذَا} (3) وقوله: { إِنِّي سقِيمٌ } (4)، وقوله: " فإنها اختى، (ْ)، وقول منادى يوسف: !يَّتُهَا الْيِرُ إِنّكُمْ لَسَارِقُونَ} (6)، وقالوا: لا خلاف أن من راْى رجلاً يريد أن يقتل مسلما، اْو يقدر على أن ينجيه منه بالكذب، أنه واجب عليه مثل اْن يقول: ليس[ هو] (7) هاهنا، اْو ليس هو فلان، ونحو هذا.
فإذا كان واجبا هنا فهو جائز فيما فيه الصلاح.
وقال اَخرون - وهو مذهب الطبرى -: لا يجوز الكذب فى شىء من الأشياء، ولا
(1) فى هامش ح.
(2) فى ح: منه.
(4) الصا فات: 89.
(5) سبق فى كالإيمان، بأدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم (193).
للا) يوسف ة 70.
(7) ساقطة من ز.
(3) الأنبياء: 63.
78(8/77)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الكذب وبيان المباح منه (... ) حدّثنا عَمْرٌو الئاقدُ، حَدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِثرَاهيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدءنَنَا أبِى عَنْ صَالِح، حَدءنَنَا مُحَمَدُ بْنُ مُسلِم بْنِ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الَله بْنِ شِهَالب، بِهَذَا الإِسْنَادِ،
الخبر عن شىَ بخلاف مخبره عن شىَ، وما جاَ فى هذا من الإباحة فإنما هو مما لا يجوز فى غيره للضرورة هنا، إنما هو على التورية وطريق المعاريض لا تصريح الكذب، مثل أن يعد زوجته بأن يغفر لها ويحسن إليها، ونيته فى ذلك إنّ قدر الله أو إلى مدة ذلك وثناؤه !إثابتها فى غير هذا بكلمات مشتركة وألفاظ متحملة (1)، يفهم منها ما يطيب قلبها، وكذلك فى الإصلاح بين الناس ونقل ما ينقل لها ولا عن هؤلاَ من كلام جميل، وقول حسن، وعذر محتمل، وكذلك فى الحرب، كما كان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها، مثل أن يقول: هل لكم فى قتال بنى فلان[ غزو بلد] (2) كذا، أو تأهبوا لغزو[ بلد] (3) كذا، وقد وجب غزو بنى فلان، [ اْو] (4) أنا أغزو بلد (5) كذا ونيته وقتا آخر، وكذلك أن يقول لمبارزة الخيل: سرجك، ويريد فيما مضى، ويقول للجيش من عدوه: مات إمامكم الا"عظم ليدخل الذعر قلوبهم ويريد النوم، وشبه (6) هذا، [ او يقول: غدمًا يقدم علينا مدد"، وهو قد اْعذَ قوما من عسكره ليأتوا فى صورة المدد] (7).
فهذا من الخدع الجائزة والمعاريض المباحة، فمثل هذا كله من المعاريض التى فيها مندوحة عن الكذب.
وتأولوا قصة إبراهيم ويوسف منها أنها معاريض، ووجوه أخر معروفة.
وأما قوله ة (والمرأة تحدِّث زوجها): فيحتمل أن هذا فيما يحدث كل واحد منهما الاَخر من وجه له واغتباطه له، وإن كان أكثر مما يعتقده لما فى ذلك من الصلاح ودوام الألفة بينهما، والله أعلم.
وأما إذا كانت المخادعة مع العدو، أو المواعدة مع الزوجة بالا"يمان والعهود، او اْخذ عوض من مال الزوجة على ما وعدها به، فلا يحل شىَ من ذلك عند الجميع، وهو عاص كاذب، اَثم فيما لم يف به من ذلك.
وقوله فى هذا الباب: فى كتاب مسلم من حديث عمرو الناقد بسنده عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بهذا الإسناد، [ هذا] (8) هو الصواب، وكذا سمعناه فى الكتاب، وكان فى بعض نسخ مسلم فيه: محمد بن عبد الله بن[ عبيد الله] (9)
(1) فى خ: محتملة.
(3) فى ز: غزو، والمثبت من خ.
(5) فى ز: كذا، والمثبت من ح.
(7) فى هامش خ.
(9) فى هامش خ.
(2) فى ز: غزو بكذ، والمثبت من ح.
(4) مثبتة من خ.
(6) قى ز: وسننه.
(8) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.(8/78)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الكذب وبيان المباح منه 79 مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَل!يثِ صَالِح: وَقَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِى شَىْء مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إِلاَّ فِى ثَلاَث.
بِمِثْلِ مَا جَعَلَهُ يُونُسُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ.
(... ) وحدّثناه عَمْرٌو النَّاقدُ، حَدهشَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ اِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
إِلَى قَوْلِهِ: (وَنَمَى خَيْرًا لما، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
ابن شهاب، وهو خطأ، وعلى الصواب قرأناه وسمعناه من شيوخنا، لكن كتبنا فيه عن أبى بحر الرواية: ابن عبد الله بن عبيد الله، وهو خطأ، والصحيح ما فى الكتاب.(8/79)
كتاب البر والصلة / باب تحريم النميمة
(28) باب تحريم النميمة
102 - (2606) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنّى وَابْنُ بَشئَار، قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، سَمعْتُ أبَا إِسْحَقَ يُحَدِّثُ عَنْ أبِى الًأحْوَصِ، عَنْ عَبْد اللّه بْنِ مَسْعُود، قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًاَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الاَ أُنبَئكُمْ مَا العَضْهُ ؟ هِىَ النَّمِيمَةُ الَقَالَةَُ بَيْنَ النَّاسًِ).
ص!نَّ مُحَمَدًا قَالَ: (إِنَّ الرخلَ يَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وَيَكْذِبُ حَتَى يُكْتَبَ كَذَّابًا ".
وقوله: (ألا اْنبئكم ما العضه ؟ هى النميمة القالة بين الناس): كذا روايتنا عن أكثر شيوخنا: (العضدة) مثل العدة.
وعند الجيانى: (العضه) مثل الوجه.
جاء فى الحديث مفسرًا بالنميمة، ثم فسرها بالقالة بيئ الناس، أكما نقل القول بينهم عن بعضهم لبعض.
قال الإمام: قيل فى قوله: { جَعَلُوا الْقرْآنَ عِف!ين} (1): هو جمع عضه، من: عضيت الشىء: أكما مزقته.
قال ابن عباس: امنوا ببعض وكفروا ببعض، فلعل النميمة سميت عضة ة لاَنها تفرق بين الناس.
قال الق الى: قد جاء مفسرًا فى الحديث بما لا يحتاج إلى غيره.
وقد قيل فى تفسير العضة: إنها السحر.
وقيل: قول البهتان، وقد تقدم تفسيره فى قوله: " لا يعضه بعضا بعضا).
وقد قيل فى قوله: { جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِين} أى سحرًا ؛ لقولهم: { إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ} (2).
(1)1 لحجر: 91.
(2) المدثر: 24.(8/80)
كتاب البر والصلة / باب قبح الكذب...
إلخ
81
(29) باب قبح الكذب، وحسن الصدق، وفضله
103 - (2607) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ "سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: اخْبَرَنَأ.
وَقَالَ ا لآخَرَان: حًدّثنَا - جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُور، عَنْ ابِى وَائِل، عَنْ عَبْد الله، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى البِر، وَإِن البِر يَهْدى إِلَى الجًنَّة، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَمدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِلِّيقًا.
وَإِنَّ الكَذبَ يَهْدِى إِلَى الفُجًورِ، "نَّ الفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَب كَذًّا ئأ ".
104 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، قَالا: حَدّثنَا أبُو الأحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله
قوله: (إن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا،: فيه تحريض على تحرى الصدق وتجنب الكذب وترك التساهل فيه ؛ فإن ذلك يؤدى إلى أمثاله، ويقع فيه ويكثر منه إذا لم يتحفظ من الكذب حتى يعرف به، ويكتب عند الله بالمبالغة فى الصدق إذا اعتاده، أو بالكذب إذا اعتاده، فإن فعيل وفعال من (صديق، وكذاب " من أبنية المبالغة والكثرة.
ومعنى كتبنا هنا: أى حكم عليه وله بذلك وحق له منزلة الصديقن وثوابهم، أو صفة الكذابن وعقابهم.
وقيل فى قوله ة{ كَتَبَ اللَّهُ لأَغْبَنَّ} (1): أى حكم، ويكون هذا إظهار حكمه فيها دإنفاذ قدرة له بالشقاوة والسعادة بمقتضى الصفتن، أو كتب ذلك فى كتاب ليشهر (2) بالصفتين فى الملأ الأعلى، أو يلقى ذلك فى ألسنة الناس، كما يوضع القبول والبغضاء، دإلا فقضاؤه المتقدم وكتابه السابق قد سبق فيه بما كان ويكون فيه هذا.
ثم الحديث عندنا فى جميع النسخ الواصلة إلينا والروايات المتصلة بمسلم والبخارى عندنا، إلا أن أبا مسعود الدمشقى زاد عن مسلم فى حديث ابن المثنى وابن بشار فى هذا الباب: دإن شر الروايا روايا بالكذب وإن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ولا بعد الرجل مبيته ثم يحلفه.
وذَكر الدمشقى أن مسلما أخرج هذه الزيادة وقد ذكرها أيضا فى الحديث أبو بكر البرقانى، قال أبو عبيد الله الحميدى: وليست عدنا فى كتاب مسلم.
ومعنى " الروايا) هنا قيل: جمع روية، وهو ما يرويه المرءُ يعده أمام عمله أو قوله،
(1) ا لمجا د لة: 21.
(2) فى!: ليشتهر.
82(8/81)
كتاب البر والصلة / باب قبح الكذب...
إلخ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الصِّدْقَ بِر!، وَاِنَّ البرَّ يَهْدِى إِلَى الجَنَّة، وَإِن العَبْدَ لَيتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَى يُكْتَبَ عِنْدَ اللّه !دِّيفا.
صَاِنَّ الكَذِبَ فُجُورٌ، وَإًِا لفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّائا).
قَالَ ابْنُ أبِى شَيْبَةَ فِى رِوَايَتِهِ: عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
105 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنَ عَبْد الله بْن نُمَيْر، حَدّثنَا ابُو مُعَاويَةَ وَوَكيعٌ، قَالا:
ص عرءه ص، ص ص يهرع،، !وَص يرَء، وصءص ص ص سر 5ً، صَ ه ص حدثنا الاعمش خ وحدثنا ابو كريب، حدثنا ابو معاوِية، حدثنا الأعمش، عن شقِيق، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ! ( صلى الله عليه وسلم ): (عَلَيكُمْ بِالمدْقِ، فَإِنَّ المدْقَ يَهْدِى إِلَى البِرِّ، وَاِنَّ البرَّ يَهْدِى إِلَى الجَنَّة، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يصْدُقُ وَيَتَحَرَّى المدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عنْدَ اللّهِ ! دًّ يفا.
وَإِيَّاكُمْ وَالكَذَبَ، فَإِنَّ الكَذبَ يَهْدِى إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِى إِلًى النَّارِ، وَمَا يَزالُ الرَّجُلُ يَكْ!بَُ وَيَتَحرَّى الَكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّابًا).
(... ) حدّثنا منْجَابُ بْنُ الحَارِثِ التَّمِيمِىُّ، أخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِر.
ح وَحَدئنَا إِسْحَقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيم الحَنْظَلِىُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلاَهمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَدْكُرْ فِى حَديث عيسَى: " وَيَتَحَرَّى المدْقَ، وَيَتَحَرَّى اهَذِبَ لما.
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ مُسْهِر: (حَتَّى يَكتُبَهُ الَله).
وقيل: جمع رواية، اْى حامل وناقل له، وقد يكون عندى اسثعارة من راوية الماء، ومنه سمى راوية الحديث والعلم ؛ لحمله إياه كحمله الماء والانتفاع بما عنده كما ينتفع بمائها، وكما قيل لحامل العلم: وعاء عِلم وكنيف علم (1).
وقوله: " دان الصدق يهدى الى البر (2)، هإن البر يهدى إلى الجنة.
دإن الكذب يهدى إلى الفجور دان الفجور يهدكما إلى النار)، معناه: أن الصدق يهدى إلى البر بالعمل الصالح الخالص من الإثم.
والبر اسم جامع للخير كله، وقيل: البر: الجنة، وقيل ذلك فى قوله تعالى: { لَن تَنَالُوا الْبِرَّ} (3) ويوصل إليه، والبر يوصل إلى الجنة ويرشد إليها، والكذب يوصل إلى الفجور وأصله الميل عن القصد، وقيل: الانبعاث فى المعاصى، ومنه قيل للفاجر: كاذب، وللمكذب بالحق: فاجر.
ومعنى: (يتحرى الصدق ويتحرى الاع ب): أى يقصده ويعتمده، والحرى: ناحية الشىء.
(1) قى ح: وكنفه.
(2) فى ز: الفجور، وهو خطأ.
(3) اَل عمران: 92.(8/82)
كتاب البر والصلة / باب فضل من يملك نفسه...
إلخ
(30) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب
83
وبأى شىء يذهب الغضب
106 - (2608) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَعثمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالا: حَدّثنَا جَرِيرو، عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ إِبراهًيمَ التَّيْمِىِّ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْد الله بْنِ مَسْعُود.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكُمْ ؟ لماً قَالَ: قُلنَاَ: ائَذى لاَ يُولَدُ"لَهُ.
قَالَ: ا لَيْسَ ذَاكَ بِالرَّقُوب، وَلَكنَّهُ الرَّجُلُ الَّذىً لَمْ يُقَدَمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيئا).
قَالَ: (فَمَا تَعُدُّونَ الضُرَعَةَ فيكُمْ ؟ ".
قًالَ: قُلنَا: الًّذِى لاَ يَصْرَعُهُ الرِّجَألُ.
قَالَ: " لَيْسَ بِذلِكَ، وَلَكِنَّهُ الَّذِى يَمْلَكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ ".
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلاً هُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَاد، مِثْلَ مَعْنَا.
107 - (2609) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَعبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَّاد، قَالا كِلاهُمَا: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: َ ا لًيْسَ الشَدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ).
108 - (... ) حدّثنا حَأجِبُ بْنُ الوَلِيدِ، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزبيْدِىِّ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ أَن أبَا هُرَيْرةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )
قال الأمام: قوله: " ما تعاون الرقوب فيكم ؟ دا قلنا: الذى لا يولد له قال: ا ليس ذلك بالرقوب، [ ولكنه الرجل] (1) الذى لم يقدم من ولده شيئا) الحديث.
قال أبو عبيد: معناه فى كلامهم: فقدُ ال الولاد فى الدنيا، فجعله الله فقدهم فى الاَخرة، فكأنه حول الموضع إلى غيره.
قال القاصْى: لما كان الرقوب عندهم ذا مصيبة لفقد بنيه، كثير الأسف على ذلك، أعلمهم - عليه السلام - أن الذى أصيب بفقدهم فى الاَخرة هو المصاب حقيقة ؛ لما فاشه من (1) فى هامش !.
84(8/83)
كتاب البر والصلة / باب فضل من يملك نفسه...
إلخ يَقُولُ: ا لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالضُرَعَة).
قَالُوا: فَالشَّديدُ أَيُّمَ هُوَ يَا رَسُولَ الله ؟! قَالَ: (الَّذِى يَمْلكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ لا.
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعبْدُ بْنُ حُمَيْد، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّفيَّ اقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِهْرَامِ، أخْبَرَنَا أبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْمث، كلاَهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمنِ بْنِ عَوْف، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمِثْلِهِ.
َ
109 - (2610) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاء - قَالَ يحيى: أخْبَرَناَ.
وَقَالَ ابْنُ العَلاَء: حَد"شَا - أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الاغْمَشِ، عَنْ عَدىً بْنِ ثَابِت، عَنْ سُلَيْمَانَ ابْنِ صُرَد، قَالً: اسْتَبَّ رَجُلاَن عِنْدَ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَجَعَلَ أَحًد!مَا تَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَتَنْتَفِخُ أَوْدَاجُهُ ! قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): َ (إِنِّى لأَعْرِفُ كَلمَة لَوْ قَالَهَا لَنَصبَ عَنْهُ ائَذِى يَجِدُ: أَعُوذُ بِاللّه مَنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم لما، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَهًلْ تَرَى بِى مِنْ جُنُولط ؟
قَالَ ابْنُ العَلاَءِ: فَقَالَ: وَهَلْ تَرَى.
وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ.
اَخر تقديمهم كما وصل به من قوله: (ما تعدون الصرعة ؟) فقالوا: الذى يصرع الرجال، قال: دا ليس بذلك، ولكنه الذى يملك نفسه عند الغضب "، فكأنه قال: ليس الرقوب بالحقيقة ولا الصرعة بالحقيقة من ذكرتمم، لكنه هذان الاَخران، ذلك لما فقده فى اخراه، وهذا لما ملك نفسه وصرعها عند غضبه، ولم ينف اسم اللغة عن المسمين.
قيل: وفى هذا فضل كظم الغيظ وأن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو ؛ لاءن النبى - عليه السلام - جعل غلبته لنفسه أشد من غلبته لمناوئه، قال تعالى: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهمْ لمئلَنَا} (1) قيل فيه ة جهاد النفس، وفى الحديث: (رجعتم من الجهاد الا"صغر إلى الجهاد الاكبر) (2).
والصرعة بضم الصاد وفتح الراء الذى يكثر صرع الناس وغلبتهم، وكذلك كل من يكثر
منه الشىء، يقال فيه: فعله مثل ضحكه وهزوه وخدعه وصرعه، فإذا سكنت ثانيها فعلى
(1) العنكبوت: 69.
(2) كشف الخفاء424 / 1 (1362) وفيه: قال الحافظ ابن حجر: هو مشهور على الألسنة، وهو من كلام: إبراهيم بن عيلة، وقال العراقى فى تحقيقه على الإحياء: رواه البيهقى بسند ضعيف عن جابر، ورواه الخطيب فى تاريخه عن جابر بلفظ أطول من ذلك.(8/84)
كتاب البروالصلة / باب فضل من يملك نفسه...
إلخ 85 110 - (... ) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمىُّ، حَد، شَا أَبُو اسَامَةَ، سَمِعْتُ الاعْمَشَ يَقُولُ: سَمعْتُ عَدىَّ بْنَ ثَابت يَقُولُ: حَدَ"ننَا سُلَيْمَانُ بْنُ صُرد قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عنْدَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فَجَعًلَ أَحَلصمَاً يَغْضَبُ وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، فَنَظَرَ إً لَيْهِ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: " إِنًّى لا"عْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَنَ!بَ ذَا عَنْهُ: أَعْوذُ بالله مِنَ الشَّيْطَان الرَّجِي!)، فَقَامَ إِلَى الرَّجُلِ رَجُل مِمَّنْ سَمِعَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: أَتَدْرِى مَاَ قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) انفا ؟ قَال: " إنِّى لا"عْلمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَنَ!بَ ذَا عَنْهُ: أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِي!)، فَقَالَ لَهُ الرًّ جُلُ: أَمَجْنُونًا تَرَانِى ؟
(... ) وحدتنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا
ا لإِسْنَأدِ.
العكس، اْى الذى يفعل به ذلك كثيرًا يضحك به ويستهزأ به ويخدع.
قوله فى الذى[ راة] (1) غضب: (إنى لاءعلم كلصة لو قالها ذهب عنه: اْعوذ بالله
من الشيطان الرجيم): فيه أن الغضب فى غير الله من نزغ الشيطان، وما يحمل عليه من موافقته هوى النفس وطبعها المركب فيها، وأن الاستعاذة من الشيطان كفته وسكن غضبه.
وقول الآخر: " هل ترى فىّ من جنون) كلام مَن لم يفقه فى دين الله، وظن اْنه لا يسثعاذ من الشيطان إلا من المس، ولم يعلم أن الغضب من أوائل مسه ؛ ولهذا يخرج به عن صورته وخلقه، ويحفه بقبح الحركات والكلام والأفعال، حتى يزين له إفساد ماله، وتمزيق ثيابه، وكسر ما حوله من اَنية، وقتل من نازعه أو غضب عليه، أو إفساده أو الحلف والنذر على الانتفاع به، ولعله كان من جفاة الاَعراب أو ممن لم يخلص إيمانه من المنافقين.
(1) من !.
86(8/85)
كتاب البر والصلة / باب خلق الإنسان خلقا لا يتمالك
(31) باب خلق الإنسان خلقا لا يتمالك
111 - (2611) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ حَمَّاد
ابْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابمت، عَنْ أنَسٍ ؛ أَنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَمَّا صَوَّرَ الله اَدَمَ فِى الجَئةِ تَرَكَهُ مَا شَاءَ الله أن يَتْرُكَهُ، فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يُطِيفُ بِهِ، يَنْظُرُ مَا هُوَ، فَلَمَّا راَهُ أجْوفَ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلفا لاَ يَتَمَالَكُ).
(... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ثَافِع، حَد*لنَا بَهْزٌ، حدثنا حَمَّادٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وقوله: ا لما صور الله اَدم فى الجنة جعل إبليس يطيف حوله)، قال الإمام: يقال: طاف بالشىء طوفا وأطاف: استدار حوله.
وقوله: " فلما راة اْجوف عرف أنه خلق خلقا لا يتمالك)، قال الق الى: أى ذا جوف، وقد يكون معناه: خالى الداخل، وبه سمى الجوف وكل مقعر أجوف، وجوف كل شىء قعره وداخله.
وقوله: " لا يتمالك: [ يعنى] (1) يحبس نفسه ويملكها عن الشهوات.
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.(8/86)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن ضرب الوجه
87
(32) باب النهى عن ضرب الوجه
112 - (2612) حدّثنا عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حدثنا المُغيرَةُ - يَعْنى الحِزَامِىَّ - عَنْ ابى الزَناد، عَنِ الاعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، دألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ اخَاهُ، فًليَجْتَنِبِ الوَجْهَ ".
(... ) حدّثناه عَمْزو النَّاقدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنةَ، عَنْ أبِى الزَنادِ، بِهَذَا ا لإِسْنَادِ.
وَقَالَ.
" إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ).
113 - (... ) حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرّوخَ، حدثنا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ
أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِذَا قَاتَلَ أحَدُكُمْ أخَاهُ، فَليَتَّقِ الوَجْهَ لما.
قوله: دا إذا قاتل أحدكم أخاه)، وفى رواية أخرى: " اذا ضربه فليتجنب الوجه)،
وفى رواية: " فلا يلطمن الوجه): فيه تشريف هذه الصورة عن الشين ؛ اذ الضرب فيها واللطم مما يظهر الشين فيها سريعا ؛ ولاءن فيها المحاسن وأعضاء نفيسة، وأكثر الإدراكات، فقد يبطلها بفعله والتشويه فيها أشد ؛ لأنها شيما الإنسان والبادى منه والمتميز به من أمثاله، والصورة التى خلقه الله عليها وكرّم بها بنى ادم وفضلهم على كثير من خلقه تفضيلا.
قوله اَخر الحديث: " فإد الله خلق آدم على صورته)، قال الإمام: هذا حديث ثابت
عند أهل النقل، وقد رواه بعضهم: (أن الله خلق آدم على صورة الرحمن) (1) ولا يليق هذا عند أهل النقل، ولعله نقل من رواه بالمعنى الذى يوهمه، وظن أن الضمير عائد على الله - سبحانه - فأظهره وقال: " على صورة الرحمن لا.
واعلم أن هذا الحديث غلط فيه ابن قتيبة واجراه على ظاهره، وقال: فإن الله سبحانه
له صور لا كالصور، وأجرى الحديث على ظاهره، والذى قال لا يخفى فساده ؛ لأن الصورة تفيد التركيب، وكل مركب محدث، والبارى - سبحانه وتعالى - ليس بمحدث فليس بمركب، وما ليس بمركب فليس بمصور، وهذا من جنس قول المبتدعة: إن البارى - جل وعز - جسم لا كالاءجسام، لما رأوا أهل السنة قالوا: شىء لا كالاءشياء طرد واحد، فقالوا: جسم لا كالأجسام.
وقال ابن قتيبة: صورة لا كالصور.
والفرق بين ما قلناه وما قالوه: أن لفظة (شىء " لا تفيد الحدوث ولا تتضمن ما
(1) الفتح 5 / 183، وقد علق على ناقل هذا الحديث بدون توجيه المعنى.
88(8/87)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن ضرب الوجه 114 - (... ) حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىّ، حَد!شَا أبِى، حَدهَّشَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَ الفَ سَمِعَ أَبَا ايّوبَ يُحَدِّثُ عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ قَالً: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إِفَا قَاتَلَ احَدُكُمْ أخَاهُ، فَلاَ يَلطِمَنَّ الوَجْهَ لما.
يقتضيه، وقولنات جسم وصورة يتضمن التأليف والتركيب، وذلك دليل الحدوث.
وعجبا لابن قتيبة فى قوله: صورة لا كالصور، مع كون هذا الحديث يقتضى ظاهره عنده خلق اَدم على صورته، فقد صارت صورة البارى - سبحانه - على صورة اَدم - عليه السلام - على ظاهر هذا على أصله، فكيف يكون على صورة اَدم، ويقول: إنها لا كالصور.
وهذا يناقض.
ويقال له اْيضا: إن أردت بقولك: صورة لا كالصور أنه ليس بمؤلف ولا مركب، فليس بصورة على الحقيقة، وأنت[ مثبت] (1) تسمية تفيد فى اللغة معنى مستحيلا عليه تعالى، مع نفى ذلك، فلم يعطِ اللفظ حقه ولم يجره على ظاهره.
فإذا سلمت أنه ليس على ظاهره فقد وافقت على افتقاره إلى التأويل وهذا الذى نقول
به، فإذا ثبت افتقاره الى التأويل قلنا: أختلف الناس فى تأويله، فمنهم من اْعاد الضمير الى المضروب، وذكر أن فى بعض طرق الحديث أنه سمعه ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (قبح الله وجهك ووجه من أشبهك لا أو نحو هذا، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ما قال، أما على هذه الرواية - وهى شتم من اْشبهه - فبين وجه هذا التعليل ؛ لا"نه إذا شتم مَن أشبهه واَدم يشبهه فكأنه شتم آدم وغيره من الاَنبياء - عليهم السلام - [ دانما] (2) ذكر الأول تنبيها عليه وعلى نبيه.
وأما على هذا الذى وقع فى كتاب مسلم فيحتمل أن يكون تعبدًا لله - سبحانه - بتخصيص الوجه لهذه الكرامة لشبهه بآدم هنا إجلالا لاَدم ( صلى الله عليه وسلم ).
ولا يبقى على هذا إلا أن يقال: فيجب أن يجتنب ما سواه من الأعضاء المشبهة لاَدم، وجواب هذا ة أنه لا يبعد أن يكون الله - سبحانه - يتعبد بما شاء الله، ولا تجعل هذه العلة جارية مطردة.
وقد اختص الوجه بأمور جليلة ليست فى غيره من الأعضاء ؛ لاكن منه (3) السمع والبصر، وبالبصر يدرك العالم ويرى ما فيه من العجائب الدالة على عظم الله - سبحانه - وبالسمع يدرك الأقوال ويسمع أوامر النبى - عليه السلام - ونواهيه، ويتعلم به سائر العلوم التى منها معرفة الله - عز وجل - ومعرفة رسله - عليهم السلام - وفيه النطق الذى يميز به عن البهائم، وشرف به الإنسان عن سائر الحيوان، ومثل هذا التمييز لا يبعد أن يجعل سببأ
(1) فى هامش !.
(3) فى!: فيه.
(2) فى!: ولهذا.(8/88)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن ضرب الوجه 89 115 - (... ) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمِىُّ، حَد"ننِى أَبِى، حَلاشًا المُثَنّى.
ح وَحَد - ننِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنِ المُثَنَّى بْنِ سَعِيد، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وَفى حَديثً ابْنِ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَليَجْتَنِبِ الوَجْهَ، فَإِنًّ اللّه خًلَقً آدَمَ
فى تمييزه بهذا الحكم.
وقال اَخرون: إن الضمير عائد على اَدم نفسه.
وعورض هؤلاء بأن هذا يجعل الكلام
عيأَ لا فائدة تحته، وأى فائدة فى قولك: خلق زيد على صورة نفسه، والشجرة على صورتها نفسها ؟ وهذا معلوم بالعقول ولا يقتصر إلى خبر منقول.
واجاب أصحاب هذا التأويل عن هذا الاعتراض بأن الفائدة فيه: التنبيه على من خالف الحق من أصحاب المذاهب كالطبائعيين القائلين بأن تصوير اَدم كان عن بعض تأثيرات النجوم أو العناصر أو غير ذلك بما (1) يهزؤون به، فأكذبهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
واحتراز الله - سبحانه - خلق اَدم على صورته، اْو أكذب الدهرية فى قولهم: ليس ثم إنسان[ أول، دإنما انسان من نطفة ونطفة من إنسان] (2) هكذا أبداً إلى غير أول، فأخبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن الله - سبحانه - اخترع صورة ادم ولم يكن مصوراً عن أب ولا كائنا عن تناسل، أو يكون أكذب القدرية فى قولهم: إن كثيرا من أعراض آدم وصفاته خلق لادم، وأخبر النبى عليه أنه مخلوق بجملة صورته.
وهذا التأويل الذى ذهب إليه هؤلاء - من إعادة الضمير إلى ادم بنفسه - إنما يحسن إذا روى لفظ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مجرداً من السبب، مقتصراً منه على قوله: " إن الله خلق اَدم على صورته "، وأما ذكر السبب، أو ذكر جميع ما حكاه مسلم عنه - عليه السلام -: (إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق اَدم على صورته) فإنه لا يحسن صرف الضمير لاَدم ؛ لاءنه ينفى أن يكون بين السبب أو صدر الكلام واَخره ارتباط وتميز الكلام.
وما وقع فى كتاب مسلم فى معنى المسافر، وقد ذكر أنه روى مختصراً مقتصراً فيه على ما قلناه.
وقال بعض أئمتنا.
هو من اختصار بعض الرواة.
وقال اَخرون: إن الضمير يعود إلى أ الله] (3) - سبحانه - ويكون له وجهان.
أحدهما: ان يراد بالصورة الصفة، كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا، بمعنى صفته كذا.
ولما كان ادم - عليه السلام - امتاز بصفات من الكمال تميز بالعقل والنطق عن البهائم، والنبوة على سائر بنيه سوى النبيين منهم، وله فضائل اختص بها، فكأنه شبهه من هذه
(1) فاخر.
مما.
(3) ساقطة من الا صل، واستدركت بالهامش.
(2) سقط من ز.(8/89)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن ضرب الوجه
عَلَى صُورَتِهِ).
116 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَد"شِى عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدثنَا هَمَّام!، حَدثنَا قَتَادَةُ، عَنْ يَحْيىَ بْنِ مَالِك المَرَاغِىِّ - وَهُوَ أبُو أيُّوبَ - عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا قَاتَلَ أحَدُكُمْ أخَاهُ، فَليَجْتَنِبِ الوَجْهَ).
الجهة باختصاص الله - سبحانه - بالرفعة والجلال، لاسيما وقد اْمر الملائكة بالسجود له طاعة لله - عز وجل.
هذا المعنى ذكره بعض اْصحابنا فى التشبيه بعد.
والوجه الثانى: عند اْصحاب هذا التأويل: أن تكون إضافة الصورة إضافة تشريف واختصاص، كما قيل فى الكعبة: بيت الله، وإن كانت البيوت كلها له - عز وجل - وكما قال تعالى: { نَاقَةَ اللَّهِ} (1) إلى غير ذلك مما وقع فى الشريعة من اْمثال هذا.
وقد تميز آدم ( صلى الله عليه وسلم ) بأن خلقه الله - جلت قدرته - بيده، ولم يقلبه فى الأصلاب، ولا درجه من حال إلى حال، فتكون الإضافة إضافة اختصاص لهذا المعنى ولغيره.
وأما من صرح بهذا الضمير وخرجه للوجود، فإنه يرد من جهة النيل، وأنه ضعيف
عند المحدثين.
واختلف أصحابنا فى رده من جهة اللسان، فقال بعضهم: ما يحسن مثل هذا فى الكلام ؛ لأن اللفظ الظاهر إذا افتتح به، واعيد ذكره فإنما يعاد بالضمير، ولهذا يقال: زيد ضرب عبده، ولا يقال: [ ضرب زيد عبد زيد] (2)، ومرادهم بزيد الثانى زيد الأول، قالوا: فلو كان ما قالوه صحيحا لكانت العبارة عنه: (خلق اَدم على صورته) كما وقع فى الطرق الثابتة.
وقال بعض أصحابنا: لا يستبعد هذا فى اللسان، وقد قال سبحانه وتعالى: { يَوْمَ نَحْشرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ} (3) ولم يقلى: [ يوم] (4) يحشر المتقين إلينا.
وقال بعضِ النحاة: منِ هذا أيضا فوله تعالى: { فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَفوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِى لمحل لَفمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِين ظَلَمُوا رِجْزَا} (5)، وأنشد فى ذلك قول عدى بن زيد:
لا أرى الموت يسبق الموت شىَ يعض الموت ذا الغنى والفقير
وفى هذا كفاية.
قال القاصْى: قد جاء فى هذا الحديث نفسه ما أغنى عما ذكر فى بعض الأحاديث،
(1)1 لشصى: 13.
(3) مريم: 85 - (5) البقرة: 59.
(2) فى ز: زيد ضرب عبد زيد.
(4) ساقطة من ز.(8/90)
كتاب البروالصلة / باب النهى عن ضرب الوجه 91 بأن مسلما قد ذكر فى هذا: " إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه، فإن الله خلق ادم على صورته "، فالهاء هاهنا عائدة على الأخ المنهى أن يضرب وجهه ويستقيم الكلام، وتظهر فائدة الحديث ويزول الإشكال.
!إنما يبقى الإشكال كله فى الحديث الاَخر الذى لم يذكر فيه هذا السبب مثل حديث البخارى فى باب السلام: " إن الله لما خلق ادم على صورته قال: اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة) (1)، وخرجه مسلم - أيضا - بعد هذا بنصه فى (باب خلق آدم) [ ومثل هذا] (2)، لكن قد تقدم فيه من التأويلات ما يكفى بعضها.
وإذا نزهنا الله تعالى عن الصورة الجثمانية[ فلا يبالى] (3) بعد وسلمنا معنى مشكل الحديث للعالم بعينه، على مذهب أكثر السلف من الإيمان بها والتسليم إلى الله فى معناها، وتنزيهه عن ظاهرها، أو تأويله على ما عليه مَنْ رأى التأويل، وعلى مقتضى كلام النبى العربى ولغته العربية، وكلام العرب ومجازاة كلامها ومقاصدها فى استعاراتها (4) وتمثيلاتها التى خوطبنا بها، وجاء الشرع والقرآن بها وعلى تصرف وجوهها.
(1) البخارى، كالاستئذالأ، ببدء السلام 8 / 62.
(2) سقط من ز، والمثبت من ح.
(3) فماح.
فلا نبالى.
(4) فما ز.
استعاباتها.
92(8/91)
كتاب البر والصلة / باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق
(33) باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق
117 - (2613) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا حَفْصُ بْنُ غيَاث، عَنْ هِشَام
ابْنِ عُروةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ هشَام بْنِ حَكِيم بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: مَرَّ بِالشَّام عًلَىً أنَاسٍ، وَقَدْ أُقيمُوا فِى الشَمًْ، وَصُبًّ عَلَى رُؤوسِهِمُ الزَّيْتُ.
فَقَالَ: مَا هَذَا ؟ قيلَ: يُعَذبونَ فِى الَخَرَل!.
فَقَالَ: أَمَا إِتى سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ الله يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذبونَ فِى الدّنْيَا).
118 - (... ) حدثنا أبُو كُرَيْبٍ، حَدّثنَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبيه، قَالَ: مَرَّ هشَامُ بْنُ حَكِيم بْنِ حِزَام عَلَى انَاس مِنَ ال اللبَاط بالشَّام، قَدْ أُقِيمُوا فِى الشًّمْسَ.
فَقَالَ: مًا شأنُهُمْ ؟ قَالُوا: حُبِسوا فِى الجًزْيَة.
فَقَاً هَشَام: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِن الله يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذووبونَ اَلنَّاسَ فِى الدُّنْيَا لما.
وذكر مسلم فى حديث: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس، قال: وأميرهم يومئذ عمير بن سعد (1)، كذا فى النسخ عند شيوخنا[ أو أكثر] (2) الروايات، وكان فى كتاب شيخنا القاضى أبى على: عمر بن سعيد، وقال لنا: هو وهم، وما عند غيره هو الصواب.
وعمير بن سعد هذا أنصارى من بنى عمرو بن عوف من الأوس، ولاه عمر بن الخطاب حمص (3) فكان يقال له: نسيج (4) وحده، هو عمير بن سعد بن عبيد القارى، أبوه أبو زيد أحد مَنْ (ْ) جمع القرآن.
وقد اختلف فى اسم أبى زيد، وقد ذكر مثل هذا أبو عبيدة (6)، وشك فيه مرة فقال: استعمل على طائفة من الشام عمير بن سعد أو سعيد،
(1)
(3)
هو أبو يحيى عمير بن سعيد النخعى الصهبانى الكوفى، روى عن على وأبى موسى وسعد بن أبى وقاص وغيرهم، وعنه الشعبى والسبيعى والا"عمش وأبو حصين وكيرهم.
ذكره ابن حبان فى الثقات وقال: مات سنة سبع ومائة فى ولاية ابن هبيرة.
وقال ابن سعد: مات سنة خمسة عشر.
ئم قال ابن حبان: ويقأل له: عمير بن سعد.
التهذيب 8 / 146.
سقط من ز، والمثبت من ح.
فى ز: حصن، والمثبت من ح، وهو الصواب.
فى ز: تسبيح، والمثبت من ح، وهو الصواب.
قبلهافى ز: مع.
فى ز: أبو عبيد، والمثبت من ح، وهو الصواب.(8/92)
كتاب البر والصلة / باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق 93 (... ) حدّثنا أَبُو كُرَيْب، حدثنا وَكِيع وَأَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد - ننَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرنَا جَرِير!، كُلُّهُمْ عَنْ هشًامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَزَادَ فِى حَديِثِ جَرِيرٍ: قَالَ - وَامِيرُهُمْ يَوْمَئذٍ عُمَيْرُ بْنُ سَعْدِ عَلَى فِلَسْطِينَ -: فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَحَدَّثهُ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَخُلُّوا.
119 - (... ) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَة بْنِ الزبيْرِ ؛ أَنَّ هشَامَ بْنَ حَكيمٍ وَجَدَ رً جُلاً - وَهُوَ عَلَى حِمْصَ - يُشَمِّس نَاسًا مِنَ النَّبْطِ فِى أَدَاءِ الجِزيَةِ.
فَقَالَ: َ مَا هَذَا ؟ إِثِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ الله يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذَبونَ النَّاسَ فِى الدُّنْيَا).
شك أبو عبيد وذكر خبرا.
وأما عمر بن سعيد فمعدود فى الصحابة وهو عمير بن سعد أو سعيد[ شك أبو عبيد وذكر خبرا، وأما عمر بن سعيد فمعدود فى الصحابة وهو عمير بن سعد أو سعيد] (1)، ربيب الجلاس ويتيمه، وصاحب القصة التى أنزل فيها: { يَحْلِفُونَ، لفَهِ مَا قَالُوا} (2) قاله الطبرى وغيره، وجعله الطبرى غير الاَول، وأما أبو عمر فجعل صاحب هذه عمير بن سعد الاَول وأنهما واحد، والله أعلم.
(1) هكذا مكرر فى ز.
(2) الوبة: 74.
94(8/93)
كتاب البر والصلة / باب أمر من مر بسلاح فى مسجد
.
إلخ
(34) باب أمر من مرّ بسلاح فى مسجد أو سوق أو غيرهما من
المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها
120 - (2614) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ!سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: حَدءَّشَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، سَمِع جَابِزا يَقُولُ: مَرَّ رَجُل فِى المسْجِدِ بِسِهَامٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أمْسِكْ بِنِصَالِهَا لما.
121 - (... ) حدثنايحيى بْنُيحيى وَأَبُو الرَّبِيع - قَالَ أبُو الرئيع: حَدءَّشَا.
وَقَالَ
يَحْمىَ وَاللَّفْظُ لَهُ: اخْبَرَنَا - حَمَّادُ بْنُ زَيْد عَنْ عَمْرِو بْنِ دينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله ؛ أَنَّ رَجُلأ مَرَّ با"سْهُبم فِى المَسْجِدِ، قَدْ اَبْدً ى نُصُولَهَا، فَ المَرَ أنْ يَأخُذَ بِنُصُولِهَا، كَىْ لاَ يَخْدِشَ مُسْلِمًا.
122 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا لَيْ!ث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهُ أمَرَ رَجُلاً، كَانَ يَتَمدَّقُ بالنبلِ فِى المَسْجِدِ، أَلا يَمُرَّ بِهَا إِلاَّ وَهُوَآخِأ بِنُصُولِهَا.
وَقَالَ ابْنُ رُمْحٍ: كَانَ يَصَّدَّقُ بِاَلنَّبْلِ.
123 - (2615) حدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابت، عَنْ
أَبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أَبى مُوسَى ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) تَالَ: (إذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِى مًجْلًسٍ أَوْ سُوقٍ، وَبِيَدِهِ نَبْل، فَليماخُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمَّ فَي خُذْ بِنِصَالِهَا، ثُمًّ ليماخُذْ بِنِصَالِهَا).
قَالَ: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: وَالله، مَا متنَا حَتَّى سَلئَدْنَاهَا، بَعْضُنَا فِى وُجُوهِ بَعْضِ.
124 - (... ) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ بَرَّاد الأشْعَرِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ - وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ
وأمره - عليه السلام - للذى مر بالنبل أن يأخد بنصالها، وفى الرواية الأخركما: لابنصولها) جمع نصل، وهى حدائد السهام.
بين العلة والصفة فى الحديث الاَخر فقال: "فليمسك - أو فليقبض - على نصالها بكفه أن يصيب أحدأ من المسلمين منها بشىء)، اْى مخافة أن يصيب، ولئلا يصيب.(8/94)
كتاب البروالصلة / باب أمرمن مربسلاح فى مسجد
.
إلخ 95 الله - قَالا: حدثنا ابُو اسَامَةَ عَنْ بُرَيْد، عَنْ أَبِى بُرْلَةَ، عَنْ ابِى مُوسَى، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا مَرَّ احَدُكُمْ فِى مَسْجدنَا، اوْ فِى سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ، فَليُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ، أَنْ يُصِيبَ أحَدًا مِنَ المُسلمَينَ مِنْهَا بِشَىْء لما.
اوْ تَالَ: ا لِيَقْبِضْ عَلَى نِصَالِهَا).
وقول أبى موسى: (والله ما متنا حتى سددناها بعضنا فى وجوه بعض): أى قومنا الرمى بها وقصدنا ذلك.
والسداد: القصد فى الثىء.
يشير إلى ما كان من الفق بعده - عليه السلام - وقتالهم على التأويل فى الخلافة، وأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خشى عليهم برأفته بالمؤمنين، ورحمة لهم (1) ما يصيب بعضهم منها من خدش وشىء عند مروره من غير قصد، وألاّ يتأذى بعضهم من بعض بمثل هذا القدر، فجاء بعده ما أخبر به أبو موسى من القصد إلى ذلك[ على بون ما بين الحالين] (2).
(1) فماخ!: بهم.
(2) من خط.
96(8/95)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم
(35) باب النهى عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم
125 - (2616) حدئنى عَمْزو النَّاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ.
قَال عَمْزو: حدثنا سُفْيَانُ
ابْنُ عُيَيْنَة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سيرِينَ، سَمعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو القَاسِم ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ أَشَارَ إِلَى أخِيهِ بِحَدِيَدة، فَإِنًّ المَلاَئِكَةَ تًلعَنُهُ، حَتَى صإِنْ كَانَ أخاهُ لاع بِيهِ وَأُمِّهِ).
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
126 - (2617) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدةنَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمز، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّه قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله كله.
َ فَذَكَرَ احَ اليثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولًُ الله كله: (لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ، فَإِئهُ لاَ يَدْرِى احَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِى يَدِهِ، فَيَقَعُ فِى حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ لا.
وقوله: دا من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، دإن كان اْخاه لاءبيه وأمه): ظاهر الحديث[ آنه] (1) على غير قصد إلا بجهة اللعب والترويع بالهزل بدليل ذكره، لأخيه لأبيه واْمه الذى لا يبهم عليه، وترويع المسلم حرام، وبدليل قوله فى الحديث الآخر: (فإنه لا يدرى لعل الشيطان ينزع فى يده فيقع فى حفرة من النار)، وكذا رويناه بالعين المهملة، قيل: معناه: يرمى فى يده، أى يدفع يده ويحقق ضربته.
ومن رواه بالغين المعجمة فمن الإغواء (2) ونزع الشيطان، أى يحمله على تحقيق الضرب به وقصده وتزيين له ذلك، لاسيما عندما يحدث من جهته عند الملاعبة، او هجر بغير حال، وأن الهزل قد يفضى إلى الجد.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث!.
(2) فى خ: الإغراَ.(8/96)
كتاب البر والصلة / باب فضل إزالة الاَذى عن الطريق
97
(36) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق
127 - (1914) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ سُمَىِّ - مَوْلَى أَبِى بَكْرٍ - عَنْ أَبِى صَالِحِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (بَيْنَمَا رَجْل يَمْشِى بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَانخَرَهُ، فَشَكَرَ الله لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ لا.
128 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد، شَا جَرِيرو عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَألَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَرَّ رَجُل بغُصْنِ شَجَرَة عَلَى ظَهْرِ طَرِيق، فَقَالَ: والله، لأنَحَينَّ هَذَا عَنِ المُسْلِمِينَ لاَ يُؤْذِيهِمْ، فًأُدْخِلَ الجَنَّةَ لًما.
129 - (... ) حدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا عُبَيْدُ اللّه، حَد*شَا شَيْبَانُ، عَنِ الأعَمشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النِّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلأ يَتَقَلَّبُ فِى الجَنَّةِ، فِى شَجَرَةِ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَرِيقِ، كَانَتْ تُؤْذِى النَّاسَ لما.
130 - (... ) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتمٍ، حَدثنَا بَهْز، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابت، عَنْ ابِى رَافع، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنًّ رسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: " إِنَّ شَجَرَةَ كَانَتْ تُؤْذِى المُسلِمِينَ، فَجَاءَ رَجُل فَقَطَعَهَا، فَدَخَلَ الجَنَّةَ ".
131 - (2618) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنايحيى بْنُ سَعيد، عَنْ أَبَانِ بْنِ صَمْعَةَ، حَد 3شَى أَبُو الوَازِع، حَدثَّنِى أَبُو بَرْزَةَ غ قَالَ: قُلتُ: يَا نَبىَّ الَلهً، عَلِّمْنى شَيْئا أَنْتَفعُ بِهِ.
قَألَ: " اعْزِلِ الأذَى عَنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ).
ذكر مسلم ال الحاديث فى الثواب على إماطة الاَذى دازالته عن الطريق كمن قطع شجرة كانت تؤفى، دازالة غصن شوك، وقد جاء فى الحديث الاَخر: أنه من شعب الإيمان (1).
فكل ما أدخل نفعأَ على المسلمين أو أزال عنهم ضررًا فهو منه، لكنه كله من إلنصيحة الواجبة على المسلمين بعضهم لبعض، التى بايع عليها النجى ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه من النصح لكل مسلم، 1 بنصحه] (2) فى حضرته وغيبته بكل قول وفعل يعود عليه بمنفعة لدينه ودنياه.
(1) سبق فى كالإيمان، ببيان عدد شعب الإيمان برقم (58).
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
98(8/97)
كتاب البر والصلة / باب فضل إزالة الأذى عن الطريق 132 - (... ) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا أبُو بَكْرِ ثنُ شُعَيْب ثنِ الحَبْحَاب،
عَنْ أَبى الوَازِع الرَّاسِبِىِّ، عَنْ أبِى بَرْزَةَ الأسْلَمِى ؛ أنَّ أبَا بَررةَ قَالَ: فُلتُ لِرَسُولِ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): َ يَارَسُولَ الله، إِنِّى لاَ أدرِى، لَعَسَى أنْ تَمْضِىَ وَأبْقَى بَعْلَلثَ، فَزَوِّ!نِى شَيْئا يَنْفَعُنِى الله بهِ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (افْعَلْ كَذَا، افْعَلْ كَذَا - أبُو بَكْرٍ نَسِيَهُ - وَأمِرَّ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ).
وقوله فى حديث يحيى[ بن يحيى] (1): (واْمر الاع ى عن الطريق).
كذا رويناه عن عامة الرواة براَ مشددة، اْى نحّه واْزله من المرور.
وعند الطبرى: (واْمز) بزاى معجمة ؛ وكأنه من الميز، ميزت الشىَ عن الشىَ: إذا أئبته منه وزلته عنه، وهو قريب من الأول.
وعند ابن ماهان: (أخر) مبينأ بمعنى ذلك.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.(8/98)
كتاب البر والصلة / باب تحريم تعذيب الهرة
.
إلخ
99
(37) باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها، من الحيوان الذى لا يؤذى
133 - (2242) حدّثنى عَبدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ بْنِ عُبَيْد الضّبعِىُّ، حَدثنَا جُوَيْرِيَةُ - يَعْنِى ابْنَ اسْمَاءَ - عَنْ نَافِع، عَنْ عَبْدِ الله ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (عُئتتِ امْرأَةو فِى هِرَّة، سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لاَ هِى أَطعَمَتْها وَسَقَتْهَا إِذ هِىَ حَبَسَتْهَا، وَلًاَ هِىَ تَرَكَتْهَا كلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ).
(... ) حدّثنى هَرُونُ بْنُ عَبْدُ الله وَعَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرِ بْنِيحيى بْنُ خَالِد، جَميغا عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسبى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىًَ ( صلى الله عليه وسلم ) + بِمَعْنَى حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ.
134 - (... ) وَحَلثنِيهِ نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى عَنْ عُبَيدِ الله
ابْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (عُنبتِ امْرَأة! فِى هِرَّةٍ أَوْثَقَتْهَا، فَلَمْ تُطعِمْهَا وَلَمْ تَسْقِهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ ".
وذكر حديث المغيرة فى شأن صاحبة الهرة المعذبة التى ربطتها حتى ماتت، وقد تقدم الكلام عليه، واْنه يحتمل أن يكون عذابها حسابها ومناقشتها على فعلها لذلك، كما جاء فى حديث العصفور قوله: " سل يارب هذا لم قتلتنى ؟ دا، أو تكون المراة كافرة فزيدت فى عذابها لذلك.
وقوله: (خشاش الاَرض): يقال بفتح الخاء وكسرها، وهو هوام ال الرض.
وحكى
فيه اْبو على القالى - أيضا - ضم الخاء، وقال الجوهرى: هو الحية ونحوها مما فى الأرض، وقيل صغار الطير، [ لكنه لا يقال فى صغار الطير إلا بفتح الخاء فقط، وفى المعنى: الخشاش شرار الطير] (1).
وقيل: خشاش الأرض: نباتها، والمعروف فى هذا: حشيشها.
وقوله: (من جراء هرة): أى من أجلها، بمد وبقصر، يقال: من جراك وجراتك وجراريك واجلك وأجلك.
بمعنى.
وفى رواية الهوزنى: (من أجل) مفسراً.
(1) فى هامث!خ.(8/99)
100 كتاب البروالصلة / باب تحريم تعذيب الهرة.
إلخ (... ) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمىّ، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ عُبَيْد الله، عَنْ سَعِيد المَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
35 ا - (2619) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حدثنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَد*شَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَيق رَسُولِ الله (صلى الله عليه وسلم).
فَذَكَرَ أحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): (دَخَلَتِ امْرَأةٌ النَّارَ مِنْ جَراء هِرَّة لَها - أوْ هِر - رَبَطًتْهَا، فَلاَ هِىَ أَطعَمَتْهَا، وَلاَ هِىَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمْرِمُ مِنْ خَشَاشِ الأرَضِ، حَتَّى مَاتَتْ هَزْلأ).
وقوله: ا لا هى اْرسلتها ترمم)، كذا للعذرى والسجزى، وضبطناه عن بعض شيوخنا بفتح التاَ والميم، وعند بعضهم بضم التاء وكسر الميم، وفى رواية السمرقندى: (ترمرم) بضم التاء وكسر الراَ الاَخرة، ويصح بفتحها أيضا، وهما بمعنى (1).
قال الإمام: قال صاحب الانفعال: رممت الأمر والشىء وما أصلحته، والعظم رمة صار رميمأ، والحبل انقطع، والشاة تناولت النبات بشفتيها.
ومنه سميت المرمتان.
قال القاصْى: ورمرم منه، بإظهار التضعيف فى الراَ، اْو من الرمام وهو الحشيش،
[ أى] (2) أكلته فاشتق لها فعلا، وكله يرجع إلى معنى الاَول.
(1) م هنا سقط عشر لوحات من نسخة ح إلى حديث ابن مسعود - كتاب القدر -: " يجمع أحدكم " (2) من الأبى.(8/100)
كتاب البر والصلة / باب تحريم الكبر
101
(38) باب تحريم الكبر
136 - (2620) حدّثنا احْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الا"زْدِىُّ، حَد!شًا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاث، حَد - ننَا أَبِى، حَد*شَا الأعْمَشُ، حَد، شَا أَبُو إٍ سحَقَ، عَنْ أَبى مُسْلمِ الأغَرِّ ؛ اثَّهُ حَا لهُ عَنْ أَبًى سَعِيد الُخُدْرِىِّ وَأَبِى هُرَيْرَةَ قَا لاَ: قَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (العِزّ إِزَارُهُ، وَالكِبْرِياءُ رِدَاؤُهُ، فَمَنْ يُنَازِعُنِى عَذَّبْتُهُ).
وقوله: (العز إزارى، والكبرياء ردائى فمن نازعنى عذبته)، قال الإمام: هذا مجاز: واتساع على عادة العرب، وهم يقولون: فلان شعاره الزهد والورع، ودثاره التقوى، ولا يريدون بذلك الثوب الذى هو شعار ودثار، دإنما يريدون أنه صفته ونعته، ووجه الاستعابى ة فى هذا: أن الرداء والإزار يلصقان بالإنسان ويلزمانه بجملته وفيها ستر له وجمال، فضرب ذلك مثلا لكون العز والكبرياء بالبارى تعالى أحق، وله ألزم وأوجب، واقتضى جلاله لهما اَكد.
وكذلك العرب يقولون: فلان غمر الرداء، إذا كان واسع العطية تجوزاً أيضا بذلك، فعلى هذا يحمل هذا الحديث، لا"ن الدليل العقلى قام على أن اللباس من صفات الأجسام، وهو - سبحانه - ليس بجسم، ولا يمسه جسم، ولا يستره جسم، وهذا واضح لكل متأمل.
102(8/101)
كتاب البر والصلة / باب النهى عن تقنيط الإنسان.
إلخ
(39) باب النهى عن تقنيط الإنسان من رحمة الله تعالى 37 ا - (1 262) حدّثنا سُوَيْد بْنُ سَعِيد، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبيه، حَد"شَا
ابُو عمْرَانَ الجَوْنِىُّ، عَنْ جندَب ؛ أَنَّ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَدَّثَ: (انَّ رَجُلأ قَأَلً: وَالله، لاَ يَغفِرُ اللّه لفُلاَنٍ، يإِنَّ الله تًعَالَى قَالَ: مَنْ فَا الَّذى يَتَأئَى عَلَىَّ الآ أغْفِرَ لِفُلاَنٍ، فَإِنِّى قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَاَلط، وَ أحْبَطتُ عَمَلَكَ لما أوْ كَمَا قَالَ.
قال القاصْى: وقوله فى الذى قال والله لا يغفر الله لفلان: " من ذا الذى يتألى على الله): أى يحلف عليه.
و التألى: الخلف، والآلية اليمين.
وقوله: " قد غفرت لفلان وأحبطت عملك دا: فيه الحجة لمذهب أهل السنة فى غفران
الله ذنوب عباده، وعفوه عنهم دن ماتوا مصرين عليها، ولا حجة فيه للمعتزلة ومن يقول بأنَّ الذنوب تحبط ال العمال ؛ لأن هذا المتألى قانط من رحمة الله ومكذب بها، والقنوط كفر، والكفر يحبط العمل، وإن لم يكن هذا قانطا دانما كان هذا مذهبه إنفاذ الوعيد للعاصين، فيكون هنا قوله: (أحبط عمله لما مجازاً لرجحان معصيته بما قال، فاعتقده بطاعاته حتى كأنه لاحسنة له.(8/102)
كتاب البر والصلة / باب فضل الضعفاء والخاملين
103
(40) باب فضل الضعفاء والخاملين
138 - (2622) حدّثنى سُوَيدُ بْنُ سَعِيد، حَدثَّنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ العْلاَءِ
ابْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ ابِيهِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ انَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (رُبَ اشْعَثَ مَدْفُوع بِالأبْوَابِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللّه لأبَرَّهُ لما.
وقوله: (رب أشعث مدفوع بالاَبواب ": الاَشعث: الملبد شعر الراْس، المغبر غير مدهن ولا مصلح الشعر.
و (مدفوع بالاءبواب دا: أى لا قدر له عند الناس فيحجبونه ويردونه عن أبوابهم.
وقوله: " لو اْقسم على الله لأبره ": أى لفضله، ومنزلته عند الله أنه يجيب رغبته ودعاءه، ولا يخيب أمله وبره لرجائه وعزيمته فى رغبته لربه والقسم هنا عبارة عن قوة العزيمة فى الرغبة والدعاء، أو يكون عن وجهه فيما أقسم عليه من الأمور ؛ ال الله قد أجرى قدره وتقدم فى سابق علمه، أنه ممن لا يخالف مجارى القدر قسمه، ويبر خلقه، ويمضى عزيمته.
وقيل: معنى القسم هنا: الدعاء، وأبره أجابه.(8/103)
كتاب البر والصلة / باب النهى من قول: هلك الناس
(41) باب النهى من قول: هلك الناس
139 - (2623) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَد، شَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ سُهَيْلِ بْنِ ابِى صَالِحٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ ابِى هُزَيْرَةَ، قَالً: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدَثَنَا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ قَالَ: قَرً أتُ عَلَى مَألِك، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبى صَالِحٍ، عَنْ ابيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِذَا قَالً الرَّجُلُ: هَلَكَ التاسُ، فَهُوَ أَهْلَكَهُمْ لَا.
قَالَ أَبُو إِسْحَقَ: لاَ أَدْرِى، أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ، أَوْ أهْلَكُهُمْ بِالرَّفْع.
(... ) حدّثنا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زريع، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِم.
ح وَحَدةَشِى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكيمٍ، حدثنا خَالدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ، جَمِيغاَ عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، َ مِثْلَهُ.
وقوله: " اذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم) وقول الراوى عن مسلم - وهو
أبو إسحق بن سفيان -: لا ادرى أهلكهم، بالنصب أو بالرفع، قال الإممام: يحمل هذا [ عند العلماء] (1) أن القائل قال ذلك ازدراء بالناس، واحتقارًا لهم، دإعجاثا بنفسه.
فأما قوله على جهة[ التفجع والإشفاق، وذهاب الصالحين] (2)، وتفضيل من مضى
من الصالحين، وتفضيل من مضى من الأولين - فإنه خارج عن هذا والقصد (3) بغير أحكام اللفظ وتصرفه، فالأول عنوانه الكبر والاستهزاء بالناس، [ وهو مذموم] (4)، والثانى: عنوان الإشفاق والتقصير بالنفس وتعظيم السلف، وذلك لا يكون مذموما.
قال القاضى: وقيل هذا فى الغالين والمبتدعين، الذين يقولون: هلك الناس، أى استوجبوا الخلود فى النار بمعاصيهم، والذين يؤيسون الناس من رحمه الله.
وقيل: " اهلكهم ": أى أنساهم الله، وقيل: المحشلهم وأرداهم.
ومن رواه بالنصب
!سص: الو* " الذى قال فيه ذلك، واعتقده فيه من الضلال واستحقاق النار، لا الله تعالى.
(1) فى المعدم ا.
عند بعض العلماء.
لي 2) فى المعلم.
الإشفاق والتفجع ولذهاب الصالحين.
(3) فى المعلم - والفصل -
(4) سقط من ا أجام.(8/104)
كتاب البر والصلة / باب الوصية بالجار والإحسان اليه
105
(42) باب الوصية بالجار، والإحسان إليه
140 - (2624) حديثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، عَنْ مَالك بْن أَنَسبى.
حِ وَ حدثنا قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وً حدثنا أَبُو بًكْرَ بْن أَبِى شَيْبةَ، حدثنا عَبْدَةُ وَيَزيدُ بْنُ هَرُون، كُلُّهُمْ عَنْيحيى بْنِ سًعِيد.
حِ وَحَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد*شَا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِى - سَمعْتُيحيى بْنَ سَعِيد، أَخْبَرَنِى أَبُو بَكْر - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّد بْنْ عَمْرِو بْنَ حَزْمٍ - أَنَّ عَمْرً ةَ حَد"شْهُ ؛ انَّهَا سَمِعَتْ عَأئشَةَ تَقُولُ: َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِ الجَارِ، حَتَّى ظَنْنتُ أَنَّهُ لَيُوَرشَّهُ لما.
(... ) حدّثنى عَمْرو النَّاقدُ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبى حَازمٍ، حَدثَّنى هشَامُ بْنُ عُرْوَفَ عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَأئِشَةَ، عًنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ً
141 - (2625) حدّثنى عُبَيْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ القَوَاريرِىُّ، حَد 3شَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعِ، عَنْ
عُمَرَ بْن مُحَمَّد، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمعْت ابْنِ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا زَالَ جِبْرِيلُ يوصِينِىً بِ الجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَئهُ سَيُورَثهُ).
142 - (... ) حدّثنا ابُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لإسْحَقَ.
قَالَ أَبُو كَامِلٍ: حَد"شَا.
وَقَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا - عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْد الصَّمَد اَلعَمَىُّ، حدثنا أَبُو عمْرَانَ الجَوْنِىُ، عَنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامت، عَنْ أَبِى فَرٍّ قَالَ:: قَاَلََرَسُولُ
الله ( صلى الله عليه وسلم ): ((يَا أَبَا ذَرٍّ، إَذَا طَبَخْتَ مَرَقًةً، فَاكثِرْ مَاءَهًا، وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ).
143 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَد*شَا ابْنُ إِدْرِيسَ، أخْبَرَنَا شُعْبَةُ.
ح وَحَد"ننَا أَبُو كُرَيْب، حدثنا ابْيقُ إِدْرِش!، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الجَوْنِىِّ، عَنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامتِ، عَنْ ابِى ذَز قَالَ: إِنَّ خَلِيلِى ( صلى الله عليه وسلم ) أَوْصَانِى: " إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَاكْثِر مَاءَهُ، ثُمَ انْظُر أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَا"صِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوف ".
ذكر مسلم الاَحاديث فى الوصية بالجيران ومواساتهم، وأن لهم حقأ يزيد على حق غيرهم من المسلمين، وقد مرّ منه فى أول الديوان.
وقوله: " فأصبهم منه بمعروف،: أى ناولهم منه، واجعلهم يصيبون منه، يقال: أصاب من الطعام: إذا أكل منه، وأصله من ألاءخذ.
أصاب الشىَ: إذ أخذه.(8/105)
كتاب البر والصلة / باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء
(43) باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء
144 - (2626) حدّثنى أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِىُّ، حدثنا عثمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَا شَا أبُو عَامِر - يَعْنِى الخَزَّازَ - عَنْ أبِى عِمْرَانَ الجَوْنِى، عَنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامت، عَيق أبِى فَز، قَالَ: قَالَ لِىَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعْرُوُف شًيْئا، وَلَوْ أَنْ تًلقًى أخَاكَ بِوجْه طَلقٍ ).
َ ء
وقوله: ا لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أنْ تلقى أخاك بوجه طلق)، ويروى: (طليق) بكسر اللام فيهما، ويقال: " طلق) بسكونها، وهو المنبسط السهل.
فيه الحض على فعلِ الخير، قلّ أو كثر، وألا تحقر منه شيئأ، وهذا كما قال تعالى:
{ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ فَرَّةٍ خَيْرَا يَرَهُ} (1).
وفيه أن طلاقة الوجه للمسلمين والانبساط إليهم محمود مشروع مثاب عليه، وبخلافه التجهم[ لهم] (2) والازوراء عنهم إلا لغرض كنبى، وكفى بخُلق نبينا - عليه السلام - فى ذلك، وبما وصفه الله به ونزهه عنه من قوله: { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَفوا مِنْ حَوْلِك} (3).
(1) 1 لزلزلة: 7.
(2) غير واضحة فى ز.
(3) ال عمران: 159.
(8/106)
كتاب البر والصلة / باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام
107
(44) باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام 45 1 - (2627) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا عَلِى بْنُ مُسْهِر وَحَفْصُ بْنُ غيَاث، عَنْ بُرَيْد بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، ً إِذَا أَتَاهُ طَألِبُ حَاجَةٍ، أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائهِ فَقَالَ: " اشْفَعُوا فَلتُؤْجَرُوا، ولَيَقْضِ الله عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَأ أَحَبَّ).
وقوله: (اشفعوا فلتؤجروا، ويقضى الله على لسان نبيه ما أحب): الشفاعة لاَصحاب الحوائج والرغبات عند السلطان وغيره مشرِوعة محمودة مأجوِر عليها صاحبها بشهادة هذا الحديث، وشهادة كتاب الله بقوله: { من يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةَ} (1) على أحط ا لتأ ويلين.
وفيه أن معونة المسلم فى كل حال بفعل أو قول فيها أجر، وفى عموم الشفاعة للمذنبين، وهى جائزة فيما لا حد فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كما له العفو عنه ابتداء، وهذا فيمن كانت منه الذلة والفلتة، وفى أهل الستر والعفاف، ومن طمع بوقوعه عند السلطان والعفو عنه من العقوبة أن يكون له توبة، واْما المُصِرون على فسادهم، المستهزئون فى باطلهم، فلا تجوز الشفاعة لاءمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم، ليزدجروا عن ذلك، وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم وقد جاء الوعيد فى الشفاعة فى الحدود
(1)1 لنساء: 85.
108
(8/107)
كتاب البر والصلة / باب استحباب مجالسة الصالحين...
إلخ
(45) باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء 46 1 - (2628) حدثنا أبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَقَ! حَد، شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ بُرَيْد بْنِ
عَبْد الله، عَنْ جَدِّه، عَنْ أبِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) خ وَحَدهَّشَا مُحَمَّدُ بْنُ العًلاءِ الهَمدَانِىُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنَا أبُو اشَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عَنْ أبى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إنَّمَا مَثَلُ الجَليسِ الصَّالِغِ وَالجَلًيسِ السًّوْء، كَحَامِلِ المِسْك وَنَافِخِ الكِيرِ.
فَحَامِلُ المسْكِ إمَّأ أنْ يُحْذيَكً، ! إمَّأ أنْ تَبتَاعَ مِنْهُ، وَإمَّأ أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريخاَ طيَبّةً.
وَنَافِخُ الكِيرِ إمَّأ أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإمَّأ أنْ تَجِدَ رِيخا خَبِيثَة).
وقوله: فى تمثيل الجليس السوء والجليس الصالح بحامل المسك أو نافخ الكير: فيه تجنب خلطاء السوء ومجالسة الأشرار وأهل البدع والمغتابين للناس ؛ لاءن جميع هؤلاء ينفذ أثرهم إلى جليسهم، والحض على مجالسة أهل الخير وتلقى العلم والأدب، وحسن الهدى والاءخلاق الحميدة.
وقوله: (فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما ان تجد منه ريحا طيبة)، قال الإمام: جمهور الفقهاء على طهارة المسك وجواز بيعه.
وقال قوم بنجاسته والدليل عليهم قوله هاهنا: " وإما أن تبتاع منه)، والنجس لايباع ؛ ولاءنه ( صلى الله عليه وسلم ) استعمله، ولو كان نجسا لم يستعمله، والناس فى الأعصار الماضية ما اْحد منهم ينكر استعماله، فدذَ ذلك كله على طهارته.
وقوله: " إما أن يحذيك): يقال: اخذيت فلانا، بمعنى أعطيته.
قال القاصْى: قد ذكر بعض أئمتنا الإجماع على طهارة المسك وطهارة فارغه، وهى جلده التى يوجد فيها، وهى قطعة ميتة أو صيد غير مسلم له حكم الميتة.
وكذلك توضح قطعها من الغزالة حال الحياة، فما اْخذ من الحى وقطع منه فهو ميتة، وكيف ولا يصح أخذها منه حال الحياة، ثم الشىء المجتمع فيه دم متعفن نجس أو مواد حكمها حكم ذلك، كما يجتمع فى الجراحات، ولا معقل عند المحققين من الفقهاء على طهارته إلا على الإجماع باستعماله، والثناء عليه وعلى ريحه وبائعه ومبتاعه ومستعمله ؛ ولذلك قال بعض أئمتنا: هى نجسه لكن يصلى بها، يعنى اْنه مما خص وعفى عنة شرعا، والقياس يقضى بنجاسته، وصحة الآثار والاقتداء يقضيان باستعماله، وما روى من كراهة العمرين له فليس فيه نص على نجاسته عندهما، ولا يصح الخبر بذلك عنهما، بل صح قسمة عمر بن الخطاب له علي
(8/108)
كتاب البر والصلة / باب استحباب مجالسة الصالحين...
الخ
نساء / المسلمين.
والمعروف عن ابن عمر استعماله، ولا تعويل على قول من قال من شيوخنا فى تعليل طهارته: إنه متولد من الحيوان، يؤخذ منها حال الحياة كالبيض، فهذا قياس فاسد وتمثيل لا يصح ؛ فإن البيض ينفصل بنفسه حال الحياة غير متصل بجسد الحيوان، وهو كالمولود إذا خرج وانفصل كان طاهراً فى نفسه، وأما فارة المسك فقطعة من جلد الحيوان.
ولايعول أيضا على قول من قال: هو جاف ولا يضره المحل النجس، فإن المسك فى أصله ليس فى صوابه ولو كان جافا لكانت جلدة الحيوان تنجسه د نما أصله رطب دإنما يجففه المكث بعد جلبه وبقائه الزمان فى صوابه (1)، - ولو كان جافا لكانت جلدة الحيوان تنجسه لاءنها رطبة لظاهر جعل فى وعاء رطب نجس، ولذلك لا تعويل على قول مَن قال: إنه منقلب عن الدم متحول العين كالخل والخمر، فإنا لو سلمنا هذا لبقى علينا تنجيس طرفه وهو قطعة جلد الميتة الرطبة التى فيها، بخلاف دن الخمر ؛ لاءن دن الخمر إنما ينجس أولا بنفس الخمر لا بغير ذلك، فلما انقلبت خلاًا نقلبت سائر الأخرى التى داخلته ونجسته.
قيل خلاَف ذاك الحكم جملة، ولو كان الدن نجسا بنجاسة أحد لما تطهرت الخمر إذا تخللت (2) فيه ولا الدن أبدًا، فلم يبق للقياس فى طهارة المسك وفارته مجال إلا التسليم واتباع السنة، وقبول الرخصة، واستثناء طهارته من هذه الأبواب، والاقتداء فى ذلك بصاحب الشريعة، ! إجماع اْمته على طهارته.
(1) فى الأبى: وعائه.
(2) فى الأبى: تحللت.
56 / ب
(8/109)
كتاب البر والصلة / باب فضل الإحسان إلى البنات
(46) باب فضل الإحسان إلى البنات
147 - (2629) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَه بْن قُهزْاذَ، حَدثنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، اخبَرَنَا عَبْدُ الله أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ شهاب.
حَدثنِى عبْدُ الله بْنُ أبِي بَكْرِ ثنِ حَزْم، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ.
ح وَحَد، شِى عَبْدُ اللَّه بْنِ بهْرَامَ وَأبُوبَكْرِ بْنُ إسْحَقَ - وَ اللَّفْظُ لَهُما - قَالا: أخْبَرَنَا أبُوَ اليَمَانِ، أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَن الزّهْرىّ، حَدثنِى عَبْدُ الله بْنُ أبِى بَكْر؛ أنَّ عُرْوَةَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عَائشَةَ - زوْجَ النَّبِىًّ (صلى الله عليه وسلم) - قَالَتْ: جَاَءَتْنى امْرَأةٌ وَمَعَهَا ابنْتَانِ لَهَا، فَسَألَتْنِى فَلَمْ تَجدْ عنْدى شًيْئأ غَيْرَ تَمْرَة وَاحِدَة فَا"عْطَيْتُهَا إِيَّاهَا، فَاخنَتْها فَقَسَمَتْها بَيْنَ ابْنَتَيْها، وَلَمْ كلْ منْهَا شًيْئاَ، ثُمَ قَامَتْ فَخَرَجَتْ وَابنتاهَا، فَدَخَلَ عَلَى التبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَحَلَّئتُهُ حَلِيثَهَا، فَقَالَ ابنَّيِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنِ ابْتُلِىَ مِنَ البَنَات بِشَىْءٍ، فَا"حْسَنَ إِلَيْهِن، كُنًّ لَهُ سِتْرأمِنَ التارِ).
48 1 - (2630) حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا بَكْرٌ - يَعْنِى ابْنَ مُضَرَ - عَنِ ابْنِ الهَاد ؛ انَّ زِيَادَ ابْنَ أَبِى زِيَادٍ - مَوْلَى ابْنِ عًيَّاًشٍ - حَدةَلهُ عَنْ عِرَاك بْنِ مَألِك، سَمِعْتُهُ يُحَدًّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ عَنْ عَائشَةَ ؛ أتهَا قَالتْ: جَاءَتْنِى مِسكِينَةٌ تَحْمِلُ ابنَتيْنِ لَها، فَاع طعَمْتُهَا ثَلاثَ تَمَرَات، فَأعْطَت كُلَّ وَاحدَة منْهُما تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلَى فيها تَمْرَة لِآكُلَهَا، فَاسْتَطعَمَتْهَا ابنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةً، ً الَّتِى كاَنَتْ تُرِيدُ أنْ تَا"كُلَهَا، بَيْنَهُما، فَأعجَبَنى شَأنُها، فَذَكَرْتُ الَّذى صَنَعَتْ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (إن اللهَ قَدْ أوَجَبَ لَها بِها الجَتةَ، أوْ أعْتَقَهَا بِها مِنَ الَئارِ).
49 1 - (2631) خدثنى عمْرو الناقِد، حدثنا ابو أحْمد الزبيرِى، حدثنا محمد بن
وقوله: (مَنْ ابتلى مِنْ هذه البنات بشىء فأحسن إليهن، كنَّ له سترا من النار) و"مَنْ
عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين) وضم أصابعه، يعنى يقال: قام عليها ومأنها وأنفق عليها، ولعلها مأخوذة من العول وهو العوب، قال الله تعالى: { أَدْنَى أَلاَّ تَعولُوا} (1) وقال عليه السلام: (وابدأ بمن تعول " (2)ْ
(1)1 لنساء: 3.
(2) سبق فى كالزكاة، ببيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى برقم (95، 97)، أحمد فى مسنده 2 / 94 من حديث ابن عمر.(8/110)
كتاب البر والصلة / باب فضل الإحسان إلى البنات
111
عَبْد العَزِيزِ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ عَالَ جَاَرِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ) وَضًمَّ اصَابعَهُ.
قال الإمام: قال صاحب الأفعال: عال الحاكم عولأَ: جار، والسهم عن الهدف والميزان: مالا، والفريضة: مالت، والرجل قمت بمؤنته عولا، والشىء عول عليك: ثقل، وعال الرجل عليه (1) افتقد، والشىء عيلأ: أعجزك، والضالة عيلاً وعيلانا: لم أثر أين أطلبها، وعيل الصبر: غلب.
والذى يصح أن يراد من هذا الحديث: القيام بالمؤنة.
قال القاصْى: قد جعل - عليه السلام - فى هذه الأحاديث من الفضل لمن قام على البنات ما جعلن له أو لغيره، وقد جاء فى الحديث الثانى فى غير الأم: (مَنْ عال يتيما).
وقوله ة (جاء يوم القيامة أنا وهو) وضم أصابعه، جاء فى غير الحديث: "كهاتين) يريد: رفاقته معه فى الجنة، أو دخوله معه إياها فى أول من يدخل، وكفى بهذا فضلأ ولذلك فى الحديث الاَخر: " كُن له حجابا من النار ".
(1) فى المعلم: عيلة.
112(8/111)
كتاب البر والصلة / باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه
(47) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه
150 - (2632) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهابٍ،
عَنْ سَعيد ثنِ المُسَيَّب، عَنْ أَبى هُرَيْرَة، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاً يَمُوتُ لأِحَد مِنَ المُسْلِمِينً ثَلاَثَةومِنَ الوً لَدِ فَتَمَسًّهُ النَّارُ، إِلا تَحِلَّةَ القَسَم).
(... ) حدّثنا أَبُوبَكْر بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْزو الئاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالُوا: حَد، شا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة.
ح وَ حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ رافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعمَرٌ، كلاهُمَا عنِ الزُّهْرِىِّ، بإسْنَادِ مَالِك وَبِمَعْنَى حَدِيثِهِ.
إلا أَنَّ فِى حَلِيثِ سُفْيَان: (فَيَلِجَ النَّار، إِلا تَحِلَّةَ القَسَم).
151 - (... ) حدثّنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَد، شَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّد - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أًنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لِنِسوَة مِنَ الأنْصَارً: ا لا يَمُوت لإِحْدَاكُنَّ ثَلاَثَةٌ مِنَ الوَلَدِ فَتَحتَسِبَهُ، إِلا دَخَلًتِ الجّنَة).
فَقَائَتِ امْرَأةٌ مِنْهُنَّ: أوِ اثْنَيْن يَارَسولَ اللهِ ؟ قَالَ: (اوِ اثْنَيْنِ).
2 5 1 - (633 2) حدّثنا أبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، حَد، شَا ائو عَوَانَة،
عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأصبَهَانى، عَنْ أبِى صَالِحِ ذَكْوَانَ، عَنْ ابِى سَعيد الخُدْرِىِّ، قَالَ: جَأءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَ!بَ الرِّجَألُ بحًدِيثك، فَاجْعَل وقوله: ا لايموت لأحد من المسلمين[ ثلاثة] (1) فتمسه النار، إلا تحلة القسم):
أى ما تحلل به القسم وهو اليمين، وجاء تفسير القسم فى الحديث، قوله: { وَإن فِنكُمْ إِلاَّ وَارِذهَا} (2) دإلى هذا ذهب أبو عبيد وغيره والقاسم قوله عند بعضهم: { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهمْ وَالمثئَيَاطِ!ين} أول الاَية (3)، وقيل فى قوله: { وَإِن مِّنكُمْ} أى: فو الله إن منكم، وقيل: دل ل ى!4 قول: { حَتْمًا مَّقْفميًّا} فسره الحسن وابن مسعود قسمأ واجبأ وقال ابن قتيبة: معناه: التعليل لاَمر ورودها.
َ " وتحلة القسم " تستعمل فى هذا فى كلام العرب، واحتج بهذا وقد يحتمل فوله: (إلا تحلة القسم): أى ولا تحلة القسم، أى لا يمسه قليلاً ولا مثل تحلة القسم، كما قيل فى قوله: (إلا الفرقدان)، أى: ولا الفرقدان.
(1) مثبتة من الحديث المطبوع.
(2) مريم: 71.
(3) مريم: 68.(8/112)
كتاب البر والصلة / باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه 113 لَنأ مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَ التِيكَ فِيِه، تُعَلِّمُنا ممَّا عَلَّمَكَ اللهُ.
قَالَ: (اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا ".
فَاجْتَمَعْنَ، فَا"تَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَعَلًّمهُنَّ مِمَّا عَلَّمَه اللهُ.
ثُمَّ قَالَ: " مَا مِنْكُن مِنِ امْرَاة تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْها، مِنْ وَلَدِهَا، ثَلاثَةً، إِلا كانُوا لَها حِجَابأ مِنَ النَّارِ " فَقَالَتِ امْرَأةٌ: وَ ائنَيْنِ، وَاثْنيْنِ، وَاثْنيْن ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " واثْنيَنِ، واثْنَيْنِ، وَاثْنَينِ ".
153 - (2634) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر.
ح وَحَدءَّننَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ معاذ، حدثنا أَبِى، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الا"صْبَهَانِىِّ، فِى هَذا الإِسْنَاد، بِمِثْلِ مَعْنَاهُ.
وَزَادَا: جَمِيعا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الاع صْبَهَانِىِّ، قَالَ: سَمِعتُ أَبًا حَازِأ يُحَدِّثُ عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ قَالَ: (ثَلاَثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ) 154 - (2635) حدّثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلى - وَ تَقَارَبَا فىِ اللفْظِ - قَالا: حَد"ننَا المُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أً بِى السَّلِيلِ، عَنْ أَبِى حَسَّانَ، قَالَ: قُلتُ لأبِى هُرَيْرَةَ: إٍ نَه قَدْ مَات لِى ابْنانِ، فَمَأ أَنْتَ مُحَدِّثِى عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بحَدِيث تُطيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ موْتَانَا ؟ قَالَ: قَالَ: نَعَمْ (صِغَارُهُم دَعَاميصُ الجَنَّةِ، يَتَلَقَّى أَحَلصمْ أبًاه - اوْ قَالَ: أبَوَيْهِ - فَيَأخُذُ بِثَوْبِه - أوْ قَالَ بِيَلِهِ - كَمَا اخذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ هَذَا، فَلاَ يَتَنَاهَى - أَوْ قالَ: فَلاَ يَنْتَهِى - حَتَّى يُدْخِلَهُ اللهُ وَأَباهُ الجَنَّةَ لما.
وَفِى رِوَايَةِ سُوَيْدٍ قَالَ: حَد، شا ابُو السَّليل، وَحَدحَّشيه عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَد"ننَا يحيى - يعنِى ابْنَ سَعِيد - عَنِ التيْمِى، بِهذَا الإِسْنَادِ.
وقَالَ: فَهَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئأتُطيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنا عَنْ مَوْتَانَا ؟ قَالَ: نَعَم.
وقوله: (فما يتناهى - أو قال: ينتهى - حتى يدخله الله وأبويه الجنة) هما بمعنى،
اى: ما يترك أخذه بيد أبويه.
قال الإمام: قال بعض أهل العلم: المراد به قوله تعالى: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِفىُ هَا} (1) فالمراد هنا الوقوف عليها، وقيل: يمرون عليها وهى خامدة، وقيل: يمرون على الصراط، وهو جسر عليها، وقيل: هو ما يصيبهم فى الدنيا من الحمى، لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): " إن الحمى من فيح جهنم " (2).
وجعله أبو عبيد أصلاً فى الرجل
(1) مريم: 71.
(2) سبق فى كالسلام، بلكل جاء دواءبرقم (80).(8/113)
114 كتاب البروالصلة / باب فضل من يموت له ولدفيحتسبه 155 - (2636) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأبُو سَعيد الأشَج - واللَّفْظُ لابِى بَكْر - قَالُوا: حَد*شَا حَفْض - يَعْنُونَ ابْنَ غِيَاث.
ح وَحَد*شَا عُمًرًُا بْنُ حَفْصِ بْنِ غيَاثٍ، حَدّثنَا أَبِى، عَنْ جَلِّه، طَلق بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَت امْرَأَةٌ الَنَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِصَبِى لَها.
فَقَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللهِ، ادع اللهَ لَهَ، فَلَقَدْ دَفْنتُ ثَلاَثَة.
قَالَ: (دَفَنْتِ ثَلاثَةً ؟).
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: ا لَقَدِ يحلف ليفعلن كذا باْنه يبوء (1) بالقليل، وهو خلاف مذهب مالك.
واْما قوله: ا لم يبلغوا الحنث): قيل: معناه: قبل اْن يبلغوا فيكتب عليهم الإثم.
وقوله: قلت لأبى هريرة إنه قد مات لى اثنان، فما أنت محدثى عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بحديث تطيب به أنفسنا عن موتانا.
قال: نعم " صغارهم دعاميص الجنة) قال الإمام: اْما اْطفال المؤمنين الذين لم يبلغوا الحلم فأولاد الأنبياء صلوات الله عليهم منهم، قد تقرر الإجماع على أنهم فى الجنة، وكذلك جمهور العلماء على اْن اْولاد من سواهم من المؤمنين فى الجنة، وبعضهم ينكر الخلاف فى ذلك ويتعلقون بظاهر القرار، وما ورد فى بعض الأخبار، وقال عر من قاشل: { وَالَّذِينَ آمُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ فرِّيَّتهُم بِإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ فرِّيَّتَهُمْ} (2)، وبعض المتكلمين يقف فيهم ولا يرى نصا قاطعأ مقطوعا به ورد بكونهم فى الجنة ولم يثبت عنده الإجماع فيقول به.
وقوله: (دعاميص الجنة): قال: الدعاميص دابة الماء.
قال القاضى: سياْتى بقية الكلام فى الأطفال بعد هذا ما سيبقى منه، والخلاف فى أولاد المشركين.
وهذا الباب ليس من العمليات التى يلزم التعويل فيها على اْخبار الاَحاد والظواهر وغلبات الظنون والقطع فيها متعذر، ولا يبعد فى دليل العقل على مذهب أهل السنة رحمة الله لجميعهم حتى مؤمنيهم وكافريهم، وتنعيم جميعهم فى الجنة وما شاء من ذلك، وإنما يفسر هذا التجويز والقول على مذاهب اْهل البدع فى تحكيم العفول فى هذه الأبواب، وتعويلهم على التحسين والتقبيح والتعديل والتجويز والصلاح والأصلح، وحكمهم على الله بآدابهم فى سلطانه وقدرته ومشيئته وحكمته وطمعهم فى مشاركته فى علم قدره وغيبه.
وقوله: (فيأخذ بثوبه كما آخذ بصنفة ثوبك): وصنفة الثوب: طرفه.
وقوله: (فلا يتناهى - أو قال: ينتهى - حتى يدخله الله وأبويه الجنة " اْى ما يترك ذلك، يقال: انتهى وتناهى واْنهى بمعنى.
(1) فى المعلم: يبرأ.
(2) ا لطور: 21.(8/114)
كتاب البر والصلة / باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه
115
احْتَظرتِ بِحِظَارِ شَدِيدِ مِن النَّارِ).
قَالَ عُمَرُ، مِنْ بَيْنهِمْ: عَنْ جَدِّهِ.
وَقَالَ الباقُونَ: عَنْ طَلقِ.
وَلَمْ يَذْكُرُوا الجَدَّ.
156 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَزُهَيرُ بْنُ حَرْبِ، قَالا: حدثنا جَرِيرٌ عَنْ طَلقِ
ابْنِ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِىِّ أَبِى غياث، عَنْ أبِى زرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِير، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَت امْرَأَة إِلَى الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بَابْنِ لَهَا.
فقَالَتْ: يا رَسُولَ الله، إنّهُ يَشْتَكِى، صاِنِّى اخافُ عَلَيْهِ، َ قَدْ دَفَنْتُ ثَلاثَةً.
قالَ، ا لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحظِارِ شَدِيدِ مِنً الَنَّارِ).
قَالَ زُهَيْر: عَنْ طَلقِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ الكنيَةَ.
وقوله: ا (احتظرت بحظار شديد من النار) اْى امتنعت منها والحظار كالحائط حول البساتين وغيرها، من عيدان وقضبان يصغر ويخطر بها عليها.
وقوله: ثم قال بعد ذلك لما سئل: (اْو اثنين) يحتمل أنه أوحى إليه اْولا بثلاث،
ثم بعد ذلك لما سئل باثنين، وقد جاء اْثر أنه سُئل فى واحد فقال: (اْو واحد) وعليه يدل معانى غيرها من الأحاديث، ويُحتمل أنه - عليه السلام - قاله ابتداء، للأتم لاءمته ؛ لا"ن ثلاثا أول الكثرة، فأخبرهم بذلك الثلاثة كل مَنْ مات له ولد على شفاعته ودخره، وسكت عما وراءه، فلما سئل أعلم بما عنده فى ذلك.
وفى قولها: أو اثنان بعد ذكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك فى الثلاثة، وهى من أهل اللسان،
دليل على أن تعلق الحكم بعدد ما لا ينفيه من جهة دليل الخطاب عمن عداه من العدد كان أقل اْو أكثر.
قوله: (فتحتسبه): يدل أن هذا الاَجر إنما هو لمن احتسب أجره على الله وصبر.
والاحتساب والحسبة والحساب بالكسر: ادخار الأجر عند الله وأن يعتد مصابه ويحسبه من حسناته، وهو ماْخوذ من الحساب.
116(8/115)
كتاب البر والصلة / باب إذا أحب الله عبدا...
إلخ
(48) باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده 57 1 - (2637) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب حَدثنَا جَرِيرو، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَفَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا، دَعَا جبْرِيلَ فَقَالً: َ إِنِّى أُحبُّ فُلانًا فَأصدا.
قَالَ: (فَيُحبُّهُ جِبْريلُ، ثُمًّ يُنَادى فِى السَّمَاءِ فَيَقُولُ: إِنَّ الَلهَ يُحِبُ فُلانا فَأحِبُّوَ! فَيُحِئهُ أَهْلُ السَّمَاءِ).
قَالً: (ثَمًّ يُوضَعُ لَهُ اَلقَبُولُ فِى الا"رْضِ.
يإِذَا أبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جبْرِيلَ فَيَقُولُ: إِنِّى!لغِضُ فُلانًا فَأبْغِضْهُ).
قَالَ: (فَيُبغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادى فِى أَهْلِ السًّمَاءِ: إِنَّ اللهَ يُبْغِضُ فُلانَا فأبْغِضُوه دا.
قَالَ: (فيبغِضُونهُ، ثُمَّ توضَعُ لَهُ البَغْضًاءُ فِى الا2 رضِ).
(... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد*شَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِىَّ - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدءَّلنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِىًا لدَّرَاوَرْدِىَّ.
ح وَحَد*لنَاهُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرو الأشعَثِىُّ، أَخْبَرَنَا عَبْثَرٌ، عَنِ العَلاءِ بْنِ المُسَيَّب.
ح وَحَدثنِى هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِى، حَدعشًا ابْنُ وَهْب، حَدَّثنى مَالِكٌ - وَهُوَ ابْنُ أَنَسٍ - كُلُهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ، بِهذَا الإِسْئاد.
غَيْرَ أنَّ حَديثَ العَلاء ابْنِ المُسَئبِ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ البُغْضِ.
وقوله: " إذا أحب الله عبداً دعا جبريل: إنى أحبه فأحبه) إلى قوله: دا فوضع له القبول فى الأرض): وقال مثله فى البغض.
محبة الله عبده: إرادة الخير به فى الدنيا والآخرة، من هدايته له وإنعامه عليه ورحمته له، وبغضه له: أراد به شفاء عقابه وسْقاوته فى الدنيا والاَخرة، وقد تكون محبة جبريل والملائكة على وجهها من معنى المحبة وظاهرها التى تليق بالمخلوقين، ويتنزه عنها الخالق، وهو ميل النفس ونزوع الروح والقلب إليه وحبه لقاءه، واْنه لما كان ممن أطاع وأحبه الله كان ممن يجب اْن يكون مع جبريل والملائكة متحابين في الله.
وقد يكون من جبريل والملائكة استغفارهم له، وذكرهم الجميل فى الملأ الأعلى له ودعائهم له.
وقوله: " فيوضع له القبول فى الأرض " وهو الرضا والحب فى القلوب، اْى تقبله وتميل اليه، ولا تنفر عنه ولا ترده، قال الله تعالى: { لمحمئلَهَا رَبّهَا بِقَبُولٍ حَسَن} (1)، اْى: رضى.
قال أبو عمر: هو مصدر، ولم اسمع غيره بالفتح فى المصدر.
وقد جاء فى رواية القعنبى مفسراً: فتوضع له المحبة.
(1) ال عمران: 37.(8/116)
كتاب البر والصلة / باب إذا احب الله عبدا...
إلخ 117 158 - (... ) حدَّثنى عَمْروٌ النَّاقِدُ، حَد، شَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا عبْدُ العَزِيزِ بْنُ
عَبْد اللهِ بْنِ أَبِى سَلَمَةَ، الماجشُونُ، عَنْ سُهَيل بْنِ أَبِى صَالحٍ، قَالَ: كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ ابْنُ عَبْد العَزِيز وَهُوَ عَلَى المًوْسِم، فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِليه.
فَقُثتُ لا"بِى: يَا أَبَت، إِنَى أَرَى اللهً يُحبُّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ.
قَال: وَما ذَاكَ ؟ قُلتُ: لِما لَهُ منَ الحُبِّ فىَ قُلُوبِ النَّاسِ.
فَقَالً.
بِا"بِيكَ أنْت، سَمعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُول اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
ثُمًّ ذَكَرَ بمثْلِ حَدِيث جَرِيرٍ عَنْ سُهَيْلِ.
وقوله: " وهو على الموسم " يعنى الحج بالناس، سمى بذلك من الوسم وهى العلامة، ومنه: مواسم الأسواق: علاماتها التى يجتمع اليها الناس، أو تكون إشارة إلى الإهلال الذى هو علامة الحج.
118(8/117)
كتاب البر والصلة / باب الاَرواح جنود مجندة
(49) باب الأرواح جنود مجندة 59 1 - (2638) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّد -
عَنْ سُهَيْل عَنْ أبيه، عَنْ أِبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الأرْوَلىُ جُنُودٌ مُجَنَّدَة، فَما تَعَارَفَ مِنْهَا اَئْتًلَفَ، ومَأ تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).
160 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ، حدثنا كَثِيرُ بْنُ هشَابم، حدثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ الا"صَمِّ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ بحَديث يَرْفَعُهُ.
قَالَ: (النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّة والذَّهَبِ، خيَارُهُمْ فِى الجَاهلِيَّةَ خيَارهُمْ فِى الإِسْلام إِذَا فَقُهُوا.
وَالأرْوَلُ جُنُود مُجَنَّدة، فَمَا تَعَاَرَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، َ وَ مًأ تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).
58 / اْ
وقوله: " الاَرواح جنود مجندة) أى أجناس مجنسة (فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف): قيل: معنى (أجناد مجندة): أى جموع مجمعة، وقيل: أجناس مختلفة.
هذا التعارف لاءمر جعله الله فيها وجبلها عليه، وأشبه ما فيه أن يكون تعارفها موافقة صفاتها التى خلقت عليها، وتشابهها فى شيمها التى خلقت بها، وقيل: تعارفها أنها خلقت مجتمعة، ثم فصلت / فى أجسادها كل قسم فى جسدين، فمن وافق قسمه ألفه، ومن باعده نافره، وقيل: هو ما يعرف الله به إليها من صفاته ودلها به عليه من لطفه وأفعاله، فكل زوج عُرفَ من الإجزاء به تعرف إلى الله بمثل ما تعرف هو به إلفه.
وقال الخطابى: تاَلفها: هو ما خلقها عليه من السعادة اْو الشقاوة فى المبدأ الاَول.
وفيه تقدمها على خلق الاَجساد، كما جاء فى الحديث، وأخبر أنه قسمها قسمين: مختلفة ومؤتلفة.(8/118)
كتاب البر والصلة / باب المرء مع من أحب
119
(50) باب المرء مع من أحب
161 - (2639) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حدثنا مَاللث عَنْ إِسْحَقَ بْنِ
عَبْد الله بْنِ أَبِى طَلحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، أَن أَعْرَابِياً قَالَ لِرَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): منى الساَعة ؟َ قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا أَعْلَدْتَ لَهَا ؟) قَالَ: حُبَّ اللهِ وَرَسُولِهِ.
قَالَ ة ا أنتَ مَعَ مَنْ احْبَبتَ).
162 - (... ) حدّثنا أَبُوبَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرؤالنَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنِ الًزُّهْرِىِّ، عَنْ أَنَس، َ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَارَسُولَ اللهِ، مَتَى السئَاعَةُ ؟ قَالَ: (وَمَا اءْرَرْت لَهَا ؟) فَلَمْ يَذْكُرْ كَبِيراً.
قَالَ: وَلَكِئى أحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ.
قَالَ: (فَأنْتَ مَعَ مَنْ احْبَبْتَ).
(... ) حَد*شيه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنا.
وَقالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَد"شَا - عَبْدُ الرًّ زًّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ، عَنِ الزُّهْرِىًِّ، حَدثَّنِى أثَسُ بْنُ مَالك ؛ أنَ رَجُلأ مِنَ الاعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، بمِثْلِه.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا اءْرَرْتُ لَهَا مِنْ كَثِيرٍ احْمَدُ عَلَيْهِ نَفْسِى.
163 - (... ) حدّثنى أَبُو الرئيعِ العَتَكِىُّ، حَد*شَا حَمَّاد - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - حَدثنَا ثَابِت!البُنَانِىُّ، عَنْ أنَس بْنِ مَالِك، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ ة يَا رَسُولَ الله، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ: (وَ مًا أَعْددتَ للِسَّاعَةِ ؟) قَالَ: حُبًّ اللهِ وَرَسولِهِ.
قَالَ: "فَإِنًّكَ مَعَ مَنْ احْبَبْتَ).
وقوله فى الذى سأله عن الساعة، ففال: " ما أعددت لها ؟) فقال: ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة ولكنى أحب الله ورسوله قال: (فأنت مع مَنْ أحببت)، وفى الحديث الاخر: " المرء مع مَنْ أحث) فيه أن محبة الله ومحبة نبيه الاستقامة على طاعتهما وترك مخالفتهما، داذا أحبهما تأدب بأدب سْريعتهما، ووقف عند حدودهما وفى حبه لله ولنبيه ولمن اْحبه من الصالحين وميله بقلبه إليهم، إنما ذلك كله لله تعالى، وطاعة له وئمرة صحة ايمانه، وشرح قلبه، وهو من اْعظم الدرجات وارفع منازل الطاعات، ومن أعمال القلوب التى الاسر عليها أعظم من أجر أعمال الجوارح، صاثابة الله على ذلك ان رفع إلى منزلة مَنْ أحبه فيه، وإن لم يكن له اْعمال مثل أعماله، وهو فضل الله يؤتيه من يشاء.(8/119)
120 كتاب البروالصلة / باب المرءمع من أحب قَالَ أَنَس!: فَمَا فَرِحْنَا، بَعْدَ الإِسْلام، فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْل النبِى ( صلى الله عليه وسلم ): "فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ ".
قَالَ أَنَس!: فَاع نَا احِبُّ اللهَ !رَسُولَهُ، وَأَبا بَكْرٍ وَعُمَر، فَأَرْجُو، ك!نَ مَعَهُمْ، دانْ لَمْ أَعْمَلْ بِاعمَالِهِمْ.
(... ) حلّطناه مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْد الغُبَرِىُّ، حَد!شَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمانَ، حدثنَا ثَابِتم لبُنَانِىُّ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِىِّ (صلى الله عليه وسلم).
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ أَنَس: فَا"نَا أُحِبُّ.
وَمَا بَعْدَهُ.
164 - (... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عثمَانُ: حَد 8شَا - جَرِير!عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِم بْنِ ابِى الجَعْدِ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِك قَالَ: بَيْنَمَا أنَا وَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَارِجَيْنِ مِنْ المَسْجِد، فَلَقينَا رَجُلاً عِنْدَ سُدَّةِ المَسجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (مَا اعْدَدْتَ لَهَا ؟ لا.
قَالَ: فَكَأنَّ الرَّجُلَ اسْتكَانَ.
ثُمَّ قَالَ: يَارَسُولَ الله، مَا أَعْلَدْتُ لَهَا كبِيرَ صَلاة وَلا صِيَامٍ وَلا صَدَقَةِ، وَلكِنِّى احِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ.
قَالَ: (فَا"نْتَ مَعَ مَنْ أحْبَبْتَ ".
(... ) حدثّنى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ اليَشْكُرِىُّ، حَد، شَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمانَ
ابْنِ جَبَلَةَ، أَخْبَرَنِى أبِى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِم بْنِ أَبِى الجَعْدِ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوهِ.
(... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ، حَدثناَ أبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس.
ح وَحَدثنا ابْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمْدتُ أَنسأ.
ح وَحَد، شَا أَبُو غَسَّانَ المِسْمَعى وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنى، قالا: حَدثنَا مُعَ اللا - يَعْنِى ابْنَ هِشَامٍ - حَدثنى أبِى، عَنْ قَتَالَةَ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَذَا الحَديثِ.
65 ا - (2640) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَ إسْحقُ بْنُ إِبرَاهيمَ - قَالَ إسْحقُ: اخْبَرَنَا.
وَقَالَ عثمَانُ: حَا شَا - جرِير!، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ ابِى وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: وقوله ت (ما أعددت لها كثير صلاة ولاصوم ولاصدقة) يزيد فيما زاد على الفرائض، والله أعلم.
لكن فى حبه لله تعالى ولرسوله بما ذكرناه من أعظم العبادة وأفضل(8/120)
كتاب البروالصلة / باب المرءمع من أحب 121 جَاءَ رَجُل إِلِى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، كَيْفَ تَرَى فِى رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْمَا وَلَمْ يَلحَقُ بِهِم ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " المَرءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ".
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدهَّشَا ابْنُ ابِى عَدِىٍ.
حِ وحَدَّثنِيهِ
بِشْرُ بنُ خَالد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ - كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
ح وحَد*شَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدءَّننَاً أَبُو الجَوَّاب، حَد"ننَا سُلَيْمانُ بْنُ قَرْمٍ، جَميعًا عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِى وَائِل، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
(2641) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبَو كُرَيْبٍ، قَالا: حَد*شَا أَبُو مُعَاوِيةَ.
ح وَحَد - ننَا ابْنُ نُمَيْرِ، حدثنا أَبُو مُعاوِيَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْد، عَنِ الأعمشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: اتَى الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُل.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنِ الالمحمشِ.
اعمال الطاعات، وهوعمل من أعمال القلب، ومحبة الله تعالى من أفضل مقامات الا"ولياء وأعلى!رجات الأصفياء.
122(8/121)
كتاب البر والصلة / باب إذا اْثنى على الصالح...
إلخ
(51) باب إذا أثنى على الصالح فهى بشرى ولا تضره
166 - (2642) حدثنايحيى بْنُيحيى التمَيمىُّ، وَأبُو الرئيع، وَأبُو كَامِل فُضَيْلُ
ابْنُ حُسَيْني - وَاللَّفْظُ ليَحْىَ - قَالَ يحيى: أَخْبَرَنَاَ.
وقَالَ الاَخرَانِ: حَد"شَا - حَمَادُ بْنُ زَيْد عَنْ أبِى عمْرَانَ الجَونىِّ، عنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامت، عَنْ أبِى فَزّ، قَالَ: قيلَ لِرَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ارَأيتَ اَلرَّجُلَ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيرِ، وَيَحمَدُهُ الئاسُ عَلَيْه ؟ قَاً: (تِلكَ عَاَجِلُ بُشْرَى المُؤمِنِ).
(... ) حدثنا أبُو بَكرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ!سحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ عَنْ وَكِيعٍ خ وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر.
حِ وَحَد، شَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَى، حَدثَّنِى عَبْدُ الضَمَدخ وَحَدثنَا اِسحًقُ، أَخْبَرَنَا الئضرُ، كُلُّهُمْ عنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِى عمْرَانَ الجَوْنىِّ، باب!شاد حَمَاد بْنِ زَيْد، بِمِثْلِ حَديثه.
غَيْرَ أنَّ فى حَديثِهم عَنْ شُعْبَةَ، غيْرَ عًبْدَ الصَّمَد: وَيَحَبّه النَّاسُ عًلَيه.
وَفًى حَلِيثِ عًبْدًا لصَّمَدِ: وَيحْمَدُهُ النَّاسُ.
كَمَا قَالَ حَمَّاد.
وقوله للرجل يعمل الخير ويحمده الناس: " تلك عاجل بشرى المؤمن ": اْى عنوان الخير له، ودليل على رضا الله عنه وحبه له، بدليل الحديث المتقدم: (ثم يوضع له القبول فى الأرض) وهذا كله إذا كان حمد الناس له عليه من غير طلبه ذلك ويعرضه له، فإن هذا اْصل الرياء وأعظم الاَفاث لإفساد الأعمال وهلاك العاملين لها وتزيين الشرك.
وقوله: دا تلك عاجل بشرى المؤمن) أى: البشرى المعجلة، ونبه على الموحدة فى الاَخرة بقوله: { بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّات} (1) ء
وقوله: (فلقيت رجلاً عند سدة المسجد (2) فقال: يا رسول الله)، قال الإمام: قال الهروى فى حديث المغيرة بن شعبة اْنه قال: لا يصلى فى سدة المسجد الجامع، يعنى الظلال.
ومنه سُمى إسماعيل السدى ة لا"نه كان يتبع فى سدة الجامع.
وفى الحديث: أن أم سلمة قالت لعائشة - رضى الله عنها - إنك سدة بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وامته، أى باب، فمتى أحبت ذلك الباب بشىء فقد دخل على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى حريمه، ومنه الحديث: فى الذين يردون الوض الذين لا يفتح لهم السد (3) والحديث يقول: " لا يفتح لهم الأبواب ".
(1) الحديد: 12.
(2) سبق فى بالمرء مثأ أحب برقم (164).
(3) سبق فى كالفضائل، بإثبات حوض نبينا كله برقم (40).(8/122)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ
123
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب القدر
(1) باب كيفية الخلق الاَدمى، فى بطن أمه
وكتابة رزقه وأجله وعمله، وشقاوته وسعادته
ا - (2643) حدثنا أَبُو بَكْر بنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدوّرَشَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ.
ح وَحَدهَّشَا مُحَمَّدُ ئنُ عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْرِ الهَمْدَانِىُّ - واللَّفْظُ لَهُ - حَد*شَا ابِى وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيع، قَالُوا: حدثنا اَلأعْمَشُ، عَنْ زَيْد بْن وَهْبِ، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: حَدوّرَشَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - وَهُوَ الصَّادقُ المَصْدُوق: (إنَّ احًدَكُمْ يُجْمَعُ خَلقُهُ فِى بًطنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمَا، ثُمَّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ عَلًقةً مِثلِ ذَلِكَ، ثُمًّ يَكُونُ فِى ذَلِكَ مُضْغَة مثلِ ذَلكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ المَلَكُ فَيَنْفُخُ فيهِ الرُّوحَ، وَيُؤمَرُ با"رْبع كَلِمَات: بِكَتْبِ رِزْقهِ، وَأَجَلهِ، وَعَمًلهِ، وَشَقِى أَوْ سَعِيد.
فَوَالَّنِى لا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدكُمْ لَيَعْمًلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة حَتًّى مَا يَكُوَنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاذرَلٌ، فَيَسْبقُ عَلَيْه الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَاَ.
وَإِنَّ أَحَدكُمْ لَيَعْمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ حَتًّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَا ذِرَلٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ اهْلَ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا).
كتاب القدر
قال القاصْى: وقوله فى حديث ابن مسعود: " إن أحدكم يجمع خلقه فى بطن أمه أربعين يوما ثم ذكر أنه علقة مثل ذلك ومضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله الملك فينفخ فيه الروح بأربع كلمات يكتب (1) رزقه وأجله وعمله وشقى أو سعيد)، وفى حديث ابن مسعود فى الرواية الاَخرى فقال: (إذا مر بالنطفة ثلاث وأربعون - ويروى: ثنتان وأربعون - بعث الله لها ملكا فيصورها " إلى قوله: " يا رب، أذكر أم أنثى ؟) الحديث، وقال فى حديث حذيفة بن أسيد: (يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر فى الرحم بأربعين او خمس واربعين، فيقول: يا رب، أشقى أم سعيد ؟ "، وفى الرواية الاَخرى: (ان النطفة تقع فى الرحم أربعين ليلة، ثم يتسور عليها الملك فيقول: يا رب، أذكر أم أنثى)، وفى روايته الاَخرى: " لبضع وأربعين "، وفى حديث أنس: ن إن الله قد وكل بالرحم ملكا فيقول: أى رب نطفة، أى رب علقة، أى رب مضغة، فإذا أراد أن يقضى خلقا قال: أى رب، ذكرا أو أنثى ؟ شقى أو سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما ال الجل ؟ ": اختلفت ألفاظ هذا الحديث فى مواضع، ولم يختلف أننفخ الرو فيه بعد مائة وعشرين يومأَ، وذلك تمام (1) فى الأبى.
بكتب.
58 / ب
124(8/123)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ
(... ) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إبرَاهِيمَ، كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الحميد.
ح وَحَد، شَا إِسحقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسى بْنُ يُونُسَ.
ح وحَدثَنى أَبُو سَعِيد الاع شَجُّ، حَد، شَا وَكِيعٌ.
ح وَحَد، شَاه عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذٍ، حَد، شَا أَبِى، حَد، شَا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، كُلُّهُم عَن الأعْمَش، بِهَذا الإسْنَاد.
قًالَ فى حديثِ وَكِيع: " إنَّ خَلقَ أَحَدِكُم يُجْمَعُ فِى بَطنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ لَيْلَةً).
وَقالَ فِى حَلِيثِ مُعاذ عَنْ شُعْبَةَ: (أرْبَعِينَ لَيْلَةً أرْبَعِين يَومًا ".
وأَمَّا فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ وَعِيسى: (أربَعِينَ يَومًا ".
2 - (2644) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفظُ لابْنِ نُمَيْر - قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو بنِ دينَار، عَنْ أَبِى الطُّفَيْلً، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيد - يَبْلُغُ بِهِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: (يَدْخُلُ المَلَكُ عَلَىًا لنُّطفةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِر فِى الرَّ 3 بَأرْبَعًينَ، اوْ خَمْسَة وَارْبَعِينَ لَيْلَة، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَشَقِى أَو سَعيد ؟ فَيُكْتَبان.
فَيَقُولُ: أَىْ رَبِّ، أَذَكَرٌ أَو أنْثَى ؟ فَيكْتَبَانِ.
وَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَأجَلُهُ وَرِزْقُهُ، ثُمَّ تُطوَى الصُّحُفُ، فلا يُزَادُ فِيها وَلا يُنْقَصُ لما.
3 - (2645) حدثنى أَبُو الطَّاهرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرو بْنِ سَرْحٍ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخبرنِى عَمْرُو بنُ الحارِث، عنْ ابِى الزبيْر المَكِّى ؛ أَنَ عَامِرَ بْنِ وَاثلَةَ حَد - نهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْن مَسعود يَقُولُ: الشَّقِىُّ من شَقِىَ فِى بَطنِ امِّهِ، والممئَعيدُ مَنْ وعُظَ بغَيرِهِ.
فَأَتَى رَجُلاً مِنْ أَصْحًابِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يُقالُ لَهُ: حُنيفَةُ بْنُ أسيد الَغفارىُّ، فَحَدثهُ بذلك مِنْ قَولِ ابنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَكَيْفً يَشْقى رَجُلٌ بغَيْرِ عَمَل ؟ فَفالً لَهُ الرَّجُلُ: أَتَعْجَبُ مِنْ ذَلكَ ؟ فإنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: َ " إذا مَرَّ بالنطفَة ثنْتَانِ وَأَربَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَاَ مَلَكًا فصَّورَهَا، وَخَلَقً سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلدَهَا وَلَحْمَهَا وَعِظَامَهَا.
ثُمَّ قَالَ: أربعة / أشهر ودخوله فى الخامس، وهذا قد جرب بالمشاهدة، وعليه يعول فيما يحتاج اليه من الأحكام فى الاستلحاق عند التنازع وفى وجوب النفقات على حمل المطلقات، وذلك لتيقنه بحركة الجنين فى الجوف.
وقد قيل: إن الحكمة فى عدة المرأة من الوفاة بأربعة أشهر وعشر، وهو الدخول فى الخامس ليتحقق براءة الرحم ببلوغها هذه المدة وزيادة من زاد فى مجىء الملك أنها بعد زيادة على الأربعين مشعرة أنه لا يأتيها الملك لرأس أربعين، إذ بعدها - كما قال - ثلاث أو خمس أو بضع على اختلاف الروايات، ولم يأت فى غيرها من الاحاديث النص على رأس(8/124)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَثمى...
الخ 125 يَا رَبَ، أذَكَر امْ أشَى ؟ فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شاءَ، وَيَكْتُبُ المَلَكُ.
ثُمَّ يَقُولُ: يا رَبِّ، اخلُهُ.
فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ المَلَكُ.
ثُمَّ يَقُولُ: يَارَبَ، رِزْقُهُ.
فَيَقْضِى رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيكْتُبُ المَلَكُ، ثمَّ يَخْرُجُ المَلَكُ بالصَّحِيفَةِ فِى يَدِهِ، فلا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلا يَثْقُصُ).
(.
.
) حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عثمَانَ النَّوفَلىُّ، أخْبَرَنَا أَبُو عاصِمٍ، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى
أَبُو الزّبيرِ، أَنَّ أَبَا الالفَيلِ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْن مسعود يَقُولُ.
وَساقَ الحديثَ بِمِثْلِ حَدِيث عَمْرو بْنِ الحَارِثِ.
4 - (... ) حدثنى مُحَمَّدُ بْنُ أحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَف، حَد، شَايحيى بْنُ أَبى بُكَيرٍ، حَد، شَا زهُيْر أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدئَّنِى عَبْد اللهِ بْنُ عَطَاء ؛ أنَّ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالد حَد*لهُ ؛ أَنَّ ابَا الطُّفَيل حَد - نهُ قَالَ: دخَلتُ عَلَى أَبى سريحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسيدِ الغفَارِىَ، ً فَقَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأُذنُى هَاتَين، يَقُولُ: (إنَ النُّطفَةَ تَقَعُ فِى الرَّحِم أَربَعِينَ لَيْلَةً يَتَصَّوَرُ عًلَيْهَا المَلَكُ ".
َ قَالَ زُهَيرٌ: حسبْتُهُ قَالَ: اتَذى يَخْلُقُها " فَيَقُولُ: يا رَبِّ، أذَكَرٌ أَوْ اثْثَى ؟ فَيَجْعَلُهُ اللهُ ذَكَرأ أوْ ائثى.
ئُمَّ يَقُولُ: يَارَبًّ اشَوِىٌ أَوْ غَيْرُ سَوِىِّ ؟ فَيَجْعَلُه اللَّهُ سَوِيّا أَوْ غَيْرُ سَوِىٍ.
ثُمَّ يَقُولُ يا رَبِّ، ما رِزْقُهُ ؟ ما أَجَلُهُ ؟ ما خُلُقُهُ ؟ ثُمَّ يَجْعَلُهُ اللهُ شَقِيّا أوْ سَعِيداً).
وذكره أن لكل حالة وانتقال مدة أربعين يوما، وأنه إنما ينتقل إلى العلقة بعد ال الربعين، اصل فى أنه لا يعول فى السقط إلا إذا كان علقة، وحينئذ يحكم لاءمه بأنها اْم ولد، وبه تبرأ العدد، ولا يحكم لذلك بالدم المجتمع، وهو قول ابن القاسم ؛ لاءنه لا يتميز أنه سقط الا بتخلقه إلى العلقة، وأشهب يرى ال كل ما شهد النساَ أنه سقط من دم او علقة أو غيره حكم له بأنه سقط، وهذا لا يعلمه النساء إلا بعد تخلقه إلى العلقة.
وفيه رد على أهل التشريح والطب والطبائعيين، ومَنْ يقول بقولهم ؛ من أن الولد
إنما يكون من دم الحيض، فإنه أ لا حض] (1) للمنى فيه إلا عقده كما تعقد الاَنفحة اللبن، وكتاب الله والاَحاديث الصحاح ترده.
وقوله هنا: " ثم إن النطفة تقع فى الرحم أربعين ليلة، ثم يتسور عليها الملك فيقول: يا رب، اذكر أو أنثى ؟ " ومعنى " يتسور عليها ": أى ينزل، مستعارة من تسورت الدار: إذا نزلت فيها من أعلاها، ولا يكون التسور إلا من فوق.
(1) هكذا فى ز، وسياق الكلام لا حظ.
59 / أ
126(8/125)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ (... ) حدثنا عبد الوارث بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدةَشِى أبى، حَد، شَا رَبِيعَةُ بْنُ كُلثُوم،
حَد 8شِى أبى كُلثُومٌ، عَنْ أبى الطفَيلِ، عَنْ حُن!يْفَةَ بْنِ أسيد الغفارىِّ - صَاحِب رسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - رَلَغَ الحَلِيث إلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَّ مَلَكا مُوَكَلأ بالرَّحِم، إِذا أَرَادَ اللهُ أنْ يخْلُق شَيْئا بِإذنِ اللهِ، لِبضع وَأرْبَعِينَ لَيْلَةَ) ثمَ ذَكَرَ نَحْوَ حَل!يثَهمْ.
5 - (2646) حدثنى أبُو كامل! فُضَيْلُ بْنُ حُسَينِ الجَحدَرِىُّ، حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيدٍ، حَدثنَا عُبَيد الله بنُ أبى بَكرٍ، عن أَنسِ بنْ مَالِلث - وَرَفَعَ الحديثَ ؛ أنَّهُ قَالَ: (إنَّ اللهَ عر وجلَّ قَدْ وَكَّلَ بالرَّحم مَلَكًا.
فَيَقُولُ: أى رَبِّ، نُطفَةٌ.
أى رَبِّ، عَلَقَةٌ.
أى ربِّ، مُضْغَةٌ.
فَإِذا أَرادَ اللهُ أنْ يَقْضى خَلفا قالَ: قَالَ المَلَكُ: أى ربِّ، ذَكَرٌ أوْ انثَى ؟ شَقِىٌ أوْ سَعِيدٌ ؟ فما الرِّزْقُ ؟ فَمَا الأجَلُ ؟ فَيُكْتَبُ كَنَلِكَ فِى بَطنِ امِّهِ).
وقوله: " اْى رب، نطفة.
أى رب، مضغة.
أى رب، علقة)، وجاء فى بعض الحديث عن ابن مسعود تفسير " يجمع فى بطن اْمه): أن النطفة إذا وقعت فى الرحم فأراد الله تعالى اْن يخلق منها بشرأ طارت فى بشر المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة، ثم تصير دما فى الرحم، فذلك جمعها، وهذا هو وقت كونها علقة، وكذلك قوله فى الحديث الاَخر: (فإذا غلب ماء الرجل ماء المرأة) (1)، وكفى بهذا قوله تعالى: { هَوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نّطْفَة (2)، وقوله تحالى: { ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَة} (3).
وإنما يبقى فى هذا الحديث من الإشكال أنه ذكر فى حديث ابن مسعود أن سؤال الملك
بعد المضغة ونفخ الروح فيه على ما تقدم.
وقوله: دا ويؤمر حينئذ بأربع كلمات / رزقه واْجله)، وذكر فى حديث حذيفة إتيان الملك إليها بعد ما يستقر فى الرحم بأربعين اْو خمس وأربعين، فيقول: (يا رب، أشقى أم سعيد ؟ أذكر أم أنثى ؟)، وكذلك فى الرواية الاَخرى عن ابن مسعود: دل إذا مرّ بالنطفة[ ثلاث وأربعين] (4) بعث الله ملكا يصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب، أذكر أم أنثى ؟) ثم ذكر أجله ورزقه، وفى حديث أنس: (إن لمله وكل بالرحم ملكا، فيقول: أى رب، نطفة.
أى رد د علقة.
أى رب، مضغة، فإذا أراد الله ان يقضى خلقا قال الملك: اْى رب، ذكر أو أنثى ؟ شقى اْو
(1) سبق فى كالطهارة برقم (30).
(3) 1 لمؤمنون: 14.
(2) غافر: 67.
(4) فى ح: اثنين وأربعين.(8/126)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الآدمى...
إلخ 127 سعيد).
يظهر من مجموع هذه الاَحاديث أن للملك ملازمة ومراعاة لحال النطفة، داعلام الله تعالى بانتقال حالاتها وهو أعلم، وأن لتصرف الملك فى أمرها أوقاتا ؛ اْحدها عند تحركها من النطفة الى العلقة وهو أول انتقال أحوالها إلى حال الحمل، وعلم الملك بأنه ولد ؛ إذ ليس كل نطفة تكون ولداً ؛ ولهذا رأى أهل العلم أنه ليس لها فى الأربعين حكم السقط.
ورأى بعضهم أنها ليس لها حرمة ولا لها حكم المراد فى الاَربعين.
خالفه غيره فى هذا، ولم ير إباحة افساد المنى ولا سبب إخراجه بعد حصوله فى الرحم بوجه قرب أو بعد، بخلاف العزل قبل حصوله فيه، وهو وقت سؤال الملك ربه حينئذ عن صفة خلقه ورزقه وأجله وشقاوته وسعادته، وذلك قبل تصويره وتخلقه، ألا تراه كيف قال: (أذكر أو أنثى ؟) فيكتبان وتطوى الصحف، وفى الرواية ال الخرى: (فيقضى ربك ما شاء ويكتبه)، وليس فى حديث ابن مسعود ما يخالفه لذكر ذلك بعد نفخ الروح فيه ؛ لأنه قال: " ويؤمر)، والواو لا تعطى رتبة، فإنما اْخبر - والله أعلم - عن حال تقدمت ثم يصرف (1) الملك فيه وقت آخر، [ وذلك] (2) عند التصوير وخلق سمعه وبصره وجلده ولحمه وعظمه، وكونه ذكراً أو أنثى، وذلك إنما يكون بعد كونه مضغة فى الأربعين الثالثة قبل تمام خلقها (3) ونفخ الروح فيه، إذ لا ينفخ فى الروح إلا بعد تمام صورته، لكنه فى حديث ابن مسعود من رواية عمرو بن الحارث (4) فى قوله: (اذا مر بالنطفة[ ثلاث وأربعين] (ْ) بعث الله إليها ملكا فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها وعظمها ولحمها ثم قال: يا رب أذكر أو أنثى ؟ فيقضى ربك ما شاء ويكتب، ثم يقول: يا رب، أجله لما وذكر رزقه، فحمل هذا على ظاهره لا يصح ؛ لابنه قد ذكر أن ذلك ما يقضى الله فيه ما شاء ويكتب، فدل أنه / يوجد بعد، دإنما هو كتاب كما قال: "ثم خرج الملك بالصحيفة فى يده) ؛ ولاَن التصوير بأثر النطفة وأول العلقة وفى الأربعين الثانية غير موِجود ولا معهود، دإنما التصوير فى الاَربعين الثالثة فىِ مدة المضغة، كما قال تعالى: { ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنٍ سُلالَةِ مِّن طينٍ.
ثُمِّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةَ فِى قَرِارٍ مكينٍ.
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغةَ فَخَلَقْنَاَ الْمُفحغَةَ عِظَامَا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمَا} (6).
فهذا تفسير ما جاء فى الحديث على اختلاف ألفاظه، ويكون معنى دا نطفة) فى هذا الكتاب: تصورها (وخلق سمعها وبصرها ": أى كتب ذلك وما قضى الله منه، بدليل قوله بعد: " أذكر أم أنثى ؟)، وفى الحديث الاَخر: " سوى أو غير سوى ؟،.
(1) فى خط: تصرف.
(3) فى!: أجلها.
(5) فى ح: اثنتان وأربعين، وهو الصواب.
(2) فى هامش !.
(4) كأح: الحرث، وفى الرسالة: الحريث.
(6) 1 لمؤ منون 120 - 14.
59 / ب
128(8/127)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ وقوله فى الحديث: (فيقضى ربك ما شاء): فيرجع الكلام كله إلى هذا ؛ ولاَن خلقه جميع الأعضاء والذكورية وال النوثة على حد سواء ووقت متفق، وهذا يشاهد فيما يوجد من أجنة الحيوان مشاهدة، وهو الذى يقتضى الخلقة واستواء الصورة، ئم يكون للملك فيه تصرف اخر وهو وقت نفخ الروح فيه، وما ذكره فى الحديث من إرسال الملك له فمراده - والله أعلم بمراده - يوجهه (1) للتصرف فى هذه الأحوال وامتثال هذه الأفعال، والا فقد ذكر فى حديث أنس أنه موكل بالرحم وأنه يقول: " يا رب نطفة، أى رب علقة، أى رب مضغة) وهو ظاهر حديث ابن مسعود.
وقوله فى حديث آخر (2): " فإذا أراد الله أن يقضى خلفا قال: يا رب، أذكر أم أنئى ؟ شقى أم سعيد ؟ دا ليس يخالف ما تقدم، ولا يدل أنه يقول ذلك بعد المضغة، بل هو ابتداء كلام وإخبار عن حالة أخرى، أخبر أولا.
بحال الملك مع النطفة، ثم أخبر أن الله - تعالى - إذا أراد إظهار خلق النطفة علقة وإبقاء أثرها لقوله تعالى: { فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاض} (3)، وذلك يرجع عند تخليق النطفة علقة كما تقدم.
ومثل هذا جميع ما ورد فى الرزق والأجل من قوله: " فيقضى ربك ما شاء من ذلك ويكتب) أى يظهر ذلك للملك ويأمره بإنفاذه وكتابته دإلا فقضاؤه سابق، وعلمه بما يكون من ذلك وإرادته فيه متقدمة أزلية لا أول لها، وعلى هذا تتفق ال الحاديث وتطابق الاَية، ولا يكون بينهما تخالف ولا تعارض، ولا يجد الملحد للكلام فى ذلك سبيلا.
/ وقوله: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذر 3 فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها لما الحديث: هذا راجع إلى[ اْن الاَمر بالخواتيم، فإذا كل أحد يتوفى على ما سبق له فى أم الكتاب، وذهب بعضه إلى أن] (4) المراد به الحيف فى الوصية وهذا يبعد عن سياق هذا الحديث ولا يدل عليه، دإنما يدل على سوء الخاتمة، بدليل قوله بعده فى حديث أبى هريرة: دا إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم له بعمل أهل النار)، وفى البخارى: (وانما الأعمال با لخوا تيم) (5).
وفى هذا أن الثواب والعقاب راجع إلى امر الخاتمة، وأن التوبة تكفر الذنوب، وأن
من مات على شىء حكم عليه به من خير او سْر إلا ما عفا الله عنه من السيئات، وسمح فيه لأهل الإيمان من التبعات.
وقوله: (ما بينه وبينها إلا ذرل دا على طريق التمثيل للقرب من موته ودخولها بأثره
مئل من وصل الى شىء بينه وبين هذا القدر ثم منع منه.
(1) فى خ: توجيهه.
(3) طه: 72.
(5) البخارى، كالقدر، بالعحل بالخواتيم 8 / 155.
(2) فى خ: أنس.
(4) فى هامش خ.(8/128)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الآدمى...
إلخ 129 6 - (2647) حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَفْظُ لِزُهَيْر - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَد"شَا - جَرِيرو عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنَُِ بَيْدَةَ، عَنْ أبى عَبْدِ الرَّحَمَنِ، عَنْ عَلِى، قَالَ: كُنَّا فِى جَنَازَة فِى بَقِيع الغَرقَد، فأتانا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ، فَقَعَدَ وَقَعَلنا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مخْصَرةو، فَنَكَّس فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِه.
ثُمَّ قَاَلَ: " مَأ منكُمْ مِنْ احَد، مَأ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَة، إلا وَقَدْ كَتَبَ اللهُ مَكَانَها مِنَ الجَنَّة وًا لنَّارِ، ! الا وَقَدْ كُتَبتْ شَقِيةً أوْ سَعِيلةً ".
قَالَ: فَقَاذَ رَجُل: يَارَسُولَ الله، افلا نَمْكُثُ عًلى كتَابِنَا، ونَدعُ العًمَلَ ؟ فَقَالَ: (مَنْ كَانَ مِنْ أهْل السئَعَادَة، فَسَيَصيرُ إلى عَمَل أهْل السَّعَادةَ.
وَمَنْ كَانَ مِنْ أهْلِ الشَقَاوَة، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاَوَة) فَقَالَ: اعْمَلُوُا فَكُلٌّ مُيَسَّز، أَمَّأ أَهْلُ السئَعَادَةِ فَيُيَسًّرُونَ لعَمَلِ أَهْلِ السئَعَ الةِ، وَأَمَّأ اهْلُ الشَّقَاوَة فَيُيَ!مئَرونَ لِعَمَلِ اهْلِ الشَّقَاوَةِ لما.
ثُمَّ قَرَأ: { فَأَمَّاَ مَنْ أَعْطَئ وَاتَّقَى.
وَصَذَقَ بِالْخسْنَئ.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى.
وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى.
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (1).
وقوله فى حديث على: كنا فى جنازة فى بقيع الغرقد، فأتانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ومعه مَخصرة - وفى الرواية الاَخرى: وبيده عود - فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: " ما منكم من أحد ما من نفس منفوسة، إلا وقد كتب مكانها من الجنة والنار، وقد كتبت شقية او سعيدة).
فقال رجل: ألا نمكث على كتابنا وندع العمل) وفى الرواية الأخرى: أفلا نتكل ؟ فقال: " من كان من أهل السعادة فيصير إلى عمل أهل السعادة) الحديث، وفيه: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له).
قال الإمام: قول الرجل للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما سمع منه: إن الله سبحانه قد كتب السعادة والشقاوة على ما وقع فى هذا الحديث: " أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل ؟) يلاحظ تشنيع المعتزلة علينا بقولهم: اذا قلتم: إن الله - سبحانه - خلق معصية العاصى فلم يعذبه على ما خلقه فيه وقدره عليه ؟ وما فائدة التخليق (2)، وكيف يطلب الإنسان بفعل غيره ؟ وأى فائدة فى العمل وقد وقع فى نفس هذا الرجل شبهة من فائدة العمل، وأراد أن يؤكد ما عنده بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فأجابه ( صلى الله عليه وسلم ) هذا الجواب، ودفع اعتراضه ولم يقل له: إنه صحيح، بل أخبره أن الله - جلت قدرته - يسر أهل السعادة بعمل أهل السعادة، واهل الشقاوة بعمل أهل الشقاوة، وتلا ( صلى الله عليه وسلم ) القران مُصدفا لما قال، وأخبر أن الله - سبحانه وتعالى - إذا أنفذ قدره بشقاوة عبد يسَّر له عمل / أهل الشقاوة وهيأه له وسهله عليه، وأتاح له أسبابه الئى تعينه وثبعثه علىًا كتساب المعاصى، والإنسان عندنا مكتسب لفعله لا مجبورعليه.
(1)1 لليل: 5 - 10.
(2) هكذا فى الأصل، وفى ح والرسالة: التكليف.
60 / ب
130(8/129)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ (... ) حَدثنا أُبو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَهَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، قَالا: حَدثنَا أُبو الأحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورِ، بِهذا الإسْنَادِ فِى مَعْنَاهُ.
وَقَالَ: فَا"خَذَ عُودأ.
وَلَمْ يَقُلْ: مخْصَرَةً.
وَقَالَ ابْنُ أبِى شَيْبَة فِى حَلِيثِهِ عَنْ أبِى الأحْوَصِ: ثُمَّ قَرَأ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
7 - (... ) حَدثنا ابو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ وَأبو سَعِيد الأشَجُّ، قَالُوا:
حدثنا وَكِيع.
ح وَ حدثنا ابْنُ نمَيْر، حَدثنَا أبِى، حَدةنَنَا الأعْمَشُ.
ح وَحَدّثنَا اُئو كرَيْب - وَاللَّفْظ لَهُ - حَد*شَا أُبو مُعَاوِيَةَ، حدثنا الأعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أبِى عَبْد الرخْمَنِ السئُلَمِىِّ، عَنْ عَلِىٍّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذَاتَ يَوْمٍ جَالسًا وَفِى يَده عُود يَنْكُتُ بِهِ، فرَفَعَ رَاشَهُ فَقَالَ: (مَا مِنْكُم مِنْ نَفْسي إلا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الجَنَّة وَالنًّاَرِ).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللمِ! فَلِمَ نَعْمَلُ ؟ ائلا نَتَّكلُ ؟ قَالَ: ا لا، اعْمَلُوا، فَكُل مُيَسَّر لِمَا خُلِق لَهُ).
3 قَرأ: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَئ وَاتَّقَى.
وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَئ} إلى قَولِهِ: { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ والأعْمَشِ ؛ أَنَّهُمَا سَمِعَا سَعْدَ بْنَ عُبَيْدةَ يُحَدثَهُ عَنْ أَبِى عَبْدِ الرخْمَنِ الممئُلَمِىِّ، عَنْ عَلِىٍّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِنَحْوِهِ.
وتحقيق القول فى الكسب يتع، وموضعه كتب الاَصول (1).
ولا يبعد فى العقل أن يجعل الله - سبحانه وتعالى - هذه الأعمال أمارة عليه استحقاق الجنة والمنار، ويسهل لكل عبد ما قضى له أو عليه من ذلك والغرض هاهنا الإشارة إلى ما قلناه من أن الأسلوب الذى يقدح به المعتزلة قد وقع ما يلاحظه من هذا السائل (2) ولم يصححه ( صلى الله عليه وسلم )، [ بل أجاب عنه بما ذكر، ولعل السائل له ( صلى الله عليه وسلم ) اْراد] (3) أن يعلم حقيقة الانفعال، أو تأكيد (4) ما وقع فى نفسه منه على ما قلناه، ولم يقصد الاعتراض على قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالرد والتشكك فيه، كما يقصد المعتزلة باعتراضهم (5) القدح فى الحق الذى بيناه.
(1) انظر: العقيدة الطحاوية، والألقاب للبيهقى، والمجلد الثامن من التاوى ابن تيمية.
(2) هكذا فى الأصل، وقى ح: الإنسان.
(3) سقط من خ.
(4) قبلها فى خ: أن.
(5) فى ح: باعتراضها -(8/130)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ 131 ص !ءَه ص، 5،،، ص ص نص وصول ص !صءَ، صوص ص يهص
- 8 - (2648) حدثنا احمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا ابو الزبيرِ.
ح وحدثنايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِى الزَبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ ابْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بيَنْ لَنَا دِينَنَا كَانَّا خُلِقْنَا الاَنَ، فِيمَا العَمَلُ اليَوْمَ ؟ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الا"قْلاَمُ وَجَرَت بِهِ الَمقَ اليرُ ؟ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ ؟ قَالَ: " لا، بَلْ فِيمَا جَفَتْ بِهِ الأقَلامُ وَجَرَتْ به المَقَادِيرُ).
قَالَ: فَفِيمَ العَمَلُ ؟ قَالَ زُهَيْر: ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو الزبيْرِ بشىء لَمْ أَفْهَمْهُ.
فَسَألتُ: مَا قَالَ ؟ فَقَالَ: (اعْمَلُوا فَكُل مُيَسَّر)).
(... ) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى عَمْرو بْنُ الَحارِثِ، عَنْ أبِى الزُبيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِهًذا المَعْنَى.
وَفِيه: فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كُل عَامِلٍ مُيَسئَرلِعَمَلِهِ لما.
وكذلك قول الرجلين من مزينة بعد هذا: يا رسول الله، أرأيت ما يعمل الناس ويكدحون فيه، أشىء قضى عليهم ومضى فيهم من قدر سابق، أو فيما يستقبلون به مما اَتاهم[ به] (1) نبيهم - عليه السلام - وثبتت الحجة عليهمِ ؟ فقال: (بل شىء قضى عليهمِ ومضى فيهم، وتصديق ذلك فى كتاب الله عز وجل: { وَنفْس وَمَا لا وَّاهَا.
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَها وَتَقْوَاهَا} (2)) هذا مطابق لقول الأشعرية وأهل السنة، فى أن كل شىء بقضاء الله وقدره، وأن المعاصى قضاها الله وقدرها، ألا ترى قول السائل: ارأيت ما يعمله الناس[ اليوم] (3) ويكدحون فيه ولم يفرق بين خير وشر، ولا طاعة ولا معصية ة ولذلك جوابه - عليه السلام - لم يفرق فيه، بل قال: كل شىء قُضى عليهم ومضى فيهم، وتلا كتاب الله تعالى مصدقا لما قال، ومسويا بين الفجور والتقوى بقوله: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} فأخبر - سبحانه وتعالى - عن النفس وما فعل فيها.
وكذلك قوله - عليه السلام - [ فى كتاب مسلم بعد هذا: دا كل شىء بقدر حتى العجز والكيس، (4) مطابق - أيضا - لقول الأشعرية فى هذا.
وكذلك قوله: جاء قوم مشركون يخاصمون النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (5) فى القدر (6) فنزل قوله تعالى: { يَوْم يُسْحَبونَ فِى النَّارِ عَلَئ وجُوهِهِمْ} إلى قوله: { إِنَّا كل شَىْءٍ خَلقْنَاهُ بِقَدَي} (7).
هكذا الأحاديث كلها مطابقة لقول اهل الحق.
(1) من !.
(2)1 لشمس: 7، 8.
(3) فى هامش ح.
(4) سيأتى فى بكل شىَ بقدربرقم (18).
(5) فى هامش ح.
(6) سيأتى فى بكل شىء بقدر برقم (19).
(7) 1 لقمر: 48، 49.
132(8/131)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ 9 - (2649) حدثّنايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَثَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، عَنْ يَزِيْدَ الضُبَعِىِّ، حَدثنَا مُطَرِّف!، عَنْ عمْرانَ بْنِ حُصَيْني، قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ الله أَعلِمَ أَهْلُ الجَنَّةِ مِنْ أهْلِ النَّارِ ؟ قَالَ: فَقَال " (نَعَمْ لما.
قَالَ: قِيلَ: فَفِيمَ يَعْمَلُ العَامِلُونً ؟ قَالَ: (كُلٌ مُيَسئَرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ ".
(... ) حدتنا شَيْبَانُ بْنُ فَرَّوخَ، حَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ.
ح وَ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ نُمَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُلَيَّهَ.
ح وَحَدثنَايحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْن سُلَيْمَانَ.
ح وَ حدثنا ابْنُ المُثَنّى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، كُلُهُم عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، فِى هَذا الإِسْنَاد.
بمَعْنَى حَديثِ حَمَّاد.
وفَىِ حَديِثِ عَبْدِ الوَارِثِ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ.
ً
10 - (2650) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حدثنا عَزْرَة بْنُ ثَابِت، عَنْيحيى بْنِ عُقَيْل، عَنْيحيى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ أبِى الأسْوَدِ الدَئلى، قَالَ: قَالَ لِى عِمْرَانُ بْنُ الُحصَيْنِ: أرَأيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ اليَوْمِ ويَكْدَحُونَ فِي! أشىء قُضِىَ عَلَيْهمْ وَمَضَى عَلَيْهِم مِنْ قَدَرِ مَا سَبَقَ ؟ أَوْ فيمَا يُسْتَقْبَلُون به ممَّا أَتَاهُمْ بِه نَبيُّهمْ، وَثَبَتَتِ الحُجًّةُ عَلَيْهِم ؟ فَقُلتُ: بَلْ شىء قُضِى عَلَيهِمْ، وَمَضَى عَلًيهِم قَالَ: فَقَاً: افَلا يَكُونُ
! انما سميت (1) الأشعرية أهل السنة ؛ لاتباعهم السن هكذا، وموافقتهم لها، والمعتزلة تتجاسر على ردها وتصغى إلى شبهة فى عقولها، فيهون عليها معها ركوب العظام من رد السق الوارثة، والازدراء على رواتها، وتكذيب الثقات من المحدثين.
وهذا مجانب لفعل أهل التحصيل، [ والدين] (2) أعاذنا الله ضلالة الملحدين.
وأما قوله: (ومعه مخصرة) (3) قال الهروى (4): قال ابو عبيد: وهو ما خصره الإنسان بيده فأمسكه[ من] (ْ) عصا أو غيرها أو عكازه، وفى حديث آخر: " فإذا تخصروا بها سجد لهم).
قال القتبى: التخصر: هو إمساك القضيب باليد وكانت الملوك تتخصر بقضبان لها وتشير بها، وتصل كلامها وهى الخاصر، واحدها مخصر، وقد خاصرت فلاناش إذا أخذت بيده وتماشيتما.
وفى حديث: (المتخصرون يوم القيامة، على وجوههم النور) (6) قال أبو العباس: معناه: المصلون بالليل، فإذا تعبوا وضعوا (1) فى الا"صل: سألت، والمثبت من ح.
(2) من ح.
(3) حديث برقم للا) بالباب.
(4) انظر: غريب الحديث للهروى.
(5) ساقطة من ح.
(6) لم نطلع على هذا الحديث فى المراجع اتماحة لدنيا.(8/132)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخًًَ !!ًًً - ظُلمأ ؟ قَالَ: فَفَزِعتُ مِنْ ذَدكَ فَزَعَا شَديدَا، وَقُدتُ: كُلُّ شىء خَلقُ اللّهِ وَملكُ يَده، فَلاَ!د
يُسْ ال عَمَّا يَفعَلُ وَهُمْ يُساع لُوَن.
فَقَالَ لِى* يَرْحَمُكَ اللهُ إِنِّى لَمْ أُرِدْ بمَا سَالتُكَ إِلا لَأَحزًِ!َ!َ صٍ عَقلَكَ، إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالا: يَا رَسُولً اللهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ
النَّاسُ اليَوْمَ، وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أشىء قُضِى عًلَيْهِم وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَر قَدْ سَبَقَ ؟ اوْ
أيديهم على خواصرهم من التعب.
قال: ويكون معناه: أنهم يأتون يوم القيامة ومعهم أعمال يتكئون عليها.
مأخوذ من الخصرة.
أخبرنا بذلك الثقة عن أبى عمر وغيره، وفى حديث أبى هريرة: " نهى أن يصلى الرجل مختصراً " (1) قيل: هو أن يأخذ الرجل بيده عصا يتكئ عليها، وقيل: معناه: أن يقرأ من[ آخر] (2) السورة اَية أو ايتين ولا يقرأ السورة بكمالها فى فرضه، هكذا رواه ابن سيرين (3) عنه.
ورواه غيره مختصراً.
ومعنى: " لاَن يصل الرجل واضعا يده على خصره)، ومنه حديث: (الاختصار راحة أهل النار" (4)، ونهى عن اختصار السجدة (ْ) وتفسيرها على وجهين:
أحدهما: أن يختصر الآية التى فيها السجدة، فيسجد فيها.
والثانى: ال يقرأ السورة، فإذا انتهى الى السجدة جاوزها ولم يسجد لها.
ومنه أخذ مختصرات الطريق.
وقال القاضى: وقوله: (ينكت بها " أى يضرب بها فى الأرض[ ويؤثر.
والنكت ال الثر، نكت فى الاَرض] (6): اذا أثر فيها بقضيب أو نحوه.
وقوله: (أفيما جفت به الأقلام،: عبارة عما مضت به المقادير وتم كتابه، وجف القلم الذى كتب به ذلك، أى لم يكتب بها بعد كما عهدنا نحن مما فرغنا من كتابه، فيبقى القلم جافا للاستغناء عنه لذلك.
وكتاب الله لوحه وقلمه وصحيفته التى ذكر فى الحديث من غيبه، وسر علمه الذى يلزمنا الإيمان والتصديق به، وكيفية صفة ذلك فى علم الله - جل جلاله - لا يحاط بشىء / من علمه إلا بما شاء.
(1) سبق فى كالمساجد، برقم (46).
(2) من هامش خط.
(3) انظر.
مصنف ابن أبى شيبة، كالصلوات، بالرجل يضع يده على خاصرته فى الصلاة 1 / 400 رقم (264).
(4) ابن خزيمة فى صحيحه برقم (9 0 9)، الميهقى فى السن الكبرى 287 / 2.
(5) انظر: مصخف ابن أبى شيبة 366 / 1 رقم (2 0 42 - 9 0 42).
(6) فى هامش خ.
61 / ب
- - -(8/133)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الاَدمى...
إلخ
فِيما يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَا اتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَثَبَتَت الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ ؟ فَقَالَ: (لاَ، بَلْ شَىءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا.
فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (1) لا.
11 - (2651) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَد، شَا عَبْدُ العَزِيزَ - يَعنِى ابْنَ مُحَمَّد - عَنِ العَلاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرةَ ؛ أَنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِنَ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أهْلِ النَّارِ.
وَإِنَ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الرمَنَ الطَّوِيلَ بِعَملِ أهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ لَهُ عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ).
2 ا - (112) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَد، شَا يَبْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرخمَنِ القَارى - عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد السَّاعِدِىَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو للنَّاسِ، وَهوَ مِنْ أهْلِ النَّارِ.
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلُ أَهْلِ الئارِ، فِيمَا يَبْدُو للِنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أهْلِ الجَئةِ).
وقول عمران بن حصين لاءبى الأسود: (أرأيت ما يعمل الناس به ويكدحون فيه،،
قال الإمام: الكدح: السعى فى العمل لدنيا كان أو آخرة.
قال القاضى: وقوله حين سأله: فيما يعمل الناس ؟ فقال: شىء قضى عليهم ومضى عليهم، فقال له: أفلا يكون ظلما ؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديداً وقلت: كل شىء خلق الله وملك يده{ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (2) وجواب مثل أبى الأسود!ى علمه وفضله عن اعتراضه عليه بالشبهة التى.
أضلت القدرية من تحكمهم على حكم الله، والدخول عليه بإرادته فى قضائه وملكه، ونزوعه بالاَية موضع الجنة لاَهل السنة والوزر من شبهة أهل القدر لاكذ المالك يفعل فى ملكه ما يشاء ؛ وانما يعرض عليه فيما لا يملكه، ولاءن الله - تعالى - لا علة لاءفعاله بل إليه تنتهى العلل، وعنده تنقطع ال السئلة لا إله غيره ولا معقب لحكمه.
وقول عمران له ة إنى لم أرد بما سألتك عنه (3) لاَحرز عقلك أى اختبارك ومقدار علمك وثباتك فى ذلك، وقوة بصيرتك فيه.
وذلك لما كان تحرك هناك
(1)1 لشمس: 7، 8.
(3) فى مق الحديث: إلا.
(2) الأنبياء: 23.(8/134)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الآدمى...
الخ 135
من كلام قول القدرية وتشنعهم على أهل السنة.
وفيه اختبار العلماء طلبة العلم دالقاء صعاب المسائل عليهم ليعلموا (1) مقادير علمهم
أو ليبينوا لهم مشكل ما تدعوهم ضرورته إليه مما عساهم لا يهتدون لسؤاله، أو يخافون خطأهم وغلطهم فيه.
وفيه جواز كلام أهل العلم فى هذا الباب، وتحاججهم، ومناظرتهم لإظهار الحجج
لا للجدل.
والمراد المغالبة.
وأما ما ورد من نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الجدال انما هو فى مثل هذا الوجه المدفوع (2)، أو لمن ليس من أهل العلم بهذا الشأن أو الجدال بالباطل ومقالات أهل البدع فيه.
وفى قوله: (اعملوا فكل ميسر لماخلق له " (3) واحتجاجه بقوله تعالى فى الاَلة:
{ فَسَنيَسِّرُهُ للشْرَى} (4) الحجة القاطعة أيضا على الجبرية، وشرح لقوله: " إلا وقد كتب الله مكانها مَن الجنة أو النار).
وقوله فى الحديث الآخر: (بل شىء قُضى عليهم ومضى فيهم) قال ائمتنا المحققون: إن هذه ال الحاديث اقتضت أن الله لم يزل عالما من يطيعه فيدخله الجنة، ومن يعصيه فيدخله النار، وليس استحقاق من استحق منهم الجنة أو النار من أجل سابق علمه (5) فيه، ولا ذلك عليه / ولا اضطر عليه تعالى أحداً منهم للعمل الموجب لذلك من طاعة أو معصية الله تعالى جل جلاله.
تقدم فيهم علمه د رادته بما هم عاملون وما هم صائرون إليه قبل خلقهم وبعد خلقهم، وقال فى أول الجو: { جَزَاءً بمَا كاَنُوا يَعْمَلُونَ} (6)، وفى أهل النار: { جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ} (7) و{ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِىَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} (8).
فأخبر أن ثوابه وعقابه على أعمالهم، وكل ذلك فى سابق علمه فيهم فرحمة من رحمه منهم: بهدايته وتيسيره، وخذلان من خذله منهم بعصيانه وكفره.
فأمر تعالى ونهى ليطيع المطيع فيدخل الجنة أو يعصى العاصى فيدخل النار، ابتلاء منه تعالى عباده لينظر كيف يعملون وليبلوهم أيهم أحسن عملا، وليتم حجته على خلقه بأمره ونهيه وتيسيره له سبيل هداه أو ضلالته، وتزيينه ذلك له، كما قال تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَئ
(1) فى خط: ليرفوا.
(2) فى ح.
المذموم، وكذا فى الرسالة.
(، )1 لليل: 7.
(6) 1 لأحقاف: 14.
(8)1 لنجم 310 - (3) حديث رقم (7) بالباب.
(5) فى خط: العلم.
(7) فصلت ؟ 28
62 / أ
136 (8/135)
كتاب القدر / باب كيفية الخلق الآدمى...
إلخ وَاتَّقَى.
وَصَدَّقَ بالْحُسْنَئ.
فَسَنيَسِّرهُ لِلْيسْرَى.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاشقى.
وَكَذَّبَ بِا لْحُسْنَئ.
فَسَنُيَسِّرهُ لِلْعُسْرَى} (1)، َ وكما قال فى المؤمنين: { وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُغ الإِيمَانَ وَزَيَّنَه فِى قُلُوبِكُمْ وَكَوَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُدوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ فمُ الرَّاشِدُون.
فَف! لاً مِّنَ اللَّه وَنعْمَةً} (2)، وقال فى أهل الثقاء: { إِنَّ الَّذِينَ لا يؤْمِنُونَ بالاَخِرَةِ زَيَّنَّا لَفمْ أَعْمَالَهُمْ فهُمْ يَعْمَهُونً} (3)، وقال: { أَفَمَن زُيّنَ لَهُ سُوء عَمَلِهِ فَرًاهُ حَسَنًا فَإنَّ اللَّهَ يُفلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِى مَن يَشَاء} (4).
فلم يضطر اْحد منهم إلى عمله ذلك، فهذا[ كما] (ْ) يقول الجبرية، فسقط عنهم
اللوم والحجة.
وهو العدل الذكما لا يحيف، ولا فعلوا مالم يقدره ولم يشأه، ولا سبق فى علمه كما يقول القدرية، فيكون فى ملكه مالا يريد، ويفعلون مالم يقدره وهو العليم الخبير، الفعال لما يشاء، الذكما خلقهم وما يعملون.
(1)1 لليل: 5 - 10 - (2) 1 لحجرات: 7، 8.
(3)1 لنمل: 4.
(4) فاطر: 8.
(5) فى هامش خط.
(8/136)
كتاب القدر / باب حجاج اَدم وموسى عليهما السلام 137
(2) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام
13 - (2652) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم وَإِبْرَاهيمُ بْنُ !ينَارٍ وَابْنُ أبِى عُمَرَ المَكّىُ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضمىُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَفظُ لاِبْن حَاتِمٍ وَابْنِ دينَارٍ - قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو، عَنْ طَأوُسٍ، قَالَ: سَمعْتُ ابَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "احْتَجَ آدَمُ وَمُوسَى.
فَقَالَ مُوسَى: يَا اَدَمُ، أً نْتَ أَبُونَا، خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا منَ الجًثة.
فَقَالَ لَهُ اَدَمُ: أنْتَ مُوسَى، اصْطَفَاكَ اللهُ بكَلامِه، وَخَطَّ لَكَ بِيَدِ!اتَلُومُنِى عَلَى امرٍ قَدَّرَهُ اَللهُ عَلَىَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَنِى بِا"رْبَعِينَ سَنَة ؟)، فًقَالَ الَنَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَحَبئً اَدَمُ مُوسَى، فَحَجّ اَدَمُ مُوسَى).
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ أَبِى عُمَرَ وَابْنِ عَبْلَةَ.
قَألَ احَلُ!مَا: خَطَّ.
وَقَألَ الاَخَرُ: كَتَبَ لَكَ التَّوْرَاة بِيَدِهِ.
وقوله: احتّج آدم وموسى، فقال موسى: أنت أبونا: قال أبو الحسن القابسى: التقت أرواحهما فى السماء، فوقع الحجاج بينها.
قال القاصْى: ويحتمل أنه على ظاهره، وأنهما اجتمعا بأشخاصهما، وقد جاء فى حديث الإسراء (1): أنّ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اجتمع بالاَنبياء فى السموات وفى بيت المقدس وصلى بهم، ولا يبعد أن الله أحياهم كما جاء فى الشهداء.
وقيل: يحتمل أن ذلك كان فى حياة موسى ( صلى الله عليه وسلم )، وانه سأل ربه أن يريه آدم فحاجه بما ذكر.
وذكر الطبرى فى القصة / أثرًا عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) " قال موسى: رب، أبونا اَدم الذى أخرجنا ونفسه من الجنة، فأراه الله إياه، فقال له أنت اَدم ؟ قال: نعم لما وذكر الحديث (2).
وقوله: (أنت الذى خيبتنا وأخرجتنا من الجنقما، وفى الرواية الاَخرى: (أغويت الناس) قيل: يحتمل أنك كنت سبب ذلك بإخراجهم من الجنة فعرضهم لإغواَ الشياطين، ويحتمل أنه لما غوى هو بمعصيته بقوله: { وَ!مَى آيمُ رَبَّهُ وفَوَى} (3) وهم ذريئه.
سموا غاوين.
والغى: الانهماك فى الشر.
واْما فى شأن ادم فقيل: معناه: جهل، وقيل: أخطأ.
وقد جاء فى الآية الاَخرى: { !سِيَ} (4)ْ
(1) سبق في كالايمان برقم (259) عن أنس بن مالك.
(3) طه: 121.
(2) انظر: البداية والنهاية 1 / 91 - (4) طه: 115.
62 / ب
138 (8/137)
كتاب القدر / باب حجاج ادم وموسى عليهما السلام 14 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد عَنْ مَالِك بْنِ انَس - فيمَا قُرِئ عَلَيْه - عَنْ أَبِى الزِّنَاد، عَنِ الالمحرجَ، عَنْ أَيِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (تَحَاجَّ اَدَمَُ وَمُوسَى، فَحَبئَ اً دَمُ مُوسَى.
فَقَالَ لَهُ موُسَى: أنْتَ اَدَمُ ائَذِى أغْوَيْتَ النَّاسَ وأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الجَنَّة ؟ فَقَالَ اَدَمُ: أَنْتَ الَّذِى أَعْطَاهُ اللهُ علمَ كُلِّ شىْء، وَاصْطَفَاهُ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَته ؟ قَالً: نَعَمْ.
قَالَ: فَتَلُومُنِى عَلَى أمْرٍ قُدِّرَ عًلَىَّ قَبْلَ أنْ اخلَقَ ؟ لما.
15 - (... ) حدّثنا إِسْحقُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الأنْصَارِى، حَدشَا أَنَسُ بْنُ عيَاضٍ، حَدثَّنِى الحَارِثُ بْنُ أَبِى فُبَاب عَنْ يَزِيدَ - وَهُوَ ابْنُ هُرْمُزَ - وَعَبْدِ الرخْمَنِ الالمحرَجَ، قَالا: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): "احْتَجَّ اَدمُ وَمُوسَى - عَلَيْهِمَا السَّلامُ - عِنْدَ ربِّهِما، فَحَبئَ اَدَمُ مُوسَى.
قَالَ مُوسَى: أنْتَ اَدَمُ الَّذِى خَلَقَكَ اللهُ بيَلِهِ، وَنَفَخَ فيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأسْجَدَ لَكَ مَلائِكَتَهُ، وَاشْكَنَكَ فِى جَئته، ثُمَّ أَهْبَطتَ النَّاَسَ بِخَطيئَتكً إِلَى الأرْضِ ؟ فَقَالَ ادمُ: أنْتَ مُوسَى الَّذى اصْطَفَاكً اللهُ بِرِسَالَثِهِ وَبِكَلاَمِه، وَأً عْطًاكَ الألوَلَ فِيهاَ تِبْيَانُ كُلّ شىء، وَقَربَّكَ نَجيَّا، فَبِكَمْ وَجَدْتَ اللهَ كَتَبَ التَّوْرَاةً قَبْلَ انْ اخْلَقَ ؟ قَالَ مُوسَى: باع رْبَع!ينَ عَامًا.
قَالَ اَ!مُ: فًهَلْ وَجَدْتَ فِيهَا: { وَعَصَى آدَمُ رَبَّه فَغَوَى} (1) قَالَ: نَعْم.
قَالً: افًتلُومُنِى عَلَى أَنْ عَمِلتُ
وفيه حجة لاءهل السنة أن الجنة التى خرج منها آدم هى جنة الفردوس، والتى يدخلها الناس فى الاَخرة.
خلافًا لقول المبتدعة: إنها جنة أخرى غيرها.
وقوله فى الحديث فى الرواية الأخرى: "أنت الذى خلقك الله بيده، وقوله (2) أيضا: (وخط لك بيده): اختلف أئمتنا فيما ورد من ذكر اليد وشبه ذلك مما لايليق ظاهره بالله تمعالى فكثير من السلف يرى إمرارها بتنزيه (3) الله - تعالى - عن ظاهرها، وترك تأويلها.
وذهب أبو الحسن الأشعرى - فى طائفة من أصحابه - إلى انها صفات سمعية لم نعلمها إ.
لا من جهة الشرع نثبتها صفاتا ولا نعلم حقيقتها وشرحها.
وذهب غير واحد إلى تأويلها على مقتضى اللغة، فيحمل اليد بمعنى القدرة أو النعمة وقد مرّ من هذا فى غير هذا الموضع.
وقوله: " أعطاك الله[ علم] (4) كل شىء) عموم، والمراد به الخصوص، أى مما علمك.
وقيل: يحتمل مما غلمه البشر.
(1) طه: 121.
(2) فى!: وقولهم.
(3) فى ح: وتنزيهه.
(4) فى هامش ح.
(8/138)
كتاب القدر / باب حجاج ادم وموسى عليهما السلام 139 وقوله: (اصطفاك ": اى اَثرك بالرسالة واختصك بكلامه[ كما] (1) فال فى الرواية الأخرى: " وقربك نجيا لما، أى تكلمه وحدك.
وفى محاجته له حجه على جواز المحاجة للعلماء كما قدمناه.
وفى قول ادم له هذا تقرير له على ما علمه، مما لا يوجب له لومه على ذنبه لقوله[ له] (2): " فأعطاك الألواح فيها علم كل شىء، وقربك نجيأَ فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق ؟ قال: بأربعين عامًا.
قال: فهل وجدت فيها{ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (3) قال أمم.
قال: أفتلومنى على أن عملت عملا كتبه الله على أن أعمله قبل اْن يخلقنى بأربعين سنة ؟).
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " فحج اَدم موسى).
/ معناه: غلبه بالحجة، وظفر عليه بها.
وقيل: بل ان اَدم أب لموسى - عليهما السلام - ولم يشرع للابن لوم أبيه ومعصيته.
وهذا يبعد عن (4) سياق الحديث، ومفهومه (ْ) تذنيبه على لومه، وعلة ذلك.
ويحتمل أن غلبة أباه (6) بالحجة لما علمه من التوراة من تقدير الله - تعالى - ذلك
! ارادته.
وأن يكون له نسل فى الأرض، وأنبياء، وسعداء، وأتقياء وأن الله - تعالى - قد شاء ذلك كله وأراده وقدره، فلم يكن منه بد.
وهذا إنما كان بتقدير الله إخراجه من الجنة دإرادته ذلك، ولوشاء الله[ ألا يخرج من الجنة ولا فعل سبب خروجه] (7) لم يكن من ذلك شىء ولا بد من كونه.
فلا بد من خروجه من الجنة وسببه الموجب لذلك.
فإذا كان موسى - عليه السلام - قد علم هذا من التوراة ففيم اللوم ؟ وهذا هو سر القدر الذى أمرنا بالإمساك عنه.
فهذا وجه فى غلبة اَدم بحجته موسى - عليهما السلام - وأيضا، فإن اللوم على الذنب شرعى ليس للعقل فيه مجال.
واذا تاب الله - تعالى - على آدم وغفر له، ورفع اللوم عنه فمن لام فيه محجوج.
قال الإمام: قال بعض أهل العلم: لما كان الله - سبحانه - قد تاب على اَدم من معصيته لم يجب لومه عليها، والا فالعاصى منا لا ينجيه من اللوم والعقاب.
قوله: " إن الله قدر ذلك علىَّ " لاَنه أيضًا قدر عليه العقوبة واللوم إذا وقعا به، ولما كان
الله تعالى تاب على اَدم - عليه السلام - صار ذكر ذلك له إنما يفيد إذا مباحثته عن السبب الذى دعاه إلى ذلك، فأخبر أ ادم] (8) - عليه السلام - أن السبب قضاء الله وقدره.
[ وهذا جواب صحيح إذا كانت المباحثة عن الموقع فى ذلك.
ولم يكن عند اَدم] (9) سبب موقع على [ الحقيقة] (ْا) إلا قضاء الله تعالى وقدره ؛ ولذلك قال ( صلى الله عليه وسلم ): "فحجّ ادم موسى) ة ولهذا قال ادم لموسى - عليهما السلام -: (أنت موسى الذى اصطفاك الله بكلامه)،
(1) في هامش خ.
(3) طه 1210.
(5) فى خ: مفهوم.
(7) فى هامش خط - (10) فى الرسالة: فيه.
(2) من خ.
(4) فى خ.
على.
(6) فى خ: إياه.
(8، 9) فى هامش خ.
63 / َ ا
(8/139)
كتاب القدر / باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام
عَمَلاً كَتَبه اللهُ عَلَىَّ انْ أعْمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلقَنِى بِاع رْبَعِينَ سَنَةً ؟ لا قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَحَجَّ آلحَمُ مُوسَى لما.
(... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ حَاتِمٍ، قَالا: حَد*شَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، حَثَثَنَا
أَبى عَنِ ابْنِ شهَاب، عَنْ حُمَيْد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " احْتَجَّ آَدَمُ وً مُوسَى.
فَقَالً لَهُ موسى: انْتَ آ!مُ الَّذِى أَخْرَجَتْك خَطيئَتُكَ مِنَ الجَنَّةِ ؟ فَقَالَ لَهُ اَدَم: أَنْتَ مُوسَى الَّذِى اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِى عَلَى امْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَىَّ قَبْلَ أنْ أُخْلَقَ ؟ فَحَجَّ اَ!مُ مُوسَى لا.
(... ) حدّثنى عَمْروٌ الثاقِدُ، حَد، شَا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ اليَمَامىُّ، حَد*شَايحيى بْنُ أبِى
كَثيرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَ حدثنا ابْنُ رافِع، حَدّثنَا عَبْدُ الرًّ زَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثهِمْ.
(... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزيدُ بْنُ زُرَيع، حَدّثنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسوُلِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَحْوَ حَدِيثَهِمْ.
وذكر فضائله التى أعطاها الله تعالى، يريد بذلك اْن الله - سبحانه - قدر ذلك وقضى به فنفذ ذلك، كما قدرعلىَّ ما فعلت، فنفذ فىَّ.
وأما قوله: دا قدره الله علىّ قبل أن يخلقنى بأربعين عامأ (1) فالاءظهر فيه أن المراد به
ائه كتبه قبل خلقه بأربعين عامًا، أو اْظهره أو فعل فعلاً ما، أضاف هذا التاريخ إليه دإلا فمشيئة الله - سبحانه - أزلية، وما قضاه وقدره بمعنى شاءه وأراده قديما لم يزل، ولم يزل - سبحانه - مريدا لما أراده من طاعة المطيع ومعصية العاصى.
وأربعون سنة قبل خلق اَدم - عليه السلام - زمن محدود مبتدأ، فيجب صرف هذا التاريخ إلى ما قلناه، والأشبه أنه أراد بقوله: " قدره الله على قبل أن يخلقنى بأربعين سنة).
اْى كتبه فى التوراة، ألا تراه يقول فى بعض طرقه: (فبكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن اْخلق ؟ قال موسى: بأربعين عاما.
قال اَدم: فهل وجدت فيها: { وَعَمىَ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} (2) ؟) فيصح أن يراد به اْن فيها معنى هذا اللفظ مكتوب بلسان غير هذا اللسان العربى ؛ اذ كان النبى ( صلى الله عليه وسلم )
(1) فى الأصل: سنة.
(2) طه: 121.
(8/140)
كتاب القدر / باب حجاج اَدم وموسى عليهما السلام 141 16 - (2653) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْد الله بْنِ عَمْرِو بْن سَرْع، حدثنا ابْنُ وَهب، أخْبَرَنِى أَبُو هَانِئ الخوْلانِىُّ، عَنْ أَبى عَبْد الَرَّحْمًنِ الحُبُلِىِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
" كَتَبَ اللهُ مَقَاديرَ الخَلاثقِ قَبْلً أَن يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالا"رْضَ بِخَمْسِينَ أَلفَ سَنَة.
قَالَ: (وعَرْشُهُ عَلَى المًاَ).
(... ) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدثنَا المُقْرِىُ، حدثنا حَيْوَةُ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْل التَّمِيمِىُّ، حدثنا ابْنُ أَبِى مَرْيمَ، أَخْبَرَنَا نَافِع - يَعْنِى ابْنَ يَزِيدَ - كِلاَهُمَا عَنْ أبِى هَانِئ، بِهَذا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا: (وَعَرْشُهُ عَلَى المَاَ ".
إنما قصد الى العبارة بلسان قومه عن معنى ذكر بلسان غيرهم.
قال الهروى: والحج الغلبة بالحجة، ومنه الحديث: (فحج آدم موسى " أى غلبه بالحجة.
قال القاصْى: وقوله: (وكتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والا"رض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء): وهذا حد للكتاب لا للمقادير ؛ لاءن علم الله تعالى وما قدره على عباده وأراثه من خليقته أزلى لا أول له، وقد يكون ذكر الخمسين ألفا حقيقة على ظاهره، وقد يكون تمثيلا للتكثير كما قال فى قوله: { وَأَرْهلاهُ إِلَن مالًة أَ!ف أَوْ يَزِيدُ ونَ} (1).
ً وقوله: " وكان عرشه على الماء ": يعنى قبل خلق السموات والأرض.
(1) ا لصا فات: 147.
142
(8/141)
كتاب القدر / باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء
(3) باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء
17 - (2654) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ نُمَيْر، كِلاهُمَا عَنِ المُقْرِئِ.
قَالَ زُهَيْر: حدثنا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيد المُقْرِئ، قَالَ: حدثنا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِى أَبُو هَانِبئ ؛ أَتهُ سَمِعَ أبَا عَبْد الرَّحْمَنِ الحُبُلِىًّ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ قُلُوبَ بَنِى آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمن كَقَل!ب وَاحد، يُصِرِّفهُ حَيْثُ يَشَاءُ).
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اللّهُمَّ مُصَرِّفَ القُلُوبِ، صَرِّفْ قُفوبَنَا عَلَى طَاعَتكَ).
63 / ً ا
وقوله: (قلوب بنى اَدم بين إصبعن من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث
يشاء "ة، ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك)، قال الإمام: هذا تجوز وتوسع كما يقول القائل: فلان فى قبضتى وبكفى، ولا يريد أنه حال بكفه، وإنما المراد: تحت قدرتى.
وكدلك يقال: ما اْفعل هذا إلا بإصبعى، أو فلان بين إصبعى أصرفه كيف شئت.
ولا يراد: أنه حال بين الإصبعين، وإنما يراد: أنه هين عليه القهر له والغلبة وتصريفه كيف شاء فكذلك المراد بقوله: (إصبعين من أصابع الرحمن) أى أنه متصرف بحسب قدرته ومشيئته سبحانه تعالى، لا يعتاض عليه ولا يفوته ما اْراده، كما لا يعتاض على الإنسان ما كان بين إصبعيه ولا يفوته.
وخاطب العرب من حيث تفهم ومثل بالمعانى المحسوسة تأكيدا للمعانى فى نفوسها.
فإن قيل: فإن قدرة الله - سبحانه - واحدة والإصبعان هاهنا اثنان.
قيل: قد أخبرنا
أن ذلك مجاز واستعارة وتمثيل، فوقع الكلام على حسب ما اعتادوه فى هذا الخطاب غير مقصود منه إلى تثنية أو جمع.
ويحتمل اْن يراد بالإصبع هاهنا: النعمة، ويقال: عندى لفلان إصبع حسن، أى يد جميلة، ولكن[ لا] (1) يقال على هذا فلمَ ثنى النعمة ونعم الله لا تحصى اَحادها، والاَجناس قد تحصى، فيكون المراد بالنعمتين اللتين عبر عنهما بالإصبعين: / نعمة النفع، ونعمة الدفعِ.
فنعمة النفِع هى الظاهرة، ونعمة الدفع هى الباطنة.
وقد قيل فى قوله تعالى: { وأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعمهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِلى} (2): أن الظاهرة نعمة النفع، والباطنة نعمة الدفع.
وقلب العبد للبارى - سبحانه - عليه نعمة نفع ونعمة دفع، فلا يبعد أن يُراد بالنعمتين هاتان أو غيرهما من الأجناس التى تليق بهذا.
(1) من الرسالة.
(2) لقمان: 20.
(8/142)
كتاب القدر / باب كل شىء بقدر
143
(4) باب كل شىَ بقدر
18 - (2655) حدّثنى عَبْدُ الا"عْلَى بْنُ حَمَّاد، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَألِكِ بْنِ أنَسٍ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد عَنْ مَألك - فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهً - عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْد، عَنْ عَمْرِو بْيق مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ ؟ !أَنَهُ قَاً: أً دْرَكْتُ نَاسًا مِنْ أَصحَاب رَسُولِ الله على يَقُولُونَ: كُل شَىْءٍ بِقَدَرٍ.
قَالَ: وَسَمعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يقُولُ: قَالً رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَر، حَتَّى العَجْزُ وَ الكَيسُ اوِ الكَيْسُ والعَجْزُ).
9 ا - (2656) ! دّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَألا.
حَد*شَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ إِسَمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّاد بْنِ جَعفَرٍ المَخْزُومِىِّ، عَنْ ابِى هُرَيْرَفَ قَالَ: جَاءَ مُشْرِكُو قُرَيْش يُخَاصمُونَ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى القدر، فَنَزَلَتْ: { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَئ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسًّ سَقَرَ.
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } (1).
وقوله: " كل شىء بقدر حتى العجز والكيس دا: رويناه بالضم على العطف على (كل)، وبالخفض على العطف على (شىء) ويكون على رواية الخفض بمعنى التى خفض ما بعدها وهو أحد وجوه حتى، والعجز هنا يحتمل أن يكون على ظاهره، وهو عدم القدرة.
وقيل: هو ترك ما يجب فعله، والتسويف فيه وتأخيره عن وقته.
قيل: ويحتمل أن يريد بذلك عمل الطاعة (2)، ويحتمل أن يريد عموم أمور الدنيا والاَخرة.
والكيس ضد العجز، وهو النشاط والحذق بالاَمور ظاهرة.
وإدخال مالك واْهل الصحيح له فى كتاب (3) القدر دليل على أن المراد بالقدر هاهنا ما قدره تعالى وأراده من خلقه، ومعناه (4) أن العاجز قد قدر عجزه، والكيس قد قدر كيسه.
قال الباجى: ولعله أراد بذلك العجز عن الطاعة والكيس فيها، ويحتمل اْنه أراد فى أمر الدين والدنيا.
وقوله: جاَ مشركو قريش يخاصمون فى القدر، فنزلت: { يَوْمَ يُسْجُونَ فِى النَّارِعَلَئ وُجُوهِهِمْ} إلى قوله: { إنَّا كلَّ شىْء خلَقْنَاهُ بِقَدرٍ } ظاهره أن المراد بالقدر هاهنا: مراد الله ومشيئته وما سبق به قدره من ذلك، وهو دليل مساق القصة التى نزلت بسببها الاَية.
وقال الباجى ت إنه يحتمل من جهة اللغة معانى أخرى: أن يكون القدر هاهنا بمعنى
(1) 1 لقمر: 48، 49.
(3) فى ز: باب، والمئبت من ح، وهو الصواب.
(4) فى ز: معنى، والمثبت من ح، وهو الصواب.
(2) فى خ: الطاعات.
144
التقدير وا لثا نى: والثا لث:
(8/143)
كتاب القدر / باب كل شىء بقدر
، أى لا يزاد عليه ولا ينقص، كما قال: { قَدْ جَعَلِ اللَّهُ لكلِّ شِيْءٍ قَدْرًا} (1) " أن يكون المراد: تقدير بقدره كما قال: { بَلَئ قَادِرِين عَلَئ أًن نُّسوِّي بَنَانَهُ} (2)، بقدر، أى وقت خلقه فيه.
(1) الطلاق: 3.
(2) القيامة: 4.
(8/144)
كتاب القدر / باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره 145
(5) باب قدّر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره
20 - (2657) حلّلنا إٍ سحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظ لإسْحَقَ - قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا معْمَز، عَنِ ابْنِ طَاوسُ، عَنْ أَبِيه، عَنِ ابْنِ عَبًّاص، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئا أَشْبَهَ بِاللَّمَم ممَا قَالَ ابُو هُرَيْرَةَ ؟ انَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ ادمَ حَطهُ مِنَ الزَنى، أدْرًكَ ذَلك لا مَحَالَةَ.
فَزِنَى العَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطقُ، وَالنَّفْسُ تَمَئى وَتَشْتَهِى، وَالفَرجُ يُمدَقُ فَلِكَ أَوْ يُكَنِّبهُ).
قَالَ عَبْد فِى رِوَايَتِهِ: ابْنِ طَاوص عَنْ أبِيهِ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاص.
21 - (... ) حدّثنا إِسْحَق بْنُ مَنْصُورِ، أخْبَرَنَا أَبُو هشَام المَخْزُومِىُّ، حَدَّثَنَا وهُيْمث، حَدثنَا سُهَيْلُ بْنُ أبِى صَالِحِ عَنْ أَبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عًنِ النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كُتِبَ عَلَى ابْنِ اَدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزَنى، مُدْرِذ ذَلَكً لا مَحَالَةَ.
فَالعَيْنَان زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالأذُنَان زِناَهُمَا الاِسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زنَاهُ الكَلامُ، وَاليَدُ زنَاهَا البَطشُ، وَالرخل زِنَاهَا الخُطَا، وَالقَلبُ يَهْوَى وَيَتَمَئى، وُي! دًّقُ ذَلِكَ الفَرْجُ وُبكَنبهُ لما.
وقوله: ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة عن النبى - على السلام -: " إن
الله كتب على ابن اَدم حظه من الزنا، اْدرك ذلك لا محالة.
فزنا العين النظر) إلى قوله: (والفرج يصدق ذلك أو (1) يكذبه) أى إن الفاحشة العظيمة والزنا التام الموجب للحد فى الدنيا وعقاب الزانى فى الاَخرة هو للفرج، وغيره له حظه من الإثم، وهو عنده / تفسير اللمم الذى هو من الصغائر، ويغفر الإثم وهو عنده باجتناب الكبائر.
وأصل اللمم: الميل إلى الشىء وصلته من غير مداومة.
وقد اختلف الناس فى اللمم، فقيل هو الرجل يأتى الذنب ثم لايعاوده.
وقيل: هو
ما سلف لهم فى الجاهلية قبل الإسلام.
وقيل: الصغائر.
وقيل: اْن يلم بالشىء ولا يفعله.
وقيل: الميل إلى الذنب ولا يصر عليه.
وقيل: هو مادون الشرك.
وقيل: هو ما بين الحدين لم يشرع فيه[ حد فى الدنيا] (2) ولا نص على عقابه فى الاَخرة، تكفره الصلوات الخمس.
(1) لى الأصل: أى، والمثبت من ح.
(2) من ح.
63 / ب
146
(8/145)
كتاب القدر / باب معنى كل مولود يولد على الفطرة...
الخ
(6) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة
وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين
22 - (2658) حدّثنا حَاجبُ بْنُ الوَلِيدِ، حَا ننَا مُحَمَدُ بْنُ حَرْب، عَنِ الزبيْدىّ،
عَنِ الزُّهْرِى، أخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّب عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ة قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا مِنْ مَوْلُود إلا يُولَدُ عَلَى الفِطرً ةِ فَائوَاهُ يُهَوِّدَانِه وَيُنَصِّرَانه وُيمَجِسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءً، هَلْ تُحسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ؟ لماَ ثُمَ يَقُولُ ابُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤولم إِنْ شِئتُمْ: { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النًّاسَ عَلَيْهَا لا تَبدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} الاَيَةَ (1).
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى.
ح وَحَدشَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، كِلاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإسْنَاد.
وَقَالَ: (كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمقًا).
وَلَمْ يَذْكُرْ: جَمْعَاءَ.
قال الإمام: قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل يحس فيها من جدعاء) ثم يقول أبو هريرة: افرؤوا إد ثئتم: { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها[ لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّه، (2)} وهى بعض طرقه: فقال رجل: يارسول الله، أرأيت لومات قبل ذلك ؟ قال: " الله اْعلم بما كانوا عاملين)، وفى بعض طرقه: (ما من مولود[ إلا وهو] (3) يولد على الملة[ حتى يعبر عنه لسانه] (4))، وفى بعض طرقه: (من يولد يولد على هذه الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما تنتجون الإبل، فهل تجدون فيها جدعاء حتى تكونوا اْنتم تجدعونها).
قالوا: يارسول الله، أفرأيت من يموت صغيرا ؟ قال: (الله اْعلم بما كانوا عاملين)، وفى بعض الطرق: [ سئل عن اولاد المشركين، فقال: (الله أعلم بما كانوا عاملين)، وفى بعض الطرق] (5): "إن الغلام الذى قتله الخضر - عليه السلام - كان طبع كافراً، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا لما، وعن عائشة - رضى الله عنها -: توفى صبى فقلت (6) طوبى له عصفور من عصافير الجنة، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ة (اولاتدرين اْن الله خلق الجنة وخلق النار، فخلق لهذه أهلأ ولهذه أهلاً لما، وفى بعض طرقه: ا لم (7) يعمل السوء ولم يدركه)،
(1) 1 لروم: 30.
(4) سقط من !.
(6) فى ح: فقالت.
(2، 3) من !.
(5) من !.
(7) فى!: ثم.
(8/146)
كتاب القدر / باب معنى كل مولود يولد على الفطرة...
إلخ 147 (... ) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ
ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَاً هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا مِنْ مَوْلُود إِلا يُولَدُ عَلَىَ الفِطرَة).
ثُمَّ يَقُولُ: اقْرَؤُوا: { فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطًرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لًخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيَّمُ}.
23 - (... ) حدئنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد، شَا جَرِيرٌ عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ أَبى صَالحٍ،
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله كله: (مَا مِنْ مَوْلُود إِلا يُلدَ عَلَى الفِطَرَة، فَابَوَاهُ يُهَوِّدَانِه وَيُنَصِّرانه وَيُشَركِّانه).
فَقَالً رَجُل: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتً لَوْ مَاتَ قَبْلً ذَلِكَ ؟ قَالَ: "َ اللهُ اعْلَمُ بَمَا كَانُوا عًامِلِينَ).
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَة وَأَبُو كُرَيْب، قَالا.
حَدّثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدَّثَنَا
ابْنُ نُمَيْر حَدثنَا أَبِى، كِلاهُمَا عَنِ الأعَمَشِ، بِهَذَا الإً سْنَادِ.
وفيه: " أنّ الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم فى أصلاب اتائهم "، قال الإمام: ذهب بعض الناس إلى أن أ المراد] (1) بالفطرة المذكورة فى الحديث: ما أخذ عليهم وهم فى أصلاب اَبائهم، وان الولادة تقع عليها حتى يقع التغيير بالاَبوين.
وذهب بعض الناس إلى ال الفطرة هى: ما قضى عليه من سعادة وشقاوة يصير إليها.
وهذا التأويل إنما أ يليق بما] (2) فى بعض الطرق وهو قوله: (على الفطرة) مطلقا، وأما ما وقع / فى بعض الطرق وهو قوله: (على هذه الفطرة "، وقوله فى أخرى: " إلا وهو على هذه الملة " فإن هذه الإشارة إلى فطرة معينة وملة معينة يمنع هذا التأويل: وقد يتعلق هؤلاَ بقوله: (إن الغلام الذى قتله الخضر طُبِعَ كافرا، وظاهر هذا يمنع من كون كل مولود يولد على هذه الفطرة، وقد ينفصل الآخرون عنه بأن المراد به حالة ثانية طرأت عليه من التهيؤ للكفر وقبوله عليه، غير الفطرة التى ولد عليها.
وقال اخرون: يحتمل أن يريد بالفطرة ما هى (3) له وكان مناسبأَ لما وضع فى العقول، وفطرة الإسلام صوابها كالموضوع فى العقل، دانما يدفع العقل عن إدراكه اَفة وتغيير من قبل الأبوين وغيرهما" (4).
وأما قوله: " الله أعلم بما كانوا عاملين)، وقوله مثل هذا لما سئل عن أولاد المشركين، وقوله لعائشة لما قالت: عصفور من عصافير الجنة: (ان الله خلق للجنة اهلاً) الحديث.
فقد قدمنا الكلام فى أولاد المؤمنين، 1 وذكرنا أن الإجماع على أن الصغار من (1) فى هامش خ.
(2) من خ.
(3) فى خ: ما هيأ.
(4) فى الأصل.
وغيره، والممْبت من ح.
64 / أ
148 (8/147)
كتاب القدر / باب معنى كل مولوديولدعلى الفطرة...
إلخ فِى حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرِ: " مَا مِنْ مَولُودٍ يُوْلَدُ إِلا وَهُوَ عَلَى اجل.
وَفِى رِوَايَةِ ابِى بَكْرٍ عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ: " إِلا عَلَى هَن!هِ المِلَّةِ، حتَى يُبيِّنَ عَنْهُ لِسَا"لىُ).
وَفى رِوَايَة ابى كُرَيْب عَنْ ابى مُعَاويَةَ: ا لَيْسَ منْ مَوْلُود يُولَدُ إَلا عَلَى هَن!ه الفطرَة، حَتَّى يُعبًّرعنْهُ لِسًا"لَىُ لما.
ًًَ "ًَ
24 - (... ) حدلنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد، شَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدثنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَد!شَا أَبُوهُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَذَكَرَ احَادِيثَ منْهَا: وقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ يُولَدُ يُولَدُ عَلَى هَذه الَفطرً ةِ، فائوَاهُ يُهِوِّدَانه وَيُنَصًّرَانه، كَمَا تَنْتِجُونَ الإِبَلَ.
فَهَلْ تَجِدُونَ فِيهَا جَدْعَاءَ ؟ حًتَّىَ تَكُونُوا انْتُمْ تَجْدعُونَهًاَ لما قَالُوا: يًاَ رَسُولَ اللهِ، أَفَرَايْتَ مَنْ يَمُوتُ صَغِيراً ؟ قَالَ: " اللهُ اعْلَمُ بِمَا كَاثُوا عَامِلينَ لما.
25 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدِ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنى الدَّرَاوَرْدىَّ - عَنِ العَلاَ، عَنْ أَبيه، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ ان رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كُلّ إِنْسَان تَللُهُ أُمُّهُ عَلَى الفطغ، وَأَبَوَاَهُ - بَعْدُ - يُهَوِّدَانِه وَيُنَضَرانه وَيَمَجًّسَانه فَإنْ كَانَا مُسْلمِين فُمُسْلئم.
كُلُّ إِنْسًال! تًلِدُهُ أُمُهُ يَلكُزُهُ الشَّيْطَانُ فِى حَضْنَيْه، إَلا مَرْيَم وَابْنًهًا ".
26 - (2659) حدّثنا أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى ابْنُ أَبى ذئْب وَيُونُسُ، عَنَ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عَطَاء بْن يَزِيدَ، عَنْ ابِى هُرَيْرةَ ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سُئِلً عَنْ اوْلادِ المُشْرِكِينَ.
فَقًالَ: (اللهُ أً عْلَم بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ لما.
(... ) حلّلنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ اللهِ
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بهْرَامَ، أَخبَرَنَا أبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ.
ح وَ حدثنا سَلَمَة بْنُ شَبيب، حَدهنَنَا الحَسْنُ بْنُ أَعْيَنَ، حدثنا مَعْقِل - وَهُوَ ابْنُ عُبَيْد اللهِ - كُلُهُمْ عَنْ الزهْرِىِّ، بإسْنَادِ يُونُسَ وَابْنِ أَبِى ذئْب، مثْلَ حَديثِهِمَا.
غَيْرَ أَنًّ مى حَديث شُعَيْب وَمَعْقِل: سُئِلً عَنْ فَرَارِىِّ المُشْرِكِينَ ! "ًً
أولاد النبيين فى الجنة] (1)، وذكرنا أن جمهور العلماء على أن اْطفال المؤمنين فى الجنة أيضا، وان بعض العلماء وقف فيهم، وفى حديث عائشة - رضى الله عنها - هذا.
(1) فى هام!خ!.
(8/148)
كتاب القدر / باب معنى كل مولود يولد على الفطرة...
إلخ 149 27 - (... ) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَد، شَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزَنادِ، عَنِ ال الرَجِ، عَنْ
أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ أَطفَالِ المُشْرِكِينَ ؛ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ صَغِيرأ.
فَقَالَ: " اللهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينً).
28 - (2660) وحدّثنايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ أَبِى بِشْرٍ، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ بدلات عَنْ أَطفَالِ المُشْرِكِينَ ؟ قَالَ: " الَلهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ، إذ خَلَقَهُمْ).
29 - (2661) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَد"ننَا مُعْتَمِرُبْنُ سُلَيْمَانَ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَسْقَلَةَ، عَنْ أَبِى إِسْحَقَ، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّالمبى، عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْب، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنَّ الغُلاًَا لَّذِى قَتَلَهُ الخَضِرُ طُبِعَ كَافِراً، وَلوْ عَاشَ لأرً هَقَ أَبَوَيْهِ طُغْيَانا وَكُفْراً لما.
30 - (2662) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد، شَا جَرِيرو، عَنِ العَلاء بْنِ المُسَيَّبِ، عن فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلحَةَ، عَنْ عَائشَةَ أُمِّ المُؤمنين، قَالًتْ: تُوُفِّىَ صَبِىّ.
فَقُلتُ: طُوبَى لَهُ، عُصْفُور مِنْ عَصَافيرِ الجَتة.
فَقًالَ رَسُولُ الَلَهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " أَوَ لا تدْرِينَ انَّ اللهَ خَلَقَ الجَتةَ وَخَلَقَ النَّارَ، فَخَلَقَ لِهًنِهِ اهْلاً، وَلِهَنِهِ أَهْلأ ".
31 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا وَكِيع، عَنْ طَلحَةَ بْنِ يحيى، عَنْ عَمَّتِهِ، عَائِشَةَ بِنْتِ طَلحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ قَالَتْ: دُعِىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى جَنَازَةِ صَبِىٍّ مِنَ الا"نْصَارِ.
فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، طوبَى لِهَذا، عُصْفُور مِنْ عَصَافيرِ الجَنَّة، لَمْ يَعْمَلِ السُّوءَ وَلَمْ يُدْركْه.
قَالَ: " أَوَ غَيْرَ ذَلكَ يَا عَائشَةُ، اِنَّ اللهَ خَلًَللِجنَّة أَهلاً، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِى أَصْلابِ اَبَائِهِمْ، وَخَلًللِنَّارِ أَهْلَاً، خَلَقَهُمْ لَهَا وَهُمْ فِى أً صْلابِ اتائِهِمْ).
-
وقوله - عليه السلام -: (أو غير ذلك إن الله خلق للجنة أهلا " الحديث، مما يقدح عنده فى القطع، كما قطع جمهور العلماَء إذا كان الصبى المذكور فى الحديث من أولاد المؤمنين.
وأما أولاد الكافرين فاضطرب العلماء فيهم، والاَحاديث وردت ظواهرها مختلفة،
64 / ب
150 (8/149)
كتاب القدر / باب معنى كل مولود يولد على الفطرة...
إلخ
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصبَّاحِ، حَدثنَا إسْمَاعيلُ بْنُ زَكَريَّأءَ، عَنْ طَلحَةَ بْن يحيى.
ص ص كّص ورهَ، 5ءَ هً سر، َ،، ًَ كّصَ،، َ،
ح وحدثنِى سليمان بن معبد، حدثنا الحسيْن بْن حفصٍ.
ح وحدثنى إِسْحق بْن مَنْصورٍ، أَخْبَرَنَأ مُحَفدُ بْنُ يُوسُفَ، ً كِلاهُمَا عَنْ سُفيَانَ الثَّوْرِىِّ، عَنْ طَلحًةَ بْنِ يحيى، بإِسْنَادِ وَكِيع.
نَحْوَ حَدِيثِهِ.
فمنها: قوله هاهنا: (الله أعلم بما كانوا عاملين) ومنها: " هم من ابائهم) (1)، ومنها: " لو شئت أسمعتك تضاغيهم فى النار) (2) الحديث كما وقع، ومنها: (أنه تتأجج لهم نار، فيقال لهم: اقتحموها) الحديث أيضا، واختلاف هذه الظواهر بسبب اضطراب العلماء فى ذلك، والقطع هاهنا يبعد.
وقد حاول بعض الناس بناء هذه الأحاديث فجعل الاَصل فيها[ حديث] (3) (تأجج
لهم نار)، ويقال لهم: اقتحموها، فيكون من عصى ولم يقتحمها هو المراد بقوله ة "أسمعتك تضاغيهم فى النار)، وبقوله: (من آبائهم)، ويكون قوله: (الله أعلم بما كانوا عاملين) يشير به إلى عملهم هذا من الاقتحام والإحجام.
وأما قوله: " بهيمة جمعاء) (4) فالجمعاء السليمة من العيوب، سميت بذلك لاجتماع سلامة أعضائها، لا جدع فيها ولا كى، وكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) / شبه السلامة التى يولد عليها المولود من الاعتقادات الفاسدة بالبهيمة الجمع (ْ) التى هى سليمة من العيوب (6) ثم يطراْ عليها العيب بفعل يفعل فيها، كما يطرأ إفساد الاعتقاد على المولود بتربية يتربى عليها.
قال القاصْى: وقوله: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحس (7) فيها من جدعاء):
أى تولد مجتمعة الخلق سالمة من النقص والتغيير، لم يلحقها جدع، وهو قطعءالاَذن ولا غير ذلك، إلا بعد ولادتها.
ومعنى قوله: دا تحس (8)): أى تجد (9)، كما جاء فى الرواية الأخرى: " تجدون)، يقال: حسست الشىء كذا وأحسسته: وجدته كذلك، يؤيد تأويل من تأول أن المراد بالفطرة هاهنا: ما فطر عليه العبد فى أصل خلقته وابتدائها قبل معرفته بشىء من قبل بنى اَدم، من التهيؤ (ْا) لقبول الهداية والسلامة من ضد ذلك، حتى يدخل عليه من اْبويه وقريبه ومربيه وقرينه ما يغيره عن ذلك، ويحمله على ما سبق
(1) أحمد فى مسنده 6 / 84، أبو داود، كال!ة، بفى ذرارى المشركين رقم (7 علأ 4).
(2) أحمد 6 / 08 2، ومجمع الزوائد 7 / 220، وقال: فيه اْبو عقيل، ضعفه الجمهور والإمام أحمد - رحمه الله.
(3) من هامش ح.
(4) حديث رقم (22) بالباب.
(5) فى خ: الجمعاء.
يلأ) هكذا فى ح، وفى ز: الصواب، وهو خطأ.
(7، 8) فى!: تحسون.
(9) فى!: تجد ون.
(10) فى الأصل: النهى، والمثبت من ح.(8/150)
كتاب القدر / باب معنى كل مولوديولدعلى الفلى ة...
إلخ 151 عليه فى الكتاب، ويجعلانه يعمل بعمل أهل الشقاوة (1)، وكل ذلك مما سبق عليه فى الكتاب كما قال (2) فى الرواية الأخرى: " حتى تكونوا أنتم تجدعونها،.
والفطرة أول الخلقة وابتداؤها، ويعضد هذا التأويل - أيضا - قوله فى الحديث الاَخر: " حتى يعبر عنه لسانا).
وقيل: معنى " ابواه يهودانه أو ينصرانه): أى يحكمان له بحكمهما من ذلك، كما قال - عليه السلام -: (هم من اَبائهم ".
وقيل: (على الفطرة، على فطرة أبيه، أى على دينه، أى له[ بالحكم] (3) حكمه.
واحتجاجه اَخر الحديث بقوله: { فِطرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيهَا لا تَبْدِيلَ لِخَفق اللَّهِ} (4) يدل على أن مذهب أبى هريرة فى الحديث والذى فهم منه أن الفطرة هنا ما سبق له فى القدر من شقاء أو سعادة.
وقوله فى الرواية الأخرى: (ما من مولود إلا يلد) (ْ) كذا رواية السمرقندى فيه مثل !رب، ولغيره: " يولد لما وقد ذكر الهجرى فى نوادره[ يقال، (6): ولد ويلد بمعنى، ويكون على إبدال الواو ياء لانضمامها.
وقوله: " كما ينتجون الإبل " يقال: نتجت الناقة: إذا توليت نتاجها والناتج لها كالقابلة للمرأة ونتجت هى فهى منتوجة، ولا يقال: أنتجت الناقة.
وحكى الأخفش أنتجت ونتجت معأَ.
وقوله: " كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان فى حضنيه إلا مريم وابنها ": تقدم الكلام فيه (7).
والحضن: الجنب.
وقيل: الخاصرة، ورواه / ابن ماهان: (خصييه) أى انثييه، وأراه وهما بدليل قوله: " إلا مريم وابنها ".
وقوله فى غلام الخضر: (طبع كافرا لا: تكلمنا قبل فى حديث الخضر على الطبع (8).
وقوله: ا لو عاش لاءرهق أبويه طغيانأ وكفراً) (9): أى حملهم عليه.
قال الهروى: لألحق ذلك لهما.
ذكر مسلم الاَحاديث كلها فى أطفال المسلمين والمشركين، وقد تقدم من الكلام عليها مجملاً ما يكفى، وكل هذا راجع إلى ما قدره الله تعالى فى سابق علمه وأزلى مشيئته، وأنّ ظاهر أولاد المشركين موكول إلى علمه.
وقوله: " الله أعلم بما كانوا عاملين) دليل على علم الله لما لا يكون أن لو كان كيف
(1) فى خ: الشقاء.
(2) فى ح.
جاء.
(4) الروم: 30.
(5) حديث رقم (23) بالباب.
(7) انظر: كالفضائل، بفضائل عيسى عليه اللام برقم (146).
(8) انظر: كالفضائل، بفضائل الخضر عليه السلام برقم (172).
(9) حديث رقم (29) بالباب.
(3) ساقطة من ح - (6) من خ.
65 / أ
152
(8/151)
كتاب القدر / باب معنى كل مولود يولد على الفطرة...
إلخ
كان يكون، وأنّ اْمرَهم إلى الله تعالى، يفعل فيهم ما يشاء.
وقوله فى الصبى - وهو من ولد الإسلام (1) لما قيل له: عصفور من عصافير الجنة -:
"إنّ الله خلق الجنة وخلق لها أهلأ، وخلق النار وخلق لها أهلاً) وفى الرواية الاَخرى: " وهم فى أصلاب اَبائهم): كلام مجمل يحتمل لأنهم مع الاَباء والأمهات ! إن لم يعملوا عملاً يستوجبون بذلك إذ خلقوا له وكتب عليهم، ويحتمل أنهم وهذه (2) الحال وان خالفوا حال اَبائهم، وليس فى قوله: " وهم فى أصلاب اَبائهم) معارضة لقوله: (ثم يكتب شفى اْو سعيد " فى ال الحاديث الأخر، وهو فى بطن أمه، إذ قد قدمنا أن قدر الله بذلك أزلى لا أول له، وانما الكتاب هو الذى يكون وهو فى بطن امه.
وهذا الحديث إشارة إلى أنّ هذه صفاتهم، من أن القدر قد مضى فيهم وسبق وهم بعد لم يوجدوا خلفأ، ولا حصلوا فى بطون الأمهات، ولا حصل لهم اسم الأولاد.
(1) فى!10 لمسلمين.
(2) فى!: بهذه.
(8/152)
كتاب القدر / باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد...
إلخ 153
(7) باب بيان أن الاَجال والأرزاق وغيرها لا تزيد
ولاتنقص عما سبق به القدر
32 - (2663) حدثنا ائو بَكْرِ بن أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قَالا: حَد - ننَا وَكِيع، عَنْ مِسْعَر، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، عَنِ المُغِيرَةً بْنِ عَبْد الله اليَشْكُرِىِّ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: قَالَمث امُّ حَبيبَةَ - زَوْجُ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) -: اللهُمَّ، أمْتِعْنِى بِزَوْجِى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَبِأبِى أبِى سُفْيَانَ، وَبِأخِى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ: فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " قَدْ سَألتِ اللهَ لآجَالٍ مَضْرُوبَة، وَأيَّامٍ مَعْدُودَة، وَأرْزَاق مَقْسُومَة، لَنْ يُعَجِّلَ شَيْئًا قَبْلَ حِلِّهِ، أوْ يُؤخِّرَ شَيْئًا عَنْ حِلِّه، ً وَلَوْ كُنْت سَألتِ اللهَ أنْ يعيذَك مِنْ عَذَاب فِى النَّار، أو عَذَابٍ فِى القَبْرِ، كَانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ).
ًَ
قَالَ: وَذُكِرَتْ عنْدَهُ القِرَدَةُ.
قَالَ مِسْعَر: وَاُراهُ قَالَ: وَالخَنَازِيرُ مِنْ مَسْخٍ.
فَقَالَ:
(إِنَّ اللَّه لَمْ يَجْعَلْ لِمَسخٍ نَسْلاً وَلا عَقِبًا.
وَقَدْ كَانَتِ القِرَدَةُ والخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وقول أم حبيبة - زوج النبى عليه السلام - اللهم، أمتعنى بزوجى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وبأبى[ أبى] (1) سفيان، وبأخى معاوية، فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (سألت الله لاَجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة أن يعجل (2) شيئا منها قبل حله، أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من[ عذاب] (3) النار او عذاب القبر كان خيرأ وأفضل): كذا رويناه (حله) بفتح الحاَ فى الموضعين، وفى الحديث الاَخر بعده بغير خلاف من شيوخنا، ومعناه: وجوبه، يقال: حل الشىء يحل حلاً: وجب.
وحكاه الإمام اْبو عبد الله: قبل أجله وبعد[ أجله] (4).
قال الإمام إن قال[ قائل] (ْ): / قد أثبت فى هذا الحديث[ أنّ] (6) الا"جل لا يزاد
فيه ولا ينقص، وقد قال فى أحاديث أخر: " إنّ صلة الرحم تزيد فى العمر) (7)، فكيف الجمع بين هذين الحديثين ؟
قلنا: أول ما يجب أن يعلم: أنَّ الأجل عبارة عن الوقت الذى قدر موت الميت فيه،
فإذا كان عبارة عن هذا وعليه يتكلم هاهنا، فلابد أن يقال: إن البارى - سبحانه - يعلم
(1) ساقطة من ح.
(2) فى ح: يجعل.
(4، 5) من خ.
(6) فى هامش خ.
(7) !مبق فى كالبر والصلة، بصلة الرحم برقم (20، 21).
(سن) فى هامش خ.
65 / ب
154(8/153)
كتاب القدر / باب بيان أن الآجال والاَرزاق وغيرها لا تزيد...
إلخ (،.
.
) حدثناه ائو كُرَيْب، حَد"نَنَا ابنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرِ، بِهذَا الإسْنَاد.
غَيْرَ أنَّ فِى حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ بِشْرٍ وَوَكِيعٍ جَمًيغا: (مِنْ عَذَاب فى النَّارِ، وَعَنَابِ فِى القَبْرَ لما.
66 / أ
هذا الوقت أو لا يعلمه، فواضح إحالة القول: انه لا يعمله، فإذا ثبت أنه يعلمه فليأخذ (1) العلم وحقيقته: معرفة المعلوم على ما هو به، فإذا فرضنا اْنَّ زيداً علم الله أنه سيموت سنة خمسمائة، ثم قدرنا أنه مات قبلها أو مات[ بعدها، أليس] (2) يطلب حقيقة ذلك العلم ولم يكن علما بل كان جهلاً ؛ لاَنه تعلق بالأمر على خلاف ما هو عليه، وقد فرضنا اْن البارى - سبحانه - يستحيل الجهل عليه، فوجب ضرورة من مقتضى هذه المقدمات أنّ ما علمه البارى - عز وجل - من الآجال لا يثبدل ولا يتغير.
فإن كان السؤال عن الزيادة فى الأجل الذى علمه البارى - سبحانه - أو النقص منه، فالجواب: أنّ ذلك لا يصح لهذا الذى بيناه.
! ان كان السؤال عن الزيادة والنقص فى أجل غير الأجل الذى عند الله - تعالى -
وفى غيبه، فذلك مما لا يمنع الزياثة فيه والنقصان ؛ لاَنّ ما سوى البارى وصفاته من سائر الأشياء مخلوق، والمخلوق يتغير ويتبدل ويزيد وينقص.
قال الحذاق من أهل العلم بناء على هذا: ما وقع فى الظواهر من الزيادة فى العمر أو النفصان منه فيحمل ذلك على ما عند ملك الموت أو مَنْ وكله البارى - سبحانه - بقبض الاَرواح، وأمره فيها باَجال محدودة، فإنه - سبحانه - بغد أن يأمره (3) بذلك أو يئبته فى اللوح المحفوظ، لملك الموت ينقص منه ويزيد فيه، على حسب ما شاء حتى يقعِ الموت على حسب ما علم - تعالى - فى ال الزل، و!د!ال عز من قاشل: { يَمْحُو اللَّهُ مَا يشَاءُ وَتبتُ وَعندَهُ اُمُّ الْكِتَاب} (4)[ فأثبت المحو والإثبات وأخبر أن عنده أم الكتاب] (5) وهذا يشير إلىَ ما قَلناه، دإن كَان قد قيل فى الآية: محو الليل بالنهار[ ومحوا (6) النهار بالليل.
وقيل: محو ال الحكام المنسوخة بالناسخة لها، ولكن لا يبعد دخول ما قلناه تحت العموم إذا ثبت أصله، وتكون الآية مصداقا لما قلناه على الجملة دون التفصيل.
وكذلك قوله تعالى: { ثُمّ قَفى أَجَلاً وَأَجَلٌ مسَمًّى عِندَة ثُمَّ أَنتمْ تَمْتَرُونَ} (7) يحل (8) أن يحمل على ما قلناه، وإن كان قد قيل فيه أيضا تأويل آخر.
كما أن بعض / أهل العلم أيضا تأول قوله تعالى: عالم وَمَا يْعَمَّرُ مِن مّعَمَّرِ وَلا يُنقَص مِنْ عمُرِهِ} (9) ىلى أنّ المراد!ص من عمره عن أبناء جنسه وأترابه.
وكذلك تأول بعضهم قوله فى صلة الرحم أنها تزيد فى العمر: أنّ المراد به الرزق ؛
ولاَن الفقر يعبر عنه بالموت.
وأنكر بعضهم ذلك وقال: الرزق مفروغ منه كما فرغ من (1) فى خط: قلنا: حد.
(2) هكذا فى ح، وهو الصواب، وفى ز: بغيرها ليس، وهو خطأ.
(3) فى ح: يأمر.
(4) الرعد 390.
(5) من هامسْ ح.
للأ) من ح.
(7) ألاتعامْ 2.
(8) فى ح: يصح (9) فاطء -: 11.
(8/154)
كتاب القدر / باب بيان أن الاَجال والاَرزاق وغيرها لاتزيد...
إلخ 155 33 - (... ) حَدثنا إسْحقُ بْنُ إبْرَاهيمَ الحَنْظَلِىُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ - وَاللَّفْظُ لِحَجَّاجٍ - قَالَ إسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ حَجًّاج: حَد*شَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا الثَّوْرِىُّ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَد، عَنِ المُغيرَة بْنِ عَبْد الله اليَشْكُرِىّ، عَنْ مَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُو! قَالً: قَالت أُمُّ حًبِيبَةَ: الَلهُمًّ، متِّعنى بِزَوْجِى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَبِأبِى ألِى سُفيانَ، وَبِأخِى مُعَاوِيَةَ.
فَقَالَ لَها رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إنَّك سَأَلتِ اللهَ لَآجَال مَضْرُوبَةٍ، واَثَارٍ مَوْطوعَة، وَأرْزَاقٍ مَقْسُومَة، لا يُعَجِّلُ شًيْئًا مِنْهَا قَبْلَ حِلِّهِ، ولا يُؤخِّرُ مِنها شَيْئا بَعْدَ حِلِّهِ، وَلَوْ سَأئتِ اللهَ أنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ، وَعَذَاب فِى القَبْرِ، لَكَانَ خَيْرًا لَكِ لما.
الأجل، فلا معنى للاعتذار بما يحتاج[ إلى] (1) الاعتذار.
وقال اخرون: أ إنّ المعنى] (2): أنّ الله - سبحانه - علم أنه يعمره أ مائة] (3) لاَنه علم أنه يصل رحمه، وعلم أنه لو لم يصلها لعمر ثمانين، والبارى - سبحانه - موصوف بأنه يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون.
وأصل ما فيما ذكرناه من التأويلات هذا التأويل، أو ما قلناه أولاَ ؛ لأنَّ الزيادة والنقص يرجعان إلى الملك وما كلفه، فيكون التغجير فيه.
وصرف ذلك إلى الملك إليه يميل بعض المحققين من أئمتنا، وعلى هذا الذى قررناه عندنا أن المقتول مات بأجله، خلافا للمعتزلة أنه قطع عليه أجله بالقتل.
ولو قيل لنا نحن: هل يقال: إن بقاءه وزيادته على ذلك أ القدر من] (4) الأجل مقدور للبارى - سبحانه ؟ لقلنا بذلك مقدور، ولكنه مع كونه مقدوراً لم يمت إلا بأجله.
وقولنا - أيضا - فيه: إنه مقدور جاز على اختلاف أصحابنا فى خلاف المعلوم هل يقال: إنه مقدور أم لا ؟ والاءصح عندى: أنّ خلافهم قد يرجِعِ إلى عبارِة، والاءولى إطلاق القول بأنه مقدور، وقد قال تعالى: { أَوَلَيْس الَّذِى خَلَقَ السَّمواتِ وَالأَرْض بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَفم بَلَى وَهُوَ اثخَلاَّقُ الْعَلِيغ} (5)، فأثبت أشه قماثو على خلق مثلهم، ومعلوم أنه لا (6) يخلق مثلهم.
وكذلك اضطرب أصحابنا فى المقتول لو لم يقض البارى - عز وجل - [ القتل] (7)
عليه ما يكون حكمه بعد زمن القتل الذى فرضنا وقوعه فيه ؟ والأصح فى هذا: أن يحال على البارى - سبحانه ويقال: نحن لا نعلم كثيراً مما يكون للأبد، فكيف نعلم ما لا
(1 - 3) فى هامش ح - (4) سقط من ح.
(5) يس: 81.
(6) كذا فى نسخ المخطوط بالنفى، ولكن الإمام ابن كثير وغيره قال فى!سير الآية.
{ علَا أَن يخْلًقَ فنفم !.
أى مثل البشر والأناسى، وقد قال تعالى: { لَخَنقُ الخ مَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكبَرُ منْ خَلْقِ الّاس} أ غافر: 57، وهذا هو الراجح وأن النفى فى هذا الموضع تصحيف من النساخ.
(7) من ح.
66 / ب
156 (8/155)
كتاب القدر / باب بيان أن الاَجال والاءرزاق وغيرها لا تزيد...
إلخ
قَالَ: فَقَالَ رَجُل: يَارَسُولَ الله، القِرَ! ةُ وَالخَنَازِيرُ، هِىَ مِمَّا مُسِح ؟ فَقَالَ النَبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ):
" إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُهْلِكْ قَوْمًاَ، أوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا، فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلاً، وَإِنًّ القِرَدَةَ وَالخَنَازيرَ كَانُوا قَبْل ذَلِك ".
(... ) حَدثنِيهِ ائو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَد، حَد"ننَا الحُسَيْنُ بْنُ حَفصٍ، حدثنا سُفيَان،
بِهَنَا الإسْنَادِ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: (واثارٍ مَبْلُوغَة "".
قَالَ ابْنُ مَعْبدٍ: وَرَوَى بَعْضُهمْ: (قَبْلَ حِلِّهِ " أىْ نُزُولِهِ.
يكون لو كان كيف كان يكون.
والبارى - سبحانه - يعلم لو لم يكن قضى بموت هذا عند ثمانين من عمره كيف كان يقضى فيه ويقدر له.
وهذا السؤال لا معنى له ولا وجه للتشاغل به لاَنا إذا أثبتنا أن المقتول مات بأجله،
وأنّ البارى لا يتغير علمه فلا معنى لقولهم هذا / الا كمعنى من يقول: لو لم يكن اْجل فلان ستين ماذا يكون من الستين (1) ؟ وهذا مما لا جواب لنا عنه إلا احالته على علم الله - سبحانه.
فإن قيل: فما معنى صرفه لها عن الدعاء بالزيادة فى الاَجال لأنها فرع منها إلى الدعاء بالعيافة من عذاب النار -، وقد فرغ منه كما فرغ من الاَجل ؟
قلنا: صدقت فى أنّ الله فرغ من الكل، ولكن هذا الاعتراض من جملة (2) ما قدمناه
من قول مَنْ قال للنبى ( صلى الله عليه وسلم ): أفلا ندع العمل ؟ لما أخبرهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن الله قضى بالسعادة والشقاوة، فأجابه ( صلى الله عليه وسلم ) لما قدمناه.
وقد أمر الله بأعمال[ بر] (3) وطاعات جعلها الله قربا اليه، ووعد بأنها تنجى من النار، ويسر أهل السعادة لها بالدعاء بالنجاة من النار من جملة العياذات التى ترجى بها النجاة منها، كما يرجى ذلك بالصلاة والصوم، ولا يحسن ترك الصلاة والصوم اتكالأَ على القدر السابق، وهزلك هذا.
الرىاء!ا، هح أن4!آ إنما قال لها: ا لو سألت الله أن يعيذك من عذاب[ فى] (4) النار أو أ من] (ْ) عذاب [ فى] (6) القبر كان خيراً وأفضل)، [ ولا شك أن السؤال بالعياذة من النار خير والمحضل] (7) من الزياثة فى العمر مع عذاب النار، نسأل الله السلامة والعياذة من ذلك.
(1) فى خط ؟ السنين.
(3) فى هامش خط.
(5) ساقحلة من ح.
(7) من خط.
(2) فى خط: جنس.
(4) من متن الحديحْما الصحيح.
(6) من مق الحديث الصحيح.
(8/156)
كتاب القدر / باب فى الاَمر بالقوة...
إلخ 157
(8) باب فى الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله
وتفويض المقادير لله
34 - (2664) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِش!،
عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِيحيى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (المومِنُ الَقَوِىُ خَيرٌ وَأحَبّ إلَى اللهِ مَنَ المومِنِ الضًّعِيفِ، وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَأيَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ باللهِ وَلا تَعْجَزْ، وَانْ أصَابَكَ شَىْءٌ فَلا تَقُلْ.
لَوْ ائى فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلكِنْ قُلْ قَدرَ اللهِ وَمَأ شَاءَ فَعَلَ، فَإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ".
قال القاصْى: وقوله: " المؤمن القوى خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف،
وفى كل خير " القوة هنا المحمودة يحتمل ائها فى الطاعة، من شدة البدن وصلابة ال السر، فيكون أكثر عملا، وأطول قيامًا، وأكثر صيامأَ وجهاداً وحجأَ.
وقد تكون القوة هنا فى المنة (1) وعزيمة النفس، فيكون اقدم على العدو فى الجهاد واشد عزيمة فى تغيير المناكر (2) والصبر على إيذاء العدو واحتمال المكروه والمشاق فى ذات الله، او تكون القوة بالمال والغنى فيكون أكثر نفقة فى سبيل (3) الخير، وأقل ميلاً إلى طلب الدنيا، والحرص على جمع شىء فيها.
وكل هذه الوجوه ظاهرة فى القوة.
ثم قال - عليه السلام -: " وفى كل خير، للإيمان الذى هو صفتهم، لكن الله قد باين بين خلقه فى داره، ورفع بعضهم فوق بعض درجات.
وقوله: " إن أصابك شىء فلا تقل: لو أنى فعلت، ولكن قل: قدر الله وما شاء
الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيط الا): قال بعض أهل العلم: معنى هذا الحديث والنهى عن قول هذا، إنما هو لمن قاله معتقداً ذلك حتما فإنه لو فعل ذلك لم يصبه أذلك، (4) قطعأَ، فأما مَنْ ردّ ذلك إلى مشيئة / الله، وانه لن يصيبه فعل ذلك، اولم يفعله إلا ما شاء الله وقدره فليس من هذا.
واستدل بما ورد من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه فى هذا، مثل قول ابى بكر فى الغار: " لو أنّ احدهم رفع رأسه لرآنا " (ْ)، وهذا لا حجة له فيه
(1) المُنَّةُ، بالضم: القوة، وخص بعضهم به قوة القلب، والمخين: القوى، والمخين الضعيف، وهى من ا لاكاصد أد.
انظر: ما ثة " من ".
(2) فى حْ مضاكير.
(3) فى ح سبُل.
(4) فى هامش ح.
(5) أحمد 1 / 4 بلفظ: " لو أن احدهم نظر إلى قدميه لا"بصرنا ".
67 / أ
158 (8/157)
كتاب القدر / باب فى الاَمربالقوة...
إلخ عندى ؛ لاَنه إنما أخبر عما يستقبل، وليس فيه دعوى لرد قدر بقدر، وكذلك جميع ما أدخل البخارى فى باب ما يجوز من اللو (1)، مثل قوله: دا لولا حدثان قومك بالكفر لاَتممت البيت على قواعد إبراهيم) ودا ولو كنت راجما اْحد بغير بينة لرجمت هذه) [ والولا أن أشق على أمتى لاءمرتهم بالسواك)] (2) وشبه هذا كله مما يستقبل مما لا اعتراض فيه على قدر، ولا كراهة فى قوله جملة ؛ لأنه إنما أخبر عما يعتقد أنه كان يفعله لولا المانع له، وما فى قدرته فعله وما انقضى وذهب ليس فى القدرة[ ولا فى] (3) الإمكان فعله بعد.
وقد تكلمنا قبل على مثل هذا بأشبع من هذا الكلام، والذى عندى فى هذا الحديث المتقدم أنّ النهى فيه على وجهه عموما لكن على طريق الندب والتنزيه، ويدل عليه قوله: " فإنّ لو تفتح عمل الشيطان) أى تلقى فى القلب معارضة القدر وتشوش به تشويش الشيطان.
(1) البحلى ى، كالتمنى، بما يجوز من اللو 9 / 105، 106.
(2) فما هامش خ.
(3) من خ.
(8/158)
كتاب العلم / باب النهى عن اتباع متشابه القران...
إلخ
159
بسم الله الرحمن الرحيم
47 - كتاب العلم
(1) باب النهى عن اتباع متشابه القرآن، والتحذير من متبعيه
والنهى عن الاختلاف فى القرآن
ا - (2665) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ التُّسْثَرِىُّ،
عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ أبِى مُلَيْكَفَ عَنِ القَاسِم بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عًائشَةَ، قَالَتْ: تَلا رَسُولُ الله على: { هُو اَلَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ منهُ آيَاتٌ محْكًمَاتٌ هُنًّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابتِغَاءَ الْفِتنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَغلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ منْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (1).
قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إذَا رَأيْتُمَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأولئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ، فَاحْذَرُوهُمْ).
كتاب العلم
قال الإمام: قول عائشة - رضى الله عنها - تلا ( صلى الله عليه وسلم ): { هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
مِنْة آيَاتٌ محْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مًتَشَابِهَات} إلى قوله: { فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُئوبهِمْ زَيغْ...
اُوْلُوا الأَلْبَابِ} قالت: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله، فاحذروهم ".
وفى طريق أخرى قال: هجرت إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فسمعت (2) أصوات رجلين اختلفا فى آية، فخرج علينا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يعرف فى وجهه الغضب، فقال: " أ إنما، (3) هلك مَنْ كان قبلكم باختلافهم فى الكتاب "، وفى حديث اَخر: (اقرؤوا القران ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا "، قال الإمام: اختلفت الناس فى المتثابه أ المذكور، (4) فى هذه الآية اختلافا كثيراً، فمنهم مَنْ قال: هم (ْ) حروف التهجى المفتتح بها بعض السور كحم وطس وشبهها.
ومنهم مَن قال: ما تساوى لفظه واختلف معناه وغمض إدراك اختلاف معانيه، مثل قوله عز وجل: { وَأَفلَّهُ اللَّه عَلَئ
(1) آل عمران: 7.
(3) من ح، وكذ الق الحديث فى الصحئ.
(4) فى هامش خط.
(2) فى نص ال الحاديث.
فسمع -
(5) فى خط: هو.
67 / ب
160 (8/159)
كتاب العلم / باب النهى عن اتباع متشابه القرآن...
إلخ 2 - (2666) حدّثنا أبُو كَأمِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، حَد*شَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَددَّشَا أبُو عمْرَانَ الجَوْنِىُّ، قَالَ: كَتَب إلى عَبْدُ الله بْنُ رَبَاحٍ الأنْصَارِىُّ ؛ أن عَبْدَ الله بْنَ عُمْرٍ وقَالَ+ هَخرْتُ إلى رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا.
قَالً: فَسَمِعَ أصْوَاتَ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَاَ فِى آيَة، فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يُعْرَفُ فِى وَجْهِهِ الغَضَبُ.
فَقَالَ: (إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلًكُمْ بِاخْتِلافِهِمْ فِى الكِتَابِ).
3 - (2667) حدّثنايحيى بْنُ يحيى، اخبَرَنَا أبُو قُدَامَةَ الحَارِثُ بْنُ عُبَيْد عَنْ أبِى
عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَئ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ} (1){ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (2)، فحقيقة اختلاف الإضلالين يعسر دركه من ناحية اللفظ، وإنما يدرك بالعقول افتراق هذه المعانى وما يصح منها وما لا يصح، ويلحق بهذا أى الوعيد والغفران للمعاصى أو تعذيبه، / فقد وقع فى القرآن فى ذلك ظواهر تتعارض وتفتقر إلى نظر طويل ؛ ولذلك ما ينخرط فى هذا المسلك مما يقع فى القراَن من هذا المعنى، وقيل غير ذلك مما يكثر ناسخه.
واختلف الناس فى الراسخينِ فى العلم، هل يعلمون تأويل هذا المتشابه وتكون الواو
فى قوله عز وجل: { وَالرَّاسِخون فِي الْعِلْمِ} عاطفة على اسم الله سبحانه اْو لا يعلمون، وتكون الواو لا فتتاح جملة ثانية واستئنافها، ويكون قوله ت{ [ يَقولُون] (3) امنَّا ول} خبرا لهذا المبتدأ، أو يكون على مذهب الأولين فى موضع نصب على الحال، تقديره: والراسخون فى العلم قائلين اَمنا به، والوجهان جميعا مما يحتملهما الكلام، دإنما يعضد، كل تأويل بترجيح لا يبلغ القطع، ويكاد أن يكون علم الراسخين فى العلم بالمتشابه.
وتحذيره ( صلى الله عليه وسلم ) من الذين يتبعون ما تشابه منه ؛ لما نبه الله عز وجل عليه وهو قوله:
{ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِه}، ومعلوم أن هذا كثير ما يوقع فى الفق، ويوقع فى فساد الاعتقاد، وهذا مما يجب أن يحذر.
وقوله: (إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم فى الكتاب)، وقوله: " اقرؤوا القرآن
ما ائتلفت[ عليه] (4) قلوبكم، فإذا اختلفتم فيه فقوموا): فهذا مما تعلق به الحشْوية (5) ونفاة النظر، ومحمله عند أهل العلم على أنّ المراد به اختلاف لا يجوز، أو يوقع فيما لا
(1) الجاثية: 23.
(2) طه: 79.
(3) فى هامش ح.
(4) من الحديث المطبوع.
(5) الحشوية.
الله أعلم من يقصدهم القاضى، فقد قال ابن تيمية: فاما لفظ الحشوية فليس فيه ما يدل على سْخص معين فلا يدرى من هم هؤلاء ؟ وقد قيل: إن أول من تكلم بهذا اللفظ شيخ المعتزلة عمرو بن عبيد.
فقال: كان عبد الله بن عمر حشويا.
وكأن هذا اللفظ فى اصطلاح من قاله يريد به العامة الذين
هم حشو، كما تقول الرافضة عن مذهب أهل السنة - انظر: منهاج السنة النبوية 2 / ْ 52.(8/160)
كتاب العلم / باب النهى عن اتباع متشابه القران...
إلخ 161 عمْرَانَ، عَنْ جُنْدُب بْنِ عَبْد الله البَجَلىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " اقْرَؤوا القُران مَا ائتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُم، فَإذَا اختَلَفتُمْ فِيهِ فَقُومُوا ".
4 - (... ) حَدَّثنى إسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَد، شَا هَمَّائم، حَدذَشَا أبُو عمْرَانَ الجَوْنِىُّ عَنْ جُنْدَب - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الله - أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (اقرَؤُوا الَقُران مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإذَا اخْتَلَفْتُمَْ فَقُومُوا).
(... ) حدّثنى أحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْر الدَّارمىُّ، حَد*شَا حَبَّانُ، حدثنا أبَأن، حَدثنَا
أبُو عِمْرَانَ، قَالَ: قَالَ لَنَا جُنْدَبٌ - وَنَحْنُ غلمانَو بألكُوفَةِ -: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): "اقْرَؤُوا القُران) بِمِثْلِ حَدِيِثِهِمَا.
يجوز، كاختلافهم فى تفسير القرآن، أو اختلافهم فى معان لا يسوغ فيها الاجتهاد، أو اختلاف يوقع فى التشاجر والشحناء.
وأما الاختلاف فى فروع الدين، وتمسك صاحب كل مذهب بالظاهر من القراَن وتأويله الظاهر على خلاف ما تأول صاحبه - فأمر لابد منه فى الشرع، وعليه مضى السلف وانقرضت الأعصار.
قال القاضى: وقد يكون أمره - عليه السلام - بالقيام عند الاختلاف فى عصره وزمنه ؛ إذ لا وجه للخلاف والتنازع جنئذ لا فى حروفه ولا فى معانيه، وهو - عليه السلام - حاضر معهم يرجعون إليه فى مشكله، ويقطع تنازعهم ببيانه.
وجاء فى اَخر حديث أحمد بن سعيد الدارمى فى هذا الباب: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " اقرؤوا القراَن) بمثل حديث همام[ كذا للعذرى، وقد تقدم حديث همام] (1) قبله فى رواية غير العذرى بمثل حديثهما، وتقدم فى الباب حديثان ؛ حديث يحيى[ بن يحيى] (2)، وحديث إسحق بن منصور، وكلا الروايتين محتملة للصواب.
(1) حأخ!.
(2) سقط من حد -
68 / أ
162(8/161)
كتاب العلم / باب فى الألد الخصم
(2) باب فى الألد الخصم
5 - (2668) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ اثن
أبِى مُلَيْكَةَ عَنْ عَأئشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ أبْغَضَ الرِّجَال إلَى الله الاع لَدُّ الخَصِمُ).
ًَ
قوله: (إن أبغض الرجال إلى الله الاَلد الخَصم): / الألد: الشديد الخصومة، مأخوفة من لديدى الوادى، وهما جانباه ؛ لاءنه كلما أخذت عليه جانبا من الحجة أخذ فى جانبٍ اخر، وقيل لاءعماله: لديدية عند كثرة الكلام وهما جانباه والخصم على مثال سمع الحاذق بالخصومة، وكانت[ الجاهلية] (1) تتماثح بذلك، فذمه - عليه السلام - لاءنه قل ما يكون فى حق، قال الله تعالى: { وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} (2).
واْط الخصومة فى الحق وطلبه على وجهه والجدال بالتى هى أحسن، فغير مذموم، قال الله تعا لى: { وَلا تُجَادِئوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِى هِىَ اَحْسَنُ} (3).
(1) من !.
(2) غافر: ه.
(3) العنكبوت 460.
(8/162)
كتاب العلم / باب اتباع سق اليهود والنصارى
163
(3) باب اتباع سق اليهود والنصارى
6 - (2669) حَدثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد، حَد"ننَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدثَّنى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى سَعيد الًخُدرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللِه ( صلى الله عليه وسلم ) َ: " لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ منْ قًبْلِكُم شِبْرًا بشبْر، وَذرًا عًا بِذِرَلٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فى جُحْرِ ضَبً لاتَتعْتُمُوهُم " قُلنَا: يَأ رسُولَ اللَهِ، افيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ: (فَمَنْ ؟).
(... ) وحدّثنا عِدَّة!مِنْ أَصْحَابنَا عَنْ سَعِيد بْنِ أَبِى مَرْيَمَ، اخبَرَنَأ أَبُو غَسَّانَ - وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ - عَنْ زَيْدِ بِنْ أَسلَمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَه.
(... ) قَالَ أَبُو إِسْحَقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّد: حَددَّلنَا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى، حَد*شَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَد*لنَا أَبُو غَسئَانَ، حَد*لنَا زيْدُ بْنُ أَسْلًمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ.
وَذَكَرَ الحَدِيثَ.
نَحْوَ.
قوله: " لتَتَبعن سن الذين من قبلكم شبرًا بشبر وفواعًا بذر 3) الحديث: السن: الطريق، وما ذكره من الشبر والذرل ودخول الجُحْرِ تمثيل للاقتداء بهم شيئا شيئا.
هذا فيما نهى الشرع عنه وذمه من أمرهم وحالهم.
وقول مسلم فى الباب: وحدثنا عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبى مريم، حدثنا أبو غسان، وذكر الحديث.
قال الإمام: هذا اخر الأحاديث المقطوعة التى نبهنا عليها، وهى أربعة عشر حديثا هذا اخرها (1).
قال القاضى: قد تقدم عنده فى المقطوع مثل هذا، دإنما قلد فيه الجيّانى، وليس هذا صحيحأَ عند أهل الصنعة، إنما يعد هذا فى المجهول وفيما لم يسم رواية وابهم، وإنما المقطوع لو قال الإمام مسلم: وقال سعيد بن أبى مريم، أو عن سعيد بن أبى مريم.
(1) ذكرها الحافظ ابن الصلاح فى " صيانة صحيح مسلم من الغلط والسقط دا بالترتيط، واجاب عنها فى الفصل الثالث ص 75 - 84، وقال عن هذا الحديث: وصله إبراهيم بن محمد بن سفيان عن محمد
ابنيحيى عن ابن أبى مريم بصيغة التحديث، ثم قال: !(نما أورثه مسلم على وجه المتابعة والاستشهادْ.
164
(8/163)
كتاب العلم / باب هلك المتنطعون
(4) باب هلك المتنطعون
7 - (2670) حَدَّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا حَفْصُ بْنُ غيَاث وَيَحْىَ بْنُ سَعِيد، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتيق، عَنْ طَلقِ بْن حَبِيب، عًنًِ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) + (هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ لما قًالَهَا ثَلآدا.
وقوله: (هلك المتنطعون،: هم المتعمقون الغالون، ومعنى هلاكهم: يريد فى
ا لاخرة.
(8/164)
كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه...
إلخ
165
(5) باب رفع العلم وقبضه، وظهور الجهل والف!تن، فى آخر الزمان
8 - (2671) حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَد*شَا عَبْدُ الوَارِثِ، حدثنا أَبُو التّيَاحِ، حَدءَّشِى أَنَسُ بْنُ مَالِدث قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " منْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ انْ يُرْفَعَ العِلمُ، وَيثْبُتَ الجَهْلُ، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَظهَرَ الزًّ نَى ".
9 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، سَمعْتُ قَتَادَةَ يحَدِّثُ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِذ، قَالَ: أَلا أُحَلَثكُمْ حَلِيئا سَمِعْتُهُ من رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، لا يُحَلِّلكمْ أَحَد بَعْدِى سَمِعَهُ منْه: " إِنَّ مِنْ أَشْرَاط السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ اَ!علمُ، وًيَظهَرً الجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَى، وَيُشربَ الخَمرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ، وَيَبْقَى النِّسَاءُ، حَتًّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأةً قيِّمٌ وَاحِد).
(... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْر.
ح وَحَد*شَا أَبُو كُرَيْب، حَد - ننَا عَبْدَةُ وَأَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَألِكً، عَنِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَفِى حَديث ابْنُ بشْرٍ وَعبْدَةَ: لا يُحَلَثكُمُوهُ أَحَدٌ بَعْدِى.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ على يَقُولُ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
10 - (2672) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَد - ننَأ وَكِيعٌ وَأَبِى، قَالا: حَدثنَا الأَعْمَشُ.
ح وَحَدثَّنِى ابُو سَعيد الاع شَجُّ - وَالَلَّفْظُ لَهُ - حَد"ننَأ وَكِيعٌ، حَد*شَا الاعمَشُ عَنْ أَبى وَائِل، قَالَ: كُنْتُ جَالَسئًا مَعَ عَبْد الله وَأَبِى مُوسَى، فَقَالا: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "إِنَّ بيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ أَيَّامًأ، يُرْفَعُ فِيها الَعِلمُ، وَيَنْزِلُ فِيها الجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فيها الهًرْجُ.
وَ الهَرْخ: القَتْلُ ".
(... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنُ أَبِى النَّضْرِ، حَد"ننَا أَبُو النَّضْرِ، حَد - ننَا عُبَيْدُ الله
الاع شْجَعِىُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبى وَائِلٍ، عَنْ عَبْد الله وَأَبى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ، قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدَّثًنِى القَاسِمُ بْنُ زَكَرَيَّاءَ، حَد"ننَا حُسَيْنُ الجَعفِىُّ عَنْ زَائَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيق، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ عَبْدِ اللهِ وَأَبِى مُوسَى، وَهُمَا يَتَحَدثَانِ.
فَقَا لاَ: قَالَ رَسُولُ اللهًِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ وَابْنِ نُمَيْرٍ.
68 / ب
166 (8/165)
كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه...
إلخ (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب وَابْنُ نُمَيْرٍ وَإِسْحَقُ الحَنْظَلِىُّ، جَميعًا
عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ، عَنِ الاغْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أبِىً مُوسَى، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
(... ) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، اخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائِل، قَالَ:
إِنِّى لَجَالسر مَعَ عَبْد الله وَأَبِى مُوسَى، وَهُمَا يَتَحَدّثَان.
فَقَالَ أَبُو مُوسَى: قَالَ رَسولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثلِهِ.
ًَ
11 - (157) حلمّلنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِى يُوثُسُ، عَنِ ابْنِ شهَاب، حَدثَّنَى حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف ؛ أَنَّ أبَا هُرَيْرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَتَقَارَبُ الرمَانُ وَيُقْبَضُ الَعِلمُ، وَتَظهَرُ الفِتَنُ، وَيُلقَى الثممّحّ، وَيَكْثُرُ الهَرْجُ) قَالُوا، وَمَا الهَرْخ ؟ قَالَ: (القَتْلُ).
قوله: (يتقارب الزمان دا: بمعنى يقرب فى الحديث الآخر (1)، اْى يقرب من الساعة "ويكثر الهرج): وفسره بالفتل، وهو بعض الهرج.
وأصل الهرج والتهارج: الاختلاط والقتال.
قال ابن دريد: الهرج: الفتنة اخر الزمان.
وقوله: " ويثبت الجهل) ويروى: " ويبث).
" وينقص العلم) ويروى: "العمل).
و"تظهر الفاتن، ويلقى الشح) وهو البخل بأداء الحقوق، والحرص على أخذ ما ليس للمرء لما فى قلبه من الشح على ما فى يده، ومد عينيه إلى ما فى يد غيره، ومنه قوله تعالى: { أَشحَّةً عَلَيْكمْ} (2) أى بخلاء بالغنيمة، يأتون الحرب معكم من أجلها لئلا يخصوا بها، يقالَ منه: شَّح شخا وشح شيْحأَ بالفتح والاسم بالضم.
وقيل: الشح عام كالجنس، والبخل خاص فى آحاد الأمور كالنوع، وكل هذا مما أعلم - عليه السلام - أنه يظهر بعده ويكثر، ويقل العلم والعمل معا وينقصان، ويثبت / الجهل ويفشو أو يثبت، كما جاء فى الرواية الأخرى ؛ لأنه لا يستبدل بعلم بعد، بله ولا يزال فى ازدياد إلى أن تقوم الساعة وتكثر الفاتن والقتل، ويموت الرجال لذلك، وتكثر النساء، و!كثرتهن وقلة الرجال يكثر الفساد والجهل.
وقوله: " ويلقى الشح): ضبطناه بفتح اللام وتشديد القاف على أبى بحرِ، اى يعطى ويستعمل بين الناس.
وقد قال مثل هذا فى قولى: { وَلا يُلَقَّاها اِلاَّ الصَّابِرُون} (3) بسكون، فمعناه: يحصل فى القلوب كما قال ت (وينزل الجهل).
(1) هو ما أخرجه أحمد عن أبى هريرة، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالسْهر، والشهر كالجمعة...
" 2 / 537.
(2) الأحزاب: 19.
(3) القصص: 80.
(8/166)
كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه...
إلخ
167
(... ) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْمب
عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدثَّنى حُمَيْدُ بِنُ عَبْد الرَّحَمنِ الزُّهْرِىُّ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَألَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " يَتَقَارَب الزًّ مَانُ وَيُقْبَضُ العِاَلمُ) ثمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ.
12 - (... ) حدثنا أَبُوبَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَئَثَنَا عَبْدُ الا"عْلَى، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعيد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: " يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصرُ العِلمُ) ثُمَّ ذَكَرَ مِثلَ حَدِيثِهِمَا.
(... ) حدّثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
ح وَحَدثَّنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَعَمْرُو النَّاقِدُ، قَألُوا: حَد*شَا إِسْحَقُ بْن سُلَيْمَانَ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
ح وَحَد"ننَا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدثَّنَا عَبْدُ الرراقِ، حَدهَّشَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
ح وحَدثَّنى أَبُوالطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب عَنْ عَمْرو بْنُ الحَارث، عَنْ أً بِى يُونُسَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، كُلُّهُمْ قَالَ: عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمًثْلِ حَدِيثَ الزُّهْرِىِّ!لَن حُمَيْد، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ.
غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا: " وَيُلقَى الشُّحُّ ".
13 - (2673) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا جَرِيرو، عَنْ هشَامِ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيه، سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ يَقُو،: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إنَ اللًَلا يَقْبِفرُ العِلمَ انْتِزًا عًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاس، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضَ العُلَمَأَ، حَتًّى إِذَا لَمْ يَثْرُكْ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّا لآَ، فَسُئِلُوا فَا"فْتَوْا بِغَيْرِ عِلمٍ، فَضَلُّوا وً أَضَلُّوا ".
قوله: (إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعأَ ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بقبضه العلماء " الحديث: فسّر - عليه السلام - أنّ ما اخبر به فى ال الحاديث المتقدمة من نقص العلم وقبضه، أنه ليس بمحوه من الصدور ولكن بموت حملته، واتخاذ الناس رؤساَ جهالا فيتحكمون فى دين الله بآرائهم، ويفتون فيه بجهلهم كما أخبر وكما[ قد] (1) وجد، نسأل الله السلامة والعافية.
وقول أنس فى هذا الحديث: " لا يحدثكم به أحد سمعه منه " يريد أَنّ أَصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قد ماتوا، وأنّه لم يبق من يحدث به عنه ممن سمعه منه غيره.
(1) من خ.
168
(8/167)
كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه...
إلخ
(... ) حدثنا أبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ، حَدثَّنَا حَمَّادث يَعْنِى ابْنَ زَيْد.
ح وَحَد*شَايحيى بْيقُ يحيى، أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادِ وَابُو مُعَاويَةَ.
ح وَ حدثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيبَةَ وَزهُيْرُ بْن حَرْبٍ قَالا: حدثنا وَكِيعٌ.
ح وَحَد*شَا أَبُو كُرَيْب، حدثنا ابْنُ إِدْرِيسَ وَأَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرِ وَعَبْدَةُ.
ح وَ حدثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتمِ، حَدثنَايحيى بْنُ سَعِيد.
ح وَحَدثَّنِى أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع، قَالَ: حَدءنَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِىٍَّ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدءنَنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُون، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، كُلُّهُم عَنْ هِشَام ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْد الله بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمثْلِ حَديثِ جرِيرٍ.
وَزَادَ فِى حَديث عُمرَ بْنِ عَلىٍّ: ثُمًّ لَقيَتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمْرو، عَلَى رَأَسِ الحًوْلِ، فَسَأَلتُهُ فَرَدَّ عَلَيْنَأ الَحَدِيَثَ كَمَا حَدًّثَ.
قَالَ ! سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
(... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الحَميدِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنى أَبِى جَعْفَرٌ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الحَكَم، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العًاصِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ.
14 - (... ) حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُجِيبىُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهُب، حَدثَّنِى أَبُو شُرَيْح أَنَّ أَبَا الا"سْوَدِ حَد، لهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبيْرِ، قَالَ: قَالَتْ لىِ عًائِشَةُ: يًا ابْنَ اُختى، بَلَغَنِى أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرو مَأرُّ بنَا إِلَى الحَجِّ، فَ القَهُ فَسَائِلهُ، فَإنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبىَِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عِلمًا كَثِيزا.
قَالَ.
فَلَقِيتُهُ فَسَاعَالثُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ عُرْوَةُ: فَكَانَ فيمَا ذَكَرَ ؟ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ اللهَ لا يَنْتَزِعُ العِلمَ مِنَ النَّاس اشزَاعًا، وَلَكِنْ يَقْبضُ اَ!عُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ العِلمَ مَعَهُمْ، وَيُبْقِى فِى الئاسِ رُؤوسئا جُهَّالأ، يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلم، فَيَضِلُّونَ وُيضِلُّونَ لما.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ، أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأنكَرَتْهُ.
قَالَتْ: أحَدثَّكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ هَذَا ؟
قَالَ عُرْوَةُ: حَتَّى إذَا كَانَ قَابِل، قَالَتْ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدمَ، فَ القَهُ، ثُمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنِ الحَديثِ الَّذى ذَكَرَهُ لَكَ فِى العِلم.
قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَ!تُهُ.
فَذَكَرَهُ لِى نَحْوَ مَأ حَدثَّنِى بِهِ، فِى مَرًّ تِهِ ال الوَلَى.
(8/168)
كتاب العلم / باب رفع العلم وقبضه...
إلخ 169 قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ.
قَالَتْ: مَأ احْسِبُهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ، ارَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ
شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ.
وقول عائشة عن عبد الله بن عمرو: (ما أراه (1) إلا قد صدق، أراه لم يزد فيه ولم ينقص): ليس أنها اتهمته بالكذب، ولكنها (2) لعلها نسبت إليه ائه ما قرأه من الكتب عن غير النبى - عليه السلام - إذ كان عبد الله بن عمرو قد طالع كثيرا من كتب أهل الكتاب، ألا تراها كيف قالت له: أحدثك أنه سمع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يقول هذا، فلما كرره مرة أخرى بحسبه، وأسنده عن النبى - عليه السلام - غلب على ظنها أنه جاء به على ما سمعه، ويبين هذا قوله فى الرواية الأخرى: (فرد علىَّ الحديث كما حدث قال: سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ).
وفيه خص أهل العلم طلبته على ال الخذ عن بعضهم بعضا، وشهادة بعضهم لبعض، والحض على حمل العلم والأخذ عن أهله لقولها: " ألقه، فإنه قد حمل عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كثيرا)، والتثبيت فيما شك فيه من ذلك، لقولها له فى العام الثانى: (القه حتى تسأله عن الحديث).
وفيه التلطف بالتثبت من العالم لئلا ينكر ذلك ويقع فى نفسه منه، بقولها: (ففاتحه حتى تسائله عن الحديث الذى ذكر، لئلا يفجأه به غيره فينكر ذلك ويخشى أنه اتهمه.
(1) فى متن الحديث: أحسبه.
(2) فى خط: ولكن.
170
(8/169)
كتاب العلم / باب من سن سنة حسنة أو سيئة...
إلخ
(6) باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة
15 - (1017) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حرب، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْد الحَمِيدِ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْد الله بْنِ يَزِيدَ وَأَبًى الضُّحَى، عَنْ عَبْد الرًّ حْمَنِ بْنِ هلاَل العَبْسِىِّ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الَله، َ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنَ الأعْرَاب إِلَىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، عَلَيْهِمُ الصُّوفُ، فَرَأَى سُوءَ حَاَلِهِمْ قَدْ أَصَابَتْهُمْ حَاجَة!، فَحَثًّ النَّاسَ عَلَى الصًّدَقَةِ، فَاع بْطَؤُوا عَنْهُ، حَتَّى رُئِىَ ذَلِك فِى وَجْهِهِ.
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَجُلاً مِنَ الأثْصَارِ جَاءَ بصُرَّة منْ وَرِقٍ، ثُمَ جَاءَ اَخَرُ، ثُمَّ تَتَابَعُوا حَتَى عُرِفَ السُرُورُ فِى وَجْهِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ سَنَّ فِى الإِسْلاَم سُئةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتبَ لَهُ مِثْلُ أجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلاَيَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شىء.
وَمَنْ سَنَ فى الإِسْلاَمِ سُنَةً سئئةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلايَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءملا ".
(... ) حدّثنا يَحْيَى بْنُيحيى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيْعأ عَنْ أبِى مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ مُسْلمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ جَرِيرٍ.
قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَحَثَّ عَلَى الصَّدً قَةِ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدثنَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعيدٍ - حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ أبِى إسْمَاعيلَ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ هِلاَل العَبْسِى، قال: قَالً جَرِيرُ بْنُ عَبْد اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ يسُنُّ عَبْد سُنَّةً صَالِحًةً يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَهُ) ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الحَدَيثِ.
(... ) حدّثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَاريرِىُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ الأمَوِىُّ، قَالُوا: حَد 8لنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ المًلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ المُنْنِر بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ
69 / أ
قوله: (مَنْ سنَّ فى الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده، كتب له مثل / أجر من عمل بها لا ينقص من اْجورهم شيئا) الحديث، فى هذا الأخذ بالماَل والسبب، لما كان هو سببها واقتدكما فاعلها به فى خيره أو شره كتب له مثل أجر العامل بذلك اْو وزره، دن لم(8/170)
كتاب العلم / باب من سن سنة حسنة أو سيئة...
إلخ
171
أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَد، لنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبةَ، حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَد، شَا أَبِى، قَالُوا: حَد - ننَا شُعْبَةُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ، عَنِ المُنْذِرِ بْنِ جَرِير، عَنْ أئيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِهَذَا الحَدِيثِ.
16 - (2674) حدثنايحيى بْنُ أَيُوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَد 8لنَا إسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبيه، عَنْ أً بِىً هُرَيْرَةَ ؛ أَنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: َ " مَنْ دَعَا إِلَى هُدَّىَ، كَانَ لَهُ مِنَ الاجرِ مثلُ أُجُورِ مَنْ تَبعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلكً مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئا.
وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلة، كَانَ عَلَيْهَ مِنَ الإِثْم مِثْلُ اً ثَام مَنْ نَبِعَهُ، لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ اثأمِهِمْ شَيْئا).
يكن له فى ذلك عمل، كما جاء فى خبر ابن آدم القاتل لاءخيه أن عليه كفلا من كل نفس قتلت ؛ لاَنه أول مَنْ سن القتل (1).
وقد يكون له نية فى أن يعمل بها من بعده فيكون بهذا جزاؤه على نيته أو وزره.
(1) سبق فى كالقسامة برقم (1677).
172(8/171)
كتاب الذكر والدعاء / باب الحث على ذكر الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
48 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار
(1) باب الحث على ذكر الله تعالى
2 - (2675) حدثّنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَزَهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ - قَالا: حَدتَّشَا جَرِيرٌ عَنِ الاعْمَشِ، عَنِ ابِى صَالِح، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، "قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَل -: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدى بِى، وَأَنَا مَعَهُ حينَ يَذْكُرُنى، إنْ ذَكَرً نِى فى نَفْسِم! ذَكَرْيهُ نى نَفْسِى، ي!نْ ذَكَرَنِى نى مًلأ، ذَكَرْ"لىُ فِى مَلأَ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَمَرَّبً منِّى شَبْرأ، تَقَرًّ بْتُ إِلَيْهِ فِرَاغا، ياِنْ تَقَرًّبَ إِلَىَّ فِرَاعًا، تَمَرَّبْتُ مِنْهُ بَاغا، وَ إِنْ أتَانِى يَمْشِى، أًتَيْتُهُ هَرْوَلَة).
(... ) حللنا ابُو بَكرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَابُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا ابُو مُعَاوِيةَ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: النْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ فِرَاعًأ، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا).
وقوله: " أنا عند ظن عبدى بى،: فيل: معناه: بالغفران له إذا استغفرنى والقبول
إذا أناب إلىّ والإجابة إذا دعانى، والكفاية إذا استكفانى، لأن هذه الصفات لا تظهر من العبد إلا إذا احسن ظنه بالله وقوى يقينه.
قال القابسى: يحتمل أن يكون تحذيرا مما يجرى فى نفس العبد، مثل قوله: { وَإِن تبْدُوا مَا فِى أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ} (1) وقوله: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} (2) وقال الخطابى فى قوله: ا لا يموتن أحدكم إلا وهو حسن الظن بالله) يعنى: فى حسن عمله، فمَنْ حسن عمله حسن ظنه، ومَنْ ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون من الرجاء وتأميل العفو.
وقوله: دل واْنا معه حين يذكرنى) يجوز أن يكون معناه[ معه] (3) بالقرب والمشاهرة والذكر بالقلب، لأنه إذا شاهده بذكر قلبه ذكره بلسانه، ويجوز أن يكون معه حائطه (4) وكالئه أى موفقه لذكره وهاديه.
(فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، وإن ذكرنى فى ملأٍ ذكرته فى ملأٍ خير منهم، دن تقرب منى شبراً تقربت إليه ذراعأ، وإن تقرب إلىّ ذراعا تمْربت منه باعًا، وإن أتانى يمشى أتيته هرولة) الحديث، قال الإمام: النفس فى
(1) ا لبقرة: 284.
(3) ساقطة من الأصل، والمثبت من ز -
(2) البقرة 235.
(4) فى!: حافظة.(8/172)
كتاب الذكر والدعاء / باب الحث على ذكر الله تعالى
173
3 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدءَّلنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدءَّلنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَامِ بْنِ
مُنبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَأ حَدذَلنَا أَبُو هُرَيْرةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَذَكَرَ أَحَادِيثَ منْهَا: وقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ اللهَ قَالَ: إِذَا تَلَقَّانِى عَبْدِى بِشِبْرٍ تَلَقَّيْتُهُ بذرَلٍ، وَإِذَا تَلًقَانِى بِذِرَلٍ تَلَقَّيْتُهُ ببَاع، ياِفَا تَلقَّانِى بِبَاعٍ جِئْتُهُ اتَيْتُهُ بِالسْرعً).
4 - (2676) حدّثنا امَيَّةُ بنُ بِسْطَامَ العَيْشِىُّ، حَا لنَا يَزيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيْمٍ - حَدثنَا
رَوْحُ بْنُ القَاسِ!، عَنِ العَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسِيرُ
اللغة[ تطلق] (1) على معانى شتى، منها: نفس الإنسان الحيوانية، وذلك لايليق بالله سبحانه وتعالى.
ومنها: النفس بمعنى الدم، ولا يليق بالله تعالى[ أيضا] (2).
والنفس بمعنى الذات، والبارى - سبحانه وتعالى - له ذات على الحقيقة، وتكون النفس بمعنى الغيب، وهو أحد الأقوال فى قوله تحالى: { تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ} (3) أى تعلم غيبى ولا أعلم غيبك، فيصح أن يراد بالحديث هاهنا: أن العبد إذا ذكر الله - عز وجل - خاليا - بحيث لا يطلع عليه أحد - قضى له بالخير، وقد قال الله تعالى: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْينٍ} (4) فأخبر - سبحانه - أنه منفرد بعلم بعض ما يجزى به المتقين (5).
وقد اضطرب العلماء فى الاَنبياء والملائكة - عليهم السلام - أيهم أفضل، وتعلق من
قال بتفضيل الملائكة بظاهر هذا الحديث، وقال: فإنه[ قال] (6): (ذكرته فى ملأ خير منهم).
وأجاب الاَخرون بأن المراد به ذكر (7) خير من ذكره وهذا بعيد من ظاهر اللفظ، ولكن الاَولين إنما تمسكوا بخبر واحد ورد، وبلفظ يتعلق به بالعموم، وفى التعلق بالعموم خلاف، وخبر الواحد لا يؤدى إلى القطع، وهذا يمنع من القطع بما قالوه.
وأما قوله: (وإن تقرب منى شبراً تقربت منه ذراعأ "، وقوله: " دان أتانى يمشى
أتيته هرولة " فمجاز كله، دانما هو تمثيل بالمحسوسات وتفاوتها فى الإسيل والدنو، دإنما المراد: [ أن] (8) من دنى[ منى] (9) بالطاعة دنوت منه بالإنابة، وكنت بالإنابة أسرع منه بالطاعة، أو[ أن] (ْا) من أتانى بحسنة جازيته بعشر، فكنى عن التضعيف بالسرعة ودنو (1) ساقطة من ز، والمثت من ح.
(2) من ح.
(3) المالْدة: 116.
(4) السجدة: 17.
(5) في ز: النفس، والمثت من ح.
(6) في هامش ح.
(7) فى ح.
بذكر.
(8) فى هامش ح.
(9) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.
(10) ساقطة من الأصل، والمثت من ح.(8/173)
174 كتاب الذكروالدعاء / باب الحث على ذكرالله تعالى فِى طَرِيقِ مَكَّةَ، فَمرَّ عَلَى جَبَل يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ.
فَقَالَ: (سيرُوا، هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُونَ) قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَاً: (الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيزا وَالذَّا كِرَاتُ).
المسافة، فهذا الذى يليق بالله سبحانه.
وأما المشى بطيؤه وسريعه - والتقرب بالذين والباع، فمن صفات الأجسام، والله - سبحانه - ليس بجسم، ولا يجوز عليه تنقل ولا حركة ولا سكون، وهذا واضح بين.
قال القاصْى: قيل يجوز أن يكون معنى قوله: (من تقرب إلىّ شبرا): أى بالقصد والنية، قربته توفيقا وتيسيراً ذراعًا وإن تقرب إلى بالعزم والاجثهاد ذراعا قربته بالهداية والرعاية باعا، وإن أتانى معرضا عمن سواى مقبلأ إلى اْدنيته، وحلت بينه وبين كل قاطع، وسبقت به كل "مانع، وهو معنى الهرولة.
وجاء فى الرواية الأخرى: (وإذا تلقانى بباع جئته بأسرع) كذا رواية الفارسى (1) وابن ماهان، وفى رواية العذرى: ا دإذا تلقانى بباع جئته اْتيته بأسرع).
قال بعضهم: هو مفسر، ولعله: (بباع حثيث أتيته بأسرع).
وقوله: (سبق المُفرِدون) وفسره: (الذاكرون الله كثيرا والذكرات)، ضبطناه على متقنى شيوخنا بفتح الفاء وكسر الراء.
قال القتبى: هم الذين هلك لداتهم، وذهب قرنهم الذين كانوا فيه فبقوا يذكرون الله، كما يقال: فلان هرم فى طاعة الله، أى لم يزل يفعل ذلك.
وقد جاء تفسيره فى حديث اخر (2) قال: (هم الذين اهتروا فى ذكر الله) أى: أولعوا.
وقيل: استهروا.
وقال ابن الأعرابى: فرد الرجل إذا تفقه واعتزل وخلا بمراعاة الاَمر والنهى.
(1) هو من رواة الصحيح، الحافظ عبد الغافر بن أحمد بن محمد بن سعيد الفارسى، الفسوى، ثم النيسابورى، اْبو الحسين التاجر، سمع الصحيح من الجلودى قراءة عليه فى سنة خمس وستين وثلاثمائة، وكان ثقة صالحا صائنا محفوظا فى الرواية على قلة سماعاته، قرأ الحافظ السمرقندى عليه صحيح مسلم نيفا وثلاثين مرة، وقراْه عليه ابو سعيد البحيرى نيفا وعشرين مرة، توفى - رحمه الله - يوم الأربعاء لست خلون من شوال سنة لما4 هـ.
انظر: صانة صحيح مسلم لابن الصلاح: ص 5ْ1، 6ْ ا.
(2) أحمد 2 / 323 عن أبى هريرة، ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد 0 1 / 78 وقال: (رواه الطبرانى، وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف).(8/174)
كتاب الذكر والدعاء / باب فى أسماء الله تعالى...
الخ
175
(2) باب فى أسماء الله تعالى، وفضل من أحصاها
5 - (2677) حدّثنا عَمْزو النَّاقدُ وَزُهَيْرُ بنُ حَرْب وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ - وَاللَّفْظُ لعَمْرٍ و- حَدّثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِىًا لزَناد، عَنِ الالمحرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَال: ا لِلهِ تِسْعَة وَتِسْعُونَ اسمًا، مَنْ حَفِظًهَا دَخَلَ الجَنّةَ، يإنَّ اللهَ وِتْر! يُحِبُّ الوِتْرَ).
وَفِى رِوَايَةِ ابنِ أَبِى عُمَرَ: (مَنْ احْصَاهَا ".
6 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بنُ رَافِعٍ، حَدّثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدّثنَا مَعْمز، عَنْ أيُوبَ،
عَنِ ابنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
وَعَنْ هَمَام بْنِ مُنبِّه، عَنْ أَبِى هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْفا، مِائَةً إِلا وَاحِدأ مَنْ أَحصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ لما.
قوله: (إن لله تسعة وتسعون (1) اسما، مائة إلا واحداً، من أحصاها دخل الجنة،
وأنه وتر يحب الوتر) ة قال أبو القاسم القشيرى: فيه دليل على أن الاسم هو المسمى ؛ إذ لو كان غيره لوجب أن تكون الأسماء غيره لقوله: { وَللَّهِ الأَسْمَاءُ الْخسْنَى} (2).
قال الخطابى: وفيه دليل على أن أشهر أسمائه: الله ؛ لإضافة هذه الاَسماء له، وقد
جاء فى بعض الروايات: (إن الله هو اسمه الأعظم).
قال أبو القاسم الطبرى (3): داليه ينسب كل اسم، وقال: الرؤوف والكريم من اشماء الله، ولا يقال: الله من أسماء الرؤوف ولا الكريم، وفيه إثبات الاَسماء المحصورة بهذا العدد.
قال: وليس مقتضاه أنه ليس له أسماء غيرها.
وتمام فائدة الكلام والخبر فى قوله: (من أحصاها) وهو خبر إدق، لا قوله: (تسعة وتسعين دا، ودليله قوله فى الحديث الاَخر: دا أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك " (4).
قال القاضى أبو بكر بن الطيب (5): ليس فى
(1) هكذا فى الأصل والصواب تسعين.
(2) الأعراف: 180
(3) هو الحافظ هبة الله بن الحسن بن منصور، أبو القاسم الرازى الطبرى الأصل ويعرف باللالكائى، قدم بغداد فاستوطنها وثوس فقه الافعى على أبى حامد الإسفرايينى، وسمع عيسى بن على بن عيسى الوزير، وأبا طاهر، المخلص، وطبقتهم ومن بعدهم.
قال الخطيب.
وكتبنا عنه وكان يفهم ويحفظ، وصنف كتابا فى السق وكتابا فى أسماء من فى الصحيحين، وكتابا فى شرح السنة، وغير ذلك وعاجلته المنية فلم ينشر عنه كئير شىء من الحديث.
توفى سنة ئمان عشرة وأربعماتة.
تاريخ بغداد 14 / 70، 71 برقم (4718).
وانظر: تذكرة الحفاظ 3 / 84 0 1 برقم (986) -
(4) أحمد 1 / 1 39، 52 4.
(5) هو المتكلم وشيخ الأشاعرة القاضط أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد المعروف بالباقلاني من أهل -
176(8/175)
كتاب الذكر والدعاء / باب فى أسماء الله تعالى...
إلخ
وَزَادَ هَمَّام عَنْ ابِى هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّهُ وِتْرو، يجِ! ث الوِتْرَ).
70 / ب
الحديث دليل[ على] (1) أنه ليس فيه سوى هذه الأسماء، لأن ظاهره أنه من أحصاها دخل الجنة.
وتعيين هذه الأسماء لم يخرج فى الصحيح وقد خرجها الترمذى (2) وغيره من أصحاب المصنفات، وفيها اختلاف يثبت أسماءً فى رواية، وفى أخرى أسماء[ أخر] (3) تخالفها، وقد اعتنى بعض أهل العلم بتخريج ما منها فى كتاب الله مفردًا غير مضاف ولا مشتق من غيره كقادر وقدير ومقتدر ومالك الناس وملك وعليم وعالم الغيب فلم تبلغ هذا العدد، واعتنى اَخرون بذلك، فحذفوا التكرار ولم يحذفوا الإضافات فوجدوها (4) على ماقالوه (5) تسعة وتسعين فى القرآن كما ذكر فى الحديث لكنه على الجملة لا على تفسيرها فى الحديث.
واعتنى آخرون بجمعها مضافة وغير مضافة ومشتقة وغير مشتقة، وما وقع منها فى هذا الحديث على اختلاف (6) وفى غيره من الأحاديث[ منثورا] (7) أو مجموعأ وما أجمع أهل العلم على إطلاقه فبلغها أضعاف هذا العدد المذكور فى الحديث.
وقيل: إنّ هذه التسعة وتسعين مخفية فى جملة أسماء الله تعالى كالاسم الأعظم فيها، وليلة القدر فى السنة.
وقوله ة لا مَنْ أحصاها): قيل: من حفظها، وقد جاء مفسراً فىِ حديث " من حفظها).
وقيل: من عدها ليدعو بها ؟ كقوله: { وَأَحْصَى كُلَّ شَىء عَدَدَا} (8) وقيل: "من أحصاها لا من وجد[ الله] (9) بها ودعا بها، يريد توحيده وتعظيمه والإخلاص له.
وقيل: (أحصاها لا بمعنى أطاقها.
كقوله: { عَلِمَ أَن لَن تُحْصُوهُ} (ْا) اْى تطيقوه، ! إطاقتها: حسن المراعاة لها، والمحافظة لحدودها، والتصديق بمعانيها، والعلم بها.
ومقتضى كل اسم وصفة يستفاد منها وتحقيقها.
وفيل إحصاؤها: العمل بها، والتعبد لله بمعنى كل اسم منها، والإيمان بما لا يقتضى تعبداً ولا عملا.
وقيل: معنى ذلك ختم / القرآن وتلاوته كله، لأنه مستوف لهذه الأسماء.
= البصرة، سكن بغداد وسمع بها الحديث من أبى بكر بن مالك القطيعى.
وابى أحمد الحصين بن على النيسابورى وغيرهما وعنه القاضى أبو جعفر محمد بن احمد السمنانى وأبو ذر الهروى وغيرهما وكان ثقة وتوفى رحمه للله سنة ئلاث واربعمائة.
تاريخ بغداد 5 / 379.
ورقم الترجمة 6 0 29، وانظر: ترتيب المدارك 4 / 585، ووفيات الأعيان 4 / 269.
والديباح المذهب 2 / 228.
(1) فى هامش !
(2) كالدعوات، ب83، 5 / 469 برقم (6 0 35).
(3) فى هامش !.
(4) فى!: فوجدوا.
(5) فى!: قا لوا.
(6) فى!: ا ختلا فها.
(7) فى هامش !.
(8) الجن: 28.
(9) فى هامش !.
(10) المزمل: 20.(8/176)
كتاب الذكر والدعاء / باب فى أسماء الله تعالى...
إلخ
177
وقوله: " إنه وتر يحب الوتردا.
الوتر: الفرد، ومعناه فى حق الله: الواحد الذى
لا شريك له ولا نظير، فهو وتر وجميع الخلق شفع.
وقوله: (يحب الوتر): قيل: معناه فضل الوتر فى الفرد (1) على الشفع فى اْسمائه ليكون أدل على معنى الوحدانية فى صفاته.
وقيل: يحتمل اْن يكون معناه منصرفا إلى صفَة مَنْ يعبد الله بالوحدانية والتفرد على سبيل (2) الإخلاص{ وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَثهِ أَحَدًا} (3) ويحتمل أن يكون معناه: أنه يأمر ويفضل الوتر فى الأعمال وكثير من الطاعات، كما جعل الصلوات خمسأَ (4) وترا، وشرعت أعداد الطهارات والاستطابة واْكفان الميت ونصب الزكاة (5) فى (6) الخمس أواق والخمسة اْوسق ونصب الإبل، وأكثر نصب الغنم وأول نصب البقر وترًا فى العقود، وخلق كثير من مخلوقاته على عدد الوتر من السموات والأرض والبحور والذرارى وعدد الأيام فى الجمعة والسنة وعدد عقدها فى الشهر، وكثير من هذا الباب لسر من أسرار غيبه فى ذلك - والله أعلم.
(1) فى خ: العدد.
(3) الكهف: 110.
(5) فى خ: الزكوات.
(2) فى خ.
سبب.
(4) فى خ: الخمس.
(6) فى خ: من -
178(8/177)
كتاب الذكر والدعاء / باب العزم بالدعاء...
إلخ
(3) باب العزم بالدعاء، ولا يقل: إن شئت
7 - (2678) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
قَالَ أَبُو بَكْر: حَدّثنَا إِسْمَاعِيل بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْد العَزيزِ بْنِ صُهَيْب، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهًِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَليَعْزِمْ فِىَ الدّعَاء، ولاَ يَقلِ: اللَّهُمَّ، إِنْ شئْتَ فَاعطِنِى، فَإِنَّ اللهَ لاَ مُسْتَكرِهَ لَهُ لما.
8 - (2679) حدّثنايحيى بْنُ ايّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرِ، قَالُوا: حَدّثنَا إِسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَر - عَنِ العَلاءِ، عَنْ أبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاً: (إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلا يَقُلْ: اللّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِن شئْت، وَلَكِنْ لِيَعْزِأ المَسألَةَ، وَليُعَظّم الرَّغْبَةَ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَتَعَاظَمُهُ شَىْ!أعْطَاه).
9 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الأنْصَارِىّ، حَا شَا أنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدّثنَا الحَارِثُ - وَهُوَ ابْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى ذبَاب - عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاً يَقُولَنَّ أحَدُكُمُ: اللّهُمًّ، اغْفِرْ لِى إِنْ شئْتَ.
اللّهُمَّ، ارْحَمْنِى إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمْ فِى الدّعَاءِ، فَإِنَّ اللهَ صَانِع مَاشَاء، لاَ مُكرِهَ لَهُ).
قوله: " اذا دعا أحدكم فليعزم فى الدعاء، ولا يقل: اللهم إن شئت فاْعطنى، فإن
الله لا مستكره له) وفى الرواية الثانية (1): (وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شىء أعطامدا: قيل كراهة الاستثناء هنا لوجهين:
أحدهما: أن مشيئة الله ثابتة معلومة وأنه لا يفعل من ذلك إلا ما شاَ، وإنما يتحقق استعمال المشيئة فى حق من يتوجه عليه الإكراه، والله منزه عن ذلك كما جاء فى (2) اَخر الحديث.
والوجه الاَحْر: أن فى هذا اللفظ ظهور الاستغناَ ؛ إذ لا يستعمل هذا اللفظ إلا فيما
لا يضطر إليه الإنسان، فأما ما يضطر إليه فإنه يعزم عليه ويلح فيه، ويبين أيضا هذا التأويل قوله فى الرواية الاشرى: (فإن الله لا يتعاظمه شىء أعطاه).
ومعنى (يعزم): أى يشد ولا يتراخى.
وأولو العزم من الرسل: أولو الشدة والقوة، وقيل: عزم المسألة: حسن الظن بالله فى الإجابة.
(1) فى!: ا لأخرى.
(2) فى!: من.(8/178)
كتاب الذكر والدعاء / باب كراهة تمنى الموت...
إلخ
179
(4) باب كراهة تمنى الموت، لضر نزل به
10 - (2680) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا إسْمَاعيلُ - يَعْنِى ابّنَ عُلَيَّة - عَنْ
عَبْد العَزِيزِ، عَنْ أنَس، تَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَتَمًنّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِه، َ فَإنْ كَانَ لابُدَّ مُتَمنَيا فَليَقُل: اللَّهُمَّ، أحْينِى مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لِى، وَتَوَفَّنِى إذَا كَانَتِ الَوَفَا 6 خَيْرًا لِى ".
(... ) حَدَّثنا ابْنُ أبِى خَلَف، حَد، شَا رَوح، حَدثنَا شُعْبَةُ.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد"ننَا عَفَّانُ، حَد*شَا حَمَّادٌ - يَعنِى ابْنَ سَلَمَةَ - كِلاهُمَا عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنَسيى، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمثْلِهِ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: (مِنْ ضُرٍّ أصَابَهُ ".
11 - (... ) حَدثنى حَامِدُ بْنُ عُمَرَ، حدثنا عَبْدُ الوَاحِد، حدثنا عَاصِمٌ، عَنِ النَّضْر
ابْنِ أنَس - وَائس يَوْمَئذ حَىٌ - قَالَ أنَسٌ: لَوْلأ أنَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لأ يَتَمَنّيَنًّ أحَدُكُمُ المَوْتَ) لَتَمَنيتُهُ.
وقوله: ا لايتمنين أحدكم الموت لضر نزل به لما الحديث، وفى الرواية الأخرى:
(ولا يدع به قبل أن يأتيه، إنه اذا مات أحدكم انقطع عمله، دإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا ": فى هذا الحديث: [ كراهة الدعاء بالموت فى حالة وجوازه فى أخرى، ففيه] (1) أولأَ: كراهة الدعاء به للعلة التى ذكرت من الضرر، ويحتمل أن يكون من[ ضر] (2) اْو فاقة أو محنة من عدو، وشبه ذلك من المضار الدنيوية ؛ لاءنه إنما يدعو به هنا بمعنى الضيق والضجر والسخط لما قدر عليه، وأما لو كان لضر دينى يخشاه فمباح، وعليه يدل قوله آخره: (وتوفنى إفا كانت الوفاة خيراً لى "، وقد قال - عليه السلام -: " دإذا أردت بالناس فتنة فاقبضنى إليك غير مفتون لما (3)، وفى رواية الطبرى: " انقطع أمله) والوجه: " عمله) كما تقدم.
يدل عليه سياق الحديث دإن كان ال المل أيضا ينقطع بالموت، لكن ليس هو مراد الحديث ولأن عمله هو المتكرر فى الأحاديث والمعروف فى الروايات.
(1) سقط من ح.
(2) ساقطة من ح.
(3) الترمذى، كالتفسير، بمن سورة: ص 5 / 334 (3235).
180(8/179)
كتاب الذكر والدعاء / باب كراهة تمنى الموت...
إلخ
12 - (2681) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إدْرِيسَ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أبى خَالد، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِى حَازبم، قَالَ: دَخَلنَا عَلَى خَبَّاب وَقَدِ اكْتَوَى سَبعْ كَيَّاتٍ فِى بَطنِهَِ.
فَقَالَ.
لَوْ مَا أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَانَا أنْ نَدْعُوَ بِالمَوْتِ، لَدعًوْتُ بِهِ.
(... ) حدّثناه إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيم، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ وَوَكِيع.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدءنَنَا أبِى.
ح وَحَدءنَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعاذ وَيَحْىَ بْنُ حَبِيب، قَالا: حَدثنَا مُعْتَمِر.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا أبُو أسًامَةَ، كُ!هُمْ عَنْ إسْمَاعيلً، بِهَذا الإسْنَادِ.
13 - (2682) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدءنَنَا عَبْدُ الرراق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّه.
قَالَ: هَذَا مَا حدثنا أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَادِيثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولًُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَتَمَنَّى أحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَاع بِه مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتيَهُ، إنًهُ إذَا مَاتَ أحَدُكُمُ انْقًطَعَ عَمَلُهُ، وَإنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمُرُهُ إلا خَيْزا)َ.
وقوله فى الباب فى حديث[ حامد بن العباس] (1): حدثنا عاصم، عن النضر بن اْنس - وأنس يومئذ حى: يريد أن عاصما هو الذى حدثه به النضر بن اْنس فى حياة أبيه.
(1) فى خ: حامد بن عمر.(8/180)
كتاب الذكر والدعاء / باب من أحب لقاء الله...
إلخ
(5) باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
181
ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه
4 1 - (2683) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَألد، حَد، شَا هَمَّام!، حَدوّرَشَا قَتَادَةُ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أنَّ نَبِىَّ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أحَبَّ اللهُ لِقَاَءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ ".
(... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بّنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، قَالَ: سَمعْتُ أنَسَ بْنَ مَالِكً يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصئَامِتِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
مِثْلَهُ.
ًَ
15 - (2684) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُزِّىُّ، حَد*شَا خَألِدُ بنَ الحَارِثِ الهُجَيْمِىُّ، حَدثنَا سَعيد، عَنْ قَتَالمحةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ سَعْد بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائشَةَ، قَالتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
(مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لقَاءً هُ، وَمَنْ كَرِهَ لقَاءًا لله كَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ).
فَقُلتُ: يَانَبىَ اللهِ، أكَرَاهيَةُ المَوْتِ ؟ فَكُلُّنَا نَكرَهُ المَوْتَ.
فَقَالَ.
" لَيْسً كَذَلِكِ، وَلكن المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرً بِرَحْمَة الله وَرِضْوَانِه وَجَنَّتِه، أحَبَّ لِقَاءَ الله، فأحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ.
وَإنً الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَهِ وَسًخَطِهِ، كًرِهَ لِقاءًا للهِ، وَكَرِهَ اللهُ لَقاءَهُ لا.
(... ) حلّفناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدثنَا سَعِيد، عَنْ قَتَ الةَ، بِهَذا
ا لإسْنَادِ.
وقوله: " من أحب لقاء الله احب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)،
قال الاممام: من قضى الله بموته فلابد أن يموت وإن كان كارها لقاء الله، ولو كره الله موته ما مات، ولا لقيه، فيحمل الحديث فى مثل هذه الصورة على كراهة الله سبحانه للغفران له د رادته لإبعاده من رحمنه.
قال القاصْى: قد جاء فى الأم فى الحديث زيادة فى الرواية الاخرى تشعر بالمراد به سؤال أبى هريرة (1) عائشة عن هذا الحديث.
(1) هذا وَهْم لأن أبا هريرة لم يسأله عائشة عن هذا الحديث، بل السائل هو شريح بن هانئ.
انظر: حديث (17).(8/181)
182 كتاب الذكروالدعاء / باب من اْحب لقاءالله...
إلخ 16 - (... ) حدّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ شُرَيْح بْنِ هَأنِئي، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ اخَحث لقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ، وَالمَوْتُ قَبْلً لِقَاءِ اللهِ).
(... ) حدّثناه إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونسَ، حَدثنَا زَكَريَّاء، عَنْ عَامِرٍ، حَدثنِى شُرَيْحُ بْنُ هَأنِئٍ ؛ ال عَائِشَةَ أخْبَرَتْهُ، أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
بِمِثلِهِ.
17 - (2685) حدّثنا سَعيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثِىُّ، اخبَرَنَا عَبْثَر، عَنْ مُطَرف، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ شُرَيْح بْنِ هَأنِئٍ، عَن أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (منْ أحَبًّ لقَاءَ الله أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لقَاءَهُ).
قَألَ.
فَأتَيْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: يَا أَمَّ المؤمِنِينَ، سَمعْتُ أبَا هُرَيرَةَ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَدِيئا، إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ هَلَكْنَا.
فَقَالتْ: إنًّ الهَالِكَ مَنْ هَلَكَ بقَوْلِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " منْ أحَبَّ لِقَاءَ الله اخَبًّ اللهُ لقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لقَاءَ الله كَرِهَ اللهُ لقَاءَهُ) وَلَيسَ منَّا أحَد إلا وَهُوَ يَكْرَهُ الَمَوْتَ.
فَقَالَت: قَدْ تَالَهُ رَسُولُ الله كله، وَلَيسً بالذِى تَذْهَبُ إَلَيْهِ، وَلَكِنْ إذَا شَخَصَ البَصَرُ، وَحَشْرَجَ الصَّدْرُ، وَاقْشًعَرَّ الجلدُ وَتَشًنَجَت الأ!ابِعُ، فَعنْدَ ذَلكَ مًنْ أحَبَّ لقَاءَ الله اخَ!ث اللهُ لقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لقَاءًا لله كَرِهَ اللهُ
وقوله: ولكننا نكره الموت، فقالث: ا ليس الذى يذهب إليه ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، واقشعر الجلد، وتشنجت الأصابع، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومق كره لقاء الله كره الله لقاعه) فمفهومه أنه عند الخاممَة وحضور الموت وكشف الغطاء، فأهل السعادة قد اغتبطوا لقاءهم بما رأوه، والله تعالى قد بشرهم به وأراده لهم، وهو معنى محبته لقاءهم، وأهل الشقاوة قد كشف لهم عن حالهم فكرهوا الورود على ربهم لما تيقنوه من تعذيبه لهم، والله تعالى قد أبعدهم عنه وهو معنى كراهثه لقاءهم، أو لم يرد بهم القرب منه والمنزلة عنده، وهو من معنى الكراهة اْيضًا، ف " من) هنا خبرية غير شرطية، وليس المراد بالحديث أن سبب كراهة الله لقاء هؤلاء كراهتهم هم ذلك، ولا أن حبه لقاء هؤلاء حبهم هم لذلك، لكنه صفة حال لهؤلاء[ وهؤلاء] (1) فى أنفسهم وعند ربهم، كأنه قال: من أحب لقاء الله فهو الذي أحب الله لقاءه.
(1) ساقطة من الا"صل، والمثبت من ح.(8/182)
كتاب الذكر والدعاَ / ! باب من أحب لقاَ الله...
إلخ
183
(... ) وحدّثناه إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىّ، أخْبَرَنِى جَرِير!، عَنْ مُطَرِّفِ بِهَذَا الإسْنَادِ.
نَحْوَ حَدِيثِ عَبْثَرٍ.
18 - (2686) حدثنا ائو بَكْر بْيق ائى شَيْبَةَ وَأبُو عَامِر الأشْعَرِىُّ وَأبُو كُرَيْب، قَالُوا: حَد*شَا أبُو أسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عَنْ أِبِى برْدَةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقَاًءَهُ، وَمنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ "
وحشرجة الصدر هو: تردد النفس فيه.
وتشنج الأصابع: تقبضها، واقشعرار الجلد:
قيام شعره.
184(8/183)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الذكر...
إلخ
(6) باب فضل الذكر والدعاء، والتقرب إلى الله تعالى
19 - (2675) حدّثنا أبُو كَرَيْب، مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حدثنا وَكِيع، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأصَمِّ، عَنْ ائى هرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّ اللهَ يَقُولُ: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى، وَأنَا مَعَهُ إفَا دَعَانِى).
20 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ العَبْدىُّ، حدثنا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعيد - وَابْنُ أبِى عَدىٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ - وَهُوَ التَّيْمِىُّ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: قَاَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: إذَا تَقَرَّبَ عَبْدى مِنِّى شِبْزَا تًقَرَّبْتُ منْهُ ذرَاغا، ! إفَا تَقَرَّبَ مِنِّى فِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعَا - أوْ بُوعَا - ! إفَا أتَاَنِى يَمْشِى أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).
(... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى القَيْسِىُّ، حَدشَا مُعْتَمِز، عَنْ أبيه.
بِهَذَا الإسْنَاد،
وَلَمْ يَذْكُرْ: (إذَا أتَانِى يَمْشِى أتَيْتُهُ هَرْوَلَةَ).
ً
21 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفظُ لأبِى كُرَيْبٍ - قَا لا: حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ ائى صَالِحٍ، عَنْ أبَى هُرَيْرَةَ، قَالَ: تَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدى، وَأنَا مَعَهُ حينَ يَذكُرُنِى، فَإنْ ذَكَرَنِى فِى نَفْسِه ذَكَرْتُهُ فِى نَفْسِى، !انْ ذَكَرَنِى فىَ مَلأ ذَكَرْ"!هُ فِى مًلأ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإنِ اقْتَرَبَ إلىَّ شِبْرَاَ تَقَرَّبْتُ إلَيْه ذرَاعًا، !انِ اقْتَرَبَ إلى ذرَاغًا اقْتَرَبْتُ إلَيْه بًاغا، !نْ أتَانِى يَمْشى اتَيْتُهُ هَرْوَلَةَ لما.
ً
22 - (7 ملا 2) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيع، حدثنا الأعْمَشُ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، عَنْ أِبى فَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَقُولُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: مَنْ جَاءَ بِالحسَنَةِ"فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالِهَا وَأزيَدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالَسيَئةِ، فَجَزَاؤُهُ سيَئة مِثْلِهَا أوْ أغْفِرُ،
وقوله: " ومن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد) أى[ أن] (1) العشر مضمونة بقوله تعالى، كما نص عليه فى كتابه وتضعيفها، ثم يتفضل الله على من يشاء بما يشاء
(1) ساقطة من ال الصل، والمثبت من ح والرسالة.(8/184)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الذكر...
إلخ
185
وَمَنْ تَقَرَّبَ منِّى شِبْرًا تَقَرَّبْتُ منْهُ ذرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّى ذرَاغا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أتَانِى يَمْشِى أً تَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لًقِيَنِىَ بِقُرَاب الأرضِ خَطِيئَة لَا يُشْرِكُ بِى شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً).
قَالَ إبْرَاهِيمُ: حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ بِشْر، حَدثنَا وَكِيع.
بِهَذا الحَدِيثِ.
(... ) حدّثنا ائو كُرَيْب، حَدّثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ.
بِهَذَا الإسْنَادِ.
نَحْوَهُ.
غَيْرَ ائهُ قاَلَ: " فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالًهَا أوْ أزيدُ لما.
بالزيادة عليها إلى سبعمائة ضعف، كما جاء فى الحديث الاَخر (1)، وإلى مالا يأخذه حساب كما قال تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى المابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (2)، وقال: دا إلا الصوم فإنه لى، وأنا أجزى به) بعدما ذكر نهاية التضعيف إلى سبعمائة.
وقوله: " من لقينى بقراب الأرض خطيئة، لقيته بمثلها مغفرة)، يفسر قوله قبل هذا: (ومن جاء بالسيئة فجزاؤه مثلها أو العفو عنه،، فأخبر أن فى سعة عفوه تعالى لمن أراد العفو عنه ما يسع ملء الاَرض خطيئة أو ما يقرب من ملئها.
وقراب كل شىء: قربه بضم القاف، كذا رويناه هنا، وقال لى أبو الحسن يقال: قراب بالكسر أيصا.
(1) لم نطلع على حديث فيه الزيادة إلى سبعمائة ضعف، إنما جاء هذا التضعيف فى الاَية (261) من سورة البقرة.
(2) الزمر: 10.
186(8/185)
كتاب الذكر والدعاء / باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة فى الدنيا
(7) باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة فى الدنيا
23 - (2688) حدثنا أَبُو الخَطَّابِ زيَادُ بْنُيحيى الحَسَّانِىّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِى عَدِىٍّ، عَنْ حُمَيْد، عَنْ ثَابت، عَنْ أنَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَادَ رَجُلاً مِنَ المُسْلمينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلًَ الفَرخ.
فَقًالً لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بشَىْء أوْ تَسْألُهُ إِيَّابم) قَالَ: نَعَمْ.
كُنْمث أقُولُ: اللهُمَّ مَأ كُنْتَ مُعَاقَبِى بهِ فِى الآخِرَة، فَعَجالَهُ لِى فًى اللُّنْيَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (سُبْحَانَ اللهِ! لا تُطيقُهُ - أً وْ لا تَسْتَطيعُهُ - افَلا قُلتَ: اللهُمَّ آتنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَنَابً النَّارِ ؟ لما قَالَ، فَدعَا اللهَ لَهُ فَشَفَاهُ.
(... ) حدثناه عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِىّ، حدثنا خَأددُ بْنُ الحَارِثِ، حدثنا حُمَيْدٌ.
بِهَذَا الإِسْنَادِ.
إِلَى قَولِهِ.
" وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) وَلَمْ يَذْكُرِ اَلزيَ ال ةَ.
24 - (... ) وحلمّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَقانُ، حَدثنَا حَمَادٌ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أنَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أصْحَابِه يَعُولحُهُ، وَقَدْ صَأرَ كَ الفَرْخِ.
بمَعْنَى حَديثِ حُمَيْدٍ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: ا لا طَاقَةَ لَكَ بِعَذَابَ اللهِ) وَلَمْ يَدكُرْ: فَدَعَا اللَه لَهُ، فَشَفًا.
وقوله فى الذى قال فيه: إنه[ قد] (1) خفت حتى صار مثل الفرخ، أى ضعف، وخفت أَيضا: انقطع كلامه، وخفت أيضًا: مات.
وقوله: " هل كنت تدعو بشىء ؟ دا ؛ وقوله: كنت أقول: اللهم، ما كنت معاقبنى به فى الاَخرة فعجله لى فى الدنيا، وقول النبِىٍ ( صلى الله عليه وسلم ) [ له] (2): (سبحان الله ا إنك لا تطيقه، افلا قلت: اللهم{ آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسنة وَفِى الاَخِرَةِ حَسَنَةً} (3) دا الاَية، فدعا الله له فشفاه.
فيه جواز التسبيح عند العجب من الأمر، وفيه كراهة تمنى البلاء دإن كان على الوجه الذى فعله هذا، فإنه قد لا يطيقه فيحمله شدة الضرر على السخط والتندم والشكى من ربه، وفيه أن الدعاء بما قصه - عليه السلام - أفضل لعامة الناس وأسلم، وقد ذكر بعد هذا ائه
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح، وهى فى مق الحديث -
(2) فى هامش ح - (3) البقرة: 201(8/186)
كتاب الذكر والدعاء / باب كراهة الدعاء بتعجيل العقوبة فى الدنيا
187 (... ) حديثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد، شَا سَالمُ بْنُ نوحٍ العَطَّارُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَذَا اَلحَلِيثِ.
كان أكثر دعائه - عليه السلام (1).
وقد اختلف المفسرون فى تأويل الاَية، فقيل: الحسنة فى الدنيا: العلم والعباثة،
وفى الآخرة: الجنة.
وقيل: فى الدنيا: العافية، وفى الاَخرة: العافية.
وقيل: فى الدنيا: المال، وفى الآخرة: الجنة.
وقيل: الحسنة هنا: النعمة.
وقيل: حظوظ حسنة.
وفيه إجابة دعوة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له.
(1) سيأتى فى حديئط رقم (26) من هذا الكتاب.
188(8/187)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل مجالا الذكر
(8) باب فضل مجالس الذكر
25 - (2689) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَأتِم بْنُ مَيْمُون، حدثنا بَهْز، حَد*شَا وهُيْ!ث،
حَدثنَا سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (إِنَّ لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلائِكَةً سَيَّارَفً فُضْلا يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذكرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلسًا فيه ذكْزً قَعَدُو المْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا با"جْنحَتِهِمْ، حَتَّى يَمْلَؤُوا مًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اَلسَّمًاَِ الَلُّنْيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى الَسَّمَاَعِا).
قَالَ: (فَيَسْالُهُمُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهُوَ اعْلَمُ بِهِمْ: مِنْ ايْنَ جئْتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: جئْنَا مِنْ عنْد عبَاد لَكَ فِى الا2 رْضِ، يُسبِّحُونَكَ، وَيُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُوَنَكَ، وَيَحْمَدُونَكً، وَيَسْالُوَنًَ.
قًألَ: وَمَا ذَا يَسْالُونِى ؟ قَا لُوا: يَسْالُونَكَ جَنّتَكَ.
قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِى ؟ قَالُوا: لا.
أىْ رَبِّ.
قَالَ: (فَكَيْفَ لَوْ رَاوْا جَنَّتِى ؟ قَالُوا: وَيَسْتَجيرُونَكَ.
قَألَ: وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِى ؟ قَالُوا: مِنْ نَارِكَ.
يَارَبِّ.
قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا نَارِى ؟ قَأَلُوا: لا.
وقوله: (إن لله ملائكة سيارة، فضلا، يتبعون مجالا الذكر): كذا الرواية عند جمهور شيوخنا فى مسلم والبخارى، بفتح الفاء وسكون الضاد، وبعضهم بضم الضاد، وعند العذرى والهوزنى: " فضل) برفع اللام على خبر المبتدأ وضم الفاء، وكذا رواه بعض الشيوخ، والصواب الأول كما بيناه.
وفعنى " سيارة فى الأرض) كما قال فى بعض الروايات لا سياحين " (1).
وقوله: " فإذا وجدوا مجلس ذكر قعدوا معهم، وحظ بعضهم بعضًا بأجنحتهم):
كذا للعذرى[ وللطبرى] (2) فيما وجدته بخطى: (حظ " بالظاَ المعجمة، ولا أعلم له هنا وجهأَ.
وكذلك رواه بعضهم من طريق[ ابن] (3) الحذاَت (خص) بالخاَ المعجمة والصاد المهملة وهو بعيد، ورواه بعضهم: " حض دا بالضاد المعجمة وله وجه.
وفى كتاب ابن عيسى: " حط) بحاء وطاء مهملتين، وكذا قيل عن شيخنا القاضى
[ أبو] (4) على، وهو الصواب.
قيل: معناه: أشار بعضهم إلى بعض بالنزول أو دعالْه إلى النزول ويدل عليه قوله بعده فى البخارى: " هلموا إلى حاجتكم) (5).
وفى رواية السجزى والسمرقندى: " حف بعضهم بعضًا بأجنحتهم)، ويدل على هذه الرواية قوله فى البخارى: (يحفونهم بأجنحتهم " (6) أى يحدقون بهم ويطوفون حولهم، (1) انظر: تحفة ال الحونى 4 / 289.
(2) من ح.
(3) فى هامش ح.
(4) هكذا فى الأصل، وفى ح: أبى، وهو الصواب.
(5) البخارى، كالدعوات، بفضل الذكر 8 / 7ْ ا.
(6) انظر: التخريج السابق -(8/188)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل مجالس الذكر 189 قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِى؟ قَالُوا: وَيَسْتَغْفِرُونَكَ ".
قَالَ: (فَيَقُولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَالُوا، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَا اسْتَجَارُوا ".
قَالَ: "فَيَقُولُونَ: رَبِّ، فيهِمْ فُلان!، عَبْد خَطَّاَ!، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ لما.
قَالَ: (فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمُ القَومُ لا يَشثقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ".
ويجتمعون فى جميع جوانبهم، ويحدق بعضها بعضأ.
وحفاف الشىء: جانباه، كما قال: (حتى يملؤوا ما بين السماء والاَرض ".
وقوله: (ويستجيرونك من النار " وقوله: (قد أجرتهم مما استجارونى لما: كله من الأمان، والجوار يأتى بمعنى الأمان.
وقوله فى الذى مر بينهم فجلس - زاد فى البخارى: لحاجة -: (قد غفرت لهم،
هم القوم لا يشقى جليسهم) (1) فيه فضل مجالس الذكر وإن لم يكن الجالس فيها من أهلها.
أوفيه، (2) فضل مجالسة الصالحين وتزكيتهم.
والذكر ذكران: ذكر الله بالقلب ت وهو الذكر الخفى، وذكر القلب - أيضأَ - عند أوامره ونواهيه.
وذكر باللسان: كما جاء عن عمر بن الخطاب، فذكره بالقلب، وهو الذكر الخفى وهو أرفع الأذكار، الفكرة فى عظمة الله وجلاله وجبروته وملكوته واياته فى أرضه وسماواته، وفى الحديث: " خير الذكر الخفى " (3)، وبعده ذكره بالقلب عند أوامره ونواهيه، فينتهى عما نهى عنه، ويمتثل ما أمر به، ويتوقف عما أشكل عليه.
وذكره باللسان مجردا هو أضعف هذه ال الذكار الثلاث، لكن له فضل عظيم، كما جاء فى الاَثار: لكل فضل بقدر مرتبته.
وقد ذكر أبو جعفر الطبرى وغيره اختلاف السلف: أيهما أفضل الذكر باللسان أو بالقلب ؟ والخلاف عندنا (4) إنما يتصور فى تحديد (ْ) الذكر بالقلب من التسبيح والتهليل وشبهه من اذكار اللسان إذا لم ينطق بها اللسان وعنيه يدل كلامهم، لاَنهم مختلفون فى الذكر الخفى للذى ذكرناه أولأَ من الفكر وإحضار دلائل المعارف والعظمة، فتلك لا يتلونها (6) ذكر اللسان، فكيف يتفاضل معها، وإنما الخلاف فيما ذكرناه، وكل ذلك مع حضور الثلاث بذكر اللسان، فأما والقلب لاهٍ فلا.
فمن رأى ذكر القلب أفضل قال: لأن عمل السر أفضل.
ومن قال: ذكر اللسان أفضل قال: لابن فيه زيادة أعمال الجوارح على عمل ذلك بالقلب، ففيه زيادة عمل أمنه، (7) تقتضى زياثة أجر، ولذلك اختلف فى ذكر القلب، هل تكتبه الملائكة ويعمل ؟ فقيل ذلك، وأن الله يجعل لها على ذلك علامة، وقيل: إنه لا يكتب ؛ ل النهم لا يطلعون عليه.
(1) انظر: التخريج السابق.
(3) أحمد 172 / 1، 180 عن سعدبن مالك.
(4) فى خط: عندى.
(6) فا خط: يقلى نها.
(2) من حد.
(5) فى خط: مجرد.
(7) ساقطه من ح.(8/189)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الدعاء باللهم اتنا فى الدنيا حسنة...
إلخ
(9) باب فضل الدعاء باللهم آتنا فى الدنيا حسنة
وفى الاَخرة حسنة، وقنا عذاب النار
26 - (2690) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيةَ - عَنْ
عَبْدِ العَزِيزِ - وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ - قَالَ: سَالَ قًتَادَةُ أَثَسًا: أَىُّ دَعْوَة كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) اكْثَر ؟ قَالَ: كَانَ كثَرُ دَعْوَة يَدْعُو بِهَا يَقُولُ: (الَّلهُمَّ{ اتنَا فِىًا لدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الاَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (1))ً.
قَالَ وَكَانَ أَنَس!، إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ، دَعَا بِهَا.
فَإِذَا أَرَادَ أنْ يَدْعُوَ بِدعُاءٍ، دَعَا بِهَافِيه.
27 - (... ) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أَبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: { رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الاَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
وقوله: كان أكثر دعائه: " اللهم{ آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً} ) الآية (2)، هذا لجمعها معانى الدعاء كله ؛ من أمر الدنيا والاَخرة، والحسنة هنا عندهم: النعمة، فسأله نعم الدنيا والاَخرة والوقاية من عذاب النار.
(1) البقرة: 201.
(2) سياق الكلام يقتضى أن يقال: الحديث ؛ لأن الاَية داخلة ضمن الحديث.(8/190)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء
(10) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاَء
191
28 - (2691) حدثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَنْ قَالَ: لَا إً لَهَ إِلا اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عًلَى كُلِّ شَىَِْ قَديرٌ، فِى يَوْبم مِائَةَ مَرَّة، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَاب، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَة، وَمُحِيَتْ عنْهُ مَائَةُ سيَئة، وَكَانَتْ لًهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلًكَ، حَتَى يُمْسِىَ، وَلَمْ "يَأتِ أَحَدٌ أَفْضًَممَّا جَاءً به إِلا أَحَد عَمِلَ كثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَنْ قَألَ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْلِهِ، فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرًّ ة، حُطَّت خَطَايَاهُ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ).
وذكر حديث فضائل (1) من قال: " لا إله الا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير فى يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب وكتبت (2) له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسى، ولم يأتِ أحد بأفضل مما جاء به، إلا أحد عمل أكثر من ذلك.
ومن قال: سبحان الله وبحمد، فى يوم مائة مرة، حطت خطاياه دإن كانت مثل زبد البحر، ثم ذكر بعد فى فضل من قال: لا إله إلا الله) المتقدم (كان كمن أعتق أربعة[ أنفس] (3) من ولد إسماعيل " ثم ذكر حديث: " من سبح مائة تسبيحة كتبت له ألف حسنة، وحطت عنه ألف سيئة " ذكر هذا العدد من المائة، وهذا الحصر لهذه الأذكار لا (4) دليل على أنها غاية وحد لهذه ال الجور.
ثم نبه - عليه السلام - بقوله: (إلا أحدٌ عمل أكثر من ذلك) أنه جائز أن يزاد على هذا العدد فيكون لقائله من الفضل بحسابه، لئلا يظن أنها من الحدود التى نهى عن اعتدائها، وأنه لا فضل فى الزيادة عليها كالزيادة على ركعات السنن المحدودة أو أعداد الطهارة.
وقد قيل: يحتمل أن هذه الزيادة من غير هذا الباب، أى ألا يزيد أحد أعمالا أخر
من البر غيرها، فيزيد له أجرها على هذا.
وقوله فى حديث التهليل: " محيت عنه مائة سيئة "، وفى حديث التسبيح: (حطت
(1) فى خط: فضل.
(2) هكذا فى ح ومق الصحيح، أما فى ز.
وكانت.
(3) من مق الصحيح.
(4) فى خط ؟ أولا.(8/191)
192 كثاب الذكروالدعاء / باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء 29 - (2692) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد المَلِكِ الأمَوِىُّ، حَدءنَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سُمَىٍّ، عَنْ أَبِى صَالَحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسى: سُبْحَانَ اللّه وَبِحَمْدِه مِائَةَ مَرَّة، لَمْ يَأتِ احَدَ يَوْمَ القِيامَةِ بِا"فْضَلِ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أحَد قًالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيهِ).
30 - (2693) حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أبُو أيُّوبَ الغَيْلانِىُّ، حَد 8لنَا أَبُو عَامِرٍ -
يَعْنِى العَقَدىَّ - حدثنا عُمَرُ - وَهُوَ ابْنُ أبِى زَائدَةَ - عَنْ أبِى إسْحَقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُون، قَالً: مَنْ قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كلِّ شَىْءٍ قَدِير، عَشْرَ مِرَارٍ، كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أرْبَعَةَ أنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ.
وَقَالَ سُلَيْمَانُ: حَدءَّلنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدثنَا عُمَرُ، حَدءَّلنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أبِى السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ.
بِمِثْلِ ذَلِكَ.
قَالَ: فَقُلتُ للِرَّبِيع: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ ؟ قَالَ: منْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ.
قَالَ: فَا"تَيْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ فَقُلتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ ؟ قَالَ: منِ ابْنِ ابَى لَيْلَى.
قَالَ: فَاعتَيْتُ ابْنَ ابى لَيْلَى فَقُلتُ: ممَّنْ سَمعْتَهُ ؟ قَالَ: منْ أيى ايُّوبَ الَأنْصَارىًّ، يُحَدَثهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ً
31 - (2694) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْر وَزهُيْرُ بْنُ حَرْب وَأبُو كُرَيْب خطاياه وان كانت مثل زبد البحر) ظاهره أن التسبيح أفضل.
وقد جاء فى[ تهليل التسبيح] (1) حديث التهليل: (ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به) فيحتمل الجمع بينهما ان يكون حديث التهليل أفضل، وأنه إنما زيد من الحسنات ومحى من السيئات المحصورة، ثم جعل له من فضل عتق الرقاب ما قد زاد على فضل التسبيح، وتكفيره جميع الخطايا لأنه قد جاء أنه: " من أعتق رقبة، أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار) (2) فهنا قد حصل بهذا العتق تكفير جميع الخطايا عمومًا بعد حصر ما عد منها خصوصًا مع زيادة مائة درجة، وما زاثه عتق الرقاب الزائدة على الواحدة.
وقد جاء فى الحديث هنا أيضًا: أفضل الذكر التهليل، وأنه أفضل ما قاله - عليه السلام - والنبيون من قبله (3).
وقد قيل ة إنه اسم الله الاَعظم، وهى كلمة الإخلاص.
وقد مضى شرح التسبيح، وأنه بمعنى التنزيه عما لا يليق به جل جلاله من الشريك
(1) مضروب عليها بخط فى الأصل دا ز ".
(2) سبق فى كالعتق، بفضل العتق برقم (5).
(3) الموطأ، بما جاء فى الدعاء.(8/192)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء193 وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيف البَجَلِىُّ، قَالُوا: حَا شَا ابْنُ فَضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَاًل: قَالَ رَسُولُ الفهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْل!هِ، سُبْحَانَ اللّهِ العَظِيم).
32 - (2695) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَد*شَا أَبُو مُعَاوِيَةَ،
عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَس!ولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لانْ اقُولَ: سُبْحَانَ اللّهِ، والحَمْدُ للّهِ، وَلا إِلَهَ إِلا اللّهُ، وَاللّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلًىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ).
33 - (2696) حدّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر وَابْنُ نُمَير، عَنْ مُوسَى الجُهَنِىِّ.
ح وَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنُ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد، شَا أَبِى، حَدثنَا مُوسَى الجُهَنِىُّ، عَنْ مُصْعَب بْنِ سَعْد، عَنْ أَبيه، قَالَ: جَأءَ اعْرَابِىّ إِلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: عَلِّمْنِى كَلامًا أَقُولُهُ+ قَالَ: "ً قُلْ: لاَ إِلًهَ إِلا اللّه وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، اللّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَ الحَمْدُ لِلّهِ كَثَيرًا، سُبْحَانَ اللّه رَبَ العَالَمِينَ، َ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللّهِ العَزِيزِ الحَكِيم) قَالَ: فَهَؤُلاءِ لِرَبّى.
فَمَا لِى ؟ قَالَ: " قُلِ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَاهْدِنِى وَارْزُقْنِى).
قَالَ مُوسَى: امَّا عَافِنِى، فَاع نَأ اتوَهَّمُ وَمَا أدْرِى.
وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ فِى حَدِيثِهِ قَوْلَ موسى.
34 - (2697) حدّثنا أَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حَا شَا عَبْدُ الوَاحد - يَعْنِى ابْنَ زَيأد - حَد*شَا أَبُو مَالِك الا"شْجَعِىُّ، عَنْ أَبيِه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يُعًلًّمُ مَنْ أَسْلَمَ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، اغْفِرْ لِىً وَارْحَمْنِى، وَاهْدِنِى وَارْزُقْنِى)
35 - (... ) حدثنا سَعيدُ بْنُ أَزْهَرَ الوَاسطِىُّ، حدثنا أَبُو مُعَاويَةَ، حَد*شَا أَبُو مَالِك الا"شْجَعِىُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ.
كَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَسلَمَ عَلَّمَهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ الصَّلاةَ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَن
والصاحبة والولد والنقائص، داعرابه واشتقاقه، وذلك فى ضمن قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير، المتقدم ذكره، وفضل من يقوله.(8/193)
194 كثاب الذكروالدعاء / باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء يَدْعُوَ بِهَؤْلاءِ اهَلِمَاتِ: (اللّهُمَّ، اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَاهْدِنِى وَعَافِنِى، وَارْزُقْنِى).
36 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا أبُو مَاللث عَنْ أَبِيه ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأَتَاهُ رَجُل فَقَالً: يَا رَسُولَ اللّهِ، كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْامملُ رلِّى ؟ قَالً: (قُل: القهُمَّ اغْفرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَعَافِنِى وَارْزُقْنِى) وَيَجْمَعُ أَصابِعَهُ إِلا الإِبْهَامَ (فَإِنَّ هَؤُلاءِ تَجْمَعُ لَكَ دَ!نيَاكَ واَخِرَتَكَ).
37 - (2698) حدّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا مَرْوَانُ وَعَلِىُّ بْنُ مُسْهَرٍ، عَنْ مُوسَى الجُهَنِىِّ.
ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُ اللّهِ بْنِ نُمَير - وَاللَّفْظُ لَهُ ! - حدثنا أَبى، حدثنا مُوسَى الجُهَنِىُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْد، حَدثَّنِى ابِى قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسبَ كُل يَوْمٍ الفً حَسَنَةٍ ؟ لا فَسَالَهُ سَائِل مِنْ جُلَسَائِه: كًيْفَ يَكْسبُ أحَل!نَا أَلفَ حَسَنَة ؟ قًالَ: " يُسبِّحُ مائَةَ تَسْبِيحَة، فَيُكْتَبُ لَهُ أَلفُ حَسَنَة، اوْ يُحَطُّ عَنْهُ أً لفُ خَطِيئَةٍ ).
ًَ
وقوله: (الله أكبر كبيراً): انتصب عند النحاة (كبيراً) لفعل مضمر دل عليه ما
قبله كأنه قال: كبرت كبيراً، أو ذكرت كبيراً أو نحوه.
وقيل: على التمييز.
وقيل: على القطع.(8/194)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الاجتماع على تلاوة القراَن وعلى الذكمر
195
(11) باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، وعلى الذكر
38 - (2699) حدّثنايحيى بْنُيحيى التَّمِيمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاء الهَمْدَانِىُّ - وَاللَّفْظ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: اخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدءنَنَا - أَبُو مُعَاويَفَ عَنِ الَاعمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِح، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): "مَنْ نَفًّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَب الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَب يَوْم الَقِيَامَة.
وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللّهُ عَلًيْه فِى الدُّنْيَا وَالاَخِرَةِ.
وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الَلّهُ فِى الدُّنْيَا وَالاَخَرَة.
وَاللّهُ فِى عَوْنِ العًبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِى عَوْنِ أخِيه.
وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمسُ فيهِ عِلمًا، سًهَّلَ اللّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ.
وَمَا اجْتَمَعَ قَوْئمَ فِى بَيْت مِنْ بُيُوتِ اللّهِ، يَتْلُوَنَ كتَابَ اللّه، وَيَثَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهُمُ السَّكينَةُ، وَغَشًيَثْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلائكَةُ، وَذَكَرَهمُ الَّلهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ.
وَمَنْ بَطاَّ بِهِ عَمَلُهُ، َ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ لما.
وقوله: (من نفس عن مسلم كربة دا: أى أزالها عنه وفرجها، وقد تقدم الكلام
على فصول هذا الحديث.
وقوله: (ونزلت عليهم السكينة) أى الرحمة، وهو أحد الوجوه فى تأويل السكينة
فى القران، وهذا أليق الوجوه هنا.
وقيل: السكينة أيضًا فى ذلك، وفى قوله: { 3 أَنزَلَ اللَّهُ ستكِينَتَهُ عَلَئ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنينَ} (1) أى الوقار والطمأنينة.
قال الإمام: وقوله: (وما اجتمع قوم فى بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله): ظاهره يبيح الاجتماع لقراءة القراَن فى المساجد، دن كان مالك قد قال فى المدونة بالكراهة بنحو ما قضى هذا الظاهر جوازه وقال: يُقامون، ولعله لما صادف العمل لم يستمر عليه ورأى السلف لم يفعلوه مع حرصهم على الخير كره إحداثه، ويراه من محدثات الأمور، وكان كثير الاتباع لعمل أهل المدينة وما عليه السلف، وكثيرا ما يترك بعض الظواهر بالعمل.
قال القاصْى: قد يكون هذا الاجتماع للتعلم بعضهم من بعض، بدليل قوله: "ويتدارسونه بينهم)، ومثل هذا لم ينه عنه مالك ولا غيره.
وقوله: " ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه): يريد اخرة عمله السيى ا اْو تفريطه
فى الحسنات المعلية للدرجات عن اللحاق بمنازل المتقين وال البرار، وعن دخول الجنة فى اول زمرة لم ترفعه رفعة نسبه ومكانته وى الدنيا، ولا جبر هذا النقص الذى ثلم حاله.
، 1) التوبة: 26.
196(8/195)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الاجتماع على تلاوة القراَن وعلى الذكر (... ) حدّثنأ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ نُمَيْر، حَدّثنَأ أَبِى.
ح وَحَدّثنَأه نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حَد، شَا أَبُو أُسَامَةَ، قًالا.
حَئفنَا الأعْمَشُ، حَدئنَا ابْنُ نُمَيْر عَنْ أَبِى صَالِح.
وَفِى حَل!يثِ أبى أُسَامَةَ: حَدّثنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَليثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ.
غَيْرَ أَنَّ حَليثَ أَبِى أُسَامَةَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الثَّيْسِيرِ عَلَى المُعسِرِ.
39 - (2700) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد*شَا شُعْبَة، سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَقَ يُحَدِّثُ عَنِ الافَرِّ، أَبى مُسْلِمٍ ؛ أَنَّه قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِى هُرَيْرَةَ وَأَبِى سَعيد الخُدْرِىِّ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ أَنَّهُ قَالَ: " لا يَقْعُدُ قوْم يَذْكُرُور اللّهَ - عزَّ وَجَلًّ - إِلاَّ حَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرخْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَليْهمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ).
(... ) وحدثنِيه زهير بن حربٍ، حدثنا عبد الرحمنِ، حدثنا شعبة، فِى هدا الإِسن ال نَحْوَ.
40 - (2701) حدثنا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْد العَزِيزِ، عَنْ أَبِى
نَعَأمَةَ السَّعْدىِّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىِّ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلَقَة فِى المَسْجدَ، فَقَالَ مَأ أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا: جَلًسنَا نَذْكُرُ اللّهَ.
قَالَ: آللّهِ! مَأ أَجْلَسَكُمْ إِلاً ذَاكَ ؟ قَالُوَا: وَاللّهِ، مَا أَجْلَسَنَا إِلا ذَاكَ.
قَالَ: أَمَأ إنِّى لَمْ اسْتَحْلِفكُمْ تُهمَة لَكُمْ، وَمَأ كَانَ أَحَد بمَنْزِلَتِى مِنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أَقَلَّ عَنْهُ حَديثًا مِنِّى، وَإِن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) خَرَجَ عَلَى حَلقَةَ مِنْ أَصْحَابهِ، فَقَالَ.
(مَا أَجْلَسَكُمْ ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَأ هَدَانَاً للإِسْلامِ، َ وَمَنَّ به عَلَيْنَا.
قَالَ: (الله ا مَا أَجْلَسَكُمْ إِلا ذَاكَ ؟) قَالُوا: وَاللّهِ، مَا أَجْلَسَنَا إٍ لا ذَاكَ.
قَالَ - أً مَا إِنِّى لَمْ أَسْتَحْلفْكُم تُهمَةً لَكُم، وَلَكِنَّهُ أَتَانى جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِى أَنَّ اللّهَ - عزَّ وَجَلَّ - يُبَاهِى بِكُمُ المَلائِكَةَ لماَ.
وقوله فى أهل الذكر: " ان الله يباهى بهم الملائكة): معناه: يظهر فضلهم لهم، ويريهم حسن عملهم، ويثنى عليهم عندهم.
وأصل البهاء: الحسن والجمال.(8/196)
كتاب الذكر والدعاء / باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه
197
(12) باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه
41 - (2702) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأَبُو الرَّبِيع العَتَكِى، جَميغا
عَنْ حَمَّاد.
قَالَ يحيى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أً بِى بُرْ!ةَ، عَنِ الاغَرِّ المُزْنِىِّ، وَكَانَتْ لَه! صُحْبَة: أنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ً "إِئهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلبِى، وَاِنِّى لاسْتَغْفِرُ اللهَ فِى اليَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ).
وقوله: " إنه ليغان على قلبى، د نى لاءستغفر الله فى اليوم مائة مرة "، قال الإمام:
قال أبو عبيد: يعنى أنه يغشى (1) القلب ما يلبسه، يقال غُينت السماء غينًا وهو إطباق الغيم السماء[ والغيم] (2) والغين واحد.
قال القاصْى: قيل: ذلك عبارة عن الفترات والغفلات عن الذكر الذى كان دائه فيستغفر منه ؛ إذ كان أبدا فيمن يدمن ذلك، فرأى الغفلة عنه ذنبًا.
وقيل: ذلك الغين همه بسبب أمته، وما اطلع عليه من أحوالها بعده، حتى يستغفر لهم.
وقيل: ان ذلك لما يشغله عن عظيم مقامه من النظر فى أمور أمته ومصالحهم، ومجابهة (3) عدوه، ومداراتهم للاستئلاف، فيرى شغله لذلك - ! ان كان من أعظم الطاعات وأفضل ال العمال - نزولأَ عن علىِّ درجته، ورفيع مقامه، من حضوره بهمه كله مع الله، ومشاهدته عنده، وفراغه عن غيره إليه، وخلوصه له عمن سواه، فيستغفر (4) لذلك.
وقيل: قد يكون هذا الغين السكينة التى تغشى قلبه ؛ لقوله تعالى: عالم فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} (ْ).
واستغفاره إظهار للعبودية والافتقار وملازمة الخضوع، شكراً لما أولاه به.
قال المحاسبى: خوف الملائكة والأنبياء خوف إعظام، دإن كانوا اَمنين من عذاب الله.
وقيل: يحتمل أن يكون حال خشية دإعظام يغشى القلب، ويكون استغفاره هذا على ما تقدم شكراً وإعظامًا، ولا يعتقد أن استغفاره لاَجل الغين، بل ذكر الغين قصة، والاستغفار اخرى غير مرتبطة بها، وعليه يدل حديث مسلم: " إنى ليغان علىْ قلبى، ! إنى ل الستغفر الله " كما قال (6) فى الحديث الاَخر: " أيها الناس، توبوا إلى الله، فإنى أتوب إليه فى اليوم مائة مرة "، وكما كان يقول فى سجوثه: " أستغفرك وأتوب إليك، بتأول القراَن.
(1) فماخ.
يتغشى.
(2) فما هامش خ.
(3) فهو خ: محاربة.
(5) الحوبة: 40.
(4) فماخ: فيستغفره.
(6) فى خط: جاء.(8/197)
198 كتاب الذ"والدعاء / باب استحباب الاستغفاروالاستكثارمنه 42 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حدثنا غُنْمَز، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِى بُرْلَةَ.
قَالَ: سَمعْتُ الأَغَرَ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَاب النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " يَأ أَيُّها النَّاسُ، تُوبُوا إِلَىَ اللهِ، فَإِنِى أَتُوبُ - فِى اليَوْمِ - إِ!يهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ".
(... ) حدثناه عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حَد، شَا أبِى.
ح وَ حدثنا ابْنُ المُثَنَّى، حَد 3شَا أَبُو دَاوُدَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ.
43 - (2703) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد"ننَا أَبُو خَالِد - يَعْنِى سُلَيْمَانَ بْنَ حَيَّانَ - ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثَنِى أَبُو سًعِيد الائثدجُّ، حدثنا حَفْض - يَعْنِى ابْنَ غيَاث - كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ.
ح وَحَدثَّنِى أَبُو خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنَا إِسْمَأعًيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، عنْ هشَام بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ سِيريِنَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنَْ تَابَ قَبْلَ، تَطلُعَ الشَمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ لما.
وعلى من يجيز الصغائر على الأنبياء، فيجعل استغفاره لما عساه يتوقعه أن يجركما على لسانه أو جوارحه فيها، دن كان - عليه السلام - قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فاستغفاره لذلك شكر لله واعظام لجلاله كما تقدم.
وقيل: هو شىء يعتركما القلوب الصافية مما يحدث فى النفس من اللمم وحديثها، أو الغفلة فيشوشها.
وقوله: " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه): هذا حد للتوبة جعله الله تعالى، ولها باب يسد عند هذه الاَية كما جاء فىِ الحديث (1)، وقد جاء فى التفسير أنه معنى قوله: { يَوْمَ يأْتِى بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَغ نَفْسَا إِيمَانُهَا} (2)، وعلى ظاهره حمله أهل الفقه والحديث، خلاف ما تأوله عليه بعض الغالين من الباطنية.
وقوله: "تاب الله عليه) قيل: معنله: قبل توبته ورضيها.
قيل: توبة الله على عباده رجوعه بهم إليها، وقد تكون توبته تثبيتأَ لهم وتصحيحا، ويأتى بعد هذا معنى التوبة.
ز ال ألطر: كالإيمان، ببيان الزمن الذى لا يقبل فيه الإيمان برقم (249، ْ 25).
لأَ 2! الأنعام: 159.(8/198)
كتاب الذكر والدعاَ / باب استحباب خفض الصوت بالذكر
199
(13) باب استحباب خفض الصوت بالذكر
44 - (2704) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا مُحَمَّدُ بْن فُضَيْلٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ،
عَنْ عَاصِمٍ، عَن أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ ابِى مُوسَى، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَفَرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَجْهَرُصنَ بالتَّكْبيرِ.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ، إِنَّكُمْ لَيْسَ تَدْعُونَ أَصَمًّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَميعًا قَرِيبًا، وَهُوَ مَعَكُمْ).
قَالَ: َ وَأَنَا خَلفَهُ، وَأَنَا أَقُولُ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ.
فَقَالَ: َ " يَا عَبْدَ الله بْنِ قَيْسٍ، أَلاَّ أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنةِ ؟ " فَقُلتُ: بَلَى، َ يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: " قُل: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ لما.
(... ) حدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ دإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بِنْ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ، بِهَذا الإِسْنَادِ، نَحْوهُ.
45 - (... ) حدثنا أَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، حَد"ننَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنُ زُرَيع - حَد، شَا التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِى عُثْمَأنَ، عَنْ أَبى مُوسَى، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وهُمْ يَصْعَدُونَ فِى ثَنِيَّة.
قَالَ: فَجَعَلَ رَجُل كُلَّمَا عَلا ثَنيَّةً، نَادَى: لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاللهُ كبَرُ.
قَالَ: فَقَالَ نَبِىُّ اللًهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنَّكُمْ لا تُنَ الونَ أصَمَّ وَلَاْ غَائبًا ".
قَالَ: فَقَالَ (يَا أَبَا مُوسَى - أَوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ - أَلا أدُلُّكَ عَلَى كَلِمَة مِنْ كَنْزِ اَ!جَنَّةِ " ؟ قُلتُ: طَ هِى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: "لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللهِ ".
ص !ووص صّ، 5 وص ص ص صَ كأس وَ!َ
(... ) وحدثناه محمد بن عبْد الأعْلى، حدثنا المُعْتَمِرُ، عَنْ أبِيهِ، حدثنا أبو عثمان،
عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وقوله - عليه السلام - لما سمعهم يجهرون بالتكبير: (اربعوا على أنفسكم، إنكم
ليس تدعون أصمّ ولا غائبًا): معناه: الزموا أمركم وشأنكم، وانتظروا ولا تعجلوا، وقيل: معناه: كُفوا وارفقوا وكل قريب بعضه منِ بعض.
فيه التأدب فى الدعاَ والذكر والتوقر عنده.
وقد قيل فى قوله تعالى: { وَلا تَجْهرْ بِملاتِكَ ولا تُخَافِتْ بِهَا} (1) أنه منه، وأن الصلاة هنا الدعاء.
وقيل: القراَ ة، وقد مر من هذا أول الكتاب.
(1) الإسراء110.
200(8/199)
كتاب الذكر والدعاء / باب استحباب خفض الصوت بالذكر (... ) حَدَّثنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأبُو الرَّبِيع، قَالا: حَد*شَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنْ أَيُوبَ،
عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَفَرٍ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ عَاصِبم.
46 - (... ) وحَد*شَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيم، أَخْبَرَنَا الثَّقَفىُّ، حَدثنَا خَالِد الحَذَّاءُ، عَنْ
أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: كُئا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزَاة.
فَذَكَرَ الحديثَ.
وَقَالَ فِيه: (وَالَّذِى تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَةِ أَحَدِكُمْ).
وَلَيْسً فِى حَدِيثِه ذِكْرُ ا لا حَوْل وَلأ قُوَّةَ إِلأ بِاللهِ).
47 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الئضْرُ بْنُ شُمَيْل، حَد 4شَا عُثْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ غيَاث - حدثنا أَبُو عثمَانَ، عَنْ أبِى مُوسَى الأشْعَرِىِّ، قَالَ: قَالَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَلَا ادلًكَ عَلَى كَلِمَة مِنْ كُنُوزِ الجَنَّة - أَوْ قَالَ - عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّة ؟ لماَ فَقُلتُ: بَلَى.
فَقَالَ: " لأ حَوْلً وَلأ قُوَّةَ إِلا بِاللَهِ).
48 - (2705) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْمث.
ح وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنَ أبِى حَبِيبٍ، عَنْ أَبِى الخَيرِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ
وقوله: " ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ قل: لا حول ولا قوة إلا بالله[ العلى العظيم] (1)) هذه كلمة استسلام وتفويض واعتراف بالعجز، وأن العبد لا يملك مع الله شيئأ، [ ولا يملك] (2) من دونه كما قال أهل اللغة: معناه: لا حول، لا حيلة، يقال: ما للرجل حيلة[ ولا حول ولا احتيال ولا محالة ولا محال ولا محتال، وقيل: الحول: الحركة، أى لا حركة] (3) ولا استطاعة إلا بالله.
قال ابن مسعود: معناه: لا حول عن المعصية الا بعصمة الله ولا قوة على الطاعة إلا بعون الله.
ومعنى (كنز من الجنة ": أى أجر مدخر وثواب مخبأ ظاهره لقائلها، وقيل: بل لمن اتصف[ بذلك، وتبرأ من حوله وقوته، وفوض أمره إلى الله تعالى، ولمن قالها] (4) عن صدق نيته وتحقيق ضميره.
(1) هذه الزيادة لم ترد فى الصحيح، وإنما فكرت فى اخر حديث دعاء الحفظ الذى علمه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على بن أبى طابى، اخرجه الإمام الزمذى فى أبواب الدعوات، باب دعاء الحفظ، والإمام عبد الرزاق الصنعانى
فى المصنف بسنده عن عبد الله بن الحارث بن نوفل: أن رسول الله عليه كان إنا سمع المؤذن...
واذا قال: حى على الصلاة، قال: " لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم) 1 / 478.
(2) من خط.
(3) فى هامثى خط.
(4) سقط من ز، والمثبت من ح.(8/200)
كتاب الذكروالدعاء / باب استحباب خفض الصوت بالذكر 201 أَبِى بَكْرٍ ؛ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ): عَلِّمْنِى دُعَأء أدْعُو بِهِ فِى صَلاتِى.
قَالَ: (قُل: اللّهُمَّ، إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى ظُلمًا كًبِيرًا - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: كَثِيرًا - وَلا يَغْفِرُ الذنوبَ إِلا أَنْتَ، فاغْفِرْ لِى مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِى، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ،.
(... ) وَحَدثنِيهِ أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، م خْبَرَنِى رَجُل سَمَّاهُ، وَعَمْرُو
ابْنُ الحَارِث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبى حَبِيب، عَنْ أَبِىَ الخَيْرِ ؛ ً انَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنِ عَمْرُو بْن العَاصِ يَقُولُ: إٍ ن ابَا بَكْرٍ الصًّدِّيقَ قَالً لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ): عَلِّمْنِى يَا رَسُولَ اَللهِ دُعَاءًا دْعُو بِهِ فِى صَلاتِى وفِى بَيْتِى.
ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدَيثِ اللَّيثِ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " ظُلمَا كَثِيزا).
وقوله: " والذى تدعونه الرب إلى أحدكم من عنق راحلته) مثل قوله تعالى:
{ وَنَحْنُ (1) أَقْرَلث إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد} (2) كله استعارة لتحقيق سماع الدعاء، وأن إجابته إياه وتحقيق سماعه له كمن هو منك بهذا القرب.
(1) فى ز: وهو، والصواب ما أثتناه.
(2) ق: 16.
202(8/201)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر الفق وغيرها
(14) باب التعوذ من شر الفتن، وغيرها
49 - (589) حدثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْر - قَالا:
حدثنا هشَامٌ، عَنْ أَبيه، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كًانَ يَدْعُو بِهَوُلاءِ الدَّعَوَاتِ: (اللَّهُمَّ، فَإنِّى أعُوذ بَكً منْ فتْنَة النَّأر، وَعَذَابِ النَّأرِ، وَفتْنَة القَبْرِ، وَعَذَاب القَبْرِ، وَمنْ شَرِّ فتْنَة الغِنَى، وَمِنْ شَرًّ فتْنًة الَفَقْرِ، وأعَوذُ بكَ منْ شرِّ فتْنَة المَسِيحِ الدَّجَّال.
اللَّهُمً، اغسِلْ خًطَايَأىَ بِمَاء الثَّلجٍ وَالَبرَدِ، وَثَقِّ قَلبِىَ مِنَ اَلخَطَايَأ كًمًا نَقيْتَ الثَّوْبَ الَأبْيَض! منَ الدنَّسِ، وَبَأعِدْ بَيْنِى وَبَيْن خَطَايَأىَ كَمَا بَأعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغرِبِ.
اللَّهُمَّ، فَإِنًّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَالهَرَمِ وَ المَأثَم وَالمَغْرَم).
(... ) وحدثناه أَبُو كُرَيْبٍ، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
ومضى الكلام فى تعوذه - عليه السلام - من فتنة القبر، وفتنة المسيخ، وغسل الخطايا بالثلج قبل هذا فى مواضع (1).
واستعاذته من فتنة الغنى وفتنة الفقر لاءنهما حالتان يخشى الفتنة معهما بالسخط وقلة الصبر، والوقوع بالضرورة فيما لا يحل عند الحاجة، [ وبالعجب] (2) والأشر والبطر، والبخل بحق المال عند الغنى، دانفاقه فى الإسراف وما لا يحل.
والكسل: عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة فيه، مع إمكان فعله.
والعجز:
عدم القدرة على فعله.
قال الخطابى: استعاذة النبى من الفقر أى يعنى به فقر النفس، وقد يكون استعاذته من سوء احتماله، وقلة الرضا به.
والفقر المستعاذ منه: هو ما يخشى من فتنته وهو المذموم، واما الاستعاذة منه خوف انحطاط القدر فمذموم، وقد جاءت أحاديث بفضل الفقر[ وأخر بذمه، فمحملها على ما ذكرناه، ويدل عليه قوله: " من[ شر] (3) فتنة الفقر)] (4).
(1) منها ما جاء فى كالمساجد، بما يستعاذ منه فى الصلاة برقم (128)، يا 12).
(2) فى هامش !.
(3) أن ح.
(4) فى هامش ح.(8/202)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من العجز والكسل وغيره
203
(15) باب التعوذ من العجز والكسل وغيره
50 - (2706) حدثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ، حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَيْمىُّ، حَدثنَا أَنَسُ بْنُ مَالك، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " اللّهُمَّ، اِنِّى اعُوذُ بِكَ منَ العَجْزِ وَ الكَسَلِ، وَالجُبْنً وَالهَرَم، وَالبُخْلِ، وَأً عُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الَمَحْيَا وَالمَمَاتِ ".
(... ) وحدثنا أَبُو كَامِلٍ، حَدئمنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع.
ح وَ حدثنا مُحَّمَدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، حَدةنَنَا مُعْتَمرٌ.
كِلاهُمَا عَنِ التّيْمِىِّ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أَنَّ يَزِيدَ لَيْسَ فِى حَديثِهِ قَوْلملهُ: (وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ).
51 - (... ) حدثنا أَبُو كُرَيْب، مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُبَارَك، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ انْسِ بْن مَالِكٍ، عَنِ النَّبًىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا، وَالمخْلِ.
وقوله: (وأعوذ بك من العجز والكسل): تقدم تفسير العجز، وأنه يحتمل اْن يكون على ظاهره من عدم القدرة.
وقيل: هو ترك ما يجب فعله والتسويف به، ويحتمل أن يريد به عمل الطاعات، ويحتمل عموم أعمال الدنيا والآخرة، والكسل يكون بهذا المعنى.
وقيل: هو فترة تقع بالنفس تثبط عن العمل.
استعاذ منهما، لاءنهما يمنعان من أداء الحقوق والمسارعة الى الخيرات، وترك الاكتساب للعيال وداعيه إلى الحاجة الى الناس.
واستعاذته من الهرم وأن يرد إلى أرذل العمر ؛ لما فيه من الخوف، واختلال الحواس والعقل، وعدم العلم، وتشويه المنظر، والعجز عن آداء الطاعات، وربما أدى ذلك إلى التساهل فيها، ويعذر نفسه بتركها.
فاستعاذته - عليه السلام - من جملة هذه الأشياء ليكمل حاله فى كل حين وشرعه تعليمه لاءمته الاستعاذة منها، وسؤالأَ لله تعالى الا يغير ما به من نعمة، ودليل على جواز الدعاء بما يشاء العبد على التفصيل والجملة.
واستعاذته من المغرم من هذا الباب، وهو إما من مغرم لزمه لم يقدر على قضائه، أو
من مغرم فى غير ما يجب اكتسابه ولا يباح التداين فيه، أو من مغرم[ لديه أحبه] (1)
(1) هكدا فى الا"صل، وفى ح: لديها حبه، وفى الأبى: لدى بماحبه.
204(8/203)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من العجز والكسل وغيره 52 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ العَبْدِىّ، حدثنا بَهْزُ بْنُ أسَد العَمِّىّ، حدثنا هَرُونُ الأعْوَرُ، حَدعشَا شُعَيْبُ بْنُ الحَبْحَاب، عَنْ أَنَس، قَالَ: كَانَ النَّبِىّ! يَدْعُو بهَؤُلاء الدَّعَوَات: (اللَّهُمَّ، إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الَبُخْلِ وَافَسَلِ وَأَرْذلِ العُمُرِ، وَعَذَابِ اَلقَبْرِ، وَفِثْنَةِ المَحيَأ وَالمَمَاتِ لما.
ومطله به.
والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى كل هذا معلم لاَمته هذه الا"دعية.
وكذلك استعاذته من الجين والبخل ة لما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام فى حقوق الله، والغلظة على أهل المعاصى، وتغيير المناكير، وأداء حقوق المال ؛ اذ بشجاعة النفس المعتدلة يقيم الحفوق، وينصر المظلوم، وبسخاء النفس يؤدى حقوق المال ويواسى منه، ويلم به عند الضرورات شعث المساكين، ويؤدى واجب المضطرين.(8/204)
كتاب الذكر والدعاء / باب فى التعوذ من سوء القضاء...
إلخ
205
(16) باب فى التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره
53 - (2707) حدثنى عَمْزو النَّاقِدُ يَزُهِيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَقَ! حَدثنى سُمَىّ عَنْ أبِى صَالِح، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَتَعَوَّذ مِنْ سُوء القَضَاء، وَمِنْ ! رَكِ الشَّقَاءِ، وَمِنْ شَمَاتَةِ الأعْدَاءِ، وَمِنْ جُهْدِ البَلاءِ.
قَالَ عَمْرو فِى حَدِيثِهِ: قَالَ سُفْيَانُ: أَشُكُّ أَنّى زِدْتُ وَاحِدَةً مِنْهَا.
وقوله: (كان يتعوذ من سوء القضاء، ودرك الشقاء، وشماتة الاَعداء، وجهد البلاء): جهد البلاء: مشقته، والجهد: ما لا طاقة لحمله ولا يقدر على دفعه ؛ فهو المستعاذ به، يقال بالضم والفتح.
قال نفطويه (1): بالضم: الوسبع والطاقة، وبالفتح: المبالغة والغاية.
وقال الشعبى (2): بالفتح ت فى العمل، وبالضم: فى الفتنة، يعنى العيش.
وقال غيره: إذا كان من الاجتهاد والمبالغة ففيه الوجهان.
قال ابن دريد: هما لغتان صحيحتان لمعنى جهده، وجَهَده.
وفى كتاب العين: الجهد بالضم: الطاقة، وبالفتح: المشقة.
وروى عن ابن عمر قال: جهد البلاء: قلة المال وكثرة العيال (3).
ودرك الشقاء، بفتح الراء: اسم للإدراك كما يلحق من اللحاق، وضبطه بعضهم بالإسكان، والوجه بالفتح هنا.
وقال بعضهم: درك الشقاء يكون فى أمور الدنيا والاَخرة وكذلك سوء القضاء فى النفس وفى المال، ويكون ذلك فى سوء الخاتمة.
ودرك الشقاء عند الموت، ويكون ما يدرك من عقوبة الله فى الاَخرة.
وقد يكون من الشقاء أيضا: ما يدرك من ذلك فى الجهد وقلة المعيشة فى الدنيا.
(1)
(2)
(3)
هو ابراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب بن المهلب بن أبى صفرة، أبو عبد الله العتكى الأسدى الواسطى النحوى، ولد سنة أربعين ومائتين ولقب " نفطويه) نسبة له بالنفط، سكن بغدلد وحدث بها وكان صدوقا، وله مصنفات كثيرة منها: كتاب كبير فى غريب القران، وكتاب التلىلخ، وكان فقيها عالما بمذهب داود رأسا فيه، وكان مسندا فى الحديث، وتوفى سنة ثلاث وعرين وثلاثمائة.
تلىلخ بغداد: 6 / 59 1 - 162 برقم (5 0 32)، وله ترجمة فى لسان الميزان 1 / 9، وفيات الأعيان 1 / 1 1.
هو عامر بن شراحيل الثعبى الحميدى أبو عمرو الكوفى، ممق على توثيقه، سمع من ثمانية وأربعين من أصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقال العجلى: مرسل الشعبى صحيح، لا يرسل إلا صحيحا، وقد أخرج له الجماعة، توفى سنة تسع ومائة، وانظر: طبقات ابن سعد الكبرى 6 / 171، تارلخ بغداد 12 / 229 وتهذيب التهذيب 5 / 65، تذكرة الحفاظ 1 / 79.
ذكره ابن حجر فى الفتح دون تخريج فى بالعوذ من جهد البلاء399 / 13.
وجاء القول فى إكمال الإكمال منسوبا لاءبى عمر بن عبد البر 133 / 7.
206(8/205)
كتاب الذكر والدعاء / باب فى التعوذ من سوء القضاء...
إلخ 54 - (2708) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا لَيْ!ث.
ح وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْح - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا اللَيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيب، عَنِ الحَارِثِ بْنِ يَعْقُوبَ ؛ أنَّ يَعْقُوبَ ابْنَ عَبْدِ الله حَدثهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ بُسْرَ بْنَ سَعيدٍ يَقُول: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَاصبى يَقُولُ: سَمِعْتُ خَوْلًة بنتَ حَكِيمٍ السُّلَميَّةَ تَقُولُ: َ سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ نَزَلَ مَنْزِلأ ثُمَ قَالَ: أَعُوإ ؟ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التًّامَأتِ مِنْ شَرًّ مَأ خَلَقَ، لَمْ يَضُرة شِىء!حتى يَرْتَحِلَ منْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ).
55 - (... ) وَ حدثنا هَروِنُ بْن مَعْرُوف، وَأَبُو الطَأهِرِ، كِلاهُمَا عَنْ ابنِ وَهْب - وَاللَّفْظُ لهَر!نَ - حدثنا عَبْدُ الَّلهِ بَنِ وَهَبٍ قَالً: وَأَخْبَرنا عمزو - وهو ابْنُ الحَارِثِ - أنَّ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبيبٍ، والحارثَ بْنِ يعقوبَ حدَّثاهُ عَنْ يَعْقُوبَ بنِ عبد الله بْنِ الأشج، عن بُسْرِ بن سعيد، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ خَوْلَة بْنت حَكيمٍ السًّلَميَّةَ ؛ أنهَا سَمِعتْ رَسُوليَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِذَا نَزَلَ احَدُكُمْ مَنْزِلا فَليَقُلْ: أً عُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَاقَأتِ مِنْ شَرِّ مَأخَلَقَ، فَإِتهُ لايَضُرُّهُ شَىْء!حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْهُ لما.
(2709) قَالَ يَعْقُوبُ: وَقَالَ القَعْقَاعُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ ذَكُوَانَ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أِبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَهُ قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِىِّ على فَقَالَ: يَا رَسولَ الله، مَأ لَقيتُ مِنْ عَقْرب لَدَغَتْنِى البَارِحَةَ.
قَالَ ة (أَمَأ لَوْ قُلتَ: حِينَ أَمْسَيْتَ: اعُوذُ بِكَلِمَاَتِ اللهَِ التَامَّأتِ مِنْ شَرًّ مَأ خَلَقَ، لَمْ تَضُرُّكَ).
(... ) وحدثنى عِيسى بْنُ حَمَاد المصْرِىُّ، أَخْبَرَنِى اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبى حَبِيب،
عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ يَعْقُوبَ ؛ أنَّهُ ذَكَرَ لَه أنًّ أبَا صَالِحٍ - مَوْلَى غَطفَانَ - أخْبَرَهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أً بَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَجُل: يَا رَسُولَ اللهِ، لَدَغَتْنِى عَقْرَب!.
بِمِثْلِ حَل!يثِ ابْنِ وَهْبٍ.
وقوله: (اْعوذ بكلمات الله التامات).
قيل: معناه: الكاملة التى لا يدخلها نقص
ولا عيب كما يدخل كلام البشر.
وقيل: التامة: النافعة الشافية، وقيل: الكلمات هنا: ا لقراَن.(8/206)
كتاب الذكر والدعاَ / باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع
207
(17) باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع
56 - (ء271) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبى شَيْبَةَ صاسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعثمَانَ -
قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثنَا - جَرِيرو عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْد بْنِ عُبَيْلَةَ، حَدوّرَشِى البَرَاءُ بْنُ عَازِب ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا أَخذْتَ مَضْجًعَكَ فَتَوَضَّاْ وُضُوءَكَ للِصَّلاةِ، ثُمَ اضطَجِعْ عَلَى شقِّكً الأيْمَنِ، ثُمَّ قُل: اللّهُمَّ، إِنِّى أَسْلَمْتُ وَجْهِى إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِى إِلَيْكَ، وَأَلجَأتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، رَغبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا مَلط وَلا وقوله: " إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن) فيه: " وقل: اللهم إنى اْسلمت نفسى إليك " الحديث: فيه ثلاث سق: إحداها: الوضوء للنوم مخافة أن يتوفاه الله على غير طهارة.
وليكون أصدق لرؤياه وائعد من تلعب الشيطان به فى منامه وترويعه، وليكون إن مات اخر عمله من الدنيا الطهارة وذكر الله، ولما جاء: انه فى صلاة أو ذكر حتى يستيقظ.
وقد اختلف العلماء فى مذهبنا وغيرهم، هل يستباح بهذا الوضوء صلاة أم لا ؟ والصحيح أنه متى ما نوى بها ليكون على طهارة - كما قدمنا - فهو كنية رفع الحدث واستباحة ما يمنع منه، ويجوز له استباحة كل ما يمنع الحدث منه.
والثانية: النوم على الشق الاَيمن، ففيها فى التيامن من البركة، وفى اسمه من الخير، واستعماله فى موارد الشرع، وأيضا فإن فى نومه على شقه الاَيمن حكمة لسرعة انتباهه، ولئلا يستغرقه النوم استغراقا كليا ؛ وذلك أن النائم إذا نام كذلك كان قلبه - وهو فى جهة اليسار - قلقا متعلقا، فكان الانتباه إليه أسرع، والاستغراق منه أبعد.
واذا نام على شقه الاَيسر كان مستقراً فى جنبه فيستغرقه النوم كثيراً، ولا ينتبه منه الا بعد جهد.
الئالثة: ذكر الله تعالى عند النوم ؛ ليكون خاتمة عمله، إذ هو أحد الموتتين، ومخافة
أن يتوفى فى نومته تلك فيكون اَخر كلامه كما قال فى الحديث الاخر (1): "واجعله من اَخر ماتتكلم به).
وقوله: " قل: اللهم، انى أسلمت نفسى إليك) وفى الرواية الأخرى: (وجهى):
أى استسلمت وصيرتها منقادة لك، طائعة لحكمك.
والوجه والنفس هنا بمعنى الذات، يقال: أسلم وسلم واستسلم سواء.
" وألجات ظهرى إليك " بمعنى: توكلت عليك واعتمدت فى أمرى عليك، كما يعتمد الرجل بظهره لما يسنده إليه.
(1) شق تخريجه.
208(8/207)
كتاب الذكر والدعاء / باب ما يقول عند النوم واْخذ المضجع مَنْجَا مِنْكَ إِلا إِلَيْكَ، اَمَنْتُ بكثَابكَ الَّذِى أَنْزَلتَ، وَنَبيِّكَ الَّذِى أَرْسَلتَ.
واجْعَلهُنَّ مِنْ اَخِرِ كَلامِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيلَتَكً، مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الفِطَرَةِ).
قَالَ: فَرَ! دْتهُنَّ لاسْتَذْكِرهُنَّ فَقُلتُ: اَمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِى ارْسَلتَ.
قَالَ: (قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذْى أَرْسَلتَ ".
(... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حدثنا عَبْدُ اللهِ - يَعْنِى ابْنَ إِدْرش! - قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنًا عَنْ سَعْد بْنِءُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِب، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ، بِهَذَا الحَدِيثِ.
غَيْرَ أنَّ مَنْصُوراً أتَئمّ حَدِيثًا.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ حُصَيْن: (وَإِن أصْبَحَ أَصَابَ خَيْرًا).
57 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَا شَا أبُو دَاوُدَ، حَدثنَا شُعْبَةُ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ بَشَّار، حَد*شَا عَبْدُ الرَّحْمَن ؤَأَبُو دَاوُدَ، قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرة، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَءُبَيْدَةَ يُحَدًّثُ عَنْ البَرَاءِ بْنِ عَازِب ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَ رَجُلاً - إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ - أنْ يَقُولَ: (اللهُمَ، أَسئْلَمْتُ نَفْسِى إلَيْكً، وَوَجَّهْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ، وَألبئَ تُ ظَهْرِى إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِى إِلَيْك، رَغْبَةً وَرَهْبَة إِلَيْكَ، لا مَلجَأ وَلا مَنْجَا منْكَ إِلا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ ائَذِى أنْزَلتَ، وبِرَسُولِكَ الَّذى أرْسَلتَ، فَإنْ مَاتَ مَاتَ عًلَى الفِطرَةِ) وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ بَشَّارٍ فِى حَدِيثِهِ: مِنَ اللَّيْلِ.
58 - (... ) حدثنايحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا أبُو الأحْوَصِ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِرَجُلٍ: (يَا فُلان، إِذَا اوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ) وقوله: " رغبة ورهبة): أى طمعا فى ثوابك، وخوفأ من عقابك.
وقوله: (اللهم لك أسلمت نفسى.
فإنك إن مت من ليلتك مت وأنت على الفطرقدا: الفطرة: الإسلام، والمراد هنا به وإن كان لم يزل مسلما فيما قيل، نحو ما روى عن ابن عباس: " لا تنامن إلا على وضوء، فإن الأرواح تبعث على ما قبضت عليه)، ويكون معنى دا مت على الفطرة دا: اْى على الإسلام، نحو ما جاء فى الحديث: " من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة) (1) بدليل قوله: فى[ هذا] (2) الحديث: لاواجعلهن من آخر كلامك).
(1) أخرجه الحاكم فى المستدرك عن معاذ - رضى الله عنه - مرفوعا 3 / 351، وصححه، وأقره الذهبى فى التلخيص.
(2) من ح.(8/208)
كتاب الذكر والدعاء / باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 209 بِمِثْلِ حَديث عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: " وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، مُتَّ عَلَىَ الفِطرَةِ، "نْ أصْبَحْتَ أصَبْتَ خَيْرًا).
(... ) حدثنا ابْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ
أَبِى إِسْحَق ؛ أَنَّهُ سَمِعَ البَرَاءَ بْن عَازِبٍ يَقُولُ: امَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً.
بِمِثْلِهِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: (وَإِنْ أصْبَحْتَ أصَبْتَ خَيْرًا).
59 - (2711) حدثنا عُبَيْدُ بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا ابِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ابِى السَّفَرِ، عَنْ أبِى بَكُرِ بْنِ أَبِى مُوسَى، عَنِ اً لبَرَاءِ ؛ أنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ إِذَا أخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ: (اللّهُمَّ، بِاسْمِكَ احْيَا، وباسْمِكَ امُوتُ).
يإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: ( الحَمْدُ لِلهِ الَّذِى احْيَانَا بَعْدَ مَا أمَاتَنَا، وَاِلَيْهِ التشُورُ لما.
وقوله: " دان اْصبحت أصبت خيراً) أى: أخذت من الاَجر بنصيب وافر، وحصلت من العمل الصالح والخير ذخرأ غير ناقص.
وقوله: فرددتهن لأستذكرهن، فقلت: اَمنت برسولك الذى أرسلت، فقال: (قل: اَمنت بنبيك الذى أرسلت لما: فيه العرض على العالم ما علمه ولقنه، واستذكار ما سمعه ورواه.
قال الإمام: يحتمل أن يكون أراد - عليه السلام - أن يقول ما علمه من غير تغيير
!أن كان المعنى لا يختلف فى المقصود، ولعله ( صلى الله عليه وسلم ) أوحى إليه بهذا اللفظ فاتغ ما اْوحى إليه به ؛ لاَنه لا يغير ما أوحى إليه به، لاسيما والموعود به على هذه الدعواث أمر لا يوجبه العقل دإنما يعرف بالسمع، فينبغى اْن يتبع السمع به على ما وقع.
على أن قوله: (ورسولك الذى أرسلت " لا يفيد من جهة لفظه إلا معنى واحداً وهو الرسالة، وقوله: "ونبيك الذى أرسلت) / يفيد من جهة نطقه النبوة والرسالة.
وقد يكون نبى ليس برسول.
واعتمد على ما قلناه من اتباع اللفظ المسموع من الشرع، دانما ذكرنا هذا الفرق ليشير إلى معنى ما يفترق فيه اللفظان.
قال الق الى: وقيل: بل خص هذا اللفظ ليشعر أنّ المراد به محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ إذ (1) قوله: (ورسولك الذى أرسلت لا يعم جبريل وغيره ة إذ ليس بنبى، وليس ما قال بالبين.
وفيه حجة لمن لا يجيز الحديث بالمعنى إلا بلفظه، وقد تقدم الكلام فيه.
(1) فى ز: إن، والمثبت من ح.
76 / ءا
210(8/209)
كتاب الذكر والدعاء / باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع 60 - (2712) حدثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَبم العَمِّىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع، قَالا: حَدثنَا غُنْدَز،
حَد - ننَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالد، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الحَارِث يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلا - إً ذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ - قَالَ: (اللّهُمَّ، خَلَقتَ نَفْسِى وَأَنْتَ تَوَفَّاهًا، لَكَ مَمَاتُها وَمَحْيَاهَا، إنْ أَحْيَيتَها فَاحْفَظهَا، وَإٍ ن أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا.
اللّهُمَّ، إِنِّى أَسْألُكَ العَافِيَةَ لما فَقَالَ لَهُ رَجُل: اسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عُمَر ؟ فَقَالَ: مِنْ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ، مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ ابْنُ نَافِع فِى رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: سَمِعْتُ.
61 - (2713) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب حَدثنَا جَرِير!، عَنْ سُهَيْلٍ، قَالَ: كَانَ ابُو صَالِحِ يَا"مُرُنَا - إِذَا أرَادَ أحَدُنَا أنْ يَنَامَ - أَنْ يَضْطجِعً عَلَى شِقِّه الا"يْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، رَب السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيم، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىْء، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزلَ التَّوْرَاة وَالإنْجيلِ وَالفُرْقَانِ، أَعُوذ بكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شًىْءٍ أَنْتَ آخِأ بِنَاصِيَتِهِ.
اللَّهُمًّ، أَنْتَ الاَ"وَّلُ فًلَيْسً قَبْلَكَ شَىْء!، وَأَنًْالآخرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شىَْ!، وَأنْتَ الظَّاهرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىَْ!، وَأنْتَ البَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىْء!، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْننا منَ الفَقْرَِ).
وَكَانَ يَرْ!ى فَلِكَ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
62 - (... ) وحدثنى عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَيَان الوَاسِطِىُّ، حَا شَا خَالا - يَعْنِى الطَّحَّانَ -
عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالًَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَأمُرُنَأ - إِذَا أخَذْثَأ مَضْجَعَنَا - أَنْ نَقُولً.
بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِير.
وَقَالَ: (مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةِ أَنْتَ اخأ بِنَاصِيَتِهَا).
وقوله: (أسمعت هذا من عمر ؟ قال: سمعته من خير من عمر، رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) )
هنا (1) عند السمرقندى: (أسمعت هذا من ابن عمر ؟)، وهو وهم، لاكن قائل هذا الكلام بنفسه هو ابن عمر.
وقوله: " باسمك أحيا، وباسمك أموت): ومعناه: يحتمل أنه يريد: بذكر اسمك أحيا ما حييت، وعليه أموت ويحتمل أن يريد: بك أحيا، أى أنت تحيينى، وأنت تميتنى.
والاسم هنا هو المسمى، كما قال فى الحديث الآخر.
(1) فى!: هذا.(8/210)
كتاب الذكروالدعاء / باب مايقول عندالنوم وأخذالمضجع 211 63 - (... ) وحدثنا أَبُو كُرَيْبص مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَد - ننَا أَبُو أُسَامَةَ خ وَحَدثنَا ابُو بَكْرِ
ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا ابْنُ أَبِى عُبَيْل!ةَ، حَدثنَا أَبى، كِلاهُمَا عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحِ، عَنْ أَبِىً هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) تَسْالُهُ خَأدِمَا.
فَقَالَ لَهَا: "قُولِى: اللَّهُمَّ، رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبعْ) بِمِثْلِ حَلِيثِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ.
64 - (2714) وحدثنا إسْحَقُ بْنُ مُوسَى الا"نْصَارِىُّ، حَد*شَا أَنَسُ بْنُ عِيَاض، حَد"ننَا عُبَيْدُ الله، حَدثَّنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى سَعيد المقْبُرِىُّ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
(إذَا أَوَىَ أَحَدُكُمْ إِلَىَ فًرَاشِه، فَليماخُذْ دَاخَلَةَ إِزَارِهِ، فَليَنْفُضْ بِهَا فرَاشَهُ، وً ليُسَمِّ الله، فَإَنَّهُ لا يَعْلَمُ مَا خَلفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فًليَضطجِعْ عَلَى شقِّه الايمَنِ، وَليَقُلْ: سُبْحَانكَ اللّهُمَّ، ربِّى بكَ وَضَعْتُ جَنْبِى، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكتً نَفْسِى فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلتَهَا فَاحْفًظهَا بمَأ تَحْفَظْ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ).
(... ) وحدثنا ابُو كُرَيْبٍ، حَد*شَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ:
" ثُمَ ليَقُلْ: بِاسْمِكَ ربِّى وَضَعْتُ جَنْبِى، فَإِنْ احْيَيْتَ نَفْسِى فَارْحَمْهَا).
64 - (2715) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد - ننَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ حَمَاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابت، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: (الحًمْدُ لِلهِ الَّذِى أَطعَمًنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا واَوَانَا، فَكَم مِمَّنْ لا كَافِى لَهُ وَلا مُؤْ!ى).
وقوله: " أوى إلى فراشه).
اى انضم اليه، يقال بالمد والقصر.
وقوله: "اَوانا) ممدود، وقد ذكر فيه القصر أيضا، وقد يكون معنى (واَوانا): أى رحمنا.
وقال فى الحديث الاَخر: (حتى نأوى له دا أى نرحمه[ ونرق] (1) له.
وقوله: " فكم ممن لا مؤوى له): اى لا راحم ولا عاطف عليه، أو يكون معناه
على الوجه ال الول: لا موطن له ولا مسكن يأوى اليه ويسكن اياه، وهو ضائع الأمر.
وقوله: (اللهم أنت خلقت نفسى وأنت تتوفاها، لك مماتها ومحياها ": أى إن الكل منك وبقدرتك.
(1) فى هامش خ.
212(8/211)
كتاب الذكر والدعاء / باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع وقوله: " الحمد لله الذى أحيانا بعد ما أماتنا داليه النشور): يريد بالموت هنا: النوم.
وأصل الموت فى كلام العرب: السكون، فنبه - عليه السلام - بإعادة اليقظة بعد النوم على إثبات البعث بعد الموت.
والنشور مصدر، أنشر الله الميت ة إذا أحياه.
وحكمة الدعاء إذا أراد أن ينام - قدمناه - ليكون ذكر الله اَخر كلامه، وفائدته إفا أصبح ليكون أول عمله تجديد الإيمان بالله وذكره، والاعتراف بأن الأمور كلها له وبيده، ويفتح يومه بالكلام الطيب.
وقوله: (فليأخذ داخلة إزاره فلينفض بها فراشه): [ أى] (1) طرف إزاره.
وقوله: (فإنه لا يدرى ما خلفه بعده على فراشه لما أى صار عليه بعد قيامه عنه من الهوام، وما لعله يؤذيه، وكل من صار فى شىء بعد أمر فقد خلفه.
(1) ف!هامث!!.(8/212)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
إلخ
(18) باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل
213
65 - (2716) حدثنايحيى بْنُيحيى صاِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قَالا: أَخْبَرَنَا جَرِيِرو، عَنْ مَنْصُور، عَنْ هِلال، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الائَث!جَعِىِّ، قَالَ: سَأَلتُ عَائشَةَ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَدْعُو به.
قَألَتْ: كَانَ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، إِنِّى أَعُوذُ بكَ مِنْ شَرًّ مَا عَمِلتَ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ)َ+
(... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِش!، عَنْ حُصَيْن، عَنْ هلال، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَل، قَالَ: سَأًلتُ عَائشَةَ عَنْ دُعَاء كَاَنَ يَدْعُو بِهِ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالًتْ.
كَانَ يَقُولُ: (اللّهمَّ، إِنِّى أَعُوذُ بِكً مِنْ شَرِّ مَا عًمِلتُ، وَشَرِّ مَا لَمْ أعْمًلْ ".
(... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا ابْنُ أَبِى عَدِىَّّ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ جَبَلَةَ، حَدهَّشَا مُحَمَّد - يًّعْنِى ابْنَ جَعْفَر - كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَن حُصَيْنٍ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ: " وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أعْمَلْ ".
66 - (... ) وحدثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ، حَدهَّشَا وَكِيع، عَنِ الأوْزَاعِىِّ، عَنْ عَبْدَةَ
ابْنِ أبِى لُبَابَةَ عَنْ هِلالِ بْنِ يَسَافِ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلِ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَان
وقوله: (أعوذ بك من شر ما علمت (1) وما لم أعمل): أى من شر ما اكتسبته أو
أتيته من عمل، وأعوذ من شر ما عملت وما لم أعمل يقتضى شراً فى الدنيا، أونسيته (2) ! ان لم أقصده أو فى الاَخرة، ويكون قصده بذلك تعليم أمته ما يدعون به، ويجوز لهم الدعاء به وقد جاء فى بعض الروايات فى الكتاب فى حديث يحيى بن يحيى، وليست فى روايتنا: (من شر ما علمت وشر ما لم أعلم)، وهذا أيضا له وجه بين.
استعاذ من كل شر انتهى إليه علمه واطلع عليه أو لم يعلمه، وهو أعم فى الدعاء.
وقد يكون قوله: "من شر ما علمت) أى بما علمت فأتيت وذكرته الاَن، كما قال فى الحديث الاَخر: (ما أسررت وما أعلنت، وما ائت أعلم به منى ".
(1) هكذا فى ز، وفى ح: عملت.
(2) فى خط.
يسببه.
214(8/213)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
الخ يَقُولُ فِى دُعَائِهِ: (اللّهُمَّ، إِنِى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلتُ، وَشَرِّ مَا لَمْ أعْمَلْ).
67 - (17 27) حدثنى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَد، شَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَعْمَرٍ، حدثنا عَبْدُ الوَارِث، حَد، شَا الحُسَيْنُ، حَد، شِى ابْنُ بُرَيْلَةَ، عَنْيحيى بْنُ يَعْمُرَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ أَنَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ اَمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ.
اللّهُمَّ، إِنِى أَعُوذ بِعِزَّتِكَ، لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِى، أَنْتَ الحَىُّ الَّذِى لا يَمُوتُ، وَالجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ).
68 - (18 27) حدثنى أَبُو الطَّاهرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وهْب، أَخْبَرَنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ ابَيهِ، عَنِ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ - إِذَا كَانَ فِى سَفَرٍ وَأَسْحَرَ - يَقُولُ: (سَمِعَ سَامِع بِحَمْدِ اللهِ وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَيْنَا، رَبّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِنًا بِاللهِ مِنَ النَّارِ لما.
70 - (2719) حدتنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذٍ العَنْبَرىُّ، حَد، شَا أبِى، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ
أبِى إسْحَقَ، عَنْ أبِى بُرْدَةَ بْنِ أَبِى مُوَسَى الأشْعَرِىِّ، عَنْ أَبِيه، عَنْ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاء: (اللّهُمَّ، اغْفِر لى خَطيئَتِى وَجَهْلِى، وَإِسرَافِى فِى أمْرِى، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى.
اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِى جِدِّى وَهَزْلَى، وَخَطَئِى وَعَمْدِى، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِى.
وقوله: (كان إذا كان فى سفر فأسحر): أى قام فى السحر وركب فى السحر، أو انتهى فى سيره إلى السحر، وهو آخر الليل.
وقوله: " يقول: سمع سامع بحمد الله وحُسن بلائه علينا) اْى بلغ من سمع قولى وقال مثله، ودعا بمثل ما دعوت به، تنبيها لهم على الذكر والدعاء فى ذلك الوقت.
وضبطه الخطابى (1): (سمع سامع) قال: ومعناه: شهد شاهد، أى استمع سامع وشهد شاهد بحمدنا ربنا على نعمه.
وكذا ضبطه بعض رواة مسلم.
وقوله: (اغفر لى خطيئتى وجهلى، وإسرافى[ فى] (2) اْمرى، وما اْنت أعلم به منى.
اللهم، اغفر لى جدى وهزلى وخطئى وعمدى، وكل ذلك عندى) الحديث: اعترافًا منه - عليه السلام - وتواضعًا لربه واستكانة وعبادة بالدعاء، وشكرًا لربه، وقد علم
(1) انظر: معالم السن، كالأدب، بما يقول إذا أصبح، برقم (4922).
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.(8/214)
كتاب الذكروالدعاء / باب التعوذمن شرماعمل...
إلخ 215 اللّهُمَ، اغْفرْ لِى مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أعْلَمُ بِه مِنَى، أَنْتَ المُقَدًّمُ وَأَنْتَ المُؤَخرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِير)).
(... ) وَحَدَّثْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ الصحباحِ المِسْمَعِىُّ، حدثنا شُعْبَةُ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ.
71 - (هـ 272) حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دينَار، حَدثنَا ابُو قَطَنٍ، عَمْرُو بْنُ الهَيْثَم القُطَعِى،
عَنْ عبْدِ العَزِيزِ بْن عَبْدِ الله بْنِ أَبِى سَلَمَةً المَاً جشُون، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ مُوسَى، عَنْ أَبِى صَالِحِ السئَمَانِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اَللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " اللّهُمَّ، اصْلِحْ لِى دِينِى
أنه مغفور له ما تقدم وما تأخر، وممله قوله: (اغفر لى ما قدمت وما أخرت).
وقيل: يحتمل على ما كان منه على سهو وغفلة، وقد يحتمل: ما تقدم وأخّر مما مضى، ويحتمل أن يريد بقوله: (خطئى وجهلى، وإسرافى " ما كان قبل النبوة، وقد يحتمل أن يقال فيه ما قيل فى قوله تعالى: { لِيَغْفِر لَكَ اللَّهُ مَا تَقَلمًّ مِن ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} (1) ؛ أن المتقدم ذنب أبيه آدم، والمتأخر ذنوب أمته.
وقوله: (أنت المقدم وأنت المؤخر): قيل: معناه: المنزل للأشياَ منازلها، يقدم
منها ما شاَ من مخلوقاته ويؤخر، وقدم من شاَ من عباده بتوفيقه، واخر من شاَ بخذلانه.
وقوله: " لك أسلمت، وبك اَمنت ": اْى لك انقدت وأطعت، وبك صدقت.
وظاهر هذا التفريق بين الإسلام والإيمان، وقد تقدم الكلام فيه فى أول الكتاب.
وقوله: " وإليك أنبت ": اى تبت ورجعت بهمتى وطاعتى، وانصرفت عن الالتفات إلى غيرك وعن مخالفتك.
والإنابة: الرجوع.
وقوله: (بك خاصمت): / قيل: يحتمل من خاصمه فيه وحاكمه بلسان أو سيف، تال الله تعالى: { وَجَادَئوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِفوا بِهِ الْحَق} (2) وقال: { وَلا تجَ اللُوا اً هْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِى هِىَ أَحْسَن} (3)، وما جاَ فى هذه الاَدعية مما هو على سجع يحتج به فى اجازة السجع فى الدعاَ والذكر وأن ما كره منه ما جاَ بتكلف وشغل بين بطلبه ؛ لأن الشغل به يذهب الإخلاص والخسْوع، ويلهى عن الضراعة وفرل! القلب، أو على ما يأتى من نوع سجع الكهان الذى ذمه - عليه السلام.
وأما ما جاَ من نمط كلامه السهل البليغ المستعذب الذى يلقيه الطبع، فهو مستحسن غير مذموم، كقوله: (رب اَتِ نفسى تقواها وزكها، وأنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها).
(2) غافر ة ه، (3) العنكبوت: 46.
77 / ءا
216(8/215)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
إلخ الَّذى هُوَ عِصْمَةُ أمْرِى، وَأَصْلِحْ لِى د!ليَاىَ الَّتِى فِيهَا مَعَاشِى، وَأَصْلِحْ لِى اَخِرَتى الَّتى فِيهَا مَعًادِى، وَاجْعَلْ الحَيَاةَ زِيَأدَةً لِى فِى كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِى مِنْ كُلِّ شَرٍّ ".
72 - (1 272) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدذَشَا شُعْبَةُ عَنْ أَبى إِسْحَقَ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ، عَنْ عَبْد اللّه، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " اللهُمَّ، إِنًّى اسْالُكَ الهُدَى وَ التُقَى، والعَفَافَ وَالغَنَى).
(... ) وحدثنا ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَثئَارٍ.
قَالا: حَد 3شَا عَبْدُ الرخْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنْ ابْنَ المُثنى قَالَ فِى رِوَايَتِهِ: (وَالعِفةَ لما.
73 - (2722) حدثنا ابُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ "سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ
ابْنُ نُمَيْرٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ نُمَيْرٍ - قَالَ إِسْحَقُ: اخْبَرَنَأ.
وَقَالَ الاً خَرَانِ: حَدءَّشَا - ابُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصمٍ، عَنْ عَبْد الله بْنِ الحَارِثِ ؛ وَعَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِى، عَنْ زَيْد بْنِ ارْقَمَ، قَالَ ة لا اقُولُ لَكُمْ إِلاَ كَمَاَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: كَانَ يقُولُ: (اللّهُمَ، َ إِثِّى
وقوله: (أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع) وقوله:
" لا إله إلا الله، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، فلا شىء بعده).
ومعنى قوله: (نفس لا تشبع): استعاذة من الطمع والحرص على الدنيا، وتعليق (1) النفس بالآمال منها.
وقوله: " أنت الأول فليس قبلك شىء، واْنت الآخر فليس بعدك شىء): هذا تفسير معنى قوله تعالى: { هُوَ الأَوَّلُ وَالاَخِر} (2).
وقوله: "[ وأنت] (3) الظاهر فليس فوقك شىء، و[ أنت] (4) الباطن فليس دونك شىء): هذا تفسير أن معنى قوله: (الظاهر) أنه من العلو أو الغلبة والقدرة، قال الله تعالى: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (5).
وقيل: معناه: الظاهر بالحجج والدلائل، والباطن: المحتجب عن اْبصار الخلقِ.
وقيل: الظاهر والباطن: القاهر لما ظهر وبطن، قال الله تعالى: { فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِين} (6) أى غالبين قاهرين.
وقيل: الظاهر إخبار عن قدرته، والباطن إخبار عن علمه وحكمته.
وقيل: الظاهر لقوم فوجدوه، والباطن عن آخرين فجحدوه.
(1) فى!: وتعلق.
(3، 4) فى هامش !.
(6)1 لصف: 14.
(2) الحديد: 3.
(5) 1 لفتح: 28.(8/216)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
إلخ 217 أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَالهَرَمِ وَعَذَاب القَبْر.
اللّهُمَ، آتِ نَفْسِى تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، انْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلاهَا.
اللَّهُمَّ، إِنِّىَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا ".
74 - (2723) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ
عُبَيْدِ اللهِ، حَد - ننَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُوَيْد النَّخَعَىً، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْد الله ابْنِ مَسْعُود، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللًه ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا أمْسى قَالَ.
" أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلكُ لَلهِ، وَالحَمْدُ لِلهً، لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ).
قَالَ الحَسَنُ: فَحَل!ثَنى الزُبَيْدُ انَّهُ حَفِظَ عَنْ إِبْرَاهيمَ فِى هَذَا: " لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ
وَهُوَ عَلَى كُل شَىء قَديروَ.
اللّهُمَّ، أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَنِهِ الَلَّيْلَةِ، وَأَعُوذُ بكَ مِنْ شَر هَذه اللَّيْلَ! وَشَرِّ مَا بَعْلَ!ا.
اللًّهًُ، إِنِى أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوء الكِبَرِ.
اللًّهُمَّ، إِنِّى أَعُوذُ بَكَ مِنْ عَذَابٍ فِى النَّارِ وَعَذَابٍ فِى القَبرِ).
75 - (... ) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا جَرِير، عَنِ الحَسَن بْنِ عُبَيْد الله،
عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْد الله قَالَ: كَانَ نَبِىُّ اللَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إذا أمْسَى قَالَ: (أَمْسًيْنَا وَأَمْسَى المُلكُ للهِ، وَ الحَمْدُ لِلهِ، لَا إِلَهً إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ).
قَالَ: أَرَاهُ قَالَ فِيهِنَّ: " لَهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْء قَدِير!.
رَبّ، أَسْالُكَ خَيْرَ مَا فى هَنِه اللَيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْل!ا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِى هًنِ! اللَّيْلَقِ! وَشَرِّ مَا بَعْل!ا.
رَبًّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ.
رَبِّ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَاب فِى النَّارِ
وقوله: " أعوذ بك من الكسل (1)، وسوء الكبر).
رويناه بالوجهين، بسكون الباء بمعنى: التكبر والتعظيم (2) عن الناس، وبفتحها بمعنى: الخرف والرد إلى أرذل العمر المذكور فى الحديث الاَخر (3)، وهو أظهر وأشبه بما قاربه، وبفتح الباء ذكره الهروى (4)، وبالوجهين ذكره الخطابى، وصوب الفتح، ويعضده رواية النسائى، (وسوء العمر) (5).
(1) فى ز: الحسد، والمثبت مماح والمق.
(2) فى ح: التعاظم.
(3) البخارى، كالدعوات، بالتعوذ 8 / 97.
(4) لم أطلع عليه فى كتابه غريب الحديث -
(5) النسائى فى المجتبى، عن عمر - رضى الله عنه - كالاستعاذة، بالاستعاكة مما سوء العمر 8 / 272.
218(8/217)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
إلخ وَعَذَابٍ فِى القَبِرِ).
! اِذَا أصْبَحَ قَالَ ذَلِكَ أيْضًا: (أَصْبَحْنَا وَأصْبَحَ المُلكُ لِلطِا.
76 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَد، شَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ زَائِلةً، عَنِ الحَسَنِ بْنِ عُبَيْد الله، عَنْ إِبْرَاهيمَ بْنِ سُوَيْد، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْد الله، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا امسى قَالَ: " أَمْسَيْنَا وَامسَى المُلكُ لله، وَالحَمْدُ لَله، َ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ).
.
اللّهُمَّ، إِنَى أَسْالُكَ خَيْرَ هَذه اللَّيلَة وَخَيْرِ مَاَ فَيهَا، وَأَعُوذُ بكَ مِنْ شَرّهَا وَشَرِّ مَا فيهَا.
اللَّهُمَّ، إِنى أعُوذُ بكَ منَ الكَسًلِ وَ الهَرًم وَسُوء اهَبَرِ، وَفتْنَةِ الَدُّنْيَا وَعَذَاب القَبرِ).
ًً
قَالَ الحَسَنُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ: وَزَ النِى فيهِ زُبَيْد عَنْ إِبْرَاهيمَ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ
ابْنِ يَزِيدَ عَنْ عَبْد الله، رَفَعَهُ ؛ انَّهُ قَالَ: َ ا لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لًهُ المُلكُ وَلَهُ الحَمْدُوَهُوَعًلَى كُلّ شَىْءٍ قَلِير).
77 - (2724) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد، شَا لَيْمث، عَنْ سَعيد بْنِ أَبِى سَعِيد، عَنْ
ابِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَاًنَ يَقُولُ: ا لا إِلَهَ إِلا الَلهُ وَحْدَهُ، اعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَب الأحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلا شَىءَ بَعْدَهُ).
78 - (2725) حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حدثنا ابْنُ إِدْريسَ قَالَ: سَمعْتُ عَاصِمَ بْنَ كُلَيْمب عَنْ ابِى بُرْدَةَ، عَنْ عَلِىٍّ، قَالَ: قَالً لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قُلِ: اللّهُمَّ، اهْد نِى وَسَلَدنِى، وَاذكُرْ: بِألهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَالسَّدَاد سَدَادَ اَلسَّهْم لما.
(... ) وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَد، شَا عَبْدُ الله - يَعْنى ابْنَ إِدْريسَ - أَخْبَرَنَأ عَاصمُ بْنُ كُلَيْب، بِهَذَا الإِسْنَاد.
قَالَ: قَالَ لى رسُولُ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (قُلِ: اللّهُمَّ، إِنِّى اسْالُكَ الَهُدَى وَالسَّدَادَ لما.
ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وقوله: (قل: اللهم، اهدنى وسددنى، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم) وسداد السهم: بالفتح وهو تقويمه فى الرمى للغرض.
ومعنى "سددنى": أى وفقنى، والسداد: الوفق الذى لا يعاب، والقصد يقال فيه السداد أيضا وقوله: (اذكر بالهدى هدايتك الطريق " ليتذكر بمعناه ما عرف استعماله من (1) معانى هذه الألفاظ فيتمثلها
(1) فى صح: قبل.(8/218)
كتاب الذكر والدعاء / باب التعوذ من شر ما عمل...
إلخ 219
فى حاله، وأن السهم لا يستقيم الرمى به حتى يسدد ويستقيم.
"وهادى الطريق) كذلك، / لا يزيغ يمينا ولا شمالا ؛ فلذلك يجب أن يكون عمله فى الاستقامة والتحفظ عن ذلك الزيغ عن السنة، وليتذكر بتلك الاَلفاظ لئلا ينساها.
وقوله: دا ربنا صاحبنا وأفضل علينا " (1): أى احفظنا واكفنا ما يضرنا، وهو معنى حقيقة الصحبة، كما يقال: الله معك.
وقوله: (عائذاً بالله من النار لما (2) انتصب على الحال.
(1، 2) حديث رقم (68) بالباب.
77 / ب
220(8/219)
كتاب الذكر والدعاء / باب التسبيح أول النهار وعند النوم
(19) باب التسبيح أول النهار وعند النوم
79 - (2726) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَمْزو النَّاقدُ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ
أَبِى عُمَرَ - قَالُوا: حَد - ننَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمًّد بْن عَبْد الَرَّحْمَنِ - مَوْلَى آلِ طَلحَةَ - عَنْ كُرَيْب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، أَنَّ الَنَّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) خَرَجَ مِنْ عِنْدهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصمّبْخَ، وَهىَ فِى مَسْجدهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهىَ جَالسَةَ.
فَقَالَ: (مَا زِلتِ عَلَى الحَالِ اَلَّتِى فَارَقْتُكَ عًلَيْهَا ؟ ".
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ا لَقَدْ قُلتُ بَعْلَكِ أَرْبَعَ كَلِمَات، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلت مُنْذُ اليَوْم لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْلِهِ، عَدَدَ خَالقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادً كَلِمَاتِهِ لا.
وقوله: " سبحان الله وبحمده) إلى قوله: " ومداد كلماته) بكسر الميم، قيل:
مثلها ومقدارها وعددها.
وقيل: معناه: مط دها والمداد مصدر كالمدد، أى الطول والكثرة، وهو هنا مجاز ؛ إذ كلمات الله لا يأخذها قدر يقدر، ولا زمان، دإنما المقصود بهذا المبالغة فى الكثرة لابنه ذكر أولا ما يأخذه العدد البهثير من عدد الخلق وزنة العرش، ثم عدل إلى ما هو أكثر من ذلك فعبر عنه بهذا، امممِا ما لا يحصيه عدد كما لا يحصى كلمات الله، وهذا مثل قوِله: حالو قُل لَّوْ كَانَ ائبَحْرُ مِدَادَا لِّكَلِمَاتِ ربِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تمدَ كَلِمَاتُ رَبِّى وَلَوْ جا بِفلِهِ مَدَفىَ ا} (1) قيل: كلماته هنا: علمه.
وقيل: كلامه.
وقوله: " وزكها أنت خير من زكاها ": أى طهرها.
" وخير) هنا ليست للمفاضلة، لكن لإثبات أنّه لا مزكى لها سواه، كما قال بعد: " أنت وليها ومولاها ".
وقوله لفاطمة حين أتته تسأله خادمًا، وتشتكى ما تلقى من الرحاء، وتشفعها بعائشة
فى ذلك، وقول النجى ( صلى الله عليه وسلم ): " ألا أدلكما على ما هو لكما خير من ذلك، تسبحين ثلاثأَ وثلاثين، وتحمدين ثلا"لَا وثلاثين، وتكبرين أربعا وثلاثين، اذا أخذت مضجعك): ظاهره ال النجى أعلمهم ألا عمل الاَخرة على كل حال أفضل من أمور الدنيا، وهذا ما لا شك فيه، دإنما قصد النبى أ هذا، (2) لما لم يمكحه الخادم التى سألت، كما قال فى الحديث الاَخر: (ما ألفيته عندنا)، ثم علمهما ادا فاتهما ما طلباه ذكرًا يحصل لهما به أجر أفضل مما سألاه وهذا معنى الحديث.
ولا وجه لمن استدل به على أنّ الفقر أفضل ل النّ النجى إنما عدل لهما عن الخادم إلى
(2) من خ،(8/220)
كتاب الذكروالدعاء / باب التسبيح أول النهاروعندالنوم 221 (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ وَإِسْحَقُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بشْر، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرًّ حْمَنِ، عَنْ أَبِى رِشْدينَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جوَيْرِيَةَ قَالَتْ: مَرَّ بِهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حينَ صَلَّى صَلاةَ الغًدَاة أَوْ بَعْدَ مَا صَلَّى الغَدَاةَ.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " سُبحَانَ اللًّهِ عَلَدَ خَلقِهِ، سُبْحَانَ اَللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ الله زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ الله مِدَادَ كَلِمَاتِهِ).
80 - (2727) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا.
حَدضَننَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد، لنَا شُعْبَةُ، عَنْ الحَكَم، قَالً: سَمِعْتُ ابْنَ ابى لَيْلَى، حَد، شَا عَلِىّ، أَنَّ فَاطِمَةَ اشْتكًتْ مَا تَلقَى مِنَ الرَّحَى فى يَدهَا، وَأَتَى النَّبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) سَبْىٌ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجدْهُ، وَلَقِيَتْ عَائشَةَ، فَاخبَرَتْهَا.
فَلَمًّا جَاَءَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةَ - بمَجىء فَاطمَةَ إِلَيهَا.
فَجَاءَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعنَا، فَن!بْنَا نَقُومُ، فَقَالَ الَنَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): َ " عَلَى مَكَانِكِمَا)، فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَلمَهِ عَلَى صَدْرِى.
ثُمَ قَالَ:
الذكر، ومنعهما الخادم، فاختار لهما ما هو أفضل، فقد قلخا: العلة لمنعهما ائه لم يجدها عنده.
وفيه ما كانوا عليه اول الإسلام من شظف العيش، وقلة ذات اليد وفيه خدمة المراْة زوجها وأمر بيتها.
وقد اختلف أئمتنا فيما على الزوجة من ذلك.
فقيل: لا يلزمها من ذلك شىء غير التمكين من نفسها، كانت غنية أو دنيئة (1) حكاه ابن خويزمنداد (2) من اْصحابنا.
وقيل: ليس ذلك على الغنية والشريفة، ويلزم الدنية أو زوجة المعسر من ذلك ما كان فى البيت من كنس، أو فرش وطبخ قدر، وشبهه هو الذى فى كتاب ابن حبيب (3) وغيره.
(1) فى خ.
فقيرة.
(2) هو أبو بكر وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد الإمام العالم، المتكلم الاَصولى تفقه على الا"بهرى ويروى عن أبى داسة وأبى الحسن التمار وأبى الحسن المصيصى، وأبى إسحاق التجيبى وأبى العباس الأصم.
وألف كتائا كبيرا فى الخلاف وكتابا فى أصول الفقه واَخر فى أحكام القراَن، وكان عنده شواذ عن مالك واختيارات، وكان يجات الكلام وينافر أهله.
انظر: شجرة النور 1 / 103 برقم (256)، ترتيب المدارك 4 / 6ْ 6، الديباج المذهب 2 / 229.
(3) هو أبو مروان عبد الملك بن حبيب السلمى القرطبى البيرى، الفقيه الاكاديب العالم الثقة، الإمام المتقن فى الحديمق والفقه واللغة والنحو، انتهمق إليه رئاسة ال الندلسثما بعد يحيى بن يحيى.
ألف كتبا كثيرة فى الفقه والأدب والقارب.
، منها الواضحة فى الفقه والسنن لم يؤلف مثله، ولعله هو المقصود ههنا مات - رحمه الله - فى فى الحجة 238 هـ.
انظر: شجرة النور 1 / 75، الديبج 2 / 8.
222(8/221)
كتاب الذكر والدعاء / باب التسبيح اول النهار وعند النوم "أَلا أُعَلِّمْكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلتُمَا ؟ إِذَا أَخْذْتُمَا مَضَاجِعكُمَا، أَنْ تُكبِّرَا اللهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ، وَتُسبِّحَاهُ ثَلالا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمِدَاهُ ثَلاثًا وَثَلاِثينَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَ الم).
(... ) وحدثناه أَبُو بَكْر بْن أَبى شَيْبَةَ، حدثنا وَكيعٌ.
ح وَ حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ،
ص يهرء ص ص له، َ !صَ ص ممره، ص صَ لم، !ءه ص ه وه ص ص صَ ص 5 صً حدثنا ابِى.
ح وحدثنا ابن المثنى، حدثنا ابن ابى عدِى، كلهم عن شعبة، بِهذا الإِسنادِ.
وَفِى حَدِيثِ مُعَاذٍ: " أَخَنْتُمَا مَضَجَعَكُمَا مِنَ اللًّيْلِ).
(... ) وحدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدَثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أبِى يَزِيدَ،
عَبنْ مُجَاهِد، عَنِ ابْنِ أبِى لَيْلَى، عًّنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِب.
ح وحَدثنَا مُحَمًّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَعُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَد - ننًا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاء بْنِ أبِى رَبَاع، عَنْ مُجَاهِد، عَنِ ابْنِ أبِى لَيْلَىَ، عَنْ عَلِى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَديث الحًكَم عَنِ ابْنِ أَبِى لَيْلَى.
وَزًا دَ فِى الحَديثِ: قَالَ عَلىّ: مَا تَرَكْثُهُ مُنْذُ سَمِعْتُهُ مِنَ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ).
قِيلَ لَهُ: وَلا لَيْلَةَ صِفِّينَ ؟ قَالَ: وَلا لًيْلَةَ صِفِّينَ.
وَفِى حَدِيثِ عَطَاءِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابِى لَيْلَى، قَالَ: قُلتُ لَهُ: ولا لَيْلَةَ صِفِّينَ ؟
81 - (2728) حدثنى امَيَّةُ بْنُ بسْطَامَ العَيْشِىُّ، حدثنا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيع - حَد، شَا رَوْحٌ - وَهُوَ ابْنُ القَاسِ! - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ فَاطِمَةَ اتَتِ وقيل: ذلك على جميعهم.
فعلى الأدنياء ما تقدم، وعلى الاَشراف من ذلك الأمر بمصلحة بيتها والنظر له برأيها.
وقوله: " ما ألفيتيه عندنا): أى لم تجديه.
وقول علىّ: [ ما] (1) تركتها ولا ليلة صفين: يعنى لعظيم الشغل تلك الليلة بالحرب
التى كانت بينه وبين أهل الشام فى ذلك الموضع (2).
وفيه أن الأذكار عند النوم قد جاءت
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) قال الياقوت: هو موضع بقرب الرقة، على شاطئ الفرات من الجانب الغربى، بين الرقة وبالغ وكانت هناك وقعة صفين بين على ومعاوية سنة 37 هـ بدأت بغرة صفر واستمرت مائة يوم وعمئمرة أيام وصارت فيها تسعون وقعة، وقتل فى الحرب بينهما سبعون ألفا.
منهم من أصحاب على خمسة وعشرون ألفا، ومن أصحاب معاوية أربعون اْلفا.
انظر: معجم البلدان 3 / 414.
أقول: ولعل المراد بليلة صفين ههنا هى الليلة العاشرة من هذا الشهر - صفر - وهى ليلة الجمعة،
قد استحر فيها القتال، واستمر بين الفريقين حتى صباح الجمعة، فسميت بليلة الهرير يشبهونها بليلة القادسية.
انظر: الخلفاء الراشدين للنجار 424.(8/222)
كتاب الذكر والدعاء / باب التسبيح أول النهار وعند النوم 223 النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) ثَسْالُهُ خَادمًا، وَشَكَتِ العَمَلَ.
فَقَالَ: (مَا أَلفَيْثِيهِ عِنْدَنَا ".
قَالَ: (أَلا ادُلُّكِ عَلَى مَا هُوَ خَيْر لَكَ مِنْ خَادٍ م ؟ تُسبِّحِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتَحْمَلِينَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ، وَتُكبِّرِينَ أَرْبَعَا وَثَلاثِينَ، حِين تَأخُنِينَ مَضْجَعَكِ ".
ص ص ! ص ه ص، 5ءص 3* ص ممرصسَ، ص ممرص ه وص حمر وصو!لا
(... ) وحدثنيهِ أحمد بن سعِيدٍ الدارِمِى، حدثنا حبان، حدثنا وهِيب، حدثنا سهيل، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
عن النبى - عليه السلام - فيها أحاديث مختلفة، وذلك بحسب أحواله - عليه السلام - واختلاف الاَوقات، فيخص كل حالة ووقت بما يطابقه من الدعاء، وكذلك يختلف أحوال الداعين، وأنه ليس فيها شىء معين وفى كل فضل، وقد يدل اختلافها على الإشعار بأنها ندب غير واجبة، وأن العبد موسع فى قول ما شاء من ذلك.
224(8/223)
كتاب الذكر والدعاء / باب استحباب الدعاء عند صياح الديك
(20) باب استحباب الدعاء عند صياح الديك
82 - (2729) حدثنى قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد - نَنَا لَيْثٌ، عَنْ جَعْفَرِبْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الالمحرَج، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدتكَةِ، فَاسْالُوا اللهَ منْ فَضْلِهِ، فَإِنَهأ رَأَتْ مَلَكًا.
وَإِفَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الَحِمَارِ، فَتَعَوَدوا بِاللهِ مِنَ الشَيْطَان، فَإِنًّهَأ رَأَتْ شَيْطَانًا).
وقوله: (إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكا لما وذلك - والله أعلم - لتأمين الملائكة على دعاء بنى اَدم، واستغفارهم له فرحا ببركة ذلك، وحسن عون الملك به، إذا دعا بحضرته بالتأمين والاستغفار له، وإشهاده له بالتضرع إلى الله وا ل! خلاص.
وقوله: (أسألك الهدى والثقى والعفاف والغنى) (1) ويروى: دل والعفة)، والعفاف: هو التنزه عما لا يباح والكف عنه، والغنى: هو غنى النفس والاستغناء عما فى أيدى الناس.
(1) حديث رقم (72) من هذا الكتاب.(8/224)
كتاب الذكر والدعاء / باب دعاء الكرب
225
(21) باب دعاء الكرب
83 - (0 273) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشَّارٍ وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيد - وَاللَفْظُ لابْنِ سَعِيد - قَالُوا: حَدثنَا مُعَاذُ بْنُ هشَامٍ، حَدثنِى أَبِى، عَنْ قَتَ ال ةَ، عَنْ أَبِى الًعَالية، عَنْ ابْنِ عَتاس ؛ أَنَّ نَبىَّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَأنَ يَقُوَلُ عِنْدَ الكَرْبِ: ا لا إِلَهَ إِلا اللهُ العَظِيمُ الحًلِيمُ، لا إِلهَ إِلا اللهُ رَدت العَرْشَ العَظِيمُ، لا إِلهَ إِلا اللهُ رَبُّ السَمَوَاتِ وَرَدث الأرْضِ ورَدت العَرْشِ الكَرِيمُ ".
(... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَحَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ هِشَابم أتَمُّ.
وقوله: (كان يقول عند الكرب: لا اله الا الله العظيم الحليم[ لا إله إلا الله] (1)
رب العرش العظيم، لا إله إلا هو رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم): قال الطبرى: كان السلف يدعون بهذا الدعاء، ويسمونه دعاء الكرب.
فإن قيل: فليس فى هذا الدعاء إلا ذكر ة من تسبيح (2) وتهليل.
قيل: يحتمل تسميته دعاء المعنيين.
أحدهما: أنّ هذا الذكر به يستفتح الدعاء، ئم يدعو من بعده ما شاء، وقد جاء مثل
هذا مفسرًا كذلك فى بعض الطرق: (ثم يدعو).
والمعنى الثانى: قول ابن عيينة، وقد سئل عن هذا، فقال: أما علمت أنّ الله يقول: (إذا شغل عبدى بثنائه على عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين "، وقد قال أمية (3) بن أبى الصلت:
إذا أثنى عليك المرءيوما كفاه من تعرضه الثناء
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) فى ح: تعظيم.
(3) هو أمية بن أبى الصلت بن أبى ربيعة بن عوف الثقفى من أهل الطائف وأشهر شعراَ الجاهلية، كان مطلعا على الكتب القديمة فتزهد فى الدنيا وتجرد عن ملذات الحياة وعباثة الأوثان وحيث أنه علم وعرف من الكتب القديمة ببعثة نبى آخر الزماد من العرب جعل يطمع فى النبوة، فلذلك لما بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) امتنع عن الإيمان به حسدا واستكبارا حتى قتل ابنا خال له ببدر فرثى قتلى بدر، ومات بالطائف سنة ثلاث وقيل: خمس من الهجرة.
انظر: كتاب الأغانى للأصفهانى 4 / 123 - 136، جمهرة الأنساب لابن حزم 257، معجم الشعراَ للأيوبى 67.
226(8/225)
كتاب الذكر والدعاء / باب دعاء الكرب (... ) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العَبْدِىُ، حَدتَّشَا سَعيدُ بْنُ أبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادةَ ؛ أنَ أَبَا العَاليَةِ الًريّاَحِىَّ حَدَّثهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّأسٍ ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَدْعُو بِهِنَّ، وَيَقُولُهُنَّ عنْدَ اهًرْب.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَديثِ مُعَاذِ بْنِ هِشَابم عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَ الةَ.
غَيْرَ انَّهُ قَالَ: (رَبُّ السًّمَواتِ وَالَأرْضِ).
(... ) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حدثنا بَهْز، حدثنا حَمَادُ ئنُ سَلَمَةَ، أخْبَرَنِى يُوسُفُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنُ الحَارث، عَنْ أبِى العَالِيَة، عَنِ ابْنِ عَئأس ؛ أَنَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ إِفَا حَزَبَهُ أمْز، قَالً.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَليثِ مُعَاذ عَنْ أَبِيهِ.
وَزَادَ مَعَهُن: ا لا إِلَهَ إِلا اللَه رَدت العَرْشِ اهَرِيمُ).
وقوله: " كان إذا حزبه أمر): أى غلبه وألم به وشغله.
قال بعض المتكلمين على المعانى: هذه الفضائل التى جاءت فى هذه الاَذكار إنما هى لاَهل الشرف فى الدين والطهارة من الكبائر، دون المصرين وغيرهم.
وفيما قاله نظر، والاءحاديث عامة.
ولو قال: لمن قالها معظما لربه مخلصا من قلبه، نيته صادقة مطابقة لقوله، كان أولى.(8/226)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل سبحان الله وبحمده
227
(22) باب فضل سبحان الله وبحمده (1)
84 - (2731) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا حَيَّان بْنُ هلالٍ، حدثنا وُهَيْبٌ، حدثنا سَعيدٌ الجُرَيْرِىُّ، عَنْ أَبِى عَبْد الله الجَسرِىِّ، عَنِ ابْنِ الصَّامَتِ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) سُئِلَ: أىُّ اهَلام أَفْضَلُ ؟ قَالَ: (مَا اصْطَفَى اللهُ لِمَلائِكَتِهِ أَوْ لِعِبَ الهِ: سُبْحَانَ اللَهِ وَبِحَمْلِهِ).
85 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَايحيى بْنُ أَبِى بُكَيْرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الجُرَيْرِىِّ، عَنْ أبِى عَثد الله الجسْرِىِّ - مِنْ عَنَزَةَ - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الصَ الصِ عَيق أبِى فَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، " أَلا أُخْبِركَ با"حَبِّ اهَلام إِلِى الله ؟).
قُلتُ: يَأرَسُولَ الله، أَخْبِرْنِى بِاع حَبِّ الكًلام إِلَى اللهِ.
فَقَالً: " إِنَ أَحَبَّ الكَلَام إِلَى اللهِ: سُبْحَانَ اللَه وَبِحَمْدِهِ).
(1) لم يُعلق عليه فى جميع النسخ.
78 / ب
228(8/227)
كتاب الذكر والدعاء / باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب
(23) باب فضل الدعاء للمسلمين بظهرالغيب
86 - (2732) حدثنى أحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْمبى الوَكيعىُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدثنَا أبِى، عَنْ طَلحَةَ بْنِ عُبَيْدِ الله بْنِ كَرِيز، عَنْ امِّ الدًّ رْدَاء، عَنْ أبِى الدَّرْدَاء، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا مِنْ عَبْد مُسلِمٍ يَدْعُو لأخِيه بِظَهْرِ الغَيبِ، إِلا قَالَ المَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْل ثا.
87 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا الئضْرُ بْنُ شُمَيْل، حدثنا مُوسى بْنُ سَرْوَانَ المُعَلِّمُ، حَدثَّنِى طَلحَةُ بْنُ عُبَيْد الَله بْنِ كَرِيزٍ، قَالَ: حَدئثْنِى أئمُ الدَّرْدَاء، قَالَتْ: حَد"شى سيِّدى ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ دَعَا لا"خِيهِ بِظَهْرِ الغَيبِ، قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ).
وقوله فى باب / من دعا لاءخيه بظهر الغيب: حدثنا موسى بن سروان المعلم.
كذا ضبطناه عن عامة شيوخنا بالسين المهملة، ومن طريق الهوزنى عن ابن ماهان: ثروان بالثاء المثلثة.
قال البخارى والحاكم ائو عبد الله وغيرهما: إنهما يقالان صحيحان.
وقال بعضهم: يقال فيه: قروان أيضا، ونسبه البخارى (1)[ بأنه] (2) عجلى.
وقال الحاكم: موسى بن ثروان الاَنصارى، ويقال ابن سروان العجلى.
قوله: ا لقد قلت بعدك أربع كلمات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن) (3): اى عدتهن.
وقوله: (من دعا لاءخيه بظهر الغيب، [ قال له[ الملك] (4) الموكل به: اَمين، ولك بمثل) فيه أن الداعى ل الخيه بظهر الغيب] (ْ) له من الأجر بمثل ما دعا به ؛ لاَنه دإن دعا لغيره فقد عمل عملين صالحين: أحدهما: ذكر الله تعالى مخلصا له، وفازعا إليه بلسانه وقلبه.
والثانى: محبته الخير لأخيه المسلم ودعاؤه له، وهو عمل خير لمسلم يؤجر عليه، وقد نص فيه أنها مستجابة كما نص فى الحديث.
(1) البخارى فى التاردخ الكبير 7 / 281 رقم (192 1).
(2) من ح.
(3) حديث (79) من هذا الكتاب.
(4) من خط.
(5) قى هامش ح.(8/228)
ئ بالذكص والدعاء / باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب 229 لمهـ - (2733) حدثنا إسْحَق بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدثنَا عَبْدُ المَلِكِ
ابْنُ أَبِى سُلَيْمَأنَ، عَنْ أَبِى الزبيْر، عَنْ صَفْوَانَ - وَهُوَ ابْنُ عَبْد الله بْنِ صَفْوَانَ - وَكَانَتْ ثَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ.
قَالَ: قَدِمْتُ الشًّامَ، فَاع تَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِى مَنْزِله فَلًمْ أَجدْهُ، وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاء.
فَقَالَثْ: أَتُرِيدُ الحَجَّ العَامَ ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ.
قَالَثْ، َ فَادع اللَهَ لَنَا بِخَيْرِ.
فَإِنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَقُولُ: (دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلم لاع خيه بظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَة!، عِنْدَ رَأسِه مَلَلث مُوَكَّل، كُلَّمَا دَعَا لاخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ المًلَكُ المُوً كًّلُ بِهِ: امينَ، وَلَكَ بِمِثْلِ لما.
(2732) قَالَ: فَخَرَجْتُ إلَى السُّوق فَلَقيتُ أَبَا الدَّرْدَاء، فَقَالَ لى مثْلَ ذَلكَ.
يَرْويه
عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًًً
(... ) وحدثنأه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يَزِيِدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبِ! سُلَيْمَانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَان.
وقوله: " ولك بمثل،، وقد رويناه: " بمثل، أيضا بفتح الميم والثاء أيضا، أى سواكا، يقال: هو مثله ومثله بمعنى.
وقوله: (بظهر الغيب،: أى فى سر وبغير حضرته، كأنه من وراء معرفته ومعرفة الناس، لاَنه دليل إخلاص الدعاء، كمثل ما يجعل الإنسان وراَ ظهره ريستره عن أعين الناس.
وقول ائم الدرداء: " حدثنى سيدى أنه سمع رسول الله على)) يعنى أبا الدرداء.
فيه جواز دعوى المرأة زوجها سيدى، وتعظيم المرأة زوجها وتوقيره.
230(8/229)
كتاب الذكر والدعاء / باب استحباب حمد الله تعالى بعد الاكل والشرب
(24) باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب (1)
89 - (2734) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ (وَاللَّفْظ لابْنِ نُمَيْر).
قَالا: حَدةنَنَا أَبُو اسَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَريًّاءَ بْنِ أبى زَائدَةَ، عَنْ سَعِيد بْنِ أَبِى برْ!ةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنًّ اللهَ لًيَرْضَى عَنِ العًبْد أَنْ يَاكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيهَاً.
أوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا).
(... ) وَحَدثنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ.
حَدتَّشَا إِسْحَقُ بْنُ يُوسُفَ الأزْرَقُ.
حدثنا زَكَرِيَّاءُ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ.
(1) لم يُعلق عليه فى جميع النسخ.(8/230)
كتاب الذكر والدعاء / باب بيان أنه يستجاب للداعى ما لم...
إلخ 231
(25) باب بيان أنه يستجاب للداعى ما لم يعجل فيقول:
دعوت فلم يستجب لى
90 - (2735) حدثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك، عَنِ ابْنِ شِهاب،
عَنْ ابِى عُبَيْد - مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهَِ على قَالَ: " يُسْتَجَابُ لاحَدِكُمْ مَا لًمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلا - اوْ فَلَمْ - يُسْتَجَبْ لِى).
91 - (... ) حدثنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ لَيْث، حَد*شَى أَبِى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَألد، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَنَّهُ قَالَ.
حَد، شِىً أَبُو عُبَيْدِ - مَوْلَى عَبْد الرَّحْمَنِ ابْنِ عَوْف - وَكَانَ مَنً القُرَّاءِ وَأَهْلِ الفًقْه - قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(يُسْتَجَابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعجَل، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ رَبِى فَلَمْ يُسْنَجَبْ لِى لما.
92 - (... ) حدثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، أَخْبَرَنِى مُعَاوِيةُ - وَهُوَ ابْنُ
قوله: " يستجاب للعبد ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لى) فسره فى الحديث الاَخر: (يقول: قد دعوت ودعوت فلم أر يستجاب لى، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء "، قال الإمام: يقال: حسر (1) واستحسر: إذا أعيا.
قالي الله تعالى: { لا يَسئتَكبِرونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ} (2) أى لا ينقطعون عن العبادة.
قال القاصْى: أولى التفسير لقوله: (فيحسر) هنا أى: يقطع الدعاء، لا بمعنى أنه
عيى عنه.
وقال الباجى: يحتمل قوله: (يستجاب) الإخبار عن وقوع الإجابة، والثانى: الإخبار عن جواز وقوعها.
فإذا كان بمعنى الوجوب فالإجابة تكون بأخذ ثلاثة أشياء: إما تعجيل ما سأل فيه،
وإما أن يكفر عنه به، دإما أن يدخر على ما جاء فى الحديث (3)، فإذا قال: قد دعوت فلم يستجب لى، بطل وجوب احد هذه الثلاثة، إذ عُرَى الدعاء من جميعها.
وإذا كان بمعنى الجواز لوقوع الإجابة فيمنع ذلك / قول الداعى: قد دعوت فلم
(أ) فى ز: حينئذ.
(2) الا"نبياء: 19.
(3) انظر.
المستدرك 1 / 493 بلفظ " ما من مسلم يدعو الله بدعوة...
" عن أبى سعيد.
79 / أ
232(8/231)
كتاب الذكر والدعاء / باب بيان أنه يسثجاب للداعى ما لم...
إلخ صَالِحٍ - عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أبِى إِدْرِش! الخَوْلانِىِّ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ: ا لا يَزَالُ يُسْتَجَابُ دلعَبْد مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ).
قِيلَ: يَأ رَسُولَ اللهِ، مَا الاسْتعجَالُ ؟ قَالَ: " يَقُولُ: قَدْ دَعْوتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِى، فَيَسْتَحْسِرُ عِنًْذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ).
يستجب لى ؛ لافي ذلك من باب الفتور وضعف النفس والسخط.
قال القاضى: ما تقدم فى الحديث من اْن معنى ذلك ترك الدعاء، أبين واْحق بالتعويل.
وقيل: معناه: أنه يسأم الدعاء وتركه فيكون كالمانِّ بدعائه، والمبخل لربه الكريم.
وقيل: إنما ذلك إذا كان غرضه من الدعاء ما يريد فقط، فإذا لم ينله ثقل عليه الدعاَ، بل يجب أن يكون أبدًا فى دعائه باسم إظهار الحاجة والطاعة له وسمة العبودية.(8/232)
كتاب الذكر والدعاء / باب أكثر أهل الجنة الفقراء...
إلخ
(26) باب أكثر أهل الجنة الفقراء، وأكثر أهل النار النساء
233
وبيان الفتنة بالنساء
93 - (2736) حدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ.
ح وَحَلثّنِى زُهَيْرُ
ابْنُ حَرْب، حَدّثنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الا"عْلَى، حَدثنَا المُعْتَمِرُ.
ح وَحَد، شَا إسْحَقُ بْنُ إً بْرَاهِيم، أَخبَرَنَا جَرِيرو، كُلُّهُمْ عَنْ سُلًيْمَانَ التَّيْمىِّ.
ح وَحَدّثنَا أَبُو كَامِلٍ، فُضَيْلُ بْنِ حُسيْنٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنَا يَزيدُ بْنُ زُرَيعْ، حَد، شَا التَّيْمىّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْد، قَألَ: قَألَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (قُمْتُ عَلَى بَاب الجَنَّةِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكينُ، ! اِذَا أَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، إِلا اصْحَابَ النَّاَرِ، فَقَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عًلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاَُ ".
4 9 - (2737) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدّثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، عَنْ أَيُوبَ،
عَنْ أَبِى رَجَاَ العُطَارِدىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عًبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ): (اطَّلَعْتُ فِى الجَنَّةِ فَرَأَيْتًُ كثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاََ، وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَايْتُ كثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاََ لا.
(... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الثَقَفِىُّ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، بِهَذَا ا لإِسْنَادِ.
(... ) وحدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا ابُو الأشْهَبِ، حَا شَا أبُو رَجَاٍَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ،
أَنَّ النَبِىَّ كله اطَّلَعَ فِى النَّارِ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَلِيت أَيْوبَ.
(... ) حدثنا أبُو كُرَيْب، حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سَعيد بْنِ أبِى عَرُوبَةَ، سَمِعَ أَبَا رَجَاى
عَنْ ابْنِ عَبَّاسِ قَالَ: قَالَ رَسحولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
ً
وقوله: (اعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك): الفجأة: ما فاجأك
بغتة بغير مقدمة.
وقوله: ا دإذا أصحاب الجد محبوسون) بفتح الجيم، قال: أى أصحاب البخت والسعادة فى الدنيا، ويحتمل أن المراد بذلك أصحاب ال المر والسلطنة من قوله: حالو وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} (1) أى عظمته وسلطانه ومعنى (محبوسون " للحساب، بدليل قوله: " إلا
234(8/233)
كتاب الذكر والدعاء / باب أكثر اْهل الجنة الفقراء...
إلخ 95 - (2738) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى التَّياحِ،
قَالَ: كَانَ لمُطَرِّفِ بْنِ عبْدِ اللهِ امْرأَتَأنِ، فَجَاءَ مِنْ عِنْدِ إِحْدَاهُمَا.
فَقَالَتِ الأخْرَى: جِئْتَ مِنْ عنْد فُلاَنَةُ ؟ فَقَالَ: جئْتُ مِنْ عنْد عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، فَحَلاشًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِنَّ أً قَلًّ سَاكِنى الجَنَّةِ النًّسَاءُ لما.
َ
(... ) وحدثنا مُحَّمَدُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ عَبْد الحَمِيد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى التَّيَّاحِ.
قَالَ: سَمِعْتُ مُطرًّ فًا يُحَدِّثَُ ؛ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَأنِ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ مُعَاذ.
96 - (2739) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الكَرِي!، أبُو زُرْعَةَ، حَدثنَا ابْنُ بُكَيْر، حَدثنِى يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ !ينَار، عَنْ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاء رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللّهُمَّ، إِنًّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكً، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتَكَ، وَفُجَاعَةِ نَقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ).
97 - (0 274) حدثنا سَعيدُ بْنُ مَنْصُور، حدثنا سُفْيَانُ وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ ابِى عُثْمَانَ اَلنَّهْدِىِّ، عَنْ اسَامَةَ بْنِ زَيْد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً هِىَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ لا.
98 - (1 274) حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرىُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعيد وَمُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ الا"عْلَى، جَمِيغا عنِ المُعْتَمِر.
قَالً ابْنُ مُعَاذ": حدثنا المُعْتَمِر بْنُ سُلَيمَأنَ قَالَ: قَالَ أَبى: حدثنا أبُو عُثْمَانَ، عَنْ اسَامَةَ بْن زَيْد بْن خَارثَةَ وَسَعيد بْن زَيْد بْن عَمْرو بْنِ نُفَيْل ؟ أنهما حدثأ عنْ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ أَتهُ قال: (ما تركْت بعدِى فِى النَاسِ فِتْنة اضر على الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ).
أصحاب النار فقد اْمر بهم إلى النار) يعنى: مَنْ استحق النار منهم بكفره او معاصيه وبقى الاَخر للمحاسبة، أو حتى يسبقهم الفقراء ويدخلون الجنة قبلهم باربعين خريفا، كما جاء فى الحديث الآخر (1).
(1) سيأتى فى كالزهد برقم (37).
(2) سبق فى كالكسوف برقم (17).(8/234)
كتاب الذكروالدعاَ / باب أكثرأهل الجنة الفقراَ...
إلخ 235 (... ) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ ثُمَيْر، قَألا: حَد، شًا أَبُو خَالِد الاحْمَرُ.
ح وَحَدَّثَنَايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا هُشيْمٌ.
ح وَحَد، شَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخبَرَنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنْ سُلَيْمَانَ التَيْمِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
99 - (2742) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدوّرَشَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى مَسْلَمَةَ، قَألَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ، عَنْ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (إِنَّ الدُّنْيَا حُلوَةٌ خَضِرَةو، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَأثَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِى النِّسَاء).
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ: " لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ".
وقوله: (ورأيت أكثر أهل النار النساء " وفى الحديث الاَخر: (أقل ساكنى الجنة النساء لما: قد بين العلة فى حديث الكسوف (1) وقد ذكرناه هناك.
(1) سبق دى كالكسوف برقم (17).(8/235)
236
ئ بالذى والدعاء / باب قصة أصحاب الغار الثلاثة...
إلخ
(27) باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال
79 / ب
100 - (2743) حَدثنى مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَقَ المُسَيَّبِيُّ، حَدثنِى أنَس! - يَعْنِي ابْنَ عيَاض، أَبَا ضَمْرَةَ - عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِع، عَنْ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ الَله على، أَنَّهُ قَالَ: " بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَن!صمُ المَطَرُ، َ فَأوَوْا إِلَى غَأر فِى جَبَل، فَانْحَطَّتْ عَلَى فَم غَأرِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ.
فَقَالَ بَعْضُهمْ لبَعْضبى: انْظُرُوا أعْمَالأ عَملتُمُوهَا صَالِحَة لله، فَادْعُوا الله تَعَالَى بِهَا، لَعَلَّ الله يَفْرُجُهَاَ عَنْكُمْ.
فَقَالَ أَحَدُهُم: اللَّهُمَّ، إنَّهُ كَانَ لِى وَالدانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِى، وَلِىَ صِبْيَة صِغَارٌ أَرْعَى عَلَيْهِمْ، فَإذَا أَرَحْتُ عَلَيْهِمْ، حَلًبْتُ.
فَبَدَأَتُ بِوَالِدَىَّ فَسَقَيْتُهُمَا قَبْلَ بَنِىَّ، وَانَّهُ نَأَى بِى ذَاتَ يَوْبم الشًّجَرُ، فَلَمْ آتِ حَتَّى أمْسَيْتُ فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجئْتُ بالحلاب، فَقُمْتُ عنْدَ رُؤُوسِهِمَا، كرَهُ أنْ أُوقظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِىَ اَلصِّبْيًةَ قَبلهُماَ، والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَىَّ، فَلًمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأَبِى وَدَأبَهُمْ
وقوله فى حديث الغار بعضهم لبعض: (انظروا اعمالا عملتموها صالحة لله فادعوا
الله بها): فيه جواز الفرب الى الله تعالى بما علم العبد أنه أخلصه من عمل صالح ومناجاته تعالى بذلك.
وفيه فضل بر الوالدين، والكف عن المعاصى، وترك الشهوات، ومعونة المسلم، والسعى له بالخير فى ماله وجميع حاله.
وفيه فضل الأمانة وأدائها.
وقوله: " فإفا أرحت عليهم حلبت لا: أى إذا صرفت الماشية من مرعاها بالعشى اى موضع مبيتها.
والمريح: مكان مبيتها.
وقيل: مسيرها إليه.
يقال: أرحت الماشية ورحتها معا.
وقوله: دا فنأى بى ذات يوم الشجر): أى بعد لى طلب المرعى.
والناء أى البعد.
وقوله: " فجئت بالحلاب لما: هو إناء ملؤه قدر حلبة ناقة.
ويقال له ة المحلب أيضا.
وقد يريد بالحلاب هنا: اللبن المحلوب كما قيل: الخراف، لما يخرف من النخل من الفاكهة.
وقوله: " والصبية يتضاغون عند قدمى دا: يريد: يصيحون ويستغيثون من الجوع والضغاء مضموم ممدود /: صوت الزلة والاستخذال (1).
(1) فى ز: الاستخذاء.(8/236)
كتاب الذكر والدعاء / باب قصة أصحاب الغار الثلاثة...
الخ 237 حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أِّنى فَعَلتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لنَا منْها فُرْجَقً! نَرَ! مِنْهَا السَّمَاءَ.
فَفَرَجَ الله مِنْهَا فُرْجَةً، فَرَأَوْا منْهَا السَّمَاءَ.
وَقَالَ الاَخَرُ: الَّلُهَم، إِنَّهُ كَانَتْ لِىَ ابْنَةُ عَمٍّ أَحْبَبْتَهَا كَأشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَا"بَمت حَتَى آتِيَهَا بمَائَة دينَار، فَتَعبْتُ حَتَى جَمَعْتُ مِائَةَ دينَارٍ، فَجِئْتُهَا بها فلما وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَت: يًا عًبْدَ الله، َ اتَّق الله، وَلاَ تَفْتَحِ الخَاَتَمَ إِلا بِحَفهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ آّنى فَعَلتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءً وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً.
فَفَرَجَ لَهُمْ.
وَقَالَ الاَخَرُ: اللَّهُمَّ، إِنِّى كُنْتُ اسْتَأجَرْتُ اجيرًا بفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قَالَ: أَعْطِنِى حَقِّى، فَعَرَضْتُ عَلَيْه فَرَقَهُ فَرَغِبَ عَنْهُ، فًلَمْ أً زَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ منْهُ بَقَرًا وَرِعَاءَهَا.
فَجَاءَنِى فَقَالَ: اتَّقِ الله، وَلاَ تَظلِمْنِى حَقِّى.
قُلتُ: افْ!بْ إِلَى تِلكً البَقَرِ
قوله: (فلم يزل ذلك دأبى فى واديهم): أى حالى اللازمة.
والدأب: الملازمة للشىء والعادة له.
وقوله: (فبقيت حتى جمعت مائة دينار، فجئتها (1)، فلما وقعت بين رجليها) أى جلست منها مجلس الرجل من المرأة، كما جاَ في حديث اَخر (2) " قالت: اتق الله ولا تفض (3) الخاتم إلا بحقه)، الحق هنا: الوجه الجائز من نكاح لا بالباطل من الفاحشة، والخاتم كناية عن عذرتها، اْى لا يستبيح افتضاضها إلا بما يحل من النكاح.
وقوله: " فقمت عنها ": فيه أن من هم بمعصية فتركها لله تعالى، وإن كان قد عزم عليها ووطن نفسه على فعلها، فإن ذلك يصير من تركه ونزوعه طاعة، وهى توبة حقيقة عنها، بدليل قوله فى الحديث الاخر: " فاكتبوها حسنة، لاَنه إنما تركها من أجلى دا، وقد مضى الكلام على هذا مفسراً مستوعبأ أول الكتاب (4).
وقوله: " استأجرت أجيرا بفرق من أرز): هو إناء قدر ثلاثة اَصع.
قال بعضهم: بسكون الراء وفتحها، وكذا قيدناه عن كثير من شيوخنا، والاكثر الفتح.
قال الباجى: وهو الصواب.
وكذا قيدناه عن أهل اللغة.
قال: ولايقال بالإسكان.
قال القاصْى: قد ذكر ابن دريد - من أئمة أهل اللغة - أنّه يقال بهما معا، وقد تقدم
فى الطهارة ذكره (5).
(1) فى ح: فجئتها بها.
(2) أحمد 116 / 2.
(3) هذا لفظ البخارى، أما صحيح مسلم: ا لا تفتح ".
(4) انظر: كالإيمان، بإذا هم العبد بحثه برقم (205).
(5) انظر: كالطهارة، حديث رقم لا 31).
238(8/237)
كتاب الذكر والدعاء / باب قصة أصحاب الغار الثلاثة...
إلخ وَرِعَائهَا.
فَخُن!ا.
فَقَالَ: اتَّقِ الله وَلاَ تَسْتَهْزِئ بِى.
فَقُلتُ: إِنِّى لاَ أسْتَهَزِئُ بِكَ، خُذْ ذَلِكَ البَقَرَ وَرِعَاعَ!ا.
فَاخذَهُ فَنَ!بَ بِهِ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنّى فَعَلتُ ذَلِكَ ابْنِغَاءَ وَجْهِكَ، فَافْرُجْ لَنَا مَا بَقِىَ.
فَفَرجً اللّه مَا بَقِىَ.
(... ) وحّدثنا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور وَعبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالا: أخْبَرَنَا أَبُو عَاصِم، عَنِ
ابْنِ جُرَيْج، أخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
ح وَحَدثنِى سُوَيْدُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ عُبَيْدِ الله.
ح وَحَدثنِى أبُو كُرَيْب وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيف اَلبَجَلِىُّ، قَالا: حَدعشَا ابْنُ فُضَيْل، حَدثنَا أَبِى وَرَقَبَةُ بْنُ مَسْقَلَةَ.
حِ وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَحَسَن الحُلوَانِىُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد قَالُوا: حَدثنَا يَعْقُوبُ - يعْنُونَ ابْنَ إِبْرَاهِيمَ بْن سَعْد - حَدثنَا أبِى عَنْ صَالِح ثنِ كَيْسَأنَ، كُلُّهُمْ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ التبِىًّ كلية.
بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِى ضَمْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
وَزَ الوا فِى حَدِيثِهِمْ: (وَخَرَجُوا يَمْشُونَ لا.
وَفِى حَدِيت صَالِح: (يَتَمَاشَوْنَ لما إِلا عُبَيْدَ الله فَإِنَّ فِى حَدِيثِهِ: (وَخَرَجُوا لا وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْلَ!ا شَيْئا.
(... ) حّدثنى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْل التَّمِيمِىُّ وَعَبْد الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بهْرَامَ وَأبُو بَكْرِ
ابْنُ إِسْحَقَ - قَالَ ابْنُ سَهْل: حدثنَا.
وَقَالَ الآخَرَان: أخْبَرَنَا - أبُو الَيَمَانِ.
أخْبَرَنَا شُعَيْمث عَنِ الرفرِىِّ، أخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْد الله ؛ أنًّ عَبْدَ اللّه بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (انْطَلَقَ ثَلاَثَة رَهْطَ مِمَّنْ كَان قَبْلَكمْ، حَتَّى آوَاهُمُ المَبِيتُ إِلَى
وقوله: (فرغب عنه): أى كرهه، يقال: رغب فيه: إذا حرص عليه، ورغب عنه: إذا كرهه وتركه.
وقوله: (وكنت لا اْغبق قبلهما أهلا ولا ولدأ) الغبق: شراب العشى، يقال غبقت الضيف اْغبقه، بالفتح فى الماضى، والضم فى المستقبل: إذا أسقيته عشاء.
وقوله: (فثمرت اْجره دا: أى نميته.
وقوله: " حتى كثرت هذه الأموال فارتعجت " كذا لكافة الرواة، وهو الصواب.
وعند الطبرى ة (فارتجعت)، والأول المعروف الصحيح، اْى كثرت حتى ظهرت حركتها وا ضطرابها لكثرتها، وا لارتعاج (1): ا لاضطراب والحركة الكثيرة.
(1) فى الأبى: الاتعاج بدون راء.(8/238)
كتاب الذكر والدعاء / باب قصة أصحاب الغار الثلاثة...
إلخ 239 غَارٍ ) وَاقتَصَّ الحَدِيثَ بمَعْنَى حَدِيثِ نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ غَيْرَ انَّهُ قَالَ.
قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: "اللّهُمَّ، كَان لِى أبَوَان شًيْخَانِ كَبيرَانِ، فَكنْتُ لاَ أَغْبُقُ قَبْلَهُمَا أَهْلاً وَلا مَالأ لما.
وَقَالَ: فَامْتَنَعَتْ مِنِّى حَتَّى أَلَمًّتْ بهَا سَنَة مِنَ السِّنينَ، فَجَاعَتْنِى فَأَعْطَيْتَهَا عِشْرِينَ وَمِائَةَ دِينَارٍ ).
وَقَالَ: " فَثَمَّرْتُ اجْرَهُ حَتًّى كَئُرَتْ مِنْهُ الَأمْوَالُ، فَارْتعَجَتْ).
وَقَالَ: (فَخَرَجُوا مِنَ الغَارِ يَمْشُونَ ".
وقوله: (ففرجها)، (ولعل الله يفرجها " كله من السعة ثلاثى، وفرج الله منها فرجة، بضم الفاء أيضا: إذا كان من السعة، فأما من الراحة ففرجة بالفتح وفرجا أيضا.
240(8/239)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها
بسم الله الرحمن الرحيم
49 - كتاب التوبة
(1) باب فى الحضر على التوبة والفرح بها
ا - (2675) حدّثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدثنِى زَيْدُ بْنُ أَبسْلَمَ، عَنْ أَبِى صَالِح، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، انَّهُ قَالَ: (قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: أنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدى بِى، وَأنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِى.
وَالله، دلهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالنهُ بِالفًلاةِ، وَمَنْ تَقَرث إِلَىَّ شِبْزا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاغا، وَمَنْ تَقَرث إِلَىَّ
كتاب التوبة
قوله: (والفه، لَفهُ أشد فرحا بتوبة عبده) الحديث، قال الإمام: الفرح يتصرف على معان، منه اْنه يرادَ به (1) السرور، ولكن السرور يقارنه الرضى بالمسرور به، فالمراد هنا: أن الله - سبحانه - يرضى بتوبة العبد أشد مما يرضى الواجد لناقته بالفلاة.
فعبر بالرضا بالفرح (2) / تأكيلًما لمعنى الرضا فى نفس السامع، ومبالغة فى معناه.
قال القاصْى: قال بعضهم: الفرح معظم السرور وغايته، والسرور عبارة عن بسط الوجه، وسعة الصدر، واستناره الوجه.
قيل: دانما سمى سروراً لاستنارة وجهه، وبريق أسارير جبينه.
والتوبة من الذنب هو الندم عليه.
وأصله: الرجوع، يقال: تاب وثاب وآب وأناب بمعنى رجع.
استعمل منه فى الرجوع عن الذنب: تاب واْناب وأتاب.
وفرق بعضهم بين هذه الألفاظ وقال: التوبة أولا وكأنها الإقلاع، والإنابة بعدها، والاَ وبة آخرها، وهى درجة الاَنبياء، قال تعالى: {إِنَّهُ أَوَّابٌ} (3).
قال الإمام: التوبة من الذنب هى الندم عليه، رعاية لحق اللة تعالى، ويجب على التائب أن يضيف إلى الندم على الذنب العزم على ألاّ يعود إليه إذا كان متأتيأ منه العودة إليه.
وتعجيل التوبة عند الذنب هو المأمور به، وتأخيرها عنه منهى عنه.
وربما غلط بعض المذنبين ودام على الإصرار خوفا من أن يتوب فينقض، وهذا اغترار وجهالة، ولا يحسن أن يترك واجبا عليه على الفور، خوفا أن يقع منه بعده ما ينقضه.
وتصح التوبة عندنا عن الذنب مع البقاء على ذنب آخر خلافه، خلافا لمن منعه من المعتزلة لأنّ بواعث النفس إلى المعاصى تختلف، والشهوات[ فى الفسوف] (4)
(1) من !.
(3) ص: 17، 30، 44.
(2) مذهب السلف: إثبات صفة الفرح لله - عز وجل - بدون تأويل.
(4) من !.(8/240)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها 241 ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِليْهِ بَاعًا، ي!ذَا أَقْبَلَ إِلَىِّ يمْشِى أَقْبَلتُ إِليهِ أُهَرْوِلُ ".
2 - (... ) حدّثنى عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ القَعْنَبِىُّ، حَد، شَا المُغِيرَةُ - يَعْنِى ابْنَ
عَبْد الرَّحْمَنِ الحزَامى - عَنْ ابِى الزَناد، عَنِ الأعْرَج ؛ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: تَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لله اشَد فَرَحًا بِثَوْبَةِ أَحَدِكُم، مِنْ احَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ، إِفَا وَجَلَ!ا).
(... ) وحدلنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّراقِ، حَدثنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنتم! عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَاهُ.
تختلف باختلاف أنواعه، وطباع العصاة وحضور الأسباب المعينة على الشر والصادرة عنه، فتصح لذلك التوبة عن الذنب مع البقاء على خلافه.
ونحن نرى عيانا العصاة يكفون عن شرب الخمر ليالى رمضان احترامأ له، ويشربون فى ليالى شوال لاعتقادهم أنّ الذنب فى رمضان أعظم، فإذا صح اختلاف الأغراض والاءسباب لم يبعد النزوع عن ذنب مع البقاء على غيره على ما قلناه.
!هذا وقعت التوبة عن الذنب على شرطها، فإن كانت عن الكفر قطع بقبولها، وان كانت عما سواه من المعاصى فمن العلماء من يقطع على قبولها، ومنهم من يظن ذلك ظنًا ولا ينتهى إلى القطع ؛ لاءن الظواهر التى جاءت لقبولها ليست بنصوص عنده، وانما هى عمومات معرفته بالتأويل والتوبة يقارنها الحزن والغم علي ما تقدم من الإخلال بحق الله تعالى ؛ لأن الفرح المسرور بما فرط من ذلاته لا يندم عليها.
قال القاصْى: ذهب بعض مشايخنا إلي أن التوبة: الإقلاع عن الذنب، والندم علي ما سلف، والعزم على ألا يعاوده.
وقال اخرون: إنّ التوبة ت الندم، قال وفي ضمن ذلك ترك فعله فى الحال والمستأنف لأنه إذا ندم على / ذنبه لم يفعله الآن وتركه، وعزم على ألأ يفعله، واحتج بقوله - عليه السلام - (الندم توبة) (1).
وقال اخرون: معناه: معظم شروط التوبة وخصالها، كما قيل: " الحج عرفة) (2).
وهذه الشروط فى صحة التوبة - من الندم على الذنب السالف، والإقلاع عنه فى
[ الحال] (3) والمستقبل - وهذا إفا لم يتعلق بالذنب تباعة، فأمّا إن تعلّق به مع ارتكابه حق لله أو لاَدمى، فلابد من شرطن: أحدهما متفق عليه، والاَخر مختلف فيه.
فالمتفق عليه، أحدهما: فى حق الآدمى وهو رد مظلمته إليه والخروج له عنها، أو يحلله منها بطيب نفسه (1) ابن ماجة، كالزهد، بذكر الوبة، برقم (4252)، أحمد 3 / 376.
(2) أبو داود، كالمناسك، بمن لم يدرك عرفة برقم لا 133)، ابن ماجه، كالمناسك، بمن أتى عرفة قبل الفجر، برقم (315).
(3) من خ.
80 / ب
242(8/241)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها 3 - (2744) حديثنا عُثْمَان بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - وَاللَّفْظُ لِعثمَانَ -
قَالَ إِسْحَقُ: اخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَلثّنَا - جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ سُوَيْد، قَالَ: دَخَل!ت عَلَى عَبْد الله اعُولحُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَحَدثّنَا بِحدَيثَيْنِ: حَديثًا عَنْ نَفْسهِ وَحًد!يثًا عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا للهَ أشَدُّ فَرَحًاَ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ، مِنْ رَجُلٍ فِى أرْضٍ دَوَيَة مَهْلَكَةٍ، مَعَهُ
إذا كان لا يصح الإقلاع عنها الا بذلك، كالغصب واسترقاق الحر، فإن الإقلاع لا يصح مع بقاء اليد على ذلك جملة.
والثانى: المختلف فيه، وهو ما كان من حق الاَدمى فيما[ لا] (1) يصح الإقلاع دونه، كضربه أو قتله أو إفساد ما يلزمه غرمه.
وكذلك فى حق الله فيما ضيعه من فرائضه، فإن الإقلاع عن ذلك توبة صحيحة مستقلة بنفسها، وقضاء ما فرط فيه من ذلك فرض اَخر، وكذلك تمكينه[ مظلومه] (2) من القصْاص من نفسه، أو غرمه له، فرض آخر يصح التوبة دونه عندنا، على ما تقدم.
وروى عن[ ابن] (3) المبارك: أن من شرط التوبة: قضاء ما فرّط فيه من حقوق الله، والخروج عن مظالم العباد.
ولعله يثير إلى كمالها وتمامها ؛ لأنها لا تصح فى ذلك الذنب.
والتوبة فرض لازم على كل مَنْ علم من نفسه مخالفة[ لله تعالى] (4) صغرت أو كبرت، وهى من جملة امهات الفرائض اللازمة.
ووجوبها عند اْهل السنة شرعا لا عقلا، خلافا للمعتزلة، وليس بواجب قبولها على الله عقلا، وإنما علمنا ذلك بالشرع والإجماع، خلافا للمعتزلة فى حتمهم ذلك على الله عقلا، على اْصلهم الفاسد فى التحسين والتقبيح، وإيجاب العقل مايوجب من ذلك.
والتوبة نعمة أنعم الله بها على هذه الأمة دون غيرها من الأمم، قاله سفيان بن عيينة.
وكانت توبة بنى إسرائيل قتل أنفسهم، كما نص الله عليه (5).
وقد اختلف أئمتنا هل من شرطه متى ذكر الذنب تجديد الندم ؟ أولا يلزمه تكرار ذلك ؟
وقوله (دويّة): كذا مشددة الواو والياء، حديث عثمان بن أبى شيبة، دإسحاق،
وجاَ فى حديث أبى بكر بن اْبى شيبة (ثاويقا) بألف وياَ أيضا مشددة، وكلاهما صحيح بمعنى واحد، وهى القفر، والفلاة اسم لا جمع.
قال الخليل: الداوية: المغارة.
(1) من !.
(4) سقط من ز، والمثبت من خ.
(5) الاَية فى سورة البقرة رقم (54).
(2، 3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.(8/242)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها 243 رَاحِلَتُصُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَا"لىُ، فَنَامَ فاسْتَيْقَظَ وَقَدْ فَ!بَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى ادْرَكَهُ العَطَشُ.
ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِىَ الَّذي كُنْتُ فيه، فَا"نامُ حَتَّى أمُوتَ، فَوَضَعَ رَأسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحَلَتُهُ وَعَلَيهًا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَ ال، فالله أَشَدُ فَرَحًا بِتَوْبَةِ العَبْدِ المُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَنِهِ وَزَ الهِ).
(... ) وحلّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، شَايحيى بْنُ ادمَ، عَنْ قُطبَةَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: " مِنْ رَجُلٍ بِدَاوِيةٍ مِنَ الأرْضِ لما.
4 - (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا أبُو أُسَامَةَ، حَد، شَا الأعْمَشُ، حَدشَا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْر قَالَ: سَمعْتُ الحَارِثَ بْنَ سُوَيْد قَالَ: حَد، شِى عَبْدُ الله حَديثَيْنِ: أحَدُهُمَا عَنْ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَالاَخَرُ عَنْ نَفْسِهِ.
فَفالَ: قَالَ رَسُولُ الله كلية: ا للَه أشَدُّ
قال الإمام: وأما قوله: (فى أرض دوية) فهى الفلاة، وجمعها داوى.
قال الشاعر:
قد لفها الليل بعصلبى أروع خراج من الداوى
قال القاصْى: كذا وقع، ! انما[ الداوى جمع داوده لا جمع دوية] (1) وكما ذكرناه على الصواب ذكره الهروى الذى نقل عنه، ولعله تغيير ممن نقله، والله أعلم.
وقوله: " دوية مَهلكَه دا: بفتح الميم واللام، أى أنها تهلك سالكها بغير زاد ولاماء ولا راحلة ؛ ولهذا سميت مفازة، من قولهم: فوز الرجل: إذ هلك، وقيل: بل على طريق التفاؤل، كما قيل للديغ: سليم.
وقيل: لاَن من قطعها فاز، أى نجا.
وقوله: عن عبد الله، حدثنا بحديثين، حدثنا عن نفسه، وحدثنا عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فذكر عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا الحديث فى التوبة ولم يذكر فى كتاب مسلم حديثه عن نفسه، وقد ذكره البخارى والترمذى (2) وغيرهما، وهو قوله: (إن المؤمن يرى ذنوبه[ كأنها] (3) قاعد تحت جبل، يخاف أن يقع عليه دان الفاجر يرى ذنوبه كذباب على أنفه، قال به هكذا) فى الحديث نفسه بسنده ومعناه: أن ابن مسعود قال هذا الكلام، ومثل هذا التمثيل من قبله، [ لا] (4) أنه رواه عن النبى - عليه السلام - اْو غيره.
(1) هكذا قى ز، أما فى ح: وإنما الداوى جمع دوية.
(2) البخارى فى الدعوات 8 / 83 واللفظ له، الترمذى فى كصفة القيامة برتم 4 / 568 (2497)، أحمد 1 / 383، وعند الترمذى وأححد مقطوع بأنه من قول ابن مسعود.
(3) هكذا فى ز، أما قى خ: كأنه.
(4) من خ.
244(8/243)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها
فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ لما بِمِثْلِ حَلِيثِ جَرِيرِ.
5 - (2745) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَا شَا أبِى، حَا شَا أَبُو يُونُسَ،
عَنْ سِمَاك قَالَ: خَطَبَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَقَاًلَ: ا للّهُ اشَدُ فَرَحَا بِوْبَةِ عَبْدِه مِنْ رَجُلِ حَمَلَ زَادَ" وَمَزَادَهُ عَلَى بَعيرٍ، ثئم سَارَ حَتَّى كَانَ بِفَلاَة مِنَ الأرْضِ، فَاثْرَكَتهُ القَأئلَةُ، فَنَزَلَ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَة، فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، وَانْسَلَّ بعِيرُهُ، فَاسْتَيْقَظَ فَسَعَى شَرَفًا فَلًمْ يَر شَيئا، ثَمْ سَعى شَرَفًا ثَانيًاً فَلَمْ يَر شَيْئًا، ثُمَّ سَعَى شَرَفا ثَالِثا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَا"قْبَلَ حَتَّى أتَى مَكَانَهُ الَّذى قَالَ فِيه، فَبَيْنَمَا هُوَ قَاعِد إِذْ جَاءَهُ بَعِيرُهُ يَمْشِى، حَتَّى وضَعَ خطَامَهُ فِى يَده، فَلَلّهُ أَشَدّ فَرَحًا بِتَوْبًةِ العَبْدِ، مِنْ هَذَا حِ!دنَ وَجَدَ بَعِيرَهُ عَلَى حَالِهِ لما.
قَالَ سِمَاذ: فَزَعَمَ الشَّعْبِىُّ ؛ أن النُّعْمَانَ رَفَعَ هَذَا الحَلِبثَ إِلَى النبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَأمَّا أَنَا
فَلَمْ أَسْمَعْهُ.
6 - (2746) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَجَعْفرُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ جَعْفَز: حَدةَّشَا.
وَقَالَ يحيى: أَخْبَرَنَا - عُبَيْدُ الله بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيط عَنْ إِيَاد، عًنِ البَرَاء بْنِ عَازِبٍ قَالَ ة قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجلٍ انْفَلَتَت مِنْهُ رَاحِلًتُهُ.
تَجُرُّ زِمَامَهَا
وقوله فيه فى رواية أبى بكر بن اْبى شيبة بهذا الإسناد قال: " من رجل بداوية من الأرض) كذا الصواب، وفى بعض النسخ قال: (مر رجل بداويقا) وليس بشىء ؛ لاَن ابتداء الكلام لا يدل عليه، دإنما كرر هذا ليرى اختلاف الروايتن فى هذا الحرف، فقال فى سند عثمان فيه: ا لله أفرح بئوبة عبده من رجل فى أرض دوية) وقال فى رواية أخيه: "من رجل بداوية من الأرض)، ومعنى الروايتن واحد، والله أعلم.
وقوله: (من رجل حمل زاده ومزاده) بفتح الميم، كأنه اسم لجنى، والمزادة: هى القربة الكبيرة، سميت بذلك لأنه يزاد فيها من جلد اَخر لكبرها.
وقوله: (قد اْضله بأرض فلاة): أضل الرجل دابته: اذا لم يجدها بموضعه، وضللت
كذا وضللت بالفتح والكسر: نسيته، والفتح اْشهر، قال الله تعالى: { أَن تَفِلَّ إحْدَ ا هُمَا} (1).
(1) البقرة: 282.(8/244)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بهاء245 بِا"رْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَائم وَلاَ شَرَاب!، وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَام!وَشَرَاب!، فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْ! ثُمَّ مَرَّتْ بِجذْلِ شَجَرَة فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا، فَوَجَد!ا مُتَعَلقَةً بِه ؟) قُلنَا: شَديدأ يَارَسُولَ الله.
فَقَالَ رَسُولُ الله كلالة.
(أَمَا، وَالله، لله أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ، مِنَ الرًّ جُلِ بِرَاحِلَتِهِ ".
قَالَ جَعْفَر: حَد*شَا عُبَيْدُ لله بْنُ إِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ.
7 - (2747) خدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصّبَاحِ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حَد*شَا عُمَر بْنُ يُونُس، حَد*شَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّار، حَدئنَا إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ الله بْنًِ أبِى طَلحَةَ، حَد!شَا أنَسُ ابْنُ مَالِك - وَهُوَ عَمهُ - قَالَ: ً قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " للّهُ اشَدُ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدهِ، حِينَ يَتُوبُ اليهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحلَته با"رْضِ فَلاَة، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ، وَعَلَيْهًا طَعَامُهُ وَشَرَا"لىُ، فَاعيِسَ مِنْهَا، فَاعتَى شَجَرَةً، فَاضطًجًعَ فِى ظلِّهَاً، قَدْ أَيسَ مِنْ رَاحِلته، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا.
ثُمًّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَح: اَللًّهُمَّ، انْتَ
وقوله: " فانسل بعيره ": أى سار من غير علمه كأنه فى ستر.
والسلة: السرقة الخفية، وقد يكون من السير اللين بحيث لم يشعر به، ومنه: سللت الشعرة من العجين.
وقوله: " فقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدى وأنا ربك): فيه أن ما قاله الإنسان
من مثل هذا - من دهش، وذهول - غير مؤاخذ به إن شاء الله، وكذلك حكايته عنه على طريق علمى وفائدة شرعية، لا على الهز والمحاكاة والعبث لحكاية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إياه، ولو كان منكرًا لما حكاه.
وقوله: (فسعى شرفأَ فلم ير شيئاَ، ثم سعى شرفأَ فلم ير شيئا): يحتمل أن يكون الشرف هنا كالطلق والعلوة، كما قالوا فى قوله: دا فاستنت شرفا ".
ويحتمل أن يريد به الشرف من الأرض ليتطلع منه أ هل يراها] (1) وهو أظهر.
وقوله فى حديث أنس من رواية هداب بن خالد: " للَّه اْشد فرحًا بتوبة عبده من أحدكم إذا استيقظ على بعيره، قد أضله بأرض فلاة) كذا الرواية فى جميع نسخ مسلم.
قال بعضهم: هو وهم، وصوابه: (إذا سقط على بعيره) وكذا رواه البخارى (2): (سقط)
(1) هكذا فى ز، اْما فى خ ة على مراها - (2) البخارى كالدعوات، بالتوبة (6309).
246(8/245)
كتاب التوبة / باب فى الحض على التوبة والفرح بها
عَبْدِى وَأنَأ رَتُكَ.
أخْ! مِنْ شِدَّةِ الفَرَح).
8 - (،.
.
) حّدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِد، حدثنا هَمَّامو، حَدّثنَا قَتَ ال!، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك ؛
أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا للىُ أَشَدُ فَرَخا بتَوْبَة عَبْده مِنْ أحَدكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعيرِ! قَدْ أَضَلَّهُ بِا"رْضِ فَلاَة لما.
ًً
(... ) وَحَدثنِيهِ أَحْمَدُ الدَّارمِىُّ، حدثنا حَتانُ، حَدثنَا هَمَامو، حدثنا قَتَادَةُ، حدثنا أنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الثَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ بمِثْلِهِ.
أى[ لقاه] (1) وصادفه من غير قصد، ومن أمثالهم: سقط العشاء على سرحان (2).
قال القاصْى: وقد جاء فى الحديث الاَخر عن ابن مسعود قال: (فاْرجع إلى المكان الذى كنت فيه فاْنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت، فاستيقظ وعنده راحلتط.
وفى كتاب البخارى: (فنام نومة فرفع رأسه فإذا راحلته عنده " (3) وهذا يصحح رواية: دا استيقظ)، لكن وجه الكلام وحديث أنس وسياقه يدل على (سقط) كما قاله البخارى.
وقوله: (قلنا: شديدًا يارسول الله) راجع على قوله: (كيف ترون بفرح رجل - اى سراة - فرحًا شديدا، أو يفرح فرحأ شديدًا لا.
وقوله: (بجذل شجرة) أى أصلها القائم، وبالذال المعجمة، يقال بفتح الجيم وكسرها، ومن رواه بالراء فقد أخطأ.
قال الإمام: خرّج مسلم فى التوبة: حدئنايحيى بن يحيى وجعفر بن حميد، كلاهما
عن عبيد الله بن إياد، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كيف يقولون برجل انفلتت منه راحلته، يجر زمامها) هكذا خرج مسلم هذا الحديث عن يحيى بنيحيى وجعفر بن حميد فى رواية ابن ماهان والكسائى، وجعفر هذا شيخ لمسلم لم يرو عنه إلا هذا الحديث، وهو كوفى، يعرف بربيعة، حدث عنه بقى بن مخلد الأندلسى.
وخرجه أبو مسعود عن جعفر بن حميد، وهو الصواب.
وروى عن أبى اْحمد الجلودى: حدثنا يحيى بن يحيى وعبد بن حميد مكان: (جعفر بن حميد) وهو وهم.
(1) فى!: الفاه.
(2) انظر: مجمع الأمثال للميدانما رقم (1764).
(3) سبق تخريجه فى كالدعوات.(8/246)
كتاب التوبة / باب سقوط الذنوب بالاستغفار توبة
247
(2) باب سقوط الذنوب بالاستغفار، توبة
9 - (2748) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا لَيْثٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسبى - قَاصِّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ - عَنْ أَبِى صِرْمَةَ، عَنْ أَبِى أَيُّوبَ ؛ أَنَّهُ قَالَ، حِ!دنَ حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ: كُنتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئا سَمعْتُهُ منْ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: الَوْلاَ أَنَّكُمْ تُذْنِبُونَ لَخَلَقَ اللهَ خَلفا يُذْنِبُونَ، يَغْفِرُ لَهُمْ لا.
10 - (... ) حّدثنا هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِىُّ، حَا شَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدثنِى عِيَاضٌ - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الله الفِهْرِىُّ - حَد!شى إِبْرَاً هِيمُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ كَعْب القُرَظىِّ، عَنْ أَبِى صِرْمَةَ، عَنْ ابِى أَيُّوبَ الأنْصَارِىِّ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؛ أَنَّهُ قَالَ ة "لَوْ أً نَّكُمْ لَمْ تَكنْ لكم ذُنُوبٌ، يَغْفِرُهَأ الله لَكَمْ، لَجَاءَ الله بِقَوْمٍ لَهُمْ ذُنُوبٌ، يَغْفِرُهَا لَهُمْ).
قال القاصْى ة وقوله: عن محمد بن قيس قاضى عمر بن عبد العزيز، كذا للعذرى، ولغيره: (قاص) بالصاد المهملة من القصص، وكلاهما مذكوران.
وقد ذكر البخارى فى التاريخ الروايتين (1)، وحكى عن حماد: (قاص أو قاضى عمر) بالشك.
وذكر عن ابن إسحق قال: وكان قاصأ، قال: قصصت على عمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة، وهذا يصحح رواية من قال: إنه من القصص، وهو أبو عثمان محمد بن قيس الزيات، مولى يعقوب القبطى، مدنى.
وقول ائى أيوب فى هذا الحديث حين حضرته الوفاة ت كتمت عنكم علمًا سمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون، يغفر لهم) هذا من فضل الله العظيم وكرمه الجسيم.
وكتمه مخافة الاتكال، وغلبة الرجاء، والأمانى، وتعطيل العمل.
ثم خاف الحرج بكتمانه جملة قبل موته، فأنباْ به ليزول عنه الحرج، مع ما فيه لنفسه من الرجاء عند حضور موته.
وهكذا يجب لمذكر الناس وواعظهم ألا يكثر عليهم من أحاديث الرجاء لئلا ينهمكوا فى المعاصى والحعطيل للأعمال والاتكال، ويكون وعظه أغلب عليه التخويف والتحذير، ولكن على حد لا يؤيس ولا يقنط، والإمام فى ذلك كتاب الله تعالى ووعظه.
واستحبوا لمن
(1) التارلخ البهير 1 / 212، 213 برقم (666).
248(8/247)
كتاب التوبة / باب سفوط الذنوب بالاستغفار توبة 11 من2749) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ جَعْفَرٍ الجَزَرِىِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الاضَمِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَألَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "وَائَذى نَفْسِى بيَده، لَوْ لَمْ تَننْبُوا لَنَهبَ الله بكُمْ، وَلَجَاءَ بقَوْمٍ يُذْنبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ الله، فَيَغْفِرُ لَهُم ث!َ.
ً
حضر حضور ميت وتلقينه أو من اشتد عليه المرض أن يكون الغالب على ذكر من يكون حينئذ عنده اَيات الوعد والغفران وأحاديث الرجاء ة لتطيب نفس الميت بلقاء ربه وبلقائه على ما مات عليه من حسن ظنه برحمته.
وذكر حديث قطن بن نسير، بضم النون وفتح السين مصغراً، ولم يختلف فيه.(8/248)
كتاب التوبة / باب فضل دوام الذكر والفكر فى أمور الاَخرة...
إلخ
249
(3) باب فضل دوام الذكر والفكر فى أمور الاَخرة، والمراقبة، وجواز ترك ذلك فى بعض الأوقات، والاشتغال بالدنيا
12 - (2750) حدّثنايحيى بْنُيحيى التَّيْمِىّ وَقَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ - وَاللَّفظُ ليَحْيَى - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعيد بْنِ إِيَاسٍ الجُرَيْرِىِّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ، عَيق حَنْظَلَةَ الالمتتدىِّ قَألَ - وَكَانَ منْ كُتًّابِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: لَقيَنِى ابُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حًنْظَلَةُ ؟ قَألَ: قُلتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ.
قَألَ: سُبْحَانَ اللهَ ا مَا تَقُولُ ؟ قَالَ ة قُلتُ: نَكَونُ عِنْدَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالجَنة، حَتَى كَأنَّا رَأىَ عَيْنٍ، فَإِفَ ال خَرَجْنَا مِنْ عنْد رَسُولِ الله على، عَافَسْنَا الأزوَل وَالاع وْلاً دَ وَالضَّيْعَات، فَنَسينَا كَثيرًا.
قَالَ أَبُو بَكْرَ: َ فَوَاللّه، إِنَّا لَنَلقَى مثْلَ هَذَا.
فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّىىدًًخَلنَاََعَلَى
رَسُول اللهً ( صلى الله عليه وسلم ).
تُالَتُ: نَافَقَ حَنظَلَةُ يَا رَسُولَ الله.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (وَمَا ذَاكَ ؟ داَ.
تَلتُ: يَارَسُولَ الله، نَكُونَ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بالنَّارِ وَالجَنْةِ، حَتَّى كَأنَّا رَأىُ عَيْنٍ، فَإذَا خَرَجْنَا مِنْ عنْدِكَ، عَافَسْنَا الاع زْوَل وَالأوْلاَدَ وَالَضيْعَات، نَسِينَا كَثِيرًا.
فَقَالَ رَسُولُ الَله على: " وَالَّذَى نَفْسِى بِيَده، إنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكَونُونَ عنْدِى، وَفِى الذكرِ، لَصَافَحَتْكمُ المَلائِكَهُ عَلَى فُرُشَكُمْ وَفِى طُرُقِكمْ، وَلِكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سًاعَةً وَسَاعَةً) ثَلاَثَ مَرَاتٍ.
وقوله فى حديثه: عن حنظلة الأسيدى، بسكون الياء، فقيل: من بنى تميم.
ومن
رواه (الأسدى) فقد أخطأ.
قال: وكان من أصحاب النبى - عليه السلام - كذ الثر شيوخنا.
وفى كتاب ابن عيسى أيضا من كتاب النبى معأَ، وكلاهما صحيح، وقد جاَ كل هذا بعد فى الحديث الاَخر مبينأَ عن حنظلة التميمى الأسيدى.
قوله: (يذكرنا بالجنة والنار كأنا رأى العين لما: كذا ضبطناه بالضم، أى كائنا بحال من يراها بعينه، ويصح النصب على المصدر، أى يراها رأى عين.
وقوله ة " عافسنا الأزواج والاءولاد والضيعات) كذا روايتنا فيه عن جميعهم بالفاء والسن المهملة، قال الإمام: قيل: معناه: لاعبته.
قال القاضى: أما (عافسنا، كذا، فقال الهروى وغيره: معناه: حاولنا ومارسنا.
250(8/249)
كتاب التوبة / باب فضل دوام الذكر والفكر فى أمور الآخرة...
الخ 13 - (... ) حدّئنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، سَمِعْتُ أبِى يَحَدِّثُ: حدثنا سَعِيد الجُرَيْرِىّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىّ، عَنْ حَنْظَلَةَ، قَالَ: كُنَّا عنْدَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَوَعَظَنَا فَذَكَّرَ الئارَ.
قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ إِلَى البَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصًّبْيَانَ وَلاَعَبْتُ المَرْاةَ.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَلَقيتُ أَبَا بَكْر، فَذَكَرْتُ ذَلكَ لَهُ.
فَقَالَ: وَأَنَا قَدْ فَعَلتُ مِئْلَ ما تَذْكُرُ.
فَلَقينَا رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُالًتُ: يَارَسُولً الله، نَافَقَ حَنْظَلَةُ.
فَقَالَ: (مَهْ لما، فَحَدَتتُهُ بِالَحَدِيثِ.
فَقَالَ ابُو بَكْر: وَأَنَا قَدْ فَعَلتُ مِئْلَ مَأ فَعَلَ.
فَقَالَ: " يَا حَنْظَلَةُ،
والمعافسة: المصارعة ونحوها، اْى حاولنا ما نحتاج من أمور الا"زواج والاءولاد والمعاش واشتغلنا به، وأى ملاعبة للضيعات.
والضيعات جمع ضيعة، وهو ما يكون منه معاش الرجل ؛ من مال أو حرفة او صناعة.
وروى الخطابى (1) هذا الحرف: " عانسنا) بالنون، وفسره: لاعبنا.
ورواه القتبى: (عانشنا) بالعن والشين المعجمة، وفسره: عانقنا.
والتفسير الذى ذكرناه أولا ؛ لاءنه يجمع الملاعبة وغيره.
وقد فسره فى الرواية الأخرى فقال: (ضاحكت الصبيان، ولاعبت المرأة)، ولم يذكر هناك: " الضيعة).
وقوله ة (نافق حنظلة): أى بما ظهر منه بحضرة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الخوف، خلاف ما
كان منه فى منزله وانفراده، خشى النفاق، إذ أصله إظهار شىء وكتم غيره وستره، وقد تقدم تفسيره (2)، فأعلمه النبى - عليه السلام - أن الحال منهم لا تقتضى بقاءهم على وتيرة واحدة، وأن مثل هذا ليس بنفاق، فأعلمهم اْن هذه الحال التى وجدوها من اْنفسهم عنده لو كانوا ملازمين لها لصافحتهم الملائكة فى الطريىّ
احتج بهذا أصحاب الكلام فى المقامات والأحوال من متكلمى الصوفية، واختلفوا في ذلك بحسب اختلافهم فى أصولهم، فقال بعضهم: هذا يدل أنها لم تكن[ لهم] (3) [ حالا] (4) ؛ إذ الحال ما لازم العبد ولم ينتقل عنه، واْما ما يذهب ويجىء فإنما هو مواجيد ولوائح وعوارض ولوامع بحكم مشاهدة سلطان النبوة.
وقال اَخرون منهم ة بل هى أحوال لهم، والحال لا يلزم دوامهاث ولذا سميت حالا، دإنما اللازم المقام وكذا اختلافهم فى مراتب المقامات والاءحوال الجارية فى ألفاظهم واصطلاحات كلامهم.
(1) انظر: غريب الحديث 1 / 246.
(2) سبق فى كالإيمان، بخصال النفاق برقم (106).
(3) فى ه الث!خ.
(4) فى خ: حا.(8/250)
كتاب التوبة / باب فضل دوام الذكروالفكرفى امورالاَخرة...
إلخ 251 سَاعَةً وَسَاعَقً! وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوُبكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذكْرِ، لَصَافَحَتْكمُ المَلاَئِكَةُ، حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِى الطُّرُقِ لما.
(... ) حّدثنى زَهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدهشَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْن، حَد*شَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيد الجُرَيْرىِّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِى، عَنْ حَنْظَلَةَ التِميمِىِّ الًأسيدِىِّ الكَاتِبِ، قَالَ: كُئأ عِنْدَ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكرنَا الجَئةَ وَالنَارَ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمَا.
وقوله: فقال: " مه لما: اممما ما يقول ؟ على الاستفهام، والهاء هاء السكت والوقف.
وقد يحتمل هنا الزجر والتعظيم للاْمر، مثل: بخ بخ.
ويقال بالسكون وبالكسر والتنوين.
252(8/251)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ
(4) باب فى سعة رحمة اللّه تعالى، وأنها سبقت غضبه
14 - (2751) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا المُغيرَةُ - يَعْنِى الحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاً: ا لَمَّا خَلَقَ الله الخَلقَ، كَتَبَ فِى كِتَابِهِ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِى تَغْلبُ غَضَبِى لما.
.
15 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ة (قَالَ اللّه عَزَّ وَجَلَّ: سَبَقَتْ رَحْمَتِى غَضَبِى لما.
16 - (... ) حدّثنا عَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنِ الحَارثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ا لَمَّا قَضَى الله الخَلَقَ، كَتَبَ فِى كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِهِ، فَهُوَ مَوْضُوع عِنْدَهُ: إِنَّ رْحَمتِى تَغْلِبُ غَضَبِى).
17 - (2752) حدّثنا حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُّجِيبِىُّ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِى يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ أخْبَرَهُ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
وقوله: دا إن رحمتى تغلب غضبى)، وفى الرواية الأخرى: دا سبقت رحمتى غضبى)، قال الإمام ة غفسب الله عزوجل ورضاه يرجعان إلى إرادته لإثابة المطيع ومنفعة العبد وعقاب العاصى وضرر العبد (1)، فالأول منهما يسمى رحمته، والثانى يسمى غضبه دارادة الله سبحانه قديمة أزلية، بها يريد سائر المرادات، فيستحيل فيها الغلبة والسبق، دإنما المراد هاهنا متعلق الإرادة من الحفع والضُر، فكان رفقه بالخلق ونعمه عليهم أغلب من نقمه وسابقة لها، فإلى هذا يرجع معنى الحديث.
وقد اختلف شيوخنا فى معنى الرحمة، هل ذلك راجع إلى نفس الإرادة للتنعيم أو الى التنعيم بنفسه ؟ وانما يحتاج إلى هذا الاعتبار على القول بأن ذلك راجع إلى نفس الإرادة.
قال القاصْى: الغلبة هنا والسبق بمعنى، والمراد بهما الكثرة والشمول، كما يقال: غلب على فلان حب المال أو الكرم او الشجاعة: إذا كان أكثر خصاله.
وقوله: " جعل الله الرحمة مائة جزء " الحديث، كذا رويناه بضم الراء ويقال بفتحها، ومعناه: العطاف والرحمة.
وفى الحديث الآخر: " خلق الله مائة رحمة، فوضع
(1) مذهب السلف: إثبات صفتى الرحمة والغص !11 - !ا غبر تأويل وكيفية -(8/252)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ 253 اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مائَةَ جُزْء، فَا"مْسَكَ عِنْدَهُ تسْعَةَ وَتِسْعنَ، وَانْزَلَ فِى الارْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِ تَثَرَاحًمُ الخَلاَئِقُ، حَتَىَ تَرْفَعَ الدًّا بَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَة أَنْ تُصِيبَهُ).
18 - (... ) حدّثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَألُوا: حَد، شَا إِسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَر - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةً ؛ أَنَّ رَسَولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالَ: "خَلَقَ الله مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَوَضَعَ وَاحِدةً بَيْنَ خَلقِهِ، وَخَبَأَ عِنْدَهُ مِائَةً، إِلاَّ وَاحِدَةً).
19 ط...
) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ نُمَيْرِ، حَدثنَا أَبِى، حَدثنَا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطَاء، عَنْ ائى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قًألَ: (إِنَّ للِه مِائَةَ رَحْمَة، أَنْزَلَ منْهَا رَحْمَة وَاحدَةَ بَيْنَ أ!جِنِّ وَالإِنْسِ وَالبَهَائم وَالهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وَبِهَا"يَتَرَاحَمُوَنَ، وَبهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِها، وَأَخرَ الله تِسْعًا وَتِسْعِنَ رَحْمَة، يَرْحَمُ بِهَا عِبَ ال! يَوْمَ القِيًامَةِ).
20 - (2753) حدّثنى الجَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَا ثَنَا مُعَأذُ بْنُ مُعَأفٍ حدثنا سُلَيْمان التَّيْمِىّ، حَدثنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِىّ، عَنْ سَلمَانَ الفَارِسِىِّ، قَألَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَمِنْهَا رَحْمَه بِهَا يَتَرَاحَمُ الخَلقُ بَيْنَهُمْ، وَتِسْعَة وَتِسْعُونَ لِيَوْم القِيَامَةِ).
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الا"عْلَى، حدثنا المُعْتْمَرُ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
21 - (... ) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أَبُو مُعَاويَة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِى هِنْد، عَنْ
أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ سَلمَانَ، قَألَ: قَالَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنًّ الله خَلَقَ، يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالا"رْضَ، مَائَةَ رَحْمَةٍ.
كُلُّ رَحْمَ! طِبَاقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالا"رْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا فِى
[ واحدة] (1) بين خلقه، وخبأ عنده مائة إلأ واحدة) وفى الرواية الانحرى: " يرحم الله بها عباده يوم القيامة): عبارة عن كثرة رحمة الله فى الدنيا والاَخرة، وأنها فى التمثيل على ما عهد من تراحم الناس كالعدة التى ذكر، وقد يحتمل أنها تجزئةً صحيحة فى أنول الرحمة، والله يختص بقية أنواعها على هذه التجزئة.
وقوله: " كل رحمة طباق ما بين السماء والاءرض) أى ملؤها، كأنها تعم ذلك[ فيكون طبقأَله] (2).
(1) هكذا بالاَصل.
(2) فى هامش خط.
254(8/253)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
الخ الأرْضِ رَحْمَص فَبَهَا تَعْطفُ الوَالِدَةُ عَلَى وَلَل!ا، وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ كْمَلًهَا بِهَنِهِ الرَّحْمَةِ).
22 ط 2754) حدّثنى الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِى وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ التَّميمِىُّ - وَاللَّفْظُ لِحَسَنٍ - حَدثنَا ابْنُ أَبى مَرْيَمَ، حَدثنَا أَبُو غَسَّانَ، حَد 8شى زَيْدُ بْنُ أسْلًمَ، عَنْ ابيم! عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ ؛ أَنَّهُ قَالَ: قَدمَ عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بسَعْي، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الَسًّبْىِ، تَبْتَغى، إِذَا وَجَدَتْ صَبيا فِى السَّبىِ، أَخَنَتْهُ فَا"لصًقَتْهُ ببَطنهَاَ وَأرْضَعَتْهُ.
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اتَرَوْنَ هَنِهِ المَرْاةَ طَارحَةً وَلَل!ا فِى النَّارِ ؟) قَلنَا: لاَ، وَالله، وَهِىْ تَقْدِرُعَلَى الآ تَطرَحَهُ.
فَقَالَ رَسُول لم لله ( صلى الله عليه وسلم ): ا للّهُ أرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَنِ! بوَلَد!ا).
23 - (2755) حدّثنايحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إسْمَأعِيلَ بْنِ جِعْفَرٍ.
قَالَ بْنُ ايُّوبَ: حدثنا إِسْمَأعيلُ، اخْبَرَنِى العَلاَءُ، عَنْ ابِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَة ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَوْ يَعْلَمُ المُؤمِنُ مَا عنْدَ الله منَ العُقُوبَةِ، مَا طَمِعَ بِجَنَتهِ احَد، وَلَوْيَعْلَمُ اهَافِرُ مَاعِنْدَ الله مِنَ الرَّحْمَةِ، مَا قَنَطَ.
مِنْ جًنَّتِهِ أحَد).
24 - (2756) حّدثنى مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوق بْنِ بنتِ مَهْدِىِّ بْن مَيْمُون، حَدثنَا رَوْحٌ، حَدثنَا مَالِكٌ، عَنْ أبِى الز"تادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنِ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنََّ رَسُوذَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (قَالَ رَجُلُ - لَمْ يَعْمَلْ حَسَنةً قَطُّ - لأهْله: إِذَا مَاتَ فَحَرّقُوهُ، ثُمَّ افرُوا نصْفَهُ فِى البَرِّ وَنِصْفَهُ فى البَحْر.
فَوَالله، لَئِنْ قَدَرَ اللًعَلَيْه لَيُعَنَبَنَّهُ عَنَابًا لاَ يُعَنبهُ أَحَدا منَ العَالَمِيئَ.
فَلَمًّا مَاتَ الرخلُ فَعَلُوا مَا امَرَهُمْ، فامرَ اَلله البَرَّ فَجَمَعَ مَا فِيه، وَامَرَ البَحرَ فَجَمَعَ مَا فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ: لِمَ فَعَلتَ هَذَا ؟ قَالَ: مِنْ خَشْيَتِكَ يَارَبِّ، وَانتَ أعلَمُ، فَغَفَرَ الله لَهُ).
25 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْد: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ
وقوله: فإذا امرأة من السبى تبتغى، إذا وجدت صبيا أخذته دا: كذا فى جميع نسخ مسلم ولرواته، وفيه وهم.
وفى كتاب البخارى "تسقى) (1) مكان (تبتغى "، وهو وجه الكلام وصوابه.
(1) البخارى، كالاْدب، برحمة الولد وتقبيله 8 / 9.(8/254)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ 255 رَافِع - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدةَّشَا - عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ فَألَ: قَألَ لِىَ الزُّهْرِى: ألاَ أُحَدثك بحَديثنِ عَجيبَيْنِ ؟ قَألَ الزُّهْرِىُّ: أخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ عَنْ أٍ بى هُرَيْرَفَ عَنِ النّبىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: َ (أسْرَفَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسهِ، فَلَمَا حَضَرَهُ الَمَوْتُ أوْصَى بنيه فَمالَ: إِفَا أَنَا متُّ فَ الرقُونِى، ثُمَّ اسْحَقُونِى، ثُمَّ اذرونى فى الريحِ فِى البَحْرِ.
فَوَالله، لًئنْ قَدَرَ عَلَى ربِّى.
لَيُعَذَبنِى عَذَائا مَا عَذبهُ به أَحَدًا.
قَأً: فَفًعَلُوا ذَلِكَ به.
فَقَالَ للأَرْضِ: ادِّى مَا أَخَذْت، فَإفَا هُوَ قَأئِمٌ.
فَقَالَ لَهُ: مَاَ حًمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ ؟ فَقًاَلَ: خَشْيَتُكَ يَارَبِّ - أوْ قَالَ - َ مَخًافَتُكَ، فَغفرَ لَهُ بِتلِكَ ".
(2619) قَالَ الزهرِىُ: وَحَدثَنى حُمَيْد، عَنْ ابى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (دَخَلَت امْرَأَة الئارَ فى هِرَّةٍ رَبَطتهَا، فَلاَ هِىَ أطَعَمَتْهَا، وَلاَ هِىَ أرْسًلَتْهَا كلُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ، حَتَىَ مَاتَتْ هَزْلاَ ".
قَالَ الزهرِىُّ: ذَلِكَ، لِئَلأَ يَتَكِلَ رَجُل، وَلاَ يَيْاسَ رَجُل.
26 - (2756) حدّثنى أبُو الربِيع سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، حَدثَنِى الزبيْدىُّ قَألَ الزُّهْرىُ: حَدثَنى حمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَألَ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (أَسْرَفَ عَبْد عًلَى نَفْسه لما بِنَحْوِ حَديثِ مَعْمَر.
إِلَى قَوْلِهِ: (فًغَفَرَ الله لَهُ ".
ً
وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ المَرّأَةِ فِى قِصَّةِ الهِرَّةِ.
وفَى حَدَيثِ الزُبيْدىِّ قَألَ: (فَقَالَ اللّه عَزَّ وَجَلَ لكُلِ شَىءٍ أَخَذَ منْه شَيْئَا:، مَا أَخَذْتَ مَنْهُ ".
وقوله: (أسرف رجل على نفسه دا: أى أخطأ وزاد[ على خطأ غيره] (1)، وغلا فى المعاصى، وجاوز قصد ال المر (2) والسرف: الخطأ، وهو ائضا: مجاوزة القصد فى الا"مور.
وقوله: الما حضره الموت أوصى بنيه فقال: إذا مت فأحرقونى) إلى قوله: (فوالله، لئن قدر
الله علىَّ ليعذبنى عذابا ما عذب به أحد) ثم قال اخره: (فقال: لم فعلت هذا ؟ فقال: من خشيتك يارب، وأنت أعلم، فغفر له)، قال الإمام: لا يصح حمل هذا الحديث على
(1) فى هامش خ.
(2) فى خ ة الأمور.
256(8/255)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ
أنه اْراد بقوله: " قدر علىَّ) من القدرة، فإنه من شك فى كون البارى - سبحانه - عارف به، وقد ذكر فى اَخر الحديث أن الله تعالى قال له: (ما حملك على ما صنعت ؟ قال: من خشيتك يارب - أو مخافتك - فغفر له بذلك)، والكافرلا يخشى الله ولا يغفر الله له.
فإذا ثبت ألا يصح حمل الحديث على هذا المعنى فيحمل على اْحد وجهين: إما أن يكون المراد به: لئن قدر على، بمعنى: قدر على العذاب.
ويقال: قدر وقدر بمعنى واحد، أو يكون أراد: قدر على، بمعنى: ضيق على، قال الله تعالى: { فَقَدَرَ عَلَيْهِ !زْقَهُ} (1)، وهكذا القول فى قوله تعالى: { فَظَنَّ أَن لَّن ثقْدِرَ عَلَيْهِ (2)} (3).
قال الق الى: قد اختلف فى تأويل قوله هذا، فقيل ماتقدم، وفيل: بل قال ما قاله وهو غير ضابط لكلامه ولا معثقد لظاهره، بل لما اعتراه من الخوف أو من الجزع الذى استولى عليه، فلذلك لم يؤاخذه به ولم يضبط قوله، كما لم يضبط الآخر فى الحديث المتقدم من شدة الفرح ودهش بغته السرور، وقوله: (أنت عبدى واْنا ربك) (4) وقد قال فى غير مسلم: " فلعلى أضل الله) (5) اى: اغيب عنه.
وهذا يشعر أن قوله: " لن قدر الله على) هناك على ظاهره المنكر، لاعلى ماتأول قبل، لكن العذر عنه ما ذكرناه.
وقيل: بل هذا نوع من مجاز كلام العرب وبديع بلاغتها، سمى عند أهل النقد بتجاهل العارف، وسماه ابن المعتز فى دا كتاب البديع): مزج الشك باليقين، كقوله ثعالى: { لَّعَلَهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (6) وقوله ة{ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَئ هُدً ى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِين} (7)، وقول الشاعر:
[ اْ اْنت اْم اْمّ سالم] (8)
فصورته صورة الشك، والمراد التحقيق، وقيل: بل هذا رجل جهل صفة من الصفات.
وقد اختلف فى جاهل الصفة، هل هو كافر أم لا ؟ فمن كفره بذلك الطبرى، وقاله
الاَ شعرى أولا.
وذهبت طالْفة أخرى إلى أن الجهل بالصفة لايخرجه عن اسم الإيمان بخلاف جحدها،
! اليه رجع الأشعرى قال: لأنه لم يعتقد اعتقداً، فقطع بصوابه، ورآه دينا وشرعا، ! انما يكفر من اعتقد أن مقاله حق.
قالوا ولو بوحث أكثر الناس عن الصفات وبوحث عنها من
(1) الفجر: 16.
(2) زيد بعدها في ز لقظة " أحد).
(4) رقم (7) من هذا الكتاب.
(5) أحمد 5 / 5، ومجمع الزوائد 10 / 195.
للأ) طه: 44.
(7) سبأ: 24.
(3) الأنبياء: 87.
(8) سقط من ز، والمثبت من ح.(8/256)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ 257 27 - (2757) حّدثنى عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ اليَنْبَرِىُّ، حَد، شَا أبِى، حَدثنَا شُغبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، سَمِعِ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الغَافِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا سَعيد الخُدْرِىَ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَّ رجُلأ فِيَمنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَاشَهُ الله مَالا وَوَلَدا.
فَقَالَ لِوَلَده: لَتَفْعَلُنَّ مَا اَمُرُكُيم بِم! أَوْ ل الولَينَّ مِيرَاثِى غَيْرَكُمْ، إِذَا أَنَا مُتُّ فَاثحْرِقُونِى - وكثَر عَالمِى أَنَّهُ قَالَ - ثُم اسحَقُونِى، وَاذرُونِى فِى الرِّيحِ، فَإِنِّى لَمْ أبْتَهِرْ عِنْدَ الله خَيْزا، ! اِنًّ الله يَّقْدِرُ عَلَىَّ أنْ
يدعى العلم لما وجد العالم بها إلا قليلأ.
وقيل: كان هذا فى زمن الفترة وحيث ينفع مجرد التوحيد.
وقيل: قد يحتمل أن زمنهم كان حيمئذ وشرعهم فيه جواز عفو الله عن الكافر، بخلاف شرعنا ؛ إذ ذلك من مجوزات العقول عند أهل الحق، دإنما منعنا ذلك بالشرع، وقوله: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِر أَن يُشْرَكَ} (1) الاية، وفعله ما فعله من الخوف بنفسه عند الآخرين، ليس لاَنه اعتقد اْنه (2) يخفى بذلك عن الله ويعجزه، بل إزراء على نفسه ومعاقبته لها بما قدر عليه بعصيانها !إسرافها، ورجاء أن ذلك ينفعه عند الله ان ضيق عليه وعاقبه على أحد التأويلين الأولن، أو قدر عليه بعثه وحشره، أو لعله لم يكن يرد حيمئذ بالحشر شرع يقطع به.
فيكون بالشك فيه أو التكذيب كافرا ؛ إذ هو من مجوزات العقول، دإنما يعلم وجوبه ووجوده بالشرع.
وفيه فضيلة الخوف والخشية، وأنها من مقامات الإيمان وأركان الإسلام، وهى التى نفعت اَخراً هذا السرف وغفر له بسببها.
وأما قوله فى الرواية الانحرى: (راشه الله مالا) بألف ساكنة وشين معجمة، كذا للرواة، وهو الصواب.
وعند الفارسى: دا رأسه لما بهمزة وسين مهملة، ولا وجه لها هنا.
قال الإمام: قال ابن الالمحرابى: الرْياش: المال المستعار، والريائش اْيضًا: الأكل والشرب، وفى حديث عائشة - رضى الله عنها -: دا كان يريش مملكها): اْى كان يفضل على المحتاج فيتحسس حالته.
قال القتبى: اْصله: الريش، كأن المقدم (3) لا نهوض به (4) مثل المقصوص من الطير، وجعل الريش مثلا للباس.
قوله فى بعض طرقه: " رغسه الله مالا وولدًا).
قال أبو عبيد: (5) قال الأموى:
معناه أكثر له منه وبارك له فيه.
قال أبو عبيد: يقال منه: رغسه الله يرغسه رغسا: إذا كان
(1) 1 لنساء: 47.
(3) فى!: المعدم.
(5) انظر: غريب الحديث 1 / 170.
(2) كذا فى ز، وفى!: لأنه.
(4) فى!: له.
258 (8/257)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ يُعَدَبنِى.
قَالَ: فَاخذَ مِنْهُمْ مِيثَاقًا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِمِ!وَر!ى.
فَقَالَ الله: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلتَ ؟ فَقَالَ: مَخَافَتُك.
قَالَ: فَمَا تَلاَ فَاهُ غَيْرُهَأ لما.
28 - (... ) وحدّثناه يَحْمىَ بْنُ حبيب الحَارِثِىُّ، حَا شَا مُعتَمرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ
لِى أبِى: حدثنا قَتَالحَةُ خ وَ حدثنا أَبُو بًكْرِ بنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا الحًسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدثنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ.
ح وَ حدثنا ابْنُ المُثَنّى، حَدّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، حَدّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ قًتَ الةَ.
ذَكَرُوا جَمِيعًا بِإِسْنَادِ شُعْبَةَ نَحْوَ حَدِيثِهِ.
وَفِى حَلِيثِ شَيْبَانَ وَأبِى
ماله ناميًا كثيرا، ولذلك هو فى الحسب وغيره.
وأما قوله فى بعض طرقه: " فلم يبتئر، عند الله خيراً) قال مسلم: فسرها قتادة:
لم يدخر عند الله خيرا.
وفى بعض طرقه: (ما ابتار عند الله خيرا)، وفى بعض طرقه: ادما امتأر لما بالميم، قال الهروى (1): الم يبتهر خيرا): اْى لم يقدم[ حسنة] (2) خيرا لنفسه ولم يدخرها، يقال: باْرت الشىء وابتأرته، إذا ادخرته وخباْته، ومنه قيل للحفرة: البؤرة، ويقال أيضا: ائتبرت بمعنى.
قال القاصْى: اْكثر روايات شيوخنا فيه فى حديث عبيد الله بن معاذ: " لم أبتهر) بالهاء، وعند ابن ماهان: (ابتأر) بالهمزة كما تقدم، وهو المعروف، لكن قد تبدل الهمز من الهاء والهاء منها، فإن صحت الرواية فتخرج على هذا، كما تأولوا رواية: (امتاْر) بالميم أنها مبدلة من الباء.
وقوله فى حديث معاذ هذا: " دن الله يقدر على أن يعذبنى) كذا الرواية عند جميعهم، وفى الكلام تلفيف، فإن أخذ على ظاهره ونصب الاسم العزيز وكان يقدر موضع خبر إن، استقام اللفط وصح المعنى، لكنه مخالف لما تقدم من قوله قبل فى صورة شك فى ذلك وتردده.
قال بعض المشايخ: صواب الكلام بإسقاط " إن دا الاَخرة وتخفيف "إنها) الاَولى ورفع الاسم، وكذلك قيدناه عن بعضهم، فيكون: دن الله يقدر على تعذيبى، وتوافق قوله فى سائر الروايات ة (فإن قدر الله على عذبنى).
وقوله بعده: (فأخذ منهم ميثاقأَ، ففعلوا ذلك به وربى دا.
كذا فى كتاب مسلم على القسم من المخبر بذلك عنهم على صحة ماذكر، وفى البخارى: (فأخذ منهم ميثاقأَ وربى، ففعلوا ذلك به " (3).
قال بعضهم: وهو الصواب.
(1) انظر: غريب الحديث ا / لما ا.
(2) فى هامش ح.
(3) كالتوحيد، بقول الله: (يريدون ال يبدلوا كلام الله} 9 / 178.
(8/258)
كتاب التوبة / باب فى سعة رحمة الله...
إلخ 259 عَوَانَةَ: (أَنَّ رَجُلاً مِنَ النَّاسِ رَغَسَهُ الله مَالأ وَوَلَدً ال.
وَفى حَل!يثِ التَّيْمِىِّ: (فإَنَّهُ لَمْ يَبْتَئرْ عِنْدَ الله خَيْرًا لما.
قَالَ: فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ عنْدَ اللَّه خَيْرًا.
وَفِى حَدِيث شَيبَانَ: (فَإِنَّهُ، والله، مَا ابْتَأرَ عَنْدَ اللهِ خَيْرًا).
وَفِى حَدِيثِ أً بِى عَوَاَنَةَ: (مَا امْتَأَرَ) بِالمَيم.
قال الق الى: وكلاهما عندى متقارب فى المعنى والقسم، ووجدته فى بعض نسخ مسلم، ولم يكن عند أحد من شيوخنا إلا فى أصل الق الى التميمى من طريق ابن الحذاء: لاوفعلوا ذلك وذرى)، فإذا صحت هذه الرواية فهو وجه الكلام ؛ لاءنه قد أمرهم فى الحديث أن يذروه فى الريح، وتكون الذال قد سقطت على[ الكاتب] (1) للحديث فتغير اللفظ، ويكون دا وربى) قد غير من لفظ اشتق من الرباب بالكسر وهو العهد، أى اْخذ منهم ميثاقًا وعهدا.
والإربة، بكسر الراء وتشديد الباء: المعاهدون.
وقد رأيت بعض الشارحن مال إلى تفسير الحرف بهذا، لكنه لم يقدم الحرف على هذا، والله أعلم.
وذكر ابن شهاب بإثر حديثه بغير هذا الحديث: دا دخلت امرأة النار فى هرة) الحديث (2)، قد فسرناه قبل.
وقوله: (آخره لئلا يتكل رجل ولا ييأس) لما ذكر الحديث الأول وفيه من رحمة الله
لهذا الذى أسرف وجهل صفة ربه، خشى على سامعيه الاتكال والاعتماد على الرجاء، وتعطيل الأعمال، فجاء فى الحديث الآخر[ المخوف بعذاب الهرة لأجل هذه ربطتها] (3)، فظاهر الأمر أنه من صغائر الذنوب (4) ليمزج الرجاء بالخوف ليعتدل حال المطيع.
فعبادة الخلق لله بين الرجاء والخوف، وهكذا يجب للواعظ والمذكر مزج أمره ومعاناة ذكره، ويكون الغالب التخويف ؛ لاَن النفوس إلى الرجاء والدعة أميل، ومن العمل والتكاليف أثقل.
(1) كذا فى ز، ودى ح: الكتاب.
(2) سبق فى كالبر والصلة، بتحريم تعذيب الهرة، برقم (135).
(3) ما فى ز، أما فى ح: ليخوت به بعذاب هذه لأجل هرة ربطتها.
(4) هكذا فى ز، أما فى ح: الأمور -
260
(8/259)
كتاب التوبة / باب قبول التوبة من الذنوب...
إلخ
(5) باب قبول التوبة من الذنوب، وإن تكررت الذنوب والتوبة
29 - (2758) حدّثنى عَبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَّاب، حَا شَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَقَ
ابْنِ عَبْد اللّهِ بْنِ أبِى طَلحَةَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى عَمْرَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - َ فِيمَا يَحْكِى عَنْ ربِّهِ عَزَّ وَجَل - قَالَ: " أفنَبَ عَبْدٌ فَثبًا، فَقَالَ: اللّهُمَّ، اغْفِرْ لِى ذَنْبِى.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أفنَبَ عَبْدِى فَنْبًا، فَعَلِمَ يلى لَهُ ردأ يَغْفِرُ النَّنْبَ، وَيَأخُذ بألذنْبِ.
ثُمَ عَادَ فَ النَبَ، فَقَالَ: أىْ رَبِّ، اغْفِرْ لِى ذَنُبِى.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدى أَذنَبَ ذَنْئا، فَعَلِمَ أنَّ لَهُ رضا يَغْفِرُ اللئَنْبَ، وَيَأخُذُ بِألن!نْبِ.
ثُمَّ عَادَ فَائهنَبَ، فَقَالَ: أَىْ رَبّ، اغْفِرْ لِى ذَنْبِى.
فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أفنَبَ عَبْدِى ذَنْبَا، فَعَلِمَ ال له ربأ يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأخُذُ بِالنَّنبِ.
اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ).
قَالَ عَبْدُ الأعْلَى ة لاَ ادْرِى اقَالَ فِى الثَّالِثَةِ اوِ الرَّابِعَةِ: (اعْمَلْ مَا شِئْتَ).
(... ) قَالَ أبُو أَحْمَدَ: حَد"شِى مُحَمَدُ بْنُ زَنْجُوَيةَ القُرَشِىُّ القُشَيْرِىُّ، حَا شَا عَبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَاب النَّرسِىُّ، بَهذَا الإِسْنَادِ.
30 - (... ) حدّثنى عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنِى أَبُو الولِيدِ، حَد، شَا همَامٌ، حَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أَبِى طَلحَةَ، قَالَ: كَان بِالمَدِينَة قَا صيُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِى عَمْرَةَ.
قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ عَبْدًا أفنَبَ فَنْبًا) بِمَعْنَى حَديث حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ.
وَذَكَرَ ثَلاثَ مَرَّات: (أذنَبَ فَنْبًا).
وَفِى الثَّالِثَةِ: (قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِىَ فَليَعمَلْ مَا شَاءَ لما.
31 - (2759) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدىئنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شدْلآُ، !ُ.
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَأ عُبَيْلةً يُحَدِّثُ عَنْ ابِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُط يَدهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ
وقوله: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب
(8/260)
كتاب التوبة / باب قبول التوبة من الذنوب...
إلخ
261
مُسِىءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطلُعَ الشَّمْسُ منْ مَغْرِبِهَا لا.
(... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَدّثنَا أبُو دَاوُدَ، حَدّثنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
مسىء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)، قال الإمام: المراد بهذا القبول على التائب ؛ لاءنه قد جرت العادة أن الإنسان إذا نول ما يقبله بسط يده إليه، دإذا رأى من يحبه بسط يده إليه، وإذا نول مايكره قبض يده عنه.
فخاطب العرب من حيث تفهم، وذكر أمثالا محسوسة ليوكد معنى ما يريده فى النفس وأما يد الجارجة فمستحيلة على الله - سبحانه.
والبسط والقبض من صفات الا"جسام، واليد قد تطلق فى اللغة على النعمة، وهذا المعنى المشهور فى اللسان يقارب ما قلناه ؛ لاءن ما يقبله - سبحانه - من قبول توبة عباده من إحدى نعمه عليهم، وكذلك مايفعله من النعم بالتائبين.
وأما اثبات اليدين لله - سبحانه - من غير أن تكون يدى جارجة، بل صفتين من الصفات قديمة أزلية فأثبتهما القاضى أبو بكر بن الطيب وغيره من أئمتنا ؛ لقوله تعالى: { لِمَا خَلَقْت بِيَدَيَّ} (1)، فأثبت اليدين هنا صفتين قديمتن ؛ لاءن صرف اليد هاهنا عنده إلى النعمة لايليق بهذا الموضع ؛ لاءن النعمة مخلوقة ولا يخلق مخلوق بمخلوق، وصرفها إلى القدرة يمنع منه التثنية، والقدرة واحدة بلا خلاف.
وأبو المعالى مال إلى نفى ذلك، وحمل القرآن على التجوز، وأن المراد أن الله - سبحانه - خلق آدم بغير واسطة، بخلاف غيره من بنيه، فكنى عن ذلك بأنه خلقه بيديه ؛ لاءنا إذا لم يكن بيننا وبن ما يكون من الأفعال وسائط عبر عن ذلك بأن يقال: فعلته بنفسى، وتوليته بيده.
والقصد تميز ادم بالاختصاص.
وقد يجمع الشىء تفخيما وإن كان واحدًا، والعرب تفعل ذلك وهذا المعنى سلك الأئمة فى هذه الاية.
!إن قلنا بإثبات اليد على طريقة القاضى، فلابد من تأويل الحديث على نحو ما قلناه
لذكر البسط فيه، د نما يبقى النظر فى معنى اليد داضافة هذا الأمر إليها.
قال القاضى: وقيل (2) يحتمل أن اختصاصه النهار هنا والليل - دإن كانت التوبة مقبولة أى وقت كانت - فالمراد بذلك أوقات مخصوصة كثلث الليل، وبعد الزوال، والوقتين المشهودين وحضرة النداء ؛ لما جاء من أن أبواب السماء تفتح فيها.
(1) ص ة 75.
(2) هكذا فى ز، وفى ح: وقد.
262
(8/261)
كتاب التوبة / باب غيرة الله تعالى...
إلخ
(6) باب غيرة اللّه تعالى، وتحريم الفواحش
32 - (2760) حدّثنا عُثْمَان بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ - حَد، شَا جَرِيرو عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى وَائِل، عَنْ عَبْد الله، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لَيْسَ أحَد أحَبَّ إلَيْه المَدح مِنَ الله، مِنْ أجْلِ ذَلِكً مَدخً نَفْسَ! وَلَيْسَ أحَد أغْيَرَمِنَ الله، مِنْ أجْلِ ذَلِكَ حَرَّمً الفَوَاحِشَ لما.
33 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد، شَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ - وَاللَّفْظ لَهُ - حَد*شَا"عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقيق، عَنْ عَبْد الله، قالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ أَحَد أَغْيَرَ مِنَ الله، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الَفَوًا حِشَ مَا ظًهَرَ مِنهَا وَمَأ بَطَنَ، وَلاَ أَحَد أَحَبَّ إِلَيْه المَدْحُ مِنَ الله).
34 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ.
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ: سَمِعْت عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ - قُلتُ لَهُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْد الله ؟ قَالَ: نَعَمْ.
!رَفَعَهُ - أَنَّهُ قَالَ: (لاَ أَحَد أَغْيَرَ مِنَ الله، وَدذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مًأ ظَهَرَ مِنْهَا وَمَأ بَطَنَ، وَلاَ أَحَد أحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِن الله، وَلِذَلِكً مَدَخَ نَفْسَهُ لما.
35 - (... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَد، شَا - جَرِيرو عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ مَألِك بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْد الله بْنِ مَسْعُود، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): " لَيْسَ أَحَد أ، حمًبَ إديْه المَدح مِنَ الله عَزًّ وَجَلَّ، مِنْ أَجلِ ذَلكَ مَدَخَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ اغْيَرَ مِنَ الله، !!،، إجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَد أَحًبَّ إِلَيْهِ العُنر مِنَ الله، مِنْ أَجْلِ
وتقدأ الكلام على قوله: " ليس أحد أغير من الله) (1) وقد جاء فى نفس الحديث نفسير غيرة الذ بما رفع الإشكال فى رواية عمرو الناقد قال: دا وغيرة الله أن يأتى المؤمن ما
، 1) ات أ 3 -: كاللعان، برقم (19).
(8/262)
كتاب التوبة / باب غيرة الله تعالى...
إلخ
263
ذَلِكَ أَنْزَلَ الكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ لما.
36 - (2761) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَد!نَنَا إِسْمَاعيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُلَيَّهَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَبى عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ يَحْمىَ: وَحَدثَّنِى أَبُو سَلًمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّ الله يَغارُ، وَإنَّ المُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ الله أنْ يَأتِىَ المُؤْمِن مَا حَرَّمَ عَلَيهِ).
(2762) قَألَ يَحْمىَ: وَحَدثَّنِي أبُو سَلَمَةَ ؛ أنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزبيْرِ حَد ؟لهُ ؛ أنَّ اشْمَاءَ بِنْتَ أبِي بَكْرٍ حَد*شْهُ، أنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " لَيْسَ شَىْءٌ أغْيَرَ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَ ".
(2761) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَد*شَا أبُو دَاوُدَ، حَد ؟شَا أبَأن بْنُ يَزِيدَ وَحَرْبُ ئنُ شَدَّاد، عَنْ يَحْمىَ بنِ أبِى كَثِير، عَنْ أبى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ رِوَايَةً حَجَّاج.
حَلِيثَ أبِي هُرَيْرَةَ خَاصًّةً.
وَلَمْ يَذْكُرْ حَديثَ أسْمَاءِ.
37 - (2762) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِى بَكْرٍ المُقَدِّمِىُّ، حَد"نثَا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ هشَامٍ، عَنْ يَحْمىَ بْنِ أبِى كَثيرٍ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنًّهُ قَألَ.
" لاشَىْءَ أغْيَرُمِنً الله عَزَّوَجَلَّ).
38 - (1 276) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد - ننَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابنَ مُحَمَّد - عَيق العَلاء، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، أنَّ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " المُؤْمِنُ يَغَارُ، وَ ائله أشَدّ غَيْرًا".
حرم عليه) أى: منعه ذلك وتحريمه له.
وقوله: " والله أشد غيرة ": الغير والغار والغيرة بمعنى واحد، كله بفتح الغين، وقيل: معنى " لا شىء أغير من الله ": يحتمل ألا ينبغى لشىء الا يكون أغير منه فيتعدى بأخذه، فى ذلك، ويبطش من يجده فيما يكره لحينه بما لا يجب، دون المجىء بما حده الله من البينة، ويعجل بالعقوبة، والله تعالى يعذر ويمهل، ولذلك ذكر بعده: " ولا أحد أحب إليه العذر من الله " والله أعلم.
وقد كان منه عليه السلام - هذا الكلام بإثر قول سعد ما قال: ل الضربنه بالسيف غير مصفح.
264 (8/263)
كتاب التوبة / باب غيرة الله تعالى...
إلخ (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّي، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ، حدثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمعْتُ العَلاءَ، بِهَذَا الإسْنَادِ.
وفى قوله ة ا ليس أحد أحب إليه المدح من الله) فيه تنيه على عظم الثواب وكثرة الرغبة فى تسبيح الله وتقديسه، والثناء عليه واجب هنا على ما تقدم من إرالمحة الثواب [ للحامد له] (1) والمثنى عليه والمحمد، دانما يجب ذلك منه ويأمرهم به ويريهم أجرهم عليه.
وقوله: دا لا أحد أحب إليه العذر من الله): يحتمل اْن يريد للإعذار والحجة، قال
الله تعالى: { عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} (2) وكذلك قال بعده: (من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل) وِيحتمل أن يريد به الاعتذاز من خلقه إليهم ؛ لعجزهم وتقصيرهم فيغفر لهم، كما قال: { وهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} (3).
(1) سقط من ح.
(2) 1 لمرسلات: 6.
(3) الشورى ة 25.
(8/264)
كتاب التوبة / باب قوله تعالى: { إن الحسنات يذهبن السيئات}
(7) باب قوله تعالى: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات}
265
39 - (2763) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو كَامِل فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِى، كِلاهُمَا عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيع - وَاللَّفْظ لأبىً كَامِلٍ - حَدّثنَا يَزِيدُ، حدثنا التيْمىُّ، عَنْ أبِى عُثْمَانَ، عَنْ عَبْد اللهِ بنِ مَسْعُود ؛ أنًّ رَجُلأ أصَابَ مِنِ امْرَأة قُبْلَةً، فَأتَى الَنَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ ذَلكَ لَهُ، تَاً: فَنَزَلَتْ: { وً أَقِم الصَّلاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذهِبْنَ السًّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (1) قَالَ: فَقَألَ الرخلُ: ألِىَ هَدهِ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: الِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتى لما.
40 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الأعْلَى، حَدثنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أبِيه، حَدثنَا ائو عُثْمَانَ،
عَنِ ابْنِ مَسْعود ؛ أنَّ رَجُلأ أتَى الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ أتهُ أصَابَ منِ امْرَأة إِمَّا قبلَة، أوْ مَسّا بِيَد، أوْ شَيْئا.
كأئهُ ئسْألُ عَنْ كَفَّارَتِهَا.
قَالَ: فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلًّ.
ثُمَّ ذَكًرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَزِيدَ.
41 - (... ) حدّثنا عُثْمَانَ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا جَرِير!، عَنْ سُلَيْمَانَ التيْمِىِّ، بِهذا الإسْنَادِ.
قَالَ أصابَ رَجُل مِنِ امْرَاة شَيْئا دُونَ الفَاحِشَة، فَأتَى عُمَرَ بْنَ الخَطَّأبِ فَعَظَّمَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أتَى أبَا بَكْر فَعَظَّمَ عَلَيْهِ، ثمًّ أتَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكًرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَزِيدَ وَالمُعْتَمِرِ.
وقوله: فى الذى أصاب من امراْة قبلة، فذكر ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، فنزلت: { َ أَقِمِ الملاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ} الآية، وفى الحديث الآخر: " أصاب من امرأة دون الفاحشة)، وفى الحديث الاَخر: " عالجت امرأة فى أقصى المدينة، دإنى أصبت منها ما دون أن أمسها): يريد بالمعالجة التناول منها، ولكن بمدافعة ومشقة والمعالجة: المصارعة.
وقوله: " ما دون أن أمسها لما يريد به: الجماعِ، بدليل الحديمب الذى قبله.
والمس والمساس: الجماع، قال الله تعالى: { وَإِن طلَّممُوهنّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهنَّ} (2).
واختلف الناس فى معنى قوله: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يذْهْنَ السَّيِّئَاتِ} فعن جماعة من الصحابة والتابعين: أن المراد بالحسنات: الصلوات، بدلَيل أول الاَية.
قالوا: والصلاة كفارة لصغار الذنوب، ودل أن القُبلة وشبهها من الصغائر المكفرة بذلك، وقد جاَ فى
(1) هود: 114.
(2) ا لبقرة: 237.
266
(8/265)
كتاب التوبة / باب قوله تعالى: { إن الحسنات يذهن السيئات}
42 - (... ) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - وَاللَفْظُ لِيَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ ة حَد!لأَشَا - أبُو الأحْوَصِ، عَنْ سمَاكٍ، عَنْ إبْرَاهيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ وَالأسْوَد، عَنْ عَبْد الله قَالَ: جَاءَ رَجُل إلى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّى عَالَجْتُ امْرَأةً فِى أَقْصَى المَدَينَة، ! انَّى أصَبْتُ مِنْهَا مَأ! ونَ أنْ أمَسَّهَا، فَأنَا هَذا، فَاقْضِ فىَّ مَأ شِئْتَ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لًقَد سَتَرَكَ اللهُ، لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ.
قَالَ: فَلَمْ يَرُدّ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئًا.
فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأتْبَعَهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً دَعَاهُ، وَتَلا عَلَيْه هَذه الآيَةَ: { وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذً لِكً ذِكْرَى لِلذَّاكلِرِينَ} (1) فَقَالَ رَجُل مِن القَوْم: يَانَبِىَّ اللمِ! هَذاَ لَهُ خَاصَّةً ؟ قَالَ: (بَلْ للِنَّاسِ كَ اللا.
43 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا ائو النُّعْمَانِ الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِىُّ حَدّثنَا شُعْبَةُ عَنْ سمَاك بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إبْرَاهِيمَ يُحَدِّثُ عَنْ خَالِه الأسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَى حَديثِ ائى الأحْوَصِ.
وَقَالَ فى حَدِيثِهَِ: فَقَالَ مُعَاذو: يَارَسُولً اللهِ، هَنَا لِهَذا خَاصَّة، او لَنًا عَامَّةً ؟ قَالَ: (بَلْ لَكُمْ عَامًّةً).
44 - (2764) حدّثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ، حَد، شَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حدثنا هَمَّامٌ، عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ أبِى طَلحَةَ، عَنْ أنَسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلى إلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، أصَبْتُ حًدا فأقِمْهُ عَلَىَّ.
قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنِّى اصبْتُ حَدا فَأقِمْ فِىَّ كتَابَ الله.
قَالً: " هَلْ حَضَرْتَ الصَّلاةَ مَعَنَا ؟).
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (قَدْ غُفِرَ لَكَ).
الحديث الاَخر انها " كفارة لمن اجتنب الكبائر) (2) وروى عن مجاهد حسنات هنا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله اكبر.
قال الطبرى: والصواب قول من قال: إنها الصلوات الخمس ؛ لثبوت الخبر بذلك عن النبى - عليه السلام.
وقد مضى فى كتاب الإيمان (3) الفرف بين الصغائر والكبائر، ومعنى تسميتها بذلك،
وفى كتاب الصلاة ما تكفره الصلاة من الذنوب.
(1) هود: 114.
(2) سبق فى كالطهار، بالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة برقم (14).
(3) ببيان الكب!ائر، برقم (38).
(8/266)
كتاب التوبة / باب قوله تعالى: (إن الحسنات يذهن السيحات}
267
45 - (2765) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلىٍّ الجَهْضَمىُّ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لزُهَيْر - َممصءَ،، ًًصَّ،، ًًَصًًّصّّ!رىَ!ص،، ًًً
قالا: حدثنا عمر بْن يونس، حدثنا عِكرِمة بْن عمارٍ، حدثنا شداد، حدثنا أبو أمامة قال: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ على فِى المسْجِدِ، وَنَحْنُ قُعُود مَعَهُ، إذْ جَأءَ رَجُل فَقَالَ: يَارَسُولُ اللهِ، إنِّى أصَبْتُ حدا، فَأقمْهُ عَلَىَّ.
فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ ظدهيب.
ثُمَّ أعَادَ فَقَالَ ة يَارَسُولُ اللهِ، إنِّى أصَبْتُ حدا، فًأقِمهُ عَلَىَّ.
فَسَكَتَ عَنْهُ، وَأقِيمَتِ الصَّلاةُ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ نَبِىُّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ أبُو أمَامَةَ: فَاتبعَ الرخلُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ انْصَرَتَ، وَاتَبَعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنْظُرُ مَا يَرُدُّ عَلَى الرَّجُلِ.
فَلَحِقَ الرَّجُلُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، إنِّى أصَبْتُ حدا، فَأقمْهُ عَلَىَّ.
قَالَ أبُو أمَامَةَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " أرَأيْتَ حِينَ خَرَجْتَ مِنْ بَيْتِكَ، ألًيْسَ قَدْ تَوَضَّأتَ فَأحْسَنْتَ الوُضُوءَ ؟ لما قَالَ: بَلَى، يَارَسُولَ اللهِ.
قَالَ: " ثُمَّ
وفى قوله فى الحديث الاَخر: " إنى أصبت حدًا فأقمه علىّ " فسكت، إلى قوله: (أليس قد توضأت ؟) ثم قال: (وشهدت الصلاة معنا ؟ ".
قال: نعم.
قال: (إن الله قد غفر لك حدك - أو قال - ذنبك " يحتمل ال هذا الحديث بمعنى الاَول، وأن ذكر الحد هنا عبارة عن الذنب، لا[ على] (1) حقيقة ما فيه حد من الكبائر.
وقد أجمع العلماء أن التوبة لا تسقط حدًا من حدود الله إلا الحرابة.
فلما لم يحده النبى - عليه السلام - حمله (2) على أنه كان مما لا حد فيه ة ولاَن الصلاة إنما تكفر غير الكبائر.
وقيل: هو على وجهه، د نما لم يحده لاَنه لم يفسر الحد فيما لزمه، فسكت عنه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يستفسره لئلا يجب عليه الحد.
قالوا: وفيه حجة على ترك الاستفسار، وأنه لا يلزم ذلك للإمام اذا كان الكلام محتملاً والإقرار غير بين، طلبأ[ للتستر] (3)، بل نبه عنه - عليه السلام - المقر فى غير هذا الحديث على الرجوع والنزوع عن قراره بقوله: " لعلك مسست أو قبلت، (4) مبالغة فى الستر على المسلمين، وقد كان بالمؤمنين رؤوفأ رحيمًا، صلوات الله عليه.
واختلف فى معنى قوله: (طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} (ْ)، قيل: طرفا افهار: الغداة والعشى، فالغداة الصبح، والعشى الظهر.
وقيل: الظهر والعصر.
وقيل: العشى والمغرب.
(1) من خط.
(3) هكذا فى ز، وفى ح.
الستر.
(5) هود: 114.
(2) هكذا فى ز، وفماح: حمل، بدون هاء.
(4) أحمد 1 / 238، 0 27 عن ابن عباس.
لملأ 2 (8/267)
كتاب التوبة / باب قوله تعالى: { إن الحسنات يذه!!ن السيئات} شَهِدْتَ الصَّلاةَ مَعَنَا ؟ لا فَقَالَ: نَعَمْ، يَارَسُولَ اللهِ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فَإنَّ اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ - أوْ قَالَ - فَنْبَك لما ".
و{ وَزلَفًا مّنَ اللَّيْلِ}: قيل (1): هى المغرب والعشاء.
وقيل: العشاء.
وقد قرأ بعضهم{ وَزُلفَى} بسكون اللام مقصورة.
(1) فى!: قرئ.
(8/268)
كتاب التوبة / باب قبول توبة القاتل دإن كثر قتله
269
(8) باب قبول توبة القاتل، وإن كثر قتله
46 - (2766) حديثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفُظُ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حدثنا مُعَاذ بْنُ هشَامٍ، حَدثَّنِى أِبِى عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبِى الصِّدِّيقِ، عَنْ أبِى سَعِيد الخُدْرِى ؛ أنَّ نَبِىَّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كَان فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسَا، فَسَألَ عَنْ أعْلَم أهّلِ اَلأرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهب.
فَأتَاهُ فَقَالَ: إنَّهُ قَتَلَ تسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسأ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ: لا.
فَقَتَلَهُ، فَكمَلَ بَهًِ مِائَةً.
ثُمَّ سَألَ عَنْ أعْلَمً أهْلِ الأرْضِ، فَدُذَ
وقوله فى الذى قتل تسعة وتسعين، وسؤاله: هل له من توبة ؟ وقول العالم له: نعم: هذا مذهب أهل السنة والجماعة ؛ أن التوبة تكفر القتل كسائر الذنوب، وهو قول كافة السلف.
وما روى عن بعضهم من خلاف ذلك فشديد فى الزجر وتورية فى القول، لئلا يجترئ الناعس على اجل طء.
وقد اختلف فى تأويل قوله تعالى: { وَمَن يَمل مؤْمَا قعَمِدًا فَجَزَاؤة جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} !1) معناه: قتله مسثحلاً لاءجل إيمانه، وقيل معناه: جزاؤه جهنم إن جازاه.
فيكون الخلود طول الإقامة لا التأبيد، وقيل: الاَية فى رجلِ بعينه قتل رجلا له عليه دم بعد أخذه الدية، ئم ارتد (2).
وقوله: { إِنَّ الثَهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْركَ به وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلكَ لمَن يشَاءُ} (3) تفسير مجملها، والاَية الثانية التى فى الفرقان بقوله: { إَلاَّ مَن تَابَ} (4)َ.
وقول العالم له: (انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإنه فيها[ أناس] (5) يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك ؛ فيه الحض على مفارقة الإنسان المواضع التى أصاب فيها الذنوب والأقران الذين ساعدوه عليها، ومعاداتهم لله تعالى، مبالغة فى التوبة وقطع علائقها، والاستبدال[ بذلك] (6) صحبة أهل الخير والصلاح ومن يقتدى به، ويتأكد بمشاهدته توبته.
وقوله: " حتى اذا نصف الطريق): أى بلغ نصفه، يقال: نصف الماء وغيره الشجرة، أى بلغ نصفها.
وقوله: (ناى بصدره): أى نهض وتقدم ليقرب بذلك القدر من الأرض الصالحة.
واْما قياسه إلى إحدى القريتين والحكم بذلك له بعد اختصام ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فيه فذلك - والله أعلم - علامة جعلها الله لهم عند اختلافهم مع
(1) للقاء: 92.
(3) 1 لنساء: 48.
(5) هكذا فى ز، وفى خ: قوما.
(2) انظر: جامع اليان للطبرى 4 / 217.
(4) 1 لفرقان: 70.
(6) فى هام!خ.
270
(8/269)
كتاب التوبة / باب فبول توبة القاتل دان كثر قتله
عَلى رَجُل عَالِبم.
فَقَالَ: إنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ منْ تَوْبَة ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَة ؟ انْطَلقْ إلى أرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإنًّ بِهَا أنًاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إلى أَرْضكَ فَإنَّهَا أرْضُ سَوْء.
فَانْطَلَقَ حَتَّى إذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أتَاهُ المَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فيه مَلائِكَةُ الرَّحْمَة ومَلائكَةُ!العَذَاب، فَقَالتْ مَلائكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِبا مُقْبِلأ بقَلبه إِلَى اَللًّه.
وَقَالَتْ مَلائكًةُ العَذًابِ: إنَّهُ لًمْ يَعْمَلْ خَيْراَ قَطُّ.
فَأتَاهُمْ مَللث فِى صُورَة آَدَمِى، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ.
فَقَالً: قِيسُوا مَا بَيْنَ الأرْضَيْنِ، فإلَى أيَّتهما كَانَ اْدْنَى، فَهُوَ لَهُ، فًقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أدنَى الى الأرْضِ الَّتِى أرَادَ، فَقَبَضتهُ مَلالكَةُ الرَّحًمَةِ دا.
قَالَ قَتَادةُ: فَقَالَ الحَسَنُ: ذُكِرَ لَنَا ؛ أنَّهُ لَمَّا أتَاهُ المَوْتُ نَأى بِصَدرِهِ.
47 - (... ) حلّلنى عُبَيدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَدثنَا أبى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَالَةَ ؛
أنَّهُ سَمِعِ أبَا الصِّدِّيقِ النَّاجِىَّ، عَنْ أبِى سَعيدًٍا لخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَّ رَجُلا قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعين نَفْممئا، فَجَعَلَ يَسْألُ: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَة ؟ فَأتَى رَاهِبًا فَسَألَهُ فَقَالَ: لَيْسَتْ لَكَ تَوْبَةٌ، فَقَتَلً الرَّاهِبَ.
ثُمَّ جَعَلَ يَسْألُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ قَرْيَةٍ إلى قَرْيَة فِيها قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَلَمَّا كَانَ فِى بَعْضِ الطَّرِيقِ أدْرَكَهُ المَوْتُ، فَنأى بصَدْرِه، ثُمَّ مَاتَ.
"فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائكَةُ الرَّحَمَةِ وَمَلاِئكَةُ العَذَابِ، فَكَانَ إلى القَرْيَةِ الصًّالِحَةِ أَقْرَبَ مِنْهَا بِشِبْر، فَجُعِلَ مِنْ أهّلِهَا).
48 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَد"نَنَا ابْنُ ائى عَدِئ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَالَةَ،
بِهَذا الإسْنَاد، نَحْوَ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ مُعاذٍ.
!زَادَ فِيهِ: (فَأوْحَى اللهُ إلى دنِهِ: أنْ تَبَاعَدِى، يالى هَنِهِ: أَنْ تَقَرَّبِى).
49 - (2767) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ، عَنْ طَلحَةَ بْنِ يحيى،
عَنْ أبِى بُرْلَةَ، عَنْ أبِى مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، دَفَعَ اللهُ عدم معرفة حقيقة باطنه التى اطلع الله عليها ؛ لأنه عليم بذات الصدور، ولو تحققوا توبته هم لم يختلفوا ولا احتاجوا للمقايسة بالأرض، ألا ترى كيف قال: "فأوحى الله إلى هذه الأرض أن تباعدى، دإلى هذه أن تقربى) إذا كان تعالى عَلِمَ مالم تعلم الملائكة.
قوله فى اخر الحديث:، لكل مسلم فداوْه من النار): حدثنا قتادة بهذا الإسناد نحو حديث عفان، وقال عون بن عقبة (1).
كذا عند العذرى، وهو خطأ، والصواب ما عند
(1) لم يرد له ذكر في كتب الرجال المتداولة.(8/270)
كتاب التوبة / باب قبول توبة القاتل دإن كثرقتله 271 عَزَّ وَجَلَّ إلى كُلِّ مُسْلِمٍ، يَهُودِيا أوْ نَصْرَانِيا، فَيَقُولُ: هَذا فِكَاكُكَ مِنَ النَّارِ).
50 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَفَّان بْنُ مُسْلِمٍ، حدثنا هَمَّام!، حدثنا قَتَادَةُ ؛ أَنْ عَوْنًا وَسَعيدَ بْنَ أبى بُرْدَةَ حَد"لاهُ ؛ أنَّهُمَا شَهِدَا أبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْد العَزيزِ عَنْ أبيه، عَنِ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالَ: ا لا يَمُوتُ رَجُل مُسْلِم، إلا أدْخَلَ اللهُ مَكَانَهُ النَاَرَ يَهُودِئا أوْ نَصرَانِيا).
قَالَ: فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْد العَزِيزِ بالله الَّذى لا إلَهَ إلا هُوَ ثَلاثَ مَرَّات ؛ أنَّ أبَاهُ حَد - نهُ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ.
فَحَلَفً لَهُ.
قَالً: فَلَمْ يحَدِّثْنِى سَعِيد إنَّهُ اسْتًحْلَفَهُ.
وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَى عَوْنٍ قَوْلَهُ.
(... ) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، جَمِيعًا عَنْ عَبدِ الصَّمَدِ بْنِ
عَبْد الوَارِثِ، أخْبَرَنَا هَمَّام!، حَدفنَا قَتَادةُ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِ عَفانَ.
وَقَالَ: عَوْنُ ابْنُ عتبَةَ.
51 - (... ) حدّثنا مُحَمدُ بْنْ عَمْرِو بْنِ عُبَّاد بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أبِى رَوَّاد، حَدّثنَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حدثنا شَدَّادٌ أبُو طَلحَةَ الرَّاسِبِىُّ، عَنْ غَيلانَ بْنِ جَرِير، عَنْ أً بِى بُرْ! ةَ، عَنْ أبِيمع عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " يَجِىَ يَوْمَ القيامَةِ نَاس مِنَ المُسْلِمِينَ بنُنُوب امثَالِ الجبَالِ، فَيَغْفِرُهًا الله لَهُمْ، وَبَضَعُها عَلَى اليَهُودِ وَالئصًارَى).
فِيمَا أحْسَبُ ائا.
سائر الرواة: عون بن عتبة بالتاء، هو عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أخو عبد الله ابن عتبة أحد / السبعة الفقهاء.
وقوله فى هذا الحديث: " يدفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا، فيقال: هذا فكاكك من النار) وفى الحديث الآخر: (ما من مسلم يموت الا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا) وفى الآخر: (يأتى قوم بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى،: معنى ذلك: أنّ من استوجب النار لذنوبه من المؤمنين تفضل الله عليه برحمته، وغفر[ له] (1) ذنوبه، وعافاه من النار، دن من لم يكن أهلاً للعقوبة فهو معافى منها ابتداء لفضل الله، فإنما يصلاها الاَشقى الذى كذّب وتولى، فهم أهلها وعوض هؤلاء الذين هم فى النعيم فتسميتهم فكاك لذلك.
وقوله: " أدخل الله مكانه يهوديا أو نصرانيا) على هذا المعنى، إذ الكافر لابد له
منها وهومستحق للعقاب لنفسه لا بسبب غيره.
وقوله: " ويضعها على اليهود والنصارى لما: معناه - والله أعلم -: أنه يزيدهم
(1) من خط -
86 / ب
87 / أ
272 (8/271)
كتاب التوبة / باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله
قَالَ أبُو رَوح: لا أدْرِى مِمَنِ الشَّكّ.
قَالَ أبُو بُرْ!ةَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ فَقَالَ: أبُوكَ حَدثَّكَ هَنَا عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
52 - (ما 27) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيم، عَنْ هِشَا أِ الدَّسْتَوَائىِّ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِز، قَالَ: قَالَ رَجُل لابْنِ عُمَرَ: كَيْفَ سَمِعْت رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ فى الئجْوَى ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (يُدْنَى المُومِنُ يَوْمَ القِيَامَة مِنْ رئهِ عَزَّ وَجًلَّ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ، فَيُقَررهُ بِنُنُوبِهِ.
فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ ؟ فَيَقُولُ+ اى
عذابا فوق العذاب لما كانوا يفسدون، ويخصهم بالعذاب على سوء اْفعالهم دون المؤمنين، وإلا فلا تزر وازرة وزر اْخرى، لكن لما أسقط الله هذه التباعات عن هذا المسلم، واْبفى تباعات الكافر وضاعف عذابه بكفره، وزاده فى ذلك بقدر ما كان يستحق المؤمن على ذنوبه - كان كمن عوقب بتلك الذنوب، دإلا فالأصل أن الله لا يعذب أحدَا إلا على ما اكتسبه، وقد خلق الله تعالى للنار أهلأ وللجنة أهلا، وجعل لكل واحدة ملئها، كما جاء فى الحديث، [ فالذى هى لكبارهم فكاك الذى غير للجنة، ولو شاء لقلب الأمر ولم يبال، كما جاء فى الحديث] (1)، ولكن تمث كلمة ربك صدقا وعدلا، يفعل ما يشاء، فقوله على هذا: (هذا فكاكك من النار " وإلا أدخل الله مكانه يهوديا اْو نصرانيا بثن المعنى على ما قررناه، اْى اْنك خلقت للجنة وخلق هذا للنار مكانك[ للجنة أنت المخلوق] (2) وجعله هو ممن يملؤها وفك رقبتك أنت من ذلك[ وخاصك] (3) وجعلك ممن يملا الجنة.
وفكاك الشىء: خلاصه.
وفكاك الرقبة: إخراجها من الرق[ وتخليصها] (4) للحرية.
وكذلك فكاك الرهن: تخليصه من يد مرتهنه.
وقوله: (يدنى المؤمن من ربه[ يوم القيامة] (5) حتى يضع عليه كنفه، فيقرره
[ بذنوبه] (6)، فيقول: هل تعرت ؟ فيقول: رب، اْعرف.
قال: فإنى قد سترتها عليك فى الدنيا، وأنا اْغفرها لك اليوم) / الحديث، قال الإمام: الدنو هاهنا: دنو كرامة لا دنو مسافة ؛ لأن البارى - سبحانه فى غير مكان، فلايصح منه دنو مسافة ولا بعدها.
والمراد بقوله: (حتى يضع عليه كنفه) اْى: ستره وعفوه، وما يتفضل عليه به حيحئذ.
وقد صحفها بعض الرواة فرواها بالتاء، وهو تصحيف لا ينبغى أن يشغل (7) به.
وقد قال
(1، 2) سقط من خ.
(4، 5) فى هامش خ.
(7) فى خ ؟ يشتغل.
(3) هكذا فى ز، وفى ح: وخلصك.
(6) ساقطة من ز.
(8/272)
كتاب التوبة / باب قبول توبة القاتل دن كثر قتله
273
رَبِّ، أعْرِفُ.
قَالَ: فَإنِّى قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِى الئئيَا، وَانِّى أغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى صَحِيفَةَ حَسَنَاتهِ.
وَأمَّا الكُفَّارُ وَالمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ: هَؤلاءِ الَّذِى كَنَبُوا عَلى اللهَ).
بعض أهل العلم: لو كان ثابتا لكان استعارة، وتأولناه كما تأولنا ما وقع فى أمثاله مما ذكر من أسماء الجوارخ.
قال القاصْى: ذكر مسلم بعد هذا سنداًاَخر لهذا الحديث فقال: حدثنا محمد بن مثنى، حدثنا ابن عدى، إلى اَخر ما ذكر.
وصح عند الكسائى والسجزى، وسقط لغيره هنا.
274(8/273)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
(9) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه
53 - (2769) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرح - مَوْلَى بَنِى أُمَيَّةَ - أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهب، أَخْبَرَنِى يُونُسر، عَنِ ابْنِ شِهًالب، قَالَ: ثمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَةَ تَبُوكَ - وَهُوَ يُرِيدُ الرَّومَ وَنَصَارَى العَرَبِ بِالشَّام.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: فَأخْبَرَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْد الله بْنِ كَعْب بْنِ مَالِكٍ ؛ أنَّ عَبْدَ اللهِ
ابْنَ كَعْبٍ كَانَ قَائَدَ"كَعْبٍ، مِنْ بَنيه، حِينَ عَمِىَ.
قًالَ* سَمعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالك يُحَدِّثُ حَل!يثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فع غَزْوَةِ تَبُوَكَ.
قَالً كَعْبُ بْنُ مَالِك: َ لَم أتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَة غَزَاهًا قَطّ، إلا فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أنِّى قَدْ تَخَلَّفْتُ فِى غَزَوَة بَدْرٍ، وَلَم يُعَاتِبْ اخَدا تًخَلَّفَ عَنْهُ، إنَّما خَرَجَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَالمُسْلمُونَ يُريدُونَ عِيرَ قُرَيْش، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ، عَلَى غَيْرِ مَيعَاد.
وَلَقَد شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهًِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلى الإسْلام، وَمَا أُحِبُّ ال لِى بِها مَشّهَد بَدْر، وَإِنْ كَانتْ بَدْر! أَذْكَرَ فِى النَّاسَ منْهَا.
وَكَانَ مِنْ خَبَرِى، حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، ائى لَمْ اكَ! قَطُّ أقْوَى وَلا أيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِىَ تِلكً حديث كعب بن مالك والثلاثة الذين خلفوا، فيه: هجران أهل الذنوب، وقطع مكالمتهم، والإعراض عنهم، وترك رد السلام عليهم ؛ إذ كان ثم من يرده غيرك أو رده سرا، تأديبا لهم، كما نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن كلام هؤلاء الثلاثة، واجتناب الناس لهم، وتركه النظر الى كعب إذا راَه، وأمره لهم باعتزال نسائهم.
وفيه حجة أن المسجون يضيق عليه.
وفيه حجة لقول مَنْ قال من أئمثنا: إن المسجون
فى الذنوب لا تترك معه زوجته تضييقا عليه، وهو قول سحنون ؛ لاءمره - عليه السلام - لهم باعتزال نسائهم.
وابن عبد الحكم من ائممتنا يرى ألاّ يفرق بينه وبين زوجته إذا كان السجن خاليا، أو فيه موضع تنفرد فيه معه المرأة عن الرجال.
وفيه سنة ركعتى المسافر إذا قدم كما كان يفعل - عليه السلام - وقد ذكرنا ذلك.
وفيه فضل الصدق وحسن عقباه الذى نجا كعبأ وصاحبيه، وكان سبب التوبة[ عليهم] (1)
وكان أمرهم يعد زيادة فى فضلهم[ ومتعته] (2) لهم، بخلاف غيرهم ممن كذب وخلف من أهل النفاق، وفضيحة الله لهم وذمهم ووعيدهم
(1) من ح.
(2) هكذا فى ز، وفى ح: منقجة.(8/274)
كخاب الخوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
275
الغَزْوَة.
وَالله، مَأ جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلكَ الغَزْوَةِ.
فَغَزَاهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى حَرٍّ شَديد، وَاسْتَقَبَلَ سَفَرًا بَعيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقَبَلَ عَدُوا كَثيرًا، فَجَلا لِلمُسلِمينَ أمْرَهُمْ لِيتَأهَّبوًا أهبةَ غَزْوِهِمْ، فأخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِمُ الَّذى يُرِيدُ.
وَالمسلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) كَثيرٌ وَلا يَجْمَعُهُمْ كتَابُ حَافِظٍ - يُرِيدُ، بذَلكً، الدِّيوَانَ - قَالَ كَعْمب: فَقَلَّ رً جُلٌ يُرِيدُ أنْ يَتَغَيَّبَ، يَظُنُّ أنَّ ذَلكَ سَيَخْفَى لَهُ، مًأ لًمْ يَنْزِلْ فيه وَحْىٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَزَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلكَ الغَزوَةَ حِينَ طَابَتْ الثِّمَارُ وَالظِّلالَُ، فَأنَا إلَيْهَا أصْعَرُ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) والمُسلِمُونَ مَعَهُ، وَطَفقْتُ أغْدُو لِكَىْ أتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأرْجِعُ وَلَمْ أقْضِ شَيْئًا، وأقُولُ فِى نَفْسِى: أنَا قَ ال رٌ عَلَىَ ذَلكَ، إذَا أرَدْتُ.
فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اسْتَمَرَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأصْبَحَ رً سُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَاديًا وَالمُسْلمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أقضِ شَيْئًا، فَلًمْ يَزَلْ ذً لكَ يَتَمَادَى بِى حَتَّى أسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أنْ أَرْتَحِلَ ف الدْرِكَهُم، فَيَالَيْتَنِى فَعَلتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَتَرْ ذَلِكَ لِى، فَطَفِقْتُ، إذَا خَرَجْتُ فِى النَّاس، بَعْدَ خُرُوجِ رسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، يَحْزنُنِى أنِّى لا أرَى لِى أُسْوَةً، إلا رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ فِى النِّفَاقِ، أوْ رَجُلأ مِمَنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى بَلَغَ تَبُوكًا.
فَقَالَ - وَهُوَ جَالسى فِى القَوم بِتَبُوكَ -: (مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَألك ؟َ).
قَالَ رَجُلٌ منْ بَنِى سَلَمَةَ: يَا رَسُولُ الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِى عطفيْه.
فَقَالً لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بئسَ مَا قُلتَ.
وَالله، يَارَسُولً الله مَاعَلمْنَا عَلَيْه إلا خَيْرًاَ.
فَسًكَتَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَبَيْنًمَا هُوَ عَلى ذَلِكَ رَأىَ رَجُلاً مُبيِّضًاَ يَزُولُ بِه السَّرًابُ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كُنْ أبَا خَيْثَمَةَ لما، فَإذَا هُوَ أبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارىُّ.
وً هُوَ الَّذِى تَصَدَقَ بِصَاع التَمرِ حِينَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ.
قال الإمام: وقوله: " فأنا اليه أصعر): أى أميل.
وقوله: (وتفارط الغزو): أى فات وتقدم.
وقوله: " إلا رجلا مغموصا عليه): أى متهما مستحقراً.
يقال: غمصت فلانا واغتمصته: إذا استحقرته واستصغرته.
وقوله[ وهو] (1) ينظر فى عطفيه: قال الهروى: عطفا الإنسان: ناحيتا جسده،
(1) من !.
87 / ب
276(8/275)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
فَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالك: فَلَمَا بَلَغَنِى أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَد تَوَجَّهَ قَافِلاً مِيق تَبُوكَ، حَضَرَنى بثِّى، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذبَ وَأقولُ: بمَ أخْرُجُ مِنْ سَخَطِه غَدًا ؟ وَأسْتَعِينُ عَلَى فَلِكَ كُلَّ ذِى رَأىٍ مِنْ أهلِى.
فَلَمَّاَ قِيلَ لِى: إن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدَْ أظَلَّ قاَدمًا، زَلَ عنى البَاطلُ، حَتَّى عَرَفْتُ أنّى لَيط أثجُوَ مِنْهُ بِشَىء أبَدًا، فَأجْمَعْتُ !دْقَهُ، وَصَبًّحَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَادمًا، وَكَانَ - إذَا قَدمَ مِنْ سَفَرٍ - بَدَأ بالمسْجِدِ فَرَكَعَ فيهِ رَكَعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلئاسِ.
فَلَمَا فَعًلَ ذَلكِ جَاءَهُ المُخًلَفُونَ، فَطَفقُوا يًغتَذرُونَ إلَيْهِ، َ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً، فَقَبِلَ مثهُمْ رَسُولُ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَانِيَتَهُثم، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائرَهُمْ إلَى الله، حَتَىَ جئْتُ.
فَلَمَّا سًلَّفتُ، تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغضَب ثُمَّ قَالَ: (تَعَالَ "، فَجِئْتُ أمْشِى حَتًّى جَلَسثتُ بَيق يَدَيْه.
فَقَالَ لِى: (مَا خَلَّفَكَ ؟َ ألَمْ تَكُنْ قَد ابْتَغتَ ظَهْرَكَ ؟) قَالَ: قُلتُ: يَارَسُولَ اللهِ، إئى، وَالله، لَوْ جَلَسْتُ عنْدَ غيرِكَ مِنْ أفلِ الدُّنْيَا لَرَأيْتُ أنِّى سَأخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذرٍ، وَلَقَدْ اعطَيتُ جَدَلا، وَلَكِنّىَ، وَالله، لَقَدْ عَلمْتُ، لَئِن حَدَّئتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذب تَرضَى بِه عنى، لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يُسْخطًكَ عَلَى، وَلَئِنْ حَدَّئتُكَ حَديثَ ! دْق تَجدُ عًلى فِيهِ، إنَّى لأرجُو فيه عُقْبَى الله.
وَالَلهِ، مَا كَانَ لى عُذْز.
وَاللهِ، مَا كُنْتُ قًطُّ أقوَى وَلا أيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخًلَّفتُ عَنْكَءَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أماَّ هَذَا، فَقَدْ! دَقَ.
فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللهُ فِيكَ).
فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَال!مِيق بَنِى سَلَمَةَ فَاتّبَعُونِى.
فَقَالُوا لِى: وَالله، مَا عَلِمْنَاكَ أفنَبْتَ ذَنْبًا قَثلَ هَذَا، لَقَدْ عَجَزْتَ فِى ألا ممُونَ اغتَنَرْتَ إلى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، بما اعْتَنَرَ به إلَيْه المُخَلَّفُونَ، فَقَدْ كَانَ كَافيَكَ ذَنْبَكَ، استِغفَارُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لًكَ.
ً
وقال فى موضع آخر: العطفان: ناحيتا العنق، ومنكب الرجل: عطفه.
وقال المبرد: العطف: ما انثنى من العنق، قال غيره: العرب ثضع الرداء موضع البهجة والحسن والبهاء، ويسمى الرداء عطافا لوقوعه على عطفى الرجل.
قوله: " توجه قافلاً): راجعا من سفره، يقال: قفل الرجل / قفولا: إذا رجع
من السفر.
والقافلة: التى[ هى] (1) راجعة من سفرها، وما دامت ذاهبة فى السفر فلا تسمى قافلة حتى ترجع.
قوله: " حضرنى بثى) البث: أشد الحزن.
(1) فى هامش خ.(8/276)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
277
قَالَ: فَوَالله، مَأ زَالُوا يُوَنبونَنِى حَتَّى أرَدْتُ أنْ أرْجِعَ إلى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ف الكَذِّب نَفْسِى.
قَالَ: ثُمًّ قُلتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِىَ هَذاَ مَعِى مِنْ أحَد ؟ قَالُوا: نَعَم.
لَقِيَهُ مَعَكَ رَجُلانِ، قَالا مِثْلَ مَأ قُلتَ، فَقيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَأ قِيلَ لَكَ.
قَالً: قُلتُ: مَنْ هُمَا ؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ العَامِرِىُّ، وهلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِىُّ.
قَالَ: فَذَكَرُوا لِى رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِما أُسْوَ!لا.
قَالً: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِى.
قَالَ: وَنَهى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) المُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنَا، أيُّهَا الثَّلاثَةُ، مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عنه.
قَالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ.
وَقَالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حَتَى تَنَكَرَتْ لى فِى نَفْسِى الأرْضُ، فَمَا هِىَ بِالأرْضِ الَّتِى أعْرِفُ، فَلَبثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسينَ لَيْلَةً، فَأمَّأَ صَاحباىَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأمَّأ أثَاَ فَكُنْتُ أشَبَ القَوْمً وَأجْلَدهُمْ، فَكُنْتُ أخْرُجُ فَأشْهَدُ الضَلاةَ وَأطُوفُ فِى الأسْوَاقِ،، وَلا يُكلِّمُنِى أحد، وآتِى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَ السَلَمُ عَلَيْه، وَهُوَ فى مَجْلسِهِ بَعْدَ الضَلاة، فَاْقولُ فِى نَفْسِى: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْه بِرَدًّا لسَّلام، ائمْ لا ؟ ثُمَّ أصَفَى قَريبًاَ مِنْهُ وَاُشَارِقُهُ اَلتظَرَ، فَإذَا أقْبَلتُ عَلىَ صَلاتِى نَظَرَ إَلَىَّ، وَإذَا التَفَمت نَحْوَهُ أعْرَضَ عئى، حَتَى إذَا طَالَ ذَلِكَ عَلَىَّ مِنْ جَفْوَة المُسْلِمينَ، مَشَيْتُ حَتى تَسَوَّرْتُ جدَارَ حَائط أَبِى قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمَى، وَاخَمث النًّاسِ إلَى، فَسَلَّمْتُ عَلَيهِ.
فَوَاللهِ، مَأ رَدَ عَلًى السئَلامَ.
فَقُلتُ لَهُ: يَا ائا قَتَاقً، ائشُدكَ بِاللهِ هَلْ تَعْلَمَن أنِّى أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ؟ قَالَ:
قوله: " قلت: من هما ؟ قالوا: مرارة بن الربيع العامرى): هكذا قال العامرى،
إنما هو العمرى، من بنى عمرو بن عوف.
قال القاصْى: كذا ذكره مسلم: " العامرى) من رواية أكثرهم، ورواه بعضهم (العامرى " والصواب: " العمرى).
وكذا ذكره البخارى (1).
وكذا نسبه ابن إسحاق وأبو عمرو بن عبد البر وغيرهما، دان كان القابسى قال: لا أعرفه إلا العامرى، فالذى عرفه غيره أصح.
وقوله فى نسبه: (ابن ربيعه) كذا ذكره مسلم، وذكره البخارى (2): (ابن الربيع).
وقال اْبو عمرو بالوجهين فى نسبه.
قال الإمام: وقوله: (حتى تسورت الجدار): أى علوت سوره وهو أعلاه.
وقوله: " فتيممت بها التنور فسجرتها): أى قصدت التنور، يقال: قصدت الشىء
(1، 2) كالمغازى، بحديث كعب بن مالك، غزوة تبوك 6 / 3.
88 / ءا
278(8/277)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
الخ
فَسَكَتَ.
فَعُدْتُ فَنَاشَدْ،، فَسَكَتَ فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ.
فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ، وَتَولَّيْتُ، حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَار.
وعمدآ4 واعتمدته بمعنى واحد، ومعنى " سجرتها ": أحرقتها.
قال مجاهد فى قوله تعا لى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجورِ} (1) معناه: الموقد.
قال الق الى: بقى فى الحديث من الغريب والمعانى والفقه مما يحتاج إلى تفسيرها ما
لم يذكره.
قوله: (فجلا للمسلمين أمرهم لما: أى كشفه، وبينه.
وقوله: " ليتأهبوا أهبة غزوتهم) بضم الهمزة أى ما يحتاجون إليه ويستعدون كذلك.
وقوله: " وأخبرهم بوجههم الذى يريد): اى بمقصدهم، ورواه بعضهم.
(بوجهتهم التى يريد) أى: بنحوهم ومقصدهم.
وقوله: " تفارط الغزو) قيل معناه: تأخر وقته وفات من أراده.
أصل الفرط السبق، كأنه سبق الغزاة فلم يلحقهم غيرهم ممن تأخر عنهم.
وقوله: (طفقت أعد): وقيل معناه: جعلت.
وقيل: مثل: ما زلت، ولا يقال فيه: ما طفق، إنما يقال فى الإيجاب.
ومعنى (يؤنبوننى): أى يوبخوننى ويلو مو ننى.
وقوله: " رأى رجلا مبيضا يزول به السراب دا: اى يتحرك وينهض، ويروى: لايزول فى التراب)، وكل متحرك زائل والسراب: الذى يظهر فى الهواجر فى القفار كأنه ماء.
وقوله: (كن أبا خيثمة لما أى أنت، أو هو أبو خيثمة، قال الله تعالى: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} (2) أى أنتم[ خير أمة] (3) قال ثعلب: العرب تقول: كن زيداً، أى ائت زيد، وأبو خيثمة هذا اسمه: عبد الله بن خيثمة.
وقيل: مالك بن قيس، والاءشبه عندى هنا أن[ تكون] (4) " كن) بمعنى التحقيق والوجود، اى لتوجد تحقيقا أبا خيثمة.
وقوله: "حتى لمزه المنافقون): أى عابوه ووقعوا فيه.
قال / الله ررالى: { وَيْلٌ لكُلِّ فمَزَةٍ لمَزَة} (5).
قيل: هما بمعنى، وقيل: اللمز فى الوجه، والهمز فى الظهر.
وقيل: كلاهما فى الظهر كالغيبة.
وقيل: اللمز بغير التصريح والإشارة كالشفتين والرأس ونحوه.
وقوله: (قد أظل قادما) بظاء معجمة، اْى أشرف ودنا وغشى.
واْصله من الظل،
(1) الطور: 6.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) لى عمران: 110.
(4) ساقطة من ح.(8/278)
كتاب الضوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
279
فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى فِى سُوقِ المَدينَة، إِذَا نَبطِىٌّ مِنْ نَبَط أَهْلِ الشَّامِ - مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَام يَبِيعُهُ بِ المَدِينَةِ - يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلًىَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُون لَهُ إِلَىَّ،
كأنه ألبسه ظله لدنوه منه.
وقوله: " راح عنى الباطل): أى ذهب[ ذنوبه، (1).
" فأجمعت صدقه) اْى عزمت عليه، يقال: أجمع الرجل مكره وجمع عليه وعزم عليه بمعنى، قاله سيبويه.
وقال أبو الهيثم: أجمع امره: جعله جميعا بعد اْن كان متفرقا.
وقوله: (ولقد أوتيت جدلأَ ".
قيل: الجدل: مقابلة الحجة بالحجة.
وقيل: جدل الفرد فى الخصام.
وكانت العرب تتفاخر بذلك أنه من فصاحة اللسان وقوة العارضة، وحضور النفسِ، وحدة الذهن، قال الله تعالى فى قريش: { بَلْ هُمْ قَوْمٌ خميمُونَ} (2)، قال: { وَتُنذر بِهِ قَوْمًا لُّدًّا} (3).
وقوله: "ليوشكن الله أن يسخطك على لما بكسر الشين، ولا يقال بفتحها.
قال أبو على:
هو كما قالوا حتى أن يفعل.
وقال الخليل (4): معناه: أسرع.
وقوله: " أرجو عقبى الله ": أى ثوابه.
والعقبى: ما يكون بعد الشىء وعلى اثره،
وما يكون كالعوض منه، ومنه العقاب على الذنب ؛ لاءنه بدل من فعله ومكافأة عليه.
وقوله: (ونهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن كلامنا أيها الثلاثة " بالرفع، وموضعه النصب
على الاختصاص.
قال سيجويه عن العرب: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة، وهذا مثله.
وقوله: (فأما صاحبى أفاستكانا) أى خضعا.
وقوله: "وتسورت جدار حائط أبى] (5) قتاد!دا: فيه جواز مثل هذا والدخول بغير اذن على من يدل عليه، ويعرف أنه لا عورة له هناك.
وقوله: (إنه سلم عليه فلم يرد عليه) بعموم نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن كلامهم.
وقوله: " أنشدك بالله لما أى أسألك بالله، وأصله من رفع الصوت بذلك.
وقول أبى قتاثة: (والله ورسوله أعلم) لعله لم يقصد بذلك سماعه فيكون مكلما
له، دإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده الله، وقد أمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك بما أمر.
قال ذلك أبو قتادة مظهراً[ لما] (6) اعتقد لا لسمعه.
ولو أن رجلاً حلف لا يكلم رجلاً فسأله عن شىء فقال له: الله أعلم يريد لسمعه ذلك لكان مكلما له.
(1) ساقطة من ح.
(2) الزخرف: 58.
(3) مريم: 97.
(4) هو عباس بون محمد كاتب المقتدر، كان كاتبا جليلاً وكان يطمع فى الوزارة، فلما تولى الوزارة على بن عيسى، اعتقل أبا الهيئم إلى جأ وفاته، فأوصى أن يصلى عليه أبو عيسما البلخى، سنة اثنين وئلائمالْة 302 هـ - انظر النجوم الزاهرة، 3 / 185، الأعلام 3 / 265.
(كاا سقط من ز، والمئبت من ح.
يلا) ساقطة من ح.
لما / ب
280(8/279)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ حَنَى جَاءَنِى فَدَفَعَ إِلَىَّ كِثَابًا مِنْ مَلكِ غَسَّانَ، وَكُنتُ كَاتِبَا، فَقَرأنُهُ فَإذَا فِيهِ: أمَّا بَعْدُ، فَإنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا أَنَّ صَاحبَكَ قَدْ جَفَأكَ، وَلَمْ بَجْعَلكَ اللهُ بدَارِ هَوَان وَلاً مَضْيَعَبما، فَالحَقْ بَنَا نَواسِكَ.
قَالَ: فًقُلتُ - حِينَ قَرَأتهَا -: وَهَذه أيْضا منَ البَلاء، فَتَيَامَمْتُ بِهَا التّنُوَرَ فَسَجَرْتُهَا بهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الخًمْسِينَ، وَاسْتَلبَث الوَحْى، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَا"تِينِى.
فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَأمُرُكَ انْ تَعْتَزِلَ امْرَاتَك.
قَالَ: فَقُلتُ: !طَلِّقُهَا أمَْ مَاذَا أفْعُل ؟ قَالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلهَاَ.
فَلاَ تَقْرَبَنَّهَا.
قَالَ فَا"رْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ بِمِثْلِ ذَلكَ.
قَالَ: فَقُلتُ لاِمْرأَنِى: الحَقى بِا"هْلِك فَكُونِى عنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللهُ فِى هَذَا الأَمرِ.
قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأةُ هِلاَلِ بْنِ امَئةَ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَقَالتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِن
وقوله فى الصلاة: (وأسارقه النظر): دليل أنّ خفيف الالتفات والنظر فى الصلاة غيرمفسدلها.
وقوله: (فاْقول: هل رد علىَّ السلام ام لا ؟) يحثمل لرده عليه / سرا، وأن هذا
[ يخرجه] (1) من الحرج فى ترك رده، أو يكون ترك الرد على هؤلاء جملة خصوصا.
ونبط أهل الثام ونبيطها وأنباطها: نصاراها الذين عمروها.
وقوله: (ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، بكسر الضاد وسكونها أيضا، أى
حال إيضاع، اْى حيث يضاع حقك ولا يهتبل بك.
وقوله: (فتيممت بها التنور فسجرتها،: أى قصدته فأحرقتها.
واصله: تأممت، ومنه قوله تعالى: { فَتَيَفَمُوا م!عِيدًا طَيا} (2).
وأنث الكتاب هنا على معنى الصحيفة.
وفيه جواز حرق ما فيه اسم الله تعالى لعلة توجب ذلك.
وقد أحرق عثمان والصحابة المصاحف بعد أن غسلوا منها ما قدروا عليه.
وقوله: (واستلبث الوحى): اْى أبطأ، وبقى لم ينزل لكل المدة.
وقوله: " وكنت أشد القوم وأجلدهم): أى أصغرهم سنا وأقواهم.
والجلد:
القوة والشدة بالفتح، ورجل جلد - بالسكون - وجليد: بين الجلادة والجلد.
وقوله: (الحقى بأهلك وكونى عندهم حتى يقضى الله فى هذا الأمر): دليل على
أنه ليس من اْلفاظ الطلاق ولا كناياته الصريحة، وإنما هو من الكنايات التى لا يلزم بها الطلاق إلا مع نية، لاسيما مع بيان قوله: " حتى يقضى الله فى هذا الأمر) ومع قوله: ففلت: اْطلقها ؟ قال: ا لا لا.
وفى قول امرأة هلال: (هل تكره أن أخدمه لما دليل على الترغيب فى خدمة المرأة
(1) فى خ: يخرخ.
(2) ا لما ندة: 6.(8/280)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
281
هِلاَلَ بْنَ أُمَئةَ شَيْخ ضَائِع لَيْسَ لَهُ خَادِم، فَهَلْ تَكْرَه أَنْ أَخْدُمَهُ ؟ قَألَ: ا لا، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبَنَّك) فَقَالَتْ: إِنَّهُ، وَاللهِ، مَا بِهِ حَرَكَة إِلَى شَىءٍ.
وَوَاللهِ، مَازَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنّ أَمْرِهِ مَا كًانَ، إِلَى يَوْمِهِ هَنَا.
قَألَ: فَقَالَ لِى بَعْضُ أَهْلِى: لَوِ اسْتَأذَنتَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى امْرَأَتكَ ؟ فَقَدْ أذنَ لاِمْرأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ.
قَألَ فَقُلتُ: لاَ أسْتأذِنُ فِيهَا رَسُولَ الَله ( صلى الله عليه وسلم )، وً مَا يُدْرِينِى مَاذَا يَقُولُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، إِذَا اسْتأذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُل شَاب!.
َ قَالَ: فَلَبثْتُ بذَلكَ عَشْرَ لَيَال، فَكَمُلَ لَنَاَ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينَ نُهِىَ عَنْ كَلاَمنَا.
قَألَ: ثُمَّ صَلًّيْتُ صًلاَةَ الفَجْرِ صَبًاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، عَلَى ظَهْرِ بَيْت مِنْ بُيُوتِنَا، فَبيَنَاَ أنَا جَالِسن عَلَى الحَألِ الَّتِى ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَل مِنَّا، قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى وَضَاقَتْ عَلَى الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ سَمعتُ صَوْتَ صارخٍ أَوْ فَى عَلَى سَل!، يَقُولُ بِأعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، ابْشِرْ.
قَألً: فَخَرَرْتُ سَاجِداً وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَج.
قَألَ: فآفَنَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) النَّاس بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَينَا، حينَ صَلَّى صَلاة الفَجرِ.
فَنَهبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَنَ! بَ قبَلً صَاحِبَىَّ مُبشِّرُونَ، وَرَكَضَ رً جُل إِلَىَّ فَرَشا، وَسَعَى سَاع مِيقْ أَسْلَمَ قِبَلِى، وَأَوْفَى الجَبَلَ، فَكَانَ المخَوْتُ أسْرعً مِنَ الفَرَسِ.
فَلَمَا جَاعَزِ الذَّى سَمِعْت صَوْتَهُ يُبَثسَرُنِى، فَنَزَعْتُ لهُ ثَوْبَىَ فَكَسَوْتُهُمَا إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ.
وَاللهِ، مَا أمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذ،
لزوجها، وأنه من حسن عشرتها[ له] (1) وحقه عليها، دإن لم يقض به.
وقوله: دا قد ضاقت[ علىّ الأرض بما رحبت) أى بما اتسعت، أى على سعتها والرحب] (2): السعة، ومنزل رحب ورحيب ورحاب.
وقوله: لا سمعت صارخا أوفى على سلع لا: أى أشرف وعلا عليه.
و" سلع)
جبل بالمدينة معروف، بفتح السين وسكون اللام.
وقوله: (أبشر يا كعب.
وذهب الناس يبشروننا لما، وكسوته ثوبيه للبشير: دليل
على جواز البشارة والتهنئة بين الناس فيما يسر من أمر الدنيا والاخرة، وجواز إعطاء البشير جعلاً على بشارته ومكافأته.
وقوله: " واستعرت ثوبين فلبستهما ": فيه جواز عارية الثياب عند الضرورة وفد كره
(1) ساقطة من ح.
(2) سقط من ز، والمثبت من ح.
89 / أ
282(8/281)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
وَاسْتعرت ثَؤبَيْنِ فَلَبِسثتُهُمَا، فَانْطَلَقتُ أَتَافَّمُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
يَتَلَقَانِى التاسُ فَوْجًا فَوجًا، يُهنَئونى بالتَؤبَة وَيَقُولُونَ: لتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيكَ.
َ حَتَّى دَخَلتُ المَسْجدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ جَالس! فِى المَسْجِدَ، وَحَوْلَهُ النَّاسُ.
فَقَامَ طَلحَةُ بْنُ عُبَيدِ اللَهِ يُهَرْوِلُ حَتَى صَافَحَنِى وَهَ! ابَّرنِى.
وَاللهِ، مَأ قَامَ رَجُل مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ.
قَالَ: فَكَانَ كَعْبٌ لا يَنْسَاهَا لِطَلحَةَ.
قَالَ كَعْبُ: فَلَمَا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ - وَهُوَ يَبْرقُ وَجْهُهُ منَ السُّرُورِ وَيَقُولُ -: (ابْشِرْ بِخَيْرِ يَوْأ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلًدَثكَ أُمُّكَ).
قَالَ: فَقُلتُ: امِنْ عندِكَ يَارَسُولَ اللهِ، أَمْ مِنْ عنْدِ اللهِ ؟ فَقَألَ: (لاَ، بَلِ مِنْ عِندِ اللهِ).
وَكَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا سُرَّ اسْتنَارَ وَجْهُهُ، كَانََّ وَجَههُ قِطعَةُ قَمَرٍ.
قَالَ: وَكُنَّا نَعْرِتُ ذَلِكَ.
قَالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَلمَيْه قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَألِى صَدَقَةً إِلَى الله وَ إِلَى رَسُوله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَمْسِكْ بَعْضَ مَألِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ) قَالً: فَقُلتُ: فَإِنِّىَ أُمْسِكُ سَهْمِىَ الِّذى بخَيْبَرَ.
قَالَ: وَقُلتُ: يَارَسُولَ الله، إِنَّ اللهَ إِنَّمَا ائجَانِى بِالصِّدْق، "نَّ مِنْ تَوْبَتِى أَلاَّ أُحَذَثً إِلأَصِدْقًا مَأ بَقِيتُ.
قَالَ: فَوَ اللهَ، مَأ عَلمْتُ أنَّ أحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أبْلاُه اللهُ فِى صدْقِ الحَديث، مُنْذَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى يَوْمى هَذَا، أحْسَنَ مِمَّا أبْلاَنِى اللهُ بِهِ.
وَاللَه، مَأ تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلتُ ذَلِكً لِرَسُولِ انلهَِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِلَى يَوْمِى هَنَا، وَاِنِى لأرْجُو أنْ يَحْفَظَنِى اللهُ فِيمَا بَقِىَ.
ذلك مالك فى العتبية، يريد: لابنه ليس من مكارم ال الخلاق، لا من المعير ولا من المستعير.
واما عند الضرورة فحال آخر منهما.
وقوله: " فانطلقت أتأمم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): أى أقصده (وتلقانى الناس فوجأ فوجأَ)
أى جماعة جماعة، يهنئونه بالتوبةء
وقيام طلحة له حتى صافحه دليل على جواز التهمئة والقيام والتلقى للقادم من سفر /
ولمن عزاه أمر عظيم، مثل هذا، وجواز المصافحة.
وقوله: " إن من توبتى أن أنخلِع من مالى): فيه شكر نعم الله تعالى بالعمل الصالح والصدقة، قال الله تعالى: { لئن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ} (1).
(1)! برا هيم: 7.(8/282)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ
283
قَالَ: فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: { لَقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النبىِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ منْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُو!ت رَّحِيمٌ.
وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَت وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمَْ} حَتَّى بَلَغَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِين ! (1).
قَالَ كَعْبُ ت وَاللهِ، مَا أَنْعَم اللهُ عَلَىَّ منْ نعْمَة قَطُّ، بَعْدَ إِذْ هَدَانِى اللهُ للإِسْلاَم، أَعْظَمَ فِى نَفْسِى، مِنْ صدْقِى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
َ أَلاَّ أً كُونَ كَنَبْتُهُ فَأَهْلكَ كَمَا هَلَكَ الَّذينَ كَنَبُوا.
إنَّ اللهَ قَالَ للَّذَينَ كَذَبُوا - حِيَنَ أَنْزَلَ الوَحْىَ - شَرَّ مَا قَال! لأحَد.
وَقَالَ الَله: { سَيَحْلِفوَنَ بِاللَّهِ لَكم إِذًاا نقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانوا يَكْسِبُونَ.
يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْفمَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْفمَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (2) قَالَ كَعْبُ: كُنَّا خُلِّفْنَا - أَيُهَا الثَّلاَثَةُ - عَنْ أَمْرَ أُولَئِكَ الَّذينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حينَ حَلَفَوا لَهُ فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وأَرْجَا رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَمرنَا حَتَّى قَضَى اللهُ فيه.
فَبثَ!لكَ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُو ال وَلَيْسَ الَّذى ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفنَاَ تَخَلّفَنًا عَنِ الغَزْوِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَاِرْجَاؤُهُ امْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفً لَهُ وَاعْتَنَرَ إِليّه فَقَبِلَ مِنّهُ.
وقوله: " أمسك بعض مالك فهو خير لك): دليل على كراهة صدقة الرجل جميع
ماله ويبقى عالة.
وقوله: (فوالله ما علمت احداًا بلاه الله فىِ صدق الحديث أحسن مما أبلانى الله
به ": أى انعم الله عليه، ومنه قوله تعالى: { وفِى ذَلِكُم بَلاءٌ من رَّبِّكمْ عَظِيم} (3) أى نعمة.
والابتلاء ينطلق على الخير والشر.
واصله: الاختبارٍ، وِاكثر ما يأتى مطلقا فى الشر، فإذا جاء فى الخير جاء مقيداً، كما قال تعالى: { بَلاءحَسَنَا} (4)، وكما قال هنا: أحسن مما أبلانى.
قال ابن قتيبة: يقال: أبلاه الله يبليه إبلاء حسنا، وبلاه الله يبلوه فى السوء.
وقال صاحب الانفعال: بلاه الله بالخير والشر بلاء: اختبره به، وصنعه له، وابتلاه (ْ) بلاء حسنا: فعله به.
وقوله: " وأرجى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرنا،: أى أخره، قال الله تعالى: { تُرْجِى مَن تشاءمِنهُنَّ ! (6) قرئ بالهمز والتسهيل.
(1) التودة 1170 - 119.
(4) 1 لأنفا لا 170.
(2) التوبة 95، 96.
(5) فى خط.
وأبلاه.
(3) البقرة 490.
(6) 1 لاكاحزاب: 51.
284(8/283)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ (... ) وَحَدثنِيه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَأ حجَيق بْنُ المُثَنّى، حَا شَأ اللَّيثُ، عَيق عُقَيل،
عَنِ ابْنِ شِهَاب بإِسْنًادِ يُونُسَ عَنِ الزّفرِىّ.
سَوَاء.
54 - (... ) وحلثّنى عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنِى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ مُسْلِبم، ابْنُ اخى الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَمِّه، مُحَمَدِ بْنِ مُسْلِبم الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الَرَّحْمَن بْنُ عَبْدِ الله بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِلث ؛ أنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ كَغبِ ثنِ مَالك - وَكَانَ قَائدَ كَغب حينَ عَمِى - قَالً: سَمِغتُ كَعْبَ بْنَ مَالِك يُحَدّثُ حَديثَهُ، حِينَ تًخَفَّف عَنْ رَسُولِ الله " ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ.
وَزًا دَ فيه، عَلًى يُونُسَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَلَّمَا يُريد غُزْوَةً إً لاَ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَمت تِلكً الغَزْوَةُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ، فِى حَدِيثِ ابْنِ أخِى الزُّهْرِىِّ أبَا خَيْثَمَةَ وَلُحُوقَةُ بِالنَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله: " لا يريد غزوة إلا وركما بغيرها): أكما ستر وراَ ظهره.
قالوا: وأصله من وراَ، كأنه جعل البيان وراَ ظهره.
وقوله: (وكان أوعاهم لأحاديث اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما: اْكما أحفظهم.
وقوله فى حديث مسلمة بن شبيب: " لم يتخلف فى غزوة غزاها قط غير غزوتين) وذكر الحديث، وفى رواية العذركما: (غير غزوة تبوك)[ هذا لا"نه أحال على الحديث المقدم.
قال فيه: (غير غزوة تبوك] (1)، غير أنى تخلفت فى غزوة بدر، ولم يعاقب الله أحداً تخلف عنها ؛ لأنه خرج يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد).
وقد يحتمل صحة الرواية الأخركما لأنهما غزوتان كما تراه.
وقوله فى أول الحديث: " ففلّ رجل يريد أن يتغيب، يظن اْن ذلك سيخفى له)
كذا فى جميع نسخ مسلم، وصوابه: (ألا يظن أن ذلك سيخفى له) وكذا فى ا لبخا رى (2).
وقوله: " ما أنعم الله على من نعمة قط غير أن هدانى للإسلام أعظم فى نفسى من صدقى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ألا أكون كذبته) بفتح الهمزة وتشديد اللام دا فأهلك كما أهلك الذين كانوا) كذا فى نسخ مسلم وكثير من روايات البخاركما، ومعناه: ان أكون كذبته فأهلك، كما قال تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُك} (3)[ أى] (4) أن تسجد، والالا
(1) سقط من ح، والمثبت مت ز.
(3) 1 لاءعراف: 12 -
(2) كالمغازى، بحديث كعب بن مالك 6 / 3.
(4) فى هامش خط.(8/284)
كتاب التوبة / باب حديث توبة كعب...
إلخ 285
55 - (... ) وحدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيب، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَدثنَا مَعْقِل - وَهُوَ
ابْنُ عُبَيد الله - عَنِ الزُّهْرِىِّ، أخْبَرَنِى عَبْد الرَّحَمنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بنِ مَالك، عَنْ عَمَه عُبَيد الله بْنِ كَعْب - وَكَانَ قَائدَ كَعْب حِينَ أُصِيبَ بَصَرُهُ، وَكَانَ أَعلَمً قَوْمِهِ وَأَوْعَاهُمْ لَأحَاَدِيث أَصْخَابِ رَسُولِ اللَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: سَمعْتُ أَبِى - كَعْبَ بْنَ مَالك - وَهُو أحَدُ الئلاَثَة الًّذِينَ تِيب عَلَيْهِمْ، يُحَدِّثُ ؛ أنَّهُ لَمْ يَتَخًلَّفْ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ فِى غَزوَةٍِ غَزَاهَا قَطُّ، غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ.
وَقَالَ فيه: وَغَزَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بنَاس كَثِيرٍ يزِيدُونَ عَلَى عَشَرَةِ ا3 ف، وَلاَ يَجْمَعهُم !يوَانُ حَافِظٍَ.
زائدة.
وفى رواية الأصيلى عن البخارى: " إلا أن أكون كذبته " والاءول الصواب / وذكر مسلم فى سند الحديث من رواية يونس عن الزهرى، وفيه: أنّ عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بيته حين عمى، قال: سمعت كعب بن مالك، ثم ذكر مثله من رواية عقيل عن الزهرى، وذكر الحديث من رواية ابن أخى الزهرى، وقال فيه: أنّ عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بيته وكذلك ذكره من رواية معقل بن عبيد الله، قال أبو الحسن الدارقطنى (1): وتابع معقلاً على قوله هذا صالح بن اْبى الا"خضر، وكلاهما لم يحفظا، والاَول الصواب، يريد قول من قال: عبد الله غير مصغر، ولم يذكر البخارى فى التاريخِ عبد الله بن كعب بن مالك، دانما ذكر عبيد الله فقط، ولم يذكر فى الصحيح رواية من روى عبيد الله.
(1) الإلزمات والتتيع ص 243.
ولفظه: وتابم معقلا صالح بن أبى الأخضر على (عبيد الله " وكلاهما لم يحفظ، والاَول الصواب، وقال بعد ذلك مباشرة وبدون فصل: وأخرجا جميا، حديث ابن جريج عن الزهرى عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعمب عن أبيه، وعمه عبيد الله عن كعمب، أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان إذا قدم من سفر ضحى بدأ بالمسجد فصلى فيه ركقين.
من رواية أبى عاصم وعبد الرزاق، وقد خالفهما أبو أسامة، رواه عن ابن جريج عن الزهرى عن عبد الرحمن عن أله.
وكذلك قال عبد الرزاق عن معمر وقال حجاج عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن ابن كعمب عن كعب، وحديث ابن جريج الا"ول عندى أصحهما ولا يضره من خالفه.
ص 244، 245.
89 / ب
286(8/285)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
(10) باب فى حديث الإفك، وقبول توبة القاذف
56 - (2770) حدّثنا حبَّانُ بْنُ مُوسَى، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ المُبَاركِ، أخْبَرَنَا يُونُسُ
ابْنُ يَزِيدَ الأيْلىُّ.
ح وَ حدثنا إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىَُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْن حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِع: حَد"شَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أخْبَرَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا معْمَرٌ والسَيًاقُ حَديِثِ مِعمر مِنْ رٍ وايَةِ عِبد وابنِ رافعٍ، قَالَ يُونُسَ ومَعْمَر جَميعَأ عَنْ الزُهَريِّ: أخْبَرَنى سَعِيدُ بْنُ المُسَيبِ وعُرْوَة بْنُ الزبيْر وَعَلقَمَةُ بْن وَقَّاص!بى وَعُبَيْدُ الَله بْنُ عَبْدِ الله بْنُ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُود عَنْ حَدِيث عَائِشَةَ - زَوج النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - حِينَ قَالَ لَهَا أهْلَُ الإفْك مَا قَالُوا، فَبَرّاهَا اللهُ مِمَّاً قَالُوا.
وَكُلُّهُمْ حَدَّثنِى طَائِفَة مِنْ حَدِيثِها، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أوْعَى لِحًدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ، وَأثبَتَ اقْتِصاصًا، وَقَدْ وَعيتُ عَنْ كُلِّ وَاحد منْهُمُ الحَديثَ الَّنِى حَدَتمنِى.
وَبَعْضُ حَلِيثِهمْ يُصَدّقُ بَعْضا.
ذَكَرُوا: أنَّ عَائِشَةَ، زَوْجُ النَبَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَت: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذَا أرَادَ أنْ يَخْرُجَ سَفَرًاائرَعَ بَيْنَ نِسَائِ! فَأيتهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَعَه.
حديث الإفك
والإفك: الكذب، وكذلك الإفك مثل النجس والنجس.
وقول ابن شهاب فيه حدثنى: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة - إلى قوله - وكلهم حدئنى طائفة من الحديث، وبعضهم أوعى لحديثها من بعض - إلى قوله - وبعض حديثهم ليصدق بعضها، هو مما قد انتقد قديما على الزهرى لجمعه الحديث عنهم، دإنما عند كل واحد منهم[ بعضه، وقيل: كان الاَولى أن يذكر حديث كل واحد منهم] (1) بجهته، ولاَدرك على الزهرى فى شىَ منه ؛ لاءنه قد بين ذلك فى حديثه، والكل ثقات أئمة لا مطعن فيهم، فقد علم صحة الحديث، ووثق كل لفظة منه ؛ إذ هى عن أحدها ولا الاَربعة الاَقطاب عن عائشة.
وقوله: (وبعضهم أوعى لحديئها من بعض وأثبت اقتصاصا) أى أحفظ واحسن إيراداً وسرداً وقصصا لحديثها.
وقوله: (كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إذا أراد أن يخرج لسفر أفرع بين نسائه)، وذكر أنه
أقرع بينهن فى غزوة، فخرج سهمها فخرجت معه: فيه اْولا جواز القرعة فى القسمة بين الشركاَ وما يجرى مجراها من العتق فى الوصايا عند ضيق الثلث، وهى سنة بحالها
(1) فى هامش خ.(8/286)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ 287 قَالتْ عَائِشَةُ: فَأقْرعً بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ
خارجة عن القياس.
قال أبو عبيد (1): وقد عمل بها ثلاثة من الاَنبجاء: يونس وزكريا ومحمد - عليهم السلام.
قال ابن المنذر: واستعمالها كالإجحاع بين أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء، ولا معنى لقول من ردها.
وحكى عن ابى حنيفة إجازتها، قال: ولا يستقيم فى القياس لكنا تركنا القياس للاَثار، وحكى غيره عنه ترك القول بها.
وقد اختلف العلماء فى جوازها فى المشكلات / جملة لما جاء من السنة فيها، وهو مذهب الشافعى وغيره، ومشهور مذهب مالك وأصحابه منعها جملة، لاَنها من باب الخطر والقمار، وهو قول بعض[ أهل الكوفة] (2)، وقالوا: وهى كالاَ زلام، وحكى عن ابى حنيفة (3) جوازها فى هذه الوجوه المذكورة، التى وردت فيها السنة، وقصرها عليها دون تعديتها، وهو قول مالك والمغيرة وبعض أصحابنا على اختلاف بينهم فيما ثبت فيه السنة من ذلك، والتفريق بين الوصية وعتق البتل (4) وتسويتهما فيهما.
واختلف فى هذا قول مالك وقد تقدم فى الوصايا (ْ) منه.
وفيه القرعة بين النساء فى السفر، وقد اختلف العلماء فى ذلك، فذهب مالك فى
أحد قوليه وقاله الشافعى وائو حنيفة: أنه لا يخرج منهن إلا من خرجت عليها القرعة، وأنه من العدل فى أ القسمة] (6) بينهن.
وقال مالك أيضا: له أن يسافر بمن شاء منهن بغير قرعة، وأن القسمة هنا سقطت بحكم الضرورة ؛ إذ قد تكون إحداهن أخذ محملا واقل مؤنة للسفر ؛ لخفة جسمها، وانفرادها عن ولدها، ونشاطها وتكون أخرى خلاف ذلك، أو يكون إحداهما أولى بالترك بالقيام على ماله وحشمه والنظر فى ذلك ؛ لعقلها وحسن نظرها وغيرها بخلاف ذلك.
ولم يختلفوا أنها كيف كان الأمر فيها لاتحاسب بمدة السفر، بل يستأنف القسمة ليلة قدومه بين جميعهن.
وقد مر بنا هذا فى النكاح كفاية.
وفى حديث عائشة هذا فقه كثير وغريب تفسير، فمن فقهه سوى ما تقدم:
جواز ركوب النساء فى الهوادج، وجواز أ حرمة] (7) الرجل لهن فى ذلك وفى الأسفار، وخروجهن لضروراتهن من حاجة الإنسان بغير إذن أزواجهن، إذ لو استأذنت
(1) انظر.
غريبط الحديمق 2 / 234.
(2) دى ح: الكوفيين، وانظر لهذه الا"قوال: المبسوط للصرخسى 15 / 7، 8 -
(3) انظر: المرجع السابق، وبداع الصنا 2 3 / 233.
(4) البتل: القطع: لغة، ولعل المراد بمعنى المبتول: أى العتق المبتول لكونه ضاراً بالورثة وأصحاب الديون.
(5) سبق فى الوصايا حديث رقم (56).
(6) فى ح: القسم.
(7) فى ح: خدمة.
90 / أ
90 / ب
288(8/287)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَفَلِكَ بَعْدَمَا أنزِلَ الحِجَابُ، فَأنَا أحْمَلُ فِى هَوْدَجِى، وأنْزَلُ فِيهِ، مَسِيرنَا.
النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك لعلم مغيبها، ومنع خروجهن إلى بيوت ابائهن وقرابتهن إلا بإذن ؛ لاستئذان عائشة فى ذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وفيه حسن الأدب والمعاملة والعشرة مع النساء الأجانب، لاسيما فى الخلوة بهن عند الضرورة، كما فعل صفوان من تركه مكالمة عائشة وسؤالها، وأنه لم يزد على الاسترجاع وتقديم مركبها وإعراضه بعد ذلك حتى ركب، ئم[ تقدمه] (1) يقود بها.
وفيه إغائة الملهوف، [ وعون] (2) الضعيف، ! اكرام من له قدر، كما فعل صفوان
فى ذلك كله.
وفيه ستر ما يقال فى المرء عنه إذا لم يكن لذكره فائدة، كما عامل الجميع به عائشة حتى أعلمته بها أم مسطح.
وفيه تشكى السلطان وغيره للناس لمن يؤذيه / فى نفسه وأهله والاستعذار منه.
وقوله: (استعذر)، (ومن يعذرنى)، (فأنا أعذرك منه): قيل: مَنْ يعذرنى إن كافأته على ما فعل ولا يلومنى، وقيل: معناه: من[ يقصدنى] (3)، وهو اْليق بهذا المكان، قاله ابو على فى البارع، قال: والعذير الناصر.
وقال الداودى: قوله: (انا أعذرك منه): اى اْنتصف لك واْقوم بما يجب لك.
وفيه مشاورة الرجل بطانته فيما فيه مصلحته من فراق اْهله او غير ذلك، كما فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مع على واْسامة.
وفيه الكشف عن الأمور المسموعة والبحث عنها لمن يهمه ذلك ويعنيه.
وأما مِنْ غَيره فتحسس وفضول ممنوع، كما سأل - عليه السلام - زينب وبريرة.
قالوا: وفيه جواز تعديل النساء والشهود، وتعديل بعضهم بعضا.
وقد ترجم البخارى (4) على هذا، وهذا ليس بيق ؛ إذ لم يكن شهادة.
والمسألة التى اختلف فيها العلماء إنما هى فى تعديلهن للشهادة، فمنع من ذلك مالك (5) والشافعى ومحمد بن الحسن، واْجازه اْبو حنيفة فى المرأتين والرجل، كشهادتهما فى المال.
واحتج الطحاوى (6)
(1) فى ح: تقدم.
(2) فى ح: غوث.
(3) فى ح: ينصرنى.
(4) انظر: كالشهادات، بتعديل النساء بعضهن بعضا 3 / 227.
(5) انظر: المدونة الكبرى 5 / 161.
(6) هو الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك الاْزدى، ولد سنة 239 هـ، وتلقى العلم على خاله إسماعيل بن يحيى المزنى الشافعى، فانتقل من مذهبه إلى ترجيح مذهب الإمام أبى حنيفة رحمهما الله، إلا أنه لم يكن مقلدا بل كان فقيها ئقة ثبتا، فألف " العقيدة الطحاوية! و" كتاب شرح مشكل الآثار) وغيرهما، وتوفى 1 32 هـ، انظر: الأنماب 4 / 53، وفيات الأعيان 1 / 71، 72، تذكرة الحفاظ 3 / 808 - 1 81، البداية وللنهاية 11 / 174.(8/288)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
الخ 289
حَتَى إذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ غَزْوِهِ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ، اَذَنَ لَيْلةً بِالرَّحِيلِ.
لذلك بقول زينب فى عائشة، وقول عائشة فى زينب: (يعصمها الله بالورع).
قال ومن كانت بهذه الصفة جازت شهادتها.
وهذا ركيك من الكلام جداً، ولأنه دامامه أبا حنيفة لا يجيزون شهادة النساء إلا فى مواضع مخصوصة، فكيف يطلقو!ن جواز تزكيتهن، وفى هذا من التناقض ما فيه.
وفيه فضلية من شهد بدراً، دانكار ذمهم والدعاء عليهم، وكذلك يجب فى جميع المسلمين لإنكار عائشة ذلك على أم مسطح.
وفيه معاداة الولى وليه فى الله، كما فعلت أم مسطح من دعائهن[ بها] (1) على ابنها، وحلف أبى بكر ألا ينفق عليه.
وفيه الحكم بالظاهر، وحسن الظن بالمسلمين، لاسيما بأهل الفضل، وأنه لا يلتفت
إلى افتراء مفتر عليهن، كما اعتقده جمهور المسلمين فى شأن عائشة.
وفيه تنزيه منصب النبوة عن مثل هذا فى عياله وحريمه، وقد قال ابن عباس: ما زنت امرأة نبى قط.
وفيه تقرير من رفع اليه أمر وتوفيقه على ما يقال فيه، وأمره بالتوبة إن كان فعله.
وفيه اقامة الحدود على القاذفين.
قيل: وفيه ترك ذلك فى جهة من له منعة ويخشى من إقامته عليه تفريق كلمة وظهور فتنة، كما لم يحد عبد الله بن أبى، وهو كان راس أصحاب الإفك ومتولى كبره.
وعندى أنه ترك حد ابن أبى لغير هذا ؛ لاءنه لم يأت فى الحديث أنه[ ممن] (2) افترى، إنما ذكر[ أنه] (3) كان / يستوشيه ويتحدث عنده به ويجمعه.
وقد قيل فى الذى تولى كبره: إنه غيره ممن حدّ.
والحد إنما يجب على من تكلم به.
واستعذار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منه لجمعه عنده دإشادته بحضرته وبحثه عنه، كما قال فى البخارى (4) أخبرت أنه كان يشاع عنده فيقره (ْ) ويسمعه ويتحدث به عنده ويستوشيه، ومثل هذا لا يلزمه حد عند الجميع حتى يقذف بنفسه.
وفيه غضب المسلمين لعرض نبيهم وسلطانهم وحرمته، كما قال فى ذلك سعد بن
معاذ وأسيد بن حضير.
وفيه أن من اذى النبى - عليه السلام - فى نفسه أو ذويه كافر يجب قئله ؛ لقول سعد وأسيد: قتلناه، فلم ينكر ذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ولو كان باطلاً لم يقر عليه ولا"نكره.
وقال قوم: إن من سب أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يقتل لهذه الحجة وليس ببين، إنما
(1) ساقطة من ح.
(2، 3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) لم نعئر عليها فى البخارى، ووجدناها فى جامع البيان للطبرى 18 / 89.
(5) فى خط: فيقرره.
91 / َ ا
290(8/289)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ فَقُمْتُ حِينَ آذنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ مِنْ شَأنِى أقْبَلتُ يستوجب قتله لاع ى النبى - عليه السلام - فى حياته وتاْذيه بقوله، ولم يكن بعد نزول القراَن فيكون مكذبا له، فأما اليوم فمن قال ذلك فى عائشة قتل لتكذيبه القراَن وكفره بذلك، وأما غيرها من أزواجه فالمشهور اْنه يحد لما فيه من ذلك حد، ويعاقب لغيره.
وحكى ابن شعبان (1) قولا اَخر: أنه يقتل على كل[ حال] (2) وكان هذا التفات إلى أذى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك حيا أو ميتا - والله أعلم.
وفيه أن التعصب فى الباطل يقدح فى العدالة، ويخرج عن اسم الصلاح ة لقول عائشة: فاجتهلته الحمية وكان قبل ذلك رجلاً صالحأ.
والصلاح: القيام بحقوق الله تعالى وما يلزم من حقوق عباده، وتجنب مخالفته.
وفيه جواز سب المتعصب فى الباطل والعاصى، والمتكلم بمنكر القول، والإغلاظ فى
سبه يشبه صفته، فإن لم يكن فيه حقيقة كقول أسيد: كذبت، إنك منافقٌ تجادل عن المنافقين، وحاش لسعد من صفة النفاق، لكن لما كان منه من ظاهر التعصب لابن أبي المنافق استحق التعرض له والسب والتأديب كمثل هذا القول الغليظ.
وقال الداودى: إنما أنكر سعد بن عبادة من فول سعد بن معاذ بحكمه فى قومه بحكم أنفة العرب، وما كان قديما بين الحيين من الاَنصار، لا أنه رضى فعل ابن أبى.
وقوله: " كذبت، لعمر الله، لا تقتله دا: أى لا يجعل النبى حكمه إليك، قال الإمام: قول أسيد لسعد: يا منافق، قد تقدم الكلام على أمثال هذا اللفظ الذى يقع بين الصحابة، وأنه يجب أن يحمل على ما يليق بهم، والاَشبه اْن أسيداً إنما وقع ذلك منه على جهة الغيظ والحنق، وبالغ فى زجر سعد، ولم يرد النفاق الذى هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر.
ولعله أراد أن سعدا كان يظهر[ إليه] (3) دالى الأوس من المودة ما يقتضى عنده ألا يقول فيهم ما قال، فاستلوح من هذا الكلام أن باطنه فيهم خلاف ما ظهر إليه.
والنفاق فى اللغة يطلق على إظهار ما يبطن خلافه دينا كان أو غيره، ولعله ( صلى الله عليه وسلم ) لأجل هذا لم ينكر عليه أنه كان يسمع قوله هذا.
قال القاصْى: وفيه حمد عاقبة الصبر، وفيه شكر الله على إحسانه بالعمل الصالح،
كما رد أبو بكر النفقة لمسطح.
ولقوله: { أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكمْ} (4).
(1) لعله أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان، نسبة لجده ؛ لأن ابن فرحون ذكر له كتابا مشهورا فى الفقه " كتاب الزاهى الشعبانى " كان فقيه المالكية فى وقته وأحفظهم لمذ! مالك مع التفق فى سائر العلوم من الخبر والتاريخ والأدب وكان واسع الرواية، شيخ الفتوى حافظ البلد - مصر - وألف أيضا كتابا فى احكام القران، وكتاب (مختصر ماليس فى المختصر)، وتوفى سنة 335 0 انظر: الديباج المذل2 / 194.
(2، 3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) النور: 22.(8/290)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
291
إلى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى فَإذَا عِقْدِى مِنْ جَزع ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالتَمَسْتُ
وفيه جواز النزوع بالقراَن والاحتجاج به فى النوازل، والتأسى بالاَنبياء والصالحين لقول عائشة: " ما اجد لى ولكم مثلاًا لا كما قال أبو يوسف: { فَمحبْرٌ جَميلٌ } (1)).
وفيه جواز التسبيح عند استغظام الأمر والتعجب، كما قالت عائشة: سبحان الله! وقد تحدث الناس بهذا.
وقالت بريرة مثله، وصفوان مثله، وقد قال الله تعالى: { لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوه} إلى قوله: { سُبْحَانَكَ} (2).
وفيه جواز الحلف بقوله: ا لعمر الله) وقول ذلك، ومعناه: بقاء الله والعُمَر والعَمْر واحد، فإذا استعمل فى القسم فالفتح لا غير، ورفعت الراء على الابتداء المحذوف، أى لعمرك ما أقسم.
وقال الأزهرى: كأنهم أظهروا يمينأَ ثانية، أى وعمرك، فلعمرك عظيم.
واختلف هل هى يمين أم لا ؟[ وهل يجوز الحلف بها ؟ فكره مالك (3) مرة الحلف بها وشك: هل هى يمين أم لا] (4) وعلى أصله[ وأصل] (ْ) الكافة فى الحلف بالصفات أنها يمين، وعلى أصل الشافعى فى الصفات إذا لم ينو بها يمينا لم يلزم (6).
وفيه من الغريب مما فسره فى المعلم.
قال الإمام: قولها: (من جزع ظفار)، قال ابن السكيت: الجزع، بفتح الجيم وإسكان الزاى: الخرز اليمانى.
وظفار بفتح الظاء وكسر الراء: قرية باليمن (7).
وقول عائشة: " لم يهَبَّلْن): أى لم يكثر شحومهن ولا لحومهن.
وقوله: (العلقة من الطعام ": أى الشىء القليل منه، ومثله البلغة.
وقولها: (نزلوا موغرين،: أى وقت الوغرة، هو شدة الحر.
قولها: (فتاْتى الداجن): يقال لكل ما اْلف الثبوت من الطير والشاه وغيرها: دواجن، وقد دجن فى بيته: إذا لزمه، وكلب داجن: ألف البيت.
والمداجنة حُسْن المخالطة.
قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من يعذرنى من رجل دا: أى من يقوم بعذرى، [ أى] (8) كافأته على
(3) (5) (6) (7)
(8)
يو سف 180.
(2) 1 لنور ؟ 16 -
انظر.
المدونة الكبرى 2 / 3ْ ا.
(4) فى هامش ح.
ساقطة من ز، والمثبت من ح.
ذا ذلك المزنى عنه فى المختصر " مختصر الأيمان والنذور) صْ 29.
قال إلياقوت: مدينة على ساحل بحر الهند، قرب صنعاء، بينها وبين مرباط خمسة فراسخ، وهى التى ينسب إليها الجزع الظفارى، وقيل هى صنعاء نفسها، ولعل هذا كان قديما، أما اليوم فكما ذكر معجم البلدان 4 / 60، باب الظاء والفاَ -
فى خط: إن.
292(8/291)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
الخ
عِقْدِى فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، وَائبَلَ الرَّهْط الَّنِينَ كَأنُوا يَرْحَلُونَ لِى فَحَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ سوَ صنيعه فلايلمنى.
وقولها: (يستوشينى): [ أى يستخرجه بالبحث والمسألة كما يستوشى] (1) الرجل جرى الفرس، وهو ضربه جنبيه بعقبيه وتحريكه ليجرى، يقال: أوشى فرسه واستوشاه بمعنى واحد.
قولها: (من البرحاء) تعنى الشدة.
قال[ ابن ولاد] (2): البرحاء بضم الباء وهو ممدود: من التبريح، وهو بلوغ الجهد من الإنسان.
قوله: (أبنوا أهلى): أى اتهموها.
قاله اْبو العباس.
وقول أم مسطح: (تعس مسطح ": قال أبو الهيثم: معناه: انكب وعثر.
قال القاصْى: ضبطنا هذا الحرف هنا (يهبلن ولم يغشهن اللحم) بضم الياء وفتح الهاء وتشديد الياء على ما لم يسم فاعله من رواية العذرى[ وضبطناه من طريق الطبرى (يهبلن) بفتح الياء والباء وسكون الهاء] (3)، وضبطناه فى غير مسلم بضم الياء وفتحها وهو بعيد لاءن ماضيه هُبل بالضم.
وفى بعض الروايات عن ابن الحذاء: (يهبلهن ولم يمسهن اللحم لما.
ورواه البخارى " يثقلن) (4) وهو بمعنى ما تقدم، أى لم يثقلن باللحم، وهو بمعنى يغشهن أيضا، أى يلزمهن ويحمل بهن.
وكذلك " أبنوا أهلى) ضبطناه هنا بالتحقيق، وقد ضبطه الأصيلى فى البخارى بالتشديد، وأنكره بعضهم، وصححه ثابت (5) وغيره، فبالتخفيف ما تقدم: اتهموها، وذكروها بالسوء.
وبالتشديد قال ثابت: التأبين: ذكر الشىء وتتبعه، وأنشد (6):
فرفع أصحابى المطى وأبنو هنيدة
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) هو أبو العباس اْحمد بن أبى العباس محمد بن الوليد بن ولاد التميمى النحوى المصرى، أصله من البصرة.
قال الزبيدى: كان بصيراَ بالنحو أستافا، وكان شيخه الزجج يفضله على ابى جعفر النحاس، صنف المقصور والممدود، مات سخة 332 هـ.
انظر: إنباه الرواة 1 / 99.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
(4) فى الأصل: يثقلن، والمثبت فى صحيح البخارى " يثقلهن "، كالتفسير، سورة النور.
ب{ لولا إدْ سمعتموه.
-.
} 6 / 128.
(5) أبو القاسم العلامة الحاقظ ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف السرقسطى، سمع محمد بن وضاح ومحمد بن سلام الخشنى، وبمكة من محمد بن على الجوهرى، وبمصر النسائى وأحمد بن عمرو البزار.
قال ابن الفرضى: كان ثابت عالما بصيراً بالحديث والنحو واللغة والغريب والشعر، كمل كتاب الدلائل
!ى شرح ما أغفله أبو عبيد وابن قريبة من غريب الحديث.
وتوفى رحمه الله بسرقسطة عن نجو 95 عاما سنة 313 هـ.
انظر: تذكرة الحفاظ 3 / 869.
(6) حكى ابن منظور عن ابن سيده أن قائله: الراعى النميرى، وتمام البيت:
فاشتاق العيون اللوامح استشهارا(8/292)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
293
عَلَى بَعِيرىَ الَّذِى كُنْتُ أرْكَبُ، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أنِّى فِيهِ.
قَالَتْ: وَكَانَت النِّسَاء إذْ ذَاكَ خفَافًا، لَمْ يُهَبَّلنَ، وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَاكُلنَ العُلقَةَ مِنَ الطَّعَام، فًلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عقْدى بَعْدَ مَا اسْتَمَر الجَيْشُ، فَجئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَلَيْسَ بِهَا دَلِ وَلا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِىَ اَلَّذِى كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أنَّ الَقَوْمَ قال ابن السكيت: جدوا بها وذكروها.
وقولها: " معرسين فى نحر الظهيرة " وعرس من وراء الجيش، التعرس النزول، ونحر الظهرية: اول القائلة، وأصل التعريس[ النزول آخر الليل عند الخليل وغيره ؟ وقال ائو زيد] (1): اى وقت كان.
وقد ذكر مسلم اختلاف الرواة[ عن] (2) (موغرين) بالغين المعجمة والراء، وفسرها فى الأم عبد الرازق نحو ما تقدم.
قال: الوغرة: شدة الحر فى الهاجرة.
وذكر - أيضا - مسلم فيه (موعرين " بالعين المهملة، والراوى فى حديث يعقوب وإبراهيم بن سعد، كذا روايتنا فيه وفى بعض النسخ بالعين والراء المهملتين، وقال ابو مروان بن سراج (3): لا وجه له هنا.
قال القاصْى: وكذلك بالراء والوجه ما تقدم.
وتفسير قولها: "[ العلقة من الطعام، بأنه القليل منه، وأصله من الا"كل والعلوقة والعلوق: ال ال ل والرعى] (4).
وقولها: " فحبسنى ابتغاؤه ": أى طلبه، يعنى عقدها.
وتيممت منزلى: قصدته.
(3)
(4)
على قول شمر: التأبيأ: الثناء على الرجل فى الموت والحياة، قال ابن سيدة: وقد جاء مدحا للحى، وهو قول الراعى: فذكر البيت قال: مدحها - هنيده - فاشحاقوا أن ينظروا إليها فأسرعوا السير إليها شوقا منهم أن ينظروا منها.
انظر: لسان العرب 13 / 4 ماثق " أبن ".
واسم الراعى الشاعر: حصين بن معاوية من بنى نمير ولقب بالراعى ث لابنه كان يكثر وصف راعى الإبل فى شعره.
قاله ابن قتيبة فى الشعر والسئمعراء وقال ابن حزم فى نسب بنى نمير.
ومنهم الراعى الشاعر واسمه عبحد بن حصين بن جندل.
جمهرة النسب ص 279.
سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) كأح: كأ.
هو عبد الملك بن سراج بن عبد الله الحافظ، إمام الا"ندلس فى وقته، سمع من أبيه والصفاقسى وغيرهما، وحدث عحه الجيانى والصدفى والقاضى أبو عبد الله ابن الحاج وغيرهم، وكانت الرحلة إليه من جميع جهات الأندلس وغيرها توفى!منة 489 0 انظر الديباج المذهب 2 / 17، شجرة النور 1 / 122 الصلة لابن بشكوال 1 / 346، بغية الملتمس ص 367، 368.
سقط من ح، والمثبت من ز.
294(8/293)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ سَيَفْقِدُونى فَيَرْجعُونَ إلىَّ، فَبَيْنَا أنَا جَالِسَة فِى مَنْزِلِى غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ وابْنُ المُعَطًّلِ السُّلًمِىُّ، ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ، قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاء الجَيْشِ فَدلَّجَ، فَأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى، فَرَأى سَوَادَ إنْسَالط نَائمٍ، فَأتَانِى فَعَرِفَنى حِينَ رَانِى، وَقَدْ كَانَ يَرَانِى قَبْلَ ال يُضْرَبَ الحجَابُ عَلَىَّ، فَاسْتَيْقَظتُ بِاسْتِرْجَاعه حِينَ عَرَفَنِى، فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بجلبَابِى.
وَوَالله، مَأَ يُكَلِّهُنِى كَلِمَةً وَلا سَمِعْتُ منْهُ كَلَمًةً غَيْر اسْتِرْجَاعه، حَتَّى أنَاخَ رَاحَلًتَهُ، فَوَطِئ عَلًى يَدهَا فَرَكبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِىَ الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أتَيْنَا الجًيشَ، بَغْدَ مَا نَزَلُواَ مُوغرِينَ فِى نَحرِ الظًّهِيرَة، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِى شَأنِى، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْن سَلُولَ.
فَقَلِمْنَاَ المَدِينَةَ، فَأشْتَكَيْتُ، حِينَ قَدِمْنَا المَدِينَةَ شَهْرًا، وَالتاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أهّلِ وقوله: " فأدلج): أى مشى بليل، يقال منه: أدئج وادَّلج.
وقيل: لا يثدد إلا
فى سير آخر الليل، وقد تقدم مستوفى الكلام فيه.
وقوله: " فاستمر الجيش): أى ذهب، وقيل ذلك فى قوله تعالى: { سحْرٌ مُّسْتَمِرّ} (1) أى ذاهب وهو استفعل من مر.
وقوله: دا فرأى سواد إنسان): أى شخصه، وكل شخص سواد.
وقولها: (فاستيقظت باسترجاعه): اْى بقوله: إنا لله دإنا إليه راجعون، وهذا
من صفوان لمعنيين: أحدهما: اْنها مصيبة يجب الاسترجاع فيها ؛ لنسيان امراْة عورة، وبقائها منفردة فى قفر وليل مظلم.
والثانى: ليقيمها استرجاعه من نومها إذ صان حرمة النبى عن أن يناديها ويكلمها، وقد كان كما قالت: نزل الحجاب كما فعل عمر بتكبيره لينتبه النبى - عليه السلام - ولم يناده إكباراً له، وحرجأَ من عموم النهى عن ذلك ؛ ولأنه - عليه السلام - كان يوحى إليه فى نومه.
وقولها: " وظننت اْن القوم سيفقدوننى فيرجعون إلى دا الظن هنا بمعنى العلم، قال
الله تعالى: { أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ} (2).
وقوله: " فخمرت وجهى بجلبابى " أى سترته والجلباب كالمقنعة، تغطى به المرأة رأسها يكون أعرض من الخمار، قاله النضر وقال غيره: هو ثوب واسع دون الرداء، تغطى به المراة ظهرها وصدرها وقال ابن الأعرابى: هو الإزار، وقيل: الخمار.
وقيل: هو كالملاة والملحفة وبعض هذا قريب من بعض.
وقولها ة " والناس يفيضون فى حديث أهل الإفك " أى يأخذون فيه.
(1)1 لقمر: 2.(8/294)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
295
الإفْك، وَلا أشْعُرُ بِشَىْء مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يُريبُنِى فِى وَجَعِى أنِّى لا أعْرِفُ منْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الَلُّطفَ الَّذى كُنْتُ أرَى منْهُ حِينَ أشْتَكِى، إئمَا يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَيُسَلًّمُ ثُمًّ يَقُولُ: " كَيْفً تيكُمْ ؟ " فَذَاكً يُرِيبُنِى.
وَلا أشْعُرُ بِألشَّرِّ، حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَمَا نَقَهْت وَخَرَجَتْ مَعِى أَمُّ مِسْطَح قبَلَ المَنَاصِع - وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَأ - وَلا نَخْرُجُ إلا لَيْلا إلى لَيْل، وَذَلكَ قَبْلَ أنْ نَتَّخِذَ الكُنُفً قَرِيبًا مِنْ بُيُوتنَا، وَأمْرُنَأ أمْرُ العَرَب الأوَلِ فِى التّنَزُّهِ، وَكنَّا نَتَأذً ى بألكُنُفِ أنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا.
فَانْطًلَقْتُ أنَأ وَأُمُّ مسْطَح - وَهِىَ بِنْتُ أبِى رُهْم بنْ المُطلِبَ بْنِ عَبْد مَنَاف، وَأمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِى بَكْر الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ ابْنُ اثَأثَةَ بْنِ عَبًّاد بْنِ المُطَّلِبِ - فَأقْبَلتُ أنَأ وَبِنْتُ أبِى رهبم قبَلَ بَيْتِى حِينَ فَرَغْنَا منْ شَأنِنا، فَعَثَرَتْ أمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِها.
فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ.
فَقُلتُ لَهَا: بِئْسَ مَاقُلتَ، أتَسبَّينَ
وقولها: " يريبنى فى وجع (1) " اى أنكرنى مرضى، العرب تسمى كل مرض وجعأ، ومعنى (يريبنى لما: يوهمئ ويشككنى حتى أنكر ذلك من اختلاف حاله، يقال: أرابنى (2) الاَمر يريبنى: إذا توهمته وشككت فيه، فإفا استيقنته قلت: رابنى منه كذا يريبنى، وقال الفراء وأبو زيد: هما بمعنى واحد فى الشك.
وقولها: ا لا أعرف من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اللطف " بفتح اللام والطاء، أى البر والتخفى.
زاد بعضهم: إذ كان ذلك برفق، ويقال فيه اللطف بالضم وسكون الطاء أيضا.
وقوله: (كيف تيكم ؟ " هى إشارة تنبيه للمؤنث مثل " ذاكم) للمذيهر.
وقولها: " بعدما نقهت) بفتح القاف، أى أفقت من المرض.
وقولها: " وخرجت قبل المناصع وهو متبرزنا ": قال ال الزهرى: أراها مواضع خارج المدينة، وعليه يدل قوله فى الحديث نفسه فى غير كتاب مسلم، وهى صعيد أفيح خارج المدينة.
وقال غيره: هى مواضع التخلى للحدث، وهو معنى قولها: " متبرزنا، والبراز، بالفتح الحدث، وأصله الفضاء من الأرض، وسمى الحدث به لقصدهم قضاه فيه، كما قالوا فيه: الغائط لذلك.
وقولها: " وأمرنا أمر العرب الاَول فى التنزه دا كذا لجمهور الرواة، اى فى البعد بذلك عن المنازل.
وعند ابن ماهان: فى التبرز بمعناه، أى فى الخروج للبراز.
وقولها: " تعس مسطح، بكسر العين، معناه: هلك، وقيل: سقط، والتعس
(1) فى خط.
وجعى.
(2) فى خط: رابنى.
296(8/295)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
رَجُلاً قَدْ شَهِدً بَدْرَا.
قَألَتْ: أىْ هَنْتَاهُ، أوَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَألَ ؟ قُلتُ ة وَمَاذَا قَالَ ؟ قَألَتْ: فأخْبَرَتْنِى بقَوْلِ أهّلِ الإفْك، فَأزْددْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِى، فَلمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِى، فَدَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَسَلًّمَ ثُمَّ قَالَ: (كَيْفَ تيكُمْ ؟ ".
قُلتُ: أتأفَنُ لِى أنْ اَتىَ أبَوَى ؟ قَالَتْ - وَأنَا حينَئِذ أُريدُ أنْ أتَيَقَّنَ الخَبَرَ مِنْ قبِلَهِمَا - فأذِنَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَجئْتُ أبَوَىَّ فَقُلتُ لأمًّى.
يَا أمّتَاهْ، مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ ؟ فَقَالَتْ: يَابُنَيَّةُ، هَوِّنى عًلَيْك.
فَوَالَله، لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأةو قَطُّ وَضِيئَة عِنْدَ رَجُم يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائرُ، إلا كَثًّرْنَ عَلَيْهَاَ.
قَالَت: قُلتُ: سُبْحَانَ الله! وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاس بِهَذَا ؟ قَالَتْ، فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أصْبَحْتُ لا يَرْقَأ لِى!معْ وَلاَ كْتَحِلُ بِنَوْمِ.
ثمَّ أصْبَحْتُ أبْكِى، وَدَعَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلِىَّ بْنَ أبِى طَالِب وَأسَامَة بْنَ زَيْد حينَ اسْتَلبَثَ الوَحْىُ، يَسْتَشيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أهلِه.
قَالَتْ: فأمَّا أسَامَة! بْنُ زَيْد فَأشَارَ عًلَىً رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِالَّذى يَعْلًمُ فِنْ بَرَاءة اهلِه، وً بِالَّذى يَعْلَمُ فِى نَفْسه لَهُمْ مِنَ "الوُدِّ.
فَقَالَ: يَارَسُولُ الَله، هُمْ أهْلُكَ وَلا نَعْلَمُ إلاَ خَيْزَا.
وَأمَّا عًلِىُّ بْنُ أبِى طَالِبَ فَقَالَ: لَمْ يُضيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَاَلنِّسَاء سِوَاهَا كَثيز، وَإنْ تَسْأل الجَأرِيَةَ تَصْدُقْكَ.
قَألَت فَدَعَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَرِيرَةَ فَقَالَ: (أىْ بَرِيرَةَُ، هَلْ رَأيْتِ منْ شَىْء يَريبُكِ مِنْ عَائِشَةَ ؟).
قَالَتْ لَهُ بَرِيرَةُ: وَالَّذى بَعَثَكَ بِالحَق، إنْ رَأيْتُ عَلَيْهَا أمْزاَ تَطُّ أغْمصُهُ عَلَيْهَا، أكْثَرَ مِنْ ائهَا جَاريَةو حَديثَةُ السِّنًّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أهْلِهَا، فَتَأتِى الدَّاجِنُ فَتَاكُلُهُ.
تَألَتْ: فَقَامَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلًى المِنْبرَ، فَاسْتَعْدَرَ مِنْ عَبْد الله بْنِ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ: قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَهُوَ عَلَى المِنْبَر -: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمَينَ، مَنْ يَعْنُرنِى مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ السقوط على وجهه خاصة، وقيل: لزمه الشىء، وقيل: بعد.
وقولها: " يا هنتاه): أى يا امرأة أو يا هذه، وهى كلمة يعبر بها عن كل شىء،
وقد تقدم شرحها ولا يقال: هنتاه، إلا فى النداء.
ومن العرب من يسكن نون " هن) فى كل حال، مثل " منْ) ومنهم من ينونها فى الوصل.
وكذلك الأنثى (هنة) فى الوصل (وهنة) فى الوقف، وحكى الهروى عن بعضهم أن: (هن، وهنة دا مشددة النون، وأنكره الاَزهرى، والمعروف تخفيف النون.
وحكى الخليل أنهم إذا اْدرجوها فى المؤنث سكنوا التاء فقالوا: هذه هنتْ جاءت.
وقولها: " ما كانت قط امرأة (1) وضيئة) ممدوداً أى جميلة، والوضاءة: الحسن
(1) فى خط: امرأة قط.(8/296)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
297
أذَاهُ فِى أهلِ بَيْتِى.
فَوَاللهِ، مَأ عَلمْتُ عَلَى أهْلِى إلا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَأ عَلمْتُ عَلَيْه إلا خَيْرًا، وَمَأ كَانَ يَدْخُلُ عَلًى أهْلِى إلا مَعِى).
فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِىُّ فًقَالَ: أنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ الله، إنْ كَانَ مِنَ الأوْصِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، يإنْ كَانَ مِنْ إخْوَانِنَا الخَزْرجَ أمَرْتَنَا فَفَعَلنَأ امْرَكَ.
قًالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَ ال ةَ - وَهُوَ سيِّدُ الخَزْرجً، وَكَانَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الحَمِيَّةُ - فَقَالَ لِسْعدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ.
لَعَمْرُ الله، لا تَقْتُلُهُ وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِه.
فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْر - وَهُوَ ابْنُ عمِّ سَعْد بْنِ مُعَاذ - فًقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَ الةَ: كَنَبْتَ.
لَعَمْرُ اللهِ، لَنَقْتُلَئهُ، فَإنَكَ مُنَافِق تُجَ اللُ عنِ الَمُنَافقينَ.
ً فَثَارَ الحَيانِ الأوْصُ والخَزْرجُ، حَتىَّ هَمُّوا أنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَائمِ عًلىَ المَنْبًرِ، فَلَم يَزَلْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يُخَفِضُهُمْ حَتَى سَكَتُوا وَسَكَتَ.
قَالَتْ: َ وَبَكَيْتُ يوْمِى ذَلَكَ، لا يرْقَأ لِى لَعوَلاَ كْتَحِلُ بِنَوْمٍ.
ثمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتِى المُقْبِلَةَ، لا يَرْقَأ لِى دَمعْ وَلا كْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَأبَوَاىَ يَظُنَّانِ اْن البُكَاءَ فَالِق كَبِدى.
فَبَيْنَمَا هُمَا جَالسَانِ عَنْدى، وَأنَا أبْكِى، اسْتأفَنَتْ عَلَىَّ امْرَأةٌ مِنَ الأنْصَارِ فَأذنْتُ لًهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِىَ قَالَت: فًبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَلَّمً ثُمَّ جَلَسَ.
قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قَيلَ لِى مًأ قِيلَ.
وَقَدْ لَبثَ شَهرًا لاَ يُوحَى إليْه فِى شَأنِى بشَىْء.
قَالَت: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالً: (أفَأ بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإنَّهُ قَدْ بًلَغَنِىً عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإنْ كُنْتِ بَريئَةً فَسَيُبَرَئكِ اللمُ! يانْ كُنْتِ ممدود.
وفى رواية ابن ماهان: " حظية لما من الحظوة ورفعة المكانة وبُعده " عند رجل يحبها ولها ضرائر " اْى شرائك وزوجات لزوجها، سمين بذلك لاستضرار كل واحدة بالا"خرى ة لأجل الغيرة التى بينهن على الزوج، ومقاسمتهن (1) أموره.
والاسم منه الضر بالكسر، وحكى الضم كغيره.
وقولها: " إلا كثرن عليها) يعنى القول بعيبها.
وقولها: (من شىء أغمصه " بكسر الميم، أى أعيبه وأنتقصه والغمص العيب، وأصله: الطعن والقول السيئ.
وقولها: " ولكن اجتهلته الحمية): كذا رواية الجلودى بالجيم والهاء فى حديث معمر عن ابن شهاب، وفى حديث فليح عنه وعند ابن ماهان وفى رواية معمر: " احتملت!ا) بالحاء والميم، وهى رواية البخارى (2).
وكذا ذكره مسلم عن يونس وصالح، وصوب
(1) فى ح: مقاسمتهما.
(2) كالتفسير، سورة النور، ب{ لولا إذ سمعتموه.
.
} 6 / 127.
298(8/297)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
ألمَمت بذَنْب، فَاسْتَغْفِرى اللهَ وَتُوبِى إلَيْه، فَإنَّ العَثدَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَنْب ثُمَّ تَابَ، تَابَ اللهُ عَلَيهَ لا.
قًالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِى حَتّى مَا أحِسُّ مِنْهُ قَطرَة، فًقُلتُ لأبى أجب عنِّى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فيمَا قَالَ.
فَقَالَ: وَالله، مَا أدْرِى مَا أقُولُ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ فَقَلتُ لأمِى اجيبى عنِّى رَسُولً اللَّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَتْ: والَلَّه ما المحرِى مَا اقُولُ لِرَسُولِ اللَّهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ - وَأنًا جَارِيَةو حَديثَةُ السِّنِّ - لا أقْرَأ كَثيرًا مِنَ القُرْانِ: إنِّى، وَالله، لَقَدْ عَرَفْتُ أنَّكُمْ قَدْ سَمعْتُم بِهَدا حًتَّى اسْتَقَرَّ فِى نُفُوسِكمْ وَصَدَّقْتُئم به، فَإنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّى بَريئَةو، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّى بَريئَةو لا تُصَدِّقُونِى بذلك، وَلَئِنِ اْعْتَرَفْتُ لَكُم بأمْر، وَاللهُ يَعْلَمُ أنِّى بَرِيئَةو، لَتُصَدِّقُونَنِى.
وَإنِّى، وَاللهِ، مَا اخدُ لِى وَلَكُمْ مَثَلأ إلا كَمَا قَاَلَ أبو يُوسُفَ: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَئ مَا تَصِفُونَ (1).
بعضهم الرواية الأولى، ومعناها: استخفته.
قال فى الجمهرة: كل شىء استخففته فقد استجهلته، واستجهلت الريح الغصن: إذا حركته فاضطرب، وقيل: أغضبته.
قال الهروى: من استجهل مؤمنأَ فعليه إثمه، أى من حمله على ما يغضبه، وهو من هذا، أى من[ حملته] (2) الحمية على الجهل والغضب، وهو معنى الرواية الانحرى.
قيل: احتملته: أغضبته، أو احتمل، كما قال: " حتى هموا أن يقتتلوا).
وقوله: (فتشهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين جلس ثم قال): فيه الابتداء بذكر الله وحمده بالشهادتين فى الكلام فى الأمور المهمة.
وقوله: (ألممت بذنب): اْى أتيته[ به] (3) وليس لك بعادة، وهو أصل اللمم،
وقد فسرناه قبل (4).
قال الداودى فى قوله هذا: لا دليل على الفرق بين أزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وغيرهن ؛ من وجوب اعتراضهن بما يكون منهن من ذلك[ ولا يكتمه] (5) ؛ إذ لا يحل لنبى امساك من يفعل ذلك، وأمر غيرهن بالستر.
وليس كما قال، ولا فى الحديث أمرها بالاعتراف، إنما قال لها: (استغفرى الله وتوبى)، وهذا فيما بينها وبين الله وكذلك قوله: " فإن العبد إذا اعترف دا ليس فيه تصريح بأمرها بالاعتراف له، وإنما هو بالاعتراف لله، كما قال.
وقوله: (فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب، تاب الله عليه،: قد مضى الكلام على التوبة، وقوله: (تاب الله عليه دا: توبة الله على عباده: الرجوع بهم من المعصية
(1) يوسف: 18.
(2) فى ح: " حمله).
(3) ساقطة من ح، والمثبت من ز.
(4) انظر: كالقدر، بقدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، برقم (20).
(5) فى!: ولا يكتمنه.(8/298)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
299
قَالَتْ: 3 تَحَوَّلتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِى.
قَالَتْ وَأنَا، وَاللهِ، حِينَئِذ أعْلَمُ أنّى بَرِيْئَةو، وَأنَّ اللهَ مُبَرِّئى بِبَرَاءَتِى.
وَلَكِنْ، وَالله، مَا كنْتُ أَظُنُّ أنْ ينزَلَ فِى شأنِى وحْى يُتْلى، وَلَشأنِى كَانَ أحْقَرَ فى نَفْسِى منْ أنْ يَتَكَلَّمً اللهُ عَزَ وَجَلَّ فِىَّ بأمْرٍ يتلَى، وَلَكِنِّى كنتُ أرْجُو أنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ عَلق فِى النًّوْمِ رُؤْيَا يُبَرَئنِى الله بِهَا.
قَالَت: فَوَالله، مَارَامَ رَسُولُ اللهِ علق مَجْلِسَه، وَلا خَرَجَ مِنْ أهّلِ البَيْتِ أحَد، حَتَّىً أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عًلَى نَبيِّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَأخَذَهُ مَا كَانَ يَأخُذُهُ مِن البُرحَاء، عنْدَ الوَحْى، حَتَّى إنَّهُ لَيَتَحَدّر منْهُ مِثلُ الجُمًانِ مِنَ العَرَق فى اليَوْمِ الشَّاتِ، مِن ثِقَلِ القَولِ ائَذى ألَزِلَ عَلَيْه.
قَالَتْ: فَلَمًا سُرِّى عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَهُو يَضْحَكُ - فَكَانَ أوَّلَ كَلمَة تًكَلَّمَ بِهَا أنْ قًالَ: (أبْشِرِى يَا عَائِشَةُ، امَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأكِ ".
فَقَالَتْ لِى أمِّى: قَومِى الَيْهَ.
فًقُلتُ: وَالله، لا أقُومُ إلَيْهِ، وَلا أحْمَدُ إلا الله هُوَ الَّذِى أنْزَلَ بَرَاءَتِى.
قَالَتْ: فَأنْزَلً اللهُ عَزَّ وجًَ: { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ
إلى الطاعة، وهو بمعنى قوله: { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ليَتُوبُوا} (1)، ويكون قبول تبوتهم ورضاه بها كما جاء فى الحديث، وبمعنى ثبتها وأخلصهَا لهم.
وقد يأتى بمعنى الرجوعِ بهمِ من التشديد إلى التخفيف، ومن الخطر إلى الإباحة لقوله: { علِمَ أَن لَّن تُحْصُوه دماب عَلَيْكُم} (2)، أى خفف.
ومعنى " قلص دمعى لما: أى ارتفع.
وقولها لاءبيها وأمها: (أجب عنى! رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): فيه تقديم الكبير للكلام على المغير فى المهمات، وفى مخاطبة أهل الاَمر والموقرين.
وقولهما: (ماندرى " إذا كان لاءمر الذى سألتهما مالا يقفان منه على زائد على ما عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبل أن ثأتيه الوحى، من حسن الظن بها والسير إلى الله تعالى.
وفيه أنه لأ يجب[ لأحد أن يعترف] (3) على نفسه بمالم يفعله، وإن علم انه فى انكاره يكذب وفى اعترافه يصدق لقرينة تدل على ذلك، بل لا يجب أط يقول إلا الحق.
وقولها: حين تلت: { فَصَبْرٌ جَميلٌ } [ قيل: هو خبر عن مبتدأ هـ ىذوف دل عليه الكلام، أى فصبرى صبر جميل] (4).
وقولها: (فما رام رسول الله لمحيي مجلسه)): أى مابرحه وما فارقه، والريم: البراح والنزول، يقال منه رام يريم، فأما من طلب الشىء فرام يروم.
(1) التوبة ؟ 118.
(3) دى ح: ان يعترف أحد.
(2) المزمل: !2.
(4) فى هامش ح.(8/299)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
مِّنكُمْ} (1) عَشْرَ اَيَات، فَأنزَلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - هَؤلاء الآياتِ بَرَاءَتِى.
قَالَتْ: فَقَالَ أبُو بَكْرٍ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلى مسْطَحٍ لِقَرَابَته منْهُ وَفَقْره: وَالله، لا ائفقُ عَلَيْه شَيْئا أبَدًا بَعْدَ الَّدى قَالَ لعائشَةَ.
فَأنْزَلَ اللَهُ عَزَّ وَجًَ، { وَلا يَأَتًلِ أُوْلُواَ الْفَضْلِ مَنكُمْ وًا لسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِىَ الْقُرْبَى} إلَى قَوْلِهِ: { أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم} (2).
.
قَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ: هَنِهِ أرْجَى ايةٍ فِى كِتَابِ اللهِ.
فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: وَالله، إنّى لأحبُّ أنْ يَغْفِرَ اللهُ لِى.
فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى
كَانَ ينفِقُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ: لاَ أنْزِعُها منْهُ أَبَدًا.
قَالَتْ عَائشَةُ: وً كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَألَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ - زَوجَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) -
عَنْ أمْرِى: (مًاعَلِمْتِ ؟ أوْ مَا رَأيْتِ ؟) فَقَالتْ: يَارَسُولَ اللهِ، اخْمِى سمْعِى وَبَصَرِى.
وقولها فى زينب: دا وهى التى كانت تسامينى): أى تعاندنى وتضاهينى بجمالها ايضا ومكانتها عند النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصله من السمو وهو الارتفاع.
ورأيت بعض الشارحين فسره من سوم الخسف، وهو تجشيم الإنسان ما (3) يكرهه ويشق عليه، كانه ذهب إلى أن معناه: تغيظنى وتؤذينى، ولا يصح هذا من جهة العربية أن يقال فى فاعل منه سامى، إنما يقال فيه: ساوم.
وقولها: " وطفقت أختها حمنة تحازب لها "[ بالزاى] (4)، أى تتعصب.
وقوله: (ما كشفت عن كنف أنثى قط) بفثح النون، أى ثوبها الذى يسترها، كناية عن الجماع.
الكنف الستر.
وقوله عن بريرة: دا حتى أسقطوا لها به) كذا رواية الجلودى، وعن ابن ماهان: لهاتها بتاء باثنتين فوقها، وهو عند أكثرهم خطأ وتصحيف، وأن الصواب الأول.
قيل: معناه: أى بينوا لها به، أى بالاءمر، وصرحوا.
وإلى هذا ذهب الوقشى وابن بطال قال: من فولهم: سفط على الخبر ؛ إذا علمه، أو من قولهم ة فلان يساقط الحديث أى يرويه ولها (5) لما صرحوا لها به قالت: سبحان الله.
ْ وقال أبو مروان بن سراج: معناه: أتوا بسقط من القول فى كثرة سؤالها وانتهارها، يقال: اشقط الرجل: إذا أتى بسقط من القول.
(1) النور: 11.
(3) فى!: بما.
(5) فط !: ولهذا.
(2) النور: 22.
(4) فى هامش !.(8/300)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
وَاللهِ، مَا عَلِمْتُ إلا خَيْرا.
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى مِنْ اروَل النَّبِىِّ على، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرعَ، وَطَفِقَتْ أخْتُهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ الزُّهْرِىُّ: فَهَذَا مَا انْتَهَى إلَيْنَا مِنْ أمْرِ هَؤلاءِ الرَّهْطِ.
وَقَالَ فِى حَليثِ يُونُسَ: احْتَمَلتْهُ الحَمِيَّةُ.
57 - (... ) وحدّثنى أبُو الرَّبيع العَتَكىُّ، حَدثنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ.
ح وَحَدثنَا الحَسَنُ
ابْن عَلِىًا لحُلوَانِى وعبد بن حميدٍ، قالا: حدثنا يعقوب بن إبراهِيم بنِ سعدٍ، حدثنا أبِى
قال غيره: ويقال سقط وأسقط فى كلامه، أى اخطأ.
قال: وعلى رواية (أسقطوا لهاتها) أى أسكتوها.
وقولها: " وكان الذى تولى كبره عبد الله بن أبى): قيل (كبره دا معظم القصة، وقيل: الكبر: الإثم، وقيل: هو الكبيرة كالخطى والخطيئة.
وقوله: (فلما سرى عنى (1)) اى كشف واْزيل.
وفى هذا الحديث موضع كبير الإشكال لم يتكلم عليه الناس، نبهنا عنه (2) بعض شيوخنا المعنيين بهذا الشأن، وباحثنا عنه غيره وهو قولها: فقام سعد بن معاذ وقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله.
وغزوة المريسيع التى وقعت فيها هذه القصة - وهى غزوة بنى المصطلق - سنة ست فيما ذكر ابن اسحق، وسعد بن معاذ توفى بإثر غزوة الخندق من الرمية التى رمى بها فيه، وذلك سنة أربع بإجماع من أصحاب الخبر إلا شيئا[ روى] (3)، قاله الواقدى مما نذكره، قال وكيف يصح على هذا ذكر سعد بن معاذ فى الخبر ؟ قال: وذكره عندى وهم، والاءشبه أنه غيره ؛ ولهذا لم يقله ابن إسحق فى السير، وإنما قال: انَّ المتكلم أولا وآخراً أسيد بن حضير.
وباحثت غيره[ عن ذلك] (4) من شيوخنا عن ذلك فقال لى: لم يصح ذكر سعد بن معاذ للاختلاف فى تاريخ غزاة المريسيع، فإن ابن عتبة يقول: إنها سنة اربع فى سنة غزوة الخندق.
وقد ذكر البخارى (5) اختلاف ابن إسحاق وابن عتبة فى ذلك، وإن كان هذا فيحمل على غزوة اثريسيع وحديث الإفك كان فى سنة أربع قبل قصة الخندق وموت سعد بن معاذ.
(1) قى ح: عنه.
(3) ساقطة من ح.
(5) كالمغازى، بغزوة بنى المصطلق 147 / 5.
(2) فى ح.
عليه.
(4) سقط من ح.
302(8/301)
كتاب التوبة / باب فى حدبْ الإفك...
إلخ
عَنْ صَالِح بْنِ كَيْسَانَ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ.
بِمِثْلِ حَلِيثِ يُونُسَ وَمَعْمَر.
بإسْنَ المَا.
وَفِى حَلِيثِ فُلَيْح: اجْتَهَلَتْه الحِميَّهُ.
كَمَا قَالَ مَعْمَرٌ.
وَفِى حَديثِ صَالِح: احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ كَقَوْلِ يُونُسَ.
وَزَادَ فِى حَديث صَالِحٍ: قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عًائِشَةُ تَكْر أنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ.
وَتَقُولُ: فَإنَّهُ قَالَ:
فَإنَّ ائى وَوَالِدَهُ وَعِرْضِى لِعِرْضِ مُحَمَّدمِنْكُمْ وِقَاءُ
وَزَادَ ائضًا: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَت عَائِشَةُ: وَاللهِ، إنَّ الرَّجُل الَّذى قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ لَيَقُولُ: سُبْحَانَ الله فَوَالَّذى نَفْسِى بِيَدِهِ، مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ أنْثَى قَطُّ.
َ قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيداً فِى سًبِيلِ اَللهِ.
وَفِى حَلِيثِ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ: مُوعِرِينَ فِى نَحّرِ الظَّهِيرَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَاقِ: مُوغِرِينَ.
قَالَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ: قُلتُ لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ: مَا قَوْلُهُ مُوغِرِينَ ؟ قَالَ: الوَغْرَةُ شِدَّةُ الحَرِّ.
58 - (... ) حلَّطنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ.
قَالا: !حَا شَا أبُو أُسَامَةَ،
عَنْ هشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا ذكُرَ مِنْ شَأنِى الَّذى ذكُرَ، وَمَاعَلِمْتُ بِه، قَامَ رَسُولَ ( صلى الله عليه وسلم ) خًطِيئا فَتَشَهًّدَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأئنَى عَلَيْه بمَا هُوَ أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بْعْدُ، أَشِيرُوا عَلَىَّ فِى أُنَاسبى أبَنُوا أَهلِى.
وَايْمُ الله، مَا عَلمْتُ عَلَى أهْلِى مِنْ سُوٍ ء قَطّ.
وَأبنُوهُمْ، بِمَنْ، وَالله مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوء قَط، وَ لاً دَخَلَ بَيْتِى قَط إِلاَ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِى سَفَر إِلاَ غَابَ مَعِى).
وَسَاقَ اً لحَلِيثَ بِقِصَّتِهِ.
وَفيهِ: وَلَقَدْ دَخَلَ
ثم إنى بحثت عما لأصحاب السير والأخبار فى ذلك، فوجدت الطبرى (1) ذكر عن الواقدى اْن المريسيع سنة خمس، قال وكانت الخندق وقريظة بعدها.
ووجدت القاضى إسماعيل قال: اختلف فى ذلك، قال: والأولى أن تكون المريسيع قبلها - وهذا والله أعلم - [ بذكر] (2) سعد فى قصة الإفك، وكانت فى المريسيع، فعلى هذا يستقيم قول من
(1) تارلخ الطبرى 2 / 564.
(2) من ح، وساقطة فى ز.(8/302)
كتاب التوبة / باب فى حديث الإفك...
إلخ
303
رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْتى فَسَالَ جَارِيَتِى.
فَقَالَتْ: وَاللهِ، مَا عَلمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا، إِلاَّ أَنَّهاَ كَانَتْ تَرْقُدُ حَثَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأكُلَ عَجينَهَا.
أَوْ قَالَتْ خَميرَهَا - شَكَّ هشَامو - فَانْتَهَرَهَا بَعْضرُ أَصْحَابه فَقَالَ: اصْدُقِى رَسُولَ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم )، حَتَّى أَسْقًطُوا لَهَا بهِ.
فًقَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ! وَاللهِ، مًا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ النَّ!بِ الأَحْمرِ.
وَقَدْ بَلَغَ الأمرُ ذَلكَ الرَّجُلَ الَّذى قيلَ لَهُ.
فَقَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالله مَا كَشَفْتُ عَنْ كَنَفِ انثَى قَطُّ.
ًَ
قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقُتِلَ شَهِيداً فِى سَبِيلِ اللهِ.
وَفيهِ أَيْضًا مِنَ الزِّياَدِةِ: وَكَانَ الَّذِينَ تَكَمَفَوا بِهِ مِسْطَح وَحِمْنَة وَحَستَانُ.
وَأَمَّا المُنَافِقُ
عَبْدُ اللهِ بْنُ اُئىٍّ فَهُوَ الَّذِى كَانَ يسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّنِى تَوَلَّى كِبْرَهُ، وَحَمِنَةُ.
قالت: فيه سعد بن معاذ وهو الذى فى الصحيحين إن شاء الله تعالى، ويكون قول غير ابن إسحق أصح من قول ابن إسحق لا سيما وقد كرر فى الصحيح ذكر سعد بن معاذ فى مراجعة أسيد بن حضير، فقال !: وهو ابن عم سعد لينبه على نصرته لقوله قبل.
94 / ب(8/303)
304 كتابة التوبة / باب براءة حرم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الريبة
(11) باب براءة حرم النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) من الرببة
9 5 - (1 277) حلثّنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَفانُ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَوَنَا ثَابت!، عَنْ أَنَسٍ؛ أنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بالمِّ وَلَد رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وسلم).
فَقَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم) لِعَلِىٍّ: (اف!بْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ لا فَا"تَاهُ عَلِى فًإذَا هُوً فِى رَكِى يَتَبَرَّدُ فيهَا.
فَقَالَ لَهُ عَلِىّ.
اخْرُجْ.
فَنَاوَلهُ يَدَهُ فَاخرَجَهُ، فَإذَا هُوَ مَجْبُوب!لَيْسً لَهُ ذَكَز، فَكَفَّ عَلىُّ عَنْهُ.
ثُمَّ أتَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَمَجْبُوب!.
مَالَهُ ذَكَز.
وقوله: إن رجلاَ كان يتهم بأم ولد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال لعلى: (اذهب فاضرب عنقه) الحديث، قال الإمام: الظاهر أن هذا الحديث فيه حذف بسط السبب، فلعله ثبت عنده بالبينة ما أوجب قتله، فلما رأى علىّ كونه مجبوبا أبقاه ليراجع النبى - عليه السلام - فيه، ولم يذكر ما قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لعلى، ولو ذكر السبب / الموجب لقتله وجواب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لعلى لعلم منه وجه الفقه، ولعل الرجل - اْيضا - كان منافقا ممن يحل قتله، فيكون هذا السبب محركا على قتله.
قال الق الى: قد نزه الله حرمة النبى على اْن يثبت شىء من ذلك فى جهتها، والخبر معلوم أنه كان قبطيا، وكان يتحدث إليها بحكم الجنسية (1) فتكلم فى ذلك، ولم يأت أنه أسلم، وأن النبى نهاه عن التحدث إليها، فلما خالفه اسمَحق بذلك القتل ؛ إما للمخالفة أو لتأذى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بسببه، ومن اَذى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بشىء ملعون كافر استحق (2) القتل.
ويحتمل اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) علم براءته، وكونه مجبوبا، وأمر عليا بما أمره به لما ذكر له
هو أو غيره خلوه ليتجلى أمره وترتفع تهمته.
ويحتمل أنه كان قد أوحى إليه أنه لا يقتله، وينكشف له من حاله ما يبين أمره،
وأنه فى الركى (3) متجردأ، إلا أنه اْمره بقتله حقيقة، بل قال له ذلك وهو يعلم أنه لا يقتله لما تبين له من براءته كما.
قال فى الحديث الاَخر: (احثُ فى أفواههم التراب) (4) وقد قالت عائشة له: ما اْنت بفاعل، ففهصت أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يردط دار4، دل على طريق
(1) فى ز: الجنسه.
(2) فى ز: يستحق.
(3) الركى: جنب للركية، وهى البئر.
(4) سبق فى كالجنائز، بالتشديى على النياحة برقم (30).(8/304)
كتابة التوبة / باب براءة حرم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الريبة
305
التعجيز له، أى أنك لا تقدر على إسكاتهن ولا بذلك ولا يمكنك فعله.
وقد ذكر أصحاب الاَخبار أن المقوقس صاحب مصر أهدى للنبى مع مارية وأختها سيرين، اْى خصيًا اسمه[تابوا] (1)، وأنه أسلم، كذا سماه محمد بن سعد، وقال غيره: (ماتوا)، والاءول أثبت، فهو - والله أعلم - ذلك، وقد تقدم تفسير الركى، وهى البئر.
(1) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 8 / 170، 171.
306(8/305)
كتاب صفات المنافقين
بسم الله الرحمن الرحيم
50 -كتاب صفات المنافقين وأحكامهم
ا - (2772) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أِبى شَيْبَةَ، حدثنا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حدثنا زُهَيْرُ
ابْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا أبُو إسْحَاقَ ؛ أنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ارقَمَ يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَفَرٍ، أصَابَ النَّاسَ فِيهِ شدَّةٌ.
فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ ابَئ لأصْحَابه: لا تُنْفقُوا عَلَىَ مَنْ عِندَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ.
ًَ
قَالَ زُهَيْز: وَهِىَ قِرَاءَةُ مَنْ خَفَضَ حَوْلَهُ.
وَقَالَ: { لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَل} (1).
قَالَ: فَأتَيْتُ النَّبِىَّ
( صلى الله عليه وسلم ) فَأخْبَرْتَهُ بذلك.
فَأرْسَلَ إلَى عَبْد اللهِ بْنِ أُبَىٍّ فَسَألَهُ فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ.
فَقَالَ: كَذَبَ زَيْدُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: َ فَوَقَعَ فِى نَفْسِى ممَّا قَالُوهُ شلَّة.
حَتَّى أنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقى: { إِذَا جَاءَكَ الْمَنَافِقُون} (2).
قَالَ: ثُمَّ دَعَاهُمُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ.
قَالَ: فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ.
وَقَولُه: { كَأَنَّهُمْ وقوله: الا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله) أى يتفرقوا عنه،
قال: وفى قراءة عبد الله بن حفص: دا حوله) كذا فى نسخ مسلم[ وكذا قيدناه من طريق العذرى عن الصدفى والأسدى بتنوين حفص، وخفض (حوله لما] (3)، وكذا ذكره ابن اْبى شيبة شيخ مسلم فيه فى مصنفه (4) بنحوٍ منه.
قال: وهى فى قراءة من خفض دل من حوله) نبه ابن أبى شيبة على أن روايته فيه وكذا من بالخفض لرفع الإشكال، ويرى مخالفة من رواه بالفتح، وكذا قيده بعض شيوخنا فى الترمذى (ْ): (من كان حوله)، وليست (كان) فى روايتنا، وفى رواية ابن ماهان: (حوله) بالفتح.
قال بعض المتكلمين: معنى قوله: (من خفض) أى من انعطاف عليه وتحف به،
كذا تقيدت عندى بخطى رواية ابن ماهان عن أبى بحر بالخاء، كما تقدم، وكان هذا التفسير له من قوله تعالى: { وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (6) وقيده غيرى عنه بالحاء
(1) 1 لمنا فقون: 8.
(2) 1 لمنا فقون: ا.
(3) فى هامثى ح.
(4) كالمغازى 7 / 1 38.
(5) كالتفسير، بتفسير سورة " المنافقون) 5 / 387.
(6) 1 ل! سراَ: 24.(8/306)
كتاب صفات المنافقن 307
خُشُبٌ مسَنَّدَةٌ } (1).
وَقَالَ: كَانُوا رِجَالأ أجْمَلَ شَىْء.
2 - (2773) حدثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأَحْمَدُ بْنُءَبْدَةَ الضبىُّ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِى شَيْبَةَ - قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أخْبَرَنَأ.
وَقَألَ الآخَرَانً: حَد، شَا - سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: أتَى النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَبْرَ عَبْدِ الله بْنِ ابَىٍّ، فَأخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَألبَسَهُ قَمِيصَهُ، فاَللهُ أعْلَمُ.
(... ) حدّثنى أحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأزْدِىُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَأ ابْنُ جُرَيْبم، أخْبَرَنى عَمْرُو بْنُ دينَار قَألَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَقُولُ: جَاءَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) إلى عَبْدِ اللهِ ابْنِ ابًئّ، بَعْدَ مَا أُدخِلَ حُفْرَتَهُ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُفْيَانَ.
3 - (2774) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدهَّشَا أبُو أسَامَةَ، حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَأفِع، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَألَ: لَمًّا تُوُفِّىَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَىِّ بْنِ سَلُولَ، جَاءَ ابْنُهُ عَثدُ الله بْنُ عَبد الله إلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَسألَهُ أنْ يُعْطيَهُ قَميصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أبَأهُ، فَأعْطَاهُ.
ثُمَّ سَأً لهُ ال يُصًلِّىً عَلَيْهِ.
فَقَامَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليُصَلِّىً عَلَيْهَ.
فَقَامَ عُمَرُ فَأخَذَ بثَوْب رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: يَأرَسُولَ الله، أتُصَلِّىً عَلَيْهَ وَقَدْ نَهَاكَ الَلهُ أنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالً رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّما خَيَّرنِى اللهُ فًقَالَ: { اسْتَغْفَرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مرَّةً} (2) وَسأزِيدُهُ عَلَى سَبْعينَ) قَألَ: إنَّهُ مُنَافِق.
فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: { وَلا تصَلِّ عَلَئَ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (3).
4 - (... ) حدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ المثَنَّى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعيد، قَألا: حَد، شَا يحيى - وَهُوَ القَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَزًا دَ: قَألً: "فَتَرَكَ الصَّلاةَ عَلَيْهِمْ.
5 - (2775) حل!ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أبِى عُمَرَ المَكِّى، حَد، شَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُور، عَنْ
المهملة، وعليه / جاء بالتفسير المذكور من قولهم: خفضت العود: إذا حنيته وعطفته، وكذا وجدت هذا الحرف فى كتب بعض شيوخنا لم يعجم الخاء، وفى بعض ابروايات: (من خفض حوله "، وسقطت لفظة " خفض) من بعض النسخ، وظاهره أن المراد زيادة
(1) 1 لمنا فقون: 4.
(2) التوبة: 80.
(3) التوبة: 84.
94 / ب
308(8/307)
كتاب صفات المنافقين
مُجَاهِد، عَنْ أبى مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُود قَالَ: اجْتَمَعَ عنْدَ البَيْتِ ثَلاثَةُ نَفَر، قُرَشِيانِ وَثَقَفِىٌّ، أوْ ثَقَفِيَّاَنِ وَقُرَشِىٌّ، قَلِيل فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، كَثِير شَحْمُ بُطُونِهِمْ.
فَقَالَ أحَلُصمْ: أَتَرْونَ اللهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ ؟ وَقَالَ الاَخَرُ: يَسْمَعُ إنْ جَهَرْنَا، وَلا يَسْمَعُ إنْ أخْفَيْنَا.
وَقالَ الاَخَرُ: إنْ كَانَ يسْمَعُ - إذَا جَهَرْنَا - فَهُوَ يَسْمَعُ إذَا أخْفَيْنَا.
فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} الاَيَةَ (1).
(... ) حدثّنى أبُو بَكْرِ بْنُ خَلادٍ البَاهِلِىُّ، حَد*شَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيد - حَدثنَا سُفْيَانُ، حَدثَّنِى سُلَيْمَانُ، عَنْ عُمَارةَ بْنِ عُمَيْر، عَنْ وَهْبِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدًا للهِ.
ح وَقَالَ: حَددَّشَا يحيى، حدثنا سُفْيَانُ، حَددَّشِى مَنْصُور!، عَنْ مُجَاهِد، عَنْ أبِى مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
بِنَحْوِهِ.
6 - (2776) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَددَّشَا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدىٍّ - وَهُوَ ابْنُ ثَابت - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ!اللهِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنْ زَيْد بْنِ ثَابت ؛ ال النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) خَرَجَ إلَى اخُد، فَرَجَعَ نَامن مِمَنْ كَانَ مَعَهُ، فَكَانَ أصْحَابُ الَنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فيهِمْ فِرْقَتَيْنِ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْتُلُهُمْ.
وَفَالَ بَعْضُهُمْ: لا، فَنَزَلَتْ: { فَمَا لَكُمْ فِى الْمُنَافَقِينَ كِ!تَيْنِ} (2).
(... ) وحدَّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنايحيى بْنُ سَعِيد.
ح وَحَدئنِى أبُو بَكْرِ بْنُ
نَافِعٍ، حَدثنَا غندَز، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
7 - (2777) حدّثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَهْل التمِيمِىُّ، قَالا:
حدثنا ابْنُ أبِى مَرْيَمَ، أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أخْبَرَنِى زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ (من حوله) فى قراءة عبد الله بن مسعود على نص قول المنافقين (3)، وأن لفظة: (خفض) هنا معجمة (4)، لعله نبه هنا على ضبط (حوله) فى الحاشية، فألحقت وهمأ ووجه إعرابها اذا أثبتت فى الحديث: أن يكون " خفض) فعل ماض و" حوله) منصوباته (5) وهو مخفوض فى التلاوة أو خفض بالرفع على خبر المبتدأ، أى الكلمة خفض، و(حوله) بعده مخفوض[ فصل] (6) بين الجار والمجرور بالتفسير بقوله: خفض.
(1) فصلت: 22.
(4) فى!: مقحمة.
(2) 1 لنساء: 88.
(5) فى!: منصوبأ به.
(3) فى!: المنافق.
(6) فى هامثى!.(8/308)
كتاب صفات المنافقين
309
يَسَارٍ، عَنْ أبى سَعيد الخُدْرِىِّ ؟ أنَّ رَجالآ مِنَ المُنَافِقِينَ - فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - كَانُوا إفَا خَرَجَ النًّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) إً لَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بمَقْعَلِصمْ خِلافَ رَسُولِ ال4 ( صلى الله عليه وسلم )، فَإذَا قَدمَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) اَْ!نَرُوا إلَيْه.
وَحَلَفُوا، وَأحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بما لَمْ يَفْعَلُوا.
فًنَزَلَتْ: { لا تَحسَبَنًّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا اَتًوْا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُواَ فَلا تَحسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَة مِّنَ الْعَذَابِ} (1).
8 - (2778) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَهَرُونُ بْنُ عَبْدِ الله - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْر - قَالا: حَدرّوَشَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَد عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِي ابْنُ أبِى مُلَيْكَةَ ؟ أنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أخْبَرَهُ ؟ أنَّ مَرْوَانَ قَالَ: افر بْ يَارَافِعُ - لبَوَّابه - إلَى ابْنِ عَبَّاسٍَ فَقُلْ ! لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئ منَّا فَرِحَ بَمَا أتَى، وَاخَبَّ ال يُحْمَدَ بمَا لَم يَفْعَلْ، مُعَنّبَا، لَنُعَذبنَّ أجْمَعُونَ.
فَقَالَ ابْنُ عًبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذه الاَيَة ؟ إتمَا أنْزِلًتْ هَذه الاَيَةُ فِى أهْلِ الكِتَاب، ثُمَّ تَلا ابْنُ عَبَّاسٍ: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الًّذَينَ أوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّننَّهُ لَلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} (2) هَدْ 5 الآيَةَ.
وَتَلا ابْنُ عَبَّاسٍ: { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَقعًلَوا} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَألَهُمُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ شَىْء فَكَتَمُوهُ إيَّاهُ، وَأخْبَرُوهُ بِغَيْرِه، فَخَرَجُوا قَدْ أرَوْهُ أنْ قَدْ اخبَرُوهُ بِمَا سَألَهُمْ عَنْهُ، وَاسْتَحمَدُوا بِذلِكَ إلَيْهِ.
وَفَرِحُوا بَمَا أتَوْا، مِنْ كِتْمَانِهِمْ إيَّاهُ، مَا سَألَهُمْ عَنْهُ.
وفى رفع زيد بن ثابت قوله إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) جواز رفع الأمور المنكرة للحكام والأمراء، لاسيما بما يخشى عود مضرته على المسلمين.
وصلاة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بعد ذلك عليه دالباسه قميصه مبرة لابنه لصحة إيمانه.
وقد بين مسلم فيما أتى به من الروايات أن ابنه كان سأله إعطاءه قميصه وأن يصلى عليه، وأن ذلك كان قبل نزول النهى عن الصلاة على المنافقين، وقيل: بل كان قد ألبس العباس حين أسر ببدر قميصه (3)، فكافأه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بما فعل.
وما فى الحديث أبين وأرفع (4) للإشكال.
وتقدم الكلام فى تعرض عمر له.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): "إنما خيرنى الله وسأزيده على السبعين).
وقوله: (قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم): تنبيه على أن الفطنة قل ما تكون
مع كثرة اللحم، والاتصاف بالسمن والشحم.
(1) آل عمران: 88 1.
(2) اَل عمران 0 87 1.
( ؟) فى خ: قميصا.
(4) فى خ: أدفع.(8/309)
كتاب صفات المنافقين
9 - (2779) حدّثنا ائو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أسُوَدُ بْنُ عَامِر، حدثنا شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ، عَنْ قَتَ ال ةَ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قُلتُ لِعَمَّار: أرَأيْتُمْ صَنيعَكُمْ هَذَا الَّذِى صَنَعْتُمْ فِى أمْرِ عَلىٍّ أرَأيًا رَأيْتُمُوهُ أوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إلَيْكُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: مَا عَهدَ إلَيْنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أخْبَرَنِى عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (فِى أصْحَابِى اثْنَا عَشَرَ مُنَافقًا فيهِمْ ثَمَانِيَة! لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِى سَمِّ الخِيَاطِ.
ثَمَانِيَة!مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الَدُبَيْلًةُ، وَاربَعَة) لَمْ أحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ.
10 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَاد، قُلنَا لِعَمَّار: أرَائتَ قتَالَكُمْ، أرَأيًا رَأيْتُمُوهُ ؟ فَإنَّ الرَّأىَ يُخْطئُ وَيُصيبُ، أوْ عَهْدًا عَهِدَهُ إلَيكُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئًا لًمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ كَافَّةً.
وَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ فِى أمَّتِى ".
قَالَ شُعْبَةُ: وَاخْسَبُهُ قَالَ: حَدثنِى حُنَيْفَةُ.
وَقَالَ غُنْدَر: أرَاهُ قَالَ: " فى أُمَّتِى اثْنَا عَشَر مُنَافِقًا لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَلا يَجِدُونَ رِيحَهَا، حَتَّى يَلِجَ الجَمَلُ فِى سَمًّ الخِيَاطِ، ثَمَانِيَة!مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ اللإديْلَةُ، سِرَل!مِنَ النَّارِ يَظهَرُ فِى!كْتَافِهِمْ، حَتَّى يَنْجُم مِنْ صُدُ!رِهِمْ).
وقوله فى المنافقين: " ثمانية منهم يكفيكهم الدّبيلة) ويروى: " تكفيهم)، وفى رواية ابن الحذاء والطبرى: " تكفتهم) بتاء باثنتين فوقها بعد الفاء، وكذا ذكر هذا الحرف فى هذا الحديث قاسم بن ثابت (1) ومعناه: تميتهم وتغطيهم فى قبورهم.
واْصل الكفت:
(1) هو اْبو محمد قاسم بن ثابت بن حزم، شارك أباه فى رحلته وشيوخه وعنى هو وأبوه بجمع الحديث واللغة، ويقال: إنهما أول من اْدخل كتاب العين فى الاْندل!، وكان قاسم عالما بالفقه والحديث مقدما
فى المعرفة بالغرب والنحو والشعر، ورعا، مجاب الدعوات، سأله الا"مير أن يلى القضاء فامتنع، فأراد أبوه أن يكرهه عليه، فسأله أن يمهله ثلاثة أيام يستخير الله، فمات فى هذه الثلاثة وذلك سنة اثنتين وثلاثمائة.
انظر: الديباج المذل2 / 47 1، شجرة النور 1 / 86، بغية الملتمس ص 434، جذوة المقتبس ص 312.(8/310)
كتاب صفات المنافقين
311
11 - (... ) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حَدءَّلنَا أبُو أحْمَدَ الكُوفِىُّ، حَدءَّلنَا الوَليدُ بْنُ جُمَيْع، حَدثنَا أبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أهْلِ العَقَبَة وَبَيْنَ حُذَيْفَةَ بَعْضُ مَاَ يَكُونُ بَيْنَ النّاسِ.
فَقَالَ: أنْشُدُكَ باللهِ، كَمْ كَانَ أصْحَابُ العَقَبَةِ ؟َ قَالَ: فَقَالَ لَهُ القَوْمُ: أخْبِرْهُ إذ سَألَكَ.
قَالَ: كُنَّا نُخْبَرُ أنًّهُمْ أرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ القَوْمُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَأشْهَدُ بالله أنَّ اثْنَىْ عَشَرَ مِنْهُمْ حَرْب!للهِ وَلِرَسُوله فى الحَيَاة الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشْهَادُ.
وَعَذَرَ ثَلَاثَةً، قَالُوا: مَا سَمِعْنَا مُنَادىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَلا عَلِمنَا بِمَا ارادَ القَوْمُ.
وَقَدْ كَانَ فِى حَرَّة فَمَشَى فَقَالَ: " إنَّ المَاءَ قًلِيل، فَلا يَسبِقُنِى إلَيْهِ أحَد لما فَوَجَدَ قَوْمًا قَدْ سَبَقُوهُ.
فَلَعَنَهُمْ يَوْمَئِذٍ.
12 - (2880) حد ثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَدثنَا أبى، حدثنا قرَّةُ بْنُ خَالد،
عَنْ أبِى الزُبيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهَ، قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ يَصْعَدُ الثَّنِيَّةً - ثَنِيَّةَ المُرَارِ - فَإنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مَا حُط عَنْ بَنِى إسْرَائِيلَ).
قَالَ: فَكَانَ أوَّلَ مَنْ صَعلَ!ا خَيْلُنَا - خَيْلُ بَنِى الخَزْرجَ - ثُمَّ تَتَامّ النَّاسُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " وَكلُّكُم مَغْفور!لَهُ، إلا صَاحبَ الجَمَلِ الأحْمَرِ لما فَأتَيْنَاهُ فَقُلنَا لَهُ: تَعَالَ، يَسْتَغْفِرْ لَكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: وَالله، لأنْ أجدَ ضَالتِى أحَبُّ إلَىَّ مِنْ أنْ يَسْتَغْفِرَ لِى صَاحِبُكُمْ.
َ
قَالَ: وَكَانَ رَجُل يَنْشُدُ ضَالّةً لَهُ.
13 - (... ) وحدثناهيحيى بْنُ حَبيب الحَارِثِىُّ، حَدثنَا خَالدُ بْنُ الحَارِثِ، حَدثنَا قُرَّةُ، حدثنا أبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الَلهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ يَصْعَدُ ثَنيةَ المُرَارِ - أو المِرارِ) بِمِثْلِ حَدِيثِ مُعَاذٍ.
غَيْرَ ائهُ قَالَ: ! اذَا هُوَ أعْرًا بِى!جَاءَ يَنْشُدُ ضَالَّةً لَهُ.
الستر والضم ومنه: { أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا.
أَجاءً وَأَمْوَاتًا} (1) وفسر فى الحديث (الدبيلة) بسراج من نار يظهر فى أكتافهم حتى ينجم من صدورهم، أى يظهر ويعلو.
وقال ابن دريد: الدبيلة داء تجتمع فى الجوف، ويقال فيه: الدبلة.
قوله: "من تسور ثنية المُرار، أو المِرار دا: الثنية: الفرجة بين الجبلين، (وتسور):
(1) 1 لمرسلات: 25، 26.
1 / 95(8/311)
312 كتاب صفات المنافقن
14 - (2781) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَد*شَا ائو النَّضْرِ، حدثنا سُلَيْمَانُ - وَهُوَ
ابْنُ المُغِيرَةَ - عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، قَالَ: كَانَ منَّا رَجُلٌ منْ بَنِى النَّجَّارِ، قَدْ قَرَا البَقَرَةَ واَلَ عِمْرَانَ، وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولَِ اللة ( صلى الله عليه وسلم )، فَانْطَلَقً هَارِئا حَتًّى لَحِقَ بأهْلِ الكِتَاب.
قَالَ: فَرَفَعُوهُ.
قَالُوا: هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّل!، فَأعْجِبُوا بِهِ، فَمَا لَبِثً ال قَصَمَ الَلهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ، فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ، فَأصْبَحَتِ الأرْضُ قَدْ نَبَنَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا.
ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ، فَوَارَوْهُ، فَأصْبَحَتِ الأرْضُ قَدْ نَبَنَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا.
ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ، فَوَارَوْهُ، فَأصْبَحَتِ الأرْضُ قَدْ نَبَنَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا، فَتَرَكُوهُ مَثبُوفا.
15 - (2782) حدّثنى ائو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حَد*شَا حَفْصُ - يَعْنِى ابْنَ غيَاث - عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ.
فَلًما كًانَ قُرْبَ المَدِينَةِ هَاجَتْ ربحٌ شَلِيدَة تَكَادُ أنْ تَدْفِنَ الرَّاكِبَ.
فَزَعَمَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (بُعِثَتْ هنِهِ الرِّيحُ لِمَوْتِ مُنَافِقٍ ) فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ، فَإذَا مُنَافِق عَظِيئم مِنَ المُنَافِقِينَ قَدْ مَاتَ.
علاها، كما قال فى الروايات الأخرى: (صعد) (1).
والقائل: " لأن أجد ضالتى أحب إلىّ من أن يستغفر لى صاحبكم): قيل: هو
الجد بن قيس المنافق.
و" ينشد ضالته) يطلبها ويرفع صوته بذلك.
وقوله: " نبذته الأرض على وجهها) أى طرحته.
و(تركوه منبوذا) / أى مطروحا.
وقوله: " فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم دأ أى اهلكه، قال الله تعالى: { وَكَمْ قَمَفا من قَرْيَة} (2) أى أهلكناها.
وقوله: (هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب) كذا الرواية فيه فى جميع نسخ مسلم بالنون.
قال بعض المتقنين: لعله (تدفق) بالقاف، أى تصبه وتلقيه.
والدفق: الصب.
وهذا تكلف فى التفسير مع تفسير (3) الرواية، والرواية صحيحة المعنى.
وكذا ذكرهما ابن أبى شيبة فى كتابه كما قال مسلم، ويكون معناها: تذهب به وتغيبه عن
(1) جاء فى حديث رقم (12، 13) لفظة " يصعد) ولم يأت فى نسخة الصحيح التى بأيدينا لفظة (تسور، (2) الاْنبياء: 11.
(3) فى!: تغيير.(8/312)
كتاب صفات المنافقين 313
6 1 - (2783) حدّثنى عَبَّاس بْنُ عَبدِ العَظيم العَنْبَرِىُّ، حَدثنَا أبُو مُحَمَّد النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ مُوسَى اليَمَامِىّ، حَد*شَا عكْرِمَةُ، حدثنا إيَاس، حَد*شى أبِى، قَاً: عُدْنَا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً مَوْعُوكَا.
قَالَ* فَوَضَعْتُ يدِى عَلَيْهِ فَقُلتُ: وَالله، مَا رَأيْتُ كَاليَوْم رَجُلاً أشَدًّ حَرا.
فَقَالَ نَبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (ألا أخْبِرُكُمْ بِأشَدَّ حَرا مِنْهُ يَوْمً القِيَامَةِ ؟ هَذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ الرَّاكِبَيْنِ المُقَفّيَيْنِ) لِرَجُلَيْنِ حِينَئِذِ مِنْ أصْحَابِهِ.
17 - (2784) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى.
ح وَحَدثنَا ائو بَكْرِ
ابْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد*شا أبُو أسَامَةَ، قَالا: حَدذَشَا عُبَيدُ الله.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَّ - حدثنا عُبَيْدُ الله عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَثَلُ المُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ العَائرَةِ بَيْنَ الغَنًمَيْنِ، تَعِيرُ إلَى هَنِهِ مَرَة، ! إلَى هَنِوِ مَرَةَ).
الناس لقوتها، ومنه قوله: ناقة دفون: إذا كان (1) تغيب عن الاكل (2)، وعبد دفون: إذا كان يتغيب عن المصر ويأبق فيه.
وقوله: " المقفيين): أى المنصرفين المولين[ أقفيتهما] (3).
وقوله ذلك لرجلين من أصحابه، كما ذكر فى الحديث، وقد وصف عذابهما يوم القيامة فسماهما من أصحابه لإظهارهما ذلك، وكونهما فى جملة من يظهر الإيمان ويصحبه، كما قال فى ابن أُبى: الا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه " لا أنه كان من أصحابه بالحقيقة من المهاجرين وال النصار.
وقد روى مكان (المقفيين لا هذا (المنافقين).
وقوله: " مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين)، قال الإمام: يريد: المترددة بينهما، لا تدرى لاَيهما تتبع.
قال القاضى: ومعنى: (بين الغنمين): أى القطيعين من الغنم.
وقوله: " تعير إلى هذه مرة دإلى هذه مرة): اى تترثد وتذهب، وعارت الدابة تعير: إذا انفلتت وذهبت.
وقوله فى الحديث الاَخر: (تكر فى هذه مرة) / كذا فى بعض الروايات، وعند العذرى: (تكر) بكسر الكاف، [ وعند الفارسى: " تكير دا بزياثة ياء باثختين تحتها، وعند ابن ماهان: " يمْبن) بسكون الكاف] (4) وباء بواحدة مرفوعة واَخره
(1) فى!: كانت.
(3) ساقطة ملأ ز، والمثبت من ح.
(2) فى ح: الإبل.
(4) فى هامش خط -
95 / ب
314(8/313)
كتاب صفات المنافقين (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيد، حَد*لنَا يَعْقُوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ القَارِى - عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعِ، عَنِ أبْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: (تَكِرُّ فِى هَذِهِ مَرَّة، وَفِى هَنِهِ مَرَّةً).
نون، وهذا الوجه هو الصواب فى هذا الحرف إن شاء الله، وهو بمعنى (تعير) فى الحديث الأول.
قال صاحب العين:: الكبن: عدو ليّن، كبنَ يكتبن كبونأ.
ولرواية العذرى وجه بمعنى تعير (1) أيضًا يقال: كر على الشىء دإليه: عطف عليه، وكر عنه: ذهب، والكسر فى مستقبله أصل المضاعف غير المعدى.
ولرواية الفارسى أيضًا وجه بمعناه، يقال: كار الفرس[ إذا] (2) جرى ورفع ذنبه عند جريه.
(1) فى!: تعين.
(2) ساقطة من ز.
كتاب صفات المنافقن 315(8/314)
كتاب صفة القيامة والجنة والنار
18 - (2785) حدّثنى أبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَقَ، حَدثنَايحيى بْنُ بُكَيْر، حَدثنِى المُغيرَةُ - يَعْنى الحزَامِىَّ - عَنْ أبِى الزَناد، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "إنًّهُ لَيأتِى الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمَينُ يَوْمَ القيَامَة، لا يَزِنُ عنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَإَ.
اقْرَؤُوا: { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا} (1).
ً
9 1 - (2786) حدثنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونسَ، حَد*لنَا فُضَيْل - يَعْنِى ابْنَ عِيَاضبى - عَنْ مَنْصُور، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيدَةَ السَّلمَانِىِّ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُود قَالَ: جَاءَ حَبْر إلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَامُحَمَّدُ، أوْ يَا أبَا القَاس!، إنَّ اللهَ تَعَالَى يُمْسِكُ السَّمًوَاتِ يَوْمَ القِيَامَة عَلَى إضبَعٍ، والأرضينَ عَلَى إصْبَعٍ وَالَجبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إصْبَع، وَالمَاءَ وَالثَّرَى علَىَ إصْبَع، وسَائِرَ الخَلقَ عَلَى إصْبَعٍ، ثُمَّ يَهُزّهُنَّ فَيَقُولُ: أنَا المَلِكُ، ائا المَلكُ.
فَضَحِكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَعَجُما مِمًّا قَالَ الحَبْرُ، تَصْل!يقًا لَهُ.
ثُمَّ قَرَأ: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهً حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْفشُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ لمُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشْرِكُون} (2).
وقوله: " لا يزن عند الله جناح بعوضه): أى لا يعدلها فى القدر والمنزلة، أى لا
قدر له.
وقوله: (جاء حبر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) هو العالم، وكان إنما يستعمل حينئذ فى علماَ اليهود، يقال فيه بفتح الحاَ وكسرها، وفيه: كعب الحبر، وكعب الأحبار.
قال أبو عبيد (3): ولا أراه سمى إلا من الحبر الذى يكتب به ث لاءنه كان صاحب / كتب، وكان أبو الهيثم ينكر فيه الكسر ويقول: هو حبر بفتح الحاَ لا غير.
ونحوه لابن قتيبة.
[ قال ابن الأنبارى: العرب تقول: حَبر وحِبر، إذا كان عالما] (4).
وقوله: " إن الله يمسك السموات على إصبعين (ْ) والاءرضين على أصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك.
وضحك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تعجبأَ من قول الحبر، ويروى: " فعجبنا مما قال ابر،.
ثم قي أ ة{ وَمَا قَدَروا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} الاية.
زاد فى الروأية الاَخرى: " تعجبا لما
(1)1 لكهف: 105.
(3) انظر: عريب الحديث 1 / 87.
(5) فى مق الصحيع وح: أصبع.
(2) الزمر 670.
(4) من ح.
96 / أ
316(8/315)
كتاب صفات المنافقين
20 - (... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ! إسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، كلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ،
عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذا الإسْنَادِ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ اليَهُودِ إلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ فضَيْلٍ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ.
وَقَالَ: فَلَقَدْ رَأيْتُ رَسوُلَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجنُهُ تَعَخبًا لمَا قَالَ.
تَصْدِيقًا لَهُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) وَتًلا الآيَةَ (1).
21 - (... ) حدّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غيَاث، حَد*شَا أبِى حَد*شَا الأعْمَشُ قَالَ: سَمعْتُ إبْرَاهِيمَ يَقُولُ: سَمعْتُ عَلقَمَةَ يَقُولُ: قًالَ عَبْدُ الله: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الكِتَابِ إلىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً: يَا أبَا القَاسِم، إنَّ اللهَ يُمْسَكُ السَّموَاتِ عَلَى إصْبَع، والأرَضينَ عَلَىَ إصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ وَالثَّرَى عَلى إصْبَعٍ، وَالخًلائِقَ عَلَى إصْبَي، ثُمَّ يَقُولُ: أنَا المَلكُ، أنَا المَلِكُ.
قَالَ: فَرأيْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) ضَحكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجذُهُ.
ثُمّ قَرَأ: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
قال تصديقًا له ".
قال الإمام: تقدم القول فى بيان المراد بالإصبع فى حديث سبق (2)، وأنه يراد به معنى الاقتدار، وائه قد يراد به معنى الغمة (3).
وهذا الحديث قد يراد به أن الله خلق السموات على عظمها مقتدرًا عليها من غير أن يمسه تعب ولغوب، وكما أن الإنسان مما لا يشق عليه ولا يتعبه ما يصرفه على أصبعه، والناس يذكرون الإصبع فى مثل هذه المعانى احتقارًا ويقولون: بإصبع واحد قتلتك، أو أفعل كذا وكذا.
وقد يراد هاهنا هذا المعنى: أن الله - سبحانه - لم يتعبه (4) خلق ما ذكر ولا شق عليه على عظم مخلوقاته هذه.
[ وقد قال بعض خلق ما ذكر ولا سبق عليه الناس] (ْ) قد يكون بعض المخلوقات اسمه أصبع.
وقال بعضهم: يحتمل أن يراد أصبع بعض خلقه، وهذا غير مستنكر فى قدرة الله - سبحانه - والغرض إبطال أن يكون لله - سبحانه - أصبح الجارحة لإحالة العقل له، ثم بعد هذا يتأول على ما يجوز وقد رأينا طرفأ من التأويل (6).
قال القاصْى: فهب بعض المتكلمين أن ضحك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وتعجبه وتلاوته الآية ليس
(1) الزمر: 67 - (2) سبق فى كالقدر، بتصريف الله للقلوب كيف يشاء برقم (17).
(3) فى ح: المعية - (4) فى ح.
يعييه.
(5) في ح: (وقد قال بعض الناس " فقط! وسقط الباقى،
(6) مذهب السلف: إثبات مل هذه الصنكلات من غير تكييف يلا تشبيه.(8/316)
كتاب صفات المنافقين 317
22 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَ حدثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَمَ، قَالا: أخْبَرَنَأ عِيسَى بْنُ يُونُسَ.
ح وَحَدثنَا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا جَرِيرٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإسْنَادِ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَديثِهِمْ جَميعًا: وَالشئَجَرَ عَلَى إصْبَعِ، والثَّرَى عَلَى إصْبَعِ، وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ جَرِيرِ: والَخَلائِقَ عَلًىَ إصْبَعِ.
وَلَكِنْ فِى حَديثه: وَالجبَالَ عَلَى إصْبَعِ.
وَزَادَ فِى حَديث جَرِيرِ: تَصْدِيقَا لَهُ تَعَجُحا لِمَا قَالَ.
ًً
23 - (2787) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَأ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى ابْنُ المُسَيَّبِ، أنَّ أبَأ هُرَيْرَةَ كانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَقْبضُ اللهُ تَبَارَكَ "وَتَعالىَ الأرْضَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَطوِى السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُءَ أنَأ المَلِكُ، َ أيْنَ
على معنى تصديق قول الحبر، بل رد عليه إنكار وتعجب من سوء اعتقاده أن مذهب اليهود التجسيم، وأنه فهم منه ذلك، وأن ال الرضين والسموات احتاجت لما يعتمد عليه من هذه الا"صابع التى ذكر الحبر، واستقصى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك منه، وأنها كانت قبل بغير عمد، كما قال الله تعالى، وكما قال: { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِلث السثَمَوَات وَالأَرْضَ أَن تَزُولا} (1)، 3 جاءت الآية التى ظاهرها خلاف ما قال الحبر من ذكر الأصابعِ وتفضيل المخلوقات فىٍ الاعتماد عليها بقوله: { وَمَا قَدَروا اللَّه حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قبْفسَتُة يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَات مَطْوِيَّات بِيَمِينِهِ} (2)، وأن مفهوم هذه الاَية أعظم فى القدرة واليق بالتنزيه مما ذكر الحبر.
وقوله: (تصديقأَ " ليس من كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) انما هو من كلام الراوى، وقد يكون تصديقه الذى فهم الراوى فى عظيم (3) قدرة الله على ذلك.
وقوله: (أنا الملك، 1 أنا الجبار] (4) اين[ المتكبرين، (ْ) " ورد عليه بقية قوله
بئ وة ايلاَدز، قوة4: { وَمَا قَدَروا اللَّهَ حَقَ قَدْرِه} وإلي نحو من / هذا نحا المهلب، ولعمرى ال ترجمة البخارى على الحديث (6): { إَنَّ اللَّهَ يمْسِلث السثَمَوَاتِ وَالأَرْضَ أن تَزُولا} تشير إليه.
وقوله: " يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوى السموات بيمينه "، وفى الحديث الآخر: " صلطوى الله السموات يوم القيامة ثم يأخذهن بيمينه " إلى فوله: " ثم يطوى
(1) فاطر ة 41 -
(3) فى!: عظم.
(5) هكذ الى ز، والصواب: المتكبرون.
(6) كالتفسير، بسورة الزمر 6 / 158.
(2) الزمر: 67.
(4) فى! ومق الحديث: أين الجبارون.
96 / ب
318(8/317)
كتاب صفات المنافقين
مُلُوكِ الأرْضِ ؟ ".
4 2 - (2788) وحتثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ، حَدثنَا ائو أسَامَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَمْزَفَ
عَنْ سَالِم ثنِ عَبْدِ اللهِ، أخْبَرَنِى عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ كله: (يَطوِى اللهُ عَر وَجَلَّ السَّمَوَاتِ يَوْمَ القِيَامَة، ثُمَّ يَأخُن!نَّ بِيَدِهِ اليُمنَى.
ثُمَّ يَقُولُ: ائا المَلِكُ، أيْنَ الجَبَّارُونَ ؟ أثنَ المُتَكترُونَ ؟ ثُمًّ يَطوِى الأرَضِينَ بِشِمَالِهِ.
ثُمَّ يَقُولُ: أنَا المَلِكُ، أيْنَ الجَبَّارُونَ ؟ ابن المُتَكبِّرُونَ ؟).
25 - (... ) حدثنا سَعِيدُ ثنُ مَنْصُور، حَتثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - حَدثنِى أبُو حَازِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ثنِ مِقْسَمٍ ؛ أنَّه نَظَرَ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَيْفَ يَحْكِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يأخُذُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَوَاثِهِ وَأرَضِيهِ بِيَدَيْهِ فَيَقُولُ: ائا اللهُ -
الاَرض بشماله، ثم يقول: أنا الملك) الحديث.
وقوله: دا[ كأنى] (1) اْنظر الى عبد الله بن عمر يحكى النيى ( صلى الله عليه وسلم )، قال: يأخذ
الله سمواته وأرضه بيديه، ويقول: أنا الملك - ويقبض اْصابعه ويبسطها - أنا الملك، حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شىء منه دا الحديث.
يجب أولا[ أن يُعلم] (2) اْن المراد بقوله هنا: (ويقبض أصابعه ويبسطها " النبى - عليه السلام - ويرتفع أكثر الإشكال وهو بين.
ألا تراه كيف قال: عن ابن عمر يحكى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، يعنى فى فعله هنا، لكن يبقى فى معنى هذا القبض والبسط والإشارة بذلك إشكال سنذكره.
قال الإمام: تقدم القول (3) فى ذكر اليد، واختلاف الأصوليين فى إثباتها بمعنى الصفة لا بمعنى الجارحة، وتنازعهم فى مقتضى قوله تعالى: { لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ} (4)، وذكر تأويل ما وقع فى ذكر اليد فى حديث قبل هذا (ْ)، ولكن لما ذكر هاهنا اليمين والشمال كان اَكد فى إبهام الجارحة فإذا أثبت استحالة يد الجارحة عليه ووصفه باليمين والشمال، فلا بد من حمل هذا على ما يجوز.
وأمثل ما يتأول عليه عندى أن الله -
(1) هكذا فى الا"صل، وفى مق حديث رقم (25): أنه نظر.
(2) سقط من ح.
(3) كالقدر، بحجاج اَدم وموسى - عليهما السلام - حديث رقم (15).
(4) ص: 75.
(5) فى كالإيمان، حديث رقم يا 18) رراه المغيرة بن شعبة مرفوعًا، وفيه: " قال: رب، فأعلاهم منزلة ؟ قال: أرلئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدى...
" الحديث.(8/318)
كتاب صفات المنافقن 319
وَيَقْبِض أصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا - أنَا المَلكُ) حَتَّى نَظَرْتُ إلى المنْبَرِيَتَحَرَّكُ منْ أسْفَلِ شَىْء منْهُ حَتَّى إنِّى لأقُولُ: أسَاقِط هُوَ بِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟.
ً
سبحانه - أراد أنه يطوى السموات والا"رض بقدرته وكنى عن ذلك بذكر اليد لاَن بها فعلنا نحن وبها تصرفنا، فخاطب بما يفهم وبما خرج إلى الحس والوجود ؛ ليكون المعنى أوكد وأرسخ فى نفس السامع وذكر اليمين والشمال حتى يورد المثال على كماله ولما علم أنا نحن نتناول ما يكرم باليمين وما دونه بالشمال، وأنا نقوى بأيماننا على أشياء لا نقوى عليها بشمائلنا، وكانت السموات أعظم بما لا يتقارب ولا يتدانى من الا"رضين، أضاف فعله فيها إلى اليمين، وفعله فى الا"رضن إلى الشمال على حسب ما قلناه من أنا نحاول الأصعب باليمين والاءخف بالشمال دان كان - سبحانه - ليس شىء أخف عليه من شىء ولا شىء أصعب من شىء ولكنه تعالى خاطبنا بما نفهم.
ولما ذكر اليد تمثيلاً أتم المعنى على التمثيل بعينه، ولا يبعد أن يكون فى السموات ما هو أفضل من الأرض وكل ما فيها، لاسيما إذا قلنا بتفضيل الملائكة على ما تقدم[ و] (1) ذكر الخلاف فيه أن يكون البارى - سبحانه - يفضل السموات لا"مور تخفى عنا، فيكون أضافها إلى اليمين لما قلناه من اختصاص اليمين بالاَشرف والشمال بما دونها، وجرى فى ذلك على حكم التمثيل الذى به افتتح فختم عليه، وهو / الذى ظهر لى من هذا الحديث.
قال القاصْى: اعلم ائه جاء فى هذا الحديث باختلاف رواياته ثلاثة ألفاظ: (يقبض)
و " يطوى " و" يأخذ) والطى والقبض راجعان إلى معنى الجمع، وكلها بمعنى الجمع ؛ لابن السموات مبسوطة والاَرض مدحوة ممدودة، وهما راجعان إلى معنى اللفظ الآخر، ثم يرجع ذلك إلى معنى الرفع والزوال، وتبديل ال الرض غير الارض والسموات، فعاد كل ذلك الى ضمها بعضها إلى البعضى ورفعها دابادتها وتبديلها بغيرها.
وقبض النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أصابعه بعد وبسطها، تمثيلا لصفة قبض هذه المخلوقات وجمعها
بعد بسطها، وحكاية للمقبوض والمبسوط التى هى السموات والارض لا عن[ القبض والبسط] (2) الذى هو صفة[ القابض الباسط] (3) لا إله غيره، ولا تمثيلا لصفة الله السمعية المسماة باليد، التى ليست بجارحة ولا عضو ولا لها كيفية.
قيل: وقد يكون بسط النبى علته ل الصابعه وقبضها إشارة إلى الاستيعاب والكلية لجميع السموات والا"رضين ببسط اليد كلها وجمعها، كما يشير الإنسان بذلك إلى نمْسه لجمع الشىء.
(1) من ز.
(3) فى ح: الباسط القابض.
(2) فى ح: الجسط والقبض.
97 / 1(8/319)
320
كتاب صفات المنافقن
26 - (... ) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أبِى حَازمٍ، حَدئنِى أبِى،
عَنْ عُبَيْدِالله بْنِ مقْسَمٍ، عَنْ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ، قَالَ: رَأيْتُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى المِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ، (يَأخُذُ الجَبَّارُ، عَزًّ وَجًلَّ، سَمواتِهِ وَأرَضِيهِ بِيَدَيْهِ) ثُمَّ ذً كَرَ نَحْوَ حَدِيثِ يَعْقُوبَ.
وقوله فى المنبر: (يتحرك من أسفل شىء منه لما: أى من أسفله إلى أعلاه، إذ بحركة الأسفل يتحرك الأعلى.
وأما حركة المنبر تحته فيحتمل أن تكون لحركة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فوقه بهذه الإشارة، ويحتمل أن يكون تحرك من ذاته لحركته - عليه السلام - مساعدا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى حركته عليه[ السلام] (1) وهيبته لما يسمع من عظمة الله - تعالى - كما حيق له الجذع (2)، فيكون من جملة علامات نبوته وآياته، والله أعلم بمراد نبيه فيما ورد من هذه الأحاديث من مشكلِ.
نؤمن بالله وصفاته ولا يشبه شىء به، ولا يشبه هو شىء سواه، { لَيْسَ كَفلِهِ دثَىْءٌ وهوَ السَّمِيعُ الْبَميرُ} (3)، وما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من ذلك وثبت عنه حق وصدق، فما أدركنا علمه فبفضل الله، وما عمى علينا من ذلك اَمنا به، ووكلنا علمه إليه والى رسوله، وحملنا لفظه ما احتمل فى اللسان الذى بعثه الله به ليبين للناس ما أنزل إليهم، ولم نقطع على مغيبه بعد تنزيهه تعالى عما لا يليق به من ظاهره.
(1) من خط.
(2) انظر: البخارى، كالمناقب، بعلامات النبوة (3583، 3584)، أحمد 1 / 267، 3 / 293، 300.
(3) الشورى: 11.(8/320)
كتاب صفات المنافقن / باب ابتداء الخلق...
إلخ
321
(1) باب ابتداء الخلق، وخلق آدم عليه السلام
27 - (2789) حدّثنى سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ وَهَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالا.
حَد"ننَا حَجَّاجُ
ابْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْج: أخْبَرَنِى إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أيُّوبَ بْنِ خَالد، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ رَافِعٍ - مَوْلَى أمِّ سَلَمَةَ - عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: أخَذَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بيَدى فَقَالَ: خًلَقَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - التُرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فيهَا الجِبَالَ يَوْمَ الأحَدِ، وً خَلًقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الإثْنَيْنِ، وَخَلَقَ المَكْرُوهَ يَوْمَ الثَّلاثَاء، وَخَلَقَ الَنّورَ يَوْمَ الأربِعَاءَ، وَبَثَّ فيها الدَّوَابَّ يَوْمَ الخَميسِ، وَخَلَقَ ادمَ - عَلَيْه السَّلامُ - بَعْدَ العَصْرِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ، فِى آَخِرِ الخَلقِ، فِى اَخِرِ سًاعَة مِنْ سَاعَاتِ الجُمُعَةَ، فِيمَا بَيْنَ العَصْرِ إلَى اللَّيْلِ ".
قَالَ إبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا البِسْطَامِىّ - وَهُوَ الحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى - وَسَهلُ بْنُ عَمَّار، وَإبْرَاهِيمُ بْنُ بِنْتِ حَفْصٍ، وَغَيْرُهُمْ، عَنْ حَجَّاجٍ، بِهَذَا الحَدِيثِ.
وقوله: (خلق الله التربة يوم السبت لا الحديث، وفيه: " وخلق النور يوم الأربعاء)
كذا رويناه فى كتاب أبى عبد الله الحاكم (1)، وعند بعض رواة مسلم فيه فى الكتاب "النون) بالنون مكان الراء، يعنى: الحوت.
رويناه أيضا فى كتاب ثابت عن النسائى (2) وفى رواية أخرى: " البحور " مكان النون، وفى هذا الحديث أيضا فى الاسم: " وخلق المكروه يوم الثلاثاء "، والذى فى كتاب ثابت من رواية النسائى: (وخلق التقن يوم الثلالْاَ "، قال ثابت: وهو ما يقوم به المعاش ويصلح به التدبير كالحديد وغيره (3) من جواهر الأرض، وكل شىء يقوم به صلاح شىء فهو تقنة، ومنه: إتقان الشىء: إحكامه.
(1) هو محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم بن الحكم الضبى الن!سابورى، يعرت بابن البغ، ولد سنة 321 هـ، كتب عن نحو ألفين من الشيوخ، وممن حدث عة: الدارقطنى والقاضى أبو العلا الواسطى، وصنف فى الحديث وعلومه تصانيف عديدة، وكان يميل إلى التشيع، فأنكر عليه أصحاب الحديث كثيراً من أحاديئه، توفى سنة 5 0 4 هـ.
انظر: تاريخ بغداد 5 / 473 برقم (24 0 3)، تذكرة الحفاظ لم / 9لم 0 1 - 5 4 0 1، ميزان ا لاعتدال لم / 8 0 6 برقم (4 0 78).
(2) اخرجه أحمد فى المسند 2 / 327 بلفظه.
(!) وى خط: وغيرها.(8/321)
322
كتاب صفات المنافقن / باب في البعث والنشور...
إلخ
(2) باب فى البعث والنشور، وصفة الأرض يوم القيامة
28 - (2790) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَد، عَنْ مُحَمَّد بْنِ جَعْفَرِ بْن أبِى كَثِير، حَدثنِى أبُو حَازِمِ بْنُ !ينَارٍ، عَنْ لسَهل بْنِ سَعْد، قَالًَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أرْضِ بَيْضَاءَ، عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ النَّقِى، لَيْسَ فِيهَاَ عَلَم لأحَدٍ).
29 - (2791) حا - تنا أبُ! بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد!شًا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِىَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، نَه! عَائشَةَ: قَالَتْ: سَألتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ ص!يرَ الأَرضِ وًا لسَّمَوَاتُ} (1) فأيْنَ يَكُونُ النَّاَسُ يَوْمَئِذٍ يَأ رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَاذَ: " عَلَى الصِّرَاطِ).
وقوله: " يحشر الناس يوم القيامة على ارض بيضاء، عفراء " ممدودان: أى بيضاء
إلى حمرة.
والعفرت بياض يضرب إلى الحمرة قليلاً، ومنه سمى عفر الأرض، وهو وجهها ؛ لاءنه بذلك اللون.
وقوله: (كقرصة النقى) بكسر القاف، يعنى: الحوارى، وهو الدرمك، ويكون تشبيه لونها بها وهى عفراء ؛ لما غيرت النار من بياض وجهها إلى الحمرة، والله أعلم.
وقوله: " ليس فيها علم لاَحد دا: أى علامة سكنى أو بناء او أثر.
(1)! برا هيم: 48.(8/322)
كتاب صفات المنافقين / باب نزل أهل الجنة
(3) باب نزل أهل الجنة
323
30 - (2792) حدّثنا عَبْدُ المَلكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدثَّنِى أبِى، عَنْ جَدَى، حَدَّثَنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى هلال، عَنْ زَيد بْنِ أسْلَمَ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَار، عَنْ أبِى سَعيد الخُدْرىِّ، عَنْ رَسُولِ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "َ تَكُونُ الأرْضُ يَوْمَ الَقيَامَة خُبْزة وَاحدَةً، يَكْفًؤً هَا الجَبًّارُ بيَده، كَمَا يَكْفَؤُ أَحَدُكُم خُبْزَتَهُ فِى السَّفَرِ، نُزُلأ لأهْلَ الجًنَّةِ).
قَالً: فَأتَى رَجُل مِنَ اليَهُوًَ.
فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمنُ عَلَيْكَ، ائا القَاسِم، ألا أخْبِرُكَ بِنُزُلِ أهْلِ الجَنَّة يَوْمَ القيَامَة ؟ قَالً: " بَلَى) قَالَ: تَكُونُ الأرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً - كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ظل!لهدَ - قَاً: فَنًظَرَ إلَيْنَا رَسُولُ الله يريد ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.
قَالَ: ألا أحبِرُكَ بِإدامِهِمْ ؟ قَالَ: " بَلَى " قَالَ: إَدَامُهُمْ با لامُ وَلون!.
قَالُوا: وَمَأ هَذَا ؟ قَالَ: ثَوْر وَنُون!، يَأكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبَلِ! مَا سَبْعُونَ الفًا.
31 - (2793) حدّثنا يَحمىَ بْنُ حَبيب الحَارثىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَد"ننَا قُرَّةُ، حدثنا مُحَمَّد، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ قَالَ.
َ قَالً النَّبِىَُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " لَوْ تَابَعنِى عَشَرَة مِنَ اليَهُودِ، لَم يَبقَ عَلَى ظَهْرِهَا يَهُودِىّ إلا أسْلَمَ ".
وقوله: " تكون ال الرض خبزة واحدة " إلى قوله: " نزلا لاَهل الحنة " النزل (1)،
بهم الخون والزاق: ما يعد للقوم من غداء! حين] (2) ينزلون عليه، قال الله تعالى: مملافَنُزُلّ مِّن حَميمٍ*كل (3) أى!ا - اؤه.
وعلى: ككذ نزُلاً مِّن عِندِ اللَّهِ ؟ (4) قيل: ثوأب، وقيل: رزق، و؟ نُزُلُفمْ يَومَ الدِّين لأن (ْ) قيل: طعامهم.
وقوله: " يتكفؤها (6) الجحار بيديه، كيا يتكفؤ (7) أحدكم خبزته " أى يقلبها بقدرته.
وقول اليهوثى: " إدامهم با لام ونون، قالوا: وما هما ؟ قال: ثور ونون، يأكل
من زيادة كبدهما - ويروى: زائدة كبدهما - سبعون ألفا "، قال الأمام.
ذكر الخطابى (8)
(1) فا ز ة النزولما، والمثبهت من صح.
(3) الوا قعة 930.
(5) 1 لوا قعة: 56!
(7) فى أصل الحديث: يكفؤ.
(2) ساقطة من ح.
(4) الما عمرانا: 198.
لى) فى أصل الحديث.
يكفؤها.
(8) أعلام الحديث 3 / 2266.
98 / أ(8/323)
324 كتاب صفات المنافقن / باب نزل أهل الجنة
أن (النون " هو الحوت، على وفاق ما فسر فى الحديث، وأن " بالام) يدل جواب اليهودى على أنه اسم للثور.
قال: ولعل اليهودى أراد التعمية، فقطع الهجاء وقدم أحد الحرفين، دإنما الرتبة لام ياء هجاء لاقى على وزن لعاى، اى ثور، ويقال للثور الوحشى: اللأى، فصحف الراوى فقال: بالام، دإنما هو بياء لام بحرف العلة.
هذا أقرب ما يقع لى فيه، إلا أن يكون إنما عبر عنه بلسانه، ويكون ذلك فى لسانهم يلا، وأكثر العبرانية فيما يقولون مقلوب على لسان العرب بتقديم الحروف وتأخيرها، وقد قيل: إن العبران هو العربان، فقدموا الياء وأخروا الراء.
قال القاصْى: وجدت أبا عبد الله بن أبى نصر الحافظ (1) ذكر هذا الحديث فى اختصاره الصحيح، وقال فيه: باللأى والنون / بباء الإلزاق مكسورة ولام مشددة على وزن الرحى، واللأى: الثور الوحشى فى لسان العرب، ولم أر أحدًا رواه كذا، ولعله إصلاح ممن ظنه مصحفا، وإذا كان هذا فقد بقيت لنا الميم زائدة من بلام، إلا أن يقول أيضأ: انها تصحيف، صحفت من الياء المقصورة.
وهذا إن لم يصح رواية.
وما قاله الخطابى مع ما فيه من التحكم والتكبف غير مُسَلَّم، لاكن هجاء اللأى لام الف وياء لا لام باء كما قال، وأولى ما يقال فى ذلك: أن نُقِرّ الكلمة على وجهها، وتكون كلمة عبرانية، ألا ترى كيف سألوا اليهودى عن تفسيرها، ولو كانت كما رواها ذاك باللأى لكان من لغة العرب ولعرفه الصحابة، ولم يحتاجوا إلى تفسير اليهودى.
وزيادة الكبد وزائدته: القطعة المنفردة المتعلقة منه، وهى أطيبه ؛ لهذا - والله أعلم - خص السبعين ألفا باْكلها من بين سائر أهل الجنة، ولعلهم السبعون الفا الذين ورد فى الحديث (2) أنهم أول من يدخل الجنة، ففضلوا بأطيب النزول، ويحتمل أنه عبر بالسبعين ألفأ عن العدد الكثير ولم يرد حصر العدد، كما قيل فى قوله: { إلَن مِمائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} (3)، وكما يقول القائل: جئتك ألف مرة لتكثير مجيئه إليه.
(1) هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبى نصر بن حميد بن يصل الأزى الحميدى الميورقى الأندلسى، اْصله من قرطبة، ولد قبل العشرين وأربعمائة، روى بالأندلس عن ابن عبد البر وأبى العباس العذرى وابن حزم وغيرهم، وكان موصوفا بالمعرفة والإتقان والدين والورع، من تصانيفه: كتاب الجمع بين الصحيحين، وجذوة المقتبمى فى تاريخ علماء ال الندلس، وتوفى - رحمه الله - سنة لملا هـ.
انظر: مقدمة الجذوة، وبغية الملتمس ص 123، 124 (257)، وفيات الأعيان 4 / 282 (616)، وتذكرة الحفاظ 4 / 1218 (1041).
(2) سبق فى كالإيمان، بالدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة، برقم (367).
(3) ا لصا فات: 147.(8/324)
كتاب صفات المنافقين / باب سؤال الهود النبى عن الروح...
الخ
325
(4) باب سؤال اليهود النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الروح
وتوله تعالى: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} ا لاَية
32 - (2794) حدّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاث، حَدءلَنَا أبِى، حدثنا الأعْمَشُ، حَدثنِى إبْرَاهيمُ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله، قَالَ: بَيْنمَا أئأ أمْشِى مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى حَرْلب! وَهُوَ مُتَّكِئ عًلَى عَسيب إذْ مَرَ بنَفَر مِنَ اليًهُود، فَقَالً بَعْضُهُمْ لبَعْضبى: سَلُوهُ عَنِ الروحِ.
فَقَالُوا: مَارَابَكُمْ إلَيهَ ؟ "لا يَسْتَقبلُكمْ بشَىْء تًكْرَهُونَهُ.
فَقَالُواَ: سَلُوهُ.
فَقَامَ إلَيْه بَعْضُهُمْ فَسَألَهُ عَنِ الرُّوح قَالً: فَأسْكَتً النَّبِىَُّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْه شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أنَّهُ يُوحًى إلَيْه.
قَالَ: فَقُمْتُ مَكَانِى، فَلَمَا نَزَلَ الوَحْىُ قَالَ: { وَيَسْأَلُونَكً عَنِ الرُّوح قُلِ الرُّوحُ مِنْ اَمْرِ رَبَّى وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (1).
33 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو سَعيد الأشَبئُ، قَالات حَدءلَنَا وَكِيع.
حِ وَحَدءَّلنَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَبمَ، !قَالأ: أخْبَرَنَأ عِيسَى بْنُ يُونس، وقوله: (سلوه عن الروح، فقال: ما رابكم إليه ؟ لا يستقبلكم بشىَ تكرهونه)
كذا الرواية.
قال الوقشى: وجه الكلام: ما أربكم إليه، أى ما حاجتكم،
قال القاضى: الرواية إن شاء الله صحيحة، أى ما دعاكم إلى أ غير] (2) ذلك وخوفكم أو شككم فى أمره، حتى تحتاجوا (3) إليه وإلى سؤاله، أو ما دعاكم إلى ما تكرهونه.
والريب ما رابك وأوهمك من شىء تتخوف عقباه، ومنه قوله فى فاطمة: (يريبنى ما رابها) (4).
يقال: رابنى الرجل إذا تحققت ريبته، وأرابنى: إذا توهمت ريبته.
وقال ثعلب: أراب الرجل: إذا جاء بريبة، ورد ذلك عليه عَلىّ بن حمزة بما تقدم وهو مذهب أبى زيد.
واْما الفراء فقال: هما بمعنى لغتان صحيحتان فى التهمة.
وقوله: " أ وهو] (5) متكئ على عسيب): معتمداً على جريدة نخل كالاعتماد على العصا ونحوه.
وقوله: فلما نزل الوحى، قال: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوح} الآية.
رواية السمرقندى
(1) الإسراء أ 85.
(س) فى خ: ا تحتاجون.
(5) من المق والأبى والنووى
(2) ساقطة من ح.
(4) كفضائل الصحابة، بفضائل فاطمة برقم (93).
98 / ب
326(8/325)
كتاب صفات المنافقين / باب سؤال اليهود النبي عن الروح...
إلخ
كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: كُنْتُ أمْشِى مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فى حَرْث بالمدينَة.
بِنَحْوِ حَلِيثِ حَفْصٍ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَلِيثِ وَكِيعٍ: { ومَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلاَّ فلِيَلا} " وَفِى حَلِيثِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ: وَمَا أوتُوا، مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ خَشْرَمٍ.
34 - (... ) حدّثنا أبُو سَعِيد الألث!جُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ إدْرِيسَ يَقُولُ: سَمعْتُ الأعْمَشَ يَروِيه عَنْ عَبْدِ الًلهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْووقٍ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ على فِى نَخْلٍ يَتَوً كَّ ال عَلَى عَسيب.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَديثهِمْ عَنِ الأَعْمَشِ.
وَقَالَ فِى رِوَايَتِهِ: { وَمَا أُوثِيتُم مِّنَ الْعِفمِ إِلاَّ قَلِيَلا}.
35 - (2795) حدثنا أبُو بُكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَبْدُ الله بْنُ سَعيد الأشَجُّ - وَاللَّفْظُ لِعَبْدِ اللهِ - قَالا: حَد"ننَا وَكِيع، حَد"ننَا الأعْمَشُ، عَنْ أبِى اَلضُّحَىَ، ً عَنْ مَسْوُوقٍ، عَنْ
{ وَمَا أُوتِيتم} على نص التلاوة.
وللعذرى والطبرى والسجزى: (وما أوتوا) كذا فى حديث ابن غياث، وقد ذكر مسلم الاختلاف فى ذلك فى حديث ابن أبى شيبة وإسحق، ولم يقرأ بهذه ا القراءة فى السبع.
وكذا جاء فى هذا الكتاب: فلما نزل الوحى قال.
وكذا فى البخارى (1) فى أكثر أبوابه / قيل: وهو وهم وصوابه ما تقدم قبل من رواية ابن ماهان فى باب صفة نزول الوحى: " فلما انجلى عنه " وكذا رواه البخارى (2) فى موضع، وفى موضع: " فلما صعد الوحى " وهذا كله وجه الكلام لأنه قد ذكر قبل نزول الوحى عليه، وقد ذكرنا الخلاف فى هذا اللفظ ومعانيه هناك.
قال الإمام: الكلام فى النفس والروح مما يغمض ويدق، ولكنه مع هذا اكثر الناس الكلام فيه حتى ألف بعضهم فيه التواليف، ولكن مشاهير المقالات فى الروح قول أبى الحسن ال الشعرى: إنه النفس الداخل والخارج، والقاضى أبو بكر بن الطيب يراه مما يتردد بين هذا الذى قاله أبو الحسن الاَشعرى وبين الحياة، وبعض الناس يرى أنه جسم مشارك للأجسام الظاهرة وال العضاء الظاهرة، وذهب بعض المتحملين (3) من أئمتنا إلى أن الاَظهر فيه ائه جسم لطيف، خلقه الله - سبحانه - وأجريت العادة بأن الحياة لا تكون مع فقده، وإذا شاء موت انسان أعدم هذا الجسم منه نحد إعدام الحياة، وهذا الجم إن كلان حيأَ!ه يحيا إلا بحياة يختص به أيضا وهو مما يصح القبض اليه والبلوغ الى مكان ما من الجسم.
(1) كالتفسير، ب{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوح} 6 / 19 - (2) كالعلم، ب{ وَمَا أُوتِيتم مّنَ اثعِلْمِ إِلاَّ قَلِيل ال1 / 43 -
(3) فى خط: المتكلميئ -(8/326)
كتاب صفات المنافقين / باب سؤال اليهود النبي عن الروح...
إلخ 327 خَبَّاب قَالَ: كَانَ لِى عَلَى العَاعرِ بْنِ وَائلٍ دَيْنٌ، فَأتَيْتُهُ أتَقَاضَاهُ.
فَقَالَ لِى: لَنْ أقْضِيَكَ حَتَّى تًكْفُر بِمُحَمَّد.
قَالَ: فَمُلتُ لَهُ: إَنِّى لَنْ كْف! بِمُحَمَّد حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ.
قَالَ وَإنِّى لَمَبْعُوثٌ مِنْ بًعَدِ المَوْتِ ؟ فَسَوْفَ الضِيكَ إذَا رَجَعْتُ إً لىَ مَالٍ وَوَلَدٍ.
قَالَ وَكِيعٌ: كَذَا قَالَ الأعْمَشُ.
قَالَ: فَنَزَلَتْ هَدْ 5 الآيَةُ: { أَفَرَءَيتَ الَّذِى كَفَرَ بِآيَاتِنَا
وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاَ وَوَلَدًا} إلَى قَوْلِىِ: { وَيَأْتِينَا فَرْدًا} (1) ءً
36 - (... ) حدّثنا أبْو كُرَيْب، حَدّثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدّتنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبِى.
ح وَحدَّثَنَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، أخبَرَنَا جَرِيرٌ.
ح وَ حدثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَد - ننَا سُفْيَان، كُلُّهُمْ عَن الأعْمَش، بهَذَا الإسْنَاد، نَحْوَ حَديث وَكيع.
وَفى حَديث جَرير: قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِى الجَاهِلِيّةِ، فَعَمِلتُ لِلعاعرِ بْنِ وَائِلٍ عَمَلاً، فَأتَيْته أتقاضاه.
وكونه فى مكان فى العالم أو حواصل الطير الى غير ذلك مما وقع فى الظواهر، ويصح فى العقل صرف ما أشرنا إليه من الظواهر إلى غيره من جواهر القلب أو الجسم الحية، والمسألة تحتمل الاتساع الكثير، وإنما ذكرنا فى هذا الموضع ما يليق به.
واما قوله: (فأسكت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ): يقال سكت سكوتأَ وأسكت عنه: أعرض عنه.
وقد تكلمنا فى النفس والروح قبل هذا.
وقد اختلف المفسرون فى معنى الروح المذكور
فى الاسم، فقيل: إنهم إنما سألوه عن عيسى، فقال لهم: الروح من أمر الله، أى إنما هو شىء أمر الله به وخلقه، لا كما تقول النصارى.
وكان ابن عباس يكتم تفسير الروح، وعن ابن عباس وعلى: هو ملك من الملائكة، وقيل هو جبريل، وقيل: الروح: القرآن، وقيل: خلق كخلق بنى آدم، وقال بعض العلماء: علم الله ال الاَصلح لهم ألا يخبرهم ما هو ؛ لأن اليهود قالوا: إن فسر الروح فليس بنبى.
(1) مريم770 - 80.
328(8/327)
كتاب صفات المنافقين / باب فى قوله خالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ...
}
(5) باب فى قوله تعالى: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ} الآية
37 - (2796) حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَد!شَا أَبِى حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ
عَبْد الحَميد الزيّاَدِىِّ ؛ ألهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِدث يَقُولُ: قَالَ أبُو جَهْلٍ: اللهُمَّ، إِنْ كَانَ هَذَاَ هُوَ الَحًقَّ مِنْ عنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حجَارَةً مِنَ الس!مَاءِ أَوِ ائْتِنَأ بِعَذَابٍ ألِيم.
فَنَزَلَتْ: { وَمَا كَانَ اللَّه لِيُعَذَّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَاَ كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرونَ.
وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَفمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ (1).
(1) الأنفال: 33، 34.
ولم يتعرض الإمام أو القاضما لهذا ا الباب.(8/328)
كتاب صفات المنافقين / باب قوله: { إِنَّ الإِنسَان لَيَطْغَئ...
}
329
(6) باب قوله: { إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رآَه اسْتَغْنَى}
38 - (2797) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الا"عْلَى القَيْسِىُّ، قَالا: حَدّثنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أَبيه، حَدئمى نُعَيْمُ بْنُ أَبِى هنْد، عَنْ أَبِىَ حَازِمٍ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ ة قَالَ أَبُو جَهْل.
هًل يُعَفَرُ محَمَّد وجْهَهُ بَيًْأَظًهُرِكُمْ ؟ قَالَ ت فقِيلَ: نَعمْ.
فَقَالَ: وَاللاَّت وَالعُزَّى، لَئنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلكَ لا"طَانَّ عَلَى رَقَبَته، أَوْ لأُعَفِّرَنَ وَجْهَهُ فِي التُّرَاب.
قَالَ: فَأً تَى رَسُولَ الَله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يُصَلِّى، زَعَمَ ليَطَا عَلَىً رَقَبَته.
قَالَ: فَمَا فَجئَهُمْ مِنْهُ إٍ لا وَهُوَ يَنْكُصُ عَلَى عَقبَيْه وَيَتَّقِى بِيَدَيْهِ.
قَالَ: فًقِيلَ لَهُ: مَا لًكَ ؟ فَقَالَ: إِنَّ بَيْنِى وَبيْنَهُ لَخَنْدَقًا مِنْ نَارٍ وَهَوْلآً وَأً جْنحَةً.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ: " لَوْ!نَا مِنَّى لاَخْتَطَفَتْهُ المَلاَئِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا).
قَالَ ت فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ - لاَ نَدْرِى فِى حَديث أَبِى هُرَيْرَةَ، أَوْ شَىَ! بَلَغَهُ -:
{ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى.
أَن رَاةُ اسشَغْنَى.
إِنَّ إِلَى رَبًِّالرُّجعَى.
أَرَأَيْتَ الَّنحِيى يَنْهى.
عَبْدًا إِذَا صَلَّا.
أَرَأَيتَ إِن كانَ عَلَى الْهُدَى.
أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى.
أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} يَعْنِى ابَا جَهْل { أَلَمْ يَعْلَم بِاَنَّ اللَّهَ يَرَى.
كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَه لَنَسْفَعًا بالنَّاصيَة.
نَاصيَةِ كَاذبَةِ خَاطئَةِ.
فَلْيَدْعُ نَاديَهُ.
سَنَدع الزَّبَانِيَةَ.
كَلاَّ لا تُطِعْهُ} (1).
ًًًًً
زَادَ عُبَيْدُ الله فِى حَلِيتهِ قَالَ: وَأَمَرَهُ بِمَا أَمَرَهُ بهِ.
وَزَادَ ابْنُ عَبدِ الأعْلَى: فَليَلإْك! نَ اليَهُ.
يَعْنِى قَوْمَهُ.
وقوله: " هل يعفر محمد وسجهه): أى يسجد ويلصقه بالعفر، وهو التراب.
وقوله: الثق رأيته يفعل ذلك لاءطأن رقبته ولاَعفرن وجهه): اى لاَلطخنه بالتراب وأمسكنه فيه.
وقوله: " فما فجئهم منه " أى بغتهم، يقال: فجأ ال المر وفجى بفتح الجيم وكسرها،
أى أتى بغتة وعلى غير استعداد له.
وقوله: " وهو ينكص على عقبيه ": أى يرجع وراءه القهقرى كما ذكر فى الحديث:
أنه راَه من الهول والخندق والنار والاَجنحة التى ضربت بينهما.
وقول النبى: " لو دنا منى لاختطفته الملائكة عضوا عضواً ": هذا من جملة اَياته -
عليه السلام - وعلامات نبوته ؛ ولهذا الحديث أمثلة كثيرة فى عصمته من ائى جهل وغيره ممن أراد ضره، وحماية الله له بما ذكر، وتلك الاَجنحة أجنحة الملائكة - والله أعلم.
(1)1 لعلق: 6 - 19.
99 / ءا
330(8/329)
كتاب صفات المنافقين / باب الدخان
(7) باب الدخان
39 - (2798) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِير!، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبى الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوق، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ الله جُلُوسًا، وَهُوَ مُضْطَجِع بَيْنَنَا.
فَأَتَاهُ رَبُئ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدًِا لرَّحْمَنِ، إِنَّ قَاصا عنْدَ أَبْوَابِ كِنْلَةَ يَقُصُّ وَيَزْعُمُ أَن آيَةَ الدُّخَانِ تَجِىءُ فَتَأخُذُ باع نْفَاسِ الكُقارِ، وَيَأخذُ المُؤْمَنِينَ منْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ.
فَقَالَ عَبْدُ الله - وَجَلَسَ وَهُوَ غًضْبَانُ -: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا الَله، مَنْ عَلمَ مِنْكُمْ شَيْئَّاَ، فَليَقُلْ بمَا يَعْلَمُ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَليَقُلِ: الله أَعْلَمُ، فَإنَّهُ أَعْلَمُ لأحَدكُمْ أًنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: الَله أَعْلَمُ، فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قَالَ لِنَبِيِّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ: { قُلْ مَا أَسأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} (1) إِنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لَمًّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا.
فَقَالَ: (اللّهُمَّ، سَيْع كَسَبْع يُوسُفَ) قَالَ ت فَاع خَذَتْهُمْ سَنَة حَصَّتْ كُل شَىْء، حَتَّى أَكَلُوا الجُلُودَ وَالمَيْتَةَ مِنَ الجُوعِ، وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاء أَحَلصمْ فَيَرَى كَهَيْئَةِ الدُّخان.
فَاعتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا ا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ جِئْتَ تَأمُرُ بطًاعَة الله وَبِصِلَة الرَّحِم، !اِنًّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادع الله لَهُمْ.
قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: َ{ فَارتَقِبْ يَوْمَ تَ التِيَ السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ.
يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَنَابٌ أَلِيمٌ } إِلَى قَىْ لِهِ: { إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (2).
قَالَ: افَيُكْشَفُ عَذَابُ الآخِرَة ؟{ يَوْمَ نَبْطِشن الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (3).
فَالبَطشَةُ يَوْمَ بَدْر.
وَقَدْ مَضَتْ ايةُ الدُّخَانِ، وَالبَطشَةُ، وَاللِّزَامُ، واَيَةُ الرُّومِ.
/ وقوله: فلما رأى من الناس إدباراً قال: (اللهم سبع كسبع يوسف) فأخذتهم سنة: السنة: الشدة والجدب، كما قال في الحديث الآخر: دا فأصابهم قحط وجهد)، قال اللّه تعالى: { وَلَقَدْ أَخَنطا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} (4).
وقوله: (حصَّت كل شىء دا: أى استأصلته.
والحص: الحلق ؛ ولذلك تسمى اْيضأ الحالقة.
(1) ص: 86.
(3) الد خان: 16.
(2) الدخان: 10 - 15.
(4) الأعراف: 129.(8/330)
كتاب صفات المنافقن / باب الدخان
331
40 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيع.
ح وَحَد"ننِى
أَبُو سَعيدٍ الاشَجُّ، أَخْبَرَنَا وَكِيع.
ح وَحَد، شَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا جَرِيرو، كُلُّهُمْ عَنِ الا"عْمَشِ.
ح وَحَد - ننَا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ وَأَبُو كُرَيْبٍ - وَاللَّفْظُ لِيَحْمىَ - قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ مُسْلِم بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ.
قَالَ: جَاءَ إِلَى عَبْدِ اللّهِ رَجُل فَقَالَ: تَرَكْتُ فِى المَسْجِدِ رَجُلاً يُفَسِّرُ القُرآنَ بِرَأيِهِ.
يُفَسِّرُ هَنِهِ الآيَةَ.
{ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مبِينٍ } (1) قَالَ: يَأتِى النَّاسَ يَوْمَ القيَامَة دُخَانو فَيَأخُذُ بِا"نْفَاسِهِمْ حَتَّى يَأخُنَصمْ منْهُ كَهَيْئَة الركُام.
فَقَالَ عَبْدُ الله: مَنْ عَلَمَ عَلمًا فَليَقُل به، وَمَنْ لَمْ يَعْلَم فَليَقُلِ: الَله أَعْلَمَُ.
فَإِنَ مِنْ فقْه الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ لما لا علمً لَهُ به: اللَهَ أَعْلَمُ، إِنَّمَا كَان هَذَا ؛ أَنَ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَتَ عَلَى النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، دَعَاَ عَلَيْهِمَ بِسِنينَ كَسِنِى يُوسُفَ، فَأَصَابُهُمْ قَحْط وَجَهْد، حَتَّى جَعَلَ الرًّ جُلُ يَنْظَرُ إِلَى السمَاء فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَة الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، وَحَتَّى أَكَلوا العِظَامَ، فَأَتَى النَّبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُل فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، اسْتَغْفِرِ الله لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا.
فَقَالَ: ا لِمُضَرَ ؟ إِنَّكَ لَجَرِىء) قَالَ: فَدَعَا الله لَهُمْ، فَاثْزَلَ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ: مالوإِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} (2) قَالَ: فَمُطِرُوا.
فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهيَةُ، قَالَ: عَادُوا إِلَى مَا كَانوا عَلَيْه.
قَالَ: فَاممْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ.
{ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السًّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ.
يَغْشَى النَّاسَ هَذَاَ عَذَالث أَلِيمٌ } مالويَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَة ائكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (3) قَالَ: يَعْنِى يَوْمَ بَدْرٍ.
وقوله: " فقال له رجل: يارسول الله، استغفر لمضر ": كذأ هنا دى جميع النسخ، ورواه البخارى (4): (استسقى الله "، قيل: وهو الصواب والاَ ليق بالحال.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: ا لمضر ؟ إنك لجرىء، على طريق التقرير والتعريف له بكفرها، واستعظام ما سأله لهم من استغفار الله لهم أو استسقائه، وهو عدو الدين وأهله.
وقد يصح على هذا عندى قول مسلم: (استغفر الله، وان إنكاره إنما كان للاستغفار الذى سأله الكفار ؛ بدليل أنه عدل عنه إلى الدعاء لهم بالسقيا، ولو كان استعظامه إنما هو لسؤاله السقيا لما استسقى لهم.
(1) الدخان: 10.
(2) الدخان: كاا.
(3) الدخان: 16.
(4) البخارى، كالتضير، تفير سورة الدخان، بقوله تعالى: { يَغْثى الَّاسَ} 6 / 164.
332(8/331)
كتاب صفات المنافقين / باب الدخان
41 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حدثنا جَرِير!، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ أبِى الضُّحَى،
عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَبد الله قَالَ: َ خَصْم! قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَاللِّزَامُ، وَالروم، وَ ا لبَطشَةُ، وَاً! قَمَرُ.
(... ) حدّثنا أَبُو سَعِيدٍ الاع شَجُّ.
حَدثنَا وَكِيع، حدثنا الا"عْمَشُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
42 - (2799) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ.
ح وَ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد، شَا غُنْدَز، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنِ الحَسَنِ العُرَنِىِّ، عَنْيحيى بْنِ الجَزَّارِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى، عَنْ أُبَىِّ بْنِ كَعْب، فِى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: { وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ} (1).
قَالَ: مَضَائِبُ الدُّنْيَا، وَالرُّومُ، والبَطشَةُ، أَوِ الدُّخَانُ - شُعْبَةُ الشَّاكُّ فِى البَطشَةِ أَوِ الدُّخَانِ.
وقوله: دا مضت اية الدخان، والبطشة، واللزامٍ، واَية الروم) وفسرها فى الا"م (إلا اللزام)، واللزام هو قوله تعالى: { فَسَوْفَ يَكُون لِزَاما} (2).
قال ابن مسعود وغيره من أهل التفسير: هو ما حل بهم يوم بدر.
قيل: الموت، وقيل: القتال، وهى البطشة الكبرى أيضا.
(1) السجدة: 21.
(2) 1 لفرقان: 77.(8/332)
كتاب صفات المنافقين / باب انشقاق القمر 333
(8) باب انشقاق القمر
43 - (2800) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالأَ: حَدضَننَا سُفْيَان بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِد، عَنْ أَبِى مَعْمَر، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: انْشَقَ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِشِقّتَيْنِ.
فَقًالَ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ): (اشْهَدُوا ".
44 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب ! اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيفا
عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ خ وَحَد - ننَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غيَاث، حَد"نًنَا أَبِى، كِلاَهُمَا عَنِ الاعْمَشِ.
ح وَحَدّثنَا مِنْجَابُ بْنُ الحَارِثِ التَّميمِىُّ - وَاللَفظُ لًهُ - أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِر، عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى مَعْمَر، عَنْ عًبْد الله بْنِ مَسْعُود، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْن مَعَ رَسُولِ الله على بمِنًى، إِذَا انْفَلَقَ القَمَرُ فِلقَتَيْنِ، فَكَانَتْ فِلقَة وَرًاءَ الجَبَلِ، وَفِلقَةٌ دُونَهُ.
فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " اشْهَدُوا ".
وذكر مسلم فى باب انشقاق القمر حديث عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن الاَعمش عن إبراهيم، وحديثه عن الاَعمش عن مجاهد.
ثم ذكر حديث غندر وابن أبى عدى قال: كلاهما عن شعبة بإسناد ابن معاذ.
كذا لكافة شيوخنا، وعند الطبرى: بإسناد معاذ، وهو أشبه بالصحة لاَنه ذكر لمعاذ بن معاذ عن شعبة السندين المتقدمن، والله أعلم.
قال القاضى: اية انشقاق القمر من أمهات ايات نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) ومعجزاته، وقد رواها عدة
من الصحابة، وظاهر الاَية أيضأَ وسياقها، وما بعدها منِ تمادى قريش على التكذيب، يشهد بصحتها لقوله: { الرَبتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ.
وَإن يَرَوْا آيَةَ يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مسْتَمِرّ} (1).
/ قال أبو إسحق الزجاج (2): وقد أنكرها بعض أهل البدع، وضاهى فى ذلك مخالفى
الملة وذلك لما أعمى الله قلبه، ولا إنكار للعقل في جهخها، إذ هو خلق من خلق الله،
(1)1 لقمر: 1، 2.
(2) هو إبراهيم بن السرى بن سهل النحوى، صاحب كتاب " معانى القراَن " كان من أهل الفضل والدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب قال.
كنت أخرط الزجاج فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه على أن أعطيه كل يوم درهما إلى أن يفرق الموت بيننا، فلزمته وكنت اخدمه فى أموره مع ذلك الدرهم حتى طلب منه عبيد الله بن مليمان مؤدبا لابنه القاسم حين ولى الوزارة، فصرت نديمه.
ومن تصانيفه الاشتقاق، خلق الإنسان، مختصر النحو، ومات محنة 311 هـ، ببغداد، وكان قد جاوز سبعين محنة انظر: تاريخ بغداد 6 / 89 (3126)، وفيات ألا"عيان 1 / 49 (13)، معجم ال الدباء1 / 130 -
99 / ب
334(8/333)
كتاب صفات المنافقين / باب انشقاق القمر 45 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَا ننَا ائى، حَا شَا شُعْبَةُ، عَنِ الالمحمَشِ، عَنْ إِبْرَاهيمَ، عَنْ ابِى مَعْمَر، عَنْ عَبْد اللّه بْنِ مَسْعُود قَالَ: انْشَق القَمَرُ عَلَى عَهْد رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِلقَتَيْنِ، فَسَتَرَ الجًبَلُ فِلقَةً، وَكَاَنَتْ فِلقَةٌ فَوْقَ الجَبَلِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللّهُمَّ اشْهَدْ).
(2801) حدَّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أَبِى، حَد!ثنَا شُعْبَةُ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
مِثْلَ ذَلِكَ.
(... ) وَحَل!ثنِيه بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَحَد*شَا مَحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا ابْنُ أبِى عَدِى، كِلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
بإِسْنَادِ ابْنِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ.
نَحْوَ حَلِيثِه.
غَيْرَ انَّ فِى حَديِثِ ابْنِ أَبِى عَدِىٍّ: فَقَالَ: (اشْهَدُوا، اشْهَدُوا لا.
46 - (2802) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا يُونُسُ بْنُ محمد، حدثنا شيْبان، حدثنا قتادة، عنْ أنسٍ، أن أهْل مكة سالوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَنْ يُرِيَهُم اية، فَا"راهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ، مَرصتيْنِ.
يفعل به ما يشاء، كما يفنيه ويكوره اَخر أمره.
وإنما أنكرها مخالفو الملة لوجهين: أما المنجمون وأصحاب التدبير والفضاء فضلالهم: أن الدرارى مدبرة العالم والفاعلة فيه، وأن تغيرها فى هيئتها عندهم لا يصح إلا بفناء العالم، على خلاف بينهم: هل يمكن فى العقل إيجاد هيئة أخرى خلاف هذه الهيئة لتدبير العالم، أو لا يصح وجود سواها، مما طال خطبهم به وضلالهم فيه ؛ لنفى أكثرهم الصاخ القديم، ومن أئبته منهم بالصنع عندهم لغيره.
ولا حاجة بنا إلى بسط مقالاتهم واختلافهم فى ذلك وهذيانهم الذى يحسبونه وأتباعهم الحق والبرهان، وهو الخيالات والهذيان مما هو ضد الحق.
وعقيدة أهل الإيمان أن المدبر الخالق هو الله منشئ هذا كله، والمفتى له إذا شاء، الغنى فى جميع ذلك لا عن (1) واسطة وتدبير ظهير وتسيب[ مسبب] (2) سوى إرادته وقدرته (3)، لا مرد لحكمه.
وأما[ من] (4) سواهم من اْهل الملل ومن أضله الله تعالى، فبقولهم: إن هذا لو
كان لم يخف على أهل الدنيا، ولنقل نقلاً من جميع الا"قطار واستوى من معرفته أهل الهند
(1) فى ز: على، والمثبت من خ.
(3) كررت فى ز خط،
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) من هامش خ.(8/334)
كتاب صفات المنافقين / باب انشقاق القمر
335
(... ) وَحَد"ننِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد - ننَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أَنَسٍ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.
47 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر وَأَبُو دَاوُدَ.
ح وَحَد - ننَا ابْنُ بَشَّار، حَد"ننَايحيى بْنُ سَعيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَبُو دَاوُدَ، كلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَس!، قالَ: انْشَقَّ القَمًرُ فِرْقَتَيْنِ.
وَفِى حَدِيثِ أَبِى دَاوُدَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله على.
48 - (2803) حدّثنا مُوسَى بْنُ قُرَيْشٍ التَّمِيمِىُّ، حَد - ننَا إٍ سحَقُ بْنُ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، حَدثَّنِى أَبِى، حَد"ننَا جَعْفَرُ بْنُ رَبيعَةَ، عَنْ عرَاكَ بْنِ مَالك، عنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْد الله ابْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاَسٍ قَالَ: إِنًّ القًمَرَ انْشَقًّ عَلًى زَمَانِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
والصيئ ولم يختص به طائفة من أهل مكة.
وهو - أيضأَ - لا حجة فيه ث فإن اَيات الله تحدث وأكثر الناس نيام والاءبواب موجفة.
والناس متغشون ثيابهم، وقل من يبصرها إلا الشاذ والراصد لها.
وكثيراً ما تحدث كسوفات القمر الكليات وغيرها، وعجائب من أنوار طوالع وشهب عظام ؛ وايات فى السماء تظهر بالليل، فيتحدث بها الواحد والاثنان ممن راَها، ولا علم عند غيرهم منها لما ذكرناه.
وهذه كانت اية بليل لقوم اشترطوها وسألوها، لم يهتبل (1) غيرهم بها، وقد يكون القمر حينئذ فى بعض المجارى والمنازل انتى تظهر لبعض أهل الافاق دون بعض، كما يكون ظاهرًا لقوم غائبا عن أخر، أو كما يجد أهل بلد الكسوف فى الشمس والقمر ولا يجده غيرهم، ويكون عند بعضهم كليأ وعند بعضهم بخلافه، كل ذلك بحسب القرب والبعد وارتفاع الدرج وانخفاضها فى الطولط عن خط الاستواء والعرض.
(1) من الاه!بال.
وهو تحين الشىء والاعتناء به، وءخد قي ل القائل: فاهتبلت غفلته، أى تحين!ها واغتنمتها !شارق الأنوار 2 / 264.
336(8/335)
كتاب صفات المنافقين / باب لا أحد اْصبر على أذى من الله عز وص
(9) باب لا أحد أصبر على أذى، من الله عز وجل
49 - (4 280) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَأَبُو اسَامَةَ، عَنِ الا"عْمَش، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
(لاَ أَحدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذً ى يَسْمَعُهُ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّهُ يُشْرَكُ بِهِ، وَيُجْعَلُ لَهُ الوَلَدُ، ثُمَّ هُوَ يُعَافِيهمْ وَيَرْزُقُهُمْ).
(... ) حدئّنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبُو سَعِيد الأشَجُّ، قَالا: حدثنا وَكِيع، حدثنا الالمحمَشُ، حَد 9شَا سَعيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِى عَبْدًا لرَّحْمَنِ السُّلَمِىِّ، عَنْ أَبِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
إِلاَّ قَوْلَهُ: (وَيُجْعَلُ لَهُ الوَلًدُ لا فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ.
50 - (... ) وحدّثنى عُبَيْدُ اللّه بْنُ سَجيد، حدثنا أَبُو اسَامَةَ، عَنِ الا"عْمَشِ، حَددَّشَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر، عَنْ أَبِى عَبْدِ الرَّحمَنِ السُّلًمِىِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله بْنُ قَيْسٍ: قَالَ رَسُولُ الله على: (مَا أَحَد أصْبَرَ عَلَى أدى يَسْمَعُهُ مِنَ الله تَعَالَى، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدا، وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَيُعْطِيهِمْ ".
وقوله: ا لا احد أصبر على أذى يسمعه من الله عز وجل، إنه يشرك به، ويجعل له الولد، ثم هو يعافيهم ويرزقهم)، قال الإمام: المراد بهذا: أن الله واسع الحلم (1) على الكافر الذى يضيف إليه الولد.
والصبر: منع النفس من التشفى والانتقام، او منعها من غير ذلك.
فلما كان الامتناع نتيجة الصبر عبر عن ترك البارى - سبحانه - الانتقام بهذه العبارة، وجرى الا"مر فى ذلك على حسب ما بيناه قبل.
قال القاصْى: والصبور من أسماء الله عز وجل، وهو الذى لا يعاجل العصاة بالانتقام /
وهو بمعنى الحليم فى أسمائه أيضأ تعالى، الا أن الفرق بينهما أن الصبور يخشى عاقبة أخذه، والحليم هو العفو الصفوح مع القدرة على الانتقام.
وهذا الفرق بين الصبر والحلم، وقد بين فى[ هذا] (2) الحديث معنى قوله: دا أصبر على أذى لما ببقية الحديث.
(1) فى ز: الكم، والمثبت من خط - (2) ساقطة من ح.(8/336)
كتاب صفات المنافقن / باب طلب الكافر الفداء...
إلخ
337
(10) باب طلب الكافر الفداَء بملَء الأرض ذهبا
51 - (2805) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَد - ننَا أَبِى، حَددَّشَا شُعْبَةُ، عَنْ
أَبِى عِمْرَانَ الجَوْنِىِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مًالِك، عًنِ النَّبِىِّ كلاب قَالَ: " يَقُولُ الله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - لا"هْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا: لَوْ كًانَتْ لَكَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَلِيًا بِهَا ؟ فَيَقُولُ.
نَعَمْ.
فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ منْكَ أَهْوَنَ منْ هَذَا وَأَنْتَ فِى صُلبِ اَدَمَ: ألا تُشْرِكَ - أَحْسِبُهُ قَألَ - وَلاَ أُدْخِلَكَ النَّارَ، فَأً بَيْتَ إِلا الشًّرْكَ).
(... ) حدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَد"ننَا مُحَمَّد - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَر - حَد - ننَا شُعْبَةُ،
عَنْ أَبِى عمْرَانَ، قَألَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِك يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) + بِمِثْلِهِ.
إِلاَّ قَوْلَهُ: " وَلاَ أُدْخَلَكَ النَّارَ " فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ.
52 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ داِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَألَ الآخَرُونَ.
حَد"ننَا - مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَد*ننَا أَبِى، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِك، أَنَّ النَّبىَّ!د!ب قَألَ: " يُقَالُ لِلكَافِرِ يَوْمَ القيَامَةِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلءُ الا"رْضِ فَ!باً، اكَالًْتَفْتَدِى بِهِ ؟ فَيَقُولُ.
نَعَمْ.
فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ سُئِلتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ ".
وقوله: " يقولما الله تعالى لاءهون أهل النار عذابا: لو كانت لك الدنيا " إلى قوله:
(قد أردت منك أهون من ذلك وأنت فى صلب آدم: ألا تشرك، فأبيت إلا الشرك ": هذا تنبيه على ما جاء فى قوله: { وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُم وَأَشئهَل!مْ عَلَئ أَنفُسِهِم ألسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدنا} (1)، فهذا المثياق الذ ى أخذ عليهم فى صلب ادم، فمن وَفَّى به بعد وجوثه فى الدنيا فهو مؤمن، ومن لم يف به فهو الكافر.
ومراد الحديث - والله أعلم ونبيه -: قد أردت منك هذا وأنت فى صلب اَدم: أَلا تشرك بى حين أخذت عليك ذلك الميثاق، فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إلا الشريك.
قال الإمام: مذهب أهل الحق أن الله - سبحانه - أراد إيمان المؤمن وكفر الكافر، ولم
يرد من الكافر الإيمان فامتنع عليه، ولو أراثه عندنا لم يكن كافراً.
والمعتزلة تخالف فى هذا
(1) 1 لأعراف: 172.(8/337)
338 كتاب صفات المنافقن / باب طلب الكافر الفداء...
إلخ 53 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ.
ح وَحَدثنِى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّاب - يَعْنِى ابْنَ عَطَاء - كلاَهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أَنَسبى، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) بمِثْله.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالً ة (فَيُقَالُ لَهُ: كَنَبْتَ، قَدْ سُئلتَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ ذَلِكَ لما.
ًَ
الموضع، وترى: اْن الله - سبحانه - أراد من الجميع الإيمان، فاستحب الكافر العمى على الهدى واْبى الا الشرك، اغتراراً منها برد الغائب إلى الشاهد من غير جامع ولا رابط.
وقد ثبت فى المشاهد أن من يريد السفه والشر منا سفيه شرير.
قالوا: فلما كان الكفر سفها وشراً لم يصح أن يريده البارى - سبحانه.
وأخطؤوا فى هذا الاستدلال فى مواضع:
منها: أن الكفر سفه وشر فى حقنا وفى حق من لم يكلف لا فى حق البارى - سبحانه.
ومنها: [ أن] (1) مريد السفه والشر إنما كان سفيهأ لنهى الله - سبحانه - له ألا يريد السفه والشر، والبارى - سبحانه - لا أحد فوقه[ ينهاه] (2) ويأمره، فلم يصح أن يقاس علينا فى هذا.
ومنها: ال المريد منا يفعل ما إذا لم يحصل له ما أراد فإن ذلك يؤذن بعجزه وضعفه،
فهلاّ قالوا: إن البارى - سبحانه - إذا أراد من الكافر الإيمان فلم يؤمن آذن[ ذلك] (3) بضعفه وعجزه، كما قالوا ة إن مريد السفه لسفههِ منا سفيه فلو أراده البارى لكان سفها، تعالى الله عن ذلك، وهذا يوضح[ لك] (4) فساد ما بنوا عليه.
وهذا الحديث إن تعلق به بعضهم فى تصحيح المذهب الذى حكيناه عنهم، وقال: قد أخبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هاهنا فى الصحيح أن الله تعالى يقول للكافر: (أردت منك اْلاّ تشرك، وأبيت إلا الشرك) قلنا: هذا / [ خبر الواحد، والمسألة مسألة أصل، ومع هذا] (5)، فإنه قد يصح أن يراد به ما أخذ من العهد على الخليقة، وهم في صلب ادم ؛ ولهذا قال: "أردت منك ما هو أهون من هذا وأنت فى صلب ادم).
(1) من خط.
(2) فى هام!خ!.
(3، 4) ساقطة من ح.
(5) سقط من ز.(8/338)
كتاب صفات المنافقن / باب يحشر الكافر على وجهه
339
(11) باب يحشر الكافر على وجهه (1)
54 - (2806) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالا: حدثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد، حدثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِك ؛ أَنَ رَجُلأ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ يحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ؟ قَالَ: " أَلًيْسَ ائَذِى أَمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِى اللنيَا، قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ".
قَالَ قَتَادَةُ: بَلَى.
وَعِزَّةِ ربَنا ا
(1) لم يُعَلَّق عليه في جميع النسخ.
340(8/339)
كتاب صفات المنافقين / باب صبغ أنعم أهل الدنيا...
إلخ
(12) باب صبغ أنعم أهل الدنيا فى النار وصبغ أشدهم بؤسا فى الجنة
55 - (2807) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقدُ، حَدّثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت البُنَانِىِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَاَلِكٍ، قَألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يُؤْتَى بِاع نْعَ! أَهْلِ الدُّنْيَا، مِنًْ أَهْلِ الئارِ، يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً.
ثُمَّ يُقَالُ: يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ خَيْرَا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ: لا، وَالله، يَارَبِّ.
وَيُؤْتَى بِأَشَدَ النَّاسِ بُؤْسًا فِى الدُّنْيَا، مِنْ أَهْلِ الجًنَّة.
فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الجَنَّة.
فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ اَدَمَ، هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بكَ شدًّ ةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ: لا، وَاللَه يَارَبِّ، مَا مَرَّ بِى بُؤْسٌ قَطُّ، وَلاَ رَأَيْتُ شِلةٍّ قَطُّ).
َ
قال القاصْى: وقوله: " يؤتى بأنعم اهل الدنيا، فيصبغ فى النار صبغة): أى يغمس
ويغرق.(8/340)
كتاب صفات المنافقين / باب جزاَ المؤمن بحسناته فى الدنيا...
إلخع
341
(13) باب جزاء المؤمن بحسناته فى الدنيا والآخرة
وتعجيل حسنات الكافر فى الدنيا
56 - (2808) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظ لَزُهَيْر - قَالا: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيىَ، عَنْ قَتَادَةَ، عًنْ أَنَسِ بْنِ مَألِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنَّ الله لاَ يَظلِمُ مُؤْمنًا حَسَنَةً، يُعْطَى بهَا فِى الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِى الآخِرَة.
وَأَمَّا الكَأفِرُ فَيُطعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عًمِلَ بِهَا لله فِى الدُّنْيَا، حَتَّى إِذَا ائضَى إلَى الاَخِرَةِ، لًمْ يَكُنْ لهُ حَسَنَة يُجْزى بِهَا ".
57 - (... ) حدّثنا عَاصِمُ بْنُ النَّضْر التَّيْمِيُّ، حَد"ننَا مُعْتَمر.
قَالَ: سَمِعْتُ ائي، حَد!لأَشَا قَثَادَةُ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك ؛ أنَّهُ حَدًّثَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إنَّ الكَافِرَ إذَا عَمِلَ حَسَنَةًاُظعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ اَللُّنْيَا، وَأمَّا المُؤمِنُ فَإنَّ الله يَلَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الآخِرَةِ وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا، عَلَى طَاعَتِهِ).
وقوله: " وأما الكافر فيعطى بحسنات ما عمل في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة
لم يكن له حسنة يجزى بها لا كذا روايتنا فيه من طريق ابن ماهان، وعند كافتهم: (وأما الكافر فيطعن بحسنات ما عمل " وكلتا الروايت!!ن متقاربة.
قال الإمام: قد تقدم الكلام على ما يقع من الكافر في حال كفره من حسنات وسيئات.
ومذهب المحققين أنه غير عارف بالله - سبحانه - وأن بعض الناس فهب الى أنه يخفف عنه من العذاب لاَجل ما قدم من حسنات.
وقوله: " فإذا أفضى إلى الاخرة لم تكن له حسنة يجزى بها ": يشير الى أنه لا منفعة
له فى الاَخرة أصلا بما عمل من ذلك، ومحمل قوله: لا بحسنات ما عمل لله بها " عند من قال: إنه لا يعرف الله أصلا، على معنى أنه يعتقد أنه يعمل لله، دن كان اعتقاثه ليس بعلم ولا معرفة لله - سبحانه.
فال القاصْى: والاءصل أن الكافر لا يجزى فى الاخرة على خير عمله فى الدنيا، ولا يكتب له حسنة ؛ لابن شرط الثواب والجزاء عُدِمَ (1) وهو الإيمان، لكن أخبر فى هذا الحديث
(1) فى خ: عدمه.
342(8/341)
كتاب صفات المنافقين / باب جزاَ المؤمن بحسناته فى الدنيا...
إلخ
(... ) حديثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله الرُّزِّفيُ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّاب بْنُ عَطَاء، عَنْ سَعيد،
عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِيَِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِهِمَا.
َ !ًَ
أنه من عدل الله أنه قد جازاه بها في الدنيا بما أعطاه ورزقه وأطعمه بخلاف المؤمن الذى يدخر له حسناته فى الاَخرة.(8/342)
كتاب صفات المنافقين / باب مثل المؤمن كالزرع...
إلخ
(14) باب مثل المؤمن كالزرع، ومثل الكافر كشجر الأرز
343
58 - (2809) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا غبْدُ الأعْلَى، عنْ مَعْ!رِ، عَن الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلُ المُؤْمِنِ كَفَثَل الزَّرعْ، لا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ، وَلا يَزَالُ المُؤْمِنُ يُصِيبُهُ البَلاَءث* وَمَثَلُ المُنَافِق! كَدسً! /، لثحجَرَةِ الارْزِ، لا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحَصِدَ).
(... ) حد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، عَن عَبْدِ الرَرا اْل!، خَدثنَا مَعْ!و، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ عَبْدِ الرًّ زَّاقِ - فكَانَ قَوْلِىِ: تُمِيلُهُ -: " تُفِيئُهُ).
59 - (2810) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْقُ ننمَيْرِ وفخمَدُ بْنُ
بِشْرٍ، قَالا: حَدّثنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِى زَائدَةَ، عَنْ سَعْدِ بقِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَثمفح! ابْقُ كَعْبِ بْنِ
قوله: " مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع لماذا قال أيلامام: يعنر.
إدغمة الوطبة.
وقوله: " حتى تهيج ": أى تجف، يقال: هاج الزوع هيجَا ة إ أ أ يخس.
قوله: " مثل المنافق مثل الأرزة المجذية ": قال إْبو عميدت لالأرزة ؛ بفتح الاَلف وتسكن الراء: شجر معروف بالشام، وتسمى بالعواق: الصنربر، د انما الصنوبر ثمر الأرز، فسمى الشجر صنوبرًا من أجل ثمره، والمجذية: الثابتة فط الأرض، يقال: جذت تجذى أ وأجذت تجذى] (1).
والانجعاف الانقلاع، يقال: جعفت الرجل: إذا صرت.
قال أبو عبيد: شبه المؤمن بالخامة التى تميلها الرياح ث لابنه مُرزَأ فى نفسه وأهله وما إ،، واما الكافر فمثل الأرزة التى لا تميلها الرياح، والكافر لا يرزأ شيئأَ حتى يموت، دإن رزى لم يؤجر عليه، فشبه موته بالانجعاف تلك، حتى يلقى الله بذنوب جمة.
قال القاضى: قال بعضهم: الخامة: الزرع أول ما ينبت، ومعنى: (تفيئها الريح) بضم التاء: أى تميلها وتثنيها، كما قال فى الحديث الاَخر: دا تميله).
وقوله: / " تصرعها مرة وتعدلها مرة): أى بمعنى ما تقدم، أى تثنيها حتى تكاد
(1) فا هامش خ.(8/343)
344
كتاب صفات المنافقن / باب مثل المؤمن كالزرع...
إلخ
مَالكٍ، عَنْ أَبِيهِ كَعْبٍ، قَالَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الخَامَة مِنَ الزًّ رْعِ، تُفيئُهَا الرِّيحُ، تَصْرعُهَا مَرَّةً وَتَعْدِلُهَا أُخْرَى، حَتَّى تَهِيجَ.
وَمَثَلُ الكَافِرِ كًمَثَلِ الاع رْزَةِ المُجنِيَةِ عَلَى أَصْلِهَا، لاَ يُفِيئُهَا شَىْءو، حَتَّى يَكُونَ انْجِعَافُهَا مَرَّةً وَاحِدَةً لا.
60 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد"ننَا بِشْرُ بْنُ السئَرِىِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، قَألاَ: حَدتنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْد بنِ إِبْرَاهيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِك، عَنْ أَبِيهِ قَألَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثًلُ المُؤْمِنِ كَمَثَلِ الخَامَةِ مِنَ الزَّرعْ، تُفيئُهَاًا لرَياحُ، تَصْرَعُهَا مَرَّةً وَتَعْدلُهَا، حَتَّى يَأتيَهُ أَجَلُهُ.
وَمَثَلُ المُنَافِقِ مَثَلُ الاع رْزَةِ الَمُجْنِيَةِ، الَّتِى لا يُصِيبُهَا شَىْءو، حًتَّى يَكُونَ انْجَعَاَفُهَا مَرَّةً وَاحِلَةً).
61 - (... ) وَحَدثنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ، قَالا: حَدّثنَا بشْرُ بْنُ السَّرِىِّ، حَدّثنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْد بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الله بْن كَعْب بْنِ مَالِكَ، عَنْ أَبيم! عَنِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
غَيْرَ أَنَّ مَحْمُودًا قَألَ فِى رِوَايَتِه عَنْ بِشْرٍ: (وَمَثَلُ الكَافِرِ كًمَثَل الَأرزَةِ".
وَأَمًّا ابْنُ حَاتِمٍ فَقَالَ: " مَثَلُ المُنَافِقِ) كَمَا قَاَلَ زُهَيْر.
62 - (... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَألاَ: حَدثنَا يحيى -
وَهُوَ القَطَّان - عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَعْد بْنِ إِبْرَاهِيمَ - قَألَ ابْنُ هَاشِمٍ: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ كَعْب بْنِ مَالكٍ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ ابْنُ بًشَّارٍ: عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِك، عَنْ أَبيه - عَنِ النَّبىً ( صلى الله عليه وسلم ).
بَنَحْوِ حَدِيثهِمْ.
وَقَألا جَمِيعًا فِى حَدِيثِهِمَا عَنْ يحيى: (وَمَثَلُ اهًاَفِرِ مَثَلُ ا لاَرْ زَةِ).
تلصقها بالأرض او يلصقها كمن صرع بالاءرض، ثم تعدلها، أى تقيمها فتعتدل قائمة على
سوقه.
وقوله فى الحديث الآخر: (حتى تستحصد إلى الزرع دا مثل (ينجعف) فى الرواية الا"خرى، كذا ضبطناه بفتح التاء وكسر الصاد عن أكثرهم، وضبطه بعض شيوخنا على ما لم يسم فاعله، والاءول أوجه.(8/344)
كتاب صفات المنافقين / باب مثل المؤمن مثل النخلة
(15) باب مثل المومن مثل النخلة
345
63 - (2811) حدّثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدىُّ - وَاللَّفْظَ لِيَحْمىَ - قَالُوا: حَد"ننَا إِسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جًعْفَر - أَخْبَرَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللّه بْنَ عُمَرَ يَقُولُ.
قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): " إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَة لاَ يَسقُطُ وَرَقُهَا، وَإِنَّهَاَ مَثَلُ المُسْلِم، فَحَدِّثونِى مَا هِى ؟).
فَوَقَعَ النَّاسُ فِى شَجَرِ البَوَادِ ى.
قَالَ عَبْدُ اللّه.
وَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلةُ، فَاسْتَحْيَيْتُ.
ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَاهىَ يَارَسُولَ الله ؟ قَالً: فَقَالَ: " هِىَ النَّخْلَةُ لما.
قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعُمَرَ.
قَالَ: لاع نْ نَكونَ قُلتَ: هِىَ النَّخْلَةُ، أَحبُّ إِلَى مِنْ كَذَا وكذا.
وقوله: (إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، دإنها مثل المسلم فحدثونى ما هي ؟):
فيه القاءُ العالم المسألة على أصحابه ليختبر قدر اتهامهم وفيه ضرب الاَمثال والأشباه.
وفيه فضل الشجر (1) والثمر الذى لا يسقط ورقه.
ويشبهها بالمسلم لكثرة خيرها، ودوام ظلها، وطيب ثمرها ووجوده على الدوام.
وأما
في رؤوسها فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنوِاعأَ، ثم بعد هو مما يدخر فلا ينقطع نفعها، قال الله تعالى: { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفرْغهَا فِي السَّمَاءِ.
تُؤْتِي أُكُلَهَا كلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (2).
ثم فى جميعها منافع من استعمال جذوعها فى البناء والاَلات، وجرائدها حطبا وعصيأ ومخاصر ومشاجب وحصراً.
واستعمال[ ليفها حبالا وخطما وحشو الوسائد والمرافق والبراخ وغير ذلك، واستعمال] (3) خوصها مكاتل وحبالأَ وحصراً.
ثم فى جمال بنائها (4) واعتدال قيامها واستدارة جذوعها وثمرها، ثم تؤكل رطبة وجمارة (ْ)، فهى منفعة كلها وخير وجمال، وهذا أولى الوجوه.
(1) فى خط: النخل.
(3) فى هامش خط.
(5) فى ز: حارة.
(2) إبرا هيم 250 - (4) فى الرسالة: نباتها،
101 / ب
346(8/345)
كتاب صفات المنافقين / باب مثل المؤمن مئل النخلة 64 - (... ) حدّثني مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْد الغُبَرِىُّ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، حدثنا أيُّوبُ،
عَنْ أَبِى الخَلِيلِ الضُّبَعِىِّ، عَنْ مُجَاهد، ً عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا لاع صْحَابه: " أَخْبِرُونِى عَنْ شَجَرَةٍ" مًثَلُهَا مَثَلُ المُؤْمِنِ دا.
فَجَعَلَ القَوْمُ يَذْكُرُونَ شَجَرًا مِنْ شَجًرِ البَوَادِى.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأُلقِى فِى نَفْسِى - أَوْ رُوعِىَ - أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَجَعَلتُ اريدُ أَنْ أَقُولَهَا، فَإِذَا أَسْنَانُ القَوْم، فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا سَكَتُوا، قَالَ وَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
" هِىَ النَخْلَةُ".
كما ال المؤمن منفعة كله، وخير كله ؛ لأتصافه بأفعال الخير ؛ من المواظبة على الصلوات كل يوم وليلة.
وقيل: بل شبهها بالمؤمن لاَنها متى قطع رأسها ماتت، بخلاف سائر الشجر.
قيل: بل لابنها لا تحمل حتى تلقح ولذلك سماها فى الحديث عمة، فقالوا: (ا لز موا (1) عمتكم " (2).
وقيل: لاَن أحوالها من حين تطلع الى تمام ثمرها عشرة، كما ال أحوال المؤمن من التوبة إلى المعرفة عشرة: التوبة، ئم الصلاح، ثم الاجتهاد، ثم الخوف، ثم الرجاء، ثم الإرادة، ثم الاستقامة، ثم المحبة، ثم الرضى، ثم المعرفة.
وثمر النخل عشرة: طلع، ثم إغريض، ثم بلح، ثم سياب، ثم جرال، ثم بسر، ثم زهو، ثم ثعد، ثم رطب، ثم تمر.
وقد ظن بعض من لم يتفهم له المراد أنما خص النخلة هنا بكونها لأ تسقط ورقها، وقال: إنما خصها بذلك من بين شجر البوادى الذى ذكروا ؛ لاَن ورقها لا يسقط دإن قطعت جذوعها، بخلاف غيرها مما لا يسقط ورقه من الثمار ؛ ولاَنه متى قطع ويبس تناثر ورقه.
والنبى - عليه السلام - لم يخصها من الصفات بترك سقوط الورق التى يشاركها فيه غيرها فقط، بل لصفات أخر فيها، ذلك من الفضائل المذكورة، وفضل عدم سقوط الورق دوام / الظل.
وقد جاء فى الاَحاديث الاَخر صفات أخرى لها، من قوله ت (تؤتى أكلها) وغير ذلك.
وقوله: ا لا يتحات ورقها): أى لا يتناثر ويتساقط.
وأصل الحت: القشر.
وقوله: " فوقع الناس فى شجر البوادى دا: أى ذهبت فِكرهم واختياراتهم إلى ذلك،
(1) فى!: كرموأ.
(2) جاَ الحديث بلفظ: لا كرموا عقكم النخلة " وهو مطول.
أورثه ابن عدى فى الكامل فى ضعفاء ا لرجال 6 / 431، 432.(8/346)
كتاب صفات المنافقين / باب مثل المؤمن مثل النخلة 347 (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ
ابْنِ أَبِى نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِد، قَالَ: صَحبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدينَة، فَمَا سَمِعْتُهُ يحَذَثُ عَنْ رَسُولِ الله على إِلا حَدً يثًا وَاحِدًا.
قًالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، فائى بجُمَّار.
فَذَكَرَ بنَحْو حَدِيثهمَا.
(... ) وحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدشَننَا أَبِى، حَدثنَا سَيْف.
قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: أُتِىَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِجُمَّارٍ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
(... ) حدّتنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أَبُو أسَامَةَ، حَد، شًا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِع، عَن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: " أَخْبِرُونِى بِشَجَرَة شِبْهِ، اوْ كَألرَّجُلِ المُسْلِم!، لاَ يَتَحَاتُ وَرَقُهَا ".
واعتمدت عليه، كما يقال: وقع الطائر على (1) غصن الشجرة: إذا نزل عليها.
وقوله: " فأتى بجمار ": هو رخص طلع النخل وما يؤكل من قلبه.
وقوله فى حديث ابن أبى شيبة: " لا يتحات ورقها ": قال إبراهيم: لعل مسلما قال
" وتؤتى)، وكذا وجدت عند غيرى أيضا: " ولا تؤتى اكله ال حين ".
قال القاصْى: يريد إبراهيم وهو ابن سفيان، رواه مسلم أنه وجد في كتابه وعند غيره
أيضا عن مسلم: " لا يتحات ورقها، ولا تؤتى " ! فقال هو: لعل مسلمأَ قال ة " وتؤتى ".
قال القاصْى: تأويل إبراهيم غير صحيح، وما فى أصل مسلم هو الصحيح.
داثبات "ولا، صحيع.
وقد رواه البخارى كذلك، بل بائن لذوى ال اللباب، وأشكل للبُلْه الاغفال.
فقال: " لا تتحات ورقها، ولا تؤتى أكلها ".
فخؤتى ابتداء كلام ليس منفيا بلا الذى قبله، و(نما نفى فى الحديث أشياء أخر من العيوب عنها، فاختصره الراوى بقوله: " ولا) ولا شاَ ذكرها ونسيها الراوى، والله أعلم.
أو اختصر من أنه لا يقطع ثمرها ولا ينعدم ظلها وشبه هذا، ثم وصفها بأنها تؤت اكلها كل حين.
وقول ابن عمر: (فألقى فى نفسى أو روعى أنها النخلة ": الروع: بمعنى النفس والخلد والقلب وشبهه.
وقيل: الروع، بالضم: محل الرَّوع بالفتح، وهو الفزع.
وقوله: " وأرى أسنان القوم فأهابه ": يريد المشيخة ذوى ال السنان، أى الاَعمار.
(1) فى ز: عثر.
348(8/347)
كتاب صفات المنافقين / باب مثل المؤمن مثل النخلة قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لَعَلَّ مُسْلِمًا قَالَ: وَتُؤْتِى أُكُلَهَا.
وَكَذَا وَجَدْت عِنْدَ غَيْرِى أَيْضًا: وَلاَ تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِ!!ن.
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِى نَفْسِى أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَراْيْتُ أبَا بَكْر وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا.
فَقَالَ عُمَرُ: لاعنْ تَكُونَ قُلتَهَا أَحبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
كذا لابن ماهان، وعند الجلودى: (فإذا أسنان القوم) والاءول أليق بالكلام.
فيه توقير الأكابر والا يتقدم الصغير بين أيديهم بالكلام، كما قال - عليه السلام -: (كبر كبر) و(الكبر الكبر) (1).
وقول عمر: " لاءن يكون قالها أحب الىَّ من كذا وكذا): فيه ما طبع الإنسان عليه
محبة الخير لنفسه ولولده، لاسيما هناك وفى العلم، وليظهر للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) مكانه من الفهم فيزداد منه فربة وحظوة، ولعله يدعو له عند ذلك دعوة ينتفع بها.
وقد احتج بهذا الحديث مالك على أن الخواطر وما يقع فى القلب من محبة الثناء على أعمال الخير لا يقدح فيها إذا كان أصلها لله تعالى، أو لا ينفك المرء عنه.
قال الإمام: خرج مسلم فى باب: دز مثل المؤمن مثل النخلة دا: حدثنا ابن نمير[ قال] (2) حدثنا أبى قال: حدثنى سيف، قال: سمعت مجاهداً يقول، الحديث.
وفى نسخة ابن الحذاء: حدثنا سفيان، قال: سمعت مجاهدًا.
فجعل بدل (سيف ": (سفيان لا.
قال بعضهم: والصواب سيف، وهو سيف بن أبى سليمان (3)، يروى عن مجاهد، ويقال فيه / أيضا: سيف بن سليمان، وسيف ائو سليمان، كل محفوظ.
قال البخارى: وكيع يقول: سيف ابو سليمان، وابن المبارك يقول: سيف بن أبى سليمان، ويحيى القطان يقول: سيف بن سليمان.
(1) سبق فى كالقسامة، بالقسامة رقم (1، 2).
(2) من خط.
(3) التاريخ الكبير 4 / 171.(8/348)
كتاب صفات المنافقن / باب تحريش الشيطان...
إلخ
(16) باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس
349
وأن مع كل إنسان قرينا
65 - (2812) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَد"ننَا - جَرِيرٌ عَنِ الاعمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِر، قَالَ: سَمعْتُ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ المُصَلُونَ فِى جَزِيَرةِ العَرَبِ، وَلَكِنْ فِى التَحْرِيشِ بَيْنهُمْ).
(... ) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، لنَا وَكِيعٌ.
ح وَحَد، لنَا أَبُو كُرَيْب، حَدثنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ، كِلاَهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
66 - (2813) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَد، لنَا - جَرِيرٌ عَنِ الأعْمشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَيق جَابِر، قَالَ: سَمعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِنَّ عَرْشَ إِبْلِيسَ عَلَى البَحْرِ، فَيَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَيَفْتِنُونَ النَّاسَ، فَاعظَمُهُمْ عِنْدَهُ أعْظَمُهُمْ فِتْنَةً لا.
67 - (... ) حدّثنا أَبُو كُريْب مُحَمَّدُ ئنُ العَلاءِ يإِسْحَقُ بْنُ إِئراهِيمَ - وَاللَّفظ لأبِى
قال القاضى: وقوله: (إن عرسْ إبليس على البحر): العرسْ: سرير الملك وشبهه.
وقوله: (فيقول له - يعنى إبليس -: نعم أنت): يريد الذى قاله من الشياطن اْنه
فرق بين رجل وامرأته.
معنى " نعم أنت ": [ الذى] (1) جئت بالطامة والأمر العظيم.
قالوا: وهذا من المحذوف المؤخر الذى يدل عليه مفصد الكلام، وقد يكون معناه: نعم أنث الذى أغنيت وفعلت رغبتى، أو أنت الحظى عندى، المقدم من رسلى، كما قال: (فيدنيه ويلتزمه)، أو أنت الشهم والجذل، ونحو هذا.
وفيه تعظيم أمر الفراق والطلاق وكثير ضرره وفتنته، وعظيم الإثم فى السعى فيه ؛ لما فيه من قطع ما أمر الله به أن يوصل، وشتات ما جعل الله فيه رحمة ومودة، وهدم بيت بُنى فى الإسلام، وتعريض بالمتخاصمن أن[ وقعا فى الحرص! والاَثام] (2).
(1) فى هامث!ح.
(2) فى ح: يقع فى الحرج والإثم.
350(8/349)
كتاب صفات المنافقين / باب تحريش الشيطان...
إلخ كُرَيْب - قَالا: أش!نَا أبُو مُعَاوِيَةَ، حَد*شًا الأعْمَثسُ عَنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَافنَاهُمْ منْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فتْنَةً.
يَجِىءُ أَحَل!صمْ فَيَقُولُ: فَعَلتُ كَذَا وَكَذَا.
فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًاَ.
قَالَ: ثُمَّ يَجِىءُ احَل!صمْ فيَقُولُ: مَا ترَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَاتِهِ.
قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ انْتَ.
قَالَ الاعمَثسُ: ارَا قَالَ: (فَيَلتَزِمُهُ ".
68 - (... ) حدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبيب، حَد*شَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حدثنا مَعْقِلٌ عَنْ
أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىًّ على يَقُولُ: (يَبْعَثُ الشَّيْطَانُ سَرَايَاهُ فَيفْتِنُونَ النَّاسَ، فَاعظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً).
69 - (4 281) حل!ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ يإِسْحَقُ بْنُ إِبَراهيمَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدتَّشَا - جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُور، عَنْ سَالِم بْنِ أَبِىَ الجَعْد، عَنْ أَبيه، عَنْ عَبْدِ الله بْن مَسْعُود، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلاَ وَقَدْ وكًُّبه قَرِينُهُ مِنَ الجِنًّ).
قَالُوا: واِئاكَ يَارَسُولَ الله ؟ قَالَ: (يايَّاىَ، إِلاَّ أَنًَ الله اعَانَنِى عَلَيهِ فَأَسْلَمُ، فَلاَ يَأمُرُنِى إِلاَّ بِخَيْرٍ ".
(...
! حديثنا ابْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد!تنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنِيَان ابْنَ مَهْدِىٍّ -
عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَد - ننَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يَحْمىَ بْنُ ادمَ، عَنْ عَمًّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، كَلاِهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ.
بِإِسْنَادِ جَرِيرٍ، مِثْلَ حَديئهِ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَل!يثِ سُفْيَانَ: "وَقَدْ وكِّلَ
وقوله: " فيلتؤمه ": أى يضمه إلى نفسه.
التزمت فلانا مثل عانقته.
والتحريش: الإغراء والتضريب بين الناس وغيرهم.
قوله: " ما من أحد إلا وكل به قرينه أن الجن " ظ لوا: دإياك ؟ ظ ل: " دإي ال ا " إلا
أن الله أعاننى عليه فأسلم، فلا يأمرنى الا بخير ": رويناه بالضبطين من الرفع والفتح، فمنا رفع تأولها: فأسلم أنا منه، وهى التى صحح الخطابى ورجَّح، ومن فتح جعله صفة للقرين من الإسلام، وهى عندى أظهر بدليل قوله: " فلا يأمرنى إلا بخير ".
ورواه بعضهم فى غير الأم: " فاستسلم لما.
وهذه الرواية تؤيد ما ذكرناه.
واعلم أن الأمة(8/350)
كتاب صفات المنافقين / باب تحريش الشيطان...
إلخ
351
بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ المَلاَئِكَة ".
70 - (2815) حدّثنى هَرُونُ بْنُ سَعِيد الاعيْلىُّ، حَد - ننَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى أَبُو صَخْوٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، حَد"نهَ، أَنَّ عُرْوَةَ حَدءَّله ؛ أَنً عَائشَةَ، زَوْجَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) حَد"نتْهُ ؛ انَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً.
قَالَتْ: فَنِرْتُ عَيلًمْه فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ.
فَقَالَ: " مَا لَك يَاَ عَائشَةُ ؟ أَغِرْت ؟ " فَقُلتُ: وَمَا لِي! لا (يغارْ هأ!ى عَلَى مِثْلِكَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " أً قَدْ جَاءَكِ شًيْطَانُكِ ؟)، قالَتاْ: يَا رَسُوًا للهِ، أَوَمَعىَ شَيْطَان! ؟ قَالَ: "نَعَمْ " قلتُ ة وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ ؟ قَالَ: 1" نًعَمْ / اا قلعت: وً ضعَكَ " يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ " نَعَمْ، وَلَكِنْ ربِّى أَعَانَنِى عَلَيْهِ حَتَى أَسْلَمُ).
مجتمعة (1) عدى عامة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الشيطان، لا في جسمه بأنول! ال الذى، ولا عدى خاطره بضروب الوساوس!، ولا على لسانه بما لم يقل.
وقد بسطنا هذا الباب على أتم وجوه البيان فى كتاب الشفا (2).
(1) فى خط.
مجمعة.
(2) الشفا 346 / 1.
352(8/351)
كتاب صفات المنافقين / باب لن يدخل أحد الجنة بعمله...
إلخ
(17) لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة اللّه تعالى
102 / ب
71 - (2816) حلّثناقُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد 8شَالَيْمث عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ بُسْرِبْنِ سَعيد،
عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ َ أَ! قَالَ: ا لَنْ يُنْجِىَ أحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ) قَاًلَ رَجُل ولاَ إِيْاكَ يَارَسُولَ الله ؟ قَالَ: (وَلاَ إِيَّاىَ، إِلآَ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَة، وَلَكِنْ سدِّدُوا ".
(... ) وَحَدثنِيهِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الا"عْلَى الصَّدَفِىّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْن الأشَجِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: " بِرَحْمَة مِنْهُ وَفَضْلٍ لما.
وَلَمْ يَذْكُرْ: " وَلَكِنْ سَلًّدُوا).
72 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا حَمَّاد! - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - عَنْ أَيّوبَ،
عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَأ مِنْ أَحَد يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الجَنَّةَ لما.
فَقِيلَ: وَلاً أَنْتَ يَا رَسُولَ الله ؟ قَالَ: (وَلاَ أَنَا، إلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدنِى ربِّى بِرَحْمَةٍ لما.
73 - (... ) حدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا ابْنُ أَبِى عَدىٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ مَحَمَّد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَيْسَ أَحَد مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ لما.
"قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَارَسُولَ الله ؟ قَالَ: (وَلاَ انَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّلَطِى الله مِنْهُ بِمَغْفِرَة وَرَحْمَ!).
قوله: ا لن ينجى أحداً منكم عمله)، وفى الرواية الاَخركما: ا لن يدخله عمله الجنة
، ولا يجيره من النار) إلى قوله: (ولا إياكما، إلا أن يتغمدنى الله برحمة منه، ولكن سددوا وقاربوا)، قال الإمام: مذهبنا أنّ إثابة الله - تعالى - لمنْ أطاعه ولم يعصه بفضل، ولا يثبت[ منه] (1) شىء إلا بالسمع، وكذلك انتقامه ممن عصاه ولم يطعه عدل، ولا يثبت منه شىء إلا بالسمع، والباركما - سبحانه - عندنا لن يعذّب النبين وينعم (2) الكافرين، ولكنه أخبرنا[ أنه يفعل خلاف ذلك] (3).
والمعتزلة تثبت بعقولها أعراض الأعمال، ولها فى ذلك خبط طويل وتفصيل كثير.
وظاهر هذا الحديث / يشير إلى مذهب أهل الحق ائه لا
(1) ساقطة من ح.
(3) قى ح: أنه خلاف ذلك يفعل.
(2) فى ز: يعذب، والمثبت من ح، وهو الصواب.(8/352)
كتاب صفات المنافقيئ / باب لن يدخل أحد الجنة بعمله...
إلخ
353
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ بِيَلِهِ هَكَذَا، وَأَشَارَ عَلَى رَأسِهِ: " وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى الله مِنْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَرَحْمَةٍ ).
74 - (... ) حلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِيرو، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لَيْسً أَحَدٌ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ ".
قَالُوا: وَلاَ أَدتَ يَا رَسُولَ الله ؟ قَالَ: " وَلا أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَدَارَكَنِىَ اللّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ لما.
75 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حَد، شَا أَبُو عَبَّاديحيى بْنُ عتادٍ، حَد، شًا إِبْرَاهيمُ بْنُ سَعْد، حَد"ننَا ابْنُ شِهَاب، عَنْ أَبِى عُبَيْد - مَوْلَى عًبْد الرخْمَنِ بْنِ عَوْف - عَنْ أً بِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَن يُدْخلَ أَحَدًاَ مِنْكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةًَ ".
قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ الله ؟ قَالَ: (وَلاَ أَنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمًّدَنِى الله مِنْهُ بِفَضْل وَرَحْمَةٍ ).
76 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّهِ بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أَبِى، حَد"ننَا الا"عْمَشُ، عَنْ
أبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " قَارِبُوا وَسَتَدُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِه).
قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَلاَ أَنْتَ ؟ قَالَ: (وَلاَ أَنَا، إِلأَ أنْ يَتَغَمَّدَنِىَ الله بِرَحْمَة منْهُ وً فَضْلٍ ).
(2817) وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أَبِى، حدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، مِثْلَهُ.
(... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَد، شَا جَرِيرو، عَنِ الأعْمَشِ.
بِالإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا.
يستحق أحد بطاعته الثواب.
وأفا قوله: (إلا اْن يتغمدنى ربى برحمته): أى يلبسنيها ويسترنى بها، وذلك مأخوذ من غمد السيف ؛ لأنك إذا أغمدته فقد ألبسته الغمد وغشيته به.
يقال: غمدت السيف وأغمدته بمعنى واحد.
قال القاضى: لا تعارض بين هذا وبين قوله: { ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (1) وشبهه من الآيات ث لاَن الحديث يفسر ما اجمل هاهنا، وأن معنى ذلك: مع رحمة الله وبرحمة الله ؛ إذ من رحمة الله توفيقه للعمل وهدايته للطاعات (2)، وأنه لم يسثحقها بعمله ؛ إذ الكل بفضل من الله تعالى.
(1) 1 لنحل: 32.
(2) فى ح: للطاعة(8/353)
354
كتاب صفات المنافقن / باب لن يدخل أحد الجنة بعمله...
إلخ
كَرِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
(2816) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الاعمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ وَزَادَ: " وَأَبْشِرُوا لما.
77 - (2817) حدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيب، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدتَّشَا مَعْقِل،
عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عنْ جَابرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (لاَ يُدْخِلُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَلاَ يُجِيرُهُ مِنَ النًّارِ، وَلاَ أَنَا، إِلا بِرَحْمَةٍ مِنَ الله ".
78 - (2818) وحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّد، أخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا بَهْز، حَد، شَاً وهُيْ!ب، حَدثَننَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ - زَوْجِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - أَنَهَا كَانَتْ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا، فَإِنَّهُ لَنْ يُدْخِلَ الجَنْةَ أَحَدًا عَمَلُهُ).
قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَارَسُولَ الله ؟ قَالَ: (وَلاَ أنَا، إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ الله مِنْهُ بِرَحْمَة، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلَى الله أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ".
(... ) وحدّثناه حَسَن الحُلوَانِىُّ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيم بْنِ سَعْد، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُطلِبِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ (وَأبْشِرُوا ".
ومعنى قوله: (سددوا وقاربوا): أى اقصدوا السداد واطلبوه، واعملوا به[ فى الأمور] (1).
والسداد: القصد فوق التفريط ودون الغلو وهو من نحو معنى: " قاربوا)، أى اقربوا من السداد والصواب ولا تغلوا، فدين الله - سبحانه - حقيقته.
وقوله: (واعلموا (2) أنّ أحبّ العمل إلى الله أدومه): إشارةً إلى نحو ما تقدم ؛
لابنه مع القصد يمكن الدوام على الطاعة فيتصل الأجر ويكثر الثواب، ومع الغلو يمكن العجز والإعياَ والملل فيقطع الجزاء، كما قال فى الحديث الاَخر: دا فإن الله لا يمل حتى تملوا) (3)، وقد مضى الكلام فى هذا المعنى هناك فى الصلاة.
(1) من خط.
(2) فى ز: واعملوا، والمثبت من ح، وهو الصواب.
(3) سبق فى كصلاة المسافرين برقم (215).(8/354)
كتاب صفات المنافقيئ / باب إكثار الاَعمال...
إلخ
355
(18) باب إكثار الأعمال، والاجتهاد فى العبادة
79 - (2819) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد، شَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ علاَقَةَ، عَنِ المُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) صَلَّى حَتَّى انْتَفَخَتْ قَل!مَاهُ.
فَقِيلَ لَهُ: أَتَكَلًّفُ هَذَا ؟ وَقَدْ غَفًرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
فَقَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا).
80 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر، قَالا: حَد"ننَا سُفْيَان، عَنَ زِيَادِ
ابْنِ عِلاَقَةَ، سَمِعَ المُغِيرَةَ بنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: قَامَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى وَرِمَتْ قَلَمَاهُ.
قَالُوا: قَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.
قَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ".
81 - (2820) حدّثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف وَهَرُونُ بْنُ سَعِيد الاع يْلِىُّ، قَالا: حَدَّثَنَا
ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيط، عَنْ عُرْوَةَ بْنً الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: كَأنً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا صَلّى، قَامَ حَتَّىً تَفَطَّرَ رِجْلاهُ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ الله أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ، أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ".
وقوله: " كالا يصلى حتى انتفخت قدماه "، وفى الرواية الاَخرى: (انفطرت "،
قال الإمام: أى تشققت، ومنه أُخذ فطر الصائم، دإفطاره شقه صومه بالفطر، والله فاطر السموات وال الرض لاَنهما كانتا رتقا ففتقهما.
قال القاصْى: وقوله: " أفلا اكون عبداً شكوراً ": الشكر: معرفة إحسان المحسن والتحدث به، وسمى المجازاة على فعل الجميل شكراً، لاَنها بمعنى الثناء عليه وسطوته (1) على ذلك، 1 والشكر] (2) بالفعل أظهر منه بالمقال، وشكر العباد لله: اعترافهم بنعمه وثناؤهم عليه، وتمام ذلك مواظبتهم على طاعته، قال الله تعالى: { لَئِن شكَرْتم لأَزِيدَنَّكمْ} (3).
وشكر الله - تعالى - أفعال عباثه: مجازاتهم على طاعتهم، وتضعيف ثوابهم عليها، وثناؤه بما أنعم به عليهم من ذلك، قهو المعطى والمثنى.
ومعنى تسميته شكراً من هذا قيل: معطى الجريل على العمل، وقيل.
المثنى على عباده المطيعين، وقيل: الذى يزكو عنده العمل القليل يتضاعف ثوابه، وقيل ت الراضى بيسير الطاعة من عباده، وقيل: مجازيهم من قبل شكرهم، فيكون الاسم على معنى الازدواج والتجنيس.
(1) فى ح: وتطريه.
(2) فى هامث! ح.
(3) إبراهيم: 7.
356(8/355)
كتاب صفات المنافقين / باب الاقتصاد فى الموعظة
(19) باب الاقتصاد فى الموعظة (1)
82 - (1 282) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيع وَأَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقيق، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ بَاب عَبْد الله نَنْتَظِرُهُ، فَمَرَّ بنَا يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ النَّخَعِىُّ.
فَقُلنَأً: أعْلمْهُ بمَكَانِنَا.
فَدَخَلَ عًلَيْه فَلًمْ يَلَبَثْ أنْ خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللّهِ.
فَقَالَ: إِنى اخْبَرُ بِمَكَانِكُمَْ، فَمًا يَمْنَعُنِى، أخْرُجَ إِلَيكُمْ إلآ كَراهيَة أنْ !مفكُمْ.
إِنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَتَخَولنَابالمَوْعظَه فِى الا"تام، مَخَافَةَ الستًآمَةِ عَلَيْنًا.
ً
(... ) حدّثنا أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، حَا شَا ابْنُ إِدْرِيسَ.
ح وَحَدثنَا مِنْجَابُ بْنُ الحَارِث التمِيمِىُّ، حَدثنَا ابْنُ مُسْهِرٍ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالا.
أخْبَرَنَا عيسَى بْنُ يُونُسَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإسنَادِ، ثَحْوَهُ.
وَزَادَ مِنْجَاب! فِي رِوَايَته عَنْ ابْنِ مُسْهِرٍ: قَالَ الأعْمَشُ: وَحَا شِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهَُ -
83 - (... ) وحدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، اخبَرَنَا جَرِيردعَنْ مَنْصُورٍ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ
أبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا فُضَيْلُ بْنَُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ شَقِيق، أبِي وَائِل، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُذَكِّرُنَا كُلَّ بَوْم خَمِيسٍ.
فَقَالَ لَهُ رَجُل: يَا أبَا عَبْد الرَّحْمَنِ، إنَّا نُحِبُّ حَلِيثَكَ وَنَشْتَهِيه، ولوَددْنَا أنَّكَ حَدَّثْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ.
فَقَالَ: مَا يَمْنَعُنِي ال احَدّثَكُمْ إلا كَرَاهَيَةُ أنْ أمِلَّكُمْ.
إنًّ رَسُوًا للهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَتَخَولنَا بِالمَوْعِظَةِ فِي الأيَّام، كَرَاهِيَةَ السئَآمَةِ عَلَيْنَا.
(1) ستأتى الإشارة إليه فى الكتاب التالى.(8/356)
كتاب الجنة
357
بسم الله الرحمن الرحيم
51 - كتاب الجنة، وصفة نعيمها وأهلها
ا - (2822) حئثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَة بْنِ قَعْنَب، حدثنا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت وَحُمَيْدٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ): (حُفَت الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ، وَحُفتِ الئارُ بِالثمئَهَوَاتِ).
(2823) وحلّثني زُهَيْرُ بنُ حَرْب، حدثنا شَبَابَةُ، حَدثنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أبِي الزَنادِ،
عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ التبِيئً على.
بِمِثْلِهِ.
2 - (2824) حئثنا سَعيدُ بْنُ عَمْرٍو الأشْعَثيُّ !زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - قَالَ زُهَيْز: حَدثنَا وَقالَ سَعيد: أخْبَرَنَا - سُفْيَانُ - عَنْ أبِي الزَنادِ، عَنِ الأعْرَج، عًنْ أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: (قَالَ الله عَر وَجَلَّ أَْ!دْتُ لِعِبَادِيَ الضَالِحِينَ مَا لا عَيْن رَأتْ، وَلا أفُن!سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ ).
مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الله: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (1).
3 - (... ) حئثني هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِيُّ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدثَنِي مَالِلث عَنْ
أبِي الزَناد، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِي هُرَيْرً ةَ ؛ أنَ الثبِيَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: أَْ وَرْتُ لَعبَادِيَ الضَالحينَ مَا لا عَيْن رَأتْ، وَلا أفُن!سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ علَى قَلبِ بَشَر، ذُخْرًا، بَالَهً مَا أطلَعَكُمُ الَله عَلَيْهِ).
/ وقوله: " حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات) من بديع الكلام وجوامعه الذي أوتيه - عليه السلام - من التمثيل الحسن، فإن حفاف الشيء جوانبه، فكأنه أخبر - عليه السلام - أنه لا يوصل الى الجنة إلا بتخطى المكاره وكذلك الشهوات، وما تميل اليه النفوس، وأنّ اتباع الشهوات يلقى فى النار ويدخلها وأنه لا ينجو منها الا من تجنب الشهوات.
فيه تنبيه على اجتنابها.(8/357)
358
كتاب الجنة
4 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبي شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدّثنَا أبُو مُعاوِيَةَ.
ح وَحَدّثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ - وَاللفْظُ لَهُ - حَئَثًنَا أبِي، حَدّثنَا الأعْمَشُ، عَنْ أبِي صَالِحٍ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يُقُولُ الله عَزَّ وَجَلَّ: أعْلَدْتُ لعبَاديَ الصَّالحينَ مَا لا عَيْن رَأتْ وَلا أُذُنو سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا، َ بًلًمَا أطلَعَكُمُ الله عَلَيْه ".
ثُمَّ قَرَأ: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } (1).
5 - (2825) حدثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف وَهَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيْلِيئُ، قَالا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، حَدّثنِي أبُو صَخْرٍ ؛ أنَّ أبَأ حَأزِبم حَدءّلهُ قَالَ: سَمعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْد السثَاعديَّ يَقُولُ: شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَجْلِسًا وَصَفَ فِيهِ الجًنَّةَ، حَتَّى انْتَهَى.
ثُمَّ قَاً ( صلى الله عليه وسلم ) فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: (فِيها مَا لا عَيْن رَأتْ وَلا أُذُن!سَمِعَتْ وَلا خَطَرَ عَلَى قَلبِ بَشَرٍ )، ثُمَّ
وقوله: " إنّي أخبركم بمكانكم، فلا (2) يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن أملكم إنّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كان يتخولنا بالموعظة فى الأيام مخافة الساَمة علينا).
قال الإمام: (يتخولنا): يتعاهدنا.
قال القاضى: وقيل: يصلحنا.
وقال ابن الأعرابى: معناه: يتخذنا خولا.
وقيل: يفاجئنا بها.
وقال ائو عبيد: يذللنا (3) يقال: خوله الله، أى سخره لك.
وقيل: تحبسهم كما تحبس خولك.
قال أبو عبيد: ولم يعرفها الأصمعى، قال: وأظنها: (يتخونهم) بالنون، أى يتعهدهم.
وقال أبو نصر: يتخون مثل يتعهد، وقال أبو عمر: والصواب: "يتحولهم) بالحاء المهملة، أى يطلب حالاتهم وأوقات نشاطهم.
والساَمة: الملالة.
قوله فى حديث ابن ائى شبية: (أعددت لعبادى الصالحن ما لا عيئ رأت، ولا ادن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ذخرا ذخرا، بله ما أطلعكم الله عليه): كذا رويناه ادلى خرًا" أى معدًا لهم، وكذا " ذخرًا) فى حديث هارون ال اليلى ومن طريق العذرى والسجزى وابن ماهان وأكثر الرواة، وجاء فيه من طريق الفارسى: " ذكراً " بالكاف، والاَول أبين كما فى غيره، ورواه بعضهم: (ذخر) بغير تنوين، وفسره بمعنى سواء.
ومعنى " بله " بفمْح الباء وسكون اللام، قيل: دع عنك ما أطلعكم عليه، اْى الذى لم يطلع عليه أعظم، فكأنه اضرب عنه استحقارًا له فى جانب ما لم يطلع، وقيل: معناه: كيف.
وذكر مسلم فى الباب: حدثنا ابن وهب، أنبأنا أبو صخرث أنّ أبا حازم حدثه، وهو
(1) السجدة: 17.
(2) فى ز، والحديث المطبوع.
فما.
(3) فى ح: يدللنا.(8/358)
كتاب الجنة
359
اقْتَرأ هَلهِ الاَيَةَ: { تَتَجَافَى جُنوبُهُم عَنِ الْمَفاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ.
فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَفم مِّن قُرَّةِ أَعْينٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَغمَلُونَ} (1).
مما تتبعه عليه أبو الحسن الدارقطنى، وقال: لم يتابع عليه مسلم، وغيره امت (2) منه.
(1) السجدة 160، 17.
(2) هكذا رسمت كما فى الأصل، وفى ح.
أثبت.
360(8/359)
كتاب الجنة / باب ان فى الجنة شجرة...
إلخ
(1) باب إن فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة عام، لا يقطعها 6 - (2826) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا لَيْمث، عَنْ سَعيدبْنِ أبِى سَعيد المَقْبُرِىِّ، عَنْ أَبيه، عَنْ ابى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَتهُ قَالً: َ (إِنَّ فِى الجًنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكَبُ فِى ظِلًّهَا مِائَةَ سَنَة.
7 - (... ) حدّثثا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَاننَا المُغِيرَةُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ الحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى الزنادِ، عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أَبِى هَرَيْرَةَ، عَنِ التبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بمثْلهَ.
وَزَادَ: "لاَيَقْطَعُهَا).
ًً
8 - (2827) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَثِىُّ، أخْبَرَنَا المَخْزُومِىُّ، حَا شَا وهُيْمث عَنْ أَبِى حَازِبم، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ فِى الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَابم لاَ ئقْطَعُهَا).
(2828) قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَحَلَّثْتُ به النُّعْمَانَ بْنَ ابِى عَيَّاش الزُّرَقِىَّ، فَقَالَ: حَدذَشِى
أَبُو سَعيد الخُدْرِىُّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاَلً: إِنَّ فِى الجَنَّة شَجَرَة يَسيرُ الرَّاكبُ الجَوَادَ المُضَمًرَ اً لممتَرِيعَ، مِائَةَ عَام، مَا يَقْطَعُهَا).
وقوله: " إنّ فى الجنة شجرة يسير الراكب فى ظلها مائة سنة): قيل: ظلها ذراها (1) وناحيتها وكنفها، ومنه قولهم: هو فى ظل فلان، وقد يكون ظلها نعيمها وراحتها من قولهم ت عيش ظليل.
وقوله فى الرواية الاَخرى: " الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام ما يقطعها) مبالغة
فى امتداد ظلها، وأن راكب الجواد من الخيل وهو الذى بمعنى السريع يجود جريه ؛ ولذا سمى جوادا، ثم إذا كان مضمرًا كان أسرع.
وقد فسرنا التضمير فى كتاب الجهاد وفى حديث المسابقة، يقال: مضمر مشدد الميم، وبسكون الضاد وفتح الميم، وقد رواه بعضهم بكسر الميم الثانية صفة (2) للراكب المضمر لفرسه.
(1) فى الأصل: دراها، والمثبت من ح.
وفى اللسان الذرى كل ما استترت به، يقال: أنا فى ظل فلان وفى ذراه، أى فى كنفه وشره ودفئه.
واستذريت بفلان: لى التجأت إليه وصرت في كنفه 3 / 1500 مادة (ذر ال.
(2) فى ز: صفاة.(8/360)
كتاب الجنة / باب إحلال الرضوان على أهل الجنة...
إلخ
(2) داب إحلال الرضوان على أهل الجنة
361
فلا يسخط عليهم أبدا (1)
9 - (2829) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، حَد، شَا عَبْدُ الله بْنُ المُبَارَكِ اخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ انَس.
ح وَحَد 8شِى هَرُونُ بْنُ سَعِيد الا"يْلىُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد، شَا عَبْدُ الله ابْنُ وَهْب، حَدّثنى مَالكُ بْنُ أَنَس، عَنْ زَيْد بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَار، عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ ؛ انَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إِنَ الله يَقُولُ لأهْلِ الخنةِ: يَا أً هْلَ الجَنَّةً، فَيقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَئنَا وَسَعْلَيْكَ، وَالخَيْرُ فِى يَلَيْكَ.
فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى يَا رَبِّ ؟ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدا مِنْ خَلقكَ.
فَيَقُولُ: أَلا اُعطيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُونَ: يَارَبِّ، وَاى شَىْء أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلًيْكمْ رِضْوَانِى، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ ابَدًا لما.
(1) لم يُعلَّق عليه فى جميع النسخ.
362(8/361)
كتاب الجنة / باب ترائى أهل الجنة أهل الغرف...
إلخ
(3) باب ترائى أهل الجنة أهل الغرف، كما يرى الكوكب فى السماَء
10 - (2830) حدئنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد، شَا يَعْقُوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَن القَارِىَّ - عَنْ أَبى حَازم، عَنْ سَهْلِ بْن سًعْدً ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: " إِنَّ أً هْلَ الجَنَّةَ لَيَتَرَاََ وْنَ الغُرْفَةَ فِى الجًنَّةِ كَمَا تَرَاََ وْنَ الَكَوْكَبً فِى السَّمَاَ).
َ
(2831) قَالَ فَحَدَّثْتُ بذَلكَ النُّعْمَانَ بْنَ أَبى عَيًّاشٍ فَقَالَ: سَمعْتُ أَبَا سَعيد الخُدْرِىَ يَقُولُ: كَمَا تَرَاََ وْنَ الكًوكَبَ الدُّرِىَ فِى الأفُقِ الشَّرْقِىِّ أَوْ الغَرْبِىَِّ ".
ًَ (... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا المَخْزُومِىّ، حَا لنَا وُهَيْ! ث، عَنْ أبِى حَازِمٍ، بِالإِسْنَ اليْنِ جَمِيعًا، نَحْوَ حَدِيثِ يَعْقُوبَ.
11 - (2831) حدثنى عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرِبْنيحيى بْنِ خَالد، حدثنا مَعْن، حدثنا مَاللث.
ح وَحدثَّنِى هَرُونُ بْنُ سَعيد اَلاعيْلىّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أَخبَرَنِى مَالكُ بْن أَنَس، عَنْ صَفوَانَ بْن سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاَ بْن يَسَار، عَن أَبِى سَعيًد الخُدْرىِّ ؛ َ أَنَّ رَسُولَ الًله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ أَهْلَ الجَنَّة لَيَتَرَاََ ونَ أَهلَ الغُرَف منْ فَوْقهِم، كَمَا تَتًرَاََ وْنَ الكَوكَب الَدّرِّىَّ الغَابرَ منَ الأُفُق مًالمَشْرِقِ أَو المَغْرِبَ ؛ َ لتَفَاضُل مَا بَيْنَهُمْ) قَالُوا: يَا رسُولَ الله، تِلكَ مًنَازِلُ الأنْبياََ، َ لا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ.
قَالَ: َ (بَلًى، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِه، رِجَال!آمَنُوا بِالَلهِ وَصَدَ!وا المُرْسًلِينً ".
103 / ب
وقوله: (كما تراءون الكوكب الدرى): درارى النجوم: عظامها، سميت الكواكب درارى لبياضها.
وقيل: بإضاءتها.
وقيل: لتشبهها بالدرر ؛ لاَنها أرفع الكواكب كالدر فى الجواهر.
وقوله فى الرواية الاَخرى: (الكوكب الدرى الغابر من الاَفق ": كذا فى أكثر نسخ مسلم (من الأفق).
و (من) لابتداء الغاية.
قال بعضهم: والاءشبه هنا ما ذكره البخارى فى لا الأفق) (1).
قال القاضى: قد ذكر أصحاب المعانى أن " من) تأتى لانتهاء الغاية، كقولهم: رأيت الهلال من / خلال السحاب، وهذا مثله.
ولكن قولهم: إنه انتهاء غاية غير مسلم، بل هو على بابه، أى كان ابتداء رؤيته إياه، وبابه إدراكه إنما كان من خللِ السحاب ومن ال الفق الغربى.
ومعناه: الغابر الزاهد الماضى، ومعناه: الذى تدلى للغروب وبعُد عن العين.
وقد روى فى غير مسلم الغارب (2) بتقديم الراء بمعنى ما ذكرناه، وروى - أيضا -: (العازب " بالعين المهملة والزاى، ومعناه: البعيد فى الاَفق، وكلها راجعة إلى معنى.
(1) البخارى، كبدَ الخلق، بما جاَ فى صفة الجنة 145 / 4.
(2) البخارى، كالرقائق، بصفة الجنة والنار (6556).(8/362)
كتاب الجنة / باب فيمن يود رؤية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأهله وماله
363
(4) باب فيمن يود رؤية النبى ( صلى الله عليه وسلم )، بأهله وماله (1)
2 1 - (2832) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدمثَنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَئدِ الرَّحْمَن -
عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مِنْ أَشَدِّ أُمَّثِى لِى حبا، نَاس يَكُونُونَ بَعْدِى، يَوَدُّ أَحَلُصمْ لَوْ راَنِى، بِأَهْلِهِ وَمَاَلِهِ ".
(1) لم يُعَفَق عليه فى جميع النسخ.
364(8/363)
كتاب الجنة / باب فى سوق الجنة...
إلخ
(5) باب فى سوق الجنة، وما ينالون فيها من النعيم والجمال
13 - (2833) حدثنا أَبُو عثمَانَ، سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ البَصْرِىُّ، حَد، لنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت البُنَانِىِّ، عَنْ انَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ فِى الجَنَّةِ لَسُوقًا، يَأتُونَهَا كُلَّ جُمْعَةً، فَثهُبُّ رِيحُ الشًّمَاًلِ فَتَحْثُو فِى وُجُوههِمْ وَثِيَابِهِمْ، فَيَزْداَلحُونَ حُسْنًا وَجَمَالأ، فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَالحُوا حُسْنًا وَجَمَالأَ.
فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ: وَاللهِ، لَقَدِ ازْ!دْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَا لأ.
فَيَقُولُونَ: وَائتُمْ، وَاللهِ، لَقَدِ ازْ! دْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَا لأ ".
وقوله: (إنّ فى الجنة لسوقا) الحديث، يريد: مجتمعا لاَهل الجنة، كما تجتمع إلى السوق فى الدنيا، وهذا يوم المزار (1) وهو يوم الجمعة، ويوم المزيد، كما قال فى الحديث.
وسُمى (2) السوق سوقا ؛ لسوق من يأتيها من الناس ببضائعهم إليها.
والسوق يذكر ويؤنث.
وقوله: " فتهب ريح الشمال): بفتح الشين والميم، قال صاحب العين: الشمال والشمأل ساكنة الميم[ مهموز] (3) والشأمل بتقديم الهمزة، والشمل بفتح الميم بغير ألف، والشمول بفتح الشين وضم الميم: الريح، وهى التى تأتى من دبر القبلة.
وخص ريح الجنة بالشمال - والله أعلم - بأنها ريح المطر عند العرب، كانت (4) تهب من الشام، وبها يأتى سحاب المطر، وكانت ترجى السحاب الشامية ة ولذلك أيضا سمى (ْ) هذه الريح فى الحديث الاَخر: (المثيرة)، أى المجداة (6) كما قال: (فتحثو فى وجوههم " يعنى ما يثيره من مسك أرض الجنة وغير ذلك من نعيمها وهو مقابلة الجنوب.
(1) فى الأبى: التزاور.
(3) زائدة فى!.
(5) فى!: سميت.
(2) فى!: سميت.
(4) فى ح: فكانت.
(6) فى خ ة المحركة.(8/364)
كتاب الجنة / باب أول زمرة تدخل الجنة...
إلخ
(6) باب أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر
365
وصفاتهم وأزوا جهم
4 1 - (2834) حدثنى عَمْرٌو النَّاقدُ وَبَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الدَوْرَقىُّ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيةَ - وَاللَّفْظُ لِيَعْقُوبَ - قَالا: حَدثنَاَ إِسْمَاعيلُ بْنُ عُلَيً، أَخْبَرَنَا ايُّوبُ، عَنْ مُحَمَد قَالَ: إِمَّأ تَفَاخرُوا ياِمَّأ تَذَاكَرُوا: الرِّجَالُ فِى الجَثة ثْثَرُ امِ النِّسَاءُ ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَوَلَئمْ يَقُلْ أَبُو القَاسِم ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَة تَدْخُلُ الجًنَّة عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدِرِ، وَالَتِى تَلِيها عَلِى أَضْوَأِ كَوْكَب دُرِّىٍّ فِى السًّمَاءِ، لِكُلِّ اَمْرِىٍّ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمً، وَمَا فِى الجَنَّةِ أَعْزَبُ ؟).
(... ) حدثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: اخْتَصَمَ الرِّجَالُ وَالئسَاءُ: أَيُّهُمْ فِى الجَئة كثَرُ ؟ فَسَالُوا أَبَا هُرَيْرَةَ فَقَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِم ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
15 - (... ) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا عَبْدُ الوَاحد - يَعْنِى ابْنَ زِيَاد - عَنْ عُمَارةَ بْنِ القَعْقَاعِ، حَد*شَا أَبُو زُرْعَةَ قَالً: سَمعْتُ ابَا هُرَيْرَةَ يَقُوَلُ.
قَالَ رَسُولُ اللة ( صلى الله عليه وسلم ): (أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ لما.
حِ وَ حدثنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيد وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَفْظُ لقُتَيْبَةَ - قَالات حَدئمنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارةَ، عَنْ ابِى زُرْعَةَ، عَن أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قًالَ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَة يَدْخُلوُنَ الجَئةَ عَلَى صُورَة القَمَرِ لَيْلَةَ البَدرِ، وَائَذينَ يَلُونَهُمْ عَلِىَ أشَدَ كَوْكَب دُرِّىٍّ فًى السَّمَاء إِضَاءَةً، لا يَبُولُوَنَ وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَمْتَخطُونَ وَلا يَتْفُلُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشحُهُمُ المسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ ا لألُوَّةُ، وَازْوَاجُهُمُ الحُورُ العينُ.
أَخْلاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عًلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ ادمَ، سِتُونَ ذِرَاعًأ، فِى السَّمَاءِإَ.
وقوله: إما تفاخروا وإما تذاكروا: الرجال أكثر فى الجنة أم النساء، وقول أبى هريرة: أولم يقل - عليه السلام -: (أول زمرة تدخل الجنة، إلى قوله: (بكل واحد منهم زوجتان) إلى قوله: " وما فى الجنة عزب) أى من لا زوجة له، قال الإمام العزب: البعيد عن النساء، والعازب: البعيد[ عن] (1) المرعى.
(1) من خط.
366(8/365)
كتاب الجنة / باب أول زمرة تدخل الجنة...
إلخ 16 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدّثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ ابِى صَالِحٍ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَوَّلَ زُمْرَة تدْخُلُ الجَثة مِنْ أُمَتِى عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدرِ، ثُمَ الَّذينَ يَلُونَهُم عًلى أَشَدَ نَجْمِ فِىًا لسَّمَاَِ إِضَاََ ةً، ثُمَّ هُمْ بَعْدَ ذَلكَ مَنَازِلُ.
َ لا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَبُولُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ ولا يَبْزقُونَ، أَمْشَاطُهُمُ النَّ! بُ، وَمًجَامِرُهُمُ الا"لُوَة، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، أخْلاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، عَلَى طُولِ أبِيهِمْ اَدَمَ، سِتُّونَ فِرَاعًا).
قَالَ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ: عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ.
وَقَالَ أَبُو كُرَيْب: عَلَى خَلقِ رَجُل.
وَقَالَ ابْنُ
أَبِى شَيْبَةَ: عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ.
قال القاصْى: كان عند العذرى: (أعزب) وليس بشىء، وظاهر احتجاجه على أنّ النساء اكثر فى الجنة ؛ لأنّه إذا كانت هذه الزمرة والنساء مثلاهم ومن عداهم أقلة أن يكون النساء مثلهم، دل على كثرتهم، وأنهم أكثر من الرجال فى الجنة، وجاء فى أهل النار ال أكثرهم النساء (1)، فخرج من جملة هذا أن أكثر بنى اَدم النساء، إذ هم أكثر أهل الجنة واهل النار وهذا كله فى الاَدميات، وإلا فقد جاء أن للواحد من أهل الجنة من الحوريات العدد الكثير.
(1) سبق فط كالإيمان برقم (132) عن ابن عمر، رضى الله عنهما.(8/366)
كتاب الجنة / باب فى صفات الجنة وأهلها...
الخ 367
(7) باب فى صفات الجنة وأهلها، وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا
17 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدضَننَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَد!ثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَد"ننَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
َ فَذَكَرَ أَحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولًُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَوَلُ زُمْرَة تَلِجُ الجَنَّةَ، صُوَرُهُمْ عًلَى صُورَة القَمَرَ لَيْلَةًا لبَدْرِ، لا يَبْصُقُونَ فِيَهَا وَلا يَمْتَخِطُونَ وَلًا يَتَغوَطُونَ فيهَا، انيَتُهُمْ وَأَمْشَاطُهُم مِنَ الئ! بِ وَالفِضة، وَمَجَامِرُهُمُ الا"لُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وً لِكُلِّ وَاحِد منْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخ سَاقِهمًا مِنْ وَرَاء اللَّحْم مِنْ الحُسْنِ، لا اخْتِلافَ بَيْنَهُمْ وَلًا تًبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلحب وَاحِدٌ، يُسَبِحُونً اللهَ بُكْرَةً وَعَشيا ".
18 - (2835) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لعُثْمَانَ -
قَالَ عُثْمَان: حَدَّثَنَا.
وَقَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيًانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمعْتُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ جملُونَ فيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَتْفُلُونَ، ولا يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَطُونَ وَلا يَمْتَخطُونَ لما.
قَالُوا: فَمَا بَالُ الطًّعَامِ ؟ قَالَ: " جُشَاء! وَرَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْكِ، يُلهَمُونَ التَّسْبِيًوَالتَّحْمِيدَ، كَمَا يُلهَمُونَ النَّفَسَ ".
وقوله: " أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون،: هذا مذهب أهل السنة وكامته الم!سلمين:
أدى نعيم اهل الجنة وملاف!ا بالمحسوسات وغيرها من الملاذ العقليات كأجنامى نعيم اهل الدنيا، إلا ما بينهما من الفرق الذى لايكاد يتنالسب، وأنّ ذلك على الدوام لا اَخر له، خلافأَ للفلاسافة وغلا (1) الباطنية من أنّ نعيم الجنة (2) إنما هو لذات عقلية، وانفصال من هذا / العالم إلى الملأ الأعلى، وهو عندهم المعبر به عن الجنة، وهو مذهب كافة النصارى.
وخلافا لبعض المعتزلة فى أدأّ نعيم أهل الجنة غير دائم، وإنما هو إلى أمد، ثم يُسْألُون (3).
وقال مثله جهم، إلا أنهم يفنود! عندهم.
وهذا كله خلاف ملة الإسلام وسخف العقول وال الحلام.
والاثار الصحيحة وكتاب الله يدل على خلاف هذا كله.
وقد ذكر مسلم فى ذلك، وفى دوام حالهم، وأنه لا يتغير ولا يغنى ما فيه كفاية.
(1) فى خ.
غلاة.
(3) فى خ: يسكنون.
(2) فى خ: أهل الاَخرة.
1 / 104
لملأ 3(8/367)
كتاب الجنة / باب فى صفات الجنة وأهلها...
إلخ (... ) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدتَّشَا أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الاعمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ إِلَى قَوْلِه: (كَرَشْح المِسْكِ)ً.
19 - (... ) وحدثنى الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِر، كِلاهُمَا عَنْ
ابِى عَاصِمٍ.
قَالَ حَسَنٌ: حَدثنَا ابُو عَاصِم عَنْ ابْنِ جُرَيجٍ، اخْبَرَنى أَبُو الزبيْرِ ؛ أَئهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَاكُلُ أهْل الجًنَّة فِيهَا وَيَشْرَبُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ وَلا يَمتَخطُونَ، وَلا يَبُولُونَ، وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشًأءٌ كَرَشْح المسْك، يُلهَمُوْنَ التَّسْبِيحَ والحًمْد، كَمَا يُلهَمُونَ الئفَسَ).
قَالَ: وَفِى حَلِيْثِ حَجَّاجٍ: (طَعَامُهُمْ فَلِكَ).
ومعنى: " تشبُّوا ولا تهرموا) (1): أى يدوم شبابكم.
وقوله: (ولا تبأسوا) (2): أى لا يصيبكم بأس، وفى (3) الشدة فى الحال وتغيره وهو البأس والبأساء والبؤس[ والبؤساء] (4).
وقوله: (ولا يمتخطون ولا يتفلون) بكسر الفاء، أى لا يبصقون، كما جاء فى الحديث الاَخر مفسرا.
والتفل والتفال: البصاق.
والتفل: رميك الشىء من فيك، يقال من هذا: تفل يتفل، فاْما تفل بالكسر يَتَفَلُ بالفتح فمن نق الرائحة، ولو روى هنا بالفتح لصح معناه.
وقوله: (ورشحهم المسك): أى عرقهم.
ورواه السمرقندى فى حديث ابن أبى شيبة وأبى كريب: (ريحهم المسك) وهو وهم، والمعروف الأول.
وقوله: (ومجامرهم الألوة): هو العود الهندى، وقد تقدم الكلام فى هذا الحرف.
وقوله: دا على خلق رجل واحد) (5): بيَّن مسلم اختلاف الرواة فيه، وأن ابن أبى شيبة قاله بضم الخاء واللام، وأبو كريب بفتح الخاء وسكون اللام.
وقد اختلف فى ضبطه الرواة عن البخارى أيضا، وكلاهما صحيحان، وقد ترجح رواية الضم بقوله فى الحديث الاَخر: " لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب[ رجل] (6) واحد) وقد يترجح
(1، 2) حديث رقم (22) بالباب التالى - (لم) فى خ: وهى.
(4) من خ.
(5) حديث رقم (16) بالباب السابق.
(6) زيادة فما الأصل غير موجودة فى مق الحديث فما مسلم، بل هى عند البخارى بلفظ: (قلوبهم على قلب رجل واحد)، كبدء الخلق، بصفة الجنة 145 / 4.(8/368)
كتاب الجنة / باب في صفات الجنة وأهلها...
إلخ 369 20 - (... ) وحدثنى سَعِيدُ بْنُيحيى ال المَوِىُّ، حَد*شى أَبِى، حدثنا ابْنُ جُرَيْجِ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ، عَنْ جَابِرِ، عَنْ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أَنًّهُ قَالَ: " وَيُلهَمُونَ التَسْبِيحَ وَالتَكْبِيرَ، كَمَا يُلهَمُونَ التفَسَ).
رواية الفتح لقوله: " على طول أبيهم آدم ستون فواعا " (1)، وحكى مسلم عن ابن أبى شيبة أنه قال هنا: " على صورة اَدم) وكلاهما صحيح، وقد جاء فى الحديث الاَخر: "على صورة ادم وطوله ستون فواعأَ " (2).
وضبطنا هذا الحرف على أبى بحر: (وطوله) بالرفع، ولا يصح سواه ؛ لاءن بعده: " فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الاَن).
(1) حديث رقم (16) بالباب السابق.
(2) حديث رقم (15) بالباب السابق.
370(8/369)
كتاب الجنة / باب فى دوام نعيم أهل الجنة...
الخ
(8) باب فى دوام نعيم أهل الجنة، وقوله تعالى: { وَنُودُوا أَن تلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (1)
1 2 - (2836) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب.
حَدئنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ.
حَدّثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِت، عَنْ أَبِى رَافِعٍ، عًنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ ة لاتَبْلَى ثِيَ ال وَلا يَفْنَى شَبَ الهُ)).
22 - (2837) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَفْظُ لإِسْحَقَ - قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ.
قَالَ: قَالَ الثَّوْرِىُّ: فَحَدَّثَنِى أَبُو إِسْحَقً ؛ أَنَّ الافَرَّ حَدثُنهُ عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ وَأَبى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: " يُنَادى مُنَاد: إَنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا أَبَدا.
وَأَنًّ لَكُمْ أَنْ تَحْيُوا فَلا تَموتُوا أَبَدًا.
وَإنَّ لًكُمْ أَن تَشِبُّوا فَلا تَهْرَمُوا أَبَدا.
وَإنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلا تَبْأَسُوا أَبَدًا) فَذَلكَ قَوْلُهُ عَزًّ وَجَلَّ: { وَنُودُوا أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
(1) الاَعراف: 43.
وقد سب!تت الإشارة إليه فى الباب السابق.(8/370)
كتاب الجنة / باب فى صفة خيام الجنة...
إلخ
371
(9) باب فى صفة خيام الجنة، وما للمؤمنين فيها من الأهلين
23 - (2838) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِى قُدَامَةَ - وَهُوَ الحَارثُ بْنُ عُبَيْد -
عَنْ أَبِى عمْرَانَ الجَوْنِىِّ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْد اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ الَنَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاذَ: " إِنَّ لِلمُؤمِنِ فِى الجَنَّة لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِلَة مُجَوَّفَة، طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً، َ لِلمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ، يَطُوتُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُ، فَلا يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْصئا ".
24 - (... ) وحدّثنى أَبو غَسَّانَ المِسْمَعِىُّ، حدثنا أَبُو عَبْدِ الصَّمَد، حدثنا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِىُّ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ قَيْسبى، عَنْ أَبِيهِ ؟ أَنَّ رَسُولَ الَله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (فِى الجَتةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَة مُجَوَّ!ع عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلا، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْل، مَا يرَوْنَ الاَخَرِينَ، يَطُوتُ عَلَيْهًمُ المُؤْمِنُ لما.
25 - (... ) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَفَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا هَمَّامُ، عَنْ أَبِى عِمْرَانَ الجَوْنِىِّ، عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى مُوسَى بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبيه، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الخَيْمَةُ دُرَّ!، طُولُهَا فِى الستَمَاءِ سِتُّونَ مِيلا، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْل لِلمُؤْمِنِ، لا يَرَاهُمُ الاَخَرُونَ).
وقوله: (إنّ للمؤمن فى الجنة خيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة): كذا لهم بالفاء،
وعند السمرقندى: [ مجوبة] (1) بالباء فى حديث سعيد بن منصور، والمعنى مئقارب.
ومعنىِ رواية الباء: مثقوبة مفرغ داخلها، وهو مثل مجوفة، قال الله تعالى: { وَثَموفىَ الَّذِين جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَاد} (2) أ أى] (3) نقبوه ومزجوه، وجعلوا فيه بيوتا ومنازل، كما وال: { وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بيوتًا} (4)، والخيمة: بيت مستدير من بيوت ال العراب معروف.
وقوله: (فى كل زاوية منها أهل للمؤمن، لا يراهم الآخرون): أى ناحية، يعنى لسعته (5) وبعد أقطاره.
واذا كان طوله فى السماء ستين ميلاً، أى فى الارتفاع[ كما ذكر فى الحديث، (6)، فما ظنك بطوله فى ال الرض وعرضه! وذكر مسلم فى الباب: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا يزيد بن هرون، أنبأنا همام عن أبى عمران الجهنى.
وسقط من رواية ابن الحذاء " يزيد بن هرون) د ثباته الصواب.
(1) من خ.
(3) من خ.
(5) فى خط.
لسعتها.
(2)1 لفجر 90.
(4) 1 لاءعراف ؟ 74.
(6) فى هامش خط.
104 / ب
372(8/371)
كتاب الجنة / باب ما فى الدنيا من أنهار الجنة
(10) باب ما فى الدنيا من أنهار الجنة
26 - (2839) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا أبُو أُسَامَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْي ! نُمَيْرٍ وَعَلىُّ بْنُ مُسْهرٍ عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عُمَرَ.
حِ وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشْر، حَدّثنَا عُبَيْدُ اَلله، عَنْ خُبيْب بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْن عَاصِم، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ، وَ الفُرَاتُ وَالَنِّيلُ، كلّ مِنْ أَنْهَارِ الجَنَّةِ ".
وقوله: " سيحان وجيحان والفرات والنيل، [ كل] (1) من أنهار الجنة): هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الإسلام النيل ببلاد مصر والفرات بالعراق، وسيحان وجيحان - ويقال سيحون وجيحون - ببلاد خراسان.
وقيل يحتمل أن المراد بذلك أنّ / الإيمان عم بلادها وفاض عليها، وأنّ الأجسام المتغذية بهذه المياه صائرة إلى الجنة، ويحتمل أنه على ظاهره، واْنّ لها مادة من الجنة، إذ الجنة موجودة مخلوقة عند أهل السنة، وأنها التى أُنزل منها آدم.
وقد ذكر مسلم أول الكتاب فى حديث الإسراء: أنّ النيل والفرات يخرجان من أصلها، وبينه فى البخارى، فقال: " من أصل سدرة المنتهى) (2).
(1) من خ.
(2) البخارى، كبدء الخلق، بذكر الملائكة 4 / 134.(8/372)
كتاب الجنة / باب يدخل الجنة أقوام، افئدتهم...
إلخ
373
(11) باب يدخل الجنة أقوام، أفئدتهم مثل أفئدة الطير
27 - (2840) حدثنا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعرِ، حَد*لنَا أَبُو التضْرِ، هَاشِمُ بْنُ القَاسِم اللَّيْثِى، حدثنا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنى ابْنَ سَعْد - حَدثنَا أَبى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يَدْخُلُ الجًنَّة أَقْوَامٌ أَفْئَلَتُهُمْ مِثْل أَفئِدَةِ الطَّيْرِ).
28 - (1 284) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ
هَمَّامِ بْنٍ مُنْبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حدثنا بهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَذَكَرَ احَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " خَلَقَ الله عَزَّ وَجلَّ المَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِئُّونَ ذِرًا عًا، َ فَلَمَّا وقوله: (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير): يحتمل أنه أراد: فى رقتها وضعفها، كما قال لاَهل اليمن: " أرق قلوبا، وأضعف أفئدة "، وقد تقدم الكلام على معناه (1).
ويحتمل أنه اراد: فى الخوف والهيبة.
والطير أكثر الحيوان ذعراً وفزعأ ؛ ولهذا قالوا: أحذر من غراب، وكالطائر الحذر، وقال الله تحالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (2)، فكأنه يريد بذلك قوما غلب عليهم الخوف، كما قد روى عن جماعة!ن السلف وغيرهم ممن أماتهم الخوف، وصدع قلوبهم الوعظ، وفاضت أنفسهم عند سماع الوعد والوعيد، وتذهلت عقولهم عند مشاهدة الهول والحادث الشديد.
قال الإمام: ذكر مسلم فى الباب: حدثنا حجاج بن الشاعر، حدثنا أبو النضر، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا أبى عن أبى سلمة عن أبى هريرة.
هكذا إسناد هذا الحديث عن أبى العلاء، وفى نسخة السجزى عن أبى أحمد مثله، ووقع فى نسخة الرازى والكسائى: حدثنى أبى عن الزهرى عن أبى سلمة بزيادة رجل فى السند وهو الزهرى، قال بعضهم: والصواب رواية أبى العلاء ومن تابعه، ولذلك خرجه أبو مسعود من طريق مسلم من حديث إبراهيم عن ائيه عن أبى سلمة قال: ولا أعلم لسعد بن إبراهيم رواية عن الزهرى، والله أعلم.
وقال الدارقطنى (3) فى كتاب العلل: لم يتابع أبو النضر على وصله عن أبى هريرة، والمحفوظ عن إبراهيم عن أبيه عن أبى سلمة مرسلاً.
كذا رواه يعقوب وسعد ابنا إبراهيم بن سعد، قال: والمرسل الصواب.
قال القاضى: وقوله: (خلق الله اَدم على صورته طوله ستون ذراعًا) الحديث،
تقدم الكلام فى هذا بوجوه مستوعبة.
(1) سبق فى كالإيمان، بتفاضل أهل الإيمان برقم (84).
(2) فاطر: 28.
(3) الإلزامات والتتبع ص 128.
374(8/373)
كتاب الجنة / باب يدخل الجنة أقوام، أفئدتهم...
إلخ خَلَقَه قَالَ: اذهَبْ فَ!ممَلِّمْ عَلَى أُولَمكَ النَّفَرِ - وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ المَلائكَة جُلُوسٌ - فَاسْتَمعْ مَا يُجيبُونَكَ، فَإنَّهَا تَحيتكَ وَتَحيَّةُ ذرَيَتكَ).
قَالَ: (فَنَ! بَ فَقَالَ.
السًّلامُ عَلَيْكُمْ.
فَقَالوا: السئلامُ عَلَيْكً وَرَحمَةُ الله)َ.
قَاً: (فَزَادُوهُ.
وَرَحْمَةُ الله لما.
قَالَ: (فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ اَدَمَ، وَطولُهُ سِتُّونَ فِرَاعًا، فَلَمْ يَزَلِ الخَلق يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الآنَ لا.
وقوله هنا: " طوله ستون ذراغا) يبين الإشكال، ويزيح التشابه، ويوضح أنّ الضمير راجع إلى آدم نفسه، وأن المراد على هيئته التى خلقه عليها، لم ينتقل فى النشأة أحوالا ولا ترثد فى الاَرحام اظوارًا.
وقد مرّ من هذا، ويكون معناه: على الصورة التى كان بها فى الاَرض وأنه لم يكن فى الجنة على صورة أخرى، ولا اختلفت صفاته وتصوراته اختلاف تصورات الملاثكة فى اْصول صورهم.
وفى الصور التى يتراءون فيها [ غالبا] (1) للخلق.
وقوله: " اذهب فسلم على أولئك النفر - وهم نفر من الملائكة جلوس): فيه تسليم الواحد على الجميع، والماشى على الجالس، وقد مرّ منه.
وقوله: "واستمع ما يحيونك به من التحية)، ويروى: (يجيبونك) من الجواب.
فيه رد السلام، والتعليم بالفعل.
(1) ساقطة من الا"صل، واستدركت فى الهامش بسهم.(8/374)
كتاب الجنة / باب فى شدة حر نار جهنم...
إلخ
375
(12) باب فى شدة حرّ نار جهنم، وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين
29 - (2842) حدثنا عُمَرُ بْنُ حَفْص بْنٍ غِيَاث، حَدثنَا أبى عَنٍ العَلاٍَ بْنِ خَالد الكَاهِلِىِّ، عَنْ شَقيقٍ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: قَالَ رسُولُ الًله ( صلى الله عليه وسلم ): (يُؤْلّى بِجَهَنَم يَوْمَئِذ لَهًاَ سَبْعُونَ أَلفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامَ سَبْعُونَ أَلفَ مَلَكٍ يَجُرُونَهًا).
30 (2843) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدَّثَنَا المُغيرَةُ - يَعْنِي ابْنَ عَبْد ا إسَّ حْمَنِ الحِزَامى - عَنْ أَبِى الزَناد، عَنِ ال!رَخ، عَنْ أَبِى هُريرةَ ؛ اذ التيِ! ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (نَارُغُ هَذهِ، الَّتِىِ يُوقدُ ابْنُ ادمَ، جُزْء!منْ سَبْعين جُزْءًا مِنْ حَرَ جَهنَّم).
قَالُوا: وَالله، إِن كَانَت لَكَاَفِيَةً يَارسُولً اللهِ ا قَالَ: " فَإِنَّهَا فُضًّلَتْ عَلَيْهَا بِتسْعَة وسِتَين جُزَْم، كُلُهَا مِثلى حَرفًا).
(... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد - ننَا عَبْدُ الرًّ زَاقِ! حَدثنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَابم بْنِ مُنَبم!
عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِىِّ طلهب.
بِمِنْلِ حَدِيثِ اَبِى الزَنادِ! غَيْرَ أَنهُ قَال!: (كلُهن مِثْلُ حَرَهَا).
31 - (2844) حدثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ، حَدثنَا خَلَفُ بْثأ خَليفةَ، حدثنا يزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبى حَازم، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، قَالَ: كَنَّا مَعَ رَسُولط الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ إِذ سَمِعَ وَجبَةً.
فَقَالَ النَّبِىِّ كله: (تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ".
قَالَ: قُلنَا: اللهُ وَرَسُولهُ اعلَمُ.
قَألَ: (هَذَا حًجَر
قال الإمام: وخرج مسلم فى أول باب صفة النار: حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنى أبى عن أبى العلاء بن خالد الكاهلى، عق شقيىّ.
ووقع فى نسخة أبى العلاء بن ماهان بدل (الكاهلى ": دا الباهلى "، وهو وهم، وصوابه: الكاهلى.
وكاهل من بنى أسد بن خزيمة.
قال القاصْى: وهذا الحديث مما استدرك لم على مسلم، وتبعه عليه الدارقطنى (1)،
قال: ورفعه وهم، رواه الثورى ومروان وغيرهما عن العلاء مرفوعا.
وقوله: إذ سمع وجبة فقال: (هذا حجر رمى به فى النار): أى وقعة وهزة، يريد: صوت سقوطه، ومنه: (فسمعتم وجبتها)، قال الإمام: أى سقطتها، يقال: وجب الشىء وجبا: سقط، ومنه قول الله تعالى: { فإِذَا وَجبَتْ خنُوئهَا} (2).
(1) الإلزامات والتتبع ص!ط 226.
(2) 1 لجج: 36.
376(8/375)
كتاب الجنة / باب فى شدة حر نار جهنم...
إلخ رُمَىِ بِهِ فِى النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِى فِى النَّارِ الاَنْ، حَتَى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا).
(... ) وحدثناه مُحَمَدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالا: حدثنا مَرْوَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أبِى حَازِمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، بهَذَا الإسْنَاد.
وَقَالَ: (هَذَا وَقَعَ فِى أسْفَلهَا، فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا).
ًَ
32 - (2845) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد، حَدثنَا شَيْبَانُ
ابْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ قَتَادَةُ: سَمعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ" ؛ أَئهُ سَمِعَ نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ منْهُمْ مَيق تَأخُنُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيه، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُنُهُ إِلَى حُجْزَته، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأخُنُه إِلَى عُنُقِهِ)، ً
33 - (... ) حدثنى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى ابْنَ عَطَاَ - عَنْ سَعيد، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدَثُ عَنْ سَمُرَةَ بْن جُنْدَب ؛ أنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: ً (منْهُمْ مَنْ تَأخُنُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيه، وَمنْهُمْ مَنْ تَأخُنُهُ التار إِلَي رُكْبَتَيْهِ، ومِنْهُمْ مَنْ تَأخُنُهُ النَّاَرُ إِلَى حُجْزَتِهِ، ومِنْهُمْ مَنْ تَأخُنُهُ النَارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ).
(... ) حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشارٍ، قَالا: حَدثنَا رَوْحٌ، حَدثنَا سَعِيدٌ،
بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَجَعَلَ مَكَانَ (حُجْزَتِهِ): (حَقْوَيْهِ).
قال القاصْى فى رواية ابن عباد فى هذا الحديث: " وقال هذا وقع فى أسفلها) كذا فى عامة النسخ، قيل: وجهه: هذا حجر وقع.
وقد جاء هذا الحديث فى كتاب القاضى التميمى: (الاَن وقع فى اْسفلها) وهو يبين مدى اختلاف الرواية ؛ لاءن فى الحديث فبله: (الاَن انتهى إلى قعرها).
وقوله: " ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته): هى معقد السراويل والإزار.
وقوله: " ومنهم من تأخذه إلى ترقوته) بفتح التاء وضم القاف، هو العظم الذى
بين ثغرة النحر والعاتق.(8/376)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
الخ
377
(13) باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء
34 - (2846) حمدثنا ابْنُ أبِي عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزنَاد، عَنْ الأعْرَج،
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (احْتَجَّت النَارُ وَالجَنَةُ، فَقَالَتْ هَذه: يَدْخُلُنِى الجَبَّارُونَ وَالمُتَكبِّرُونَ.
وَقَالَتْ هًذه: يَدْخُلُنِى الضُّعَفَاَُ وَالمَسَأكينُ.
فَقَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لهَذِه: أَنْت عَذَابِى، أُعَذِّبُ بكَ مًنْ أَشَاءُ - وَرُبَّمَا قَالَ: أُصيبُ بك مَنْ اشَاءُ - وَقَالَ لِهَنِهِ.
أَنْتِ رَحْمًتِى أَرْحَمُ بِكِ مَن أَشًاءُ، وَلِكُلِّ وَاحِلَةٍ مَنكُمَا مِالَؤُهَا)).
35 - (... ) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حدثنا شَبَابَةُ، حَدثنى وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِى الزَناد،
عَنِ الاعْرَجِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَن الئبِىَِّ كله قَالَ: (تَحَاجَّت النَّأرُ وَالجَنَّةُ، فَقَالَت الئارُ: أُوثرتُ بالمُتَكبِّرين وَالمُتَجَبرين.
وَقَالَتْ الجَنَّةُ: فَمَالِى لاَ يَدْخُلُنِى إلا ضُعَفَاء! الئاسِ وَسًقطُهُم وَعَجَزُهُمْ ؟ فَقَالَ اللهُ للجَنَّة: أَنْت رَحْمَتِى أَرْحَمُ بك مَنْ أَشَاَُ مِنْ عبَادى.
وَقَالَ للنَارِ: أَنْت عَذَابِى، أُعَذِّب" بك مًنْ أَشًَمِنْ عبَادى.
وً لكُلًّ وَاحدَة منْكُمَ مَلؤَهَا، فَا"مَّا التارُ فَلا تَمْتًلِئُ، فَيَضَعُ قَدَمَهكل عًلَيْهَا، فَتَقُولُ: َ قَط قَطْ.
فَهنَالكً تَمتَلِئُ.
وَيُزْوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضِ).
وقول الجنة: ا لا يدخلنى إلا ضعفاء الناس وسقطهم) ويروى: (وسقاطهم وعجزهم): سقطهم، بفتح السين والقاف، السقط من كل شىء: ما لا يعتد به.
وسقط المتاع: رديئه.
وكذلك كل شىء سقاطته مثله، والساقط والساقطة من الناس السفلة واللئيم.
وقوله: (وعجزهم) بفتح، العين والجيم، جمع عاجز، وهو العيى الضعيف، قيل: العجاز فى طلب الدنيا.
كذا فى حديث ابن رافع عن شبابة، ولبعض الرواة فى حديث ابن رافع عن عبد الرزاق مثله، إلا أنه قال: (وعجزتهم "، وعند اْكثر شيوخنا: " وغرثهم) بفتح الغين المعجمة وفتح الراء وثاء بعدها مثلثة، ومعناه قريب من قوله: (ضعفاوْهم وسقطهم)، أى مجاويعهم.
والغرث: الجوع.
ورواه الطبرى: (غرّتهم) بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء وتاء باثنتين فوقها، ومعناه قريب مما تقدم، أى بلههم وغافلوهم، كما قال فى الحديث الاَخر: (أكثر أهل الجنة البله) (1).
سماه بالمصدر، اى ذوو الغرة، والبله منهم، ومعناه: سواد الناس وعامتهم من أهل الإيمان بالله، الذين لا يتفطنون للشبه فيدخل عليهم الاختلافات ويلقيهم فى الاَهواء، وهم صحاح العقائد، ثابتو الإيمان، وهم أكثر المؤمنين.
(1) انظر: الكامل لابن عدى 3 / 1160، ومجمع الزوائد 8 / 19.
105 / ب
378(8/377)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ (... ) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ عَوْنٍ الهِلالِىُّ، حَد!شًا أَبُو سُفْيَانَ - يَعْنى مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْد -
عَنْ مَعْمَر، عَنْ أَيُّوبَ، عًنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ النَّبًِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (احْتَّجْت الجَنَّةُ وَالتارُ لما.
وَاقْتَصَّ الحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيث أَبِى الزَناد.
36 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد - ننَا عَبْدُ الرًّ زَّاق، حدثنا مَعْمَر، عَنْ هَمَام
ابْن مُنَّبه، قَالَ: هَذَا مَا حدثنا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أَحَاديث منْهَا: وَقَالَ رَسُولًُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " تَحَاجَّت الجَنَّةُ وَالنَّارُ.
فَقَالَتِ اَلثارُ.
اُوثرتُ بِالمُتَكبِّريَن وَالَمُتَجَبرينَ.
وَقَالَت الجًنَّةُ: فَمَالى لا يَدْخُلُنِى إلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقطُهَمْ وَغِرتهُمْ ؟ فَقَالَ اللهُ لالجَنَّةِ: إِنَّمَا أَنْت رَحْمَتِى ارْحَمُ بِكِ مَنْ اشَاءُ مِنْ عبَادى.
وَقَالَ للنَّارِ: إنَّمَا أَنْت عَذَابِى، َ أُعَذِّبُ بك مَنْ اشَاء مِنْ عبَادى.
وَلكُل وَاحلَة مَنكُمًا ملؤُهَا، فَا"مَّا التارُ فَلا تَمتَلِئ حَتَّى يَضَعَ اَلله - تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ - رِجْلَهُ.
فَتَقُول: قطْ قَطْ قَط.
فَهنَالكَ تَمْتَلِئُ.
وَيُزْوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلا يَظلِمُ اللهُ مِنْ خَلقِهِ أَحَدًا.
وَأَمَّأ الجَتةُ فَإِنَّ اللهَ ينْشِئُ لَهَا خَلقًا).
وامّا العارفون والعلماء والحكماء فالاءقل، وهم أصحاب الدرجات العلى، وقيل:
البله فى أمر دنياهم، وقيل: معنى الضعفاء هنا وفى الحديث الاَخر: (أهل الجنة كل ضعيف متضعف) (1) ائه الخاضع لله، المذل نفسه لله تعالى.
ضد المتجبرين المستكبرين.
قال أبو بكر بن خزيمة: الضعيف هنا: الذى يبرى نفسه من الحول والقوة فى اليوم عشرين مرة إلى خمسين.
ولم يرد الشيخ - والله أعلم - التحذير من حول وقوة، إنما أراد اتصافه بالتبرى من الحول والقوة واللجأ إلى الله متى يذكر.
وقوله: " فلا تمتلى حتى يضع رب العزة فيها قدمه)، وفى رواية " عليها قدمه)
وفى رواية: " رجله، فتقول قط قط) بالسكون، و" قط قط) بالكسر غير منون وبالتنوين، قال الإمام: أى حسبى، " وقطنى) بمعنى "حسبى)، ومنه قول الشاعر:
امتلأ الحوص وقال قطى
أى: حسبى.
قال القاضى: ومعنى (تنزوى): تنقبض ويجتمع على أهلها ومن اْلقى فيها، وتشتعل بعذابهم، أى / تنقبض عن سؤال: { هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (2) لملئها.
قال الإمام: هذا الحديث من مشاهير الأحاديث التى وقعت موهمة للتشبيه ولما نقله الا"ثبات، واشتهر عند الرواة، كلف العلماء فديما وحديثا الكلام عليه والنظر فى تأويله، فمنهم من حمل القدم على السابق المتقدم، ويقال للمتقدم: قدم، فيكون تقدير الحديث: حتى يضع الجبار فيها من قدم لها من أهل العذاب، وهذا كقوله تعالى: { أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ مدْقٍ
(1) حديث رقم (46) بالباب.
(2) ق: 30.
(8/378)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ 9 كم (2847) وحدثنا عثمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا جَرِيرو، عَنْ الاعْمَشِ، عَنْ ابِى صَالِحٍ،
عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (احْتَّجتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ لما.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِىً هُرَيْرَةَ إِلَى قَوْلِهِ: (وَلِكِلَيْكُمَا عَلَىَّ مِلؤُهَا" وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنَ الزيَ الةِ.
37 - (2848) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنَا يُونُسُ بْنُ مُحَقَدٍ، حَد، شَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَد"ننَا أَنَسُ بْنُ مَالك، أَنَّ نبِىَّ الله ظد!ور قَالَ: ا لا تَزَالُ جَهَنَّمُ ثَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ العِزًّ ةِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَل!مَهُ.
فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وَعِزَّتِكَ.
وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ).
عِندَ رَبِّهِمْ} (1)، معناه: التقدم والسبق، لا قدم الرجل.
فإذا وقع مثل هذا (2) فى القرآن حملنا ما وقع فى السنة عليه، د لى هذا مال النضر بن شميل.
وقد اشار ابن الاَعرابى الى أن القدم يعبر به عن هذا المعنى، ولكن فى الشرف والجلالة.
ويحتمل أن يكون المراد ها هنا بالحديث: قدم بعض خلقه، وتكون الإضافة هنا إلى الله - سبحانه - إضافة فعل لا إضافة جارحة.
وقد قال بعضهم: يحتمل أن يريد أن الله - سبحانه - يخلق فى الاَخرة خلقا يسمى
بهذه التسمية، فلا تمتلى النار إلا به.
ويحتمل وجها اَخر على رواية من رواه: " حتى يضع الجبار " أنْ يريد به الشيطان ؛
لأنه أصل الجبارين، أو يريد به احد الكفرة من الجبابرة، فيكون المعنى: لا تمتلى حتى يضع إبليس فيها قدمه، أو هذا المشار إليه.
وامّا ما خرّجه مسلم فى بعض طرقه: " حتى يضع الله رجله " فقد أنكر هذه اللفظة بعض أهل العلم، وزعم ابن فورك أنها غير ثابتة عند أهل النقل، ولكن لابد من تأويلها لاءجل تخريج مسلم لها وهو كما وصفناه فى كتابنا هذا اولأَ، ووصفنا أحاديثه، فيصح أن يكون المراد ها هنا: رجل بعض خليقته، واضاف ذلك إليه عز وجل إضافة فعل لا إضافة جارحة، كما قدمناه فى القدم.
ويصح فيه تأويل اخر أيضا وهو: أن يكون المراد ها هنا بالرجل: الجماعة من الناس،
كما يقال: رجل من جراد، أى جماعة من جراد.
وقد وقع ذلك فى أشعار كثيرة.
! إذا أمكن حمل الحديث على هذه التأويلات الصحيحة الجائزة على الله - سبحانه -
(1) يونس ؟2.
(2) فى!: ذلك.
380 (8/379)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ (... ) وحدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ، حدثنا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ العَطَّارُ، حَدشَا قَتَادَةُ، عَنْ أنَسً، عَنْ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِ شَيْبَانَ.
لم يصح حمله على ما يقوله المجسمة، من إفادته إثبات الجارحة لله - تعالى الله عن قولهم.
وقد قام الدليل القاطع العقلى على استحالة ذلك عليه جلّ وعلا، وهذا واضح.
قال القاصْى: وقد قيل: انها عبارة عن شدة الفدرة والقهر للنار، ومنه قولهم:
وطئ الجيش بنى فلان، وقال الشاعر:
فوطئن وطئا على خنق
وقيل: القدم هنا مستعار للذلة فى فولهم: وضعت رجلى على قفاه.
وأظهر التأويلات فيها عندى ما تقدم ؛ من أنهم قوم يقدم علم الله وقضاؤه كونهم من أهلها، أو خلقهم لها، كما قال فى الحديث نفسه فى الجنة: دل ولا يزال فيها فضل حتى ينشى الله لها خلقا فيسكنهم فضل الجنة).
وقوله: ولكل واحدة منكما ملؤها).
وقوله فى النار: " فتقول: قط قط، فهنالك تمتلى) فالحديث يفسر بعضه بعضا، ويرفع مفسره الإشكال عن مجمله ومتشابهه.
وفى هذا الحديث حجة لاءفل السنة أن الثواب والعقاب غير مستحق بالأعمال، وقمع للمعتزلة والقدرية فى إثباتهم الثواب والعقاب على جهة العقل، وأنه بحسب الاَعمال ولا يصح إلا عليها.
وانظر كيف قال هنا للجنة: (فينشئ الله لها خلقا مما يشاء) يدل أنهم ممن / لم يوجد، وكان هذا ظاهره وعلى هذا يحمل امر أولاد المؤمنين، وإيلام الأطفال والبهائم، وغير ذلك مما يفعل منه ما شاء.
ولهم فى هذا اختلاط واختلاف وروغان لم يخلصهم، والكلام فيه تطويل.
وقوله فى اَخر الحديث: " ولا يظلم الله من خلفه أحدًا): يحتمل أنه راجع إلى ما قلناه، واْنه - تعالى - يعذب من يشاء ابتداء ويخلقه لذلك، غير ظالم له، كما قال: "أعذب بك مَنْ أشاء مِنْ عبادى)، ويحتمل أنّه راجع إلى ذكر محاجة الجنة والنار، وأن الذى جعل لكل واحدٍ منهما عدل منه وحكمة، باستحقاق كل طائفة منهم لذلك، ولم يظلم اْحذا منهم.
وفى جملة هذا الحديث، وأن النار تحتاج إلى مزيد، وأن الجنة يبقى فيها فضل حتى
تمتلى أى ممن ذكره: دليل على عظمها، وسعة أقطارها، مع ما جاء اْنه يعطى للواحد مئل الدنيا وعشرة أمثاله.
فسبحان القادر على ما يشاء، الواسع الرحمة والعطاء، العظيم الملك الفعال لما يشاء.
(8/380)
كتاب الجنة / باب الناريدخلها الجبارون...
إلخ 381 38 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله الرُّزِّى، حدثنا عَبْدُ الوَهَّاب بْنُ عَطَاء، فِى قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ: { يَوْمَ نَقُوذ لِجَهَنَّمَ هَلَ امْتَلَأْت وَتَقولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} (اَ).
فَاخبَرَنَا عَنْ سَعيَدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، عَن النًّبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ: ا لا تَزَالُ جَهَنِمُ يُلقَى فِيهًا وَتَقُولُ هَلْ منْ مَزيد، حَتَّى يَضَعِ رَبُّ العِزّة فيهَا قَدَمَهُ فَينْزَوىَ بَعْضُهَا إلَى بعْض، وَتَقُولُ: قَط قَط، بعزَّتكً وَكَرَمكَ.
ولا يَزَالُ فِىَ الَجَنَّة فَضْلٌ حَتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَهَا خَلقًاَ، فَيُسِكنَهُمْ فَضلً الجًنًّةِ)).
39 - (... ) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا عَفَّانُ، حَدثنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْن سَلَمَةَ - أَخْبَرَنَا ثَابت!قَالَ: سَمعْتُ أَنَسًا يَقُولُ - عَن النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَ: (يَبْقَى مِنَ الجَنَّة مَا شَاءَ اللهُ أنْ يَبْقًى، ثْمَّ يُنْشِئَ اللهُ تَعَالَى لَ!ا خَلقًا مِمّا يَشَاءُ).
40 - (2849) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَابُو كُرَيْب - وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظِ - قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ ابِى صَالِحِ، عَنْ أَبِىَ سَعيدِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يُجَاءُ بالمَوْت يَوْمَ القيَامَةِ كَانَّهُ كَبْثم!امْلَحُ - زَادَ أَبُو كُرً يْب - فَيُوقَفُ بَيْنَ الجَئةَ وَالتار - وَاتَفَقًا فِى بَاقَى الحَدَيث - فَيُقَالُ: يَا اهْلِ الجَنَّة، هَلْ تَعْرَفُونَ هَذَا ؟ فَيَشْرَئئونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَنَاَ المًوْتُ لما.
قَالَ: (وُيقَالُ: يًا أَهْلَ النَّارِ، هَلْ تَعْرفُونَ هَذًا ؟) قَالَ: (فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَثْظُرُونَ وَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ ".
قَالَ: (فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ).
قَال: (ثُمَّ يُقَالُ: يَا اهْلَ الجَئةِ، خُلُود فَلا مَوْتَ.
وَيَا اهْلَ النَّارِ، خُلُود!فَلا مَوْتَ) قَالَ:
وقوله: (يجاء بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح) وذكر: " يوقف بين الجنة والنار)
إلى قوله: (فيؤتى به فيذبح، ثم قال: خلود فلا موت "، قال الإمام: الموت عرض من الأعراض عندنا يضاد الحياة.
وقال بعض المعتزلة: ليس بمعناه، وهو يرجع إلى عدم الحياة.
وعلى المذهبين، دإن كان الثانى منهما خطأ لقوله تعالى: { خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} (2)، فأثبت الموت مخلوقا، ولغير ذلك من الا"دلة - لا يصح أن يكون الموت كبشا ولا جسمًا من الأجسام، دانما المراد بهذا التشبيه والتمثيل.
وقد يخلق البارى - تعالى - هذا الجسم ثم يذبح، ويجعل هذا مثا، ؛ لا"ن الموت لا يطرأ على أهل الاَخرة.
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فيشرئبون): قال الهروكما (3): من حديث عائشة - رضى الله عنها.
واشرأب النفاق: أى ظهر وعلا، وكل رافع راْسه فهو مشرئب، ومنه.
فيشرئبون لصوته.
(1) ق: 30.
(3) انظر: غريب الحديث 3 / 223، 224.
(2)1 لملك: 2.
382 (8/381)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): { وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُغ!ىَ الأَمْرُ وَفمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُون} (1)، وأشًارَ!يَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا.
41 - (... ) حدثنا عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَقَ! حَدثنَا جَرِيرو، عَنِ الأعْمَش، عَنْ أبِى صَالِح،
عَنْ أَبِى سَعيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا أُدْخلَ أَهْلُ الجَنَّة الجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّار النَّارَ، قيلَ+ يًا اهْلَ الجَنَّة " ثُمَّ ذَكَرَ بمَعْنَى حَديث ابِى مُعَاوِيَةَ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: (فَذَلكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلًّ) وَلَمْ يَقُلْ: ثُمَّ قًرأَ رَسُولُ اَللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ وَلَم يَذْكُرْ أيْضًا: وَأَشَارَ بيَلِهِ إِلَى الَلُّنْيَا.
42 - (2850) حدثنا زُهَيْرُ بْن حَرْب وَالحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد -
قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنِى.
وَقَالَ الاَخَرَان: حَد"شَا - يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إبْرَاهيمَ بْنِ سَعْدً - حَد - ننَا أَبِى عَنْ صَالِح، حَد"ننَا نَافِعَ ؛ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَالَ: إِن رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " يُدْخلُ اللهُ اهْلَ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يقومُ مَؤَفِّنو بَيْنَهُمْ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّ! لا مَوْتَ.
وَيَا أهْلَ النَّارِ، لا مَوْتَ، كُلّ خَالد فِيمَا هوَ فِيهِ لما.
43 - (... ) حدثنى هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الا"يْلِىُّ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، قَالا: حدثنا ابْنُ وَهْب، حَدثَّنِى عُمَرُ بْن مَحَمَّد بْنُ زَيْد بْن عَبْد الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَاب ؛ انَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ عبْد الله بْن عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: إذًا صَارَ أَهْلُ الجَنَّة إِلَىَ الجَنَّة، وَصَارَ أهْلُ النَّارَ إلَىَ النَّارِ، أُتِىَ باِلمَوت حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ اَلجَنَّة وَالنَّار، ثُمَّ يُنبِحُ، ثُمَّ يُنَاَدٍ ى مُنَادٍ: يَا أهْلَ الجَنّة، لا مَوْتَ.
وَيَا أَهْلً الئارِ، لا مَوْتَ.
فَيَزْدًا دُ أَهْلُ الجَنَّةِ فرحًا إِلَى فرَحِهِمْ، وَيَزْدَادُ أَهْلُ اَلنَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ).
44 - (2851) حدثنى سُرَيْجُ بْنُ يُوشُىَ، حَدثنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ، عَن الحَسَنِ
ابْن صَالِحٍ، عَنْ هَرُونَ بْنِ سَعْد، عَنْ ابِى حَازِم، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ظل!يب: (ضِرْسُ الكَافِر - أَوْ نَابُ الكَافِرِ - مِثْلُ احُدٍ، وَغَلَظُ جلدِهِ مَسَيرَةُ ثَلاثٍ ).
45 - (2852) حدثنا أَبُوكُرَيْب وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَر الوَكيعِىُّ، قَالا: حَتَتنَا ابْنُ فُضَيْلٍ،
عَنْ أَبيه عَنْ أَبى حَازمٍ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ.
يَرْفَعُهُ قَالَ: " مًا بَيْنَ مَنْكِبَى الكَافِرِ فِى النَّارِ، مَسِيرَة ثًلاثَةِ ايَّاَبم، لِلرَّاكِبِ المُسرِعِ لا.
وَلَمْ يَذْكُرْ الوَكِيعيُّ " فِي النَّارِ ".
(1) مريم: 39.
(8/382)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ 383 46 - (2853) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَد*ننَا أَبي، حَد - ننَا شُعْبَةُ، حَدثنِى
مَعْبَدُ بْنُ خَالد ؛ أَنَّهُ سَمِعَ حَارثَةَ بْن وَهْب ؛ أَنَّهُ سَمِعَ النّبِىَّ عيتيدَ قَالَ: (أَلا أُخْبركُمْ باع هْل الجَنَّة ؟ " قَ الا: بَلَى.
قَالَ ( صلى الله عليه وسلم ): " كلُّ ضُعيف مُتَضعف، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى الله لاَبهَرَّهُ)َ.
ثُمَّ قَالَ، (أَلا أُحبِرُكُمْ بِا"هْلِ النَّارِ ؟) قَالُوا: بَلَىَ.
قًالَ: (كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ).
(... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنِ المُثَثّى، حَا شَا مُحَمدُ ئن جَئفَر، حَدعَّشَا شُعْبَةُ، بهَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
غَيْر أَنَّهُ قَالَ: (أَلا أَدُئُكُمْ).
47 - (... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْمِ اللهِ بْقِ نُمئر، حَا شَا وَكِيع، حَا ننَا سُفْيَانُ، عَنْ
مَعْبَد بْنِ خَالد، قَالَ: سَمعْتُ حَارِثَةَ بْ!ضا وَهْم! الخُزَاعى يَقُو،: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "أَلا اخبرُكُم بًاهْلِ الجَئةِ ؟ كل ضَعيف متَضعف، لَوْ أَقسَمَ عَلَى الله لأبَرَهُ.
أَلا أخبِرُكُمْ بِأَهْلِ النًّارِ ؟ كلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ متَكبِرٍ )).
ًًَ
48 - (2854) حدثنى سُويْدُ بْنُ سَعيد، حَدثَّنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ العَلاء بْنِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، أَنًّ رسُولَ اللهِ على قَالَ: (ردبَّ أَشْعَث مَدْفُوعٍ قال القاضى: ومعنى: " أملح لما: النقى البياض، قاله ابن الاَعرابى.
وقال الكسائى: هو الذى فيه بياض وسواد، والبياض أكثر.
وقد تقدم الكلام فيه فى الضحايا.
قال بعض أصحاب المعانى: يحتمل أن اختلاف اللونين على هذا - فى هذا المثال - لاختلاف الحالن.
فالبياض لجهة أهل الجنة، الذين ابيضت وجوههم.
والسواد لجهة أهل النار، الذين اسودت وجوههم.
وقوله: فى أهل الجنة: (كل ضعيف متضعف لا، وفى الرواية الاَخرى.
" أشعث مدفوع بالاَبواب ": هو صفة نفى الكبرياء والجبروت التى هى صفة أهل النار، ومدح التواضع والخمول والتذلل لله - عز وجل - وحض عليه.
وقد يكون الضعف هنا رقة القلوب ولينها، وإجابتها للإيمان، كما قال: (اتاكم أهل اليمن، أضعف قلوبأَ " ويروى " ألين، وأرق أفئدة " (1) - وقد يكون المراد: ائها لاَكثر أهل الجنة، أى ضعف الناس عامتهم، والمستضعفون: المحتقرون فى الدنيا عند أهلها منهمِ، وهو الاَظهر بالحديث، كما قالوا: { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذلُونَ} (2)، وكقولهم: { أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّه عَلَيْهم مِّن بَيْنِنَا} (3)، وهم سواد المؤمين وجمهورهم كما قدمناه ؛ ولأن أهل الظهور فى الدنيا والرياسة يحجبهم ذلك عن الإيمان ؛ لقساوة قلوبهم، وشموخ نفوسهم، واستكبارهم ورغبتهم فى الاتباع، ولاَن أكثر الكفار والعتاة / والمترفين بخلاف هذه الصفة التى وصف بها أهل
لها) سبقما تخريجه.
لا2) الشعراَ 1110.
(3) الأنعام ؟ 53.
106 / ب
384
(8/383)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ
بِالأبْوَابِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لابهَرَّهُ لا.
49 - (2855) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، عَنْ هشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ عَبْد الله بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ النَّاقَةَ وَذَكَرَ الَّذِى عَقَرَهًاَ.
فَقَالَ: َ "{ إِذ انْبَعَتَ أَشْقَاهَا} (1): انْبَعَثَ بهًا رَجُل عَزِيز! عَارئم مَنيع فى رَهْطهِ، مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ) ثُمًّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فَوَعَظَ فِيهِنَ ثُمَ قَالَ: (إِلامَ يَجْلدُ أَحَدُكُم امْرًاتَهُ ؟ لماَ فِى رِوَايَة أبِى بَكْر: (جَلدَ الأمَة لما وَفى رِوَايَة أَبِى كُرَيْب: (جَالَدَ العَبْد، وَلَعَلَّهُ يَضاجعُهَا مِنْ اً خِرِ يَوْمه)، ثُمَّ وَعَظَهُم فِى ضًحكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَة فَقَالَ: (إِلامً يَضْحَكُ أَحَدُكمْ مِمَّا يَفْعَل ؟ لا+
الجنة، وبالصفة التى وصف بها أهل النار.
فالحال راجعة فى الوجهين إلى الأكثر والأغلب.
ومعنى الأشعث: الملبد الشعر المغبر منه، ذلك الذى لا يهتبل بترجيله ولا غسله ولا دهنه.
ومعنى دا مدفوع بالأبوالمدا أى: لا يؤذن له، ويحجب لحقارته عند الناس وخموله.
وقوله: ا لو أقسم على الله لابهره): قيل: لو دعاه لاءجابه، وقيل: أمضى يمينه
على البر وصدقها ونفذ قضاؤه بما خرجت عليه يمينه، وقد سبق ذلك فى علمه.
يقال: أبررت القسم: إذا لم تخالفها وأمضيتها على البرّ.
ويقال فيه: برزت القسم أيضا.
وقوله فى أهل النار: دا كل عتل جواظ متكبر)، وفى الرواية الأخرى: " كل جواظ زنيم متكبر)، قال الإمام: قال الهروى (2): قال أحمد بن عبيد: الجواظ: الجموع المنوع.
قال غيره: الكثير اللحم، المختال فى مشيته.
وقد جاظ يجوظ جوظانا، ويقال للقصير البطن، كل قد قيل.
وأما العتل، فقيل: هو الجافى الشديد الخصوِمة بالباطل.
واْما الزنيم، فهوالملصق بالفوم الدعى.
ذكر هذا فى تفسير قوله تعالى: { عُتُلٍّ بَعْد ذَلِكَ زَنِي!} (3)، وعن ابن عباس (4) قول اَخر فى الزنيم المذكور فى الاَية: أنه رجل من قريش، كان له زنمة كزنمة الشاة.
وروى عنه ابن جبير (5): أَنه الذى يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بزنمتها.
قال القاصْى: وفى كتاب العين: العتل: الأذل (6)، وكذلك الجواظ.
وقال ابن دريد: الجواظ: الجافى القلب.
وقال غيره: الفاجر، وقيل: المتكبر مع عظم الجسم.
وقوله فى الذى عقر الناقة: " عزيز عارم (7) منيع فى رهطه): العارم: الجرىء
(1)1 لشمس: 12.
(2) لم نجد هذا اللفظ فى كتابه.
(3) القلم: 13.
(4) البخارى، كالتفسير، سورة ن، ب{ عُتُلّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيم} 6 / 197.
(5) انظر: جامع البيان للطبرى 9 / 25.
(6) قى!: ا ياجهل.
(7) هكذا فى ح، وفى الأصل: عازم، وهو تصحيف من الناسخ.
(8/384)
كتاب الجنة / باب الناريدخلها الجبارون...
إلخ 85 صح 50 - (2856) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِيرو، عَنْ لسُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَىِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفً، أبَا بَنِى كَعْبٍ هؤُلاءِيَجُرُّقُصْبهُ فِى الَنَّارِلما.
51 - (... ) حدثنى عَمْزو النَّاقدُ وَحَسَن الحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَألَ عَبْد: أخْبَرَنِى.
وَقَألَ الآخَرانِ: حَد"شَا - يَعْقوبُ - وَهُوَ ابْنُ إبْرَاهيمَ بْنِ سَعْد - حدثنا أبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شهَاب، قالَ: سَمعْتُ سَعِيدَ بْنَ المُسًيَّبَ يَقُولُ: إِنَّ "البَحيرَةَ الَّتى يُمْنَعُ ! رُّهَا للطَّوَاغيت، فًلا يَحلُبُهَا احَد مِنَ الئاسِ.
وَأمَّأ السَّائِبَةَُ ائَتِى كَانُوا يُسيَببَى نَهَا لاً لِهَتِهِمْ، فَلايُحمَلُ عَلًيْهَاَ شَىْ و.
وَقَألَ ابْنُ المُسَّيبِ: قَألَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَألَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ
الحاذر، وقد عرم عرمة بالفتح وعُراما بالضم، ورجل عرم بغير ألف أيضا.
وفى هذا الحديث: النهى عن ضرب النساء، وعن الضحك مما يكون من الإنسان، وأن ذلك كله ليس من مكارم الاَخلاق، ولا سيما أهل الفضل والدين.
وقوله: " رأيت عمرو بن لحى بن قمعة بن خندف).
كذا ضبطناه بفتح القات والميم وتخفيفهما، وهى الرواية عن اكثرهم.
ومن طريق الباجى عن ابن ماهان: (قمعة) بكسر القاف والميم معا وتشديد الميم، وقد ضبطناه عن بعض سْيوخنا فى غير هذا الكتاب: "قَمعَة) بالفتح وسكون الميم.
قال القاضى: وقوله فى الرواية الأخرى: (رأيت عمرو بن عامر، فالمعروف فى نسب
أبى خزاعة عمرو بن لحى بن قمعة، كما قال فى الحديث.
وهو قمعة بن إلياس بن مضر، ! انما عامر ابن عم أبيه أخى قمعة وهو مدركة بن الياس.
وهذا قول نساب الحجازيين.
ومن الناس من يقول: انهم من اليمن من ولد عمرو بن عامر، وأنه عمرو بن لحى، واسمه: ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر.
وقد يحتج قائل هذا بهذه الرواية الأخرى.
وقوله: (ابن خندف).
هى أمهم من اليمن، وقيل: هى ليلى ابنة عمران بن الحاف[ بن قضاعة.
ولتسميتهم بهذه الاَلقاب خبر معروف] (1) ذكره أهل الخبر.
وقوله: " أخا بنى كعب هؤلاء " كذا رواية العذرى وأكثر رواة الجلودى وعند ابن ماهان: " أبا بنى كعب) وكذلك للطبرى، وهو الصواب.
وكذا ذكر الحديث ابن أبى خيثمة ومصعب الزبيرى (2) وغيرهما ؛ لأنّ كعبًا هو احد بطون خزاعة وابنه.
(1) من خط -
(2) هو ابن عبد الله بن مصعب بن ثابط بن عبد الله بن الزبير بيأ العوام الأسدي أبو عبدالله الزبيرى المدنى، روى عأ أبيه ومالك والدراوردى وغيرهم.
مات سنة ست وئلاثين وماتين.
التهذيب 10 / 162، 163.
386 (8/385)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ الخُزَاعىَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِى النَّارِ، وَكَانَ أوَلَ مِنْ سَيَّبَ السّيوبَ).
52 - (2128) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَل!ثنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبيهِ، عَنْ
أبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (صنْفَاًنِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأفْنَاب البَقَرِ، يَضْربُونَ بهَاَ النَّاسَ.
وَنَسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مُميلاتٌ مَائلاتٌ، رُؤُسُهُنَّ كَأسْنِمَةِ البُخْتَ المًائِلَةَ، لا يَدْخُلنً الجَنَّةَ، وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا، صاِنَّ رِيحَهَاَ لَتوجَدُ وقوله: (يجر قصبه فى النار)، قال الإمام: قال اْبو عبيد (1): الأقصاب: الأمعاء، واحدها قصب.
قوله: " وكان اْول من سيب السوائب) وفى الرواية الأخرى: (السيوب)، قال الإمام: ذكر سعيد بن المسيب فى كتاب مسلم: أن السائبة: التى كانوا يسيبُونها لاَلهتهم، فلا يحمل عليها شىء.
والبحيرة: التى يمنع درها للطواغيت، فلا يحلبها اْحد من الناس.
قال الإمام: والبحيرة - فيما ذكره المفسرون -: الناقة كانت فى الجاهلية إذا أنتجت خمسة اْبطن، فكان اخرها ذكراً أبحروا أذنها، أى شقوها ولم يذبحوها، ولم يركبوها، ولم تطرد عن ماء، ولم تمنع مرعى، ولم يركبها احد.
قال الكلبى: كانوا إذا أنتجت خمسة أبطن، فإن كان الخامس ذكرا أكله الرجال دون النساء.
وإن كانت أنثى اشترك فيها الرجال والنساء.
وسميت بحيرة لشقهم ادنها.
بحرت: إذا شقت شقا واسعأَ.
والناقة بحيرة ومبحورة.
واْما السائبة، فقيل: هو ما كان احدهم يفعله إذا مرض، فينذر إن شفى اْن يسيب ناقته، فإذا فعل ذلك لم تمنع من ماء ولا كلأ.
وقد يسيبون غير الناقة.
كانوا إذا سيبوا العبد لم يكن عليه ولاء.
وقيل: كانت الناقة إذا تابعت اثنتى عشرة أنثى ليس فيها ذكر سيبت، ولم تركب، ولم يُجزّ وبرها.
وما انتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها، وخليت مع أمها، فهى البحيرة بنت السائبة.
قوله - عليه السلام -: " نساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة)، قال الإمام: فيها ثلاثة أوجه:
أحدها: كاسيات من نعم الله - تعالى - عاريات من الشكر.
الثانى: كاسيات يكشفن بعض جسدهن، ويسبلن الخُمر من ورائهن، فتنكشف صدورهن، فهن كاسيات بمنزلة العاريات، إذا كان لا يستر لباسهن جميع أجسادهن.
والثالث: يلبسن ثيابأَ رقاقًا يصف ما تحتها، فهن كاسيات فى ظاهر الأمر عاريات (2)
فى الحقيقة.
وقوله: " مائلات مميلات): أى زائغات عن استعمال طاعة الله - تعالى - وما
(1) انظر: غريب الحديث للهروى 3 / 166.
(2) فى! ؟ عاربة.
(8/386)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ 387
يلزمهن من حفظ الفروج.
و" مميلات ": يُعَلِّمن غيرهن الدخول فى مثل فعلهن.
وقيل: " مائلات): متبخترات فى مشيهن، (مميلات ": يملن اْكتافهن واْعطافهن.
وقيل: [ مائلات] (1) يمتشطن المشطة الميلاء، وهى مشطة البغايا، وجاءت كراهمها فى الحديث.
والمميلات: اللواتى يمشطن غيرهن المشطة الميلاء.
ويجوز أن تكون المائلات المميلات بمعنى واحد، كما قالوا: جاد مجد.
وقوله: (رؤوسهن[ كأسنمة البخت): معناه ة اْى يعظمن رؤوسهن] (2) بالخمر والعمائم حتى يشبه أسنمة البخت، ويجوز أن يكون معناه: أنهن يطمحن إلى الرجال كأسنمة البخت.
معناه: أنه يقطمن رؤوسهن ولا ينكشن رؤوسهن.
قال القاضى: الرواية فى الحديث كما ذكر: " المايلة " بياء بثنتين من أسفل.
وفال[ الكسائى] (3): صوابه: " الماثلة) بثاء المثلثة، أى قائمة، لما كان ال المر عنده فى التفسير على تعظيم رؤوسهن.
والصواب عندى ما جاءت به الرواية، وهو الذى تعضده اللغة والحديث نفسه.
وتفسير من فسر المائلات أنهن يمتشطن المشطة الميلاء، وهى مشطة البغايا، وقد استشهد عليها[ ابن] (4) الأنبارى بقول امرئ القيس:
غدائره مستشزرات إلى العلا
فدل أن المشطة الميلاء هى ضفر الغذائر (5)، وشدها الى فوق وجمعها أعلا الرأس،
فيأتى كأسنمة البخت وهذا يدل أن يشبهه / بأسنمة البخت، وإنما ذلك لارتفاع الغدائر فوق رؤوسهن، وجمع الشعر والعقائص الى أعلاه للتفسيرين المتقدمين وأولهما لابن الأنبارى، والاَخر لغيره.
ذكرهما الهروى.
ثم إنها لجمعها هناك وتكبيرها بما تضفر به قد تميل كما تميل أسنمة البخت إلى بعض الجهات.
قال ابن دريد: ناقة ميلاء: إذا كان سنامها يميل إلى أحد شقيها، فهذا يعضد بعضه، بعضا، ويؤكد أن الرواية مائلة كما جاءت وأن معنى: " مائلات) يمتشطن المشطة الميلاء وهى التى تشبه أسنمة البخت.
وقد يكون معنى (مائلات): منحطات إلى الرجال، ومميلات لهم (6) بانكشافهن أو تبخترهن، وما يبدين من زينتهن أو بدعائهن.
وقد روى أبو إسحق الحربى هذا الحديث، وقال فيه: "كاسياث عاريات)[ على رؤوسهن كأسنمة البخت من الخمر الرقاق.
وفسر "كاسيات عاريات)] (7): بالتفسير الثانى المتقدم من التفاسير الأول.
واحتج عليه بقوله: من الخمر الرقاق، وفسر بقوله: على رؤوسهن كأسنمة البخت مما وصلن به شعورهن.
وقد روى البخارى فى تاريخه
(1) ساقطة من ح.
(2) من ح.
(3) فى ح.
الكنانى.
هو أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام الوقشى.
(4) ساقطة من الأصل، (ز لأ، والمئبت من هامث!ح.
(5) هكذا فى الأصل، وفى ح ة الغدائر، وهى الصواب.
(6) فى ح والرسالة: لهن.
(7) من ح.
107 / ب
388
(8/387)
كتاب الجنة / باب النار يدخلها الجبارون...
إلخ
مِنْ مَسِيْرَةِ كَذَا وَكَذَا).
53 - (2857) حدثنا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا زَيْد! - يَعْنِى ابْنَ حُبَاب - حَل!ثنَا أفْلَحُ بْنُ سَعِيد، حَدّثنَا عَبْدُ الله بْنُ رَافِع - مَوْلَى امِّ سَلَمَةَ - قَالَ ة سَمعْتُ أبَاَ هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يُوشَكُ إِنْ طَالَتْ بِكَ مُدَّة!، انْ تَرى قَوْمًا فِىَ أَيْديهِمْ مثْلَ أفثَاب البَقَرِ، يَغْدُونَ فِى غَضَبِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِى سَخَطِ اللهِ).
54 - (... ) حدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعيد وَأبُو بَكْر بْنُْ نَافع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالُوا:
ص يهرَ، ص ص ص وص سصَ ص، ءصصَ يرصَ،، ص
حدثنا أبو عأمِرِ العقدى، حدثنا افلح بْن سعِيدِ، حدثنِى عبْد الله بْن رافِعٍ - مَوْلِى اّ سَلَمَةَ - قَالَ: سَمِعْتُ أً بَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمعْتُ رَسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنْ طَالَتْ بكَ مُدَّة، أَوْشكْتَ أنْ تَرَى قَوْمَا يَغْدُ!نَ فِى سَخَطَِ اللهِ، وَيَرُوحُونَ فِى لَعْنَتِهِ، فِى أيْدِيهِمْ مِثلُ أفنَابِ البَقَر).
عن أبى هريرة ما يصحح هذا المعنى أيضا فى تأويل (كاسيات عاريات)، وهو قوله: ويظهر ثياب فيها كذا، يلبسها نساء كاسيات عاريات من الخير وفعل الحسنات لاخرتهن.
(8/388)
كتاب الجنة / باب فناء الدنيا...
إلخ
389
(14) باب فناء الدنيا، وبيان الحشر يوم القيامة
55 - (2858) حدثنا أَبُوبَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِش!.
ح وَحَدقنَا
ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدّثنَا أَبِى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشْرٍ.
ح وَحَدّثنَايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ.
ح وَحَلَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حَدّثنَا أَبُو اُشَامَةَ، كُلُّهمْ عَنْ إسْمَاعيلَ بْن أَبي خَالد.
َبّروحِمرّهًً وَوَصًًَِّ !ًًَ، َ نص
ح وحدتنِى محمد بنِ حاتمِ واللفظ له - حدثنا يحْمى بْن سعِيدٍ، حدثنا إِسْماعِيل، حَدثنا قَيْسٌ، قَالَ: سَمِعْتُ مُسْتَوْرِداَ، أَخَا بَنِى فِهْرٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " وَالله، مَا الدُّنْيَا فِى الآخِرَة إلا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ احدُكُمْ إِصْبعَهُ هَنِهِ - وَأشَارَ يَحْمىَ بِالسّبَابَةِ - فِىَ اليَمّ، فَليَنْظُرْ بِمَ يَرْجِعُ ؟ "
وَفِى حَديثِهِمْ جَمِيعًا، غَيْرَ يَحْمىَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ ذَلِكَ.
وَفى حَدِيثِ أَبِى أُسَامَةَ: عَنِ المُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، أَخِى بَنِى فِهْرٍ.
وَفِى حَدِيثِهِ أَيْضًا: قَالَ: وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِا لإِبْهَامِ.
56 - (2859) وحدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدّثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيد، عَنْ حَاتِم بْنِ
أَبِى صَغيرَةَ، حَدثَّنِى ابْنُ أبِى مُلَيْكَةَ عَنِ القَاسم بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائشَةَ، قًالَتْ: سَمِعْتُ رسُول الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرًا ةً غُرْلأ)َ قُلب: يَا رَسُولَ اللهِ،
وقوله: لا ما الدنيا فى الآخرة إلا مثل ما يجعل احدكم إصبعه هذه - وأشار يحيى بالسبابة - فى اليم، فلينظر بما يرجع "، ثم قال فى الرواية ال الخرى: وأشار إسماعيل بالإبهام.
كذا عند جميعهم، وعند السمرقندى: بالإبهام (1) 0 اليم: البحر، وأصله اسم البحر الذى غرق فيه فرعون، وهو المسمى اَساف، قاله الهروى (2).
وقال ابن دريد زعم قوم أن اليم لغة سريانية، وقد قال السدى فى تفسير اليم: إنه النيل.
وقوله فى الرواية الواحدة: " السبابة، خلاف قوله فى الأخرى: " الإبهام "، وهو أوجه وأشمه بالتمثيل بما تكون به الإشارة.
واما من قال: البهام، فخطأ، إنما البهام جمع بهمة، وهى صغار الضأن والمعز.
(1) فى خ: بالبهام.
(2) لم اعثر على مادة لا يمم " فى غريب الحديث -
390 (8/389)
كتاب الجنة / باب فناء الدنيا...
إلخ النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَميعًا، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ؟ قَالَ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا عَائِشَةُ، الأمْرُ أشَدُ مِنْ أنْ يَنْظرَ بَعْضُهمْ إِلَىَ بَعْضٍ ).
(... ) وحدثنا أبُو بكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حَد*شَا أبُو خَالِد الأحْمَرُ، عَنْ حَاتِم بْنِ أَبِى صَغِيرَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِى حَدِيثِهِ: " غُرْلأ).
57 - (2860) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب ص!سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ،
وَابْنُ ابِى عُمَرَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَد"شَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةً عنْ عَمْرو عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاس.
سَمَعَ النّبَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَخْطبُ وَهْوَ يَقُولُ ة (إِنَّكُمْ مُلاقُوا اللهِ مُشًاةً حُفَاة عُرَاةً غُرْلألما وَلَمْ يَذْكُرْ زُهَيْرٌ فِى حَدِيثِهِ: يَخْطُبُ.
58 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا وَكِيعٌ.
ح وَحَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَد*شَا أَبى، كلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيد بْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فينَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) خَطيبًا بمَوْعظَة، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّأسُ، إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّه حُفَاةَ عُرَاة غُرْلأ{ كًمَا بَدَأْنَا أً وَّلً خَلْقَ نُّعِيًدُهُ وَعْلمًا عَلَيْنَا إِنَّا كنَّا فَاعِلِ!ينَ} (1) الا صاِنَّ أَوَّلَ الخَلائِقِ يُكْسَى، يَوْمَ القيَامَة، إِبْرَاهيمُ - عَلَيْه السَّلامُ - أَلا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَال منْ أُمَّتِى فَيُؤْخَذُ بهِمْ ذَاتَ الشِّمَاَل فَأً قُولُ: َ يَا رَبِّ، أَ!حَابِى.
فَيُقَالُ: إِنَكَ لا تَدْرِى مًا أً حْدَثُوا بَعْدكَ.
فًأقُولُ.
كَمَا قَالَ اَلعَبْدُ الصَّالِحُ: { وَكُنتُ عَلَيْهِمْ
ومعنى الحديث: ما قدر الدنيا من الاَخرة فى المساحة والقدر والقلة فى جنب الاخرة وكثرة خيرها ؛ إذ قد يعطى الواحد من أهل الجنة - وهو أدناهم منزلة - مثل الدنيا وعشرة أمثالها إلى ما ورد من غير هذا.
وقد يكون ذلك تمثيلا لزوال الدنيا وفنائها الدائم ولذاتها الباقية.
وقوله: " يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا "، قال الإمام: الغرل: جمع أغرل، وهو ا لأقلف.
والغرلة: القلفة.
وقوله فى هذا الحديث: " دإنه سيجاَ برجال من أمتى فيؤخذ بهم ذات الشمال، فآقول: يا رب، أصحابى.
فيقال: انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك.
فأقول كما قال العبد الصالح: ! وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْت فِيهِمْ} ) الآية (2) - الحديث، قال القاضى ة قد تقدم
(2) المائدة: 117.
(8/390)
كتاب الجنة / باب فناءالدنيا...
إلخ 91 س شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّفِيبَ عَلَيْهِمْ وَأنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ.
إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ !اِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (1).
قَالَ: فَيُقَالُ لِى: إِنَهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى اعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ).
وَفِى حَدِيثِ وَكِيعٍ وَمُعَاذ: (فَيُقَالُ: إِنَّكَ لا تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدكَ ".
59 - (2861) حدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ إسْحقَ.
ح وَحَدةَشِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتبم، حدثنا بَهْزٌ، قَالا جَميعًا: حَد، شَا عَبْدُ الله بْنُ طَاوسُبى، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، عًنْ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلَاث طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبينَ، وَاثْنَانِ عَلَى بَعِير، وَثَلاثَةٌ عَلَى بَعير، وَأرْبَعَةٌ عَلَى بَعير، وَعَشْرَةٌ عًلَى بَعير، وَتَحْشُرُ بَميتهُمُ النَّارُ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وً تًقيلُ مَعَهُمْ حَيْثَُ قَالُوا: وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحوا، وَتُمْسِى مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا ".
َ
الكلام على معناه فى كتاب الطهارة، لكن هنا هذه الآية للزياثة.
وفيها حجة على صحة تأويل من ذهب إلى أن الحديث فيمن ارتد بعد النبى - عليه السلام - ممن راة لتلاوته هذه الاية، ولقوله: ا لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم).
وقوله: (يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين، واثنان على بعير، وثلاثة
على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير.
وتحشر بقيتهم النار، تبيت معهم حيث باتوا) الحديث: هذا الحشر هو فى الدنيا قبيل قيام الساعة ؟ وهو اَخر أشراطها كما ذكره مسلم بعد هذا فى اَيات الساعة، قال فيه: (واَخر ذلك / نار تخرج منْ قعر عدن ترحل الناس " (2)، وفى رواية: " تطرد الناس إلى محشرهم " وفى حديث اخر: " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز) (3)، ويدل أنها قبل القيامة.
قوله: (فتقيل معهم حيث قالوا، وتمسى معهم حيث أمسوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا " على ما ورد فى اختلاف رواية الحديث، وفى بعض الروايات فى غير مسلم: "فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام " (4) كما أمر بسبقها إليه قبل إزعاجها لهم.
وقد قال الأزهرى فى قوله: { لأَوَلِ الْحَشْرِ} (ْ): أنه الحشر الاَول إلى الشام، اجلاء بنى النضير عن بلادهم إليها، والثانى: للقيامة.
وقوله: " ثلاث طرائق لما: اى ثلاث فرق.
قال الله تعالى: { كنَّا طَرَائِقَ قدَدًا} (6)
اى فرقا مختلفة الاَهواء.
(1) المائدة: 117، 118.
(3) سيأتى فى كالفق، برقم (42).
(4) أحمد فى مسنده 99 / 2، 119 من حديث ابن عمر - (5)1 لحشر 20.
(2) سيأتى فى كالفق، برقم (40).
392
(8/391)
كتاب الجنة / باب فى صفة يوم القيامة...
إلخ
(15) باب فى صفة يوم القيامة، أعاننا الله على أهوالها
60 - (2862) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَعُبَيدُ الله بْنُ سَعيدٍ،
قَالُوا: حَدثنَا يحيى - يَعْنُونَ ابْنَ سَعِيد - عَنْ عُبَيْد الله، أَخْبَرِنى نَافِع، عَنِ ابْنَ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) { يَوْمَ يَقُومُ النَّاس لِرَبِّ الْعًالَمِينَ} (1)َ قَالً: (يَقُومُ أحَلُصمْ فِى رَشْحِهِ إلى انْصَافِ أُذلمجاا.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ المُثنى قَالَ: "يَقُومُ النَّاسُ) لَمْ يَذْكُرْ يَوْمَ.
(... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إسحقَ المُسَيَّبِى، حدثنا أَنَس! - يَعْنِي ابْنَ عِياضٍ.
ح وَحَدثَّنِى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَا ثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، كِلاهُمَا عَنِ مُوسَى ابْنِ عُقْبَةَ.
ح وحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أبُو خَالد الاع حْمَر وَعِيسىَ بْنُ يُونس، عَنْ ابْنِ عَوْنٍ.
ح وحَدثَّنِى عبْدُ الله بْن جَعْفَرِ بْن يَحْمىَ، حدثنا مَعْن، حدثنا ماللث.
ح وحَدثنِى أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ.
حَد*شَا حَمًّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيّوب.
ح وحَدثنَا الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ خمَيد، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبراهيمِ بْنِ سعدٍ، حَد 8لنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ، كُلُّ هَوُلاءِ عَنْ نَافِع، عَنْ ابيقِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمعْنَى حَديث عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِع.
غَيْرَ انَّ فِى حَديثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَصَالِحٍ: (حَتَّى يَغيبَ أَحَدُهُمْ فِئ رَشْحِهِ إِلى أنْصَافِ أُذُنَيهِ).
1 6 - (2863) حدثنا قُتَيْبةُ بْنُ سَعيد، حَد 8لنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْن مُحَمَّد - عَنْ
ثَورٍ، عَنْ أَبى الغَيْثِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنًّ رَسُولَ اللَّه على قَالَ: (إِنّ العَرقَ - يَوْمَ القِيَامَة - لَيَدْهَبُ فِى الأَرْضِ سَبْعين بَاعًا، ياِنَّهُ لَيَبْلُغُ إِلَى أَفْوَاه النَّاسِ - أَوْ - إِلى اَذَاثِهِمْ) يَشُك ثَوْر أَيَّهُمَا قَالَ.
وقوله: (يقوم أحدهم فى رشحه إلى أنصاف أذنيه "، وقوله: " يكون الناس على
قدر أعمالهم فى العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيثلا الى قوله: "ومنهم من يلجمه إلجاما ": يحسمل أن يريد: عرقه نفسه ؛ لحذره وخوفه وما يشاهده من تلك ال الهوال أو يؤمله ويرجيه، فيكون عرقه بقدر ذلك.
ويحسمل أن يكون عرقه وعرق غيره، فيخفف عن بعض، ويشدد
(8/392)
كتاب الجنة / باب فى صفة يوم القيامة...
إلخ 393 62 - (2864) حَد، شَا الحَكْمُ بْنُ مُوسَى أبُو صَالِحٍ، حَد، شَايحيى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ
عَبْدِ الرخْمَنِ بْنِ جَابِر، حَدثَّنِى سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، حَدثَّنِى المِقْدَادُ بْنُ الا"سْوَد قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: "تُدْنى الشَّمْسُ - يَوْمَ القِيَامَةِ - مِنْ الخَلقِ، حَتًّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقدَارِ مِيلٍ لما.
قَالَ سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ: فَوَالله، ما ادْرِى مَا يَعْنِى بالميلِ ؟ أَمَسَافَةَ الارْضِ، ام الميلَ الَّذى تُكْتَحَلُ بِهِ العَيْنُ.
ًَ
قَالَ: " فَيَكُونُ النَّاسُ عَلى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فِى العَرَقِ، فِمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى كَعْبَيه، وَمنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى رُكْبَتيه، وَمنْهُمْ مَنْ يَكُونُ إِلَى حَقْوَيه، وَمنْهُمْ مَنْ يُلجمُهُ العَرَقُ إِلجًامًا ".
فَالَ: وَأَشَارَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِيَلِهِ إِلَى فِيهِ.
على آخرين بحسب أعمالهم كما قال، وهذا كله بتزاحم الناس، وانضمام بعضهم لبعض، حتى صار العرق بينهم سائحا فى وجه الاَرض، كالماء فى الاَوانى، بعد اْن شربت منه الأرض، وغاص فيها سبعين عامًا أو باعًا أو ذراعًا، كما جاء فى الحديث نفسه.
وتقدم تفسير (الحقو) أنه معقد الإزار، وقيل: الحقوان: طرفا الوركين.
394
(8/393)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها.
فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار
(16) باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار
63 - (2865) حدثنى أبُو غَسَانَ المسمَعِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَفدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ - وَاللَّفْظُ لأبِى غَسَّانَ وَابْنِ المُثنى - قَالا: حَدعشَا مُعَاذُ بْنُ هِشَابم، حَدثنى أبى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ الشِّخِّير، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَار المُجَاشعِىًّ ؛ أَنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَالَ - ذَاتَ يَوْمٍ فِى خُطبَته -: (أَلا إِنَّ رَبى أَمَرَنِى أَنْ أعَلِمَكُم مَأ جَهِلتُمْ ممَّا عَلَمًنِى، يَوْمِى هَدَا.
كُل مَألٍ نَحَلتُهُ عًبْداً حَلال!، ص!نِّى خَلَقْتُ عبَادى حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، صإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَأ أحلًلتُ لَهُمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ
وقوله فى خطبته: دا إن ربى - عز وجل - أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم مما علمنى يومى هذا، كل مالٍ نحلته عبدًا حلال، وإنى خلقت عبادى حنفاء كلهم، د نهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم) الحديث، وفيه: " فإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب دا وفيه: " وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرأه نائما ويقظان)، قال الإمام: أما قوله: "كل مال نحلته عبدًا حلال) فالمراد به ما لا حق فيه لاءحد ولا سبب يحرمه، والقصد: أن ما خلقه الله - سبحانه - فى الأرض وغيرها مما ينتفع الناس به فإنه حلال، ولم يرد أنه لا يرزق الحرام كما قالت المعتزلة، ولا يغتر بظاهر هذا إن كل مال نحله حلال.
وهذا يدل على أنه لا يحل الحرام ؛ لاكن القصد بالحديث ما قلناه، وقد قام الدليل على أن الله - سبحانه - يرزق الحلال والحرام، لاكن الرزق عندنا هو ما ينتفع به، وكل منفعة فالله خالقها.
وأما قوله: " فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب) فالأظهر أنه اْراد
قبل بعثة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لاكن العرب كانت حينئذٍ ضلالا، والعجم إلا بقايا من أهل الكتاب، كما قال - عليه السلام.
قال القاصْى: المقت: أشد البغض.
وقوله: (نحلقت عبادى حنفاء)، بمعنى قوله: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ
الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (1)، وقد استوعب القول[ قبل فيه] (2) فى موضعه.
وقوله: "فاجتالتهم الشياطين دا كذا روايتنا فيه بالجيم عند أكثر شيوخنا: الأسدى والخشنى وغيرهما، وضبطناه عن الحافظ أبى على: (فاختالتهم) بالخاء.
ومعنى رواية الجيم - وهى أوضح
(1) 1 لروم 30.
(2) فى خ: فيه قبل.
(8/394)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار 395 يُشْرِكُوا بِى مَا لَمْ أُنْزِلْ به سُلطَانًا، وَإِنَّ الله نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الا"رْضِ فَمَقَتَهُمْ، عَربَهُمْ وَعَجَمَهُمْ، إِلا بَقَايا مِنْ أً هلِ الكِتَابِ.
وَقَالَ: إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لا"بْتَلِيَكَ وَابْتَلِىَ بِكَ، وَأَنْزَلتُ عَلَيْكَ كِتَابَا لا يَغْسِلُهُ الماءُ، تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ، ! إِن اللهَ أَمَرَنِى أَنْ أُحَرِّقَ قُرَيْشَا.
!تُ وأبين -: أى استخفوهم فذهبوا بهم، وجالوا معهم، وساقوهم / إلى ما أرادوه بهم أو بمثله، فسره الهروى (1) وغيره.
وقال شمر: اجتال الرجل الشىء: ذهب به وساقه، واجتال أموالهم واستجالها: أى ساقها وذهب بها.
ومن رواه: " اختالتهم) بالخاء فقد يصح عندى أيصا، ويكون معناه: يحبسونهم عن دينهم ويصدونهم عنه، ويتعاهدونهم ويلازمونهم فى ذلك.
وقد قيل فى قوله: (يتخولهم بالموعظة،: أى يحبسهم عليها، كما يحبس خوله ويتعهدهم، قاله ابن الصابونى (2).
وقال الفراء: الخائل: الراعى للشىء الحافظ له، وقد خال يخول واختال، افتعل من هذا - والله أعلم.
وقوله: " انما بعثتك لأبتليك وأبتلى بك): البلاء: المحنة والاختبار والتجربة.
واستعمل فى الخير والشر، يقال: بلوته وابتليته، يقال: اللهم لا تبلنا إلا بالتى هى أحسن، قال الله تعالى: { وَلِيُبْلِىَ الْمُومينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا} (3).
وأكأ ما ررص هـ رضا فى المكروه ومنه فى الدعاء: (نعوذ بك من جهد البلاَ) (4).
ومعناه: أمتحنك بما تلاقيه من الصبر على أذى المشركين، وأمتحنهم بما لقوا منك من القتل والجلاَ.
وأما قوله: " وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائمًا ويقظان)، قال الإمام: فيحتمل أن يشير إلى أنه أودعه قلبه، وسهل عليه حفظه، وما فى القلوب لا يخشى عليه الذهاب بالغسل.
ويحتمل أن يريد الإشارة إلى حفظه وبقائه على مر الدهر، فكنى عن هذا بهذا اللفظ.
وقوله: " تقرؤه نائما ويقظان) يحتمل أن يريد أنه ( صلى الله عليه وسلم ) يوحى إليه فى منامه كما يوحى إليه فى يقظته، وأن ما يراه فى منامه من ذلك حق موئوق به كما يوثق باليقظة، ولا يبعد أن البارى - سبحانه - يريد فى المنام اية من القرآن يقرؤها تقدم إنزالها، اْو يكون أعلم بصحتها يقظان.
ويحتمل أنه يقرؤه مضطجعًا كما يقرؤه قائما.
وسمى المضطجع
(1) انظر: غريب الحديث 2 / 22.
(2) هو أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن بن عبد الله، من أهل قرطبة، رحل إلى المشرق، روى هنالك عن إلماب!ى وأبى القاسم الخيمى والداودى وغيرهم، توفى سنة 423 هـ.
انظر: الصلة لابن بشكوال (3) 1 لأنفال 170.
(4) سبق فى كالذكر، برقم (53).
108 / ب
396 (8/395)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار رَبِّ، إِذًا يَثْلَغُوا رَأسِى فَيَدَعُوهُ خُبْزَة.
قَالَ: اسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخرَجُوكَ، وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ، وَأنْفِقْ فَسَنُنْفِق عَلَيْكَ، وَابْعَث جَيْشئا ثَبْعَثْ خَمْسَةً مِثْلَهُ، وَقَاتِلْ بمَنْ أطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ.
قَالَ: وَأَهْلُ الجَنَّة ثَلاثَةٌ: ذُو سُلطَانٍ مُقْسِط مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ القَلبِ لكُلِّ ذِى قُرْبَى وَمُسْلمٍ، وَعَفي! مُتَعَفِّفٌ ذو عِيَالٍ.
قَالَ: وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَة: الضَّعِيفُ الَّذِى لا زَبْرَ لَهُ، الًّذينَ هُمْ فَيكُمْ تَبَعًا، لا يتْبَعُونَ أَهْلأ وَلا مَالا، والخَائِنُ الَّذِى
نائما مجازاً ؛ لاءن المضطجع يصلى كذلك إذا عجز عن القيام أو لعذر، لكن فوله: (يقظان) لا يكون فيه مقابلة لقوله: (نائما) إذا تأولناه على المضطجع، فيكون التأويل الا"ول ترجح بما فى لفظه حين المماثلة.
هذا الذى يظهر لى فى تأويل هذه الاَلفاظ، ولم أقف فيها لأهل العلم على شىء،
غير أن الشيخ اْبا بكر بن فورك تكلم على قوله - عليه السلام -: ا لو جعل القرآن فى اهاب ما احترق " (1).
وذكر فيه تأويلات[ كثيرة] (2)، منها: أن المراد به أنّ الإنسان الواعى للقراَن لا يحترق.
ومنها: اْنّ ذلك مخصوص بعصر النبى - عليه السلام - علامة لنبوته.
ومنها: أنّ المراد به أنّ القرآن فى نفسه لا يحترق، دإن احترق الإهاب والمداد، قال: وهذا كقوله: " كتابا لا يغسله الماء) يعنى أنه لا يفنى ولا يدرس.
وتأويله هذا نحو ما تأولناه.
وكنت تأولت الحديث على ما قدمته قبل أن أقف للشيخ أبى بكر على هذا الفضل.
وقوله: (وإنّ الله أمرنى أنْ أحرق قريشا "، وقوله: " إذاً يثلغوا رأسى فيدعوه خُبزقد، قال القاصْى: كذا هو بالثاء والغين المعجمة، ومعناه: يشدخوا.
قال الهروى (3): الثلغ: الشدخ.
قال شمر: الثلغ: فضخك الشىء الرطب بالشىء اليابس، الثلغ، والفضخ، والشدخ بمعنى.
وفى رواية العذرى: (يقلعوا) بالقاف والعين المهملة، ولا يصح مع قوله: " فيدعوه خُبْزة) أو كما يثلغ الخبزة / كما روى فى غير الاَم (4)، شبه الرأس إذا شدخ بالخبزة إذا شدخت لتثرد (5) وتسقى بالدهن والمرق.
ووجدته عند بعضهم: " يفلغوا) بالفاء والغين المعجمة.
ووقع فى غير كتاب مسلم ة (تفلعوا لا بالفاء والعين المهملة، ومعناه: يشقوا.
وكذا رواه الخطابى (6)، وذكره اْيضا الهروى وفسره، وقال لى شيخنا أبو الحسين: انه بالمعجمة قال: ويقال بالمهملة، وبها حكاه الخليل، قال: ومنه: تفلعت البطيخة.
وقوله: (الضعيف الذى لا زبر له دا، قال الإمام: معناه: الذى لا عقل له.
وقوله
هذا قول الهروى.
وقال غيره: معناه: الذى ليس عنده ما يعتمد عليه وقد ذكر الإمام ما
(1) أحمد 4 / 151.
(3) انظر: غرب الحديث 2 / 25.
(5) فى!: ليترد د.
(2) من !.
(4) أحمد 162 / 4.
(6) انك: غريب الحديث 1 / 676.
(8/396)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار 397 لا يَخْفَى لَهُ طَمَع، وَإِنْ دَقَّ إِلا خَانَهُ، وَرَجُل لا يُصْبِحُ وَلا يُمْسِى إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ ".
وَذَكَرَ البُخْلَ أَوْ الكَذِبَ " والشِّنْظِيرُ الفَخَاشُ " وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو غَسَّانَ فِى حَلِيثِهِ: (وَأَنْفِقْ فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ).
(... ) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى العَنَزِىُّ، حَد"ننَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدىٍّ، عَنْ سَعيد،
عَنْ قَتَ الةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، ولَمْ يَذْكُرْ فِى حَلِيثِهِ: (كُل مَالٍ نَحَلتُهُ عَبْداً حَلاَلٌ).
َ " (... ) حدثنى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْر العَبْدىُّ، حدثنايحيى بْنُ سَعِيد، عَنْ هِشَامٍ - صَاحِبِ الدَّسْتَوائِىِّ - حدثنا قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّف، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ فسره به فى الاَم مسلم، ولا معنى لذكره فى الشرح ؛ إذ هو فى الاَم.
وقيل: الذى لا مال له.
وقوله: [ " الشنظير الفحاش،، قال الإمام: الشنظير: السيِّئ الخلق.
قال القاضى] (1): هذا تفسير الهروى.
والشنظير: هو الفحاش.
قال فى حديث:
قال صاحب العين: شنظر بالقوم شتم أعراضهم، والشنظير: الفحاش من الرجال القَلق، وكذلك من الإبل.
وقوله (وذكر البخل والكذب " هكذا روايتنا فيه عن جماعة بواو العطف، ووقع فى بعض النسخ: (أو الكذب " على الشك، وهى روايتنا عن اْبى جعفر عن الطبرى.
قال بعض الشيوخ: ولعله الصواب، وبه تصح القسمة ؛ لاَنه ذكر أن أصحاب النار خمسة: الضعيف الذى وصف، والخائن الذى وصف، والرجل المخاح الذى وصف.
قال: وذكر البخل أو الكذب، ثم ذكر الشنظير الفحاش، فيحمل هذا القائل أن الرابع هو صاحب اخد الوصفين.
وقد يحتمل أن يكون الرابع من جميعهما، على رواية واو العطف كما جمعها فى " الشنظير الفحاش) على تفسير الهروى ومن وافقه - والله أعلم.
وكذلك قوله قبل: (أهل الجنة ثلاثة ة ذو سلطان متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذى قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال) كذا قيدناه بخفض مسلم عطفا على ما قبله.
وفى رواية أخرى ة " ومسلم عفيف دا بالرفع، وحذف الواو بعده وفى بعضها تخليط يفسد به القسمة والعدد.
قال الإمام: خرج مسلم هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن قتادة، سمعت مطرفا يقول - الحديث.
هكذا يروى عن الجلودى والكسائى وفى نسخة ابن ماهان: قال يحيى، قال سعيد عن قتادة: سمعت مطرفا بهذا الحديث.
جعل (سعيدا) بدل " شعبة).
(1) فى هامش خط.
109 / ب
لما 3 (8/397)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار ( صلى الله عليه وسلم ) خَطَبَ ذَاتَ يَوْبم.
وَسَاقَ الحَدِيثَ.
وَقَالَ فِى اَخِرِهِ: قَالَ يحيى: قَالَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَ الةَ.
قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا فِى هَذَا الحَدِيثِ.
64 - (... ) وحدثنى أبُو عَمَّار حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْث، حَدثنَا الفَضْلُ ثنُ مُوسَى، عَنِ الحُسَيْنِ، عَنْ مَطَر، حَدثنِى قَتَادَةُ، عنْ مُطَرَّفِ بْنِ عَبْد الله بْنِ الشِّخيرِ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ حمَار، أخِى بَنِى مُجَاشِع، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ذًاتَ يَوْبم خَطيئا.
فَقَالَ: (إٍ ن اللَهَ أمَرَنِى) وَسَاقَ الحَديثَ بِمِثْلِ حَديث هَشَامٍ عَنْ قَتَ الةَ.
وَزَادَ فيه: (وَأَنَّ الله أَوْحى إِلىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَد عًلَىَ أَحَد، وَلا يَبْغِى أحَد عًلَىَ أحَد).
وَتَالَ فِى حَلِيثِهِ: (وَهُثم فِيكُمْ تَبَغا لا يَبْغُونَ أهْلأ وَلا مَالأ).
فَقُلتُ: فَيَكُونُ ذَلكَ يَا ابَا عَبْدِ اللهِ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَالله، لَقَدْ ادرَكْتُهُمْ فِى الجَاهليَّةِ،
"نَّ الرَّجُلَ لَيَرْعَى عَلَىَ الحَىِّ، مَا بِهِ إِلا وَلِيدَتُهُمْ يَطَوُهَا.
قأل القاصْى: كذا نص ما علق عن الإمام، وفيه تغيير فى الأم من كلام المتكلم عليه بهذا، وهو الحافظ أبو على الجيانى - رحمه الله - فإن مسلما إنما خرجه أولا من غير طريق يحيى عن هشام، ثم قال: وقال فى آخره: قال شعبة: قال قتادة: قال: سمعت مطرفًا فى هذا الحديث.
وها هنا وقع الخلاف بين الروايات، ولذلك نقله الجيانى فى كتابه.
ونقل المعلم يشعر أن الخلاف فيما بين سياق المسند (1) وحكاية يحيى، فانظره.
وسعيد هذا هو ابن أبى عروبة، وهو الذى رواه عند مسلم، فقيل من طريق ابن
[ أبى] (2) عدى، فيحتمل اْن يحيى سمعه من شعبة ومن سعيد، فكلاهما يروى عن قتادة، لكن فى قول يحيى: عمن قال / منهما عن قتادة: سمعت مطرفا، حجة قوية لمسلم، وذلك أن هذا الحديث له علة ؛ ولذلك - والله أعلم - لم يخرجه البخارى، فإن ما (3) رواه عن قتادة قال: حدثنى أربعة عن مطرف بن عبد الله، منهم يزيد بن عبد الله أخو مطرف، والعلاء بن زياد، ورواه عنهما عن همام بن أبى خيثمة وابن أبى شيبة، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، ويزيد اْخى مطرف وعقبة بن عبد الغافر عن مطرف، إذ هما أعلا وأحفظ، ولم يبال بمن خالفهم، واستشهد بما حكاه يحيى عن شعبة أو سعيد من قول قتادة: سمعت مطرفا.
فأزال إشكال العنعنة.
وقوله فى آخر الحديث: (فقلت: ويكون ذلك يا أبا عبد الله ؟ دا يعنى قاله قتادة لمطرف " قال: نعم، والله لقد أدركتهم فى الجاهلية) الحديث: دل على صحة صحبة
(1) فى خ: السخد.
(2) من !.
(سن) فى خ: همام.
(8/398)
كتاب الجنة / باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل النار 399 مطرف لإدراكه الجاهلية، د ان كان أبو عمر بن عبد البر لم يدكره فى كتابه (1)، ومن شرطه أن يذكره ؛ لأنه ولد فى زمنه - عليه السلام.
وقد ذكر ابن أبى خيثمة عن أخيه يزيد بن عبد الله قال: أنا أكبر من الحسن بعشر سنين، وأخى مطرف أكبر منى بعشر سنين، وولد الحسن - فيما قاله الواقدى - لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب.
وقد ذكر اْن عمر - رحمه الله - أغزاه مددا للأحنف إلى نيسابور.
وذكر ابن قتيبة: ولد مطرف فى حياة النبى - عليه السلام - ومات عمر وهو ابن عشرين سنة وتوفى بعد سنة سبع وثمانين.
(1) يقصد: الاستيعاب فى معرفة الا"صحاب.(8/399)
كتاب الجنة / باب عرض مقعد الميت من الجنة اْو النار...
إلخ
(17) باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه
ياثبات عذاب القبر، والتعوذ منه
65 - (2866) حدثنايحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ غَلَيْهِ مَقْعَدهُ بالغَدَاةِ وَالعَشِى، إِنَّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّة، وَإِنْ كَانَ مِنْ أهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ.
يُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيًامَةِ لما.
66 - (... ) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهْرِىِّ،
عَنْ سَالِبم، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ ألنَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " إِذَا مَاتَ الرخلُ عُرِضَ عَلَيْه مَقْعَدُهُ بالغَدَاة وَالعَشِى، إِنْ كَانَ منْ أهْلِ الجَنَّةِ فَالجَنَّة، دإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَالنَّارُ) قَالً: (ثُمَّ يُقَالُ:، هَذَا مَقْعَدُكَ الَّذِى يهَعَثُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ".
67 - (2867) حدثنا يَحْمىَ بْنُ أيُوبَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ ألِى شَيْبَةَ، جَمِيغا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حدثنا ابْنُ عُليَةَ.
قَالَ: وَاخْبَرَنَا سَعِيدٌ الجُرَيْرِىّ عَنْ ابى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعيدٍ الخُدْرِىِّ، عَنْ زَيْد بْنِ ثَابِت.
قَالَ أَبُو سَعيد: وَلَمْ أَشْهَدْهُ مِنَ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَكِنْ حَد"شِيه زَيْدُ بْنُ ثَابت قَالً: بَيْنَمَا ألنَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) فى حَأئط لِبَنِى النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَة لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذَ حَادَتْ به فًكَادَتْ تُلقِيهِ.
وَإِذَا أقْبُرٌ سِتًّةٌ أوْخَمْسَةٌ أوْ أرْبَعَةٌ - قَالَ: كَذا كَانَ يَقُولُ الجُرَيْرِىّ - فَقَالً: (مَنْ يَعْرِفُ اصْحَابَ هذه الأقْبُرِ ؟) فَقَالَ رَجُلٌ: انَا.
قَالَ: (فَمَتَى ماتَ هَوُلاءِ ؟ لما قَالَة مَاتُوا فِى الإِشْرَاكِ.
فَقًالً: (إِنَّ ! نِهِ الأمةَ تُبْتَلَى فِى قُبُورِهَا، فَلَوْلا وقوله - عليه السلام -: { يُثت الثَهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِت} (1) نزلت فى عذاب القبر)، (2) قال الإما أ: عذاب القبر ثابت عند اْهل السنة، وقد وردت به الآثار، وقال تعالى: { النَّارُ يُعْرَضونَ عَلَيْهَا غدُوًّا وَعَشا} (3)، وقال: { قَالُوا رَبا اَمَتَّنَا اثْتيْنِ وَأَحْيَيْتا اثْنَتَيْن} (4) ولا يبعد فى العقل أن يعيد الله - تعالى - الحياة فى بعض أجزاء الجسد ولا يبعد هذا بالاسئبعاد لما بيناه، ولا بقوله تعالى: {لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَن} (5)؛
(1)! برا هيم: 27.
(2) حديث رقم (73) بالباب.
(3) غافر: 46.
(4) غافر: 11.
(5) 1 لد خان: 56.(8/400)
كتاب الجنة / باب عرض مقعدالميت من الجنة أوالنار...
إلخ 401 أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ الله أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ الَّذِى أسْمَعُ منْهُ) ثُمَّ أقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: " تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ عَذَابِ الئارِ).
قَالُوا: نَعُوذُ باللهَِ مِنْ عَدَابِ النَّارِ.
فَقَالَ: (تَعَوَّذُوا بالله مِنْ عَذَاب القَبْرِ لما.
قَألُوا: نَعُوذُ بالله مِنْ عَذَابِ القَبْرِ.
قَالَ: (تَعَوَذُوا بالله مِنْ الفتَنَ، مَا ظَهَرَ منْهَا وَمَا بَطَنَ لما.
قَألُوا: نَعُوذُ بالله مِن الفتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنً.
قَالً: (تَعَوَّذُوا بَالله مِنْ فتْنَة الدَّجَّألِ ".
قَألُوا: َ نَعُوذُ باَلله مِنْ فتْنَة الحَّخألِ.
ًً
68 - (2868) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ انَسبى ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: "َ لَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ الله أنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
لاَنه يحتمل أن يريد به الموتة التى فيها جزع وغضض، وموتة القبر ليست كذلك.
ويحتمل أيضا ال يريد جنس الموت، ولم يرد موتة واحدة، فإذا احتمل لم يرد به ما قدمناه من الظواهر والاءخبار.
قال القاصْى: ذكر المسلم فى هذا الموضع اْحاديث كثيرة فى عذاب القبر، وإسماع صوت من يعذب فيها، وسمع الموتى قرع نعال دافنيهم، وكلامه لاَهل القليب، وقوله: (ما اتتم بأسمع منهم دا، وسؤال الملكين للميت ! إقعادهما إياه، وجوابه لهما، والفسح له فى قبره، وعرض مقعده عليه بالغداة والعشى.
وهذا كله قد تقدم فيه لنا كلام فى كتاب الصلاة (1) والجنائز (2)، وأن مذهب أهل السنة تصحمِح هذه الاَحاديث دإمرارها على وجهها ؛ لصحة طرقها، وقبول السلف لها.
خلافًا لجميع الخوارج، ومعظم المعتزلة، وبعض المرجئة ؛ إذ لا استحالة فيها ولا رد للعقل، ولكن المعذب الجسد بعينه بعد صرف الروح إليه أو إلى جزء منه، خلافا لمحمد بن جرير (3) وعبد الله بن كرام (4) ومن قال بقولهما ة من أنه لا يشترط الحياة ؛ إذ لا يصح / الحس والاءلم واللذة إلا من حى، وإن شاهدنا الجسد نحن على هيئته غير معذب، فذلك لا يرد ما جاء كحال النائم، وشبه
(1) باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (584).
(2) باب الصلاة على القبر برقم (956).
(3) انظر: جامع البيان 13 / 218.
(4) هو أبو عبد الله محمد بن كرام السجستانى زعيم الكرامية، أصله من زرنج، شاعت بدعته، حبسه طاهر بن عبد الله بن طاهر.
ومن بدعه أن الإيمان قول د!قرار باللسان.
وبالغ فى الصفات إلى حد التجسيم والثبيه، وأكثر الرواية عن الكذابين.
وقال ابن حبان خذل خى التقط من المذاهب اْرثاها، ومن الأحاثيث أرثاها.
توفى سنة 255 هـ.
انظر: لسان الميزان 5 / 400، الملل والنحل 1 / 108.
402(8/401)
كتاب الجنة / باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار...
إلخ 69 - (2869) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع.
ح وَ حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حدثنا أبِى خ وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنْى وَابْنُ بَث!ئَارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، كُلُفُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ.
ح وحَد 8شِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وابْنُ بَشَّار، جَمِيغا عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْر - حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيد، حدثنا شُعْبَةُ، حَدثنِى عَوْن بْنُ أبِى جُحَيْفَةَ، عَنْ أبِيه عَنْ البَرَاء، عَنْ أبِى أيّوبَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَسَمِعَ صَوْتًا، فَقَالَ: َ (يَهُودُ تُعَذَّبُ فِى قُبُورِهَا).
0 7 - (2870) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَد*شَا يُونُسُ بْن مُحَفد، حَد 4شَا شَيْبَانُ بْنُ
عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ قَتَ الةَ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالًك قَالَ: قَالَ نَبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِه، وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ، إِنَهَُ لَيَ!مَعُ قَرْعَ نعَالِهِمْ).
قَالَ: (يَأتيه مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَنَا الرَّجُلِ ؟) قَاَلَ: (فَأمَّا المُؤْمِنُ فَيَقُوَلُ: أشْهَدُ أنَه عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ) قَالَ: (فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، قَدْ أبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَذا مِنَ الَجَنَّةِ).
قَالَ نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَيَراهُمَا جَمِيعًا).
قَالَ قَتَادَةُ: وَذُكِرَ لَنَا أئهُ يُفْسحُ لَهُ فِى قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُمْلأُ عَلَيْهِ خَضِرًا إِلَى يَوْم
الأموات من المرضى، وأصحاب السكتات مع الجلوس بالتذاذه (1) والامه بمرائيه واْحلامه، ونحن لا نشاهد ذلك منه، إذ واجد اللذة والألم منه مكان الإدراك وكذلك إقعاده الوارد فى الحديث يحتمل أن يختص بالمقبور دون المنبوذ، وصفة إقعاده مغيبة عن العيون، وكذلك ضربه بالاءرزبتين الوارد فى الحديث، فلا يبعد التوسع له فى لحده والإقعاد له، والمحاورة ثم تنعيمه[ أو تعذيبه] (2) فانظر تمام الكلام هناك، وبسطه هناك.
وأما قوله: " هذا مقعدك، حتى يبعثك الله إليه لما فتنعيم المؤمن وتعذيب الكافر بمعاينة ما اْعد الله لكل واحدٍ منهما، وانتظار ذلك إلى اليوم الموعود.
وأما قوله: " فينفسح له فى قبره) فيحتمل أن يكون على ظاهره وأنه ترتفع الحجب
عن بصره مما يجاوره من الأجسام الكثيفة بمقدار ما أراد الله له من ذلك حتى لا تناله (3) ظلمة الفبر ولا ضيقه متى رد روحه إليه فيه وحصل له الحس، أو يكون على ضرب المثل والاستعارة للرحمة والنعيم، كما يقال: برد الله مضطجعه، وسقى قبره.
وقوله فيه: لا ويملأ عليه خضرا): أى نعمًا غضة ناعمة.
وأصله من خضر (4)
(1) فماخ: فما التذافه.
(3) فى!: يناله.
(2) من خ.
(4) فى!: خضيره.(8/402)
كتاب الجنة / باب عرض مقعد الميت من الجنة اْو النار...
إلخ
يبعَثُونَ.
403
71 - (... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَال الضرِيرُ، حَد، شَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حدثنا سَعِيدُ
ابْنُ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَألًك، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَ الميتَ إِذَا وضُعَ فِى قَبْرِهِ، إِنَّهُ لَيَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ إِذَا انصَرَفُوا).
72 - (... ) حدثنى عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَهَّاب - يَعْنى ابْنَ عَطَاءٍ - عَنْ سَعِيد، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ انَسِ بْنِ مَألك ؛ أَنَّ نَبِىَّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
(إِنًّ العَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ، وَتَوَلَّى عَنْهُ اصْحَ الهُ لا فَذَكَرَ بِمِثلِ"حَدِيثِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَ الةَ.
73 - (1 287) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْن عثمَانَ العَبْدِىُّ، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد، شًا شُعْبَةُ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثد، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ البَراءِ بْنِ عَازِب، عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ): قال: { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوًا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} (1).
قَالَ: (نَزَلَتْ فى عَذًاب القَبْرِ.
فَيُقَالُ لَهُ: مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ: رَبِى اللهُ وَنَبِىِّ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَلكَ قَوْلُهُ عَزًّ وَ جَلَّ.
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ امنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِى الاَخِرَةِ} ).
74 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنْى وَابُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، قَالُوا:
حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنُونَ ابْنَ مَهْدِىٍّ - عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبيه، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ البَراء ابْنِ عَازِب: { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَاةِ الَلنيَا وَفِى الآخِرَةِ} قَألَ، نَزَلَتْ فِى عًذَابِ القَبْرِ.
الشجر.
والعرب تقول: أخضر خضر، كما تقول أعور عور للتأكيد فى الوصف.
والخضر والاَخضر بمعنى متقارب، ومنه قول على فى إنذاره بالحجاج: " يأكل خضرتها، ويلبس فروتها).
قال شمر: يعنى غضها وناعمها، ومنه: أخذ الشىء خضرا[ خضرا] (2) أى غضا طريا، ومنه الحديث: " من خضر له فى شىء فليلزمه) (3) اْى مَنْ رزق منه واْعطيه.
وقوله فى حديث يحيى بن أيوب: ([ فجاءت] (4) به ناقته): اْى نفرت ومالت عن الطريق.
وقرع النعل وخفقها ضربها بالأرض.
(1) إبراهيم: 27.
(2) من خ.
(3) ابن ماجه، كالتجارات، بإذا قسم للرجل رزق من وجهه فليلزمه، رقم (2147).
(4) من المطبوعة فما حديث رقم 67 من هذا الكتاب.
404(8/403)
كتاب الجنة / باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار...
إلخ 75 - (2872) حدثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرىُّ، حَدّثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدثنَا بُدَيْل، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
قَالَ: (إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِنُ تَلَفاهَا مَلَكَانِ يُصْعِدَانِهَا)
قَألَ حَمَّاد: فَذَكَرَ مِنْ طِيبِ رِيحِهَا، وَذَكَرَ المِسْكَ.
قَألَ: (وَيَقُولُ أَهْلُ السَّمَاء: رُوح طيَبة جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الأرْضِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْكِ وَعَلَى جَسَدٍ كُنْتِ تَعْمُرِينَهُ.
فَيُنْطًلَقُ بِهِ إِلَى ربِّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ يَقُولُ: انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى اَخِرِ الأجَلِ).
قَالَ: ا دانَ الكَافِرَ إِذَا خَرَجَتْ رُوحُهُ - قَالَ حَمَّاد: وَذَكَرَ مِنْ نَتْنِهَا، وَذَكَرَ لعْنًا - وَيَقُولُ أَهْلُ السًّمَاءِ: رُوح خَبِيثَة جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الارْضِ.
قَالَ: فَيُقَالُ انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى آخِرِ الأجَلِ ".
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَبْطَةً، كَانَتْ عَلَيْهِ، عَلَى أنْفِهِ، هَكَنَا.
76 - (2873) حدثنى إسْحقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيط الهُنَلِىُّ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَف
عَنْ ثَابت.
قَالَ: قَالَ أَنَس!: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ.
ح وَحَدثًنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدّثنَاَ سُلًيْمَانُ بْنُ المُغَيرَة، عَنْ ثَابِت، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَة، فَتَراءَينا الهِلَالً، وكُنْتُ رَجُلاً حَديدَ البَصَرِ.
فِرً أَيْتُهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ راَهُ غَيْرِى.
قَالَ: فَجَعَلتُ أَقُولُ لعُمَرَ: أَمَا تَرَاهُ ؟ فَجَعَل لا يَرَاهُ.
قَالَ: يَقُولُ عُمَرُ: سَارَاهُ وَأَنَا مُسْتَلق عَلَى فِراشِى.
ثُمًّ أَنْشَا يُحَلفَنَا عَنْ اهْلِ بَدْر فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلَ بَدْرٍ بالأمْسِ، يَقُولُ: " هَذَا مَصْرعُ فُلان غَداً، إنْ شَأءَ اللهُ).
قَألَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِى بَعَثَهُ بالحقِّ، مَا أَخْطَؤُوا الحُدُودَ التىًِ حَدَّ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَجُعِلُوا فِى بئرٍ بَعضُهُمْ عَلَىَ بَعْضٍ.
فانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى انْتَهَى إلَيْهَمْ فَقَالَ: (يَا فُلانَ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلانَ بْنَ فُلالط، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ حَقا ؟ فَإِنِّى قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِى اللهُ حَقا لا.
قَألَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لا أَرْولىَ فِيها ؟ قَالَ: (مَا أَنْتُمْ بِا"سْمَعَ
لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لا يًسْتَطيعُونَ أنْ يرُ!وا عَلَىَّ شَيْئًا لا.(8/404)
كتاب الجنة / باب عرض مقعدالميت من الجنة أوالنار...
إلخ 405 77 - (2874) حدثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد، حَد"ننَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابت البنَانِىِّ،
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَرَكً قَتْلَى بَدرٍ ثَلاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عَلًيْهِم فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: " يَا أَبَا جَهلِ بْنِ هِشَام، يَاَ أُميةَ بْنِ خَلَف، يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا شَيْبَةَ بْن رَبِيعَةَ، أَليْسَ قدْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكم حقا ؟ فَإنِّى قَدًْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِى ربِّى حَقا لما.
فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: يَا رسُولَ اللهَ، كَيْفَ يَسْمَعُوا وَأَنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جيَّفُوا ؟ قَالَ: " وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِه، مَا أَنْتُمْ بأَسْمَعَ لِمَاَ أَقُولُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجيِبُوا) ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَسُحِبُوا، فَاءُلقُوا فِى قَلِيبِ بَدْرٍ.
78 - (2875) حدثنى يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ المَعْنِىُّ، حَد - ننَا عَبْدُ الا"عْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، عَنْ ابِى طَلحَةَ.
ح وَحَد"شيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد، شَا رَوْحُ بْنُ عُبَ الةَ، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِىً عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ.
قَالَ: ذً كَرَ لَنَا انَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أبِى طَلحَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ، وَظَهَرَ عَلَيِهِمْ نَبِىُّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَمَرَ بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاَ - وَفِى
وقوله: " ترك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قتلى بدر ثلاثا، ئم أتاهم فقام عليهم فناداهم) الحديث، قال الإمام: ذهب بعض الناس إلى أن الميت يسمع ؛ أخذًا بظاهر هذا.
والذى عليه المحققون أن الله - تعالى - خرق العادة بأن أعاد الحياة إلى هؤلاء الموتى ليفزعهم (1) - عليه السلام - وإلى هذا ذهب قتادة، وقد ذكر الحديث لعائشة فقالت لنا: قال النبى - عليه السلام -: " إنهم الآن ليعلمون أن الذى كنت أقول لهم حق لما ثم قرأت: { َ اٍنَّكَ لا تسْمِع الْمَوْتَى} (2) الآية (3).
فاْنت ترى عائشة كيف أنكرت ظاهر الحديث، وحمولته إلى لفظ اَخر.
والتشكك فى سماع الموتى وحبسهم يخرم (4) الثقة بالعلوم الضرورية.
قال القاضى: والذى يحمل عليه سماع هؤلاء هو ما يحمل عليه سماع الموتى فى سائر أحاديث عذاب القبر وفتنته التى لامدفع فيها، وذلك بإحيائهم د حياء جزء منهم يعقلون به ويسمعون، ويجيبون فى الوقت الذى يريده الله تعالى.
وقوله فى هذا الحديث: " قد جيفوا ": كذا ضبطناه بفتح الجيم، اى أنتنوا.
يقال: جافت الجيفة واجتافت وأروحت بمعنى.
(1) فى ح: فيقرعهم.
(2) الروم: 52.
(3) مسلم، كالجنائز، بالمحت يعذب ببكاء أهله عليه، برقم (932) - (4) فى خط: يمنع.
110 / ب
406(8/405)
كتاب الجنة / باب عرض مقعد الميت من الجنة او النار...
إلخ حَدِيثِ رَوْحٍ: با2 رْبَعَة وَعِشْرِينَ رَجُلأ - مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَ اللقُوا فِى طَوِئّ مِنْ أَطواءِ بَدْر.
وَسَاقَ الحَدَيثَ، بِمَعْنَى حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أنَسٍ.
وقوله فيه: (فألقوا فى طوى من أطواء بدرٍ ): الطوى: البئر المطوية بالحجارة، وجمعها أطواء، وهى بمعنى القليب فى الحديث الاَخر.
وقوله فيه: (فرد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ريطة كانت على انفه هكذا) قال الإمام: الريطة:
كل / ملاءة لم تكن لفقين، وجمعها ريط.
وقال ابن السكيت: كل ثوب لين رقيق فهو ريطة.
قال القاصْى: قوله: " انطلقوا به - يعنى روح المؤمن - إلى آخر الأجل): يعنى -
والله أعلم -: منتهى اْرواح المؤمنين، كما جاء فى سدرة المنتهى.
وذكر مثله فى روح الكافر، والمراد - والله اْعلم - سجين، كما جاء فى الحديث الاَخر (1).
وأما قوله فى روح الكافر، وذكر من نتنها، وذكر لعن كذا، هى فى جميع النسخ كان الوقشى يقول فيها: لعله، وذكر الخراء (2)، كما قال أولا فى روح المؤمن، وذكر المسك [ قال] (3): ويدل عليه رد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الريطة على ائفه.
قال القاصْى: وانما فهب لمقابلة المسك بما ذكر كما قابل الطيب بالنق، وقد يكون هذا ترجيحا لو ساعدته الرواية، دإلا فالرواية بما ذكرناه، ويكون هذا اللفظ لعنًا صحيحًا مقابلاً لقوله فى المؤمن: " صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه) وليس من شرط الكلام أن يتقابل كله، وليس بترجيح مقابلة المسك بهذه اللفظة التى ذكر، ولا تكون الصلاة على المؤمن فى الحديث مقابلة بأولى من مقابلة الصلاة[ للمؤمن] (4) باللحن للكافر، ولا يكون للمسك فيه مقابلة.
ولا حجة فى رد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الريطة على أنفه على إثبات تلك اللفظة، فإن فى الحديث ذكر النق، ومحمل رد الريطة على الأنف بسببه، مع أن[ أمثال] (5) هذه الألفاظ قلما توجد فى لفظه - عليه السلام - بل كان يكنى عنها كثيرا، ولم يكن فاحشا ولا متفحشا.
(1) انظر: جامع البيان للطبرى 0 3 / 1 6، أحمد 4 / 287.
(2) فى ز: الخبر.
(3، 4) فى هامش !.
(5) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.(8/406)
كتاب الجنة / باب إثبات الحساب
407
(18) باب إثبات الحساب
79 - (2876) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، جَمِيفا عَنْ إِسْمَاعيلَ.
قَالَ ابُو بَكْرٍ: حَد، شَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ حُويسِبَ يَوْمَ القيَامَة عُذِّبَ.
فَقُلتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (1) ؟ فَقَالَ: " لَيْسَ ذَاكِ الحِسَابُ، إِنَّمَا ذَاكِ العَرْضُ، مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَوْمَ القِيَامَة عُذِّب).
(... ) حدثنى أَبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ وَأَبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حدثنا أَيُّوبُ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَه.
80 - (... ) وحدثنى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بشْرِ بْنِ الحَكَم العَبْدِىُّ، حَد، شَا يحيى - يَعْنِى
ابْنَ سَعِيد القَطَّانَ - حَد، شَا أَبُو يُونُسَ القُشَيْرِىُّ، حَد، شَا ابْن أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ القَاسِم، عَنْ عَائشَةَ، عَنً النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لَيْسَ أَحَدٌ يُحَايسَبُ إِلا هَلَكَ " قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، ألَيْسَ اللهُ يَقُولُ: { حِسَابًا يَسِيرًا} ؟ قَالَ: (ذَاكِ العَرْضُ، وَلَكِنْ مَنْ نُوقِشَ الحِسَاب هًلَكَ).
(... ) وحدثنى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ، حَدثَّنِى يحيى - وَهُوَ القَطَّانُ - عَنْ عثمَانَ بْنِ وقوله: (من نوقش الحساب عُذِّب، أى مَنْ استقصى عليه، قال الهروى: يقال: انتقشت منه حقى: أى استقصيته منه (2)، ومنه: نقش الشوكة، وهو استخراجها.
ولقوله: " عذب، معنيان: أحدهما: أن نفس مناقشة الحساب، وعرض الذنوب، والتوقيف على قبيح ما سلف له - تعذيب وتوبيخ.
والثانى: أنه مفض الى استحقاق العذاب.
اذ لا حسنة للعبد يعملها إلا من عند الله وتفضله، واقراره له عليها، وهدايته لها، وأن الخالص لوجهه تعالى من الأعمال قليل.
ويؤيد هذا التأويل[ قوله] (3) فى الرواية الأخرى: (هلك " (4) مكان (عذب ".
وهذا الحديث مما تتبَّعه الدارقطنى (ْ) على
(1) 1 لا نشقاق: 8.
(2) انظر: غريب الحديث 1 / 1ْ2، 2ْ2.
(3) من خط -
(4) من الحديث رقم (80) من هذا الكتاب.
(5) الإلزامات والتتبع حديث رقم (190) ص 348، 349 -
1 / 111
408(8/407)
كتاب الجنة / باب إثبات الحساب
الأسْوَدِ، عَنِ ابْنِ ابِى مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ نُوقِشَ الحِسَاب هَلَكَ) ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِى يُونُسَ.
مسلم والبخارى، للاختلاف فيه عن ابن أبى مليكة (1)، فروى عنه عن عائشة، وروى ابن القاسم عنها فى أول اسناد حديث قتلى بدر: حدثنا إسحق بن عمر بن سليط الهذلى، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس.
قال الإمام: قال بعضهم فى نسخة ابن الحذاء: حدثنا شيبان بن عبد الرحمن، حدثنا سليمان، وهو خطأ فاحش، وصوابه: شيبان بن فروخ[ وهو الأيلى، من شيوخ مسلم] (2) وأما شيبان بن عبد الرحمن فهو النحوى، يكنى أبا معاوية، وليس هو فى طبقة من يروى عنه مسلم، هو أعلى من ذلك.
قال القاصْى: وعلى الصواب رويناه عن جماعة شيوخنا إلا من هذا الطريق.
وفى هذا الحديث إعلام من أعلام نبوة نبينا - عليه السلام - بإعلامه ما ذكر فيه من مصارع القوم يوم بدر، وقول عمر: (فما أخطؤوا / الحدود التى حدها رسول الله)، ! اخباره عنهم بسماع توبيخه داظهار ما أخبر عن الله ائه وعده به من نصره.
(1)
(2)
ذكر القاضى - رحمه الله - هذا الانتقاد من غير أن يرده، والظاهر أنه لم يبال به من شهرة استطلاع عند المحدثين، فعبد الله بن عبيد الله ثبت، له العلو فى هذا الحديث، ثم العجب من الدارقطنى - رحمه الله - ينتقد الشيخين لأجل مذا، وهو الذى يروى عنه عن أم سلمة مباشرة حديث قراءة البسملة قبل الفاتحة، ثم يقول: إسناثه صحيح، كلهم ثقات.
انظر: سق الدارقطنى 1 / 313.
د انا أثبت الدارقطنى سماع ابن أبى مليكة عن ام سلمة فلم ينتقد سماعه عن عائشة وهو أكثر روايةً عن أم سلمة، وقد قال البخارى عن ابن أبى مليكة: سمع ابن الزبير وابن عباس وعائشة - رضى الله عنها.
انظر: التاريخ الكبير 5 / 137.
سقط من ح.(8/408)
كتاب الجنة / باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت
(19) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت
409
1 8 - (2877) حدثثايحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَايحيى بْنُ زَكَرِيَاءَ، عَنِ الأعْمَش، عَنْ
أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ.
سَمِعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلاث يَقُولُ: ا لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ باللهِ الظَّنَّ ".
.
(... ) وحدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد"ننَا جَرِير!.
ح وَحَدءَّننَا أَبُو كُرَيْمب، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد - ننَا إِسْحقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أَخْبَرَنَا عيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، كُلُهُمْ عَنِ الالمحمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
82 - (... ) وحدثنى أَبُو دَاوُدَ، سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، عَارِم!، حَدءَّننَا مَهْدِىُّ بْنُ مَيْمُون، حَدّثنَا وَاصِل، عَنْ أَبِى الزُبيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الا"نْصَارِىِّ، قَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ ائله ( صلى الله عليه وسلم ) قَبْلَ مَوْتِه بثلاثة أَيَّامٍ يَقُولُ: " لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلا وَهُوَ يُحْسِنُ الظًّنَّ بالله عَر وَجًلَّ).
ً
83 - (2878) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، قَالا: حدثنا جَرِيرٌ،
عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قًالَ: سَمِعْتُ النَّبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ".
وقوله: "لا يموتن أحدكم إلا وهويحسن الظن بالله لما: تحذير من القنوط المهلك، وحض
على الرجاء عند الخاتمة ؛ لئلا يغلب عليه الخوف حينئذ فيخشى غلبة اليأكميما والقنوط فيهلك.
وعبادة الله انما هى من أصلين: الخوف والرجاء.
فيستحب غلبة الخوف ما دام الإنسان فى خيرية (1) العمل، فإذا دنى الاَجل وذهب المهل، وانقطع العمل، استحب حينئذ غلبة الرجاء ؛ ليلقى الله - تعالى - على حالة هى أحب الاَحوال إليه جل اسمه ؛ إذ هو الرحمنما الرحيم، ويحب الرجاء (2) واثنى على نبيه - عليه السلام - بذلك.
ويؤيد ما قلناه قوله فى الحديث بعد هذا: " يبعت كل أحد على ما مات عليه)،
فهذا جامع لهذا ولغيره، وأن العبد يبعث على الحالة التى مات عليها (3).
ونُبْه مسلم -
(1) فاحش - مهلة.
(3) ساقطة من ز.
(2) فا خط.
الرحماء.
410(8/409)
كتاب الجنة / باب ال المر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدّثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: عَن النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ.
84 - (2879) وحدثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْمىَ التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى حَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَائا، أَصَابَ العَذَابُ مِنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى اعْمَالَهِمْ).
رحمه الله - بذكره هذا الحديث بعقب الذى قبله يدل على سعة معرفته، وأنه أورده على معنى التفسير له - والله أعلم - ثم جاء بعده بالحديث الآخر بقوله: دا ثم بعثوا على أعمالهم) ليرى أن ذلك الحديث[ الذى] (1) قبله - وإن كان مفسراً لما تقدم - فليس مقصوراً عليه، دإنما هو عام فى ذلك وفى غيره ؛ بدليل هذا الآخر، ثم وصل به ابتداء.
(1) ساقطة من ز.(8/410)
كتاب الفتن / باب اقتراب الفتن...
إلخ
411
بسم الله الرحمن الرحيم
52 - كتاب الفتن وأشراط الساعة
(1) باب اقتراب الفق، وفتح ردم يأجوج ومأجوج
ا - (.
لمه 2) حدَّثنا عَمْرو النَّاقِدُ، حَدثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَفَ
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ امِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ حَبيبَةَ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) استَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ: " لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَيْل لِلعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْم يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثْلُ هَنِهِ لما وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً.
قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ لا.
(... ) حذَثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَسَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الا"شْعَثِىُّ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ
أَبِى عُمَرَ، قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَزَادُوا فِى الإِسْنَادِ عَنْ سمفْيَانَ، فَقَالُوا: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمَ سَلَمَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنْ زينَبَ بِنْتِ جَحْشٍ.
كتاب الفتن
أحاديث الفتن: وقدم فيها حديث الجيش الذى يخسف به، ثم قال: " يبعثهم الله
على نياتهم " (1)، وذكر مسلم حديث: (ويل للعرب من شر قد اقترب) وذكر فى سنده الأول: عن عمرو الناقد، عن زينب بنت أم سلمة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش.
فذكر فيه ثلاث صحابيات وربيبة للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وزوجتان، روى بعضهم عن بعض.
وذكر بعد هذا من حديث حرملة بن يحيى مثله، وكذا ذكره البخارى (2).
ثم ذكره مسلم من حديث ابن أبى شيبة وغيره فقال: عن[ زينب بنت أبى سلمة، عن حبيبة، عن أم حبيبة، عن زينب بنت جحش.
فجاء بأربع: ربيبتان وزوجتان وحبيبة هذه هى] (3) بنت عبد الله بن جحش، وهى بنت أم حبيبة ابنة أبى سفيان المذكورة فى هذا الحديث.
وكذا ذكره الئرمذى وغيره (4).
وكذا ذكره عبد الغنى الحافظ (ْ) فى " كتاب الرباعيات) له.
(1) حديث رقم (4) بالباب التالى.
(2) البخارى، كالفتن، بولل للعرب 9 / ْ 6.
(3) من حد.
(4) الترمذى، كالفتن، بما جاء فى خروج يأجوج ومأجوج 4 / 16 4 برقم (2187)، أحمد 6 / 428، 429.
(5) هو أبو محمد عبد الغنى بن سعيد بن على بن سعيد بن بشر الا"زدى حافظ مصر فى عصره، له مؤلفات كثيرة، منها: المؤتلف والمخلف، وأوهام الحاكم فى المدخل.
توفى سنة 9ْ4 هـ.
انظر: وفيات الأعيان 3 / 223.
412(8/411)
كتاب الفتن / باب اقتراب الفتن...
إلخ
2 - (... ) حلّثَنى حَرْمَلَةُ بِنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، اخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزّبيْرِ ؛ أَنَّ زَيْنَبَ بَنْتَ ابِى سَلَمَةَ اخبَرَتهُ ؛ انَّ ائمَ حَبِيبَةَ بنْتَ ابى سُفْيَاً أَخْبَرَتْهَا ؛ أنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشبى - زَوْجَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - قَالَتْ: خَرِجً رَسُولُ اَللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمأ فَزِعَا، مُحْمَرّا وَجْهُهُ، يَقُولُ: ا لا إِده إِلا اللهُ، وَيْل للعَرَبِ مِنْ شرِّ قَد اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْم يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثْلُ هَذهِ) وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الَإِبْهَام، وَالَّتِى تَلِيهَاَ.
قَالَمط: فَقُلتُ ة يَا رَسُولَ اللهِ، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ: (نَعْمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ).
(... ) وحدثَّنى عَبْدُ المَلك بْنُ شُعَيْب بْن اللَّيْث، حَدثنى أَبى، عَنْ جَدّى، حَدثَّنى
، ص، 5، ص ص ص عص صَ ه !3، ً !صَ ص ه، َ، 5، هَ صَ ص ه ص ه ص حمصء عقيل بن خالد.
ح وحدثنا عمروالناقد، حدثنا يعقوب بن إِبراهيم بنِ سعد، حدثنا ابِى، عَنْ صَالِحٍ، كًلاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ اَلزُّهْرِ! بِإِسْنً الهِ.
3 - (2881) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدثنَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ، حَدثنَا وُهَيْحث،
حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ
قوله فيه: أنهلك وفيما الصالحون ؟ قال: (نعم، إذا كثر الخَبَثُ) ويروى: "الخُبُثُ)، قال الإمام: اذا كثز الفسوق والفجور.
قال القاصْى: العرب تسمى الزنا خبثا وخبثة ومنه فى المخرج (1): أنه وجد مع أَمة يخبث بها، أى يزنى بها، وهو أحد التأويلين فى قوله تعالى: { الْخَبِيشاتُ لِلْخَبِيثِينَ} الآية (2)، وقيل: " إذا كثر الخبث): أى أولاد الزنا.
وقيل: إذا كثر الزنا.
وقد جاء فى حديث آخر مفسراً: (ويكثر الزنا " (3).
وقوله فى تفسير قوله: " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) وعقد سفيان عشرة، وفى حديث يونس: (وحلق بأصبعه الإبهام والتى يليها)، وفى حديث أبى هريرة: (وعقد وهيب بيده تسعين).
فأما حديث سفيان ويونس عن ابن شهاب فمتقاربا المعنى والتفسير.
وأما عند وهيب فى حديث أبى هريرة: دا تسعين، فلعله حديث آخر متقدم على حديث زينب، إذ التسعون اضيق من العشرة، فيكون بين الحديثين مقدار ما زاد
(1) هو ناقص الخلق.
انظر: سن ابن ماجة، كالحدود، بالكبير والمريض يجب عليه الحد برقم (2574)، أحمد 222 / 5.
(2) النور: 26.
(3) سبق فى كالعلم، برفع العلم وظهور الجهل بلفظ: دا ويطهر او يفشو " برقم يهـ، 9).
(8/412)
كتاب الفتن / باب اقتراب الفق...
إلخ 413
رَدْم يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثْلُ هَنِهِ " وَعَقَدَ وهُيْمب بِيَلِهِ تِسْعِينَ.
فتح العشرة على عقد التسعين، اويكون هذا كله على التقريب والتمثيل لابتداء الفتح / والله أعلم ؛ لما روى فى الاثار (1) من نقبهم السد حتى يروا الضوء، فيقولون: غداً نفمَحه.
فيصبح على حالته الاولى، حتى إذا شاء الله بفتحه وبخروجهم قالوا: غدا نفتحه إن شاء الله.
فيصبح كما تركوه فيفتحونه.
والأظهر فى هذا الخبر أنه على وجهه، وقد قيل: انه ضرب مثل لابتدائه.
(1) انظر.
جامع البيان للطبركما، تفسير الاَية رقم (40) أن سورة الكهف.
111 / ب
414
(8/413)
كتاب الفتن / باب الخسف بالجيش الذى يؤم البيت
(2) باب الخسف بالجيش الذى يؤم البيت
4 - (2 لمه 2) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ!اسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظ لِقُتَيْبَةَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَثَأ.
وَقًالَ الآخَرانِ: حَدثنَا جَرِير!، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ القبْطيَّة، قَالَ: دَخَلَ الحَارِثُ بْنُ أَبِى رَبيعَةَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ، وَأَنَأ مَعَهُمَا، عَلًى اُئمًّ سَلَمَةً، أُمًّ المُؤْمِنينَ، فَسَأَلاهَا عَنِ الجَيْشَ الَّذى يَخْسِفُ بِه، وَكَانَ ذَلِكَ فِى أيَأم ابْنِ الزبيْرِ.
فَقَالَتْ: قَالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَعُوذُ عَاَئِأ!بألبَيْت فَيُبعَثُ إِلَيْهِ بَدْث، فَإذَا كَانُوا ببَيْدَاءَ مِنَ الأرْضِ خُسِفَ بِهمْ لَا.
فَقُلتُ: يَأ رَسُولً اللهِ، َ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا ؟ قَالَ+ (يُخْسَفُ بِهِ مَعَهُمْ، وَلَكِنَّهُ يَهعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ لما.
وَقَالَ ابُو جَعْفَرٍ: هِىَ بَيْدَاءُ المَدِينَةِ.
وذكر مسلم حديث قثيبة وابن أبى شيبة داسحق فى الجيش الذى يخسف به وفى اْوله: دخل الحارث بن ربيعة وعبد الله بن صفوان على اْم سلمة، اْم المؤمنين، فسألاها، ثم قال: وذلك فى أيام ابن الزبير قال أبو الوليد الكنانى: هذا لا يصح ؛ لاكن أم سلمة ماتت اْيام معاوية قبل موته بسنة، ولم تدرك أيام ابن الزبير.
قال القاصْى: [ قد قيل] (1): إنها ماتت أيام يزيد بن معاوية فى أولها، فعلى هذا يستقيم الخبر، فإن عبد الله نازع يزيد لاءول ما بلغته البيعة له عند موت معاوية.
وداجاه شيئًا، ووجه إليه يزيد أخاه عمرو بن الزبير ليجيئه به أو يقاتله، فظفر به عبد الله بن الزبير، ومات فى سجنه وصلبه.
ذكر ذلك الطبرى وغيره، وذكر وفاة أم سلمة أيام يزيد أبو عمر بن عبد البر فى استيعابه (2).
وقد جاء الحديث بعد هذا من طريق عبد الله بن صفوان عن حفصة مكان (أم سلمة).
وجاء بعده أيضا: عن عبد الله بن صفوان أيضا وعن أم المؤمنين، ولم يسمها، وعن (3) عائشة، قاله الدارقطنى (4)، قال: وقد رواه سالم ابن أبى الجعد، عن عبد الله بن صفوان، عن حفصة أو أم سلمة، قال: والحديث مروف عن أم سلمة، وقال أيضا: الحديث محفوظ عن حفصة.
(1) فى هامش خ.
(2) ا نظره 4 / 1921.
(س) !م ال: وأما.
(4) انظر: الإلزامات والتتبع ص من3 حديث رقم لا 18).
(8/414)
كتاب الفتن / باب الخسف بالجيش الذى يؤم البيت 415 5 - (... ) حدَّثناه أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا زُهَيْر، حَد - ننَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ رُفَيع، بِهَذَا الإسْنَادِ، وَفِى حَدِيثِهِ: قَالَ: فَلَقيتُ أَبَا جَعْفَر، فَقُلتُ: إِنَّهَا إِنَّمَا قَالَتْ: ببَيْدَاََ مِنَ الا"رْضِ.
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ: كَلأَ.
وَالَلهِ، إِثهَا لَبيْدَاَ المَل!ينَةِ.
6 - (3 ول 2) حدَّثنا عَمْرو الئاقِدُ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَفْظُ لِعَمْرِو - قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أُمّيَةَ بْنِ صَفْوَانَ، سَمِعَ جَلَّهُ عَبْدَ الله بْنِ صَفْوَانَ يَقُولُ: اخْبَرَتْنِى حَفْصَةُ، أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " لَيَوُمَّنَّ هَذَا البَيًْجَيْمث!يَغْزُونَهُ، حَتَّى إِذا كَانوا بِبيداءَ منَ الا"رْض، يُخْسَفُ بِأَوْسَطِهِمْ، وَيُنَادِى أَوّلهُمْ آخِرَهُم، ثُمَّ يخْسَفُ بِهِمْ، فَلا يَبْقَى إِلاًّا لشَّرِيدُ الًّذِى يُخْبِرُ عَنْهُمْ).
فَقَال رَجُل: أَشْهَدُ عَلَيْكَ أَنَّكَ لَمْ تَكْذبْ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَشْهَدُ عَلَى حَفْصَةَ أَنَّهَا لَمْ تَكْذِبُ عَلَى الثبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
7 - (... ) وحلّثَنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُون، حَدثنَا الوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدثنَا عُبَيْدُ
اللهِ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا زَيْدُ بْنُ أَبِى اُئيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الًمَلك العَامرِىِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَك، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الله بْنُ صَفْوَانَ عَنْ أَمِّ المُؤْمنينَ ؛ أَنَّ رَسُولً الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "سَيَعُوذُ بِهَذَا البَيْت - يَعْنِى الكَعْبَةَ - قًوْمولَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَة وَلاً عَدَد وَلا عُدَّةو، يُبْعثُ إِلَيْهِمْ جَيْمث!، حَتَّى إِذا كَاَنُوا
ذكره فى هذا الحديث البيداء وبيداء المدينة.
البيداء: أرض ملساء لا شىء بها.
وبيداء المدينة: الشرف الذى قدام ذى الحليفة فى طريق مكة، وهى أقرب الى مكة من ذى الحليفة، وهى المختلف فى مهلّ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منها.
وقوله: ا ليس معهم (1) منعة) بفتح النون: أى ما يمنعهم ويحميهم.
وقوله: " يؤمون هذا البيت): أى يقصدونه.
وقوله: " فمنهم المجبور لما وصوابه: [ المجبر] (2)، وهى اللغة المشهورة.
أجبرت الرجل: إذا (3) أكرهته، وقيل: جبرت أيضا، حكاها الفراء.
وقوله: " وفيه المستبصر ": أى المستبين لذلك، القاصد له عن عمد.
وقوله: (وفيهم ابن السبيل " ت أى السالك الطريق معهم ليس منهم.
(1) فى خ.
لهم - (3) فى خ: أى.
(2) ساقطة من ح.
416
(8/415)
كتاب الفتن / باب الخسف بالجيش الذى يؤم البيت
بِبَيْدَاءَ مِنَ الأرْضِ خُسِفَ بِهِمْ).
قَالَ يُوسُفُ: وَأَهْلُ الشّأم يَوْمَئذٍ يَسِيرُونَ إِلَى مَكّةَ.
فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ صَفْوَانَ: أَمَا وَاللهِ، مَا هُوَ بِهَنَا الجَيْشِ.
قَالَ زَيْ ال: وَحَدثَّنى عَبْدُ المَلكِ العَامِرِىُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِط، عَنِ الحَارِثِ
ابْنِ أَبِى رَبِيعَةَ، عَنْ أُمًّ المُؤْمِنيً.
بِمِثْلِ حَدِيثِ يُوسُف بْنِ مَاهَكٍ.
غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الجَيْشَ الَّذِى ذَكَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ.
8 - (4 لمه 2) وحدَّثنا أبُوبَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا يُوُنسُ بْنُ مُحَمَّد، حَدثنَا القَاسِمُ
ابْنُ الفَضْلِ الحُد!انِىُّ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ زِيَأد، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزبيْرِ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَبثَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى مَنَامه.
فَفالنَاَ: يَأ رَسُولَ الله، صَنَعْتَ شَيْئا فِى مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ.
فَقَالَ: " الَعَجَبُ إِنَّ نَأسًاَ مِنْ أُمَّتى يَؤُمُّونَ بِألبَيْتَ بِرَجُلٍ منْ قُرَيْشٍ، قَدْ لَجَأ بألبَيْتِ، حَتَى إِذَا كَانُوا بِألبَيْدَاء خُسفَ بِهِمْ لا فًقُلنَا: يَأ رَسُولً الله، إِنًّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ اَلنَّاسَ.
قَالَ: "نَعَمْ، فِيهِمُ المُسْتًبْصِرُ وَالمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُوَنَ مَهْلَكا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى، يبعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ).
وقوله: " يهلكون مهلكا واحدا، ويصدرون مصادر شتَّى على نياتهم): اْى يبعثون على ذلك يوم القيامة من اختلاف نياتهم، فيجازى كل اْحد على نيته.
وأصل الصدر: الرجوع عن ورود الماء بعد الرى منه، والبعث بعد الموت رجوع إلى حالة الحياة.
وفى هذا الحديث من الفقه: تجنب أهل المعاصى والبعد عنهم، وتجنب مجالس الظلم وجموع البغى ؛ لئلا يعم البلاء ويحيق بالجميع المكر.
وفيه أن من كثر سواد قوم فهو منهم، وان المعاصى إذا كثرت ولم تنكر ولم تغير، عمت العقوبة، قال الله تعالى: { وَاتَّقوا فِتْنَةً لاَّ تميبَنَّ الَّذِييق ظَلَفوا مِنكمْ خَاصّةً} (1)، وهو من معنى قوله فى الحديث المتقدم: أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال: لا نعم، إذا كثر الخبث) (2).
وقوله فى هذا الحديث: دا عبث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى منامه دا: قيل: معناه: اضطرب بجسمه، ويحتمل أنه بحركة أطرافه كمن يأخذ شيئًا ويدفعه، ويحتمل أن / يكون بحركة جسمه منزعجأَ لهول ما راَه.
(1) 1 لأنفال: 25.
(2) حديث رقم (1) بالباب السابق.
(8/416)
كتاب الفتن / باب نزول الفق كمواقع القطر
417
(3) باب نزول الفق كمواقع القطر
9 - (2885) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبةَ وَعْمْرٌ والنَّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ
أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أَبِى شَيْبَةَ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَأ.
وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدةَشَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أُسَامَةَ ؟ أَنَّ التبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) أَشْرَفَ عَلَى أُطم مِنْ اطام المَدينَة.
ثُمَّ قَالَ: (هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى ؟ إِنّى لأرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خلالَ بُيُوتِكُمْ، كَمَوَاقِع اَلقًطرِ).
(... ) وحدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ، أخْبَرَنَأ عَبْدُ الرَّرأقِ، أَخْبَرَنَأ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا
ا لإِسْنَا دِ، نَحْوَهُ.
10 - (2886) حدَثنى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالحَسَنُ الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِى.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا - يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِد - حدثنا أبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثثِى ابْنُ المُسَيَّب وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرَّحمَنِ ؛ أنَّ أَبَأ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (سَتَكُونُ فتَنٌ، القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الَقَائِم، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِى، وَالمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَئَاعِى، مَنْ تَشَرَف لَهَا تَسْتَشْرِفُه، وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلط فَليَعُذْبِهِ).
وقوله: (أشرف على أطم من اَطام المدينة): الأطم بضم الهمزة والطاء المهملة،
قال الإمام: هو بناء من حجارة مرفوع كالقصر.
واطام المدينة: حصونها.
قال القاصْى: وقوله: (اشرف): أى علا وصعد.
وقوله فى الفق: " من تشرف لها تستشرف) كذا سمعناه من القاضى أبى على: (تشرف) بفتح التاء والشين معا، وسمعناه من اْبى بحر: " من يشرف) بضم الياء المنقوطة من أسفل باثنتين دإسكان الشين وكسر الراء، ومعناه فيما قيل: من الإشراف، وهو الانتصاب والتعرض والتطلع.
وتستشرفه: تغلبه وتصرعه (1).
وقيل: معناه من الشرف، وهو الإشفاء من الهلاك والخطر، من قولهم: أشفا المريض على الموت وأشرف.
(1) هكذا فى الأصل وعند النووى.
وفى الرسالة: تضرعه.
418 (8/417)
كتاب الفتن / باب نزول الفق كمواقع القطر 11 - (... ) حدَّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَالحَسَنُ الحُلوانِىّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْدٌ: أخْبَرَنِى.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَد 8شَا - يَعْقُوبُ، حَدثنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَالب.
حَدثَّنِى أبُو بَكْرِ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ عَنْ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ مُطِيع بْنِ الا"سْوَد، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوَيةَ، مِثْلِ حَديثِ أَبِى هُرَيْرَةَ هَذَا، إِلَاَّ أنَّ أَبَا بَكْرٍ يَزِيدُ: (مِنَ الصًّلاة صَلاةٌ، مَنْ فَاتَتْهُ فَكَأنَّمَا وُتِرَ أهلَهُ وَمَألَهُ لما.
12 - (... ) حلَّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، انجْبَرَنَا أبُو دَاوُدَ الطَّيالسىّ، حَدثنَا إِبْرَاهِيمُ
ابْنُ سَعْد، عَنْ أبيهِ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَكُونُ فِتْنَةٌ الئائِمُ فِيفَا خَيْرٌ مِنَ اليَقْظَان، وَالَيقْظَانُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِ!، وَالقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى، فَمَنْ وَجَدَ مَل! أَوْ مَعَادك! فًليَسْتَعِذْ لما.
13 - (7 لمه 2) حلقنى أَبُو كَامل الجَحْدَرىّ، فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْن، حَدذَشَا حَمَّادُ بْنُ
ص ص كرقص روسَ ير، ص ص 5 - 5َ!ءص - 5 صَ !! ث ص، 5 ةء5 ص ص ص، ص زيد، حدثنا عثمان الشحام قال: انطلقت انا وفرقد السبخِى إلى مسلم بنِ ابِى بكرة، وهو فِىً أَرْضه، فَدَخَلنَا عَلَيْهِ فَقُلنَا: هَلْ سَمعْتَ ابَاكَ يُحَدِّثُ فِىَ الفتَنِ حَدِيثًا ؟ قَالَ: نَعَمْ.
سَمِعْتُ أَبًا بَكْرَةَ يُحَدّثُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّهَا سَتَكُونَُ فِتَن، ألا ثُمَّ يمُونُ فِتْنَة وقوله: (النائم فيها خيرٌ من اليقظان، والقاعد فيها خير من القائم): الحديث تنبيه
على عظم الخطر فى الدخول فيها، وحض على تحنبها، والإمساك عن التشبث بشىء منها [ وأن بلاَ ها بقدر مبلغ الإنسان منها] (1)، وعلى قدر دخوله فيها ؛ ولهذا حض - عليه السلام - على الهروب عنها وطلب النفاد منها.
وقوله: " ويعمد إلى سيفه فيدقه بحجر): أمر بترك القتال واتخاذ السلاح حيمئذ، ويكون هذا استعارة.
وقد يحتمل أن يكون على وجهه، حتى لا يجد إن نازعته نفسه للدخول فيها مُعِينًا عليها.
وقد احتج بهذا ومثله من ذهب من السلف إلى ترك الدخول فى الفتنة، وائه لا يقاتل
وإن دخل عليه وطلب قتله، وأنه غير جائز له المدافعة ؛ إذ الطالب له غير متعمد لقتله، د نما هو متأول، وهو مذهب أبى بكرة (2) وغيره.
وقال: دا لو دخلوا على ما
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) هو نُفَيع بن الحارث بن كلدة، مولى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وكان يدلع إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من حصن الطائف ببكرة، فاشتهر بأبى بكرة، ولمروياته مسند فى مسند أحمد، وقد فكر فيه بعد حديث طويل أنه قال: ا لو دخلوا على ما بهشت إليهم، بقصبة ".
انظر: أحمد 39 / 5.
(8/418)
كتاب الفتن / باب نزول الفق كمواقع القطر 419 القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَأشى فيهَا، وَالمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعى إِلَيْهَا، أَلا فَإِذا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِئَ فَليَالحَقْ بِإبلهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَم فَليًلحَقْ بِغَنَمه، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ ارْضر فَليَلحَقْ باعرْضِه).
قَالَ: فَقَالً رَجُل: يَا رَسُولَ اللهِ، ارَايْتَ مَنْ لًم يَكُنْ لَهُ إِبِل وَلا غَنَمٌ وَلا أَرْض! ؟ قَالً: (يَعْمدُ إلَى سَيْفه فَيَدُقُّ عَلَى حَدَة بحَجَرٍ، ثُمَّ لينْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ.
اللَّهُمَّ، هَلْ بَلَّغْتُ ؟ اللًّهُمَّ، هًل بَلَّغْتُ ؟ اللَّهًُ، َ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ لا.
قَالَ: فَقَالَ رَجُل: يَا رَسُولُ الله ارَأَيْتَ إِنْ كْرِهْتُ حَتَى يُنْطَلَقَ بِى إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ، اوْ إِحْدَى الفئَتَيْنِ، فَضَرَبَنِى رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، أَوْ يَجِىءُ سَهْمٌ فَيقْتُلُنِى ؟ قَالَ: (يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، وَيًكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ).
(... ) وحدَّثنا أَبُوبَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حدثنا وَكِيع.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ، كِلاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّام، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
بهشت بقصبة، فكيف أقاتلهم ؟).
وكافة[ من] (1) لم ير الدخول فى الفتنة من الصحابة والتابعين يرى المدافعة، وهو مذهب ابن عمر وعمران بن حصين وغيرهما.
فهذان مذهبان لمن رأى القعود فى جميع فن الإسلام ة لما ورد من النهى عن الدخول فيها.
وذهب معظم الصحابة والتابعين إلى نصر الحق فى فق المسلمين، والقيام معه كما
أمر الله به[ فى البغاة] (2) بقوله: { وَإِن طَائِمانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الاَية (3).
وقال اَخرون: إنما القيام على البغاة للإمام، فأما كل فتنة بين المسلمين ولا إمام لجماعتهم، فلا يحل الدخول فيها كيف كانت.
وذهب أبو جعفر الطبرى إلى أن الفتنة التى قال النبى - عليه السلام -: " القاعد
فيها خير من القائم) أنها[ إذا] (4) كانت بين حزبين وبطلين[ معا] (ْ) وسائر المسلمين بينهما مغمورون، فهذه التى أمر فيها بالهرب وكسر السيوف، ولزوم البيوت.
وأما فتنة من يشكل فيها المحق من المبطل، [ فواجب عل كل من لم يتبين له المحق من المبطل] (6) منهما الانعزال حتى يتضح الحق، فيقوم مع أهله، ويعين حزبه ؛ ولهذا تأولوا على من
(1، 2) فى هاميما خ!ء (4، 5) من خط.
(6) فى هاميما خط.
(3) ا لحجرات: 9.
112 / ب
420 (8/419)
كتاب الفتن / باب نزول الفق كمواقع القطر حَديثُ ابْنِ أَبِى عَدئّ نَحْوَ حَدِيثِ حَمَاد إِلَى آخِرِهِ.
وَانْتَهَى حَدِيثُ وَكِيع عِنْدَ قَوْلِهِ: (إِنِ اسْتًطَاعَ النَّجَاءَ) ولًمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
تخلف من جملة الصحابة فى حروب على، ويصح هذا التأويل قوله: (إن جئتنى بسيف له عينان)، قالوا: ولو أبيح الكف فى كل فتنة ولزوم البيوت لم يقم لله حق ولا أبطل باطل، ولوجد أهل البغى والاستطالة السبيل.
قال الطبرى: وقد يكون ما ورد من كسر السيوف ولزوم البيوت خاصًا / لمن أمره النبى - عليه السلام - بذلك.
وقوله: (من الصلاة صلاة من فاتته...
" الحديث تقدم شرحه (1).
(1) انظر: كالمساجد، بالتغليظ فى تفويت صلاة العصر برقم (626).(8/420)
كتاب الفتن / باب إذا تواجه المسلمان بمحيفيهما
421
(4) باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما
14 - (مه 28) حدّثنى أبُو كَامِل فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْن الجَحْدَرِىُ، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد،
عَنْ أيُّوبَ وَيُونسَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأحْنَف بْنِ قَيْسبى، قَالَ: خَرَجْتُ وَأنَا اريدُ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقيَنى أبُو بَكْرَةَ فَقَالَ: أيْنَ تُرِيدُ يَا أَحْنَفُ ؟ قَالَ: قُلتُ: أرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، يَعْنِى عَليّا.
قَالَ: فَقَالَ لِى: يَا اخْنَفُ، ارْجِعْ، فَإنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إذَا تَوَاجَهَ الَمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيهِمَا، فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِى النَّارِ) قَالَ: فَقُلتُ: أو
ودْكر مسلم فى حديث: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما،: حدثنا أبو كامل فضيل بيئ حسين الجحدرى، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب ويونس، قال الإمام: هكذا إسناد هذا الحديث، ووقع فى نسخة أبى العلاء بن ماهان: حدثنا أبو كامل، حدثنا حماد ابن سلمة والمحفوظ حماد بن زيد، [ وكذلك خرجه أبو داود (1) عن ائى كامل عن حماد ابن زيد، وخرجه] (2) البخارى (3) عن عبد الرحمن بن المبارك عن حماد بن زيد عن أيوب ويونس.
وقوله: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما "، قال القاصْى: كذا الرواية المعروفة.
والوجه فى الكلام: أى ضرب كل واحد منهما وجه صاحبه.
وفى رواية العذرى: " توجه " له، دإن لم يكن تغيير وجهه، أى استقبل كل واحد منهما أ وجه] (4! صاحبه وجعله وجهه، أى قصده.
وقيل فى قوله تعالى: { وَجَّهْتُ وَجْهِى} (ْ) أى جعلت قصدى.
" فالقاتل والمقتول فى النار): قال القاضى: فيه حجة للقاضى أبى بكر بن الطيب ومن قال بقوله: إن العزم على الذنب والعقد على عمله معصية، بخلاف الهم دون عزم.
فإنه معفو عنه لقوله: قلت: فما بال المقتول ؟ قال: " لاَنه أراد قئل صاحبه)، خلافا لغيره ومن خالفه يقول له: هذا قد فعل أكثر من العزم، وهو المواجهة والقتال.
وقد تقدمت المسألة أول الكتاب (6).
ويتوجه فى هذا الحديث الكلام فى دماء الصحابة وقتالهم.
وللناس فى ذلك غلو
! اسراف، واضطراب من المقالات واختلاف.
والذى عليه جماعة أهل السنة والحق:
(1) أبو داود، كالفق، بالنهى عن القتال فى الفتنة برقم يا424).
(2) من ح.
(3) البخارى، كالديات، بقول الله{ ومَنْ أحْيَافا} 9 / 5.
(4) من خ.
(5) الأنعام: 79.
للا) سبق فى كالإيمان، ال الحاديث من (203 - 8ْ2).
422 (8/421)
كتاب الفتن / باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما قَيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَنَا القَاتِلُ، فَمَا بَالُ المَقْتُولِ ؟ قَالَ: لا إنَّهُ قَدْ أرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ).
حسن الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم، وطلب أحسن التأويل لفعلهم، وأنهم مجتهدون غير قاصدين للمعصية[ والمجاهرة] (1) بذلك، وطلب سحق (2) للدنيا، بل كل عمل على شاكلته، وبحسب ما أداه إليه اجتهاده، لكن منهم المخطئ فى اجتهاده ومنهم المصيب، وقد رفع الله[ الححر] (3) الحرج عن المجتهد المخطئ فى فروع الدين، وضعف الاَجر للمصيب.
وقد وقف الطبرى وغيره عن تعيين المحق منهم.
وعند الجمهور أن عليا وأتباعه مصيبون فى ذبهم عن الإمامة، وقتالهم من نازعهم
فيها، إذ كان أحق الناس بها وافضل من على وجه الدنيا حينئذ وغيره تاْول وجوب القيام بتغيير المنكر فى طلبه قتلة عثمان الذين فى عسكر على، وأنهم لا يقطعون (4) بيعة ولا يعتقدون (5) إمامة، نقضوا ذلك ولم يطلبوا سوى ذللث، ولم ير هو دفعهم، إذ الحكم فيهم للإمام وكانت الاَمور لم تستقر استقرارها، ولا اجتمعت الكلمة بعد وفيهم عدد، ولهم شوكة ومنعة، ولو أظهروا تسليمهم اْولا والقصاص منهم لاضطرب الأمر، وانبت الحبل، ومنهم جماعة لم يروا الدخول فى شىء من ذلك، حين بنهى افي ( صلى الله عليه وسلم ) عن التلبس بالفق، والنهى عن قتال أهل الدعوة، كما احتج به أبو بكرة فى كتاب مسلم فى هذا الحديث على الأحنف، وعذروا الطائفتين بتأويلهم، ولم يروا إحداهما باغية فيقاتلوها.
وأما غير أهل الحق فلهم فى ذلك مقالات بشعة شنيعة يستغنى عن ذكرفا.
وقوله: أرأيت إن أكرهت - إلى قوله - فيقتلنى قال - عليه السلام -: " يبوء بإثمك د ثمه) (6)، أى يلزمه ويرجع بذلك.
وأصل البوء: اللزوم / أى تبوء ب!ثمه فيما دخل فيه ومنعه من الدخول فى الفتنة، وبإثمك لقتله إياك، وبإثمك لإكراهه إياك على ما أكرهك.
وفجه رفع الحرج عن المكره على مثل هذا فى هذه المسألة، وهو المحمول الذى لا يملك نفسه لقوله: أكرهت حتى ينطلق بى، ولم.
يختر اْنه انطلق من قتل نفسه.
ولم يختلفوا أن الإكراه على القتل لا يعذر به أحد ولا على ظلم غيره، د نما العذر
فيما تعلق بالقلب، او ما لا يملك فيه الإنسان نفسه.
(1) من خط.
*
(2) هكذا فى ال الصل " سحق " ولقد جاءت فى اللسان: السحق: الثوب الخَلَقُ البالى، والسحوق: الطويل من الرجال، والواحدة سحيقة، وهو المطر العظيم القطر.
انظر: اللسان، مادة لا سحتا ".
(3) هكذا حررت فى الا"صل، ولعلها سهو قلم من الناسخ، وليست موجودة بالرسالة ولا بالأبى.
(4) فى حْ بعطون.
(5) فى ح: يعقدون.
(6) حديث رقم (13) بالباب السابق.
(8/422)
كتاب الفتن / باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما
423
15 - (... ) وحدّثناه أحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضمبىُّ، حَد"ننَا حَمَّادٌ، عَنْ أيُوبَ وَيُونُسَ وَالمُعَلَّى بْنِ زِياد، عَنِ الحَسَنِ، عَنِ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسِ، عَنْ أبِى بَكْرَة.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إذَاَ التَفَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالقَاتِلُ وَالمَفْتُولُ فِى النَّارِ).
(... ) وحدّثنى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَد"ننَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ كِتَابِهِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أيُّوبَ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْو حَدِيثِ أبِى كَامِلٍ عَنْ حَمَّادٍ.
إلى اَخِرِهِ.
16 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا غُنْدَر!، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورِ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنًْ أبِى بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إذَا المُسْلِمانِ، حَمَلَ اخَلُ!مَا عَلَى أخِيهِ السِّلاحَ، فَهُمَا عَلَى جُرُفِ جَهَنَّمَ، فَإذَا قَتَلَ أحَلُ!مَا صَاحِبَهُ، دَخَلاهَا جَمِيعًالا.
17 - (157) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد*شَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدَّثَنَا مَعْمَز، عَيق هَمَّامِ بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا ائو هُرَيْرةَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) + فَذَكَرَ أحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْثَتِلَ فِئَتَانِ عَظَيمَتَانِ، وَتَكُونُ بَينَهُمَا مًقْتَلَةٌ عَظِيمَة، وَدَعْوَاهَمَا وَاحِدَةٌ).
واختلف فى الإكراه على المعاصى التى بين الله وعبده، هل يعذر المكره فيها فى أحكام الدنيا وايلاخرة أم يلا ؟.
وقوله فى الحديث: (فالقاتل والمقتول فى النار) ومعناه: ان جازاهما الله وعاقبهما
على ماتقدم من مذهب أهل السنة، ويكون هذا فى غير أهل التأويل.
وقوله فى الحديث الاَخر: " إذا المسلمان حمل أحدهما على أخيه السلاح فهما فى حر جهنم " كذا لابن ماهان، وللطبرى والعذرى: " فهما على حرف جهنم، وللسمرقندى: " على جرف " بالجيم فيهما، وعند بعضهم: " فى (1) حرف، بالحاء.
وكل هذا متقارب، إلا ال معنى رواية " جرف " كالحديث الأول وعلى الرواية الاَخرى: ال حالهما مفضية إلى قتل أحدهما الاخر، فهما كمن هو على جرف أو حرف جهنم، لا يِأمنِ السقوط فيه وانهياره فى النار، كما قال تعالى: { عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جهَنَّم} (1) وهذه الرواية اولى ؛ لقوله: (فإذا قتل أحدهما الاَخر دخلاها جميعا ".
وهذا الحديث ذكره
(1) قيدها الأبى: على.
(2) التوبة: 109.
424
(8/423)
كتاب الفتن / باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما
18 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبيه، عَنْ ائى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقُومُ الَ!مئَاعَةُ حَتَى يَكْثُرَ الهَرْجُ).
قَالُوَا.
وَمَا الهَرْجُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: (القَتْلُ، القثلُ).
مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة، عن غندر، وعن محمد بن بشار وابن المثنى عنه، عن شعبة، عن منصور بسنده، رفعه.
وقد تعقبه الدارقطنى (1)، وقال: خرجه مسلم، وعلقه البخارى (2)، ولم يرفعه الثورى عن منصور.
(1) انظر: الإلزامات والتتبع ص 221 رقم (87).
(2) البخارى، كالفق، بإفا التقى المسلمان بسيفيهما 9 / 64.
(8/424)
كتاب الفتن / باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
425
(5) باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
9 1 - (2889) حدثنا أبُو الرَّبِيع العَتَبهىُّ وَقَتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، كِلاهُمَا عَنْ حَمَّاد بْن زَيْد - وَاللَّفْظُ لقُتَيْبَةَ - حَد*شَا حَفاد، عَنْ أيوبَ، عَنْ أبِى قِلاَبَةَ، عَنْ أبِى أسْمَاءَ، لَن ثَوْبَاَنَ، قَالَ: قًالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " إنَّ اللهَ زَوَى لِى الأرْضَ، فَرَأيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، ! انَّ أمَّتِى سَيَبْلُغُ مُ!هَا مَا زُوِىَ لى مِنْهَا، وَأعْطيتُ الكَنْزَيْنِ الأحْمَرَ وَالأبْيَضَ، وَإنِّى سَألتُ ربِّى لأمَّتِى ألا يُهْلِكُهَا بسَنَة عَامًة، وَألا يُسَلِّطً عَلَيْهِمْ عَدُوا مِنْ سِوَى ائفُسِهِمْ، فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ، وَإنَّ ربِّى قَالَ " يَا مُحَمَّدُ، إنِّى إذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإنَّهُ لا يُرَدُّ، !نِّى أعْطَيْتُكَ لأمَّثكَ ألا أهْلِكَهُمْ بسَنةِ عَامَّة.
وَألا أسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوا مِنْ سِوَى أنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ، وَلًوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِم مَنْ بِأقْطًارِهَا - أوْ قَالَ: مَنْ بَيْن أقْطَارِهَا - حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا، وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا لما.
قوله: (إن الله زوى لى الأرض " الحديث، قال الإمام: " زويت لى الاَرض):
أى جمعت، يقال: انزوى القوم وتدانوا وتضاموا
قال القاضى: إنما وقع لمحى الأم ما تقدم.
وهذا الحديث علم من أعلام نبوته ( صلى الله عليه وسلم ) لظهوره كما قال، وأن ملك أمته اتسع فى المشارق والمغارب كما أخبرمن أقصى بحر طنجة (1)، ومنتهى عمارة المغرب إلى أقصى المشرق مما وراء خراسان والنهر وكثير من بلاد الهند والسند والصغد (2)، ولم يتسع ذلك الاتساع من جهة الجنوب والشمال الذى لم يذكر - عليه السلام - أنه أريه وأن ملك أمته سيبلغه.
وقوله: وأعطيت الكنزين الاَحمر والاءبيض: ظاهره الذهب والفضة، والاءشبه أنه
أراد كنز كسرى وقيصر، وقصورهما وبلادهما، يدل على ذلك قوله فى الحديث الاَخر عنهما فى هلاكهما: (ولتنفق كنوزهما فى سبيل الله) (3) وقوله فى حديث جابر بن سمرة
(1) هى مدينة على ساحل بحر المغرب مقابل الجزيرة الخضراء من البر الأعظم أو بلاد بربر، بينها وبين " سبتقه مسيرة يوم وهى اَخر حدود إفريقيا من جهة المغرب، وقد وصلها الفتح الإسلامى فى العهد الاْموى بفتوحات عقبة بن نافع، وطارق بن زياد وموسى بن نصير.
انظر.
مراصد الاطلاع 2 / 894.
(2) هى قرى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سمرقند إلى قريب من بخارى.
انظر: مراصد الاطلاع 842 / 2.
(3) حديث رقم (75) من هذا اليهاب.
113 / ب
426 (8/425)
كتاب الفتن / باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
(... ) وحلثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍِ !سْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ -
قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُون: حَد"ننَا - مُعَاذُ بْنُ هشَامٍ، حَدثنِى ائى، عَنْ قَتَ ال ةَ، عَنْ أبِى قلابَةَ، عَنْ أبِى أسْمَاء الرَّحَبِىِّ، عَنْ ثَوْبَانَ ؛ أنَّ نَبِىًّا لله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (إنَّ اللهَ تَعالَى زَوَى لِىًا لأرْضَ، حَتَّى رَأيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَأعْطَانِىَ الكَنْزَيْنِ ا لأحْمَرَ وَالأبْيَضَ).
ثُم ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أيّوبَ عَنْ أبِى قِلابَةَ.
20 - (2890) حَد*شَا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ.
ح وَحَد، شَا
ابْنُ نُمَيْر - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد*شَا أبِى، حَدثنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكيمٍ، أخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ائيه ؛ أنّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أقْبَلَ ذَاتَ يَوْمٍ مِنَ العَالِيَة، حَتَّىَ إذَا مَرَّ بِمَسْجد بَنِى مُعَاويَةَ، دَخًلَ فَرَكَعَ فِيه رَكْعَتَينِ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَدَعَا رَبَّهُ طًوِيلأ، ثُمَّ انْصَرفَ إلَينَاَ.
فَقَالَ ( صلى الله عليه وسلم ): (سَألتُ ر!لِّى ثًل اللا، فَأعْطَانِى ثنْتَينِ وَمَنَعَنِى وَاحدَة.
سَألتُ رصثى ألا يُهْلِكَ امتِى بِالسّنَةِ فَأعْطَانِيها، وَسَألتُهُ ألا يُهْلًِامتِى بِالغَرَقِ فَأعْطًانِيها، وَسَألتُهُ ألا يَجْعَلَ بَأسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيها".
المخرج بعد -: " لتفتحن عصابة من المسلمين كنز اَل كسرى الذى بالاَبيض) (1)، فقد بان أن الكنز الأبيض هو كنز كسرى، ويكون الأحمر كنز قيصر.
ويدل عليه ماجاء فى حديث آخر فى ذكر الشام " إنى لأبصر قصورهما الحمر) (2)، وقوله: (إنى لاءبصر قصر المدائن الأبيض) (3).
ويدل على ذلك أيضا قوله - عليه السلام -: (اذا منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشأم مديها ودينارها) (4) / فقد أضاف الفضة البيضاء إلى العراق وهى مملكة كسرى، والدينار الأحمر إلى الشام وهى مملكة قيصر.
وقد يدل هذا أيضا إلى ما فكرناه أولا من المراد به الذهب والفضة.
وقيل ة هو المراد بالحديث.
وقوله فى تفسير الهرج بالقتل، وأصله: الاختلاط، هرج القوم: إذا اختلطوا.
وقد جاء فى البخارى تفسيره القتل بلغة الحبشة (5)، وإنما هذا من بعض رواة الحديث، وإلا فهو القتل كما ذكرنا معلوم فى لغة العرب.
وقال ابن دريد (6): الهرج: الفتن فى اَخر
(1) حديث رقم (78) من هذا اليهاب.
(4) حديث رقم (33) من هذا للكتاب.
(6) 1 نظر: ا لجمهرة 2 / مه.
(2، 3)1 حمد 303 / 4.
(5) انظر: كالفق، بظهور الفق 9 / 61.
(8/426)
كتاب الفتن / باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض
427
21 - (... ) وحدّثناه ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدهَّشَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدهَّشَا عُثْمَأنُ بْنَ حَكِيمٍ الأنْصَارِىُّ، أخْبَرَنِى عَامِرُ بْنُ سَعْد عَنْ أبِيهِ ؛ ائهُ أقْبَلَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى طَائِفَةٍ منْ اصمْحَابِهِ، فَمَرَّ بِمَسْجِدِ بَنِى مُعَاوِيَةَ.
بًمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.
الزمان.
والهرج أيضا: الاختلاط، ومنه قيل: فلن يزال الهرج إلى يوم القيامة.
والهرج أيضا: كثرة النكاح، هرجها: نكحها، وفى الحديث: " يتهارجون تهارج الحمر) يحتمل للمعنيين معا.
وقوله: ا لا يهلكها الله بعامة): اى بشدة تجتاحهم وتعم جميعهم بالهلاك.
!
وقوله: (تستبيح بيضتهم ": أى جماعتهم وأصلهم، وهو مأخوذ من بيضة الطائر لتحصينها ما فيها، واجتماعها عليه.
والبيضة اثضا: العز.
والبيضة أيضا: الملك.
428
(8/427)
كتاب الفتن / باب إخبار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما يكون...
إلخ
(6) باب إخبار النبّى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما يكون إلى قيام الساعة
22 - (2891) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُّجبِيبِى، أَخْبَرَنَأ ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ ؛ أَنَّ أَبَأ إِدْرِيس الخْولانى كَانَ يَقُولُ ة قَالَ حُذَيْفَةُ بنُ اليَمَانِ: وَاللهِ، إِنِّى لا"عْلَمُ النَّاسِ بكُلِّ فِتْنَةٍ هِىَ كَائِنَة، فِيمَا بَيْنِى وَبَيْنَ السَّاعَة، وَمَا بِى إِلاَّ أَنَ يَكُونَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أسَرًّ إِلَىَّ فِى ذَلِك شَيْئًا، لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِى، وَلَكن رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ، وَهُوَ يُحَدًّثُ مَجْلِسًا أنَأ فيه عَنِ الفتَنِ، فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُوَ يَعُدّ الفِتنَ: "مِنْهُنَّ ثَلاَث لاَ يَكَدْنَ يَنَرْنَ شَيْئًاَ، وَمِنْهُنًّ فِتَن كَرِيَأح الصَّيْفِ، مِنْهَا صِغَازوَمِنْهَا كِبَازَ لا.
قَالَ حُنَيْفَةُ: فَنَ!بَ اوَلئِكَ الرَّهْطُ كُلُهُمْ غَيْرِى.
23 - (... ) وحدّثنا عُثْمَان بْنُ أَبِى شَيْبَةَ يإِسْحَقُ بْنُ إِبرَاهِيمَ - قَالَ عُثْمَانُ: حَدثنَا.
وَقَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَأ - جَرِيرُ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُنَيْفَةَ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ وقول حذيفة: (والله، إنى لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة بينى وبين الساعة، وما
بى إلا أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أسر الى فى ذلك شيئا لم يحدثه غيرى) كذا هى الرواية عند جميع شيوخنا.
وقال بعضهم: وجه الكلام: " وما بى أن يكون رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) بإسقاط دا إلا)، وكأنه رأى أن الكلام يختل بإثباتها لدلالة الكلام بها على إثبات السِّرِّ له (1).
وقد أخبر متصلا أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أخبر بذلك فى مجلس فيه ناس فتناقض عنده الكلام ويكون مراده: ما بى أنى اختصصت بعلم ما أسر إلى، بل قد شاركنى غيرى فى كثير من علمها من قبلها بدليل اخر الحديث أيضا، وبقوله فى الحديث الاَخر: (نسيه من نسيه وحفظه من حفظه)، لكن لهذا ولقوله فى ذلك المجلس الذى حدث فيه ( صلى الله عليه وسلم ) بما حدث فذهب أولئك القوم غيرى، فانفرد هو بمعرفة ذلك دون غيره، وليس عندى فى ذلك تناقض، ولا فى إثبات إلا ما يختل به الكلام.
وايدل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لحذيفة من سر الفق ما أودع، مشهور فى الأحاديث الصحاح،
وهو كان صاحب سرها، والاهتبال بالسؤال عنها.
ويكون معنى كلامه ة ومابى من عذر فى الإعلام بجميعها والحديث عنها إلا ما أسر إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مما لم يحدث به غيرى، ولعله حد له ألا يذيعه، أورأى من الصلاح ألا يذيعه، اذا لم يكن عند غيره وأما ما، لم
(1) فى ز: الشركة، والمثبت من ح.
ْ (8/428)
كتاب الفتن / باب إخبار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما يكون...
إلخ 429
اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَقَامَا، مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِى مَقَامِه ذَلِكَ إِلَى قِيَام السَّاعَة، إِلا حَدَّثَ به.
حَفِظَهُ مَنْ حَفظَهُ وَنَسيَهُ مَنْ نَسيَهُ، قَدْ عَلِمَهُ أَصْحَاَبِى هَؤُلاَءِ، وَإِنَّهُ لَيَكُوَنُ مِنْهُ، الشَّىْءَ قًد نَسِيتُهُ فَاع رَاهُ فَأَذكُرُهُ، كًمَا يَذْكُرُ الرَّجُلُ وَجْهَ الرَّجُلِ إِذَا غَابَ عَنْهُ ثُمَّ إِذَا راَهُ عَرَفَهُ.
(... ) وحلّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، إِلَى قَوْلِهِ: وَنَسِيهُ مَنْ نَسِيَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
24 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
حدثنا شُعْبَةُ.
ح وَحَدثَّنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حدثنا غُنْدَز، حَد*شَا شُعْبَةُ عَنْ عَدى بْنِ ثَابت، عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ حُنيفَةَ ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ بِمَا هُوَ كًائًن إِلى أن تَقُومَ السَّاعَفُ فَمَا مِنْهُ شَىْءوإِلا قَدْ سَأ!تُهُ، إِلاَّ أَنّى لَمْ أَسْالهُ: مَاَ يُخْرِجُ أَهْلَ المَدِينَةِ مِنَ المَدِينَةِ ؟ (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدثَنِى وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْو.
25 - (2892) وحدّثنى يَعقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ وَحَجَّاجُ بْنُ الثمئَاعِرِ، جَميعًا
عَنْ أَبِى عَاصمٍ.
قَالَ حَجَّاج: حَدثنَا أَبُو عَاصمٍ، أَخْبَرَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابت، أَخْبَرنَا علباءُ بْنُ أَحْمَرَ، حَدشًى أَبُو زَيْد - يَعْنِى عَمْرُو بْنَ أً خْطَبَ - قَالَ: صَلَّىَ بِنًا رَسُولُ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم )
يسره إليه ولا خصه به، فهو الذى يحدث به كما جاء متصلا بقوله: لكن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال وهو يحدث فى مجلس أنا فيهم عن الفق.
وقوله بعد فى الحديث الآخر: وانه ليكون منه الشىء قد نسيته فأراه فأذكره، كما
يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا راة عرفه.
قال بعضهم: فى هذا الكلام اختلال، يعنى من الرواة.
وصوابه: كما ينسى، أو كما لا يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا راَه عرفه، وبه يصح تمثيله.
وفى البخارى (1! فيه تلفيق أيضا.
وقوله فى حديث / يعقوب الدورقى: أنبأنا علباء بن أحمر، حدثنا أبو زيد قال:
صلى بنا رسول ( صلى الله عليه وسلم ).
أبو زيد هذا هو عمرو بن أخطب بالخاء المعجمة، وكذا وقع مبينا فى رواية السمرقندى، والشنتجالى عن السجزى: حدثنا أبو زيد - يعنى عمرو بن اْخطب - قال: صلى بنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وهو عمرو بن أخطب الا"نصارى من بنى الحارث بن
(1) البخارى، كالقدر، ب{ وَكَان أَمْر اللَّهِ قَدوًا مَّقْمورًا} 8 / 154.
1 / 114
430
(8/429)
كتاب الفتن / باب إخبار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما يكون...
إلخ !
الفَجْرَ، وَصَعِدَ المِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَت الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى.
ثُمَّ صَعِدَ المِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ العَصْرُ، ثُمَّ نَزَلَ فَصَلًى ؛ ثُمَّ صَعدَ المنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَى غَرَبَت الشَمْسُ، فَأخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوُ كَائِن، فَأعْلَمُنَا أحْفَظُنَاَ.
الخزرج، صحب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وقال: غزوت معه ست غزوات اْو سبعا (1) 0 انتهى.
والكلام على حديث حذيفة مع عمر بن الخطاب فى الفتنة تقدم (2) فى كتاب الإيمان.
(1) انظر: الاستيعياب 4 / 164 1، والإصابة 4ْ / 599 وفيه مسح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) راسه وقال: (اللهم جمله).
(2) سبق فى كالإيمان برقم (144).(8/430)
كتاب الفتن / باب فى الفتنة التى تموج كموج البحر
431
(7) باب فى الفتنة التى تموج كموج البحر
26 - (144) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاَء أَبُو كُرَيْبِ، جَمِيعأ عَنْ ابِى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ ابْنُ العَلاء: حَد*شَا ابُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ شَقيق، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنَّا عنْدَ عُمَرَ، فَقَاَلَ: ايُّكُمْ يَحْفَظُ حَلِيثَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى اَلفِئنَةِ كَمَا قَالَ ؟ قَالَ: فَقُلتَُ: أَنَا.
قَالَ: إِنَّكَ لَجَرِىءو وَكَيْفَ قَالَ ؟ قَالَ: قُلتُ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِى أَهْله وَمَاله وَنفْسه وَوَلده وَجَارِهِ، يُكَفِّرُهَا الصَيّاَمُ وَالضَلاَةُ وًا لصَّدَقَةُ وَالأمْرُ بِالمَعْرُوف وَالنَّهْىُ عًنِ اَلَمُنكَرِ لَماَ.
فَقَالً عُمَرُ: لَيْسَ ! فَا أرِيدُ، إِنَّمَا أُرِيدُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَوْج البَحْرِ، قَالَ: فَقُلتُ: مَالَكَ وَلَهَا يَا أَمِيرَ المُؤْمنينَ ؟ إِنَّ بيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابَا مُغْلقًا.
قَالَ: أَفَيُكْسَرُ البَابُ أمْ يُفْتَحُ ؟ قَالَ: قُلتُ: لاَ، بَلْ يُكْسًرُ.
قَالَ: فَلكَ أحْرَى أَلا يُغْلَقَ أبَداَ.
قَالَ: فَقُلنَا لِحُذَيْفَةَ: هَلْ كَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ مَنِ البَابُ ؟ قَالَ: نَعَم، كَمَا يَعْلَمُ ال!ونَ
غَدِ اللَيْلَةَ.
إنِّى حَدَّ!شُهُ حَدِيثَا لَيْسَ بِالأغَالِيطِ.
قَالَ فَهِبْنَا أنْ نَسْألَ حُنَيْفَةَ: مَن البَابُ ؟ فَقُلنَا لِمَسْرُوقٍ: سَلهُ.
فَسَألَهُ.
فَقَالَ: عُمَرُ.
27 - (... ) وحدثناه أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأبُو سَعيد الأشَجُّ، قَالا: حَا شَا وَكيع.
ص ص ممر!ص نص ه، ء ص ص ص ص ممَرصَ ! ص ص ممرَه ص، 5، 5 ص ص 5 ص صصَ ص
ح وحدثنا عثمان بن ال شيبة، حدثنا جرِير.
ح وحدثنا إسحق بن إبراهِيم، أخبرنا عِيسى ابْنُ يُونُسَ.
ح وَحَد*شَا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَايحيى بْنُ عيِسَى، كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيث ائى مُعَاوِيَةَ.
وَفِى حَديث عيسَى عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقيق قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ.
ً
وقوله فيه: " إنك لجرىء): أى جسور مقدام على ذلك.
والجرأة: الجسارة وعدم
وقول جندب: (جئت يوم الجرعة) كذا هو بفتح الجيم والراء والعين المهملة، وهو موضع بجهة الكوفة.
ورويناه عن بعضهم بسكون الراء.
واصل الجرعة: المكان الذى فيه سهولة ورمل، يقال له: جرع واجرع وجرعا.
وهو يوم خروج أهل الكوفة إلى سعيد بن
432(8/431)
كتاب الفتن / باب فى الفتنة التى تموج كموج البحر (... ) وحدّثنا ابْنُ ائى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِع بْنِ أبِى رَاشِد ؟ وَالأعْمَشُ عَنْ
أبِى وَائِل، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: مَنْ يُحَدَثنَا عَنِ الفِتْنَةِ ؟ وَاقْتَصَّ الحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِثيِهِمْ.
28 - (2893) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، قَالا ة خَدءَّشَا مُعَاذُ بْنُ مُعاذ، حدثنا ابْنُ عَوْن عَنْ مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ جُنْدُبٌ: جئْتُ يَوْمَ الجَرعَة.
فَإذَا رَجُلٌ جَالئم!.
فَقُلتُ: لَيُهَرَاقًنَّ الَيوْمَ هَفنَأ دمَاءٌ.
فَقَالَ ذَاكَ الرَّجُلُ: كَلا، وَالله.
َ قُلتُ: بَلَى، وَاللَه.
قَالَ: كَلا، وَاللهِ.
قُلتُ: بَلَى، وَاللهِ.
قَالَ: كَلا، وَاللهِ.
إنَّهُ لَحَدَيثُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ حَد، شيه.
قُلتُ: بِئسَ الجَلِيسُ لِى أنْتَ مُنْذُ اليَوْم، تَسْمَعُنِى أخَالفُكَ وَقَدْ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَلا تَنْهَانِى ؟ ثُمَ قُلتُ: مَا هَذَا الغَضَبُ ؟ فَأقْبَلتُ عَلَيْهِ وَاشْألُهُ، فَإذَا الرَّجُل حُنَيْفَةُ.
العاص، وكان عثمان ولاه عليهم فردوه وولوا أبا موسى الأشعرى، وسألوا عثمان توليته
فأقره.
وقوله فى هذا الحديث: " تسمعنى منذ اليوم أحالفك) (1): كذا رواية شيوخنا بالحاء المهملة من الحلف الذى هو اليمين، وقد رواه بعضهم: (أخالفك) بالخاء المعجمة، وكلاهما يصح.
ويدل عليه الحديث، لكن اْظهرها بالحاء المهملة لتردد الأيمان بينهما فى الحديث.
(1) فى النسخة المطبوعة: أخالفك.(8/432)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات...
إلخ
433
(8) باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب
29 - (2894) حدطنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا يَعْقَوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبدِ الرَّحْمَنِ القَارىَّ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هرَيْرَةَ ؛ أنَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَب، يَقْتَتِلُ النَّاسُ عَلَيهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مَائَة تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَيَقُولُ كُلُّ رَجُلِ مِنْهُمْ: لَعَلِّى كَ!نُ أنَا الَّذِى أنْجُو).
(... ) وحدّئنى اميَّةُ بْنُ بسْطَامَ، حَدئنَا يَزيدُ بْنُ زُرَيع، حَدئنَا رَوح عَنْ سُهَيْلِ، بِهَنَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
يَزَادَ: فَقَالَ أبِى: إنْ رَأيْتَهُ فَلا تَقْرَبَنَّهُ.
30 - (... ) حد طنا أبُو مَسْعُود، سَهْلُ بْنُ عُئْمَانَ، حَدثنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِد السئكُونِى،
عَنْ عُبَيْدِ الله، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الَرَّحْمَنِ، عَنْ حفْصِ بْنِ عَاصِمِ، عَنْ أبِىَ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " يُوشِكُ الفُرَاتُ أنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ منْ ذَهَب، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلا يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئَا ".
31 - (... ) حَدثنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدثنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالدِ، عَنْ عُبَيْد اللَّه، عَنْ أبِى الزَن ال عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الاعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يُوشِكُ الفُراتُ أنْ يَحْسِرَ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذهَبٍ، فَمَنْ حَضَرهُ فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئَا لما.
وقوله: (حتى يحسر الفرات لا: أى ينصب.
وأصله الكشف، أى يكشف عن الأرض وعن قراره، ومنه حسرت العمامة عن رأسى، ومنه الحاسر، الذى لا سلاح عليه.
ووقع فى رواية السمرقندى: "ينحسر) وحكى عن بعضهم أنه قال: حسر البحر، ولا يقال: انحسر.
قوله: " لا يزال الناس مختلفة أعناقهم فى طلب الدنيا): الأعناق من هنا - والله أعلم - الرؤساء والكبراء، وهو أحد التفاسير فى قوله تعالى: { فَظَلَّتْ اً عْنَاقُهُمْ لَهَا خَافعِينَ} (1)، ويكون الأعناق اْيضا هنا: الجماعات، يقال: جاءنى عنق من الناس، أى جماعة، وقد يكون هنا أيضا الاَعناق نفسها، عبر بها عن أصحابها، لاسيما وهى التى بها التطلع و[ التشوت] (2) للأمور، ومنه يقال: رفع فلان رأسه لاءمر كذا ومد عنقه له.
(2) من ح.(8/433)
434 كتاب الفاتن / باب لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات...
إلخ 32 - (2895) حدّثنا أبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْني وَأبُو مَعْني الرقاشِىُّ - وَاللَّفْظُ لأبِى مَعْني - قَالا: حَدثنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حدثنا عَبْدُ الحَميد بْنُ جَغفَرٍ، أخْبَرَنِى أبِى، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَار، عَنْ عَبْد الله بْنِ الحَارِث بْنِ نَوْفَل، قَالً: كُنْتُ وَاقفا مَعَ أُيَىِّ بْنِ كَعْب.
فَقَالَ: لا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلَفَة أَعْنَأقُهُمْ فِىَ طَلَبِ الدُّنْيَا.
قُلتُ: أَجَل.
قَالَ: إنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (يُوشِكُ الفُرَاتُ أنْ يَحْسرَ عَنْ جَبَل مِنْ فَصَب، فَإذَا سَمعَ به النَّاسُ سَارُوا إلَيه.
فَيَقُولُ مَنْ عِنْدَهُ: لَئنْ تَرَكْنَا النَّاَسَ يَأخُذُونَ مِنْهُ لَيُنْ!بَنَّ بِهِ كُلِّهِ.
قَالً فَيَقْتَتِلُونَ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَة تِسْعَة وَتِسْعُونَ ".
قَالَ أبُو كَامِل فِى حَلِيثِهِ: قَالَ: وَقَفْتُ أنَا وَالَىُّ بْنُ كَعْب فِى ظِلِّ أجل حَسَّانَ.
33 - (2896) حدّثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعيشَ وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - وَاللَفْظُ لعُبَيْد - قَالا: حَدثنَايحيى بْنُ اَدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ - مَوْلَىَ خَالد بْنِ خَالد - حَدثنَا زُهَيْز، عَنَْ سُهَ!لِ بْنِ أبِى صَالِح، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَاَلً رَسُولُ الًله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنَعتِ العِرَاقُ دِرْهَمهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعًتِ الشَّأمُ مُدْيها وَدينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصرُ إرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُد!تُمْ مِنْ حَيْث بَدَأتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأَتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأتُمْ).
شَهِدَ عَلَى ذَلكِ لَحْمُ أبِى هرَيْرَةَ وَ!مُهُ.
وقوله ت لا وقفت فى ظل أجم حسان) بضم الهمزة، هو الحصن، وجمعه اَجام مثل
أطم وآطام.(8/434)
كتاب الفتن / باب فى فتح قسطنطينية...
إلخ
(9) باب فى فتح قسطنطينية، وخروج الدجال
435
ونزول عيسى ابن مريم
34 - (2897) حلّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُور، حدثنا سُلَيمَانُ
ابْنُ بِلالٍ، حَدثنَا سُهَيْل، عَنْ أبيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالأعْمَاَقِ، أوْ بدَابقَ، فَيَخْرُجُ إلَيْهِمْ جَيثم! مِنَ المَلِينَة، مِنْ خِيَارِ أهْلِ الأرْضِ يَوْمَئذ، فَإذَا تَصَافّوا قَالَتَِ الرومُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اتَذينَ سَبَوْا مَنَّا نُقَاتلُهُمْ.
فَيَقُولُ المُسْلمُونَ*ً لا.
وَالله، لا نُخَلِّى ابَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إخْوَانِنا فَيُقَاتِلُوَنَهُمْ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُمث لا يَتُوبُ اللهُ عًلَيْهِمْ أبَدًا، وُيقْتَلُ ثُلُثُهُمْ، أفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ الَله، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ، لا يُفْتَنُونَ أبَدا، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطنطِينيةَ.
فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسمُونَ الغَنَائِمَ، قَدَْ عَلَقُوا سُيُوفَهُمْ بالريتُونِ، إذ صَاحَ فِيهِمُ الث!ئَيْطَانُ: إنًّ المَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُم فِى اهلِيكُمُ، فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكً بَاطِل.
فَإذآ جَاؤُوا الشَّأمَ خَرَجَ.
فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ، إد أقِيمَت الصَّلاةُ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَأمَّهُمْ.
فَإذَا راَهُ عَدُؤ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ فِى الماءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لانْنَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ !مَهُ فِى حَرْبَتِهِ).
وتقدم الكلام فى كتاب الإيمان (1) على تفسير اسم[ المسيح ابن مريم واسم] (2) المسيح الدجال، ومعنى الدجال.
(1) بذكر المسيح ابن مريم والمسيخ الدجال، حديث رقم (273) - (2) من خ.(8/435)
436
كتاب الفاتن / باب تقوم الساعة والروم أكثر الناس
(10) باب تقوم الساعة والروم أكئر الناس
35 - (2898) حدثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ اللَّيثِ، حَدثنِى عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى اللَيْثُ بْنُ سَعْدِ، حَدثنِى مُوسَى بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ أبِيه، قَالَ: قَالَ المُسْتَوْرَدُ القُرَشِىُّ، عنْدَ عَمْرِو بْنِ العَأصِ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أكْثَرُ النًّاسِ).
فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أبْصِرْ مَا تَقُولُ: قَالً: أقُوُلُ مَا سَمعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: لَئِنْ قُلتَ ذَلِكَ، إنَّ فيهِمْ لَخِصَالأ أرْبَعًا: إنَّهُمْ لأحْلَمُ الَنَّاسِ عِنْدَ فِتْنَة، وَأسْرَعُهُمْ إفَاقَة بَعْدَ مُصيبَةِ، وَأوْشَكُهُمْ كَرَّة بَعْدَ فَرَّة، وَخَيْرُهُمْ لمسْكينِ وَيَتيمٍ وَضَعيف، وَخَامسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ: وَأمْنَعُهُمْ مِنْ ظلم المُلُوكِ.
ًًًً
36 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُّجيبِىُّ، حَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهِبٍ، حَدثنِى أبُو شُرَيْحِ ؛ أنَّ عَبْدَ الكَرِيم بْنَ الحَارث حَد*لهُ ؛ أنُّ المُسْتَوْرِدَ القُرَشِىَّ قَالً: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرّومُ أكْثَرُ النَّاسِ).
قَالَ: فَبَلغِ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ العَأصِ.
فَقَالَ: مَا هَذه الأحَادِيثُ الَّتِى تُذْكَرُ عَنْكَ أئكَ تَقُولهَا عَنْ رسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ لَهُ المُسْتَوْرِدُ: قُلتُ الَّذِى سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ كله.
قَالَ: فَقَالَ عَمْرٌو د لَئِنْ تُلتَ ذَلِكَ، إنَّهُمْ لأحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأجْبَرُ النَّاسِ عِنْدَ مُصِيبَةِ، وَخَيْرُ النَّاسِ لِمَسَاكِينهِمْ وَضُعَفَائِهِمْ.
وذكر مسلم حديث حرملة بن يحيى: حدثنا ابن وهب، حدثنا أبو شريح ث أن عبد الكريم بن الحارث حدثهم ؛ أن المستورد بن شداد القرشى قال ة سمعت رسول الله علي!آ يقول: (تقوم الساعة والروم أكثر الناس): هذا الحديث مما تتبعه أبو الحسن الدارقطنى على مسلم، وقال: عبد الكريم لم يدرك المستورد، والحديث مرسل (1).
وقوله فى هذا الحديث: " وأجبر الناس عند مصيبة دا: هكذا رواية جمهور شيوخنا، وعند بعضهم: (واْصبر الناس " بالصاد، والاءول أولى ة لمطابقته فى الرواية الأخرى: (وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة) وهذا بمعنى اْجبر هنا - والله اْعلم.
(1) انظر: الإلزامات والتتجع (213).(8/436)
كتاب الفتن / باب إقبال الروم فى كثرة القتل...
إلخ 437
(11) باب إقبال الروم فى كثرة القتل عند خروج الدجال
37 - (2899) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ حُجْرٍ - حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أيُوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هلال، عَنْ أبِى قَتَادَةَ العَدَوِىِّ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: هَاجَتْ رِيح حَمْرَاءُ بالكُوفَةِ، فَجًاءً رَجُل لَيْسَ لَهُ هجِّيرَى إلا: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُود، جَاءَت السَّاعَةُ.
قَالً: فَقَعَدَ وَكَانَ مُتَّكئًا.
فَقَالَ: إنًّ السَّاعَةَ لا تَقُومُ، حَتَّى لا يُقْسَمَ مِيًرَاثو ؤلاَ يُفْرَحَ بِغَنِيمَةٍ.
ثُمَّ قَألَ بيَدهِ هَكَذًا - وَنَحَّاهَا نَحْوَ الشَّأم.
فَقَالَ: عَدُوّ يَجْمَعُونَ لأهْلِ الإسْلام، وَيَجْمَعُ لَهُمْ أهلُ الإسْلام.
قلتُ: الرَّومَ تَعْنِى ؟ قَألَ: نَعَمْ.
وَتَكُونُ عنْدَ ذَاكُمُ القِتَالِ رَدَةو شَديدَة، فَيَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً للمَوْتِ لا تَرْجِعُ إلا غَالبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتَّى يَحْجُز بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفِىء هُؤُلاءِ وَهَؤُلاءَ، كُلّ غَيْرُ غَالِب، وتَفْنَىَ الشُّرْطَةُ.
ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلِمُونَ شُرْطَةً لِلمَوْتِ، لا تَرْجِعُ إلا غَالِبًةً.
فَيَقْتَتِلُونَ، حَتَى يَحْجُزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَيَفىءُ هَؤلاء وَهَؤلاء، كُل غَيْرُ غَالِب، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
ثُمَّ يَشْتَرِطُ المُسْلمُؤنَ شُرْطَةً للمَوتِ، لا تَرْجِعُ إلا غَاَلبَةً، فَيَقْتَتِلُونَ حَتًّى يُمْسُوا، فَيَفِىءُ هَؤلاء وَهَؤلاءِ، كُل غَيْرُ غَالَبِ، وَتَفْنَى الشُّرْطَةُ.
فَإذًا كَانَ يَوْمُ الرَّابِعِ، نَهَدَ إلَيْهِمْ بَقيَّةُ أهْلِ الَإسْلامِ، فَيَجْعَلُ اللهُ الَدبرَةَ عَلَيْهِمْ، فَيَقْتُلُونَ مَقْثَلَةً - إِفَا قَالَ: لا يُرَى مِتْلُهَا، وَإمَّا قَألَ: لَمْ يُرَ مِثْلهَا - حَتَّى إنَّ الطَّائِرَ لَيَمُرُّ بِجَنَبَاتِهِمْ، فَمَا يُخَلِّفُهُمْ حَتَّى
وقوله: (فجاء رجل ليس له هجيرى إلا: يا عبد الله جاءت الساعة لما: كذا رواه / شيوخنا عن العذرى وغيره، وحدثنا به الاَسدى عن أبى الفتح الشاشى " هجيرى " وكذلك عند التميمى وهو الصواب، على وزن " فعيلى "، أى دأبه وشاْنه.
قال ابن يريد: يقال: ما زال ذلك هجيراه واهجيراه، اى دأبه.
وقوله: (نهد إليهم بقية أهل الإسلام): أى تقدموا إليهم ونهضوا.
وقوله: " فيشترط المسلمون شرطة).
الشرطة بضم الشين: أول طائفة من الجيش يشهد الواقعة ويتقدم، ومنه سمى الشرطان لتقدمهما أول الربيع، كذا فسره غير واحد.
ويحتمل ائهم سموا بذلك لعلامات تميزوا بها.
ومنه سمى الشرط، ومنه أشراط الساعة أى علاماتها.
وقوله: (فيجعل الله الدائرة عليهم ": كذا للعذرى، ولغيره: (الدبرة " بفتح
114 / ب
438(8/437)
كتاب الفتن / باب إقبال الروم فى كثرة القتل...
إلخ
يَخِرَّ مَيْتًا، فَيَتَعادُّ بَنُو الأبِ كَانُوا مِأئَةً، فَلا يَجِدُونَهُ بَقِىَ مِنْهُمْ إلا الرَّجُلُ الوَاحِدُ، فَبأىِّ غَنِيمَة يُفْرَحُ ؟ أوْ أى مِيرَاث يُقَاسَمُ ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذ سَمِعُوا بِبَأسٍ، هُوَ كْبَرُ مِنْ فَلِكَ "، فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ: إنَّ الدَخالَ قَدْ خَلَفَهُمْ فِى فَرَاريِّهمْ فَيَرفُضُونَ مَأ فِى أيْديهِمْ، وَيُقْبِلُونَ، فَيَبْعثُونَ عَشَرَةَ فَوَارِسَ طَلِيعَة.
قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنِّى لأعْرِفُ أسْمَاءً هُم، وَأسْمَاءَ آبائِهِمْ، وَألوَانَ خُيُولِهِمْ، هُمْ خَيرُ فَوَارِسَ عَلَىَ ظَهْرِ الأرْضِ يَوْمَئذ، أوْ مِنْ خيْرِ فَوَارِسَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ يَوْمَئِذ لما.
قَالَ ابْنُ أبِى شَيْبَةَ فِى رِوَايَتِهِ: عَنْ أسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ.
(... ) وحدئنى مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْد الغُبَرِىُّ، حَدّثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنْ ائوبَ، عَنْ حُمَيْد بْنِ هِلال، عَنْ أبِى قَتَ الةَ، عَنْ يُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُوب فَهَتتْ رِيغ حَمْرَاءُ.
!سَاقَ ال دِيثَ بِنَحْوِهِ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عُلَيَّةَ أتَمُّ وَأشْبَعُ.
الدال والباء بواحدة ساكنة، ومعناهما متقارب.
قال الأزهرى: الدائرة: الدولة تدور على الأعداء، وبه فسر قوله تعالى: { أَن تُصِينا دَائِرَةٌ } (1).
وقال ابن عرفة: أى ط درة من حوادث الدهر.
وقال الهروى (2): الدبرة: النصر والظفر، يقال: لمن الدبرة ؟ أى الدولة، وعلى من الدبرة ؟ اْى الهزيمة.
وقوله: (حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم): كذا روايتنا فيه عن جماعة الرواة، ووقع لبعضهم (بجثمانهم)، وكذا فى كتاب القاضى التميمى عن ابن الحذاء.
ويروى " فما يلحقهم).
ومعنى " جثمانهم): اْى شخوصهم.
وجثمان كل شىء: شخصه.
والجنبات: النواحى، وكأن رواية (يخلفهم) أقرب للمعنى! إن صحت الأخرى فى معناها.
وقوله: (إذا سمعوا بناس هو (3) كثر من ذلك): كذا عند العذرى (ناس) بالنون،
و" أكثر) بالثاء المثلثة، وعند غيره (ببأس هو أكبر) بباء بواحدة فيهما.
قال بعض مشايخنا: هو الصواب، وتصححه رواية أبى داود: (سمعوا بأمر اْكبر من ذلك) (4).
(1) 1 لما ند ة: 52.
(2) لم أعثر عليها فى مادة " دبر، فى هذا الحديث.
(3) فى ح: هم.
(4) لم نجده فى سنن أبى داود.(8/438)
كتاب الفتن / باب إقبال الروم فى كثرة القتل...
إلخ 439 (... ) وحل!ثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ المُغِيرَةَ - حَل!ثنَا حُمَيْد - يَعْنِى ابْنَ هِلال - عَنْ أبِى قَتَالَةَ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ فِى بَيْتِ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، وَالبَيْتُ مَلآنُ.
قَالَ: فَهَاجَتْ رِيح حَمْرَاءُ بِالكُوفَةِ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
وقيل (1) فى الحديث: عن بشر بن جابر، وقال فى اَخره عن ابن أبى شيبة: أسير
ابن جابر، بالاَلف، وكذلك اختلف الرواة فيه فى حديث شيبان بن فروخ بعده، فعند السمرقندى والعذرى: (بشير) بالباَ، وعند غيرهما " أسير) بالاءلف، وقد تقدم الخلاف فيه وفى اسم اْبيه فى كتاب[...
] (2)، وقول ابن المدينى فى ذلك، وذكر مسلم هنا الوجهين.
(1) فى صح: وقال.
(2) فى ز، ح بياض، وعلق عليه صاحب الرسالة بأن المقصود بالكتاب هو كتاب الفضائل، وفى فضائل أوين القرنى، ورقم الحديث (2542) وجاء فيه اسمه أسيد بن جابر.
انظر: الرسالة ص 535.
440(8/439)
كتاب الفتن / باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال
(12) باب ما يكون من فتوحات المسلمين قبل الدجال
38 - (0 290) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا جَرِير!، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ نَافِع بْنِ عُتْبَةَ.
قَالً: ً كُنَا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَة.
قَالَ: فَأتَى النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَوْم! منْ قِبَلِ المَغْرِب، عَلَيْهِمْ ثِيَابُ الصُّوفِ، فَوَافًقُوهُ عِنْدَ كَمَة"، فَإنَّهُمْ لَقِيَام! وَرَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَاعد.
قَالَ: َ فَقَالَتْ لِىَ نَفْسِى: ائْتِهِمْ فَقُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، لا يًغْنَالُونَهُ.
قَالَ: ثُمَّ قُلتُ: لَعًلَّهُ نَجِيَُّ مَعَهُمْ، فَاعتَيْتُهُمْ فَقُمْتُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، قَالَ: فَحَفِظتُ مِنْهُ اربَعَ كَلِمَاتط اعلُّ!نَّ فِى يَدِى.
قَالَ: (تَغْزُونَ جَزِيرَةَ العَرَب فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ !، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَ تَغْزُونَ الدَّجَالً فَيَفْتَحُهُ اللهُ لما.
قَالَ: فَقَالَ نَافِع: يَا جَابِرُ، لا نُرَى الدَّخالَ يَخْرُجُ حَتَّى تُفْتَحَ الرُّومُ.
وقوله فى الحديث: ا لا يغتالونه): أى يفتلونه غيلة، وهو القتل سراً، واعتقالا، وختلاً.
وقوله: ا لعله نجى معهم): من المناجاة، وهو التحدث فى خلوة عن الناس، ومنه
قوله تعالى: { خَلَموا نَجيًّا} (1) وقال تعالى: { وَقَرَّباهُ نَجيًّا} (2).
قال ابن عرفة: النجى يكون للواحد والجمَيع.
وذكر فى الحديث جزيرة العرب، هى بلاد العرب.
قال الخليل: سميت جزيرة العرب ؛ لاكن بحر فارس وبحر الحبشة والفرات ودجلة أحاطت بها.
وقال الحربى: عن محمد بن فضالة: إنما سميت بذلك ؛ لإحاطة البحر بها، والاءنهار من أقطارها.
وقال الأصمعى: جزيرة العرب ما لم تبلغه ملك فارس من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق، وعرضها من جدة وما والاها إلى ساحل البحر إلى أطرار الشام.
وقال الشعبى: جزيرة العرب ما بين حفر أبى موسى بالعراق إلى اقصى اليمن فى الطول، وفى العرض ما بين رمل " يبرين) إلى منقطع السماوة.
وعن مالك جزيرة العرب: المدينة.
وحكى البخارى عن المغيرة: هى مكة والمدينة واليمامة واليمن (3).
وحكاه إسماعيل القاضى عن / مالك قال: وهو كل بلد لم تملكه الروم ولا فارس.
وذكر مسلم حديث زهير بن حرب د سحق وابن أبى عمر عن ابن عيينة، عن فرات، عن أبى الطفيل، عن حذيفة بن أسيد فى اَيات
(1) يوسف: 80.
(2) مريم: 52.
(3) كالجهاد، بهل يستشفع إلى أهل الذمة ؟ 4 / 85.(8/440)
كتاب الفتن / باب مايكون من فتوحات المسلمن قبل الدجال 441 الساعة.
هذا الحديث مما تتبعه الدارقطنى على مسلم، وقال: إنه لم يرفعه غير فرات عن أبى الطفيل من وجه صحيح.
قال: ورواه عبد العزيز بن رفيع وعبد الملك بن ميسرة موقوفأ (1).
(1) انظر: الإلزامات والتتبع ص 183، عند الأبما عن فرات بن الطفيل، وهو خطأ بين.
442(8/441)
كتاب الفتن / باب فى الاَيات التى تكون قبل الساعة
(13) باب فى الآيات التى تكون قبل الساعة
39 - (2901) حدّثنا أبْو خَيْثَمَةَ، زُهَيْرُ بْنُ حَرْب ياسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى
عُمَرَ المَكِّىُّ - وَاللَّفْظُ لزُهَيْر - قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالً ا لآخَرَانِ: حَدثنَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ فُرَاب القَرازِ، عَنْ أبِى الطُّفَيْلِ، عَنْ حُنيفَةَ بْنِ أسيد الغفَارِىِّ قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: (مَا تَنَاكَرُونَ ؟ " قَالُوا: نَذْكرُ الَسَّاعَةَ.
قَالَ: (إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ اَيَات ".
فَذَكَرَ الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبَها، وَنُزُولَ عيسَى ابْنَ مَرْيَمَ ( صلى الله عليه وسلم )، وَيَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، وَثَلاثَةَ خُسُوف: خَسْ! بالمَشْرِق، وَخَسْ! بِالمغرِبِ، وَخَسْ! بِجَزِيرَةِ العَرَبِ.
وآخِرُ ذَلِكَ نَاز تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تًطرُدُ النًّاسَ إلَى مَحْشَرِهِم.
40 - (... ) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ العَنْبَرِىُّ، حَد 3شَا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتِ القَزَّازِ، عَنْ ائى الطُّفَيْلِ، عَنْ أبِى سَريحةَ، حُنيفَةَ بْنِ أسيد.
قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غُرْفةٍ وَنَحْنُ أسْفَلَ مِنْهُ، فَاطَّلَعَ إِلَيْنَا فَقَالَ: (مَا تَذْكُرُونَ ؟ ذأ قُلنَا: السَّاعَةَ.
قَالَ: (إِنَّ
قال القاصْى: وقد ذكر مسلم رواية ابن رفيع موقوفة كما ذكر ائو الحسن وضبط اسم والد حذيفة بن أسيد بفتح الهمزة، وكسر السين، وكنيته ائو سريحة بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالحاء المهملة.
وقد ذكره بكنيته فى الاَحاديث الأخرى.
وقوله: " فيها نار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس): كذا رويناه مخففا ثلاثيا،
أى تأخذهم بالرحيل وتزعجهم، أو تجعلهم يرحلون أمامها.
وضبطه أيضا فى كتاب أبى عبجد الهروى " يرتحل) مثقل مضعف، وقال ة معناه: تنزل معهم إذا نزلوا، وتقيل إذا قالوا.
وقيل معناه: فتنزلهم.
الراحل والرحل والاَرحال بمعنى الإزعاج، " وقعرة عدق): أقصى أرضها.
وكذلك قعر البئر.
قال ابن دريد: والقعر أيضا: جوبة من الاَرض، يصعب فيها الصعود والحدور.
وقد تقدم شرح رحل هذه النار وحشرها للناس قبل هذا.
وقوله فى الحديث الاخر: " ثخرج نار من أرض الحجاز دا (1)، وقد قال فيما تقدم:
" من قعر عدن "، وفى الرواية الأخرى (من اليمن " فلعلهما ناران تجتمعان لحشر الناس، أو[ أن] (2) يكون ابتداء خروجها من اليمن، وظهورها من الحجاز - والله أعلم.
(1) حديث رقم (42) مدأ هذا الكتاب.
(2) فى هامش ح.(8/442)
كتاب الفتن / باب فى الاَيات التى تكون قبل الساعة
443
السَّاعَةَ لاَ تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ ايات: خَسْ! بالمَشْرِقِ، وَخَسْ! بِالمَغْرِبِ، وَخَسْ! فِى جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَالدُّخَانُ، وَالدَّجًّالُ، وَدَابَّةَُ ا لا"رْضِ، وَيَأجُوجُ وَمَأجُوجُ، وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنَازتَخْرُجُ مِنْ قُعْرَةِءَ!ل!، تَرْحَلُ النَّاسَ).
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَد*شى عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ رُفَيع عَنْ أَبِى الطُّفَيْلِ، عَنْ أبِى سَرِيحَةَ، مِثْلَ ذَلكَ.
لاَ يَذْكُرُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَقَالَ أَحَل! مَا فِى العَاشِرَة: نُزُولُ عيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَقَالَ الَآخَرُ: وَرِيح تُلقِى النْاسَ فِى البَحْرِ.
41 - (... ) وحل!ثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَد*شَا مُحَمَّد - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَر - حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَرِيحَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غُرْفَة.
وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ.
وَسَاقَ الحَديثَ.
بِمِثْلِهِ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: تَنْزِلُ مَعَهُمْ إِذَا نَزَلُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا.
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَد+شِى رَبُئ هَذَا الحَدِيثَ عَنْ أبِى الطُّفَيْلِ، عَنْ أَبِى سَرِيحَةَ.
وَلَمْ يَرْفَعْهُ.
قَالَ أَحَدُ هَذَيْنِ الرَّجُلَينِ: نُزُولُ عيسَى ابْنِ مَرْيمَ.
وَقَالَ الآخَرُ: رِيح تُلقيهِمْ فِى البَحْرِ.
َ
(... ) وحد!ثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا أَبُو النُّعْمَانِ، الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الله العِجْلىُّ، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ فُرَاتٍ، قَالَ: سَمعْتُ أَبَا الطُّفَيلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَرِيحًةَ قَالً: كُنَّا نَتَحَدَّثُ، فَأشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَلِيثِ مُعَاذٍ وَابْنِ جعْفَر.
وقوله: (تضىء أعناق الإبل ببصرى لما (1) يقال أضاءت النار وأضاءت غيرها.
وبصرى بضم الباء: هى مدينة حوران.
وقيل: قيسارية.
ذكر فى هذا الحديث " الدجال " فى أشراط الساعة ولم يأت مفسراً فى الاَم هنا، وكذلك " دابة الأرض) وقد تقدم قبل هذا فى كتاب بدء الخلق قول بعضهم فيه: إنه دخان، ويأخذ بأنفاس الكفار، ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام، وبه فسر الآية.
وأنكر ابن مسعود هذا وقال: انما هذا مما نال قريشا من الجدب بدعائه - عليه السلام - عليهم، حتى كانوا يرون بينهم وبين السماء كهيئة الدخان وقيل: الدخان: الجدل نفسه.
حكاه ابن
(1) حديثط رقم (42) من هذا الكتاب.
444 (8/443)
كتاب الفتن / باب فى الآيات التى تكون قبل الساعة وَفَالَ ابْنُ المُثَنى: حَد*شَا أبُو النّعْمَانِ، الحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الله، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ أَبِى الطُّفَيلِ، عَنْ أبِى سَريحَةَ.
بِنَحْوِهِ.
قَاَلَ: وَالعَاشِرَةُ نُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَبْدُ العَزِيزِ.
عزيز، وما قاله ابن مسعود قاله غير واحد، والقول الأول روكما عن ابن عمر والحسن وحذيفة، وأنه آية من أشراط الساعة يمكث فى الأرض اربعمِن يوما، وروكما حذيفة ذلك عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وعن زيد بن على: الدخان: ما ينتظر بالكافر من العذاب يوم القيامة والعرب تضع الدخان موضع الشر.
واْما الدابة فهى المراد بقوله تعالى: { أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ} (1).
ذى
أهل التفسير أنها خلق عظيم يخرج من صاع من الصفا لا يفوتها احد، وتسم المؤمن فحغير (2) وجهه، وتكتب بين عينيه[ مؤمن.
وتسم الكافر فيسود وجهه، وتكتب بين عينيه] (3) كافر.
وعن عبد الله بن عمرو: أن هذه الدابة هى الجساسة المذكورة فى حديث الدجال.
وعن ابن عباس: أنه الثعبان الذكما كان ببئر الكعبة فاختطفته العقاب.
(1) 1 لنمل: 82.
(2) هكذا فى الأصل، وفى الأبى، ح: قتنير.
(3) سقط من ز، والمثبت من الأبى، ح.
(8/444)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز
445
(14) باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز (1)
42 - (2902) حلّطنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَاب اخْبَرَنِى ابْنُ المُسَيَّب ؛ أنَّ.
ابَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَ رَسُولَ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
ح وَحَدثنِى عَبْدُ المَلِكَ بْنُ شُعَيْب بْنِ اللَّيثَ، حَدثنَا أَبِى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد، عَنِ ابْنِ شهَاب، انَّهُ قَالَ: قَالً ابْنُ المُسَيًّب: أَخْبَرَنى ابُوهُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً، (لاَ تَقُومُ الساعة حتى تخْرجَ نَازمِنْ أرْضِ الحِجَازِ، تضِىَ أعْنَاقَ الإِبِلِ بِبصْرَى لما.
(1) سبقت الإشارة إليه فى باب الاَيات التى تكون قبل الساعة.
115 / ب
446 (8/445)
كتاب الفتن / باب فى سكنى المدينة...
إلخ
(15) باب فى سكنى المدينة وعمارتها قبل الساعة
43 - (2903) حدّثنى عَمْزو النَّاقِدُ، حدثنا الأسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حدثنا زُهَيْز، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَبْلُغُ المَسَاكِنُ إِهَابَ أوْ يَهَابَ)
قَالَ زُهَيْر: قُلتُ لِسُهَيْلٍ: فَكَمْ فَلِكَ مِنَ المَلدينَةِ ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا مِيلأ.
44 - (2904) حديثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -
عَنْ سُهَيْلِ، عَنْ أَبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أًنَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَيْسَتِ السّنَةُ بِألا تُمْطَرُوا، وَلَكِنِ السّنًةُ أَنْ تُمْطَرُوا وَتُمْطَرُوا، وَلاَ!بِتُ الأرْضُ شَيْئا).
وقوله: (تبلغ المساكن إهاب اْو يهاب) بكسر الهمزة والباء، كذا ضبطناه عنهم.
وعند ابن عيسى: (أو نهاب) بالنون معا.
وتقدم الكلام فى صدر هذا الكتاب / على قوله: دا الا إن الفتنة هاهنا من حيث
يطلع قرن (1) الشيطان)، ووقع هاهنا من رواية الطبرى وفى حديث قتيبة من حيث يطلع قرن الشمس (2)، وهى تؤكد وتبين أن المراد المشرق نفسه على ما تقدم.
وقوله: " ليست السنة بألا تمطروا): والسنة هنا: الجدب والقحط، قال الله تعالى.
{ وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} (3).
(1) فى خ: قرنا.
(2) فى خ: الشيطان.
(3) 1 لأعراف: 129.
(8/446)
كتاب الفتن / باب الفتنة من المشرق...
إلخ
447
(16) باب الفتنة من المشرق من حيث يطلع قرن الشيطان (1)
45 - (2905) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد، شَا لَيْثٌ.
ح وَحَد، شىِ مُحَمَدُ بْنُ رُمْحِ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِع، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؟ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ المَشْرِقِ يَقُولُ: (أَلا إِنَّ الفِتْنَةَ هَهنَا، أَلاَ إِنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ".
46 - (... ) وحدّثنى عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنِى.
ح وَحَد، شَا
عُبَيْدُ اللّه بْنُ سَعِيد كُلُهُم عَنْيحيى القَطَّان.
قَالَ القَوَارِيرِىُّ: حَدثَّنىيحيى بْنُ سَعِيدِ، عَنْ عُبَيْد اللهَ بْنِ عُمَرَ، حَد، شِى نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَامَ عِندَ بَاب حَفْصَةَ، فَقَالً بِيَدهِ نَحْوَ المَشْرِقِ: (الفِتْنَنَةُ هَهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيْطًانِ " قَالَهَا مَرتيْنِ أً وْ ثَلاثا.
وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ فِى رِوَايَتِه: قَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عِنْدَ بَابِ عَائشَةَ.
47 - (... ) وحدّثنى حَرمْلَةُ بْنُ يحيى، أخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْد الله، عَنْ أبيه ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً، وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ المَشْرِق: " هَا إنًّ الفِتْنَةَ هَهُنا، هَا إنًّ الفِتْنًةَ هَهُنَا، هًا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنا، مِنَ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ).
48 - (... ) حدّثنا أبْو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا وَكِيعٌ، عَنْ عكْرِمَةَ بْنِ عَمَّار، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالً: " رأسُ الكُفْرِ مِنْ هَهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ لما يَعْنِىَ المَشْرِقَ.
49 - (... ) وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَد"ننَا إسْحَقُ - يَعْنِى ابْنَ سُلَيْمَانَ - أخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ
قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، يُشيرُ بيَدِهِ نَحْوَ المَشْرِقِ وَيَقُولُ: ال!ا إنَ الفِتْثَةَ هَهُنَا، هَا إنَّ الفِتْنَةَ هَهُنَا) ثَلاثًا (حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنَا الشًّيطًانِ ".
50 - (... ) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ بْنِ أبَانَ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْد الأعْلَى وَأحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الوَكِيعىُّ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبَانَ - قًالُوا: حَدثنَا ابْنُ فَضَيْلِ عَنْ أبيه، قَالَ: سَمعْتُ سَالمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: يَا أهْلَ العِرَاقِ، مَا أسْألُكُمْ عَنِ الصًّغَيرَة، وَأرْكَبكُمْ لِلكَبِيرَةِ!
(1) سبقت الإشارة إليه فى الباب السابق وما قبله.
448
(8/447)
كتاب الفتن / باب الفتنة من المشرق...
إلخ
سَمِعْتُ أبِي عَبْد اللهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إنَّ الفِتْنَةَ تَجِىء مِنْ هَهُنَا) وَأوْمَأَ بيَده نَحْوَ المَشْرِقِ " مِنْ حَيْثُ يَطلُعُ قَرْنَا الثَئَيْطَان) وَأنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض، ! اَنَّمًاَ قَتَلَ مُوسَى الَّذى قَتَلَ، منْ اَل فرْعَوْنَ خَ! فَقَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَل - لَهُ: { وَقَتَلْتَ نفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمّ وَفًتَنَّاكَ فُتونًا} (1)َ.
قَالَ أحْمَدُ بْنُ عُمَرَ فِى رِوَايَتِهِ عَنْ سَالِمٍ: لَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ.
(1) طه: 40.
(8/448)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة
449
(17) باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة
51 - (2906) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَاِفِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْد: اخبَرَنَا.
وَقَالَ
ابْنُ رَافِعٍ: حَدثنَا - عَبْدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا معْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا ثَقُومُ السَّاعَةُ حَثَّى تَضْطَرِبَ أليَاتُ نِسَاءِ دَوْس، حَوْلَ ذِى الخَلَصَةِ ".
وَكَانَتْ صَنَفا تَعْبُلُه الوْس فِى الجَاهِلِيَّةِ، بِتَبَالَةَ.
52 - (2907) حدّثنا أبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُ وَأبُو مَعْنٍ، زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِىُّ - وَاللَّفْظُ لأبِى مَعْنٍ - قَالا: حَد"ننَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَد"ننَا عَبْدُ الحَمِيد بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ العَلاء، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمعْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: الا يَذْهَبُ اللَّيْلَُ وَالنَّهَارُ حَتَّى تُعْبَدَ اللاتُ وَالعُزَّى ".
فَقَلتُ: يَارَسُولَ اللَه، إنْ كُنْتُ لأظُنُّ حينَ أنْزَلَ اللهُ: { هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَىَ الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرًِا لْمُشْرِكُون} (1) أنَّ ذَلِكَ تَاما.
قَالَ: (إنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللهُ رِيحًا طيَبةً.
فَتَوَفَّى كُلَّ مَنْ فِى قَلبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إيمَانٍ، فَيَبْقَى مَنْ لا خيْرَ فِيمِ! فَيَرْجِعُونَ إلى دِينِ ابائهِمْ).
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا أبُو بَكْرِ - وَهُوَ الحَنَفِىُّ - حَدثنَا عَبْدُ الحَمِيدِ
ابْنُ جَعْفَرٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وقوله: "حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذى الخلصة) أليات بفتح الهمزة واللام، يعنى أعجازهن، جمع ألية، اى تضطرب من الطواف حولها، و" ذو الخلصة) يقال بفتح الخاء واللام وبضمها، وبالوجهين سمعنا هذه الكلمة من شيخنا أبى الحسين بن سراج، وبسكون اللام وجدته بخط عن أبى بحر فى الأم.
وذكر فى الحديث نفسه ائه صنم كانت تعبده (دوس) بتبالة.
تبالة بفتح التاء والباء: موضع باليمن، وليس بتبالة التى يضرب بها المثل أهون على الحجاج من " تبالة)، تلك
(1) 1 لتوبة: 33، 1 لصف: 9.
450
(8/449)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى تعبد دوس ذا الخلصة
بالطائف.
قال ابن إسحق ذو الخلصة: بيت فيه منهم صنم يسمى ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة، وكان يسمى الكعبة اليمانية، بعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جرير بن عبد الله فحرقه.
وقد مر فى حديث جرير فى المغازى (1) مفسرا بنحو ما قال ابن إسحق.
(1) ليست هذه القصة فى المغازى، دإنما أحاديث جرير فى تحريق ذى الخلصة جاءت فى فضائل جرير فى حديث رقم (136، 137).(8/450)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! !حمخ
451
(18) باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل
فيتمنى أن يكون مكان الميت، من البلاء
53 - (157) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، عَنْ مَالك بْنِ أنَسٍ - فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ - عَنْ أبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، أنًّ رَسُولُ الَلهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا نَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَألَيْثَنِى مَكَانَهُ).
54 - (... ) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّد بْنِ أبَأنَ بْنِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ !زِ!دَ الرِّفَاعِى - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبَأنَ - قَالَا: حَدثنَا ابْنُ فَضَيْلٍ عَنْ أبِى إسْمَاعيلَ، عَنْ أبِى حَأزِمِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ.
قَالَ رَسُولُ الله على: " وَالَّذى نَفْسِى بيَده، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتى يَمُرَّ الرَّجُلُ عَلَى القَبْرِ فَيَتَمَرَّغُ عَلَيْه، وَيَقُولُ: يَألَينَنِى كُنْتَُ مَكًانَ صَاحِبِ هَذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ إلا البَلاءُ لما.
55 - (2908) وحدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ المَكِّىُّ، حَد - ننَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ - وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ - عَنْ أبِى حَأزِمِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " وَالَّذِى نَفْسِى بيَده، لَيأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانوَ لا يَدْرِى القَاتِلُ فِى أىِّ شَىْءٍ قَتَلَ، وَلا يَدْرِى المَقْتُولُ عَلًَأَىِّ
وفى الحديث الاَخر: " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول ياليتنى مكانه "، وقوله: ا لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: ليتنى مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء " أما الحديث الاَول فيحتمل أن يكون لما يرى من تغيير الشريعة وتبديل الدين أو لما يرى من البلاء والمحن والفق كما نصه الحديث الاَخر.
وكما قال فى الحديث الاَخر: " لا يدرى القاتل فى أى شىء قتل، [ ولا المقتول على أى شىء قتل، (1) " وعلى الوجهين فقد كان ما أخبر به ( صلى الله عليه وسلم ) وظهر، وكذلك فى كثير من الإشراك والاَمور والفق التى أخبر بها فى هذه ال الحاديث ورتب عيانأ.
قال الإمام: خرج مسلم فى باب قول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا تذهب الدنيا حتى يأتى
على الناس زمان لا يدرى القاتل فيما قتل ولا المقتولا فيما قتل، الحديث، قال: حدثنا ابن أبى عمر، حدثنا مروان عن يزيد بن كيسان، عن ابى حازم، عن أبى هريرة، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
ثم قال بعده: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، وواصل بن عبد الاَعلى قال: حدثنا (1) كما هامش خط.
116 / ءا
452(8/451)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
الخ
شَىْءٍ قُتِلَ).
56 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ بْن أبَانَ وَوَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ فُضَيْل، عَنْ أبى إسْمَاعِيَلَ الأسْلَمِىًّ، عَنْ أيِى حَازم، عَنْ ائى هُرَيْرَفَ قَالَ: قاَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالَّذَى ثَفْسِى بيَدِهِ، لا تَذْهَبُ الذُنْيَا حَتًى يَأتِىَ علَى النَّاسِ يَوْمٌ، لا يَدْرِى القاَتِلُ فيمَ قَتَلَ، وَلا المَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ لما.
فَقِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ: الهَرْجُ.
القاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِى النَّارِ).
وفى رواية ابن أبان قال: هو يزيد بن كيسان عن أبى إسماعيل.
لم يذكر الأسلمى.
محمد بن فضل، عن أبى إسماعيل الأسلمى، عن أبى حازم، عن اْبى هريرة عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
هكذا وقع فى النسخ، يريد مسلم اْن شيخيه اختلفا، فقال: واصل عن أبى فضيل عن أبى إسماعيل[ الأسلمى، يعنى به بشير بن سليمان، وقال عبد الله بن عمر بن أبان عن ابن فضيل عن أبى إسماعيل] (1) ولم يذكر الأسلمى، يعنى به يزيد بن كيسان اليشكرى.
قال بعضهم هذا يحتاج إلى مقدمة يذكرها هاهنا، وهو أن يعلم أن يزيد بن كيسان يكنى أبا إسماعيل، واْن بشير بن سليمان يكنى أبا إسماعيل اْيضا، وكلاهما يروى عن أبى حازم[ وقد اشتركا فى غير حديث عن اْبى حازم] (2) الأشجعى، وقد ذكر منها اْبو محمد الجارود أحاديث منها: ما رواه اْبو حازم عن أبى هريرة ؛ اْن رجلأ أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) / [ فقال] (3): " إنى تزوجت امراْة على ثمان أواق) الحديث.
ومنها: حديث اخر يرويه أبو حازم عن أبى هريرة ؛ أن عمر خرج من بيته وذكر ذهاب النبى وأبى بكر وعمر إلى بيت رجل من الأنصار، وقوله: " ما أخرجكما ؟) قالا: الجوع - الحديث بطوله (4).
ومنها: ما رواه أبو حازم عن أبى هريرة فى تعريس النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بطريق مكة، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قضى ركعتى الفجر بعدما طلعت الشمس (ْ).
ومنها: حديث أبى حازم عن أبى هريرة عن النبى - عليه السلام - قال: (والذى نفسى بيده، لن تذهب الدنيا حتى يتمرغّ الرجل على الفبر فيقول: ليتنى صاحب هذا القبر).
وخرج مسلم من هذه الأحاديث المثترك فيها مالم يذكره ابن الجارود حديث: (قل هو
الله أحد) من حديث يزيد بن كيسان وبشير بن إسماعيل، كلاهما عن اْبى حازم، عن أبى هريرة قال: ابن جارود: فقد بان بما ذكرنا اْن اْبا إسماعيل بشير غير اْبى إسماعيل
(1) فى هامث!!.
(4) سبق فى كالأشربة، برقم (140).
(2) من ح.
(3) فى هامث! ح.
(5) سبق فى كالمساجد، برقم (309).(8/452)
كتاب بالفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! أخ
453
57 - (2909) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرِ - قَالا: حَدفّىَشَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زِياد بْنِ سَعْد، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيد، سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ): " يُخَرِّبُ الَكَعْبَةَ فُو اً لسُّوَيْقتَيْنِ مِنَ الحَبَشةِ).
58 - (... ) وحدّثنى حَرّمَلَةَ بْنُ يَحْمىَ أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنِ ابْنِ المسَيَّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللهِ على: " يُخَرَبُ الكَعْبَةَ ذُو السّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ ".
يزيد دن اتفقا فى الرواية قول بعضهم.
كذلك هذا الحديث الواقع فى كتاب الفتن، أخرجه مسلم من حديث[ زيد] (1) بن كيسان، ثم أخرجه بعد ذلك من رواية أبى اسماعيل الأسلمى، إلا فى رواية عبد الله بن عمر بن أبان، فإنه جعله عن يزيد بن كيسان أبى إسماعيل، وكذلك لم يذكرا الاَسلمى فى نسبه - والله أعلم.
قال القاصْى: وقع فى كتاب مسلم هنا تلفيف وتقديم وتأخير، وذلك أنه فى اخر الحديث فى رواية ابن أبان قال: هو يزيد بن كيسان عن أبى إسماعيل لم يذكره الأسلمى هذا نصه عند عامة شيوخنا، وهو يوهم أن يزيد بن كيسان رواه عن أبى إسماعيل، وانما مراده أن ابن أبان قال عن أبى إسماعيل: هو يزيد بن كيسان، فقدم واخر ولم يقل: الأسلمى، إذ أبى إسماعيل الأسلمى غير أبى إسماعيل يزيد بن كيسان، وقد يكون معناه على مساقه.
قال: هو يزيد بن كيسان.
وقوله بعد: عن أبى إسماعيل، أى أعنى بهذا الكلام أبا إسماعيل، وعن كنيته فسر الإبهام بهذا الاسم، ويبقى اللفظْ على وجهه.
ويصححه أن نص هذا الموضع فى رواية القاضى التميمى من شيوخنا فى الكتابة قال: هو يزيد بن كيسان، يعنى أبا إسماعيل.
وهذا بيان ورفع إشكال.
وأبو حازم هذا الذى يروى عن أبى هريرة هو: سلمان، مولى عزة الاَشجعية[ ويقال
إنه إبو حازم الأشجعى] (2)، وليس بأبى حازم سلمة بن دينار المدنى، فإن هذا الأشجعى لم يرو عن أبى هريرة شيئا.
قاله الدارقطنى: قال وقد روى عنه عن أبى هريرة حديثين أو ثلاثة، وعللها أبو الحسن فى كتابه (3).
وأن الصحيح من رواية أبى حازم سلمة بن دينار فيها عن أبى هريرة.
وقوله: (ذو السويقتين): تصغير الساقين، وصغرهما لحموشتهما ورقتهما، وهى
(1) فى ح: يزيد.
(2) سقط من ز، والمثبت من ح.
(3) انظر: كتاب العلل، وقوله هذا فى المجلد الثالث ص 221، مخطوط رقم (1002)، المكتبة المركزية، جامعة أم القرى.
116 / ب
454(8/453)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! صح 59 - (... ) حَدِّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدى - عَنْ ثَوْرِ
ابْنِ زَيْد، عَنْ ائى الغَيْث، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ ؛ ال رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ذُو اَلسُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ يخَرِّبُ بَيْتَ اللهِ - عَزَّ وَجَل).
60 - (2910) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنى ابْنَ مُحَمَد -
عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبى الغَيْث، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرٍ جَ رَجُل مِنْ قَحْطًانَ يَسُوقُ النَّاس بِعصَاهُ لما.
61 - (2911) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ العَبْدِىُّ، حَدثنَا عَبْدُ الكَبيرِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ أبُو
بَكْرٍ الحَنَفِىُّ، حَدءَّلنَا عَبْدُ الحَميد بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الحًكَم يُحَدِّثُ عَنْ ائى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاً: َ ا لا تَذْهَبُ الأيَّامُ وَاللَّيالِى، حَتَّى يَمْلِكَ رَجُل يُقَالُ لَهُ الجَهْجَا).
قَالَ مُسْلِم: هُمْ أرْبَعَةُ إخْوَةٍ: شَرِيلث، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَعُمَيْر، وَعَبْدُ الكَبِيرِ.
بَنُو عَبْدِ المَجِيدِ.
62 - (2912) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ ائى عُمَرَ - قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لا
صفة سوق السودان غالبأَ، وقد وصفه - عليه السلام - فى الحديث الآخر بقوله: (كأنى به بأسود أفجج دا (1).
والفججع: تباعد ما بين أوساط الساقين.
وهذا الحديث وشبهه لا يعارض قوله تعالى: { حرمأ اَمناً} (2)، فمعنى ذلك إلى
هذا الحين، وهو قرب الساعة وخراب الدنيا ؛ بدليل / الحديث[ الاَخر] (3): ا ليحجن البيت بعد يأجوج ومأجوج لما.
وفصب بعضهم: أن معنى{ آمناً} [ إلا ما قدره] (4) الله من قضية هذا الحبشى، ثم يرجع الأمر اليه كما كان، والاَول عندى أظهر.
(1) انظر: البخارى، كالحج، بهدم الكعبة 2 / 183.
(2)1 لقصص: 57.
(3) ساقطة من ح - والحديث أخرجه أحمد بلفظه 3 / 48 وزاد البخارى " وليعتمرن " كالحج، بقول الله تعالى: { جعل الله الكعبة البيث الحرام قيامأ للناس} 2 / 182.
(4) فى ز: قدر، والمثبت من ح.(8/454)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! أخ
455
تُقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمَا كَأنَّ وَجُوهَهُمُ المَجَانُّ المُطرَقَةُ، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى تُقاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ لما.
63 - (... ) وحدّثنى حَرمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخبَرَنِى يُونُسُ عِنِ ابْنِ شِهَابٍ.
أخْبَرَنِى سَعيدُ بْنِ المُسَيَّبِ ؛ ال أبأ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلِكُمْ أُمَّةويَنْتَعِلُونَ الشَّعَرَ، وَجُوهُهُمْ مِثْلُ المَجَان المُطرَقَةِ ".
64 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدّثنَا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أبِى الزَنأدِ،
عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النًّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوفا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْفا صِغَارَ الأعْيُنِ، فُالفَ الآنُفِ).
وقوله: " وكأن وجوههم المجان المطرقة ": كذا ضبطناه بفتح الميم، جمع مجن،
وهو الترس، جمع تكسير، وهو الصواب.
قال ابن سراج: وزنه مفاعل، وحكى شيخنا القاضى التميمى عن أبى مروان بن سراج عن الإقليلى أنه كان يجيز كسر الميم.
قال أبو مروان: وأخطأ فى ذلك.
قال الإمام: يعنى الترسة التى أطرقت بالعقب، أى ألبست به، يقال: طارق النعل: إذا صير خصيفا على خصيف، وأطرق جناح الطائر: إذا وقعت ريشه على التى تحتها فألبستها، وفى ريشها أطراق: إذا وقع بعضها على بعض.
وقوله: " ذلف الأنوف،: الذلف فى الأنف: قصيره وتأخر أرنبته: حكاه ابن قتيبة وغيره.
وقال أبو مالك الأعرابى: الأذلف: الذى فى طرف أرنبته همزة، وهى تعترى الملاح.
قال أبو النجم (1): وأحب بعض ملاحة الذلفاء.
قال القاضى: المجان المطرقة التى اُلبست العقب طاقة فوق أخرى (2) وليس كل لباس أطراق.
ومنه: طارقت بين ثوبين إذا لبست إحداهما على اَخر.
وطارقت النعل ونعل مطرقة: اظبقت عليها أخرى.
وقوله: " أطرق جناح الطائر " بتشديد الطاء، كذا قرأته على أبى الحسين فى كتاب
(1) قال أبو عمرو الثيبانما اسمه: المفضل، وقال ابن الأعرابى اسمه: الفضل بن قداة بن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن إلياس بن عوت بن ربيعة بن مالك بن ربيعة بن عجل د اليه نسب فقيل: العجلى، رهو
من فحول رجازه، وفى الطبقة ال الولى! نه ويعتبر هو والعجاج وابنه رؤية أعظم رجاز عصرهم، وكان رؤبة يقدمه على نفس ه ويلقبه: رجاز الرب، توفى سخة ثلاثين ومائة من الهجرة - انظر: الأغانما 10 /
157، معجم الشعراَ فى لسان العرب 423، الشعر والشعراَ 2 / 4 0 6.
(2) فى خط ة طاقة.(8/455)
456
كتاب الفلاتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! أخ
65 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا يَغقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمنِ - عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لا تَقُومُ السًّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمونَ التُّرْكً، قَوْما وجُوهُهُمْ كَالمَجَانِّ المُطرَقَةِ، يَلبَسُونَ الشَّعَرَ، وًبمْشُونَ فِى الشَعَرِ لما.
66 - (... ) حدّثنا أبُو كُرَيْبٍ، حَدثنَا وَكِيع وَأبُو أسَامَةَ، عَنْ إسْمَاعيلَ بْنِ أبِى خَالِدٍ
عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِى حَازِم، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (تُقَاتلُونَ بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ قَوْمًا نِعَالُهُم الشَّعَرُ، كَأنًّ وُجُوهَهُمُ المَجَانّ المُطرَقَةُ، حُمْرُ الوُجُوهِ، صَغَأرُ الأعْيُنِ لما.
67 - (13 29) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَعَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ - وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَألا: حد - ننَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنِ الجُرَيْرِىِّ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الغريبين، وصوابه ما بعده: " إذا وقعت كل ريشة على المّى تحتها، وفى ريشه طرق) وكذا هو فى الأصل الذى قرأته عليه.
وقال بعضهم: طراق الترس: أنه يقدر جلد على مقداره فيلصق بالترس فيطرق به، فكأنه ترس على ترس.
وقال ابن دريد وغيره: الذلف: صغر الاَنف.
وقال صاحب العين: الذلف: غلظ واستواَ فى طرف الأنف يعترى من الملاحة.
وقال الأصمعى: فيه صغر الاَنف وقصره.
وقال ثابت عن الكلابيين (1): هو صغر الأنف وقصر الأرنبة، ويعضد أنه تطامن فى أرنبته أنه روى ([ فطيس] (2) الا"نوف وخثم)، وهما بمعنى.
وقد فسر فى الحديث أنهم الترك، وهى صفتهم كما قال - عليه السلام - وذكر أنهم يلبسون الشعر ويمشون فى الشعر.
ويكون معنى قوله: " يمشون) إما بظاهر قوله: " ينتعلون)، أى نعالهم من حبال ضفرت من الشعر، كما أن ثيابهم نسجت من الشعر، وهذه صفة بعض الاَتراك، او يكون (ييشون فيه) إشارة إلى كثرة شعورهم وشهرتها وكثافتها، وقد يتاْول دل ينتعلون الشعر) على هذا، أى أن شعورهم ونواصيهم وافية على قدودهم حتى بطون (3) أطراف ذؤابتها، كما قال الشاعر:
[ وفاحم وارد يقتل ممشاة إذا اختال مسبلا غدره] (4)
(1) الكلابيون: ينئسبون إلى كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وهم بطن من عامر بن صعصعة انظر: نهاية الأرب / 407.
(2) فى ز: فطير، والمثبث من ح.
والحديث فى البخارى، كالمناقب، بعلامات النبوة فى الإسلام.
(3) فى ح: بطاون.
(4) سقط من ح.(8/456)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حخى يمر الرجل...
! أخ 457
فَقَالَ: يُوشِكُ أهْلُ العِرَاقِ ألا يُجْبَى إلَيْهِمْ قَفِيزٌ وَلا درْهَمٌ.
قُلنَا: مِنْ أيْنَ ذَاكَ ؟ قَالَ: مِنْ قبَلِ العَجَ!، يَمْنَعُونَ ذَاكَ.
ثُمَّ قَالَ: يُوشِكُ أهْلُ الشًّأم ألا يُجْبَى إليّهِمْ دِينَارٌ وَلا مُدْىٌ.
قُلنَا: مِنْ أيْنَ ذَاكَ ؟ قَالَ: مِنْ قِبَلِ الرُّومِ، ثُمَّ اشْكَتَ هُنَيَّةً.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ على: " يَكُونُ فِى اَخِرِ أمَّتِى خَلِيفَةٌ يَحْثى المَالَ حْثْيًا، لا يَعُدُّهُ عَدَ!ا).
قَالَ: قُلتُ لأبِى نَضْرَةَ وَائى العَلاَِ: أتَرَيَانِ أنَّهُ عُمَرُ بْنْ عَبْدِ العَزِيزِ ؟ فَقَالا: لا.
(... ) وحدّثنا ابْنُ المُثَنى، حَد - ننا عَبْدُ الوَفَابِ، حَد*شا سَعِيدٌ - يَعْنِى الجُرَيْرِىَّ - بِهَنَا الإسْنَادِ نَحّوَهُ.
68 - (4 291) حدّثنا نَصبْرُ بّنُ علِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حدثنا بشْر - يَعْنِى ابْنَ المُفَضَّلِ.
ح وَحَدوّرَشَا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىّ، حَد، شَا إسْمَاعيلُ - يَعْنِى ابْنً عُلَيّةَ - كلاهُمَا عَنْ سَعيد ابْنِ يَزِيدَ، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ، قَاَلَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (مِنْ خُلفَائِكُم خَلِيُفَةٌ يَحْثُو المَالَ حَثْيَا، لا يَعُدُّهُ عَلَذا).
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ حُجْر: " يَحْثى المَالَ).
69 - (2914 / 2913) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدوّرَشَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْد الوَارِثِ، حدثنا أبِى، حدثنا دَاوُدُ عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ ائى سَعِيدٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،
وقوله: " يوشك أهل العم اق ألا يجبى إليهم قفيز ولا درهم " هو مثل قوله: (منعت العراق درهمها) الحديث، وفد فسره فى الحديث أن معناه: منعها الجزية والخراج لغلبة العجم والروم على البلاد.
ومعنى: " يوشك دا قيل: يسرع، وقيل: بمعنى عسى، وقد تقدم، وهو بكسر السين.
وقوله: " ثم سكت هنية ": اْى شيئًا.
ورواه لنا الصدفى: (هنيئة لما بالهمز / وليس بشىء.
وعند ابن عيسى: " أسكت) ومعناه: أطرق، وقيل: سكت وأسكت بمعنى صمت، وقيل: أسكت: أ عرض.
وقوله: " خليفة يحثى المال ولا يعده دا أى لكثرته واتساع المجىء والفتوحات عليه،
فهو يلقيه للناس بيده كما يحثى التراب إذ رمى به بيديه.
يقال: حثى يحثى ويحثوا حثوا وحثيا، وقد وقع الفعلان والمصدر فى الاَم، لكن ضبطناه عن الاَسدى: (حثيا " بكسر الثاء وتشديد الياء.
117 / أ
458(8/457)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! صح
قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " يَكُونُ فِى اَخِرِ الزَّمَانِ خَلِيفَة يَقْسِمُ المَالَ وَلا يَعُدُّهُ).
(... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أبِى هنْد، عَنْ
أبِى ثَضْرَةَ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ًَ 70 - (2915) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَفْظ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَد"ننَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمعْتُ أبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ قَالَ: أخْبرَنِى مَنْ هُوَ خَيْر مِنِّى ؛ أنَّ رَسُولَ الَله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لعَمَّار، حينَ جَعَل يَحْفًرُ الخَنْدَقَ، وَجَعَلَ يَمْسَحُ رأسَهُ وَيَقُولُ: (بُؤْسَ ابْنِ سُمًيَّةَ، تَقْتُلَكً فِئَةو بًاغِيَة)).
71 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ عَبَّاد العَنْبَرِىُّ وَهُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الأعلَى، قَالا: حدثنا خَالِدُ بْنُ الحَأرِثِ.
ح وَحَدثنَا إسْحَقُ بْنُ إبرَاهيمَ وَإسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ وَمَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ.
قَالُوا: أخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أبِى مَسْلَمَةَ، بِهَذَا الإسْنَاد، نَحْوَهُ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَديثِ النَّضْرِ: أخْبَرَنِى مَنْ هُوَ خَيْر مِنِّى، ائو قَتَ الةَ.
وَفِى حَلِيثَِ خَالد بْنِ الحَأرِثِ قَالَ: َ أرَاهُ يَعْنِى أبَا قَتَادَةَ.
وَفِى حَدِيثِ خَالِدٍ: وَيَقُولُ: (وَيْسَ " او يَقُولَُ: (يَا وَيْسَ ابْنِ سُمَيَّةَ لما.
72 - (2916) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ.
حَد"ننَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَحَد - ننَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ العَمِّىُّ وَأبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ - قَالَ عُقْبَةُ: حَدءَّشَا.
وَقالَ ائو بَكْر: أخْبَرَنَا - غُنْدَز، حَدهَّشَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ خَالدًا يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِى الحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لِعَمَّاَرٍ: " تَقْتُلُكَ الفِئَةُ البَاغِيَةُ لا.
(... ) وحدّثنى إسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَد بْنُ عَبْد الوَارث، حَد*شَا شعبة، حدثنا خالد الحذاء، عن سعِيدِ بنِ أبِى الحسنِ والحسنِ، عَنْ أمَهَمَا، عنْ أمَ سلمى عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
وقوله: (ويس ابن سمية "، قال الإمام: قال الأصمعى: الويل: قبوح، والويح: ترحُّم، [ وويس] (1) وتصغيرها أى دونهما.
قال الهروى: ويح كلمة تقال لمن وقع فى هلكة لا يستحقها فيترحم عليه ويرثى له، وويل للذى يستحقها ولا يترحم عليه.
(1) من !.(8/458)
كتاب الفتن / باب يلا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
إلخ
459
73 - (... ) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد - ننَا إسْمَاعيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أمِّهِ، عَنْ أمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " تَقْتُلُ عَمَّارًا الفِئَةُ البَاغِيَةُ لا.
قال القاضى: كذا روى مسلم هذا الحرف فى حديث ابن معاذ العنبرى: (ويس) او
" ياويس ".
ورواه فى حديث ابن المئنى: " بؤس ابن سمية " بباء واحدة مضمومة.
ورواه البخارى (1): "ويح بن سمية).
قال الفراء: الويح: الرحمة.
وعن على - رضى الله عنه -: الويح والويل بابان.
فالويح باب الرحمة، والويل باب عذاب.
وقال سيبويه: ويح زجر لمن أشرف على الهلكة، وويل لمن وقع فيها.
وأما رواية ابن المثنى (2) " بؤس ابن سمية " فالبؤس والبؤساء المكروه، ونحوه البأس والبأساء.
والبأس: الحرب والشدة، والبائس: الذى أصابته بلية.
والبائس: الفقير، والبأساء: الشدة والحرب والضر.
قال أبو بكر: رجل بؤس: ظاهر البؤساء، والمعنى: يابؤس بن سمية ما أشده أو أعظمه.
وقوله: (تقتله الفئة الباغية ": فيه حجة بينة للقول أنّ الحق مع علىّ وحزبه، وأن
عذر الاَخر بالاجتهاد.
وأصل البغى: الحسد، ثم استعمل فى الظلم ة ولهذا حمل الحديث عبد الله بن عمرو بن العاص يوم قتله وغيره، لكن معاوية تأوله على الطلب، قال: نحن الفئة الباغية لدم عثمان، أى الطالبة له.
والبغاء بالضم ممدود الطلب.
وقد كان قبل ذلك قال: إنما قبله من أخرجه لينفى عن نفسه هذه الصفة، ثم رجع إلى هذا الوجه[ ا يلاَخر] (3).
وقال مسلم فى حديث عمار هذا: حدثنا محمد بن معاذ بن عباد العنبرى وهزيم بن
عبد الاَعلى، قالا حدثنا خالد بن الحارث.
هذا هو الصحيح، وكذلك رواه لنا شيوخنا فيه، ورواه بعض الرواة فقال: حدثنا عبد الله بن معاذ العنبرى، وهو وهم، وإن كانا جميعا من شيوخ مسلم، واشتركا فى النسب واسم الأب، لكن عبيد الله هو ابن معاذ العنبرى، ومحمد هو ابن معاذ بن عباد العنبرى.
ثم قال بعد هذا فى حديث محمد بن عمرو بن جبلة، ومن سمى معه عن غندر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت خالد الحذاء يحدث عن سعيد بن أبى الحسن بحذاء للعذرى فيما كتبناه عن أبى بحر عنه، وسقط
(1) كالجهاد، بمسح الغبار عن الرأس فى سيل الله، حديث رقم (2812) بلفظ: " ويح عمار تقتله الفئة الباغية، عمار يدعوهم الى الله ويدعونه إلى النار، (6 / 37 الفتجع).
(2) فى ز: بن مثنا.
(3) فى هامش ح: ومن ها فى ح يوجد تكرار قد سبق وتنتظم من أول: وقال مسلم.
117 / ب
460(8/459)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
إلخ 74 - (2917) حدّثنا أبُو بَكْوِ بّنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو أسَامَةَ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ
أبِى التيَاح، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا زُرْعَةَ عَنْ ائى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يَهْلِكُ أمَّتِى هَذَا الحَى مِنْ قُرَيْثمبى لما قَالُوا: فَما تَأمُرُنَا ؟ قَالَ: " لَوْ أنَّ النَّاس اعْتَزَلُوهُمْ).
وحدّثنا أحْمَدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِىُّ وَاخْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الئوْفَلِىُّ، قَالا: حَد!شًا ائو دَاوُ! حَدثنَا شُعْبَةُ.
فِى هَذَا الإسْنَادِ.
فِى مَعْنَاهُ.
75 - (2918) حدثنا عَمْرُو النَّاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِى عُمَرَ - قَالا: حَدثنَا سُفْيانُ، عَنِ الزَّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيِّبِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (قَدْ مَاتَ كسْرَى فَلا كِسْرى بَعْدَهُ، وإذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلا قَيْصَرَ بَعْدَهُ، وَالَّذِى نَفسِى بِيَلِلىِ، لَتنفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللهِ).
وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرنَا ابْنُ وَهّمب، أخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَدثنِى ابْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، عَن عَبْدِ الرَّزَّاقِ، اخبَرَنَا مَعْمَرٌ كِلاهُمَا عَنِ الزُّهّرِىِّ.
بإسْنَادِ سُفْيَانَ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ.
76 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدثنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذاَ مَا حَد*شَا أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَذَكَرَ اخَاديثَ مِنْهَا: وقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لا يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ، وَقَيْصَرُ لَيَهلِكَنَّ ثُمَ لا يَكُونُ
فى رواية غيره لفظ (الحذاَ)، وفى كتاب التميمى: حدثنا خالد والحارث عن سعيد، وهو تصحيف ابن الحذاء أو مَنْ يحدّث - والله أعلم.
وقوله: (يهلك أممَى هذا الحى من فريش) وفى البخارى (1): (هلاك أمتى على يدى أغيلمة من قريش).
فيه الحجة على ترك القيام على أمراء الجور ؛ إذ أخبر النبى كلها بحال هؤلاء ولم يأمر بالقيام عليهم ولا محاربتهم، بل قال: إذ سئل: ا لو أن الناس اعتزلوهم دا، قال أبو هريرة: لو شئت لقلت لكم: بنو فلان وبنو فلان.
وهذا الهلاك بين فى الحديث الاَخر حيث قال: (أعوذ بالله / من امارة الصبيان " (2).
ثم قال: (إن أطعتموهم هلكتم، دان عصيتموهم اْهلكوكم).
(1) كالفق، بقول النبى: (هلاك أمتى على يد أغيلمة سفهاء " 9 / 60.
(2) أحمد 2 / 355 بألفاظ متقاربة، ابن أبى سْيبة فى مصنفه بلفظه 5 / 45 برقم (82 0 9 1).(8/460)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
! وضح
461
قَيْصَرُ بَعْدَهُ، وَلَتُقَسَمَنَّ كُنُوزُهُمَا فِى سَبِيلِ اللهِ ".
77 - (2919) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدرّرَشَا جَرِيرو، عَنْ عَبْد المَلِكِ بْنِ عُمَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ) فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أبِى هُرَيْرَةَ سَوَاءَ.
78 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، قَالا: حَدثنَا ائو عَوَانَةَ، عَنْ سمَاكِ بْنِ حَرْب، عَنْ جَابِرٍ بنِ سَمُرَةَ.
قَالَ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: الَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ المسْلِمًينَ، أوْ مِنَ المؤْمِنِينَ، كَنْزَآلِ كِسْرَى الَّذى فِى الأبْيَضِ).
قَالَ قتيْبَةُ: مِنَ المسْلِمِينَ.
وَلَمْ يَشُكَّ.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنْ سمَاكِ بْنَ حَرْب قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِ أبِى عَوَانَةً.
(2920) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد - ننَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنى ابْنَ مُحَمَّد - عَنْ ثَوْرٍ - وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ الدَّيلِىُّ - عَنْ أِبِى اَلغًيْثِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، أنًّ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاًلَ ت " سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنّهَا فِى البَرِّ، وجَانِبٌ مِنّها فِى البَحْرِ ؟) قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: وقوله: - عليه السلام -: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، داذا هلك قيصر فلا قيصر بعده) الحديث، معخاه عند أهل العلم: لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام، كما كان زمنه - عليه السلام - فأعلم بانقصام ملكهما وزواله من هذين القطرين.
فكان ما قال، وانقطع أمر كسرى بالكلية وتمزق ملكه واضمحل بدعوته - عليه السلام.
وتخلى قيصر عن الشام، ورجع القهقرى إلى داخل بلاده وقواعدها من قسطنطينية (1) ورومية، وافتتحت بلالهما واحتوى على ملكهما وكنوزهما كما أخبر - عليه السلام.
وقوله: (كنز كسرى الذى فى الأبيض دا: إشارة - والله أعلم - إلى قصوره ودار ملكه.
وفى كسرى الوجهاد الفتح فى الكاف وهومذهب الاَصمعى، والكسر وهو مذهب غيره.
(1) ويقال: قسطنطينة!اسقاط ياء النسب.
كان اسمها بيزنطية فنزلها قسطنطين الاكبر وبنى عليها سوراَ فسماها بامسه، وصارت دار ملك الروم، واسمها الحالى: اس!انبول عاصمة تركيا، ولها خليج من البحر يطوف
بها من وجهين مما يلى الشرق والشمال، وجانبهما الغربى والجنوبى فى البر كما فى الحديث.
انظر: مراصد الاطلاخ!3 / 192.
462(8/461)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
إلخ
" لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَثَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ ألفًا مِنْ بَنِى إسْحَقَ، فَإذَا جَاؤُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاثِلُوا بِسلاحٍ وَلَمْ يَرْمَوا بِسَهْمٍ.
قَالُوا: لا إلَهَ إلا اللهُ واللهُ كْبَرُ، َ فَيَسْقُط اخَدُ جَانِبَيْهَا).
قَالَ ثَوْرٌ: لا أعْلَمَهُ إلا قَالَ: (الَّذى فِى البَحْرِ.
ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانيَةَ: لا إلَهَ إلا اللهُ وَاللهُ أكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الاَخَرُ.
ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالثَةَ: لا إلَهَ إلا اللهُ وَالَلهُ أكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ المَغَاَنِمَ، إذْ جَاءَهُمُ الضَريخُ فَقَالَ: إنَّ الدَّجَّالَ قَد خَرَجَ.
فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَىْءٍ وَيَرْجِعُونَ).
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَد، شَا بشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِىُّ، حَدثَّنى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدثنَا ثَوْرُ بْنُ زَيْد الدِّيلىُّ، فى هَذًاا لإسنَادِ، بِمِثْلِهِ.
79 - (2921) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ.
حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشْرٍ، حدثنا عُبَيْد الله
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَتُقَاتِلُنَّ اليَهُودَ، فًلَتَقْثُلُنَّهُمْ حَتَّى يَقُولً الحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، ! نَا يَهُودِىٌّ، فَتَعَالَ فَاقْتُلُهُ ".
(... ) وحدّتناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدِ.
قَالا ة حَدّثنَا يَحيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَذَا ا لإسْنَادِ.
وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: (هَذَا يَهوَدِىٌّ وَرَائى).
80 - (... ) حل!ثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ، أخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمًا يَقُولُ: أخْبَرَنَا عْبْدُ الله بْنُ عُمَرَ ؟ أنَّ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (تَقْتَتلُونَ أنْتُمْ وَيَهُودُ، حَتَّى يَقولَ الحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هًنَا يَهُودِىّ وَرَائِى، تَعَالً فَاقْتُلهُ).
81 - (... ) حدئنا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهّب، أخْبَرَنِى يُونُسٌ، عَنِ ابْنِ شَهَاب، حَدثنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله ؟ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ اخبَرًهُ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (تُقَاتلُكُمُ اليَهُودُ، فَتُسَلَّطُونَ عَلَيهِمْ، حَتَّى يَقُولَ الحَجَرُ: يَا مُسْلِمُ، هَذَا يَهُودِىّ وَرَائِى فَاقْتُلهُ ".
82 - (2922) حدثّنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ -
عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنًّ رَسُوَلَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ ة ا لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمونَ، حَتَّى يَخْتَبِئ اليَهُودِىُّ مِنْ وَرَاءِ الحَجَرِ(8/462)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حضى يمر الرجل...
الخ 463 وَالشَّجَرِ.
فَيَقُولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ الله، هَذَا يَهُودِىّ خَلفِى، فَتَعَالَ فَاقْتُلهُ، إلا الغَرْقَدَ، فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ).
83 - (2923) حدّثنايحيى بْنُيحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - قَالَ يَحْمىَ: أخْبَرَنا.
وَقَالَ أبُو بَكرٍ: حَد، شَا - أبُو الأحْوَصِ.
ح وَحَدثنَا أبُو كَاملِ الجَحْدَرىُّ، حدثنا أبُو عَوَانَقَ! كِلاهُمَا عَنْ سِمَاك، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إن بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ كَذَّابِينَ).
وَزَادَ فِى حَدِيثِ أبِى الأحْوَصِ: قَالَ: فَقُلتُ لَهُ: آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: نَعَئم.
(... ) وحدَّثنى ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد - ننَا شُعْبَةُ،
عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
قَالَ سِمَاك: وَسَمِعْتُ أخِى يَقُولُ: قَالَ جَابِر!: فَاحْنَرُوهُمْ.
84 - (157) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإسْحقُ بْنُ مَنْصُورٍ - قَالَ إسْحَاقُ: اخبَرَنَا.
وَقَالَ زُهْيرٌ: حَدءَّشَا - عَبْدُ الرَّحْمَن - وَهُوًا بْنُ مَهْدِىٍّ - عَنْ مَالك، عَنْ أبى الزَناد، عَنِ ا لأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَىَ كَمدبعَثَ دَجًّالُونَ كَنَابُونَ
وقوله: " إلا الغرقد، فإنه شجرهم " يعنى: اليهود.
الغرقد: هو العوسج.
قال أبو حنيفة (1) إذا عظمت العوسجة فهى غرقده.
ورأيت فى بعض التعاليق أنه الدلفى ولا يصح.
وقوله: " لا تقوم الساعة حتى يبعث رجال كذابون قريبا من ثَلاثيِنَ " قد مر أول الكتاب تفسير الدجال (2)، وأن أحد وجوهه الكذاب.
وهذا الحديث قد ظهر، فلو عُدَ من تنبأ من رمن النجى ( صلى الله عليه وسلم ) الى الآن، ممن اشتهر بذلك وعرف واتبعته جماعة على ضلالته ؛ لوجد هذا العدد فيهم.
ومَنْ طالع كتب الخبر والتاريخ عرف صحة هذا، فلولا التطويل لسردنا منهم هذا العدد - والله أعلم.
(1) هو أحمد بن داود الدينورى، كالأ نحويأ لغويأ مع الهندسة والحساب، راويا، ثقة، ورعا، زاهدا، أخذ عن البصريين والكوفيين.
صنف لحن العامة د إصلاح المنطق، وتفسير القرآن وغيره.
مات سنة 282 هـ.
انظر: إنباه الرواه 1 / 42.
(2) انظر.
ك الإيمان، بذكر المسيح ابن مريم والمسيخ الدجال، برقم (273، 274).
464(8/463)
كتاب الفتن / باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل...
إلخ
قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ ائهُ رَسُولُ اللهِ لا.
(... ) حد طنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنبِّهٍ،
عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أنَّهُ قَالَ: يَنْبَعِثَ.
وقوله فى المدينة التى جانب منها فى البحر يغزوها سبعون ألفأَ من بنى إسحق.
كذا
فى سائر الاَصول.
قال بعضهم: المعروف المحفوظ من بنى إسماعيل، وهو الذى يدل عليه الحديث وسياقه ؛ لانه إنما يعنى العرب والمسلمين بدليل الحديث الذى سماها فيه فى الاسم، [ وأنها القسطنطينية وإن لم يصفها بما وصفها به هنا] (1).
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.(8/464)
كتاب الفتن / نجاب ذكر ابن صياد 465
(19) باب ذكر ابن صياد
85 - (2924) حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ -
قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَد"ننَا - جَرِيرو عَنِ الا2 عْمَشِ، عَنْ أَبِى وَائلِ، عَنْ عَبْد الله قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَمَرَرْنَا بصبْيَان فيهِمُ ابْنُ صَيَّاد.
فَفَرًّا لصِّبْيَانُ وَجًلَسَ ابْنُ صَيَّاد، فَكَانَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَرهَ ذَلكً.
َ فَقَالًَ لَهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) + " تَرِبَتْ يَدمَاكَ، أَتَشْهَدُ أنى رَسُولُ الله ؟ لما فَقَالَ: لاَ، بَلْ تَشْهَدُ أَنى رَسُولُ الله.
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطاب: ذَرْنِى يَارَسولَ الله حَتَى أَقْتُلَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ يَكُنِ الَّذِى نَرَى، فَلَن نَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ ".
86 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْرٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَأَبُو كُرَيبٍ - وَاللَّفْظُ لأبِى كُرَيْمب - قَالَ ابْنُ نُمَيْر: حَد، شَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أَخْبَرَنَا - أَبُو مُعَاوِيَةَ، حدثنا الأعْمَش، عَنْ شَقيق، عَنْ عَبْدِ الله قَالَ - كُنَّا نَمْشِى مَعَ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَمَرَّ بِابْنِ صَيَّادٍ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَهً ( صلى الله عليه وسلم ): (قَدْ خَبَأتُ لَكَ خبيئأ لما فَقَالَ: دُخ.
فَقَالَ رَسُولُ الله
قال القاضى: يقال: ابن صائد وابن صياد، وكلاهما صحيحان.
وقد وقع اسمه بهما
فى الاَم فى هذه الاَحاديث وخبر ابن صياد هذا من الاَخبار المشكلة.
والذى تدل عليه الاَخبار أنه لم يعين عينه للنبى عليه أنه الدجال، د نما أخبر بصفاته، فكذلك كان لا يقطع عليه، دإنما يتوسم أنه هو للصفات التى أخبر بها ؛ ولهذا قال لعمر: (إن يكن هو فلن تسلط عليه)، ثم ظهرت من صفاته التى وصفه بها - عليه السلام - بعد هذا ما خالف بعض بقية صفاته، ومنها: ما وافق من أنه ولد له، وقد قال - عليه السلام -: ا لا يولد له)، وأن عينه عورة، ومن صفاته أنه أعور.
وأما احتجاجه هو بحجة البيت ودخوله المدينة، فليس له فيه دليل، إنما اخبر النبى
( صلى الله عليه وسلم ) بأنه لا يدخل مكة ولا المدينة وقت فتنته، لكنه على كل حال كان أحد الدجاجلة الكذابن، بدليل حاله زمن النبى كلية من دعواه أنه رسول الله، وأنه يأتيه كاذب وصادقان، أو صادق وكاذبان، وانه يرى عرشا فوق الماء، وبحاله بعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لدعواه معرفة الدجال ومكانه ومقاله لابن عمر وغيره أ وأنه] (1) لم يكره أن يكون الدجال، دن كان قد / ظهرت
(1) من خط.
118 / أ
466(8/465)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد ( صلى الله عليه وسلم ): " اخْسَأ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ).
فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله، دَعْنِى فَالمخرِبَ عُنَقَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ على: (دَعْهُ، فَإِنْ يَكنِ الَّذِى تَخَافُ، لَنْ تَسْتَطِيعَ قَتْلَهُ).
87 - (2925) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَا شَا سَالمُ بْنُ نُوع، عَنِ الجُرَيْرِىِّ،
عنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعيد، قَالَ: لَقِيَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِى بَعْضِ طُرَقِ المَدينَة.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ): (أَتَشْهَدُ أِّنى رَسُولُ الله ؟) فَقَالَ هُوَ: أَتَشْهَدُ أَنّى رَسُولُ اَلله ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " اَمَنْتُ بالله وَمَلاَئِكَتِه وَكُتُبه.
مَا تَرَى ؟) قَالَ: أَرَى عَرْشئا عَلَى المَاء.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " تَرَى عَرْشً إبْلِيسً عَلَى البَحْرِ.
وَمَا تَرَى ؟ لما قَالَ: أَرَى صًادِقَيْنِ وَكَافِئا أَوْ كَافِبَيْنِ وَصَادِفا.
فَقالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ة الَبِسَ عَلَيْهِ، دَعُوهُ لما.
مه - (2926) حدّثنايحيى بْنُ حَبِيمب وَمَحَمَدُ بْنُ عَبْد الاعْلَى قَالا: حَدّثنَا مُعْتَمرٌ، قَالَ ة سَمِعْتُ أَبِى قَالَ: حَدثنَا أَبُو ثَضْرَةَ عَنْ جَأبِرِ بْنِ عًبْدِ الله قَالَ: لَقِىَ نَبِى اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) ابْنَ صَائِدٍ، وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَابْنُ صَائِد مَعَ الغِلمَانِ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَديِثِ ا لجُرَيْرِ ىِّ.
منه علامات الخير وصحة الإسلام والإقلاع عن مقاله قبل، وحجه وجهاده مع المسلمين - والله أعلم.
وقد ترجم الطبرى وغيره عليه فى تراجم الصحابة.
واختلف الناس فى أمره بعد كبره، فقيل: إنه تاب ومات بالمدينة، ووقف على عينه هنا.
وقيل: بل فقد فى الحرة ولم يوقف عليه، وكان جابر وابن عمر يحلفان أنه الدجال ولا يشكا فيه فيما روى عنهما.
قال الإمام أبو عبد الله: استدل قوم بخبر ابن صياد على أن إسلام غير البالغ قد يصح، ولولا ذلك لما كشفه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الإيمان.
قال القاضى: أما كشفه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن اعتقاده ليتبين ما وقع فى نفسه منه.
وهل هو كاهن ؟ ولهذا كان يختله ويتسمع عليه ليستبين له أمره، إذ لم يأت فى أمره وحى يحقق له أمره بدليل قوله: " أ ما] (1) ما يأتيك وما ترى ؟) وليس هذا من الإيمان.
قال الإمام: وقال بعض أهل العلم: يمكن[ أن يكون] (2) إنما أقره النبى - عليه السلام - بالمدينة معه وهو يدعى النبوة ؛ لأجل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خالف اليهود على اْن يسالمها
(1) مكررة فى ز.
(2) فى هامش خط.(8/466)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد
467
89 - (2927) حد!ثنى عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، قَالا: حَد - ننَا عَبْدُ الأعْلَى، حدثنا دَاوُدُ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدرىِّ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ صَائِد إِلَى مَكَّة.
فَقَالَ لِى: أَمَا قَدْ لَقِيتُ مِنَ الثاسِ، يَزْعُمُونَ أنَىَ الدَّخالُ، أَلَسْتَ سَمعْتَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " إِدهُ لاَ يُولَدُ لَهُ ".
قَالَ: قُلتُ: بَلَى.
قَالَ: دقَدْ ولُدَ لِى.
أً وَ لَيْسَ سَمعْتَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (لاَ يَدْخُلُ المَديِنَةَ وَلاَ مَكَّةَ).
قُلتُ: بَلَىَ.
قَالَ: فَقَدْ وُلدْتَُ بألمَدينَة، وَهَذَا أَنَأ أُرِيدُ مَكَّةَ.
قَالً: ثُمَّ قَالَ لِى فِى اَخِرِ قَوْلِه: أَمَا وَاللم! إِنَّى لاعْلًمُ مَوْلَدَهُ وَمًكًانَهُ وَأَيْنَ هُوَ.
قَالَ: فَلَبَسَنِى.
90 - (... ) حل!ثنايحيى بْنُ حَبِيبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الاعْلَى قَالا: حدثنا مُعْتَمِرٌ
قَالَ: سَمِعْتُ أبِى يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ ابِى سَعيد الخُدرِىِّ.
قَالَ.
قَالَ لِىَ ابْنُ صَائد، وَأَخَن!ثْنى منْهُ فَمَامَةو: هَذَا عَذَرْتُ النَّاسَ.
مَالِىَ وَلًكُمْ ؟ يَأ أَصْحَابَ مُحَمَّد، الَمْ يَقُل نًبِىُّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) + " إنَّهُ يَهُودىّ لما وَقَدْ أَسْلَمْتُ.
قَالَ: " وَلاَ يُولَدُ لَهُ) وَقَدْ ولُدً لِى.
وَقَالَ: " إِنَّ الله قَدْ حَرًّمَ عَلَيْهِ مًكَّةَ) وَقَدْ حَجَجْتُ.
وحلفائها ؛ ولهذا أبقاه.
قال القاصْى: بل يقال: اما لم يقتله لأنه كان غلاما صغيرًا فى ذلك الوقت، صبى يلعب مع الصبيان.
كما قارب الحلم، كما جاء فى الحديث.
ولم يأت بعد أنه ادعى مثل هذا فى كبره وبعد بلوغه، بل نشأ[ بعد على] (1) الإسلام، والتزم شرائعه، كما تقدم.
وقد تنررع فى نسبه، فذكر (2) الواقدى أن نسبه فى بنى النجار، فنفوهم فانتسبوا إلى حلفهم.
وقوله: (فلبسنى) بتخفيف الباء، اى جعلنى ألتبس فى امره وأتشكك فيه، قال الله تعالى: { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} (3).
وقوله: (فى قطيفة له فيها زمزمه) بزائيها معجمتين، قال الإمام: يقال: زمزم يزمزم زمزمة: إذا صوت.
قال الخطابى (4): قوله: " له فيها زمزمة " تحريك الشفتين، والمزمة:
(1) فى ز: بعيحًا عن.
(2) كذا فى ز، وفى ح: فقال.
(3) الأنعام 90.
(4) انظر: أعلام الحديث، كالجنائز، بإذ أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه ؟ ص 290 حديث رقم (1354).
468(8/467)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد
قَألَ: فَمَا زَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَأخُذَ فِىَّ قَوْلُهُ.
قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَمَا وَالله، إِنِّى لا"عْلَمُ
الآنَ حَيْثُ هُوَ، وَاعْرَفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ.
قَألَ: وَقِيلَ لَهُ: ايَسُرُّكَ انَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ ؟ قَالَ: فَقَالَ: لَوْ عُرِضَ عَلَىَّ مَا كَرِهْتُ.
91 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَد ؟شَا سَالِمُ بْنُ نُوح، أَخْبَرَنِى الجُرَيْرِىُّ،
عَنْ ابِى نَضْرةَ، عَنْ أَبى سعيد الخُدْرِىِّ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّأجًا اوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائد.
قَألَ: فَنَزَلنَا مَنْزِلأ، فتَفرقً النًّاسُ وَبَقِيتُ أنَا وَهُوَ.
فَاسْتَوْحَشْتُ منْهُ وَحْشَةً شَديدَة مِما يُقَالُ عَلَيْه.
قَألَ: وَجَاءَ بمَتَاعه فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِى.
فَقُلتُ: إِنَّ الحًرَّ شَدِياٌ، فَلَو وَضَعْتُه تَحْتَ تِلكً الشَّجَرَة.
قَألً: فًفًعَلَ.
قَألَ: فَرُفعَتْ لَنَا غَنَئم، فَأنْطَلَقَ فَجَاءَ بعُسٍّ فَقَالَ: اشْرَبْ أَبَا سَعيد.
فًقُلتُ: إِنَّ الحَرَّ شَدي ال وَاللبَنُ حَار، مَا بِى إِلاَّ أَنّى كرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ - أَوْ قَألً.
آخُذَ عَنْ يَده - فَقَالً: أَبَا سَعِيد، لَقَدْ هَمَمْتُ انْ آخُذَ حَبْلاً خمكلَلِّقَهُ بشَجَرَة ثُمَّ أَخْتَنِقَ ممَّا يَقُولُ لِىًا لنَّاسُ.
يَا أبَا سَعِيدً، مَنْ خَفَىِ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَاً خَفىِ ىً!3، مَعْشَرَ الأَور!ار.
أَلَسْتَ مِنْ أَعلَم النَّاسِ بحَديث رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ الَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " هُوَ كَافِر) وأثا مسلم ؟ أَوَ لَيْسً قَدْ قًألً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (!وَ عَقيمُ لا يُولدُ لَهُ) وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِى بِ المَديِنَةِ ؟ أَوْ لَيْسَ قَدْ قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يًدْخُلُ المَدِينَةَ وَلاَ مَكَةَ) وَقَدْ أَقْبَلتُ مِنَ المَدِيَنَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ ؟
الشفة، فأما الزمزمة بالزاى فمن داخل الفم إلى داخل الحلق كالصغير ونحوه.
قال القاصْى: كذا روينا هذا الحرف فى هذا الكتاب هنا (زمزمة، بالمعجمتين ووقع فى بعض الروايات: " رمزة) براء أولى (1) والأخرى زاى.
واختلفث الروايات فيه فى صحيح البخارى، فروى براءين مهملتيئ (2) وروى بالمعجمتين (3)، وروى " رمزة) الأولى راء والاخره زاى، وسقوط الميم الاخرة (4) كما رواه بعضهم كذلك أيضا فى مسلم.
ومعنى الكلمات كلها متقاربة، وقد مرّ تفسيرها.
وأما الراءين المهملتين فهو من التحرك، والكلام عند الكوائن والشدائد.
قال الخليل:
(1) كذا فى خط، وفى ز: أولأ.
(2) كالجهاد، بما يجوز من الاحتيال والحذر 4 / 78.
(3) كالشهادات، بشهامة المختبى 3 / 220.
(4) كالجهاد، بكيف يعرض الإسلام على الصبى 4 / 85.(8/468)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد 469 قَالَ أَبُو سَعيد الخُدرِى: حَتَى كِدْتُ أَنْ أعْنِرَةُ.
ثُمَّ قَالَ: أما وَالله، إِنِّى لأعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وً أَيْنً هوَ الاَنَ.
قَالَ: قُلتُ لَهُ: تَبّا لَكَ، سَائرَ اليَوْمِ.
92 - (2928) حدّثنا نَصْرُبْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِى، حَد - ننَا بِشْر - يَعْنى ابْنَ مُفَضَّل -
عَنْ أَبِى مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لاِبْنِ صَائِد: " مَا تُرْبَة الجَنَّةِ ؟).
قَالَ: دَرْمَكَة بَيْضَاَُ، مِسْلث، يَا أَبَا الفَاسِم.
قَالَ: " صَدَقْتَ لا.
93 - (... ) وحدّثنا أَبُو بَكْر بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الجُرَيْرِىِّ، عَنْ
أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعيد، أَنًّ ابْنَ صَيَّاد سَالَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ تُرْبَةِ الجَنَةِ ؟ فَقَالَ: "! رْمَكَة بَيْضَاَُ، مِسْلث خًالِضً ".
94 - (2929) حدتنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ
سعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ المُنْكَدرِ، قَالً: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله يَحْلفُ بالله ؛ أَنَّ ابْنَ صَائد الدَّجَّالُ.
فَقُلتُ: أَتَحْلفُ بَالله ؟ قَألَ: إِنِّى سَمعْتُ عُمَرَ يَحْلفُ عَلَى ذَدكَ عِنْدَ النَّبِىِّ عَل!.
فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
95 - (2930) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى بْنِ عَبْدِ الله بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِىُ، أَخْبَرَنِى ابْنُ وَهْب، أَخَبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شهَاب، عَنْ سَالِ! بْنِ عَبْد الله، أَخْبَرَه: أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّأَب انطَلَقَ مَعَ رسُولِ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى رَهْط قِبَلَ ابْنِ صَئادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ عِنْدَ أُطُم بَنِى مَغَالَةَ، وَقَدْ تَأرَبَ ابْنُ صَيادً
ترمرم القوم: إذا حركوا أفواههم بالكلام ولما يتكلموا، قال: والرمز: صوت خفى بتحريك الشفتن بكلام غير مفهوم، ويكون أيضا الإيماء بالحواجب وغيره دون كلام.
وقال غيره: الزمزمة بزاءين معجمتين تراطن العلوج عند الاَكل وهم صموت، لا يستعملون اللسان ولا الشفة.
د نما هو صوت يدار فى الخياشيم والحلق، ذكره ابن الصابونى.
وقوله.
" فرفضه دا، قال الإمام.
قال بعضر اهل اللغة: انما هو: (فرضه " / أى ضغطه حتى ضم بعضه إلى بعض، ومنه (1): بنيان مرصوص، وأقرب منه أن يكون:
(1) فى!.
وفيه.
118 / ب
470(8/469)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد يَوْمَئِذ الحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَى ضَرَبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ظَهْرَهُ بيَدهِ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لاِبْنً صَيَّاد: (أَتَشْهَدُ أَنّى رَسُولُ الله ؟) فَنَظَرَ إِلَيْه ابْنُ صَيادَ فَقَالَ: أشْهَدُ أنَّكَ رَسُولُ الاقيًّينَ.
فَقًالَ ابْنُ صَيَّاد لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ): أَتَشْهَدُ أً نّى رَسُولًُ الله ؟ فَرَفَضَهُ رَسُوَلُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالَ: (آمَنْتُ بأللهً وَبِرُسُله لما.
ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَاذَا تَرَى ؟).
قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأتينِى صَادقو وَكَاذِبو+َ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " خُلِّطَ عَلَيْكَ الأمْرُ).
ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولَُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِثِّى قَدْ خَبَأتُ لَكَ خَبيئًا).
فَقَالَ ابْنُ صَيَّاد: هُوَ الدخَُّ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اخْسَأ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرًَ).
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطًّاب: ذَرْنِى يَأ رَسُولَ الله أَضْرِبْ عُنُقَهُ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلًيْه، ياِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَخَيْرَلَكَ فِى قَتْلِهِ).
(فرفسه) بالسين التى تقارب الصاد فى اللفظ مثل وكله.
قال القاضى: قال بعضهم: الرفص الضرب بالرجل مثل الرفس، دان صح هذا فهو بمعناه، ولكن لم أجد هذه اللفظة فى أصول اللغة وروايتنا فيها عن الجماعة: (فرفصه) بالصاد المهملة كما تقدم، لكن وقع عند القاضى الصدفى: " فرفضه) بضاد معجمة، وهو وهم.
وفى البخارى (1) من رواية المروزى: (فرقصه) بالقاف والصاد المهملة، ولا وجه له.
وفى كتاب الاع ب: " فرضه) بضاد معجمة (2).
ورواه الخطابى فى غريبه: (فربما) وفسره بما تقدم.
وقوله: (خبأت لك خبيئا): كذا رويناه عن جميعهم بكسر الباء بعدها ياء، وعند التميمى: " خبأ) بسكون الباء، وكلاهما صحيح.
الخبُ: رسم ما يخبأ.
والخبى: اسم مايعمى.
وقوله: (الدخّ)، قال ا لإمام: هو الدخان.
قال الراجز (3):
عند رواى البيت يغشى الدّخا
وقيل: أراد أن يقول: الدخان، فزجره النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فلم يستطع أن يتم الكلمة.
قال الخطابى: لا معنى للدخان ؛ لا"نه ليس مما يمكن أن يخبى فى كف اوكُم، وقد قال: (خبأت لك خبيئا).
" بل الدخ) ة نبت موجود بين النخيل والبساتين، إلاّ أن يحمل قوله -
(1) كالجنائز، بإفا أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه ؟ 117 / 2.
(2) كالأدب، بقول الرجل للرجل اخسأ 8 / 49.
(3) هو عبد الله بن رؤبة العجاج.
انظر: ملحق ديوانه 2 / 280.(8/470)
كتاب الفتن / باب ذكرابن صياد 471 (2931) وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الله: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَيَقُولُ ة انْطَلَقَ بَعْدَ ذَلكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَأُبَىُّ بْنُ كَعْب الا"نْصَارِىُّ إِلَى النَّخْلِ اكتِى فيهَا ابْنُ صَئادٍ.
حتّى إِفَا دَخًلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) النَّخْلَ، طَفِقً يَتَّقى بِجُنُوعِ النَّخْلِ، وَهُوَ يًخْتِلُ أنْ يَسْمَعَ مِنِ ابْنِ صَيَّاد شَيْئًا، قَبْلَ أَنْ يَرَاهُ ابْنُ صَيَّاد.
فَراةُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ مُضطَجِع عَلَى فِرَاضٍ فِى قَطِيفَةً، لَهُ فِيهَا زَمْزَمَة.
فَرأَتْ أُمًُّ ابْنِ صَيَّاد رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يَئقِى بجُنُوع الئخلِ.
فَقَالَت لابْنِ صَيَّاد: يَا صَافِ - وهُوَ اسْمُ ابنِ صَيَّادٍ - هَدَا مُحَمَد.
فَثَارَ اَبْنُ صَياد فَقَالَ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): ً ا لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ).
(169) قَالَ سَالِم: قَالَ عَبْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ: فَقَامَ رَسُولُ اللد جم!غ فِى التاسِ فَألنَى عَلَى الله بِما هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ ذَّكَرَ الدَّجًّالَ فَقَالَ: (إِنِّى ا، ن!رُكُمُوهُ، ما مِ!ق نَبِىّ إِلأ وَقَدْ أَنْنَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْنَرَهُ نُوخِ قَوْمَهُ، وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَؤلأ لَمْ يَقُلهُ نَبِى!قَوْهِهِ.
تَعَلَمُوا أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللّهِ - تَبَاركَ وَتَعَالَى - لَيْسَ بِأَعْوَرَ لما.
قَالَ ابْنُ شهَاب: وَأَخْبَرَنِى عُمَرُ بْنُ ثَابِت ا+نصَارِىُّ ؛ انهُ اخْبرَهُ بَعْضُ أصْحَابِ رَسُولِ اللّه على ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَالَ يَوْمَ حَنَّرَ الئاسَ الذَتجَالىَ: " إئه" مَكْتُوبو بَيْنَ عَيْنَيْه كَافِر، يَقْرَؤُهُ مَنْ كَرِهَ عَمَلَهُ، أَوْ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ ).
وَقَالَ: (تعَلَمُوا أَثهُ لَنْ يَرَى أَحَدَ مِنْكُمْ رَبَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - حَتَّى يَمُوتَ).
عليه السلام -: (خبأت لك خبيئا " اى أضمرت لدًا سم الدخان قيجوز.
فال الإمام: قيل: إنه أضمر له: { يَوْمَ تَأتي السثَمَاء بِدُخَانٍ فُبِين} الآية (1).
قال القاضى: وقال الداودى: كانت فى يده سووة الدخان مكتوبة.
وقيل: كتب له الاية فى يده.
وأصجح الأقوال فى قوله: (الدخ لما أنه لم يهتد من الاَية التى[ أضمرها] (2) له - عليه السلام - الا لهذا اللفظ الناقص على عاثة الكهان ؛ إذ إنما يلقى الثحيطان إليهم بقدر ما يختطف قبل أن يدركه الشهاب، ويدل عليه قوله: (اخسأ فلنا تعدو قدرك)، أى ابعد كاهنا منخرصا فلن تعدو وقدر هذا الصنف من الاهتداَ إلى بعض الشىء، وما لا يتبين منه
(1) 1 لدخان: (2) حأخ.
119 / +أ
472(8/471)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد 96 - (2930) حدّثثا الحَسَنُ ثنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَعَثدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حدثنا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ ثنِ سَعْد - حدثنا أبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شهَاب، أخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدَ الله ؛ أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ وَمَعَهلم رَهْط منْ أَصْحَابه، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّأبِ، حَتَّى وَجَد ابْنَ صَيَّاد غُلاَمًا قَدْ ثَأهَزَ الحُلُمَ، يَلعَبُ مَعَ الغِالطَ نِ عِنْدَ أُطُ! بَنِى مُعَاوِيَةَ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ بمثل حَديثِ يُونُسَ.
إِلَى مُثتَهَى حَدِيث عُمَرَ بْنِ ثَأبِت.
وَفِى الحدِيثِ عَنْ يَعْقُوبَ قَاً: َ قَالَ أُبَى - يَعْنِى قَوْلِهِ: لَوْ تَرَكَتْهُ بَيَّنَ - قًالَ: لَوْ تَرَكَتْهُ أُمُّهُ، بَيَّنَ أمْرَهُ.
حقيقة، ولا يصل إلى قدر البيان والتحقيق والجلاء ل المور الغيب التى تأتى من قبل الوحى إلا مَنْ أوتى النبوة.
قال الإمام: قوله: " اخسأ فلن تعدو قدرك) يحتمل وجهيئ:
أحدهما: أنه لا يبلغ قدرك أن يطالع الغيب من قبل الوحى الذى يوحى إلى الأنبياء، والإلهام الذى يلهم الأولياء، ! انما هو شىء جرى من إلقاء الشيطان إليه حين[ يسمع] (1) النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يراجع أصحابه فى النخيل.
والاَخر: ائك لست تسبق قدر الله فيك وفى اْمرك.
قال القاصْى: وقد ذكرنا أنه لن[ يعد] (2) يعدو قدرَا[ من] (3) الكهان من خطف الكلمات، وقصور بعض المغيبات، لا على جهة الكمال والبيان الذى تختص به النبوة، والولاية، كما ذكرنا أنه لم يهتد من الاَية لغير حرفين من كلمة.
وقوله: (تبأ لك سائر اليوم): أى خسرانا وهلاكا.
وقوله: " خلط عليك الاَمر) يريد: ما يأتيك به شيطانك من غير ضبط وصحة، إلا
كما يأتى به مسترق السمع، خلاف ما يأتى به الملك من الوحى.
وقوله: " درمكة (4) بيضاء، مسك خالص): أى أنها فى البياض درمكة (5)، وفى الطيب مسك.
وحديث ابن أبى شيبة هذا من أن ابن صياد / هو السائل للنبى ( صلى الله عليه وسلم ): عنها، أظهر عند بعض اْهل النظر من حديث نصر بن على قبله ؛ أن السائل هو النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وكذا ذكره (6)
(1) من ح.
(3) فى هامش ح: أمر.
(4، 5) فى ز: دريكة، والمثبت من ح.
(2) فى ز: تعد يعدو، وفى ح: يعدو.
(6) فى ز: ذكر، والمثبت من ح.(8/472)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد 473 97 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد وَسَلَمَةُ بْنُ شَبيب، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرراق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عًنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أًنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَرَّ بِابْنِ صَياد فِى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابه، فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَهُوَ يَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ عِنْدَ أُطُ! بَنِى مَغَالَةَ، وَهُوَ غُلاَمٌ* بِمَعْنَى حَديثِ يُونُسَ وَصَالِحٍ غَيْرَ أَنَّ عَبْدَ بْنَ حُمَيْد لَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ، فِى انْطِلاَقِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) مَعَ أُبَىِّ بن كَعْبٍ، إِلَي النَّخْلِ.
ابن أبى شيبة أيضا فى مسنده (1).
وأما حلف عمر على ابن صياد أنه الدجال، ففيه حجة لمن رأى الحلف جائزا على ما غلب[ على] (2) ظن الإنسان، لقوة الدلائل عند[ عمر] (3) عليه بالصفات التى ذكرها فيه الخبى ( صلى الله عليه وسلم )، وان ذلك غير غموس، وأن (4) الغموس ما جاهر به الحالف أو شك فيه.
قال الإمام: وخرج مسلم فى قصة[ ابن] (ْ) صياد حديث حرملة بن يحيى عن ابن وهب: حدثنى يونس عن ابن شهاب ؛ أن سالم بن عبد الله أخبره ؛ أن عمر انطلق - الحديث.
ووقع هذا الإسناد فى[ روايتنا عن ابن ماهان] (6) منقطعا، فقال: عن الزهرى، عن سالم ؛ أن عمر بن الخطاب.
لم يذكر فيه عبد الله بن عمر، والصواب[ قول] (7) من أسنده.
قال القاصْى: وقوله فى هذا الحديث: (عند أطم بنى مغالة): تقدم تفسير الأطم
وأنه الحصن.
وبنو مغالة بغين معجمة، وكذا[ جاء] (8) فى حديث ابن حميد وفى حديث الحلوانى بعده: (عند أطم بنى معاوية دا وال الول المعروف.
وبنو مغالة: كل ما كان عن يمينك إذا وقفت آخر البلاط مستقبل مسجد الخبى ( صلى الله عليه وسلم ).
[ ويتوجه مكة] (9) ما كان عن يسارك، ومسجد الخبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى بنى مغالة، قاله الزبير.
وقال بعضهم: بنو مغالة حى من قضاعة، وبنو معاوية هم بنو جديلة هؤلاء.
وقول عمر: (دعنى أضرب عنقه) لما ظهر[ له] (ْا) من كفره.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: " إن يكن هو فلن تسلط عليه) ت اْى إن كان الدجال فلن تنتها إليه، لم يقدر لك أنت قتله، بل قاتله عيسى ابن مريم و" إن لم يكن فلا خير لك فى قتله)
(1) انظر: مصنف ابن أبى شيبة، كالجنة، برقم (33956).
(2) ساقطة من ز.
(3) ساقطة من ح.
(5) ساقطة من الأصل، واستدركت في الهامش بسهم.
(6) فى ح: رواية ابن ماهان.
(7) ساقطة من ح.
فى) فى ح: وبنو جديلة.
(10) ساقطة من ح.
(4) فى ح: وانما.
(8) من !.
119 / ب
474(8/473)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد 98 - (2932) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيد، حَدثنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حدثنا هِشَامٌ، عَنْ ايُّوبَ، عَنْ نَافِع، قَالَ: لَقَى ابْنُ عُمَرَ ابْنً صَائِدٍ فِى بَعْضِ طُرُقِ المَدينَة.
فَقَالَ لَهُ قَوْلأ أَغْضَبَهُ، فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السَكَّةَ.
فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بًلَغَهًا.
فَقَالَتْ لَهُ: رَحِمَكَ الله! مَا أَرَدْتَ مِنِ ابْنِ صَائد ؟ أَمَا عَلمْتَ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا لما ؟ًَ
اى لصغره اْو ذمته.
وقوله: (هو يختل، يعنى ابن صياد، أى يأخذهـ على غفلة.
ويدل على صحة هذا التفسير قوله فى الحديث: (أن يسمع منه قبل أن يراه).
قال الإمام: (يختله) أى يطلب[ ال] (1) يأتيه من حيث لا يشعر، ومنه: ختلت الصيد.
قال القاصْى: قيل: فيه حجة على جواز الاختيال على المستسرين بجحد الحقوق حتى يحقق فيهم ما جحدوه فيقضى عليهم به، وكذلك لمن أعلن الفسق وعزف به واستسر بمنكره أنه يكشف عنه، وليس من التجسس ؛ لأن ابن صياد كان أمره عند الناس مشهورا، وما يقوله بغير حضرة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) معلنا، فاْراد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تحقيق ذلك[ منه] (2) سماعا.
وفيه كشف الإمام بنفسه الأمور المشكلة وخروجه فيها.
وترجم البخارى (3) عليه: ما يجوز من الاحتيال والحذر ممن يخشى معرته.
وقوله: " فثار ابن صياد): اى هب من ضجعته ويقال لكل ما ظهر وفشى: ثار، ولكل ماهان: ثار.
وقوله فى ذكر الدجال: " تعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعوار)، قال القاضى: قاله - عليه السلام - تنبيها منه ( صلى الله عليه وسلم ) على صفاته من النقص الدال على الحدوث المنزه عنه الخالق - جل اسمه.
وقوله: (تعلموا) كذا هو بفتح العين وتشديد اللام بمعنى: تحققوا، أو اعلموا، يقال: تعلم كذا مشدلة بمعنى: اعلم.
وهذه الأحاديث التى أدخلها مسلم فى قصة الدجال حجة أهل الحق فى صحة وجوده،
/ وأنه شخص معين، ابتلى الله عباده، وأقدره على أشياء من قدرته ليتميز الخبيث من
(1) ساقطة من ح.
(3) كالجهاد 4 / 78.
(2) فى هامش خ.(8/474)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صيادْ 47 99 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى، حَد، شَا حُسَيْن - يَعْنِى ابْنَ حَسَنِ بْنِ يَسَارٍ - حَد"ننَا ابْنُ عَوْن، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ نَافِع يَقُولُ: ابْنُ صَيَّادٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَقيتُهُ مَرتيْنِ.
قَالَ: ً فَلَقيتُهُ فَقُلتُ لِبَعْضِهِمْ: هَلْ تَحَدثونَ أَنَّهُ هُو ؟ قَالَ: لا، وَالله.
قَالً: قُلتُ: كَذَبْتَنِى، وًا لله لَقَدْ أَخْبَرَنِى بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ اكْثَرَكُمْ مَالأ وَوَلَدًا.
فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا اليَوْمَ.
قَالَ: فَتَحَدثنَا ثمَّ فَارَقْتُهُ.
قَالَ: فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ
الطيب ؛ من إحياء الميت الذى يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب الذى معه، وجنته وناره، ونهريه، واتباع كنوز الأرض له وامره السماء أن تمطر، والاءرض أن تنبت، فيكون ذلك كله بقدر الله ومشيئته، ثم يعجزه الله بعد ذلك كما قال: " ولن يسلط على غيره) فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ثانية، ولا على غيره، ويبطل أمره بعد، ويقتله عيسى - عليه السلام - ويثبت الله الذين آمنوا.
هذا مذهب أهل السنة وجماعة أهل الفقة والحديث ونظارهم (1).
خلافا لمن ائكر أمره وأبطله من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة.
وخلافا للجبائى من المعتزلة ومن وافقه على إثباته من الجهمية وغيرهم، ولكن زعموا أ أن ما، (2) عنده مخارق، وحيل، لا حقائق، ولدعواهم أن امره لو كان صحيحا كان قدحأَ فى النبوة.
وقد وهم جميعهم، فإنه لم يأت بدعوى النبوة فيكون ما جاء به كالتصديق له، ولاَنه لو صح منه لم يفرق بين النبى والمتنبئ فيطعن[ ذلك] (3) على النبوة، دإنما جاء بدعوى الإلهية، وهو (4) فى نفس دعواه لها مكذب لدعواه بصورة حاله ونقص خلقه، وظهور سمات الحدث به وشهادة كذبه وكفره المكتتبة بين عينيه، وعجزه عن تحسين صورته، دازالة العور والشين عن نفسه.
فلم يَرْتَبْ مؤمن فى أمره.
!كنما اتبعه من اتبعه للضرورة والحاجة، وشدة الزمان عليه أو لكفره.
قيل: كيهود أصبهان وغيرهم وكالترك الكفرة، أو تقية منه وخوفا، أو لان فتنة ما جاء به عظيمة تدهش العقول وتحير الاَلباب أ لاَول وهلة] (ْ)، وأن أمره لا تطول مدته، وسرعة سيره فى الاَرض، فإنما هو كما قال فى الحديث: " كالغيث استدبرته الريح " (6) فيصدقه من يصدقه، وقد سُلبَ نظره، ودله عقله لفجاءة أمره ؛ ولهذا حذرته الاَنبياء قومها، وشجعتهم ببيان حاله ونقصه ؛ ليتقدم لهم العلم بذلك فيثبتوا[ ومن يثبت فيه] (7) وأيده الله كذبه، ألا ترى قول
(1) فى خ ة ونظائرهم.
(4) فى خ: وهى.
(7) من خ.
(2) فى ز: أن.
(5) فى هامش خ.
(3) فى حْ بذلك.
(6) حديث رقم (110) بالباب التالى.
476(8/475)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد نَفَرَتْ عَيْنُهُ.
قَالَ: فَقُلتُ: مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا ارَى ؟ قَالَ ا: لاَ الرِى.
قَالَ: قُلتُ: لاَ تَدْرِى وَهِىَ فِى رَأسِكَ ؟ قَالَ: إِنْ شَاءَ الله خَلَقَهَا فِى عَصَاكَ هَنِهِ.
قَالَ: فَنَخَرَ كَأشَدِّ
الذى قتله ثم أحياه له.
(ما كنث أشد بصيرة فيك منى الاَن).
وقوله: " مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه من كره عمله، اْو يقرؤه كل مؤمن لما (1) وهذه الرواية يحتج بها من جعل هذا مجازًا، وأنها إشارة إلى سمات الحدث عليه، ويدل عليه قوله: (يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب).
والوجه الاَخر: أنه على ظاهره، فقد يعمّى الله عنه أبصار مَنْ اراد ضلالته وبصيرته، كما أعماهم عن عوره وتصويره.
وقد جاء فى الحديث الاَخر: " مكتوب بين عينيه ك، ف، ر) (2) هذه صور تحقيق لا تجوز فيها.
وقوله: "فى بعض سكك المدينة)، قال الإمام: السكة: الطريق، وجمعه سكك.
قال أبو عبيد: السكة: الطريق المصطفة من النخل، وسميت الاَزقة سككا لاصطفاف الدور فيها.
قال القاصْى: ما قاله حسن صحيح كله، وكأنه فسر به قوله: (فى بعض سكك المدينة) وليس هذا اللفظ عندنا فى كتاب مسلم فى روايتنا، دإنما فيه: " فى بعض طرق المدينة) (3).
وقوله: " ناهز الاحتلامْ) (4): اْى قارب، وكذلك جاء فى الحديث: " الاَخر قارب
ا لاحتلام).
وقوله: (فأخذتنى منه ذمامة) (ْ) بفتح الذال المعجمة، قيل: الذمامة الاستحياَ.
وقال الخليل: ذممته ذمَا: لُمتُه وقد تكون الذمامة من / هذا، [ التى] (6) منه لوم على ما قلته واعتقدته فيه.
وقوله: (جاء بعس (7)) وهو القدح الكبير.
وقوله: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا حسين بن حسن بن يسار، حدثنا ابن عون،
كذا هو فى كتاب مسلم.
وأبو حاتم الرازى يرى اْن حسين بن حسن صاحب ابن عون ابن يسار.
وشك فيهما البخارى (8) بعد أن جعلهما ترجمتن، فقال اَخراً: حسين بن حسن ابن يسار أبو عبد الله البصرى من اَل مالك بن يسار، اْراه هو الأول، وفى أصل القاضى
(1) حديث رقم (105) بالباب التالى.
(3) حديث رقم (87) بالباب.
(5) حديث رقم (90) بالباب.
(7) فى ز: بعين، والمثبت من ح.
(2) حديث رقم (102) بالباب التالى.
(4) حديث رقم (89) بالباب.
(6) فى ح: التنى.
(8) التارلخ الكبير، برقم (2863).(8/476)
كتاب الفتن / باب ذكر ابن صياد 477 نَخيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ.
قَالَ: فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِى أَنّى ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِىَ حَتَّى تَكًسَّرَتْ وَأَمَّا أَنَا، فَوَالله، مَا شَعَرْتُ.
قَالَ: وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ المُؤْمننَ.
فَحَلالُهَا.
فَقَالَتْ: مَا تُرِيدُ إِليْهِ ؟ الَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاَسِ غَضَب يَغْضَبُهُ).
ائى عبد الله بن عيسى: حدثنا حسين - يعنى ابن يسار.
قوله: (وقد نفرت عينه)، كذا رويناه من جماعة شيوخنا: بفتح النون والفاء أخت القاف معأَ، أى ورمت، وكان فى أصل كتاب القاضى التميمى " فقرت وفقئت) معا، فقلت: متى فقئت فى الموضعن، وكتب على الاَول بخطه: " نقرت) بالنون والقاف وكذلك عند بعضهم، ورواه الإمام أبو عبد الله فى المعلم: " بقرت)، وكذا عند بعضهم: (بُقرت) بالباء والقاف، وفسره: شقت، فإن صحت هذه الروايات فهى من معنى الروايات الاَخر ان صحت ؛ لاَن ما شق من العين أو بقر فقد فقئ، وكذلك ما فقر من ال العن - أى اسئخرج - فقد فقئ، وكذلك ما نقر بالنون.
والنقر مثل الحفر، والنقرة والنقير منه.
والحفرة فى الحجر أو أصله النخلة، أو النواة، وكله عبارة عن العور.
وقوله: (ثم لقيته لقية): كذا وجدته فى كتاب بضم اللام، وتعلمت بقول: ا لقية" بالفتح، وكذا كان فى أصل عيسى.
قوله: " تعلموا اْنه ليس يرى اخد منكم ربه حتى يموت) (1)، قال الإمام: هذا يشير
إلى مذهب أهل الحق: أن الله يرى فى الآخرة ولو يستحيل - كما قالت المعتزلة - لم يكن للتقييد بالموت معنى والاَحاديث فى هذا كثيرة، وقد عول عليها بعض أئمتنا فى إثبات الرؤية فى الاَخرة على طرق بسطوها فى كتب الاَصول.
قال القاضى: ومذهب أهل الحق ومثبتى الرؤية فى الاَخرة: أنها غير مستحيلة فى الدنيا.
ثم اختلفوا فى وجودها أو منعها بحكم ظاهر الحديث.
وظاهر قوله: { لا تدْرِ! الأَبْصَارُ} (2) على من تأوله فى الدنيا، وهل راَه نبينا ليلة الإسراء أم لا.
للسلف من الصحابة والتابعيئ ومن بعدهم من أئمة الفقهاء والمحدثين والنظار فى ذلك اختلاف معروف.
وأكثر المانعيئ لها فى الدنيا ذهبوا الى أن علة ذلك ضعف قواهم فيها[ فتكا] (3) عن احتمالها، كما لم يحتملها موسى - عليه السلام - فى الدنيا.
(1) حديث رقم (95) بالباب.
(2) 1 لأنعام: 103.
(3) كذا فى ز، وهى ساقطة من ح.
478(8/477)
كتاب الفتن / باب ذكرالدجال وصفته وما معه
(20) باب ذكر الدجال وصفته وما معه
100 - (169) حدّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَد*شَا أَبُو اشَامَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْر، قَالا: حَد*شَا عُبيْدُ الله عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدرّرَشَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْر، حَدءَّننَا عُبَيْدُ الله عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ ان رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذَكَرَ الدَّجَّالَ بَيْنَ ظَهْرَانَىِ النَّاسِ فَقَالَ: (إِنَّ اللّهَ تَعَالَى لَيْسَ بِا2 عْوَرَ، أَلاَ وَإِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِئةٌ).
(... ) حلّثنى أَبُو الَرَّبِيع وَأبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَّادٌ - وَهُوَ ابْنُ زَيْدِ - عَنْ ا"!وبَ.
ح وَحَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، حَدثنَا حَاتمٌ - يَعْنى ابْنَ إِسْمَاعيلَ - عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنًِ عُمَرَ، عَنِ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
101 - (2933) حدّثنا مُحَمَّدَ بْنُ المُثَئى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ
ابْنُ جَعْفَرٍ، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ انَسَ بْنَ مَالِك قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ وَددْ أنْنَرَ أُمتهُ الأعْوَرَ الكَذَّابَ، أَلاَ إِنَّهُ أعوَرُ، ص!نَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ
120 / ب
قال الإمام: وقوله: " جفال الشعر ": أى كثيره.
قال القاصْى: وقوله: (كأن عينه عنبة طافئة): وقد تقدم الكلام عليه أول الكتاب مع قوله: (ممسوح العين " والجمع بينهما وبن الروايتين فى (طافئة) بالهمز وغيره مما فيه كفاية، لكن فى بعض الاَحاديث أعور العين اليمنى وفى بعضها: (اليسرى).
ذكر مسلم هنا الروايتين وجمع الروايتين عندى على تخريج صحيح الروايتين فى (طافئة) بالهمز وبغير همز، وهو أن يكون كل واحدة منها عوراء من وجه ما ؛ إذ العور من ص شىء العيب، والكلمة العوراء: المعيبة.
قالوا: فالواحدة عوراء بالحقيقة، وهى التى وصفت فى الحديث بأنها ليست حجرا ولاناتئة وممسوحة ومطموسة وطافئة على رواية الهمز، والأخرى عورى لعيبها / اللازم لها لكونها جاحظة، أو كأنها كوكب، أو كأنها عنبة طافية بغير همز.
فكل واحدة منها يصح فيها الوصف بالعور لحقيقة العرف والاستعمال.
أو معنى العور الأصلى الذى هو العيب، فلهما تعلق بالعين.
وقوله: (معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار "، وفى الحديث الاَخر: (نهران)،
وفى الاَخر: (ماء ونار) وذكر معناه، وذكر الحديث، فهذا كله مما امتحن الله به عباده ؛(8/478)
كتاب الفتن / باب ذكرالدجال وصفته وما معه
479
بِا"عْوَرَ، وَمَكْتُوبو بَيْنَ عَيْنَيْهِ ! ف ر).
02 ا - (... ) حَدّثنَا ابْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ المُثَنّى - قَألا: حَد"ننَا مُعَاذُ بْنُ هشَامٍ، حدّثنى أَبِى عَنْ قَتَادَةَ، حَدّثنَا أَنَسُ بْنُ مَالِك ؟ أَن نَبِى الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "الذَخالُ مًكْتُوبوبَيْنَ عَيْنَيْه كف ر.
أَكماْ كَافِر)).
103 - (... ) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْد، حَدثما عَفاق"، حَدثنَا عَبْدُ الوَارثِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَاب، عَنْ أَنَسِ بْنِ ديَالِلث، لالَ: قَالىَ رَصئولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): َ (الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْن، مَكْتُوَبوبَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ ) ثُم تهَخاهَاك ف ر.
(يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ لما.
4 0 1 - (2934) حدّثنا مُحَمَّدُ بْن غئدِ الله بنِ ئمئرٍ وضحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - قَالَ إسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَد - ننَا - أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ شَقِيق، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " الدَّجَّالُ أعْوَرُ العَيْنِ اليُسْرَى، جُفَالُ الشَعَرِ، مَعَهُ جَنَّة وَنَار، فَنَارُهُ جَنَّة، وَجَنّثهُ نَار)).
ليعلم الذين اَمنوا منهم ويعلم الصابرين، ثم يفضحه عند الحقيقة ويتبيهما كذبه وعجزه عن اْن يجمع من ظاهر جنته وناره أو نهريه وباطنهصا، حتى لا يختلف صفائهما (1) ويغتر بهما اتباعه.
وقوله: " فأما أثوكن ذلك احدكم لما كذا هو عند جماعه شيوخنا، وفى كتاب القاضى
أبى عبد الله: (أثوكه " وهو وجه العربية فإن هذه النون لا تدخل على الفعل الماضى، ولعله: (فأما يدركن).
وقوله: " ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة) بفتح الظاء والفاء، قال الإمام: قال ال الصمعى: الظفرة: لحمة نبتت عند المآقى وأنشد:
بعينهامن البكاءظفرة حل ابنهافى السجن وسط الكفرة
قال القاضى: قال صاحب العين: الظفرة: جليدة تغشى البصر، يقال: عين ظفرة.
قال ثابت: وهى إن لم تقطع غشيت بصر العين، فيكون هذا من معنى مطموس العين.
قال غيره: هى علقة تخرج من العين، هى بالظاء المعجمة المشالة.
ذكر مسلم حديث محمد بن عبيد الله بن نمير ومحمد بن العلاء وإسحق حديث: (جفال الشعر) كذا لجميعهم،
(1) فى ح: صفاتهما.
480(8/479)
كتاب الفتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه 105 - (... ) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ أبِى مَالك الأشْجَعِىِّ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ حُنَيْفَةَ، قَألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا2 نَا أعلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ منْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَلُ! مَا، رَأىَ العَيْنِ، مَاءو أَبْيَضُ.
وَالآخَرُ، رَأىَ العَيْنِ، نَازَ تَاع جَّجُ.
فَإِمَّأ أَدْرَكَنَّ أَحَد فَليماتِ النَّهْرَ الَّذِى يَرَاهُ نَارًا وَليُغَمِّضْ، ثُمَّ !يُطَأطِئْ رَأسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ، فَإنَّهُ مَأءُ بَارِد.
وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ العَيْنِ، عَلَيْهَا ظَفَرَو غَلِيظَةٌ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِر، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ لما.
!طحه، 5،، ص ص !رََص يهر، 5 ص، ص ص سر
106 - (... ) حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا ابِى، حدثنا شعبة.
ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد"ننَا شُعْبَةُ، عَيق عَبْد المَلِك ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاش!، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ التبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَلهُ قَألَ فِى الدَّجَّاَلِ: "إِنًّ مَعَهْ مَاءً وَنَارًا، فَنَارُهُ مَأءٌ بَارِدٌ، وَمَاؤُهُ نَارٌ، فَلاَ تهْلِكُوا ".
(2935) قَألَ أَبُو مَسْعُودٍ: وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
07 1 - (2935 / 2934) حدثنا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ.
حدثنا شُعَيْبُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ
عَبْد المَلك بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حرَاشبى، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرو، أبِى مَسْعُودٍ الا2 نْصَارِىِّ، تَالً: انْطًلَقتُ مَعَهُ إِلَى حُنَيْفَةَ بْنِ اليًمَان.
فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ: حَدّثْنِى مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى الدَخالِ.
قَألَ: " إنَّ الدَّجَّاَلَ يَخْرُجُ، صإِنَّ مَعَهُ مَاءً وَنَارًا.
فَا"مَّا الَّذى يَراهُ النَّاسُ مَأءً، فَنَازئُحْرِقُ.
وَأَمَّا الًّذى يَرَاهُ النَّاسُ نَارًا، فَمَاءُ بَارِد عَذْبٌ فَمَنْ أدْرَكً ذَلِكَ مِنْكُمْ فَليَقَعْ فِى الَّنِى يَرَاهُ نَارًا، فَإِنًّهُ مَأءٌ عَذْبوطيِّبٌ ).
فَقَالَ عُقْبَةُ: وَأنَا قَدْ سَمِعْتُهُ.
تَصْدِيقًا لِحُذَيْفَةَ.
108 - (... ) حدثنا عَلِىُّ بْنُ حُجْر السَّعْدِىُّ "سْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ
وسقط محمد بن عبيد الله بن نمير عن الشنتجالى عن السجزى، دإثباته الصواب لقوله: قال إسحق: أنبانا، وقال الاَخران: حدثنا، وذكر حديث على بن حُجر: حدثنا شعيب حديث: " معه ماء ونار لا قال فيه: عن ربعى بن حراش، عن عقبة بن عمرو أبى مسعود الأنصارى.
كذا هو، وكذا أصلحه شيوخنا فى كتاب مسلم من رواية الجلودى، فكان فى بعض الكتب: عن ابن ماهان عن عقبة بن عامر وابى مسعود الأنصارى، وهوخطأ.
وفد قال(8/480)
كتاب الفن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه
481
حُجْرٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ حُجْرٍ: حَد"شَا - جَرِيرٌ عَنِ المُغِيرَة، عَنْ نُعَيْم ابْنِ أَبِى هِنْد، عَنْ رِبْعِىِّ بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُود.
فَقًالَ حُذَيْفَةُ: "لا"نَأ بِمَا مَعً الدَّجَّالِ أَعْلَمُ مِنْهُ، إِنَّ مَعَهُ نَهْرًا مِنْ مَأء وَنَهْرًا مِنْ نَأرٍ.
فَا"مَأ الَّذى تَرَوْنَ أَنَّهُ نَأرٌ، مَأءٌ، وَأَمَّا الَّذِى تَرَوْنَ أَنَّهُ مَأءٌ، نَأرٌ، فَمَنْ أَدرَكَ ذَلِك مِنْكُمْ فَا"رَادَ المًاءَ فَليَشْرَبْ مِنَ الَّذِى يَرَاهُ أَنَّهُ نَأرٌ، فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَأءً).
قَاَ أَبُو.
مَسْعُودٍ: هَكَذَا سَمِعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
9 0 1 - (2936) حّدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد، شَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّد، حَد، شَا شَيْبَان،
عَنْ يحيى، عَنْ أَبى سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَأ هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولًُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَلاَ أُخْبرُكُمْ عَنِ الدَّجًّالِ حَدِيثًا مَأ حَدذَلهُ نَبى قَوْمَهُ ؟ إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِىءُ مَعَهُ مِثْلُ الجَتةِ وَالنًّأرِ، فَالَّتِى يَقُولُ إِنَّهَا الجَنَّةُ، هِىَ النَّأَرُ، وَإِنِّى أَنْذَرْتُكُمْ بِهِ كَمَا أَنْذَرَ بِهِ نُوحٌ قَوْمَهُ لما.
110 - (2137) حدّثنا أَبُو خَيْثَمَة زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد!رَشَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدثَّنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدثَّنِىيحيى بْنُ جَابر الطَائىُّ - قَاضِى حمْصَ - حَدثَّنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْر الَحًضْرَمِىِّ ؟ أَنَّهُ سَمِعَ النًّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الكلاَبِىَّ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرازِىّ - وَاللَّفَظُ لَهُ - حَد"ننَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدعشَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِر، عَنْيحيى بْنِ جَابِر الطَّائىِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: ذَكَرِ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) الدَّخالَ ذَاتَ غَدَاة، فَخَفضَ فِيهِ وَرَقعَ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِى طَأئفَة النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ فَلِكَ فِينَا.
فَقَالً: " مَأ شَأنُكُمْ ؟).
قُلنَا: يَأ رَسُولَ اللهَ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ، حَتى ظَنَنَّاهُ فِى طَأئِفَةِ النَّخْلِ.
فَقَالَ: "غَيْرُ
بعد: (انطلقت معه، ولم يقل: (معهما) وكذا جاء الحديث بعد لاءبى مسعود وحده من رواية على بن حجر د سحق وعقبة بن عامر، وهو أبو أسد الجهنى والى مصر، له صحبة أيضا.
قال مسلم: حدثنا محمد بن مهران الرازى، حدثنا الوليد بن مسلم وروه (1) عن ابن ماهان: حدثنا محمد بن صفوان، والصواب ابن مهران كما لغيره.
(1) فى ز: وروى.
121 / ءا
482(8/481)
كتاب الفتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه
الدَّجَّألِ أَخْوَفُنِى عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأنَا فِيكُمْ، فَا"نَا حَجِيجُهُ ! ونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نفْسِهِ، وَالله خَلِيفَتِى عَلَى كُلِّ مُسْلمٍ، إِنَهُ شَابٌ قَطَط، عَيْنُهُ طَافئَةٌ، كابرلّى أُشبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بْنِ قَطَنٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فًليَقْرأ عَلَيْه فَوَاتِحَ سُورَةِ اهَهْفِ.
إِنَّهُ خَأرِفي خَلًّةً بَيْنَ الشَّأمِ وَالعِرَاق، فَعَاثَ يَمِينًا وَعَاثَ شِمَالأ+ يَا عِبَادَ الله، فَائبُتُوا) قُلنَا: يَارَسُولَ الله، وَمَا لَبْثُهُ فِى الأَرْضِ ؟ قَالَ: (ارْبَعُونَ يَوْفا، يَوْمو كَسَنَة، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَة، وَسَائرُ أَيَّامِهِ كَأيَّامِكُمْ).
قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، فَنَلِكَ اليَ!مُ الَّذِى كَسَنَة، أَتَكْفِينَا فِيهِ صًلاَةُ يَوْبم ؟ قَالَ: (لاَ، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ لما.
قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِى الا2 رْضِ ؟ قَالَ: (كَالغَيْثِ اسْتَلْبَرَتْهُ الرِّيحُ.
فَيَأتِى عَلَى القَوْم فَيَدْعُوهُمْ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ
وقوله: " ذكر الدجال فخفض فيه ورفع) يعنى - والله أعلم - صوته من كثرة ما تكلم
فى أمره فخفض مرة لطول الكلام وراحة تعبه، ورفع مرة لتبليغ مَنْ يأبى عنه دإسماع من بعد.
وقد يكون خفض فى (1) أمره وشأنه، وهو أنه على الله كما قال: " هو أهون على الله من ذلك) (2) ليتبين حاله وعقبى دعواه وفضيحته، واضمحلال أمره[ وما رفع] (3) من فتنتة وعظيم المحنة به، والتخويف من أمره، كما قال: (ما من نبى إلا وقد أنذر قومه).
وقوله: (غير الدجال أخوفنى عليكم ": كذا روايتنا فيه عن القاضى الشهير بنون اخره، وكذا هو فى كتاب القاضى التميمى والجيانى وغيره من شيوخنا، وسمعنا على أبى بحر: (أخوفى) بغير نون، وكذا فى غير مسلم، فقد رويناه: (اخوف لى) (4) وقرأته على الحافظ اْبى الحسيئ بن سراج بن عبد الملك فى / كتاب قاسم بن ثابت فى حديث عبد الله بن حوالة: (أخوفنى) بالنون.
قال ثابت: فيه لغه أخرى: (وأخوفى دا بغير نون، ومعنهاهما: أخوف منى، لغة مسموعة فى ذلك، وأنشد ثابت عليها.
نحن بغرس الوادى أعلمنا منا بركض الجيادفى السلف
وأنشد فى اللغة الأخرى:
لنافعى أحوجى منكم لتعليمى
(1) فى خ: من -
(2) حديث رقم (114) من هذا الكتاب.
(3) فى خط: وما وقع.
(4) الترمذى، كالفتن، بما جاَ فى فتنة الدجال 4 / 242 (2240).(8/482)
كتاب الفتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه 483 وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأمُرُ السَّمَاََ فَتُمْطِرُ، وَالا"رْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحتهُمْ، أَطوَلَ مَا كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ.
ثُمَّ يَأتِى القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدّونَ عَلَيْه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ، فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ با"يْديِهِمْ شىَْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ.
وَيَمُرُّ بِالخرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِى كُنُوزَكِ فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَاَ كَيًعَاسِيبِ النَّحْل، ثُمَّ يَدْعُو رَجُلاً
و أ نشد (1) يعقوب:
بخرس أفقر (2) منكم لخليمى (3)
قال أبو مروان بن سراج: أفعل المستودع معنى المفاضلة الذى لابد أن يذكر معه من لفظ: (اختصر " ووضع موضع لفظ " استكبر) (4)، صنعته العرب لحبها الاحتضار ووضعت (أعلمنى " موضع (علمى، بكذا، يزيد على علمى بكذا، فلما تضمن معنى المصدر ووضع موضعه أظهر معه الضمير الذى يظهر مع المصدر.
وتقدم تفسير " قطط) و(طافئة).
وقوله: (انه خارج حُلّة أ بين] (5) الشام والعراق ": كذا رويناه: " حَلّة) بفتح
الحاَ واللام مشددة والتاَ المفتوحة من طريق السمرقندى والشنتجالى عن السجزى قيل: معنى ذلك: أى قبالة وسمت، وفى كتاب العن: والحلة موضع حزن وصخور، وسقطت هذه الكلمة من رواية العذرى، ورواه بعضهم عن ابن الحذاء (حُله " بضم الحاء، وهاَ الضمير أى نزوله وحلوله وكذا قيده فى كتاب التميمى، وعلى هذا اللفظ ذكره ابن أبى نصر الحميدى فى كتابه، وروى الهروى فى غريبه هذا الحرف خلة بالحاء معجمة مفتوحة، وتشديد اللام - وفسره بأنه ما بين البلدين.
وقوله: " فعاث يميناَ وعاث شمالأَ) بعين مهملة وثاَ مثلثة فعل ماض.
العيث: الفساد والإسراع فيه.
يقال: عاث يعيث، ووقع فى كتاب التميمى ائضا عن الجيانى: "فعاث يمينا، وعاث شمالا لما بكسر الثاء منونة اسم فاعل، وهو بمعناه يقال فيه أيضا: عثى يعثى عثيانا.
وقوله: " يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم جمعة (6)): ما جاء بعد يفسر أنّه على ظاهره غير متأول.
وقولهم: أتكفينا فيه صلاة يوم قال: " لا، أقدر له قدرة): هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع، ولولا ذلك ووكلنا فيه إلى اجتهادنا لكانت الصلاة فيه
(1) فى الرسالة وح.
وائشده.
(4) فى خط ؟ استكثر.
(2) فى ز: أفقرى.
(5) من خط.
(3) فى خط: لخعليم.
(6) فى خط: كجمعة.
484(8/483)
كتاب الفتن / باب ذكرالدجال وصفته وما معه
مُمْتَلِئًا شَبَابًا، فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ رَمْيَةَ الغَرَضِ، ثُمَّ يَدْعُوهُ فَيُقْبِلُ وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ، يَضْحَكُ.
فَبَيْنَمَا هُوَ كَنَلِكَ إِذ بَعَثَ الله المَسِيحَ ابْنَ مَرْيمَ، فَيَنْزِلُ عنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاء شَرْقِىَّ دمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضعًا كَفَّيه عَلَى أجْنِحَة مَلَكَيْنٍ، إِذَا طًأطَأ رَأَسَهُ قَطَبرَ، ! إِذَا رَفَعَه تَحَدَّر مِنْهُ جُمَانو كَاللُّؤْلُؤ* فَلاَ يَحَلُّ لكافِر يَجَدُ ريح نَفَسه إِلاَّ مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِى حَيْثُ يَنْتَهِى طَرْفُهُ، فَيَطلَبُهُ حَّتى يُدْرِكَهُ بِبًابِ لُذّ، فَيَقْتلُهُ.
ثًُيَأتِى عِيسَى
عند الا"وقات المعروفة فى غيره من الأيام.
وقوله: " فتروح عليهم سارحتهم)، قال الإمام: السارحة هى الماشية، التى تسرح بالغداة إلى مراعيها.
قال خالد بن جنبة: السارحة: الإبل والغنم، والسرح والسارحة واحد.
قال الق الى: قال صاحب العن: السرح: ما يغدى به ويراح من السائمة.
وقوله: (أطول ما كانت ذرى!: أى اْعالى أسنمه.
وقوله: (وأسبغه ضروعا).
أى أطوله لكثرة اللبئ.
وقوله: (وأمده خواصر): أى لكثرة امتلائها من الشبع.
وقوله: " فيصبحون ممحلين): أى أصابهم المحل.
وقوله: (فتئبعه كنوزها كيعاسيب النحل)، قال الإمام: هى فحول النحل.
وفى الحديث: (ضرب يعسوب الدين بذنبه)[ كذا] (1) رئيس الدين، وسيد الدين[ هاهنا الجماعات.
ولم يرد أمير النحل] (2) ومعناه: فارق أهل الفتنة.
وفى حديث آخر: (هذا يعسوب قريش لما أى سيدها.
قال الق الى: الذى ذكره، هو قول لابن قتيبة، وبعض اْهل اللغة أن اليعسوب اْمير النحل[ خاصة] (3) ولا ذكورها، لكنه كنى بذلك عن الجماعة ؛ لا"ن أميرها متى طار تبعته جماعة.
وتقدم الكلام على قوله: " أسبغه ضروعا، وأمده خواصر)، ومعنى " أسبغهدا: أى أكمل[ وأعظم] (4) لكثرة لبنها، وكذلك: (أمده خواصر) لكثرة شبعها.
وقوله: " فقطعه جزلتين) بفتح الجيم، أى قطعتين.
وحكاه ابن دريد بكسر الجيم.
وقوله: (رمية الغرض لما: قيل: يجعل بين الجزلتين بمقدار رمية الغرض (5).
وعندى أن 11
رمية الغرض هنا بمعنى التقديم على قوله: " يقطعه جزلتين) وبعد قوله: "فيضربه بالسيف)ا أى كأنه قال: فيضربه بالسيف ليقسمه فيصيبه إصابة رمية الغرض فيفطعه جزلتين، فاختصر
(1) فى خط.
أراد.
(4) من خ.
(2) سقط من خط.
(5) فى خط: غرض.
(3) فى خط: المراد.(8/484)
كتاب الفتن / باب ذكرالدجال وصفته ومامعه 485 ابْنَ مَرْيَمَ قَوْم قَدْ عَصَمَهُمُ الله منْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وجُوهِهِمْ، وَيْحَدَثهُمْ بدَرَجَاتهِمْ فِى الجَنَّة.
فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلك إِذْ أَوْحَىَ الله إِلَى عيسَى: إِنِّى قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِى، َ لاَيَدَان لأحَدَ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّز عِبَادِى إِلَى الطُّورِ.
وَيًبْعَثُ الله يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلًّ
الكلام واكتفى بقوله: (رمية الغرض) لدلالتها على ذلك.
وقوله: (بين مهرودتين "، قال الإمام: أى فى شقتين أو فى حلتين.
وقال شمر: قال بعض العرب: إن الثوب يصنع بالورس ثم بالزعفران فيجىء لونه مثل لون الحوذانة (1)، فذلك الثوب المهرود.
قال القتبى: هو عندى خطأ من النقلة، واراه: " مهروّتين "، يقال: هريت العمامة: إذا لبستها صفراء وكأنّ فعلتُ منه: هروت.
وقد روى هذا الحرف: " مهرودتين " بالدال وبالذال.
" مهرودتين " بالدال يعنى المهملة مأخوذ من الهرد.
والهرد الشق، وكأن المعنى بين شقتين، والشقة نصف الملاءة.
قال أبو بكر: قول من قال: إن صوابه مهروتين فيه خطأ، لابن العرب لا تقول: هروت، الثوب، لكن هريت.
ولا يقال: أيضا: هربت إلا فى العمامة أ وحدها] (2)، فليس له أن يقيس الشقة على العمامة ة لابن اللغة رواية.
وقوله: الهرد: هو الشق، خطأ ؛ لابن العرب لا تسمى الشق للإصلاح (3) هرداً بل يسمون الإحراق والفساد هردًا.
قال ابن السكيت ة هرد القصّار الثوب وهرته: اذا (4) أحرقه، وهرد فلان عرض أخيه وهرته.
وهذا يدل على الإفساد والقول فى الحديث عندنا: " بين مهرودتين، الدال والذال، أى بين ممصرتين، كما (ْ) جاء فى الحديث (6): كما لم يسمع الصير أ الصحناة] (7)، وكذلك التقاء الحرف إلى غير ذلك مما لم يسمع إلا فى الحديث.
والممصرة من الثياب: هى التى فيها صفرة خفيفة.
قال القاصْى: ذكر أبو عمرو المطرز فى يواقيته: ئوب مهرد: إفا كان مصبوغا بالصبب، وهو ماء ورق السمسم، وثوب مهرد: اذا كان كلون المشمش، ويقال: الهردى.
قال بعصهم: ولا أحقه الثوب المهرود الذى يصبغ بالمعروف، والعروق يقال لها: الهرد.
قال القاصْى: الذى قاله صاحب الجمهرة وقد رأيت مثله لاَبى العلاء المقرى قال: هرد ثوبه، وقاله ابن ثويد إذا صبغه بالهرد، وهو صبغ يسمى العروق.
وقال الجيانى: هى الكركم، ولم يذكر هذا ابو حنيفة فى كتاب النبات.
وقوله: " إذا طأطأ رأسه قطر، دإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، مثل الحديث الذى
(1) ! ز.
الجودانة.
(2) فى خ: خاصة.
(4) ! ز.
أو.
(5) فى خ: على.
ؤ 6) انظر: أبو داود، كالملاحم، بخروج الدجال عن ائى هريرة (4324).
(7) انظر.
غريب الحديث للهروى 2 / 42، ابن ألا"ثير فى النهاية 4 / 66.
(س) فى خط: الإصلاخ.
1 / 122
486(8/485)
كتاب الفتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه
حَدَب يَنْسلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائلُهُيم عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ، فَيَشْرَبُونَ مَا فيهَا، وَيَمُر آخرُهُم فَيَقُولُ!نَ: َ لَقَدْ كَانَ بِهَذه، مرةً، مَاءٌ وَيُحْصَرُ نَبِىُّ الله عيسَى وَأصحَابُهُ، حَتى يًكُون رأسُ الثَّوْر لأحَدهمْ خًيرًا مِنْ مائَة دِينَار لأحَدكُمُ اليَومَ.
فَيَرْغَبُ نَبِىُّ الله عيسَى وَأَصْحَابُهُ فَيرْسِلُ اَلَله عَلَيْهِمُ النَّغَفً فى رِقَأبِهِمْ، فَيُصْبِحُون فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسبى وَاحِدَةٍ.
فى أول الكتاب (1): " يقطر رأسه ماء كأنما خرج من ديماس).
وقوله: " جمان كاللؤلؤدا: الجمان: حبوب فضة صبغت على مثال اللؤلؤ.
قال ابن دريد: وقد تسمى اللؤلؤ جمانا، فسمى هاهنا ما يقطر من الماء جمانا لشبهه بها، وشبهه باللؤلؤ.
وقوله: (فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهى حيث ينتهى طرفه) بكسر الحاء وبفتح فاء (نفسه).
معنى قوِله: دا لا يحل) قيل: لا يمكن، ومعناه عندى: واجب وحق، كما قال تعالى: { وَحَرامٌ عَلَئ قَرْيَةٍ أَهْلَبهْنَاهَا} الآية (2) / [ أى] (3) حق واجب.
ووقع فى بعض الروايات عن ابن الحذاء: " فلا يحل لكافر يجد نفس ريحه وله وجه)، ولعله أبن.
وأما من رواه: (يحل) بالضم فليس بشىء، إلا أن يكون بعده: "بكافر) فيكون له وجه.
[ وقوله: " فمسح (4) عن وجوههم) معناه - والله أعلم - إما على ظاهره على طريق التنزل والتبرك، أو إسْارة عن كشف ما نزل بهم من الخوف.
وقوله: دا مثلكم حتى يدركه بباب لدّ (ْ) فيقتله) بضم اللام، قال ابن ثريد: له موضع، وذكر هذا الحرف.
وقال غيره: هذا جبل وفى كتب بنى إسرائيل أنه يقتله بجبل الزيتون كما قدمناه] (6).
وقوله: أو "[ لا يريدان] (7) لا"حد بقتالهم) أى لا قدرة.
وقوله: دا فحرز عبادى إلى الطور): كذا روايتنا فيه عن عامتهم بالراء أولا، وعند بعضهم: " فحوز)، وصوبه بعضهم وراة (8) وجه الكلام، ومعناهما عندى متقارب، دان جوز فالواو بمعنى: نج عبادى الى[ الطور] (9) ؛ ليمتنعوا فيه من يأحوج[ ومأجوج] (ْ1)
(1)
(2) 41) (ب) (8) (10
أى أول كتاب الصحيح، فى كتاب الإيمان، وقد جمع - رحمه الله - بين حديثين منفصلين ة لأن قوله: " يقطر رأسه ماء فى حديث رقم (274) برواية محمد بن إسحق المسيّبى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وهذا فى باب فكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال، وقوله: " كأنما خرج من ثيه الح! " فى حديث رقم (272) برواية محمد بن رافع وعبد بن حميد عن أبى هريرة - رضى الله عنه - وهو اَخر أحاديث الإسراء، وليس فيه: " يقطر رأسه ماَ "، بل فيه: دا ولقيت عيسى، فإفا ربعة أحمر حَأكى ا خرخآ من ديماس ".
.
ألاءنب!اء: 95.
(يم) فى هامش حد -
فما ح: فيمسح، وكذا فى الحديث.
(5) بلدة قريبة من بيت المقدس.
سقط !نرخ.
(7) فى ح: يدان، وكذلك فى الحديث.
فى ح: ررواه.
(9) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
) ساقطة من ح، واستدركت بهامشها.(8/486)
كتاب الفتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه 487 ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِىُّ الله عِيسَى وَأَصْحَا"لىُ إلَى الا"رْضِ، فَلاَ يجدُونَ فِى الارْضِ مَوْضِعَ شبْر إِلا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبىُّ الله عِيسَى وَأَصْحًا"لىُ إِلَى الله.
فَيُرْسِلُ اللهَ طَيْزا كأَعْنَاقِ البُخْتِ، فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ الله.
ثُمَّ يُرْسِلُ الله مَطَرًا لاَ يَكُنُّ منْهُ بَيْتُ مَدَر وَلاَ وَبَرِ، فَيَغْسِلُ الارْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزلَّفَة، ثُمَّ يُقَالُ للأَرْضِ: أَنْبِتى ثَمَرَتَكَ، وَرُدِّى بَرَكَتَكِ.
فَيَوْمَئِذٍ تَاكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظَلُّون بِقِحْفِهَا، وَيُبَارَكُ فِى الرِّسْلِ،
وأزلهم عن طريقهم.
وجرد بالراء بمعنى: اجعل الطور موضع حذرهم منهم وجهة امتناعهم.
ورواه ! بعضهم: (حدوّ) بالدال، ومعناه: أنزلهم إلى جهته أو ردّهم واصرفهم إليه.
قال ابن عرفة أصعد فى الاَرض: ذهب مبتدئا، ولا يقال فى الرجوع: انحدر.
وقوله: " حتى يكون رأس الثور لاءحدهم خيرًا من مائة دينار لأحدكم اليوم ": لعله لما ينالهم من المسبغة والحاجة إلى ما يأكلون أو ما يحرثون به، لشدة حرصهم - والله أعلم.
ْ وقوله: (فيرسل الله عليهم النغف (1) " هو بفتح النون والغن المعجمة، قال الإمام:
هى دود فى أنوف الإبل والغنم، واحدتها نغفة (2)، ومنه يقال للرجل المحتقر: إنما أنت
وقوله: (فيصبحون فرسى لما هو مقصور، أى قبلى، واحدهم فريس، من فريس (3) الذئب الشاة: إذا قبلها.
وقوله: " فيغسل الاَرض حتى يتركها كالزلفة لما: هى الأرض التى لا نبات فيها، والصعيد الزلق: الذى تزل عنه الأقدام.
قال القاصْى: روينا هذا الحرف عن الاَسدى بالفاء والقاف معا، وفتح اللام وسكونها معأَ، ولم يضبطه عن الصدفى إلا بالقاف وحده، والوجوه التى رويناها عن الأسدى كلها صحيحة، ذكرها أبو زيد الاَنصارى قال: يقال للمراَة: زلفة، وزلفة.
وحكى ابن الأعرابى عن ابن عباس فى تفسير قوله: (كأنها زلفة " أى مراة.
وحكى ثعلب مثله عن أبى زيد، وقال غيره: الزلف: المصانع.
قال أبو عبيد: والزلف: الأجاجيز الخضر.
قال ابن دريد وربما سميت المصانع إذا امتلأت زلفا، ورأيت فى بعض حواشى شيوخى: ا لز لفة: المحارة.
وقوله: (فيومئذ تأكل العصابة، كذا رواية الجميع وعند ابن سعيد: " فيوشك " بدل: (فيومئذلما.
وقوله: (ويستظلون بقحفها ": أى بمعقد قشرها يعنى الرمانة، والقحف أعلى
(1) فى ز.
النغب - (3) فى خ: فرس.
(2) فى ز: نغبة.(8/487)
488
كتاب الفلاتن / باب ذكر الدجال وصفته وما معه
حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبلِ لَتكْفِى الفئَامَ منَ النَاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَر لَتكْفِى القَبيلَةَ مِنَ النَّاسِ، وَاللِّقْحَةَ مِنَ الَغًن! لَتَكْفِى الفَخِذً مِنَ الثَّاسِ.
فَبَيْنمَا هُمْ كَنَلكَ إِ 3 بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا طيَبةً، فَتَأخُنصمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبضُ رُوحَ كَلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلِّ مُسْلِم، وَيبْقَى شِرَارُ النَّاسِ، يَتَهَارَجُونَ فِيهَا تَهَارُجَ الحُمُرِ، فًعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ).
111 - (... ) حدثنا عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىُّ، حدثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وَ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِبم.
قَالَ ابْنُ حُجْر: دَخَلَ حَديثُ أَحَدهِمَاَ فِى حَلِيث الآخَرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِر، بِهَذَا الإً سْنَاد.
نَحْوَ مًا ذَكَرْنَ ال وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِه، " لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ، مَرة، مَاءٌ لما: (ثُمَّ يَسِيرُونَ حَثَّىَ يَنْثَهُوا إلَى جَبَلِ الخَمْرِ، وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ المَقْدسِ.
فَيَقُولُونَ: لَقدْ قَتَلنَا مَنْ فِى الأرْضِ، هَلمَّ فَلنَقْتُلْ مَنْ فِى السَّمَاء، فَيَرْمُونَ بِنُشًابِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرُدُّ اللّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ فَخْضُوَبةً!مًا).
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ حُجْرٍ: " فَإِنِّى قَدْ أَنْزَلتُ عِبَادًا لِى، لاَ يَدَىْ لأحَدٍ بِقِتَالِهِمْ).
122 / ب
الجمجمة، شبههم به.
والرِّسل، بكسر الراء: اللبن، وقد تقدم، واللقحة، بكسر اللام: التى تحبلت من الإبل، وجاءت هاهنا فى البقر اْيضا والغنم، وقد جاءت فى القرأن فى الرياح.
قال الله تعالى: { وَأَرْل! لْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} (1)، أى تحمل الندى ثم تمجه فى السحاب، وكله بمعنى الأول.
وقوله: (يكفى الفيام من الناس، بكسر الفاء بعدها ياء باثنتين تحتها، أى الجماعة.
وبعضهم لا يجيز إلا الهمز، وبعضهم ينكر فيه الهمز.
وقوله: (يكفى الفخذ من الناس): هى جماعة القوم من نسب، وهى دون البطن.
قال ابن / فارس: لا يقال فى هذا الا بسكون الخاء خلاف الجارحة، فتلك يقال فيها: "فخذ" بكسر الخاء وسكونها وبكسر الفاء أيضا، قاله الخليل.
و (جبل الخمر " بفتح الجم، وهو جبل بيت المقدس.
والخمر: الشجر الملتف الذى يستتربه من فيه.(8/488)
كتاب الفتن / باب فى صفة الدجال...
إلخ
(21) باب فى صفة الدجال، وتحريم المدينة عليه
489
وقتله المؤمن وإحيائه
2 1 1 - (2938) حدّثنى عَمْرو النَّاقدُ وَالحَسَنُ الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، وَأَلفَاظُهُمْ متقَارِبَة!، وَالسَياقُ لِعَبْد - قَالَ: حَدَّثنِى.
وقالَ ا لآخَرَانِ: حَدّثنا - يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد - حَدثًنَا أَبِى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ الله ابْنُ عَبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ ؛ أَنَّ أَبَا سَعِيد الخُدْرِىَّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا حَدِيثًا طَويلاً عَنِ الدَّجَّالِ.
فَكَانَ فِيمَا حَدّثنَا قَالَ: (يَأتِى، وَهُو مُحَرَّمو عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ المَدِينَةِ، فَيَنْتَهِى إِلَى بَعْضِ السَباخِ الَّتِى تَلِى المَد!ينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئذ رَجُل هُوَ خَيْرُ النَّاسِ، أَوْ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ.
فَيَقُولُ لَهُ: أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذى حَدّثنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَدِيثَهُ.
فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْثُمْ إِنْ قَتَلتُ هَذَا ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، أَتَشُكّونَ فِى الامرِ ؟ فَيَقُولُونَ:
وقوله: (علم على أنقاب المدينقدا: طرفها وفجاجها.
قال الإمام: قال القنازعى: قال الأخفش: ائقاب المدينة: طرقها وفجاجها.
قال القاضى: قال صاحب العين: النَّقْب والنَّقَب: الطريق فى رأس الجبل.
والنقب
فى الحائط وغيره نقب يخلص منه إلى ما وراعه، وهذا أشبه من الأول بأن الظاهر من أبوابها وفوهات طرقها التى يدخل إليها منها، ويعضده قوله فى البخارى: " لها سبعة أبواب، على كل باب ملكان " (1).
وروايتنا فيه فى حديث عمرر الناقد والحلوانى: " نقاب " بغير ألف، جمع نقب أيضا.
وقوله: (أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكّون فى الاَمر ؟ فيقولون: لا، فيقتله ئم يحييه لما.
قال الإمام: إظهار المعجزة على يدى الكذاب لا تصح، فيقال: لم ظهرت على يدى الدجال وهو كذاب ؟ فيقال: لاءنه يدعى الربوبية، وأدلة الحدوث تحيل ما ادعاه وتكذبه، والنبى يدّعى النبوة وهى غير مستحيلة فى البشر، وأتى بالدليل الذى لم يعارضه شىء فصدق.
وقد بسطنا الكلام على هذه المسألة فى كتابنا المترجم بقطع لسان النابح.
قال القاضى: قد تقدم قبل بيان فى هذا.
وقول مَنْ قال للدجال حين قال له:
(1) البخارى، كالحج، بلا يدخل الدجال المدينة 3 / 28.
490(8/489)
كتاب الفتن / باب فى صفة الدجال...
إلخ لا.
قَالَ: فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْييه.
فَيَقُولُ حينَ يُحْييه: وَالله، مَا كُنْتُ فِيكَ قَطُّ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّى الآنَ.
قَالَ: فَيُرِيدُ الَدَّجًّالُ أنْ يَقْتُلَهُ فَلاَ يُسًلًّطُ عَلَيْهِ لما.
قَالَ أَبُو إِسْحَقَ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ الخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ.
(... ) وحدّثنى عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أَخْبَرَنَا أبُو اليَمَان، شُعِيَبْ عَنِ الزُّهْرِىِّ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
113 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ قُهْزَاذَ - مِنْ أهْلِ مَرْوَ - حدثنا عَبْدُ
الله بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أِبِى حَمْزَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْب، عَنْ أَبى! الوَدَّاكِ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجًّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمنينَ، فَتَلقَأهُ المَسَالِحُ - مَسَالِحُ الدَّجَّال.
فَيَقُولُون لَهُ: ايْنَ تَعْمدُ ؟ فَيَقُولُ: أَعْمدُ إِلَىً هَذَا الَّذى خَرَجَ.
قَالَ: فَيَقُولُونَ لَهُ: َ أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِربَنا ؟ فَيَقُوَلُ: مَا بِربَنا خَفَاءُ فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ.
فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لبَعْضبى: أَلَيْسَ قَدْ نَهاكُمْ رَئكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ.
قَالَ: فَيَنْطَلقُونَ به إِلَى الدَّجَّالَِ، فَإِذَا راهُ المُؤْمِنُ قَالَ: يَا أَئهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِى ذَكَرَ رَسُوَلُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَيَأمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ.
فَيَقُولُ: خُذُوهُ وَشُجُّوهُ.
فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطنُهُ ضَرْبًا.
قَالَ: فَيَقُولُ: أَوَ مَا تُؤْمِنُ بِى ؟ قَالَ: فَيَقُولُ: أَنْتَ المَسِيحُ اهَذَّابُ.
أتشكون فقالوا: لا، مع أن إظهار ما أظهر لا تقوم له به حجة عند عاقل فى كونه إلهًا ؛ لظهور النقص ودلائل الحدث، وتثويه الصورة، وشهادة التكذيب عليه، ولكن لعلهم قالوا ذلك تقية - كما قدمنا - وخوفَا منه، أو دافعوا الأمر وظنوا أن الله لا يقدره على هذا ولا يفعله له ولا (1) يقدره[ بأمر حين أراد قتله بعد، كما لم يفدره] (2) عليه ثانية حين أراد قتله بعد، كما جاء فى الحديث، ويكون قولهم: لا.
أى لا شك فيك، بل نوقن بكذبك، فإن المؤمنين ما يشكو فيه، ومن شك فيه كفر كمن أقرّ بربوبيته.
وغالطوه بقولهم: لا، مدافعة، ولاحتمالها، اْو يكون مجاوبة بدولا) من فى قلبه مرض ومن اتبعك (3) من اليهود والكفار.
وجاء فى اخر هذا الحديث من رواية السمرقندى: قال أبو إسحق يعنى ابن سفيان.
يقال: إنّ الرجل هو الخضر - عليه السلام.
وكذا قال معمر فى جامعه بإثر هذا الحديث.
والمسالح: القوم يستعد بهم فى المراصد ويرتبون لذلك، وسموا بذلك لحمل السلاح.
(1) قى ح: كما لم.
(2) سقط من ح.
(3) فى ح: اتبعه.(8/490)
كتاب الفلأتن / باب فى صفة الدجال...
الخ 491 قَالَ: فَيُؤْمَرُ به فَيُؤْشَرُ بِالمِئْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ.
قَالَ: ثُمَّ يَمْشِى الدَّجَّالُ بَيْنَ القِطعَتَيْنِ.
ثُمَّ يَقُولُ لَهُ: قُمْ.
فيَسْتَوِى قَائمًا.
قَالَ: ثُمَ يَقُولُ لَهُ: أَتُؤْمِنُ بِى ؟ فَيَقُولُ.
مَا ازْ!دْتُ فِيكَ إِلاَّ بَصِيرَة.
قَالَ: ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لاَ يَفْعَلُ بَعْدى باحد مِنَ النَّاسِ.
قَالَ: فَيَأخُنُهُ الدَخالُ لِيَن!بَحَهُ، فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِه إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلاَ يَسْتَطِيعُ إِليْهِ سَبيلاً.
قَالَ: فَيَأخُذُ بيَدَيْه وَرجْلَيْه فَيَقْذفُ به، فَيَحسبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَمَا أُ!قَىَ فِى الجَنَّةِ لما.
ًًًَ
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَ الةً عِنْدَ رَبِّ العَالَمِينَ لما.
وقوله: (فيأمر الدجال به فيشج، فيقول: خذوه وأشجوه) (1): كذا رويناه من طريق العذرى والشنتجالى، وغيرهم بالشين المعجمة بعدها باء بواحدة وحاء مهملة، ومعناه: مدوه.
زاد بعضهم: على بطنه.
والشيح: مد الشىء بين أوتاد ليجف، وشبحت الرجل: إذا مددته كالمصلوب، وشبح المضروب: مده.
رويناه عن السمرقندى وابن ماهان: "فيشجوه فيشج " بحذف الباء وبالجيم من الشج، وهو الجرح فى الرأس.
والا"ول أصح، ويدل عليه ما جاء بعده من ضربه.
وقوله: " فيؤمر به فيؤشر بالمنشار): كذا هو هنا (يؤشر لما بالواو " بالمئشار) بالهمز
وهو صحيح، ويقال بالنون منها أيضا.
وقد جاء بعد هذا / فى الحديث الاَخر بالنون من رواية السمرقندى.
والترقوة، بفتح التاء وضم القاف وتخفيف الواو وفتحها: العظم الذى بين ثغرة النجر
و العا تق.
(1) فى الحديث رقم (113) من هذا الكتاب: وشجوه.
122 / ب
492(8/491)
كتاب الفتن / باب فى الدجال وهو اهون على الله عز وجل
(22) باب فى الدجال وهو أهون على الله عز وجل
4 1 1 - (2939) حدقنا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ العَبْدِىُّ، حَا شَا إِبْرَاهيمُ بْنُ حُمَيْد الرُّؤَاسِىُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِى خَالد، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، عَنِ المُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ، قَألَ: مَأ سَالَ أَحَد النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الدًّ جَّالِ كثَرَ مِمَّا سَالتُ.
قَالَ: (وَمَأ يُنْصبُكً مِنْهُ ؟ إِنَّهُ لاَ يَضُرُّكَ لما.
قَألَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَهُمْ يَقُولُونَ: إِنَ مَعَهُ الطَّعَامَ وَالأنهَارَ.
قَألَ: " هُوَ أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ ذَلِكَ).
115 - (... ) حدثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا هُشَيْئم، عَنْ إِسْمَاعيلَ، عَن قَيسٍ،
عَنِ المُغِيرَة ثنِ شُعْبَةَ، قَألَ: مَأ سَالَ أَحَد النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الدَّجَّالِ اكْثَرَ مَمَّا سَالتُهُ.
قَالَ: (وَمَأ سُؤَالُكً ؟ لما.
قَألَ: قُلتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ: مَعَهُ جِبَال! مِنْ خُبْزٍ ولَخمٍ، وَنَهَر مِنْ مَأءٍ.
قَألَ: " هُوَ أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ ذَلِكَ).
وقوله: " وما ينصبك منه دا: أى ما يتعبك من أمره فيشغلك من خوفه.
قال ابن دريد: يقال: ائصبه المرض ونصبه وأنصبه أعلى.
قال: وهو تغير الحال من مرض أو تعب.
وقوله: فى هذا الحديث قلت: إنهم يقولون: إن معه الطعام والأنهار، قال: هو أهون على الله من ذلك، أى من أن يجعل ما يخلقه على يده مضلاً للمؤمنين ومشككا لقلوب الموقنين، بل ليزداد الذين اَمنوا إيمانا وليرتاب الذين فى قلوبهم مرض والكافرون، كما قال له الذى قتله ثم أحياه: (ما كنت قط فيك أشد بصيرة منى الاَن) لا أن قوله: داهو أهون على الله من ذلك) أى أنه ليس شىَ من ذلك معه، بل أن يجعل ذلك اَية على صدقه، فكيف وقد جعل الاَية على كذبه وكفره ظاهرة بقراءة (1) من لا يقرأ زيادة على شواهد كذبه من صدقه ونقصه.
قال القاصْى: ونزول عيسى المسيح وقتله الدجال حق صحيح عند أهل السنة ؛ لصحيح الآثار الواردة فى ذلك ؛ ولاءنه لم يرد ما يبطله ويضعفه، خلافا لبعض المعتزلة والجهمية، ومن رأى رأيهم من إنكار ذلك، وزعمهم أن قول الله تعالى عن محمد ( صلى الله عليه وسلم ): { خَاتَمَ النَّبِيِّينَ} (2)، وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا نبى بعدى) (3) د جماع المسلمين على ذلك وعلى أن شريعة
(1) فى ح: يقرؤها.
(2) 1 لأحزاب: (3) سبق فى كالفضائل، بفضائل على، حديث رقم (30).(8/492)
كتاب الفتن / باب فى الدجال وهو أهون على الله عز وجل 493 (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر، قَالا: حدثنا وَكِيع.
ح وَ حدثنا إِسّحَقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرو.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَد"ننَا سُفْيَانُ.
ح وَحَدتَّشَا ابُو بَكْرِ ابْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدتَّشَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَدَ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا أَبُو اسَامَةَ، كُلُّهُمْ جمَنْ إِسْمَاعيلَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَل!يثِ إِبْرَاهِيمَ بَنْ حُمَيْدٍ.
وَزَادَ فِى حَل!يثِ يَزِيدَ: فَقَالَ لِى: َ (أَىْ بُنَىَ لما.
الإسلام باقية غير منسوخة إلى يوم القيامة - يرد هذه الاَحاديث.
وليس كما زعموه ؛ فإنه لم يرد فى هذه الاَحاديث أنه يأتى بنسخ شريعة ولا تجديد أمر نبوة ورسالة، بل جاءت بأنه حكم مقسط، يجىء بما يجدد ما تغير من الإسلام، وبصلاح الأمور والعدل، وكسر الصليب، وقتل الخنزير، أن إمام المسلمين منهم كما قال - عليه السلام.
وأما قوله: (ويضع الجزية): فليس معناه: أنه يسقطها عمن تجب عليه بخلاف شريعتنا، بل قيل: يسلم الكافر فلا يبقى مَنْ يعطى جزية، وقد يقال: إنه يقهر جميع الكفرة حتى لا يبقى له معاند ولا مقاتل، إلا مَنْ أسلم أو ألقى بيده، او أعطى الجزية صاغرًا، ويكون وضع الجزية: أى يوظفها على كل من كفر ؛ لا أنّه يسقطها.
494(8/493)
كتاب الفتن / باب خروج الدجال ومكثه فى الاَرض...
إلخ
(23) باب فى خروج الدجال، ومكثه فى الأرض، ونزول عيسى
وقتله إياه، وذهاب أهل الخير والإيمان، وبقاَ شرار
الناس وعبادتهم ا لأوثان، والنفخ فى الصور
وبعث من فى القبور
116 - (2940) حديثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنِ مُعَاذالعَنْبَرِىُّ، حَد!شَأ أَبِى، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ غَاصِم بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُود الثَّقَفِىّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الَله بْنَ عَمْرٍو، وَجَاءَهُ رَجُل فَقَالَ: مَا هَذَا الحَديثُ الَّذً ى تُحَدِّثُ به ؟ تَقُولُ: إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: سُبْحَانَ الله ا اوْ لاً إِلَهَ إِلاًّا لله، اوْ كَلًمًةً نَحْوَهُما، لَقَدْ هَمَمْتُ ألا أُحَدِّثَ احَدا شَيْئًا أَبَدًا، إِنَّمَا قُلتُ: إٍ نكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَليل امْرًا عَظيمًا، يُحَرَّقُ البَيْتُ، وَيَكُون، وَيَكُونُ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَخْرُجُ الدًّ جَّالُ فِى امَّتِى فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ - لاَ ادْرِى: ارْبَعِينَ يَوْمًا، اوْ أَرْبَعينَ شَهْرًا، اوْ أَرْبَعينَ عَامًا - فَيَبْعَثُ الله عيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ.
ثَمَّ يَمكُثُ الئاسُ سَبع سِنِينَ، لَيسَ بَيْنَ ائنَيْنِ عَدَاوَة.
ثُمَّ يُرْسِلُ الله رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشئَأم، فَلاَ يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الا"رْضِ أحَد فِى قَلبه مثْقَالُ فَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أوْ إِيِمَان إِلاَّ قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخلَ فِى كَبَد جَبَلٍ لَدَخَلتْهُ عًلًيْه، حَتَّى تَقْبضَهُ).
قَالَ: ً سَمِعْتُهَا مِنْ رَسولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: (فَيبْقى شِرَارُ النَّاسِ فِى خِفًّةِ الطَّيْرِ وَأً حْلاَم السَباع، لاَ يَعْرِفُونَ مَعْرُوفا، وَلاَ
قوله فى حديث عبد الله بن عمرو: (يخرج الدجال فيمكث أربعين، لا أدرى اْربعين
يوما اْو شهرا اْو عامأ) قد تقدم فى الحديث قبله (1) بيانه (اْربعين يومًا)، ورفع شك عبد الله بن عمرو كذلك فى حديث الجساسة: " أربعين ليلة).
وقوله: " فى كبد جبل): فى وسطه وداخله.
وكبد كل شىء: وسطه.
وقوله: (ويبقى شرار الخلق فى خفة الطير وأحلام السباع): أى فى مسارعتهم وخفتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات كطيران الطير، وفى الإفساد والعدوان وظلم بعض لبعض فى خلق السباع العادية.
(1) حديث رقم (110) من هذا الكتاب.(8/494)
كتاب الفتن / باب فى خروج الدجال ومكثه فى الأرض...
إلخ 495 يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الثمثَيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلاَ تَسْتَجِيبُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأمُرُنَا ؟ فَيأمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الأوْثَانِ.
وَهُمْ فِى ذَلِكَ دَارٌ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشَهُمْ ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ أَصْغَى لِيتا وَرِفَع لِيتًا.
قَالَ: وَأَؤَلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبله.
قَالَ: فَيَصْعقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ الله - أَوْ قَالَ: يُنْزِلُ الله - مَطَرًا كَانَّهُ الَطًّلُّ أَوِ الظِّلُّ - نُعْمَانُ الشَّاذ - فَتَنْبُتُ منْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ اُخرَى فَإذَا هُمْ قيامٌ يَنْظرُونَ.
ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيهَا النَّاسُ، هًلُمَّ إِلَى رمّجُمْ{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} (1).
قَال: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النارِ.
فَيُقَالُ: مِنْ كَمْ ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلف تِسْعَمائَة وَتِسْعَةً وتِسْعِينَ.
قَالَ: فَذَاكَ يَوْمَ يَجْعَلُ الوِ!دَانَ شيبًا.
وَذَلِكَ{ يَومَ يُكشَفُ عَن سًاقٍ} (2) ة 117 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَل!ثنَا شُعْبَةُ،
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَعْقُوَب بْنَ عَاصِم بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُود قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلأ قَالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: إنَّكَ تَقُولُ: إنَ السَّاعَةَ تَقُومُ إلى كَذَ الوَكَذَا.
وقوله: دا إلا أصغى ليتا ورفع ليتا"، قال الإمام: يصغى ليتًا: يميل، يقال: صغا يَصْغَى، وصَغِى يَصْغَى، ويقال: صغاك معك (3) وصَغْوك معه أى ميلك.
قال القاصْى: فى هذا الحديث: (أصغى) وهو صحيح فى المعدى رباعى.
قال صاحب العين: أصغيت إليه سمعى: أى أملته وصغا يصغو، أو يصغى صغوا: إذا مال.
وحكى غيره: صغيت أيضا، وكذلك صغى إليه سمعى، وصغى / بالفتح والكسر.
وحكى الحربى (4): أصغيت إليه، لغة فى غير المعدى أيضا.
قال الإمام: والليت: صفحة العنق، وهو جانبه.
وقوله: " يلوط حوض إبله): أى يطيبه (ْ) ويصلحه.
أصل اللوط: اللصوق.
(والملتاط لا يورث) (6) أى اللاصق بالقوم فى النسب.
قال صاحب الاَفعال: لاط الحوض لَوْطَا ولَيْطَا: إذا أصلحه، والشىء بالشىء: ألصقه، وألاط الولد بأبيه نسبه إليه.
وقوله: (كأنه الطل أو الظل)، قال القاضى: الأشبه أن يكون الأصح من هذين اللفظين اللذين شكّ فيهما الراوى (الطل) بالطاء المهملة، وقد وصفه فى الحديث الاَخر (أنهّ كمنى الرجال).
(1) 1 لصا فات: 24.
(2) القلم 0 42.
(3) فى ح: معه - (4) انظر: غريب الحديث 2 / 851.
(5) فى خط.
ليطينه.
للا) أخرجه الخطابى فى مسنده عن على بن حسين.
انظر: غريب الحديث 3 / 13.
123 / ب
496(8/495)
كتاب الفتن / باب خروج الدجال ومكثه فى الأرض...
إلخ فَقَالَ: لَقَدْ هُمَمْتُ ألا أحَدَئكُمْ بِشَىْء.
إنَّمَا قُلتُ: إنَّكُمْ تَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيل أمْرًا عَظِيمًا.
فَكَانَ حَرِيقَ البَيْتِ - قَالَ شُعْبَةُ: هَذَا أوْ نَحْوَهُ - قَالَ عَبْد الله بْنُ عَمْرو: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَخْرُجُ الدَّخالُ فِى أمَّتِى لما وَسَاقَ الحَديثَ بِفِثْلِ حَدِيثِ معَاذ.
وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: (فَلا يَبْقَى أحَد فِى قَلبِهِ مِثْقَالُ فَرَّةِ مِنْ إيمَانٍ إَلا قَبَضَتْهُ).
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدثنِى شُعْبَةُ بِهَذَا الحَدِيثِ مَرَّاتٍ.
وَعَرَضْتُهُ عَلَيهِ.
118 - (2941) حدثنا أبُوبَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بشّرٍ، عَنْ أبِى حَيَّانَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، عَنْ عَبْد الله بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَفظتُ مِنْ رَسُولِ اَلله ( صلى الله عليه وسلم ) حَديثًا لَمْ أنْسَهُ بَعْدُ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اَلله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إنَّ أوَّلً الآياتِ خُرُوجًا طُلُوعُ الشَمْسَ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ عَلَى النَّاسِ ضُحًى، وَأيُّهُمَا مَا كَانَتْ قَبْلَ صَأحِبَتِها، فَالأخْرَى عَلَى إثْرِهَا قَرِيبًا).
(... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله بْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا ائى، حدثنا ائو حَيَّانَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، قَالَ: جَلَسَ إلَى مَرْوَانَ بْنَ الحَكَم بالمَدِينَة ثَلالَةُ نَفر مِنَ المُسْلِمِينَ، فَسَمِعُوهُ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنِ الآيات: ال أولَّها خُرُوجًا الدَّجًّالُ.
فًقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرو: لَمْ يَقُلْ مَرْوَانُ شَيْئًا، قَدْ حَفظتُ مِنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَديثًا لَمْ ائسَهُ بَعْدُ.
سَمعْت رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
فَذَكَر بِمِثْلِهِ.
(... ) وحدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجهَضَمِىُّ، حَدثنَا أبُو أحْمَدَ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ أبِى حَيَّانَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، قَالَ: تَذَاكَرُوا السَّاعَةَ عِنْد مَرْوَانَ.
فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرو: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمِثْلِ حَدِيثِهِما.
وَلَم يَذْكُرْ ضُخى.
وقوله: (فذلك{ يَوْمَ يُكْشَ! عَن سَاق} ) (1) معناه: ومعنى ما فى كتاب الله عزوجل
من ذلك - والله اعلم مراد نبيه[ من]ً (2) هذا الحديث - وأن المراد به: شدة الأمر وصعوبة الحال، كما يقال: كشفت الحرب عن ساقها.
قال الشاعر:
قد جددت بكم الحرب فجدوا وشمرت عن ساقها فشدوا
وأصله اْن المجد فى الأمر شمر ازاره، ويرفعه عن ساقه.
وهو هنا بين لأنه ذكر قبله
أن " يخرج بعث النار منِ كل ألف تسعمائة وثسعة وتسعون) (3).
قال: فذلك يوم يجعل الولدان شيبا، وذلك{ يوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاق}.
(1) القلم: 42 (2) ساقطة من ز، واثمبت من ح.
(3) فى ح: تسعين.(8/496)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة
(24) باب قصة الجساسة
497
119 - (2942) حدثنا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الوَارثِ، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْد الصَّمَدِ - وَاللَّفْظُ لعَبْدِ الوَارٍ ثِ بْنِ عَبْدِ الضًمَدِ - حَدثنَا أبِى عَنْ جَدِّى، عَنِ الحُسَيْنَ بْنِ ذَكْوَانَ، حَدءَّلنًا ابْنُ بُريْدَةَ، حَدثَّنِى عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِىُّ، شَعْبُ هَمْدَانَ، أَنَّهُ سَالَ فَأطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، أُخْتَ الضَّحَّاك بْنِ قَيْس - وَكَأنَتْ مِنَ المُهَأجِرَات ال الوَلِ - فَقَالَ: حَدِّثِينِى حَديئا سَمِعْتيه مِنْ رَسُولِ اَلله ( صلى الله عليه وسلم )، لاَ تُسْنديه إِلَى أحَد غَيْرِهَ.
فَقَالَتْ: لَئِنْ شِئْتَ لاع فْعَلَنًّ.
فَقَالً لًهَا: أَجَلْ، حَدِّثِينى.
فَقَالَت ! نَكَحْتُ اً بْنَ المُغيرَة - وَهْوَ مِنْ خيَارِ شَبَابِ قُرَيْشٍ يَوْمَئذٍ - فَالمحيبَ فِى اوًّلِ الجِهَاد مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَلَمَّا تَأَيَّمْتُ خًطَبَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فِى نَفَر مِنْ أصْحًابِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَخَطَبَنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى مَوْلاهُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْد، وَكُنْتُ قَدْ حُدِّ!لتُ: أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أَحَبَّنِى فَليُحِبَّ أُسَامَةَ) فَلَمَّا كلفَنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )
حديث الجساسة
وفى حديث فاطمة بنت قيس: (نكحت ابن المغيرة - وهو من خيار شباب قريش يومئذ - وأصيب فى أول الجهاد مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فلما تأيمت " وذكرت حديثها، قال القاضى أبو الوليد الكنانى: المشهور فى أمر فاطمة مع زوجها هذا أن تأيمها منه بطلاق بات لا بموت.
قال القاضى: ما قاله صحيح، وكذلك جاء بإثر هذا الحديث من الطريق الاَخر، وكذلك جاء فى كتاب الطلاق (1) وفى الموطأ (2) وسائر المصنفات (3).
ففهم أبو الوليد أن هذا مخالف له، ولعل قولها: (أصيب فى أول الجهاد مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دا إنما أرادت به عد فضائله وذكر مناقبه كما ابتدئت بالثناء عليه وهو قولها: "[ وهو] (4) من خيار شباب قريش)، ثم ذكرت خبر تأيمها منه.
دإذا كان هذا لم يكن فيه معارضة مع الأخبار الاَخر.
(1) بالمطلقة ثلاثا، الا"حاديث يلأ 3 - 54).
(2) كالطلاق، بما جاء فى نفقة المطلقة برقم (67).
(3) انظر.
البخارى، كالطلاق، بقصة فاطمة بنت قيس 7 / 74.
(4) ساقطة من ح.
1 / 124
لما 4(8/497)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة قُلتُ: أَمْوِى بِيَدكَ، فَا"نْكحْنِى مَنْ شئْتَ.
فَقَالَ: (انْتَقلِى إِلَى أُمِّ شَرِيك لا وأُمُّ شَرِيك امْوَأ! غَنيَّة مِنَ الَأنْصَارِ، َ عَظيَمةُ النَّفًقَةِ فِى سَبِيلِ الله، يَنْزِلُ عَلَيْهَا الضِّيًفَانُ.
فَقُلتُ، سَافْعَلَُ.
فَقَالَ: (لاَ تَفْعلِى، إِنَّ أُمَّ شَرِيك امْوَأَه! كَثِيرَةُ الضِّيفَانِ، فَإِنِّى كرَهُ انْ يَسْقُطَ عَنْك خمَارُك، أوْ يَنْكَشَفَ الَثَّوْبُ عَنْ سَاقًيْكِ، فَيَرَىَ القَوْمُ منْكِ بَعْضَ مَا تَكْرَهِينَ، وَلَكِنِ انتَقِلِى إِلَى ابْنِ عَمًك، عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لماَ وَهُوَ رَجُل منْ بَنِى فِهْرٍ، فِهْر قُرَيْش، وَهُوَ مِنَ البَطنِ الَّذى هِىَ منْهُ.
فَانْتَقَلتُ إِلَيْه.
فَلَمَّا انْقَضَتْ عِلًّطِى سَمِعْتُ نِدَاء المُنَادً ى - مُنَادِى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - يُنَادِى: الَصَّلاَةَ جَامعَةً.
فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، َ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَكُنْتُ فِى صَفِّ النِّسَاء الَّتِىَ تَلِى ظُهُورَ القَوْم.
فَلَمَّا قضَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) صَلاَتَهُ، جَلَسَ عَلَى المنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ.
فَقَالَ: " ليَلزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلاَّهُ).
ثُمَّ قَالَ: (أَتَدْرُونَ لِمَ جمَعْتُكُمْ ؟، قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ اعْلَمُ.
قَالَ: "إِنِّى، وَالله، مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَة وَلاَ لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لأنَّ تَمِيفا الدَّارِىَّ، كَانَ
وقد اختلف فى وقت وفاته، فقيل: مع على بن أبى طالب باليمن إثر طلاقها، ذكر ذلك أبو عمر (1)، وقيل: بل عاش إلى أيام عمر، وذكرت له معه قصة فى شأن خالد بن الوليد، ذكر ذلك البخارى فى التاريخ (2).
ولعل قولها: " أصيب مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أول الجهاد) بعين القتل إما بجرح أو بشىء الله أعلم بمراده به.
وقد مرّ فى الطلاق الاختلاف فى وقت طلاقه لها وصفته والكلام على ما اشتمل عليه حديثها مما اختص به هناك بحمد الله، ومما فى حديثها أيضا مما لم يتقدم الكلام عليه ويستدرك.
قوله عن أم شريك: (أنها من الأنصار دا قال أبو الوليد: إنما هى قرشية من بنى عامر بن
لؤى اسمها غزيَّة، وكُنيت بابنها شريك.
قال أبو عمر: يقال: اسمها غزيلة.
قال: وقد قيل: أم شريك الأنصَارية، وأنّ النبى تزوجها، ولا يصح لكثرة الاضطراب فى ذلك.
وقال غيرهما: الأشبه أنهما اثنتان.
وقد ذكر أبو عمر فى التمهيد فى هذا الحديث: اعتدى عند أم شريك الأنصارلة ابنة العكر فانظره.
ومما استدرك فيه قوله: (انتقلى إلى ابن عمك عبد الله بن عمرو بن أم مكتوم) وهو
/ رجل مما بنى فهر، فهر قريش، وهو من البطن الذى هى منه.
والمعروف خلاف هذا،
(1) انظر: الاستيعاب لابن عبد البر 1719 / 4 بترجمة رقم (3104).
(2) انظر: التاريخ الصغير 2 / 57.(8/498)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة 499 رَجُلاً نَصْرَانيّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدثَّنِى حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أحَدَثكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّاَل.
حَدثَّنِى أَنَّهُ رَكِبَ فِى سَفِينَة بَحْرِيَّة، مَعَ ثَلاَثِينَ رَجُلاً مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعبَ بِهِمُ المَوْجُ شَهْرًا فِى البَحْرِ، ثُمًَّ أَرْفَوُواً إِلَى جَزِيرَة فِى البَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشًّمْسِ، فَجَلَسُوا فِى أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقيَتْهُمْ دَابَّةو أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لاَ يَدْرُونَ مَأ قُبُلُهُ مِنْ دٌ برِه مِنْ كَثْرَة الشَّعَر.
فَقَالُوا: وَيْلًك، مَأ أَنْتِ ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ.
قَالُوا: وَمَأ الجًسَّاسةُ ؟ قًألَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُواَ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الدَّيْرِ،
وليس بابن عمها، بل هى من بنى محارب بن فهر، وهو ابن بنى عامر بن لؤى، ليسا من بطن واحد، وأما اسم ابن أم مكتوم واسم أبيه فالخلاف فيه كثير، ما ذكر هنا أحدها واْما انتقالها فى العدة فنسبه فى الحديث نفسه مبين مذكور قبل فى كتاب الطلاق (1).
وكذلك قولها: خطبنى فلان وخطبنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على أسامة، وقولها له ( صلى الله عليه وسلم ): أمرى بيدك.
وأمر النبى لها بالانتقال بعد العدة وهذه خطبة فيها صوابه: أن الخطبة كلها انما كانت بعد إحلالها، كما جاء فى كتاب الطلاق.
قيل: وفى الموطأ وغيره من قوَل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها: (فإذ أحللت فأذنينى) (2) فلما أحلت ذكرت الخبر، فجاء فى الكلام هنا تقديم وتأخيره.
قوله: (ثم اْرفؤوا إلى جزيرة "، قال الإمام: قال صاحب الاَفعال: أرفأت إلى الشىء: لجأت اليه، وأرفأت السفينة: قربتها إلى مرفأها حيث تصلح.
قال القاضى: قال صاحب العين: أرفاتُ السفينة: قربتها من الشط إلى الساحل.
قال غيره: مرفأ السفينة حيث ترسى، وهى الميناء.
وقوله: " فجلسوا فى أقرب السفينة)، قال الإمام: يريد القوارب الصغار التى تكون
مع السفينة لقضاء حوائجهم، والواحد قارب، ولكنه جاء هاهنا على غير قياس.
قال القاصْى: دهب الكنانى هاهنا إلى أنه إنما أراد بأقرب اخريات السفينة، وأدانيها وخواصرها، كانه ما قرب منه النزول منها أو كأنه من القرب الذى هو الخاصرة، وكأنه اْنكر أن يقال: الاَقرب للقارب، ويجتمع فاعلا على اْفعل، لاسيما ورواية ابن ماهان: " فى أخريات)، وفى بعضها: " فى اخر السفينة)، فساعدته هذه الرواية على التفسير.
واْما الجيانى وغيره فإنما حملوها على ما قاله الإمام.
القارب معروف، يقال بفتح الراء وكسرها.
قال الخليل فى كتابه: القارب سفينة صغيرة.
وذكره أبو عبيد فى مصنفه، 1 ويصححه أيضا] (3) أنّ ابن أبى شيبة رواه فى
(1) فى بالمطلقة ثلاثا، برقم (53).
(2) الموطأ، كالطلاق، بما جاء فى نفقة المطلقة رقم (67).
(س) فى هامش !.
124 / ب(8/499)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة...
إلخ فَإِنَّهُ إَلَى خَبَرِكُمْ بِالأشْوَاق.
قَالَ: لَمْا سَمَّتْ لَنَا رَجُلأ فَرِقْنَا مِنْهَا أنْ تَكُونَ شَيْطَانَة.
قَالَ فَانْطَلقْنَا سِرَاغا، حَتَّى دَخَالًنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فيه أَعْظَمُ إِنْسَان رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلظً، وَأشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَة! يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبتَيْهِ إِلَىَ كَعْبَيْه بالحًدِيد.
قُلنَا: وَيْلَكَ، مَا أنْتَ ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِى، فَأخْبرُونِى مَا أَنْتُمْ ؟ فًاَلُوا: نَحنُ أُنَاش مِنَ العَرَبِ، رَكِبْنَا فِى سَفِينَة بَحْرِيَّة، فَصَادَفْنَا البَحَرً حِينَ اغْتَلَمَ، فَلَعبَ بنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أرْفأنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ "هَذه، فَجلَسْنا فِى أقْرُبِهَا.
فَدَخَلنَا الجَزِيرًَ، فَلَقَيَتْنَا دَابَّة! أهْلَبُ كَثيرُ الشَّعَرِ، لاَ يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ !بُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَعَرِ.
فَقُلنَا: وَبْلَكِ، مَاَ أنْتِ ؟ فَفَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ.
قُلنَا: وَمَا الجَسَّاسَةُ ؟ قَالَتِ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِى الل!يْرِ، فَإنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالأشْوَاقِ.
فَا"قْبَلنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأمَنْ أَنْ تَكُونَ شًيْطَانَةً.
فَقَالَ:
مصنفه (1): " فقعدوا فى قوارب السفينة).
ثم الجلوس فى أدانى السفينة واْخرياتها لا تخرج إلى البر، وليس النزول من هناك فى البحر يسمى جلوسا ولا قعودًا، فيبعد تاْويل اْبى الوليد فيه.
وقد جاء بعد هذا فى الحديث الآخر: " أنَ السفينة انكسرت بهم، فخرج بعضهم على لوح من ألواح السفينة دا، وقد يجمع بين الحديثين، ويجعل هذه الألواح التى خرجوا عليها هى الاَقرب جمع قرب وهى الخاصرة، فتكون هذه الألواح ما وجد من جوانب السفينة وأواخرها التى هى لها كالخواصر، وربما سميت بها.
وقوله: الجَئاسة، بفتح الجيم وتشديد السين الأولى قيل: سميت بذلك لتجسسها ال الخبار للدجال.
وقد روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن هذه الدابة هى دابة الأرض التى تخرج اَخر الزمان تكلم الناس.
وقوله: (اْهلب كثير الشعر) وكذا جاء فى الحديث، وهو تفسير الأهلب.
قال الخليل: الهلب: ما غلظ من الشعر.
ورجل أهلب: إذا كان شعر ذراعيه غليظا.
وقوله: دل فإنه الى خبركم بالأشواق،: أى بحال شدة شوق.
وقوله: " فرقنا): أى فرغنا.
وقوله: (فصادفنا / البحر حين اغتلم)، قال الإمام: قال الكسائى: الاغتلام: أن يتجاوز الإنسان حد ما أمر به من الخير والمباح، ومنه قول عمر: " إذا اغتلمت عليكم هذه الأشربة فاكسروها بالماء) (2) معناه: إذا تجاوزت حدها الذى لا يسكر إلى حدها الذى يسكر.
(1) كالفق، حديث رقم (19482) المجلد الأخير.
(2) انظر: ابن أبى سْيبة فى مصنفه، كالأسْربة، بفى الرخصة للنبيذ وشربه حديث (3941).(8/500)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة اْه أَخْبِرُونى عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ.
قُلنَا: عَنْ أَىِّ شَأنهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ قَالَ: أَسْالُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُئْمرُ ؟ قُلنَا لَهُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَما إِنَّهُ يُوشكُ ألاَّ تُثْمِرَ.
قَالَ.
أَخْبِرُونِى عَنْ بُحَيْرة الطّبَرِيَّة.
تُلنًا: عَنْ أَىِّ شَأنِهَا تَسْتَخْبِرُ ؟ قَالَ: هًلْ فِيهَا مَاءٌ ؟ قَالُوا: هِىَ كَثيرَةُ المَاء قَالً: امَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشكُ أَنْ يَذْهَبَ.
قَالَ: أَخْبِرُونِى عَنْ عَيْنِ زُغَرَ.
قَالُوا: عًنْ أَىِّ شَأَنِهَا تَسْتَخْبرُ ؟ قَالَ: هَلْ فَى العَيْنِ مَاءٌ ؟ وَهَلْ يَزْرعُ أَهْلُهَا بِمَاء العَيْنِ ؟ قُلنَا لَهُ: نَعَمْ، هِىَ كَثيرَةُ المًاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائهَا.
قَالَ: أَخْبِرُونى عَنْ نًبِىِّ الأُمَيّينَ مَا فَعَل ؟ قَالُوا: قَد خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ.
قَالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ ؟َ قُلنَا: نَعَمْ.
قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بهمْ ؟ فَا"خْبَرنَاهُ أَنَهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَليه مِنَ العَرَب وَأَطَاعُوهُ.
قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلكَ ؟َ قُلنَا: نَعَمْ.
قَالَ ة أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُم أَنْ يُطيعُوهُ، وَإِنِّى مُخْبِرُكُمْ عنِّى.
إِنِّى أَنَا الَمَسِيحُ، وَإنِّى أُوشكُ أنْ يُؤْفَنَ لِى فِى الخُرُوجِ، فَأً خْرُجُ فَاشيرُ فِى الأرْضِ فَلاَ أَدعَ قَرْيَةً إِلاَّ هَبَطتُهَا فِى أَرْبَعِينَ لَيْلَ! غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحرَّمَتَاَن عَلَىَّ كْلتَاهُمَا، كُلَّمَا أرَدْتُ أَنْ أدْخُلَ وَاحدَةً، أوْ وَاحدًا منْهُمَا، اسْتَقْبَلَنِى مَلكٌ بيَده السَّيْفُ صَلتًا، يَصُدُّنِى عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقب مِنْهَا مَلاَئِكَةًَ يَحْرُسُونَهَا.
قَالَتْ: قًالً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِى المِنْبَرً -:
قال القاضى: ليس يستقيم هذا التأويل على مذهب الحجازيين والكافة ممن لا يجيز شرب مسكر النبيذ.
ولا يختلفون أنها إذا صار إلى أن يسكر أنّه حرام نجس، لا يحل شربه ولا معاناته.
وهل يعانى ليجعل خلا ؟ تقدم الخلاف والكلام فيه فى كتاب الاَشربة (1)، ! انما يتناول هذا أهل العراق ممن يرخص فيه ويتساهل فى مسكره.
ومعنى تأويل الحديث: إذا ابتدأت فيه الشدة وخشى تراميها إلى حد السكران ترك كذلك حينا، ومعلوم من مذهب عمر خلاف ما فسر.
وقوله: " بيسان) (2) بباء واحدة مفتوحة بعدها ياَ باثنتين أسفلها ساكنة.
و" عين زُغر" بضم الزاى وفتح الغين.
و(طيبة، بفتح الطاء، يقال أيضا: طابة، سمى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك المدينة من الطيب وهو الزكاء والطهارة.
وفى المصنف: الطيب والطاب أولا فيها، أو لحسن العيش بها وطيبه، وقيل: لطهارة أرضها.
وقوله: " بيده السيف صلتا)، قال الإمام: اْى مجردًا.
قال ابن السكيت: فيه لغتان (صلتا " بفتح الصاد، و(صلتا) بضمها.
(1) بالنهى عن الانتباذ فى المزفت والحنتم والنقير، برقم (65).
(2) قال البغدادى.
هى موضع معروف بأرض اليمامة.
انظر: مراصد الاطلاع 1 / 241.
2ْ ه(8/501)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة (هَنِهِ طَيْبَةُ، هَذه طَيبَةُ، هَنِهِ طَيْبَةُ) يَعْنِى المَدينَةَ (أَلاَ هَلْ كنتُ حَدَثتُكُمْ ذَلِكَ ؟ لما فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ.
"َ فَإِنَهُ أعْجَبنِى حَدِيثُ تَمِيبم أَنَّهُ وًا فَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَد ثكُمْ عَنْهُ وَعَنِ المَد!ينَة وَمَكَّةَ، أَلا إِنَّهُ فِى بَحْرِ الشَّام أوْ بَحْرِ اليَمَنِ.
لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ، مَأ هُوَ.
منْ قبَلَ المَشرِقِ، مَأ هُوَ.
منْ قبَلِ المَشْرِق، مَأ هُوَ) وَأوْمَاع بيَده إلَى المَشْرق.
قَالَتْ: فَحًفظَتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًًَ
120 - (... ) حدّثنايحيى بْنُ حَبِيب الحَارثى، حَا شَا خَالدُ بْنُ الحَارِث الهُجَيْمىُّ
أَبو عُثْمَانَ، حَدذَشَا قُرَّةُ، حَدثنَا سَيَّازأَبُو الحًكَم، َ حدثنا الشَّعْبِىُّ قَالَ: دَخَلنَا عًلَى فَاطِمَةَ بِنْت قَيْسٍ فَا"تْحَفَتْنَا بِرُطَب يُقَالَُ لهُ رطُبُ ابْنِ طَاب، وَأسْقَتْنَا سَوِيقَ سُلت فَسَألتُهَا عَنِ المُطًلَّقَة ثَلائا أَيْنَ تَعْتَدُّ ؟ً قَالَتْ: طَلَقَنِى بَعْلِى ثَلأثا، فَأذنَ لِىَ النَبِىُّ كله انْ أَعْتَدَّ فِى أَهْلِى.
قًالَتْ: فَنُودىَ فِى الئاسِ: إنَّ الصَّلاَةَ جَامعَة.
قَالَت: فَانْطَلَقْتُ فيمَنِ انْطَلَقَ مِنَ النَّاسِ.
قَالَتْ: فَكُنْتُ فى الصَّفًّ المُقَل! مِنَ النًّسَاء، وَهُوَ يَلِى المُؤَخًّرَ مِنَ الرِّجَالِ.
قَالَتْ: فَسَمعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ فَقَالَ: " إِنَّ بَنى عَمّ لتَمِيبم الدَّارىِّ رَكبُوا فِى البًحْرِ).
وَسَاقَ الحَدِيثَ.
وَزَادَ فِيه: قَالَتْ: فَكأنَّمَا أَنْظُرُ إِلَىَ الئبِىِّ عل وَأَهوَى بِمِخْصَرَتِهِ إِلَى الأرْضِ، وَقَالَ: (هَنِ! طًيْبَةُ) يَعْنِى المَديِنَة.
121 - (... ) وحدّثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النَّوْفَلِىُّ، قَالا: حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِير، حدثنا أَبِى.
قَالَ: سَمِعْتُ غَيْلاَنَ بْنَ جَرير يُحَدِّثُ عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ فَاطمَةَ بِنْتِ قَيْس، قَالَتْ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَمِيم الدًّا رِىُّ، فَا"خْبَرَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ): أً نَّهُ رَكبَ البَحْرَ، فَتَاهَتْ به سَفينَتُهُ، فَسَقَطَ إِلَى جَزِيرَة، فَخَرَجَ إلَيْهَا يَلتَمسُ المَاءَ، فَلَقى إِنْسَانا يًجُرُّ شَعرَهُ.
وَاقْتَصًّ الحًدِيثَ.
وَقَالَ فِيهِ: ثُمَّ فالَ: أمَأ إِنًّهُ لَوْ قَدْ افِنَ لِى فِى وقوله: دا لا، بل من قبل المشرق ما هو.
من قبل المشرق ما هو لما وأومأ بيده نحو المشرق، قال القاصْى: ليس (ما) هنا للنفى لأنه إنما يريد إثبات كونه من جهة المشرق، و(ما) هنا زائدة لصلة الكلام.
وقوله: " فتاهت به سفينته): اى سارت على غير اهتداء ولا طريق.
قال مسلم آخر حديث الجساسة: حدثنا أبو بكر بن إسحق، حدثنا يحيى بن بكير.
كذا لجميعهم.
ووقع عند العذرى: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، وهو وهم.
والصواب: ابن إسحق، وهو أبو بكر محمد بن إسحق الصنعانى.(8/502)
كتاب الفتن / باب قصة الجساسة
503
الخُرُوجِ، قَدْ وَطِئْتُ البَلاَدَ كُلَّهَا، غَيْرَ طَيْبَةَ.
فَانحْرَجهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى النَّاسِ فَحَدثَهُمْ قَالَ: " هَذِهِ طَيْبَةُ، وَذَاكَ الدَّجَّالُ دا.
122 - (... ) حدّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ، حَد"ننَا يَحْمىَ بْنُ بُكَيْرٍ، حدثنا المُغيرَةُ - يَعْنى الحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى الزَناد، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ فَاطمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ؛ أَنَّ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَعدَ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ: " أَيُّهًا النَّاس، حَدثَّنِى تَمِيمٌ الَدَّارِىُّ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ قَوْمِهِ كَانُوا فِى البَحْرِ، فِى سَفينَةٍ لَهُمْ، فَانْكَسَرَتْ بِهِمْ، فَرَكبَ بَعْضُهُمْ عَلَى لَوْحٍ مِنْ أَ!وَل! السَّفِينَةِ، فَخَرَجُوا إِلَىَ جَزِيرَةٍ فِى البَحْرِ لما وَسَاقَ الحَلِيثً.
123 - (2943) حدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدىُّ، حدثنا الوَليدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَا شِى
أَبُو عَمْرٍو - يَعْنِى الاع وْزَاعِىَّ - عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْد اَلله بْنِ أَبِى طَالَحَةَ، حَدثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِك قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَيْسَ مِنْ بَلَدٍ إِلَاَّ سَيَطَوُهُ الدَّجَّالُ، إِلاَّ مَكَّةَ وَالمَدِينَةَ.
وَلَيْسً نَقْبٌ مِنْ أَنْقَابِهَا إِلاَّ عَلَيْه المَلائكَةُ صَافِّينَ تَحْرُسُهَا، فَيَنْزِلُ بِالسّبَخَةِ، فَتَرْجُفُ المَدِينَةُ ثَلاَثَ رَجَفَاتٍ، يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْهَاَ كُلُّ كَافِرٍ وَمُنَافِقٍ ).
(... ) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ حَمَّاد بْنِ سَلَمَفَ
عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْد الله بْنِ أَبِى طَلحَةَ، عَنْ انَسٍ ؛ أَنَّ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
غَيْرَ أَنَّهُ قَاًت فَيَأتِى سَبَخةَ الجُرْفِ فَيَضْرِبُ روَاقَهُ.
وَقَالَ: فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ كُلُّ مُنَافِقٍ وَمُنَافِقَةٍ.
وقوله: " فيضرب رواقه " قال الحربى فى تفسيره: روق الإنسان: همه ونَفْسَه إذا ألقاه
على الشىء حرصا عليه.
قيل: ألقى عليه أرواقه: أى ئقله.
وقال ابن الاَنبارى: يقال ألقى عليه أرواقه أى ثقله.
وقال الهروى فى قوله: ضرب السلطان روقه: الروق والرواق هو ما بين يدى البيت.
قال الاَصمعى: رواق البيت سماوته، وهى الشقة التى دون العليا.
وقال غيره: هو بيت كالفسطاط.
وقوله: (ترجف المدينة ": أى يتحرك من فيها من الكفار والمنافقين بقدومه.
يقال: رجف الشىء: إذا تحرك، وأرجف القوم: خاضوا فى الفتنة كأنهم يحركون غيرهم لها، وهذا كما قال آخر الحديث: " فيخرج اليه كل كافر ومنافق " إذ حرّم الله عليه دخولها، وأهلها المؤمنون معصومون من ذلك لقوله: " لا يدخلها رعب الدجال "، وقيل: ان هذه الرجفات إنما هى من أهل المدينة على مَنْ بها من المنافقين والكفار حتى يخرجوا، فرقا من المؤمنين بها إلى الدجال.
504(8/503)
كتاب الفتن / باب فى بقية من أحاديث الدجال
(25) باب فى بقية من أحاديث الدجال
124 - (2944) حلّلنا مَنْصُورُ بْنُ أبى مُزَاحِبم، حَد*شَايحيى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الأوْزَاعِىِّ، عَنْ إسْحَقُ بْنِ عَبْد الله، عَنْ عَمِّهَ أنَسِ بْنِ مَالك ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يَتْبَعُ الدَّخالَ، مِنْ يَهُودِ اصبَهًانَ سَبْعُونَ ألفًا، عَلَيْهِمُ الطّيًالِسَةُ).
125 - (2945) حدّثنى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ الله، حَا شَا حَجَّاجُ بْنُ مَحَمَّد، قَالَ: قَالَ
ابْنُ جَرَيْجٍ ة حَدثَّنى أَبُو الزبيْرِ ؛ أَنَّهُ سَمِع جَابِرَ بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِىً أُمُّ شَرِيك ؛ أَنَّهَا سَمعْت النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لَيفِرَّنَّ النَّاسُ مِنَ الدَّجَّاَل فِى الجبَال).
قَالَتْ ائمُ شَرِيكً: يَا رَسُولً اللَم! فَايهْنَ العَرَبُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: (هُمْ قَلِيلٌ لما.
ًَ
(... ) وحدّثناه مُحمَّدُ بْنُ بَشَّار وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا أبُو عَاصمٍ، عَن ابْن جُرَيْجٍ، ئهَذَا الإِسْنَادِ.
ى
126 - (2946) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد*شَا أحْمَدُ بْنُ إِسْحَقَ الحَضْرَمِى، حدثنا عَبْدُ العَزيزِ - يَعْنِى ابْنَ المُخْتَارِ - حدثنا أئوبُ، عَنْ حُمَيْد بْنِ هلاَلٍ، عَنْ رَهْط - مِنْهُمْ أبُو اللَّ!مَاء وَأَبُو قَتَ الةَ - قَالُوا: كُنَّا نَمُرُّ عَلَى هشَ الوبْنِ عًامِر، نَا"تِى عمْرَانَ ابْنَ حُصَيْنٍ.
فَقَالَ ذَاتَ يَوبم: إنكُمْ لَتُجَاصِزُونِى إِلَى رجَال، مًا كَانوا با"حْضرَ لرَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) منَّى، وَلاَ أَعْلَمَ بحَديثه منِّىَ.
سَمعْتُ رَسُولَ اللَه عليه يَقُولُ: (مًا بَيْنَ خَلقِ آدَمً إِلَى قِيَامِ الَسَّاعَةِ خَلقٌ ثبَر مِنً الَدًّ جَّالِ).
127 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد*شَا عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَر الرئىُّ، حَدثنَا عُبَيْدُ الله بْنُ عَمْرو، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْد بْنِ هلاَل، عَنْ ثَلاَلَةِ رَهْط مِنْ قَوْمِه، فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، قَالُوا: "كُئا نَمُرُّ عَلَى هِشَام بْنِ عَامَرٍ إِلَىَ عِمرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ.
بًمِثْلِ حَدِيَثِ عَبْدِ
125 / أ
وقوله: " سبعون ألفا من يهود أصبهان دا: كذا لاءكثرهم.
وعند ابن ماهان: (تسعون ألفا).
وأما (أصبهان) فكذا سمعناه بفتح الهمزة، وحكاه البكرى بكسرها لا غير.
وقوله: (ما بين خلق اَدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال): تفسيره الحديث الذى بعده وفيه /: (أمر أكبر من الدجال) فهو كبر الشأن وعظم الفتنة، لاكبر الجسم، هذا الأظهر.
وقد يحتمل أنه يشير إلى عظم الجسم.(8/504)
كتاب الفتن / باب فى بقية من أحاديث الدجال 5ْ ه العَزِيزِ بْنِ مُخْتَارٍ.
غَيْرَ أَئهُ قَالَ: (امْر كبَرُ مِنَ الدَّخالِ)).
128 - (2947) حدّثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَد، شَا إسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبيهِ، عًنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (بَادرُوا بالا"عْمَال ستًا: طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، أوِ الدُّخَانَ، اوِ الدَّجَّالَ، أَوِ الدَّابَّةَ، أً وْ خَاصًّةَ أحَدَكُم، أَوْ أمْرَ العَامَّةِ).
129 - (... ) حّدثنا أُميَّةُ بْنُ بسْطَامَ العَيْشِىُّ، حَد"ننَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حدثنا شُجْبَةُ،
عَنْ قَتَادَة، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ زيَادَ بْنِ رِيَاح، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ادبَادرُوا با لا"عْمَال ستّا: الدَّجَّالَ، وَالَدُّخَانَ، وَدَابَّةَ الأرْضِ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ منْ مَغْرِبِهَا، وَأَمرَ العَاَمَّةِ، وَخُوَيصةَ أَحَدِكُمْ).
(... ) وحدّثناه زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قَالا: حدثنا عَبْدُ الصَّمَد بْنُ
عَبْدِ الوَارِثِ، حَد، شَا هَمَّامو عَنْ قَتَالحَةًَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وقوله: " بادروا بالاءعمال ستأَ: طلوع الشمس دا الحديث، وفى آخره: (أو خاصة اخدكم أو أمر العامة " كذا هى عندنا الستة كلهاب (أو).
وعلى التقسيم فى حديثيحيى ابن أيوب، وفى حديث ابن بسطام بواو العطف.
وقال: (خويصة أحدكم، تصغير خاصة، ومعنى ذلك: الموت، كذا فسره هشام الدستوائى.
و (أمر العامة ": القيامة، كذا فسره قتادة، ذكره عنهما عبد بن حميد.
وفى السند: أمية بن بسطام العيشى، بالعين مهملة وياء باثنتين تحتها والشين المعجمة، كذا وقع فى جمجع نسخ مسلم.
قيل: صوابه: العايشى منسوب إلى بنى عايش من تيم الله بن عكاة، ولكن أبا نصر الحافظ وعبد الغنى وحفاظ المحدثين لم يقولوا فيه إلا العيشى، كما فى الاسم، كما يقوله المحدثون.
وقد يحتمل أنه على مذهب من قال من العرب فى عائشة: عيشة.
قال أ ابن حمزة] (1): وهى لغة قد جاءت فى الكلام الفصيح.
وفيه: زياد بن رياح، كذا رويناه بكسر الراء وياء باثنتين، وكذا قاله غير واحد.
وهو الذى ذكر عبد الغنى وحده.
وقال ابن الجارود: يقال فيه: (رباح " بواحدة، وحكى البخارى (2) وغيره فيه الوجهين.
وذكر بعد هذا فى كتاب الزهد: يزيد بن رباح أبو فراس، مولى عبد الله بن عمرو بن العاص، هو بواحدة لم يختلف فيه.
(1) هكذا فى الا"صل، وفى النووى، أل البى، ح: على بن حمزة.
(2) التاربا لكبير 3 / 353.
506(8/505)
كتاب الفتن / باب فضل العبادة فى الهرج
(26) باب فضل العبادة فى الهرج (1)
130 - (2948) حدّثنا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ، أخْبَرَنَا حَمَادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ زِيَاد، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَةَ، عَنْ مَعْقِل بْنِ يَسَار ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَا شَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيًد، حَدّثنَا حَمَّادٌ، عَنِ المُعَلَّى بْنِ زِيَاد، رَدَّهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّة، رَدَّهُ إِلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسًارٍ، رَدَّهُ إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَألَ: (العِبَادَةُ فِى الهَرْجِ، كَهِجْرَة اِلَىَّ لما.
(... ) وَحَلّثنِيهِ أبُو كَامِل، حَدّثنَا حَمَّادٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
(1) سيأتى التعليق عليه فى الباب التالى.(8/506)
كتاب الفتن / باب قرب الساعة
507
(27) باب قرب الساعة
131 - (2949) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَددَّشَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ - يَعْنِى ابْنَ مَهْدِىٍّ - حَددَّشَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلىِّ بْنِ الا"قْمَرِ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (لاَ تَقْومُ السَّاَعَةُ إِلاَّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ).
132 - (2950) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَد*شَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعْبدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِبم، عَنْ أَبِى حَازِمِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَددَّشَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد - وَاللَّفْظ لَهُ - حَد*شَا يَعْقُوبُ عَنْ أَبِى حَازِم ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلاً يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يُشِيرُ بإِصْبَعِهِ الَّتِى تَلِى الإِبْهَامَ وَ الوُسْطَى، وَهُوَ يَقُولُ: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ هَكَذَا ".
133 - (2951) حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ
ابْنُ جَعْفَر، حَد، شَا شُعْبَةُ، قَألَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِلث قَألَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْن).
قَالَ شُعْبَةُ: وَسَمِعْتُ قَتَ الةَ يَقُولُ فِى قَصَصِه: كَفَضْلِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى.
فَلاَ أَدْرِى أَذَكَرَ عَنْ أَنَسٍ، أَوْ قَالَهُ قَتَادَة.
134 - (... ) وحدّثنايحيى بْنُ حَبِيمب الحَارِثِىُّ، حَد، شَا خَالِدث يَعْنِى ابْنَ الحارِثِ -
قوله: " بعثت أنا والساعة كهاتين " وذكر ائه أشار بالسبابة والوسطى، وفى الرواية الاَخرى: " وقرن)، وفى الأخرى: " وضم " يعنى لتقارب احداهما من الاَخرى، إما فى المجاورة، دإمّا فى قدر ما بينهما من قرب لحاق السبابة بالوسطى.
ويعضد هذا التأويل الاَخر قوله فى الرواية الاَخرى: " كفضل إحداهما على ال الخرى ".
وقد حاول بعض الناس ال نسبة ما بينهما كنسبة ما يذكر مما بقى من مدة الدنيا مما مضى
فى أخبار لا تصح، لكن أبا داود خرّج تأخير هذه الأمة بنصف يوم وفسَّره بخمسمائة سنة (1) فيأتى من حساب أيام الجمعة نصف سبع، وهو قريب مما بين الاَصبعين المذكورين.
(1) انظر: سنن أبى!اود، كالمالاحم، الحديث الاكاخير.
8ِ(8/507)
كتاب الفتن / باب قرب الساعة ص !، 5 ص، ص ص ص ه، ءءصّص،، صصأوصصصص!،، صصصصوصصصّ
حدثنا شعبة، قال: سمِعت قتادة وأبا التياحِ يحدثانِ: أنهما سمِعا أنسا يحدث: أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (بُعثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ هَكَذَا لما وَقَرَنَ شُعْبَةُ بَيْنَ إِصْبَعَيْه.
المُسبِّحَة وَ الوُسْطَى، يَحْكِيهِ.
(... ) وحدثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حدثنا أَبِى.
ح وَحَدذَشَا مُحَمَّد بْنُ الوَليده، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى التّيَاحِ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
بِهَذَا.
(... ) وحلّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حدثنا ابْنُ أَبى عَدىلم، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَمْزَةَ - صّءصّصَءًَصًَ
يعْنِى الضحى - وأبِى التياحِ عن أذمبى، عنِ النّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ ! دِيثِهِم.
135 - (... ) وحدثنا أَبُو غَسَّانَ المسْمَعِىُّ، حدثنا مُعْتَمِز، عَنْ أبِيه، عَنْ مَعْبَد،
عَنْ أَنَس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ لمَا.
قَالَ وَضَمَّ السّبَابَةَ وَائوُسْطَى.
136 - (2952) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا أَبُو اسَامَةَ،
عَنْ هشَابم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة، قَالَتْ: كَانَ الأعْرَابُ إِذَا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَة: مَتَى السَّاعَةُ ؟ فَنَظَرَ إِلَى أَحْدَثِ إِنْسَان مِنْهُمْ فَقَالَ: (إِنْ يَعِشْ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ، َ قَامَتْ عَلَيْكُمْ سَاعَتُكُمْ لما.
137 - (2953) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَد، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابت، عَنْ أَنَس ؛ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ): مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ ؟ وَعنْدَهُ غُلاَم مًالا"نْصَارِ، يُقَالُ لَهُ مُحَمَّد.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ يَعِشْ هَذَا الغُلاَمُ، فَعَسَى الأ يُدْرِكَهُ الهَرَمُ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ لما.
138 - (... ) وحدّثنى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعرِ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْب، حَد، شَا حَمَّادث يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - حدثنا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ العَنَزِىُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنًَّ رَجُلأ سَالَ النَبِىَّ
وحديث: " إن يعش هذا الغلام فعسى ألاّ يدركه الهرم حتى تقوم الساعة " يفسره الحديث الذى قبله: كانت الأعراب إذا قدموا على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يسألونه عن الساعة، متى الساعة ؟ فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال: (إن يعش هذا لم يدركه الهرم، قامت عليكم ساعتكم "، وهذا يدل أن المراد بساعتكم: ثثوتكم، ويكون هذا مثل الحديث الاخر:(8/508)
كتاب الفتن / باب قرب الساعة 509 ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: مَتَى تَقُومُ السَّاعُة ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) هُنَيْهَةً.
ثُمَّ نَظَرَ إِلَى غُلاَمٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ ازْدِ شَنُوءَةَ.
فَقَالَ: " إِنْ عُمِّرَ هَذَا، لَمْ يُدْرِكْهُ الهَرَمُ حَتَّى تَقُومَ ألسَّاعَةُ).
قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: ذَاكَ الغُلاَمُ مِنْ أَتْرَابِى يَوْمَئِذِ.
139 - (... ) حدّثنا هَرُونُ بْنُ عَبْد الله، حَدتمنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلمِ، حَدئمنَا هَمَّامٌ، حدثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ، قَالَ: مَر غُلاَمٌ لالمُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَكَانَ مِنْ اقْرَانِى.
فَقَالَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنْ يُؤَخَّرْ هَذَا، فَلَن يُدْرِكَهُ الهَرَمُ حَتَّىَ تَقُومَ السَّاعَةُ لا.
140 - (2954) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا سُفْيَان بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِى الزَناد،
عَنِ ال الرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بهِ النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ اللِّقْحَةَ، فَمَا يَصلُ الإنَاءُ إِلَى فِيهِ حَتَّىَ تَقُومَ.
وَالرَّجُلاَنِ يَتَبايَعَانِ الثَّوْبَ، فَمَا يَتَبَايَعَانِهِ حَتَّى تَقُومَ.
وَالرَّجُلُ يَلِطُ فِى حَوْضِهِ فَمَا يَصْدُرُ حَتَّى تَقُومَ).
"أرأيتكم ليلتكم هذه على رأس مائة عام، لا يبقى ممن هو على وجه الاَرض أحد لما (1).
وقوله: (العبادة فى الهرج كهجرة إلىّ " (2): أى دى احتدام الفتنة، واختلاط أمر الناس، فيحمل أنه فى اَخر الزمان الذى أنذر به فى الحديث بقوله: " ويكثر الهرج) (3)، ويحتمل أنه عموما فى كل وقت، وفضل الانعزال حينئذ لعبادة الله.
قوله: (يحلب لقحته ": أى ناقته التى يحلب.
وقوله: (يلط حوضه ": كذا عند الرواة، وكذا فى الموطأ (4) فى غير هذا الحديث.
وعند القاضى الشهيد: (يليط)، وللهوزنى: " يلوط "، أى يصلحه ويرمه ويبنيه، ويلصق به الطين لإصلاحه ؛ ولئلا ينشف ماؤه.
قال الخليل: اللط الإلزاق.
ويلوط: يصلحه ويطينه، وقد تقدم.
ويليط: يلزق به الطين.
لاط الشىء بالشىء: لصق.
وألطه أنا: ألزقته، والمعانى متقاربة.
وبهذا فسر شارحو الموطأ قوله: " انْ كنتَ تلط حوضها" (ْ)، أى ترمه وتصلحه.
وقيل: تبنيه وترفع جوانبه.
(1) لسق فى كفضائل الصحابة، بلا تأتى مائة سنة، برقم (217) -
(2) حديث رقم (ْ13) بالباب السابق.
(3) حديث رقم (18) من هذا الكتاب.
(4، 5) كصفة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) رقم (صهم).
510(8/509)
كتاب الفتن / باب ما بين النفختين
(28) باب ما بين النفختين
141 - (2955) حدثنا أبُو كُريْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَد، شَا أبُو مُعَاوبَةَ، عَنٍ الأعْمَشِ، عَنْ ابِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم ): َ (مَا بَيْن النَّفْخَتْينِ ارْبَعُونَ) قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَرْبَعُونَ يَوْمًا ؟ قَالَ: أَبَيْتُ.
قَالُوا: أرْبَعُونَ شَهْرًا ؟ قَالَ: ابَيْتُ.
قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً ؟ قَالَ: أَبَيْتُ.
(ثُمَ ينزِلُ الله منَ السَّمَاء مَاء، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ).
قَالَ: (وَلَيْسَ مِنَ الإنْسانِ شَىْءُ إلاَّ يَبْلَى إِلاَّ عَظمًا وَاحِدَا وَهُوَ عَجْبُ الذنبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلقُ يَوْمَ القِيًامَةِ لا.
142 - (... ) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد!رَشَا المُغيرَةُ - يَعْنِى الحزَامِىَّ - عَنْ أَبى الزَناد، عَنَ الأعْرَج، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ ؛ انَّ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كُلُّ ابْنِ آدَمَ يَاكلُهُ الثُّرَابُ إِلاَّ عَجْبَ الذنبِ، مِنْه خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَبُ).
143 - (... ) حلّلنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حَدثنَا عَبْدُ الرراق، حَدةنَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَام
ابْن منبَه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فَذَكر احاديث منهأ: وَقَالَ رسول الله (صلى الله عليه وسلم ): (إنّ فى الإنْسَان عَظمًا لاَ تَاكُلُهُ الأرْضُ أبدًا، فيه يركب يوم القِيَامَةِ) قَالوا: أَى عَظمٍ هُوَ يَا رَسولَ الله ؟ قال: (عجْب الذنبِ).
وقوله: " إلا عجب الذنب) قال الإمام: هو العظم الذى فى اسفل الصلب، وهو العسيب.
قال أبو مالك الأعرابى: هو رأس العصعص.
قال القاضى: يقال ت عجب وعجم.
ومعنى قوله: (منه خلق لما: قال الباجى: هو ما خلق من ابن اَدم، وهو الذى يبقى
منه ليعاد تركيب الخلق عليه.
قال: وقوله: " كل ابن ادم تثله الأرض)[ يريد: أنّ جميع الإنسان مما تأكله الأرض] (1)، دإنْ جاز ألاّ تأكل اجساما كثيرة كالاَنبياء وكثير من الشهداء، على ما روى فى الحديث (2).
وعجب الذنب لا تأكله من أحد من الناس، دن أكلت سائر جسدهم.
(1) سقط من ال الصل، واستدرك فى هامش ح.
(2) انظر: ابن ماجه، كالجنائز، برقم (636 1)، أحمد 4 / 8.(8/510)
كتاب الزهد والرقائق
511
بسم الله الرحمن الرحيم
53 -كتاب الزهد والرقائق
ا - (2956) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد"ننَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّراوَرْدىَّ - عَنِ العَلاءِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ.
قًالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤَمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ ".
2 - (2957) حدتنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَد، شَا سُلَيْمَأنُ - يَعْنِى ابْنَ بِلال - عَنْ جَعْفَرٍ، عْن أَبِيه، عَنْ جًابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخلًا مِنْ بَعْضِ العَاليَةِ، وَالنًّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بجَدْىٍ أسَكَّ ميِّت، فَتَنَاوً لَهُ فَأخَذَ بِ الذُنِهِ.
ثُمَّ قَالً: (ائكُمْ يُحبُّ أنًّ هَذاَ لَهُ بدرْهَم ؟ " فَقَالُوَا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنًا بِشَىء، وَمَا نَصْنَعُ به ؟ قَالَ: "أتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكَمْ ؟ لما قَالُوَا: وَاللهِ، لَوْ كَأنَ حَيا كَأنَ عَيْبًا فيه ؛ لأً نَّهُ أسَكُّ، فَكًيْفً وَهُوَ ميِّتٌ ؟ فَقَالَ: (فَوَاللهِ، لَلدُّنْيَا أهوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَنَا عَلَيكُم).
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنْزِىُّ يإبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَدِ بْنِ عَرْعَرَةَ السَّامِىُّ.
قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنيَان الثَّقَفِىَّ - عَنْ جَعْفَر، عَنْ أبيه، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَل!يثِ الثًّقَفِىِّ: فَلَوْ كَأنَ حَيا كَأنَ هَذَا الَسًّكَكُ بِهِ عَيْبًا.
3 - (2958) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَد، شَا هَمَامٌ، حَد، شَا قَتَ الةُ، عَنْ مُطَرِّف، عَنْ
قوله " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر دا: معناه: أنّ المؤمن مدة بقائه فيها، وعلمه
بما اُعد له فى الاَخرة من النعيم الدائم والبشر، أنه عند موته وعرضه عليه، فحبسه عنه فى الحياة الدنيا، وتكليفه ما ألزمه، ومنعه مما حرّم عليه من شهواته كالمسجون المحبوس عن لذاته ومحابه، حتى إذا فاء فارقها واستراح من نصبها وأنكاث!ا، خرج إلى ما أُعذ له واتسعت آماله، وقضى ما شاء من شهواته.
والكافر إنما له من ذلك مافى الدنيا على قلته وتكديره بالشوائب، وتنكيده بالعوائق، حتى إذا فارق ذلك صار إلى سجن الجحيم، وعذاب النار، وشقاء الاَبد.
قوله: " والناس كنفيه): أى ناحيته، ورواية الفارسى: " كنفتيه " بزيادة تاء.
وقوله: (بجدى أسك "، قال الإمام: يعنى صغير الأذنين.
512(8/511)
كتاب الزهد والرقائق
أبيه، قَالَ: أتَيْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يَقْرَأ: { أَلْهَاكئم التَّكَاثُرُ} (1).
قَالَ: (يَقُولُ اثنُ اَ!مَ: مَالِى.
مًاَلِى لما قَالَ: " وَهَلْ لَكَ يا ابْنَ اَدَمَ مِنْ مَالِكَ إلا مَا أكَلتَ فَأفْنَيْتَ، أوْ لَبِسْتَ فَأبْلَيْتَ، أوْ تَصَدَّقْتَ فَأمَضَيْتَ ؟).
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حَدّثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدّثنَا وَ!صًً بهر، ً ءًَ حمر، وريرءِيهر، َ، شعْبة.
وقالا جميعًا: حدثنا ابْن أبِى عدِى عن سعيد.
ح وحدثنا ابْن المثنى، حدثنا معاذ ابْنُ هشَابم، حَدثَنَا ائى، كُلُّهُمْ عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ مُطَرًّف، عَنْ ائيهِ، قَالَ: انْتَهَيتُ إلى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَدَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ هَمَّامٍ
4 - (2959) حدتمنى سُوَيْدُ بْنُ سَعيد، حَدثنِى حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنِ العَلاء، عَنْ
ائيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (يَقُولُ العَبْدُ: مَالِى، مَالِى.
إتمَاَ لَهُ مِنْ مًالهَ ثَلاثٌ: مَا كَلَ فأفْنَى، أوْ لَبِسَ فَأثلَى، أوْ اعطَى فاقتنَى، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فَاهِبٌ، وَتَاَرِكُهُ لِلنَّاسِ).
(... ) وَحَلّثنِيه أبُو بَكْرِ بْنُ إسْحَقَ، أخْبَرَنا ابْنُ أبِى مَرْيَمَ، أخْبَرَنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، أخْبَرَنِى العَلاءُ بْنُ عًثدِ الرخْمَنِ، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
قال القاصْى: أصل السكك: ضيق الصماخ.
قال الهروى (2): والاستكاك: الصم.
استكت أسماعهم: صموا.
وقال ثابت: السك: صغر الأذن مع لصوقها وقلة إشرا فها.
وقوله: " أو أعطى فاقتنى": كذا هو عند جماعتهم، وعند ابن ماهان: دل فأقنى "
وهو المعروف فى الحديث، ومعناه: أرضى.
ويقال: أعطاه قنية من المال يقتنى، لقوله تعالى: { أَنخى وَأَقْنَى} (3) وأما، اقتنى) فيكون بمعنى ادخر لآخرته.
قوله: (ما الفقر أخشى عليكم): وجه الكلام فيه النصب مفعول بأخشى.
قوله: (تنافسوها): اى تحاسدوا لها.
وقوله: " إذا فتحت عليكم فارس والروم، أى قوم أنتم ؟) (4) قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما اْمرنا الله.
قال بعضهم: لعله: (نكون كما اْمرنا الله).
(1) التكاثر ؟ ا.
(3) 1 لنجم: 48.
(2) انظر: غريب الحديث 4 / 160 (4) حديث رقم (7) بالباب.(8/512)
كتاب الزهد والرقائق
513
5 - (2960) حدثنا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ التَّميمِىُّ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، كلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْد الله بْنِ أبِى بَكْرٍ قَاً:: سَمِعْتُُأنَسَ
ابْنَ مَالك يَقُولُ.
قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " يَتْبَعُ الميًّتَ ثَلاثَة!، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحدٌ.
يَتْبَعُهُ أهلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ.
فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ، وَمَالُهُ، وَبَبْقَى عَمَلُهُ).
6 - (2961) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى بْنِ عَبْدِ الله - يَعْنِى ابْنَ حَرْمَلَةَ بْن عِمْرَانَ التُّجيبِىَّ - اخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيرِ ؛ أنَّ المِسْوً رَ بْنَ مَخْرَمَةَ أخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ - وَهُوَ حَلي!بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىً، وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ الله - أخْبَرَهُ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَ أبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّل! إلى البحرين، يَأتِى بجِزْيَتِهَا.
وَكَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) هُوَ صَالحَ أهْلَ البَحْرَيْنِ، وَأمَّرَ عَلَيْهِمُ العَلاََ بْنَ الحَضْرً مِىِّ.
فَقَدمَ أبُو عُبَيْدَةَ بِمَالَ منَ البَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتْ الأنْصَارُ بقُدُوم أبِى عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاةَ الفَجرِ مَعَ رَسُول اللهًِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) انْصَرَفصَ فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ حِينَ رآهُمْ.
ثُمَّ قَالَ: أظُنُّكُمْ سَمعْتُمْ أنَّ أبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَىَْ مَنَ البَحْرَيْنِ ؟) فَقًألُوا: أجَلْ، يَا رَسُولَ الله.
قَالَ: " فأَبْشِرُوا وَأمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ.
فًوَالله، مَا الفَقْرَ أخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّى أخْشَى عًلَيْكُمْ أنْ تُبْسَطَ الل!نْيَا عَلَيكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَىَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُم كَمَا أهْلَكَتْهُمْ).
(... ) حدثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، جَمِيعًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد، حَد - ننَا أبِى عَنْ صَالِح.
ح وَحَدثنَا عبْدُ اللهً بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَّارمِىّ، أخْبَرَنَا أبُو اليَمَانً، أخْبَرَنَا شُعَيْمب، كِلاهمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ.
بِإسْنًادِ يُونُسَ وَمِثْلِ حَدِيثِهِ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَلِيثِ صَالِحٍ: (وَتُلهِيكُمْ كَمَا ألهَتْهُمْ ".
7 - (2962) حدثنا عَمْرُو بْنُ سَوَّاد العَامِرىُّ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْروُ بْنُ الحَارِثِ، أنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَ الةَ حَد - نهُ، أنَّ يَزيدَ بْنَ رَبَاحٍ - هُوَ أبُو فِرَاسٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ - حَد"لهُ عَنْ عبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، عَنْ رَسولِ
وقوله فيه: (يتنافسون، ثم يتحاسدون ": أصل التناف!س: التسابق إلى الشىء أيهم يأخذه أولاَ وكأنه كئرت الرغبة فى الشىء، وهو اول أبواب التحاسد.
126 / أ
514(8/513)
كتاب الزهد والرقائق
اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَهُ قَالَ: (إذَا فُتِحَتْ عَلَيْكُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ، أىُّ قَوْبم ائتُمْ ؟ لما قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَن ابْنُ عَوْت: نَقُولُ كَمَا أمَرَنَا اللهُ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أوْ غَيْرُ ذَلكَ، تَتَنَافَسُونَ، ثُمَّ تَتَحَاسَدُونَ، ثُمَّ تَتَدَابَرُونَ، ثُمَّ تَتَباغَضُونَ، أوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
ثُم تَنْطًلِقُونَ فِى مَسَاكِينِ المُهَاجِريِنَ، فَتَجْعَلُونَ بَعْضهُمْ عَلَى رِقَابِ بَعْضٍ ".
8 - (2963) حدثنايحيى بْنُيحيى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد - قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدهَّشَا.
وَقَالَ يحيى: أخْبَرَثَا - المُغيرَةُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الحِزَامِىُّ عَنْ أبِى الزَناد، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (إذَا نَظَرَ أحَدُكُمْ إلى مَنْ فُضًّلَ عَلَيْهِ فِى المَالِ وَالخَلقِ، فَليَنْظُرْ إلَى مَنْ هُوَ أسْفًلَ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ ".
(... ) حدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد*شَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَد*شَا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّه،
عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؟ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ أبِى الزَنادِ.
سَوَاءً.
!، عو، 5 لم ص ه ص يرص ! ص ص محرءرو وص ص درء،
9 - (... ) وحدثنى زهير بن حرب، حدثنا جرير.
ح وحدتنا ابو كريبٍ، حدثنا ابو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد*شَا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - وَاللَفْظُ لَهُ - حَدرّرَشَا أبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيع، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أبِى صَالِح، عَنْ ائى هُرَيْرَةَ، قَاذ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (انْظُرُوا إلى مَنْ أسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلا تَنْظُرُوا إلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَهُوَ ا - !رُ ألا تَزْ!رُوا نِعْمَةَ اللهِ).
وقوله: " يتدابرون،: أى يتقاطعون.
ثم قال: دا يتباغضون لما فكأن المدابرة أدنى
من المباغضة.
وقد تكون المدابرة والإعراض مع بقاء مودة وتكون المباغضة بعد هذا.
وقوله: (ثم تنطلقون فى مساكين المهاجرين، [ فتجعلون بعضهم على رقاب بعض "، وعند السمرقندى: " فتحملون بعضهم دا، قال بعضهم: لعل صواب هذا الكلام: ثم تنطلقون ولا أدرى ما الذى حمل] (1).
هذا على تغيير الرواية بغير ضرورة، مع عدم توجيه الكلام مع ما قاله واستقلاله بالمراد، لا سيما مع فوله بعد هذا فيحملون، أو يجعلون بعضهم على رقاب بعض.
وأشبه أن يكون الكلام على وجهه، وأراد أن مساكين المهاجرين وضعفتهم ستفتح / عليهم اتذاك من الدنيا حتى يكونوا اْمراء بعضهم على رفاب بعض.
وقوله: (ألا تزدروا نعمة الله): أى تحتقرونها.
قول مسلم: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، وأنبأنا أبو كريب، حدثنا أبو
(1) سقط مط ز، والمثبت مط ح.(8/514)
كتاب الزهد والرقائق
قَالَ أبُو مُعَاوِيَةَ: (عَلَيكُمْ لما.
515
10 - (2964) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَد، شَا هَمَّائم، حَدثنَا إسْحَقُ بْنُ عَبْد الله بْنِ
أِبِى طَلحَةَ، حَدثَّنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِى عَمْرَةَ ؛ أنَّ ائا هُرَيْرَةَ حَد 8لهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ النًّبِىَّ (صلى الله عليه وسلم) يقُولُ: " إنَّ ثَلاثَةً فِى بَنِى إسْرَائِيلَ: أبْرَصَ، وَأقْرَعَ، وأعْمَى.
فأرَادَ اللهُ ال يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إلَيْهِمْ مَلَكًا.
فَأتَى الأبْرَصَ فَقَالَ: أىُّ شَىْء اخَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ: لَوْن! حَسَنٌ وَجلدٌ حَسَن وَيَذْهبُ عَنّى الَّذِى قَدْ قَنَرَنِى النَّاسُ.
قَاذَ: فَمَسَحَهُ فَنَ!بَ عَنْهُ قَذَرُهُ.
واكْطِىَ لَوْنا حَسنا وَجلدًا حَسنا.
قَالَ: فَأىُّ المَالِ اخَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ: الإبِلُ - او قَالَ البَقَرُ.
شَكَّ إسْحَقُ - إلا أَنَّ الأبْرَصَ أوِ الأقْرَعَ قَالَ أحَلُصمَا ة الإبِلُ.
وَقَالَ الآخَرُ: البَقَرُ - قَالَ: فأعْطِىَ نَاقَة عُشَرَاءَ.
فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا.
معاوية، وحدثنا ابن أبى شيبة، حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش حديث: (انظروا إلى من هو أسفل مخكم) روى هذا الحديث عن الاَعمش أبو معاوية ووير وجرير، فالأسانيد[ المتقدمة] (1) كلها راجعة إلى الاَعمش، كأنه قال: كلهم عن الأعمش.
ومثله الحديث الآخر: " إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه فى المال والخلق، فلينظر إلى مَن هو أسفل منه)، قال الطبرى: هذا حديث جامع للخير ؛ لاءن العبد إذا رأى من فوقه فى الخير طالت (2) نفسه باللحاق به، واستقصر حاله التى هو عليها، واجتهد فى الزيادة.
وإذا نظر فى دنياه إلى من[ هو] (3) دونه تبين نعم الله عليه، فألزم نفسه الشكر.
هذا معنى كلامط داذا لم يفعل ما حض عليه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان الأمر بالعكس فأعجب بعمله، وكسل عن الزيادة من الخير، ومد عينيه إلى الدنيا، وحرص على الازدياد منها وازدراء نعم الله عليه ولم يؤد حقها.
وقوله فى حديث أقرع وأبرص: (فأراد الله أن يبتليهم ": أى يختبرهم.
وفى رواية السمرقندى: (يبليهم) أى: يصيبهم ببلاء.
وأصل البلاء والابتلاء: الاختبار.
وقوله: (ناقة عشراء): أى مضى لها (4) عشرة أشهر.
ونوق عشار، وكانت اْنفس أموال العرب لقرب ولاثتها، ورجاء لبنها.
وقوله: " شاة والداً): أى وضعت ولدها، وقيل: العشار هى التى وضعت بعضها وبعضها بعد لم يضع.
وقال الداوى: هى التى معها أولادها، والأول المعروف.
(1) من خط -
(3) ساقطة من ح.
(2) فمات: طلب.
(4) فماخ!: لحملها.(8/515)
516
كتاب الزهد والرقالْق
قَالَ: فَأتَى الأقْرَعَ فَقَالَ: أىُّ شَىْء أحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ: شَعَر حَسَن وَيَنْ!بُ عنِّى هَنَا الَّذِى قَذرَنِى النَّاسُ.
قَالَ: فَمَسَحَهُ فَنمَهبَ عَنْهُ، وَأعْطِىَ شَعَرًا حَستئا.
قَالَ: فأىّ المَالِ أحَبُّ إلَيكَ ؟ قَالَ: البَقَرُ.
فَأعْطِىَ بَقَرَة حَامِلأ.
فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِيهَا.
قَالَ: فَأتَى الأعْمَى فَقَالَ: أىُّ شَىْء أحَبُّ الَيْكَ ؟ قَالَ: ابن يَرُد اللهُ إلَىَّ بَصَرِى فَأبْصِرَ بِه النَّاسَ.
قَالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللهُ إلًيه بَصَرَهُ.
قَالَ: فَأىُّ المَالِ أحَبُّ إلَيْكَ ؟ قَالَ: الغَنَمُ.
فأَعْطِىَ شَاةً وَالِدًا.
فَأنْتجَ هَذَانِ وَوَلَّدً دنَا.
قَالَ: فَكَانَ لِهَنَا وَاد مِنَ الإبِلِ، وَلِهَنَا وَادٍ مِنَ البَقَرِ، وَلِهَنَا وَادٍ مِنَ الغَنَم.
قَالَ: ثُمَّ إنَهُ أتَى الأبْرَصَ فِى صُورَتِه وَهَيْئَته فَقَالَ: رَجُل مسْكين.
قَدْ انْقَطَعَتْ بِىَ الحبال فِى سَفَرِى، فَلا بَلاغَ لِىَ اليَوْمَ إلاَ باللهِ ثُمَّ بِكَ.
أسْألُكً، َ بالَّذى أعْطَاكَ اللَّوْنَ الحًسَنَ وَالجِلدَ الحَسَنَ وَالمَالَ، بَعِيرًا أتَبَلَّغُ عَلَيْه فى سَفَرِى.
فَقَالَ: الَحُقُوقُ كَثِيرَة!.
فَقَالَ لَهُ: كأنِّى أعْرِفُكَ، ألَمْ تَكُنْ أبْرَصَ يَقْذِرُكَ الَنَّاَسُ ؟ فَقيرًا فأعْطَاكَ اللهُ ؟ فَقَالَ: إنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا المَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ.
فَقَالَ إنْ كُنْتَ كَافِبًا، فَصًيَّرَكَ اللهُ إلَى مَا كُنْتَ.
وقوله: (فأنتج هذان وولد هذا): كذا الرواية، رباعى بفتح التاء، والمعروف: "ننتج "، يقال ة نتجت أنا الناقة وأنا ناتج: إذا توليت نتاجها وولادتها، ونتج القوم: وضعت مواشيهم، وأنتج القوم: إذا كان عندهم إبل حوامل، وأنتجت الفرس: إذا حملت، وأنتجت أيضا: ولدت، ونتجت فهى منتوجة.
وحكى الا"خفش نتجتها وأنتجتها بمعنى.
وقوله: (ولد) بمعنى نتج، وكله أ بمعنى] (1) من تولى الولادة.
والناتج للإبل والمولد لغيرها كالقابلة للنساء.
وقوله: (انقطعت بى الحبال فى سفرى ": الحبال يكون هنا الطرق، والحبل: المستطيل من الرمل، وقد روى فى غير هذا الكتاب (الجبال) بالجيم، وهى رواية بعض رواة البخارى (2) وعند بعضهم الحبال كما هنا وقد تكون الحبال هنا: الأسباب التى (3) يتوصل بها إلى البلاغ والمرفق، والحبل: التواصل.
وقد رواه ابن الحذاء (الجبل دا جمع جبلة، ورواه أيضا بعضهم فى كتاب مسلم (الجبال " بالباء وهو من هذا.
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح والرسالة.
(2) انظر: فتح البارى.
قال الحافظ.
ولبعض رواة البخارى الجبال، وهو تصحيف 6 / 580 (3) فى ح: الذى.(8/516)
كتاب الزهد والرقائق 517
قَالَ: وَأتَى الأقْرَعَ فِى صُورَتِه فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا.
وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْل مَا رَدَّ علَى هَذَا.
فَقَالَ: إنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكً اللهُ إلَى مَا كُنْتَ.
قَالَ: وأَتَى الأعْمَى فِى صُوْرَتِه وَهَيْئَتِه فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وَابْنُ سَبِيلِ، انْقَطَعَتْ بِىَ الحِبالُ فى سَفَرِى، فَلا بَلاغَ لِىَ اليَومَ إلا بِاَلله ثُمَّ بِكَ.
أسْأَلُكً، بِالَّذِى رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أتَبَلًّغُ بِهَا فِى سَفَرِى.
فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعمَى فَرَدَّ اللهُ إلَىَّ بَصَرِى.
فَخُذْ مَا شِئتَ، وَدَعْ مَاشئتَ.
فَوَالله، لا أجْهَدُكَ اليَوْمَ شَيْئًا أخَن!تَهُ لله.
فَقَالَ: أمسِكْ مَالَكَ، فإنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِىَ عَنكَ، وَسُخِطَ عَلى صَاحِبَيْكَ.
11 - (2965) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْد العَظيم - واللَّفْظ لإسْحَقَ - قَالَ عَبَّاسٌ ت حَل!ثَنَا.
وَقَالَ إسْحَقُ: أخبَرَنَا - أبُو بَكْرِ الحَنَفَىُّ، حَد، شَا بُكَيْرُ بْنُ مسْمَار، حَدثنِى عَامِرُ بْنُ سَعْد، قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ أبِى وَقَّاصٍ فِى إبله، فَجَاءَهُ ابْنُهُ عَمَرُ.
فًلَمَّا رًاهُ سَعْدٌ قَالَ: أعُوذُ بِاللًهِ مِنْ شَرِّ هَذَا الرَّاكِبِ.
فَنَزَلَ.
فَقَالَ لًهُ: أنزَلتَ فِى إبلكَ وَغَنَمِكَ وَتَرَكْتَ النَّاس يَتَنَازَعُونَ المُلكَ بَيْنَهُمْ ؟ فَضَرَبَ سَعْدٌ فِى صَدْرِه فَقَالَ: اسْكُت.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ على يَقُولُ: " إنَّ الله يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِىَّ، الغَنِىَّ، الخَفَىَّ).
12 - (2966) حدّثنايحيى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثِىُّ، حَد - ننَا المُعْيمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ
وقوله: " لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله " كذا ل الكئرهم، وعند ابن ماهان: "احيدك " بالحاء المهملة والميم، وكذا رواه البخارى (1).
وقال بعضهم: صوابه: " لا أجدك " بالدال، اى أمخعك، وهذا تغيير للرواية الصحيحة النقل والمعنى.
فأما (أحمدك) فمعناه - فيما قيل -: لا أحمدك فى نزول شىء أو لبقائه ؛ لطيب نفسى بما تأخذه كما قال المرقشى: ليس على طول الحياة ندم.
أى ليس على فوت طول الحياة ندم، وأما على رواية: " أجهدك،، أى لا أبلغ منك جهداًا ومشقة فى مخعك شيئا أخذته لله.
قال صاحب الاَفعال: جهدته وأجهدته: بلغت مشقته.
وقد يكون هنا " أجهدك " أى أقلل لكم (2) فيما / تأخذه.
والجهد ما يعيش به المقل، كما قال تعالى: { وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهدَهُم} (3).
وقوله عليه السلام: " إن الله يحب العبد الخقى الغنى الخفى " بالحاء المهملة، ولغيره
(1) كأحاديثط الاَنبباء، بحديثط الا"برص والأعمى والا"قرع 4 / 8ْ2.
(2) فى خ.
لك.
(3) الوبة: 79.
126 / ب
518(8/517)
كتاب الزهد والرقائق
اسْمَاعِيلَ عَنْ لَيْسٍ، عَنْ سَعْد.
ح وَحَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حدثنا ائى وَابْنُ بِشْر، قَالا: حَدثنَا إسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمعْتُ سَعْدَ بْنَ أبِى وَقَّاصبى يَقُولُ: وَاللم! إنِّى"لأؤَلُ رَجُل مِنَ العَرَب رَمَى بسَهْمٍ فِى سَبيلِ اللَه، وَلَقَدْ كُنَّا نَغزُو مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، مَالَنا طَعَائم نَاكُلهُ إلا وَرَقُ اَلحبلَة، وَهَذا ال!متَمُرُ، حَتَّىَ إن اخَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَاَةُ، ثُمَّ أصْبَحَتْ بَنُو أسَدٍ تُعَزِّرُنِى عَلَىَ الدِّينِ.
لَقَدْ خَبْتُ، ادم، وَضَلَّ عَمَلِى.
وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ نُمَيْرٍ: إدا.
13 - (... ) وَحَدَّثنَاهُيحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا وَكِيع، عَنْ إِسْمَاعيلَ بْنِ أبِى خَالِد،
بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: حَتَّى إِنْ كَانَ أحَدُنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ العَنْزُ، مَا يَخْلِطُهُ بِشَىْءٍ.
بالخاء المعجمة، وهو دليل الحديث لاغترابه بالتبدى وانقطاعه عن الناس، وقد يكون " الحفى) بالحاء المهملة ت أى الوصول، لا سيما لقرانه بالغنى.
ولا فضيلة للغنى إلا مع بذل المال وصلة الأرحام، وأحد معانى الخفى: الوصول.
قال الصدفى: صوابه بالخاء المعجمة.
وقال بعده فى حديث يحيى بن حبيب الحارثى: حدثنا المعتمر، قال: سمعت إسماعيل، عن قيس عن سعد.
هذا هو الصحيح وكان عند بعض شيوخنا فيه: عن قيس ابن سعد وهو خطأ، وإنما هو قيس بن أبى حازم.
وكذا جاَ بعد فى السند الاَخر عن قيس، عن سعد وكذا أخرجه البخارى (1) وقال بعده: حدثنا يحيى بن حبيب أخبرنا وكيع.
كذا لابن الحذاء، وعند سائر شيوخنات حدثنا يحمى بن يحيى، حدثنا وكيع.
قوله: " ما لنا طعام ناْكله إلا ورق الحبلة، وهو السمر) كذا وقع عند عامة الرواة، وعند الطبرى وشيخنا التميمى: " وهذا السمر) ووقع فى البخارى (2): (إلا الحبلة وورق السمر،، وكذلك ذكره أبو عبيد (3).
والحُبْلة بضم الحاَ وسكون الباء.
قال الإمام: قال أبو عبيد: هما ضربان من الشجر.
وقال ابن الأعرابى: الحبلة:
ثمر السمر، شبيه اللوبيا.
وقال غيره: ثمر العضاة.
واما قوله: (تعزّرنى عن الدين "، قال القاصْى: قال الهروى (4): معناه: توقفنى والتعزير: التوقيف على الأحكام والفرائض.
وقال الطبرى: تعزرنى: أى تقومنى وتعلمنى، ومنه: تعزير السلطان، أى تقويمه بالتأديب وقال الحربى (ْ): التعزير بمعنى: العتب واللوم.
(1، 2) كالرقاق، بكيف كان عيش النبى طه وأصحابه 8 / 121.
(3، 4) انظرْ غريب الحديث 22 / 4
(5) انظر: غريب الحديث 4 / 167.(8/518)
كتاب الزهد والرقائق
519
4 1 - (2967) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُوخَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَة، حَدثنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلال، عَنْ خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ العَدَوِىِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، فَحَمَدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَاًلَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإنَّ اللُّنْيَا قَدْ اَفَنَتْ بصُرْمٍ، وَوَتَتْ حَذَّاََ، وَلَمْ يَبْقَ منْهَا إِلا صُبَابَةٌ كَصُبَابَة الإِنَاَِ، يَتَصَاَبُّهَا صَاحِبُها.
وَإِنَّكُم مُنْتَقلُونَ مِنْهَا إِلَى دَار لاَ زَوَالً لَهَا، فَانْتَقِلُوا بخْيَرِ مَاَ بِحَضْرَتِكُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أنَّ الحَجَرَيُلقَى مِنْ شَفَة جَهَنّمَ، فَيَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عًامًا لاَ يُدْرِكُ لَها قَعْراً.
وَوَاللهِ، لَثُمْلأَنَّ.
أَفَعَجبْتُم ؟ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَينَ مصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيع الجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعينَ سَنَةً، وَلَيَأتيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظيظٌ مِنَ الزِّحَام.
وَلَقَدْ رَأَيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَة مَعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، مًا لَنَا طَعَامٌ إِلا وَرَقُ اَلشَّجَرِ، حَتَّى قَرِحَتْ أَشَدَاقُنَا.
فَالتَقَطتُ بُرْ!ةً فَشَقَقَتُهَاَ بَيْنِى وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ مَالك، فَاتَزرْتُ بِنصْفِهَا، وَاتزَرَ سَعْدٌ بِنِصْفِهَا.
فَمَا أَصْبَحَ اليَوْمَ مِنَّا أَحَد إِلا أَصْبَحَ أَمِيرًا عًلَىً مِصْرٍ مِنَ الَأمْصَارِ، صإِنِّى
وقوله: (إن الدنيا اَذنت بصرم): أى أشعرت وأعملت بانقطاع.
وقوله: " وولت حذاء مدبرة لما.
قال الإمام: قال أبو عبجد: هى السريعة الخفيفة
التى انقطع آخرها، ومنه قيل للقطاة: حذاء لقصر ذنبها مع خفتها وحمار حذاَ أى: قصير الذنب.
وقوله هذا مثل ؛ لاءن القصير الذنب أو ما قطع ذنبه لم يبق وراءه شىء، فكأنه قال: إن الدنيا أدبرت منقطعة عنكم سريعة الانقطاع.
وقوله: " لم يبق منها إلا صبابة "، قال الإمام: قال أبو عبجد (1): الصبابة: البقية تبقى فى الإناَ من الشراب، وقد تصاببتها: إذا شربتها.
وقوله: (وهو كظيظ من الزحام ": أى ممتلى، يقال: كظه الشراب كظيظا: وفى حديث الحسن (2) حين ذكر الموت فقال: (كظ ليس كالكظ ": اى همّ يملأ الجوف ليس كسائر الهموم، لكنه أشد، يقال كظنى الأمر: إذا ملأنى وشغل قلبى.
وقوله: (حتى قرحت أشداقنا "، قال القاصْى: أى أصابتها جراح من خشونة ورق السمر.
والبردة ثوب، وهو كساء مخطط.
وقيل: هى الشملة، والنمرة أيضا، وجمعها برد، وقيل: كساء مربع أسود فيه صفر.
والعرب تسمى الكساء الذى يلتحف به بردة.
والبرد، بغير تاء: نوع من ثياب اليمن الموشية.
(1) انظر: غريب الحديث 4 / 167.
(2) لعله أراد الحسن البصرى، ولكن الإمام الحربى اسند الحديث إلى عمر بن عبد العزيز.
انظر: غريب الحديث 3 / !120 -
127 / لا
520(8/519)
كتاب الزهد والرقائق
أَعُوذُ بِأللهِ أَنْ أَكُونَ فِى نَفْسِى عَظيمأ وَعِنْدَ اللهِ صَغِيرأ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ نُبُوَّة! قَطُّ إِلا تَنَاسَخَ!ت، حَتَّى يَكُونَ اَخِرُ عَأقِبَتهَا مُ!أ، فَسَتخبُرُونَ وَتُجَربونَ الأمَرَاءَ بَعْلَنا.
(... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيط، حدثنا سُلَيمَانُ بْنُ المُغيرَةِ، حَدثنَا حُمَيدُ
ابْنُ هِلال، عَنْ خَالد بْنِ عُمَيْرٍ - وَقَدْ أدْرَكًَ الجَاهِلِيَّةَ - قَالَ: خَطَبً عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ، وَكَانَ أَمِيرًأ عَلَى البَصرً ةِ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ شَيْبَانَ.
15 - (... ) ود دّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِد،
عَنْ حُمَيْدِ ثنِ هِلالٍ، عَنْ خَالد بْنِ عُمَيْر قَالَ: سَمعْتُ عُتْبَةَ بْنَ غَزْوَانَ يَقُولُ: لَقَد رَأيْتُنًى سَابعَ سَبْعَةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ، مَا طَعَامنَا إِلا وَرَقَُ الحبلَةِ، حَتَّى قَرِحَتْ أشْداقُنَا.
16 - (2968) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدةنَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَاَلَ: قَالُوا: يَأ رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبّنَا يَوْمَ القيَامة ؟ قَالَ: (هَلْ تُضًارُّونَ فِى رُؤْيَة الشَّمْسِ فِى الظَّهِيرَةِ، لَيْسَتْ فِى سَحَابَة ؟ لما قَالُوا: لاَ.
قَالَ: " فَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤيَةِ القَمًرِ لَيْلَةَ البَدْر، لَيْسَ فِى سَحَابَ! ؟) قَالُوا " لا.
قَالَ: (فَوَالَّدى نَفْسى بِيَدِه، لاتُضَارُّصنَ فِى رُؤْيَة ربّمُمْ إِلا كَمَا تُضارُّور فِى رُؤْيَةِ أَحَدهمَا.
قَالَ: فَيَلقًى العَبدَ فَيَقُوَلُ: أَىْ فُلْ، أَلَمْ كْرِمكَ، وَاِّسَوِّدْكَ، وَأُزَوِّجْكَ، وأُسَخِّرْ لًكً الخَيْلَ وَا لإبِلَ، وَأذَركَ تَرْأَسُ وَتَرْبعُ ؟ فَيَقُولُ: بَلَى.
قَالَ: فَيَقُولُ: أفَظَنَنْتَ أنَّكَ مُلاقِىَّ ؟ فَيَقُولُ: لا.
فَيَقُولُ: فَإنِّى أنْسَاكَ كَمَا ثَسيتَنِى، ثُمَّ يَلقَى الثَّانِى فَيَقُولُ: اى فُلْ، ألَمْ كْرِمْكَ، وَأسَوَدْكَ، وَأَزَوّجْكَ، وَأُسَخِّر لَكَ الَخَيْلَ وَا لإبِلَ، وَادركَ تَرْاشُ وَتَرْبَعُ ؟ فَيَقُولُ: بَلَى.
أىْ رَبِّ.
فَيَقُولُ: أفَظَنَنْتَ أنَّكَ مُلاقِىَّ ؟ فَيَقُولُ: لا.
فَيَقُولُ: فَإنِّى ائسَاكَ كَمَا ثَسيتَنِى.
ثُمَّ يَلقَى
والكلام على حديث الرؤية تقدم فى كتاب الإيمان.
وقوله: " وأذرك ترأس وتربع ": / كذا رواية الجماعة (1) بالباء بواحدة، وعند ابن ماهان: (ترتع لما بالتاء باثنتين فوقها.
قيل: معنى (تربع): كما تاْخذ المرباع الذى كانت تأخذه الملوك.
ويظهر لى ال اوجه معانيه أن يكون معناه ت يتودع، ولا يحتاج إلى نجعة وطلب، من قولهم: أربع على نفسك، أى أرفق بها واثبت، وبه فسر قوله - عليه
(1) انظر: ال!رمذى، كصفة القيامة، بما جاء فى الرض (2428).
وقال: هذا حديث صحيح غريب.(8/520)
كتاب الزهد والرقائقما
521
الثَّالِثَ فَيَقُولُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.
فَيَقُولُ: يَارَبَ، آمَنْتُ بِكَ وَبكتَابِكَ وَبِرُسُلِكَ، وَصَلَيْتُ وَصُمْتُ وَتَصَدَ!تُ، ويُثْنِى بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ.
فَيَقُولُ: هَهُنَا إ 3 ا.
قَالَ: ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: الآنَ نَبْعَثُ شَاهدَثَا عَلَيْكَ.
وَيَتَفَكَّرُ فِى نَفْسه: مَنْ ذَا الَّذِى يَشْهَدُ عَلَىَّ؟ فَيُخْتَمُ عَلَى فيه.
وَيُقَالُ لِفَخِنِهِ وَلَحْمِهِ وَعِظَامِهِ: انطِقِى.
فًتَنْطِقُ فَخِذُهُ وَلَحْمُهُ وعظامه بِعَمَلِهِ.
وَفَلِكً لِيُعْنِر مِنْ نَفْسِهِ.
وَذَلِكَ المُنَافِقُ.
وَذَلِكَ الَّذِى يَسْخَطُ اللهُ عَلَيْهِ ".
ْ
17 - (2969) حدّثنا ائو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أبى النَّضْرِ، حَدثنِى أبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ القَاسِ!، حَدوّرَشَا عُبَيْدُ اللهِ الأشْجَعِى، عَنْ سُفْيَانَ الثًّوْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد المُكْتِبِ، عَنْ فُضَيْل، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فًضَحكَ فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَ أضْحَكُ ؟ لما قَالَ: َ قُلنًا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالً: (مِنْ مُخًاطَبَة العَبْدِ رَبَّهُ.
يَقُولُ: يَاربِّ، ألَمْ تُجِرْنِى مِنَ الظُّلم ؟ قَالَ: يَقُولُ: بَلَى.
قَالَ: فَيَقُولُ: فَإنِّى لَا اجيرُ عَلَى نَفْسِى إلا شَاهِدًا مِنِّى.
قَالَ: فَيَقُولُ: كَفى بِنَفْسِكَ اليَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدا، وَبِالكِرَام اَلكَاتِبِينَ
السلام -: (غيثا مربعأَ) (1).
وأما على الرواية الاَخرى فمعنى " ترتع " تتنعم.
وقد اختلف المفسرون فى معنى قوله تعالى: { يَرْتَع} (2) فقيل: يأكل، وقيل: يلهو، وقيل: يسعى ويبسط، وقيل.
يكون فى خصب وسعة.
قال الهروى (3): الرتع: الاتساع فى الخصب.
وهذه المعانى كلها ممكنة هنا فى الحديث.
وقوله: (أى فل ": منادى مرخم، أى فلان.
وقيل: " فل) لغة مثل: فلان.
وقوله: " أنساك كما نسيتنى لما مثل قوله تعالى: { نَ! وا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} (4) من مجانسة اللفظ، مجازاة على فعلهم، أى جازاهم على نسيانهم.
والنسيان هو: امتناع من فعل ما نُسى.
وهو من الله يمنعهم الرحمة والفضل الكبير.
وقوله فى الثالث المدعى فعل الخير: (هاهنا) معناه: فاثبت مكانك.
وقوله بعد هذا: (إذا) كذا عند الأسدى، وعند بعضهم عن ابن الحذاء: (إذنء)
(1) انظر: أبو!اود، كالصلاة، برفع اليدين فى الاستسقاء، برقم (1169).
(2) يوسف: 12.
(3) لم نجد هذه الماثة عند الهروى، ولكن وجدناها عند الحربى فى غريبه فى باب: " رتع، 1 / 212.
(4) التوبة 670.(8/521)
522 كتاب الزهدوالرقائق شُهُودًا.
قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فيه.
فَيُقَالُ لأرْكَانه.
انطِقِى.
قَالَ: فَتَنْطقُ بِأعْمَاله.
قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الكَلام.
قَاً: فَيَقُولُ: بُعْايم لًكُن وَسُحْفا.
فَعَنْكُن كَنتُ أنَاضَلُ).
18 - (1055) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا مُحَمَّدُ بْن فَضَيْلٍ، عَنْ أبيه، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاع، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبِى فرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): َ (اَللَّهُمَّ، اجْعَلْ رِزْقَ اَلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا).
19 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ وَعَمْزو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأبُو كُرَيْبٍ، قَالُوا: حَدثنَا وَكِيعِ، حدثنا الأعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاع، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " الفَهُمَ، اجْعَلْ رِزْقَ اَلِ مُحَمَّد قُوتا لما.
وَفِى رِوَايَةِ عَمْرو: (اللَّهُمَّ، ارْزُقْ).
(... ) وحدّثناه أبُو سَعِيد الأشَجُّ، حَد!شَا أبُو أسَامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ الأعْمَشَ، ذَكَرَ
عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاع، بِهَذَا الًإسْنَادِ.
وَقَالَ: " كَفَافًا لا.
20 - (2970) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب ! اسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - قَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ زُهَيْز حَدثنَا - جَرِير! عَنْ مَنْصُور، عَنْ !إبْرَاهيمَ، عَنِ ا لأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَأ شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِنْ طَعَام بُر، ثَلاثَ لَيَال تِبَاعًا، حَتى قُبِضَ.
والأول أصح وأشبه بالمعنى، أى إذا جئت بهذه الدعوة فقف مكانك، واثبت إذًا حتى تفتضح فى دعواك.
وسقطت هذه اللفظة جملة عند الصدفى.
وقوله: "[ فيقال] (1) لأركانه: (انطفى)، قال ا لإمام: أى نواحيه.
وركن الجبل وغيره: ناحيته، ويوضح الركن اْيضا موضع العشيرة والقوة، ومنه قوله تعالى: { أَوْآوِي إِلَئ ركْن لثَديِد} (2) أى إلى عز العشيرة.
قال القاصْى: المراد هنا با لأركان: الجوارح.
وقوله: (عنكن كنت أناضل ": أى أدافع وأجادل، يقال: فلان يناضل عن فلان: إدا تكلم عنه بعذر ودفع عنه.
وأصله من المناضلة، وهو الرمى بالسهام.
(1) من !.
(2) هود: 80.(8/522)
كتاب الزهد والرقائق
523
21 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ - قَالَ إسْحَقُ أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَد، شَا - ائو مُعَاويَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَد، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ثَلاثَةَ أيام تِبَاعًا، مِنْ خُبْزِ بُرٍّ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
22 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثَننَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى إسْحَقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنِ الأسْوَد، عَنْ عَائشَةَ ؟ ائهَا قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) منْ خُبْزِ شَعير، يَوْمَيْنِ مُتَتَابعَيْنِ، حَتًّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
!ًَ
23 - (... ) حدّثنا ائو بَكْرِبْنُ ائى شَيبَةَ، حدثنا وَكيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا شَبِعَ اَلُ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خُبْزِ بُرٍّ، فَوْقَ ثَلاثٍ.
24 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيبَةَ، حَد، شَا حَفصُ بْنُ غيَاث، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا شَبِعَ اكل مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خُبْز الًبُرِّ، ثَلاثًا، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ.
25 - (2971) حدّثنا أبو كُرَيْب، حَد*شَا وَكيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ هِلالِ بْنِ حُمَيْد،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا شَبِعً اس مُحَمَدِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمِيْنِ مِنْ خُبْز بُرِّ، إلا وَأحَل!فَا تَمْرٌ.
26 - (2972) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَد*شَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: وَيَحْىَ بْنُ يَمَان حَد"شَا، عَنْ هشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيه، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: إنْ كُئا، اَلَ مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم )، لَنَمْكُثُ شَهْرًا مًا نَسْتَوقِدُ بِنَار.
إنْ هَوَ إلَا التَّمْرُ وَالَمَاءُ.
قال الإمام: خرَّج مسلم فى حديث عائشة: " إنا كنا اَل محمد لنمكث شهرا ما نستوقد النار): حدثنا عمرو الناقد، حدثنا عبدة بن سليمان، وحدثنا يحيى بن يمان، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
هكذا إسناده عن الجلودى.
قال: وحدثنا يحيى بن يمان، حدثنا هشام، ومعناه: أن عبدة وابن يمان يرويان الحديث عن هشام بن
127 / ب
524(8/523)