|
المؤلف: عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: 544هـ)
المحقق: يحيى إسماعيل
الناشر: دار الوفاء المنصورة مصر
عدد الأجزاء: 8
[ملاحظات]: موافق للمطبوع
كتاب السلام / باب استحباب الرقية من العين...
إلخ 103 56 - (... ) وَحَدضَننَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أِبِى، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِد، عَنْ
عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالتْ: كَانَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَا"مُرُنِى أَنْ أَسْتَرْقِىَ مِنَ العًيْنِ.
57 - (2196) وَحَد، شًا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ،
عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فِى الرُّقَى، قَالَ: رُخصَ فِى الحُمَةِ وَالنَّمْلةِ وَالعَيْنِ.
58 - (... ) وَحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد*شَا يَحْيَى بْنُ اَدَمَ، عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدتنِى زُهيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَد، شَا حَسَن - وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ - كِلاهُمَا عَنْ عَاصًمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: رَخصَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى الرُّقْيَةِ مِنَ العَيْنِ، وَالحُمَةِ، وَالثمْلةِ.
وَفِى حَدِيثِ سُفْيَانَ: يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ الحَارِثِ.
59 - (2197) حَد، شِى أَبُو الرَّبِيع، سُليْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، حَدتمنِى مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ الزبيْدىُّ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْن الزبيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بنْتَ ائم سَلمَةَ، عن أم سلمة زَوْج الثبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لِجَارَيَةِ، فِى بَيْتِ ائمً سَلَمَةَ زَوجْ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَأَى بِوَجْهِهَا سَفْعَةَ فَقَالَ: (بِهَا نَظرَ!لا، فَاسْتَرْقُوا لهَالما يَعْنِى: بِوَجْهِهَأصُفْرَةَ.
على النلة شفى صاحبها (1)، ومنها قول الشاعر:
ولاعيب فيناغيرعرق لمعشر كرام وأنالانخط على النمل
قال القاضى: النملة هذا، وقد يكون - أيضا - قرحتها فى غير الجنب، والنملة - ايضا - النمجمة، وحكاها الهروى بالضم، والنملة بالكسر: المشية المتقاربة، حكاها الفراء (2).
وقوله: فى الجارية التى بوجهها سفعة[ فقال: (بها نظرة فاسترقوا لها) قال دى الحديث: يعنى بوجهها صفرة.
قال الحربى: به سفعة، وسفع من الشيطان: أى سواد فى وجهه، (3).
قال الهروى: رأى بها نظرة أى عينا أصابتها (4)، قال: وقيل: أى ضربة واحدة، يقال: سفعه: إذا لطمه.
قال غيره: يعنى اخذه من الشيطان، وفى كتاب الدلائل: النظرة كاللمم والمخ.
وأول النظرة: العيب.
قال أبو عبيد: ويقال ة رجل به
(1) انظر.
غريب ابن قتيبه 2 / 276.
(2) تهذيب اللغة 5 1 / 366.
(3) سقط أن ال الصل، وانظر: غريب الحديث للحربى 3 / 947.
(4) غريب الحديث للهروى 3 / 189.
104
(7/103)
كتاب السلام / باب استحباب الرقية من العن...
إلخ 60 - الما 21) حَدثنِى عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَبم العَمِّىُّ، حَا شَا ابُو عَاصِبم، عَنْ ابْنِ جُرَيْج،
قَالَ: وَاخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ ؛ انَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللهِ يَقُولُ: رَخَّصَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) لاَلِ حَزْأ فِى رُقْيَة الحَيَّة.
وَقَالَ لأسْمَاءَ بنْتِ عُمَيْسبى: (مَالِىَ أَرَى أَجْسَامَ بَنِى أخِى ضَارِعَةً، تُصِيبُهُم الحَاجَةَُ).
قًالتْ: لا، وَلكِنَ العَيْنُ تُسْرِعُ إِليْهِمْ.
قَالَ: (ارْقِيهِمْ لا.
قَالتْ: فَعَرَضْتُ عَليْهِ.
فَقَالَ: (ارْقِيهِمْ لما.
ص ص !، ص سَ، 5، ص ص عرص ه، 5، وء ص عره،، ص
61 - (2199) وحدثنِى محمد بن حاتِبم، حدثنا روح بن عبأدة، حدثنا ابن جريج، أخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: أَرْخَصَ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى رقية الحية لبنى عَمرو.
قال الزبير: وسمعت جابر بن عبد الله يقول: لدَغَتْ رَجُلأ مِئا عَقْرَب!، وَنَحْنُ جُلوسُ مَعَ رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ رَجُل: يَا رَسُولَ اللهِ، أرْقِى ؟ قَالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أخَاهُ فَليَفْعَلْ).
(... ) وَحَدثنِى سَعيدُ بْنُ يحيى الآمَوِى، حَدثنَا أَبِى، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْج، بِهَنَا الاِسْنَاد مِثْلهُ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ: فَقَالً رَجُل مِنَ القَؤم: ارْقِيهِ يَا رَسُولَ اللّهِ، وَلمْ يَقُلْ: ارْقِى.
62 - (... ) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شمبَةَ وَأبُو سَعِيد الأشَجُّ، قَالا: حَدثنَا وَكِيع، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِر، قَالَ: كَانَ لِىً خَال"يَرْقِى مِنَ العَقْرَبطِ، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الرقى.
قَالَ: فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِئكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّقَى، وَأنَا أرْقِى مِنَ العَقْرَبِ.
فَقَالَ: (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنكُمْ أنْ يَنْفَعَ أخَاهُ فَليَفْعَلْ).
ص ص صكل، نص، 5،، ص ص ص ص ص ص عص ص نص 5 ص ص ص 5 ص ه،
(... ) وحدثناه عثمان بن ايِى شيب!قال: حدثنا جرِير، عنِ الأعمشِ، بِهذا الإِسن ال مِثله.
نظرة، أى شحوب (1)، وقال الأصمعى: هى حمرة يعلوها سواد (2)، كذا ضبطناه هنا: (سفعة) بفتح السن، وفسره بما تقدم.
وبالفتح ضبطناه فى الهروى والدلائل وغيرهما على أبى الحسين، ورأيثه فى كتابى عن القاضى أبى على بالضم، وفى كتاب العين السفعة: سواد وشحوب فى الوجه (3).
(1) لم نعثر عليه فى غريب الحديث.
(2) انظر: المفهم 3 / ق 201.
(3) ا نظر: ا ثما رق 2 / 226.
(7/104)
كتاب السلام / باب استحباب الرقية من الين...
إلخ 105 63 - (... ) حدثنا ابُو كُرَيْب، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ ابِى سُفْيَأنَ،
عَنْ جَابِر، قَالَ: نَهَى رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ الرُّقَى.
فَجَاءَ اكل عَمْرِو بْنِ حَزْمِ إلى رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالوا: يَا رَسُولَ الله، إِنَهُ كَانَتْ عنْدَنَا رقيَةٌ نَرْقى بِهَا مِنَ العَقْرَب، وَإِنًّكَ نَهَيْتَ عَنِ الرُّتَى.
قَالَ: فَعَرَضُوهَاَ عَليْهِ.
فَقَالَ+ " مَا أَرَى بَا"سًا، مَنِ اسْتَطَاعَ مَنكُمْ انْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَليَنْفَعْهُ ".
وهذا الحديث مما تتبع الدارقطنى إخراجه على مسلم والبخارى لعلة فيه، ولرواية عقيل
عن الزهرى عن عروة مرسلاً، دإرسال مالك وغيره له من أصحاب يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار عن عروة.
قال الدارقطنى: وأسنده أبو معاوية فلا يصح، وقال: عبد الرحمن ابن إسحق عن الزهرى[ عن سعيد] (1) ولم يصنع شيئا (2).
وقوله: " مالى أرى أجساد بنى أخى ضارعة): يعنى بنى جعفر.
الضارع: الضاوى النحيف.
(1) سقط من الاَصل.
(2) الإلزامات 1 / 217.
(7/105)
كتاب السلام / باب لا بأسى بالرقى ما لم يكن فيه شرك
(22) باب لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك (1)
64 - (2200) حَدثَنِى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِح،
عَنْ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَألِك الًأشْجَعِىًّ، قَالَ: كُئا نَرْقِى فِى الجَاهِليَّةَ.
فَقُلنَا: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ تَرَى فِى فَلكَ ؟ فَقًالَ: (اعْرِضُوا عَلىَّ رُقَاكُمْ، لا بَأسَ بِالرّقَى مَأ لمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْذ).
(1) سجقت الإشارة إليه فى الباب قبل السابق.
(7/106)
كتاب السلام / باب جواز أخذ الأجرة على الرقية...
إلخ
(23) باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار
65 - (2201) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمىُّ، أَخْبَرَنَا هُشَيْم، عَنْ أَبِى بِشْرٍ، عَنْ
أَبِى المُتَوكِّلِ، عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىِّ ؛ انَّ نَاسًا مِنْ اصحَابِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَأنُوا فِى سَفْر، فَمَرُّوا بِحَيٍّ منْ أَحْيَاَ الَعَرًبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلمْ يُضِيفُوهُمْ.
فَقَالوا لهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاق ؟ فَإِنَّ سَيًّدَ الحَىَِّ لديع أَوْ مُصَأبٌ.
فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ: نَعَم.
فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الكتًاب فَبَرَأَ الرَّجُلُ، فَاَ!عْطىَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَا"بَى أنْ يَقْبَلهَا، وقَالَ: حَتَى أَذكُرَ ذَلِكَ للنًّبِىِّ عليه.
فَأَتَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ ذَلِكَ لهُ.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، وَاللّهِ، مَا رَقَيْتُ إِلا بِفَاتِحَة الكِتَابِ.
فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: (وَمَا ادْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ لا.
ثًُقَالَ: (خُذُوا مِنْهُمْ، وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمٍ مَعَكُمْ).
(... ) حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، كِلاهُمَا عَنْ غُنْدَرٍ، مُحَمَد بْنِ جَعْفَرٍ،
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ابِى بِشْرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ فِى الحَدِيثِ: فَجَعَلَ يَقْرَا أُمَّ القُران، وَجمَعُ بُزَاقَهُ، وَيَتْفُلُ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ.
وقوله فى الذى رقى اللديغ بفاتحة الكتاب فأعطى قطيعا من الغنم: (ما أدراك أنها رقية، خذوا منهم، واضربوا لى بسهم معكم): فيه جواز الرقية بأم القراَن لما فيها من الإخلاص والعبودية لله والبناء (1) عليه، وتفويض الاَمر إليه بالاستعانة به.
وفيه جواز أخذ الاَجرة على الرقية والطب وعلى تعليم القرآن، وهو قول مالك وأحمد والشافعى وأبى ثور د سحق، وجماعة من السلف وأهل العلم.
ومنعه أبو حنيفة وأصحابه فى تعليم القرآن، وأجازوه فى الرقية.
وفيه جواز المعارضة (2) على ترك المعروف دإن كان ضد ذلك أحسن لقوله: (استضفناكم فلم تضيفونا " (3) فمنعوهم صروفهم فى الرقية إلا بأجر مكافأة لهم.
وفيه لزوم الضيافة على ما كانت عليه أولا، وقد تقدم الكلام فى هذا.
وقوله: " اقسموا واضربوا لى بسهم): إنما قسموها بمراضاتهم إذا كانت الأجرة للراقى وحده وفيه جواز القسمة بالقرعة.
(1) فى ال الصل: النباَ.
(2) فى الأصل.
المقارضة، والمثبت من ح.
(3) انظر: البخارى، ك: الاجارة، ب: ما يعطى فى الرقية على أحياء العرب 3 / 121.
108
(7/107)
كتاب السلام / باب جوازأخذالاَجرة على الرقية...
إلخ 66 - (... ) وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا هشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنِ سيرِينَ، عَنْ أخِيه، مَعْبَد بْنِ سيرِينَ، عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىًّ، قَالَ: نَزَلنَا مَنْزِلأ، فَا"تَتْنَا امْرَأَة! فَقَالتْ: إِنَّ سَيدَ الحَىًّ سَلِيئَم، لدِغَ، فَهَلْ فِيكُمَْ مِنْ رَاق ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ منَّا، مَا كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَة، فَرَقَاهُ بِفَاتِحَة الكِتَابِ فَبَرَأ، فَا"عْطُوْهُ غَنَفا، وَسَقَوْنَا لبَن!.
َ فَقُلنَا: اك!التَ تُحْسنُ رُقْيَة ؟ فَقَالَ: مَا رَقَيْتُهُ إِلاَ بفَاتِحَة الكتَاب.
قَالَ: فَقُلتُ: لا تُحَركُوهَا حَتَّى نَا"تِىَ النَّىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَا"تَيْنَا النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَنَا فًلِكَ لهُ.
فَقًالَ+ (مَا كَانَ !لدْرِيه أَنَّهَا رُقْيَةٌ ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى بِسَهْمِ مَعَكُمْ لما.
(... ) وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَد، شَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٌ، حَدثنَا هِشَامٌ، بِهَنَا الإِسْنَاىِ نَحْوَهُ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ: فَقَامَ مَعَهَا رَجُل مِنَّا، مَا كُنَّا نَا""بخُهُ بِرُقْيَةِ.
وقوله: (وما يدريك أنها رقية]): دليل أن القراَن دان كان كله مرجو البركة، ففيه
ما يختص بالرقية دون جميعه.
قيل: وموضع الرقية فى أم الفرآن قوله: { وَإِئاكَ نَسْتَعِينُ} (1) ؛ لعموم التفويض إليه[ سبحانه] (2)، واللجأ والرغبة فى هذا وغيره.
وقوله: (إن سيد الحى سليم): أى لديغ.
السليم: هو الملدوغ.
قيل: سمى بذلك
على طريق التفاؤل بالسلامة، وقيل: لاَنه مستسلم لما به.
وقوله: (ما كنا نأبنُهُ برقية)، قال الإمام: أى ما كنا نتهمه بها.
[ (3) قال الهروى:
وفى حديث أبى الدرداء: (أنؤبن بما ليس فينا): أى نتهم.
يقال: أبنت الرجل آبنه، وآبنه: إذا رميته بخلة سوء، قال ابن الأنبارى: رجل مأبون: أى معيب، والأبنة فى كلام العرب: العيب، ومنه قولهم: عود مأبون: إذا كانت فيه أبنة وهى العقبة، يعاب بها وتفسده، قال الاَعشى:
سلاجم كالنخل ألبستها قضيب سراءقليل الابهن (4)
السلاجم: النصال العراض.
وقال غيره: يقال: أنبت الرجل خيرا أو شرا ة إذا قذفته به.
قال القاصْى: قد روينا هذا الحرف فى هذا الحديث من رواية الباجى: (ما كنا نظنه برقية)، وهى تفسير الرواية الأخرى، وذكر أيضا من رواية ابن أبى شيبة ة (ما كنا نظنه).
(1) الفاتحة: 4.
(3) بداية سقط فى الأصل.
(2) ساقطة من الأصل.
(4) ا نظر: ا للان، ما دة " سلجم)
(7/108)
كتاب السلام / باب استحباب وضع يده على موضع الاَلم مع الدعاء
(24) باب استحباب وضع يده على موضع الألم، مع الدعاء (1)
67 - (2 0 22) حَدثَنِى ابُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يحيى، قَالأ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِى نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطعَمٍ، عَنْ عُثْمَأنَ بْنِ أبِي العَاصِ الثَّقْفِىِّ ؛ أَنَهُ شَكَا إِلى رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَجَقأ، يَجِدُهُ فِى جَسَدِهِ منذُ اسْلمَ.
فَقَالَ لهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " ضَعْ يَدَكَ عَلى الذِى تَا"لمَ مِنْ جَسَدِكَ.
وَقُلْ: بِاسْم ال!هِ، ثَلاثأ.
وَقُلْ - سَبْعَ مَرَّات -: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا اجِدُ وَاحَافِرُ).
(1) ميأتى التعليق عليه ضمن أحاديث الباب التالى.
(7/109)
كتاب السلام / باب التعوذ من شيطان الوسوسة فى الصلاة
(25) باب المْعوذ من شيطان الوسوسة فى الصلاة
لملأ - (2203) حدثنا يَحْيَى بْنُ خَلف البَاهِلِى، حَدهَّلفَا عَبْدُ الأعْلى، عَنْ سَعيدٍ الجُرَيْرىِّ، عَنْ أَبِى العَلاَِ ؛ أنَّ عثمَانَ بْنَ أِبِى العَاصِ أتَى النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه، إِن الشًّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِى وَبَيْقَ صَلاتى وقِرَاءَتِى، يَلبسُهَا عَلىَّ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لهُ: خنْزَبٌ.
فَإِذَا أحسَسْتَهُ فَتَعَوَّذ بِاَللّهِ مِنْهُ، وَاتْفُلْ عَلى يَسَارِكَ ثَلَاثأ).
قَالَ: فَفَعَلتُ ذَلِكَ فَاك!بَهُ اللّهُ عنِّى.
(... ) حَدَّثْنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدئنَا سَالِمُ بْنُ نُوحِ.
ح وَحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدهَّشَا أبُو اسَامَةَ، كِلاهُمَا عَنْ الجُرَيْرِىِّ، عَنْ أبِى العَلاَِ، عَنْ عُثْمَان بْنِ أبِى العَاصِ ؛ أنَّهُ أَتَى النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وَلمْ يَذْكُرْ فِى حَلِيثِ سَالِ! بْنِ نُوحِ: ثَلا الا.
(... ) وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ، حَدهَّشَا عَبْدُ الرراقِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَعيدُ الجُرَيْرِىِّ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عثمَانَ بْنِ أبِى العَاصِ الثَّقَفِىِّ، قَالً: قُلتُ: بَا رَسُولَ اللهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.
وقوله: (ذاك شيطان يقال له: خنزب دا: ضبطناه بكسر الخاء (خنزب) على الصدفى، وعن غيره بفتحها (1)، وبالفتح قيدها الجيانى (2).
وذكر فى هذا الحديث: ! تعوذ بالله)، وفيه: (واتفل عن يسارك ثلاثا)، وفى الاَخرى: (قل: بسم الله ثلاثا) (وقل سبع مرات: أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) (3)، فيه اختصاص هذه الأمور بالوتر، وتخصيص الثلاث منها والسبع، وذلك كثير فى موارد الشرع، لا سيما تخصيص السبع بما هو فى باب الشفاء والمعافاة والنشر، ودفع السحر وأمر الشيطان والسم، كقوله: (صبوا علىّ من سبع قرب) (4)، و(من تصبح بسبع تمرات لم يضره سم) (5).
(1) أبو بحر الأسدى.
انظر: المشارق 1 / 170.
(2) انظر: المشارق 1 / 0 17.
(3) حديث رقم (67) بالباب السابق.
(4) أحمد فى مسنده 6 / 151.
(5) سبق فى مسلم، كال الشربة، بفضل تمر المدينة، رقم (154).
(7/110)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
111
(26) باب لكل داء دواء، واستحباب التداوى
69 - (2204) حدثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف وَأَبُو الطَّاهِرِ وَأحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالوا: حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرؤ - وَهُوَ ابْنُ الًحَارِث - عَنْ عَبْد ر.
له بْنِ سَعِيد، عَنْ أبى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ: ا لِكُلِ دَاء!وَاء، فَإِذَا اُصيبً دَوَاءُ الئًاءِ بَرَأَ بِإِفنِ اللّهِ - عَزّ وَجَلَّ لما.
قوله: ا لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى): قال: الدَّواء والذَواء بالفتح والكسر، والكسر لغة الكلابيين، وفى حديث اخر: (ان كان فى شىء من أدويتكم خير ففى شرطة محجم، أو شربة من عسل، أو لدغشة بنشار)، وقال: " ما أحب أن أكتوى)، وذكر فى حديث سعد بن معاذ: (أنه رمى فى أكحله فكواه - عليه السلام)، وفى آخر: (الحمى من فيح جهنم، فأطفئوها بالماء)، وذكر فى حديث آخر: فدخلت عليه بابن لى وقد أعلقت عليه من العذرة فتهال: (علامه) تدغرن أولادكن بهذا العلاق، عليكن بهذا العود الهندى، فإن فيه[ سبعة] (1) اشفية، منها ذات الجنب يسعط مَن العذرة ويلد من ذات الجنب) (2)، وفى بعض طرقه: قال يونس: أعلقت: غمزت، فهى تخاف أن تكون به عذرة، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (علامه تدغرن أولادكن بهذا ألاَعلاق ؟ عليكن بهذا العود الهندى - يعنى به: الكست - فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب) (3)، وذكر فى حديث اخر: (إن فى الحبة السوداء شفاءً من كل داء إلا السام) (4) والسام ت الموت، والحبة السوداء: الشونيز، وفى حديث اَخر عن عائثة - رضى الله عنها -: (إذأ مات الميت من أهلها وتفرق النساء إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من تلبينة ثم صنع ثريد فصبت التلبينة عليها ثم قالت: كلن منها فإنى سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (التلبينة مَجُمة لفؤاد المريض تذهب بعض الحزن) (ْ)، وذكر فى حديث اخر: قال رجل: يا رسول الله، إن أخى استطلق بطنه، فقال كلمة: (اسقه عسلأ)، فسقاه ثم جاءه، فقال: إنى سقيته فلم يزده إلا استطلافا، فقال له ثلاث مرات، ثم جاء الرابعة فقال: (اسقه عسلاً)، فقال: لقد سقيته فلم يزده إلا استطلاقًا، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): " صدق الله، وكذب بطن أخيك)، فسقاه فبَرَا (6).
(1) ساقطة من ح.
(3) حديث رقم (87) من هذا الكتاب.
(5) حديث رقم (90 لمن هذا الكتاب.
(2) حديث رقم (86 لمن هذا الكتاب.
(4) حديث رقم لثه) من هذا الكتاب.
يلا) حديث رقم (91) من هذا الكتاب.
112
(7/111)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
70 - (2205) حدثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوفِ وَأَبُو الطَّاهِرِ، قَالا: حدثنا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى عَمْزو ؛ أنَّ بُكَيْرا حَد 8لهُ ؛ أنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ بْنِ قَتَ الةَ حَدثهُ ؛ أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْد اَل!هِ عَادَ المُقَنَّعَ ثُمَّ قَالَ: لا أَبْرحُ حَتَّى تَحْتَجِمَ، فَإنِّى سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنًّ فيه شفَاء).
ًً
قال الإمام: ذكر ههنا هذه الفصول من الطب والعلاج، وقد وقع فى بعضها تشنيع
ممن فى قلبه مرض.
ومن ناشئة المتلاعبن من يلهج بذكر هذه الأحاديث استهزاء، ويقول: الأطباء مجمعون على أن العسل مسهل، فكيف يوصف لمن به الإسهال ما يسْهِل ؟.
ويقولون أيضأ: الأطباء مجمعون على أن استعمال المحموم الاغتسال بالماء البارد خطر وقرب من الهلاك لأنه يجمع المسام، ويحقن البخار المتحلل ويعكس الحرارة لداخل الجسم فيكون ذلك سببأَ للتلف وكذلك أيضًا يقولون: إن الأطباء ينكرون مداواة ذات الجنب بالقسط مع ما فيه من شدة الحرارة والحراقة، ويرون ذلك خطرًا ال
وهذا الذى قالوه جهالة، وهم فيها كما قال الله تعالى: { بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ} (1).
ونحن نبدأ بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الحديث الأول: ا لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ
بإذن الله): فهذا فيه تنبيه[ حسن] (2)[ بين] (3)، وذلك أنه قد علم أن الأطباء يقولون: إن المرض خروج الجسم عن المجرى الطبيعى، والمداواة رده إليه وحفظ الصحة بقاؤه عليه، فحفظها يكون باصلاح الاَغذية وغيرها، ورده يكون بالموافق من الأدوية المضادة للمرض.
وبقراط (4) يقول: الأشياء تداوى بأضدادها، ولكن قد تدق وتغمض حقيقة المرض وحقيقة طبع العقار والدواء المركب، فتقل الثقة بالمضادة التى هى الشفاء، ومن ههنا يقع الخطأ من الطبيب، فقد يفن العلة عن مادة حارة وتكون عن غير مادة أصلاً، أو عن مادة باردة اْو حارة دون الحرارة التى قدر فلا يكون الشفاء.
فكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) تلافى بآخر كلامه ما قد يعارض به أوله، بأن يقال: فإنك قلت: ا لكل
داء دواء) ونحن نجد كثيرأ من المرضى يداوون فلا يبروْون.
فنبه على أن ذلك لفقد العلم بحقيقة المداواة لا لفقد الدواء، وهذا تتميم حسن فى الحديث، وما قلناه واضح حتى نظمه الشعراء فقالوا:
والناس يلجون الطبيب ! إنما
غلط الطبيب إصابة المقدار
(1) يونى: 39.
(2) من ع.
(3) من خ.
(4) هو ابن إبراقيلس ولد فى جزيرة ألوس بآسيا الصغرى 460 ق.
م، ثوس الطب على والده، عاش 95 سنة انظر: قصة الحضارة 7 / 19.
(7/112)
كتاب السلام / باب لكل جاء دواء...
الخ
113
71 - (... ) حَدةَشِى نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمِىُّ، حَدثَّنِى أَبِى، حدثنا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ سُليْمَانَ، عَنْ عَاصمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: جَاءَنَأ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ فِى اهْلنَا، وَرَجُل يَشْتَكِى خُرَاجًا به او جِرَاحًا.
فَقَالَ: مَا تَشْتَكِى+ ؟ قَالَ: خُرَل! بِى قَدْ شَقَّ عَدىًّ.
فَقَالَ: يَأ غُلامُ، ائْتِنِى بحًجًّامِ.
فَقَالَ لهُ: مَا تَصْنَعُ بألحَجَّام يَأ أبَأ عَبْدِ اللّهِ ؟ قَالَ: ارِيدُ أنْ اعَلقَ فيه مِحْجَمًأ.
قَالً وَاللّهِ، إِن الذبأبَ ليُصِيبُنِى، أَوْ يُصيبُنِى الثوْبُ، فَيُؤْذينِى، وَيَشُقُّ عَلى.
فَلَمَاَ رَأَى تَبَرُّمَهُ منْ ذَلِكَ قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: َ (إِنْ كَانَ فِى شَىْء مِنْ أَدْويَتكُمْ خَيْر، فِفى شَرْطَةِ مَحْجَمِ، أوْ شَرْبَة مِنْ عًسَلِ، أَوْ لذْعَة بِنَارِ لا.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(وَمَا احِبُّ انْ كْتَوِىَ).
قَالَ: فَجَاءَ بِحًجَّامِ فَشَرَطَهُ، فَن!بً عَنْهُ مَا يَجِدُ.
72 - (2206) حَد، شَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد، شَا ليْث.
ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ، أَخْبَرَنَأ الليْثُ عَنْ أَبى الزّبيْرِ، عَنْ جَابِر ؛ أَنَّ امَّ سَلمَةَ اسْتَأذَنَتْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى الحِجَامَقِع فَا"مَرَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) أبَأ طَيْبَةَ أنْ يَحْجُمَهَا.
وأما الحديث الآخر وهو قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن كان فى شىء من ارديتكم خير ففى شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار ": فإن هذا من البديع عند من علم صناعة الطب، وذلك أن سائر الأمراض الامتلائية ؛ إما أن تكون دموية، أو صفراوية، أو سوداوية، أو بلغمية (1).
فإن كانت لموية فشفاؤها بإخراج الدم.
وإن كانت من الثلاثة أقسام الباقية فشفاؤها بالإسهال المسهل الذى يليق بكل خلق منها، فكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) نبه بالعسل عند المسهلات، وبالحجامة عن الفصد (2).
ووضع القلق وغيرهما مما فى معناهما.
وقد قال بعض الناس فإن الفصد قد يدخل فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (شرطة محجم)، فإذا أعينى الدواء فاَخر الطب الكى، فذكره ( صلى الله عليه وسلم ) فى الأدوية لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية، وحيث لا ينفع الدواء المشروب.
فيجب أن يتأمل ما فى كلامه ( صلى الله عليه وسلم ) من هذه الإشارات وتعقيبه بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (ما أحب أن أكتوى)، إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه، ولا يوجد الشفاء إلا فيه ؛ لما فيه من استعجال الاَلم الشديد فى دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكى.
(1) القانون فى الطب لابن سينا 13 / 1 - 17 -
(2) الفصد: أى الشق، يقال: فصد العرق: شقه.
المعجم الوسيط 2 / 0 69، القانون فى الطب 1 / 4 0 2.
192 / ءا
114
(7/113)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
قَالَ: حَسِبْتُ انَهُ قَالَ: كَانَ أَخَاهَا مِنَ الرممَاعَةِ، أوْ غُلامًا لمْ يَحْتَلِمْ.
73 - (07 22) حَد*شَا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ - قَالَ يَحْيَى - وَاللفْظُ لهُ -: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَان: حَدثنَا - أبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِلى ابَيِّ بْنِ كَعْب طَبيئا، فَقَطعً منْهُ عرْقًا، ثُمَّ كَوَا عَليْهِ.
ًَ
(... ) وَحدثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا جَرِير!.
ح وَحَدثَّنِى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، كلاهُمَا عَنْ الأعْمَشِ، بهَذَا الإسْنَاد.
وَلمْ يَذْكُرَا: فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا.
ً
74 - (... ) وَحَدثنِى بشْرُ بْنُ خَالِد، حَدثنَا مُحَمَّدث يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ - عَيق شُعْبَةَ.
قَالَ: سَمعْتُ سُليْمَانَ قَالَ.
سَمعْتُ ابَا سُفْيَانَ قَالَ: سَمعْتُ جَابرَ بْنَ عَبْد الله قَالَ: رمُىَ ابَىٌّ يَوْمَ الَأحْزَابِ عَلى كحَلِهِ، فًكَوَاهُ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًً
ثم نعود إلى الانفصال عما طعنت به الملحدة من المطاعن التى ذكرناها عنهم، فنقول:
قل ما يوجد فى علم الافتقار إلى التفصيل مثل ما يوجد فى صناعة الطب، حتى إن المريض يكون الشىء دواه فى هذه الساعة، ثم يعود داء فى الساعة التى تليها لعارض يعرض له من غضب بحمى مزاجه] (1) / فينتقل علاجه، أو هذا (2) يتغير بنقل علاجه، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة.
فإذا وجد الشفاء بشىء ما فى حالة ما فلا يطلب التشفى فى سالْر الاَحوال فى سائر الأشخاص به.
والأطباء مجمعون على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السن، والدين (3)، والعادة، والغذاء المتقدم، والتدبير المألوف وقوة الطباع.
فإذا أحطت بهذا علمأ فينبغى أن يُعلم أن الإسهال يعرض من ضروب كئيرة، لو كان كتابيا (4) هذا كتاب طب لذكرناها، ولكن منها الإسهال الحادث من التخمة والهيضاب (5).
(1) نهاية السقط من اللوحة.
وبدايتها: قال الهروى.
(2) فى خ هواء.
(3) فى خ: والزمن.
(4) فى خ: كانجا.
(5) فى الرسالة: الهيضاب.
والهيضة انطلاق البطن.
اللسان 7 / 249، وفى المعجم الوسيط: مرض أعراضه القىء الثديد والأسهال والهزال (الكوليرا) 2 / 1003.
(7/114)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
115
75 - (2208) حدثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدثنَا زُهَيْر، حدثنا ابُو الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.
ح وَحدثنا يحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.
قَالَ: رُمِىَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فِى كحَلِهِ.
قَالَ: فَحَسَ!هُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِيَدِهِ بِمِشْقَصٍ، ثُمَّ وَرِمَتْ فَحَسَمَهُ الثَّانِيَةَ.
76 - (1202) حَدثنِى أَحْمَدُ بْنُ سَعِيد بْنِ صَخْرٍ الدَّارمِىُّ، حدثنا حَبَّانُ بْنُ هِلال،
حَدثنَا وهُيْبُ، حدثنا عَبْدُ اللّه بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أً بِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبًّاسٍ ؛ أَنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) احْتَجَمَ، وَأعْطَى الحَجَّامَ أَجْرَهُ، وَاسْتَعًطَ.
77 - (577 1) وَحَد 8شَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ - قَالَ أَبُو بَكْر: حدثنا وَكِيع.
وَقَالَ أَبُو كُرَيْب - وَاللفْظُ لهُ - أخْبَرَنَا وَكِيع - عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِر الأنْصَارِىِّ، تَالَ: سَمِعتُ أَنَسَ بْنَ مَألِكٍ يَقُولُ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَكَأنَ لا يَظِلمُ احَدًااجْرَ.
78 - (2209) حَدثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ
ابْنُ سَعِيد - عَنْ عُبَيْد اللّه.
أخْبَرَنِى نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الحُمَّى مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ، فَابْرُلمحوهَا بِالمَاءَ لا.
والأطباء مجمعون فى مثل هذا على أن علاجه بأن يترك الطبيعة وفعلها، دإن احتاجت إلى معين على الإسهال اعينت، ما دامت القوة باقية، فأما جنسها (1) فضرر عندهم واستعجال مرض.
فإذا وضح هذا قلنا: يمكن أن يكون هذا الذى أصابه الإسهال إصابة من امتلاء وهيضة على حسب ما قلنا، فدواؤه تركه، والإسهال، أو تقويته فأمره ( صلى الله عليه وسلم ) بشرب العسل فزاد منه فزاده إلى ال فنيت المادة فوقف الإسهال، فيكون الخلط الذى كان بالرجل يوافق فيه شرب العسل، فإذا خرج ذلك على صناعة الطب فإنما يؤذن الاعتراض عليه بجهل المعترض هذا، ولسنا نستظهر على قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأن يصدقه ال الطباء بل لو كذبوه لكذبناهم، وكفرناهم وصدقناه ( صلى الله عليه وسلم ) حتى يوجدون المشاهدة بصحة ما قالوه فيفتقر حينئذ إلى تأويل كلامه ( صلى الله عليه وسلم )، وتخريجه على ما يصح إذ قامت الدلالة على أنه لا يكذب.
فجعلنا هذا الجواب وما بعده
(1) فى خط: حبها.
116
(7/115)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
(... ) وَحدثنا ابْنُ نُمَيْر، حدثنا أبِى وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْر.
حَ وَحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَثدُ اللّه بْنُ نُمَيْر ومُحَمَّدُ بْنُ بشْر، قَالا: حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (إِنَّ شِدَةَ الحُمًّى مِنْ فَيح جَهَثمَ، فَابْرُ!وهَا بِالمَاءِ لما.
79 - (... ) وَحَدثنِى هَرُونُ ثنُ سَعِيدٍ الأبْلِى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، حَدثَّنِى مَالِكٌ.
ح
وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا ابْنُ أَبى فُدَيْك، أَخْبَرَنَا الضَحَّاكُ - يَعْنِى ابْنَ عُثْمَانَ - كلاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنًّ رَسُولَ !اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الحُمَّى مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ، فَاعَطفِئوها بِالمَأءِ).
80 - (... ) حدثنا أحَمْدُ ثنُ عَبْدِ اللّه بْنِ الحَكَم، حدثنا مُحَمَّدُ ثنُ جَغفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ.
ح وَحَدئنِى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ - وَاللَفْظُ لهُ - حدثنا رَوح، حَدثنَا شُغبَةُ، عَنْ عُمَرَ ابْنِ مُحَمَد بْنِ زَيْد، عَنْ أبيه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الحُمَّى مِنْ فَيْح جَهَنَمَ، فَا"طَفِئوهَابِاً لمَأءِ لما.
ً
81 - (2210) حَدثنَا أَبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا ابْنُ نُمَيْر عَنْ
هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَن رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الحُمَى مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ، فَاثرُدُوهَا بِالمَاءِ".
عدة للحاجة إليه، إن اعتضدوا بشىء من المشاهدة، اْو ليظهر به جهل المعترض بالصناعة التى اعترض بها وانتسب إليها.
وكذلك القول فى استعمال الماء بالمحموم، فانهم قالوا عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ما لم يقل، وهو ( صلى الله عليه وسلم ) لم يقل أكثر من قوله: (أبردوها بالماء دا، ولم يبين الصفة والحالة.
فمن أين لهم أنه أراد الانغماس ؟ ا والأطباء يسلمون أن الحمى الصفراوية (1) يومر صاحبها بسقى الماء البارد الشديد البرد (2)، تعم (3) ويسقونه الئلج ويغسلون أطرافه بالماء البارد، فغير بعيد اْن يكون ( صلى الله عليه وسلم ) أراد هذا النوع من الحمى والغسل على مثل ما قالوه أو قريبا منه.
(1) الصفراَ مزاج من أمزجة البدن، وصفرة تعلو لون من شحوب ومرض، والحمى الصفراوية تسمى بالحمى المحرقة لأن ماديتها تعفنت ثاخل العروق بقرب القلب والكبد، وسميت بالمحرقة لشدة حرارته وكثرة عطشه.
ك!ئمات مصطلحات الفنون (2 / 332)، المعجم الوسيط 1 / 6 1 5.
(2) فى خ: التبرد.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/116)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
117
(... ) وَحَد، لنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ وَعَبْدَةُ بْنُ سُليْمَانَ، جَمِيفا عَنْ هِشَامِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلهُ.
82 - (2211) وَحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَاءَبْدَةُ بْنُ سُليْمَانَ، عَنْ هِشَامِ،
عَنْ فَاطمَةَ، عَنْ اسْمَاءَ ؛ أَئهَا كَانَتْ تُؤْتَى بِالمَرْاة المَوْعُوكَة، فَتَدْعُو بِالمَاءِ فَتَصُبُّهُ فِى جَيْبِهَا، وَتَقُولُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ابْرُ! وهَا بِالمَاءِ لما.
وَقَالً: (إِنَّهَا مِنْ فَيْح جَهَنَّمَ ".
وقد خرّج مسلم عن اسماء - رضى الله عنها - أنها كانت تؤتى بالمرأة المرغولة (1) فتدعو بالماء فتصيبه (2) فى جنبها (3)، وتقول: إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: " أبردوها بالماء).
فهذه أسماء شاهدت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وهى فى القرب منه على ما علم، فتأولت الحديث
على ما قلناه، ولا يبقى للملحد إلا أن يتقول الكذب ويعارض كذبه بنفسه، وهذا مما لا يلتفت إليه.
وأما إنكارهم التشفى من ذات الجنب بالقسط (4) فغير صحيح، وقد ذُكر عن بعض قدماء الأطباء أنه قال: فإن ذات الجنب إذا حدثت من البلغم كان القسط من علاجها.
وقد رأيت فى كلام دسقور بروش (ْ) أنه قال: اذا شرب نفع من أوجاع الصدر، وذكر جالينوس (6) أن ينفع من وجع الكزاز (7) ومن وجع الجنبين وذكر ابن سينا (8) فى كتابه أنه ينفع من وجع الصدر، وهذا خلاف ما حكى هؤلاء الملحدون من الأطباء، وقد ذكر بعض القدماء منهم قال: يستعمل بالجملة حيث يحتاج إلى إسخان عضو من الأعضاء وحيث يحتاج على أن يحدث الخلط من باطن البدن إلى ظاهره، وبهذا - أيضا - وصفه ابن سينا
(1) فى ح.
الموعوكة.
(2) فى! فصبه.
(3) فى ح: جيبها.
وجيب القميص: هو ما يدخل منه الرأس عند لبسه وينفتح على النحر.
مقاييس اللغة 497 / 1، المعجم الوسيط 149 / 1.
(4) القسط فيه ثلاثة أصنات: عربى وهندى وشامى، وأجوده العربى الأبيض، ثم الهندى، ثم الشامى.
وهو مر جئا، وتيل: هو العود الهندى.
القانون نى الطب 1 / 420.
(5) فى الرسالة دسقوريدس: ذكره ابن النديم فى الفهرست باسم دسقوريدس العين زربى، ويقال له: الاثح فى البلاد.
قال: ويحى النحوى يمدحه فى كتابه التاريخ، ويقول عنه: المقتبس لعلوم الأدوية المفردة من البرارى والجزائر والبحار المعدد لمنافعها قبل المألة عن أفاعلها.
الفهرست 7 / 31، وانظر القانون لابن سينا.
(6) جاليخوس: هو اخر عظماَ الأطباء من الإغريق، كان وجيهًا عد الملوك، كثير الوفادة عليهم، ولد سنة 130 م.
إلا أن ابن النديم قال: بينه وبين المسيح 57 سنة، عاسْ 80 سنة تقريبا.
الفهرست 7 / 348.
(7) الكزاز.
تثنج أو رعدة تصيب الإنسان من برد شديد، أو من خروج دم كثيرا، وأيضا مرض قتال يصيب للجروح إذا تلوثت جراحه بتراب الأرض المحتوى على باسبل التيتانوس.
المعجم الوسيط 2 / 786.
(8) انظر: ترجمته فى وفيات الأعيان 2 / 157، النجوم الزاهرة 5 / 25، سير أعلام النبلاء17 / 531.
191 / ب
118
(7/117)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ
(... ) وَحَلّثنَاهُ أَبُو كُرَيب، حَلثّنَا ابْنُ لمَيْر وَأَبُو اسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ.
وَفى حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ: صَبَّتِ المَاءَ بَينَهَا وَبَيْنَ جَيْبِهَا.
وَلمْ يَذْكُر فِى حَدِيثِ أَبِى اسًامَةَ: (انَّهَامِنْ فَيْح جَهَنَّمَ لا.
قال ابو أحمد: قال إِبراهِيم: حدثنا الحسن بْن بِشْر، حدثنا ابو اسامة، بِهَنَا الإِسْنَادِ
فى كتابه وغيره، وهذا يحقق ما قلناه، ويبين كذبهم على الأطباء.
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فيه سبعة أشفية).
فقال الزهرى: بَيَّن / اثنين ولم يبين اخمسة،
وقد رأيت الأطباء تطابقوا فى كتبهم على أنه يدر البول والطمث، وينفع من السموم، ويحرك شهوة الجماع، ويقتل الدود وحب القرع فى الأمعاء إذا شرب بعسل، ويذهب بالكلف إذا طلى عليه، وينفع من ضعف الكبد والمعدة وبردهما، ومن حمى الورد والدبغ.
قال بعضهم: ينفع من النافض لطوخًا بالزيت، وكذلك قال جالينوس: ينفع من البرد الكائن بالزور، غير أنهم يدهنون البدن قبل تهييج البرد، وكذلك يفعلون فى أصحاب عرق النساء ؛ يسخنون بعض أعضائهم، وقال بعضهم: يعمل منه لطوخ بالزيت لمن به نافض قبل أخذ الحمى، ولمن به فالج واسترخاء.
وهو صنفان: بحرى وهندى، والبحرى هو القسط الأبيض يأتون به من بلاد العرب، وزاد بعضهم فيه على هذين الصنفين، وبعضهم ينص على أن البحرى أفضل من الهندى وهو أقل حرارة منه.
قال إسحق بن عمران (1): هما حاران يابسان فى الدرجة اليابسة (2)، والهندى أشد
حرًا فى الجو الثالث من الحرارة.
وقال ابن سينا: القسط حار فى الثالثة يابس فى الثانية.
فأنت ترى هذه المنافع التى اتفق عليها الأطباء فقد صار ممدوحا شرعأ وطبًا.
وأما وصفه فى الحبة السوداء، فيحمل - أيضا - على الأعلال الباردة على حسب ما
قلناه فى القسط، وهو على قد يصف بحسب ما يثاهد من غالب أحوال[ أصحابه] (3) فى الزمن الذى يخاطبهم فيه، دإنما عددنا هذه المنافع فى القسط من كتب الأطباء لذكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منها عدداعلى الجملة لم نفصله.
وقول الزهرى: لم يبين لنا الخمسة[ فبينا، نحن منها ما يمكن أن يراد بالحديث.
قال القاصْى: قد ذكر الأطباء] (4) فى منفعة الحبة السوداء التى هى الشونيز[ منافع] (ْ)
(1) إسحق بن عمران: يلقب بسم ساعة، وهو من حكماء الإسلام، ممن سكن المغرب.
طبقات الأطباء والحكماء ص لا، عيون الأنبل! فى طبقات الأطباَ 36 / 2.
(2) فى ح: الثالثة.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) سقط من ز، والمثبت من ح.
(5) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(7/118)
كتاب السلام / باب لكل داء دواء...
إلخ 119 83 - (12 22) حَدثنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِىِّ، حَدثنَا أَبُو الاع حْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُو!،
لعلل كثيرة وخواص عجيبة ما يصدقه قوله ( صلى الله عليه وسلم ) فيه، فذكر جالينوس أنها تحل النفخ، وتقتل ديدان البطن إذا اكل أو وضع على البطن، وتشفى الزكام إذا قلى وصر فى خرقة واشتم، ويزيل العلة التى يتقشر منها الجلد ويقلع الثاَليل المتعلقة والمنكسة والخبلان، وتدر الطمس، المحتبس إذا كان احتباسه من أخلاط غديظة دزجة، وينفع الصدل! إذا طدى به الجبين، ويقلع البثور والجرب ويحلل الأورام البلغمية إذا تضمد به مع الخل، وينفع من الماء العارض فى العين إذا استسعط به مسحوقا بدهن الأريا (1)، وينفع من انصباب (2) النفس، ويتمضمض به من وجع الاَسنان، ويدر البول واللبن، وينفع من دهشة الرتيلاء، دإذا بُخَر به طرد الهوام.
قال غيره: خاصيته إذهاب حمى البلغم والسوداء، ويقتل حب القرع، واذا علق فى
عنق المزكوم نفعه، وينفع من حمى الربع.
قال بعضهم: ولا يبعد منفعة الحار[ من أدواء] (3) حارة بخواص فيها كوجودنا دلك فى أدوية كثيرة فيكون الشونيز منها العموم قوله - عليه السلام - ويكون أحيانا مفردا وأحيانا مركبا.
وفى جملة هذه الأحاديث ما حواه - عليه السلام - من علوم الدين والدنيا وصحة علم الطب.
وجواز التطبيب على الجملة وبالأمور التى ذكر فيها من وجوه العلاج والطب من الكى، وا لحجا مة، وشرب ا لأدولة، والسعوط، واللدود، وقطع ا لعرق، والرقى، والعوذ، والنشر.
ورد على من أنكر ذلك من غلاة الصوفية وإن كان كل شىء بقضاء وقدر، فقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (أنزل الدواء الذى أنزل الداء) (4) ففيه التفويض إلى الله - تعالى - وأنه فاعل ذلك كله، وأن الله - تعالى - قد قدر فى أزله أن مرض هذا سيكون ويتطبب فيه، هذا وإذ لم يتطبب لم يبرأ، ولكن لا بد له أن يتطبب، فهو من باب علمه لما لا يكون أو لو كان كيف كان يكون، وهو مثل الأمر بالدعاء / لباقى الاَمور، والاَمر بالتوقى من القتل والمعاطب والهلاك، مع أن الأجل لا يُزاد فيه ولا ينقص، والمقادير لا يسبق أوقاتها ولا يتأخر عنه، ولا بد ما هو كائن أن يكون وتفسر هذا الحديث الاَخر، وقد سُئل عن الرقى والأدوية والإبقاء (ْ)، هل يرد ذلك من قدر الله من شىء ؟ فقال: (فإنه من قدر الله) (6).
(1) انظر القانون فى الطب: 1 / 255، 3 / 3ْ4.
(2) فى!: انتصاب.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
(4) الموطأ، كالعين، بتعالج المريض 943 / 2.
(5) فى!: الاتقاء.
يلا) أحمد 3 / 421، الترمذى، كالطب، بما جاء فى الرقى والأدوية (2065)، ابن ماجة، كالطب، بما ائزل الله داء إلا اْنزل له شفاء (3437) وكلهم من حديث أبى خزامة.
192 / َ ا
120
(7/119)
كتاب السلام / باب لكل داءدواء...
الخ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ جَدَهِ رَافِع بْنِ خَلمِيج.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِن الحُمَى فَوْرٌ مِنْ جَهَئمَ، فَابْرُدُوهَا بِالمَاءِ).
ومعنى قوله: (أنزل الدواء الذى أنزل الداء): أى أعلمهم إياه وأذن لهم فيه، كما ابتلاهم بالداء وأحدثه فيهم، وقد يكون إنزاله[ أنزل الملائكة] (1) خلقه من الأرض وتيسيره بها كما جعل الداء فى الأجساد، وقد يكون إنزاله إنزال الملائكة من السماء الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض من داء ودواء - والله أعلم - ويعضد هذا قوله فى غير مسلم: " لم يضع داء إلا وضع له دواء) (2).
قال بعض أهل العلم بالطب: فى نصه - عليه السلام - فى الأدوية فى الحديث المتقدم على (شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار دا إشارة إلى جمع ضروب المعاناة القياسية الموهومة (3)، إذ ضروب المعاناة أربعة: ثلاثة منها مفهومة السبب، وذلك أن ما كان من العلل من ضعف الجسم أو قواه مما يعتريه من غلبة أحد الأخلاط عليه، فمعالجته بالثلاث التى ذكر فى الحديث من (شربة عسل، أو لذعة نار، أو شرطة محجم دا، فما كان من امتلاء أو فور خلط بها بالاستفرل! بالدواء والبطء والشرط[ والكى] (4)، وذلك لاَنه تخفيف رطوبة الموضع.
وما كان سببه من ضعف أحد القوى فيقابل بما يغذيها (5) وهو شربة عسل وما فى معناه من شرب ما يقوى تلك القوة من الأشربة والأدوية واللطوخ.
والمعاناة الرابعة مما يتعلق بالنفس والروح، وقد يؤدى ذلك إلى ضراعة الجسم وفتور الأعضاء واختلالها ؛ كالسحر، والعين، ونظرة الجن ومسه، فمعاناة هذا بالرقى، والكلام الطيب، والتعوذ، وأنلا من الخواص مغيبة السر لا تدرك بقياس.
وتفسيره فى الحديث الحبة السوداء بالشونيز هو الأشهر، والمراد فى هذا الحديث - والله اْعلم.
وذكر الحربى عن الحسن أنها الخردل، وحكاه الهروى عن غيره أنها الحبة الخضراء، قال: والعرب تسمى الأخضر أسود، والاءسود أخضر.
والحبة الخضراء ثمرة البطم (6) وهو شجر الضرو (7)، قال: وقال ابن الأعرابى هو الشينيز (8) كذا تقوله العرب.
(1) ضرب عليها بخط فى ز.
(2) أبو داود، كالطب، بفى الرجل يتداوى (3855)، ابن ماجة، كالطب، بما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء137 / 2 1 (63 4 3)، الترمذى، كالطب، بماجاء فى الدواء والحث عليه 4 / 335.
(3) فى!: المفهومة.
(4) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(5) فى ح: يقويها.
يلا) البطم: هو شجر الحبة الخضراء، واحدتها بطمة، ويقال بالتشديد.
وأهل اليمن يسمونها الضرو.
(7) الفحرو والفخَرو: شجر طيب الريح يستاك به، ويجعل ورقه فى العطر.
لا) بكسر الشن غير مهموز، هذه الحبة السوداء.
والكلمة اْصلها فارسى قال: والفرس يسمونه: الئونيز.
وقد عزاه صاحب اللسان لأبى حنيفة الدينورى.
انظر: اللسان، مادة (ئنز).
(7/120)
كتاب السلام / باب لكل داءدواء...
إلخ 121 84 - (... ) حَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم وَابُو بَكْرِ
ابْنُ نَافِعٍ، قَالوا: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمنِ بْنُ مَهْدِىِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِيِهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ قال الإمام (1): ورأيت غيره قاله الشونيز.
وقوله: (إن أبا طيبة حخم أم سلمة، قال: وحسبت أنه كان أخاها من الرضاعة
أو غلامًا لم يحتلم) (2): حجة فى أن الأخ من الرضاعة له أن يطلع على ما يزيد على الوجه والكفين ة من الراش والمعصم ونحو ذلك، وقد تقدم، إذ الحجامة انما يكون (3) فيما عدا الوجه والكفين.
وفيه أن الأجنبى ليس له رؤية ذلك ولا مباشرته إلا أن يدعو (4) إلى ذلك ضرورة فادحة.
وفيه أن الغلام الذى لم يحتلم ليس حكمه فى هذا حكم الرجال، لاءنه أخف، لاسيما لما تدعو إليه الحاجة.
وتوله: (فى شرطة محجم)[ بكسر الميم] (5): هى الحديدة التى يشرط بها موضمع الحجامة.
وقوله: (أعلق عليه محجما): هى الآلة التى تمص ويجمع بها مواضع الحجامة.
وقوله: عن جابر: رمى أبى يوم الا"حزاب على أكحله (6) فكواه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) (7):
كذا للسجزى بضم الهمزة وفتح الباء، وللعذرى والسمرقندى: (أبى) بفتح الهمزة وكسر الباء وهو غلط، والصواب الأول ؛ بدليل الحديث الاَخر قبله: وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أبى بن كعب طبيثا فقطع منه عرقا ثم كواه (8)، وأيضا فإن ابا جابر لم يدرك يوم الأحزاب واستشهد بأحد، وخبره مشهور.
والاكحل عرق معروف.
قال الخليل: هو عرق الحياة، يقال: هو نهر الحياة فى كل عضو
منه شعبة، له اسم على حدة فإذا قطع فى اليد لم يرقأ / الدم.
وقال أبو حاتم: هو عرق فى البدن (9) يقال له فى الفخذ: النساء، وفى الظهر: الأبهر.
ومرّ الكلام فى أجرة الحجام.
وقوله عن أسماء: (أنها كانت تؤتى بالمرأة الموعوكة فتدعو بالماء فتصيب فى جنبها) (ْا) وفى الموطأ (11): (بينها وبين جيبها): قال عيسى بن دينار: تصب[ الماء] (12) بين
(1) فى ح: قال القاضى.
(2) حديث رتم (72) من هذا الباب.
(3) فى ح: تكون، وهو الصواب.
(4) فى ح: تدعو، وهو الصواب.
(5) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(6) فى ز: الحكة.
(7) حدبْ رقم (74) من هذا الباب.
(8) حديث رقم (73) من هذا الباب.
يا) فى ح: اليد.
(10) فى ح: جيبها.
(11) كالعين، بالغسل بالماء من الحمى 945 / 2 (15).
(12) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
193 / ب
122
(7/121)
كتاب السلام / باب لكل داءدواء...
إلخ رِفَاعَةَ، حَدةَشِى رَافِعُ بْنُ خَلِيج قَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الحُمَّى مِنْ فَوْرِ جَهَنَّمَ، فَاثرُدُوهَا عَنكُمْ بِالمَاءِ)، ولَمْ يَذكُرْ أَبُو بَكر: ((عَنْكُمْ لما وَقَالَ: قَالَ: اخْبَرَنِى رَافِعُ ابْنُ خَدِيجٍ.
طوقها وجسدها حتى يصل الماء إلى جسدها.
هذا كله يرد قول الأطباء وتصحح البرء من الحمى بصب الماء، ولولا تجربة أسماء والمسلمين لمنفعثه لما استعملوه، ويدل على ظاهره لا على ما تقدم من التأويل، قوله فى حديث اخر رواه قاسم بن ثابت ؛ أن رجلاً شكى إليه الحمى فقال له: اغتسل له ثلاثة أيام قبل طلوع الشمس، وقل: بسم الله، اف!بى يا أم ملدم.
فإن لم تذهب فاغتسل سبغا (1).
(1)2هذإ 9إلحديث رواه قاسم بين ثابت فى كتابلا الدلاثل فى معانى ا.
دديث، ق 62 وابن عبد البر فى التمهيد
(7/122)
كتاب السلام / باب كراهة التداوى باللدود
123
(27) باب كراهة التداوى باللدود
85 - (2213) حَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد - ننَا يحيى بْنُ سَعِيد، عَنْ سُفْيَانَ، حَدئَّنِى مُوسَى بْنُ أَبِى عَائشَةَ عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْدِ ال!هِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ ! للَطْنَا رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى مَرَضِهِ، فَأَشَارَ أً لا تَلُدُّونِىءَ فَقُلنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلمَّوَاءِ.
فَلمَّا افَاقَ قَالَ: ا لا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلا لُدَّ، غَيْرُ العَبَّاسِ، فَإِنَّهُ لمْ يَشْهَدْكُمْ لا.
وقوله: " لددنا (1) رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): اللدود، بالفتح: ما صب فى أحد جانبى الفم، أو ادخل من هناك بأصبع، وحنّك به للمريض.
فيه إكراه المريض على الدواء.
وقوله: " لا يبقى (2) أحد فى البيت إلا لد إلا عمى العباس، فإنه لم يشهدكم):
فيه معاقبة أ أبى أنى] (3) والقصاص بمثل ما فعل، وقد زعم بعضهم أن بهذا الحديث أخذ عمر هتك (4) من تمالأ على قتل الغلام بصنعاء (5).
وقوله: (الحمى من فور جهنم) (6) بمعنى: فيح، فى الرواية الأخرى.
وهو قوة حرها وانتشاره، ومنه فارت القدر، وفار التنور.
وذات الجنب: الشوصة (7)، وقال الترمذى: ذات الجنب: يعنى السل.
(2)
(6) (7)
كذا فى ماتأ الحديث وهو الصواب، وفى ز: لدوثيا.
.
الحديث رقم (85) كذا فى مق الحديث وهو الضواب، وفى ز يتق.
فى خ! الجنى.
فى خ.
بقتل.
الحديث رواه عبد الرزاق (9 / 477) باب النفر يقتلون الرجل، وفيه.
أن امرأة بصنعاء غاب عنها زوجها وترك فى حجرها ابنا له من غيرها يقال لها أصيل، فاتخذت المراة بعد زوجها خيلا فقالت له: إن هذا الغلام يفضحنا فاقتله، فأبى فامتنعت منه، فطاوعها فاجتمع على قتل الغلام الرجل ورجل آخر والمرأة وخاثحها فقتلوه، ثم قطعوه أعضاء وجعلوه فى عيبة فطرحوه فى ركية فى ناحية القرية.
فلما بلغ عمر خبره قال: والله لو أن أهل صنعاَ اشتركوا فى قتله لقتلتهم جميعا.
قال ابن حجر فى الفتح: إسناور جيد حديث رقم (83) من هذا الكتاب.
الوصة.
ريح تنعقد فى الاكاضلاع يجد صاحبها كالوخز منها، تجول مرة فى الجيب ومرة فى الظهر.
انظر: اللسان، ما لمحة (شوص)، العين 6 / 273.
124
(7/123)
كتاب السلام / باب التداوى بالعود الهندى وهو الكست
(28) باب التداوى بالعود الهندىّ، وهو الكست
86 - (287) حَدثنَا يَحْيَى بْنُ يحيى التَّمِيمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيَبةَ وَعَمْرٌ والنَّاقِدُ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أِبِى عُمَرَ - وَاللفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدهَّشَا - سُفْيَانُ بْنُ عُييْنَةَ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد اللّهِ بْنِ عَبْد الله، عَنْ امِّ قَيْس بنْتِ محْصِنِ، أُخْتِ عُكَاشَةَ بْنِ مِحْصِنِ، قَالتْ: دَخَلتُ بِابْنِ لِى عًلىَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، لمْ جملِ الطَّعَامَ، فَبَالَ عَليْهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَرَشثَهُ.
(2214) قَالتْ: وَدَخَلتُ عَليْه بابْنٍ لِى، قَدْ اعْلقْتُ عَليْه مِنَ العُذْرَةِ.
فَقَالَ: (عَلامَهْ تَدْغَرْنَ أَوْلادَكُنَّ بِهَذَا العِلاقِ ؟ عَليكُنَّ بِهَذَا العُود الهِنْدى، فَإنَّ فيه سَبْعَةَ أشْفيَة، منْهَا فَاتُ الجَنْبِ، يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلدُّ مِنْ ذَاتِ الجًنْبِ)َ.
ًًً
87 - (... ) وَحَدثنِى حَرْمَلةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ؛
أنَّ ابْنَ شِهَابِ أَخْبَرَهُ قَالَ: أخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللهِ بن عَبْدِ اللّه بْنُ عتبَةَ بْنِ مَسْعُود، أنَ ائمَ قَيْس بنْتَ مِحْصِنِ - وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأوَلِ اللاتِى بَايَعْنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ً، وَهِىَ اخْتُ عُكَّاشَةَ ابْنِ محْصِنٍ، أحَد بَنِى أسَد بْنِ خُزَيْمَةَ - قَالَ: أَخْبَرَتْنِى أنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِابْنٍ لهَا لمْ يًبْلغْ أَنْ يَاكًُالطَّعَامَ، َ وَقَدْ أعْلقَتْ عَليْه مِنَ العُذْرَة - قَالَ بُونُسُ: أعلقَتْ غَمَزَتْ فَهْىَ تَخَافُ أنْ تَكُونَ به عُذْرَة! - قَالتْ: فَقَاَلَ رَسُولُ اللَّه ( صلى الله عليه وسلم ): (عَلامَهْ تَدْغَرْنَ أَوْلادَكُنَّ بِهَذا الإِعْلاقِ ؟ عَليكُم بِهَذَا العُودِ الهِنْدِىِّ - يَعْنِى بِه: الَكُسْتَ - فَإنَّ فيه سَبْعَةَ اشعْفِيَةِ، مِنْهَا ذَاتُ الجَنْبِ ثا.
ًَ
قال الإمام: اختلف الرواة فى: (أعلقت عليه)، فقال أحدهم: أعلقت عنه، أشار
إلى أنه الخيار، ومعناه: عالجت رفع إهابه (1) بإصبعها.
وقوله: (تدغرن): معناه: تدفعن، ووقع فى بعض طرقه: 19 لإعلاق ".
والعدوة: وجع نهج فى الحلق، فإذا عولج منه صاحبه يقال: غدرة فهو معذور.
(1) فى خط: لهاته.
(7/124)
كتاب السلام / باب التداوى بالعودالهندى وهوالكست 125 (287) قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: وَأَخْبَرَتْنِى أَنَ ابْنَهَا، ذَاكَ، بَالَ فِى حَجْرِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَاءِ فَنَضَحَهُ عَلِى بَوْلِهِ وَلمْ يَغْسِلهُ غَسْلأ.
وقوله: (فحسمه) (1): أى قطع الدم عنه بالكى، وقد تقدم ذكره، وذكر المشقص، وذكر فيح جهنم.
(1) حديث رقم (75) من هذا الكتاب.
126
(7/125)
كتاب السلام / باب التداوى بالحبة السوداء
291) بالمحل التداوى بالحبة السوداء (1)
88 - (15 22) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ، أَخْبَرَنَا الليْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ
ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى أَبُو سَلمَةَ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ وَلممَعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ ؛ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُمَا ؛ ً أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولَُ: (إنَّ فِى الحَثةَِ السَّوْدْاء شِ!اءً مِنْ كُلِّ جاء، إِلا السئَامَ).
وَالستَامُ: المَوْتُ.
وَالحًبَّةُ السَّوْلمحاءُ: الشئونِيزُ.
(... ) وَحَد 8شِيهِ أَبُو الطَّاهِر وَحَرْمَلةُ، قَا لا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
إبْنِ شِهَأبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسًيَّبِ، عَنْ أَبى!رَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدهَّشَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقِدُ وَزهُيْرُ بْنُ حرْب وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالوا: حَدهَّشَا سُفيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ* ح وَحَدوّرَشَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ اً لرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز.
! وَحَد، شَا عَبْدُ اللّهاِ بْنُ عَبْد الرخمَنِ الدَّارِمِىُّ، اخْبًرَنَا أَبُو اليَمَان، اخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كُلهُمْ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَفَ عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ كل، بِمِثْلِ حَدِيثِ عُقَيْلٍ.
وَفِى حَدِيثِ سُفْيَانَ وُيونُسَ: الحَبَّةُ السئًوْدَاءُ.
وَلمْ يَقُلِ: الشتُونِيزُ.
89 - (... ) وَحدثنا يَحْيَى بْنُ أَئوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَابْنُ حُجْرٍ، قَالوا: حَد*شَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاء، عَنْ أبيهِ، عَنْ أَبًى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " مَا مِنْ داءٍ، إِلا فِى الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ مِنهُ شِفَاءٌ، إِلا السَّامَ لما.
91، سبق التعليق عليه فى الباب (26) من هذا الكتاب.
(7/126)
كتاب السلام / باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض
(35) باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض
127
90 - (2216) حدثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ الليْثِ بْنِ سَعْدٍ، حَد"شِى أَبى، عَنْ جَدِّى، حَدثَّنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِد، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَقَ! زَوج النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم )، أَنَّهَا كَانَتْ، إِذا مَات اتمتتطُ مِنْ أَهْلِهَا، فَأجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلا أَمْلهَا وَخَاصّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلبِينَة فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ، فَصُبَّتِ التَّلبِينَةُ عَليْهَا.
ثُمَّ
وقوله: (التلبينة مجمة): معناه: أن تسرو همه، وهو كالحديث الآخر: (الحساء تسرو عن فؤاد السقيم " (1)، وفى حديث طلحة - رضى الله عنه - رمى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سفرجلة، وقال دونكها ؛ فإنها تجم الفؤاد (2)، وقال ابن عائشة (3): معناه مرتجة (4)، وقال غيره: معناه: تجمعه وتحمل صلاحاه (ْ) ونشاطه.
قال القاضى: لم يروه فى الكتاب كله مسلم إلا (أعلقت عليه) وفسروه فى كتاب يونس: (غمزت)، لكن فى كتاب البخارى الخلاف فيه، فعمر وغيره يقول: (عليه)، وسفيان بن عيينة يقول: (عنه) ويسره فيه سفيان برفع الحنك بالإصبع، وكله متقارب المعخى وهو معنى ما فسره به القتبى (6) وأبو عبيد (7) من رفع اللهاة، قال الخطابى: كذا يروونه المحدثون والصواب: (أغلقت (8) عنه).
وقال ال الصمعى: العذرة قريب من اللهاة، وفى البارع (9): العذرة: اللهاة، وذكر بعض المتكلمن على الحديث.
ومضى الكلام فى
(1) رواه الترمذى، كالطب ت بما يطعم المريض (39ْ 2)، ابن ماجة، كالطب، بالتلبينة (3445)، أحمد 6 / 32، النسائى فى ائكبرى، كالطب، بالدواء بالتلبينة، حديث رقم (7573 / 2).
(2) روأه أبن ماجة، كال الطعمة، بأكل الثمار (3369).
(3) هو عبيد الله بن حفص بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر التيمى، كان من أهل البصرة، فقدم بغداد وحدث بها، ثم عاد إلى البصرة، كان فصيحًا، ائي!ا، حسن الخلق خلابًا للحديث، عالما بالعربية، توفى سنة 228 - انظر: تارلخ بغداد 1 / 4 31، تقريب التهذب 374.
(4) فى خط: تريحه.
(5) فى خط ؟ صلاحه.
(6) لم نعثر على هذا المعنى عند القحَبى فى كتبه التالية: " غريب الحديث، تأويل مختلف الحديث، أدب الكاتب " وقد ذكره القاضى فى اثمارق 2 / 71.
(7) أبو عبيد فى غريب الحديث 28 / 1 -
(ى فى ح.
أعلقت، بالعلاكن المهملة.
(9) لاءبى على القالى.
193 / أ
128
(7/127)
كتاب السلام / باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض
قَالتْ: كُلنَ مِنْهَا، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " التَلبِينَةُ مُجِمَة لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تُذْهِبُ بَعْفالحُزْنِ).
نضح النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بول الصبى الذى بال فى حجره (1).
وقوله: (أتيت ببرمة من تلبينة): تقدم تفسير البرمة أنه البور (2)، قِدْر من حجارة.
إ ومجمّة لفؤاد المريض) بفتح الميم والجيم، ويقال بضم الميم وكسر الجيم، ومضى تفسيره.
وقوله: ! يذهب بعض الخدر (3)) لأن الجوع وحرارة المعدة منه والاءحشاء يزيد فى حرارة القلب، فيزيد / الغم والحزن.
(1) سبق تخريجه.
(2) فى ح: التور، وهو الصواب كما جاء فى اللسان.
(3) فى!: الحزن.
(7/128)
كتاب السلام / باب التداوى بسقى العسل
129
(31) باب التداوى بسقى العسل
91 - (2217) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّأرٍ - وَاللفْظُ لابْنِ المُثَنَّى -
قَالا: حَد - ننَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِى المُتَوَكِّلِ، عَنْ ابِى سَعيد الخُدْرىِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلى الئبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: إنَّ اخِى اسْتَطلقَ بَطنُهُ.
فَقَالَ رَسُولَُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
" اسْقِهِ عَسَلاً دا، فَسَقَاهُ، ثُمًّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنًّى سَقَيْتُهُ عَسَلاً فَلمْ يَزِدْهُ إِلا اسْتطلاقًا.
فَقَالَ لَهُ ثَلاثَ مرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابعَةَ فَقَالَ: (اسْقِه عَسَلاً لما فَقَالَ: لَقْدْ سَقَيْتُهُ، فًلَمْ يَزِدْهُ إلا اسْتِطلاقا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (صَدَقَ اللّهُ، وً كَذَبَ بَطنُ أَخِيكَ " فَسَقَاهُ فَبَرَأَ.
(... ) وَحَدءَّشيه عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الوَفَاب - يَعْنى ابْنَ عَطَاء - عَنْ سَعيد،
عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أَبَىَ المُتَوَكِّلِ النَّاجِى، عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىًّ ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) آً فَقَالَ: إِنَّ أَخِى عَربَ بَطنُهُ.
فَقَالَ لهُ: (اسْقِهِ عَسَلاً لما بِمَعْنَى حَدِيثِ شُعْبَةَ.
وقوله: إن أخى عرب بطنه، قال: (اسقه عسلاً): كذا رويناه عن الاَسدى وغيره براء مكسورة، ومعناه: فسد هضمه، واعتلت معدته.
والاسم: العرب، بفتح الراء.
والذرب - أيضا - بالذال، وقد عربت وذربت، ورويناه عن الخشنى وعن القاضى الشهيد: " عزب) بالزاى، والصواب ا لأول.
وفى قوله: (صدق الله وكذب بطن أخيك): حجة للعاملين (1) أن المراد بقوله !مالى: { فِيهِ شِفَاء لِلناسِ} (2) المحسل، وأن الهاء ضميره، وهو قول ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتاثة.
وقال آخرون: الهاء عائدة إلى القراَن، وهو قول مجاهد، والأول أظهر.
وقال بعض العلماء: الاَية على الخصوص، اى شفاء لبعض الناس ومن بعض ا لاَ دواء (3).
(1) فى ح.
للقائلين، وهو الصواب -
(2) 1 لنحل 690.
(3) انظر: تفير الطبرى 8 / 139، القرطبى 0 1 / 136، ابن كثير 2 / 576 ولكه ليس الظاهر من الآية.
.
وقال: هو قول صحيح فى ذاته،
(7/129)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها
(32) باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها
92 - (2218) حَد*شَا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِك، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِر وَأَبِى النَّضْرِ - مَوْلى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ - عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد بْنِ أً بِى وَقَاصٍ، عَنْ ابيه ؛ أَنًّهُ سَمِعَهُ يَسْالُ اسَامَةَ بْنَ زَيْد: مَافَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى الالاعُونِ ؟ فَقَالَ اسًاَمَةُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " الطَّاعُونُ رِجْزٌ - أَوْ عَنمَابٌ - أرْسَلَ عَلى بَنى إِسْرَائيلَ، اوْ عَلى مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِاع رْضِ فَلا تَقْدَمُوا عَليْهِ، وَإِفَا وَقَعَ بِاع رْضبى وً أنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ).
وَقَالَ ابُو الئضْرِ: ا لا يُخْرِجُكُمْ إِلا فِرارٌ مِنْهُ لما.
93 - (... ) حدثنا عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلمَةَ بْنِ قَعْنَب وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قَالا: أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ - وَنَسَبهُ ابْنُ قَعْنَبٍ فَقَالَ.
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرً شِىُ - عَنْ أبى الًئضْرِ، عَنْ عَامرِ ابْنِ سَغدِ بْنِ أبِى وَقَّاصبى، عَنْ اسَامَةَ بْنِ زَيْد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهَِ ( صلى الله عليه وسلم ): (الطَّاعَونُ ايةُ الرِّجْزِ، ابْتَلى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهِ نَاشا مِنْ عًبَادِهِ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ فَلا تَدْخُلوا عَليْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِاع رْضبى وَأنتُمْ بِهَا فَلا تَفِرُوا مِنْهُ ".
هَنَا حَدِيثُ القَعْنَبِى.
وَقُتَيْبَةُ نَحْوَهُ.
كتاب الطاعون (1)
وقوله فى الطاعون: " إن هذا الوجع أو السقم): العرب تسمى كل مرض وجعًا.
وقوله: (رجزا أُرسل على بنى إسرائيل، الحديث: الرجز: العذاب، وفى الحديث الاَخر: (الرجز أو عذاب)، وفى الاَخر: (رجز عذب به بعض الأمم قبلكم).
وقوله: " إذا سمعتم به بأرض وأنتم بها فلا نفروا منه) وفى الرواية الأخرى: (فلا تخرجوأ فراراً منه لما، ويروى: (إلا فراراً منه لما وهذه الرواية ضعيفة عند أهل العربية مُفسدة للمعنى ؛ لأنها مقتضية المنع ألا يخرجهم شىء من الا"سباب والأعراض إلا الفرار
(1) فى ال الصل مبوب هكذا، ولا يوجد فى صحيح مسلم (كتاب الطاعون).
(7/130)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها 131 94 - (... ) وَحَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْرٍ، حَد، شَا أَبِى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ المُنْكَدرِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنْ أُسَامَةَ، قَالَ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رِجْز سُلطَ عَلى مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ - أَوْ عَلى بَنِى إِسْرَائِيلَ - فَإِذَا كَانَ بِا"رْضبى، فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلوهَا).
95 - (... ) حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ دينَارٍ ؛ أَنَّ عَامِرَ بْن سَعْد اخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَجُلاً سَالَ سَعْدَ بْنَ أَبِى وَقَّاصٍ عَنِ الطَّاعُونِ ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْد: أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْهُ.
قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " هُوَ عَذَاب! أَوْ رِجْز أَرْسَلهُ اللّهُ عَلى طَائفَة مِنْ بَنًى إِسْرَائِيلَ، أَوْ نَاس كَانُوأ قَبْلكُمَْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا تَدْخُلوهَا عَليْهِ، وَإِذًا دً خَلهَا عَليكُمْ فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا لما.
فيجوز، حتى رواه بعضهم: (إلا فرار) وهذا لا يجوز - أيضا - إذ لا يقال: أفروا، ! إنما يقاذ: فروا.
كذلك قال جماعة - أيضا - فى رواية النصب، وقالوا: إن إدخال " إلا " ها هنا غلط على كل حال، د نما هو كما جاء فى الأحاديث الأخر: ا لا تخرجوا فراراً منه)، او ا لا يخرجكم فرارُ عنه)، وبعض المحققن من أهل العربية خرّج فى رواية النصب الجواز على الحال، وأن[ الإهالة إيجاب] (1) لا للاستثناء ؛ لاءنها توجب هنا بعض ما نفاه من الجملة، ونهى عنه من الخروج ؛ كأنه قال: لا تخرجوا منها إذا لم يكن خروجكم إلا فرارًا من الطاعون، وأباح الخروج إذا كان لغرض اخر ما لم يكن قصدًا إلى الفرار، وهذا تفسير معنى الحديث الاَخر المجمل (ولا تخرجوا منها)، فبيّن أن النهى عن الخروج على الخصوص لا على العموم.
قوله: سُئل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الطاعون فقال: (غدة كغدة البعير، لِخرج فى المراقى والاَباط): قال أبو عمر بن عبد البر: قال غير واحد من أهل العلم: وقد يخرج فى الأيدى والأصابع وحيث شاء الله من البدن، وما أخبر به - عليه السلام - حق، لكنه الغالب - والله أعلم (2).
(1) فى ح: إلا ههخا للإيجاب.
(2) انظر: التمهيد 19 / 5، 2، بعبد انله بن جابر بن عتيك، والمغنى عن حمل الأسفار 2 / 249 فوائد السفر.
132
(7/131)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (... ) وَحَدثنَا أبُو الرئيع، سُليْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد قَالا: حَدثنَا حَمَّادٌ - وَهُوَ
ابْنُ زَيْد.
ح وَحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، كِلاهُمَا عَنْ عَمْرِو ابْنِ دِينَار بِإِسْنَادِ ابْنِ جُوَيْجٍ.
نَحْوَ حَدِيثِهِ.
193 / ب
وقال الخليل: الوباء: الطاعون، وقيل: هو كل مرض عام.
وقال القاضى الباجى: الوباء هو الطاعون، وهو مرض يعم الكثير من الناس فى جهة من الجهات دون غيرها، تخالف المعتاد من أمراض الناس (1).
ويكون مرضهم واحد بخلاف سائر الأوقات باختلاف الأمراض.
قال القاصْى: أصل الطاعون القروح الخارجة فى الجسد، والوباء: عموم الأمراض، فسميت طاعونا لشبهها بالهلاك بذلك، وإلا فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا على ما ذكرناه، ويدل على ما أشرنا إليه قوله - عليه / السلام - فى حديث أبى موسى: " الطاعون وخز أعدائكم من الجن) (2).
ووباء الشام الذى وقع به إنما كانت طاعونًا وقروخا، وهو طاعون عمواس.
فى هذا الحديث من العلم: توقى المكاره ومن (3) منها قبل وقوعها، وفيها التسليم
لأمر الله وقدره إذا وقعت المصائب والبلايا، وهذا كما قال - عليه السلام -: ا لا تمنوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا) (4) وفيه أن الأمور كلها بقدر الله، وأنه لا ينجى الفار من القدر فراره، وفيه منع القدوم على بلاء الطاعون والوباء، وتحريم الخروج عنها فراراً من ذلك.
وقد اختلف السلف فى هذا، فمنهم من أخذ بظاهر الحديث وهم الاْكثر، روى عن عائشة وقالت: هو كالفرار من الزحف (5)، ومنهم من خرج إلى بلاد الطاعون وخرج عنها، وروى هذا المذهب عن عمر بن الخطاب، وأنه ندم على رجوعه من شرغ (6)، وقال: اللهم اغفر لى رجوعى من شرغ.
وكتب إلى عامله بالشام: إذا سمعت بالطاعون قد وقع (1) انظر: العين للخليل 8 / 418.
(2) رواه أحمد 4 / 395، 413.
قال فى مجمع الزوائد (2 / 315): رواه أحمد بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح.
وقال ابن حجر: العمدة فى هذا الباب على حديث أبى موسى، فإنه يحكم له بالصحة.
(3) فى ح: التحفظ بدلا من (من).
(4) ئحمد 4 / 353، 4 35، البخارى، كالتمنى، بكراهية تمنى لقاء العدو (7237)، مسلم، كالجهاد والسير، بكراهية تمنى لقاء العدو، أبو داود، كالجهاد، بكراهية تمنى لقاء العدو (2631).
(5) لم يرو موقوفا عن عائثة ولكن مرفوعا فى مسند أحمد (6 / 82) واسناده حسن كما قال ابن حجر فى الفتح (10 / 153)، بما يذكر فى الطاعون.
انظر: الرسالة له 52).
(6) فى ح: سرغ بالسين المهملة.
وأزعم رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه (8 / 39) كالتأريخ، وقال ابن حجر: إصناثه جد.
الفتح (10 / 152).
(7/132)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها مهم ا 96 - (... ) حَدثنِى أَبُو الطَاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرو وَحَرْمَلةُ بْنُ يحيى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَثِى عَامِرُ بْنُ سَعْد، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْد، عَنْ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ هَذَا ال!جَعَ أَوِ السَّقَمَ رِجْز عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأمَم قَئلكُم، ثُمَّ بَقِىَ بَعْدُ بِالأرْضِ، فَيَذْهَبُ المَرَّةَ وَيأتى الأخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِا"رْضبى فَلا يَقْدَمنَّ عَليْ! وَمَنْ وَقَعَ بِا"رْضبى وَهُوَ بِهَا فَلا يُخرِجًنَّهُ الفِرَارُ مِنْهُ).
عندكم فاكتب إلى حتى أخرج إليه.
وكتب إلى أبى عبيدة فى الطاعون الذى وقع بالشام، فعزم عليه ال يقدم عليه مخافة ال يصيبه الطاعون.
قوله: وروى عن مسروق والأسود بن هلال وأبى موسى الأشعرى ؛ أنهم فروا من الطاعون (1)، وروى عن عمرو بن العاص أنه قال: تفرقوا عن هذا الرجز فى الشعاب والاَودية ورؤوس الجبال، فقال معاذ: بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم (2).
كال ابن قلابة (3): ومعناه: دعوة نبيكم.
قال: دعى أن يجعل فناء أمته بالطعن والطاعون.
قال القاضى: كذا رواه جماعتهم، والصحيح من الرواية أنه - عليه السلام - أخبره جبريل ال فناء أمته بطعن او طاعون (4)، فتهال: (اللهم فبالطاعون) (5)، وهذا هو الذى يوافق حديثه الاخر: (ألا يجعل بأسَهم بينهم ولا يسلط عليهم عدواً من غيرهم) دإن كان منع من إحداهما (6) كما جاء فى الحديث.
قال بعض أهل العلم: لم ينه عن دخول ارض الطاعون والخروج عنها مخافة أن يصيب
غير ما كتب عليه ويهلك قبل أجله، لكن حذار الفتنة[ على الحى] (7) من أن نظن أن
(1) انظر: شرح البخارى لابن بطال (4 / ق 190)، كالطب، بمن خرج من أرض لا تلائمه.
قال ابن عبد البر فى التمهجد: لم يبلغخى عن أحد أن أحدا من حملة العلم فر من الطاعون إلا ما فكر المداثنى أن على بن يزيد بن جدعان هرب من الطاعون.
التمهجد 6 / 214.
(2) أحمد فى المسند 5 / 248، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (2 / 314)، وقال: رواه أحمد وأبو قلابة لم يدرك معاذ بن جبل.
(3) فى!: أبو قلابة.
(4) أحمد 5 / 81، ذكره الهيثمى فى المجمع (2 / 313) وقال.
رواه أحمد والطبرانما فى الكبير ورجال أحمد ثقات، ونصه: عن أبما عسيب قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أتانما جبريل - عليه السلام - بالحمى والطاعون فأمسكت الحمى بالمدينة، وأرسلت الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة ل المتى ورحمة لهم ورجس على الكافرين).
(5) انظر: تاريخع الطبرى 2 / 202 السنة الى 17، واممناد الحديث فيه مجهول.
للا) أحمد 5 / 245، ذكره الهيثمى فى المجمع 2 / 314 وقال: رواه أحمد.
(7) سقط من ز، والمثبت من ح.
194 / ءا
134
(7/133)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (... ) وَحَدءَّشَاهُ أبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حدثنا عَبْدُ الوَاحِدِ! يَعْنِى ابْنَ زِيَادٍ - حدثنا مَعْمَز، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِإِسْنَادِ يُونُسَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ.
97 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدثنَا ابْنُ أبى عَدِى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيب، قَالَ: كُنَّا بِالمَدينَة فَبَلغَنِى أَنَّ الطَّاعُونَ قَدْ وَقَعَ بِالكُوفَة.
فَقَالَ لِى عَطَاءُ بْنُ يَسَار وَغَيْرُهُ: إًنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: (إِذَا كُنْتَ بأَرْضٍ فَوَقَعَ بِهَا فَلاَ تَخْرُجْ مِنْهَا، وَإِ!ا بَلغًَأَنَّهُ باع رْض، فَلا تَدْخُلهًا لا.
قَالَ: قُلتُ: عَمًّنْ ؟ قَالوا: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد يُحَدِّثُ بهِ.
قَالً: فَأَتَيْتهُ فَقَالوا: غَائِبو.
قَالَ: فَلقِيتُ أَخَاهُ إِبْرَاهيمَ بْنَ سَعْد فَسالتُهُ ! ؟ فَقَالَ+ شَهِدْتُ أُسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعْدا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ هَذَا الوَجَعَ رِجْز - أَوْ عَذَابو أَوْ بَقِيَّةُ عَذَاب - عُذِّبَ به انَاش مِنْ قَبْلكُمْ، فَإِذَا كَانَ بِاع رْضبى وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا مِنْهَأ، ! اِفَا بَلغَكُم أنَهُ بِا"رْضبى فًلا تَدْخُلوهَا).
هلاك من هلك من أجل قدومه، ونجاة من نجى لأجل فراره.
وهذا نحو نهيه عن الطيرة والقرب من المجذوم، مع قوله: ا لا عدوة) (1) دليل أن من خرج من بلاد الطاعون على سبيل الفرار فجائز له الخروج، ومن دخله إذا أيقن أن دخوله لا يجلب إليه قدراً لم يسبق فسائغ له الدخول.
وقد روى عن ابن مسعود أنه قال: الطاعون فتنة على المقيم، وعلى الفار.
أما الفار فيقول: فررت فنجوت، واما المقيم فيقول: أقمت فمت، ! إنما فرّ من لم يجى أجله، وأقام فمات من جاء أجله (2).
قال المدائنى (3): ويقالِ: مِافرّ أحد من الطاِعون فسلم منٍ الموت، وقد قيل فى قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَذِين خَرجُوا مِن دِيَارِهِمْ وهُمْ أُلُوفٌ حَذر الْمَوْتِ} (4): أنهم خرجوا فرارا من الطاعون فماتوا، فدعا لهم نبى من الانبياء أن يحييهم الله، فأحياهم.
وقوله: (رجزٌ أرسل على بنى إسرائيل أو على من كان قبلكم) (5): ذكر أنه مات
فى بنى إسرائيل فى ساعة / واحدة عشرون اْلفا، وقيل: سبعون ألفا (6).
قيل: يحتمل
(1) فى ح ومن الحديث: لا عدوى.
(2) هذا الأثر ذكره الن بطال فى شرح البخارى 4 / 191، ولم يسنده، والقرطبى فى المفهم 3 / 209.
(3) نقل هذا القول عن المدائنى ابن عبد البر فى التمهيد 6 / 4 21، ابن بطال فى شرح البخارى 4 / 192، القرطبى فى تفسيره 3 / 223.
(4) البقرة: 243.
(5) حديث رقم (95) با لباب.
(6) تارلخ الطبرى 439 / 1.
(7/134)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها
135
قَألَ حَبِيبٌ: فَقُلتُ لإِبْرَاهِيمَ: اَنْتَ سَمِعْتَ اسَامَةَ يُحَدِّثُ سَعْدًا وَهُوَ لا ينكِرُ ؟ قَالَ:
(... ) وَحَد، لنَاهُ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذ، حدثنا أَبِى، حَد"ننَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ أَنَّهُ
لمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ فِى أَوَّلِ اً لحَدِيثِ.
(... ) وَحَدعَّشَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدءَّلنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيب، عَنْ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وَخُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.
قَالواً: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَى حَليثِ شُعْبَةَ.
(... ) وَحدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلاهُمَا عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ حَبِيب، عَنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصبى، قَألَ: كَانَ أُسَامَةُ بَنُ زَيْد
وجهين: أنه أول ما بدا فى الاَرض وحدث بالناس، والوجه الثانى: أنهم عُذبوا به.
وقد جاء فى الصحيح - فى غير كتاب مسلم - " أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء، فجعله رحمة للمؤمنن، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث فى بلده صابرًا، يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له، إلا كان له مثل أجر شهيد) (1)، وفى حديث آخر: (الطاعون شهادة لكل مسلم) (2)، وفى الحديث المشهور: (المطعون شهيد) (3) وقد تقدم تفسيره (4)، ويآتى على ما جاء فى الحديث الذى قبل هذا أنه إنما يكون شهيدًا إذا آقام وصبر وسلم.
قوله: وذكر مسلم أسانيد هذه الاَحاديث من رواية مالك وغيره، مرة عن عامر بن سعد عن أبيه أنه سمعه أ سئل] (5) أسامة بم، زيد، ومرة لم يذكر فيه أباه، وكلاهما صحيح ؛ لاَنه إذا سمع أباه أ سُئل] (5) اسامة عنه، فقد سمعه من أسامة، قالوا: والأكثر روايته له عن أسامة، وقد روى عن سعد عن النبى وهوَ وهْم (6).
(1) البخارى، كالطب، بأجر الصابر على الطاعون (5734)، أحمد 6 / 64، 154 عن يحسى بن يعمر.
(2) أحمد 3 / 150، البخارى، كالطب، بما يذكر فى الطاعون، مسلم، كالإمارة، ببيان الشهداء (166 / 1916) كلهم من حديث أنس بن مالك - رضى الله عنه -
(3) مسلم، كالإمارة، ب.
بيان الشهداء (1915 / 165)، النمائى، كالجنائز، بالشهيد (2054)، الدأرمى، كالجهاد، بما يعد من الشهداء207 / 2.
(4 أ فى ك: الإمارة.
(5) فى!: يسأل.
(6) قال ابن عبد البر: وقد روى قوم هذا الحديث عن عامر بن سعد عن أبيه عن النبى - عليه السلام - وهو عندى وحم لا يصيح - والله اعلم - ممن رواه كذلك.
التمهجد 12 / 251.
136
(7/135)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها
وَسَعْد جَالسَيْنِ يَتَحَدثانِ، فَقَا لا: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَدِيثِهمْ.
(... ) وَحَد، شِيهِ وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنَا خَالِدث يَغنِى الطَّحَّانَ - عَنِ الشَيْبَانىِّ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِت، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ مَالِك، عَنْ أبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
98 - (19 22) حَدثنَا يحيى بْنُ يَحْيىَ التَّمِيمىُّ، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِك عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عَبْدِ الحَميدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْد بْنِ الخَطَّاب، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْد اللّه ابْنِ الحًارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ ؛ عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الَخَطَابِ خَرَجَ إِلى الشَّاَم، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرنْج لقيَهُ أهْلُ الَأجْنَادِ - أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرل! وَأَصْحَ ال - فَا"خْبَرُوهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّام.
وذكر مسلم فى كتاب حديث عمر بن الخطاب ورجوعه من سرغ إذا بلغه أن الوباء بالشام، واستشاريه (1) أولا المهاجرين الأولن ثم الا"نصار، واختلافهم عليه، ثم مشاورته مشيخة قريش من مهاجرة الفتح واتفاقهم على الرجوع بالمسلمين ورجوعه، وقول أبى عبيدة له: أفرار (2) من قدر الله يا عمر، ومحاجة عمر معه دإخبار عبد الرحمن بن عوف بما سمعه فيه من النبى - عليه السلام - أنه قال: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، دإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه): سرْغ (3) بسكون الراء أشهر ما يقال فيه، ورويناه عن بعضهم بسكونها وفتحها، ولم يصوب ابن مكى (4) غير السكوت.
قال ابن حبيب: سرغ: قرية بوادى تبوك، وحكاه الجوهرى عن مالك، وقيل:
هى اخر عمل الحجاز الأول، وقيل: مدينة بالشام، قال ابن وضاح (ْ): بينها وبين المدينة ثلاثة عشر مرحلة (6).
(1) فى خ: استثمارته.
(2) فى ح: أفراراً، وكذا فى المق فى صحيح مسلم برقم (98) فى هذا الكتاب.
(3) انظر: معجم البلدان 3 / 1 1 2، مشارق الأنوار 2 / 233.
(4) هو ئبو حفص عمر بن خلف بن مكى الصقلى النحوى، إمام لغوى محدث حافظ، من تصانيفه (تثقيف اللسان وتلقيح الجنان ثا وهو مطبوع، ولى قضاء تونى وخطابتها، توفى سنة 501 هـ.
بغية الوعاة
2 / 218، إنباه الرواة 2 / 229.
(5) هو محمد بن وضاح ائو عبد الله المروانى، محدث الاَندل!، مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل، كان عالما بالحديث، بصيرًا بطرقه وعلله، ورعًا زاهدا.
قال ابن الفرضى: له خطأ كثير محفوظ عنه ولا علم له بالعربية ولا الفقه، ارتحل إلى الحجاز والشام ومصر، توفى سنة 289 هـ.
تذكرة الحفاظ 2 / 646، الير 13 / 445، النجوم الزاهرة 15 / 121.
للأ) المرحلة واحدة المراحل، وهى المسافة يقطعها السائر فى نحو يوم أو ما بين المنزللاس مرحلة.
انظر: اللسان، معجم الوسحط 1 / 335.
(7/136)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوه الم ا قَالَ ابْنُ عَبَّاس: فَقَالَ عُمَرُ: ادع لِىَ المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ.
فَدَمحَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ وَأَخْبَرَهُم أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّام، فَاخْتَلفُوا.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْتُ لأمْر وَلا نَرَى أَنْ تَرْحع عَنْهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَلا نَرَى أَنْ تُقْدمَهمْ عَلى هَذَا الوَبَاء.
فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عئى.
ثُمَّ قَالَ: ادغْ لِىَ الأنْصَارِ فَدَمحَوْتُهُمْ لهُ، فَاستَشَارَهُمْ، فَسَلكُوا سًبِيلَ المُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلفُوا كَاخْتِلافِهِمْ.
فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عنّى.
ثُمَّ
فيه خروج ال الئمة بأنفسهم ليطلع أعمالهم مشاهدة، وفيه تلقى الأمراء الإمام الأعظم
! اعلامهم إياه ما حدث ببلاده م، واستشارة الإمام أهل العلم والراى، وتقديمه فى ذلك أولى السابقة والدين والفضل.
والمهاجرون الاَولون هم من صلى القبلتن، وأما من لم يسلم إلا بعد تحويل القبلة فلا
يعد فى الاَولن.
ومهاجرة الفتح قيل: الظاهر أنهم هم الذين هاجروا قبل الفتح، خصهم لفضل الهجرة ؛ إذ لا هجرة بعد الفتح، وقيل: بل أراد مسلمة الفتح الذين هاجروا بعد، فحصل لهم الاسم دون الفضيلة، وهو عندى أظهر ل النهم الذين ينطلق عليهم مشيخة قريش وظاهر هذا[ أن عمر - رضى الله عنه - قد رجع لرأيهم ورأى من وافقهم، ولا يبعد هذا] (1) ؛ إذ لم يكن هذا الأمر إلا من باب النظر للمسلمين والحيطة عليهم، وأيضًا فإنهم لم ينفردوا بهذا الرأى حتى يكون هو يؤثر لرأيهم على رأى المهاجرين الأولن والاَنصار، بل قد وافقهم عليه كثير من الأنصار والمهاجرين كما تقدم من اختلافهم، فحصل ترجيح الرأى بالكثرة، لا سيما لأولى السن والحنكة والتجربة والعقول الراجحة.
س وحجة الطائفخين / فى اختلافهم بينة كلها مبنية على أصين من أصول الشريعة ؛ الاَول: التوكل والتسليم للقضاء والقدر، والثانى: الحيطة والحذر وترك إلقاء اليد للتهلكة، وكلاهما فرعان متشعبان من أصل قاعدة القدر.
وقيل: بل رجوع عمر إنما كان لحديث عبد الرحمن بن عوف، كما قال عبد الله بن عمر: إنما رجع بالناس عن حديث عبد الرحمن بن عوف، ورجح هذا بعض العلماء لإنجار عبد الله عن ابيه به وهو العالم بحقائق أبنائه، ولأن عمر لم يكن ليرجع لراى دون رأى بغير حجة، حتى وجد علمًا، وتأول قوله: (إنى مصبح على ظهر) قبل هذا، أى على سفر لوجهه الذى كان توجه له، لا أنه راجع، وهذا بعيد.
وتأول الأولون أن عبد الله بن عمر لعله لم يبلغه قول عمر هذا قبل إنجار ابن عوف له بما أخبر.
ومعنى (مصبح على ظهر): أى على سفر وعلى ظهور الركائب.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
194 / ب
138
(7/137)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها قَالَ: ادع لِىَ مَنْ كَانَ هَهُنَا مِنْ مَشْيَخَة قُرَيْشٍ مِنْ مُهَاجِرَة الفَتْح.
فَدَعَوْتَهُمْ فَلمْ يَخْتَلِفْ عَليْه رَجُلانِ.
فَقَالوا: نَرَى أَنْ تَرْجِعَ بالَنَّاسِ وَلا تُقْدمْهُمْ عًلى هَذَا الوَبَاء.
فَنَادَى عُمَرُ فِى النَّاسَ: إِنِّى مُصْبِغِ عَلى ظهْر، فَا2 صبحُوا عَليْه.
فَقًالَ أبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الَجَرَّ 3: أفِرَارًا مِنْ قَدَرِ الله ؟ فَقَالَ عُمرُ: لؤ غَيرَكً قَالهَا يًا ابَا عُبَيْلَةً! - وَكَانَ عُمَرُ يَكْرَهُ خِلافهُ - ثَعَمْ، نَفِرُّ مِنْ قَدً ر اللّه إلى قَدَرِ اللّه، أَرَأَيْتَ لوْ كَانَتْ لكَ إِبِل فَهَبَطَتْ وَاديًا لهُ عُدْوَتَانِ، إِحْمَاهُمَا خَصبَة وًا فرَى جَدبَةٌ، أَليْسَ إِنْ رَعَيْتَ الخَصِبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرَ الله، وً إِنْ رَعَيْتَ الجَدِبَةَ رَعَيْتًهَا بقَدَرِ اللهِ ؟ قَالً: فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ عَوْف - وَكًانَ مُتَقتبَا فِى بَعْضِ حَاجَتِه - فَقَالَ: إِنًّ عنْدى مِنْ هَذَا عِلمًا، سَمِعْتُ رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِا"رْضٍ فَلا تَقْلَمُوا عَليْهِ، ! اِذَا وَقَعَ بِا"رْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجوا فِرَازا مِنْهُ).
قَالَ: فَحَمِدَ اللّهَ عَمرُ بْنُ الخَطَّابِ ثُمَّ انْصَرَفَ.
وقول أبى عبيدة: (أفرارًا من قدر الله ؟): دل أن أبا عبيدة ممن أشار عليه من المهاجرين بألا يرجع، وأن يتوكل ويسلم للقدر، وأن ما قُدّر عليه لم يكن لينجيه منه رجوع ولا فرار، ولا تغنى فيه حيلة.
وقول عمر له: ا لو غيرك قالها يا ابا عبيدة): يريد من ليس عنده من العلم ما عندك، وأن رجوعى ليس بفرار من قدر، ولكنه أخذ بالحذر والحزم الذى أمرنا الله به، وطلب الأسباب التى هى سوابق القدر وأسرار القضاء، كما أمر باتخاذ الحين من العدو واجتناب المخاوف والمهالك، وكل شىء إنما يكون بما سبق به القدر، ثم مثّل له مثلاً صحيخا فى هذا الباب مما يستعمله جميعهم كل وقت، ولا يختلف فيه من الانتقال[ فى الرعى من الجنبة الجدبة إلى الخصبة، وأن هذا من الانتقال] (1) من وجه إلى وجه، لا فرق بينه وبين الانتقال من القدوم على الوباء أو الرجوع ؛ إذ لا يكون من هذا كله إلا ما قدره الله، لكن على الإنسان طلب الأسباب والاكتساب، وهو مثل قوله - عليه السلام -: (اعملوا فكل ميسر لما خُلق له) (2)، وقوله: (اعقلها وتوكل) (3)،
وحمد لله على ما حدثه به ابن عوف ث لبيان الصواب فيما اختلف فيه عليه من أمره،
وأن انصرافه لسنة وشرع لاَدم (4) بحسب الاتفاق عليه، لا الرأى واجتهاد يقع الخلاف فيه.
(1) سقط من ز، والمثبت من !.
(2) أحمد 1 / 6، البخارى، كالقدر، بوكان امر الله قدرَا مقدورًا (6605)، مسلم، كالقدر، بكيفية خلق الاَدمى (2647 / 9)، أبو داود، كالسنة، بفى القدر يا 470)
(3) الترمذى، كصفة الجنة، ب60 (2517).
(4) فى!: لازم.
(7/138)
كتاب السلام / باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها 139 99 - (... ) وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَد"ننَا.
وَقَالَ ا لاَخَرَانِ: أَخْبَرَنَا - عَبْدُ الرَراقِ.
أَخْبَرَنَا مَعْمَر، بِهَذَا ا فيِسْنَادِ، نَحْوَ حَديث مَالك.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ مَعْمَر: قَالَ: وَقَالَ لهُ أَيْضًا: أَرَأَيْتَ أَنَّهُ لوْ رَعَى الجِدْبَةَ وَتَرًكَ الَخَصَبة، اكَلنْتَ مُعَجِّزَهُ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَسِرْ إِدا.
قَالَ: فَسَارَ حَتَى اتَى المَدينَةَ.
فَقَالَ: هَذَا المَحِل، أَوْ قَالَ: هَذَا المَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
(... ) وَحَدةَشيه ابُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يحيى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخَبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شَهًابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ عَبْدَ اللّهِ بْنَ الحَارِثِ حَدةَلهُ.
وَلمْ يَقْلْ: عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ.
100 - (... ) وَحَد، شَا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شهَاب،
عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ عَامرِ بْنِ رَبِيعَةَ، أَنَّ عُمَرَ خَرجً إِلى الشَّام، فَلمَا جَاءَ سَرْغَ بَلغَهُ أَنًّ الوَبًاءَ قَدْ وَقَعَ بَالشَّامِ، فَاخبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِاع رْضٍ فَلا تَقْدمُوا عَليْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِاع رْضٍ وَأنْتُم بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ لما، فَرَجَعَ عُمَرُ ابْنُ الخَطَابِ مِنْ سَرغ.
وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْدِ اللهِ، انَّ عُمَرَ إِنَّمَا انْصَرَفَ بِالنَّاسِ مَنْ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
وقوله لما ورد المدينة: (هذا المحل) بفتح الحاء وكسرها محل القوم ومحلهم ومحلتهم: موضع حلولهم، وهذا الحرف فى أحرف قليلة شذت فى اسم ما جاء على مفعل بالضم بالوجهين، دإلا فبابه المطرد مفعل بالفتح.
ووقع فى سند هذا الحديث: عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحين
ابن زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن ابن عباس، قال الدارقطنى: كذا قال مالك، وقال معمر ويونس: عن عبد الله بن الحارث، قال: والحديث صحيح على اختلافهم (1).
وقد أخرجه مسلم - أيضأَ - عن يونس عن عبد الله ابن الحارث، وأما البخارى فلم يخرجه إلا من طريق مالك وحده (2).
(1) التتبع ص 422، 423.
(2) البخارى، كالطب، بما يذكر فى الطاعون (5729).
140
(7/139)
كتاب السلام / باب لا عدوى ولا طيرة...
إلخ
(33) باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر
195 / أ
ولا نوء ولا غول، ولا يورد ممرض على مصح
101 - (هـ 222) حدَّثنى أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لا"بِى الطَّاهِرِ - قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
قَالَ ابْنُ شهَابٍ: فَحَلاشَى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ح!دنَ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا عَدْوى ولا صَفَرَ وَلا هَامَةَ لما.
فَقَالَ أَعْرَابِى: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا بَالُ الإِبِل تَكُونُ فِى الرملِ كَانهَأ الظماءُ، فَيَجِىءُ البَعيرُ الأجْرَبُ فَيَدْخُلُ فِيهَا فَيُجْرِبُهَأ كُفَهَا ؟ قَالَ: (فَمَنْ أَءْ!ى الأوَّلَ ؟ لا.
2 هـ ا - (... ) وحدَّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم وَحَسَنٌ الحُلوَانِىُّ، قَالا: حَدثنَا يَعْقُوبُ - وَهُوُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْد - حدثنا أَبِى عَنْ صَالِح، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى أبُو سَلَمَةَ ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ ؛ أًن أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ً ا لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا صَفَرَ وَلا هَامَةَ لما.
فَقَالَ اعْرَابِىّ: يَا رَسُولَ اللّهِ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ.
103 - (... ) وحدَّثنى عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّخمَنِ الدَّارِمِى، أخْبَرَنَا أَبُو اليَمَأنِ، عَيق
قوله - عليه السلام -: " لاعدوى ولاطيرة ولاصفر) وفى بعضها: (ولانوء) وفى بعضها: (ولاغول) (ولاهامة) الحديث، وقوله: (فمن اْعدى ا لأول ؟)، وقوله: ا لايوردن ممرض على مصح)، وحديث أبى هريرة / بالحديثن أولأ ثم صمت عن قوله: ا لاعدوى)، وأقام على الآخر، وقول أبى سلمة: لقد كان يحدثناه فلا أدرى أنسى أم نسخ أحد القولن الاخر، وهذا مثل قوله فى الصحيح فى غير مسلم فى اخر حديث: ا لا عدوى وفِر من المجذوم كما تفر من الأسد) (1) وقوله فى مسلم بعد هذا للمجذوم: " قد بايعناك فارجع) (2)، وفسر جابر فى الأم الصفر: البطن.
يقال: ذوات (3) البطن، ووقع فى رواية العذرى بتاء باثنتين فوقها وذال معجمة، كانت العرب تقول: إنها تعدى من كانت به إلى غيره فسيأتى تمام[ تفسيره] (4).
(1) البخارق، كالطب، بالجذام (7ْ57).
(2) حديث رقم (126) من هذا الكتاب.
(4) ساقطة من ز، والمثبت ح.
(3) فى ح: دواب.
(7/140)
كتاب السلام / باب لاعدوى ولاطيرة...
إلخ 141 شُعَيْب، عَنْ الزُّهْرِىِّ، اخْبَرَنِى سنَانُ بْنُ ابِى سنَانٍ الدُّؤَلِىُّ ؛ أَنَ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (ا لاءَ!وَى)، فَقَأمَ أَعْرَابِىٌّ.
فَذَكَرَ بِمِثْلَِ حَدِيثِ يُونُسَ وَصَالِح.
وَعَنْ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: حَدثَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ أَخْتِ نَمِر ؛ انَّ النَّبِىَّ
( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا عَدْوَى وَلا صَفَرَ وَلا هَامَةَ).
104 - (2221) وحذَثنى أبُو الالاهِرِ وَحَرْمَلَةُ - وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظ - قَا لا: أخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرًّ حْمَنِ بْنِ عَوْف
وقال أبو الزبير فى تفسير الغول: هذا الغول التى تغول، كذا لكافتهم وهو الصواب، وعند الطبرى: (قال ائو هريرة): كان (1) (أبى الزبير)، وفى بعضها: " وكان يعجبه الفأل)، قال: وفسره قال: (الكلمة الطيبة والكلمة الحسنة) (2)، وفى رواية: (الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم) (3).
والطيرة: التشاؤم، وهو مصدر التطجر، قالوا: تطير طيرة، كما قال: تحير حيرة (4)، وليس فى المصادر غيرهما، وفى السماء (5) حرفان، [ قالوا لنوع من السحر] (6) وشىء (7) طيبة أى طيب.
قال الخطابى: وكذلك ضبطناه عن شيوخنا بفتح الباء، وحكى الصابونى (8) أن بعضهم قال: إنما هى بسكون الياء.
قال الإمام: اضطرب الناس فيما ذكر عن أبى هريرة من الحديثين اللذين أسقط أحدهما، فقال بعض أصحابنا: ا لايورد ممرض على مصح " منسوخ بقوله: ا لا عدوى)، وقال آخرون: ليس بينهما تناف فيقتصر إلى المنسوخ، ولكن نفى العدوى، وهى اعتقاد كون بعض الاَمراض بفعل فى غيرها بطبيعتها، واما أن يكون سببأ بخلق اللّه - سبحانه -
(3) (5) (7) (8)
فى ح: مكان - (2) الحديث رقم (111) من الباب التالى.
الحديث رقم (110) من الباب التالى.
فى ح: تخير خيرة.
وانظر: الين للخليل 7 / 447، الخطابى معالم السن 4 / 236، المجوع المغيث 2 / 378.
فى ح: الأسماَ.
يلا) فى ح: قولهم: قوله لنوع من السحو.
فى!: وسبى.
الصابونى: لعله إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن اسماعيل أبو عثمان الإمام، العلامة المفسر المحدث، كان من أئمة الأثر له مصنف فى السنة واعتقاد الملف، توفى سنة 449 هـ، السير 18 / 40، النجوم الزاهرة 5 / 62، كف الظنون 21015.
ولعله ابن الصابونى أبو الوليد هشام بن عبد الرحمن القرطبى المالكى المعروف، كان فقيها محدثا، صنف كتابأ فى شرح غريب صحيح البخارى.
فهرست ابن خير لما ا، هدية العارفيها 6 / 509.
142
(7/141)
كتاب السلام / باب لاعدوى ولاطيرة...
إلخ حَد 8لهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لاءَ!وَى)، وَيُحَدِّثُ ؛ انَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ لما.
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: كَانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُحَدَثهِمَا كلتَيْهِمَا عَن رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَّ ! مَتَ أَبُو هَرَيْرَةَ بَعْدَ فَلكَ عَنْ قَوْلِه: ا لاعَدْوَى)، وَأَقَامً عَلَى: (ألا يُورِدُ مُمْرَضٌ عَلَى مُصِح لما.
قَالَ: فَقَالَ اَلحَارِثُ بْنُ أً بِى ذَبَاب - وَهُوَ ابْي ! عَمِّ أَبِى هُرَيْرَةَ -: قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، تَحَلَثنَا مَعَ هَذَا الحَليثِ حًدِيثًا اَخَرَ، قَدْ سَكَتَّ عَنْهُ، كُنْتَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ
عندها مرض ماوردت عليه فلم ينفه، فإنما نهى أن يورد المرض على المصح ؛ لئلا يمرض الصحاح من قبل الله جدت قدرته عند ورود المرضى، فيكون المرضى كالسبب فيها (1).
وقال اخرو!: إنما المراد هذا الاحتياط على اعتقاد الناس لئلا يتشاءم بالإبل المبيضة (2) ويعتقد أنها أمرضت إبله، فيأثم فى هذا الاعتقاد (3) وقال اخرون: إنما ذلك التأذى بمشاهدة المرضى، ويقبح صور الجذماء، وتعذيب النفس برؤيتهم، والتأذى بها قد يكون منهم من رائحة تؤذى (4)، وهو المراد بما يوقع فى بعض الأحاديث: (فإنه أذى) (5)، وقال بعض أصحابنا: هذا إن كان مندوحة عن مخالطة من يتأذى به كره للوارد وإلا فلا، وكذا فى أهل الجذام إذا تأذى الناس بمخالطتهم فى البئر، فإن كان لهم مندوحة بماء اخر ينصرفون إليه أمروا أن ينصرفوا إليه، دفعًا للضرر عن هؤلاء، ! إن لم يكن لهم مندوحة قيل للاَخرين: أوجدوهم العوض وإلا فسْاركوهم ؛ لاءن كل ذى مال أحق بماله.
وقوله: ا لاعدوى دا: تفسيره: أن العرب كانت تعتقد أن المرض يعدى وينتقل إلى الصحيح، فأنكر ( صلى الله عليه وسلم ) اعتقادهم، ونهى عنه (6).
وأما قوله: (ولا صفر): ففيه قولان: قيل: تأخيرهم المحرم الى صفر فى النسى!! الذى كانوا يفعلونه (7)، وإلى هذا ذهب مالك (8) وأبو عبيدة (9)، وقيل: الصفار:
(3) (9)
انظر: المنتقى 7 / 265.
(2) فى ح: المريضة.
ممن قال بهذا القول أبو جعفر الطبرى.
تهذيب الآثارص 35 مسند على بن أبى طالب، وأبو جعفر الطحاوى.
انظر: شرح معانى الأثار (4 / 311).
الباجى فى المنتقى 7 / 264.
(5) انلص: الموطأ 6 / 946 رقم (18) باب عيادة للريض.
المنتقى 7 / 263.
(7) رواه الطبرىَ فى تهذيب الاَثارص 39 مسند على.
نقله عنه الباجى فى المنتقى 7 / 264، ابن بطال فى شرح البخارى 4 ق / مهـ ا، القرطبى فى المفهم 3 ق / 211، النووى فى شرح مسلم 14 / 215.
نقله عنه أبو عبيد فى غريبه، ولم يقل أحد منهم إنه من الشهور غير أبى عبيدة.
غريب الحديث 1 / 27.
(7/142)
كتاب السلام / باب لا عدوى ولا طيرة...
إلخ 143 ( صلى الله عليه وسلم ): " لا عَدْوَى لا، فَأَبَى أَبُو هَرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذَلِكَ.
وَقَالَ: ا لا يُورِدُ مُمْرِض! عَلَى مُصِحٍّ )، فَمَا راَهُ الحَارِثُ فِى ذَلكَ حَتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ.
فَقَالَ لِلحَارِثِ: اتَدْرِى مَاذَا قُلتُ ؟ قَالَ+ لا.
قَالَ ابُو هَرَيْرَةَ: قُلتُ: أَبَيْتُ.
دواب فى البطن، وكانوا يعتقدون أن الصفر دابة فى البطن يهيج عند الجوع وربما قتلت، ويراها العرب أعدى من الجرب (1) / ! إلى هذا ذهب مطرف (2) وابن وهب وابن حبيب (3) من أصحاب مالك، وهو اختيار أبى عبيد (4)، وقد تقدم ما فى مسلم من التفسير لهذا.
وأما قوله: " ولا هامة) فاختلف فيه، فقيل: كانت العرب تتشاءم بالهامة إذا سقطت على دار أحدهم، فيراها ناعية نفسه أو أحدًا من أهله، وإلى هذا التفسير ذهب مالك.
وقيل: كانت العرب تعتقد أن عظام الميت تنقلب هامة تطير، فأنكر ( صلى الله عليه وسلم ) هذا كله وأبطله، ويسمى الطائر الذى يعتقد خروجه من هامة الميت صيذا (5)، وجمعه أصدى، وقد قيل: إن المراد بالحديث هذا الطائر الذى يخرج من الرأس، قال لبيد:
فليس الناس بعدك فى بعير (6) ولاهم غير اصداء وهام (7)
وقال أبو زيد (8): (هامة) مشددة الميم.
وأما الفأل بالهمز وجمعه فؤول، فقد فسره فى كتاب مسلم.
والطيرة مأخوذة مما كانوا يعتادونه فى الطير ويعتقدونه فى البوارح (9) والسوائح (ْا).
وكان لهم فى التشاؤم والتيامن طريقة معروفة (11)، وقيل: منها أخذ اسم الطيرة، وقال بعضهم: فإن الفأل
(1) فكره ائو عبيد فى غريبه 1 / 26، تهذيب الآثارص 38 مسند على.
(2) هو ابن عبد الله بن مطرف بن سليمان اليارى الهلالى أبو مصعب المدنح، وهو ابن أخت الإمام مالك وكان اصم، روى عن مالك وتفقه به، وروى عنه البخارى فى صحيحه، توفى سنةْ 22.
تهذيب الخهذيب 10 / 175.
(3) نقل الباجى وذلك عن أبن وهب فى المنتض 7 / 264، ونقل القرطبى عن مطرف وابن وهب وابن حبب فى المفهم 3 ق / 212، والنووى فى ثرح مسلم 14 / 215.
!
(4) غريب الحديث ل البى عبيد بن سلام 1 / 27.
(5) فى ح: صدنح.
(6) فى ح: نقير.
(7) البيت نقله أبو عبيد فى غريبه، وعزاه للبيد وقال: إنه يرثى فيه أخاه أريد بن قيل أخو لبيد لاْمه، وكذلك البيت فى اللسان فى موضعين، ماثة (نقر " وماثة " صدى ".
وانظر: الاستيعاب 3 / 324 - 326.
(8) نقله أبو عبيد فى غريبه 1 / 27، فتح البارى 0 1 / 97 1.
(9) البارح: ما مر من الطير والوحثى من يمينك إلى يارك، والعرب تتطير به.
انظر: النهاية 1 / 114.
(10) فى ح: السوانح.
وهو مامر من الطير والوحثى بين يديك من جهة يارك إلى يمينك، والعرب تتيمن به، لأنه أمكن للرمى والصيد.
النهاية 1 / 114.
(11) قال ابن حجر: أصل التطير أنهم كانوا فى الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لاَمر فإن رأى الطير طار يمنة تيمن به، وان راه طار يسرة تثاءم به.
الفتح 10 / 174.
195 / ب
144
(7/143)
كتاب السلام / باب لاعدوى ولاطيرة...
إلخ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلِعَمْرِى، لَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدَثنَا ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا عَدْوَى) فَلا أدْرِى أنَسِىَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أوْ نَسَخَ أحَدُ القَوْلَيْنِ الآخَرَ ؟
105 - (.
.
) حدَثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم وَحَسَقٌ الحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْدٌ: حَدثنِى.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدةَشَا - يَعْقُوبُ - يَعْنُون ابْن إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد - حَدثنِى أبِى عَنْ صَالِح، عَنِ ابْنِ شهَاب أخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ أَنَّهُ سًمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: ا لا عَدْوَى لما وَيُحَدِّثُ مَعَ ذَلِكَ: ا لا يُورِدُ المُمْرِضُ عَلَى المُصِحِّ) بِمِثْلِ حَديثِ يُونُسَ.
(... ) حدَثناه عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَأرِمِىُ، أخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، حَدثنَا شُعَيْبٌ،
عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا ا لإِسْنَادِ.
نَحْوَهُ.
رجوع إلى قول مسموع وأمر محسوس، يحسن معناه فى العقول، فتخيل للنفس وقوع مثل ذلك المعنى.
وتحسن الظن بالله سبحانه ورجاء الخير منه بأدنى سبب لايُقْبَح، الطيرة أخذ المعانى من أمور غير محسوسة ولا معقولة ولا معنى يشعر العقل بما يتوقع من ذلك، فلهذا فارقت الفأل وبأنها لاتقع إلا على توقع بأمر مكروه، والفأل يقع على ما يحب ومايكره، والمستحسن منه ما يحب[ ويكره ما ينفى فألا كان وهو أحسن] (1) فسمى الفأل أو طيرة هكذا قال بعضهم.
قال القاضى: وقيل فى الفرق بين الطيرة والفأل: وكلاهما فأل من سماع كلام يُستحسن أو يُستقبح أو رؤية حيوان يمثل ذلك تعليق النفس بمايقتضيه المسموع أو المرئى، فإذا عقلها بخير على ماسمعه أو راة من خير واقعه (2) فهو من حسن الظن بالله، وبضده التطير بالمكروه والشر، وتعليق النفس به، فهو من سوء الظن، وقد قال الله تعالى: (أنا عند ظن عبدى بى) (3).
وقوله: (فمن أعدى الأول): بيّن واضح فى الحجة فى قطع دعوى العدوى ؛ لأنه
إذا وجدنا هذا الداء أولا من غير عدوى فى الاَول فبم يحكم فى الثانى أنه من سبب الاَول،
(1) فى ح: وما يكره ويتقى فألأ كان وهو أحد.
(2) فى ح: وافَقَهُ.
(3) أحمد 2 / 251، 315، البخارى، كالتوحيد، بقول الله تعالى: { ويحَلؤكمُ اللة نَفْ! ة} (5 0 74)، مسلم، كالتوبة، بفى الحض على التوبة والفرح بها (2675 / 1)، الترمذى، كالزهد، بما جاء فى حسن الظن بالله لعهـ 23)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجة، كالأدب، بفضل العمل (3822).
(7/144)
كتاب السلام / باب لاعدوى ولاطيرة...
إلخ 145 106 - (2220) حدَثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حدثنا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنِ العَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "لا عَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا نوْءَ وَلا صَفَرَ لما.
107 - (2222) حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَد - ننَا زُهَيْرٌ، حدثنا أَبُو الزبيْرُ، عَنْ
جَابِرٍ.
ح وَحَدثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزبيْرِ، عَنْ جَأبِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا غُولَ لما.
108 - (... ) وحدَّثنى عَبْدُ اللّهِ بْنُ هَاشِمٍ بنِ حَيَّانَ، حَدثنَا بَهْزٌ، حَدثنَا يَزِيدُ - وَهُوَ التُّسْتَرِى - حدثنا أَبُو الزبيْرِ، عَنْ جَأبِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " لا عَدْوَى وَلا غُولَ
ولم يكن للأول سبب إلا مشيئة الله وقدره، والممرض صاحب المشيئة المريضة، والمصح صاحب المشيئة الصحيحة.
واختلف فى قوله: " لا عدوى)، هل هو على جهة النهى أن يقال ذلك أو يعتقد ؟ فعلى هذا يصح دخول النسخ فيه، وأن يكون ناسخًا على قول بعض لقوله: ا لايوردن ممرض على مصح) (1)، وقيل: هو على وجه الخبر لنفيها، وأنه غير موجود ولامملق (2)، وعلى هذا لايصح دخول النسخ فيه.
وكذلك اختلفوا، هل قوله على العموم أو الخصوص وقد تقدم فيه ماتقدم / من التأويلات، وهو على جملة العموم، وف!ب فى معنى قوله فى زيادة فى حديث: ا لايوردن ممرض على مصح) فإنه أذى، هل ذلك راجع إلى نفس العدوى أو إلى تأذى النفس بذلك (3).
وقيل معنى إعجابه بالفأل الحسن ؛ فلما جبلت عليه النفوس من استحسان الحسن من
كل شىء بالميل إليه، كما جاء أنه كان يعجبه الأترج والفاغية (4) والحمام الأحمر ونحوه.
وقيل فى قوله: (ولاغول) أى أن الجنى لاتستطيع ال تغول أحدًا، أو تضله، أو تُغَيِّر صفته، ويدل عليه قوله فى الحديث الاَخر ولاغول ولكن السعالى قالوا والسعالى:
(1) هدا الكلام رد عليه الباجى حيث قال: إن كان بمعنى النهى يريد: لاتكرهوا البعحر الجرب بين إبلكم غير الجربة، ولا تمنعوا ذلك ولاتمتنعوا منه، فمانا لانعلم أيهما قال أولا، و(ن تعلقنا بالظاهر نقوله: ا لاعدوى ثا ورد فى أول الحديث فمحال أن يكون ناسخأ لما ورد بعده أو لما لايدرى ورد قبله أو بعده لا"ن الناسخ إنما يكون ناسخًا لحكم قدئبت قبله.
المنتقى 7 / 265.
(2) فى ح: ممكن.
(3) انظر: المنتتى 7 / 264.
(4) الفاغية: وهو كل ما كان من الشجر له ريح طيبة لا تكون لغير ذلك، وقيل: نور الريحان، وقيل: نور كل نبت.
اللسان، وغريب الحديث لابن قتيبة 1 / 88.
196 / ءا
146
وَلاصَفَرَ).
(7/145)
كتاب السلام / باب لا عدوى ولا طيرة...
إلخ
109 - (.
.
) وحدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حَدثنَا رَوح بْنُ عُبَ الةَ، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِى ابُو الزبيْرِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد اللّه يَقُولُ: سَمعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا عَدْوَى وَلا صَفَرَ وَلا غُولَ ".
ً
وَسَمعْتُ أبَا الزبيْرِ يَذْكُرُ ؛ أنَّ جَابِرًا فَسَّرَ لَهُمْ قَوْلَهُ: (وَلا صَفَر لما.
فَقَالَ أبُو الزبيْر: الصَّفَرُ: اَلبَطنُ.
فَقيلَ لِجَابِرِ: كَيْفَ ؟ قَالَ: كَانَ يُقَالُ دَوَابُّ البَطنِ.
قَالَ: وَلَمْ يُفَسِّرِ الغُولَ.
قَالَ أَبُو الز!نجيرِ: هَنِ! الغُولُ الَّتِى تَغَوَّلُ.
شجرة (1) الجن.
ومثله حديث عمر: (أن أحدًا لايستطيع أن يغير أحدًا عن خلق الله، ولكن للجن[ شجرة كشجرتكم] (2)، فإذا رأيتموهم فأذنوا بالصلاة) (3)، ومضى الكلام فى قوله: (ولا صفر)، وبقى منه ما حكاه بعضهم أن أهل الجاهلية كانوا يتشاءمون بصفر (4).
قال الإمام: وأما الخط فقد تقدم الكلام عليه فيما سبق، وأما النوى فقد تقدم الكلام
عليه فيما سبق أيضا، وأما البوم فالأنثى منه الهامة والذكر يسمى صدى (5).
قال القاضى: لم يقع عند اْشياخنا وفى جميع الروايات التى فى كتبهم فى هذا الحرف
إلا النوء وحده.
قال الإمام: وأما قوله: (ولا غول): فإن العرب كانت تقول: إن الغيلان فى[ القلوب براى] (6) للناس فتتغول تغولا، اى تتلون تلونا، فيضلهم عن الطريق فيهلكهم وقد ذكروها فى أشعارهم فأبطل ذلك - عليه السلام.
(1) فى ح: سحرة الجن.
انظر: الحيوان 6 / 58 1، غريب الخطابى 1 / 463.
(2) فى ح: سحرة كسحرتكم.
(3) انظر: مصنف عبد الرزاق، كالحج، بذكر الغيلان 5 / 162.
(4) انظر: أبا ثاود، كالطب، بالطيرة (3915) 4 / 18.
(5) انظر: مارق الا"نوار 2 / 272.
(6) فى!: الفلوات تراءى.
(7/146)
كتاب السلام / باب الطيرة والفأل...
إلخ
(34) باب الطيرة والفأل، وما يكون فيه من الشوم
147
110 - (2223) وحدئَثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حدثنا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْد الله بْنِ عُتْبَةَ ؛ انَّ ابَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمعْتُ النَّبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " لا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَاَ الفًألُ).
َ قِيلً: يَارَسُولَ اللهِ، وَمَا الفَألُ ؟ قَالً: (الكلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا احَدُكمْ).
(... ) وحدَثنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَيْثِ، حَدثَّنى أَبِى، عَنْ جِدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد.
ح وَحَد"شِيهِ عَبْدُ ال!هِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الذَارِمىُ، أَخْبَرَنَا ابُو اليَمَانَ، اخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كِلاَفُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَادَ، مِثْلَهُ.
وَفِى حَدِيثِ عُقَيْل: عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ.
وَفِى حَدِيثِ شُعَيْبٍ: قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ علته.
كَمَا قَالَ مَعْمَر.
111 - (2224) حدَّثنا هَدَابُ بْنُ خَالد، حَد*شَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا قَتَ الةُ،
عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ نَبِىَّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا عَدْوَى وَلَاً طيَرَةَ، وَيُعْجِبُنِى الفَألُ: الكَلمَةُ الحَسَنَةَ، الكَلِمَةُ الطيبةَ).
112 - (... ) وحلئَثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: أخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، سَمعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ انَسِ بْنِ مَالك، عَنِ النَّبىَ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: ا لا عَدْوَى ولا طِيرة، ويعجبنِى الفأل).
قال: قِيل: وما الفأل ؟ قال: (الكلِمة الطيبة).
13 1 - (2223) وحدَّثنى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدثَّنِى مُعَلَى بْنُ أَسَد، حَدةَشَا
عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَار، حَد"ننَا يَحْيَى بْنُ عَتِيق، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ عليه: ا لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، وَاحِمبُ الفَألَ الصًّالِحَ ".
114 - (... ) حدَتنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَد بْنِ سيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لاعَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا طِيَرَةَ، وَاحِبُّ اَلفَاكلَ الصَّالِحَ).
196 / ب
148
(7/147)
كتاب السلام / باب الطيرة والفأل...
إلخ 115 - (2225) وحدَّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا مَالِكٍ بنُ أَنَسٍ.
ح وَحَدهَّشَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عًلَى مَالكِ عَنِ ابْنِ شًهَاب، عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمِ - ابْنَىْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ - عَنْ عَبْدِ ال!هِ بْنِ عُمَرَ ؛ أًنَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الشُّؤْمُ فِى الدَّارِ وَالمَرْأَةِ وَالفَرًسِ ".
116 - (... ) وحدَّثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْقلَةَ بْنُ يَحْيَى، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شهَاب، عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمِ - ابْنَىْ عَبْد ال!هِ بْن عُمَرَ - عَنْ عَبْد اَللّهِ ابْنُ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: ا لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ، ياِنًّمَا الشّؤْمُ فِى ثَلاثَةٍ: الَمَرْاةِ وَالفَرَسِ وَالدَّارِ).
وقوله: فى حديث ابن عمر: (الشؤم فى الدار والمرأة والفرسي !)، وفى رواية اْخرى عنه: (إنما الشؤم)، وفى رواية أخرى عنه: (إن يكن من الشؤم شىء حق) وذكر مثله، ومثله فى حديث سهل بن سعد، وجابر بن عبد الله.
قال الإمام: أما ذكره الشؤم فى الدار والمرأة والفرس، فإن مالكا أخذ هذا على ظاهره
ولم يتأوله، فذكر فى كتاب الجامع من العتبية أنه قال: ([ زيد أرسلها] (1) قوم فهلكوا، واَخرون بعدهم فهلكوا)، وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره، فإن هذا محمله على أن المراد به: أن قدر الله - سبحانه - ربما اتفق بما يكره عند سكنى الدار، فيصير ذلك كالسبب، فيتسامح فى إضافة الشؤم إليه مجازًا واتساعا، قالوا: وقد قال فى بعض طرق مسلم: (إن يكن الشؤم حقأ) فهذا لفظ ينافى القطع، ويكون محمله أن يكون الشوم حقا، فهذه الثلاث أحق به، بمعنى أن النفوس يقع فيها التشاؤم بهذه أكثر مما يقع بغيرها.
وقد وقع فى بعض الاَحاديث: أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لما شكى إليه فى بعض الديار ذهاب الاَهل والمال، قال: (دعوها ذميمة) (2).
وقد اعترض بعض أهل العلم فى هذا الموضع بأن قال: فإنه نهى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الفرار من
بلد الطاعون، وأباح الفرار من هذه الدار، فما الفرق ؟ قيل: قال بعض أهل العلم إن الجامع لهذه الفصول كلها ثلائة / أقسام:
(1) فى!: رُلث دار سكنها.
(2) مالك فى الموطأ، كالاستئذان، بما تبقى من الثؤم 2 / 972 (23)، ائو داود، كالطب، بفى الطيرة (13924 عن أنه بن مالك - رضى الله عنه.
(7/148)
كتاب السلام / باب الطيرة والفأل...
إلخ 149 (... ) وحدَّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ - ابْنَىْ
عَبْدِ اللّهِ - عَنْ أَبِيِهِمَا، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَعَمْرؤ النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ ابْنُ حَرْب، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبيه، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدهَّشَا عَمْرٌو النَّاً قِدُ، حَد، شَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبِى، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ وَحَمْزَةَ - ابْنَىْ عَبْدِ اَلله بْنِ عُمَرَ - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَر، عَن النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدئنِى عَبْدُ المَلِكَ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيثِ بْنِ سَعْدِ، حَدئَّنِى أً بِى، عَنْ جَدًّ ى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ.
حِ وَحَد"شَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، اخْبَرَنَأ بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ إِسْحَقَ.
ح وحَدثمى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أخْبَرَنَأ أَبُو اليَمَانِ، أخْبَرَنَأ شُعَيْ!ث، كُلُّهُمْ عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبِيه، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فِى الشُّؤْمِ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِك.
لا يذْكُرُ أَحَد مِنْهُمْ فِى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: العَدْوَى وَالطَيرَةَ، غيْرَ يُونُسَ ابْنِ يَزِيدَ.
117 - (... ) وحدَثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ الحَكَم، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد"ننَا شُعْبَةُ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَدُ بْنِ زَيْد، أَنَهَُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدَثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، أَنَّهُ قَالَ: (إِنْ يَكُنْ مِنَ الشُّؤْم شَىءٌ حَقٌ، فَفِى الفَرَسِ وَالمَرْأَةِ وَالدَّارِ لما.
فأحد الأقسام: مالم يقع التأذى به ولاضطرب (1) فيه عادتهم خاصة ولاعامة، نادرة ولامخكررة.
فهذا لايصغى إليه، والشرع أنكر الالتفات إليه وهو الطيرة لأن[ نفى الغراى] (2) فى بعض الأسفار ليس فيه إعلام ولا إشعار بما يكره، أو يختار بلاجهة النذور ولا التكرار، فلهذا قال - عليه السلام -: ا لاطيرة).
والقسم الثانى: مما يقع به الضرر، ولكنه يعم ولايخص، ويندر ولاينكر (3) كالوباء،
فإن هذا لايقدم عليه احتياطا، ولايفر منه، لعدم أن يكون وصل الضرر إلى الفأل على الندور والتكرار.
والقسم الثالث: يخص ولايعم، ويلحق منه الضرر كالديار، فإن ضررها مختص بساكنها.
وقد ذهب فيها أهله وماله، على حسب ما قال الشاكى (4) للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فهذا يباح
(1) فى ح: اضطررت.
(2) فى ح: لقيا الغراب.
(3) فى ح: يتكرر.
(4) الشاكية امرأة، على حسب رواية مالك وأبى داود.
قال ابن العربى: هى دار مكمل بن عوف أخى عبد الرحمن به عوف.
القبس 2 / 356.
150
(7/149)
كتاب السلام / باب الطيرة والفأل...
إلخ (... ) وحدَّثنى هَرُونُ بْنُ عَبْد الله، حَد*شَا رَوح بْنُ عُبَادَةَ، حَد*شَا شُعْبَةُ، بهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَلَمْ يَقُلْ: حَق.
ً
118 - (... ) وحدَّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ، حَدثنَا ابْنُ أبِى مَرْيَمَ، أخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ
ابْنُ بلال، حَدثنِى عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ ابِيهِ ؛ ان رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالً: (إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِى شىْء، فَفِى الفَرَسِ وَالَمَسكًنِ وَالمَرْأةِ).
119 - (2226) وحدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حدثنا مَالكٌ، عَنْ أبِى حَازِبم، عَنْ سَهْل بْن سَعْد.
قَالَ: قَألَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ كَانَ، فَفِى اَلمَرْاة وَالفَرَسِ وَالمَسكَنِ لما يَعْنِى: الشُؤمَ.
ً
له الفرار.
فهذا التقسيم الذى قسمه بعض العلماء (1) يشير إلى الفرق بين هذه المسائل بعضها من بعض.
قال الق الى: وقد عارض بعض الملحدة هذا الحديث بقوله: ا لاطيرة).
قال القتبى:
وهذا تعسف، ووجهه: ان هذا الحديث مخصوص بحديث الشؤم، كأنه قال: لاطيرة إلا فى هذه الثلاثة، والطيرة على من تطير.
كان أهل الجاهلية يقولون ذلك، فنهاهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن انطيرة، فلم ينتهوا فبقيت فى هذه الثلاثة الأشياء.
وقد روى أبو هريرة عنه - عليه السلام -: (الطيرة على من تطير، دان يكن فى شىء ففى المرأة والدار والفرس)، وهذا يعضد قول من قال (2): إنه على الاستثناء، وقد جاء فى حديث آخر (3): ا لاشؤم)، وقيل: معناه: أن هذه الأشياء مما يطول التعذب بها وكراهة أمرها، وذلك لملازمتها بالسكنة والصحبة، دإن دفع الإنسان ذلك عن اعتقاده، فكلامه - عليه السلام - بذلك بمعنى الأمر بفراق ذلك وزوال التعذب به، كما قال: (اتركوها ذميمة) (4).
قال الخطابى: معنى هذا الحديث: أ إن طال] (ْ) مذهبهم فى التطير بالسوانح والبوارح، إلا أنه قال: ان كانت لاءحدكم دار يكره سكناها، وامرأة يكره صحبتها، او
(1) منهم ة أبو الوليد الباجى.
المنتقى 7 / 294.
(2) الخطابى فى معالم السنن 4 / 2237.
(3) رواه الترمذى 5 / 117 (824).
(4) سبق تخريجه.
(5) فى خ: إبطال.
(7/150)
كتاب السلام / باب الطيرة والفأل...
إلخ 151
(... ) وحلَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد 3شَا الفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدّثنَا هِشَامُ بْنُ سَعْد،
عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
!120 - (2227) وحلّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ الحَارِثِ،
عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: (إِن كَانَ فِى شَىَْ، فَفِى الرَّبعْ وَالخَادِم وَالفَرَسِ ".
فرس لاتعجبه ارتباطه - فليفارقه، بأن ينتقل عن الدار، ويبيع الفرس، ويفارق المرأة.
وكان مجرى هذا الكلام عن أستثناء الشىء من غير جنسه، وتسهل الخروج من كلام إلى غيره.
وقد قيل: شؤم الدار ضيقها، 1 سوء جارها] (1)، وشؤم الفرس ألا يغزى عليه.
وشؤم المرأة ألا تلد (2).
وقد يكون الشؤم هنا على غير المفهوم منه من معخى التطير، لكن بمعنى قلة الموافقة وسوء الطباع، كماجاء فى الحديث الاَخر: ! سعادة ابن اَدم فى ثلاثة، وشقوة ابن اَدم فى ثلاثة: فمن سعادته: المرأة الصالحة، / والمسكن الواسع، والمركب الصالح.
ومن شقاوته: المسكن السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء " (3)، وجاء فى حديث اخر من رواية جويرية عن مالك عن الزهرى ة أن بعض أهل أم سلمة - زوج النبى - أخبره أن أم سلمة كانت تزيد السيف فى الحديث (4).
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) انظر: معالم السق 4 / 236.
(3) أحمد (1 / لملا ا) عن سعد بن أبما وقاص عن أبيه عن جده.
(4) الفتح 6 / 48، ابن ماجة، كالنكاح (1 / 642) (1995) بما يكون فيه اليمن والشؤم، ومصنف عبد الرزاق (1 / 401) بالشؤم.
197 / أ
152
(7/151)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان
(35) باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان
121 - (537) حدثنى أَبُو الطَّاهرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ بَحْىَ، قاَلا: أَخْبَرَناَ ابْنُ وَفبٍ، أَخْبَرَنِى يُوثسُ، عَنِ ابْنِ شهاَب، عَنْ أبَى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف، عَنْ مُعَأوِيَةَ ابْنِ الحَكَ! السئُلَمِىٍّ، قاَلَ: َ قُلت: ياَرَسُولَ الله، أُمُورًا كُنًّا نَصْنَعُهاَ فِى الافلَيةِ.
كُئا نَا"تِى الكُهَّانَ.
قاَلَ: (فَلا تَا"تُوا الكُهَّانَ لما.
قاَلَ: قُلتُ: كُنَّا نَتَطَيرُ.
قاَلَ: (ذَاكً شَىْءٌ يَجِدُهُ أحَدُكُمْ فِى نَفْسِهِ، فَلا يَصُدنَكُمْ).
(... ) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنِى حُجَيْنٌ - يَعْنِى ابْنَ المُثَنّى! حَا شاَ اللَيْثُ،
عَنْ عُقَيْلٍ.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قاَلا: أَخْبَرَناَ عَبْدُ الرراق، أخْبَرَناَ مَعْمَز.
ح وَحَد، شاَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أبَى شَيْبَةَ، حدثنا شًبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حدثنا ابْنُ أبِى ذئْبٍ.
ح وَحَدئنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أخْبَرَناَ إِسْحَقُ بْنُ عيسَى، أخْبَرَناَ مَالِكٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الَرفُرِىِّ، بِهَذَا الإسْناَدِ، مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ يُونُس.
غَيْرَ انَّ مَالِكأ فِى حَدِيِثِه ذَكَرَ الطيرَةَ.
وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اهُفَان.
(... ) وحلّثنا مُحَمَدُ بْنُ الضبَاح وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قاَلا: حدثنا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ - عَنْ حَجَّاجٍ الضَوَافِ.
ح وَحَد*شاَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَناَ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدثناَ الأوْزَاعِىُّ، كِلاهُمَا عَنْ يحيى بْن أبِى كَثِيرٍ، عَنْ هلالِ بْنِ أبِى مَيْمُونَةَ، عَنْ عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، عَنْ مُعَأوِيَةَ بْنِ الحَكَم الستُلَمِىًّ، عَنِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
بِمَعْنَى حَديثِ الزُّهْرِىِّ عَنْ ابِى سَلَمَةَ، عَنْ مُعَأويةَ.
وَزَادَ فِى حَديثِ يحيى بْنِ ابَى كَثِيرٍ قاَلَ: قُلتَُ: وَمنَّا رِجَال يَخُطُونَ قاَلَ: " كَانَ نَبِىّ مِنَ الأنْبِياَءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطهُ فَذَاكَ).
قوله: كنا نأتى الكهان، قال: (فلا تأتوا الكهان)، قالوا: كنا نتطير، قال: (ذلك شىء يجده احدكم فى نفسه فلا يصدنكم): أى لا يصدنكم عما كنتم تريدون فعله.
قيل: دل من هذا أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما نهى عن الطيرة أن تعتقد أن لها تأثيرا، ويصمم على العمل بها عمل أهل الجاهلية، وأن نفيه لها نفى لحكمها لا نفى لوجودها إذا كانت الجاهلية تعتقدها، وتدين بها، ويجدون تأثيرها مما يقع فى أوهامهم وتصادف قدر الله وما أمر الكهان.
(7/152)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة داتيان الكهان 153 122 - (2228) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَجْد، أَخْبَرَناَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَناَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ يحيى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ أبِيًهِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قاَلَتْ: قُلتُ: ياَرَسُولَ اللهِ،
وقوله فى الحديث الاَخر: إنهم يحدثونا بالشىء فنجده حقأَ، قال: " تلك الكلمة
الحق يخطفها الجنى، فيقذفها فى أذن وليه ويزيد فيها مائة كذبة): كذا لهم، وهو الصواب.
وفىِ رواية: (يحفظها)، والأول المحفوظ ونص كتاب الفه، قال اللّه - سبحانه: { إِلاَّ من خَطِفَ الْخَطْفَةَ} (1).
قال الإمام: أما الكهان فهم قوم يزعمون أنهم قوم يعلمون الغيب بأمر يلقى فى أنفسهم (2)، وقد أكذب الشرع من ادعى علم الغيب، ونهى عن تصديقهم، وقد ذكر مسلم عن النجى - عليه السلام - وجه إصابة بعضهم فى بعض الأحايين، وأنه من استراق السمع، يسترقه ولى الكاهن من الجن ويوصله إليه.
قال التهاضى: الكهانة كانت فى العرب على أربعة ضروب:
أحدهما: [ أن يكون له إنسان أى من الخير] (3) فيخبره بما يسترق من السمع من السماء، وهذا القسم قد بطل منذ بعث اللّه محمدًا ( صلى الله عليه وسلم )، كما نص اللّه - تعالى - فى الكتاب (4).
الثانى: أن يخبره بما يطرأ فى أقطار الأرض وما خفى عنه بما قرب أو بعد، وهذا لا
يبعد وجوده ونفت هذا كله المعتزلة (5) وبعض المتكلمين (6) وأحالوه، ولا إحالة ولا بعد فى وجود مثله، لكنهم يصدقون ويكذبون، والنهى عام فى تصديقهم والسماع منهم.
الثالث: التخمين والخرز، وهذا يخلق اللّه منه لبعض الناس قوة ما لكن الكذب فى
هذا الباب أغلب.
ومن هذا الفن العرافة، وصاحبها عراف، وهو الذى يستدل على الاَمور بأسباب ومقدمات يدعى معرفتها بها (7)، وقد يعتضد بعضر أهل هذا الفن فى ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة وهذا الفن هى العيافة بالياء، وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة عندهم، ويعلمها فى أكثر كتبهم.
وفى الحديث الذى ذكر مسلم: (من أتى
(1) الصافات:.
ا.
وهذا الكلام المذكور عن الكهانة مذكور قبل كتاب الكهانة وهو واضح.
(2) انظر: معالم السن 4 / 225 واللمان، مادة (كهن).
(3) فى ح: أن يكون للإنسان ولى من الجن -
(4) قوله تعالى فى سورة الجن ت 8، 9، والصافات: 6 - 10.
(5) الملل والنحل 1 / 53
للا) انظر: مقالات الإسلاميين واخلاف المصلين ص 437.
(7) انظر: معالم السن 4 / 225.
154
(7/153)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة دإتيان الكهان
إِنَ اهُفَانَ كَانُوا يُحَدَثونَناَ بِالشئَىْءِ فَنَجِدُهُ حَفا.
قاَلَ: (تِلكَ أهَلِمَةُ الحَقّ، يَخْطَفُهاَ الجِنِّى فَيَقْذفُهاَ فِى افُنِ وَلِيهِ، وَيَزِيدُ فِيهاَ مِائَةَ كَذْبَة).
123 - (... ) حدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيمب، حدثنا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَقَ، حدثنا مَعْقِل - وَهُوَ ابْنُ عُبَيْد اللهِ - عَنِ الزّهْرِىِّ، أخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ ؛ أَنَهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ: قاَلَتْ عَائشَةُ: سَاكل انَاَس!رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ اهُهَّانِ ؟ فَقاَلَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَيْسُوا بشَىْء لما.
قاَلُوا: ياَ رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُمْ يُحَدَثونَ أَحْيانا الشَّىََْ يَكُونُ حَقًا.
قاَلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (تِفكَ
عرافا فسأله عن شىء لن تقبل له صلاة أربعين يوما) تقدم معنى العرافة، وأنه من الكهان.
قال الهروى: العراف: الحاذى والمنجم الذى يدعى علم الغيب، وقد استأثر اللّه به.
وأما معاقبته بترك قبول صلاته، فمذهب أهل السنة: أن السيئات لا تبطل الحسنات
ولا يحبطها شىء إلا الكفر، والمراد بهذا أ القبول] (1) - واللّه أعلم - قبول الرضى وتضعيف الأجر، ولا قبول الأداء وسقوط العهدة (2).
وما اختصاصه بأربعين ليلة فى قبول صلاته، وقد جاء مثل وهذا فى شارب الخمر (3) - فمن أسرار الحكمة الشهكلية، وقد جاء عدد الأربعين فى تنقل أطوار الخلق فى الرحم ؛ من النطفة، والعلقة، والمضغة (4)، وجاء الحد فى قصة الأظافر والشارب، وحلق العانة اربعون يومأَ (5)، وجاء: (من أخلص اللّه أربعين صباحأَ، ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) (6)، فيحمل فى شارب الخمر أنه ينتقل اللحم المتولد عما شرب من الخمر وتبدله بغيره.
وقد ذكر أهل التجارب أن السمن يظهر فى الحيوان فى أربعين يوما.
وكذلك المخلص أربعين يوما يظهر بذلك تغيير طباعه عما كانت عليه وانتقال صفاته، ولذلك تغير نبات الشعر والا"ظفار فى أربعين يومأَ!
وقوله فيهم: ا ليسوا على لثمىء) دليل على بطلان قولهم، وأنه لا صحة ولا حقيقة
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(2) نهتل مثل هذا القول القرطبى فى المفهم 3 / ق ه 1 2، شرح مسلم 227 / 14.
(3) رواه الترمذى، كالا"شربة، بما جاء قى لثمارب الخمر 257 / 4، أحمد 189 / 2، ابن ماجة 2 / 176، النسائى 8 / 17لم.
(4) البخارى 78 / 4 بذكر الملائكة، كبدء الخلق.
(5) صحيح مسلم 1 / 222، التم ؟ مذى 86 / 5، أبو ثاود 4 / 84.
(6) الحلقة 5 / 189، ابق الجوزكما فى الموضوعات 3! / 144.
(7/154)
صفحة محذوفة رقمها 155
(7/155)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة داتيان الكهان
العَرْشِ: مَاذَا قاَلَ رَبُّكُمْ ؟ فَيُخْبِرُونُهُمْ مَاذَا قاَلَ.
قاَلَ: فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السئَمَوَاتِ
وليه قر الدجاجة، فيخلطون فيها أكثر من مائة كذبة).
قال الإمام: يقال: قررت الخبر فى إذنه أقره قراً: أودعته، وقر الطائر قراً: صوت، قال بعضهم.
وقال غيره: قرت الدجاجه قراً.
وفى رواية المقريزلى (1) عن البخارى (2): (قر الدجاجة ثا، بكسر القاف، وهو حكاية صوتها.
قال الخطابى فى غريبه: قرت يقر قراً: يإذا رجعت فيه، قيل: قرقرت وقرقريرا (3)، قال الشاعر ة
[ إذاً قر قرت هاخ! الهوى قرقر يرها] (4)
وقال الراجز: [ صوت الشقراق إذا قال قرقر].
فأظهر لعلة التضعيف على الحكاية، قال: والمعنى: أن الجنى يقذف بالكلمة إلى
وليه الكاهن فيتسامع بها الشياطن (ْ)، كما يؤذن الدجاجة بصوتها صواحباتها فيتجاوب، قال: وفيه وجه اخر وهو أن تكون الرواية كقر الدجاجة، يدل عليه رواية البخارى: (فيقرها فى أذنه كما تقر القارورة) (6)، فذكر القارورة فى هذه الرواية يدل على ثبوت الرواية بالدجاجة.
قال القاضى: أما مسلم فلم تختلف الرواية فيه (الدجاجة) بالدال، وأما رواية الزجاجة بالزاى فاختلفت فيها الروأيات عن البخارى (7)، فقد ذكر الدارقطنى أنه مما صحفوا فيه (8)، وأن الصواب: (الدجاجة) بالدال، تكن رواية (القارورة) تصحح
(1) فى ح: الفربرى، وهو الصحيح.
وهو محمد بن يوسف بن مطر بن صاح بن بثير الفربرى، نسبه إلى فربر، أبو عبد الله راوى الجامع الصحيح عن البخارى سمعه منه بفوبر مرتين، مات سنة 0320 انظر: وفيات الاعان 4 / 290، السيو 15 / 0 1، معجم البلدان 4 / 246.
(2) البخارى، كالاَدب، بقول الرجل للشىء ليس بشىَ وهو ينوى أنه ليس بحق (6213).
(3) انظر: غريب الحديث للخطابى 1 / 612.
(4) البيت فى تهذيب اللغة 8 / 282، الصحاح 2 / 0 79.
(5) تغسسير الخطابى مخالف لنص حديق البخلى ى الذى ساقه هو فى خلال شرحه.
قالته الاحثة فى الرسالة.
قال القرطبى فى المفهم بعد ال ذكر كلام الخطابى: والاءشبه بمساق الحديث أن يكون معناه: ان الجنى يلقى إلى وليه تلك الكلمة بصوت خفى فيراجع بزمزمة ويرجعه له، كما يلقيه الكهان للناس، فإنهم تسمع لهم زمزمة وأسجاع وترجيع، على ما علم من حالهم بالمشاهدة والنقل.
(6) البخاوى، كصفة إبليس، ببدَ الخلق.
الفتجع 263 / 6.
(7) ذكره القاضى فى المسارق عن مسلم، أنه لم يختلف الروأية فيه ط قال: واختلفت فيه الروايات فى البخارى.
المشارق 1 / 254.
(8) ذكره القاضى فى المسارق 1 / 254، والقرطبى فى المفهم 3 / 215، وابن حجر فى الفتجع 10 / 180.
(7/156)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة واتيان الكهان
157
بعْضًا، حَتَّى يَبْلُغَ الخَبَرُ هَذه السَّمَاءَ11 لُّنْيأَ، فَتَخْطَفُ الجِنُّ السَّمع فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ بِهِ، فَماَ جَاؤُوا بِهِ عًلًى وَجْهِهِ فَهُوَ حَق، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ).
(... ) وحدّثنأ زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنأَ الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدثنأَ أَبُو عَمْرٍو الأوْزَاعِىُّ خ وَحَدضَننأَ أَبُو الطَّاهرِ وَحَرْمَلَةُ، قاَ لا+ اخْبَرَثاَ ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَد 8شِى سَلَمَةُ ابْنُ شَبِيب، حدثنا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حدثنا مَعْقِل - يَعْنِى ابْنَ عُبَيْدِ ال!هِ - كُلُّهُمْ عَنِ ذلك، وأنه بمعنى الزجاجة، ويكون قرها أ بمعنى] (1)، قال القابسى (2) معناه: يكون لما يلقيه لوليه حس كحس القارورة عند تحريكها مع أ التدار وعلى] (3) صفا، وكذا يفهم من الإسناد الآخر، وكذا فى الحديث الاَخر (4) الذى فيه: (كقرقرة الدجاجة)، أى كما يسمع من صوت الدجاجة إذا حكت على شىء.
وقد قيل: قر الزجاجة صوت صب الماء فيها أو الثىء يلقى، يقال: قر عليه دلواً
من ماء: إذا صبها عليها.
قال صاحب الأفعال: قررت وأقررت الماء فى السقاء: صببته، أو يكون صوت تردد الماء فى القارورة حين صبها.
وكذا جاء فى الحديث: (كما تقر القارورة) إذا فرغ ما فيها.
وقال ابن الأعرابى (ْ): القَر: ترديد الكلام فى افن الاَبكم حتى يفهمه، وقال: قر
ذلك فى أذنه: إذا ساره به.
وقال صاحب الاَفعال: قررت الخبر فى أذنه أقره قرا: أودعته.
وقال ابو زيد: أقره بالكسر، قال بعضهم: فالمعنى على هذأ: انه يقر الكلمة فى أذن الكاهن من غير صوت وعلى القرقرة، والتفاسير الأخر: أنه يضعها بصوت، قالوا: وقوله: (كما يقر القارورة وقر الزجاجة على من رواه، دإنما هو على الاتساع، أى كما يقر الثىء فى القارورة أو يصب الماء فيها، كما قال تعالى: { بَلْ مَكْرُ الفَيْلِ وَالئهَايِ} (6) أى مكر (7) بالليل والنهار.
(2)
(3) (5) (6)
ساقطة من ز، والمثبت من ح.
هو أبو الحمن على محمد بن خلف المعافرى القروى القابسى المالكى، ولد سنة 324 هـ، راوى الجامع الصحيح للبخارى، كان عارفا بالعلل والرجال والفقه وال الصول والكلام، وكان ضريراً، له من التصانيف: المهذب فى الفقه، وأحكام الديانات وملخص الموطأ وغيرها، توفى سنة 403 هـ.
وفيات ال العيان 3 / 0 34، السير 17 / 158، تذكرة الحفاظ 3 / 79 0 1،
فى!: اليد أو على.
البخارى، كالتوحيد، بقراءة الفاجر والمنافق وئصواتهم 8 / 218.
نقله عنه الهروى فى الغريبن 3 / 46، والخطابى فى الغريب 1 / 612، واللسان، وأعلام الحديث 1516 / 3.
سبأ: 33.
(7) فى!أ: مكرهم.
199 / ءا
158
(7/157)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة دإتيان الكهان
الزّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْناَد، غَيْرَ أَن يُوثُسَ قاَلَ: عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَبَّاس، أَخْبَرَنِى رِجَاذ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ الا"نْصَأرِ.
وَفِى حَدِيثِ الاَ"وْزَاعِىِّ: (وَلَكِنْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ ".
وَفِى حَديثِ يُونُسَ: " وَلَكِنَّهُمْ يَرْقَوْنَ فيه وَيَزِيدُونَ).
وَزَادَ فِى حَديث يُونُسَ: (وَقاَلَ اللّهُ: َ{ حَتَّى اٍذَا فُزِّع عَن قُلُوبِهِمْ فَالُوا مًاَذَا قَالَ رَبّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ} (أَ).
وَفِى حَدِيثِ مَعْقِلٍ كَماَ قأَلَ الا"وْزَاعِىّ: (وَلَكِئهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ).
125 - (2230) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المثَنَّى العَنَزِىُ، حدثنا يَحْيَى - يَعْنى ابْنَ سَعيد - عَنْ عُبَيْدِ الده عَنْ ناَفِع، عَنْ صَفيةَ، عَنْ بَعْضِ ازْوَلبم النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم )، قأَلً ة " منْ أَتَى عَرَّافًأ فَسَالَهُ عَنْ شَىْء، لًمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةُ أَرْبَعِقَ لَيْلَةً).
وقيل: إن معناه: أن الجنى يقرها فى أذن وليه الكاهن يسامع بها الشياطن، كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحبها، فيتجاوبن، وذلك من شأنهن قوله وأما ما ذكر عن الفربرى أنه رواه: (قر) بكسر القاف، فلم يضبطه عن الفربرى من جميع الطرق ولا عن غيره، ولا يصح الكسر فيه ولو / صحت به الرواية، لكنه وضع فى كتب بعض الشيوخ كما قال.
وقوله: (فيقذفها فى أفن وليه): أى بلغتها (2)، قال الله تعالى: { ان رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ (3) عَلاَّمُ الْيوب} (4).
ذال يطود4 (0): أن لجقى الحق فى قلب من يثاء، ويحتمل أن يكون معناه: أن يقول فى أذن وليه ما لا يعلم، ولاحقيقة عنده منه إلا ما استرق من كلمة من قصة لا يدرى شرحها وتمامها، قال الله تعالى: { وَيَقْذِفُونَ بِالْفَيْبِ مِن مَّكَان بَعِيد} (6)، أى يتخرصون ويقولون ما لا يعلمون.
وفى الحديث الاَخر من رواية صالح عن الزهرى: (يقرفون (7) فيه ويزيدون (8) فيط بالذال، هذه رواية الجلودى وغيره، وهى بمعنى ما تقدم من التخوص، وقول مالا يعلمون.
وفى رواية ابن ماهان من طريق الهوزنى: (ويقرفون) بالراء، وكذا جاء بغير خلاف
(1) سباْ: 53.
(2) فى خ: يلقتها.
(3) فى ز - بالغيب.
(4) سبأ: 48.
(5) هو أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان العتلى الأسدى المشهور بنفطويه لذمامته وأومته، تشبيها له بالنفط، توفى سنة 323 هـ، وفيات الأعيان 47 / 1، السير 5 1 / 75.
(6) سبأ: 53.
(7) فى ز: يقذفون.
(8) فى ز: تريدون.
(7/158)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة دإتيان الكهان
159
فى رواية الأوزاعى ومعقل، ومعناه عندى: ان يكون من الخلط.
قال صاحب العين: القرف: الخلط، اى يخلطون فيها من الكذب، كما قال ويزيدون.
وفى حديث يونس: " يرقون فيها ويزيدون) كذا قيدناه على شيوخنا بضم الياء
وفتح الراء وتشديد القاف (1) وفى بعض النسخ: (يرقون) بفتح الياء وسكون الراء، قال بعضهم: وهو الصواب، ومعناه بمعنى: يزيدون (2)، يقال: رقى فلان على الباطل: إذا تقوله، بكسر القاف.
وهو من أكبر (3) وهو الصعود، أى أنهم يدعون فوق ما سمعوا.
قال القاضى: ولا فرق بين اللفظيئ، أحدهما مضعف والاَخر على أصله.
وقوله ة ا لكن ربنا إذا قضى أمراً سبح حملة العرش وسبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، قال الذين يلون حملة العرش: ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم) ثم ذكر استخبار بعضهم بعضا حتى يبلغ الخبر هذه السماء، فيخطف الجن السمع: فيه جواز التسبيح عند استعظام الأمور، وذلك أن عظمتها من عظمته تعالى وتحت قدرته فتسبح لكً.
وقيل: إن حملة العرش من أقرب الملائكة وأعلاهم منزلة وأكثرهم علمأ، وأنهم
أول ما يطلع على ما ينكشف من ال المور ويظهر الله من قضائه وعلم غيبه، وأن ملائكة كل سماء إنما تستمد العلم من ملائكة السماء التى فوقها.
قال الإمام: وأما التنجيم، فمن اعتقد اعتقاد كثير من الفلاسفة فى كون الأفلاك فاعلة لما تحتها، وكل فلك يفعل ما تحته حتى ينتهى الاَمر إلينا وسائر الحيوان والمعادن والنبات، ولا صنجع للبارى - سبحانه وتعالى - فى ذلك، فإن ذلك مروق من الإسلام (4).
وأما من قال: لا فاعل إلا الله جلت قدرته، وهو عز وجل فاعل الكل، ولكن فعل البارى سبحانه فى هذه الجواهر قوى طبجعية يفعل بها، كما خلق فى النار قوة وطبيعة يحرق بها، ويحتجون على ذلك بمشاهدتهم الشمس تسخن ويصلح أكثر النباتات، فيقولون: على هذا غيره مستنكر ال يكون امتزاج قوة المشرى وزحل فى قرانها الأصفر، يكون من التأثير عنه كذا وكذا، ويكون التأثير عن قرانها الاَوسط أعظم لزيادة القوة الطبيعية، وقرانهما الأعظم يكون فيه التأثير عظيما مهولا ؛ لعظم قوتها، وزيادة الطبيعة المؤثرة بانتقالها على صفة اخما (ْ).
(1) انظر: المشارق 1 / 299.
(2) انظر: غريب الحديا للخطابى 1 / 612.
(3) فى! ؟ ا ترقى.
(4) أنظر فى هذا المعتقد الباطل ودحضه: الفصل لابن حزم 147 / 5، النبوات لابن تيمية ص 51، تهافت الفا، سفة ص 86 -
(5) فى!: أخرى.
199 / ب
(7/159)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان
ويعتذر الحذاق منهم المنتسبون إلى الإسلام العاطلون (1) بهذه الشبهة (2)، التى هى القياس على ما شوهد من الشمس عن خطاياهم فى كثير من القضايا، بأن يقولوا: فإن القوة الحادثة عن امتزاج الكوكبن واتصالهما على بعض صفات الاتصال التى يذكر، ومنها لا يوقف على حقيقتها، وإنما تؤخذ بالحدس والتخمن فيقع الغلط لأجل ذلك، كما يعرف الطبيب قوة كل عقار على انفراده، ولكنه إذا مزج الكثير منها لا يقف على حقيقة المزاج المركب ؛ فلهذا لا يقع الشفاء بكل دواء يشفيه (3).
ويقولون - أيضأ -: وربما صادمت بعض القوى الأرفحية القوى السماوية فمنعها التأثير، فيغلط المنجم حينئذ، وهذا كما أن السم قتال يقضى بذلك الطبيب، فإذا تقدم شاربه بشرب بازهر ذلك السم وثرياقه بطل تأثيره.
وهذا مسلك الحذاق منهم، والرد عليهم أن يبطل القول بالطبيعة أصلا، وهذا مستقصىً فى كتب الأصول (4)، ومن أقر به أن الفاعل من شرطه أن يكون عالما قادرا حيأَ، والطبيعة ليست كذلك عندهم، فلو صح قوة (5) الفعل إلى قوة ما وليست بحية ولا عالمة، صح إضافة الفعل إلى الموت أمنأ (6)، ويقع هولاء فى نفى البارى سبحانه ولا حاجة - على أصلهم - إليه ولا دليل يقوم على إثبات فاعل عالم مختار، وما (7) المانع على أصلهم أن يكون الذى يسمونه واجب الوجود يفعل بقوة فيه من غير أن يكون عالما ولا حيا، كما صح أن يفعل بالطبائع عندهم وليست بحية ولا عالمة.
ومن صرح بهذا وضح كفره.
وأيضأ، فإن هذه القوة لا يقدرون على بيانها، ولا يزال يضطرهم إلى تفسيرها حتى يلحقوها بالجواهر أو بالأعراض، وكلاهما لايصح منه خلق الاَجسام، ولا الفعل فى غيره.
وأيضأ، فإن المفعول (8) عندهم على القياس على المشاهدة، على حسب ما قالوه فى الشمس من شرط أفعال المحدثات بعضها فى بعض، أن يكون باتصال أو محاسة أو بوسائط وزحل / فى الفلك الشائع (9) عندهم والإنسان فى الأرض التى هى غير محسوسة عندهم بإضافتها إلى فلك زحل، لا اتصال بينه وبين رجل (ْا)، ولا وسائط يتصل بعضها ببعض، حتى ينتهى الأمر إلى الإنسان، وقصارى ما يشتهون (11) به الهواء،
(1) فى ح: الغالطون.
(2) فى ح: التسمية.
(4) انظر: تهافت الفلاسفة ص 86، النبوات ص 51
(5) فى خ: إضافة.
(6) فى الرسالة: منا.
(8) فى ح: المعقول.
(9) فى ح: السابع.
(11) فى خ: يشيهون.
(3) فى!: يسقيه.
(7) فى خ: أما.
(10) فى خ: زحل.
(7/160)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان
161
فإنه متصل بالإنسان بكل مكان، وهو متصل بما فوقه، هكذا إلى زحل.
وهذا باطل من طريقيى: احداهما: ان القوة التى يقبلها الهواء التبريد والتسخين والرطوبة واليبس.
فهب أنا سلمنا لهم وقوع بعض الأمراض لتغيير الهواء بفعل زحل فيه، فلما اختص المرض بهذا الإنسان والهواء شامل ؟ وما الحيلة فيما يجرى على الإنسان من غير الا"أراض لضرب عنقه، او زوال رياسته، أو ذهاب قاله ؟ وهذا بعيد أن يظن أنه من قتل - (1) 1 اء وأيضأ فان الكرة التى عندهم تعلو الهواء - وهى النار -: يحب اذا بعيرلهوء...
وصلت قوة زحل إليها أن ينقلب إلى طبيعة النار أو يتغير عن حقيقتها بمضار من قوة ثابتة مضادة لها فلا تصل القوة إلى الهواء على حالها فتفعل فيه.
وأيضأَ، فإنه ما حصل لهم.
أكثو من اقتران خمسين (2)، زعموا أنهما يؤثران فيما يحبهما (3)، فلو ادعى مدع أن ما تحتهما أثر فيهما، وأما الذى يكون جوابه فكون الشىء فوق أو تحت لاحظ له عندهم فى القوة الفاعلية.
ولو زعم زاعم أن بعض اتصالات الزهرة وعطارد أو الشمس أثر ما أضافوه إلى زحل
أو كسب زحل قوة على التأثير، ماذا يكون جوابه ؟ وليس له جواب إلا أن يقول: فأنا نشاهد هذا التأثير عند قى ان هذين النقلين (4)، سواء كان ما تحتهما على ما قلتموه، أو لم يكن.
قلنا: وأنتم - أيضا - مشاهدون هذا القران، ولا يؤثر ما يجب تأثيره عندكم.
فإذا سئلتم عن هذا قلتم: كان فى البروج من الكواكب الثابتة ما أبطل فعله، فإذا أريناكم فى قران اَخر تلك الصفة بعينها ولم يؤثر قلتم كان قبله من قوة الاجتماع والاستقبال ما أبطل فعله، فإذا أريناكم هذه النصبة، وأيضا ولم يؤثر قلتم: كان طالع التحويل يمغ هذا التأثير.
فإذا أيضأ عدنا للمناقضة[ قلت] (5): فإن برج الابتهاء منه معه كذا وكذا، ولا أقل
من أنه يدعى أمراً ويذكر اتصالا ويحيل عليه، ولا قدرة لكم على منعه منه إلا بعوائد تطرد فى تلك النصب، وهو ألا يتفق تكرره مع عدم المقادير (6)، وكيف يتصور تأثير الطبيعة بأن انتهاء / عمر المولود كذا وكذا، وهذا لا مدخل له فى الطبجعة حتى يقدر فعلأ أو مانعأ.
وهذه الطريقة - أيضأ - تضعف طريقة الإسلامين منهم الذين يقولون: لا خالق إلا
الله عز وجل، دإنما هى دلالات على الغيوب بعادة أجراها البارى - جلت قدرته - كما أجرى الغيوم والسحب الثقيلة دلالة على الأمطار، دإن كانت ربما خانت ؛ لاءن ما يذكرونه
(1) قى ح: قيل تغير.
(3) فى خ - تحتهما.
(5) ساقطة من الاَصل.
(2) فى خ: جسمين.
(4) فى خ.
الثقلين.
(6) فى خ: المعاذير.
162
(7/161)
كتاب السلام / باب تحريم الكهانة دإتيان الكهان
من الطرق التى يتحصل المعرفة منها يتصل (1) جدا ولا ينضبط.
والحذاق منهم يعترفون أبهذا] (2).
وقد حاول القاضى ابن الطيب (3) الاعتضاد فى الرد عليهم بالسمعيال! وما وقع من العمومات ؛ فى ألا يعلم الغيب إلا الله عز وجل، وما وقع من الاَثار عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى النجوم بالتخصيص (4).
وهذا القدر كاف، دانما يشير إلى اللباب فى كل طريقة.
(1) فى خط: تتسع.
(2) ساقطة من الأصل، وأثبتناها من ح -
(3) هو أبو بكر محمد بن الطيب بن محمد، المعروف بالباقلاَنى البصرى، المتكلم المشهور، كان مالكيا فاضلا، لقب بشيخ السنة.
ت 403 هـ.
انظر: ترتيب المدأرك 4 / 585، وفيات ال العيان 4 / 609.
(4) من هذا ما رواه زيد بن خالد الجهنى فى صحبح مسلم 83 / 1 حديث رقم (125).
(7/162)
كتاب السلام / باب اجتناب المجذوم ونحوه
163
(6!) باب اجتناب المجذوم ونحوه
126 - (2231) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أَخْبَرَناَ هُشَيْمٌ.
ح وَحَدثناَ أَبُو بَكْرِ بِنُ ابِى شَيْبَةَ، حَد"نناَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاء، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، عَنْ أَبِيهِ.
قاَلَ: كَانَ فِى وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذُومٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهً النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّا قَدْ باَيَعْناَكَ فَارْجِعْ لما.
وقوله: كان فى وفد ثقيف رجل مجذوم، فآرسل النبى ( صلى الله عليه وسلم ): " إنا قد بايعناك فارجع)، قال الثتاصْى: هذا موافق للحديث الاخر فى صحيح البخارق: (وفر من المجذوم فرارك من الاَسد) (1)، وقد مصى الكلام على هذا المعنى، وأنه غير معارض لقوله.
ا لا عدوى)، وهو موافق لاتوله: " لا يوردن ممرض على مصح) (2).
وقد اعترض النظام من المبتدعة بمعارضة هذه الأحاديث.
وما تقدم من الكلام فى باب العدوى كاف فى الرد عليه.
وقد اختلفت الاَثار عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى قصة المجذوم وحكمه، فروى عنه ما تقدم،
وقد ذكر الطبرى عن جابر: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) واكل مجذوما وأقعده معه، وقال: (كل ثقة بالله وتوكلاً عليه) (3)، وعن عائشة وقد سألتها امرأة عن الحديث المتقدم فى الفرار منه فقالت: كلا والله، ولكن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: ا لا عدوى فمن أعدى الأول ؟)، وقد كان لنا مولى أصابه ذلك، فكان يأكل فى صحافى ويشرب فى أقداحى، وينام على فراشى (4).
وهذا يدل من فحوى كلام عائشة أنها لم تنكر الحديث الأول، ولكنها ذهبت إلى نسخه بقوله: ا لا عدوى) وبفعله - عليه السلام - وقد روى - أيضا - ذلك عن أئمة السلف عمر وغيره (5).
وقد ذهب بعضهم - أيضا - إلى الجمع بين الحكمين بغير طريق النسخ وترك أحد الخبرين بأن امره - عليه السلام - بتجنب ذلك على سبيل الاحتياط ومخافة ما يقع فى
(1) البخارى، كالطب، بالجذام (7ْ57).
(2) مسلم، كالسلام، بلا عدوى ولا طيرة حديث رقم (104).
(3) رواه الطبرى فى تهذيب الاَثارص 31 مسند على، والترمذى 4 / 234 (1817).
(4) الطبرى فى تهذيب الاثارص 30 مسند على، ابن حجر فى الفتح، وقد سكت عنه 10 / 130 كالطب، بالجذام.
(5) تهذيب الآثارص 28 - 31 مسند على، ابن حجر فى الفتح 0 1 / 129، المنتقى 7 / 264.
164
(7/163)
كتاب السلام / باب اجتناب المجذوم ونحوه
النفس من أمر العدوى، ثم فعله بخلاف ذلك ليرى اْن أمره ليس على / الوجوب والتحريم.
دإلى هذا نحا الطبرى (1).
وذهب الباجى إلى أنه بمعنى الإباحة، أى إذا لم يصبر على أذاهُ وكرهت مجاورته، فمباح لك أن تفر منه (2).
قال بعض العلماء (3): وفى هذا الحديث - وما فى معناه -: الدليل على أنه يفرق
بين المجذوم وامرأته، اذا حدث به الجذام وهى عنده لموضع الضرر، إن لم ترض المقام معه.
واختلف أصحابنا فى منعه إماءه (4) إذا كان فى ذلك ضرر أو إباحة ذلك له.
قالوا: وكذلك يمنع من المسجد واختلاط الناس (5).
وكذلك اختلفوا هل يؤمرون إذا كثروا بأن يتخذوا لأنفسهم موضعا خارجا عن الناس، ولا يمنعوا من التصرف فى منافعهم ومسكنهم، وهو الذى عليه أكثر الناس ؟ أو لا يلزمهم التنحى (6) ؟ ولم يختلفوا فى القليل منهم، ولا يمنعون من الجمعة ويمنعون من غيرها.
وإذا استضر أهل القرية بمن جذم من شركائهم فيها وفى مائها، فقد قال بعض أصحابنا: إن قووا على استنباط ماءٍ آخر من غير حرج ولا ضرر أمروا به، والا كلف الآخر أن يستنبطوه أو يقيموا لهم من يستقى لهم، وإلا فهم أحق بنصيبهم من الماء (7).
(1) تهذيب الآثارص 33.
(2) 1 لمنتض 265 / 7.
(3) منهم: الخطابى فى أعلام الحديث 3 / 2119، الباجى فى المنتقى 7 / 265.
(4) فى ز: إياه وهو تصحيف.
(5) انظر: شرح البخارى 4 / 187، المنتقى 7 / 266.
للأ) انظر: تفصيل أقوال العلماء فى شرح البخارى لابن بطال 4 / ق 87 1، المنتقى 7 / 7 5 2.
(7) هذا القول قاله يحمص بن يحمص، نقله عنه الباجى 7 / 265.
(7/164)
كتاب السلام / باب قتل الحيات ونحوها
165
(37) باب قتل الحيات وغيرها
127 - (2232) حلّفنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَدثناَ عَبْدةُ بْنُ سُلَيْماَنَ وابْنُ نُمَيْر،
عَنْ هشَامٍ.
ح وَحَد، شاَ أَبُو كُرَيْب، حدثنا عَبْدَةُ، حَد، شاَ هشَامٌ، عَنْ ابِيه، عَنْ عَائشَةَ، قاَلَتْ.
أَمَر رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِقَتْلِ ذِى الطُّفْيَتينِ، فَإِنَّهُ يَلتَمِسُ الَبَصَرَ وَيُصِيبُ الحَبَلَ)+ (... ) وحدثنا إشْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أَخْبَرَناَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، أَخْبَرَناَ هشَامٌ.
بِهَذا الإسْناَد، وَقاَلَ: الا"بْتَرُ وَفُو الطّفْيَتَيْنِ.
ً
128 - (2233) وحدّثنى عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد النَّاقدُ، حَد، شاَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ ابيه، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (اقْتُلُوَا الحَياتِ وَذَا الالفْيَتَيْنِ وَالأبْتَرَ، فَإِنَّهُماَ يَسْتَسْقِطاَنِ الحَبَلَ وَيَالتًمِسَانِ البَصَرَ).
قاَلَ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ كل حَيَّة وَجَدَهاَ، فَا"بْصَرَهُ أَبُو لُباَبَةَ بْنْ عَبْدِ المُنْذِرِ اوْ زَيْدُ
ابْنُ الخَطَّابِ، وَهُوَ يُطاَرِدُ حَيَّةً.
فَقاَلَ: ً إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ البُيُوتِ.
129 - (... ) وحدّثنا حَاجِبُ بْنُ الوَلِيدِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزبيْدئ،
عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْد اللّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قاَلَ: سَمعْ!ت رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ يَامرُ بقَتْلِ اهِلاب.
يَقُولُ: (اقْتُلُوا الحًياتِ وَاهِلابَ، وَاقْتُلُوا ذَا الَطُّفْيَتَيْنِ وَالأبْتَرَ، فَإِنَهُماَ يًلتَمِسَانِ البَصًرَ وَيَسْتَسْقِطاَنِ الحَباَلَى).
قاَلَ الزهرِىُّ: وَنُرَى ذَلِكَ مِنْ سُقَيْهِماَ، وَاللهُ أعلَمُ.
قاَلَ سَالِمٌ: قاَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لا أتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهاَ إِلا قَتَلتُهاَ.
فَبَيْناَ اناَ اطَارِدُ
حَيَّة يَوْما، مِنْ ذَوَات البُيُوت، مَرَّ بِى زَيْدُ بْنُ الخَطَاب أَوْ أَبُو لُباَبَةَ، وَاناَ اطَارِ!صا.
فَقاَلَ: مَهْلا، ياَ عَبْدَ اللّهِ.
فًقُلتُ: َ إِنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَمَرَ بِقًتْلِهِنَّ.
قاَلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ
وقوله: (اقتلوا الحيات وذا الطفيتيئ والأبتر، فإنهما يستسقطان الحبالى): قال إلزهرى: ويرى ذلك من سمهما ويلتمسان البصر.
وفى رواية: (يخطفان البصر)، وفى رواية: (يلتمعان البصر)، وفى بعض طرقه: (اقتلوا الحيات والكلاب واقتلوا ذا
166
(7/165)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرها
نَهَى عَنْ ذَوَاتِ البُيُوتِ.
135 - (... ) وَحَدهَّشِيه حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، إ / أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَد"ننَا عَبْدُ بْنُ حُميْد، أَخْبَرَنًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمرٌ.
ح وَحَد*شَا حَسَنٌ الحُلوَانِىّ، حَد*شَا بَعْقُوبُ، حَد*شًا أَبِى، عَنْ صَالِحٍ، كُلُّهُم عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أنَّ صَالِحًا قَالَ: حَتَّى راَنِى أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ ال نْنِرِ وَزيْدُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالا: إِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ البُيُوتِ.
وَفِى حَلِيثِ يُونُسَ: (اقْتُلُوا الحَيَّاتِ) وَلَمْ يَقُلْ: (ذَا الطّفْيَتَيْنِ وَالابتَرَ).
131 - (... ) وحدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَد*شَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ ؛ أَنَّ أبَا لُبابَةَ كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ لِيَفْتَحَ لَهُ بَابًا فِى دَارِه، يَسْتَقْرِبُ به إِلَى المَسْجِد، فَوَجَدَ الغِلمَةُ جِلدَ جَانٍّ.
فَقَالَ عَبْدُ اللّهِ: التَمِسُوهُ فَاقْتُلُوهُ.
فَقَاَلَ أبُو لُبَابَةَ: َ لَا تَقْتُلُوهُ، فَإِنًّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِنَّانِ الَّتِى فِى البُيُوتِ.
132 - (... ) وحدَثنا شَيْبَانُ بْنُ فَروخَ، حَدثنَا جَريرُ بْنُ حَازمٍ، حَدثنَا نَافِعٌ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ الحَئاتِ كُلَهُن، حَتَى حَدثنَا أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الم!نَرِ البَدْرِى ؛ أَنَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ قَتْلِ جَنَانِ البُيُوتِ، فَاعمْسَكَ.
133 - (... ) حلّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شاَ يحيى - وَهُوَ القَطَّان - عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، أخْبَرَنِى ناَفِعٌ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَباَ لُباَبَةَ يُخْبِرُ ابْنَ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِنَأنِ.
134 - (... ) وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ مُوسَى الأنصَارِى، حَا شاَ أنَسُ بْنُ عِيَاض، حَدثناَ
عُبَيْدُ اللّهِ، عَنْ ناَفِع، عَنْ عَبْدِ ال!هِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أبِى لُباَبَةَ، عَنْ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدصثنِى عَبْدُ
الطفيتن والأبتر)، وفى بعضه: (اقتلوا الحيات) لم يزد، وفى بعض طرقه نهى عن قتل الجنان التى تكون فى البيوت (إلا الأبتر وذا الطفيتين)، وفى بعضها: (نهى عن قتل الجنان لم يزد)، وفى بعضها (عن عوامر البيوت لا، وذكر حديث الفتى الذى قتل الحيه فمات، وقال: (إن بالمدينة جنا أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئا فاَذنوه ثلاثة أيام، فإذا بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) وفى بعض طرقه: (ان لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا، فإن ذهب دإلا فاقتلوه، فإنه كافر) وذكر أمر
(7/166)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرها 167
اللّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاََ الضُّبَعىُّ، حدثنا جُوَيْرِيَةُ عَنْ ناَفِع، عَنْ عَبْدِ اللّهِ ؛ أَنَّ أَبَا لُباَبَةَ أَخْبَرَ" ؛ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِثانِ فِى البُيُوتِ.
135 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَّ - قاَلَ: سَمِعْتُ يحيى بْنَ سَعيد يَقُولُ: أَخْبَرَنِى ناَفِع ؛ أَنَّ أَباَ لُباَبَةَ بْنَ عَبْد المُنْذرِ الأنْصَارِى - وَكَانَ مَسْكَنُهُ بِقُبًفَانْتًقَل إِلَى المَدِينَةِ - فَبَيْنَماَ عَبْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ جَالسًاَ مَعَهُ يَفْتَحُ خَوْخَةً لَهُ، إِذَا هُمْ بِحَيَّة مِنْ عَوَامرِ البُيُوتِ، فَاع رَادُوا قَتْلَهاَ.
فَقاَلً أَبُو لُباَبَةَ: إِنًّهُ قَدْ نُهِىَ عَنْهُنَ - يُرِيدُ عَوَامِرَ البُيُوًت - وَامَرَ بِقَتْلِ الأبْتَرِ وَذى الطُّفْيَتَيْنِ.
وَقيلَ: هُماَ اللَذَانِ يَلتَمعاَنِ البَصَرَ وَبَطَّرَحَانِ أوْلادًا لنَسَاَِ.
النبى بقتل الحية التى خرجت عليهم فى غار فسبقتهم، فقال: (وقاها الله شركم كما وقاكم شرها)، قال الإمام: [ أما حيات المدينة] (1) فإنها لا تقتل بغير إنذار لهذا الحديث المذكور فيها، واما ما سواها من البلاد فإن مالكا نهى عن قتل حيات البيوت بغير إنذار، ولكن يرى ذلك فى حيات المدينة.
وأكد ابن نافع (2) قصر الحديث على ما ورد فيه من حيات المدينة ورأى / سائر البلاد بخلافها لما ورد من إباحة القتل عاما (3)، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): " اقتلوا الحيات) وذكرها ( صلى الله عليه وسلم ) فى الخمس التى يقتلها المحرم (4) والحلال فى الحل والحرم، ولم يذكر إنذارا، وأخذ هذه الأحاديث على عمومها، وخص المدينة بالحديث الوارد من هذا العموم.
واما صفة الإنذار: فحكى ابن حبيب عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ائه قال: (أنشدكن بالعهد الذى
أخذ عليكن سليمان ألا تؤذيننا، وأن تظهرن لنا) (5).
وأما مالك فإنه قال: يكفى فى الإنذار أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الاَخر ألا
(2) سقط من ز، والمئبت من ح.
هو أبو بكر عبد الله بن نافع الزبيرى الفقيه، صاحب الإمام مالك، من فقهاء المدينة ت 0216 انظر: الجرح والتعديل ه / كله أ، ترتيب المدارك 1 / 365، السير 0 1 / 374.
نقل كلام أبن نافع ابن عبد البر فى التمهيد 16 / 263، العارضة 6 / 282، المنتقى 7 / 0 0 3.
سبق فى مسلم، كالحج، بما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب فى الحل والحرم (1200 / 75)، أبو ثاود، كالمناسك، بما يقتل المحرم من الدواب (8 ممهـ أ).
هذا الاثر مدكور فى كتاب القرطبى: المفهم 3 / 191، ووردت اَثار أخرى تدل على هذا المعنى.
قال اْبو ليلى: قال رسول الله - عليه السلام: " إذا ظهرت الحية فى المسكن فقولوا لها.
إنا نسألك بعهد نوح وبعهد مليمان بن داود ألا تؤفينا، فإن عادت فاقتلومما) الترمذى، كال الحكام والفوائد، باب ما جاء فى قتل ايى ت، أبو لمحاود، كالأدب، بقتل ايى ت، تفسير القرطبى 1 / 318، البقرة: 36.
(3)
(5)
200 / ب
168
(7/167)
كتاب السلام / باب قتل الحيات ونحوها
136 - (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أَخْبَرَناَ مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَبم، حدثنا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ عِنْدَناَ ابْنُ جَعْفَر - عَنْ عُمَرَ بْنِ ناَفِع، عَنْ أبيه، قاَلَ: كَانَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ يَوْفا عِنْدَ هَدَبم لَهُ، فَرَأَى وَبَيصَ جَانٍّ.
فَقاَلَ: اتَّبِعُوا هَنَا الَجًانَّ فاَقْتُلُوهُ.
قاَلَ أبُو لُباَبَةَ الا"نْصَارِىُّ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ قَتْلِ الجِنَّانِ الَّتِى تَكُونُ فِى البُيُوتِ، إِلا
تبدو لنا ولا تؤذينا.
وأظن مالكا إنما ذكر هذا لما وقع فى كتاب مسلم: " فحرجوا عليها ثلاثأَ دا فلهذا ذكر: احرج عليك.
وأما قوله: (ذا الطفيتين): فقال أبو عبيد (1): الطفية: خوص المقل، وجمعها طفا.
وأراه شبه الخطن اللذين على ظهر الحية بخوصتن من خوص المقل.
وقال بعض أصحابنا (2): هما خطان أبيضان على ظهر الحية.
والجنان: الحيات، وهى جمع جان.
والجان: الحية الصغيرة، وقيل: الرضعة (3) البيضاء.
وأما الأبتر فهو الأفعى.
وحكى ابن مزين (4) عن عيسى: أنه حمل على المذهب: أن الأبتر وذا الطفيتن يقتلان ولا ينذران وقد تقدم استثناؤهما فى كتاب مسلم (ْ).
قال القاصْى: قال الخليل (6) فى ذى الطفيتين: هى حية لينة خبيثة.
وأنشد:
كما تذل الطفا من رقية الراقى
وقوله: (يلتمسان البصر) (7): معناه ما جاء فى الأم فى الرواية الأخرى: (يخطفان) وفى غيره: (يطمسان) (8)، أى يذهبان به ويبطلانه.
ومنه قوله (9): التمست أحشاءه بالرمح.
وقوله: (يلتمعان البصر) (ْا) بمعنى ما تقدم.
وفى حديث ابن مسعود: ا لعل بصره سيلتمع) (11) قال الهروى: اْى يختلس (12)، ومنه: التمع لونه: إذا ذهب.
قال الخطابى: يعنى باللدغ واللسع (13).
وقد تقدم قول الزهرى فى الأم، وظاهره أشبه أنه خصوص بنفس النظر كأذى العائن بنظره - والله أعلم.
(1) غريب الحديث 1 / 42.
(2) منهم: ابن عبد البر فى التمهيد 23 / 16.
(3) فى الرسالة: الرقيقة.
(4) هو يحيى بن زكريا بن إبراهيم بن مزين، له تآليف، منها تفشر الموطأ، وقيل عنه: أفقه من رؤى فى علم مالك وأصحابه، ت 6 5 2 هـ.
انظر: ترتيب المدارك 2 / 33 1.
(5) أنظر: تفصيل تنسص هأ - الا ؟ لغماظ فيا العين 6 / 21، النهاية 308 / 1، المنتثتى 7 / 301.
ز 6) أنظر: العين لم\ /، زخ (7) حديث رقم لط 12)، لا 12) بالباب.
لثم البخارى 4 / 97.
لا) فى الرسالة: قولهم.
!0 1) حديث رقم (135) بالباب.
(1 1) رواه الطبرانى فى الكبير 9 / 295، ومجمع الزوائد 2 / 86.
(12) انظر: غريب الحديث 4 / 58.
(13) معالم الق 5 / 411.
(7/168)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرها
169
الا"بْتَرَ وَذَا الطفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُماَ اللَنمَانِ يَخْطِفاَنِ البَصَرَ، وَيَتَتبَّعاَنِ مَأ فِى بُطونِ النِّسَاَِ.
(... ) وحدّثنا هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِىُّ، حَد*شاَ ابْنُ وَهْب، حَد*شِى اسَامَةُ ؛ أنَّ ناَفِغا حَدةَلهُ، أَنَّ أَباَ لُباَبَةَ مَرَّ بِابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ عِنْدَ الأطُم، الَّذِى عِنْدَ دَارِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، يَرْصُدُ حَيَّة.
بِنَحْوِ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
137 - (2234) حلّثن الحْىَ بْنُ يَحْمىَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب وَاِسْحَقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَالفَفْظُ لِيَحْىَ - قاَلَ يحيى وَإِسْحَقُ: أَخْبَرَناَ، وَقَالَ الاَخَرَانِ: "حَدهَّلناَ - أَبُو مُعَاوِ! عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَد، عَنْ عَبْدِ اللّهِ، قاَلَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَارٍ، وَقَدْ أنزِلَتْ عَلَيْه: { وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًاَ} فَنَحْنُ ن الخُنُ!ا مِنْ فِيه رَطبَة، إِذ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّة.
فَقاَلَ: (اقْتُلُوهَا)، فَابْتَدَرْناَهاَ لِنَقْتُلَهاَ، فَسَبَقَتْناَ.
فَقاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَقاَهَا اللهُ شَرَّكُمْ كَمَا وَقاكُمْ شَرَّهاَ لما.
(... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَعُثْماَنُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، قاَلا: حدثنا جَرِير!، عَنِ الأعْمَشِ، فِى هَذَا الإِسْناَدِ، بِمِثْلِهَ.
"
وقوله فى حديث إسحق: (ويتتبعان ما فى بطون النساء): كذا لأكثر الرواة، وعند بعضهم: " يبتغيان)، ورجحه بعضهم (1)، وهما بمعنى، كما تقدم: " يسقطان)، وذلك بالروع منه، أو بخاصته كما تقدم وهو أظهر ؛ إذ يشركه غيره فى الروع.
ولعل صحيح هذه اللفظة: (يلقيان) بدليل الروايات الاَخر: (يسقطان) و(يطرحان) والله أعلم.
وقيل: الجنان: مالا يتعرض للناس، والخيل ما يتعرض لهم ويؤذيهم (2)، وأنشد: يتناوح جنان بهن وخيل
وعن ابن عباس: الجنان: مسخ الجن، كما مسخت القردة فى بنى اسرائيل (3)، ومثله عن ابن عمر (4).
وقال يعقوب: الجنان: الحيات (ْ) قال ابن وهب: عوامر البيوت تتمثل فى صورهَ حية رقيقة بالمدينة وغيرها، وتلك التى نهى عن قتلها حتى تنذر ويقتل ما وجد فى
(1) المثارق 1 / 119.
(3) اثر ابن عباس فما المصنف 10 / 434.
(4)1 لتمهيد 21 / 16.
(2) انظر: ابن عبد البر فى التمهيد 18 / 16 (269).
(5) انظر: إصلاح المنطق لابن السكيت.
170
(7/169)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرهاا
138 - (2235) وحدّثنا أَبُو كُرَيْب، حدثنا حَفْصٌ - يَعْنِى ابْنَ غِيَاثٍ - حدثنا الاعْمَث!، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ ؛ انَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنى.
(2234) وحدّثنا عُمَرُ بْنُ حَمْصِ بْنِ غِيَاث، حَدثناَ أَبِى، حَدثناَ الأعْمَشُ، حَدثَنِى إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأسْوَد، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قاَلَ: بَيْنَماً نَحْنُ مَعَ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَار.
بِمِثْلِ حَل!يثِ جَرِير وَأَبِى مُعًاوِيَةَ.
139 - (2236) وَحَلئَثِنى أبُو الطَّاهِر، أحْمَدُ بْنُ عَمْرُو بْنِ سَرْع، أخْبَرَناَ عَبْدُ اللهِ
ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَالِك بْنُ أَنَ!بى عَنْ صَيْفِى - وَهُوَ عنْدَنَا مَوْلَى ابْنِ أَفْلَحَ - أخْبَرَنِى أبُو السَّائِبِ - مَوْلَى هشَام بْنِ زهرَة - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىَ فِى بَيْتِهِ.
قاَلَ: فَوَجَل!تهُ يُصَلِّى، فَجًلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَى يَقْضِىَ صَلاتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا فِى عَرَاجينَ فِى ناَحِيَة البَيْتِ، فَالتَفَتُّ فَإِذَا حَيَّةٌ، فَوَثَبْتُ لأقْتُلَهاَ، فَاع شَارَ إلَى: أَن اجْلسْ، فَجَلَسْتُ.
فَلَمَّا انْصَرًفَ اشَارَ إِلَى بَيْت فِى الذَارِ.
فَقاَلَ: أَتَرى هَذَا البَيْتَ ؟ فَقُاَلتُ.
نَعَمْ.
قاَلَ: كَانَ فِيهِ الصحارى دون إنذار على كل حال (1).
قال مالك: يقتل ما وجد منها فى المساجد، وذكر الترمذى عن ابن المبارك: إنما يقتل من / الحيات الحية التى تكون دقيقة كأنها فضة ولا تلتوى فى مشيتها (2).
وقال النضر بن شميل فى الاَبتر: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب، لا
تنظر إليه حامل إلا القت ما فى بطنها.
وقوله فى حديث أبى سعيد: (فاستأذن الفتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأنصاف النهار،
فَرجع إلى أهله): هذا امتئال لقوله تعالى: { وَإِذَا كَانوا مَعَه} (3).
و(أنصاف النهار) كذا رويناه بفتح الهمزة، يريد: تنصف النهار، يقال: نصْف ونُصْف ونَصيف، وكأنه وقت لاخر النصف الأول، واول الثانى فجمعه، كما قالَ: ظهور الترسين (4).
وقيل: يحتمل اْن يكون[ المراد] (ْ) بأنصاف النهار مصدر أنصف النهار، يقال:
(1) التمهيد 16 / 19، اثمارق 157 / 1.
(2) الخرمذى، كالا"حكام والفوائد، بما جاء فى قتل الجات (1483).
(3) النور: 62.
(4) انظر: العيئ 7 / 132، مقاييس اللغة 5 / 432، اللسان.
(5) ساقطة من الاَصل وح، والمثبت من م والأبى.
(7/170)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرها
171
فَتى منَا حَديثُ عَهْد بِعُرْس.
قاَلَ: فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى الخَنْدَقِ، فَكَانَ ذَلِكَ الفَتَىَ يَسْتأذَنُ رَسُولً اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) با"نْصَافِ النَّهاَرِ فَيَرْجِعُ اِلَى أَهْله.
فَاسْتَأذَنَهُ يَوْفا.
فَقاَلَ لَهُ رَسُولُ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ): " خُذْ عَلَيْكً سلاحَكَ فَإِنِّى أَخْشَى عَلَيْكً قُرَيْظَةَ لما.
فَا"خَذَ الرخلُ سِلاحَمُ! ثُمًّ رَجَعَ، فَإِذَا امْرَأَيهُ بَيْنَ اَلبَابَيْنِ قَائِمَق! فَا"هْوَى إِلَيْهاَ الرُّمْحَ ليَطعُنَهاَ بِهِ، وَأَصَابَتْهُ غَيْرَة!.
فَقاَلَتْ لَهُ: اكْفُفْ عَلَيْكَ رمحَكَ، وَادْخُلِ البَيْتَ حَتَى تَنْظُرً مَا ائَذى أَخْرَجَنِى.
فَدَخَلَ فَإِذَا بِحَيَّة عَظِيمَة مُنْطَوِيَة عَلَى الفِرَاشِ، فَا"هْوَى إِلَيْهاَ بِالرُّمْحِ فَانْتَظَمَهَاَ به، ثُمَ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِى الدَّارً، فَاضْطًرَبَتْ عًّلًيْه، فَماَ يُدْرَى أَيهُماَ كَأنَ أَسْرعَ موْتا، الحَيةُ ام الفَتَى ؟ قاَلَ: فَجِئْناَ إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرْناَ ذَلكَ لَهُ.
وَقُلناَ: ادع اللهَ يُحْيهِ لَناَ.
فَقاَلَ: (اسْتَغْفِرُوا لصَاحِبِكُمْ).
ثُمً قاَلَ: (إِن بِالمًدينَة جنا قَدْ أَسْلَمُوا، فَإِذَا رً أَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فاذِنُوهُ ثَلاثَةَ أً يَّامٍ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذِلِكَ فاَقْتُلُوهُ، َ فَإِنًّماَ هُو شَيْطاَن! لما.
140 - (... ) وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ.
حَدثناَ وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، حَدثناَ
انصف النهار: إذا بلغ نصفه.
وبعضهم يقول: إنما يقال: نصف وانتصف، ولم
يعرف ائصف.
وقوله: (فرجع إلى أهله): اى يطالع حالهم وما يحتاج إليه، لا سيما وقد جاء
فى الحديث أنه كان حديث عهد بعرس.
ويحتمل أن يكون استئذانه لتفقد حال أهله وتأنيسها لقرب عهدها به.
وقوله - عليه السلام -: (إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئا قآذنوه ثلاثة أيام): إعلام أن من الجن من قد اشلم بالمدينة، وأنه قد يتصور فى صور الحيات ؛ ولهذا يذهب من ذهب إلى أن ذلك مخصوص بالمدينة ة لتخصيصه إياها بالذكر.
وحجة الاَخر: أن تخصيصه بالمدينة حينئذ ؛ إما لاءنه كلم مسلمى المدينة من بنى آدم، وأعلمهم بحكمهم مع من أسلم مخهم من جنها، وأنه إذا أسلم سائر بنى اَدم فى بلادهم فحكمهم ذلك الحكم مع جنهم، او لعله لم يكن أسلم حينئذ من الجن[ سوى من بالمدينة] (1).
ويقتضى أن حكم بيوت المدينة وغير بيوتها سواء، وأن المراد بالحديث الاَخر بالبيوت مواضع العمارة والسكنى لا الصحارى.
ورتب بعض العلماء هذه الأحاديث: أن الاَمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بنهيه
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
201 / ب
172
(7/171)
كتاب السلام / باب قتل الحيات وغيرها أَبِى، قاَلَ: سَمعْتُ أَسْمَاََ بْنَ عُبَيْد يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ السَّائبُ - وَهُوَ عِنْدَناَ أَبُو السَّائِب - قاَلً: دَخَلناَ عَلَى أَبِى سًعِيد الخُدْرِىِّ ؛ فَبَيْنَماَ نَحْنُ جُلُوسٌ إِذ سَمِعْنَا تَحْتَ سَرِيرٍ حَرَكَةً، فَنَظَرْناَ فَإِذَا حَيَّةٌ.
وَسَاقً الحَديثَ بِقِصَّتِه نَحْوَ حَد!يثِ مَالك عَنْ صَيْفى.
وَقاَلَ فيه.
فَقاَلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إَنَّ لِهَنِه البُيُوتِ عَوَامِرَ، فَإذَا رَأيتُمْ شًيْئًاً منْهاَ فَحَرّجُوا عَلَيْهًثَلَاثًا فَإِنْ فَصبَ، وَإِلا فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ ).
وَقاًلَ لَهُمُ: (افهبُوا فَادْفِنُوا صَاحِبَكُمْ).
141 - (... ) وَحَلثثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثناَ يحيى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، حَدءنَنى صَيْفِىّ عَنْ أَبِى السَّائِبِ، عَنْ أبِى سًعِيد الخُدْرِىِّ، قاَلَ: سَمعْتُهُ قاَلَ: قاَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ بِالمَدِينَةِ نَفَرًا منَ الجِنّ قَدْ أسلَمُوا، فَمَنْ رَأى شًيْئا مِنْ هَنِهِ العَوَامِرِ فَليُؤْفِنْهُ ثَلاثًا، فَإِنْ بَدَا لَهُ بَعْدُ فَليًقْتُلهُ، فَإِنَّهْ شَيْطاَنٌ).
عن حيات البيوت، إلا الأبتر وذا الطفيتن فإنه يقتل على كل حال، كان فى البيوت أو غيرها، او ما ظهر منها بعد الإنذار، ويخص الإطلاق بالنهى عن قتل الجنان على ذوات البيوت أيضا، إلا ما خص منه من الأبتر وذى الطفيتين (1).
وقوله: (فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان): أى
إن لم يذهب بالإنذار فقد دل أنه ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلم، وأنه شيطان، [ قتله] (2) حينئذ مباح، وأنه لا حرمة له بعد الإنذار، وأن الله لا يجعل له سبيلا للانتصار ممن قتله كما جعل لجنان البيوت ومن أسلم.
وتوله: (ثلاثة أيام لا: ظاهرهُ ما قال مالك: أحب إلىّ أن ينذروا ثلاثة أيام (3).
قال عيسى بن دينار: [ ينذر] (4) ثلاثة أيام، وإن ظهرت فى اليوم مرارا، ولا يقتصر على إنذارها ثلاث مرات فى يوم واحد حتى يكون ذلك فى ثلاثة أيام، وعلى قوله فى الأحاديث الأخر: (فليؤذنه ثلاثا) و" حرجوا عليه ثلاثا) يحتمل ثلاث مرات، ولكن الحديث / الاَخر أنها ثلاثة أيام يفسره.
وقوله: ا دإنا لنتلقاها من فيه رطبة) يعنى بالمرسلات: هذه استعارة لما كان فيه رطوبة قبل طول مكثه كذلك شبه به غيره، أى نتلقاها ليسمعها منه لأول نزولها كالشىء الرطب فى أول أحواله.
(1) انظر: تفصيل هذه المسألة فى ابن عبد البر فى التمهيد 23 / 16، مشكل الاَثار 4 / 94.
(2) ساقطة من ز.
(3) نقله ابن عبد للبس فى التمهيد 263 / 16.
(4) ساقطة من ز.
(7/172)
كتاب السلام / باب استحباب قتل الوزغ
173
(38) باب استحباب قتل الوزغ 42 1 - (2237) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إٍ برَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَد"شَا - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنةَ، عَنْ عَبْد الحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ أُمِّ شَرِيك ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَهَا بِقَتْلَ الاُّ وْزَلما.
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ أَبِى شَيْبَةَ: امَرَ.
143 - (... ) وحدَّثنى أبُو الطَّاهر، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنى ابْنُ جُرَيْج.
صَ!، َ يرو، ًًً يهصَ م!َصرَ، ً صكًر
ح وَحدثنِى محمد بْن أحْمد بْنِ أَبِى خَلف، حدثنا روْح، حدثنا ابْن جرَيْج.
ح وَحدثنا عَبْدُ ابْنُ حُمَيْد، اخْبَرَنَا مُحَمَدُ بْنُ بَكْرٍ، اخبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِى عَبْدُ الحَميدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ ؛ أَنَ سًعيدَ بْنِ المُسَيب أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ ؛ أنَّهَا اسْتَأمَرَت النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى قَتْلِ الوِزْغَانِ، فَامُّرَ بِقَتْلِهَا.
وَامُ شَرِيك إِحْدَى نِسَاءِ بنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ.
اتَفَقَ لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ أَبِى خَلَفٍ وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ.
وَحَدِيثُ ابْنِ وَهْبٍ قَرِيبو مِنْهُ.
44 1 - (2238) حدَّثنا إشْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيد، قَالا: اخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مُعْمَر عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنْ أَبيه ؛ انًّ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) أمَرَ بِقَتْلِ الوَزغَ، وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا.
ً
وقوله: (أمر بقتل الوزغ، وسماه فويسقا " وقوله - عليه السلام - (من قتل وزغة
فى اول ضربة فله كذا وكذا حسنة)، فى الرواية الأخرى (فله سبعون حسنة)، وفى الاَخرى (مائة حسنة)، (ومن قتلها فى الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى، فإن قتلها فى الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية): تسميته لها بالفسوق كما جاء (خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم) (1).
وأصل الفسق الخروج (2).
وهؤلاء فواسق لخروجهم عن طباع أجناسهم إلى الأذى.
(1) سبق فى كتاب الحج حديث يثلأ).
(2) انظر: معجم مقاييس اللغة 4 / 503، الغريبين 3 / 18.
174
(7/173)
كتاب السلام / باب استحباب قتل الوزغ 45 1 - (2239 1 وحدَّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَا لا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لِلوَزغَ: (الفويْسِقُ لا.
زَادَ حَرْمَلَةُ: قَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعَهُ أَمَرَ بقَتْلِهِ.
146 - (2240) وحلَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا خَالدُ بْنُ عبدِ الله، عَنْ سُهَيْلٍ،
عَنْ أبِيه، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ قَتًلَ وَزَغَةً فِى أَؤَل ضَرْبَة فَلَهُ كَذَا وَكًذَا حَسَنَةَ، وَمَنْ قَتَلَهَا فِى الضَرْبَة الثَّانِيَةِ فًلَهُ كَذَا وَكَذَا حَسَنَةً، لِدُينِ الأَولَى، ً وَإِنْ قَتَلَهَا فِى الضَرْبَةِ الئالِثَةِ فَلَهُ كَذَا وَكَنَا حَسًنَةً، لِدُونِ الثانِيَةِ لما.
147 - (... ) حلَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَد، شَا أَبُو عَوَانَةَ.
ح وَحَدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب،
ص فرص خلاص ص صكر، ص ير، 5، ً يهي ص ممص 5 ص، َ ص ه 5 ص ص ه ير حدثنا جرِير.
ح وحدثنا محمد بن الصباح، حدثنا إِسماعِيل - يعنِى ابن زكرِياء.
والوزغة عندها من أنول الضر والأذى ماخرجت به عن أجناسها من الحشرات المستضعفات.
وأما تخصيصها فى تكثير الأجر لمن قتلها فى المرة الأولى، وتضعيفه على من ضربها
ولم يقتلها إلا فى الثانية أو فى الثالثة، فمن أسرار الحكمة والتكليف، وأكثر ما جاءت مضاعفة الاَجور على تكثير العمل ومعاودته وتكراره، وهذا بعكسه ة ولعل السر فى ذلك: الحض على المبادرة لقتلها والحد فيه، وترلىًا لتوانى، حتى تفوت سليمة والله أعلم.
وقوله فى سند هذا الحديث: عن سهيل قال: حدثنى أخى، عن أبى هريرة، عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنه قال: (فى أول ضربة سبعين حسنة)، قال الإمام: كذا روى هذا الإسناد عن أبى أحمد الجلودى: سهيل حدثنى أخى عن أبى هريرة.
ومن رواية الرازى، عنه: حدثنى اختى عن ابى هريرة.
وفى كتاب الأطراف لاءبى مسعود الدمشقى.
حدثنى أخى عن[ أبى عن] (1) أبى هريرة.
وفى كتاب أبى داود: سهيل حدثنى أخى أو أختى عن أبى هريرة (2).
قال بعضهم: وما وقع فى رواية أبى العلاء هو خطأ.
قال عبد الغخى بن سعيد: إسماعيل بن زكريا (3) يقول فى هذا الإسناد: حدثنى أخى، ولكن كذا وقع فى
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) أبو داود، كالأدب، بفى قتل الأوزل! (5264).
(3) هو أبو زياد الكوفى الخلقانى، مولى بنى أسد، ولد 108 هـ انظر: تقريب التهذيب ص 107، السير 8 / 475.
، صدوق يخطئ قليلاَ، ت 194 هـ.
(7/174)
كتاب السلام / باب استحباب قتل الوزغ 175 ح وَحَد 4شَا أَبُو كُرَيْب، حدثنا وَكِيع عَنْ سُفْيَانَ.
كُلُّهُمْ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِ خَالِد، عَنْ سُهَيْلٍ، إٍ لا جَرِيرًا وَحْدَهُ، فَإِن فِى حَديثِه: " مَنْ قَتَلَ وَزَغًأ فِى أَوَّلِ ضَرْبَةٍ كُتبَتْ لًهُ مَائَةَ حَسَنَةٍ، وفِى الثَّانِيَةِ دُونَ ذَلِكَ، وَفِى الثَّالَثَةَِ دُونَ فَلِكَ).
(...
! وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصبَاح، حَدثنَا إسثمَاعيلُ - يَعْنى ابْنَ زَكَريَّاءَ - عَيق سُهَيْل، حدثتنِى اختِى، عن أبِى هريرة، عنِ النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنهُ قَال: (فِى أولِ ضرْبةٍ سبعِين حسنة لما.
أصل (1) أبى العلاء: حدثنى أبى.
قال القاضى: أخت سهيل سوثة (2) وأخواه (3) هشام وعباد (4)
(1) فى ز: إسناد، والمخبت من ح.
(2) ذكرها المنذرى فقال: وأخوة سهيل بن أبى صالح، فذكرهم وذي سودة، ولم يذكر هاما، انظر: مختصر سق أبى داود 8 / 111.
(3) انظر: تفصيل إخوة سهيل: تهذيب التهذيب 3 / 219، 9 / 175.
(4) هو عبد الله بن أبى صالح المان المدني، المئهور بعباد، لين الحديث، من الادسة.
انظر: تهذيب التهذيب 5 / 263، التقريب ص 8 0 3.
176
(7/175)
كتاب السلام / باب النهى عن قتل النمل
(39) باب النهى عن قتل النمل
202 / اْ
148 - (2241) حذَثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ بَحْيَى قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْ!ب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَعيد بْقِ المُسَيَّبِ وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرخْمَنِ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله كله: (أن نًفلًة قَرَصَتْ نَبئا منَ الأنْبيَاءِ، فَا"مَرَ بقَرْيَةِ النَّمْلِ فَالمحرِقَتْ، فَا"وْحَى اللهُ إِلَيْهِءَ أفِى أنْ فَرً صَتْكَ نَمْلَتما أهْلَكْتً امًّة مِنَ الَأمَم تُسبِّحُ ؟ لما.
149 - (... ) حدَثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا المُغِيرَةُ - يَعْنى ابْنَ عَبْدِ الرَحْمَن الحِزَامِى - عَنْ أَبِى الزَنادٍ، عَنِ الأعْرَج، عَن أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن النَّبًِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (نَزَلَ نَبِى منَ الأنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرة، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَة، فَا"مَرَ بِجِهَازِهِ فَاخرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَ أمَرَ بِهَا فًالمحرِقَتْ، فَا"وْحَى اللهُ إِلَيْهً: فَهَلاَّ نَمْلَة وَاحِدَة لما.
وقوله: لأ إن نبيا (1) قرصته نملة، فأمر بقوية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة): ظاهره أن التحريق كان غير ممنوع فى شريعته، كما كان أولا فى شريعتنا حتى نسخ، ويدل عليه قوله: (فهلا نملة واحدة)، فلم يعاقب على إحراق وا حدة.
وفيه دليل على جواز قتل النمل وكل مؤذ، لكن الله تعالى عتبه على التشفى لنفسه بقتله هذه الأمة العظيمة المسبحة بسبب واحدة، ودل أنه لم يأت / محظورًا ولاذنبا ؛ أنه لم يعنف على ذلك بأكثر مما تقدم.
وقيل: كان عتبه بذلك تعنيفا له لما تقدم منه من لممؤاله عما لايجب ؛ لأنه جاء فى خبر: أنه مر بقوية أو بمدينة أهلكها الله تتعالى، فقال: يارب، قد كان فيهم صبيان ودواب ومن لم يقترف ذينا (2)، ثم إنه نزل تحت شجرة.
فجرت له هذه القصة التى قدرها الله على يديه ؛ تنبيها له على اعتراضه على قدر ربه، وفعله ماشاء فى عبيده، فقال له تتعالى: (فهلا نملة واحدة، اذ إنما قرصتك واحدة) (3).
وفيه أن الجنس المؤذى يقتل دإن لم يؤذ، كما يقتل الخمس الفواسق وإن لم تؤذ، ويقتل أولادها دإن لم تبلغ الأذى على أحد القولن.
(1) قال الحكيم الترمذى: إن هذا النبى هو موسى بن عمران.
انظر: نواثو الأصول ص 123.
وقال ابن حجر: قيل: إنه العزير.
انظر: الفتح 6 / 276.
(2) فى الرسالة: يقترف فنبا.
(3) انظر: الحكيم الترمذى فى نواثر الاَصول ص 123.
(7/176)
كتاب السلام / باب النهى عن قتل النمل ولا ا 150 - (.
.
*) وحدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدهَّشَا عَبْدُ الرَّزَّاق، اخْبَرَنَا مَعْمَر، عَيق هَمَّام بْنِ مُتبِّه، قَالَ.
هَذَا مَا حَد، شَا أَبُو هريْرةَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أَحَاديثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ "الله ( صلى الله عليه وسلم ) ة (نَزَلَ نَبى مِنَ الأنْبِيَاء تَحْتَ شَجَرَة، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَة، فَا"مَرَ بِجِهَازِه فَ الرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، وَأَمَرَ بِهَا فَاَلمحرِقَتْ فِى الَنَّارِ لما.
قَالَ: " (فَا"وْحَى اللهُ إِلَيْهِ: فَهلا نَمْلَة وَا حِدَ ةً ".
وقد يكون قتل النمل فى شرع هذا النبى مباحا أو مأمورًا به، لكنه عتب على ذلك بسبب أذى واحدة، وفيه تنبيه على أن بلاد المعاصى والمناكير لا تأمن العقاب العام.
قال الإمام: يكره قتل النمل عندنا، إلا أن يؤذوا، ولايقدر على دفعهم إلا بالقتل فيستحق، ولايحرقوا بالنار، ولايحرق القمل (1).
قال القاصْى: ذكر اهل الأخبار: أن عدى بن حاتم رؤى وهو يفت الخبز للنمل،
فقيل له فى ذلك، فقال: انهم جيران ولهم حرمة.
وهذا من فضل كرم حاتم وجوده ا لمو ر وث.
وقد خرج أبو لاود حديثا: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نهى عن قتل النمل (2).
قال الخطابى:
قيل ذلك فى نوع مخصوص منها، وهى الكبار ذوات الأرجل الطوال، فذلك اْنها قليلة الضرر (3).
(1) نقل ابن أبط زيد عن مالك: أنه قال: كره قل القمل والبراغيث فى النار! وهذه مثلة.
وكره قتل الذباب والذر فى الحرم أو فى الإحرام.
قيل: فقتل الذر الكثير أو النمل للحلال يؤذيه قال: ما يعجبنى.
وسئل عن النمل يؤفى السقف، قال: إن قدرتم أن تمسكوا عنها فافعلوا، فإن أضرت بكم ولم تقدروا على تركها فأرجو أن يكون من قتلها سعة.
انظر: الجامع للاَثاب ص 248، المفهم ق 192.
(2) ائو!اود، كالأدب، بفى قتل الذر (5267).
(3) انظر: معالم السن 5 / 418.
202 / ب
178
(7/177)
كتاب السلام / باب تحريم قتل الهرة
(40) باب تحريم قتل الهرة
151 - (2242) حدّثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضّبعىُّ، حَدةَشاَ!وَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ، عَنْ ناَفِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ ؛ أنَّ رَسُول الله وسط الاَلَ: (عُدّبَتِ امْرَأةٌ فِى هِرَّة سَجَنَتْهاَ، حَتَّى مَاثَتْ ؛ فَ!خَلَتْ فِيهاَ النَّارَ، لا هِىَ إطعَمَتْ!اَ وَسَقَتْهاَ، إِذ حَبَسَتْهاَ، وَلا هِىَ تَرَكَتْهاَ جملُ مِنْ خَشَاشِ الأرْضِ).
(... ) وحدّثثى نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حَا شاَ عَبْدُ الأعلَى، عَنْ عُبَيْد اللّهِ بْنِ عُمَرَ،
عَنْ ناَفِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْ سَعِيد المَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَّ ع!آِ.
بِمِثْلِ مَعْنَا.
(... ) وحدّثناه هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ، عَنْ مَعْنِ بْنِ عِيسى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بذلك.
152 - (2243) وحدّثنا أَبُو كُرَيبٍ، حَدثنَناَ عَبْدةُ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى
وقوله: " عذبت امرأة من جراء هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هى أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض) (1): جراء بمعنى: من أجل هرة ومن سبب هرة، فقال: فعلته من أجلك، ومن جريرتك، ومن جراك، ومن جرائك، ومن إجلالك، ومن جلالك ومن جللك، يقول: جراء بمعنى الجريرة، أى دخلت النار بجريرتها وذنبها فيها.
وخشاش الأرض: هَوامها، ويفسره مّوله فى الحديث الاَخر: (من حشرات الأرض).
وقيل: الخشاش: الهوام وصغار الطير، وهو بفتح الخاء، وقد تقدم أول الكتاب بأشيع من هذا.
وتعذيب هذه المرأة بسبب قتل هذه الهرة يحصل أن يكون هذا العذاب بالنار، أو يكون بالحساب على ذلك ؛ فيمن نوقش الحساب عذب (2).
وقد جاَ فى حديث /
(1) سبق فى حديث رقم (135) من كتاب البر والصلة والآداب، بتحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان بلفظ: (جراءثا.
(2) سيأتى فى كالجنة، بإثبات الحساب، رقم (79).
(7/178)
كتاب السلام / باب تحريم قتل الهرة
179
هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ: (عُذَبتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ لَمْ تُطعِمْهاَ وَلَمْ تَسْقِهَا، وَلَمْ تَتْرُكْهاَ كلُ مِ! خَشَاشِ الا"رْضِ لما.
(... ) وحلّطنا أَبُو كُرَيْب، حَد، شاَ أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد - نناَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّىِ، حدثنا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حدثنا هًشَامٌ، بِهَذَا الإِسْناَدِ.
وَفِى حَدِيِثِهماَ: " رَبَطَتْهاَ لما.
وَفِى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ: (حَشَرَاتِ الأرْضِ).
(... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قاَلَ عَبْدٌ: أَخْبَرَناَ.
وَقاَلَ ابْنُ رَافِعٍ: حَد - نناَ - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَناَ معْمَرٌ.
قاَلَ: قاَلً الزُّهْرِىُّ: وَحَدثَّنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيِثِ هِشَام بِنْ عُرْوَةَ.
(... ) وحلّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَناَ مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَام بْنِ
مُنبِّهٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَدِيِثِهِمْ.
العصفور: أنه يحاج عند الله قاتله (1)، يقول له: يارب، لم قتلنى ؟ لا هو ذبحنى فأكلنى، ولاهو تركنى أعيش.
او تكون هذه المرأة كافرة فعذبت لكفرها، وزيدت عذابا بسيى أعمالها، وكان منها هذا إذ لم تكن مؤمنة فتغفر صغائرها باجتناب الكبائر (2).
(1) انظر: النسائى، كالضحايا، بمن قتل عمفورا بغير حقها (4445)، الدارمى 2 / 84، أحمد 2 / 66 1، 97 1، 0 1 2، 4 / 289.
(2) ذكر النووى كلام القاضى هذا ثم أعقب قائلا: ليس بصواب! بل الصواب المصرح به فى الحديث: أنها عذبت بسبب الهرة وهو كبيرة ؛ لابنها ربطتها وأصرت على ذلك حتى ماتت، والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة، كما هو مقرر فى كتب الفقه وغيره، وليس فى الحديث ما يقتضى كفر هذه المرأة.
انظر: شرح النووى 6 / 207 كتاب الكسوف.
180
(7/179)
كتاب السلام / باب فضل ساقى البهائم المحترمة وإطعامها
(41) باب فضل ساقى البهائم المحترمة يإطعامها
153 - (2244) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، عَنْ مَالِكِ بْنِ أنَسِ - فمَا قُرِئَ عَلَيْه - عَنْ سُمَىٍّ - مَوْلى أَبِى بَكْر - عَن أَبِى صَالِح الَسًّمَّان، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ ان رَسُولَ اللهِ لمجي!ا قاَلَ ة (بَيْنَماَ رَجُل يَمْشِى بطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عَلَيْه العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهاَ فَشَرِبطَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإِذَا كَل!ب يَلهَثُ جمل الثرَى مِنَ العَطَشَ ؛ فَقاَلَ الرخلُ: لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الكَلبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الَّذِى كَانَ بَلَغَ مِنَى، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلأ خُفَّهُ مَاءً، ثُمَّ أمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِىَ، فَسَقَى
وقوله: (بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش، فوجد فيها بئرا، فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش) وذكر باقى الحديث وسقيه له، وقوله: (فشكر الله له فغفر له)، وقوله: (فى كل كبد رطبة أجر) وذكر الحديث الاخر: (أن امرأة بغيأَ رأت كلبا قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها فغفر لها)، قال الإمام: البغى: الفاجرة (1) وقد تقدم ذكرها.
وقوله: (أدلع لسانه): أى اْخرجه، يقال: دلع لسانه وأدلعه فدلع اللسان: أى خرج.
قال القاضى: ويقال اندلع، ومعناه: خرج عن شفته واسترخى، وهو معنى قوله: (يلهث) أيضا.
قال الخليل: لهث الكلب عند الإعياء وعند شدة الحر، وهو دلع اللسان من العطش، يقال: لهث، بفتح الهاء وكسرها، وفى المستقبل بالفتح لا غير، والاسم: اللهث، بفتح الهاء.
واللهاث، بضم اللام.
والموق ت الخف، فارسية معربة.
ومعنى (نزعت له بموقها): أكما استقت له بيدها فيه.
يقال: نزعت بالدلو ونزعت الدلو معا، والنزوع من البئر، بفتح التون: ما يستقى باليد.
وأما على الرواية الأخرى: (فنزعت موقها فاستقت به) فمعناه: خلعته من رجلها، هذا اْظهر.
ويحتمل، اْنه بمعنى الأول، وجاء: (فاستقت له به) تكرارا وبيانا.
وشكر الله يحتمل ثوابه على فعله وجزاؤه عليه، ويحتمل ثناؤه عليه لذلك.
وقيل:
قبل عمله ذلك، وما تقدم اْظهر.
(1) فى ز: العاجزة، والمثبت من ح.
(7/180)
كتاب السلام / باب فضل ساقى البهائم المحترمة داطعامها
181
الكَلبَ، فَشَكَرَ اللّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ لا قاَلُوا ة ياَ رَسُولَ اللّهِ، وَإِنَّ لَناَ فِى هَذ البَهاَئِم لأجْزا ؟ فَقاَلَ: (فِى كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ أَجْرٌ ).
154 - (2245) حلّطنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثناَ أَبُو خَالد الأحْمَرُ، عَنْ هِشَابم،
عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ لمجلأ: ((أَنَّ امْرَأَةً بَغِيا رَأَتْ كًلًبًا فِى يَوْبم حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ، قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهاَ، فَغُفِرَ لَهاَ).
155 - (... ) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَناَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتيانِىَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرِينَ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قاَلَ: قاَلَ رَسُولُ اللهِ عجز!: (بَيْنَماَ كَلبٌ يُطِيفُ بِرَكئة قَدْ كَادَ يَقتُلُهُ العَطَشُ، اِذْ رَأَتْهُ بَغِىّ مِنْ بَغَاياَ بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهاَ، فَاسْتَقَتَْ لَه"بِهِ، فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ، فَغُفِرَ لَهاَ بِهِ لا.
وقوله: (فى كل ذى كبد رطبة أجر): إشارة إلى الحياة ؛ لاءن من مات جف جسمه وكبده أو فنى، وهذا عام فى سائر الحيوان، وأن الإحسان إلى جميعها، كن مملوكات أو غير مملوكات، طاعة لله مأجور صاحبها، مكفر لسيئاته.
وبحسب ذلك العقاب على الإساءة لها والوزر.
وفى هذأ وجوب نفقة (1) الإنسان على[ ما يملكه هـ] (2) ما يستحجا من الحيوان، والنهى عن إهلاكه وتضييعه.
قال بعضهم: داذا كان هذا، فهذا معارض للأمر بقتلهاث لاَن قتلها ضد الإحسان إليها، وقد تقدم الكلام على حديث قتلها / فى البيوع واختلاف الناس فيه، ومن قال: إنه منسوخ بجواز أكل صيدها واتخاذها للزرع والضرع والصيد، وقال غيره: ليس الاْمر بقتلها مما يضاد الإحسان إليها، وإن فى ذلك أجرا مالم يثتتل فإذا قتلت أحسنت قتلتها.
ففيه إحسان إليها بخلاف تعذيبها وتجويعها وإساءة قتلتها بالعبث بها.
(1) فى ز: تفقه
(2) سقط من ز، والمثبت من ح.
203 / أ
182
(7/181)
كتاب الألفاظ / باب النهى عن سب الدهر
40 - كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها
(1) باب النهى عن سب الدهر
ا - (2246) وحدّثفى أَبُو الطَّاهِرِ، أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرع وَحَرْمَلَةُ ثنُ يَحْيى،
قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، حَد"شِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شهَاب، أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (قَالَ اللّه - عَر وَجَل -: يَسُبُّ ابْنُ ادمَ الدَّهْرَ، وَأَنَا اللَّ!رُ، بِيَدِىَ اللَيلُ وَالتهَارُ).
2 - (... ) وحلّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِثرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبى عُمَرَ -
قَألَ إِيثحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَألَ ابْنُ ابِى عُمَرَ: حَدةَشَ ال سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِىَّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ أَن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (قَالَ الله - عَزَّ وَجَل -: يُؤْدينِى ابْنُ المَ، يَسُبُّ الدَهْرَ، وَأنَا الدَهْرُ، اقَلِّبُ اللَّيْل وَالنَّهارَ).
3 - (... ) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّراقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرُ، عَنِ الزهْرِىِّ،
عَنِ اثنِ المُسَيبِ، عَنْ أَبِى!رَيْرَةَ، قَأذَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (قَألَ الله - عَر وَجَلَّ -: يُؤْذينِى ابْنُ ادمَ.
يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ اللَقْرِ، فَلاَ يقُولَن أَحَدُكُمْ: يَاخَيْبَةَ اللَّ!رِ، فَإِنّى أنَا الدَهرُ، اقَفَبُ لَيْلَهُ وَنَهَارهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضتُهُمَا ".
4 - (... ) خدثنا قُتيْبَةُ، حدثنا المُغيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ أَبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَقُولَن أحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ اللَّفرِ، فَإِن اللّه هُوَ اللَفْرُ).
كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها
قوله: (يسب ابن ادم الدهر وأنا الدهر، بيدى الليل والنهار)، وفى الرواية الأخرى: (يؤذينى ابن ادم، يسب الدهر)، وفى الرواية الأخرى: (فلا يقل أحدكم: يا خيبة الدهر، فإنى انا الدهر، أقلب ليله ونهاره، دإن ششا قبضتهما لا: كذا رويناه فى هذه الأحاديث من جميع الطرق فى جميع المصنفات، وعلى رواية الرفع فسره
(7/182)
كتاب الألفاظ / باب النهى عن سب الدهر
183
5 - (... ) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِير، عَنْ هِشَايم، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ
أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لا تَسبّوا الل!رَ، فَإِنَّ اللّه هُوَ الل!رُ لما.
أبو عبيد (1) والشافعى (2) وغيرهما (3) من المتقدمين والمتأخرين.
وكان محمد بن داود الاَصبهانى (4) يقول: إنما هو الدهر، بالنصب على الظرف،
أى أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره.
وحكى هذه الرواية بالنصب أبو عمر بن عبد البر عن بعض أهل العلم (5).
وقال ابن النحاس (6): يجوز النصب (7)، أى فإن الله باق مقيم أبدأً لا يزول.
وقال بعضهم (8): نصبه على الخصوص، والظرف أصح وأصوب.
وفى الحديث الاَخر: ا لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر)، قال الإمام: أما قوله:
(فإن الله هو الدهر): فإن ذلك مجاز، والدهر إن كان عبارة عن تعاقب الليل والنهار واتصالهما سرمدا، فمعلوم أن ذلك كله مخلوق، وأنه أخص أجزاء العالم المخلوقة، ولا يصح أن يكون المخلوق هو الخالق، دإنما المراد أنهم كانوا ينسبون الأفعال، لغير الله - سبحانه وتعالى - جهلاً بكونه - عز وجل - خالق كل شىء ويجعلون له شريكا فى الأفعال، فأنكر عليهم هذا الاعتقاد، وأراد أن الذى يشيرون إليه بأنه يفعل هذه الأفعال، أ هو الله جلت قدرته لبس هو الدهر] (9)، وهذا كما لو قال قائل: القاضى فلان قتل فلانا الزانى، فيقول الاخر: الشرع قتله، لم يقتله القاضى، أو يقول: الشرع هو القاضى، وإنما يعنى أنه يجب إضافة الشىء إلى ما هو الاَصل فيه أو التنبيه على غلط
(2) (3)
(5) (6)
(9)
انظر: غريب الحديث 1 / 285.
أنظر: مناقب الثافعى 1 / 336.
كذ / للث فسره الخطابى بالرفع.
انظر: معالم السق 5 / 423، غريب الحديث 1 / 490، شرح النووى هو أبو بكر محمد بن ثاود على بن خلف الاْصبهانى، المعروف بالظاهرى، كان فقيها، أثبيا، شاعرا على مذهب والدته، له كتاب الزهرة، والوصول إلى معرفة الأصول، والإيجاز، كان يجتهد ولا يقلد أحدًا، مات قبل الكهولة.
انظر: وفيات الأعيان 4 / 259، السير 13 / 109.
انظر: التمهيد 18 / 154.
هو أبو جعفر أحمد بن محمد بن اسماعيل المصرى النحوى، صاحب التصانيف، ارتحل إلى بغداد، وكان من أذكياء العالم، من كتبه: إعراب القراَن، ت 338 هـ.
انظر: وفيات الأعيان 1 / 99، السير 1 / 5"4
هذأ الكلام موجود فى شرح البخلى ى لابن بطال 4 / ق 167.
ا لمثا رق 2 / 362.
سقط من الأصل، والمثبت من ح.
203 / ب
184
(7/183)
كتاب الألفاظ / باب النهى عن سب الدهر
القائل[ دارشاده لموضع الصواب ؛ إذ ظن به أنه خفى عليه] (1).
قال القاضى: ذكر من لا تحقيق له أن الدهر اسم من أسماء الله، وهذا جهل من قائله، وذريعة إلى مفماهاة قول الدهرية والمعطلة.
والمعنى فيه ما تقدم، ويفسره الحديث الاَخر نفسه بقوله: " فإنى أنا الدهر، أقلب ليله ونهاره)، وهذا هو معنى ما أشار إليه المفسرون من أن فاعل ذلك فى الدهر هو الله - عز وجل، والدهر مدة زمان الدنيا.
قال بعضهم: هو أحد مفعولات الله / تعالى، وقيل: بل هو فعله، كما قيل: أنا الموت، وكما قال تعالى: { وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَثوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فقَدْ رَأَيْتُفو، } (2) دارا رأوا أسبابه وقد شبه جهلة الدهرية وكفرة المعطلة بهذا الحديث على من لا علم عنده، ولا حجة لهم فيه ؛ لأن الدهر عندهم حركات الفلك، وأمد العالم ولا شىء عندهم سواه، ولا صانع عند القائلن بقدم العالم منهم سواه، فإذا كان عندهم هو المراد بالله، فكيف يصرف الدهر ؟ ويقلب الشىء نفسه، تعالى الله عن كفرهم وضلالهم.
وقوله: " يؤذينى ابن اَدم)، قال الإمام: هو مجاز، والبارى - تعالى - لا يتأذى
من شىء، فيحتمل أن يريد: أن هذا عندكم إذا قاله بعضهم لبعض ؛ لأن الإنسان إذا أحب اَخر لم يصح أن يسبه لعلمه أن السب يؤذيه، والمحبة تمغ من الأذى، ومن فعل ما يكرهه المحبوب، وكأنه قال: يفعل ما أنهاه عنه، وما يخالفنى فيه، والمخالفة فيها أذى فيما بينكم، فيجوز فيها فى حق البارى - سبحانه.
(1) سقط من الأصل، والمبثت من ح، ع.
(2) لى عمران: 143.
(7/184)
كتاب الألفاظ / باب كراهة تسمية العنب كرما
185
(2) باب كراهة تسمية العنب كرما
6 - (2247) حدّثنا حَجَّاجُ بْنُ الشَاعِرِ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَسُبُّ احَدُكُمُ الدَّهْرَ، فَإِنَّ الله هُوَ الدَّهْرُ، وَلا يَقُولَقَّ أَحَدُكُمْ لِلعِنَبِ: الكَرْمَ، فَإِنَّ الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسْلِمُ ".
7 - (... ) حدئثنا عَمْرو النَّاقِدُ وَابْنُ أَبى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانَ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ سَعيد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " لا تَقُولُوا: كَرْم، فَإِنَّ الكَرْمَ قَلبُ المُؤمِنً ".
8 - (... ) حل!ثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا جَرِير، عَنْ هشَامٍ، عَنِ ابْنِ سيرِينَ، عَنْ
أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تُسًمُّوا العِنَبَ اهَرْمَ، فَإِنً اهَرْمَ الرخلُ المُسْلِمُ لما.
وقوله: ا لا تسموا العنب الكرم، فإن الكرم الرجل المسلم)، وفى حديث آخر:
(فإن الكرم قلب المؤمن)، وفى رواية أخرى: (ولكن قولوا: العنب والحبلة) بفتح الحاء والباء ويسكن الباء أيضا، وهى أصل الكرمة، مجمل هذا عند أهل العلم على أنه لما حرم الخمر عليهم وكانت طباعهم تحثهم على الكرم ونفوسهم، مجبولة عليه فكره - عليه السلام - أن يسمى هذا المحرم باسم وضع لمعنى يهيج طباعهم إليه عند ذكره، وتهش نفوسهم نحوه عند سماعه، فيكون ذلك كالمحرك على الوقوع فى المحرمات ة ولهذا احتج - عليه السلام - بقوله: (وإنما الكرم قلب المؤمن) يعنى أن الكرم حبس النفس عن شهواتها، دإمساكها عن المحرمات عليها، فهذه الحالة أحق بأن يسمى كرما.
قال القاضى: يقال: رجل كريم وكرام وكرم، وامرأة كرم ورجال كرم ونساء كرم،
كله بمعنى كريم، وصف بالمصدر.
وقال الخطابى (1): وتسكن الراء منه، قال الشاعر: فتنبوا المعين عن كرم عجاف
قال الأزهرى (2): سمى به العنب لكرمه ؛ لأنه ذل لقاطفه وليس عليه شوك يؤذى
(1) انظر: معالم السنن 5 / 256.
(2) انظر: تهذيب اللغة 10 / 235 -
(7/185)
186 كتاب ال اللفاظ / باب كراهة تسمية العنب كرما 9 - (... ) حّدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْ!، حَد، شَا عَلِىُّ بْنُ حَفْص، حَد"ننَا وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِى الزَناد، عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله علئ!: ا لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: الكَرَمُ، فَإِنَّمَا الكَرْمُ قَلبُ المُؤْمِنِ).
10 - (... ) وحدّثنا ابْنُ رَافِعٍ ة حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، اخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَام بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَنَا مَا حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَوَ أَحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ): " لا يَقُولَنَّ أحَدُكُمْ، لِلعِنَبِ: اهَرْمً، إِنَّمَا الكَرْمُ الرَّجُلُ اَلمُسْلَمُا.
11 - (248!) حدّثنا عَلِىُّ بْنُ خَشْرَبم، اُّخْبَرَنَا عيسَى - يَعْنى ابْنَ يُونُسَ - عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سمَاك بْنِ حَرْب، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ وَائِل، عَنْ أً بيه، عَنِ الَئبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: ا لا تَقُولُوا: الرْمُ، وً لَكِنْ قولُواً: الحَبَلَةُ لا يَعْنِى: العِنًبَ.
ً
12 - (... ) وَحَد، شيه زُهَيْرُ بْن حَرْب، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سمَاك، قَالَ: سَمعْتُ عًلقًمَةَ بْنَ وَائِلٍ عَنْ ابِيهِ ؛ اُّنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَقُولُوا: الكَرْمُ، وَلًكِنْ"قُولُوا: العِنَبُ وَ الحَبَلَةُ).
204 / ب
جانيه ويحمل الأصمل منه ما يحمل النخلة، أو أكئر، وكل شىء كثر نفعه فقد كرم.
وأصمل الكرم: الكثرة والنفع، فالكريم من كثر ففعه وكثرت فضائله، ومنه: نخلة كريمة للكبيرة الحمل، وناقة كريمة: الكثيرة / اللين، وأرض كريمة: الكثيرة النبات.
وقد يسمى بالكرم الرفيع القدر ؛ لاءن من كثر نفسه عظم قدره.
(7/186)
كشاب الألفاظ / باب حكم إطلاق لفظة العبد...
إلخ
187
(3) باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد
13 - (2249) حلّطنا يحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حَدثنَا إسْمَاعيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاَءِ، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَافيً ا لا يَقُولَن أَحَدُكُمْ: عَبْدى وَأَمَتِى، كُلُكُم عًبِيدُ الله، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ الله، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: غُلامِى وَجَارِيَتِى، وَفًتَاىَ وَفَتَاتِى).
14 - (... ) وحلطنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرير!، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ ابِى صَالِح،
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، (ا لا يَقُولَنًّ أَحَدُكُمْ: عَبْدِى، فَكُلُّكُمْ عَبِيدُ الله، وَلَكِنْ لِيقُلْ: فَتَاىَ.
وَلا يَقُلِ العَبْدُ: ربِّى، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: سيِّدِى ".
(... ) وحئثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا
أَبُو سَعيد الأشَجُ، حدثنا وَكِيعُ، كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَفِى حَلِيثهِمَا: (وَلا يَقُلَِ العبْدُ لِسه !هِ: مَوْلاىَ).
قوله ش ا لا يقل أحدكم عبدى وأمتى، كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل: فتاى وفتاتى وغلامى وجاريتى) وا لا يقل العبد: ربى، ولا يقل العبد لسيده: مولاى، فإن مولاكم الله، وليقل: سيدى)، وفى حديث آخر: (مولاى)، وفى حديث آخر: " ولا يقل أحدكم: اسق ربك، وضى ربك).
قال الإمام: [ قال ابن شعبان فى الزاهى: لا يقل السيد: عبدى وامتى، ولا يقل المملوك: ربى ولا ربتى، وذكر حديثا فى ذلك وهو نحو مما فى كتاب مسلم.
قال القاضى] (1): بين فى الحديث العلة فى ذلك من اشتراك اللفظ بين المخلوق والخالق، وأن الربوبيهَ إنما هى حقيقة لله تعالى، فيجب للعبد المربوب ألا يسامح بتسميته بذلك وندائه بذلك بحال.
وأصل الربوبية الملك وكل من ملك شيئا فهو ربه.
والربوبية - أيضأَ - القيام على
(1) سسكط من ز.
188
(7/187)
كتاب الألفاظ / باب حكم إطلاق لفظة العبد...
إلخ وَزَادَ فِى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ: (فَإِنَ مَوْ! مُ اللّه - عَزَ وَجَلَّ - ).
15 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد، شَا عَبْدُ الرراق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حدصثنَا ابُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
َ فَذَكَرَ أَحَ اليثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ "الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَقُلْ أَحِدُكُمُ: اسْقِ رَبَّكَ، اطعِمْ رَبَّكَ، وَضَئْ رَبَّكً.
وَلا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: !يِّى، وَ!يَقُلْ: سيِّدِى، مَوْلاىَ.
وَلا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: ءَ بْدِى، أَمَتِى، وَ!يَقُلْ: فَتَأىَ، فَتَاتِى، غُلاَمِى ".
الشىء، يقال لمن أصلح شيئا وقام به ت قد ربه يربه، ومنه سمى الربانيون ؛ لقيامهم بشرائع مللهم، لكن لا رب حقيقة ولا مالك حقيقة ولا فاعل حقيقة إلا الله تعالى، فهو رب الأرباب، ومالك كلى مالك، وخالق كل شىء ورازق، وقيام السموات والأرض والقائم على كل تفس بما كسبت، وغيره مخلوق بملك مملوك غير مالك لنفسه ولا قديم، الملدً لما ملك ولا يدوم له ولاْ يعم ملكه.
فإن قيل: فماذا نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن هذا، فما الجمع بينه وبن قوله تعالى: { اذْكُوْفِي
عِندَ رَبِّك} (1) و{ ارْجِعْ إِلَن رَبّئ ال (2!، { إِئهُ رَثي أَحْسَقَ هَثْوَاي} (3)، وقوله - عليه السلام - فى أشراط الساعة: (أن تلد الأمة ربتها) (4) فأعلم أن هذا مما تقدم مثله فى النهى عن تسمية العشاء العتمة، تم قد سماها - عليه السلام - عتمة فى بعض الأحاديث، وأن النهى عن ذلك أن يتخذ عادة، ولا يذكر اسم سواه حتى يغشوا ويستعمل استعمال مثله فى الخالق تعالى، وربما أدخل اللبس باستعمال مثله على الضعفاء بعض الزنادقة، وأصحاب الإلحاد واللول من النصارى وأصحاب التنابيح (5)، وغلاة الرافضة، وغلاة الباطنية ؛ مق تسميتهم بعض الناس اربابأ وادعائهم ذلك حقيقة فيهم، قال الله تعالى: { اتَخَذُوا أَحْبَارَهُم وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا فِن دُونِ الثَهِ} إ 6! تعالى الله عن قولهم.
وا3 ينه نهى وجوب وحتم، بل نهى أدب وحظر، ثم خاطبهم أحيانأَ بما فهم عنه من صحة استعمالهم له فى لغتهم وعلى
(11 يوسف: 42.
(2) يوسف: 50
(3) يوسف: 23.
(4) انبخارى، كالإيمان، بسؤال جبريل النبى (50)، مسلم، كالإيمان، ببيان الإيمان والإسلام وا ل! حسان (1 / 37).
(5) فى!: اقناسخ.
(6) التوبة: 31.
(7/188)
كتاب الألفاظ / باب حكم إطلاق لفظة العبد...
إلخ 189
غير الوجه / المذموم، ولأن ذكر النبى لما ذكر فيهم أمن فيه ما يقع من المعين إذا سمع نداءه بذلك عنده، وما يقع فى نفسه من التعظيم والكبر.
وأما ما ذكر عن يوسف، فيحمل أنه كان استعمالهم فى ذلك الوقت فى حق الملوك، والنهى انما جاء فى شرعنا.
والفرق بين الرب والسيد وإن كان قال النبى - عليه السلام - للذى قال له: أتَ
سيد قريش: " ألسيد الله) (1) على مقابلة اللفظ، وإعطاء اللفظ حقه.
وقيل: إن لفظ السيد غير مستعمل، فى حق الله استعمال الرب، ولا متداول على الألسن من صفاته، ولا جاء فى الكتاب ولا فى حديث متواتر تسميته بذلك، وقد كره مالك الدعاء بسيدى (2) وإن كان الله هو السيد حقيقة.
والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما قال ذلك على طريق التواضع، وكراهة المدح فى الوجه، وقد قال للأنصار: (قوموا لسيدكم) (3) يعنى سعد بن معاذ، وقال: (اسمعوا ما يقول سيدكم) (4) سعد بن عبادة.
والسيد: رئيس القوم ومعظمهم ومقدمهم فى الخير والفضل، والقائم بأمورهم ومصالحهم.
وسيد المرأة: بعلها، قال الله تحالى: { وَاً لْفَيَا س!يدَهَا لَدَا الْبَابِ} (5).
وسيد الدار: قيمها، وهو فى حق الله تعالى بمعنى مالك الخلق ومدبرهم، فليس فى قول العبذ: سيدى، إشكال ؛ إذ قد يستعمله غير العبد، ولا فيه ما يدخل لبسا ولا كبراً ولا تشبها.
بالخالق كما يأتى فى لفظ الرب.
وكذلك مولاى، فإن المولى: الناصر، والمولى والمنعم بالعتق والمنعم عليه وابن
العم والحليف، وهى لفظة منصرفة مستعملة فى القرآن والحديث فى هذه المعانى، فأبيح هنا ذكرها فى حق العبد لسيده لكثرة استعماله فى المخلوقن فى معنى الولاية والقيام بالأمر والإنعام، والله تعالى مولى الذين اَمنوا، ونعم المولى ونعم النصير، فهو أيضا المولى حقيقة، والمالك يقينأ، والمنعم عمومأ، وناصر اوليائه خصوصأَ.
لكن جاء فى كتاب مسلم من رواية وكيع وأبى معاوية عن الاَعمش عن أبى صالح عن
(1) أبو داود، كالأدب، بفى كراهية التمادح (4806)، أحمد 4 / 24.
(2) انظر: ابن أبى زيدص 251، البيان والتحصيل 1 / 456.
(3) البخارى، كمناقب الأنصار، بمناقب سعد بن معاذ (3804)، أبو داود، كالأدب، بما جاء فى القيام (5215)، ئحمد 3 / 22، 71.
(4) مملم، كاللعان، لثا 4 1 / 4 1)، أبو داود، كالديات، بفيمن وجد مع اهله رجلآَ يقتله (532 4)، الن ماجه، كالحدود، بالرجل يجد مع امرأته رجلاً (2605) -
(5) يوسف: 25.
1 / 205
205 / ب
(7/189)
كتاب الألفاظ / باب حكم إطلاق لفظة العبد...
إلخ
أبى هريرة: (ولا يقل العبد لسيده: مولاى لما زاد أبو معاوية: " فإن مولاكم الله دا، ولم / يذكر جرير عن الأعمش[ هذه اللفظة فى الكتاب، وإنما نهى عن قوله: (ربى) وذكر فيه من حديث معمر عن همام عن أبى هريرة مثله، وبينث.
وزاد خلاف رواية وكيع وصاحبه، وقال: (فليقل سيدى ومولاى] ا، وهذا - والله أعلم - أصح للاختلاف فيه عن الأعمش] (1) كما تقدم، وكما نهى العبد عن قول هذأ، كذا نهى السيد فرد الحديث ان يقول: عبدى وأمتى، وبن العلة فى ذلك بقوله: (كلكنم عبيد اشلد، وكل نسائكم إماء الله).
فنهى عن التطاول، فى اللفظ كما نهى عنه فى الفعل وأمر بالتواضع ؛ إذ هو عبد مثله حقيقة فليجتنب هذه اللفظة تواضعأ واعترافأَ بملك الجمييم لله، فإن حقيقة ملك الحر والعبد لله، وإنما ملك بنو ادم من بنى ادم بحكم علة الكفر المسلطة على المالك منافعهم وحركاتهم وتصرفاتهم لا اشخاصهم ث ولهذا قال أصحابنا: اذا قال الرجل لعبده: وهبتك خدمتك أو خراجك أو عملك فهى حرية له.
قوله: (وأمره - عليه السلام - بأن يقول: غلامى وفشاى وجاريتى وفشاتى) إذ هذه ألفاظ تنطلق على الحر والعبد، وليس فيها من معنى الملك ما فى عبدى، دإنما هى بمعنى الاختصاص، قال الله تعالى: { تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نفْسِه} (2) اْى عبدها، { وَقَالَ لفتْيَته} وقرئ{ لِفِتْيَانِهِ} { اجْعَلُوا بِفمَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} (3){ ! اِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَا، } (4) ولم يكَنَ هَذا عبداً هو يوشع بن نون صاحبه.
وأصل الفتوة الشباب، وهو الفتاء، بالمد.
والرجل الشاب فتى، بالقصد، وفتى ائضا، وهى بعد الغلومية.
وأصل الغلومية فى بنى آدم فى الصغر، ينطلق عليه اسم غلام، من حين يولد إلى أن يبلغ، فينقطع عنه اسمها.
(1) سقط من ز.
(2) يوسف: 30.
(3) يوسف: 62.
(4)1 لكهف 600.
(7/190)
كتاب الألفاظ / باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسى
191
(4) باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسى
16! (2250) حدّئنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى لئميْبَةَ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنَا ابُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حدثنا أَبُو اسَامَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ هِشَابم، عَنْ أَبيه، عَنْ عَائشَةَ، قَ التْ ": قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُئَتْ نَفْسِى، وَلِكِن لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِى).
هَذَا حَدِيثُ أَبِى كُرَيْب.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَمْ يَذْكُرْ: " لَكِنْ).
(... ) وحدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، بِهَذَا الإسْنَادِ.
17 - (2251) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَالا: أَخْبَرَنا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أَبِى امَامَةَ بْنِ يممهْلِ بْنِ حُنَيْف، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَقُلْ أَحَدُكُمْ+ خَبُئَتْ نَفْسِى، وَليَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِى).
قوله: ا لا يقولن أحدكم: خبثت نفسى، ولكن ليقل: لقست نفسى)،
قال الإمام: لقست نفسى، أى غثت.
قال القاضى: قال أبو عبيد (1) وغيره: لقست وخبثت بمعنى، لكن كره - عليه السلام - لفظ الخبث وبشاعة الاسم، وعلمهم الأدب فى المنطق واستعمال الحسن منه، وهجران القبيح.
وقيل: اللقس: سوء الخلق.
وقال ثعلب عن ابن الاَعرابى: لقست نفسى، أى ضاقت.
وقال الاَصمعى: معناه: غثت.
قال ثعلب: وقول ابن الأعرابى أحسن ؛ لاَن النفس تضيق من الأمر ولا يكون فيها غثيان.
ولا يعترض على هذا بقوله - عليه السلام -: (فأصبح خبيث النفس كسلان) (2) ؛
فإن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا مخبر عن غيره معين، وعن مذموم من الفعل يصلح فيه استعمال هذا اللفظ، ولو أخبر به مخبر عن نفسه من نومه عن الصلاة وعقد الشيطان على قافيته.
(1) انظر: غريب الحديث 2 / 72، معالم السن 258 / 5.
(2) أحمد 243 / 2، البخارى، كبدء الخلق، بصفة إبليس وجنوثه يا 326)، ملم، كصلاة المسافرين، بما روى فيمق قام الليل اجمع حتى أصبح (7 / 776 0 2).
192
(7/191)
كتاب الألفاظ / باب كراهة قول الإنسان: خبثت نفسى
وفى هذه الأحاديث كلها إرشاد منه - عليه السلام - لاَمته عظيما إ أسى ان تعرف مواضع الاَلفاظ المشتركة بالشىء المكروه، والتجنب عنها، وترك المبالغة والإغواق فى الأوصاف، واستعمال ألفاظ التواضع والعبودية، وترك ألفاظ التطاول والجبرية والتعظيم والكبرياء، ! إشارة إلى تجنب الذرائع كلها، لما لا يجب ولا يجوز فعله أو قوله، أو التشبه بمن يفعله أو يقوله.
(7/192)
كتاب الألفاظ / باب استعمال المسك...
إلخ
(5) باب استعمال المسك، وأنه أطيب الطيب
193
وكراهة ردّ الريحان والطيب
18 - (2252) حدتنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، حَد 8شِى خُلَيْدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (كَانَتِ امْرَأَة مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ قَصيرَةو، تَمْشِى مَعَ امْرَأَتَينِ طَوِيلَتَيْنِ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَخَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ مُغْلَقٍَ مُطبَقٍ، ثُمَّ حَشَتْهُ مِسكًا - وَهُوَ أَطيَبُ الطِّيبِ - فَمَرَّقطْ بَيْنَ المَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَعْرِفُوها.
فَقَالَتْ بِيَلِ!ا هَكَذَا لما وَنَفَضَ شُعْبَةُ يَدهُ.
19 - (... ) حد ثنا عَمْرؤ الئاقدُ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُلَيْد ثنِ جَعْفَرٍ وَ المُسْتَمِرِّ، قَالا: سَمعْنَا ابَأ نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى سَعيد الخُدْرِىِّ ؛ أَنَّ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذَكَرَ امْراَة مِنْ بَنِى إِسْرَائِيَلَ، حَشَتْ خَاتَمَهَا مِسكًا.
وَالمِسكُ اطيَبُ الطِّيبِ.
ذكر مسلم حديث الإسرائيلية القصيرة، وهو اتخاذها لذلك رجلين من خشب حتى مشيت بين الطريلتين فلم تعرف، واتخاذها المسك فى خاتمها وهو أطيب الطيب.
إذا كانت فعلت هذه المرأة هذا لتستتر لا تتميز فحسن ذلك، دإن فعلته لتظهر نفسها بالكمال للرجال والتزين لهم فغير مباح فعلها فى الشرع.
وأما اتخاذها المسك فى خاتمها وإشارتها به، فذلدً غير مباح عندنا إذا خرجن.
والطيب على النساء إذا لم يخرجن غير ممنوع.
وفى الحديث: ا لا تقبل صلاة المرأة تطيبت لهذا المسجد، حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة) (1)، وفيه: (فليخرجن إذا خرجن ثقات) (2).
وقوله - عليه السلام - فى المسك (وهو أطيب الطيب): تدل على طهارته، وجواز استعماله.
والإجماع قد وقع عليه وهو العمدة فيه، غير ملتفت إلى أصله، ولا ما يولد عنه، وهو غير (3) مخصوص من سائر.
ما يشبهه من النجاسات ورطوبة الميتات وأجزاثها
(1) أححد 246 / 2، أبو ثاود، كالترجل، بما جاء فى المرأة تتطيب للخروج (4174).
(2) فى ح: تفلات - وهذا الحديث رواه الدارمى فى السق 1 / 293.
(3) فى ح حذفت كلمة (غيرأ.
206 / أ
194
(7/193)
كتاب الألفاظ / باب استعمال المسك...
إلخ
20 - (2253) حلّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهيْرُ بْنُ حَرب، كِلاَهُمَا عَنِ المُقْرِئ،
قَالَ أبُو بَكْرٍ: حدثنا أبُو عَبْدِ الرَّحْمنِ المُقْرِىُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِىً أيُّوبَ، حَدثنِى عُبَيْدُ الله ابْنُ أبِى جَعْفَر، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله علته: (مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ رَيْحَانوفًلا يَرُ!ه، فَإِنَّهُ خَفِيف المَحْمَلِ طيِّبُ الرِّيح).
21 - (2254) حدّثنى هَرُونُ بْنُ سَعِيد الأيْلِى وَأَبُو طَاهِرٍ وَأحْمَدُ بْنُ عِيسَى - قَال أحْمَدُ: حَد 4شَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا - ابنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَخْرَمَةُ، عَنْ أبيه، عَنْ نَافِع، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ اسْتَجْمَرَ بالألُوَّةً غَيْرَ مُطَرَّاة، وَبكَافور، يَطَرً حُهُ مَعَ الألُوة.
ثمَّ قَالَ: هَكَنَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ رَسُولُ اللّه علته.
ًََ
وقد مر منه، ولم يذكر فيه خلاف إلا ما حكاه عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز ولا تصح، والمعروف من السلف إجماعهم على استعماله، واقتداؤهم بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك.
وقوله - عليه السلام -: (من عرض عليه ريحان فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الريح دا: قال صاحب العن: الريحان كل بقلة طيبة الريح.
وقد يحتمل عندى أن يراد به فى هذا الحديث الطيب كله، وقد جاء فى الحديث مثل هذا: (من عرض عليه طيب) الحديث بنصه، وذكره أبو داود (1).
وفى البخاركما: (كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لايرد الطيب) (2)، وفى الحديث: نهى المحرم أن يكتحل بالإثمد المروح (3).
قالوا: معناه المطيب بالمسك، وهذا يقوى أن المراد بالريحان الطيب - والله أعلم.
وقوله: (كان ابن عمر إذا استجمر استجمر بألوة غير مطراة، وكافور يطرحه مع الألوة، وقال: هكذا كان يستجمر رسول / الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) 10 لاستجمار هنا: البخور، مأخوذ من الجمرة.
قال الإمام: قال الأصمعى: الألوة: العود يتبخر به، وأراها كلمة فارسية عربت.
قال أبو عبيد (4): وفيها لغتان: الاَُلوة، بفتح الهمزة وضمها.
وحكى غيره عن
(1) أبو!اود، كالترجل، بفى رد ا اطيب (4172).
(2) البخارى، كاللباس، بمن لم يرد الطيب لا 592) (3) ابن أبى شيبة فى المصنف 4 / 442.
(4) غريب الحديث 1 / 42.
(7/194)
كتاب الألفاظ / باب استعمال المسك...
إلخ
195
الكسائى: ألية.
قال غيره (1): وفيه لغتان: مخفف، ومشدد، بكسر الهمزة وضمها.
وفى كتاب الهروى (2) قال بعضهم: لوة ولية، وتجمع الألوة الاَلويه.
قال القاضى: وقوله: (غير مطراة ": أى غير ملطخة بخلوق أو طيب غيرها.
واصله غير مطررة، من طررت الحائط: إذا غشيته بجص أو جير وحسنته وجددته.
وقد يحتمل أن يكون (مطراة) محسنة، مبالغة.
وذلك من الإطراء وهو المبالغة فى المدح.
وفيه جواز استعمال البخور للرجال، واستعمال الاَرايج الطيبة من جميع وجوهها وأنول الطيب، وذلك مندوب إليه فى الشريعة لمن قصد به مقاصده، من امتثال أمر نبيه - عليه السلام - بذلك ليوم الجمعة، والأعياد، ومجامع الناس ؛ ليدفع عن نفسه ما يكره من الروابح، وليدخل على المؤمنن راحة ويدفع عنهم مضرة، وما يوافق الملائكة من ذلك فى المساجد، ومظان حلق الذكر وغيرها، وليقوى دماغه، ويصلح خاطره، ويطيب نفسه ث لتأثير الطيب فى تقوية هذه الأعضاء، وليعينه على ما يحتاج إليه من أمور النساء، فله فى ذلك من التأثير ما لا ينكر، ولتطيب رائحته عند أهله وإخوانه المؤمنل الن، وتظهر مروءته ونظافته ة وقد بنى الإسلام على النظافة.
ولا يفعل هذا فخرا أو رياء واختيالا بدنياه ومباهاة بوجده، فالله لا يحب كل مختالِ فخور.
(1) انظر: المخصص 4 / 98 1، النبات لأبما حنيفة الدينورى ص 9 1 2.
(2) الغريبن ا / ق 27 / ب.
(7/195)
196
كتاب الشعر
بسم الله الرحمن الرحيم
41 - كتاب الشعر
ا - (2255) حلّثنا عَمْرؤ النَّاقِدُ وَاثنُ أَبِى عُمَرَ، كِلاَهُمَا عنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ ابْنُ
أَبِى عُمَرَ: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ إِبْرَاهيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرو بْن الشّرِيد، عَنْ أَبيه، قَالَ: رَدفْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا.
فَقَالً: (هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ امَئةَ ثنِ ايِى اَلضَلت شًيئأ ؟ لما.
قلتُ: نَعَمْ.
قَالً: (هِيهِ "، فَانشَدتُهُ بَيْتًا.
فَقَالَ: (هِيِه دا، ثُمَّ اثشَدْتُهُ بَيتا.
فَقَالً: (هيه دا، حَتَّى أنشَدْتُهُ مِائَةَ بَيْت.
(... ) وَحَد"شِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأحْمَدُ بْنُ عَثدَةَ، جَمِيغا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَيق إبْرَاهِيمَ
ابْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيد - أَوْ يَغقُوبَ بْنِ عَاصِبم عَنِ الشَّرِيد - قَالَ: أَرْدَفَنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَلفَهُ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِهَِ.
(... ) وحلّثنا يحيى بْنُ يَضىَ، أَخْبَرَنَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ.
ح وَحَدثَّنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرَحْمَنِ بْنُ مَهْدئ، كلاهُمَا عَنْ عَثد اللّه بْن عَبْد الرخْمَنِ الطَّائفِىِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَرِيد، عَنْ أَبيه، قَالً: اسثتًنْشَدَنِى رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بَمثلِ حَديث إِبْرًا هيمَ ابن مَيْسَرَةَ.
وَزَادَ: قًالَ: (إِن كَادَ لَيُسْلِمُ لما.
وَفِى حَدِيثِ اَثنِ مَهْدِىٍّ قَالَءَ (فَلَقَدْ كًادَ يُسْلِمُ فِى شِعْرِهِ لما.
كتاب الشعر
دْكر مسلم استنشاد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) للشريد بن سويد (1) شعر أمية بن أبى الصلت وقوله:
" هيه) إلى أن أنشده مائة بيت، وقوله: (إن كاد ليسلم) ة فيه جواز سماع أشعار الجاهلية وأخبارها، والتحدث بها د نثادها (2).
و (هيه) مكسورة الهاء ساكنة الياء والهاء الاَخرة: كلمة استزاده، أى زد، وأصلها: إيه، فإن نونت فهو استزادة ما[ لا] (3) يعرف، د إن كسرت ولم ينون فهو استزادة لما يعرف
(1) الشريد بن سويد الثقفى له صحبة، وقيل: انه من حضرموت روى عن النبى، وروى عنه ابنه عمرو وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعمرو بن نافع الثقفى وغيرهم، وفد على النبى قسماه الريد، وشهد بيعة
ا لرضوان 10 لتهذيب: 4 / 332.
(2) قال ابن حجر: نقل ابن عبد البر الإجماع على جواز الشعر إذا لم يكثر منه فى المسجد، وخلامن هجو، وعن الإغراق فى المدح والكذب المحض والتغزل بمعين لأيحل.
انظر: الفح 443 / 10، التمهيد
195 / 22، 1 لمغنى 12 / 44.
(3) زائدة فى الرسالة.
(7/196)
كتاب الشعر 197
2 - (2256) حدَّثنى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَدُ بْنُ الصّبَاحِ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْر السَّعْدىُّ، جَمِيعًا
عَنْ شَرِيك.
قَالَ ابْنُ حُجْر: اخْبَرَنَا شَرِيدث، عَنْ عَبْد المَلكِ بْنِ عُمَيْرِ، عَنْ ابِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ عليه، قَالَ: (أَشْعَرُ كَلِمَةِ تَكًلَّصَت بِهَا العَرَبُ كَلِمَةُ لَبِيدِ: (أَلاكُلُّ شَىْءِ مَاخَلا اللّهَ بَاطِل ".
وفيه أن الشعر لنفسه ليس بمنكر، وإنما المنكر منه المذموم الإكثار منه، أو مايتضمنه
من الهجاء للمسلمين، وقذف / المحصنات، والتشبيب بالحرم، وذكر أوصاف الحريم وائول الباطل مما يهيج طباع البشر المرتكبن لذلك وتجرئهم على المعاصى.
وقد جاء من ذلك أشياء فى أشعار حسان وكعب وغيرهما مما مدح به النبى - عليه السلام - فى وصف الخمر والتشبب بغير معين جريا على عادة العرب فيستخف منه القليل، ولم ير اصحابنا بمثل هذا رد شهادة الشاهد، ولا جعلوه جرحة فيه (1).
قال الإمام: خرج مسلم فى هذا الباب: حدثنا زُهير بن حرب وأحمد بن عبدة، جميعا عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمرو بن الشريد أو يعقوب بن عاصم ابن الشريد، عن الشريد قال: اردفنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خلفه.
هكذا إسناد هذا الحديث، ووقع عند أبى العلاء: عن الشريد، عن أبيه، وهذا وهم.
والشريد هو الراوى عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا أبوه، وهو الشريد بن سويد الثقفى.
قال القاضى: الأسانيد الأخر عن عمرو بن الشريد عن أبيه تصحح الوهم فى هذا السند من رواية ابن ماهان، وكان فى كتاب ابن أبى جعفر فيه تخليط آخر زائد قال فيه يعقوب بن عاصم: يعنى عن ابن الشريد، قال: أردفنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
كذا كان عنده، وفيه الوهم من وجوه:
منها: قوله: ابن عصام (2)، دانما هو ابن عاصم كما تقدم.
ومنها: قوله: يعنى عن اببن الشريد، وإنما صوابه: يعنى ابن السويد (3)، وهو يعقوب بن عاصم بن الشريد، وإنما يروى الحديث عن أبيه الشريد.
ومنها: أنه ليس عنده عن أبيه وأراه إنما كان إصلاحًا من بعض الشيوخ لرواية ابن ماهان، فأصبح عن الشريد، ورد ابن لتصبح له زيادة عن ائيه، فلم يتيقن فى كتاب شبخنا فزاد تخليطا.
(1) إنظر: المدونة 5 / 153.
(2) فى ز.
عاصم، وهو تصحيف.
(3) فى ح: ابن الشريد، وهو خطأ، والمثبت من ز.
(7/197)
207 / أ
198
كتاب الشعر
3 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُولط، حَد، لنَا ابْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
عَبْد المَلِكِ بْنِ عُمَيْر، حَد*شَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ ابِى!رَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَصْدَقُ كَلِمًةٍ قَالَهَا شَاعِر، كَلِمَةُ لَبِيد:
ألاكُلُّ شَىْءٍ مَاخَلا اللّهَ بَاطِل
وَكَادَ امَيَّةُ ابْنُ أبِى الصَّلتِ أن يُسْلِمَ)
4 - (... ) وحدثّنى ابْنُ أَبِى عُمَرَ.
حَد*شَا سُفْيَانُ، عَنْ زَائدَةَ، عَنْ عَبْدِ المَلك بْنِ عُمَيْر، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أًنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاَلَ: (أصْدَقُ بَيْت قَالَهُ الشَّاعِرُ:
ألا كُلُّ شَىْء مَاخَلا اللهَ بَاطِل
وَكَادَ ابْنُ أبِى الضَلتِ أنْ يُسْلِمَ)
5 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بن المُثَنّى، حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْر، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَ كلالة، قَالَ: (أصْدَقُ بَيْت قَالَتْهُ الشُعَرَاءُ:
ألا كُلُّ يثىء مَاخَلا ال!هَ بَاطِل)
وقوله: (أصدق كلمة قالها شاعر)، وفى رواية: (أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد:
ألاكل شىء ماخلا الله باطل).
هذا على الحقيقة.
ومعنى باطل هنا: مضمحل أو فان.
وأما الذى هو ضد الصحيح والصدق فلم يراه ؛ إذ لاينطلق على هذا باطل من هذه الجهة.
وقوله: بينا نحن نسير مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): [ بالعرج إذ عرض له شاعر ينشد،
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ] (1): (خذوا الشيطان - أو أمسكوا الشيطان - لأن يمتلى جوف أحدكم قيحا، خير له من ان يمتلىء شعراً)، وفى الرواية الأخرى: " لأن يمتلى جوف أحدكم قيحأَ حتى يريه، خير له من أن يمتلى شعرا).
(1) سقط من ز، والمثبت من الحديث المطبوع رقم لا) - من هذا الكتاب.
(7/198)
كتاب الشعر 199
6 - (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ يَحْمىَ، أَخْبَرَنَا يحيى بْنُ زَكَرِيَّاََ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عبد المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُءَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ:
(إِنَّ أَ صدَقَ كَلِمَةٍ قَالَهَأشَاعِركَلِمَةُ لَبِيدِ:
أَلاكُلّ شَيْءٍ مَاخَلا اللهَ بَاطِل)
مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ.
7 - (2257) حلثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا حَفْض وَابُو مُعَاوَيَةَ.
ع وَحَدثنَا
أَبُو كُرَيْبٍ، حَدثنَا أبُو مُعَاوَيَةَ، كِلاهُمَا عَنِ الاكْمَشِ.
حِ وَحَدثنَا أَبُو سَعِيد الأشَج، حَا شَا وَكِيعُ، حَدثنَا الاكْمَشُ، عَنْ أبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لأنْ يَمْتَلِئ جَوْفُ الرخلِ قَيْحَا يَرِيهِ، خَيْر مِنْ أَنْ يَمْتَلِئ شِعْرًا ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِلا أَنَّ حَفْصًا لَمْ يَقُلْ (يَرِيهِ).
8 - (2258) حلثّنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَئى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَد"شَاشُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جَبَيْرٍ، عَنْ مُحَمَدِبْنِ سَعْد، عَنْ سَعْدعَنِ النَّبِىِّ" ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (في نْ يَمْتَلِئ جَوْفُ احَدِكُمْ قَيْحَا يَرِيهِ، خَيْر مِنْ أَنْ يَمْتَلِئً شِعْرا).
ً
قال الإمام: قال أبو عبيد: قال الأصمعى: هو من الورى على مثال الرّمى، وهو
أن تدوى جوفه، يقال منه: رجل مورى، مشدد غير مهموز.
قال أبو عبيد: هو أن يأكل القيح جوفه (1) قال صاحب الأفعال: / يقال: ورى الإنسان والبعير ورىً، دوى جوفه ووراه الروا وريأَ أفسد جوفه، وورى الكلب: سعر أشد السعار (2).
قال أبو عبيد: وقوله - عليه السلام: "خير له من أن يمتلى شعراً) قال بعضهم: يعنى
من الشعر الذى هجى به النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لو كان شطر بيت لكان كفراً، فكأنه إذا حمل وجه الحديث على امتلاء القلب منه فقد رخص فى القليل منه، ولكن وجهه عندى[ أن] (3) يمتلى قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القراَن وعن ذكر الله عز وجل، فيكون الغالب عليه من أى الشعر كان، فإذا كان القراَن والعلم الغالب عليه فليس جوف هذا يمتلئ من الشعر.
(1) غريب الحديث 1 / 31.
(3) فى ز.
ألا.
(2) الانفعال لابن القوطية ص 91.
207 / ب
(7/199)
200 كتاب الشعر 9 - (2259) حلّينا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد الثَّقَفِىُّ، حَدثنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ الهَ العَنْ يُحنِّسَ - مَوْلَى مُصْعَبِ بْنِ الزبيْرِ - عَنْ ابِى سَعِيدًا لخُدَّرِىِّ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بالعَرْجِ، إِذ عَرَضَ شَاعَرٌ ينشدُ.
فَقَاذَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (خُنُوا الشَّيْطَانَ - أوْ أمْسِكُواَ الشَيْطًانَ - لأنْ يَمْتَلِئ جَوْفُ رَجُل قَيْخا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أًِ يَمْتَلِئ شِعْرأ).
قال الق الى: وقوله: (أمسكوا الشيطان): هذا الحديث وشبيهه مما يحتج به من
نهى عن الشعر ومنعه جملة، قليله وكئيره، واحتج بهذا وشبهه.
وإليه ذهب الحسن ومسروق وعبد الله بن عمرو بن العاص (1) فى آخرين والكافة على خلافه، وأند كالكلام، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، كما روى عن الشافعى (2).
وقد روينا هذا الكلام مرفوعأ (3) للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقد أنشد النبى - عليه السلام - الشعر وتمثل به، واستنشده، وقال أصحابه، وحضهم على قوله فى هجاء المشركين.
وقد روى عن الخلفاء، وأئمة الصحابة، وفضلاء السلف فى استشهادهم به، وإنشادهم وقولهم الجيد منه والرقيق والمثقف فى ضروب أفانينه مايغنى عن جلب شاهد عليه لشهرته (4)، وانما المذموم الوجوه المتقدمة، وبالله التوفيق.
(1) انظر: اختلاف العلماء فى رواية الشعر: فى شرح معانى الآثار 4 / 295، 0 30، النووى 15 / 14، المصنف لعبد الرزاق 11 / 4 آ 2 (2053)، مصنف لبن أبى شيبة آ / كلها.
أشارت الباحثة أنها لم تعثر على أثر لعبد الله بن عمرو فى كراهة الشعر.
(2) الأم، كالشهادات، شرح السنة للبغوى 13 / 369، الفتح 0 1 / 443.
(3) البخارى فى الأدب المفردص: 265، قال ابن حجر: سنده ضعيف.
انظر: الفتح 0 1 / 443.
(4) فى الأصل: ليثهر به.
(7/200)
كتاب الشعر / باب تحريم اللعب بالنردشير
(1) باب تحريم اللعب بالنردشير
10 - (2260) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ سُفْيَانَ،
عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةً، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ لَعِبَ بِالئرْدَشِيرِ، فَكَانَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِى لَحْم خِنْزِير وَ!عِهِ لما.
وقوله: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده فى لحم خنزير ود!سدا، قال الإمام: ممالك ينهى عن اللعب بالنرد والشطرنج، ويرى الشطرنج شراً من النرد وألهى منها (1)، وهذا الحجة حجة له، فإن كان ورد فى النردشير قيست الشطرنج عليها، لاشتراكهما فى كونهما شاغلين عما يفيد فى الدين والدنيا، موقعن فى القمار أ أو التشاجر الحادث فيهما عند التغالب، مع كونهما غير مقتدين] (2)، وقد نبه مالك على هذا بقوله: الشطرنج ألهى، وينهى عن اللعب القليل والكحير بقمار أو غير قمار ؛ لاءن القليل يوقع فى الكثير، واللاعب - وإن ترك القمار - قد يقع فى القمار، لكن رد الشهادة لايكون بركوب كل محرم أو مكروه، بأن كان لاعب أ الشطرنج] (3) فأمر عليها ردت شهادته، وإن قل فعله لذلك.
وقال ابوحنيفة: إن كانت محاسنه أكثر من مساوئه واجتنب الكبائر جازت شهادته / على الجملة (4).
والقمار إذا كان محرمًا، أو تحريمه مشتهراً، أو يؤذن ركوبه لسقوط المروءة، فلا معنى لقبول الشهاثة، وإن لم يقامر عليها، فمالك يشترط فى رد شهادة الإدمان عليها.
وفسر بعض أصحابه الإدمان بلعبها مرة فى السنة، وهذا تعسف وبعيد من لفظ مالك.
وراعى بعض أصحابنا فى رد الشهادة بانقطاعه بلعبها عن صلاة الجماعة.
وراعى بعضهم الحالة التى يقع اللعب عليها، فإن أذنت لسقوط المروءة كلعب المتصون الملحوظ بعين الجلالة مع سفلة الناس معلنا بذلك، سقطت الشهادة.
وإن كان مستترا بها ملاعبا لأمثاله من أهل الصون فى بعض الأحايين لم ترد الشهادة به.
وراعى بعض الأصولين القصد باللعب، فإن كان لتسلية النفس وشغلها عن هموم لزمتها، أو تجويد القريحة وشحذ الذهن الكال لم تسقط الشهادة، بل يميل هؤلاء إلى الجواز
(1) الموطأ 2 / 958 وانظر: المدونة 5 / 153.
(2) سقط من ح، والمثبت من الأصل.
(3) فى الأصل: الشهادة.
(4) الهداية 3 / 123، بداخ الصناخ 6 / 269.
(7/201)
208 / أ
208 / ب
202 كتاب الشعر / باب تحريم اللعب بالنردشير
على هذه الحالة.
وقد حكى عن أفاضل من التابع!ين لعبها (1).
وقال بعضى شيوخنا (2): لا تثبت ذلك عنهم، وإنما يتقول ذلك اهل البطالة ليجعلوا لا"نفسهم أسوة فى بطالتهم.
والشطرنج لعب معروف، والنردشير جنس اَخر من اللعب.
وقد قال بعضى العلماء (3):
كأن الا"وائل لما نظروا الى أمور الدنيا فوجدوها تجرى على أسلوبن مختلفين: منها مايجرى بحكم الاتفاق، ومنها مايجرى بحكم السعى والتخيل، فوضعوا النرد مثالا لما يجرى من أمور الدنيا بحكم الاتفاق ؛ لتشعر به النفس وتتصداه، ووضعوا الشطرنج مثالا لما يجرى من أمور الدنيا بحكم السعى والاجتهاد ؛ لتشعر النفس بذلك، وتنهض الخواطر إلى عمل مثله من المطلوبات.
وإنما ذكرنا هذا ليعرف منه على الجملة حقيقة اللعبين حتى تعلم من علم حكمهما حقيقتهما على الجملة إن لم يكن يعرفهما تفصيلا.
قال القاضى[ قال بعضهم] (4) النرد يسمى الكعاب ويسمى الإرب، والنردشير،
قال صاحب العين: النرد فارسى (5)، ويقال: إن الذى وضعها من الفلاسفة، كان على رأى أصحاب الجبر عندهم وعدم القدرة والحيلة، وأن الذى وضع الشطرنج كان على رأى أصحاب الممكن عندهم، وهم أصحاب الاكتساب والقدرة.
ومذهب الشافعى وأبى حنيفة أنه لايرد شهادة اللاعب بها إذا كان موصوفًا بالعدالة فى أحواله (6).
قال أصحاب الشافعى: إلا أن يلعبها قماراً، وكان بذلك معروفأ فتسقط بذلك شهادته (7)، لا"كله المال بالباطل، هذا مذهبه، وهو نحو قول إسحق (8)، وكان الشافعى (9) يكره اللعب بالنرد والشطرنج، ويرى الشطرنج / أخف من النرد.
وكان الليث، يرى الشطرنج أشد من النرد (9)، كما ذكر عن مالك، وأسقط بذلك شهادة اللاعب بها.
(1) قال ابن بمد البر: ممن رولت الرخصة عته سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير ومحمد بن سيرين ومحمد بن المنكدر وعدوة بن الزبير وغيرهم.
انظر: التمهيد 13 / 182.
(2) منهم: الباجى فى المننقى 78 / 7 1، القبس 2 / 4 5 3.
(س) فى خ: الحكماء.
(4) من ح، لم ترد فى ز، انظر: التمهيد 76 / 8 1، القرطبى 338 / 8.
(5) لم أجد هذا القول فى العيئ، وذكر فى اللسان، مالة " نرد).
يلا) انظر: الأم 6 / 208، الوجيز 2 / 249، الهداية 3 / 123، المغنى 12 / 35.
(7) المجموع 0 2 / 0 228، شرح الشة 12 / 385.
(8) التمهيدس ا / 180.
(9) الأم 6 / 208 شهاثة أهل اللعب.
(10) التمهيدس ا / 179.
(7/202)
كتاب الرؤيا
203
بسم الله الرحمن الرحيم
42 - كتاب الرؤيا
ا - (2261) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَابْنُ أَبِى عَمَرَ، جَميعا عَنِ
ابْنِ عُيَيْنةَ - وَاللَّفْظ لابْنِ أَبِى عُمَرَ - حدثنا سُفْيانُ، عَنِ الَزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَةً، قَالَ: كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا اعْرَى منْهَا، غَيْرَ انَى لا ازَمَّلُ، حَتَى لَقيتُ أَبَا قَتَادَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلًلهُ.
فَقَالَ: سَمعْتُ رَسُولَ اللَّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنَ اللله، َ وَالحُلمُ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذا حَلَمَ أحَدُكُمْ حُالمًا يَكْرَهُهُ فَليَنْفُثْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاثًا، وَلَيَتَعَوَّذَ بِاللهِ مِنْ شَرِّهَا، فَإِئهَا لَنْ تضُرَّهُ لما.
(... ) وحدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْد الرخْمَنِ - مَوْلَى اكل طَلحَةَ - وَعْبْدِ ربِّه وَيَحْىَ ابْنَى سَعيد، وَمُحَمَّد بْنِ عُمْرِو بْنِ عَلقًمَةَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةً، عَنْ أَبِى قَتَ الةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
مثْلَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرَْ فِى حَديثهِمْ قَوْلَ أَبِى سَلَمَةَ: كُنْتُ أرَى الرُّؤْيَا اعْرَى مِنْهَا، غَيْرَ انّى لا ازَمًّلُ.
(... ) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، اخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيم وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَا لا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كِلاهُمَا عَنِ الزهْرِىِّ، بَهَذَاَ الإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِى حَليثِهمَا: أعْرَى مِنْهَا.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ يُونُسَ: "فَليَبْصُقْ عَلًى يَسَارِهِ، حِينَ يَهُبّ مِنْ نَوْمِهِ ثَلاثَ مَرَات لما.
2 - (... ) حلثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حدثنا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بلال -
عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، قَالَ: سَمعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْد الرخْمَنِ يَقُولُ: سَمعْتُ ابًا قَتَادَةَ يَقُولُ: سَمعْتُ رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الرُّؤْيَا مِنَ الَلهِ، وَالحُلمُ مِنَ الشَيْطًانِ فَإفَاَ راى أَحَدُكُمْ شَ!ئًا يَكْرَهَه فَليَنْفِثَ عَنْ يَسَارِهِ ثَلاَثِ مَرَّاتِ، وَليَتَعَوَّد* بِاللَه مِنْ شَرِّهَا، فًإِنَّهَا لَنْ
(7/203)
كتاب الرؤيا
قول أبى سلمة: "كنت أرى الرؤيا أُعْرى منها، غير أنى لا أزمل " معناه: أحم منها لارتياعه من ظاهره، والعرواء، ممدود: نفض الحمى.
وقوله: ا لا ارمل): لا أغطى والف كما يعمل بالمحموم.
الرؤيا، مقصورة: من رؤية النوم، والرؤية، بالهاء: من رؤية العن.
(7/204)
204 كتاب الرؤيا تَضُرَّهُ لما.
فَقَالَ: إِنْ كُنْتُ لا"رَى الرُّؤْيَا أَثْقَلَ عَلَىَّ مِنْ جَبَلٍ، فَمَا هُوَ إِلا أَنْ سَمعْتُ بِهَذَا الحَمِيثِ، فَمَا ابَالِيهَا.
(...
! وحدّثناه قُتَيْبَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، عَنِ اللَّيْث بْنِ سَعْد.
ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَد*شَا عَبْدُ الوَفَابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَ.
ح وَحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْر، كُلُّهُمْ عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ.
وَفِى حَدِيثِ الثَّقَفِىِّ: قَالَ أَبُوسَلَمَةَ: فَإنْ كنتُ لا"رَى الرُّؤْيَا.
وَلَيْسَ فِى حَديثِ اللًّيْثِ وَابْنِ نُمَيْر قَوْلُ أبِى سَلَمَةَ إِلَى آخِرِ الحَلِيثَ.
وَزَادَ ابْنُ رُمْح فِى رِوَايَةِ هَذَا الحًدِيثِ: (وَليَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ).
وقوله: (الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلمًا يكرهه فلينفث عن يساره)، وفى رواية: (فليتفل وليتعوذ بالله من شرها لا، وفى رواية: (وشر الشيطان، فإنها لن تضره)، وفى رواية: " فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات "، وفى رواية: (فليتحول عن جنبه الذى كان عليه)، وفى رواية: (ولا يخبر بها إلا من يحب)، وفي بعض الطرق: (الرؤيا الصالحة من الله، والرؤيا السوء من الشيطان)، وقول أبى سعيد (1): (إن كنت لأرى الرؤيا هى أثقل على من الجبل، فما هو إلا أن سمعت هذا الحديث فما أباليها): الحُلْم، بضم الحاء وسكون اللام: هو الرؤيا والفعل منه حَلَم بفتح اللام.
قال الإمام ة كثر كلام الناس فى حقيفة الرؤيا، وقال فيها غير الإسلاميين أقاويل كثيرة منكرة لما حاولوا الوقوف على حقائق لا تعلم بالعقل، ولايقوم عليها برهان، وهم لا يصدقون بالسمع، فاضطربت لذلك مقالاتهم فمن[ ينتهى إلى الطلب] (2) ينسب جميع الرؤيا إلى الاَخلاط، ويستدل بالمنامات على الخلط المغالب، فيقول: من غلب عليه البلغم رأى السباحة فى الماء ويشبهه لمناسبة الماء فى طبيعته طبيعة البلغم.
ومن غلب عليه الصفراء رأى النيران والصعود فى العلو، ويشبهه لمناسبة النار فى الطبيعة طبيعة الصفراء، ولاَن خفتها وانقيادها يخيل اليه الطيران فى الجو، والصعود فى العلو، وهكذا يصنعون فى بقية الأخلاط، وهذا مذهب، وإن جوزه العقل وامكن عندنا أن يجرى البارى جلت قدرته العادة ؛ بأن يخلق مثل ماقالوه عند غلبة هذه الأخلاط، فإنه لم يقم عليه دليل، ولا اطردت به عادة، والقطع فى موضع التجويز غلط وجهالة هذا لو
(1) هكذا فى الأصل، والمثبت عندنا ة (أبى سلمة) من ح.
21) فى ح: ينتمى الى الطب.
(7/205)
كتاب الرؤيا 205
3 - (.
.
) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بنُ الحَارِث عَنْ عَبْد ربه بْنِ سَعِيد، عَنْ أَبى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِى قَتَادَةَ، عَنْ وَسُولِ اَلله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ َ أَنَّهُ قًالَ: (الر!ؤْيَا الصَّاَلِحَةُ مِنَ الله، والرُّؤْيَا السَّوء مِنَ الشَّيْطَانِ، فَمَنْ رَأَى رُؤْيَاَ فَكَرِهَ منْهَا شَيْئا فَليَنْفُثْ عَنْ يَسَارِه، وَليَتَعَوًّ ذ بِال!هِ مِنَ الشَّيْطَانِ لاتَضُرّه، وَلا يُخْبِرْ بِهَا احَدًا، فَإِنْ رً أَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلمبشِرْ، وَلَا يُخْبِرْ إِلا مَنْ يُحِمب دا.
نسبوا ذلك إلى الاَخلاط على جهة الاعتياد، وأما إن أضافوا الفعل فإنها تقطع بخطئهم، ولا يجوز ماقالوه ؛ اذ لا فاعل إلا الله.
ولبعض أئمة الفلاسفة تخليط طويل فى هذا، وكأنه يرى أن صور مايجرى فى الأرض
فى العالم العلوى كالمنتهوش، وكأنه يدور بدوران الآخر إ ا)، فما حاذى البعض المنقوش منه انتقش فيها، وهذا أوضح فساداً / من الأول، مع كونه تحكما بما لم يقع عليه برهان، والانتقاش من صفات الأجسام، وكثيرا مايجرى فى العالم الأعراض، والأعراض لاتنتقش ولايتنقش فيها.
والمذهب الصحيح ماعليه أهل السنة، وأن الله - سبحانه - يخلق فى قلب النائم اعتقادات كما يخلقها فى قلب اليقظان، وهو - تبارك اسمه - يفعل مايشاء ولا يمنعه من فعله نوم ولايقظة، فإذا خلق هذه الاعتقادات فكأنه - سبحانه - جعلها عَلَما على اْمور أخر، يخلقها الله فى ثانى حال، أو كان قد خلقها.
فإذا خلق فى قلب النائم اعتقاد الطيران وليس بطائر فقصارى مافيه أنه اعتقد أمرأ على خلاف ماهو عليه، [ وكم فى اليقظة ممن يعتقد أمراً خلاف ماهو عليه] (2) فيكون ذلك الاعتقاد علما على غيره، كما يكون خلق الله - سبحانه - الغيم علمأَ على المطر، والجميع خلق الله - سبحانه - ولكن يخلق الرؤيا والاعتقادات التى جعلها علمأ على مايسر[ بحضرة أو] (3) بغير حضرة الشيطان، ويخلق ضدها مما هو علم على مايضر بحضرة الشيطان، فينسب إليه مجازاً واتساعأ.
وهذا المعنى بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الرؤيا من الله، الحلم من الشيطان)، لا على أن الشيطان يفعل شيئأ فى غيره، وتكون الرؤيا اسمًا لما يحب، والحلم لما يكره.
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فإنها لن تضره): فقيل: معناه: أن الروع يذهب[ هذا التعب] (4) المذكور
فى الحديث، إذا كان فاعله مصدقًا به، متكلا على الله جلت قدرته فى دفع المكروه عنه.
وقيل: يحتمل أن يريد أن هذا الفعل منه يمنع من نفوذ مادل عليه المنام من المكروه، ويكون ذلك سببأَ فيه، كما تكون الصدقة تدفع البلاء، إلى غير ذلك من النظائر المذكورة عند اهل الشريعة.
(1) فى جميع النسخ: الاكر، وفى إكمال اجممال: الآخر.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(4) فى ح: بهذا النفث.
(7/206)
208 / ب
1 / 209
206 كتاب الرؤيا
4 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ خَلاد البَاهِلِىُّ وَأحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَكَ!، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ، حدثنا شئعْبَةُ، عَنْ عَبْد ربِّه بْنِ سَعِيد، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ: إنْ كُنْتُ لأرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِى قَالَ: فَلَقيتُ أَبَاَ قَتَادً ةَ.
فَقَالَ: وَأَنَا كُنْتُ لأرَى الر!يَا فَتُمْرِضُنِى، حَتَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (الرُّؤْيَا الصَّالحَةُ منَ اللّهِ، فَإذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَايُحِبُّ فَلا يُحَدَثُ بِهَا إلا مِنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأى مَايَكْرَهُ فًليَتْفِلُ عَنْ يَسَارَ 5ِ ثَلاثَا وَليَتَعَوَّذُ بِالنهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرًّ هَا، وَلا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ لا.
وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لاتخبر بها إلا من تحب): فيحتمل عندى أن يكون حذرًا من أن يغيرها له من يبغضه على الصفة المكروهة فيحزنه ذلك، أو يتفق وقوعها على ماعبر.
ويكون وصفها بأنها حسنة بمعنى حسنها فى الظاهر.
وأهل العبارة يقولون فى تقاسيمهم: فى المنامات ماهو حسن فى الظاهر مكروه فى الباطن، ومنها عكسه، إلى بقية الأقسام التى يعدونها.
وأما قول أبى سلمة: (إنى لأرى الرؤية أعرى منها ولا أزمل): فلم أقف على تفسيره عند أهل الغريب، غير أن صاحب الأفعال (1) قال: عرى الرجل عرية وعروة: صار عريانا.
والليلة اشتد بردها فهى عرَية، وعروتك عروا: نزلت بك، والاءمر نزل به، والحمى لذعته وهى عرواء، فيحتمل أن يكون أراد: أرعدته الحمى، أو اشتد برده فزعا مما أرى (2) إن لم يكن من التعرى.
وأما (أزمل) فالمعروف ان الزمل التدثيو.
قال القاصْى: وقيل فى معناه: (الرؤيا الصالحة من الله)، وهو معنى الرواية الاَخرى التى ليس فيها لفظ / (الصالحة) إضافة اختصاص وإكرام ؛ لسلامها من الأضغاث، وهو التخليط وجمع الأشياء المتضادة، كضغث الحشيشيى وشبهه، وطهاوتها عن حضور الشيطان دإفساده لها، وهذا مثل قوله تعالى: { إِنَّ عبادي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلطَان} (3)، والكل من عنده.
كما أن الرؤيا كلها مما حضره الشيَطانَ أولم يحضره من خلق الله وقدرته، فخص ماطهر من الشيطان وسلم من تخليطه بالإضافة إلى الله ؛ تكريما وتشريفاِ وتخصيصثا.
وإضافة الأخرى إلى الشيطان عند بعضهم لاءنها مكروهة مخلوقه على طبعه، من التحزين والكراهة التى خلق فيها (4).
قد تقدم غير هذا التأويل فيها، وقيل: لأنها توافق الشيطان ثم تسير ويستحسنها لما فيها قد يشغل بال المسلم واستضراره منها.
قال بعضهم (5): دن كان التحزين غالئا من الشيطان فقد يكون - أيضا - نادراً فى
(1) لابن القوطية ص 24.
(2) فى ح: راى.
(4) تفصيل هذا الكلام فى الفتح 12 / 311، شرح البخارى لابن بطال 3 / 215.
(5) منهم: المهلب، وقد نقل قوله ابن بطال فى شرح البخارى 4 / 215.
(3) 1 لحجر: 42.
(7/207)
كتاب الرؤيا 207
5 - (2262) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا لَيْمث.
ح وَحَدحّلأَشَا ابْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَهُ قَالَ: " إِذَا رَأَى احَدُكُمُ الرؤيَا يَكْرَهُهَا فَليَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلائا، وَليَسْتَعِذْ بِالنهَ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلاثًا، وَليَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِى كَانَ عَلَيْهِ).
الرؤيا الصحيحة ؛ إنذارا من الله وعناية بعبده ؛ لئلا يفجئه ماقدر عليه بغتة، وليكون فيه على حذر وأهبة، كما أن الرؤيا الصالحة والحسنة من الصالحين، هذا - أيضا - على الغالب، وقد يكون فى روْياهم أضغاث ولكن على سبيل الندور بضد الأولى لعوارض تقتضى ذلك - والله اعلم - من وسوسة[ النفس] (1) وحديثهما، أو غلبة خلط عليه، أو فساد ذكرها أحيانأ وتخييلها وفكرها.
ويحتمل قوله: (الحسنة، والصالحة) أن يكون راجعًا إلى حسن ظاهرها، ويحتمل
أن يرجع إلى صحتها، كما أن قوله فى الاَخرى: (أ الرؤية] (2) السوء) يحتمل الوجهن ؛ سوء الظاهر، أو سوء التأويل.
وفى أمره بنفثه وبصقه ثلاثأَ: طرد للشيطان الذى حضر رؤياه المكروهة، 1 واستقذاره لها] (3)، كما يبصق على مايستقذر ويكره، كما امر بذلك عند التثاؤب.
وكون ذلك فى يساره ؛ لأن اليسار أبداً جهة الشيطان وجهة المزام والأقذار، والجهة المشؤومة بضد اليمين، والعرب تسميها الشؤما.
وقوله: " فليبصق، وليتفل، ولينفث) على اختلاف الأحاديث، كله بمعنى، وقد تقدم الكلام على ذلك، ومن فرق بين التفل والنفث، ومن جعلهما بمعنى فى كتاب الصلاة، وفى كتاب الطب.
وأمره بتحويله عن جنبه: تفاؤلأَ بتحويل حالها، وظاهر مكروه تأويلها، واْنها لاتضره، وهذا يصحح أحد التأويلين فى قوله: ا لاتضره) أنه عائد، إلى صرف سوء تأويلها ودفع الله بما فعل عنه مكروهها.
وأما قوله: (ولاتخبر بها أحدا) فما فائدة كتمانها ؟ فقيل: إن ذلك مخافة تعجيل اشتغال السوء (4) بمكروه تفسيرها إن وافق ظاهرها باطنها، والتعذيب به مدة لا يدرى قربها من بعدها، فقد تخرج الرؤيا بعد طول السنن، ! إذا لم يخبر بها وفعل ما أمر به من النفث / والاستعاذة، كان دواء مكروهها وخروجها عن ذلك على أحد التأولين، وعلى التأويل الاَخر: أن ذلك إنما يريك (ْ) روعتها وتحزنه بها.
(1) ساقطة من ز، والمثبتة فى ح.
(3) فى خ.
واستقذار، له.
(2) ساقطة من ز، والمثبتة من ح.
(4) فى خ: النفس.
(5) فى خ: يزيل.
(7/208)
209 / ب
208 كتاب الرؤيا 6 - (2263) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ المَكِّىُّ، حَدءنَنَا عَبْدُ الوَهَّاب الثَّقَفِى، عَنْ أيُّوبَ السَّخْتِيَانِى، عَنْ مُحَمَّد بْنِ سيرينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الَمُسْلِمَ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَديئا، وَرُؤْياَ المُسْلِم جُزْءُ مِنْ خَمَسٍ وَأَرْبَعينَ جُزْذا مَنْ النُبُوَة، وَالرُوْياَ ثَلاَثَةُ: فَرُؤْياَ الصَاَلحَة بَشْرَى مِنْ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشًّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدَث المَرْءُ نَفْسَهُ.
فَإِنْ رَأَى أً حَدُكُمْ
وإذا لم يذكرها لأحد ولم يفصل له تفسيرها بقى بين الطمع والرجاء من أنه أهل (1)
لها تفسيراً حسنًا، أو أنها من أضغاث الأحلام أو حديث النفس، فكان أسكن لنفسه وأقل لتعذيب قلبه.
واختلف المتكلمون فى النائم المستغرق فى النوم جميع أجزاء قلبه، فقيل: لا يصح ضرب المثل لمثل هذا ولا رؤياه ؛ لأن ضرب المثل إنما يرجع إلى الاعتقاد ووجوده بالمضروب، وهذا لا يصح من المستغرق، ولايحضر هذا ملك ولا شيطان.
ورأى من قال هذا أن النوم افة، يخرج الحى عن صفات التميز والظنون والتخيل والاعتقادات، كما يخرجه عن صفة العلم.
ولم يرض آخرون هذا المذهب، وقالوا: إن النائم يصح مع استغراق أجزاء قلبه الا يمتنع ألا يكون ظانا ومتخيلأ، واتفقوا على أنه لايصح أن يكون عالما، وذهب هذا إلى أن النوم آفة يمغ حصول الاعتقادات الصحيحة فى اليقظة دون مافى المنام.
والصحيح عند المحققين من شيوخنا المنكلمين القول الأول، وأن الظنون والخيالات والاعحقادات جنس واحد مضادة للعلوم، وأنه لايصح منه اعتقاد إلا أن يكون بعض أجزاء قلبه ولانوم به فيه يرى ويضرب له المثل، ولا يلزم ما ألزمهم الاخرون أنه إذا كان كذلك فهو إذاً مكلف، مخاطبٌ، وقد أسقط عنه الشرع ذلك ؛ لأن هذا ليس بحقيقة وجود العلم وصحة الميز، دإنما بقيت[ عندهم] (2!) فيه عند الرؤيا بقية حياة وميز بضرب (3) بضرب المثل لابحقيقة الأشياء، بدليل مشاهدته وحاله.
وقوله: (إذا اقترب الزمان لم يكن (4) رؤيا المؤمن كذب (5))، قال الإمام: اختلف الناس فى معناه، قال بعضهم: المراد به: إذا اقترب من اعتدال[ الكتاب والنهايعان] (6) فإن الرؤيا حيئمذ لم تكن تكذب، وبهذا فسره أبو داود (7).
(1) فى ح: لعل.
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(3) تكررت هذه الكلمة فى ز.
لأ 4) فى ح: تكد.
(5) فى ح: تكذب.
وكذلك ما أثبتناه من الحديث المطبوع رقم (9) من هذا الكتاب.
(6) فى ح: الليل والنهار.
(7) إنطر 28 سنن أبى ثاود، كالأدب، بماجاء فى الرؤيا (5019) ومعالم الق، كالاَدب، بالروْيا
(7/209)
كتاب الرؤيا 209 مَايَكْرَهُ، فَليَقُمْ فَليُصَل، وَلا يُحَدِّثْ بِهَا الئاسَ لا - قَالَ: (وَأُحِبُّ القَيْدَ وَكرَهُ الغُلَّ، وَ القَيْدُ ثَبَاتٌ فِى الدِّينِ لما فَلا ادْرِى هُوَ فِى الحَدِيثِ امْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ.
(... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرراقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ أَيُوبَ،
بِهَذَا الإِسْنَاد، وَقَالَ فى الحَديثِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَيُعْجِبُنى القَيْدُ وَكرَهُ الغُلَّ.
وَ القَيْدَ ثَبَات!فِى الدًّ يْنِ وَقَالَ النبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جَزْءٌ مِنْ سِتًّة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِن النبوَّةِ لما.
(... ) حدّثنى ابُو الرَّبِيع، حدثنا حَمَّادُ - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - حَد، شَا أَيُّوبُ وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: إذَا اقْتَربَ الزَّمَانُ.
وَسَاقَ الحَديثَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فيه النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًًَ
(... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، اخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدثنَا ابِى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّد بْنُ سيرِينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَن الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَأَدْرجً فِى الحَدِيثِ قَوْلَهُ: وَكْرَه الغُلَّ، َ إِلَى تَمًام الكَلام.
وَلَمْ يَذْكُرِ: " الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةِ وَارْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النبؤَةِ).
7 - (64!2) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ
وَأبُو دَاوُدَ.
ح وَحَدثَّنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد، شَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، كُلُهُمْ عَنْ شُعْبَة.
ح وَحدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ - وَاللَّفْظُ لًهُ - حدثنا أَبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَيق قَتَادَةَ، عَنْ انَسِ بْنِ مَالكٍ، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الضَامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (رُؤْيَا المُؤْمِنِ جُزْء! مِنْ سِتَّة وَأً رْبَعِينَ جُزْءَا مِنَ النبوَّةِ ".
وقال بعضهم (1): بل المراد به اَخر الزمان والهرب (2) من القيامة.
قال القاضى: أهل العبادة (3) والمفسرون لها يزعمون أن أ أحسن الأزمان وأصدقها للعبارة حيث أنفتاق] (4) الأزهار ووقت بيع (5) الثمار، وهذان الوقتان هما وقت تقارب الزمان واعتدال الليل والنهار، وقد روى عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا الحديث بلفظ اَخر من رواية
(1) هذا القول أحد قولى الخطابى، حيث فر الحديث على وجهين: الأول: الذى ذكرناه سابقًا، والاَخر: قوله: إن اقتراب الزمان إنهاَ أمله إذا دنا قيام الساعة.
معالم السق (4 / 282).
وهو أيضا اختيار ابن بطال فى شرحه على البخارى (4 / ق 222)، وصححه ابن العربى حيث قال: الأصح أنه اقتراب يوم القيامة، فإنها الحاقة التى تحق فيها الحقائق، وأنكر التأويل الآخر.
انظر: العارضة 9 / 125.
(2) فى ح: القرب.
(3) فى ح: العبارة.
وانظر فتح البارى (12 / 296) كالتعبير.
(4) سقط من ز، والمثبت من ح.
(5) فى ح: ينع.
(7/210)
210 كتاب الرؤيا (... ) وحدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حدثنا أَبى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابت البُنَانىّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَألِك، عَنِ النَبِى.
مِثْلَ ذَلِك.
8 - (2263) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرراق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنِ ابْنٍ المُسَيَّب، عَنْ الى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّ رُؤْيَا المُؤْمن جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبعِينَ جُرءا مِنَ النبوَّة دا.
ً
(... ) وحدّثنا إِسْمَاعيلُ بْنُ الخًليلِ، أخْبَرَنَا عَلىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنِ الأعْمَشِ.
ح وَحدثنا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَا أَبَى، حدثنا اَلأعْمَشُ، عَنْ أَبِىَ صَالِحٍ، عًنْ أَبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالىَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (رُؤْيا المُسْلم يَرَاهَا أ ترى لَهُ).
وفى حديث ابْنِ مسْهر: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْء!مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ خزْءَا مِنَ النبوَّةِ لا.
ً*
(... ) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ يحيى بْن أبى كَثير، قَالَ: لبمَمعْتُ
ابى يَقُولُ: حدثنا ابُو سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رسُول اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاً: (رُؤْيَا الرجُلِ الَضَالِح جُزْءدمِنْ سِئةِ وَأرْبَعِينَ جُزْءا مِنَ النبوَّةِ لما.
(... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حدثنا عَلِىُّ - يَعْنِى ابْنَ المُبَارَك.
ح وَحَدهَّشَا أَحْمَدُ بْنُ المُنْذرِ، حدثنا عَبْدُ الصَّمَد، حدثنا حَرْب! - يَعْنى ابْنَ شَدَّادِ - كِلاهُمَا عَنْ يحيى بْنِ أبِى كَثِيَرِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
ء وص ص، 5، ص ص ممرص، يريرص ممص ص ه ص كل ص ه ص ير 5 "
(... ) وحدثنا محمد بن رافِعِ، حدثنا عبد الرزاقِ، حدثنا معمر، عن همام بنِ منبهِ،
عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يحيى بْنِ أبِى كَثِيرِ عَنْ أبِعهِ.
معمر عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبى هريرة، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال: (فى اَخر الزمان لا تكذب رؤيا المؤمن) (1) وهذا يفسر الحديث، وأنه بمعنى التأويل الآخر - والله أعلم (2).
وقال ابن سيرين فى آخر الحديث الاْول فى كتاب البخارى (3): وأنا أقول فى هذه الأمة، يشير إلى عموم صدق / الرؤيا فى هذه الأمة، وأن صدقها لايختص بصالح من طالح وهو بين ة اذ غالب رؤيا الصالح فى كل حين الصدق على ماتقدم، دون اشتراط تقارب الزمان.
(1) الترمذى، كالرؤيا، بما جاء فى رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الميؤان الدلو 4 / 469.
(2) وهذا قول الخطابى فى معالم السن 4 / 282، ابن العربى فى العارضة 9 / 25 1، ابن بطال فى شرح ا لبخا رى 4 / ق 222.
(3) صحيح البخارى، كالرؤيا، بالقيد فى المنام 8 / 76، 77.
(7/211)
كتاب الرؤيا
211
9 - (2265) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أِبِى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو أُسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، حَدئنَا أَبِى، قَالا جَمِيعًا: حَدثنَا عُبَيْدُ اللّهِ عنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ كلفة: (الرؤيَا الصَّالِحَةُ جُزْء!مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النبوَّةِ ".
وقوله: (أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا): قال بعضهم: دإنما كان ذلك - والله أعلم - لانقطاع العلم اَخر الزمان، ودروس معالم الديانة، وموت العلماء والصالحن والزاجرين، والناهن عن المنكر، كما أنذر - عليه السلام - به، فجعل الله لهم صدق الرؤيا زاجراً لهم وحجة عليهم وبينها (1) لهم.
وقوله: (أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا) فهذا ائضًا بين ؛ لأن غير الصادق فى حديثه يعترى الخلل فى رؤياه لوجهين.
أحدهما: أن اعتقاده وتحديثه نفسه قد يجرى فى نومه على عادته من الكذب والتساهل، فيكذب رؤياه.
والثانى: عند إخباره بما راَه قد يتسامح فى العبارة عما راة، ويحقر العظيم، او يعظم الحقير، ويميل مع هوى نفسه إلى التساهل فيما يحكيه عنها أو عن غيرها من (2) رؤياه لما يوافق ذلك - والله أعلم (3).
وقوله: (رؤيا المسلم (4) جزء من خمسة وأربعين جزءًا من النبوة) وفى رواية أخرى: (من ستة وأربعن)، وفى رواية أخرى: (رؤيا المؤمن)، وفى أخرى: (المسلم)، وفى أخرى: (الصالح، جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) فخص هنا رؤيا المومن وعم فى الأولى، وزاد فى أخرى: (يراها أو ترى له)، وفى حديث اَخر: (الروْيا الصالحة نجزء من سبعين جزءا من النبوة)، وفى غير مسلم عن ابن عباس: (جزء من أربعين) (5)، وعن عبد الله بن عمرو: (من تسعة وأربعن) (6)، وفى حديث العباس: (من خمسين) (7)، وفى حديث أنس: " من ستة وعشرين) (8)، وعن عباده بن
(3)
فى ح 2: مُنمهًا.
ومن الذين نحوا هذا المنحى فى تأويل الحديث ابن بطال فى شرحه على البخارى 4 / فى 2خط:.
فى.
فسره ابن العربى بذلك، حيث قال بأن الأمثال إنما تضرب له على مقتضى اخواله من تخليط وتحقيق، وكذب وصدق، وهزل وجد، ومعصية وطاعة.
انظر.
العارضة 9 / 125، المفهم 3 / ق 218.
فى خط: المؤمن.
الهيثمى فى عجمع الزوائد، كالتعجير، بالرؤيا الصالحة 7 / 177، وقال: رواه البزار، وفيه عبد الله ابن عيسى الخزاز وهو ضعيف، من حديث أبى هريرة.
أحمد 2 / 9 1 2، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوأئد، كالتعبير، بفيمن رأى مايحب أو غيره 78 / 7 1 وقال: رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن دراج، وحديثهما حسن، وفيهما ضعف، وبقية رجاله ثقات.
الهيثمى فى مجمع الزوائذ، كالتبير، بالرؤدا الصالحة 7 / 176.
عزاه ابن حجر فى الفتح إلى ابن عبد البر 2 363 / 1، وانظر التمهيد 1 / 282.
(7/212)
210 / ب
212 كتاب الروْيا (... ) وحدّثناه ابْنُ المُثَنّى وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعيد، قَالا: حَد*لنَا يحيى، عَنْ عُبَيْد الله،
بِهَنَا الإسْنَادِ.
الصامت ([ من] (1) أربعة وأربعن) (2)، والاءكثر من ذلك والأصح عند أهل الحديث: " من ستة وأربعن) (3).
قال الإمام: أما قوله: " رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) فإنه مما
قال بعض الناس فيه: أنه ( صلى الله عليه وسلم ) أقام يوحى إليه ثلاثة وعشرين عافا، عشرة بالمدينة وثلاثة عشر بمكة، وكان قبل ذلك بستة أن هر يرى فى المنام مايلقيه إليه الملك - عليهما السلام - وذلك نصف سنة من ثلاثة وعشرين سنة جزءاً من ستة وأربعن جزءا (4).
وقد قيل: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قد خُص دون الخليفة بضروب وفنون، وجعل له إلى العلم
طرق لم تجعل لغيره، فيكون المراد: أن المنامات نسبتها مما حصل له وميز به جزء من ستة وأربعن، فلا يبقى على هذا إلا أن يقال: بينوا هذه الأجزاء.
ولا يلزم العلماء أن تعرف كل شىء جملة وتفصيلاً، وقد جعل الله - سبحانه - للعلماء / حداً تقف عنده، فمنها مالا تعلمه أصلا، ومنها ماتعلمه جملة ولا تعلمه (ْ) تفصيلا وهذا منه، ومنها ماتعلمه جملة وتفصيلا، لاسيما ماطريقه السمع، ولا مدخل للعقل فيه، فإنما يعرف منه قريبا (6) عرف به السمع.
وقد مال بعض شيوخنا إلى هذا الجواب الثانى، وقدح فى الأول ة لأنه لم يثبت أن أمد رؤياه ( صلى الله عليه وسلم ) قبل النبوة كانت ستة أن هر ومائة بعد الهجرة (7) رأى منامات كثيرة، فيجب أن يلعق فيها (8) مايضاف إلى الستة أشهر، فيتعين (9) الحساب وتفسد النسبة، ولا وجه عندى لاعتراضه بما كان من المنامات خلال زمن الوحى ؛ لأن الا"شياء توصف بما يغلب عليها وينسب إلى الأكثر منها، فلما كان الستة أشهر محضا فى المنامات والثلاثة وعشرون سنة جاها (ْ1) وحى، دإنما فيه منامات شىء يسيريعد عدّا، صح أن يطرح الأقل فى حكم النسبة والحساب.
ويحتمل عندى أن يراد بالحديث وجه اَخر، وهو أن يمره (11) المنامات الخبر[ لا البر] (12) وإن كان يبيع (13) ذلك إنذار وتبشير، والأخبار بالغيب أحد ثمرات النبوة
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) الطبرى 7 / 135 فى تفسير سورة يونس اية 64، وانظر: الفتح 12 / 363.
(3) انظر: المفهم 3 / ق 218 أ، شرح البخارى 4 / ق 216.
(4) انظر: أعلام الحديث 4 / 5 231، معالم النن 5 / 281، وقال ابن العربى: إن هذا يفتقر إلى نقل صحيح، ولو ئبت بالنقل ما ائادنا شيئا فى غرضنا، والا"صح حمل اللفظ عليه.
ئنظر: القبس 353 / 2.
(5) فى ح: يعلم.
(6) فى ح: قدر ما.
(7) فى ح: النبوة.
(8) فى ح: منها.
(9) فى ح: فيتغير.
(10) فى ح: جلها.
(11) فى ح: ثمرة.
(12) فى ح: بالغيب لا كثر.
(13) فى ح: شح.
(7/213)
كتاب الرؤيا 213 (... ) وصدّتناه قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْح، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَحَد"ننَا ابْنُ رَافِع، حَدثنَا
ابْنُ أَبِى فُلَيْك، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ - يَعْنِى ابْنَ عُثْمَانَ - كلأهُمَا عَنْ نَافِع، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَفى حَدِيثِ اللَّيْث: قَالَ نَافِع: حَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَاً: " جُزْءومِنْ سَبْعِين جُزْءًا مِنَ النبوَّةِ ".
واحد فوائدها، وهو فى جنب فوائد النبوة والمقصود بها يسير ؛ لاَنه يصح أن يبعث نبى ليشرع الشرائع، ويبين الأحكام، ولايخبر بغيب أبدا، ولا يكون ذلك قادحًا فى نبوته، ولا مبطلا للمقصود منها.
وهذا الجزء من النبوة - وهو الإخبار بالغيب - إذا وقع فلا يكون إلا صدقا ولا يقع إلا حقا.
والرؤيا بما (1) دلت على شىء ولم يقع مادلت عليه، إما لكونها من الشيطان، أو
من حديث النفس، أو من غلط العابر فى أصل العبارة، إلى غير ذلك من الضروب الكثيرة التى توجب عدم الثقه بدلالة المنام.
فقد صار الخبر بالغيب أحد ثمرات النبوة وهو غير مقصود فيها، ولكنه لايقع إلا حقا وثمرة المنام الإخبار بالغيب، ولكنه قد لايقع صدقا فتقدر النسجة فى هذا بقدر ماقدره الشرع بهذا العدد، على حسب ما أطلعه الله تعالى عليه، ولأنه يعلم من حقائق نبوته مالا نعلمه (2) نحن.
وهذا الجواب دإن كان فيه ملاحظة لما قدمناه من الجواب الثانى عن بعض أهل العلم، فإنهم لم يكشفوه لهذا، ولا بسطوه هذا البسط (3).
وأما اختلاف الروايات فى هذا القدر، ففى كتاب مسلم: " خمسة "، وفيه: " ستة)، وفيه: (جزء من سبعين جزءاً من النبوة).
وقد أشار الطبرى إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائى، فالمؤمن الصالح تكون نسبة رؤياه مْن ستة وأربعن، والفاسق سبعين ؛ ولهذا لم يشترط فى رواية السبعين فى وصف الرائى ما اشترط فى وصف الرائى فى الحديث المذكور فيه ستة وأربعين، فقد قال فى بعض طرق مسلم: (رؤيا الرجل الصالح جزء من / ستة وأربعن جزءاً من النبوة)، دإن كان قد أطلق فى بعض طرقه فقال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين)، وقال فى السبعين: (الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة)، ولم يشترط كون الرائى صالحا.
وقد يحمل مطلق قول الرؤيا الصالحة جزءًا من ستة وأربعين على أن المراد به إذا كان (4)
من رجل صالح، بدليل الحديث الاَخر.
(1) فى!: ربما.
(2) فى!: نعلم.
(3) نقل هذا الجواب الخطابى عن بعض العلماَء، حيث قال: قال بعض العلماء: معناه: أنها جزَ من أجزاء علم النبوة باق والنبوة غير باقية بعد رسول الله.
وهذا الذى نحا إليه الخطابى، وقال اْيضًا: قال بعض العلماء: معناه: أن الرؤيا تجىَ على موافقة النبوة لا اْنها جزء باق من النبوة.
معالم السق 5 / 281، وانظر: أعلام الحديث 4 / 2319.
(4) فى!: كَانت.
214
(7/214)
كتاب الرؤيا
وقد قيل: إن المنامات دلالات، والدلالات منها خفى ومنها حكى (1)، فيما (2) ذكر
فيه السبعون أريد به[ أنه] (3) الخفى منها، وما ذكر فيه الستة وأربعون أريد به الجلى منها.
قال القاصْى: قد قيل فى شّزيل هذه الأحاديث ماتقدم، وقد قيل: إن المراد بها أنها خصلة من خصال النبوة، وخصلة من خصائصها، كما قال فى الحديث الآخر: " القصد والتؤدة وحسن السمت جزء من خمسة وعشرين من النبوه) (4)، وقد جاء هذا (5) الحديث بألفاظ مختلفة وزيادات، واختلاف فى الأجزاء.
فيحتمل أن حصر هذه الخصال إلى هذا العدد المذكور مراده، ويحتمل أنه مرة يأتى بها على إجمال النوع الواحد منها، كما جعل القصد والتؤدة وحسن السمت فى هذا الحديث جزءا فيكون أقسامها (6) على عددها على هذ! الترتيب، فإذا فصلت اَحاد أنواعها انقسمت على أكثر من ذلك وبلغت الخمسن والسبعن، بحسب الالتفات إلى اَحادها، وليس فى حديث منها أنه ليس للنبوة خصال وخصائص سوى أحد هذه الاَعداد حتى يحمل على التخالف والتناقض، دانما اخبر أن هذا الشىء واحد من عدد خصائصها وترك تمام العدد، وإحصاء ذلك مرة ومرة قصد تمام عدده ! إحصائه - والله أعلم.
وقد (7) يكون جزءأ من أربعن اْو دونها على ماجاء فيمن كان من أهل إسباغ الوضوء
فى السبرات والصبر على المكروهات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
ومن كان حاله بخلاف ذلك فبحسبها تكون رؤياه من الأربعين إلى السبعن[ لاينقص من الأربعين ولايزاد فى السبعيئ، وقيل] (8): [ قد] (9) يحتمل أن تكون هذه التجزئة من طرق الوحى[ و] (ْ1) منه ماسمع من الله دون واسطة، كما قال[{ مِن وَرَاءِ حِجَاب} (11) ومنه بواسطة الملك، كما !ال] (12): { أَوْ يرْسِلَ رَسُولا} (13)، ومنه ما يلقيه فى القلب كما قال: { وَحْيًا} (14)، ثم منه مايأتيه به الملك على صورته (15)، ومنه مايأتيه به على صورة الاَدمى، وقد (16) يعرفه كما جاء فى غير حديث (17)، ومنه مايتلقاه منه وهو لايعرفه حتى يعرفه اخركحديث: (ردوا على الرجل) (18)، ومنه مايأتيه به فى منامه بحقيقة كقوله: (الرجل مطبوب)
(1) فى ح: جلى.
(2) فى ح: فما.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) مالك، كالشعر، بماجاء فى المتحابين فى الله 2 / 954 (17).
(5) من هذه الأحاثيث: مارواه الترمذى من حديث عد الله بن سرجي.
الق 4 / 322 (ْاْ 2)، الطبرانى من حديث ابن عباس.
انظر: مجمع الزوائد 3 / 93
(6) فى ح: انقسامها.
(7) فى ح: قيل.
يعد سقط من ز، والمثبت من ح (9) ساقطة من ح.
(10) فى!: إذ.
(11) الثورى: 51.
(12) سقط من ز.
(13، 14) الشورى: 51.
(15) انظر: صحيح البخارى، كبدء الخلق، بإفا قال أحدكم آمن والملائكة فى السماء اَمن (83 / 4 الفتح).
(16) فى خ: وهو.
(17) انظر: البخارى 4 / 80، مسلم 4 / 1816 حديث رقم (7 لمماك الفضائل.
(18) مسلم، كالإيمان (5).
(7/215)
كتاب الرؤيا 215
ومنه ما مايأتيه به بالمثال، وأحيانأَ يسمع الصوت ويرى الضوء (1)، واحيانا يغط ويأخذه به فى الرحضاء (2)، ومنه مايأتيه كصلصلة الجزيئن (3)، ومنه ما يلقيه روح القدس (4).
إلى غير ذلك مما وقفنا عليه ومما لم نقف عليه.
فنقول: الرؤيا أ التى هى] (ْ) / بضرب
المثل جزءٌ من ذلك العدد من اجزاء الوحى - والله أعلم.
وبالجملة فى هذا كله صحة أمر الرؤيا وتعظيم شأنها وعلمها، وأنها جزء من النبوة، وخاصية من خصائصها، وكانت حقيقة من أجزاء النبوة لما فيها من الإعلام الذى هو معنى البوة على أحد الوجهن.
وقد قال كثير من العلماء: إن للرؤيا ملكًا وكل بها يرى الرائى من ذلك مافيه تنبيه
على مايكون له، أو يقدر عليه من خير أو شر، وهذا من معنى النبوة ة لأن لفظ النبى قد يكون فعيلا بمعنى مفعول كجريح[ بمعنى مجروح] (6) أى يعلمه الله ورسله أنه نبى ويطلعه من غيبه فى منامه أ على] (7) مالا يظهر عليه أحداًا لا من ارتضى من رسول، وقد يكون معنى نبى: فعيل بمعنى فاعل، كعليم، اى يعلم غيره بما أوحى إليه، وهذا أيضا صورة صاحب الرؤيا.
وقوله: (والرؤيا ثلاث، فالرؤية الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء[ به] (8) نفسه، فإذا رأى أحدكم مايكره فليقم فليصل) (9) الحديث: قد تقدم هذا المعنى، وذكره هنا الصلاة لما فيها من التضرع والمناجاة ومراغمة الشيطان بالقطع به عن الرجوع إلى النوم ليعيد عليه التحزين، ويقطع عنه وسواسه وما يحدث به المرء نفسه.
وهذه الأقسام من الرؤيا لا رابع لها ؛ لاَن مايكون من الاَخلاط من باب مايحدث به
المرء نفسه، لأن غلبة حديث المرء عليه فى يقظته تعتريه فى نومه حتى يسمعه يتكلم به، وقد يعتريه عند شدة مرضه وبرسامة (ْا) إغمائه حتى فى صحته عند اشتغال سره، يتكلم بشىء مع غيره فنقلت (11) اللفظ ويغير الخطاب ببعض الكلمات والاَسماء التى يحدث بها المرء نفسه.
وكذلك غلبة الخلط عليه هو من هذا الباب.
والصادقة من هذه الاَقسام الثلاثة التى لا اْضغاث فيها هو ماهو بشرى من الله، وكذلك ماكان إنذارا منه فيما يخشى، فهو كله عناية من الله بعبده وتقدمة[ له] (12) لما يصيبه من خير يفرح به ويستعد له، أو شر [ فيتوقاه] (13) ويكون على أهبة له ثم هى على ضربين: منه مايخرج على وجهه كما رآه،
(1) مسلم، كالفضائل (123).
(2) مسلم، كالفضائل للا 8) 0 الرحضاء: عرق الحمى.
انظر: اللسان.
(3) فى ح.
الجرس.
(4) انظر: الطبرانى فى الكبير، وأبو نعيم فى الحلية 10 / 27.
(5) فى ح: هى التى.
للا) سقط من ح، والمثبت فى ز.
(7) ساقطة من ح.
(8) ساقطة من ز.
(9) حديث رقم للا) بالباب
(10) هى علة معروفة، وهى التهاب فى الفساَ المحيط بالرئة.
انظر: اللسان والوسيط.
(11) فى ح: فيقلب.
(12، 13) فى هامى ح.
211 / ب
212 / ب
216
(7/216)
كتاب الرؤيا ومنه مايحتاج إلى تأويل، والوجهان الاَخران هما اللذان يدخلهما الأضغاث وباطل الرؤيا.
وقوله: (هن رأى رؤيا حسنة[ فليهتهص) (1) له الرواه] (2) بالباء، وعند العذرى: (فلينشر) بالنون، وهو تصحيف، إنما هو من البشارة.
بشرت الرجل مخففا أبشره بالضم، ويبشر به أيضأ مشددًا، وأبشره هو وبشر من البشرى.
وقوله: ! وأحب القيد، وأكره الغل والقيد ثبات فى الدين) (3) فلا أدرى هو فى الحديث أم قاله ابن سيرين.
كذا ذكره مسلم فى حديث الثقفى عن أيوب السختيانى، عن ابن سيرين، عن أبى هريرة، وذكر فى حديث معمر عنه قال أبو هريرة: ! فيعجبنى القيد، وأكره الغل) الحديث، وكذلك ذكر الحديث / كله من رواية حماد (4) بن زيد عن أيوب وهثام من قول أبى هريرة، ولم يذكر فيه النبى، وذكره من رواية قتادة عن محمد بن سيرين، عن أبى هريرة، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، قال: وأخرج (5) قوله: " وأكره الغل) إلى تمام الكلام (6)، ومعناه: أدخله متصلا بكلام النبى - عليه السلام - وهذا النوع يسميه أهل الحديث المدرج جاء هذا الحديث فى القيد والغل مجملا، وأحب القيد لأنه فى الرجلين، فهو كف فى العبارة عن المعاصى والشر ومخالفة الدين، والغل إنما هو فى العنق، وقد وصف الله به أهل النار فقال: { اٍذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُون} (7) فهو ملى موم لهذا، لكن اْهل علم العبارة تركوا هاتين المسألتين (8) نوازل بحسب قراءتها وأحوالها.
فإذا كان القيد فى الرجلين وصاحبه فى مسجد أو مشهد خير أو على حالة حسنة وفعل جميل فسره (9) بثباته فيه، كذلك ولو رآه (ْا) ذو أمر أو سلطان لدله على ثباته فيه أيضا، وبضد ذلك فلو راَه (11) مريض أو مسجون أو مسافر أو مكروه فهو ثباته فيه، وكذلك لو قارنه مايكره فى العبارة، مثل أن يكون القيد مع الغل غلب فيه المكروه ؛ لاَنها[ من] (12)
(3)
(6) (7) (8) (9) (12
حديث رقم (3) بالباب.
فى ح: فليبشر كذا الرواية.
حديث رقم (6) بالباب.
حماد بن زيد بن درهم أبو إسماعيل البصرى، الإمام الفقيه الحافط الثقة، كان ضريراً، وأكبر فواثده.
فى الاقضية والأحكام، قال عنه الإمام أحمد: هو من أثمة المسلمين من أهل الدين، ت 179 هـ، انظر: تذكرة الحفاظ 1 / 228، تهذيب التهذيب 3 / 9.
فى خ: أثوخ فيه.
حديث رقم (6) بالباب.
غافر: 71.
استدركت فى هامش ح.
فى خ: بشره.
) فى خ: لو رأى ذلك.
) فى خ: رئى ذلك.
) ساقطة من ز.
(7/217)
كتاب الرؤيا
217
صفات المسخوط عليهم والمعذبن، ولمعاضدة الصورة الواحدة الثابتة ظاهراً ومعنى.
وأما الغل فمذموم مكروه لما ذكرناه، وذلك إذا كان فى العنق وربما دل على الكفر والبدعة وشهادة الزور، أو حكم بجور وعلى المرأة السوء، لقوله - عليه السلام -: (غل قمل، وليقيد (1) ذلك فى الاَعناق) (2) وقد يدل على الولاية (3) إذا كانت معهما قرائن ولما جاء: " أن كل وال يحشر مغلولأَ حتى يطلقه عدله).
وإن كانت المغلولة اليدان دون العنق كان عندهم حسنًا، ودل على كف اليدين عيط الشر، وربما دل على بخل البخيل، ومنعه لقول اليهود: { يَذ اللَّهِ مَغْلُولَة غلَّتْ أَيْدِيهِم وَئعِنُوا بِمَا قَمالُوا} (4) ويدل على المنع والحبس عما يهم به الإنسان من أمر[ وتنو، ] (5) فى يقظته.
(1) فى!ة لتقلد.
(2) لم نعثر على هذا الكلام فى كتب الحديث د انما هو قول عمر، انظر: النهاية 3 / 381.
(3) فى!: ا لولايات.
(4) 1 لما ئد ة: 64.
(5) ف !: دنياه وثبوته.
218
كتاب الروْيا / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (من راَنى فى المنام فقد رانى)
(1) باب قول النبى عليه الصلاة والسلام:
213 / َ ا
(من رآنى فى المنام فقد رآنى لما
!10 - (2266) حلّثنا أبُو الرَّبِيع، سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ العَتَكِىُّ، حَد!شَا حَمَّادٌ - يَعْنى ابْنَ زَيْد - حدثنا أيُّوبُ وَهِشَامٌ، عَنْ مُحَمَد، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ راَنِى فِى المَنَام فَقَدْ راَنِى، فَإِنَ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثًّلُ بِى لما.
قوله: " من راتى فى المنام فقد راَنى، فإن الشيطان لا يتمثل بى)، وفى رواية:
"[ فإنه] (1) لاينبغى للشيطان أن يتمثل فى صورتى)، وفى الحديث الاَخر: " فقد رأى الحق).
قال الإمام: اختلف المحققون فى تأويل هذا الحديث، فذهب القاضى أبو بكر بن الطيب - رحمه الله - إلى أن المراد بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من راتى فى المنام فقد رآنى) أنه راى الحق، وأن رؤياه لاتكون أضغاثا، ولا من تشبهات الشيطان.
ويعضد ماقاله بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى بعض الطرق: (من رانى فقد رأى الحق) إن كان المراد به ما أريد بالحديث الاَول فى المنام.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فإن الشيطان لايتمثل بى): إشارة إلى ان المراد أن رؤياه لاتكون اضغاثا د نما تكون حقا، ومحد يراه الرائى على غير صفته المنقولة إلينا، كما لو راَه شيخأ أبيض اللحية، أو على خلاف لونه، او يراه رؤيتين فى زمان واحد، أحدهما بالمشرق والاَخر / بالمغرب، ويرأه كل واحد منهما معه فى مكانه.
وقال آخرون[ بل] (2): الحديث محمول على ظاهره، والمراد: أن من راَه فقد أدركه ( صلى الله عليه وسلم ).
ولامانع يمنع من ذلك، ولا عقل يحيله حتى يضطر إلى صرف الكلام عن ظاهره.
وأما الاعتلال بأنه قد يرى على خلاف صفته المعروفة وفى مكانين مختلفين معا، فإن
ذلك غلط فى صفاته، ويخيل لها على غير ماهى عليه.
وقد يظن بعض الخيالات مرئيات، لكون مايتخيل مرتبطآ بما يرى فى العادة، فتكون ذاته ( صلى الله عليه وسلم ) مرئية وصفاته مختلفة (3) غير مرئية، والإدراك لايشتوط فيه تحديق الأبصار ولاقرب المسافات، لا يكون المرئى مدفونا فى الأرض ولاظاهراً عليها، دانما يشتوط كونه سوجوداً.
ولم يقم دليل على فناء جسمه ( صلى الله عليه وسلم )، بل جاء فى بعض ال الخبار (4) ما يدل عدى بقياه صلوات الله عليه، ويكون اختلاف الصفات
(1، 2) سقطتا من ز.
(3) فى ح: متخيلة.
(4! حديث: (إن الللا قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الا"نبياء) ابن ماجة، كإقامة الصلاة (85ْ1)، أبو ثاودك الصلاة (47ْ ا)، أحمد 8 / 4.
(7/218)
كتاب الرؤيا / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (من رانى فى المنام فقد رانى) 219 11 - (... ) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَا لا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ،
عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدئَّنى ابُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمَعْتُ رَسولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: مَنْ رانى فِى المَنَام فَسَيَرانَى فِى اليَقَظَةِ - أَوْ لَكَانمَأ رانى فِى اليَقَظَةِ - لايًتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ لِى).
(2267) وَقَالَ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ رانى فَقَدْ رَأَى الحَقَّ ".
المتخيلة ثمرتها اختلاف[ الصفات المتخيلة] (1) الدلالات.
وقد ذكر الكرمانى (2) فى باب رؤية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال ة وقد جاء فى الحديث أنه ( صلى الله عليه وسلم ) إذا
رؤى سْيخًا فهو عام سلم، وإذا رؤى شابأ فهو عام حرب.
وكذلك أحد جوابهم عنه ( صلى الله عليه وسلم )، لو رؤى آمرًا بقتل من لايحل قتله، فإن ذلك من الصفات المستحيلة (3) له لا المرئية.
وجوابهم الثانى: منع وقوع مثل هذا.
ولا وجه عندى لمنعهم إياه مع قولهم فى تخيل الصفات، فهذا انفصال، هؤلاء عما احتج به القاضى (4).
وللمسألة تعلق بغامض الكلام فى الإدراكات وحقائق متعلقاتها، وبسطه خارج عن طريقة هذا الكتاب.
قال القاصْى: يحتمل معنى قوله: (فقد راَنى دا و(فقد رأى الحق، فإن الشيطان لايتمثل بى) إفا رؤى على الصفة التى كان عليها فى حياته لا على صفة مضادة لحاله، فإن رؤى على غيرها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة، فإن نحن الرؤيا مايخرج على وجهه، ومنها مايحتاج إلى تأويل وعبارة.
قال بعضهم (5): خص الله نبيه بعموم صدق رؤياه كلها، ومنع الشيطان أن يتمثل فى صورته ؛ لئلا يتذرع بالكذب على لسانه فى النوم، ولما خرق الله العادة للأنبياء دليلاً على صحة حالهم فى اليقظة، واستحالة تصور الشيطان على صورته فى اليقظة ولا على صفة مضاثة لحاله ؛ إذ لو كان ذلك لدخل اللبس بين الحق والباطل، ولم يوثق بما جاء من جهه النبوة مخافة هذا التصور، فحمى الله حماها لذلك من الشيطان وتصوره ونزغه دإلقائه وكيده على الأنبياء، وكذلك حمى رؤياهم أنفسهم ورؤيا غير النبى للنبى عن تمثيل الشيطان بذلك لتصح رؤياه فى الوجهين، ويكون طريقأ إلى علم صحيح لا ريب فيه.
(1) غير موجوثة فى ح، وضرب عليها بخط فى ز.
(2) هو إبراهيم بن عبد الله بن محمد الكرمانى الاَصبهانى، المشهور بابن خرضيد، ولد 307 هـ، ودخل بغداد 321 هـ، وعاصر المهدى وفسر له الرؤية، وله كتاب فى الرؤية.
انظر: السير 17 / 69، العبر
2 / 196، نزهة الألباء فى طبقات الأثباء - ترجمة أبى بكر بن الأنبارى.
(3) فى ح.
المتخيلة.
(4) هو ائو بكر الباقلانى.
(5) مهم: ابن بطال فى شرح البخارى 4 / ق 214، كالتعبير.
213 / ب
220
(7/219)
كتاب الرؤيا / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (من رانى فى المنام فقد راَنى) (... ) وَحَدثنِيهِ ؤُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِفرَاهِيمَ، حَدثنَا ابْنُ أخِى الزُّفرِىَ، حَدثنَا عَمِّى.
فَذَكَرَ الحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا بِإِسثنَ الثهِمَا.
سَوَاًَ.
مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ.
! ا - (2268) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدوّرَشَا لَيْمث.
ح وَحَدثنَا ابْنُ رمح، أَخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ ابِى الزُبيْرِ، عَنْ جَابِر ؛ أَن وَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَقْ رانى فِى النَّوْم فَقَدْ رانِى، إِنَّهُ لا يَنْبَغى للشَيْطَانِ أَنْ يَتَمثَّلَ فِى صُورَتِى لما.
وَقَالَ: (إِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلا يُخْبِرْ أحَدًا بِتَلَغُبِ الشًيْطَاَنِ بِهِ فِى ال!نَام).
ولم يختلف العلماء فى جوأز صحة رؤية الله فى المنام، يهذا رئى على صفة لا تليق بجلاله من / صفات الأجسام للتحقيق أن ذات (1) المرئى غير ذات الله ؛ إذ لايجوز عليه التجسيم ولا اختلاف فى الحالات، بخلاف رؤية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى النوم، فكانت رؤيته - تعالى - فى النوم من أنول الرؤيا من التمثيل والتخيل (2).
قال القاضى أبو بكر: رؤية الله تعالى فى النوم اوهام وخواطر فى القلب بأمثال لا تليق به بالحقيقة، ويتعالى سبحانه عنها، يرى دلالات الرائى على أمور مما كان أو يكون كسائرالمرئيات (3).
قال غيره من أهل هذا الشأن: د ذا قام الدليل، للعابد فى رؤية البارى أنه هو المرئى لا تأويل له يغره كانت حقا صدقا لا كذب فيها، لا فى قود ولا فعل (4).
قال الإمام: وأما قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من رانى قى المنام فسيرانى فى اليقظة) (أو كأنه (5)
رآنى فى اليقظة)، فإن كان المحفوظ: (كأنما رانى فى اليقظة) فتأويله مأخوذ مما تقدم، الإن كان المحفوظ: " فسيرانى فى اليقظة) فيحتمل[ أنه يريد] (6) أهل عصره ممن لم يهاجر إليه ( صلى الله عليه وسلم )، فإنه إذا راة فى المنام فسيراه فى اليقظة، ويكون البارى جعل رؤية المنام علمًا على رؤية اليقظة، فأوحى بذلك إليه ( صلى الله عليه وسلم ).
قال القاضى: وقيل: معناه: يرى تصديق تلك الرؤيا فى اليقظة[ وصحتها.
وائعد بعضهم أن يكون معناه: سيراتى فى اليقظة أى] (7) فى الآخرة، إذ يراه فى الآخرة جميع أمته، من رإَه ومن لم يره (8) -
(1)
(3)
فى ضد: ذلك.
اتفق الصحابة والتابعون ومن بعدهم على جواز وقوعها، وروكما أمل العلم حديثا من طرق كئيرة: أنه رأى ربه فى المنام.
انظر: سراج الطالبن على منهاج العابدين، شرح إحسان محمد دحلان 1 / 133، المفهم 3 / ق 22، مجموع الفتاوى لابن تبمية 3 / 0 39، الفقه الاكبر بشرح القاركماص لا.
نقله ابن بطال فى شرح البخاركما 4 / ق 214، القرطبى فى المفهم 3 / ق 222 -
انظر: ابن بطال فى شرح البخاركما 4 / 215 كتاب التعبر.
فى ح: كأنما - (6! استدركت فى هامة ح.
(7) استدركت فى هامة ح.
ممن قال هذا ابن بطال فى شرح البخا إكما 4 / ق 214.
(7/220)
كتاب الرؤيا / باب قول النبى علقت (من راَنى فى المنام فقد رآنى) 221 13 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم، حدثنا رُوحٌ، حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَقَ، حَدءَّشِى أبُو الزبيْرِ: انَهُ سَمعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: قَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ راَنِى فِى النَّوْم فَقَدْ رانى، فَإِنَّهُ لا يَنْبَغِى لِلشيْطَانِ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِى لما.
قال الق الى: ولايبعد عندى أنه محتمل لهذا، وأن تكون رؤياه له فى النوم على الصفة التى عرف بها ووصف عليها موجبة لكرأمته فى الاخرة، ورؤيته إياه رؤية خاصة فى القرب منه او الشفاعة فيه، ونحو هذا من خصوصية الرؤية.
وقد قيل فى قوله - عليه السلام - فى المسلم والكافر: ا لا ترأءى ناراهما) (1) أى لا يجتمعان فى الاَخرة، ويبعد كل واحد منهما من صاحبه.
وفيه تأويلات معروفة، ولا يبعد أن يعاقب الله بعض المذنبين فى القيامة بمنعه رؤية محمد نبيه وشفيعه مدة.
(1) هذا الحديث رواه: أبو داود، كالجهاد 3 / 45، الترمذى، كالسير 4 / 132، النسائى 8 / 36، انظر معنى هذا الحديث فى معالم السن، كالجهاد 5 / 3ْ ا.
214 / أ
222
(7/221)
كتاب الرؤيا / باب لا يخبر بتلعب الشيطان به فى المنام
(2) باب لا يخبر بتلعب الشيطان به فى المنام
14 - (... ) حدئنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْ!ث.
ح وَحَدثنَا ابْنُ رُمْح، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ،
عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ لالمحرَبِىٍّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنَّى حَلَمْتُ أَنَّ رَاْيسِى قُطِعَ، فَاع نَا أتَّبِعُمُمافَزَجَرَهُ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالَ: الاتُخْبِرْ بِتَلَعُّبِ الثيْطَانِ بِكَ فِى المَنَام ".
15 - (... ) وحلتثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا جَرِير!، عن الا"عْمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانُ، عَنْ جَابِر، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِىلأ إِلَى النَّىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللّه، رَأَيْتُ فِى المَنَام كَأن رَأيسِى ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ فَاشْتَدَدْتُ عَلَى أَثَرِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ الالَه ( صلى الله عليه وسلم ) للأَعْرَابِى: لاتُحَدِّث الئاسَ بِتَلَفبِ الشَيْطَانِ بكَ فى مَنَامِكَ دا.
وَقَالَ: سَمِعْتُ النَبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعدُ يَخْطُبُ فَقَالَ: "َ لا يُحَدِّثن أحَدُكُمْ بِتَلَعُّبَ الشًّيْطَانِ بِهِ فِى مَنَامِهِ).
وقوله للأعرابى الذى جاءه فقال: إنى حلمت أن رأسى قطع فأنا أتبعه فزجره، وفى رواية ة فتدحرج فاشتددت على أثره، وقال: ا لاتخبر بتلعب الشيطان بك فى المنام)، قال الإمام: يحتمل أن يكون - عليه السلام - علم أن منامه هذا من الأضغاث بوحى أوحى اليه، أو دلالة فى المنام دلته على ذلك، أو على أنه من المكروه الذى هو تحزين الشيطان.
وحكى عن بعض العابدين أنه قال: يمكن أن يكون اختصر من المنام، أو سقط عن بعض الرواة منه مالو ذكر لدل على أنه من الأضغاث.
وأما العابدون فيتكلمون فى كتبهم على قطع الرأس، ويجعلونه - على الجملة - دلالة
على مفارقة / ما فيه الرائى من النعم، ويفارق من هو فؤقه، ويزول سلطانه، وغير (1) حاله فى جميع أموره، إلا أن يكون عبدًا فتدل على عتقه، أو مريضا فعلى شفائه، أو مديانأ فعلى قضاء دينه، أو ضرورة فعلى حجة، أو مغمومًا فعلى فرجه، أو خائفًا فعلى أمنه.
وينظرون - أيضأ - فى اتساع هذا له ويصرفون دلالة ذلك فيما مضى مماذكرناه عنهم، وفى غيره مما لم يذكره حتى يخلص لهم معنى مما قلناه، أو معنى اَخر يقتضيه دلالة الحال، وهذا مصروف للعابدين، دانما ذكرنا دلالة قطع الرأس على الجملة لا الحكم بغير هذا المنام بعينه.
وقد ذكر ابن قتيبة فى كتابه (2) - كتاب الأصول لعبارة[ الرؤيا] (3)، أن رجلا قال: يا رسول الله، رأيت فيما يرى النائم كأن رأسى قطع، فجعلت أنظر إليه بإحدى
(1) فى خ: ويتغير.
(2) هذا الكتاب مفقود.
(3) ساقطة من ز.
(7/222)
كتاب الرؤيا / باب لا يخبر بتلعب الشيطان به فى المنام
223
16 - (... ) وحدثنا أَبُو بكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو سَعِيد الأشَجُ، قَالا: حَا شَا وَكِيعٌ عَنْ الاعمَشِ، عَنْ أَبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلًى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللهِ، رَأَيْتُ فِى المَنَا أ رَأسِى قُطِعَ.
قَالَ: فَضَحِكَ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالَ: (إِذَا لَعِبَ الشَيْطَانُ بِاخَدِغُ فى مَنَامِهِ، فَلا يُحَدثْ بِهِ الئاسَ)).
وَفِى رِوَايَةِ ابِى بَكْرٍ: (إِذَا لُعِبَ بِاع حَدِكُمْ) وَلَمْ يَذْكُرِ الًّشَّيْطَانَ.
عينى، فضحك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وقال: ! بأيهما كنت تنظر إليه ؟) (1) فلبث ماشاء الله، ثم قبض النبى ( صلى الله عليه وسلم ) [ فعبر الناس أن الرأس كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (2) والنظر إليه كان اتباع السنة.
(1) انظر: ابطالب العالية (2827).
(2) سقط من ز.
224
(7/223)
كتاب الرؤيا / باب فى تأويل الرؤيا
(3) باب فى تأويل الرؤيا
17 - (2269) حدّثنا حَاجِبُ بْنُ الوَديدِ، حَد!شَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْب، عَنِ الزَبيْدىِّ، اخْبَرَنِى الزُّهْرِىُّ، عَنْ عُبَيْد اللّه بْنِ عَبْد ال!هِ ؛ أًنَّ ابْنَ عَبَّالبى - أَوْ أَبَا هُرَيْرَةَ - كَأنَ يُحَدًّثُ ؛ انَّ رَجُلا اتَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) + ح وَحَدثَّنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى الثُّجِيبِهُّ - وَالالَّفْظَ لَهُ.
أَخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونَسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْداللّهِ بْن عُتَبَةَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاس كَأنَ يُحَدِّثُ أَنْ رَجُلأ أتَى رَسُولَ اللًّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولً اللّه، إِنِّى أرَى اللَّيْلَةَ فِى المَنَام ظُلَّةً تَنْطفُ السَّمْنَ وَالدَمعَل، فَا"رَى النَّاسَ يَتَكَفَّفُونَ منْهَا بِا"يْدِيهِمْ، فَالمُسْتَكْثِرُ وَالمُسْتَقِلُّ.
وَأً رَى سَبما وَاصِلا منَ السمَاء ِ إِلَى الارْضِ، فَاع رَاَكَ اخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ اخَذَ بِه رَجُلٌ مِنْ بَعْدكَ فَعَلا، ثُمًّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ اَخَرُ فَعَلا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلى اَخَرُ فَانْقَطَعَ بِهِ، ثُمًّ وُصِلَ لَهُ فَعَلاَ.
قوله: يارسول الله، إنى كنت أرى الليلة فى المنام ظلة تنطف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها بأيديهم، فالمستكثر والمقل، وأرى سببا واصلا من السماء إلى الأرض، فأراك أخذت بهه فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر من بعدك فعلا، ثم اْخذ به رجل آخر فعلا، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل له فعلا.
قال أبو بكر - رضى الله عنه -: يارسول الله، بأبى أنت وأمى، والله لتدعنى فلأعبرنها.
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اعبرها).
قال أبو بكر: [ يارسول الله] (1) أما الظلة فظلة الإسلام، وأما الذى ينطف من السمن والعسل فالقرآن، حلاوته ولينه، وأما مايتكفف الناس من ذلك فالمستكثر من القران والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذى أنت عليه، تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به رجل من بعدك، ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذ به رجل آخر فينقطع به، ثم يوصل له فيعلو به، فأخبرنى يارسول الله بأبى أنت ؛ أصبت أم أخطأت ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ت (أصبت بعضا وأخطأت بعضا).
قال: فوالله يارسول الله، لتحدثنى بالذى اخطأت.
قال: ا لاتقسم)، قال الإمام: اختلف الناس فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (أصبت بعضًا، واخطأت بعضً ال فقال بعضهم: المراد بأنه أصاب عبرها، وأخطأ فى تقدمه بين يدى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ليعبر المنام وهو ( صلى الله عليه وسلم ) حاضر.
ورد بعض العلماَء هذا التأويل بأن قالوا: قد أذن ( صلى الله عليه وسلم ) له فى ذلك وقال له: (اعبرها)، فلا ملام عليه فى التقدم.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(7/224)
كتاب الرؤيا / باب فى تأويل الرؤيا 225 قَالَ أَبُو بَكْر: يَارَسُولَ الله، باع بى انْتَ، وَاللهِ، قًدَضِّى فَلأَعُبَرَ، ا.
!الَ رَلمُولُ اجز4 ( صلى الله عليه وسلم ):
" اعبُرْهَا لا.
قَالَ أَبُو بَكْر: امَّاَ الظُّلَّةُ فَظَلَّة الإِسْلام، وَأَمَّا الَّذى يَنْطفُ مِنْ السَّمْنِ وَالعْسَلِ فَ القُرانُ، حَلاوَتُهُ وَلينُهُ، وأمَّا ما يَتَكَفَّفُ النَّاسُ منْ ذَلِكَ فَالمُسْتَكْئِرُ مِنَ القُران وَالمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السئَمَاَ إلى الأرْضِ فَالَحَق الَّذِى أَنْتَ عَلَيْه، تَأخُذُ بِهِ فَيُعَليكَ اللهُ بِه، ثُمَّ يَأخُذُ به رَجُلٌ مِنْ بَعْدكً فَيَعْلُو به، ثُمَّ يَأخُذُ بِه رَجُلٌ آخَرُ فًيَعْلُو بِهِ، ئُمَّ يًأخُذُ بهِ رَجُلٌ اخرَ فَيَنْقًطَعُ بِه، ئُمَّ يُوصًلُ لَهُ فَيَعْلُوَ به فَا"خْبَرَنى يًارَسُولَ اللّهِ، باع بِى أَنْتَ، أَصَبْتُ امْ أَخْطَأتُ ؟ قَالَ رسُوَلُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " أَصَبْتُ بًعضًا، وً أخْطَأتَ بَعْضَا).
قَالَ: فَوَاللّهِ يَارَسُولَ اللّهِ، لَتَحُدئنِى مَالَّذِى أَخْط تُ ؟ قَالَ: ا لا تُقْسِمْ لا.
وقال / اخرون: إنما وقع الخطأ عليه فى أمر اغفله وأضرب عن تفسيره، فصار كأنه قصر فى العبارة لا على أنه قال قولأَ أخطأ فيه.
واختلف أصحاب هذه الطريقة على قولين فيما إذا أغفل، فقال بعضهم: ذكر الرائى أنه رأى ظلة تنطف السمن والعسل، فعبر الصديق - رضى الله عنه - ذلك بالقراَن حلاوته ولينه، وذلك عبر العسل ولم يعبر السمن، وأغفل ذكره، قالوا: وقد يكون العسل كناية عن القران، والسمن كناية عن السنة، فكأنه كان من حقه أن يقول: أما الذى ينطف فالقراَن وماسننت أنت من السنن.
دإلى هذا التأويل أشار الطحاوى (1).
وقال بعضهم: فإن المنام يدل على خلع عثمان ة لأنه ذكر أنه أخذ بالسبب فانقطع به، وذلك يدل على انخلاعه بنفسه، ولما انقطع به دل على خلعه قهراً.
دإذا كان عثمان - رضى الله عنه - قد خلع قهراً وقتل، حمل الوصل المسبب على ولاية غيره من بعده من قومه.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لاتقسم) لما سأله أن يحدث بما يجرى فى الفق عن (2) أصحابه، ويذكر لعثمان بأنه يبتلى.
وقال بعض أهل العلم فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) حض على إبرار المقسم (3) ولم يبر قسم أبى بكر، وماهذا إلا لما راَه من المصلحة فى ترك هذ الإبرار المقسم إذا منع منه مانع خرج من الحديث المذكور فيه الحض عليه.
قال القاصْى: قيل: خطأه فى قوله: (فتوصل (4) له فيعلو به)، وليس فى الرؤيا
إلا أنه يوصل وليس فيها: ا له)، ولذلك لم[ يذكر: ا له)، لكن] (ْ) وصله
(1) انظر: مشكل الاثار 1 / 290 -
(2) فى!: بين.
(3) البخارى 7 / 51، مسلم حديث رقم (1)، كاللباس.
(4) فى!: فيوصل.
(5) فى!: يكن.
214 / ب
215 / أ
226
(7/225)
كتاب الرؤيا / باب فى تأويل الرؤيا
(... ) وحدّثناه ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الرفرِىّ، عَن عُبَيد اللّهِ بْنِ عَبْدِ الله،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ، قَالَ: جَاءَ رَجُل النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) مُنْصَرَفَهُ منْ احُدٍ.
فَقَالَ: يَاَرَسُولَ اللهِ، إِنًّى رَأَيْتُ هَنِهِ اللَّيْلَةَ فِى المَنَام ظُلَةَ تنْطِفُ السثَمْنَ وَالعَسَلَءَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونسَ.
لعثمان إنما كان لعلرء.
وقيل: الخطأ هاهنا بمعنى الترك، أى تركت بعضا لم تفسره[ كما قيل قوله] (1).
ومن يخطى يعمر فيهرم (2)
وقيل: خطأه فى سؤاله إياه ليعبرها، ونحوه لاءبى محمد بن أبى زيد فى تأويلها،
!ان كان قد أذِنَ له فى ذلك.
وقيل فى قوله: ا لاتقسم): لعله فى ألا يوبخه بلسانه أنه فى التقدم بين يديه على ماتقدم من أحد التأويلات فى خطئه، أو على ترك تعيين الرجال المذكورين فى الحديث الذى لم يصل أبو بكر إلى ذلك بطريق العبارة، ولم ير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تعيينهم ؛ إذ لو عينهم لكان كالنص عليهم، وقد شاَ الله أن تكون الخلافة على غير هذا الوجه، أو تكون لما يدخل فى النفوس، لا سيما من الذى انقطع فى يده السبب.
وفيه دليل على أدب الناس والمتعلمين بين يدى العالم، وألا يتقدموا بين يديه بالكلام
إلا عن إذنه، ولا يفتوا[ من سأله] (3) إلا بأمره.
قالوا: وفيه جواز سكوت العابر وكتمه عبارة الرؤياث إذا كان فيها مايكره أو فى السكوت عنها مصلحة وفى ذكرها مضرة وفتنة أ على الناس] (4).
/ وفيه أن الرؤيا ليست لأول عابر على كل حال ة إذ لو كانت لأول عابر لم يخطئ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أبا بكر فيها.
قالوا: وتفسير ماجاء عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الرؤيا لاَول عابر (5) معناه: إذا أصاب وجه العبارة والا فهى لمن أصابها بعده، ولا يجب أن يسأل عنها غير أول عابر، إلا أن يظهر له منه تقصير وخطأ فى العبارة، كما فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالصديق.
قال أهل هذا العلم ة لايعبر الرؤيا عبارة عابر ولاغيره، وكيف يصح هذا وإن[ تعين ماجاء] (6) فى أم الكتاب غير أن الذى يستحب لمن لم تندر (7) فى علم التأويل ولا اتسع فيه أن[ لا] (8) يتعرض لما قد سبق إليه من ثبت (9) علمه وصحت
(1) فى ح: قال.
(2) هذا جزء من بيت شعر لزهير بن أبط سلمى.
(3) فى ح: عن أمريسأله - (4) سقط من ز.
(5) البخارى، كالتعبير، بمن لم ير الرؤيا لأول عابر إفا لم يصب.
الفتح 12 / 431، وله شاهد أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة بسند حسن.
للأ) فى ح: يغير ماجاءت نسخته.
(7) فى ح: يتدرب.
(8) ساقطة من ز.
لا) فى ز: تحت.
(7/226)
كتاب الرؤيا / باب فى تأويل الرؤيا 227 (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَد، شَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ الزهْرِىِّ،
عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَاقِ: كَانَ مَعْمَر أَحْيَانًا يَقُولُ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاصٍ وَأَحْيَانًا يَقُولُ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَجُلاًاتَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: إِنِّى أَرَى اللَّيْلَةَ ظُلَّةً.
بِمَعْنَى حَدِيثِهِمْ.
عبارته (1)، ولا ينبغى أن يسأل صاحب الرؤيا عنها إلا عالما ناصحًا أمينا (2).
وقد قال مالك (3) - وقيل له: أتعبر على الرؤيا على الخير وهى عنده على الشر ؟ - فقال: معاذ الله، أبالخبوة يتلعب ؟ هى من أجزاَ النبوة.
وقوله فى الحديث: (إنى أرى الليلة) فقال ثعلب: يقال من لدن الصباح إلى الظهر: اريت (4) الليلة، يعنى عن الماضية، ومن الظهر إلى الليل: ارأيت البارحة.
قال الإمام: وأما الظلة فهى سحابة (ْ).
" ؤتنطف) معناها: تقطر، و" يتكففون): يأخذون بأكفهم.
و(سبجًا واصلا من السماَ إلى الأرض) بمعنى موصولا، فيكون فاعلاً بمعنى مفعول، كقوله تعالى: [{ مَّاء دَافِقٍ } (6) أكما مدفوق و{ عِيشَةٍ راضِيَة} (7))] (8) بمعنى مرضية والسبب: الحبل.
قال القاضى: أصل الظلة: كل ماعلاك وأظلك.
وقيل: الظلة: سحابة لها ظل.
وقال ابن دريد (9): كل شىَ جمعته فقد كففته.
وقال بعض أهل هذا الشأن (ْا): إنما عبر الظلة بالإسلام ؛ لاَن الظلة نعمة (11) الله فى الدنيا بالمطر والرحمة والظلال، وكذلك على أهل الجنة، وكذلك كانت على بنى إسرائيل، وكذلك كانت تظل النبى - عليه السلام - وكذلك الإسلام يقى الأذى، وينعم به المؤمن فى الدنيا والآخرة، وهو رحمة له.
قال القاضى: وقد يكون غيرها (12) بذلك لما نطفت العسل والسمن، وقد عبر فيها
ذلك بالقراَن وذلك لما (13) كان عن الإسلام والشريعة، قالوا (14) ة وأما العسل فإن الله تعالى قال: { فِيهِ شِفَاة لِلنَّاس} (15)، وقال فى القراَن: { شِفَاة ئِمَا فِي الصُّدُور} (16)،
(1) قال لذلك الكرمانى، كما ذكر ابن بطال فى شرح البخلى ى 4 / ق 229، ابن حجر فى الفتح 367 / 12 كالتعبحرب كأ لم ير الرؤلا لأول عابر.
(2) قال هذا الكلام ابن قتيبة فيما نقله عنه ابن بطال فى شرح البخارى 229 / 4.
(3) نقله ابن أبى زيد فى الجامع ص 261، الباجى فى المنتقى 277 / 7، ابن بطال فى شرح البخارى 229 / 4.
(4) فى ز: ارى.
(5) فى ح: السحابة.
للأ) الطارق: 6.
(7) القارعة: 7.
يه) سقط من ز.
لا) انظر: الجمهرة 117 / 1 مادة (كفف).
(10) منهم.
المهلب.
انظر: شرح البخارى 4 / 229.
(11) فى ر: يعيم.
(12) فى ح: عبرها.
(13) فى ح: إنما.
(14) منهم: المهلب.
شرح البخلى ى 4 / 229.
(15) النحل: 69.
(16) يونس: 57.
215 / ب
228
(7/227)
كتاب الرؤيا / باب فى تأويل الرؤيا (... ) وحدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِير، حدثنا سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ كَثير - عَنِ الزُّهرِىِّ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْد الله، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ أن رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ مِمَّاَ يَقُولُ لأصْحَابِه: (مَنْ رَاى مَنكُمْ رُؤْبَا فُليَقُصًّهَا اعْبُرْهَا لَهُ).
قَالَ: فَجَاءَ رَجُل فَقَالَ: يَارَسُولَ ال!هِ، رَأَيْتُ ظُفَةً.
بِنَحْوِ حَدِيثهِمْ.
وهو حلو على الأسماع كحلاوة العسل على المذاق، ولأن القران وحى، والعسل من هذا الباب، قال الله تعالى{ وَأَوْحَى رَبكَ إِلَى النُّحْل} (1)، فقد حصل لهما اشتراك فى اللفظ ! إن اختلفت معانيهما.
وقوله: " لاتقسم) وقد أقسم، حجة فى أن من قال: أقسم، لاكفارة عليه ؛ إذا لم يقل: بالله ؛ لأنه (2) لم يزد على قوله: أقسم عليك.
فلم يجبه لذلك ولم يجبه ولا أمره بكفارة.
واختلف إذا نوى بالله، واختلف فيه عن مالك، ومشهور قوله: أنه ليس بيمين حتى يقول: بالله، وقد ذكرنا / هذا بأبسط فى حديث: (خيركم قرنى) (3) بعد هذا، وكذلك جاء فى السمن من البقر (أنه شفاء من كل داء) (4).
وقوله: كان مما يقول لأصحابه: من راى منكم رؤيا فيقصها أعبرها له: معنى (مما)
هنا عندهم: كثيرا ماكان يفعل كذا.
قال ثابت فى مثل هذا: كأنه يقول: هذا من شأنه ودأبه، فجعل " ما) كناية عن ذلك، يريد ثم أدغم نون " من) فقال: (مما).
وقال غيره معنى (5): (مما) هنا - والله أعلم -: (ربما)، وهو من معنى ماتقدم لأن (ربما) تأتى للتكثير أيضا.
! فمِه الحض على علم الرؤيا والتهمم بها وشرف علمها وصحته.
ويحتمل أن أمره لهم بذلك إما لتعلمهم علمها أو تعرفهم مسراتها، ويدخل المسرات على المسلمن بسببها، أو ليزداد علما من علم الغيب وأسرار الكائنات بما يطلع علمه منها ؛ إذْ هى أحد أجزاء النبوة.
وفيه أنه لايعبر الرؤيا كل أحد، ولا يعبرها إلا العالم بها.
(1) 1 لنحل: 68.
(2) فى ز: لا أن، والمثبت من خ.
(3) مسلم كفضائل الصحابة، بفضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (2535 / 214).
(4) رواه الطبرانى عن زهير، مجمع الزوائدك الطب، باب التداوى بسمن البقر 5 / 93 وقال: رواه الطبرانى، والمرأة لم تسم، وبقية رجاله ثقات.
(5) نقله القرطبى عن القاضى، المفهم 3 / 223، شرح النووى 15 0 3.
(7/228)
كتاب الرؤيا / باب رؤيا النبى علما
229
(4) باب رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم )
18 - (2270) حدثنا عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدَثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَأبت البُنَانِىَّ، عَنْ أَنَسِ بنْ مَالِلث، قَالَ.
قَالَ رَسُولُ اللهًِ ( صلى الله عليه وسلم ): (رَأَيْتُ ذَاتَ لَيْلَة، فيَما يَرَىَ النَّائَمُ، كانَّأ فِى دَارِ عقْبَةَ بنِ رَافِعٍ، فَ الثينَا بِرُطَب مِنْ رطُبِ ابْنْ طَابٍ، فَاع وَّ! ت الرًّ فْعَةَ لَنَا فِى الدُّنْيَا وَ العَاقبَةَ فِى الاَخِرَة، وَأَنَّ لحِيَنَنَا قًدْ طَابَ لمًا.
19 - (71َ22) وحدثناَ نَصْرُ بْنَ عَلِى الجْهضَمِىُّ، أَخْبَرَنِى أَبِى، حَد"نناَ صَخْرُ بْنُ
قوله: (رأيت كأنا فى دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب (1)، فأولت الرفعة لنا فى الدنيا، والعاقبة لنا فى الاَخرة، وأن ديننا قد طاب ": وجوه عبارة الردف يا أربعة:
فمنها هذا الباب وهو مايشتق من الاَسماء (2) ويدل عليه معانى الألفاظ.
ومنها مايعتبر بمثاله ويفسر بشكله ؛ كدلالة معلم الكتاب على القاضى والسلطان وصاحب السجن وراسى السفينة وعلى الوصى والوالد.
ومنها ما يعبر بالمعنى المقصود من ذلك الشخص المرئى ؛ كدلالة فعل السفر على السفر، وفعل (3) السوق على المعيشة، وفعل (4) الدار على الزوجة والخادم.
ومنها ما يعبر بما تقدم له فى القران والسنة، أو الشعر، أو في كلام العرب وأمثالها، وكلام الناس، أو حبر معروف للمرئى، فيعبر بذلك كله كعبارة الخشب بالمنافق والكافر ؛ لقوله: { !ثهُمْ خمثُبٌ مُسَنَّدَة} (5) ويعبر الغراب بالفاسق لتسميته - عليه السلام - إياه بذلذ، 1 واعتبار الزجاجة أحيانا لعمر المراة لتسمجة بعض الشعراء إياه بذلك] (6)، وكاعتبارنا رؤية الأنبياء والخلفاء بما كان فى أيامهم وخاص قصصهم.
ومعنى " ديننا قد طاب " اى قارب الاستقامة وتناهى صلاحه، كقولة: { الْيَوْمَ اً كْمَلْتُ
لَكُمْ دِيبهُم} (7).
قيل: ولعلُه بهذه الرؤيا سمى المدينة طابة - والله أعلم (8).
قيل: يحتمل أنه راى هذه الرؤيا بعد أحد والخندق عند استقامة الدين، ويحتمل أن ذلك قيل بشارة له بما يكون من حاله وحال دينه.
(1) قال النووى.
رجل من أهل المدينة، نسبط إليه نوع خاص من التمر.
شرح النووى (31115).
(2) فى ز: السماء* (3، 4) فى ز.
نقل.
(5) المنافقون: 4.
(6) سقط حن ز، واثمبت ص ت ح.
(7) المائدة: 3.
(8) أحيد فى المسند 5 / 97.
230
(7/229)
كتاب الرؤيا / باب رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ا
جُوَيْريَةَ، عَنْ نَافِع ؛ أَنَّ عَبدَ اللّه بْنَ عُمَرَ حَدَّثهُ ؛ انْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ارَانِى فِى المَنَامِ أَتسَوَّكُ بسِوَك، فَجَذَبَنِى رَجُلَانِ، أَحَدُهُمَا أكْبَرُ منَ الآخَر، فَنَاوَلتُ السَّوَاكَ الأصْغَر منْهُمَا، فًقيل لِى: كبِّرْ، فَدَفَعْتُهُ إِلَى الاكْبَر).
20 - (2272) حدَثنا أَبُو عَامِر عَثد اللّه بْنُ بَرَّادِ الاع شْعَرِىُ، وَأَبُو كُوَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ رَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظ - قَالا: حَدّثنَا أبُو أُسَامَةَ، عنْ بُرئد، عَنْ أبِى بُرد 3، "جَدِّهِ، عَنْ أَبِىِ مُوسَى، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (رَأَيْحث فِى المَنَام أَنّى أُهًاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إلَى أَرْضبى بِهاَ نَخْلُ، فَنَصبَ وَهْلِىِ إِلَى أَنَّهاَ اليَمَامَةُ أوْهَجَرُ، فَإذَا هِىَ المَل!ينَةِ يَثْرِبُ.
وَرَأَيْتُ فِى رُؤْيَاىَ هَذِهِ أَنَّى هَزَزْتُ سَيْفاً، فاَنْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ المُؤُمنينَ يَوْمَ احُدٍ.
ثُمَّ هَزَزْ"لىُ اخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذا هُوً مَا جَاءَ اللهُ بِهِ مِنَ الفَتْح وَاجتِمَاع المُؤمِنِ!دنَ.
216 / َ ا
وقوله: (إنى أرانى اتسوك بسواك، فجاءنى رجلان، فناولت السواك الأصغر،
فقيل لى: كبر، فدفعته إلى الاكبر): فيه تقديم الاكبر، ورؤيا النبى كيما حق، وهذا معلوم من سنته وأمره فى غير هذا الحديث.
وقد تقدم /.
وقوله: (رأيت فى المنام أنى أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلى إلى
أنها اليمامة أو هجر، فإذا هى المدينة يثرب): الوهل، بفتح الهاء: الوهم، وهو المراد به هاهنا.
وقد يكون بمعنى الغلط والنسيان، فيه: خروج الرؤيا على وجهها[ لمهاجرة النبي] (1) إلى أرض بها نخل، فلم يحتج هذا الفصل عبارة.
وتسميته المدينة يثرب وقد جاء تركه - عليه السلام - ذلك وسماها طابة، تفاؤلأَ بالطيب، إما لتطيب[ سكانها] (2) للمسلمين، أو لتطيب معيشتها وحالها، أو لتطييب الدين فيها، أو لتطيب فى نفسها من جند الكفرة والمنافقين، وتنفيهم كما ينفى[ الكير] (3) خبث الحديد.
وكره اسمها يثرب ؛ لما فيه من التراب، فلا يجوز تسمية إحدها بذلك، وكانت الجاهلية تسميها بذلك باسم موضع منها كان اسمه يثرب.
ولعل قوله هذا - عليه السلام - كان قبل نهيه: أى التى يسمونها قبل يثرب، ألا
تراه كيف قال قبل: " فإفا هى المدينة) ثم زاد: (يثرب) للبيان.
وقوله: (رائت كأنى هززت سيفا فانقطع صدره، فإذا هو ما أصيب من المؤمنل الن يوم اخد، ثم هززته أخرى فعاد) الحديث: كذا روايتنا فيه من طريق العذرى وابن ماهان، رولآح فر، أن" - ا: ول غيرهما فى الموضعن: (هزَّته) بتشديد الزاى وتخفيف التاء، وهى لغة لا - بن ! ا ؟ أء.
؟ با ا أنحححل من الرؤيا بخلاف الأول، هو على ضرب المثال وغرضه التأويل.
تأولبها ر"اإ ث حى عليد السلام - لاَن سيف الرجل أنصاره واولياؤه الذين يصول بهم كما
أ) أ+ / ز -: لمهاجر / خط0، 1، - ل.
! -، حكم - / من
!"!2 لااساقطة من ز لأ!أ! - س، د ؟ قيم
(7/230)
كتاب الرؤيا / باب رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 231 وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا، وَاللّهُ خَيْرٌ، فَإذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ المُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُد، ! اِذَا الخَيْرُ مَا جَاََ اللّهُ به مِنَ الخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصًّدْقِ الَّذى اَتَانَا ال!هُ بَعْده، يَوْم بَدْر لما.
1 2 - (2273) حلّتنى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلَ التَّمِيمِىُّ، حَد!لنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعيْبٌ،
عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ، حدثنا نَافِعُ بْنُ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ يصول بسيفه.
وقد يكون السيف ولده أو والده أو أخاه أو عمه، وقد يكون زوجته، وقد يدل على الولاية والوديعة، وعلى لسان الرجل وحجته، وقد يدل على السلطان الجائر.
وكل ذلك بحسب قرائنه عند[ أهل] (1) الرؤيا التى تشهد لاتحد الوجوه وتخصها به، أو قرائن حال الرائى فى نفسه ووقته.
وخص النبى - عليه السلام - هنا أصحابه وأنصاره لهزه إياه، وكون ذلك دلالة على استعماله فى الحرب مع قرائن حال النبى لمجيما فى محاربة أعد ا ئه.
وقوله: (رايت فيها أيضأَ بقراً، والله خير، فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد،
!هذا الخير ما جاء من الخير، بعد وثواب الصدق الذى اَتانا الله بعد يوم بدر): كذا جاء الحديث فى كتاب مسلم وفيه زيادة فى غيره (2): (ورأيت بقرا ينحرونه)، تصح عبارة الرؤيا بما جاء فى الحديث ؛ اذ[ دل نحر] (3) البقر على قتل من قتل من أصحابه.
قال بعض أهل هذا اللسان (4): إنما تأولهم على أصحابه ؛ لاَن البقر / شبه رجال الحرب ؛ لما معها من أسلحتها التى هى قرونها ولمدافعتها نجها ومناطحتها بعضها بعضا.
قال القاضى: وقد كانت العرب تستعمل القرون فى الرماح عند عوز أسنة الحديد.
وشبهت الفق بصياصى البقر - وهى قرونها - وبوجوهها ؛ لتشابه بعضها بعضا.
وخص أصحابه بذلك من غيرهم ومن عداهم، وليس فى الرؤيا دليل ظاهر على تخصيصه بهم لقرائن الحال ؛ لاَن البقر قد يعبر بها عن أهل الحرب والبادية، ومن يثير الاَرص لاءنها تثيرها، وبها يقوم ذلك، ولاَن الذكر مخها ثور وكانت هذه صفة أصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الأنصار وأصحاب المدينة ؛ لاشتغالهم بالفلاحة والزراعة، ولم تكن تلك صفة من عداهم من قريش، او لاَن أصحابه الثائرون معه على العرب والقائمون بدعوة الإسلام حينئذ، ولتحريكهم جهتهم من الارض وقلتهم ظاهرها وباطنها.
ويحتمل - والله أعلم - أنه إنما تأول نحر (فى) البقر بمن يقتل من اسمها، وشبهه بنفر، الا تراه كيف قال: " ورأيت فيها بقراً، فإذا هم النفر من المؤمنين) الحديث - والله اعلم.
وقوله: (والله خير): قالط أكثر من تكلم على الحديث: معناه: وثواب الله خير، يعنى للمقتولن من حياتهم وبقارهم (6) فى الدنيا.
وقيل: (والله خير): أى صنع الله خيراً لهم وهو قتلهم يوم أحد (7).
وقيل ة فى الكلام تقديم وتأخير، وتقديره ة
(1) ساقطه من ز.
(2) الظر مسند أحمد 1 / 271، رواه الدارمى، كالرؤيا، باب فى القمص والبير واللبن 2 / 129.
(3) فى ح: ذل بحر.
(4) فى ح.
الشأن - (5) فى ز - بحر.
للا) فى ر: وفقرهم.
(7) فيه ال الصل، ح: بدر، والصواب أحد، كما جاء فى المطبوعة والإكمال.
216 / ب
232
(7/231)
كتاب الرؤيا / باب روْيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) آ
الكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) المَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إنْ جَعَلَ لِى مُحَمَّدٌ الأمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ.
فَقَدمِهَا فى بَشَر كَثِيرٍ مِنِ قَوْمهِ، فَاع قْبَلىَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَمَعَهُ ثَابت بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَاس، وَفَى يَد النَّىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قطعَةَ جِرَيدَة، حَتَّىَ وَقَفَ عَلَى مُسَيْلمةَ فِى اصحَاَبِه، قَالَ: " لَوْ سَأ!تَنِى هَذه القَطعًةَ مَا أَعْطًيْتُكَهَا، وَلًنْ أَتعَدَّى أمْرَ الله فيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرًْ لَيَعْقِرَنَّكَ اللّهُ، يإِنَى ل الرًاَكَ اَلّذِى أُرَيْتَ فِيكَ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عنِّى لما ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.
ورايت والله خير بقر تنحر.
والاسم هنا مخفوض على القسم لتحقيق الرؤيا.
وبهذا النص فكر الخبر ابن (1) هشام فى السير، وسمى هذا خيراً على التفاؤل، دإن كان عبارته مكروهة وشراً فى الظاهر فسماه خيراً لعقباه، وهذا كما يقول العابر لمن يقص عليه رؤياه: خير.
والاَولى قول من قال: إن قوله: (والله خير) من جملة الرؤيا، وكلمة ألقيت إليه وسمعها فى الرؤيا عند رؤياه البقر ؛ بدليل عبارته لها بقوله: " دإذا الخبر ما جاء الله به بعد يوم بدر) الحديث.
وكذا ضبطناه وهذه الحروف على جملتهم: (واللهُ خيرُ) بضم الهاء والراء على المبتدا والخبر، (وبعدُ يومَ بدر) بضم الدال ونصب يوم، وقد روى بضم الدال، قالوا: ومعناه: ما جاء الله به بعد بدر الثانية ؛ من تثبيت قلوب المؤمنين إذ جمع لهمِ الناس وخوفوا، فزادهم الله ايمانا، وانقلبوا كما أخبر تحالى: { بِنِعْمَة مِّنَ اللَّهِ وَفَض!ك لَمْ يمْسَسْهُمْ سُوء} (2) وعليه يتأول الخبر هنا مع تفرق العدو عنهم وهيبته لهم.
وهذه الرؤيا تدل أنها كلها (3) قبل الهجرة، وظاهرها أنها واحدة غير منفصلة، والله أعلم.
ودْكر مسلم حديث مسيلمة ووروده على النبى!ك!ي! - المدينة ومجىء النبى - عليه السلام - إليه وبيده قطعة جريدة، وقوله: ا لو سألتنى هذه القطعه ما أعطيتكها): إنما جاءه - عليه السلام - استئلافأَ له ولقومه كما نزل (4) على عبد الله بن أبى، وليبلغ ما أمر الله بتبليغه مما أنزل عليه، وكان يقصد به من لم يأته.
ويحتمل مجيئه إليه لاَن مسيلمة قد قصده ليلقاه من بلده، فجاءه هو - أيضا - مكافأة لفعله.
ففيه تلقى كبير القوم إذا ورد وزيارته، لا سيما فيمن يرجى بذلك منه منفعة فى دين
أو دنيا.
وكان مسيلمة إذ ذاك يرفع للإسلام ظاهراً، ويشترط شروطا، دإنما ظهر كفره وارتداثه بعد ذلك.
وقد جاء فى حديث اخر: أنه هو أتى النبى!مأ (5) ويحتمل أنها مرتان وقد جاء فى حديث اخر: أنه بقى فى ظهر القوم، فسأل عنه - عليه السلام.
ولعله ق! ا -، - الله ابما 3 -: دإنما قال له: " لو سألتنى هذه القطعة " للجريدة التى كانت
! أا فى ح: أن، انظر: بحيرة ابن طشام 3 / 36 رفلا رسول الله شبهتها فى غزوة أحد.
/ صحأ ال عمران: 174.
(3) فى خ: كانت.
(4) فى خ: يدل - د 3أ ر، - اه الحاكم فى المستدر - ك53 / 3.
(7/232)
كتاب الرؤيا / باب رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ا 233
(2274) فقال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلتُ عَنْ قَوْل النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّكَ أَرَى الَّذِى أُرِيتُ فيكَ مَا أُرِيتُ "، فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (بَيْنَا أَنَا نَائم رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سُوَارَيْنِ مِنْ فَ!بٍ، فَا"هَمَّنِى شَأنَهُمَا، فَ الوحِىَ إِلىَّ فِي المَنَامِ ان انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَا"وَّلتُهُمَا كَذابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِى.
فَكأَنَّ أَحَدُهُمَا العَنْسِىًّ، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، والآخَرُ مُسَيْلمَةَ، صَاحبَ اليَمَامَة ".
22 - (... ) وحد!ثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍِ، حَد، شَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَام
ابْنِ مُنبّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدهشَا أَبُو هُرَيْرَةَ عنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ فَذَكَرَ أَحَاديثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (بَيْنَا أَنَا نَائِم اتِيتُ خَزَائِنَ الارْضِ، فَوَضَعَ فِى يَدَى اسْوًا رَيْنِ مِنْ فَصَب،
بيده، وهى سعفة النخلة " ما اعطيتكها) يريد ما تقدم أول الحديث من قوله: إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته.
قوله: ا لن أتعدى أمر الله فيك): كذا فى جمجع نسخ مسلم، وفى كتاب البخارى (ولن يعدو أمر الله فيك) (1).
قال الكنانى (2): وهو الصواب.
ولعل مافى مسلم: (ولن تعدى "، والاَ لف زائدة.
قال القاضى: والوجهان صحيحان لن يعدو امر الله فيه خيبته مما أمل وهلاكه، أو
مما قدر عليه من شقاوة وسبق أمر الله فيه.
ولن يعدو النبى امر الله فيه فى أنه لا يجيبه إلى ما طلب مما لا ينبغى له، وأن يبلغه ما أنزل عنه، ويدفع أمره بالتى هى أحسن.
قوله: (ولئن ادبرت ليعقرنك الله): أى إن لم تجب إلى اتباعى، وتقبل ما جئت
به ليهلكنك الله، كما كان منِ قتله بعده.
وهذا من جملة اَياته - عليه السلام - والعقر: القتل، ومنه: { فَعَقَرُوا النَّاقَة} (3).
وقوله: " وهذا ثابت يجبك عنى): كان ثابت بن قيس بن شماس خطيب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وهو كان المجاوب للوفود عن خطبهم وتشدقهم.
وقوله: (وإنى لاَراك الذى أريت فيه ما اريت) وذكر أنه رأى فى يديه سوارين من ذهب، وفى الرواية الاَخرى: (سوارين فأهمه شأنهما، فأوحى إليه فى المنام: أن انفخهيا، فنفخهما، فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدى)، وفى الحديث /
(1) البخارى، كالتوحيد، بقول الله تعالى: { إلَّمَا قؤلَا لِتَيئء إفَ! أردلاة} [ الشل: 40].
(2) وهو يحيى بن عمر بن يوسف أبو زكريا ال الندلسى الفقيه، وشيخ المالكية، سكن القيروان، ثقة، ضابطا لكبه، له شهرة كبيرة بإفريقيا، وكانوا لا يروون، المدونة والموطأ إلا عنه، له من التصانيف: كتاب الرد على الشافعى والمنتخجة، وله كتب فا أصول السنة مثل: الميزان، الرؤيا، ت 289 هـ.
انظر: ترتيب المدارك 2 / 434، السير 3 / 462.
زو / ا، أ اد.
.
كرف: لا"لا،.
217 / ءا
234
(7/233)
كتاب الرؤيا / باب رؤيا النبى محقي فَكَبُرَا عَلَىَّ وَأَهَمَّانِى، فَ الوحِىَ إِلَىَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَذَهَبَا، فَا"وَّلتُهُمَا اهَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أنَا بَينَهُمَا: صَاحِبَ صَثعَاءَ، وَصَاحبَ اليَمَامَة دا.
23 - (2275) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشًّار، حَدثنَاَ وَهْبُ بْنُ جَرِير، حَدَثَنَا أبِى عَنْ أَبِى
الاَخر: (فأولتهما الكذابين الذين أنا بينهما: العنسى صاحب صنعاء، ومسيلمة صاحب اليمامة): هذا يبين أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نص على اسمهما، وفى غير هذه الرواية أن النص على اسمهما من الراوى.
وقوله: (بعدى) وقد كانا فى زمنه - عليه السلام - إشارة إلى إظهار ارتدادهما بعد، ومحاربتهما المسلمين ودعواهما النبوة.
دإنما يؤول (1) ذلك - والله أعلم - فيهما لما كانا السواران (2) فى اليدين جميعأ من الجهتن، وكان حينئذ النبى - عليه السلام - بينهما، وتأول السوارين على الكذابين ومن ينازعه الأمر غير موضعهما ؛ اذ هما من حلى النساء، وموضعهما ايديهن لا أيدى الرجال.
وكذلك الكذب والباطل هو الاخبار بالشىء على غير ما هو به ووضع الخبر على غير موضعه، مع كونها من ذهب وهو حرام على الرجال، ولما فى اسم السوارين من لفظ السوء لقبضهما على يديه، وليستا من حليته، [ فأهمه ذلك كله] (3) لهذا.
!
وتأول ذلك قبض هذين الكذابين بعض نواهيه أوامره، ومنازعتهما نفوذ ذلك فى جهتيهما، ونفخه فيهما فطارا، دليل على اضمحلال امرهما من سببه وريح نصره وأمره بذلك ة لاءن النفخ من هذا الباب كله ؛ ولأن كونهما من ذهب فيه إسْعار بذهاب أمرهما وبطلان باطلهما، ويقال: سوار وسوار وأسوار بضم الهمزة.
فأما أساورة الفرس، وهم قوادهم، وقيل: المجيدون فى الرمى، فأسوار بالكسر والضم معا.
وقوله: (وأوتيت خزائن الأرض) وفى غير مسلم: (وأتيت بمفاتيح خزائن الأرض) (4) يتأول على سلطانها ولملكها وفتح بلادها وخزائن أموالها، كما كان بحمد الله.
وقوله: كان إذا صلى الصبح أقبل علينا بوجهه فقال: (هل رأى أحد منكم البارحة
أ رؤيا] (5)): وتقدم الكلام على هذا وما فيه من الفائدة.
وفيه أن عبارة الرؤيا بعد الصبح وأول النهار أولى عندهم، اقتداء بفعل النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ولأن الذهن حينئذ أجمع ؛ والقلب أجلى (6) قبل تلبسه باسْتغال النهار والفكرة فى أخبار الدنيا ؛ ولأن الرائى لما رآه
(1) فى خ: تأول.
(2) فى خ: السوارين.
(3) فى ح: فاهمة ذلك.
(4) أحمد 2 / 264، البخارى، كالتعبير، برؤيا الليل ا لما69).
(5) ساقطة من ز، والمثبت من الحديث المطبوع (23).
(6) فى ز: أخلى.
(7/234)
!اب ارؤدا / باب رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 235
رَجَاء العُطَارِدىِّ، عَنْ سَمُرَةَ بْن جُنْدَب ؛ قَالَ: كَانَ النَبِى عليه إِذَا صَلَّى الضُبْحَ أَقْبَلَ عَلَيْهِم بِوَجهِهِ، فَقَالَ: (هَلْ رَأَى احَد مِنكمُ البَارِحَة رُوْيَا ؟ لما.
أقرب عهداً، ولم يطرأ عليه ما يشوش عليه رؤياه ويخلطها عليه بعد، وللمبادرة إلى علم تأويلها، فلعل فيها ما يحتاج إلى تعجيل علمه من التحذير عن معصيه أو فعل تحذر عقباه.
وفيه التكلم فى العلم بعد صلاة الصبح، والاستناد إلى القبلة فى المساجد، وبإئر الصلاة واستدبارها للتحلق للعلم، وغير ذلك، / والله أعلم.
217 / ب
236
(7/235)
كتاب الفضائل / باب فضل نسب النبى على...
إلخ
بسم اللّه الرحمن الرحيم
43 - كتاب الفضائل
(1) باب فضل نسب النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وتسليم
الحجر عليه قبل النبوّة
ا - (2276) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِىُّ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الرخْمَن بْنِ سَهْبم، جَميعًا عَنِ الوَلِيد.
قَالَ ابْنُ مهْرَانَ: حَدثنَا الوَليدُ بْنُ مُسْلِم، حدثنا الأوْزَاعِىّ، عَنْ أبِى عَمًّارٍ، شَدَّادِ ؛ أَنًهُ سَمِعَ وَاثلَةَ بْنَ الأسْقَع يَقُولُ: سَمِعْتُ رًّسَولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِن اللّها اصْطَفَى كنَانةَ مِنْ وَلَدِ إٍ سمًاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْثمئا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصطَفَى مِنْ قُرَيْشي بَنِى هَاشِبم، وَاصطَفَانِى مِنْ بنِى هَاشِبم لا.
2 - (2277) وحذَثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شًا يَحْيَى بْنُ أَبِى بُكَيرِ، عَنْ إِبْرَاهيمَ بْنِ طَهْمَانَ، حَدثنِى سمَاكُ بْنُ حَرْب، عَنْ جَابِر بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللّهاِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (إِنِّى لأعْرِفُ حَجَرًا بِمَكًّةَ كَانَ يُسَلِّمُ كَلَى قَبْلَ انْ اَبعَثَ، إِنّى لاعْرِفُهُ الآنَ ".
كتاب الفضائل
قوله: (إنى لا"عرف حجراً بمكة، كان يسلَم علىَّ قبل أن أبعث): أى لأنى أعرفه الآن.
زاد بعضهم فى غير مسلم: وكانوا يرونه الحجر الأسود.
(7/236)
كتاب الفضائل / باب تفضيل نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) على جميع الخلائق
237
(2) باب تفضيل نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) على جميع الخلائق
3 - (2278) حلَّطنى الحَكَمُ بْنُ مُوسَى أبُو صَالِح، حَدثنَا هِقْلث يَعْنِى ابْنَ زِيَاد -
عَيقِ الأوْزَاعىِّ، حَد، لنِى أَبُو عَمَّار، حَدةَلنِى عَبْدُ اللّه بْنُ فَرّوخِ، حَدثنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قًالَ رَسولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أَنَا سيِّدُ وَلَدِ ادمَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وً أَوَلُ مَنْ ينْشَقّ عَنْهُ القَبْوُ، وَأَوَّلُ شَافِعِ، وَأَوَّلُ مُشَفًّعٍ ".
وقوله: (أنا سيد ولد ادم يوم القيامة): قال الهروى: السيد: الذى يفوق قومه
فى الخير، وقد بين ذلك[ فى الحديث] (1) بقوله: (وأول من ينشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع).
وقال غيره: قالها - عليه السلام - هنا لأن السيد هو الذى ينزع إليه القوم فى النوائب والشدائد، فيقوم بأمورهم، ويتحمل عنهم مكارههم، ولدفعها عنهم.
وبقية الحديث يفسر معناه من قوله: (أنا خطيبهم إذا وفدوا، وشفيعهم إذا حبسوا، ومبشرهم إذا ما يأسوا، ولا فخر).
وخص - عليه السلام - ذلك يوم القيامة بهذا الحديث، وهو سيد ولد اَدم فى الدنيا والآخرة، كما جاء مطلقأَ فى غير هذا الحديث، يلجأ جميعهم إليه يوم القيامة - اَدم ومن ولد - يشفع لهم فى الموقف، ولم يبق حينئذ من ينازعه السؤدد، لا حقيقة ولا باطلا، كما نازعه إياه فى الدنيا ملوك الكفرة وغيرهم من زعماء المشركين.
وهذا كما قال تعالى: { فمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَفَار} (2) وله الملك قبل ذلك اليوم بلاشك، لكن كان فى الدنيا مدعون للملك ومتصفون به، ولوم القيامة ذهب ذلك كله وانقطعت الدعاوى فيه، وخلص حقأ لله الواحد القهار.
وفيه جواز التحدث بنعمة الله على عبده ؛ إذا أمن بها العجب والفخر، وخلص من الكبر، كما قال - عليه السلام -: إ ولا فخر) فى هذا الحديث.
وهو هنا فى حق النبى واجب تبليغ لما يجب أن تعتقده أمته، وتدين لله به فى حقه وطاعته.
ولا يعارض هذا قوله: ا لا تفضلوا بين الأنبياء " (3) ولا قوله: (ما ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) (4) لوجوه، منها: أنه يحتمل أن ذلك كان قبل (1) سقط من أصل ح واستدرك فى الهامث!.
(2) غافر: 16.
(3) مسلم، كالفضائل، بمن فضائل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (159).
(4) البخارى، كأحاثيث الأنبياء، بقول الله تعالى: { وَ(ن يوئسَ لَمِنَ الْفرْسَلِينَ} إلى قوة: { فَمَخْنَاهُمْ إِلَن حِينٍ } (3413).
238
(7/237)
كتاب الفضائل / باب تفضِل نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) على جميع الخلاثق
إعلام الله له أنه أفضل ولد اَدم، أو يكون ذلك على طريق الأدب والتواضع، أو أن يكون ذلك نهيا أن يفضلوا بينهم تفضيلاً[ ينثتص من البعض] (1) من المفضول أولا يفضل بينهم فى النبوة.
وأما تغيضيلهم بخصائص خص الله بها بعضهم كما قال تعالى: { تِلْكَ الوشئلُ فَصلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَئ بَعْض} الاَية (2).
(1) فى ح: يغمضى إلى الغض.
(2) البقرة: 253.
(7/238)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 239
(3) باب فى معجزات النبىّ اطغ
4 - (2279) وحدَثنى أَ!و الرَّبِيعِ، سُقئمَانُ بْن دَاوُدَ العَتَكِىُّ، حَدثنَا حَمَّاد - يَعْنِى
ابْنَ زَيْد - حَدثنَا ثَابِت عَنْ انَسٍ ؟ أَنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) دَعَا بِمَاَ فَ التِىَ بقَدحٍ رَحْرَ 4، فَجَعَلَ الثتَوْمُ يَتَوَضَّؤونَ، فَحَزَرْتُ مَا بَيْنَ الشَينَ إِلَى الثَمَانِينَ.
قَالً: فَجَعًلتُ أَنْظُرُ إِلَى المَاَِ يَنْغٌ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ.
5 - (... ) وحدَئنى إِيسْحَقُ بْنُ مُوسَى الأنصَارِىُّ، حَدّثنَا مَعْن، حَدثنَا مَالِلث.
ح وَحَثثنِى أَبُو الطاطِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَمْب، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَس، عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلحَةَ، عَنْ أَنَس بْنِ مَالك ؟ أَنَهُ قَالً: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ علًركطد، وَحَانَتْ صَلاةُ العَصْرِ، فَالتَمَسَ النَاسُ اله - ضُوََ فَلَم يَجًدُوهُ، فَاعتَىَ رَسُولُ ال!هِ على يِوَخسُوَ، فَوَضحغَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى ذَلِكَ الإِنَاَِ يَلهُ، وَأَمَرَ النًّاسَ أَنْ يَتَوَضَّؤُوا مِنْهُ.
تَالَ: فَرَأَيْتُ المَاََ يَنْبُعُ مِيط تَحْتِ
وذكر مسلم[ الاحاديث] (1) أنس فى نبع الماَ من بين أصابعه - عليه السلام - وهى إحدى معجزاته المشهورة الغريبة الخارقة للعادة، وقد جاَ النتهل بها متواتراً من حديث أنه، وعبد الله بن مسعود، وجابر، وعمران بن حصين.
قال الإمام: وقوله: (فأتى بقدح رحراح) يعنى واسعا.
قال القاضى: ويقال: زحرح أيضا وأزح، وجفنة زحا.
قال ابن الأنبارى: ويكون قصير الجدار / مع ذلك.
وأصل الرحرح: السعة والانبساط.
وقوله: (رأيت الماَ ينغ من بين أصابعه): حمله أكثرهم على خروج الماء منها وانبعاثه من ذاتها، وإليه ذهب المزنى وغيره، [ فقال] (2): وهو أبهر أنه من تافجير موسى الحجر وغير ذلك ؛ إذ خروجه من الحجر معهود.
وقال اخرون: يحتمل هذا، ويحتيل أن الله كثر الماء فى ذاته، فجعل يندفع فى الجف!نة والإناَ، ويفور من بين أصابعه.
وكلا الوجهن فمعجزة عظيمة، واَية باهرة خارقة للعادة.
وقوله: (فالتمس الناس وضوءًا): أى ماًَ، سوى بما يفعل به، وهو بالفتح، وقد
تقدم فى الطهارة.
(1) فى خط: أحاديث.
(2) فى هامى ح.
218 / ب
240
(7/239)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات الْبى ( صلى الله عليه وسلم )
أصَابِعِهِ، فَتَوَضاَ النَاسُ حَتَّى تَوَضَؤُوا مِنْ عِنْلىِ آخِرِهِمْ.
6 - (... ) حلئَثنى أبُو غَسَّانَ المسْمَعِى، حَلثنَا مُع اللا - يَعْنِى ابْنَ هشَام - حَدثنِى أيِى،
عَنْ قَتَ ال ةَ، حَد، لًا أنَسُ بْنُ مَالك ؛ أًن نَعِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَصْحَابَهُ بِالرورًَ - قًالَ: وَالرورَاَُ بِالمَدِينَةِ عنْدَ السُّوق وَالمَسْجِدِ فِيَمَأ نقَهْ - دَعَا بقَاَخٍ فيه مَاءٌ، فَوَضَعَ كَفهُ فِيه، فَجَعَلَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضاَ جَمِيعُ أصْحَابِهِ.
قَاً: قُلتُءَ غَ كَانُوا يَا أبَا حَمْزَةً ؟ قَالَ: كَانُوا زُهَاءَ الثَلاِدمَائَةِ.
7 - (.
-.
) وحلَثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثا سَعيدٌ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ اتَسبى ؛ انَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ بالرؤرَاَ، فَا2تِىَ بِإِنَاَِ مَاء لا يَغْمرُ أَصَابعَهُ، أً وْ قَدْرَ مَا يُوَارِى اصَابِعَهُ.
ثُمَ ذَكَرَ نَحْوَ حَلِيثِ هَشَامٍ
8 - (2280) وحذَثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبِ، حَد"نَنَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَدثنَا مَعْقلٌ،
عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَأبِر ؟ أنَّ أُمَّ مَالِك كَانَتْ تُهْدِى لِلئبِىِّ عفيط فِى عُكَّةٍ لَهَا مَمْنا، فَيَأتِيهَا
وقوله: (فأتى بإناء ماء لايغمر أصابعه): اْى لا يغطها.
وقوله: (كانوا زهاء ثلاثمائة): أى قدرها، يقال: لهم زهاء كذا ولها كذا باللام،
أى قدره.
وجاء فى الحديث الآخر: (فحؤرت ما بين الستن إلى الثمانين) هذا يدل أنهما فى موطنن ؛ الأول بالزوراء كما قال، والاخر فى غيرها.
والزوراء: سوق المدينة، وكان عليه (1) التماسهم الماء بالمدينة حينئذ ما جاء فى غير هذا عن أنس: حضرت الصلاة، فقام جيران المجد يتوضؤون، وبقى ناس من السبعين إلى الثمانين، كانت منازلهم بعيداً، وذكر الحديث.
وجاء فى حديث جابر ذلك مفسراً فى غزوة الحديبية وغزوة بواط، وحديث أنس عن الموضعين بالمدينة.
وذكر مسلم فى الباب: حدثنا محمد بن[ هشام] (2)، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن قتادة.
كذا للعذرى.
وعند غيره حدثنا سعيد، عن قتاثة.
كذا للسجزى والسمرقندى.
قال لنا القاضى أبو على: وهو الصواب، وكذا فكره البخارى (3) لسعيد 5هـ هو ابن أبى عروبة لا لشعبة.
(1) فى خ: علة.
(2) هكذا فى ح وفط الحديث المطبوع رقم (7): المثنى.
(3) البخارى، كالمناقب، بعلامات النبوة فى الاصلام (3572).
(7/240)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 241 بَنُوهَا فيَسْالُونَ ال الدْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَىْء!، فَتَعَمِدُ إلَى الَّذِى كَانَتْ تُهْدِى فيه للنَبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا.
فَمَا زَالَ يُقيمُ لَهَا أُدْمَ بَيْتِهَا حَتَّىَ عَصَرَتْهُ، فَأَتَتِ النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: "عَصَرْتِيهَا ؟ ".
قَالَتْ نَعَمْ.
قَالً: ا لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا).
9 - (2281) وحدَّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيب، حدثنا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدتَّشَا مَعْقِل،
عَنْ أَبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَطعِمُهُ، فَاع طعَمَهُ شَطرَ وَسْقِ شَعِيرٍ.
فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَاكُلُ منْهص وَامْرَأَتُهُ وَضَيْفُهُمَا، حَثَّى كَالَهُ، فَأَتَى النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: " لَوْ لَمْ تَكِلهُ لاكَلتُمْ مِنْهُ، وَلَقَامً لَكُمْ).
10 - (706) حدَثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، حدثنا أَبُو عَلِى الحَنَفِىُّ، حدثنا مَالِلث - وَهُوَ ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ ابَى الزبيْرِ المَكِّىِّ ؛ انَّ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثلَةَ اخْبَرَه ؛ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ غَزْوَة تَبُوكَ، فَكًانَ يَجْمَعُ الصَّلاةَ.
فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَميعًا، وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيعًاَ.
حَتَّى إٍ ذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَلاةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَفَى الظُّهرَ وَالعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى المَغْرِبَ وَالعِشَاء جَميعًا.
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّكُمْ سَتَأتُونَ غَدًا، إنْ شَاءَ اللهُ، عَيْنَ تَبُوكَ، وَإِنَّكُمْ لَنْ تَا"تُوهَا حَتَّى يُضْحِى النًّهَارُ، فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلايَصَسً مِنْ مَائِهَا شَيْثًا حَتَّى اتىَ).
فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلانِ.
وَالعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاك تَبضُّ بَشَىْء مِنْ مَاء.
قَالَ: فَسَالَهُمَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا ؟).
قًالَا: نَعَمْ.
فًسَبَّهُمَا النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم )، وَقَالَ
وذكر فى الباب - ائضا - حديث مالك فى قصته عام تبوك، وقد تقدم فى كتاب الصلاة، والكلام على مافيه من جمع الصلاتين، واختلاف الروايات فى تبض وتبص، ومعنى ذلك، فأما هنا فبالضاد المعجمة عند الرواة بغير خلاف.
قال الإمام: " تبص بشىء منها ": من رواه بالصاد المهملة معناه: ترق، يقال:
بصَّ يبص بَصيصا، ووبص يبص وبيصا بمعنى.
ومن رواه بالمعجمة فمعناه: تسيل، يقال: بض وضب بمعنى سال.
وقوله: (بماء منهمر ": أى كثير شديد الاندفاع، قال الله تعالى: { بِمَاء مُّنْهَمِر} (1)
أى كئير الانصباب.
219 / +أ
242
(7/241)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لَهُمَا مَا شَاءَ اللّهُ أنْ يَقُولَ.
قَالَ: ثُمَّ غَرَفُوا بِا"يْدِيهِمْ مِنَ العَيْنِ قَلِيلأ قَلِيلاً، حَتَّى اجْتمعَ فِى شَىْء.
قَالَ: وَغَسَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فيه يَلديْهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَ الهُ فِيهَا، فَجَرَتِ العَيْن بِمَاء مُنْهَمِرٍ - أَوْ قَالَ: غَزبْرٍ، شَكَّ أَبُو عًلَى أَيُّهُمَا.
قَالَ: حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَالَءً (يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةو، أَنْ ثَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانا).
قال القاصْى: وقوله: " حتى استقى الناس): كذا للكافة، وفى كتاب التميمى: "حتى أشفى الناس) بالشن المعجمة، وهو وهم، والمعروف الأول، وتقدم هذا وما فيه من الاَيات الباهرة والعلامات الخارقة من الإعلام بما يكون من شأن العن أولا، وأمرهم ألا يمسوا شيئأ من مائها ومن قوله: (ترى ما ها هنا قد ملئ جنانأَ) فكأن ذلك كله، ومن / تكثير الماء القليل والخبر بهذا مشهور صحيح.
وهذه العلامات المقطوع بها بكثرة الأخبار بها واشتهارها وتواترها من جهة المعنى،
ولاكذ الراوى لها والذاكر لها بمجمع الصحابة المخبر عن قصة جرت لهم فى مجمع من جموعهم، ومشهد عظيم من مشاهدهم، وجيش كثير من جيوشهم، لا يمكن سكوتهم على مدعى الكذب فيها، ولا كانوا ممن يداهن فى ذلك، ولا هو مما يخفى عليهم ة إذ هم الذين توضؤوا وشربوا، وشاهدوا الأمر المخبر به عنهم، فكان الحديث عنهم.
وكذلك أحاديثه فى تكثير الطعام من هذا الباب، وعلى هذا الأسلوب.
وقد بسطنا الكلام فى هذا ونجيناه، وذكرنا اْعيان الأحاديث، ومن روى كل واحد منهما من الصحابة، ومن رواه عنهم من التابعين بمبلغ علمنا ومنتهى إدراكنا، وما اتصل الكلام بذلك فيه فى كتاب: (الشفاء) بما يغنى عن إعادته هنا.
وقوله: (فسئهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وقال لهما ما شاء الله أن يقول): فيه تأديب الحاكم باللسان، والسب غير المقزع نفسه.
ذكر مسلم هنا حديث أم مالك، وأنها كانت تهدى للنبى فى عكة لها[ بين أقياتها] (1) بنوها فسيكون (2) للإدام ولش عندهم شىء، فتعمد إليها، فتجد فيها سمنا، فما زالت تقيم لها أدم بيتها حتى عصرتها (3).
وقول النبى لها: (عصرتيها، لو تركتيها ما زالت قائمة) مما تقدم، وذكر الحديث
فى الذى أطعمه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) شطر وسق شعير، فما زال يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله.
فقال: ا لو لم تكله لأكلتم منه ولقام لكم): أى ولبث ودام، ويروى: (بكم) أى لكفاكم وأضكناكم.
فيه رد الظرف المهدى فيه الى صاحبه، وفى المثل المعروف: رد ا لظروف.
(1) فى ح: سمنا فيأتيها.
(2) فى خ: فسألوها.
(3) فى خ: عصرته.
(7/242)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 243
11 - (1392) حدَّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَمب، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بَلال، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاس بْنِ سَهْل بْنِ سَعْد السَّاعدىِّ، عَنْ أَبِى حُمَيْد، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَةَ تَبُوكَ فَا"تَيْنَا وَادٍ ىَ المرى عَلًىَ حَدِيقَة لامْرَأَة، فقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اخْرصُوهَا لما، فَخَرَصْنَاهَا، وخرَصَهَا رَسُولُ اللّهِ عليه عَشْرَةَ أَوْسُقِ.
وَقَالَ.
(أَحْصِيهَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْك، إِنْ شَاءَ اللهُ لما.
وَانْطَلَقْنَا حَتَّى قَدمْنَا تَبُوكَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " سَتَهُبَّ عَلَيكُمُ اللَّيْلَةً رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلا يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِير فَليَشُدًّ
وفيه أن هذه الاَمور الكونية يجب ألا ينقضى أمرها وتترك مهملة لا تدخل تحت التقدير، ومثله حديث شعير عائشة، وأنها[ لما] (1) كالته فنى ؛ لاَن كيلها وعصرها وتَقَصى ما فيها مضاد للتسليم والتوكل على رزق الله ويقضى على تقدير مالا يحصيه التقدير من سعة فضل الله، وتكلف لما لا طائل وراءه، فعوقب فاعله بأن رفعت تلك البركة عنه، ورد إلى قوته وحوله التى تكلفها - والله أعلم.
هذا هو وجه التأويل فيه، وظاهر معناه، دإن كان بعضهم تأول فى حديث عائشة أنه
لما أكالته (2) عرفت قدره بقى على حسابها، وكانت أولا لم تؤزره، فطال ذلك فى ظنها، ولم يجعل فى ذلك الله بينة ولا بركة.
وظاهر الحديث يرد قوله، لاسيما مع ما فى هذا الحديث من قوله - عليه السلام -: ا لو لم تكله لأكلتم منه، ولقام بكم)، فقد نص على ضد ما قاله هذا الشارح والله الموفق / برحشه.
ومعنى (مقيم لها أدم بيتها): اى يكمها ونفسها (3).
ومنه: قوام العيش، أى
كفايته وما يغنى منه.
وكذلك قوله: (ما زال قائما).
ويحتمل ان يريد ثابتأ دائما.
والعكة، بضم العين: للسمن، وهى أصغر من القربة.
(وشطر وسق الشعير): - نصمه.
وذكر حديث أبى حميد فى خرص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حديقة المرأة: فيه جواز الخرص، وقد
تقدم فى الزكاة.
ولا خلاف عندنا فيه فى التمر والعنب فى الزكاة.
واختلف فى الزرع وا لزيتون.
وقوله: (ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، ولا يقيم فيها أحد) وأن الريح هبت،
فقام رجل فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيى.
فيه اَية بينة من إعلامه - عليه السلام - بالغيوب وما يكون.
(1) ساقطة من ز.
(2) فى!.
كالته.
(3) فى!: ولغنيها.
219 / ب
244
(7/243)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عِقَالَهُ)، فَهَبَّتْ رِيغ شَدِيدَةو.
فَقَامَ رَجُلى فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى ألقَتْهُ بِجَبَلىْ طيِّئٍ.
وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ العَلمَاء - صَاحبِ أَيْلَةَ - إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِكتَابٍ، وَأهْدى لَهُ بَغْلَة بَيْضَاءَ.
فَكَتَبَ إِلَيْه رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأَهْدَى لَهُ بُرْدا، ثُمَ أً قْبَلنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِىَ القُرَى.
فَسَالَ رَسُولُ ال!هَ ( صلى الله عليه وسلم ) المَرْأَةَ عَنْ حَديقَتِهَا: (كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا ؟).
فَقَالَتْ: عَشرَةَ اوسُق.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنِّى مُسْرِغَ، فَمَنْ شَاءَ منْكُمْ فَليُسْرِعْ مَعِىَ، وَمَنْ شَاءَ فَليَمكُث لما.
فَخَرَجْنَا حَتَى أَشْرَفْنَا عَلَما المَلِينَة.
فَقَالَ: َ (هِذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُد، وَهُوَ جَبَل يُحبُّنَا وَنُحِبُّهُ).
ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ خَيْرَ دُورَ الا"نْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَارِ، ثُمَ دَارُ بَنِى عَبْد الأشْهَلِ، َ ثُمَّ دَارُ بَنِى عَبْدِ الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَج، ئُمَّ دَارُ بَنِى سَاعلَةَ، وَفِى كُلِّ دُور الأنصَار خَيْز).
فَلَحِقْنَا سَعْدُ بْنُ عُبَ الةَ.
فَقَالَ أَبُو اسَيْد: أَلَمْ تَرَ أَنًّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَيًّرَ دُورَ الَأنْصَارِ،
وقوله: (وجاء[ رسول] (1) ابن العلماء - صاحب أيلة - إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أ وأهدى له بغلة بيضاء.
" ابن العلماء): بفتح العن المهملة وسكون اللام الممدودة، وهذه البغلة هى (دلدل) بغلة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) المعروفة، لكنه قال هنا ما ظاهره أنها أهديت له فى غزوة تبوك، وقد كانت عنده.
قيل: وحضر عليها يوم حنين، ولم يرو أنه كان للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) بغلة سوأها، ولعله يعنى أنه أهداها له قبل هذا، كأنه قال: والذى أهدى له البغلة.
وقد تقدم الكلام فى قبول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الهدايا، ورده لما رد منها، وحكم غيره فى ذلك
من الأئمة.
وتقدم الكلام فى قوله: (هذا جبل يحبنا[ ونحبه] (2)).
وقوله: (خير دور الأنصار بنو النجار) الحديث: المراد بها أهلها، والدور القبائل هنا، وفضلهم بالسبىَ إلى الإسلام.
وفيه جواز التفضيل والتخيير بيئ الناس، [ وإنزال كل أحد منزلته.
وقد كره بعض العلماء التفضيل بين الناس] (3)، وهذا - والله أعلم - لغير ضرورة، إما للحاجة إلى ذلك فى التعديل والتجريح فى الشهادات[ والحديث] (4) والولايات، فمضطر إليه محتاج لذكره واعتقاده، وهذا ليس بغيبة.
وقوله: (ثم دأر بنى عبد الحارث من الخزرج): كذا للسعدى (5)[ الفارسى] (6)
[ والواو مثل] (7)، وهو وهم، والصواب بنو الحارث.
(1) ساقطة من ز، ح.
(4) ساقطة من ح.
(7) سقط من خ.
(2) ساقطة من ز.
(5) فى خ: العذرى
(3) فى هامش !.
(6) ساقطة من ر.
(7/244)
كتاب الفضائل / باب فى معجزات النبى كلية245 فَجَعَلَنَا آخِرًا.
فَأَدْرَكَ سَعْد رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، خَيَّرْتَ دُورَ الأنْصَارِ فَجَعَلتَنَا اَخِرًا.
فَقَالَ: " أَوَلَيْسَ بِحَسْبِكُمْ أنْ تَكُونُوا مِنَ الخِيَارِ لا.
12 - (... ) حلّثَناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَد، شَا عَفانُ.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ المَخْزُومِىُّ.
قَا لا: حدثنا وهُيْ! ب، حَدثنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بَهَذَا الإِسْنَادِ، إِلِى قَوْلِهِ: " وَفِى كُلِّ دُورِ الأنْصَارِ خَيْز).
وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ مِنْ قِضَة سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.
وَزَادَ فِى حَدِيثِ وهُيْب: فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببَحْرِهمْ.
وَلَمْ يَذْكُر فِى حَدِيثِ وُهِيبٍ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله: (وكتب له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببحرهم (1)، وأهدى له بردة): اى ببلدهم.
والتجار (2): القرى فيه المكافأة على الهدية، وجواز الإقطاع.
(1) فى ز.
بتحرهم، والصواب ما أثبتناه من المتهأ وح.
وهو حديث رقم 12.
(2) فى!: البحار.
246
(7/245)
كتاب الفضائل / باب توكله على الله تعالى...
إلخ
(4) باب توكله على اللّه تعالى، وعصمة الله تعالى له من الناس
220 / أ
13 - (843) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، غنْ جَابِر.
ح وَحَدثَّنِى أبُو عِمْرَانَ مُحَمًّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَاد - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْد - عَنِ الرهرِكاِّ، عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِى سِئالط الدُّؤَلِىِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَة قِبَل نَجْد، فَا"دْرَكنا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى وَاد كَثيرِ العِضَاهِ.
فَنَزَلَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تَحْتَ شَجَرَة، فعَلَقَ سَيْفَهُ بِغُصْن مِنْ اغْصَانِهَا.
!قَالً: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِى الوَادِىَ يَسْتَظلُّونَ بِالشَجَرً.
قَالَ: فَقَألَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ رَجُلأ أَتَانِى وَانَا نَائِم، فَاخذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظَتُ وَهُوَ قَائم عَلى رَأسِى، فَلَمْ اشْعُرْ إِلاَّ وَالسَّيْفُ صَلأ فِى يَده.
فَقَالَ لِى: مَيق يَمْنَعُكَ مِنَى ؟ قَالَ: َ قُلتُ: اللهُ.
ثُمَ تَالَ فِى الثَانِيَة: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنَى ؟ قَالَ: قُلتُ: الله.
قَالَ: فَشَامَ السَيْفَ.
فَهَا هُو ذَا جَالِسٌ لما، ثُمًّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
14 - (... ) وحدَّثنى عَبْدُ ال!هِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَارِمِى وَابُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ، قَالا: أخْبَرَنَا أبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْ! ث، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدثَّنِى سِنَانُ بْنُ أَبِى سِنَالط الدُّؤَلِىُّ
وقوله: (أدركنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى واد كثير العضاه): هى كل شجر ذات شوك، واحدها عضه وعضاهة.
وقوله: فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تحت شجرة وعلق سيفه بغصن من أغصانها، وأن رجلا
أتاه وهو نائم فأخذ السيف، فاستيقظ النبى على وهو قائم على رأسه بالسيف صَلْتًا، وقال: من يمنعك منى ؟ فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): [ (الله)] (1)، فشام السيف، [ ثم] (2) لم يعرض له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، قال الإمام: قوله: (السيف / صلتأ) أى مجرداً.
قال ابن قتيبة: فيه لغتان: بفتح الصاد وضمها، يقال: شام السيف: إذا أغمده، ويقال: شام السيف: إذا سله صاذا أغمده، وهو من الأضداد.
قال القاضى: فيه تعليق السيوف بالشجر، ونوم المقاتلة (3) فى الجيوش، وعصمة
(1، 2) سقطتامن ز.
(3) فى ح: القائلة.
(7/246)
كتاب الفضائل / باب توكله على اللّه تعالى...
إلخ 247 وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ ؛ أَنَّ جَابرَ بْنَ عَبْد الله الأنْصَارِىَّ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَأبِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) - أَخْبَرَهُمَا أً نَهُ غَزَا مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَةًَ قِبَلً نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) قَفَلَ مَعَهُ، فَ الرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ يَوْمًا.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَمَعْمَرٍ.
يرص، ص ه 5، ص ص!ص ص ص محرص !، ص محص بر، 5، ص ص ص محرص ه ص
(... ) حدثنا أبو بكرِ بن أبِى شيبة، حدثنا عفان، حدثنا ابان بن يزِيد، حدثنا يحيى
ابْنُ أَبِى كَثِيرٍ عَنْ أَبِى سَلَمَفَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أقْبَلنَا مَعِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، حَتَّى إِذَا كُنا بنَات الرِّقَاع.
بِمَعْنَى حَلِيثِ الرهرِىَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: ثُمَّ لَمْ يعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أعدائه، وهى إحدى اَياته، وقد قال الله تعالى: { وَاللَّه يَعْصِفكَ مِنَ الئاس} (1) وفيه ما كان - عليه السلام - من الحلم والعفو والتوكل والتواضع.
واسم هذا الرجل: غورث بن الحارة، بفتح الغين المعجمة.
وبعضهم بضمها، والفتح الصواب.
وبعض رواة البخارى قيده بالعين المهملة، وبالمعجمة الصواب.
وقال الخطابى فى حديثه: غويرة أو غويرث على التصغير والشك (2).
وقد جاء مثل هذا الخبر فى حديث اَخر وسمى الرجل فيه: دعثور بن الحارث.
(1) ا لما ئد ة: 67.
(2) انظر: غرب الحديث للخطابى 1 / 307، 308.
248
(7/247)
كتاب الفضائل / باب بيان مثل ما بعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الهدى والعلم
(5) باب بيان مثل ما بعث النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) من الهدى والعلم
15 - (2282) حل!ثنا أبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو عَامِر الأشْعَرِىِّ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ - وَاللَفْظُ لأبى عَامِر - قَالُوا: حَدثنَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عَنْ أبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، عَنِ النَّبِىَِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالًّ: (إٍ ن مَثَلَ مَا يَعَثَنِى اللهُ به - عَزَّ وَخل - مِنَ الهُدَى وَالعلم كَمَثَلِ غَيْث أصَابَ أرْضًا، فَكَانتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ طيَبةٌ قَبِلَتِِالمَاءََفَا"نْبَتَتِِالكَلأََوَالعَشبَ
وقوله: (مثل ما بعثنى الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب ارضأ، فكانت
منها طائفة طيبة، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، ومنها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا ورعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ.
فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه الله بما بعثنى به أفعلم] (1) وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذى أرسلت به): هذا بديع فى الشبه وتقسيم الكلام، ويدل (2) بعضه (3) على بعض وجاَ الترتيب بعد مجملاً، ورده رداً واحداً مرتبأَ على ما قبله، ولعله (4) اَخراً فى كلام واحد، وهو من بديع الإيجاز والبلاغة، فإنه ذكر ثلاثة أمثلة ضربها فى الأرض: اثنان منها محمودان، ثم جاء بكلام واحد تضمن لما جاء به اثنان منها محمودان، وذلك قوله: (فذلك مثل من فقه فى دين الله ونفعه الله بما بعثنى به، فعلم وعلم)، فهذان مثالا المثالن الاَولن على ترتيبها (5) فى التقديم والتأخير.
والأول: مثل الاَرض التى قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فانتفعت بالرى (6) وأكئر فى نفسها وأنفع (7) الناس بالرعى لما أنبتته، وهذا كالذى يفقه فى نفسه وعلم ما يحمله، وعلَمه الناس.
والثانى: من يحمل ما تحمَله ولم يفتح له بالتفقه فيه، لكنه حفظ ما يحمله، وعمل
منه بما يُسّر له، وبلغه غيره، فهذا مثل الذى أمسكت الماء دإليه يرجع قوله: (فشرب الناس وسقوا).
وقوله بعد هذا: (ورعوا) راجع إلى الأول ؛ إذ ليس فى هذا المثال أنها أنبتت شيئا وهو مثل جمع المثلين.
والثالث: من لم يهتبل بما بلغه، ولا رفع به رأسا، ولا قبله كالقيعان والصفا التى
(1) ساقطة من ز.
(4) فى!: لقه.
(7) فى!: وانتفع.
(2) فى!: رد.
(5) فى!: ترتيبهما.
(3) فى!: بعضهم.
(6) فى!: الرعى.
(7/248)
كتاب الفضائل / باب بيان مثل ما بعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الهدى والعلم 249 الكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادبُ، أَمْسَكَتِ المَأءَ فَنَفَعَ اللّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا منْهَا وَسَقَوْا وَرَعَوْا، وَأَصَابَ طَائِفَةً مَنْها أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيْعَانٌ لا تُمْسكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كًلأ، فَنَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِى دِينِ اللهِ، وَنَفَعَهُ بمَا بَعَثَنِى اللّه بِهِ، فَعَلِمَ وَعًلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بذلك رَأسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللّهِ الَّذِى ارسِلتُ بِهِ).
لاتنبت ولاتمسك ماَ.
وقوله: " قبلت الماء): كذا (1) رويناه هنا بالباء بواحدة بغير خلاف.
واختلف فيه الرواية فى صحيح البخارى (2) عن شيوخه، ففى بعضها قيلت بياء باثنتين تحتها مشددة، فزعم الاَصيلى وغيُره أنه تصحيف.
وقال غيره: بل هو صواب ومعناه بمعنى / قيلت [ أى] (3) شربت.
والقيل: الشرب نصف النهار، وقيلت الإبل: شربت قائلة.
وقال غيره: معناه: جمعت وحبست ورويت، فهى بمعنى قيلت أيضأَ.
قال أبو عبيد البكرى فيما قرأته بخطه: قال أبو بكر: تقيل الماء بالمكان المنخفض: اجتمع فيه.
قال الإمام: وقوله: (سقوا ورعوا): يقال: سقيت وأسقيت بمعنى واحد.
قال لبيد.
سقى قومى بنى نجد وأسقى نميراً والقبائل من هلال
قال القاضى: وقيل: سقيته: ناولته[ ماء] (4) فشرب، وأسقيته: جعلت له سقيأَ.
وقوله: " رعوا "، قال الإمام: يقال: رعت الماشية النبات: أكلته، وأرعاها الله:
اى أنبت له (5) ما ترعاه، وأنشد ابن قتيجة:
كأنهاظبية تعطوا إلى فن يأكل من طيب والله يرعيها
وقوله: (ومنها أجادب): [ قال القاضى: لم يروه إلا هكذا بالدال المهملة] (6).
قال الإمام: قوله: " كان منها أجادب): كذا ذكره بالمعجمة.
وقال الخطابى: الأجادب: صلاب الاَرض التى تمسك الماء فلا يُسرع إليه النضوب (7).
وقال بعضهم: " أحازب) بالحاء والزاى، وليس بشىء.
وقال بعضهم: (أجادب) بالجيم والدال، وهو صحيح إن ساعدته الرواية.
قال الاَصمعى: الأجادب من الأرض: ما لم ينبت الكلأ،
(1) ساقطة من ز.
(3) ساقطة من ز.
(5) فى خ - لها.
(7) انظر: أعلام الحديث 1 / 198.
(2) البخارى، كالعلم، بقضل من علم وعلم (79).
.
(4) ساقطة من ح -
(6) فى هامش خ.
220 / ب
221 / لا
250
(7/249)
كتاب الفضائل / باب بيان مثل ما بعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الهدى والعلم
معناه: أنه أجرد بارزة، لا يسترها النبات.
وقال بعضهم: إنما هى: (أخاذات) سقط منها الاَلف فى (1) الاَخاذات مشاكات الماء واحدتها أخاذة.
وهى أمثال ضخربت لمن قبل الهدى فتعلم وعلم، ولمن لم يقبل، ولمن انتفع ولم
ينفع (2).
وفى حديث البخارى: (فكان منها ثغبة قبلت الماء) (3)، والثغبة: مستنقع الماء فى الجبال والصخور، وهو الثغب أيضا، ويجمع على الثغاب.
قال القاضى: قدمنا أنا لم نرو هذا الحرف هنا ولا فى غير هذا الكتاب، وكذا فى البخارى إلا بالدال المهملة من الجدب الذى هو ضد الخصب، وعليه شرح الشارحون، قالوا: وأجادب جمع جدب على غير قياس، وكان القياس أن يكون جمع[ أجدب، ومثله محاسن جمع حسن، وكان قياسه أن يكون جمع] (4) محسن، ولم يسموا، وكذلك متشابه جمع شبه، وقياسه جمع مشبه (5).
وقد رواه بعضهم أيضأَ: (اجارد)، وحكاه الهروى جمع أجرد، وهو ما لا نبات فيه.
واما حكايته عن البخارى: (فكان منها نقية قبلت الماء لما (6) تفسيره جمع مستنقع الماء
فى الجبال، [ إما ما قال] (7) فغلط من الرواية د حالة لمعنى الحديث ة لأن تفسير الثغبة إنما يمكن تخرجه (8) من الطائفة الثانية لا فى الاَولى.
وما روينا هذا الحرف عن البخارف من جميع الطرق، إلا (فكان منه النقية)، وهو مثل قوله فى كتاب مسلم: (طائفة طيبة) هى (9) التى توصف بأنها تنبت الكلأ والعشب، وأما الاَخرى فوصفها بمامساك الماء فقط، وهذه هى بمعنى الثغب فكان فيبطل التشبيه الأول، والثغب - كما ذكر - حفير ليستنقع فيه الماء / وهى الماء الصافى المستنقع بها نقب (ْا) أيضا.
(3) (9)
فى!.
و.
فى!: يشمع.
البخارى، كالعلم، بفضل من علم وعلم (79).
فى هامث!خ!.
فى خ!شبيه.
سبق تخريحه.
فى خط: إلا ما قاله.
فى ح: تخريجه.
فى خط: فهذه.
) فى خط: ثقب.
.
(7/250)
كتاب الفضائل / باب شفقته ( صلى الله عليه وسلم ) على أمته...
إلخ
(6) باب شفقته ( صلى الله عليه وسلم ) على أمته، ومبالغته
251
فى تحذيرهم مما يضرهم
16 - (2283) حدثَّنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّاد الاشْعَرِىُّ وَأَبُو كُرَيْبٍ - وَاللَّفْظُ لأبى كرَيْب - قَالا: حدثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عًنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، عَنِ الئبَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَاًلَ: (إِنَّ مَثَلِى وَمَثَلَ مَا بَعَثَنِى اللّهُ بِهِ كَمًثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمَهُ.
فَقَالَ: يَاقَوْم، إِنِّى رَايْتُ الجَيْشَ بِعَيْنِى، وَإِنِّى أَنَا الئنِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ.
فَأَطَاعَهُ طَائِفَة مِنْ تَوْمه، فَاعدْلَجُوا فَانْطَلَقُوا عَلَى مُهْلَتِهِمْ، وَكَأ بَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَئحًهُمُ الجَيْشُ
وقوله: فى التمثيل فى الحديث الاخر: (أنا النذير العريان)، قال الإمام: قال
[ الهروى] (1): خص العريان لاَنه أبين فى العيئ (2).
قال ابن السكيت: والنذير العريان: رجل من جثم حمل عليه، يؤذى الخليفة، عوف بن مالك اليشكرى، فقطع يده ويد امرأته، وكانت كتابية.
قال القاضى: بقى من تمام الخبر ما فيه تفسير، وهو أنه كان يخص قومه على قيس، فضرب به المثل، [ وقيل: إنما قيل: (النذير العريان) لأنه سلبه، فأتى قومه عريانا] (3).
وقيل: بل قيل ذلك لأن الرجل إذا رأى ما يوجب إنذار قومه تجرد من ثيابه، وأشار بها ؛ ليعلمهم بما ث!مهم.
وقيل: بدء المئل فى قصة أوذانى داود، وقيل: النهرانى لهم وسجن النعمان له وتجهيزه جيشه إلى بهذا الانتصار الأبى (4) داود وتجهيز النهرانى امرأته إلى قومه، فلما وصلتهم تعرت، وقالت: أنا النذير العريان.
قال الإمام: وقوله: (فإذا لجوا) (ْ) أى ساروا من أول الليل، يقال: أدلج إدلاجا، والاسم الدلج والدلجة بفتح الدال، فإن خرجت اَخر الليل قلت: أدلجت بتشديد الدال أدلج إدلاجأَ، والاسم الدلجة بالضم.
قال ابن قتيجة: ومن الناس من يجيز الوجهن فى كل واحد منهما، كما يقال: برهة من الدهر وبرهة.
وقوله: " فالنجاء) قال ابن ولاد: يقال بالمد والقصر[ وهو بعيد ونحو علمه] (6).
وقوله: (فَصبَحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم): أى أصابهم وغبهم، ويقال:
(1) فى هامش خ.
(س) فى هامش خ.
(5) فى خ - فأدلجوا.
(2) انظر: غريب الحديث للهروى 1 / 230.
(4) فى خ: النبى.
(6) فى خ ة وهو مصدر ايخج.
252
(7/251)
كتاب الفضائل / باب شفقته ( صلى الله عليه وسلم ) على أمته...
إلخ فَاع هْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَنَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِى وَاتبعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِى وَكَذبً مَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ).
17 - (2284) وحدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدهَّشَا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ القُرَشِى!،
عَنْ ابِى الزَثادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ ابِى هُرَيْرًَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّمَا مَثَلِى وَمَثَلُ افَتى كَمَثَلِ رَجُل اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَتِ الدَّوَالث وَالفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهِ، فَا"ثَا اَخِأبِحُجَزِكُمْ، وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهِ).
(... ) وحدَّثناه عَمْوؤ النَّاقِدُ وَابْنُ أن عُمَوَ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِى الزَنادِ،
بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
18 - (... ) حدَّثناه مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَد، شَا أبُو هَرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أَحَأديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ ألله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلِى كَمَثَل رَجُل اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَلَمًّا أضَاءَتْ مَا حَوْلَهًا جَعًلَ الفَرَاش! وَهَذه الئًوَالث الَّتِى فِى النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا، وَجَعَلَ يَحْجِزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فيهَا.
قَالَ: فَذَلكُمْ مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ، أَنَا اَخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النارِ، هَلًُعَنِ النَّارِ، فَتَغلبُونِى تَقَحَّمُونَ فِيهَا).
حاجتهم السنة تحوجهم حوجا وحياجة.
قال القاضى: المعروف فى النجاء إذا أفرد المد، وحكى أبو زيد فيه القصر أيضا،
فأما إذا كرروه فقالوا: النجاء النجاء، ففيه الوجهان.
وقوله: (فجعل الجنادب أ والفراش يقعن فيها)، قال الإط م: ا، لجنادب] (1) جمع جندب، هو الجراد.
وفيه لغتان: بضم الدال، وفتحها.
قال الفراء: والفراش: هو غوغاء الجراد الذى يتفرش وي!راكب.
قال غيره: الفراش: الطير الذى (2) يتساقط فى النار والسراخ!.
قال القاصْى: قوله: (الجنادب) هو الجراد، ليس بالجراد نفسه، وانما هو الصرار
عند بعضهم، وقال أبو حاتم ت الجندب على خلقة الجراد، لها (3) أربعة اجنحة كالجراد
(1) سقط من ز.
(2) فى ح: التى.
(3) فى ح: له.
(7/252)
كتاب الفضائل / باب شفقته ( صلى الله عليه وسلم ) على امته...
إلخ 253 19 - (2285) حدَّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد، شَا ابْنُ مَهْدِىٍّ، حدثنا سَلِيمٌ، عَنْ سَعيد بْنِ مينَاءَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اوْقَدَ نَارًا، فَجَعًلَ الجَنَادِبُ وَالفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَنُبُّهُن عَنْهَا، وَأَنَا اخذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَائتُمْ تَفَلتونَ مِنْ يَدِى).
وأصغر منها، تطير وتصر بالليل صرا شديدا، وهو معروف.
وحكى أبو عبيد إنكار هذا، وأن الصرار إنما هو الجرد جرد والصرى، وأما الصرار فأصغر منه.
قال: والناس يقولون: الجندب الهراز الذى يصير بالليل.
وفيه لغة ثالثة: (جِندَب لما بكسر الجيم وفتح الدال.
وقال الخليل: الفراش الذى يطير معروف كالبعوض، ويقال للخفيف من الرجال: فراشة، وقال غيره: [ الفراش ما تراه كصغار البق يتهافت فى النار.
وقوله]: (1) " فأنا اَخذ بحجزكم): حجزة الإزار والسراويل معقدها، وتحاجز القوم:
/ أخذ بعضهم بحجزة بعض، وإذا أراد الرجل إمساك من يخاف سقوطه أخذ بذلك الموضع منه.
وقوله: (وأنتم تقحمون فيها): التقحم: التقدم والوقوع فى الاَهوية وشبهها، والدخول فى الأمر (2) الشاقة من غير تثبت ولا روية.
فشبه - عليه السلام - تساقط الجاهلين بماضيهم (3) وشهاداتهم فى النار فى الاَخرى بحالة الفراش فى الدنيا، وضعف ميزها وتطارحها على ما فيه هلاكها من النار بجهلها.
(1) سقط من ز -
(2) فى خط.
الأمور.
(3) فى ح.
بمعاصيهم.
221 / ب
254
(7/253)
كتاب الفضائل / باب ذكر كونه ( صلى الله عليه وسلم ) خاتم النبين
(7) باب ذكر كونه ( صلى الله عليه وسلم ) خاتم النبيين
20 - (2286) حدّثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد النَّاقدُ، حَدهَّشَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: " مَثَلِى وَمَثَلُ الأنْبيَاء، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بنيَانًا فَأحْسَنَهُ وَأجْمَلَهُ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُطِيفُونَ بِهِ، يَقُولُونَ: مَا رأيْنَا بَنيَانًا أحْسَنَ مِنْ هَذَا، إلا هَنِهِ اللَّبنَةَ، فَكنْتُ أنَا تِلكَ اللَّبِنَةُ ".
21 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَد 3شَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا طَا حدثنا ائو هُرَيْرَة عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَاديثَ مِنْهَا: وَقَالَ أبُو القَاسم ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلِى وَمئَلُ الأنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِى، كَمَثَلِ رَجُلٍ ابْتَنى بُيُوتًا فَأَحْسَنَهَا وَأجْمَلَهَا وَكْمَلَهَاَ، إلا مَوْضِعَ لَبنَة مِنْ زَاوِيَة مِنْ زَوَايَاهَا، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ وُيعْجِبُهُمُ البُنْيَانُ، فَيَقُولُونَ: ألا وَضَعْتَ هًهنَا لَبنَة! فَيَتِمَّ بنيَانُكَ لما، فَقَالَ مُحَمَّدٌ ( صلى الله عليه وسلم ): " فَكنتُ أنَا اللَّبنَةَ).
22 - (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ ائوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر، قَالُوا: حدثنا إسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَر - عَنْ عَبْد اللّه بْنِ دينَار، عَنْ أبِى ( صلى الله عليه وسلم ) الِح الستَمَّانِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ علبة قَالَ: (مَثلِىَ وَمَثًلُ الأنبيَاء مِنْ قَبْلِى كِمَثَلِ رجُلٍ بَنَى بنيَانا فَأحْسَنَهُ وأجْمَلَمُ! إلا مَوْضِعَ لَبِنَة منْ زَاوِيَة مِنْ زَوَايَاهُ، فًجَعًلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ وَيَقُولُونَ: هَلا وُضِعَتْ هَنِ! اللَّبَنَةُ! قَاذَ: فَأنَا اللَّبِنَةُ، وَأنَا خَاتَمُ الئبيينَ لما.
(... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا ائو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى ( صلى الله عليه وسلم ) الِحٍ، عَنْ أبِى سَعِيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَثَلِى وَمَثَلُ النَّبِيَينَ ".
فَدَكَرَ نَحْوَهُ.
قوله: (مثلى ومثل الأنبياء كرجل ابتنى دارًا) الحديث، إلى قوله: (فكنت أنا موضع اللبنة، حيث ختمت الأنبياء): يقال: " لَبِنة " بفتح اللام وكسر الباء وا لِبْنة " بكسر اللام وسكون الباء، وهى معروفة، التى يبنى بها من الطيئ، وهى التى تسمى الطوب، وكل شىء رقعته فقد لبنته، وتجمع اللبنة بفتح اللام كذلك.
ومن قال: الِبنة)
(7/254)
كتاب الفضائل / باب ذكركونه ( صلى الله عليه وسلم ) خاتم النبين 255 23 - (2287) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ائى شَيْبَةَ، حَد"ننَا عَفَّانُ، حَد"ننَا سَلِيمُ بْنُ حيَّانَ، حَد - ننَا سعِيدُ بْنُ مينَاءَ، عَنْ جَابِر، عنِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: نا مَثَلِى وَمَثَلُ الأنْبِيَاءِ، كَمَثَلِ رَجُل بَنَى!ارَّاَ فَأتَمَّهَاَ وَأكْمَلَهَا إلا مَوْضِعَ لَبنَة، فَجَعَل النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجّبونَ مِنْهَا، وَيَقُولُونَ: لَوْلا مَوْضِعُ اللَبنَة!) قَالً رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " فَأنَا مَوْضِعُ اللَّبنَة، جئْتُ فَخَتَمْتُ الأنْبِيَاءَ).
ًًَ
(... ) وَحَد - ننِيه مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدثَننَا ابْنُ مَهْدِىٍّ حَد"ننَا سَليم، بِهَذَا الإسْنَاد، مِثْلَهُ.
وَقَالَ بَدَلَ (أَتَمَّهَا ": (أحْسَنَهَا لما.
بالكسر جمعها لبن، بفتح الباء.
وتميم تسهل مثل هذا وتسكنه.
فُسر فى الحديث المراد بهذا المثل، وان ال المر به تم والإنذار به ختم.
فى هذه الأحاديث كلها جواز ضرب الأمثال فى الدين والعلم، وغير ذلك مما شوهد وعرف بقربها للأفهام.
256
(7/255)
كتاب الفضائل / باب إذا أراد الله تعالى رحمة أمة...
إلخ
(8) باب اذا أراد الله تعالى رحمة أمة قبض نبيها قبلها
24 - (2288) قَالَ مُسْلِم: وَصُدَثْتُ عَنْ أبِى أسَامَةَ، وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إثرَاهِيمُ
ابْنُ سَعِيد الجَوْهَرىُّ، حَدتَّشَا أبُو أسَامَةَ، حَد - ننِى بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ أبِى بُرْدةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، عًنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ اللّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إذَا أرَادَ رَححمَةَ أمَّة مِنْ عِبَاده، قَبَفب! نَبيَّهَا قَبْلَهَا، فَجْعَلَهُ لَهَا فَرَ!ا وَسَلَفًا بَيْنَ يَلَيْهَا، ! إذَا أرَادَ هَلَكَةَ أمَّة، عَن!بهَا، وَنَبيّهًا حَيّ، فَأهْلَكَهَا وَهوَ يَنْظر، فَأقر عيْنه بِهلكتِها حِين كذبوه وعصوا أمره).
قوله: (إذا أراد الله رحمة امة من عباده قبض نبيها قبلها) الحديث، قال الإمام:
هو مقطوع السند، قال: فيه حديث عن أبى أسامة، وممن رووا ذلك عنه إبراهيم بن عبدالله الجوهرى، حدثنا أبو اسامة، حدثنا يزيد بن عبد الله عن أبى بردة، عن أبى موسى عنه - عليه السلام.
قال القاضى: كذا فى النسخ الواصلة إلينا من المعلم: ابراهيم بن عبد الله الجوهرى،
وهو وَهْم، وإنما هو فى كتاب مسلم: إبراهيم بن سعد الجوهرى، وكذلك ذكره الحاكم ممن خرج مسلم عنه، وقد بين عليه (1) ما ذكره فى الحديث بقوله: (فجعله لها فرطا وسلفًا بين يديها) هذه استعارة حسنة وتجوز بديع.
والفرط، بفتح الراءا والفاء: الذى يتقدم الوارثة فيهيى لهم الدلاء والحياض، يقال:
رجل فرط، وقوم فرط، وقوم فراط.
يريد: أنه يكون مقدما بين أيديهم يشفع لهم وشفعهم، كالذى يتقدم الواردة فى نفعهم.
ومنه الحديث الاَخر بعده فى الكتاب: (أنا فرطكم على الحوض) (2): أنا (3) متقدمكم وسابقكم إليه، وهو هنا اقرب الى الحقيقة منه إلى المجاز ؛ لاستعماله فى بابه.
ومنه فى الدعاء على الصغير: اجعله لنا فرطَا، أى أجرًا يتقدمنا وينتفع به.
(1) فى!.
علة.
(2) حديث رقم (25) من الباب التالى.
(3) فى!: أى.
(7/256)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته
257
(9) باب إثبات حوض نبينا كالآلىء وصفاته
25 - (2289) حدّثنى أحْمَدُ بْنُ عَبْد اللّهِ بْنِ يُونُسَ، حدثنا زَائدَةُ، حدثنا عَبْدُ المَلكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْبمالا يَقُوَلُ: سَمِعْتُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول: " أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحًوْضِ لما.
(... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حّثَنَا وَكِيع.
ح وَحَدءَّلنَا أبُو كُرَيْبٍ، حَد 8لنَا ابْنُ بِشْرجمِيعًا عَنْ مِسْعَر.
ح وَحدضَننَا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذ، حدثنا أبِى.
ح وَحَد"نَنَا مُحَمَدُ بْن المُثَنّى، حَد، لنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالا.
حَدءَّلَنَا شُعْبَةُ، كلاهُمَا عَنْ عَبْد المَلك بْنِ عُمَيْر، عَنْ جُنْدَبٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
ً
26 - (2290) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِلى - عَنْ أبِى حَازِمٍ، قَالَ ت سَمِعْتُ شَهْلا يَقُولُ: سَمعْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، مَنْ وَرَدَ شَرِبَ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظَط أبَدًا، وَلَيَرِدَنَّ عَلَى أَقْوَام أعْرِفُهُمْ وَبَعْرِفُونِى، ثُمَ يُحَالُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ).
وقوله: (من شرب منه لم يظمأ ائدًا)، قال الإمام: أى لم يعطش.
قال ابن ولاد: الظمأ، بالهمز والقصر: العطش، يقال: ظمأ يظمأ ظمأ، وظماه فهو ظمآن، والجمع ظمأ.
قال القاصْى: ظاهره يدل أن الشرب منه بعد الحساب والنجاة من النار، فذلك للذى
أ لا، (1) يظمأ، لقوله: ا لم يظمأ أبدًا ".
وقيل: بل لا نشرب أ منه] (2) إلا من لم يقدر عليه بالنار.
وقد يحتمل أن من شرب منه من / هذه الاَمة ثم قدر الله عليه العقوبة بالنار على ذنوبه أنه لا يعذب فيها بالظمأ بل يكون عذابه بغير ذلك ؛ إذ ظاهر حديث الحوض أنه تشرب منه الاَمة كلها، إلا من ارتد على عقبه وغحر وبدل.
وقد قيل: إن جميع الاَمم المؤمنين يأخذ كتبها بأيمانها، ثم يعاقب الله من يشاء من مذنبيهم، وقيل: إنما يختص بآخذ كتابه بيمجنه الناجون، فهذا مثله.
(1، 2) سعافطة حما ز.
221 / ب
258
(7/257)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته قَالَ أبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ أبِى عَيَّأشبى وَأنَا أحَدِّثهُمْ هَذَا الحَدِبثَ.
فَ!الىَ: هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلا يَقُولُ ؟ قَألَ: فَقُلتُ: نَعَمْ.
(291!) قَألَ: وَأنَا أشْهَدُ عَلَى أبِى سَعيد الخُدْرِى لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ فَيَقُو!: (إنَّهُمْ مِنِّى.
فَيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِى هَا عَمِلُو العْدَكَ.
فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِى لما.
(... ) وحدّثنا هَرُوَنُ بْنُ سَعيدٍ الأيْلِىُّ، حدثنا ابْقُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِى ألممَامَةُ، عَنْ أبى حَازِمٍ، عَنْ سَهْل، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) * وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أبِى عَيَّاشِ، عَنْ أبِى ممعِيد الخُدْرِىًّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثلِ حَدِيثِ يَعْقُوبَ.
27 - (2292) وحدّثنا لحَاوُدُ بْنُ عَمْرو الضئىُّ، حدثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الجُمَحِى، عَنِ
ابْنِ ائى مُلَيكَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: قَالَ رسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): "حَوْضِى مَسيرَةُ شَفر، وَزَوَايَاهُ سَوَاء!لا، وَمًأؤُهُ أبْيَضُ منَ الوَرِقِ، وَرِيحُهُ أطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيَزَانهُ كَنُجَوأ السَّمَاءِ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلا يَظَط بَعْدهُ ائدًا).
وقوله: (ومن ورد شرب): يعنى أن الممنوع من شربه إنما هو من لم يود عليه،
وهم الذين زيدوا وذبوا عنه، واختلجوا دونه، وأن كل من ورد يشرب.
وقد مضى الكلام على هذا الحديث مستوفا فى الطهارة.
ومعنى المراد عنه.
وقوله: (حوضى مسيرة شهر، وزواياه سواء): أى أش كانه، ذكر بعضهم فى الاستدلال على علمه ( صلى الله عليه وسلم ) بسائر العلوم واحتوائه على جميع المعارف، وأن هذا من علم الهندسة والتكسير والحساب، وأن معنى ذلك كونه مربعا معتدل التربيع، كما قال فى الحديث الاَخر: (عرضه مثل طوله) (1)، وفى الحديث الاَخر: (وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة) (2) وأغنى ذكر العرض هنا خصوصا عن الطول ؛ لأنه دليل على أن الطول مثله وأكبر منه، لكنه لمحة أنه مثله لقوله ت (وَزواياه سواء)[ وفى الحديث الاَخر: ما بين ناحيته كما بين جربا وأذرح] (3)، وفى الحديث الاخر: " ما بين عمان إلى ايلة)، وفى الحديث الاخر: (ما بين المدينة وعمان)، وفى الحديث الاخر: (عرضه من مقامى إلى عمان "، وفى الاَخر: " قدر حوضى ما بين أيلة ود نعاء من اليمن)، وفى الآخر:
(1) حديث رقم (6 س) من الاب.
(2) حديث رقم (1 س) من الاب.
(س) سقط من ز.
(7/258)
كتاب الفضاثل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته 259
(93!2) قَالَ: وَقَالَتْ أسْمَاءُ بنْتُ أبِى بَكْرٍ.
قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (إنِّى عَلَى الحَوضِ حَتَّى أنْظُرَ مَقْ يَردُ عَلَىَّ منكُمَْ، وَسَيُؤْخَذُ أنَاس !ونِى.
فَأقُولُ: يَارَبِّ، مِنِّى وَمِقْ أمَتِى.
فَيُقَالُ: أمَا شَعَوْتَ مَاعًمِلُوا بَعْدَكَ ؟ وَاللّهِ، مَا بَرِحُوا بَعْدَكَ يَرْجِعُونَ عَلَى أعْقَا بِهِمْ ".
"ما بين صنعاء والمدينة ": أيلة، بفتح الهمزة وسكون الياء مدينة معروفة على النصف ما بين معَة ومضر، وقيل: هى جبل ينبع بين مكة والمدينة، وهو شعبة من رضوى.
والجحفة، بضم الجيم: قرية جامعة أحد مواقيت الحج، بينها وبين المدينة ثمانية مراحل، وهى على طريق مكة وهى مهيعة، وبينها وبين البحر نحو من ستة أميال.
وقوله: (ما بين جربا وأفرح) بفتح الجيم وسكون الراء وباء بواحدة: مدينة من مدن الشام مقصور، ووقع عند بعض رواة البخارى ممدود، وهو خطأ.
واذرح، بفتح الهمزة وذال معجمة ساكنة وراء مضمومة وآخره حاء مهملة.
كذا هو الصواب، وكذا ضبطناه عن جمغ شيوخنا، إلا أنه كان فى كتاب القاضى الصدفى عن العذرى بالجيم، وهو خطأ، وهى مدينة من ادانى الشامى.
قال ابن وضاح: / هي فلسطين.
وفى الأم عن نافع أنه قال: هما قريتان بالشام، بينهما ثلاثة أيام، يعنى جربا وأفوح.
وقوله: (ما بين أيلة وعَفَان) (1): عمان، بفتح العين وتشديد الميم.
كذا ضبطناه
عن شيوخنا هنا، هى قرية من عمل دمشق ويبينه قوله فى رواية أبى عيسى الترمذى: (من عدن إلى عمان البلقاء) (2) والبلقاء بالشام.
هذا الضبط هو الذى أ صححه] (3) الخطابى فى هذا الحرف فى هذا الحديث.
قال البكرى: ويقال فيه ايضًا: عُمان، بالتخفيف والضم كالذى باليمن.
ولا خلاف أن الذى باليمن هكذا، وهى مدينة كبيرة وهى قرضة بلاد اليمن، وزعم غير واحد أن الصحيح هنا عمان ؛ لذكره فى الأحاديث الأخر: (ما بين أيلة وصنعاَ من اليمن، وما بين المدينة وصنعاء)، وما تقدم فى كتاب الترمذى من ذكر عدن.
وعدن وصنعاء من بلاد اليمن، دإن كانت بالشام صنعاء أخرى، لكن قد قيد هذه بصنعاء اليمن فارتفع الإشكال.
وهذا كله من اختلاف التقدير، ليس فى حديث واحد فيحسب اختلافا واضطرابًا من الرواة، وإنما جاء فى أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة سمعوه فى مواطن مختلفة.
(1) حدبْ رقم (36) من الباب.
(2) الترمذى، كصفة القيامة والرقائتما والورع، بما جاء فى صفة أوانى الحوض (2444) وقال.
هذا حديث غريب من هذا الوجه.
(3) ساقطة من ز.
222 / ب
223 / ءا
26
(7/259)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته قَالَ: فَكَانَ ابْنُ أبِى مُالَيكَةَ يَقُولُ: اللهمَّ، إنَّا نَعُوذُ بِكَ أنْ نَرْجِعَ عَلَى أعْقَابِنَا، أوْ أنْ نُفْتَنَ عَنْ !ينِنا.
28 - (2294) وحدّثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حدثنا يحيى بْنُ سُلَيم، عَنِ ابْنِ خُثَيْبم، عَنْ
عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُبَيْد اللّه بْنِ أبِى مُلَيْكَةَ ؛ أنَّهُ سَمِعَ عَائشَةَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ - وَهُوَ بَيْنَ ظَهْوًا نَىْ أَصْحَابِهِ -: (إنِّى عَلَى الحَوضِ، أنْتَظِوُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنكُم.
فَوَاللّهِ،
ضرب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى كل واحد منهما ميلا (1) لبعد أقطار الحوض وسعته وكبره، بما تسنح له من العبارة وقرب للأفهام، لبعد ما بين البلاد النائية البعيد بعضها عن بعض، لا على التقدير والمحقق لما بينهما بلا (2) إعلام ببعد المسافة، وسعة القطر، وعظم الحوض.
فبهذا تجتمع هذه الاَلفاظ من جهته المعنى - والله أعلم - كما قال فى الآنية: (عددها كنجوم السماء) إشارة إلى غاية الكثرة.
وعلى هذا تأول حصير قوله تعالى: { طِ لًةِ أَلْف أَو يَزِيدُونَ} (3)، وقوله - عليه السلام -: " لا يضع عصاه عن عاتقه) (4) وهو باب في المبالغة غير منكر فى اللغة ولا فى الشرع، ولا يعد هذا كذبا وإذا كان المخبر عنه بخبر الكثرة والعظم ومبلغ الغاية فى بابه، بخلاف لو كان بغير ذلك.
ومثلة قوله: كلمته فى هذا ألف مرة ولقيته مائة لقية.
فهذا مباح جائز فى الكثير المنكر وكذب لا يجوز فى المرات القليلة.
وحديث الحوض صحيح، والإيمان به واجب، والتصديق به من الإيمان، وهو على وجهه عند أهل السنة والجماعة، لا يتأول ولا يحال عن ظاهره، خلافًا لمن لم يقلى من المبتدعة الباقين (ْ) له، والمحرفن له بالتأويل عن ظاهره.
وهو حديث ثابت متواتر النقل، رواه جماعة من الصحابة.
فذكره مسلم من رواية ابن عمر، وأبى سعيد، وسهل بن سعد، وجندب، وعبدالله
ابن عمرو بن العاص، وحارثة بن وهب الخزاعى، / والمستورد، وأبى ذر، وثوبان، وأبى هريرة، وأنس بن مالك، وجابر بن سمرة.
(1) فى شك: مثلاً.
(2) فى شك: بل.
(3) الصا فات: 147.
(4) أحمد 6 / 2 1 4، 13 4، مالك كالطلاق، بما جاء فى نفقة المطلقة 2 / 0 58 (67)، مسلم، كالطلاق، بالمطلقة ثلاثا لا نفقة لها (.
كل ا)، الدارمى، كالنكاح، بالنهى عن خطبة الرجل على خطبة اخيه 2 / 135، وكله من حديث فاطمة بخت قيل - رضى الله عنها.
(5) فى خط: النافن.
(7/260)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبيناعلَي!وصفاته 261 فَوَاللّهِ، لَيُقْتَطَعَنَّ دُونِى رِجَال!، فَلأقُولَن: أىْ رَبِّ، مِنِّى وَمِنْ أمَّتِى.
فَيَقُولُ: إنَّكَ لا تَدْرِى مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ، مَازَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أعْقَابِهِمْ ".
29 - (2295) وحلّثنى يُونسُ بْنُ عَبْد الأعْلَى الصَّدَفِىُّ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بْنُ وَهْمب أخْبَرَنِى عَمْرو! - وَهُوَ ابْنُ الحَارث - أنَّ بُكًيْرًا حَد - نهُ عَنِ القَاسِ! بْنِ عَبَّاس الهَاشِمىِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ رَافِع - مَوْلَى أُمَِّ سَلًمَةَ - عَنْ أمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ عليه ؛ أنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُينَ الحَوْضَ، وَلَمْ أسْمَعْ ذَلكَ منْ رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ، وَالجَاريَةُ تَمْشُطُنِى، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ " أَيُّهَا النَّاسُ لما فَقُلتُ لِلجارِيَة: اسْتَأخِرِى عنِّىَ.
قَالَتْ: إنَّمَا دَعَا الرخالَ وَلَمْ يَدع النِّسَاءَ.
فَقُلتُ: إنِّى مِنَ النَّاس.
فَقَاَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنِّى لَكُمْ فَرَط! عَلَى الحَوْضِ، فَإيَّاىَ لا يَأتِيَنَّ أحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّى كَمَا يُذَبُّ البَعِيرُ الضَّالُّ، فَأقُولُ: فِيمَ هَذَا ؟ فَيُقَالُ: إئكَ لا تَدْرِى مَا أحْدَثُوا بَعْدكَ، فَأقُولُ: سُحْقًا".
(... ) وحدئنى أبُو مَعْؤ الرَّقَاشِىُّ وأبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد قَالُوا.
حَدتَّشَا أبُو عَامِر - وَهُوَ عَبْدُ المَلِكِ بْن عَمْرو - حَدتَّشَا أفْلحُ بْنُ سَعِيد، حَدهشَا عًبْد اللّهِ بْنُ رَافِع،
وذكره غير واحد عن أسماء بنت ائى بكر، وأبى برزة الأسلمى، وأبى أمامة، وزيد
ابن أرقم، وعبد الله بن زيد، وسويد بن جبلة، وعبد الله الصنابحى ة والبراء، وأبى بكر، وخولة بنت قش، وغيرهم.
وفى بعض هذا ما يخرج هذا الحديث عن خبر الواحد إلى حديث الاستفاضة والتواتر.
وقول أم سلمة لماشطتها: كُفى رأسى، أما سمعت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (أيها الناس):
أى ضمى أطرافه وأجمعيه.
وقول جاريتها: (إنما دعا الرجال ولم يدع النسا"، فقلت: إنى من الناس) حجة
اولا لاءصحاب القول بالعموم، وأن له صيغة، وأن لفظة " الناس) تعم الذكور والإناث.
قال الإمام: وقوله: (ماؤه أبيض من الورق) (1): وخرج أ هذا] (2) اللفظ على
غير ما أصلته النحوية من ال فعل التعجب يكون ماضيه على ثلاثة أحرف، فإذا صار على اكثر من ثلاثة أحرف فلا يتعجب من فاعله، وإنما يتعجب من مصدره.
فلا يقال: ما ابيض زيدًا، ولا زيد أبيض من عمرو، إنما يقال: ما اشد بياضه، وهو اشد بياضًا من
(1) حدية رقم (27) من الباب.
(2) فى ز: غير، والمثبت من ح.
262
(7/261)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته قَالَ: كَانَتْ أمُّ سَلَمَةَ تُحَدِّثُ ؛ أنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ - عَلَى المنْبَرِ، وَهْىَ تَفتَشِطُ - (أبُّها النَّاسُ " فَقَالَمت لِمَاشِطَتِهَا: كُفِّى رَأسِى.
بِنَحْوِ حَدِيثِ بُكَيْرٍ عَنِ الَقَاسِم بْنِ عَبَّاسٍ.
30 - (2296) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا لَيْمث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيب، عَنْ
أيِى الخَيْر، عَن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ؛ ال رَسُولً الًلى ( صلى الله عليه وسلم ) خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أهْلِ أحُد صًلاتَهُ محَلَى المتتِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى المِنْبَر، فَقَالَ.
(إنِّى فَرَطو لَكُمْ، وأنَا شَهِيذ عَلَيكُئمْ، وَإنِّى وَاللّهِ لأنْظُرُ إلَى حَوْضِىَ الاَنَ، وإنًّى قَدْ أعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائنِ الأزضِ - أوْ مَفَاتِيحَ الأرْضِ - وَإنِّى وَاللّهِ مَا أخَافُ عَلَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا بَعْدِى، وَلَكِن أخَافُ عَالَيْكُمْ أنْ تَتَنَافَسُوا فِيهَا).
31 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ ثنُ المُثنى، حَد!لنَا وَهْمث - يَغنى ابْن جَرير - حدثنا أبى،
ص سر
قَالَ: سَمِغتُ يحيى بْنَ ائوبَ يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبِى حَبِيبَ، عَن مَرْثًدً، عَنْ عُقْبَةً ثنِ عَامِرٍ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى قَتْلى أحُد، ثُمَ صَعًدَ المِنْبَرِ كَالًمُوَء دلأحْيَاء وَالأمْوَات، فَقَالَ: (إنِّى فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، يإًنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَينَ أيْلَةَ إلَى الجُحْفَة -، إنِّى لَسْتُ أخشَى عَلَيكُمْ أنْ تُثمثرِكُوا بَغدى، وَلَكِنَى اخشَى عَلَيكُمُ الدُّنْيَا أنْ تَنَافَسُوا فِيهَاَ، وَتَقْتَتِلُوا، فَتَهْلِكُوا، كَمَأ هَلَكَ مَيط كَانَ قًثلَكُمْ).
قَالَ عُقْبَةُ: فَكَأنَتْ اَخِرَ مَا رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى المِنْبَرِ.
32 - (2297) حدّثنا أبُو بَكْرِ ثنُ اْبِى شَيبَةَ وَأبُو كُريبٍ وَابْنُ نُمَيْر، قَالُوا: حَدثنَا أبُو مُعاوِيَةَ عَنِ الأعْمَشِ، عَيق شَقِيقٍ، عَنْ عَبْد اللى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الحَوْضِ، وَلأنَازِعَن أقْوَامًا ثمَ لأغْلَبَنًّ عَلَيهِمْ، فَأقُولُ: يَارَبِّ، أصحَابِى، أضحَابِى.
فَيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْرِى مَا اخْدَثُوا بَعْدَكَ لما.
ذلك.
قالوا: وقول الشاعر:
جارية فى درعها الفضفاض أبيض من أخت بنى أياض
إنما جاء استثحاء ولا يقاس عليه، ومثله قول الاَخر:
إذا الرجال شتوا واشتد كلهم فأنت أبيضهم سربال طباخ
(7/262)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته
263
(... ) وحدّثناه عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِير، عَنِ الأعْمَشِ،
بِهَذَا ا لإسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ (أصْحَابِى.
أصْحَابِى).
(... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، كِلاهُمَا عَنْ جَرِير.
ح وَحَد"ننَا ابْنُ المُثَنّى، حَدءَّننَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، جَمِيغا عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أبِى وَائِل، عَنْ عَبْدِ اللّهِ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَديثِ الأعْمَشِ.
وَفِى حَديثِ شُعْبَةَ عَنْ مُغِيرَةَ: سَمِعْتُ أبَا وَائِلٍ
(... ) وحدّثناه سَعِيدُ بْنُ عَمْرو الأشْعَثِىُّ، أخْبَرَنَا عَبْثَز.
ح وَحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةُ، حَد، شَا ابْنُ فُضَيْلٍ، كِلاهُمَا عَنْ حُصَيْني، عَنْ أبِى وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عن الئبَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَدِيثِ الأعْمِشِ وَمُغِيرَةَ.
33 - (2298) حدثّنى مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ بَزِيع، حدثنا ابْنُ أبِى عَدِىٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِد، عَنْ حَارِثَةَ ؛ أئهُ سَمِعَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " حَوْضُه مَا بَيْنَ صَنْعَاََ وَ ا لمدِينَةِ).
فَقَالَ لَهُ المُسْتَوْرِدُ.
ألَمْ تَسْمَعْهُ قَالَ: (ا لأوَانِى) ؟ قَالَ: لا.
فَقَالَ المُسْتَوْرِدُ: (تُرَى
فِيهِ الاَنِيَةُ مِثْلَ الكَوَاكِبِ ".
(... ) وحلطنى إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، حَد - ننَا حَرَمِىُّ بْنُ عُمَارَةَ، حدثنا شُعْبَةُ
عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالد، أنَّهُ سَمِعَ حَارِثَةَ بْنَ وَهْب الخُزَاعِىَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
وَذَكَرَ الحً!ضَ.
بِمِثْلِهِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْذ المُسْتَوْرِدِ وَقَوْلَهُ.
34 - (2299) حدّثنا أبُو الرَّبيعِ الزَّهْرَانِىُّ وأبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ، قَالا: حدثنا حَمَّادُ - وَهوَ ابْنُ زَيْد - حَد - ننَا أيُّوبُ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " إنَّ أمَامَكُمْ حَوْضًا، مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْهِ كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأفْرحُ ".
وهذا الذى وقع كأ الحديثط يصحح كون ذلك لغة، وكذلك قول عمر - رضى الله
عف 4 -: " ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع " قد احتج به بعضهم فى أن التعجب قد يكون
264
(7/263)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته (... ) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثِنّى وَعُبَيْدُ اللّهِ بْنُ سَعِيد، قَالُوا: حَدهَّشَا يحيى - وَهوَ القَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدًا للّهِ، أخْبرَنِى نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ "النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ أمَامَ!3 حَوْضًا كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأفرُحَ).
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ المُثَنّى: (حَوْضِى لما.
(... ) وحدّثنا ابْنُ نُمئرٍ، حَدثنا أبِى.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا مُحَمَّدُ
ابْنُ بِشْرٍ، قَالا: حَدثنَا عُبَيْدُ اللّه، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَزَادَ: قَالَ عُبَيْدُ اللّه: فَسَألتُهُ فَقَالَ: قَرْيَتَيْنِ بالشَّأمِ.
بَيْنَهُمَا مَسِيَرةُ ثَلاَثِ لَياَلٍ.
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ بِشْرٍ: ثَلا ثَةِ أيامٍ.
(... ) وحدّثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعيد، حدثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ
نَافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ءً بِمِثْلِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ.
35 - (... ) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، حَدثنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْب، حَدثَّنِى عُمَرُ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللّه ؛ أن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ أمَأمَكُمْ حَوْضا كَمَا بَيْنَ جَرْبَا وَأفرُحَ، فِيهِ أبَارِيقُ كُنُجُوَم السئَمَاَِ، مَنْ وَرَ! هُ فَشَرِبَ مِنْهُ، لَمْ يَظط بَعْحَ!ا أبَدًا).
36 - (2300) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي شَيْبَةَ وإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ المَكِّىُّ - واللَّفْظُ لابْنِ أبِى شَيْبَةَ - تَالَ إسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا - عَبْدُ العَزِيز بْنُ عبْد الصَّمَدِ العَمِّىُّ عَنْ أبِى عِمْرَانَ الجَوْنِىِّ، عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ الصَّامتِ، عَنْ أبِى فَرٍّ، قَالَ.
قُلتُ: يَارَسُولَ الّه، مَأ آنيَةُ الحَوْض ؟ قَالَ: (وَالًّذى نَفْسُ مُحَمًّد بيَده، لآنِيَتُهُ كْثَرُ مِنْ عَدَد نُجُوم السَّمَاً وَكَوَاكِبِهَا، الا فِى الَّليْلَةِ المُظلمَةَ المُصْحِيَةِ، انيًةَُ الجًنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمَْ يَظط اخرَمَأ عًلَيْه، يَشْخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ اَلجًنَّةِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ
من الزائد على الثلاثى، وأنشدوا لذى الرمة:
وماشية خرقاءواهية الكلأ سقى بهمماساق ولم شللا
لأكحبع مرْ / ف لك إ ابم للماءكلما
توهمت ربعا أو تذكرت منزلأ
ظ ا ا الة أكأ / ْ قد جاء / فر أ أ* وايات ا أخر على الوحجه المعروف مَمخد الخحاة: " ماؤه
لم أن11، *ص أن أ / ة / - ا ما حاء فى صفة أوانى الحو!ى أيا 626 ز ؟344أ.
(7/264)
كتاب الفضائل / باب إلْبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته 265
يَظط، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِه، مَأ بَينَ عَمَّانَ إلَى أيْلَفَ مَأؤُهُ أشَدُ بَيَاضَا مِنَ اللّبَن، وَأحْلَى مِنَ العَسَلِ).
37 - (2301) حدّثنا أبُو غَسئَانَ الصِمنمَعِى وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَارِ - وألفَاظُهُمْ مُتَقَاربَة! - قَالُوا: حدثنا مُعَا ؟ - وَهُوَ ابْنُ هشَايمِ - حَدثنِى أبِى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِم بْنِ أبِى الجًعْد، عَنْ معْدَانَ بْنِ أبِى طَلحَةَ اليَعْمُرِىَ، عَنْ ثَوْبَانَ ؛ أنَّ نَبِى اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إئى لَبِعُقْرِ حَوْضِى أذُود الثاسَ لأهْلِ اليَمَنِ، أضْرِبُ بعَصاىَ حَتَّى يَرْفَضَ عَلَيْهِم لما.
فَسُئلَ عَنْ عَرْضهِ فَقَالَ: (مِنْ مُقَامِى إلَى عَمَانَ لما.
وَسُئِلَ عَنْ شَرَابِه فَقَالَ: " اشَد بَيَاضَا مِنَ اللبَنِ، وَأحْلَى مِنَ العَسَلِ، يَغِتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ، يَمُذَانِهِ مِنَ اَلجَنَّةِ، أحَدُهُمَا مِنْ فَ!بِ، وَالآخَرُ مِنْ وَرِقٍ ".
(... ) وَحَدةَشيه زُهيْرُ بْنُ حَرب، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ مُوسَى، حَدثنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَ الةَ.
بِإسْنَادِ هِشَامِ، بِمِثلَ حَدِيثِه.
غَيْرَ أنَّه قَالَ: (أنَا يَوْمَ القِيَامَةِ عِثدَ عُقْرِ الحَوْضِ لما.
(... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشئَارٍ، حَدثنَا يحيى بْنُ حَمَاد، حدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَاقً، عَنْ
سَالم بْنِ أبِى الجَغدِ، عَنْ مَعْدَانَ، عَنْ ثَوْبَانَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
حَدِيثَ الحَوْضِ.
فَقُلتُ لِيَحْىَ بْنِ حَمَّاد: هَذَا حَديث! سَمِغتَهُ مِنْ أبِى عَوَانَةَ، فَقَالَ: وَسَمِعْتُهُ - أيْضَا - مِنْ شُعْبَةَ.
فَقُلتُ: انْظرلِى فِيهِ.
فًنَظَرَ لِى فِيهِ فَحَدثنِى بِهِ.
وقوله: (إنى لبعقر حوضى): قال لْابت: عقر الحوض، بضم العين وسكون القاف: موقف الإبل إذا وردته.
وقال غيره: عقره مؤخره، وعقر الدار، بفتح العين: أصلها.
ويقال هذا بالضم أيضا، وهى لغة الحجازين.
وقال أبو زيد: عقر دار القوم: وطنهم، وقال ثابت: عقر الدار: معظمها وبيفتها.
وقال يعقوب: العقر: البناء المرتفع.
وقوله: (يَغُمت فيه ميزابان): كذا رويناه من ريق الفارسى والسجزى بغين معجمه
وتاء باثنتين فوقها، وكذا ذكره ثابت والهروى والخطابى (1) وأكثرهم، ومعناه[ اتباع] (2) الصب.
واصله: اتباع الشرب الثرب، والقول / القول، فأراد ان هذين الميزابن يصبان فيه دائمًا، واللفظ يدل على أنه دفعة بعد دفعة.
وقال الهروى: معناه: يدفقان فيه الماء
(1) انظر: غريب الحديث 1 / 91.
(2) من خ.
223 / ب
266
(7/265)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته 38 - (2 0 23) حدّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلام الجُمَحىُّ حدثنا الرَّبِيعُ - يَعْنِى ابْنَ مُسْلِمٍ - عَنْ مُحَمَّد بْنِ زِيَاد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةً ؛ أنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لأذُوس عَنْ حَوْضِى رِجَالآ، كَمَا تُذَادُ الَغَرِيبَةُ مِنً الإبِلِ ".
(... ) وَحَدةَشِيه عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ زِيَاد، سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِه.
39 - (2203) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَاب ؛ أنَّ أنَسَ بْنَ مَالكٍ حَد"لهُ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (قَدْرُ حَوْضِى كَمَا بَيْنَ أيْلَةَ وَصَنْعَاًءَ مِنَ اليَمَنِ، ! إنًّ فِيهِ مِنَ الأبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُوم السَّمَاءِ).
40 - (2304) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم، حَدثنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلمٍ الصَّفَّارُ، حدثنا وُهَيْمث، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ العَزِيزِ بْنَ صُهَيْبٍ يحَدِّثُ، قَالَ: حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِك ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَيَرِس عَلَىَّ الحَوْضَ رِجَال! ممِّنْ صَاحَبَنِى، حَتَّى إذَا رَأيْتُهُمْ !رُفِعُواً إلَىَّ، اخْتُلِجُو الونِى، فَلأقُولَن: أىْ رَبِّ، أصَيْحَاَبِى، أصَيْحَابِى.
فَلَيُقَالَنَّ لى: إنَّكَ لا تَمْرى مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ).
(... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَلِىُّ بْنُ حُجْر، قَالا: حَدثنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ.
ح وَحدثنا أبُو كُرَيْب، حدثنا ابْنُ فُضَيْل، جَمِيعًا عَنِ الًمُخْتَارِ بْنِ فُلفُلٍ، عَنْ أنَسيى، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِهَذَا المَعْنَى.
وَزَادَ: " آنِيَتُهُ عَل!دُ النُّجُوم).
دففا شديدًا متتابعًا.
ورويناه من طريق العذرى: (يَعُبُّ) بعين مهملة وباَ بواحدة، وكذا ذكره الحربى، وفسره بمعنى ما تقدم، أى لا ينقطع جريهما، قال: والعَبُّ الشرب بسرعة فى نفس واحد.
ووقع فى رواية ابن ماهان: (يثعب دا بثاء مثلثة قبل العن، ومعناه: يتفجر، كما
قال فى الحديث الاَخر: (وجرحه يثعب دمًا) (1).
وقوله فى الحديث الآخر: (يشخب فيه ميزابان) (2) بالشين والخاَ المعجمتين بمعناه.
والشخَب، بالفتح: السيلان بصوت.
(1) سبق في مسلم، كالإمارة، بفضل الجهاد والخروج فى سبيل القه، رقم (105).
(2) حديث رقم (36) من الباب.
(7/266)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته
267
41 - (2303) وحد!ثنا عَاصمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ وَهُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى - وَاللَّفْظُ لِعَاصِمٍ - حَدتَننَا مُعْتَمِر، سَمِعْتُ أَبِى، حَدثنَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، عَنِ النَّبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَا بَيْنَ نَاحِيَتَىْ حَوْضِى كَمَا بيْنَ صَنْعَاءَ وَالمَدِينَةِ لما.
ًَ
42 - (... ) وحدّثنا هَرُونُ بْنُ عَبْد القه، حَدثنَا عَبْدُ المخمَدِ حدثنا هِشَام!.
ح وَحَدثنَا حَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ، حَدبرشَا أَبُو الوً لِيد الطّيَالسى، حَد*شَا أبُو عَوَانَةَ، كلاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنَسٍ، عَن النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِه.
غَيْرَ أنًّهُمَا شًكًّا فَقَالا: أوْ مِثْلَ مَا بَيْنَ الَمَلينَةِ وَعَمَانَ.
وَفِى حَدِيثِ أبِي عَوَانَةَ: (مَا بَيْنَ لَابَتىْ حَوْضِى ".
43 - (... ) وحدّئنى يحيى بْنُ حَبِيبٍ الحَارِثِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّه الررى، قَالا: حَدثنَا خَالدُ بْنُ الحَارِثِ، عَنْ سَعِيد، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ أنَسى: َ قَالً نَبِىُّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): "تَرَى فِيهِ أَبَارِيقُ النَّ!بِ وَالفِضَّةِ كَعَلدً نُجُوم السَّمَاءِ).
وقوله: (ما بيئ لابتى حوضى) أى ناحيتيه ؛ إذ عليهما يكون العطاش، أى تحوم للورود من العط!ئ!، ومنه: ا لابتى المدينة) أى جانباها لكثرة حرها، وما يصيب بها من العطش سبب ذلك.
وأصل اللابة.
الحرة، وهى أرض ألبست حجارة سود.
زاد المطرز: إذا كانت بين جبلين، الواحدة لابة ولُوبة.
زاد أبو عبيد: ونوبة بالنون ولم يعرف ابن الاَعرابى: نوبة، والجمع لاب ولوب ولابات فى القليل.
قال الخليل: اللاب واللوب واللواب: العطش.
قال بعضهم: أصل قولهم: ما بيئ اللابتين بالمدينة، ثم استعمل فى غيرها، كأنه ما بين حدين.
وقيل: اللَوْبُ واللُّوَبُ واللواب: الحوم حول الحياض فى العطش، فلم يصل إليه بعدُ.
وقوله: (سحقا) (1): أى بعدًا.
وفى هذا الحديث من علامات نبوته ما أخبر به - عليه السلام - عن اعطائه بمفاتيح خرائن الأرض، وذلك ما ملكت أمته منها.
جاء فى الحديث: أن إعطاءه مفاتيحها فى النوم، فيحتمل، أنها رؤيا عبرها لما دفعت إليه مفاتيحها بملكها وفتحها على أمته، ويحتمل، أنها رؤيا وحى حقيقة من إعلامه بذلك وتمليكها إياه وتحذيره وقهره.
! إعلامه أنه ما يخاف ال يشركوا بعده، ولكن إنما يخاف من هلاكهم بتنافس الدنيا
كما كان، لم يرد - عليه السلام - بإشراكهم وإشراك بعضهم، وقد ذكر فى الحديث
(1) حديث رقم (26) من الباب.
224 / ءا
268
(7/267)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوض نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصفاته (... ) وَحَد 8شيه زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا الحَسَنَ بْنُ مُوسَى، حَدثنَا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَ الةَ، حَدثنَا أنَسُ بْنُ مَالَكَ ؛ أنَّ نَبِىَّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ مِثْلَهُ.
وَزَادَ: (أوْ كْثَرُ مِنْ عَدمَدِ نُجُوم السَّمَاءِ).
44 - (2305)ً حدّثنى الوَلِيَدُ بْنُ شُجَاع بْنِ الوَلِيدِ السَّكُونِىُّ، حَدثَنِى أبِى - رَحِمَهُ اللّهُ - حَدثَّنِى زِيَادُ بْنُ خَيْثَمَةَ، عَنْ سمَاك بْنِ حرب، عَنْ جَأبِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " ألا إنِّى فَرَط!لَكُمْ عَلَىَ الحًوْضِ، وَإًنَّ بُعْدَمَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ صَنْعَاءَ وأيْلًةَ، كَأنَّ الأبَارِبقَ فِيهِ النُجُومُ).
45 - (... ) حدّثنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قَالا: حَد، شَا حَأتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، عَنِ المُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بن سَعْدِ بْنِ أبِى وَقَّاصبى، قَالَ: كَتَبْتُ إلَى جَأبرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غَلامِى نَافِع: أخْبِرْنِى بشَىْء سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ فَكَتَبَ إلَىًّ: إنِّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (أنَا الفَرَطُ عَلَى الحًوْضً ".
نفسه: أن منهم من يرتد، وإنما أراد إشراك جميعهم أو عامتهم، كما خات من هلاك أكثرهم بالتنافس فى الدنيا.
وذكر مسلم، حدثنا هرون بن سعيد الاَيلى، حدثنا ابن وهب، أنبأنا أبو أسامة،
عن ابى حازم، عن سهل، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وعن النعمان بن أبى عياش عن أبى سعيد.
كذا فى الاَصول، وفيه إشكال (1)، / على من ينعطف، وتقدير عطفه على سهل، والقائل عن النعمان هو غير أبى حازم، روى الحديث عن سهل، عن النبى، وعن النعمان عن أبى سعيد، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله فى هذا الحديث ة (خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت " يعنى:
أنه دعا لهم بمثل دعائه على الميت، وليس فيه حجة على الصلاة فى الشهداء إذا لم يكن هذا عند قتلهم ودفنهم، دإنما كان بعد ذلك.
وقد تقدم الكلام على هذه المسألة أول الكتاب وفى الجنائز.
وقوله: (أزُودُ الناس عنه لأهل اليمن) (2) لتشرب ويطرد غيرهم عنه ويدفعهم حتى يشربوا، إكراما لهم ومجازاة، كما تقدموا الناس للإيمان.
وزاد ما أعداه عنه وعن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
والزود: الطرد والدفع.
وقوله: " أضرب بعصاى حتى يرفض أ عليهم] (3)): أى يسيل عليهم.
وأصله
(1) حديث رقم (26) من الباب.
(2) حديث رقم (37) من الباب.
(3) ساقطة من ز.
(7/268)
كتاب الفضائل / باب إثبات حوضى نبجخا ( صلى الله عليه وسلم ) وصقاته
269
من الدفع، يقال: أرفض الدمع: إذا سال متفرقا.
وعصاه هذه عندى المذكورة فى الحديث هى المكنى عنها بالهراوة فى صفته ( صلى الله عليه وسلم ) في الكتب القديمة بصاحب الهراوة.
قال أهل اللغة: الهراوة: العصا، وهروته: إذا ضربته بالعصا، ولم يأت لمعناها فى صفته تفسير الا ما يظهر من هذا الحديث.
وقوله: (كما تزاد الغريبة من الإبل لما (1) معناه: أن الرجل إذا سقى إبله ودخلت بينيما ناقة ليست منها، طرث!ا وزالصا عن حوضه، ودفعها عنه، حتى يسقى إبله.
وهذا كما جاء فى الحديث الآخر: (كما يزاد البعير الضال) (2).
وقوله فى روأية انس فى هذا الحديث: نا فيمن يزاد رجال ممن صاحبنى) (3) يدل على صحة تأويل من تأول[ أنهم] (4) أهل الردة، ولذلك قال - عليه السلام - فيهم: (سحقا سحقا).
والنبى - عليه السلام - لا يقول ذلك فى مذنبى امته، بل يشفع له ويهتم بأمرهم، ويضرع إلى الله - تعالى - فى رحمتهم والعفو عنهم.
وقيل: بل هم صنفان، منهم العصاة المرتدون عن الاستقامة، المبدلون عملهم الصالح بغيره.
ومنهم انمرتدون على أعقابهم بالكفر، واسم التبديل يشملهم كلهم، وقد تقدم الكلام عليه مستوعبًا قبل.
وقوله: (أوتيت مفاتيح خزائن الأرض) جمع بمفاتيح (ْ)، ومن رواه مفاتح بغير
ياء التعويض فجمع مفتح، وهما لغتان فيه إعلامه - عليه السلام - بما يفتح عليه وعلى أمته بعده من ممالك الأرض وخزائنها.
(1) حديث رقم (38) من الباب.
(2) حديث رقم (29) من الباب.
(س) حديث رقم (40) من الباب.
(4) فى هامش ز.
(5) حديث رقم (30) من الباب.
270
(7/269)
كتاب الفضائل / باب فى قتال جبريل وميكائيل عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يوم أحد
(.
!) باب فى قتال جبريل وميكائيل عن النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )، يوم أحد
46 - (6 هـ 23) حلّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، دنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِفسْر وَأبُو أسَامةَ،
عَنْ مسْعَرٍ ؛ عَنْ سَعْدِ بْنِ ابْرَاهِيمَ، عَنْ أبيه، عَنْ سَعْد، قَالَ: رَائتُ عَنْ يَمِيئِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَعَنْ شمَاله يَوْمَ أحُد رَجُلَيْنِ، عَلًيْهِمَا ثيَابُ بَيأضٍ، مَارَاْيْتُهُمَا قَبْ! وَلا بَعْدُ - يَعْنِى جِبْرِيلَ وَمِيَكَائِيلً - عَلَيْهًمَا السَّلامُ.
47 - (... ) وحدّثنى إسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا عَبْدُ الضَمَدِ بْنُ عَبْد الوَارِثِ، حَدثنَا إبْرَاهِيئم بْنُ سَعْد، حَدثنَا سَعْد عَنْ اْبيه، عَنْ سَعْد بْنِ أبِى وَقَّاصٍ، قَالَ.
لَقَدْ رَاْيْتُ يَوْمَ أحُد عَنْ يَمِينِ رَشمُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَعَنْ يَسًارِهِ رَجُلَيْنِ، غَلَيْهِمَا ثِيَاب!بِيض، يُقَاتِلانِ عَنْهُ كَأشَدِّ القًتَالِ، مَا رَأيْتُهُمَا قَبْلُ وَلا بَعْدُ.
وقول سعد: (رأيت عن يمين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعن شماله يوم أحد رجلين، عليهما ثياب بيض، يقاتلان عنه كأشد قتال): فيه كرامة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك، وكرامة الأولياء بذلك، واستحسان الناس (1) البياض، وتقوية قلوب المؤمنن بما أراهم الله من ذلك، ورعبًا لقلوب المشركين.
وقيل: إن إظهارهمِ للمشركن إنما كان عند أخذ القتل فيهمِ واحتضارهم الموت:
[ كما قال تعالى] (2): { يوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُمثمْرَى يَوْمَئِذ لِّلْمجْرِمِين} (3).
وقيل: يجوز أن يردهم دان لم يموتوا، إبلاغا للإعتذار، وزيادة فى اقامة الحجة عليهم.
(1) فى!: لباس.
(2) سقط من ز.
(3) 1 لفوقان: 22.
(7/270)
كتاب الفضائل / باب فى شجاعة النبى، عليه السلام، وتقدمه للحرب
271
(11) باب فى شجاعة النبىّ، عليه السلام، وتقدمه للحرب
48 - (2307) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَّمِيمِىُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وأبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ وأبُو كَامِلٍ - وَاللَّفْظ ديَحْىَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَددَّلنَا - حَمَّادُ ابْنُ زَيْد عَنْ ثَابِت، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أحْسَنَ النَّاسِ، وَكَان أجْودَ النُّاسِ، وَكَاًنَ أشْجَعَ النَّاسِ، وَلًقَدْ فَزِعَ أهْلُ المَدينَة ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قبَلَ الصَّوْت فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) رَاجِعًا، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إلَىَ الَصتَوْتِ، وَهوَ عَلَى فَرَسٍ لَأبِى طَلحًَعُرْىٍ، فىِ عُنُقِه السًّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: " لَمْ تُراعُوا، لَمْ تُرَاعُوا)، قَالَ: ( وَجَدْنَاهُ بَحْزا - أوْ إنَّهُ لَبَحْر لمَا.
قَالَ: وَكَانَ فَرَسًا يُبَطصّ.
وقوله: (كان - عليه السلام - أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس)، وذكر الحديث فيه أن صفات الأنبياء على أتم صفات الكمال فى الأخلاق الحميدة، والنزاهة عن كل رذيلة.
وقد بينا هذا على الغاية فى غير هذا الكتاب.
وقوله: ([ وهو] (1) على فرس لأبى طلحة عُرْى) أ إلى قوله: " وجدناه بحرًا)،
قال الإمام: يقال: فرس عُرْى] (2).
وقيل: أعراء وقد أعر ولاه: إذا ركبه عريا، ورجل عريان.
وقوله: " وجدناه بحرا): قال أبو عبيد: يقال للفرس: إنه لبحر، وإنه لحث
أى (3) واسع الجرى.
قال القاضى: قال غيره: وكذلك فرس سكب وسح وقيض وغمر، كله إذا كان سريعا كثير العدو.
وقال أبو عبيد: البحر: الفرس الذى كلما بَعُدَ جَرْىُ عقبه يجرى إجراء.
قال: وأصل ذلك كله من السعة والكثرة، ومنه يقال للجواد: بحر، [ وللعالم بحر] (4)، شبه جميعهم بالبحر الذىَ لا ينقطع مده.
وقوله: ا لم تراعوا): أى لم يكن شىء يفزعكم، ولا حدث ما يروعكم.
والروع: الفزعَ.
كذا قال فى الرواية الأخرى: " ما رأينا من فزع).
(1) ساقطة من ز، والمثبت من الحديث المطبوع، رقم لط 4).
(3) فى ز: بمثابة، والمثبت من ! والاءبى.
(2) فى هامش !.
(4) فى هامش !.
225 / أ
272
(7/271)
كتاب الفضائل / باب فى شجاعة النبى، عليه السلام، وتقدمه للحرب 49 - (... ) وحلّظنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَسبى، قَالَ: كَانَ بِالمَدِيثَةِ فَزع، فَاسْتَعَارَ النَّبىُّ فَرَسًا لأبِى طَلحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ، فَرَكِبَهُ، فَقَالَ: (مَارَأيْنَا مِنْ فَزَع، ! انْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرأَ لما.
(... ) وحدّنىاه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَار، قَألا: حَد - ننَا مَحَمَدُ بْنُ جَعْفَر.
ح وَحَد*شيه يحيى بْنُ حَبِيب، حَد - ننَا خَالدٌ - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - قَالا: حَلَّثَنَا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإسْنَاَدَِ.
وَفِى حَلِيثِ ابْنِ جَعْفَرِ قَالً: فَرَسًا لَنَا.
وَلَمْ يَقُلْ: لأبِى طَلحَةَ.
وَفِى حَدِيثِ خَالِدٍ: عَنْ قَتَ الةَ، سَمِعْتُ أنسًا.
وقوله: (وكان فرسًا يبطأ لما كذا[ لجميع] (1) الجمهور وشيوخنا، وعند الطبرى وبعضهم: (لَبطا لا أى يقبلا، وهو من معنى تبطأ، فيه بركة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما ركبه، وأنه من ايات نبوته، وتقدمه فى الشجاعة والصبر.
وفيه أجر الخيل عند مهم الأمور، وسبق الإنسان وانفراده بنفسه وخروجه فى طلائع العدو والحرس، إذا كان يشق بنفسه فى ذلك، وركوب الرجل فرس غيره فى! الغزو.
وجاء فى الحديث الاَخر: أن اسم هذا الفرس: مندوب.
يحتمل أنه اسمه، لقب
لغير معنى كسائر الأسماء، ويحتمل أنه سمى بذلك لندب به، وهو أثر الجرح إذا لم يرتفع / عن الجلد، ويحتمل أنه سمى بذلك من الخطر فى السباق.
والندب: الخطر، إما أن يكون سبق واحد خطر صاحبه أو سبق فجعل له الخطر - والله أعلم.
(1) ساقطة من ز.
(7/272)
كتاب الفضائل / باب كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اجود الناس بالخير...
إلخ
(12) باب كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أجود الناس
273
بالخير من الريح المرسلة
50 - (2308) حدّثنا مَنْصُورُ بْنُ أبِي مُزَاحِمٍ، حَد، شَا إبْرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْدٍ -
عَنِ الزُّهْرِى.
ح وَحَدثَنِى أبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ - واللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا إبْرَاهيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُبَيْد اللّهِ بْنِ عَبْد اللّه بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ.
كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أجْوَدَ النًّاسِ بِالخَيْرَِ، وَكًانَ أجْوَدُ مَا يَكُونُ فىِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
إنَّ جِبْرِيلَ - عَلَيْه السًّلامُ - كَان يَلقَاهُ فىِ كُلِّ سَنَةٍ فِى رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ القُران، فَإذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أجْوَدَ بِالخَيرِ مِنَ الرَّيح المُرْسَلَةِ.
(... ) وحلّثناه أبُو كُرَيْبٍ، حَد، شَا ابْنُ مُبَارَك عَنْ يُونسَ.
ح وَحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمر، كِلاهُمَا عَنِ الزّهْرِيِّ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وقوله: " إن جبريل كان يلقاه فى كل سنة فى رمضان حتي ينسلخ، فيعرض عليه القرآن لما: كذا فى أكثر الروايات والنسخ، وهي رواية عامة شيوخنا.
وفى بعض النسخ: (كل ليلة) اللهو المحفوظ، لكنه بمعنى الاَول ؛ لابن قوله: (حتى ينسلخ) (بمعنى): "كلل ليلة).
وقوله: (فإذا لقيه جبريل كان اجود بالخير من الريح المرسلة): هذا بحكم تجديد الإيمان واليقن فى قلبه، يملأ فاه الملك، وزيادة ترقيه فى المقامات، وعلو الدرجات، بمناخ ته ومدارسته للقراَن معه.
وفى قوله: " أجود بالخير من الريح المرسلة) جواز المبالغة والإعياء في الكلام، وقد
مر منه قبل هذا.
وفى فعله - عليه السلام - هذا لقوله تعالى فى تقديم الصدقة بين يدى نجوى الرسول التى كان امر الله بها عباده فامتثله - عليه السلام - بين يدى[ مناجاة] (1) الملك دن الله تعالى قد خفف الحكم ونسخه عن أمته.
(1) فى هامش خ.
274
(7/273)
كتاب الفضائل / باب كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقا
(13) باب كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقا
51 - (2309) حدلنا سَعيدُ بْنُ مَنْصُور وَأبُو الرَّبِيعِ، قَالا: حدثنا حَمَادُ بْنُ زَيْد،
عَنْ ثَابت البُنَانِىِّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَاَلِك، قَالَ: خَلَمْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَشْرَ سِنينَ، وَاللّهً مَا قَالَ لىَ: "أفّا قَط، وَلا قَالَ لِى لِشَىْءًٍ: لِمَ فَعَلتَ كَنَا ؟ وَهَلا فَعَالَتَ كَنَا ؟
زَادَ أبُو الرَّبِيع: لَيْسَ مِمَّا يَصْنَعُهُ الخَادِمُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: وَاللّهِ.
(... ) وحدثّناه شَيْبَانُ بْنُ فَروخَ، حدثنا سَلامُ بْنُ مسْكين، حدثنا ثَابتم لبُنَانِىُّ، عَنْ
أنَمبى بِمِثْلِهِ.
ً !
52 - (... ) وحدّثناه أحمَدُ بْنُ حنْبَلٍ وزُهَيرُ بْنُ حَرْب، جَميعًأ عَنْ إلمعْمَأعِيلَ - وَاللَّفْظُ لأحْمَدَ - قَالا: حَا شَا إسْمَاعيلُ بْنُ إبْرَاهيمَ، حَد*شَا عَبدُ العَزَيزِ، عَنْ أنَمبى، قَالَ: لَمَا قَدمَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) المَدِينَةَ، أَخَذَ أبُو طَلَحَةَ بيَدى، فَانْطَلَقَ بِى إلَى رَسعُول اللّه.
فَقَالَ: َ يَارَسُولَ القهَ، إن اْنَسًا غَلامٌ كيِّسٌ فَليَخْل!مْكَ.
قًالَ: فَخَل!مْتُهُ فىِ السَّفَرِ وَالحًضَرَ، وَاللّهِ مَا قَالَ لىِ لشًىْء صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا ؟ وَلا لشَىْء لَم أصْنَعْهُ: لِمَ لَثم تَصْنَعْ هَنَاهَكَنَا ؟ًَ !
53 - (... ) حلئثنا أبُهِ بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدثنَا زَكِرِيَّاءُ، حَدثنِى سَعيدٌ - وَفوَ ابْنُ أبِى بُرْلَةَ - عَنْ أنَسٍ، قَالَ: خَلَمْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تِسع سِنِينَ، فَمَا أعْلَمُهُ قَالَ لى قَط: لِمَ فَعَلتَ كَذَا وَكَنَا ؟ وَلا عَابَ عَلَى شَيْئًا قَطُّءَ
وقوله: " خدمت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عشر سنين، ما قال لى: أفأ قط، ولا قال لى لشىء قط: لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا، ولا عاب على شيئا قط): هذا من كرم خلقه ( صلى الله عليه وسلم ) وصبره، وحسن عشيرته (1)، قال الإمام: وقوله: (أفا): ا لأف كلمة، معناها: التبرم، وهى اسم فعل، وأتى بها فى الكلام للاختصار والإيجاز ؛ لاَنه يستعمله (2) للواحد والاثنين والمذكر والمؤنث بلفظ واحد، ومنه قوله تعالى: { فَلا تَقُل لَهُطَ افّ} (3).
(1) فى!: عشرته.
(3) 1 لإسراء: 23.
(2) فى ح: لابنك تستعمله.
(7/274)
كتاب النمضائل / باب كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقا
275
54 - (2310) حلّفنى أبُو مَعْني الرَّقَاشِىُّ زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ، أخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدثنَا عِكْرِمَةُ - وَهوَ ابْنُ عَمَّارِ - قَالَ: قَالَ إسْحَقُ: قَالَ أنَسٌ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ أحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأرْسَلَنِى يَوْمًا لِحَاجَة.
فَقُلتُ: وَاللّهِ لا أف!بُ، وَفِى نَفْسِى أنْ أف!بَ لِمَا أمَرَنِى بَه نَبِىُّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَخَرَجْتُ حتَّى أمُرَّ عَلَى صمبْيَانِ وَهُمْ يَلعَبُونَ فىِ السئُوقِ، فإذَا رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ قَبَضَ بِقَفَاىَ مِنْ وَرَائِى.
قَالَ: فَنَظَرْتُ إلَيْهِ وَهوَ يَضْحَكُ.
فَقَالَ: (يَا أنَيْسُ، أفَ!بْتَ حَيْثُ أمَرْتُكَ ؟ لما.
قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ، أنَا أفق بُ يَارَسُولَ اللّهِ.
(2309) قَالَ أنَسٌ: وَاللّه لَقَدْ!دَمْتُهُ تسع سِنِينَ، مَا عَلِمْتُهُ قَالَ لِشَىْء صَنَعْتُهُ: لِمَ فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا ؟ أوْ لِشَىْءٍ تَرَكتَهُ: هَلا فَعَالَتَ كَذَا وَكَذَا.
55 - (2310) وحلّفنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوِخَ وَأبُو الرَّبِيع، قَالا.
حَدثنَا عَبْدُ الوَارِث عَنْ
أبِى التّيَاحِ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك.
قَالَ: كَانَ رسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أحْسَنَ النَاسِ خُلُفا.
وفيها لغات كثيرة، فإذا لم ينون فهو معرفة، هذا نون فهو نكرة.
فمعنى المعرفة: لا تقل لهما القبيح من القول.
ومعنى النكرة: لا تقل لهما قبحا من القول.
قال الهروى: يقال لكل ما يضجر منه ويستقل: أف له.
وقال بعضهم: معنى أف: الاحتقار والاستقذار (1)، أخذًا من الاَنف وهو العليل، وفى الحديث: (فالعاتق به على أنفه، ثم قال: أف أف).
قال ابن ال النبارى: معناه: الاستقذار لما بينهم.
قال القاضى: الأف والنف: وسخ الاَطفال، تستعمل هذه الكلمة فى كل ما يستقذر.
وفيه عشر لغات: أف بغير تنوين بالفتح والضم والكسر هذه ثلاث، وكذلك بالتنوين فهذه لست، وبالسكون وضم الهمزة وبالفتح وكسر الهمزة، وائى وأفه بضم الهمزة / فيهما، فهذه عشرة (2).
وقوله فى الحديث الواحد: (خدمته عشر سنين)، وفى الاَخر: (تسع (3) سنين) اخره مرة عن السنيئ الكاملة، ولم يحسب الزائدة من الشهور عليها، فحسبت تسعا، ولم يحسب فيها السنة التى ابتدا خدمته فيها بعد قدومه، ومرة حسبها، إذ مدة مقام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة من حين قدومه إلى حين وفاته عشرة أعوام، لم يزد ساعة واحدة ؛ إذ توفى من
(1) فى خط: الاستثقال.
(2) فى خط: عسْر.
(3) فى ز: سبع، والمثبت من الحديث المطبوع رقم (53، 54).
225 / ب
276
(7/275)
كتاب الفضائل / باب كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقا النهار فى مثله من اليوم الذي قدم فيه، وبعد استقراره بها كان اسثخدامه لاءنس وهو ابن عشر، وقيل: ابن ثمان.
قال الإمام: ذكر مسلم[ فى الباب] (1) عن شيبان وأبي الربيع قالا: حدثنا عبد الوارث، عن أبى التياح (2)، عن أنس.
كذا عند الجلودى وغيره فى نسخة أبى العلاء، قالا: حدثنا عبد الواحد، عن أبي التياح.
فحعل (عبد الواحد) بدل " عبد الوارث) وهو ابن سعيد البنودى عاحب أبى التياح.
(1) سقط من ح.
(2) هو يزيد بن حميد أبو التياح الضبعى البصرى، روى عن أنه وأبى عثمان النهدى وأبى الوداك وغيرهم، وعنه سعيد بن أبى عروبة وشعبة وعبد الوارث بن سعيد وغيرهم، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنساثى، وذكره ابن حبان فى الثقات، مات سنة 189 هـ التهذيب 1 1 / 0 32، 1 32.
(7/276)
كتاب الفضائل / باب ما سحل رسول الله علَي! شيئا قط فقال...
إلخ
277
(14) باب ما سئل رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) شيئا قط فقال: لا.
وكثرة عطائه
56 - (2311) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْرو الَنَّاقِدُ، قَالا: حَد، شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَينَةَ، عَنِ ابْنِ المُنكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ قَالَ: مَاسُئِلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئا قَط فَقَالَ: لا.
(... ) وحدّثنا أبُو كُرَيْب، حدثنا الأشْجَعِىّ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدةَشَا
عبْدُ الرخْمَنِ - يَعْنِى ابْنَ مَهْدِىَّ - كِلاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ، مِثْلَهُ سَوَاء.
57 - (2312) وحدّثنا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِىُّ، حَدثَّنَا خَالد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِث - حَا شَا حُمَيْد، عَنْ مُوسَى بْنِ أنَس، عَنْ أبيه، قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى الإَسْلامِ شَيْئًا إلا أعْطَاهُ.
قَالَ: فَجَاءَه رَجل فَأعْطَاَهَُ غَنمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلَىَ قَوْمِمِ! فَقَالَ: يَأقَوْم، أسْلِمُوا، فَإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ.
58 - (... ) حدّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد - ننَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَ! عَنْ ثَأبت، عَنْ أنَس ؛ أن رَجُلا سَألَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) غَنَما بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَأعْطَاهُ إيأهُ.
فَأتَى قَوْمَهُ فَقَالَ: أَىْ قَوْم، أسْلِموا، فَوَالفهِ إنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِى عَطَاء مَايَخَافُ الفَقْرَ.
قال الإمام: وخرج بعد هذا بيسير حديث جابر[ عن عبد الرحمن بن مهدى.
قال بعضهم: وعن محمد بن حاتم] (1): ما سثلَ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن شىَ قط فقال: لا.
قال: حدثنا أبو كريب عن ال الشجعى قال: وحدثنى محمد بن حاتم، قال: حدثنا عبد الرحمن - يعنى بن مهدى - هذا فى نسحة أبى العلاء، ووقع عند الجلودىّ: حدثنا (محمد بن مئنى) بدل (محمد بن حاتم).
[ عن عبد الرحمن بن مهدى.
قال بعضهم وعن محمد بن حاتم] (2) خرجه أبو مسعود الدمشقى عن مسلم.
قال القاضى: وذكر مسلم فى باب جود النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وكرمه وتأليفه على الإسلام بالعطاء،
وقول أنس: " إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلام
(1) سقط من !.
(2) سمط كماز.
278
(7/277)
كتاب الفضائل / باب ما سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شيئا قط فقال...
إلخ م فَقَالَ أنَس!: إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُسْلِمُ مَأ يُرِيدُ إلا اللُّنْيَا، فَمَا يُسْلمُ حَتَى يَكُونَ الإسْلامُ أحبَ إلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا وَمَأ عَلَيْهَا.
59 - (2313) وحدّثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَوحْ، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونَسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابِ، قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَةَ "لفَتْح - فَتْحِ مَكَةَ - ثُمَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِنَ، فَاقْتًتَلُوا بِحُنَيْنٍ، فَنَصَرَ اللّه !ينَهُ وَالمُسْلِمِينَ، وَأعْطَى رَسئولُ الَلهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَئِذِ صَفْوَانَ بْنَ أميَّةَ مِأئَةً مِنَ النَّعَم، ثُمَ مِأئَة، فُمَ مِأئَةً.
قَالَ إبْنُ شهَاب: حَدثَّنِى سَعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ ؛ أنَّ صَفْوَانَ قَالَ: وَالله لَقَدْ اعطَانِى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) مَأ أغْطَانِى، ! إنَّهُ لَأبْغَضُ النَّاسِ إلَىَّ، فَمَا بَرِح يُعْطينِى حَتًّى إنَّهُ لأحَبُّ الئاسِ إلَىَّ،
60 - (2314) حلّثنا عَمْزو النَّاقدُ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَن ابن المُنكَدرِ ؛ أنَّهُ
سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ.
ح وَحَدثنَا إسْحًقُ، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المَن!دِرِ، عَنَْ جَابِر.
وَعَنْ عَمْرو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِى، عَنْ جَابِرٍ، اخَدُهُمَا يَزِيدُ عَلَى الآخَرِ.
ح وَحدثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لَهُ - قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ مُحَمَدَ بْنَ المُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّه.
قَالَ سفْيَانُ: وَسَمِعْتُ - أيْضا - عَمْرَو بْنَ !ينَار يُحَدث عَنْ مُحَمَد ابْنِ عَلى، قَالَ: َ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّه.
وَزَادَ أحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَألُ البَحْرَيْنِ لَقَدَْ أعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهكَذَا وَهَكَذَا لما، وَقاَلَ بِيَدَيْهِ
أحب إليه من الدنيا وما عليها): أى يظهر الإسلام أولا للدنيا، فما يلتزم الإسلام ويتمكن منه إلا وقد انشرح صدره له، وصرفه الله.
وقول صفوان: ا لقد اعطانى، وإنه لأبغض الناس إلىّ فما برح يعطينى حتى أنه لأحب الناس إلىَّ): فيه التأليف على الدين وعلى الخير، والأخذ بالتى هي أحسن.
وقد كان العطاء أولا للمؤلفة قلوبهم مشروعًا، كما نص عليه - تعالى - فى كتابه، وجعلهم أحد أصناف الصدقات، ثم اختلف هل حكمهم باق إلى وقتنا هذا متى احتيج إلي ذلك أم لا، وقد تقدم هذا فى كتاب الزكاة.
والفاقة: الحاجة.
ومعنى قوله: (ما برد): أى ما زال.
(7/278)
كتاب الفضائل / باب ما سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شيئا قط فقال...
إلخ 279 جَمِيعًا.
فَقُبِضَ النَّبِىُّ عليه قَبْلَ أَنْ يَجِىََ مَالُ البَحْرَثنِ.
فَقَدِمَ عَلَى أَبِى بَكْر بَعْدَهُ، فَا"مَرَ مُنَاديًا فَنَادَى: مِنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عدَةُ أَوْ دَيْن فَليمات.
فَقُمْتُ فَقُلت: إِنَ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ: ا لَوْ قَدْ جَاََ نَا ماَلَ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكً !كَذَا وَهَكَنَا أً وْ هَكَذَا "، فَحَثَى أبُو بَكْر مَرَّةً.
ثُمَّ قَالَ لِى: عُدَّهَا.
فَعَدَدْتُهَا، فَإذَا هِىَ خَمْسُمِائَة.
فَقَالَ: خُذْ مِثْلَيْهَا.
61 - (... ) حلّثنا مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُون، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْر، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنى عَمْرُو بْنُ !ينَار، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ، عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْد اللّه، قَالَ: وَأخْبَرَنِى مُحَمًدُ بْنُ المنكَدِرِ، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْدِ اللّه، قَالَ: لَقَاَ مَ ال النًبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) جَاءَ أبَا بَكْرٍ مَالومِنْ قبَلِ العَلاء بْنِ الحَضْرَمِىًّ، فَقَالَ أبُو بَكر: مَنْ كَانَ لَه عَلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) دَيْن، أوْ كَانَتْ لَهُ قِبَلَهَُ عِدَة، فَلإتِنَا.
بِنَحْوِ! دِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وقول أبى بكر: (من كانت له على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عدة أو دين فليأت !): فيه ما يلزم ال الئمة من قضاء ديون من قبلهم، وتنفيذ[ أوامرهم !] (1) إذا كانوا على الحق، وفى سبيل الخير والنظر للمسلمين.
(1) فى!: ا مرهم.
226 / - أ
(7/279)
كتاب الفضاتل / باب رحمته ( صلى الله عليه وسلم ) الصبيان...
إلخ
280
(15) باب رحمته (صلى الله عليه وسلم) الصبيان والعيال وتواضعه، وفضل ذلك
62 - (2315) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ - وَاللَّفْظُ دشَيْبَانَ - حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغيرَة، حَا شَا ثَابِتٌ الْبُنَانِىُّ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، قَالَ: قَالً رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ولُدَ لِىِ اللَّيْلًةُ غُلامٌ، فَسَمَيْتُة بِاسْم أبى، إبْرَاهيمَ لما، ثُمًّ دَفَعَهُ إلَى أمِّ سَيْف، امْرَأة قَيْنٍ ئقَالُ لَهُ: أبُو سَيْف.
فَانْطَلَقَ يَأتيه وَ الطّعْتُهُ، فَانْتَهَيْنَاَ إلَى أبِى سَيْف وَفوَ يَنفُخُ ئكِيرِهِ، َ قَدِ امْتَلأَ البَيْتُ دخُانا، فًأسْرَعْتُ الَمَشىَ بَيْنَ يَدَىْ رَسئول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ! فَقُلتُ: يَا أَبَا سَيْف، أمْسكْ، جَاءَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَأمْسَكَ فَدَعَا النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) بالَصَّبِىِّ، فَضَمَّهُ إلَيْهِ، وَقَالَ مَأشَاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ.
فَقَالَ أنسٌ: لَقَدْ رَأيْتُهُ وَهوَ يَكيدُ بِنَفْسِه بَيْنَ يَدىْ رَسُولِ القه ( صلى الله عليه وسلم )، فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (تَدْمَعُ العيْنُ وَيَحْزَنُ القَلبُ، وَلا نَقُولُ إلاَ مَايَرْضَى رَبّنا، وَاللّهِ يَا إبْرَاهِيمُ إَنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ).
63 - (6 ال2) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْر - وَاللَفْظُ لِزُهَيْرٍ - قَالا: حدثنا إسْمَاعِيلُ - وَفوَابْنُ عُلَيةَ - عَنْ أيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيد، عَنْ
ودْكر مسلم حديث موت إبراهيم ابن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وقوله: (وهو يكيد بنفسه دا: قال فى الين: معناه يسوق.
قال أبو مروان / بن سراج: يكون من الكيد وهو العن، يقال: كاد يكيد، شبه يقلع نفسه عند الموت بذلك، او يكون من كيد الغراب وهو نفسه، وهو نحو منه، أو من كاد يكيد (1): إذا قارب، كله ممكن قريب المعنى فى هذا، لأنه قارب اخله.
وقوله: فدمعت عينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وقال: (تدمع العن، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون): فيه أن مالا يملك الإنسان من دمع العين وحزن القلب غير مؤاخذ به عند المصائب، ولا فى التفريق بما يجده الإنسان من ذلك إثم ولا حرج، لقوله ذلك - عليه السلام.
وقوله: (ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وكان[ إبراهيم] (2)
(1) فى خ: يكاد.
(2) من !.
(7/280)
كتاب الفضائل / باب رحمته ( صلى الله عليه وسلم ) الصبجان...
إلخ
281
أنَسِ ابْنِ مَالِك، قَالَ: مَارَأيْتُ أحَدًا كَانَ أرْحَمَ بالعيَالِ مِنْ رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: كَانَ إبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضًعًا لَهُ فىِ عَوَالىِ المَدينَة، فَكانَ يًنْطًلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ، فَيَدْخُلُ البَيْتَ وَإئهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأخُنُهُ فَيُقبًّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ.
قَالَ عَمْرو: فَلَمَّا تُوُفِّى إَبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
(إن ابْرَاهِيمَ ابْنِى، وَإئهُ مَاتَ
فىِ الثَّدْىِ، وَإن لَهُ لَظِئْرَيْنِ تُكَمِّلانِ رضَاعَهُ فىِ الجَنَّةِ ".
64 - (2317) حلثنا أبُو بكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وأبُوْ كُرَيْبٍ، قَالا: حَد، شَا أبُو اسَامَةَ
مسخرضغَا له فى عوالى المدينة، فكان ينطلق " الحديث، إلى قوله: (وكان ظئره قَينْا فيأخذه فيقبله ثم يرجع).
كذا رواية الاَكثر: " أرحم بالعيال "، وهو ظاهر سياق الحديث، وفى بعض الروايات: " بالعباد).
فيه خلقه - عليه السلام - فى الرحمة التى وصفه الله بها، فقال: { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءوف رَّحِيم ! (1)، وسماه نبى الرحمة.
وفيه حب الذرية، وجواز الاسترضاع، وتقبيل الولد والصغير ورحمته.
والحديث الآخر مثله.
ومعنى قوله: (وإنه مات فى الثدى وإن له لظئرين مرضعانه فى الجنة).
أى مات
فى سن رضاع الثدى او تغذية الثدى.
قال الإمام: الظئر: المرضعة، وجمعه ظؤار، هو جمع شاذ.
قال ابن السكيت:
لم يأت (فعال) بضم الفاء جمعًا إلا تؤام جمع توأم، وظؤار جمع ظئر، وعراق جمع عرق، ورخال جمع رخل، وفرار جمع فرير، وهو ولد الظبية، وغنم رباب جمع شاة رُبا.
قال ابن ولاد: وهى الشاة الحديثة العهد بالنتاج.
قوله: القن الحداد، وايضًا العبد.
والقينة الاَمة، وأيضًا المغنية، وأيضًا الماشطة.
قال القاصْى: جاء بالظئر هنا للمذكر.
قال الخليل: يقع للمذكر والمؤنث.
قال ائوحاتم: الظئر مؤنثة من الناس والإبل إذا عطفت على ولد غيرها، ويجمع ظؤار.
قال ابن الاَنبارى: واظوار، ولا يقال: ظور.
وحكى أبو زيد في جمعه ظؤرة أيضًا.
قال الهروى: ولا يحمع على فعلة إلا اربعة أحرف: ظئر وظؤرة، وصاحب وصحبة.
وفاره وفرهه، ورائق ودوقة.
ذكر مسلم أبا سيف وأم سيف ظ!رلمحح إبراهيم ابن النبهى - عليه السلام.
وأبو سيف
هأ!ا طو البراكا بن الغنوى، وائم سيف زوجته هى (2" أم بردة، واسمها خولة بنت المنذر ا ببن نص! رية.
(1) الحوبد 1280 -
21) فاز.
كلى -
226 / ب
282
(7/281)
كتاب الفضائل / باب رحمته ( صلى الله عليه وسلم ) الصبيان...
الخ وَابْنُ نُمَيْر عَنْ هشَام، عَنْ أبيه، عَنْ عَائشَةَ.
قَالَتْ: قَدِمَ نَأي مِنَ الأعْرَابِ عَلَى رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالُوَا: أصتقبِّلُونَ صَبْيَانَكُمْ ؟ فًتَالُوا: نَعَمْ.
فَتكَالُوا: لَكِنَّا وَاللّهِ مَا نُقبِّلُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَأمْلِكُ إنْ كَانَ اللّهُ نَزَعَ مِنكُمُ الرَّحْمَةَ لما.
وَقَالَ ابْنُ نُمَيْر: (مِنْ قَلبكَ الرَّخمَةَ دا.
65 - (2318) وحدّثنى عَمْرو النَّاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيغا عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ عَمْرؤ: حَد، شَا سَفْيَأنُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزّهْرِىَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ الأقْرعً بْنَ حَابِسبى أبْصَرَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يُقَئل! الحَسَنَ.
فَقَالَ: إنَّ لِى عَشَرَة مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلتُ وَاحِدا مِنْهُمْ.
فَقَالَ رَسُولُ الالّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّهُ مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ لما.
(... ) حدّثنا عَبْدُ بْقُ حُمَيْدٍ، أخْبَرَنَأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَأ مَعْمَز، عَنِ الزُّهْرِىِّ، حَدثنِى أبُو سَلَمَةَ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِ!ثلِهِ.
66 - !2319! حدّثنا زُهَيْر ئنُ حَرْب وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ كِلاهُمَا عَنْ جَوِير.
ح وَحَدثنَا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَعَلىّ بْنُ خَشْرَ!، !قَالا: أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُمبرَ.
ح وَحَدَثنَا أبُو كُرَيْ! مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءَ، حَا شًا أبُو مُعَاوِيَةَ.
حِ وَحَدثثَا أبُو سَعِيد الأشَجّ، حَد، شَا حَفْصٌ - يَعْنِىْ أبْنَ غيَاث - كُلّهُم عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ زيْدِ بْنِ وَهْب وَأبِى طبَيْانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَألَءَ قَأذَ رَسُولُ اللّهِ: (مَنْ لا يَرْحَ! النَّاسَ لا يَرْحَمهُ اللّهُ - عَزَّ وَجَل)).
قوله للذين قالوا: لا يقبلون أولادهم: (واملك إن كان الله نزع من قلبك الرحمة) تفسير 3 ما جاء فى رواية البخارى: (وأملك لك إن نزع الله من قلبك الرحمه) (1)، ومعمافى: أو أملك منك فى ذلك / - خح أصرفه عنك.
اللام هنا بمعنى (منك)، وقد تكون الهمزة بمعنى " لا " على قول بعفمهم فى قوله: { أَتُهْلِكُنَا بِفا فَعَلَ الس!فَهَاءُ!ا} (2) إن معنى لا يفعل ذلك.
وقولده فى حديث الأقرع بن حابس أنه ذكر له أنه لا يقبل ولده: (إنه من ا، يرحم لا يرحم) كلام عام، ليس هو راجع لخصوصر رحمة الولد، إنما هو على عموم الرحمة
(1) البخارى، كالاكادب، برححصة الولد وتهتبيله ومعانقته (5998).
(2! ألاءكرأث: 155.
(7/282)
كتاب الفضائل / باب رحمته ( صلى الله عليه وسلم ) الصبيان...
إلخ 283 (... ) وحل!ثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيَبَةَ، حَل!ثنَا وَكِيع وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ إسْمَاعِيلَ،
عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَا شَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ وَأحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالُوا: حَدّثنَا سُفيَانَ عَنْ عَمْرو، عَنْ نَافِع بْنِ جُبَيْر، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ الأعْمَشِ.
المشروعة، كما قال فى الحديث الآخر: " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله)، وكما قال ة (إنما يترحم الله من عباثه الرحماء) (1) (ارحموا من فى الاَرض ي!رحمكم من فى السماء) (2).
ومن الرحمة واجبة ؛ وهى كف الأفى عن المسلمين، داغاثة الملهوف، وفك العانى، دإحياء المضطر، واستنقاذ الغريق، والواقع فى هلكته وتسميته.
ومن ذلك: سد خلة الضعفاء والفقراء من الواجبات، فهذا كله من لم يطرد حق الله
فيه عافية الله ومنعه رحمته إذا ائفذ عليه وعيده، دان شاء عفا عنه وسامح له بفضل رحمته وسعتها.
(1) أحمد 5 / 204، 206، 207، البخاري، كالجنائز، بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): يعذب الميت ببكاء أهله عليه إفا كان النوح من سنته (ممه 12)، مسلم، كالجنائز، بالبكاء على الميت (923 / 11)، أبوداود،
ك الجنائز، بفى البكاَ على الميت (3125)، ابن ماجه، كالجنائز، بما جاَ فى البكاء على الميت (1588).
(2) الترمذى، كالبر والصلة، بما جاء فى رحمة المسلمن (1924) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
284
(7/283)
كتاب الفضائل / باب كئرة حيائه ( صلى الله عليه وسلم )
(16) باب كثرة حيائه ( صلى الله عليه وسلم )
67 - (0 232) حدّثنى عُبَيْدُ اللّهِ ثنُ مُعَاذ، حَدَثنَا أَبِى حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، سَمِعَ عَبْدَ اللّهِ ابْنَ ائى عُتْبَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أبِى سَعِيًدٍ الخُدْرىِّ.
ح وَحدثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَاخْمَدُ بْنُ سِنَانٍ.
قَالَ زهُيرٌ: حدثنا عَبْدُ الرَّخمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ! عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَت الةَ، قَالَ: سَمعْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ أبِى عتبَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أبَا سَعِيد الخُدْرِىَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَشَدَّ حَيَاءً مِقَ العَذْرَاءِ فىِ خِدْرِهَا، وَكَانَ إذَا كَرِهَ شئَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ.
68 - (1 232) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قَالا: حَدَّثنَا جَرِيرٌ،
عَنِ الأعْمشِ، عَنْ !ثمقِيق، عَنْ مَسْرُوق، فالَ: دَخَلنَا عَلَى عَبْد اللّهِ بْنِ عَمْرو حِينَ قَدمَ مُعَاوَيَةُ إلَىَ الكُوفَةِ، فَذَكَرَ رَسُولَ اللهِ كلئ!.
فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا.
وَقَالً:
قوله: (كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أشد حياء من العذراء فى خدرها): العذراء: البكر التى لم تفرغ بعد عذرتها.
الخدر: ستر يجعل للجارية[ فى ناحية البيت.
وقوله: (كان إذا كره شيئًا عرفناه] (1) فى وجهه لما: أى لا يبدى الكراهة بالكلام،
ولا يؤاخذ أحدًا بما يكره، وإن تغير لذلك وعرف فى وجهه.
والحياء من الأخلاق المحمودة، ومن خصال الإيمان، مالم يخرج إلى الضعف والمهانة.
وقد تقدم[ الكلام فى] (2) أول الكخاب.
جاء فى سند هذا الحديث: حدثنا زهير بن حرب ومحمد بن المئنى وأحمد بن سنان
كذا لجمهور الرواة والطبرىَ: أحمد بن سنان، وهو غلط، وليس عنده أحمد بن يسار، وإنما هو أحمد بن سنان العطار خرجا عنه جميعا.
وقوله: (ولم يكن فاحشا ولا متفحشا (3)): أصل الفحش: الزيادة والخروج عن الحد.
قال الطبرى: الفاحش: البذىء.
قال ابن عرفة: الفواحش عند العرب: القبائح.
وقال الهروى: الفاحش ذو الفحش، والمتفحش: الذى يتكلف ذلك ويتعمده، وقد يكون الذى يأتى الفاحشة.
وقوله: " إن من خياركم أحاسنكم أخلاقًا لا وفى وصف النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى الحديث بعد:
(1، 2) سقط من ز.
(3) فى خط: أو متفحشًا.
(7/284)
كتاب الفضائل / باب كئرة حيائه ( صلى الله عليه وسلم ) 285 قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أحَاسِنَكُمْ أخْلاقًا ".
قَالَ عُثْمَانُ: حِ!!نَ قَدِمَ مَعَ مُعَاوِيَةَ إلَى اهُوفَةِ.
(... ) وحدثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةً وَوَكِيع.
ح وَحَدخَشَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَد"ننَا أبِى.
ح وَحَد - ننَا ائو سَعيدٍ الأشَجُّ، حدثنا أبُو خَالدٍ - يَعْنِى الأخمَرَ - كُلُهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلهُ+
أحسن الناس خلقا، حسن الخلق من صفات الىح نبياء والاَولياء.
وحسن الخلق اعتدالها بين طرفى مذمومها، ومخالفة الناس بالجميل منها، والبشر والتودد لهم، والإشفاق عليهم، والأحتيال، والحلم والصبر فى المكاره (1)، وترك الأستطالة والكبر على الناس والمؤاخذة، واستعمال الغضب والسلاطة والغلظة، قال الله تعالى: { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَليظَ[ الْقَلْبِ] (2) لانفَفثوا مِنْ حَوْلِكَ} (3).
وحكىَ الطبرى اختلاف السلف فى الخُلُق، هل هى غريزة غير مكتسجة أو مكتسجة ؟ أ والصحيح أن منها ما يخلق الله تعالى عليه العبد، وأنها تكتسب] (4) ائضا، ويتخلق بها، ويقتدى بغيره فيها، وينشأ عليها، حتى يصير له كالغريزة.
(1) فى ز.
والمكاره.
(2) ساقطة من الأصل -
(3) آل عمران 1590.
(4) سقط من ز، والمث!ت من ح.
227 / أ
286
(7/285)
كتاب الفضائل / باب تبسمه ( صلى الله عليه وسلم ) وحسن عشرته
(117 باب تبم!ممه ( صلى الله عليه وسلم ) وحسن عشرته
69 - (2322) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا أبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ سسمَاكِ بْنِ حَرْب، قَالَ: قُلتُ لجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: اكلنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَثِيزا.
كَاً لا يَقُومُ مِنْ مُصًلاهُ الَّذِى يُصَلِّى فيه الصّعْحَ حَتَّى تَطلُعِ الَشَّصْم!، فَإذَا طَلَدَت قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدثونَ فَثخذُونَ فىِ أمْرِ الجَاهَلَيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ، ويَتَبَسَّ! على.
وقوله: " كان لا يقوم من مصلاة الذى صلى فيه الصبح حتى تطلع الشسس فإذا طلعت قام): هذه سنة مستحبة، كان السلف وأهل العلم يلتزمونها ويقتصوون فى ذلك / الوقت للذكر (1) والدعاء حتى تطلع الشمس، وتحن صلاة الضحى.
وقوله: " كانوا يتحدثون فمِأخذون فى أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم): فيه جواز الخبر والحديث (2) عن أخبار الجاهلية وغيرها من الأمم، وجواز الضحك، وأن التبسم هو المستحسن منه، اللائق بأهل الفضل والسبت، وهو كان أكثر ضحكه - عليه السلام.
ويكره الإكثار من الضحك ة لاءنه يميت القلب، كما قال لقمان، وهو من خلق أهل البطالة والسفه.
وقوله: (كان إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى ببناء (3)
إلا غمس يده فيها، فربما جاؤوا فى الغداة البارثة، فغمس يده فيها) (4): كانوا يفعلون ذلك تبركًا بما لمسه وأدخل يده فيه، وفيه صبره - عليه السلام - وحسن خلقه رمشاركته الجميع، دإجابة دعوة الصغير والكبير، قال الله تعالى: { وَاٍثكَ لَعَلَئ خُلُقٍ عَظِيهل} (5).
(1) فى خ: على الذكر.
(2) فى ر: فى الحديث.
(3) فى ز.
بآنية.
(4) حديث رقم (74) من هذا الكتاب.
(5)1 لقلم: 4.
(7/286)
كتاب الفضائل / باب رحمة الخبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) للنساء...
إلخ
(18) باب رحمة النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) للنساء
287
وأمر السواق مطاياهن بالرفق بهن
70 - (2323) حدّتنا أبُو الرَّبيع العَتَكِىُّ وَحَامدُ بْنُ عُمَرَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو كَامِلٍ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْد.
قَالَ أبُو الرَّبِيع: حَدثنَا حًمَّاد، حَد"ننَا أيُّوبُ، عَن أبِى قلابَةَ، عَنْ أنَمبى، قَالَ: كَأنَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) في بَعْضِ أسْفَارِه، وغُلامٌ أسْوَدُ يُقَالُ لَهُ: أنْجَشَةُ، يَحْدُو.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، (يَا أنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ، َ سَوْقًا بَ القَوَارِيرِ لما.
(... ) وحدّتنا أبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ وَأبُو كَامِلٍ، قَالُوا: حَدثنَا حَمَّادٌ عَيق ثَابِت، عَنْ أنَسٍ.
بِنَحْوِهِ.
71 - (... ) وحدّثنى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبِ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَئةَ.
قَالَ زُهَيْرٌ: حَد، شَا إسْمَاعِيلُ، حَد، شَا أيُّوبُ عَنْ أبِى قِلابَةَ، عَنْ أنَمبى ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) أتَى عَلَى
وقوله للحادى - وكان حسن الصوت -: (رويدك سوقًا بالقوارير) وفى رواية: (رويدًا لا تكسر القوارير، يعنى: ضعفه النساء فسره كذا فى الحديث، وقول أبى قلابة: (تكلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه لما، قال الإمام: (رويدك ! معناه: رفقك، يقال: سار سيرا رويدًا، أى سيرا رفيقا.
وأصله من رادت الريح ترود رودانأَ: إذا تحركت حركة خفيفة ورويد تصغير رود، وقد يوضع رويد موضع الأمر فيقال: رويد زيدًا، اى أرود زيدًا.
والإرواد الرفق فى المشى وغيره.
وقوله: (سوقك بالقوارير) شبهن بها لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع إليها الكسر.
وكان انجشة يحدو بهن، وينشد من القريض والرجز ما فيه شبيب، فلم يأمية أن يفتنهن أو يقع بقلوبهن حداؤُه، فأمره بالكف عن ذلك.
قال الإمام: وجاء فى كتاب مسلم: ا لا تكسر القوارير): يعنى ضعفة النساء،
فكأن هذا يخرج على غير ما تأوله الهروى.
قال المّاصْى: ذهب بعض المفسرين إلى نحو مما اشار إليه.
من أن المراد به الرفق فى السير، وترك حث الإبل ؛ لئلا يسقط الخساء عند قوة حركة السير بالحداء ؛ لقلة ثباتهن فى الركوب، بخلاف الرجال، فيسقطن فينكسرن كالقوارير.
والتفسير الا"ول أشبه بمقصده -
227 / ب
288
(7/287)
كتاب الفضائل / باب رحمة النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) للنساء...
إلخ
اروَاجه، وَسَوَّاق يَسُوقُ بِهِن يُقَالُ لَهُ أنْجَشَةُ، فَقَالَ: " وَيْحَكَ يَا أنْجَشَةُ، رُوَيدًا سَوْقَكَ با لقَوَا رَلرِ ".
قَالَ: قَالَ أبُو قِلابَةَ: تَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِكَلِمَة لَوْ تَكَلَّمَ بِ!ا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَثيهِ.
ً
72 - (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَخ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ،
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك.
حِ وَحدثنا ائو كَامل حَد، شَا يَزِيُد.
حَد 4شَا التَّيْمِىُّ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالئط.
قَالَ: كَانَتْ أن سُلَيبم معَ نِسَاءِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقو.
فَاتَالَ نَبِىُّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
" أىْ أنْجَشَةُ، رُوَيْدًا، سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ).
73 - (... ) وحدّثنا ابْنُ المُثنّى، حَد 4شَا عَبدُ الصَّمَدِ، حَدّثَنِى هَمَّامو، حَد 4شَا قَتَادَةُ،
عَنْ أنَسبى، قَالَ: كَانَ لِرَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَاد حَسَنُ الصُّوْتِ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): ( رُوَيْدًا يَا أنْجَشَةُ، لا تَكْسِرِ القَوًا رِيرَ) يَعْنِى ضَعَفَةَ النِّسَاءِ.
عليه السلام - وبمقتضى (1) اللفظ.
وقد قيل: الغناء رقية الزنا، وهو الذى يدل عليه كلام أبى قلابة المتقدم اخر الحديث،
!إلا فلو عبر بذلك عن الكسر والسقوط لم يغلب على أحد.
وانتصب (رويدًا) هنا على الصفة للمصدر المحذوف، أى سر سيرًا رويدا، أو سق سوقا رويدًا.
وإما على الرواية ال الخرى: (رويدا سوقك) فانتصب رويدًا على المصدر، و(سوقك) منصوب على المفعول به، أى ارود سوقك رويدا، وقد يكون نصئا على عدم الخافض، أى ارفق فى سوقك (2).
وفيه جواز قول الرجل للاَخر: ويحك.
وجاء فى رواية أخرى فى غير مسلم (ويلك).
قال سيبويه: / (ويلك) كلمة تقال
لمن وقع، وويحك زجر لمن أشرف على الهلاك.
وقال الفراء: (ويح) و" ويس) بمعنى: ويل.
ويح كلمة لمن وقع فى هلكة لا يستحقها فيرثى له ويترحم عليه، وويل بضده، ووسين تصغير، أى هى دونهما.
وقد تمّدم منه، وقال بعض أهل اللغة: لا يراد بهذه الألفاظ الدعاء، وإنما يراد بها المدن والتعجيب.
فيه جواز الحداء والترنم بالأرجاز فى مواضعها ة من سوق الإبل، وقطع الأسفار، !إنشاد الرقيق من الشعر بالاَصوات الحسنة.
(1) فى ز: تمعيض.
(2) فى ضد: سيرك.
(7/288)
كتاب الفضائل / باب رحمة النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) للنساء...
إلخ 289 (... ) وحلّثناه ابْنُ بَشَّارٍ، حَدثنَا أبُو دَاوُدَ، حَد، شاَ هِشَام، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَسي، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلَمْ يَذْكُرْ: حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ.
وفى حديث يحيى بن يحيى فى هذا الباب: كانت أم سليم مع نساء النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
أكذا لجماعتهم، وعند السمرقندى: كانت أم سليم، والأول أصح.
وقوله مع نساء النبى] (1).
يصحح، أعنى من غيرنساء النبى.
(1) فى هامث!!.
290
(7/289)
كتاب الفضائل / باب قرب النبى - عليه السلام - من الناس وتبركهم به
(19) باب قرب النبىّ عليه السلام من الناس وتبركهم به
74 - (2324) حدّثنا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى وَأبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْر بْنِ أبِى النَّضْرِ وَهَرُونُ
ابْنُ عَبْدِ اللّهِ، جَميفا عَنْ أبِى النَّضْرِ.
قَالَ أبُو بَكْرِ: حَدثنَا أبُو النًّضْرِ - يَعْنِى هَاشِمَ بْنَ القَاسمَ - حَد!شَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغيِرَةِ، عَنْ ثَابتٍ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إذَا صَلَّى الغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ المَدِينَةِ بِآَنِيَتِهِمْ فِيهَا المَاءُ، فَمَا يُؤْتى بِإنَاء إلا غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا، فَرُبَّمَا جَاؤوهُ فِى الغَدَاةِ البَارِ! ةِ فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا.
75 - (2325) حلّطنامُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا ائو النَّضْرِ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِت،
عَنْ أنَسي، قَالَ: لَقَدْ رَأيْت رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَالحَلاقُ يَحْلقُهُ، وَأطَافَ به أصْحَابُهُ، فَمًا يُرِيدُونَ أنْ تَقَع "شَعْرَة إلا فىِ يَدِ رَجُل.
ً
76 - (2326) وحلّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ حَمَاد بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسٍ ؟ أنَّ امْرَأة كَانَ فىِ عَقْلِهَا شَىْءٌ.
فَقَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، إن لِى إلَيْكَ حَاجَة ة فَقَالَ: (يَا ائمّ فُلالط، انْظُرِى أىَّ السكِّكِ شِئْتِ، حَتَّى أقْضِىَ لَك حَاجَتَكِ)، فَخَلا مَعَهَا فىِ بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا.
وقوله: (رأيته - علب 4 السلام - والحلاق يَحْلقه، فما يريدون أن يقع شعره إلا فى
يد رجل): فيه ما عرف من تبركهم بكل شىء منه - عليه السلام - لا سيما من جسمه وذاته، وفيه حجة على طهارة الشعر من الميت والحى، وقد مضى الكلام فيه، واختلاف العلماء فى شعر الحى وشعر الميت.
(7/290)
كتاب الفضائل / باب مباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للاَثام...
إلخ
(20) باب مباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للاَثام، واختياره من المباح أسهله
291
وانتقامه للّه عند انتهاك حرماته
77 - (2327) حدّثنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعيد، عَنْ مَالِكِ بْنِ أنَسٍ، فِيَما لُرِئَ عَلَيْه.
ح وَحَدنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَىَ مًالك عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزببْرِ، عَنْ عَائشَة - زَوْج النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - أنَّها قَالَتْ: مًا خيرَ رَسُولُ اللّهًِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ أمْرَيْنِ إلا أخَذ أَيْسَرَهُمًا مَا لَمْ يَكُنْ إثمَّا، فَإنْ كَانَ إثْمَا كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِنَفْسِهِ، إلا أنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللّهِ - عَزَّ وَجَلَّ.
(... ) وحدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَريرٍ.
ح وَحَد، شَا أحْمَدُ بْنُ عَبْلةَ، حَدتَّشَا فُضَيْلُ بْنُ عًيَاضٍ، كِلاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُحَمَّدِ.
فىِ رِوَايَةِ فُضَيْلِ بْنِ شِهَابٍ.
وَفِى رِوَايَةِ جَرِير، مُحَمَّدٍ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
(... ) وَحَدثنِيهِ حَرْمَلَةُ ثنُ يَحْيَى، اخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، اخبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَل!يثِ مَالِكِ.
78 - (... ) حَدتَّشاَ أبُو كُرَيْب، حَدثناَ أَبُو اسَامَةَ، عَنْ هشَامٍ، عَنْ أبيه عَنِ عَائِشَةَ، قَالَتْ مَاخيرَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ أَمْرَيْنِ، اخَلصمَا أيْسَرُ مِنَ الَآخَرِ، إلا اختًارَ أيْسَرَهُمَا، مَالَمْ يَكُنْ إئمَا، فَإنْ كَانَ إثما كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ.
وقول عائشة: (ما خير رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه): فيه الأخذ بالأيسر والاَرفق، وترك التكلف وطلب المطاق، إلا فيما لا يحل الأخذ به كيف كان ويحتمل أن يكون التخيير هنا من الله تعالى مما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفار من القتال وأخذ الجزية، أو فيما يخبره فيه المنافقون من المواعدة (1) والمحاربة، أو أمته من الشدة فى العباثة أو القصد.
وكان يذهب فى كل هذا إلى الأيسر.
ويأتى قولها: (مالم يكن إثما) استثناء مما يخبره فيه الكفار والمنافقون على وجه.
وإن كان التخيير من الله أو أمته فيكون إستثناء منقطعًا ؛ لأنه لا يصح تخييره هنا فيما فيه إثم.
(1) فى!: ا لمرا وعة.
228 / أ
292
(7/291)
كتاب الفضائل / باب مباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للاَثام...
إلخ
(... ) وحلّثناه أبُو كُرَيْبِ وَابْنُ نُمَيْر جَمِيفا عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْرعَنْ هِشَابم، بِهَذَا
ا لإسْنَادِ، إلَى قَوْلِهِ: أيْسَرَهُمَا.
وَلَمْ يَذْكُرَا مَابَعْدَهُ.
79 - (2328) حدّثناه ائو كُرَيْب، حدثنا أبُو اشَامَةَ، عَنْ هشَام، عَنْ أبِيِه، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللّهِ كلفة شَيْئا قَط بِيَدِه، وَلا امْرَأة، وَلا خَادِفا، إلا أنْ يَجَاهِدَ فىِ سَبِيلِ اللهِ.
وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَىْ!لاقَط فَيَنْتَقِمَ مِنَْ صَاحِبِهِ، إلا أنْ يُنْتَهَكَ شَىْ!لامِنْ وقولها: " وما ضرب شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادمَّاَ، إلا أن يجاهد فى سبيل الله): فيه دليل على جواز ضرب النساء والخدم للأدب ؛ إذ لو لم يكن مباخا لم يتحرج بالتنزه عنه.
وفيه حجة على أن التنزه عنه أفضل بأهل المروءات والفضل.
وقولها: (وما انتقم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لنفسه إلا أن ينتهك حرمة الله): فيه ما كان عليه - عليه السلام - من الحلم والصبر.
وما كان[ عليه السلام] (1) من القيام بالحق والصلابة فيه، وهذا هو الخلق الحسن المحمود، فإنه لو كان يترك ذلك كله فى حق الله تعالى وفى حق غيره كان ضعفا ومهانة، ولو كان ينتقم أيضا لنفسه فى كل شىء لم يكن ثَئمَ صبر ولا حلم ولا احتمال، وكان هذا الخلق بطشئا وانتقاما، فانتفى عنه الطرفان انمذمان، وبقى وسطها، وخير الأمور أوسطها، وكلا طرفى قصد الأمور ذميم.
ويحتمل قوله: (إلا / أن تنتهك حرمة الله) استثناء مما تقدم وفى حقه من أذاه -
عليه السلام - فيما فيه غضاضة عن الدين، فذلك من انتهاك حرمات الله.
قال بعض علمائنات لا يجوز أن يؤذى النبى بفعل مباح ولا غيره، وأما غيره من الناس فتجوز إذايته بما يباح للإنسان فعله، ولا يباح أن يمغ من إذايته، واحتج بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى مراده على تزويج بنت أبى جهل، أى لا أحرم ما أحل الله، (وأن فاطمة يؤذينى ما أذاها، ولا يجتمعِ ابنة رِسبول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وابنة عدو الله عند رجل أبدا) (2) وبقوله: { إِن الَذينَ يُؤْذُون اللَّهَ وَرسولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الذنْيَا وَالاَخِرَة} الاَية (3) فأطلق وعمم، وقال: َ{ وَالَذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْمَسًبًوا} (4).
[ فقيد وشرط{ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَئوا} ] (5).
(1) من ح.
(2) البخارى، كالنكاح، بذب الرجل عن ابنته فى الغيرة والإنصاف (5230)، مسلم، كفضائل الصحابة، بفضائل فاطمة بنت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لا 244 / 93)، أبو داود، كالنكاح، بما يكره أن يجمع بينهق من الشاء (71 0 2)، الترمذى، كالمناقب، بفضل فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وسلم ) (3867) وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجة، كالنكاح، بالغيرة (1998).
(3) 1 لاءحزاب: 57.
(4) 1 لأحزاب: 58.
(5) سقط من ال الصل، والمنت من ح.
(7/292)
كتاب الفضائل / باب مباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للآثام...
إلخ 293
مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلّهِ - عَزَّ وَجَلَّ.
(... ) وحلّثنا ائو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وابْنُ نُمَيْرِ، قَالأ: حَدثنَا عَبْدَةُ وَوَكِيع.
ح وَحَدثنَا
أبُو كُرَيْمب، حَدهَّلنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، كُبهُمْ عَنْ هِشَابم، بِهَذَا الإسْنَادِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضِ.
قال مالك: كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يعفو عن شتمه، وقد عفا عن الذى قال له: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله.
وهذان إن كان فيه غضاضة على الدين فقد يكون عفوه عنه لابنه لم يقصد الطعن عليه فى الميل عن الحق، نجل اعتقد أنه من رأق مصالح الدنيا الذى يصح الخطأ فيه والصوا اب، أو كان هذا استئلافًا لمثله كما استألفهم بماله ومال الله رغبة فى اسلام مثله، أو تثبيت قومه.
وقد مر من هذا عند ذكر هذا الحديث ما فيه كفاية فى كتاب ا لزكا ة.
وأجمع العلماء أن من سب النبى كفر.
واختلفوا هل حكمه حكم المرتد يستتاب ؟ أو حكم الزنديق أ يقتل لا يستتاب] (1) ولا تقبل توبته (2) ؟ وهو مشهور مذهب مالك، وقول الليث والشافعى وأحمد وإسحق ورأوا أن قتله دإن تاب للحد، وأن حد من سب لنبى ( صلى الله عليه وسلم ) القتل لايدفعه التوبة، كما أ لا] (3) يدفع التوبة حد قذف غيره من المسلمين، وسواء كانت توبته عندهم بعد القدرة عليه، أو جاء معترفًا تائبًا من قِبل نفسه.
لكن هذا تنفعه توبته عند الله، ولا يسقط حد القتل عنه.
كذا بينه شيوخنا - رحمهم الله.
وقال أبو حنيفة والثورى: هى كفر وردة أ ويُقبل بتوبته] (4) إذا تاب، وهى رواية الوليد بن مسلم عن مالك.
واختلفوا إذا سبه الذى بغير الوجه الذى كفر، فعامة العلماء على أنه يقتل لحق النبى كالمسلم.
وأبو حنيفة والثورى والكوفيون لا يرون قتله، قالوا: وما هو عليه من الكفر أشد.
واختلف أهل المدينة وأصحاب مالك فى قتله إذا كان سبه بالوجه الذى كفر به من تكذيبه أو جحد بنبوته (5)، والأصح والاَشهر قتله.
وقد اختلفوا فى إسلام الكافر بعد سبه، هل يسقطً / ذلك القتل عنه ؟ فالأشهر عندنا سقوطه ؛ لاَن الإسلام يجب ما قبله.
وحكى أبو محمد بن نصر فى درء القتل (6) عنه بإسلامه روايتين.
وقد يكون قوله: (إلا أن يكون حرمة الله فينتقم لله منها) استثناء منقطغا أيضا،
أى لا ينتقم لنفسه وحقوقه الذى له العفو عنها، د نما ينتقم لحقوق الله وحدوده التى لا
(1) فى هامث!ح.
(3) ساقطة من ح.
(5) هكذا فى الأصل، فى ح: نبوته.
(2) فى الأصل: يقتل قومه، والمثبت من ح.
(4) فى ز: وتقتل توبته.
(6) فى ح: الحد.
228 / ب
294
(7/293)
كتاب الفضائل / باب مباعدته ( صلى الله عليه وسلم ) للآثام...
إلخ
خيار له فى تركها ولا رخصة.
وهذا الحديث أصل مما يجب للحكام وأولى الاَمر والقدرة امتثاله بترك الانتقام لأنفسهم، والتجافى عمن أذاهم تأسيا بالنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وأخذًا بالفضل والخلق الحسن.
وقد أجمع العلماء أن القاضى لا يقضى لنفسه ولا لمن لا يجوز شهادة له.
وذكر مسلم فى الباب: حدثنا زهير بن حرب وإسحق، جميعا عن جرير، حدثنا أحمد بن عبدة، حدثنا فضيل بن عياض[ كلاهما] (1) عن منصور عن محمد.
وفى رواية: فضل بن شهاب وفى رواية: جرير عن الزهرى عن عروة عن عائشة.
كذا رواية الكافة وهو الصواب.
ومحمد - المذكور - هو ابن شهاب، فزاد فضل فى روايته شبه ابن شهاب وقال، جرير عن الزهرى.
وجاء فى كتاب ابن الحذاء مشركا له وهما.
قال: وفى رواية فضيك عن ابن شهاب، فزيادة ابن هنا خطأ يؤذن أن واحدا منهم لم يقل عن محمد كما ذكر أولا.
(1) زأئدة فى خ.
(7/294)
كتاب الفضائل / باب طيب رائحة النبى كلية...
إلخ
295
(21) باب طيب رائحة النبىّ ظلل!عبد، ولين مسه، والتبرّك بمسحه
80 - (2329) حلّثنا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلحَةَ القَنَّادُ، حدثنا أسْبَاط! - وَفوَ ابْنُ
نَصْرِ الهَمْدَانِىُّ - عَنْ سِمَاك، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) صَلاةَ الأولَى، ثُمَّ خَرَجَ إلَى أً هْله وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وِلدَان!، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّىْ أحَدهِمْ وَاحِدًا وَاحِدا.
قَالَ: وَأَمًّا أنَأ فَمَسَحَ خَدِّى.
قالَ: فَوَجَدْتُ ليَده بَرْداً أوْ رِيخا، كَأنمًا أخْرَجَهَا مِنْ جُؤْنَةِ عَطَّارٍ*ً
81 - (2330) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَأبت، عَنْ آنَسِ.
ح وَحَدَّثَنِى زهُيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللًّفْظً لَهُ - حَد، شَا هَاشِم - يَعْنِى ابْنَ الَقَاسَ! - حَدثنَا سُلَيْمَانُ - وَهوَ ابْن المُغِيرَة - عَنْ ثَأبت، قَالَ أنَم!: مَاشَمِمْتُ عَنْبَرا قَط وَلا مَسكًا وَلا شَيْئا أطيَب مِنْ ريح رَسُول اَللّه ( صلى الله عليه وسلم )، وً لا مَسستُ شَيْئًا قَطُّ ديبَاجًا وَلا حَرِيرًاَ أليَنَ مَسثا مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ً
82 - (... ) وحدتمنى أحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْر الذَارِمِىُّ، حدثنا حَبَّان، حَدةَشَا
قوله: (استقبله ولدان، فجعل يمسح خدى أحدهم واحدا واحدا): فيه حسن خلقه وعشرته مع الصغير والكبير وسيطه لهم.
وقوله.
(فوجدث لِيده بَرْدًاا وريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار): الجؤنة، بضم الجيم، كالسقط، يجعل فيه العطار متاعه، قاله الحربى.
وهو مهموز، وقد يسهل.
قال صاحب العين: هى سليلة مستديرة مغشاة أدمى.
وقول أنس: (ما شممت عنبرا ولا مسكا أطيب من ريحه ( صلى الله عليه وسلم ) )، وقول أم سليم فى عرقه حيئ جمعته فى قواريرها: (هو من الطيب اظيب) (1)، وفى الرواية الأخرى: (نرجو بركته لصبياننا) (2): كانت هذه الحالة حالته - عليه السلام - دإن لم يمس طيبا، نص عليه فى الحديث.
وقوله: (إذا مشى أ مشيا، (3) تكفأ ": بهمزة آخره.
قال شمر: أى مال يمينا
(1) في ح.
من أطيب الطيب.
(3) ساقطة من ح.
(2) حديث رقم (84) من الباب الخالى.
296
(7/295)
كتاب الفضائل / باب طيب رائحة النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
الخ حَمَادُ، حدثنا ثَابتو عَنْ أنَسبى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أزْهَرَ اللَّوْنِ، كَأنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤْ، إذَا مَشَى تَكَفَّأ، وَلا مَسِسْتُ !يبَاجَةً وَلا حَرِيرَة ألَيَنَ منْ كَفِّ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، وَلا شَمَمْتُ مِسكَةً وَلا عَنْبَرَةً أطيَبَ مِنْ رَائحَةِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وشمالا كما تكفأ السفينة.
قال الاَزهرى: هذا خطأ، وهذه صفة المختال، ولم تكن صفته - عليه السلام - د نما معناها: أنه يميل إلى سمته ومقصد مشيه كما قال فى الرواية الأخرى: (كما ينحط من صبب).
قال القاصْى: لا بعد فيما قاله شمر إذا كان خلقة وجبلة، والمذموم منه ما كان مستعملا.
(7/296)
كتاب الفضائل / باب طيب عرق النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )، والتبرّك به
297
(22) باب طيب عرق النبىّ كله والتبرّك به
83 - (1 233) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا هَاشِئم - يَعْنى ابْنَ القَاس! - عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابت، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، قَاًلَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً عِنْلَنَا، فَعَرِقَ.
وَجَاءَتْ أمِّىً بِقَارُورَة، فَجَعَلَت تَسلُتُ العَرَقَ فِيهَا.
فَاسْتيْقَظَ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: " يَا أمَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا الَّذى تَصْنَعينَ ؟).
قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فىِ طَيبنَا، وَهُوَ منْ أطيَبِ الطِّيبِ.
ً
84 - (... ) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا حُجَيْنُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا عَبْدُ العَزِيِزِ - وهُوْ ابْنُ أَبِى سَلَمَةَ - عَنْ إِسْحقَ بْنِ عَبْد الله بْنِ أَبِى طَلحَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكِ، قَالَ: كَانَ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَدْخلُ بَيْتَ امَ سُلَيْمٍ فَيَنَامَُ عَلَى فِرَاشهَا، وَلَيْسَتْ فيه: قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ فَنامَ عَلَى فِراشِها فَأتِيَتُ، فَقِيلَ لَهاَ: هَذَا النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) نَامَ فِى بَيْتَكَ، عَلَى فِرَاشِكِ.
قَالَ: فَجَاءتْ وَقَدْ عَرِقَ، وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهَ عَلَى قِطعَة أَدِيمٍ، عَلَىَ الفَرَاشِ.
فَفَتَحَتْ عَتِيْدَتَهَاَ فَجَعَلَتْ تُنَشَفُ ذَلِكَ العَرَقَ فَتَعْصِرُهُ فِى قَوَارِيِرهَا، فَفَزِعَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقالَ: (مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَ سُلَيْمٍ ؟) فَقَالتْ: يَا رَسُولَ الله، نَرْجُو بَرَكَتَهُ لصبْياَنناَ.
قَالَ: (أصتِ).
ًً
85 - (2332) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَقانُ بْنُ مُسْلمٍ، حدثنا وَهَيْبُ، حَدثنَا أيُّوبُ، عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ، عَنْ أنَسٍ، عَنْ امِّ سُلَيْمٍ ؛ أنَّ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ بَ التِيهاَ
وقوله فى حديث ائم سليم: أنه كان يدخل عندها فنام على فرأشها.
ذلك لأنها فيما
ذكر على ما تقدم كانت ذات محرم منه من الرضاعة، فيه جواز الخلوة مع المحارم، والنوم عندهن، والتبرك بكل ماكان من النبى - عليه السلام - وجواز النوم على الاَنطاع والأدم.
وقوله: (ففتحت / عتيدتها) هى مَنَة للمرأة تعد فيها الطيب.
قال صاحب العين: العتاد الذى تعده للأمر فهى عتيد، اى يتعد للركوب ومن عتيدة الطيب.
وقوله: ففزع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (ما تصنعين ؟، أى هب من نومه أ قاله الهروى] (1).
(1) زائدة فى!.
229 / ءا
298
(7/297)
كتاب الفضائل / باب طيب عرق النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )، والتبرّك به
فَيَقيلُ عِنْد ها، فَتَبسُطُ لَهُ نَطِعا فَيَقيلُ عَلَيْه، وَكَانَ كَثِيرَ العَرَقِ، فَكَانَتْ تَجمَعُ عَرَقَهُ فَتَجعَلُهُ فِى الطِّيبِ وَالقَوَارِيرِ.
فَقَاَل، لنَبِىَُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا امَّ سُلَيْمٍ، مَا هَذَا ؟ " قَالَتْ: عَرَقكَ أَ!وفُ بِهِ طِيْبِى.
وقولها: (عرقك أذُوفُ به طيبى)، كذا ضبطناه عن أكثر شيوخنا بالذال المعجمة، ومعناه: أخلط.
وعندنا فى رواية الطبري: (أدوف) بالمهملة ومعناه أيضا: اخلط.
قال ابن ثريد: دفت الدواء وغيره بالماء أدوفه، بالدال المهملة.
وقال غيره: وذفته بالمعجمه - أيضأ - أذيفه، حكى فيه: أذفت رباعى، وقد تقدم أول الكتاب بأتم من هذا.
عند بعضهم: (أذك به طيبنأ) وفى رواية: (الطيب) وكله متقارب المعنى.
(7/298)
كتاب الفضائل / باب عرق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى البرد...
إلخ
299
(23) باب عرق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى البرد، وحيق يأتيه الوحى
86 - (2333) حدثنا أبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَا شاَ أبُو اسَامَةَ، عَنْ هِشَام،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: إِنْ كَأنَ لَيُنْزَلُ عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الغَدَاة البَارلَة، ثُمَ تَفِيضُ جَبْهَتُهُ عَرَقأَ.
ً
87 - (... ) وحدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثَننَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيثةَ.
ح وحدثنا أَبُوكَرَيْ!ب، حدثنا أَبُو اسَامَةَ وَابْنُ بِشْر، جَمِيعا عَنْ هِشَامٍ.
ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله ابْنِ نُمَيْر - واللَّفْظُ لَهُ - حدثنا مُحَمَّد بْن بشْرٍ، حدثنا هشَامٌ عَنْ أَبيه، عَنْ عَائِشَةَ ؛ ال الحَارِثَ بْنَ هشَابم سَالَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): كَيْفَ يَأَتِيكَ الوحْىُ ؟ فَقالَ: (احياَنَّا يَأتينِى فِى مِثْلِ صَلصَلَةِ الجًرَسِ وَهُوْ أشَدُةُ عَلَى، ثمَ يَفْصِمُ عَنِّى وَقَدْ وَعَيْتُهُ، وَأحْيانَأ مَلًك فِى مِثْلِ
وقوله فى صفة نزول الوحى عليه: (أحيانا يأتينى فى مثل صلصلة الجرس وهو اشده علىّ، ثم يفصم عنى)، قال الإمام: صلصلة الجرس: صوته.
قال القاصْى: قال أئمتنا: معنى هذا: أن صوت الملك النازل[ عليه] (1) بالوحى
هو مثل صلصلة الجرس وذلك ليستغرقه عن أمور الدنيا، ويفرغ حواسه الصوت الشديد، حترع لا يسمع غيره فيتخلص لسماعه، ويفهم ما يلقى إليه وهذا فائدة الغط فى الحديث الاخر.
قال بعضهم: ومثل هذه الحالة تتلقى الملائكة الوحى من اللّه ؛ بدليل قوله فى الحديث الاَخر: (إذا[ قضى اللّه أمرا] (2) فى السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله: كأنها سلسلة (3) على صفوان).
وقوله: (فيفصم عنى): أى يذهب عنى.
ويبين ثم يقلع.
يقال منه: فصم وأفصم، قال الله تعالى: { لا انفِصَامَ لَهَا} (4) أى لا انقطاع وانصدل.
الفصم: الانصدل دون بينونة، القصم بالقاف: إذا بان (ْ).
وقال لنا الوزير أبو الحسن عن أبيه الحافظ أبى مروان: عبر عن حاله هنا مع الملك بالقصم بهذا لأن الملك وإن بان عنه وزال فهو غير انفصال بان، بل الاتصال بينهما موجود
(1) سالمحطة من ح.
(3) فى خ: كأنها صلصلة.
(5) فى خ: أبان
(2) فى خ.
قضى بالأمر.
(4) البقرة: 256.
229 / ب
(7/299)
كتاب الفضائل / باب عرق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى البرد...
إلخ
صُورَةِ الرَّجُلِ، فَاعى مَا بقُولُ).
لما - (2334) وحَدثناَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَعَّى، حَا شَا عَبْدُ الأعْلَى، حدثنا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْد اللهِ، عَنْ عُبَالحَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ نَبىُّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا ائزِلَ عَلَيْهِ الوَحْىُ، كُرِبَ لِذَلِكً، وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ.
89 - (2335) وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَدثنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَابم، حدثنا أبِى، عَنْ قَتَاَدَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ حطَّانَ بْنِ عَبْد اللهِ الرَّقَاشِىِّ، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا انزِلَ عَلَيْهِ الَوَحْىُ نَكَس! رَأسَهُ، وَثَكَسَ أَ!حَابُهُ رُؤسُهُمْ، فَلَمَّا أتْلىِ عَنْة رَفَعَ رَأسَهُ.
باق والصورة منتظرة.
وقوله: (واْحيانا يأتينى فى صورة الرجل فأعى ما يقول): ذكر هذين الوجهن من الوحى ولم يذكر الئالث، وهى الرؤيا.
وقد أعلم - عليه السلام - اْن رؤيا الأنبياء وحى (1) ؛ لأنهم إنما ساْلوه عن إتيانهم فى اليقظة، وأما الرؤيا فمشتركة فى كيفيتها غيره وقد عرفوها، فلم يشكل عليهم ولا سألوه عنها.
وقوله: (فأعى ما يقول): أى أحفظه وأجمعه فى صدرى، قال اللّه تعالى:
{ وَتَعِيَهَا أُذُن وَاعِيَة} (2) أى حافظة لما سمعت، عاقله به، وقال: { وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} (3) أى يجمعون فى صدورهم من تكذيبك.
وقوله: (كرب لذلك، وتربد وجهه)، [ قال الإمام: يقال: كربه للأمر كربا:
اْخذ بنفسه، وتربد وجهه] (4): أى تغير.
وقال الهروى: ويقال: تربد وجهه وأربد، أى تلون وصار كلون الرماد.
وذكر هذا الحديث، [ ومنه حديث: (كان إذا نزل عليه الوحى أربد وجهه)] (ْ).
ومنه حديث عمرو بن العاص: (مقام من عند / عمر مربد الوجما).
قال ابو عبيد: الربدة: لون بين السواد والغبرة، ومنه قيل للنعام: ربد، جمع ربد.
وقوله: (فلما أتلى عنه): الظاهر أى أراد خلى عنه وترك، ولكن حكاه ابن القوطية فى كتاب الأفعال ثلاثيا، فقال: تليت لى من حقى تلية وتلاوة ومن الشهر كذلك بقيت، وتلوت القرآن تلاوة: اتبعت بعضعه بعضا، والخبر أخبرته، والشىء تلوا تبعته،
(1) فى!: حق - (3) 1 لإنشقاق: 23.
(5) من ع.
(2) الحاقة: 12.
(4) فى هامث!!.
(7/300)
كتاب الفضائل / باب عرق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى البرد...
إلخ
وارجل خزلته وتركته، واتْلَتْ كل أ أنثى] (1) تبعها ولدها.
فالرجل أعطيته التلا وهو الذمة، وأيضأ جعلته تاليأَ لك.
قال القاضى: اختلف شيوخنا فى ضبط هذا الحرف علينا فى!تاب مسلم فضبطناه من طريق العذرى: (أثل) بثاء مثلثة مكسورة، ولام مطلقة مفتوحة، وهمزة مضمومة.
وعند الفارسى: " أثلى) بثاء مثلثة - أيضأ - ساكنه، وبعد اللام ياء وعند القاضى الئميمى عن الجيانى مثله، إلا أنه بتاء باثنتين.
وكان عند القاضى الصرفى: (أجلى) بالجيم، وعند ابن ماهان، وكذا عند البخارى.
ورواه بعضهم: " أثلى).
واكبر هذه ال اللفاظ معبرة غير صحيحة المعنى ولا واقعة موقعها فى هذا الحديث إلا قوله: انجلى واخلى، اى أفرج عنه ما به أو فارقه الملك.
يقال: أجليت عنه الهم، أى فرجته عنه.
وأجلوا عن قتيل: أفرجوا عنه وتركوه.
قال بعضهم: لعله: (فلما أوتلى) أى قصر عنه وأمسك فصحف (واجلى وانجلى)، وكانا رواه ابن أبى خيثمة، أى ينجر عنه.
ومنه قول أبى جهل: (أعل عنى) أى تنح عنى.
(1) من ع.
302
(7/301)
كتاب الفضائل / باب فى سدل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) شعره، وفرقه
(24) باب فى سدل النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) شعره، وفرقه
0 9 - (2336) حدثنا مَنْصُورُ بْنُ ابِى مُزَاحِمٍ وَمَحَمَدُ بْنُ جَعْفَر بْنِ زِيَاد - قَالَ مَنْصُورُ: حَد!شَاَ.
وَتَالَ ابْنُ جَعْفَر ة أخْبَرنَا - إِبْرَاهِيمُ - يَغنِيَان ابْنَ سَعْد! عَنْ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عَبَيْد الله بْنِ عَبْدِ الله، عَن ابْنِ عَئاسٍ.
قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَاًب يَسْدلُونَ أَشْعَارَهمْ، وَكَانَ المُشْركوُنَ يَفْرُقُونَ رُؤُوسَهُمْ، وكانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يُحِبُّ مُوًا فَقةَ أَهْلِ اهتَاَب فَيمَا لَمْ يُؤْمَرْ به، فَسَدَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ناصيَتَهُ، ثُمَّ فَرقَ بَعْدُ.
(ءَ.
.
) وحدثنىِ أبو الطَّاهِرِ، اخبَرَنَا ابْنُ وَهْبَ، أخْبَرنِى يُونرُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب،
بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوهُ.
وقوله: (كان أهل الكتاب يسدلون اشعارهم، وكان المشركون يفرقون وكان رسول اللّه
( صلى الله عليه وسلم ) يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشىء، فسدل ناصيته لْم فرق بعدُ): سدل الشعر: إرساله، والمراد به هنا عند العلماء: إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، يقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه.
والفرق: تفريق الشعر بعضه من بعض.
والفرق: تفريقك من كل شيئين قال الحربى: والفرق موضع المفرق، والفرق فى الشعر سنة ؛ لاءنه الذى رجع النبى - عليه السلام - والظاهر أنه بوحى لقوله: (إنه كان يوافق أهل الكسَاب فيما لم يؤمر فيه بشىء فسدل ثم فرق بعد).
فظاهره أنه لأمر حتى جعله بعضهم نسخا.
وعلى هذا لا يجوز السدل واتخاذ الناصية والجمة.
وقد روى أن[ عمر بن عبد العزيز] (1) كان إذا انصرف من الجمعة أقام على باب المسجد حرسا، يجيزون كل من لم يفرق شعره.
ويحتمل أن يدل / على إجازة الفرق ولا على وجوبه.
ويحتمل أن يكون الأمر باجتهاد منه - عليه السلام - فى مخالفة أهل الكتاب اخرا، ورجوعه عن موافقتهم أولا، ويكون الفرق هنا على الاستحباب والندب بدليل اختلاف السبب فى ذلك، ففرق منهم جماعة، واتخذ اللمة منهم اَخرون.
وقد جاءت الرواية أنه كانت للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) لمة، فإن انفرقت فرقها دإلا تركها.
وقال مالك: فرق شعر الرأس للرجال أحب إلى.
واختلف تأويل العلماء فى قوله ت (يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فيه
(1) فى الأصل: عمر بن عماد العنبرى، والمثبت من ح.
(7/302)
كتاب الفضائل / باب فى سدل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) شعره، وفرقه
303
شىء "، فقيل: كان هذا ائتلافا لهم أول الإسلام، وموافقة لهم على مخالفة سيرة أهل الأوثان، فلما أغنى اللّه عن استئلافهم، وأظهر الإسلام على الدين كله، أمر بمخالفتهم فى غير شىء، وحض على ذلك.
وقال بعضهم: بل يحتمل أنه شرع له اتماع شرائع من قبله فيما لم ينزل عليه فيه شىء.
ولعله - عليه السلام - علم أن هذا مما لم يبدلوه من شرائعهم ؛ ولهذا استدل بعض الأصولين بهذا الحديث على ان شرع من قبلنا لازم لنا مالم يرد خلافه.
والأظهر أن هذه الحجة حجة على قائل هذا القول، وحجة المخالفة ممرا لايقول ذلك، لأنه لو كان هذا لازما له - عليه السلام - وإنما لم يقل فى هذا الحديث: يحب موافقة اهل الكتاب، بل ذلك كان يكون اللازم له.
304
(7/303)
كتاب الفضائل / باب فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
(25) باب فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأنه كان أحسن الناس وجها
1 9 - (2337! حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَارِ، قاَلاَ: ! دَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ ابَا إِسْحَقَ، قَالَ: سَمعْتُ البَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً مَرْبُوعأ، بَعيدَ مَا بَيْنَ المنْكَبَيْنِ، عَظيمَ الجُمَة إِلَى شَحْمَة اذُنَيْه، عَلَيْه حُلَّةُ حَمْرَاءُ، مَا رَأيْتُ شَيْئا قًط أحْسَنَ مِنْهُ ( صلى الله عليه وسلم ).
ً
92 - (...
! حدثنا عَمْرُو النّاقِدُ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَأنَ، عَنْ
أبى إِسْحَقَ عَنْ البَراء قَالَ: مَا رَأيْتُ مِنْ ذى لفة أَحْسَنَ فى حُلَة حَمْرَاءَ مِنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) شَعْرُهُ يَضْرِبُ مَنكَبَيْهِ، بَعِيِدَ مَا بَيْنَ المَنكًبَيْنِ، !لَيْسَ بِالطويِلِ ولا بِالقَصِير.
قَالَ أَبُو كُرَيْبِ: لَهُ شَعَرُ.
93 - (...
! حدثنا أبُو كُرَيْبِ، مُحَمَّدُ بْنُ العلاَء، حَدشَا إسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، عَنْ إبْرَاهيم بْن يُوسُفَ، عَنْ أَبيه، عَنْ أبى إسْحَقَ، قَالَ.
سَمِعْتُ البَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أحْسَنَ النَّأسِ وَجْهأَ، وَأحْسَنَهُ خَلقاَ، ليْسَ بِالطَّويِلِ الئاهِبِ وَلاَ بِالقَصِيرِ.
وقوله فى صفته - عليه السلام -: (عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه)، وفى حديث آخر: (يضرب شعره منكبيه)، وفى اخر: (بين أذنيه وعاتقه).
وفى اخر: (إلى أنصاف أذنيه)، وفى اخر: (ما راْيت من ذى لمة أحسن فى حلة حمراء منه)، قال الإمام: قال شمر: الجمة أكبر من الوفرة، وهى الجمة إذا سقطت على المنكبن، والوفرة إلى شحمة الأذنين، واللمة هى الئى ألمت بالمنكبين.
قال القاصْى: وجميع هذه الألفاظ وتأليفها: أن ما يلى الاَذن، هى التى تبلغ شحمة أذنيه، هو الذى بين أذنيه وعاتقه، وما خلفه منها هو الذى يضرب منكبيه.
وقيل: بل ذلك لاختلاف الأوقات، وإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصر كانت إلى أنصاف الأذنين، ويحسب ذلك بقصر وبطول.
والعاتق: ما بين المنكب والعنق ! وشحمة الأذن: ما لان من أسفلها، وهو معلق القرط.
ويوضح معنى اختلاف هذه الألفاظ ما جاء فى رواية الحربى: كان شعر رسول الله
( صلى الله عليه وسلم ) فوق الوفرة ودون الجمة.
(7/304)
كتاب الفضائل / باب صفة شعر البىّ ( صلى الله عليه وسلم ) 305
(26) باب صفة شعر النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )
4 9 - (2338) حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حدثنا قَت الةُ، قَالَ:
فُلتُ لأنَسِ بْنِ مَألك: كَيْفَ كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: كَانَ شَعْرًا رَجِلاً، لَيْسَ بِالجَعْدِ وَلا السَّبطِ، بَينَ أذُنَيْهِ وَعَاتِفِهِ.
95 - (... ) حلطنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا حَبَّانُ بْنُ هِلالٍ.
ح وَحَدّثَنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنّى، حدثنا عَبْدُ الصَّمَد، قَالا: حَدثنًا هَمَامٌ، حَدهشَا قَتَادَةُ عَنْ أنَس ؛ أن رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَضْرِبُ شَعَرُهُ منكِبًيْهِ.
96 - (... ) حدّثنا يحيى بْنُ يَحْيَى وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَئةَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أنَسٍ قَالَ: كَانَ شَعَرُ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إلَىً أنْصَافِ أذُنَيْهِ.
وقوله (كان شعره رجلا)، قال الإمام: يقال: شعر مرجل: مسرح.
قال القاضى: المرجل هنا غير المرحل، ! إن كان فى اللغة بمعنى.
كال الاَصمعى:
شعر رَجِل، بفتح الراء / وكسر الجيم، ورجل ورحل ثلاث لغات إذا كان بيئ السبوطة والجعوثة.
قال بعضهم: كأنما رجل بالمشط.
230 / ب
306
(7/305)
كتاب الفضائل / باب فى صفة فم النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
(27) باب فى صفة فم النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )، وعينيه، وعقبيه
97 - (2339) حلّثنأ مُحمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَدُ بْنُ بَشَّارٍ - واللفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حَد*شَأ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَأ شُعْبَةُ عَنْ سمَاك بْنِ حَرْب قَالَ: سَمعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُوَةَ، تَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ضَلِيعَ الفَم، أشكَلً العَيْنِ، مَنْهُوسَ العًقبَيْنِ.
قَالَ: قُلتُ لِسِمَاك: مَا ضَلِيعُ الفَم ؟ قَالَ: عَظِيمُ الفَم.
قَالَ: قُلتُ: مَا أشكَلُ العًيْنِ ؟ قَألَ: طَوِيلُ شَقِّ الًعَيْنِ.
قَالَ: قُلتُ: مَا مَنْهُوسُ العَقِبِ ؟ قَألَ: قَلِيلُ لحْ! العَقِبِ.
قال الإمام: " ضليع الفم): قال شمر: يعنى عظام الأسنان وتراضعها.
ويقال للرجل: إنه لضليع الثنايا، أى غليظها وشديدها، ويقال: إنه لضليع الخلق، أى شديده.
قال أبو بكر الرازى: سألت ثعلئا عن (ضليع الفم) فقال: واسع الفم.
قال غيره: " ضليع الفم): أى عظيم الفم، والعرب تحمد ذلك وتذم صغير الفم، ومنه قوله فى وصف منطقه: (كان يفتتح الكلام ويختمه.
بأشداقه) وذلك لرحب شدقيه.
ويقال للرجل إذا كان كذلك: اْشدَق.
وقوله: (أشكل العين دا: قال أبو عبيد: الشهلة: حمرة فى سواد العن، والشكلة: حمرة فى بياض العن، وهو محمود، قال الشاعر:
ولاعيب فيهاغيرشكلة عينها كذاك عتاق الخيل شكلى عيونها
ويروى: شكل.
قال صاحب الأفعال: يقال: شكلت العين، بكسر الكات، شكُلة وشكلا: خالط بياضها حمرة.
وقوله: (منهوس العقب): قال ابن الاَعرابى: يقال: رجل منهوس القدمن، ومنهوش القدمن.
وقال أبو العباس: النهس: بأطراف الأسنان، والنهش: بالأضراس.
قال سماك فى كتاب مسلم: (منهوس العقب): أى قليل لحم العقب، وكذلك قال - أيضا -: إن (ضليع الفم) معناه: عظيم الفم.
وقال - أيضًا -: ان (اْشكل العينين) [ معناه] (1): طويل شق العينيئ.
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/306)
كتاب الفضائل / باب كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أبيض، مليح الوجه
307
(28) باب كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أبيض، مليح الوجه
98 - (2340) حلّثنا سَعيدُ بْنُ مَنْصُور، حَد، شَا خَالدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، عَنِ الجُرَيْرِىِّ
عَنْ أبِى الطُّفيْلِ قَالَ: قُلتُ لَهُ: أرَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: َ نَعَمْ، كَانَ أبْيَضَ، مَلِيحَ الوَجْهِ.
قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الحَجَّأج: مَاتَ أبُو الطُّفَيْلِ سَنَةَ مائَة، وَكَانَ اَخِرَ مَنْ مَاتَ مِنْ أصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ "
99 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ القَوارِيرِىُّ، حَد، لنَأ عَبْدُ الأعْلَى بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أبِى الطفَيْلِ، قَالَ: رَأيْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَمَا عَلَى وَجْه الأرْضِ رَجُل راهُ غَيْرِى.
قَالَ: فَقُلتُ لَهُ: فَكَيْفَ رأيْتَهُ ؟ قَالَ: كَانَ أبْيَضَ مَلِيحَا مُقَصَلمَا.
قوله: (كان أبيض مليحا مُقَصَّدًا): المقصد: الذى ليس بجسيم ولا قصير.
وقال شمر: هو المقصد من الرجال نحو الربعة.
قال القاضى: تفسير سماك الشكلة فى العين بما دكر وهم عند جميعهم، وصوابه ما
تقدم لغيره من الشارحن أنها حمرة تخالط بياض العين.
[ وقوله فى حديث البراء: (كان أحسن الناس وجهأ وأحسنه خلقًا) بسكون اللام ضبطناه هنا، لأنه إنما قصد فيما ذكره من صفات جسمه وأما فى حديث أنس فبضم اللام ؛ لاَنه إنما أخبر عن حسن معاشرته وقوله: (واحسنه خلقا) قال أبو حاتم: العرب تقول: فلان اجمل الناس] (1).
وقوله: " وأحسنه) يريدون أحسنهم ولا يتكلمون به وانما كلامهم وأحسنه.
قال: النحويون: يذهبون إلى أن (و) أحسن من (ثم)، ومنه فى الحديث: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أشفقه على ولد، وأعطفه على زوج فى ذات يده) (2)، ومنه قول أبى سفيان: أحسن نساء العرب وأجمله.
وقوله: (فى حلة حمراء) (3): حجة لجواز لباس الثياب الحمر والصبغ بالحمرة،
وقد تقدم منه فى اللباس.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) أحمد 2 / 319، البخارى، كالأنبياء، بقوله تعالى: { إزْ تَالَتِ الْمَلائِكَة يَا مَرْيَخ...
} (3434) من حديث أبى هريرة - رض الله عنه - ولفظه عند البخارى: (نساء قريش خير نساء ركبن الإبل، أحناه على طفل، وأرعاه على زوج فى فات يده !.
(3) حديث رقم (91) من هذا الكتاب.
308
(29) باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم ) اّ
(7/307)
كتاب الفضائل / باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم )
231 / 1
100 - (2341) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَابْنُ نُمَيْر وَعَمْزو الئأقِدُ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ! !رِشرَ.
قَالَ عَمْزو ة حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ! !رِشرَ الأوْدىُّ، عَنْ هِشَابم، عَنِ ابْنِ سيرِينَ، قَالَ: سُئِلَ أنَسُ بْنُ مَالِكِ: هَلْ خَضَبَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: إنَهُ لَمْ يَكُنْ رَأى مِنَ الشَيْبِ إلا - قَالَ ابْنُ إدْرِشرَ: كَأنْهُ يُقَلَلُهُ - وَقَدْ خَضَب أبُو بَكْرِ وَعَمَرُ بِالحِنَّاءِ وَاهَتَم.
101 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرّيَانِ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، عَنْ عَاصِمِ الأحْوَلِ، عَنِ ابْنِ سيرِينَ، قَالَ: سَألتُ أنَسَ بْنَ مَالِك: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) خضَبَ ؟ فَقَالَ: لمْ يَبْلُغْ الَخضَابَ، كَانَ فىِ لَحْيَته شَعَرَاتٌ بيضٌ.
قَالَ: قُلتُ لَهُ: َ كَانَ أبُو بَكْرِ يَخْضِبُ ؟ قَالَ: فَقَالَ: نَعَمْ، بِالحِنَاءِ وَاهًتًمَ.
102 - (... ) وحدّثنى حَخاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدئنَا مُعَلَىَ بْنُ أسَد، حَدثنَا وهُيْبُ بْنُ خَالد، عَنْ أيوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَألتُ أنَسَ بْنَ مَالِك: أخَضَبَ رَسُولُ اللى ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: إنَهُ لَمْ يَرَ مِنَ الشَّيْبِ إلا قَلِيلاً.
ذكر مسلم أحاديث فى الاختلاف فى شيب النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقول أنس فى حديث: (ما شانه الله ببيضاء): أى ما عابه الله.
وقوله فى حديث اَخر: ا لو شئت ان أعد شمطات كن فى رأسه فعلت).
وقوله: (إنما كان البياض فى عَنْفَقَته وفى الضُدغن وفى الرأس نبنأى شىء يسير متفرق.
وقوله: ا لم يكن رأى من الشيب إلا) يسيره (1) فى الحديث الاخر: (إلا قليلا) وقول[ رأيت] (3) اْبى جحيفة: (رأيت هذه / منه بيضاء) يعنى عنفقته، وفى حديث آخر: (رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبيض قد شاب).
وقول جابر ابن سمرة: (كان قد شمط مقدم رأسه ولحيته، دإذا دهن رأسه لم ير منه شىء، دإذا لم يدهن رئى منه) يعنى دهنه بالطيب.
وذكر قول أنس: أنه لم يخضب.
وروى عن أم
(1) فى ح: تفشره، والمثبت من الأصل.
(2) زائدة فى الأصل.
(7/308)
كتاب الفضائل / باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم )
309
103 - (... ) حلّثنى أبُو الرَّبِيع العَتكِى، حَد، شَا حَمَّادٌ، حدثنا ثَابِتٌ قَالَ: سُئِلَ أنَسُ بْنُ مَالِك عَنْ خِضَابِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: لَوْ شئْتُ أنْ أعُدَّ شَمَطَات كُنَّ فِى رَأسِهِ فَعَلتُ.
وَقَاً: لَمْ يَخْتَضِبْ، وَقَدِ اخْتَضَبَ أبُو بَكْرِ بِالحنَّاءِ وَاهَتَم، وًا خْتَضَبَ عَمَرُ بِالحِنَّاءِبَحتا.
سلمة أنها أخرجت لهم شعرات من شعر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حمراء مخضوبة بالحناء والكتم (1).
فاختلف الناس، هل خضب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أم لا ؟ فمنعه الأكثر لحديث أنس، وهو قول مالك.
وذهب بعض أصحاب الحديث أنه خضب، واحتجوا بحديث أم سلمة هذا، وبقول ابن عمر: أنه رأى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يصبغ بالصفرة.
وقد تقدم اختلاف التاْويل فى هذا، لكن الطبرى رواه: (يصفر لحيته).
وجمع بعضهم بين هذا بما أشار إليه أنس من قوله فى حديث أم سلمة: (ما ألمحرى ما
هذا الذى يحدثون إلا أن يكون ذلك من الطيب الذى يطيب به شعره) وذلك اْنه كان - عليه السلام - كثيرًا ما يستعمل الطيب وهو يغير لبرن الشعر ويزيل سواده، ويعجل فيه الشيب لمن أدامه، لا سيما بعض أنواعه مثل الكافور.
فأشار أنس أن تغيير ذلك ليس بصبغ، دإنما هو ضعف لون سواد شعره من أجل الطيب.
وقيل: قد يكون خضابه ليس لأجل الشيب لكن لتلييئ الشعر وتحسينه لا لتغيير الشيب فيه.
فمن نفى الخضاب أراد الذى هو الصبغ للشيب، ومن أثبته فمعناه ما ذكرناه.
ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعد موته لكثرة تطييب ام سلمة لها إكراما لها - والله أعلم.
وأما الاختلاف فى ذكر شيبه، فقد بين أنس اْيضًا أنها كانت شعرات لو شاء عَدَها، ولاَبى ذر نحو حديث أنس، وقد جاء فى بعض حديث أنس: [ وليس فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
وفى حديث أنس] (2): ما كنت أدرى هل عد خمس عشرة شيبة ؟ وأخبر فى حديثه الآخر: أنه (ما شانه الله ببيضاء) نفى عنه الشيب الأبيض الناصع، وأنه كان ذلك الشىء الذى ذكر على قلته مما تغير لونه عن السواد لأجل الطيب أو غيره الخضاب لاءجل تليين الشعر.
(1) البخارى، كاللباس، بما يذكر فى الشيب (5897) ولفطه: (دخلت على أم سلمة فأخرجت إلينا شعرا من سْعر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مخضوئ ال، ابن ماجة، كاللباس، بالخضاب بالحناَ (3623)، أحمد 6 / 319، وزادا: (بالحناء والكتم ".
(2) سقط من ح، واستدرك بهامثى.
231 / ب
310
(7/309)
كتاب الفضائل / باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم ) 104 - (... ) حدّثنا نَصْرُبْنُ عَلِى الجَهْضَمِىُّ، حَا شَا أن، حَا شَا المُثَنَّى بْنُ سَعيد،
عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك قَالَ: يكْرَهُ أنْ يَنْتفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ البَيْضَاءَ مِنْ رَأَممِهِ ولحْيَنِهِ.
قَالَ: وَلَمْ يَختَضِبْ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
إئمَا كَانَ البَيَاضُ فىِ عَثفَقَتِه وَفِى الضُدْغَيْنِ، وَفِى الرأسِ نَبْنما.
(... ) وَحَدثنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حدثنا المُثنى، بِهَذَا الإسْنَادِ.
105 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَى وَابْنُ بَشَّار وَأحْمَدُ بْنُ إبْرَاهيمَ الدَّوْرَقِئُ وَهَرُون بْنُ عَبْدِ اللّ! جَمِيغا عَنْ أبِى دَاوُدَ.
قَالَ ابْنُ المُثَنًّى: حدثنا سُلَيْمَاَنُ بْنُ !اوُدَ، ومن روى أنه قد شاب فغير مخالف ؛ إذ ينطلق ذلك على ما قل منه، ويكون ذلك
فى عنفقته - على ما جاء فى الحديث الاَخر - ويكون ذلك[ الشيب] (1) ما يغير منه بالحمرة والانكسار غير لون السواد لا بنصوع البياض فيتلفق ألفاظ الأحاديث على هذا.
وقد يتلفق أيفئا على ما جاء فى حديث جابر بن سمرة: (كان إذا دهن رأسه لم ير منه شىء وإذا لم يدهن رُئِى منه) فاتفق أبو جحيفة[ له فى وقت بعد عنه الوهم فظهرث تلك الشعرات] (2) له فى عنفقته / كما قال اْنس: (انما كان البياض فى عنفتهته)، وقد يكون قول أنس: (ما شانه الله ببيضاء) أى لم يكن فى حقه (3) يُعَذ شينا، ولا نقصت من جمال شانه وحسن رِدَائه، بل زاد به وقارا وجمالا وهيبة، أو لم يكثر فى شعره حتى تدهن بجماله ويكون الغَالب عليه، فيفى (4) الشن بها لهذا.
ومعنى قوله: (شمط): أى ابتدأه الثيب.
قال الأمام: قال ابن الاَنبارى: الشمط فى كلام العرب: اختلاط البياض بالسواد،
فإذا كان نصفين أو شبها بهما قيل: أحلس الشعر منه فهو محلس.
فإذا غلب السواد فهو أعثم.
قال القاضى: قال الأصمعى: إذا رأى الرجل البياض فهو أشمط وقد شمط.
[ وأشمط.
قال الخليل: الشمط: اختلاط الشعر بالشيب.
قال أبو حاتم: هو الذى علا بياضه سواده.
وقال: بانت كل لونين اختلطا فهو شمط، والمحمول هنا هو الذى ابتدأه - كما قال الأصمعى - لموافقة الأحاديث الأخر.
وقوله: (وفى رأس نبذ)[ بسكون النون] (5) وسكون الباء: أى شىء قليل مشد.
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(2) سقط من الأصل.
(3) فى ح:.
حكمه.
(4) هكذا فى الأصل، ولعلها: فينفى، وهى المثبته من ح.
(5) زالْدة فى الأصل.
(7/310)
كتاب الفضائل / باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم ) 311 حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُلَيْد بْنِ جَعْفَرٍ، سَمِعَ ابَأ إيَاسٍ عَنْ أنسٍ ؛ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: مَاشَانَهُ اللّهُ بِبَيْضَاءَ.
106 - (2342) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حدثنا زُهَيْز، حَدهشَا أبُو إسْحَقَ.
ح وَحَد، شَا يحيى بْنُ يحيى أخْبَرَنَأ أبُو خَيْثَمَة، عَنْ أبِى إسْحَقَ، عَنْ أبِى جُحَيْفَةَ قَالَ: رَأيْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) هَذه منْهُ بَيْضَاءَ وَوَضَعَ زُهَيْر بَعْضَ أصَأبِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ.
قِيلَ لَهُ: مِثْلُ مَنْ أنْتَ يَوْمَئِذِ ؟ قَافَيً أَبْرِى النَّبْلَ وَأرِيشُهَا.
07 1 - (2343) حدّثنا وَاصِلُ ئنُ عبْد الأعْلَى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ إسْمَاعيلَ بْنِ أبِى خَالدٍ، عَنْ أبِى جُحَيْفَةَ قَاً: رَايْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أبْيَضَ قَدْ شَابَ، كَانَ الحًسَنُ بْنُ عَلِىٍّ يُشْبِهُهُ.
(... ) وحدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدهَّشَا سُفْيَانُ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ
نُمَيْرٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، كُلُّهُمْ عَنْ إسْمَاعِيلَ، عَنْ أبِى جُحَيْفَةَ، بِهَذَا.
وَلَمْ يَقُولُوا: أبْيَضَ قَدْ شَابَ.
108 - (2344) وحلّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا أبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْب، قَالَ: سَمعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ سُئِلَ عَنْ شَيْبِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: كَانَ إذَ النَ رَأسَهُ لَم يُرَ مِنْهُ شَىْء!، !ذَا لَمْ يَلْ!نْ رُئِىَ مِنْهُ.
109 - (... ) وحلّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عُبَيْدُ اللّهِ، عَنْ إسْرَائِيلَ، عَنْ
وقوله: (اختضب ابو بكر بالحناء والكتم! (1): الحناء ممدود قال أبو على: وهو جمع حناه.
والكتم مخفف التاء.
وابو عبيد يقولها مشددة، ولم يأت على (فعل " إلا ستة أحرف هذا منها، وهو نبات يصبغ به الشعر يكسر بياضه أو حمرته إلى الدهمة.
قيل: وهى الموسمة.
وقيل: بل غيرها وربما سود صبغه.
وقيل: يخلط معها.
قال أبو حنيفة: الوسمة الخضر والعظلم والملح والثومة، وكلها يصبغ به السواد.
وقال أبو عبيد البكرى: هو النبات الذى يسمى عندنا الحناء المحنوت.
واختلف اختيار السلف فى الصبغ بالحمرة والصفرة والسواد أو تركه، وقد تقدم.
(1) حديث رقم (3ْ ا) بالباب.
312
(7/311)
كتاب الفضائل / باب شيبه ( صلى الله عليه وسلم ) سِمَاك ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ شَمِطَ مُقَلَّمُ رَأسِهِ وَلِحْيَتِةِ، وَكَان إِفَا النَ لَمْ يَتَبَيق، وإِذَا شَعثَ رَأسُهُ تَبَيَّنَ، وَكَانَ كَثِيَر شَعْرِ اللِّحْيَةِ.
فَقَالَ رَجُلُ: وَخهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ ؟ قَالَ: لاَ، بَل كَانَ مِثلَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، وَكَانَ مُسْتَدِيراً، وَرَأَثتاُ الخَاتَمَ عِنْدَكَتِفِهِ مِثْلَ بيْضَةِ الحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ.
وقوله (يكره أن ينتف[ الرجل] (1) الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته)، قال الإمام: المذهب عندنا: أنه ليس بحرام دإن كان تركه أحب.
وقد ذكر فى بعض الأحاديث أنه - عليه السلام - نهى عن نتف الشيب.
وقال: (إنه من نور الإسلام) (2) رواه ابن شعبان فى الزاهى.
قال القاخحى: وقوله فى صفة وجهه: (كان مستديرا) وجاء فى غير هذا الحديث:
(أنه ليس بالمطهم ولا بالمكلثم) (3)، وفسر بعضهم: " المكلثم) بالمستدير الوجه، [ لكن هذا مع قصر الذقن.
وقال شمر: هو القصير الحنك الدانى الجبهة المستدير الوجه] (4) ولا يكون هذا إلا مع كثرة اللحم.
قال القاصْى: وهذا معيب، والاستدارة المحمودة المستحسنة بخلافه، مع شمط الوجه والذقن، كما جاء: أسبل الخدين.
(1) ساقطة من الا"صل، والمثبت من الحديث المطبوع رقم (104)، وكذا من ح.
(2) أحمد 2 / 279، أبو داود، كالترجل، بفى نتف الثب (2 0 42)، الترمذى، كفضائل الجهاد، بما جاء فى فضل من شاب شيبة فى سبيل الله (1634)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، إلا الترمذى فهيكلن كعب بن مرة.
(3) الترمذى، كالمناقب، بما جاء فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (3638)، وقال: حسن غريب.
(4) سقط من ح، واستدرك بالهامث!.
(7/312)
كتاب الفضائل / باب إثبات خاتم النبوة، وصفته...
إلخ 313
(30) باب إثبات خاتم النبوة، وصفته
ومحله من جسده ( صلى الله عليه وسلم )
110 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُبْنُ المُثنى، حدثنا مُحمَّدُبْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاك، قَالَ: سَمعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ خَاتِما فى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، كأنَّهُ بَيْضَةُ حًمَامِ.
(... ) وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا عُبيْدُ الله بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا حَسَنُ بْنُ صَالِحِ عَنْ سِمَاكٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
111 - (2345) وحدثنا قُتيْبةُ بْنُ سَعِيدِ وَمُخَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، قَالا: حَدثنَا حَاتِمُ - وَهُوَ
ابْنُ إِسْمَاعيلَ - عَنِ الجَعْد بْنِ عَبْد الرخْمَنِ، قَالَ: سَمعْتُ السئَائبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: فَ!بَتْ بِى خًالَتِى إلى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهَ، إِنَّ ابْنَ اخْتِى وَجِعٌ، فَمَسَحَ رَأسِى وَدَعَا لِى بالبَرَكَة، ثُمًّ تَوَضاَّ فَشَرِبْتُ من وَضُوئه، ثمَّ قُمْتُ خَلف ظَهْرِه فَنَظَرتُ إِلَى خَاتِمِهِ بَيْنَ كَتَفَيْهِ مَثلَ زِرّ الحَجَلَةِ.
ًَ 12 1 - (2346) حدّثنا ابو كامِلٍ، حدثنا حمادث يعنِي ابن زيدٍ.
ح وحدثنِى سويد
وقوله: فى صفة خاتم النبرة: مثل بيضة الحمامة، شبه جسده، وفى الحديث الاَخر (ناغض كتفه[ اليسرى] (1) جمعا، عليه خيلان، كأمثال الثاَليل)، وفى الحديث الاَخر: (مثل (2) زر الحجلة) كذا رويناه بتقديم الزاى وفتح الحاء والجيم، ومعناه: الزر الذى يعقد النساء به عرى خجالهن كأزرار القميص / والحجلة هنا واحد الحجال، وهى توردات سجون.
وقال البخارى فى تفسيرها: الحجلة من حجل الفرس الذى بين عينيه (3).
كذا قيدناه هنا بضم الحاء وسكون الجيم وفسره الترمذى، بمثل زر بيض (4)، وهذا غير معروف، كأنه يريد بيض الحجل الطائر المعلوم المزرقى لبيض غير معلوم.
لكن الخطابى رواه (رز) بتقديم[ الراى على الزاى] (ْ)، فهذا قد يستقيم تفسيره بالبيض، يقال: أزرت الجرادة: أى أدخلت ذنبها فى الأرض لتبيض.
وقد جاء فى البخارى: (كانت
(1) ساقطة من الأصل، والمئبت من الحديث المطبوع رتم (112).
(2) فى الأصل: كاْنه، والمثبت من ح والمطبوعة الصحيحة.
(3) البخارى، كالمناقب، بخاتم النبوة (3541).
(4) الترمذى، كالمناقب، بفى خاتم النبوة (3643).
(5) فى ح.
الراء على الزاى.
وهو الصواب، وفى الأصل: الزاى على الراَ.
10 / 232
314
(7/313)
كتاب الفضائل / باب إثبات خاتم النبوة، وصفته...
إلخ ابْنُ سَعيد، حدثنا عَلئُّ بْنُ مُسْهِر، كلاَهُمَا عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ.
ح وَحَدثَّنِى حَامِدُ بْنُ عُمَرَ البًكَرًا وِى - وَاللًفْظُ لَهُ - حَدثنَا عًبْدُ الوَاحد - يَعْنِى ابْنَ زِيَاد - حَدثنَا عَاصمٌ، عَنْ عَبْدالله ابْنِ سَرْجسَ، قَالَ: رَأيْتُ الئبى ( صلى الله عليه وسلم ) وَثًلتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَخْفا.
أوْ قَالَءَ ثَرِيدًا.
قَالً: فَقُلتُ لَهُ: اسْتَغْفِر لَكَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: نَعَمْ، ولَكَ.
ثُمَّ تَلاَ هَذه الاَيَةَ: { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْفؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} (1).
قَالَ: ثُمَّ !رْتُ خَلفَهُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتِ! النبوَّة بَيْنَ كَتفَيْه، عنْدَ نَاغضِ كَتفه اليُسْرَى جُمْعًا، عَلَيْهِ خِيلاَدبهَأمْثَالِ الثآلِيلِ.
ًًًً
بضعة ناشزة) (2) أى مرتفعة عن جسده، وفى حديث آخر: (مثل السلعة دا (3).
وقوله: (جمعا) يعنى الكف إذا جمع، يقال فيه: ضربته بجمع كفى، وجمع كفى، وهذا كله متقارب، مجمع على أنها ناشزة عن جسده.
وقدر بيض الحمامة، أو بيضة الحجلة، أو زر الحجال متقارب، وليى فيها مخالف إلا من جعلِها كجمع الكف فى القدر، والاءحاديث الأخر أكثر وأصح والأشبه، وهذا الخاتم هو ترث الَملك (4) بين كتفيه.
[ وقوله: (وعند ناغض لحتفه)] (ْ).
قال الإمام: قال شمر: الناغض من الإنسان أصل العنق، حيث تبيض رأسه ونغض الكتف: هو المعظم الرقيق على طرفها.
قال غيره: الناغض: فرع الكتف، سمى ناغضا لتحركه.
ومنه قيل للزليم نغض ؛ لأنه يحرك رأسه إذا غدا.
(1) محمد: 19.
(2) الترمذى فى الثممائل ص 43 (21)، وتفرد به الترمذى و(سناده صحيح وليس فى البخارى، وفى أحمد 3 / 69 بلفظ: (كنا نجالس أبا سعيد الخدرى بالمدينة، فسألته عن خاتم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذى كان بين كنفيه، فقال بأصبعه السبابة: هذا لحم ناشز بين كتفيه على "، عن غياث البكرى.
(3) أحمد 2 / 226 - 228، من.
حديث ائى رميثة، 3 / 435 من حديث معاولة بن قرة.
(4) فى خ: الملكين.
(5) سقط من الأصل.
(7/314)
كتاب الفضائل / باب فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ومبعثه، وسنه 315
(31) باب فى صفة النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )، ومبعثه، وسنه 13 1 - (2347) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ رَبِيعَةَ بْن أبِى
عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ التَه ( صلى الله عليه وسلم ) لَيْسِ بالطًّوِيلِ البَائنُ وَلاَ بالقَصِيرِ، وَلَيْسَ بِالأَبيَضً الأمْهَقِ وَلاَ بِالآدَثر، وَلاَ بالجَعِدِ اَلقَطَطِ وَلاَ بِالسَّبط، بَعَثَه" اللهُ عَلَىَ رَأسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَاع قَامَ بِمَكَة عَشْرَ سِنِين وَبِالمًدينَة عَشْرَ سنينَ، وَتَوَفَّاهُ اَللهُ عَلَى رَأسِ سِتِّينَ سَنَةً، وَلَيْسَ فِى رَأسِهِ وَلِحْيَتِه عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيضًاءَ.
وقوله: ا ليس بالطويل البائن ولا بالقصير): أى ليس بالطويل المتفاوت ولا بالقصير، كان ربعَ القامة.
قال القاضى: قيل: الطويل البائن: المضطرب المفرط فى طوله، ويدل على هذا قوله
فى الرواية الا"خرى: ا ليس بالطويل الذاهب) اى الزائد فى الطول، وفى الحديث الآخر: (أطول من المربوع وأقصر من المشذب) وهو البائن الطول فى نحافة.
والأشبه هنا أن المراد به أنه لم يكن طويلا يبيئ طوله ؛ بدليل ما جاء فى الحديث الآخر: ا ليس بالطويل الممغط ولا بالقصير المترثد كان ربعة) (1)، وفى آخر: ا لا طويل ولا قصير).
قال الإمام: وقوله: ا ليس بال البيض الا"مهق ولا بالاَدم) يعنى: لم يكن بالشديد البياض الذى يتوهم الناظر إليه برصثا[ كان بياضه مث!ربا بحمرة] (2).
قال القاضى: الأمهق: هو البياض الناصع الذى لا يخالطه حمرة ولا إشراق لبياضه
ولا صفرة، كأنه برص.
وقد قال فى الحديث الاَخر: " أبيض مث!رب) يريد بحمرة.
قال الخليل: المهق: بياض فى زرقة، والمقت مثله.
وقيل: أشد منه، والآدم الأسمر ؛ سمى لشبه لونه بأزمة الاَرض.
وقيل: لذلك سمى اَدم.
قال الإمام: أى ليس الشديد السمرة (ولا بالجعد القطط) يعنى: الشديد الجعوفي (ولا بالسبط) يعنى: المرسل الشعر.
قال القاضى: هو الشديد الجعودة الذى لا يطول مثل شعر[ السودان] (3) والسبط المسترسل الذى أ ليس] (4) فيه تكسر، والذي بين هاتين الصبغتين هى التى تقدمت فى قوله: (رجل الشعر) (5) أى فيه كسر قليل كأنه قد رجل أي مشط.
وقوله: (بعثه الله / على رأس أربعين سنة، وأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر
(1) الترمذى، كالمناقب، بما جاء فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يا363).
(2) ! قط من نخ الإكمال.
(3) من ح.
(4) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.
(5) حديث رقم (94) من هذا الكتاب -
232 / ب
316
(7/315)
كتاب الفضائل / باب فى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ومبعثه، وسنه (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِى بْنُ حُجْر، قَالُوا: حدثنا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَر.
ح وَحَدثنِى القَاسمُ بْرص زَكَرِيَّاءَ، حَد، لنَاً خَالِدُ بْنُ مَخْلَد، حَدثَّنِى سُلَيْمَان بْنُ بِلاَل، كِلاَهُمَا عَنْ رَبِيَعةَ - يَعنِى ابْنَ أبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك.
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ أَنَسبى.
وَزَادَ فِى حَليثِهِمَا: كَانَ ازْهَرَ.
سنين، وتوفاه الله على رأس ستين سنة]) وذكر فى الرواية الأخرى عن أنس: (قبض وهو ابن ثلاث وستين دا (1) وذكر مثله عن عائشة ومعاوية، وعن ابن عباس مثله، وأنه (أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه) (2)، وفى الأخرى: (بضع عشرة) (3،، وفى الرواية الأخرى عنه: (أربعين بعث وخمسة عشر بمكة يأمن ويخاف، وعشرة بالمدينة) (4)، وفى رواية أخرى عنه: (يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين، ولا يرى شيئا، وثمان سنين يوحى اليه) (ْ)، وذكر عن ابن عباس - أيضًا - أنه (توفهـ! وهو ابن خمس وستين) (6) هذا ما فى جملة كتاب مسلم من الاختلات، وقد اختلفت الآثار عن أصحابه بهذه الأقاويل، وجاء عن ابن عباس: " أنه بعث على راْس ثلاث وأربعين) وهو قول سعيد بن المسيب، وروى عنه: (أربعن) (7) أيضا.
وقد روي عن أنس وغيره أنه (توفى وهو ابن خمس وستين سنة) مثل إحدى الروايتين (8) عن ابن عباس.
وقال البخارى فى رواية من روى عن أنس: (ثلاث وستين) هذه أصح ممن قال: (ستين) فيتفق على ثلاث وستين كل من قال: إنه بعث على رأس ثلاث وأربعين، وأقام بمكة عشراً.
ومن قال: إنه بعث على رأس أربعين، وأقام بمكة ثلاث عشرة.
ولا خلاف أنه ولد - عليه السلام - عام الفيل.
(1) حديث رقم (114) من الباب التالى.
(2) حديث رقم (118) من هذا الكتاب.
(3) حديث رقم (116) من هذا الكتاب.
(4) حديث رقم (121) من هذا الكتاب.
(5) حديث رقم (123) من هذا الكتاب.
يلا) حديث رقم (122) من هذا الكتاب.
(7) حديث رقم (121) من هذا الكتاب.
(8) فى خ: الروايات.
(7/316)
كتاب الفضائل / باب كم سن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يوم قبض
317
(32) باب كم سنّ النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ) يوم قبض (1)
4 1 1 - (2348) حدّثنى أبُو غَسَّانَ الرَّازِىُّ، مُحَمّدُ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا حَكَّامُ بْنُ سَلبم، حَدثَننَا عُثْمَانَ بْنُ زَائدَةَ، عَنِ الزّبيْرِ بْنِ عَدِىٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: قُبضَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ ابْنُ ثَلاًثٍ وستِّينَ، وَأبُو بَكْر وَهُوَ ابْنُ ثَلاَث وَسِتِّينَ، وَعْمَرُ وَهُوًا بْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ ".
115 - (2349) وحدّثنى عَبْدُ المَلكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْث.
حَدثنِى ابِى عَنْ جَدِّى، قَالَ: حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهًابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عًائِشَةَ ؛ أَن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) تُوُفِّىَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيبِ بِمِثْلِ ذَلِكَ.
(... ) وحدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَبَّادُ بْنُ مُوسَى، قَالا: حدثنا طَلحَةُ بْنُ يحيى،
عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بالإِسْنَادَيْنِ جَمِيغا.
مِثْلَ حَدِيثِ عُقَيْلٍ.
(1) سبقت الإشارة إليه فى الباب السابق.
318
(7/317)
كتاب الفضائل / باب كم اقام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة والمدينة
(33) باب كم أقام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة والمدينة
116 - (2350) حدّثنا أبُو مَعْمَر، إسْمَاعيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الهُنَلِىُّ، حَا شَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قُلتُ لِعُرْوَةَ: كَمْ كَانَ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) بَمَكَةَ ؟ قَالً: عَشْرًا: قَالَ قُلتُ: فَإِقَ ابْنَ عَبَّاس يَقُولُ: ثَلاَثَ عَشْرَةَ.
(... ) وحلّطنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرو، قَالَ: قُلتُ لِعُروةَ: كَم لَبِثَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) بمَكَّةَ ؟ قَالَ: عَشْرا.
قُلتُ: فَإِنْ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقولُ: بِضع عَشْرَةَ.
قَالَ فَغفَّرهُ، وَقَالَ: إِنَّمَاَ اخَنَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ.
117 - (2351) حلّطنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَهَرُونُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ رَوْح بْن عُبَ ال! حَدصثنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَقُ عَنْ عَمْرِو بْنِ !ينًارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أً رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَكَثَ بِمَكَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، وَتُوفَى وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتَينَ.
118 - (... ) وحلّثنا ابْن أبِى عُمَرَ، حَدثنَا بشْرُ بْنُ السَّرِى، حَدثنَا حَمَّاد، عَنْ أبِى جَمْرَةَ الضبعىِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: أقَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَكَةَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنة يُوحَى إِلَيْهِ، وَبِ المَلِينَةِ عَشْزا، وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاث وَسِتَنَ سَنَة.
وقوله عروة لما سئل: كم لبث - عليه السلام - بمكة ؟ فقال: عشرًا، فقيل له: إن
ابن عباس قال: بضع عشرة، فصغره وقال: إنما أخف ه من قول الشاعر: كذا فى بعض الأصول: (فصغره) وهى رواية ابن ماهان، ورواه الجلودى: (فغفره)، وفى كتاب شيخنا الصدفى: (فغفروه دا ومعناه - والله أعلم -: دعا له بالغفران، كأنه وهمه فيما قال وخطأه، كما قالت عائشة: يغفر الله لاَبى عبد الرحمن، إنه لم يكذب ولكنه وهل، أى وهم.
والوجه الأول عندى أظهر، أى استصغر سنه[ لذلك] (1).
عن الضبط لذلك، لكونه مدة كون النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة لم يخلق أولأ، وفى آخرها صغيرا ليس فى سن من يضبط قيل: إنه ولد فى الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين.
وقوله: (إنما أخذه من قول الشاعر): يدل عليه أنه لم يدرك ذلك بنفسه ولا علمه بمشاهدته، وإنما سمعه من غيرد.
والشاعر هنا هو: أبو قيس صرمة بن أنس، حيث يقول: ثوى فى قريش بضع عشرة حجة يذكرلويلقى صديقًا مواتيا
(1) ساقطة من ح.
.
(7/318)
كتاب الفضائل / باب كم أقام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة والمدينة
319
119 - (2352) وحدّثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَد بْنِ ابَأنَ الجُعْفِىُّ، حدثنا سَلاَّمٌ
أَبُو الاع حْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ، قَالَ+ كُنْتُ جَالسئا مَعَ عًبْدِ الله بْنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرُوا سنِى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ بَعْضُ القَوْم: كَانَ أَبُو بَكْرٍ!كْبَرَ مِنْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ عَبْدُ الاَله: قُبِضَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ ابْن ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ ابْن ثَلاث وَسِتِّينَ، وَقُتِلَ عُمَرُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاَثٍ وَسِّت!!نَ.
قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْم - يُقَالُ لَهُ عَامرُ بْنُ سَعْد -: حدثنا جَرِيرٌ قَالَ: كُئا قُعُودًا عنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَذَكَرُوا سِنِى رَسُول ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ معَاوِيَةُ: قُبِضَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَ أَبُو بَكرٍ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَسِتِّ!!نَ، وَقُتِلَ عُمَرُ وَهُوًا بْنُ ثَلاثٍ وَسِتَينَ.
120 - (... ) وحئثنا ابْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار - وَالفَفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدهَّشَا شُعْبَةُ، سَمعْتُ أَبَأ إِسْحًق يُحَدِّث عَنْ عَامِرِ بْيط سَعْدٍ البَجَلِى، عَنْ جَرِيرٍ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يَخْطُبَ فَقَالَ: مَاتَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتَينَ، وَأَبُو بَكْر وَعُمَرُ، وأَنَأ ابْنَ ثَلاَثٍ وَسِتَ!!نَ.
121 - (2353) وحدثنى ابْنُ منْهَال الضَّرِبرُ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعْ، حدثنا يُونُسُ
ابْنُ عُبَيْد، عَنْ عَمَّار - مَوْلَى بَنِى هَاَشِمٍ - قَالَ: سَألتُ ابْنَ عَتاس: كَمْ أَتَى درَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًَ مَاتَ ؟ فَقَالً: مَا كنتُ أَحْسبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْعه يَخْفَى عَلَيْه ذًاكَ.
قَالَ: قلتُ: إِنِّىَ قَدْ سَأَلتُ الئاسَ فَاخْتَلَفُوا عَلَىَّ، فًأحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمِ قًوْلَذ فيه، قًالَ: أَتَحْسُبُ ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَمْسلث أَرْبَعينَ، بُعثَ لَهَا خَمْس عَشَرةَ بمًكًةَ، يَأمنْ وَيَخَافُ، وعَشْرَ مِنْ مُهَاجَرِهِ إِلَى المَلِينَةَ.
(... ) وحئثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ يُونُسَ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِبثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيعٍ.
122 - (... ) وَحدّثنى نصْر بْن علِى، حدثنا بِشْر - يعْنِى ابْن مفضلٍ - حدثنا خالِد
وقوله: " يسمع الصوت ": اى صوت الهاتف به من الملائكة.
(ويرى الضوء):
أى نور الملك وأنوار اَيات الله حتى رأى الملك بعينه وشافهه بوحى ربه.
قوله فى بعض
32
(7/319)
كتاب الفضائل / باب كم أقام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمكة والمدينة الحَنَّاءُ، حَا شَا عَمَّار مَوْلَى بَنِى هَاشِبم - حَدثنَا ابْنُ عَئاس ؛ أنَّ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) تُوُفِّىَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَسِتِّ!!نَ.
(... ) وحدّثنا أبَو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ.
حَدثنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالِدٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
123 - (... ) وحدثنا إسْحقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الحَنْظَلِىُّ، أخْبَر روْحُ، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِى عَمًّار، عَنِ ابْنِ عَبًّاسٍ.
قَالَ: أَقَامَ رَسولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَكَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَة، يَسْمَعُ الصَّوْتَ، وَيَرَى الضَّوْءَ سَبع سنينَ، وَلاَ يَرَى شًيْئأ، وَثَمَانَ سنينَ يُوحَى إِلَيْهِ، وَأقَامَ بِالمَدِينَةِ عَشْرًا.
ً
الروايات: من طريق ابن مثنى وابن يسار فى قول معاوية: مات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو ابن ثلاث وستين[ سنة] (1) ومات أبو بكر وعمر وهما ابنا ثلاث وستين، نحو هذا قيل عن معاوية فى الحديث الاَخر، وجاء فى رواية معظم شيوخنا عندنا: ومات أبو بكر وعمر وانا ابن ثلاث وستين.
وكذا قيدناه هنا دان لم يكن وهما، ولعل معناه على الحذف، أى مات أبو بكر وعمر مثله، ثم أخبر عن نفسه (2)، واْنه مستشعر قضاء مدته وأمد وفاته بموافقته وفاته.
(1) ساقطة من الأصل.
(2) فى!: سنه.
(7/320)
كتاب الفضائل / باب فى اسمائه ( صلى الله عليه وسلم ) 321
(34) باب فى أسمائه ( صلى الله عليه وسلم )
124 - (2354) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَابْنُ أَبى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِزُهيْرٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ ألاَخِرَان: حَد، شَا سُفيَانُ بْنُ عيينْةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، سمِعَ مُحَمَّدَ بْيقَ جُبَيْرِ بْنِ مُطعم عَنْ أَبيه ؛ أَنًّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: أَنَا مُحمَّدُ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحى الَّذى يُمْحَى بِى الكُفْر، وَأَنَاَ الحًاشِرُ الَّذِى يُحْشَرُ النَّأسُ عَلَى عَقِبِى، وَأَنَا العَاقِبُ).
وَاَلعَاقِبُ الَّنِى لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِىء
125 - (... ) حدّثَنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنى يُونُسُ، عَن ابْنِ شِهَاب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبيْر بْنِ مُطعِمِ، عَنْ أَبيهِ ؛ أَنَّ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنّ لِى أَسْمَاًَ ؟ أَنَا مُحَمَّد، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَآً نَا المَاحِى ائَذَى يَمْحُو اللهُ بِى الكُفْرَ، وَأَنَا الحًاشِرُ ائَذِى يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدمًىَّ، وَأَنَا العَاقبُ الَّذَى لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَد).
وَقدْ سَمَّاهُ اللهُ رَؤُوفًا رَحِيمًا.
(... ) وحدّثنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ اللَّيْث قَالَ: حَدثنِى أبِى عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْل.
ح وَحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدِ، أخْبَرَنَاَ عَبْدُ الرَّزَّاَقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحدثنا عَبْدُ اللهِ
/ وقوله: (أنا الماحى الذى يمحو الله بى الكفر، وأنا الحاشر الذى يحشر الناس على قدمى)، وفى الرواية الأخرى: (عقبى، وأنا العاقب الذى ليس بعدى)، فسره فى الحديث بما تقدم.
قال العلماء فى بيان هذا التفسير: محو الكفر إما من مكة وبلاد العرب وما زوى له من الأرض، ووعد أن يبلغه ملك أمته، أو يكون المحو عامًا بمعنى الظهور والغلبة كما قال: { لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} (1).
وقد جاء في حديث اخر يفسره أن معناه: الذى محيت به سيئات من اتبعه، فقد يكون المراد بالكفر هذا لقوله: (الإسلام يجب ما قبله) (2).
وقوله: (الذى يحشر الناس على عقبى) أو (قدمى) على الرواية الأخرى، قيل: على زمانى وعهدى، أى ليس بعدى نبى.
وقيل: (على قدمى): أى أمامى وقدامى، كأنهم يجتمعون إليه يوم القيامة، ويكونون امامه وخلفه وحوله.
وقيل: (على قدمى لما: على ساقى، قال الله تعالى: { أَن لَهُمْ قَمدَمَ صِدْق عِندَ رَبِّهِمْ} (3) وقيل: "على قدمى): على سنتى.
وقيل: يتبعونى.
وقيل: يحشر الناس بمشاهدتى، كما قال تحالى: { وَيَكُونَ الرسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدمًا} (4).
(1) 1 لتوبة: 33، ا لفتح: 28، 1 لصف: 9.
(3) يونلى: 2.
(2) أحمد 4 / 199، 4 0 2، 5 0 2.
(4) البقرة: 143.
233 / ءا
322
(7/321)
كتاب الفضائل / باب فى أسمائه ( صلى الله عليه وسلم )
ابْنُ عَبْد الرخْمَنِ الدارِمِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، أخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، كُلُّهُمْ عَنِ الزهْرِىِّ، بِهَذَا الإسْنَادَ.
وَفِى حَدِيث شُعَيْبٍ وَمَعْمَرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَفِى حَدِيثِ عُقَيْل: قَالَ: قُالَتُ للَزُّهْرِىِّ: وَمَا اَلعَاقبُ ؟ قَالَ: الَّذى لَيْس بَعْدَهُ نَبىٌ.
وَفى حَديث مَغمَر وَعقَيْل: اهَفَرًَ.
وَفِى حَدِيثِ شُعَيب: اهُفْرَ.
ًًًَ
126 - 23551) وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلى، أخْبَرَنَا جَرِير"، عَنِ الأعْمَش،
عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَن أَبِى عُبَيْلَةَ، عَنْ أبِى مُوسَى الأشعَرِىِّ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )
وقوله فى الحديث الآخر: (أنا محمد، وأحمد، وأنا المقفى).
فمعناه معنى العاقب، قال: شمر: هما بمعنى، يقال: قفى عليه، أى ذهب به، فكان معناه: أنا اخر الاَنبياء.
وقال ابن الاَعرابى: المنتقى: المتبع !للنبين، يقال: قفوته أقفوه وقفيته: افا لبعته، ومثله: قفته أقوفه، قال تعالىِ: { ثم قَفَّيْنَا عَلَئ آثَارِهم بِرُلمُلنَا وَقَفيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} الاَية (1)، وقال تعالى: { وَلا تقْفُ مَا لَشْىَ لَكَ بِهِ عِلْمْ} (2)َ، وقافية كل شىء وقفاه اَخره، ومنه: قافية الشعر.
قال الإمام: ومعنى العاقب: آخر المرسلن، وأنه ارسل عقبهم.
قال القاضى: قال ابن الأعرابى: العاقب والعقوب: الذى يخلف من كان قبله فى الخبر.
قال أبو عبيد: ومن هذا سمى عقب الرجل لولده بعده.
وقوله: (ونبى التوبة ونبى الرحمةِ) ويووى: (المرحمةأ، ومعنىِ هذا متقارب،
قال الله تعالى فى صفته: { ِ بالْمُؤْمنين رءُوف رَّجيم} (3)، وقال: { ويزَكِيهِمْ وَيُعَفمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (4)، { ويَفدِيهِغ إَلَى صِرَاط مُّستَقِيمل} (5)، وقال: { وَمَا أَرْلمَلْنَاكً إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (6)، ووصف أمته بأنها مرحومة ورحماء، وبأنهم تواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة.
ووقع فى بعض روايات مسلم مكان (الرحمة): (الملحمة) (7).
وهذا - 1 أيضا - صحيح المعنى، فقد جاء مفسرًا فى حديث حذيفة: (ونبى الملاحم) ؛ لاَنه - عليه السلام -
(3)
الحديد: 27.
ا ل! سراء: 36.
التوبة: 128.
آل عمران: 164، الجمعة 20.
ا لما ئد ة: 16.
الاءنبياء: 107.
ليس فى النسخة المطبوعة التى بين أيدينا، ويوجد فى مسند أحمد 5 / 5 - 4.
(7/322)
كتاب الفضائل / باب فى أسمائه ( صلى الله عليه وسلم ) 323
يُسَمِّى لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءَ.
فَقَالَ: (أَنَا مُحَمَّد، وَأَحْمدُ، وَا القَفِّى، وَ الحَاشِرُ، وَنَبِىّ التَّوْبَةِ، وَنَبِىُّ الرخْمَةِ)).
بعث بالسيف والحرب، وأمر أن يقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله.
وخص هذه ألاَسماء ما جاء فى أسمائه فى أحاديث اخر وفى كتاب الله وسائر الكتب
مع قوله فى الصحيح: ا لى خمسة اسماء) (1) وتخصيصه لهذه ال السماء دون غيرها، فقيل: لاَنها موجودة فى الكتب المتقدمة، معروفة عند الاَمم السالفة - والله أعلم.
وقد جمعنا من أسمائه - عليه السلام - أ كثرا] (2) مما جاء فى كتاب الله وسماه الله
به ولقل عن الكتب المتقدمة وعرفه بأنه للعرب والصحابة، وسماه به المسلمون عددًا وأفرادًا وتكلمنا / عليها كلامًا بالغًا فى كتاب: (الشفا بتعريف حقوق المصطفى) (3).
ذكر مسلم فى الباب فى حديث جبير بن مطعم: حدثنا عبذ الملك بن شعيب بن
الخ ث، حدثنا أبى عن جدى، حدثنا عقيل، إلى قوله: وفى حديث: قلت للزهرى.
كذا لابن ماهان، وعند غيره: وفى حديث معمر.
وفى حديث اسحق بن إبراهيم بعده: عن أبى عبيدة، عن أبى موسى.
كذا لهم.
وعند الطبرى: عند أبى عبيد.
(1) البخارى، كانماقب، بما جاء فى أسماء رسول الله (3532).
(2) زائدة فى خط.
(3) انظر: كتاب الشفا 146 / 1، 147.
233 / ب
324
(7/323)
كتاب الفضائل / باب علمه ( صلى الله عليه وسلم ) بالله تعالى وشدة خشيته
(35) باب علمه ( صلى الله عليه وسلم ) بالله تعالى وشدة خشيته 27 1 - (2356) حدّثنا زهيرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى الضُحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: صَنَعَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أمْزا فَتَرَخصَ فيه، فَبَلغَ ذَلكَ نَاسًا منْ أصْحَابه، فَكَأتهُيِمْ كَرِهُوهُ وَتَنَزَّهُوا عَنْهُ، فَبَلَغَهُ ذَلكَ، فَقَام خَطيئا فَقًالً: (مَا بَاَلُ رجَال بًلغَهُمْ عنّىً أمْرٌ تَرَخصْتُ فِيهِ، فَكَرِهُوهُ وَتَنَزَهُوا عًنْهُ، فَوَاللهِ لأنَاَ أَعْلَمُهُمْ بِاللّهِ وَأشَدُهُمْ لًهُ خَشْيَةً).
(... ) حدّثنا أبُو سَعِيدٍ الأشَجُّ، حَا شَا حَفْم - يَعْنِى ابْنَ غيَاث.
ح وَحَدثنَاهُ إِسْحَقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَىُّ بْنُ خَشْرَبم قَالا: أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلاً هُمَالَنِ الأعْمَشِ، بِإِسْنَادِ وقوله: صنع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أمرًا فترخص فيه، فتنزه عنه ناس، فبلغه ذلك، فغضب حتى بان الغضب فى وجهه، وقام خطيبًا فقال: " ما بال أقوام بلغهم عنى أنى أقد] (1) ترخصت فى أمر فكرهوه وتنزهوا عنه، فوالله لأنا أعلمهم بالله وأشدهم له خشية) وفى الرواية الأخرى: (عما رخص لى فيه) هذا من تعريضه - عليه السلأم - وأنه كان لا يؤاخذ الناس بالكتاب إنما يقول: (ما بال أقوام) و(ما بال افاس)، وكلان هذا من حسن معاشرته - عليه السلام - ورفقه بأمته ومحبته - عليه السلام - أن يوكتى بالرخص ويسق به فى ذلك.
وقد جاء: (أن الله يحب أن يوتى رخصه كما يجب أن يؤتى عزائمه) (2).
وفيه النهى عن التنطع فى الدين، والأخذ بالشدائد فى جميع الأمور ؛ فإن الدين يسر، والشريعة حنيفة سمحة، وذكر الإنسان نفسه بالخير، وثناؤه على نفسه إذا احتيج إلى ذلك، وكانت فيه منفعة لغيره ولم يقصد به الكبر والفخر.
وقولهم فى الحديث الآخر: السنا نهتبل) حرص منهم على التزيد فى الخير.
وفيه أن على التائب والصالح من التقوى والخيبر والخشية مثل[ ما على] (3) المذنب،
قال الله تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (4) وقال - عليه السلام -: (أفلا
(1) زائدة فى خ.
(2) الطبرانى فى الكبير 11 / 323 (.
مهـ ا ا)، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد، كالصيام، بالصيام فى السفر 3 / 165 وقال: (رواه الطبرانى فى الكبير والبزار ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبرانر).
(3) فى!: ماعمل.
(4) فاطر: 28.
(7/324)
كتاب الفضائل / باب علمه ( صلى الله عليه وسلم ) بالله تعالى وشدة خشيته
325
جَرِيرٍ.
نَحْوَ حَدِيثِهِ.
128 - (... ) وحدّثنا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدئنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَن الأعْمَش، عَنْ مُسْلمٍ، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ فِى أَمْرٍ، فَتَنَزًّهَ عَنْهُ نَاس مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ ذَلكَ النّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَغَضبَ، حَتَّى بَانَ الغَضَبُ فِي وَجْهِهِ.
ثُمَّ قَالَ: " مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عًمَّا رُخَّصَ لِى فِيهِ، فًواللّهِ لأنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللّهِ وَأَشَئفُمْ لَهُ خَشْيةً لما.
كون عبدًا شكورا) (1).
وفيه حجة أ بينة] (2) على جواز الاقتداء بجميع أفعال الأنبياء أوأن بواقعة الصغائر لا تصح مهم، وكذلك] (3) مواقعة المكروهات.
يإذا كان - عليه السلام - لا يقر على منكر باتفاق الجميع كان من قوأط أو فعل، واْنه
متى رأى شيئا فأقره دل على إباحته.
وكانت هذه حالة فى حق غيره، فكيف يصح وقوعه منه من صغيرة أو فعل مكروه، مع علمنا من دين الصحابة قطعًا بالنقل المتواتر والاقثداء بأفعاله وسماته فى جميع اموره، وقال لعائشة: (هلا خبرتيها أنى أقبل وأنا صائم)، وغضبه على الذي قال: يحل الله لرسوله ما شاء (4).
ويلزم الاقتداء بأفعاله، قال جمهور الفقهاء من المال!جة والحنفية والشافعية، ولم يشترطوا مع ذلك قرينة ولا دليلاً، وإن اختلفوا فى حكم ذلك هل هو على الوجوب، وحكى عن مالك، وهو قول أكثر أصحابنا أوالعراقين وبعض الثافعية.
أو على الندب، وهو قول أصحابنا وأكثر] (5) أصحاب الثافعى.
وذهب طائفة إلى أنه على الإباحة، وقيد بعضهم لزوم الاتباع بما يختص بالاءمور الدينية وعلم به مقصد القربة وقرينة الطاعة، يإليه اشار حذاق المتكلمن مهم.
(1) البخارى، كالتهجد، بقيام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الليل (1130)، مسلم، كالمنافقن، بإكثار الاْعمال والاجتهاد فى العباثة يا 281 / 79)، الترمذى، كأبواب الصلاة، بما جاء فى الاجتهاد فى الصلاة (412)، وقال.
حديث حسن صحيح، النائى، كقيام الليل، بالاختلاف على عائشة فى إحياء الليل (1644)، ابن ماجة، كإقامة الصلاة، بما جاء فى طول القيام فى الصلوات (ْ142).
(2) ساقطة من ح.
(3) سقط من الأصل.
(4) مالك، كالصوم، د.
، ما جاء فى رخصة القبلة للصائم 1 / 291 (13) من حديث عطاء بن يسار.
(5) سقط من أصل ح، واستدرك فى الهامثيما.
326
(7/325)
كتاب الفضائل / باب وجوب اتباعه ( صلى الله عليه وسلم )
(36) ياب وجوب اتباعه ( صلى الله عليه وسلم )
129 - (2357) حدّثنا قُتَيْبَةُ ثنُ سَعِيد، حَد، شَا لَيْمث.
ح وَحدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بهنِ الز!تجيْرِ ؛ أنَّ عَبْدَ اللهِ ابْنَ الزّبيْرِ حَدهَّلهُ ؛ انَّ شَ حلاً مِنَ الاع نْصَارِ خَاصَمَ الزّبيْرَعنْدَ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى شِرَجِ الحَرَّةِ الَّتِى يَسْقُونَ بهَا النّخلَ.
فَقَالَ الأنْصَارىُّ: سَرحِّ المًَيَمُرُّ.
فَا"بَى عًلَيْهِمْ، فَاخْتَصَمُوا عنْدَ رً سُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لِلزّبيْرِ: (اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَ أَرْسِلِ المَاََ إِلَىَ جَارِكَ لما، فَغَضبَ الا"نْصَارِىُ.
فَقَالً: يَا رَسُولَ الله، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَتِكَ! فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِىِّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ثُمَّ قَالً: يَا زُبَيْرُ، اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ المًاََ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ دا.
فَقَالَ الزّبيْرُ: وَاللهِ، إِنَى
234 / ءا
وقوله: (اْن رجلاً خاصم الزبير فى شراج الحرة التى يسقون منها النخل): الشراج مسايل الجدار إلى السيول، قالها الأصمعى.
وقال غيره: السراج لما سوقه الرجل من الماء إلى مائه، واحدها سرا.
وقوله: (اسق حتى يبلغ / الجدر): الجدر بالدال المهملة، والجدر بفتح الجيم وكسرها: الجدار، وجمع الجدر جدور، وجمع الجدار جدر.
واختلف فى المراد به هنا، فقيل: أصل الحائط.
وقيل: أصول الشجر، ويحتمل أن يريد به جدر الشرجات، وهي حفر يجعل حول النخل يجمع فيها الماء.
وقال الداودى: هى أعلى الجسور تحفر حول الشجر والزرع.
قال الإمام: تقدم الكلام على هذا الحديث، وذكرنا الاختلاف فى مراعاة بلوغ الماء إلى الكعبن، هل إذا بلغ الماء إليهما ارسل الجميع او حبس هذا المقدار منه وأرسل ما زاد.
والواجب أن يعين لكل أرض بقدر كفايتها.
وتحمل قصة الزبير على أنه كان على قدر كفاية ارضه، وهل يراعى بلوغ الكعبين فى الساقية أو فى أرض الحائط ؟ وذكرنا قضاءه ( صلى الله عليه وسلم ) مع غضبه، وقد نهى عن ذلك وذكرنا أنه معصوم فى الغضب والرضا، إلى غير ذلك من ال العذار التى ذكرناها، وإنما أذكر تلك بهذه الجملة لتطالعها هناك.
تالَ التكلاضى: ذحص البخارى عن الزهرى (1) قال: فقدر بال النصار والناس.
قلأ لى4 - ! (أءا احبس حتى يببغ الجدر فكان ذلك الى الكعبين) (2)[ قال الداودى:
(* ا ا لبخلى " كْ أالصحد! بفصل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم (2708).
لم 2) ا إ"ظ رق، كالمسا /، ة! ال ا شرب الأعلى إلى الكعبين !2 آ 23).
(7/326)
كتاب الفضائل / باب وجوب اتباعه ( صلى الله عليه وسلم ) 327 لاع حْسِبُ هَنه الاَيَةَ نَزَلَتْ فِى ذلكَ: { فَلا وَرَبِّكَ لا ئؤْمِئونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيهُمْ ثُمَّ لا يَجِذوا فَي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا} (1).
وقد روى فى حديث اَخر: أنه قال للزبير أولأَ: اسق إلى الكعبين] (2)، فلما رد عليه الاَنصارى أ قال له] (3): " اسق حتى يبلغ الجدر): فيه صبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على الأذى والاحتمال للجفاء، ويجب التأسى به على ما تقدم، ومثل هذا لو صدر اليوم من أحد فى حق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من تهمته فى الحكم، ورميه فيه بالهواء والميل، لكان كفرًا يجب قتل قائله، لكنه - عليه السلام - كان أول الإسلام يؤلف ويدفع بالتى هى أحسن، وكان يصبر للمنافقن ومن فى قلبه مرض على أكثر من هذا من التصريح والتعريض، وكان يقول: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا) (4)، " ولا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل اصحابه) (5)، وقال الله تعالى: { وَلا تَزَالُ تَطلِعُ عَلَى خَالًنَة فِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلأ فِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُم وَاصْفَحْ إِن اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (6).
وقوِله: إنى لاءحسب صذه الآية فى ذلك نزلت: { فَلا وَرَئكَ لا يُؤْشُونَ حَتَى جُكِمُوكَ
فِيمَا شَجَر بَيْنَهُمْ} الاَية (7): اختلف المفسرون في سبب نزول هذه الاَية، فقيل: فى شأن الزبير كما تقدم.
وقيل: فى رجلين تحاكما إلى النبى عليه، فحكم على أحدهما، فقال له: ادفعنى إلى عمر بن الخطاب.
وقيل: فى قصة اليهودى والمنافق اللذين اختصما إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فلم يرض المنافق بحكمه وطلب الحكم عند الكاهن، قالوا: وهو قول مجاهد، وأشبه بسياق الاَية وما قبلها.
وقال الطبرى: لا ينكر أن تكون نزلت فى الجميع.
وحكى الداودى: أن الذى خاصم الزبير كان منافقا (8).
وقوله عنه: (من الاَنصار،: أى من قبيلهم لا منهم.
(2) (4)
(5)
(6) (8 بم
النساء650.
فى هامش خ.
سقط من الا"صل.
أحمد 3 / 131، 209، البخارى، كالعلم، بما كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يتخولهم بالموعظة والعلم كى لا ينفروا (69)، مسلم، كالجهاد والسير، بفى ال المر بالتيار وترك التنفير (1732 / 6)، أبو داود، كالاع دب، بفى كراهية المراء (4835).
البخارى، كالتفسير، بقوله: { سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَفغ} (4905)، ومسلم، كالبر والصلة، بنصر أل الخ ظالما أو مظلومًا (كله ه 2 / 63)، الترمذى، كالتفسير، بومن سورة المنافقين (5 1 33) وقال: حسن صحيح.
من حديث جابر بن عبد الله - رضى الله عنه.
المائدة: س أ - (7) النساء650.
انظر: تنهسرِ الطبرى.
تحقيق أحمد شاكر 8 / 523 وما بعدها، تفير القرطبى 5 / 267 -
328
(7/327)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
(37) باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه
أولا يتعلق به تكليف، وما لا يقع، ونحو ذلك
130 - (1337) حدّثنى حَرْمَلةُ بْنُ يحيى التُجيبىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرًّ حْمَنِ وَسَعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، قَالا: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثًُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأفْعَلُوا مِنْهُ ما اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنَّمًا أَهْلَكَ الذِّينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثَرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلاَفُهُمْ عَلَى انْبِيَائِهِمْ).
(... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ أَحَمَدَ بْنِ أن خَلَفِ، حَدثنَا أبُو سَلَمَ! وَهُوَ مَنْصُورُ بْنُ سَلَمَةَ الخُزَاعِىُّ، أَخْبَرَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ سَوَاَ.
131 - (... ) حدثنأ أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شئيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِبَةَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنَأ أن، كلاَهُمَا عَن الأعْمَش، عَنْ أبى صَالِح، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ.
ح ص ص عر!حم ص، 5، ص صَ حمرَ، ص، صَ ه صَ: َ ص ص حصر"ه، ءَ، ص ص ص عص ص وحدثنأ قتيبة بن سعِيد، حدثنأ المغِيرة - يعنِى الحِزامى.
ح وحدثنا ابن ابِى عمر، حدثنأ سُفْيَانُ، كلاَهُمَا عَنْ "أَبى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
ح وَحَدثنأَهُ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ، حَدتنَنأَ أبى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَاد، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ.
ح وَحدثنا مُحَمَّدُ ابْنُ رًا فِع، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَيق فَمَام بْنِ مُنئه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، كُلُّهُمْ قَالَ: عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَرُونِى مَا تَركْتُكُمْ).
وَفى حَدِيثِ هَمَابم ": (مَا تُرِكْتَمْ، فَإِنَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)، ثُمَّ ذَكَرُوا نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِىًّ عَنْ سَعِيد وَأَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
132 - (2358) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا إِبْراهيمُ بْنُ سَعْد، عَنِ ابْنِ شهَاب،
عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن أَعظَمَ المُسْلِمِنَ فِى المُسْلِمِينَ جُرْفا، مَنْ سَألَ عَنْ شَىء لَمْ يُحَرَّمْ عَلَى الَمُسْلِمِينَ، فَحُرِّمَ عَلَيْهِمْ، مِنْ أجْلِ مَسْالَته لا.
قوله: (أعظمِ الناس جرمًا من يسأل عن شىء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته) وفى رواية: (ونقر عنه)، وقوله: (إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم عن
(7/328)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ 329
133 - (... ) وحل!ثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالا: حدثنا سُفْيَان بْنُ عُييْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِى.
ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدثنَا سُفْيَانُ قَالَ - أَحْفَظُهُ كَمَا أَحْفَظُ بسْم اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم - الزُّهْرِىُّ: عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " أَعْظَمُ المُسْلِمِينَ فِى المُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأًلَ عَنْ أمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ عَلَىَ النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْالَتِهِ).
(... ) وَحَدثنِيه حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِي يُونُسُ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ
ابْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَاَ عَبْدُ الرَّزَّ ال، أَخْبَرَنَا مَعْمرٌ، كِلاَهمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَأدِ.
وَزَادَ فِى حًدِيث مَعْمَرٍ: (رَجُلٌ سَأَلَ عَنْ شَىءٍ ونَقَّرَ عَنْهُ).
وَقَالَ فِى حَديثِ يُونُسَ: عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ؛ أً نَّهُ سَمِعَ سَعْدًا.
134 - (2359) حلّثنا مُحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ ومُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ السُّلَمِىُّ وَيَحْىَ بْنُ مُحَمَّد اللُّؤْلُئِىُّ، وَأَلفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ - قَالَ مَحْمُودٌ: حدثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْل.
وقاَلَ الآخَرَاًنِ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ - أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حدثنا مُوَسَى بْنُ أَنَسبى، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِك، قَالَ: بَلَغَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ اصْحَابِه شَىء!، فَخَطَبَ فَقَالَ: (عُرِضَتْ عَلَىَّ الجَنَّةُ وَالنَّار، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْم فِى الخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَلًوْ تَعْلَمُونَ مَا اعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلأ وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا".
تَالَ: فَمَا أَتَى عَلَى أَصْحَاب رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمٌ أَشَدُّ منْهُ، قَالَ: غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنين.
قَالَ: فَمًامَ عُمَرُ فَقَاً: رَضينَا باللَه رصلا، وبِا لاِسْلاًم ! ينا، وبمُحَمَّد نَبِئا.
قَال: فقَامَ ذَاكً الرَّجُلُ فَقَالَ: مَنْ أَبِى ؟ قَالَ.
(أً بُوكً فُلاَن! لما.
فَنَزَلَ!: { يَا أً يُّهَا الَذً ينَ آمَنُوا لا تَسْاَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (1).
مسائلهم.
واختلافهم على أنبيائهم): المراد بالجرم هنا الحدث على المسلمين، لا أنه / من الجرائم والآثام المعاقب عليها، إذ كان السؤال أولا مباحًا، ولولا ذلك لما قال - عليه ا لسلام -: (سلونى).
وقوله فى الحديث الاَخر: (فشزلت: { يَا اً يُّهَا الَّنِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ اٍن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فيه الأدب مع العالم، وترك الإلحاح عليه فى السؤال، وترك التكلف.
قيل:
234 / ب
330
(7/329)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
135 - (،.
.
) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرِ بْنِ رِبْعِى القَيْسِىُّ، حدثنا رَوح بْنُ عُبَادَةَ، حَد!اَلنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ أَنَس قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بْنَ مَالك يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَبِى ؟ قَالَ: (أَبُوكَ فلاَنٌ)، وَثَزَلَتْ ة{ يَا أَيّهَاَ الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} تَمَامَ الآيَةِ.
136 - (... ) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى بْنِ عَبْدِ ال!هِ بْنِ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبِ، اخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخْبَرَنِى انَسُ ثز مَالك ؛ أَنَّ رَسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَرجً حِينَ زَاغَت الشَّمْسُ، فَصَلَّى لَهُمْ صَلأَةَ الظُّهْرِ، فَلَقَا سَلَّمَ قًامً عَلَى المِنْبِرَ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وَذَكَرَ أنًّ قَبْلَهَا أُمُورًا عِظَامأ.
ثُمَّ قَالَ: (مَنْ أحَبَّ أَنْ يَسْأَلَنِى عَنْ شَىء فَليَسْألنِى عَنْهُ، فَوَال!هِ لاَ تَسْألُونَنِى عَنْ شَىء إِلاَّ أخْبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دمتُ فِى مَقَامِى هنَا لما.
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِك: فَاكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذِلكَ مِن رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَثْثَر رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَنْ يَقُوذُ: (سَلُونى)، فَقَامَ عَبْدُ الله بْنَ حنَافةَ فَقَالَ: مَنْ ابى يَا رسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ.
(أَبُوكَ حُذَافَةُ لما، فَنَمَّاَ ثْثَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ انْ يَقُول: (سَلُونِى) بَرَكَ عَمَرُ
نزلت الاَية فى سؤالهم اياه عما عفا الله عنه من اْمور الجاهلية، فحذرهم الله عقباها، والسؤال عما لا فائدة فيه، ولم ينزل بهم وما سكت عنهم، وقد كره السلف السؤال عما لم ينزل.
وقيل: نهى عن السؤال فى الآية مما لم يذكر فى القرآن مما عفا الله عنه.
وأما قوله: (فنقر عنه): أي بحث، وهى رواية الجمهور، ووجه الكلام.
وعند السمرقندى: (فبعث عنه) بالباء، وهو متقارب المعنى.
يقال: إنه لنقاب، أى عالم باحث عن الأشياء، قال الله تعالى: { فَنَقَّبُوا فِي الْبِلاد} أى: جالوا فيها وبحثوا وتفرقوا { هَلْ مِن مّحِيص} (1)، أى معدل.
وفى رواية: (نفر) بالفاء والراء، وهو خطأ.
وقوله: (غطوا رؤوسهم ولهم خنين): رويناه عن العذرى بالحاء المهملة، وعن غيره بالمعجمة وهو الصحيح في هذا الموضع.
والخنن: بكاء له صوت.
قال الخليل: الخنة: ضرب من الغنة.
قال الأصمعى: إذا تردد بكاء الرجل فصار فى صوته غنة قيل: خيق.
وقال اْبو زيد: الخنين مثل الحنين وهو الشديد من البكاء، [ وقد جاء فى بعض االروايات: (فأكثر الناس من البكاء)] (2).
قال ابن دريد: الخنين: تردد البكاء من الأنف، والحنن تردده من الصدر.
(1) ق: 36.
(2) فى هامش خ.
(7/330)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ أصهم فَقَالَ: رَضِينَا بِاللّهِ رَبَّا، وَبِالإسْلاَم دينًا، وَبمُحَمَّد رَسُولآَ.
قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حِينَ قَالَ عُمَرُ ذَلكَ.
ثُمَّ قَالً رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أً وْلَى، وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّد بيَدِهِ، لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَىَّ الجًنَّةَ وَالنَّارُ اَنِفًا فِى عُرْضِ هَث!ا الحَأئِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالَيَوْم فِى الخَيًْوَالشَّرّ لما.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: اخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ: قَالتْ أَمُّ عَبْد ال!هِ بْنِ حُذَافَةَ لِعَبْدِ اللّهِ بْنِ حُذَافَةَ: مَا سَمِعْتُ بابْنٍ قَط أَعَقَّ مِنْكَ ؟ أَ أمِنْتَ أَنْ تَكُونَ أً مّكَ قَدْ قَارَفَتْ بَعضرَ مَا تُقَارِفُ نسَاءُ أهْ!! الجَأهَليَّة، فَتَفْضَحَهَا عَلَى أَعْيُنِ الئاسِ ؟ قَالَ عَبْدُ اللّهِ ابْنُ حُذَافَةَ: وَاللهِ، لَوْ أَلحًقَنِى بِعَبدٍ أَسْوَدَ لًلًحَقْتُهُ.
(... ) حديثنا عَبْدُ بْيق حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحدثنا عَبْدُ اللهِ
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن الدَّارمِىّ، أَخْبَرً نَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيمث، كِلاَهُمَا عِنِ الزهْرِىِّ، عَنْ أَنَسي، عَنِ النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) َ، بِهَذَا الحَدِيثِ، وحَليثِ عُبَيْدِ اللّهِ، مَعَهُ.
غَيْرَ أَن شُعَيْبًا قَالَ عَنِ الزّهْرِىِّ: قَالَ: أَخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: حَدثَّنِى رَجُل مِنْ اهْلِ العِلم ؛ ان اتمَ عَبْدِ الله بْنِ حُذَافَةَ قَالَتْ ؛ بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونسَ.
137 - (... ) حدّثنا يُوسُفُ بْنُ حَمَّاد المَعْنِىُّ، حَد"ننَا عَبْد الأعْلَى، عَنْ سَعيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسي بْنِ مَالِك ؛ أنَّ النَّاسَ سَألُوا نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالمَسْألَةَِ، فَخَرَجَ
احتج به من أنكر على الصوفية وأصحاب الرقة ما يصدر منهم من الحركات، والزعق، والغشيان عند سماع الوعظ والتخويف، والأمور المحركات الذى يسمونها الوجد.
وقال أبو بكر الاجرى: كان النبي - عليه السلام - أصدق الناس موعظة، وأنصح
الاءمة لها، وأصحابه أدق الناس قلوبًا، وخير من جاء بعدهم، ما صرخوا ولا زعقوا عند موعظته، ولو كان صحيحا كانوا أحق الناس به أن يفعلوه بين يديه، ولكنه بدعة وضلالة.
وفى سند هذا الحديث: حدثنا محمد بن غيلان، حدثنا محمد بن قدامة السلمى.
كذا لكافتهم، ولابن ماهان عند بعض الرواة: (الكلبى)، والصواب الأول.
وقوله: فى هذا الحديث: " من أراد أن يسألنى عن شىء فليسأل، فوالله لا تسألوننى عن
شىء إلا أخبرتكم به[ ما دمت] (1) فى مقامى): هذا مما لا يمكنه منه - عليه السلام -
(1) ساقطة من ال الصل، والمثبت من الحديث المطوع رقم (134).
332
(7/331)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
ذَاتَ يَوْبم فَصَعدَ المنْبرَ.
فَقَالَ: (سَلُونِى، لاَ تَسْألُونِى عَنْ شَىءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ لما، فَلَمَا سَمِعَ ذَلِلث القَومُ أَرَمّوا، وَرَهِبُوا أنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَىْ أَمْر قَدْ حَضَرَ.
قَالَ أَنَس!: فَجَعَلتُ ألتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالآ، فَإذَا كُلُّ رَجُل لاَتّ رَأسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبكِى،
فَاع نْشَا رَجُل مِنَ المَسْجد، كَانَ يُلاَحَى فَيُدْعَى لِغَيْرَ أَبِيه.
فَقَالَ: يَانَبِىَّ اللهِ، مَنْ أبِى ؟ قَالَ: (أَبُوكَ حُذَافةُ).
ثُمًّ أً نْشَأ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضْىًا لللهُ عَنْهُ فَقَالَ: رَضِينَا باللّه رَبَّا، وبِالإِسْلاَم ديئا، وَبِمُحَمَّد رَسُولأ، عاَئنًا بِالثه مِيق سُوءِ الفتَنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَمْ أَرَ كَاليَوْم قًطُّ فِى الخَيْر وَالشَّرِّ، إِنِّىَ صُوًّ رَتْ لِىَ الجًنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الحَائِد).
(... ) حَدّثنا يحيى بْنُ حَبِيب الحَارِثِىُّ، حدثنا خَالد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ.
ح وَحَد 8لنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَد 8لنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبى عَدىٍّ، كَلاَهُمَا عَنْ هشَام.
ح وَحدثنا ص، 5، ص ه يره+ ص سر، 5 ص نص صَ ص هَ، ءَ ص ص صًَ محرص ص ص، ص ه عاصِم بن النضرِ التيمى، حدثنا معتمر، قال: سمعت ابى.
قالا جميعا: حدثنا قتادة عن أنَس، بِهَنِهِ القِضَةِ.
ً
138 - (0 236) حَدّثنا عَثدُ اللهِ ثنُ بَرَّادِ الأشْعَرِى وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء الهَفدَانِىُّ قَالا: حَدثنَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد ؛ عَنْ أبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى مُوسَى قَالَ: سُئِلَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ أشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَ الثَرَ عَلَيْهِ غَضِبَ.
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: (سَلُونِى عَمَ شِثتُم دا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ
235 / أ
أن يقوله إلا عن وحى، إذ لا يعلم من أمور المغيبات إلا ما علمه الله.
وقول عمر: (رضينا بالله ربا) الحديث، فسكت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حين قال ذلك:
يبين أن النبى إنما قال ذلك لهم غضبًا، كما قال فى رواية أخرى: (وسكن غضبمدا، ومذهبه واختياره لهم خلافه من ترك المساءلة لكن ساعدهم على ذلك لجوازه لهم، ولما رأى من حرصهم فيه، وليبين قدر ما علمه الله به، ويغيظ بذلك الكفار والمنافقيئ، ويقطع بهم فى منزعهم فى تعنيته فى السؤال، ومعاقبته لهم بكثرة سؤالهم، وبإعلامهم بكل ما سألوا عنه.
وفيه ما يسوء بعضهم إن كانوا قد اْكثروا عليه وأخفوه فى السوال كما جاء فى الحديث الاَخر بعده، / وكما قال فى الرواية الانحرى للذى سأله: أين أنا ؟ قال: (فى النار)، ويحنمل أنه من المنافقن المستوجبن لها والعاصين.
وقيل: بل قاله - علمِه السلام - عقابًا وغضبًا لتعنيته إياه بسواله، فاستوجب به النار.
ومعنى (سكت) هنا: صمت ويحتمل أنه بمعنى: سكن، كما جاء فى الحديث
(7/332)
كتاب الفضائل / باب توقيره ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ !ه!ه!م أَبِى ؟ قَالَ: " أَبُوكَ حُذافَةُ لما، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَنْ أَبى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: (أَبُوكَ سَالِم مَوْلَى شَيْبَةَ لا فَلَمَّا رَأَى عُمَر مَا فِى وَجْهِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ الغَضبِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنّا نَتُوبُ إِلَى اللّهِ.
وفَى رِوَايَةِ أَبِى كُرَيْبٍ: قَالَ: مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: (أَبُوكَ سَالِم - مَوْلَى شَيْبَةَ لما.
الاَخر، وكيا قيل فى قوله تعالى: { وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَب} (1).
قوله: - عليه السلام -: " والذى نفسى بيده، لقد عرضت علىّ الجنة) أدْنى كلمة تهدد وتلهف، وقوله: ا لقد عرضت على الجنة والنار عرض هذا الحائط) بضم العيئ، أى جانبه، وقيل: وسطه يحتمل وجهين: أحدهما: أنه عرضت له حقيقة فى جهة الحائط، وإلا فالجنة والنار لا يتسع فى الحائط ولا يحل فيه، ويدل على هذا التأويل من عرضها له حقيقة قوله فى الحديث الاَخر: (فتناولت منها عنقودا)، أو يكون ضرب لها مثلها وشرح له أمرها بإمراريه فى الحائط وجهته، ويدل - أيضا - على صحة هذا الشأويل قوله فى الرواية الأخرى: [ (صورت لى الجنة)، وعليه يدل لفظه فى الحديث الإَخر بعده] (2) (صورت لى الجنة والنار، فرأيتهما دون هذا الحائط).
وقول أم حذافة: (أ أمنْتَ أن تكون أمك قارفت بعض ما تقارف نساء الجاهلية فتفضحها): أى عملت ذنبًا، يريد الزنا، واكتسبته، قال الله تعالى: { وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مقْتَرِفُونَ} (3).
وكان سبب سؤال حذافة أن بعض الناس كان يطعن فى نسبه، وقد بين ذلك فى الحديث الاَخر، ولم يسمه، فقال: " كان يلاحى ويدعى لغير أبيه) أى يخاصم ويشاتم.
والملاحاة: الخصام والسباب.
وقوله: (سألوه حتى أحفوه): أى أكئروا عليه فى المسألة والإلحاح: وأخطأ فى السؤال وألحف بمعنى: ألح وبالغ.
وقوله: " فلما سمع ذلك القوم أرموا).
قال الإمام: سكتوا.
قال صاحب الاَفعال:
أرم القوم: سكتوا لشىء هابوه، والعظم صار فيه رم وهو المخ، والأرض صار شجرها رميما من الجدب.
قال القاضى: وأصله من المرمة وهى الشفة، أى ضموا شفاههم بعضها على بعض
ولم يتكلموا.
وأصل المرمة فى ذوات الأظلاف بمنزلة الشفة من الإنسان، يقال منه: رمت الشاة النبات: إذا تناولته بشفتيها.
وفى الحديث فى ذكر سمن البقر: فإنها ترم من كل الشجر.
(1) الأعراف: 154.
(3) الأنعام: 113.
(2) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
"23 / ب
334
(7/333)
كتاب الفضائل / باب وجوب امتثال ما قاله شرعا...
إلخ
(38) باب وجوب امتثال ما قاله شرعًا، دون ما ذكره
( صلى الله عليه وسلم ) من معايش الدنيا على سبيل الرأى
139 - (1 236) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد الثَّقَفِىُّ وَأَبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ، وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظ، وَهَذَا حَديثُ قُتَيْبَةَ، قَالا: حَدهَّشَا أبُو"عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاك، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلحَةَ، عَنْ أَبيه، قَالَ: َ مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ ( صلى الله عليه وسلم ) بقَوْبم عَلَى رُؤُوسِ الثخْلِ، فَفَالَ: (مَا يَصْنَعُ هَوُلاَءَ ؟ "، فَقَالُوا: يُلَقِّحُونَهُ، يَجْعَلُونَ الذكًرَ فِى الأنْثَى فَيَلقَحُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الهَأ أظُنُّ يُغْنِى ذَلِكَ شَيْئا لما.
قاَلَ: فَالمخبَروُا بِذَلكَ فَتَرَكُوُه.
فَالمخبَرَ رسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) بذَلكَ فَقَالَ: (إِنْ كَانَ يِنْفَعُهُم ذَلِكَ فَليَصْنَعُوهُ، فَإِنِّى إِئمَا ظَنَنْتُ ظَنَّا، فَلاَ ثُؤَاخذُونِى بالظَّنًّ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللهِ شَيْئًا فَخُنُوا بِهِ، فَإِنِى لَنْ !كْذِبَ عَلَى اللهِ - عَزَّ وَجًلَّ لا.
0 4 1 - (2362) حدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الرومِىِّ اليَمَامِى وَعَئاسُ بْنُ عَبْد العظيم العَنْبَرِى وَأَحْمدُ بْنُ جَعْفَر ال!عْقِرِىُّ، قَالُوا: !دثنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَد، حدثنا عِكرِمَةُ - وَهُوَ ابْنُ
وقوله - عليه السلام - فى إنكار التذكير للنخل: " لو لم تفعلوا لصلح وكان خيرًا،
وما أظن يغنى ذلك شيئًا) فتركوه، فنقصت، فقال: (إنما أنا بشر، دإنما ظننت ظنا، فلا تؤاخذونى بالظن، فإذا حدثتكم عن الله[ شيئًا] (1) فخذوا، فإنى لن أكذب على الله، وإذا أمرتكم بشىء من رأحم! فإنما أنا بشر)، وفى الرواية الأخرى: فخرجت شيصا، فقال: " أنتم أعلم بأمر دنياكم): فمعنى قوله هنا: (من أمرى): يعنى فى أمر الدنيا، لا فيما رآه أو قاله من قبل نفسه فى اجتهاده فى الشرع والسير على القول بجواز الاجتهاد منه ؛ لا"ن القسم الذى[ قد أمر بالاَخذ به بقوله: (من دينكم وعن الله)، وهذا اللفظ الذى] (2) قال فيه: (من رأى) إنما ادَى به عكرمة فى الحديث على المعنى لقوله اَخر الحديث / أو نحو هذا، فلم يأت به بلفظ النبى مخففا فلا يحيل به من لا تحقيق عنده.
وقول النبى هاهنا للأنصار فى النخل ليس على وجه الخبر الذى يدخله الصدق والكذب فينزه النبى عن الحلف فيه، وإنما كان على طريق الرأى منه ؛ ولذلك قال لهم: " إنما ظننت ظنًا، وأنتم اعلم بأمر دنياكم)، وحكم الأنبياء وازاؤهم فى حكم أمور الدنيا حكم
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من الحديث المطبوع رقم لا 13).
(2) سقط من الأصل.
(7/334)
كتاب الفضائل / باب وجوب امتثال ما قاله شرعا...
إلخ
335
عَمَّارٍ - حدثنا أَبُو النَّجَاشِىِّ، حَدثَّنِى رَافِعٌ بنُ خَديجٍ، قَالَ: قَدِمَ نَبِىُّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) المَدِينَةَ، وَهُمْ يَا"بُرُونَ النَّخْلَ، يَقُولُونَ يُلَقِّحُونَ الثخْلَ.
فَقًالَ: " مَا تَصْنَعُونَ ؟).
قَالُوا: كُئا نَصنَعُهُ.
قَالَ: " لَعَلكُمْ لَوْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ خَيْرًا)، فَتَرَكُوهُ.
فَنَفَضَتْ أو فَنَقَصَتْ.
قَالَ: فَذَكَرُوا ذَلَكِ لَهُ.
فَقَالَ: (إِئمَا أنَا بَشرٌ، إِذَا أَمَرْتُكُم بِشَىْء مِنْ دِينَكُمْ فَخُذُوا بِهِ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَىءٍ مِنْ رِأَىٍ فَإِنَماَ أَناَ بَشَرٌ ).
قَالَ عِكْرِمَةُ: أَوْ نَحْوَ هَنَا.
قَالَ المَعْقِرِى: فَنَفَضَتْ.
وَلَمْ يَشُئاَّ.
1 4 1 - (2363) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقا -، كلاَهُمَأ عَنِ الأسْوَدِ بْنِ ضَامِرٍ.
قاَلَ أبُو بَكْرٍ: حدثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدثناَ حَمَّادُ بْنُ سًلَمَةَ، عَنْ هشَام بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ عَائِشَةَ وعن ثَابِتٍ، عَن أَنَسٍ ؛ أن النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) مَر بقَوْمٍ يُلَقَحُوَنَ.
فَقَالَ: ا لَوْ لَمْ تَفْعًلُوَا لَصَلحُ).
قَالَ: فَخَرَجَ شيصًا، فَمَرَّ بِهِمْ فَقَالَ: (مَا لَنَخْلِكُمْ ؟ ".
قَالُوا: قُلتَ كَذَا وَكنَا.
قَالَ: " أَنْتُمْ اعْلَمُ بِامرِ د!نَياكُمْ).
غيرهم من اعتقاد بعض الأمور على خلاف ما هى عليه، ولا وصم عليهم فى ذلك ؛ إذ هممهم متعلقة بالاَخرة والملأ الأعلى وأوامر الشريعة ونواهيها وامور الدنيا يضادها ؛ بخلاف غيرهم من أهل الدنيا الذين يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون.
وقوله: (يأبرون النخل) فسره فى الحديث بقوله: (يلقحون يجعلون الذكر في الأنثى فيلقح)، [ يقال: أبرت النخل أبرها وأبرها وائرتها أيضًا، والاسم الأبار وا لأبر] (1).
وقوله ت " فخرج شيصا).
قال الإمام: الشيص: البسر الذى لا نوى له.
قال القاصْى: وهو ردىء البسر الذى إذا يبس صار حشفًا.
وقوله فى الرواية الأخرى: (فنفضت) أى سقطت ثمرها.
(1) فى هامث!خ.
336
(7/335)
كتاب الفضائل / باب فضل النظر إليه ( صلى الله عليه وسلم )، وتمنيه
(39) باب فضل النظر إليه ( صلى الله عليه وسلم )، وتمنيه
142 - (2364) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَثدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَام بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أبُو هُرَيْرة عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ فَذَكَرَ أحَاديثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ ائئه ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالَّذى نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَيَأتِيَنَّ عَلَىَ أَحَدِكُمْ يَوْمو وَلاً يَرَانِى، ثُمَّ لأنْ يَرَانِى أحَمت إِلَيْهِ مِنْ أهْلِهَ وَمَألِهِ مَعهُمْ) ".
قَالَ أَبُو إٍ سحَقَ: المَعْنَى فِيهِ عِنْدِى: لأنْ يَرَانِى مَعَهُمْ أحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
وَهُوْ !كلِنْدِى مُقَلدم ومُؤَخَّز.
وقوله: (والذى نفس محمد بيده، ليأتين على احدكم يوم ولا يرانى ثم لاءن يرانى أحب إليه من أهله وماله معهم)، وفى بعض الروايات: (معه لما، وليس عند شيوخنا.
قيل: معناه على التقديم والتأخير: لأن يرانى معهم - أو معه - أحب إليه من أهله وماله ثم لا يرانى.
وكذا جاء فى مسند سعيد بن منصور: ا ليأتين على احدكم يوم[ لأن يرانى] 11) أحب اليه من أن يكون له مثل اهله وماله).
وقد جاء نحو هذا فى بعض نسخ مسلم من كلام ابن سفيان، وثبت عند الجيانى ونصه: قال أبو إسحق: معناه عندى: لأن يرانى معهم أحب إليه من أهله وماله، وهو عندى مقدم ومؤخر، ولم تكن هذه الزيادة عند أكثر شيوخنا.
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(7/336)
كتاب الفضائل / باب فضائل عيسى عليه السلام 337
(40) باب فضائل عيسى عليه السلام 43 1 - (2365) حدَّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْمَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُس!، عَنِ
ابْنِ شِهَاب ؛ انَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ ؛ انَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَاًلَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُءً (أَنَا أوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، الانبِيَاءُ أوْلادُ عَلاَّتٍ، وَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِى ".
144 - (... ) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَد، شَا أَبُو دَاوُدَ عُمَرُ بْنُ سَعْد، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ ابِى سَلَمَةَ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رس!ولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ت الأنبِيَاءُ آئنَاءُ عَلاتِ، وَلَيْسر بَيْنِى وَبَيْنَ عِيسَى نَبِى).
145 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعِ، حدثنا عَبْدُ الررأقِ، حَدثنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام
وقوله: (أنا أولى الناس بابن مريم فى الاَولى والاَخرة) قالوا: كيف يا رسول الله ؟ قال: " الاَنبياَ إخوة[ من] (1) علات)، وفى الرواية الاَخرى: (أولاد علات، وأ!اتهم شتى ودينهم واحد، فليس بيننا نبى (2)): أولاد العلات: هم الذين ليسوا لاْم واحدة، والعلات: الضرائر.
قال الهروى فى هذا الحديث معناه: أنهم لأمهات مختلفات ودينهم واحد (3).
قال القاضى: لم يرد على ما ذكر فى الحديث، وهذا غير مراد الحديث بدليل آخره،
وإلا فما اختصاص عيسى حينئذ من بينهم، وما خص الأمهات من بين الاَباء فى حق الأنبجاء وليسوا لأب واحد، كما ليسوا لاءم واحدة ؟ والظاهر فى معناه: أن الأنبياء يختلفون فى أزمانهم، وبعضهم بعيد الوقت من بعض، وبين بعضهم وبعض أنبياء أخر، وإن شملتهم النبوة وكأنهم أولاد علات، إذ لم يجمعهم زمن واحد كما لم يجمع أولاد العلات / بطن واحد.
وعيسى لما كان[ قريب الزمن] (4) منه ولم يكن بينهما نبى، فكأنهما فى زمن واحد وابنى أم واحدة فكان بخلاف غيرهما، فلذلك قال: (أنا أولى !سدا، وفسر ذلك بقوله: (وليس بينى وبينه نبى) دانما ذكر فى الحديث عندى: (أمهاتهم شتى ودينهم واحد) لشبههم بأولاد العلات لما ذكرنا.
(وأولى) هنا بمعنى: أخص وأقرب وأقعد ؛ لقوله: (فلأولى رجل ذكر)، ولقوله: ! مزينة وجهينة موالى دون
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من الحديا المطبوع رقم (145).
(2) فى الأصل: وليس بينى وبينه نبى.
(3) لم نعثر عليه فى غريب الحديث للهروى ولعله فى الغريبين.
(4) فى! ة قريئا.
236 / ءا
8 صهم
(7/337)
كتاب الفضائل / باب فضائل عيسى عليه السلام ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَددَّشَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَ البثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ): (أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فى ال الولَى وَالاَخِرَةِ).
قَاَلُوا: كَيْفَ يَارَسُولَ اَللهِ ؟ قَالَ: (الا"نْبِيَاءِ إِخْوَةَ! مِنْ عَلاَّت، وَامًّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدينُهُمْ وَاحد، فَلَيْسَ بينَنَانَيى).
َ
46 1 - (2366) حلّطنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيد، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (ط مِنْ مَوْلُود يُولَدُ إِلأَ نَخَسَهُ الشَّيطَانُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا منْ نَخْسَة الشَّيْطَانِ، إِلاَّ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ لما.
ثُمَّ قَالَ ابُوهُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُم: { وَإِئما أعيذُهَا بِكً وَفرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم} (1).
(... ) وَحَد، شِيه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد، شَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحَدثنى عَبْدُ
ال!هِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَأرِمِىُّ، حَد، شَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْ!ث، جَميعًا عَنِ الزّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَقَالاَ: (يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسَّةِ الشَّيطَانِ إِياهُ).
وَفِى حَدِيثِ شُعَيْب: (مِنْ مَسِّ الثمئَيْطَانِ ".
الناس) أى المختصون بى.
وقوله: (ودينهم واحد): إنما يرجع إلى التوحيد الذى هم مجمعون عليه، أو على طاعة الله واتباع شرائعه على الجملة، وأما شرائعهم فمختلفة.
وهذا مثل قوله تعالى: { فَحً لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَضى بِهِ نُوحًا} الاَية (2).
وقوله: (ما من مولود إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان، الا
ابن مريم وأمه)، ثم قال اْبو هريرة: فاقرؤوا إن شئتم: { وَإنِّي اعِيذُهَا بِكَ وَفريَّتَهَا مِنَ الئيْطَانِ الرَّجِيم}: ظاهره أنه منع من ذلك إجابة لدعوة زكريا - عليهما السلام - وايضًا فإن الأنبياء معصومون من الشيطان بكل وجه، وقد جاء فى هذا الحديث فى غير مسلم: (فذهب الشيطان ليطعن فى خاصرته فطعن فى الحجاب) (3).
وقوله: (صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان): كذا روايتنا، وفى بعض النسخ ة " فزعة) بالفاء والعن المهملة.
الفزع: الإغواء والوسوسة والإفساد.
قيل فى قوله: { نَّزَغَ ال!ثثَيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} (4): أى أفسد، كأنه يريد هنا من فعلة فعلها الشيطان رام بها ضرًا بالمولود.
(1) ال عمران: 36.
(3) مسنداخمد 523 / 2 بلفظ: "جنبه)
(2) 1 لشور ى: 13.
(4) يوسف: 100.
.
(7/338)
كتاب الفضائل / باب فضائل عيسى عليه السلام
339
147 - (... ) حلّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرتا ابْنُ وَهْب، حَدثَّنِى عَمْرُو بْنُ الحَارث ؛
أَنَّ أَبَا يُونُسَ سُلَيْمًا مَوْلَى أَبِى هُرَيْرَةَ - حَدثهُ عَنْ أَيِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انَّهُ قَالَ: "كلُّ بَنِى ادمَ يَمَسُّهُ الشَّيْطانُ يَوْمَ وَلَدَتْهُ امُّهُ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا لا.
48 1 - (2367) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، أَخْبَرَنَا ابُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أبِيهِ،
عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " صِيَاحُ المَوْلُودِ حِينَ يَقَعُ نَزْغَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ لا.
49 1 - (2368) حتثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَد، شَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَد، تَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَقَام بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَد، شَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ احَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلأ يَسْرِقُ.
فَقَالَ لَهُ عِيسَى: سَرَقْتَ ؟ قَالَ: كَلاَّ، وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ.
فَقَالَ عِيسَى: امنْتُ بِاللهِ.
وَكَنَّبْتُ نَفْسِى).
وقوله: " رأى عيسى رجلاً يسرق، فقال: سرقت ؟ قال: لا، والذى لا إله إلا هو، فقال عيسى: اَمنت بالله وكذبت نفسى): ظاهره: صدقت من حلف بالله، وكذبت ما ظهر لى من ظاهر سرقة الآخر، فلعله أخذ ما له فيه حق أو بإذن صاحبه ولم يقصد[ الأخذ] (1) إلا التغليب والنظر وصرفه إلى موضعه، وظهر لعيسى أولا بظاهر مد يده وإدخالها فى متاع غيره أنه أخذ منه شيئًا، فلما حلف له أسقط ظنه، وتوكد - والله أعلم.
(1) ساقطة من ح.
340
(7/339)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبرأهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم )
(41) باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) آ
150 - (2369) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةُ، حَدثنَا عَلِى بْنُ مُسْهِر وَابْنُ فُضَيْل،
عَنِ المُخْتَار.
ح وَحَدثَّنِى عَلِىُّ نجْنُ حُجْر السَّعْدىُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَا شَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، اخْبَرَنَا المُخْتًارُ بْنُ فُلفُم، عَنْ انَسرِ بْنِ مَالك، قًالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَال ث يَا خَيْرَ البَرِيَّةِ، فَقَالَ رَسولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَاكً إِئرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السئَلاَمُ).
(... ) وحدّثناه أَبُو كُرَيْب، حَدهَّشَا ابْنُ إٍ درِش!، قَالَ: سَمعْتُ مُخْتَارَ بْنَ فُلفُلٍ - مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْ!ث - قَالَ: "سَمِعْتُ أنَسًا يقُولُ: قَالَ رَجُل: يَاَ رَسُولَ الله.
بِمِثْلِهِ.
(... ) وحئثنى مُحَمَّدُ بْنُ ا أصُثن!، حَا شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ المُخْتَارِ،
236 / ب
وقوله - عليه السلام - للذى قاله: يا خير البرية، فقال: (ذاك إبراهيم)، قال الإمام: قد ثبت أنه - عليه السلام - أفضل من سائر المرسلن (1)، فيحتمل أن يكون هذا منه ( صلى الله عليه وسلم ) على جهة التواضع، واشتغالا لأن ينادى بهذا، وقد كان إبراهيم - عليه السلام - فى آبائه ( صلى الله عليه وسلم )، ويكره إظهار المطاولة على الاَباء.
وقد يكون فهم من ثنائه غير هذا المعنى وأخبر فى موضع اخر بكونه سيد ولد ادم، غير قاصد للتعاظم والتطاول على من تقدمه ( صلى الله عليه وسلم )، بل ليبين ما امره الله تبارك وتعالى ببيانه، ولهذا عقب / كلامه بأن قال: (ولا فخر) ليزيل ما قد أطلة! هذا الكلام إذا أطلقه غيره من الناس فى نفسه.
وقد يحتمل قوله: (ذاك ابراهيم) قبل أن يوحى إليه بأنه هو خير منه.
فإن قيل: هذا
خبر ولا يقع إلا صدقا، والنسخ لا يصح فيه، فلا وجه لعذركم هذا، قلنا: قد يريد ( صلى الله عليه وسلم ) أن إبراهيم خير البرية فيما يدل عليه ظاهر حاله عنده، وقد يقال: فلان خير قومه وأصلح أهل بلده، والمراد فيما يقتضيه ظاهر حاله.
وقد مال إلى هذه الطريقة بعض العلماء فى تفضيل الفاضل من الصحابة، أنه يفضل على الظاهر لا على القطع على الباطن.
وقد يكون لإبراهيم - عليه السلام - فضيلة يميز فيها عن سائر المسلمن (2) ولكن نبينا
( صلى الله عليه وسلم ) له من مجموع الفضائل ما يربى عليها حتى يكون أفضل على الإطلاق، ولا يكون المراد بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى ابراهيم - عليه السلام -: " خير البرية) على الإطلاق، ولكن فى معنى اختص به.
(1) فى خ: المسلمين.
(2) فى ح: المرسليئ.
(7/340)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) 341 قَالَ: سَمِغتُ أَنَسَا عَنِ النِّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمِثْلِهِ.
151 - (2370) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد - ننَا المُغِيرَةُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ الحِزَامِىَّ - عَنْ أَبِى الزَناد، عَنِ الاعْرَجِ، عًنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): ( اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ النَبِىّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ!دنَ سَنَةً بِالقَدُومِ لما.
قال القاضى: هذا وإن كان خبر من النوع الذى يدخله النسخ لاءن أمر الفضائل والمنازل
مما منحه الله عبيده، وتعظيما لمن شاء، وأخير - عليه السلام - أولا بما اعتقده وظهر له من منزلة إبراهيم، ثم إن الله أعلمه بمنزلته هو وأنه خير البرية، فلزمه اعتقاد هذا ويعبد الله بذلك، ونسخ ما كان أمرنا به - عليه السلام - قبل من ترك التفضيل من الأنبياء، واعتقاد ما لزمناه اتباع النبى فى اعتقاده فى تفضيل إبراهيم، فقد تعلق بهذين الخبرين عبادتان، إحداهما ناسخة للأخرى.
وقوله: (اختق إبراهيم وهو ابن ثمانن سنة بالقدوم) كذا رويناه مخففا هنا، وفسرها بعضهم باَلة النجار، وهو قول محمد بن المواز وغيره.
وقيل: هو موضع يثقل ويخففه اَخرون.
حكى الباجى فيه الوجهين، وبالتخفيف رواه بعض رواة البخارى، وضبطه المروزى بالتشديد، وأنكر[ يعقوب بن أبى شيبة] (1) فيه التشديد، وقال الهروى: هو مَقِيل له.
وقيل: قرية بالثام.
ولم يحك فيه غير التخفيف.
وحكى أبو عبيد البكرى " قدوم) مخفف ثنية بالسراة.
وقاله ابن دريد، قال: والمحدثون يشددونه.
قال البكرى: وأما فى حديث إبراهيم فمشدد، ورواه أبو الزناد بالتخفيف، وهو
قول أكثر اللغولن.
وحكاه البخارى (2) عن سعيد.
واختلفت الرواية فيه عن أبى الزناد فى حديث ائى هريرة بالتخفيف والتشديد، وحكى البكرى عن محمد بن جعفر اللغوى /، أن (قدوم) المكان مشدد معرفة، لا يدخله الألف واللام.
قال: ومن رواه فى حديث إبراهيم مخففا فإنما عنى الاَلة التى ينجر بها.
قال القاضى: من هنا شرع الختان فى العرب فى ولد إسماعيل، وفى اليهود ولد إسحق بن إبراهيم، وتقدم[ الكلام فى] (3) الاختتان بأول الكتاب.
وقد قيل: إن هذا من الكلمات التى ابتلاه الله بها.
وقوله: وهو ابن ثمانن سنة: كذا فى كتاب مسلم، وقد جاء هذا الحديث من رواية مالك والاءوزاعى، وفيه: (اختق إبراهيم وهو ابن مائة وعشرين سنة[ ثم عاش] (4) بعد
(1) من خ.
(2) البخارى، كالأنبياء، ب: قول الله تعالى: { وَاتخَد اللة إبْرَاهِيمَ خَيِلاً} (3356).
(3، 4) سقط من الأصل، والمثت من ح.
237 / أ
237 / ب
342
(7/341)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) آ 152 - (151) وحدّثنى حَوملَةُ بْنُ يحيى، أخبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ذلك ثمانن سنة)، إلا أن مالكا ومن تبعه أوقفوه على ابى هريرة.
وكذا ذكره فى الموطأ من رواية القعنبى وبعض رواة الموطأ، ولم يكن الحديث عند غير واحد منهم رواة الموطأ.
وذكر غيره عكس هذا أنه اختق وهو ابن ثمانن سنة، كما قال مسلم.
وعاش مائة وعشرين سنة.
وقوله - عليه السلام -: (نحن احق بالشك من إبراهيم إذ قال: { رَبئِ اَرِنِ!ما كَيْفَ
تحْيِ الْمَوْتَى} دا الاَية، قال الإمام: من الناس من ذهب الى أن إبراهيم - عليه السلام - إنما أراد بهذا اختبار منزلته واستعلام قبول دعوته، فنسأل البارى - جلت قدرته - فى أن يخرق له العادة ويحيى الموتى ؛ ليعلم بذلك قدر منزلته عند الله - سبحانه - ويحمل هؤلاء قوله: { أَوَلَمْ تُؤْمِن} (1) على ان المراد به: بقربك منى ولفضلك لدى، فيكون التقدير - لو ثبت حمل الآية على هذا المعنى -: نحن أولى أن يختبر حالنا عند الله من إبراهيم على جهة الإشفاق منه ( صلى الله عليه وسلم ) والتواضع لله - سبحانه.
! ان قلنا بما يقتضيه أصل المحققيئ، وأن المراد أن ينتقل من اعتقاد إلى اعتقاد اَخر هو أبعد من طريان الشك ونزغات الشيطان ؛ لأنا نساوى بين العلوم الضرورية والعلوم النظرية، ونمغ التفاضل بينهما فى نفس التعلق، دإنما يصرف التفاضل إلى أن الشك[ لا أن] (2) يطرأ على الضرورى، فى العادة، والنظرى قد يطرأ عليه، فيكون إبراهيم ( صلى الله عليه وسلم ) سأل زيادة فى الطمأنينة وسكون النفس، حتى ينتفى الشكوك أصلا.
أو يكون المراد من نبينا ( صلى الله عليه وسلم ): إنما نحن أحق بالسؤال فى هذا منه على جهة الإشفاق، وايضا أو يكون المراد بذلك أمته ( صلى الله عليه وسلم )، ليحضهم على الابتهال الى الله - عز وجل - بالتعوذ من نزغات الشيطان فى عقائد الدين.
قال القاصْى: فى هذا الحديث تأويلات، منها الوجهان اللذان ذكر.
وثالث: أنه انما سأل مشاهدة الإحياء واطمئنان القلب بمشاهدة ذلك، وترك منازعته
هذه الأمنية، فيحصل له العلم أولا بالجوازَ والوقوع، والثانى بالمثاهدة والكيفية.
ووجه رابع: أنه لما احتج على المشركين بأن ربه يحيى ويميث طلب ذلك من ربه ليصحح احتجاجه عيانا.
ووجه خامس: أنه سؤال على طريق الأدب، / والمراد: أقدرنى على إحياء الموتى
(1) البقرة: 260.
(2) فى الأصل: ائى، والمثبت من ح.
(7/342)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) 343 ابْنِ شِهَاب، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ المُسَيَّب، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ ان رَسُولَ اللّهً ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (نَحْنُ أَحَقُ بالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهيمَ، إِذْ قَالَ: َ{ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْعِ! الْمَوْتَا قَالً أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَئ وَلَكِنَ لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (1) وَيَرْحَمُ اللهُ لُوطا، لَقَدْ كَانَ يَأوِى إِلَى رُكْنٍ شَنِيد، وَلَوْ لَبِثْتُ فِى السِّجْنِ طُولَ لَبْثِ يُوسُفَ لاع جَبْتُ الدَّاعِىَ ".
(
.
) وحدّثناه - إن شَاءَ اللّهُ - عَبْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمَّد بْنِ أَسْمَاءَ، حدثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزهْرِىِّ ؛ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ وَأَبَا عُبَيْد أً خْبَرَاهـ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ
ليطمئن أ قلبى] (2) بهذه الأمنية.
ووجه سادس: وهو أنه أرى من نفسه الشك وما شك، لكن ليجاوب فيزداد قربة.
وهذا هو اتكف فى اللفظ والمعنى.
وقيل فى قوله: (نحن أحق بالشك من إبراهيم): هذأ نفى لشك إبراهيم لا إثبات له،
و (بعادًا للخواطر الضعيفة أن تظن أن بإبراهيم الشك، فكأنه قال: نحن موقنون بالبعث و(حياء الموتى، فلو نشك لكنا أولى منه على طريق الأدب و(كثار حال إبراهيم لا على تجويزه على واحد منهما.
قيل: إنما جاوب بذلك من سمعه بترك شك إبراهيم ولم يشك نبينا.
وقوله: ا لو لبثت فى السجن طول لبث يوسف لأجبت الداعى): المراد به قوله تعالى: { وَقَالَ الْمَلِكُ اشونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّك} الآية (3).
هذا منه أ ( صلى الله عليه وسلم ) أيضا غاية فى الأدب والتواضع وإظهار منزلة يوسف] (4) - عليه السلام - فى التثبت والصبر وألاّ يخرج إلى الملك حتى يظهر براءته ولا تناله عنده حجلة التهمة، ودعوى المرأة ما ادعته عليه من مراودته لها عن نفسها، وأنه - عليه السلام - لو امتحن هو بهذا او مثله من طول السجن، لكان التخليص إليه منه لاءول دا احب إليه للنجاة من عذابه وبقائه، ولأخذ بالحزم فى الاَمر ؛ مخافة حوادث تطوى واشغال للملك بضرورة، فينساه كما نسيه ويشتغل عنه، فيبقى فى سجنه كما كان حاله معه.
قيل: ولا يظن أن مراده بإجابة الداعى هنا دعوة المرأة، وهذا مما لا يجوز على يوسف ولا محمد - عليهما السلام.
وقوله: (يغفر الله للوط، إنه أوى إلى ركن شديد): يعنى الله تعالى، كأنه -
(1) البقرة 2600.
(2) ساقطة من الا"صل، والمثبت من الحديث المطبوع رقم (152).
(3) لوسف: 50.
(4) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
238 / َ ا
344
(7/343)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل كلي!آ
اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الرفرِىِّ.
) س لم ص ه لم ه لم ص ه ص يرءص لم ص ممص ص ه ص لم ص هء يص
153 - (
.
وحدشى زهير بن حرب، حدثنا شبابة، حدثنا ورقاء، عن ابِى الزَن ال
عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النِّبِىِّ عليه قَالَ: (يَغْفِرُ اللهُ للُوط إِنَّهُ أوَى إِلَى ركن شَلِيدلما.
َ
154 - (2371) وحدّئنى أبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى جَرِيرُ بْنُ حَازِبم " عَنْ أَئوبَ السَّخْتِيَانِى، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ سيرِينَ، عَنْ أً بى هُرَيْرَةَ"، أن رَسُولَ ا"4 ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهيمُ الئبِى - عَلَيْه السَّلاَمُ - قَطُ إِلاَّ ثَلاَثَ كَنَبَات، ثِنْتَيْنِ فِى ذَاتِ اللّه.
قَوْلُهُ: { إِنِّي سَقِيغَ} (1).
وَقَولُهُ: { بَلْ فَعَلَة كَبِيرُهُمْ هَذَا} (2) وَوَاحِلَة فى شَأنِ سَاَرَةَ ؛ فَإِنَّهُ قَد!مَ أَرْضَ جَبَّار وَمَعَهُ سَارَةُ، وَكَانَتْ أَحْسَنَ النّاسِ، فَقَألَ لَهَا: إِنَّ هَذَا الجَبارَ،
عليه السلام - أخذ عليه فى قوله: { لَوْ أَن لِما بِكُمْ قُوَّة أَوْآوِي إلَن رُكْن ئ!دِيد} (3) يريدك لو كان مع عشيرته ليمنعوه من قومه ويحموا أضيافه، فيرحم - عليه السلام - لقوله - عليه السلام - وسهوه عن الاعتصام بالله تعالى عن ضيق صدره بما لقى من قومه حتى قال هذا، ! إنه بالحقيقة كان يأوكما إلى ركن شديد وهو الله تعالى، أشد الاَركان وأقواها.
والركن يوضع لما استند إليه ويشد به لاَن أركان البناء أقوى ما فيه، وعليها اعتماد، وبها انتظامه.
والركن الناحية من الجبل يلجأ إليها.
وقد تقدم من هذا أول الكتاب.
وقوله: ا لم يكذب قط إبراهيم إلا ئلاث كذبات: ثنتين فى ذات الله، قوله: { إِني سقِيثم} وقوله: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وواحدة فى شأن سارة، قوله: إن سألك فأخبريه أنك أختى[ فمانك أختى] (4) فى الإسلام)، قال الإمام: أما الأنبياء معصومون من الكذب فيما طريقه البلاغ عن الله - سبحانه وتعالى - قل ذلك أو جل ؛ لأن المعجزة تدل على صدقهم فى ذلك.
وأما ما لا يتعلق بالبلاغ ويعد من الصغائر كالكذبة الواحدة فى شىء من أمور الدنيا فيجزكما ذلك على الخلاف فى عصمتهم من الصغائر، وقد تقدم الكلام عليه.
وقد وصف ( صلى الله عليه وسلم ) أن اثنتين من كذبات إبراهيم - عليه السلام - كانتا فى ذات الله سبحانه، والكذب إنما يترك لله، فعفا كان إنما يفعل لله انقلب حكمه فى بعض المواضع على حسب ما ورد / فى الشريعة، فالقصد بهذا التقييد منه ( صلى الله عليه وسلم ) نفى مذمة الكذب عنه لجلال قدره فى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعيئ.
(1) ا لصا فات: 89.
(3) هود: 80.
(2) 1 لأنبياء: 63.
(4) سقط من ! -
(7/344)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) 345 إِنْ يَعْلَمْ أَنَّك امْرَأَتِى يَغْلِبْنِى عَلَيْكِ، فَإِنْ سَأَلَكِ فَأَخْبِرِيهِ انَّك اخْتِى، فَإِنَّكِ أُخْتِى فِى الإِسْلاَم، فَإِنِّىَ لاَ أَعْلَمُ فِى الأرْضِ مُسْلِما غَيْرِى وَغَيْرَكِ.
فَلَمًّا دَخَلَ أَرْضَهُ راها بَعْضُ أَهْلِ الجَبَّارِ.
أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ قَدِمَ أَرْضَكَ امْرَاةٌ لاَ يَنْبَغِى لَهَا أَنْ تَكُونَ إِلاَّ لَكَ، فَا"رْسَلَ إِلَيْهَا فَ التِىَ بِهَا، فَقَامَ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إِلَى الصَّلاَةِ.
فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْه لَمْ بَتَمَالَكْ أَنْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقُبِضَتْ يَدْهُ قَبْضَة شَدِيدَةً.
فَقَالَ لَهَا: ادْعِى اللهَ انْ يُطلِقَ يَدِى وَلا أَضُرُّكِ.
فَفَعَلَتْ، فَعَادَ، فَقُبضَتْ أَشَدَّ مِنَ القَبْضَةِ الأولَى.
فَفَالَ لَهَا مثْلَ ذَلِكَ.
فَفَطَتصْ فَعَادَ، فَقُبِضَتْ أشَدَّ منَ القَبْضَشًيْنِ الأولَيَيْنِ.
فَقَالَ: ادْعِى اللهَ أَنْ يُطلِقً يَدِى، فَلَكِ اللهَ ألا أَضُرَّكِ.
فَفَعَلَتْ، وَاطَلقَتْ يَدُهُ، وَدَعَا الَّذى جَاءَ بِهَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنَّمَا أَتَيْتَنِى بِشَيْطَانٍ، وَلَمْ تَأتِنى بِإِنْسَانٍ، فَانحْرِجْهَا مِنْ أرْضِى، وً أعْطِهَا هَاجَرَ.
وقد تأول بعفالناس كلماته هؤلاَ حتى يخرج عن كونها كذبا، ولا معنى لأن يتحاشا العلماء مما لم يتحاش منه النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ولكن قد يقال: إن المراد بتسميتها كذبا على ظاهرها عندكم فى مقتضى إطلاقكم عند استعمالكم اللفظ على حقيقته، ألا تراه يحكى عن إبراهيم - عليه السلام - أنه قال لسارة: " أخبريه أنك أختى، فإنك أختى فى الإسلام)، ومن سمى المسلمة أختًا له قاصذا أخوة الإسلام فليس بكاذب، لكنه ( صلى الله عليه وسلم ) إنما أطلق عليه لفظة الكذب أ لما قلناه] (1) من أن الأخت فى الحقيقة المشاركة فى النسب وأما المشاركة فى الدين فأخت على المجاز، فأراد بها كذبة على مقتضى حقيقة اللفظ فى اللغة، وعلى أن قوله: (إنها أختى)، قد يكون فى ذات الله، إذ أراد بها كف الظلم وصيانة الحريم، لكن لما كان له فيها منفعة ميزها ( صلى الله عليه وسلم ) عن الأولتين اللتين لا منفعة له فيهما، وهذا اللفظ يظهر ما فى تأويل هذا الحديث.
قال القاضى: الصحيح علي القولن من تجويز الصغائر على الأنبياء، ومنها أن الكذب فإن قل فيما طريقه البلاغ لا يجوز عليهم وأن ينصب النبوة، فحاشا معصوم من قليله وكثيره، سهوه وعمده ة وعمدة النبوة البلاغ والخبر عن الله وشرعه وتجويز كلام منه على خلاف مخبره قادح فى صدقه مناقض لمعجزته، ونحن نعلم قطعا من مذاهب الصحابة وسيرة السنف الصالح، مبادرتهم إلى تصديق أقواله، والثقة بجميع أخباره فى أى باب كانت وعلى أى وجه جاءت، ولم يحفظ عنهم تردد ولا توقف ولا سؤال ولا استثبات
(1) سقط من ! -
238 / ب
(7/345)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل كل!آ
346
عن حاله عند ذلك، هل وقع منه على سهو أو ضجر أو غيره ؟ ولا حفظ عنه أنه استدرك شيئًا قاله، أو اعترف بوهم فيما أخبر به.
ولو كان شىء من ذلك لنقل كما نقل رجوعه عن أشياء من أفعاله وازائه وما ليس طريقه الخبر ؛ كرجوعه عن رأيه فى ثرك تلقيح النخل (1)، وكقوله: (والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراَّ[ منها] (2) إلا فعلت الذى حلفت عليه[ وكفرت] (3) عن يمينى " ت وكقوله: (انكم تختصمون إلى) الحديث إلى قوله: (قضيت له من حق أخيه، فإنما أقطع له قطعة من النار) (4)، وكقوله (إنى لأنسى، أو أنسى لاءسن) (ْ) ولم يأت عنه استدراك لشىء مما قاله أو يتبع لسهو فيه، أو غلط صدر عنه فيه.
وقوله: (ثنتان فى ذات الله، وواحدةً فى شأن سارة) / إشارة اْن تلك فى ذات الله وتبليغ رسالاته ومجادلة الكفرة عداه، فخصهما هنا لذلك.
وقصة سارة فقد كانت فى ذات الله أيضا لكافه مسلمة أذى مشرك وعصيان الله تعالى ومواقعة محارمه، وقد جاء ذلك مبينا فى غير مسلم فقال: ما فيها كذبة إلا بما حل فيها عن الإسلام، أى يماكر ويجادل ويداشع.
وقد قيل ة فى قوله: { إِنِّي سَقِيم} (6) تأويلات، منها: أنه ورَّى بقوله ذلك سأسقم، فإن ابن آدم عرضة للأسقام، واعتذر بقوله عن الخروج معهم إلى غيرهم بهذا القول المحتمل الظاهر.
وقيل: سقيم بما قدر على من الموت.
وقيل: سقيم القلب بما اشاهد من كفركم وعنادكم.
وقيل: بل كانت الحمى تأخذه عند طلوع نجم معلوم، فلما راة اعترض بعاديه، وهو معنى قوله عند هذا: { فَنَظرَ نَظْرَة فِي النجُومِ.
فَقَالَ إِقِي دَقِيغ}.
وقيل: بل عرض بسقم حجته عليهم[ وضعف ما أراد بيانه لهم من جهة النجوم التى كانوا يشتغلون بها، وأنه إما نظره فى ذلك وقبل استقامة حجته عليه] (7) فى حال سقم ومرض حال، مع أنه لم يشك ولا ضعف إيمانه، ولكن ضعف فى استدلاله وسقم نظره، كما يقال: حجة سقيمة، ونظر معلول، حتى ألهمه الله صحة حجته عليهم بالكوكب والقمر والشمس مما نصه.
وكذلك قوله: { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُفمْ !نَا} (1) فإنه علق خبره بشرط نطقه، كأنه قال:
(1) (2، (4)
(5) (6) (7)
ابن ماجه، كالرهون، بتلقيح النخل (2471).
3) سقطتا من الأصل.
البخارى، كالشهاثات، بمن أقام اليينة بعد اليمن (.
علأ 2)، مسلم، كالأقضية، بالحكم بالظاهر واللحن بالحجة (1713 / 4)، أبو!اود، كالأقضية، بفى قضاء القاضى إذا أخطأ (3583)، الترمذى، كالأحكام، بما جاء فى الثديد على من يقضى له بشىء ليس له اْن يأخذه يه 133) وقال: حديث حسن، وكله من حديث أم سله 4 - رضى الله عنها.
الموطأ، كالسهو، بالعمل فى السهو 1 / 100 (2).
الصا فات: 89.
! مّط من ال الصل، والمثبت ست ح.
(7/346)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل ( صلى الله عليه وسلم ) آ
347
قَالَ: فَا"قْبَلَتْ تَمْشِى، فَلَمَّا رَاهَا إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - انْصَرَفَ.
فَقَالَ لَهَا: مَهْيَمْ ؟ قَالَتْ: خَيْرًا، كفَّ اللّهُ يَدَ الفَأجِرِ، وَأَخْدَمَ خَ المًا.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلكَ أَمّكُمْ يَا بَنِى مَاءِ السَّمَاءِ.
إن كان ينطق وهو فعله على طريق التنكيت لقومه، وهذا كله ليس بكذب وخارج عن حد الكذب فى حق المخبر، داخل فى باب المعاريض التى جعلها الشرق مندوحة عن الكذب عند الضرائر، ولكن سماها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كذبات ؛ لاَنه أتى بها لمن خاطبه على ظاهرها ومعتقده خلاف ذلك، فلما كان فى حقى المخبر والخبر ظاهرها بخلاف باطنها جاءت فى صورة الكذب، وإن لم يكن كذبا فى الباطن.
وهذه على صورة المعاريض.
ولما جاءت بهذه الصورة سماها النبى محمد وإبراهيم - عليهما السلام - كذبات، أشفق إبراهيم ( صلى الله عليه وسلم ) من المؤاخذة بها يوم القيامة فى الحديث المعروف فى الشفاعة.
قال أهل العلم: وهذا أصل فى جواز المعاريض، قالوا: والمعاريض شىء يتخلص به الرجل من المكروه إلى الجائز، ومن الحرام إلى الحلال، ومن دفع ما يضره.
وانما يكره له التحيل فى حق فيبطله، أو باطل فيموه به.
وفى هذا الحديث - فى قصة سارة - إجابة دعوة إبراهيم، وعلامات نبوته، ومغ الكافر ما أراده.
وقوله فى هاجر: (فتلك أمكم يا بنى ماء السماء ": قال الخطابى /: إن المراد بهذا العرب ؛ لانتجاعهم المطر وماء السماء للعير ؛ لأن اكثرهم أصحاب مواشى، وصلاحهم بالخصب والرعى، وسيرتهم فى ذلك معلومة.
قال القاضى: والاَظهر عندى ال المراد بذلك الاَنصار، ونسبهم إلى جدهم عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد، وكان يعرف بماء السماء، وهو مشهور.
والأنصار كلهم بنو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر المذكور، ويكون ذلك على قول من جعل العرب من ولد إسماعيل، وهذا مثل قوله فى الحديث الاخر لا لمسلم: "ارموا يابني إسماعيل، فإن ائاكم كان راميا) (2)، وكله حجة لمن يجعل اليمن والعرب كليهما من ذرية إسماعيل.
وقد ترجم البخارى على هذا الحديث (باب نسبة
(1) الأنبياء ة 63.
(2) البخارى، كالجهاد، بالتحريض على الرمى لا 289) من حديث سلمة بن الاكوع، ابن ماجه، كالجهاد، بالرمى فى سبيل الله (2815) وفى الزوائد: إسناثه صحيح، أحمد 1 / 364 من حديث ابن عباس.
238 / أ
348
(7/347)
كتاب الفضائل / باب من فضائل إبراهيم الخليل كلت!آ
اليمن (1) إلى اسماعيل) (2).
وقيل: أرادب (بنى ماء السماء!: العرب ؛ لخلوص نسبهم وصفائه.
وفى الحديث قبول هدية المشرك، وقد تقدم الكلام فيها.
وقوله: (مهيم) قال الخليل: هى كلمة لأهل اليمن خاصة، معناها: ما هذا ؟ قال الطبرى: معناها: ما شأنك وما أمرك.
(1) فى الاَصل: العرب، والمثبت مق ح وهو ما وافق تراجم نسخ البخاركما.
(2) البخاركما، كالمناقب، بنسبة اليمن إلى إسماعيل 4 / 219.
(7/348)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى كلينا
349
(42) باب من فضائل موسى ( صلى الله عليه وسلم )
155 - (339) حدثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّراق، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ
هَمَّام بْنِ مُنبِّة، قَالَ: هَذَا مَا حدثنا أَبُو هًرَيْرةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اً للهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كَانَتْ بَنُو إِسْرَائيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إَلَى سَوْأةِ بَعْضٍ، وَكَانَ مُوسَى - عَلَيْه السئَلامُ - يَغْتًسِلُ وَحْدَهُ.
فَقَالُوا: وَالله، مَا يَمْنَعُ مُوسَى انْ يَغْتَسِل مَعَنَا إِلاَّ أَنَّه آ!رُ).
قَالً: فَنَ!بَ مَرة يَغْتَسِلُ، فَوَضَعَ ثوْبَهُ عَلًى حَجَرٍ، فَفَرَ الحَجَرُ بِثَوْبِه).
قَالَ: فَجَمَحِ مُوسَى بِاثَرِهِ يَقُولُ: ثَوْبِى حَجَرُ إ.
ثَوْبِى حَجَرُاحَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأةِ مُوسى.
فَقَالُوا: وَال!هِ، مَا بِمُوسَى مِنْ بَأس.
فَقَامَ الحَجَرُ بَعْدُ، حَتَى نُظِرَ إلَيْهِ).
قَالَ: " فَاخذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالحَجَرِ ضَرْبأ).
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاللهِ، إنَهُ بِالحَجرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ اوْ سَبْعَقع ضَرْبُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِالحجَرِ.
قوله: (كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى سوأة بعض، وكان موسى رجلاً حييا يغتسل وحده، فقال بنو إسرائيل: ما يمنعه أن يغتسل معنا إلا أنه اَدر.
فاغتسل).
قال فى الحديث الاخر: (عند مشربه)، وفى رواية العذرى: (عند مُوَيه)، (فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فجمح موسى بأثره يقول: ثوبى حجر لما، وفى الحديث الاَخر: (واتّبعه بعصاه يضربه، حتى نظرت بنو إسرائيل اليه، فقالوا: والله ما بموسى من بأس).
قال ابو هريرة: (والله، إنه الحجر نَدَبُ): الاَنبياء منزهون عن النقائص فى الخلق والخلق سالمون من المعايب، ولا يلتفت إلى ما قاله من لا تحقيق عنده فى هذا الباب من أصحاب التواريخ فى صفات بعضهم، داضافة بعض العاهات إليهم، فالله تعالى قد نزههم عن ذلك ورفعهم عن كل ما هو عيب ونقص مما يغض العيون وينفر القلوب.
وفيه ما ابتلى به الا"نبياء والصالحون من أذى السفهاء وصبرهم على الجهال، وقد قال
الله تعالى: { يَا أَيهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَا النِينَ آذَوْا مُوسَى فَبرأهُ اللَّهُ مِمَا قَالُوا} الآية (1)، وقال نبينا - عليه السلام -: (إن موسى أوذى بأكبر من هذا فصبر).
(1) 1 لاءحزاب 690 -
239 / ب
(7/349)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى ( صلى الله عليه وسلم ) ا
350
156 - (... ) وحدثنا يحيى بْنُ حَبيب الحارِثِى، حَلَثّنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعْ، حَلَثّنَا خَالدُ الحذَّاءُ، عَنْ عَبْد الله بْنِ شَقِيقٍ، قَألَ: أَنْبَأَنًا أَبُو هَرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ مُوسَى - عَلَيْه السَّلاَمُ رَجُلاً حَيِيّا.
قَألَءَ فَكًانَ لاَ يُرَى مُتَجَرِّداً.
قَالَ: فَقَالَ بَنُو إسْرائِيلَ: إِنَّهُ اَثرُ.
قَالَ: فًاغْتَسَلَ عًنْدَ مُوَيْه، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَانْطَلَقَ الحَجَرُ يَسْعَى، وَا"لبعَهُ بِعَصَاهُ يَضْرِبهُ: ثَوْبِى، حَجَرُ!ً ثَوْبِى حَجَرُ! حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلأ مِنْ بَنِى اِسْرَائيلَ، وَنَزَلَتْ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَراة اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عَندَ اللَّهِ وجِيهًا} (1).
57 1 - (2372) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِع: حَلَثّنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنا مَعْمَز، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى
وفيه أن ستر العورة لم يكن وحيا فى شرع موسى ؛ إذ ذكر فإنه إنما فعل ذلك حياء،
!إنه لم ينكر على قومه ما كانوا يفعلونه، دإن الله تعالى أظهر ذلك منه لقومه حتى نظروا إليه.
وفيه خرق العادة فى الجماد.
واَيتان لموسى فى هذا الحجر عظيمتان: إحداهما: مشى الحجر بثوبه، والثانية: حصول الندب فى الحجر من ضربه بعصاه، والندب هنا: الأثر بفتح الدال، وأصله: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد.
قال الإمام: ومعنى: (جمحِ موِسى باْثره): أى أسرع فى مشيه إسراعا، لا يرد وجهه.
ومنه قوله تعالى: { وَهُمْ بجْمحُون} (2)، / قال الق الى: أسرع وراء ثوبه.
وفرس جموح: اى سريع، وهو مدح.
وقد يكون ذما، وهو الذى يركب رأسه ولا يرده لجام، وكل شىء مضى لوجهه فقد جمح كذا.
وعلق وجعل وأقبل وظل معناه كله: ما زال يفعل، ويقال: طفَق وطفِق، بفتح الفاء وكسرها.
والمشربة هنا - والله أعلم - بفتح الميم، المراد بها: الشربة، وهى حفرة فى أصل النخلة، يجتمع فيها الماء لسقيها.
والمشربة، بكسر الميم: الذى يشرب، فسمى مشربة.
والمشربة - أيضا -: أرض لبنة فيها نبت.
والمشربة: الغرفة، هذه بفتح الراء وضمها.
ومن رواه: (مُوَيْهٍ ) فهو تصغير ماء، وأراه مصحفا من المشربة - والله أعلم - وهى روايتنا من طريق العذرى.
قال الإمام: جعل بعض المحدثن هذا الحديث حجة فى جواز نزول الرجل الماء عريانا،
(1) 1 لأحزاب: 69.
(2) التوبة: 57.
(7/350)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى ( صلى الله عليه وسلم ) 351 هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُرْسِل ملَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - فَلَّما جَاءَهُ صَكَهُ فَفَقأ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى ر.
له فَقَالَ: ارْسَلتَنِى إدى عَبْد لاَ يُريدُ المًوْتَ.
قَالَ: فَرَدَّ اللهُ إٍ لَيْهِ عينَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ اِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: يَضَعْ يَدَهُ عَلى مَتْنِ ثَوْرِ، فَلَهُ بمَا غَطَّتْ يَدُهُ بَكُلِّ شعْرَةٍ سَنَة.
قَالَ: أَىْ رَبِّ، ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ.
قَالَ: فَالآًنَ.
فَسَالَ اللّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَة بِحَجَر.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ، لارَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّريقِ، تَحْتَ اهَثِيف الأحْمَرِ لما.
158 - (... ) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ، حَدَثَنَّا عَبْدُ الرَزَّاقِ، حَد*شَا مَعْمَز، عَنْ هَمَام
ابْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَد*شَا أَبُو هُرَيْرَةَ عنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَر أَحَ اليث مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ الًله ( صلى الله عليه وسلم ): (جَاءَ ملَكُ المَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - فَقَالَ لَهُ: أجِبْ رَئكَ).
قَالَ: (َفَلَطَمْ مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - عَيْنَ مَلَكِ المَوَتِ فَفَقَأها لما.
قَالَ: فَرَجَعَ المَلَكُ إِلَى اللّه - تَعَالَى، فَقَالَ: إِنَّكَ أَرسَلتَنِى إلى عَبْدٍ لك لاَ يُريدُ المَوْقطَ وَقَدْ فَقَا عَيْنِى لما.
قَالَ:
وجمهور العلماء على إجازته.
ونهى عنه ابن أبى ليلى وقال: إن للماء سكانا واحتج للنهى بحديث ضعفه أهل العلم.
وقوله: (جاء ملك الموت إلى موسى فقال: أجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت - عليهما السلام - ففقأها.
قال: فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتنى إلى عبد لك لا يريد الموت، وقد فقأ عينى.
قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدى فقل: الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على مق ثور، فما توارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة.
قال: ثم مه ؟ قال: ثم تموت.
قال: فالاَن من قريب)، قال الإمام: هذا الحديث مما يطعن به الملحدة ويتلاعب بنقله الآثار بسببه، ويقول: كيف يجوز على نبى مثل موسى أن يفقأ عين ملك الموت ؟ وكيف تنفقئ عين الملك ؟ ولعله لما جاء عيسى أذهب عينه الاَخرى فعمى ؟ ولأصحابنا عن هذا ثلاثة أجوبة: قال بعضهم: إن الملك يتصور فى أى الصور شاء مما يقدره الله عليها، وقد قال ال، والى: { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا كَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا دَوِيا} (1)، قيل: إنه تمثل لها فى صورة رجل يسمى تقياَ ؟ ولهذا قالت: { إِنِّي أَعُوذُ بِالرخْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيا} (2)، وقد!ل جبريل -
(1) مريم - 17.
(2) مريم 180.
352
(7/351)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى ( صلى الله عليه وسلم ) آ
عليه السلام - بصورة دحية.
وقال أصحاب هذه الطريقة: ان هذه الصور (1) قد يكون تخييلا، فيكون موسى - عليه السلام - فقى عينا فخيله لا عينا حقيقة.
وهذا الجواب عندى قد لا يقنعهم، وقد يقولون: إن علم أنه ملك وأن ذلك تخيل فكيف يصكه ويقابله بهذه المقابلة وهذأ لا يليق بالنبين ؟
وقال اخرون من أصحابنا: الحديث فيه تجوز، إذا حمل عليه اندفع طعن الملحدة.
ومحمله عندنا: أن موسى - عليه السلام - حاجه فأوضح الحجة لديه.
وقد يقال / فى مثل هذا: فقع فلان عين فلان ة اذ غلبه بالحجة.
ويقال: عورت هذا الاَمر إذا أدخلت نقصا فيه، فإذا صرف ذلك إلى غلبة موسى - عليه السلام - بالحجة ساتط الاعتراض.
وهذا أيضا قد يبعد من ظاهر اللفظ ؛ لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فرد الله إليه عينه لما، وإن قالوا معناه: فرد الله إليه حجته، كان بعيدا عن مقتضى سياف اللفظ.
وجواب ثالث، مال إليه بعض أئمتنا من المتكلمن وهذا مثل ما قالوا فيه، وهو أنه
لا يبعد أن يكون موسى ( صلى الله عليه وسلم ) أذن الله له فى هذه انلطمة محنة للملثلوم، وهو سبحانه يتعبد خلقه بما شاء، ولا أحد من عباده تمنعه فضيلته بأن يتصرف بحكم التكليف فيما ساء وسر، ونفع وضر، فإذا سلمنا لهم حقيقة الحديث وحملناه على هذه الطريقة لم يبق لهم تعلق.
ويظهر لى جواب رابع وهو: أن يكون موسى - عليه السلام - لم يعلم أنه ملك من
قبل الله - عز وجل - وظن أنه رجل أتاه يريد نفسه، فدافعه عنها مدافعة أدت إلى فقئ عينه، وهذا سائغ فى شريعتنا ؛ ال يدافع الإنسان عن نفسه من أراد قتله، وان أدى إلى قتل الطالب له، فضلا عن فقى عينه.
وقد قدمنا فى كتاب مسلم إباحته ( صلى الله عليه وسلم ) فقء عين من اطلع على قوم، وأنه حلال لهم فقء عينه إذا اطلع عليهم بغير إذنهم، على ما تقدم بيانه، ومعنى الحديث فيه ؛ فكيف بهذا ؟!
وإنما يبقى على هذا الجواب أن يقال: قد رجع إليه ثانية واستسلم موسى إليه، فدل
على معرفته به.
قلنا: قد يكون أتاه فى الثانية باَية وعلامة علم بها أنه ملك الموت، وأنه من قبل الله - عز وجل - فاستسلم لأمر الله، ولم يأته اْولا بآية يعرفه بها، وكان منه ما كان، وأحسن ما اعتمد عليه فى المسألهَ هذا الجواب الذى ظهر لنا، أو كالجواب الثالث الذى ذكرناه عن بعض أئمتنا، وعندى أن جوابنا اْرجح منه.
قال القاضى: قال بعض الشيوخ: ليس فى لطم موسى لملك الموت ما يعظم ويشنع، وليس ذلك بأعظم من أخذه برأس أخيه ولحيته وجره إياه وهو نبى[ مكرم كما ذاك ملك معظم، والنبى عند المحققين أفضل من ملك، وقد نص الله - تعالى - على ذلك فأخبر عنهما به فى كتابه العزيز، ولم يعده على موسى ذنبا، ولا استغفر منه موسى، ولا أظهر
(1) فى الأصل: الشريعة، والمثبت من ح، ع ل!خطوطة، والمطبوعة.
(7/352)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عل!اَ 353
(فَرَدَّ اللّهُ إِلَيْه عيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى عَبْدِى فَقُلْ: الحَيَأةَ تُرِيدُ ؟ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الحَيَاةَ فَضَع يَلَكَ عًلى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرة، فَإِنَكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً.
قَالَ: ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ: ثُمَّ تَمُوتُ.
قَالَ: فَا لآنَ مِنْ قَرِيبٍ، رَبًًّ أَمِتْنِى مِنْ الأرْضِ المُقَذَسَةِ، رَمْيَةً
الندم عليه، ولا عتب الله ولا أخبرنا بالعتب من غيره عليه، بل نص اعتذار هارون لموسى - عليهما السلام - لا غير، وموسى فى كل ذلك فاعل فى ذات الله - تعالى - ما راة، من جر هذا إليه ودفع ذاك عنه.
وأما فقؤه عينه، فلم يتعمد ذلك ولا فى الحديث ما دل عليه، ولكن لما لطمه حدث بقدرة الله ومشيئته عند تلك اللطمة فقء عينه، فهو الفعال لما يريد.
والوجه الذى ذكر الشيخ الإمام - رحمه الله -: أنه ظهر له وحسنه وهو حسنْ، وهو تأويل الإمام أبى بكر ابن خزيمة وغيره من المتقدمن، وبنصه احتجاجه، وأرى الشيخ لم يكن راة لغيره - والله أعلم.
قوله: (فرد الله عينه): ظاهره: أن الحديث من لطمه وفقء عينه على وجهه قد يكون على ذلك التأويل الاَخر ؛ رد العن: إلهامه الحجة التى جاء بها بعده - والله أعلم.
وقول موسى - عليه السلام - لما خيره الله فى الحياة وتطويلها فقال: (ثم مه ؟ قال:
ثم تموت.
قال: فالآن من قريب، رب أمتنى من الأرض المقدسة رمية بحجر): قال اْبو القاسم بن أبى صفرة: إنما سأل ذلك] (1) لتقرب عليه المشى إلى المحشر فتسقط عنه المشقة على من بعد عنه، وقيل: لينال فضل مجاورة من دفن فيه من الأنبياء والصالحن وفضل [ البقعة] (2)، وهذا أظهر، وقيل[ فى قوله] (3): قدر رمية بحجر: لئلا يكون فيها فيشتهر، بل لئلا يعرت قبره فيعبده جهال ملته.
وفيه الترغيب فى الدفن فى المواضع المباركة، والمواطن الفاضلة، والمثاهد الشريفة، والدفن فى مدافن الصالحن.
وقوله: (فما توارت يدك من شعرة) معناه: فما وارت / أى سترت.
وقوله فى الذى لطم وجه اليهودى إذ قال: والذى اصطفى موسى على البشر، وقال
له: تقول هذا ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين أظهرنا ؟! الحديث (4).
وقوله: فغضب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لذلك ثم قال: ا لا تفضلوا بين الأنبياء) وفى الرواية الأخرى: ا لا تفضلونى على موسى)، قال الإمام: أما قوله: ا لا تفضلوا بين الاَنبياء) فيحتمل أن يكون ذلك قبل أن يوحى
(1) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(2) ساقطة من ز.
(3) سقط من ز.
(4) حديث رقم (159) بالباب.
240 / ب
354
(7/353)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى ( صلى الله عليه وسلم ) بِحَجَر لما.
قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَاللهِ، لَوْ أَئى عِنْدَهُ لأرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلى جَانِبِ الطَرِيقِ، عِنْدَ افَثِيبِ الأحْمَرِ ".
(... ) قَالَ أَبُو إِسْحَقَ: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ يحيى، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، بِمثْلِ هَذَا الحَديثِ.
إليه بالتفضيل، وكان بعض شيوخى يقول: يحتمل أن يريد: لا تفضلوا بين أنبياء الله تفضيلا يؤدى إلى نقص بعضهم.
وقد خرج الحديث على سبب، وهو لطم الأنصارى وجه اليهودى، فقد يكون - عليه السلام - خاف أن يفهم من هذه الفعلة انتقاص[ حق] (1) موسى - عليه السلام - فنهى عن التفضيل المؤدى إلى نقص الحقوق.
قال القاصْى: وقد قيل: إن هذا منه - عليه السلام - على طريق التواضع والبر بغيره
من الاَنبياء.
وقد يحتمل أن يقول هذا وإن علم بفضله عليهم وأعلم به أمته، لكن نهى عن الخوض فيه والمجادلة به ؛ اذ قد يكون ذلك ذريعة إلى ذكر ما لا يجب منهم عند الجدال، وما يحدث فى النفس لهم بحكم الضجر والمراء، فكان نهيه عن المماراة فى ذلك، كما نهى عنه فى القراَن وغير ذلك.
وقيل: لا يفضل بينهم فى حق النبوة والرسالة ؛ فإن الأنبياء فيها على حد واحد، إذ لا تفاضل فى ذاتها د نما التفاضل فى زيادة الأحوال، والخصوص والكرامات والرتب ؛ فلذلك منهم الرسل، وأولى العزم من الرسل، ومن رفع مكانا عليا، ومن أوتى الحكم صبيا، وأوتى بعضهم الزبر، وبعضهم الكتاب، ومنهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات.
[ تم تم تم
تم الجزء الخامس بحمد الله وعونه، يتلوه فى الجزء السادس قوله: { وَنُفِخَ فِي المئورِ} (2)] (3).
(1) ساقطة من ال الصل.
(2) الزمر: 68.
(3) سقط من !.
(7/354)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عليه السلام 355 9 5 1 - (2373) حدثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حَدشًا حُجَيْنُ بْنُ المُثَنّى، حَدةَشَا
عَبْدُ ائعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بنِ الفَضْلِ الهَاشِمِىِّ، عَنْ عَبْدِ الرخْمَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا يَهُودِىٌ يَعْرِضُ سِلعَةً لَهُ اعْطِىَ بِهَا شَيْئَا، كَرِهَهُ أوْ لَمْ يَرْضَهُ - شَكَّ عَبْدُ العَزِيزِ - قَالَ: لا، وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى - عَلَيْهِ السئَلامُ - عَلَى البَشَرِ! قَالَ: فَسَمعَهُ رَجُل مِنَ الأنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ.
قَالَ: تَقُولُ: وَالَّذِى الطَفَى مُوسَى - عَلَيْهِ السًّلامُ - عَلَى البَشَرِ! وَرَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ أَظهُرِنَا ؟ قَالَ ة فَنَهبَ اليَهُودىُّ إِلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: يَا أَبَا القَاسِم، إِنَّ لِى ذِمَّةً وَعَهْدًا.
وَقَالَ: فُلانٌ لَطَمَ وَجْهِى.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ ؟).
قَالَ: قَالَ: بَا رَسُولَ اللّه، وَائَذِى اصْطَفَى مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - عَلَى البَشَرِ! وَأَنْتَ بَيْنَ أَظهُرِنَا.
قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى عُرِفَ الغًضَبُ فِى وَجْهِهِ.
ثُمَّ قَألَ: ا لا تُفَضلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللّه، فَإِنَهُ يُنْفخُ فِى الصُّور، فَيَصْعَقُ مَنْ فِى السئَموات وَمَنْ فِى الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ الله)).
قَألَ: (ثُمَّ يُنْفَخُ فِيه اخرَى، فَاكُونُ أوَلَ مَنْ بُعِثَ، أوْ فِى أؤَلِ مَنْ بُعِثَ، فَإِذَا مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - اخذٌ بالعًرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَحُويسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِى، وَلا أً قُولُ: اِن أحَدَّاَ أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَى عَلَيْهِ السئَلامُ).
(... ) وَحَدةَشِيهِ مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، حدثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أبِى سَلَمَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، سَوَاءً.
/ [ بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على من لا نبى بعده] (1).
أ وقوله: (إنه ينفخ فى الصور، فيصعق] (2) من فى السموات ومن فى الأرض إلا
من شاء الله، ئم ينفخ (3) فيه أخرى، فأكون أول من يبعث - أو فى أول من يبعث - فإذا موسى - عليه الصلاة والسلام - اخذ بالعرش، فلا[ أدرى] (4) أحوسب بصعقة
(1) سقط من !.
(2) فى ال الصل: ونفخ فى الصور فصعق، والمئبت من ح.
(3) فى الأصل: نفخ، والمثبت من ح.
(4) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.
2 / َ ا
356
(7/355)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عليه السلام 160 - (... ) حلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَضْرِ، قَالا: حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا أَبِى عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرخْمَنِ وَعَبْد الرَّحْمَنِ ْالأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: اسْتَمت رَجُلانِ رَبُئ مِنَ اليَهُوَدِ وَرَبُئ مِنَ المُسْلِمِينَ.
فَقَالَ المُسْلِمُ: وَائَذِى الطَفَى مُحَمَدا ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى العَالَمِينَ ا وَ!الَ اليَهُودِى: وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى - عَلَيْهِ الستَلامُ - عَلَى العَالَمِنَ ا قَالَ: فَرَفَعَ المُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، فَلَطَمَ وَجْهَ اليهُوسِّ، فَنَصبَ اليَ!ودِىُّ إِلَى رسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَا"خْبَرَهُ بمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ المُسْلِم.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تُخيِّرُونِى عَلَى مُوسَى، فِإِن الَنَّاسَ يَصْعَقُونَ فَاكُونُ أَؤَلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجانِبِ العَرْشِ، فَلا أدْرِى ثَأنَ فِيمَنْ صَعِقَ فَا2 فَاقَ قَبْلِى، أمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى الله ؟).
يوم الطور، أو بعث قبلى ؟)، وفى الرواية (1) الأخرى: (فلا ألمحرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى (2)[ وممن كان] (3) استثنى الله): الصعق: الهلاك والموت، وهو الصعق والصاعقة والصعقة.
وقيل: كل (4) عذاب مهلك، ويكون - أيضاَ - الغشية تعترى من فزع وخوف لسماع صوت وهول.
وأصله: صوت النار وصوت الرعد الثديد، ونحوه.
يقال منه: صعق الرجل وصعق، وأنكر بعضهم الضم، وصعقتهم الصاعقة، بالفخح، وأصعقتهم.
وتميم تقول: الصاقعة بتقديم القاف.
وهذا من أشكل الحديث ؛ لأن موسى قد مات قبل، فكيف (5) تدركه صيحة الصعق دإنما تصعق الأحياء ؟!
وقوله: (ممن استثنى الله): يدل أنه كان حيا، فلم يأت أن موسى ممن رجع إلى الحياة ؛ ولأنه حى كما جاء فى عيسى.
وقد قال - عليه السلام -: ا لو شئتم أريتكم قبره إلى جانب الطور (6) عند الكثيب الاَحمر) (7)، على أن بعض أصحاب المعانى قال: يحتمل أن موسى ممن لم يمت (8) الأنبياء، وهذه الأحاديث ترد قوله.
(2)
فى الأصل: البعئة، والمثبت من ح.
فى الأصل: مليحا، والمثبت من ح.
بتقديم وتأخير فى نسخة ح.
فى الأصل.
كان، والمثبت من ح.
فى الاَصل: كيف.
فى خ: الطريق.
حديث رقم (158) بالباب.
فى الأصل: يشثن، والمثبت من ح.
(7/356)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عليه السلام 357 161 - (... ) وحلّثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الرخْمَنِ الدَّارِمِىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَال: أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: اسْتَبَّ رَجُل مِنَ المُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ.
بِمِثْلِ حَديِثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد عَنِ ابْنِ شِهابٍ.
! ص ه ! ص، ص !صََ، ءَه ص ص يه ش ص نص، 5 ص،
162 - (2374) وحدثنى عمرو الناقِد، حدثنا ابو احمد الزبيرِى، حدثنا سفيان،
عَنْ عَمْرِو بْنِ يحيى، عَنْ أبيهِ، عَنْ أَبِى سَعِيد الخُدْرِىِّ قَالَ: جَاءَ يَهُودِى إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ ئطِمَ وَجْهُهُ.
وَسَاقَ الحدً يِثَ بِمَعْنى حَدِيثً الزهْرِىِّ.
غَيْرَ أَنَهُ قَالَ: (فَلا أدْرِى!كَانَ مِمَّنْ صَعِقَ فَا"فَاقَ قَبْلِى، اوِ اكْتَفى بِصَعْقَةِ الطُّورِ لما.
163 - (... ) حدّئنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدئنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا ابِى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْمصَ، عَنْ ابِيهِ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا تُخيِّرُوا بَيْنَ الأنْبِيَاءِ).
وَفِى حَديِثِ ابْنِ نُمَيْر: عَمْرِو بْنِ يحيى، حَدثنِى الِى.
ويحتمل ال المراد بهذه الصعقة صعقة فزع بعد النشر حيئ تنشق السموات والأرضون فتستقل معانى الاَحاديث والاَيات وتطرد على الوجه المفهوم.
وقوله: (أفاق، [ فلما أكاق] (1)): يدل غير صعقة موت ؛ لأنه إنما يقال: أفاق
من الغشى، وبُعث من الموت.
وصعقة الطور لم تكن موتأَ.
وقد ذهب إلى هذا بعض المتأولن، وقال الداودى عن بعضهم نحوه: إن هذه الصعقة فى الموقف وأن المستثنى منها الشهداء، وقال: وهذا بعيد أن تصعق الأنبياء وهم أكرم.
وأما قوله: (فلا أدرى أفاق قبلى " فيحتمل أن يكون قبل أن يعلم أنه أول من تنشق
[ عنه الا"رض] (2) إن حم!! اللفظ على ظاهره وانفراده بذلك وتخصيصه، دان يحمل على أنه من الزمرة الذين هم أول من تنشق عنهم الأرض، لاسيما على رواية أكثرهم بزيادة قوله: أو فى اول من[ تنشق] (3) يبعث، فيكون موسى - أيضا - من تلك الزمرة، وهى - والله أعلم - زمرة الاَنبياء.
(1) مثبتة من خط - (3) ساقطة من ح.
(2) فى نسخة ح تقديم وتأخير.
358
(7/357)
كتاب الفضائل / باب من فضائل موسى عليه السلام 164 - (2375) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِد وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالا: حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت البُنانِىِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ أَنَ! بْنِ مَالِك ؛ أَنَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "أَتَيْتُ - وَفِى رِوَايَةِ هَدَّاب: مَرَرْتُ - عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ اسْرِىَ بِى عِنْد اهَثِيبِ الأحْمَرِ، وَهُوَ قَائئم يُصَلِّى فِى قَبْرِهِ).
165 - (... ) وحدّثنأ عَلِىُّ بْنُ خَشْرَبم، أَخْبَرَنَا عيسَى - يَعْنى ابْنَ يُونُسيطَ.
ح وَحَدثنَا غتْد!انُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدّثنَأ جَوِيرٌ، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيمَانَ التَّيْمِىًّ، عَنْ أَنَبى.
ح وَحَدثنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثنَأ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّى فِى قَبْرِهِ).
وَزَادَ فِى حَديثِ عِيسَى: (مَرَرْتُ لَيْلَةَ اسْرِىَ بِى).
وقوله: (مررت[ على موسى] (1) ليلة أسرى بى وهو يصلى فى قبره): قد ثقدم الكلام عليه أول الكتاب، عند ذكره وذكر عيسى وحجتهما، بما يغنى عن إعادته.
(1) ستدط من ال الصل، وأسخدإلى شى انهامش.
(7/358)
كتاب الفضائل / باب فى ذكر يونس عليه السلام...
إلخ 59 س
(43) باب فى ذكر يونس عليه السلام، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ):
ا لا ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) 66 1 - (2376) حثثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّد بْنُ المُثنى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْد بْنِ إِبْرَاهيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمنِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انًّهُ قَالَ - يَعْنِى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: ا لا يَنْبَغِى دعَبْد لِى - وَقَالَ ابنُ المُثَنّى: دعَبْدى - أَنْ يَقُولَ: انَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى - عَلَيهِ السئًلامُ لما.
قَالَ ابْنُ ابِى شَيْبَةَ: مُحَمَّدُ بْنُ جَغفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ.
67 1 - (2377) حدثنا مُحَمَّدُ ثنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابَا العَالِيَةِ يَقُولَ: حَدثنِى
وقوله: (ولا أقول: إن احدا أفضل من يونس بن متى)، وفى الحديث الاَخر - فيما يذكر عن الله تعالى -: ا لا ينبغى لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)، وفى حديث اَخر هو من قوله - عليه السلام، قال الإمام: يحتمل قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا أن يكون قبل أن يوحى إليه بأن غير يونس بن متى أفضل منه ؛ فلهذا امتنع أن يقول بالتفضيل ولم يوح إليه به، وهو - عليه السلام - لم يقل هنا: إن يونس أفضل من سائر المرسلين (1) حتى يكون ذلك معارضا فى ظاص 5 لقوله: (أنا سيد ولد اَدم) (2) فيفتقر إلى التأويل، ولكنه إذا قال: ا لا أقول: إن أحدا أفضل من يونس[ بن متى] (3))، وحملناه[ على] (4) / ذلك قبل أن يوحى إليه بالتفضيل، ثم أوحى إليه بالتفضيل.
يقال له ة لم يكن فى ذلك من التعارض ما يغمض فيفتقر إلى التأويل.
قال القاضى: ويدخل فى هذا من التأويلات ما تقدم فى قصة موسى، ويحتمل أن يكون قوله: (أنا) راجعأَ إلى تأويل ذلك ويعنى نفسه، أى لا يظن أحد ولم يبلغ من
(1) فى ح: المسلمين.
(2) سبق فى هذا الكتاب برقم (3).
(3) سمّط من خط -
(4) ساقطة من ح.
2 / ب
360
(7/359)
كتاب الفضائل / باب فى ذكر يونس عليه السلام...
إلخ ابْنُ عَمِّ نَبِيكُّمْ ( صلى الله عليه وسلم ) - يَعْنِى ابْنَ عَبَّاسٍ - عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَا يَنْبَغى لِعَبْدٍ أنْ يَقُولَ: أنَا خَيْر مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى لا.
وَنَسَبَهُ إِلَى أبِيهِ.
الذكاء والفضائل ما بلغ، أن يكون خيرا من يونس لأجل ما حكاه الله عنه، فإن درجة النبوة لا تلحق، وما جرى على يونس من الأقدار لم يحطه عن رتبة النبوة ذرة (1).
(1) فى صح: خرلمحلة.
(7/360)
كتاب الفضائل / باب من فضائل يوسف عليه السلام
361
(44) باب من فضائل يوسف عليه السلام 68 1 - (2378) حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيد، قَالُوا: حَد، شَا يحيى بْنُ سَعيدٍ، عَنْ عُبَيْد اللّه، أخْبَرَنِى سَعيدُ بْنُ أَبِى سَعِيد، عَنْ أبِيه، عَن أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قِيلَ: يًا رَسُولَ الله، مَنْ كرَمُ الئاسِ ؟ قَالَ: (أَتْقَاهُم).
قَالُوا* لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْألُكَ.
قَالَ: (فَيُوسُفُ نَبِىُّ الله ابْنُ نَبِىَ اللّه ابْنِ نَبِىِّ اللّهِ ابْنِ خَلِيلِ اللّه).
قَالُوا:
وقوله: (أكرم الناس أتقاهم)، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: (فيوسف نبى
الله ابن نبى الله[ ابن نبى الله] (1) ابن خليل الله)، وفى غير هذا الحديث: (نبى ابن نبى أبن نبى ابن نبى) أربعا، وفى الرواية الأخرى فى الرابعة: (ابن خليل الله) (2) وهذا يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم، فهم أربعة أنبياء على نسق.
وأصل الكرم الجمع وكئرة الخير، فيوسف - عليه السلام - قد جمع كل[ مكارم] (3) الأخلاق التى تفضل بها الأنبياء إلى شرف النبوة، وشرف النسب، وعلم الرؤيا وغيرها، وشرف الرئاسة فى الدنيا، وكونه على خزائن الأرض وحياطته وعمارتها بما أمر به من جمعه الطعام، وادخاره لنفقتهم، وكونه على خزائنهم وأرزاقهم.
وقوله: (عن معادن العرب تسألونى، خيارهم (4) فى الجاهلية خيارهم (5) فى الإسلام إذا فقهوا): أصل الكرم - كما قدمناه -: كرْة الخير والمنفعة.
والكرم: عظم أ القدر] (6)، ومنه: أرض كريمة: طيبة النبات، ونخلة كريمة: لا تخلف حملها، وناقة كريمة: غزيرة اللين، ولذلك سموا العنب كرمًا لكثرة حمله وسهولة جباها.
ومن كثر خيره ونفعه عظم قدره، فلما سئل - عليه السلام - عن أكرم الناس قدراً، وفهم النبى - عليه الصلاة والسلام - منهم العموم ؛ التفت إلى الكرم (7) الصحيح الصادق ورفعة القدر العلية بالتقوى المؤدية باتصال الرفعة الأبدية فى الاَخرة فى الدرجات العلا ؛ فقال: (ائقاهم)، ثم لما راجعوه فهم التعيين، فقال لهم: (يوسف) لتردد رفعة القدر فيه وفى آبائه فى أربعة قرون بالنبوة، التى هى غاية رفعة البشر وأرفع درجات الرفعة فى الدنيا والاخرة وكثرة الخير وجماع منافع العاجلة والاجلة، ويجمع يوسف خصال الشرف الدنيوية
(1) سقط من !.
(3) من !.
(6) من !.
(2) البخارى، كبدء الخلق، بأحاديث الأنبياء4 / 170.
(4، 5) قى ز: خياركم، والمثبت من ح والمطاوعة.
(7) فى!: ا للزوم.
3 / + ا
362
(7/361)
كتاب الفضائل / باب من فضائل يوسف عليه السلام لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ.
قَالَ: (فَعنْ معَ النِ العَرَبِ تَسألُونِى ؟ خِيَارُهُمْ فِى الجَاهلِيَّة خِيَارُهُمْ فِى الإسْلام، إِذَا فَقُهُوالما.
والأخروية التى قدمناها.
فلما بينوا له مرادهم، وفهم منهم السؤال عن قبائل العرب - أجابهم بمراعاة الاَصول والأحساب، وأن الخيار فى الجاهلية من حاملى الأخلاق الحميدة، لذلك هم فى الإسلام إذا اتصفوا نجكرم الدين والفقه فى الشريعة، ففى تنبيهه - عليه الصلاة والسا3 م - إلى ذلك إرشاد الى مراعاة الأصول والأحساب، والجرى على الأعراق، [ واْن]! ا) مراعاة ذلك بالدين وتمامه شريفة بالفمَه، فيتضمن[ من] (2) كلامه فى الأجوبة الثلاث اْن الكرم كله - عاما وخاصًا، مجملاً ومعينا - إنما هو بالدين من التقوى والنبوة والأعراق فيها والإسلام والفقه، فإذا تم ذلاث أو ما حصل منه مع شرت الأب (3) المعهود عند الناس، فقد كان شرت الشريف وكرم الكريم.
ومعنى (معادن العرب): / اْصولها.
وأصل المعدن، والعدن: ا لإقامة، ومنه:
جنة عدن.
11، 2) من خ.
(3) فى!: الإباَ.
(7/362)
كتاب الفضائل / باب من فضائل زكرياء عليه السلام
363
(45) باب من فضائل زكرياء عليه السلام 69 1 - (2379) حلّلنا هَدَّابُ بْنُ خَالد، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ
أَبى رَافِعِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (كَانَ زَكَرِتاءُ نَخارًا لما.
وقوله: (كان زكرياء رجلا نجارا): فيه جواز اتخاذ الصنع (1) وتعليمها، وفضل صناعة النجارة.
(1) فى الأبى: الصناخ.
364
(7/363)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام
(46) باب من فضائل الخضر عليه السلام
170 - (2380) حدّثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّد النَّاقِدُ داِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الحَنْظَلِىُّ وَعُبَيْدُ
الله بْنُ سَعيد وَمُحَمَّدُ بْنُ أَيِى عُمَرَ المَكِّى، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِى عُمَرَ - حَدثنَا سُفيَانًُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا عَمْرُو بْنُ دينار، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْر، قَالَ: قُلتُ لابْنِ عَبَّاس: إِنَّ نَوْفا البكَالِىَّ يَزْعُمُ أنَّ مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - صًاحبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ الخًضِرِ - عَلَيْه السئَلامُ.
فَقَاً: كَذَب عَدُؤُ اللهَ، سَمعْتُ ابَىَّ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ: سَمدْث رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (قَامَ مُوسَى - عَلَيْه السَّلامَُ - خَطيئا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَىُّ النَّاسِ اعْلَمُ ؟ فَقَالَ: انَا أَعْلَمُ.
قَالَ: َ فَعَتَبَ الله عَلَيْهَِ ؛ إِذ لَمْ يَرُدَّ
وقوله: (ان نوفا البكالى): كذا ضبطناه عن القاضى الشهيد أبى على بكسر الباء وتخفيف الكاف، وكذا رده علينا الحافظ أبو الحسن فى غير هذا الكتاب، وضبطناه على الفقيه أبى بحر الخشينى، والشيخ أبى بحر الاَسدى بفتح الباء وتشديد الكاف، وهو ضبط الشيوخ وأصحاب الحديث، والصواب الأول.
وبنو بكال من حمير، وقيل: من همدان، وإليه نسب نوت بن فضالة هذا.
كذا
قال ابن دريد وغيره، وهو فيما قيل: ابن امرأة كعب الأحبار، وقيل: ابن أخته، يكنى بابن يزيد، وكان عالمأ قاضيا، وإمامًا لأهل دمثق.
وقوله: (كذب عدو الله): على طريق الإغلاظ والضجر على من قال: لا يصح،
وقد قال قول نوت وغيره، والصحيح قول ابن عباس: (إن صاحب الخضر موسى نبى بنى اسرائيل) لا غير.
وقوله: (سئل موسى: أى الناس أعلم ؟ قال: انا، فعتب الله عليه، إذ لم يرد العلم إليه) الحديث، وفى الرواية الأخرى: " بينما موسى فى قومه يذكرهم أيام الله - وأيام الله: نعماؤه وبلاؤه - إذ قال: ما أعلم فى الأرض رجلاً خيرًا أو أعلم منى، فأوحى الله إليه: إنى أعلم بالخرِ منه - أو عند من هو - ان فى الأرض رجلأ اْعلم منك (1))، قال الإمام: وقع فى بعض الأحاديث: (هل تعلم أحدًا أعلم منك) (2)، فعلى هذا لا يكون عليه عتب ؛ إذ حكى عما يعلم.
وأما على هذه الرواية: (أى الناس اْعلم ؟ فقال: أنا اْعلم) والنبى لا يقع منه الكذب، وقد أوحى الله - عز وجل - إليه أن عبداً من عباده
(1) فى!: منه.
(2) حديث رقم (174) بالباب.
(7/364)
كتاب الفضائل / بالب من فضائل الخضرعليه السلام 365 العِلمَ إِلَيْه، فَا"وْحَى الله إِلَيْه: أَن عَبْدًا مِنْ عِبَادى بِمَجْمَع البحْرَيْنِ هُوَ أعْلَمُ مِنْكَ.
قَالَ مُوسَى: أً ى رَبِّ، كَيْفَ لِىَ بِه ؟ فَقِيَل لَهُ: احمِلْ حُوتًا فِى مكْتَل، فَحَيْثُ تَفْقدُ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ.
فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهَ فًتاهُ - وَهُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ - فَحًمَلَ موسَى - عَلَيْهَ السثَلامُ - حُوتًا فِى مِكْتَل، وَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ يَمْشِيَان، حَتَى أَثَيَا الصَّخْرَةَ، فَرَقَدَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - وَفَتَاهُ، فَاضْطَرَبَ الحُوتُ فِى المَكْتَل، حَتَّى خَرَجَ مِنَ المكْتَلِ، فَسَقَطَ فى البَحْرِ ".
قَالَ: (وَأَمْسَكَ الله عَنْهُ جِرْيَةَ المَاءٍَ حَتَّى كَانَ مثْلَ الطَّاقِ، فَكَاَنَ لِلحُوتِ سَرباَ، وَكَانَ لمُوسَى وَفَتَاهُ عَخئا، فَانْطَلَقَا بَقيَّةَ يوْمِهِمَا وَلَيْلتَهمَا، وَنَسِىَ صَاحبُ مُوسَى أنْ يُخْبرَهُ، َ فَلَمَّا أَصْبَحَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَالَ لفَتَاهُ: { آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدَْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} إ (1) قَالَ: (وَلَمْ يَنْصَبْ حَتَّى جَاوَزَ المًكَانَ الَّذى امِرَ بِه).
قَالَ: { اَرَاَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَاٍفِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا اً نسَانِيهُ إلا الشَّيْطًانُ اًنْ اً ذكُوَهُ وَاتَخَذَ لا بِيلَهُ فِما الْبَحْرِ عَجَبًا} (2).
قَالَ مُوسَى: { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغ فَارْتَذَا عَلَا آثَارِهِمَا قَصَمًا} (3).
قَالَ: (يَقُضَانِ
أعلم منه، فيكون المحمل أنه أراد: أنا أعلم فيما يظهر لى، ويقتضيه شاهد الحال، ودلالة نبوته - عليه الصلاة والسلام - لأنه كان من النبوة بالمكان الرفيع والعلم من أعظم المراتب، فقد يعتقد أنه أعلم الناس لهذه الجهة، دإذا كان قوله: (أنا أعلم) مراده به فى اعتقادى لم يكن خبره به كذبا.
وقد اضطرلب العلماء فى الخضر، هل هو نبى أم لا ؟ واحتج من قال بنبوته بقوله:
{ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} (4)، فدل على أن الله - عز وجل - يوحى (5) إليه بالأمر وهذه النبوة.
وفصل الاَخرون عن هذا بأنه يحتمل أن يكون نبى غيره أمره بذلك عن الله تعالى، وقصارى ما فى الاية أنه ما فعله عن أمره، ولكن إذا كان المراد عن أمر الله تعالى فمن المبلغ له ليس فى الآية تعيين فيه، وقد يحتج بنبوته بكونه أعلم من موسى، ويبعد أن يكون الولى أعلم من النبى.
وقوله: (عتب الله عليه): يشبه أن يراد به أنه لم يرض قوله شرعأ ودينا.
وأما العتب بمعنى المواخذة وتغير النفس، فلا يجوز على الله - سبحانه.
قال القاضى: وقيل: إن مراد موسى بقوله: (أنا أعلم) بما تقتضيه وظائف النبوة،
(1) 1 لكهف: 62.
(4) 1 لكهف: 82.
(2) 1 لكهف: 63.
(5) فى خ: أوحى.
(3) 1 لكهف: 64.
3 / ب
366
(7/365)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام اَثارَهُمَا، حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، فَراى رَجُلا مُسَجى عَلَيْه بِثَوْب، فَسَلَّمَ عَلَيْه مُوسَى.
فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: أَنَّى با"رْضكَ السَّلامُ ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى.
قَاً: مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيَلَ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: إِنَّكَ عَلًى عِلَمٍ مِنْ عِلم اللّه عَلَّمَكَهُ الله لا اعْلَمُهُ، وَانَا عَلَى عِلبم مِنْ عِلم الله عَلَّمَنِيهِ لا
وأمور الشريعة وسياسة الأمة، والخضر أعلم منه بأمور أخر مما لا يعلمها أحد إلا بإعلام الله، من علوم غيبه بالقصص المذكورة فى خبرها، وكان موسى أعلم على الجملة والعموم بما تقدم مما لا يمكن جهل الأنبياء لثىء منه، والخضر أعلم على الخصوص بما أعلم من محنات الغيب، وحوادث القدر، وقصص الناس مما لا يعلم منه الأنبياء إلا / ما أعلموا به، مما استأثر الله به من غيبه، وما قدره وسبق فى علمه مما كان، ويكون فى خلفه ؛ ولذلك قال الخضر فى الحديث: (أنت على علم من علم الله علمكه لا تعلمه) (1)، ألا تراه كيف لم يعرف أنه موسى نبى بنى إسرائيل[ حتى عرفه بنفسه أفلم يعرفه الله به، وهذا مثل قول نبينا - عليه السلام] (2): (إنى لا أعلم إلا ما علمنى ربى)، وقد قال تعالى: { وَعَئَمْنَا (مِن لَدُثا عِلْمًا} (3).
وقيل فى قوله: (وعتب الله عليه): أى[ إذ] (4) لم يرد العلم إليه كما ردته الملائكة لقولهم: { لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} (5)، ولئلا يقتدى به غيره فى تزكية نفسه، والعجب بحاله فيهلك.
وقيل: كان موسى اْعلم من الخضر فيما أخذ عن الله، والخضر اعلم فيما دفع إليه موسى، وقيل: إنما أبئ موسى إلى الخضر للتأديب لا للتعليم.
وفى حديث الخضر وموسى جواز إخبار الرجل عن نفسه بالفضل والعلم، إذا احتاج
إلى ذلك لمعنى دينى، أو لمصلحة دنيوية، لا ليقصد به الفخر والكبر، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: (أنا سحِد ولد اَدم ولا فخر) (6)، وكما قال: (أنا أتقاكم لله، وأعلمكم بما اتقى، وأشدكم له خشية) (7).
ومعنى (يعتب الله عليه): أى وأخذه به وعنفه عليه.
وأصل العتب: المؤاخذة،
يقال منه: عتب عليه إذا واخذه بذلك، وذكره له، قيل: عاتبه.
(1) البخارى، كبدَ الخلق، بأحاديث الأنبياء، حديث الخضر مع موسى 4 / 189.
(2) فى هامث! ح.
(3) الكهف: 65.
(4) من !.
(5) البقرة: 32.
للا) سبق فى أول الكتاب، حديث رقم (3).
(7) انظر: البخارى، كالإيمان، حديث رقم (20) بالفتح، وهو فى مسلم فى كالصيام حديث رقم (74) وك الفضائل حديث رقم (127، 128).
(7/366)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام 367 تَعْلَمُهُ.
قَالَ لَهُ مُوسَى - عَلَيْه السئَلامُ -: { هَلْ اً تَّبِعُكَ عَلَئ اًن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رشْدا.
قَالَ إِنَّلثَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا.
وًكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَئ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خبْرًا.
قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّة صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ اَمْرًا} (1) قَالَ لَهُ الخَضِرُ: { فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَن شَيْء حَتَّئ اُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} (2).
قَالَ: نَعَمْ.
فَانْطَلَقَ الخَضِرُ وَمُوسَى يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ
وسؤال موسى ربه لقيا الخضر، استدل به أهل العلم على الرحلة فى طلب العلم، وازدياد العالم لعلمه منه، وفيه فضل طلب العلم والتزيد منه، ومعرفة حق من عنده زيادة علم.
وفى تزوده بالحوت، جواز اتخاذ الزاد فى السفر، وكان له فى طى ذلك اَية وعلامة للقاء (3)1 لخضر.
وفى شرط الخضر عليه ألا يسأله عن شىء حتى يحدث له منه ذكرا، الأدب مع العالم وترك سؤاله ؛ إذا نهاه عنه لسبب يقتضيه، وأخذ العفو منه، والوقوف عند حده.
وفى اعتذار موسى له بالنسيان فى الاَولى والتزامه له فى الثانية إن سأله ثالثة فراق،
دليل على لزوم الوقوف عند حد العلماء، وترك الاعتراض على المشايخ، ولزوم الأدب معهم، والتسلجم لهم، لاسيما إذا حققوا قصورهم عن معرفة ما عندهم، كما كان حال موسى من عدم علم ما علمه الخضر من ذلك.
وفيه حرص موسى على العلم، وأن حرصه على ذلك ومحبته له وتعجيل فائدته أوجب تبيانه لشرط الخضر فى ترك السؤال، ولذلك قال - عليه السلام - فى الحديث: (وثدت أن موسى صبر حتى يقص الله علينا من أخبارهما).
وفى قول الخضر لموسى: { اٍثكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}: احتن به مثايخنا على أن الاستطاعة لا تتقدم (4) الفعل، خلافا للقدرية، وهو مما يحتج به من قال بثبوته، أو من يقول بالكرامات للأولياء وصدق فراستهمٍ، لإخباره عن حاله من قلة الصبر.
وكان كذلك حيئ قال له: { اٍئكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِماَ صَبْرا}، ومئله قوله فى الحائط وكان مائلا فأقامه بيده، وأن تحته كنز اليتيمين هذا فأقامه.
وفى إعلامه بأن وراء السفينة ملكا يأخذ كل سفينة غصبا، وما أخبر من حال الغلام
(1) 1 لكهف: 66 - 69.
(3) فى ز: للفتى، والمثبت من ح.
(2)1 لكهف 700.
(4) فى خط: تقدم.
368
(7/367)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام البَحْرِ، فَمَرَّتُ بهِمَا سَفينَة، فَكَلَّمَاهُمْ أنْ يَحْملُوهُمَا ؛ فَعَرفُوا الخَضِرَ فَحَملُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْل، فَعَمَدَ الخًضِرُ إٍ لَىَ لَوح مِنْ ألوَل! الستَفِينَةَ فَنَزَعَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْئم حَمَلُونَا بغَيْرِ نَوْلً، عَمَدْتَ إِلَى سفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ اهلَهَا{ لَقَدْ جِثْتَ شَيْئًا إِمْوًا} (1).
قَالَ: !لَمْ أَقُلْ إَنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِماَ صَبْرًا.
قَالَ لا تؤَاخِذْفِي بِمَا نَسِيتُ وَلا تُوْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرا} (2) ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَة، فَبَيْنَمَا هُمَا يَمْشيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا غُلاَم!يَلعَبُ مَعَ الغِلمَانِ، فَاع خَذَ الخَضِرُ برَأسِه، فَاقْتَلَعَهُ بيَده، فَقَتَلَهُ.
فَقَالَ مُوسَى: { اَ!تَلْتَ نَفْسًا زَكِيةً بِغَيْوِ نَفْس الَقَدْ جِئْتَ شَيْئا نَكْرًا+ قَالَ أَلَمْ أَقُلَ لًكً إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِطَ صَبْرًا} (3) قَالَ: وَهَنهِ اشَدُ مِنَ الأولَى.
قَالَ: { إن سَأَلْتُكَ عَن شَيْء بَعْدَهَا فَلا تصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُفِّي عُذْرًاَ.
فَانطَلَقَا
وقصة أبويه، وكله مما لا يعلمه إلا نبى أو ولى صفى بوحى من الله، أو إلهام وبحديث ملك.
وفى فراقهما بعد ثلاث قصص، حجة على أن ثلاثة مجالس أو ثلاث مقالات أو ثلاثة أيام، أو ثلاثة اجال، فى الاعتذارات، والانتظار، والتلوم، والإحسار، والعهد وغير ذلك منها فى ضرب الأجل، وكذلك فى / استتابة المرتدين، وتكرار الخصومات مع الوكيل، واجتناب المضرات واْصل الخيار عند بعض العلماء، وإنذار حيات البيوت، والاستئذان، وتشميت العاطس، وأمد المهاجرة، داقامة المسافر مما جاء منه فى كتاب الله تعالى، وسنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - وارتضاه ائمة الفقهاء لمصالح الأمة.
وفى خبرهما جواز الاستطعام والسوال عند الحاجة، والاستئجار على البناء، وأكل
مثل ذلك لقوله: { لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (4)، وجواز استئجار السفن لقوله: أدخلونا (ْ) بغير نول، فدل على جواز النوك.
وفيه إكرام الفاضل، والعالم وخدمته، وجواز محاشاته مما يلزم غيره، وترفيهه عما
لا يرق به غيره.
وفيه الحكم بالظاهر فى الاَمور حتى يتبين خلافها ؛ لقوله: { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكيما}.
وفيه إنكار المنكر والشدة فيه، والغلظة على فاعله ؛ لقوله: { !قَدْ جِئْتَ شَيْئًا نكْرًا}.
وفيه استقباح الإساءة للمحسن ؛ لقوله فى أصحاب السفينة إذ خرقها: (حملونا بغير نول).
(1)1 لكهف: 71.
(3) 1 لكهف: 74، 75.
(2) 1 لكهف: 72، 73.
(4) 1 لكهف: 77.
(5) فى خط: حملونا.
(7/368)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام 369 حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَة اسْتَطْعَمَا اَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُوِيدُ أَن يَنقَف! فَأَقَامَهُ} (1).
يَقُولُ: مَائِل.
قَالَ الخَضِرُ بيَدهِ هَكَذَا، فَأَقَامَهُ.
قَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ اتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطعمُونَا{ لَوْ شِئْتَ لَاتًّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا.
قَالَ هَذَا فِرَاق بَيْنِما وَبَيْنِكَ ل!مَأُنَبِّئكَ بِتَأوِيلِ مَا لَمْ تَستَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} (2).
قَالَ رَسولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَرْحَمُ الله مُوسَى، لَوَددْتُ أَنَّهُ كَانَ صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَخْبَارِهِمَا لا.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (كَانَتِ الالم وَلَى مِنْ مُوسَى نسْيَانًا يا.
قَالَ: (وَجَاءَ عُصْفُورٌ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْف السَّفِينَةِ، ثُمَ نَقَرَ فِى البَحْرِ، فَقَالَ لًهُ الخَضِرُ: مَا نَقَصَ عِلمِى وَعِلمُكَ مِنْ عِلم الله، إِلاَ مِثْلَ مَا نَقَصَ هَنَا العُصْفُورُ مِنَ البَحْرِ".
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَكَانَ يَقْرَا: وَكَان امَامَهُمْ مَلِلث يَأخُذُ كُل سَفِينَة صَالِحَة غَضبًا.
وَكَانَ يَقْرَا: وَامَّا الغُلامُ فَكَانَ كَافِرًا.
!إنكار مكافأة المسلمين بالإحسان فى بعض الاَمور، لاسيما عند الحاجة، وأن المعروف إنما يجب أن يوضع عند العلة لقوله: (قوم أتيناهم فلم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه اخرا).
وفى قول الخضر أولا: { أَلَمْ أَقُلْ انَّكَ} (3) وفى الثانية: { أَلَمْ أَقُلْ لك} (4) وفى
اول بة: { هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِك} لين الكلمة، والإغضاء للمتعلم أولاد إن خالفه واعترض، وكذلك الصفح عن فى المظلمة ممن لم يعرف منه قبل، فإن عاد زجر وأغلظ له القول، وهو كقوله له فى الثانية: { اً! أَقُلْ لك} قال فى الحديث: (وهذه أشد من الأولى)، فإن عاد الثالثة عوقب بالهجر والإبعاد أو غيره من العقاب.
واختلف العلماء فى أيهما أشد من قول موسى: { لَقَدْ جتَ شَيْئًا[ إِمْرًا] (5)} (6) وهو نكراً ؟ فقيل: (إمرًا لما أشد من (نكرا)، لأن الشىء الإمر العظيم، فإن فى خرق السفينة هلاك جماعة دإفساد أموالهم، وليس فى قتل الغلام إلا هلاك واحد.
وقيل: النكر اْشد ؛ لأنه قاله عند مباشرة القتل، وتحقق وفاة النفس، والأولى مظنونه، وقد يسلمون كما كان، وليس فيه تحقق إلا إفساد المال من خرق السفينة.
(1) 1 لكهف: 76، 77.
(3) 1 لكهف 720.
(5) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامث!.
(2) 1 لكهف: 77، 78.
(4)1 لكهف: 75.
(6)1 لكهف: 71.
370
(7/369)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام 171 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى القَيْسِىُّ، حَا شَا المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىُّ، عَنْ أبيه، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لابْنِ عَئاسٍ: إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ أًنًّ مُوسَى الَّذِى فَ!بَ بَلتَمِسُ العلمَ لًيْسً بِمُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ.
قَالَ: أَسَمِعْتَهُ يَا سَعِيدُ ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: كَذَبَ نَوْفَو.
172 - (... ) حَدثنَا أُبَىُّ بْنُ كَدْب قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّهُ بَيْنَمَا مُوسَى - عَلَيْه السَّلامُ - فِى قَوْمهِ يُذَكِّرُهُمْ بِا"يَّامِ اللّه - وَأَيَّامُ اللّه نَعْمَاؤُهُ وَبَلاؤُهُ - إِذ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِى الأَرْضِ رَجُلاً خَيْرأ أً وْ أعْلَمَ مِنِّى لما.
قَالَ: " فَا"وْحَى الله إِلَيْهِ: إِنِّى أَعْلَمُ بالخَيْرِ منْهُ، أوْ عنْدَ مَنْ هُوَ، إِنَّ فِى الأرْضِ رَجُلأ هُوَ اعْلَمُ مِنْكَ.
قَالَ: يَا رَبِّ، فَدُلَنِى عَلًيْهِ).
قًالَ: " فَقِيلَ لَهُ: تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا، فَإِئهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الحُوتَ ".
قَالَ: (فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ
وقوله: (فحمل حوتأَ فى مكتل): المكتل، بكسر المبم: الزنبيل وهى القفة.
وقوله: " فأمسك الله عنه جرية الماء حتى كان مثل الطاق): الطاق: عقد البناء، وجمعه طيقان وأطواق، وهى الأزاج والأقوِاس، وما عقد أعلاه من العلو (1) وتحته خاليا، كما قال تعالى: { فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَربًا} (2)، والسرب: شق مخت الأرض، ومنه سرب الثعلب، وهذا مثل قوله فى الحديث الآخر: (فاضطرب الحوت، فجعل لا يلئئم عليه الماء صار مثل الكوة).
الكوة بفتح الكاف أشهر منها بضمها، وقد حكى الضم، واْخبرنا بعض مشايخنا عن أبى العلاء المعرى أنه كان يقول: إذا كانت نافذة فهى بالفتح، ! إذا كانت غير نافذة[ فهى] (3) بالضم.
وقوِله: { نَسِيَا حُوتَهُمَا}: قيل: المراد بذلك موسى، فأضيف النسيان إليه، كما قال: { يخْرُجُ مِنْهُمَا النولؤُ وَالْمَرْجَانُ} (4)، فإنما يخرج من الملح لابن الجلود، قيل: نسيان موسى هنا أنه لم يتقدم ليوشع فتاه بالتعهد له ومن يوشع حقيقة.
وقوله: { نَصَبًا}: أى تعبا.
وقوله: (فإذا هو بالخضر مسجى ثوبأ) (5): أى مغطى به كله، كتغطية الميت[ وجهه
(1) فى خ: البناء.
(2)1 لكهف: 61.
(3) ساقطة من ح.
(4) الرحمن: 22.
(5) حديث رقم (170) بالباب.
(7/370)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضرعليه السلام اسم حَتَّى انْتَهيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَعُمِّىَ عَلَيْه، فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ، فَاضْطَرَبَ الحُوتُ فى المَاء، فَجَعَل لا يَلتَئمُ عَلَيْه، صَارَ مِثْلَ اهُوًّ ة لما.
قَالَ: (فَقَالَ فَتَاهُ: ألا أَلحَقُ نَبِىَّ الله فً الخْبِرَهُ ؟ لما قَالَ: (فَنُسِّىَ، فَلَمَّاَ تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهَُ: { آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (1)).
قَالَ: " وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَب حَتَّى تَجَاوَزَا لما.
قَالَ: (فَتَذكَّرَ.
قَالَ: { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ نَي نِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِية إلا الشَّيْطَانُ اَنْ أَذْكرَة وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَئا.
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغ فَارْتَدَّا عَلَئ آثَارِهِمَا قَصَصًا} (2).
فَأَرَاهُ مَكَانَ الحُوت.
قَالَ: هَهُنَا وُصِفَ لِى).
قَالَ: (فَنَ!بَ يَلتَمِسُ، فَإِذَا هُوَ بِالخَضِرِ مُسَجى ثَوبا، مُسْتَلقَيًا عَلَى القَفَأ -
ورجليه وجميعه، ألا تراه / كيف قال: (فكشف الثوب عن وجهه).
واصله] (3) من سجا الليل: إذا غطى سواده النهار، وقد جاء فى كثاب البخارى مبينا، قال: (قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه) (4).
وقوله: (مستلقيا على القفا - أو[ قال] (5): على حلاوة القفا) بفتح الحاء.
قال صاحب العين: هو وسطه.
فيه جواز النوم كذلك وهو الاستلقاء.
والاستلقاء[ بل هو] (6) مستحمب عند بعضهم للتفكير فى ملكوت السموات والاَرض.
يقال: حَلاوة القفا وحُلاوة القفا، بالفتح والضم.
وقال أبو عبيد: بالضم، قال: ويجوز بالفتح وليس بمعروف، وحلاوة القفا بالفتح ممدود، وحلاوى بالضم مقصور.
وحكى أبو على: حلاوا أ القفا] (7) ممدود أيضا.
وفى بعض روايات البخارى: أنه وجده على طنفسة خضرأء على كبد البحر مسجى بثوبه (8).
وكبد البحر: وسطه، وكبد كل شىء: وسطه.
والطنفسة: بساط صغير كالنمرقة، يقال بكسر الطاء والفاء وضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهو الأصح.
وحكى أبو حاتم فتح الطاء وكسرها.
وقوله: " فقال - يعنى موسى -: [ عليكم السلام] (9)): فيه تسليم الماشى والمجتاز على المقيم، والقاعد والمضطجع.
ورد الخضر عليه[ ثم] (ْا) قال: (اْنّى بأرضك السلام ؟!)، أى من أين يأتى، بمعنى حيث وكيف وأين ومتى.
وهذا يدل أن السلام لم يكن عندهم معروفا إلا فى خاصة الأنبياء وال الولياء، أو كان موضع لقياهم ببلاد
(1) الكهف: 62.
(2) الكهف: 63، 64.
(4) البحارى، كالتفشر، ب{ فَلَفا بَلَفَا مَجْمعَ بَيْنِهِمَا، 113 / 6.
(6) لفظة زائدة ليس لها معنى، والكلامِ يستقيٍبدونها.
(8) البخارى، كالتفشر، ب{ فَلَفا بلَفَا مَجْمع بَيْنِهِمَا} 113 / 6.
لا) فى ح: اللام عليكم.
(10) من ح.
(3) من هام!خ.
(5) من هام!!.
(7) فى هام!خ.
4 / ب
372
(7/371)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام اوْ قَالَ: عَلَى حُلاَوَةِ القَفَا - قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، قَالىَ: وَعَلَيْكُمُ السَّل الُ، مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى.
قَالَ: وَمَنْ مُوسَى ؟ قَالَ: مُوسَى بَنِى إِسْرَائِيلَ.
قَالىَ: مَجِىء!مَا جَاءَ بكَ ؟ قَالَ: جِئْتُ لقُعَلمَنِى مِمَّا عُلِّمْتَ رشدا.
قَالَ: { إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا.
وَكَيًْتَصْبِرُ عَلَئ مَا لَمْ تحَطْ بِهِ خُبْرًا} (1).
شَىء!امِرْتُ به أَن أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ.
قَالَ: { قَالَ سَتَجِدُفِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرا وَلا أَعْصِما لَكَ أَمْرًا.
َ قَالَ فَإِنِ اتَّمعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِما عَن شَيْء حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا.
فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا} (2).
قَالَ: انْتَحَى عَلَيْهَأ.
قَالَ لَهُ مُوسَى - عَلَيْه السَّلاَمُ -: { أَخَرَكْمَهَا لِتُفْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرا.
قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صًبْرًا.
قَالَ لا تؤَاخِذْفِي بِمَا نَسِيتُ وَلا ترْهِقْنِما مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} (3).
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِفَا لَقِيَا غِلمَانا يَلعَبُونَ.
قَالَ: (فَاثْطَلَقَ إِلَى
الكفر ومن لا يعرف السلام.
وقوله: (يجىء ما جاء بك): كذا ضبطناه مرفوعا غير منون عن أبى بحر، ومنونا عند غيره، وتنوينه أظهر، ومعناه: أى يجىء لأمر عظيم جاء بك، وقد تجىء (ما) للتعظيم والتهويل لقوله: ا لأمر ما تدرعت الدروع، ولأمر ما سود من سود) (4)، ويكون (جاء بك) خبر هذا المبتدأ.
وقوله: (فحملوهما بغير نول)، قال الإمام: يعنى بغير جعل.
والنول والنوال: العطاء.
وقوله: { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا}: الإمر: العجب، والإمر من أسماء الدواهى.
قال القاضى: وقيل: النوال (ْ): الجعل.
والنال والنيل والنوال: العطاء ابتداء.
وقوله: (فانتحى عليها): يريد السفينة، يريد: اعتمد عليها وقصد خرقها.
قيل:
وفى خرقه السفينة مخافة أخذ الغاصب لها حجة فى النظر فى المصالح للخلق فى [ أخف] (6) الشرين، والإغضاء على بعض المناكر مخافة أن يتولد من تغييرها ما هو اْشد وأكبر، وجواز فساد بعض المال لصلاح بقيثه.
وفيه خصاء (7) بعض الأنعام لسمنها وقطع بعض اَذانها لتتميز.
وفى قتل الغلام دليل على مراعاة الذرالْع وقطع أسباب الشر.
(1) 1 لكهف: 67، 68.
(3) 1 لكهف: 71 - 73.
(5) فى خط: النول.
(2) للكهف: 69 - 71.
(4) سبق تخريجه.
(6) من خط.
(7) فى خط: خص.
(7/372)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام 3 كل أَحَدهِمْ بَادىَ الراى فَقَتَلَهُ، فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى - عَلَيْه السَّلاَمُِ - ذَعْرَة مُنْكَرَة.
قَالَ: { أَقَتًلْتَ نَفْسًا زاكيةْ بِغَيْرِ نَفْس لَّقَدْ جتَ شَيْئًا نُّكْرًا} (1).
َ فَقَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - عثدَ هَذَا المَكَانِ -: " رَحْمَةُ الله عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْلا أَئهُ عَجَّلَ لَرَأى العَجَبَ، وَلَكنَّهُ أخَنتهُ مِنْ صَاحبهِ فَمَامَةو.
قَالَ: { إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْء بَعْل!ا فَلا تصَاحِبْنِي قَدْ بَلَفْتً مِن لَّدفِّي عُذْرًا} (2)َ وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى العَجَبَ ".
قَالَ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدَا مِنَ الأنْبِيَاَ بَدا بِنَفْسِه: (رَحْمَةُ اللّه عَلَيْنَا وَعَلَى اخِى) كَذَا: رَحْمَةُ اللّه عَلَيْنَا.
(فَانْطَلَقَا حَتَى إِذَا أَتيأ أهلَ قَرْيَة لِئَاَمًا فَطَافَا فِى المَجَالِسِ فَاسْتَطعَمَا أَهْلَهَا{ فَأَبَوْا اًن يُف!يِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَفى فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ لثِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ اً جْرًا.
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} (3) وَأَخَذَ بِثَوْبِهِ.
قَالَ:
وقوله: { غُلامًا فَقَتَلَة}: دليل على أنه كان غير بالغ.
قال أهل اللغة: [ الغلام:
اسم للمولود من حين يولد إلى أن يبلغ، فينقطع عنه] (4) اسم الغلام، وهذا يرد على من ذكر أن الغلام صاحب الخضر كان بالغأ واحتج بقوله: { بِغَيْرِ نَفْم!ر} ؛ إذ لا يقتص إلا من بالغ.
ولا حجة له فى ذلك ؛ إذ لا يعلم كيف كان شرعهم فى ذلك، ولعله كان عمومأَ فى كل نفس، بل الظاهر أن قوله: { بِنَيْوِ نَفْم!} تنبيه على إنكار قتله لمن لا يجب قتله عنده إلا للقصاص وحده.
واحتج - أيضا - قائل ذلك بقوله: (وكان كافرا) فى قراءة من قرأ كذلك، وِلا حجة فيه ؛ إذ لم يثبت فى المصحف، ولأنه سماه بمآل امره.
وفى قوله: { بِنَيْوِ نفْمبى} دليل على القصاص، وأنه كان فى شرع من / قبلنا مشروعًا.
وقوله فى الرواية الأخرى: { فَانطَلَقَا حَتَّى اٍذَا لَقِيَا غُلامًا} غلماشا يلعبون، ! اللق إلى أحدهم بادى الرأى فقتله.
كذا عند شيوخنا، قال الله تعالى: { وَطَ نَوَاكَ اتبَعَكَ الأ الَذِينَ فمْ أَرَاذِلُنَا بَافىِ يَ الؤَأْي} (5)، قرئ بالهمز والتسهيل، فمن همز فمعناه: ابتداء الرأى وأوله، ومعناه فى هذا الحديث: أنه انطلق اليه مسارعا لقتله دون روية، ومن لم يهمز فمعناه فى الاَية: ظاهر الرأى، وهنا أيضا ظهر له رأى فى قتله من البداء، وهو ظهور رأى بعد آخر، ويُمَذُ البداء ويقصر، يقال: بدا لى أن أفعل كذا: أى ظهر.
وقوله: { اً قَتَلْتَ نَفْسئا زاكية} وقرئ: { زَكِيَّةً}: أى طاهرة لم تذنب ولم يبلغ الخطايا.
وهذا يصحح كونه غير بالغ.
(1) 1 لكهف: 74.
(3) 1 لكهف: 77، 78.
(5) هود: 27.
(2) 1 لكهف: 76.
(4) فى هامش !.
ه / أ
374
(7/373)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام { سَأُنَبِّئُكَ بِتَأوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرا.
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَافِيَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} إِلَى اَخرِ الاَيَة (1).
(فَإِذَا جَاءَ الَّذِى يُسَخِّرُهَا وَجَلَها مُنْخَرِقَة فَتَجَاوَزَهَا فَا"صْلحُوهَا بِخَشَبَة.
وَأَمَّا الغُلاًمُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافزا، وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْه، فَلَوْ ائهُ ادْرَكَ ارْهَقَهُمَا طُغيَاً نًأ وَكُفْرًا{ فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رً بُّهُمَا خَيْرا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحمًا.
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِنُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ} إِلَى اَخِرِ الآيَةِ (2).
(... ) وحئثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أخْبَرَنَا مُحَمَدُ بنُ يُوسُفَ.
ح وَحدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، كِلاَهُمَا عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ.
بِإِمشادِ التَيْمىِّ عَن أيِى إسْحَقَ، نَحْوَ حَلِيْثِهِ.
173 - (... ) وحلّثنا عَمْزو النَّاقدُ، حدثنا سفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ ابَىًّ بْنِ كَعْمب ؛ أن النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَرَأ: ا لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أجْرًا).
174 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَأ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُود، عَنْ عَبْدًا لله بْنِ عَبَّاسٍ ؛ أثَّهُ تَمَارَى وقوله: { فَخَشِينَا اَن يُوْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} (3): قيل: هو من قول الخضر، والخثية
هنا على بابها، وقيل: هو من قول الله - عز وجل، ومعنى (خشينا): عدمنا، وقيل: كرهنا.
ومعنى{ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَائا وَكُفْرأ}: أى يلحق ذلك بهما.
وقيل: يحملهما عليه، ومعنى{ طُغْيَانًا}: أى زيادة فى الكفر واستكثارًا منه، وأصل اللفظة الزيادة، قال الله تعالى: { إِئا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ} (4)
وقوله: { خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً}: قيل: إسلاما، وقيل: صلاحًا.
{ وَأَقْوَبَ رُحْمًا}: قيل: رحمة بوالديه[ وبرًا] (ْ)، وقيل: ترحمًا به، وقيل: هو من الرحم والقرابة.
قيل: كانت أنثى، وقيل: ذكرا.
وقوله: (وكان الغلام طبع[ يوم طبع] (6) كافراً): فيه حجة بينة لأهل السنة ومذهبهم فى الطبع والدين والاكنة والأغشية والحجب والسد، واشتباه هذه الألفاظ الواردة
(1) 1 لكهف: 78، 79.
(3)1 لكهف: 80.
(5) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامة.
(2) 1 لكهف: 81، 82.
(4) الحاقة: 11.
(6) من خ.
(7/374)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضرعليه السلام 5لم هُوَ وَالحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حصْنِ الفِزَارِىّ فِى صَاحب مُوسَى - عَلَيْه السَّلاَمُ.
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: هُوَ الخَضِرُ.
فَمَرًّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْب الأنْصًاَرِىُّ، فَدَعَاهُ ابْن عَبَّاسِ فَقَالَ: يَا ابا الطُّفَيْلِ، هَلُمَّ إِلَيْنَا، فَإِنِّى قَدْ تَمَارَيْتُ أَنَا وَضَاحبى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَألَ السَّبيلَ إِلَى لُقيِّه، فَهَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَذْكرُ شَأنَهُ ؟ فَقَالَ ابَى: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (بًيْنًمَا مُوسَى فِى مَلأ مِنْ بَنِى اِسْرَائيلَ، إِذ جَاءَهُ رَجُل فَقَالَ لَهُ.
هَلْ تَعْلَمُ احَدم أَعْلَمُ منْكَ ؟ قَالَ مُوسَى: لا، فَا"وْحَى الله الَىَ مُوسَى: بَلْ عَبْدُنَا الخَضِرُ ".
قَالَ: (فَسَاكلَ مُوسَىَ السَّبيلَ إلَى لُقيِّه، فَجَعَلَ الله لَهُ الحُوَتَ اية، وَقيلَ لَهُ: إِذَا افْتَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلظً 5ُ.
فًسَارَ لملوَسَى مَا شَاءَ الله أَنْ يَسيرَ، ثُمَّ قًالَ لفَتَأهُ: { آتِنَا غَدَاءَنَا} (1).
فَقَالَ فَتَى مُوسَى - ح!دنَ سَالَهُ الغَدَاءَ: { أَرَأَيًْإِذْ أَوَيْنَا إِلَى اَلمئَخْرَةِ فَإِفِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ اَنْ أَذْكُرَهُ} (2).
فَقَالَ مُوسَى لفتَاهُ: { ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغ فَارْتَدَّا عَلَن آثَارِهِمَا قَصَصًا} (3).
فَوَجَدَا خَضِرَا، فَكانَ منْ شَأنهمَا مَاَ قَصَّ اللّه فى كتَابه لما: إِلا انَّ يُون! قَالَ: فَكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِى البِحْرِ.
ًًً
فى الشرع من أفعال الله تعالى بقلوب أهل الكفر والضلال.
ومعنى ذلك عندهم: خلق الله فيها ضد الإيمان وضد الهدى، وهذا على أصلهم فى أن العبد[ لا قدرة] (4) له الا ما أراثه الله وقدره عليه وخلقه له، خلافا للمعتزلة والقدرية القائلين بفعل العبد من قبل نفسه، وقدرته على الهدى والضا، ل، والخير والشر، والإيمان والكفر.
وأن معنى هذه الاْلفاظ تسمية الله لأصحابها وحكمه عليهم بذلك، أو خلقه تعالى على مذهب اَخرين منهم علامة لذلك فى قلوبهم، أو كتبه كتابة بذلك فيها تعلم مها الملائكة الفرق بين المؤمن والكافر، أو تيسير أسباب الكفر والضلال المفضية لما قدر عليه من ذلك عند اخرين، أو خلقه ذلك عند المعتزلة فى الكفار بعد كفرهم ؛ عقوبة لهم على ما ارتكبوه من كفرهم، ومنعهم من الرجوع إلى الإيمان بعده، ويخرجون عندهم عن أن يومروا بالإيمان أو ينهوا عن الكفر، وهذا الهوس لا ينجيهم، ولا يخلصهم من نقض أصلهم فى التعديل والتجويز ومخالفة مذهبهم فيه الذى بنوا عليه ضلالتهم.
والحق الذى لا امتراء فيه أن الله يفعل ما شاء كما فى مبتدأ الذرء: (هؤلاء للجنة ولا أبالى، وهؤلاء للنار ولا أبالى) (ْ) فالذى قضى أنهم للنار طغ وختم على قلوبهم وغشاها وكنها، وجعل من بين أيديها سدمًا ومن خلفها سدأ وحجابًا متوراً، وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى اَذانهم وقرا، وفى قلوبهم مرضا ؛ ليتم سابقته فيهم وتمضى كلمة (1) الكهف: 62.
(2) الكهف: 63.
(3) الكهف: 64.
(4) فى ز: لا يكون، والمثبت من ح.
(5) أحمد 239 / 5.
ه / ب
6لم
(7/375)
كتاب الفضائل / باب من فضائل الخضرعليه السلام
قضاء عليهم، لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه، [ سبحانه] (1) لا يساْل عما يفعل وهم يسألون، ولا يشاؤون إلا أن يشاء الله.
/ وقوله: { جِداَرًا يُرِيذ أَن يَنقَف!} (2): [ أى] (3) يسقط بسرعة.
قال الكسائى:
إرادة الجدار هنا ميله، وقيل: هو على مجاز كلام العرب، واستعارثنا اللفظ[ هنا ميله، وقيل: هو] (4) لما يطابق معناه، وتشبيه منتهاه، فلما قرب الحائط من الانقضاض كان كمن يريد أن يفعل ذلك.
وقوله (ولكن أخذته من صاحبه ذمامة " بفتح الذال المعجمة.
قيل: معناه: استحياء، وقيل: هو من الذمام، أى لما كان[ شرطه] (5) عليه من الفراق، وأنه لا يسأله عن شىء بعدها، قال ذو الرمة:
أو تقضى ذمامة صاحب
ويقال: أخذته من مذمة بالفتح والكسر معا، وقيل: فى ذِمَتِكَ هذا أو يقضى ذمامة، ويكافئه عليه ويطرح عنه الذم لترك مكافأته، وهذا حسن هنا لائق بهذا المكان، وذلك أنه اعتذر له أولا[ بالنسيان] (6)، كما قال الله تعالى عنه، وكما جاء فى الحديث: (كانت الأولى من موسى نسيانا)، وقيل: إنه لم ينس، ولكنه من معاريض الكلام، قاله أبى ابن كعب.
ولم ينس فى الثانية فلم يعتذر بذلك واستحيى منه، وقال له: { ان سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْل!افَلاتُصَاحِبْنِ!} (7).
هذه معنى الذمامة، أى الاممتحياء من تكرار مخالفته، وقد روى مثل هذا عن النبى - عليه الصلاة والسلام - قال: (استحى نبى الله موسى)، ويكون منِ الذم بمعنى اللوم، قال صاحب العن: وذممته ذمأ: لمته، ويعضده قول الخضر هنا: { هَذَا فِرَاقُ بيْنِما وَبَيْنِك} (8).
وقوله: { وَكَانَ تَحْتَهُ كَنر لَهُمَا} (9): قيل: كان لوحًا من ذهب، فيه مكتوب فى جانب منه: (بسم الله الرحمن الرحيم.
عجبت لمن أيقن بالقدر ثم يغضب (ْا)، عجبت لمن أيقن بالموت ثم يضحك (11))، وفى رواية: (عجبت لمن اْيقن بالموت ثم أمن)، وفى الرواية الأخرى: (عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها) (12)، وفى الرواية الأخرى: (أنا الله لا إله إلا أنا، محمد عبدى ورسولى)، وفى الشق الاَخر: (أنا
(1) من ح.
(2) الكهف ت 77.
(3) فى هامث!ح.
(4) سقط من ح.
(5) فى الأبى: شارطة.
(6) فى ز: باللسان، والمثبت من ح.
(7) ا لكهف: 76.
يطل ا لكهف: 78.
(9) الست: 82.
(10) فى ح: غضب.
وانظر: ابن عساكر 6 / 357.
(11) فى ح: ضحك.
(2 1) الترغيب 3 / 89 1، ابن عساكر 6 / 357، الكنز 5 1 / 937 برقم (0 1 436).
(7/376)
كتاب النهضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام 377
الله الذى لا إله إلا أنا وحدى، لا شريك لى، خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وأخدمته على يديه، والويل لمن خلقته للشر وأخدمته على يديه).
وقيل: كان الكنز مالا مدفونا، وقيل: الموضع الذى التقيا فيه وهو مجمع البحرين،
الذى نص الله عليه.
قال أبى بن كعب: إفريقية.
وقال ابن سيرين: القرية هى الاَيلة، ورأيت فى الكتاب المظفرى أنها قرية خلف ال الندلس، ورواه عن الطبرى.
وقوله آخر الحديث: (وجاء عصفور حتى وقف على حرف السئينة، ثم نقر فى البحر، فقال له الخضر: ما نقص علمى وعلمك من علم الله إلا مثل ما نمص هذا العصفور من البحر) (1): هذا على طريق التمثيل، وعلم الله لا يدخله النقص والزيالمحة.
والمراد أها] (2) هنا راجع إلى ما أخذ العصفور لا يظهر أنه نقص من البحر شيئا لقلته فى كثرة ماَ البحر وعظمته، كما لا يظهر هذا ولا يبين، حتى كأنه لم يأخذ شيئا، كذلك ما أعلمه أنا وتعلمه أنت من معلومات الله، لا تجزئ هذه النقطة التى أخذ العصفور من البحر.
ونسبة ذلك إلى معلومات الله فى التمثيل نسبة تلك إلى البحر، وهذا كقوله: { قُل ئوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا كِلِمَاتِ رَئي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبَي} (3).
وذكر النقص هاهنا على المجاز، أو يرجع فى حقهما، أى ما نقص علمنا مما جهلنا
من / معلومات الله إلا مثل هذا فى التقدير والقلة.
وقد جاء نحو ما أسْرنا إليه من التمثيل مفسرا فى حديث ابن جريج فى البخارى، فقال: (ما علمى وعلمك فى جنب علم الله الا كما أخذ هذا العصفور بمنقاره من البحر) (4).
فأوقع العلم هنا موقع المعلوم، وقد يوتى بالمصدر مكان المفعول كقولهم: درهم ضرب الاَمير.
أ وقال بعض من أشكل عليه هذا اللفظ، (ْ): والمعنى المراد بإلا هنا ولا: أى ما نقص علمى وعلمك من علم الله، ولا ما أخذ هذا العصفور من البحر، أى أن علم الله لا ينقص ولا يجوز ذلك عليه وهذا لا يضطر إليه لما بيناه.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (رحمة الله علينا وعلى أخى موسى)، وقوله: وكان إذا ذكر أحدا من الأنبياء بدأ بنفسه: (رحمة الله علينا وعلى أخى فلان): فيه جواز بداية الإنسان بنفسه فى الأدعية وأشباهها، بخلاف ما يكون من امور الدنيا، فإن تأخير الإنسان فيه نفسه وتقديم اسم غيره أدب.
(1) حديث رقم (170) من هذا الباب.
(2) من !.
(3)1 لكهف: 109.
(4) البخارى، كالتفحر، ب{ لَاذْ تَالَ فولَى لِفَتَاة} 4 / 89.
(5) سقط من ز، والمثبت من ح.
6 / أ
(7/377)
378
كتاب النعضائل / باب من فضائل الخضر عليه السلام
واختلف السلف فى البداية بعنوان الكتاب، فذهب كثير منهم إلى تقديم الكاتب اسمه
على اسم المكتوب إليه[ ما كان.
وذهب اخرون إلى تقديم اسم المخاطب المكتوب إليه] (1)، إلا مثل الاَمير إذا كتب لمن دونه، والأب لابنه أو عبده، وما أشبه هذا.
قال بعض العلماء: وفى قصة موسى والخضر أصل من أصول الشريعة عظيم ة فى أنه
لا حجة للعثتول عليها، وأن لله أسرار فيها يطلع على بعضها، ويخفى ما شاء منها، وحكمأَ هو أعلم بمراده بها، فلا يجب الاعتراض بالعقول على ما لا يفهم منها، ولا ردها كما فعل أهل البدع ؛ بل يجب التسليم لما صح وثبت من ذلك.
وفيه أنه لا تحسن العقول ولا تقبح ؛ دإنما ذلك للشرع، ألا ترى إلى ظهور قبع قتل الغلام، وخرق السفينة فى الظاهر ؛ ولهذا اشتد نكير موسى لذلك، فلما أطلعه الخضر على سر ذلك ومراد الله فيه، وأن ذلك لم يقضه عن أمره، بان له وجه الحكم فمِه، وكل ذلك محنة من الله وابتلاء لعباده ؛ ليميز الخبيث من الطيب، وليبلو إسرارهم.
وفى إخباره عن حالة السفينة لو لم تخرق من غصب الملك لها، وحالة الغلام لو لم يقتل وكبر، من إرهاق أبويه طغيانا وكفرا ة دليل على[ أن] (2) مذهب أهل الحق فى علم الله بما لا يكون.
وفى جملة هذه القصة علامات كثيرة وآيات بينة للأنبياء وال الولياء، وخرق العاثة لهم، لاسيما على من لا يقول بنبوة الخضر، ويرى أنه ولى من أولياء الله وصفى من أصفيائه.
(1) فى هامث!خ.
(2) ساقطة من ح
(7/378)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل ائى بكر...
إلخ 379
بسم الله الرحمن الرحيم
44 - كتاب فضائل الصحابة رضى الله تعالى عنهم
(1) باب من فضائل أبى بكر الصديق رضى اللّه عنه
ا - (2381) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد وَعبْدُ الله بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ - قَالَ عَبْدُ الله: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرًانِ: حَدثنَا - حَبَّانُ بْنُ هلاَل، حدثنا هَمَام، حَد*شَا ثَابِتٌ، حدثنا أَنَسُ بْنُ مَالِك ؛ أَنَّ أَبَا بَكْر الصِّدِّيقَ حَد 8لهُ قَالً: نَظًرْتُ إِلَى اقْدَام المُشْرِكِلاينَ عَلَى رُؤُوسِنَا وَنَحْنُ فِى اَلغَارِ.
فَقُلمث: يَا رَسُولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَلَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَلَمَيْهِ.
فَقَالَ: " يَا أَبَا بَكْر، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْن الله ثَالِثُهُمَا).
فضائل الصحابة
قال الإمام أبو عبد الله: أما تفضيل الصحابة بعضهم على بعض، فقد ذهب فرقة
إلى الإمساك عن هذا، وأنه لا يفضل بعضهم على بعض، وقالت: هم كالاءصابع فى الكف، فلا ينبغى أن نتعرض للتفضيل بينهم.
وقال من سوى هؤلاء بالتفضيل، واختلفوا فيه اختلافا كثيراً.
فالخطابية تفضل
عمر بن الخطاب، والراوندية تفضل العباس، والشيعة تفضل عليا، وأهل السنة تفضل أبا بكر - رضى الله عنهم.
واختلف القائلون بالتفضيل، هل الذى يذهبون إليه من مقطوع به أم لا ؟ وهل هو
فى الظاهر والباطن أم فى الظاهر خاصة ؟ فذهبت طائفة إلى أن المسألة مقطوع بها، وحكى عن أبى الحسن الأشعرى ميل إلى هذا، وأن الفضل / مرتب فى الأربعة على حسب ترتيبهم فى الإمامة.
وأما القاضى أبو بكر بن الطيب (1) فإنه يراها مسألة اجتهاد، ولو أهمل احد العلماء النظر فيها أصلاً حتى لم يعرف فاضلاً من مفضول ما حرج ولا إثم، بخلاف سائر ال الصول التى الحق فيها واحد، ويقطع على خطأ المخالف، وهذه لا يقطع فيها على خطأ
(1) فى زت الحطيب، والمثبت من ح، وهو الصواب.
6 / ب
380
(7/379)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ
2 - (2382) حدّثنا عَبْدُ اللّه بْنِ جَعْفَرِ بْن يحيى بْنِ خَالِد، حدثنا مَعْن، حدثنا مَاللث عَنْ أَبِى الئضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أبِى سَعِيدٍ ؛ أنَّ رَسولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) جَلَسَ عَلَى المَنْبَرِ فَقَالَ: " عَبْد خَيَّرَهُ الله بَيْنَ أَنْ يُؤْتيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عنْدَهُ).
فَبَكًى أَبُو بَكْرٍ، وَبَكَى.
فَقَالَ: فَدَيْنَاكً بِآبَأئِنَا وَاُمهَاتِنَا.
قَال: فًكَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) هُوَ المُخَيَّرُ، وَكَانَ ابُو بَكْرٍ اعْلَمَنَا بِهِ.
من خالف من المجتهدين.
وفى المدونة: سئل مالك: أى الناس أفضل بعد نبيهم - عليه الصلاة والسلام ؟ فقال: أبو بكر.
ثم قال: أو فى ذلك شك ؟ فقيل له: فعلى وعثمان ؟ قال: ما أدركنا أحدًا ممن اقتدى به يفضل أحدهما على صاحبه، ونرى الكف عن ذلك.
وقول مالك: (أو فى ذلك شك ؟) كان (1) يشير به إلى المذهب الذى حكيناه عن القائلن بالقطع، ولكنه أشار إلى التوفيق بين على وعثمان، وهذا مساهمة لمن حكينا عن الوقف[ فى الكل] (2) وللمرخصة مالك بهذين.
وقد مال إلى قريب من هذا أبو المعالى فقال: أبو بكر ثم عمر، ويتحالج الطيور فى عثمان وعلى - رضى الله عنهم - وهذا اللفظ نحو ما وقع لمالك.
وأما الحكم بالتفضيل ظاهرَا خاصة أو باطنا وظاهرا، فإن فى ذلك قولين للعلماء.
والقاضى ابو (3) الطيب نصر كل واحد من المذهبين واحتج له، ولكن تعويله فى ظاهر كلامه على أنه حكم بالظاهر لا بالباطن عند الله سبحانه.
وقد يكون من يظهر لنا أنه أفضل من غيره ذلك الغير عند الله أفضل منه، ولذلك
وضح الاخ!ف بين الماء فى عائشة وفاطمة - رضى الله عنهما - أيتهما أفضل ؟ واحتجت [ كل] (4) طائفة بما وقع من التفضيل لمن فضلته فى بعض الا"حاديث، والمسألة لا تبلغ القطع.
وقد وقف الشيخ أبو الحسن ال الشعرى فى هاتين وتردد فيهما.
ولا معنى للتعويل على تعدية عائشة لكونها مع النبى - عليه الصلاة والسلام - فى
الجنة فى درجته، وكون فاطمة مع على - رضى الله عنهما - فى درجته، ودرجة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أعلى من درجة على ؛ لأن ذلك إنما حصلت عليه لاَجل افبى - عليه الصلاة والسلام - وكون الزوجة تابعة لزوجها لا لاَجل نفسها لو انفردت.
وكذلك قوله فى عائشة - رضى
(1) فى خ: يكاد.
(2) فى هامش خ.
(3) فى خ ؟ ابن.
(4) من خ.
(7/380)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 381 وَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ امَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِى مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ ابُو بَكْر، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ اخُوَّةُ الإِسْلاَم، لا تبقَيَنَّ فِى المًسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلا خَوْخَةَ أبِى بَكْرٍ ".
الله ضنها -: (إنها فضلت على النساء كالثريد على الطعام) الحديث (1) كما وقع ؛ لأنه من أخبار الاَحاد.
وقد يعارض - أيضا - بما وقع فى فاطمة - رضى الله عنها وأرضاها - من الأحاديث، وقوله - عليه الصلاة والسلام - لها: (أما ترضين أن تكونن سيدة نساء هذه الأمة) (2) الحديث كما وقع.
وأما عثمان - رضى الله عنه - فخلافته صحيحة وقتلته فسقة ظلمة، بغت عليه أنه
[ حمال الحما] (3)، وفضل أقاربه فى العطاء، واَوى طريد النبى - عليه الصلاة والسلام - وقد ذكر العلماء المخرج من هذا كله ولو كان مما ينقم به، ولا عذر فيه لم يوجب إراقة دمه، [ رضى الله عنه] (4)، وقد وقف (5) المعتزلة فيه وفى قتله، [ وهذا] (6) من جهلهم بالاَثار وقلة رجوعهم إلى الأخبار، دإضرابهم عن تأويلها واتباع العلماء فى مسالكهم فيها.
وكذلك على - رضى الله تعالى عنه - العقد له وقع بوجه صحيح، والعقد لغيره فى
أيام خلافته وحياته لا ينعقد ولا يصح، ولو اتفق لمعاوية - رحمه الله تعالى - العقد فى زمنه لم يكن ذلك بعقد يعول عليه حتى يجدد له بعد موته - رضى الله عنه - ومعاوية / من عدول الصحابة وأفاضلهم، وما وقع من حروب بينه وبين على وما جرى بين الصحابة من الدماء فعلى التأويل والاجتهاد وكل يعتقد أن ما فعله صواب[ وسداد] (7).
وقد يختلف مالك والشافعى وأبو حنيفة فى مسائل من الدماء حتى يوجب بعضهم إراقة دم رجل ويحرمه اخر، ولا يستنكر هذا عند المسلمين ولا يستبشع لما كان أصله الاجتهاد وبه يعبد الله تعالى العلماء، وكذلك ما جرى بين الصحابة - رضى الله عنهم - فى هذه الدماء، ومن حاول بسط طرق اجتهاده فيما وقع لهم طالع ذلك من الكتب المصنفة فيه، فقد أفرد القاضى فيه كتابأ، وذكره فى كتبه وغيره من العلماء المصنفن.
(1) سيأتى فى بفضل عائشة برقم (89).
(2) سيأتى برقم (ول) فى بفضائل فاطمة.
.
إلخ.
(4) من خ.
(6، 7) من خ.
(3) فى خ: حما الحما.
(5) فى ح: وقفت، وكلاهما صحح.
7 / أ
382
(7/381)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ (... ) حلّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيمَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِى النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ وَبُسْرِ بْنِ سَعِيد، عَنْ أبِى سَعيد الخُدْرِىِّ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) النَّاسَ يَوْمًا.
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
قال القاضى: اعلم أن الفضائل والتفضيل عند العلماء مما لا يدركه القياس، إنما مداره
على التوقيف.
ومعنى: فلان أفضل من فلان: أى أكثر ثوابأَ كلند الللا، وأرفع منزلة لربه، وهذا مما لا يعلم إلا بتوقيف، ولا يستدل عليه بكثرة الطاعات الظاهرة ؛ إذ قد يكون الثوأب من الله على اليسير الخفى منها، أكثر من الكثير الظاهر وعلى صحة الإيمان وكثرة الذكر والفكر والخشية، وإن كانت الأعمال الظاهرِة فيها مجال لغلبات الظنون بالتفضيل، قال الله تعالى: { تِلْكَ الرُّسُلُ فَصلْنَا بَعْفمهُمْ محَلَئ بعض} الاَية (1).
والمشهور عن مالك وسفيان، وكافهْ أئمة الحديث والفقهاء، وكئير من المتكلمن ترتيب الاَربعة فى الفضل حسب ترتيبهم فى الخلافة.
واختلفت الرواية فى المدونة، ففى رواية بعضهم: أبو بكر ثم عمر أ ثم عثمان] (2) وقال: أوفى ذلك شك ؟ وسقط: ثم عثمان (3) من رواية كثرهم.
واختلف فى تأويل قوله فى الكف عن عثمان وعلى، وما تقدم فى ذلك قبل، فقيل:
هو على ظاهره.
وقيل (4): إنه رجع عنه إلى القول الأول.
ويحتمل أن يكون كفه وكف من اقتدى به لما كان شجر فى (5) ذلك من الاختلاف والتعصب حتى كان الناس فرقتين ؛ علوية وعثمانية لهذا.
وقد قيل: إن سبب قوله بالتفضيل بينهما[ لما] (6) طلبته العلوية حتى امتحن بما امتحن به رحمه الله.
وذهبت طائفة من العلماء إلى أن من مات من الصحابة فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - أفضل ممن بقى بعده، وهو اختيار أبى عمر بن عبد البر.
فقوله - عليه الصلاة والسلام - فى بعضهم: (أنا شهيد على هولاء)، وتزكيته لبعضهم وصلاته لجأ، وقول النبى - عليه الصلاة والسلام - لأبى بكر: لا ما ظنك باثنين الله ثالثها) (7) ظاهر فى قوة توكل النبى - عليه الصلاة والسلام - وجلال مكانة أبى بكر، وعظيم منزلته وفضله بالغار، وما له فيها من المزية بهذه اللقطة وغيرها.
(1) البقرة: 253.
(3) فى!: عمر.
(5) ساقطة من الأصل، واسخدركت فى الهامش.
(6) ساقطة من ح.
(2) سقط من !.
(4) فى ز: وفيه، والمثبت من ح.
(7) حديث رقم (1) بالباب.
(7/382)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل ائى بكر...
إلخ 383 3 - (2383) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشئَار العَبْدىُّ، حَد، شَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاء، قَالَ: سَمِعتُ عَبدَ الله بْنَ أَبى الهُذَيْلِ يُحَدِّث! عَنْ ابِى الأحْوَصِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ أللّه بْنَ مَسْعُود يُحَدِّثُ عَنِ الئبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ: ا لَوْ كنتُ مُتَّخذًا خَليلأ لاتَخَذْتُ أَبَا بَكْر خَلِيلاً، وَلَكِنَّهُ "أَخِى وَصَاحِبِى، وَقَدِ اتَّخَذَ الله - عَر وَجَلَّ - صَاحَبَكُمَْ خَلِيلاً ".
وقوله: (إن أمن الناس على فى ماله وصحبته أبو بكر ": معناه: أكثرهم جوداَ وسماحة لنا بنفسه وذات يده، كما جاء فى الحديث الاخر، وكما قال الله تعالى: { هَذَا عَطَاوُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ[ بِغَيْرِ حسَاب] (1)} (2) وليس يعد هذا من المن الذى هو اعتداد الصنعة، فإن المنة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على الجميع، وقد سماه الله أذً ى وجعله مبطلا للصدقة ومفسدا للصنعة.
وفيه شكر الإحسان من الصاحب وغيره.
وقوله: " عبدٌ خيره الله بين أن يؤتيه الله زهرة الدنيا لما: ليريد نعيمها وعرضها، شبه بزهر الروض لحسنه.
وقول أبى بكر: (فديناك بابائنا وامهاتنا) وبكاؤه، فيه جواز / قول الرجل لآخر: (فديتك بأبى وأمى).
وقد كره ذلك الحسن وعمر وبعض السلف، وقال بعضهم: لا يفتدى أحد بمسلم، وأجازه غيرهم، وهو الذى اختار الطبرى، وتأويل ما جاء فى كراهة ذلك مرة وضعفه.
وجاءت الاثار بخلاف قوله.
وقوله: (وكان أبو بكر اعلمنا": فيه شهادة السلف لاَبى بكر بذلك، وفيه التعريض بالعلم للناس[ دإلقاء مجملاته عليهم ؛ لاختبار أفهامهم] (3).
وقوله: الو كنت متخذا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلا، لكن أخوة الإسلام) وفى الرواية ال الخرى: ا لكنه أخى وصاحبى، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا).
اختلف المفسرون والعلماء المتكلمون فى تفسير الخلة واشتقاقها، وحقيقة معناها، ولم سمى إبراهيم الخليل خليل الله ؟ ومعنى ثباتها هنا فى نبينا عليه السلام ؟ وما هى الخلة التى نفى اتخاذها مع الناس واثبتها لنفسه مع الله تعالى ؟ فقيل: أصل الخلة: الافتقار
(1) مسخ -
(2) ص: 39.
(3) سقط من ز، والمثبت من ح.
7 / ب
384
(7/383)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 4 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَّارِ - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ، عَنْ أَبِى الاع حْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَئهُ تَالَ: ا لَوْ كُنْتُ مُتَخِنًا مِنْ أُفَتِى أحَدَا خَلِيلاً لاتَخَدْتُ أَبَا بَكْر ".
5 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَشَّار قَالا: حَد 8لنَا عَبْدُ الرخْمَنِ، حَدثَّنِى سُفيَانُ، عَنْ أَبِى إِسْحَقَ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله.
ح وَحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَمد، أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنِ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْس، عَنِ ابْنِ أَبى مُلَيْكَةَ، عَنْ عَبْدِ اللله، قَالَ: قَألَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ كنتُ مُتَخِذا خَلِيلأ لاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ خَلِيلأ).
6 - (... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْوَاهِيمَ - قَالَ إِسْحقُ: أخْبرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدثنَا - جَوِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ وَاصلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِى الهُذَيْلِ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الله، عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذا مِنْ أهْلِ الأرْضِ خَلِيلاً، لاتَّخَذْتُ ابْنَ أبِى قُحَافَةَ خَلِيلاً، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ
والانقطاع.
والخلة: الحاجة.
فخليل الله: المنقطع إليه، وقيل: لقصره حاجته على ربه، وقوله لجبريل وهو فى المنجنيق ليرمى به فى النار، قال له: (ألك حاجة ؟ قال: اْما إليك فلا)، وقيل: ا لاختصاص، واختاره غير واحد، وقيل: ا لاستصفاَ.
وسمى إبراهيم[ خليلأ] (1)، لأنه يوالى فى الله ويعادى فيه، إذا جعلناه فعيلا بمعنى فاعل، وقيل: سمى بذلك لتخلقه بخلاق (2) حسنة، وأخلاق كريمة شريفة.
وخلة الله له: نصره، وجعله إماما لمن بعده.
وقال ابن فورك: الخلة: صفاء المودة بتخلل الاَسرار، كما قال الشاعر:
قدتخللت مسلك الروح منى وبذاسمى الخليل خليلا
وقيل: أصلها: المحبة.
ومعناه: ا لإسعاف والألطاف والتشفيع والترفيع.
وقال بعضهم: الخليل من لا يتسع قلبه لسواه.
قال: وهو معنى الحديث بأن حب الله تعالى لم يتوق قلبى موضعأ لسواه.
وقد جاء فى أحاديث أخر أنه قال - عليه الصلاة والسلام -: (ألا وأنا حبيب الله) (3).
(1) فى هاض ح.
(2) فى ح: بخلال.
(3) الترمذى، كالمثاف، بفى فضل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 548 / 5.
(7/384)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ
385
خَلِيلُ الله ".
7 - (... ) ! دّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيع.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرو.
ح وَحَد، شَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَد، شَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ.
ثم اختلف المتكلمون أيهما أرفع درجة المحبة أو الخلة ؟ أو هما سواء ومفترقان ؟ فذهبت طائفة إلى أنهما بمعنى واحد، وان الحبيب لا يكون إلا خليلا، والخليل لا يكون إلا حبيجا.
وقال بعضهم: درجة المحبة أرفع، ويحتج بالحديث المتقدم من قوله: " وأنا حبيب الرحمن "، د نما درجة نبيخا - عليه الصلاة والسلام - أرفع من درجة الخليل وسائر اية نبياء.
وقيل: درجة الخلة أرفع، وقد ثبت لنبينا - عليه الصلاة والسلام - بالحديث الاَول ونفاها عن بقيته (1) مع غير الله، وقد أثبت المحبة من خديجة وعائشة وأبيها، ولأسامة وأبيه، وفاطمة وابنيها، وغيرهم.
وقال: (اتبعونى يحببكم الله ".
وفى حديث: (على يحبه الله) (2).
ومحبة الله لعبده: تمكينه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتسيير ألطافه لهدايته دإضافة (3) رحمته عليه، هذه مبادئها، وغايتها كشف الحجب عن قلبه حتى يراه ببصيرته، فيكون كما قال فى الحديث الاَخر: (فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به، وبصره الذى يبصر به، ولسانه الذى ينطق به) (4)، ومعنى هذا ما جاء فى حديث عائشة فى صفته - عليه الصلاة والسلام -: (كان خلقه القراَن، يسخط بسخطه ويرضى برضاه) (ْ)، وعبر عنه الشاعر فقال:
/ فإذا ما نطقت كنت حديثى وأذا ما سكت كنت الخليلا
وقوله: (ولكن أخوة ا لإسلام): كذا رواية العذرى، ولغيره: (إخوة)، وكذلك اختلف فيه رواة البخارى (6)، ورواه بعضهم: (خلة)، وهذا اللفظ لم نجده فى كلام العرب، ولا من تكلم عليه من الشارحن وخرج له نحوها، والذى عندى - إن صحت الرواية -: ولم يكن مغيره من أخوه، وأن الألف سقطت فى اللفظ لما نقلت حركتها على
(1) فى ح - نفه.
(2) سيأتما فى حديث رقم (32) من هذا الكتاب - (3) فى خ: إفاضة.
(4) البخارى، كالرقاق، بالتواضع 8 / 131.
(5) أحمد 6 / 19 عن عائثة.
(6) البخارى، كفضالْل الصحابة، بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ! سدوا الأبواب إلا باب أبما بكر) 5 / 5.
386
(7/385)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ ح وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْرِ وَأَبُو سَعِيد الأشَجُّ - وَاللَّفْظُ لَهُمَا - قَالا: حدثنا وَكِيع، حدثنا الأعْمَشُ، عَنْ عَبْد اللّه بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ، عَنْ عَبْد اللّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (الا إِنِّى أَبْرَأُ إِلَىَ كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلّهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَخِأ ا خَلِيَلاَّ لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْر خَلِيلاً، إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللّه).
8 - (2384) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا خَالدُ بْنُ عَبْد اللّه، عَنْ خَالد، عَنْ أبِى عثمَانَ، أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ العَاعرِ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَهُ عَلَىَ جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ،
نون ا لكن " الساكنة فنطق بها: ا لكن أخوة الإسلام) بضم النون، فلما سقطت فى اللفظ كتبها من لم يحسن بغير ألف وسكن النون، أو سكنها من يعرف قصد التوصل إلى الخروج من كسرة الكاف بضم الخاء بعد، وإلا فلا وجه له[ عندى] (1) إلا هذا - والله أعلم.
لكن بعض شيوخنا من النحاة كان يذهب فيه مذهباَ اَخر ويقول: انه نقل حركة الهمزة إلى نون " لكن) تشبيها بالتقاء الساكنين، ثم جاء منه الخروج من الكسرة إلى الضمة فسكن النون، ومثله قوله تعالى: { لَكِئاْ هُوَ اللَّهُ رَبِّي} (2) المعنى: لكن أنا، فنقل الهمزة ثم سكن وأدغم لاجتماع المثلن.
وقال أبو عبيد فى الآية: لما حذفت الألف التقت نونان، فجاء التشديد لذلك.
وقوله: ا لا يبقين فى المسجد خَوخَة إلا خَوخَة أبى بكر) بفتح الخاءين، وهو هنا الباب الصغير[ يكون] (3) بين المسكنن[ وشبه] (4) ذلك.
فيه دليل على أن المساجد لا تتطرق إلى الدور ولا غيرها، واختصاصه لأبى بكر بهذا دليل على فضيلته، وقد استدل به على صحة إمامته واستخلافه للصلاة، وعلى خلافته بعده.
وقوله: (ألا إنى أبرأ إلى كل خلّ من خله).
كذا هو مقيد فى كتاب بعض شيوخى: (من خِله) بكسر الخاء، وغالب ظنى أنا سمعناه وقرأناه بكسرها هكذا على جميعهم.
والصواب - ان شاء الله - والأوجه هنا فتحها.
والخلة والخل والخلال والمخالة والمخاللة والخلالة والخلوة: الإخاء والصداقة، أى من صحبته، ومودته التى تقتضى المخاللة، وقد قال أبو إسحق الحربى عن الأصمعى: يقال: فلان كريم الخلة، والخل والمخاللة، أى الصحبة.
(1) من خ.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) 1 لكهف: 38.
(4) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامة.
(7/386)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 387 فَأَتَيْتُهُ فَقُلتُ: أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ لا قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ ؟ قَالَ: (أَبُوهَا " قُلتُ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: " عُمَرُ لما، فَعَدَّ رِجَالا.
وفى هذا الحديث بعد حديث محمد بن مسلم وابن بشار بسندهما عن عبد الله قال: وحدثنا أ أبو، (1) جعفر بن عون (2)، عن ابن أبى مليكة، عن عبد الله، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو كنت مُتخذاً خليلا) بسند حميد هنا عند الطبرى أ وحده] (3) فسقط للباقين.
وقوله: من احب إليك ؟ قال: (عائشة)، قلت: من الرجال ؟ قال: " أبوها)، قلت: ثم من ؟ قال: " عمر)، فعد رجالا، وقوله فى الحديث الاَخر: " من كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مستخلفا لو استخلف ؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم من بعد أبى بكر ؟ قالت: عمر ؟ ثم قيل لها: أ ثم] (4) بعد عمر ؟ قالت: أبو عبيدة).
قال الإممام: اختلف الناس فيمن يستحق الإمامة بعد النبى - عليه الصلاة والسلام ؟ فذهب أهل السنة إلى أنه الصديق، وذهبت الشيعة إلى أنه على، وذهبت الراوندية إلى أنه العباس.
فمن خالف أهل السنة رأى الترجيح بالقرابة، فقال بعضهم: على ؛ لقربه ومصاهرته،
وما ظهر من علمه وشجاعته.
وقال بعضهم: العباس ؛ لاءنه المستحق للميراث، وهو أولى به من على، فكان أولى بالخلافة.
وأنكر أهل السنة أن يكون مجرد القرابة / يوجب الخلافة، وإنما يوجبها الحصول
على مرتبة من الدين والعلم، وغير ذلك من الأوصاف التى ذكرها العلماء فى كتب الإمامة.
وقد قال - عز وجل -: { اٍئما جَاعِلُكَ لِثاسِ اٍمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِيَتِط قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الطالِمِينَ} (5) ولسنا نقول: إن أحداً من قرابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ظالم، ولكن وجه الاستدلال أن مجرد القرابة لا يوجب الولاية إذا منع منها مانع، وهو الظلم، فكذلك إذا منع منها مانع وهو وجوبا للأفضل.
وأما غلو الشيعة بقولهم: فإن عليأ - رضى الله عنه - وصىُّ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فباطل
(1) ساقطة من ح.
(2) هو أبو عون جعفر بن عون بن جعفر بن عمر بن حريث المخزومى القرشى، روى عن هشام بن سعد وهام بن عروة وغيرهما، وعنه عبد بن حميد، داسحق بن منصور وابن أبى شيبة وغيرهم، وثقه ابن معين، مات سنة 07 2 هـ عن 99 سنة.
انظر: التهذيب 2 / 1 0 1، رجال مسلم 1 / 124.
(3) فى هامثى ح.
(4) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(5) البقرة 1240.
8 / ب
388
(7/387)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 9 - (2385) وحلّثنى الحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ، حَدثَّنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ
أَبِى عُمَيْسبى.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْن، أخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْممبى، عَنِ ابْنِ ابِى مُلَيكَةَ، سَمعْتًُ عَائِشَةَ، وَسُئِلَتْ: مَنْ كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْر.
َ فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِى بَكْر ؟ قَالَتْ: عُمَرُ.
ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّلِ.
ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا.
لا أصل له.
وأما الصديق - رضى الله عنه - إذا أثبتنا ولايته باتفاق الصحابة عليه على وجه يوجب إمامته، فإن المحققين من أئمتنا أنكروا أن يكون ذلك بنص قاطع منه - عليه الصلاة والسلام - على إمامته.
وقالوا: لو"كان النص عند الصحابة لم يقع منها ما وقع عند إمامته والعقد له، ولا كان ما كان من الاختلاف، فدل ذلك على أنه رأى منهم وقع فيه تردد من طائفة ثم استقر الاَمر فانجزم الرأى عليه ويجعل هؤلاء ما وقع فى هذا الحديث: (ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر) مع ما وقع من أمثاله من الظواهر التى لا تبلغ النص الجلى القاطع الذى لا يسوغ خلافه ولا الاجتهاد معه.
قال القاضى: فى هذا الحديث حجة لأهل السنة ال النبى - عليه الصلاة والسلام -
لم يستخلف أبا بكر ولا نص عليه، خلافأ لابن أخت عبد الواحد بن زيد من قوله بالنص على أبى بكر، وخلافأ لمن يقول (1) بالنص على غيره.
ولو كان نصا لما خفى عن الاَنصار[ فى] (2) طلبهم الخلافة فيه، ولا[ على] (3) غيرهم من قريش ممن طلبها أولا لنفسه إذا كانوا ممن لا يليق بهم خلافه ما عهده رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) و(نما تخالفوا فيما وكل إلى ا جتها دهم.
وقول عائشة بعد ذكر عمر: (ثم أبو عبيدة بن الجراح) إنما أخبرت عن ظنها فى ذلك لا عن خبر روته عنه - عليه الصلاة والسلام - فلا حجة فيه فى تقديمه وتفضيله على عثمان وعلى، وأيضأَ فإن التقديم للخلافة ليس من شرطه تقديم الاَفضل، بل الاعتبار عند المحققن الإَصلح للحال والأولى بالوقت إما للحاجة لشجاعته ومنته، أو لكئرة علمه ووفور (4) معرفته، أو لاءنه أكثر قولا (د) ومحبة عند رعيته، أو حذار شغب يتشغب، لتقديم ال الفضل وفتنة (6) تحدث.
و(ن عقدت للمفضول دون الفاضل - لغير عذر - انعقدت عند الجمهور، خلافا لعباد
ابن سليمان والجاحظ: فيه أنه لا ينعقد إلا الاَفضل.
(1) فى!: تقدم.
(4) فى خ: وتقوب.
(2) من !.
51) فى!: قبولا.
(3) فى هامش !.
(6) فى ر: فيه، والمثبت من !.
(7/388)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 389 10 - (2386) حدّثنى عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدئنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد، أخْبَرَنِى أبى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطعِم، عَنْ ابِيه ؛ انَّ امْرَاة سَالَتْ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئا، فَا"مَرَهَا انْ تَرْجِعَ إٍ لَيْه.
فَقَالَتْ: يَارَسولَ اللّه، ارً أَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ ؟ - قَالَ أَبِى: كَانَّهَا تَعْنَى المَوْت - قَالَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِى فَأتِى ابَا بَكْر).
وقد استدل بعض العلماء بتفديم الخلفاء الأربعة وترتيبهم فى الخلافة على رتبة درجاتهم ومناصبهم فى التفضيل.
وهذا إنما يستقيم على القول بوجوب تقديم الأفضل بكل حال، فأما مع القول بجواز تقديم المفضول مع وجود الفاضل فلا دليل فيه على ذلك، لكنا علمنا تقديمهم وترتيبهم فى الفضائل بغير هذه الطريق وما ورد عنه - عليه الصلاة والسلام - من فضائلهم، وكثرة مناقبهم، وقدمهم فى الإسلام، وتقدمهم على ما تقدم من الاختلاف، هل ذلك على القطع أو غلبة الظن ؟ وما روى عن جمهور السلف الصالح فى ذلك.
وقد ذهب بعض العلماء[ إلى] (1) أن تقديمهم للخلافة بحسب ما قدر الله - تعالى -
5 كأ أنهم الأربعة سيكونون خلفاء وأئمة ومتباينة اَجالهم، وان الخلافة كما قال - عليه الصلاة والسلام - بعده ثلاثون سنة (2)، فيقدم أبو بكر إذا كان أولهم موتا، فلو تقدم أحد الثلاثة لم يل الخلافة، ولا كانت مدتها واحدة وقد سبق له أن يلى، وكذلك عمر مع من بعده، وكذلك عثمان مع على، ولو تقدم على أولا لم يل واحد منهم لموت جميعهم فى بقية عمره.
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام - للمرأة: (إن لم تجدينى ائت أبا بكر): مما استدل به من يقول بالنص على أبى بكر.
ولا حجة فيه، بل فيه من الحجة صحة إمامته، وأن النبى - عليه ا الصلاة والسلام - قد أخبر[ ائه] (3) سيكون إماما بعده، ولو لم يكن لها أهلاً لما أمر بالمجىء إليه.
وقوله فى هذا الحديث: (قال أبى: كأدها تعنى الموت).
قائل هذا هو جبير بن مطعم راوى الحديث عن النبى - عليه الصلاة والسلام - كذا رواية بعضهم بياء ساكنة باثنين [ تحتها] (4) وعند الفارسى والسجزى: (قال أبى) بباء بواحدة مكسورة.
وقائل (5) هذا عن أبيه محمد بن جبير لعائشة فى مرضه: (ادع لى أباك وأخاك حتى أكتب كتابأَ، فإنى أخاف ال يتمنى متمن، ويقول قائل: أنا اولى، ويأبى الله والمسلمن إلا ائا بكر): فيه حجة بينة لصحة إمامته وعظم فضيلته (6) عند الله - تعالى - وعند
(1) من !.
(2) ائو ثاود، كالسنة، بفى الخلافة، رقم (4647).
(3) فى هامث!ح.
(4) ساقطة من ح.
(5) فى ز.
قال، والمثجت من ح.
(6) فى ح - فضله.
390
(7/389)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ ص ص ! ص ير، 5، يرص نص ص 5،، 5، 5 ص ص ص درء ص ه ص
(... ) وحدثنِيهِ حجاج بن الشاعرِ، حدثنا يعقوب بن إِبراهِيم، حدثنا ابى، عن ائيهِ، أَخْبَرَنى مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطعِبم ؛ ان ابَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطعِبم اخْبَرهُ ؛ أَنَّ امْرَاةًاتَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَكَلَّمَتْهُ فِى شَىَْ، فَافَرَهَا بِافيْ.
بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى.
11 - (2387) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد، حدثنا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ عُرْوةَ، عَنْ عَائشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِى رَسُوذُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى مَرَضِه: (ادْعى لِى أبَا بَكْرٍ، وَاخَاكِ، حَثَّى اَكْت!ً كِتَائا.
فَإِنَى اخَافُ أنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولَ قَائِل: أَنَا أَوْلَى، وَيَأبَى الله وَالمُؤْمِنُونَ إِلا أَبَا بَكْر).
المسلمين، وتقديمه على الجميع، وعدم النص فى الإشارة لذِره جملة واحدة.
ولا حجة فيه للنص عليه ؛ لاءنه أمر هم به ولم يفعله، ودعوته لاءخيها لكتاب الكتاب بذلك - والله أعلم.
ومثله فى[ كتاب] (1) البخارى: ة لقد همصت أن أوجه إلى اْبى بكر وابنه وأعهد)، وفى رواية أبى ذر الهروى: (اْو ابنه) مكان (أبيه).
وقال بعضهم: هو الصواب، وما فى كتاب مسلم مما لا اختلاف فيه مما قدمناه بين الصواب فى غيره، ! إنما صوب ذلك وأنكر ذكر ابنه ؛ إذ لم يفهم المراد بإحضاره، وقد بينه فى هذا الكتاب بقوله: (حتى أكتب كتابا) مع إتيانه - عليه الصلاة والسلام - حينئذ متعذر عليه، أو غير ممكن إذ كان فى مرضه - عليه السلام - وتخلفه عن حضور الجماعة، والصلاة بالناس، والدور على أزواجه فكيف لغيره ؟!
وقوله: (فإنى أخاف أن يتمنى متمن): يريد الخلافة.
وقوله: ! ويقول قالْل: أنا أولى) كذا للهوزنِى، وبعضيم عن ابن ماهان، وعند
أبى العباس الدلائى: (أثى! ولاه) بتشديد النون، بمعنى كيف.
وعند السمرقندى والسجزى: (أنا ولى) بتخفيف النون.
وعند الطبرى: (أنا ولا).
والأول أولى، إنى اْنا أولى بالأمر.
وأما الدعوى بذلك وتقديم النبى لمن لم يقدم ولا يليق بأحد منهم.
وقوله حتى (2) سأل: (من اْصبح اليوم صائما ؟)، (ومن اتغ اليوم جنازة ؟ !، (ومن اْطعم اليوم مسكشِا ؟) وقول أبى بكر فى ج!ميعه: أنا، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (ما اجتمعن فى امرئ إلا دخل الجنة): معناه - والله أعلم -: دون
(1) فى!: روا ية.
(2) فى!: حين.
(7/390)
جمتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ
391
12 - (1028) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ المَكِّىُّ، حَد، شَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِىُّ، عَنْ يَزِيدَ - وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ - عَيق ابِى حَازِبم الا"شْجَعِىِّ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ أصْبَحَ مِنْكُمُ اليَوْمَ صَائمًا ؟ لما.
قَالَ أَبُو بَكْر: أَنَا.
قَالَ: (فَمَنْ تَبِعَ منكُمُ اليَوْمَ جَنَازَةً ؟).
قَالَ أَبُو بَكْر: أَنَا.
قَالَ: (فَمَنَ أَطعمَ مِنكُئمُ اليَوْمَ مسكينًا ؟ ".
قَالَ أً بُو بَكْر: أَنَا.
قَالَ: (فَمَنْ عَادَ مِنكُمُ اليَوْمَ مَرِيضًا ؟ ".
قَالَ ابُو بَكْر: انَا.
َ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا اجْتَمَعْنَ فِى امْرِفي إلا دَخَلَ الجَنَّةَ).
محاسبة ولا مجازاة على شىء من عمل، د لا فمجرد الإيمان يوجب بفضل الله دخول الجنة.
واجتماعها فى يوم يدل على دوام السعادة، وحسن الخاتمة، ووجوب الجنة بذلك.
وقوله فى كلام البقرة، وكلام الذئب، وتعجب الناس من ذلك: (امنت به أنا
وأبو بكر وعمر) وما هما فى القوم: ثقة منه - عليه السلام - وتحقيقا لصحة إيمانهما، وقوة (1) يقينهما، ومعرفتهما بسلطان الله، وعظيم قدرته على ما يشاء.
وفيه خرق العوائد إذا شاءها الله لمن أراد.
وقوله عن الذئب: (من لها يوم السبع يوم لا راعى لها غيرى ؟): كذا الرواية بضم الباء، قال الإمام: بعض أهل اللغة يقولون (2): (يو ؟ السبعْ) بإسكان[ الباَ، وتفسيره بأنه أراد يوم القيامة.
قال بعضهم: (من لها يوم ألسبع): السبع] (3): الموضع الذى عنده المحشر يوم القيامة، أراد من لها يوم القيامة.
قال الأمام: وقد سألت بعض أئمة اللغة عن هذا، فقال لى: ما أعرف لتسمية يوم القيامة بهذا الاسم وجها، لكنى (4) أعرف فى اللغة: سبعت الرجل سبعة سبعا: إذا طعنت عليه، فلعله لما كان يوم القيامة يوم الكشف عن المساوئ سمى بذلك اليوم سبعا، هذا الذى ذكر لى من سألته.
وقد رأيت فى بعض كتب اللغة: يقال: سبعت الأسد: إذا دعوته (ْ).
قال الطرماح:
فلما عواليث السماك سبعته كما أنى أحيانا لهن سبوع
يصف الذئب، ويكون المعنى على هذا: من لها يوم الفزع، ويوم القيامة أيضا يوم الفزع، وحكى صاحب الأفعال: سبعت الرجل سبعا: وقعت فيه، والقوم صرت
(1) فى ز: وقوله.
(3) فى هامش خط.
(5) فى خط: زعرته.
(2) فى خط: يقول.
(4) فى ز: لاءنى، والمثبت من خط.
392
(7/391)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى بكر...
إلخ 13 - المه 23) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْع وَحَرْمَالَةُ بْنُ يحيى، قَالا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى سَعيدُ بْنُ المُسَيَّبِ وَابُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ ؛ أَنَّهُمَا سَمعَا ابَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةَّ لًهُ، قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، َ التَفَتَتْ إلَيْه البَقَرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّى لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّى إِنَّمَا خُلقْتُ للحَرْثِ لما.
فَقَالَ النَّاسُ: سحبحًانَ اللّه، تَعَحبا وَفَزَعَّاَ.
أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) + (فَإِنِّى أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لما.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (بَيْنَا رَلٍ فِى غَنَمه، عَدَا عَلَيْه الذِّئْبُ فَأَخَذَ
منْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِى حَتَّى اسْتَنْقَنَ!ا منْهُ، فَالتَفَتَ إِلَيْه الذًّ ئبُ فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَ!ا يَوْمَ اَلسّبع، يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَ 4 غَيْرِى ؟ لما فَقَالً الئاسُ: سُبْحَاَنَ اللّه: فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلنِّى اومِنُ بذلك، أنَا وَأبُو بَكْرِ وَعُمَرُ).
سابعهم، وأيضا أخذت سبع أموالهم، والذئاب الغنم أكلتها، وأسبعت الرجل: أهملته، وأيضا أطعمته السبع، والراعى وقع السبع فى غنمه، والمرأة ولدت لسبعة اْشهر، والقوم صاروا سبعة.
هذا جملة ما حكاه من تصريف هذه اللفظة فى معان مختلفة.
ويحتمل مما ذكره أن يريد يوم السغ: يوم أكلى لها، لقوله: سبع الذئب الغنم ؛ أكلها.
! إن صح أن يشتمل الثلاثى هاهنا مكان الرباعى كما قال - عز وجل -: { وَاللَة
اً نْبَتَكُم نِنَ الاً رْضِ نَبَاتًا} (1) صح أن يريد: من لها يوم الإهمال، كما حكى: أسبعته أهملته، ويكون المراد به نحو ما يراد برواية من روى: (من لها يوم السغ يوم لا راعى لها سواى) إذا كان المعنى فقد الحارس لها، والمانع منها.
قال القاضى: قال بعضهم: (يوم السبع): يريد بالسكون، عيد كان فى الجاهلية يشتغلون فيه بلعبهم، فيأكل الذئب فيه غنمهم.
وقال[ غيره] (2): إنما هو البيع، بياء باثنتن تحتها، أى يوم الضياع أسبعت، وأمنعت بمعناه.
وقال الداودى: معنى (يوم السبع ": إذا طردك عنها السبع ولقيت أنا فيها، أتحكم لفرارك منه.
قال الحربى: وقد قرأ الحسن: " وما أكل السَّغْ)، وكذا رواه بعضهم فى الحديث: (يوم السغْ).
(1) نوع: 17.
(2) فى هامش !.
(7/392)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل ائى بكر...
إلخ
393
(... ) وحدّثنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدثَّنى أَبِى، عَنْ جَدِّى، حَدئنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، قِصَّةَ الشَّاَةِ وَالذِّئْبِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قِمخَةَ
البَقَرَةِ.
(... ) وحل!ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، حَد، شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثَّنِى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَد"ننَا أَبُو دَاوُدَ الحَفَرِىُّ، عَنْ سُفيَانَ، كلاَهُمَا عَنْ أَبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَح، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَى حَديثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىَ.
وَفِى حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ البَقَرَةِ وَالشَّاةِ مَعًا.
وَقَالا فِى حَدِيثِهِمَاءَ (فَإِنِّى أُومِنُ بِهِ، أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ) وَمَا هُمَا ثَمَّ.
(... ) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ.
ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، حَدثنَا سُفيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مسْعَر، كلاهُمَا عَنْ سَعْد ابْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ "
وقوله فى الباب فى حديث محمد بن عباد: رفعه عن الأعرج عن أبى سلمة، عن
أبى هريرة.
كذا هو عند[ جميع شيوخنا وكئر الرواة، وسقط عند] (1) بعض الرواة عن أبى هريرة.
دإثباته فى هذا الحديث الصواب.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
394
(7/393)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
(2) باب من فضائل عمر رضى اللّه تعالى عنه
4 1 - (2389) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الاشمعَثِىُّ وَأَبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ وَأَبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء - وَاللَّفْظُ لأبِى كُرَيْحب - قَالَ أَبُو الرَّبِيع: حَد 8شَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا - ابْنُ المُبَارَكِ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعيدِ بْنِ أَبى حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبى مُلَيكَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: وضُعَ عُمرُ ثنُ الخَطًّابِ عَلَى سَرِيرِهِ، فَتَكَنًّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُثنْوُنَ وَيُصَلُّونَ عَلَيْه قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ، وَأَنَا فِيهِمْ.
قَالَ: فَلَمْ يَرُعْنِى إِلا بِرَجُلٍ قَدْ أَخَذَ بمَنكبى مِنْ وَرَائى، فَاَلتَفَتُّ إِلَيْه فَإذَا هُوَ عَلِىٌّ، فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ: مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أً حَث إِلَّى أَنْ أَلقَى اللّه بمِثْلِ عَمًلهِ مِنْكَ.
وَايْمُ اللّه، إِنْ كُنْتُ لأظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللّه مَعَ صَاحبَيْكَ، وَذَاكَ انّى كنَتُ كُث! أَسْمَعُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (جِئْتُ أنَا وَأبُو بَكْر وَعُمَرُ، وَدَخًلتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أنَا وَأَبُو بَكْر وَعُمَرُ لما.
فَإِنْ كُنْتُ لأرْجو - أوْ لأظُن - أَن يَجْعَلَكَ اللّه مَعَهُمَا.
(... ) وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيد، فِى
هَذَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
وقوله فى عمر: (وضع على سريره فتكنفه الناس يدعون له) اى احاطوا بثتافه،
أى جهاته، والسرير هنا النعش.
وقوله: (فلم يرعنى إلا رجل أخذ بمنكبى فإذا هو على، فترحم على عمر) إلى آخر الحديث، يعنى: فلم يرعنى، أى لم ينبهنى مما كنت فيه ولم يلهمنى لغيره، ومنه فى الحديث: (إن منكم محدثن ومروعن) اْى ملهمين.
وفى هذا الحديث حجة على الشيعة وتكذيب دعواهم على علىّ فى / عمر، وسوء اعتقادهم فيه، وشهادته بفضله وفضل أبى بكر، وبفضل النبى - عليه الصلاة والسلام - لهما، وتخصيصه لهما.
وفيه صدق ظن على - رضى الله عنه - [ وصحة] (1) حسبانه فى أن يدفن عمر مع صاحبيه لما ذكر فى الحديث.
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/394)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
395
15 - (2390) حدئنا مَنْصْورُ بْنُ أَبِى مُزَاحمٍ، حَد، شًا إبْرَاهيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِح
ابْنِ كَيْسَانَ.
ح وَحَد، شَا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَالحَسًنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد وَاللَّفْظُ لَهُمْ - قَالُوا: حَد"ننَا يَعْقُوبُ بْن إِبْرَاهيمَ، حَد، شَا أَبِى، عَنْ صَالِح، عَنِ ابْنً شهَاب، حَدثَّنِى أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أً بَا سَعِيدٍ الخُدْرِىَّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ((بَيْنَا أَنَا نَائمٌ، رَايْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ، مِنْهَا مَا يَبْلَغُ الثُّدى، وَمنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلكَ.
وَمَرَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ بَجُرُهُ لما.
قَالُوا: مَاذًا أوَّلتً ذَلِكَ يَا رسُولَ اللهَ ؟ قَالَ: (الدِّينَ).
16 - (2391) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، اخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ ؛ انَ
ابْنَ شِهَاب اخْبَرَهُ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، عَن أَبيه، عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ً (بَيْنَا أَنَا نَائمٌ، إِذ رَأَيْتُ قَدَحًا اتيتُ بِهِ، فِيه لَبَنٌ، فَشَرِبْتُ منْهُ حَتَّى إنِّى لأَرَى الرِّىَّ يَجْرِى فِى اظفَارِى، ثُمَّ اعْطَيْتُ فَضْلِى عُمَرَ بْنَ اَ!خَطَّاب).
قَالُوَا: فَمَا أَؤً لتَ ذَلكَ يَا رَسُولَ الله ؟ قَالَ: (العِلمَ لما.
(... ) وحدّثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد، شَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ.
ح وَحَد، شَا الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ.
كِلاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرًا هِيمَ بْنِ سَعْدٍ.
حَدثنَا أبِى عَنْ صَالِحِ.
بإِسْنَادِ يُونُسَ، نَحْوَحَل!يثهِ.
قوله فى رؤياه - عليه الصلاة والسلام -: (ومر عليه عمر وعليه قميص يجره)،
وذكر أنه تأوله (الدين): قال أهل العبارة: تأويل القميص بالدين من قوله تعالى: { وَثِيَابَكَ فَطَفِرْ} (1)، يريد نفسك وعملك وإصلاح عملك ودينكً، على تأويل ! لأن العرب تعبر عن العفة بنقاء الئوب والمئزر ة لاَن الله تعالى يسمى الثياب لباس التقوى، وجَرّهُ لها فى النوم عبارة عما فضل عن صاحبه منها فانتفع الناس به بعده واقتفوا به.
من الاقتداء به أثره، وفارق ذم جره فى الدنيا له احتيال المذموم.
وقوله فى رؤياه شرب اللبن: (ودفع فضله بعد ربه إلى عمر)، وأنه تأوله العلم ؛
لما كان اللبن فيه صلاح الاَبدان وغذاء بنى آدم وما شابههم وفطرتهم، عبر فى المنام بالعلم الذى فيه صلاح أمورهم فى دينهم ودنياهم.
وقد تدل على الحياة ة إذ[ به] (2) كانت اولا فى الدنيا، ويدل على الثواب لأنه مذكور فى أنهار الجنة.
(1) المدنر: 4.
(2) فى هامش !.
396
(7/395)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
الخ 17 - (2392) حَدّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ انَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابَا هُرَيْرَةَ يَقُوذُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُءً (بَيْنَا أَنَا نَائم رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِي!ب، عَلَيْهَا لمحالو، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ الله، ثُمَّ أخَنَها اثنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزعَ بِهَا ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ، وَفِى نَزْعِه، وَال!ه يَغْفِرُ لَهُ، ضَعْف، ثُمَّ اسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَا"خَنَها ابْنُ الخَطَابِ، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِياَ مِنَ النَّاسِ يَنْزِعُ نَزْعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ ".
وقوله: (رأيتنى على قليب عليها دلو، فنزعت ما شاَ الله، [ ثم] (1) أخذها ابن
أبى قحافة - فى رواية: ليروحنى - نزع بها ذنوبا أو ذنوبين وفى نزعه، والله يغفر له، ضعف، ثم استحالت غربا، فأخذها ابن الخطاب[ فلم أر عبقريا يبرئ قربة] (2))، وفى الرواية الأخرى: " فلم أر عبقريا من الناس ينزع نزع عمر، حتى روى الناس وضربوا العطن)، وفى الرواية الأخرى: (حتى تولى الناس والحوض ملاَن يتفجر لما: القليب: البئر غير مطوى.
والغرب: الدلو الكبير، والذنوب: الدلو إذا كانت ملأى ماَ، والنزع[ الإشثتاء وجبذ الدلو باليد، ولا يقال: النزع، إلا لما هو باليد، يقال منه: نَزعَ] (3) بالفتح ينزع.
هذا ضرب مثل لحاله - عليه الصلاة والسلام - مع أمته وقيامه بأمرهم، وقيام أبى
بكر وعمر بعده، وصفة حالتهم فى الخلافة واستقرار الأمور واتساع الإسلام، وكثرة الفىَ والخير، واستقرار الشريعة والعلم والفقه فى الدين أيام عمر.
فعبر القليب والبئر والحوض - على اختلاف[ ألفاظ] (4) الحديث - بأمر المسلمين لما فيها من الماَ الذى به حياتهم وصلاحهم، وجمع الماَ فيها كما جمع من[ الأموال والكنوز] (5)، وشبه وليهم بالمستقى منها، وسقيه للناس بقيامه بمصالحهم وتدبيره أمورهم.
وذكر: نزع أبو بكر ذنوبأ أو ذنوبين، إشارة إلى سنى خلافته.
ولعل هذا شك من الراوى، والصحيح: (ذنوبين) ؛ لكون خلافته سنتين ة ولذا جاء بغير شك فى الرواية الأخرى: (فنزع ذنوبين).
وقوله: (وفى نزعه ضعف (6) لا: ليس أن ذلك مما حط من فضله[ ولا] (7)
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) فى هامش خ.
يلا) فى ز: ضعيف، والمثبت من ح والمطبوعة.
(7) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) سقط من ح.
(3) فى هامش ح.
(5) فى ز: المال واللون، والمثبت من ح.
(7/396)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ 397 (... ) وحدّئنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْث، حَدثَّنِى أَبِى عَنْ جَدِّى، حَدثَّنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِد.
ح وَحَد، شَا عَمْرٌو الئاقدُ وَالحُلوَانِىُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِبمَ بْنِ سَعْدٍ، حدثنا أَبِى عَنْ صَالِح، بإِسْنَادِ يُونُسَ، نَحْوَ حَدِيثِهِ.
(... ) حدّثنا الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالا: حَد، شَا يَعْقُوبُ، حدثنا أَبِى، عَنْ صَالِحٍ، قَالَ: قَالَ الأعْرَجُ وَغَيْرُهُ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (رَأَيْتُ ابْنَ أَبِى قُحَافَةَ يَنْزِعُ " بِنَحْوِ حَدِيثِ الزُّهْرِىِّ.
18 - (... ) حدَّثنى أَحْمَدُ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ بْنِ وَهْب، حَد، شَا عَمِّى عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ ؛ أَن أً بَا يُونُسَ - مَولَى أً بِى هُرَيْرَةَ - حَد 8لهُ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " بَيْنَا أنَا نَائمٌ ارِيتُ أَنّى انزِعُ عَلَى حَوْضِى أسْقِى النَّاسَ، فَجَاءَنِى أَبُو بَكْرٍ فَا"خَذَ الدَّلوَ مِن يَدِى لِيُرَوِّحَنِى فَنَزعً دَلوَيْنِ، وَفِى نَزْعِهِ ضَعْف، وَاللها بَغْفِرُ لَهُ.
فَجَاءَ ابْنُ الخَطَّابِ فَأَخَذَ مِنْهُ، فَلَمْ أَرَ نَزْعَ رَجُلٍ قَطُّ أَقْوَى مِنْهُ، حَتَى تَوَلَّى
أثبت (1) فضل عمر عليه بقوة نزعه، دإنما هو إخبار عن حالتى ولايتهما وصفة الاَمة معهما وقصر ولاية أبى بكر وطول ولاية عمر، وأن مدة أبى بكر كان فيها من تفرق كلمة العرب بعده بالردة، وشغل المسلمين بحربهم أكثر أيامه ما لم يتفرغوا معه لقتال غيرهم، وفتوح بلاد الكفرة، وغنائم أموالهم إلا فى أخريات أيامه ؛ ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام -: (والله يغفر له) عند بعضهم تعريفا بأن الله قد غفر له، وجازاه على ما عاناه من حرب أهل الردة، والأشبه عندى فى هذا أنه دعم للكلام وصلة له.
وقد جاء فى الحديث: كانت كلمته يقولها المسلمون: (افعل كذا والله يغفر لك)، ثم اتسع ذلك أيام عمر وطالت مدته، وكثرت الفتوحات معه وكثرت الجبايات، واتسع نطاق الإسلام، وامتلأت أيديهم من الغنائم (2)، ومصرت الأمصار، ودونت الدواوين.
وفى قوله هذا كله إشارة (3) لخلافتهما، د علام بولايتهما واتباعه فى صلاح / حال المسلمين وتدبير أمورهم ورضاة حالهم.
وفى قوله: (ثم أخذها ابن أبى قحافة ليروحنى): تنبيه على نيابته عنه وخلافته بعده وأحقه - عليه الصلاة والسلام - بموته من تعب الدنيا، ومعاناة الأمة، ومقاساة تدبيرهم.
(1) فى ز: فأثبت، والمثت من ح.
(2) فى! ؟ المغانم.
(3) فى ز ة إثبات، والمثت من !.
398
النَّاسُ، وَالحَوْضُ مَلاَنُ يَتَفَجَّرُ لما.
(7/397)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
9 1 - (2393) حّدثنا ا"بُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قَالا: حَد*شَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حدثنا عُبَيدُ الله بْنُ عُمَرَ، حَدثَّنى أبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْد الله، عَنْ عَبْد الله بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَالَ: (ارِيتُ كا+نى ائزِعُ بِدَلوِ بَكْرَة عَلَىَ قَلِيب، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ فَنُوبًا أوْ فَنُوبَيْنِ، فَنَزعً نَزْعًا ضَعِيفًا، وَالله - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بَغْفِرُ لَه!.
ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَاسْتَقَى، فَاسْتَحَالَتْ غَرْئا، فَلَمْ أرَ عَبْقَرِيا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرْيَهُ، حَتَّى رَوِىَ النَّاسُ وَضَرَبُوا العَطَنَ لا.
وقوله: (فاستحالت غربأ): أى صارت وتحولت عن حالها الأول من الصغر إلى
وقوله: (فلم أر عبقريا)، قال الإمام: قال أبو عبيد: قال الأصمعى: سألت أبا عمرو بن العلاء عن العبقرى فقال: يقال: هذا عبقرى قومه، كقولهم: سيد قومه وكبيرهم وقويهم.
قال القاضى: قال أبو عبيد: وأصله فيما يقال: إنه نسب إلى عبقر، أرض يسكنها الجن، فصارت مثلا لكل منسوب إلى شىء رفغ، ويقال: بل هى أرض يعمل فيها الوشى والبرود، وينسب إليها الوشى العبقرى، قال الله تعالى: { مُتَكِئِينَ عَلَئ رَفْرَف خُفر وَعَبْقَرِفيٍ حِسَان} (1)[ قال ابن دريد: فإذا عجبوا من شدة شىء ومصابه واستحسنوه نسبوه إلى عبقر] (2).
قال الحربى عن بعضهم: عبقر أرض الحجاز.
وفى البارع عن أبى عبيدة: العبقرى من الرجال: الذى ليس فوقه شىء.
وقوله: (يفرى فريه): بكسر الراء وتشديد الياء وسكون الراء اْيضا، وبالوجهن ضبطناه عن شيوخنا أبى الحسين وغيره، واْنكر الخليل التثقجل وغلط قائله.
معناه: يعمل عمله، ويقوى قوته.
قال الإمام: أى يعمل عمله، ويقطع قطعه، والعرب تقول: تركته يفرى الفرى: إذا عمل العمل فأجاد.
(1) الرحمن: 76.
(2) فى هام!خ!.
(7/398)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
399
(... ) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ يُونُسَ، حَد، شًا زُهَيْر، حَدثنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِم بْنِ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فِى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رضى الله عنهما - بِنَحْوِ حَدِيثهِمْ.
20 - (2394) حدّثنا مَحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أَبِى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ المُنكَدِرِ، سَمِعَا جَابِرًا يُخْبِرُ عَنِ النَّبِىِّ كلفة.
ح وَحَد 8لنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لَهُ - حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ المنكَدرِ وَعَمْرو، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَبِىِّ كله قَالَ: " دَخَلتُ الجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فيهاَ دَارًا أَوْ قَصْرًا.
فًقُلتُ: لِمَنْ هَذَا ؟ فَقاَلُوا: لعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ.
فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ، َ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ) فَبَكَى عُمَرُ وَقاَلَ: أَىْ رَسُولً اللهِ، أوَ عَلَيْكَ يُغاَرُ ؟ ا
(... ) وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَناَ سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَابْنِ المُنكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ.
ح وَحَدثنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَدثناَ سُفْيَانُ عَنْ عَمْرو، سَمِعَ جَابِرًا.
ح
قال القاضى: يقال: فلان يفرى الفرى، أى يعمل العمل البالغ، ومنه قوله:
{ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئا فَرِيا} (1) أى عظيما عجبا، يقال: فريت إلى قطعت وشققت على بهة الإصلاح، وافريت إذا فعلته للإفساد، ومنه قول حسان:
لاَفريتهم فرى الأديم
قال الإمام: وقوله: (حتى ضرب الناس بعطن): قال ابن الاَنبارى: معناه: رووا إبلهم فأبركوها، فضربوا لها عطنا، يقال: عطنت الإبل فهى عاطنة وعواطن: إذا بركت عند الحياض لتعاد إلى الشرب مرة أخرى، وأعطنتها أنا.
قال القاصْى: ظاهره أنه راجع (2) إلى سياسة (3) عمر وخلافته، وقيل: هذا عائد (4)
إلى نظر أبى بكر وعمر، وأن ينظرهما معا، ثم هذا وضرب الناس بعطن ؛ لأن أبا بكر - رضى الله عنه - قمع أهل الردة وألف شمل المسلمين، ونظم أمرهم، وابتدأ الفتوح، ثم تمت إمرة عزة المسلمن، وظهورهم على فارس والروم، واستمرت وامتدت أيام عمر.
(1) مريم: 27.
(3) فى ز: شهامة، والمثبت من ح.
(4) فى!: راجع.
(2) فى!.
عائد.
(7/399)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
وَحَد 8شاَهُ عَمْرو! النَّاقِدُ، حَديناَ سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ المُنكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا عَنِ الثبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرِ.
21 - (2395) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَناَ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ ؛ أَنَّ
ابْنَ شِهَاب أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيد بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَنسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انَهُ قاَلَ: (بَيْنا انا ناً ئِم إِذ رَايْتُنِى فِى اَلجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةو تَوَضاجمم إلَى جَانِبِ قَصْر.
فَقُالَتُ: لِمَنْ هَدَا ؟ فَقاَلوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ.
فَذَكَرْتُ غَيْرَةَ عُمَرَ، فَوَلًّيْتُ مُدْبِرًا).
قاَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ، وَنَحْنُ جَميغا فِى ذَلكَ المَجْلسِ مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ثُمَّ قاَلَ عُمَرُ: بِا"بِى انتَ ياَ رَبسُولَ اللهِ، اعَلَيْكَ اغًارُ ؟ ا
(... ) وَحَدثنيه عَمْزو النَّاقدُ وَحَسَن الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قاَلُوا: حَدثنا يَعْقُوبُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثَناَ ابِى عَنْ صالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
22 - (2396) حدتنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِمِ، حَدثنا إِبْرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْد -
ح وَحدثنا حَسَن الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قاَلَ عَبْد: أخْبَرَنِى.
وقاَلَ حَسَن: حَدثنأَ - يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد - حدثنا أبى عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ بْنِ زَيْدَ ؛ أَن مُحَمَدً بْنَ سَعْدِ بْنِ ابِى وَقاَّصٍ اخْبَرًهُ ؛ أن اباَهُ
وقوله: (حتى روى الناس): بكسر الواو، ويفسر معنى (ضرب الناس / بعطن).
يقال: روى من الشراب والماء: إذا أخذ منه حاجته.
قوله: (دخلت الجنة، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر): كذا رويناه فى جميع الأصول إلا فى غريب ابن قتيبة، فإنه رواه: ([ شعرها] (1)) من كان يتوضأ.
وفسرها بالحسنة، وقد ذكر ثعلب عن ابن الأعرابى أن الشوهاء الحسنة والقبيحة من حروف الأضداد، ولكن المعروف فى هذا الحديث تتوضأ كما ذكرناه.
وفى قوله: (فذكرت غيرتك، فضل الغيرة ة فإنها من خلق الفضلاء المحمودة.
وجاء فى الحديث: (انما كانت رؤياه فى المنام)، وهذه من رؤيا الوحى التى هى على وجهها دون تأويل.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.
(7/400)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ 401 سَعْدًا قاَلَ: اسْتَأَذَنَ عُمَرُ عَلَى رَسُول اللهِ كلية، وَعِنْدَهُ نِسَاٌَ مِنْ قُرَيْشبى يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثرْنَهُ، عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ.
فَلَمَا اسْتَأَذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدرْنَ الحجَابَ، فَا3 نَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَضْحَكُ.
فَقاَلَ عُمَرُ: أَضْحَكً اللهُ سِنًكَ ياَ رَسُولً ال!هِ.
فَقاَلَ رَسُولُ اللّهِ كلية: (عَجِبْتُ مِنْ هَوُلاء الَّلاتِى كنَّ عِنْدِى، فَلَمَّا سَمعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ " قاَلَ عُمَرُ: فَا"نْتَ ياَ رَسُولً اللّه أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ.
ثُمَّ قاًَ عُمَرُ: أَىْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسهِنَّ، أَتَهَبْنَنِى وَلا تَهَبْنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؟ قُلنَ: نَعَمْ.
أَنْتَ أَغْلَظُ وَأفَظُّ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
قاَلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَائَذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجا إِلاَ سَلَكَ فَجا غَيْرَفَجِّكَ).
(2397) حدّثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوف، حدثنا بِه عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّد، أخْبَرَنِى سُهَيْلٌ،
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، أن عُمَرَ بْن ائخَطَابِ جًاءَ إِلَى رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ قَدْ
وقوله: " وعند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) نساء يسألنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن): معنى
(يستكثرنه " أى يطلبئ كثيرا من كلامه وجوابه وحوائجهن عنده، أو يكثرن عليه من السؤال
وا لكلام.
وقوله: (عالية أصواتهن): يحتمل أنه قبل النهى عن رفع الصوت[ فوق
صوته] (1) وقيل ت قد تكون علو أصواتهن لاجتماع كلامهن وكثرة أصواتهن لكثرة عددهن،
د أ.
ن كلام كل واحدة أعلى من كلامه - عليه الصلاة والسلام.
وقولهن: (ائت أغلظ وأفظ من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) هما بمعنى، وهو عبارة عن شدة
الخلق وخشونة الجانب، ولا يكون (أفعل) هنا للمفاضلة، بل بمعنى فظ غليظ، وقد يصح وصفها للمبالغة، وأن القدر الذى منها فى حق النبى - عليه الصلاة والسلام - فى ذات الله على الكفار، كما قال: { وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} (2).
وفى تعبير انتهاك حرمة الله تعالى معتدل، وعلى قدر ذلك، وعند عمر زياثة فى ذلك، وفى معاملة الناس وعشرتهم.
وفيه دليل على أن خفض الجناح ولن الجانب والإغضاء أفضل ؛ إذ كان خلقه - عليه
الصلاة والسلام - قال الله تعالى: { بِالْمُؤْنِينَ رَعُوفٌ زَحِيم} (3)، وقال: { وَلَوْ كُنتَ فَطا
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(3) الوبة: 128.
(2) 1 لتوبة: 73، 1 لتحريم: 9.
11 / ب
402
(7/401)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُن عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَا اسْتَأذَنَ عُمَرُ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ الزهْرِىِّ.
23 - (2398) حدّثنى أَبُو الطَاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، حدثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْب، عَنْ إبْرَاهيمَ بْنِ سَعْد، عَنْ أبِيه سَعْد بْنِ إِبْرَاهيمَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ عَائشَةَ، عَنِ النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهَُ كَانَ يَقُولُ ة (قَدْ كَانً يَكُوَنُ فِى الأَمَم قَبْلَكُمْ مُحَدثونَ، فَإِنْ يَكُن فِى أُمَّتِى منْهُمْ أَحَد فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ مِنْ!مْ).
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: تَفْسِيرُ مُحَدثونَ: مُلهَمُونً.
غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَغ!وا مِنْ حَوْلِكَ} (1)، وأن الغلظة والفظاظة فى ذات الله تعالى غير مذمومة.
وقوله: (ما لقيك الشيطان سالكا قط فجا إلا سلك[ فجا] (2) غير فجك):
الفج: الطريق الواسع، وهو - اْيضأَ - المكان المنحرف بين الجبلين.
.
يحتمل أن يكون الكلام على وجهه، واْن الشيطان يهابه ويرهبه ويهرب متى لقيه اْمامه، وسياق الحديث يدل على أن المقصود هيبته.
ويحتمل أنه ضرب مثلا لبعد الشيطان وأعوانه منه ومن مذاهبه، وأنه فى جميع اْموره سالك طريق الهدى والدين وما يقرب من الله، خلاف ما يأمر به الشيطان ويحض عليه.
وقد يحتمل أن يكون المراد به عصمته من الشيطان وإغوائه إياه، وأن جميع مسالكه
على الهدى بعيدة من زيغ الشيطان.
ذكر مسلم حديث أبى الطاهر عن ابن وهب، عن إبراهيم بن سعد (3)، عن أبيه
عن أبى سلمة، عن عائشة، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (قد كان فى الاْمم محدثون) الحديث، قال الإمام: ذكر مسلم عن ابن وهب اْن تفسيره: ملهموذ ا (4).
وقال غيره: (محدثون): قوم مصيبون إذا ظنوا، فكأنهم حدثوا بشىء فقالوه.
قال الق الى: وقال ابن القابس وغيره: معناه: تكلمهم الملائكة، كما جاء فى الحديث الاَخر: (يكلمون).
وقال البخارى: [ معناه] (ْ): يجرى على / ألسنتهم الصواب.
(1) كل عمران: 159.
(3) فى خ: سعيد.
(4) فى ز: يلهمون، والمثبت من ح والمطبوعة.
(5) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) من خ.
(7/402)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ 403 (... ) حلّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْحث.
حِ وَحَد، شَا عَمْرؤ النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالا: حدثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، كِلاهُمَأ عَنِ ابْنِ عَجْلاَن، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهذَا الإِسْنَادِ، مثْلَهُ.
24 - (2399) حلّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَبم العَمِّى، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عَامرٍ، قَالَ: جُوَيْرِيَةُ
ابْنُ أَسْمَاءَ أَخْبَرَنَا عَنْ نَافِع، عَنِ ابْن عُمَرَ.
قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ ربًّى فى ثَلاث: فِى مَقَام إِبْرَاهِيمَ، وَفِى الحِجَابِ، وَفِى اسَارَى بَدْر.
25 - (2400) حلّثنا أَبُو بَكْر بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدثنَا عُبَيْدُ الله، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّىً عَبْدُ اللّه بْنُ ابَىِّ بْنِ سَلُولَ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الله إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَألَهُ أَنْ يُعْطيَهُ قَميصَهُ أَنْ يُكَفِّنَ فِيه أَبَاهُ، فَاعطَاهُ.
ثُمَّ سَألَهُ انْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لِيُصَلِّىً عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَاع خَذً بِمُوْبِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )،
وهذا الحديث مما تتبعه الدارقطنى (1) على مسلم، وقال: المشهور عن إبراهيم بن سعد
عن ابيه، عن أبى سلمة، بلغنى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
واخرجه البخارى من هذا الطريق عن أبى سلمة عن أبى هريرة (2).
قوله: " وافقت ربى فى ثلاث: فى مقام إبراهيم، وفى الحجاب، وفى أسرى بدر)
ثم ذكر فى الحديث الاَخر موافقته فى الصلاة على المنافقن ؛ هذه الأمور مما كان رآها أعمر] (3) برأيه واستحسنها بداية بحسن نظره، ووافق ذلك من وحى الله فيها بعد، وشروعه (4) فيها ومذهبه، وكل (ْ) هذا مطابق للحديث أ قبله] (6) ؛ ولهذا جاء به مسلم إثر الحديث الأول.
وقوله: (أن عبد الله بن عبد الله بن أبى لما توفى[ أبوه] (7) سأل النبى - عليه الصلاة والسلام - أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه ": قيل: فعل هذا لسؤال ابنه إياه
(1) انظر.
الإلزامات والمرجع ص 340 حديث رقم (183).
(2) البخارى، كفضائل الأنصار، بمناقب عمر بن الخطاب 5 / 15.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) فى ح.
سرعة.
(5) فى ز! وكان، والمثبت من خ.
(6) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7) فى هامث!خ.
404
(7/403)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عمر...
إلخ
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَتُصَلِّى عَلَيْه وَقَدْ نَهَاكَ الله أَنْ تُصَلِّىَ عَلَيْهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّمَا خَيَّرَنِى الله فَقَالَ: { اسْتَغْفِر لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِوْ لَهُمْ إِن تَسْتَفْفِرْ لَ!مْ سَبْعِينَ مَرَّةً} (1) وَسَأزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ لما.
قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ.
فَصَلَّى عَلَيْه رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَأَنْزَلَ اللّه عَؤَّ وَجَلَّ: { وَلا تصَلِّ عَلَئ أَحَد مِّنْهُم مَّاتَ أَبَذا
وَلا تَقمْ عَلَئ قَبْرِهَِ} (2).
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَعُبَيْدُ اللّه بْنُ سَعِيد، قَالا: حدثنا يحيى - وَهُوَ القَطَّانُ - عَنْ عُبَيْد الله، بِهَذَا الإِسْنَاد، فِى مَعْنَى حَديث أً بِى أسَامَةَ.
وَزَادَ: قَالَ: فَتَرَكَ الضَلاَةَ عَلَيْهِمْ.
ً
ومكانته منه، وصحة إسلامه، ولكنه (3) كان - عليه الصلاة والسلام - لا يسأل شيئا فيمنعه، وقيل: فعل ذلك مكافأة له ؛ لأنه كان ألبس العباس حين أسر قميصا، وقيل: تطييبا لقلب ابنه.
والذى هنا أظهر لتفسير سببه فى الحديث وسؤال ابنه ذلك، ولذلك بين سبب صلاته عليه لسؤال ابنه إياه، ولم يكن ورد نهى بالصلاة على المنافقين.
قيل: إنما ورد أن الله لا يغفر لهم، فبقى حكم الصلاة والاستغفار، وهو معنى قوله: (نهاك أن تصلى عليه ؟) لأن أصل الصلاة الدعاء، فرد - عليه الصلاة والسلام - على عمر قوله وقال له: (بل خيرنى ربى، وسأزيده على السبعن) ظاهر قوله تعالي: { إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّة} المبالغة فى التكثير ومنع الاستغفار، والعرب تضع التسبيع أبدًا موضع التضعيف، وإن جاوزه، وقد تقدم[ من] (4) هذا، لكن النبى - عليه الصلاة والسلام - مع علمه بمقاصد الكلام رجاه، لعل الله يرحمه، اذ الاحتمال فيما بعد السبعين محال يخالف الظاهر.
ويحتمل أنه طمع أن يكون له عند الموت إنابة فحمله محمل المؤمنن، ولهذا أمر بإخراجه من قبره وأجلسه فى حجرة وَتَفَتَ عليه من ريقه، كل (5) ذلك رجاء رحمة الله له بذلك، ومنفعته، وتطييبا لقلب ابنه ومبرة به، حتى جلى الله له الأمر ورفع الاحتمال، وقطع منه الرجاء، بنهيه عن الصلاة عليه وعلى أمثاله، ممن ظهر نفاقه، والقيام على قبورهم، وأعلمه بأنهم كفروا بالله وماتوا على ذلك.
(1) التوبة: 80.
(3) فى خ: وولائه.
(5) فى ز: كان، والمئبت من خ.
(2) التوبة: 84.
(4) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/404)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عثمان رضى الله عنه 405
(3) باب من فضائل عثمان بن عفان رضى الله عنه
26 - (2401) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرِ - قَالَ
يَحْىَ بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَد"شَا - إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرِ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاء وَسُلَيْمَانَ ابْنَىْ يَسَارِ، وَأَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛ انَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مُضْطَجغا فِى بَيْتِى، كَاشِفا عَنْ فَخِذَيْهِ - أَوْ سَاقَيْهِ - فَاسْتَأذَنَ أَبُو بَكْرِ، فَاع فِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلًالحَالِ، فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتأَذَنَ عُمَرُ فَاع فِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلكَ، فَتَحَدَّثَ.
ثُمَّ اسْتَأذَنَ عُثْمَانُ، فَجَلَسَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَسَوَّى ثِيَابَهُ - قَالَ مُحَمًّدة وَلاَ أَقُولُ فَلِكَ فِى يَوْمِ وَاحِدِ - فَدَخَل فَتَحَدَّثَ.
فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: دَخَلَ
وقوله: " كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مضطجعًا فى بيته كاشفا عن فخذيه - أو ساقيه - فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال)، وذكر عن عمر نحوه، الحديث إلى قوله: (فاستأذن عثمان فجلس وسوى ثيابه)، وفى الحديث الاَخر وقال لعائشة: اداجمعى عليك ثيابك)، وسؤال عائشة له بعد فلك عن هذا فقال: (إن عثمان رجل حيىّ، فإنى خشيت إن أذنت له على تلك الحال ألا يبلغ إلى فى حاجته)، فقد بيق العلة التى خالف فعله مع عثمان فعله مع أبى بكر.
وقد يحتج بهذا الحديث من لا يرى الفخذ عورة وقد قدمنا الكلام عليه أول الكتاب والاختلاف فيه، دان لم يكن فى هذا الحديث (1) حجة قوية فى / ذلك لشك!ا فى كشف الفخذ أو الساق، لكن يخرج منه مذهبنا فى تسوية ذلك، وأنه لو كان الفخذ عورة لما صح منه انكشافه[ عليه السلام - وقد مر من هذا فى الجهاد أيضأ.
قول عائشة: (دخل أبو بكر فلم تهتش] (2) له - ويروى: تَهَش - ولم تباله) بفتح الهاء، أى تنشط وتتحرك، وتحتفل له وتستبشر، يقال: هش: إفا استبشر، وهش له المعروف: نشط وخذ، ومثله بش.
والهشاشة والبشاشة: المبرة والملاطفة والنشاط.
كذلك يقال منه: هش يهش بالفتح، فأما من خبط ورق الشجر فيهش يهش بالضم، قال الله تعالى: { وَاً هُث! بِهَا عَلَئ غَنَمِما} (3).
(1) فى خ: الكتاب.
(3) طه: 18.
(2) فى هامى خ.
12 / أ
406
(7/405)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عثمان رضى الله عنه
أبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَاله، ثُمَ دَخَلَ عُمَرُ فَلَم تَهْتَش لَهُ وَلَمْ تُبَاله، ثُمَّ دَخَلَ عثمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ! فَقَالً: (أَلا اسْتَحِى مِنْ رجُل تَسْتَحِى مِنْهُ الَمًلائِكَةُ لما.
27 - (2402) حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد، حَدثَّنِى أَبِى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ يحيى بْنِ سَعًيدِ بْنِ العَاصِ ؛ أَنَ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ اخْبَرَهُ ؛ أَنًّ "عَأئشَةَ - زَوْجَ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَعُثْمَانَ حَد، لاهُ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأفَنَ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهًُمُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِه، لابسا مِرْطَ عَأئشَه، فَا2 ذِنَ لأبِى بَكْر وَهُوَ كَذَلكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
ثُمًّ اسْتأفًنَ عُمَرُ، فَا2 ذِنَ لَهُ وَهُو عَلَى تِلكً الحَالِ، َ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأفَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ.
وَقَالَ لِعَائِشَةَ: (اجْمَعِى عَلَيْك ثِيَابَكِ لا، فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَثى ثُمَ انْصَرَفْتُ.
فَقَالَتْ عَأئِشَةُ: يَا رَسُولَ اللله، مَالِى لَمْ أً رَكَ فَزِعْتَ لأبِى بَكْر وَعُمَرَ - رَضِىَ اللّهُ عَنْهُمَا - كَمَا فَزِعْتَ لِعثمَانَ ؟ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ عثمَانَ رَجُل حَمِى، ! إِنِّى خَشِيتُ - إِنْ افِنْتُ لَهُ عَلَى تْلكَ الحَالِ - ألا يَبْلُغَ إِلَىَّ فِى حَاجَتِهِ ".
(... ) حدثناه عَمْزو النَّاقِدُ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِىُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، كُلُّهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْراهِيمَ بْنِ سَعْد، حَد، لنَا أَبِى، عَنْ صَالِح بْنِ كَيْسَأنَ، عَنِ ابْنِ شَهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يحيى بْنُ سَعِيدِ بْنِ العَاصِ ؛ أَنَّ سَعِيْدَ بْنَ العَاصِ أَخْبَرَهُ ؛ أن عُثْمَانَ وَعَأئِشَةَ حَدةَلاهُ ثَ انَّ أبَا بَكْر الصِّدِّيقَ اسْتَأذنَ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَلِيثِ عُقَيْل عَنِ ا لزُهْرِ ىَ.
" ولم تباله لما: أى تكترت بدخوله.
وفى الرواية الأخرى: ا لم أرك فزعت لاءبى
بكر وعمر كما فزعت لعثمان) كذا رواية الأكرْين أى لسؤله معناه ونبهت بنحيه وبينت له قريب من معنى هش، والفزع يكون بمعنى هذا، ومنه فزع من نومه: إذا هب، ويكون بمعنى الإغاثة، وبمعنى الذعر.
وفى كتاب شيخنا[ القاضى] (1) أبى على بالراء المهملة والغن المعجمة، ومعناه: قصدت وعمدت، أو تفزعت له من كل شىء وأخليت له بالك، والفراغ يكون بالمعنين جميعًا، وأنهما متقاربان راجعان الى التهمم بالثىء والاهتبال به.
والمرط: كساء من صوف.
وقال الخليل: كساء من صوف، أو كتان، أو حرير،
(1) من خ.
(7/406)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عثمان رضى الله عنه 407 28 - (2403) حلّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَى العَنَزِىُّ، حَدثَننَا ابْنُ أَبِى عَدِئّ، عَنْ عثمَانَ
ابْنِ غِيَاث، عَنْ أَبِى عثمَانَ النَّهْدِىِّ، عَنْ أَبى مُوسَى الاشْعَرِىِّ، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى حَائِط مِنْ حَائِطِ المَدبنَة، وَهُوَ مُتَّكِى يَرْكُزُ بِعُود مَعَهُ بَيْنَ المَاءِ وَالطينِ، إذَا اسْتَفْنَحَ رَجُل.
فَقًالَ: " افْتَحْ، وَبَشًّرْهُ بِالجَنَّةِ دا.
قَالَ: فَإِذَا أَبو بَكْر، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْ"!هُ بِالجَنَّةِ.
قَالَ: ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُل آخَرُ.
فَقَالَ: (افْتَح، وَبَشِّرْهُ بِالجَنَّة لماً.
قَالَ: فَنَ!بْتُ فَإِفَا هُوَ عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بالجَئة.
ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رجُل اخرُ.
قَالَ: َ فَجَلَسَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (افْتَحْ وَبَشِّرْهُ بالجنَّة عَلَى بًلوَىَ تَكُونُ لما.
قَالَ: فَنَ!بْتُ فَإذَا هُوَ عثمَانُ بْنُ عَفانَ.
قَالَ: فَفَتَحْتُ وَبَشَّرْ"لىُ بِالجًنًّةِ.
قَالَ: وَقُلتُ الَّذِى قَالَ.
فَقَالَ: اللّهُمَّ، صَبْرا، اوِ اللّه المُسْتَعَانُ.
(... ) حدّثنا أَبُو الرَّبِيع العَتكِى، حَد!شَا حَمَّادُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِى عثمَانَ النَّهْدِىِّ،
عَنْ أَبِى مُوسَى الا"شْعَرىِّ ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) دَخَلَ حَائِالا وَأمَرَنِى أَنْ أَحْفَظَ البَابَ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ عثمَانَ بْنِ غَيَّاثٍ.
29 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ مِسْكِين اليَمَامِىُّ، حَد، شَا يحيى بْنُ حَسثَانَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ بِلالٍ - عَنْ شَرِيكِ بْنِ أَبِى نَمِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِى
وقال ابن الأعرابى وأبو زيد: هو الإزار، وقد فسرناه.
وقوله: (وهو متكى يركز بعود معه بين الماء والطن) بضم الكاف، ويروى: (يضرب)، وهما متقاربان، من ركزت الرمح: إذا أثبت طرفه فى ال الرض.
وقوله: " دخل حائطا فأمرنى أن أحفظ الباب)، وقوله بعد: 9 لأكون (1) بواب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) )، وفى الحديث الاَخر: ا لم يكن له بواب (2)) إنما امره به أولا - عليه السلام - بحفظ الباب لاَنه ذكر فى الحديث أنه - عليه السلام - دخلها لقضاء حاجته وتوضأ، وهذا يحتاج إلى استتار، فلما قضى حاجته حينئذٍ دخل وسلم عليه، فيحتمل أن يكون أمره بحفظ[ الباب] (3) أولا لذلك لأول ما أحس به، وأنه حفظه هو بعد آخر، ومن قبل نفسه، ويحتمل أنه إنما أمره بذلك ليبشر من يبشره بالجنة، ويدخل عليهم هذه المسرة -
(1) فى ز: لاكون، والمثبت من صح.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(2) فى ز ؟ باب، والمثبت من خط.
12 / ب
408
(7/407)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عثمان رضى الله عنه أَبُو مُوسَى الأشْعَرِىُّ ؛ أَنَّهُ تَوَضَّأ فِى بَيْته ثُمَّ خَرجً.
فَقَالَ: لألزَمَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَكُونَنَّ مَعَهُ يَوْمِى هَذَا.
قَالَ: فَجَاءَ المَسجَدَ، فَسَألَ عَنِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالُوا: خَرَجَ، وَجَّهَ هَهُنَا.
قَالَ: فَخَرَجْتُ عَلَى إِ!رِهِ أسْألُ عَنْهُ، حَتَّى دَخَلَ بِئْرَ أَرِسبى.
قَالَ: فَجَلَسْتُ عِد البَابِ، وَبَابُهَا مِنْ جَرِيد، حَتَّى قَضَى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) حَاجَتَهُ وَتَوَضاصّ، فَقُمْتُ إِلَيْه، فَإذَا هُوَ قَدْ جَلَسَ عَلَى بئْرِ أَرِشًبى، وَتَوَسَّطَ قُفَّهَأ، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْه، وَدَلاهُمَا فِى البئْرَِ.
قَالً: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمًّ انْصَرفْتُ فَجَلَسْتُ عنْدَ البَابِ.
فَقُلتُ: كُونَنَّ بَوَّابَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) اليَوْمَ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَ البَابَ.
فَقُلتُ: مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ.
فَقُلتُ: عَلَى رِسْلِكَ.
قَالَ: ثُمَّ فَصبْتُ فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله، هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأفِنُ.
فَقَالَ: (ائنَنْ لَهُ،
وقوله: (خرج وجه ههنا): كذا يقوله الرواة، وكذا ضبطناه عن بعضهم، وضبطناه عن الأسدى: (وجه) بسكون الجيم، أى قصد هذه الجهة، وصوبه بعضهم وهو وجه الكلام مع خرج.
.
وقوله: (فتوسط قفها وكشف عن ساقيه ودلاهما فى البئر)، قال الإمام: القف: شجر النخل، والقف - أيضا - الشجرة اليابسة، والقف - أيضا -: شبه الدنبل من الحوض.
والمراد بهذا الحديث فى الظاهر: القف الذى يسقط فيه الدلو، ثم يمضى فيه إلى الصغيرة، وهى محتبس الماء كالصهريج.
قال القاضى: لا يستقيم اْن يجعل القف هنا مسقط الدلو، ولا شيئا لما ذكر ولا
ما ذكره غيره أنه اْول القف بالحجر الذى وسط البئر، وكيف يصح جلوس النبى - عليه الصلاة والسلام - وتوسطه وتدليته رجليه منها فى البئر، ثم جلوس أبى بكر وعمر [ فيه] (1) حوله كذلك، وجلوس عثمان أمامهم من الشق الآخر، والأشبه بالقف هنا البناء الذى حول البئر.
/ قال ابن دريد: القف: الغليظ المرتفع من الأرض، ومثل هذا هو الذى يتفق للجماعة الجلوس عليه وتدلى أرجلهم منه فى البئر، ومقابلة أحدهم من الجانب الاخر لا فى مسقط الدلو، وقد فسره بعضهم بأنه شقة البئر، وهو نحو ما ذكرناه.
وأما قوله: القف الشجر، والقف يشبه الزنبيل، ! إنما عرفنا هذين الحرفن القفة بالهاء فيهما، وكذا ذكرهما الناس، لكن يقال للشجر اليابس: قف بالفتح، جمع قفة.
وقوله: (على رسلك) بفتح الراء وكسرها، وهما بمعنى التثبت والسكون.
وقيل
(1) فى هام!!.
(7/408)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عحماد رضى الله عنه
409
وَبَشِّرْهُ بالجنَّةِ ".
قَالَ: فُأَقْبَلتُ حَتَّى قُلتُ لأِبِى بَكْرٍ: ادْخُلْ، وَرَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يُبَشَرُكَ بِ الجَنَّة.
قَالَ: فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَلَسَ عَنْ يَمِ!دنِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَعَهُ فِى القُفِّ، وَدَئَى رِجْلَيْهِ فِى البِئْرِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِىُّ عليه، وَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ، وَقَدْ تَرَكْتُ أَخِى يَتَوَضَّأ وَيَلحَقُنِى.
فَقُلتُ: إِنْ يُرِدِ اللّه بِفُلانٍ - يُريدُ أَخَاهُ - خَيْرا يَأت بِهِ، فَإِذَا إِنْسَانٌ يُحَرِّكُ البَابَ.
فَفُلتُ: مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ.
فَقُلثُ: َ عَلَى رِسْلِكَ.
ثُمَّ جئْتُ إِلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقُلتُ: هَذَا عُمَرُ يَسْتَأذنُ.
فَقَالَ: "ائذَنْ لَهُ، وَبَشًّرْهُ بِالجَنَّةِ)، فَجِئْتُ عُمَرَ فَقُلتُ: أَذِنَ وَيُبَشِّرُكَ رَسُولُ الله عليه بالجَئةِ.
قَالَ: فَدَخَلَ فَجَلَسَ مَعَ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى القُفِّ عَنْ يَسَارِهِ، ودَلَّى رِجْلَيْهِ فِى الَبِئْرِ، ثُمَّ رَجَعْتُ فَجَلَسْتُ فَقُلتُ: إِنْ يُرِدِ الله بِفُلاَن خَيْرًا - يَعْنِى أَخَاهُ - يَأتِ بِهِ.
فَجَاءَ إِنْسَان فَحَرَّكَ البَابَ.
فَقُلتُ: مَنْ هَذَا ؟ فَقَالَ.
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.
فَقُلتُ: عَلَى رَسْلِكَ.
قَالَ: وَجِئْتُ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخبَرْ"لىُ.
فَقَالَ: (ائنَنْ لَهُ وَبَشئَرْهُ بالجَنَّةِ، مَعَ بَلوَى تُصِيبُهُ دا.
قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلتُ: ادْخُلْ، ويُبَشِّرُكَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِأ!جَنَّةَ، مَعَ بَلوَى تُصِيبُكَ.
قَالَ: فَدَخَلَ فَوَجَدَ القُفَّ قَدْ مُلِئَ، فَجَلَسَ وِجَاهَهُمْ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ.
بالفتح، اى على رفقك ولينك، وأصله من السير اللين، وبالكسر: على تؤدتك وترك العجلة، وهما متقاربان.
وقوله: " فجلس وجاهه) بكسر الواو، ويقال بضمها، أى قبالة وجهه.
وقوله فى عحمان: " بشره بالجنة على بلوى تصيبه) وقوله هو: (اللهم صئرا،
والله المستعان): إعلام من النبى - عليه الصلاة والسلام - بأن أبا بكر وعمر وعثمان من أهل الجنة، والقطع لهم بمئل ما أعلمنا بمعنى ذلك، وإعلامه بما يصيب عثمان من البلاء من الناسما وهو خلعه وقتله.
وقول عحمان: (اللهم صبرا، والله المستعان): تسليم لمراد الله، ولعل هذا هو الذى
منع عحمان من القتال والمدافعة عن نفسه ؛ إذ قد أعلمه النبى - عليه الصلاة والسلام - بحلول ذلك، وأنه قد سبق القدر له بذلك.
وفيه من علامات نبوة نبينا - عليه السلام - وفضائل هؤلاء الخلفاء البيانْ التام.
410
(7/409)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عثمان رضى الله عنه قَالَ شَرِيلث: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ: فَا"وَّلتُهَا قُبُورَهُمْ.
(... ) حَد، شِيِه أَبُو بَكرِ بْنُ إِسْحَقَ، حَد، شَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْر، حَدئنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، حَدثَّنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْد الله بْنِ أبِى نَمِر، سَمِعْتُ سَعيدَ بْنَ المُسَيبِ يَقُولُ: حَلاشَى أبُو مُوسَى الأشْعَرىُّ هَهُنًا - وَأَشَارَ لِى سُلَيْمَانُ إِلَى مَجلسِ سَعيد، نَاحِيَةَ المَقْصُورَةِ - قَالَ أبُو مُوسَى: خَرَجْتُ أُرِيدُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَوَجَدْ"!هُ قَدْ سًلَكً فِى الأمْوَال، فَتَبعْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ دَخَل مَالا، فَجَلَسَ فِى القُفِّ، وكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ وَدَلاهُمَا فِى البِئْرَ.
وَسًاقَ الحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ يحيى بْنِ حَسَّانَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ سَعِيد فَا"وَلتُهَا قُبُورَهُم.
(... ) حدّثنا حَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ وَأبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَالا: حدثنا سَعِيدُ بْنُ أبِى مَرْيَمَ، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، أَخْبَرَنِى شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ أن نَمِر، عَنْ سَعيدِ بْنِ المُسَيَّبِ عَنْ أَبِى مُوسَى الاشمعَرِىِّ قَالَ ة خَرَجَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْفا إِلَى حَائط بِالمًدِينَة لِحَاجَتهِ، فَخَرَجْتُ فِى إِئرِه.
وَافْتَصَّ الحَديثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلَ.
وَذَكَرَ فِىَ الحَدَيثِ: قَالَ ابْنُ المُسَيًّبِ: فَتَأوَّلتُ ذً لِكَ قْبُورَهُمُ اجْتَمَعَتْ هَهُنَأ.
وَانْفَرَدَ عثمَانُ.
وقول ابن المسيب: " فأولتها قبورهم): يريد أنه تفرس فى تلك الحالة من جلوسهم واجتماع الثلاثة فى جهة وانفراد عثمان عنهم، دفن أولئك الثلاثة بمكان واحد، وليس تلك رؤيا تحمل على التأويل، د نما هو من باب التفرس ومما يقع فى القلب.
(7/410)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ
411
(4) باب من فضائل على بن أبى طالب رضى اللّه عنه
30 - (2404) حلّدنا يَحْمَى بْنُ يَحْمىَ التَّمِيمِىُّ وَأَبُو جَعْفَر مُحَمَّدُ بْنُ الضبَاح وَعُبَيْدُ
اللّه القَوَارِيرِىُّ وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ المًاجشُون - وَاللَّفْظُ لابْنِ الصّبَاح - حدثنا يُوسُفُ أَبُو سَلَمَةَ المَاجِشُونُ، حَد!شَا مُحَمَّدُ بْنُ الَمن!دَرِ، عَنْ سَعيد بْنِ المُسَيَّب، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ ابِى وَقَّاصٍ، عَنْ ابِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُوَلُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) لَعَلِىّ: "أنْتَ مِنِّىَ بِمَنْزِلَةِ هَرُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نَبِىَّ بَعْدِى).
قَالَ سَعِيدٌ: فَا"حْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْدًا، فَلَقِيتُ سْعدًا، فَحَئَثْتُهُ بِمَا حَدثَّنِى عَامِرٌ.
فَقَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ.
فَقُلتُ: انتَ سَمِعْتَهُ ؟ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى اذُثَيْهِ فَقَالَ: نَعَمْ.
وَإِلا فَاسْتَكتا.
31 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد، شَا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَم، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِى وَقَّاصٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِى وَقّاصٍ، قَالَ: خَلَّفَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلِىَّ بْنَ أبِى طَالِبٍ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّه، تُخَلِّفُنِى فِى النّسَاءِ وَالصحبْيَانِ ؟
ذكر مسلم فى فضائل على: حدثنا يوسف أبو سلمة الماجشون، كذا عند شيوخنا،
وفى بعض الروايات: يوسف بن أبى سلمة، وكلاهما صحيح، هو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبى سلمة، واسم أبى سلمة: دينار، والماجشون لقب يعقوب بن عبيد الله وغيره.
ومعنى الماجشون: المورد، سمى بذلك لحمرة وجهه.
والماجشون: المورد بالفارسية، وقيل غير هذا فى معناه.
قوله - عليه الصلاة والسلام - لعلى: (أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه
لا نبى بعدى): مما تعلقت به الروافض والإمامية وسائر فرق الشيعة وبعض المعتزلة ؛ فى أن الخلافة كانت[ حقا لعلى] (1)، واستخلاف النبى - عليه الصلاة والسلام - له لذلك بهذا الحديث واشباهه مما احتجوا به.
(1) فى ز: حق على، والمثبت من خ.
13 / ءا
412
(7/411)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ فَقَالَ: (أمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَرُونَ مِنْ مُوسَى ؟ غَيْرَ أَنَّهُ لا نَبِىَّ بَعْدِى).
(... ) حدّثنا عُميدُ اللّه بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، فِى! نَا الإِسْنَادِ.
32 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد - وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظِ - قَالا:
حدثنا حَاتِم " - وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارً، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصِ، عَنْ أَبيه، قَالَ: أمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ ؟ فَقَالً+ امَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلاَثأً قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَلَنْ أَسُبَّهُ، لأنْ تَكُونَ لِى وَاحِلَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَم، سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِى بَعْضِ مَغَازِيه، فَقَالَ لَهُ عَلِىٌ: يَأ رَسُولَ الله، خَلَفْتَنِى مَعَ النَّسَاء وَالصّبْيَانِ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أً مَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَة هَرُونَ مِنْ مُوسَىَ، إِلا أنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِى لا.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: " ل العْطِيَنَّ الوَّايَةَ رً جُلاً يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ لما.
ثم اختلفوا بعد فى تقديم غيره، فكفرت الروافض سائر الصحابة فى تقديمهم غيره،
ثم كفر بعضهم عليا لاَنه لم يقم فى طلب حقه، وهؤلاء استحق مذهبنا من اْن يرد عليهم، وقد قالوا بأشنع من هذا فيحن هو افضل مما ذكرنا، ولا امتراء فى كفر القائلين بهذا ؛ لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة وهدم الإسلام، وأما من عداهم فإنهم لا يسلكون هذا.
فأما الإمامية وبعض المعتزلة فتخطئهم، وأما بعض المعتزلة / فلا يقول ذلك لقولها بجواز تقديم المفضوذ على الفاضل فى الإمامة على ما تقدم من الخلاف فى ذلك.
وهذا الحديث بكل حال لا حجة فيه لأحد منهم، بل فيه من فضائل على ومنزلته ما
لا يحط من منزلة غيره، وليس فى قوله هذا دليل على استخلافه بعده ؛ لأنه إنما قال له حين استخلفه على المدلِنة فى غزوة تبوك، فقال له ذلك لا[ لا] (1) ستخلافه بعده، بدليل أن هرون الذى يستشهد به لم يكن خليفة بعد موسى، دإنما مات فى حياته، وقبل موت موسى بنحو أربعين سنة على ما قال أهل الخبر، إنما استخلفه موسى حين ذهب لمناجاة ربه فقال له: { اخْلُفْنِما فِىِ قَوْمِي} (2) كما نص الله تعالى.
وقوله: (غير أنه لا نبى بعدى) معناه - والله أعلم - لما ذكر.
(1) من خط.
(2) 1 لأ عرأف: 142.
(7/412)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ
413
قَالَ: فَتَطَاوَلنَا لَهَا فَقَالَ: (ادْعُو لِى عَليا)، فَأُتِىَ بِه أَرْمَدَ، فَبَصَقَ فِى عَيْنه وَدَفَعَ الرايَةَ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ الله عَلَيْه.
وَلَمَّا نَزَلَتْ هَنِهِ الَاَيَةُ: { فَفلْ تًعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاعَنَا وَأَبْنَاءً كُم} (1) دَعَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلِياَ وَفَاطِمَةَ وَحَسنا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: " اللّهُمَّ، هَؤُلاءِ اهْلِى ".
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حدثنا غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، سَمعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْد، عَنْ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِىٍّ: (امَا تَرْضَى انْ تَكُوَنَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَرُونَ مِنْ مُوسَى لما.
33 - (2405) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِىَّ - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: "ل العْطيَنَّ هَذِه الرَّايَةَ رَجُلا يحبُّ الله وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ الله عَلَى يَدَيْهِ لما.
قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: مَا أً حْبَبْتُ الإِمَارَةَ إِلَاَّ يَوْمَئِذٍ - قَالَ: فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ ادْعَى لَهَا.
قَالَ:
قوله: (أنت منى بمنزلة هرون من موسى): يريد فى تقديمه على من يخلفه، استثنى من حال هارون بعض صفاته وهى النبوة ؛ لاءن هارون كان نبيا، وقد أعلم النبى - عليه الصلاة والسلام - أنه لا نبى بعده، ومعناه منذ بعث، أى بعد مبعثه انقطعت النبوة فلا نبى حتى تقوم الساعة.
وفى طى ذلك تنبيهه - عليه الصلاة والسلام - على ما اقترفه غلاة الرافضة على على
من النبوة حتى ترقى بعضهم فيه إلى دعوى ألوهيته من زمنه - رضى الله عنه - إلى أيامنا هذه، وقد حرَّق بعضهم - رضى الله عنه - على هذه الدعوة، فزادهم ذلك ضلالا، وقالوا: الاَن تحققنا أنه الله ؛ لأنه (2) لا يعذب بالنار إلا الله ة فلهذا خص هذا الكلام فى شأن على دون أبى بكر وعمر وغيرهم إذ لم يدع ذلك أحد لهم ولاْ اعخقده فيهم.
وفيه بيان (3) ال عيسى حيئ نزوله لا يكون رسولأَ لهذه الاَمة ولا مجدداً شريعة،
وإنما يأتى بالحكم بشريعة محمد - عليه الصلاة والسلام.
(1) ال عمران: 61.
(2) أثبتناها من ال البى ليمتقيم الكلام.
(3) فى ز.
شحأن، والمثبت من ح.
414
(7/413)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ
فَدَعَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالب، فَاعطَاهُ إِيَّاهَا.
وَقَالَ: (امْشِ، وَلا تَلتَفِتْ، حَتَّى يَفْتَحَ الله عَلَيْكَ لما.
قَالَ: فَسَارَ عَلِىٌّ شَئئًا، ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلتَفِتْ.
فَصَرَخَ: يَا رَسُولَ الله، عَلَى مَاذَا اقَاتِلُ النَّاسَ ؟ قَالَ: " قَاتِلهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّذا رَسُولُ اللّه، فَإِذَا فَعَلُوا فَلكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ !مَ ال مْ وَأمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله).
34 - (2406) حلّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى حَازِأ -
عَنْ أَبِى حَازِبم، عَنْ سَهْل.
ح وَحدثنا قُتَيْبَة بْنُ سَعِيد - وَاللَّفْظُ هَذَا - حَدتهَشَا يَعْقُوب - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرَّحْمَنِ - عَنْ أَبِى حَازِبم، أَخْبَرَنِى سَفْلُ بْنُ سَعْد ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: (َل العْطِيَنَّ هَذه الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ الله عَلَى يَليه، يُحبّ اللّه وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللّه وَرَسُولُهُ لا.
قَالَ: فَبَاتَ النًّاَسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ ايُّهُم يُعْطَاهًا.
قَالً: فَلَمَّا اصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا.
فَقَالَ: (أيْنَ عَلىُّ بْنُ أبِى طَالِب ؟)
و (خما) (1) بضم الخاء وتشديد الميم فسره فى الأم، وهو ما بين مكة والمدينة، على ثلاثة أميال، من الجحفة.
و(خم) اسم الغيض التى هناك بها غدير مشهور، أضيف إلى الغيضة فقيل: غدير خم.
وقول سعد: " سمعته - ووضع أصبعيه على أذنيه - د لا فاستكتا): معناه: صمتا وضاقا عن سماع الكلام، وأصل السكك ضيق الصماخ، والسكك - أيضا - صغر الاع نين، وكل ضيق من الأشياء سكك، وقد يكون معنى استكتا: اصطمتا، يقال: سكه يسكه: إذا اصطلم أذنيه.
قال الإمام: وقول معاوية لسعد: (ما منعك أن تسب أبا تراب) فذكر سعد - رحمه الله - فضائل على - رضى الله عنه - وأنه - عليه الصلاة والسلام - قال له: (أما ترضى أن تكون[ منى بمنزلة] (2) هارون من موسى - عليهما السلام).
وقوله: ا لاَعطن الراية غداً رجلأ يحب (3) الله ورسوله ويحبه (4) الله ورسوله) فأعطاها علئا - رضى الله عنه - ولما نزلت ة{ نَدْعُ أَبْنَاعَنَا وَأَبْنَاءَكمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُم} (5)
(1) حديث رقم (36) بالاب.
(2) فى ز.
بمنزلة منما، والمثبت من ح.
وهو الصواب.
(3) فى ح: يحبه.
(4) فى ح: يحب.
(5) آل عمران: 61.
(7/414)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ 415 فَقَالُوا: هُوَ يَا رَسُولَ الله يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ.
قَالَ: " فَا"رْسَلُوا إِلَيْهِ لما، فَ التِىَ بِه، فَبَصَقَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى عَيْنَيْه، وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ، حَتَى كَأنْ لَمْ يَكُنْ بِه وَجَعٌ، فَا"عْطَاهُ الَرَّايَةَ.
فَقَالَ عَلِىٌ: يَا رَسُولَ اللهَ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَى يَكُونُوا مِثْلَنَا.
فَقَالً: (انْفُذْ عَلَى رَسْلكَ، حَتَى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَم، وَأخْبرْهُمْ بمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الَله فِيهِ، فَوَالله لأنْ يَهْدِىَ الله بِكَ رَجُلأ وَاحِدأ خَيْر لَكَ مِنْ أَنْ يَكُوَنَ لَكَ حُمْرُ النَّعَم).
35 - (2407) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا حَاتِم - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعيلَ - عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِى عُبَيْد، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ اكْوَعِ، قَالَ: كَانَ عَلى قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) فى خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدا.
فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ا فَخَرَجَ عَلى فَلَحِقَ بالنَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَّا كَانَ مَسَاَُ اللَّيْلَة ائتى فَتَحَهَا الله فِى صَبَاحِهَأ، قَالَ رَسُولُ ال!هَ ( صلى الله عليه وسلم ): الأعطيَنَّ الرَّايَةَ - أَوْ لَيَأخُذَنَّ بِالرَّاَيَةِ - غَدا، رَجُل يُحِئهُ الله وَرَسُولُهُ - أَوْ قَالَ: يُحِبَُّ الله
دعاه - عليه الصلاة والسلام - وفاطمة وابنيهما (1) - عليهما السلام - فقال: " اللهم هؤلاء اهلى) الحديث، قال الإمام - وفقه الله -: مذهب أفاضل العلماء أن ما وقع من الاَحاديث القادحة فى[ حديث] (2) عدالة[ بعض] (3) الصحابة، والمضيفة إليهم ما لا يليق بهم، فإنها ترد ولا تقبل إذا / كان رواتها غير ثقات، فإن أحب بعض العلماء تأويلها قطعأ للشغب نزل وراح، وإن رواها الثقات تأولت على الوجه اللائق بهم إذا أمكن التأويل، ولا يقع فى روايات الثقات إلا ما يمكن تأويله، ولابد أن يتأول قول معاوية هذا، فتقول: ليس فيه تصريح بأنه أمره بسبه، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب، وقد سئل عن مثل هذا السؤال من يستجيز سب المسؤول عنه[ وسئل عنه] (4) من لا يستخبره.
فقد يكون معاوية رأى سعذا بين قوم يسبونه، ولا يمكن الإنكار عليهم، فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب ؛ ليستخرج منه مثل ما استخرج مما حكاه عن النبى - عليه الصلاة والسلام - فيكون له حجة على من سبه ممن ينضاف إليه من غوغاء جنده، فيحصل على المراد على لسان غيره من الصحابة، ولو لم يسلك هذا المسلك وحملنا عليه أنه قصد ضد
(1) فى ز: وأبيهما، والمثبت من ح.
(2) ساقطة من ح.
(3) فى هامث!!.
(4) من !.
13 / ب
416
(7/415)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ وَرَسُولَهُ - يَفْتَحُ الله عَلَيْهِ))، فَإفَا نَحْنُ بعَلِىٍّ، وَمَا نَرْجُوهُ.
فَقَالُوا: هَذَا عَلِىّ.
فَاع عْطَاهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) الرَّايَةَ، فَفَتَحَ اللّهَ عَلَيْهِ.
36 - (2408) حللنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
قَالَ زُهَيْرٌ: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَد*شًى أَبُو حَئانَ، حَدثنِى يَزِيدُ بْقُ حَيَّانَ.
قَالَ: انْطَلَقْتُ انَا وَحُصَيْنُ بْنُ سَبْرَةَ وَعُمَرُ بْنُ مُسْلمٍ إِلَى زَيْد بْنِ أَرْقَمَ، فَقمَا جَلَسْنَا إٍ لَيْهِ قَالً لَهُ حُصَيْن: لَقَدْ لَقِيتَ يَا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا.
رَأً يْتَ رَلممُوَلَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَيمممِعْت حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ، وَصَلَّيْتَ خَلفَهُ.
لَقَدْ لَقِيتَ، يَا زَيْدُ خَيْرأ كَئِيرًا، حَدَثنَا يَا زَيْدُ مَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: يَا بْنَ أَخى، وَالله لَقَدْ كَبرَتْ سِنِّى، وَقَدُمَ عَهْدِى، وَنَسيتُ بَعْضَ الَّذى كنتُ أَعِى منْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَمَا حَدَّلتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَمَالا، فَلاَ تُكَلَفُونِيهِ.
ثُمَّ قَالَ: َ قَامَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًا، بَيْنَ مَكَّة وَالمَدِينَةِ، فَحَمِدَ
هذا مما يثيره[ عنه] (1) الموجدة، ويقع فى حين الحنق، لأمكن أن يريد السب الذى هو بمعنى التغيير للمذهب والرأى، وقد سمى ذلك فى العرف سبا، ويقال فى فرقة: إنها تسب أخرى إذا سمع منهم أنهم اْخطؤوا فى مذاهبهم، وحادوا عن الصواب، وأكثروا من الثنيع عليهم، فمن الممكن أن يريد معاوية من سعد بقوله: (ما منعك أن تسب أبا تراب) أى يظهر للناس خطأه فى رأيه، وإن رأينا ما نحن عليه أشد وأصوب.
هذا مما لا يمكن أحد أن يمغ من احتمال قوله له، وقد ذكرنا ما يمكن أن يحمل قوله عليه وراْيه فيه جميل أو غير جميل فى هذين الجوابين.
فمثل هذا المعنى ينبغى أن يسلك فيما وقع فى أمثال هذا.
وقوله: (فبات الناس يدوكون ليلتهم): أى يخوضون، يقال: الناس فى دوكة،
أى فى اختلاط وخوض.
قال القاصْى: فى هذا الخبر علامتان من علامات نبوته - عليه الصلاة والسلام - قولية وفعلية، فالقولية: إعلامه - عليه الصلاة والسلام - أن الله يفتح على يدى على فكان كذلك.
والفعلية: بصاق النبى - عليه الصلاة والسلام - فى عينيه، وكان أرمد [ فبرأ] (2).
(1) ساقطة من ح.
(2) من هامش !.
(7/416)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ 417 الله وَأَثْنَى عَلَيْ! وَوَعَظَ وَذَكَرَ.
ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ، أَلا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإنَّمَا أَنَا بَشَر، يُوشِكُ أَنْ يَأتِىَ رَسُولُ ربِّى فَاجيبَ، وَأَنَا تَارِك فِيكُمْ ثَقبيْنِ: أَولهُمَا كِتَابُ اللَّه فِيهِ الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بكِتَابِ الله، وَاستَمْسِكُوا بِه "، فَحَثَّ عَلَى كتَابِ الله وَرَغَّبَ فِيهِ.
ثُمَ قَالَ: (وَأفلُ بَيْتِى، اذً كِّرُكُمُ الله فِى أَهْلِ بَيْتِى، اذَكِّرُكُمُ الله فِى أَهلِ بَيْتِى، أُذَكَرُكُمُ الله فِى أَهْلِ بَيْتِى).
فَقَالَ لَهُ حُصَيْن: وَمَنْ أَهْلُ بَيْتِهِ يَا زَيْدُ ؟ أَلَيْسَ نسَاؤُهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِه ؟ قَالَ: نسَاؤُهُ منْ اهْلِ بَيْته، وَلَكنْ أَهْلُ بَيْتِه مَنْ حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ.
َ قَالَ: وَمَنْ هُمْ ؟ قًالَ: هُمْ آَلُ عَلِىٍّ، واص عَقَيَلٍ، وآَلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَئاسِ.
قَالَ: كُلُّ هَؤَلاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
(... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرّيَانِ، حدثنا حَسئَانُ - يَعْنِى ابْنَ إبْرَاهيمَ - عَنْ سَعيد بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
وَسَاقَ الحًدَيثَ بِنَحْوِهِ، بِمَعْنَى حَديِثِ زُهَيْرٍ.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ.
حِ وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِير!، كِلاَهُمَا عَنْ أبِى حَيَّانَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْو حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ.
وقول عمر فى قوله - عليه الصلاة والسلام -: ا لأعطين الراية غدأ رجلأ يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله): فتساورت لها رجاء أن أدعى لها، بمعنى: تطاولت، وفى الرواية الاَخرى: أى حرصت على ذلك حتى أظهرت وجهى وتصديت لذلك ؛ ليتذكر مكانى فأعطاها، كما قال: (رجاء أن أدعى لها).
وكما قال: (فما أحببت الإمارة إلا يومئذ) ؛ وذلك للوصف الذى وصف به من يعطاها من حبه الله ورسوله وحبهما له، وهذه من أعظم فضائل على وأكرم مناقبه.
[ السورة] (1): البطش، والمشاورة: المواثبة أيضأَ، كأنه استعجل الدعاء لها و[ أعطاها إياه، وتصدى له وأشرت له بمعنى.
وقوله: (امش ولا تلتفت حتى] (2) يفتح الله عليك): حض على التقدم وترك التأنى، ويكون الالتفات هنا من نظر العن يمنة ويسرة، وقد يكون على وجهه مبالغة فى التقدم، ويدل عليه قوله: (فصار على فوقف فلم يلتفت).
فيه التزام أوامره - عليه السلام - والأخذ بظاهرها ما أمكن ولم يصرفها عنه صارف، أو لقصر فحوى كلام علم من المتكلم به.
وقد يكون: ا لا يلتفت " هنا بمعنى: لا ينصرت.
يقال: التفت: اذا
(1، 2) فى هامث!خ.
418
(7/417)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ وَزَادَ فِى حَدِيثِ جَرِير: (كتَابُ اللّه فِيه الهُدَى وَالئورُ، مَنِ اسْتَمْسَكَ به، وَأخَذَ به كَانَ عَلَى الهُدَى، وَمَنْ أَخْطهُ ضًلَّ لما.
ً
37 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارِ بْنِ الرّيَانِ، حدثنا حَسَّانُ - يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهيمَ -
عَنْ سَعيد - وَهُوَ ابْنُ مَسْرُوق - عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَئانَ، عَنْ زَبْد بْنِ أرْقَمَ، قَالَ: دَخَلنَاَ عَلَيْهِ فَقُلنَا لَهُ ث لَقَدْ رَأَيْتَ خَيْزا، "لَقَدْ صَأحَبْتَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ وَصَلَّيْتَ خَلفَهُ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ بِنَحْوِ حَديثِ أبِى حَئانَ، غَيرَ أنَّهُ قَالَ: (أَلا وَإِنِّى تَارِذ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَحَدُهُمَا كتَابُ اللّه عَر وَجَلًّ، هُوَ حَبْلُ اللّه، مَنِ اتبَعَهُ كَانَ عَلَى الهُدَى، وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضًلاَلَة لما.
وَفيه: فَقُلنَا: مَنْ أهْلُ بَيْته ؟ نِسَاؤُهُ ؟ قَالَ: لا.
وَايْمُ اللّه، إِن المَرْأَةَ تَكُونُ مَعَ الرَّجُل العَصًمِنَ الئَهرِ، ثُمَّ يُطَلِّقُهًأَ فَتَرْجِعُ إِلَى أبِيَها وَقَوْمِهَا.
أهْلُ بَيْتِهِ أصْلُهُ، وَعَصَبَتُهُ الَّذِينَ حُرِمُوا الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ.
انصرف، ولفته: إذا صرفته.
وقوله: (ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله ": فيه وجوب الدعوة قبل القتال، وقد تقدم فى الجهاد الكلام فيها، وفى كتاب الإيمان على قوله: (ادعهم إلى شهادة أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك أ فقد منعوا] (1) منك ثماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله) (2).
وقوله: (انفذ على رسلك): أى سر على تؤدتك، ولن سيرك، وقد تقدم معنى: "خير لك من حمر النعم) وتمئيل أعراض الدنيا بثواب الاَخرة وحمر النعم تقدم أيضا، وهى الإبل، والحمر[ من] (3) الألوان أشرفها، والإبل أفضل أموال العرب.
وقوله فى على: (وكان رمداً)، (وأرمد) أى أصابه مرض الرمد بعينيه، ويفسره
قوله فى الحديث الاَخر: (يشتكى عينيه).
وقولهْ: (وأنا تارك فيكم كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا كتاب الله) الحديث، ثم قال: (وأهل بيتى، الله الله فى أهل بيتى) الحديث، قال الإمام: قال
(1) فى جميع روايات مسلم: عصموا.
(2) أحاديث رقم (34 - 36) من كالإيمان.
(3) من خ.
(7/418)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ 419 38 - (2409) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ أَبِى حَازِمٍ -
عَنْ أَبِى حَازِبم، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد، قَالًءًا سْتُعْمِلَ عَلَى المَدينَة رَجُل مِنْ ال مَرْوَانَ.
قَالَ: فَدَعَا سَهْلَ بْنَ سَعْد، فَامرَهُ انْ يَشْتِمَ عَلِيِّا.
قَالَ: فَا"بى سَهل.
فَقَالَ لَهُ: امًّا إِذ ابَيْتَ فَقُلْ: لَعَنَ اللّه أَبَا التُّرابِ ة فَقَالَ سَهْل: مَا كَانَ لِعَلِىٍّ اسْمَ احَبَّ إِلَيْه مِنْ ابِى التُّرَاب، ! اِنْ كَأنَ لَيَفْرحُ إِذَا دُعِىَ بِهَا.
فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ قِصَّته.
لمَ سُمِّىَ أً بَا تُرَاب ؟ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْتَ فَاطِمَةَ، فَلَمْ يَجِدْ عَلِيِّا فِى الَبَيتَ.
فَقَالَ: (أَيْنَ اً بْنُ عَمِّك ؟) فَقَالَتْ: كَأنَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ شَىْء!، فَغَاضَبَنِى فَخَرَجَ، فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِى.
فَقَالَ رَسُولُ الئَه ( صلى الله عليه وسلم ) لإِنْسَانٍ: (انْظُرْ، أَيْنَ هُوَ ؟) فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رسُولَ الله، هُوَ فِى المَسْجدِ رَاق ال.
فَجَاءَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ مُضْطَجِع، قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شقِّه، فَا"صَابَهُ تُراب!، فَجًعَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيِقُولُ: (قُمْ أَبَا التُرَابِ، قُمْ ابَا التَّرًابِ).
ثعلب: سماهما ثقلين ؛ لاءن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، والعرب تقول لكل شىء خطير: نفس ثقيل، فجعلهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما.
قال القاضى: وقول زيد بن أرقم: (أهل بيته من حرم الصدقة بعده ؛ آل على، واَل عقيل، وآل جعفر، واَل عباس، كل هؤلاء حرم الصدقة)، وفى الرواية الأخرى: (أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده): ظاهره الذين منعهم خلفاء بنى أمية صدقة النبى - عليه الصلاة والسلام - مما كان خصه الله به التى كانت تقسم عليهم أيامه وأيام الخلفاء الأربعة، لقوله: (بعده) - والله أعلم ؛ لأن زيداً ممن عاش حتى أثوك ذلك، فتوفى سنة ثمان وستن.
ويحتمل أن المراد به الذين حرم الله عليهم صدقة الأموال ونزههم عن أكل أوساخ الناس، وهو مبين عن زيد بن أرقم فى غير هذا الحديث، وقيل له: من ال محمد الذين لا يحل لهم الصدقة ؟ فقال: اَل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس.
ففيه حجة مالك ومن قال بقوله فى اختصاص (1) تحريمها ببنى هاشم ؛ إذ لم يذكر سواهم، خلافا للشافعى فى عده بنى المطلب معهم، لقوله - عليه الصلاة والسلام -: (إنما نحن وبنو المطلب شىء واحد) (2).
وقد مال اليه بعض متأخرى شيوخنا، وخلافا لمن قال من
(1) فى ز: اختصاصه، والمثبت من ح.
(2) البخارى، كالمناف، بمناقب قريث!4 / 218.
14 / ب
420
(7/419)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل على بن أبى طالب...
إلخ أصحابنا وغيرهم: إنهم جماعة قريش كلها، أو بنو قصى، على ما قدمناه فى كتاب الزكاة وشرحناه.
وقوله فى كتاب الله: (هو حبل الله): أى عهده الذى يعتصم به، وقيل فى قوله:
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيغا} (1) أى بعهده.
قال أبو عبيد: هو القرآن، وترك الفرقة.
ومنه قول عبد الله: عليك بحبل الله، فإنه كتابه، ويكون - أيضأ - بمعنى عهده هنا، أى أمانته من عذابه.
ومنه قوله: { فرُبَتْ عَلَيْهِمُ الذلَةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلأَ بِحَبْلٍ فِنَ اللَّهِ وَحَبْل فنَ الثاس} (2) أى عهد وأمان، ويكون الحبل هنا بمعنى: السبب الموصِّل إليه، أى إلى طاعته ورضاه ورحمته، استعارة من الحبل المعروت / للتوصل إلى استقاء الماء، والصعود تجاه النخل وغير ذلك من المنافع.
ويكون - أيضا - تسمية القرار حبل الله، أى نوره الذى هدى به، كما قال فى الحديث بعده: (فيه الهدى والنور)، وكما قال تعالى: { وَأَنزَلْنَا إلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} (3).
وقد جاء الحديث الآخر: (كتاب الله حبل ممدود بين السماء والاءرضِ) (4)، والعرب تسمى كل مستطيل حبلاً، وكل نور ممتد حبلا، قال الله تعالى: { حتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر} (5).
وقوله: ا ليس يا زيد نساؤه من أهل بيته): قال فى حديث زهير بن حرب: (نساؤه
من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة)، وفى حديث محمد بن بكار: ([ قال] (6): لا، وايم الله) ثم قال: (أهل بيته أصله وعصبته)، وهذا هو المعروت فى الاَحاديث غيرها، أنه لم يجد نساءه من أهل بيته، وقد يرجع معنى الحديث الأول إلى هذا، أى نساؤه من أهل بيته الذين يساكنونه، ثم قال: ا لكن أهل بيته)، المراد بقوله: (أهل بيته): من حرم الصدقة، ونساؤه ليس منهم.
وفيه حجة مثل ما تقدم على تخصيص تحريم الصدقة لبنى هاشم إذ كان فى نسائه جماعة قرشيات، فلم يجعلهم ممن حرم عليهم الصدقة.
(1) آل عمران: 103.
(2) آل عمران: 112.
(3) 1 لنساء: 174.
(4) ذكر فى كنز العمال برقم (923)، وعزاه لابن أبى شيبة، وتفسير الطبرى 4 / 1 2.
(5) البقرة: 187.
(6) فى هامش !.
(7/420)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ
421
(5) باب فى فضل سعد بن أبى وقاص رضى اللّه عنه
39 - (2410) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بلاَل، عَنْ
يَحْىَ بْنِ سَعيد، عَنْ عَبْد الله بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتًْ: أَرِقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ ذَاتً لَيْلَقع فَقَالَ: ا لَيْتً رَجُلاً صَاَلحًا منْ أَصمحَابِى يَحْرُسُنِى اللَّيْلَةَ ".
قَالَتْ: وَسَمِعْنَا صَوْتَ السِّلاَح.
فَقَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (مَنْ هَذَا ؟ لما.
قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصٍ: يَا رَسُولَ اللّه، جِئْتُ أَحْرُسُكَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَنَامَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى سَمِعتُ غَطِيطَهُ.
40 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْمث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، عَنْ عَبد الله بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَهِرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - مَقْدَمَهُ افمَل!ينَةَ - لَيلَةً، فَقَالَ: " لَيْتَ رَجُلاً صَالِحًا مِنْ اصمحَابِى يَحْرُسُنِى اللَيْلَةَ لما.
قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ سَمِعْنَا خَشْخَشَةَ سِلاَحٍ.
فَقَالَ: (مَنْ هَذَا ؟ لما
وقوله: (أرق النبى - عليه السلام - ذات ليلة) أى سهر ولم يأته نوم.
وقوله: ا ليت رجلاً صالحا يحرسنى): فيه جواز الاحتراس من العدو والتحفظ، والأخذ بالحزم، وكراهة إلقاء اليد للعدو والمخاطرة بالنفس، وهذا كان قبل أن ينزل عليه: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} (1).
فقد روى أنه لما نزلت عليه الآية أمر أصحابه بالافتراق عن حراسته.
وقوله: " حتى سمعت غطيطه): أ الغطيط] (2): صوت النائم المرتفع، وهو أعلى من الشخير.
وقوله: (فسمعت خشخشة السلاح): أى صوت حك بعضه لبحض.
قال الإمام: خرج مسلم فى فضائل (3) سعد - رضى الله عنه - قال: وحدثنا أبو
بكر بن أبى شيبة، حدثنا وكيع، قال: وحدثنا أبو بكر بن كريب دإسحاق عن محمد ابن بشر، عن مسعر، قال: وحدثنا ابن أبى عمر، عن سثميان، عن مسعر، كلهم عن
(1) 1 لمائد ة: 67.
(3) فى ز.
فضل، والمثبت من ح.
(2) فى هامش خط.
422
(7/421)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ
قَالَ: سَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاص.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " مَا جَاءَ بِكَ ؟) قَالَ: وَقَعَ فِى نَفْسِى خَوْف! عَلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَجِئْتُ أحْرُسُهُ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، ثَمَ نَامَ.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ رُمْحٍ: فَقُلنَا: مَنْ هَذَا ؟
(... ) حلّلناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدتَّشَا عَبْدُ الوَهَّابِ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيد يَقُولُ ة سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ عامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يَقُولُ: قَالَتْ عَائَشَةُ: أَرِقَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ذَاتً لَيْلَةٍ.
بِمِثْلِ حَلِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ.
41 - (2411) حدّثنا مَنْصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِمٍ، حدثنا إِبْرَاهِيمُ - !عْنِى ابْنَ سَعْد -
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَليا يَقُولُ: مَا جَمَعَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبَوَيْهِ لأحَدٍ غَيْرَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّهُ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ يَوْمَ احُدٍ: (ارْم، فِدَاكَ أبِى وَافَى ".
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمْدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدهَّشَأ شُعْبَةُ.
ح وَحَدثنَأ أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدهَّشَا وَكِيع.
ح وَحَثَثنَأ أبُو كُرَيْب وَإِسْحَقُ الحَنْظَلِى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفيَانُ، عَنْ
سعيد بن إبراهيم.
قال بعضهم: قال أبو مسعود الدمشقى: هكذا رواه مسلم: حدثنا أبو بكر، حدثنا وكيع، وأسقط منه سفيان، وتوهم أنه وكيع عن مسعر، دإنما رواه أبو بكر فى المسند والمغازى وغير موضع عن وكيع، عن سفيان، عن مسعر.
قال القاضى: وقول سعد: ما جمع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أبويه لأحد غيرى، فإنه جعل يقول لى: (ارم، فداك أبى وأمى): تقدم الكلام فى الخلاف فى التفدية، وما روى فى كراهة ذلك عن عمر والحسن، وجوازه لغيرهما.
وهذا الحديث يدل على جوازه، ولا حجة فيه من قولهم ؛ لأن النبى - عليه الصلاة والسلام - لم يفده بمسلمين، فقد جاء فى الحديث: أن عائثة فدت النبى - عليه الصلاة والسلام - وأبواها مسلمان.
وقول سعد: (ما جمعهما لأحد غيرى) ذلك بمبلغ علمه، وقد جاء أنه قال ذلك للزبير بعد هذا ولغيره، وفيه الحض على الرمى (1) وفضيلته.
(1) فى ز: الدين، والمثبت من ح.
(7/422)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ 423
مسْعَرٍ، كُلُهُمْ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَلِىٍّ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
42 - (2412) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حدثنا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلاَلٍ - عَنْ يَحْيَى - وَهُوَ ابْنُ سَعيد - عَنْ سَعِيد، عَنْ سَعْدِ بْنِ ابِى وَقَا عقَالَ: لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ابَوَيْهِ يَوْمَ احُدً.
(... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَحدثنا ابْنُ المُثَنّى، حَدثنَا عَبْدُ الوَفَابِ، كِلاَهُمَا عنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَئاد، حدثنا حَاتِم - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنًْ أَبيه ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) جَمَعَ لَهُ أَبَوَيْهِ يَوْمَ احُد.
قَالَ: كَانَ رَجُل مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ أَحرَقَ المُسلِمِينَ.
فَقَالَ لَهُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (ارْم، فدَاكً أَبِى وَامى كا.
قَالَ: فَنَزَعْتُ لَهُ بِسَهْمٍ لَيْسَ فيه نَصْل، فَأَصَبْتُ جَنْبَهُ، فَسَقَطَ، فَانْكًشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى نَظًرْ!ُ إِلَى نَوَ ال نِهِ.
43 - (1748) حدّئنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالا: حدثنا الحَسَنُ
وقوله: (وكان رجل من المشركين قد أحرق المسلمين): أى أثخن فيهم، وعمل فيهم / ما تفعله النار فيما تحرقه.
وقد يكون معناه: أغاظهم، ومن قولهم: فلان يحرق عليك الأزم، اى يصرف بأنيابه تغيظا، وكأنه صير المسلمن بما فعله بهم بهذه الحالة.
وقوله: (فنزعت لهم بسهم ليس فيه نصل): أى رميته بسهم لا حديدة فيه.
وقوله: (فأصبت جنبه): كذا ل الكثر الرواة بالجيم والنون والباء، [ بعدهما] (1) بواحدة 10 وهى] (2) عند القاضى الشهيد: (حبته) بحاء مهملة بعدها باءٌ أ بواحدة] (3) مشدثة، بعدها تاءٌ أ مثناة] (4) باثنتين فوقها.
ومعناه، إن لم يكن تغيير: أصاب قلبه.
قال صاحب العن: حبة القلب: ثمرله.
قال الشاعر:
فأصاب حبة قلبها وطحالها
وقوله: (سقط فانكشفت عورته، فضحك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): ضحك النبى - عليه
(1) ساقطة من ز، والمثبتط من ح.
(2) ساقطة من ح.
(3) فى هامش ح.
(4) ساقطة من ح -
15 / ءا
424
(7/423)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ ابْنُ مُوسَى، حدثنا زُهَيْز، حَدثنَا سمَاكُ بْنُ حَرْب، حَدثَّنِى مُصْعَبُ بْنُ سَعْد، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّهُ نَزَلَتْ فِيهِ آيَاتومِنَ القُران قَالَ: َ حَلَفَتْ امُّ سَعْد ألا تُكَلِّمَهُ أَبدًا حَتَّى يَكْفُر بدينه، وَلا كلَ وَلا تَشْرَبَ.
قَالَتْ: زَعَمْتَ أنَّ اللّه وَصَّاكَ بِوَاً لِدَيْكَ، وَأنَا أفكَ، وَأنَا امرُكً بِهًنَا.
قَالَ: مَكَثَتْ ثَلأدا حَتَّى غُشِىَ عَلَيْهَا مِنَ الجَهْدِ، فَقَامَ ابْن لَهَا يُقَالُ لَهُ: عُمَارَةُ، فَسَقَاهَا، فَجَعَلَتْ تَدْعُو عَلَى سَعْد.
فَأَنْزَلَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - فِى القُران هَذه الآيَةَ: { وَوَعميْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ 00.
(1) وَإِنً جَاهَدَاكَ عَلَئ أَن تُشْوِكَ بِي} وَفِيهَا: { وَصَاحَبفمَا فِي الدُّنْيَا مَعْروفًا}.
قَالَ: وَأَصَابَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) غَنيمَةً عَظيمَةً، فَإِذَا فيهَا سَيْف فَا"خَذْ - !هُ، فَا"تَيْتُ بِهِ الرشُولَ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ: نَفِّلنِى هَذَا ال!مئَيفَ، فَا"نَا مَنْ قَدْ عَلَمْتَ حَالَهُ.
فَقَالَ: (رُدُهُ مِنْ حَيْثُ أخَنْتَهُ)، فَانْطَلَقْتُ، حَتَّى إِذَا أرَدْتُ أنْ القيَهُ فِى القًبَضِ لامَتْنِى نَفْسِى، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ.
فَقُلتُ: أَعْطِنِيهِ.
قَالَ: فَشَدَ لِى صَوْتَهُ: (رُ!هَ مِنْ حَيْثُ أخَذْتَهُ لما.
قَالَ: فَا"نْزَلَ اللّه - الصلاة والسلام - سروراً بقتله، لا لما انكشف منه، فهو المنزه عن ذلك.
[ وفيه من اَياته - عليه السلام - إصابة السهم الذى أمر بالرمى به من غير حديدة] (2)، وقتله عدوه.
وقوله: (فأردت أن ألقيه فى القَبَض) بفتح الباء، هو ما يجمع من المغانم.
والقبض:
كل ما قبض من مال وغيره.
وأصله من الغطاء، قبضت الرجل، كذا مخففا: إذا أعطيته إياه، وتقدم الكلام على بقية الحديث[ من الاَنفال والوصية وتفسير الأربع آيات التى ذكر أنها نزلت فيه، وهى منصوصة فى الحديث] (3)، وتقدم الكلام عالى تحريم الخمر، والميسر: [ والقمار] (4)، والاَ زلام: [ قداح] (ْ).
وقيل: حصياته، كانت الجاهلية تستقسم بها وتمضى الأمور على ما يخرج فيها، وقد فسرت قبل.
والأنصاب: جمع نصب، وهو ما ينصب (6) من الأصنام ليعبد، وهىَ - أيضا - حجارة نصبت ليذبحوا عندها لطواغيتهم.
ومعنى (رجس): أى إثم ومحله: { أَوْ لَحْمَ خِنزِير فَإِنَّه رِجْس} (7)، والرجل
يأتى بمعنى الإثم والكفر وبمعخى النجس، ولما يستقذر، ومنه قوله فى لحوم الحمر: (إنها
لأء أ) فر ال!!جحة ا، لم لبث هخَا ا: ! وومسا الإنس انَ بِوَالدَيْهِ خسْنًا وَإن جَاهَدَاكَ...
} والمثبت اية لقمان 14 ولا برر عا،، جواؤ! ا قول !.
" رلأح!، 1 أنر، آلة ؟ غمان.
ل! !ا فى هامش جم -
!م!ص، سقط من ز، والأأش!ص قط لم - / - - غ !
(4، 5) من !.
(7) 1 لأنعام 1450.
(7/424)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ
عَر وَجَل -: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَال} (1).
425
قَالَ: وَمَرِضْتُ، فَأَرْسَلتُ إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاعتَانِى.
فَقُلتُ.
دَعْنِى أَقْسِمْ مَالِى حَيْثُ شِئْتُ.
قَالَ: فَأَبَى.
قُلتُ: فَالنِّصْفَ.
قَالَ: فَابى.
قُلتُ: فَالثُّلُثَ.
قَالَ: فَسَكَتَ.
فَكَانَ - بَعْدُ - الثُّلُثُ جَائزًا.
قَالَ: وَأَتَيْتُ عَلَى نَفَر مِنَ الأنْصَارِ وَالمُهَاجِرِينَ، فَقالُوا: تَعَالَ نُطعِمْكَ وَنَسْقِيكَ خَمْرًا - وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرُّمَ الخَمْرُ.
قَالَ: فَاعتَيْتُهُمْ فِى حَشٍّ - وَالحَشُّ البُسْتَانُ - فَإذَا رَأسُ جَزُور مَشْوِىّ عنْدَهُمْ، وَزِقٌ مِنْ خَمْر.
قَالَ: فَأَكَلتُ وَشَرِبْتُ مَعَهُمْ.
قَالً: فَذُكِرَثِ الاع نصَارُ وَالمُهًاجِرُونَ عِنْدَهُمْ.
فَقُلت: المُهَاجِرُونَ خَيْرٌ مِنَ الأنْصَارِ.
قَالَ: فَاع خَذَ رَجُلٌ احَدَ لَحْىَ الرَّأسِ، فَضَرَبنِى بِهِ فَجَرَحَ بِاع نْفِى، فَاعتَيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَاع خْبَرْ"لىُ، فَأَنْزَلَ الله - عَزَّ وَجَل - فِىَّ - يَعْنِى نَفْسَهُ - شَأنَ الخَمْرِ: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالمَيْسبرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ منْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} (2).
44 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاك بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْد، عَنْ ابِيهِ ؛ أَنَّهُ قَالَ: أنزِلَتْ فِىَّ أَرْبَعُ آيَات.
وَسَاقَ الحًديثَ بمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ سفَاك.
وَزَادَ فِى حَد!يثِ شُعْبَةَ: قَالَ: فَكَانُوا اِب ا ارَادُوا انْ يُطَعِمُوهًا شَجَرُوا فَاهَا بعَصًا، ثُمً أَوْجَرُوهَا.
وَفِى حَدِيثِهِ
رجس، أو نجس)، وفى الرواية[ الأخرى] (3): (إنهِا رجس أو ركس).
والرجس - أيضا -: بمعنى اللعنة والعذاب، ومنه: { وَيَجْعَلُ الزِجْس عَلَى افَذِينَ لا يَعْقِلُونَ} (4).
وفى قصة سعد وامه حين حلفت لا تكلمه، ولا تأكل ولا تشرب حتى يكفر، فأنزل
الله تعالى: { وَاٍن جَاهَدَاكَ عَلَئ أَن تُشْرِكَ بِما مَا لَيْسَ لَلظ بِهِ عِلْغ فَلا تُطِعْهُمَا} (5) بيان شاف أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق.
وقوله: (فكانوا إذا أرادوا أن يطعموها شجوا (6) فاها بعصا ثم اوجروها) بالثن المعجمة بعدها جيم، أى فتحوه، وأدخلوا فيه العصا لئلا يعلقه حتى يوجروها الغذاء.
والوجور، بفتح الواو: ما صب من وسط الفم فى الحلق.
واللذوذ: ما صب من أحد جانبيه.
(1) 1 لأنفال: أ.
(4) يونس!.
"ا.
(2) ا لما ئد ة: 90.
(5) لقمان 150.
(3) فى هامش خط.
(6) فى خط: شجروا.
15 / ب
426 -
(7/425)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل سعد بن أبى وقاص...
إلخ أيْضًا: فَضَرَبَ بِهِ أنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ - وَكَانَ أَنْفُ سَعْد مَفْزُوزا.
45 - (2413) حديثنا زهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سفْيَانَ، عَن المقْدَام بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبيه، عَنْ سَعْد: فِىَّ نَزَلَتْ: { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدشْونَ رَئهُم بِالْغًدَاةِ وَالْعَشِي} (1).
قَالَ: نَزَلَتْ فِى سِتَّةٍ: أنَا وَابْنُ مَسْعُودٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ المُشْرِكُونَ قَالُوا لَهُ: تُلْنِى هَوُلاءِ.
46 - (... ) حل!ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه الأسَدِىُّ، عَنْ إِسْرَائيلَ، عَنِ المِقْدَام بْنِ شُرَيْح، عَنْ أبيه، عَنْ سَعْد، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ستَّةَ نَفَرٍ.
فَقَاًا لمُشْركُونَ لِلنَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ): اطرد هَؤْلاءَ لَايَجْتَرِئونَ غَلَيْنَا.
قَالَ: وَكنتُ أنَا وَابْنُ مَسْعُود، وَرَجُل مِنْ هُنَلْ!، وَبَلالٌ وَرَجُلانِ لَسْتُ أسمِّيهِمَأ.
فَوَقَعَ فِى نَفْسِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَاً شَاءَ اللّه أَنْ يَقَعَ، فَحَدَّثَ نَفْسَهُ، فَاثْزَلَ اللّه - عَزَّ وَجَلَّ -: { وَلا تَطْرُدِ الَذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيّ يُرِيدُونَ وَجْهَة}.
قال الأمام: (شجوا) أى فتحوا، ويقال: وجرته وأوجرته: إذا ألقيت الوجور فى فيه، وهو الدواء (2).
وقوله: (فأتيتهم فى حش): الحش: بستان النخل، وفيه لغتان (3) ؛ بضم الحاء وفتحها، ويقال فى جمعه: حشان.
قال ابن الأنبارى: والحش - أيضا (4) -: موضع الخلاء، وسميت حشا ؛ لقضاء حوائجهم فى البستان (ْ).
قال أبو عبيد: الحاش جماعة النخل، وهو البستان أيضا.
قال القاضى: ورواه بعضهم: (شحوا فاها) بحاء مهملة دون راء، ومعناه قريب من الأول، أى أوسعوه وفتحوه، والشحو: التوسع فى المشى، والدابة الشحواء: الواسعة الخطو.
قال ثعلب: يقال: شحا فلان فاه، وشحا فوه، يريد معدى ولازمأ.
وقوله: (ففزره - مخفف الزاى - وكان أنف سعد مفزورا) مخفف، بتقديم / الزاى على الراء فيها، أى مشقوقا.
(1) 1 لأنعام: 52.
(3) فى خط: لغات.
(5) فى خط: البساتن.
(2) فى خط: الثغاء.
(4) فى هام!خ!.
(7/426)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل طلحة والزبير...
إلخ
(6) باب من فضائل طلحة والزبير رضى اللّه تعالى عنهما
427
47 - (2414) حدّئنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى بَكْر المُقَدَّمِىُ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ البَكْرَاوىُّ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، قَالُوا: حدثنا المُعْتَمِرُ - وَهُوَ ابْنُ سُلَبْمَانَ - قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، قَالَ: لَمْ يَبْقَ مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَعْضِ تلكَ اللأيَّا أ الَتِى قاتَلَ فِيهِنُّ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) غَيْرُ طَلحَةَ وَسَعْد، عَنْ حَد!يثِهمَا.
48 - (2415) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدثنَا سُفَيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المن!دِرِ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: نَدَبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) الئاسَ يَوْم الخَنْدَق، فَانْتَدَبَ الزُّبْيرُ.
ثُمًّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزبيْرُ.
ثُمَّ نَدَبَهُمْ، فَانْتَدَبَ الزبيْرُ.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِكُل نَبِى حَوَارِىٌّ، وَحَوَارِىَّ الزبيْرُ ".
(... ) حدّثنا أبُو كُرَيْب، حَدثنَا أبُو اسَامَةَ، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ.
ح وَحَدثنَا أَبُو كُرَيْب ياِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، جَميغا عَنْ وَكِيع، حَدثنَا سُفْيَانُ، كِلاَهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدِرِ، عَنْ جَابِر، عَنِ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
بَمعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
وقوله: (ندب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الناس يوم الخندق فانتدب الزبير) ثلاث مرات، أى دعاهم ورغبهم فى بعض أمورهم، فأجابه الزبير.
يقال: ندبته للجهاد فانتدب، دعوته فأجاب والندب التحضيض والرغبة فى الشىء بسكون الدال.
قال الإمام: قال صاحب الأفعال (1): ندبتهم للحرب والاءمر: وجهتهم له، دإلى
ا لشىَ: د عو تهم.
وقوله: ا لكل نبى حوارى، وحوارى الزبير): اى خاصتى والمفضل عندى وناصرى.
قال الأزهرى: [ يقال لكل ناصر نبيه: حوارى، تشبيها بحوارى عيسى - عليه السلام.
قال ابن الأنبارى: وحوارى عيسى هم المفضلون عنده وخاصته.
وقال ا لاءزهرى] (2): الحواريون: خلصان (3) 1 لاءنبياء - عليهم السلام.
وتأويله: الذين
(1) فى ز: الأمثال، والمثبت من ح.
(2) سقط من ز، والمثبت من ح.
(3) فى ز: صلصال، والمثبت من ح.
428
(7/427)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل طلحة والزبير...
إلخ 49 - (2416) حدّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الخَلِيلِ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ مُسْهِو.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِوٍ عَنْ هشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ ال!هاّ ابْنِ الزبيْرِ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أبِى سَلَمَةَ يَوْمَ الخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ، فِى اطُم حَسَّانَ، فَكَانَ يُط فِىْ لِى مَرة فَا2 نْظُرُ، واطَأفِى لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ، فَكُنْتُ أَعْرِفُ أبِى إِذَا مَرَّ عَلَى فَرَسِهِ فِى السِّلاَح إِلَى بَنِى قرَيْظَةَ.
قَالَ: وَأَخْبَرَنِى عَبْدُ الله بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزبيْرِ، قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلكَ لأبِى.
فَقَالَ: وَرَأَيْتَنِى يَا بُنَىَّ ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَالَ: أَمَا وَالله، لَقَدْ جَمَعَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَئِذِ أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: (فَدَاكَ أبِى وَاُمِّى ".
(... ) وحدّثنا أَبُو كُرَيْب، حدثنا أبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ، عَنْ أَبيهِ، عَنْ عَبْد الله بْنِ الزبيْرِ، تَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الَخَنْدَقِ كُنْتُ أنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ فِى الأطُم الَّذَى فِيهِ النِّسْوَةُ - يَعْنِى نِسْوَةَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَسَاقَ الحَدِيثَ بمَعْنَى حَدمِيث ابْنِ مُسْهِرِ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الله بْنَ عُرْوَةَ فِى الحَدِيث وً لَكِنْ أدْرجً القِصَّةَ فِى حَدِيثِ هِشَامِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ الزبيْرِ.
أخلصوا واتقوا من كل عيب.
والدقيق الحوارى: الذى سُبك ونُخل، كأنه رجوع فى اختياره مرة بعد اخرى.
قال ابن ولاد: حوارى الرجل: خلصانه وخاصته.
ورجل حوارى: أى نظيف.
وسمى القصار حوارا ؛ لتنظيفه الياب.
قال الهروى: وسمى خبز الحوارى ة لأنه أشرف الخبز واْنقاه.
قال القاصْى: قد ذكرنا من هذا أول الكتاب كفاية وجمجع ما قيل فيه (1).
واختلف
فى ضبط الشيوخ فى الحرف الاَخر، فيروى: (وحوارى الزبير) بالفتح فى اخره وتشديده، وكذا (2) قرأته على أبى الحسين ووقفته عليه، فقال لى: هو مْل مصرجى.
قال أبو على الجبائى: وكذا ذكره على أبو مروان بن سراج منسوبا إلى حوار مخفف، وأكثرهم يضبطه: (وحوارى الزبير) بالكسر منسوبا إلى حوارى.
وأشبه ما يقال فى معناه هنا: الناصر، أو الخاصة، أو المفضل عنده، أو من يصلح للخلافة بعده، أو الصاحب والخليل، مما قيل فى معنى الحوارى.
(1) فى خ: فى معناه.
(2) بعدها فى!: فى.
(7/428)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل طلحة والزبير...
إلخ 429 50 - (2417) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَد، شَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَد - عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ عَلَى حِرَاَ، هُوَ وَأَبُو بَكرِ وَعُمَرُ وَعثمَانُ وَعَلِىٌّ وَطلحَةُ وَالزصّبيْرُ، فَتَحَرَّكَتِ الصَّخْرَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اً لله ( صلى الله عليه وسلم ): (اهْدأ، فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبِىّ أَوْ صِدِّيق أَوْ شَهِيد).
(... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزيدَ بْنِ خُنَيْسٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأزْدِىُّ، قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى اوَشْ!، حَدثنِى سُلَيْمَانُ بْنُ بِلال، عَنْ يحيى بْنِ سَعيد، عَنْ سُهَيْلِ ابْنِ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولً اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ عَلَىَ جًبَل حِرَاَ، فَتَحَرك.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اسْكُنْ حِرَاَُ، فَمَا عَلَيْكَ إِلا نَبىّ أَوْ صِدِّيق أَوْ شَهِيد)، وَعَلَيْهِ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِىّ وَطَلحَةُ وَالزوَديْرُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِى وَقَّاصِ رَضىَ الله عُنْهُم.
51 - (2418) حذثنا أَبُو بَكْرِ ثنُ ابى شَيْبَةَ، حدثنا ابْنُ نُمَيْرِ وَعَبْدَةُ، قَالا: حدثنا هِشَام!، عَنْ أَبيه، قَالَ: قَالَتْ لِى عَائِشَةُ: ابًواكَ - والله - مِنَ الَّنِينَ اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُولِ منْ بَعْد مَا أَصًابًهُمْ القَرح.
ويروى عن ابن عباس أنه اسم خاص للزبير دون غيره، خصه به - عليه الصلاة والسلام - كما خص أبا بكر بالصديق، وعمر بالفاروق.
وقوله: (فى اُطُم حسان) بضم الهمزة والطاء، قال الإمام: هو بناء مرتفع، وجمعه اطام، ومنه الحديث: (حتى توارت بإطام المدينة) يعنى أبنيتها المرتفعة.
قال القاضى: هو هاهنا الحصن، وجمعه اَطام بالمد، داطام بالكسر مثل آكام دإكام.
وقول مسلم فى حديث أبى كريب فى حدي يث الزبير بمعنى حديث ابن مسهر، ولم
يذكر عبد الله بن عروة أ فى، (1) الحديث ولكن أدرج القصة فى حديث هشام عن أبيه، يعنى أن فى حديث ابن مسهر قبله عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير، الحديث، إلى قوله: واخبرنى عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير، قال: فذكرت ذلك لاَبى، فقال: رائتنى يا بنى، الحديث.
ثم جاء بحديث أبى كريب عن أبى سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير أ بمعناه، يريد: ولم يذكر قوله:
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
430
(7/429)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل طلحة والزبير...
إلخ (... ) وحدّثناه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدءنَنَا أبُو أُسَامَةَ، حَدثنَا هَشَام!، بِهَنَا الإسْنَاد.
وَزَادَ: تَعْنِى أبَا بَكْرِ وَالزبيْرَ.
52 - (... ) حدّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَدُ بْنُ العَلاَء، حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ البَهِىِّ، عَنْ عرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ لِىَ عَائِشَةُ: كَانَ أَبًوَاكَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لله وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرح.
وأخبرنى عبد الله بن عروة عن عبد الله بن الزبير] (1) تمام الحديث، لكنه جاء به كله مدرجا فى حديث هشام بن عروة ومداخلاً فيه، كأنه من حديث هشام.
قوله: (كان على حراء): وحراء يذكر ويُؤنث، ويصرف ولا يصرف، مكسور الحاء ممدود، ووقع فى رواية السمرقندى مقصوراً وليس بشىء، وكذلك من رواه بفتح الحاء.
وهو جبل بمكة معروف.
وتحرك الجبل وكلام النبى - عليه الصلاة والسلام - وقوله: (اهدأ، فإنما عليك نبى
أو صديق أو شهيد) كله من اَيات نبوته وإخباره بالغيوب، وانخراق العادات له.
فكل من كان عليه بعد النبى والصديق ماتوا شهداء.
وفيه كرامة عطمة لهولاء الذين كانوا عليه معه، وهو أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وطلحة، والزبير.
وفيه أن من قُتل ظلمأ فى غير معترك شهيد، له اسم الشهيد وأجره، دإن لم يكن حكمه فى الصلاة والغسل حكمه.
وكذلك كان جميع هؤلاء عمر وعثمان وعلى، وكذلك الزبير قتل منصرفا تاركا للحرب، وطلحة كذلك انعزل عن الناس تاركا للقتال، فأصابه سهم فقتله، وكان على ذكَّرهُما أشياء بان لهما الخطأ فى قتاله، فانصرفا عن رأيهما فى ذلك.
والخبر لذلك معروف فيهما، وشعر طلحة مشهور.
وزاد فى الرواية الأخرى معهم: سعد بن أبى وقاص، فيكون تسميته شهيداً ة لأن النبى - عليه الصلاة والسلام - شهد له بالجنة، وهو أحد المعانى، كتسمية الشهيد شهيدا، وقد ذكرنا ذلك قبل هذا.
وأما الصديق فقيل: هو تابع النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقيل: هو فعيل من الصدق.
والتصديق المبالغة فى ذلك وقيل: من كثرة الصدقة.
وقول عائشة لعروة: (أبواك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح): فسره فى الحديث، يعنى ائا بكر والزبير ؛ لأن أمه أسماء بنت أبى بكر+
(1) من !.
(7/430)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل أبى عبيدة بن الجراح...
إلخ
(7) باب فضائل أبى عبيدة بن الجراح رضى الله تعالى عنه
431
53 - (2419) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِى شَيْبَةَ، حَد 8لنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالدٍ.
ح وَحَدثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد 8لنَا إسْمَاعيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، أخْبَرَنَا خَالدٌ، عَنْ أَبِى قلاَبَةَ، قَالَ: قَالَ أَنَسٌ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَ لِكُلِّ امَة أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا - ايّتهَا الا، مَّةُ - ابُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّل! ".
54 - (... ) حدَّثنى عَمْرٌ النَّاقدُ، حدثنا عَفَّانُ، حَدثنَا حَمَّادو - وَهُوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ ثَابت، عَنْ أَنَسِ ؛ أَنَّ أَهل اليَمَنِ قَد!مُوا عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالُوا: ابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً يُعًلِّمْنَا السّنًةَ وَالإِسْلامَ.
قَالَ: فَا"خَذَ بِيَدِ ابِى عُبَيْدَةَ فَقًالَ: (هَذَا أَمِينُ هَنِهِ الا، مَة).
55َ - (2420) حدَثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَدهَّلنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أً بَا إسْحَقَ يُحَدِّثُ عَنْ صلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُنَيْفَةَ، قَالَ: جَاءَ اهْلُ نَجْرَانَ إلَى رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالُوا: يَا رَسُولً اللّه، ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلاَ أَمِينًا.
فَقَالَ: ا لأبْعَثَنَّ إِلَيكمْ رَجُلاَ أَمينَاَ حَقَ أمين، حَق أَم!!ن).
قَالً: فَاسْتَشْرَفَ لَهَا الئاسُ.
قَالَ: فَبَعَثَ أبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرل!.
ًَ
(... ) حدَّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا أبُو دَاوُدَ الحَفَرِىُّ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ
أَبِى إِسْحَقَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَه.
قوله: (يإن أمن هذه الأمة أبو عبيدة) بالرفع على النداء، والاءعرف والاءفصح أن تكون فى موضع نصب على الاختصاص، حكى سيبوبه: اللهم اغفر لنا أيتها العصابة.
وتسميته أمينأَ وحق الأمانة الثقة بالشىء، ومنه ناقة أمون: أى وثيقة الخلق قد أمنت، وإن كانث الاَمانة من صفات (1) غيره من الصحابة، والنبى - عليه الصلاة والسلام - خص بعضهم بصفات كاذت الغالب عليهم، وكانوا بها أخص من غيرهم.
وقوله: (استشرف لها الناس): أى تطلعوا وتعرضوا لمن يظهر اتصافه بهذه الصفة بتوجيهه معهم، وحرص كل واحد أن يكون هو.
والاستشراف للشىء: التعرض له، وأصله من الارتفاع والعلو، وكأنهم رفعوا رؤوسهم لذلك، كما قال عمر فى الحديث المتقدم فى فضالْل على: (فتطاولت لها).
(1) فى خ: صفة.
432
(7/431)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل الحسن والحسين رضى الله عنهما
(8) باب فضائل الحسن والحسين رضى الله عنهما
56 - (2421) حدّثنى أَحْمَدَ بْنُ حَنْبَل، حدثنا سُفْيَان بْنُ عُيَيْنَة، حَدثَّنِى عُبَيْد
الله بْنُ أَبِىِ يَزِيد، عَنْ نَافِع بْن جُبَيْر، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قاَلَ لِحَسَني: (اَللّهُمَّ، إِنِّى أُحِبُّهُ، فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ لما.
57 - (... ) حلّثنا ابْنُ ابِى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ ابى يَزِيدَ، عَنْ ناَفِع بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطعبم، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ، قاَلَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى طَائفَة منَ النَّهارِ، لا يُكَلِّمُنِىَ ولا كُلًّملهُ، حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِى قَيْنُقَاعَ، ثُمَّ انصَرَفَ.
حَتَّىَ أً تَى خبأَءَ فَاطمَةَ فَقاَلَ: (أَئَمَّ لُكَعُ، أَئَمَّ لُكَعُ ؟) يَعْنِى حَسَنأ.
فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّما تَحْبسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلًهُ وَتُلبِسَهُ سخَابأ.
فَلَمْ يَلبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى، حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِد مِنْهُماَ صَاحِبَهُ.
فَقاَلَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): " اللَّهُمَّ، إِنِّى احِبُّهُ، فَاع حِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ).
"
58 - (2422) حلّثنا عُبَيْدُ الله ثنُ مُعَاذ، حدثنا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدئّ - وَهُوَ ابْنُ ئاَبت - حَد، شا البَرَاءُ بْنَُ عَازِب، قاَلَ: رَأيْتُ الحَسَنَ بْنَ عَلِىٍّ عَلَىَ عَاتِقِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، َ وَهوَ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، إِنِّى أُحِبُهُ فَا"حِبَّهُ لما.
وقوله: (أتى خباء فاطمة): يعنى منزلها وحجرتها.
وأصله: بيت من بيوت الأعراب، ثم استعمل فى غيره ة لأن هذا إنما كان فى المدينة.
وقوله: (أثم لكع، أَثم لكَع): يعنى حسنا، قال الإمام: قال الهروى: سئل
بلال بن جرير عن اللكع فقال: هو فى لغتنا: الصغير.
قال الأصمعى: الأصل فى لكع من الملاكيع، وهى التى تخرج مع السلاء على الولد.
وفى حديث الحسن انه قال لإنسان: يا لكع، يريد: يا صغير العلم.
قال القاصْى: قيل: اللكع هنا الصغير فى لغة تميم، وهى كلمة تستعمل للتحقير والتجهيل.
واللكع: العبد والوغد من الرجال والقليل العقل، ويقال للأنثى: لكاع، مكسور.
ويشبه أن يكون أراد النبى فى الحسن بن على ذلك، على طريق الممازحة، وبمعنى ما
فى الصبيان من نقص العقل والإدراك، كما يقال له: يا أحمق، ليس على سبيل السب
(7/432)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل الحسن والحسن رضى الله عنهم الم 4 59 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار وَأَبُو بَكْرِ بْنُ ناَفِعٍ.
قاَلَ ابْنُ ناَفِعِ: حدثنا غُنْدَر، حَد، شاَ شُعْبَة، عَنْ عَدىٍّ - وَهُوَ اً بْنُ ثاَبِمت - عَنِ البَرَاء، قاَلَ: رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَاضِعًا الحَسَنَ بْنَ عَلىٍّ عَلَى عَاتِقِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللّهُمًّ، إِنِّى احِبّة فَاع حِتهُ لما.
60 - (2423) حدّثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ الرُّومِىِّ اليَمَامِىُّ وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظِيم العَنْبَرِىُّ.
قاَلاَ: حدثنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا عِكْرِمَةُ - وَهُوَ ابْنُ عَمَّار - حَد"شا
ولكن تدليلاً وتعليلاً، وقد يكون على القلب، ويريد: يا سيد يا شريف، كما سميت الجميلة شوهاء، وسموها قبيحة.
وقالوا للغراب أعور ة لحدة بصره.
وقال الهروى: ما قاله فى تأويل قول الحسن فليس بشىء ؛ لأن الحسن لم يرد بذلك إنسانا معينأَ / ! إنما قاله فى وعظه يخاطب المطرف من الناس، والمقصر المتمنى على الله ونحو هذا، فتشبه بقوله هذا، وصغَّر له نفسه.
واللكع: الوغد أو الأحمق، كأنه قال له: أ يا وغد، يا أحمق] (1)، كأنه يخاطبه.
وقوله: (فظننا أنّ أمه (2) تحبسه لأن تغسله وتلبسه سخابا): السخاب: خيط فيه خرز، ينظم فى اعناق الصبيان والجوارى، وقيل: هو من العود، وقيل: سمى سخابا لصوت خرزه عند حركتها، واصطكاكها، من الصخب وهو اختلاط الأصوات، يقال بالسيئ والصاد.
قيل: ولهذا يلبسه الصبيان الصغار، تشغلهم صوتها وتلهيهم اللعب بها عن غيره، وقيل: الصخاب: ما اتخذ من القلائد من القرنفل والمسك دون الجواهر.
فيه استحباب النظافة والتجمل فى جميع الأمور، لا سيما للقاء من يكبر ويعظم، وتنظيف الصبيان وتربيتهم، وجواز لبسهم القلائد والسخب والعود.
وقوله: (فجاء حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه) وفى الحديث الاَخر: (رأيته واضعأَ الحسن بن علىّ على عاتقه).
فيه ماً كان - عليه السلام - من حسن الخلق والعشرة والتواضع، وحبه للحسن وحمله له، ورحمته للصبيان والرجال.
وقد اختلف العلماء فى معانقة الرجال للسلام، فلم يره مالك، وقال: هو بدعة،
وراَه سفيان وغيره.
واحتج بفعل النبى - عليه الصلاة والسلام - ذلك لجعفر.
فقال مالك: هو خاص له، وقال سفيان: ما يخصه يعمنا، فسكت مالك، وسكوته دليل على ظهور قول سفيان له وتصويبه وهو الحق، حتى يدل دليل على تخصيص (3) جعفر بذلك.
(1) فى ح: يا أحمق، يا وغد.
(2) فى ز: منه، والمثبت من ح، وهو الصواب.
(3) فى ح: اختصاص.
16 / ب
17 / ءا
434
(7/433)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل الحسن والحسن رضى الله عنهما إياسٌ عَنْ أبيه، قالَ: لَقَدْ قُدْتُ بنَبِىِّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ بَغْلَتَهُ الشَهْباءَ، حَتَّى أدَخَلتُهُمْ حُجْرً ةَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، هَنَا قُدَّامَهُ، وَهَذَا خَالفَهُ.
وقوله: (رأيت النبى - عليه الصلاة والسلام - واضعا الحسن بن علىّ على عاتقه): العاتق: من المنكب إلى العنق، وقيل: موضع الرداء من المنكب، وهما بمعنى.
فيه حمل الأطفال على الطهارة إلا ما شوهد عين النجاسة فيهم، كما حمل أمامة فى الصلاة، وقد يعرف الطفل إذا حمل، ويصيب بعض جسده من بصاقه ورطوبات وجهه مما يبل ثيابه، فلم يأت عن السلف التحفظ من ذلك ولا الوسوسة فيه.
واستحب مالك[ لاَمه] (1) أنْ تصلى فى غير الثوب الذى تربيه فيه ة لأن ذلك بكثرة ملازمته لها لا يخلو أن يصيبه شىء من أقذار، فإن لم تجد غيره صلت فيه ودرأت عنها النجاسة ما استطاعت، يعنى ما شاهدته وتحققته.
وقوله: (اللهم، إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه): حب ال بيت النبى - عليه الصلاة والسلام - واجب على الجملة، ويختص منهم من حض النبى على حبه، ودعا بحب الله له، وحب من أحبه درجة جعلها الله لمن أحبهم حقيقة حبهم، ولعن من يبغضهم ويعاديهم، وقد ظهرت إجابة هذه الدعوة وبركتها فيه بحقن دماء الأمة بسببه، وتنزهه عن عرض الدنيا وفتنتها، وتسليمه ما يمكن له من الخلافة والملك، حذار الفتنة (2) وحيطة على الأمة ونظراً لدينه.
وقوله: ا لقد قُدْتُ بنبى الله - عليه الصلاة والسلام - والحسن والحسن بغلته، هذا قدامه، وهذا خلفه): دليل على جواز ركوب ثلاثة على دابة إذا لم يقدحها، ورد على من كره ذلك جملة، صإنما يكره إذا لم تتحمل ذلك الدابة، كما يكره من حمل اْقل من ذلك إذا قدحها.
وعلى هذا يحمل / الحديث الوارد فى النهى عن ركوب أكثر من اثنين على الدابة، وما روى عن على وغيره فى مغ ذلك.
(1) من خ.
(2) فى كأ: لنفسه، والمثبت من ح.
(7/434)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل أهل بيت النبى ( صلى الله عليه وسلم )
(9) باب فضائل أهل بيت النبى عقيدطاّ
435
61 - (2424) حدّثنا أَبُو بَكْر بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قاَلا: حدثنا مُحَمًّدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ زَكَريَّاءَ، عَنْ مُصْعَبِ بْن شَيْبَةَ، عَنْ صَفِيَّة بنْت شَيْبَةَ، قاَلَتْ: قاَلَتْ عَائشَةُ: خَرَجَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْط!مرَحَّل، مِنْ شَعْر أَسوَدً، فَجَاءَ الحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَ جَاءَ الحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَ جَاءَتْ فَاطمَةُ فَ الخَلَها، ثُمَّ جَاءَ عَلِى فَ الخَلَهُ، ثُمَّ قاَلَ: { إِنَّمَا يُرِيد اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلً الْبَيْتِ وَيطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1).
وقوله: (وعليه مرط مرحل) بالحاء، كذا عند الخشنى والصدفى من شيوخنا، وعند الاَسدى بالجيم.
قال الإمام: المرط: كساء، وجمعه مروط.
والمرحل، بالراء والحاء المهملتين: الموشى بذلك ة لاَد! عليه صور الرحال أو صور المراحل، ويقال: (المراجل) بالجيم.
قال الق الى: سمى بذلك لأنّ فيه صور الرحال، أو صور المراجل وهى القدور.
ويقال: له ثوب مراجل مضاف وثوب ممرجل.
وقال صاحب الين: ابراجل: ثياب وقد تقدم فى كتاب اللباس.
والرجس فى هذا الحط يث فى!و!هـ: { إِنَّمَا يرِيد الالَّهُ لِيُنْ!بَ عَنكُمُ الزِجْسَ أَهْلَ الت} قيل: الشك: ويقع - أيضا - على الكفر وعلى العمل الذى يؤدى إلى العذاب، وعلى اللعنة والعذاب، وعلى الماَثم، قال الأزهرى: والرجس: اسم كل ما يستقذرمن عمل.
(1) 1 لأحزاب: 33.
436
(7/435)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة...
إلخ
(10) باب فضائل زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضى الله عنهما
62 - (2425) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدّث!أَ يَعْقُوبُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ القاَرِىُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَاِلم بْنِ عَبْدِ اللّه، عًنْ أبيه ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَاكُنَّا نَدْعُو زَيْدَ ابْنَ حَارِثَةَ إِلا زَيْدَ بْنَ مُحَمَّد، حَتَى نَزَلً فِى القُراًنِ: { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ ا السَطُ عِندَ اللَّهِ} (1).
ً
قاَلَ الشَّيْخُ أبُو أحْمَدَ مُحَمَدُ بْنُ عيسَى: أخْبَرَناَ أَبُو العَبَّاسِ السَّرَّل وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
اللّه بْنِ يُوسُفَ الدُّوَيْرِىُّ، قاَلا: حَدثناَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، بِهَنَا الحَديث.
!َ!، َ وَّمَم!، َ مَمرَ، َ !دَممر!
(... ) حدثنى أحمد بن سعيد الدارِمِى، حدثنأ حبان، حدثنأ وهيْب، حدثنا موسى
ابْنُ عُقْبَةَ، حَدثنِى سَاِلئم، عَنْ عَبدِ أللّهِ.
بِمِثْلِهِ.
63 - (2426) حدَّثنأ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَيَحْيَى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ
قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا.
- وَقَالَ الاَخَرُونَ: - حَدثنَأ - إِسْمَاعيلُ - يَعْنُونَ ابْنَ جَعْفَرٍ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دينَأر ؛ أنَّهُ سَمعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَعْثًا، وأَمَّرَ عَلَيْهِمْ اسَامَةَ بْن زَيْد، َ فَطًعَنَ النَّاس فِى إمْرَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فًقَالَ: (إِنْ تَطعَنُوا فِى إِمْرَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُئم تَطعَنُونَ فِى إِمْرَةِ أبَيهِ مِنْ قَبْلُ.
وَايْمُ ال!هَِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًأ
وقوله: (ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل: { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ
فوَ اً قْسَطُ عِندَ اللَّهِ} ): هذا لأن النبى - عليه السلام - [ كان] (2) تبتاه، وكانت العرب تفعل ذلك، تبنى الرجل مولاه أو الرجل من غير قومه، فيكون ابنا له، يواريه ويُنسب إليه، كما تبنى الأسود بن عبد يغوث مقداد بن عمرو، فكان يقال له: المقداد بن الاَسود.
وقد غلب ذلك عليه إلى الان عند الناس إلى أن نزلت الآية، فرجع كل أحد إلى نسبه، إلا مَنْ لم يكن له نسب معروف فرجع إلى مواليه كما قال تعالى: { فَاِن ! تَعْلَمُوا اباعَ!م} الاَية.
وتقدم تفسير قوله: (وايم الله ".
وقوله: (إنه لخليق للإمارة): أى حقيق بها ومستوجب لها.
فى هذا كله جواز
(1) 1 لأ حزاب: ه.
(2) من خ.
(7/436)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل زيدبن حارثة وأسامة...
إلخ كل4 للإِمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ، بَعْدَهُ لا.
64 - (... ) حدَّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، حَدثنَا أَبُو اسَامَةَ عَنْ عُمَرَ - يَغنِى
ابْنَ حَمْزَةَ - عَنْ سَالِبم، عَنْ ابيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ - وَهُوَ عَلَى المنْبَرِ -: " إِنْ تَطعَنُوا فِى إِمَارَته - يُرِيدُ اسَامَةً بْنَ زَيْد - فَقَدْ طَعًنْتُمْ فى إِمَارَة ابيه مِنْ قَبْلَه.
وَايْمُ الله، إِنْ كَانَ لَخَليقًا لَهًا.
وَايْمُ الله، إِنْ كَانَ لأحَبَّ النَّاسِ إلَىًّ.
وَايْمُ اَللّهَ، إِنَّ هَذَاَ لًهَا لَخَليقٌ - يُرِيدُ أُسَامَةً بْنَ زَيْد.
وَايْمُ اَدلهِ، إِنْ كَانَ لأحَبَهُمْ إِلَىًّ مِنْ بَعْد 5ِ، فَ الوصِيكُمْ به، فَإنهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ).
ًً
إمارة المولى وقضائه، وتقديمه على العرب وغيرهم ة ولهذا كان يطعن عليها، ولصغر سن أسامة، فإن النبى - عليه الصلاة والسلام - توفى وهو ابن ثمانى عشرة سنة.
وقيل: ابن عشرين.
وفيه جواز تقديم المفضول على الفاضل فى الإمارة والخلافة، وقد قدمنا ذلك، وإن
كان الحال إذا لم يدع إلى ذلك ضرورة، ولا نظر يقتضى تقديم الأفضل والاءسن.
فقد فعل النبى - عليه الصلاة والسلام - هذا فى هذه القصة وغيرها لمعنى رآه من مصالح الأمة وليبين جواز هذا ويوسع فيه على أمته.
وقوله: (إن تطعنوا فى إمرته، فقد طعنتم فى إمرة أبيه من قبل): كذا ضبطناه
هنا بكسر الهمزة، وفى الرواية الأخرى: (إمارته) وهما بمعنى، وقال أبو عبيد: يقال: على القوم أمرة مطاعة، بالفتح، كأنها الفعلة الواحدة والمرة المخصوصة من الأمر من ذلك.
قال العتبى: لك على امرة مطاعة، بالفتح، يريد: المرة الواحدة من الأمر، فأما ا لإمرة، با لكسر، فا لولاية.
438
(7/437)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل عبد الله بن جعفر رضى الله عنهما
(11) باب فضائل عبد الله بن جعفر رضى الله عنهما
65 - (2427) حدّثنا ابُو بَكْرِ بْنِ ابِى شَيْبَةَ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَبيب
ابْنِ الشَّهِيد، عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ، قاَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ لابْنِ الرئيْرِ: أتَذْكُرُ إِذَ تَلَقَّيْنا رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، َ أنَا وَانتَ وَابْنُ عَئاسٍ ؟ قاَلَ: نَعَمْ.
فَحَمَلَنا، وَتَرَكَكَ.
(... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنا أبُو أَسَامَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشئَهِيد.
بمثْلِ حَلِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ.
! إِسْناَ!هِ.
ًَ 66 - (2428) حدّثنا يحيى بْنُ يَحْيىَ وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - وَاللَفْظُ ليَحْىَ - قأَلَ
أَبُو بَكْرٍ: حَد 8شا.
وَقأَلَ يحيى: أخْبَرَنا - أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَلِ عَنْ مُوَرِّقٍ اْلعِجْلِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قاَلَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُفىَ بِصبْياَنِ أهْلِ بَيْته.
قأَلَ: وَإِنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَر فَسُبقَ ! إلَيْه.
فَحًمَلَنِى بَيْنَ يَلَيْهِ، ثُمَّ جِىءَ بِأحَدِ ابْنَىْ فَأطِمَةَ، َ فَا"رْدَفَهُ خَلفَهُ.
قاَلَ: فَ الدْخًلنا المَلِينَةَ، ثَلَاتَةً عَلَى دَابَّةٍ.
67 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الرَّحيمَ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ عَاصِمٍ، حَدثَّنِى مُوَرِّق!، حَدثنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَر.
قأَلَ: كَانَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ تُلُقِّىَ بنا.
قاَلَ فَتُلُقِّىَ بي وَبالحَسَنِ أوْ بالحُسَيْنًِ.
قأَلَ: فَحَمَلَ أحَدَنا بَيْنَ يَدَيْه وَالاَخَرَ خَلفَهُ، حَتَّى دَخَلنا المَلِينَةَ+
68 - (2429) حدّثنا شَيْباَنُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا مَهْدىُّ بْنُ مَيْمُون، حَدثناَ مُحَمَّدُ بْنُ
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ عَنِ الحَسَنِ بْنِ سَعْد - مَوْلَى الحًسَنِ بْنِ عَلِىٍّ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قاَلَ: أَرْدَفَنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ذَ ال يَوْمٍ خَلفَهُ، فَاع سَرَّ إلىَّ حَدِيثًا، لا احَدِّثُ بِهِ أحَدًا مِنَ الئاسِ.
وقوله: فى حديث أبى بكر بن أبى شيبة: قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير: (أتذكر إذ تلقانا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، أنا وأنت وابن عباس، فحملنا وتركك): كذا هنا، وظاهره أن قائل هذا ابنُ الزبير، وأن ابن جعفر المتروك، ونحوه فى مسند ابن أبى شيبة،
(7/438)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل عبد الله بن جعفر رضى الله عنهما 439 لكن البخارى والنسائى ذكرا الخبر على خلاف هذا مما هو الأشبه، وأن القائل أولا: (أتذكر إذ تلقينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) إنما هو ابن الزبير، ويكون القائل / له: (نعم، فحملنا وتركك) ابن جعفر، ويدل صحته ما ذكر مسلم بعده من الأحاديث عن عبد الله ابن جعفر فانظرها، دإن لم يكن فيها لابن الزبير ذكر.
17 / ب
440
(7/439)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل خديجة
.
إلخ
(12) باب فضائل خديجة أم المومنين رضى الله عنها
69 - (2430) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُالله بْنُ نُمَيْرٍ وَأبُو اسَامَةَ.
ح
وَحدثنا أَبُو كُرَيْب، حدثنا ابُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْوٍ وَوَكِيع وَأَبُو مُعَاويَةَ.
ح وَحَدَّثَنا إسْحَقُ ابْنُ إٍ برَاهِيم، أَخبَرً نا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمانَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ - وَاللَفْظُ حَلِيثُ أبِى اسَامةَ.
ح وَحَدثناَ أَبُو كُرَيْب، حدثنا أَبُو اسَامَةَ، عَنْ هِشَام عَنْ أبيه، قاَلَ: سَمعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَر يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيا بالكوفةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولً الَده ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (خَيْرُ ثِسَائِها مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَخَيْرُ نِسًائِهاَ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ لما.
قاَلَ ابُو كُرَيْب: وَاشَارَ وَكِيع إِلَى السَّمَاءِ وَالاع رْضِ.
70 - (2431) وحل!ثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قاَلا: حدثنا وَكِيع.
ح
وَحدثنا هُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار.
قاَلا: حَد"ننا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، جَمِيعًا عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَد، شاَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىّ - وَاللَّفْظ لَهُ - حَدثناَ أبى، حَلّثناَ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ ألِىً مُوسى، قاَلَ: قأَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثيز، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ الئسَاء غَيْرَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ واَسِيَةَ امْرَأةِ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عًلَى النِّسَاَِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عًلَى سَائِرِ الطَّعاَم).
قوله: (خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة) وأشار وكيع إلى السماء والاَرض، كأنه يفسر ضمير الهاء فى (نسائها)، أنه يريد الدنيا والأرض، وذكره لهما بذلك يحتمل أن يريد أن كل واحدة خير نساء أهل الأرض فى وقتها، أو أنها من خير نسائها وأفضلهن، وان كانت المزايا بعد بينهما وبين غيرهما ممن هو خير النساء متفاضلة.
وقوله: " كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا اَسية أمرأة فرعون ومريم
بنت عمران): يستدل به من يقول بنبوة النساء ونبوة اَسية ومريم، والأكثر على أنهما صدّيقتان ووليتان من أولياء الله تعالى، والكمال المتناهى للشىء وتمامه فى بابه.
والمراد هاهنا: التناهى فى جو الفضائل وخصال البر والتقوى.
يقال منه كمَل وكمُل، بالفتح والضم، وليس يشعر الحديث بأنه لم يكمل ولا يكمل ممن يكون فى هذه الأمة غيرهما.
فإذا قلنا بنبوتهما أو سلمنا ذلك لقائله، فلا شك أنه لا يلحق درجتهما فر، النبوة غيم هما،
(7/440)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل خديجة...
إلخ
441
71 - (2432) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب وَابْنُ نُمَيْر، قاَلُوا: حَدةَشا
ابْنُ فضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، قاَلَ: سَمِعْتُ أَباَ هُرَيْرَةَ قاًلَ: أَنَى جبْرِيلُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فقاَلَ: ياَ رَسُولَ الله، هَذه خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ، مَعَهَا إِناَء! فيهِ إِدَام أَوْ طَعاَم أَوْ شَرَاب!، فَإِذَا هِىَ أَتَتْكَ فَاقْرَا عَلَيهاَ السًّلَامَ مِنْ ربِّها - عَزَّ وَجَلَّ - وَمِنًّى، وبَشِّرْهَا بِبَيْت فِى الجَنَّةِ مِنْ قَصَب، لا صَخَبَ فِيهِ وَلانَصَبَ.
قًاَلَ أَبُو بَكْر فِى رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
وَلَمْ يَقُلْ: سَمِعْتُ.
وَلَمْ يَقُلْ فِى الحَدِيثِ: وَمِنِّى.
72 - (2433) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حَد 4شا أَبِى وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ
! إذا قلنا: إنهما صدَيقتان، لم يمنع أن يكمل من هذه الأمة غيرهما.
وقوله: (وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) (1) لسرعة إساغته والاستلذاذ به دإشباعه، وتقديمه على غيره من الاَطعمة التى لا تقوم مقامه، وليس فى هذا نص بتفضيلها على من ذكر من مريم واَسية، ويحتمل أن المراد نساء وقتها اْو مثلها، وليس فيه ما يشعر بتفضيلها على فاطمة، إذ قد يكون تمثيل تفضل فاطمة لو مثلها بما هو أرفع من هذا، وبالجملة بيّن هذا الحديث أن عائشة مفضلة على النساء تفضيلأ كثيرا، وليس فيه عموم جميع النساء.
وقوله فى فاطمة: " سيدة نساء أهل الجنة) (2) أعم وأظهر فى التفضيل، والله أعلم.
وقوله فى خديجة: (بشرها فى الجنة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب)،
قال الإمام: قال الهروى: ببيت من فضة، هو فى الحديث: ا لؤلؤ مجوف[ واسع] (3) كالقصر المنيف).
والصخب: الصوت المرتفع، وأيضا اختلاط الأصوات.
والنصب: المشقة والعَناء والتعب، وفيه لغتان: نمحب ونصَب، مثل حَزُن وحَزَن.
قال صاحب الا"فعال: نَصِب الرجل، بفتح النون وكسر الصاد، إعياءً من التعب.
قال القاضى: قيل: المراد بالبيت[ هنا] (4): القصر.
يقال: هذا بيت فلان،
أى قصره، قاله الخطابى.
والقصب قصب اللؤلؤ، ما استطال منه فى تجويف.
يقال لكل مجوف قصب، وقد جاء فى الحديث مفسها[ فى] (ْ) بيت من لؤلؤ محباة.
قال ابن وهب: أى مجوفة.
قيل: أراد محوبة، فقدم الباء وأخر الواو وائدلها ألفا.
(1) حديحث رقم (89) من ا أحاب اد ال!ا.
(3) فى هامش ح.
لم ا لأ!ءَال!ير.
! أس - قم (98، 99) من هذا الكتاب.
ا،، - +ءش اظ لم ت أ -، والمثبت من ح.
442
(7/441)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل خديجة...
إلخ
العَبْدِىّ عَنْ إِسْمَاعيلَ، قاَلَ: قُلتُ لِعَبْد اللهِ بْنِ أَبِى أَؤفَى: ممأنَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَشَّرَ خَديجَةَ بِبَيْت فِى الَجَنَةِ ؟ قاَلَ: نَعَمْ، بًشًّرَهَا بِبَيْتٍ فِى الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فِيهِ وَلاَنَصَبَ.
(... ) حلّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنأ أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَد، شا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، شا وَكِيع.
ح وَحدثنا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَأ المُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمْانَ وَجَرِير!.
ح وَحدثنا ابْنُ أَبى عُمَرَ، حدثنا سُفْيَانُ، كُلّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أبِى خَالِد، عَنِ ابْنِ أَبِى أَوْفَى، عَنِ النَّبَىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بَمِثْلِهِ.
73 - (2434) حدّثنا عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: بَشَّرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) خَديِجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِد بِبَيْت فِى الجِئةِ.
74 - (2435) حدّتنا أبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَا شَا أبُو اسَامَةَ، حَدثنَا هشَائم،
عَنْ أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا غِرْتُ غَالَى امْرَاة مَا غِرْتُ عَلَى خَديِجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَت قَبْلَ أَنْ يَتزَوًّ جَنِى بِثَلاثِ سِنِينَ ؛ لمَا كنْتُ أسْمَعُهُ يَذْكُرُهَأ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أنْ يُبَشَرهَأ بِبَيْت مِنْ قَصَب فِى الجًنَّةِ، داِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلائِلِهَا.
75 - (... ) حل!ثنا سَهْلُ بْنُ عث!انَ، حَا شَا حَفْصُ بْنُ غيَاث، عَنْ هِشَام بْيق عُرْوَةَ،
عَنْ ابيه، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى نِسَاءِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) إلاكَلَى خَدِيجَةَ، وَإِنَى لَمْ أدْ رِكْهًاَ.
17 / ب
وقال بعض أصحاب المعانى: معنى قوله: ا لا صخب فيه): أى لا منازعة، وأنه مخصوص بهما لا يشاركها فيه غيرها فينازعها، فيفضى ذلك إلى الصخب.
وقيل فى قوله: (ولا نصب): أى لم تجازيه لنصبها قى العبادة والعمل لله، لكن فضل من الله وزيادة بعد ما أثابها على أعمالها.
والمعنى الأول أظهر.
وقوله: " وإن كان ليذبح الشاة فيهدئ لخلائلها): أى لصواحبها وأصدقائها، جمع خليلة، كما جاء مفسرا فى / الحديث الآخر: (أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ".
واكدة: الص!داقة.
فالخل والخلة والخليل الصديق.
(7/442)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل خديجة...
إلخ
443
قَالَتْ.
وَكَانَ رَسُولُ الله كله إِذَا ذَبَحَ الشَّاةَ فَيَقُولُ: (أَرْسِلُوا بِهَا إِلَى اصْدِقَاءِ خَديِجَةَ".
قَالَتْ: فَأَغْضَبْتُهُ يَوْمًا، فَقُلتُ: خَدِيجَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنِّى قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا لما.
(... ) حدّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَأَبُو كُرَيْب، جَميعًا عَنْ أَبِى مُعَاوِيَةَ، حدثنا هِشَامٌ، بِهَذَا الإِسْنادِ، نَحْوَ حَدِيثِ أَبِى اسًامَةَ، إِلَى قِصًّةِ الشًّاةِ.
وَلَمْ يَذْكُرِ الزَيادَةَ بَعْلَ!ا.
76 - (... ) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الرفرِىِّ،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَتّ: مَا غِرْتُ للِنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى امْرأَة مِنْ نسَائه، مَا غِرْتُ عَلَى خَديِجَةَ ؛ لِكَثْرَةِ ذِكْرِهِ الَّاهَا، وَمَا رَأيْتُهَا قَط.
77 - (2436) حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الررأقِ، أُخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمًْ يَتَزَوجَّ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى خَديِجَةَ حتَى مَاتَتْ.
78 - (437 2) حدثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبِي!
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: اسْتأذنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ - اخْتُ خَديِجَةَ - عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
وقوله: فارتاح لها، وقال: (اللهم هالة بنت خويلد): أى هش لبرها، ونشطت نفسه سرورا بها، وفى هذا كله منه - عليه الصلاة والسلام - حسن عهد، وحفاظ على رعاية حق خديجة، وبرها وودها بعدها، وهو من حسن الإيمان.
وقول عائشة: (فغرت وقلت: ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين) إشارة الى كبر سنها، ومبالغة فى ذلك، أى: إنها قد سقطت أسنانها من الكبر، فلم يبق لشدقيها بياض إلا حمرة لثاتها.
قالته لما طبع عليه نساء البشر من الغيرة.
قال الطبرى وغيره: الغيرة من النساء مسموح لهن فيها، وغير منكر من أخلاقهن،
ولا معاقب لها ؛ لما جبلن عليه من ذلك، وائهن لا يملكن ائفسهن عندها، ولهذا لم يزجر النبى - عليه الصلاة والسلام - عائشة ولا رد عليها.
وقد روى عن النبى عليه الصلاة والسلام: أن الغيراء لا تدرى أعلى الوادى من أسفله، وعذرها لما علم من فطرتها على ذلك، وشدة غيرتها.
444
(7/443)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل خديجة...
إلخ
فَعَرتَ اسْتِئْذَانَ خَديِجَةَ، فَارْتَاحَ لِنَلِكَ.
فَقَالَ: (اللّهُمَّ، هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد لما، فَغِرْتُ، فَقُلتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائزِ قُرَيْش، حَمْرَاءِ الشِّلْقيْنِ، هَلَكَت فِى الئَ!رِ، فَا"بْدلَكَ الله خَيْرًا مِنْهَا.
قال القاصْى: وذلك عندى من عائشة - أيضا - مع صغر سنها وأول حالها وسورة تشبيهها، ولعلها كانت حينئذ لم تبلغ، والله أعلم.
(7/444)
كتاب فصائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ
445
(13) باب فى فضل عائشة رضى الله تعالى عنها
79 - (2438) حدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَأَبُو الرئيع، جَمِيعًا عَنْ حَمَّاد ثنِ زَيْد - وَاللَّفْظُ لأبِى الرَّبِيع - حَدثناَ حَمَّاد، حَدثناَ هشَام، عَنْ ابِيهِ، عَنْ عَائشَةَ ؛ انَهًقاَلَتْ: قَاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أُرِيثُك فى المَنَام ثَلاثَ لَيَاَل، جَاءَنِى بِكِ المَلَكُ فِى سَرَقَة مِنْ حَرِيرِ.
فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتْكَ، فَاكشَفُ عَنْ وَجْهِكِ، فإِذَا أَنْتِ هِىَ.
فَاع قُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللّهِ، يُمْضِهِ لما.
! ه،، ص ص نص 5، 5 ص ص ص مما،،، صح ص ممتص، ص ص ص
(... ) حدثنا ابن نميرٍ، حدثنا ابيق إِدرِش!.
ح وحدثنا ابو كريبِ، حدثنا ائو اسأمة، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ، بِهَنَا الإِسْنادِ، نَحْوَه.
80 - (2439) حدثنا ابُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، قاَلَ: وَجَدْتُ فِى كِتَابِى عَنْ ايِى اسَأمَةَ: حَدثناَ هِشَام!.
ح وَحدثنا ابُو كُرَيْبٍ مُحَمًّدُ بْنُ العَلاءِ، حدثنا ابُو اسَأمَةَ، عَنْ هِشَامِ، عَنْ قوله لعائشة - رضى الله عنها -: (أرأيتك فى المنام ثلاث ليال - وعند البخارى: مرتين (1) - جاءنى بك الملدً فى سرقة من حرير، [ فقلت] (2): إن يك هذا من عند الله يمضه)، قال القاضى: يحتمل قوله: " إن يك هذا من عند الله) أى رؤيا حق وقبل النبوة.
وقبل: تخليصه أحلامه من الاَضغاث، دإن كانت بعد النبوة فلها ثلاث معان: إحداها: أن يكون مراده أن تكون الرؤيا على وجهها.
وقول الملكً: هذه امرأتك
غير معبرة، فسيمضيه الله وينفذه، ويكون شكه فى هذا هل هى رؤيا تعبر أو هى على وجهها لا تحتاج إلى عبارة، كما كانت.
الثانى: أن يكون هذا فى الدنيا، ويكون شكه من هذا، وأنها من نسائه فى الآخرة، والثالث: لم يشك، ولكنه أخبر على التحقيق، وجاء بصورة الشك.
كما قال: أ أنت أم أم سالم، وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة، يسميه أهلها: تجاهل العارف، وسماه بعضهم: مزج الشك باليقين، وعليه حمل بعضهم قوله تعالى: { فَمادْ كُنتَ فِي شَلث مِمَّا أَنزَلْنَا اٍلَيْكَ فَادْئَلِ الَّذينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِك} (3)، وقوله: { لَ!إنا أَوْ اٍيَّاكُمْ لَعَالَئ هُدً ى أَوْ فِي ضَلال مبِين} (4)، وقوله: { وَاِنْ أَدْرِي لعَلَّهُ فِتْنَةً لَّكُمْ وَمَتَاعْ إِلَئ حِين} (5).
(1) البخارى، كالنكاح، بالنظر إلى المرأة قبل التزويج 7 / 19.
بدون فكر لفظة: (مرت!لن " (2) من ح - (3) يونس: 94.
(4) سبأ: 24 - (5) الأنبجاَ 1110.
18 / َ ا
446
(7/445)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ
ابيه، عَنْ عَأئِشَةَ، قالَتْ: قاَلَ لِى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنِّى لأعْلَمُ إِذَا كنت عنِّى رَاضيَةً، ياِذَا كُنتِ عَلَى غَضْبَى لما.
قاَلَتْ: فَقُلتُ: وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِتُ ذَلِكَ ؟ قاَلىَ: (أَفَا إِذَا كُنْتِ عنى رَاضيَة، فَإنَّك تَقُولِينَ: لا، وَرَلث مُحَمَّد.
وَإِذَا كنت غَضْبَى، قلتِ ة لا، وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ).
قاَلَتْ: قلتُ* أَجَلْ، وَاللهِ يَارَسُولىَ ال!هِ مَأ اهْجُرُ إِلا ايعمْمَكَ.
وقوله: (فى سرقة من حرير)، قال الإمام: قال أبو عبيد: هى الشقق، إلا أنها
هى البيض منها خاصة، الواحدة أ منها] (1) سرقة وأحسبها فارسية، أصلها: سرة، وهو الجيد، وائشد غير أبى عبيد للعجاح:
ونسجت لوامع الحرير سباسبا كسرق الحرير
قال القاضى: [ الصواب: سبائبا] (2)، وهى مارقّ من الثياب كالخمر ونحوها، وأما السباسب بالقفار والأراضى المستوية، وقيل: السرق الجيّد من الحرير، حكاه الهروى ونحوه عن أبى عبيد، وقال المهلب: السرقة كالكلة والهودج، ولم يقل: سبا.
وقوله: " إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية وإذا كنت علىّ غضبانة) إلى قولها: / (أجل، ما أهجر إلا اسمك): معنى (أجل) هنا: نعم.
مغاضبة عائشة للنبى - عليه الصلاة والسلام - هو مما تقدم للغيرة التى عفا عنها لها من أجلها، وعن النساء فى كثير من الأحكام، حتى قد ذهب مالك وغيره من علماء أهل المدينة إلى إسقاط الحد عنها إذا رمت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة.
واحتج لذلك بما روى عن النبى - عليه الصلاة والسلام -: (ما تدرى الغيراء أعلى الوادى من أسفله) (3)، ولولا هذا لكان على عائشة فى ذلك من الحرج ما فيه: لأن الغضب على النبى - عليه الصلاة والسلام - وهجره كبيرة لمن فعله واعتقده وعظمه، ألا ترى قولها: (إنما اْهجر اسمك) فدل أن قلبها وحبها له كما كان ملىء، الغيرة إنما هى فى (4) النساء لفرط المحبة.
وقد ذهب بعض اهل العلم إلى الاستدلال بهذا الحديث على أن مثل هذا - من ترك
ذكر الاسم، وبسط الوجه، وترك السلام، والإعراض - هو الذى يباح عند المغاضبة بين المسلمن، والوجه عليه فى أمور الدنيا، ولا يحل ذلك بعد ثلاث، وأما مازاد على ذلك من الاجتناب وقطع الكلام جملة، فهذا لأهل الفسوق والمعاصى تأديبا لهم ؛ ولهذا ترجم البخارى على هذا الحديث وحديث المتخلفين: (باب ما يجوز من الهجران لمن عصى) (5) وأدخل حديث المتخلفين الثلاثة، ونهى النبى - عليه السلام - عن كلامهم.
وذكر خمسين ليلة، ثم ذكر هذا الحديث ليس مما يجوز لغيرهم.
(1) من !.
(2) فى هامش !.
(3) سبق تخريجه.
(4) فى خ: منْ (ن بم البخارى، كالو: ب: ! ما يجوز من الهجرات لمن عصى\ لم "لملم لا ا.
(7/446)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ 447 (... ) وحدّثناه ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثناَءَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْناَدِ، إِلَى قَوْلِهِ:
" لا، وَرَبَ إِبْرَاهِيمَ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَابَعْدَهُ.
81 - (2440) حدثنا بَحْىَ بْنُ يحيى، أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ هشَامٍ بنِ عُرْوُةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أَنَّهاَ كَانَتْ تَلعَبُ بِالبَنَأت عنْدَ رَسُولِ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ).
َ قاَلَتْ: وَكَانَتْ تَأتِينى صَوَاحِبِى، َ فَكُن يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
َ قاَلَتْ: فَكَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يُسِّربُهُنَّ إِلىًّ.
(... ) حدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ.
ح وَحدثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا جَرِير!.
ح وَحدثنا ابْنُ نُمَيْر، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، كُلُهُمْ عَنْ هشَامٍ، بِهَذَا الإسْنًاَد، وَقاَلَ فِى حَدِيثِ جَرِبرٍ: كنتُ أً لعَبُ بِالبَنَاتِ فِى بَيْتِهِ، وَهُنَّ اللُّعَبُ.
واستدل بعضهم بقولها: (إنما أهجر اسمك) بأن الاسم غير المسمى، قال: إذ لو
كان الاسم هو المسمى لكانت الهجرة له، قال: ولكن إنما هذا فى المخلوقن، وأما الخالق فالاسم هو المسمى وحده، لاَنه - تعالى - فى صفاته وأسمائه وذاته لا يُشبه ذوات المخلوقن، ولا أسماءهم، ولا صافاتهم، فى كلام طويل ذكره يعض من يعزى إلى العلم، وممن كثر كلامه فيه وشرح الحديث، وهذا كله كلام من لا تحقيق عنده من معنى المسألة، وتحقيق الكلام فيها لغة أو نظراً.
ولا امتراء عند القائلن بأن الاسم هو المسمى من أهل أ السنة] (1) وجماهير أئمة أهل اللغة، أو مخالفيهم من المعتزلة أن الاسم يقع احيانا، والمراد به التسمجة حيث كان فى خالق أو مخلوق، ففى حق الخالق تسمية المخلوق له باسمه وفعله ذلك بكلامه وعباراته المخلوقة.
وأما أسماؤه تعالى التى سمى بها نفسه فقديمة، كما أن ذاته وصفاته قديمة.
وكذلك
لا يختلفون ال لفظة الاسم إذا تكلم بها البشر فتلك اللفطة والحروف والاَصوات المقطعة المتوهم (2) منها الاسم أنها غير الذات وهى التسمجة أو إنما الاسم الذى هو الذات، ما يفهم عنه من خالق أو مخلوق، ولهذه المسألة موضع ولها فى أصول الدين موقع.
وقولها: (كنت ألعب بالبنات عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): فيه جواز اللعب بهن، وتخصيصهم (3) من الصور المنهى عنها لهذا الحديث، ولما فى ذلك من تدريب النساء فى
(1) فى هامش خط.
(2) فى خط: المتفهم.
(3) فى!: وتخصيصهن.
448
(7/447)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ
82 - (2441) حدّثنا أَبُو كُرَيْب، حدثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ ابِيه، عَنْ عَائشَةَ ؛
أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَاياَهُمْ يَوْمَ كَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بذلك مَرْضَاةَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
83 - (2442) حدّثنى الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحلوَانِىُّ وَأَبُو بَكْر بْنُ النَّضْرِ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قاَلَ عَبْدٌ: حَدثَّنِى.
وَقاَلَ الآخَرَان: حَد"شاَ - يَعْقُوبُ بْنُ إبْوَاهِيمَ بِن سَعْد، حَد"شِى أَبِى، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شهَاب، أَخْبَرَنِى مُحَمَّدُ بْنُ كَبْد الرًّ حْمَن بْنِ الحَارِث ابْنِ هشَابم ؛ أَنَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَت: أَرْسَلَ أَزْوَل النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِلَى رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَاسْتَأذَنَتْ عَلَيْه وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِى فِى مِرْطِى، فَأَفِنَ لَهأَ.
فَقاَلَتْ: ياَ رَسولَ اللهِ، إِنَّ أزْوَاجَكَ أَرْسَلنَنىَ إِلَيْكَ يَسْألنَكَ اْلعَدْلَ فِى ابْنَةِ أبى قُحَافَةَ - وَاناَ سَاكتَةٌ.
قاَلَتْ: فَقاَلَ لَهأَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، " اىْ بُنَيَّةُ، أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا احِبّ ؟).
فَقاَلَتْ: بلَى.
قاَلً: (فَا"حِبِّى هَذه لا.
قاَلَتْ: فَقاَمَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَل! النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَا"خْبَرَتَهُنَّ بالَّذى قاَلَتْ، وَبِاَذَذِى قاَلَ !اَ رَيمُولُ اللىَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُلنَ لَهاَ: مَانَرَاكِ أَغْنَيْتِ عَئأ مِنْ شَىْءَ، فًارْجِعِى إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُولِى لًهُ: إَنَّ
صغرهن على النظر لأنفسهن وبيوتهن، وأبنائهن.
وقد أجاز العلماء بيعهن وسْراع!ن، ولم يعبروا أسواقها.
وروى عن مالك كراهة شرائها، وهذا عندى محمول على كراهة الاكتساب بها للبائع، وتنزيه أُولى المروءات عن تولى ذلك من بيع وشراء لا كراهة / اللعب بهن، وعلى الجواز بلعب الجوارى بهن جمهور العلماء، وذهبت فرقة إلى أنه منسوخ بالنهى عن الصور.
وقوله: (فكن - يعنى صواحبها - ينقمعن من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): أى يدخلن البيت يتغيبن حياء وهيبة له.
وقولها: (فكان يسربهن الىّ ": أى يرسلهن.
وقوله: (كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون ذلك مرضاة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ): فيه جواز مخلة الزوج بعفنسائه، ومحبة الخير لها أكثر من غيرها، وإنما أمر بالعدل فى أفعاله، وأما فى القلب فليس من قدرته.
وقد مر هذ! فى النكاح، ويأتى منه بعد هذا، وذكرنا أن العدل بينهن لم يكن واجبا فى حقه - عليه الصلاة والسلام - ولكنه كان يلتزم ذلك لتسلاتن به أمته.
وفى إرسال أزواج النبى - عليه الصلاة والسلام - فاطمة إلى أبيها فى شاْن عائسْة
(7/448)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ
449
أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلِ فِى ابْنَةِ أَبِى قُحَافَةَ.
فَقالَتْ فَاطِمَةُ: وَاللهِ، لا كُلِّمَهُ فيِهاَ ابَدًا.
قاَلَتْ عَائِشَةُ: فَأَرْسَلَ أَزْوَل النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) زَيْنَبَ بنْتَ جَحْتنبى، زَوْجَ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تسَامينِى منْهُنَّ فِى المَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ ال!هَِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِى اللًئنِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأً تْقَى لَله، وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِم، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتذَالا لِنَفْسِهَا فِى العَمَلَِ الَّذى تَمدَّقُ بِه، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى ال!هِ تَعالَى، مَاعَدَا سَوْرَةً مِنْ حَدٍّ كَانَتْ فِيها، تُسْرِعُ مِنْهاَ الَفَيْئَةَ.
قاَلَتَْ: فَاسْتأذَنَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَعَ عَائشَةَ فِى مِرْطِهَا، عَلَى الحَالَة الَتى دَخَلَتْ فَاطمَةُ عَلَيْها وَهُوَ بِها.
فَأَذنَ لَها رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَتْ: ياَرَسُولَ اللهِ، َ إِن أَزْوَاجَكَ أَرْسًلنَنِى إِلَيْكَ يَسْأَلنَكَ العًدْلَ فى ابْنَة أَبِى قُحَافَةَ.
قاَلَتْ: ثُمَّ وَقَعَتْ بِى، فَاسْتَطَالَتْ عَلَى، وَأَناَ أَرْقُبُ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأَرقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأفَنُ لِى فيها.
قاَلَتْ: فَلَمْ تَبْرح زَيْنَبُ حَتَى عَرَفْتُ انَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) لا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ.
قاَلَتْ: فَلًما وَقَعْتُ بِهاَ لَمْ انشَبْها حِ!دنَ أَنْحَيْتُ عَلَيها.
قالَتْ.
فَقاَلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَتَبَسَمَ: (إِنَّهاَ ابْنَةُ أَبِى بَكْرٍ ).
يسألنه العدل فيها، على طريق الرغبة فى الحظ لاَنفسهن، والحرص على الاستكثار منه، لا على طريق التحويز له والتظلم منه.
وقولها: (ينشدنك): أى يسألنك برفع صوت.
ودخول فاطمة ثم زينب على النبى - عليه الصلاة والسلام - وهو مضطجع مع عائشة
فى مرطها، دليل على أن مثل هذا مباح ؛ إذ ليس فيه كشف عورة من فعل مستتر به عن الناس.
وقولها عن زينب: (وهى التى تسامينى فى المنزلة عنده): أى: تعادلنى وتضاهينى فى الحظوة، وعلو المنزلة، والمكانة منه، مأخوذ من السمو وهو الارتفاع، ورأيت بعضهم فسر هذا الحرف فى هذا الحديث أنه من سوم الخسف (1) وتجشم الإنسان ما يشق عليه ويكرهه، وتلارمه ذلك، كأنها تريد: تغيظنى وتؤذينى، ولا يصح هذا من جهة العربية أن يأتى فى باب المفاعلة ولا من سامى، وإنما فعله سامه، وبنى عليه مساومة، وسامنى إنما هو من سما، يقال منه: سما فلان أى ارتفع، وهو سموه إلى المعالى، والمساماة فى هذا من المعاندة صحيحة وأثبت عليها بما أثبت من الخصال المحمودة
(1) فى الأبى: الحسب.
450
(7/449)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائثة...
إلخ
(...
! حَدثنيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ قُهْزَاذَ، قاَلَ عَبْدُ الله بْنُ عثمانَ: حَد"شيهِ عَنْ عَبْد
الله بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الرهرِى، بِهَذَا الإِسْناَدِ، مَثْلَهُ فِى المَعْنَى.
غَيرَ أنَّهُ قاَلَ.
فَلَمًّا وَقَعْتُ بِها لَمْ أَنْث!بهاَ أَنْ أئخندتُهاَ غَلَبَةً.
84 - (2443) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قاَلَ: وَجَدْتُ فِى كِتَابِى عَنْ أبى اسَامَةَ، عَنْ هِشَابم، عَنْ ابيهِ، عَنْ عَائشَةَ قاَلَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَيَتَفَقَّدُ يَقُولُ: (اينَ أناَ اليَوْمَ ؟ أَيْنَ أَثاَ غَدًا ؟ لا اسْتبطَاءً لِيَوْم عَ الشَةَ.
قاَلَتْ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِى قَبَضَهُ اللّهِ بَيْنَ سَحْرِى وَنَحْرِى.
85 - (2444) حلّطنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، عَنْ مَالِكِ بْنِ أنَسٍ، فِيمَا قُرِئ عَلَيْهِ عَنْ هِشَام
ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَتاد بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أنَّهاَ أخْبَرَتْهُ ؛ أَئهاَ سَمِعَتْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ قَبْلً أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْندٌ إَلَى صَدْرِهَا، وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقولُ: (الفَهُمَّ، اغْفِرْ لِى وَارْحَمْنِى، وَأ!حِقْنِى بِالرفيق لا.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قاَلا: حدثنا أبُو اسَامَةَ.
ح وَحَ!ةَشا
ابْنُ نُمَيْر، حَدثناَ أَبِى.
ح وَحدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَناَءَبْدَةُ بْنُ سُلَيْماَنَ، كُلُّ!مْ عَنْ هِشَابم، بِهَدَا الإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
من التقى والصدق والصدقة وصلة الرحم.
وفيها جواز اعتمال المرأة بيدها وكسبها فى بيت زوجها كالصدقة بإذنه أو بغير إذنه.
وقولها: (ما عدا سورة حَدّ) بفتح المحاء، ويروق: (من حدة)[ بكسرها (تسرع
منها الفيئة): تريد: ما خلا هذه الخصلة فيها من حدة الخلق] (1) وسورة الشىء، بفتح ا لشن: ثورا نه، وا لسورة: ا لبطش، وسورة ا لتراب: قوته، وحدته.
وسواره، بضم السن: دبيبه فى الرأس، وهو منه، قال الحربى: تريد يعتريها ما يعترى الشارب من ال!ثمراب، وقيل: (سورة حد): سراعة غضب.
والفيئة: الرجوع، تريد: أنها سريعة الغضب، سريعة الرجوع.
وقولها: (ثم وقعت بى فاستطالت[ على، وأنا أرقب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وأرقب
على طرفه، هل يأذن لى] (2) حتى عرفت أن يسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يكره أن أنْتصر):
(1، 2) فر!هامش !.
(7/450)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ 451 ليس فيه دليل ائه اذن لها ولا غمزها، دإن قالت أنها كانت ترقب طرفه، فقد قال - عليه الصلاة والسلام -: " ما كان لنبى أن تكون له خائنة الأعين) (1).
لكن لما رأى تطلعها لذلك ولم ينهها فهمت أنه لا ينكر انتصارها كما كان، الا تراه كيف قال: (إنها بنت أبِى بكر،، وهذا يدل على أنه وافقها لاءنها ابتدأتها، { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ اظُ وْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم ثِن سَبِيل} (2).
وقيل: بل لينتصف منها فلا يبقى على زينب تباعة، ولا[ فى] (3) نفس عائشة خيفة بانتصافها، ثم يرجعان إلى حسن الصحبة بعده.
ومعنى " وقعت بى) بمعنى ما بعده، اكما استطالت على وناولتنى بمؤذ كلامها.
والوقعة موضع المعركة، وأوقع النكوم بآخرين إذا فعلوا بهم فعلة منكرة، من قتل أو سبى، وكأنه - والله أعلم - من الوقع بفتح القاف، وهو جرح الرجل من الجفاء، ويغير موقع إذا أ كان] (4) مطهرا إثر الدبر.
وقولها: (فلم أنشبها): أى اح أمرها لشىء آخر، ولم أتركها.
وقولها: " حتى أنْحَيْتَ عليها)، ويروى: (حين أنحيت عليها) وهو أشبه هنا وأوجه، ومعناه: حين قصدتها واعتمدتها بمعارضتها وبجواب كلامها.
يقال: أنحيت عليه ضربا، وفى الرواية الأخرى بعده: ا لم أنشبها أن أثخنتها غلبة)، ويحتمل أن هذه الرواية أصح وأن الأولى مغيرة مصحفة عنها، واللّه أعلم.
ومعنى (أثخنتها غلبة): أى بالغت فى الرد عليها وأثقتها وقهرتها.
وقد قيل فى
قوله تعالى: { حَتى اً ذَا أَثْخَنتُمُوهم} (ْ) أى أثقلتموهم بالقتل، وقيل: أكثرتم فيهم بالقتل، وقيل: بالغُنم فيه.
وقوله: (أين أنا اليوم أين أنا غدًا) استبطاء ليوم عائشة: هذا لمحبته فيها، وحرصه على أن يكون عندها، حتى استأذن أزواجه فى تمريضه عندها، ليكون عن طيب أنفسهن فيبلغ غرضه مع تطييبه أنفسهن، مع التزامه ما التزمه من العدل بينهن.
وقولها: (قبضه الله بين سحرى ونحرى) بفتح السين، السحر: الرئة وما تعلق
بها، ويقال: سُحر بالضم، وكلاهما بالسين والحاء المهملتين، هذا المشهور فى الروايهَ.
وحكى أبو على القالى عن عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير عن قول عائشة هذا فقال (6): إنما هو (شجرى) بالشن المعجمة والجيم، وشبك بين أصابعه، وأومأ أنها ضمته الى نحرها (7) مشبكة يديها عليه، والله أعلم.
(1) ائو داود، كالحدود، بالحكم فيمن ارتد (4359)، النسائى، كتحريم الدم، بالحكم فى المرتد (4067).
(2) الشورى: 41.
(3، 4) فى هامش ح.
(5) محمد 40.
(6) بعدها فى ح: لهما.
(7) فى الاْبى: صدرها.
19 / ب
452
(7/451)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ 86 - وحدئمنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَايْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفظ لاِبْنِ المُثَنّى - قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْد بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كنتُ أسْمَعُ أَثهُ لَنْ يَمُوتَ نَبِىّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَة.
قَالَتْ: فَسَمِت النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى مَرَضه ائَذِى مَاتَ فيه، وَأَخَذَتْهُ بُحَّة، يَقُولُ: { فَأُوْ!ئِكً مَعَ الَذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالَمَثِذِيقِينَ وَالشُّهَدًاءَ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} (1).
قَالَتْ: فَظَنَنْتُهُ خيرَ حِينَئِذٍ.
(... ) حدّثناه أبُو بَكْرِ ثنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعٌ.
ح وَحَدثنَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أَبِى، قَالا: حَلئَثنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْد، بِهَنَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.
87 - (... ) حدثنى عَبْدُ المَلكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَيْثِ بْنِ سَعْد، حَدثنِى أبِى، عَنْ جَدِّى، حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد، قاَلً: قاَلَ ابْنُ يثمِهَابٍ: أخْبَرَنى سَعيد بْنُ المْسَثبِ وَعُرْوَةُ ابْنُ الزبيْرِ، فِى رِجَالي مِنْ أهلً العِلم ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ الئبىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ قاَلَتْ: كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: (إِنَهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبى قَط، حَتَىَ يَرَى مَقْعَدَهُ فِى الجَنَّة، ثُمًّ يُخَيَّرُلما.
قاَلَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَا نَزَلَ برَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَرَاْسُهُ عَلَى فَخِذى، غُشِىَ عَلَيْهَِ سَاعَةً ثُمَ أَفَاقَ، فَاع شْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السًّقْفِ، ثُمَّ قاَلَ: (اللهُمَ، الرَّفِيقَ الاَ"عْلَى ".
قالَتْ عَأئِشَةُ: قُلتُ: إِدم لا يَخْتَارُنا.
وقولها: (وأخذته بحة) بضم الباء أ وتشديد الحاء، هى خشونة الصوت وحدته وصفاؤه، والاسم البحح، بفتح الباء والحاء] (2).
وقوله: (فأشخص بصره إلى السقف)، قال الإمام: أى رفعه.
قال القاصْى: كذا قال صاحب العن وغيره، وقال صاحب الأفعال: شخمر: خرج من موضع إلى غيره، والسهم جاوز الهدف، والبصر لم يطرف، كله بفتح الحاَ، فمعناه على هذا: حدد بصره إلى السقف ولم يطرف، وهى صفة شخوص بصر الميت.
وقوله: (اللهم الرفيق الأعلى)، وفى رواية: (فى الرفيق)، وفى رواية: (ألحقنى بالرفيق)، وفى رواية: (مع الرفيق ثا: قيل: هو اسم من أسماء الله تعالى.
وخَطَأ
(1) 1 ل!اَ: 69.
(2) فى هامث!خ!.
(7/452)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ 453 قاَلَتْ عَائشَةَ: وَعَرَفْتُ الحَد!يثَ الَّذى كَانَ يحَدَثنا بِهِ وَهُوَ صَحِيح فِى قَوْلِهِ: (إِنَهُ
لَمْ يُقْبَضْ نَبِى قًط، حَتَى يَرَى مَقْعَدَهُ من اَ!جَنَّةِ، ثُمَ يُخَيَّرُ لما.
قاَلَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تِلكَ اخرُ كَلِمَة تَكَلَّمَ بِهاَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَوْلَهُ: (اللّهُمَّ، الرَّفِيقَ الأعْلَى).
لمهـ - (2445) حدّثنا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اْلحْنْظَلِى، وَحَدثناَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، كِلاهُما
عَنْ أَبِى نُعَيْمٍ.
قاَلَ عَبْد: حدثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حدثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أيْمَنَ، حَدثنَى ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ، عَنِ القاَسِ! بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائِشَةَ، قاَلَتْ: كَانَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، إَذَا خَرَجَ اقْرعً بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطاَرَتِ القُرْعَةُ عًلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيغا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ
هذا الأزهرى، وكذلك يبعد لا سيما مع رواية (مع، و(فى).
وقيل: بل هم جماعة الاَنبياَ، ويدل عليه قوله فى الحديث الاَخر: { مَعَ الَذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم ثِنَ النبِيينَ وَالمليِقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالمئَالحينَ} إلى قوله: { [ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ] (1) رَفِيقًا} (2) وهو لفظ يقع للواحد والجميع (3)َ.
وقيل: أراد رفق الرفيق، وقيل: أراد مرتفق الجنة.
وقال الداوولى: هو اسم لكل سماء، وأراد ال العلى، لاءن الجنة فوق ذلك.
ولم يعرف هذا أهل اللغة ووهموا فيه، دانما اسم السماء الرفيع، بالعن.
ويبعد أيضا / مع رواية: (مع الرفيق).
وقوله: (كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة على عائشة وحفصة):
بناء منه فى العدل عليه الصلاة والسلام بينهن، وتطييب نفوسهن.
وقد اختلف أ العلماء] (4) فى إيجاب ذلك، فقيل: ليس له أن يخرج لسفر بإحداهن إلا بقرعة، وهو قول أبى حنيفة والشافعى وأحد قولى مالك.
وقال مالك أيضا: له أن يسافر بمن شاَ منهن بغير قرعة.
وهذا الحديث حجة للقول الأول.
وحجة القول الثانى: أن العدل لم يكن واجبا على النبى - عليه الصلاة والسلام -
لكن ذلك من حسن العشرة، وتطييب النفوس، وان النساء يختلفن، فقد تكون إحداهن أخف محملاً وأقل عناَ فى النظر فيما يخلفه، والاَخرى أحسن نظرا فى ماله وأقوم بما يخلفه بعده، والواحدة ذات بنين وصنعة والأخرى متفردة.
(1) سقط من !.
(3) فى خط.
الجمع -
(2) 1 لناء: 69.
(4) ساقطة من ز، والمثبت من ح -
454
(7/453)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
الخ ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائشَةَ، يَتَحَدَّثُ مَعَهاَ.
فَقاَلَ!ت حَفْصَةُ لِعاَئِشَةَ: ألا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِى وَأرْكَبُ بَعِيرَك، فَتًنْظُرِينَ وَأنْظُرُ ؟ قاَلَتْ: بَلَى.
فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعيرِ حَفْصَةَ، وَرَكبَتْ حَفْصَةُ عَلَىَ بَعِيرِ عَائِشَةَ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ، وَعَلًيْه حَفْصَةُ، فَسَلًّمَ ثُمَّ سَارَ مَعَهَا، حَتَى نَزَلُوا، فَافْتَقَلتْهُ عَائِشَةُ فَغاَرَتْ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَ!ت تَجْعَلُ رِجْلَها بَيْنَ الإِذخِرِ وَتَقُولُ: ياَرَبّ، سَلَطْ عَلَى عَقْرَبا اوْ حَئةً تَلدَغُنِى، رَسُولُكَ وَلا أسْتَطِيعُ أنْ أقُولَ لَهُ شَيئا.
89 - (2446) حئثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَد - نَناَ سُلَيْماَنُ - يَعْنِى ابْنَ بِلال - عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنلى، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالكً، قاَلَ: سَمعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُو،: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَىَ سَاً ئِرِ الطَّعاَم لا.
(... ) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قاَلُوا: حَدثنا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنُونُ ابْنَ جَعْفَرٍ.
ح وَحَدثنا قَتَيْبَةُ، حَدثنا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّد - كِلاهُما عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ أنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
ولَيْسَ فِى حَدِيثِهما: سَمِعْتُ
وفيه جواز العمل بالقرعة، ولم يختلف العلماء أن الحاضرة لا تحاسب المسافرة بالمضى
لها مع زوجها فى سفرها.
وقول حفصة لعائشة: (ألا تركبيئ الليلة بعيرى وأركب بعيرك) الحديث: قال المهلب:
فى تحيل حفصة على عائشة دليل على أن القسمة لم تكن واجبة ؛ إذلم تكن تفعل ما لا يحل لها من الاستكثار من النبى - عليه الصلاة والسلام - إلا ما أباحه لها من نفسه.
قال القاصْى: وليس قوله ببين ة لأن فى الحديث: أن النبى - عليه الصلاة والسلام -
كان يسير من الليل مع عائشة يتحدث معها.
فقد استبان أنها قصدت ذلك.
وليس هذا حق لعائشة ولا قسم، ولو كان ذلك لكان لحفصة مثله، وليس عليها فى هذا درك ؛ لاْنها طلبت الخير لنفسها واَثرتها به.
ولم يكن ذلك حقا واجبا لغيرها أوجب لها، فاحتالت علها.
ومسير النبى - عليه الصلاة والسلام - معها وتحدثه معها بعد معرفته بها ؛ دليل على جوازه لها وإباحة ذلك من نفسه لها، ولو كان غير جائز لما أقرها عليه، ولا سامحها فيه كما لم يسامح فى تمريضه فى بيت عائشة، مع جواز ذلك له لو شاء إلا بإذنهن.
(7/454)
كتاب ففائل الصحابة / باب فى فضل عائشة...
إلخ
455
رَسُول محل.
وَفِى حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ: أَنَهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ.
90 - (2447) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الرَّحِيم بْنُ سُلَيْمانَ وَيَعْلَى
ابْنُ عُبَيْد عَنْ زَكَرِتاءَ، عَنِ الشَّعْبِىَ، عَنْ ابِى سَلَمَةَ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أَنَّهاَ حَد"نتْهُ ؛ انَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قاَذَ لَهاَ: (إِنَّ جِبْرِيلَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ الستَلامَ).
قالَتْ: فَتكُلتَُ: وَعَلَيْهِ السئَلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
(... ) حلّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنا المُلاِلىُ، حدثنا زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِى زَائِدَةَ،
قالَ: سَمعْتُ عَامِرًا يَقُولُ: حَدثنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ حَدثتْهُ ؛ ان رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ لَهاَ.
بِمِثْلِ حَدِيثهِما.
(... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنا أسْباَطُ بْنُ مُحَمَد، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، بَهَذَا
ا لإِسْناَ دِ، مِثْلَهُ.
91 - (... ) حدثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الرخْمَنِ الدَّارِمِى، أَخْبَرَنا أَبُو اليَمَانِ، أخْبَرَنا شُعَيْمث، عَنِ الرقرِىِّ، حَدثنِى أً بُو سَلَمًةَ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ، أَنَ عَائشَةَ زَوْجَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَتْ: قاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ياَ عَائِشُ، هَذَا جبْرِيلُ يَقْرَا عَلَيْكِ السَّلَامَ).
قاَلَتْ: فَقُلتُ: وَعَلَيْهِ السئَلامُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
قاَلَتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لَا ارَى.
ودعاء عائشة على نفسها من الغيرة وما فعلته كذلك غير مؤاخذة به عند الحرح ة لأنه
بغير نية ولا معاقبا به، ولا يجاب غالبا، قال تعالى: { وَلَوْ يُعَخلُ الئَهُ لِلنَاسِ الثثَز ادْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ} (1).
قوله: " إن جبريل يقرأ عليك السلام): يقال: أقرأته السلام، وهو يقرلْك السلام بضم الياء رباعى، فإذا قلت: يقرأ عليك، بالفتح لا غير، وقيل: هما لغتان.
وقولها: (وعليه السلام ورحمة الله): فيه أن صورة الرد هكذا.
وهو اختيار ابن عمر: عليك السلام.
وقال بعضهم: أما إذا اقتصر على رد مثلها فيقول كما قيل له: السلام عليك.
وقد تقدم الكلام على أحكام السلام وأحاديثه.
(1) يونس 110.
20 / ب
456
(7/455)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
(14) باب ذكر حديث أم زرع
92 - (2448) حدّثنا عَلِىُّ بْنُ حُجْر السئَعْدِىُ وَأحْمَدُ بْنُ جَنَأب، كِلاهُمأ عَنْ عِيسَى - وَاللَّفْظُ لابْنِ حُجْرٍ - حَدهَّشاَ عِيسَى بْنُ يُونُس، حدثنا هشَامُ بْنُ عرْوَةَ عَنْ أخِيه، عَبْد اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَنَّها قأَلَتْ: جَلَسً إِحْدَى عَشَرَةَ امْرَاةَ، فَتَعَاَهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ ألا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَأرِ أزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا.
قَالَث ال الولَى: زَوْجى لَحْمُ جَمَلٍ غَث، عَلَى رَأسِ جبَلٍ وَعْر، لا سَهْل فَيُرْتَقَى،
وَلا سَمِين فَينتَقَل.
حديث أم زرع
قال فى أوله: جلس إحدى عشرة امرأة، وعند الطبرى: جلسْن، وهى لغة بعض العرب بإظهار علامة نون الجماعة مع تقدم الفعل، فيقولون: ضربونِى القوم، وأكلونى البراغيث.
وعلحِه تأول بعضهم قوله تعالى: { وَاَدَروا الئجْوَى الذِين ظَلَمُوا} (1)، فى الحديث الاَخر: (يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل[ وملائكة] (2) بالنهار) (3).
والأحسن فى الكلام والأفصح والأشهر حذفه دإفراد الفعل.
وبهذا تكرر فى الكتاب العزيز وصحيح الحديث ومشهور أشعار / العرب، وقد جاء فى بعضها تقديمه، وهو قليل.
وقد يكون أيضا (إحدى عشرة) بدلا من الضمير فى (اجتمعن) وهو تأويل سيبويه فى قوله: { وَأَدَروا النَّجْوَى} كأنه قيل: من هم ؟ قال (4): { الَذِينَ ظَلَمُوا} وتكون النون هنا ضميرا لا علامة تأنيث جماعة، وما بعدها بدلا منها، ولها وجوه أخر كلها تخرج على ما ذكره المفسرون فى الاَية.
قال الإمام: قول الاولى من النسوة اللائى اجتمعن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا: (زوجى لحم جمل غث): يعنى المهذول على رأس جبل وغث تصف قلة خيره، وبعده مع القلة كالمشى فى قبلة الجبل الصعب لا ينال إلا بالمشقة.
قال
(1) ألاءنبياء: 3 -
(2) ساقطة من الأصل وح، والمثبت من الحديث المطبوع.
(3، أخهص ي البخاركما، كالمواقيت، بفضل صلاة العصر 1 / 145.
41 أ فى - بم.
فقال.
(7/456)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
457
تَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِى لا أَبُث خَبَرَهُ، إِنَى أَخَافُ ألا أَذَرَهُ، إِنْ أَذكُرْهُ أَذكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَه.
قَاَلتِ الثالِثَةُ: زَوْجِى العَشَنَّقُ، إِنْ ائطِقْ اطَلَّقْ، وَإِنْ اسكُتْ اعَلَقْ.
الخطابى (1): معنى البعير فى هذا أن يكون قد وصفته بسوء الخلق، والترفع لنفسه، والذهاب بها زهوًا وكبرا، يريد أنه مع قلة خيره وبر أدبه قد يتكبر على العيش ولجمع إلى منع الرفد الأذى وسوء الخلق.
قال أبو عبيد: وقولها: ا لاسمين فينقى): أى يستخرج نقيه، والنقى: المخ.
يقال: نقوت العظم ونقيته وأنقيته: إذا استخرجت نقيه.
ومن رواه: (فينتقل) أى ليس سمينا ينقله الناس إلى بيوتهم يأكلونه، ولكنهم يزهدون فيه.
قال الخطابى: يريد أنه ليس فى جانبه طرف فيحمل سوء عشرته لذلك.
يقال: ائقلت الشىء، أى نقلته.
قال أبو عبيد: وقول الثانية: (أذكر عجره وبجره): العجر: أن يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد، والبجر نحوه، إلا أنها فى البطن خاصة وواحدتها بجرة.
ومنه قيل: رجل أبجر، إذا كان عظم البطن، وامرأة بجراء، الجمع بجر، أيقال: رجل أبجر، إذا كان - ناتى السرة عظيمها] (2).
قال الهروى (3) ة قال ابن الأعرابى: العجرة: نفخة فى الظهر، فإذا كانت فى السرة فهى بجرة.
ثم ينقلان إلى الهموم والأحزان.
قال الخطابى: أرادت بالعجر والبجر عيوبه الباطنة واسراره الكامنة (4).
وقال الأصمعى فى قول على - رضى الله عنه -: (إلى الله أشكو عجرى وبجرى): أى همومى واخزانى.
قال القاضى: وقال ابن السكيت: معنى (عجره وبجره): أى أسراره.
وفى قولها: (أخاف ألا أذره) تأويلان: أحدهما فهب إليه ابن السكيت: أن الهاء عائدة على ذكره وصبره لطوله وكثرته دإن بدأته لم يقدر على تمامه، وقيل: إنها عائدة على الزوج وهو المراد، كأنها خشيت فراقه إذا ذكرته وبلغه، وكأنها كانت تحبه وتكون الا) هنا زائدة، كما قال تعالى: { مَا مَنَعَكَ أَلأَتَسْجُدَ} (5).
قال الإمام: قال أبو عبيد: وقول الثالثة: (زوجى العشنق): هو الطويل، تقول: ليس عنده أكثر من طوله بلا نفع، إن ذكرت ما فيه من العيوب إن نطقتُ طلقنى،
(1) انظر: غريب الحديث 2 / 849.
(2) فى هامش خ.
(4) فى ز: الكائنة، والمثبت من ح.
(5) 1 لأ عرات: 12.
(3) انظر: غريب الحديث 2 / 290.
1 / 21
458
(7/457)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِى كَلَيلِ تِهَامَةَ، لا حَرّ وَلا قُرّ، وَلا مَخَافَةَ وَلا ستآمَةَ.
قَالَتِ الخَامِسَؤ زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، ص!نْ خَرَجَ أسِدَ، وَلا يَسْألُ عَمَا عَهِدَ.
قَالَت السَّادسَةُ: زَوْجِى إِنْ ثَل لَ!، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَ!، داِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ، وَلا يُولِجُ اهَفًّ لِيَعْلًمَ البَثَّ.
! إن سكت تركنى معلقة، لا أيم ولا ذات بعل، ومنه قوله تعالى: { !نَرُوهَا كَالْمُعَفقَة} (1).
وقول الرابعة: (زوجى كليل تهامة): تقول: ليس عنده أذى ولا مكروه، دانما هو أمثل ؛ لأن الحر والبرد كلاهما فيه أذى إذا اشتد.
وقولها: ا لا مخافة ولا سآمة): تقول: ليس عنده غائلة ولا شر أخاف، ولا يسألنى فيمل صحبتى.
وقول الخامسة: (زوجى إن دخل فهد): تصفه بكثرة النوم والغفلة فى منزله، على
وجه المدح له، وذلك أن الفهد كثير النوم.
يقال: أنوم من فهد / والذى أرادت: أنه ليس يتفقد ما ذهب من ماله، ولا يلتفت إلى جانب البيت وما فيه، فهو كأنه ساه عن ذلك، ويبينه قولها: (ولا يسأل عما عهد) يعنى: عما كان عندى مثل ذلك.
وقولها: " اْسد): تصفه بالشجاعة.
تقول: إذا خرج إلى الناس لمباشرة الحرب ولقاء العدو أسد فيها.
يقال: أسد الرجل واستأسد بمعنى.
قال القاضى: قولها: (فهد وأسد) كذا الرواية فيه، بكسر الهاء والسن، فيما اْن يكونا فعلين مشتقين من أسمائهما، أو يكونا اسمين، ويكون فهْد وفهِد مثل فخْذ وفخذ ويأتى أسد على الاتباع لفهِد، وقد قال ابن أبى أويس فى معناه: أنه إذا دخل وثب علَى وثوب الفهد، فيحتمل أنه يريد بذلك ضرابها والمبادرة لجماعها.
قال الإمام: وقول السادسة: (إن أكل لف، دإن شرب اشتف) (2): اللف فى الإطعام: الإكثار منه مع التخليط من صنوفه حتى لا يتبين منه شيئا، والإشفاف فى الشرب: ال يستقصى ما فى الإناء ولا يستر ثميئا.
وإنما أخذ من الشفافة وهى البقية فى الإناء من الشراب، فإذا شربها صاحبها قمِل: أشفها (3).
تولها: (ولا يولج الكف ليعلم البث): قال أبو عبيد: أحسبه[ أنها] (4) كان بجسدها عيب أو داء كنّت به ؛ لاكن البث، هو الحزن، فكان لا يدخل يده فى ثوبها ليمس ذلك العيب فيثق عليها، تصفه بالكرم.
قال الهروى: قال ابن الأعرابى: هذا
(1) 1 لنساء: 129.
(3) فى!: اشتفها.
(2) فى ز: شف، والمثبت من المطبوع، ح.
(4) من الأبى.
(7/458)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع 459
قَالَتِ السثَابعَة: زَوْجِى غَيَايَاءُ - أَوْ عَيَايَاءُ - طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ !اءٌ، شَجَّكِ أوْ فَلَئمِ!
أَوْ جَمَعَ كُلا لَكَ.
ذم لزوجها، دانما ارادت وإن رقد التف فى ناحية ولم يضاجعنى ليعلم ما عندى من محبتى لقربه.
قال: ولا بث هاهنا (1) إلا محبتها الدنو من زوجها، فسمت ذلك بثا ؛ لأن البث من جهته يكون.
وقال أحمد بن عبيد: أرادت أنه لا يفتقد أمورى (2) ومصالح أنسابى، وهو قولهم: ما أدخل يده فى الأمر ة أى لم يتفقده.
قال ابن الأنبارى: رد ابن قتيبة على أبى عبيد تأويله لهذا الحرف.
قال: وكيف تمدحه بهذا وقد ذمته فى صدر الكلام.
قال ابن الاَنبارىَ: ولا حجة على أبى عبيد فيه ؛ لابن النسوة كن تعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا، ومنهن من كانت أمور زوجها كلها حسنة فوصفتها.
ومنهن من كانت أمور زوجها كلها قبمِحة فبينتها، ومنهن من كان بعض أمور زوجها حسنة وبعضها قبيحة فأخبرت به.
قال الإمام: دالى قول ابن الأعرابى وابن قتيبة ذهب الخطابى فى تفسير هذا.
قال القاضى: قولها: (إذا اضطجع التف): تريد نام ناحية عنها.
وهذا يؤيد خلاف قول أبى عبيد فى البث، وموافقة من تأوله على قلة الاشتغال بها، وقد تريد وصفه بالفشولة والعجز، فهذه نومة العاجز الوكل الزميل، وبهذه الضجعة سمى، ويؤيد تأويل مخالفى أبى عبيد فى هذا ما جاء عن عروة فى بعض طرق هذا الحديث.
وذكر خمسة (3) منهن هذه إحداهن، فقال: هؤلاء خمسة يشكرن (أو غياياء طباقاء).
قال الإمام: قال أبو عبيد: وقول السابعة: (زوجى عياياء طباقاء): العيا، بالعين المهملة: هو الذى لا يضرب ولا يلقح من الإبل، وكذلك هو فى الرجال، العيايا هنا فى كتاب ابن ولاد، العىّ: الأحمق القدم.
قال الخطابى: أصل الطباقاء ما قاله الأصمعى، وهو الذى أمره مطبق عليه.
قال ابن ولاد: يقال: فلان طباقا، إذا لم يكن صاحب غزو ولا سفر، إنما شرح
بهذا ابن ولاد بقية وصف الطباق فى البيت الذى استشهد به لا الطباقا، والبيت /:
طباقاء لم يشهدخصوما ولم يُنِخْ قلاصا إلى أكوارها حيئ تعكف
قال: يريد ائه لير صاحب غزو ولا سفر.
(1) فى خ: هناك.
(2) فى الأبى: همومى.
(3) فى ز.
خمسا، والمثبت من ح.
21 / ب
460
(7/459)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِى الرِّيحُ ريحُ زَرْنَمب، وَالمَسُّ مَسُّ أرْنَمب.
قال: والعياياء من الإبل الذى لا يحسن الضراب، ولا يقال ذلك للرجل.
واْما الطباقا فيقال فى الإبل والرجال ؛ وهو الذى لا يحسن الضراب اْيضا.
قال أبو عبيد: قولها: (كل داء[ له] (1) داء): أى كل شىء[ من] (2) دواء الناس فهو فيه ومن أدوائه.
قال الق الى: ما حكاه عن ابن ولاد فى تفسير الطباقا والعيايا لم نجده كذلك فى كتابه بعضه معبر وبعضه مفسر للفظ اَخر فانظره.
والطباقا: الذى لا يلقح ولا يضرب النوق.
قاله الأصمعى، والخليل ؛ وحكاه أبو على عن بعضهم: أنه الثقيل الصدر، الذى[ لا] (3) يطبق صدره على صدر المرأة عند الحاجة لها وهو من مذام الرجال.
وأنكر ابو عبيد رواية غياياء بالمعجمة، وقال: ليس بشىء ويظهر له وجه حسن بين لاسيما وأكثر الرواة أثبتوه، ولم يشكوا فيه، وهو أن يكون مأخوذا من الغياية، وهو كل ما أظل الإنسان فوق راْسه، فكأنه غطى عليه وسترت أموره، ويكون بمعنى طباقا، وقد تقدم من تفسيره بهذا النحو ما يؤيده.
أو يكون غيايا منٍ الغى، وهو الانهماك فى الشر، ومن الغى وهو الخيبة قال الله تعالى: { فَسوْفَ يَلْقَوْنَ غَيا} (4) قيل: خيبة.
وقولها: (شجك أو فلك أو جمع كلالك): شجك: جرحك.
والشجاج: مما يختص بالرأس، والجراح فيه وفى سائر الجسد والقلب مثله.
وقول الثامنة: (المس مس أرنب، والريح ريح زرنب)، قال الإمام: تصفه بحسن الخلق ولن الجانب، كمس الأرنب إذا وضعت يدك عليها.
وقولها: (والريح ريح زرنب) معناه: يمكن أن تريد به طيب ريح جسده، ويمكن أنها تريد[ به] (ْ) طيب ثيابه فى الناس فى انتشاره فيهم كريح الزرنب ؛ وهو نوع من أنول الطيب معروت.
قال القاضى: ومعنى ثالث: إنما أرادت به لين خلقه، وحسن عشرته، فيكون بمعنى الفقرة الأولى.
قال الإمام: وقول التاسعة: (زوجى رفيع العماد): تصفه بالشرف وسناء الذكر، وأصل العماد: عماد البيت، وجمعه عمد.
وهى العيدان التى تعمد بها البيوت، دإنما هذا مثل، تقول: إن بيته فى حسنه رفغ فى قومه.
(1) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.
(2) من ح والمطبوعة.
(3) ساقطة من ح.
(5) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(4) مريم: 59.
(7/460)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع 461
قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِى رَفِيعُ العِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرمَادِ، قَرِيبُ البَيْتِ
مِنَ النَّادِى.
وأما قولها: " طويل النجاد): فإنما تصفه بامتداد القامة.
والنجاد: حمائل السيف،
فهو يحتاج إلى قدر ذلك من طوله، وهذا مما تمدح به الشعراَ.
وقولها: (عظيم الرماد): تصفه بالجود، وكثرة الضيافة من لحم الإبل ومن غيرها
من اللحوم، فإذا فعلت ذلك عظمت ناره وكثر وقودها، فيكون الرماد فى الكثرة على قدر ذلك.
قال الخطابى: قد يكون إيقاد النار بمعالجة الطعام، واشتواء اللحم ليطعمه الاَضياف كرما.
وأمدح له أن يكون ناره لا تطفأ لئلا يهتدى به الضيفان فيكثر عشاؤهم إليه.
والأجواد يَطْعِمُون ويُطْعَمُونَ (1) النيران فى ظلم الليل، ويوقدونها على التلال ومشارف الأرض، ويرفعون على الاَيدى الأقباس ليهتدى بسنائها الأضياف.
قال القاضى: قد قيل فى (رفيع العماد) إيهاما، وأرادت به ظاهره، وهو عماد
بيته، وصفته بالعلو والكبر، وكذلك بيوت الأشراف وأهل السؤدد، لسعة أحوالهم، وكثرة من يغشاهم فيها ولترى وتقصد / وقد وصف غيرهم بضد ذلك، فقيل: قصار البيوت لا يرى أصواتها (2) من اللؤم يجتاحون عند الشدائد ؛ وقيل: أرادت برفغ العماد: أنه طويل فى نفسه، كما جاء فى رواية (طويل العماد)، وكما قالت: (طويل النجاد).
وهو مُما كانت تتمادح به العرب وتهجو بضده، قال الشاعر:
كأنما عمامته بين الرجال لواء
وقولها: (قريب البيت من النادى): النادى، والندى، والمنتدى: مجلس القوم،
قال الله تعالى: { وَتَأتُونَ فِما نَادِيكُمُ الْمُنكَر} (3)، وبذلك سميت دار الندوة للاجتماع للمشورة فيها.
ووصفته بالكرم والسؤدد ؛ لاَنه[ لا يقرب] (4) من النادى إلا من هو بهذه الصفة ؛ لاَن المجتمع عنده يكون فى فناء بيته بثبات، دإليه هو يعتمد فى ذلك ولأن الضيفان إنما يقصدون مجتمع الحى ليقوم بهم كرماؤهم، واللئام يبعدون بيوتهم عن ذلك ويخفونها لئلا ترى وتظهر ناره فيقصد كما قال الشاعر:
له نار تشب على بقاع (ْ) إذا النيران ألبست القناعا
(1) فى جميع النسخ: يعظمون.
(2) فى ز ة صورها، والمئبت من خ.
(3) العنكبوت: 29.
(4) قيدت بعدها فى ح: بيته، وفى الأبى والنووى: البيت.
(5) فى الأبى: قناع.
22 / ءا
462
(7/461)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع قَالَت العَاشِرَةُ: زَوْجِى مَالِلث وَمَا مَالِكُ ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مقْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارك، قًلِيلاَتُ المَسَأرِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ أيْقَن أنًهُنَّ هَوَالِكُ.
أى: سترته بوقوث!ا فى الغيطان، وبطون الأرض.
قال الإمام: وقول العاشرة: (زوجى مالك) الحديث، تقول: إنه لا يوجه إبله تسرح نهارا إلا قليلا ولكنهن يتركن بفنائه فإن نزل به ضيف لم تكن الإبل غائبة عنه، ولكنها بحضرته فيقريهم من ألبانها ولحومها.
والمزهر: العود الذى يضرب به، أرادت: أن زوجها عود (1) إبله إفا نزل به الضيفان أن ينحر لهم ويسقيهم الشراب، ويأيتهم بالمعازف، فإذا سمعت الإبل ذلك الصوت علمن أنهن منحورات فذلك قولها: (أيقن أنهن هوالك).
قال القاضى: المسارح: المراعى البعيدة، يقال: سرحت الإبل فسرحت اللازم والواقع واحد فعلت فيها، قال الله تعالى: { وَحِينَ تَسْرَحُونَ} (2).
قال بعضهم فى معنى قولها: (كثيرات المبارك، قليلات المسارح): أنها كثيرة فى حال بروكها، قليلة افا سرحت لكثرة ما تسار فتحلب ثم تعزل (3)، قلكثرة (4) ما يفعل ذلك بها كثرت مباركها، وهى "قليلات المسارح لما ة لقلتها فى ذاتها، وقيل: بل مباركها كثيرة ما ينحر منها للأضياف.
قال: ولو كان كما تقدم لماتت هزالا، وقيل: بل معناها: (كثيرة المبارك): اْى مباركها فى الحقوق والعطايا والحملان والأضياف كثيرة.
ومراعيها قليلة، أى أنها تكثر فى مباركها بمن ينتابها من الضيفان[ والمعمقن] (ْ).
دإلى هذا ذهب يعقوب بن السكيت واحتج عليه بقول عروة بن الورد:
بريح على الليل قربان ماجد كريم ومالى سارحا مال معسر
قال: تقول: إذا راحت بالعشى رأح فيها الضيفان، و(فا سرحت كانت قليلة ؛ لأنه
لا أحد فيها منهم يكثر سواث!ا، ونحوه لابن الأنبارى.
وفصب أبو سعيد النيسابورى فى قولها: (إذا سمعن صوت مزهر) أنه مزهر النار للأضياف، أى موقدها، ويكون بضم الميم، تريد صوت معمعة النار فى وقيدها به للضيفان.
قال: ولم تكن العرب تعرف المزهر الذى هو العود، إلا من خالط الحضر
(1) فى ز، ح: قد عود.
(2) النحل: 6.
(3) فى ح تترك.
(4) فى ز: فكثرت، والمنبت من ح.
(5) هكذا فى ز وغير مقروعة فى ح، وفى ال البى: والمعتفين.
والعتف: النتف.
يقال: مضى عِتف من الليل وعدق من الليل، اى قطعة.
راجع كلمة (عتف) فى اللسان.
(7/462)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع 463 قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِى أبُو زَرْعٍ، فَمَا أبْو زَرْعٍ ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِى اذُنَىَّ، وَمَلأَ
مِنْ شَحْم عَضُدَىَّ، وَبَخحَنِى فَبَجَحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى، وَجَدَنِى فِى اهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقّ،
منهم، ولم يقل: (سامع) أنه لم يروه أحد بضم الميم، وقد جاء ذكر المزهر والعود والكيران (1) فى أشعار العرب كثير.
ومن يقول: إن هؤلاء النسوة من غير أهل الحضر، فكيف وفى بعض الروايات: أنهن من قرية من قرى اليمن، فهؤلاء أهل حاضرة.
وقول (الحادية عشرة) كذا فى رواية بعض / شيوخنا، وهو ضبط الجيانى، وعند السجزى: ! الحادية عشر) بغيرها، وعند العذرى والسمرقندى: (الحادى عشرة)، ووجه الكلام والمعروف والصحيح الرواية ال الولى.
وفى الشن وجهان: الإسكان والكسر (2).
والكلمتان مفتوحتان الاَخر ؛ لاءنهما كالكلمة الواحدة[ كحضرموت] (3).
واختلف أهل العربية إذا لم تدخل علمِها الألف واللام، فأجاز بعضهم اْحد الإعراب فى الكلمة الأولى وأباه سيبويه.
قال الإمام: قال أبو عبيد: قول الحادية عشر: (أناس من حلى أُذنى): تريد حلانى قرطة وشنوفا فهى تنوس بأذنى، والنوس: الحركة من كل شىء متدل، يقال منه: ناس ينوس نوسا وأناسه غيره أناس.
قال ابن الكلبى: إنما سمى ملك اليمن[ دانواس] (4) لضفيرتين كانتا له تنوسان على عاتقه.
وقولها: ! وملأ من شحم عضدى): لم ترد العضد خاصة، إنما أرادت الجسد كله، تقول: إنه أسمننى بإحسانه الى، فإذا سمن العضد سمن سائر الجسد.
وقولها: (وبجحَنى فبجحت): أى فرحنى ففرحت.
وقال ابن الأنبارى: معناه: عظمنى فعظمت عند نفسى، يقال: فلان يتبجح بكذا، أى يتعظم ويترفع ويفتخر.
[ قال] (5): ومنه قول الشاعر:
وما الفقر من أرض العشيرة ساقنا إليك ولكنا بقرباك نبجح
أى نفخر ونعظم بقرابنا منك.
قال أبو عبيد: وقولها: (وجدنى فى أهل غنيمة بثق): يعنى أن أهلها كانوا أصحاب غنم ليسوا بأصحاب خيل ولا إبل ؛ لأن الصهيل أصوات الخيل والأطيط اصوات
(1) فى الأبى: الطيران.
(2) فى ز: والفتح، والمثبت من الا"بى، ح.
(3) فى ز جاءت الكلمتان مضروبا عليهما.
(4) هكذا فى ر، وفى الأبى: فا نواس، كذا فى ح أيضا.
(5) هكذا فى الأصل، وفى هاث! ح.
22 / ب
464
(7/463)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
فَجَعَلَنِى فِى أهْلِ صَهِيل وَأصط، وَدائِسيى وَمُنَق، فَعِنْدَهُ أقُولُ فَلاَ اقَغ، وَأرْقُدُ فَا"تَصَبَّحُ، وَأشْرَبُ فَاءتَقَنَّحُ.
ائمُ أرى زَرْع، فَمَا امُّ أبِى زَرْعٍ ؟ عُكُومُهَا رَدَ 2، وَبَيَتْهُا فَسَاخ.
الإبل وحنينها، وقد يكون الأطيط أيضا غير صوت الإبل، واحتج بحديث عتة بن غزوان: ا ليأتين على باب الجنة وقت له فيه أطيط) ؛ أى صوت بالزحام.
قال: و"شق) موضع.
قال الق الى: بالكسر ضبطناه فى الصحيح، قال أبو عبيد: والمحدثون يقولون: "شق) وبالكسر والفتح، وهو موضع.
قال الهروى: وهو الصواب، وقال ابن الأنبارى: هما بالفتح والكسر موضع.
قال ابن أبى أويس وابن حبيب: يعنى شق جبل لقلتهم وقلة غنمهم، وشق الجبل بالكسر: ناحيته.
وقال القتبى: ويقطونه بشق[ بالكسر] (1)، أى بشظف من العيش وجهد، وقيل ذلك فى قوله تعالى: { إلأَ بِشِق الأَنفُس} (2).
وهذا عندى أشبه بمعنى الحديث.
قال الإمام: وقولها: (ودائس ومنق): تريد أنهم أصحاب زرع، فهم يدرسونه إذا حصد[ وينقونه] (3) من خلط وزوان ونحو ذلك.
قال القاضى: قال يعقوب: الدائس: الذى يدوس الطعام.
قال الهروى: داس الطعام ودوسه.
وقال غيره: الداس: [ ا لأبذر] (4).
وقال بعضهم: الدياس: الطعام الذى أهله فى دياسه[ وعند غيره] (5)[ فجعل] (6) خيرهم متصل.
وأما قولها: (منق) فروايتنا فيه بالفتح.
قال أبو عبيد: والمحدثون يقولونه بالكسر،
ولا اْدرى معناه، وأحسبه بالفتح تريد من يبقى الطعام، وحكى الهروى: المنقى بالغربال، وقاله ابن أبى أويس بالكسر، قال: وهو نقيق أصوات المواشى والأنعام، تصف كثرة ماله.
وقال النيسابورى: تريد الدجاج يقال: أنقى الرجل، إذا كان له دجاج منقى ونقيق.
وقال أبو مروان بن سراج: يجوز أن يكون (منق) بالإسكان إن كان روى، أى أصحاب أنعام سمان ذات تقى.
وقولها: (فعنده أقول فلا أقبح لما، قال الإمام: تقول: لا يقبح قولى فيرد بل يقبل
(1) ذكرت فى هامثى ح.
(2) النحل: 7.
(3) هكذا فى ز، وفى الأبى: يدرسونه.
(4) كذا فى ز، وفى الأبى: الأندر، وفى خ: الأنذر.
(5) هكذا فى ز، وفى الأبى وح: وعندهم غيره.
(6) ساقطة من ح.
(7/464)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكرحديث أم زرع 465 منى.
وقولها.
" وأشرب فأتقمح دا: النقح فى الشرب مأخوذ من الناقة المقامح.
قال الأصمعى: وهى التى ترد الحوض فلا تشرب.
قال ابو عبيد: وأحسب قولها: (ما يقمح ": أى أروى حتى أدع الشراب من شدة الرى.
قال: ولا أراها قالت هذا إلا من عزة الماء عندهم.
قال: وبعض الناس يروى هذا الحرف " فأتقنح) بالنون، ولا أعرف هذا الحرف ولا أرى المحفوظ إلا بالميم.
قال القاضى: لم نروه فى كتاب مسلم والبخارى إلا بالنون، وقال البخارى فى حاشية الكتاب: وقال بعضهم: (فأتقمح) بالميم وهو أصح.
قال القاصْى: والنون صحيحة.
قال ابو على القالى فى كتابيه (البارع والآمال)
[ وشمر بن حميد ويه] (1): [ قنحت الإبل قنحا] (2): إذا كرهت الشرب، وأكثر كلامهم: تقنحت نقحا.
قاله أبو زيد.
وقال نحوه ابن السكيت وأبو حنيفة.
فالميم إذا والنون بمعنى، وكثيرا ما يتوارد كقولهم: امتقع وانتقع، وقال شمر: التقنح الشرب فوق الرى.
قال ابن حبيب: عن ابن أبى أويس: هو الذى بعد الرى.
وقال النيسابورى: هو الشرب على رسل لكثرة اللبئ فليس يتاميها غيرها.
وقال يعقوب: (فأتقنح): أى فلا يقطع على شربى.
وقولها: (وأرقد فأتصبح): أى أنام الصبحة، وهى يوم أول النهار، تريد اْنها مرفهة، عندها من يخدمها ويكفيها موونة بيتها، إذ لا ينام الصبحة إلا من هو بهذه الصفة.
تال امرؤ القيس:
نؤوم الضحى لم تنطق عن تفضل
وقولها: (أم أبى زرع فما أم أبى زرع)، وفى رواية العذرى: (أم زرع)، وهو وهم.
وقولها: (عكومها رداح)، قال الإمام: قال ألو عبيد: العكوم: الأحمال والأوعية والأعدال، التى فيها طرف الأطعمة والمتاع، واحدها عكم.
(ورداح): عظام كثيرة الحشو، ومنه قيل للمرأة إذا كانت عظيمة الاكفال: رداح.
وللكثيبة إذا عظمت: رداح.
قال القاضى: قد يحتمل أنه أراد بعكومها هنا كفلها وعظمه.
وقولها: (رداح) وهو واحد خبرا عن العكوم، وهى جمع والجمع لا يوصف بالمفرد، ولا يخبر به عنه، والمراد كل عكم منها رداح، أو يكون رداح هنا مصدرا
(1) هكذا فى ز، وفى ح: شمر بن حمدويه.
(2) هكذا فى ز، ح، اما فى الأبى: قمحت الإبل قمحا.
23 / ب
466
(7/465)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع ابْنُ أَبِى زَرْعِ، فَمَا ابْنُ أبِى زَرع ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَل شَطبَة، وَيُشْبِعُهُ فِرَلُ الجَفْرَةِ.
بِنْتُ أَبِى زَرع، فَمَا بِنْتُ أبِى زَرْع ؟ طَوع أبِيهَا وَطَوع امِّهَا، وَمِلْءُ كسَائهَا وَغَيْظُ جَارَتِهَا.
جَارِبَةُ أبِى زَرْع، فَمَا جَارِبَةُ أَبِى زَرع ؟ لا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنقِّثُ مِيرَتَنَا كالذهاب والطلاق، أو يكون على التشبيه، كقوله تعالى: { ال!مئمَاءُ ئنفَطِرٌ بِه} (1) أى ذات انفطار، على مذهب من قال ذلك، أو تكون أرادت الكفل فوصفته برداح، حملاً على المعنى، كما قال: (ثلاث شخوص كأعبالن ومعصر).
وقولها: " وبيتها فساح): يعنى متع، يقال: بيت فسح وفساح، وقد يحتمل أن
تريد أنها كثيرة الير والنعمة، فكنّت بالبيت عن ذلك.
وقولها فى ابن أبى زرع: (مضجعه (2) كمسل المشطبة) بفتح الشين والميم، قال الإمام: المشطبة: أصلها ما شطب من جريد النخل، وهو سعفه، وذلك أنه يشقق منه قضبان رقاق ينسج منه الحصر، فأخبرت المرأة أنه مهفهف ضرب اللحم، شبه بتلك الشطبة، وهو مما يمدح[ منه] (3) به الرجال (4).
وقولها: (تشبعه ذرل الجفرة لما: هى الأنثى من أولاد الغنم، والذكر جفر، والعرب تمدح بقلة الاكل والشرب.
قال القاصْى: قال ابن الأعرابى وغيره: أراد تمثيل الشطبة هنا بالسيف يستل من غمده /.
واختلف أهل اللغة فى الجفر، هل هو من ولد الضأن ؟ وهو قول[ ابن] (5) الأنبارى، وابن دريد، أو ولد المعز، وهو قول أبى عبيد وغيره، وهو إذا استجفر وفصل عن أمه، واْخذ فى الرعى وصار له بطن.
وقولها: فى ابنة أبى زرع: (ملء كسائها): اْى أنها ممتلئة الجسم.
وقولها فى الحديث الاَخر: (صفر ردائها) (6): أى خالية، والصفر: الشىء الفارغ.
قال الهروى: أى ضامرة البطن، والرداء ينتهى الى البطن، وقال غيره: تريد أنها خفيفة أعلى اليد من البدن، وهو موضع الرداء ممتلئة أسفله، وهو موضع الكساء والإزار، ويويد هذا قولها فى بعض روايات الحديث: (ملء إزارها) والاءولى أنها أرادت أن امتلاء منكبيها، وقيام نهديها يرفعان الرداء عن أعلى جسدها، فهو لا يمسه، فهو كالفارغ منها، بخلاف أسفلها كما قال الشاعر:
أبت الروادف والثدى لقمصها مس البطون وأن ثمس ظهورا
(1) المزمل: 18.
(4) فى خ: الرجل.
(2) فى خ: موضعه.
(5) فى هامش خ.
(3) غير مثبتة فى ح.
يلا) حديث (92) مكرر بالباب.
(7/466)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
467
تَنْقِيثًا، وَلا تَمْلأ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا.
قاَلَت: خَرَجَ ابُو زَرع وَالأوْطَابُ تُمخّضرُ، فَلَقِىَ امْرَاة مَعَهَا وَلَدَانِ لَهاَ كَالفهْلَيْنِ، يَلعَباَنِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُفَانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى وَنَكَحَهَا، فَنَكَحَتُ بَعْدَهُ رَجُلا سَرِيا، رَكِبَ شَرِيا، وَاخَذَ خَطبَّا، وَارَلَ عَلَىَّ نَعَما ثَرِيا، وَأَعْطَأنِى مِنْ كُلِّ رَائحَة زَوْخا.
قاَلَ: كُلِى امَّ زَرعْ وَمِيرِى أهْلَكِ.
ًَ
وقولها: " وغيظ جارتها): تريد ضرتها، يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها، وفى الرواية الأخرى: (وعقر جارتها) كذا ضبطناه عن جميع شيوخنا بفتح العين والقاف، وقيده الجيانى: (عُبْر) بضم الين وسكون الباء، وكذا ذكره ابن الأنبارى، وأرى الجيانى أصلحه من كتابه، وفسره ابن الأنبارى بوجهن:
أحدهما: أنه من الاعتبار أى إنما يرى من عفتها وحسنها ما تعتبر به.
والثالْى: من العبرة والبكاء أى يرى من ذلك ما يبك!! عينها حسدا وغيظا لذلك،
كما تقدم فى الرواية الاَخرى، وعلى رواية: (عقر لما فمن هذا، أى دهق جارتها، يقال: عقر إذا دثر أى أن ذلك يدهشها.
او يكون من القتل أو الجرح، ومنه: صيد عقير، أى قتيل أو مجروح.
وعقر فلان إبله: قتلها، وكلب عقور: أى جارح.
وقولها فى جارية أبى زرع: ا لا تبث حديثنا تبثيثا): رويناه هنا بالباء، قال الإمام: معناه: لا تشيعه ولا تظهره، ويروى: ا لا تنبث) بالنون، ومعناه قريب من الأول، أى لا تظهر سرنا.
وقولها: (ولا تنقث ميرتنا تنقيثا): يعنى الطعام، لا تأخذه فتذهب به.
تصفها
با لاءمانة.
والتنقيث: الإسراع بالشىء.
قال القاضى: روايتنا فيه هنا فى الحديث الأول بضم التاء وفتح النون وكسر القاف،
وفى الحديث بعده[ بفتح التاء وضم القاف] (1) لكافتهم.
قال ابن حبيب: ومعناه: لا تفسده وتفرقه وتسرع فيه، وليس من الإسراع فى السير.
والميرة: ما يمتاره البدوى من الحضر من طعام، ولبعض شيوخنا فى هذا الحديث عندنا ضبط غير ما تمَدم، وكله تصحيف ووهم.
وقولها: (ولا تملأ بيتنا تعشيشا)، قال الإمام: قال الخطابى: لم يفسره اْبو عبيد.
والتعشش - بالعيئ المهملة - مأخوذ من قولهم: عشش الخبز: إذا فسد، يريد
(1) فى هام!خ.
1 / 24
468
(7/467)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَىءٍ اعْطَانِى مَا بَلَغَ اصْغَرَآنِيَةِ ابِى زَرع.
قاَلَتْ عَائِشَةُ: قاَلَ لِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كنتُ لَكِ كَأبِى زَرع لأمِّ زَرع لما.
(... ) وَحَد"شيه الحَسَنُ بْنُ علىٍّ الحُلوَانىُّ، حَد!نناَ مُوسَى بْنُ إسْمَاعيل، حدثنا سعيدُ
ص ص نص ص
ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هَشًام ثنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِشنًادِ.
غَيرَ أنَّهُ قاَلَ: عَياَيَاَءُ طِباً قاَءُ.
وَلَمْ يَشُكَّ.
وَقاَلَ: قَلِيلاتُ الَمَسَارِح.
وَقاَلَ: وَصِفْرُ رِدَائِهاَ، وَخَيْرُ نِسَائِهاَ، وَعَقْرُ جَارَتِهاَ.
وَقاَلَ ة وَلا تَنْقُثُ مِيرَتَناَ تَنْقِيثا.
وَقاَلَ: وَأعْطَانِى مِنْ كُلّ ذَابِحَةٍ زَوْجًا.
أنها تحسن مراعاة الطعام والمخبوز.
قال القاصْى: إنما يصح هذا على رواية من يروى: (ولا تفسد ميرتنا تعششا)،
وأما على ما فى الأم: (ولا تملأ بيتنا تعشيشا) بالعين المهملة فيهما فمعناه: أنها مصلحة للبيت معتنية بتنظيفه، دالقاء كناسته، ولا تتركها فيه مجتمعة هنا وهنا كأعشاش الطير.
وقال: إنها تكنسه وتنظفه ولا تتركه مثل عش الطائر / فى قذره، وقيل: لا تخوننا فى طعامنا فتخبزه فى زوايا المنزل كأعشاش الطيور.
ومن روى (تغشيشا) بالمعجمة فمن الغش والخيانة، قيل: فى الطعام وقيل: من النميمة.
وقولها: (والأوطاب تمخض): جمع هنا وطبا على أوطاب، وهو نادر، ولم
يأت فعل على أفعال إلا فى حروف قليلة فى الصحيح، وهى فى المعتل كثير، وجمع وطب فى المعلوم وطاب فى القلة، وأوطب فى الكثرة.
وقد جاء فى رواية ابن السكيت: (وطاب) على الأصل.
وفى النسائى: (أطاب بالتمر) كأنه بدل من الواو، وكما قالوا: وشاح وأشاح، ووكاف وأكاف.
قال الإمام: قال أبو عبيد: الأوطاب أسقية اللبئ، واحدها وطب.
وقولها: (يلعبان من تحت خصرها برمانتين): يعنى أنها ذات كفل عظيم، فإذا استلقت نتأ الكفل بها من الأرض حثى تصرِ تحت خصرها فجوة يجرى فيها الرمان.
قال الق الى: ذهب بعضهم أن المراد بالرمانتين هنا الثديين.
ورد أبو عبيد هذا وقال:
ليس هنا موضعه، وذكر نحو ما تقدم.
وما أنكره أبو عبيد عندى أظهر وأشبه، لاسيما وقد روى: (من تحت صدرها ومن تحت درعها) ؛ ولأن العادة لم تجر برمى الصبيان الرمان أصلاب أمهاتهم ولا استلقاء النساء لهن لذلك حتى يشاهد ذلك منهم الرجال، والأشبه أنها رمانتا النهدين، شبهها كذلك لنهودها.
ودل[ ذلك] (1) على صغرها وقياسها.
(1) فى هامش !.
(7/468)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع 469 وقولها: " فنكحت بعده رجلاً سريا): أى شريفا، وقيل: سخيا.
وسراة كل
شىء خياره، فهذه بالسن المهملة، ويقال بالشين المعجمة أيضا، حكاهما يعقوب.
وقولها: (ركب شريا) هنا بالمعجمة لا غير، قال الإمام: الشرى يعنى به الفرس
الذى يستشرى فى سيره، أى يلح ويمضى بلا فتور وانكسار.
والخطى ة الرمح، يقال له ذلك لاَنه يأتى من بلاد ناحية البحرين يقال لها الخط.
قال القاضى: [ قال يعقوب] (1): فرس شرى خيار فائق، وقيل: الخط الساحلى، وكل الساحل خط.
وفى الجمهرة نحوه.
وقال عن بعض اللغوين: الخط سيف البحرين وعمان، وقيل: إن سفينته فى أول الزمان مملؤة رماحا قذفها البحر مرة الى ناحية البحرين، فخرجت رماحها فيها، فنسبت إليها.
ولا يصح قول من قال: إن الخط منبت الرمال.
وقولها: (أراح على نعماء): أى أتى بها إلى منزلى للمريح، وهو موضع مبيتها، ومنه: وأعطانى من كل رائحة ( صلى الله عليه وسلم ) أى مما يروح من إبل وبقر وغنم وعبيد زوجا، والزوج يعنى اثنن، وهذا يرد على من أنكر أنه لا يقع على الاثنين ؛ لأنه يعلم أنها لم ترد هنا واحدأ، وقد يقع الزوج على الفرد، ولكن إدا ثنى قيل: زوجان.
وقد يريد بقولها زوجها صنفا، والزوج الصنف، ومنه قوله تعالى: { وَكُنتُمْ أَيْوَاجًا ثَلاثَةً} (2).
وأما قولها: (من كل ذى رائحة) ولا يضاف (ذو) عند أهل العربية إلا إلى
الاَ جناس، يقال: ذو مال، وذو إبل، وذو غنم (3).
ولا يجيزون: ذو عاقل، ولا ذو عالم ؛ لأنهم استغنوا بوصفها بعاقل عن زيادة ذى، وأما ذو عقل فأجروه مجرى عاقل، لكنه قد جاء ذو عين وذو كلاع ونحوه.
وهو عندهم شاذ ة ولذلك قالوا: ذا صباح وذا مساء، وذو رائحة من هذا، كأنه / جاء دعما للكلام وصلة له، والمعنى: من كل رائحة، ولا أعلم فى الشعر ولا فى كلام العرب لهذه اللفظة التى جاءت فى الحديث مثلأ.
وقد يكون كل ذى رائحة بمعنى الذى يأتى من كل الذى هو رائحة، كما قالوا: افعل
بذى تسلم، أى سلامتك، أى الذى هو سلامتك.
والنعم، بفتح النون: الإبل خاصة، هذا قول أكثرهم، وذهب بعضهم إلى أنه يطلق على جماعة المواشى إذا كان فيها إبل، وقال بعضهم: النعم والأنعام بمعنى واحد.
وقولها: (ثريا)، قال الإمام: الثرى الكثير من المال وغيره، ومنه: الثروة فى
المال، وهو الوفور والكثرة فيه.
(1) فى هامث!خ.
(2) ا لوا قعة: 7.
(3) فى خ: علم.
24 / ب
470
(7/469)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع
قال القاضى: وقوله:، ميرى أهلك): أى تفضلى عليهم وصليهم من الميرة،
وقد تقدم.
وقوله - علحِه الصلاة والسلام -: (كنت لك كأبى زرع لأم زرع): تطييبا لنفسها، ومبالغة فى حسن عشرتها، ومعناه: أنا لك، وتكون (كان) زائدة، أو تكون على بابها، ويراد بها الاتصال، أى كنت لك فيما مضى وأنا كذلك، أو على بابها.
أو كنت لك فى قضاء الله وسابق علمه كأبى زرع فى إحسانه ومحبته لها.
قال الإمام: قال بعضهم: فيه من الفقه (1) حسن العشرة مع الأهل، واستحباب محادثتهن، بما لا اثم فيه، وفيه أن[ بعضهم] (2) بعضهن قد ذكر (3) عيوب أزواجهن فلم يكن ذلك غيبة إذا كانوا لا يعرفون بأعيانهم وأسمائهم، دانما الغيبة أن يقمدن عيان من الناس فيذكروا بما يكرهون من القول ويتأذون به، وانما يفتفر عندى إلى الاعتذار [ عندى فى القول] (4) عن هذا لو كان سمع إليه - عليه الصلاة والسلام - امرأة تغتاب زوجها من غير تسمية فأقرها على ذلك.
فأما حكاية عائشة - رضى الله عنها - عن نساء مجهولات لا تدرى من هن فى العالم، أو ليس بحاضرات ينكر عليهن، فلا يكون حجة على جواز ذلك وحالها فى ذلك كحال من يقول (5): فى العالم من يعصى الله، ومن سرق، فإن ذلك لا يكون غيبة لرجل معين، وهذا يغنى عن الاعتذار الذى حكيناه عن بعضهم.
لكن المسألة لو تركت ووصفت امرأة زوجها بما هو غيبة وهو معروف عند السامعين
فإن ذلك ممنوع، ولا فرق بين قولها: فلان ابن فلان من صفته كذا وكذا وهو معروف، لكن لو كان مجهولا وممن لا يعرف بعد البحث عنه، وهذا الذى لا حرج فيه على رأى بعضهم الذى قدمناه، وكأنه ينزل عنده بمنزلة من قال: فى العالم من يعصى ويسرق، وللنظر فيما قال مجال.
قال القاصْى: قد صدق فيما قال: إن تحقيق مسألة الغيبة توذى المغتاب بما قيل عنه وينقص به داذا كان مجهولا عند القائل والسامع أو ممن يبلغه الحديث عنه فليس بغيبة ؛ إذ لا يتأذى إلا بتعيينه، وقد قال إبراهيم: لا تكون غيبة مالم يسم صاحبها، يريد أن ينبه بأمر يفهم عية.
وهؤلاء نساء مجهولات الأعيان والأزواج بائدات الزمان لم يثبت لهم إيمان يحكم فيهم بالغيبة.
لو تعين جميعهم، فكيف مع الجهالة بهم، ولو كن معروفات مؤمنات لكان ذكرهن لأزواجهن - و(ن جهلوا - غيبة ؛ إذ قد تعينوا بهن، كما لو قيل:
(1) فى ح: العلم.
(2) ساقطة من ح، ومضروب عليها فى ز.
(3) فى ح: ذكرن.
(5) فى ح: قال.
(4) سقط من ح.
(7/470)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر حديث أم زرع 471
إن ابن فلان ولم يسم لكان غيبة، دإن جهله السامع.
/ قال القاضى: قد الَّفنا كتابا فى حديث اْم زرع[ قديما] (1) كتابا مفرداً كبيرأ، وذكرنا فيه[ وجميع زياداته، وبسطنا شرح معانيه] (2) اختلاف رواياته وتسمية رواته ولغاته، وخرجنا فيه من مسائل الفقه نحو عشرين مسألة، ومن غريب العربية مثلها، وهو كثير بأيدى الناس.
وقد ترجم البخارى عليه: (باب حسن المعاشرة مع الأهل) (3).
وفيه - أيضا - جواز الحديث عن الأمم الخالية والاَجيال الماضية بملح الأخبار وطرف الحكايات ؛ لتسلية النفس.
وكذا ترجم عليه الترمذى فى شمائله: (باب ما جاء فى كلام رسول الله خير فى السمر).
وفيه من الفقه أن المشبه بالشىء لا ينزل منزلته فى كل شىء، وأن اللازم بكنايات الطلاق والعتق ونحوه إنما ذلك مع النيات، أو الألفاظ الصريحة، والكنايات البينة.
والنبى - عليه الصلاة والسلام - شبه نفسه النقية مع عائشة فى حسن الصحبة بأبى زرع[ مع] (4) ائم زرع ومن أفعال أبى زرع معها الطلاق يدخل فيه، ولا أراده، ولو أن رجلا ذكر امرأة له طلقها فوصفها لزوجة أخرى بأوصافها المحمودة والمكروهة، ثم ذكر اْنه قد طلقها، وقال لها: أنت كذلك لم يلزمه الطلاق، إلا أن يريد ذلك، ويفهم من مقصوده بقرينة الحال، أو لم يذكر شيئا سوى طلاقه لها[ ثم قال لها] (5): وأنت كذلك.
(1، 2) من خ.
(3) 1 لبخا رى 7 / 34.
(4) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(5) سقط من ز، والمثبت من ح.
25 / أ
472
(7/471)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل فاطمة...
إلخ
(15) باب فضائل فاطمة، بنت النبىّ، عليها الصلاة والسلام
93 - (2449) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يُونُسَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، كِلاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
قاَلَ ابْنُ يُونُسَ: حدثنا لَيْثٌ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْد اللّهً بْنِ أبِى مُلَيْكَةَ القُرَشِىُّ التَّيْمِىً ؛ أَنَّ المِسْورَ بْنَ مَخْرَمَةَ حَد 8لهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى المنْبَرِ، وَهُوْ يَقُولُ: (إِنَّ بَنِى هِشَام بْنِ اْلمُغيرةِ اسْتَأفَنُونِى أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عًلِىَّ بْنَ أَبِى طَالَبٍ، فَلا اذنُ لَهُمْ، ثُمَّ لا اذنُ لَهُمْ، ثُمَّ لاَ اَذَنُ لَهُمْ، إِلا أنْ يُحِبَّ ابْنُ أبِى طَالِبٍ أنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِى وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَأ ابْنَتِى بَضْعَة مِنِّى، يَرِيبُنىِ مَارَابَهاَ، وُيؤْذِينِى مَا اَذَاهَا ".
94 - (... ) حدّثنى أَبُو مَعْمَر إِسْمَاعِيلُ بْنُ إٍ برَاهِيمَ الهُذَلِىُّ، حَد*شاَ سُفْيَان، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أبِى مُلَيْكَةَ، عَنِ ائمِسْوَرِ بْنِ مَخْرمَةَ قَالَ: قاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّمأَ فَاطِمَةُ بضْعَة مِنِّى، يُؤْذِينِى ما اذاهَا).
95 - (... ) حدّثنى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، أَخْبَرَناَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَد*شاَ أَبِى، عَنِ الوَديدِ بْنِ كَثيرٍ، حَدثَّنى مُحَمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلحَلَةَ الدُّؤَلِىُّ ؛ أَنَّ ابْنَ شِهَاب حَد*لهُ ؛ انَّ عَلِىًّ بْنَ الحُسَيْن حَد*لهُ ؛ أَنَّهُمْ حِ!!نَ قَدحِمُوا المَدِينَةَ، مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوً يَةَ، مَقْتَلَ الحُسَيئِ بْنِ عَلِىٍّ رضى الله عنهما، لَقيَهُ المسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ.
فَقاَلَ لَهُ: هَلْ لَكَ إِلَى منْ حَاجَة تَأمُرُنِى بِهاَ ؟ قاَلَ: فَقُلتُ لَهُ: لاَ.
قاَلً لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُعْطِى سَيْفَ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَإِنِّى أخَافُ أنْ يَغْلِبَكَ القَوْمُ عَلَيْهِ.
وَايْمُ اللهِ، لَئِنْ أعْطَيْتَنِيهِ لا يُخْلَصُ إِلَيْهِ أبَدًا، حَتًّى تَبْلُغَ
ودْكر مسلم خطبة النبى - عليه الصلاة والسلام - فى شأن فاطمة، وخطبة على بنت
أبى جهل، وقوله: ا لا اَذن، ثم لا أذن، إلا أن يريد ابن أبى طالب أن يطلق ابنتى)، وقوله: (فإنها ابنتى، بضعة منى، يؤذينى ما اذاها)، وقوله فى الحديث الأخر: (إنى لست أحل حراما ولا أحرم حلالا، ولكن والله، لا تجتمع بنت عدو الله وابنة رسول الله مكانا واحدا[ ابدا] (1))، وقوله: (وإنما اخاف أن تفق فى دينها): قال أهل العلم: فيه تحريم اذى النبى - عليه الصلاة والسلام - بكل وجه دإن كان ما يباح للرجل فى الشرع
(1) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/472)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل فاطمة...
إلخ
473
نَفْسى.
إِنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِب خَطَبَ بنْتَ أَبِى جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ، فَسَمعْتُ رَسُولَ الله عليه وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ فِى ذَلِكَ، عَلًى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَناَ يَوْمَئِذ مُحْتَلِمَ، فَقاَلَ: (إِن فَاطِمَةَ مِنِّى، وَإِنِّى أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِى!ينِهاَ).
قاَلَ: ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِى عَبْدِ شَصْمبى، فَا"ثْنَى عَلَيْهِ فِى مُصَاهَرَتِه إِئاهُ فَا"حْسَنَ.
قاَلَ: (حَد*شِى فَصَدَقَنِى، وَوَعَدَنِى فَا"وْفَى لِى، وَإِنِّى لَمسْتُ أُحَرِّمُ حَلالا وَلَا احِلّ حَرَافا، وَلَكِنْ وَاللّهِ، لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَبِنْتُ عَدُوِّ ال!هِ مَكَانا وَاحِدا أَبَدًا لا.
96 - (... ) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىّ، أَخْبَرَناَ أَبُو اليَمَانِ، اخْبَرَناَ شُعَيْمب، عَنِ الرفرِىِّ، أَخْبَرَنِى عًلِىّ بْنُ حُسَيْن ؛ أَنَّ المِسْوَرَ بَنْ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ ؛ أَن عَلِى ابْنَ أَبِى طَالِب خَطَبَ بِنْتَ أَبى جَهْل، وَعِنْدَهُ فَاطِمَةُ بِنْت رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَمَّا سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطمَةُ اتَتِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقاَلَتْ لَهُ: إِنَّ قَوْمَكَ يَتَحَلَثّونَ أَنًًّلا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِىَّ، ناَكِخا ابْنَةَ أبِى جَهْل.
فعله، وانه فى ذلك بخلاف غيره ؛ لاءنه من فعل ما يجوز له فتأذى به غيره فلا حرج عليه، وحق النبى - عليه الصلاة والسلام - بخلاف هذا، لا يحل فعل شىء يتأذى به، ولو كان مباحا فعله فى حق المؤذى.
وفيه غيرة الرجل وجواز غضبه لقريبه وحرمته، وزبه عما يؤذيها بما يقدر عليه.
وقد اعلم - عليه الصلاة والسلام - بإباحة هذا لعلى، لكنه مغ جمعهما لعلتين: إحداهما: ال ذلك يؤدى إلى أذى فاطمة فيتأذى النبى - عليه الصلاة والسلام - بأذاها، كما قال.
والاءخرى: كراهة فتنتها فى دينها ؛ لفرط ما تحملها الغيرة عليه، وعداوة بنت عدو أبيها ومشاركخها لها.
وفيه فى أن الشىء!إن لم يكن محرما فى نفسه ولكن يخشى أن يكون ذريعة إلى ما
لا يجوز فينبغى اجتنابه وترك الوقوع فيه ومنعه.
وفيه أن ولد العدو عدو، وأن أولاد المتعاديين لهم حكم آبائهم، وابنة أبى جهل وإن كانت مسلمة فقد خاف منها النبى - عليه الصلاة والسلام - على ابنته.
وقد اختلف المذهب عندنا فى ذلك على ثلاثة أقوال: -
اخدها: إطلاق حكم العداوة لولد العدو لعداوة أبيه فى حياة أبيه وموته.
الآخر: أن ذلك غير مر 4 فى الولد، إلا أن تظهر فى نفسه عداوة.
25 / ب
474
(7/473)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل فاطمة...
إلخ
قاَلَ اْلمِسْوَرُ: فَقأَمَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَفَدَ.
ثُمَّ قاَلَ: (أمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى أنكَحْتُ
أَباَ العاَصِ بْنَ الرئيع، فَحَدثَنِى فَصَدَقَنِى، وَإِنَّ فَاطمَةَ بِنْتَ مُحَمَد مُضْغَةٌ مِئى، وَإِنَّماَ !ثْرَهُ أنْ يَفْتِنُوهَا.
! إِئهاَ، وَاللّهِ، لا تَجْتمعُ بِنْتُ رَسُولَ اللّهِ وَبِنْتُءَ!وِّ اللّهِ عِنْدَ رَجُل وَاحِد أَبَدا لا.
قاَلَ: فَتَرَكَ عَلِىٌّ الخِطبَه.
(... ) وَحَدثنِيهِ أبُو مَعْني الرَّقاَشِىُّ، حَدثناَ وَهْبٌ - يَعْنِى ابْنَ جَرِير - عَنْ أِبِيهِ، قاَلَ: سَمِعْتُ النّعْماَنَ - يَعْنِى النَ رَالث!د - يُحَذَثُ عَنْ الزهرِىِّ، بِهَذَا الإِسْناَدِ، نَحْوهُ.
97 - (2450) حدّثنا مَثصُورُ بْنُ أَبِى مُزَاحِبم، حَدثناَ إٍ ثرَاهِيمُ - يَعْنِى ابْنَ سَعْد -
عَنْ أبيه، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائثم!ةَ.
ح وَحَدثنى زهَيْرُ بْنُ حرْب - وَاللَفظُ لَهُ - حَدّثناَ وَ، 5، ًَ !َعً ير، - َ يرهَ !صهـ صًًّ صّ، ير يعْقوب بن إِبْراهيم، حدثنا ابِى عنْ إبيه ؛ ان عرْوة ثن الزبيرِ حدثه ؛ ان عائشة حدثتْه ؛ ان رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) دً عَا فَاطِمَةَ ابْنَتَهُ فَسَارًّ هًا فَبَكَتْ، ثُمَّ سَارَّهَا فَضَحكَتْ.
فًقاَلَتْ عَائشَةُ: فَقُلتُ !فاً طِمَةَ: مَا هَذَا الَذِ! سَارَّكِ بِهِ رَسمُولُ المحهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَبَكَيْتِ، َ ثُمَ سَارَّكِ فَضَحِكتِ ؟
الثالث: مراعاة أ ذلك فى حياة أبيه دون موته.
قال: وفيه من الفقه مراعاة] (1) الكفاءة فى المناكح ؛ ! ! لم ير - عليه السلام - / جواز اجتماع هاتين لتباين مراتبهما ؛ لكون هذه بنت نبى الله، وهذه بنت عدو الله.
وان كانتا حرتين مسلمتين فقس عليهما من تباين منازلهما كالحرة مع الأمة، وفى هذا المأخذ عندى ضعف شديد.
وقوله: (إنما فاطمة بضعة منى) أ بفتح] (2) الباء، وفى الرواية الأخرى: (مضغة) بضم الميم، وهما بمعنى.
المضغة: قطعة من اللحم.
وقوله: (يريبنى مارابها): قال الحربى: الريب: ما رابك من شىء خفت عقباه.
وقال الفراء: راب وأراب بمعنى.
وقال أبو زيد: رابنى الأمر: تيقنت منه الريبة، وأرابنى: شككنى وأوهمنى، ولم أستيقنه.
وحكى عن أبى زيد وغيرد مثل قول الفراء.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) سقط من الا"صل، واستدركت لالهامش بسهم.
(7/474)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل فاطمة...
إلخ
475
قاَلَتْ: سَارَّنِى فَا"خْبَرَنِى بِمَوْتِهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِى فَاع خْبَرَنِى انّى أَوَّلُ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ أهّلِهِ، فَضَحكْتُ.
98 - (... ) حلّثنا أبُو كَامِلِ الجَحْدَرِىُّ فَضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، حدثنا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ فِرَاس، عَنْ عَامِر، عَنْ مَسْرُوقِ، عَنْ عَائشَةَ قاَلَمت: كُنَّ أَزْوَل النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عِنْدَهُ، لَمْ يُغاَدرْ منْهُنَّ وَاحل!، فًاع قْبَلَتْ فَاطمَةُ تَمْشِى، مًاتُخْطِئُ مِشْيَتُهاَ مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئاَ، فًلَمَّا راَهَاَ رَحَّبَ بِهاَ.
فَقاَلً: (مَرْحبا بِابْنَتِى "، ثُمَّ أَجْلَسَهاَ عَنْ يَمينه اوْ عَنْ شمَالهِ، ثُمَّ سَارَّهَا فَبَكَتْ بُكَاءَ شَدِيدَا، فَلَمَّا رَأَى جَزَعَهاَ سَارَّهَا الثَانيَةَ فَضًحًكَتْ.
فَقُلتُ لَهاَ: خَصَّكِ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ بَيْنِ نسَائِه بالسِّرَار، ثُمَّ أَنْتِ تَبكَينَ ؟ فَلَمًّا قاَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَ التُهاَ مَاقاَلَ لَكِ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالًت: مَاكَنتُ افْشِى عَلَىَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سرَّهُ.
قَالَتْ: فَلَمَّا تُوفِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قُلتُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ، بِماَ لِى عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ، لَماَ حَدَّثتنِى ماَ قاَلَ لَكِ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقاَلَتْ: أمَّا الآنَ، فَنَعَمْ.
أمَّا حينَ سَارَّنِى فِى المَرَّةِ الأوَلَى، فَا"خْبَرَنِى أَنَ جبْرِيلً كَانَ يُعاَرِضُهُ القُران فِى كُلِّ سَنَة مَرَّةَ أً وْ مَرتَّيْنِ، وَإِثَّهُ عَارَضَهُ الآنَ مَر - ليْنِ، وَإِنِّىَ لا ارَى الأجَلَ إِلا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِى اَلتهَ وَاصْبِرِى، فَإنَّهُ نِعْمَ السَّلَفُ أناَ لَكِ).
تاَلَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِى ائَذِى رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِى سَارًّ نِى الثَّانِيَةَ فَقاَلَ: (ياَفَاطمَقُ! امَا تَرْضِى أَنْ تَكُونِى سيلَةَ نِسَاءِ اْلمُؤْمِنِينَ - أوْ سيِّدَةَ نِسَاءِ هَنِ! الأمَّةِ) ؟ قاَلَتْ: فَضَحَكْتُ ضَحِكِى ائَذِى رَأَيْتِ.
وقول فاطمة: (إنه - عليه السلام - أخبرها أنها أول من تتبعه من أهله !: من علامات نبوته - عليه الصلاة والسلام - دإخباره بالغيوب، فكانت كما أخبر: (ونعم السلف انا لك).
السلف: المتقدم فى الشىء، أى تقدمنى قبلك بالموت، لا مشفع لك وتردين على.
ومنه سلف الرجل متقدمو بابه.
وضحكها لذلك سرورا بلحاقها به، ودليل على إيثارهم الآخرة على الأولى.
وقوله: (أما ترضين ان تكونى سيدة نساء هذه الأمة): حجة لمن رأى فضلها على عائشة - رضى الله عنها.
وقوله: (كان جبريل يعارضه القران فى كل سنة مرة - أو مرتين - وأنه عارضنى
الاَن مرتين): ذكر (أو مرتين) هذا وهم ليس فى الحديث، والصواب إسقاطه كما جاء
476
(7/475)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل فاطمة...
إلخ
99 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، وَحَدثناَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ.
ح وَحدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أَبِى، حَدثناَ زَكَرِيَّاءُ عَنْ فِرَاس، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائِشَةَ قاَلَتِ: اجْتَمِعَ نِسَاءُ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمْ يُغاَدِرْ مِنْهُنَّ امْرَأَة، فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِى، كَأَنَّ مِشْيَتَهاَ مِشْيَةِ رسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَ: (مَرْخئا بِابْنَتى لما، فَا"جْلَسَها عَنْ يَمينه أوْ عَنْ شِمَاله، ثُمَ إِنَّهُ أسَرَ إِلَيْهاَ حَلِيثًا فَبَكَتْ فَاطمَةُ، ثُمَ إِنَهُ سَارًّ هَا فَضَحكَتْ أيْضًا.
فًقُلَتُ لَهاَ: مَايُبْكَيكِ ؟ فَقاَلَتْ: مَاكُنْتُ لاخمشِىَ سِر رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُلتُ، مَارَأَيْتُ كَاليَوم فَرَحأ أقْرَبُ مَنْ حُزْدط، فَقُلتُ لَهَاَ حَيَنَ بَكْتَ: أخَصكِ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بحَديثِهِ دُونَناَ ثمَ تَبكِينَ ؟ وَسَألتُهاَ عَمَّا قاَلَ فَقاَلَتْ: مَاكُنْتُ لأفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم )، حًتَّى إذَا قُبِضَ سَألتُهاَ فَقاَلَتْ: إِنَّهُ كَانَ حَدثنِى (أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعاَرِضُهُ القُران كُلًّ عَ المَرة، يإِئهُ عَارَضَهَ به فِى العاَمَ مَرتَّيْنِ، وَلا أَرَنِى إِلا قَدْ حَضَوَ أجَلِى، وَإِنَّكِ أؤَلُ أَهْلِى لحُوقًا بِى، وَنِعْمَ السًّلَفُ أناَ لَك).
فًبَكَيْتُ لذَلِك.
ثُمَّ إِئهُ سَارتى فَقاَلَ: (ألا تَرْضَيْنَ أنْ تَكُونِى سئدَةَ نِسَأء المؤْمِنِينَ.
أوْ سيِّلَةَ نِسَأءِهَنَهِ الأَفَةِ" ؟ فَضَحِكْتاُلِنَلِكَ.
فى الحديث بعده وفى سائر الأحاديث ؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - إنما استدل على اقتراب أجله مخالفته عادته، قيل: فى معارضته مرة ومعارضته الاَن مرتين.
(7/476)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أم سلمة...
الخ
477
(16) باب من فضائل أم سلمة، أم المومنين، رضى الله عنها
100 - (2451) حدّثنى عَبدُ الأعْلَى بْنُ حَمَّادٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الأعْلَى القَيْسىُّ، كِلاهُماَ عَنِ المُعْتَمِرِ.
قاَلَ ابْنُ حَمَاد: حَد، شاَ مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْماَنَ، قأَلَ: سَمِعْتُ ابِى، حَدثناَ أَبُو عثماَنَ عَنْ سَلماَنَ.
قاَلَ: لًا تَكُونَنَ، إِنِ اسْتَطَعْتَ، أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السئُوقَ وَلا اخرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنهاَ، فَإِنَّهاَ مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهاَ يَنْصِبُ رَايَتَهُ.
قاَلَ: وَأنبِئْتُ أَن جِبْرِيل - عَلَيْه السَّلامُ - اتَى نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَعنْدَهُ امُّ سَلَمَةَ.
قاَلَ: فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ ثُمَ قَامَ.
فَقاَلَ نَبِىُّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لأمِّ سَلَمَةَ: (مَنْ هَذَا ؟) اوْ كَماَ قاَلَ.
قاَلَتْ:
وقوله فى السوق: (معركة الشيطان): المعركة موضع القتال لتعارك الأبطال فيها، ومصارعة بعضهم بعضأَ، يشبه السوو وفعل الشيطان بأهلها، ونيله منهم فيها أكثر مما ينال فى غيرها، من حمله على الخديعة، والخلابة، والعقود الفاسدة، والاءيمان الكاذبة، وبلوغه أهله فيهم بمعركة الحرب، ومن يصرع فيها.
وقوله: (وبها ينصب رايته): إعلامأ بئبوته هناك ومجتمع أعوانه إليك، وأن السوق مطية (1) إغوائه، ومقام (2) نزغه وكيده.
ورؤية ائم سلمة جبريل فى صورة دحية الكلبى دليل على جواز رؤية بعض البشر للملائكة.
ووجود ذلك، ولكن لا يعلمون حينئذ أنهم الملائكة، وأن رؤيتهم لهم إذا كانوا
على صورة الاَدميين ؛ إذ لا تحتمل القوى البشرية الضعيفة غالبأَ رؤيتهم على غير ذلك، قال الله تعالى: { وَلَوْ جَعَباهُ مَلَكًا لَجَعَك هُ رَجُلاً! (3)
وفيه أن الملائكة يجبل الله خلقها متى شاء، فى اى صورة شاء، وأن لهم فى ذاتهم صورا خلقهم الله عليها، وهذا النبى - عليه الصلاة والسلام - أكئر ما كان[ يرى] (4) الملائكة فى صورة الإنس ليأنس إليه، وتطمئن نفسه،، ولا يهوله عظيم صورته الحقيقية، ! إنما رأى جبريل فى صورته كما قال فى الحديث (مرتن) (ْ).
(1) فى ز: مظنة، والمثبت من ح.
(2) فى!: معلم.
(3) الأنعام: 9 (4) فى هامة ح.
(5) البخارى، كبدء الخلق، بإذا قال أحدكم: اَمين 4 / 138.
478
(7/477)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أم سلمة...
إلخ،
هَذَا دحْيَةُ.
قاَلَ: فَقاَلَتْ امُّ سَلَمَةَ: ايْمُ اللّه! مَا حَسِبْتُهُ إلا إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطبَةَ نَبِىِّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يُخْبِرُ خَبَرَناَ، أَوْ كَماَ قاَلَ.
قاَلَ: فًقُلتُ لأبِى عثماَنَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا ؟ قاَلَ: مِنْ اسَامَةَ بْنِ زَيْد.
وقولها: " ايم الله! ما حسبته إلا دحية، حتى سمعت خطبة رسمِ ل الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخبر جبريل): كذا فى رواية الكسائى وابن الحذاء، وعند العذرى والسمرقندى مكان (يخبر جبريل): (يخبر خبرنا)، والصواب الأول ؛ بدليل سياق الكلام والحديث.
وعلى الصواب وقع فى كتاب البخارى (1)، وتقدم الكلام على " ايم الله) فقها ولغة.
(1) البخارى، كالمناقب، بعلامات النبوة فى الإسلام 4 / 250.
(7/478)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل زينب...
إلخ 479
(17) باب من فضائل زينب أم المومنين، رضى الله عنها
101 - (2452) حَدَثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلانَ أبُو أَحْمَدَ، حَلَثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِىُّ، أَخْبَرَنَا طَلحَةُ بْنُ يَحْيَى بْنِ طَلحَةَ، عَنْ عَائِشَة بنْت طَلحَةَ عَنْ عَائِشَةَ ام" المؤْمِنينَ، قَالتْ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَسْرَعُكُن لَحَاقأ بِى، أً طوَلُكُنَّ يلمًا).
قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطاَوَلنَ أيتهُنَّ أَطوَلُ يَداً.
قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطوَلَنَا يداً زَيْنَبُ ؛ لأنَهاَ كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَلِ!ا وَتَصَلَّقُ.
/ وقوله: (أسرعكن لحاقا بى أطولكن يدا لا: بين أنه أراد بالصدقة، وهذا اللفظ يعبر به عن الكرم والجود.
قال الإممام: قال أبو عبيد الهروى: يقال: فلان طويل اليد طويل الباع: إذا كان سمحأ جواداً، وفى ضده: قصير اليد والباع، وجعد الأنامل.
قال القاصْى: (فكن يتطاولن): يريد: أن يتقايسن أيتهن أطول يداً، أى جارحة، وكانت سودة اطولهن يدا، وكانت مَحسب ذلك حتى انكشف ذلك بموت زينب.
وفيه من علامات نبوته أيضأَ، داعلامه بما يكون فكان كذلك.
26 / َ ا
480
(7/479)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أم أيمن...
إلخ
(18) باب من فضائل أم أيمن رضى الله عنها
102 - (2453) حدّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَقْ سُلَيْماَنَ بْنِ المُغيرَةِ، عَقْ ثاَبتٍ، عَنْ أَنَسً، قاَلَ: انْطَلَقَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى امِّ أَيْمَنَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، َ فَناَوَلَتْهُ إِناَء فيه شَرَاب!.
قاَلَ: فَلا أَدْرِى أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ، فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عَلَيْهِ وَتَنَمَّر عًلًيْهِ.
103 - (2454) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرَب، أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ اهِلابِىُ، حَا شاَ سُلَيْماَنُ بْنُ المُغيرَةِ، عَنْ ثاَبت، عَنْ أَنَسٍ قاَلَ: قاَلَ أَبُو بَكْرِ رضى الله عنه، بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، لعُمَرَ: انْطَلِقْ بًنَا إِلَى امِّ ايْمَنَ نَزُورُهَا، كَماَ كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَزُورُهَا.
فَلَمَّا انْتَهَيناَ إلَيْهاَ بًكَتْ.
فَقاَلا لًهاَ: مَ اليكِ ؟ مَا عنْدَ الله خَيْزلرَسُولِه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَتْ: مَا جمى ألا ك!نَ أَعْلَمُ أنَ مَا عنْدَ الله خَيْزلِرَسُولِهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
وَلَكَنْ أبكِىَ أنَّ الَوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السًّمَاءِ.
فَهَيَّجَتْهُماَ عَلَى البُكًاءِ، فًجَعَلا يَبكِيَأنِ مَعَهَا.
وقوله فى حديث أم أيمن حين ناولت النبى - عليه الصلاة والسلام - إناء فيه شراب: (فلا أدرى أصادفته صائما أو لم يرده، فجعلت تصخب عليه وتذمر عليه لما: معنى (تصخب): تصيح وترفع صوتها، (وتذمر) أى تتكلم بكلام مغضب.
قال الاَصمعى: تذمر الرجل: إذا تغضب وتكلم أثناء[ ذلك] (1).
وقال غِره: تذمر الرجل: لام نفسه، يريد بالحديث أنها غضبت ولامته إذ ردّ ذلك عليها، ولم يشربه، وكانت منزلتها منه حيث علم، وحيث كان يقول: (أم أيمن أمى بعد أمى) ؛ لاَنها ربته وحضنته بعد موت أمه.
وفى زيارة أبى بكر وعمر لها اقتداء بفعل النبى - عليه الصلاة والسلام - ومراعاة لأنسابه - عليه السلام - وحفظا لاَهل وده.
وفيه جواز زيارة النساء جماعة، وزيارة المتخالات منهن، ومحادثتهن.
(1) فى هامش !.
(7/480)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أم سليم وبلال...
إلخ
(19) باب من فضائل أم سليم، أم أنس بن مالك
481
وبلال رضى الله عنهما
104 - (2455) حدّثنا حَسَن الحُلوَانِىُّ، حَا لناَ عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حدثنا هَمَائم،
عَنْ إِسْحَقَ بْنِ عَبْد اللّه، عَنْ أَنَسٍ، قاَلَ: كَانَ النَّبِىُّ كلية لا يَدْخُلُ عَلَى أَحَد مِنَ النِّسَاءِ إلا عَلَى أَزْوَاجه، إِلَا امًّ سُلَيْمٍ، فَإِنهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهاَ.
فَقِيل لَهُ فِى ذَلِكَ.
فَقاَلَ: " إِنَّى أَرْحَمُهاَ، قُتَلً أَخُوهَا مَعِى ".
105 - (2456) وحدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حدثنا بشْر - يَعْنِى ابْنَ السَّرِىِّ - حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثاَبت، عَنْ أَنَس، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ: " دَخَلتُ اْلجَئةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَة.
فَقُلتُ: مَنْ هَنَا ؟ قاتلوا: هَذِهِ الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلحَانَ، امُّ انَسِ بْنِ مَالِك ".
106 - (2457) حدّثنى أبُو جَعْفَر مُحَمَّدُ بْنُ الفَرَجِ، حدثنا زَيْدُ بْنُ الحُباَب، أَخْبَرَنِى عَبْدُ العَزِيز بْنُ ابِى سَلَمَةَ، أَخْبَرَناَ مُحَمَّدُ بْنُ المُنكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ ان
وفى قوله: (كان - عليه الصلاة والسلام - لا يدخل على احد من النساء إلا على أزواجه إلا أم سليم): فعل ذلك - عليه الصلاة والسلام - لتقتدى به أمته فى تجنبه زيارة النساء والخلوة بهن.
وأما أم سليم فقد جاء أنها كانت ذات محرم منه من الرضاع.
وقد بيّنا هذا فى الجهاد عند ذكر أختها ام حرام.
وقوله: (إنى أرحمها، قتل أخوها معى) مما أكد عنده حقها، وأوجب تأسيها
ور عا يتها.
وقوله فيها: (هذه الغميضاء): كانت أم سليم تعرف بذلك بالرميصاء أيضا،
وكذا ذكره البخارى (1).
قال الدارقطنى: ويقال بالسن.
قال أبو عمر بن عبد البر: أم سليم هى الغميضاء والرميصاء، وقيل: مشهور فيها الغين، وأما بالراء فأختها أم حرام بنت ملحان.
وذكر أبو داود فى رواية معمر فى غزو البحر: أن أخت أم سليم الرميصاء (2).
قال أبو داود: [ الرميصا] (3) أخت أم سليم من الرضاعة، وهذا وهم،
(1) البخاركما، كانماقب، بمناقب عمر 5 / 12.
(2) أبو ثاود، كالجهاد، بفضل غزو البحر (4460).
(3) من حد.
482
(7/481)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أم سليم وبلال...
إلخ
رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ: (أُرِيتُ الجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِى طَلحَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِى، فَإِذَا بِلالي ".
والاَ ول الصواب، ولعله وصف لها ومعناهما متقارب.
قال صاحب العين: الغمص فى العين غمص ائيض، تلفظه العلاين.
وقال ابن دريد: غمصت العين من البكاء: إذا كثرت منه حتى انكسرت.
والرمص: قذا يابس يجف فى هدب الين.
26 / ب
قوله: (فسمعت خشفة) بسكون الشين المعجمة، وبالخاء المعجمة، هى: حركة المشى وصوته، ومثله فى حديث بلال الاَخر: (سمعت خشف نعليك فى الجنة)، وفى الرواية الأخرى: (ثم سمعت خشخشة أمامى، فإذا بلال،، الخشخشة: صوت الشىء اليابس إذا حك بعضه بعضأَ.
قال الإمام: قال أبو عبيد: الخشفة: الصوت ليس بالشديد، يقال: خشف يخشف خشفا: إذا سمعت له صوتا أو حركة.
وقال شمر: يقال: خَشْفة وخَشَفة.
وقال الفراء: الخشفة الصوت الواحد، والخشفة: الحركة إذا وقع السيف على اللحم.
وقوله: " ثم سمعت خشخشة): اممما حركة، قال الهروى: فى حديث على وفاطمة - رضى الله / عنهما -: دخل علينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فتخشخشنا، اممما تحركنا.
(7/482)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى طلحة...
إلخ
483
(20) باب من فضائل أبى طلحة الأنصارىّ رضى الله تعالى عنه
107 - (2144) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِ! بْنِ مَيْمُونٍ، حَد"نناَ بَهْز، حَد، شاَ سُلَيْماَنُ
ابْنُ المُغيرَة، عَنْ ثاَبت، عَنْ أَنَس، قاَلَ: مَاتَ ابْن لأبى طَلحَةَ منْ أُمِّ سُلَيْم.
فَقاَلَتْ صً وص ! صَ ص عرص ص 5 ك!ىَ ص وص ص ص وص سَكل وَص ص ص صَ ص ص ص !5 ص ص صً لأهْلِها: لا تحد ثوا أبا طلحة بِابنِهِ حتى كون أنا أحدثه.
قال: فجاء فقربت إِديه عشاء، فَأَكَلَ وَشَرِبَ.
فَقاَلَ: ثُمَّ تَصَنَعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذَلكَ، فَوَقَعَ بِهَاَ، فَلَمَا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهاَ، قاَلَتْ: ياَ أَباَ طَلحَةَ، أَرَأَيْتَ لَوْ أَنًّ قَوْمأ أَعَاروا عَارِيَتَهُمْ أَهْل بَيْتٍ، فَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ، أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ ؟ قاَلَ: لا.
قاَلَتْ فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ.
قاَلَ: فَغَضِبَ وَقاَلَ: تَرَكْتِنِى حَتَّى ثَلَطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبَرَتِنِى بابْنِى ا فاَنْطَلَقَ حَتَى أَتَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَأَخْبَرَهُ بماَ كَانَ.
فَقاَلَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (باَرَكً اللّهُ لَكُماَ فِى غَابِرِ لَيْلَتكُماَ).
قاَلَ: فَحَمَلَتْ.
قاَلَ: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَفَر وَهىَ مَعَهُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهُ ( صلى الله عليه وسلم )، إِذَا اتَى المَدِينَةَ مِنْ سَفَرٍ، لا يَطرُقُهاَ طُروُفا.
فَدَنَوْا مِنَ المَدِينَةِ، فَضَرَبَهاَ المَخَاضُ، فَاحْتُبِسَ
قال القاضى: وحديث أبى طلحة مع زوجه أم سليم تقدم الكلام عليه فى كتاب ال الدب.
وضربها له المثل بمن أعار عارية وما فعلته دليل على علمها وفضلها وصحة إيمانها ووفور عقلها.
ويقال: إن الغلام الذى مات لها هو أبو عمير صاحب النفير.
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام -: (بارك الله لكما فى غابر ليلتكما): أى ماضيها.
وفيه إجابة دعاء النبى - عليه الصلاة والسلام - فيما ولد لهما فى ذلك الوقت فى الولد المذكور فى الحديث الذى سماه النبى - عليه الصلاة والسلام - عبد الله، وولد لعبد الله عشرة كلهم حمل عخهم العلم، منهم إسحق بن عبد الله الفقيه شيخ مالك بن أنه، ونالهم دعاء النبى - عليه الصلاة والسلام - لهما بالبركة فى ليلخهما.
وقوله: " كان إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقأَ " هو المجىء بالليل، وقد
تقدم الكلام عليه والنهى عنه.
وقوله: " فضربها المخاض): هو طلق الولادة.
ومناجاة أبى طلحة ربه فى ذلك وكراهيته تخلافه بعد النبى - عليه الصلاة والسلام - بسبب ذلك، وذهاب ما تجد امرأته حتى دخل مع النبى - عليه الصلاة والسلام - كرامة عظيمة ل البى طلحة.
وبقية الحديث مضى الكلام عليه.
484
(7/483)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى طلحة...
إلخ
عَلَيْهاَ ابُو طَلحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قاَلَ: يَقُولُ أَبو طَلحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، ياَرَبِّ، إِنَّهُ يُعْجبُثِى أَنْ أخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهَ إِذَا دَخَلَ، وَقَد احْتُبَسْتُ بماَ تَرَى.
قاَلً: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: ياَ أَباَ طَلحَةَ، مَا أَجدُ ائَذِى كُنْتُ اجِدُ، انْطَلِق.
فاَنْطَلَقْنَاَ.
قاَلَ: وَضَرَبَهاَ المَخَاضُ حِ!دنَ قَلِمَا، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا.
فَقاَلَتْ لِى أُمِّى: ياَ أَنَسُ، لا يُرْضِعُهُ أحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِه عَلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَا أَصْبَحَ احْتَمَلتُهُ، فاَنطَلَقْتُ بِه إِلَى رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قاَلَ: فَصَادً فْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمَ.
فَلَمَّا راَنِى قاَلَ: ا لَعَلَّ أُئمَ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ ؟ لما.
قُلتَُ ة نَعَمْ.
فَوَضَعَ المِيسَمَ.
قاَلَ: وَجِئْتُ به فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِه، وَدَعَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِعَجْوَة مِنْ عَجْوَة المَدينَة، فَلاكَهاَ فِى فيه حَتًىَ ذَابَتْ، ثُمَ قَذَفَهاً فِى فِى الصَّبِىِّ، فًجَعَلَ الصَّبِىُّ يَتَلَمَّظُهً.
قاَلً: َ قاَلَ رَسُولُ الللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الأنْصَارِ التَّمْرَ ".
قاَلَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَّماهُ عَبْدَ اللّهِ.
(... ) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ اْلحَسَنِ بْنِ خِرَاشبى، حَدثناَ عَمْرُو بْنُ عَاصِم، حَد*شاَ سُليماَنُ
ابْنُ المُغِيرَة، حَدثناَ ثاَبِتٌ، حَدثَّنِى انَسُ بْنُ مَالك، قاَلَ: مَاتَ ابْن لأبى طَلحةَ.
وَاقْتصَّ اْطَدِيثَ بِمَثْلِهِ.
قال الإمام: وقوله: (ومعه ميسمٍ ): والميسم: ما يوسم به البعير.
والسمة: العلامة، ومنه قوله تعالى: { سَنَسِمُهُ على الْخُرْطُوم} (1) أى سنجعل على أنفه سواداً يوم القيامة يعرف به.
وقيل: عبر عن الوجه بالخرطوم، لا"نه منه.
والمعنى: سنسم وجهه.
والخرطوم من الإنسان ا ال النف، ومن السباع موضع الشفة.
(1)1 لقلم - 16.
(7/484)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل بلال رضى الله عنه
485
(21) باب من فضائل بلال رضى الله عنه
108 - (2458) حدّثنا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءٍ اْدهَمْدَانِىُّ، قاَلا: حَدثناَ
أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ أَبِى حَيَّانَ.
ح وَحَد*شاَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُميْرٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثناَ أَبُى، حدثنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِىُّ يحيى بْنُ سَعيد عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
قال: قاَلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِبِلال، عِنْدَ صَلاةِ الغَدَاةِ.
(ًياَ بلالُ، حَدَثنِى باع رْجى عَمَلٍ عَملتَهُ عنْدَكَ فِى الإسْلا أ مَنْفَعَةً، فًإنِّى سَمعْتُ اللَيْلَةَ خَشْفَ نًعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىًّ فِى الجَنَّة).
قَاَلَ بِلَال!: مَا عَمِلَتُ عَمَلا فِى الإِسْلا أ أَرْجى عِنْدِى مَنْفَعَةً، مِنْ أَنّى لا أَتَطهَّرُ طُهُورَّاَ تاَمًا، فِى سَاعَة مِنْ لَيْلٍ وَلا نَهاَر، إِلا صَلَّيْتُ بذلك الطُّهورِ، مَا كَتَبَ اللهُ لِى أنْ اصَلِّىَ.
ودْكر مسلم فى فضائل بلال: حدثنا عبيد بن يعيش (1) ومحمد بن العلاء، كذا لهم.
وعند العذرى: عبيد الله بن يعيش، وهو خطأ، إنما هو عبيد بن يعيش الكوفى أبو محمد.
وسؤال النبى - عليه الصلاة والسلام - لبلال عن أرجى عمل عمله فى الإسلام وقوله: (إنى لا ائطهر طهوراً تامأَ من ليل أو نهار، إلا صليت بذلك الطهر كما كتب لى) دليل على فضل الصلاة وعظيم ثوابها.
(1) هو ابو!حمد الكوفى العطار المحاملى، روى عن عبد الله بن نمير، ويونس بن بكير وأبى أسامة والمحاربى وغيرهم، أ - عنه البخارى ومسلم.
وثقه أبو داود وابن سعد، وفكره ابن حبان فى الثتهات، توفى سنة 229 هـ.
انظر.
التهذيب 7 / 78، 79.
486
(7/485)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود...
إلخ
(22) باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضى الله تعالى عنهما
109 - (2459) حدّثنا مِنْجَابُ بْنُ الحَارِث التَّمِيمِىُّ وَسَهْلُ بْنُ عُثْماَنَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ الحَضْرَمِىُّ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعيد وَالوَلَيدُ بْنُ شُجَاعٍ - قاَلَ سَهْل وَمِنْجَابو: أَخْبَرَناَ.
وَقاَلَ الاَخَرَوُنَ: حَدءَّشاَ - عَلَىُّ بْن مُسْهِرٍ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عًلقَمَةَ، عَنْ عَبْد الله، قاَلَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذه الاَيَةُ: { ديْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِئوا الصَّالِحَاتِ خنَاح فَيمَاَ طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وآَمَنُواَ وً عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وآَمَنُوا} (1) إِلَى اخرِ الآيَة.
قاَلَ لِى رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ): (قِيلَ لِى: ألتَ مِنْهُمْ).
110 - (2460) حدّثنا إسْحقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع - وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِعٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَناَ.
وَقاَلَ ابْنُ رَافِعٍ: حَد"شاَ - يحيى بْنُ اَدَمَ، حَدثناَ ابْنُ أَبِى زَائدَةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ أَلِى إِسْحَقَ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِى موسى، قاَلَ: قَدمْتُ أَناَ وَأً خِى مِنَ اليًمَنِ، فَكُنَّا حِينًا وَمَا نُرَى ابْنَ مَسْعُود وَاُمهُ إِلا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ.
(... ) حَد - ننِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدثناَ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، حَدثناَ إِبْرَاهِيمَ بْنُ يُوسُفَ،
عَنْ أَبيهِ، عَنْ أَبِى إِسْحَقَ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ الا"سْوَدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَباَ مُوسَى يَقُولُ: لَقَدْ قَلِمْتُ أَناَ وَأً خِى مِنَ اليَمَنِ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
وقوده: (فكنا حينا وما نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل البيت من كثرة دخولهم وروه لم له " قال الإمام: الحين: اسم كالوقت، يصلح لجميع الأزمان كلها، طالت أو قمحرت.
وقأ إ / ابن عرفة: هو القطعة من الدهر، كالساعة فما فوقها.
قال القاضى: وقد لك: لما لزلت: دلأِ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ خنَاحٌ فِيمَا طَعِفوا لأنه الاَ!ة، قال رسول اللى 4!: " قيل لى: أنت منهم " يعنى عبد الله بن مسعود،
(7/486)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود.
-.
إلخ 487 111 - (... ) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قاَلُوا: حَد، شا
عَبْدُ الرَّحْمَن، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِى إسْحَقَ، عَنِ الأسْوَد، عَنْ أَبِى مُوسَى.
قاَلَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَناَ أُرَى أنَ عَبْدَ اللهِ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ.
أَوْ مَاَ ذَكَرَ مِنْ نَحْوِ هَذَا.
112 - (2461) حدئنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قاَلا: حَد"نناَ مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَد - ننا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى إسْحَقَ، قًاَلَ: سَمعْتُ أَباَ الأحْوَصِ قاَلَ: شَهِدْتُ أَباَ مُوسَى وأبَا مَسْعُود حينَ مَاتَ ابْنُ مَسْعُود.
فَقاَلَ أَحَدُهُمَا لصَاحبه: اتُرَاهُ تَرَكَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ ؟ فَقاَلَ: إِنْ قُلتَ ذَاكًَ، إِنْ كَانَ لَيُؤْذَنُ لَه إِذَا حُجِبْنَا، ويَشهَدُ إِذًاَ غَبْنَا.
!ا ا - (... ) حدّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَّد بْنُ العَلاَ، حَدتناَ يَحْيَى بْنُ ادمَ، حَدثَّنا ُقُطبَة - هَوَ ابْنُ عَبْدِ العَزِيزِ - عَنِ الأعمَشِ، عَنْ مَالك بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِى الأحْوَصِ قاَلَ: كُنَّا فِى دَارِ أَبِى مُوسَى مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَاب عَبْد اَللهَِ، !هُمْ يَنْظُرُونَ فِى مُصْحَف، فَقاَمَ عَبْدُ اللّه.
فَقاَلَ أَبُو مَسْعُود: مَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) ثَرَكَ بَعْدَهُ أَعْلَمَ بِماَ أَنْزَلَ اللهُ مِنْ هَذَا القاَئِم.
َ فَقاَلَ أَبُو مُوسَى: أً مَا لَئِنْ قُلتَ ذَاكَ، لَقًدْ كَانَ يَشْهَدُ إِذَا غِبْناَ، وَيُؤْفَنَ لَهُ إِذَا حُجِبْنَا.
أ...
) وحدّثنى القاَسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاََ، حَد، شاَ عُبَيْدُ الله - هُوَ ابْنُ مُوسَى - عَنْ شَيْباَنَ،
عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الحَارِث، عَنْ أَبِى الأحوَصِ، قاَلَ: أَتَيْتُ أَباَ مُوسَى فَوَجَدْتُ عَبْدَ اللّهِ وَأَباَ مُوسَى.
حِ وَحَد، شَاَ ابُو كُرَيْب، حَدضَنناَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدَةَ، حَدثناَ أَبى عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ زَيْد بْنِ وهْب، قاَلَ: كُنْتُ جًالسًا مَعَ حُذَيْفَةَ وَأَبِى مُوسَى.
وَسَاقَ الَحَلِيثَ.
وَحَلِيثُ قُطبَةَ أَتًمُّ وَكثَرُ ة
114 - (2462) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهمَ الحَنْظَلى، أَخْبَرَناَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمانَ حَدثنا الأعْمَشُ عَنْ شَقيقٍ، عَنْ عَبْد اللهِ ؛ أَنَّهُ قاَلَ.
{ وَمَن يَغْللْ يَأتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (1) ثُمَّ قاَلَ: عَلَى قِرَ ال مَنْ تَأمُرُونِىَ أَنْ أَقْرَأَ ؟ فَلَقَدْ قَرَأتُ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بضْعًا وَسَبْعين سُورَةَ، وَلقَدْ عَلَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أِّنى أَعْلَمُهُمْ بِكِتَابِ اللّهِ، وَلَوْ أً عْلَمُ أَنَّ أَحًدًا أَعْلَمُ مِنِّى لَرَحَلتُ إِلَيْهِ.
ولد قال - عليه الصلاة والسلام -: " أنت منهم " أى من الذين امنوا وعملوا الصالحات الموصوفن بما فى الاية.
(11 اَلء!ران: 161.
27 / أ
488
(7/487)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود...
إلخ قاَلَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِى حَلَقِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ( صلى الله عليه وسلم )، فَماَ سَمِعْتُ أَحَدًا يَرُدّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَلايَعِيِبُهُ.
15 1 - (2463) حدّثنا أَبُو كُرَثب، حدثنا يحيى بْنُ آدَمَ، حدثنا قُطبَةُ، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ مُسْلِم، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عًبْدِ اللّهِ، قاَلَ: وَالَّذِى لا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَامِنْ كتَابِ اللهِ سُورَةٌ إِلا أَناَ أَعْلَم حَيْثُ نَزَلَتْ، وَمَا مِنْ اَيَة إِلا أَناَ اُّعْلَمُ فِيمَا أنزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ اُّحَدَا هُوَ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللّهِ مِنِّى، تَبْلُغُهُ الإِبِلُ، لَرَكِبْتُ إً لَيْهِ.
وقوله: " فى حلق أصحاب محمد، بفتح الحاء واللام جمع حَلْقة بسكون اللام.
وقال الخطابى فى جمعها: حِلِق بكسر الحاء، مثل ندرة وندر.
وقال الحربى (1): حَلق بالفتح والسكون، مثل تمرة وتمر، والواحدة بالسكون وفتح الحاء لا غير، هذا المعروف، وحكى فيها فتح اللام.
ذكر مسلم حديث ابن مسعود أنه قال: { وَمَن يَغْفلْ يَأتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقيَامَةِ} (2) قال:
على قراءة من تأمرونى، أن أقرأ ؟ لقد قرأت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بضعاَ وسبعن سورة، ولقد علم أصحاب محمد أنى أعلمهم بكتاب الله، ولو أعلم أن أحداً أعلم به منى لرحلت إليه دا: فيه / ذكر الرجل حال نفسه، ومنزلته من العلم وشبهه من الفضائل اذا دعت إلى ذلك ضرورة.
وليس من باب ثناء الإنسان على نفسه والإعجاب بها، وفيه الرحلة فى العلم والتزيد منه.
قال القاضى: وهذا الحديث ملفق مختصر محذوف مبتور فى الأم.
إنما ذكر منه أطرافا لا تشرح مقصد الحديث وبيانه فى سياق اخر ذكره غيره بها يفهم المراد بقوله: { وَمَن يَغْلُلْ} [ وبقوله] (3): ولقد قرأت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سبعين سورة، وقد كان ممن جمع القرآن، فروى ابن أبى خيثمة بسنده عن أبى وائل، وهو شقيق راوى الحديث فى الأم، لما أمر فى المصاحف بما أمر، يعنى أمر عثمان بتحريقها، ما عدا المصحف المجتمع عليه الذى وجّه منه النسخ إلى الاَفاق، ورأى هو والصحابة أن بقاء تلك تُدخل اللبس والاختلاف.
ذكر ابن مسعود الغلول وتلا الاية، ثم قال: غلوا المصاحف.
اوفى طريق: إنَى غارءصحفى، فمن استح!ع أن يغل مصحفه فليفعل، فإن الله تعالى يقول: { وَمَن يَغْلُلْ يَئْ تِ بِهَ ا غلَّ يَوْمَ القِيَ الةِ! ثم قال: علما قراع! من تأمرونى، أقرأ على قراءة زيد بن ثابت ؟ لقد
(1) أنشأ - - - ! ولي ! ا إحلى - -، الأ!بىأ اسخى الحربى 263 / 1.
(2) اَق ف !ادء!6! ص
(س) فى حممامش !.
(7/488)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود...
إلخ
489
116 - (2464) حلّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْد اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قاَلا: حَد - نناَ وَكِيع، حَدثناَ الاعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوق، قاَلَ: كُنَّا نَأَتِى عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو فَنَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ - وَقاَلَ ابْنُ نُمَيْرٍ: عِنْدَهُ - فَذَكَرْناَ يَوْمًاً عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ.
فَقاَلَ: لَقَدْ
أخذت من فى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بضعا وسبعين سورة، وزيد بن ثابت له ذؤابتان يلعب مع الغلمان (1).
وفى رواية أخرى: صبى من الصبجان.
ودخل بعض الحديث فى الآخر، فبتمام كهذا الحديث يفهم كلام عبد الله وما فى الكتاب لا يفهم منه هذا.
قال الإمام: قوله: (قرأت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بضعآ وسبعين سورة لما: البضع والبضعة واحد، ومعناهما: القطعة من العدد قال ابن السكيت: البِضع والبَضع لغتان بمعنى واحد فى العدد، بكر الباَ وفتحها.
وقال الهروى (2): العرب تستعمل البضع فيما بين الثلاث إلى التسع.
وقال ابن الأنبارى: قال قتالة: البضع يكون بيئ الثلاث والتع والعشرة.
وقال أبو عبيد: البضع ما بين ثلاث وخمس.
وحكى عنه غير[ ابن، (3) الأنبارى: البضع من الواحد إلى الأربعة.
قال أبن الانبارى: وقال ال الخفش: البضع من واحد إلى عشر.
وقال الفراَ: البضع ما دون العشرة.
قال غير ابن ال النبارى: قال ابن عباس: البضع من الثلاث إلى العشر.
وقال مجاهد: من الثلاث إلى السبع.
وحكِى ابن الأنبارى: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال ل البى بكر - رضى الله عنه - لما نزلت
{ سَيَغْلِبُون.
فِي بِضْع سِنِين} (4): (البضع ما بين السبع والتسع " (5).
وقال ابن سلام فى التفسير: فلما مضت سبع شين ظفرت الروم على فارس.
قال ابن الأنبارى: [ ويقال] (6) فى عدد المؤنث: بضع، وفى عدد المذكر: بضعة، فمجراه مجرى خمس وخمة وست وستة.
وقال: وأما البضعة من اللحم فمفتوحة الباء، وجمعها بَضعْ وبِضَع.
قال الهروى: البضاعة: القطعة من المال يتجر فيها.
يقال: بضعت الثىَ: أى قطعته.
قال الزجاجى: البضائع: قطع ال الموال، مشتق من البضع وهو القطع.
وقول شقيق: (فجلست فى حلق أصحاب محمد، فما سمعت أحداً يرد ذلك عليه
ولا يعيبه،: يعنى: يعيب.
فيه اعتراف الصحابة له بما قال ؛ من أنه لا يعلم أحداً أعلم منه بكتاب الله.
وقوله: (ما أعلم ترك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعده أعلم بما ائزل إليه من هذا): يعنى ابن
(1) أحمد 1 / 411.
(2) الظر: غريب الحديث 3 / 243.
(3) فى هامش ح.
(4) الروم: 3، 4.
(5) الترمذى عن ابن عباس، كالتفسير، بمن سورة الروم 5 / 3 برقم (3191).
للا) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
27 / ب
490
(7/489)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود...
إلخ ذَكَرْتُمْ رَجُلا لا أَزَالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَىْء سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " خُذُوا القُراَنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مًنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَمُعَاذ بْنِ جَبَلٍ، وَأَبِىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ لما.
117 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعثماَنُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، قاَلُوا: حَدءَّنناَ جَرِيرٌ، عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ أَبِى وًا ئِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قاَلَ: كُنَّا عنْدَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَذَكَرْناَ حَد يثًا عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
فَقاَلَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ لا أً زالُ أُحِبُّهُ بَعْدَ شَىْء سَمعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُهُ.
سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اقْرَؤوا القُرآنَ مِنْ ارْبَعَةِ نَفَرٍ: مِنِ ابنِ أُمًّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - وَمِنْ ابَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ سَالِمٍ مَوْلَى أبِى حُنَيْفَةَ، وَمِنْ مُعَاذِ ابْنِ جَبَلٍ ).
وَحَرْفٌ لَمْ يَذْكُرْهُ زُهَيْرٌ.
قَوْلُهُ: يَقُولُهُ.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قاَلا: حَد - نناَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الاعمَشِ بِإسْناَدِ جَرِيرٍ وَوَكِيعٍ.
فِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ عَن أَبِى مُعَاوِيَةَ: قَدَّمَ مُعَادا قَبْلَ ابَىٍّ.
وَفِى رِوَايَةِ أً بِى كُرَيْب: ابِىٌ قَبْلَ مُعَاذٍ.
(... ) حدّثنا ابْنُ المُثَتى وَابْنُ بَشَّارٍ، قاَلا: حَد، شاَ ابْنُ عَدِىٍّ.
ح وَحَدءَّشِى بِشْرُ بْنُ خَالد، أَخْبَرَناَ مُحَمَّدٌ - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَرٍ - كِلاهُماَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، بِإِسْناَ!صمْ.
وَاختًلَفاَ عَنْ شُعْبَةَ فِى تَنْسِيقِ الأرْبَعَةِ.
118 - (... ) حد ثَناَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قاَلا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قاَلَ: ذَكَرُوا ابْنَ مَسْعُودٍ
مسعود إنما خصه بما أنزله الله، كما قال، ويعلم القرآن.
ولا يقال: إنه أعلم من أبى بكر وعمر وعثمان وعلى، على الجملة / وقد يكون احد الرجليئ أعلم من الاَخر بالجملة، والأقل علما أعلم بباب من العلم، ألا تراه كيف قال عن نفسه فى الحديث الاَخر: القد علم أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنى أعلم بكتاب الله، وما من كتاب الله آية إلا أعلم فيمن نزلت، ولا سورة إلا أعلم حيث نزلت ".
وقوله: (خذوا القرآن من أربعة) وسماهم، ذلك - والله أعلم - لعلمه - عليه الصلاة والسلام - أن هؤلاء أضبط ل اللفاظه وأتقن لاَ!ابه، دإن كان غيرهم من المتقنين فيه أيضا، وأكثر
(7/490)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن مسعود...
إلخ
491
عِنْدَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرو.
فَقاَلَ: ذَاكَ رَجُل لا أَزَالُ احِبُّهُ، بْعْدَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " اسْتَقْرِئوُا القُراَنَ مِنْ أَرْبَعَة: مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِى حُذَيْفَةَ، وَابَىِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ لما.
(... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذ، حَدءَّلنا أَبِى، حَد، لنا شُعْبَةُ، بِهَذَا الإِسْنادِ.
وَزَادَ: قاَلَ شُعْبَةُ: بدَأَ بِهَذَيْنِ.
لا أَدْرِى بِائهِماً بَدَأَ.
فقها فيه منهم، أو يكون هؤلاء تفرغوا لا"خذه عنه مشافهة - عليه الصلاة والسلام - وبعضهم اقتصر على أخذه بعضهم من بعض، أو يكون هؤلاء انتصبوا لأن يؤخذ عنهم وتفرغوا لذلك، وغيرهم شغل نفسه بغير ذلك، وقد يكون هذا من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام - وامره بما أفضت إليه أحوال أصحابه، وإن كانوا فى حياته يأخذون عنه القران كلهم، ويأخذ بعضهم عن بعض، فأعلم أن هؤلاء بعده ممن يلجأ الناس إليهم فى اخذ القراَن والقراءة عليهم، ومنتصبون لذلك - رحم الله جميعهم.
492
(7/491)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبىّ بن كعب...
الخ
(23) باب من فضائل أبىّ بن كعب وجماعة
من الأنصار رضى الله تعالى عنهم
119 - (2465) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَد!شاَ أبُو دَاوُدَ، حَدثناَ شُعْبَةُ، عَنْ قَتاَ!ص قاَلَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: جَمَعَ القُران عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَربَعَة، كُلّهُمْ مِنَ وقوله: (جمع القراَن على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أربعة)، وذكر معاذاً وأبيا وزيد بن
ثابت وأبا زيد، قال الإمام: هذا الحديث مما ذكره بعض الملحدة فى مطاعنها وحاولت بذلك الثتدح فى الثقة بنقل القرآن، ولا مستروح لها فى ذلك ؛ لاَنا لو سلمنا أن الأمر كما ظنوه وأنه لم يكمل القران سوى أربعة، فإنه قد حفظ جميع أجزائه فيكون لا يحصون وما من شرط كونه متواتراً أن يحفظ الكل الكل، بل الشىء الكثير إذا روى عن جزء منه خلق كثير علم ضرورة وحصل متواتراً، ولو أن (قفا نبك) روى كل بيت مائة رجل مثلا لم يحفظ كل مائة سوى البيت الذى روته لكانت متواترة، فهذا الجواب عن قدحهم.
وأما الجواب عن سؤال من سأل عن وجه الحديث من الإسلامين، فإنه يقال له: قد
علم ضرورة من تدين الصحابة - رضى الله عنهم - ومبادرتهم إلى الطاعات والقرب - التى هى أدنى منزلة من حفظ القرآن - ما يعلم منه أنه محال مع كثرتهم ألا يحفظه منهم إلا أربعة، كيف ونحن نرى أهل عصرنا يحفظه منهم ألوف لا تحصى مع نقص رغبتهم فى الخير عن رغبة الصحابة - رضى الله عنهم - فكيف بالصحابة على جلالة أقدارهم ؟ هذا معلوم بالعادة.
ووجه ثان وهو: أنا نعلم أن القراَن كان عندهم من البلاغة بحيث هو، وكان الكافرون فى الجاهلية يعجبون من بلاغته ويحارون فيها، حتى ينسبوها تارة إلى السحر، وتارة إلى أساطير الأولن، ونحن نعلم من عاثة العرب شدة حرصهم على الكلام البليغ وتحفظها له، ولم يكن لها شغل ولا صناعة (1) سوى ذلك، فلو لم يكن للصحابة باعث على حفظ القرار سوى هذا، لكان من أدل الدلائل على أن الخبر ليس على ظاهره.
فإذا ئبت بهذين (2) العادت!!ن أن الخبر متأول، وثبت ذلك - أيضا - بطريقة أخرى،
وهى ما نقله أهل السير، وذكره أهل الأخبار ؛ من كثرة الحافظن له فى زمان النبى - عليه الصلاة والسلام - وقد عددنا من حفظنا منهم وسمينا نحو خمسة عشر صاحبا، ممن نقل
(1) فى!: صنعة.
(2) فى!: بهاتين.
(7/492)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبىّ بن كعب...
إلخ 493
الأنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثاَبِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
قاَلَ قَتاَدَةُ: قلتُ لأنَسبى: مَنْ أَبُو زَيْدٍ ؟ قاَلَ: احَدُ عُمُومَتِى.
عنهم[ حفظ] (1) جميع القران فى كتابنا " المترجم بقطع لسان النابح / فى المترجم بالواضجح)، وهو كتاب نقضنا فيه كلام رجل وصف نفسه بأنه كان من علماء المسلمن، ثم ارتد وأخذ يلفق قوادح فى الإسلام، فنقضنا أقواله فى هذا الكتاب، وأشبعنا القول فى هذه المسألة، وضبطناه فى أوراق، فمن أراد مطالعته فليقف عليه هناك.
وقد أشرنا فيه إلى تأويلات لهذا الخبر، وذكرنا اضطراب الرواة فى هذا المعنى، فمنهم
من زاد فى هذا العدد، ومنهم من نقص منه ومنهم من أنكر أن يجمعه احد، وأنه قد يتأول على أن المراد يعلم بجميعه: بجميع قراءاته السبع، وفقهه، وأحكامه والمنسوخ منه سوى أربعة.
ويحتمل - ائضا - أن يراد به أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله فى حياة النبى -
عليه الصلاة والسلام - سوى هؤلاء ال الربعة ؛ لأن من كمله سواهم كان يتوقع نزول القراَن ما دام - عليه الصلاة والسلام - حيا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله واستجازه هؤلاَ، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.
ويحتمل - أيضا - أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفا من المراءاة به، وأحتياطا على النيات، كما يفعل الصالحون فى كثير من العبادات، وأظهر هؤلاء الاَربعة ذلك ؛ لأنهم امنوا على أنفسهم، أو لرأى اقتضى ذلك عندهم، وكيف تعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة ؟ وكيف يتصور الإحاطة بهذا وأصحاب النبى - عليه الصلاة والسلام - متفرقون فى البلاد ؟ وهذا لا يتصور حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه انه لم يكمل القرآن، وهذا بعيد تصوره فى العاثة، كيف وقد نقل الرواة إكمال بعض النساَ لقراءته، وقد اشتهر حديث عائشة - رضى الله عنها - وقولها: " كنت جارية حديثة السن لا أقرا كئيراً من القراَن) ولم يذكر فى هؤلاء الأربعة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب - رضى الله عنهما - وكيف يظن بهذين اللذين هما أفضل الصحابة أنهما لم يحفظاه وحفظه من سواهما ؟
وهذا كله يوكد ما قلناه ؛ على أن الذى رواه مسلم ليس بنص جلى فيما أراثه القالح، وذلك أنه قصارى ما ذكر أن أنسأَ قال: (جمع القرار على عهد النبى - عليه الصلاة والسلام - اربعة، كلهم من الأنصار) فقد يكون المراد: أنى لا أعلم سوى هؤلاء الأربعة، ولا يلزمه أن يعلم كل الحافظين لكتاب الله، أو يكون أراد من أكمله من الأنصار، وإن كان قد اكمله من المهاجرين خلق كثير، فإذا كان فى الخبر هذه الطرالْق
(1) من ح.
28 / ءا
28 / ب
494
(7/493)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبىّ بن كعب...
إلخ 120 - (... ) حدّثنى أبُو دَاوُدَ سُلَيْماَنُ بْنُ مَعْبَد، حدثنا عَمْرُو ثنُ عَاصمٍ، حَدءَّننأَ هَمَّام، قاَلَ: قَلتُ لأ نًس بْن مَالِكٍ: مِنْ جَمَعَ القُر ال عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قاَلَ: أَرْبَعَة!، كُلُّهُمْ منَ الاع نْصَارِ: أُبَىُّ بْنُ كَعْب، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثاَبِت، وَرَجُل مِنَ الاعنْصَارِ يُكْنَى أَباَ زَيْدٍ*
121 - (799) حدّثنأ هَدَّابُ بْنُ خَالد، حَدثنأَ هَمام!، حَدتَّشأَ قَتاَ!ةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ لأبَىٍّ: (إِن الئَهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَنِى انْ اقْرَأَ عَلَيكَ).
قاَلَ: آللهُ سًمَّانِى لَكَ ؟ قاَلً: " اللهُ سَمَّاكَ لِى لما.
قاَلَ: فَجَعَلَ اُئىٌّ يَبكِى.
الكئيرة التى أوضحناها لم يبق للخصم تعلق.
قال القاضى: لو لم يكن فى بيان الغرض من هذا الحديث ورفع إشكاله إلا ما تواتر
به الخبر أنه قتل يوم اليمامة فى خلافة أبى بكر سبعون ممن جمع القرآن، وهى سنة وفاة النبى - عليه الصلاة والسلام - أول سنين خلافة أبى بكر الصديق، فانظر من بقى ممن جمعه ممن لم يقتل فيها، وممن لم يحضرها وبقى بالمدينة ومكة وغيرها من أرض الإسلام حينئذ.
وقوله: (قلت لاَنس: من أبو زيد ؟ قال: أحد عمومتى): أبو زيد هذا هو سعد
ابن عبيد بن النعمان الاَوسى من بنى عمرو بن عوف، بدريا، يعرف بسعد القارى، توفى شهيدا بالقادسية سنة خمس عشرة.
قال اْبو عمر: هذا قول أهل الكوفة، وخالفهم [ غيرهم] (1).
قال أبو زيد: هذا هو قيس بن سكن (2) الخزرجى، من بنى عدى ابن النجار، بدرى قال ابن عقبة /: قتل يوم جسر أبى عبيد سنة خمس عشرة.
وقوله - عليه الصلاة والسلام - لأبى - رضى الله عنه -: (إن الله قد أمرنى أن
أقرأ عليك أ القراَن] (3)) الحديث، قال الإمام: مجمل هذا الحديث على أن الله - سبحانه - أمره أن يقرأ عليه ليعلمه لا ليعلم (4) منه، وقد يعلم المعلم القرار ويروى المحدث الحديث إما بقراءته على المتعلم، وتكرير ذلك عليه حتى يضبطه وهو أصل التعليم، أو بقراءة المتعلم عليه، وهى الحالة الثانية فى التعليم، الذى يكون للضبط وأخبار حال المتعلم أو يكون المراد: أن الله - عز وجل - أمره بالقراءة عليه ليعلمه زينة القراءة، ومواضع المواقف، وصنعة النغم، فإن نغمات القران على أسلوب ونظام قد ألفه
(1) فى هامش خ.
(3) من خ.
(2) انظر: الاستيعاب لابن عبد البر 3 / 293 1 رقم (135 2).
(4) فى خ: ليتعلم.
(7/494)
كحاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبىّ بدما كعب...
إلخ
495
122 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قاَلا.
حَد - نناَ مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَد"نناَ شُعْبَةُ، قاَلَ: سَمِعْتُ قَتاَدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك، قاَلَ: قاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ل البِىِّ بْنِ كَعْب: " إِنَّ اللّهَ أَمَرَنِى أَنّ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: { لَمَْ يَكًنِ اثَذِينَ كَفَروا} (1) قاَلَ: وَسَمَّا نِى ؟ قاَلَ+ " نَعَمْ ".
قاَلَ: فَبَكَى.
(... ) حَد، شيهِ يحيى بْنُ حَبِيب، حَدثناَ خَالد - يعْنِى ابْنَ الحاَرِث - حَد"نناَ شُعْبَةُ،
عَنْ قَتاَ!ةَ، قاَلَ: َ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ !: قاَلَ رَسُولَُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ل البَىٍّ.
بِمِثْلِهِ.
أهل الشرع، وقراه عليه، بخلاف ما سواها من النغم المستعملة فيما سواه، ولكل حزب من النغم تأثير فى النفس يختص به، وإلى هذا أشار بعض أهل العلم فى تأويل هذا الحديث.
قال القاصْى: يرفع الاحتمال ما رواه ابن مجاهد عن أ ابن] (2) أبى سند رفعه، أنه قال: ليقرأ على.
فأخذ ألفاظه، فتفسير أبىّ له بذلك يقطع كل احتمال ؛ إذ هو المسمى المأمور به، المقروء عليه، العارف بسبب ذلك ومعناه.
وبكى أبى لذلك أبكاء] (3) سرور.
(1) سورة البينة.
(2، 3) سثتطتامن خ.
496
(7/495)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل سعد بن معاذ...
إلخ
(24) باب من فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه
123 - (2466) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرراقِ، أَخْبَرَناَ ابْنُ جُرَيْج، أَخْبَرَنِى أَبُو الزبيْرِ ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الالة يَقُولُ: قاَلَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَجَناَزَةُ سَعْدِ ابْنِ مُعَاذٍ بَيْنَ ايْدِيهِمْ -: " اهْتَر لَهاَ عَرْشُ الرَّحمَن لما.
124 - (... ) حدّثنا عَمْزو النَّاقدُ، حَد، شَاَ عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ الأوْدِى، حَدذَشاَ الأعْمَشُ، عَنْ أبِى سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قاَلَ:: قاَلََرَسُولُُالتَهِ ( صلى الله عليه وسلم ):: ""اهْتَزََّعَرْشُُالرَّحْمَنلى
لِمَوْتِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ).
125 - (2467) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرُّزِّىُّ، حدثنا عَبْدُ الوَفَاب بْنُ عَطَاء الخَفَّأفُ عَنْ سعِيد، عَنْ قَتاَ!ةَ، حَدثناَ أنَسُ بْنُ مَالِكٍ ؛ أنَّ نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ - وَجِناَزَتُهُ مَوّضُوعَة! - يَعْنِى سًعْدًا -: (اهْتَزَّ لَهاَ عَرْشُ الرَّحْمَن لا.
126 - (2468) حدّئنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قاَلا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِى إِسْحَقَ، قاَلَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ يَقُولُ: اهْدِيَتْ لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )
وقوله: (اهتز عرش الرحمن)، قال الإمام: ذهب بعض أهل العلم إلى إجراء
هذا الحديث عن حقيقته، وزعم أن العرش تحرك لموته، وهذا الذى قال لا ينكر من ناصحية العقل ؛ لاكن العرسْ جسم من الأجسام يقبل الحركة والسكون، ولكنه لا يحصل المراد به من تفضيل سعد، إلا أن نقول بأن حركة العرش علم على فضله عند الله تعالى، وأن الله - سبحانه - يحركه على عظمته ؛ إشعاراً للملائكة بفضل هذا الميت فيصح.
وحمله بعض اهل العلم على أن المراد به حملة العرش، وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، كما قال تعالى: { وَاسْأَلِ الْقَوْيَةَ} (1)، وقال - عليه الصلاة والسلام - فى أحد: ([ جبل] (2) يحبنا ونحبه) (3) والمراد بهذين الأهل، ويكون الاهتزاز بمعنى الاستشعار والقبول، والعرب تقول: فلان يهتز للمكارم، ولا يعنى اضطرأب جسمه،
(1) يوسف: 82.
(2) ساقطة من ز، والمنبت من ح.
(3) البخارى، كالاعتصام، بما ذكر النبى عليه السلام 9 / 129، مسلم، كالحج، حديث رقم (462).
(7/496)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل سعد بن معاذ...
إلخ 497 حُلَّةُ حَرِير، فَجَعَلَ أَصْحَا"لىُ يَلمُسُونَهاَ وَيَعْجَبُونَ منْ لِينِها.
فَقاَلَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ فِيِ هَذِهِ ؟ لَمَناَ!يلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذ فِى الجَنَّةِ خَيْر مِنْهاَ وَأَليًنُ).
(... ) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّىُّ، حَد، شاَ أَبُو دَاوُدَ، حَد، شاَ شُعْبَةُ، أَثبَأَنِى ابُو إِسْحَقَ قاَلَ: سَمعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِب يَقُولُ: اتِىَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِثَوْبِ حَرِير.
فَذَكَرَ الحَديثَ.
ثُمَ قاَلً ابْنُ عَبْلةً: أَخْبَرَناَ أَبُوً دَاوُدَ، حدثنا شُعْبَةُ، حَدثَّنِى قَتاَ!ةُ، عَنْ أنَسِ ثنِ مَالِكَ، عَنِ إلنَبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ هَنَا اوْ بِمِثْلِهِ.
وإنما يعنى ارتياحه إليها وقبوله عليها، وذلك مشهور أ فى الأَشعار.
وقال بعض أهل العلم: إن المراد بذلك السرير] (1) الذى حمل عليه سعد، وسُمى ذلك عرشا.
وما أدرى هؤلاء تأولوا هذا إلا على ما وقع فى بعض الروايات: (اهتز العرش)، فحذف اسم الرحمن جلت قدرته، وأما مع ذكر اسمه - سبحانه وتعالى - كما رواه مسلم فيبعد هذا التأويل.
قال القاضى: روى عن ابن عمر هنا: أن العرش هنا هو سرير الميت.
وكذلك جاء
فى حديث البراء فى الصحيح: (اهتز السرير) (2)، وتأوله الهروى فراح يحمله عليه، وقد أنكر جابر بن عبد الله هذه اللفظة قديما فى الحديث على قائلها، وتأول الحربى (3) (اهتز العرش) على تعظيم شأن وفاته، قال: والعرب تنسب الأمر إذا عظمته لأعظم الأشياء فيقولون: قامت لموت فلان القيامة، وأظلمت له الأرض.
فحمله على مجاز الكلام.
وقوله: " أهديت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حلة حرير): كذا جاء فى حديث محمد بن المثنى وابن بشار بالحاء واللام، وفى غيره: (جبة) بالجيم والباء، وهو أوجه فى كلام العرب، وعلى مذهب من يرى الحلة إنما هو لباس ثوبن يحل أحدهما على الاَخر، وأن الثوب المفرد لا يسمى حلة.
ومن يذهب إلى أن الحلة هو الثوب الجديد / الذى حل من طيه فيصح، لكن جاء فى السير: إنما قباء من ديباج مخوص[ بالذهب] (4).
وقد روى البخارى الوجهين (جبة) (5) و" حلة) (6).
(1) سقط من ز، والمثت من ح.
(2) البخارى، كمناف الاَنصار، بمناقب سعد بن معاذ 5 / 44.
(3) أنظر: غريب الحديث ل البى إسحق الحربى 3 / 1135.
(4) فى هامش خ.
(5) البخلى ى، كمناف الأنصار، بمناقب سعد 5 / 144.
(6) البخارى، كبدء الخلق، بما جاء فى صفة الجنة 144 / 4.
29 / ءا
498
(7/497)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل سعد بن معاذ...
الخ (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ، حدثنا أُمَيةُ بْنُ خَالِدٍ، حَد، شاَ شُعْبَةُ، بِهَذَا الحَدِيثِ.
بِا لإِسْنَادَيْنِ جَمِيعًا.
كَرِوَايَةِ أَبِى دَا وُدَ.
127 - (2469) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرث، حَد، شاَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّد، حَد، شاَ شَيْباَنُ،
عَنْ قَتاَ!ةَ، حَد، شاَ أَنَسُ بْنُ مَالِك، أَئهُ أُهْدىَ لِرً سُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) جُبَّة مِنْ سُنْدس، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ، فَعَجبَ النَّاسُ مِنْهًاَ.
فَقاَلَ.
(وَائَذِى نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ، إِنَّ مَنَادِيلَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الجَنَّةِ، أَحسَنُ مِنْ هَذَا ".
(... ) حدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ بَثدئَار، حَد، شاَ سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، حَد، شاَ عُمَرُ بْنُ عَامِ!، عَنْ
قَتاَ! ةَ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ كُيْدِرَ دُومَةِ الجًنْدَلِ أَهْدَى لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حُلَةً.
فَذَكَرَ نَحْوَه.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ: وَكَانَ يَنْهَى عَنِ الحَرِيرِ.
وقوله: ا لمناديلُ سعد فى الجنة خير منها وألن): إشارة إلى أن أدنى ثيابه هناك،
لاءن المناديل هو ما يمسح بها الأيدى وغيرها من الدنس والوسخ.
والندل: الوسخ، ومنها اشتق اسمها.
وقوله: (وكان ينهى عن الحرير) تقدم الكلام عليه و(أكيدر دومة) بفتح الدال وضمها، وأنكر ابن دريد فى الجمهرة الفتح.
وقال أهل اللغة بالضم، والمحدثون بالفتح، وهو خطأ.
قيدناهما عن ابن سراج.
قال ابن ثويد: (ودومة الجندل) مجتمعة ومستدارة.
وقد ذكر الواقدى فى هذا الحرف فى حديثه: (دوما الجندل) هكذا.
قال القاضى: وهو من بلاد الشام، قرب تبوك، وكان (أكيدر) ملكها، وهو اكيدر بن عبد الملك الكندق، أسره خالد بن الوليد فى غزوة تبوك، وسلبه هذه الحلة وكانت قباء من ديباح مخوص بالذهب، فأمنه النبى - عليه الصلاة والسلام - ورده إلى موضعه، وضرب عليه الجزية.
وذكر الواقدى أنه أسلم، وكتب له النبى - عليه الصلاة والسلام - حيئ أسلم كتابا ذكره.
(7/498)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى دجانة...
إلخ
499
(25) باب من فضائل أبى دجانة سماك
ابن خرشة رضى الله تعالى عنه
128 - (2470) حلّظنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابى شَيْبَةَ، حَدثناَ عَفَّانُ، حَدثناَ حَمَّادُ بنُ سَلمَةَ، حَد، شاَ ثابت!عَنْ أَنَس، أَنَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَخَذَ سَيْفًا يَوْمَ احُد، فَقاَلَ: (مَنْ يَأخُذُ مِنِّى هَذَا ؟ لما، فًبَسَطُوا أَيْديَهمْ، كُلُّ إِنْسانٍ مِنْهُمْ يَقُولُ: أَنَا، أَناَ.
قاَلً: " فَمَنْ يَأخُنُوُ بِحَقِّهِ ؟ لما.
قاَلَ: فَأَحْجَمَ القَوْمُ.
فَقاَلَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَبُو دُجَانَةَ: أَناَ اخذهُ بِحَقِّهِ.
قاَلَ.
فَاع خَذَهُ فَفَلَقَ بِهِ هَامَ المشْرِكِنَ.
وقوله: " فأجحم القوم): الرواية هنا بتقديم الجيم، بتقديم الحاء، وهما بمعنى، قال الإمام: (أحجم القوم) أجحمت عن الأمر: إذا تأخرت عنه.
وتقول العرب - أيضا -: اى تأخروا، ويقال:
(7/499)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن حرام...
إلخ
(26) باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام
والد جابر رضى الله تعالى عنهما
129 - (2471) حدّثنا عُبَيدُ اللّهِ بْنُ عُمَوَ القَوَارِيرِىُّ وَعَمْزو النَّاقِدُ، كلاهُمَا عَقْ سُفْيَانَ.
قاَلَ عُبَيْدُ الله: حَدَثَناَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قاَلَ: سَمِعْتُ ابْنَ المُنكَدرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جابرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ احُد، جِىءَ بَا"بِى مُسَجى، وَقَدْ مُثِلً بِهِ.
قاَلَ: فَا"رَدْتُ أَنْ أَرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهاَنِى قَوْمِى.
ثُمَّ ارَدْتُ أَنْ أرْفَعَ الثَّوْبَ، فَنَهاَنِى قَوْمِى.
فَرَفَعَهُ رَسُولُ الللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أوْ امَرَ به فَرُفِعَ، فَسَمِعَ صوْتَ باَكِيَة أَوْ صَائحَة، فَقاَلَ: (مَنْ هَذه ؟ لما.
فَقاَلُوا: بِنْتُ عَمْوٍ و، أَوْ اختُ عَمْرو.
فَقاَلَ: (وَلِمًَ تَبكِى ؟ فَمًاَ زَالَتِ المَلائِكَةُ تُظَلُهُ بِا"جْنِحَتِها حَتَى رُفِعَ).
130 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرير، حَدثناَ شُعْبَةُ، عَقْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَمِرِ، عَقْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قاَلَ: أُصيبَ أبى يَوْمَ احدٍ، فَجَعَلتُ كشفُ الثَّوْبَ عَقْ وَجْهِهِ وَأَبْكِى، وَجَعَلُوا يَنْهَوْنَنِى، وَرَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) لا يَنْ!اَنِى.
قاَلَ: وَجَعَلًتْ فَاطمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو تَبكيِه.
فَقاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَبْكيِهَ، أوْ لا تَبكيِه، مَا زَالَتِ اْلمَلاِلكَةُ تُظِلُّهُ بِا"جْنِحَتِها حَتى رَفَعْتُمُوهُ).
قال القاصْى: وقوله: (جىء مسجى): أى مغطى الجسد والرأس.
وقوله: (مجدعا): أى مقطوع الأنف والأذن.
وقوله: " تبكيه، أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه): ظاهره أنه نص لفظ النبى - عليه الصلاة والسلام - وأنه قال للثالثة عليه: (ابكيه، أو لا تبكيه) فقد حصل له من الفضل ما ذكر، على طريق التسلية لها والتسوية لفعلها، أو يكون المرادب (تبكيه) لمصابك بمثله وزرتك به " أولا تبكيه) لسرورك بما حصل له من الفضل.
وقد يحتمل أن النبى - عليه الصلاة والسلام - قال أحد اللفظين على هذا المعنى، وشك الراوى فى أيهما قال.
وقوله: (تظله بأجنحتها): يحتمل اْن المراد: تزاحمها عليه ؛ لبشارته بفضل الله
(7/500)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن حرام...
إلخ
501
(... ) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حدثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَد، شاَ ابْنُ جُرَيْجِ.
ح وَحَدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَناَ عَبْدُ الرراقِ، حدثنا مَعْمَر، كِلاهُمَا عَنْ مُحَمَدِ بْنِ اْلمُنكَمِرِ، عَنْ جَابِرٍ، بَهَذَا اْلحَد يثِ.
غَيْرَ أَنَ ابْنَ جُرَيج لَيْسَ فِى حَدِيثِهِ ذِكْرُ المَلاِئكَةِ وَبُكَاءِ الباَكِيَةِ.
(... ) حلّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِى خَلَف، حَد، شاَ زَكَرِياءُ بْنُ عَدى، أَخْبَرَناَ عُبَيْدُ
اللّهِ بْنُ عَمْرو، عَنْ عَبْدِ الكَرِيم، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ المنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر، قاَلً: جِىءَ بِا"بِى يَوْمَ احَدٍ مُجَدَّعًا، فَوُضِعَ بَيْنَ بَدَىِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
ورضاه وماَله عنده ولكثرته، والكرامة له، أو لتظليله من حر السْمس لئلا يتغير جسمه قال الإمام: خرج مسلم فى فضائل عبد الله بن حرام قال مسلم: حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا زكرياء، حدثنا عبيد الله، عن عبد الكريم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، هكذا روى عن الجلودى والكسائى، وعند أبى العلاء وابن ماهان: عبد الكريم، عن محمد بن على، عن جابر.
جعل بدل (محمد بن المنكدر): (محمد بن على)، وهو ابن الحسن بن على بن أبى طالب - رضى الله عنه.
ومن حديث محمد بن المنكدر عن جابر خرجه أبو مسعود الدمشقى، قال بعضهم: وهو الصواب.
502
(7/501)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جليبيب رضى الله عنه
(27) باب من فضائل جليبيب رضى الله عنه
131 - (2472) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ عُمَرَ بْنِ سَليط، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثاَبِت، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْبم، عَنْ أَبِى بَرْزَةَ ؛ أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كَاًنَ فِى مَغْزً ى لَهُ، فَأَفَاءَ اللهُ عَلَيْه.
فَقاَذَ لا"صْحَابِهِ: (هَلْ تَفْقدُونَ مِنْ أَحَد ؟ لما.
قَالُوا: نَعَمْ، فُلانًا وَفُلانًا وفُلاناً.
ثُمَ قاَلً: (هَلْ تَفْقدُونَ مِنْ أَحَد ؟َ.
قاَلُوا: نَعَمْ !، فُلانًا وَفُلائا وَفُلانًا.
ثُمَ قاَلَ: (هَلْ تَفْقدُونَ مِنْ أَحَد ؟) " قاَلُوا: لا.
!قاَلَ: ا لَكِنَى افْقدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطلُبُوهُ لا، فَطُلبَ فِى القَنْلَى، َ فَوَجَدُوهُ إِلىً جَنْبِ سَبْعَة قَدْ قَتَلَهُمْ، ثم قَتَلُوهُ.
فَاعتَى النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَوَقَفَ عَلَيه.
فَقاَلَ: (قَتَلَ سَبْعَة، ثُمَ قَتَلُوهُ، هَذَا مًنِّى وَاناَ منْهُ، هَنَا مِنِّى وَأَناَ مِنْهُ).
قاَلَ: فَوَضَعَهُ عَلًى سَاعدَيْه، لَيْسَ لَهُ إِلا سَاعِدَا النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
قاَلَ: َ فَحُفِرَ لَهُ وَوَضِعَ فِى قَبْرِهِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلا.
قال القاضى: قوله: (كان فى مغزى له): أى فى سفر غزو.
وقوله فى حديث جليبيب هذا: (فوضع فى قبره ولم يذكر غسلا): حجة أنه لا يغسل الشهيد ؛ ولذلك لم يذكر فيه صلاة أيضا.
(7/502)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه 503
(28) باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
132 - (2473) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالد الأزْدىُّ، حَد"نَناَ سُلَيْماَنُ بْنُ المُغِيرَةِ، أَخْبَرَناَ حُمَيْدُ بْنُ هِلال، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الضًامِتَِ.
قاَلَ: قاَلَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا منْ قَوْمنَا غفَارِ، وَكَانُوا يُحًلُونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، فَخَرَجْتُ أَناَ وَأَخِى أُنَيْس! وَأُمُّنَا، فَنَزً لناَ عَلَىَ خَاَل لًناَ، فَأَكْرَمَنَا خَالُناَ وَأَحْسَنَ إِلَيْناَ، فَحَسَدَناَ قَوْمُهُ.
فَقاَلُوا: إِثكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكً خَالَفَ إِلَيْهمْ أُنَيْس!، فَجَاََ خَالُناَ فَنَثاَ عَلَيْناَ الَّذِى قِيلَ لَهُ.
فَقُلتُ: أَمَا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرثَهُ، ولا جمَاعَ لَكَ فيمَا بَعْدُ، فَقَرَّبْناَ صِرْمَتَنَا، فَاحْتَمَلناَ عَلَيْهاَ، وَتَغَطَّى خَالُناَ ثَوْبَهُ فَجَعَلَ يَبْكِىَ، فَانْطَلَقْناً حَتَّى نَزَلناَ بحَضْرَةِ مَكَّةَ، فَنافَرَ أُنَيْسٌ عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا، فَأَتَياَ الكَاهِنَ، فَخَيَّرَ أُنيْسًا، فَأَتاَناَ أُنيْس! بِصِرْمَتِناَ وَمِثْلِهَا مَعَهَا.
قاَلَ.
وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا بْن أَخِى، قَبْلَ أَنْ أَ!قَى رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِثَلاثِ سِنينَ.
قُلتُ: لِمَنْ ؟ قاَلَ: دلهِ.
قُلتُ: فَايهْنَ تَوَخهُ ؟ قاَلَ: أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِى ربِّى، اصَفَى عِشَاَ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ اخرِ اللَيْلِ أُ!قِيتُ كَائى خِفَاَ و، حَتَّى تَعْلُوَنِى الشَّمْسُ.
فَقاَلَ أُنَيْس!: إِنَّ لِى حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنى، فاَنْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَى أَتَى مَكَّةَ، فَرَاثَ عَلَى، ثُمَّ جَاََ فَقُلتُ.
مَا صَنَعْتَ ؟ قاَلَ: لَقِيتُ رَجُلا بمَكَّةَ عَلَى دينِكَ، يَزْعُمُ أَنَّ اللّهاَ أَرْسَلَهُ.
قُلتُ: فَماَ يَقُولُ الناسُ ؟ قاَلَ: يَقُولُونَ: شَاعِر، كَاهِن، سًاحِر.
وَكَانَ انَيْس! أَحَدَ الشُّعَرَاَِ.
قال الإمام: قوله: (فَنَثَا علينا الذى قيل له): أى أشاعه، يقاك: ثبوت الحديث أتبوه: إذا أذعته واشعته /.
وقوله: " فقربنا صرمتنا ثا: الصرمة: القطعة من الإبل، وصاحبك مصرم.
وقد تكون الصرمة فى غير هذا القطعة من النخل، قال ابن السكيت: والصرم أبيات مجتمعة.
وقوله: " نافر أنيس ": قال أبو عبجد: فى هذا الحديث المنافرة: ان يفتخر الرجلان كل واحد منهما على صاحبه، ثم يحكما بينهما رجلان، وقال غيره: المنافرة: المحاكمة، تنافرنا فلان، اى تحاكمنا إليه اينا اعز نفراً وأخير.
وقوله: أ (كانى حفاء): قال ائو عبيد: الخفاء ممدود وهو الغطاء، وكل شىء
29 / ب
504
(7/503)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
قاَلَ أُنَيْسٌ: لَقَدْ سَمعْتُ قَوْلَ الكَهَنَةِ، فَماَ هُوَ بِقَوْلِهِمْ.
وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ، فَماَ يَلتَئِمُ عًلَى لِسَانِ أَحَد بَعْدِى ؛ أَنَّهُ شِعْرٌ.
وَاللهِ، إِنَّهُ لَصَادِقٌ.
وَإِنَّهُمْ لَكَا ذِ بُونَ.
قاَلَ: قُلتُ: فَاكْفِنِى حَتَّى أَذْهَبَ فَا"نْظُرَ.
قاَلَ: فَأَتَيْتُ مَكَّةَ، فَتَضَغَفْتُ رَجُلا منْهُمْ.
فَقُلتُ: أَيْنَ هَذَا الَّذِى تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ فَأَشَارَ إِلَىَّ، فَقاَلَ: الضَابِئَ.
شَماَلَ عًلَىَّ أَهْلُ الوَادِى بِكُلٍّ مَدَرَةِ وَعَظمٍ، حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشيا عَلَىَّ.
قاَلَ: فَارْتَفَعْتُ حِيَن ارْتَفَعْتُ، كَ التى نُصُبٌ أَحْمَرُ.
قاَلَ: فَا2تَيْتُ زَمْزَمِ فَغَسًلتُ عنّى الدِّمَاءَ، وَشَرِبْتُ مِنْ مَائِهاَ، وَلَقَدْ لَبثْتُ ياَ ابْنَ أخِى ثَلاث!!نَ، بَيْنَ لَيْلَة وَيوْبم، مَا كَانَ لِى طَعاَمٌ إِلا مَاءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تًكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطنِىَ، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِى سَخفَةَ جُوع.
قاَلَ: فَبَيْناَ أَهْلُ مَكَّةَ فِى لَيْلَة قَمْرَاءَ إِضْحِيَانَ، إِذْ ضُرِبَ عَلَى أَسْمختِهمْ.
فَمَا يَطُوفُ بِالبَيْت أَحَدٌ.
وَامْرَأَتَيْنِ مِنْهُمْ تَدْعُوَانِ إِسَافا وَناَئلَةَ.
قاَلَ: فَأً تَتاَ عَلَىَّ فى طَوَافهِماَ فَقُلتُ: أنكحا أَحَلَ!ماَ الأخْرَى.
قاَلَ: فَماَ تَناَهَتأَ عَنْ قَوْلِهِمَا.
قاَلَ: فَا"تَتاَ عَلَىًّ.
فَقُلتُ: هَنٌ مِثْلُ الخَشبَة، غَيْرَ أنّى لا أَكْنِى.
فَانْطَلَقَتاَ تُوَلوِلانِ، وَتَقُولانِ: لَوْ كَانَ ههُناَ أحَدٌ مِنْ أنْفاَرناَ! قاَلً.
فَاسْتَقْبَلَهُمأَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبُو بَكْر، وَهُمَا هَابطَانِ.
قاَلَ: (مَالَكُماَ ؟).
قاَلَتا: الصَّابِئُ بَيْنَ الكَعْبَةِ وَأَسْتَارَهَا.
قاَلَ: (مَاقاَلَ لَكُماَ ؟).
قاَلَتاَ: إِنَهُ قاَلَ لَناَ كَلِمَةَّ تًمْلأُ الفَمَ.
وَجَاءَ رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى اسْتَلَمَ الحَجَرَ، وَطَافَ بِالبَيْت هُوَ وَصَاحبُهُ، ثُمَّ صَلَّى، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ - قاَلَ أَبُو ذَر -: فَكُنْتُ أَثاَ اوَّلُ مَنْ حَيًّاهُ بِتَحِيَّةِ الإَسْلام.
قاَلَ: فَقُلتُ ة السَّلامُ عَلَيْكَ ياَرَسُولَ اللّهِ، فَقاَلَ: " وَعَلَيْكَ
غطيته بشىء من كساء أو ثوب أو غيره فذلك الغطاء، وهو الخفاء، وجمعه أخفية.
وقوله] (1): (على أقراء الشعر): أى على طرقه وأنواعه، واحدها قرء، وهذا الشعر على قرء هذا أى على طريقته.
وقوله: ا ليلة قمراء إضحيان): أى مضيئة، حكى ابن عاصم فى كتاب الأنوار: يقال: قمر إضحيان وليلة إضحيان، إذا كانت مضيئة بالقمر قال الهروى: وضحيا أيضا، ويوم ضحيان.
(1) فى هامش !.
(7/504)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
505
وَرَحْمَةُ الله لما.
ثُمَّ قاَلَ: (مَنْ أَنْتَ ؟).
قاَلَ: قُلتُ: مِنْ غفَار.
قاَلَ فَا"هْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أَصَابِعَهُ عَلًى جَبْهَتِهِ.
فَقُلتُ فِى نَفْسى: كَرِهَ أَنِ انْتَمَيْتُ إلًى غفَار.
فَنَ!بْتُ اَخُذُ بيَدهِ، فَقَدَعَنِى صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّى، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ.
ثُمًّ قاَلً: (مَتَى كُنْتَ هَهُنً ؟َ).
وقوله: (فقدعنى صاحبه): أى كفنى، يقال: قدعته وأقدعته، إذا كففته ومنعته.
وقوله: (قد شنفوا له): اى أبغضوه، يقال: شنف له شنفأَ: إذا أبغضه.
والشنف: الشانى المبغض.
قال صاحب الأفعال: شنفته بكسر النون، أى أبغضه، وأشنفت الجارية جعلت لها شنافأَ.
وقوله ة " فتنافرا إلى رجل من الكهان) (1): أى فتحاكما، يقال: نافرته نفارا،
أى حاكمته 9.
قال زهير:
فإن الحق مقطعة ثلاث يمين أونفارأوجلاء
وقوله: (كما أخذ سخفة الجوع): يعنى رقته وهزاله.
قال أبو عمرو: السخف:
رقة العيش، وأيضا رقة العقل.
وقوله: " فثار القوم): يقال: ثار القوم يثورون.
قال القاضى: [ معناه] (2) هاجوا ونهضوا وتحركوا، وأثرت الأسد هجته، وأما ما ذكر عن أبى عمرو فإنما قيدناه فى كتاب الهروى على شيخنا أبو الحشبن، السخف: رقة العيش بالفتح، والسخف رقة العقل بالضم، وبالوجهين ضبطنا الحرف فى الحديث فى كتاب مسلم، وبقى فى حديثه من الغريب والشرح ما يذكره من ذلك فى الكاهن، فخير أنسيا - يعنى عليه - على الاَخر الذى تنافر معه وجعله خيراً منه كما تقدم فى شرح المنافرة.
وعند العذرى هنا: (فخبر) بباء بواحدة، وقيل: كذا فى أصل الجلودى، وهو تصحيف.
وكذلك قوله: (كأنى خفا) ورواه بعضهم عن ابن ماهان: (جفا) بالجيم مضمومة، هو ما ألقاه السيل من غثائه وما احتمله، وله وجه لكن الاَول أوجه وقد شرح.
وقال ابن الاَنبارى: الخفا: كساء يلقى على الوطب.
وقوله: " على أقراء الشعر) بالراء، تقدم تفسيره، وكذا رواية السمرقندى والسجزى
فيه وهو الصواب، وعند العذرى والهروى: " إقوا) بالواو، قد رواه بعضهم بالواو وكسر الهمزة، ولا وجه له.
وقوله: (فما يلتئم على لسان أحد بعدى) كذا الرواية عند جمجع شيوخنا وفى أصولهم، وكتبخا عن بعضهم فيه: " تقرى) فى نمخة بفتح التاء، وهو خير، وأحسن منه يقرى بضمها، وهو مما تقدم، يقال: أقراث فى الشعر وهذا الشعر علىّ قرئ هذّا، وقرأته أى أ على] (3) قافيته، وجمعها أقراء، وفى بعفالن!خ أيضا على لسان احد
(1) حديث رقم (132) مكرر بالباب.
(3) ساقطة من الأصل، والمسبت من ح.
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
506
(7/505)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
قأَلَ: قُلتُ: قَدْ كُنْتُ هَهُناَ مُنْذُ ثَلاثينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ.
قأَلَ: (فَمَنْ كَانَ يُطعمُكَ ؟ لما.
قاَلَ: قُلتُ: مَأكَانَ لِى طَعاَمٌ إِلا مَأَءُ زَمْزَمَ، فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عَكَنُ بَطنَى، وَمَأ أَجِدُ عَلَى كَبِدِى سخفَةَ جُوعٍ.
قاَلَ: (إِنَهاَ مَبَارَكَةٌ، إِنَّهاَ طَعاَمُ طُعْمٍ ".
يعزى إلى شر ينسب إليه ويوصف به وله معنى، وللروايات كلها وجه.
وقوله: (فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم، فقلت: أين هذا الذى تدعونه الصابئ ؟): كذا رواية الجلوثى، وعند ابن ماهان: " تضيف) بالياء ولا معنى لها فى هذا الحديث، ورواه البزار فى مسنده: (تصفحت)، والرواية الأولى أوجه، وهى الرواية التى ذكرها الشارحون.
قال الهروى: معناه: استضعفته.
قال القتبى: قد يدخل " استفعلت) على بعض حروف (تفعلت) نحو ثعظم واستعخلم، وتكبر واستكبر ؛ ومعناه: ائه لم يقدم على سؤال مم ن يخشى منه ويتوقع أذاه، ألا تراه كيف لم يسلم منه مع هذا لما سأله ونبه الناس عليه، فقال: الصابئ.
قال: فمال على أهل الوادى واصحابه.
الصباة: جمع صاب، مثل رام ورماة، ومن همز الصابى جمعه صباه، مثل كاتب وكتبة، وكافر وكفرة، وكأنهم سهلوا الهمزة الاَخرى ثم حذفوها.
وكانت قريش لا تهمز، وقد قرئ بالوجهن: الصابون والصابئون بالهمز وتركة، ومعناه: الخارج من دين إلى دين.
وقوله: (خررت مغشيا على، فارتفعت[ حيئ ارتفعت] (1) كأنى نصب أحمر):
يعنى أنه سقط لما ناله من الضرب والرمى، وصار كأنه يصب من كثرة الرمى، وهى الحجارة التى كانت الجاهلية تذبح عليها لآلهتهم، وهى الأنصاب، والواحد نصب، ونصيب مسكن.
ونصيب بالنمتح ايضا، ومعنى (ارتفعت) هنا: قمت.
وقيل: معناه: ارتفع عنى.
فيه ما كان يلقى المومنون من أذى المشركين وصبرهم عليه، وفضل ائى ذر واستبصاره
فى الإسلام، وهداية الله له! فيه من عنده وعنايته به.
وقوله: ا لقد لبثت ثلاق ت ما بيهأ لينة ويوم مالى طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطنى): أى انطوت طاقات لحم بطنه، وهذا من بركة زمزم وفضلها.
وقول النبى - علبلم الصلاة والسلام - فى ذلك: " إنها طعام طعم) هو من أسماء زمزم، ومعناه: يغنى شاربها عن الطعام، أى أنها تصلح للأكل.
والطعم بالضم مصدر، وقيل: لعله علعم بالنمتح، أق طعم شيئا.
والطعم شهوة الطعام، وقيل: لعله طعم
(1) أثبتناها من الحديت المطبوع حتى يستقيم المعنى.
(7/506)
كتاب فضائك الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه 507
فَقاَلَ أَبُو بَكْرٍ: ياَرَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِى فى طَعاَمه اللَيْلَةَ.
فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَبُو بَكْرٍ، وَانْطَلَقتُ مَعَهُماَ، فَفَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَاصدا، فَجًعًلَ يَقْبِضُ لَناَ مِنْ زَبِيبِ الطَّاَئِفِ، بضم الطاء والعين، أى طعام طاعمين كثير فى الأكل، ويكون طعم جمع طعوم، أى انها تشبع من كثر أكله.
وقيل: أ يكون] (1) معناه: طعام مسمن، ومن أسمالْها أيضا: شفاء السقم، ومصونة، وبرة وطيبة، وشراب الأبرار، وهمزة (2) جبريل اْى غمزته بعقبه.
وقوله: ا ليلة قمراء إضحيان ": أى مقمرة، وهو إنما سمى قمراً من الليلة الثالثة
إلى أن يبدى، فإذا اخذ فى النقص فهو قمير، قاله ابن ثويد، وقد تقدم تفسير إضحيان وهو بمعناه، ورواه بعض شيوخنا: ا ليلة قمر إضحيان " على الإضافة.
وقوله: " إذا ضرب على اصمختهم): أى اذانهم، يريد أ بأصوات] (3) ناموا،
!ال الله ر!ألى: { فَفرً بْنَا عَلَئ آذَانِهِم} (4) أى أراهم.
وأهله: ساهم اهح بنومهم ؛ لابن من نام لا يسمع، وواحدها صماخ، وهو ثقبها الغائر، ويقال بالسن أيضا، حكاهما صاحب العين.
وقوله: (فما تناهتا عن قولهما): أى صرفهما ورث!ما.
وقوله: (هن مثل الخشبة غير أنى لا أكنى) المعنى: / والهنة يعبر بها عن كل شىء وعن العورة، والمراد هنا الذكر، و(نما اراد بذلك سب اساف أ ونائلة] (ْ) داغاظة الكافرين بذلك.
وقوله: (أ فانصرفتا، (6) تولولان): الولولة: صوت الدعاء بالويل، قاله صاحب العين.
وقوله: " لو كان أحد من أنفارنا ": جمع نفير أو نفر، أى من أنصارنا ورجالنا الذين ينفرولأ لدعائنا ونصرنا، وكذا جاء فى رواية السمرقندى: (أنصارنا ".
وقوله: (فاستقبلهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو بكر وهما هابطان، قال: مالكما ؟)،
كذا فى الأصل، وفى غيره مفسر " هابطالن من الجبل "، وكذا ذكره البرار فى مسنده.
وقوله: " قال له كلمة تملأ الفم ": أى عظيمة لاشىء بعدها، كالشىء الذى يملأ الشىء، ولا يسع معه غيره، أو يكون معناه: لايمكن ذكرها وحكايتها، كأنها تسد فم
(1) مس خ!! (2) فى خط.
هز!حة.
(3) ضهـ بءعليها فى نسخة ز، وساقطة من ح.
(4) الألف 110.
(3) ساتطذ كص ح.
61) مكذا فى ال الصل، ح، وفى أصل الحديثط فى المق: فانطلقتا.
30 / ب
508
(7/507)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
وَكَانَ ذَلِكَ أوَلَ طَعاَمٍ كَلتلهُ بِهاَ، ثُمَّ غَبَرْتُ مَاغَبَرْتُ.
ثُمَّ أَتَيْثُ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقاَلَ: (إِنَهُ قَدْ وُجِّهَتْ لِى أَرْضٌ ذَاتُ نَخْل، لا أُرَاهَا إِلا يَثْربَ، فَهَلْ أَنْتَ مُبَلِّغٌ عنِّى قَوْمَكَ ؟ عَسَى اللّهُ أَنْ بَنْفَعَهُمْ بِكَ وَيَأجُرَكَ فِيهِمْ).
فَأَتَيْتُ انًيْسًا فَقاَلَ: + مَا صَنَعْتَ ؟ قُلتُ: صَنَعْتَ أَنّى قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
قاَلَ: مَا بِى رَغْبَةٌ عَنْ لِينِكَ، فَإنِّى قَدْ أَسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
فَاعتَيْناَ أُمّنَا، فَقاَلَتْ: مَا بِى رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُماَ، فَإِنِّى قَدْ أَسْلَمتُ وَصَدَّقْتُ.
فَاحْتَمَلناَ حَتَّى أتَيْناَ قَوْمَنَا غِفَازا، فَأسْلَمَ نِصْفُهُمْ، وَكَانَ يَوُمُهُمْ إِيْماَءُ بْنُ رَحَضَةَ الغِفَارِىُّ، وَكَانَ سيِّلمَصمْ.
وقاَلَ نصْفُهُمْ: إِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) المَدِينَةَ أَسْلَمْنَا.
فَقَدمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) المَدينَةَ، فَا"سلَمَ نصْفُهُمُ اْدبَاقِى.
وَجَاءَتْ أَسْالَمُ.
فَقاَلُوا: ياَرَسُولَ اللهَ، إِخْوَتُناَ، نُسْلِمُ عَلَىَ الَّذِى اسْلَمُوَا عَلَيْهِ.
فَا"سْلَمُوا.
فَقاَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " غِفَارُ غَفَرَ اللّهُ لَهاَ، وَأَسْلَمُ سَالَمَهاَ ال!هُ).
(... ) حَد*شاَ إِيممحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى، أَخْبَرَناَ الئضْرُ بْنُ المُغِيرَةِ.
حَلَّثَناَ حُمَيْدُ بْنُ هِلال، بِهَذَا الإِيشاَدِ.
وَزَادَ بَعْدَ قَوْلهِ - قُلتُ فَاكْفِنِى حَتَى أَذْهَبَ فَا"نْظُرَ - قاَلَ: نَعَمْ، وَكُنْ عَلَى حَذَر مِنْ أَهْلِ مَكَةَ، فَإِنَ!مْ قَدْ شَنِفُوا لَهُ وَتَجَ!مُوا.
حاكيها وتملؤه بالاستعظام لها فلا يقدر على حكايتها.
وقوله: (ثم غبرت ما غبرت): أى بقيت مابت!يت.
وقوله: " أنه قد وجهت لى الأرض): أى أريت جهتها.
وقوله: (ما بى رغبة عن دينك): أى كراهة.
رغبت عن كذا: كرهته وتركتهْ، ورغبت فيه: ص صت عليه وأحببته.
وقوله: " فاحتملنا حتى أتينا قومنا): أى سرنا، وأصله من الحمولة والحملان،
وهو ما يحمل عليه من الإبل، دإنما أمن رخصة بفتح الهمزة، ويقال: بكسرها أيضا ممدود، ورحضه بفتح الراء والحاء المهملة والضاد المعجمة.
وقوله فى الرواية الأخرى: (فلم يزل اخى أنيس يمدحه ويثنى عليه، قال: فأخفنا صرمته لما: كذا للعذرى، وفى رواية السمرقندى والسجزى: (يمدحه حتى غلبه).
قال بعض شيوخنا: هو الصواب، "كأنه تصحيف! من قوله: " ويثنى عليه " وهو بمعنى قوله
(7/508)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رأى الله عنه 509 (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِىّ، حَدثَّنِى ابْنُ أَبِى عَدىٍّ، قاَلَ: أَنْبَاناَ ابْنُ عَوْن عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلال، عَنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامت، قاَلَ: قاَلَ: أً بُو ذَرٍّ: يا، بْنَ اخِى، صَلَّيتُ سَنَتَيْنِ قَبْلَ مَبْعَثً النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
قاَلَ: قُلتُ: فَأَيْنَ كُنْتَ تَوَجَّهُ ؟ قاَلَ: حَيثُ وَجَّهَنِىَ اللهُ.
وَاقْتَمالحَدَيثَ بِنَحْوِ حَديثِ سُلَيْماَنَ بْنِ اْلمُغِيرَةِ.
وَقاَلَ فِى الحَديثَ: فَتَناَفَرَا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الكُهًّانِ.
قاَلَ: فَلًم يَزَلْ أَخِى أُنَيْسٌ يَمْدَحُهُ حَتَّى غَلَبَهُ.
َ قاَلَ: فَأَخَذْناَ صرْمَتَهُ فَضَمَمْنَاهَا إِلَى صرْمَتنَا.
وقاَلَ أَيْضًا فِى حَدِيِثِه: قاَلَ: فَجَاءَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَطَافَ بالبًيْتِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خًلفً المَقَام.
قاَلَ: فَاع تَيْتُهُ، فَإِنَى لا"وَّلُ النَّاسِ حَيَّاهُ بَتَحِيَّةِ الَإِسْلام.
قاَلَ: قُلتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ ياَ رَسُولَ اللّهِ.
قاَلَ: (وَعَلَيْكَ السَّلامُ، مَنْ أَنْتَ ؟).
وَفِى حَدِيثِهِ أَيْضًا: فَقاَلَ: (مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَهُناَ ؟ ".
قاَلَ: قُلتُ: مُثذُ خَمْسَ عَشْرَةَ.
وَفِيهِ: فَقاَلَ أَبُو بَكْرٍ: أَتْحِفْنِى بِضِيَافَتِهِ اللَّيْلَةَ.
فى ال الولى: (فخبر ائيسأَ)، وهو أحسن من رواية العذرى ؛ إذ ليس فيها مايؤلف الكلام بعضه ببعض.
وقوله: فقلت: السلام عليك يا رسول الله، فقال: " وعليك): فيه جواز مثل
هذا فى الرد، والمستحب ما استمر من عمله - عليه الصلاة والسلام - وعمل الصحابة، وما جاء فى رد الملائكة على آدم من قولهم: (وعليك السلام "، ويستحب زيادة الرِحمة وابى كة على ما جاء فى الحديث (1)، قال الله تعالى: { وإِذَا حُيِّيتم بِتَحِيَّةٍ فَحَ!وا بِأَحْسَن مِنْفا أَوْ رُدوهَا} (2)، على تأويل الاكثر أنها تنزلت فى السلام، دن كان مالك قال: إنها فى تشميت العاطس.
قيل: يحبر منها قوله: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، { اً وْ رُد"وهَا} قيل: عليك السلام، كما قيل لك، وقيل غير هذا، وقد تقدم فى حديث[ عائشة (3): (هذا.
جبريل يقرئك السلام فقالت: وعليه السلام ورحمة الله] (4) "، واختار ؟ (5) ابن عمر فى الرد مثل فعل عائشة: عليك السلام.
وقد تقدم الكلام على هذا فى أحاديث السلام.
وقوله فى الحديث الاَخر ل الخيه: (اركب إلى هذا الوادى،: يعنى مكة (فاعلم لى
(1) فى خ ؟ ألاءحاديث -
(3) سبق فى فضاثل عائثة رقم (91).
(4) فى هامش ضد.
(5) فى ضد.
واختيار.
(2) النساَة 86.
ء51
(7/509)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى ذر رضى الله عنه
133 - (2474) وحدّثنى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّد بْنُ عَرْعَرَةَ السَّامِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ - وَتَقاَرَباَ فِى سياَقِ الحَدِيثِ، وَاَللَّفْظُ لابْنِ حًاتِمٍ - قاَلا: حدثنا عَبْدُ الرخْمَنِ ابْنُ مَهْدِىٍّ، حدثنا اْلمُثًنَّى بْنُ سَعيد عَنْ أَبِى جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قاَلَ: لَمَّا بَلَغَ أَباَ ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) بمَكَّةَ قاًَ لأَخيه: ارْكَبْ إِلَى هَذَا الوَادِى، فَاعْلَمْ لِى عِلم هَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهَُ يَا"تِيهِ الخَبَرَُ مِنً السَّمَاءِ، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْله ثُمَّ ائْتِنِى.
فَانْطَلَقَ الاَخَرُ حَتَّى قَدمَ مَكَّةَ، وَسَمِعَ مِنْ قَوْله، ثُمَ رَجَعَ إِلَى أَبِى ذَر فَقاَلً: رَأَيْتُهُ يَأمُرُ بِمَكَارِم الأخْلاق.
وَكًلامًا مَا هُوَ بالشِّعْرِ.
فَقاًلً: مَاشَفَيْتَنِى فيمَا أَرَدْتُ.
فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةَ لَهُ، فِيهاَ مَاء!، حَتَّى قَلِمَ مَكًَّ، فَا"تَى اْلمَسْجدَ فَالتَمَسَ النَّبَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَلا يَعْرفُهُ، وَكَرِهَ أَنْ يَسْألَ عَنْهُ، حَتَّى أَدْرَكَهُ - يَعْنِىَ اللَّيْلَ - فَاضطَجِعَ، فَراةَ عَلِىّ فَعَرِفَ أَنًّهُ غَرِيب!.
فَلَمَا راهُ تَبعَهُ، فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحد مِنْهُماَ صَاحِبَهُ عَنْ شىْء، حَتَى أَصْبَحَ.
ثُمَّ احْتَمَلَ قُرَيْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلًى المَسْجد، فَظَلَّ ذً دكَ اليَوْمَ، وَلا يَرَى النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، حَتَّى أَمْسَى.
فَعاَدَ إِلَى مَضْجِعِم! فَمَرَّ بهِ عَلَىًّ.
فَقاَلَ: َ مَا أَنَى لِلرَّجُلِ أنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ ؟ فَأَقَامَهُ، فَنَ!بَ به مَعَهُ، وَلَا يَسْأَلُ وَاحِد مِنْهُماَ صَاحبَهُ عَنْ شَىَْ.
حَتَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِث فَعَلَ مِثْلَ ذً لكً، فَأَقَامَهُ عَلِىُّ مَعَهُ، ثُمَّ قاَلَ لَهُ+ أَلا تُحَدَثنِى ؟ مَالَّذى أَقْلَمَكَ هَذَا البًلَدَ ؟ قاَلَ: َ إِنْ أَعْطَيْتَنِى عَهْدَّاَ وَمِيثَاقَا لتُرْشِدنِّى، فَعَلتُ.
فَفَعَلَ.
فًأَخْبَرَهُ.
فَقاَلَ: فَإنَهُ حَق، وَهُوَ رَسُولُ اللهاِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتَّبِعْنِى، فَإِنِّى إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عًلَيْكَ، قُمْتُ كَا+نّى ارِيقُ الماَءَ، فَإنْ مَضَيْتُ فَاتَّبِعْنِى حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِى.
فَفَعَلَ.
فَانْطَلقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم ) وَدَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ، وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ.
فَقاَلَ لَهُ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (ارْجِعْ إَلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأتِيَكَ أَمْرِى ".
فَقاَلَ: وَالَّذِى نَفْسَى بِيَدِهِ، لَأصْرُخَنَّ بِهاَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى المَسْجِدَ، فَناَدَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.
وَثاَرَ القَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ، فَأَتَى العَبَّاسُ فَاكَبًّ
هذا الرجل) إلى قوله: (فانطلق الاخر): كذا عنه لاَكثر شيوخنا، وعند الجيانى: "فانطلق الاخ ألاَخر) وهذا وهم والأشبه أنه الأخ عوضا من الآخر، واجتماعهما بعيد الوجه ؛ لابنه إنما ذكر لاَبى فو فى الخبر أخ واحد، فهذه الرواية تنبى أنهما اثنان غير أبى فو.
(7/510)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى فو رضى الله عنه
511
عَلَيْه.
فَقاَلَ: وَيْلَكُمْ! أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غفَارٍ، وَأَنَ طَرِيقَ تُجَّارِكُمْ إلَى الشَأم عَلَيْهَمْ، فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ.
ثُمَّ عَادَ مِنَ الغَدِ بِمِثْلِهِاَءَ وَثاَرُوا إِلَيْهِ فَضَرَبُوهُ، فَاكًبَّ عَلَيْه ال عَبَّاس فَأَنْقَدَهُ.
/ وقوله: (ما شفيتنى فيما أردت ": كذا ذكره مسلم، ورواه البخارى: " مما اوردت " (1) أى ما بلغتنى غرضى وسكنت نفسى مما أردته من معرفة النبى - عليه الصلاة والسلام - وهى أوجه فى الكلام ولرواية مسلم وجه: أى ما شفيتنى من التقصى فيما وجهتك فيه 10 والشنَّة القربة البالية] (2).
وقوله: " فأثوكه الليل): أى غشيه.
وقوله: " فرآه على فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه ": كذا هنا.
وفى كتاب البخارى من رواية الاَصيلى (اتبعه " (3) وهو عندى أليق، وأشبه بمساق الكلام، أى قال له: اتبعنى، ويكون بسكون التاَ، قال: " د ذا اتبع أحدكم على!لىَ).
وقول على له: " اما ال للرجل)، وعند بعضهم: (ائى للرجل) وهما بمعنى،
اى ما حان، قال الله تعالى: { أَلَىْ يَأنِ لِلَّذِينَ آمُوا} (4) اى ألم يحن، يقال: أنى الشىء واَن حان، ونال أيضا بمعنى.
وقوله: (فانطلق يقفوه ": أى يتبعه.
وقوله: " ل الصرخن بها بين ظهرانيهم لما: أى بينهم، ويقال: (بين ظهريهم) أيضا.
وقولة أبى بكر: (أتحفنى بضيافته الليلة): اى خصنى بذلك كما يخص الإنسان بالخحفة والطرفة.
(1) البخارى، كمناقب ال النصار، بإسلام أبى فو 5 / 59.
(2) س!تط من ر، والمثب! من ح.
(3) فى رواية البخارى: تبعه أيضأَ، أما رواية الأصيلى فلم آقف عليها.
انظر الخارى، كمناقب الأنصار، بإسلام ائى فر 59 / 5.
(4) الحديد: 16.
512
(7/511)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جرير...
إلخ
(29) باب من فضائل جرير بن عبد الله رضى الله تعالى عنه
134 - (2475) حدّثنا يَحْمىَ بْنُ يَحْمىَ، أخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْد الله عَنْ بَيَانٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.
ح وَحَدثَّنِى عَبْدُ الحَمِيدِ بْقُ بَيَانٍ، حَد 3شَا خَالِد، عَنْ بَيَان قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِى حَازِمٍ يَقُولُ: قَالىَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الله: مَا حَجَبَنِى رَسُولُ الًله ( صلى الله عليه وسلم ) مُنْذُ أَسْلَ!تُ، وَلا رانى إِلا ضَحِكَ.
135 - (... ) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد"ننَا وَكِيع وَأَبُو أُسَامَةَ، عُنْ إِسْمَاعِيلَ.
حِ وَحَد!شًا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدوّرَشَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ، حَد"نتَا إِسْمَاعيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جرِير، قَالَ: مَاحَجَبنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مُنْذُ أسْلَمْتُ، وَلا رَآنِى إلاَ تَبَسَّمَ فِى وَجْهِى.
زَادَ ابْن نُمَيْرٍ فِى حَلِيثِهِ عَنِ ابْنِ إِلحْرِيسَ: وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْه أَنّى لا أَثْبُتُ عَلَى الخيْلِ، فَضَرَبَ بِيَلِهِ فِى صَدْرِى وَقَالَ: (اللّهُمَّ، ثَبتْهُ، وَاجْعَلهُ هَادِيًاَ مَهْدِيّا لما.
136 - (2476) حدّثنى عَبْدُ الحَميد ثنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا خَالد، عَنْ بَيَان، عَنْ قَيْس، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كَانَ فِى الجَأهلِيًّةَِ بَيْمت يُقَالُ لَهُ ذُو الخَلَصًةِ، وَكَانَ لمدقَالُ لَهُ الكَعبَةُ اليَمَانيَةُ وَالكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ.
فَقَاً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "هَلْ أَنْتَ مُرِيحِى مِنْ ذِى الخَلَصَة وَالكًعْبَةِ اليَمَانِيَة وَالشَّامِيَّة ؟)، فَنفَرْتُ إِلَيْه فِى مائَة وَخَمْسِنَ مِنْ أَحْمَسَ، فَكَسَرْنَاهُ وَقَتَلنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ.
فَا2تَيْتُهُ فأخْبَرْثُهُ.
قَالَ، فَدَعَاَ لَنَاً وَلا"حْمَسَ.
وقوله: ذو (الخلصة " بفتح الخاء واللام، ويقال أيضا: (الخُلصة) بضمها، وبالوجهين ضبطناه على أبى الحسين، وضبطناه على أبى بكر بفتح الخاء وسكون اللام.
فسره فى الحديث: (بيت لخثعم، كان يدعى الكعبة اليمانية "، وفى غير مسلم: (فيه صنم لها)، وفى البخارى: (بيت لخثعم، فيه نصب لها ".
وقوله فى حديث عبد الحميد بن بيان عن خالد عن البيان: كان فى الجاهلية، بيت يقال له ة ذو الخلصة، وكان يقال له الكعبة اليمانية والكعبة الشامية، ثم قال: (هل أنت مريحى من ذى الخلصة والكعبة اليمانية أ والكعبة] (1) الشامية ؟): [ فيه حذف أولا،
(1) من خط.
(7/512)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جرير...
إلخ
513
137 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا جَرير!، عَنْ إِسْمَاعيلِ بْن أبى خَالد، عَنْ قَيْس بْنِ أَبِى حَازِمِ، عَنْ جَرِير بْن عَبْد الله البَجَلِىَ، قَالَ: قَالَ لىَ رسُو، الله ( صلى الله عليه وسلم ) ً: " يَا جَرِيرُ، الا تُرِيحُنِى مِنْ ذى الخًلَصًة) بَيْت لخَثْعمَ كَانَ يدْعَى كَعْبَةَ اليَمَانيَة.
قَالَ: فَنفَرْتُ فى خَمْسِ!دنَ وَمائَةِ فَاَرِسِ، وَكُنتُ لا أً ثْمتُ عَلَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذً لكً لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَضَرَبَ يَدَهُ فِى صَدْرِى فَقَالَ: (اللّهمَّ، به هُ، وَاجْعَلهُ هَادِيَا مَهْدِيا).
قَالَ: فَانْطَلقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِير! إِلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاَ يُبَثسَرُهُ، يُكْنَى أَبَا ارْطَاةَ، منَّا.
فَاعتَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ لَهُ: مَا جئْتًُحَتَى تَرَكْنَاهَا كانَّهَا جَمَل أَجْرَبُ، فَبَرَّكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى خَيْل أحْمَسَ وَرِجَالِهَاَ، خَمْسَ مَرَّاتِ.
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيعٌ خ وحَدثنَنَا ابْنُ نُمَيْرِ، حَدثنَنَا ابِى.
ح وَحَد - ننَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ، حَدثنَا سُفْيَانَ.
ح وَحَدتَّشَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حد، شَا مَرْوَانُ - يَعْنِى الفَزَارِىَّ.
حِ وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعِ، حَدَثنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، بهَذَا الإسْنَاد.
وقَالَ فى حَديث مَرْوَانَ: فَجَاءَ بَشيرُ جَرير، أَبُو أَرْطَاةَ حُصَيْنُ بْنُ رَبيعَةَ، يُبَشِّرُالنَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًًَ "
ووهم اَخراً، وصوابه: ولا يقال له الكعبة اليمانية والكعبة الشامية] (1) أى وسمى الكعبة التى بمكة الكعبة الشامية وهذه الكعبة الشامية بدليل قوله فى الرواية الأخرى: (وكانت تدعى الكعبة اليمانية) ولم يزد، وأما ذكره اَخر الكعبة اليمانية والشامية فوهم وغلط، وزيادة كلها خطأ، وقد ذكره البخارى بهذا السند (2)، وليس فيه هذه الزيادة والوهم.
وقوله: (ثم بعث جريرٌ إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلا يبشره): فيه توجيه البشر.
وقوله: (ما جئتك حتى تركناها[ كأنها، (3) جمل أجرب ": أى مطلى بالقطران لاءجل ما به من الجرب، فصار أسود لذلك، يعنى أنها سوداء من إحراقها بالنار.
وفيه إجابة دعاء النبى - عليه الصلاة والسلام - لجرير بأن يثبته الله إذ شكا إليه أنه لا يثبت على الخيل (4).
وقوله: (ما حجبنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منذ أسلمت، ولا رآنى إلا تبسم فى وجهى):
(1) فى هاممثى خط.
(2) البخارى، كمناقب الأنصار، بذكر جرير بن عبد الله 5 / 49.
(3) فى هاممثى ح (4) فى ح: الجمل.
514
(7/513)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جرير...
إلخ فيه بر أشراف الناس وحسن لقائهم ؛ لأن جريرًا كان[ كبيرًا فى قومه] (1).
قال الإمام: وخرج مسلم - أيضا - فضائل جرير بن عبد الله البجلى[ قال] (2) فجاء بشير جرير اْبو أرطاة حسيئ بن ربيعة، هكذا وقع فى بعض النسخ بالسن، وكذا وقع عند الجلودى والكسائى، وروايتهما: " حسين لما بالسن أيضا.
قال بعضهم: وليس بشىء ووقع عند ابن ماهان وحده: (حصين) بالصاد المهملة وهو الصواب.
(1) فى ح: كان كبيرَ قومه.
(2) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(7/514)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل عبد الله بن عباس رضى الله عنهما 515
(30) باب فضائل عبد الله بن عباس رضى الله عنهما
138 - (477 2) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الئضْرِ، قَالا: حَد 8لنَا هَاشِمُ
ابْنُ القَاسِم، حَد، لَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ اليَشْكُرِىُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ ابى يَزِيدَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَئاسٍ ؟ أَنَ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) أَتَى الخَلاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، فَلَمًّا خَرَجَ قَالَ: " مَنْ وَضَعَ هَذَا ؟) فِى رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: قَالُوا.
وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْر: قُلتُ: ابْنُ عَبَّاسٍ.
قَالَ: " اللّهُمَ، لقِّهْهُ).
وقال القاصْى: وفى فضائل ابن عباس حديث زهير بن حرب وأبو بكر بن النضر، كذا
/ لهم، وعند العذرى بن أبى النضر، وكلاهما صحيح، هو أبو بكر بن النضر بن أبى النضر هاشم بن الْقاسم، واختلف فى اسمه، فسماه الحاكم أحمد وسماه الكُلاباذى محمداً.
وفى فضائل أنس دعوة النبى - عليه الصلاة والسلام - له بأن يكثر الله ماله وولده، وقول أنس: فإن مالى لكثير، دإن ولدى وولد ولدى ليتعادون فى نحو المائة اليوم: فيه جواز الدعاء بهذا، وحجة لفضل الغنى ومن يفضله، دإجابة دعوة النبى - عليه الصلاة والسلام.
ومعنى (يتعادون ": يتفاعلون من العدد.
31 / ب
516
(7/515)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضالْل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
(31) باب من فضائل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
139 - (2478) حدّثنا أبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ وَخَلَف بْنُ هِشَامٍِ وَأَبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ كُلُّهُمْ عَنْ حَمَّاد بْنِ زَبْد.
قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، حدثنَا أتوبُ، عَنْ نَأفِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قًالَ: رَأًيْتُ فِى المَنَام كأنَّ فِى يَدِى قِطعَةَ إِسْتَبرقٍ، وَلَيْسَ مَكَان أُريدُ منَ الجَنَة إلا طَارَتْ إِليَهِ.
قَالَ: فَقَصَصتُهُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهُ حَفْصَةُ عَلَى التبِىَِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالً الَنَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَرَى عَبْدَ الله رَجُلاَ صَالِحًا لما.
140 - (2479) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِييمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظُ لِعَبْدٍ - قَالا: أَخْبَرَنَأ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَأ مَعْمَر، عَنِ الرهرِىَ، عَنْ سَالِمٍ، عًنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ الرخلُ فِى حَيَاة رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، إِذَا رَاى رُؤْيَأ، قَصَّهَا عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَأ أً قُصُّهَا عَلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابا عَزبأ، وَكُنْتُ أنَأمُ فِى المَسْجِدِ عَلَى عَهْد رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَرَأَيْتُ فِى التوْم كَأنَّ مَلَكَيْنِ أخَذَانِى فَن!بَا بِى إلَى الئارِ، فَإذَا هِىَ مَطَوَّية كَطَىِّ البئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَأنِ كَقَرْنَىِ البِئْرِ، داِذَا فيهَا نَأشَ قَدْ عَرَفْتُهُم، فًجَعَلتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بألَلهِ مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بألله مِنَ النَّارِ، أَعُوذُ بأَللهِ مِنَ النَّارِ.
قَالَ: فَلَقيَهُمَا مَلَلث فَقَالَ لى: َ لَمْ تُرع، فَقَصَصْتُهَاَ عَلَىَ حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهًا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللَه ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ النَّبِىَُّ ( صلى الله عليه وسلم ): " نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَيْلِ لما.
قَالَ سَالِم: فَكَانَ عَبْدُ الله بَعْدَ ذَلِكَ، لا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَلِيلاً.
(.
ء.
) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرَّحْمنِ الدَارِمِىُّ، أَخْبَرَنَأ مُوسَى بْنُ خَالِدٍ - خَتَنُ وقوله: (قطعة إستبرق ": وهو ما غلظ من الديباج، وقيل: هو فارسى معرب.
قوله: " قرنا البئر): الخشبتان اللتان عليهما الخطاف، وهو الحديدة التى فى جانب البكرة.
قال ابن دريد: قال الخليل: هو ما يبنى حول البئر فيوضع عليه الخشبة التى يدور عليها[ المحور، وهى الحديدة التى تدور عليها، (1) البكرة، وهو نحو ما تقدم.
وقوله: حدثنا موسى بن خالد خق الفريابى، كذا عند شيوخنا، ورواه بعضهم:
(1) من الأبى، حد.
(7/516)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما 517 الفِرْيَابِىِّ - عَنْ أَبِى إِسْحَقَ الفَزَارِىِّ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيتُ فِى المَسْجِدِ، وَلَمْ يَكُنْ لِى أَهلٌ، فَرَأَيْتُ فِى المَنَام كَانَّمَا انْطُلِقَ بِى إِلَى بِئْر.
فَذَكَرَ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَى حَديِثِ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ.
موسى بن خالد[ بن] (1) الفريانى، وهو خطأ، يقال: الغريانى والفريابى، منسوب الى مدينه فرياب.
وقوله: ا لم يرع لما: اى لم يخف، ولا يرى فزعأَ.
هذا ظاهره، لكن روى بقى بن مخلد عن ابن أبى شيبة، وفيه: " فرأى كأن ملكأ انطلق به إلى النار، فلقيه اَخر فقال: لم ترع " ولا ارى هذه الرواية إلا وهمًا.
" ورع) بمعنى كف، ولا وجه له هنا.
فى خط: عن خق.
518
(7/517)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أنس بن مالك...
إلخ
(32) باب من فضائل أنس بن مالك رضى الله عنه (1)
141 - (2480) حل!ثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حَل!ثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَل!ثنَا شُعْبَةُ، سَمعْتُ قَتَ الةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنسبى، عَن أُئم سُلَيْبمِ، انَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولً اللّه، خَ العُكَ أنَس!، ادع اللّهِ لَهُ فَقَألَ: (اللّهُمَّ، أكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيَما أَعْطَيْتَهُ).
(... ) حديثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدءننَا ابُو دَاوُدَ، حَد!ثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أنَسًا يَقُولُ: قَالَتْ اُئمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ الله، خَ العُكَ أَنَسن.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
(... ) حلّثنا مُحَمَّدُبْنُ بَشَّار، حَل!ثنَامُحَمَّدُبْنُ جَعْفَر، حَل!ثثَا شُعْبَةُ، عَنْ هشَام بْنِ
زَيْدٍ، سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُوذُ، مِثْلَ ذَلِكَ.
142 - (2481) وحد!ثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا هَاشمُ بْنُ القَاسِم، حدثنا سُلَيْمَانُ عَنْ ثَابت، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَيْنَا، وً مَا هُوَ إِلا أنَا وَاُمِّى وَأُمُّ حَرَابم، خَالَتِى.
فَقَألَتْ أمِّى: يَارَسُولَ اللّه، خُوَيْدمُكَ، ادْعُ اللّه لَهُ.
قَالَ: فَدَعَا لِى بِكُلِّ خَيْرٍ.
وَكَانَ فِى آخِرِ مَا دَعَا لِى بِهِ أَنْ قَالَ: (اللّهُمًّ، ثْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ لما.
143 - (... ) حد!ثنى أَبُو مَعْني الرَّقَاشِىُّ، حَدثنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَد!ثنَا عكْرِمَةُ، حَل!ثنَا إسْحَقُ، حَدئثنَا أَنَس! قَالَ: جَاءتْ بِى امِّى أُمُّ انَس إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَقَدْ أَزرتْنِى بِنِصْف خمَارِهَا، وَرَدَّتْنِى بنصْفه.
فَقَالَتْ: يَا رَسولَ اللّه، هَدَا أُنَيْسن ابْنِى، أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكً، فَادع اللّه لَهُ.
فَقَأَلً: َ ((اللّهُمَّ، أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ لماَ.
قَالَ أَنَس!: فَوَاللّه، إِنَّ مَالِى لَكَثيز، ! اِنَّ وَلَدِىَ وَوَلَدَ وَلَدِى لَيَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ المِائَةِ اليَوْمَ.
144 - (... ) حلّثنا قُثَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَلئثنَا جَعْفَز - يَعْنِى ابْنَ سُلَيْمَانَ - عَيب الجْعدِ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ: حَدّثنَا أَنَسُ بْنُ مًالكً قَالَ: مَرَ رَسُولُ اللّه ض!ل!ت، فَسَمعَتْ أُمِّى أمِّ سُلَيْمٍ صَوْتَهُ.
فَقَالَتْ: بِاع بِى وَأُمِّى يَا رَسُولً اً للهِ، أُنَيْس!.
فَدَعَا لِىَ رَسُولُ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ) ثَلاَث
(1) سبقت الإشارة إليه فى باب فضائل ابن عباس.
(7/518)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أنس بن مالك...
إلخ 519 دَعَوَاتٍ، قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ فِى الدُّنْيَا، وَأَنَا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِى الاَخِرَةِ.
145 - (2482) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدّثنَا بَهْز، حَدّثنَا حَمَّاد، اخْبَرَنَا ثَابِتو،
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَتَى عَلَىَّ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَنَا العَبُ مَعَ الغلمَانِ.
قَالَ: فَسَلَمَ عَلَيْنَا، فَبَعَثَنِى إِلَى حَاجَة، فَاع بْطَأتُ عَلَى أُقَى.
فَلَمَّا جئْتُ قَالَتْ ةَ مَا حَبَسَكَ ؟ قُلتُ: بَعَثَنِى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ئحَاجَة.
قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ ؟ قُلتُ: إِنَّهَا سِرّ.
قَالَتْ: لا تُحَدَثنَّ بسِرِّ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أَحًدًا.
"
قَالَ أَنَس!: وَاللّهِ، لَوْ حَدَّثْتُ بِهِ أَحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يَا ثَابِتُ.
146 - (... ) حدّثنا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدّثنَا عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ، حدثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى يحَدِّثُ عَنْ أَنَس بْنِ مَالك قَالَ: أسَرَّ إِلَىَّ نبِىُّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سِرا، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدُ، وَلَقَدْ سَالتْنِى عَنْهُ أُمّ سُلَيْمٍ، فًمَا أَخْبَرْتهَا بِهِ.
520
(7/519)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن سلام رضى الله عنه
(33) باب من فضائل عبد الله بن سلام رضى الله عنه 47 1 - (2483) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حَدّثَنَا إسْحَقُ بْنُ عِيسَى، حَد"ننِى مَاللث، عَنْ أبِى النَّضْرِ عَنْ عَامِر بْنِ سعْد، قَالَ: ً سَمعْتُ أبِى يَقُولُ: مَا سَمعْتُ رَسُولَ اللَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ لِحَىٍّ يَمْشِى إنْهُ فِى الجَنَّةِ، ً إلا لِعَبدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ.
148 - (2484) حَدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِىُّ، حَد، شَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذ، حَدصَّننَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سيرِينَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَاد قَالَ: كُنْتُ بِالمَلِينًة فى نَاسٍ، فيهِمْ، بَعْضُ أصْحَاب النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَجَاء رَبُئ فِى وَجهِهِ أثَرو منْ خُشُوعٍ* فَقَالَ بَعْضُ اَلقَوْم: هَذَا رَجُل مِنْ أهلِ الجَنَّة، هَذَا رَجُل مِنْ اهْلِ الجَنَّة.
فَصَلَّىَ رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِمَا، ثُمَّ خَرَجَ فَالمجتُه، فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ، وَدَخَلتُ.
فَتَحَدَّثْنَا، فَلمَّا اسْتَأنَسَ قُلتُ لَهُ: إنَّكَ لَمَّا دَخَلتَ قَبْلُ، قَالَ رَجُل كَذَا وَكَذَا.
قَال: سُبْحَانَ اللهِ، مَا يَنْبَغِى لأحد أنْ يَقُولَ مَا لا يَعْلَمُ، وَسَأحَدَثكَ لِمَ ذَاكَ ؟ رَأيْتُ رُؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقًصَصْتُها عَلَيْه، رَأيْتُنِى فِى رَوْضَةٍ - ذَكَرَ سَعَتَهَا وَعُشْبَهَا وَخُضْرَتَها - وَوَسْطَ الَرَّوْضَةِ عَمُود مِنْ حَدِيد، أسْفَلُهُ فى الأرْضِ وَأعْلاهُ فِى السَّمَاء، فِى أعْلاهُ عُرْوة.
فَقيلَ لِى: ارْقَهُ، فَقُلتُ لَهُ: ً لا أسْتَطِيعُ.
فَجَاءَنِى مِنْصَفُ - قَالَ ابْنُ عَوْن: وَالمِنْصَفُ الخَادَمُ - فَقَالَ بثِيابِى مِنْ خَلفِى - وَصَفَ أنْهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلفِهِ بِيَدِهِ فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِى أعْلَىَ العَمُودِ، َ فَأخَذْتُ بِالعُرْوَةِ،
وقوله فى فضائل عبد الله بن سلام: (فصلى ركعتين [ يتجوز] (1) فيهما ثم خرج فاتبعته): كذا رواه مسلم، وفيه نقص (2)، وصوابه وتمامه ما فى كتاب البخارى: (ركعتلاين تجوز فيهما " (3)، وعند ابن ماهان: يعنى تجوز فيهما، ومعناه: خففهما.
وقوله: " فجاءنى منصف) بكسر الميم وفتح الصاد، ويقال بفتح الميم أيضا، فسره فى الحديث بالخادم والوصيف، وهو صحيح.
قالوا: هو الوصيف الصغير المدرك للخدمة.
(1) ساقطة من النسخ، والمثبت من الحديث المطبوع.
(2) قد تكون النسخة الموجودة لدى القاضى، أما نسخ مسلم التى بيئ أيدينا فليس فيها نقص كما ذكر القاضى.
(3) البخارى: عن قيس بن عباد، كمناقب الأنصار، بمناقب عبد الله بن سلام 5 / 46.
(7/520)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن سلام رضى الله عنه
521
فَقِيلَ لِىَ: اسْتَمسِكْ.
فَلَقَد اسْتَيْقَظتُ وَإثها لَفِى يَدِى، فَقَصَصتُها عَلَى النَبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (تِلكَ الروضَةُ الإسْلامُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإسْلام، وتِلكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، وَأنْتَ عَلَى الإسْلامِ حَتَّى تَمُوتَ).
قَالَ: وَالرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ.
149 - (... ) حَلّثنا مُحَمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أبِى رَوَّاد، حدثنا حَرَمىُّ
ابْنُ عُمَارَةَ، حدثنا قُرَّةُ بْنُ خَألِد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَاد: كُنْتُ فِى حَلقَة فيهَا سَعْدُ بْنُ مَالك وَاً بْنُ عُمَرَ، فَمَر عَبْدُ اللّه بْنُ سَلاَمٍ.
فَقَالُوا: هَذَا رً جُل مِنْ أَهْلِ الجَئةَ.
فَقُمْتُ فَقُلتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا.
َ قَالَ: سُبْحَانَ اللّه ا مَا كَانَ يَنْبَغِى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلم، اِنَّمَا رَأَيْتُ كَان عَمُودًا وضُعَ فِى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ،
وقوله: (فرقيت) بكسر القاف: أى صعدت، وهى اللغة الفصيحة فى هذا، وقد
قيل فيه بفتح القاف، وقد جاء فى الروايتين فى مسلم والموطأ وغيرهما فى غير هذا الموضع، وشهادة هؤلاء لعبد الله بن سلام أنه من أهل الجنة وليس فى الحديث الذى ذكره عن النبى - عليه الصلاة والسلام - إلا أنه أخبر أنه يموت على الإسلام والاعتصام بعروته الوثقى، حجة على اتفاقهم على مذهب اْهل السنة، اْنه من مات على الإسلام فهو من أهل الجنة على كل حال، دان كان من العاصين، وان الله لا يحرم عليه الجنة، وأمره بعد إلى الله تعالى، إن شاء عاقبه قبل دخوله الجنة، دان شاء عفا عنه.
أ وفيه أنه لا يقطع بالجنة الا لمن أعلم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بحاله فى ذلك، من موته على الإسلام، وأنه من أهل الجنة اذ الخاتمة مغيبة عنا] (1).
لكن قد ذكر مسلم من رواية سعد ابن ائى وقاص: " ما سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول لحى يمشى أنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام "، فلعل هؤلاء بلغهم خبر سعد ولم يبلغ ذلك عبد الله بن سلام، أو لم يرد ذكره خبرا وتستراً.
وقول عبد الله بن سلام (2): " ما كان ينبغى لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم):
على طريق التواضع وكراهة الشهرة، أو لقطعهم على ذلك من جهة الدليل لا من جهة
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) فى ز، ح: عبد الله بن عباس، وهذا ما أثبتناه.
522
(7/521)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبدالله بن سلام رضى الله عنه فَنُصبَ فِيهَا، وَفِى رَأسِهَا عُرْوَ!لا، وَفِى أَسْفَلِهَا منْصَ! - وَالمنْصَفُ الوَصيفُ - فَقِيلَ لِىَءَ ارْقَهْ، فَرَقِيتُ حَتَّى أَخَذْتُ بألعُرْوَة، فَقَصَصتُهَا عَلَى رَسُوَلِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَمُوتُ عَبْدُ اللّهِ وَهُوًاَخِنما بِأَلعُرْوةِ الوثقَى).
150 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ - وَاللَّفْظُ لقُتَيْبَةَ - حَد - ننَا جَرِير!، عَنِ الا"عْمَشِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ، عَنْ خَرً شَةَ بهنِ الحُرّ.
قَالً: كُنْتُ جَالسًا فِى حَلقَة فِى مَسْجدِ المَلِينَة.
قَالَ: وَفِيهَا شَيْخ حَسَنُ الهَيْئَة، وَهُوَ عَبْدُ اللّه بْنُ سَلاًمٍ.
قَالَ: فَجًعَلَ يُحَدًّ ثهُمْ حَديثًا حَسنا.
قَالَ: فَلَمَّا قَامَ قَالَ القًوْمُ: مَنْ سَرةُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ اهْلِ الجَنَّة فَليَنْظُرْ إِلَى هَذَا.
قَالَ: فَقُلتُ: وَاللّه، لأتْبَعَنَّهُ فَلأَعْلَمَن مَكَانَ بَيْتِهِ.
قَالَ: فَتَبِعْتُهُ، فَانْطَلًقَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ المَلِينَة، ثُمًّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ.
قَالَ: فَاسْتأذَنْتُ عَلَيْه فَا"فِنَ لِى.
فَقَالَ: مَا حَاجَتُكَ يَأ ابْنَ اخِى ؟ قَالً: فَقُلتُ لَهُ: سَمعْتُ القَوْمَ يَقُولُونَ لًَلَمَّا قُمْتَ: مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مَنْ أهْل الجَئة فَليَنْظُرْ إِلَىَ هَذَا، فَا"عْجَبَنِى أنْ ث!نَ مَعَكَ.
قَالَ: اللّهُ اعْلَمُ بِا"هْلِ الجَئةِ.
وَسَ الحَدثكَ مِمًّ قَالُوا ذَاكَ.
إِنِّى بَيْنَمَا أَنَأ نَأئم، إِذْ أَتَأنِى رَجُل فَقَالَ لِى: قُمْ، فَا"خَذَ بيَدى فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ.
قَالَ: فَإذَا أَنَأ بِجَوَادَّ عَنْ شمَالِى.
قَالَ: فَأخَذتُ لآخُذَ فِيهَا.
فًقَاَلَ لِى: لا تَأخُذْ فيهَا، فَإنَهًا طُرُقُ أصْحَاب الشًّمَالِ.
قَالَ: فَإذَا جَوَاد9 مَنْهَجُ عَلَى يَمينِى.
فَقَالَ لِى: خُذْ هًهُنَا.
فَاَعتَى بِى جَبَلاً، فَقَالً لِىَ: اصْعَدْ.
قَالً: فَجَعَلتُ إِذَا ارَدْتُ أًنْ أَصْعَدَ خَرَرْتُ عَلَى اسْتِى.
قَالَ: حَتَّى فَعَلتُ ذَلِكَ مِرَارًا.
قَالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى أَتَى بِى عَمُودًا، رَأسُهُ فِى السمَاء ِ، وَأَسْفَلُهُ فِى الا"رْضِ، فِى أَعْلاَهُ حَلقَة.
فَقَالَ لِىَ: اصْعَدْ فَوْقَ هَذَا.
قَالَ: قُلتُ: كَيْفَ أصْعَدُ هَذَا وَرَأسُهُ فِى السَّمَاءِ ؟ قَالَ: فَا"خَذَ بِيَدِى فَزَجَلَ بِى.
قَالَ: فَإِذَا أَنَأ مُتَعَلِّق بِألحَلقَةِ.
قَالَ:
النص، كما تقدم.
وقوله: دا فإذا[ أنا] (1) بجواد): جمع جادة، وهى الطرق البينة المسلوكة، مشددة الدال، وقد تخفف، قاله صاحب العين.
وقوله: (جواد مَنَهجْ): اْى ظاهرة، وطريق منهج ومنهاج ونهج أى ظاهرة بينة.
(1) من الحديث المطبوع.
(7/522)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل عبد الله بن سلام رضى الله عنه 523 ثُمَ ضَرَبَ العَمُودَ فَخَرَّ.
قَالَ: وَبِقيتُ مُتَعَلِّقًا بالحَلقَةِ حَتَى أَصْبَحْتُ.
قَالَ: فَا"تَيْتُ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ.
فَقَالَ: " أً مَّا الطُّرُق اثَتَى رَايْتَ عَنْ يَسَارِكَ فَهْىَ طُرُقُ اصْحَابِ الشِّمَال ".
قَالَ: (وَأَمَّا الطُّرُقُ ائَثِى رَأَيْتَ عَنْ يَمينكَ فَهْىَ طُرُقُ أَصْحَاب اليَمنِ، وَامَّا الجَبَلَُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاء، وَلنْ تَنَالَهُ، وَأَمَّا العًمُودُ فَهُوَ عَمُودُ الإِسْلامَ، وَأً مَّا العُرْوَةُ فَهِىَ عُرْوَةُ الإِسْلاَم، ولَنْ تًزَالَ مُتَمَسكٍّ ا بِهَا حَتَّى تَمُوتَ لما.
وقوله: (فزجل بى) بالزاى والجيم: أى أ رمانى] (1).
وأكثر ما يستعمل فى الثىء الدحور (2).
(وزحل) بالحاء المهملة قريب منه، رحلت (3) الثىء: نحيته وائعدته.
(1) فى الأبى، والنووى، والحرم.
رمما بى، ولعلها هى الصواب.
(2) فى ح: الدحو.
(3) فى ح: زحلت.
(7/523)
524
كتاب فضالْل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه
(34) باب فضائل حسان بن ثابت رضى اللّه عنه
151 - (2485) حدّثنا عَمْزو النَاقِد يإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، كُلّهُمْ
عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ عَمْرٌو: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزّهْرِئ، عَنْ سَعِيد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؟ انَّ عُمَرَ مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يُنْشدُ الشِّعْرَ فِى المَسْجد، فَلَحَظَ إِلَيْهِ.
فَقَاذَ: قَدْ كُنْتُ أنشِدُ وَفيه مَنْ هُوَ خَيْر مِنْكَ، ثُمَّ التًفَتَ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةً، فَقَالَ: انْشُدُكَ اللّهَ، اسمِعْتَ رَسُولَ الَلّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (اجِبْ عنِّى، اللهُمَّ إلِّدْهُ بِرُوح القُدُسِ لما ؟ قَالَ: اللّهُمَّ، نَعَمْ.
(... ) حدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْد الرراق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّبِ ؛ أَنَّ حَسَّانَ قَالَ، فِى حَلقَةَ فيهِمْ أَبُو هُرَيْرَة: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَسَمِعْتَ رَسُوَلَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
152 - (... ) حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىّ، أخبَرَنَأ أبُو اليَمَأنِ، أخْبَرَنَا شُعَيْمب، عَنِ الزّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى أَبُو سَلَمَةً بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَأبِت الأنْصَارِىَّ يَسْتَشْهِدُ أَبَأ هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (يَأ حَسئَانَ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
اللّهُمَّ، أَيَدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ).
قَألَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ.
153 - (2486) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا ابِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِى - وَهُوَ ابْنُ ثَأبِت - قَالَ: سَمِعْتُ الَبَرَاءَ بْنَ عَاً زِب قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ لِحَسَّانِ بْنِ ثَأبِتً: (اهْجُهُمْ - اوْ هَاجِهِمْ - وَجِبْرِيل مَعَكَ).
قوله عن حسان وإنشاده الشعر فى المسجد، وقوله لعمر: (كنت اْنشد، وفيه خير منك): يعنى النبى - عليه الصلاة والسلام.
فيه جواز مثل هذا إذا كان لوجه من وجوه الدين، فإنشاد حسان فيه إنما كان مما يهجو به عدو الإسلام، ويمدح به النبى - عليه الصلاة والسلام - وينافح به عنه - عليه الصلاة والسلام - بالتأييد فى ذلك، وما كان بعده اْيضا - عليه الصلاة والسلام - فمن هذا ونحوه.
لكنه يكره الإكثار منه من غير ما ذكرنا قبل، ومما ليس فيه ذكر الله، ولا هو من باب
(7/524)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه
525
(... ) حَدثّنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ.
ح وَحَدثنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافع، حَدثنَا غُنْدَرخ وَحَد، شَا ابْنُ بَشَّار، حَد، شًا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، كُلُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
مِثْلَهُ.
154 - (2487) حدّئنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَد، شَا ابُو أُسَامَةَ،
عَنْ هِشَابم، عَنْ ابِيه ؛ أَنَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِت كَانَ ممَّنْ كَثَّرَ عَلَى عًائشَةَ، فَسَبَبْتُهُ.
فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِى، دَعْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُول الَلّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) حدّثناه عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
155 - لط 248) حدّثنى بِشْرُ بْنُ خَالدِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد - يَعْنِى ابْنَ جَعْفَر - عَنْ شُعْبَة، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِى الفخُحَى، َ عَنْ مَسْرُوق، قَالَ: دَخَلتُ عَلَى عَائشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّان بْنُ ثَابِمت يُثْشِدُهَا شِعْزا، يُشبَب بِا"بْيَاتٍ لَهُ، فَقَالَ:
حَصَان!رَزَان!مَا تُزَنُّ بِرِيبة وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوم الغَوَافِلِ
العلم للاستشهاد على تفسير القراَن والحديث ؛ ولهذا ماكره عمر ذلك من حسان إذ أراه من لغو الكلام، ولم يكن مما قدمناه، وحسان احتج بقول النبى - عليه الصلاة والسلام - له: " أجب عنى، اللهم أيده بروح القدس) يعنى جبريل، وذلك كان فى حياته - عليه الصلاة والسلام - المرجوة التى ذكرناها، وللإجابة عنه لمن تعرض له بالا"ذى، ولقوله: " اهجهم - أوهاجهم - وجبريل معك ".
وفيه جواز الانتصار من الغرض وغيره، مما يقدر عليه من الكفار وغيرهم.
وقد قال تعالى: { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقبُوا بمثْلِ مَا عُوقبْتم به} (1) وقال: { وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيل} (2).
ًًَ
وقوله: (كان ينافح عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لما: أى يخاصم ويناضل، من النفح وهو الرفع.
قال الإمام: اْى يدافع ويذب، يقال: نفحت الدابة برجلها: إذا رمحت.
قال القاضى: وفى قوله ة " ينافح) دليل على أنه إنما كان انتصاراً لتقدم هجوهم للنبى - عليه الصلاة والسلام - والمسلمين.
(2) 1 لشورى: 41.
526
(7/525)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكنَّكَ لَسْتَ كَفَلكَ.
قَالَ صَمثرُوقو: فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَأفَنِنَ لَهُ يَدْخَلُ عَلَيْكِ ؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْفمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيم} (1) فَقَالَتْ: فَا"ىُّ عَذَالب أَشَدُّ مِنَ العَمَى ؟ إِنَهُ كَانَ يُنَافِحُ - أَوْ يُهَاجِى - عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) حلّثناه ابْنُ المُثَنّى، حَا ننَا ابْنُ أَبىءَ!ى، عَنْ شعْبَةَ، فِى هَذَا الإِسْنادِ.
وَقَالَ: قَالَتْ: كَانَ يَذُبُّ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ وَلَمْ يَذْكُرْ: حَصَانو رَزَانٌ.
156 - (2489) حلّثنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ زكَرِئاءَ، عَنْ هشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ عَائشَةَ، قَالَتْ: قَالَ حَسَّانُ: يَا رَسُولَ اللّه، ائْنَنْ لِىَ فِى أَبِى سُفْيَانَ.
قَالَ+ (كَيْفَ بقَرًا بَتِى مِنْهُ ؟ " قَالَ: وَالَّذِى اكْرَمَكَ، لا"سُلّنَكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَل الشَعَرَةُ مِنَ الخَمِيرِ.
فَقَاَلَ حَسَّانُ:
وقول[ حسان] (2):
حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
قال الإمام: يقال: امرأةٌ حَصان بفتح الحاء: بينة (3) الحصن، إذا كانت عفيفة.
وقوله: (حصان) بكسرها بين (4) التحصيئ، إذا كان نحيبا (ْ) وبناء حصين: بين الحصانة، إذا كان محكمأ منيعا، أو يقال: رجل رزين، أى: خصيف العقل، وامراْة رزان.
وقوله: ا لا تزن بريبة): أى لا تتهم بريبة، يقال: أزننت الرجل بالشراء: إذا اتهمته به.
قال صاحب الاَفعال: يفال: زننت الرجل وأزننته: [ إذا] (6) ظننت به خيراً أو شراً أو بنسبتهما إليه.
وقوله: (غرثى،: يعنى جائعة (7)، يقال: رجل غرثان وامرأة غرثاء، يريد أنها لا تغتاب الناس فتكون بمنزلة من تاكل لحومهم وتشبع منها، لكنها غرثى جائعة منها.
قال القاضى: وقول حسان فى أبى سفيان بن الحارث:
(1) النور: 11.
(2) ساقطة من الأصل.
(4) فى ز، والأبى: بين، وفى خ: بينة.
(5) هكذا فى الأصل، وقى الأبى: منيعا، وفى ح: منجيا.
(6) ساقطة من ح.
(7) فى الأصل: خائفة، والمثبت من ح والأبى.
(3) فى الأصل: تثنية.
(7/526)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه 527 !!نَّ سَنَامَ المَجْدِمِنْ آلِ هَاشِمٍ بَنُوبِنْتِ مَخْزُومٍ وَوَالِدُكَ العَبْدُ
قَصِيدَتَهُ هَنِهِ.
(... ) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدَةُ، حدثنا هشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، بهَذَا الإِسْنَادِ.
قَالَتِ: اسْتَأفَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابت النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى هِجَاءِ المُشرِكِينَ.
وَلَمْ يَذكُرْ ابَا سُفْيَانَ.
وَقَالَ بَدَلَ " الخَمِيرِ لا: " العَجَينً ".
157 - (2490) حدّثنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدثَنِىِ ابِى، عَنْ جَدِّ!، حَدثَّنِى خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدثَّنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى هِلاَلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: َ " اهْجُوا قرَيْشئا، فَإِنَّهُ أَشَد عَلَيْهَا مِنْ رَشْق بِالنَّبْلِ)، فَا"رْسًلَ إلَى ابْنِ رَوَاحَةَ فًقَالَ: (اهْجُهُمْ)، فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يُرْض.
فَا"رْسَلَ إِلَى كَعْب بْنِ مَالك، ثمًّ أرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ.
فَلَمَا دَخَلَ عَلَيْه، قَالَ حَسَّانُ: قَدْ آنَ لَكُم انْ تُرْسَلُوًا إلَى هذَا الأسَد الضّارب بذَنَبه ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجًعَلَ يُحَركُّهُ.
فَقَالَ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالَحَقًّ، لأفْرِيَنَّهُمْ بِلِسًانِى فَر!
!إن سنام المجد من آل هاشم بنو بنت مخزوم ووالدك العبد
ولم يذكر منها مسلم إلا هذا البيت، ولا تتم به الفائدة.
وبعده قوله:
ومن ولدت أبناء زهرة منهموا كرام ولم يقرب عجائزك المجد
يريد بابنة مخزوم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم أم عبد الله والزبير وأبى طالب.
وقوله: (ومن ولدت أبتاء زهرة منهم): يريد: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة أم حمزة وصفية.
وأما قوله: (ووالدك العمد): يريد: اْن أم الحارث بن عبد المطلب والد أبى سفيان / هنا سمية بنت موهوب، وكانت سمية من بنى سراة بن عامر بن صعصعة.
وموهب غلام لبنى عبد مناف، وقيل: ان سمية اْم أبى سفيان نفسه وسمراء ام أبيه (1)، وهو مراده بقوله:
(1) فى ز: ابنه، والمثبت من خ.
32 / ب
528
(7/527)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه الأدِيم.
فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تَعْجَلْ، فَإِنَّ أبَا بَكْر أعْلَمُ قُرَيْشبى بِا"نْسَابِهَا، صاِنَّ لِى فيهِمْ نَسبًأ، حَتَّى يُلَخِّصً لَكَ نَسَبِى)، فَاعتَاهُ حَسَّانُ، ثُمَّ رَجَع فَقَالَ: يَارَسُولَ اللّه، قَدْ لًخَّصَ لِى نَسَبَكَ، وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأسُلّنَكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِيَنِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ لِحَسَّانَ: (إِنَّ رُوحَ القُدُسِ لاَ يَزَالُ يُيىلِّدُكَ، مَا نَافَحْتَ عَنِ الَلّهِ وَرَسُولِهِ ".
"ولم يقرب عجائزك المجد).
وقوله: " لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من الخمير): يريد: العجين المخمر، وقد
قال فى رواية أخرى: " العجين) يريد: لا تلطفن فى تخليص نسبك منهم حتى لا يغمك هجوى لهم، ولا يلحق[ بك سبى] (1) إياهم، كما يتلطف فى إخراج الشعرة من العجين ث لئلا ينقطع فيبقى فيه.
وخص الخمير لاَنه ألين وأهيأ لإخرلمجع السْعرة منه من الفطير لقرحته وشدة عجينه.
وقوله: (اهجهم، فهى اْسْد عليهم من رشق النبل دا بفتح الراء، هو رميها، والاسم
من ذلك بكسر الراء، وهو رمى السهام على يد واحدة، لا يتقدم منها شىء على الآخر.
وفيه جواز هجو المشركين وأذاهم بكل ما يقدر عليه، وجواز سبهم وشتمهم فى وجوههم وظهورهم.
وأنه لا غيبة فى كافر، ولا فاسق معلن بفسقه.
وأمر النبى - عليه الصلاة والسلام - بذلك وتوجيهه فيهم وأنه لم يرضه قول بعضهم
حتى وجه لحسان فكلمه (2) فى طلب النكاية فيهم، وكف أذاهم بهجوهم المسلمين إذا علموا أنهم يجازون على قولهم، ويجابون عن أشعارهم، دإلا فلم يكن - عليه الصلاة والسلام - فحاشا، ولا يأمر بالفحسْ، لكن لما ذكرناه من كف أذاهم ونكايتهم بذلك، وقد قال تعالى: { وَلا تَسُبُّوا الَّنيِنَ يَلحونَ مِن دُونِ اللَّهِ لمحشُوا الئَهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْهل} (3): ولذلك يجب ألا يبتدأ المشركين بالسب والهجاء مخافة هذا، وتنزيها لألسنة المسلمين (4) عن الفحش، الا أن يدعوا إلى ذلك ضرورة لابتدائهم به لكف أذاهم ومجازاتهم.
وقوله: " قد آن لكم، ت أى حان لكم (أن ترسلوا إلى هذا الاَسد الضارب بذنبه)
(1) فى ز: تلبسك، والمثبت من ح.
(2) فى ز: فكلمته، والمثبت من ح.
(3) 1 لأنعام: 108.
(4) فى خ: المؤمنين،
(7/528)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه
وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى).
قَالَ حَسَّانُ:
529
هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَاجبْتُ عَنْه
هَجَوْت محَمَدًا بَرا
وَعِنْدَ اللّه فِى ذَاكَ الجَزَاءُ رَسُولَ الَلّهِ شِيمَتُهُ الوَفَاءُ
يريد: لسانه.
وشبهه بانتقامه وبطشه بالاَسد إذا ضرب واغتاظ، وحينئذ يضرب بذنبه جنبيه كما مثل حسان ذلك بلسانه بقوله: " ثم أدلع لسانه فجعل يحركه)، وهذا يدل أن مراده بالاَسد اللسان، وقد يحتمل أنه أراد بالأسد نفسه، وبذنبه لسانه.
ومعنى (أدلع لسانه): أخرجه، يقال: أدلع لسانه ودلعه، ودلع اللسان نفسه إذا أخرجه عن الشفتين.
وقوله: " لاَفرينهم بلسانى فرى الأديم لما: أى لاءمزقن أعراضهم تمزيقا وتقطيعا كقطع الجلد.
قال الإمام: أى لاَقطعنهم قطع الجلد.
قال صاحب الأفعال: فريت الأديم: قطعته
على جهة الإصلاح، والتقدير: فأفريت الشىء، قطعته على جهة الإفساد.
واْفريت أيضأ: شققته.
قال القاصْى: وقوله - عليه السلام -: (هجاهم حسان، فشفى[ واشتفى] (1)):
أى شفى المؤمنين من الغم والهم بهجوهم لهم وكف أذاهم، وشفى هو أيضأ نفسه من ذلك.
وأصله فى المرض، ويستعمل فى غيره، ورواه أبو عبيد الهروى: (وأشفى "، اْى جعل هجوه شفاء للمؤمنين، يقال: أشفيت المريض: إذا جعلت له دواء يشفيه وطلبته له.
وقوله فى شعرة المهموز الذى ذكره مسلم:
هجوت محمداً براً تقيا
ويرو ى:
هجوت مباركا براً حنيفا
والبر: الواسع الخير والنفع، وهو من البر بالكسر، وهو الاتساع فى الإحسان،
وهو اسم جامع للخير كله، ويكون البر هنا أيضأ بمعنى التقى المنزه عن المأثم، ومنه بيع مبرور: إذا لم يخالطه كذب ولا غش، وحج مبرور: إذا لم يخالطه مأثم.
ومعنى "حنيفا) فى الرواية الاَخرى: اى مستقيمأَ، والحنف: الاستقامة، وسمى المائل الرجل
(1) من خط.
530
(7/529)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه
فَإِنَّ أَبِى وَوَالِدَهُ وَعِرْضِى
لِعِرْضِ مُحَمَد مِنْكُمْ وِقَاءُ
أحنف، على طريق التفاوْل، وقيل: بل أصل الحنف: الميل، والحنيف: المائل إلى الشىء، والمسلم حنف وملة إبراهيم الحنيفية، لميلها إلى الرشد والخير، والحنيف أيضا: الذى على دين إبراهيم وملته.
وقوله:
شيمته الوفاء
أى خلقه، والشيمة: الخلق.
وقوله:
فإن أبى ووالده وعرضى لعرض محمد منكم وفاء
مما احتج به ابن قتيبة على أن عرض الرجل نفسه لا أسلافه لأنه قد ذكر أسلافه مع عرضه وغيره يأبى ذلك، ويذهب إلى أن عرض الرجل أموره كلها التى يحمد بها ويذم من نفسه وأسلافه وكل ما لحقه نقص يعيبه، وحجتهم: قول مسكين الدارمى:
رُبَّ مهزول سمين عرضه وسمين الجسم مهزول الحسب
فقد أراد هنا بالعرض الحسب، ومنه قول النبى - عليه الصلاة والسلام -: " كل المسلم على المسلم حرام، دمه وعرضه) (1)، فالدم كناية عن النفس، والعرض كناية عن أذاه بالقول.
ومعنى (وقاء): الوقاء ممدود، والوقاية ما وقيت به الشىء وسترته مما يصيبه.
وقوله: " ثكلت وفقدت نفسى لما: أى عدمت وفقدت.
و" ئثير النقع): أى يقيم الغبار ويهيجه.
وتوله: (موعدها كداء دا (2): كذا رواه العذرى ولغيره: " من كنفى كداء)، أى من جانبيها.
ورواه بعضهم: " غايتها كداء).
وكداء موضع ذكرناه فى الحج.
وقوله: " ينازعن الاَعنة دا، ويروى: " يبارين)، وهو الذى عند أكثر شيوخنا، والمراد[ أنها] (3) لصرامتها وقوة نفوسها تضاهى أعنتها بقوة جبذها لها.
وهى منازعتها لها أيضا، كما قال الآخر:
وعض على بلس اللجام وعَزنى على أمره اذودّ أهل الحقائق.
وقد يكون ذلك فى معنى علكها لها ومضغها إياها، وحمل قوتها لقوة الحديد،
(1) الترمذى عن أبى هريرة، كالبر، بما جاء فى شفقة المسلم على المسلم 4 / 286 برقم (927 1) (2) كداء: ثنية على باب مكة.
(3) فى هامسْ ح.
(7/530)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه 531 ثَكلتُ بُنَيَّتِى إِنْ لَمْ تَرَوْهَا تُثيرُالنَّقْعَ مِنْ كَنَفَىْ كَدَاء
يُبَاَرِينَ الا"عِنَّةَ مُصْعدَات عًلَى أَكْتَافِهَا الا"سَلُ الظِّمَاءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطًّرَاتً تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ
فَإِنْ أعْرَضْتُمُو عَنَّا اعْتَمَرْنَاً وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ
ومباراة صلابة أضراسها وقوة رؤوسها لصلابته، كما قال: وخيل تهلك اللجماء.
وقد تكون مباراتها لها فى انعطافها لينها وصبورها.
ووقع فى رواية ابن الحذاء: " مبارين الاَسنة)] وهى الرماح.
فإن صحت هذه الرواية بمعناها أنهن يضاهن قوامها واعتدالها وعلو هوادجها.
وقوله: (مصعدات): أى مقبلات إليكم متوجهات، يقال: يصعد فى الأرض: إذا ذهب مبتديأَ للذهاب، ولا يقال ذلك فى الرجوع.
ومنه ة{ إِذْ تُمعِمُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَئ أَحَد! (1)، أما فى صعود الجبل فيقال: صعد وأصعد، ووقع فى بعض الروايات: الصغيات "، وله وجه من الإصغاء والاستماع، أى إنها لحدة نفوسها مستمعة، والخيل توصف بذلك، وفى المثل: أسمع من فرس.
وقد جاء بهذا اللفظ فى شعر كعب بن مالك:
ينازعن الاَعنة مصغيات
وقوله:
إذا نادى إلى الفزع المنادى
على كتافها الاَسل الظماء
الاءسل: الرماح، ومعنى الظماء هنا: الرقاق.
واللدنة.
[ كما سموها ذو إبل، يقال: عير ظمى، أى رقيقة الخفر، ووجه ظمآن: قليل اللحم والماء، وأصله من الظماء، وهو العطش، فكانت هذه لقلة مائها عاطشة.
وقد يكون مراده بال السل الظماء هاهنا: العاطشة بدماء الأعادى، وهذا مما استعمله العرب فى الرماح والسيوف، كما قال:
وقد نهلت منا المنفقة بالشمر] (2).
ووقع فى بعض الروايات: الاَسد الظما: [ أى الرجال المشبهون بالاَسد الظما] (3)
إلى دمائكم.
وقوله: (متمطرات): أى سرل يسابق بعضها بعض.
وقوله:
تلطمهن بالخمر النساء
(1) اس عمران: 153.
(2، 3) من خ.
532
(7/531)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه !اِلافَاصْبِرُوالضِرَاب يَوْبم يُعِزُّ اللّهُ فيه مَنْ يَشَاءُ
وَقَألَ اللّهُ: قَدْارْسَلتُ عَبْدًا يَقُولُ الحًَلَيسَ بِه خَفَاءُ
وَقَالَ اللّهُ: قَدْيَسَّرْتُ جُنْدًا هُمُ الانْصَارُعُرْضَتُهَاَ اللِّقَاءُ
لَنَافِى كُل يَوْبم مِنْ مَعَذ سِبَابٌ أوْ قِتَالٌ أوْ هِجَاءُ
فَمَنْ يَهْجُورَسُولَ اللّه مِنْكُمْ وَبَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ وَجِثرِيلٌ رَسُولُ اللّهَ فِينَا وَرُوحُ القُدسْ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أى: تضربنها بخمرهن ليذهن الغبار عنها، ويمسحنها بذلك لعزتها (1).
والخمر: جمع خمار، كذا رويناه.
وذكره الخليل: " تطلمهن) بتقديم الطاء، بمعنى ما تقدم من نفض (2) الغبار عنها[ قال ابن دريد: الطلم: ضم الخبزة بيدك لتنفض ما عليها من غبار] (3).
قال لى شيخى أبو الحسين: ويروى: (بالخمر، بفتح الميم جمع خمرة، وهى شبه حصير صغير تخمر وجه المصلى إذا سجد عليها.
وقوله: (عرضتها اللقاء) بضم العين: اكما قصدها ومذهبها، يقال: اعترضت عرضه، اْى قصدت قصده ونحوت نحوه.
وقد يكون (عرضها)[ بمعنى] (4) صولتها وقوتها فى اللقاء، يقال: فلان عرضه لكذا، أى قوى عليه.
(1) فى ز: لعزبها.
(2) فى ز: بعض.
(3) أخ.
(4) ساقطة من ز، والمئبت من ح.
(7/532)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى هريرة...
إلخ
533
(35) باب من فضائل أبى هريرة الدوسىّ رضى الله عنه
158 - (2491) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حدثنا عُمَرُ بْنُ يُونسَ اليَمَامِىُّ، حَدعشَا عكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِى كَثِيرٍ - يَزِيدَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ - حَدَّثَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ أَدعُوَ أُمِّى إِلَى الإِسْلاَم وَهىَ مُشْرِكَةٌ، فَدَعَوْتُهًا يَوْمًا فَاع سْمَعتْنِى فى رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَا كرَهُ، فَاعتَيْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَنَا أبْكِى.
قُلتُ: يَارَسُولَ اللّهِ، إِنِّىَ كُنْتُ أدعُو أُمىّ إِلَى الإِسْلاَمِ فَتأبَى عَلَىَّ، فَدَعَوْتُهَا اليَوْمَ فَاع سْمَعَتْنِى فيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادع اللّهَ أَنْ يَهْدِىَ امَّ ابِى هُرَيْرَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " اللّهُمَّ، اهْدِ امًّ أَبِى هُرَيْرَةَ)، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِىِّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى البَابِ، فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ، فَسَمعَتْ اُمِّى خَشْفَ قَدَمَىَّ.
فَقَالَتْ: مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاء.
َ قَالَ: فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتِ البَابَ.
ثُمَّ قَالَتْ: َ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأً شْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَا"تَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِى مِنَ الفَرَحِ.
قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللّه، أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ ابِى هُرَيْرَةَ.
فَحَمِدَ اللّهَ وأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًاَ.
وقوله فى حديث أبى هريرة: (فإذا الباب مجاف لما: أى مغلق، ودا خشف قدمىَ):
أى صوت وقعهما بالأرض، وقد فسرناه قبل.
و (خضخضة الماء ": صوت تحريكه.
وفى خبر أبى هريرة إجابة دعوة النبى - عليه الصلاة والسلام - لاءمه.
وقول عائشة: (الا يعجبك ائو هريرة جاء الحديث)، وكذا ضبطناه عن بعض شيوخنا، ومعناه: ألا نريك العجب أو نسمعك العجب من شأن أبى هريرة، وأبو هريرة هنا مبتدأ، وفى بعض الروايات: (يعجبك أبو هريرة)، وهو هنا فاعل أى تريد العجب من شأنه، والاءول أصح.
وقد رويناه فى البخارى ة (ألا أعجبك) (1).
وقولها: " كنت أسبح فقام قبل أن أقضى سبحتى) (2): تعنى سبحة الضحى.
قولها: " إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يكن يسرد الحديث كسردكم دا (3): يعنى يكثره ويتابعه.
(1) البخارى، كالتهجد 4 / 74.
(2، 3) حديث رقم (160) بالباب.
534
(7/533)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى هريرة...
إلخ
قَالَ: قُلتُ: يَارَسُولَ اللّهِ، ادع اللّهَ أنْ يَحبِّبنِى أنَا وأُمِّى إِلَى عبَادِهِ المُؤْمِنِنَ، وَيُحبَبهُمْ إِلَيْنَا.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (اللّهُمَ، حبِّبْ عُبَيْدًَ هَذَا - يَعْنِى أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمّهُ إِلَى عبَادكَ المُؤْمِنِينَ، وً حبِّبْ إِلَيْهِمُ المُؤْمِنِينَ "، فَمَا خُلِقَ مُؤْمِن يَسْمَعُ بِى، وَلا يَرَانِى، إِلاَّ أَحَبًنِى.
159 - (2492) حلّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ زُهَيْرٌ: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ الأعْرجَ، قَالً: سَمعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثرُ الحَديثَ عَنْ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، وَاللَّهُ المَوْعدُ.
كُنْتُ رَجُلاً مسِكينًا اخْدُمُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ عَلَى مِلْء بَطنِى، وَكَانَ المُهَاجِرُونَ يًشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالاَ"سْوَاقِ، وَكَانَتِ الأنْصَارُ يَشْغَلُهُمُ القِيَأمَُ عَلَى أَمْوَالهِمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ يَبْسُطْ ثوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّى)، فَبَسَطتَُ ثَوْبِى حَتَى قَضَى حَدِيثَهُ، ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إِلَى، فَمَا نَسِيتُ شَيْئا سَمِعْتُهُ مِنْهُ.
(... ) حدّثنى عَبْدُ اللّه بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يحيى بْنِ خَالِد، أخْبَرَنَا مَعْن، أخْبَرَنَا مَالِلث.
ح وَحَدذَشَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أً خْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كِلاَهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ
وقول اْبى هريرة: " والله الموعد): أى لقاء الله ومجازاة الله، ويحتمل أن يريد: وعند الله المجتمع لموعده الحق.
وهناك تفتضح السرائر، ويجازى كل أحد بعمله.
وقوله ة (وينصفه من صاحبه) وذلك لما قيل: انه أكثر وعيا بذلك.
قال الإمام: وقوله: (شغلهم الصفق بالاءسواق): قال الهروى (1): يقال: صفق القوم على الأمر، وصفقوا بالسعى والسعة.
قال الق الى: اصله من تصفيق الأيدى بعضها على بعض بين المتبايعن، أو عاقدى البيعة عند عقدهم.
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: (من يبسط ثوبه فيأخذ منى حديثى هذا ثم يجمعه
إلى صدره، فإنه لن ينسى شيئا سمعه دا وفعل أبو هريرة ذلك، زاد فى البخارى: (وجعل يغرف لى بثوبه، ثم قال: فما نسيت شيئا بعد دا (2)، من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام.
(1) انظر: غريب الحديث 4 / 110.
(2) البخارى، كالعلم، بحفظ العلم بلفظ: " فغرف بيده دا ثم قال: ضمه 1 / 40، 41.
(7/534)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى هريرة...
إلخ 535 الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، بِهَذَا الحَلِيثِ.
غَيْرَ أَن مَالكًا انْتَهَى حَديثُهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ قَوْلِ أَبِى هُرَيْرَةَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِى حَدِيئِهِ الروايَةَ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): " مَنْ يَبْسُط ثَوْبَهُ) إِلَى آخِرِهِ.
160 - (2493) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى التُّجيبىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، اخْبَرَنى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزبيْرِ حَد"لهُ ؛ أًنَّ عَائشَةَ قَالَتْ: أَلا يُعْجبُكَ ابُو هُرَيْرَةَ ا جَاءَ فَجَلَسَ إِلَىً جَنْبِ حُجْرَتِى، يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، يُسْمِعُنِى ذَلكَءَ وَكُنْتُ أُسئحُ.
فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْصىَ سُبْحَتِى، وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَوَرْتُ عَلَيْهِ: إِنَّ رَسُوًا للّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ.
(2492) قَالَ ابْنُ شهَاب: وَقَالَ ابْنُ المُسَيَّبِ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: يَقُولُونَ: إِنَّ ابَا هُرَيْرَةَ قَدْ أَكْثَر، وَاللّهُ المًوْعد!.
وَيَقُولُونَ: مَابَالُ المهَاجِرِينَ وَالا"نْصَار لاَ يَتَحَدّثونَ مِثْلَ أَحَاديثِه ؟ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: إِن إخْوَانِى منَ الأنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ ارَضيهِمْ، وَإِنَ إِخْوَانِى منَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلهُمُ الصًّفْقُ بالا"سْوَاقِ، وَكُنْتُ أَ!زَمُ رَسُولً اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى ملْءَ بَطنِى، فَا"شْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذًا نَسُوا، وَلَقَدْ قَالَ رَسُولُ القه ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا: (أَيُّكُم يَبْسُطُ ثَوْبهُ فَيَأخُذَ مِنْ حَدِيثِى هَذَا، ثُمَّ يَجْمَعُهُ إلَى صَدْرِه، فَإِنَّهُ لَم يَنْسَ شَيْئًا سَمِعَهُ)، فَبَسَطتُ بُرْ!ةً عَلَىَّ، حَتَى فَرغً مِنْ حَدِيِثه، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَىَ صَدْرى، فَمَا نَسِيتُ بَعْدَ ذَلكَ اليَوْم شَيْئًا حَد!ننِى بِهِ، وَلَوْلا آيَتَانِ أَنْزَلًهُمَا القهُ فِى كِتَابه مَا حَتَثتُ شَيْئا أَبدًا: { إِنَّ الًّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إِلَى اَخِرِ الاَيَتَيْنِ (اَ).
(... ) وحدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الذَارِمىُّ، أخبْرَنَا أُبُو اليَمَان، عَنِ شُعَيْب،
عَنِ الزُّهرىِّ، أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ المُسًيَّب وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ ؛ أَنًّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَاذَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إن أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَلِيثً عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وقول أبى هريرة: (فبسطت بردة علىّ "، قال الإمام: قال شمر: البردة هى الشملة المخططة، وجمعها برد، وهى النمرة.
قال القاصْى: وقوله: " كنت ألزم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على ملء بطنى): أى اْلازمه ليطعمنى مما عنده ؛ إذ لم يكن له مال، وكان من ضعفاء المسلمين وأهل الصفة.
(1) البقرة: 159، 160.
536
(7/535)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أهل بدر...
.
إلخ
(36) باب من فضائل أهل بدر رضى اللّه عنهم
وقصة حاطب بن أبى بلتعة
161 - (2494) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَعَمْرٌ والنَّاقدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظ لِعَمْرو - قَالَ إِسْحًقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُونَ: حَدةَشَاَ - سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنً الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّد، أخْبَرَنى عُبَيْدُ اللّه بْنُ أَبِى رَافِع - وَهُوَ كَاتب عَلِىٍّ - قَالَ: سَمعْتُ عَليا - رَضِىَ اللَّهُ عَنهُ - وَهُوَ يَقُول: بَعَثَنًا رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَنَا وَالَزبيْرَ وَالمقْدَادَ.
فَقًالَ: (َائْتوا رَوْضَةَ خَاخ، فَإنّ بهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَاب!، فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَانْطَلَقْنَا تًعَادَى بنَا خيْلُنَا، فَإذَا نَحْنُ بالمَرْأةً.
فَقُالنَا، أخْرِجِى الكِتَابَ.
فَقَالَتْ: مَا مَعِى كتَاب!.
فَقُلنَا: لَتُخْرِجِنَّ اهتًابَ أوْ لَتلقيَن اَلثتابَ، فَاخرَجَتْهُ منْ عقَاصِهَا، فَا"تَينَا به رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَإذَا فِيه: منْ حًاطب بْنِ أَبىِ بَلتَعَةَ إِلَى نَاس مِنَ الَمشْرَكن مِنْ أَهْلِ مَكَّةً، يُخْبرُهُمْ ببَعْضِ أَمرِ رَسئولَِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ فَقَالَ رسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): "يَا حَاطبُ، مَا هَذَا ؟ لما.
قَالً: لا تًعْجَلْ عَلَىَّ يَارَسُولً اللّه، إِنِّى كُنْتُ امْرَأ مُلصَفا فِى قُرَيْشٍ - قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَلِيفا لَهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أنْفُسهَاَ - وَكَانَ ممَّنْ كَانَ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَات!يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ، فَاع حْبَبْتُ، إِذَ فَاتَنِى ذَلكَ مَنَ النَّسَبِ فيهِمْ، أنْ أتَّخِذَ فِيهِمْ يَدًا يَحْمُونَ بِهَا قَرَابَتِى، وَلَمْ أفْعَلهُ كُفْرًا وَلا ارْتِدَادأَ عَنْ !ينِى، وَلاَ رِضًا
وقوله: " حتى ياْتوا روضة خاخ) بخائين معجمتيئ: موضع قرب حمراء الأسد من المدينة.
وحكا بعضهم انه قرب مكة، ورواه البخارى من رواية أبى عوانة " روضة حاج) (1) بالحاء المهملة والجيم، وهو وهم، والصواب ما تقدم اْولا، (فإن بها ظعينة، معها كتاب فخذوه دا يريد: امرأة، واسمها سارة، مولاة عمران بن أبى صيفى.
قال الإمام: الظعينة الهودج، وسميت المرأة ظعينة لاءنها تكون فيه.
قال القاصْى: فيه علم من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام.
وفيه جواز التجسس
على الجواسيس، وممن يبغى ضرر المسلمين، وجواز الاطلاع على كتبهم.
وقوله: " فانطلقنا تعادى بنا خيلنا) أى تجرى.
والعادية: الخيل تعدو عدواً، أى تجرى، والعداء ممدود بفتح العين وكسرها: الطلق من الجرى.
(1) البخارى، كمناقب الأنصار، بفضل من شهد بدراً 5 / 99.
(7/536)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أهل بدر...
إلخ 537 بالكُفْرِ بَعْدَ الإسْلاَمِ.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (صَدَقَ لما، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِى يَا رَسُولَ الله أً ضْرِبْ عُنُقَ هًذَا المُنَافقِ.
فَقَالَ: " إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللّهَ اطلَعَ عَلَىَ أَهْلِ بَدْر فَقَالَ: اعْمَلُوَا مَا شئْتمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكمْ).
فَاثْزَلَ اللّهُ - عَر وجَلَّ ت{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وً عَدُوَّكُمْ أَولِيَاءَ} (1) وَلَيْسَ فِى حَلِيثِ أَبِى بَكْر وَزُهَيْرِ ذِكْرُ الآيَةِ.
وَجَعَلَهَا إِسْحَقُ، فِى روَايَتِهِ، مِنْ تِلاَوَة سُفْيَانَ.
(... ) حدّثثا أَبَو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَد، شَا مُحَمَدُ بْنُ فضَيْل.
ح وَحَد، شًا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيم، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بْنُ إِدْرِيسَ.
حِ وَحَد"ننَا رِفَاعَةُ بْنُ الهَيْثَمِ الًوَاسطِىُّ، حَد، شَا خَالِد - يَعْنىَ ابْنَ عَبْدِ اللّه - كلُهُمِْ عَنْ حُصيْن، عَنْ سَعْد بْنِ عُبَيْدةَ، عَن أَبِى عَبْد الرَّحْمَنِ السّلَمِىَ، عَنْ عَلِىٍّ، قَالَ: بعَثَنِى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَأً بَا مَرْثَد الغَنَوِىَّ وَالزبيْرَ بْنً العَوَّامِ، وَكُلُّنَا فَارِش.
فَقَالَ: " انْطَلقُوا حَتَّى تَأتوا رً وْضَةَ خَاخِ، فَإَن بهَا امْرَأةَ مِنَ المُشْرِكن، مَعَهَا كثَاب!مِنْ حَاطبٍ إِلَى الَمُشْرِكينَ ".
فَذَكَرَ بمَعْنَى حَديث عبَيْد اللّه بْنِ ابِى رَافِعِ عَنْ عَلِىٍّ*ًًً
وقولها: " فأخرجته من عقاصها ": أى من ضفير رأسها.
وقول عمر: (دعنى أضرب عنقه): حجة فى جواز قتل الجاسوس المسلم، فإن النبى -
عليه الصلاة والسلام - لم ينكر ذلك من قول عمر، د نما عذره بغفران الله لأهل بدر ذنوبهم ؛ ولأنه لم يكن منه قبل مثلها.
فيه حجة لمن لا يرى أن حده القتل بكل حال، وأن للإمام اجتهاد فيه ألا يقتله، وهو قول مالك.
قال الإمام: اختلف المذهب فى المسلم يطلع عليه ائه جاسوس على المسلميئ.
فقال مالك: يجتهد فيه الإمام، وقال ابن وهب: يقتل إلا أن يتوب.
وقال ابن القاسم: يقتل ولا أعرف له توبة.
وفرق عبد الملك بين من عرف بالغفلة وكانت منه مرة، وليس من أهل الطعن على[ أهل] (2) الإسلام، وبين المعتاد كذلك، فقتل من اعتاد ذلك، ونكل الاخر.
وقال سحنون: قال بعض أصحابنا: يجلد جلداً منكلا، ويطال حبسه، وينفى عن موضع يقرب فيه من المشركين.
واختار بعض شيوخنا اعتبار ما كان من فعله، فإن قتل المسلمون بفعله ولولاه لم يقتلوا، قيل: دان لم يقتلوا عوقب، وإن خشى أن يعود لمثلها خلد فى السجن.
(1)1 لممتحنة 10.
(2) فى هامش خ.
538
(7/537)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل اْهل بدر...
.
إلخ 162 - (2195) حل!ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْ!ث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رمح، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أبى الزليْر، عنْ جَابرَ ؛ أًنَّ عَبْدًا لحَاطب جَاءَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَشْكو ًسكصًًًََ
ومذهب الشافعى: التجافى عن ذى الهيئة الغير متهم، الفاعل ذلك بجهالة، ويحتج
فى مثل هذه الصورة بحديث حاطب.
ولعل من أمر بقتله من اْصحابنا رآه كالمحارب الذى طال أمره، وأراق الدماَ لعظيم ضرر هذا بالمسلمين، فيقتل إلا أن يتوب.
ومن لم تثبت التوبة له رآه كالزنديق والساحر، لما كانا مصرين لفعلهما لم يقبل توبتهما، وكذلك هذا لما كان مصرا لفعله ومن يره بالمحارب ؛ لاءنه لم يباشر الفعل، دإنما صار كالمغرى بذلك، أو الاَمر به من لا يلزمه طاعته فلا يستوجب القتل.
ومن فرق بين المقاد وغيره رأى أن باعئياده يعظم جرمه، ويشتد ضرره، فيحسن قياسه
على المحارب دإذا كانت منه الغلبة لم يحسن قياسها على المحارب ؛ وتجافى الشافعى عن ذى الهيئة الغير متهم أخذا بظاهر حديث حاطب ؛ ولاَن الاجتهاد إذا اْدى إلى إقالة عثرة مثل هذا لم يكن تضييعا ولا تفريطا.
ولما رأى مالك تفاوت الجرم بتفاوت أحوال ما يجنى من ثمرته لم يمكنه تعيين حد فيه، وصرفه للاجمَهاد على حسب ما حكيناه عنه.
هذا وجه اختلاف هذه الأقوال، والذى يظهر لى أن حديث حاطب لا يستقل حجة فيما نحن فيه ؛ لابنه اعتذر عن نفسه بالعذر الذى ذكر، فقال - عليه الصلاة والسلام -: [ "صدق،، فقطع على تصديق حاطب لتصديق النبى - عليه الصلاة والسلام - له] (1)، وغيره من يتجسس لا يقطع على سلامة باطنه، ولا يتيقن صدقه فيما يعتذر به، فصار ما وقع فى الحديث قصة مقصورة لا تجرى فيما سواها ؛ إذ لم يعلم الصدق فيه كما علم فيها، ويتنزل هذا عندى منزلة ما قاله العلماء من أهل الأصول فى الحكم إذا كان معللا بعلة معينة ؛ فإنه لا يقاس عليه لتعليله - عليه الصلاة والسلام - فى المحرم، فإنه يحشر ملبيا، إلى غير ذلك مما ذكرناه فى موضعه مما تقدم فى هذا الكتاب.
ولو كان من اطلع على تحسسه كافرًا، فإن كان ذميا علم أنه عين لهم مكاتبهم بأمر المسلمين انتقض عهده.
وقال سحنون: يفتل ليكون نكالا.
دن كان حربيا نزل بأمان سقط ما كان له من الأمان، وللإمام قتله أو اسشرقاقه.
قال سحنون: ولا يخير فيه إلا أن يسلم، ولا يقتل ويبقى كأسعير أسلم.
ا (1) فى هامث!!.
(7/538)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أهل بدر...
الخ 539 حَاطبًا.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّه، لَيَدْخُلَنَّ حَاطِمب النَّارَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كَتثتَ، لا يَدْخُلُهَا، فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالحُدَيْبِيَةَ لا.
قال القاضى: وقوله: (وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا
ما شئتم فقد غفرت لكم): لا دليل فيه أن غفران الذنب فى الاَخرة لا يسقطه حده فى الدنيا، بدليل حد النبى - عليه الصلاة والسلام - ماعزا والغامدية، وقد أخبر بتوبتهما، والتوبة مسقطة للعقاب، وبإجماع الاَمة على إقامة الحدود على كل مذنب، فأقام عمر الحد على بعضهم، وضرب النبى - عليه الصلاة والسلام - [ مسطحا] (1) الحد وكان بدريا.
قال الطبرى: ومن ظن أن النبى - عليه الصلاة والسلام - إنما قرك[ اقامة الحد] (2)
لاءن الله أعلمه بصدقه فقد ظن خطأ ؛ لاءن أحكامه إنما كانت تجرى على الظاهر، كما حكم بالظاهر فى المنافقين وقد أعلمه الله بنفاقهم، وأطلعه عليه من سرائرهم.
وفيه من الفقه، هتك ستر المذنب، إذا كان فى ذلك بعض عقوبته، وفيه أن التجسس
لا يخرج عن الإيمان، وأنه لا يتسور أحد على إقامة حد، ولا قتل من وجب قتله إلا بإذن الإمام.
وفيه إشارة الوزير على السلطان بالرأى، والاشتداد على أهل المعاصى بالقول والفعل وتأديبهم بالذنب (3) دإباحه ذلك.
(1) فى هامش خ.
(2) فى خ: إقامته.
(سن) فى خ - بالسب.
540
(7/539)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أصحاب الشجرة...
إلخ
(37) باب من فضائل أصحاب الشجرة
أهل بيعة الرضوان، رضى الله عنهم
163 - (2496) حلّثنى هَارُونُ بْنُ عَبْد اللّهِ، حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ
ابْنُ جُرَيْج: أخْبَرَنى أبْو الز!نجيْرِ ؛ أتهُ سَمِعَ جَاَبِرَ ثنَ محَبْدِ الله يَقُولُ: أخْبَرَتْنِى امُّ مُبَشِّر ؛ أنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ عنْدَ حَفْصَةَ: ا لا يَدْخُلُ النَّارً، إِنْ شَاءَ اللّهُ مِن أَضحَابِ الشَّجَرَة أَحَدٌ، ائذينَ بَايَعُوا تَحتَهَا لما.
قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ الله.
فَانْتَهَرَهَا.
فَقَالَتْ حَفْصَة.
{ وَاِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} (1).
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (قَدْ قَالً اللّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَّنَذَرُ الطالِمِ!دنَ فِيهَا جِثِيًّا} (2)).
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام -: ا لا يدخل النار ان شاء الله من أصحاب الشجرة احد) على معنى القطع لهم بذلك، بدليل قوله بعد: ا لا يدخلها من شهد بدرًا والحديبية) (3) يعنى النار، فهو أقطع منه - عليه الصلاة والسلام - بالجنة لها ولا على كل حال.
ومعنىِ قوله: (وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون) قد تكلمنا عليه وعلى وجوهه (4) ولقوله: { ولا تقُولَنَّ لِ!ثَيْء إِنِّي فَاعِلٌ فَلِكَ غَدًا.
إِلأَ أَن يَشَاءَ اللَّهُ} (5).
وقول حفصة: بلى، وانتهار النبى - عليه الصلاة والسلام - لها، وقولها: { وَإِن مِّنكمْ
إِلاَّ وَارِلُ!ا} وقول افي ( صلى الله عليه وسلم ): (قد!ال الى: { ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِ ينَ اتَّقَوْا} لما: كله دليل على المناظرة فى العلم، وجواز الاعتراض والسؤال فيه لاستخراج الفائدة، وهو مقصد حفصة إن شاء الله، لا أنها قصدت رد مقال النبى - عليه الصلاة والسلام - ولكن قولها: " بلى) [ جاء طلبا لشأن ما أشكل هذا] (6) عليها، واحتاجت إلى تفسيره من هذا الظاهر المخالف، لما سمعته منه - عليه الصلاة والسلام.
وقد اختلف العلماء فى معنى قوله تعالى: { وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِفىُ هَا}، وأحسن الوجوه أن
(1) مريم: 71.
(2) مريم: 72.
(3) حديث رقم (162) با لباب السابق.
(4) سبق فى كالطهارة برقم لا 3)، والجنائز رقم (103، 4ْ1).
(5) 1 لكهف: 23، 24.
للا) فى ح: جاء بمعنى طلب بيان ما أشكل.
والمثبت من ز.
(7/540)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أصحاب الشجرة...
إلخ
541
معناه: أى مواف، وليس كل مواف داخلا عند العرب، ويدل عليه ظاهر هذا الحديث، وحجته بقوله: { 3 نُنَجِّيِ الَّذِينَ اتَّقَوْا} (1)، وقوله فى حديث عائشة أنه ليس بدخول، وقوله تعالى: { اًنَّ الَّذِين لبًقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى اُوْلَكَ عَنْهَا مُبْعَدُودط} (2)، وأن ورو!!م وموافاتهم أجمع عليها جوازهم على متنها على الصراط فينجو من سبقت له الحسنى من المؤمنين، ويوقف الكافرون ومن أراد الله - سبحانه - امتحانهم من المذنبين.
(1) مريم: 72.
(2) الأنبياء! 101.
542
(7/541)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى موسى...
إلخ
(38) باب من فضائل أبى موسى وأبى عامر الأشعريين رضى اللّه عنهما 164 - (2497) حدّثنا أبُو عَامِرٍ الأشْعَرِى وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيعًا عَنْ أبِى أُسَامَةَ.
قَالَ أَبُو عَامِر: حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدثنَا بُرَيْد، عَنْ جَلّه ابِى بُرْ! ةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ ة كُنْتُ عنْدَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ نَازِلٌ بِالجِعْرَانَة بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدَينَةِ وَمَعَث.
بلاَلٌ، فَاعتَى رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلٌ أعْرَابِى! فَقَالَ: ألا تُنْجِز لِى يَاَ مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِى ؟ فَقَالً لَهُ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) + (أَبْشِرْ).
فَقَالَ لَهُ الأعْرَابِىُ: كثَرْتَ عَلَى مِنْ (أَبْشِرْ)، فَا"قْبَلَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عًلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَل، كَهَيْئَة الغَضْبَانِ، فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ انْثُمَا)، فَقَا لا: قَبِلنَا يَا رَسُولً اللّه ثمًّ دَعَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِقَدَح فيه مَاء، فَغَسَلَ يَلَيْه وَوَجْههُ فِيمع وَفَيَ فيه.
ثُمَّ قَالَ: (اشرَبَا مِنْهُ، وَأفْرِغَا عًلَى وُجُوهِكمًاَ وَنُحُورِكُمَا، وَأبْشَرا) فَاع خَذَا الَقَدَحَ، فًفَعًلاَ مَا أمَرَهُمَا بِه رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَنَ التْهُمَا امُّ سَلَمَةَ مِنْ !رَاءِ السثَتْرِ: أفْضِلاَ لأفكمَا مَّمِا فِى إِنَائِكُمَا.
فَاَع فْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً.
وقوله فى حديث قتل أبى عامر: حدثنا أبو أسامة، عن بريد، عن أبى برهة، عن أبيه.
قال: لما فرغ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من حنين.
كذا لكافة الرواة، وعند العذركما: عن يزيد بن عبد الله، عن أبى برهة، عن اْبيه: لما فرغ النبى من حنين، الحديث.
وكلاهما صحيح.
وكذا ذكره البخارى عن اْبى بردة - وهو جد يزيد.
وقوله: عن اْبيه، هو أبو موسى، وهذا اْبن.
وكذا جاءت[ أسانيد] (1) هذه فى غير هذا الحديث مبينة قبل هذا وبعده: يزيد بن
عبد الله بن أبى بردة عن جده أبى بردة، عن أبى موسى.
وقد جاء مثل ما هنا أيضا فى باب الإملاء للظالم، قال: حدثنا يزيد بن أبى برهة، عن أبيه، فنسبه إلى جده، ثم قال: عن أبيه، يعنى جده، كما قلنا هنا.
لكنه قد تصح الرواية الاَخركما: يزيد عن أبيه، عن جده أبى برهة، ويريد بأبيه جده أبا برثة، ثم ذكر أبو برثة قصة ابن اْبى موسى وسماعه منه معلوم، فيتصل السند وتصح الروايتان، وأنه لم يذكز فى هذه سماعه منه ولا حديثه به
(1) من !.
(7/542)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى موسى...
الخ 543 165 - (2498) حدّثنا عَبْدُ اللّه بْنُ بَراد ابُو عَامِرٍ الأشْعَرِىُّ، وَابُو كُرَيْبِ مُحَمَّدُ
ابْنُ العًَ - وَاللَّفْظُ لأبِى عَامر - قَالا: حَد، شَا"أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عَنْ أَبِى بُرْلحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالً: لَمَّا فَرغً النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشبىَ إِلَى اوْطَاسِ، فَلَقى دُرَيْدَ بْنَ الضَمَةِ، فَقُتِلَ دُرَيْ ال وَهَزَمَ اللّهُ اصْحَابَهُ.
فَقَالَ أبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِى مَعَ أبِى عَامِرِ.
قَالَ ت فَرُمِىَ أَبُو عَامِر فِى رُكْبَتِه، رَمَاهُ رَجُل مِنْ بَنِى جُشَمٍ بِسَهْبمِ، فَأَثْبَتَهُ فِى ركبَتم! فَانْتَهَيْتُ إِلَيْه فَقُلتُ: يَا عَمًّ، مَنْ رَمَاَكَ ؟ فَا"شَارَ أَبُو عَامِر إِلَى أَبِى مُوسى.
فَقَالَ: إِنَّ ذَاكً قَاتلِى، تَرَاهُ ذَلِكَ الَّذى رَمَانِى.
قَالَ أَبُو مُوسَى: فَقَصَدْتُ لَهُ فَاعْتَمَدْتُهُ فَلَحقْتُهُ، فَلَمَا رآنَى وَلَّى عنِّى ذَاهبًا، فَاتّبَعْتُهُ وَجَعَلتُ أَقَولُ لَهُ: الأتَسْتَحْىِ ؟ أَلَسْتَ عَرَبِيا ؟َ الأتَثْبُتُ ؟ فَكَفَّ.
فَالتَقَيْتَُ انَا وَهُوَ، فَاخْتَلَفْنَا أَنَا وَهُوَ ضَرْبَتَيْنِ، فَضَرَبْتُهُ بِال!مئَيْف فَقَتَلتُهُ، ثُمَ رَجَعْتُ إِلَى أَبِى عَامِر فَقُلتُ: إِنَّ اللّهَ قَدْ قَتَلَ صَاحِبَكَ.
قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السًّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا مِنْهُ المَاَُ.
فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِى، انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَا"قْرِئْهُ مئى السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ أَبُو عَامِرِ: اسْتَغْفِرْ لِى.
قَالَ: وَاسْتَعْمَلَنِى ابُو عَامِر عَلَى الئاسِ، وَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ إِنَّهُ مَاتَ.
فَلَقَا رَجَعْتُ
اِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) دَخَلتُ عَلَيْه، وَهُوَ فِى بَيْت عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ، وَعَلَيْه فِرَاشر، وَقَدْ أثَّرَ رُِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِ رَسُولِ الَلّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَجَنْبَيْهِ، فَاخبَرتَهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ ابِى عًامِرٍ.
وَقُلتُ لَهُ:
وقوله: " فنزا منه الماء): أى ظهر وارتفع.
وقوله: (وهو على[ سرير] (1) مرمل " بسكون الراء " عليه فرش، وقد أثر رمال السرير بظهره) هو الذى نسج فى وجهه بالسعف وشبهه وشد شراكه أو شريط، يقال منه: أرملت، وقيل رملت فهو مرمول.
وقوله: " قد أثر رمال السرير فى ظهره): أى طرق نسجه من الشريط وشبهه.
وهذا
يدل أنه لم يكن عليه فراش، وأن فى هذا الحديث يبدأ فى قوله: (وعليه فراش).
وكذا جاء فى البخارى (2).
(1) ساقطة من ال الصل، واستدركت بسهم فى الهامثما.
(2) البخارى، كالمغازى، بغزاة أوطاس 5 / 197.
544
(7/543)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل ائى موسى...
إلخ قَالَ: قُلْ لَهُ: يَسْتَغفِرْ لِى.
فَدَعَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بمَاء، فَتَوَضاصّ منْهُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْه، ثُمَ قَالَ: (اللّهُمَّ، اغْفِرْ لعُبًيْد، أَبِى عَامر) حَتَّى رً أَيْتُ بَيَأضَ إِبْطَيْه.
َ ثُمَّ قَالَ: (اللّهُمَّ، اجْعَلهُ يَوْمَ القِيَامَة فَوًْ كَثيرٍ مِنْ خَلقكًً، أَوْ مِنَ النَاسِ).
فَقُلتُ: َ وَلِى يَا رَسُولَ الله فَاسْتَغْفِرْ.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (اللّهُئم، َ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسبى فَنْبَهُ، وَأدْخِلهُ يَوْمَ القِيًامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا).
قَالَ أَبُو بُرْ!ةَ: إِحْدَاهُمَا لأبِى عَامِرٍ، وَالأخْرَى لأبِى مُوسَى.
قال القاصْى: الذى أحفظ فى غير هذا السند: (ما عليه فراش)، وأحسبها سقطت
عن أبى زبد.
قال القاضى: إن كان قائما سقطت[ على] (1) من تقدم على أبى أسامة شيخ شيوخ مسلم والبخارى ؛ لاتفاقهما وروايتهما على إسقاطهما وقد ذكر الخبر، وكذا جاء فى حديث عمر فى تخيير النبى - عليه الصلاة والسلام - أزواجه على رمال سرير، ليس بينه وبينه فراش، قد أثر الرمال بجنبه.
(1) حأخ!.
(7/544)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل الاَشعرلن رضى الله عنهم
545
(39) باب من فضائل الأشعريين، رضى اللّه عنهم
166 - (2499) حدّثنا أبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء، حَد، شَا أبُو أسَامَةَ، حَدثنَا بُرَيْد!، عَنْ أَبِى بُرْ! ةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالً: قَالَ رَسُولُ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنِّى لالمحرِفُ اضوَاتَ رُفْقَة الائثمْعَرِيِّينَ بِالقُران، حِينَ يَدْخُلُونَ باللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مًنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتهِمْ بالقُران بِاللَّيلِ، !نْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بالنَّهَارِ.
وَمِنْهُمْ حَكِيم إِذَا لَقِىَ الَخَيْلً - أَوْ قَالَ: العَدُوَ - قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِى يَأمُرُونَكُمْ أنْ تَنْظرُوهُمْ).
167 - (2500) حدّثنا أَبُو عَامِرٍ الائثمْعَرِىُّ وَأَبُو كُرَيْب، جَمِيعًا عَنْ أَبى اسَامَةَ.
قَالَ أَبُو عَامِرٍ: حَد*شَا أَبُو اسَامَةَ، حَدثَّنِى بُرَيْدُ بْنُ عَبْد اللّهِ بْنِ أً بِى بُرْدَةَ عَنْ جَدهًّ ابِى بُرْدةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ الالثمْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِى الغَزوِ، اوْ قَلَّ طَعَامُ عيَالِهِمْ بِالمَلِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِى إِنَاء وَاحِدٍ بِالسَّوِيةِ، فَهُمْ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ لما.
وقوله: (إنى لاءعرف أصوات رفقة الأشعرلن بالقراَن، حين يدخلون بالليل دا: من الدخول، كذا لكافة شيوخنا، وعند بعضهم: " يرحلون " من الرحيل، وبالوجهن كانا فى كتاب الجيانى، وصوبوا الرواية الأخرى.
وكذا اختلف فيه رواة البخارى أيضا.
قوله: (ومنهم حكيم إذا لقى الخيل - أو قال العدو - قال[ لهم] (1): إن اْصحابى يأمرونكم أن تنظروهم): أى تنتظروهم.
واختلف شيوخنا فى قوله: " حكيم)، فكان الحافظ أبو على الجيانى يقول: هو اسم رجل.
وأما القاضى أبو على الصدفى فقال لنا: هى صفة من الحكمة.
وقوله: " إن الأشعرلن إذا أرملوا فى الغزو، أو قلّ طعام عيالهم فى المدينة، جمعوا
ما كان عندهم فى ثوب[ واحد] (2) ثم اقتسموه بينهم بالسوية دا، قال الإمام: معنى "أرملوا): أى فنى زادهم، يقال: أرمل الرجل وأقوى وأنقص: إذا فنى زاده.
قال القاضى: وفى هذا الحديث فضل المواساة والسماحة، واْنها كانت خلق نبينا ( صلى الله عليه وسلم )، وخلق صدر هذه الأمة، وأشراف الناس.
(1، 2) من الحديث المطبوع.
35 / ب
546
(7/545)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أبى سفيان بن حرب رضى الله عنه
(40) باب من فضائل أبى سفيان بن حرب رضى اللّه عنه
168 - (2501) حلّفنى عَبَّاسُ بْنُ عَبْد العَظِيم العَنْبَرىُّ وَأحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ المَعْقِرِى، قَالا: حَد!شَا النَّضْرُ - وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدَ اليَمَامِى - حَدَ!شَا عكْرِمَةُ، حَد!شَا أبُو زُمَيْلٍ، حَدةَشِى ابْنُ عبَّاس، قَالَ: كَانَ المُسْلًمُونَ لا يَنْظُرونَ إِلَىَ ابِى سُفْيَانَ وَلاَ يُقَاعِدُونَهُ.
فَقَالَ للنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) !: يَا نَبِىَّ اللّهِ، ثَلاث! أَعْطِنِيهِنَّ.
قَالَ: (نَعَمْ).
قَالَ: عِنْدى أحْسَنُ العَرَب وَأجمَلُهُ، أُمُّ حَبِيَبةَ بِنْتُ أَبِى سُفْيَانَ، ازَوِّجُكَهَا.
قَالَ: (نَعَمْ).
قَالً: وَمُعَاوِيَةُ، تَجعَلُهُ كَاتئا بَيْنَ يَلَيْكَ.
قَالَ: (نَعَمْ لما.
قَالَ: وَتُؤَمِّرُنِى حَتَى اقَاتِلَ اهُفارَ، كَمَا كنْتُ أَقَاتِلُ المُسلِمِينَ.
قَالَ: (نَعَمْ).
قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ: وَلَوْلا أنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ مِنَ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) مَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ ؛ لأنهُ لَمْ يَكُنْ يُسْالُ شَيْئًا إِلا قَالَ: (نَعَمْ).
[ وقول فبى سفيان حين سأل النبى - عليه السلام - بعد إسلامه - أن يزوجه ابنته أم حبيبة، كذا ذكره مسلم من رواية أبى زميل عن ابن عباس.
والمعروف أن تزويج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها كان قبل الفتح.
واختلف ابن كان ؟ فقيل] (1): بالمدينة / وهو الاكثر.
واختلف فيمن عفد عليها هنالىً ؟ فقيل: عثمان، وقيل: خالد بن سعيد بن العاص بتقديمها، وقيل: بل عقد عليها عنها وعن النبى - عليه الصلاة والسلام - النجاشى لأنه كان أمير الموضع وسلطانه.
والذى وقع فى مسلم من هذا غريب جدًا عند أهل الخبر.
وخبرهما مع أبى سفيان عند ورود المدينة فى حال شركه وهى بعد زوج النبى - عليه الصلاة والسلام - [ معروف] (2)، والله أعلم.
وقوله: (عندى أحسن العرب وأجمله): هذا مثل قوله فى صفته - عليه الصلاة والسلام -: (كان أحسن الناس وجها، وأحسنه خَلْقا " (3).
قال أبو حاتم: هذا كلام العرب، أى وأحسنهم ولا يتكلمون به، يريد: إذا عطفوه.
والنحاة يذهبون أن معناه: أحسن من ثمة، وقد تقدم من هذا ومثله، قوله فى الحديث بعد هذا: (أحناه على ولدٍ وأرعاه لزوج) (4).
(1) سقط من ز.
(2) من هامش ح.
(3) انظر حديث رقم (93) فى كالفضائل، بفى صفة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من صحيح مسلم.
(4) سيأتى إن شاء الله فى فضائل نساء قريش، حديث رقم (200).
(7/546)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جعفر...
إلخ
(41) باب من فضائل جعفر بن أبى طالب، وأسماء بنت عميس
547
وأهل سفينتهم، رضى اللّه عنهم
169 - (2502) حدّثنا عَبْدُ اللّه بْنُ بَرَّاد الأشْعَرِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء الهَمْدَانِىُّ، قَالا: حَدّثنَا ابُو أُسَامَةَ، حَدّثنِى بُرَيْاو، عَنْ أبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، َ قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَنَحْنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجربنَ إِلَيْه، أَنَا وَأخَوَانِ لِى، أنَا أَصْغَرُهُمَا، أً حَلُ!مَا ابُو بُرْ!ةَ، وَالاَخَرُ ابُو رُهْمٍ - إِمًّا قَالَ: َ بِضْعًا ياِمَّا قَالَ: ثَلاثَةً وَخَمْسِ!!نَ أوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسيئَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِى - قَالَ: فَرَكِبْنَا سَفِيَنةً، فَاع !قَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِىِّ بالحَبَشَةِ، فَوَافًقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِى طَالب وَأَصْحَابَهُ عنْدهُ.
فَقَالَ جَعْفَز: إِنَّ رَسُولَ اللىَ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَنَا هَهُنَا، وَأَمَرَنَا بالإِقَامَةِ، فَاً قِيُموا مَعَنَا.
فَا"قَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدمْنَا جَمِيعًا.
قَالً: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَا"سْهَمَ لَنَا، أوْ قَالَ: أعْطًانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لأحَد غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا، إِلاَّ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ، إِلاَّ لأصْحَاب سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَاضْحَابِهِ، قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.
قَالَ: فَكَانَ نَاسى مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا - يَعْنِى لأهْلِ السَّفِينَةِ -: نَحْنُ سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ.
(2503) قَالَ: فَدَخَلَتْ اسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهِىَ مِمَّنْ قَدمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ زَوْج النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): زَائرة"، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاَجَرَ إِلَيْه، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا.
فَقَالَ عُمَرُ ح!!نَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَنِه ؟ قًالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسِ.
قَالَ عُمَرُ: الحَبَشيَّة هَذِهٍ ؟ الَبَحْرَّيةُ هَذه ؟ فَقَالَتْ أَسمَاءُ: نَعَمْ.
فَقَالَ عُمَرُ: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أً حَقّ بِرسُولِ اللى ( صلى الله عليه وسلم ) مًنْكُمْ.
فَغَضبَتْ، وَقَالَتْ كَلمَة: كَنبتَ يَا عُمَرُ! كَلاَّ وَاللىِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُول اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ) يُطَعمُ جَائعَكَمْ، وَيَعظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِى دَارِ، أوْ فِى أَرْضِ، البُعَدَاءِ البُغَضَاَءِ فِىَ الحبَشَةَِ، وَذَلِكً فِى اللّهَِ وَفِى رَسُولِهِ.
قولى أسماء: " ولنا فى ارض البعداء البغضاء فى الحبشة) إما بعداً فى النسب، داما بغضًا فى الدين ؛ لاَنهم كانوا نصارى ولم يكن فيهم مسلم إلا النجاشى أميرهم حمستخفى
548
(7/547)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل جعفر...
إلخ وايْمُ اللّهِ، لا أطعَمُ طَعَامَا وَلاَ أشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أذكُرَ مَا قُلتَ لِرَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَنَحْنُ كُنَّا نؤْذَى وَنُخَاتُ، وَسأذكُرُ ذَلكَ لِرَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَأسْألُهُ.
وَوَاللّه، لا أكْذبُ وَلاَ أزِبغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَى ذَلكَ.
قَالَ: فَلًمَّا جَاءَ النًّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللَّه، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَيْسَ بِا"حَقَّ بِى مِنكُمْ، وَلَهُ وَلا"صْحًابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكَمْ أنْتُمْ، أهْلَ السَّفِينَةَ، هِجْرَتَانِ لما.
قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأيْتُ أبَا مُوسَى وَأصْحَابَ الممتَفينَةِ يَأتُونِى أَرْسَالا، يَسْألُونِى عَنْ هَذَا الحدَيث.
مَا منَ الدئيَا شَىْءٌ هُمْ به أفْرَحُ وَلا أعْظَمُ فى أنْفُسهمْ ممَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
ًًًً
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقَالَتْ أسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأيْتُ أبَا مُوسَى، ياِتهُ لَيَسْتَعِيدُ هَنَا الحَلِيثَ مِنِّى.
بذلك عندهم (1)، وخبره معهم فى توريته عن الإسلام معروف.
وقولها لعمر: دا كذبت) معناه: اْخطأت، وقد استعملوا الكذب بمعنى الخطأ.
وقولها: (ولقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونى اْرسالا يسألونى عن هذا الحديث)، قال الإمام: يعنى: اْفواجا فرقا منقطعة، يقال: أورد إبله أرسالا: إذا أوردها منقطعة، وأوردها عراكا: إذا أوردها جماعة.
قال القاصْى: وقوله: " إن هذا رد على البُشرى) للأعرابى الذى قال له: أكثرت على
من أبشر (2): قول من لم يتمكن الإيمان من قلبه ممن كان يستالفه النبى - عليه الصلاة والسلام - من اْشراف العرب، يستألف بهم قومهم وأمثالهم.
وقد جاء معنا اْنه من بنى تميم وهو - والله أعلم - الذين نادوه من وراء الحجرات وأمثالهم، وقد قال الله تعالى فى أولئك: { أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (3) ولو صدر[ مثل] (4) هذا الكلام من مسلم لكان قوله هذا كفرا وردة ؛ لأن فيه تهمة للنبى - عليه الصلاة والسلام - واستخفافا بصدق قوله ووعده.
(1) فى خ: عنهم.
(2) سبق فى حديث رقم (164) من هذا الكتاب.
(3) 1 لحجر ات: 4.
(4) ساقطة من ح.
(7/548)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل سلمان وصهيب...
إلخ
549
(42) باب من فضائل سلمان وصهيب وبلال رضى اللّه تعالى عنهم
170 - (2504) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَلّثنَا بَهْزٌ، حَلّثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، جمَنْ ثَابِت، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَائذِ بْنِ عَمْرِو ؛ انَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى عَلَى سَلمَانَ وَصُهَيْب اوَبلالً فِى نَفَرٍ.
فَقَالُوا: وَاللّه، مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ منْ عُنُقِءَ!وِّ اللّه مَأخَنَ!ا.
قَالَ* فَقَالَ أً بُو بَكْرٍ: اتَقُولُونَ هَذَا لَشَيْخِ فُرَيْش وَسيِّلِصم ؟ فَاعَتَى النَبىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاع خبَرَهُ.
فَقَالَ: (يا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَكَ أغْفحبْتَهُمْ، لَئِنْ كُنْتَ أغْضَبْتَهُم لَقَدْ أَغْضَبْتَ رً بَّكَ).
فَا"تَاهُمْ أَبُو بَكْرِ فَقَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ، أَغْضَبْتُكُمْ ؟ قَالُوا: لا، يَغْفِرُ اللهُ لكَ يَا أخَى.
وقول أبى بكر لسلمان وأصحابه: (يا إخوتاه، أغضبتكم ؟ قالوا: لا، يغفر الله لك
يا اخى، كذا جاء فى هذا الحديث، وقد روى عن أبى بكر اْنه نهى عن مثل هذا، وقال: قل: عافاك الله، رحمك الله، لا.
يريد: ألا تقدم ا لا " قبل الدعاَ ة لاقتضائها نفيه فى الظاهر، ولا"نه قد يكون مثل هذا ذريعة للمجَّان وغيرهم من قصدهم هذا فى صورة الدعاء.
وقد قال بعضهم: قل: لا، ويغفر الله لك، فيزول الإيهام والاحتمال.
36 / أ
550
(7/549)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل الأنصار رضى الله تعالى عنهم
(43) باب من فضائل الأنصار رضى الله تعالى عنهم
171 - (2505) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ - وَاللَّفْظُ لإسْحَقَ - قَالا: أخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرِ بْن عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ { إِذْ هَمَّت طَائِفَتَانِ منكُمْ أَن تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيّهُمَا} (1) بَنُو سَلمَةَ وَبَنُو حَارِثَةَ، وَمَا نُحبُّ انَّهَا لَمْ تَنْزِلْ، لِقَوْلِ اللّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: { وَاللَّهُ وَلِيّهُمَا}.
172 - (2506) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَد!شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرخْمَنِ
ابْنُ مَهْدِىٍّ، قَالا: حدثنا شُعْبةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ التضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْد بْنِ أرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللّهُمَّ، اغْفِرْ للأَنْصَارِ، وَلأبْنَاءِ الأنْصَارِ، وَأَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأنْصَارِ).
(،.
.
) وَحَدثنِيهِ يحيى بْنُ حَبِيبٍ، حدثنا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - حدثنا شُعْبَة،
بِهَدَا الإسْنَادِ.
73 1 - (7 0 5 2) حدتنى أَبُو مَعْنٍ الرفاشِىُّ، حدثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَد، شَا عِكْرِمَة - وَهُوَ ابْنُ عَمَار - حدثنا إِسْحَقُ - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الله بْنِ أبِى طَلحَةَ - أنَّ أنَسة حَدَّثَهُ ؛ أَنَ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) اسْتَغْفَرَ للأَنْصَارِ.
قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَاَلَ: (وَلِذَرَارِىِّ ا لأنصَارِ،
وبنو سلمة - بكسر اللام - فى الأنصار.
وقوله: (راى صبيانًا مقبلين من عرس فقام ممثلا لما.
كذا بفتح الثاء لجمهور الرواة، وصححه بعضهم، وضبطناه عن بعضهم، وفى البخارى بكسر الثاَ، ومعناه: قائما منتصبا.
وعند الجيانى وبعض رواة ابن ماهان: (مقبلا)، وذكره البخارى فى كتاب النكاح: " ممتنأَ) (2) وصوبه بعضهم وقال: هذا الوجه، أى متفضلأ عليهم بفعله من المنة.
وضبطه بعقالمئقنن: (ممتنا) بكسر التاء وتخفيف النون، وفسره: مطيلا، أى اظال قيامه لهم.
وال الشبه عندى " متمثلا) بدليل قوله فى الرواية ال الخرى: فمثل / قائما، يقال: مثل يمثل محولأَ: إذا انتصب.
واسم الفاعل منه: ماثل.
لكنه يكون ممثلا أى متمثلا، أى
(1) آل عمران: 122.
(2) البخارى، كالنكاح، بذهاب النساء والصبيان إلى العرس 7 / 32.
(7/550)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل الأنصاررضى الله تعالى عنهم 551 ولِمَوَالِى الأنْصَارِ) لا أَشُكُّ فِيهِ.
174 - (2508) حدّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، جَمِيغا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ - وَاللَّفْظُ لزُهَيْرٍ - حَد"ننَا إِسْمَاعيلُ عنْ عَبْدِ العَزِيزِ - وَهُوَ ابْنُ صُهَيْب - عَنْ أَنَس ؟ أَنَّ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) رَأَى صبيَانًا وَنساءً مُقبلينَ مِنْ عُرْسٍ بث قَامَ نَبِىُّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) مُمْثَلأً.
فَقَالَ: (اللهُمَّ، أَنْتُمْ مِنْ أحَبِّ النَّاسِ إِلَىَّ.
اللّهُمًّ، أَنتمْ مِنْ أَحَبِّ النَاسِ إِلَىًّ لما يَعْنِى الأنْصَارَ.
175 - (2509) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنْ غُنْدَر.
قَالَ ابْنُ المُثَنَّى: حَد - ننَأ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدءَّلنَأ شُعْبَةُ، عَنْ هشَامِ بْنِ زَيْد، سَمعْتُ انَسَ بْنَ مَالك يَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَة مِنَ الًأنْصَارِ إِلَى رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فًخَلاَ بِهَا رَسُولُ اللىِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَقالَ: (وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّكُمْ لا2 حَبُّ الَنَّاسَ إِلَىَّ) ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
(... ) حَد"ننِيهِ يحيى بْنُ حَبِيب، حَد*شَا خَالُد بْنُ الحَارِثِ.
ح وَحَد*لنَأ أَبُو بَكْرِ بْنُ
أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْب، قَالا: حَد - نناًا بْنُ إِدْرِيسَ، كَلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
176 - (2510) حدّثنأ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حَئَثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَ الةَ يُحَدِّثُ عَنْ انَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِنَ الأنْصَارَ كَرشِى وَعَيْبَتِى، وَإِنَّ النَاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيِقَلّونَ، فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئهِمْ لما.
مكلفًا ذلك نفسه وطالبا ذلك منها.
فعدى فعله، والله أعلم.
والعرس عند العرب الابتناء بالزوجات، ومنه العروس، يقال للرجل والمرأة.
وقوله: " الانصار كرشى وعيبتى "، قال الإمام: أى جماعتى وخاصتى، الذين اْثق
بهم وأعتمدهم فى أمورى.
قال الخطابى: ضرب المثل بالكرش لاَنه مستقر غذاَ الحيوان الذى يكون به بقاؤه.
والعيبة: [ هى، (1) التى يختزن فيها المدخر ثيابه ويصونها، ضرب المثل بها لابنه يريد ائهم موضع سرّه.
قال: والكرش أيضا عيال الرجل وأهله.
(1) من ح.
552
(7/551)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى خير دور الأنصار رضى الله عنهم
(44) باب فى خير دور الأنصار رضى اللّه عنهم
177 - (2511) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ المُثَنّى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَ الةَ يُحَدِّثُ عَنْ انَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أبِى أُسَيْدٍ، قال: قَالَ رَسولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ!ورِ الأنْصَارِ بَنُو النَّجَّار، ثُمَّ بَنُو عَبْدِ الأشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِث بْنِ الخَزْرجَ، ثُمَّ بَنُو سَاعلَة، وَفِى كُلِّ دور الأنصَارِ خَيْز).
فَقَالَ سَعْد: مَا أُرَى رَسُولً اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلاَّ قَدْ فَضلَ عَلَينَا.
فَقِيلَ: قَدْ فَضلًكُمْ عَلَى كَثِير.
(... ) حدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حدثنا أبُو دَاوُدَ، حدثنا شُعْبَة، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ أَنَسًا يُحَدِّثُ عَنْ ابِى أُسَيْدٍ الا"نْصَارِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، نَحْوَهُ.
(... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ وَابْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَّيْث بْنِ سَعْد.
ح وَحدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا عَبْدُ العَزيزِ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّدٍ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ الَمُثَنّى وَابْنُ أبِى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الوَهًّابِ الثَّقَفِىُّ، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْمىَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أتهُ لا يَذْكُرُ فِى الحَلِيثِ قَوْلَ سَعْدٍ.
178 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد وَمَحَمَّدُ بْنُ مهْرَانَ الرَّازِىُّ - وَاللَّفْظُ لابْنِ عَبَّاد - حدثنا حَاتئم - وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ عَبْد الرًّ حْمَنِ بْنِ حُمَيْد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَالحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَيْدٍ خَطِيبًا عَنْدَ ابْنِ عُتْبَةَ.
فَقَالً: قَالَ رَسُولُ
وقوله - عليه الصلاة والسلام -: " وفى كل دور الأنصار خير): قال الهروى: الدور
هنا قبائل اجتمعت فى محلة، فسميت المحلة داراً، ومنه الحديث الاَخر: دا فما بقيت دار إلا بُنى فيها.
مسجد دا أى ما بقيت قبيلة.
قال القاضى: وتفضيل النبى - عليه الصلاة والسلام - دور الا"نصار على قدر سبقهم
إلى الإسلام، فيه جواز التفضيل، وأنه ليس بعينه، ويدل أن مراده قبائلهم.
وقوله فى اكثر الروايات: بنو فلان، ثم بنو فلان، وقول سعد: فضل علينا، وخلفنا، أى جعلنا من آخر الناس، يقال: خلف فلان فلانأ: إذا أخره فى اَخر الناس ولم يقدمه.
(7/552)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى خير دور الأنصار رضى الله عنهم 553 اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ دُورِ الأنْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَّار، وَدَارُ بنِى عَبْدِ الأشْهَل، وَدَارُ بَنِى الحًارِثِ بْنِ الخَزْرجَ، وَدَارُ بَنِى سَاعِلَةَ).
وَاللّهِ، لَوْ كُنْتُ مُؤْثِرًا بِهَا أحَدًا لاَثَرْتُ بِهَا عَشِيرَتِى.
179 - (... ) حدثّنا يحيى بْنُ يحيى التمِيمِىّ، أَخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْد الرخْمَنِ،
عَنْ أَبِى الزَنادِ، قَالَ: شَهدَ ابُو سَلَمَةَ لَسَمِعَ أَبَا أُسَيْد الأنْصَارِىَّ يَشْهَدُ ؛ أَن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (خَيْرُ دُ!رِ الأَنْصَار بَنُو النَّجَار، ثُمَ بَنُو عًبْدِ الأشْهَلِ، ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرجَ، ثُمَّ بَنُو سَاَِ!ةَ، وَفِى كُلِّ دُ!رِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ ).
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو أُسَيْد: أُتَهَمُ أنَا عَلَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ لَوْ كُنْتُ كَاذبا لَبَدَأتُ بِقَوْمى، بَنِى سَاعِدَةَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فَوَجَدَ فِى نَفْسِه، وَقَالَ: خُلِّفنَا فَكُنَّا آخِرَ الَأرْبَع، أسْرِجُوا لِى حمَارِى اَتى رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
وَكَلَّمَهُ ابْنُ أخيه، سَهْلٌ.
فَقَالَ: أَتَذْهَبُ لِتَرُدَّ عَلَى رَسُولَِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَرَسُولُ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ) اعْلَمُ ؟ أَوَ لَيْسً حًسْبُكَ انْ تَكُونَ رَابِعَ أَرْبَعٍ ؟ فَرَجَعَ وَقَالَ: اللّهُ وَرَسُولُهْ اعْلَمُ، وَأً مَرَ بِحِمَارِهِ فَحُلَّ عَنْهُ.
(... ) حلّثنا عَمْرُو بْنُ عَلىِّ بْنِ بَحْر، حَدثَنِى أَبُو دَاوُدَ، حدثنا حَرْبُ بْنُ شَدَأد، عَنْ
يَحْىَ بْنِ أَبِى كَثير، حَدثَّنى أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا اسَيْد الا"نْصَارِىَّ حَد"لهُ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " خَيْرُ ا لأَنْصَارِ، أوْ خَيْرُ دُورِ الأنْصَأرِ " بِمِثْلِ حَلِيثِهِمْ.
فِى ذِكْرِ الدّورِ.
وَلَم يَذْكُرْ قِصَّةَ سَعْدِ بْنِ عُبَالمحةَ - رَضِىَ اللّهُ عَنْهُ.
180 - (2512) وحدّثنى عَمْرٌو النَّاقِدُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حدثنا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْد - حَد - ننَا ابِى، عَنْ صَالِح، عَنِ ابْنِ شِهَاب، قَالَ: قَالَ ابُو سَلَمَةَ وَعُبَيْدُ الَلّهِ بْنُ عَبْد الًلّه بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُود، سَمعَا أبَا هُرَيْرَةَ يَقُوذُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَهُوَ فِى مَجْلسٍ عَظَيبم مِنَ المُسْلِمينَ -: (أُحَدئكُمْ بخَيْرِ دُورِ الأنْصَارِ ؟).
قَالُوا: نَعَمْ، يَارَسُولً اللّهِ* قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (بَنُو عَبْدِ الاشْهَلِ لما.
قَالُوا: ثُمَّ مَنْ وقوله: (سمع أبو (1) أسيد خطيبا عند ابن عتبة لما: فى أصل القاضى أبى عبد الله التميمى ت ابن عتيبة، مصغرا وكتبت عليه.
قال الجيانى: صوابه: ابن عتبة، وهو الوليد
(1) فى ز: أبا، والمثبت من ح.
554
(7/553)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى خيردورالأنصاررضى الله عنهم يَارَسُولَ اللّه ؟ قَالَ: (ثُمَّ بَنُو النَّجَارِ لا.
قَالُوا: ثُمَّ مَنْ يَارَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ: (ثُمَّ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرجَ لما.
قَالوا: ثُمَّ مَنْ يَارَسُولَ اللّه ؟ قَالَ: (ثُمَّ بَنُو سَاعِدَةَ).
قَالُوا: ثُمَّ مَنْ يَارَسُولَ اللّه ؟ قَالَ: (ثُمَّ فِى كُلِّ !ورِ الاَع نْصَارِ خَيْر)، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَ الةَ مُغْضئا، فَقَالَ: أَنَحنُ آخِرُ الارْبَع ؟ حِينَ سَمَّى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) دَارَهُم.
فَا"رَادَ كَلاَمَ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ لَهُ رِجَا 3 مِنْ قَوْمِهِ: اجْلسْ، الا تَرْضَى انْ سَمَّى رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) دَارَكُمْ فِى الا"رْبَع الدُّورِ ائتِى سَمَّى ؟ فَمَنْ تَركً فَلَمْ يُسَمّ ثْثَرُ ممَنْ سَمَّى.
فَانْتهَى سَعْدُ ابْنُ عُبَادةَ عَنْ كَلاَم رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ابن عتبة بن أبى سفيان، عامل عمه معاوية على المدينة.
وأبو أسيد هذا بضم الهمزة، وهو أبو اشيد الساعدى، واسمه مالك بن ربيعة، وهو الصواب المعروت فى كنيته.
وقد ذكر ابن حنبل فيه عن ابن مهدى الفتح وصوب الضم.
(7/554)
كتاب فضائل الصحابة / باب فى حسن صحبة الأنصار رضى الله عنهم
555
(45) باب فى حسن صحبة الأنصار رضى اللّه عنهم (1)
181 - (2513) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلىٍّ الجَهْضَمِى وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّار، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عَرْعَرَةَ - وَاللَّفْظُ للجَهْضَمِى - حَدةَشِى مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنُ يُونُس بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابت البُنَانِىِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالك، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ البَجَلِىِّ فِى سَفَرٍ فَكًانََيَخْدُمُنِى.
.
فَقُلتُُلَهُ،، لاًًتَفْعَلْ.
.
فَقَالَ:: إِنْىىقَدْْرَايْتُ
الأنْصَارَ تَصْنَعُ بِرَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَيْئًا، اَلَيْتُ ألاَّ أَصْحَبَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلآَ خَل!مْتُهُ.
زَادَ ابْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ فِى حَدِيثهِمَا: وَكَانَ جَرِير! أكْبَرَ مِنْ أنَسٍ.
وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: أَسَنَّ مِنْ أَنَسِ.
(1) ترك الإمام والقاضى هذا الباب بغير تعليق.
556
(7/555)
كتاب فضائل الصحابة / باب دعاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لغفار وأسلم
(46) باب دعاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لغفار وأسلم
182 - (4 1 25) حدثّنا هَدَّابُ بْنُ خَالد، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغيرَة، حَد*شَا حُمَيْدُ بْنُ هلاَل، عَنْ عَبْد الله بْنِ الصَّامت، قًالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ رَسُولُ اَللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (غِفَارُ غَفَرَ اَللّهُ لَهَا، وَأسْلًمُ سَاَلَمَهَا اللّه لَما.
َ
183 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ عُمَرَ القَوَاريرى وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ مَهْدِىٍّ.
قَالَ: قَالَ اَبْنُ المُثَنّى: حَدصثنَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدئّ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ أبى عمْرَانَ الجَوْنِى، عَنْ عَبْد اللّهِ بْنِ الصَّامت، عَنْ أبِى ذَرٍّ، قَالً: قَالَ دى رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
(ائْت قَوْمَكَ، فَقُلْ: إِنَّ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: اسْلَمُ سَالَمَهَا اللهَ، وَغِفَارُ غَفَرًا للّهُ لَهَا).
َ
(... ) حدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَد*شَا أبُو دَاوُدَ، حَدثنَا شُعْبَةُ، فِى
هَذَا الإِسْنَادِ.
184 - (2515) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ وَسُوَيْدُ بْنُ سَعِيد وَابْنُ أبِى عُمَرَ، قَالُوا: حَدثنَا عَبْدُ الوَهَّاب الثَّقَفىُّ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ.
ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا ابى.
ح وحدثنا محمد بن المثنىَ، حدثنا غثد ص ص محص محي و5 و، ص ص نص، ص ص كص، ص أوه، ص س، الرخْمَنِ بْنُ مَهْدِىًَّ، قَالا، حَدثنَا شُعبَة، عَنْ مُحَمَد بْنِ زِيَاد، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
ح وَحَد 8شى مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حدثنا شَبَابَةُ، حَد*شى وَرْقَاءُ، عَنْ أبىًا لزَناد، عَن الأعْرَج، ص ه، َ، ص - ص صَ كص ص ه ص 5 وصً نص ص ه، 5 ومصَء صَ ص محرَ، ص سَ، ه، عن ابِى هريرة.
ح وحدثنا يحيى بن حبِيب، حدثنا روح بن عبادة.
ح وحدثنا محمد بن عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْر وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد عَنْ أبِىً عَاصِم، كلاَهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْج، عَنْ أَبى الزبيْر، عَنْ جَابر.
ح وَحَدثنى سَفَمَةُ بْنُ شَبيب، حَدثنَاَ الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَدصثنَا مَعْقل، عَنْ أبى الزبيْرِ، عنْ جابِرٍ، كلهمْ قال: عنِ النّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أسْلم سالَمَهَا اللهُ، وَغِفار غَفَرَ اَللهُ لَهَا).
185 - (2516) وحدّثنى حُسَيْنُ بْنُ حُرَيْث، حَدثنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ خُثَيْم
ابنْ عِرَاك، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أَسْلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ،
(7/556)
كتاب فضائل الصحابة / باب دعاَ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لغفار 557 وَغِفَارُ غَفَرَ اللّهُ لَهَا، أَمَا إِنِّى لَمْ أقُلهَا، وَلَكِنْ قَالَهَا اللّهُ - عَزَّ وَجَلَّ).
186 - (2517) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ، حَدتَّشَا ابْنُ وَهْب، عَنِ اللَيْثِ، عَنْ عمْرَانَ
ابْنِ أبِى أَنَسبى، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِى، عَنْ خُفَاف بْنِ إِيمَاءَ الغِفَأرِىِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى صَلاة: (اللّهُمَّ، العَنْ بَنِى لَحْيَانَ وَرِعْلاً وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللّهَ وَرَسُولَهُ، غِفَارُ غَفَرَ اللّه لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ لا.
187 - (2518) حلثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر - قَالَ يَحْيَى بْنُ يحيى: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرُوِنَ ة حَدثنَا - إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَر عَنْ عَبْد الله بْنِ دِينَارٍ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (غفَار غَفَرَ اللّهُ لَهَاغ وَأسلَمُ سَالَمَهَا اللّهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللّهَ !رَسُولَهُ).
(... ) حديثنا ابْنُ المُثنى، حدثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حدثنا عُبَيْدُ اللّهِ.
ح وَحَدثنَا عَمْرُو
ابْنُ سَوَّاد، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، أخْبَرَنِى اسَامَةُ.
ح وَحَدثَّنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَالحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهيمَ بنِ سَعْد، حدثنا أبِى، عَنْ صَالِح غ كُلُهُمْ عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، بَمثْله.
وَفِى حَديث صَالِح وَاسَامَةَ ؛ ان رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) تَالَ ذَلِكَ عَلَى المِنْبَر.
ًًً
(... ) وَحَدثنِيهِ حَخاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حدثنا أَبُو دَاوُدَ الطيَالسِىُّ، حَدثنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّاد، عَنْ يحيى، حَدثَّنِى أَبُو سَلَمَةَ، حَدف ابْنُ عُمَرَ، قَالَ: َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
مِثْلَ حَدِيثِ هَؤُلاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
"
قوله: دا اْسلم سالمها الله - الحديث - ما أنا قلته، ولكن قالها الله،: ظاهره اْن هذا اللفظ اْوحى إليه، ويحتمل معناه دون لفظه.
558
(7/557)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل غفار واْسلم...
إلخ
(47) باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع
ومزينة وتميم ودوس وطئ
لما ا - (2519) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا يَزِيُد - وَهُوَ ابْنُ هَرُونَ - أخْبَرَنَا
ابُو مَالك الأشْجَعِىُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلحَةَ، عَنْ ابِىِ ايُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (الأنْصًارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَة وَغِفَارُ وَأشْجَعُ، وَمَن كَانَ مِنْ بَنِى عَبْدِ اللّهِ، مَوَالِىًّ!ونَ النَّاسِ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ مَوْلاَهُمْ).
189 - (2520) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَا شَا أبِى، حَدَّثنَا سُفْيَانُ،
عَنْ سَعْد بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ( صلى الله عليه وسلم ): (قُرَيْش! وَا لَأنْصَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْنَةُ وَأسْلَمُ وَغِفَارُ وَأشْجَعُ مَوَالِىَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْالىَ! ونَ اللّهِ وَرَسُولِهِ لما.
(... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّه بْنُ مُعَاذ، حَدثنَا أبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْد ثنِ إِبْرَاهيمَ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّ فِى الحَديثِ: قَالَ سَعْافِى بَعْضِ هَذَا فِيمَا أعْلَمُ.
قوله: " الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع، ومن كان من بنى عبد الله موالى دون الناس، والله ورسوله مولاهم دا: أى وليهم والمتكفل بهم والمولى يكون الولى، والقائم بأمر الرجل، والناصر له، وعصبته ومعتقه، ومن هو اْولى به وأخص.
قال أحمد بن نصر: معنى قوله: (هم موالى، لا مولى لهم إلا الله ورسوله): أى لا ولاء على من سبى منهم.
خصهم بذلك كما قال فى قريش: الطلقاء، وقال لغيرهم: العتقاء، لما لم يجر عليهم ملك ولا عتق.
وقوله: دا من بنى عبد الله): يريد بنى عبد العزى من غطفان، وكذلك جاء ذكره من
بعد هذا، سماهم النبى بنى عبد الله، فسمتهم العرب بنى محولة ؛ لتحويلهم اسم أبيهم.
وقوله فى سند هذا الحديث: وحدثنا عبيد (1) الله بن معاذ (2)، حدثنا أبى، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد مثله، غير أن فى الحديث: (قال سعد فى
(1) فى ز: عبد، والمثبت من ح.
(2) عبد الله بن معاذ بن نشيط الصنعانى، روى عن معمر ويونس بن يزيد، وعنه إبراهيم بن المنذر=
(7/558)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل غفار وأسلم...
إلخ 559 190 - (2521) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَثّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ.
قَالَ ابْنُ المُثنى: حَدرّوَشَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد*شَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْد بْن إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابَا سَلَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ* (اسْلَمُ وَغفَارُ وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ، أَوْ جُهَيْنَة خَيْزمِنْ بَنِى تَمِيم وَبَنِى عَامِر، وَالحَلِيفَيْنِ أَسَد وَغَطَفَانَ).
191 - (... ) حدثنا قُتيْبَةُ بْنُ سَعيد، حدثنا المُغِيرَةُ - يَعْنى الحِزَامِىَّ - عَنْ أبى الزَنادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَلَّثَنَا عَمْرو النَّاقِدُ وَحَسَن الحُلوَانِىُ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنى.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدرّوَشَا - يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهيمَ بْنُ سَعْد، حدثنا ابِى عَنْ صَالِح، عَنِ اَلأعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالُّذِى نَفْسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ، لَغِفَارُ وَأَسْلَمُ وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ منْ جُهَيْنَة، أوْ قَالً جُهَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ مُزَيْنَةَ، خَيْز عِنْدَ اللّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنْ أسَد وَطعئَ وَغَطَفَانَ).
192 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِىُّ، قا لاَ: حدثنا إِسْمَاعيلُ - يَعْنيَان ابْنَ عُلَيَّةَ - حدثنا أيُّوبُ، عَنْ مُحًمَّد، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ " لأسْلَمُ وَغِفَارُ، وَشَىءو مِنْ مُزَيْنَةَ وَجُهًيْنَةَ، أَوْ شَىْءو مِنْ جُهَيْنَةَ وَمُزَيْنَةَ، خَيْز عِنْدَ اللّهِ - قال: أحسبه، قال - يَوْمَ القِيَامَةِ، مِنْ أَسَد وَغَطَفَانَ وَهَوَازِنَ وَتَمِيم لما.
93 1 - (2522) حَدثنَا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدثنَا غُنْمَز، عَنْ شُعْبَةَ.
ح
ص ص محرص ص ير، 5 وس ص ه، ص 3 صَ صً نص نص سَءه، ص ه ص ص نص، 5 ص، ص ه وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفرِ، حدثنا شعبة، عن مُحَمَّدِ بْنِ ابِى يَعقُوبَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرخْمَنِ بْنَ ابِى بَكْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ ابِيهِ ؛ انَّ الأقْرَعَ
بعض هذا فيما أعلم) كذا لسائر الرواة، وعند العذرى: قال شعبة، وهو وهم عندهم، والصواب الأول، وأن سعداً زاد فى هذه الرواية فى بعض هذه الكلمات: (قريشا)، وبعض كلمات: " فقال فيما أعلم) كأنه شكك فيها، أو خالفه غيره فيها، فأخبر بما علمه.
= ومحمد بن يحيى وأبو عبيدة بن فضيل بن عياض وغيرهم.
وثقه ابن معين وابو زرعة ومسلم، وذكره ابن حبان فى الثقات، مات سنة إحدى وثمانين ومائة.
التهذيب 6 / 37.
36 / ب
560
(7/559)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل غفاروأسلم...
إلخ ابْنَ حَابِسي جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الحَجِيج منْ أسْلَمَ وَغفَارَ وَمُزَيْنَةَ، وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ - مُحَمَّد الَّذِى شَكَّ - فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ على: َ (أرَأيْتَ إِن كَانَ أسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَة - وَأحْسبُ جُهَيْنَة - خَيْرَا منْ بَنِى تَمِيبم وَبَثِى عَامِرِ وَأسَد وَغَطَفَانَ، أخَابُوا وَخَسِرُوا لما.
فَقَاً ة نَعَمْ.
قَالَ: (فَوَاَلَّذى نَفْسِى بِيَلِهِ، إِنَّهُمْ لأخْيَر مِنْهُمْ).
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ ابْنِ أبِى شَيْبَةَ: مُحَمَّد الَّذِى شَكًّ.
س ص، 5، صوص س صو، ص ص ص عص، 5 ص، ص رء،
(... ) حدثنى هرون بن عبدِ اللهِ، حدثنا عبد الصمدِ، حدثنا شعبة، حدثنِى سيد
بَنِى تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِى يَعْقُوبَ الضمىُّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: (وَجُهَيْنَةُ لما وَلَمْ يَقُلْ: احْسِبُ.
194 - (... ) حد ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمىُّ، حدثنا أبى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ ائى بِشْر، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ائى بَكْرةَ، عَنْ أبِيه، عَنْ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أسْلَمُ وَغِفَارُ وَمُزَيْنَةُ وَجُهَيْثَةُ، خَيْزمِنْ بَنِى تَمِيبم وَمِنْ بَنِى عًامِرٍ، وَالحَليفَيْنَِ بَنِى أسَد وَغَطَفَانَ لا.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَهَرُونُ بْنُ عَبْد اللهِ، قَالا: حَا شَا عبْدُ الصَّمَدِ.
ح وَحَدثنِيهِ عَمَزو النَّاقِدُ، حدثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّار، قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى بِشْرِ، بِهَذَا ا لإِسْنَا دِ.
195 - (... ) حلئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْر - قَالأ: حَدثنَا وَكِيع، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْد المَلك بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أبِى بَكْرَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أَرَأيتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَأسلَمُ وَغِفَارُ خَيْرا مِنْ بَنِى تَمِيم وَبَنِى عَبْدِ اللهِ بْنِ غَطَفًانَ وَعَامِرِ بْنِ !عْصَعَةَ)، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ فَقَالُوا:
وقوله: (إنه لاءخير منهم دا: كذا الرواية هنا /، واْهل العربية يقولون: لا[ يقال] (1) اخير ولا أشر، إنما وجه الكلام: خير وشر، وقد جاء أخير وأشر فى غير حديث.
وتفضيل هذه القبائل لسبقها إلى الإسلام دون تلك، وقد تقدم هذا كله قبل.
وقوله: (والحليفتين اْسد وغطفان) بالحاء المهملة من الحلف والتعاهد الذى كان فى
(1) من خ.
(7/560)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل غفار وأسلم...
إلخ
561
يَا رَسُولَ اللّهِ، فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا.
قَالَ: (فَإِنَّهُمْ خَيْر)).
وَفِى رِوَايَةِ أبِى كُرَيْبِ: "أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ وَمُزَيْنَةُ وَاسْلَمُ وَغِفَارُ لما.
196 - (2523) حلثّنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَد، شَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَق، حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ عَامِر، عَنْ عَدىِّ بْنِ حَاً تمٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ فَقَالَ لِى: إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَة بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَوجُوهَ أَصْحَابه، صَدَقَة طيِّئ، جئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ًً
197 - (2524) حدّثنا يَحْيىَ بْنُ يَحْيىَ، أخْبَرَنَا المُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ
أَبِى الزَناد، عَنِ الالمحرَجِ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَدمَ الطُّفَيلُ وَاصْحَابهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّه، إِنًّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ، فَادع اللّهَ عَلَبْهًا.
فَقَيَل: هَلَكَتْ دَوْسن.
فَقَالَ: "اللَّهُم، اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ ".
ما أ - (2525) حدثنا قُتَيْبَة بْنُ سَعيد، حَا ثَنَا جرِير!، عَنْ مُغيرَةَ، عَنِ الحَارثِ
عَنْ أَبِى زُرْعَةَ قَالَ: قَالَ ابُو هُرَيْرَةَ: لا ازَالُ احبُّ بَنِى تَميبم مِنْ ثًلاَث سَمعْتَهُنًّ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: َ " هُمْ اشَدُّ أُمَّتِى عَلَى الدَّجَّالَ).
قَالَ: وَجَاءتْ صَدَقَاتُهُمْ فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (هَذه صَلَتَاتُ قَوْمنَا).
قَالَ: وَكَانَتْ سَبيَّة مِنْهُمْ عِنْد عَائِشَةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَعْتِقَيهًا فَإِنَّها مِنْ وَلًدِ إِسْمَاعِيلَ لما.
(... ) وَحَدةَشيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ، حَد*شَا جَرِير!، عَنْ عُمَارةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: لاَ أزَالُ احبُّ بَنِى تَميمٍ بَعْدَ ثَلاَث سَمعْتَهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، يَقُولُهَا فِيهِمْ.
فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
ً "َ
الجاهلية.
وقوله فى الباب: حدثنا سيد بنى تميم محمد بن عبد الله بن أبى يعقوب الضبى، كذا
وقع هنا.
وضبة لا يجتمع مع بنى تميم، إنما ضبة بن ادّ بن طابخة بن إلياس بن مضر، وفى قريش - أيضا - ضبة بن الحارث بن فهر، نسبه البخارى فى التاريخ على ما قال مسلم فانظره.
وقول عدى: (أول صدقة بيضت وجه النبى - عليه الصلاة والسلام - ووجوه أصحابه
562
(7/561)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل غفاروأسلم
.
إلخ (... ) وحلّثنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ البَكْرَاوِىُّ، حَا شَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلقَمَةَ المَازِنِى - إِمَامُ مَسْجِدِ دَاوُدَ - حدثنا دَاوُدُ، عَنِ الشَعْبِىِّ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، قَالَ: ثَلاَثُ خِصَال سَمعْتُهُن مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَنِى تَمِيمٍ، لا أَزَالُ أُحِبُّهُمْ بَعْدُ.
وَسَاقَ الحَديثَ بِهَذَاًا لمًعْنَى.
غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: (هُمْ اشَدُّ النَّاسِ قِتَالا فِى المَلاَحِم!) وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّجَّالَ*
صدقة طيئ): أى فرحتهم وسرتهم، وضده سواد الوجه عند الحزن والغم بما يكره.
والملاحم: معارك الحرب، وحيث يستلحم الناس، اْى يقتتلون.
(7/562)
كتاب فضائل الصحابة / باب خيار الناس
563
(48) باب خيار الناس
199 - (2526) حدّثنى حَرَمْلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ،
عَنِ ابْنِ شِهَاب، حَدثنِى سَعيُد بْنُ المَسَّيب، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ القهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: "تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، فَخيًارُهُمْ فِى الجًاهَليَّة خيُارهُمْ فِى الإِسْلاَم إِذَا فَقُهُوا، وَتَجدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِى هَذَا الأمْرِ، كرَهُهُمْ لَهُ، َ قَبْلً أنْ يَقَعَ فِيهِ، وتَجِدُونَ مِنْ شِرَارِ الَنَّاسِ ذَا الوَجْهَيْنِ، الَّدِى يَأتِى هَؤلاءِ بِوَجْه وَهَؤلاءِ بِوَجْه).
(... ) حَد، شى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا جَرِير!، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا المُغيرَةُ بْنُ عَبْد الرِّحْمَنِ الحِزَامى، عَنْ أبِى الزنادِ، عَنِ اللْرَخ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: َ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَجِدُونَ الئاسَ
وقوله: (تجدون الناس معادن، فخيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الإسلام إذا فقهوا):
تقدم الكلام عليه، واْصل المعادن الاصول الشريفة، تعقب أمثالها ويسرى كرم اْخلاقها إلى نسلها، ولكن لا خيار فى الإسلام إلا بالتُقى والفقه، ولا فضيلة إلا بخصال الشريعة، لكن من اتفق له ذلك مع أصل فى الجاهلية حميد الأخلاق، شريف الطباع وهو الحسب، كملت فضيلته، وبانت[ مرتبته] (1).
واْما قوله: " إذا فقهوا، بضم القاف، من الفقه، ويقال فيه - أيضا - بكسرها، وأما من الفهم فبالكسر.
وقوله: " وتجدون من خير الناس فى هذا الأمر أكرههم له): فيحتمل أن يريد به الإسلام كما كان من عمر وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبى جهل وسهيل ابن عمرو، وغيرهم من مسلمة الفتح وقبلهم، من عرفت كراهته للإسلام، ثم لما حصل (2) خلص فيه وأحبه، وجاهد فيه حق جهاده.
ويحتمل أنه يريد بالاءمر ها هنا: الولايات والإمارة، كما جاء: (من جاء به من غير مسألة اْعين عليها).
وقوله: " إن إخوتكم ممن طلبه) (3).
وأما قوله فى ذى الوجهن: أنه (من شرار الناس) فكما قال ؛ لاَنه نفاق محض
(1) لى حد: مزيته.
(3) 1 حمد 293 / 4.
(2) فى خط: دخل.
564
(7/563)
كتاب فضائل الصحابة / باب خيارالناس مَعَ النَ لما بِمِثْلِ حَدِيثِ الزّهْرِىِّ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَديثِ أبِى زُرْعَةَ والأعْرَجِ: (تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ فِى هَذَا الشَّأنِ أشَلَّصمْ لَهُ كَرَاهِيَةً حَتى يَقَعَ فِيهِ).
وكذب، ومخادعة.
قال بعضهم: هو الذى يأتى كل طائفة بما يرضيها خيرًا كان أو شرّا ويظهر لكل أحد من اْهل باطل وغيره رضاه لفعلهم وحالهم وهذه هى المداهنة المحرمة.
(7/564)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل نساء قريش
565
(49) باب من فضائل نساء قريش
200 - (2527) حدّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَد، شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابِى الزنادِ، عَنِ الالمحرَجِ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ، وَعَنِ ابْنِ طَاوسُ، عَنْ ابِيه، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ نِسَاء رَكبْنَ الإِبِلَ - قَالَ أَحَلمَا.
صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، وَقَالَ الاَخَر: نِسَاَءُ قُرَيْشٍ - أَحْنَاهُ عًلَى يًتيمٍ فِى صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْج فِى ذَاتِ يَدِهِ).
(... ) حدّثنا عَمْزو الئاقِدُ، حَد، شَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزَناد، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، يَبْلغُ بِه النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، وَابْنُ طَاوسُ عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
غَيْرَ أَئهُ قَالَ: (أرْعَاهُ عَلَى وً لَدٍ فِى صِغَرِهِ) وَلَمْ يَقُلْ: يَتِيمٍ.
201 - (... ) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُس، عَنِ
ابْنِ شِهَاب، حَد 8شِى سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، أَنَ ابَا هُرَيْرةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: " نِسًاءُ قُرَيْشٍ خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ، احْنَاهُ عَلَى طِفْلٍ، وَارْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِى ذَاتِ يَدِه).
قَالً: يَقُوذ أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ بَعِيرًا قَطّ.
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَاِفِعٍ وَعبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِع:
حَد 8شَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا معْمَر، عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّب، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، أَنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) خَطَبَ أُمَّ هَانِئٍ، بِنْتَ أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَتْ: يَارَسُوًا للّهَ، إِنِّى قَدْ كَبِرْتُ،
وقوله: " حْير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد فى صغره، واْرعاه على زوج فى ذات يده): فيه اْن هذه خصال حميدة فى النساء من الحنو على أولادهن، وذلك يقتضى حسن تربيتهم، والرفق بهم، والإحسان والقيام عليهم فى بيتهم، وترك التزويج بعد موت أبيهم، ألا ترى الحديث بعده وقول أم هانئ حين خطبها - عليه الصلاة والسلام - فقالت: (قد كبرت ولى عيال) يشير إلى هذا والله اْعلم، ومراعاة[ ذات] (1) يد زوجها، وذلك يقتضى الحيطة على ماله والأمانة عليه، وحسن تدبيره فى الإنفاق، وصمْة
(1) من خط.
37 / 1
566
(7/565)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل نساءقريش وَلىَ عيَالٌ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ نِسَاء رَكِبْنَ) ثُمَّ ذَكَرُ بِمِثْل حَدِيثِ يُونُسَ.
غَيْرَ انَّهَُ قَالً: (أحْنَأهُ عَلَى وَلَدٍ فِى صِغَرِهِ).
202 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِع: حَد*شًا.
وَقَالَ عَبْد: أخْبَرَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنًِ طَاوس، عَنْ أبيهِ، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ.
ح وَحدثنا مَعْمَز، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّهٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رَسُولُ الَله ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ نِسَاء رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُ نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أحْنَأهُ عَلَى وَلَد فِى صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوخ فِى فَاتً يَدِهِ ".
(... ) حدّثنى أحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيم الأوْدىُّ، حَا شَا خَالِدث يَعْنِى ابْنَ مَخْلَد - حَدَّثنى سُلَيْمَانُ - وَهْوَ ابْنُ بِلاَل - حَدثنِى سُهَيْل عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
بِمِثل حَدِيثِ مَعْمَرٍ! نَا.
سًوَاءً.
مواضعه.
وتخصيصه بقوله: " ركبن الإبل) لهن أن المراد نساء العرب ؛ ولذلك قال أبو هريرة فى الحديث: ا لم تركب مريم بنت عمران بعيرأ قط).
ومعنى " ذات يده): أى ماله، وتقديره على الشىء الذى يملكه.
قال الإمام: " واْحناه على ولد لا يعنى: أشفقه.
قال / الهروى: [ يقال: حنا عليه يحنو، وحنا يحنى وأحنا يحنى: إذا اْشفق عليه وعطف] (1).
قال الهروى فى الحديث: (أنا وسعفاء الخدين الحانية على ولدها كهاتن يوم القيامة) الحانية: التى تقيم على ولدها لا تتزوج، يقال: حنت عليهم، فإن تزوجت فليست بحانية.
(1) فى هامش ح.
(7/566)
كتاب فضائل الصحابة / باب مؤاخاة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بين أصحابه رضى الله عنهم
567
(50) باب مؤاخاة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بين أصحابه رضى اللّه تعالى عنهم
203 - (2528) حدّثنى حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَد*شَا عَبْدُ الصَّمَد، حدثنا حَمَاد! - يَعْنى ابْنَ سَلَمَةَ - عَنْ ثَابت، عَنْ أَنَس ؛ أَنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) اَخَى بًيْنَ أَبى عُبَيْلَةَ بْنِ الجًرَّلِ وَبَيْنَ أَبِى طَلحَةَ.
َ ى
204 - (2529) حدّثنى أبُوُ جَعْفَر مُحَمَّدُ بْنُ الصّبَاح، حَد، شَا حَفْصُ بْنُ غيَاث، حَدثنَا عَاصم الأحْوَلُ، قَالَ: قيلَ لأنَسً بْنِ مَألكٍ: بَلَغَكَ أًنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: "! حِلفَ فِى الَإِسْلاَم ؟ لا.
فَقَالَ أَنَس!: قَدْ حَالَفً رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالأنصَارِ فِى دَ ا رِه.
205 - (... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللّه بْن نُمَيْر، قَالا: حَد*شَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: حَالَفَ رَسُولُ الَلّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَينَ قُرَيْشٍ وَالأنْصَارِ فِى دَارِهِ التى بِ المَدِينَةِ.
206 - (2530) حدّثنا ابُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حدّثَنَا عَبْدُ اللّه بْنُ نُمَيْر وَابُو أُسَامَةَ، عَنْ زَكَرئاءَ عَنْ سَعْد بْنِ إِبْرَاهيمَ، عَنْ ابيه، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطعَمٍ، قَالَ ": قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " لا حِلفً فِى الإِسْلاَم، وَأيُّمَاَ حِلف كَانَ فِى الجَاَهِلِيَّةِ، لَثم يَزِ!هُ الإِسْلاَمُ إِلاَ شِدَّة).
قال القاضى: وذكر مسلم مؤاخاة النبى - عليه الصلاة والسلام - بين الأنصار وقريش وحديث لا حلف فى الإسلام، وأيما حلف كان فى الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة وقوله أنس: (قد حالف رسوله الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين قريش والاَنصار فى داره بالمدينة): قالت الطبرى: لا يجوز الحلف اليوم فى الإسلام.
قالت ابن عباس: نسخ حلف الجاهلية وحلف الإسلام، مؤاخاة الابى - عليه الصلاة والسلابم - بين المهاجرين والَاءنصار، وأنهم كانوا يتوارثون بذلك.
قوله: { وَأولوا الاً رْحَامِ بَعْفحهمْ أَوْلَن بِبَعْض فِي كِتَابِ اللَّهِ} (1) فى رد المواريث إلى القرابات.
وقال الحسن: كان هذا يعنى الموارثة بالحلف.
قيل: إنه الميراث.
ومعنى قوله: دا فلم يزده الإسلام إلا شدة): يعنى فى التناصر وِالتعاون على الحق،
وهو تأويل ابن عباس فى قوله: { وَالًذِينَ عَقَدَتْ اً يْمَانُكمْ فَاَتُوفمْ نَصِيبفمْ} (2) يعنى من النصر والنصيحة، وقيل: هذه الاَية منسوخة بآية المواريث.
(1) 1 لاءحزاب: 6.
(2) 1 لنساء: 33.
568
(7/567)
كتاب فضائل الصحابة / باب بيان أن بقاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْمان...
إلخ
(51) باب بيان أن بقاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمان لأصحابه
وبقاء أصحابه أمان للأمة
207 - (2531! حلّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ! إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَبْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ بْنِ أبَانَ، كُلُّهُمْ عَنْ حُسَيْن.
قَالَ أبُو بَكْر: حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى الجُعْفِىُّ، َ عَنْ مُجَمَّع بْنِ يحيى، عَنْ سَعيد بْنِ "أبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى بُرْ!ةَ عَنْ أبيه، قَالَ: صَلَّيْنَا المَغْرِبَ مَعَ رسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، ثمَّ قُالناَ: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَهُ العشَاًَ.
قَالَ: فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا.
فَقَالَ+ (مَازِلتُمْ هَهُنَا ؟).
قلنْاَ: يَارَسُولَ اللّهِ، صَلًّيْنَا مَعَكَ المَغْرِبَ، ثُمَّ قُلنَا: نَجْلسُ حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَكَ العِشَاََ.
قَالَ: (أَحْسَنْتُمْ - اوْ اصَبْتُمْ).
قَالَ: فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السًّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرا ممَّا يَرْفَعُ رَأسَهُ إِلَى السَّمَاَ.
فَقَالَ: (النُّجُومُ أمَنَة! للِسَّمَاءِ، فَإذَا فَ!بَتِ النُّجُومُ أَتَى السًّمَاَ مَا تُوعَدُ.
وَأنَا أمَنَة! لأَصْحَابى، فَإِذَا فَ!بْتُ أتَى أَصْحَابِىَ مَا يُوعَدُونَ.
وَأَصْحَابِى أمَنَة! لاممتِى، فَإِذَا فَ!بَ أَصْحَابِى أتًى اُمتِى مَا يُوعَدُ!نَ).
وقوله: (النجوم امنة للسماء، فإذا ذهب النجوم أتى السماء ما توعدون): يعنى فى القيامة أنها حينئذ ثلحقها الانفطار والتغيير وهلاَك ساكنها عند تناثر النجوم منها، دانما هذا تمثيل لقوله بعده: " وأنا أَمَنة لاَصحابى، فإذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون لما، يريد من الفق، وارتداد من ارتد بعده من الأعراب وجهلة الناس، واختلاف قلوبهم، وهو ما أنذر به - عليه الصلاة والسلام - بقوله: ا لا ترجعوا بعدى كفارًا) (1)، وقوله: ا لم يزالوا مرتدين على اْعقابهم بعدك) (2) يعنى أهل الردة.
وقوله: (وأصحابى أمنة لأمتى، فإذا ذهب أصحابى أتى اْمتى ما يوعدون): يريد من ظهور البدع، والتخالف، والفق، وطلوع قرن الشيطان، وظهور الروم وغيرهم عليهم، وتخريب المدينة مثله، وغير ذلك مما أنذر به، مما كان أكثره، وما بقى لابد من كونه، فإنه لا يقول إلا حقا، ودلائل بقاياه ظاهرة بينة.
الاءمنة بفتح الهمزة والميم: [ الأمن] (3) والاَمان، [ وهو] (4) بمعنى ضد الخوف.
(1) البخارى، كالعلم، بالإنصات للعلماء1 / 41.
(2) سيأتى إن شاَ الله فى كالجنة، بفناء الدنيا رقم يده).
(3، 4) من خ.
(7/568)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ
(52) باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم
569
08 2 - (2532) حدّثنا أَبُو خَيْثَمَةَ زهُيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضبى - وَاللَّفْظُ لزُهَيْرٍ - قَالا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرًا يُخْبِرُ عَنْ أبِى سَعيد الخُدْرِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (يَأتى عَلَى النَّاسِ زَمَأنٌ، يَغْزُو فِئَام! منَ النَّاسِ، فَيُقًالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ.
ثُمً يَغْزُو فِئَام! مِنَ الناسِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: فِيكُمْ مَنْ رَأً ى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَم، فَيُفْتَحُ لَهُمْ.
ثُمًّ يَغْزُو فئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ رأَى مَنْ صَحِبَ منْ صَحِب رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ).
209 - (... ) حلثّنى سَعيدُ بْنُ يحيى بْنِ سَعِيد ال المَوِىُ، حدثنا أَبِى، حَدثنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِى الزُبيْرِ، عَنْ جًابِرٍ، قَالَ: زَعَمَ أَبُو سًعِيدٍ الخُدْرِىُّ قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ): " يَأتِى عَلَى التاسِ زَمَأن!، يُبْعَثُ مِنْهُمُ البَعْثُ، فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا هَلْ تَجدُونَ فِيكُم أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيُوَجَدُ الرَّجُلُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِه.
ثُمَّ يُبْعَثُ البَعْثُ الثَّانِى، فَيَقُولُونَ: هَلْ فِيهِمْ مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيُفْتَحَُ لَهُمْ بِه.
ثُمْ يُبْعَثُ البَعْثُ الثَّالثُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِبهِمْ مَنْ رَأَى مَنْ رَأَى أَصْحَابَ النًّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ ثُمَّ يَكُونُ البَعثُ الرَّابِعُ، فَيُقَالُ: انْظُرُوا هَلْ تَرَوْنَ فِيهِمْ أَحَدًا رَأَى مَنْ رَأَى احًدًا رَاى اصْحَابَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَيُوجَدُ الرَّجُلُ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ بِهِ).
0 1 2 - (533 2) حدظّناقثَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَهَتادُ بْنُ السَّرِىِّ، قَالا: حدثنا أبُو الاحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيًدَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلمَانِىِّ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ،
وقوله: (يأتى على الناس زمان يغزو فئام من الناس دا مهموز ويسهل وفى المهموز ذكره
غير واحد، وذكره صاحب العين فى حرف الياء فى غير المهموز، وهو بكسر الفاء، هذا المشهور، وفتحها بعضهم، حكاه الخليل.
ولا تشدد الياء عند من سهلها، ومعناه: جماعة.
قال[ ثابت، (1) بن قاسم: هو مأخوذ من القيام كالقطعة من الشىء.
(1) من خط.
570
(7/569)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ قَالَ: قَاَل رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ امَّتِى القَرْنُ الَّذِينَ يَلُونِى، ثُمَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ قًوْم!تَسْبِقُ شَهَالحَةُ أَحَدهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ) لَمْ يَذْكُرْ هَتاد القًرْنَ فِى حَدِيثِهِ.
وَقَالَ قتَيْبَةُ: (ثُمَّ يَجِىء أَقْوَائمَ).
211 - (... ) حلّثنا عُثْمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ - قَالَ اِسْحقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ عُثْمَانُ: حَدثنَا - جَرِير!، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبيلَةَ، عَنْ عَبْدِ اللّه قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): اىُّ التاسِ خَيْر ؟ قَالَ: (قَرْنِى، ثُمَّ اَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْئم تَبْدُرُ شَهَ الةُ أَحَلِصمْ يَمِينَهُ، وَتَبْدُرُ يَمِينُهُ شَهَادَتَه).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَنْهوْنَنَا، وَنَحْنُ غِلمَان!، عَنِ العَهْدِ وَالشَّهَادَاتِ.
(... ) وحلّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حَدقنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدّثنَا
، 5 ص، ص ص ممص، ص ص، 5، ! ص ه، ص 2ً ص ص يهرصء ص ه صء ص صكر شعبة.
ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشارٍ، قالا: حدثنا عبد الرحمنِ، حدثنا سُفْيَانُ، كِلاَهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، بإسْنَاد أَبى الأحْوَصِ وَجَرِير، بمَعْنَى حَديثهِمَا.
وَلَيْسَ فِى حَدِيثهِمَا: سُئِلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
ً !
212 - (... ) وحدّثنى الحَسَنُ بْنَ عَلِىٍّ الحُلوَانِىُّ، حَا شَا أزْهَر بْنُ سَعْد السَّمَّانُ،
عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهيمَ، عَنْ عَبيلَةَ، عَنْ عَبْد الله، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَ اتَنِينَ يَلُونهُمْ، ثُمَّ الًّذِينَ يَلُونَهُمْ)، فَلَا أَدْرِى فِى الثَّالِثِةِ أوْ فِى الرَّابِعَةِ قَالَ: (ثُمَ يَتَخَلَفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَل!، تَسْبقُ شَهَ الةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِيَنُهُ شَهَادَتَهُ لما.
وقوله: " خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم " الحديث، قد تقدم الكلام على هذا
[ قبل] (1).
وعقيدة جمهور العلماء: أن من راة - عليه الصلاة والسلام - وكان فى عداد أصحابه ففد حصل فضيلةً لا يدركها أفضل كل من يأتى بعده.
واختلف الناس فى القرن ما هو ؟ وما المراد بقرنى هنا ؟ فقال المغيرة: قرنه: أصحابه، والذى يليه: [ أبناؤه] (2) والثالث: أبناء أبنائهم.
وقال شمر: قرنه: ما بقيت نفس رأته
(1) ساقطة من ح.
(2) في خط وا لاءبى: أبناؤهم.
(7/570)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ 571 213 - (2534) حدّثنى يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أبِى بِشْر.
ح وَحَدثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْر، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شَقِيق، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (خَيْرُ أُمَّتِى القًرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ، ثُمَ ائَذِينَ يَلُونَهُمْ)، وَاللهُ أعلَمُ اذَكَرَ الثَّالَثَ أَمْ لا ؟ قَالَ: (ثُمَ يَخْلُفُ قَوْمٌ يُحِبونَ السئَمَانَةَ، يَشْهَدُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْثَشْهَدُوا).
والئانى: ما بقيت نفس رأت من راَه، ثم كذلك.
وقال غير واحد: / القرن: كل طبقتين مقترنتيئ فى وقت.
وقيل ذلك لاءهل كل مدة بعث فيها نبى طالت اْو قصرت.
واشتقاقه من ا لا قتران.
واختلف فى لفظ " القرن "، وذكر فيه الحربى الاختلاف من عشر سنين إلى مائة وعشرين، ثم قال: وليس منه شىء واضح.
وأربى القرن: كل أمة هلكت فلم يبق منها أحد.
والحسن وغيره يقول: القرن عشر سنين.
وقتاثة يقول: سبعون، ونحوه عن على ابن أبى طالب.
وغيرهما يقول: ستون.
وعن زرارة بن أوفى: فهو مائة وعشرون سنة، وقيل: ثمانون، وقيل: أربعون، وهو قول النخعى، وحكى هذان القولان أيضا عن الحسن.
وقيل: مائة سنة، وذكر عن عبد الملك بن عمير وقال ابن الاَعرابى: القرن الوقت من الزمان.
قال غيره: لأنه يقرن أمة بأمة.
وفوله: (ثم يتخلف بعدهم خلف)، وفى الرواية الأخرى: " يخلف): أى يأتون بعدهم.
والخلف ة ما صار عوضا عن غيره، بفتحِ اللام فى الخير والشر، وأما بسكون اللام ففى الشر خاصة، قال الله تعالى: { فَخَلَف مِنْ بَعْلِ!مْ خَلْفٌ } (1) وقد قيل فيهما بالوجهن أيضا.
وقوله: " تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته ": اى تسبق[ كما] (2) جاء
فى الحديث الاَخر.
احتج به من يبطل الشهادة إذا حلف معها، وهو الذى فى كتاب ابن شعبان، ولا يعرف فى غيره.
والجمهور على أن ذلك غير ق الحِ فيها، وهو قول مالك وسائر من يروى عنه العلم، وقد قال تعالى: { أَحَقٌّ هوَ قُلْ إِي وربِّي} (3)، ومثل هذا كثير فى القرآن والحديمف.
وأما قوله فى الحديث الاَخر: " يحبون الشهادة،، ويروى: " السمانة " وكلاهما صحيح، فقد جاء الوصفان فى الحديث.
وقوله: " يفشو فيهم السمن "، وقوله: " يشهدون قبل أن يستشهدوا ": احتج به من
(1) مريم: 59.
(2) فى هامش خط.
(3) يونس: 53.
37 / ب
572
(7/571)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ (... ) خدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدثنَا مُحمَّدُ بْنُ جَعْفَر.
ح وَحَدهَّشِى أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِع، حَدثنَا غُثدَر!، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنِى حَخاج بْنُ الشَّاعِرِ، حَدثنَا أبُو الوَلِيدِ، حَا شَا أَبُو عَوَانَةَ، كلاهُمَا عَنْ أبِى بشْر، بهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَنَّ فِى حَلِيثِ شُعْبَةَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَاَ الرِى مَرتيْنِ او ثَلاَثَة.
قال بقول ابن شبرمة فى مغ هذه الشهادة على الإقرار حتى يشهده المقر، والجمهور على خلافه وأنه متى استوفى الكلام من إقرار وغيره فى دين أو طلاق[ أو حرابة] (1) شهد به.
وهو معنى ما وقع فى المدونة، دإليه يرجع كلام مالك وابن القاسم، ويفسر بعضه بعضا، ! إن كان بعضهم اْراد تخريج خلاف منه على ظاهره، وقوله فى قوله الأول، وله تأويل قد بسطناه فى تعليقنا على المدونة، وأما ظاهره فى ذم شهادة من لا يستشهد ولم يطلب منه الشهادة، فحمله قوم على ظاهره وقالوا: فعل ذلك مذموم، والجمهور على خلافه، وأنه محمود، وأن معناها فى هذا الحديث: أن يشهد شهادة زور كاذثا[ ويحلف كاذبا] (2)، ألا تراه كيف قال: (ويفشو فيهم الكذب) (3) ؟ وقيل ت يحتمل أن تكون هذه الشهادة قبل سؤالها المذمومة فى الحدود، ورفع الشاهد ذلك من قبل نفسه إلى الإمام ؛ إذ ليس فيه حق لمسلم، يانما فيه حق لله تعالى، وقد أمر الله تعالى بستر المسلم عورة أخيه، وألا ينتهك حرمته، وقد جاء فى الصحيح: (خير الشهود الذى يأتى بشهادته قبل اْن يسألها) (4)، وفسره مالك بالرجل يكون عنده الشهادة فى الحق تكون للرجل لا يعلمها، فيخبره بها ويرفعها إلى السلطان.
قال الطحاوى - رحمه الله تعالى -: والأولى بنا أن نحمل الأحاديث على هذا الثأويل حتى لا يتضاد ولا يختلف.
وقد قيل: معنى " يشهدون ولا يستشهدون): أنها من شهادة اليمن بمعنى قوله فى الرواية الأخرى: (يحلفون ولا يستحلفون).
وقد جاء فى[ تفسير] (5) الحديث: [ قال إبراهيم] (6): (وكانوا ينهونا ونحن غلمان عن العهد والشهادات)، وفى البخارى: (كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد).
وفى الرواية الأخرى: (اْن يحلف بالشهادة والعهد دا قالوا: معناها: الحلف بعهد الله ويشهد بالله.
(1) فماح: أو غير ذلك.
(2) فى هامش ح.
(3) الترمذق، كالفق، بما جاء فى لزوم الجماعة 4 / 404.
(4) الموطأ، كالأقضية، بما جاء فى الشهاثات 2 / 720.
(5) فى ز: نفس، والمثبت من ح.
(6) فما هامسْ خ.
(7/572)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ 573 214 - (2535) حلّفنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَاثنُ بَشَار، جَمِيعًا عَنْ غُنْدَر.
قَالَ ابْنُ المُثَنّى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَد*شَا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ "أبَا جَمْرَةَ، حَدثَّنِى زَهْدَمُ بْنُ مُضَرِّب، سَمعْتُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْني يُحدِّثُ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: " إن خَيْرَكُمْ قَرْنِى، ثمَّ "الَّذينً يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَ الَّذينَ يَلُونَهُمْ).
قَالَ عِمْرَانُ: فَلا ادْرِى اقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بَعْدَ قَرْنِهِ مَرَ"ديْنِ اوْ ثَلاَثَة ؟ (ثُمًّ يَكُونُ بَعْلَصمْ
قال بعضهم: فدل أن الشهادة المذمِومة هى المحلوف بها، التى يجعلها الإنسان عادته،
كما قال تعالى: { وَلا تَجْعَلُوا اللَهَ عُرْضَةَ لأَيْمَانِكُمْ} (1) ؟ ولاءن المجن دار واوو الة من مغلظ الأيمان.
قالوا: لأن فى " اشهد بالله) مقتضى القطع والعلم بما حلف عليه، والعهد لا يقدر أحد على التزامه، والقيام به.
والشهادة تأتى بمعنى اليمن، ومنه قوله تعالى: { فَشَهَادَةُ اَحَدمْ أَرْبَعُ شَهَادَات بِاللَّهِ}
الاية (2).
وقيل: معناه: أن يحلف إذا شهدت إذا عاهد.
و (عهد الله " يمين عند مالك وأبى حنيفة والأوزاعى، نوى بها اليميئ أم لا، وليست
عند جماعة من السلف من التابعن يمين، إلا أن ينوى بها اليمن وهو قول الشافعى وأبى ثور وأبى عبجد.
وأما (أشهد بالله) فهى عند مالك يمين، وقال الشافعى: ليست بيمين إلا أن ينوى بها اليمن، وعنه - أيضا - إذا قال: " أشهد) فإن لم يقل: " بالله) فهى يمين، وهو قول النخعى والثورى وأبى[ حنيفة] (3).
وكذلك عند جميعهم (أحلف، دإن لم يقل: (بالله "، ومالك لا يرى " أشهد)
يمينا حمى يقول: (بالله)، وكذلك (أقسم).
ويقول فى " أحلف وأعزم ": إنه إن أراد بها (بالله " فهى يميئ.
واختلف[ عنه] (4) فى (أعزم " فى كتاب ابن جويز منداد، وفى (أقسم وأحلف) فى كتاب ابن شعبان.
وفى قوله: " ويفشو فيهم السمن، ويحبون السمانة" (5) قالوا: دليل على حرص هؤلاء على الدنيا والتنعم فيها، ومحبة الاكل والشهوات.
(1) 1 لبقرة: 224.
(2) 1 لنور: 6.
(3) دى ز رمز لها بحرف ح، وأئبتناها من ح هكذا.
(4) ساقطة من ح.
(5) الترمذى، كالفتن، بما جاء فى القرن الثالث 4 / 334 رقم (2222).
574
(7/573)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ قَوْئم يَشْهَدُونَ وَلا يُسْتَشْهَدُونَ، وَيَخُونُونَ وَلا يُتَّمَنُونَ، وَيِنْنِرُونَ وَلا يُوفُونَ، وَيَظهَرُ فِيهِمُ السِّمَنُ).
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حَدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ
بِشْرٍ العَبْدِى، حَا شَا بَهْز.
ح وَحَدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا شَبَابَةُ، كُلهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَفِى حَدِيثِهِمْ: قَالَ: لا أن رِى أذَكَرَ بَعْدَ قَرْنِهِ قَرْنَيْنِ أوْ ثَلاًثة ؟ وَفِى حَديِثِ شَبَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ زَهْدَمَ بْنَ مُضَرِّبٍ، وَجَاءَنِى فِى جَاجَةٍ عَلَى فَرَس فَحَدثنِى أئهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ.
وَفِى حَدِيثِ يَحْيَى وَشَبَابَةَ: (يَنْنُرُونَ وَلا يَفُونَ).
وَفِى حَلِيثِ بهز: " يُوفُونَ) كَمَا قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ.
215 - (... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْد المَلك الأمَو!، قَالا: حَدثنَا صوص ص ص ص ص ص عر، ص يروه و، َ ه، ص ص صَ ص محَرَ، ص، هَ، ص ص يهص أبو عوانة.
ح وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشارٍ، قالا: حدثنا معاذ بن هِشامٍ، حدثنا أَبِى، كلاهُمَا عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن، عَنِ النبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) بَهَذَا الحًل!يثِ: (خَيْرُ هَنِهِ الأمَّةِ القَرْنُ الَّذِينَ بُعِثْتُ فيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ).
زَادَ فِى حَدِيثِ ابِى عَوَانَةَ قَالَ: وَاللّهُ اعْلَمُ، اذَكَرَ الثَّالِثَ امْ لا ؟ بِمِثْلِ حَلِيثِ زَهْدَمٍ عَنْ عِمْرَانَ.
!زَادَ فِى حَديثِ هِشَابم عَنْ قَتَ الةَ: (وَيَحْلِفُونَ وَلا يُسْتَحْلَفُونَ لما.
وقوله: (وينذرون ولا يوفون): دليل على وجوب الوفاء بالنذر ولزومه، وذم من لم يفعل ذلك.
وقوله فى الرواية الأخرى: (يفون لما صحيحان، يقال: وَفَّى وأوفى - وفى هذا الحديث كله دليل وعلم على نبوته - عليه الصلاة والسلام - لوجود ما قاله عيانا.
وقوله فى سند هذا من طريق ابن ابى شيبة وابن مثنى وابن يسار: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا جمرة قال: حدثنا زهدم بن مضرب (1)، كذا ضبطناه بالجيم والراَ، وجاَ فى بعض النسخ عن ابن الحذاَ بالحاَ المهملة، وهو وهم، والصواب الأول.
وهو أبو جمرة نصر بن عمران الضبعى.
(1) هو أبو مسلم زهدم بن مضرب الأزدى الجرمى، البصرى، روى عن ابما موسى وعمران بن حصتين وابن عباس، وعنه أبو قلابة والقاسم بن عاصم وأبو السليل وغيرهم، وثقه العجلى، وذكره ابن حبان فى الئقات.
التهذب 3 / 341.
(7/574)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل الصحابة ثم...
إلخ 575 6 1 2 - (2536) حدثّنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَشُجَاعُ بْنُ مَخْلَد - وَاللَّفَظُ لأبِى
بَكْرٍ - قَالا: حدثنا حُسَيْنٌ - وَهُوَ ابْنُ عَلِىٍّ الجُعْفِىُّ - عَنْ زَائدةَ، "لَنِ السئُدى، عَنْ عَبْد اللّه البَهِىّ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَالَ رَجُلٌ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ): اىُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَ: (القَرْنُ اَلَّذِى أَنَا فِيهِ، ثُمَّ الثَّانِى، ثُمَّ الثَّالِثُ).
وقوله فى الباب: عن السدى، عن عبد اللّه البهى (1) عن عائشة.
هذا السند مما استدركه الدارقطنى (2) على مسلم وغيره فى إدخاله، قال: د نما روى البهى عن عروة عن عائشة.
قال القاضى: قد صححوا روايته عن عائشة وفاطمة بنت قيس، وقد ذكر البخارى (3) روايته عن عائشة، واسمه عبد الله مولى مصعب بن الزبير، واسم أبيه يسار يكنى اْبا محمد، وقيل: مولى الزبير، ونزل الكوفة.
(1) فى ز: اليمنى، والمئبت من ح.
(2) انظر: الإلزامات والتتبع ص ه 37 رقم (215).
(3) التاريخ الكبير 5 / 56.
576
(7/575)
كتاب فضائل الصحابة / باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ):، لا تاْتى مالْة...
إلخ)
(53) باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تأتى مائة سنة وعلى الأرض
38 / ب
نفس منفوسة اليوم)
7 1 2 - (537 2) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَد*شَا.
وَقَالَ عَبْد: أخْبَرَنَا - عَبْدُ الرَّرأقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنً الزُّهْرِىِّ، أخْبَرَنِى سَألمُ اثنُ عَبْد اللّه وَأبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ ؛ أنَّ عَبْدَ اللّه بْنَ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى بنَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ذَاتَ لَيْلًة صلاَةَ العِشَاءِ، فِى آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سًلَّمَ قَامَ فَقَالَ: (أرَأَيْتًكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَنِ! ؟ فَإِنَ عَلَىً رَأسِ مَائَةَ سَنَةٍ مِنْهَا لا يَثقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ أحَد).
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَهَلَ النَّاسُ فِى مَقَالَةِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تلكَ، فيَما يَتَحَدن مِنْ هَنِه الأحَ اليثِ، عَنْ مِائَةِ سَنَة.
صإِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللّهَِ ( صلى الله عليه وسلم ): لا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ أحَد، يُرِيدُ بِذَلَكً أَنْ يَنْخَرِمَ ذَلِكَ القَرْنُ.
(... ) حدمّثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أخْبَرَنَا أبُو اليَمَان، أخْبَرَنَا شُعَيْمث.
وَرَوَاهُ اللَّيْثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ.
كِلاَهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ.
بإِسْنَادِ مَعْمَر.
وقوله: (أرأيتكم هذه، فإن على رأس مائة لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد) ت تفسيره فِى الحديث، أى ممن هو اليوم حى، وهو معنى الحديث الاخر: " ما على الأرض من نفس منفوسة) اْى مولوثة ياْتى عليها مائة سنة، وبينه قوله فى الحديث الآخر: (ما من نفس منفوسة اليوم)، وفسرها بقصر العمر، وكل نفس مخلوقة / يومئذ.
وقوله فى الباب: ورواه الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، من جملة مقطوعات مسلم الأربعة عشر، وقد نبه عليها الإمام ابو عبد الله فى هذا الموضع.
قال القاضى: وأما قوله فى الباب بعد هذا بأثر حديث عمر بن حبيب، ثم قال: وعن
عبد الرحمن صاحب السقايا عن جابر بن عبد الله عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمثل ذلك، وليس بمقطوع، !كنما هو معطوف على قول معتمر بن سليمان التميمى: سمعت أبى قال: حدثناه واْبو نضرة، ثم قال بعد تمام الحديث: وعن عبد الرحمن قائله.
سليمان التميمى والد معتمر بسنده قبل.
وقوله: (فوهل الناس "، قأل الإمام: وَهَل بفتح الهاء يهل وهلا، مثل ضرب يضرب ضربا.
ومعناه: غلط.
وأيضا: الوَهْل بإسكان الهاء: أن يذهب وهمك إلى الشىء،
(7/576)
كتاب فضائل الصحابة / باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا تأتى مائة...
إلخ)
577
كَمِثْلِ حَدِيثِهِ.
8 1 2 - (538 2) حدّثثى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللّه وَحَجَّاجُ بْنُ الث!ثَاعِرِ، قَالا: حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَد، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْج: أخْبَرَنِى أَبُو الزُبيْرِ ؛ أَئهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّه يَقُولُ: سَمعْتُ اً لئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِشَهْر -: (تَسْألُونِى عَنِ السئَاعَة ؟ وَإِئمَا عِلمُهًا عِنْدَ الفهِ.
وَأُقْسِمُ بِاللّهِ، مَا عَلَى الأرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَة تَأتِى عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَة".
(... ) حَلَّثَنِيه مُحَمَدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدءَّننَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُر: قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ.
(... ) حدّثنى يحيى بْنُ حَبيب وَمُحَمْدُ بْنُ عبْدِ الأعْلَى، كلاَهُمَا عَنِ المُعْتَمِرِ.
قَالَ
ابْنُ حَبيب: حدثنا مُعْتَمرُ بْنُ سُلَيْمَاًنَ.
قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى، حَدَثنَا أبُو نَضْرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الثبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ة (مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ اليَوْمَ، تَأتِى عَلَيْهَا مائَةُ سَنَةٍ، وَهْىَ حَيَّة يَوْمَئِذٍ ).
وَعَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ صَاحِبِ السِّقَايَة، عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْد اللّه، عَنِ النَبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بمثْلِ ذَلِكَ.
وَفَسَّرَهًا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: نَقْصُ العُمُرِ.
ًً
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَيْمىُّ بِالإِسْنَ اليْنِ جَمِيغا، مِثْلَهُ.
9 1 2 - (2539) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبُو خَالِد، عَنْ دَاوُدَ - واللَّفظُ لَهُ.
ح وَحَدَئمنَا ابُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ، عًنْ دَاوُدَ، عَنْ ابِى نَضْرَةَ، عَنْ أَبى سَعِيد.
قَالَ: لَمًّا رَجَعَ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ تَبُوكَ، سَأَلُوهُ عَنِ السَّاعَةِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاً تَأتِى مِائَة سَنَةٍ، وَعَلَى الأرْضِ نَفْسر مَنْفُوسَة اليَوْمَ).
وليس كذلك.
وأما وَهلت بكسر الهاء أوهل وهلا، على مثال حذرت أحذر حذرًا فمعناه: فزعت، قال: والوَهَلَ بفتح الهاء: الفزع.
قال القاصْى: ويقال فى الغلظ أيضا: وهِل بالكسر، 1 وقيدناه فى المصنف على اْبى
578
(7/577)
كتاب فضائل الصحابة / باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ): الاتاتى مائة...
إلخ) 0 22 - (2538) حلّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا أَبُو الوَلِيد، أَخْبَرنَا أبُو عَوَانَفَ
عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: قَالَ نَبِىُّ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَأ مِنْ نَفسٍ مَنْفُوسَفٍ تَبْلغْ مِأئَةَ سَنَةٍ ).
فَقَالَ سَالِم: تَذَاكَرْنَا ذَلِكَءِنْدَهُ.
إِنَّمَا هِىَ كُلُّ نَفْسبى مَخْلُوقَة يَوْمَئِذ.
الحسن (وهل) إذا ذهب وهمه إلى الثىء بالكسر] (1)، وقيدناه عليه فى غير المصنف بالفتح.
(1) فى هامش !.
(7/578)
كئاب فضائل الصحابة / باب تحريم سب الصحابة رضى الله عنهم
579
(54) باب تحريم سب الصحابة رضى اللّه عنهم
221 - (2545) حلّثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِىُّ وَابُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ - قَالَ يحيى: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَد"شَا - ابُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِح، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ كله: ا لا تَسُبُّوا اصْحَابِى، لا تَسُئوا أَصْحَابِى.
فَوَالَّدِى نفْسى بِيَدِهِ، لَوْ أنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُد ذَهَبا، مَا أَ!ركَ مُذَ أحَلِصمْ، وَلانَصِيفَهُ ".
قال الإمام: وخرج مسلم فى الفضائل أيضا: حدثنا يحيى بن يحيى واْبو بكر بن اْبى
شبجة ومحمد بن العلاَ، كلهم عن أبى معاوية، عن الا"عمش، عن اْبى صالح، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تسبوا أصحابى " الحديث[ هكذا] (1)، قال مسلم فى إسناده هذا الحديث عن شيوخه عن أبى هريرة، قال أبو مسعود الدمشقى، هذا وهم، والصواب: من حديث اْبى معاوية عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى، لا عن أبى هريرة، وكذلك رواه يحيى بن يحيى وابو بكر بن أبى شيبة وأبو كريب.
وسثل الدارقطنى عن إسناد هذا الحديث فقال: يرويه الأعمش، واختلف عنه، فرواه
زيد بن أبى انيس، عن الا"عمش، عن أبى صالح، عن أبى هريرة.
[ قال أبو مسعود عن أبى داود، عن سعيد، عن الاَعمش، عن ابى صالح، عن أبى هريرة] (2) كذلك اْيضا واختلف على أبى عوانة، فرواه أ عفان ويحيى بن حمادة عن أبى عوانة] (3) عن الأعمش، وأبو كامل وشيبان عن أبى عوانة فقالوا عن اْبى هريرة وأبى سعيد، وكذلك قال نصر بن على عن أبى (4) داود الحربى عن الاَعمش.
وقال مسدد عن الحربى عن أبى سعيد وحده بغير شك، وهو الصواب عن الا"عمش، ورواه زائدة عن عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة.
والصحيح عن أ اْبى صالح] (5) عن أبى سعيد.
قال القاضى: كان فى النسخ من المعلم فى بعض ما ذكر تغيير حياته على نصه من موضع نقله من كتاب ائى على الجيانى وأصلحناه.
قال الإمام قوله - عليه الصلاة والسلام -: " ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه):
(1) فى هامش خط.
(2، 3) من هام!خ!.
(5) سقط من ز، والمئبت من ح.
(4) فى خط: ابن.
39 / َ ا
580
(7/579)
كتاب فضائل الصحابة / باب تحريم سب الصحابة رضى الله عنهم 222 - (2541) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ ابِى شَيْبَةَ، حَد"ننَا جَرِيرو، عَنِ الاعْمَشِ، عَنْ
أَبِى صَالِح، عَنْ أَبِى سَعيدٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالد بْن الوَديدِ وَبَيْنَ عُبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف شَىءٌ، فَسَبَّهُ خَالِدٌ.
فَتَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لَاَ تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ اصْحَابِى، فَإِنَّ احَدَكُم
العرب تسمى النصف النصيف، كما قالوا فى العشر عشير، وفى الخمس: خميس، وفى الثمن: ثمين، وفى التسع: تسيع.
قال أبو زيد والاءصمعى: قال أبو عبيد: واختلفوا فى السبع والسدس والربع، فمنهم من يقول: [ سبع وسدس] (1) وربغ.
ومنهم من لا يقول ذلك، ولا أسمع أحدًا منهم يقول فى الثلث شيئا.
قال القاضى: يقال: نِصْف ونُصْف ونَصف ونصيف، ومعناه: نصيفه، أى نصف
مدة المذكور فى الصدقة، أى أجرهم هم مضاعف / لمكانهم من الصحبة، حتى لا يوازى إنفاق مثل أحد ذهبا صدقة اْحدهم بنصف مد، وما بين هذا التقدير لا يحصى.
وهذا يقتضى ما قدمناه من قول جمهور الامة من تفضيلهم على من سواهم بتضعيف أجورهم ؛ ولاَن اتفاقهم كان فى وقت الحاجة والضرورة دإقامة الأمر وبدَ الإسلام،، دايثار النفس، وقلة ذات اليد ونفقة غيرهم بعد الاستغناَ عن كثير منها مع سعة الحال، وكثرة ذات اليد ؛ ولأن انفافهم كان فى نصرة ذات النبى - عليه الصلاة والسلام - وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذلك جهادهم وأعمالهم كلها، وقد قال تحالى: { لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ من قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئكَ أَغظَمُ} الاَية (2).
هذا فرق ما فيهم أنفسهم من الفضل وبينهم من البون، فكيف لمن يأتى بعدهم ؟ فإن فضيلة الصحبة واللقاء ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا ينال درجتها شىء، والفضائل لا تؤخذ!ياس، { ذَلِكَ فَفلُ اللَّهِ يُؤْتِيلىِ مَن يَتنَاءُ} (3).
وقد ذهب بعض أصحاب الحديث والنظر إلى هذا كله فى خاصة أصحابه، وجوز هذه الفضيلة لمن أنفق معه وقاتل، وهاجر، ونصر، لا لمن زاره مرة ولقيه مرة من القبائل أو صحبه اَخر مرة وبعد فتح مكة، واستقرار الإسلام ممن لم يقر بهجرة ولا حض بنصرة ولا اشتهر بمقام محمود فى الدين، ولا عرف باستقلال بأمر من أمور الشريعة ومنفعة المسلمين والقول الأول لظاهر الاَثار أظهر، وعليه الاكثر.
وسب اْصحاب النبى - عليه السلام - وتنقصهم أو أحد منهم من الكبائر المحرمة، وقد
لعن النبى - عليه الصلاة والسلام - فاعل ذلك، وذكر اْنه من آذاه واَذى الله فإنه لا يقبل منه صرف ولا عدل.
واختلف العلماء: ما يجب عليه ؟ فعند مالك ومشهور مذهبه إنما فيه
(1) فماح: سبيع وسديس.
(3) الحديد: 21.
(2) الحديد: 10.
(7/580)
كتاب فضائل الصحابة / باب تحريم سب الصحابة رضى الله عنهم 581 لَوْ انْفَقَ مِثْلَ أُحُدِ فَ!حا، مَا أَدْرَكَ مُذَ أَحَلِصمْ وَلا نَصِيفَهُ لما.
(... ) حدّثنا أَبُو سَعيد الأشَجُّ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَد*شًا وَكِيع، عَنِ الأعْمَشِ.
ح وَحَدثنَا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَد"نَنَا ابِى.
ح وَحدثنا ابْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ، جَمِيغا عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، بإِسْنَادِ جَرِيرٍ وَأَبِى مُعَاوِيَةَ.
بمثْلِ حَدِيثهِمَا.
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ شُعْبَةَ وَوَكِيعٍ ذِكْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وخَالِدِ بْنِ الوَلَيَدِ.
الاجتهاد بقدر قوله والمقول فيه[ قال] (1): وليس له فى الفىء حق، وأما من قال فيهم: إنهم كانوا على ضلالة وكفر، وحكى عن سحنون مثل هذا فيمن قاله فى الأئمة الأربعهَ، !ال: وينكل فى غيرهم.
وحكى عنه: يقتل فى الجميع لقول مالك.
أ) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
582
(7/581)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويس القرنى رضى الله عنه
(55) باب من فضائل أويس القرنى رضى اللّه عنه 223 ط 2542) حلّطنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا هَاشِمُ بْنُ القَاسِم، حدثنا سُلَيْمَانُ
ابْنُ المُغِيرَةِ، حَا شِى سَعِيدٌ الجُرَيْرِىُ، عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ اسَيْرِ بْنِ جَابِر ؛ أَنَّ أَهْلَ الكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ، وَفِيهمْ رَجُلٌ ممِنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأوَيْسٍ.
فَقَالَ عُمَرَ: هَلْ هَهُنَا أَحَدٌ مِنَ القَرَنِيِّينَ ؟ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ.
فَقَالَ عُمَرُ: إِن رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ قَالَ: (إِنَّ رَجُلأ يَأتيكُمْ مِنَ اليَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، لا يَدَعُ بِاليَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ، قَدْ كَان به بَيَاضٌ، فَدَعَا اللّهً فَأَف!بَهُ عَنْهُ، إِلا مَوْضِعَ اللئنَارِ أَوِ الدّرْهَم، فَمَنْ لَقِبَهُ مِنْكُمْ فَليَسْتَغْفِر لًكُمْ لما.
224 - (... ) حلّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قَالا: حَاشَا عَفَّانُ بْنُ
قصة أويس القرنى هى من أعلام نبوته - عليه الصلاة والسلام - دإخباره عنه بما وجد
ذكر مسلم فى نسبه فى الحديث: أويس بن عامر.
قال الاَمير اْبو نصر: ويقال: ابن عمرو، قال غيره: ويكنى بأبى عمر، وقتل بصفين.
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام - للصحابة: " فمن لقيه منكم فليستغفر
[ لكم] (1)): يحتج به من ذكرناه من أهل (2) الحديث والنظر إلى أن فى التابعيئ والقرن الثانى من يفضل بعض من فى القرن الأول.
وقوله ت (أكون فى غبراء الناس): كذا قيدناه عن شيوخنا بفتح الغين المعجمة، وسكون الباء الموحدة ممدودة، ومعناه: ضعفاؤهم وأخلاطهم ومن لا يؤبه به منهم، يقال للفقراء: بنى غبرا، وغثرا بالناس أيضا مثلثة مثله عامتهم وجهلتهم.
والغثرة والغبرة واحد بمعنى الجهالة.
ورواه بعض[ من] (3) رواة مسلم: دا غبر للناس) بضم الغين وتشديد الباء الموحدة أى بقاياهم.
، والاءول أوجه وأصح معنى.
وقال أبو على القالى: غبراء الناس: الصعاليك.
قال الإمام: و" قرن) بفتح القاف والراء ة حى من مراد، وهو قرن بن رومان بن ناجية بن مراد.
قال الكلبى: ومراد اسم لجابر بن مالك بن أرد بن محب بن يعرب بن زيد
(1) كذا فى ح والحديث المطبوع، اْما فى ز: له.
(س) من خط.
(2) ! ما خط: أصحاب.
(7/582)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويس القرنى رضى الله عنه 583 مُسْلِمٍ، حَدّثنَا حَمَّادٌ - وَهْوَ ابْنُ سَلَمَةَ - عَنْ سَعِيد الجُرَيْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَاد، عَنْ عُمَرَ ابن الخَالابِ قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُوًلُ: (إنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رً جُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ، وَلَهُ وَالِلَةٌ، وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ، فَمُرُوهُ فَليَسْتَغْفِرْ لَكُمْ).
225 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيم الحَنْظَلِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدّثنَا - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنّى - حدثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدثَّنِى أَبِى، عَنْ قَتَالمحقَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ اسَيْرِ بْنِ جَابِر، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ اهْلِ اليمَنِ، سَالَهُم: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْن عَامرٍ ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ.
فَقَالَ: أَنْتَ أوَيْسُ بْنُ عَامِر ؟ قَالَ: نَعمْ.
قَالَ: مِنْ مُرَاد ثُمًّ مِنْ قَرَلط ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَانَ بكَ بَرَصٌ فَبَرِ! منْهُ إِلا مَوْضِعَ درْهَبم ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: لَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ: نْعَمْ.
قَالَ: َ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: َ (يَأتِى عَلَيْكُمْ أوَشْ! بْنُ عَامِرٍ مَعَ أَمْدَاد أَهْل اليَمَؤمِنْ مُرَاد، ثُمَّ مِنْ قَرَن، كَانَ به بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ درْهَمٍ، لَهُ وَاِلِلًةٌ هُوَ بِهَا بَرّ، لَوْ أَقْسًمَ عَلَى اللّه لًابهَرَّهُ، فًإنَ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فًافْعَلْ " فَاسْتغْفِرْ لِى.
فَاسْتَغْفَرَ لَهُ.
ابن كهلان بن سبأ.
قال القاصْى: وقوله: " وفيهم رجل ممن كان / يسخر بأويس ": اى يستحقره ويستهزئ 39 / ب
به.
وكذلك قول الآخر: (تركته رث الهيئة قليل المتاع " كله دليل على احتقار أويس نفسه
وستره أمره.
وقول النبى - عليه الصلاة والسلام - فيه: " له والدة، هو بها بر، لو اْقسم على
الله لاَبره ": إشارة إلى إجابة دعوته وعظيم مكانته عند ربه، وائه لا يخيب أمله فيه، ولا يكذب ظنه به، ولا يرد دعوته ورغبته وعزيمته وقسمه فى سؤاله بصدق توكله عليه وتفويضه إليه، وقيل: معنى " أقسم على الله): وعى، و" أبره) أجابه، وفيه فضل بر الوالدين، وعظيم أجر البر بهما.
وقوله فى اَخر خبره: " ففطن له الناس، فانطلق على وجهه): أى أخمْى اْمر نفسه
لئلا يشتهر مخافة الفتنة.
584
(7/583)
كتاب فضائل الصحابة / باب من فضائل أويس القرنى رضى الله عنه فَقَألَ لَهُ عُمَرُ: ايْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ: الكُوفَةَ.
قَالَ: ألاَ اَكْتلبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا ؟ قَالَ: ثلونُ فِى غَبْرَاءِ الئاسِ أحَبُّ إِلَىَّ.
تَالَ: فَلَمَّا كَانَ مِنَ العَام المُقْبِلِ حَجَّ رَجُل مِنْ أشْرَافِهِمْ، فَوَافَقَ عُمَرَ، فَسَألَهُ عَنْ اوَيْسٍ.
قَالَ: تَرَكْتُهُ رَثَّ البَيْت قَلِيلَ المَتَاع.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (يأتى عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِر مَعَ أمْدَادِ أهْلِ اليَمَنِ، مِنْ مُرَاد، ثُمَ مِنْ قَرَن، كَانَ به بَرَصن فَبَرً أ مِنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ، لَهُ وَالدة هُوَ بِهَا بَر!، لَوْ أَقْسَمَ عًلَى اللّهِ لابهَرة.
فَإِنِ استَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ) فَا"تَى أُوَشئا فَقَألَ: اسْتَغْفِرْ لِى.
قَالَ: أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بسَفَرٍ صَالِح، فَاسْتَغفِرْ لِى.
قَالَ: اسْثَغْفِرْ لِى.
قَالَ: أنْتَ أَحْدَثُ عَهْدا بسَفَرٍ صَالَحٍ، فَاسْتَغْفِرْ لِى.
قًالَ: لَقيتَ عُمَرَ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَاسْتْغَفَر لَهُ، فَفَطِنَ لَهُ الثاس، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهَه.
قَالَ أُسَيْر: وَكَسَوْ - !هُ بُرْ!ةً.
فَكَانَ كُلَمَا راَهُ إِنْسَان! قَالَ: مِنْ أَيْنَ ل الوَيْسٍ هَنِ! البُرْدَ 6 ؟
وقوله: (أنت أحدث عهد بسفر صالح، فاستغفر لى): فيه رجاء قبول من جاء من جهاد أو حج أو سفر طاعة.
وقوله: " رث البيت (1)) بمعنى قوله بعده: (قليل المتاع ".
ورثاثة الثياب: خلقها ورداءتها.
والرثاثة والبذاذة بمعنى.
(1) فط ز: الهيئة، والمثبت من ح.
(7/584)
!ضاب فضائل الصحابة / باب وصية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأهل مصر
585
(56) باب وصية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأهل مصر
226 - (2543) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْمب، اخْبَرَنِى حَرْمَلَةُ.
ح وَحَدَّثَنِى هَرُون بْنُ سَعِيد الأيْلِى، حَلئثنَا ابْنُ وَهْب، حَدثَنِى حَرْمَلَةُ - وَهُوَ ابْنُ عِمَرَانَ التُّجِيبِىُّ - عَنْ عَبْدِ الرخْمَنِ بْنِ شمَاسَةَ المَهْرِىًِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا فَرٍّ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ ارْضا يُذْكَرُ فِيهَا القِيرَاطُ، فَاسْتَوْصُوا بِا"هْلِهَا خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمًّةً وَرَحِمًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ فِى مَوْضِعِ لَبِنَةٍ فَاخْرُجْ مِنْهَا لما.
قَالَ: فَمَر بِرَبِيَعَةَ وَعَبْد الرَّحْمَنِ ابْنَىْ شُرَحْبيلَ بْنِ حَسَنَةَ، يَتَنَازَعَانِ فِى مَوْضِع لَبِنَة، فَخَرَجَ مِنْهَا.
ً " 227 - (... ) حدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعُبَيْدُ الفهِ بْنُ سَعِيد، قَالا.
حَدهَّشَا وَهْبُ بْنُ جَريِرٍ، حَدّثنَا أَبِى، سَمعْتُ حَرْمَلَةَ المِصْرى يُحَدِّثُ عَنْ عَبْد اً لرَّحْمَنِ بْنِ شَمَاسَةَ، عَنْ أَبِى بَصْرَةَ، عَنْ أَبِى فَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ، وَهىَ أَرْض!يُسَمَى فِيهَا القِيرَاطُ، فَإذَا فَتَحْتُمُوهَا فَاحسِنُوا إِلَى أَهْلِها، فَإِنَ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا لا أَوْ قَالَ: " ذِمَّةً وَصِهْرًا، فَإِذَا رَايتَ رَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ فِيهَا فِى مَوْضِع لَبِنَةٍ، فَاخْرُجْ مِنْهَا).
قوله: (وستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط ": يريد مصر.
والقيراط: وزن من اْوزان الأشياء، وهو هنا بعض الدرهم.
وقوله: " فإن لهم ذمةً ورحما) أو قال: " صهرا ": فأما الذمة، فيحتمل اْن الذمام للرحم وللصهر الذى فكر، ويحتمل أنه أراد ذمة العهد التى دخلوا بها فى ذمة الإسلام اْيام عمر، فإن مصر فتحت صلحا إلا الأسكندرية.
وقد تكون الذمة من الذمام للصهر والرحم المذكور فى الحديث.
فأما الرحم، فيكون هاجر أم إسماعيل - عليه السلام - أبى العرب منهم.
واما الصهر، فيكون مارية أم إبراهيم، ولد النبى - عليه السلام - منهم، قاله
ا لز هرى.
وفى هذا الحديث أعلام من نبوته ثلاثة وجدت كلها، منها افتتاحها، ومنها إعطاء أملها العهد، ودخولهم فى الذمة، ومنها قوله: (فإذا رأيتم رجلين يختصمان فى لبنة
586
(7/585)
كتاب فضائل الصحابة / باب وصية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأهل مصر
قَالَ: فَرَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَأَخَاهُ رَبِيعَةَ، يَخْتَصِمَانِ فِى مَوْضِع لَبِنَة، فَخَرَجْتُ مِنْهَا.
فاخرج منها) فكان ذلك.
ومعنى قوله فى الرواية الاشرى: (يقتتلان): أى يختصمان كما قال فى الاَخرى.
وقوله فى سند الحديث: عن عبد الرحمن بن شماسة (1)، عن أبى بصرة عن ابى
ذر، كذا لهم بياء بواحدة وصاد مهملة وهو الصواب.
وعند العذرى: عن أبى نضرة، بنون وضاد معجمة، وهو خطأ.
(1) المصرى المهرى، روى عن عمرر بن العاص رعاتبة بن عامر رعائشة رابن عمر وابى ذر، رعنه بريد بن أبى حبيب ركعب بن علقمة والحارث بن يعقوب رغيرهم، وئقه العجلى ويعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان فى الثقات.
التهذيب 6 / 195، رجال مسلم 1 / 411.
(7/586)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل أهل عمان
587
(57) باب فضل أهل عمان
228 - (2544) حدَثنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا مَهْدِى بْنُ مَيْمُون، عَنْ أبِى الوَازِع جَابِرِ بْنِ عَمْرٍو الراسببِى، سَمِعْتُ ابَا بَرْزَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً إِلَى حَىٍّ منْ احْيَاءِ العَرَبِ، فَسَبوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إٍ لَى رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَاع خْبَرهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ أَن أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ، مَا سَبوكَ ولاَ ضَرَبُوكَ لما.
وقوله: ا لو أن أهل عُمَان أتيت ما شوك ولا ضربوك) (1): بفتح العين وتثديد الميم ضبطنا هنا هذا الحرف على القاضى الشهيد، وقيدناه عن غيره بضم العين وتخفيف الميم، وهما (بلدان، قد ذكرناهما فى حديث الحوض.
(1) جاء فى كالفضائل، بإثبات حوض نينا ( صلى الله عليه وسلم ) برقم (37) و(42) (عَقَان " بفتح العين وتثديد الميم.
588
(7/587)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها
(58) باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها
229 - (2545) حدّثنا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ العَمِّى، حَد*شَا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ إِسْحَقَ الحَضْرَمِىَّ - أخْبَرَنَا الأسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ، عَنْ أبِى نَوْفَلٍ، رَأيْتُ عَبْدَ الله بْنَ الزبيْرِ عَلَى عَقَبَةِ المَدينَة، قَالَ: فَجَعَلَتْ قُرَيْث!تَمُر عَلَيْه وَالنَّاسُ، حَتَّى مَرَّ عَلَيْه عَبْدُ اللّه بْنُ عُمَرَ، فَوَقَفَ عَلًيْهَ.
فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ ابَا خُبَيْبَ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَبَا خُبَيب، السئًلاَمُ عَلَيْكَ أبَا خُبَيْبءَ أمَأ وَاللّهِ، لَقَدْ كُنْتُ أنْهَاكَ عَنْ هًذَا.
أَمَأ وَاللّه، لَقَدْ كُنْتًُ أنْهَاكَ عَنْ هَنَا.
أمَأ وَاللّهً، لَقَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ هَذَا.
أَمَأ وَاللّه، إِنْ كُنْتَ، مَأ عَلِمْتُ، صَوَّامًأ، قَؤَامًأ، وَصُولأ لَلرَّحِم.
أمَأ وَاللهِ، لأمَّة! أَنْتَ أَشَرُّهَا لأَمَّة! خَيْز.
ثُمَّ نَفَذَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ، فَبَلَغَ الحَجَّاجَ مَوْقِفُ عَبْدِ اللّه وَقَوْلُهُ، فَا"رْسلَ إِلَيْهِ، فَاثْزِلَ
عَنْ جِذْعه، فَ اللقِىَ فِى قُبُورِ اليَهُودِ، ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى امّهِ أسْمًاءَ بنْتِ أبِى بَكْرٍ، فَا"بَتْ أنْ تَأتِيَهُ، فَا"عًادَ عَلَيْهَا الرشُولَ: لَتَأتِينِّى أَوْ لأبْعَثَنَّ إِلَيْكِ مَنْ يَسْحَبُكَ بِقُرُونِكِ.
قَالَ: فَا"بَتْ
وقول ابن عمر فى حديث ابن الزبير: " السلام عليك اْبا خبيب): هى كنية عبد الله
ابن الزبير، بخاء معجمة مضمومة، هى احدى كناه، كنى بابن خبيب، وكان أكبر ولده، ويكن أيضا بأبى بكر، وقال اْبو اْحمد الحافظ: أبو بكير.
وقد ذكر البخارى فى تاريخه (1) كناه الثلاث.
فيه جواز السلام على الموتى وشبهه، وقد مضى هذا فى الطهارة، والجنائز، وثناؤه
عليه لما علمه منه فى جواز الثناء على الميت بما يعلم منه من خير.
وقوله لْيه: " وصولا للرحم): أصح من قول من بخله ونسبه لذلك من أصحاب الأخبار، لإمساكه مال الله عمن لا يستحق، وقد عده صاحب كتاب الأجواد فيهم، وهو الذى يشبه أفعاله وشيمته، وفيه قول ابن عمر للحق، وقلة خوفه من الحجاج وهو يعلم أنه سيبلغه مقامه كما (2) بلغه، كما جاء فى الحديث.
واْنه لم يصده بسطوة الحجاج عن شهادته بالحق وقوله ؛ ليبين للناس اْنه مظلوم، ويكذب وصف الحجاج وأصحابه له بعدو الله وبالكافر والمحل، وغير ذلك مما كانوا يصفونه به.
(1) انظر: التاريخ الكبير 5 / 96.
(2) فى خ: على ما.
(7/588)
كتاب فضائل الصحابة / باب ذكر كذاب ثقيف ومبيرها 589 وَقَالَتْ: وَاللّه لا آتيكَ حَثَّى تَبْعَثَ إِلَىَّ مَنْ يَسْحَبُنِى بقُرُونِى.
قَالَ: فَقَالَ: أَرُونِى سِبْتَىَّ.
فَأَخَذَ نَعْلَيَه، ثَمَّ انْطَلَقَ يَتَوَذَّفُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهَاءَ فَقَالَ: كَيْفَ رَأَيْتِنِى صَنَعْتُ بعَدُوِّ اللّهِ ؟ قَالَت: رَأَيْتُكَ أَفْسَدْتَ عَلَيْهِ دُنْيَاهُ، وأَفْسَدَ علَيْكَ آخِرَتَكَ، بَلغَنِى أَئكَ تَقُولُ لَهُ: يَا ابْنَ ذَات النِّطَاقَيْنِ.
أَنَا وَاللّه، ذَاتُ النِّطَاقَيْن.
أَمَّا أَحَلُ!مَا فَكُنْتُ أَرْفَعُ به طَعَامَ رَسُولِ اللّه كله، َ وَطَعَامَ أَبى بَكْر مِنً الدَوابِّ.
وَأَمَّا الآخَرُ فَنِطَاقُ المَرْأَةِ اتَتِىً تَسْتَغْنِى عَنْهُ.
أَمَا إِنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) حَد ؟شَا (أَنَّ فِى ثَقِيفٍ كَذَّابًا وَمُبِيرًا لما، فَا"مَّا الكَذَّابُ فَرَأَيْنَاهُ، وَأَفَا المُبِيرُ فَلاَ إِخَالُكً إِلأَ إِيَّأهُ.
قَالَ: فَقَامَ عَنْهَا وَلَمْ يُرَاجِعْهَا.
قوله: دا لأُفةِ أنت شرها لا4 مَة خيار) ويروى: " خير ": يريد ما كانوا يصفونه به.
وفى رواية السمرقندى ت " لأمة سوء ".
وهو خطأ وتصحيف.
وقوله: (من يسحبك بقرونك): أى يجرك بشعر رأسك.
وقوله: (أرونى سبتى): أى نعلى، بكسر السين، وهى النعال التى لا شعر عليها،
وقد مضى تفسيرها فى الَحج بأسْبع من هذا والخلاف فيها.
قال الإمام: وقوله: " فانطلق يتوذف ": قال أبو عبيد: معناه: يسرع.
والتوذف الإسراع.
وقال أبو عمرو: هو التبختر.
قال القاصْى: حكى ابن السكيت عن أبى عمرو أنها مشية فيها تاقارب وتبجح وهو قريب مما تقدم، قال: يقال منه: ذاف يذوف، وإنما يصح يذوف منه على القلب.
وقول أسماء فى تفسير: (ذات النطاقن) ما قالته فى الحديث من اْن أحدهما: الذى
اْرفع فيه طعام رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واْبى بكر، والثانى: نطاق المرأة.
وقد وقع مفسرا اْبين من هذا فى البخارى (1) وغيره (2).
وأنها لما صنعت سفرة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبى بكر حين هاجرا شقت نطاقها بنصفين، فربطت السفرة بأحدهما وانتطقت بالاَخر.
وقولها: (إن فى ثقيف كذابا ومبيرًا، أما الكذاب فرايناه): تعنى المختار بن أبى عبيد، (وأما المبير فإخالك هو): تريد لكثرة قتله.
والمبير: المهلك.
والبوار: الهلاك، وفيها تأول الناس الحديث.
وبذلك فسره اْبو عيسى الترمذى (3).
(1) البخارى، كمناقب الأنصار، بمجرة النبى واضحابه إلى المدينة 5 / 78.
(2) مسند أحمد 198 / 6.
(3) الرمذى، كالفق، بما جاء فى ثقيف كذاب ومبير 4 / 432 برقم (0 222).
590
(7/589)
كتاب فضائل الصحابة / باب فضل فارسَ
(59) باب فضل فارس (1)
230 - (2546) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْدٌ: اخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِع: حَد، شا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا معْمَرٌ، عَنْ جَعْفَر الَجَزَرِىّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الا"صَمِّ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ كَانً الدِّينُ عِنْدَ الثرَيا لَنَ!بَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ - أَوْ قَالَ - مِنْ أَبْنَاءِ فَأرِس، حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ لما.
231 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنَى ابْنَ مُحَمَّد - عَنْ
ثَوْرٍ، عَنْ أَبِى الغَيْثِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَألَ: كُنا جُلُوسا عنْدَ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، إِذ نَزَلَث عَلَيْه سُورَةُ الجُمُعَة، فلمَّا قَرَأَ: { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمَْ} (2) قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤَلاءِ يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
حَتَى سَالَهُ مَرَّةَ أَوْ مَرتيْنِ أَوْ ثَلاثا.
قَالَ: وَفينَا سَلمَانُ الفَارِسِىُّ.
قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَدَهُ عَلَى سَلمَانَ، ثمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ الإِيمًان عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤلاءِ).
(1) ترك الإمام والقاضى الباب بغير تعليق.
وقوله: " الثريا): هو النجم المعروف، وهو تصغير ثَرْوَى.
انظر: النهاية 1 / 210.
قال النووى: فيه فضيلة ظاهرة لهم، وجواز استعمال المجاز والمبالغة فى مواضعها.
انظر: مسلم
على نووى 16 / 100.
(2)1 لجمعة: 3.
(7/590)
كتاب فضائل الصحابة / باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ): " الناس كإبل... إلخ)
591
(60) باب قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة لما
232 - (2547) حدئنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظ لِمُحَمَّد - قَالَ عَبْد: أَخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ.
حَدّثنَا - عَبْدُ الرَّزَاقِ، أَخْبَرَنَاً مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (تَجِدُونَ النَّاسَ كَإِبِل مِائَة، لا يَجِدُ الرخلُ فِيهَا رَاحِلَةً ".
قوله: (تجدون الناس كإبل مائة، لايجد الرجل فيها راحلة "، قال الأمام: قال القتبى: الراحلة: [ هى التى] (1) يختارها الرجل لمركبه، ورحله على الإجابة، وتمام الخلق وحسن المنظر، فإذا كانت فى جماعة الإبل عرفت.
يقول: فالناس متساوون ليس لأحد منهم فضل فى النسب ؛ ولكنهم أشباه كإبل مائة ليس فيها راحلة.
قال الأزهرى: الراحلة عند العرب تكون للجمل النجيب، والناقة النججبة، والهاء فيها للمبالغة، كما يقال: رجل داهية ونسَّابة، قال: وليس المعنى الذى ذهب إليه ابن قتيبة من التساوى فى النسب [ شىء] (2)، والمعنى عندى: أنه أراد - عليه الصلاة والسلام - أن الزهد فى النادر القليل من الناس، والكامل منهم فى الزهد فى الدنيا والرغبة فى الاخرة قليل.
قال: والراحلة سميت بذلك لأنها ترحل، فهى فاعلة بمعنى مفعولة، كعيشة راضية، أى مرضية، وماء د ا فق، أ أى] (3) مد فوق.
(1) سقط من ز، والمثبت من ح.
(2) فى هامش !.
(3) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
فهرس الموضوعات
فهرس الموضوعات
ا لموضوع
(7/591)
[الجزء الثامن]
كتاب البر والصلة / باب بر الوالدين وائهما أحق به
بسم الله الرحمن الرحيم
45 - كتاب البر والصلة والآداب
(1) باب بر الوالدين وأنهما أحق به
ا - (2548) حدّثنا قُتيْبَةُ بْن سَعيد بْنِ جَمِيلِ بْنِ طَرِيف الثقَفِىُّ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالأ: حَدضَننَا جَرِير، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعقَاَع، عَنْ أَبِى زُرْعَةَ، عًنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: خاََ رَجُل إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتى ؟ قَالَ: " أَمُّكَ ".
قَالَ: ثُمَّ منْ ؟ قَالَ: " ثُمَّ أُمُّكَ).
قَالَ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ لما.
قَالَ: ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ: " ثُمَّ أَبُوكَ).
وَفِى حَدِيثِ قُتَيْبَةَ: مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِى ؟ وَلَمْ يَذْكُرِ النَّاسَ.
2 - (... ) حدّثنا أَبُوكُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ الهمْدَانِىُّ، حَد، شَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ
قال القاضى: قوله للذى قال له: من أحق الناس بحسن صحابتى ؟ قال: " أمك ".
قَالَ: ثم من ؟ قال: " أمك) قالها ثلاثا، قال ثم[ من] (1) ؟ قال: " أبوك، ثم أدناك فأدناك " لكنه تأكيد حق الا"م وامانة مبرتها على مبرة الأب ؛ لكثرة تكلفها له من الحمل، ومشقة الوضع، ومعاناة الرضاع والتربية، ثم ألاعب ثم تنزيل ذلك فى القرابة على الأقرب فا لاءقرب.
وفيه تنزيل الناس منازلهم، وأن يوفى كل أحد حقه على قدر قرباه وحرمته ورحمه.
/ وقد اختلف العلماء فيما بين الا"ب والاءم، فقيل: يجب أن يكون برهما سواء، وتأول أن هذا اختيار مالك، ومذهبه، وروى الليث أن حق الاسم اَكد، وأن لها ثلثى البر.
وذكر المحاسبى أن تفضيل الاَم على الاَب فى البر إجماع العلماء.
ولا خلاف أن الاباء والاَمهات اكد حرمة فى البر ممن عداهما.
وتردد بعضهم بين الا"جداد والا"خوة لقوله: " ثم أدناك فأدناك لما.
قال الإمام أبو بكر الطرطوشى: ولم أجد نصًا للعلماء فى الأجداد، والذى عندى أنهمِ لا يبلغون مبلِغ الاباء، واستدل سلف اسم ال البوة عنهم فى الحقيقة، ولقوله تحالى: { أَحدصمَا أَوْ كِلاهُما} (2)،
(1) من خ.
(2) 1 لإسراء: 23.
6
(8/5)
كتاب البر والصلة / باب بر الوالدين وأنهما أحق به أَبِيهِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاع، عَنْ ابِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُل: يَا رسُولَ الله، مَنْ أَحَقُ بِحُسْنِ الضُحْبَةِ ؟ قَالَ: " أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثمَ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ).
3 - (... ) حديثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَد*شًا شَرِيلث، عَنْ عُمَارَةَ وَابْنِ شُبْرُمَةَ،
عَنْ ابِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى ابنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ: وَزَادَ: فَقَالَ: (نَعَمْ، وَأَبِيكَ، لَتُنَبَّأنَّ لا.
4 - (... ) حَدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبم، حدثنا شَبَابَةُ، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ طَلحَةَ خ وَحَدثَّنِى أَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ، حَد!هَشَا حَبَّانُ، حَدءَّننَا وهُيْ!ث، كِلاَهُمَا عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، بِهَذَا ا لإِسْنَادِ.
فِى حَديثِ وُهَيْب: مَنْ أَبَرُّ ؟ وَفِى حَديثِ مُحَمَّدِ بْنِ طَالخَة: أَىُّ النَّاسِ أَحَق مِنِّى بِحُسْنِ الصُّحبَةِ ؟ ثُمَّ ذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
5 - (2549) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ ابِى شَيْبةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالا: حَدثنَا وَكِيع،
عَنْ سُفْيَانَ،، عَنْ حَبِيمب.
ح وَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدشَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيد ولو كان حكم الأجداد حكم الاَباء لقاله بلفظ الجمع، ولقوله: (اْمك، ثم أباك فأدناك)، وفى حديث اَخر: " أمك وأباك وأختك واْخاك ومولاك، ثم أدناك فأدناك).
قال: فتقبل - عليه الصلاة والسلام - الجواب ورتب الأخوة بعد الاَباء.
واحتج أيضا بقوله: { كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (1)، قال: والتربية لا تكون إلا للوالدين.
قال القاصْى: والذى عندى خلاف ما ذهب إليه كله، والمعروف من قول مالك - ومن وافقه من أهل العلم من أصحابه وغيرهم - لزوم بر الأجداد، وتقديمهم وقربهم من بر الآباء.
وقد رأى مالك وأصحابه أنه لا يقتص من الجد فى ابن ابنه إلا أن يفعل به مالا يشك فى قصده قتله كالاكب سواء.
وكذلك قالوا فى الجهاد بغير إذنهما لا يجوز كالاَباء.
وكذلك اختلفوا فى تغليظ الدية عليه فى عمد قتله، وفى قطعهم فى السرقة من مال فقرائهم.
وأما الحديث الذى احتج به من قوله: (أمك وأباك، وأختك وأخاك ومولاك) فهو
(1) الإسراء ة 24 -
(8/6)
كتاب البر والصلة / باب بر الوالدين وأنهما أحق به
القَطَّانَ - عَنْ سُفْيَانَ وَشُعْبَةَ، قَالا: حَلّتنَا حَبيبٌ، عَنْ أَبِى العَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ عَمْرٍو.
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَأذِبَهُ فِى الجِهَادِ.
فَقَالَ: (أَحَىّ وَالِدَاكَ ؟ " قَالَ: نَعَم.
قَالَ: " فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ".
(... ) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذٍ، حَد"ننَا أَبِى، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيب، سَمعْتُ أَبَا العَبَّاسِ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللّه بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.
قَالَ مُسْلِمٌ: ابُو العَبَّأسِ اسْمُهُ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخَ المَكِّىُّ.
6 - (... ) حدثنا أَبُو كُرَيْب، أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَر.
ح وَحَدّثنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَد - ننَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، عًنْ أَبِى إِسْحَقَ.
ح وَحَدثَّنِى الًقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدثَننَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِى الجُعْفِىُّ، عَنْ زَائلَةَ، كِلاَهُمَا عَنِ الأعَمشِ، جَمِيعًا عَنْ حَبِيبٍ بِهَذَا ا لإِسْنَا دِ، مِثْلَهُ.
(... ) حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَد"ننَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِى حَبِيبٍ، أَنَّ نَاعِمًا - مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ - حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ
حجة عليه ؛ لاءنه لما لم يذكر الأجداد وقد ذكر الموالى، دل أنهم داخلون فى عموم الاَباء.
قوله - عليه السلام - للذى قال له: أبايعك على الهجرة والجهاد، وقوله له: "أبتغى ال الجر ؟ ارجع إلى والديك، فأحسن صحبتهما "، وفى الحديث الآخر: "وفيهما (1) فجاهد": يحتمل أن هذا كان بعد الفتح وسقوط فرض الهجرة والجهاد، وظهور الدين، أو كان ذلك من الأعراب وغيره كانت تجب عليه الهجرة، فرجح بر والديه (2) وعظيم حقهما، وكثرة الاَجر على برهما، وأن ذلك أفضل من الجهاد، وحسبك بهذا، ولم ير اهل العلم الجهاد إللا بإذنهما.
واختلف إذا كانا مشركين.
فقال الثورى: هما كالمسلمين.
وقال الشافعى: له الغزو
بغير إذنهما.
قال أهل العلم: وهذا ما لم يتعيهما فرضه ويلزم النفير.
وهذا لا إذن فيه لهما.
ولا خلاف فى وجوب بر الوالدين وأن عقوقهما من الكبائر.
وقد مرَّ منه أول الكتاب.
وقوله فى الباب حديث أبى كريب: أنبأنا ابن بشر عن بسعر.
كذا لهم، وفى كتاب
(1) فى خط.
ففيهما -
(2) فى زْ الوالدين، والمحبت من ح.
8
(8/7)
كتاب البر والصلة / باب بر الوالدين واْنهما أحق به عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: اقْبَلَ رَجُلٌ إِلَى نَبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: ابَايِعُكَ عَلَى.
الهِجْرَة وَالجِهَ ال ابتَغِى الأجْرَ مِنَ اللهِ.
قَالَ: (فَهَلْ مِنْ وَاللَيْكَ أحَدٌ حَىّ ؟).
قَالَ: نَعَمْ، بَل كلاَهُمَا.
قَالَ: (فَتَبْتَغِى الأجْرَ مِنَ اللّه ؟) قَالَ+ نَعَمْ.
قَالَ: (فَارْجِعْ إِلَى وَالدَيْكَ فًأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَالما.
بشر بن ابى على عن العذرى: حدثنا ابن يونس، وهو وهم وغلط.
وابن بشر هذا هو محمد بن بشر بن الفرافضة اْبو عبد الله العبدى، من عبد قيس كوفى، خرج عنه البخارى ومسلم.
(8/8)
كتاب البر والصلة / باب تقديم بر الوالدين...
إلخ
(2) باب تقديم برّ الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها
7 - (2550) حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَد، شَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، حَد*شَا حُمَيْدُ بْنُ هلاَلٍ، عنْ أَبِى رَافِعٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَة ؛ أَنَّهَ قَالَ: كَانَ جُرَيْج يَتَعَبَّدُ فِى صَوْمَعَةٍ.
فَجَاءتْ أُمهُ.
قَألَ حُمَيْد: فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبى هُرَيْرَةَ لصِفَة رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أُمَّهُ ح!!نَ دَعَتْهُ، كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوقَ حَاجِبِهَا، ثُمًّ رَفَعَتْ رً أسَهَاَ إِليْه تَدْعُوهُ.
فَقَالَتْ.
يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، كَلِّمْنِى.
فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّى.
فَقَالَ: اللّهُمَّ، أُمًّى وَصَلاَتى.
فَأخْتَارَ صَلاَتَهُ.
فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِى الثَّانِيَةِ، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ، أَنَا أُمُّكَ، فَكَلِّمنِى.
قَألَ: اللّهُمَّ، أُمِّى وَصَلاتِى.
فَاخْتَارَ صَلاَتَهُ.
فَقَالَتِ: اللّهُمَّ، إِنَّ هَذَا جِرَيْج، وهُوَ ابْنِى، ! اِنِّى كَلَّمْتُهُ فا"بَى أَنْ يُكَلِّمَنِى.
اللّهُمَّ، فَلاَ تُمِتْهُ حَتَّى تَرِيَهُ المُومِسَاتِ.
قوله: وذكر مسلم حديث جريج العابد وأن أمه دعته ليكلمها وهو يصلى، فلم يقطع صلاته، وأنها فعلت ذلك ثلاثه أيام، فدعت عليه، قال الإمام: ذكر أنها دعت عليه [ أنه] (1) لا يموت حتى تريه المومسات.
قال: " ولو دعت عليه أن يفق لفق ".
وهذا مما ينبغى أن يتأصل ؛ لأنه إن كان تماديه على الصلاة / هو أولى من إجابة أمه، فإنه غير عاصٍ فى فعله، ولا ملوم فكيف تدعو عليه فيستجاب دعوتها فيه، وهو لم يظلمها، دإن كان عنده اَ! قطع الصلاة هو الواجب فى شرعه، فحينئذ يكون ملومًا.
على أن قوله: " اللهم أمى وصلاتى" يؤذن بتردده فى هذا، دإنه لم يكن ذلك عنده شرعا بينا، ولعل امه تأولت أنه عقها ؛ فدعت عليه فوافق القدر.
وكذلك قوله - عليه الصلاة والسلام -: " لو دعت عليه أن يفتق لفق) يكون ذلك بمعنى أنه كان سبق فى معلوم الله تعالى أن يفق بدعائها، إلا أن يكون عاصيا بالتمادى فلا يحتاج ذلك إلى اعتذار.
وهذا الحديث على صحته يوكد قول الأشعرية فى إثبات كرامات الا"ولياء.
وانخراق العادة لهم.
(1) فى خ: أن.
41 / +أ
(8/9)
كتاب البر والصلة / باب تقديم بر الوالدين...
إلخ
قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ.
قَالَ: وَكَانَ رَاعِى ضَأن يَأوِى اِلَى!يْرِه.
قَالَ: فَخَرَجَتِ امْرَاة مِنَ القَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِى، فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَمًأ.
فَقِيلَ لَهًا: مَأ هَذَا ؟ قَالَتْ: مِنْ صَاحب هَذَا اللَّيْرِ.
قَالَ: فَجَاؤُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ فَصَادَفُوهُ يُصَلَى، فَلَمْ يُكًلِّمهُمْ.
قَالَ: فَاخنُوا يَهْدمُونَ دَيْرَهُ.
فَلَمَا رَأى ذَلكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ.
فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذه.
قَالَ: فَتَبَسئَمَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأسً الصَّبِىِّ، فَقَال: مَنْ أً بُوكَ ؟ قَالَ: أَبِى رَاعِى الضَّأنِ، فَلَمًّاَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ قَالُوا: نَبْنِى مَأ هَدَمْنَا مِنْ !يْرِكَ بِالنّ!بِ وَالفِضَّة.
قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ.
ثُمَ عَلا.
8 - (... ) حدثنا زهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِبم،
حَد ثنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَمْ يَتَكَلَّمْ فِى المَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةو: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحبُ جُرَيْجٍ، وَكَانَ جُرَيْبئ رَجُلأ عَابِلًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَة، فَكَانَ فيهَا، فَأتتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّىَ.
فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: يَارَبِّ، أُمِّى وَصَلاتِى.
فَا"قْبَلَ عًلَى صَلاَته، فَانْصَرَفَتْ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلّى.
فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: يَارَبِّ، أُمًّى وَصَلاَتى.
فَا"قْبَلَ عَلَى صَلاَتهِ، فَانْصَرَفَتْ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الغَد أتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّى.
فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: أَىْ رَبًّ، أُمِّى وَصَلاَتِى.
فَا"قْبَلَ عَلَى صَلَاَتِهِ.
فَقَالَتِ: اللهُمَ، لا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ اِلَى وُجُوهِ المُومِسَاتِ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْخا
قال القاصْى: ليس فى الحديث اْنه كان فى فريضة من صلاته، أو لعل شرعهم كان لا يحل فيه قطع النافلة لشىء من الأشياء، ودليله قوله: (امى وصلاتى)، وظاهره عندى تقابل الفرضين عنده من إيثار الصلاة.
وقد كان يقدر على تخفيف ذلك د جابتها لو لم يكن كلامها، لكنه لعله خشى أن يدعوه إلى النزول عن صومعته وكونه معها.
اْو خشى اْن مفاتحتها بالكلام تسبب الاَنس لغير من انقطع له، ويحل عزمه ويضعف عقده فيما التزمه.
ولعل شرعه كان حنيئذ يوافق ذلك اْو يخالفه.
ولا شك عندنا اْن بر أمه فرض[ والعزلة] (1) وصلوات النوافل طول نهاره وليله ليست بفرض، والفرض مقدم.
ولعله غلط فى إيثار صلاته وعزلته على إجابة أمه، فكذلك
(1) فى هامش خ.
(8/10)
كتاب البروالصلة / باب تقديم برالوالدين...
إلخ 11 وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَت امْرَأَةٌ بَغْىِ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا.
فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لا"فْتنَئهُ لَكُمْ.
قَألَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَلَمْ يًلتَفتْ إِلَيْهَا.
فَاعتَتْ رَاعيًا كَانَ يَأوِى إِلَى صَوْمَعَتهِ فَا"مكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَت، فَلَمَا وَلَدَتْ قَألًتْ: هَوَ مِنْ جُرَيْجٍ، فَا"تَوْهُ فَأسْتَنْزَلُوهُ وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ.
فَقَالَ: مَاشَأنُكُمْ ؟ قَالُوا: زَنَيْتَ بهَذه البَغِىِّ، فَوَلَدَتْ مِنْكَ.
فَقَالَ: أَيْنَ الصَبِىُّ ؟ فَجَاؤوا بِه.
فَقَالَ: دَعُونِى حَتَّى أُصًلًّىً.
فَصَلَّى، فَلَمَا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِى فَطَعَنَ فى بَطنِهِ، وً قَالَ: يَا غُلاَمُ، مَنْ أَبُوكَ ؟ قَألَ: فُلاَن" الرَّاعِى.
قَالَ: فَا"قْبَلُوا عَلَى جُرَيْبم يُقبًّلُونَهُ وَيَتَصَسَحُونَ به.
وَقَألُوا: نَبْنِى لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ فَ!بٍ.
قَألَ: لا، أَعِيدُوهَا مِنْ فيٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوَاَ.
وَبَيْنَا صَبِىّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُل رَاكبٌ عَلَى دَابَّة فَارِهَة، وَشَارَة حَسَنَة.
فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللّهُمَّ، اجْعَلِ ابْنِى مثْلَ هَذَا.
فَتَرَكً الثَّدْىَ وَأَقْبَلً إِلَيْهًِ فَنَظَرَ إِلَيْهًِ، فَقَالً: اللّهُمَّ، لا تَجْعَلنِى مِثْلَهُ.
ثُمَّ اقْبَلَ عًلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ.
قَألَ: فَكَاىنّى انْظُرُ إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ يَحْكِى ارْتِضَاعَهُ بإِصْبعَهِ السّبَابَةِ فِى
أجاب الله دعوتها فيه عقابا له.
وقوله: " ديره ": الديرة: كنائس ينقطع فيها عباد الصارى، وهو نحو من قوله: (صومعته، والصومعة: منارة للرهبان، ينفردون فيها وينقطعون عن الوصول اليهم والدخول عليهم.
والمومسات: الفواجر مجاهرة، واحدها مومسة، ويجمع مياميس أيضا.
وقوله: (امرأة يتمثل بحسنها): أى يضرب به المثل.
وقولهم: (نبنى لك صومعتك بالذهب والفضة.
قال: لا، ولكن اْعيدوها من طين
كما كانت، ففعلوا): احتج به من يرى أن فى المتلفات كلها أمثالها، وأن من هدم حائطا فعليه بناء مثله، وهو مذهب الكوفيين والشافعى وأبى ثور فى الحائط.
وفى العتبجة عن مالك مثله.
ومذهب أهل الظاهر فى كل متلف.
هذا ومشهور مذهب مالك وأصحابه، وجماعة من العلماء إلى أن فيه وفى سائر المتلفات المضمونات القيمة، إلا ما يرجع إلى الوزن والكيل.
ولا حجة لأولئك بهذا الحديثة لأنه فى شرع غيرنا، وليس فيه أن نبينا امر بذلك.
ولعله بتراضيهما، ألا ترى قولهم: (نبنيها لك بالذهب): وهذا كان من طيب أنفسهم،
12
(8/11)
كتاب البر والصلة / باب تقديم بر الوالدين...
إلخ
فَمهِ، فجَعَلَ يَمَضُهَا.
قَالَ: وَمَرُّوا بجَارِيَة وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ.
وَهْىَ تَقُولُ: حَسْبِىَ الله وَنِعْمَ الوً كيلُ " فَقَالتْ امّهُ: اللّهُمَّ، لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهَا.
فَتَرَكَ الرَّضَاعِ وَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: اللّهُمَ، َ اجْعَلنِى مِثْلَهَا.
فَهُنَاكَ تَرَاجعَا الحَديثَ.
فَقَالَتْ: حَلقَى، مرَّ رَجُل حَسَنُ الهَيْئَة، فَقُلتُ: اللّهُمَّ، اجْعَلِ ابنِى مِثْلَهُ.
فَقُلتً: الفهُمَ، لاَ تَجْعَلنِى مثْلَهُ.
وَمَرُّوا بِهَنِهَ الأمَة وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ.
فَقُلتُ: اللهُمَّ، لاَ تًجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهَا، فَقُلتُ: اللّهُمَ، اجْعَلنِى مِثْلَهَا.
41 / ب
وكذلك بناؤها بالطن.
واحتج بعضهم به على المطالبة بالدعوة ولا دليل فيه ؛ إذ لم [ يطلب] (1) بذلك نبى ولا من يقتدى به، ولوكان ذلك لعله فى شرع غيرنا.
والظاهر من الحديث ظلم جميعهم له أولا، وأن من سعى فى ذلك لم يكن ممن يتقى الله، فلا حجة فيه، اْلا ترى كيف قالت لهم البغى ة (إن شئتم لاَفتننه لكم) فلم ينكروا عليها، ومثل هذا لا يرضاه ذو دين في أحد من الناس، ولا يحل له المساعدة عليه، فكيف فى عابد متبتل، ألا تراهم كيف بادروا إلى تصديقها وضربوه وآذوه ولم يسمعوا / قوله حتى أراهم الاَية!
ولو ادعت امرأة مثل هذا عندنا على أحد من المسلمين حدت له ؛ للقذف ولزناها، ولم
يقبل منها دعواها، ولم يلحقه تبعة بقولها، إلا أن تأتى به متعلقة تدمى مستغيثة لاَول حالها، وكان ممن لم يشهر بخير ولا عرف بزنا.
وأما إن جاءت متعلقة بمن لا يليق به ذلك فلاشىءعليه.
واختلف عندنا فى حدها لقذفه، فقيل: تحد.
وقيل: لا تحد لما بلغت من فضيحة نفسها، ولا حد عليها للزنا.
ولبعض أصحابنا فى المشتهرة بذلك - مثل صاحبة جريج - اْنها تحد للزنا على كل حال، ولا تصدق بتعلقها وفضيحتها نفسها ؛ لاءنها لم تزل مفتضحة بحالها وهذا صحيح بيّن فى النظر.
[ وفى] (2) حديث جريج استنقاذ الله عباده الصالحن من ائدى ظلمتهم باية يظهرها لهم.
وفيه اْن الكرامات تأتى باختيار الأولياء وطلبهم لها، خلاف مقالة من قال: إنها تكون على غير الاختيار.
واختلف شيوخنا، هل يصح أن يأتى التحدى على الولاية ؟ فمنعه بعضهم لإختصاص التحدى بالنبوة، واْجازه آخرون.
والصحيح جوازه ؛ لاكذ التحدى الذى هو من شرط اَية (1) فى ح: يطالبه.
(2) هكذا فى ز، وفى ح بدون واو.
(8/12)
كتاب البر والصلة / باب تفديم بر الوالدين...
إلخ 13 قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجْلَ كَانَ جَبَّارًا.
فَقُلتُ: اللّهُمَّ لا تَجْعَلنِى مثْلَهُ.
وَإِنَّ هَذه يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ ثَزْنِ، وَسَرَقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ.
فَقلتُ: اللّهُمَّ، اجعَلنِى مِثْلَهَا.
ً
النبوة إنما هو تحدّ على النبوة، وهذا إنما هو تحد على الولاية، [ فلا يشبهه] (1) فى ذلك، وكل مختص ببابه.
وفيه إن الكرامات تجرى على أيدى الأولياء بخرق العادات وغيرها، فى أمتنا وغيرها خلافا لمن ذهب من شيوخنا اْنها لا تصح فى أمتنا منها ما كان من خرق العادات وقلب الأعيان، وانما يصح فى مثلها إجابة الدعوة، وأن زمن بنى إسرائيل كان زمن خرق عادة وأيام نبوة ولا نبى بعد محمد و[ هذا] (2) ولا تحقيق ورائه.
وفيه إجابة دعوة الآباء والاءمهات، وتشديد الحذر من ذلك، ومن سخطهم.
وفى هذا الحديث فى كتاب البخارى: دا فتوضأ وصلى " (3).
ففيه حجة أن الوضوء
كان فى غير هذه الأمة.
ورد على من ذهب إلى أنه مختص بها، وتصحيح لتأويل اختصاصهم بالغرة والتحجيل به دون غيرهم، وقد بيناه فى كتاب الوضوء.
قوله: " مر راكب على دابة فارهة وشارة حسنة)، قال الإمام: الشارة: الهيئة واللباس، يقال: ما أحسن ثوار (4) الرجل وشارته، أى لباسه وهيئته.
قال ابن الأعرابى: الشورة: الجمال بضم الشين.
والشورة بالفتح: الخجل.
وقوله: " حلقى " مر تفسيره فى الحج.
قال القاصْى: الشوار هنا بالفتح كما يفسر، وأما الشورة: الجمال، بالفتح والضم
معا.
وشوار البيت: متاعه بالكسر، وشوار الرجل: مذاكيره بالفتح.
وفى تمثيل النبى رضاع الصبى ودعاء أم جريج له، جواز حكايات الأحوال ؛ إذ لم يكن
على طريق السخرية والمجون، وكان لبيان علم وزيادة فائدة.
(1) هكذا فى ز، وفى ح: فلا شهة.
(2) من !.
(3) البخارى، كالأنبياء، بقوله تعالى: { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ} 4 / 201.
(4) فى ز: شار، والمثبت من ح.
42 / َ ا
14
(8/13)
كتاب البر والصلة / باب رغم اْنف من أدرك أبويه...
إلخ
(3) باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر
فلم يدخل الجنة
9 - (2551) حدّثنا شَيْبَان بْن فَرُّوخَ، حَدتَّلنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبيه،
عَنْ أَبِىِ هُرَيْرِةَ، عَنِ النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (رَغِمَ أَ! طُ، ثمَّ رَغِمَ انْفُ، ثُمَ رَغمَ اثف).
قيلَ: منْ يَا رسُولَ الله ؟ قَالَ: (مَنْ أَ!رَكَ أبويْه عنْد اهبَر، احَدَهُمَا اْوْ كلًيْهمَا، فَلَمْ يًدْخُلِ الجَتةَ).
ًً
10 - (... ) حدّثنا زهَيْرُ بْنُ حَرب، حَدءَّلنَا جَرِيرو، عَنْ سُهَيْل، عَنْ أَبيه، عَنْ أبِى هُرَيِرةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (رَغًمَ أَنْفُهُ، ثُم رَغمِ أَنْفُهُ ثم رَغمَ انْفُهُ).
قيلَ: مَنْ يَا رسول الله ؟ قَالَ: " مَنْ أَدْرَكَ وَالدَيْه عنْدَ الكبَرِ، أَحَدَهُمَا أَوْ كلًيْهمَا، ثُمَ لًمْ يَدْخُلِ الجَنَّةَ".
ًًَ
(... ) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَدذَشَا خَالدُ بْنُ مَخْلَد، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بلاَل، حَدثَّنِى سُهَيْل، عَنْ أَبيه، عَنْ أَبَى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله ! ( صلى الله عليه وسلم ): (رَغمَ انْفُهُ لماَ ثَلاَثًا.
ثُمَ ذَكرَ مِثْلَهُ.
ً
وقوله: " رغم أنف من اْدرك اْبويه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما، فلم يدخل الجنة): فيه فضل البر وعظيم أجره، واْن برهما يدخله الجنة.
فمن فاته ذلك وقصر فيه فقد فاته خير كثير.
وظاهره أن برهما مكفر لكبير (1) من السيئات وراجح بها، وأنه لا يمنعه دخول الجنة
إلا التقصير فى حقهما، أو التكثير من الكبائر التى ترجح برهما فى ميزانه، لاسيما[ إذا] (2) أدركهما عند الكبر /، وضعفا عن الكسب والمّصرف، واحتاجا إلى خدمتهما والقيام عليهما.
قال الإمام ة (رغم أنف ": أى ذل.
قال ابن الاَنبارى: الرغم: كل ما أصاب الأنف
مما يؤذيه، وقال ابن الأعرابى واْبو عمرو: (رغم أنفه): أى لصق بالرغام، وهو تراب مختلط برمل.
والرغم أيضا: المساعة والغضب.
يقال: فعلت ذلك على رغم فلان، أى [ على] (3) غضبته ومساَ ته.
قال القاضى: ويقال: رغم معناه ة كره، وقيل: ذل وخزى.
ويقال: رغم أنفه، بالكسر والفتح، وهو الرَغم والرعم والرِّغم بالفتح والضم والكسر.
(1) فى خط: لكثير.
(3) من خ.
(2) فى ز: أن، والمثبت من خط.
(8/14)
كتاب البر والصلة / باب فضل صلة اْصدقاء الاَب والاَم ونحوهما
15
(4) باب فضل صلة أصدقاَء الأب والأم، ونحوهما
11 - (2552) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّه بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ أَبِى أَيُّوبَ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ أَبِى الوَليد، عَنْ عَبْد الله بْنِ !ينَار، عَنْ عًبْد الله بْنِ عُمَرَ ؛ انَّ رَجُلاً مِنَ ال الرَابِ لَقيَهُ بِطَرِيقِ مًكًّةَ، فَسَلَّمَ عًلَيْهِ عَبْدُ الله، وَحَمَلَهُ عًلَى حَمار كَان يَرْكَبُهُ، وَأَعْطَاهُ عِمَامَةً كَاَنَتْ عَلَى رَأسه.
فَقَالَ ابْنُ ديَنار: فَقُلنَا لَهُ: أَصْلَحَكَ اَللّهُ ا إنَّهُمُ الأعْرَابُ وَإِنَّهُمْ يَرْضَوْنَ باليَسير.
فًقَالَ عَبْدُ الله+ إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدا لعُمَرَ بْن الخَطًّابِ.
وَإِنِّى سَمْعِتُ رَسُولَ اللَه كلية يَقُولُ: " إِنَّ ابَرَّ البِرِّ، صِلَةُ الوَلَدِ أهْلً وِدِّ أَبيهِ).
12 - (... ) حدَّئنى أبو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنِ ابْنِ الهَاد، عَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْد اللّه بْنِ عُمَرًَ، أَنَّ النَّبِىَّ كلية قَالَ: " أَبَر البِرِّ أَنْ يَصِلَ الرًّ جُلُ وِدَّ أَبِيهِ لما.
13 - (... ) حدثّنا حَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِى، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بنِ سَعْدٍ، حَئثَنَا أَبِى وَاللَّيْثُ بَنْ سَعْد، جَميعًا عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْد الله بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ !ينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّهَُ كَانَ إِذَا خَرَجَ إِلَى مًكَّةَ كَانَ لَهُ حِمَازيَتَرَوَّحُ عَلَيْهِ،
وقوله: دا إن أبا هذا كان ودّا لعمر لما: رويناه بالكسر والضم.
يقال: هو ود
[ بالكسر] (1) و(ود) بدل، أى ذو مودة، مثل حبة وحبيبة.
والوِد، والوَد كله مصدر ووددت الرجل، ومثله مودة مورو"، وودادة، وودادا وداد.
وقوله: (كان له حمار يتروح عليه إذا ملَّ ركوب الراحلة) بالراء والحاء المهملة، قال الإمام: أى يسير عليه، يقال: تروح القوم: اذا ساروا أىّ وقت كان.
وفى الحديث: (من راح إلى الجمعة) (2)، أى من خف إليها.
ولم يرد (رو 2 النهار).
وهكذا قال الهروى،
(1) من خ.
(2) البخارى، كالجمعة، بفضل الجمعة 3 / 2، أبو ثاود، كالطهارة، فى الغسل يوم الجمعة (315)، النسائى: كالجمعة، بوقت الجمعة لط 138) ء
(8/15)
16 كتاب البروالصلة / باب فضل صلة أصدقاءال الب والأم ونحوهما إِذَا مَلَّ ركُوبَ الرَّاحلَة، وَعِمَامةويَشُدُّ بِهَا رَأسَهُ.
فَبَيْنَا هُوَ يَوْمًا عَلَى ذَلكَ الحِمَارِ، إِذ مَرّ بِه أعْرَابِئ.
فَقَالَ: أَلَستَ ابْنَ فُلاَنِ بْنَ فُلاَنِ ؟ قَالَ: بَلَى فَاعطَاهُ الحًمَارَ وَقَالَ: ارْكبْ هًذَا.
وَالعِمَامَةَ، قَالَ: اشْلُدْ بِهَا رَأسَكَ.
فَقَالَ لَهُ بَعْضُ اصْحَابه: غَفَرَ اللّه لَكَ اعْطَيْتَ هَذَا الأعْرَابِىَّ حِمَازا كُنْتَ تَرَوَّحُ عَلَيْهِ، وَعمَامَة كُنْتَ تَشُدُّ بِهًاَ رَأسَكَ! فَقَالَ: إِنِّى سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّ مِنْ أبَر البِرّ، صلَةَ الرخلِ أهْلَ وِدَ أبيه، بَعْدَ أنْ يُوَئىً لما، وَإِن أبَاهُ كَانَ صَدِيفا لِعُمَرَ.
وقد قدمنا نحن الكلام على مقتضى قوله: (من راح) واختلاف المذهب فيه فى موضعه من الكتاب.
قال القاضى: الأشبه عندى فى هذا الموضع أن يكون من الاستراحة، اْلا تراه كيف
قال: " إذا مل ركوب الراحلة) ؟ وأنه يستريح بتبديل مركبه، وهذا موجود معلوم.
والراحة والروح والرويع بمعنى.
قاله صاحب العين والجمهرة.
وفوله (إن أبر البر، صلة الرجل أهل ود أبيه): هو مما تفدم، والصلة واللطف والتحفى أحد معانى البر على ما تقدم.
ومن اْبر البر الوفاء لمن يلزم بره بصلة من كان يبره.
هو كما قال - عليه السلام - فى خبر خليلة خديجة: (إن حسن العهد من الإيمان) (1)، وفى الرواية اي!خرى: (أن يصل ود أبيه)، [ بضم الواو] (2)، اْى وداده.
(1) البخارى، كالاْدب، بحسن العهد من الإيمان 8 / 10، وسبق فى مسلم فى فضاثل الصحابة، فضل خديجة أم المؤمنين برقم (74)، الترمذى، كالبر والصلة، بما جاء فى حمن!ن العهد من الإيمان برقم (2017).
(2) من !.
(8/16)
كتاب البر والصلة / باب تفسير البر والإثم
17
(5) باب تفسير البرّ والإثم
14 - (2553) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُونِ، حدثنا ابْنُ مَهْدىٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ
ابْنِ صَالِح، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْر بْنِ نُفَيْر، عَنْ أَبيه، عَنِ التوًّاسِ بْنِ سمْعَانَ الانْصَارِىًّ، قَالَ: سَالَتُ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وسلم) عَنِ البِرِّ وَالإثْم؟ فًقَالَ: (البِرّ حُسْنُ الخُلقِ، وَالإِثْمُ مَأ حَاكَ فِى صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْه النَّاَسُ لما.
15 - (... ) حدّثَنِى هَرُون بْنُ سَعيدِ الأيْلِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْمب، حَدثَّنِى مُعَاوِيَة - يَعْنِى ابْنَ صَالِحٍ - عَنْ عَبْد الرًّ حْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرِ، !نْ أبِيهِ، عَنْ نَوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: أَقَمْتُ معَ رَسُولِ اَلله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمَدينَة سَنَةً، مَأ يمْنَعُنِى مِنَ الهِجْرَةِ إِلاَّ المَسْألَةُ.
كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْألْ رَسُولً اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ شَىْ!.
قَالَ: فَسَأ!تُهُ عَنِ البِرِّ
قوله: عن النواس بن سمعان الأنصارى، كذا فى النسخ كلها فى هذا الحديث، وقد
جاء فى غير هذا الموضع (الكلائى).
قال الحافظ أبو على الجيانى: هذا وهم، وصوابه الكلابى.
قال الإمام: المشهور فى نسب بن سمعان (الكلابى "، إلا أن يكون حليفا للأنصار،
وهو النواس بن سمعان بن خالد بن عمرو بن قريط بن عبد الله بن أبى بكر بن كلاب، كذا نسب العلائى عن يحيى بن معين.
وقوله: " ما حاك فى صدرك): قال الليث: الحيك: أخذ القول قلبك، يقال: ما يحيك القول فى فلان، ولا يحيك الفأس والقدوم فى هده[ الشجرة] (1).
قال شمر: الكلام الحائك ت الراسخ فى القلب.
قال القاصْى: قيل: معنى " ما حاك لما: رسخ، وقيل: تحرك.
وقال الحربى: هو
ما يقع (2) فى القلب، ولا ينشرح له الصدر، ويخاف فيه الإثم.
كذا الرواية: حاك يحيك، ويقال: حك يحك، واحتك يحتك.
قال الخليل: والحكاكات الماَثم، وما حاك كلامك فى فلان: أى ما يحصل ولا أثر.
و (أحاك) لغة، قالها صاحب العن، واْنكرها ابن ثريد.
وقال أبو عبيد: " الإثم ما حك فى صدرك " يقال: حك الشىء فى صدرى، اْى لم ينشرح به، وبقى فى قلبك منه شىء.
وقال بعضهم: حاك ورسخ وحك: وقع ولم
(1) من ح.
(2) فى خ: وقع.
(8/17)
18 كتاب البروالصلة / باب تفسيرالبروالإثم وَالإِثْم ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (البِر حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِى نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ لا.
42 / بيطمئن إليه قلبك.
وقد جاء فى حديث اَخر: " الإثم ما حاك فى نفسك /، وكرهت أن يطلع عليه الناس) إشارة إلى ما استقبحته نفسك، ولم ينشرح لك، على ما تقدم.
وقوله: " والبر حسن الخلق): البر بمعنى الصلة كما تقدم، وبمعنى الصدق، بمعنى
اللطف والمبرة، والتحفى وحسن الصحبة والعشرة، وبمعنى الطاعة.
وهذه جماع حسن الخلق.
وأما قول النواس: (ما منعنى من الهجرة إلا المسألة، كان أحدنا إذا هاجر لم يسأل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن شىء) فمعناه عندى - والله أعلم -: اْن من لم يهاجر من الأعراب كانوا يجهلون (1)، ويجعلهم المهاجرون يسألون لحملهم على الجفاء، وكونهم أعراب.
وقد جاء نحوهذا مفسراً فى حديث ضمام (2).
(1) فى خ: يحتملون.
(2) شق فى كالإيمان، ببيان الصلوات التى هى احد أركان الإسلام برقم (8).
(8/18)
كتاب البر والصلة / باب صلة الرحم...
إلخ
19
(6) باب صلة الرحم، وتحريم قطيعتها
16 - (2554) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد بْنِ جَميلِ بْنِ طَرِيف بْنِ عَبْدِ الله الثَّقَفىّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَئاد، قَالا: حَد*شَا حَاتِمٌ - وَهًُابْنُ إسْمًاعِيلَ - عَنْ مُعَاوِيَةَ - وَهُوَ ابْنُ ابِى مُزَرِّد، مَوْلَى بَنِى هَاشم - حَدثنِى عَمَى أَبُو الحُبًاب سَعيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: ً قَالَ رسُولُ اللهَ طلآ: (إنَّ اللّهَ خَلَقَ الخَلقَ، حَتَى إِذَا فَرغً منْهُمْ قَامَت الرخمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَأمُ العَائذ مِنَ القًطيَعة.
قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ انْ أَصَلَ مَنْ وَصًلَكَ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَت: بَلَى.
َ قَالً: فَذَاكِ لَكِ).
ثُمَِّ قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " اقْرَؤُوا إٍ ن شئْتُمْ: { فَهَلْ عَسَيْتمْ إِن تَوَليْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ.
أُوْلَئِكَ الَّذينَ لعَنَهُمَُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُم رَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ.
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَئ قُلُوبٍ أَففَالُهَا} (1) لما.
17 - (2555) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَزُهيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لابى
بَكْرٍ - قَالا: حدثنا وَكِيعٌ، عُنْ مُعَاويَةَ بْن أَبِى مُزَرِّد، عَنْ يَزيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَأئشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) + (الرَّحمُ مُعَلَّقَةٌ بالعًرشِ، تَقُولُ: مَنْ وَصَلَنى وَصَلَهُ اَللّه، وَمَنْ قَطَعَنِى قَطَعَهُ الله لما.
18 - (2556) حلّلنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزهْرِىِّ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَدْخُلُ الجَئةَ قَاطِعٌ ).
وقوله: (قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة)، وقوله: " الرحم معلقة بالعرش ": اعلم أن الرحم التى توصل وتقطع ويتوجه فيها البر والإثم إنما هى معنى من المعانى، وليست بجسم، دإنما هى القرابة والنسب، واتصال مخصوص تجمعه رحم والدة، فسمى ذلك الاتصال بها.
والمعانى لا توصف بقيام ولا كلام ولا يصح منها.
وذكر مقامها وتعلقها هنا ضرب مثل، وحسن استعارة على مجاراة كلام العرب لتعظيم
شأن حقها، وصلة المتصفين بها المتواصلن بسببها، وعظم إثم مقاطعتهم وعقوقهم ؛ ولذلك سمى عقوقها قطعا وهو معنى العقوق.
والعق: الشق، كأنه قطع ذلك النسب الذى يصلهم
(1) محمد: 22 - 24.
(8/19)
كتاب البر والصلة / باب صلة الرحم...
إلخ
قَالَ ابْنُ ابِى عُمَرَ: قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِى قَاطِعَ رَحِمٍ.
19 - (... ) حدّثنى عَبْدُ اللّه بْنُ مُحَمَّد بْنِ أسْمَاءَ الضُّبَعىُّ، حَدثنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالك، عَنِ الرفرِىِّ ؛ أنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطعِمٍ أخْبَرَهُ ؛ أَنَّ أَبَاهُ أخْبَرَهُ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قًالَ: ا لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ ).
(... ) حد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْد الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
َ
به، أو قيام ملك من ملالْكة الله تعالى وتشبثه بالعرش وكلامه عنها ذلك الكلام بأمر الله تعالى.
وأما قوله: " لا يدخل الجنة قاطع رحم) فمعناه: أمراً ما أن جازاه الله وعاقبه، كما
جاء فى غير حديث فى أصحاب الذنوب حتى يعاقبوا عليها إما بدخول النار أولا، [ داما] (1) بإمساكه مع أصحاب الأعراف، أو بطول حسابه ومناقشته على ذلك، والسابقون وأصحاب الجنة يتنعمون حينئذ، أو يكون فعل ذلك[ مستحلا، كما] (2) قيل فى غير ذلك من قاتل النفس، وغيره من المذنبين.
وقوله: (من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته): الصلة: العطف والحنان والرحمة.
وصلة الله لعباده رحمتُه لهم وعطفه بإحسانه، ونعمه عليهم، أو صلته له بأهل ملكوته، والرفيق الأعلى، وقربه منهم جل اسمه بعظيم منزلته عنده، وشرح صدره لمعرفته.
ولا خلاف أن صلة الرحم واجبة على الجملة، وقطعها (3) كبيرة.
والأحاديث فى هذا الباب من منعه الجنة يشهد لذلك، ولكن الصلة درجات، بعضها[ فوق] (4) بعض، وآدناها ترك المهاجرة.
وصلتها ولو بالسلام كما قال - عليه الصلاة والسلام.
وهذا بحكم القدرة على الصلة وحاجتها إليها، فمنها ما يتعين ويلزم، ومنها ما يستحب ويرغب فيه، وليس من لم يبلغ أقصى الصلة يسمى قاطعا، ولا من قصر عما ينبغى له ويقدر عليه يسمى واصلا.
واختلف فى حد الرحم التى يجب صلتها، فقال بعض اْهل العلم: هى كل رحم محرمية مما لو كان أحدهما ذكرا حرم عليه[ نكاح (5) الاخر، فعلى هذا لا يجب فى بنى
(1) فى خط: او.
(3) فى خط: وقطيعتها.
(5) فى ز: مكان، والمثبت من ح.
(2) فى هاممنى حد.
(4) فى خط: وأرفع.
(8/20)
كتاب البر والصلة / باب صلة الرحم...
إلخ 21
20 - (2557) حدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُيحيى التُّجِيبِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، اخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ انَسِ بْنِ مَألِك، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يًقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، أَوْ يُنْسَأ فِى أثَرِهِ، فَليَصِلْ رَحِمَهُ).
21 - (... ) وَحدّثنى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَد*شِى ابِى، عَنْ جَدِّى حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالد، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَاب أَخْبَرَنِى انَسُ بْنُ مَألك ؛ انَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أحَبًّ أًنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، وَينْسَا" لَهُ فِى أَثَرِهِ، فَليَصَل رَحِمَهُ).
22 - (2558) حدّثنى مُحَمَّد بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ العَلاًءَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأعمام وبنى الأخوال وبنى العمات.
واستدل على قوله بتحريم الجمع بين الأختين والمراْة وعمتها وخالتها مخافة التقاطع، وجواز ذلك / بين بنى العم والخال.
وقيل: بل هذا فى كل ذى رحم ممن ينطلق عليه ذلك فى ذوى الأرحام فى المواريث، محرميا كان أو غيره.
وقد جاء فى أثر: أن الله يسأل عن الرحم ولو بأربعيئ، ويدل على هذا قوله - عليه الصلاة والسلام -: (ومولاك، ثم أدناك فأدناك) (1).
وقوله: " من سره أن يبسط له فى رزقه، وينسأ فى اثره، فليصل رحمه،: بسط الرزق: سعته، قيل ذلك بتكثيره، وهو الأظهر، وقيل بالبركة فيه.
والنسأ: التأخير.
والاَثر: الاَجل.
سمى بذلك لاَنه تابع الحياة.
ومعنى التأخير هنا فى الاَجل - مع ال الاجال لا يزاد فيها ولا ينقص، وهى مقدرة فى
علم الله - قيل: هو بقاَ ذكره الجميل بعده على الألسنة موجوداً، فكأنه لم يمت.
وقيل: هذا على ما سبق به العلم والقدر أنه ان وصل رحمه فأجله كذا، دإن لم يصل فكذا.
وفى علم الله - تعالى - أنه لابد له من أحد الحالين، على ما سبق له فى أم الكتاب.
وهذا مثل ما سبق من السعادة والشقاوة، مع تكليف العمل والطاعة، ونهيه عن المعصية، وقد سبق له فى أم الكتاب ما سبق من سعادة أو شقاوة ؛ ولذلك قال العامل: فلم العمل ؟ فقال - عليه الصلاة والسلام -: (اعملوا فكلّ ميسر لما خلق له " (2).
وهذا هو الوجه الصحيح فى الحديث.
قوله[ فى] (3) الذى قطعه أهل رحمه وهو يصلهم: (كأنما تسفهم المل): أى
(1) سبق فى حديث رقم (2) من هذا الكتاب.
(2) البخارى، كالتفسير، بسورة{ وَاليلِ اٍذَا يَغْشَى} 6 / 211، الترمذى، كالقدر، بما جاء فى الشقاَ والسعادة 4 / لمه 3 برقم (1 236)، أحمد 1 / 82، كلهم عن على بن أبى طالب.
(3) من !.
43 / أ
22
(8/21)