كتاب الفرائض / باب ميراث الكلالة
(2) باب ميراث الكلالة
5 - (1616) حئثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَدِ بْنِ بُكَيْرٍ النَّاقِدُ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدِرِ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله قَالَ: مَرِضْتُ فَأتَانِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبُو بَكْرٍ، يَعُو! انِى، مَاشِيَان، فَأغْمِىَ عَلَى، فَتَوَض! ثُمَ صَ! ث عَلَى مِنْ وَضُوئِه، فَا"فَقْتُ.
قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، كَيْفَ أَفضِى فِى مَالِى ؟ فَلَمْ يَرُدَ عَلَىَّ شَيْئأ، حَتَى نَزَلًتْ ايةُ الميرَاثِ: يَسْفَتونَكَ قُلِ اللهُ يفْتِيكُمْ فِي الْكَحلَةِ} (1).
6 - (... ) حئثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِم بْنِ مَيْمُونٍ، حدثنا حَخاجُ بْنُ مُحَمَد، حَدثنَا
ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالىإخْبَرَنِى ابْنُ المنكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: عَ ال نِىًا لنَبِى ( صلى الله عليه وسلم )
قال القاضى - رحمه الله -: قول جابر: (مرضت فأتانى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واْبو بكر - رضى الله عنه - يعودانى): ما استن فيه مشة العيادة واحتساب الخطا بالمشى وإن بعد المنزل لفضل الثواب والأخذ بما ورد أن عائد المريض فى مخارف الجنة.
وقوله: (فوجدنى قد أغمى على، فتوضأ - عليه السلام - ثم صوت على من وضوئه فأفقت): فيه بركته - عليه السلام - وكرامته فيما لمسه أو باشره أو دعى فيه.
! وفيه عيادة المغمى عليه وقد فقد عقله إذا كان معه مَيق يراعى أمره ؛ لئلا يوافق منكشفا أو بحالة يكره كشفها.
وقد قيل: أما الرجل الصالح المحتسب لأجره ومَنْ ترجى بركة دعوته فله ذلك، وإلا فيكره لغيره إلأ أن يكون للمريض مَنْ يرعى حاله كما تقدم.
وقوله: (فقلت: يا رسول الله، كيف أصنع فى مالى ؟ فلم يرد على شيثا حتى نزلت آية الميراث: { يَسْتَفتونَكَ تُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ} !، وفى الأخرى: (إنحا يرشى كلالة)، وفى الحديث الاَخر: (فنزلت آية الفرائض)، وفى الحديث الآخر: " فنزلت: { يُوصِيكُمُ الذُ فِي أَوْلادِكُمْ} (2))، وفى الأخرى: (اَية المواريث): فيه جواز الوصية للمريض وان بلغ هذا الحد وفارقه فى بعضى الأحيان عقله، إذا كان فى وقت وصيته يعقل ؛ لأن الله تعالى أنزل فى هذه الآية: { مِنْ بَعْدِ وَصِية يوصَى بِهَا اَرْ دَيْنٍ } (3)، وفيه انتظاره - عليه السلام - الوحى فيما ينزل به من النوازل، وفيه دلالة على أنه لا يعدل إلى الاجتهاد
(1) 1 لنساء: 176.
(2) النساء: 11.
(3)1 لنساَ: 12.(5/330)
كتاب الفرائض / باب ميراث الكلالة 331 وَالو بَكْر فِى بَنِى سَلمَةَ يَمْشِيَانِ، فَوَجَدَنِى لاَ أعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضاَ، ثُمَ رَشَ عَلَى منْهُ، ! فَأفَقتُ، فَقُلتُ: كيفَ أ!نَعُ فِى مَالِى يَا رَسُولَ اللّه ؟ فَنَزَلَتْ ة يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادَكُمْ لِلايهَرِ مِثْلُ حَط الأُنثَيَيْن (1).
7 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَاريرىُّ، حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ - يَعْنِى ابْنَ مَهْدِى - حَدثنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمعْتُ مُحَمَدَ بْنَ اَلمَنكَدرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: عَادَنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأَنَا مَرِيض، وَمَعَهُ أبُو بًكْر، مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِى قَدْ اغْمىَ عَلَى، فَتَوَضاَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَ ! بَّ عَلَىَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَا"فَقْتُ، فَإفَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقُلتُ.
: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَصْنَعُ فِى مَالِى ؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَى شَيْئا، حَتَّى نَزَلًتْ آيَةُ ا لمِيرَاثِ.
8 - (... ) حدثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِبمِ، حَدثنَا بَهْز، حَدثنَا شُعْبَةُ، أخْبَرَنِى مُحَمَدُ بْنُ المُنكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يقُولُ: دَخَلَ عَلى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأنَا مَرِيض لاَ أعْقِلُ، فَتَوَضاَ، فَضَتوا عَلَى مِنْ وَضُوئِهِ، فَعَقَلتُ.
فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِئمَا يَرِثُنِى كَلاَلَة!، فَنَزَلَتْ ايةُ المِيرَاث.
فَقُلتُ لِ!حَمَدِ بْنِ المَن!دِرِ: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الئَهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} ؟ قَالَ: هَكَنمَا !لزِلَتْ.
(... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا الئضْرُ بْنُ شُمَيْل وَاوربو عَامِر العَقَدِى.
وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، حَا لنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، كَلُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ،
فِى حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرَائضِ.
وفى حَديث النَّضْرِ وَالعَقِدى: فَنَزَلَتْ آيَةُ الفَرْضِ وَلَيْسَ فِى رِوَايَةِ أحَد مِنْهُمْ: قَوْلُ شُعْبَةَ لاِبْنِ المَن!دِرِ.
9 - (1617) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أىِ بَكْر المُقَئَمِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى - وَاللَّفْظُ
والنظر إلا عند عدم النصوص إن قلنا بتجويز الاجتهاد من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (2)، وهى مسألة اختلف فيها.
(1) النساء: 11
(2) راجع: الاجتهاد لعبد القاثر ئبو العلاص 205، وللحصول 2 / 3 ص 7.
2 / ب
2 كم(5/331)
كتاب الفرائض / باب ميراث الكلالة، لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَا شَا يحيى بْنُ سَعيد، حَدثنَا هشَام، حَدثنَا قَتَ الةُ، عَنْ سَالِبم بْنِ أَ! الَجَعْد، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أبِى طَلحَةَ ؛ أنًّ عُمَرَ بْنَ الخًطَّابِ خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَة.
فَذَكَرَ نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَذَكَرَ أبَا بَكْر.
ثُمَّ قَالَ: إِنّى لاَ أدعُ بَعْدى شَيْئا أَهَمَّ عنْدِى مِنَ الكَلاَلَة، مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى شَىء مَا رَاجَعْتُهُ فِى اهَلاً لَةِ، وَمَا أَغْلَظً لِى فِى شَىء مَا أَغْلَظَ لِى فِيهِ، حَتى طَعَنَ بإِصْبَعِهِ فِى عدْرِى.
وَقَالَ: (يَا عُمَرُ، ألاَ تَكْفِيكَ آيَةُ الضيْفِ التَّى
وقوله فى حديث عمر: إنى لا اْح بعدى شيئا أهم عندى من الكلالة ما راجعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى شىء ما راجعته فى الكلالة، وما أغلظ لى فى شىء ما أغلظ لى فيه حتى طعن بإصبعه فى صدرى، وقال: (يا عمر، ألا يكفيك اتة الصيف التى فى اَخر النساء ؟) دانى إن أعش أقضى فيها بقضية يقضى بها من يقرأ القرآن ومن لا يقراْ القرآن.
وعند البراء: اخر اَية نزلت: { يَسْتَفْتُونَكً قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} (1).
ومحنى آية الصيف: اْي التى نزلت فى زمن الصيف.
قال الإمام - رحمه الله تعالى -: اختلف الناس فى اثشقاق بر الكلالة، فقيل: أخذت من الاحاطة، ومنه: الإكليل ؛ لإحاطته بالرأس.
فكان هذا الميت به من جنابة، وقيل: أخذت من البعد والانقطاع من قولهم: الرحم إذا تباعدت فطال انتسابها، ومنه: كل فى مشيه: إذا انقطع لبعد مسافته.
واختلف العلماء بعد هذا الاشتقاق فى هذا المعنى إذا وضع، هل لنفس الوراثة إذا لم يكف فيها ولد ولا والد، فيكون نصب (كلالة) على موضع المصدر، كأنه قال: يورث وراثة يقال لها: كلالة، كما يقال: يقتل غيلة، ذهب إلى هذا طائفة (2).
وقالت طائفة أخرى (3): بل هى تسمية للميت الذى لا ولد له ولا والد، واستوى فيه الذكر والأنثى، كما يقال: صرورة فيمن لم يحج (4)، ذكرًا كان أو أنثى، وعقيم للرجل والمرأة، فينتصسب " كلالة) على أصل هؤلاء على الحال، أى يورث فى حال كونه كذا.
وقد روى عن أبى بكر وعمر وعلى وزيد وابن عباس وابن مسعود: الكلالة من لا ولد
له ولا والد (5).
وقالت طائفة اْخرى: بل هى تسمية للورثة الذين لا ورثة فيهم ولا والد،
(1) 1 لنساء: 176.
(2) الاستذكار 15 / 460.
وقال ابن عبد البر: وعليه جماعة التبعين بالحجاز والعراق وجماعة الفقهاَ.
(3) قال لبن عبد البر: وروى ئو إسحق السبيعى عن سلمان بن عبد السلولى قال: أجمع الناس أن الكلالة من لا ولد له ولا والد.
انظر: الابق.
(4) ورد فى اللسان: صرورة بمعنى: للرجل لم يحج، وهكذا أطلق فى لباهلية.
(5) انظر: لبن كثير 2 / 201، القى طمى 77 / 5.(5/332)
كتاب الفرالْض / باب ميراث الكلالة صهر3 فِى اَخِرِ سُورَة النِّسَاءِ ؟) وَإِنِّى إِنْ أَعِشْ أَقْض! فِيهَا بِقَضِية، يَقْضِى بِهَا مَنْ يَقْرَا القُران وَمَنْ لاَ يَقْرَا الَقُران.
واحتجوا بقول جابر: (يا رسول الله، إنما يرثنى كلالة) (1) وكان أبوه قتل يوم أحد.
واحتجوا بقراءة من قرأ من الشواذ: (يورث! بكسر الراء، وشد!!ا بعضهم.
وقالت طائفة أخرى: الكلالة تسمية للمال الموروث كلالة (2) وينتصب (كلالة) على أصل هؤلاء على التمييز.
وف!بت الشيعة اْن الكلالة من لا ولد له ذكرأ أو أنثى دإن كان له أب أو جد فورثوا الأخوة والاءخوات مع الأب، وروى ئلك عن ابن عباس، وهى رواية شافة لا تصح عنه والصحيع عنه ما عليه جماعة العلماء.
وذكر بعض الناس الإجماع على أن الكلالة من لا والد له ولا ولد.
واختلف فى الورثة إفا كان فيهم جد، هل الوراثة كلالة أم لا ؟ فمَنْ جعل الجد اْبًا
منع كون الوراثة كلالة، ومَنْ لم يجعله أبا وورث الأخوة معه جعل الوراثة كلالة.
وكذلك قال جمهور العلماء إذ الان فى الوراثة بنت، فالوراثة كلالة لدخول العصبة معها من الأخوات والأخوة وغيرهم من العصبة، وقد قال ابن عباس: لا ترث الأخت شيئا مع الابنة لقوله عز وجل: { لَيْسَ لَهُ وَلَد وَلَهُ اُخْتْ}، فشرط ىرم الولد، وى4 هـ - ال داود.
ومذهب الشيعة: أن الابنة تمنع من كون الوراثة كلالة ؛ لأنهم لا يورثون الأخ والأخت مع الابنة شيئًا لاشتراط عدم الولد فى ميراث الأخوة كما ذكر فى الآية، ويعطون المال كله للبنت، ويجعلون الوراثة كلالة وإن كان فيها أب أو جد.
ومجمل الشرط المذكور فى القرآن على اْنه لا يثبت فرض النصف الذى تعامل به الورثة
إلا بقدم الولد، فإنما دخل الشرط لذلك لا لنفى التوريث أصلاً، وقد شرط الله - سبحانه - اْنه فى ميراث الاكخ من أخته عدم الولد كما شرطه فى ميراث الأخت.
وأجمع الصحابة - رضى الله عنهم - أن الأخ يرثها مع البنت، فدل فلك على صحة ما تأولناه.
! إنما غر الشيعة - حتى فثبت إلى أنّ الكلالة من لا ولد له د ان كان / له اْب وورثت الأيخوة من الأب - قوله سبحانه: { تُلِ الئَهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ انِ امْرُؤ هَلَكَ لَيْسَ لَة وَلَد وَلَهُ أُخْت فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَوِثُهَا إن لمْ يَكُن لهَا وَلَد (3)، فشرط فى ميراث الأخوة عدم الولد خاصة، فلو كان الأب كذلك لاشترطه، وقد رأيت رجلا سأل ابن عباس عن الكلالة، فقال: من لا ولد له ولا والد.
فقال السالْل: فإن الله - سبحانه - إنما انتهى إلى ذكر
(1) حديث (8) با لباب.
(2) انظر: القرطبى 5 / 77، ابن كثير 2 / 1 0 2.
(3) 1 لنساء: 176.
3 / ءا
334(5/333)
كتاب الفرائض / باب ميراث الكلالة
(... ) وحدثنا أبُو بَكرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى
الولد.
قال: فانتهرنى.
وهذا يصحح ما قلناه من بطلان تلك الرواية الشاذة عنه.
وقد قال بعض الناس: إنما لم يذكر عدم الولد - دإن كان وجوده يمنع من كون الوراثة كلالة - لأن الاَية نزلت فى جابر وقد كان أبوه قُتل يوم أحد، دإنما كان ورثته سبع أخوات، فاكتفى ب!شهاد عدم أبيه عند سائر الصحابة عن اشتراط ذلك.
وقال آخرون: فإن الولد إشارة إلى الوالد - أيضا - لأن الولادة معنى يتضمن اثنيئ أبًا وولدا، قالوا: كما أصل الذرية من: ذرىِ الله الخلق إلى خلقهم، والولد من الذرية، والوالد كذلك، قال الله سبحانه: { فُزِئةَ منْ حَمَلْنَا مَع نوء} (1).
قال الإمام - رحمه الله -: وهذا تأويل بعيد، وفيه تعسف.
والذى يظهر لى فى الجواب عن هذا: أن الأب إنما لم يذكر ها هنا: لأئا قدمنا أن القصد باشتراط عدم الولد نفى الغرض المسمى الذى يقع فيه تعادل الأخت مع الورثة لا نفى التوريث على الجملة ؛ لأنا قدمنا أن الصحابة - رضى الله عنهم - سوى ابن عباس - ورثوا الأخت مع البنت، وحكينا - أيضا - اتفاقهم على توريث الأخ مع البنت.
! إذا كان ذلك كذلك فلا يجب ذكر عدم الأب ث لأن الأب ينتفى معه ميراث الأخوة
إلآ على وجه دون وجه، وإنما القصد بالاشتراط التجوز من أحد الوجهن الذى يفارق فيه الاْب الولد ة فلهذا ذكر الولد دون الوالد مع أنه - أيضا - يمكن وضوح حكم الأب عندهم ؛ لأنه قد استقر عندهم فى اْصول الفرائض: أن مَنْ تسبب بشخص لا يرث معه !ثالجدة مع الأم، والجد مع الاْب، وابن الابن مع الابن، والأخوة يتسببون بالاْب فلا يشكل سقوطهم معه، وليس كذلك سقوطهم مع الولد ة لأنهم لا يتسببون به، ولو ورثوا معه لم يكن فى ذلك مناقضة لاْصول الفرائض، كيف وهم يرثون معه إذا كان الولد اْنثى ولا يرثون مع الأب بحال، واكتفى عن اشتراط عدم الوالد لما قلناه.
وقد ذكرنا إجماع السلف على اشتراطه، إلا ما روى عن ابن عباس مما لا يصح عنه - والله أعلم.
وأما وجه مراجعة عمر - رضى الله عنه - للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وإجابته على آية الصيف، فلأنه
قد نزلت آية الكلالة المذكورة فى أول السورة، وذكر من الورثة الأخوة للأم خاصة، والإجماع على أن ذلك الفرض المذكور فيها على تلك الصفة ليس إلاّ الأخوة للأم، وبقى الإشكال فيمن سواهم، فزاد البارى - جلّ جلاله - بيانا بالآية الأخيرة من هذه السورة، فذكر - سبحانه - عقيب الكلالة الأخوة جملة، والمراد بهم الأشقاء اْو من الأب،
(1) 1 لإسراَ: 3.(5/334)
كتاب الفرائض / باب ميراث الكلالة 335 عَرُوبَةَ.
ح وَ حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ رَافِعٍ، عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَأر، عَنْ شُعْبَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ قَتَ الةَ، بِهَنً! الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
فاستوفت الاَيتان بيان حكم جميع الاَخوة، وجميعهم / كلالة إذا لم يكن والد ولا ولد، فأحال ( صلى الله عليه وسلم ) عمر - رضى الله عنه - على الاَية الأخيرة لزيادة البيان الذى تضمنته على الاْولى، وكان ما وقع من زيادة البيان ونزول بيان بعد بيان، يهدى عمر إلى حقيقة الأمر والمعنى والمراد، وكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) وثقه بفهمه، وأنه إذا أشير إليه بهذه الزيادة من البيان فهم معنى ما أشكل عليه.
وقد يطرأ الإشكال من جهة أخرى ولا يكون هو معنى ما سأل عنه عمر - رضى الله عنه - مثل دخول الجد فى ذلك، وقد قدمنا تخريجه على الخلاف بهذا القدر الذى يتعلق بها فى كتاب مسلم.
قال القاضى - رحمه الله -: قوله: وان اْعش أقض فيها بقضية...
الحديث، ظاهره أنه من كلام عمر.
وقوله: (يقضى بها من يقراْ القرآن ومن لا يقرأ القرآن) يعنى - والله أعلم - من بيانها، وأيضا حتى يقضى بها من فهمها من كتاب الله وبان له فقهها وغيرهم ممن لا يتفقه، ولكنه اتضح له وجه صوابها لظهوره أو لاشتهار القضاَ بها لاجماع الناس عليه.
وقد روى عن عمر فى الكلالة روايات مختلفة، فتارة كان لا يجعل الوالد كلالة، وتارة كان يجعله كلالة.
ورد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عمر إلى آية الصيف، ومعلوم أن عمر - رضى الله عنه - لأ يخفى
عليه معنى اللفظة من طريق اللغة - دليل على أن مقتضى اللفظة من جهة الشرع غير مفهوم بجملته عن طريق اللغة، فوكله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى استنباطه.
ففيه دليل على تفويضى الأحكام إلى أهل الاستنباط والمجتهدين، كما فوصل الجواب - عليه السلام - إلى عمر - رضى الله عنه - ووكله إلى استنباطه، وفيه رد على من يمنع استنباط معانى القراَن وللكلام فى تأويله واستخريغ حكمه وأحكامه لظاهر النهى عن القول فى القرآن بالنهى لرأى، ولما ورد أنه مخطئ وإن أصاب.
وتأويل هذا عند العلماء فى القائل فيه بيانه على غير أصل ومن ليس من آل العلم بالاستنباط.
ولم يختلف العلماَء أن المراد بالاَخوة - فى الاَية التى فى أول النساَ - أنهم من أم فقط.
وفى قراءة سعد - رضى الله عنه -: (وله أخ أو أخت من أم)، وأن المراد بالأخوة فى الاَية الأخيرة اْنهم من أب وأم، أو أب فقط أفاد عدم الشقائق.
3 / ب
336.(5/335)
كتاب الفرائض / باب آخر اَية أنزلت آية الكلالة
(3) باب آخرآية أنزلت آية الكلالة
10 - (1618) حدئمنا عَلِى بْنُ خَشْرَم، أخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنِ ابْنِ أبِى خَالد، عَنْ أبِى إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاء، قَالَ: آخِرُآيَة أدزِلتْ مِنَ القُران: { يَسْتَفْتُونَكَ قًلِ الئًة ئفْتِيكمْ فِي الْكَحلَةِ} (1).
َ ء
11 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ ئنُ المُثَئى وابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر،
حدثنا شُعْبَةُ عَيق أبِى إسْحَقَ قَالا: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِب يَقُولُ: آخِرُآيَة أنرِلَتْ آيَةُ الكَلالَةِ، واَخِرُ سُورَة انزلَتْ: بَرَاءة.
12 - (... ) صدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الحَنْظَلِى، أخْبَرَنَا عِيسَى - وَهُوَ ائنُ يُونُسَ - حَدثنَا زَكَرَئاءُ، عَنْ أمِ! إِسْحَاقَ، عَنِ البَرًاءِ ؛ أن اخرَ سُورَة انزِلَتْ تَامَّة سُورَةُ التَّؤبَةِ، وَأن اخرَآيَة ألزِلَتْ آيَةُ اهَحَلَةِ.
(... ) حتثنا أبُو كُرَيْب، حَدثنَا يحيى - يَعْنى ابْنَ !ثَمَ - حَدثنَا عَمَار - وَهُوَ ابْنُ رُزيق - عَنْ أيِى إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاء، بمثْله.
غَيْرَ ؟نَهُ قَالَ: اَخرُ سُورَة انزِلَتْ كَاملَةً.
س ص ه !!َ، ً صَ كَص، ءه ص ص يوَءُ ص ئحس ص، 5َ، 5 ص
13 - (... ) حدثنا عمرو الناقِد، حدثنا أَبو احمد الزبيرِى، حدثنا مالك بن مغول،
عَنْ أمِ! السَّفَرِ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: آخِرُآيَة انزِلَتْ: { يَسْمفَتونَكَ}.
ً
وذكر فى هذا الحديث (مالك بن مِغْول، بكسر الميم وسكون الغن على (اْبى السئَفْر) بفتح السن وسكون الفاء، وقيل: بفتحها وهو الأكثر عند المحدثين، وبالوجهين ضبطه الشيوخ، وكثر ما قيدناه عن شيوخنا بالسكون، وعن بعضهم بالفتح، وهو الذى قيده الجيانى، وبذلك قيده ابن ماكولا، وعبد الغنى.
قال الباجى: معظم قرائنا فيه بإسكان الفاء.
وقال الدارقطنى: بفتح الفاء، على ما يقوله أصحاب الحديث.
وقد فرّق بين المضبطين اْصحاب الموتلف فذكروا السكون فى الأسماء والفتح فى الكنية.
قال الإمام - رحمه الله تعالى -: رأيت أن أملى تلخيصا فى الفرائض يستقل به الفقيه إن اقتصر عليه، ونذرت فى التصرف فيه إغناءه عن جمع مسائل الفرائض المستفتى
(1) 1 لنساء: 176.(5/336)
كتاب الفرائض / باب اَخر آية أنزلت آية الكلالة 337
عنها، وقد حفظته لجماعة ورويتهم عليه بلفظ المسائل، فالتفوا عن مطالعة الكتب.
فاعلم أن الوارثين من الرجال: الأب وأبوه دإن علا، والابن وابنه وإن سفل، والأخ من اْى جهة / كان وابنه دإن سفل، سوى العم أخى الأب من الأب وولده، والزوج، ومولى النعمة.
ومن النساء: الأم وأمها، وأم الاكب دإن عليا، والبنت وبنت الابن دإن سفلت، والأخت من اْى جهة كانت، والزوجة، ومولاة النعمة.
والفروض ستة: ثلثان ونصفها وربعها، والنصف ونصفه وربعه.
فالثلثان فرض أربعة أصناف: اثنتان فصاعدًا من بنات الصلب، أو من بنات الابن،
أو من الأخوات الشقائق، اْو من الأخوات للأب.
والثلث فرض صنفين: الأم مع عدم الولد والأخوة وفرض الاثنين فصاعدا من ولد الأم
ما كانوا.
والسدس فرض سبعة: كل واحد من الأبوين مع الولد وولد الابن، وأحد فروض الجد، وفرض الجدة أو الجدات إذا اجتمعن، وفرض الأم، والواحد من أولاد الأم ما كان، وفرض بنات الابن مع بنت الصلب، وفرض الأخوات للأب مع الأخت الشقيقة.
والنصف فرض الزوج، وفرض واحد من أصحاب الثلثن.
والربع فرض الزوج مع وجود الحاجب، وفرض الزوجة أو الزوجات مع عدمه.
والثمن فرض الزوجة أو الزوجات مع وجوده.
والحجب على ضربين: نقص دإسقاط.
فأما النقص: فالولد وولد الابن يردان الاْبوين والجد إلى السدس، إلا أن الأب والجد يرثان ما بقى بالتعصيب، ويردان الزوج إلى الربع والزوجات إلى الثمن.
واثنان من الأخوة فصاعدًا يردان الأم إلى السدس، وتعطى ثلث ما بقى فى مسألتن: أبوان مع زوج أو زوجة.
وابنة الصلب ترد بنت الابن إلى السدس، وكذلك الأخت الشقيقة ترد الأخت للأب إلى السدس.
وأما حجب الإسقاط: فاثنتان من بنات الصلب تسقطان بنات الابن إلا أن يكون مع بنات الابن ذكر فى درجتهن أو تحتهن فيرد عليهن، وكذلك الشقيقتان يسقطان الأخوات للاْب، إلاّ أن يكون مع الاْخوات للأب ذكر فى درجتهن خاصة فيرد عليهن، والأم تسقط الجدات كلهن، والجدة القربى من جهة الأم تسقط البعدى من جهة الأم بل تشاركها، وولد الأم يسقطه عمود النسب: الاب والجد والولد وولد الابن.
وأما حجب العصبة: فقد عقدنا أصله عند ذكرنا له فيما تقدم.
والجد مع الاَخوة يقاسمهم ما لم تنقص المتقاسمين الئلث، وإن كان فى الورثة ذو سهام
4 / ْ ا
338(5/337)
كتاب الفرائض / باب آخر اية اْنزلت آية الكلالة
4 / ب
حكم فيما فضل عنهم بهذا الحكم والجدات أن يأخذ منهم السدس وينتزع من حكم التعصيب كما للأخوة الاثنين المسألة المشتركة أن ينتزعوا من التعصيب، وهى: زوج وأم وأخوات لأم وأخوة أشقاء.
فإن المال إذا استوعب جميعه أهل الفرض قال الاشوة الإشقاء للأخوة للأم: هب أن أبانا حمارا ليست أمنا واحدة، فيثاركونهم فى الثلث وللأخوة الاْشقاء معاداة الجد بالأخوة للأب وسيبتدلْون بما حصل بجميعهم، إلأ اْن يفضل عن الإناث منهم فضلة فتزيد على فرد منهم، فتعطى / لمن كان من جهة الاب والأم منهم.
وللجد مقاسمة الأخت وإن انفردت عنه بالفرض الذى عيل لها به فى الفريضة التى تسمى الاكدرية، وتسمى الفراء، هى: زوج وأم وجد وأخت شقيقة أو لاممب، فإن المال إذا استوعبه من سوى الأخت عيل للأخت بالنصف، ثم ضمت نصفها إلى سدس الجد، واقتسماه للذكر مثل حظ الانثيين.
ولو كان بدل الأخت أختان لم يصل لها لبقاء فضلة من المال لحجبها الأم إلى السدس.
هذه جملة الفرائض التى من أحاط بها علما علم كل ما يستفتى عنه ويكثر نزوله.(5/338)
كتاب الفرائض / باب من ترك مالا فلورثته
339
(4) باب من ترك مالا فلورثته
14 - (1619) وحلّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا أبُو صَفْوَانَ الأمَوىُّ، عَنْ يُونُسَ
ص نص
الأيْلِى.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى - وَاللَّفظُ لَهُ - قَالَ: أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أبى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ، عَنْ أىِ هُرَيْرَةَ ؛ أَنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجلِ الممتَ، عَلَيْهِ الذَيْنُ، فَيَسْألُ: (هَلْ تَرَكَ لِلَيْنِهِ مِنْ
قال القاضى - رحمه الله تعالى -: وقوله: كان يؤتى ب[ الرجل] (1) الميت عليه الدين[ فيسأل] (2) - عليه السلام -: (هل ترك لدينه[ من] (3) قضاء ؟) فإن ترك [ وفاءً] (4) صلى عليه، دالا قال: (صلوا على صاحبكم)، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفى وعليه دين فعلى قضاؤه، ومَنْ ترك مالأ فهو لورثته!، وفى الحديث الاَخر: (فأيكم ما ترك دينا أو ضياعا فأنا مولاه) الحديث، وفى رواية أخرى: (ومن ترك كَلاً وليتهُ): الكَل، بفتح الكاف، أصله: الثقل، ثم استعمل فى كل أمر معل متعب، والمراد به هاهنا: العيال.
قال الخطابى (5): والضيعة والضياع هاهنا وصف لورثة الميت بالمصدر، أى ترك بنين وعيالأ اولِى ضيعة، أى لا عائل لهم.
والضياع فى الاَصل مصدر لما ضاع، ثم جُعل اسما لكل ما هو بصدد، وأن يضيع من عيال وبنين لا كافل لهم، وسميت الأموال التى يحتاج إلى القيام عليها من الأرضين ضيعة ؛ لاْنها معرضة للضياع وإن لم يقم عليها.
وقوله: (فأنا مولاه): أى وليه ومتولى القيام عليه، كما قال فى الحديث الآخر: (وليته).
واختلف فى تأويل هذا الحديث، فقيل: يحتمل أن تركه للصلاة أولا على الميت لاْجل ألدين الذى عليه، إذا لم يترك له وفاء إذا تداينه فى فساد، أو غير وجه مباح، وقيل: يحتمل إذا تداينه وهو يعلم اْنه لا يقضيه، وأن ذمته لا تفى بما عليه، وقيل: كان هذا أول الاسلام، ثم نسخ ذلك لما فتح الله الفتوحات وصار لجميع المسلمن حق فى بيت المال، وفرض لهم سهم الغارمين.
والحديث المتقدم يدل عليه وينص على ذلك.
فقيل على هذا فى قوله: (على): اْى لازم من بيت المال دين الفقراء.
وقيل: بل كان فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هدا - مَنْ ترك الصلاة على أهل الدين - أدئا لأصحاب الديون ليسعوا فى اْدالْها، ويرغبوا عن الاستكثار منها، ولئلا يستأكلوا أموال الناس فتذهب.
وقيل على هذا: معنى قوله: (وقد ترك دينا فعلى): الوعد بأن الله سيقضيه
(1 - 4) سقط من الأصل.
(5) انظر: أعلام لل!يث ص 1192.
ه / أ
340(5/339)
كتاب الفرائض / باب من ترك مالا فلورثته قَضَاء ؟ "، فَإنْ حُدِّثَ أنَهُ تَرَكَ وَفَاءً!لَّى عَلَيْه، وَإِلأَ قَالَ: (صَلُوا عَلَى صَاحبكُمْ)، فَلَمَا فًتَحَ اللهُ عًلَيْهِ الفُتُوحَ قَالَ: (أنَا أوْلَى بِالمُؤمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفَىَ وَعًلَيْهِ دَينٌ فَعَلَىَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالأ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ).
(... ) حدئنا عَبْدُ المَلك بْنُ شُعَيْب بْن اللَيْث، حَدثنى أبى عَنْ جَدِّى، حَدثَّنى
، ص!!لاص ص !، صو، 5َ، َ ص ه ص !كلَ ص 5،، 5، 5ً ص ير 5،، هَ عقيل.
ح وحدثنى زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن اخى ابن ص ص ص يرَه،، ص ص !شً، ص يره، ءً، ءُ، 5 صءُه ص ص صَ شِهابدح وحدثنا ابن نمير، حدثنا ابى، حدثنا ابن ابى ذئب، كلام عنِ الزهرى، بهذا الإِسْنَادً، هَنَا الحَل!يثَ.
ًًًَ
15 - (... ) حَدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا شَبَابَةُ، قَالَ: حَدثنِى وَرْقَاءُ، عَنْ أبِى الزَناد، عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (وَالَّذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَد! إِنْ عَلًى الأرْضِ مِنْ مُؤْمِن إِلاَّ أنَا أوْلَى النَّاسِ بِهِ، فَايكُمْ مَا تَرَكَ حينا أَوْ ضَيَاعأ فَا"نَا مَوْلاَهُ، وَأئكُمْ تَرَكَ مَالأ فَإِلَى العَصًبَةِ مَنْ كَانَ).
16 - (... ) حدئنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرراق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ هَمَام
ابْنِ مُنئه، قَالَ: هَذَا مَا حَدبرشَا أبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَ اليثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اً دتهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أنَا أوْلَى الئاسِ بِالمُؤْمِنِينَ فِى كِتَابِ اللهِ - عَزَّ وَجَلث، فَأئكُمْ مَا تَرَكَ
عنه بما يفتح الله على الم!سلمن مما وعده الله به من ذلك، لا على اللزوم والضمان.
وقيل: معنى: (اْنا أولى بالمؤمنن) كما قال الله تعالى: { للئبِي أَوْلَن بِالْمُؤْمِنِينَ} لكنى لا أرثهم، ويدل عليه نص حديث أبى هريرة من رواية البخارى: (ما منِ مؤمن إلا وأنا أولى الناس به فى الدنيا والاخرة، اقرؤوا إن شئتم: { الئبِ! أَوْلَن بِالْمُؤْمِنِيئ مِنْ اَنفُسِهِمْ وَاً زْوَاجُهُ} الاية (1)، فمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعًا فليأتنى، وأنا مولاه) (2)، فنبه أنه لا ميراث / إلا لذوى الأرحام، واْن التبنى والموارثة بالحلف قد أبطلها الشرع، فمن ترك مالا فلذوى رحمه ومن يرثه بكتاب الله تعالى، ومن ترك دينًا فعلى أداؤه مما فرض الله له من مال الله.
َ
(1) 1 ياحزاب: 6.
(2) البخارى، كالتفسير 6 / 145.(5/340)
كتاب الفرائض / باب من ترك مالافلورثته 341 لحَيْنًا أوْ ضَيْعَةً فَادْعُونِى، فَا"نَا وَلِيُّهُ.
وَأيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالآ فَليُؤْثَرُ بِمَالِهِ عَصَبَتُهُ.
مَنْ كَانَ).
17 - (... ) حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرىُّ، حَدثنَا ألِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْءَ!ئّ ؛
أنَّهُ سَمِعَ أبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبًىّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ اَئهُ قَالَ: (مَنْ تَرَكَ مَالأ فَلِلوَرثَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلا فَللَيْنَا)).
(... ) وَحَدثنِيه أبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ، حَدثنَا غُنْمَر.
ح وَحَدثَّنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَد، شَا
عَبْدُ الرخْمَنِ - يَعْنِىَ ابْنَ مَهْدِئّ - قَالا: حَدثنَا شُعْبَةُ، بِهَنَما الإِسْنَادِ.
غَيْرَ أَن فِى حَلِيثِ غنمَرٍ: (وَمَنْ تَرَكَ كَلأ وَلِيتُهُ).
ومعنى قوله: (فادعونى فأنا وليه): استغيثوا فى أمره، ومنه قوله تعالى: { وَادْعُوا ثُهَداءَكُم نِن !ودط الله} (1)، أى استغيثوا بهم، وأصل الدعاء الاستغاثة.
قال الخطابى (2): وفى الحديث جواز الضمان على الميت، ترك وفاء بالديون اْولا،
وهو قول الشافعى وابن أبى ليلى، وهو مذهب مالك وغيره.
وقال أبو حنيفة: إن لم يترلىً وفاء لم يلزم الضامن.
(1) ا لبقرة: 23.
(2) سبق فى كتاب الجنائز.
342(5/341)
كتاب الهبات / باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
24 - كتاب الهبات
(1) باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه
ا - (1620) حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا مَالِكُ بْنُ أنَ!مبى، عَنْ زَيْدِ
ابْنِ أسْلَمَ، عَنْ أبيه ؛ أنَ عُمَرَ بْنَ الخَطَابِ قَالَ: حَمَلت عَلَى فَرَس عَتِيق فِى سَبِيلِ اللّه، فَاع ضَاعَهُ صَاحِبُمُ! فًظًنَنْتُ اَنهُ بَائِعُهُ بِرُخْمبى، فَسَألتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ فَلِكَ ؟ فَقَالَ: (َلا تَبْتَعْهُ وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ، فَإِن العَائِدَ فِى صَدَقَتِهِ كَاهَلبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ لا.
صء!، أو، 5، ءه ص فحص ص، يرءَ ه هً ه ةَء
(... ) وحدثنيه زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحْمنِ - يعنِى ابن مهدِى - عنْ مالِكِ
ابْنِ أنَ!مبى، بِهَنَا الَإِسنَادِ.
وَزَادَ: (لأَ تَبْتَعْهُ يَاِنْ أعْطَاكَهُ بِدِرْهَبم).
كتاب الصدقات والهبات
وقوله - رضى الله عنه -: حملت على فرس عتيق فى سبيل الله فأضاعه صاحبه لأنه
أراد ابتياعه، فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا تبتعه، ولا تعد فى صدقتك، فإن العائد فى صدقته كالكلب يعود فى قيئه!، وفى الحديث الآخر: (كمثل الكلب يعود فى قيئه فيثله)، وفى الرواية الأخرى: (كمثل الكلب يقىء ثم يثل قَيْأهُ)، وفى الحديث الاَخر: ال!لعائد فى هبته) مكان قوله: (صدقثه!.
الفرس العتيق هو: الجواد الكريم.
ومعنى الحمل هنا فيه تأويلان: أحدهما: هبته وتملكه له للجهاد.
والثانى: تحبيسه عليهم.
! اضاعته يحتمل تأويين: أحدهما - وهو الاْظهر -: اْنه لم يحسن القيام عليه.
والثانى: إضاعته فى استعماله فيما حبس له.
فإن كان حبسئا فقد يحتمل أن عمر - رضى الله عنه - ظن اْنه يجوز له هذا ويباح شرعًا الحبس.
لكن مغ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من شرائه، وتعليله بالرجوع فى الهبة - دليل أنه لم يكن حبسئا ؛ إذ لو كان حبسًا لم يخص مغ شرائه بعلة الهبة ولعلل بالحبس، إلا أن يكون هذا الضياع قد بلغ به إلى عدم الانتفاع فيما حبس لذكره، فهذا يجوز بيعه عند مالك ليستبدل (1) وأباه عبد الملك.
واختلف الناس فى محمل النهى منه - عليه السلام - فى هذا الحديث، هل هو على على العموم أو على الخصوص ؟
(1) انظر: التمهيد 1 / 209.(5/342)
كتاب الهبات / باب كراهة شراء الانسان ما تصدق به...
إلخ 343 2 - (... ) حدثنى امَيَّةُ بْنُ بسْطَامَ، حَدثنَا يَزِيدُ - يَعْنى ابْنَ زُريعٍ - حدثنا رَوْخ - وَهُوَ ابْنُ القَاسِ! - عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلَمَ، عَنْ أبِيه، عَنْ عُمَرَ ؛ َ أَدهُ حَمَلَ عَلَى فَرَس فِى سَبِيلِ اللّه، فَوَجَدَهُ عِنْدَ صَاحِبه وَقَدْ أضَاعَهُ، وَكَانَ قًلِيلَ المَالِ، فَأرَادَ أنْ يَشْثَرِيَهُ، فَا"تَى رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ ذَلكَ لَهُ ! فَقَالَ: (لاَ تَشْتَرِهِ، طَ نْ اعْطِيتَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِن مَثَلَ العَائِدِ فِى صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ اهًلبِ يَعُودُ فِى قَيْئِهِ).
(... ) وحدّثناه ابْنُ أبى عُمَرَ، حَا شَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْد بْنِ أسْلَمَ، بِهَنَا الاِسْنَاد.
غَيْرَ
أنى حَدِيثَ مَالِك وَرَوْحٍ أتَمُ وَكْثَرُ.
3 - (1621) حدثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنى عُمَرَ بْنَ الخَطَابِ حَمَل على فَرَس فِى سَبِيلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأرَادَ أنْ يَبْتَاعَهُ،
فقال الطبرى: هو خاص، فإن الهبة للثواب باشتراط ذلك أو بعرفه له بالرجوع، وكذلك الرجوع للأب فيما وهب لولده، لانما ذلك فيما وهب لله وطلب الأجر أو لصلة رحم فهذا لا رجوع له.
قال غيره: وبهذا يكون قوله: (فى صدقته) مفسرا لقوله: (فى هبته)، وهذا هو قول مالك فى اعتصار (1) الأم والأب والجد والجدة، ووافقه الشافعى وأبو ثور فى الجد أنه يوصى، وحجة هولاء الحديث الذى رواه ابن عمر - رضى الله عنه -: ا لا يحل للرجل أن يعطى عطية ويرجع فيها إلا الوالد فيما يعطى ولده)، وتخصيص الوالد بذلك إذ جعل له النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حقا فى مال الابن، وأنه لا يقطع فيه ولا يحد ؛ لأنه من كسبه، كما جاء فى الحديث.
وقاس هولاء الأم والجدين عليه ؛ إذ هما بمعناه، وانطلق عليه اسم الأبوة.
وقالت طائفة: هو على العموم وليس لامرئ أن يهب هبة ويرجع فيها، وروى عن بعض السلف وهو قول أحمد وطاوس، وقيل: ذلك خصوص فيما وهب لذى رحم او زوج، وأما لغيرهم فله الرجوع، وهو قول الئورى والنخعى، وبه قال إسحق، وروى عن عمر، وقال الكوفيون (2): هو خصوص فى ذى الرحم المحرم لا رجوع فيه كان / زائلًا او غيره، صغيرًااْو كبيرًا.
فأما غيرهم من ذوى الأرحام والاْجانب فله الرجوع.
ثم اختلفوا هل ذلك على الايجاب والندب والتنزه، فقال من جعلها عامة: هى واجبة لقوله: (العالْد فى هبته كالعائد فى قيئه)، والمراد بهذا الواهب فمانها عائدة عندهم عليه، (1) الاعتصار عند مالك هو: الرجوع فى الهبة.
انظر: للتمهيد 7 / 235 - 238.
(2) لفظر: للتمهيد 7 / 235 - 238.
ه / ب
344(5/343)
كتاب الهبات / باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به...
إلخ ! فَسَاكلَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ فَلِكَ ؟ فَقَالَ: لالاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ).
(... ) وحدّثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَابْنُ رمحٍ، جَمِيغا عَنِ اللّيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَ حدثنا المُقَحَّمِى وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قَاَلأَ: حَدبرشَا يَحْيَى - وَهُوَ القَطَّانُ.
ح وَحَدصثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبِى.
ح وَ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا أَبُو اسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْد الله، كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِك.
قال: فلما حرَّم العود فى قيئه كذلك يحرم عليه العود فى هبته.
وهذا كلام غير سديد، وتأويل بعيد ؛ لأن القىء لا يحرم العودة إليه، وإنما يتنزه عنه ويستقبح فعله ويستقذر ؛ إلاّ أن يتغير بأحد أوصاف النجاسة من لون أو رائحة أو صفة، وإنما هو تمثيل كما قال فى الحديث الآخر: (كالكلب يعود فى قيئه)، وهو وجه الكلام، وهو الذى يقتضيه ويبينه قوله فى الرواية الأخرى: (كمثل الكلب يقىء ثم يأكل قيأه)، وبهذا يصح التشبيه.
والأولون قد يتأولون ذلك على التقديم والتأخير، اْى هو يقىء ثم يأكل قيأه، كمثل الكلب.
واحتجوا - أيفخا - بقوله فى حديث ابن عمر - رضى الله عنه - وابن عباس: الا يحل لواهب أن يرجع فى هبته).
والآخر يتأولونه على الخصوص كما تقدم.
وكذلك اختلفوا فى النهى عن الشراء، هل هو على التحريم اْو الندب ؟ على ما سيأتى ذكره.
وحكى ابن المواز أنّ من العلماء مَنْ أجازه، وقالوا: وإنما فهمناه من شرائه لئلا يكون كالراغب فى رد ما يخرجه لله والنادم عليه، فأشفق - عليه السلام - من فساد النية، كما يحرم على المهاجر الرجوع إلى وطنه بعد الفتح.
قال الإمام - رحمه الله -: يحتمل بأن يعلل هذا بأن المتصدق عليه اْو الموهوب له قد يستجيبان منه فيتسامحانه فى الثمن، فيكون ذلك رجوعا فى ذلك القدر الذى حط، وبهذا علل عبد الوهاب كراهة اشتراء الهبة والصدقة جميعًا، دإن كان قد وقع فى المؤَازية (1) فيمن حمل على فرس.
قال: إن لم يكن للسبيل ولا للمسكنة فلا بأس أن يشتريه، وكأنه رأى اْنه إذا لم يكن لذلك فهو هبة، والهبة تخالف الصدقة عنده، ولا يكون فى الحديث عليه
(1) وهى كتاب فى فروع الفقه المالكى، يوجد منه قطعة قديمة فى خمس عشرة!رقة فى المكتبة الخاصة ملك: محمد الطاهر بن عاشور بتونس، وهى نبة لابن المواز.
وهو اْبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندرى بن الموَّاز المالكى، ولد سنة 180 هـ، تتلمذ
على محمد بن الحكم وغيره، كان له فضل كبير فى تبويب فروع الفقه المالكى، ت سنة 269! وقيل: سنة ا 28 هـ.
انظر: الوافى بالوفيات للصفدى 1 / 335، الديباج لابن فرخون ص 232، الأعلام للزركلى 6 / 83 1، معجم لا ؤلفن 8 / 0 0 2.(5/344)
كتاب الهبات / باب كراهة شراءالإنسان ماتصدق به...
إلخ 345 4 - (... ) حدّثنا اثنُ أبِى عُمَرَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظُ لِعَبْد - قَالَ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الرفرِىِّ، عَنْ سَالِم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِى سَبِيلِ اللّهِ، ثُمَّ راها تُبَاعُ فَا"رَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، فَسَامملَ النَّيِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَتَعُدْ فِى صَدَقَتِكَ، ياَ عُمَر).
حجة لقوله: (على فرس عتيق فى سبيل الله)، فإنما وقع النهى عنده لأنه على جهة الصدقة.
ومن جهة المعنى: أن الصدقة مقربة لله - سبحانه - ولا يحسن الرجوع فيما تقرّب به إليه تعالى، والهبة ليست كذلك فاستخف شراؤها، وما وقع فى الطريق الآخر الذى ذكرناه: (العائد فى هبته) فلم يذكر ذلك عقيب نهيه عن الشراء، بل هو كلام مبتدأ، فقد يحمل على العود بغير معارضة فلا يكون فيه حجة على ما وقع فى الموازية.
وظاهر إطلاق مالك يوذن أنه حمل التمنى على الندب ؛ لاءنه قال: لا ينبغى أن يشتريها وقال: يكره.
وظاهر ما فى الموازية حمل النهى على المنع، وكذلك قال الداودى: إنه حرام.
فعلى القول بحمل ذلك على الكراهية لا يفسخ العقد وعلى القول بحمله على التحريم قال بعض شيوخنا: يفسخ، وفيه نظر لأجل الاختلاف فيه، ولأنه ليس كل نهى يدل على فساد المنهى عنه.
واختلف المذهب فى المنافع، هل هى كالرقاب أم لا ؟ فقال ابن المواز: كل من تصدق بغلة سنين ولم يتبل الأصل، فلا بأس أن يشترى المتصدق ذلك، وأباه / عبد الملك، واحتج بحديث النهى عن الرجوع فى الصدقة، وأجاز لورثته اْن يشتروا المرجع.
قال: والحجة لمالك حديث العرية.
قال بعض الشيوخ: العرية أصل قائم بنفسه أجيز للمرفق ورفع الضرر فلا يقاس عليه غيره.
قال القاضى - رحمه الله -: واختلفوا فى الهبة للثواب، فأجازها مالك، وهو قول الطبرى داسحاق (1)، ومنعها الشافعى ورآها من البيع المجهول الثمن والأجل، وهو قول أبى ثور وأبى حنيفة (2).
وذكر مسلم فى هذا الباب: حدثنا قتيبة وابن رمح، جميعًا عن الليث، وحدثنا المقدمى ومحمد بن المثنى، قالا: نا يحيى - وهو القطان - ونا ابن نمير، ونا أبى، وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، نا أبو أسامة، عن عبيد الله، كلاهما عن نافع.
فقوله: (عن عبيد الله ! يعنى جميع من ذكر فى غير حديث الليث وهم: القطان وابن نمير وأبو أسامة.
وقوله: (كلاهما) يعنى الليث المذكور.
وفى السند الأول: عبيد الله، وهو العمرى.
(1) دنظر: للتمهيد 7 / 241.
وقد ذكر لن إسحق لجازها على نحو قول مالك ولهى حنيفة.
(2) المصدر السابق 7 / 241.
6 / أ
346(5/345)
كتاب الهبات / باب تحريم الرجوع فى الصدقة والهبة...
إلخ !
(2) باب تحريم الرجوع فى الصدقة والهبة بعد القبض
إلا ما وهبه لولده إن سفل (1)
5 - (1622) حئثنى إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرأزٍ!" وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالا: أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدّثَنَا الأوْزَاعِىُّ، عَنْ أبِى جَعْفرٍ مُحَمَدِ بْنِ عَلِى، عَنِ ابْنِ المُسَيبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أن النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَثَلُ الَّنِى يَرْجِعُ فِى صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ اهَلبِ يَقِىءُ ثُمَ يَعُودُ فِى قيئِهِ، فَيَاكُلُمُا).
(... ) وحدثناه أبُو كُرَيْب مُحَمّدُ بْنُ العَلاَءِ، أخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنِ الأوْزَاعِىِّ،
قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِى بْنً الحُسَيْنِ يَذْكُرُ بِهَنَا الاِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
ص ص ! ص،، 5، ص ص ممتص، يرص ص ممص ص هء ص ممتص ه ص
(... ) وحدثنِيهِ حجاج بن الشاعِرِ، حدثنا عبد الصمدِ، حدثنا حرب، حدثنا يحمص - وَهُوَ ابْنُ أيِى كَثِير - حَا شِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو ؛ أنّ مُحَمَدَ ابْنَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَا لهُ، بِهَنَا الإِشنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِهِمْ.
6 - (... ) وَحَدّثَنى هَرُونُ بْنُ سَعيدٍ الأيْلِىُّ وَأحْمَدُ بْنُ عِيَسى، قَالا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْرو - وَهُوْ ابْنُ الحَارَثِ - عَنْ بُكَيْر ؛ أنَهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ المُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَئاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إِنَّمَا مَثَلُ اثَذ! يَتَصَلَّقُ بِصَدَقَة ثُمَ يَعُودُ فِى صَدَقَتِهِ.
كَمَثَلِ اهَلبِ يَقِىءُ ثُمَ جملُ قَيْأهُ).
7 - (... ) وحدّثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ سَمعْتُ قَتَ الةَ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ انَهُ قَالَ: (الَعَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَالعَائِدِ فِى قَيْئِهِ لا.
(... ) وحدثّناه مُحَمَدُ بْنُ المُثثى، حَا شَا ابْنُ أبِى عَدِ!، عَنْ سَعِيد، عَنْ قَتَالمحةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
(1) سبقت الاشارة بليه فى للباب السابق.(5/346)
كتاب الهبات / باب تحريم الرجوع فى الصدقة والهبة...
إلخ 347 8 - (... ) وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا المَخْزُومِىُّ، حَا شَا وُهَيْ! ب، حَدةَشَا
عبدُ الله بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَئاَسِ، عَنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (العَائِدُ فِى هِبَتِهِ كَامَلبِ، يَقِىءُثُمَ يَعُوُدُفِى قيئِهِ).
348
(5/347)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة
(3) باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة
9 - (1623) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْد الرخمَنِ وَعَنْ مُحَفدِ بْنِ النعْمَانِ بْنِ بَشير ؛ يُحَدثانِهِ عًنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ؛ أنَهُ قَالَ: إِنَّ أَبَاهُ أَتَى به رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: إِنِّى نَحًلتُ ابْنِى هَنَا غُلاَمًا كَانَ لِى.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ثُل وَلَدِكَ نَحًلتَهُ مِثْلَ هَنَا ؟) فَقَالَ: لاَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَارْجِعْهُ).
10 - (... ) وحدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَن
وقوله: إن النعمان بن بشير أتى به اْبوه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: إنى نحلت ابنى غلاما كان
لى، فقال - عليه السلام -: (كُل ولدك نحلته مثل هذا ؟)، فقال: لا.
فقال - عليه السلام -: (فارجعه)، وفى بعض طرقه: ا لا تشهدنى، فإنى لا أشهد على جور)، وفى بعضها: (اتقوا الله، واعدلوا فى اْولادكم) وفى بعضها: (أشهد على هذا غيرى)، ثم قال: لأ اْيسرك أن يكونوا لك فى البر سواء ؟) قال: نعم.
قال: (فلا إدا)، وفى بعض طرقه: ا لا (1) يصلح هذا، وإنى لا أشهد إلاّ على حق).
فى مصنف الترمذى (2): (إذ لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم، كما إذ لك عليهم من الحق أن يبروك).
قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى إعطاء بعض البنين دون بعض، فالذى يحكيه بعض أصحابنأ عن مالك والشافعى وأبى حنيفة: أنهم يكرهون ذلك، ولكنه إن نزل مضى عندهم (3).
وخالفهم غيرهم من الفقهاء وقال: ترد العطية (4).
وقد وقع فى المذهب اضطراب فيمن أخرج البنات من تحبيسه، هل ينفذ إذا وقع أو يفسخ على الإطلاق أو يفسخ بشرط ألا يموت[ أو بشرط ألا يموت] (5) ولا يجاز عنه.
وقال بعض شيوخنا بأن هذه الأقوال تجرى فى هبة بعض البنن دون بعفو، وعندى ان وجه الكلام فى هذه الأقوال: أن مَنْ حمل النهى فى هذا والاءمر على الالزام فسخ، ومَنْ
(1) فى الأصل: ليى.
(2) لا يوجد هذا الحديث فى مصنف الترمذى، بفا هو فى صق أبى داود، كالبيوع 2 / 262.
(3) لطاوى 7 / 544.
(4) منهم طاوس وأحمد للسحاق وددود.
انظر: د طاوى 7 / 544.
(5) هذا الكلام مكرر.
(5/348)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة 349 حُمَيد بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّد بْنِ الئعْمَانِ، عَنِ النُّعْمَانِ بْن بَشيرٍ، قَالَ: أَتَى بِى أبِى إلَى رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: إِنِّى نَحَلتُ ابْنِى هَنَا غُلاَمًا، فَقَالَ: (اَ!اللًّ بَنِيكَ نَحَلتَ ؟) قَالَ: لاَ.
قَالَ: (فَا رْدُ دْ).
11 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ!اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، عَنِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنَا قُتَ!مَةُ وَابْنُ رُمْح، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَحَدثنَا إِسْحًقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ،
حمله على الاستحباب أمضى، ومَنْ طلب زيادة ترجيح بين هذين الأصلن تقديرأ على الحيازة ؛ لاكن الهبة قبل أنْ تجاز لواهبها الرجوع فيها عند جماعة من المخالفيئ وعلى قولة شاذة عندنا، ومَنْ راعى الموت خاصة فإنه قال ذلك فى الأب ؛ لأن له الاعتصار ما دام حيا وبموته يبطل الاعتصار، فراعى قدرته على الحل على وجه ما فى الهبات.
وسبب أضطراب العلماء فى حمل تلك على الوجوب أو الندب: ما وقع من اختلاف اْلفاظ الحديث ؛ لأن قوله ( صلى الله عليه وسلم ): الأشهد غيرى) يشر عندهم إلى أنه مكروه أو خروج عن الأحسن، فأتوقاه أنا فى نفسى ولا أوجب على غيرى توقيه.
قال: وقد علل - اْيضا - بقوله: (أيسرك اْن يكونوا لك فى البر سواء)، وظاهر هذا اْن النهى لثلا يقع منهم تقصير، قالوا: وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ) أيفئا: (فأرجعه) / فأمره باعتصاره لأن الأب يعتصر، ولو كان باطلأ لقال: هو مردود، ولم يفتقر إلى ارتجاع المعطى.
وقال آخرون: فإن قوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا أشهد على جور) يدل على المنع ؛ لأن الجور
ممنوع منه ؛ لأنه الميل عن القصد والعدول عنه.
ومنه: جار السهم: إذا عدل السهم عن الغرض.
ومَنْ حمل هذه الظواهر على الندب يصح أن يسمى الميل فى مثل هذا جوزا.
واحتجوا - أيضًا - بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (اتقوا الله، واعدلوا بين أبنائكم) وظاهر الأمر
على الوجوب.
وفى هذا اختلاف بين اْهل الأصول، والذى وقع فى الترمذى (1) من اْمثل ما يتمسكون به ؛ لأنه قال ( صلى الله عليه وسلم ): (إن لهم عليك من الحق) وظاهر لفظه على تقيد الإلزام وا لوجوب.
وقد تتوزع فى عطية الصذيق عائشة - رضى الله عنها - إحدى وعشرين وسقا، فاحتج به من لا يرى العدل بين البنن واجبًا.
وقال اخرون: لعله أعطى قبلها من وساها، أو علم أنهم راضون بما فعل.
وتتوزع - أيضا - فى صفة العدل بين البنيئ، فمال ابن القصار إلى التسوية بين الذكر والأنثى، ومال ابن شعبان إلى التفضيل على نسبة المواريث.
(1) سبق الاسْارة إلى أن الكلام وقع فى أبى داود وليس فى للتى مذى.
6 / ب
350 (5/349)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرزاق، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كُلُهُمْ عَنِ الرفرِىّ، بِهَنَا الإِسْنَاد.
أفَا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَفِى حَدِيثِهِمَا: (اجل بَنِيكَ).
وَفِى حَلِيثِ اللَيْثِ وَابْنِ عُيَيْنَةَْ: (كُل وَلَدِكَ لما.
وَرِوَايَةُ اللَيْثِ عَنْ مُحَمَدِ بْنِ الئعْمَانِ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرخْمَنِ ؛ أن بَشِيرم جَاءَ بِالئعْمَانِ.
12 - (... ) حئثنا قُتَيْيَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا جَرِير!، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيمِ! قَالَ: حَدثنَا الئعْمَانُ بْنُ بَشِير، قَالَ: وَقَد أَعْطَاهُ أبُوهُ غُلاَطً، فَقَالَ لَىُ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا هَنَا الغُلاَمُ ؟) قَالَ: أعْطَانِيهِ أَ!.
قَالَ: (فَكُل إِخْوَتِهِ أَعْطَيْتَهُ كَمَا أعْطَيْتَ هَنَا ؟).
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (فَرُده).
1 / 7
واختلف - أيضا - فى ذلك من تقدم من غير أصحابنا، وقد قال محمد بن إسحق فى شرته: لم يكن لأبى النعمان بنت، فعلى ما حكاه ابن إسحق لا يكون حجة فى قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (أكُل ولدك نحلته مثل هذا).
قال القاضى - رحمه الله -: اختلف عن مالك فى تأويل هذا الحديث، فروى عنه
أنه قال: أرى ذلك أنه لم يكن له مال غيره، دانما ذلك فيمن نحل بعض ولده ماله كله.
وقد اختلف قول مالك فيمن وهب ماله كله لأجنبى أو لبعض ولده، هل يرد أو يمضى ؟ واختلف اْصحابه كذلك، فحكى ابن المنذر وغيره عن مالك وغيره من العلماء جواز إعطاء الاب بعض بنيه دون بعض، ونحوه فى كتاب محمد قال: وإنما يكره إذا نحل بعضهم جل ماله.
والأشهر عن مالك كراهة ذلك داجازته إذا وقع، وحكى أحمد بن نصر عنه اْنه إن نحل جميع ماله فليرتجعه.
وقال ابن القاسم: له ارتجاعه ما لم يمت.
وقال سحنون: مَنْ اْعطى ماله كله ولدئا أو غيره ولم يبق ما يقوم به لم يجز فعله.
قال غيره: مرة حمل مالك الحديث على الوجوب ومرة على الندب.
وممن قال بمنعها كرة طاوس وعروة ومجاهد والثورى وأحمد د اسحق وداود، والاَخرون على أنها على الكراهة، ويذهبون إلى تسوية الذكر والانثى.
وممن قال منهم يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين كقسمة الميراث: عطاء والترمذى ومحمد
ابن الحسن وأحمد وإسحق.
ووجه الجمع بين ألفاظ هذا الحديث إذ هو واحد وبناؤها سالْغ بين وهو أولى من إطر 2 اْحدهما اْو توهن الحديث بالاضطراب فى ألفاظه ؟ إذ ليس فيه ما يتنافى، وذلك بحمله على الندب والترغيب فى التسوية كما جاء فى بعض طرق حديث جابر: فأخبره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بثمل الأمور وأولاها ومخافة جر العقوق من بعضهم لذلك، / كما نته عليه فى الحديث الاَخر المتقدم لأعلى الوجوب بدليل قوله: (أشهد غيرى)، د ان(5/350)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولادفى الهبة 351 13 - (... ) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدشَا عَئادُ بْنُ العَوَّام، عَنْ حُصَيْني، عَنِ الشَّعْبِىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النعْمَانَ بْنَ بَشِير.
ح وَحَدثنَا يحيى بْنُ يحيى - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا أبُو الأحْوَصِ، عَنْ حُصَيْق، محَنِ الشَعْيِى، محَنِ الئغْمَانِ نجنِ بَشِير، قَالَ: تَصَدَّقَ عَلَىَّ أبِى بِبَعْضِ مَالِهِ.
فَقَالَتْ افى عَفرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أزضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَانْطَلَقَ أبِى إِلَى النَّبِى كلمة لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِى.
لفَالَ لَه"رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أفَعَلتً هَنَا بِوَلَدكَ كُلّهِمْ ؟).
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (ائقوا اللهَ وَإمحْدِئوا فِى أوْلاَدِكُمْ).
فَرَجَعَ أبِى.
فَرَدَ تِلكً الصَّدَقَةَ.
14 - (... ) حدئمنا أبُو بَكْرِ بْنُ أي!شَيبَةَ، حَا شَا محَلِى نن فسنهِر عَن أبِى حَيانَ، عَنِ الشَّعْبىّ، عَن الئعْمَان بْن بَشير.
ح وَ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد الله بْن نُمَيْر - وَاللَفْظُ لَهُ - ص عن، ص ص، 5، 5ً محرَغ، صبرص يره يرص 207َ ص نص أوه ص، 5، ص ص حدثنا محمد بن بِشر، حدثنا ابو حيان التيمِى، عنِ الشعبِى، حدثنِى النعمان بن بشيِر ؛ أنَّ امَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَألَتْ أبَاهُ بَعْضَ المَوْهُوبَة مِنْ مَالِهِ لابْنِهَا، فَالتَوَى بِهَا سَنَة، ثُمَ بَدَا لَهُ.
فَقَالَتْ: لاَ أرْضَى حتَى تُشْهدَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ عَلَى مَا وَهبتَ لاِبْنِى.
فَاخذَ أبِى بِيَدِى، وَأنَا يَوْمَئِذ غُلاَم!، فَا"تَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: َ يا رَسئولَ اللهِ، إن أم هَنَا - بِنْتَ رَوَاحَةَ - أعْجَبَهَا
كان قد استدل بعضهم لمخافة العقوق على الزجر لذلك بقوله: (أشهد غيرى)، إنما هو على تأويل بعضهم على التوبيخ والزجر لا على حقيقة الاباحة لذلك ث إذ ما لا يجوز اْن يشهد هو به لا يأمر غيره بالشهادة عليه، ولا يقبله، لكن ما تأولناه قَبْلُ أظهر فى الكلام.
وتسميته جورًا على هذا بمعنى أنه عدول عن الأول من التسوية، أى إنى لا أشهد ولا يعقد بين يدى إلآ الأتم فى العدل والاكمل فى الصلاح فأشهد غيرى، ويكون قوله: (اردده) أى إن هذا جائز لك وسائغ إن شئت إذ لك اعتصار، فالهبة دينك، فتستقيم جميع اْلفاظ الحديث على هذا، لاسيما ويتأكد حمله على الكراهة بما روى أنه كان يعرف من والد النعمان ميل لأم النعمان، فكان - عليه السلام - فهم منه الضرار عن بعض ولده بماله، فخرج عن طريق المعروف إلى طريق الضرر، ويدل عليه ما يلوح من قول المرأة: لا أرضى حتى تشهد لى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وإلى ما ذكرناه نحا أبو القاسم بن أبى صفرة.
وفيه كراهة شهادة أهل الفضل والعلم فيما يكره فعله ولو جاز عقده وأمضاه، لقوله: (أشهد غيرى).
352(5/351)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة أنْ اشْهِدَكَ عَلَى الَّذِى وَهَبْتُ لابْنهَا.
فَقَال رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا ؟).
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: (َاممللَّهلمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَنمَا ؟).
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (فَلاَ تُشْهِدْنِى إِدم، فَإِنِّى لاَ أشْهَدُ عَلَى جَوْر).
15 - (... ) حدّثنا ابْنُ نُمَيْر، حَدثَّنِى أبِى، حَدتَّشَا إٍ سمَاعِيلُ، عَنِ الشَّعْبِىِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشَير ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الَكَ بَنُون سِوَاهُ ؟) قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَكُلَّهُمْ أعْطَيْتَ مِثْلَ هَنمَا ؟! قَالَ 5َ لاَ.
قَالَ: (فَلاَ أشْهَدُ عَلَى جَوْر).
16 - (... ) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَاصِبم الأحْوَلِ، عَنِ الشَعْيِىِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير ؛ أنَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ لأبِيه: (لاَ تُشْهِدْنِى عَلَى جَوْر).
17 - (... ) حلّينا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدىتنَا كئدُ الوَهًّابِ وَعَبْدُ الأعْلَى.
ح وَ حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِى، جَميغا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ - وَاللَفْظُ لِيَعْقُوبَ - قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبى هِنْد، عَنِ الشَّعْبِى، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشير قَالَ: انْطَلَقَ بِى أبِى يَحْمِلُنِى إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَاذَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْهَدْ أّلى قَدْ نَحَلَت
والاعتصار للأب فيما وهبه لابنه جائز عند مالك (1) والشافعى (2)، كبيرا كان أو صغيرا، إلأ اْن مالكا يثبت الاعتصار عنده تغيير الهبة وحدوث الدين على الموهوب اْو زواجه (3)، على اختلاف فى مذهبنا فيما عدا مرض المعتصر، ولا يثبت ذلك عند الشافعى شىء، وأبو حنيفة (4) لا يرى الاعتصار بوجه.
وذلك مخصوص عند القالْلين بها.
قال الخطابى (ْ): وفى قوله: (ارجعه) دليل على أن القبة كانت مقبوضة.
وفيما
قاله نظر، فقد يكون " ارجعه) بمعنى ابقه على ملكك.
وقوله: (نحلت ابنى نحلا): أى أعطيتُ.
والنحلة: العطية بغير عوض، والنحل: الشىء المنحول.
+
قوله: (بعض الموهبة) كذا عند ابن عيسى، وعند كافتهم: (الموهوبة)، أى بعض
(1) لفظر: التمهيد 7 / 235.
(2) لفظر: ا لحا وى 7 / 544، 1 لتمهيد 7 / 239.
(3) ا نظر: ا لا شذكا ر 22 / 297، ما 2.
(4) ا نظر: لطا وى 7 / 445.
(5) انظر: معالم للسق 5 / 190، 191.
(5/352)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الأولاد فى الهبة 353 النُّعْمَانَ كَنَا وَكَذَا منْ مَالِى.
فَقَالَ: ( الاللَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلتَ مثْلَ مَا نَحَلتَ النُّعْمَانَ ؟).
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (فًاشمهِدْ عَلَى هَنَا غَيْرِى).
ثُمَّ قَالَ: (أيَسُرك أنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِى البِر سَوَاءً ؟ لما.
قَالَ: بَلَى.
قَالَ: (فَلاَ، إِفا ".
18 - (... ) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ عثمَانَ النَوْفَلىُّ، حدثنا أزهَرُ، حَد، شَا ابْنُ عَوْن عَن
ص كص ص ه
الشَّعْبِى، عَنِ النُّعْمَان بْنِ بَشيرٍ، قَالَ: نَحَلَنِى أبِى نُحْلاً، ثُمَ أَتِى بِى إِلَى رَسُولِ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ) لِيُشْهِدَهُ.
فَقَالَ: (كُل وَلَدكَ أَعْطثتَهُ هَنَا ؟).
قَالَ: لاَ.
قَالَ: (ألَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ البِرًّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِن ذَا ؟) قَالَ: بَلَىَ.
قَالَ: (فَإنى لاَ أشْهَدُ).
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَلَّثْتُ بِهِ مُحَمًّدًا.
فَقَالَ: إِنَّمَا تَحَدّ!نَا أنَّهُ قَالَ: (قَارِبُوا بَيْنَ
أوْ لاَدِ كُمْ).
سءه ص، 5، صوه،، ص ص كص، ص ! ص حمرء، يكل
19 - (1624) حدثنا احمد بن عبدِ اللهِ بنِ يونس، حدثنا زهير، حدثنا ابو الزبيرِ،
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَت امْرَأةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِى غُلاَمَكَ، وَأشْهِد لِى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَا"تَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَاً: إِنَّ ابْنِةَ فُلاَنٍ سَألتنِى أنْ أثحَلَ ابْنَهَا غُلاَمِى، وَقَالَتْ: أشْهِدْ لِى
الأشياء الموهوبة.
وأما الموهبة فاسم مصدر الهبة.
وقوله: (فالتوى بها): مطل، فاللى: المطل.
وقوله: (قاربوا بين أولادكم): ورويناه عن[ ألاتندس] (1)، (قارنوا) بالنون، ومعناه: سووا واجعلوهم فى العطايا وغيرها فى قران، ورويناه عن الصدفى والخشنى بالباء فى المقاربة، أى لا تفضلوا بعضهم وتباينوه بالعطايا وغيرها على بعض، قالوا: وفى إشهاده النبى ( صلى الله عليه وسلم ) دلالة على جواز شهادة الحكام و(شهادهم فى الأمور.
وفى قوله: (انطلق بى أبى يحملنى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ثم قال: إنى نحلت النعمان!ه: دليل على أن حوز الأب لما أعطاه ابنه الصغير حوز، واْنها لا تحتاج إلى حيازة غيره ؛ لأن النعمان كان حيحئذ صغيرًا، ولذلك قال: يحمله.
ولو كانت الهبة لا تصح إلآَ بحوز غيره لم يحتج - عليه الس!لام -.
لقوله له: (ارجعها).
ولا خلاف فى هذا بين العلماء فيما يعرف بعينه، وإنما الحلاف فيما لا يعرف بعينه من المكيل والموزون، هل يجزىْ تعينها والإشهاد عليها والختم والحوز ؟ أم حتى يخرجها من يده إلى يد غيره ؟ (2)
(1) هكذا فى الأصل.
(2)1 لتمهيد 7 / 242.
7 / ب
354 (5/353)
كتاب الهبات / باب كراهة تفضيل بعض الاْولاد فى الهبة رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (ألَهُ إخْوَةٌ ؟).
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: (أفَكُلَهُم أعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أعْطيتَهُ ؟) قَالَ: لاَ.
قَالَ: (فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَنَا، صاِنِّى لاَ أشْهَدُ إِلأَ عَلَى حقئا.
واختلف قول مالك (1) فى إعطاء الدنانير والدراهم بالوجهن، وكذلك اختلف قوله / فى حوزه له الهبة غير امتناع من ماله، واْبو حنيفة يجيز هبته (2) لما لا آف بعينه وإن لم يخرجه من يده ولا ختم عليه.
وقد اختلفوا فيما لم يقبض من الهبات، هل يلزم ؟ أم لا يلزم إلا بالقبض ؟ أم يلزم
ولا يتم إلاّ به ؟ فقال الحسن البصرى (3) وحماد بن أبى سليمان: الهبة عقد بالكلام كالبيع والنكاح ولا يحتاج إلى حوز، وهو قول أبى ثور وأحمد بن حنبل.
وعند كافة العلماء: إنها تحتاج إلى حوز وقبض الموهوب لها وإلا لم تتم، وهو مشهور مذهب مالك (4) وإن كانت عنده لازمة بالقول، وحكى عنه قول شاذ: أنها لا تحتاج إلى حوز، وهو تأويل عليه لا يصح منه بالحوز، وأبو حنيفة والشافعى يقولان: لا يلزم إلآ بحوز، وهم مجمعون على لزومها بالقبض وهبة المشاع عند مالك والشافعى وأبى ثور وأحمد بن حنبل جائرة (5)، لكن مالكا والشافعى يشترطان فيها الحوز، والاَخران لا يشترطانه، وعند أحمد رواية فى هبة ما لا يعرف بعينه: أنها لا تصح إلأ بالقبض.
(1) لنظر للسابق.
(2) انظر: بدالْع الصنالْع 8 / 2710.
(3) ا نظر: ا لحا وى 7 / 535.
(4) ا لتمهيد 7 / 242، 1 لحا وى 7 / 535.
(5)1 لتمهيد 7 / 240.
(5/354)
كتاب الهبات / باب العمرى
355
(4) باب العمرى
20 - (1625) حئثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنِ ابْنِ شهَاب،
عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِر بْنِ عَبْد الله ؛ أن رَسُولَ الَئه ( صلى الله عليه وسلم ) تَالَ.
(أيّمَا رَجُلٍ أعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلعَقبِه، فَإِنَّهَا لِلَّذِى اعْطِيهَاَ، لَاَ تَرْجِعُ إِلَى الَّذَى أَعْطَاهَا، لأنَّهُ أعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المًوًا رِيثُ).
21 - (... ) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَدُ بْنُ رمحِ، قَالا: أخْبَرَنَا اللَيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ، حَدثنَا لَيْ!ث، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أبِى سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد اللهِ ؛ أنَهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ أًعْمَرَ رَجُلأ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبهِ، فَقَدْ قًطَعَ قَوْلُهُ
وقوله: (أيما رجل أعمر عُمْرَى له ولعقبه)، وفى الرواية الأخرى: (فقال: قد أعطيتكها (1) وعقبك ما بقى منكم أحد، فإنها للذى أعطيها لا ترجع إلى الذى أعطاها)، زاد فى رواية مالك: (أبدًا ؛ لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث) (2)، وفى الرواية الأخرى: (فقد قطع قوله حقه فيها)، وفى الرواية الأخرى: (فهى له بتلة، لا يجوز للمعطى فيها شرط ولا ثُنْيا)، وفى حديث جابر: (إنما العمرى التى أجازها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) اْن يقول: هى لك ولعقبك، فأما إذا قال: هى لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها)، وفى الرواية الأخرى: (العمرى لمن وهبت له)، وفى الرواية الأخرى: (من أعمر عمرى فهى للذى اْعمرها حيا وميتا ولعقبه)، وفى الرواية الأخرى: (العمرى ميراث لأهلها)، وفى الرواية الأخرى: (العمرى جالْزة).
قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى العمرى، فمذهب مالك أنها تمليك منافع، وذهب المخالف إلى أنها تمليك رقبة للمعمر ولورثته بعده (3).
وتعلق المخالف بظواهر هذه الأحاديث كقوله: (العمرى لمن وهبت)، وكقوله: طلذى أعمرها حيا وميتا ولعقبه).
ومحمل هذه الأحاديث عند أصحابنا على أن المراد المنافع ؛ لأن الواهب إنما وهب منافع فلا يلزم أكثر مما وهب.
قال القاضى - رحمه الله -: أصل العمرى معناها اْن يقول الرجل للرجل: هذه الدار
(1) فى الأصل: اعطيتك.
(2) الموطأ، كالأقضية، بللقضاء فى للعمرى 2 / 756.
(3) ا نظر: ا لحا وى 7 / 540، 1 لا صتذكا ر 22 / 317.
1 / 8
356 (5/355)
كتاب الهبات / باب العمرى
حَقَّهُ فِيهَا، وَهِىَ لِمَنْ اعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ).
غَيْرَ أنَّ يحيى قَالَ فِى أؤَلَ حَلِيثِهِ: (أيُّمَا رَجُلِ اعْمِرَ عُمْرَى، فَهِىَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ لا.
22 - (... ) حدّثنى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بشْرِ العَبْدِىُّ، أخْبَرَنَا عبد الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْبم، أخْبَرَنِى ابْنُ شِهَاب، عَنِ العُمْرَىَ وَسُنَّتهَا، عَنْ حَدِيث أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؛ أنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ ألتهِ ا+نصَارِى أَخْبَرَهُ ؛ َ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (آئمَا رَجُل أعْمَرَ رَجُلأ عُمَرَى لَهُ وَلِعَقِبه، فَقَالَ: قَدْ أعْطَيْتُكَهَا وَعَقبَكَ مَا بَقِىَ مِنكُمْ أحَد، فَإِنَّهَا لِمَنْ أعْطِيَهَا، ! اِنَّهَا لاَ تَرْجِعُ إِلَىَ!احِبِهَا، مِنْ أجْلِ أَنهُ أعْطَىَ عَطَاء وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ).
23 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُ!يْد - وَاللَّفْظ لِعَبْد - قَالا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزّهْرِئ، عَنْ أبِى سَفَمَةَ، عَنْ جَابِر، !قَالَ: إِنَّمَا العُمْرَى التَّىِ أجَازَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أَنْ يَقُولَ: هِى لَكَ وَلِعَقِبِكَ، فَا"مَّا إِفَ! قَالَ: هِىَ لَكَ مَا عِشْتَ، فَإِنَّها تَرْجِعُ إِلَى!احِبِهَا.
قَالَ مَعْمَر: وَكَانَ الزُّهْرِىُّ يُفْتِى بِهِ.
لك عمرلىً، أو عمرى، قاله أبو عبيد (1)، قال: وأصله من العمر.
وقال غيره: اْعمرته الدار: جعلتها له عمرة، ولا خلاف إذا قال: أعمرتك وأسكنتك عمرى أو ما عثت، أنها غير تمليك رقبة، وإنما هى مجرد تمليك منافع.
وكذلك عندنا إذا أعمرها إياه وعقبه أو جعلها له عمرة وعمر عقبه، وعقب الرجل بكسر القاف: ولده.
فمالك يرى ذلك كله هبة منافع، ترجع عند انقراض من وهبت له صان بعد إلى ربها، وقول القاسم ابن محمد ويزيد بن نشيط والليث بن سعد، وهو أحد قولى الشافعى (2)، وأبو حنيفة يراها ملكًا للمعمر تورث عنه، سواء قال: لعقبك أم لم يقله (3)، وهو قول الحسن بن جنى وأحمد بن حنبل والثورى وأبى عبيد والشافعى، وحكى عن الشافعى أيضا فى هذا القول أنها تمضى إذا قال: لك ولعقبك، على اتباع نهى الحديث.
وحكاه أبو عبيد (4) عن مالك، وحكاه - أيضا - عنه الترمذى (5) من رواية معن بن عيسى، وهو ظاهر قول مالك فى الموطأ من رواية يحيى بن يحيى الأندلسى، وخالفه / غيره من الرواة، وهو اَخر
(1) انظر: غريب الحديث 2 / 77.
(2) لنظر: الحاوى 7 / 0 4 5.
(3) انظر: بدائع الصنائع 8 / 3673.
(4) غريب الحديث 2 / 78.
(5) الترمذى، لىًا لاْحكام، بما جاء فى العمرى 3 / 623 وقال: حسن صحيح.
(5/356)
كتاب الهبات / باب العمرى
357
24 - (... ) حدّثنَا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا ابْنُ أبِى فُدَيْك، عَنِ ابْنِ أبِى ذئْبٍ، عَنِ
ابْنِ شهَابٍ، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عبد الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ - وَهُوَ ابْنُ عبد الله - َ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَضَى فِيمَنْ اعْمِرَ عُمْرَى لًهُ وَلِعَقِبِهِ، فَهِىَ لَهُ بَتْلَةً، لاَ يَجُوزُ لِلمُعْطِى فِيهَا شَرْط! وَلاَ، شيَا.
قَالَ أبُو سَلمَةَ: لأنَّهُ أعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ فَقَطَعَتِ المَوَارِيثُ شَرْطَهُ.
25 - (... ) حدئنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ القَوَارِيرِى، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حدثنا هِشَام، عَنْ يحيى بْنِ أبِى كَثير، حَدثنِى أبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عبدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الئَهًِ ( صلى الله عليه وسلم ): (العُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ).
(... ) وحدثناه مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدثنِى أبِى، عَنْ يحيى بْنِ
مَنْ روى عنه الموطأ لقوله فيه: وذلك الأمر عندنا أن العمرى ترجع إلى من أعمرها إذا لم يقل: لك ولعقبك (1).
والمشهور عن مالك ما تقدم، وهو قول أبى ثور وداود، وتأول معظم علمائنا قوله فى الموطأ، أى: فإذا قال: ولعقبك فلا ترجع إليه إلاّ بعد انقراضه على شهود ومذهبه.
فإن قال: أعمرتك ولم يقل: ولعقبك، رجعت إذا مات لربها عند هولاء إذا كان حيًا، اْو لورثته بعده.
وهو مفهوم قول الشافعى فى هذا القول الذى نقله عنه ابن المنذر، والمشهور عنه مثل قول أبى حنيفة ؛ أن لفظ (الإعمار) تمليك.
وقول أبى ثور هذا هو قول ابن شهاب وأبى سلمة بن عبد الرحمن وابن أبى ذئب: المسكن عند موت الذى أسكن كما قال مالك فى العمرى، إلا ما ذكر عن الحسن وعطاء وقتادة أنهم سأووا بين اللفظين، وجعلوا السكنى ملكا كالعمرى على مذهبهم.
وفى قوله: لا يجوز للمعطى فيها شرط ولاثنين حجة للمخالف اْن تعيين (2) العمرى يوجب كونها موروثة، وإن اشترط رجوعها إليه فالشرط باطل.
قال الحربى: سمعت ابن الأعرابى يقول: لم تختلف العرب أن هذه الأشياء على ملك أرباب العمرى والرقبى والسكنى والأطراف والمنحة والعرية والعارية والأبقار ومنافعها لمنْ جعلت له.
وقوله: (بتلة): أى عطية غير راجعة.
ذكر مسلم فى الباب: حدثنا عن اْبى الزبير عن جابر قال: (اْعمرت امراْة بالمدينة حائطا لها) الحديث وفيه: (فاختصموا إلى طارق مولى عثمان - رضى الله عنه - فدعى
(1) الموطأ، كالأقضية، بللقضاَ فى للعمرى 756 / 2.
(2) هذه الكلمة سوداء فى الأصل.
358 (5/357)
كتاب الهبات / باب العمرى أبِى كَثِير، حَا شَا أبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ؛ أن نَبِى اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ.
بمثْله.
ًَ!، 5 ص، 5،،، ص ص مكل، صءص !صء، أوص ه ص ص ه ص،، ص (... ) حدثنا احمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا ابو الزبيرِ، عن جابِر - يرفعه إِلى الئيىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
ء
26 - (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا أبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أمْسِكُوا عَلَيكُمْ أمْوَالَكُمْ وَلأَ تُفْسِدُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أعْمَرَ عُمْرَى فَهِىَ لِلَّذِى اعْمِرَهَا، حئا وَمَيتا، وَلِعَقِبِهِ لا.
27 - (... ) صدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ بِشْر، حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ
أيِى عثمَانَ.
ح وَ حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيى شَيْبَةَ داِسْحَقُ بْنُ إٍ برَاهِيمَ، عَنْ وَكيع، عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصًّمَد، حَدثنِى أ.
ى، عنْ جَدِّى، عَنْ أئُوبَ، كُلُّ هَؤُلأَءُ عَن أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر، عَنِ الئبِىَِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمَعْنَى حَلِيثِ أبِى خَيْثَمَةَ.
وَفى حَديث أيُّوبَ منَ الز"تالمحةِ قَالَ: جَعَلَ الأنْصَارُ يُعْمِرُونَ المُهَاجِرِينَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ (أَمسِكُوا عًليكُمْ أمْوَالَكُمْ).
28 - (... ) وحئثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع ! اسْحَقُ بْنُ مَنْصُور - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ رَافِع -
قَا لأَ: حَدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْبم، أَخْبَرَنِى أبُو الزْبيرِصعنْ جَابِر، قَالَ: أَعْمَرَتِ امْرَأة!بالمَدِينَة حَائِطا لَهَا ابْنا لَهَا.
ثُمَ تُوُفِّىَ، وَتُوفيتْ بَعْدَهُ، وَتَرَكَتْ وَلَدأ، وَلَهُ إخْوة بَنُونَ لِلعُمْرً ةِ.
فَقَالً وَلَدُ المُعْمِرَة: رَجَعَ الحَائطُ إِلَيْنَا.
وَقَالَ بَنُو المُعْمَرِ: بَلْ كَانَ لأَبينَا حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ.
فَاخْتَصَمُوا إِلَى طًارِق مَوْلَى عثمَانَ، فَدَعَا جَابِزا فَشَهِدَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )
جابرًا فشهد على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالعمرى لصاحبها) الحديث.
القائل: (أعمرت امرأة) هو أبو الزبير، اْلا تراه بعد كيف حكى آخر الحديث: فدعى جابرا.
وطارق هذا هو ابن عمرو، ولاه عبد الملك المدينة آخر أيام ابن الزبير.
وقوله: (العمرى جالْزة): يحتمل أنها ماضية على ما تقدم، ويحتمل أن تكون (جائزة) أى مباحة.
ولم يختلف فى الاجتهاد جوازها.
وقوله: (أمسكوا عليكم اْموالكم ولا تفسدوها).
حض على الجوطة على المال،
(5/358)
كتاب الهبات / باب العمرى 359 بِالعُمْرَى لِصَاحِبِهَا.
فَقَضَى بِذَلِكَ طَارِق!، ثُمَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ فَا"خْبَرَهُ ذَلكَ، وَأخْبَرَهُ بِشَهَادة جَابِرِ.
فَقَالَ عَبْدُ المَلك: صَدَقَ جَابِر!.
فَافْضَى فَلكَ طَارِقٌ، فَإن ذَلكَ الحَائِطَ لِبَنِى المُعْمَرِ حَئى اليَوْم.
ً
29 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إٍ برَاهِيمَ - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْر -
قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ أبُو بَكْر: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُييْنَةَ - عَنْ عَمْرِو، عَنْ سَلَيْمَانَ ابْنِ يَسَارِ ؛ أنَّ طَارِقًا قَضَى بِالعُمْرَى ئِلوَارِثِ، لِقَولِ جَابِرِ بْنِ عبدِ اللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
30 - (... ) حدثّنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ ة سَمعْتُ قَتَ الةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاء، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ ؟ (العُمْرَى جَائِزةَ ثا.
31 - (... ) حلّغنا يحيى بْنُ حَبيبٍ الحَارثِىُّ، حَا شَا خَالدٌ - يَعْنى ابْنَ الحَارِث - حَدثنَا سَعيد، عَنْ قَتَ القَ، عَنْ عَطَاءَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنًّهُ قَالَ: (العُمْرً ى مِيرَاثٌ لأهلِهَا).
32 - (1626) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (العُمْرَى جَائِزَة).
(... ) وَحَدثنيه يحيى بْنُ حَبِيب، حَدثنَا خَالدث يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ - حَا شَا سَعِيد،
عَنْ قَتَ ال ةَ، بِهَنَا الإَسنَادِ.
غَيْرَ ألَهُ قَالً: (مِيرَاث! لَأهْلِهَا) أوْ قَالَ: (جَائِزَة).
ونهى عن إضاعته، كما جاء فى الحديث الآخر، ويحتمل أن يكون أمرهم بذلك إذا ظنوا أنها راجعة إليهم، فنهاهم عن ذلك إن كان أراد أنها موروثة على ما قال المخالف.
(5/359)
8 / ب
360 كتاب الوصية
بسم الله الرحمن الرحيم
25 - كتاب الوصية
ا - (1627) حدثنا أبُوخَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى العَنَزِىُّ - وَاللَفْظُ
لاِبْنِ المُثنى - قَالا: حَدىثنَا يحيى - وَهُوَ ابْنُ سَعيدَ القَطانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ.
أخْبَرَنِى نَافِع عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَا حَق امْرِفي مُسْلِبم، لَهُ شَىءى لُرِيدُ أنْ يُوصَى فِيهِ ؛ يَبِيتُ تئلَتَيْنِ، إِلاَّ وَوَص!يتهُ مَكْتُوبة!عِنْمَهُ).
2 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَعَبْدُ الله بْنُ نُقئر.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، حَدثنِى أبِى، كلاَهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَنَا الإِسْنَ ال غَيْرَ اً نهُمَا قَالا: (وَلَهُ شَى!يُوصِى فِيهِ) وَلَمْ يَقُولاَ: (َ"لرِيدُ أنْ يُوصِىَ فِيهِ).
كتاب الوصايا والحبس
وقوله: (ما حق امرىْ مسلم له شىَ يريد اْن يوصى فيه يبيت ليلتان) (1)، وفى رواية: (يبيت ليلتين)[ وفى رواية أخرى] (2): (ثلاث ليالي إلأ ووصيته عنده مكتوبة) ولم يذكر فى بعض الروايات: (يريد اْن يوصى).
قال الإمام: [ اختلف رحمه الله تعالط] (3) ذهب داود وغيره إلى إيجاب الوصية تعلقًا
بهذا الحديث (4)، وهى عندنا على المذهب الندب، لكن إن كان عليه حق يخشى تلفه على أصحابه إن لم يوص به ؛ وجبت عليه الوصية لوجوب التنصل من الحقوق.
وقد قيل: إن فى هذا الحديث دلالة على أق من كتب وصية وأقرها عنده نفذت وإن لم يخرجها من يده.
قال القاضى: لفظة (حق) أظهر من الوجوب، فإن حملت على الأظهر فعلى ما تقدم
من الوجوه التى يتعين ويجب بها فيمن ترتبت عليه حقوق.
قال الباجى (5): وهذا عندى فيما له بال من الحقوق والودائع والأموال التى لها بال وجرت العادة بعقد العقود، وبهذا ليست مما يتكرر، فأما ما يتكرر ويتجدد كل يوم من خفيف المعاملات والديون / ويتأدى فى كل يوم.
ويويد ما ذهب إليه قوله: (يبيت ثلاث ليال).
قال اْبو ئور: قوله: (حق)
(1) هذه الرواية غير موجودة فى مسلم.
(2) عمقط من الأصل.
(3) غير مفهومة فى هذا السياق.
(4) محدا هو مذب أهل الظاهرس انظر: الامتذكار 23 / 7، الحاوى 8 / مهـ ا.
(5) انظر: المى 6 / 145، 146.(5/360)
كتاب الوصية 361 3 - (... ) وحدئنا أبُو كَامل الجَحْدَرىُّ، حَدىنمنَا حَمَّادث يَعْنى ابْنَ زيد.
ح وَحَدثنى، َ،، ً ممرً كلًَ مص يرَ، ً ءيرًً ممصَ زهيْر بْن حرْب، حدثنا إِسْماعِيل - يعْنِى ابْن علية - كِلاهما عنْ ايوب.
ح وحدثنى أبُو الطَّاهر، أخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ.
ح وَحَدئنى هَرُونُ بْنُ سَعيد الأيْلى، ص محص هَ، ص ه بره ص ص صَ ص، 5، ص ص ه يرءص حمصَ، ص !، 5، صً ص ممصَ ه، حدثنا ابن وهب، اخبرنِى أسامة بن زيد الليثِى.
ح وحدثنا محمد بن رافِعِ، حدثنا ابن أَبى فُلَيْك، أخْبًرَنَا هِشَام" - يَعْنِى ابْنَ سًعْد - كُلُهُمْ عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمثْلَ حَلِيثِ عُبَيْدِ اللهِ.
وَقَالُوا جَمِيعَاَ: ا لَهُ شَىء!يُوصِى فِيهِ) إِلأَ فِى حَدِيثِ أيُّوبَ فَإِنَّهُ قَاً: (يُرِيدُ أنْ يُوصِىَ فِيهِ) كَرِوَايَةِ يحيى عَنْ عُبَيْدِ اللهِ.
4 - (... ) حل!ثنا هَرُونُ بْنُ مَعْرُوتِ، حَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْبِ، أخْبَرَنِى عَمْرو - وَهُوَ ابْنُ الحَارِثِ - عَنِ ابْنِ شِهَابِ، عَنْ سَالِمِ، عَنْ أبِيه ؛ ؟نهُ سَمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَا حَقُّ امْرِئِ مُسْلِمِ لَهُ شَىء!يُوصِى فِيهِ، يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالِ، إِلاَّ وَوَصِيتهُ عِنْمِهُ مَكتُوبَة!).
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: مَا مَرت عَلى لَيْلَة منذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ فَلِكَ، إِلاَّ وَعِنْمِى وَصِيَّتِى.
(... ) وَحَدثنيه أبُو الطَّاهر وَحَرْمَلَةُ، قَا لاَ: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ.
َ!ًً ىَ!ً2ءَ!،
ح وحدثنِى عَبْدُ المَلِكِ بْنُ شُعيبِ بْنِ الليْثِ، حدثنِى أبِى، عن جدى، حدثنِى عقيْل.
يدل على اْنها على الندب لأنه رد الحق إلى المسلم كقوله: هذا زيد، أى أنه له لا يتركه فإذا تركه لم يلزمه.
قال لث!افعى: يحتمل ما الحزم وما المعروف فى أخلاق المسلم.
وقوله: (يريد اْنا: حجة لنا وللكافر فى غير إيجابها بالجملة ؛ لأنه لا يقال فى الواجب: (يريد)، ولا ينصرت إلى اختياره ومشيئته.
وقد كانت الوصية أولأ فى صدر الاسلام واجبة{ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَتْرَبنَ} الآية (1)، وكذلك قوله تعالى: { ؤصِثة ية يؤاجِهِم} (2)، وقوله تعالى: { كُبَ عَلَيكُم}، { حَقا عَلَى الْمُتَقِين} ظاهر فى الوجوب، وقيل: كان ذلك ندبًا.
ولم يختلف اْنها اْو بعضها منسوخ واختلف فى المنسوخ منها وفى ناسخها، فكافتهم على أنها كلها منسوخة (3)، وقيل: نسختها اتة المواريث، وقيل: نسختها السنة (4).
وقوله - عليه السلام -: ا لا وصية
(1) البقرة: 180.
(3) لطا وى 8 / 186.
(4) ا نظر: ا لاستذكا ر 23 / 13.
(2) ا لبقرة: 240.
(5/361)
362 كتاب الوصية ح وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرَرأقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كُلهُمْ عَنِ الرفرِى، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ.
لوارث "أ (1)، وهذان القولان مرويان عن مالك (2).
وهذا على قول مَنْ أجاز من العلماء نسخ القراَن بالسنة (3).
وقيل: هذا الخبر مجمع على قبوله، فخرج عن طريق أخبار الآحاد فهو ناسخ للاَية.
ولا خلاف أن آية المواريث نزلت بعدها، وقيل: المنسوخ منها الوصية للوالدين والأقربين، وكذلك وصية الأزويخ.
ونسخ فرض الوصية للأقربين من غير ا اس ارثين بالتخصيص على مواصاتهم من التركة بقوله تعالى: { لَ!إِفَا حَفرَ الْقِسْمَةَ أُوثوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَافِيُ فَايزُ!هُم نِنْه} الآية (4)، فهى تخصيص.
فكما لا يجب رزق اليتامى والمساكن منه إذا حضروا كذلك القرابة، وقيل: بل يبقى فرض الوصية للاقربن ممن لا يرث، وهذا قول الحسن وقتادة والضّحاك وطاوس (5)، واختاره الطبرى.
قال الحسن: ولو أوصى بثلثه لغير قرابته فللموصى له من ذلك الثلث والبقية لقرابته، وقيل: بل هو عموم فى الاْقربين خصصته السنة ممن لا يرث منهم، والى هذا نحا أبو القاسم الكلبى.
وقوله: ا له شىء يوصى فيه): يحتمل من المال كما قال تعالى: { إن تَرَكَ خَيْرًا} (6) ويحتمل أن يريد بقوله: (شىء يوصى فيه، عن إثبات الوصية من الديون والأمانات والحقوق التى فرط فيها.
وقوله: (إلآ ووصيته مكتوبة): لم يختلف قول مالك إذا كانت مكتوبة بخطه غير مشهد عليها أنها غير عاملة، إلأ ما يكون فيها من إقرار لأحد لحق عليه بخطه فيلزمه.
واختلف قوله إذا شهد عليها، وقال: إن قدمت من سفرى أو مرضى، فقام من ذلك المرض وقدم من ذلك السفر، ولم يخرجها فى كل ذلك عن يده حتى مات بعد ذلك، هل تجوز اْو ترد حتى يضعها على يد غيره ؟ واْما إن لم يقيدها بموته من مرضه أو فى سفره وأشهد وأمسكها عنده فإنها تجوز بكل حال، وكذلك لو كانت مقيدة بالمرض والسفر ووضعها على يد غيره فمات بعد ذلك فإنها تنفذ.
ولم يختلفوا فى أن للموصى تغيير وصيته بغيرها أو نحوها.
(1) أبو داود، كالوصايا، بما جاء فى الوصية للو، ث 103 / 2، ابن ماجه، كللوصايا، بلا وصية لوارث 2 / 5 0 9، احمد 4 / 86 1، الدارمى 2 / 9 1 4 عن لبى أمامة - رضى للله عنه - إلا أحمد والدارمى عن عمرو بن خارجة.
(2) 1 لمر طأ 2 / 765، 766.
(3) ا نظر: ا لا صتذكا ر 23 / 13.
(4) ا لنساء: 8.
(5) ا لاصتذكار 23 / 5 1.
يلا) ا لبقرة: 0 18.
(5/362)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث 363
(1) باب الوصية بالثلث
5 - (1628) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِى، أخْبَرَنَا إِبْرَاهيمُ بْنُ سَعْد، عَنِ ابْنِ شِهَاب عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد، عَنْ أبيه، قَالَ: عَ النِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فِى حَخة الًوَ+، مِنْ وَجَعٍ أشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المًوْتِ.
فَقُلَتُ: يَا رَشُولَ الله، بَلَغَنِىَ مَا تَرَى مِنَ الوَجًع، وَأنَا فُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِى إِلأَ ابْنَةٌ لِى وَاحدَة، أفَا"تَمدَقُ بثُلُثَى مَالِى ؟ قَالَ: (لاَ).
قَالَ: قُلتُ: أفَأتَمدَّقُ بِشَطرِهِ ؟ قَالَ: (لاَ، الثلُثُ، وَالثلُثُ كَثِير، إِنَّكَ إنْ تَنَرَ!رَثَتَكَ أغْنِيَاءَ، خَيْرٌ
وقوله فى حديث سعد: (عادنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من وجع أشفيت منه على الموت):
فيه عيادة الأئمة المرضى، وهى من الرغائب المندوبات والافتقاد لأمور رعيتهم.
وفى كتاب الحربى: اْن الوجع (1) اسم لكل مرض.
ومعنى (أشفيت): أى قاربت واْشرفت، يقال: أشفى وأشأفا، / قاله الهروى.
وقال القتبى: لا يقال: أشفى إلا فى الشر (2).
وفيه جواز ذكر المريض بشكواه وما يجد إذا كان لسبب من معاناة أو دعوة صالح أو وصية ونحوها، وإنما يكره من ذلك ما كان على معنى التشكى والتسخط، فإنه قادح فى اْجر مرضه.
وقوله: (وأنا ذو مال): دليل على إباحة جمع المال ؛ إذ هذه الصيغة لا تقع إلا للمال الكثير عرفا، وان صح إطلاقه لغة على القليل.
وقوله: ا لا يرثنى إلآ ابنة لى): أى لا يرثنى من الولد ومن يعز على تركه غالة،
والآ فقد كان له ورثة وعصبة، وقيل: يحتمل اْئه اْراد لا يرثنى ممن له نصيب معلوم، وقيل: يحتمل أنه لا يرثنى من النساء إلأ ابنة لى.
وقيل: يحتمل أنه استكثر لها نصف تركته، أو ظن أنها تنفرد بجميع المال، أو على عادة العرب من أنها لا تعد المال للنساء إنما كانت تعده للرجال.
وقوله: أفأتصدق بثلثى مالى ؟ قال: ا لا) إلى قوله: (الثلث والثلث كثير)،
قال الإمام - رحمه الله -: جمهور العلماء على اْن للمريض أن يوصى بثلثه تعلقا بهذا الحديث (3)، وقد قال بعض الناس: الوصية بالربع.
وذكر مسلم عن ابن عباس قال: لو اْن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، فإق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (الثلث والثلث كثير).
(1) ا نظر: ا للسان، ما دة (و جع).
(3) ا نظر: ا لحا وى 8 / 194.
(2) لفظر: ا للسان، ما د ة (شفى).
9 / ءأ
364 (5/363)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث مِنْ أنْ تَنَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تنفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ اجِرْتَ بِهَا،
واختلف - اْيضا - فيمن لا وارث له، هل يقتصر على الثلث كمن له وارث، ويكون بيت المال كوارث معلوم يمنع من أجلها من الزيادة على الثلث ؟ أم تجوز له الصدقة بماله كله إذ لا وارث له معلوم ؟ (1) وقد قال سعد: ا لا يرثنى إلآ ابنة لى واحدة) ولم يسامحه بصدقة الشطر.
وقيل: مراد سعد: لا يرثنى ممن له فرض معلوم إلآ ابنة لى.
والعالة: الفقراء و(يتكففون): أى يمسكون بكفهم الصدقة.
وكانوا يكرهون الموت بمكة لأجل أنه بلد تركوه لله - سبحانه - فكرهوا أن يعودوا فيما تركوه لله - سبحانه - فلهذا ذكر فيه ما جرى فى الحديث.
قال القاضى - رحمه الله -: أجمع العلاء انر مَنْ مات وله ورثة فليس له أن يوصى بجميع ماله، إلآ شيئًا (2) روى عن بعض السلف اْجمع الناس بعد على خلافه.
وجمهورهم على ائه لا يوصى بجميع ماله وإن لم يكن له وارث (3).
وذهب أبو حنيفة وأصحابه وإسحق وأحمد - فى اْحد قوليه - لإجازة ذلك (4)، وروى عن بعض سلف الكوف!ن وعن على وابن مسعود.
وظاهر قوله: (أفأتصدق بثلثى مالى) يحتمل فى بتلة فى مرضه أو الوصية به بعد موته، وهما عند عامة فقهاء الأمصار سواء، لا يجوز من ذلك إلآ الثلث بنقص أم لا.
وعند أهل الظاهر (5) وأجازوا فعل المريض كله فى ماله، وجعلوه كالصحيح بتل السنة إلا عبد فى مرضه.
ورد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْمرهم إلى الثلث حجة للكافة مع عموم ظاهر حديث سعد، واحتماله الوجهين.
وأجمعوا على جواز الوصية بأكثر من الثلث إذ اْجاز ذلك الورثة، ومنع ذلك اْهل الظاهر دان أجازوها[] (6) - عليه السلام -: (الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك اْغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس).
يصح فى الثلث الأول النصب على الأفراد أو مفعول بإضمار فعل، ويصح فيه الرفع على الفاعل بإضمار فعل (يكفى) ونحوه، اْو خبر مبتداْ أو مبتدأ وخبره مضمر، وبالوجهن ضبطنا هذا الحرف، و(إن تذر) الوجه فيه نصب الهمزة وهو مقصود الكلام وكذا ضبطناه عن الشيوخ وقَدْ وهم فيه بعضهم فقال: (إن) بالكسر، وله وجه فى الكلام / لا يند، يقتضئ أن مراعاة الورثة خير من مراعاة المساكن، وهذا بمقدار المال ومقدار كثرة الورثة وغناهم وفقرهم.
وقد يكون هذا الخبر المراد به عظم الأجر فى الاخرة، أو يكون خيرًا للورثة وأحسن
(1 - 3) 1 نظر: لطا وى 8 / 195.
(4) 1 نظر: ا لا ستذكا ر 23 / 16.
(6) بياض فى الأصل.
(5) انظر: الاستذكار 23 / 15.
(5/364)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث 365 حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فى فِى امْرَأتكَ).
قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ النهِ، اخَلَّفُ بَغدَ أَعححَابِى ؟ قَالَ: (إِنَّكَ لَنْ تُخَلًّفَ فَتَعْمَلً عَمَلأ تَبْتَغِى به وَجْهَ الله، إِلأَ ازْ!دْتَ بِهِ لحَرَجَة وَرِفْعَة، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَى يُنْفَعَ بكَ !قْوَام!وَيُضَرَّ بِكً آخًرُونَ.
الَلهُمَ، أمْضِ لأصْحَابِى هجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُفَ!مْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لًكِنِ البَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوئَةَ).
قَالَ: رَثَى لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ أنَّ تُوُفى بِمَكَةَ.
حالأ لهم وأطيب لنفس الموصى بتركهم بحال حسنة.
وفيه أن صلة من قَرُب أولى وأفضل من بَعُد.
واستدل بهذا الحديث مَن يفضل الغنى على الفقير ؛ إذ جعل فيه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خيرًا للورثة أو للموصى، ولو كان بخلاف ذلك لكان شرا لهم وله.
وروينا قوله: (إنك إن تذر ورثتك أغنياء) بفتح الهمزة وبكسرها، وكلاهما له معنى صحيح.
فعلى الفتح تقدير: إنك تركك ورثتك أغنياء، تقدر (اْن) مع فعلها بتقدير المصدر، والكسر على الشرط.
قال القابسى: فيه أنْ ميراث العصبة مع أهل الميراث لقوله: (إن تذر ورثتك أغنياء)، وقد قال: ا لا يرثنى إلا ابنة لى).
وقوله: ا دانك لن تنفق نفقة فتبتغى بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى اللقمة تجعلها فى فى امرأتك).
يقتضى أن الأجور فى المباحات والإنفاق إنما هى على النيات وابتغاء وجه الله، وما كان يقصد به الستر وأداء الحقوق وصلة الأرحام، وكذلك ما ينفقه الإنسان على نفسه، اْو يقصد به إحياء نفسه والتقوى على عبل!ة ربه.
وقد يستدل به على وجوب الإنفاق على الزوجات.
وقوله: (اخَقَف بعد اْصحابى): يريد بمكة، إما إشفافا منْ موته بها إذا كان هاجر
عنها وتركها لئه، فخشى أن يقدح ذلك فى هجرته أو فى ثوابه على ذلك، أو خشى بقاعه بعد تحول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه إلى المدينة وتخلفه عنه لأجل المرض، فكانوا يكرهون الرجوع فيما تركوه لله ؛ ولهذا جاء فى غير هذه الرواية: (أخلف عن هجرتى) (1)، فقيل: كان حكم الهجرة باق بعد الفتح، واستدل من قاله بهذا.
وقيل: ذلك لمن هاجر ؛ لفوله: أذن للمهاجر أن يقيم بمكة ثلاثا، فأما مَنْ لم يهاجر إلا هجرة له لقوله - عليه السلام -: ا لا هجرة بعد الفتح) (2)، ويحتمل أنه سأل عن تخلفه فى العمر وطوله بعد أصحابه.
(1) البخارى، كللفرائض، بميرلث للبنات 8 / 187.
(2) البخارى، كالجهاد، بلا هجرة بعد الفتح 4 / 127 عن مجاشع بن مسعود، أحمد 3 / 1 0 4 عن صفوان بن ثمية، والنساثى كالفىَ، بفى انقطاع للهجرة 7 / 144 عن صفوان بن أمية أيضًا.
366 (5/365)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنِى أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ!، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَ حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد.
قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزُّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِىَ، بِهَنَا ا لاِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
(... ) وحدّثنى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور، حَدثنَا أبُو!اوُدَ الحَفَرِى، عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَعْدِ
وقوله: (إنك لن تُخَلَف فتعمل عملا[ صالحا] (1) تبتغى به وجه الله إلأ ازددت به درجة!: فيه أن الاْعمال بالنيات، ويحتمل تخلفه هنا كناية عن طول عمره وهو اْظهر فى الحديث، لاسيما وقد روى: (إنك لن تخلف بعدى) يحتمل التخلف بمكة للضرورة، وأن ذلك لا يقدح فى هجرته وعمله.
وقد اختلف الناس فى هذا، فقيل: لا يحبط اْجر المهاجر بقاؤه بمكة وبقاؤه وموته فيها
إذا كان لضرورة، وإنما يحبطه إذا كان ذلك بالاختيار.
وقال قوم: إن موت المهاجر بها كيف كان محبط للهجرة.
وهذا الحديث يصحح القول الأول ؛ إذ جعله يزداد درجة ورفعة على ما تقدر له، وقيل: لم تفرض الهجرة إلآ على أهل مكة فقط.
وفى هذا كله، وقوله: ا لعلك أن تخلف حتى يستضر بك أقوام وينتفع آخرون) علامة من علامات النبوة، وإخبار وقع كما كان من تمليكه وطول عمره بعد ذلك نيفا على أربعين سنة، ونفع من استحق النفع به، وضر من استحق الضر به فى ولايته ؤإمارته بالعراق، وهدايته مَنْ اشلم على يديه، وقتل من قتل.
وقوله: (اللهم امضِ لاْصحابى هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم): استدل به بعضهم على أن البقاء بمكة للمهاجر كيف كان قادح / فى هجرته من هذا الدعاء لقرينة القصة ولا دليل عندى، بل يحتمل أنه دعى لهم دعاء مجردًا عامًا.
ومعنى: (ولا تردهم على أعقابهم) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم، يقال ذلك لكائن رجع عن حاله كالراجع عن طريقه.
وقوله: ا لكن البائس سعد بن خولة): البائس الذى عليه أثر البوس.
وقوله: (يرثى له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن مات بمكة): قال أهل الحديث: انتهى كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى قوله: ا لكن البائس سعد بن خولة)، ثم ذكر الحاكى هذا علة قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيه هذا وسببه، صان ذلك رثاءً له وتوجغا لموته بمكة.
وقائل هذا الكلام قيل: هو
(1) زائدة فى الأصل.
(5/366)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث 367 ابْنِ إٍ برَاهِيمَ، عَنْ عَامر بْنِ سَعْد، عَنْ سَعْد، قَالَ: دَخَلَ الئبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَىَّ يَعُولحُنِى.
فَذَكَرَ بمَعْنى حَلِيثِ الرفرِى.
وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ: وَكَانَ يًكْرَهُ أنْ يَمُوتَ بِالأرْضِ الَّتِى هَاجَر مِنْهَا.
س، صو، 5، ص ه ص صص ص ص، 5،، صءصص، عويص ير
6 - (... ) وحد ثنى زهير بن حرب، حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا زهير، حدثنا سمَاكُ بْنُ حَرْب، حَدثنِى مُصْعَبُ بْنُ سًعْدٍ عَنْ أَبيهِ، قَالَ: مَرِضْتُ فَاع رْسَلتُ إِلَى النُّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقُلتُ: دً عْنِى أقْسِمْ مَالى حَيْثُ شئْتُ، فَأبَى.
قُلتُ: فَالنَصْفُ ؟ فَاع بى.
قُلتُ: فَالثّلثُ ؟ قَالَ: فَسَكَتَ بَعْدَ الثّلَثِ.
قَالَ: فَكَانَ بَعْدُ الثلُثُ جَائِربم.
(... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، بِهَن! الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: فَكَان - بَعْدُ - الثلثُ جَائِزًا.
7 - (... ) وحد ثنى القَاسِمُ بْنُ زَكَرِئاءَ، حدثنا حُسَيْن بْنُ عَلِىّ، عَنْ زَائدَةَ، عَنْ
عَبْدِ المَلِكِ بْن عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَب بْنِ سَعْد، عَنْ أبيه، قَالَ: عَالحَنِى النَبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُلتُ: اوصِى بِمَالى كَله ؟ قَالَ: (لاَ).
قُلتُ: فَالئصفُ ؟ قَاَلً: (لاَ).
فَقُلتُ: أَبِالثُّلُثِ ؟ فَقَالَ: (نَعَمْ، وَالئلُثُ كَثِيرٌ ).
8 - (... ) حد طنا مُحَمَدُ بْنُ أن عُمَرَ المَكِّى، حَد!شَا الثقَفِىُّ، عَنْ أيُّوبَ الخ ئَخْتِيَانِىً،
سعد بن أبى وقاص، وكذا جاَ فى بعض الطرق، وأكثر ما جاَ أنه من قول الزهرى، ويحتمل أن يكون قوله: (أن مات بمكة) من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ومن قول غيره: (يرثى له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) فقط، تفسير المعنى.
قوله: (البائس ! إذ قد روى فى حديث آخر: ا لكن سعد بن خولة البائس قد مات فى الأرض التى قد هاجر منهاج.
واختلف فى قصة سعد بن خولة، فقيل: لم يهاجر من مكة حتى مات بها، ذكره
ابن سيرين وقاله عيسى بن دينار.
وذكر البخارى أنه هاجر وشهد بدزا، ثم انصرت إلى مكة ومات بها.
وقال ابن هشام: وإنه ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وشهد بدزا وغيرها، وتوفى بمكة فى حجة الودل.
وقيل: بل توفى فى سنة سبع فى الهدنة مدة القضية، خرج مساَ إلى مكة من المدينة.
فعلى هذا وعلى ما قاله عيسى يكون بوسه بينا لسقوط هجرته برجوعه مختارًا وموته بها، وقد يكون بوسه لموته بها على أى حال كان د ان
368 (5/367)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيد، عَنْ حُمَيْد بْنِ عَبْد الرخْمَنِ الحِمْيَرِىَ، عَنْ ثَلاَثَة مِنْ وَلَد سَعْد، كُلُهُمْ يُحَدَثهُ عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) دَخًلَ عَلَى سَعْد يَعُو!هُ بِمَكَّةَ، فَبَكَى.
قَالً: (!مَا !يكَ ؟) فَقَالَ: قَدْ خَشِيتُ أنْ أمُوتَ بِالأرْضِ الَّثِى!هَاجَرْتُ مِنْهَا، كَمَا مَاتَ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ.
فَقَالَ الثبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (اللَّهُمَ، اشْفِ سَعْلأا.
ال!هُمَّ، اشْفِ سَعْايم) ثَلاَثَ مِرَار.
قَالَ: يَا رَسُولَ اللّه، إِنَّ لِى مَالأ كَثِيزا، ! اِنَّمَا يَرِثُنى ابْنَتِى، أفَا، وصِى بمَالِى كُلِّه ؟ قَالَ: (لاَ).
قَالَ: فَبالثُّلُثًيْنِ ؟ قَالَ: (لاَ).
قَالَ: فَالنِّصْفُ ؟ قَالَ: (لاَ ".
قَالَ: َ فَا لثُّلُثُ ؟ قَالَ: (الئلثَُ، وَالثُّلُثُ كَثِير، إِن صَمَتَتَكَ منْ مَالكَ صَمَتَةٌ، ! اِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عيَالكَ صَدَقَةٌ، وَإِن مَا كلُ امْرَأتُكَ منْ مَالِكَ صَمَتَةىَ، ! اِنًكَ أنْ تَاع أهْلَكَ بِخَيْر - أَوْ قَاَلً: بِعَيْثدبى - خَيْر مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ يَتَكَففُونَ النَّاسَ) وَقَالَ بِيَدِهِ.
9 - (...
! وحدّثنى أبُو الرئيع العَتَكِىُّ، حَدثنَا حَمَّادٌ، حَدثنَا أئوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
لم يكن باختياره، لما فاته من الأجر والثواب بالموت فى بلد مهاجره والغربة عن وطنه الذى هجره لثه.
وقد ورد فى هذا الحديث اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خلف مع سعد بن اْبى وقاص رجلاً، فقال
له: إن ثوفى بمكة فلا يدفنه بها.
حيطة على كمال اْجره واستبقاء ثواب هجرته.
وذكر مسلم فى هذا الحديث: (وكان يكره أن يموت فى الأرض التى هاجر منه ال.
وذكر فى الرواية الأخرى عن سعد بن أبى وقاص: (خشيت أن أموت بالأرض التى هاجرت منها كما مات سعد بن خولة!.
وهذا يبين اْن موت سعد بن خولة بمكة لا يقطع أنه لم يهاجر، وأنه ترك هجرته.
وسعد بن خولة هذا هو زوج سبيعة الاْسلمية التى مات عنها، وتقدم فى كتاب العدة حديثها (1).
وفى حديث سعد يخصص عموم جواز الوصية فى القرآن بالسنة بالاقتصار على الثلث، وفى هذا الأصل بين الفقهاء والأصوليين خلاف.
والصواب تصحيحه أن السنة مبينة، ولما علم من اجتهاد الصحابة على مثل هذا متى ورد.
وأبو داود والحفرى واسمه عمر بن سعد.
وذكر مسلم فى الباب حديث حميد بن عبد الرحمن الحميرى عن ثلاثة من ولد سعد، كلهم يحدث عن أبيه.
قال الدارقطنى: كذا قال الثقفى عن أيوب عن عمرو بن سعد عن حميد.
وقال حماد: عن أيوب عن عمرو بن حميد، عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: مرض
(1) لنظر: كالطلاق، بانقضاء عدة المتوفى عنها زوجها...
بلخ برقم يلا 5).
(5/368)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث 369 سَعِيد، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ الحِمْيَرِى، عَنْ ثَلاَنَة منْ وَلَد سَعْد، قَالُوا: مَرِضَ سَعْد بمَكَّةَ، فَا"تَاهُ رَسُولُ الئَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَعُووُرُ.
بِنَحْوِ! دِيثِ الثقَفِىِّ.
َ
(... ) ود ئثنى مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدثنَا عبدُ الأعْلى، حَا لنَا هشَامٌ، عَنْ مُحَمَد، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ حَدثنِى ثَلاَنَةٌ مِنْ وَلَد سَعْد بْنِ مَالِك، كُلُّهُم يُحَدَثنِيهِ بِمِثْلِ حَدِيثِ صَاحِبهِ.
فَقَالً: مَرضَ سَعْدٌ بِمكَةَ، فَا"تَاهُ النًّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَعُو!!ث بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَعِيد عَنْ حُمَيْد الحِمْيَرِىًّ.
10 - (1629) حدئمنى إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِى9، أخْبَرَنَا عِيسَى - يَعْنى ابْنَ يُونُسَ.
ح وَ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، قَالا: حَدثنَا وَكِيعٌ.
ح وَحَدَءَّلنَا أبُو كُريْب، حَدثنَا ابْنُ نُمَيْر، كُلهُمْ عَنْ هشَام بْن عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لَوْ أنَّ يرءَِيرَي!ءَورً يرَ، ً يوَ، ً يوء،
الناس غضوا مِن الثلثِ إِلى الربع، فإِن رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (الثلث، والثلث كثِير).
وَفِى حَدِيثِ وَكِيع: (كَبِيرٌ أوْ كَثِيز).
سعد بمكة، فأرسله.
ورواه هشام عن محمد عن حميد نحوه.
وقد ادخل هذه الآثار كلها
مسلم.
قال الق الى - رحمه الله -: واْرى مسلفا أدخل هذه الروايات ليبين الخلاف فيها،
وهى وشبهها عندى من العلل التى وعد بذكرها فى مواضعها، وظيق ظانون أنه يأتى - بها مفردة فقالوا: توفى قبل تأليفها.
وقد بسطنا هذا صدر الكتاب، ولم يدرك أحد من ولد سعد النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ويدل عليه قوله فى الحديث /: (ولا يرثنى إلآ ابنة لى) وذلك فى حجة الودل آخر مدة النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وهذا الحديث د ان لم يذكر فى بعض طرقهم سماعهم عن سعد ذلك، فهو محمول على المسند لروايتهم عنه غير هذا على اْصلهم فى ذلك، وما قدمه مسلم صدر الكتاب وذكر فى الباب: نا محمد بن مثنى، نا عبد الاْعلى، قال: نا هشام.
وكذا لجمهور شيوخنا.
وفى بعض النسخ: نا (ابن عبد الاْعلى) مكان (عبد الأعلى السماحى) بسين مهملة، أبو محمد.
وقيل: أبو همام.
وقاله مسلم.
وقوله فى حديث ابن عباس: لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع، فمان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (الثلث والثلث كبير أو كثير): مما استدل ابن عباس استدل غيره باستحباب النقص من الثلث لقوله: 9 كثير) وقوله: (غضوا) بالغن المعجمة: نقصوا، اْى نقصوا منه جزءًا.
11 / ب
370
(5/369)
كتاب الوصية / باب الوصية بالثلث
وقد اختلف الناس فى المستحب من الوصية بعد إجماعهم على جواز الثلث، إلآ شيئًا ذهب إليه بعضم من أن الوصية بالثلث انما هى لمن لا وارث له (1).
وما روى عن بعض السلف من إيجاب النقص من الثلث، فعن أبى بكر أنه أوصى بالخمس، واحتج بأن الله تعالى رضى من عباده بالخمس، ونحوه من على بن أبى طالب - رضى الله عنه - وعن عمر - رضى الله عنه - بالربع، وهو قول إسحق، واختار اَخرون السدس أن يكون دون ذلك.
وقال الحسن: السدس أو الخمس أو الربع.
وقال النخعى: كانوا يكرهون الوصية بمثل نصيب أحد الورثة.
واختار آخرون العشر لقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى بعض روايات سعد: (اْوص بالعشر)، وروى عن على وابن عباس وعائشة وغيرهم لمن ماله قليل وله ورثة لا ترك الوصية لقوله: (إن تذر ورثتك أغنياَ خير من أن تذرهم عالة).
قال الاممام - رحمه الله -: ذكر مسلم فى سند هذا الحديث: نا أبو كريب، قال:
نا ابن عمير عن هشام بن عروة، هكذا فى نسخة ابن ماهان، والذى فى نسخة الجلودى: نا أبو بكر بن أبى شيبة، نا ابن نمير.
فجعل بدل (أبى كريب) (أبا بكر).
(1) انظر: الاصتذكلى 23 / 33 وما بعدها.(5/370)
كتاب الوصية / باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت 371
(2) باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت
11 - (1630) حَدثنَا يحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِىُّ بْنُ حُجْر، قَالوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاءِ، عَنْ أبيه، عَنْ أن هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَجُلأ قَالَ للنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): إِنَّ أبِى مَاتَ وَتَرَكَ مَالأ وَلمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكًفِّرُ عَنْهُ أنْ أتَصَدَقَ عَنْهُ ؟ قَالَ: (نَعَمْ).
12 - (1004) حَدثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا يحيى بْنُ سَعيد، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَفَ أخْبَرَنِى أبِى عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَّ رَجُلأ قَالَ للنَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ): إِنَّ امِّىَ افْتُلِتَت نَفْسُهَا، وَإِنِّى أظُثهَا لوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فًلِىَ أجْرٌ أنْ أتَمدَّقَ عَنْهَا ؟ قَالَ: (نَعَمْ).
قوله: إن اْبى مات وترك مالا ولم يوص، أفيكفر عنه أن اْتصدق عنه ؟ قال: (نعم !
وفى حديث عائشة - رضى الله عنها -: (إن أمى افتتلت نفسها...
فلى أجر أن أتصدق عنها ؟) وفى الرواية الأخرى: اْفلها أجر أن أتصدق عنها ؟ قال: (نعم)، قال القاضى - رحمه الله -: فيه جواز النيابة فى الطاعة فى الأموال، وصدقة الحى عن الميت، والناس بعضهم عن بعض، وهذا مما أجمع المسلمون على جوازه واستحبابه.
ومعنى (أيكفر عنه): أى من السيئات.
ومعنى ا لها أجرى: اْى لها حسنات بصدقتى عنها.
وقد يكون انتفاع المتصدق عنه بذلك دان لم يكن له فيه نية أن المتصدق وهبه أجرة فيه، وقيل: قد يوحى الميت والحى بما لم يكتسبه ولا نواه، كما يوجر بغيبة غيره له دان لم يعلم به.
! ان هذه الأحاديث خاصة لعموم قوله تعالى: { وَأَن ليْسَ لِلأِنسَانِ الأ مَا م!عَى} (1).
وقوله: (افتتلت نفسها): رويناه بضم السيئ على ما لم يسم فاعله، وبفتحها على المفعول الثانى.
ومعنى ذلك: ماتت فجأة.
والفلتة والافتلات: ما كان بغتة وعن عجلة بغير قصد ولا روية.
وقوله: (وأظنها لو تكلمت تصدقت !: إما لما علم من حرصها على فعل الخير،
أو لما علم من قصدها ونيتها فى الوصية.
ويدل حرصها عليه ما فى حديث أم سعد من رواية مالك: أنها لما قيل لها: أوصى، قالت: إنما المال لسعد.
فتوفيت قبل قدوم سعد.
وإذن النبى - عليه السلام - لها فى الصدقة عنها، دليل على جواز ذلك، / ولا خلاف
(1) للنجم: 39.
12 / ْ ا
2 كل (5/371)
كتاب الوصية / باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت ص محر، ص ير، 5 وص ه، ص ص محص نص ير، 5 و5 ص محص ص خلاص ه
(... ) حدثنا محمد بن عبدِ اللهِ بنِ نمير، حدثنا محمد بن بِشر، حدثنا هشام، عن أبِيه، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أنَّ رَجُلأ أتَى النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنّ أمى افْتُلتَت نَفْسُهَا، وَلم تُوَصِ، وَأظُنُّهَا لوْ تَكَلَمَتْ تَصَدَّقَتْ، أفَلهَا أَجْر إِنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا ؟ قَالَ.
(نَعَمْ لا.
ص ص محص،،، ص ص !كصء، صصصصصص!!ص، 5،،، ص
13 - (... ) وحدثناه أبو كريب، حدثنا ابو أسامة.
ح وحدثنى الحكم بن موسى،
ص محص، صو، 5، 5 ص ص ص ص !ء!ص!، 5، 5 صء ص محرص، ص ه 5 ص، ص حدثنا شعيب بن إسحق.
ح وحدثنى امية بن بسطام، حدثنا يزيد - يعنى ابن زريع - ص محص ص ه ! ص، صَ ه، صَ ص ص محصء، ً ه 5، ء!ه ص صَ ص محرَص ه ص وه، ص ة حدثنا روح - وهو ابن القاسِم.
ح وحدثنا ابو بكر بن ابِى شيبة، حدثنا جعفر بن عودط، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
أفَا أبُو اسَامَةَ وَرَوْحٌ فَفِى حَديثِهمَا: فَهَلْ لِى أجْز ؟ كَمَا قَالَ يحيى بْنُ سَعِيد.
وَأمَّا شُعَيْمب وجَعْفَر فَفِى حَدِيثِهِمَا: أفَلهًا أَجْر ؟ كَرِوَايَةِ ابْنِ بِشْر.
فيه ولا فى استحبابه للوارث، واْنه غير واجب عليه فى الواجبات والمندوبات.
وذهب الشافعى أنه يجب على الوارث إخراج جميع ما فرط فيه من موروثه من الواجبات من رأس ماله.
ومعنى قوله فى الرواية الأخرى: (أفلى أجر أن اْتصدق) إن كانت هذه الرواية صحيحة فمعناها صحيح أيضا: لى أجر فى فعل ذلك أهبه لها فتنتفع به، ويكون لها هى أجر أيضا، أو يكون لى أجر فى سعى فيه وهبتى قلك لها، مع أنه مالى فى الأصل.
(5/372)
كتاب الوصية / باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته
373
(3) باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته
14 - (1631) حَد، شَا يحيى بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ - يَعْنِى ابْنَ سَعِيد - وابْنُ حُجْر، قَالوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - هُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنِ العَلاء، عَنْ أبِيهِ، عَن أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أًنَّ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِذَا مَاتَ الإِنْسَان" انْقَطَعَ عَنْهُ عًمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَة: إِلا مِنْ صَدَقَة جَارِبَة، أؤَ عِلمٍ ينتَفَعُ بِهِ، أوْ وَلدٍ!ا لِحٍ يَدْعُو لَهُ لما.
وقوله: (إذا مات الميت انقطع عمله إلا من ثلاث: من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له): وذلك لأن عمل الميت منقطع بموته، لكن هذه الأشياء لما كان هو سببها ؛ من اكتسابه الولد، وبثه العلم عند من حمله فيه، أو إيداعه تأليفا بقى بعده، وإيقافه هذه الصدقة - بقيت له أجورها ما بقيت ووجدت.
وفيه دليل على جواز الوقف والحبس.
صرد على من منعه مِن الكوفين ؛ لأن الصدقة الجارية بعد الموت إنما تكون بالوقوف.
وفى هذا دليل على أنه لا يجزىْ عمل الأبدان من صلاة وصيام ولا نيابة فى غير المال الذى نص عليه ونفى غيره.
374
(5/373)
كتاب الوصية / باب الوقف
(4) باب الوقف
15 - (1632) حَدثنَا يحيى بْنُ يحيى التَّمِيمىّ، أخْبَرَنَا سُليْمُ بْنُ أخْضَرَ عَنِ ابْنِ
عَوْنٍ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بخيْبَرَ، فَا"تَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَأمِرُهُ فِيهَا.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَى أصَبْتُ أرْضًا بِخَيْبَرَ، لمْ أَ!بْ مَالأ قَطّ هُوَ أدفَسُ عِنْدِى وقوله: (أصاب عمر - رضى الله عنه - أرضأ بخيبر لم يصب مالأ قط أنفس عنده منه): أى أفضل وأعجب إليه واْغبط، والنفيس من كل شىء، المرغوب فيه، المحروص عليه، وقد نفس نفاسة.
واسم هذا المال ثمغ (1).
وقوله: فأتى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يستأمره، فقال: (إن شثت حبست أصلها وتصدقت بها) الحديث، قال الإمام - رحمه الله -: التحبيس عندنا جائز فى الخلاف (2) العقار، خلافا لمن منعه على الجملة.
والدليل عليه الاتفاق على تحبيس المساجد والسقايات، وحديث عمر - رضى الله عنه - هذا.
وعندنا فى المذهب اضطراب فى تحبيس الحيوان داذا كان الحبس فى الرباع على مجهول كالمساكن فلا خلاف أنه لا يعود على تحبيسه ؛ لأن من أعطيه لا ينقطع فيبقى التحبيس ما يقوى، وكذلك إن كان على رجل وعقبه فإن العقب إذا انقطع لم يرجع ملكا للمحبس ؛ لاءنه لما أعطى علق العطية بالعقب، وقد لا ينقطع ولا ذلك من قصده على أن له ملكه.
وإن كان التحبيس على قوم معينين حياتهم، فإذا ماتوا ففيه قولان: هل يرجع ملكا للمُحْبس إذ لا علامة على قصده التأبيد وزوال الملك، والأصل أن ملك الإنسان لا يزول إلا على الصفة التى أخرجه عليها اْو يكون الأصل ألا يرجع ذلك إلى ملكه ؛ لأن لفظة (التحبيس) دالة على القصد.
والدلالة الملك على هذه الطريقة.
وإفا قلنا: إنه لا يرجع ملكأ فإنه يرجع إلى أولى الناس بالحبس، والنكتة المعتبرة ها هنا التى يدور عليها الاختلاف فى هذا الأصل، فقد اضطربت الرواية فيه إذا حبس وذكر العقب، وسمى الصدقة اْو لم يسمها، إلى غير ذلك من المسائل ؛ إذ الألفاظ المصادرة عن المالك إما أن تكون نصوصا فى إزالة ملكه بوضع اللغة أو بغلبة الاستعمال فى العرف، أو نصوصا فى اللغة أو العرف !الة على القصد لبقاَ الملك، أو محتملة للوجهن، فما الاحتمال فيه يقضى بموجبه ويحكم بمقتضاه وما فيه إشكال روجع فى تفسيره، فما فسره به مما يحتمله قوله قبل منه، دان مات (1) قال صاحب اللسان: الثمغ: مال كان لعمر بن الخطاب فوقفه، وبالكسر فى الرطب خاصة.
انظر: اللسان، ما دة (ثمغ).
(2) قيدت هكذا وليس لها معنى.
(5/374)
كتاب الوصية / باب الوقف 375 مِنْهُ، فَمَا تَاْمُرُنِى بِه ؟ قَالَ: (إِنْ شئْتَ حَبَسْتَ أ!لهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا).
قَالَ: فَتَمدَقَ بِهَا عُمَرُ ؛ أئهُ لا يُبَاعُ أَ!لُهَا، وَلا يهتًاعُ، وَلا يُورَثُ، وَلا يُوهَبُ.
قَالَ: فَتَمدَّقَ عُمَرُ فِى الفُقَرَاءِ، وَفِى القُرْبَى، وَفِى الرِّقَابِ، وَفى سَبيلِ اللهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ، لا جُنَاحَ عَلى مَنْ وَلِيَهَا أنْ جملَ مِنْهَا بِالمَعْرُوفِ، أَوْ يُطعَمَ صَمِيقًا غَيْرَ مُتَمَوكلِ فِيهِ.
قَالَ: فَحَدَّ!لتُ بهَنَما الحَديث مُحَمَدًا.
فَلمَا بَلغْتُ ! نَا المَكَانَ: غَيْرَ مُتَمَو! فيه.
قَالَ مُحَفا: غيرَ مُتَاثّلِ مَماَلآ.
ً
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: وَانبَأنِى مَنْ قَرَأ هَنَا الكِتَابَ ؛ أنَّ فِيهِ: غَيْرَ مُتَاكبلٍ مَالأ.
(... ) حَدثنَاهُ أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَا شَا ابْنُ اُّبى زَائدَةَ.
ح وَحَدثنَا إسْحَقُ، أخْبَرَنَا أزْهر السمان.
ح وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا ابن اُّبِىءول، كلهمْ عنِ ابنِ عونٍ،
قبل أن يستفسر فالنظر عندى ألا يلزمه إلا أقل ما يقتضيه / قوله ؛ لأن الأملاك لا تخرج بالشك.
وهذا الأصل يدور عليه جميع ما وقع فى ذلك فى الروايات.
وأما قوله: ا لا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف، أو يطعم صديقا غير متأثل مالا) فإن الحبس إذا اسشى محبسه منه هذا فى أصل التحبيس صح ذلك.
ولما كل الصديق فى حكم المعلوم مبلغه فيباح له منه قدر ما خرجت العادة به ولو لم يشترط ذلك، وكان التحبيس على المساكن ومن يليها منهم، فإنه لا يحرم عليه ما لا يحرم على أحدهم وإن كان غنيا، واضطر إلى قيامه عليها ما لا يحرم بهذا القدر على جهة الاجازة، ويكون ما يأخذ معلومأ صح ذلك، وليست بأعظم من الزكوات التى جعل الله - سبحانه - فيها حقًا للعاملن عليها، كان كانوا أغنياء.
وتقييده فى قوله: (أن يأكل منها بالمعروف) إشارة إلى ما قلناه فى الرجوع إلى العادة فى ذلك.
واْما قوله: (غير متأثل مالا) فمعناه: غير جامع، وكل شىء له اْصل قديم اْو جمع حتى يصير له أصل فهو موثل، ومنه: مجد موثل: أى قديم الأصل، واْثلة الشىء: أصله.
قال القاضى - رحمه الله -: فيه نص من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى الحبس والأمر به، وفيه
جواز التحبيس! على الأغنياء لقوله: (أو يطعم صديقأ)، وفيه جواز كل القيم عليه منه، وأن جميع ذلك بالمعروف، كما قال الله - تعالى - فى ولى اليتيم على قول بعضهم، وجواز الشرط فى الحبس.
وقول مسلم آخر حديث محمد بن مثنى: فى الباب زيادة قوله: وفى حديث ابن أبى
12 / ب
376
(5/375)
كتاب الوصية / باب الوقف
بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أن حَلِيثَ ابْنِ أبِى زَائِدَةَ وَأزْهَرَ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: (أوْ يُطعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوكل فِيه).
وَلمْ يُذْكَرْ مَا بَعْدَهُ.
وَحَلِيثُ ابْنِ أبِى عَدِىٍّ فِيهِ مَا ذَكَرَ سُليْم قَوْلَهُ: فَحَدَّ!تُ بِهَنًا الَحَد يثِ مُحَمَّدا إِلى آخِرِهِ.
(1633) وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا ا"بُو!اوُدَ الحَفَرِى عُمَرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: أص!تُ أرْضا مِنْ ا"رْضِ خَيْبَرَ، فَائيْتُ رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقلتُ: أصَبْتُ أرْضًا لمْ اصِبْ مَالأ ا"حَبَّ إِلى وَلا أنْفَسَ عِنْدِى مِنْهَا.
وَسَاقَ الحَلِيثَ بِمِثْلِ ! دِيثِهِمْ، وَلمْ يَذْكُرْ: فَحَدَّ!تُ مُحَمَلأ وَمَا بَعْدَهُ.
عدى ما ذكره سليم فى قوله: فحدثت بهذا الحديث محمدأ إلى آخره.
سقطت هذه الزيادة عند العذرى، وثبتت عند غيره.
(5/376)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه
377
(5) باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه
16 - (1634) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِىُّ، أخبَرَنَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ مَهْدِئ،
عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَل، عَنْ طَلحَةَ بْنِ مُصَرث، قَالَ: سَألتُ عَبْدَ الله بْنَ أبِى أوْفَى: هَلْ أَوْ!ى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: لا.
قُلتُ.
فَلِمَ كُتِبَ عَلى المُسْلِمِينَ الوَصِيةُ، أوْ فَلِمَ أمِرُوا بِالوَصِيةِ ؟ قَالَ: أوْصَى بِكِتَابِ اللهِ - عَر وَجَل.
17 - (... ) وَحَدةَشَاهُ أبُو بَكْر بْنُ أَبِى شَيْبَة، حدثنا وَكِيعٌ.
ح وَ حدثنا ابْنُ نُمِيرٍ، حَدثنَا أَيِى، كلاَهُمَا عَنْ مَالك - بْنِ مِغْوَل، بِهَذا الإِسْنَادِ، مِثْلهُ.
غَيْرَ أن فِى حَلِيثِ وَكِيع: قُلتُ 5َ فَكَيْفَ امِرَ النًّاسُ بِالوَصِيةِ بخ وَفِى حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْر: قُلتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى المُسْلِمِينَ الوَصِيةُ ؟
وقول السائل لابن اْبى أوفى: (هل أوصى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فقال: لا.
فقال: لم كتب على المس!لميئ الوصية ؟ أو فلم اْمر بالوصية ؟ قال: اْوصى بكتاب الله)، وفى حديث عائشة - رضى الله عنها -: (ما أوصى بشىء)، قال الإمام - رحمه الله -: هذا يشير إلى أنه كان يرى المساواة فى الأحكام بيننا وبينه والرجوع إلى اْفعاله[] (1) كتب على المسلمين الوِصية، إذ كان أراد بذلك الفرض، فلعله اعتقد مقتضى قوله تعالى: { كُ! بَ عَلَيكُمْ إفَا حَضرَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أ إن تَرَكَ خَيْرا] (2) الْوَصِيةُ} الاَية (3)، وظن أنها لم تنسخ أو يكون أ رئى] (4): أى داود ومَنْ وافقه أ من القائلين ب] (ْ) إيجاب الوصية وقد قدمنا مذهبهم.
قال القاضى - رحمه الله -: ظاهر قوله: ا لم يوص) يعارض الحديث الاَخر فى وصيته بأشياء: لا يبقى دينان بأرض العرب، د اخراج المشركين منها، د اجازة الوفد، وأنه أوصى بعترته وبصدقة أرضه، د انما اْراد هنا نفى الوصية بالأمر بعده التى تدعيه الشيعة والروافض وهو الذى أنكرت عائشة - رضى الله عنها - فى الحديث الآخر بقولها: (متى اْوصى إليه ؟) وكذلك قوله: (أوصى بكتاب الله وعترته وبالثقلين) وغير ذلك كله ليس
(1) بياض فى الأصل.
(3) البقرة: 180.
(5) سقط من الأصل، والمئبت من ع.
(2) سقط من الأصل.
("4) صاقطة من الأصل، والمثبت من ع.
1 / 13
8 كل (5/377)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه 8 ا - (1635) حدَثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدُ اللهِ بْنِ نُمِير وَأبُو مُعَاوِبَةَ،
عَنِ الأعْمَشِ.
ح وَحَا شَا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى وَأبُو معَاوِبَةَ، قَالا: حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ أيِى وَائِل، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَائِشةَ، قَالَتْ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ! ينَارأ، وَلاَ! رْهَمًا، وَلاَ شَاة، وَلاَ بَعِيراً، وَلا أوْصَى بِشَىْء.
(... ) وحدئمنا زُهيْرُ بْنُ حَرْب وَعثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ.
كُلُهُمْ عَنْ جَرِير.
ح وَحَدثنَا عًلِى بْنُ خشرَبم، أخْبَرَنَا عيسَى - وَهُوَ ابْنُ يُوُنس - جَميعأ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
9 ا - (1636) وحدّثناَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ - واللَّفْظِ ليَحْىَ - قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الاشْوَد بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ ؛ أنَّ عَلِتا كَانَ وَصِيا.
فَقَالَتْ: مَتَى أوْصَى إِليْهِ ؟ فَقَدْ كَنتُ مُسْنِدَتَهُ إِلَى صدْرِى - أوْ قَالَتْ: حَجْرِى - فَدَعَا بالطَّسسْتِ.
فَلَقَد انْخَنثَ فِى حَجْرِى، وَمَا شَعَرْتُ أنَّه مَاتَ، فَمَتَى أوْصَى إِلَيْهِ ؟
بمناقض لقولها: (ما أوصى بشىء) ؛ لأن السوال عن الوصية بمال فى وجوه البر، قالوا: ولأن أرضه التى تصدق بها حقيقة ذلك ليست بوصيته ولا صدقة محضة، بل هو حكم بركته، وإنما أخرجها صدقة شرع الله وحكمه، قال - عليه السلام -: ا لا نورث ما تركناه صدقة) (1) /.
فإن سميت صدقة ووصية فعلى صورة حكمها ومجاز أمرها، فلا تناقض بِن هذه الأحاديث على هذا، ولأنه لم يترك - عليه السلام - شيئأ يوصى فيه.
قال الإمام - رحمه الله -: وقولها: فلقد انخنث فى حجرى.
أصل الانخناث التكسر،
ومنه انخناث الأسقية، ومنه سمى الرجل الذى فى كلامه ومعطافه لين وتكسر: مخنثا، فلعلها تريد أنه انخنث فى حجرها، أى تمايل واجتمع.
قال القاضى - رحمه الله -: الانخناث: التمايل والانثناء، وهو المراد هنا وهو المعنى،
أى تكسر السقاء، أى انطوى بعضه على بعض، وميل بعضه على بعض.
وفى (حجرى) لغتان: فتح الحاء وكسرها إذا كان بمعنى الثوب.
والحضن من الحضانة بالكسر لا غير.
(1) البخارى، كالفرائض، بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث 81 / مه ا، مسلم، كالجهاد والسير، بقو2أ النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث ما تركناه صدقة) (1758 / 51)، أبو دلود، كالخريغ والاملى ة وللفىء
(5/378)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه 9كما 20 - (1637) حدّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرو النَّاقِدُ - وَاللَفْظُ لِسَعِيد - قَالُوا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمًانَ الأحْوَلِ، عَنْ سَعيد بْن جُبَيْر، قَال: تَالَ ابْنُ عَئاس: يَوْمُ الخَمِيسِ: وَمَا يَومُ الخَمِيسِ! ثُمَ بَكَى حَتَى بَلَّ !مْعُهُ الحَصَى فَقُلتُ: يَا بْنَ عبَاس، وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ ؟ قَالَ: اشْتَذَ بِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَجَعُمُ! فَقَالَ: (ائْتُونِى كْتُبْ لَكُمْ كِتَابأ لاَ تَضِلُّوا بَعْدِ!)، فَتَنَازَعُوا.
وَمَا يَنْبَغِى عِنْدَ نَبِىّ تَنَازع، والحجر - الذى هو العقل - بالكسر لا غير، والحجر: المنع، بالفتح لا غَيّرَ مصدراً، والكسر لا غَيرَ اسما.
وقول ابن عباس: يوم الخميس وما يوم الخميس ؟ وذكرهُ قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حين اشتد به وجعه: (الحونى أكتب لكم كتابا بألا تضلوا بعدى) وذكر تنازعهم فى ذلك، وقول عمر - رضى الله عنه -: (حسبنا كتاب الله)، وقوله عند ذلك: (دعونى فالذى أنا فيه خير)، وفى الرواية الأخرى: (قوموا عنى)، وقول ابن عباس: (إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب).
قال الإمام - رحمه الله -: النبى ( صلى الله عليه وسلم ) معصوم من اْن يكذب على الله - عز وجل -
أو يفسد ما يبلغه عنه، وهو مع هذا غير معصوم من الأمراض وما يكون من بعض عوارضها ما لا يعود لبعض فى منزلته ولا فساد فيما مهد من شريعته.
وقد كان ( صلى الله عليه وسلم ) لما سحريخيل إليه أنه عمل الشىء وما عمله، ولم يجر ها هنا منه - عليه السلام - من الكلام ما يعد مناقضا لما قدم من الأحكام والشرائع ولا الكلام فى نفسه دال على الهذيان الذى يكون على الحميات، وقد بقى كثير من الأحكام عظيم خطرها فى الشرع غير منصوص عليها، ولكنه قد حض على أصولها ووكل العلماء إلى الاستنباط، فيقول كل إنسان منهم بقدر ما يظهر له.
وقد يقع بسبب اختلافهم فيما استنبطوه فى بعض المسائل مرج وفق، ولو وقع النص عليها لارتفع الخلاف وذهب الهرج، ولعله ( صلى الله عليه وسلم ) كان أراد أن يتعرض لبعض هذه المسائل، وقد قال بعض العلماء: الأظهر عندى اْنه اْراد ( صلى الله عليه وسلم ) أن ينص على الإمامة بعده ؛ ليرتفع بنصه عليها تلك الفق العظيمة التى منها حرب صفين والجمل، وهذا الذى قاله غير بعيد.
فإن قيل: كيف حسن الاختلاف مع قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (ائتونى اْكتب لكم) ؟ وكيف يعصوفه فيما اْمر ؟ قلنا: لا خلاف اْنَ الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال: إن أصلها على الندب، ومن الوجوب إلى الندب عند مَنْ قال: إن اْصلها على الوجوب.
وتنقل القرائن - اْيضأ - صيغة أفعل إلى الإباحة وإلى التعجيز، وإلى غير ذلك من ضروب المعانى.
فلعله ظهر منه ( صلى الله عليه وسلم ) من القرائن ما دل على أنه لم يوجب ذلك عليهم بل جعله إلى
13 / ب
380 (5/379)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه وَقَالُوا: ما شأنُهُ ؟ أهَجَرَ ؟ اسْتَفْهِمُوهُ.
قَالَ: (دَعُونِى، فَالَّذِى أنَا فيهِ خَيْز، أوصِيكُمْ بِثَلاث: أخْرِجُوا الُمشْرِكنَ مِنْ جَزيرَة العَرَبِ، وَأجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كنتُ اجِيزُهُمْ) قَالَ: وَسَكَتَ عَنِ الئالِثَةِ، أوْ قَالَهَا فَانهسِيتُهَا.
قَالَ أبُو إسْحَقَ إِبْراهِيمُ: حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ بِشْر، قَالَ: حَدثنَا سُفْيانُ، بِهَنمَا ال دِيثِ.
21 - (... ) حدثنا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا وَكِيع، عَنْ مًالِكِ بْنِ مغْوَل عَنْ طَلحَةَ بْنِ مُصَرِّف، عَنْ سَعيد بْنِ جُبَير، عَنْ ابْنِ عَبَّامبى ؛ أنَه قَال: يَوْمُ الخَميسَ أ وَمَا يَوْمُ الخَمِيس!! ثمَّ جَعَلَ تَسِيلُ !مُوعُهُ، حَتَّى رَ ؟لتُ عَلَى خَئَيه كَأنَهاَ نظَامُ اللُّؤَلُؤِ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ائتُونِى بالكَتِفِ والدَواةِ - أوِ اللَوْح والئًواةِ - كتُب لَكُمْ كِتَابأ لَنْ تخييرهم، فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم، وهو يدل على رجوعهم إلى الاجتهاد فى الشرعيات، فأرى عمر - رضى الله / عنه - اجتهاده إلى الامتناع من هذا، ولعله استلوح أن ذلك منه ( صلى الله عليه وسلم ) صدر من غير قصد إليه جازم، وهو المعنى بقولهم: (هجر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) وبقول عمر - رضى الله عنه -: (غلب عليه الوجع) وما ضامه من القرائن الدالة على أنه عن غير قصد جازم على حسن ما كانوا يعهحونه من تعوده ( صلى الله عليه وسلم ) فى بلاغ الشريعة، وأنه لا يجرى مجرى غيره من طرق البلاع التى اعتادوها منه ( صلى الله عليه وسلم ).
ظهر ذلك لعمر - رضى الله عنه - ولم يظهر للآخرين ما ظهر لعمر فخالفوه، فلعل عمر - رضى الله عنه - هجش فى نفسه أن المنافقن قد يستطرقون إلى القدح فيما اشتهر من قواعد الإسلام، وبلغه ( صلى الله عليه وسلم ) لسائر المسلمين بكتاب يكتب فى خلوة وأحاد، ويضيفون إليه ما يشبهون به على الذين فى قلوبهم مرض، ولهذ الال عمر: (عندكم القراق، حسبنا كتاب الله).
قال أهل اللغة: هجر العليل بمعنى هذى.
قال الإمام - رحمه الله -: فقد قدمنا نحن بيان القول فيما وقع منه ( صلى الله عليه وسلم )، وبينا ما يجوز عليه وما لا يجوز.
قال الإمام القاضى - رحمه الله -: رواية مسلم فى هذا: (العجز): وكذا وقع فى
كثير من الطرق، وهو اْصح من رواية مَنْ روى: (هجر) و(يهجر) إذ هذا كله لا يصح منه - عليه السلام - ولا يصح أن يعتقد عليه دإنما جاء هذا لمَنْ قائله على طريق الإنكار لمنْ قال: لا تكتبوا، أى لا تتركوا اْمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وتجعلوه كأمر من هجر فى كلامه، أو هو لا يهجر، كما قال تعالى: { اَتُهْلِ! بِمَافَعَلَ السئفَهَاءُمِئا} (1) أى أنت لا تهلكنا
(1) الأعراف: 155.(5/380)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىءيوصى فيه 381 تَضِلُّوا بَعْدَهُ أبَداً) فَقَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَهْجُرُ.
22 - (... ) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ عَبْد: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رافِعٍ: حَدثنَا عَبْدُ الرَراق - أخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِىّ، عَنْ عُبَيدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عتبَةَ، عَنِ ابْنِ عبَاس، قال: لَمًّا حُضِرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَفى البَيْتِ رِجَال!فيهِم عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ، فقَالَ الئبِى كله: (هَلُمَ !كتُبْ لَكُمْ كِتَابأَ لاَ تَضِلُّوَنَ بَعْدَهُ).
فقَالً عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ غَلبَ عَلَيْهِ الوَجَعُ وَعنْدَكُمُ القُرانُ، حسْبُنَا كِتَابَ الله.
فَاخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ، فاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَر!وبوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كِتَابًا لنْ تَضِلّوا بَعْدَهُ،
الصورة صورة الامشفهام والتقدير والمعنى النفى المحض، وإلا صحت الروايات ال الر، فيكون من قائلها خطأ وعلى غير تحقيق، بل لما أصابه من الحيرة والدهش العظيم ما شاهده من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من هذه الحال التى دلت على فقده، وعظيم المصاب به، وخوف الفق والضلال بعده، فلم يضبط ما قاله، وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع، كما حملهم الإضفاق عليه على حراصته، والله تعالى يقول له وشك معهم: { وَالذُ يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} (1).
وقد رواه بعضهم: (هُجر) بضم الهاء فى غير مسلم، ويحتمل اْن يرجع هذا إلى الحاضرين، أى جئتم باختلافكم وتنازعكم هُجرأ ومنكرأ من القول.
والهجر الفحش فى المنطق، وسيأتى الكلام على ما اْشار إليه من حديث سحره - عليه السلام - فى موضعه إن شاء الله تعالى.
واختلف العلماء - رحمهم الله - فى معنى هذا الحديث مما تقدم.
وقيل: إن معنى
هذا الحديث بما تقدم، وقيل: إن معنى الحديث أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يكن المبتدئ بالأمر به، دانما صئل ذلك فأجاب إليه، فلما راْى اختلافهم فيه وعدم اجتماعهم على كتابه قال: (قوموا عنى، ودعونى) وهذا عند القائل بهذا يدل أنه كان غير مبتدئ بل مسؤول، وأن الذى أنا فيه من إرسال الأمر وترككم، وكتاب (2)[ وتدعونى بما طلبتم] (3) خير.
وقول عمر - رضى الله عنه -: (حسبنا كتاب الله): رد على مَنْ نازعه لا على
اْمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقيل: خشى عمر - رضى الله عنه - اْن يكتب فى الكثاب ما لعلهم يعجزون عنه فيحصلون بالحرج بالمخالفة، وأن الأرفق بهم سعة الاجتهاد ورحمة الخلاف / وثواب المخطئ والمصيبة مع تقرر أصول الشريعة، وكمال الدين، وتمام النعمة.
وقيل: قد يكون امتناع عمر إضفاقا على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من تكليفه فى تلك الحال إملاء كتاب ؛ ولذلك قال: (2) فى الأبى: وكتاب الله.
(3) لعلهاحشو.
14 / ءأ
382 (5/381)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا لالَ عُمَرُ.
فَلمَا "ثْثَرُوا اللغْوَ وَالاختِلافَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، قَال رسُولُ ا لله ( صلى الله عليه وسلم ): (قُومُوا).
(إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اشتد به وجعه، حسبنا كتاب الله).
وقوله: (أوصيكم بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب): المراد بالمشركيئ هنا: اليهود، وكذا جاء مفسراً فى غير هذا الحديث.
وقد كان المشركون قتلوا ودخلوا فى الإسلام.
قال أبو عبيد عن الأصمعى: جزيرة العرب ما بين أقصى عدن أبين إلى ريف العراق فى الطول، وأما فى العرض فمن جدة وما والاها إلى أطوار الشام.
وقال اْبو عبيد: هى ما بين حفر أبى السماوة فى العرض (1).
وإنما سميت جزيرة ؛ لإحاطة البحار بها وانقطاعها من الماء.
وأصل الجَزْر: القطع، وأضيفت إلى العرب ؛ لأنها الأرض التى كانت بأيديهم قبل الإسلام.
وذكر الهروى عن مالك: جزيرة العرب المدينة.
وقال المغيرة المخزومى: جزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة باخراج على مَنْ كان على غير الإسلام من هذه البلاد، ولا يمنع من التردد فيها مسافرين، وقاله مالك والشافعى وغيرهما، إلا أن الشافعى خص هذا الحكم بالحجاز وحده من اْرض العرب والحجاز عنده مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن.
قالوا: ويضرب لهم حيث حلوا منه أجل ثلاثة أيام لينظروا فى حوائجهم، كما ضرب لهم ذلك عمر - رضى الله عنه - حين أجلاهم، ولا يدفنون فيه - عند الشافعى - موثاهم، ويخرجون إلى الدفن لغيرها ما لم يتغيروا.
واْجاز أبو حنيفة استيطانهم هذه البلاد.
قال الطبرى: سن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لأمته إخراج كل من دان بغير الإسلام من كان بلد للمسلمين كانت، مما أسلم عليها أهلها، أو من بلاد العنوة إذا لم يكن بالمسلمن ضرورة إليهم، يريد إما لعمارة اْرض ونحوها، كما أبقى عمر - رضى الله عنه - مَنْ أقر من ذمة الشام والعراق لعمارة أرضها، وإنما خص فى هذا الحديث جزيرة العرب لاْنه لم يكن يومئذ للإسلام ظهور فى غيرها.
فأما إقرارهم مع المسلمن فى مصر لم يتقدم لهم عقد صلح قبل عقد الإقرار به فما لا نعلمه عن أئمة الهدى.
وذكر أحاديث منها عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يبقى قبلتان بأرض) ومنها إخريج اْهل الذمة من الكوفة إلى الحيرة.
وعن ابن عباس - رضى الله عنه -: ا لا يساكنكم أهل الكتاب فى مضاربها).
قال الطبرى: فالواجب على كل إمام إخراجهم من كل مصر غلب عليه السلام، إذا لم يكن من بلادهم التى صولحوا عليها، إلا اْن تدعو ضرورة لبقائهم لعمارتها، فإذا كان فلا يدعوهم فى مصر مع المسلمين كثر من ثلاثة أيام، وليسكنهم الخارج عنهم، وليمنعهم اتخاذ المساكن فى مصار المسلمين ويبيعها (1) لنظر: غريب الحديث للهروى 2 / 67.
(5/382)
كتاب الوصية / باب ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه 383 قَالَ عُبَيْدُ الله: فَكَانَ ابْنُ عئاسبى يَقُولُ: إن الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّة مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللّه
( صلى الله عليه وسلم ) وبَيْنَ أنْ يَكْتُبً لَهُمْ فَلِكَ اهِتَابَ، مِنْ اختِلافِهِمْ وَلغَطِهمْ.
عليهم إن ملكوها.
وقال غيره: إن الحكم مختمر بمن كان بجؤيرة العرب، كما جاء فى الحديث، غدروا أو لم يغدروا، ويخرجون بكل حال، فأما غيوهم فلا يخرجون، إلا أن يغدروا اْو يخاف ذلك منهم، فينقلون إلى حيث يومق ضوهم.
وأما الحرم، فمعظم الفقهاء على مفع كل كافر مق حوله لا مستوطنأ ولا مارأ فيه، وإن مات فيه ميت ممن دخله نقل عنه، إلا ان يتغيرء وجؤو ابو حنيفة مرورهم فيه ودخولهم إياه.
وقوله: (وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم): سنة منه - عليه السلام - فى
ذلك لازمة للأثمة بعده للوفود عليهم، / تطييئا لنفوسهم وترغيئا لأمثالهم ممن يستألف، وقضاء لحق قصدهم، ومعونة بهم على سفرهم، وسواء عند اْهل العلم كانوا مسلمين أو كفازا ؛ لأن الكافر إذا وفد إنما يفد فيما بينهم وبين المسلمن وفى مصالحهم غالئا.
وأما قوله: (وسكت عن الثالث) يعنى ابن عباس وقال: (أنسيتها) يعنى سعيد
ابن جبير.
قال المهلب: الثالثة: تجهيز جيش أسامة.
قال القاضى - رحمه الله -: وقد يحتمل هذا قوله - عليه السلام -: ا لا تتخذوا قبرى وثنا يعبد)، فقد ذكر مالك فى الموطأ معناه، مع إجلاء اليهود من حديث عمر - رضى الله عنه (1)، وقال: اخر ما تكلم به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قوله: (قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، لا يبقين دينان بأرض العرب) (2).
(1) للوطأ 2 / 893 (9 1).
(2) للوطأ 2 / 892 (17).
14 / ب
384
(5/383)
كتاب النذر / باب الأمر بقضاء النذر
بسم الله الرحمن الرحيم
26 - كتاب النذر
(1) باب الأمر بقضاء النذر
ا - (1638) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِىُّ وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهَاجِرِ، قَالا: أخْبَرَنَا اللَّيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُبَيْدِ اللّه بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ ابْنِ عَئاسٍ ؛ انَهُ قَالَ: اسْتَفْتًى سَعْدُ بْنُ عُبَ الةَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى نَنْرٍ كَانَ عًلَى كتاب النذور
قوله: إن سعد بن عبادة استفتى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى نذر كان على أمه فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال: (اقضه عنها).
قال الإمام - رحمه الله -: قد قدمنا أن الميت تقضى عنه الحقوق المالية، وذكرنا الخلاف فى البدنية، وما تقدم يغنى عن إعادته هاهنا.
قال القاضى - رحمه الله تعالى -: فى هذا الحديث جواز النذر للطاعة.
وقد جاء فى كتاب الله وصنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كثيرأ، وأمر بالوفاء به وأثنى على فاعل ذلك، وذمّ مَنْ لم يوف به.
وما ورد من النهى عنه فمعناه ما كان لمعنى من أمر الدنيا، كقوله: إن شفانى الله من مرضى تصدقت بكذا، صان قدم غائبى صصت كذا فيكره هذا ؛ لما خالطه من غرض الدنيا والاشتراك فى عمله، ولذلك جاء فى الحديث: (إنما هو شىء يستخرج به من البخيل).
فأما إن كان نذزا مطلفا لله وإرادة الثواب، وشكرا لما أولاه الله وقضاه من حاجته - فلا يكره.
وسنذكر بعد.
والنذر لازم فى الجملة، قال الله تعالى: { وَلْيُو!ا نُنُورَهُم} (1) وقال - عليه السلام -:
(مَنْ نَذر أن يطيع الله فليطعه) (2)، وقال ذامًا للآخرين: (وينذرون ولا يوفون) (3).
ويلزم النذر عند مالك مطلقا، كقوله: على نذر، اْو مقيد كقوله: على نذر صدقة اْو صيام (4).
وللشافعى فى المطلق قولان: مرة ألزمه ومرة لْبطله، وجعل فيه أقل ما يقع عليه ذلك الإثم (ْ).
(1) 1 لحج: 29.
(2) البخارى، كالأيمان والنذور، بالنذر فى للطاعة! / 177، أبو داود، كالأيمان والنذور، بما جاء فى نذر المعصية 2 / 108، الترمذى، كالنذور والأيمان، بمن نذر أن يطيع الله فليطعه 4 / 104، كلهم عن عائثة - رض الله عنها.
(3) البخارى، كالأيمان والنذور، بإثم من لا يفى بالنذر 8 / 176، أبو داود، كللسنة، بفى فضل أصحاب رسول للله ( صلى الله عليه وسلم ) 518 / 2، أحمد 426 / 4، 436، كلهم عن عمران بن حصيئ.
لا) التمهيد 2 / 62.
(5) انظر: الحاوى 15 / 467.
(5/384)
كتاب النذر / باب الأمر بقضاء النذر 385
امِّهِ، تُوُفيتْ قَبْلَ أنْ تَقْضِيَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَاقْضِهِ عَنْهَا).
وعند مالك وقفة العلماء: فيه كفارة يميئ، ويأتى فيه أثر مفسر عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صحيح، وسواء كان عندنا لا على وجه القصد والتوبة، أو وجه الخوف ووجه الغضب فى الحرج إذا قيده أو أطلقه يلزم.
وقال الشافعى: هو مخير فى نذر الحرج المقيد أن يفى به أو يكفر كفارة يميئ، وسيأتى ذكره.
وأما النذر بشىء مباح كالقيام والمشى إلى السوق ونحوه، فعند مالك وكافة العلماء:
لا يلزم، وهو مكروه ؛ لاْنه من تعظيم ما لا يعظم، بل ظاهر كلام مالك اْنه من نذر المعصية (1).
وقال أحمد بن حنبل: هو لازم يخير بين فعله أو كفارة يميئ.
وقوله: (ولم تقضه): يحتمل أنه وجب عليها فلم تقضه ؛ ولهذا حضه - عليه السلام - على قضالْه عنها، وهو أظهر من لفظ الحديث، لاسيما مع الحديث المتقدم: (إنما ماتت فجأة) (2).
وقيل: يحتمل أن تكون عقدته ولم يجب عليها.
وهذا الحديث مما يحتج به الشافعى / فى أن مَنْ وجب عليه حق فى ماله من يمين أو
نذر أو كفارة - فهى مقضية من ماله كديونه اللازمة.
ومالك وأبو حنيفة وأصحابهما يخالفونه فى ذلك، ويرون أنه لا يقضى شىء من ذلك إلا أن يوصى به.
ثم اختلفوا هل يكون فى ثلثه ؟ وهو قولنا، وعند غيرنا فى رأس ماله.
واختلف أصحابنا فيما لم يفرط فيه من زاد كالزكاة الحالة وشبهها، فعند ابن القاسم: أنها تخرج إذا أوصى بها من رأس المال، ولا يلزم إذا لم يوصِ بها.
وعند اْشهب: يخرج من رأس المال، أوصى بها أم لا.
واختلف فى نذر اْم سعد ما كان ؟ فقيل: كان نذزا مطلقًا، وقيل: كان صوما،
وقيل: كان عتقا، وقيل: كان صدقة.
واستدل كل قائل بأحاديث وردت فى قصة اْم سعد.
ويحتمل أن النذر عليها ورد فى تلك الأحاديث، والله أعلم (3).
وأظهر ما فيها أن نذرها كان فى المال أو نذزا مبهما، ويكون حديث من احتج لذلك برواية مالك لما قيل لها: أوصى، قالت: فيم أوصى دانما المال مال سعد ؟ اْى فأوصى فيه بقضاء نذرى.
ويطابق هذا قول من روى: (فأعتق عنها)، فإن العتق من الأموال ومن كفارة النذور وليس فيه كفارة قطع على أنه كان عليها عتقا، كما اسئدل به من قال: إنه كان عليها رقبة، ولأن هذا كان من باب الاْموال المتفقة على النيابة فيفا، ويعضده - أيضا - ما رواه الدارقطنى من حديث مالك: فقال له - يعنى النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (اسق عنها الماء).
وأما حديث القوم فقد قاله اْهل الصنعة للاختلاف بين رواته فى سنده وكثرة اضطرابه.
(1) 1 لتمهيد 2 / 63.
(2) سبق فى كالوصية.
(3) لنظر: الاستذكار 15 / 11.
15 / ب
386 (5/385)
كتاب النذر / باب الأمر بقضاَ النذر (... ) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ وَعَمْرو النَّاقدُ صاِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبَ، أخْبَرَنِى يُوُنسُ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: أخْبَرَنا عَبْدُ الرراَقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز.
ح وَحَدثنَا عثمَانُ بْنُ أن شَيْبَقَ! حَدىثتَا عبدَةُ بْنُ يلَيْمَاشَما عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ وَائِل، كُفهُمْ عَنِ الرفْرِىِّ، بِإِسْنَادِ اللَيْثِ، وَمَعْنَى حَدِيثِهِ.
وقوله: (فاقضه عنها): على غير الوجوب عند كافة العلماَء ؛ لأنه إنما سأل النبى
( صلى الله عليه وسلم ) هل يفعل ذلك ؟ فأباح له ذلك، وحمله غيرهم على الندب والترغيب لقوله: (فينفعها)، ولا شك اْن كل نافع يرغب فيه، وهذا عند كافتهم ما يتعلق بالمال.
وحمل أهل الظاهر هذا على الوجوب، فألزموا الوارث قضاَ النذر عن الميت (1) مكانه.
وأما غيره يلزم ذلك الاْقعد منهم فالأقعد.
(1) الاصتذكار 15 / 16.
(5/386)
كتاب النذر / باب النهى عن النذر وأنه لا يرد شيئا 387
(2) باب النهى عن النذر، وأنه لا يردّ شيئا
2 - (1639) وحدئنى زُهيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِييمَ - قَالَ إسْحَاقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ زُهَيْز: حَدثنَا جَرِير" - عَنْ مَنْصُور، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُرةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أخَذَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمًا يَنْهَانَا عَنِ النَّنْرِ، وَيَقُولُ.
(إِئهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بهِ مِنَ الشَحِيح).
3 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يحيى، حدثنا يَزِيدُ بْنُ أبِى حَكيبم، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ
عبد اللهِ بْنِ !ينَار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أَلهُ قَالَ: (النَّنْرُ لَاَ يُقَدّمُ شَيْئًا وَلاَ يُؤَخِّرُهُ، وَإِنَمًا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ).
وقوله: أخذ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوما ينهانا عن النذر، ويقول: (إنه لا يرد شيئا)،
وفى الحديث الاَخر: ا لا يقدم شيئا ولا يوخره)، وفى الحديث الآخر: (إنه لا يأتى بخير)، وفى الحديث الاَخر: ا لا يرد من القدر، دإنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج)، قال الإمام - رحمه الله -: ذهب بعض علمائنا إلى أن الغرض بهذا الحديث التحفظ على النذر والحفظ على الوفاَ به.
وهذا عندى بعيد من ظاهر الحديث، ويحتمل عندى أن يكون وجه النهى أن الناذر يأتى القربة مستقلاً لها لما صارت عليه ضربة لازم، وكل محبوس الاختيار كأنه لا يبسط للفعل ولا يبسط إليه نشاط مطلق الاختيار.
فقد كره مالك - رحمه الله - أن ينذر الانسان صوم يوم بعينه ويوقفه، وعلل قوله شيوخنا بمثل هذا للذى قلناه.
ويحتمل - أيضا - أن يكون الناذر لما لم ينذر ما بذل من القربة إلا بشرط اْن يفعل له
ما يختار، صار ذلك كالمعاوضة التى تقدح زيْبؤ التقرب، ويذهب الأجر الثابت للقربة المجردة، وفى الحديث: (مَنْ عمل عملأ أشرك فيه غيرى فهو له) (1)، ويشير إلى هذا التأويل قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنه لا يأتى بخير)، وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن النذر لا يغنى من القدر شيثا)، وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن النذر لا يقرب من ابن ادم شيئا لم يكن / الله قدره له، ولكن النذر قد يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل، ما لم يكن البخيل يريد اْن يخرج)،
(1) مسلم، كالزهد، بمن أشرك فى غير الله 4 / 2289، ابن ماجه، كللزهد، بالرياء والسمعة 2 / 1405، وأحمد 2 / 301، كلهم عن اْبى هريرة - رضى الله عنه.
15 / ب
مهـ 3 (5/387)
كتاب النذر / باب النهى عن النذر وأنه لا يرد ثميئا ء، وص ه 5، ء ص ص ص ص قصص مه ص ملاص ه، 5 ص ص ص ص، ص أو
4 - (... ) حدثنا ابو بكر بن ابِى شيبة، حدثنا غندر عن شعبة.
ح وحدثنا محمد
ابْنُ المُثَنَى وَابْنُ بَشَارٍ - وَاللَفْظُ لاِبْنِ المُئنى - حَدىتنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُور، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىّ لمحة ؛ أنَهُ نَهَى عَنِ النَنْرِ.
وَقَالَ: (إِنَهُ لاَ يَأتِى بخَيْر، صاِثمَا يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخيلِ).
ءَ، صًء، 5، ص ص عًص ص ه صَ ه، - ص ص ص !، ص صصصصعص
(... ) وحدثنى محمد بن رافِعٍ، حدثنا يحيى بن ادم، حدثنا مفضل.
ح وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَتى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، كِلاَهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ، بِ!نَا الاِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
5 - (1640) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدثنَا عَبْدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الئَرَ الرْدىث عَنِ العَلاء، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنًّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ تَنْنُرُوا، فَ!نً النَنْرَ لاَ يُغْنِى مَنَ القَدَرِ شًيْئًا، وَإِنَمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلَ لا.
6 - (... ) وحقثنا مُحَمَدُ بْنُ المثنى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمعْتُ العَلاءَ يُحَدِّثُ عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أً نَّهُ نَهَى عَنِ النَّنْرِ.
وَقَالَ: (إِنَهُ لاَ يَرُد مَنَ القَدَرِ، وَإِنَّمًا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ).
7 - (... ) حدثنا يحيى بْنُ أيوبَ وَقُتثبَةُ بْنُ سَعِيد وَعَلِى بْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا إسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عَمْرٍو - وَهُوَ ابْن! أبِى عَمْرٍو - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أن هُريرَةَ ؛ أن الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِن النَّنْرَ لاَ يُقَرثُ مِنِ ابْنِ آلحَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنِ اللهُ قَدَّرهُ لَهُ، وَلَكِنِ النَّنْرُ يُوَافِقُ القَدَرَ، فَيُخْرَجُ بذلك مِنَ البَخِيلِ مَا لَمْ يَكُنِ البَخِيلىُ يُرِيدُ أنْ يُخْرِجَ).
وهذا كالنص على هذا التعليل الذى قلناه ة لأنه أخبر ( صلى الله عليه وسلم ): اْن موافقة القدر تخرج منه ما لم يرد أن يخرج، وأن الئؤ ليس هو الجالب للقدر.
قال القاضى - رحمه الله تعالى -: قد يقال: هل ذلك على طريق الاعلام بما ذا
فيه من أنه لا يخالف القدر ولا يأتى الخير بسببه والنهى عن اعتقاد خلاف هذا وأن يقع بظن جاهل، وهو بالجملة عند مالك مباح فيما تأوله بعض شيوخنا، إلا إذا كان موبدًا، فلذلك كرهه لتكرره عليه فى أوقات قد يثقل عليه فعله، وقد لزمه فيفعله بالرغم لا بالرضى،
(5/388)
كتاب النذر / باب النهى عن النذر وأنه لا يرد شيئا 389 (... ) حئثنا قُتَيْبةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا يَعْقُوبُ - يَعْنى ابْنَ عَبْدِ الرخْمَنِ القَارِىَّ - وَعبدُ العَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَ الرْسَّ - كِلاَهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ أَيِى عَمْرٍو، بِهَذَا الإِسْتادِ مِثْلَهُ.
ويتكلفه غير طيب النفس ولا منشرح الصدر، ولا خالص النية فيكثر عناه ويقل أجره وثوابه، وهذا اخر محتملات قوله: ا لا يأتى بخير)، أى أن اعتقاده قد لا يحمد والوفاء به قد لا يصح، وقد يكون معناه: لا يكون سبئا لخير لم يقدر وكما جاء فى الحديث.
390
(5/389)
كتاب النذر / باب لا وفاء لنذر فى معصية الله...
إلخ
(3) باب لا وفاء لنذر فى معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد
8 - (1641) وحدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعَلى بْنُ حُجْرٍ الم!ئَعْدِىث وَاللَفْظُ لزُهَيْرٍ - قَالا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدثنَا أَيوبُ، عَنْ أبِى قِلاَبَةَ، عَنْ أن المُهَلَبَ، عَنْ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ، فَائسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أصحَاب رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأسَرَ أصْحَابُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً مِنْ بَنِى عُقَيْلٍ، وَأصَابُوا مَعَهُ العَضبَاءَ، فًأتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ فِى الوً ثَاق.
قَالَ: يَا مُحَمَدُ، فَا"تَاهُ.
فَقَالَ: (مَا شَأنُكَ ؟).
فَقَالَ: بِمَ أخَنْتَنِى ؟ وَبِمَ أخَذْتَ سَابِقَةَ الَحَافي ؟ فَقَالَ - إِعْظامًا لنِلِكَ -: (أخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ !، ثُمَ انْصَرَفَ عَنْهُ فَنَادَاهُ.
فَقَالَ: يَا مُحَمَدُ، يَا مُحَمَدُ، وقوله: كانت ثقيف حلفا لبنى عُقَيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله
( صلى الله عليه وسلم ) وأسر أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجلأ من بنى عقيل، وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو فى الوثاق، فقال: يا محمد، فأتاه فقال: (ما شأنك ؟) فقال: بم أخذتنى ؟ وبم أخذت سابقة الحاج ؟ فقال - إعظافا لذلك -: (أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف!، ثم انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد.
وكان ( صلى الله عليه وسلم ) رحيما رقيقا.
فرجع إليه فمَال: (ما شأنك ؟) فقال: إنى مسلم.
قال ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح)، ثم انصرف فناداه: يا محمد، يا محمد.
فأتاه فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (ما شأنك ؟) فقال: إنى جائع فأطعمنى، وظماَن فأسقنى.
قال ( صلى الله عليه وسلم ): (هذه حاجتك)، ففُدى بالرجلين.
قال: وأسُرت امراْة من الأنصار وأُصيبت العضباء: وفى هذا الحديث: (فانطلقت ونذروا بها، فطلبوها[ ولاذوا بها] (1) فأعجزتهم، ونذرت إن نجاها عليها لتنحرنها) وفيه: قال ( صلى الله عليه وسلم ): (بثس ما جزيتها، لا وفاء بنذر فى معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم)، قال القاضى - رحمه الله -: ذكر فى أول هذا الحديث: أسر المسلمون هذا الرجل، وأصابوا معه العضباء، وقال فى آخره: (وأسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء).
العضباء غير القصواء على ما قاله ابن قتيبة وغير واحد، وقد تقدم قبل هذا، ما أشرنا إليه من أنه يحتمل اْنها واحدة واْن العضبى والقصواء والجدع بمعنى من سمات الأذن دإن اختلفت صفاتها، وأنها اسم ناقته والقصوى والعضبى، فقد جاء فى حديث الحج أنه خطب على ناقته الجدعاء (2)، وفى رواية أخرى:
(1) هذه الجملة حشو ليس فى الحديث.
(2) لحمد 5 / 251 عن لبى لمامة.(5/390)
كتاب النذر / باب لاوفاءلنذرفى معصية الله...
إلخ 391 وَكَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَحِيمًا رَقيقًا، فَرَجَعَ إلَيْه فَقَالَ: (مَا شَأنُكَ ؟).
قَالَ: إِنِّى مُسْلمٌ.
قَالَ: ا لَوْ قُلتَهَاَ وَانتَ تَمْلِكُ أمرَكَ، أفْلَحْتً كُل الفَلاَح) ثُمَ انْصَرَفَ.
فَنَ الاهُ.
فَقَاً: يَا مُحَمَّدُ، يَا مُحَمَدُ، فَا"تَاهُ فَقَالَ: (مَا شَأنُكَ ؟).
قَالَ: إِنِّى جَائِع فَا"طعِمْنِى، وَظَمْآنُ
القصواء (1)، وفى أخرى: الخرمى (2)، وفى اْخرى: المخضرمة (3)، وفى حديث مالك: كانت للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) ناقة لا تسبق يقال لها: القصواء (4)، وفى حديث غيره: يقال لها: العضباء (5)[ واْبو بيد] (6) يقول: هو اسم لها، وهذه الأحاديث تدل على أنها صفة فرب صفة صارت اسما، لكن هذا الحديث والذى بعده فى كتاب مسلم وغيره يدل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما اكتسبها فى المدينة، وأنها كانت لبنى عقيل، وأن المشركين أغاروا عليها ثانية / فحملوها كما جاء فى الحديث، وهو بين فى غير مسلم، قال: فحبس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) العضباء لرحله، وأغار المشركون على سرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فذهبوا به وبالعضباء، وأسروا امرأة من المسلمن، وهى امراْة ابن أبى ذر (7).
وذكر بقية خبر المرأة كما ذكر مسلم.
وقوله: إنى مسلم، فقال له - عليه السلام -: ا لو قلتها وأنت تملك اْمرك أفلحت)
ثم ذكر الحديث: (فادى به)، قال الإمام - رحمه الله -: كيف قال له: إنى مسلم، ثم فادى به، ومَنْ اْظهر الاسلام قُبِلَ منه من غير بحث عن باطن، وقد وقع فى أحاديث كثيرة الأخذ بالظواهر فى هذا، أو التنبيه على اْنه لم يومر اْن يبحث على البواطن والقلوب.
قيل: يمكن اْن يكون هذا من خصائص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مع هذا الرجل، فأوحى إليه فيه أنه غير مومن، واْنه مستباح، ألا ترى قوله - عليه السلام - بعد هذا لما سأله أن يطعمه وشحقيه: (هذه حاجتك).
قال القاضى - رحمه الله -: ليس فى الحديث ما يدل أنه رده إلى دار الكفر، وإنما
فيه أنه لم يطلق سراحه أولاواْنه فادى به.
فأما أنه لم يطلق سراحه فإنه إنما أسلم بعد الأسر وملك المسلمن له فبقى لهم، وأما المفاداة إذا لم يرد إلى دار الكفر فصواب لا اعتراض فيه ة
(1) مسلم، كالحج، بحجة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 1218 / 2، ابن ماجه، كالمناسك، بحجة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 1022 / 2، كلاهما عن جابر بن عبد الله.
(2) نحمد 78 / 4 من حديث قيل بن عائذ.
(3)) حمد 3 / 473 عن رجل من أصحاب للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، ابن ماجه، كالمناسك، بلفطبة يوم النحر 2 / (4) انظر: كنز للعمال وقد نسبها للطبرى 7 / 96.
(5) أبو دلود، كالمناسك، بمن قال: خطب يوم النحر 1 / 453.
للا) رسمها الناسخ هكشا، وفى الأبى واللسان: لبو عبيد.
(7) ئبو داود، كالأيمان والنذور، بفى النذر فيما لا يملك 2 / 214 من حديث عمرلن بن حصين.
1 / 16(5/391)
392 كتاب الندر / باب لا وفاء لنذر فى معصية الله...
إلخ فَا"سْقِنِى.
قَالَ: (هَذه حَاجَتُكَ)، فَفمِىَ بالرخلينِ.
قَالَ: وَأسِرَتِ امْرَأة مِنَ الأتصَارِ، وَاصِيبَتِ العَضْبَاءُ، َ فًكَانَتِ المَرأةُ فِى الوَثَاقِ، وَكَانَ القَوْمُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُمْ بَيْنَ يَدَىْ بُيُوتِهِمْ، فَانْفَلَتَتْ فَاتَ لَيْلَة منَ الوَثَاقِ فَأتَتِ الاِبِلَ، فَجَعَلَتْ إِذَا دَنَتْ مِنَ البَعِيرِ رَغَا فَتَتْرُكُهُ، حَتَى تَنْتَهِىَ إِلَى العَضبَاء، فَلَمْ تَرْغُ.
قَالَ: وَنَاقَة!مَنَؤَقَةٌ، فَقَعَدَتْ فِى عَجُزِهَا ثُمَ زَجَرتهَا فَانْطَلَقَتْ، وَنَنِرُوا بهَا فَطًلَبُوهَا فَاغْجَزَتْهمْ.
قَالَ: وَنَذَرَتْ لتهِ ؛ إِنْ نَخاهَا اللّهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَلِمَتِ المًلِينَةَ راها النَّاسُ.
فَقَالُوا: العَضْبَاءُ، نَاقَةُ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَتْ: إِنَّهَا نَنَرَتْ ؛ إِنْ نَجَّاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرنَهَا.
فَاعتَوْا رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرُوا فَلِكَ لَهُ.
فَقَالَ: (م!بحَانَ اللهِ! بئْسَمَا جَزَتْهَا، نَنَرَتْ للّه إِنْ نَخاهَا اللهُ عَلَيْهَا لَتَنْحَرنَهَا، لاَ وَفَاءَ لِنَنْر فِى مَعْصِيَه، وَلاَ فِيمَا لَايَمْلِكُ العَبْدُ لما.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ حُجْر: (لاَ نَنْرَ فِى مَعْصَيَةِ اللْهِ).
لأنه أطلقه من أسر الرق ليطلق أولئك، ثم ان كل واحد منهم بعد الاطلاق موكول إلى حاله من بقائه بالأرض التى أطلق من أسره فيها أو رجوعه إلى أرضه، فقد يحتمل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قد اطلع من صحة إيمانه ووفق بصدق يقينه من حيث فادى، وأطلقه من الرق بإطلاق الأخرين، وبقى هو حر مع المسلمين لم يرجع إلى دار الكفر، فيكون معنى قوله: ا لو!لتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح، أى نجول! فى الدنيا من الرق وفى الآخرة من النار، لكنك قلتها وقد ملكت، أفلحت بالنجاة من النار، ولم يتم فلاحك بالرية.
وأما قوله: (هذه حاجتك) التى احتج بها قاثل ما تقدم فما فيه عندى ظهور، لما تأوله من أنه اتهمه فى بيهانه، ولو اتهمه فى إيمانه لم يقل له: الو قلتها وأنت تملك أمرك)، بل كان يقول: لو قلتها من قلبك وصدق نيتك، وإنما معنى (هذه حاجتك): حاضرة مقضية غير متعذرة.
قال الاط م - رحمه الله -: وأنا قوله: ا لا وفاء بننو فى معصية، ولا فيما لا يملك العبد،، ولم يذكر فى ذلك كفارة، خلافا لمن نذر، زعم أن النذر فى المعصية يكفر، تعلفا بما ذكره الترمذى وأبو داود: ا لا نذر فى معصية الله، وكفارته كفارة يمين) (9).
والجريرة: الجناية والذنب.
وقد احتج بقوله - عليه السلام - فى ناقته: ا لا وفاء بنذر
(1) أبو داود، دًا لأيمان والنذور، بمن رلت عليه كفارة إذا كان فى معصية 2 / 208، الترمذى، كالنذور والأيمان، بما جاء عن رد ول الله ! أن لا نذر قى معصية 4 / 103، عن علئعثمهً - رضى للله عنها.(5/392)
كتاب النذر / باب لا وفاء لنذر فى معصية الله...
إلخ 393 (... ) ! دّثنا أبُو الرئيع العَتَكِى، حَا شَا حَمَادث يَعْنِى ابْنَ زَيْا.
ح وَحَدثنَا إِسْحَاقُ
ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الوَفَاب الثَقَفِىّ، كِلاَهُمَا عَنْ أئوبَ، بِهَذَا الاِسْثَادِ، نَحْوَهُ، وَفِى حَدِيثِ حَمَّاد قَالَ: كَانَتِ العَضبَاءُ لِرَجُل مِنْ بَنِى عُقَيْل، وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ
فى هعصية، ولا فيما لا يملك العبد) أصحاب الشافعى على أن مال المسلم باق على ملكه لان غنمه الجيش من أرض الحرب وقسموه، وأن صاحبه يأخذه بعد القسمة.
ولعلنا أن نتكلم عليه فى كتاب الجهاد إن شاء الله.
والعضباء اسم ناقة اشبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله: (هى ناقة منوقة): أى مذللة، ومنه الحديث الذى فيه: وسار معه على جمل له قد توقد، أى بأرضه وذلله.
يقال: جمل منوق ومخيس ومعبد ومديث.
وقوله: (ونذروا بها): أى علموا بها، يقال: ننِرت بالشىء، بكسر الذال نذارة،
اْى علمت به، وننَرت الشىء لله، بفتح الذال، أنذر نذزا.
قال ابن عرفة: النذر ما كان وعدا / على شرط، فكل ناذر واعد وليس كل واعد ناذر، فلو قال قائل: على ان اْتصدق بدينار لم يكن ناذزا، ولو قال: إن شفى الله مريضى أو رد على غائبى فعلى صدقة دينار أو غيره، كان ناذرًا.
قال الإمام - رحمه الله -: هذا الذى ذكره ابن عرفة مال إليه بعض الفقهاء، ورأى
أن النذر الغير المشروط لا يُسمَى نذزا ؛ ولهذا ايستحب الوفاء به، ولا يجب كما يجب المشروط الممى نذرًا، الداخل فى عموم الظواهر الواردة بالاْمر بالوفاء بالنذر.
ومال غير هولاء من الفقهاء إلى أن الجميع يسس نذزا واْنشد قول الشاعر:
الشاتمى عرضه، ولم أثشمهما والناذرين إذا لم اْلمّهما دمى
وتول جميل:
فليت رجال يخك قد نذروا دمى وهموا بقتلى يا بثين لقونى
والأظهر أن النذر المذكور فى اليتق غير معلق بشرط.
وقوله: (مجرسة، ت أى مذللة.
يقال: جرسته الاْ مور، أى راضته وذللته.
قال الق الى - رحمه الله -: قوله: (مدربة) بدال مهملة معنى مذللة، ومعنى منوقة ومجرصة، كله بمعنى واحد.
وفى هذا الحديث جواز سفر المرأة مع غير ذى رحم عند الضرورة، وإنما ذلك مع الاختيار.
ومّال بعضهم: إن هذا النهى إنما هو فى الأسفار المباحة، وأما الواجبة فى الدين فلا نهى فيها.
وهذا لا يصح إلآ عند الضرورات، كضرورة هذه من الهروب من دار الكفر والخروج من الأسر، ولحد تقدم الكلام على هذه المسألة فى كتاب الحج.
16 / ب
394 (5/393)
كتاب النذر / باب لا وفاء لنذر فى معصية الله...
إلخ الحَاجِّ.
وَفِى حَدِيثِهِ أيْضا: فَا"تَتْ عَلَى نَاقَة فَلُولِ مُجَرَسَة.
وَفِى حَدِيثِ الئقَفِىِّ: وَهىَ نَاقَة! مُدَربةء.
وقوله: ا لا نذر فيما لا يملك ابن آدم): هذا إذا أطلق النذر بالصدقة أو العتق فيها مطلقا، فإن قيده بملكه متى ملكه لزم فى العتق عندنا على مشهور مذهبنا ولم يلزم على غيره وهذا الحديث لهذا المذهب حجة.
وقوله: ا لا نذر فى معصية الله): نفى النذر عنها، إذ النذر المقصد فيه التبرك والتقرب، والمعصية تنافيه، فلا نذر يصح فيها ولا يلزم، بل نهى عنه وعن الوفاء به.
ولم يذكر فى الحديث كفارة، وهذا قول مالك وكافة العلماء أنه لا كفارة فى نذر المعصية (1) وقال الكوفيون: لا يلزم وفيه كفارة يمين، واحتجوا بما ورد فى حديث عالْشة - رضى الله عنها -: ا لا نذر فى معصية، وكفارته كفارة يمين) (2).
وهو حديث مقلوب معتل عند أهل الحديث، مع أنه محتمل تأويل رجوع الكفارة إلى النذر الجائز كما جاء فى الحديث مبينًا.
(1) لنظر: التمهيد 64 / 2.
(2) انظر: الاصتذكار 15 / 13.
(5/394)
كتاب النذر / باب من نذر أن يمشى إلى الكعبة 395
(4) باب من نذر أن يمشى إلى الكعبة
9 - (1642) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يحيى التَمِيمِى، أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زَرَيع، عَنْ حُمَيْد،
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنَسٍ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَفْظُ لَهُ - حدثنا مرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِىُّ، حَا شَا حُمَيْد حَدثنِى ثَابِ!!عَنْ أنَسٍ ؛ أن الئبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَأى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْه.
فَقَالَ: (مَا بَالُ هَنَا ؟،.
قَالُوا: نَنَرَ أنْ يَمْشِىَ.
قَالَ: (إِن اللهَ عَنْ تَعْنِيبِ هَنَا نَفْسًهُ لَغَنِى) وَأمَرَهُ أنْ يَرْكَبَ.
10 - (1643) وحدّثنا يحيى بْنُ أئوبَ وَقُتيبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ - عَنْ عَمْرٍو - وَهُوَ ابْنُ أبِى عَمْرٍو - عَنْ عبد الرخمَنِ الأعْرَج، عَنْ أبى هُرَيْرَةَ ؛ أن الئعِى ( صلى الله عليه وسلم ) ألحْرَكَ شَيْخًا يَمْشِى بَيْنَ ابْنيهِ، يَتَوَكاص عَلئهِمَاَ.
فَقَالَ النَعِى ( صلى الله عليه وسلم ): (مَا شًأنُ
وقوله: أنه رأى شيخا يهادى بين ابنيه.
فقال: (ما بال هذا ؟) قالوا: نذر أن يمشى.
قال: (إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغنى) وأمره أن يركب، وفى الرواية الأخرى: (اركب، إن الله غنى عن نذرك)، قال الإمام - رحمه الله -: يحمل هذا على أنه عجز عن المشى، وكذلك مجمل الحديث الذى بعده عن عقبة: أنه قال: إن أختى ننرت أن تمشى إلى بيت الله حافية، فأمرتنى أن أستفتى لها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فاستفتيته.
فقال: ا لتمش ولتركب) محمله - أيضا - عندنا على أنها عجزت.
وقد ذكر أبو داود فى هذا الحديث اْنها نذرت أن تحج ماشية واْنها لا تطيق ذلك، فقال - عليه السلام -: (إن الله لغنى عن مشى أختك، فلتركب ولتهد بدنة) (1)، فقد / نبه هاهنا - عليه السلام - على أنها غير مستطيعة وهكذا مذهب فالك - رحمه الله - أن الناذر إذا عجز عن المشى مشى ما قدر عليه، ثم ركب وأهدى (2).
قال القاضى - رحمه الله -: اختلف العلماء بحسب اختلاف هذه الآثار والروايات، واتفقوا على ناذر الحج والعمرة أن يلزمه فعل ذلك والسير إليه.
واختلفوا إذا نذر مشيًا أو سيرًا ولم يذكر حخا ولا عمرة، فذهب مالك (3) إلى ما تقدم مِنْ أن مَنْ نذر المشى سَمى حجا أو عمرة أو لم يسم لزمه المشى ولم يركب، وإن
(1) أبو داود، كالأيمان والنذور، بمن رثى عليه كفارة بذا كان فى معصية 2 / 211.
(2) ا نظر: ا لتمهيد 6 / 97، لما.
(3) ا نظر: ا لتمهد 2 / 63، وللسا بق.
17 / أ
396 (5/395)
كتاب النذر / باب من نذر أن يمشى إلى الكعبة هَنَا ؟).
قَالَ ابْنَاهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ عَلَيْه نَنْر.
فَقَالَ النَّيِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): (ارْكَبْ أيُّهَا الشَّيْخُ، فَإِن اللْهَ غَنِى عَنْكَ وَعَنْ نَنْرِكَ) وَاللَّفْظُ لِقُتَيْمًةَ وَابْنِ حُجْرٍ.
(... ) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا عبدُ العَزيزِ - يَعْنِى الدَرَاوَرْدى - عَنْ عَمْرِو بْنِ
أبِى عَمْرٍو، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
ً
11 - (1644) وحدثنا زَكَرِئاءُ بْنُ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ المصْرِى، حَدشَا المُفَضلُ - يَعْنِى ابْنَ فَضَالَةَ - حَدثنِى عبدُ اللهِ بْنُ عَيَّاش، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبَى حَبيب، عَنْ أبى الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ؛ أئهُ قَالَ: نَنَرَتْ اخْتِىً أنْ تَمْشِىَ إِلَى بَيْتِ الئَهِ حًافِيَة، فَأَمَرَتْنِى أنْ
عجز فى بعض الطريق أو مشى رجع من قابل فمشى ما ركب، وجعل ذلك فى حج أو عمرة، وأهدى لتفريق المشى إلا اْن يأيس القدرة على المشى جملة، فليركب ويهحى.
روى مثله عن علىّ وابن عباس (1) - رضى الله عنهما.
وقال الحسن البصرى: إن نذر حجا أو عمرة فلا مشى عليه ويركب، وعليه دم.
وقاله أبو حنيفة (2)، وحكى عنه أنه متى لم يسم حجا ولا عمرة فلا يلزمه مشى ولا سير جملة فى القياس، ولكن الاستحسان فى قوله على المشى إلى بيت الله أو الكعبة أو مكة دون سائر هذه الألفاظ، يسير ولا يلزمه مشى.
وقال الشافعى: يلزمه المشى إن قدر عليه سَفى حجا أو لا (3)، كقول مالك، إلا
أنه إن عجز ركب ويهدى احتياطا، ولم يلزمه رجوع لشىء ما عجز عنه، وهو مذهب أهل الكوفة.
وقد روى مثله عن ابن عمر، ومذهب السلف وأهل المدينة (4) وهى إحدى الروايتين عن ابن عمر، ومذهب ابن الزبير أن يرجع فيمشى ما ركب ولم يجعل عليه دما (ْ).
وروى عن علىّ - رضى الله عنه - قول اَخر: أنه مخير إن شاء مشى، وإن شاء ركب وأهدى (6).
واْحاديث مسلم يحتج بها الشافعى فى إسقاط وجوب الرجوع والدم دانما جعله احتياطا.
ومالك ومَنْ يوجب عليه الرجوع والدم يحتجون بزيادة مَنْ روى فى حديث أخت عقبة: (ولتهد!.
ذكره أبو داود (7) وغيره، وزاد فى بعض الروايات: (ولتهد بدنة)، ذكره ابن المنذر.
وهذه حجة لمالك فى إيجابه البدنة لمن وجدها فى هذه المسألة.
وتأولوا الاْحاديث فى ترك الرجوع لمن لم يقدر جملة وقد روى فى حديث أخت عقبة، فعجزت عنه، فأما مَنْ نذر فعليه الوفاء بنذره.
(1، 2) انظر: الاستذكار 5 1 / 33، 34.
(4) الاستذكار 15 / 31، 32.
للا) المصدر السابق 15 / 33.
(3) لفظر: لطاوى 15 / 482.
(5) المصدر السابق 15 / 32.
(7) سبق فى نفس الباب.
(5/396)
كتاب النذر / باب من نذر أن يمشى إلى الكعبة 397 أسْتَفْتِىَ لَهَا رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاسْتَفْتَيْتُهُ.
فَقَالَ: ا لِتَمْشِ وَلَتَركَبْ ثا.
12 - (... ) وحدئنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حدثنا عَبْدُ الرراق، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، أخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أبِى أيوبَ ؛ أن يَزِيدَ بْنَ أبِى حَبِيب أخْبَرَهُ ؛ أن أبًا الخَيْرِ حَدعيهُ عَنْ عُقْبَةَ ابْنِ عَامِر الجُهَنِىِّ ؛ أَنَهُ قَالَ: نَنَرَتْ اخْتِى.
فَذَكَرَ!بِمِثْلِ حَلِيثِ مُفَضَّل.
وَلَمْ يَذْكُرْ فِى الحَدِيثِ: حَافِيَة.
وَزَادَ: وَكَانَ أبُو الخَيْرِ لاَ يُفَارِقُ عُقْبَةَ.
ص ص !، ءسَ، 5، ص ص ه، ص ص ص صءمم!، 5،، ور - - ءممص
(... ) وحدثنِيهِ محمد بن حاتِبم وابن أَبِى خلف، قالا: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا
وفى قوله فى حديث أخت عقبة: (فلتمش ولتركب): حجة على أبى حنيفة فى إسقاط المشى جملة.
قوله فى هذا الحديث: نذرت أختى أن تمشى إلى بيت الله د لى مكة والمسجد الحرام، وإن لم يذكر حجا ولا عمرة، وكذلك متى ذكر جزبم من الكعبة أو البيت فله حكمه.
وهذا قول مالك واْصحابه.
واختلف أصحابه إذا قال: إلى الحرم، أو مكالط منه، اْو مكان من مدينة مكة، أو المسجد، هل له حكم ذكر البيت اْم لا ؟ وقال الشافعى: متى قال: على المشى إلى شىء بما يشتمل عليه الحرم لزمه، وإن ذكر ما خرج عنه لم يلزمه، وهو قول أبى يوسف ومحمد والحسن وابن حبيب من أصحابنا (1) زاد: إلا إذا ذكر عرفة فيلزمه وإن لم يكن من الحرم.
وقال أبو حنيفة: لا يلزمه فى هذا مشى ولا سير فى القياس، لكن الاستحسان فى قوله: إلى بيت الله، اْو الكعبة، أو مكة فقط (2) / أن يسير ولا يلزمه ركوب على اْصله.
وقوله فى الحديث: حافية، فقال: ا لتمش ولتركب): ظاهر مع ما جاء فى الحديث الآخر: (إن الله غنى عن تعذيب هذا نفسه) وأمره أن يركب: أنه لا يلزم ما فيه تعذيب للنفس، لكن كل ما ذهب فيه المشقة على نفسه فلم يلزمه، إذ ليس فيه قربة، يستحب له فيه الدم، ولا يلزمه مثل المشى حافيًا، أو حمل شىء على عنقه (3).
فالدم هاهنا استحباب بخلاف مجرد المشى لمَنْ عجز عنه ؛ لأن المشى مقدار عليه وطاعة، والخطا فيه مكتوبة، وقد قال الله تعالى: { يَأتُوكَ رِجَالاً} (4)، فليدم الإنسان ما نذر من ذلك،
(1) انظر: الحاوى 15 / 482، الاستذكار 15 / 42، 43.
(2) مبق فى كتاب الحج.
(3) انظر: التمهيد 2 / 62 وهو قول الإمام مالك.
(4) 1 لحج: 27.
17 / ب
398 (5/397)
كتاب النذر / باب من نذر اْن يمشى إلى الكعبة ابْنُ جُرَيْج، أخْبَرَنِى يَحْيَى بْنُ أبِى أيوبَ ؛ أن يَزِيدَ بْنَ أبِى حَبِيمب أخْبَرَهُ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
فإذا عجز عنه وجب عليه الدم عندنا، وسقط عند غيرنا، واستحبه آخرون على ما تقدم.
وكذلك عندنا وعند أبى حنيفة: إذا حلف بالمشى إلى مكة لزمه اليمن (1) إذا حنث، وكلاهما على مذهبه المتقدم فى لزوم المشى أو سقوطه.
وقال الشافعى (2) وفقهاء أصحاب الحديث كلهم: لا يلزم فى اليمن بخلاف النذر، وعليه فيهما كفارة يمين.
وحكى مثله عن ابن القاسم (3) من اْصحابنا.
قال المروزى: وهو قول أصحابنا كلهم فى الأيمان سوى الطلاق والعتق، وروى هذا عن جماعة من السلف.
وقال داود: كل يميئ كمشى أو صدقة فلا تلزم ولا كفارة فيها، قال: ولا كفارة إلا فى اليمين بالله، وهو قول ابن أبى ليلى والشعبى والحسن ومحمد بن الحسن كيفما حلف.
(1) نى كفارة اليمن.
(2) لنظر: الاصتذكار 15 / 34.
(3) المصدر السابق 15 / 43.
(5/398)
كتاب النذر / باب فى كفارة النذر
399
(5) باب فى كفارة النذر
13 - (1645) وحئثنى هَرُ!نُ بْنُ سَعِيد الأيْلَى وَبُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى وَأحْمَدُ بْنُ عيسَى - قَالَ يُونُسُ: أخْبَرَنَا.
وقَالَ الآخَرَانَ: حَدثنَا ابْنُ وَهْبِ - أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الَحَارِثِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَلقَمَةَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ، عَنْ أبى الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ ابْنِ عَامِرِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (كًفارَةُ الئنْرِ كَفَارَةُ اليَمِينِ).
وقوله - عليه السلام -: (كفارة النذر كفارة اليمين)، قال الإمام - رحمه الله -:
النذر المبهم عندنا كفارته كفارة يمين خلافا للشافعى وهذا الحديث حجة عليه.
قال القاضى - رحمه الله -: وقد قدمنا اول الكتاب اختلاف قول الشافعى فيه.
وبهذا الحديث احتج فقهاَ أصحاب الحديث أن كفارة اليمين تجرى فى جميع ابواب النذر، واْبو ثور معهم وزاد العتق.
وحجتنا عليهم: اْن ظاهره النذر المبهم المطلق.
واما المقيد بطاعة فالمخرج منه بفعلها، ولا يحتاج إلى كفارة.
1 / 18(5/399)
كتاب الأيمان / باب النهى عن الحلف بغير الله
بسم الله الرحمن الرحيم
27 - كتاب الأيمان
(1) باب النهى عن الحلف بغير الله تعالى
ا - (1646) وحدّثنى أبُوالطَاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرو بْنِ سَرح، حَدثنَا ابْنُ وَهْب، عَنْ يُونُسَ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شًهَاب، عَنْ سَالم بْنِ عَبْد اللهِ، عَنْ أبِيه، قَالَ: سَمعْتُ عُمَرَ بْنً الخَطَاَبِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اً لئهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن اللهَ عَر وَجَل يَنْهَاكُم أنْ تَحْلِفُوا بِابَائِكُمْ).
وقوله (1): (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت)، قال الإمام - رحمه الله -: هذا لئلا يشرك بالتعظيم غير الله - سبحانه.
وقد قال ابن عباس: لاْن أحلف بالله فاَثم، أحب إلىّ من أن أضاهى: فقيل معناه: الحلف بغير الله، وقيل: معناه: الخديعة، يرى أنه حلف وما حلف، وقد قال ابن عباس - أيضا: لئن أحلف بالئه مائة مرة فاَثم، خير من أن أحلف بغيره فأبر، فلهذا ينهى عن اليمين بسائر المخلوقات.
ولا يعترض على هذا بقوله ( صلى الله عليه وسلم ) ة (أفلح وأبيه إن صدق) (2) ؛ لاْنه لا يراد بهذا القسم، و(نما هذا قول جار على ألسنتهم، فقد قال تعالى: { وَالتِينِ وَالزيْتُونِ} (3)، قيل: معناه: ورب التن والزيتون، أو يكون المراد به التنبيه على ما فيهما من العجائب والمن بهما عليهم، ولا يراد بهما القسم.
ولو سلمنا أن المراد بها القسم من غير حذف وإضمار لم يبعد أن يكون البارى - سبحانه - يقسم بهما ويمنعنا من القسم بهما، وتعظيم البارى جلت قدرته للأشياء بخلاف تعظيمنا لها ؛ لأن كل حق بالإضافة إلى حقه - سبحانه - حقير.
وكل عظيم عند الإضافة إليه تعالى هين ؛ إذ لاحق لأحد عليه، وله الحق على كل أحد، و(نما تعظيمه لبعض / الأمور تنبيه إلينا على قدرها عنده أو تعبد لنا بأن نعظمها، فلا يقاس هذا على هذا.
(1) لم يذكر القاضى أنه دخل فى كتاب الأيمان وكذلك فى ع.
(2) مسلم، كالايمان، ببيان الصلوات التى هى ئحد اْركان الاسلام 1 / 11، من حديث طلحة بن عبيد الله.
(3)1 لتين: ا.(5/400)
كتاب الأيمان / باب النهى عن الحلف بغيرالله 401 قَال عُمَرُ: فَوَاللّهِ، مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ على نَهَى عَنْهَا، ذَاكِرًا وَلأَ آثِرم.
2 - (... ) وحدّثنى عَبْدُ المَلك بْنُ شُعْيَب بْن الليْث، حَدثنى أبى، عَنْ جَدِّى،
ص ممص حصو، 5، ص ص ص صصَ هَ ص، 5، 5ً ص ص صوته،، ً هَ ص ص ص صص عو، حدثنى عقيل بن خالِدٍ.
ح وحدثنا إِسحاق بن إِبراهِيم وعبد بن حميد، قالأ: حدثنا عبد الرَرأَقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كِلاَهُمَا عَنِ الزهْرِىِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مثْلَهُ، ً غَيْرَ أن فِى حَدِيثِ عُقَيْلٍ: مَا حَلَفْتُ بِهَا منذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَنْهَى عَنْهَا، وَلأً تَكَلَّمْتُ بِهَا، وَلَمْ يقُلْ: فَاكِرم وَلأَ آثِزا.
(... ) وحدئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْزو الئاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب، قَالُوا: حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الرفرِى، عَنْ سَالِم، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: سَمِعَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِا"بِيهِ.
بِمِثْلِ رِوَايِةِ يُونُسَ وَمَعْمَر.
3 - (... ) وحئثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا لَيْمث.
حِ وَ حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْح - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِع، عَنْ غئدِ اللهِ، عَنْ رسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّهُ أدْرَكَ عمَرَ ابْنَ الخَطَاب فِى رَكْب، وَعُمَرُ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ.
فَنَ الاهُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ألأَ إِن اللهَ عَزَّ وَجَل يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوائآبَاثِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَليَحْلِفْ بِالتهِ أوْ لِيَصْمُتْ).
وقول عمر - رضى الله عنه -: (ولا اثرًا): يعنى: ولا حاكثا إياه على أحد،
من قولهم: أثر الحديث يأثره: حدث به.
قال القاضى - رحمه الله -: يعنى ومعنى قوله: (ولا ذاكرًا): أى ولا قائلأ لها
من قبل نفسى.
وفى قوله: (فليحلف بالله) تنبيه على ال الحلف بأسمائه وصفاته تعالى لازم جائز ؛
لأنه حلف به تعالى، ولا خلات فى ذلك بين علماَ الأمصار مع الآثار فى ذلك (1)، إلا ما ذكر عن الشافعى على أصله على من اشترط نية اليمن فى الحالف بالصفات (2)، والا لم يكن عليه كفارة.
وأنكر بعض المتأخرين الخلات فى لزوم الحلف بالصفات.
وفى
(1) انظر: الاستذكار 15 / 95.
(2) انظر: الحاوى 15 / 254.
402(5/401)
كتاب الأيمان / باب النهى عن الحلف بغير الله 4 - (... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ عمدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا لنَا يحيى - وَهُوَ القَطَانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ.
ح وَحَدثنِى بِشْرُ بْنُ هلاَلٍ، حَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَد!شَا أئوبُ، ح وَحَدثنَا أبُو كُريب، حَد!شَا أبُو اسَامَةَ، عَنِ الوً لِيدِ بْنِ كَثِير.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَد!لنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسمَاعِيلَ بْنِ أمَيةَ.
ح وَ حدثنا ابْنُ رَافِعٍ، حَد 8لنَا ابْنُ أبِى فُديْك، أخْبَرَنَا الضخَاكُ وَابْنُ أبِى ذِئْب.
ح وَحَدثنَا إصمحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ رَافِعٍ، عَنْ عند اً لرَزأق، عَنِ ابْنِ جُريجٍ، أخْبَرَنِى كًئدُ اهَرِي!، كُل هَؤُلاَء عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
بِمِثْلِ هَنِهِ القَضَةِ، عَنِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) وحدثنا يحيى بْنُ يحيى وَيَحْىَ بْنُ أيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْر - قَالَ يحيى بْنُ يحْيَى: أخْبَرَنَا.
وقال الآخرور: حدثنا إِسْماعيل - وهو ابْن جعْفرٍ - عنْ عَبْد اللهِ بْنِ !ينَارٍ ؛ انَهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَ حَالفَا فَلاَ يَحْلفْ إِلاًّ بالئه).
وَكَانَتْ قُرَيْثمى تَحْلِفُ بِابَائِهَا.
فَقَالَ: (لاَ تَحلِفُوا بِالَائِكُمْ).
ً
الباب: وحدثنى بشر بن هلال (1) قال: نا عبد الوارث.
واْرى الصواب الأول، وفيه: نا يحيى بن يحيى ويحى بن أيوب وقتيبة وابن حُجْر - قال يحيى بن يحيى: اْنا، وقال آخرون: نا إسماعيل.
كذا عند شيوخنا.
وفى بعض الروايات: قال يحيى بن يحيى: اْنا.
وقال اخرون: حدثنا.
(1) بشر بن هلال الصوات أبو محمد النميرى البصرى، روى عن جعفر بن سليمان وعبد الو، ث بن سعيد ويحمص القطان وغيرهم، وعنه الجماعة إلا البخارى، ولبن خزيمة وئبو حاتم - وهال: محله الصدق، وقال لبن حبان فى للثقات: يغرب، ووثقه النائى فى أسماء شيوخه وأبو على الجيانى فى ئسماء شيوخ اْبى داود، ت 247 0 انظر: التهذيب 1 / 462.(5/402)
كتاب الأيمان / باب من حلف باللات والعزى...
إلخ
403
(2) باب من حلف باللات والعزّى، فليقل: لا إله إلا الله
5 - (1647) حدّثنى أبُو الطَّاهِرِ، حَدثنَا ابْنُ وَهْب، عَنْ يُوُنسَ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ
ابْنُ يحيى أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنً شهَاب، أخْبَرَنِى حُمَيْدُ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْت ؛ أنَّ أًبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ حَلَفَ منكُمْ، فَقَالَ فِى حًلِفِهِ: بِاللاتِ.
فَالًيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ ال!هِ.
وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ اقَامِرْكَ، فًليَتَمدَقْ).
(... ) وحدّثنى سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلبم، عَنِ الأوْزَاعِىِّ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرًّ زّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، كِلاَهُمَا
وقوله: (من حلف فقال فى حلفه: باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن
قال لصاحبه: تعالى أقامرك، فليتصدق)، قال الإمام - رحمه الله -: الحلف بما لا يجوز من هذا النوع لا كفارة مقدرة فيه عندنا، خلافًا لأبى حنيفة (1) فى إثبات الكفارة فى ذلك، إلا فى قوله: أنا مبتدع وأنا برىء من النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وهذا الحديث حجة عليه ؛ لاْنه لم يذكر فيه الكفارة.
وأبو حنيفة تعلق بأن الله - سبحانه - أوجب على المظاهر الكفارة، وعلل بأنه منكر من القول وزور، والحلف بهذا منكر من القول وزور.
وهذا يُنتقض عليه بما استئناه من قوله: أنا برىَ من النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ثم لا كفارة فيه عنده.
ولو قال: واليهودية، لم تلزمه الكفارة باتفاق، فكذلك إذا قال: أنا يهودى إن فعلت، فلا معنى لتفريقهم بين اللفظيئ.
فإنه إذا قال: واليهودية، فقد عظم ما لا حرمة له، وإذا قال: إن فعلت فأنا يهودى، فكأنه عظم الإسلام واحترم ما له حرمه ة لأن الجميع لا يحسن القسم بهما.
قال الق الى - رحمه الله تعالى -: وقوله: (فليتصدق): ولا حجة فيه للمخالف
فى أنه أراد الكفارة ؛ لأنه إنما جاء به بعد ذكر المقامرة على خصوص التكفير لها لا لغيرها، كما خص الحلف باللات والعزى بكفارة قوله لا إله إلا الله.
ولو كان المراد بالصدقة كفارة اليميئ لجاءت عنهما جميعا ولم يختص بالمقامرة.
قال الخطابى: معناه: فليتصدق بمقدار ما أراد أن يقامر به (2).
وعندى أنه لا يختص بهذا، بل لما نوى بذل مال فى غير طريق جاثز واخراجه من يده واعتقد ذلك، كان كفارة اعتقاده ونيته أن يتصدق بمال يخرجه عن يده فى طريق البر ومسالك الشرع، كما أمره أن يقول: لا إله إلا الله تكفيرًا ؛ لتعظيمه (1) انظر: الحاوى 15 /، 263.
(2) معالم السق 4 / 357
18 / ب
404(5/403)
كتاب الأيمان / باب من حلف باللات والعزى...
إلخ عَنِ الرفرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَاد.
وَحَد يثُ مَعْمَر مِثْلُ حَد يثِ !نُسَ.
غَيْرَ أَنهُ قَالَ: (فَليَتَصَدَّقْ بِشَىء).
وَفِى حَدِيثِ الأوزَاعِىِّ: (مَنْ حَلَفَ بِاللاتِ وَالعُزَّى).
قَالَ أبُو الحُسَيْنِ مُسْلِم: هَذَا الحَرْفُ - يَعْنِى قَوْلَهُ: تَعَالَ أقَامِرْكَ فَليَتَصَئَقْ - لاَ يَرْوِيهِ أحَد غَيْرُ الزُّهْرِىِّ.
قَالَ: وَلِلزهرِىِّ نَحْو مِنْ تِسْعِينَ حَديثا يَرْوِيه عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ أحَد بِا"يمَانِيدَ جِيَاد.
6 - (1648) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ هِشَابم، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ سَمُرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (لاَ تَحْلِفُوا بِالطَوَاغِى، وَلاَ بِآبَائِكُمْ).
غيره ومضاهاته به كفرًا لقوله بالقول والفصل بالفعل.
وفى هذا حجة لما عليه الجمهور من أن العزم ينشأ على المعصية يبب!ة يواخذ بها، بخلاف الخواطر، وقد تقدم الكلام عليها أول الكتاب.
وقوله فى الحديث الاَخر: ا لا تحلفوا بالطَواغى): مثل نهيه عن الحلف باللات والعزى.
والطواغى: الأصنام.
أحدها طاغية، سمى باسم المصدر لطغيان العباد له، وأنه اْصل طاغيتهم وكفرهم، وكل ما عظم / وجاوز العقيدة فقد طغى، ومنه: { إِثا لَفَا طَغَا الْمَاء (1) أى كثر وجاوز القدر.
والطاغوت - أيضا - الصنم، وجمعه طواغيت.
وقد يكون الطاغوت جمعًا وواحدًا ومؤنثا ومذكرًا، قال الله تعالى: { واجْتَنَبُوا الطاغُوتَ أَن يَعبئوهَا} (2)، وقد قال تعالى: { - رُرِيمُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا الَى الالاغُوتِ وَقَدْ أُمِروا أَن يَكْفوُوا بِهِ (3).
(1) الحاقة: 11.
(2) الزمر: 17.
(3)1 لنساء: 60.(5/404)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرًا منها...
إلخ
405
(3) باب ندب من حلف يمينا، فرأى غيرها خيرا منها،
أن يأتى الذى هو خير ويكفّر عن يمينه
7 - (1649) حدّثنا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد ويَحْىَ بْنُ حَبِيب الحَارِثِىُّ - واللَّفْظُ لخَلَفٍ - قَالُوا: حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد عَنْ غَيْلاَنَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أن بُرْلَةَ، عَن أَبِى مُوسَى الَأشْعَرىِّ.
قَالَ: أتَيْتُ النَّيِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى رَهْط مِنَ الأشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْملُهُ.
فَقَالَ: (وَاللّهِ، لاَ أحْمِلُكُمْ، وَمَاءِنْدِىَ مَا أحْملُكُمْ عَلَيْه لا قَالَءً فَلَبثْنَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَ اتِىَ دإبِلٍ، فَا"مَرَلَنَا بِثَلاَث فَوْد غُرِّ الئرَىَ.
فَلَمَا انْطًلَقْنَا قُلنَا - أوْ قَالَ بَعضُنَا لِبَعْضٍ -: لاَ يُبَارِكُ اللهُ لَنَا، أتَيْنَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَسْتَحْملُهُ فَحَلَفَ ألأَ يَحْمِلَنَا، ثُمَ حَمَلَنَا، فَا"تَوْهُ فَا"خْبَرُوهُ.
فَقَالَ: المَا أنَا حَمَلتُكُمْ، وَلَكِن اللهَ حًمَلَكُمْ، ياِنَّى واللهِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - لاَ أحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ أرَى خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ كَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِى، وَأتَيْتُ الَّنِى هُوَ خَيْرٌ ).
8 - (... ) حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ بَرَّادٍ الأشْعَرِىُّ وَمُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ الهَمْدَانِىُّ - وَتَقَارَبَا
فى اللَّفْظ - قَالا: حَدثنَا أَبُو أسَامَةَ، عَنْ بُرَيْد، عَنْ أبِى بُرْقً، عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ: أَرْسَلَنِى أَصْحَابِى إِلَى رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أسْألُهُ لَهُمُ !الحُمْلاَنَ.
إِذ هُمْ مَعَهُ فِى جَيْشِ العُسْرَة - وَهِىَ غَزْوَةُ تَبُوكَ - فَقُلتُ.
يَا نَيِى اللهِ، إِن أصْحَابِى أرْسلُونِى إِتئكَ لِتَحْمِلَهُمْ.
فَقَالً: (وَالله، لاَ أحْملُكُمْ عَلَى شَىءٍ )، وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَلاَ أشْعُرُ، فَرَجَعْتُ حَزِينا مِنْ مَنْع رَسُوَلِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ وَجَدَ فى نَفْسهِ عَلَى، فَرَجِعْتُ إِلَى أصْحَابِى فَا"خْبَرْتُهُمُ ائَذِى تَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمْ ألبَثْ إِلاًّ سُوَيْعَة إِد سَمعْتُ بلاَلأ يُنَادِى: أىْ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، فَأجَبْتُهُ.
فَقَالً: أجِبْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَدْعُوكَ.
فًلَمَّا أَتَيْتُ
وقوله فى حديث الأشعريين: (ما أنا حملتكم بل الله حملكم، وإنى والله - إن
شاء الله - لا اْحلف على يميئ، ثم اْرى خيرا منها إلآ كفّرت عن يمينى، وأتيت الذى هو خير)، قال الإمام - رحمه الله -: المراد بهذا أن الله - تعالى - اْتى بما حملتكم عليه، ولو ما ساقه البارى - تعالى - إليه لم يكن عنده ما يحملكم عليه، ولم يردْ بهذًا نفى إضافة الفعل إليه.
406(5/405)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فراْى غيرها خيرًا منها...
إلخ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: خُذْ هَذَيْنِ القَرِينَيْنِ، وَدنَيْنِ القَرِيِنَيْنِ، وَهَذَيْنِ القَرِيِنَيْنِ - لسِتَة أبْعِرَة ابْتَاعَهُن حيمئذ مَنْ سَعْد - فَانْطَلِق بِهِن إِلَى أصْحَابِكَ.
فَقُلْ.
: إِنَّ اللهَ - أوْ قَالً: إِن رَسُوذَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - يَحمِلُكُمْ عَلَىً هَؤُلاَءِ، فَارْكَبُوهُنَّ).
قَالَ أبُو مُوسَى: فَانْطَلَقْتُ إِلَى أصْحَابِى بِهِن.
فَقُلتُ: إِن رَسُولَ اللهِ كله يَحْمِلُكُمْ
عَلَى هَوُلاَءِ، وَلَكنْ، وَالله لاَ أدَعُكُمْ حَئى يَنْطَلِقَ مَعى بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، حِينَ سًألتُهُ لَكُم، وَمَنْعُهُ فِى أؤَلِ مَرة، ثُمً إِعْطَاعَهُ إِئاىَ بَعْدَ فَلكَ، لاَ تَظُنوا أدى حَدَّدتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلهُ.
فَقَالُوا لى: وَالله، إِنًكَ عِنْدَنَا لَمُصَئَقُ، وَلَنَفعَلَنَّ مَا أحْبَبْتَ.
فَانْطَلَقَ أبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ، حَتًى أتَوُا الًّنِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَمَنْعَهُ إِيَّاهُمْ، ثُمَ !!طَاعَ! مْ بَعْدُ.
فَحَدثوهُمْ بِمَا حَدثهُمْ بِه أبُو مُوسَى، سَوَاءً.
9 - (... ) حدّثنى أبُو الرَّبِيع العَتَكِىُّ، حَد 8لنَا حَمَاد" - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - عَنْ أئوبَ،
عَنْ أبِى قلاَبَةَ.
وَعَنِ القَاسِم بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ زَهْدمٍ الجَرْمِىِّ قَالَ أيُوبُ: وَأنَا لِحَديث القَاسِم أحفَظَ مِنِّى دحَديثِ أبِى قِلاَبَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبى مُوسَى، فَدَعَا بِمَائدَته وَعًلَيْهَاَ لَحْمُ دَجَاج، فَدَخَلً رَجُل مِنْ بَنِى تَيْم الله، أحْمَرُ، شَبِيلأ بَالمَوَالى.
فَقَالَ لَهُ: هًلُمً، فَتَلَ!.
فَقَالَ: هَلُمَّ، فَإنّى قَدْ رَأيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) جملُ مِنْهُ.
فَقَالَ الرخلُ: إِئى رَأيْتُهُ يَاكُلُ شَيْئًا فَقَنِرْ - لهُ، فَحَلَفْتُ أَلاَ أطعَمَهُ.
فَقَالَ: هًلُئم، احَدِّدكَ عَنْ ذَلكَ.
إِنِّى أتَيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى رَهْط مِنَ الأشْعَرِ"لجنَ نَسْتَحْمِلُهُ.
فَقَالَ: (وَاللهِ، لاَ أحْمَلُكُمْ، وَمَا عِنْدى مَا أحْمَلُكُمْ عَلَيْه لما، ً فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللهُ، فَا4تِىَ رَسُولُ اللهِ على بِنَهْب إِبِلٍ، فَدَعَا بنَا، فَافَرَ لًنَا بِخَمْسِ فَوْد غُرِّ الَئرَى.
قَالَ: فَلَمَّا انْطَلَقْنَا، قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَغْفَلنَا رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَمِينَهُ، لاَ يُبَارَكلم
قال القاضى - رحمه الله -: ترجم البخارى عليه (1): { وَاللهُ خلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (2)، واحتج بالحديث على ذلك.
وقيل: يحتمل أن يكون أوحى إليه بحملهم، أو يكون مراده دخولهم فى عموم مَنْ اْمره الله بالقسم فيهم.
وفى الحديث حجة على لزوم يمين المغضب لقوله: (وهو غضبان)، ثم إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال فى القصة: (إلا كفرت عن يمينى)، خلافا للشافعى ومسروق فى أنه لا يلزم الفصل.
وقوله: (فأمر لنا بِثَلاثِ نَوْدٍ غُر الترى)، وفى رواية: (خمس زود)، قال الامم -
(1) للبخارى، ككفارات الأيمان، بالاستثناء فى الأيمان 8 / 82.
(2) ا لصا فات: 96.(5/406)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرأ منها...
إلخ 407 لَنَا.
فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقُلنَا: يَا رَسُولَ الله، إِنَا أتَيْنَاكَ نَسْتَحْمِلُكَ، وَإِئكَ حَلَفْتَ ألاَ تَحْمِلَنَا، ثُمَ حَمَلظ، أفَنَسِيتَ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَاَلَ: (إِنى، وَالله - إنْ شَاءَ اللهُ - لاَ أحْلِفُ عَلَى يَمين فَا"رَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلأَ أتَيْتُ ائَنِى هُوَ خَيْز.
وً تَحَلًلتُطَ فَانْطَلِقُوا، فَإِنَمَا حَمَلَكُمُ الله" عَر وَجَل).
(... ) وحدثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا عَبْدُ الوَفَابِ الثقَفِى عَنْ أيُوبَ، عَنْ أيِى قِلاَبَةَ وَالقَاسم التمِيمِىِّ، عَنْ زَهْدمٍ الجَرْمِىِّ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ هَذَا الحَى مِنْ جَرْمٍ وَبَيْنَ الأشْعَرَ"لجنَ وُد! اِخَاء!د، فَكُئا عِنْدَ أيِى مُوسَى الأشْعَرِىِّ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَام فِيهِ لَحْمُ دَجَاجٍ.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
(... ) وحدثنى عَلىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِىفى!اِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَابْنُ نُمَيْر، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيةَ، عَنْ أَيوبَ، عَنِ القَاسِم التمِيمِىِّ، عَنْ زَهْمَمٍ الجًرْمِى.
ح وَحَدصثنَا ابْنُ
رحمه الله -: فمعاه: بيض الأسمر.
وذروة البعير: سنامه، وذروة كل شىء أعلاه.
قال القاضى: - رحمه الله -: جاء فى الرواية الأخرى: (بقع الذرى).
كذا عندنا، وفى بعض النسخ: (بقع غر الذرى) والبقع هنا بمعنى: البيض، وأصله ما فيه بياض وسواد، ومنه: كلب أبقع، وغراب أبقع.
وخص الذى هنا وهى أعالى الإبل ؛ لأن أسافلها يتغير بياضها من المعاطن وعبس اْبوالها وأبعارها.
ومعنى (نستحمله): أى نطلب منه، وليحملنا فى الابل ويحمل أثقالنا.
وقوله: (بخمس ذود): من إضافة الثىء إلى نفسه، وقد يحتج به من يطلق الذود
على الواحد.
وقد تقدم البيان عنه فى الزكاة.
وقوله فى الحديث الاَخر: (هذين القرينين، وهذين القرينين، وهذين القرينين
لستة أبعرة): القرينتان: البعيران يقرن أحدهما لصاحبه بالربط بحبل لئِلا يذهبا، ويمسك كل واحد صاحبه.
ولعل رواية من روى: (ثلاث ذود) مطابق لهذا إذا قلنا: إن الاثنين ينطلق عليهما اسم ذود.
وأما تأنيث القرينتين فعلى انهما راحلتان أو ناقتان، ولقوله فى الرواية الأخرى: (وأتى بنهب إبل).
قال الإمام - رحمه الله -: النهب: الغنيمة، وكان الصديق - رضى الله عنه - إذا
أوتر قبل ان ينام قال: أحرزت نهبى، أى غنيمتى.
وقوله: (إنى واللهِ - إن شاء الله - لا أحلف على يميئ فأرى غيرها خيرا منها إلا
19 / ءا
408(5/407)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرًا منها...
إلخ أبى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أيوبَ، عَنْ أبى قلاَبَةَ، عَنْ زَهْدَم الجَرْمى.
ح وَحَدثنى 2، ص ه 5، 5 ص ص ص نص ص ص، 5،، 5َ ص فض، صء ص !ضَ يرَ، ص ه ؟ً ص ص ابو بكرِ بن إِسحاق، حدثنا عفان بن مسلِمِ، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن ابِى قلابة وَالقَاسِ!، عَنْ زَهْدَمِ الجَرْمِى، قَالَ: كُنَا عِنْدَ أبِى مُوسَى.
وَاقْتَضُوا جَمِيعَا الحَلِيثَ بِمَعْنَى حَلِيثِ حَمَادِ بْنِ زَيْد.
أتيت الذى هو خير، وتحللتها)، وفى الرواية الأخرى: (إلا كفرت عن يمينى وأتيت الذى هو خير!.
وفى الحديث الاَخر: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه، وليفعل الذى هو خير)، وفى الرواية الأخرى: (فليأت الذى هو خير، وليكفر عن يمينه)، قال القاضى - رحمه الله -: بحسب اختلاف ألفاظ هذه الرواية اختلف العلماء - رحمهم الله - فى إجزاء الكفارة قبل الحنث، مع اتفاقهم أنها لا تجب إلا بعد الحنث، وأنه يجوز تأخيرها بعد الحنث (1) فجمهورهم على إجزائها قبل الحنث، لكن مالكا والثورى والأوزاعى والشافعى منهم يستحبون كونها بعد الحنث ويوافقون على إجزائها قبله، وروى هذا عن اْربعة عشر من الصحابة وجماعة من التابعن - رضى الله / عنهم - وغيرهم.
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنها لا بّحزىْ، وهى رواية أشهب عن مالك.
وقال الشافعى: يجزىْ فيه الكفارة بالطعام والكفارة بالكسوة والمشقة.
قيل: لا يجزىْ بالصوم إلا بعد الحنث (2).
والخلاف فى هذا مبنى على: هل الكفارة لحل اليمن أو التكفير بإثمها بالحنث ؟ فعند الجمهور أنها رخصة شرعها الله لحل ما عقد الحالف من يمينه فتجزىْ قبل وبعد، وليس فى الوجهن إثم، لا فى الحلف ابتداء ولا فى تحنيث الإنسان نفسه لإباحة الشرع له ذلك.
ومعنى قوله: (فأرى غيرها خيرَا منها): أى ما حلف عليه من فعل أو ترك خير لدنياه أو لأخراه، اْو اْوفق لهواه وضهوته ما لم يكن إثما.
قال الأمام - رحمه الله -: للكفارة ثلاث حالات:
أحدها: أن يكفر قبل أن يحلف فهذا لا يجزئه.
الثانية: أن يكفر بعد أن يحلف ويحنث فهذا يجزيه.
الثالثة: اْن يكفر بعد اليمن، وقبل الحنث فهل يجزئه أم لا ؟ فيه قولان، والمشهور الإجزاء.
وقد اختلف لفظ الحديث، فقدم الكفارة مرة وأخرها أخرى، ولكن بحرف الواو، وهى لا توجب رتبة.
ومن منع الإجزاء رأى أنها لم تجب قبل الحنث فصارت كالتطوع، والتطوع لا يجزىْ عن الواجب.
(1) انظر: الاستذكار 15 / 78، 79.
(2) انظر: الحاوى 15 / 290، 291.(5/408)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرأ منها...
إلخ 409 (... ) وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَروخَ، حَدثنَا الضَعْقُ - يَعْنِى ابْنَ حَزْن - حدثنا مَطَر الوَران، حَد!شَا زَهْدَمٌ الجَرْمِى، قَالَ: دَخَلتُ عَلَى أبِى مُوسَى وَهُوَ جملُ لَحْمَ دَجَاخ.
وَسَاقَ الحَمِيثَ بِنَحْوِ! دِيثِهِمْ.
وَزَادَ فِيهِ قَالَ: (إِئى، وَاللّهِ! مَا نَسِيتُهَا).
قال القاضى - رحمه الله -: وقول أبى موسى فى الحديث فى الدجاج:، رأيت رسول الله كله يثل منه)، وقول الآخر: (فرأيته يأكل قذزا، فحلفت ألا اكل منه) الحديث: اختلف العلماَء فيمن يأكل القذر والنجاسات من الحيوان (1)، هل يوكل ؟ فقال الطبرى: كان عمر لا ياكل الدجاجة حتي يقصرها أيافا لأنها تأكل العذرة.
قال: وغيره كان يتأول من الجلالة التى نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن كلها.
وكره الكوفيون ال لحوم الإبل الجلالة حتى تحبس أيافا.
وقال الشافعى: كره كلها إذا لم تكن تاكل العذرة اْو كانت اْكثر أكلها، ! إن كان كثر كلها غيره لم أكرهه.
وأجاز أكل لحوم الجلالة وما يأكل الجيف من الطير وغيره مالك والليث.
وكره ابن حبيب من أصحابنا كله.
وقوله: (أغفلنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يمينه): بسكون اللام، أى: صيرناه غافلأ عنها،
وكنا سبب ذلك إذ لم نذكره بها، إذ حسبوا أنه نسى يمينه، أى أخذنا منه ما اْخذنا وهو غافل، فكنا سبب غفلته.
يقال: أغفلت الرجل: إذا جعلته غافلا أو سميه غافلا، قال الله تعالى: { وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَة عَن ذِكْرِنَا} (2).
وذكر مسلم فى الباب حديث الصعق بن حزن (3)، وهو بكسر العن، عن مطر الوراق (4) عن زهدم.
قال الدارقطنى: الصعق ومطر ليسا بالقويين، ولم يسمعه مطر من زهدم، دإنما رواه عن القاسم عنه، وهذا مما استدركه الدارقطنى 51) على مسلم.
ومسلم إنما أدخل حديثه لزيادته.
وقوله فيه: (إنى والله ما نسيتها) يعنى اليمن.
وأتى به متبعًا بعض الطرق الصحيحة
(1) انظر: المغى 13 / 0328 21) 1 لكهف: 28.
31) الصعق بن حزن بن قيى البكرى ثم العيشى، اْبو عبد الله البصرى.
روى عن الحن البصرى ومطو الوراق وقتاثة وغيرهم، وعنه دبن المبارك ويونس بن محمد وأبو لسامة ويزيد بن هارون وغيرهم، قال عنه
ابن معين: ليس به بأس، وقال دلددوث! عن دبن معين: ثقة، وقال اْبو زرعة وأبو داود والنساثى ولو حاتم:
ما يه بأس، وقال الدارقطنى: ليس بثقة، ووثقه العجلى، وذكره ابن حبان فى الثقات.
للتهذيب
41) مطو 2الوراق، هو: مطو بن طهمان الوراق، أبو رجاء الخرسانى السلمى، سكت البصرة، روى عن لنس وعكرمة ولم وغيرهم، وعنه إبراهيم بن طهمان وئبو هلال الراسبى وللصعق بن حزن وغيرهم، قال ابن سعد: كان فيه ضعف فى الحديثء وقال العجلى: بصرى صدوق، وقال مرة: لا بأس به، وقال الساجى: صدوق، توفى 140! التهذيب 10 / 167، كلا ا.
(5) الالزامات والتتبع للدارقطنى ص ملا ا، وقال النووى: وهذا الاصتدلال فاسد ة لأن مسلما لم يذكره تأصلأ، وإنما ذكره متابعهَ للطرق الصحيحة السابقةء
410(5/409)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرًا منها...
إلخ 10 - (... ) وحلدنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا جَرِير!، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ ضُرَيْب بْنِ نُقَيْرٍ القَيْسِىِّ، عَنْ زَهْلمٍ، عَنْ أبِى مُوسَى الأشْعَرِئ، قَالَ: أتَيْنَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَسْتَحْمِلُهُ.
فَقَالَ: (مَا عِنْدى مَا أحْمِلَكُمْ، وَالله مَا أحْملُكُمْ)، ثُمَ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُوَلُ اللْه ( صلى الله عليه وسلم ) بِثَلاَثَةِ فَوْد بُقعْ الأُّ رَى "َ فَقُ!: إِثا أتَيْنَا رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَسْتَحْمِلُهُ، فَحَلَفَ ألاَ يَحْملَنَا، فَا"تَيْنَاهُ فَاخبَرْنَالم.
فَقَالَ: (إِثى لاَ أحْلِفُ عَلَى يَمِيئٍ، أَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلا أتَيْتُ اَلَّذِى هُوَخَيْز).
(... ) حَدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى التَيْمِى، حَدثنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أبِيهِ، حَدثنَا
أبُو السَّليلِ عَنْ زَهْدمٍ، يُحَدَثهُ عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ: كُنَّا مُشَاةً، فَا"تَيْنَا نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَسْتَحْمِلُهُ.
بِنَحْوِ حَلِيثِ جَرِيرٍ.
11 - (1650) صدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاويَةَ الفَزَارِى، أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أبِى حَازِمٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: أعْتَمَ رَجُل عنْدَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أهْلِهِ فَوَجَدَ الصِّبْيَةَ قَدْ نَامُوا، فَأتَاهُ أهْلُهُ بطَعَامه، فَحَلَفَ لَاَ يَثُلُ، منْ أجْلِ صبْيَته.
ثُمَّ بَدَا لَهُ فَ!ل، فَا"تَى رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَذَكَرَ فًلكً لًهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ خَلَفً عَلَى يَمِيئٍ، فَرَأى غَيْرَهَا خئرم مِنْهَا.
فَليماتِهَا، وَليُكَفرْ عَنْ يَمِينِهِ).
12 - (... ) وحدّثنى أبُو الالاهرِ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مَالِلث، عَنْ سُهَيْل بْنِ أسس !الِحٍ، عَنْ أبِيه، عَنْ أَ! هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيئ، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَليُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَليَفْعَلْ لا.
َ
13 - (... ) وحدثّنى زُهيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا ابْنُ أبِى أوَشْ!، حَدثنِى عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُطَّلبِ، عَنْ سُهيلِ بْنِ أ!!الِح، عَنْ أًبِيهِ، عَنْ أن هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنَْ حَلَفَ عَلَى يَمِ!دن، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَليَأتِ ائَذِى هُوَ خَيْر، وَليُكَفرْ عَنْ يَمِينِهِ).
الكثيرة فى الحديث على ما شرطه، والكتاب على ما بيناه فلا نعقب عليه.
وقوله: (عن ضُريب بن نُقير! مصغرين.
ونقير هذا بالقاف أشهر، وهى رواية الصدفى والأسدى والتميمى من أشياخنا، وكذا قيدناه عنهم، وكان عند الخشنى بالفاء.(5/410)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينافرأى غيرهاخيرأمنها...
إلخ 411 14 - (... ) وحدّثنى القَاسمُ بْنُ زَكَرِياءَ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلد، حَدثنِى سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلاَل - حَدثنِى سُهَيْل فِى هَنَا الإِسْنَادِ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ مَاً لِكٍ: (فَليُكَفّرْ يَمِينَهُ، وَليَفْعَلِ الَّذِى هوَ خَيْز).
15 - (1651) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا جَرير!، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ - يَعْنِى ابْنَ رُفَيْع - عَنْ تَمِي! بْنِ طَرفَةَ، قَالَ: جَاءَ سَاً ئِل إِلَى عَدىَّ بْنِ حَاتِمٍ، فَسَألَهُ نَفَقَةً فِى ثَمَنِ خَادِمٍ أوْ فِى بَعْضِ ثَمَنِ خَادمٍ، فَقَالَ: لَيْسَءِنْمِى مَا اعطِيكَ إِلاَّ لمحرْعى وَمِغْفَرِى، فَاكْتُبُ إِلَى أهْلِى أنْ يُعْطُوكَهَا.
قَاَلَ: فَلَمْ يَرْضَ.
فَغَضبَ عَدِى!.
فَقَالَ: أَمَا وَالله، لاَ اعْطِيكَ شَيئا، ثُئم إِن الرَّجُلَ رَضِىَ.
فَقَالَ: أمَا وَالله، لَوْلاً أنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يقُولُ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَ رَأى أتْقَى دتهِ مِنْهَا، فَليَأَتِ التَقْوَى) مَا حَممتُ يَمِينى.
س وحه، 5،، ص ص ممصء ص ممص، 5 -، ص ه ص ه ص ه
16 - (... ) وحدثنا عبيد اللهِ بن معاذ، حدثنا ابِى، حدثنا شعبة، عن عبد العزِيزِ بنِ
رُفَيْعٍ، عَنْ تِمِي! بْنِ طَرَفَةَ، عَنْ عَدِىّ بْنًِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَليماتِ ائَنِى هُوَ خَيْر، وكيَتْرُكْ يَمِينَهُ لا.
17 - (... ) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ طَرِيف البَجَلِىُّ - وَاللَفْظُ لاِبْنِ طَرِيف - قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ تَمِيمٍ الطُائِىِّ، عَنْ عَدئ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفَا حَلَفَ أحَدُكُمْ عَلَى اليَمِيئِ، فَرَأى خَيْرًا مِنْهَا، فَليُكَفرهَا، وَليماتِ الَّذِى هُوَ خَيْزَ لا.
(... ) وحدثنا محمد بْن طرِيفٍ، حدثنا محمد بْن فضيْلٍ، عنِ الشيْبانى، عن
عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ تَمِيمٍ الطَّائِىِّ، عَنْءَ!ىِّ بْنِ حَاتِمٍ ؛ أَدهُ سَمِعَ الئبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ ذَلكَ.
وقال لنا الحافظ أبو على: يقال بهما والقاف أشهر، وبالقاف ذكره أئمة المحدثن وأهل الموتلفين بغير خلاف.
واْما جبير بن نفير فلم يختلف أنه بالفاء.
وضريب بن نقير هذا هو أبو السليل المذكور فى السند الآخر، وهو بفتح السن وكسر
اللام.
19 / ب
412(5/411)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرًا منها...
إلخ 18 - (... ) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثتى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْب، عَنْ تَمِي! بْنِ طَرَفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِىَ بْنَ حَاتِمٍ، وَأتَاهُ رَجُل يَسْألُهُ مائَةَ درْهَمٍ، فَقَاًلَ: تَسْألَنِى مائَةَ درْهَمٍ، وَأنَا ابْنُ حَاتِمٍ ؟ وَالله، لاَ اعْطِيَكَ.
ثُمَ قَالَ: لَولاَ انَى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِيئٍ، ثُمً رَأى خَيْرًا مِنْهَا، فَلطث الَّنِى هُوَ خَيْز).
س، صء، 5، ص ص ممصءه ىءعص، 5 ص، ءعرء، 5، ءه
(... ) حدثنى محمد بن حاتِمٍ، حدثنا بهز، حدثنا شعبة، حدثنا سِماك بن حرب، قَالَ: سَمِعْتُ تَمِيمَ بْنَ طَرَفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَدِىَ بْنَ حَاتِمٍ ؛ أن رَجُلاً سَألَهُ فَذَكَرَ مِثْلَه.
!زَادَ: وَلَكَ أرْبَعُمِائَةٍ فِى عَطَائِى.
19 - (1652) حدثنا شَيْبَانُ بْنُ فَروخِ، حَدثنَا جَرِير" بْنُ حَازِمٍ، حَدثنَا الحَسَنُ، حَدثنَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لى رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا عبدَ الرخْمَنِ بْنَ سَمرفَ لاَ تَسْاكلِ الأِمَارَةَ، فَإنَّكَ إِنْ أعْطِيتَهَا عَنْ مَسألَةِ وُكِلتً إِلَيْهَا، وَإِنْ أعْطيْتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألة أعنْتَ عَلَيْهَا، ! اِفَا حًلَفْتَ عَلَى يَمِيئٍ فَرَأيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفر عَنْ يَمِيِنِكَ، وَائْتَ ائَنَى هُوَ خَيْز).
قَالَ أَبُو أحْمَدَ الجُلُوسِ!: حَدشَا أَبُو العئاسِ المَاسَرْجَسِى، حَدشَا ثميْبَانُ بْنُ فَرؤخَ،
بِهَنَا الحَدِيثِ.
وقوله فى حديث / عدى بن حاتم: (أن رجلا سأله مائة درهم، فقال: تسألنى مالْة درهم واْنا ابن حاتم ؟ والله لا أعطيك) الحديث.
معنى قوله عندى: (واْنا ابن حاتم): أى عرفت بالجود وورثته، ولا يمكننى رد سائل إلا لعذر.
وقد سأله ويعلم أنه ليس عنده ما يعطيه حينئذ، فكأنه أراد أن يبخله ؛ فلهذا قال له: (والله لا أعطيك)، إذا لم يعذره إذ أعلمه أنه ليس عنده شىء.
وهذا الذى تأولناه يشهد له الحديث الآخر: أنه (سأله عن نفقة وثمن خادم، فقال له: ليس عندى ما أعطيك إلا درعى ومغفرى فأكْتب إلى أهلى أن يعطوكها).
وقوله فى الحديث الآخر: ا لك أربعمائة فى عطائى) إذ لم يكن عنده ما يعطيه فلم يرضَ، فغفعب عدى وقال: (والله لا أعطيك) الحديث.
فهذا يدل أن قوله: (وأنا ابن حاتم) أى لا أمنع ذلك من بخل لما عرفت به من الجود، والله أعلم.(5/412)
كتاب الأيمان / باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها...
إلخ 413 (... ) حدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْر السَّعْدِىُّ، حَدثنَا هُشَيْم، عَنْ يُونُسَ وَمَنْصُور وَحُمَيْد.
ح وَ حدثنا أبُو كَامل الجَحْدَرىُّ، حَدلنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْد، عَنْ سمَاك بْن عَطيَّةَ وُيونُسَ بْن، َ صَ كض ور، ء،، ً !رَ، َ
عبَيْد وَهِشَام بْنِ حَسانَ، فِى آخَرِينَ.
ح وَحَدثنا عبيْد اللهِ بْن معاذ، حدثنا المعْتمِرُ، عَنْ أيه.
ح وَحَدهَّشَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَم العَمَىُّ، حَدعشَا سَعِيدُ بْنُ عَامر، عَنْ سَعيد، عَنْ قَتَالحَةَ، كَلهُمْ عَنِ الحَس!نِ، عَنْ عَبْدِ الرخْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَذَا الَحَئِيثِ.
وَلَيْسَ فِى حَلِيثِ المُعْتَمِرِ عَنْ أبِيهِ، ذِكْرُ الإِمَارَةِ.
وقوله هاهنا: أ فرأى ما هو أتقى منها فليأت التقوى)، كقوله: (فرأى خيرأ منها فليأت الذى هو خير)، وقد تقدم الكلام عليه.
414(5/413)
كتاب الأيمان / باب يمين الحالف على نية المستحلف
(4) باب يمين الحالف على نية المستحلف
20 - (1653) ! دّثنا يحيى بْنُ يحيى وَعَمْرٌ والنَاقِدُ - قَالَ يحيى: أخْبَرنَا هُثسممُ بْنُ بَشِير، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أبِى!الِح.
وَقَالَ عَمْرو: حَدثنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشير، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أيِى!الِح - عَنْ أبِيهِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَيولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ة (يَمِينُكَ عَلَى مَا يُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ !احِبُكَ).
وَقَالَ عَمْرو: (يُصَدِّقُكَ بِهِ !احِبُكَ).
وقوله: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) وفى الحديث الآخر: (اليميئ على
نية المستحلف) قال الإمام - رحمه الله -: المتبرع باليمين الذى لم يرفع به عن نفسه حقا، يمينه على نيته وإن استحلفه الطالب فى حق عليه، فاختلف فيه، هل يكون اليمين على نيته أو على نية المستحلف ؟ إلا أن يكون عليه بينة فيما يقضى عليه به السلطان فلا يصدق لأجل شهادة البينة، ولا يرجع الحاكم عن القضاء بموجب قولهما إلى القضاء بموجب قوله بمجرد دعواه.
فمن رد الأمر لنية المستحلف تعلق بظاهر هذا الحديث.
ومن رده إلى نية الحالف حمله على استحلافه فى حق له عليه مما يقضى عليه به، وليس هناك بينة عليه يتعلق بقوله: (الانما لامرئ لا نوى).
قال القاضى - رحمه الله -: لا خلاف نعلمه بين العلماء فى الحالف غير مستحلف
فيما بين العبد وربه، مما لم يتعلق به حق لآدمى، ولا ما فيه حق لغيره إذا جاء مستغيثا، ولم تقم عليه بينة إن لم ينته ويقبل قوله.
وأما إن حلف لغيره فى حق أو وثيقة متبرعًا أو مقضى عليه، فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه إذا قامت عليه بينة، حلف متبرعا أو مستحلفا.
وأما فيما بينه وبن الله فاختلف هنا اختلافا كثيرًا.
فقيل: على نية المحلوف له وللمتطوع نيته، وهو قول سحنون وعبد الملك، وظاهر قول مالك وابن القاسم.
وقيل عكسه، للمستحلف نيته، والمتطوع على نية المحلوف له، وهى رواية يحيى عن ابن القاسم.
وقيل: ينفقه فيما لا يقضى به عليه ويفترق المتطوع وغيره فيما يقضى به عليه، وروى عن ابن القاسم أيضا.
وروى عن مالك أن ما كان من ذلك على وجه المكر والخديعة فهو فيه حانث اَثم، وما كان على وجه العذر فلا بأس به.
وقال ابن حبيب عن مالك: ما كان فى المكر والخديعة فله نيته، وما كان فى حق فنية المحلوف له.
ولا خلاف فى إثم الحالف بما يقتطع به حق غيره وإن ورى، قالوا: وهو اَثم حانث فى يمينه.
وفى الباب: نا أبو بكر بن أبى شيبة، قال: نا يزيد بن هارون، قال: نا هشيم،(5/414)
كتاب الأيمان / باب يمين الحالف على نية المستحلف 415 21 - (... ) وحلطنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يَزِياُ بْنُ هَرُونَ، عَنْ هُشَيْبم، عَنْ
عَئاد بْنِ أبِى صَالِح، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اليَمينُ عَلَى نِيَّةِ الَمُسْتَحْلِفِ).
ً
عن عباد بن أبى صالح، عن أبيه.
وفى الحديمف قبله: فا هاشم، عن عبد الله، عن عبد الله بن أبى صالح.
وعباد بن أبى صالح هذا هو عبد الله بق أبى صالح (1)، وهو أخو سهيل بن ابى صالح وصالح بق ابى صالح.
قال يحيى بق معين: كلهم ثقات.
وزاد البخارى فيهم: محمد بن اْبى صالح ذكوان، قال البخارى: وقال على: عباد بن اْبى صالح بن أمن.
قال بعضهم: وهذا الحديث مما ضعف على / مسلم وحديث (عشر من الفطرة).
(1) عباد هو: عبد الله بن اْبى صالح، ذكوان السمان المدنى، ويقال له: عباد، روى عن أبيه وسعيد بن جبير، وعنه لبن جريج وهثيم بن اْبى ذثب وغيرهم، قال عنه البخارى عن على بن المدينى: ليس بثىَ، وقال ابن معين: ثقة، وقال لبو داود: له فى الكتب حديث ولحد، وقال البخارى عنه فى ت!يخه الصجر: منكر الحدبْ.
التهذيب 5 / 263، 264.
1 / 20
416(5/415)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء
(5) باب الاستثناء
22 - (1654) حدثنى أبُو الرئيع العَتَكِىُّ وَأبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْني
- وَاللَفْظُ لأبِى الرَّبِيع - قَالا: حَدثنَا حَمَاد - وَهُوَ ابْنُ زَيْد - حَدثنَا أئوبُ عَنْ مُحَمَّد، عَنْ أبِى هُريرَةَ، قَالَ: كَانَ لِسُلَيْمَانَ سِتُونَ امْرَأةً، فَقَالَ: لأطُوفَنَّ عَليْهِنَّ اللَّيْلَةَ، فَتَحْفِلُ
حديث سليمان بن داود - عليهما السلام -
وقوله: ا لأطوفن الليلة على سبعين امراْ!ه وقوله - عليه السلام -: (ولو استثنى لولدت كلُّ واحدة غلاما فارسًا يقاتل فى سبيل الله تعالى!، وفى الرواية الأخرى: ا لم يحنث، وكان تركا لحاجته): فيه ما يستحب من قول الرجل: إن شاء الله فى يمينه وفيما يريد فعله، كما قال تعالى: { وَلا تَقُولَن لِشَطْءٍ إني فَاعِل فَلِكَ غَدمًا.
إِلأَ أَن يَشَاءَ الئَه} (1).
وفيه أن الاستثند يحل اليميئ ويرفع الحنث لقوله: ا لم يحنث)، وقد جاء فى ذلك أحاديث مرفوعة عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وأجمع المسلمون على ذلك فى اليمين بالله وأسمائه وصفاته، وفيه أن الاستثناء لا يكون إلا متصلاً (2) ؛ إذ لو جاز منفصلا على ما روى عن بعض السلف بحنث أحد فى اليمين، ولا احتاج إلى كفارة.
واختلف فى الاتصال ما هو ؟ فعندنا أنه لا يكون بين الاستثناء واليميئ مما ينوى الاستثناء من قبل أو لم ينوه إلا عند تمام نطقه باليمين، هذا قول مالك والشافعى والأوزاعى وجمهور العلماء.
وشرط بعض أصحابنا أنه لا ينفعه إلأ اْن ينويه قبل تمام نطقه بجميع حروف اليمن، وجعل الشافعى السكتة للتنفس أو انقطاع الضوت أو التذكر لا يضر وهو كالوصل (3).
والقطع: السكوت الذى يقطع به كلامه، أو يأخذ فى غير يمينه.
وتأول بعضهم أن مالكا لا يخالف هذا، والذى يمكن أن يوافق مالك من هذا أن مثل هذا لا يقطع كلامه ؛ إذا كان عازما على الاستثناء ناوئا له، دإلى هذا أشار ابن القصار فى تأويل ما روى من ذلك فى حديث النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
واْما إذا نواه بعد تمامه وقطعه فلا ينفعه على أصل مذهبه، وكان الحسن وطاوس وجماعة من التابعن يرون للحالف الاستثناء ما لم يقم من مجلسه.
وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكهلم، وعن عطاء: قدر حلب ناقة، وعن سعيد بن جبير: بعد اْربعة أشهر.
وروى عن ابن عباس: أن له الاستثناء أبدئا متى يذكره (4).
وقد تأول بعضهم أن معنى
(1) 1 لكهف: 23، 24.
(3) المصدر السابق 15 / 70، 71.
(2) انظر: الاستذكار 15 / 70.
(4) انظر: المصدر السابق 15 / 71.(5/416)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء417 كُلُّ وَ ال دَة مَنْهُن، فَتَلِدُ كُل وَاحِلَة مِنْهُن غُلاَمًا فَارِسًا، يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللّهِ، فَلَمْ تَحْمِلْ
قولهم هذا: أنه يحتمل أن له الاستثناء لالتزام أمر الله وأدبه لقوله تعالى: { وَلا تَقُولَنَّ لِشَ!ءٍ إقِي فَاعِل فَلِكَ غَدًا.
إِلآَ اَن يَشَاءَ اللَهُ} (1)، لا لحل اليمن.
ويدل عليه قولهم: فقد استثنى واحتجاجه بقوله: { وَاذْ! زئكَ إِفَا نَسِيت} (2)، ولم يقولوا: فقد سقطت يمينه.
واختلف العلماء فى الاستثناء فى غير اليمن بالله، فلم يرها مالك والأوزاعى فى غير اليمن بالله وصفاته وأسمائه، وذهب الكوفيون والشافعى وأبو ثور وبعض السلف إلى جواز ذلك فى الطلاق والعتق وكل شىء، ومنعه الحسن فى الطلاق والعتق خاصة.
واختلف المذهب إذا علّق الاستثناء فى اليمن بغير الله شرط فعل، هل ينفع ذلك أم
لا ينفع ؟ وفى قوله: " لو قال: إن شاء الله) حجة فى أن الاستثناء لا يكون إلا بالقول لا بالنية، وهو قول كافة العلماء وأئمة اْهل الفتوى.
وقال بعض من حدث شيوخنا: إنه يجزئ بالنية على قول مالك الآخر: أن اليمن ينعقد بالنية.
وقد احتج بعضهم بهذا الحديث على جواز الاستثناء بعد مهلة لقوله: (فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله).
ولا حجة لهم فيه لوجوه، منها: أنه يحتمل أن يذكره صاحبه بذلك وهو بعد فى يمينه، وأيضا فإن القسم إنما كان على ما قدر فعله من طوافه عليهن وما فى قدرته، لا على ما ليس فى قدرته مما عناه من مجىء كل واحدة منهن بولدِ يقاتل فى سبيل الله.
والاستثناء فى هذا من الاْدب المرغب فيه، والتفويض إلى الله الواجب اعتقاده، وهو الذى قال فيه - عليه السلام -: ا لكان دركًا لحاجته) /، ويكون قوله - عليه السلام - فى الروإية الأخرى: ا لم يحنث) أى لم يخطأ ويأثم فى قوله وتمنيه وأتمنى دون تفويض ذلك إلى مشيثة ربه.
قول!: ا لأطوفن)، وفى رواية غير العذرى: ا لأطيفن !، وهما صحيحان.
طفت بالشىء وأطفت: إذا درت حوله وتكررت عليه، فأنا طائف ومطيف، وهو هنا كناية عن الجماع.
وجاء فى الحديث الأول: (ستين امرأة) وفى الاْخرى: (على سبعين) وفى الثالث: (على تسعين)، وقد رويناه فى غير كتاب مسلم: (على مائة امرأة أو تسع وتسجن ألان، وفيه ما أوتى الأنبياء من القوة على هذا، وقد كان - عليه السلام - يدعو على
(1) 1 لكهف: 23، 24.
(2) للكهف: 24.
(3) للبخلى ى، كلبهاد، بمن طلب الولد للجهاد 4 / 27 عن ابى هريرة - رض بلله عنه - وفيه: بمائة لمرأة ثو تع وتسعين).
20 / ب
418(5/417)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء مِنْهُن إِلأَ وَاحِدَةٌ، فَوَلَدَتْ نِصْفَ إِنْسَالط.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ كَانَ اسْتَثْنَى، لَوَلَدَتْ كُلُّ وَاحِلِة مِنْهُن غُلاَمًا، فَارِسًا، يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللّهِ).
23 - (... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَئاد وابْنُ ألِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ أبى عُمَرَ - قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَام بْنِ حُجَيْر، عَنًْ طَاوسُ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الَنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (قَالَ سُلممَانُ بْنُ !اوُدَ نَبِى اللهِ: لأطُوفَنَّ اللَيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأةً، كُلُّهُنَ تَأتِى بِغُلاَمٍ يُقَاتِلُ فِى سَبيلِ اللهِ.
فَقَالَ لَهُ صَاحبُهُ، أو المَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللّهُ.
فَلَمْ يَقُلْ، وَنَسِىَ.
فَلَمْ تَاكِ وَاحلَة منْ نسَائِهِ، إِلاَّ وَاحِلًة جَاءَتْ بِشِقِّ غُلاَمٍ ).
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَلَوْ قَالَ: إِنْ شَاءًا للهُ، لَم يَحْنَثْ، وَكَانَ لحَرَكًا لَهُ فِى حَاجَتِهِ لما.
نسائه فى ليلة (1)، وهذا كله يدل أنها فضيلة فى الرجال، ودليل على صحة الذكورية والإنسانية، ولا يعترض على هذا بقوله: { حَصُورًا} (2) فقد قيل: حصوزا عن المعاصى ممسوكًا عنها.
وقوله: (تلد كُل واحدة منهن غلاما يقاتل فى سبيل الله): يدل أن نيته وقصده إنما
كانتا لله - تعالى - لا لغرض دنيوى.
قال بعض المتكلمين: نبه - عليه السلام - فى هذا الحديث على اَفة التمنى وشوم الاختيار والإعراض عن التسليم والتفويض ! وبين آفة التمنى بسلبه الاستثناء واستثنائه إياه ؛ ليتم فيه قدره، ويمضى سابق حكمه، وإن ولد له شق إنسان.
فى الحديث: فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله، فلم يقل.
فسر فى الحديث الاَخر علة قوله ذلك بقوله: (فنسى!.
وقيل: صرف عن الاستثناء ليتم حكمة ربك وسابق قدره فى ألا يكون ما تمناه، وقيل: هو على التقديم والتأخير ؛ لم يقل: إن شاء الله، فقال له صاحبه: قل: قيل: يريد بصاحبه الملك يريد قرينه، وقيل: خاطره، وقيل: هو على ظاهره.
وقوله: (إلا واحدة جاءت بشق غلام): قيل: هو الجسد الذى ذكر الله - سبحانه -
اْنه اْلقى على كرسيه على من قال: إنَه ذلك من المفسرين.
وقوله: (كان دركًا لحاجته): بفتح الراء اسم من الإدراك، أى لما قالها قال الله تعالى: { لأَ تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} (3).
وأما الدرك بمعنى المنزلة ففيه الوجهان، وقوى بهما فى الدرك الأسفل.
والدركات لأسفل، والدرجات إلى فوق.
(1) البخارى، كالنكاح، بكثرة النساَ 7 / 4 من حديث ئن! - رضى للله عنه.
(2)+ عمرلن: 39.
(3) طه: 77.(5/418)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء
419
(... ) وحدفنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ أبِى الز نادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، مِثْلَهُ أوْ نَحْوَهُ.
24 - (... ) وحدّثنا غثدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَرأقِ بْنُ هَمَّام، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ
ابْنِ طَاوُس، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ !اوُدَ.
لأطِيفَن اللَّيْلَةَ عَلَى سبعينَ امْرَأًةً، تَلِدُ كُل امْرَأة منْهُن غُلاَمًا، يُقَاتِلُ فى سَبِيلِ اللهِ.
فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَلَم يَقُلْ.
فَا"طَافَ بِهِن، فَلًمْ تًلِدْ مِنْهُن، إِلأَ امْرَأةَ وَاحِدَة نِصْفَ إِنْسَانٍ.
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَان !رَكا لِحَاجَتِهِ).
!، ص، 5، ص ه ص صسءص، ص ممص ص ص،
25 - (... ) وحدثنى زهير بن حرب، خدثنا شبابة، حدثنِى!رْقاء، عَنْ أن الزنادِ،
عَنِ الأعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوًُ: لأطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأة، كُلُهَا تَأتِى بفَارِسٍ يُقَاتلُ فِى سَبيلِ اللهِ.
فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَلَيمْ يَقُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَطَاَفَ عَلَيْهن جَمِيغا، َ فَلَمْ تَحْمِلُ مِنْهُن إِلاَّ امْرَآ وَاحِدبهلا، فَجَاءَتْ بِشِقَ رَجُلٍ.
وَايْمُ ائَذِى نَفْسُ مُحَمًّدٍ بِيَلِهِ، لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَجَ ال دُوا فِى
وقوله: (وايم الذى نفس محمد بيده): فيه جواز اطلف بمثل هذا.
ولاخلاف فى قوله: (والذى نفسى بيده) أنها يمين ؛ لأنه حلف بالله، وقد حلف بها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى
غيرقصة.
واختلف فى (ايم الله)، هل هى يميئ أم لا ؟ حكى ابن خويزمنداد.
والطحاوى عن مالك: أنها يمين، وقاله ابن حبيب وترجح فيها فى كتاب محمد، وقال: أخشى أن يكون يمينًا.
وقال أصحاب أبى حنيفة: هى يمين.
وقال الشافعى واسحاق: إن نوى بها اليميئ فهى يمين، ومعناها عند بعض أهل اللغة من اليمن والبركة، وألفها عند سيبويه ألف وصل، وقيل: (أيم، بقطع الألف وفتحها و(إيم) بكسرها، وقيل: (أيمن الله، بالفتح وزيادة نون، و(بيهن الله) بالكسر، و(أيمن الله، بفتح الميم والهمزة، وا ليمن الله) باللام، و(من الله) و(يم الله)، و(م الله،، وم الله، وم الله أربعة عشر لغة كلها صحيحة.
وقيل: جمع يميئ، وألفها ألف قطع، وهو مذهب الفراء وأبى عبيد.
قال أبو عبيد:
أيمن جمع يمين، حكى زهير: فيجمع ليهن منا ومنكم، وكثر فى استعمالهم، فحذفوا النون فقال: أيم الله، كما حذفوا نون لم يكن، قال الأزهرى: وضم آخره.
وحكم
420
سَبِيلِ اللهِ فُرْسَانًا أجْمَعُونَ لا.(5/419)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء
1 / 21
القسم الخفض كما ضموا: لعمرك، كأنه اْضمر يمينًا ثانيًا، وقال: وأيمنك ولأيمنك عظيمة، وعمرك ولعمرك عظيم.
وقد قيل: إن ليمن إنما معناه: لا ليمن، على من جعلها ألف وصل، أقسم على النفى ما ندرى.
وقال بعضهم: ومعنى ليمن الله: يمين.
وبه فسر من قال هذا قوله: ليمن الله: وأقسم، أى يمين الحالف بالله /، أو أيمانه بالله، وقد يكون على هذا: أى يمين الله أو أيمانه التى يحلف بها على إضافة التعظيم والتشريف، كما قيل: ناقة الله، أو الاختصاص كما قيل: عباد الله، قال: وسمى اليمن يمينا باسم يمين ليدل أنهم كانوا يبسطون اْيديهم إذا تحالفوا.
وعن ابن عباس: أن يمين اسم من أسماء الله تعالى.
وقوله: ا لو قال: إن شاء الله لم يحنث، ولولدت كل واحدة غلاف ال: يستدل به
على جواز قول: لو ولولا.
وقد ترجم البخارى على هذا: باب ما يجوز من اللو، وأدخل فيه قول لوط: " لوْ أَن لِي بِكُمْ قُؤَةً} الآية (1)، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه) (2)، وا لو مد بى الشهر لوصلت) (3)، وا لولا حدَثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم) (4)، وا لولا الهجرة لكنت امرَأ من الأنصار) (5) ومثل هذا.
فالذى ينفهم من ترجمة البخارى، وما أدْخَلَ من القرآن والآثار فى الباب من لو ولولا
أنه يجوز استعماله فيما يكون من الاستقبال وتحت قدرة الإنسان فما امتنع من فعله لامتناع غيره، وهو باب لو أو امتنع من فعله لوجود غيره وهو باب لولا ؛ لأنه لم يدخل فى بابه سوى ما هو للاستقبال من الآى والآثار ما هو حق وصحيح متيقن، كقوله: ا لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار) (6) دون ما هو فى الماضى والمنقضى، أو ما يكون فيه التحرض على الغيب وعلم الله، والاعتراض على قدره السابق، وقد جد عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) النهى عن مثل هذا فى حديث من قوله: (وإذا أصابك شىء فلا تقل: لو أنى فعلت كذا كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل) (7)، وقد قال بعض العلماء: معنى
(1) الآية 80 من سورة هود، وانظر: للبخارى، كالتمنى، بما يجوز من لللو 9 / 105.
(2) البخارى، كالتمنى، بما يجوز من اللو 9 / 105.
(3) البخارى، كالتمنى، بما يجوز من لللو 9 / 106.
(4) البخارى، كالحج، بفضل مكدْ 3ينيانها 2 / 179، ومسلم، كالحج 2 / 399.
(5) البحارى، كالتمنى، بما يجوز من اللو 9 / 106.
يلا) 1 نظر: ا لسا بق.
(7) مسلم، كالقدر، بفى الاْمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله 4 / 34، ولبن ماجه، كالمقدمة، بفى القدر 79 / 1 وهما عن اْبى هريرة.(5/420)
كتاب الأيمان / باب الاستثناء421 (... ) وَحَدثنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُمْبَةَ، عَنْ
هذا إذا قاله على الحتم والقطع على الغيب أنه لو كادَ كذا لكان كذا، أو دون اشتراط مشيئة الله عز وجل والالتفات إلى سابق قدره ومغيب علمه، قال: وأما من قال ذلك على التسليم، ورد الأمر إلى القضاء والمشيئة فلا نهى فيه، ولا كراهة، وكأن بعضهم أفار إلى أن الولا) نجخلاف 9 لو).
+ قالي القاضى - رحمه الله -: والذى عندى أنهماْ سواء إذا استعملتا فيما لم يحط به الإنسان علفا، ولا هو مما تحت مقدور قائلها، مما هو تحرض على الغيب واعتراض على القدر، وكما نبه عليه فيه الحديث، ومثل قول المنافقين: { لَوْ ئالَاعُونَا مَا كُ!لُوا} (1)، { !وْ كَانُوا عِنلنًا فا مَاتُوا وَمَا كُيلُوا} (2)، { بَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَ!ة نَا كُمِلْنَا هَا فنَا} (3) فرد الله عليهم قولهِم وأكذبهم فى تحرضهم بقوله تعالى: { قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إن كُنتُمْ صَ التِين} (4)، { قُل لوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الذِينَ كُعِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَن مَضَاجِعِهِغ} (5) وبقوله: فمثل هذا هو المنهى عنه لما ذكرنا.
والنبى - عليه السلام - فى هذا الحديث أخبر عن يقيئ نفسه اْن سليمان - عليه السلام - لو قال: إن شاء الله، لولدت كل امراْة غلافا، إذ ليحس هذا مما يدرك بالطن والاجتهاد، وإنما أخبر عن حقيقة ما أعلمه الله - تعالى - من غيبه، أو هو مثل قوله: الولا بنو إسرائيل لم يختر اللحم، ولولا حواء لم تخن امرأة زوجه!) (6) فلا تعارض بينه وبن الحديث الآخر 50ْ
وهذا مثل ما أخبر الله تعالى من ذلك فى كتابه مما هوة حق، إذ هو عالم الغيبِ والشهادة بقوله: { تُل الوْ كتُمْ فِى بُيُوتِكمْ لَبَوَزَ اللِينَ كُعِبَ عَلَيهِغ الْقَتْلُ إلَق مَف المْ}، !ولَو رُد"وا لَعَ الوا لمَا نُهُوا عَنْه} (7)، وكلذ الما جماء من لولاه لقوله تعالى: { لَوْلا محَاب مَن.
الذ سَبَقَ لَمَسَكُبم} (8) الآيتان، { وَلَوْلا أَن يَكُونَ الثاسُ أُمَّة وَاحِدَةً لَجَعَن لِمَني يَبهْفُر} (9) الآيَة، { فَلَوْلا أَنهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبحِين} الآية (ْا) ؟ لأن الله مخبر فى ذلك كان عما مضى،
(1) لى عمران: لملأ ا.
(2)+ عمران: 156.
(3)+ عمران: 154.
(4) لى عمران: كلأ ا.
(5)+ عمران: 154.
للا) البخارى، كالأنبياَ، بخلق ادم وذريته 2 / 161، ومسلم، كللرضاع، بلولا حواء لم تخن أنثي روجها الدهر 2 / 63.
(7) الاْ نعام: 28.
(8) 1 لأ نفال: 68.
(9) ا لزخرت: *.
(10) للصافات: 143.
1 / 22
422(5/421)
كتاب الأيمان / باب الاستثناَ أن الزنادِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ: (كُلُهَا تَحْمِلُ غُلاَما يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ الله).
وسيأتى عن علم صادق وخبر يقين، ولو جاء مثل هذا عن عباده لكان تحرضًا على غيب الله تعالى إلا فيما شهد لصحة العقل أو يعلمه الشرع ؛ لقوله تعالى: { توْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَة إلآ اللهُ لَفَسَدَتَا} (1)، / { وَلَوْ ثشْنَا لآتَيْنَا كُل نَفْسٍ هُدَاهَا} (2)، { وَلَوْ شَاءَ النَهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} (3)، { وَلَوْلا دَفْعُ الَثهِ الناسَ بَعْفهُم بِبَعْضٍ } (4)، { وَلَوْلا فَف!لُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ يَرَحْمَتُه} (5) وكذلك قوله - عليه السلام -: (ولولا الله ما اهتدينا) (6).
وأما قول لوط عليه السلام: { لَوْ اَن لِي بِكُمْ قُوة} (7) فإنما أخبر عن نفسه بأمر ممكن داخل تحت قدرة البشر من دفعهم، بشرط لو كان معه قوة لدافع بها عن ضيفه من يريد ضررهم والمنكر فيهم، ومثل هذا لا اعتراض فيه على قدر ولا تحرض على علم غيب، وكذلك كل ما يكون من الو) والولا) فيما يخبر به الإنسان من علة امتناعه من فعله مما فعله تجب مقدورة فلا كراهة فيه، للإخبار حقيقة عن شىء امتنع لما وجب بلولا، اْو امتنع لما امتنع، أو امتنع لما وجب أو وجب لما امتنع.
ا لو) لهذه المعانى تأتى، وا لولا) غالبًا إذا كانت على بابها، وكان لها جواب،
فإنها تأتى لبيان السبب الموجب أو النافى، لا كما عبر عنه أكثر النحاة من أنها تأتى لامتناع الشيء لوجود غيره، إذ هذا بعض معانيها لا جميعها، فتأمله.
أو يخبرب ا لو) عما امتنع مما لولا ذلك السبب المانع له لأمكنه فعله، ومن هذا جميع الأحاديث التى أدخل البخارى فى الباب مع آية لوط كقوله: ا لو كنت راجفا بغير بينة لرجمت هذه) (8)، 1 لولا حدثان قومك بالكفر لاءتممت البيت على قواعد إبراهيم) (9) (ولو مد فى الشهر لوصلت) (ْا)، !ولولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك) (11)، (ولولا اْن أشق على أمتى لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة) (12)، (ولو سلك الأنصار وادئا اْو شعثا لسلكت وادى الأنصار اْو شعبهم) (13)، فمثل هذا كله لا كراهة فيه، إلا أن يكون قائله لا يقصد فى ذلك الصدق والوفاء كقول المنافقن: { لَوْ نَعْلَمُ كِالاً لأتبَعْنَاكُم} (14)، وقول الكفار استخفافًا: { لَوْ شَاءَ الزحْمَنُ مَا عَبَلطاهُم} (15).
(1) 1 لاكللبياَ: 22.
(2) 1 لسجدة: 13.
(4) البقرة: 251، الحج: 40.
(5) للنساء: 83.
للا) دلبخارى، كالتمنى، بقول الرجل: لولا الله ما اهتدينا 9 / 104.
(7) هود: 80.
(8 - 13) مبق تخريجها.
(14)+ عمرلن: 167.
(15) للزخرف: 20.
(3) 1 لأنعام: 35.(5/422)
كتاب الأيمان / باب النهى عن الإصرار على اليمين...
إلخ
423
(6) باب النهى عن الإصرار على اليمين،
فيما يتأذى به أهل الحالف، مما ليس بحرام
26 - (1655) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَا شَا عَبْدُ الرَراق، حدثنا مَعْمَر، عَنْ هَمَام بْنِ مُنبه، قَالَ: هَذَا مَا حدثنا أبُو هُرَيْرةَ عَنْ رَسولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسولُ "الله ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالله، لأنْ يَلَجَّ أحَدُكُمْ بِيَمينِهِ فِى أهْلِهِ، آثمُ لَهُ عِنْدَ اللّه مِنْ أنْ يُعْطِىَ كَفَّارَتَهُ الَتِى فَرَضَ الله).
وقوله: ا لأن يَلَبئ أحدكم بيمينه فى أهله، اثم له عند الله من أن يعطى كفارته التى فرض الله عليه) (1): فيه أن الكفارة عن الحانث فى اليميئ فرض، كما قال تعالى: !لى لِكَ كَفارَةُ اَيْمَانِكُمْ إفَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا اَيْمَانَكُم} (2).
ومعنى (يلج) من اللجاج، أى يقيم على ترك الكفارة.
وقوله: (هو اثم له من أن يعطى كفارته) قيل: معناه على ظاهره، وقيل: إذا رأى غيرها خيرًا منها فلم يكفر.
والحديث - والله أعلم - على العموم مثل الحالف على قطع منفعة عن نفسه أو عن غيره، أو على ألا يفعل ما فعله خير من صلة رحم اً وكلام صديق أو فعل معروف، كما فعل أبو بكر - رضى الله عنه - فى حلفه فى النفقة على مسطح، فأنزل اللى!مالى: { وَلا يَأتَلِ اُو!وا الْفَفمْلِ مِنكُمْ وَالممئعَةِ اَن - ش تُوا} الاَية (3)، وكما قال - عليه السلام - فى الحديث الآخر قال: (ألا يفعل خيرا) فعلى هذا ومثله يحمل الحديث ؛ لاْن مواصلته هذا و(قامته على يمينه إما أن يكون معصية اْو مكروها له فكفارته خير، وجاء بلفظ: (اثم) لمقابلة اللفظ ومجانسته لما كان فى المقام على ذلك إثما، واعتقد الاَخر أن فى حنثه إثما فاضل بين الإثمن، اً واستعار لمخالفة كل حال اسم الإثم.
(1) لا يوجد بالحديث كلمة (عليه) (2) ا لما ثدة: 89.
(3) النور: 22.
424(5/423)
كتاب الأيمان / باب نذر الكافر...
إلخ
(7) باب نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم
27 - (1656) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أِبِى بَكْر المُقَدَّمِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَفْظُ دزُهَيْر - قَالُوا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ دبْنُ سَعيد القَطَّانُ - عَنْ عُبَيْد اللْه،
! قَالَ: "أخْبَرَنِى نَافِعَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله غ إِنِّى نَنَرْتُ فِى الجًاهلية أنْ أعْتكِفَ لَيْلَة فِى الفَسْجِدِ الحَرَام.
قَإلَ: (فَا"وْفِ بِنَنْرِكَ).
ً (... ) وحدّثنا أبُو سَعِيد الأشَجُ، حدثنا أبُو أسَامَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى،
حَدثنَا عَبْدُ الوَفَابِ - يَعْنِى ألثَّقَفِىَّ.
ح وَ حدثنا أبُو بَكْرِ ئنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاَء وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، جَفِبعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غيَاث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ "عَمْرِو بْنِ جَبَلَةً ابْنِ أَبِى رَوَّابِ، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَاَ شُعْبَةُ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْد الله، عَنْ نَافِع، عَن ابْنِ عُمَر.
وقَالَ حَفْض، مِنْ بَيْنِهِمْ: عَنْ عُمَرَ، بِهنَا الحَديثِ.
أفًا أَبُو اسَامَةَ وَالثقَفِى فَفِى حَدِيثِهِمَا: اعْتِكَافُ لَيْلَة.
وَأمَّا فِى حَديثِ شُعْبَةَ فَقَالً: جَعَلَ عَلَيْه يَوْما يَعْتَكفُهُ.
وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ حَفْمبى ذِكْر يوْم وَلا لَيْلَة.
28 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَّاهرِ، أخْبَرتا عبد الله بْنُ وَهْب، حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازبم ؛
أن أيوبَ حَدةَلهُ ؛ أن نَافِغا حَد!لهُ ؛ أَن عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ حَدثهُ ؛ أًنَّ عُ!رَ بْنَ الخَطَّ بِ سًألَ
22 / ب
وقول عمر - رضى الله عنه -: (إنى نذرت أن أعتكف فى الجاهلية ليلة)، وفى رواية: (يوفا فى المسجد الحرام، قال: فأوف بنذرك)، قال الإمام - رحمه الله -: يحمل هذا عندنا على أنه أراد فى اْيام الجاهلية ولم يرد وهو على دين الجاهلية ؛ لأن الكافر لا يلزمه عندنا نذر، وكذلك يحمل قوله: (أن أعتكف ليلة) على أنه يمكن أن يكون عبارة عن اليوم والليلة، والعرب تعبر بالليالى عن الأيام.
قال القاضى - رحمه / الله -: اختلف العلماء - رضى الله عنهم - فيما ننره الكافر حال كفره مما يوجبه المسلمون ثبم أسلم، فقال الشافعى وابو ثور: واجب عليه الوفاء به، وهو قول الطبرى والمغيرة المخزومى والبخارى، وحملو! قوله: (أوف بنلإرك) على الوجوب، وقاصوا اليْمن على النذر.
فإن كان النذر واليمين مما لأ ينبغى الوفاء به فعليه الكفارة!ه علط اصلهم فى ننر المع!ميةء وفمب مالك والكوفيؤن إلى اْنه لا شىء عليه،(5/424)
كتاب الأيمان / باب نذرالكافر...
إلخ 425 رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُوَ بِالجعْرَانَة، بَعْدَ أنْ رَجَعَ منَ الطَائف، فَقَالَ: يَا زَسئولَ الله، إِنّى ينَنَرتُ فِى الجَاهلئة أنْ أعْتًكفأَ يَوْما فِى المَسْجدَ الحَرَامَ، فًكَيْفَ تَرَى ؟ قَالَ: (اف!بْ فَاعْتَكِفْ يَوْفا).
ً -
قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ الله لجق! قَدْ أغطَاهُ جَارِيَة مِنَ الخُمْسِ، فَلَمَا أعْتَقَ رَسُولُ الة ( صلى الله عليه وسلم ) سَبايَا الئاسِ، سَمِعَ عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ أصْوَاتَهُمْ يَقُولُونَ: أعْتَقَنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: مَا فَنَا ؟ فَقَالُوا: أعْتَقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سَبَايَا النَّاس.
فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ الة، اف!بْ إِلَى تلكَ الجَاربَةِ فَخَلِّ سَبيلَهَا.
(... ) وحدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَراقِ، أخْبَرنَا مَعْمَر، عَنْ أيوبَ، عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَا قَفلَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ حُنَيْني سَألَ عُمَرُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَن نَنْر كَان نَنَبرَهُ فِى الجَاهِلِيةِ، اعْتِكَافِ يَوْبم.
ثُمَ ذَكَرَ بمَعْنَى حَلِيثِ جَرِيرِ بْنِ حَازِبم.
(... ) وحدثنا أحْمَدُ بْنُ عبْلَةَ الضميئ، حَد!لَنَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، حَدثنَا أئوَبُ، عَنْ نَافِغ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ عُمْرَةُ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منَ الجِعْرَانَةِ، فَقَالَ: لَمْ يَعْتَمِرْ مِنْهَا.
قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ نَنَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَ! فِى الجًاهِلِيَةِ.
ثُمً ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرِ ئنِ حَازِبم وَمَعْمَر عَنْ ايُوبَ.
(.
.
ء) ود دثنى عَبدُ الله نجنُ قئدِ الرَّحْمَنِ الئَارِمِى، حَدثنَا حَخاجُ بْنُ المِنْطَ لِ، حَا لنَا حَمَّاد!، عَنْ أَئوبَ.
ح، "حَدثنَا يَضىَ نجنُ خَلَف، حدثنا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ
إذ الأعمال بالنيات، ولا نية له حيخمذ، ويحمل قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (أوف.
بنذرك) على طريق الندب والايسْحباب لا على طريق الوجوب (1).
وهذا الحديث يححْج به الشافعى ومن يجيز الاعتكاف بالليل وبغير صوم، ولكن ما
ورد فيه من الرواية الأخرى: (يومًا) يرد حجته، ويرد كون هذا الاعتكاف الذى هو بمعنى الجوار، وهذا يكون بغير صوم، ويصح بالليل والنهار.
وفيه جواز الاعتكاف يوصا
(1) انظر: الحاوى 15 / 464 وما بعدها.
وكذا بحثنا فى هذا الكتاب كالايمان، بالدعاء إلى الث!هادتين وشرالْع الاسلام، هلء الكفار مخاطبون بفروع الاسلام أم لا من هذا الكتاب، وشرح معانى الأثار 133 / 3، المغنى 622 / 13، ابن حزم فى المحلى 8 / 372، ابن حجر فى الفتح 1 1 / 0 9 5.
426(5/425)
كتاب الأيمان / باب نذر الكافر...
إلخ
إِسْحقَ، كلاهُمَا عَنْ نَافِعِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِهَذَا الحَلِيثِ فِى النَّنْرِ.
وَفِى حَلِيثِهِمَا جَمِيعَا: اعْتَكَافُ يَوْمِ.
لمن نذره، ولا خلاف فى هذا، وإنما الخلاف فيمن نذر اعتكافأ مبهمًا، وقد مر هذا مبينا فى الاعتكاف.(5/426)
كتاب الأيمان / باب صحبة المماليك...
إلخ
427
(8) باب صحبة المماليك، وكفارة من لطم عبده
29 - (7ء16) حدّثنى أبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ الجَحْدَرِىُّ، حَا شَا أبُو عَوَانَةَ،
عَنْ فِرَاسٍ، عَنْ ذَكْوَانَ أبِى صَالِحٍ، عَنْ زَافَانَ أبِى عُمَرَ، قَالَ: أتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَقَدْ أعْتَقَ مَمْلُوكًا.
قَالَ: فَاخذَ مِنَ الأرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا.
فَقَالَ: مَا فيهِ مِنَ الأجْرِ مَا يَسْوَى ! نَا، إِلا انّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ، فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْعقَهُ).
30 - (... ) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارٍ - وَاللَفْظُ لاِبْنِ المُثنى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ فرَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدَفُ عَنْ زَافَ!نَ ؛ أنَّ ابْنَ عُمَرَ دَعَا بِغُلامٍ لَهُ، فَرَأى بِظَهْرِهَِ أثَرًا.
فَقَالَ لَهُ: أوْجَعْتُكَ ؟ قَالَ: لا.
قَالَ: فَاءنتَ عَتِيق.
قَالَ: ثُمَ أخَذَ شَئئا مِنَ الأرْضِ فَقَالَ مَا لِى فيهِ مِنَ الأجْرِ مَا يَزِنُ ! نَا، إِنَى سَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ، حَدا لَم يَ التِهِ، أوْ لَطَمَهُ، فَإِنَّ كَفارَتَهُ أنْ يُعْتِقَمُلا.
(... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع.
ح وَحَدثنِى مُحَفدُ بْنُ المُثنى، حدثنا عَبْدُ الرخمَنِ، كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ فِرَاسٍ، بإِسْنَادِ شُعْبَةَ وَأبِى عَوَانَةَ.
أمَّا
كتاب ملك اليمين
وقوله عن ابن عمر وقد أعتق مملوكأ فأخذ من الأرض عوفا أو شيئأ، فقال: ما فيه
من الأجر ما يَسْوى هذا إلا اْنى سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول: (من لطم مملوكأ أو كذا ضربه فكفارته أن يعتقه)، وفى الرواية الأخرى: (اْو ضربه حدًا لم يأته أو لطمه)، وقوله: (إلا اْنى سمعت): قيل: هو من الاستثناء المنقطعء وعندى أن معناه: ما اْعتقته إلا من اْجل انى سمعت، فهو على بابه من الاستثناء الخاص من العام.
وقال بعضهم: لعل معناه: اْلا إنى سمعت بفتح الهمزة وتخفيف اللام على الاستفتاح للكلام، والحجة لقوله الأول.
أو لأنى بلام التعليل والحجة، وقد تصح عندى اْن يكون تشابههما على وجهه، أى ما لى فيه من أجر إلا كفارته فإنها أجر، لكنها لما كانت كفارةُ ضَرْبِه له لم يحسب له عتقه أجرًا إذ خرجت كفافأ.
428(5/427)
كتاب الأيمان / باب صحبة المماليك...
ألخ حَديثُ ابْنِ مَهْدى فَذَكَرَ فيه: (حَدا لَمْ يَا"ته).
وَفِى حَديث وَكِيع: (مَنْ لَطَمَءَبْدَهُ لا وَلَم يَذْكُرِ الحًَ.
ًً
31 - (1658) اثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدلنَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْر.
حْ وَحَدثنَا ابْنُ ْنُمَيْر - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنَا أَبِى، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْد، قَالَ: لَطَمْتُ مَوْلى لَنَا فَهَربت، ثُمَّ جِئْتُ قُبَيْلَ الطهْرِ فَصَلَّيْتُ خلفَ أيِى، فَدَعَاهُ وَدَعَانِى.
ثُمَ قَالَ ة امْتَثِلْ منْهُ.
فَعَفَا.
ثُمَّ قَالَ: كُنَّا - بَنِى مُقَرِّن - عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله كلقع تئسَ لَنَا إِلا خَادمٌ وَاحدَة، َ فَلَطَمَهَا أحَلُنَا، فَبَلَغَ فَلِكَ الئيِىَّ كلقع فَقَالَ: (أعْمكُوهَا).
قَالُوا: لَيْسَ لَهُمْ خَالِم نجيْرُهَاَ.
قَالَ: (فَليَسْتَخَلِمُوهَا، فَإِفَا اسْتَغْنَوْا عَنْهَا، فَليُخَلُّوَا سَبِيلَهَا).
32 - (... ) ! دّثنا أبو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ 8لمئر - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرِ - قَالا: حَدثنَا ابْنُ إِدْرِش!، عَنْ حُصَيْنِ، عَنْ هحَلِ بْن يَسَاف، قَالَ: عَجِلَ شَيْخ فَلَطَمَ خَ المَا لَهُ.
فَقَالَ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّلط: عَجَزَ عَلَيْكَ إِلا حُرّ وَجْهِهًا، لَقَدْ رَأيْتُنِى سَابِعَ سَبْعَةِ مِنْ بَنِى مُقَرّنِ، مَا لَنَا خَالحِم إِلاَّ وَاحِدَةٌ، لَطَمَهَا أصْغَرُنَا، فَا"مَرَنَا رَسُؤلُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أَنْ
فى هذا الحديث: الرفق بالمماليك، وحسن صحبتهم، وكذلك فى الأحاديث بعده.
وفى قوله: (حدا لم يأته) دليل على اْن هذا التشديد فيمن ضربهم لغير ذنب استحقوه، ولا على وجه التعليم والاكم ب.
وعتقه هنا ليس على الوجوب عند أهل العلم، وإنما هو على الترغيب ورجاء كفارة
ذنبه فيه وظلمه له، ويدل اْنه ليس على الوجوب حديث ابن سويد بعده عن أبيه، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، لما لطم أحدهم خادمهم واْمرهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بعتقها، فقالوا: ليس لنا خادم غيرها، قال: لأ فليستخدموها، فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها).
والعلماء كلهم - فيما علصت - لا يوجبون عتق العبد بشىء مما يفعله به مولاه من مثل هذا، من الأمر الخفيف.
ْواختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع من ضرب مبرح منهك لغير موجب لذلك، أو حرق بنار، أو قطع عضو، أو إفساده، اْو فعل ما شأنه به، فذهب مالك وأصحابه إلى عتق العبد على سيده بذلك.
قال مالك: وولاؤه له، ويعاقبهه السلطان على فعله.
وذهب كافة العلماء إلى أنه لا يعتق عليه، وبالعتق بالمثلة كقول مالك.
قال الليث بن سعد: واختلف(5/428)
كتاب الأيمان / باب صحبة المماليك...
إلخ 429
نُغتِقَهَا.
(... ) حد ثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَّار، قَالا: حدثنا ابْنُ أبِى عَدِئ، عَنْ شُعْبَةَ،
عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ، قَالَ: كُنّا نَبِيعُ البَزَّ فِى دَارِ سُوَيْد بْنِ مُقَرِّنٍ، أخى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرق، فَخَرَجَتْ جَارَية".
فَقَالَتْ لِرَجُل مِنَّا كَلِمَةً، فَلَطَمَهَاَ.
فَغَضسِبَ سُوَيْاَ!.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَديِثِ ابْنِ إِلْرِش!.
33 - (... ) وحد ثنا عَبْدُ الوَارِثِ بْنُ عَبْد الصَّمَدِ، حَدثنِى أيِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ:
قَاَلَ لِى مُحَمَدُ بْنُ المنحدر: مَا اسْمُكَ ؟ قُلتُ: شُعْبَةُ.
فَقَالَ مُحَمَدٌ: حَدثنِى أبُو شُعْبَةَ العِرَاقِىُّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرًّنَ ؛ أنَّ جَارِيَةً لَهُ لَطَمَهَا إِنْسَانٌ.
فَقَالَ لَهُ سُوَيْا": أمَا عَلمْتَ أنَّ الضُورَةُ مُحَرَّمةٌ ؟ فَقَالَ: لَفدْ رَأيْتُنِى، ! اِئى لَسَابِعُ إِخْوَة لِى، مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ، وَمَا لَنَا خَالِم!غَيْرُ وَاحِد، فَعَمَدَ أحَدُنَا فَلَطَمَهُ، فَافَرَنَا رَسُولُ الله" ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ نُعْتِقَهُ.
(...
! وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبَرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ، أخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: قَالَ لِى مُحَمَّدُ بْنُ المن!دِرِ: مَا اسْمُكَ ؟ فَذَكَر بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الصَّمَدِ.
أصحابنا فى شين الولى فى العبيد والا ما يحلق الرأس واللحية.
والأصل فى العتق بالمثلة حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فى الذى جب عبده فأعتقه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (1).
وقوله فى حديث سويد: أن جارية له لطمها إنسان /، فقال له سويد: (أما علمت
اْن الصورة محرمة): إشارة إلى الحديث الاخر: (اذا ضرب أحدكم العبد فليجتنب الوجه) (2) إكرامأ له ؛ ولأن فيه محاسن الإنسان وأعضاعه الرئيسية ؛ ولأن التشويه والاثار به أقبح منها فى غيره واْشنع، وقد علله فى الحديث الآخر بأنها الصورة التى خلق الله - تعالى - ادم عليها وشرفه بها، واختارها لخليفته فى الأرض، وسيأتى الكلام على حديث الصورة فى موضعها إن شاء الله تعالى.
و (محرمة): يحتمل تحريم ضربها، ويحتمل أنها ذات حرمة.
وقوله: (امتثل): يحتمل أن يكون معناه عاقب، وقد قيل فى قوله تعالى: { وَقَدْ
(1) أحمد 2 / 182، ابن ماجه، كللديات، بمن مثل بعبده فهو حر 2 / 894.
(2) ئبو داود، كالحدود، بنى ضرب الوجه نى الحد 2 / 476.
23 / 1
430(5/429)
كتاب الأيمان / باب صحبة المماليك...
إلخ 34 - (1659) حلّغنا أبُو كَامِلٍ الجَحْدَرِىُّ، حَدشَا عَبْدُ الوَاحِدِ - يَعْنِى ابْنَ زِيَاد - حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ، عَنْ أبِيه، قَالَ: قَالَ أبُو مَسْعُودٍ البَدْرِىُّ: كنًتُ أ!رِبُ غُلاَمًا لِى بالسَّوْط، فَسَمعْتُ صَوتا مِنَْ خَلفِى: (اعْلَمْ أبَا مَسْعُود).
فَلَمْ أفْهَم الضَوْتَ مِنَ الغَضَبَ.
قَالً: فَلَمَّاَ!نَا مِنى، إِفَا هُوَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَإفَا هُوً يَقُولُ: (اعْلَمْ أبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ أبَا مَسْعُود!) قَالَ: فَاكقَيْتُ السَّوْطَ منْ يَدى.
فَقَالَ: (اعْلَمْ أبَا مَسْعُو! أنَّ اللّه أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَىً هَنَا الغُلام).
قَالَ: فَقُلتُ: لَا أ!رِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أبايم.
(... ) وحدّثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَنَا جَرِير!.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثَّنَا مُحَمَدُ بْنُ حُمَيْد - وَهُوَ المَعمَرِىُّ - عَنْ سُفْيَانَ.
ح وحدثنى مُحَفدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبًرَنَا سُفْيَانُ.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَفَّانُ، حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ، كُلُهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بإِسْنَادِ عَبْدِ الوَاحِدِ، نَحْوَ حَلِيثِهِ.
غَيْرَ أن فِى حَدِيثِ جَرِيرٍ: فَسَقَطَ مِنْ يَدِى السوْطُ، مِنْ هَيْبَتِهِ.
35 - (... ) وحدثنا أبُو كُرَيْبٍ مُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ، حدثنا أبُو مُعَاويَةَ، حدثنا الأعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيم التَيْمِىّ، عَنْ أبيه، عَنْ أيِى مَسْعُودٍ الأنصَارِئ، قَالَ: كَنتُ أ!رِبُ غلاَمًا لِى، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلفِى صَوتاَ (اعْلَمْ أبَا مَسْعُودٍ، للّه أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ)،
خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلات} (1) أنها العقوبات، وقد يكون (امتثل) أى افتعل به مثل ما فعل بك.
وقوله عجز عنها الآخر وجهها: أى عجزت ولم تجد أن تضرب إلا حُر وجهها، وكأن هذا من المقلوب، وحد الوجه صفحته وما رق من بشرته وحرارة الحسن أحسنه وما رق منه.
وحد كل شىء اْرفعه وأفضله، وقد يحتمل اْن يكون عجز هنا بمعنى امتغ.
وقوله فى حديث أبى مسعود وقد رآه يضرب غلاما له بسوط: (إن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام): حض على الرمق بللماليك، ووعظ بليغ فى الاقتداء بحلم الله عن عباده والتأدب بأدبه من كظم الغيظ والعفو الذى اْمر به.
وقوله: هو حر لوجه الله، فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو لم تفعل للفحتك الناري: ليس
فيه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمره بعتقه، لكنه راْى اْنه قد زاد فى قدر أدبه بما استوجب عقوبة الله،
(1) الرعد: 6.(5/430)
كتاب الأيمان / باب صحبة المماليك...
إلخ 431 فَالتَفَ!ت، فَإفَا هُوَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله، هُوَ حُرئِوَجْهِ الله.
فَقَالَ: (أمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ، لَلَفَحَتْكَ النَّارُ أوْ لَصَمئَتْكَ الئارُ ".
36 - (... ) ود تثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار - وَالقَفْظُ لاِبْنِ المُثنى - قَالا: حَدثنَا ابْنُ أبِى عَدِى"، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَيْمِى، عَنْ أبِيه، عَنْ أبِى مَسْعُودِ ؛ انَهُ كَانَ يَضْرِبُ غُلاَمَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: أعُوذُ بِالئه.
قَالَ: فَجَعَلَ بَضْرِبَهُ، فَقَالَ: أعُوذُ بِرسُولِ الله.
فَتَرَكَهُ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالله، لئه أقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ).
قَالَ: فَأعْعقًهُ.
(... ) وَحَدثنِيه بِشْرُ بْنُ خَالد، أخْبَرَنَا مُحَمَّا - يَعْنى ابْنَ جَعْفَر - عَنْ شُعْبَةَ، بهَنَا الاِسْنَادِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ قًوْلَهُ: أعُوذُ بَالته، أعُوذُ بِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
"
ألا تراه كيف كان العبد يستعيذ منه بالله وهو يضربه حتى استعاذ برسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فلعله لم يسمع استعاذته الأولى لشدة غضبه، كما لم يسمع نداء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له كما جاء فى الحديث، اْو يكون لما اصتعاذ برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) تنبه لمكانه.
23 / ب
432 (5/431)
كتاب الأيمان / باب التغليظ على من قذف مملوكه بالزنا
(9) باب التغليظ على من قذف مملوكه بالزنى
37 - (0 66 1) وحئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ.
ح وَ حدثنا مُحَمَدُ
ابْنُ عَبْدِ اللّه بْنِ نُمَيْر، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرخمَن بْنَ أبِى نُعْمٍ، حَدثنِى أَكلبو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو القَاسِم ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ تَنَفَ مَمْلُوكَهُ بالزرنى لملقَامُ عَلَيْهِ الحَدُ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلا أنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ).
مه سن، صوص صص ص ملاص ص ممص، صو، 5، ص ه ص عحص 5 ص،
(... ) وحدثناه ابو كريب، حدثنا وكِيع.
ح وحدثنِى زهير بن حربٍ، حدثنا إِسحق
ابْنُ يُوسُفَ الأزْرَقُ، كلاَهُمًا عَنْ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَفِى حَدِيثِهما: سَمِعْتُ أبَا القَاسِم ( صلى الله عليه وسلم )، َ نَىَّ التوْبَةِ.
وقوله: (من قذف مملوكه بالزنا أقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال):
فيه دليل على أنه لا يحد من قذف عبدا إذا لم يحكم عليه بذلك في الدنيا كما أخبر بحكمه فى الآخرة، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء ة لمزية الحرية على العبودية فى الدنيا، فإذا كان فى الآخرة ارتفعت الأملاك كلها، وخلص الملك والملك لله الواحد القهار، استوت المقادير حينئذ - فحد له، ولكن عند مالك اْنه ينكل العبد إذا قذفه، وهو قول كافة العلماء، وذهب بعض العلماء إلى أن العبد إذا كان له قدر وهيبة عوقب قاذفه.
وحكم كل من فيه شعبة رق عند جميعهم حكم العبد فى سقوط الحد عن قاذفه من مدبر اْو مكاتب أو أم ولد أو معتق بعضه أو إلى أجل.
واختلف فى أم الولد بعد موت سيدنا، فجمهورهم على أن قاذفها يحد، وهو قول مالك والشافعى، وقول كل من يقول: إنها لا تباع ؛ لأنها صارت حرة بموت سيدها، وروى عن الحسن أنه لا يحد، ولعل ذلك قبل موت سيدها.
واختلف المذهب عندنا، فقال مالك: يحد قاذفها، وقال محمد بن المواز: لا يحد حتى تضع ؛ لعل الحمل ينفش فلا تكون أم ولد.
وقوله: (سمعت أبا القاسم ( صلى الله عليه وسلم ) نبى التوبة): سمى بذلك - والله أعلم - لأنه
بعث بقبول التوبة بالقول والاعتقاد.
وكانت التوبة من قبل بقتل أنفسهم، ويحتمل أن يكون نبى التوبة إلى الإيمان والرجوع عن الكفر إلى الإيمان /.
وأصل التوبة: الرجوع، كما قال فى الحديث الآخر: (أنا الماحى الذي يمحو الله بى الكفر) (1).
(1) البخارى، كالمناقب، بما جاء فى أسماء الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) 4 / 225، أحمد 4 / 80، 81، الدارمى 317 / 2، 318 كلهم عن جبيربن مطعم.
(5/432)
كتاب الأيمان / باب إطعام المملوك مما ياكل...
إلخ
(10) باب إطعام المملوك مما جمل، يالباسه مما يلبس،
433
ولا يكلفه ما يغلبه
38 - (1 66 1) حدئنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدهَّشَا وَكِيعٌ، حدثنا الأعْمَشُ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ.
قَالَ: مَرَرْنَا بائى فَر بِالربنَه، وَعَلَيْهُِ برْد وعَلَى غُلاَمِه مِثْلُهُ.
دقُلنَا: يَا أبَا فَز، لَوْ جَمَعْتَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ حُلَةً.
فَقَالَ: إِنًّهُ كَانَ بَيْنى وَبَيْنَ رَجُلٍ من إخْوَانِى كَلاَمٌ، وَكَانَتْ أمُّهُ أعْجَميةً، فَعَيرْ"!هُ بالمّه، فَشَكَانِى إِلَى النَيِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَقِيتُ النَّبِىً ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (يَا أبَا فَز، إِنَكَ امْرُؤ فِيكَ جَاهِلَيَّة).
قلتُ: يَا رَسُولَ الله، مَنْ يسَ!ث الرِّجَالَ سبُوا أبَاهُ وَامَهُ.
قَالَ: (يَا أبَا فَز، إِنَكَ امْرؤ فيكَ جَاهِلئة، هُمْ إِخْوَانُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيْديكُمْ، فَا"طعِمُوهُمْ مِمَا تَ الكُلُونَ، وَأً لبِسُوهُمْ مَمَّا تَلبَسُونَ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمَْ، فَإِنْ كَلَفْتُمُوهُمْ فَاغِينُوهُمْ).
وقوله فى حديث اخر: وكان بينى وبين رجل من إخوانىَ!َْ - لهجمية فعيرته بأمه، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (إنك امروْ فيك جاهليةْ* لم الله تحت أيديكم ! الحديث: فيه النهى عن التعيير بنقص الاباء، ْ ء.
- ِ بذلك، وأن الكل من فعل الجاهلية، كما قال - عليه الصلاة والسلام ككخزص، واَدم من ترابأ (1).
وقد استدل بعضهم بأنه لا حد على من قذف عبذا، 1 ؛ إذ ليس
فيه اْن الرجل كان عبذا، بل قوله: (رجل من إخوانى ا (من سب الرجال سبوا اْباه وأمه)، والأظهراْنه كان عربئا ابن أمة كان عبذا او مولى لغيره لسابه بأبيه ونفسه ولم يقتصر على أمه.
وليس فى تعييره ما يدل أنه كان قذفًا حتى يحتج به كحى ص - يره بكون أمه،
لكن قوله - عليه السلام -: (هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ما يثلأ الحديث، يشعر بأنه كان عبذا، وأن اْبا ذر سماه رجلاً من إخوانى ؛ لقوله - عليه السلام - له: (هم إخوانكم فمن كان أخوه تحت يده).
وقوله: (فأطعموهم مما تثلون، واْلبسوهم مما تلبسون): حمله ائو ذر على ظاهره،
(1) ثحمد 2 / 261، 524، من حديث أبى هريرة.
434 (5/433)
كتاب الأيمان / باب إطعام المملوك مما يأكل...
إلخ - ءه ص، 5،،، ص ص مكص، ص " ص ص كص !،، صوءمكص
39 - (... ) وحدثناه احمد بن يونس، حدثنا زهير.
ح وحدثنا ابو كريب، حدثنا
أبُو مُعَاوِيَةَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنِ الًأعْمَشِ، بِهَنَا الإسْنَاد.
وَزَادَ فِى حَلِيثِ زُقثر وَأ! مُعَاوِيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: (إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِئة).
قَالَ: قُاَلتُءَ عَلَى حَالِ سَاعَتِى منَ اهًبَرِ ؟ قَالَ: (نَعَمْ).
وَفِى رِوَايَة أن مُعَاوَيةَ: (نَعَمْ، عَلَى حَالِ سَاعَتِكَ مِنَ اهِبَرِ).
وَفِى حَلِيثِ عِيسَى: (فَإِنْ كَلَفَهُ مَاَ يَغْلبُهُ فَليَبعْهُ).
وفِى حَدِيثِ زُهَيْرٍ: (فَليُعِنْهُ عَلَيْه).
وَلَيْسَ فِى حَديث أن مُعَاوِيَةَ: (فَليَبعْهَُ لما وَلاَ: (فَليُعنْطُ.
انْتَهى عِنْدَ قَوْلِهِ: (وَلا يُكَلِّفهُ مَا يَغْلِبُهُ).
ً
40 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثئى وَابْنُ بَشَّارِ - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصل الأحْدَبِ، عَنِ المَعْرُورِ بْنِ سُوَيْد، قَالَ: رَأيْتُ أبَا فَز وَعَلَيْه حُلَّةٌ وَعَلَى غُلاَمه مثْلُهَا، فًسَألتُهُ عَنْ فَلكَ ؟ قَالَ: فَذَكَرَ انَهُ سَاَدث رَجُلاً عَلَى عَهْد رَسُولِ اَلئه ( صلى الله عليه وسلم )، فَعَئرَهُ بِا، مِّهَءَ قَالَ: فَائى الرخلُ النَّيِى ( صلى الله عليه وسلم )، فَذَكَرَ فَلِكَ لَهُ، فَقَالَ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهَليتما، إِخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ الله تَحْتَ أيْديكُمْ، فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَديهِ فَليُطعمهُ ممَّا يَكُلُ، وكيُلبسْهُ ممَا يَلبَسُ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يًغْلِبُهُمْ، فَلنْ كَلَفْتُمُوهُمْ فَاكِينُوهُم عَلَيْهِ،.
فكان يلبس غلامه مثل لباسه، كما جاء فى الحديث، وهذا على الاستحباب، قال بعضهم: وليس إطعامه من طعامه ولباسه من لباسه على الايجاب عند أحد من أهل العلم، ولا أنه يلزمه أن يطعمه من كل ما ياكل على العموم من الأدم وطيبات العيش، بل إن أطعمه من الخبز وما يقتاته كان قد اْطعمه مما يثل ؛ لأن (من) للتبعيض، وإن كان مستحبا أن يستأثر على عياله بشىء دونهم، ويفضل نفسه فى العيش عليهم.
وقوله: (ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم): فيه الرفق بالمماليك، وألا يكلفوا ما يفدحهم، فإن كلفوه أعينوا فيه حتى لا يفدح، ورواية من روى: (فليبعه) وَهْم، والصواب: (فليعنه) كاحا قال الجمهور: ا للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل ما لا يطيق)، هذا فرضه وحقه اللازم ؛ من طعام يكفيه، وكسوة تستره وتقيه الحر والبرد، ولا يكلف ما يفدحه ويعنته.
قوله: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاعه به، وقد ولى حره ودخانه، فليقعد
معهْ فليكل، فإن كان الطعام مشفوها لليلا فليضع منه فى يده أكلة اْو كلتين) يعنى: لقمة أو لقمتيئ.
اللة، بضم الهمزة، اللقمة، كما فسر فى الحديث.
(5/434)
كتاب الأيمان / باب إطعام المملوك ممايثل...
إلخ 435 41 - (1662) وحدثنى أبُو الطَّاهرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْع، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الحَارِث ؛ أن2 بُكَيْرَ بْنَ اَلأشَجِّ حَد 8لهُ عَنِ العَجْلاَن مَوْلَى فَاطمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أنَّهُ قَالَ: ا لِلمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَ"لهَُ، وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ العَمَل إِلاَّ مَا يُطِيقُ).
42 - (1663) وحدّثنا القَعْنَبىُّ، حدثنا دَاوُدُ بْنُ قَيْسبى، عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَار، عَنْ
أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِفَا صَنَعَ لاخَدِكُمْ خَ المُهُ طَعَامَهُ ثُمَّ جَاءَهُ به، وَقَدْ وَلِىَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ، فَليُقْعدْهُ مَعَهُ، فَل!بهُلْ.
فَإنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوفا قَلِيلأ، فَليَضًعْ فِى يَلِهِ مِنْهُ !لَة أوْ!لَتَيْنِ ".
قًالَ لَ!وُدُ: يَعْنِى لُقْمَة أوْ لُقْمَتَيْنِ.
قال الإمام - رحمه الله -: المشفوه: القليل، وقال بعضهم: أخذ ذلك من كثرة
الشفاه عليه.
قال القاضى - رحمه الله -: وقوله بعد ذلك: (قليلأ! أى قليلأ فى حق من اجتمع عليه فيه ما ذكرناه من مكارم الأخلاق وترك الاستياء ولاسيما فى الطعام، وهو تفسير للحديث المتقدم ؛ اْن كله مما يكل على الاستحباب والحض لا على الإيجاب، ولما فى ذلك من تعلق قلب الخادم بما صنعه مولاه وشم ريحه، وشرهت له نفسه.
وقيل: فى إطعامه منه ومؤاكلته إياه ذهاب غائلة الاستثثار عليه بالطعام ؛ لئلا يكيده فيما يصنعه ولا يغشه ولا يخونه فيه، إذا علم أنه يثل منه ويرد شهوته ببعضه.
436(5/435)
كتاب الأيمان / باب ثواب العبد واْجره...
إلخ
(11) باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده وأحسن عبادة اللّه
43 - (1664) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إِن العَبْدَ إِفَا نَصَحَ لِسيِّلِهِ، وَأَحْسَنَ عًبَ ال ةَ اللّهِ، فَلَهُ أجْرُهُ مَرتيْنِ).
(... ) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَفدُ بْنُ المُثَنّى، قَالا: حدثنا يحيى - وَهُوَ القَطَّأنُ.
ح وَحَد!شَا ابْنُ نُمَيْر، حدثنا أبِى.
ح وَ حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا ابْنُ نُمَيْر وَأبُو اسَامَةَ، كُلُهُمْ عَنْ عبَيْدِ الله.
ح وَحَدثنَا هَرُونُ بْنُ سَعيد الأيْلِىُّ، حَد!شَا ابْنُ وَهْبم! حَدثنِى اسَامَةُ، جَمِيعًا عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) - بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِك.
44 - (1665) حدتمنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، )خْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ اثنِ شهَاب، قَالَ: سَمعْتُ سَعيدَ ثنَ المُسَيبِ يَقُولُ: قَالَ أبُو هُرَيرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لالعَبْد المَمْلُوك المُصْلِحِ أجرَان).
وَالذِى نَفْسُ أبِى هُرَيْرَةَ بيَده، لَولا الجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللهَ، وَاَلحَجُّ، وَبِر امِّى، لأحْبَبْتُ أَنْ أمُوتَ وَأنَا مَمْلُوذ.
24 / ءا
وقوله: (العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين): وذلك أن جميع تصرف العبد غالبا فى امتثال الأوامر ؛ إما لله وإما لمالكه، بخلاف الحر الذى يتصرف / باختياره، فالعبد طائع لمولاه بما ملكه الله من منافعه، وطاعته له طاعة لله، فأجره أبدا متصل، فإما أن يكون التضعيف المراد به كثرة الأجور وزيادتها على أجر الحر، اْو يكون على وجه التضعيف المعروف فى أجر العمل الواحد من طاعة الله تعالى، بما امتحن به من الرق وربقة العبودية، تفضلأ من الله تعالى عليه، كما ضعف ذلك لأسباب أخر من المرض، والمقام بالمدينة وغير ذلك.
وقول أبى هريرة فى هذا الحديث: ا لولا الجهاد فى سبيل الله والحج وبر اْمى، لأحببت
أن أموت وأنا مملوك): ودليل على أنه لا يلزم العبد جهاد ولا حج حال عبوديته ؛ لأنه غير مالك لنفسه، ولا له خروج عن مصالح سيده وهو غير مستطيع بالملك الذى لزمه ولا للجهاد، إلا أن ينزل العدو ببلد فيتعيئ الجهاد على كل من فيه بقدر طاقته من عبد وحر.
وقوله: (وبر أمى): فيه حجة أنه لا يلزم العبد النفقة على والديه ولا شىء من(5/436)
كتاب الأيمان / باب ثواب العبدوأجره...
إلخ كل4 قَالَ: وَبَلَغَنَا ؛ أن أبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَحُبئُ حَتَى مَاتَتْ امُهُ، لِصُحْبَتِهَا.
قَال أبُو الطَاهِرِفِى حَدِيثِهِ: ا لِلعَبْدِ المُصْلِح "، وَلَمْ يَذْكُرِ المَمْلُوكَ.
(... ) وَحَدثنِيه زُهَيرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا أبُو صَفْوانَ الأمَوِى، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ، بِهَنَا الَإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: بَلَغَنَا وَمَابَعْمَهُ.
45 - (1666) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بنُ أبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدثنَا أبُو مُعَاوقَيَ
عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى صَالِح، عَنْ أبَى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إفَا أدَى العَبْدُ حَق الله وَحَقَّ مَوَالِيهِ، كَانَ لَهُ أجْرَانِ).
قَالَ: فَحَدَئمتها كَعْبًا.
فَقَالَ كَدْب: لَيْسَ عَلئهِ حِسَابٌ، وَلا عَلَى مُؤْمِنٍ مُزْهِدٍ.
(... ) وحدثنِيهِ زهير بْن حرْبٍ، حدثنا جرِيرٌ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهذا الاِسْنادِ.
مونتهما ؛ لاستحقاق سيده رقبته وماله، واْما ما يلزمه لها من البر بالقول والملاطفة وخفض الجناح فيستوى فيه الحر والعبد، فأبو هريرة - والله أعلم - أراد ما يلزمه من السعى عليها والإلطاف لها والإحسان الذى لا يتفق مع العبودية.
وقد يكون مراد أبى هريرة بهذا كله تعظيم أجر الحج والجهاد وبر الوالدين وأن الأجر
[ فيها ذلك] (1) أعظم من أجر العبودية، وأن بالعبودية لا يصل إلى شىء من ذلك ؛ لمنعه من الحج والجهاد، وتغريبه عن والدته، فلا يصل إلى شىء من برها، ألا تراه كيف قال فى الحديث: (وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه لصحبتها) ؛ لاكن بر الأم، وصحبتها والقيام بها فرض متعين، وأبو هريرة قد كان قضى حجة، وحجه بعد ذلك إنما كان نافلة، فقدم الفرض من بر أمه على فضل الحج، وقد قال مالك: [ لا يحج] (2) أحد إلا بإذن أبويه إلا ألفريضة فيخرج ويدعهما.
وقال اْيضأ: لا يعجل عليهما فى غير الفريضة وليستأذنهما العام والعامن.
وقول كعب فى هذا الحديث: ا ليس عليه حساب ولا على مومن مزهد)، قال الإمام - رحمه الله -: يعنى بالمزهد: القليل المال، يقال: أزهد الرجل يزهد إزهاداً: إذا قل ماله، قال الأعشى.
فلن يطلبواسرهاللغنى ولن يسلموهالازهادها
فالإزهاد قلة المال.
والسر فى هذا البيت يعنى به النكاح، والشىء الزهيد هو القليل.
قال القاضى - رحمه الله -: معنى قول كعب: ا ليس عليه حساب): أى ليس على عبد
(1) فى الأبى: فى إحداها.
(2) ساقطة من الأصل، والمنبت من الأبى.
438(5/437)
كتاب الأيمان / باب ثواب العبد وأجره...
إلخ 46 - (1667) وحد!ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرَّراَق، حَدثنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبهٍ، قَالَ: هَنَا مَا حَدثنَا أبُو هُرَيْرَة عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ فَذَكَرَ أحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (نعمَا للمَمْلُوك أنْ يُتَوَفى، يُحْسِنُ عبَادةَ الله وَصحَابَةَ سيِّلإِ، نعمَّالَهُ).
ًً
أدى حق الله وحق سيده حساب ؛ لكثرة أجره، فيما أن يقولها كعب عن توقيف عنده، وأن هذا مما خص بذلك كما خص به السبعون اْلفأ المذكورون فى الحديث ومن خص بذلك من غيرهم، اْو يكون اجتهاداً منه لتخفيف حسابه، فكان كمنِ لمِ يحاسب لغلبة حسناته وكثرتها، كما قال تعالى: { فَأَئا مَنْ أُوقِيَ كعَابَهُ بيَمينه.
فَسوْف يُحَامَبُ حسَابًا يَسيرًا.
وَيقلِبئ إلَن أَهْلِهِ مَسْرُيرًا} (1).
ًً
وقوله: (نِعِمَا للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله وصحابة سيده).
اْى نعم شىء هم، أى نعمٍ ما هو، أدغمت إحدى الميمين فى الأخرى لاجتماعهما، قال الله تعالى: { إِن تبْدوا المئَدقاتِ فَنِعِما هِيَ} (2).
أروى العذرى هذا الحرف (نعما) بضم النون منونأ، وله وجه، أى مسرة وقرة عين، يقال: نعما وَنُعْمَة له وَنِعْمَة له، أى مسرة.
(1) 1 لانشقاق: 7 - 9.
(2) للبقرة: 271.(5/438)
كضماب الأيمان / باب من اْعتق شركا له فى عبد
439
(12) باب من أعتق شركا له فى عبد
47 - (1501) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قُلتُ دمَالكٍ: حَدثكَ نَافِع، عَنِ ابْن
عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَكًانَ لَهُ مَال!يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ، قُؤمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ العَمْلِ، فًأعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَاعتقَ).
48 - (... ) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ.
حَدثنَا أبى، حَدثنَا عُبَيْدُ الله، عَنْ نَافِبم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ أعْتَقَ شِرْكًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ فَعَثيهِ عِعقهُ كُله، إِنْ كَانَ لَهُ مَال! يثلُغُ ثَمَنَهُ، فَإِنْ لَمْ يًكُنْ لَهُ مَال!عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ).
49 - (... ) وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَروخ، حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ نَافِع موْلَى عَبْدِ اللهِ
ابْنِ عُمرَ، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ أعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِى عَبْدٍ، فَكَانَ لَهُ مِنَ المَالَِ قَدْرُ مَايبلُغُ قِيمَتَهُ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ، داِلا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ).
(... ) وحدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، عَنِ اللَيْثِ بْنِ سَعْد.
ح وَ حدثنا مُحَفدُ بْنُ المُثنى، حَدثنَا عبدُ الوً هاب، قَالَ: سَمِعْتُ يحيى بْنَ سَعِيدٍ.
ح وَحَدثنِى أبُو الرَّبِيع وَأبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَاد - وهُوَ ابْنُ زَيْدٍ.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ - كلاهُمَا عَنْ أئوبَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أخْبَرَنِىىإِسْمَاعِيلُُبْنُُأمَيةَ.
.
ححوَحَدةَشَاامُحَمَدُُبْنُ
رَافِعٍ، حدثنا ابْنُ أَبِى فُدَيْك، عَن ابْنِ أبِى ذِئب.
حِ وَ حدثنا هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيْلِى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، قَالَ: أخْبًرنِى اسًامَةُ - يَعْنِى اً بْنَ زيْد - كُل هَوُلاء عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَنَا الحَديثِ.
وَلَيْسَ فِى حَلِيًثِهِمْ: ا داِنْ لًمْ يَكُنْ لَهُ مَال!فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ) إِلا فِى حَدِيثِ أَئوبَ وَيَحْىَ بْنِ سَعِيد.
فَإنَّهمَا ذَكَرَ ال نَا الحَرْفَ فِى الحَدِيثِ.
وَقَالا: لا نَدْرِى، أهُوَ شَىْء! فِى الحَمِيثِ أوْ قَالَهلم نَافِعَ مِنْ قِبَلِهِ.
وَلَيْسَ فِى رِوَايَةِ
وحديث: (من أعتق شركأ له فى مملوك) تقدم فى كتاب العتق.
!ا 2 / ب
440(5/439)
كتاب الأيمان / باب من أعتق شركا له فى عبد أحَدٍ مِنْهُمْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، إِلا فِى حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ.
50 - (... ) وحدّثنا عَمْرو النَّاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، كِلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ ابْنُ
أبِى عُمَرَ: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُييْنَةَ، عَنْ عَمْرو، عَنْ سَالم بْنِ غثدِ اللهِ، عَنْ أبيه ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: مَنْ أعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اخرَ، قُوِّمَ عَلَيْهَ فِى مَالِهِ قِيمَةَ عَدْل، لَا وَكْسَ وَلا شَطًطَ، ثُمَ عَتَقَ عَلَيْهِ فِى مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِزا).
51 - (... ) وحدّثنا عَبدُ ئنُ حُمَيْد، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ الرفرِىِّ،
عَنْ سَالِبم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن الئمِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ شِرْكا لَهُ فِى غثد، عَتَقَ مَا بَقِىَ فِى مَالِهِ، إِفَا كَانَ لَهُ مَال!يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ).
52 - (1502) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَمُحَمدُ بْنُ بَشَار - وَن!لَفْظُ لابْنِ المُثنى -
قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ الئضْرِ بْنِ أنَسٍ، عَيقْ بَشِيرِ ابْنِ نَهِيك، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ - فِى المَمْلُوكِ بَيْنَ الرخلَيْنِ فَيُعْتِقُ أحَلُ!مَا قَاًلَ -: (يَضْمَنُ).
53 - (1503) وحدّثناه عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدثنَا أيِى، حَدثنَا شُعْبَةُ، بِهَنَا الإِسْنَاد.
قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ شَقِيضا مِنْ مَمْلُوك، فَهُوَ حُر مِنْ مَالِهِ) 1.
.
54 - (... ) وحدّثنى عَمْرُو النَاقِدُ، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أبى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنِ الئضْرِ بْنِ أنَدمبى ؛ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيك، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: (مَنْ أعْتَقَ شَقِيضا لَهُ فِى عَبْد، فَخَلاصُهُ فِى مَالة إِنْ كَانَ لَهُ مَالى، فَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال!، اسْتُسْعِىَ العَبْدُ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهًِ).
ً
قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: (قيمة عدل لا وكسء / ولا شطط!: الوكس:
الغش والبخس، والشطط: الجور، يقال: شط الرجل وأشط واشتط: إذا جار فى السوم وأفرط، وجار فى الحكم أيضًا، وشط الشىَ وأشط: إذا بعد.
قال القاضى - رحمه الله -: الشطط: مجاوزة الحد، قال الله تعالى: { فَاحْكُم
بَيْنَنَا بِالْحَق وَلا تُشْطِط} (1) أى لا تبعد عنه، من قولهم: شطت الدار: إذا بعدت.
وقوله: (من اْعتق شَقيمئا له): أى نصيئا، كذا هنا للجماعة، وقد تقدم فى
(1) ص: 22.(5/440)
كتاب الأيمان / باب من اْعتق شركا له فى عبد
441
55 - (... ) وحلثّناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى ش!يْبَةَ، حَدثنَا عَلِى بْنُ مُسْهِرٍ وَمُحَمَدُ ئنُ بِشْرٍ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالا: أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، جَميعًا عَنِ ابنِ أبى عَرُوبَةَ، بِهَنَا الَإسْنَاد.
وَفِى حَديث عيسَى: (ثُمَّ يُسْثَسْعَى فِى نَصِيبِ الَّذَى لَمْ يُعْتِقْ غَئرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ)، ًً
56 - يا166) حدّثنا عَلِى بْنُ حُجْرٍ السثَعْدىُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أبى شيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرب، قَالُوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ عُلَيةَ - عَنْ أيّوبَ، عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ أبِى المُهَلَبً، عَيط عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أنَ رَجُلا أعْتَقَ ستَةَ مَمْلُوكِنَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِه، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال! غئرُهُمْ، فَذَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَجَز!هُمْ أثْلاَلا.
ثُمَ أقْرعً بَيْنَهُمْ، فَاكْتَقً ائنئنِ وَأرَق أزبَعَة، وَقَالَ لَهُ قَوْلا شَلِيدآ.
57 - (... ) حلقنا قُتيبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدشَا حَمَاد.
ح وَحَدثنَا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ
أبِى عُمَرَ عَنِ الثَقَفِىّ، كِلاهُمَا عَنْ أَيوبَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
أمَّا حَمًاد فَحَدِيثُهُ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُلَيةَ.
وَأفَا الئقَفِى فَفِى حَدِيثِه: أنَ رَجُلا مِنَ الأنْصَارِ أوْصَى عِنْدَ مَوْتِه فَا"عْتَقَ سِتَةَ مَفلُوكِينَ.
كتاب العتق: (ضقصًا له) وكذا هنا للهوزنى.
قال بعضهم: هو الصواب.
وكلاهما صواب صحيح.
شقص وشقيص مثل نصف ونصيف.
وقوله: (أن رجلأ اْعتق عمتة مملوكين له عند موته)، وفى بعض طرقه: (ْأْوصى
عند موته فأعتق ستة مملوكن)، قال الإمام - رحمه الله -: مذهبنا إثبات القرعة فى ذلك، خلافأ لأبى حنيفة فى مصيره إلى نفيها تعلقًا بأنها خطر، والخطر لا يجوز فى الشرع ؛ لأن هذأ الحد يث كالنص فى معناه فلا يرد بالاستدلال بشواهد الأصول، وقد ثبت فى اْصول الشرع اصتعمال القرعة فى القسيمة للأموال بين الشركاء فلا ينكر اصتعمالها فى مثل هذ! ؛ لأن هاهنا حقان ؛ حقأ للعبيد فى أن يعتق منهم بالحصص ؛ لاَنه ليس اْحدهم اْولى بذلك من الأخر، وحقًا للورثة لأنهم كالشركاء جمع الميت، فلهم تمييؤ حقوقهم واستبدالمح!م بملكها، فقدم هاهنا حق الورثة ؛ لأنه بالمرض تعلىّ لهم حق الحجر عليه على الجملة، فإذا فعل فيما تعلق لهم به حق لم يرضوه تعلق لهم الرد وإثبات القرعة لحقهم فى المقاضمهّ والمشهوو عندنا: إثبات القرعة فى الدّق فى المرض، بتلا كان أو وصية.
وفى الموازية
442(5/441)
كتاب الأيمان / باب من أعتق شركا له فى عبد
(... ) وحدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالي الضَّرِيرُ وَأحْمَدُ بْنُ عَبْلَةَ، قَالا: حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيع، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَفدِ بْنِ سِيرينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن، عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُلَيَّةَ وَحَمَّاد.
نفيها فى عتق البتل وإثباتها فى الوصية، ولعل حمل رواية من روى: (أعتق ستة مملوكن) على أن المراد بها أوصى بعثقهم لتتفق الروايتان على أن فى قوله: (اْوصى عند موته) و(فأعتق ستة مملوكن) قال الشافعى: احتمالا أيضًا لاْن يكون أراد أوصى بوصية ما، فذكر فيها عتق ستة مملوكن.
قال الشافعى: فى هذا الحديث دلالة على أن الوصية للاْجانب تجوز.
وهذا منه إشارة إلى أن قول الله تعالى: { كُبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ اَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إن تَرَكَ خَيْوًاا لْوَصِيةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَتْوَبِينَ} (1) منسوخ.
وفيه أيضًا عندى إثبات الثلث والرد على من يقول: لا يبلغ بالوصية الثلث، وقد تقدم.
وقوله فى الحديث: (وأرق أربعة) يرد على أبى حنيفة قوله: يعتق من كل واحد منهم ما ينوبه ويستسعى فى بقيته.
قال القاضى - رحمه الله - بإثبات القرعة فى هذه المسألة كقول مالك، قال الشافعى واْحمد وإسحاق وداود والطبرى وحقيقة مذهب أبى حنيفة واْصحابه: إنه يعتق من كل واحد ثلثه ويستسعى فى الثلثن على أصله فى عتق الشريك، وبهذا قال الشافعى والنخعى والحسن وقتادة وشريح، وذكر عن سعيد بن المسيب، إلا اْن اْبا حنيفة يقول: حكمه مدة الاستسعاء حكم المكاتب (2)، وصاحباه يقولان: حكمه حكم الأحرار.
وقوله فى الحديث: (وقال له قولا شديداً): فسر هذا القول فى بعض الاْحاديث، قال: ا لو علمنا ما صلينا عليه) (3)، وفى الأخرى: (وما دفن فى مقابرنا) (4).
وفى الباب: نا محمد بن منهال الضرير (ْ) وأحمد بن عبدة (6)، نا يزيد بن زريع،
(3،
(6)
ا لبقرة: 0 8 1.
(2) 1 نظر: ا لا ستذكا ر 23 / 138.
4) أبو داود، كللعتق، بفيمن اْعتق عبيداً له يبلغهم الثلث 2 / 353.
محمد بن المنهال المجاشعى اْبو جعفر، ويقال: اْبو عبد الله البصرى الضرير الحافظ، روى عن يزيد بن زريع وأبى عوانة وجعفر بن سليمان الضبعى وغيرهم، وعنه البخارى ومسلم وأبو داود وغيرهم، قال عنه العجلى: ثقة، وقال ئبو حتم: ثقة حافظ، وذكره لبن حبان فى الثقات، مات بالبصرة فى شعبان سنة 231 0 ا لتهذيب: 9 / 475، 476.
أحمد بن عبدة بن موسى الضبى، أيو عبد الله للبصرى، روى عن حماد بن زيد ويزيد بن زريع وفضيل ابن عياض وغيرهم، وعنه الجمدلآ إلا البخارى وابن اْبى الدنيا وأبو زرعة وغيرهم، وقال النسائى: ثقة وفى موضع آخر: لا بأص به.
مات فى رمضان سنة 245.
التهذيب 59 / 1.(5/442)
كتاب الأيمان / باب من أعتق شركا له فى عبد
443
نا هشام بن حسان (1)، عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين.
هذا الحديث مما تتبع على مسلم واستدرك، قال الدارقطنى: هذا لم يسمعه محمد بن سيرين من عمران فيما يقال، وإنما سمعه من خالد الحذاء عن أبى قلابة عن اْبى المهلب عن عمران.
ذكر ذلك ابن المدينى (2).
قال غيره: اْخرج مسلم عن محمد بن سيرين عن عمران حديثين لم يصرح فيهما بسماعه منه، فهذا الحديث الذى عض يد رجل (3)، وحديث: (يدخل الجنه سبعون ألفًا) (4)، ويقول فى غير حديث: عن عمران، نبئت عن عمران.
(1) هشام بن حسان الأزد! القردوصى أبو عبد الله البصرة، روح عن حميد بن هلال والحسن البصرى وعكرمة وغيرهم، وعنه عكرمة بن عمار وسعيد بن أبى عروبة وشعبة وغيرهم.
قال ابن معين: لا بأس به، وقال العجلى: بصرى ثقة حسن الحديث، وذكره ابن حبان فى الثقات، قال الترمذي: مات سنة 42 1 0 التهذيب 1 1 / 34 - 37.
(2) الالزامات والتتبع ص 176.
(3) مسلم، كللقسامة، بالصائل على نفمى الانسان أو عضوه 3 / 18.
(4) مسلم، كالايمان، بالدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة من غير حساب ولا عذاب 1 / 371.
444(5/443)
كتاب الأيمان / باب جواز بيع المدبر
(13) باب جواز بيع المدبر
58 - (997) حدّثنا أبُو الرَّبِيع سُلثمَانُ بْنُ دَاوُدَ العَتَكِىُّ، حَد!شَا حَمَّاد - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - عَنْ عَمْرِو بنِ دِينَار، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْد الله ؛ أنَّ رَجُلا مِنَ الأنْصَارِ أعْتَقَ غُلافا لَهُ عَنْ دُبُر، لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال!غَيْرُهُ.
فَبَلَغَ فَلِكَ الَنَّبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (مَنْ يَشْتَرِيه مِنِّى ؟)، فَاشْتَرَاهُ نعَيْمُ بْنُ عبدِ اللهِ بِثَمَانِمِائَةِ! رْهَبم، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ.
قَالَ عَمْرو: سَمِعْ! جَابِرَ بْنَ عبد اللهِ يَقُولُ: عبدأ قِبطِيا مَاتَ عَامَ أوَّلَ.
59 - (... ) وحدّثناه ابو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ الْرَاهيمَ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ
أبُو ممْر: حَد!شَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَإلَ: سَمِعَ عَمْرو جَابرم يَقُولُ.
!بَّرَ رَجُل منَ الأنصَار غُلافا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَال"غمرُهُ، فَبَاعَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ ء
قَالَ جَابِر": فَالثشرَاهُ ابْنُ النَّحَّام.
عَبْدأ قِبْطِيا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ، فِى إِمَارَةِ ابْنِ الزبيْرِ.
وقوله: أن رجلا من 10 لأنصار اْعتق غلامأ له عن دبر لم يكن له مال غيره، فبلع
ذلك النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقاتل: (من يشتريه منى ؟) فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه، قال الإمام - رحمه الله -: مذهبنا بيع المدبر، خلإفأ للشافعى فى إجازة بيعه تعلقا منه بهذا الحديث، وقياسا على الموصى بعتقه أن له الرجوع فيه باتفاق.
وقد تأول أصحابنا هذا الحديث على أنه كان مديانأ ؛ ولهذا تولى ( صلى الله عليه وسلم ) بيعه.
وقوله هاهنا: (فدفعها إليه): أراد به السيد.
.
وقوله فى النسائى وأبى داود، أحدهما يرويه على نحو ما يقول الاَخر، وفيه: فاحتاج مولاه فأمره ببيعه، فباعه بثمانمائة درهم، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أنفقها على عيالك، فإنما الصدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول) (1)، فهذا كله يمتنعْ من تأويل أصحابنا أنه باعه بالدين.
وعند الترمذى: (فمات ولم يترك مالا غيره فباعه النبى ( صلى الله عليه وسلم )، نجاشتراه نعيم) وقال: هذا حديث حسن (2).
ونظن أنا قدمنا الكلام على هذا الحديث.
قال القاضى - رحمه الله -: أجمع العبماء على جواز التدبير.
وأنه ما لم يزد خارجْ
من الثلث عند كافتهم (3).
وذكر عن بعض السلف أنه من رأس المال، وهو قول زفر
(1) النسائى فى الكبرى، كالعتق، بالتدبير 3 / 191، أبو داود، كالأدب، بفى بغ المدبر 2 / 352.
(2) الترمذى، كالبيوع، بماجاء فى بغ المدبر (1219).
(3) ا نظر: ا لاستذكا ر 3 / 387.(5/444)
كثاب الأيمان / باب جوازبيع المدبر 445 (... ) ! دّثنا قُتَيبَةُ بْنُ سَعيد وَابْنُ رُمْح، عَنِ اللَيْثِ بْنِ سَعْد، عَنْ أبِى الزبيْرِ، عَنْ جَابِر، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى المُدَبرِ.
نَحْوَ حَدِيثِ حَمَاد عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَار.
(... ) ! ئثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا المُغِيرَةُ - يَعْنِى الحِزَامِى - عَنْ عَبْدِ المَجيدِ بْنِ سُهَيْل، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أيِى رَبَاع، عَنْ جَابرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ.
ح وَحَدثنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاَشِبم، حَدثنَا يحيى - يَعْنِى ابْنَ سَعِيد - عَنِ الحُسًيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ المُعَلَم، حَدثنِى عَطَاء!عَنْ جَابِر.
والليث بن سعد.
واختلف الناس فى بيع المدبر وفسخ تدبيره، فذهب بعضهم إلى ظاهر هذا الحديث وأنه كالموصى يعتقه لصاحبه أن يرجع فيه ويبيعه، احتاج اْم لا، وهو قول الشافعى وأحمد صاسحق وأبى ثور وداود، وقاله مجاهد وطاوس من السلف، وروى عن عائشة - رضى الله عنها - وروى عن الحسن وعطاء مثله إذا احتاج إليه سيده (1).
وقال كافة العلماء والسلف من الحجازفي والكوفين والشامين: لا يباع المدبر، وقالوا:
إنما باع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا فى الدين (2) لما روى فى الحديث من قوله له: (اقض به دينك) واْنه كان مديانًا.
كذا ذكره اْبو الحسن الدارقطنى والنسائى فى سننهما (3).
هذا حجة لتأويل المالكية ومذهبهم، ومفسر للحديث المجمل هنا، وأنه دفع ثمنه ليقضى به دينه.
وأما تلك الزيادة الأخرى التى ذكر - رحمه الله - عن أبى داود والنسالْى من قوله: (فاحتاج الرجل) وقوله: (أنفقها على عيالك)، وعندهما: (إذا كان اْحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن فَضَلَ فَضْل فعلى عياله ! غير مخالف لما تقدم، فبدايته بنفسه قضاء دينه، وما اْخذه من ذلك لنفقة عياله.
واْما رواية الترمذى: أنه كان مات، فقد ذكرها غيره، وغلط داود بها أئمة الحديث.
وقال بعض علمائنا: إنما باعه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على مشهور الأحاديث، وأما فى المخ حيح أف
لم يكن له مال غيره ففسخ ذلك عليه كما فسخ صدقة أبى لبابة بجميع ماله، وقال: (يكفيك من ذلك الثلث !، وقد قدمنا اختلاف العلماء فحمن تصدق بماله كله، ومن رأى رده وهذا مثله.
وقيل: بل كان تدبيراً معلقا بالموت، مثل قوله: إن مت فى مرض فأنت حر.
فكان هذا كالوصية التى يرجع فيها، واسم التدبير يقع عليه ؛ لاْنه عتق عن دبر من عمر الميت وانقضائه.
وأصل التدبير والوصية من هذا.
ومعنى العتق عن دبر: أى بعد الموت، ودبر كل / شىء ودبره: اَخره.
والفرق
(1) انظر: الاصتذكار 23 / 385.
(2) انظر: المصدر السابق 23 / 387.
(3) انظر: الدارقطنى، كالمكاتبة 4 / 138 بلفظ: (اقض دينك)، النسائى، كالعتق، بالتدبير 3 / 192 بزيادة: (وكان محتاجأ وكان عليه دين).
25 / اْ
446(5/445)
كتاب الأيمان / باب جواز بيع المدبر ح وَحَدثنِى أبُو كَسئانَ المِسْمَعِى، حَدثنَا مُعَ اللا، حَدثنِى أيِى عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَطَاء بْنِ أبِى رَبَاحٍ، وَأبِى الزبيرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ؛ أنَ جَابرَ بْنَ عَبْد اللّهِ حَدثهُمْ فِى بَيعْ المُدَبًّرِ، كُل هَؤُلاءِ قَالَ: عَنِ النَّيىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَاَدٍ وَابْنِ عُ!ينَةَ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ.
عندنا بين التدبير والوصية بالعتق ذكر لفظ التدبير فى ذلك إذا لم يعلقه بشرط كقوله: أنت حر عن دبر منى أو دبرتك وأنت مدبر، أو مدبر بعد موتى ومما يعلم انه قصد إيجاب العتق.
واختلف عندنا إذا قال: أنت مدبر فأنت معتق وهو صحيح غير مريد لسفر، هل هى وصية اْو هى تدبير متى يريد بها الوصية ؟ ولم يختلفوا إذا قال ذلك عند سفر أو مرض أنها وصيته، وقيل: بل باعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ورد فعله لما بان من سفهه إذا لم يكن له مال غيره.
قالوا وهو أصل فى رد أفعال السفهاء.
وهذا عندى بعيد ؛ إذ لو كان ذلك لم يصرف إليه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ثمنه ولا مكنه منه، والأشبه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فعل ذلك نظرا له إذ لم يترك لنفسه مالا، ويكون حجة، إذ ليس للرجل أن يتصدق بماله كله وقد تقدم.
قال الطبرى: وفيه أن للإمام أن يحمل الناس على ما فيه مصالحهم، ويبطل من أفعالهم ما فيه مضارهم.
وفيه بيع الإمام على الناس أموالهم فى مصالحهم.
وفيه جواز بيع السلعة ممن يريد، وهو قول كافة العلماء، بل وقع عليه الآن الإجماع بعد خلاف كان من
بعضهم.
وقوله: (فاشتراه نعيم بن عبد الله) وفى الرواية الأخرى: (فاشتراه ابن النحام) ونعيم نفسه هو النحام.
هو نعيم بن عبد الله بن أسد قرشى عدوى.
وهو النحام سمى بذلك لقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (دخلت الجنة فسمعت فيها نحمة لنعيمأ.
والنحمة: الصوت، وقيل: هي السلعة، وقيل: هى النحنحة الممدود آخرها.
واسم هذا الغلام: يعقوب، واسم مدبره وأبوه مذكور.
ذكر ذلك فى تفسير الحديث فى رواية أبى داود وغيره.(5/446)
كتاب القسامة / باب القسامة
447
بسم الله الرحمن الرحيم
28 - كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات
(1) باب القسامة
ا - (1669) ! دّثنا قُتَيْبَةُ بْن سَعيدٍ، حَدثنَا ليمث كمَق يحيى - وَهُوَ ابْنُ سَعيد - محَقْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَار، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِى حثمَةَ - قَالا يحيى: وَحَسنث قَالَ - وَعَن رَافِع بْنِ خَديج ؛ أئهُمَا قَالا: خَرَجَ عَبْدُ الله بْنُ سَفل بنِ زيد وَفمح!صَةْ بنُ مُسْعُودِ بْنِ زَيْد، حَتَى إِذَا كًانَا بخَيْبَرَ تَفَرَّقَا فِى بعْضِ مَاهنَالِكَ.
ثم إِفَا مُحً!صَةُ يَجِدُ عبدَ الله بْنَ سَهْل! قَتيلا، فَدَفَنَهُ، كلثمَّ أقْبَلَ إلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) هُوَ وَحُوَيصَة بْنُ مَسْعُود وَعَبْدُ الرخمَنِ بْنُ سَهل - وَكَانَ أصْغَرَ القَوْمَ - فَنَ! بَ عَبدُ الرَّحْمَنِ ليَتَكَلَّمَ قَبْلَ !احبَيْه.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (كمرْ) - اهبرَ فِى السئنِّ - فَصَمَتَ.
فَتَكًفمَ ! احبَاهُ، وَتًكَلًّمَ مَعَهُمَا، فَذَكَرُوا لِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَقْتَلَ عَبْدِ الله بْنِ سَهْل.
فَقَالَ لَهُمْ: (أَتَخلفُونَ خَمْسينَ يَمِينًا فَتَسْتَحِقُونَ !احِبَكُم ؟ 5 أوْ قَاتلًكُمْ - قَ الوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَم نَشْهَدْ ؟ قًالَ: (فَتبرِئكُمْ يَهُودُ بخَمْسِين يَمينًا ؟).
قَاَلُوا: وَكَيْفَ نَقْبَلُ إلمَانَ قَوْمٍ كُفَّار ؟ فَلَمَا رَأى فَلكَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) اعْطَى عَقْلَهُ.
َ
كتاب القسامة والديات والحدود
ذكر مسلم حديث حويصة ومحيصة باختلاف ألفاظه وطرقه حين وجد محيصة ابن عمه
عبد الله بن سهل قتيلا بخيبر فى شربة نخل، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لاءوليائه: (تحلفون خمسين يمينأ وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم) وفى الانحرى: وتستحقون صاحبكم أو قاتلكم)، وفى الأخرى (يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع بُرُمَّتهإ، وفى حديث مالك: فقال النبى: (إما أن يدوا صاحبكم، دإما أن يأذنوا بحرب من الله) فكتب إليهَم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك، فكتبوا: والله ماقتلناه.
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لحويصة وصاحبيه: (أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟).
قالوا: لا والله، وفى الرواية ال الرى: كيف نحلف ولم نشهد ؟ فقال: (فتبرئكم يهود بخمسين يمينا) فقالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار ؟ فلما رأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك اْعطى عقله، وفى الحديث الاَخر: (فوداه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من عنده!، وفى رواية البخارى عن سعيد وعبيد، أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (تأتون بالبينة على من قتله ؟) فقالوا: مالنا بينة.
قال: (فيحلفون).
قالوا: لانرضى بأيمان اليهود، فكره
25 / ب
448(5/447)
كتاب القسامة / باب القسامة
رسول الله كله أنْ يبطل دَمَهُ فوداه بمائة من إبل الصدقة (1).
وقد ذكر مسلم طركا عن هذه الرواية مختصرة ولم يبهمهما، وهو مما انتقد عليه كما سنبينه فى موضعه بعدُ.
وذكر البخارى - اْيضا - غير مسند ؛ أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بعث إلى يهود: (أنتم قتلتم هذا ؟) قالوا: لا.
قال: (أفترضون نفل خمسيئ / من اليهود ؟) أى أيمانهم.
قال: يبالون، أى يقتلوننا أجمعين ثم ينفلون.
قال: (فتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم ؟).
قالوا: ما كنا لنحلف، فوداه رسول الله من عنده (2).
وذكر أبو داود وغيره نحوه (3).
وذكر مسلم حديثا آخر: أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أقر القسامة على ما كانت عليه فى الجاهلية (4)، وذكر أبو داود أنه - عليه السلام - قتل بالقسامة رجلأ من بنى نصر (5).
قال القاضى - رحمه الله -: حديث القسامة المذكور أصل من أصول الشرع، وقاعدة
من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ كافة الألْمة، والسلف من الصحابة والتابعين وعلماء الاْئمة وفقهاء الأمصار من الحجازيين والشاممِنن والكوفيين.
دإن اختلفوا فى صورة الأخذ به.
وروى التوقف عن الأخذ به عن طاثفة فلم يروا القسامة ولا أثبتوا لها فى الشرع حكما،
وهو مذهب الحكم بن عيينة، ومسلم بن خالد، وأبو قلابة، وسالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وقتادة، وابن علية، والمكين، واليه ينحو البخارى، وروى عن عمر ابن عبد العزيز مثله (6).
وروى عنه - أيضا - الحكم بها.
واختلف قول مالك فى جواز القسامة فى قتل الخطأ (7).
ثم اخسلف القالْلون بها فى العمد هل يجب بها القتل والقصاص والدية فقط ؟ فمذهب معظم الحجازيين إيجاب القود والقتل بها إذا كملت صروطها وموجباتها، وهو قول الزهرى وربيعة وأبى الزناد ومالك وأصحابه والليث والاْوزاعى وأبى ثور وأحمد دإسحق وداود والشافعى فى اْحد قوليه، وروى ذلك عن ابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز (8).
قال أبو الزناد: وقلنا بالقسامة، وأصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) متواترون، لأنى لأرى
أنهم ألف رجل، فما اختلف منهم اثنان.
وقال الكوفيون واسحق والشافعى - فى قوله الاَخر -: إنما تجب فيها الدية وهو قول
(1، 2) البخارى، كالديات، بالقسامة 9 / 11.
(3) أبو داود، كالديات، بالقسامة 2 / 486، الترمذى، كالديات، بعاجاء فى القسامة 4 / 1422 وقال: حديث حسن صحيح.
(4) حديث رقم (7) بالباب.
(5) انظر: أبو داود، كالديات، بالقسامة 2 / 6 ما.
للأ) إنظر: الاستذكار 25 / 327.
(7) انظر: المصد والسابق 25 / 316.
له) انظر المصدر السابق 5 6 / 2 1 3، التمهيد 17 / 23 2.(5/448)
كتاب القسامة / باب القسامة 449
الحسن البصرى والحسن بن جنى (1)، وعثمان البتى، والنخعى، والشعبى، وروى عن أبى بكر، وعمر بن الخطاب، وابن عباس، ومعاوية - رضى الله عنهم.
ثم اختلفوا - أيضا - فى المبداْ - بالأيمان.
من هم ؟ فمعظم القائلن بالقود أخذ بالمشهور من تقديم الأولياء وترتيب القسامة على ماجاء فى الحديث، وحجتهم هذا الحديث ومجيئه من طرق صحاح لاتدفع.
وفيه تبدئة المدعى، ثم ردها حيئ أبى على المدعى عليهم.
واحتجوا - اْيضأ بالحديث الاَخر من رواية أبى هريرة عنه - عليه السلام - (البينة على المدعى، واليميئ على المدعى عليهم إلا القسامة) (2).
ويقول مالك: الذى اجتمعت عليه الأئمة فى الحديث والقديم أن المدعن يبدؤون فى القسامة (3)، واحتجوا بأن جنبة المدعى إذا قويت بشهادة أو شبهة قوية صارث اليمن له وها هنا الشبهة قوية، وقالوا: هذه شُبْهة بحيالها، وأصل قائم لحياة الناس، وردع المعتدين والدعاوى فى الأموال على سنتها اْيضأ، فكل أصل يتبع وششعمل ولايطرح بسنة لسنة إن شاء الله، وعللوا رواية من روى تَبْدئة المدعى عليهم بقول أهل الحديث: إنه وهم من رواته، وأنه أسقط تبدئة المدعن إذ لمَ يذكر رد اليميئ، وأيضا فإن زيادة تبدلْة المدعن فى هذه الأحاديث الأخر والروايات الصحاح والزيادة مقبولة معمول بها لا يضرها من لم يثبتها، وهى تقضى على من لم يعرفها.
وقال كل من قال بالدية دإسقاط الدم بتبدئة المدعى / عليهم إلا أحمد والشافعى فى أحد قوليه بترك القود دايجاب الدية، فإنهما على ماعليه الجمهور من الأخذ بمساق الحديث المشهور فى تبدئة المدعى وردها إن أبوا على المدعى عليهم.
وقد قال بهذا المّول الكوفيون وكثير من البصريين، والمدنيين، والأوزاعى وروى عن الزهرى، وعن عمر بن الخطاب.
ثم اختلفت مذاهب القائلين بتبدئة المدعى عليهم، فقال الأوزاعى - فقيه الشامان: يستحلف من أهل الفدية خمسون رجلا خمسين يمينا: ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا، فإن حلفوا بروا، دإن نقضت قسامتهم حلف المدعون على رجل واحد واستحقوا.
فإن نقضت قسامتهم اْو نكل منهم واحد عادت عقلا (4).
ومثل هذا فى الثبدئة وردها قول الزهرى، إلا أنه لايرى فى هذا المَول قودأ بل إذا حلف المدعون كانت دية، دإن نكل منهم واحد فلا شىء، ونحوه قول الحسن البصرى.
وقال عثمان البتى: يبدأ المدعى عليهم، فإن حلفوا فلا شىء عليهم غير ذلك.
وقال
أبو حنيفة وأصحابه والثورى ومعظم الكوفيين والبصريين: يحلف المدعى عليهم ويودون
(1) انظر التمهيد 23 / 17 2، الاستذكلى 5 2 / 17 3.
(2) الترمذى، كالأحكام، بماجلى فى اْن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه (1341).
(3) الاستذكلى 25 / 320 ومابعدها.
(4) التمهيد 211 / 23.
26 / ْ ا
450(5/449)
كتاب القسامة / باب القسامة الدية، ورووا أن بهذا قضى عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - فإذا لم يحلفوا سجنوا حتى يحلفوا، وهو قول زفر والحسن بن جنى.
واتفقوا كلهم أنها لا تجزىْ بمجرد دعوى الأولياء حتى يقترن بها شبهة يغلب الظن بالحكم بها.
واختلفوا فى الشبهة الموجبة للقسامة، وصورتها سبعة وجوه:
إحداها: قول المقتول: دمى عند فلان، وهو قتلنى أوضربنى دإن لم يكن به أثر أو
فعل فىّ هذا من إنفاذ مُقَاتلى، أو جرحنى، ويذكر العمد فى ذلك، فهذا موجب للقسامة عند مالك والليث، وقال مَالك: إنه مما اجتمع عليه الاَئمة فى الحديث والقديم، وروى عن عبد الملك بن مروان ولم يقل به من فقهاء الأمصار غيرهما ولاروى عن سواهما وخالفهما فى ذلك سائر العلماء ولم يروا بهذا قسامة.
وذهب بعض أصحابنا لهذا بأن تلك حالة من المّتل يطلب فيها الغفلة والاستتار، وأن المرء عند الموت غالبا يتحرى الصدق ورد المظالم والتزود من البر ويبعد عن غيره، واحتجٍ - أيضا - مالك فى ذلك بقصة البقرة (1)، وبقوله تعالى: { فَقُلْنَا اضْرِبُو، بِبَعْف!هَا كذلِكَ يُحْعِط اللهُ الْمَوْتَى} (2) فحيى الرجل فأخبر بقاتله.
وهل يكتفى فى الشهادة على قوله بشاهد واحد ؟ فيه قولان.
الوجه الثانى: اللوث من غير البينة القاطعة على معاينة القتل، وبهذا قال مالك والشافعى والليث.
ولم يختلفوا أن الشاهد الواحد العدل والجماعة من لفيف الناس وإن لم يكونوا عدولا لوث.
واختلف قول مالك فى الواحد غير العدل وفى المرأة، هل هى لوث أم لا (3) ؟ وجعل الليث وربيعة ويحيى بن سعيد شهادة العبيد والصبيان والذم!ن لوثا.
وقال بعض أصحابنا بشهادة العبيد والصبيان وأباه أكثرهم.
الوجه الثالث: شاهدان على الجرح ويحيا المجروح بعده حياة بينة ثم يموت قبل أن يفيق منه، وبه قال مالك وأصحابه والليث.
واختلف عندنا هل يجب بالشاهد الواحد على الجرح قسامة أم لايجب إلا شاهدين وهو الاَصح ؟ ولم ير الشافعى وأبو حنيفة فى هذا قسامة وراْوا به القصاص إذا ثبت بشاهدين.
الوجه الرابع: وجود المتهم عند المقتول أو قربه أو آتيا من جهته، ومعه لة القتل
(1) انظر: الاستذكار 25 / 325، 326، التمهيد 23 / 0 22.
(2) ا لبقرة: 73.
(3) اللوْث: هو أن يشهد شاهد واحد على إقر، المقتول.
قبل ال يموت، ئن فلانا قتلنى، أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له ونحو ذلك.
وهو من التلوث، أى التلطخ، يقال: لاثه فى التراب ولوثه.
انظر: اللسان، مادة ا لوث)، ولنظر اختلاف الفقهاء فى هذه المسألة فى الاستذكار 25 / 310، وقد أحال ابن عبد للبر تفصيل اث له إلى كتاب (اختلاف أقوال مالك واْصحابه).
وانظر: المعيار المعرب(5/450)
كتاب القسامة / باب القسامة 451
وعليه أثره من التلطخ بالدم وشبهه.
فهذا لوث عند مالك فى رواية ابن وهب.
فقاله ابن عبد الحكم، وقال الشافعى نحوه قال: وذلك إذا لم يكن هناك أحد ولا وجد به أثر سبع.
قال: ومثله لو وجد فى / بيت أو صحراء أو دار ليس فيها أحد سواهم يتفرقون عن قتيل، فهذا كله شبهة توجب القسامة.
الوجه الخامس: الفئتان يقتتلان فيوجد بينهما قتيل، ففيها عندنا روايتان: الأولى: جواز القسامة بمثل هذا لأوليائه على من يدعون عليه منهما، أو من يدعى عليه المقتول، كان منهما أو من غيرهما.
والأخرى: أنه لاقسامة فيه فى هذه الوجوه، وفيه الدية على الطائفة التى نازعت طائفته إن كان منهما، أو عليهما إن كان من غيرهما، وبالفسامة فى هذا قال الشافعى.
وقال أحمد وإسحاق: عقله على الفئة المنازعة، فإن عينوا رجلاً ففيه القسامة.
الوجه السادس: الميت فى مزاحمة الناس.
فقال الشافعى: تثبت بذلك القسامة، ويكون فيه الدية.
وعند مالك هو هدر.
وقال إسحاق والثورى: ديته على بيت المال، وروى مثله عن عمر وعلى.
وقال الحسن والزهرى: ديته على من حضر.
الوجه السابع: أن يوجد فى محلة قوم أو قبيلهم أو مسجدهم.
فعند مالك والشافعى والليث وأحمد وداود وغيرهم: أنه لا يستحق بهذا بمجرده قسامة.
والقتيل هدر لأنه يقتل الرجلُ ويلقيه فى محلة القوم ليلطخهم به.
قال الشافعى: إلا أن يكون بمثل القصة التى حكم فيها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى خيبر، فيجب فيها القسامة من العداوة، وأنه لم يكن هناك سواهم، فإن خيبر كانت باليهود مختصة، والعداوة بينهم وبين الأنصار ظاهرة وخرج عبد الله بعد العصر فوجد قتيلاَ قبل الليل.
وقال نحوه أحمد بن حنبل.
وقد تأول النسائى هذا على مذهب مالك.
وذهب أبو حنيفة والثورى ومعظم الكوفين إلى أن وجود القتيل فى القرية والمحلة يوجب القسامة، ولاسبب عندهم من الوجوه السبعة المتقدمة يوجب المَسامة سواها ؛ لأنها عندهم الصورة التى قضى فيها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالقسامة، فيحلف فيه خمسون رجلا خمسين يمينا ووجبت عليهم الدية على ماتقدم من مذهبهم فى صفة العمل بها عندهم، وذلك إذا وجد القتيل وبه أثر، وإلا فلا قسامة فيه.
فإن وجد القتيل فى المسجد حلف أهل المحلة والدية على بيت المال، وذلك كله إذا ادعوا على أهل المحلة.
وقال الأوزاعى: وجود المَتيل فى المحلة يوجب القسامة وإذا لم يكن به أثر على ماتقدم من مذهبه.
وقال داود بنحو من هذا أو قال لا أقضى بالقسامة فى شىء إلا فى الدعوى فى العمد دون الخطأ على أهل القرية الكبيرة أو المدينة وهم أعداء المقتول.
قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى ليهان القسامة، من يبدأ بها ؟ فعند
27 / اْ
452(5/451)
كتاب القسامة / باب القسامة
مالك والشافعى أولياء الدم (1).
وعند أبى حنيفة: المطالبون بالدم يحلفون وتكون الدية على من أسس المحلة (2).
واحتج أصحابنا عليه بهذا الحديث.
وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم ؟) قالوا: لا.
قال: (فتحلف لكم يهود).
ولا معنى لقولهم: قد يحمل هذا اللفظ على النكير أن يخطر ببالهم أن يحلفوا لأنه خلاف ظاهر اللفظ، وقد قال فى بعض طرقه: (يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته)، ومثل هذا لا يكون فى ألفاظ النكير وإن تعلقوا فى مقابلة هذا بما وقع من تبدئة اليهود.
قلنا: لعل الراوى اختصر ذكرهم، والزيادة من العدل تقبل.
صاذا ثبت القول بالقسامة فاختلف الناس - أيضا - هل يستحقون بها إراقة الدم أو الدية ؟ ومذهبنا أنه يستحق بها إراقة الدم، وقد وقع فى بعض طرقه: (وتستحقون قاتلكم، وفى بعض طرقه: (دم صاحبكم)، ولايصرف هذا للقتيل لأن دمه قد فات.
وهكذا يمنعهم من حمل قوله: (تستحقون صاحبكم " على أن المراد به دية صاحبكم ؛ لاكن هذا خلاف الظاهر.
وقوله فى بعض طرقه: (إما أن يبدأ صاحبكم، وإما أن يوذنوا بحرب) معناه أن الدية وجبت باعترافهم أو بالقسامة صاذا استثنى مما وجب فلا شك اْنهم يؤذنون بحرب.
والقسامة إذا وجبت عندنا فإنما تجب باللوث، وهو الشاهد العدل يشهد بالقتل.
واختلف فى الشاهد الفاسق وفى المرأة هل يلوثان لوثا أم لا ؟ (3) وقول القتيل: دمى عند فلان لوث عندنا.
ومن منع من كونه لوثا قياسًا على سائر الدعاوى أنها لاتقبل ممن يدعيها، أجبناه:
بأن هذا اْصل قائم بنفسه، ومن يتحقق مصيره للاَخرة وأشرف على الموت فلا يتهم فى إراقة دم ظلما وعليه الظن فى هذا، فتترك منزلة غلبة الظن فى الشاهد.
لكن لو ادعى قتل الخطأ حتى صار إنما يدعى مالا ؛ لكان الأصح من القولن عندنا أنه لا يقسم مع دعواه.
كيف وأصل القسامة فيه اضطراب ؟ وكان شيوخنا المحققون يضعفونها، وقد نبهناك على ماوقع فى الحديث من الاضطراب.
ووجود القتيل فى المحلة ليس بلوث عندنا، خلافأ لمن راة لوثا تعلقا بظاهر الحديث، لكن قد يظهر من الفرائن عندنا مايقوم مقام الشاهد، كرجل وجد قائمأ على القتيل بيده آلة القتل، وهو متخضب بدمه على هيئة القالّل، فهذا يكون عندنا لوثا.
قال ابن مسعدة: قلت للنسائى: مالك لايقول بالقسامة إلا بلوث وهذا الحديث لا لوث فيه فلم قال به ؟ فقال النسائى: فى الحديث ذكر العداوة بينهم وبن اليهود، فأنزل
(1) انظر: التمهيد 23 / 1 1 2 ومابعدها، الاستذكار 25 / 325.
(2) للتمهيد 23 / 6 1 2.
(3) انظر: الاستذكار 5 2 / 0 1 3، الحا وى 0 1/ 13.(5/452)
كتاب القسامة / باب القسامة 453
!، صح، 5،، ص ص، ص ص، ص ممص ص !، 5، صوص ممص ص ه ص
2 - (... ) وحدثنى عبيد اللهِ بن عمر القوارِيرِى، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا يحيى
ابْنُ سَعِيد، عَنْ بُشثرِ بْنِ يَسَار، عَنْ سَهْلِ بْنِ أِبِى حَثْمَةَ وَرَافِع بْزخَديجٍ ؛ أنَّ مُحيِّصَةَ بْنَ مَسْعُود وَعَبْدَ الثهِ بْنَ سَهْل انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ، فتَفَرَّقَا فِى النخْلِ، فَقُتِلً عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْل، فَاتَهَمُوا اليَهُو! فَجَاءَ أخُوهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَابْنَا عَمِّه حُوَيَّصةُ وَمُحيصَةُ إِلَى النَّبِىَ كلية، فَتَكلَمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِى أمْرِ أخِيهِ، وَهُوَ أصْغَرُ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كبرِ اهبرَ)،
مالك اللوث وقول الميت بمنزلة العداوة.
وعندى أن الأظهر فى الجواب أن يقال: قد سلمنا اْن القرائن تقوم مقام الشاهد، فقد يكون قام من القرائن مادل على أن اليهود قتلوه وان جهل عيئ القاتل، ومثل هذا لايبعد إثباته لوثأ وأجرى حكم القسامة فيه.
قال القاضى - رحمه الله -: قوله: (يحلف خمسون منكم خمسيئ يمينا) يبين معنى قوله: (يحلفون)، وأن الأيمان لاتكون أقل من خمسين، وأنها لايحلفها واحد وإنما يحلفها خمسون من أولياء المقتول، كل واحد يمين، فإن كانوا دون هذا العدد، أو نكل بعضهم ولم يكن ممن يجوز عفوه، أو صرف اليمن إلى غيره، ردت الأيمان عليهم حتى يتموا خمسين يمينأ.
ويجزىْ فى ذلك رجلان، ولايحلف فى قتل العمد اْقل من اثنين.
هذا مشهور مذهب مالك (1)، وعنه أن الأولياء إن كانوا أكثر من خمسين حلفوا كلهم يمينأ يمينا، ولايحلف فى ذلك عنده إلا الرجال البالغون من اْوليائه ومن يستعينون به من عصبته، وهذا كله فى العمد، وبهذا قال الليث وربيعة والئورى والأوزاعى وأحمد وداود وأهل / الظاهر (2)، وأنه لايقسم النساء ولا الصبيان.
قال مالك: وأما فى الخطأ فإنما يحلف الورثة على قدر مواريثهم، ذكرانأ كانوا أو إناثا،
إلا أنه إن لم يكن من الورثة إلا رجل واحد حلف الأيمان كلها فى الخطأ بخلاف العمد، وإن كن نساء حلفن الأيمان كلها، وكذلك امرأة واحدة اْو وارث واحد لو حضر وغاب من بقى حلف جميع ذلك، واستحق حقه.
ولايستحق أحد منهم ميراثه إلا بعد أن يحلف فى القسامة خمسين يمينأ من جميعهم إن حضروا، أو يحلف من حضر منهم جميعها ويستحق حقه، فإن جاء من غاب حلف ماكان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه من نصف الأيمان أو ثلثها اْو سدسها (3).
وقال الليث: لاينقص من ثلاث أنفس.
وقال الشافعى: لا يحلف فى العمد ولا فى الخطأ إلا اْهل الميراث على قدر مواريثهم، ولايحلف على مال من لايستحق (4)، وهو قول أبى ثور وابن المنذر، وهذا على قوله: لاقود فى القسامة، وإنما هى دية.
وقوله فى الراوية للاْخرى: (يحلفون على رجل منهم فيدفع إليكم برمته): حجة
(1، 2) انظر: الاستذكار 25 / 4 عها.
(3) المصدر السابق: 5 2 / 337.
(4) المصدر للسابق: 5 2 / 332.
27 / ب(5/453)
454 كتاب المَسامة / باب القسامة
أوْ قَالَ: ا ليَبْدا الا"كْبَرُ)، فَتَكَلَمَا فِى أَمْرِ صاحبِهِمَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنكُمْ عَلَى رَجُل مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُفَتِه ؟)َ.
قَالُوا: أمْر لَمْ نَشْهَله كَيْفَ نَحْلِفُ.
قَالَ: (فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِا"يْمَانِ خَمْسين منْهُمْ ؟).
قَالُوا: يَارَسُولَ اللهً، قَوْمٌ كُفاز.
قَال: فَوَداَهُ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مِنْ قِبَلِهُ.
قَالَ سَهْل: فَدَخَلتُ مِرْبَدًا لَهُمْ يَوْفا، فَرَكَضَتْنِى نَاقَة!مِنْ تِلكَ الإِبِلِ رَكْضَة بِرِجْلِهَا.
قَالَ حَمَّادٌ: هَنَا أوْ نَحْوهُ.
(... ) وصدّثنا القَوَارِيرِى، حَدثنَا بِشْرُ بْنُ المفُضَّلِ، حَدثنَا يحيى بْنُ سَعِيد، عَنِ بُشَيْرِ
ابنِ يَسَار، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِى حَثْمَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، نَحْوَهُ.
وَقَالَ فِى حَلِيثِهِ: فَعَقَلَهُ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ عِنْدِهِ.
وَلَمْ يَقُلْ فِى حَدِيثِهِ: فَرَكَضَتْنِى نَاقَةٌ.
أنه فى المقود، ومفسر لقوله فى الروايات الأخر: (دم صاحبكم)، وكذلك قوله: (وتستحقون قاتلكم) بين أيضأ.
وفيه أنْ القسامة إنما تكون على واحد.
وقال أحمد بن حنبل - وهو مشهور قول مالك -: يقتل ويسجن الباقون عاما، ويضربون، بعد أن يحلفوا خمسين يمينا.
وروى عنه - أيضًا - أنه يقسم على الجماعة، ويختارون واحداً فيقتل.
وقال أشهب: يحلفون على ماشاؤوا ولايقتلون إلا واحداً، وبه قال ابن شريح من أصحاب الشافعى، لكنه يقول: يوخذ من الباقن مايصيبهم.
وقال المغيرة: يقسم على الجميع ويقتلون بالشهادة القاطعة.
كذا حكى عنه بعضهم، وحكى اخرون عنه أن يقسم مع كل واحد منهم مفردا، ويقتل حيئ يتموا.
وقال الشافعى فى قوله القديم: إذا ادعوا على جماعة أقسموا عليهم وقثلوهم.
وبقوله: (وششحقون): دليل أنه لايحلف الأجانب إلا من له حق فى الدم أو فى المال، وبه احتج الشافعى أنه لا يحلف إلا الورثة الذين يستحقون المال على قوله الاَخر.
وقولهم: (كيف يحلف ولم يشهد ؟) مفسرة للألفاظ الأخر فى امتناعهم من اليمن
فى الاحاديث الأخر، وأن علة ذلك أنهم لم يحققوا تنزها عن اليمين بمالم يحققوا.
وفيه دليل أن أيمان القسامة إنما يكون على العلم والقطع.
وفيه أنه لايجب أن يحلفها الحالف إلا بعد تحقيق بعلم معاينة أو خبرا أو صحة دليل إن كان غائبا لأن الأيمان فى الحقوق كالشهادة عند العلماء، فمرة تكون الشهادة بالمعاينة والمشاهدة، ومرة تكون بالدليل ويقع عليها بالخبر المتواتر، وقرائن أحوال يقع بهما تحقيق الشهادة، فكذلك هنا.
وليس أحد من أهل العلم يجيز لأحد أن يحلف على مالم يعلم أو يشهد بما لم يعلم، ولكنه قد(5/454)
كتاب القسامة / باب القسامة 455
(... ) حدّثنا عمْرٌ والنَاقدُ، حدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنى، حَدثنَا عبدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى الثًّقَفىَّ - جَمِيعًا عَنْ يحيى بْنِ سَعِيد، عَنْ بُشيْرِ بْنِ يَسَار، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِى حَثْمَةَ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
يحلف ويشهد على مالم ير ويشاهده إذا تحقق علمه بطريق العلم التى يصح وقوعها به، كما يحلف الصبى إذا كبر، والغالْب فى ميراثه.
دإذا لم يعلم لم يحل له اْن يحلف.
وفى إقرار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهم على قولهم هذا واعتزازهم به حجة لما قلناه.
وقوله: (فتحلف لكم يهود): ظاهر فى رد الأيمان عليهم، وحجة فى أن حن وجبت عليه يمين فى دعوى، فنكل فيها، أن المدعى لايستحق بالنكول شيئا / حتى يرد اليمن عليه، وهو قول مالك والشافعى، وروى عن عمر وعثمان وجماعهَ من السلف.
وقال أبو حينفة والكوفيون وأحمد بن حنبل: يقضى له دون رد اليمن يمين.
وقال ابن أبى ليلى: يؤخذ باليمن.
وفى الرواية الأخرى: (فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم) أى تبرلْكم براءة أنفسهم ودعواكم عليهم.
فيه أن الأيمان إذا ردت على المدعى خمسون رجلأ خمسين يمينا اْيفخا ولا يحلفها واحد، وهذا حجة لمالك فى مشهور قوله فى موطئه (1) وغيره أنه يحلف من أولياء المدعى عليه خمسون رجلا خمسين يمينا، إلا اْلا يبلغوا العدد فترد عليهم خمسين يمينا، ولايحلف منهم أقل من اثنن.
ولايحلف معهم المدعى عليه فى رواية ابن القاسم وابن وهب عنه، وإنما يحلف هو إذا لم يجد من يحلف معه، فمِحلف خمسين يمينا وهو قوله فى الموطأ، وفى الرواية الأخرى لمطرف عنه: ا لايحلف من ولاه المدعى عليهم أحد، ! إنما يحلفون هم بأنفسهم - كانوا واحدا أو جماعة - خمسين يمينا يبرون بها أنفسهم، وهو قول الشافعى قال: يحلف كل واحد خمسين، وهو رواية مطرف عندى على مانطمئن فى الموطأ.
وقال المغيرة وعبد الملك وغيرهما: للمدعى عليهم أن يستعينوا من أوليائهم بمن يحلف معهم، وقال فى الموطأ: إذا كان المدعى عليهم يقرأ لهم عدد حلف كل واحد منهم خمسِن يمينا ولاتقطع الأيمان عليهم، وهذا هو الأصل، كما لم يستحق دم أحد بالقسامة إلا بالخمسيئ فلا يبرئه إلا خمسون يمينا، إما أن يحلفها أولياؤه عنه، أو يحلفها المدعى عليه عن نفسه.
وأما الكوفيون فيحلفون هنا المدعى عليهم من أهل المحلة والقرية فقط على ماتقدم خمسين خمسين يمينًا إلا ألايبلغوا العدد فترد الأيمان عليفم، دإن لم يكن إلا واحدا حلفها
(1) مالك 2 / 879.
28 / 1(5/455)
456 كتاب القساعة / باب القسامة 3 - (... ) حدّثنا عبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَقْ يحيى
ابْنِ سَعيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ ئنِ يَسَارٍَ ؛ أن عبد ال!هِ بْنَ سَهْلَ بْنِ زَيْدٍ وَمُحيصَةَ بْنَ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ الأنْصَارَيَّيْنِ، ثُمَّ مِنْ بَنِى حَارِثَةَ، خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فِى زَمَانِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهِىَ يَوْمَئذ صُلحٌ، وَأهْلُهَا يَهُودُ، فَتَفَرئا لحَاجَتهِمَا.
فَقُتلَ عبدُ اللّهِ بْنُ سَهْلٍ، فَوَجَدَ فى شَرَبَةٍ مَقتُولَا، فَدَفَنَهُ صَاحِبُهُ.
ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَىَ المَلَينَة، فَمَشَى أخُو المَقْتُولِ، عَبْدُ الرًّ حْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وَمُحيصَةُ وَحُويِّصَةُ، فَذَكَرُوا لِرَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَأنَ عَبْد اللهِ، وَحَيْثُ قُتِلَ.
فَزَعَمِ بُشَيْرٌ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَمَّنْ أ!رَكَ مِنْ أضحَاب رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنًّهُ قَالَ لَهُمْ: (تَحْلِفُونَ خمْسينَ يَمِينًا وَتَسْتَحقّونَ قَاتِلَكُمْ ؟) - أوْ صَاَحِبَكُمْ - قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَاش!هِدْنَا وَلا حَضَرئا، فَزَعَمَ انَهُ قَالً: (فَتبرِئكُمْ يَهُودُ بخَمْسينَ ؟) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ نَقْبَلُ أيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ ؟ فَزَعَمَ بُشَيْر أنَّ رَسُولَ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَقَلَهُ مِنْ عِنْلِهِ.
4 - (... ) ود لّفنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يحيى بْنِ يسَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ
ابْنِ يَسَار ؛ أنَّ رَجُلا مِنَ الأنصَار هِنْ بَنِى حَارِثَةَ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللّه بْنُ سَهْلِ بْنِ زيد، انْطَلَقَ هُوَ وَابْن عَئم لَهُ يُقَالُ لَهُ: مُحيَصَةّ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَئدٍ.
وَسَاقً الحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ اللَيْثِ.
إِلَى قَوْلِهِ: فَوَ! اهُ رَسُولُ الهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ عِنْلِهِ.
ولزمه الدية موصسمو المحلة وبأنها حاضرا كان اْو غائئا بقيت فى ملكه أو خرجت عنه، فإن لم يكن حيا وجبت على السكان كانوا مالكيها أو غير مالكيها.
وقال أبو يوسف: الدية على السكان فى جميع الأحوال.
واختلف الكوفيون إذا لم يحلفوا، فقال أكثوهم: يس!جنون.
وقال أبو يوسف: لا يسجنون.
وقال البتى: إذا حلفوا لم يلزمهم شىء وإن نكلوا أدوا الدية،
وقوله: (فلما راْى ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أعطى عقله) وفى الرواية الأخرى: (وداه
من عنده) قيل ذلك لأنه - عليه السلام - لما لم يحلفوا ولم يُحَفَفوا وتنزهوا عن اليمين لما لم يحضروه، فلم يروا إلزامها الخيبرلن حذروا مجاهرتهم لله - تعالى - بالحنث فيها لكفرهم، وأنه يكون سببًا لحفزهم على اغتيال المس!لمن إذا علموا أنهم يحلفون لاغير، ولم يتوجه لهم حكم، أرضاهم النبى طه تفضلا منه بأن وداه من عنده أو من بيت المال.
وفيل: بل فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما خشى أنه يبقى فى نفوس المسلمن على أهل خيبر، فلهم ذمة مما تتقى عاديثه، فرأى من المصلحة قطع ذلك وحسم الطلب بما أعطاهم.(5/456)
كتاب القسامة / باب القسامة 457 قَالَ يحيى: فَحَدثنِى بُشَيْرُ بْنُ يَسَار، قَالَ: أخْبَرَنِى سَهْلُ بْنُ أَبِى حَثْمَةَ، قَالَ: لَقَدْ رَكَضَتْنِى فَرِيضَة منْ تِلكَ الفَرَائِضِ بِالمِربَدِ.
5 - (... ) حئثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْد، حَدثنَا بُشَيْرُ بْنُ يَسَارٍ الأنصَارى، عَنْ سًهلِ بْنِ أبى حَثْمَةَ الا"نْصَارِىّ ؛ أنَهُ أخْبَرَهُ ؛ أنَّ نَفًزا منْهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ، فَتَفَرئوا فِيهَا، فَوَ! لُوا أَحَلَ!مْ قَتيلا.
وَسَاقَ الحَدِيثِ.
وَقَالَ فِيهِ: فًكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يبطِلَ لحَمَهُ، فَوَداهُ مِائَة مِنْ إِبِلِ الضًدَقَةِ.
6 - (... ) حدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أنَس يَقُولُ: حَدثنِى أبُو لَيْلَى عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ سَهْل، عَنْ سَهْلِ بْنِ أبِى حَثْمَةَ ؛ أنَهُ أًخْبَرَهُ عَنْ رِجَالٍ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ ؛ اُّن عَبْدَ اللّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُخًتصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ، مِنْ جَهْدٍ اصَابَهُمْ.
فَا"تَى مُحيصَةُ فَاخبَرَ أنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتلَ وَطُرِحَ فِى عَيْنٍ أوْ فَقِيرٍ.
فَأتَى يَهُودَ فَقَالَ: انتُمْ، وَاللهِ قَتَلتُمُوهُ.
قَالُوا: وَاللّهِ، مَاقَتَلنَاهُ.
ثمً أقْبَلَ حَتَّى قَلِمِ عَلَى قَوْمه.
فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِك.
ثُمَ أقْبَلَ هُوَ وَأخُوهُ حُويّصَةُ - وَهُوَ كْبَرُ مِنْهُ - وَغئدُ الرخْمنِ بنُ سَهل،
وما روى فى الحديث الآخر.
(فوداه من إبل الصدقة) قيل: هو غلط ؛ إذ ليس هذا مصرف الصدقات.
والاْصح والثو قول من قال من قبله أو من عنده، إما من ماله أومن مال الفىء، وقيل: يرمع بينهما أن يستلف ذلك من الصعدقة حتى يوديها لمسئحقها من الفىء، وإذا قلنا على الظ ؟ يل الآخر أنه المصلحة، فقد يجوز تفريقها فى مثل هذا.
قال بعض العلماء: فى المصانح العامة، وقيل أيضًا: إذ قد يكون فيما فعل من ذلك استئلافأ لليهود رجاء إسلامهم وأعطاه عنهم فيكون من سهم المولفة قلوبهم، أو يكون أولياء القتيل بجامع ممن يتاح لهم الصدقة.
وفى هذا الحديث من الفقه / وأن أهل الذمة إن منعوا حقًا وجب حربهم، لقوله: (إما
أن يدوا صاحبكم وإما أن يوذنوا بحرب من الله).
وفيه أنهم إذا اغتالوا المسلمين وأمراءهم انتقضت ذمتهم.
ولعل قوله - عليه السلام - لهم هذا بمعنى: إن ثبت عليهم لابمجرد الدعوى.
وفيه جواز اليمين على مايغلب على الظن الغلبة القوية التى يقوم مقام اليقين، كقول عبد الله: (أنتم والله قتلتموه) إذا لم يكن فى خيبر سواهم.
وفيه الحكم بين المسلم والكافر بحكم الإسلام.
28 / ب
458(5/457)
كتاب القسامة / باب القسامة فَن!بَ مُحيصَةُ ليَتَكَلَّمَ، وَهُوَ ائَذى كَانَ بخَيْبَرَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِمُخئصَةَ: (كئرْ.
.
ْ) - يُرِيدُ السَّنَّ - فَتَكَلَمَ حُيىدصَةُ، ثُمًّ تَكَلَمَ مُخئصَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِمَّا أنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ، ! اِفَا أنْ يُؤْفِنُوا بحَرْب ؟).
فَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَيْهِمْ فِى ذَلِكَ.
فَكَتَبُوا: إِنَا، وَاللّه مَاقَتَلنَاهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لحُويصَةَ وَمُحيصَةَ وَعَبْدِ الرَحْمَنِ: (أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقوَنَ لَمَ صَاحِبِكُمْ ؟) تَالُوا: لا.
قَالَ: (فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ ؟) قَالُوا: لَيْسُوا بمُسْلمينَ.
فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مًنْ عِنْلِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى ادخِلَت عَلَيْهِمُ الدَارَ.
وقوله: (كبر كبر) وفى الرواية الأخرى: (الكبر الكبر)، قال الإمام - رحمه الله -: معناه: أن يبداْ بالاْكبر: ومنه حديث أبى الزناد: (دعا بالكبر فنظروا إليه): اْى بالمشايخ.
قال القاضى - رحمه الله -: هو مفسر فى الحديث.
قال: يريد السن فى الحديث الآخر: ا ليبدأ الاكبر) لأن المتكلم أولا كان محيصة وكان الأصغر، دإنما تقدم فى الكلام ؛ لأنه الذى حضر القصة وشهدها والخارج لخيبر مع عبد الله القتيل، ولم يحضر حويصة بخيبر، فلما أتو المدينة أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع قومه، وهذا كله مفسر فى الحديث نفسه، هذا على رواية مالك، وأما على رواية غيره فإن البادئ بالكلام غير عبد الرحمن بن سهل أخو المقتول، وكان أصغرهم، وتقدم لقرباه، وأنه ولى الدم.
والاَخران أبناء عمه وعصبته، فيحتمل أنهما جميعأ أرادا الكلام واحدا بعد اخر، ألأ تراه كيف قال هنا: فصمت فتكلم صاحباه، فأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن يتقدم الاكبر - وهو حويصة - إما لفضيلة السن، اْو لفضيلة أخرى قارنتها.
وفضيلة السن لاتنازع فيها إذا استوت الاْقدام وأشكلت المراتب، ولذلك جاء فى الحديث فى الإمامة: (فإذا استووا فأسنهم) (1).
ففى هذا الحديث مراعاة السن والتقديم للأشياخ والكبراء فى الكلام وفى الجماعة فى محافل الناس وأمورهم، إذا كانت القضية تخص جميعهم لكونهم أولياءه، وكذلك يجب فى التقديم فى الأمور والولايات وغيرها مع استواء الاْحوال.
ويقال: حويصة ومحيصة بتشديد الياء وسكونها.
وقوله: ا لقد ركضتنى منها فريضة من تلك الفرائض)، قال الإمام - رحمه الله -: الفريضة هنا: الناقة الهرمة وهى - أيضا - الفريض والفارض والفارضة.
وقد فرضت تفرض بفتح الراء فى الماضى وضمها فى المستقبل.
(1) جاء الحديث فى البخارى ومسلم بمعناه، ونصه: (وليؤمكم كبركم)، مسلم، كالمساجد ومواضع الصلاة، بمن أحق بالإمامة 1 / 292، البخارى، باب إذا استووا فى القرلثة فليؤمهم كبرهم، 1 / 175.(5/458)
كتاب القسامة / باب القسامة 459
فَقَالَ سَهْل: فَلَقَدْ رَكَضَتْنِى مِنْهَا نَاقَة!خَمْرَاءُ.
7 - (1670) حدثنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى - قَالَ أبُو الطَّاهِرِ: حَدثنَا.
وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب - أخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، أَخبَرَنِى أبُو سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُلَيْمَانُ بْن! يَسَار، مَوْلَى مَيْمُونَةَ، زَوْج الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ رَجُل مِنْ أصَحَابِ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ الأنْصَارِ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَقَر القَسَامَةَ عَلَى مَاكَانَتْ عَلَيْه فِى الجَاهِلِيةِ.
قال القاضى - رحمه الله -: ليس المراد بها هذا المسنة ولاهى لها ها هنا، وإنما المراد
بها هنا: ناقة من النوق المفروضة فى الدية، كما قال فى الحديث الاَخر.
ويسمى ما يوخذ فى الدية والصدقة فرائض ؛ لأنها واجبات مقدورات الأسنان والأعداد.
قال نفطويه: الفرض: التوقيت.
وكل فرض واجب مؤقت فهو مفروض، والفرض: العلامة.
وقال غيره: ومنه قوله تعالى: { نَميبًا ئَفْرُوفا (1) أى موقَا، ومنه قوله تعالى: { اَوْ تَفْرِضُوا لَفن فَوِورفَة} (2)، وفرض الحاَكم النفقة للمرأة: اذا قطع لها وقدرها، وفرضت الرجل فى مال الفىء: أى جعلت له فيه ثيئا موقتأ، ففرائض الزكاة والديات فى هذا.
ويُصحح ماقلناه قوله: (فريضة من تلك الفرائض)، فقد سميت جممعها فرائض، وفائده ذكر هذا ليبين أنه ضبط الحديث وعقله ؛ لأنه كان حينئذ صغيراً.
وقوله: (فوجد فى شربة)، قال الإمام - رحمه الله -: هو حوض فى اْصل النخلة، وجمعه شرَب، بفتح الشن والراء.
وقوله: (فى عين أو فقير): الفقير: البئر القريبة القعر الواسعه الفم.
قال القاضى / - رحمه الله تعالى -: الخقير - أيضا - قعير النخلة، وهو حفرة غمر للفسيلة حولها إذا حولت، وهذا الشبه لموافقته رواية الشرَبة.
والفعير - أيضا - فم القناة، وهو حفير يتخذ للسرب الذى يجعل للماء تحت الأرض كفم البئر فذلك الفقير.
قال الإمام - رحمه الله -: (وقولهم: من جهد أصابهم): الجهد، بفتح الجيم: الشدة والمشقه، وبالضم: غاية الطاقة والمقدرة.
وقد تفتح الجيم اْيضا.
قال القاضى - رحمه الله -: والعقل: الدية.
وقوله: (فى مربد): المربد: الموضع الذى يجتمع فيه الإبل وتحبس.
والربد: الحبس.
وقوله: (فيدفع برمته).
أى بحبله الذى فى عنقه الذى يلتف به ويربط، أى يسلم
(1)1 لنساَ: 7.
(2) ا لبقرة: 236.
29 / ءأ
460(5/459)
كتاب القسامة / باب القسامة 8 - (... ) وحد غنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِع.
حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، قَالَ: أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْبم،
حدثنا ابْنُ شِهَاب، بهَذَا الإِسْنَاد، مثْلَهُ.
وَزَادَ: وَقَضَى بهَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَ نَاس مِنَ الأنصَارِ، فِى قَتِيل ادًّ عَوْهُ عَلَى اليًهُودِ.
بذلك إلى أولياء القتيل ليقملوه.
وقيل: هل هو تجوز من القول واستعارة ؟ وأصله من الحبل الذى يجعل فى رأس البعير ليقاد به، يقال: أخذت الشىء برمته: أى كله.
قوله: (خرجنا إلى خيبر وهى يومئذ صلح) يثير بعد فتحها دابقاء اليهود بها،
وإنما كان صلحهم على ماصالحوا منها على شمليمها وتخليص منهجهم.
واْبقاهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بَعْدُ للعمل، على ماتقدم ويأتى بعد، وإنما اْراد بهذا أنه كانت تجرى عليهم أحكام الإسلام حيئ لم يكونوا حرئا.
وفيه أن القسامة فى الدعوى على أهل الذمة تعين على المسلمن.
فأما إن كان المدعى ذميأ فهل فيه قسامة ؟ فقد اختلف عندنا فيه.
فقال مالك فى ذلك: يقسم، ولأنه على قوله: وششحقون الدية.
وقال غيره من أصحابه: يحلف المسلم المدعى عليه خمسين يمحِنا ويبرأ، ولاتحمل العاقلة ديته، وأما الشاهد الواحد على القتل ؛ فعندنا فيه وجهان أيضا.
قال مالك: يحلف ولاته خمسيئ يمينا واحدة ويستحقون الدية من ماله فى العمد، ومن عائلته فى الخطأ.
وقال غيره: يحلف المدعى عليه خمسين يمينا، ويجلد مائة وشمجن عامأ (1).
قال الأمام - رحمه الله -: خرج مسلم فى هذا الحديث عن ابن نمير قال: حدثنى
أبى، نا سعيد بن عبيد، نا بشير بن يسار (2).
وكذا قال أبو حاتم الحديث.
قال بعضهم: وقع فى نسخة أبى العلاء بدل (سعيد بن عبيد): (سعد بن عبيد) بسكون العن، والمحفوظ فيه سعيد، بكسر العن وباَ بعدها.
قال القاضى: قال البخارى (3): سعيد بن عبيد أبو الهذيل الطائى كوفى عن على بن
أبى ربيعة، وبشير بن يسار.
وكذا قال أبو حاتم الدارقطنى والكلاباذى، والحاكم، وذكروه كلهم فى باب سعيد، ولم يذكروا فيه خلافا.
قال القاضى - رحمه الله -: وهذا الحديث مما انتقد على* مسلم، وذلك أنه ذكره مختصراً بأثر حديث يحيى بن سعيد عن بثير بن يسار، وقال: وساق الحديث ونبه فيه
(1) انظر: الامتذكار 25 / 310 ومابعدها.
(2) بثير بن يسار الحارثى الأنصلى ى، مولاهم المدنى، روى عن أنى وجابر وابن مسعود وغيرهم، وعنه ابنه بثير بن عبد الله بن بثير بن يسار وربيعة الرائى وابن إسحاق وغيرهم وكان قد ثدرك عامة أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وكان قليل لطديث، وقال النسائى: ثقة، وفكره ابن حبان فى الثقات.
التهذيب 1 / 472.
(3) التاريخ الكبير 3 / 497.(5/460)
كتاب القسامة / باب القسامة
461
(... ) وحدّثنا حَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الحُلوَانِى، حَدثنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْد - حَدثنَا أبِى، عَنْ صَالِح: عَنِ ابْنِ شِهَاب ؛ أَن أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرخْمَنِ وَسُلَيْمَانَ ابْنَ ئسَار أخْبَرَاهُ عَنْ نَاس مِنَ الانصَارِ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَلِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
على خلافه فى قوله اخرا: (فوداه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من إبل الصدقة) ولم ينبه على مخالفته إياه فى تبدئة المدعى عليهم كما ذكرناه قبل من رواية البخارى فى هذا الحديث عن سعيد بن عبيد.
وظاهر قوله وسياق الحديث يوهم أنه بمثل ماتقدم من حديث يحهمى فى تبدئة المدعن.
9"لم
462 (5/461)
كتاب القسامة / باب حكم المحاربن والمرتدين
(2) باب حكم المحاربين والمرتدين
9 - (1671) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، كِلاهُمَا عَنْ هُشَيْبم - وَاللَّفْظُ ديَحْىَ - قَالَ: أخئرَنَا هُشثئم، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْمب وَحُمَيْد، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك ؛ أَنَّ نَاسئا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدمُوا عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) المَلِينَةَ فَاجْتَوَوْهَ ال.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اً دئه ( صلى الله عليه وسلم ): (إنْ شِئْتُمْ أن تَخْرُجُوا إلى إِبِلِ الصَّدَقَةَ فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلبَانِهَا وَأبْوَالِهَا لما، فَفَعًلُو، فَصَخّوا، ثُمَّ مَالوا عَلَى الرعُاة فَقَتَلُوهُمْ، وَارْتَدُوا عَنِ الإِسْلام، وَسَاقُوا فَوْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَبَلَغَ ذَلِكَ النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَبَعَثَ فِى أثَرِهِمْ، فَ التِىَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أيْلِيَهُمْ وَأرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ فِى الحَرة حَتَّى مَاتُوا.
كتاب الحرابة
وقوله فى حديث العرنيين: من الذين قدموا المدينة فاستوخموها، وسقمت أجسامهم فأمرهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالخروج إلى إبل الصدقة، واْنهم صحوا، فمالوا على الرعاة قتلوهم، وارتدوا عن الإسلام، وساقوا ذود رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فبعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى أثرهم فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وتُرِكوا فى الحره يُسْتَسْقونَ فلا يسْقون، وفى الحديث الآخر: (حتى ماتوا)، قال الإمام - رحمه الله -: اختلف الناس فى المحاربِن، وفى المراد بقوله - سبحانه وتعالى -: { إئمَا جَزَاءُ الَذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} (1) 0 الآية، فقال بعض الناس: إنما نزلت فى / العرنيين.
وقال بعضهم: فى المرتدين، وقال بعضهم: فى الكفار إذا نقضوا العهد وحاربوا.
وتعلق هؤلاء بأن المحاربة لله ورسوله لاتكون مِع الإيمان.
وقال اخرون: فى المسلميئ لقوله تعالى: { اٍلأ الَّذِينَ تَابوا مِن قَبْلِ ان تَقْمِرُوا عَليْهِم} (2) والكافر إذا أسلم قبل منه إسلامه قبل القدرة عليه وبعدها.
ومذهبنا أن الإمام يخير فى حد المحارب مالم يقتل، فإن قَتَلَ فلابد من قتله، فى المشهور عندنا.
ومذهب الشافعى أنها على الترتيب.
فإن قتل ولم يأخذ مالا قتل، دإن أخذ المال وقد[ قيل] (3) قُتِلَ وصلب، دإن أخذ المال ولم يقتل قطع (4).
والحبس والنفى فيمن لم يبلغ جرمه إلى أن يستحق ذلك.
واستدل أصحابه بأن تأثيره فى الضرر
(1) ا لمائدة: ! م.
(2) 1 لما ثد ة: 34.
(3) هكذا فى الأصل
(4) لنظر: معرفة ا هْ صح وا لآثار 12 / 437، وا لاستذكا ر 24 / 2 0 2 ومابعدها.
(5/462)
كتاب القسامة / باب حكم المحاربين والمرتدين 463 10 - (... ) حدئمنا أبُو جَعْفَر مُحَمَدُ بْنُ الصّبَاح وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ - وَاللَّفظُ
لأبِى بَكْرِ - قَالَ: حَا ثنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حَجَّاج بْنِ أبِى عثمَانَ، حَدثنِى أَبُو رَجَاء مَوْلَى أبِى قِلابَةَ، عَنْ أن قلابَةَ، حَدثَّنِى أنَس! ؛ أن نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَاليَ! قَدِمُوا عَلَى رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَبَايَعُوهُ علَى الإِسْلام، فَاسْتَوْخموا الأرْضَ وَسَقُمَتْ أجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا فَلِكَ إِلَىَ رَسوُلِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (ألا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعينَا فِى إِبِلِه فَتُصِيبُونَ مِنْ ابوَالِهَا وَألبَانِهَا ؟).
فَقَالُوا: بَلَىَ، فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا منْ ابوَالِهَا وَألبًانِهَا، فَصًحُّوا، فَقَتَلُوا الرَّاعِىَ وَطَرَدُوا الإِبِلَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَبَعَثَ فِى آثَارِهِمْ، فَ الدْركُوا، فَجِىءَ بِهِمْ، فَأمَرَ بِهِمْ فَقُطعَتْ أيْلِيهِمْ وَأرْجُلُهُم وَسُمِرَ أعْيُنُهُمْ، ثُمَّ نُبِنُوا فِى الشًمْسِ حَتَى مَاتُوا.
وَقَالَ ابْنُ الصَّباح فِى رِوَايَتِهِ: وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ.
وَقَالَ: وَسُمِّرَتْ أعْيُنُهُمْ.
يختلف.
فلا يكون عقوبة الإجرام المختلفة متساوية.
واختلف الناس وأصحابنا فى المحاربة فى المصر، هل حكمها حكم المحارب فى غير المصر أم لا (1) ؟.
والمشهور عندنا وبه قال الشافعى: أنهما شيئان.
وفرق بينهما بعض اْصحابنا وهو مذهب اْبى حنيفة.
قال القاضى - رحمه الله -: ذهب أبو مصعب من أصحابنا إلى التخيير فيه دان
قتل، وهو مذهب أبى حنيفة، وحكى الماوردى عن مالك أنه يقتل[ ذا] (2) الوأى والتدبير، ويقطع[ ذا] (3) البطش والقوة، ويعذر ممن عداه ؛ قال: مرتبة على صفاتهم لاعلى أفعالهم.
قال الإمام: اختلف الناس فى معنى هذا الحديث، وفعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهؤلاء مافعل.
فقال بعض السلف: كان هذا قبل نزول الحدود وآية المحاربين والنهى عن المئلة، فلما نزل ذلك استقرت الحدود ونهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن المثلة، هو منسوخ.
وقيل: هو محكم غير منسوخ، وفيهم نزلت اتة المحاربين.
وإنما فعل النبى - عليه السلام - فيهم مافعل ؛ قصاصا ؛ لأنهم فعلوا بالرعلة مثل ذلك، وروى ذلك مسلم فى بعض حديئه، وابن إسحاق وموسى بن عقبة، وأهل السير، والترمذى (4)، ففى هذا مال مالك فى اْنه يقتضى القاتل بمئل مافعل بالمقتول، وقيل: بل ذلك حكم من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم زائدا على حد الحرابة لعظم جرمهم ومحاربتهم، وقتلهم
(1) لئظر: المغنى 12 / 474.
(2، 3) هكذا فى الا"صل.
(4) كالطهارة، بماجاَ فى بول مايؤكل لحمه برقم (72).
464 (5/463)
كتاب القسامة / باب حكم المحاربن والمرتدين 11 - (... ) وحلغّنا هَرُونُ بْنُ عَبْد ال!هِ، حدثنا سُلَيْمانُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، عَنْ أيوبَ، عَنْ أبِى رَجَاء مَوْلَى أَبى قِلابَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو قِلابَةَ: حَا شَا أنَسُ بْنُ مَالِك قَالَ: قَدمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ ! ( صلى الله عليه وسلم ) قَوْم مِقْ عُكْل أَوْ عُرَيْنَةَ، فَاجْتَوَوُا المَدِينَةَ، فَا"مَرَ لَهَمْ رَسُوذُ الكِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِلِقَاع، وَأَمَرَهُمْ أنْ يَشْرَبُوا مِقْ إدوَالِهَا وَألبَانِهَا.
بِمَعْنَى! دِيثِ حَخاج بْنِ ألِرو عثمَانَ.
قَالَ: وَسُمِرَتْ أعْيُنُهُمْ، وَالقُوا فِى الحَرة يَسْتَسْقُونَ فَلا يُسْقَوْنَ.
12 - (... ) وحدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذ.
ح وَحَدثنَا أحْمدُ بْنُ عثمَانَ الئوْفَلِى، حَدثنَا أزْهَرُ السئَمَانُ قَالا: حدثنا ابْنُ عُوْدط، حَدثنَا أبُو رَجَاء، مَولَى أبِى قِلابَةَ، عَنْ أَبِى قلابَةَ، قَالَ: كنتُ جَالِسئا خَلفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، فَقَاذَ للئاسِ: مَا تَقُولُونَ فِى القَسًامَة ؟ فَقَالَ عَنْبَسَةُ: قَدْ حدثنا أنَسُ بْنُ مَالِك كَنَا وَكَنَا.
فَقُاَلتُ: إئاىَ حَدَف أَنَم!، قَدمَ عًلَى الئبِى على قَوْم.
وَسَاقَ الحَديثَ بِنَحْوِ حَديث ألُّوبَ وَحَخاَج.
قَالَ أبُو قلابَةَ: فَلَمًّا فَرَغْتُ، تَالَ عَنْبَسَةُ: سمبحَانَ اللهِ ؛ قَالَ أَبُو قلابَةَ: فَقُلتُ: أَتَتَّهِمُنِى يَا عَنْبَسَةُ ؟ قَالَ: لاَ.
هَكَنَا حدثنا أنَسُ بْنُ مَالِك.
لَنْ تَزَالُوا بِخَيْر، يَا أهْلَ الشَام، مَادَامَ فِيكمْ هَنَا أوْمِثْلُ هَنَا.
الرعاة، وتمثيلهم بهم ؛ واْن النهى عن المثلة نهى ندب لا تحريم.
وأما قوله: (يستسقون فلا يسقون): فليس فيه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمر بذلك، وقد أجمع المسلمون أن من وجب عليه القتل فاستسقى لايُمنع الماَ قصداً، فيجمع عليه عذابان.
وقيل: إنما لم يسقوا معاقبةً لجنايتهم، وكفرهم نعمة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهم الألبان، فعاقبهم الله بذلك ؛ فلم يسقوا.
وقيل: بل عاقبهم الله بذلك لإعطاشهم ال بيت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأحد لقاحهم، ودعا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم فى حديث رواه ابن وهب أنه قال: (عطش الله من عطش ال محمد الليلة) (1).
فكان ترك الناس سقيهم إجابةً لدعائه وتنفيذأ لعقوبتهم.
وهذان وجهان حسنان لايبقى فيهما اعتراض ولا إشكال، لكن يبقى هنا اعتراض لقوله
فى الحديث: (إنها إبل الصدقه دا، وهو أن يقال: إن لقاح النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كانت معهما ترعى، فاكتسحوا الجميع.
فيجمع بيئ الحديثين، ويدل عليه قوله فى الحديث الاَخر: (وساقوا ذود 11) النسائى، كتحريم الدماَ، بتأويل قول الله عز وجل: { إنمَا جَزَاءُ النِين يُخارِبُون اللهَ يَرَسُولَهُ} [ الماثدة: 33]، 7 / ها، 99 برقم (36 0 4).
(5/464)
كتاب القسامة / باب حكم المحاربين والمرتدين+ 465 (... ) وحدئنا الخسَنُ بْنُ أَبِى شُعَيْب الحَرَّانِىُّ، حدثنا مسْكِينٌ - وَهُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ الحرَّانِىُّ - أخْبَرَنَا الأوْزَاعىُّ.
ح وَ حدثنا عَبْدُ اللّه بْنُ عَبْدِ الرًّ حْمَنِ الدَّارِمِى، أخْبَرَنَا مُحَمَدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأوزَاعِىِّ، عَنْ يحيى بْنِ أبِى كَثيرٍ، عَنْ أبِى قِلابَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك، قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ على ثَمَانِيةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وَزَادَ فِى الحًدً يثِ: وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ.
13 - (...
! وحدّثنا هَرُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدثنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدثنَا زُهَيْر، حدثنا سماكُ بْنُ حَرْب، عَنْ مُعَاويَةَ بْن قُرَّةَ، عَنْ أنَس، قَالَ: أتَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَفَرٌ منْ عَصَ
عُرَيْنَةَ، فًا"سْلَمُوا وَبَايَعُوًهُ.
وَقَدْ وَقَعً بِالمًدِينَةَ المُومُ - وً هُوَ البِرْسَامُ.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
!زَادَ وَعِنْده شَبَابٌ مِنَ الأنْصَارِ قَرِيبُ مِنْ عِشْرِينَ، فَا"رْسَلَهُمْ إِلَيْهِمَ، وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا يَقْتَمىُّ اثَرَهُمْ.
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فاجتووا المدينة)، فسروه فى الرواية الأخرى: (فاستوخموها) أى لم / توافقهم كما قال: (وسقمت أجسامهم).
قال الإمام - رحمه الله -: معناه: كرهوها لسقم أصابهم أخذا من الجوى وهو داء
فى الجوف
وقوله: (سمر أعينهم): روى (سمر) با لراء، (وسمل) باللام، فمعنى سمرها: كحلها بمسامير محمية، ومعنى سملها: فقأها بشوك أو غيره.
قال أبو ذؤيب: والعن بعدهم كأن حداقها سملت بشرك فهى عورتدمع
قال القاضى - رحمه الله -: هما بمعنى واحد، الراء تبدل من اللام.
قال الإمام - رحمه الله -: واللقاح المذكور فى الحديث جمع لقحة، وهى الناقة ذات الدر.
وقوله: (ولم يحسمهم) قال أهل اللغة: الحسم: كى العرق بالنار ليقف الدم،
ومنه الحديث: أتى بسارق فقال: (اقطعوه ثم احسموه): أى اقطعوا عنه الدم بالكى.
قال الإمام - رحمه الله - وقوله: (قد وقع بالمدينة الموم - وهو البرسام - ) ووقع
فى حواشى بعض النسخ من كتاب مسلم: (الحم) وراْيت لبعض الأطباء إذا حل هذه التسمية فى لغة اليونانين، إذ السامر اسم للورم، والبراسم المصدر، والمراسم للرافعى، وضأنهم أبدا فى الإضافة عكس ماعند العرب، من أنهم يقدمون المضاف إليه، فيكون مثل كلامهم أن يقولوا: زيد ثوب، يريدون: ثوب زيد، فكأنهم يقولون: إذا كان الورم فى
1 / 30
466(5/465)
كتاب القسامة / باب حكم المحاربين والمرتدين ! (... ) حدّثنا هَدَأبُ بْنُ خَالد، حَدثنَا هَمَّامٌ، حدثنا قَتَ الةُ، عَنْ أنَسبى.
ح وَحَدثنَا ابْنُ المُثنى، حَا شَا عَبْدُ الأعْلَى، حَا شَا سَعِيد، عَنْ قَتَالَةَ، عَنْ أنَسٍ.
وَفى حَدِيثِ هَمَابم: قَدِمَ عَلَى الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَهْط مِنْ عُرَيْنَةَ، وَفِى حَدِيثِ سَعِيد: مِنْ عُكْل وَعُرينَةَ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
14 - (... ) وحدثنى الفَضْلُ بْنُ سَهْل الأعْرجُ، حَا شَا يحيى بْنُ غملانَ، حَا شَا يَزيدُ
ابْنُ زُرَيع، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ أنَسٍ، قَالَ: إِئمَا سَمَلَ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) أعْيُنَ أولَئكَ ؛ لأَتهُمْ سَمَلُوا أعْيُنَ الرِّعَاءِ.
الرأس: رأس ورم، وإذا كان فى الصدر قالوا: صدر ورم، فيكون صيغة النطق لما فى الرأس البرسام، ولما فى الصدر البرسام، وقَل من رأيت من الأطباء يحقق الفرق بين هذه الألفاظ، ورأيت فى كتب بعضهم ربما كان البرسام عن الشىء يريدون: ربما كان ورم الرأس عن ورم الصدر.
قال القاضى - رحمه الله -: فى هذا الحديث حجة أن المحارب لايحسم لأنه ممن خير
فى حده بالقتل، لكن إن حسم نفسه يمنع.
واْما السارق فيحسم عندنا ؛ لاكن حده القطع فقط، فيبادر بحسمه لئلا ينزف دمه فيموت، وهو مذهب الشافعى وأبى ثور (1) وغيرهما.
وقوله: (يتشربوا من ألبانها وأبواله ال: دليل على طهارة أبوال الإبل، وحجة للمالكية فى طهارة بول مايوكل لحمه، واحتج به من يرى نجاستها بجواز التداوى بالمحرمات للضر ور ة.
وقوله: بعث معهم قائفا: (القائف !: مميز الآثار ومتتبعها.
وفى بعفأسانيده:
نا الحسن بن أبى شعيب الحرانى، نا مسكين - وهو ابن بكير الحرانى - نا الأوزاعى.
كذا عند كثر شيوخنا، وكان عند القاضى الشهيد عن العذرى: نا مسكين - وهو ابن بكير - قال لنا، وهو خطأ.
وقال البخارى: مسكين بن بكير (2)، وكذلك ذكره فى التاريخ، والصحيح هوالمعروف المحفوظ.
وكذا ذكره أبو حاتم والحاكم وغيرهم.
(1) انظر: ا لاستذكار 24 / 206، المفنى 12 / 1 ما.
(2) مسكين بن بكير أبو عبدالرحمن الحذاَ، روى عن سعيد بن عبد العزيز وجعفر بن بركان والأوزاعى ومالك وغيرهم، وعنه أحمد بن حنبل والنفيلى والمغيرة بن عبد الرحمن الحرانى وغيرهم، قال اْحمد:
لا بأس به ولكن فى حديثه خطأ، قال ابن معين: لا بأس به وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: مات سنة ثمان وتسعين وماثة.
التهذيب 10 / 120، 121.(5/466)
كتاب القسامة / باب ثبوت القصاص فى القتل بالحجر وغيره...
إلخ 467
(3! باب ثبوت القصاص فى القتل بالحجر وغيره من
المحددات والمثقلات، وقتل الرجل بالمرأة
15 - (1672) حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثنى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشئَار - وَاللَفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَام بْنِ زَيْد، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك ؛ أَن يَهُوديا قَتَلَ جَارِيَة عَلَى أوْضاع لَهَا، فَقَتَلَهَا بِحَجَرٍ.
قَالَ: فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَعِى على وَبِهَا رَمَقٌ.
فَقَالَ لَهَا: (أقَتَلَك فُلان! ؟ لا فَا"شَارَتْ بِرَأسِهَا ؛ أنْ لا، ثُمَّ قَالَ لَهَاَ الثانِيةَ، فَا"شَارَتْ بِرَأسِهَا ؛ أنْ لا، ثُمَ يمَألَهًا الثالِثَةَ.
فَقَالَتْ: نَعَمْ، وَأشَارَتْ بِرَأسِهَا.
فَقَتَلَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بيْنَ حَجَرَيْنِ.
(... ) وحدّثنى يحيى بْنُ حَبِيمب الحَارِثِىُّ، حدثنا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ.
ح وَ حدثنا أبُو كُرَيْ! ب، حَدثنَا ابْنُ إِ! رِش!، كِلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، بِهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَفِى حَلِيثِ ابْنِ إِدْرِش!: فَرَضَخَ رَأسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
وقوله: (إن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر)، وفى رواية أخرى: (على حملها وإلقائها فى قليب ورضخ رأسها بالحجارة) قال: فجىء بها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وبها رمق، فسألها النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (اْقتلك فلان ؟) وفى الحديث الاَخر: (من صنع بك ؟ فلان ؟ فلان ؟ حتى ذكروا يهوديا فأومت برأسها فأخذ اليهودى فأقر، فأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن يُرض! رأسه بالحجارة، وفى الرواية الأخرى: (فأشارت برأسها أن لا، ثم أشارت فى الثالثة براْسها أن نعم، فقتله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بين حجرين)، وفى بعض طرقه: دا فرضخ رأسه بين حجرين) وفى بعض طرقه: (فأمر به اْن يرجم حتى يموت)، قال الإمام - رحمه الله -: هذا الحديث فيه الرد على من أنكر القصاص بغير الحديدة، وفيه دلالة على قتل الرجل بالمرأة /، خلافا لمن شذ فقال: لا يقتل الرجل بالمرأة.
[ وفيه دلالة على التَّوْفيَة بقول المقتول] (1)، هكذا استدل به بعضهم، وإنما قتله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لأنه أقر.
هكذاَ ذكره مسلم فى بعض طرقه: (فأخذ اليهودى فأقر).
وأما رجمه بالحجارة فلعله رأى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه لما قتل بالحجارة وجب قتله بها، ورأى أن رجمه بها جهة الرأس: رضخ، وقد بين فى بعض طرقه أن الجارية من الأنصار.
(1) سقط من ع.
30 / ب
468(5/467)
كتاب القسامة / باب لْبوت القصاص فى القتل بالحجر وغيره...
إلخ.
16 - (... ) حدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنْ إلوبَ،
عَنْ أَبِى قِلابَةَ، عَنْ أنَسبى ؛ أنَّ رَجُلا مِنَ اليَهُودِ قَتَلَ جَارِيَة مِنَ الأنْصَارِ عَلَى حُلى لَهَا، ثُمَّ ألقَاهَا فِى القَلِيبِ، وَرَضَخِ رَأسَهَا بِالحِجَارَةِ، فَاخذَ فَأتِىَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَافَرَ بِهِ أنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ، فَرُجِم حَتَى مَاتَ.
قال القاضى - رحمه الله -: وذكر أبو عبد الله بن المرابط فى شرحه: اْن هذا كان الحكم فى أول الإسلام ؛ قبول قول القتيل، وأن هذا معنى هذا الحديث.
وماجاء من اعترافه فى هذا الحديث فإنما جاز رواية قتادة ولم يقله غيره، وهو مما عد عليه ورضخه بين حجرين، ورضه بالحجارة، ورجمه بالحجارة، كله بمعنى، فإن رميه بالحجر الأعلى أو الحجارة وراءه على آخرين رجم بالحجارة، وقد يكون رجمه نوعا مما فعل بها لما جاء فى الحديث الآخر: (ألقاها فى قليب ورضخ رأسها بالحجارة)، وهذا رجم لا شك فيه.
وقد اختلف الناس فى القصاص بغير المحدد من السيف والرمح والسكين وغيره، فذهب جمهور العلماء إلى أن القاتل يقتل بمثل ماقتل به من حجر أو عصى، ولاتفريق أو اختلاف لهذا الحديث وغيره، ولقوله: { لَانْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقبُوا بمثْلِ مَا غوقبْتُم، } الاَدة (1)، وقوله: { فَمَنِ اعْتَلىَ عَلَيْكُمْ فَاعْتَذوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَئ عَيكُم} الاية (2).
واخثلف هولاء فى القصاص بالتحريق بالنَّار لمن فعل ذلك بأحد، فقال مالك والشافعى: إنْ طرحه فى النار حتى مات فُعل به كما فعل، وقال ابن الماجشون وغيره: لايحرق بالنار ويقتل بغير ذلك للحديث: ا لايعذب بالنار إلا الله) (3).
ثم اختلفوا إذا لم يمت من ضربه بالعصى أو بحجر فى القود، فمعظمهم يرى تكرير
ذلك عليه حتى يموت، وهو قول مالك والشافعى (4)، إلا أن مالكا قال فى روايته: إلا أن يكون فى ضرب العصى تطويل وتعذيب فيقتل بالسيف، وكذلك قال عبد الملك فى الرجم بالحجارة.
وأصل هذا المذهب القود بما قتل.
وقال الشافعى نحوه فى المحبوس فى البيت أياما دون طعام حتى مات، يفعل بقاتله مثل ذلك وإن لم يمت فى تلك الأيام، فقيل: وكذلك من قطع يدى رجل ورجليه واْلقاه فى مهواة فمات، يفعل بقاتله مثله.
فإذا لم يمت قتل بالسيف (ْ).
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن لا قصاص إلا بالسيف وروى عن الشعبى والنخعى والحسن، واحتجوا بحديث: لأ لاقود إلا بحديدة! وبالنهى عن المثلة (6)، وحملوا حديث: ا لاقود إلا بحديدة) فيمن لم يمثل وقتل بحديدة (7).
(1) للنحل: 126.
(2) البقرة: 194.
(3) اْبو ثاود، كالجهاد، بكراهية حرق العدو بالنار 2 / 50 بلفظ: (إلا رب النار)، الدارمى 2 / 222.
(4) انظر: للغنى 447 / 11.
(5) لنظر: الاستذكار 25 / 246، 247.
(6) انظر: المصدر السابق 25 / 247.
(7) انظر: المصدر السابق.(5/468)
كتاب القسامة / باب ثبوت القصاص فى القتل بالحجر وغيره...
إلخ 469 (... ) وحدّثنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَدُ بْنُ بَكْرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، أخْبَرَنِى مَعْمَز عَنْ أئوبَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
17 - (... ) وحدثن ال دَّابُ بْنُ خَالِد، حَدثنَا هَمَّام، حَدثنَا قَتَادَةُ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك ؛
أن" جَارِيَة وُجِدَ رَأسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْن.
فَسَألُوهَا: مَنْ صَنَعَ هَنَا بِك ؟ فُلانو ؟ فُلان ؟ حَتَى ذَكَرُوا يَهُودِيا، فَأوْمَتْ بِرَأسِهَا، فَاخذ اليَهُو!ى فَا"قَر فَا"مَرَ بِهِ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ يُرَضنَ رَأسُهُ بِالحِجَارَةِ.
وفى هذا الحديث - أيضا - لاحجة على وجوب القصاص على القاتل بكل مايقتل مثله ؛ كساقىّ السم، والخانق، ورامى الرجل من الجبل أو فى البئر، أو الضارب بالخشبة والعصى، وتغريقه فى الماء.
وعلى هذا جمهور العلماء.
وذهب أبو حنيفة إلى اْنه لا قصاص على القاتل بمثل هذا إلا فيمن قتل بمجرد من حديد، أو بحجر محدد، اْو خشب أو هو مجرد.
فيقتل الناس بالخنق.
قد خنق غير واحد والإلقاء فى النار، واختلف عنه بها بمثقل الحديد كالدبابيس والعمد.
واختلفوا إذا قتل مالم تجر العادة بالقتل به قاصدا القتل كالعصى، واللطمة، والسوط، والبندقة، / والقضيب.
فعند مالك: القود من هذا كد، وعند غيره: أنه شبه العمد لاقود فيه، دانما فيه الدية مغلظة، ومالك لايقول بشبه العمد فى هذا إنما هو عمد أومنها.
وبقول مالك قال الليث.
قال أشهب: دن يختلف فى المجازاة فى هذا.
قال أبو عمر: ولم يوافق مالكا - يعنى من علماء الأنصار - عليه إلا الليث، وقد قال بقولهما جماعة من السلف من الصحابة والتابعين.
وذهب جمهور فقهاء الأنصار إلى أن هذا كان شبه العمد إنما فيه الدية مغلظة، وهو قول سفيان الثورى وأبى حنيفة والشافعى واخمد دإسحق وأبى ثور، وقد ذكر عن مالك، وقاله ابن وهب من اْصحابنا، وروى عن جماعة من الصحابة والتابعن (1)، دان اختلفوا في أسنان الإبل فى المغلظة، وفيما كان شبه العمد من القتل بغير المحدد على مامضى بعضه.
وفيه حجة على أن الإشارة البينة والإيماء يقوم مقام النطق وا لتصريح.
قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: (على أوضاح): هى حلى الفضة، قاله
أبو عبيد، وقد ذكر فى الحديث الآخر مكانه: (الحلى ".
قال القاضى - رحمه الله -: قيل: الأوضاح جمع وضح، وهى حلى من حجارة والرمق بقية الروح.
(1) لنظر: الاصتذكار 25 / من2، 249.
31 / أ
470(5/469)
كتاب القسامة / باب الصائل على نفس الإنسان...
إلخ
(4) بأب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، إذا دفعه المصول
عليه فأتلف نفسه أو عضوه لاضمان عليه
18 - (1673) حئثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَاثنُ بَشَّار، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَالَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ عُمْرَانَ بْنِ حُصَيْن، قَالَ: قَاتَلَ يَعْلَى بْنُ منيَةَ أوِ ابْنُ أُمَيَّةَ رَجُلا، فَعَضَّ أحَلُهمَا صَاحبَهُ، فَانْتَزعً يَدَهُ مِنْ فَمهِ، فَنَزعً ثَنِيَّتهُ - وَقَالَ ابْنُ المُثنى: ثَنِيتيْهِ - فَاخْتَصَمَا إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: (أيَعَضُّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ ؟ ل اليَةَ لَهُ ".
(... ) وحدثّنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار، قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَالَةَ عَنْ عَطَاء، عَنِ ابْنِ يَعْلَى، عَنْ يَعْلَى، عَنِ الئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِهِ.
وقوله: قاتل يعلى بن منية أو ابن أمية رجلا فعض أحدهما يد صاحبه - الحديث:
كذا قال هذا، وذكر فى الرواية الأخرى: أن أجيراً ليعلى بن أمية عض رجل ذراعه.
وهذا هو المعروف أنه الأجير يعلى لا ليعلى.
وقوله: يعلى ابن منية أو أمية: منية بسكون النون وبعدها ياء باثنتين تحتها، هو يعلى بن أمية اسم أبيه، وأمه منية أو جدته.
قال أبو الحسن الدارقطنى: منية بنت الحارث هى جدة يعلى بن اْمية أم أبيه، وبها يعرف، قاله الزبير بن بكار وأهل الحديث يقولون: إنها أمه، و(نها منية بنت غزوان.
يعلى بن أمية أمه منية بنت جابر.
قال القاضى - رحمه الله -: بعض أصحاب الحديث يقولون ابن منبه بفتح النون
وباء بواحدة، وهو تصحيف وقرأت بخط أبى على الجيانى: كان ابن وضاح يقول: اْمه منبه وأبوه منية، قال: ووهم فى اسم الأب وانما هو أمية.
وقوله: انتزع يده من فمه فنزع ثنيته، فقال - عليه السلام -: لأ لادية له)، وفى الرواية الاَخرى: (فأبطله)، وفى الانحرى: ! فأهدر ثنيته)، وقال: (اْردت اْن تأكل لحمه) ؟، وفى الرواية الاخرى: (تأمرنى أن آمره أن يدع يده فى فيك تقضمها كما يقضم الفحل ؟ ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعه ال ليس معنى هذا الأمر: يدفع يده ليعضها، و(نما هو بمعنى الإنكار عليه، ألى أنك لاتدع يدك فى فيه يعضها فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك وتطلبه به حتى بِجَنْبِه لذلك.
(5/470)
كتاب القسامة / باب الصائل على نفس الإنسان...
إلخ 471 19 - (... ) حدّثنى أبو غَسئانَ المِسْمَعِى، حَا شَا مُع الد - يَعْنِى ابْن هِشامِ - حدثنِى
، ص ص ص ص !
ألِى عَنْ قَتَ القَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أوْفَى، عَنْ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ؛ أَنَّ رَجُلا عَضَ ذِرلَ رَجُل، فَجَنَبَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيتهُ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فابطَلَهُ.
وَقَالَ: (أرَدْتَ أَنْ كلَ لَحْمهُ ؟).
20 - (1674) حدّثنى أَبُو غَسَّانَ المِسْمَعِى، حَا شَا مُعَاذُ بْنُ هشَامٍ، حَلّثنِى أبِى،
عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ بهلَيْل، عَنْ عَطَاءِ بْنِ ألَى رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى ؛ أنّ أجيرًا لِيَعْلَى بْنِ منيَةَ، عَضَ رَجُل فِرَاعَهُ، فَجَنَبَهَا فَسَقَالَتْ ثَنيتهُ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) فَابطًلَهَا.
وَقَالَ: (أرَدْتُ أنْ تَقْضَمَهَا كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ ؟).
قال الإمام - رحمه الله - اختلف الناس فى المعضوض إذا جذب يده فسقطت أسنان العاض، فالمشهور عندنا اْنه ضامن، وقال بعض أصحابنا: لاضمان عليه.
وبالتضمن قال الشافعى، وبإسقاطه قال أبو حنيفة.
وقال بعض المحققن من شيوخنا: إنما ضمَّن من ضمَّن من أصحابنا لأنه يمكن النزع بالرفق حتى لايقلع أسنان العاض، فإذا زاد على ذلك صار متعديا فى الزيادة فضمَّن، وحملوا الحديث على من لم يمكنه النزع إلا بذلك الذى أدى إلى سقوط الأسنان.
وقال بعضهم: لعل أسنانه كانت متحركة فسقطت عقب النزع، وهذا التأويل بعيد عن ظهر / الحديث.
وكذلك اختلف الناس - أيضا - فى الجمل إذا صال على رجل فدافع عن نفسه فقتله،
هل يضمَن أم لا ؟ وبنفى التضمين قلنا نحن والشافعى، وب!ثباته قال أبو حنيفة، والحجة لنفى التضمين أنه مأمور بالدفع عن نفسه، ومن فعل ما أمر به لم يكن متعديا، ومن ليس متعديا فلا يضمن فى مثل هذا، وقياسا عليها لو قتل عبدأ فى مدافعته إياه عن نفسه.
ومن أثبت الضمان رأى أنه أحيا نفسه بإتلاف مال غيره فأشبه من اضطر لطعام غيره فأكل منه خوف الموت فإنه يضمن.
والفرق عندنا بين السؤالن: أن اجل لطعام غيره ابتدأه من قبل نفسه ولاجناية من
رب الطعام ولا من الطعام عليه، فلهذا ضمن.
وفى الجمل لم تكن البداية منه بل سبب الجناية عليه، فلهذا لم يضمن.
واْيضا فإن الطعام ينوب غيره منابه فى إحياء نفسه، فكأن الضرورة فيه لاتحقق، فصار ككل اختيارا.
ولا مندوحة له فى الجمل، ولاتتفق مدافعة غير ذلك الجمل فلا تنجيه فتحققت الضرورة، فهذان فرقان بينهما.
ومن هذا المعنى سؤال ثالث وهو: لو رمى إنسان أحدا نظر إليه فى بيته فأصاب عينه، فاختلف أصحابنا - اْيضا - فى ذلك، فالاكثر منهم على إثبات الضمان، والاْقل منهم على نفى الضمان.
وبالأول قال أبو حنيفة، وبالثانى قال الشافعى، فأما نفى الضمان فلقوله ( صلى الله عليه وسلم ):
31 / ب
472 (5/471)
كتاب القسامة / باب الصائل على نفس الأنسان...
إلخ 1 2 - (673 1) حدتمنا اُّحْمَدُ بْنُ عثمَانَ النَّوْفَلِى، حدثنا قُرَيْشُ بْنُ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن، عَنْ مُحَمَّد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن ؛ أنَّ رَجُلا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَانْتَزعً يَدَهُ فًسَقَطَتْ ثَنِيتهُ اُّوْ ثَنَايَاهُ، فَاسْتَعْدَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) 5ً فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَاتَا"مُرُنِى ؟ تَا"مُرُنِى أنْ آمُرَهُ أَنْ يَدعً يَدَهُ فِى فِيكَ تَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ ؟ ادْفَعْ بَدَكَ حَتَّى يَعَضَّهَا ثُمَّ انْتَزِعْهَا).
22 - (1674) حدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا هَمَّاثِم، حَدثنَا عَطَاء!، عَنْ !فْوَانَ بْنِ
يَعْلَى بْنِ مُنْيَةَ، عَنْ أَبِيه.
قَالَ: أتَى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُل، وقَدْ عَضَّ يَدَ رَجُل، فَانْتَزعً يَدَهُ فَسَقَطَتْ ثَنِيتاهُ - يَعْنى الًّذى عَضَّهُ - قَالَ: فَا"بْطَلَهَا النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَقَالَ: (أرَدْتَ أَنْ تَقْضَمَهُ كَمَا يَقْضَمُ الفَحْلُ ؟ لما.
َ
23 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا أبُو اسَامَةَ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْج، أخْبَرَنِى عَطَاء.
أخْبَرَنِى صَفْوَان بْنُ يَعْلَى بْنِ أميَّةَ عَنْ أَبيه، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) غَزْوَةَ تَبُوكَ.
قَالَ: وَكَانَ يَعْلَى يَقولُ: تِلكَ الغَزْوَةُ أوْثَقُ عًمًلِى عِنْدِى.
فَقَالَ عَطَاء!: قَالَ صَفْوَان: قَالَ يَعْلَى: كَانَ لِى أجِير، فَقَاتَلَ إِنْسَانا فَعَضَّ أحَل!مَا يَدَ الآخَرِ - قَالَ: لَقدْ أَخْبَرَنِى صَفْوَانُ أيُّهُمَا عَضَّ الاَخَرَ - فَانْتَزغ المَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِى العَاضن، فَانْنَزعً إِحْدَى ثَنِيتيهِ، فَأتَيَا النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَأهْدَرَ ثَنِيتهُ.
ا لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن، فحذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح) (1).
وأما إثبات الضمان، فلأنه لو نظر إنسان إلى عورة إنسان اخر بغير إذنه لم يستبح بذلك فقأ عينه، فالنظر إلى الإنسان فى بيته لولا اْلا يستباح به ذلك، ومجمل الحديث عندهم على أنه رماه ؛ لينبههم على أنه فطن له ليدفعه عن ذلك غير قاصد بفقء عينه فانفقأت عينه خطأ، فالجناح منتف، وهو الذى نفى فى الحديث.
وأما الدية فلا ذكر لها.
قال القاضى - رحمه الله -: هذا الباب مما تتبعه الدارقطنى (2) على مسلم فذكر أولا
غير مسلم حديث شعبة عن قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين، قال: قاتل يعلى.
وذكر مثله عن محمد بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، ثم ذكر وجها آخر عن شعبة، عن قتادة، عن عطاء، عن ابن يعلى، عن يعلى.
وحديث همام عن عطاء عن ابن يعلى، عن
(1) البخارى، كللديات، بمن اطلع فى بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية 9 / 13، وأحمد - 2 / 243.
(2) الالزامات والتتبع ص 176، 77 1
(5/472)
كتاب القسامة / باب الصائل على نفس الإنسان...
إلخ كلا 4 (... ) وحدّثناه عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أخْبَرَنَا ابْنُ جُركج، بِهَنَا الاِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
يعلى.
وحديث ابن جريج عن عطاء، عن ابن يعلى، عن يعلى.
ثم ذكر حديث معاذ ابن هشام عن أبيه، عن قتادة، عن ابن يعلى، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، وهذا اختلاف على عطاء.
ذكر - أيضا - حديث قريش بن أنس، عن ابن عوف بن سيرين، عن محمران.
قال الدارقطنى: انفرد به قريش عن ابن عوف بن سيرين، ولم يذكر فيه سمامحا منه ولامن ابن سيرين من عمران ولم يخرج البخارى لابن سيرين عن عمران شيئا.
474
(5/473)
كتاب القسامة / باب إثبات القصاص فى الأسنان ومافى معناها
32 / أ
(5) باب إثبات القصاص فى الأسنان وما فى معناها
24 - (1675) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا عَفانُ بْنُ مُسْلبم، حَدثنَا حَمَّاد، أخْبَرَنَا ثَابت"، عَنْ أنَس ؛ أن أخْتَ الربيع - امَّ حَارِثَةَ - جَرَحَتْ إِنْسَانَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النّبِى عللا.
فَقَالَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (المصَاصَ، القِصَاصَ).
فَقَالَتْ امُّ الرئيع: يَارَسُولَ اللّهً، أَيُقتَصُّ مِنْ فُلانَةَ ؟ وَالئَه، لايُقْتَصّ مِنْهَا.
فَقَالَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ): (سمبحَانَ اللّه ؛ يَا امَّ الرَّبِيع، القِصَاصُ كتَابُ الله).
قَالَت: لا.
وَاللّهِ، لايُقْتَضُ منْهَا أَبَدا.
قَالَ: فَمَا زَالَمت حَتَى قَبلُوا الدَيةَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لُوْ أَقْسَمَ عَلَى اللّه لأبَرص).
وقوله: (إن أخت الربغ تقضمها كما يقضم الفحل): أى يعضها.
والقضم بأطرات الأسنان، والأفصح الكسر فى الماضى والفتح فى المستقبل.
وقوله: (إن أخت الربغ أم حارثة جرحت إنسانا)، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (الفصاص القصاص كتاب الله القصاص)، وقوله: (أم الربغ لايقتص منها): / المعروت أن الربيع هى صاحبة هذه القصة، وكذا جاء الحديث فى البخارى من الروايات الصمحيحة أنها الربغ ابنة النضر وأخت أنس بن النضر (1).
وكذا فى المصشفات (2) وهو الصحيح، رواه القابس مثل رواية مسلم أو فى كتاب الديات، وضرب الأصيلى على قوله: (أخت)، وجاء مفسرا فى غير الأم عند البخارى وغيره، وبين جرمها ؛ أنها لطمت جارية فكسرت ثنيتها.
احتج بهذا الحديث من يرى القصاص بين الرجال والنساء فيما دون النفس.
واتفقوا على القود بينهما فىِ النفس، حاشى الحسن وعطاء فلم يريا القود بينهما فى نفس ولاغيره لظاهر قوله: { وَالأُنثى بِالأُنثَى} (3) وتأويل الجماعة اْنَ الاية منسوخة بقوله: { النفْسَ بِالثفْس} (4) مفسرة بها.
ومخصوصة فيما كانت الجاهلية تفرق بين الأشرات وغيرهم، أو يتراجعون فيه من زيادة نصف الدية مع قتل المرأة على ما اختلف فيه المفسرون، وقد اختلف.
احتج البخارى بحديث الربغ فى هذا.
والذى عندى أنه لاحجة فيه ؛ لاءن حديث الربغ إنما كانت فى كسر سِنّ جارية.
وقد خرج البخارى فى هذا الحديث هكذا: فالأسنان المذكورة هنا هى تلك الجارية.
وانسان ينطلق على الذكر والأنثى، والقصاص فى الجريع غير مختلف فيه، إلا ماكان منها (1) البخارى، كالديات، بقتل الرجل بالمراْة 9 / 8.
(2) النسائى، كالقسامة، بالقصاص فى الثنية 8 / 27 برقم (4757)، ابن ماجة، كالديات، بللقصاص فى السن 2 / 4 ول برقم لا 264).
(3) ا لبقرة: 78 1.
(4) ا لما ئد ة: 5 4.
(5/474)
كتاب القسامة / باب إثبات القصاص فى الأسنان ومافى معناها 475 مخوفا متلفا كالمتظلمة والمأمومة والجائفة فلا قود فيها (1) وفيها الدية واختلف هل مغلظة اْم لا ؟ ومشهور مذهبنا اْنها غير مغلظة.
وأما السن فلا خلاف فى القصاص إذا قلعها أو طرحها.
واختلف فى القصاص فى كسرها وفى سائر عظام الجسد، فذهب مالك إلى القصاص فى ذلك كله اعتمادا على حديث الربيع، إلا ماكان من ذلك مخوفا متلفأ لعظم الفخذ والصلب.
وذهب الكوفيون والشافعى واللسِث إلى أنه لاقود فى كسر عظم ماخلا العين ؛ لعدم الثقة فى المماثلة فى القود كستر اللحم له.
واتفقوا على أنه لاقصاص فى عظام الرأس.
وقوله: (قالت أم الربيع: والله لايقتص منها)، وفى البخارى (2) أن قالْل هذا هو
أنس بن النضر وهو أخوها.
ليس هذا اعتراض على حكم الله وحكم نبيه دل على طريق الرغبة إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وإلى الأولياء والثقة بهم ألا يفعلون ذلك، وطريق الثقة بالله والتضرع إليه بالقسم به داذا كان اللفظ ورد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أظهر فى التأويل اي!ول.
وقوله: (فما زالت حتى قبلوا الدية) أيضا يؤكده، وأنها كانت راغبة إليهم أو إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لالعفو.
وقوله: (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) يؤكده التأويل الثانى.
وفيه صحة كرامات الأولياء.
(1) انظر: الاستذكار 25 / 124 ومابعدها.
(2) البخارى، كالتفسير، ب{ يَا أَمَا الذنىَ تمنوا كُعبَ عَلَيهُمُ الْة متاعىُ فِي الْقَاْلى} 6 / 65.
32 / ب
476 (5/475)
كتاب القسامة / باب مايباح به دم المسلم
(6) باب مايباح به دم المسلم
25 - (1676) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَا شَا حَفْصُ بْنُ غِيَاث وَأبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيع، عَنِ الأعْمَش، عَنْ عَبْد الله بْنِ مُرًّ ةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالً: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لايَحلُّ !مًّ امْرِئ مُسلمٍ، يَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأِّنى رَسُولُ اللهِ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: الثيًبُ الرانِ، وَالنفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ للجَمَاعَةِ).
(... ) حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حدثنا أبِى.
ح وَ حدثنا ابْنُ أبِى!عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ.
ح وَ حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَلِىُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالا: أخْبَرَنَا عيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
26 - (... ) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى - وَاللَّفْظ لأحْمَدَ - قَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ مَهْدِئ عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ مُرة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (وَائَنِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، لايَحِلُّ دَمُ رَجُم مُسْلمٍ يَشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَثؤنى رَسُولُ اللهُ، إِلا ثَلائَةُ نَفَرٍ: التَارِكُ الاِسْلامَ، المُفَارِق لِلجًمَاعَةِ أوِ الجَمَاعَةَ - شَلث فِيهِ أحْمَدُ - وَالثيبُ الزَّانِى، وَالنَّفْسُ بِالنفْسِ).
قَالَ الأعْمَشُ: فَحَدَّ!تُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدثنِى عَنِ الأسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، بِمِثْلِهِ.
وقوله: ا لايحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزان، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة): وقوله: (الثيب الزانى) إشارة إلى ما أجمع عليه المسلمون من الرجم وسيأتى تفسيره.
وقوله: (النفس بالنفس): احتج به الكوفيون فى تساوى النفوس، وجعلوها ناسخة لقوله تعالى: { الْحُز بِالْحُزِ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْد} (1)، وقالوا: عاد كل واحد من هؤلاء من الآخر.
ومالك وغيره جعل الاَية مفسرة لذلك، وأن معناها: أن نفس الأحرار متساوية وأنفس العبيد متساوية /، وأن العبيد يتكافؤون فى دمائهم، وذكر أنهم كالأحرار.
ولاقصاص مابين العبيد والأحرار فى شىء هو قول الشافعى.
وأهل الحجاز والليث بن
(1) ا لبقرة: 178.
(5/476)
كتاب القسامة / باب مايباح به دم المسلم كلا 4 (... ) وحدئنى حَجَّاجُ بْنُ الشَاعِرِ وَالقَاسمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، قَالا: حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ عَنِ الأعْمَشِ، بِالإِسْنَادَيْنَِ جَمِيعأ، نَحْوَ حَلِيثِ سُفْيَانَ.
وَلَمْ يَذْكُرَا فِى الحَدِيثِ قَوْلَهُ: (وَالَّنِى لا إِلَهَ غَيْرُهُ).
سعد قالوا: ويقتل العبد بالحر، ولايقتل الحر به.
قال الشافعى: ليس بيئ الحر والعبد قصاص إلا أن يشاء الحر، وهو غير ماتقدم.
وقال أبو حنيفة: لاقصاص بينهم إلا بالنفس.
وقال ابن أبى ليلى: القصاص بينهم فى كل شىء (1).
قوله: (التارك لدينه المفارق للجماعة): عام فى كل مفارق للإسلام بأى ردة كانت بينة، وفى قوله: (المفارق للجماعة) حجة على قتل الخوارج وأهل البدع وغيرهم، وقتلهم إذا منعوا أنفسهم من إقامة الحق عليهم وقاتلوا على ذلك، وفى قتال أهل البغى وقتلهم وفى كل خارج على الجماعة، كان خروجه كفرأ أو غيره.
قال القابسى: يحتمل أن يكون خروجه خروجا يترك به الجماعة أو يبغى عليها، فيقاتل على ذلك حتى يفىء إلى دينه وإلى الجماعة، وليس بكافر.
ويمكن أن يكون خروجه كفرأ أو ردة.
(2) انظر: المغنى 1 1 / كي 4 - 476.
478
(5/477)
كتاب القسامة / باب بيان إثم من سن القتل
(7! باب بيان إثم من سن القتل
27 - (677 1) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عبدِ اللّهِ بْنِ نُمَيْر - وَاللَّفْظُ لابْنِ أبِى شَيْبَةَ - قَالا: حدثنا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبْد الله بْنِ مُرة، عَنْ مَسْرُوق، عَنْ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لاتُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلظَ، إِلَا كَانَ عَلَى ابْنِ الحمَ الأ!لِ كِفْلٌ مِنْ !مِهَا ؛ ل النَهُ كَانَ أؤَلَ مَنْ سَن القَتْلَ).
(... ) وحدّثناه عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا جَرِير.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا جَرِيرمد وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ.
ح وَ حدثنا ابْنُ أِبِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، كُلُهُمْ عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَاد.
وَفِى حَلِيثِ جَرِير وَعِيسى بْنِ يُونُسَ: ا لأنَّهُ سَن القَنْلَ) لَمْ يَذْ كُرَ ا: أؤَلَ.
وقوله: ا لاتقتل نفسى ظلما إلا كان على ابن ادم الأول كفل من دمها ة لاْنه أول من
سن القتل!، قال الإمام - رحمه الله -: الكفل، بكسر الكاف: الجزاَ والنصيب، ومنه قوله تعالى: { يَكن لَة كِفْل ثنْهَا} (1)، وهذا أصل فى أن المعونة على مالا يحل لاتحل، قال الله تعالى: { وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الأثْ!م والْعُمْوَان} (2)، وقد جعل الدال على الخير كفاعله (3)، وهكذا الدال على الشر كفاعله.
ولعل القتل إنما كان عند الشافعى على جهة التعليم إذا أخذه واحد عن واحد عن اخر حتى ينتهى إلى ابن آدم الأول، وهكذا التعليم فى البدع والضلالات، ويكون على معلمها الأول كفل منها.
وهكذا على قياسه يكون للمعلم الأول للهدى والحقالْق نصيب من الاْجر.
قال القاضى - رحمه الله -: هذا كله قد أبانه عليه السلام بقوله: (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها) (4)، وورد: (من عمل بها إلى يوم القيامة).
وأما الكفل، فقيل فيه ماقال الإمام.
وقال الخليل: الكفل من الأجر، والإثم: الضعف.
(1) للنساَ: 85.
(2) ا لما ئد ة: 2.
(3) الترمذى، كالعلم، بماجاء: الدلل على الخير كفاعله 5 / 1 4 برقم (0 267).
(14 مسلم، كللعلم، بمن سن مشة حسنة أوسيئة 15 / 4.
(5/478)
كتاب القسامة / باب المجازاة بالدماء فى الاَخرة...
إلخ
(8) باب المجازاة بالدماء فى الآخرة، وأنها أول
479
مايقضى فيه بين الناس يوم ا مة
28 - (678 1) حدّثنا عثمَ ال بْنُ أرى، بْنُ إِبْرَاهيمَ، وَمُحَفَدُ
ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، جَمِيغا عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ ا.
شَا)بُو بَكْرَ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَوَكِيعٌ عَنِ الأكمَ!ثي، ! وَ!، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أؤَلُ مَايُقْضى بَيْنَ الناصلى.
يَؤمَ ا، فِى اللفَاءِ!.
(!.
.
) حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَا شَا ايِى.
ح وَحَدثَّنِى يحيى بْنُ حَبِيبٍ، حَدثنَا خَالِد - يَعْنِى ابْنَ الحَارِثِ.
ح وحَدئمنىِ بشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ.
ح وَ حدثنا ابْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَارٍ قَالا: حدثنا ابْنُ أَبى عَدئ، كُفهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أن وَائِلٍ، عَنْ عَبْد اللّه، عَنِ النَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمَثْلِهِ.
غَيْرَ أنَ بَعْضَهُمْ قَالَ عَنْ شُعْبَةَ: (يُقْضَى لا.
وَبَعْضُهُمْ قَالَ: َ (يُحكَمُ بَيْنَ النَّاع!).
قوله: (أول مايقضى على الناس يوم القيامة فى الدماء)، هذا ظاهر فى تغليظ أمر الدماء، وليس هذا الحديث معارض للحديث الاَخر: (أول ماينظر فيه من عمل العبد الصلاة)، فهذا فى خاصة أعمال العبد لنفسه وذلك فيما بينه وبين غيره.
33 / 1
(5/479)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماء...
إلخ
480
(9) باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال
29 - 6791 1) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بنُ أيِى شَيْيَةَ ويحْىَ بْنُ حَبِيمب الحَارِثِىُّ - وَتَقَارَبَا فِى اللَفظ - قَالا: حَدثنَا عبدُ الوَهَّاب الئقَفِى عَنْ أئوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابن أيِى بَكْرَةَ، عَنْ أً بِى بَكْرَةَ، عَنِ النَّبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) أَئهُ قَالَ: (إِنَّ الرمَانَ قَد اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السئَمَوَات وَالأرْضَ، السًّنةُ النَا عَشَرَ شَفزا، منْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: فُو القِعْمَة وَفُو الحِجًّة وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَ! بشَهْرُ مُضَرَ الًّذى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ).
ثُمَّ قَالَ: (أى شَهْر! نَا ؟ لما قُلنَا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: َ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَئا "ثهُ ممَيُ!سَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
وقوله - عليه السلام -: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم ؛ ثلاث متواليات) الحديث، قال الإمام - رحمه الله -: تأويل قوله: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والاْرض) لأنهم كانوا تمسكوا بملة إبراهيم - عليه السلام - فى عريم الأشهر الحرم، وكانوا ينسبون الشهر الحرام الى الذى يليه إذا احتاجوا إلى القتال فيه، وينتقلون هكذا من شهر إلى اخر حتى اختلط الأمر عليهم، فصادفت حجة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) تحريمهم، فلو طابق الشرع وكانت فى تلك السنة حرموا ذا الحجة بالاتفاق على الحساب / الذى قلناه، فأخبر ( صلى الله عليه وسلم ) أن الاستدارة صادفت حكم الله - م!بحانه - يوم خلق الله السموات والاْرض.
وقيل: كانت العرب تحج عامين فى ذى القعدة وعامين فى ذى الحجة، فصادفت
حجة أبى بكر ذا القعدة من السنة الثانية وصادفت حجة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذا الحجة ؛ فلهذا أشار الهنبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالاستدارة.
وذكر أبو عبيد أنهم كانوا ينسئون - ئى يوخرون - وهو الذى قال الى - شحات وغالى -: إئمَا الثسِ!ءُ زِيَ الة فِي الْكُفْر} (1)، فربما احتاجوا إلى الحرب فى المحرم فيوخرون تحريمه لصفر، ثم يحتاجون تأخير صفر إلى ربيع، هكذا شهرأ بعد شهر.
فقام الإسلام وقد رجع المحرم إلى موضعه، فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ماقال.
قال: وزعم بعض الناس أنهم كانوا يستحلون المحرم عاما ويردونه فى قابل إلى تحريمه.
قال: والتفسير الأول أحب إلى لأنه ليس فى هذا استدارة.
قال الأمام - رحمه الله -: وقد وقفت للخوارزمى على ثأويل لهذا الحديث، غره فيه
ماقد سبق إليه من علم التنجيم، فقال: إن الله - م!بحانه وتعالى - أول ماخلق الشمسى
(1) التودة: 37.
(5/480)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماء...
إلخ 481 اخراها فى أول برج الحمل، وكان الزمان الذى أشار إليه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صادف حلول الشمس الحمل.
ولما وقفت على قوله هذا دعا ذلك لتعديل هذا اليوم، فَعُدِلَ لاختبار ماقال، فلم يوجد كما زعم، ووجدت الشمس يوم التاسع من ذى الحجة سنة عشر قد قطعت من برج الحوت نحو عشرين درجة، لكن أظنها كانت فى مثل هذا اليوم سنة تسع فى أول الحمل، وأراه من هذه الجهة غلط، لو كان الأصل الذى ذهب إليه، لكنه لم يقله أحد من علماء الشرع.
قال القاضى - رحمه الله -: نظرت فيما قالاه على تعيئ ترك النظر فيه ووجوب طرحه لكق لما جاء من خطأ به فوجدت قول الشيخ: التاسع من ذى الحجة سنة عشر وهما بينا ؛ لاكن الخطبة إنما كانت يوم النحر ؛ اليوم العاشر، كما نص فى الحديث وعلى الوجهن، فيكون ماقاله الخوارزمى خطأ، لأنه يتبقى لقطع الشمس من برج الحوث وانتقالها إلى برج الحمل نحو عشر درجات، تقطعها فى عشرة أيام على ماحكوه عن أهل المعرفة بالحساب ؛ أنها إنما تقطع كل برج فى ثلاثين يوما.
ولمالك بن أنس وغيره من أئمة الهدى على هذا الباب لمعرفة الأوقات كلام على هذا
إلا أن مالكا قال فى ثلاثين يوما وثلث يوم وفى استدارة الزمان للغرب وجه هو معنى الحديث إن شاء الله، هو ما قاله إياس بن معاوية، وذلك أن المشركين كانوا يحسبون السنة اثنى عشر شهرا وخمسة عشر يومأ، فكأن الحج يكون فى رمضان وفى ذى القعدة وفى كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهور لزيادة الخمسة عشر يوما، فحج أبو بكر - رضى الله عنه - سنة تسع من ذى القعدة بحكم الاسثدارة، ولم يحج النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
فلما كان فى العام المقبل وافق الحج ذا الحجة فى العشر، ووافق ذلك الأهلة، وقد روى أن أبا بكر - رضى الله عنه - إنما حج فى ش الحجة /.
وروى عن ابن عباس معنى اخر قال: كانوا إذا كانت السنة التى ينسئ فيها قام خطيبهم بفناء الكعبة، وقد اجتمع إليه الناس يوم الصدر فقال: (أيها الناس، إنى قد نسأت العام صفر الأول - يعنى المحرم - فيطرحون من الشهور ولا يعتدون به ويبتدئون العدة فيقولون لصفر وشهر ربيع: صفران، ولربيع الآخر ولجمادى: شهر الربيع، ولجمادى الأخرى ورجب: جماديان، ولشعبان: رجب، ولرمضان: شعبان، هكذا إلى محرم فيسمونه ذا الحجة، فيحجون فيه تلك السنة فى المحرم، ويبطلون من هذه السنة شهرا يحجون فى كل سنة فى شهر حجتين، ثم ينسئ فى السنة الثانية صفر الأول فى عدتهم وهو الاَخر فى العدة المستقيمة، حتى يكون حجهم فى صفر حجتين، كذلك الشهور كلها حتى يستدير الحج فى كل أربع وعشرين سنة إلى المحرم، الشهر الذى ابتدؤوا فيه النسىء.
وعن ابن الزبير نحو هذا، إلا أنه قال: يفعلون ذلك فى كل ثلاث سنين يزيدون شهرا قبل، وكانوا يقصدون بذلك موافقة شهور العجم لشهور الأهلة، حتى تأتى الأزمان
33 / ب
482 (5/481)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماء...
إلخ قَالَ: (ألَيْسَ فَا الحجَّة ؟ لا تُلنَا: بَلَى.
قَالَ: (فَا"ىّ بَلَد! نَا ؟) قُلنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالَ: فَسَكَتَ حتَى ظًننَاَ انَهُ سَيُسَمِّيه بغَيْرِ اسْمِه.
قَالَ: (ألَيْسَ البَلدَةَ ؟) قُلنَا: بَلَى.
قَالَ: (فا"ىُّ يَوْبم هَنَا ؟) قُلنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالً: فَسَكَتَ حتَى ظَنَنَا انَهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيْرِ اسْمِه.
قَالَ: (أَليْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ لا قُلنَا: بَلَى.
يَارَسُولَ اللّهِ قَالَ: (فَإِن ! مَاءَكُمْ وَأمْوَالًكْمْ - قَالً
4 محم أ
واحدة، قال: ووجدنا أيام شهور العجم فى السنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما، ووجدنا شهور الأهلة ثلاثمائة واْربعة وخمسين يوما، وبيننا وبينهم أحد عشر يوما فى العام، فزادوا شهرا فى كل سنة ثالثة حتى يستقيم.
وتأتى أسماء شهورهم موافقة لمعانيها لاتختلف أوقاتها كشهور العجم، فكأن رمضان يأتى أبدأ فى الحر والرمضاء، وبه سمى والربيع فى زمان ابتداءَ من المطر ونبات الربيع، على مذهبهم أن زمان الربيع هو الخريف عندهم، وجمادى فى شهور البرد وجمود الماء لذلك، قال الشاعر:
فى ليلة من جمادى ذات اْندية
فلولا أنها كذلك أبدا عندهم لا يختلف حال ليالى جمادى لما حسن هذا الكلام ولاصح، كما لايصح لأحد منا أن يقوله اليوم، فعلى هذا يستقيم لفظ الحديث ويتوجه معناه، وينفهم المراد بقوله - عليه السلام -: (اثنى عشر شهراً)، وعلى حكمهم فى النسىء فى تحريم شهر وتحليل آخر لايختلف عدد الشهور، وإنما يختلف فيها الشهور للتحريم والتحليل، وقيل: لما وافق حج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذا الحجة قال: (إن الزمان قد استدار كهيئتة يوم خلق الله السموات والأرض) إنى قد ثبت الحج فى ذى الحجة وثبت التحريم فيه لوقوعه أيضا موقعه.
وقوله: (ورجب مضر)، قال الإمام - رحمه الله -: قيل: إن ربيعة كانت تجعل
رجبا رمضان ومضر تبقيه على حاله، فلذلك أضافه إليهم، وقيل لأنهم كانوا يعظمونه كثر من غيرهم، وكثر ذلك بقوله: (الذى بين جمادى وشعبان)، وزيادة في البيان وتحرزا من تنقله بالسنن حتى كان يسمى باسمه غيره.
قال القاضى - رحمة الله -: وقيل: كانت العرب تسمى رجبا وشعبان الرجبن، وقيل: بل كانت تسمى جمادى ورجب جمادين، وتسمى شهر شعبان رجبا، فلذلك خص رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) رجبا بعينه.
وقوله: ثم قال: (أى بلد هذا ؟ ثم اْليس البلدة " يعنى مكة، وعرفها للعهد والتخصيص والتعظيم، / وهذا مثل قوله تعالى: { إنمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبئ هَنِهِ الْبَلْمَة (1)، وقيل: هو اسم لمكة، وقيل: اسم لمنى.
(1)1 لنمل: 91.
(5/482)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماء...
إلخ 483 مُحَمَّد: وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأعْرَاضَكُمْ حَرَام!عَلَيكُمْ.
كَحُرْمَة يَوْمكُمْ هَنمَا، فِى بَلَدكُمْ هَظَ، فِى شَهْرِكُمْ هَنَا.
وَسَتَلقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ اُّعْمَالِكُمْ.
فَلاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدى كُفارم - اُّوْ ضُّلالا - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلا لِيُبَلَّغ الشَّاهدُ الغَائبَ.
فَلًعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْض! مَنْ سَمِعَهُ).
ثُمَّ قَالَ: (ألا هًلْ بَلَّغتُ ؟).
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِى رِوَايَتِهِ: (وَرَجَبُ مُضَرَ).
وَفِى رِوَايَةِ أَبِى بَكْرٍ: (فَلا تَرْجِعُوا بَعْدِى).
وقوله - عليه السلام - لهم وسكوته بأنه كان سوال على طريق التقرير والاستنصات.
وقوله: (الله ورسوله أعلمأ صرف للجواب إليه ؛ لعلمهم أنه لم يجهل ماسأل عنه، ولاطلب منهم جوابه بالحقيقة، بل تقريرهم كما يورده عليهم، أو لما ذكروه أنهم ظنوا أنهم لما سألهم عنه إنما ذلك لما لم يعلموه ليسمى لهم ماسألهم عنه بغير اسمه، لا يراد عجبا ذلك، كما سمى المدينة طابة، وسمى العتمة العشاء، وغير ذلك.
وقوله: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرلم عليكم كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا، فى شهركم هذان كل هذا تأكيد لحرمة الدماء والاَموال والأعراض، وتحريم لمظالم العباد، كتثيد حرمة يوم النحر من شهر الحج فى حرم مكة.
وقوله: (أى يوم تلقون ربكم ؟) دليل على أن تحريم مكة وذى الحجة وتعظيمها وتعظيم
يوم النحر تحريم الأعراض والأموال والدماء إلى الأبد، وأنه لا رخصة فى شىء من ذلك.
وقوله: ا لا ترجعوا بعدى كفاراً أو ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض): تقدم الكلام عليه، وأنه لاحجة فيه لمن يكفر بالمعاصى، وأن معناه كفر دون كفر، وكفر نعمة وشكراً من لايكفر دين وردة، وقيل: كفر فعل مما تقدم لكم من البيان والتصديق والإيمان.
قيل: هذا الكلام من تحريم دمائكم.
وقيل: كفار متكفرين فى السلاح للقتال، قد يكون ذلك فيمن ارتدوا فى الخوارج على القول بتكفيرهم، وتكفير أهل البدع.
فقوله: (ألا ليبلغ الشاهد الغائب) حجة فى لزوم إبلاغ العلم ونشره.
قوله: (فلعل بعض من لم يبلغه أوعى له من.
بعض من سمعه !: حجة فى جواز الحديث عن الشيوخ ومن لاعلم عنده ولافقه، إذا ضبط مايحدث به.
وفى كلامه هذا وهو على بعيره حجة لاتخاذ المنابر للخطب ؛ لأن المقصود ارتفاع الخطيب على جماعة الناس ليستمعوا كلامه، ولايخفى عليهم خطبته بقوله: (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما ! إلى جزيعة من الغنم ففسمها بينن ال هكذا هى (خزيعة) بالزاى عند كافة الرواة، وكان عند شيخنا أبى محمد الخُشَنى وبعضهم: (خديعةأ وأراها رواية ابن ماهان - أيضأ - بالذال، وهو وَهْم، والصواب الاْ ول، أى قطعة من.
الغنم.
34 / ب
484(5/483)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماَ...
إلخ 30 - (... ) حدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمى، حَا شَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع، حدثنا عَبْدُ الله
ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ سِيرينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ أبِى بَكْرَةَ، عَنْ أبيه.
قَالَ: لَمَّاَ كَانَ فَلِكَ اليَوْمُ، قَعَدَ عًلَى بَعيرِهِ وَأخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ.
فَقَالَ: (أتَدْرُونَ أى ئوبم هَذَا ؟).
قَالُوا: اللهُ !رَسُولُهُ أعْلَمُ.
حَتَّىَ ظَنَنَا انهُ سَيُسَمّيه سوَى اسْمه.
فَقَالَ: (ألَيْسَ بيَوْم النَّحْرِ ؟) قُلنَا: بَلَى، يَارَسُولَ الله.
قَالَ: (فَاي شَهْرٍ هَذًا ؟) قُلنَاءَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمَُ.
قَالَ (ألَيْسَ بِذى الحِجَّةِ ؟) قُلنَا: بَلًا.
يَارَسُولَ اللهِ ؛ قَالَ: (فاى بَلَد هَذَا).
قُلنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ.
قَالً: حتَى ظَنَنَّا انَهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِه.
قَالَ: (ألَيْسَ بِالبًلل!ة ؟ لما قُلنَا: بَلَى، يَارَسُولَ الثهِ.
قَالَ: (فَإِن !مَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأعْرًا ضَكُمْ عَلَيكُمْ حَرَام!، كُحُرْمَةِ يَومكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَنَما، فِى بَلَدِكُمْ ! نَا، فَليُملِّغ الشَّاهِدُ الغَانِبَ).
قَالَ: ثُمَ انكَفَأ إِلَى كبثم!ينِ أمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا، داِلَى جُزَيْعَة مِنَ الغَنَم فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا.
قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: (ثم انكفأ)، الانكفاَ الانقلاب، يقال: انكفأ إلى كذا، أى انقلب إليه ومال نحوه.
وانكفأ لونه، أى تذِر وزال عن حاله، ومال إلى حالة أخرى.
قال الكسائى: الأملح: هو الذى فيه بياض وسواد والبياض أكثر.
قال الق الى - رحمه الله -: قَالَ الدارقطنى: قوله: (ثم انكفأ) إلى اخر الحديث،
وهم من ابن عون فيما قيل، لانما رواه ابن سيرين عن أنس (1).
قال الق الى - رحمه الله -: وقد خرج البخارى هذا الحديث عن ابن عون، فلم يذكر فيه هذا الكلام (2)، ولعله تركه عن عمد.
وقد رواه أبو قرة عن ابن سيرين فى مسلم فى الباب، فلم يذكر فيه هذه الزيادة، إنما هى فى حديث اَخر فى خطبة عيد الأضحى، فوهم فيهما الراوى وضمها إلى خطبة الحج، أو هما حديثان، ضم بعضهما إلى بعض.
وقد ذكر مسلم ذلك فى كتاب الضحايا بعد هذا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين، عن أنس ث أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صلى ثم خطب، فأمر من كان ذبح قبل الصلاة اْن يعيد، ثم قال اَخر الحديث: (وانكفأ رسول الله إلى كبشيئ أملحيئ فذبحهما، فقام الناس إلى غيمة فتوزعوها " (3)، فهذا هو الصحيح ورافع للإشكال، ويصحح - أيضا - أن اللفظ الذى هنا: (خزيعة "بالزاى لقوله هنا: (غنيمة) /.
(1) الدارقطنى فى الإلزامات والتتغ ص 220، 221 (6 من.
(2) البخارى، كالعلم، بقول النى ( صلى الله عليه وسلم ): (رب مبلغ أوعى من سامع) 1 / 26.
(3) مسلم، كالأضاحى، بوقتها 3 / 10.(5/484)
كتاب القسامة / باب تغليظ تحريم الدماء...
إلخ 485 (... ) حئثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَدلنَا حَمَادُ بْنُ مَسْعَلَة، عَنِ ابن عَوْن، قَالَ: قَالَ مُحَمَّا: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أن بَكْرَةَ عَنْ أبيه، قَالَ: لَمَّا كَانَ فَلِكَ الئوْمُ جَلَشَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى بَعِير.
قَالَ: وَرَجُل آخِنما بِزِمَامِهِ - أوْ قَالً بِخِطَامِهِ - فَذَكَرَ نَحوَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زريع.
31 - (... ) حدئنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِ! بْنِ مَيْمُونِ، حَدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيد، حَدثنَا قُرة
ابْنُ خَالِد، حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ أبى بَكْرَةَ، وَعَنْ رَجُل اخرَ هُوَ فِى نَفْسِى أفْضَلُ مِنْ عَبْد الرخمَنِ بْنِ أَيِى بَكرَةَ.
ح وَحَد، شَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ وَأحْمَدُ بْنُ خِرَافي، قَالا: حَدثنَا أبُو عَامِر، عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرو، حدثنا قُرة لإسْنَاد يَحْيَى بْنِ سَعيد - وَسَمَّى الرخلَ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أبى بَكْرَةَ، قَالَ: خًطَبَنَاَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ الئحْرِ، فَقَالَ: (أىُّ يَوْم هَنَا ؟)، وَسَاقُوا الحَدِيثِ بِمِثْلِ حَديثِ ابْنِ عَون، غَيْرَ أنَّهُ لا يَذْكُرُ: (وَأعْرَاضَكُمْ)، وَلا يَذْكُرُ: ثُمَ انْكَفَأ إِلَى كَبْشَيْنِ، وَمًابَعْدَهُ.
وَتَاذَ فِى الحَديثِ: (كَحُرْمَة يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَنَا إِلَى يَوم تَلقَوْنَ رثكُمْ.
أَلا هَلْ بَلَغْتُ ؟َ).
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: (اللَهُمَ ؛ اشْهَدْ).
قالوا: وفى هذا الحديث دليل اْن يوم الحج الاكبر هو يوم النحر لتعظيم أمره فى هذه الخطبة، وهو قول على وابن عمر ومالك فى اَخرين.
واختلف فيه عن ابن عباس، وروى عن عمر وابن الزبير فى آخرين: اْن يوم الفتح الاكبر الحج الاكبر يوم عرفة، وصحة القول الأول ماتقدم من تخصيص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له ث ولأن فى يومه وليلته معظم أعمال الحج.
وقوله ذلك قوله فى البخارى فى بعض روايات هذا الحديث: (أى يوم تعلمونه أعظم حرمة ؟) قالوا: يومنا هذا.
486(5/485)
كتاب القسامة / باب صحة الإقرار بالقتل...
إلخ
(10) باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين ولىّ القتيل من القصاص،
واستحباب طلب العفو منه
32 - (.
لملأ ا) حدّثنا عُبَيْدُ ال!هِ بْنُ مُعَاذ العَنْبَرِىُّ، حَا شَا أَبِى، حَا شَا أبُو يُونُسَ، عَن سمَاكِ بْنِ حَرْب ؛ أنَّ عَلقَمَةَ بْنَ وَائِل حَدثهُ ؛ أنَّ أَبَاهُ حَدثهُ قَالَ: إِئى لَقَاعِد مَعَ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) إِذ جَاءَ رَجُلٌ يَقُوً دُ اَخَرَ بِنِسْعَة.
فَقَالَ: يَارَسُولَ الله هَنَا قَتَلَ أخِى.
فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (أقَتَلتَهُ ؟) - فَقَال: إِنَهُ لؤ ئَمْ يَعْتَرِفْ أقَمْتُ عَلَيْهَ التتتةَ - قَالَ: نَعَمْ قَتَلتُه.
قَال: َ (كَيْفَ قَتَلتَهُ ؟).
قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَهُوَ نَخْتَبطُ مِنْ شَجَرَةِ، فَسَبَّنى فَا"غْضَبَنِى، فَضَرَبْتُهُ بالطشِ عَلَى قَرْنِهِ فَقَتَلتُهُ.
فَقَالَ لَهُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (هًلْ لَكَ مِنْ شىْء تُؤَلَحِّإِ عَنْ نَفْسِكَ ؟).
قَالً: مَالِى مَاذ
قوله فى الذى جاء يقود اخر بنسعة، فقال: (هَذا قتل أخى).
النسعة: ماضفر
من الأديم كالحبال، فإذا فتل ولم تضفر فليس بنسعة.
فيه العنف على الجناة وتثقيفهم واْخذ الناس لهم حتى يحضروا بين يدى الولاة، إذ لو لم يجعل للناس هذا لفَرُّوا وفاتوا، فَليَد الناس فى أخذهم سلطان عليهم ؛ لأنه من المعاونة لأولياء القتيل والمجنى عليه، ومن نصرَة المظلوم، وتغيير المنكر.
وقد أمر الله - سبحانه - بذلك كله.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (أقتلته ؟) فقال: إنه لولم يعترف أقمت عليه البينة: فيه ترتيب القضاء فى الاستقرارات أولا للمدعى عليه قبل ثكليف الطالب البينة، لعل المطلوب يقر فيكتفى عن التعب فى إحضار البينة، وليكون الحكم أجلى باليقين باعتراف منه بغلبة الظن بالبينة، وفيه سوال الحاكم ولى القتيل العفو عن الجانى بعد بلوغ الإمام، وجواز أخذ الدية فى العمد.
وقول القاتل: (نعم قتلته.
قال: كيف قتلته ؟ قال: كنت أنا وهو نختبط من شجرة فسبنى فأغضبنى فضربته): قالوا: ينبنى على قوله: (فقتلته) معنى (يختبط) أى يجمع الخبط وهو ورق السمر، وهو خبط شجرة بالعظم ليسقط ورقها فيجمع، ويعلقه الإبل والماشية.
وقرن الرأس: جانبه.
فيه تقرير المسجون والمحبوس، وأن اعترافه لازم له.
وقال: اختلف العلماء فى ذلك.
واضطرب المذهب عندنا فى إقراره بعد الحبس والتهديد، هل يقبل حمله أولا يقبل حمله والفرق، فيقبل إذا عنى ما اعترف به من قتل أو سرقة، ولايقبل إذا لم يبين.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (هل لك من شىء تؤديه ؟) فيه الترغيب فى العفو وأخذ الدية
كما فعل فى غير نازلة، فلما لم يكن عنده ولا رجى ذلك من قومه دفعه إلى ولى المقتول،(5/486)
كتاب القسامة / باب صحة الإقرار بالقثل...
إلخ 487 إِلا كِسَائِى وَفَا"سِى.
قَالَ: (فَتَرَى قَوْمَكَ يَشْتَروُنَكَ ؟).
قَالَ: أنَا أهُونُ عَلَى قَوْمِى مِنْ ذَاك.
فَرَمَى إِلَيْهِ بنسْعَتِه.
وَقَال: (لمحونَكَ صَاحبَك لما، فَانْطَلَقَ بهِ الرَّجُل.
فَلَمَا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ قًتَلَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ) فَرَجَعَ.
فَقَاَلَ: يَارَسُولَ التَه، إِنَّهُ بَلَغَنى أَنَّكَ قُلتَ: (إِنْ قًتَلَهُ فَهوُ مثْلُهُ لما وَأ!فْ!هُ بافْرِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أمَا تُرِيدُ أَنْ يَبُوءَ بإثْمكَ !اِثْ! صَاحِبَكَ ؟) قَالَ: يَانَبِى الله - لَعَلَّهُ قَالَ - بَلَى.
قَالَ: (فَإنَّ ذَاكَ كَذَاكَ) ءَ قًالً: فَرَمَى بِنِسْعَتِهِ وَخَلَى سَبِيلَهُ.
وهو قوله فى الحديث: فرمى إليه بنسعته وقال: (دونك صاحبك).
وقوله: فلما ولى به قال: (إن قتله هو مثله)، وقول الرجل: يارسول الله، قلت
لى إن قتله فهو مثله وأخذته بأمرك.
فقال: (أما تريد أن يبوء بإثمك وإثم صاحبك ؟) قال: يانبى الله، لعله قال: بلى.
قال: (فإن ذلك كذلك) قال: فرمى بنسعته وخلى سبيله.
وفى الرواية الاَخرى: فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما أدبر به: (القاتل والمقتول فى النار): وفيه اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) سأله أن يعفو عنه، قال الإمام - رحمه الله -: أما قوله - عليه السلام -: (إن قتله فهو مثله) فإن أمثل ماقيل فيه: أنهما استويا بانتفاء التباعد عن القاتل بالقصاص.
وأما قوله - عليه السلام -: (أما تريد أن يبوءَ بماثمك وإثم صاحبك) فيمكن أن يريد أنه يتحمل إثم المقتول أو إثم أخيه ولى الدم لا على جنايته عليهما بقتل هذا أو فجعة هذا بأخيه، ويكون هذا قد أوحى إليه به فى هذا الرجل /، ويمكن أن يريد أنه باء بإثم القتيل، وأضافه إليهما و(ن كان فى الحقيقة هو أثم بالقاتل لإبهماث لأنهما كالشيئن فى تأثيمه لما أدخله عليهما من المصائب، وفى الكتاب العزيز: { إن رَسولَكُمُ الذِي أُرْسِلَ إقيْكُمْ} (1) فجعله رسولا لهم لاختصاصهم به وهو فى الحقيقة رسول الله.
وفى كتاب اْبى داود: (أرسله فتبوء بإثم صاحبه و(ثممه وفى بعض طرقه: (أما
إنك إن عفوت عنه فانه يبوء ب!ثمه وإثم صاحبك) (2) فقيل: المراد فى أخيه الإثمين ة ماعلى القاتل من الاَثام من غير قتل، فكأنه مطالب بها مع الإثم الثانى الذى هو إثم القتل، ولو قتل لكفرت عنه الآثام.
وقد ذكر أبو داود أن القاتل ذكر ما أراد قتله، وأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (إن كان صادقا فقتلته دخلت النار)، وهذا يشير إلى أن المراد بقوله: (فهو مثله) أن القصاص يكون ظلما وعدوانا إذا علم الولى صدقه، ولكن لايصح هذا التأويل مع الاقتصار على مجرد قوله: (إن قتله فهو مثله !.
قال القاضى - رحمه الله -: وقيل: (هو مثله) أى قاتل كما ذلك قاتل، وإن اختلفا
فى الجواز والمنع، لكنهما استويا فى طاقة الغضب وشفاء النفس لاسيما مع رغبة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اَ (1) ا لشعرلء: 27.
(2) أبو داود، كالديات، بالإمام يأمر بالعفو فى الدم 2 / 478.
35 / أ
488(5/487)
كتاب القسامة / باب صحة الإقرار بالقتل...
إلخ 33 - (... ) وحدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتم، حَدثنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدثنَا هُشَيْمٌ، أخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِم عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنْ أبِيهِ.
قَالَ: اتِىَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بِرَجُلٍ قَتَلَ رَجُلا.
فَأقَادَ وَلِى المَقْتُول منْهُ.
فَانْطَلَقَ بِه وَفِى عُنُقه نسْعَةٌ يَجُرُّهَا.
فَلًمَا أَدْبَرَ قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (القَاتِلُ وَالمَقتُوَلُ فِى الئارِ) فَاَ"تَى رَجُل الَرً جُلَ فَقَالَ لَهُ مَقَالَةَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَخَلًّى عنهُ.
قَالَ إسْمَاعيلُ بْنُ سَالِمٍ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِحَبِيبِ بنِ أبِى ثَابِتٍ، فَقَالَ: حَدثنِى ابْنُ أشْوعً ؛ أن النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) إِئمَا سَألَهُ أنْ يَعْفُو عَنْهُ فَائى.
له فى العفو على ماجاء فى الحديث.
وأما فى غير مسلم، فإن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) رغب له فى العفو فى أخذ الدية اْربع مرات (1) كلها ياْباه، ويحتمل قوله - عليه السلام -: (القاتل والمقتول فى النار) أمر اخر، علمهم - عليه السلام - من حال الولى لامن أجل قصاصه هذا، أو يكون استحق هذا القاتل لعصيانه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فيما امره به من العفو مرة بعد أخرى، وقيل: إن قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (القاتل والمقتول فى النار) ليس مراده فى هذين، وكيف يصح وهو أقاد منه وأباح له قتله ؟ لكن أورده - عليه السلام - فى البغاة، ومقاتلى العصبة كقوله: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول فى النار) (2)، فلما سمع الولى هذا لم يفهم معناه وتورع لعمومه.
وهذا التأويل بعيد من ألفاظ الحديث وإقرار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له على تركه وهو موضع البيان.
وقد يكون معنى قوله: (تبوء بإثمك وإثم صاحبك): أى عفوك عنه يكفر الذنب الذى استوجب به هذا الولى النار، إن كان عنده أنه من أهلها لمعنى اخر كما تقدم، أو يبقى عليه ماكسب من ذنوب لمشيئة ربه.
وفيه دليل أن قتل القصاص لايكفر ذنب القاتل بالكلية وإن كفر مابينه وبين الله تعالى، كما جاء فى الحديث الآخر: (فهو كفارة له، وبقى حق المقتول)، وسيأتى من هذا فى كظ بالقصاص.
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - فى أخذ الدية من قاتل العمد، فذهب جماعة
إلى إجبار القاتل عليها إرث للولى، وهو مذهب الليث والاَوزاعى، وإحدى الروايتنِ عن مالك، وبه قال الشافعى وأحمد وإسحق وأبو ثور، وروى عن ابن المسيب وعطاء والحسن.
وقيل: ألا يكون ذلك إلا برضاهما معا، وهى الرواية الأخرى عن مالك، وبه قال ا لكوفيون (3).
(1) النسائى، كتثاب القضاة، بإشارة الحاكم على الخصم بالعفو 8 / 244 برقم (4515).
(2) مسلم، كالفق وئشراط الساعة، بإفا تواجه المسلمان بسيفيهما 4 / 15.
(3)1 نظر: للغنى 13 / 12، 14.(5/488)
كتاب القسامة / باب دية الجنين...
إلخ 489
(11) باب دية الجنين، ووجوب الدية فى قتل الخطأ
وشبه العمد على عاقلة الجانى
34 - (1 ملأ ا) حلينا يحيى بْنُ يحيى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنِ ابْنِ شِهَاب،
عَنْ أبِى سَلَمَةَ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ امْرَأتَيْنِ مِنْ هنَلْ!، رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأخْرَى، فَطَرَحَتَ جَنِينَهَا، فَقَضَى فِيهِ النَّيِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) بِغُرَّة: عَبْد أوْ أمَة.
وقوله: (إن امرأتنِ من هُذيل رمت إحداهما الأخرى فطرحتا جنينها، فَقَضى فيه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بِغُرة: عبدٍ أو امَبم ال: الرواية فيه: (بغرة) بالتنوين، ومابعده بدل منه.
وبعضهم يرويه بالإضافة / وله أولا وجه واضح.
قال الإمام - رحمه الله -: تقدم الكلام على وجه المستوفى دية الأجنة، الذكر والأنثى، وأن ذلك قطع للخصام لأنه مما يخفى فيكثر فيه الشارع.
وقد قال بعض الناس: إن العبد الذى يقضى به لذكره الغرة، وديته عندنا عشر دية اْمه، وقيمة الغرة عندنا مقدرة بعشر دية الأم، وتورث على فرائض الله - سبحانه - وقد قيل: إن ذلك كعضو من أعضائها فإذا قضى بالدية أخذتها الأم وحدها، كما تأخذ دية سائر أعضائها، وقيل: ليس ذلك كعضو من أعضائها فلا تنفرد بديته بل يشاركها الاكب.
قال القاضى - رحى ه الله -: فسر الغرة هنا فى الحديث أنها عبد أو أمة، وعلى التفسير حمله مالك وغيره لامحلى الشك.
وقيل: الغرة تطلق على الإنسان كان ذكرأ أو أنثى.
قال ابن فارس: غوة كعل شء كرمه وأنفسه.
وقال اْبو عمر: معناها: الأبيض، ولذلك سميت غرة فلا يوجد فيها أ صود.
قال: ولولا أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أراد بالغرة معنى لايدل على شخص لعبد ولا أمة لما ذكرها، وقيل: أراد بالغرة الخيار، والوسط من الأعلى يجزئ، وليس الوسط من جملة العبيد.
ومقتضى مذهبنا أنه يخير بين إعطاء غرة أو عُشْر دية الأم من كسبهم إذا كانوا اْهل ذمة فخمسون دينارأ، أو أول ورق فستمائة درهم وخمس فرائض من الإبل، وقيل: لا يعطى من الإبل.
وعلى هذا فى قيمة الغرة جمهور العلماء، وخالف الثورى وأبو حنيفة فقالا: قيمة الغرة خمسمائة درهم ؛ لأن ديتها عندهم من الدراهم خمسمائة درهم.
وحجة الجماعة قضاء الصحابة فى ذلك مما قالوه، ويشذ بعض السلف منهم طاوس وعطاء ومجاهد فقالوا: غرة عبد ووليدة أو فرس.
وقال بعضهم: اْو
35 / ب
6 سم أ
490 (5/489)
كتاب القسامة / باب دية الجنن...
إلخ 35 - (... ) وحدثنا قَتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا ليثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ ابْنِ المُسَيَّب،
عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّهُ قَالَ: قَضَى رَسُوَلًُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِى لَحْيَانَ، سَقَطَ فيتاَ،
بغل (1)، ورفعوا فى ذلك بنصه حديثا.
وقال داود وأصحابه: كل ما وقع عليه اسم غرة يجزئ (2).
وقوله: 9 فطرحت جنينها) وفي الحديث الآخر: 9 ميتا، ولم يختلف أن هذا حكم الجنن إذا زايل أمه ولم يستهل كما خلقه وتصويره، مضغة كان أو علقة أم لا، سواَ كان ذكرأ كان أم أنثى، وهو قول أبى حنيفة.
وقال الشافعي: حتى يتبين شىَ من خلقه وتصويره (3) دإن قَلَّ: فإذا زايل أمه واستهل ومات ففيه الدية كاملة في الخطأ، والدية فى العمد بعد القسامة.
وقيل: فيها الدية بغير قسامة، وهو قول لأبى حنيفة.
وعندنا فى ذلك الوجهان.
واختلف فيه إذا لم يستهل صارخا، وكان منه مادل على الحياة من طول حركة إقامته
أو حركة أو عطاس أو رضاع اختلافا كثيرا عندنا وعند غيرنا (4)، وكذلك اختلف إذا خرج بعد موت اْمه، هل فيه غرة ؟ وهو قول ربيعة والليث والزهرى وأشهب وداود، أم لاغرة فيه ؟ وهو قول مالك والشافعى وعامة العلماَء.
واختلف قول مالك فى الغرة فى الباب كله، هل هى على العاقلة ؟ وهو قول الكوفين والشافعى، أم على الجانى ؟ وهو المشهور من قول مالك، ومثله البصريون (5).
واختلفوا هل على الضارب مع الغرة كفارة أم لا ؟ فمالك يلزمه الكفارة (6).
قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: (قضى بميراث المرأة لبنيها وزوجها وجعل العقل
على عصبتها) استدل به من يرى أن الابن لايعقل عن أمه، وهى مسألة اختلاف.
قال القاضى - رحمه الله - قوله: (ثم إن المرأه التى قضى عليها بالغرة توفيت فقضى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بأن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العقل على عصبتها،: فى هذا الكلام تلفيق / والحديث الآخر بينه ؛ لأن قوله: (المرأة التى قضى عليها بالغرة توفيت) ظاهره أنها الجانية، دانما هى المجنى عليها أم الجنن، لقوله فى الحديث للاَخر: 9 فقتلتها ومافى بطنها) نفى التى قضى عليها بها أو فيها، هذه الحروف تبدل من بعضها من بعض، كما قالوا: بارك الله فيك وبارك الله عليك.
(1) انظر: الامتذكار 25 / 78.
(3) انظر: المصدر السابق 25 / 83، لهه.
(5) انظر: المصدر السابق 5 2 / 78، 79.
(6) انظر: المصدر السابق 25 / 81.
(2) لنظر: المصدر السابق 25 / 80.
(4) انظر: المصلر السابق 5 2 / 82، 83.
(5/490)
كتاب القسامة / بابْ دية الجنن...
إلخ 491 بغُرَّة: عَبْد أوْ أمَة.
ثمَّ إِنَّ المَرْأةَ الَّتِى قُضِىَ عَلَيْهَا بِالغُرة تُوفيتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِا"نَّ مِيرَاثَهَا"لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا، وَأن العَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
36 - (... ) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ، حَدثنَا ابْنُ وَهْب.
ح وَحَد، شَا حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى التُّجِيىِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبص أخْبَرَنِى يُوُنسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب عَنِ ابْنِ المُسَئبِ وَأ! سَلَمَةَ ابْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ ؛ أن أبَا هرَيْرَةَ قَالَ: اقْتَتَلَتِ امْرَأتَانِ مِنْ !نَيْل، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا ال الرَى بِحَجَر فًقَتَلَتْهَا، وَمَافِى بَطنِهَا.
فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ الله كلية، فَقَضَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ: عَبْدٌ أوْ وَلِيدَةٌ، وَقَضَى بِدِيَةِ المَرْأَةِ عَلَىَ عَاقلَتِهَا، وَوَرثَّهَا وَ! لَ!ا وَمَنْ مَعَهُمْ.
فَقَالَ حَمَلُ بْنُ النَّابِغَةِ الهُنَلِى: يَارَسُولَ اللّهِ، كَيْفَ أغرَمُ مَنْ لاشَرِبَ وَلاكًلَ،
والهاء فى قوله: (والعقل على عصبتها) يعنى هنا القاتلة، كما قال فى الحديث الآخر: (فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دية المقتول على عصبة القاتلة) قد يحتج بهذا لأحد القولن ؛ فى أن الغرة على القاتلة، وهو بين فى الحديث الاَخر وهو قوله:، فقضى فيها منه بغرة، وجعله على عاقلة المرأة)، وقد يحتمل رجوع الهاء فى (عصبتها) على المقتولة ؛ لاكن عصبتها كانت عصبة القاتلة سواء، إذ قال فى الحديث: (امرأتين من هذيل).
وقال أبو القاسم بن أبى صفرة: إذا كانت الضربة واحدة فعلى العاقلة دية المرأة والغرة.
قال الأصيلى: دانما أوجب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) العقل على عصبتها وهى متعمدة والعاقلة لاتحمل عمدا ؛ لأن أولياءها تطوعوا بالدية، قالوا: ماتطوعوا به إذا قبله الاَخرون، وقال غيره: يحتمل أنها لم تقصد قتلها، وقد يكون من شبه العمد الذى فيه الدية عند بعضهم.
وقول من استدل أن الابن لايدخل فى العصبة من هذا الحديث ذهول بعيد عن الصواب ؛
لأنه إن كانت الهاء عائدة على القاتلة فكيف يستدل على ماقال من ذكر ابن للقتولة ؟ دن كانت الهاء عائدة على المقتولة فابْنُها داخل فى عصبتها إن كان ابنًا لزوجها حَمَل بن النابغه ؛ لأنه من هذيل أيضا، وقد ذكر زوجها فيمن يرثها مع الابن، وهو ممن عليه الدية لأنه من عصبتها، ألا تراه كيف قال: (كيف تودى من لا ال ولا شرب ؟)، ! انما لايكون على الزوج والابن شىء إذا لم يكن من عصبتها، وهو قول كافة العلماء.
وقوله: (وقضى بدية المراْة على عاقلتها): احتج به من لايرى القصاص فى القتل بغير المحدد، ويجعله شبه العمد وقد تقدم الكلام فيه.
والجواب عن الاسثدلال بهذا الحديث أنه قد روى ابن جريج فى هذا الحديث: أنه قضى فى جنينها بغرة وأن تقتل المرأة.
فهذا يعارض حجتهم مع أن رواية مالك والليث وغيرهما ليس فيه ذكر موت المرأة ولاديتها، وقيل: قد يحتمل أن اْولياء المقتولة قبلوا الدية.
لكن يعارض هذا قوله:، فقضى رسول
6 طم ب
492 (5/491)
كتاب القسامة / باب دية الجنن...
إلخ وَلانَطَقَ وَلا اسْتَهلَّ ؟ فِمِثْلُ ذَلِكَ يُطَلُّ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ اهُهَّانِ) مِنْ أجْلِ سَجْعِهِ الَّنِى سَجَعَ.
(... ) وحدّثنا كئدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزّهْرِئ، عَنْ
أبِى سَلَمَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالًَ: افتَتَلَتِ امْرَأتَانِ.
وَسَاقَ الحَديثَ بقِضَتِه.
وَلَمْ يَذْكُرْ: وَوَرثهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُمْ.
وَقَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ نَعْقِلُ ؟ وَلَم يُسَمً حَمَلً بْنَ مَالِكٍ.
37 - (2 ملأ ا) حئثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، أخْبَرَنَا جَرِير!، عَنْ مَنْصُورٍ،
عَنْ إِبْرَاهِيم، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيْلَةَ الخُزَاعِى، عَنِ المُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: ضَرَبَتِ امْرَأة ضَرئهَا بِعَمُود فُسْطَاط وَهِىَ حبلَى، فَقَتَلَتْهَا.
قَالَ: َ صاِحْلاهُمَا لحْيَانيةٌ.
قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) دِيَةَ المًقْتُولَةِ عَلَى عَصَبَة القَاتِلَة، وَغُرة لِمَا فِى بًطنِهَاَ.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَصَبَة القَاَتلَة: أنَغْرَمُ دِيَةَ مَنْ لاكَلَ وَلاشَرِبَ وَلَا اسْتَهَل ؟ فَمِثْلُ فَلِكَ يُطَل.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَسَجعْ كَسَجعْ الأعْرَابِ ؟).
الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالدية على عاقلتها).
وقد يحتمل أن الأولياء تطوعوا بالدية فألزموا بها أو عفا عليها أولياء الدم.
وقول حمل بن النابغة: (كيف أغرم من لاشرب ولاكل ولانطق ولا استهل ؟):
يدل اْن الغرة فيمن لم يستهل ولاعرفت حياته.
وقوله: (فمثل ذلك يطلُّ): كذا رويناه هنا عن جمهورهم بالباء بواحدة، وعند
ابن أبى جعفر بالياء باثنتين مضمومة، وروى عن مالك فى الموطأ بالوجهين (1).
قال الإمام - رحمه الله -: فمن رواه بالباء من البطلان ومن رواه بالياء المعجمة باثنتين تحتها من قوله: طيل دمه، اْى هدر.
واما قوله - عليه السلام -: (أسجع كسجع الأعراب ؟) وفي الروايه الأخرى: (إنما
هذا من إخوان الكهان)، قال الإمام - رحمه الله -: إنما ذمه لأن هذا السجع فى مقابلة حكم الله كالمسْتَبْعد له /، ولاشك أنه كل ماعُورضت به النبوة مَذْمُوم إذا كان القصد به برد الحكم دالا قوَله سجع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى مواضع.
قال الق الى - رحمه الله - وقيل: بل يكون عليه تكلف لاسجاع على طريق الكهان وحواشى العرب، وسن سجع فصحاء العرب، وبعضها كلام النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وسجعه من هذا النوع منه.
وحمل هذا كان بدويأ وأعرابيا.
(1) الموطأ، كالعقول، بعقل لمجنيئ 2 / 855 (6).
(بالباء فقط) ولم توجد (بالياء).
(5/492)
كتاب القسامة / باب دية الجنين...
إلخ
493
قَالَ: وَجَعَلَ عَلئهِمُ الا لةَ.
38 - (... ) وحدثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا يحيى بْنُ آدَمَ، حَدثنَا مُفَضَّل، عَنْ مَنْصُور، عَنْ إبْرَاهيمَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نُضَيلَةَ، عَنِ المُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ ؛ أن امْرَأةً قَتَلَتْ ضَرتهَأ بعَمُودٍ فسْطًاط، فَاتهىَ فِيه رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَضَى عًلَى عَاقِلَتِ!ا بالا لّةَ، وَكَانَتْ حَاملا، فَقَضى فِى الًجَنينَ بغُرة.
فَقَالَ بَعْض! عَصَبَتِهَا: أنَدى مَنْ لاَطَعِمً وَلاشَرِبَ وَلاصًاحَ فاسْتَهَل ؟ وَمِثْلُ فَلِكً يُئَئُ ؟ قَالَ: فَقَالَ: (سَجع كَسَجَعْ الأعْرَابِ ؟).
(... ) حدّثنى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِيمِ وَمُحَمَدُ بْنُ بَشَار، تَالا: حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ بْنُ مَهْدِئ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ منصُورٍ، بِهنمَا الإِسْنَادِ، مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ جَرِيرٍ وَمُفَضلٍ.
(... ) وحدئثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَار، قَالُوا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُور، بِإِسْنَالِ!مُ الحَديثَ بقصته.
غَيْرَ أنَّ قيه فَأسْقَطَتْ.
فَرُفِعَ فَلِكَ إِلَى الئبى ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَضَى فيه بغُرة، وَجَعَلَهُ عَلَىَ أَوْلَيَاَءَ المَرْأة.
وً لَم يَذْكُرْ فِى الحَدِيثِ: لحِيَةَ المَرْأةِ.
ًَ !
وفى قول حمل بن النابغة: (كيف أغرم من لاشرب ولا أكل ؟): حجة لليث ولربيعة أن الغرة للأم خاصة ولو كانت على الفرائض - على مشهور قول مالك وأصحابه وأبى حنيفة والشافعى - لكان للأب فيها أوفر نصيب، وللأب، وابنه على مذهب ابن هذيل وأحد قولى مالك: لكان للأب الثلثان، فلما كان هنا غارما محضا دل أنه لم يكن له فى ذلك حق.
وقوله: 9 كيف أغرم): حجة لأحد القولن منها على العاقلة لأنه عصبة العِاقلة وزوجها.
وقوله فيه: (حمل بن النابغة) فى حديث و(حمل بن مالك) فى اخر، هو حَمَل بن مالك بن النابغة بهاء مهملة مفتوحة.
وقوله: (امرأة من هذيل)، وفى الحديث الاَخر: (وأحدهم ال إحداهما لحيانية)
يقال بفتح اللام وكسرها.
ولحيان قبيل من هذيل، وهو حيان بن هذيل.
وقوله: (ضرتها): أى شريكتها، وسميت بذلك للمضارة التى تلحق إحداهما من أجل الأخرى.
وقوله: (استشار عمر - رضى الله تعالى عنه - الناس فى ملاص المرأة)، قال الإمام - رحمه الله -: ملاصها بالجنن: هو أن تزلقه قبل وقت الولادة، وكل مازلق من يد فقد ملص يملص ملصأ.
وقال أبو العباس: ومنه حديث الدجَّال: (فأملصتْ به أمه " أى أزلقته.
يقال: أملصت وأزلقت وأسهلت به وحطأت به بمعنى واحد.
494 (5/493)
كتاب القسامة / باب دية الجنن...
الخ 39 - (689 1) وحدئمنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب صاِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ - وَاللَفْظُ لأبِى بَكْر - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَلّثئا وَكِيع - عَنْ هثسًامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عَنِ المسْوَرِ بْنِ مخْرَمَةَ.
قَالَ: اسْتَشَارَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ النًّاس فِى ملاصِ المَرْأةَ 5َ فَقَالَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: شَهِدتُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَضَى فِيه بغُرَّة: عَبْد أوْ أمَة.
قًالَ: فَقَالَ عُمًرُ: ائْتِنِى بِمَنْ يَشْهَدُ مَعَكَ.
قَالَ: فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مًسلَمَة.
ً
قال القاضى - رحمه الله -: الرواية عندنا فى هذا الحرف فى مسلم: (فى ملاص المرأة) هكذا، ووقع فى سائر النسخ، إلا أنه كان وقع فى كتاب أبى بحر: (إملاص) مصلحا غير رواية، ورأيت أبا عبد الله بن أبى بشر الحميدى فى جمع الصحيحيئ له قد ذكره ! ملاص) على الصواب، لكنه قد جاء: أملص الشىء وملص: إذا أفلت، فمان أريد به جنين صح مِلاَص، مثل: لزم لزاما.
وفى سند هذا الحديث: ناوكيع عن هشام بن عروة عن اْبيه، عن مسور بن مخرمة،
قال: استشار عمر الناس - الحديث.
قال الدارقطنى: وهم وكيع فى هذا الحديث، وخالفه أصحاب هشام فلم يذكروا فيه (المسور) وهو الصواب، ولم يخرج مسلم غير حديث وكيع، وخرج البخارى فى حديث من خالفه فأتى بالصواب.
وقد احتج بهذا الحديث من لم ير الكفارة فى قتل الجنن، وهو مذهب مالك وأبى حنيفة.
قلت: مالكا يستحبها، واْوجبها الشافعى، وروى عن جماعة من البصريين والكوف!ن.
واختلفوا فى جنيئ الأمة، فمذهب مالك والشافعى: أن فيه عشر قيمة اْمة قياسا على الحرة، ذكرأ كان أو أنثى، وقال كذلك الحسن.
وقال أبو حنيفة: فيه عشر قيمته لو كان حيا إذا كان أنثى، وأما إذا كان غلامأ فنصف عشر قيمته لوكان حيأ، هكذا بالتفريق يقول أبو حنيفة، وكذلك فى جنيئ الحرة إذا كان ذكرأ فنصف عشر ديثه، دان كان أنثى فعشر ديته (1).
(1) 1 نظر: ا لا ستذك ال!1 / 84، 85.
(5/494)
كتاب الحدود / باب حد السرقة ونصابها
495
بسم الله الرحمن الرحيم
29 - كتاب الحدود
(1) باب حد السرقة ونصابها
ا - (1684) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَإِسْحقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِيَحْىَ - قأَلَ ابْنُ أبِى عُمَرَ: حَلاشَاَ: وَقَالَ الآَخَرَانَ: أخْبَرَناَ سُفْياَنُ بْنُ عُيَيْنَةَ - عَن الزُّهْرِىِّ، عَن عَمْرَةَ، عَنْ عَائشةَ، قاَلَتْ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقْطَعُ السَّارِقَ فِى ربع دينَار فَصَاعِدأ.
(... ) وحدّثَنا إِيسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قاَلا: أخْبَرَناَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، اخْبَرَناَ مَعْمَرٌ.
ح وَ حدثنا أبُو بَكْرَ بنُ أبِى شَيْبَةَ.
خَدثناَ يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ.
أخْبَرَناَ سُلَيْماَنُ بْنُ كَثِير وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْد، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِمِثْلِهِ، فِي هَنَا الإِسْناَدِ.
2 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، وَحَدثناَ الوَلِيدُ بْنُ شُجَاع - وَاللَّفْظُ لِلوَلِيدِ وَحَرْمَلَةَ - قاَلُوا: حَدئناَ ابْنُ هب، أخْبَرَنِى يُوُنسُ، عَنِ ابْن شِهَالب عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ: ا لا تُقْطَعُ يَدُ الس!ارِقِ إِلًا
كتاب الحدود
السرقة
قوله - عليه السلام -: (يقطع السارق فى ربع دينار فصاعدأ) وفى الحديث الآخر:
ا لا تقطع اليد إلا فى ربع دينار فما فوقه)، وفى الآخر: (يقطع فى مجن قيمته ثلاثة دراهم)، وفى طريق آخر: ا لعن الله السارق يسرق البيضة، فتقطع يده وش!رق الحبل فتقطع يده)، وفى الأخرى: ا لم تقطع يد السارق فى عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى أقل من ثمن المجن حجفيما أو تُرس وكلاهما ذو ثمن)، قال القاضى - رحمه الله -: صان الله تعالى - الأموال بحد القطع فى السرقة فى أول حدود ماله من المال وأن يجعل ذلك فى غير السرقة والزنا والاغتصاب لأن ذلك فى الأقل من أهل القدرة فى الأكثر، لأن ماكان مجاهرة
496 (5/495)
كتاب الحدود / باب حد السرقة ونصابها فِى ربع دِينَار فَصَاءِ!ا).
3 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَاهِرِ وَهَرُونُ بْنُ سَعيد الأيْلِى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى - وَاللَفْظُ لِهَرُونَ وَأحْمَدَ - قاَلَ أبُو الطَّاهِرِ: أخْبَرَناً.
ً وَقاَلَ الاَخَرَان: حَدثناَ ابْنُ وَهْب - أخْبَرَنِى مَخْرَمَةُ عَنْ أِبِيهِ، عَنْ سُلَيْماَنَ ابْنِ يَسَار عَنْ عُمْرَةَ ؛ أنَّهاَ سَمعَتْ عَائشَة تُحَدِّثُ ؛ انَهاَ سَمعَتْ رسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا تقطَع اْليَدُ إِلا فِى ريع دَينَار فَماً فوقَهُ).
ًً 4 - (... ) حدّثنى بشْرُ بْنُ الحَكَم العَبْدِىُّ، حَا شاَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ عَبْد الله بْن الهاَدَ، عَنْ أبِى بَكْرِ بْن مُحَمَد، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائشَةً ؟ أئهاَ سَمِعَتِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقولُ.
ا لا تُقْطعُ يَدُ السَّاَرِقِ إِلأ فِى ربع !ينَار فَصَاءِ!اَ).
(... ) وحدثمنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنّى وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، جَمِيعًا عَنْ أبِى عَامِرِ العَقَدِىِّ، حَا شاَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَر، مِنْ وَلَدِ المِسْوَرِ بْنِ
فاسترجاعه ممكن بالعلم متوفر فيه السرقة مستشرى قلما يتوصل[ بالاطلاع] (1) عليها، واقامة الشهادة فيها فعظم فيها، واتسعت العقوبة فيها لشدائد الزجر عنها، وتجرد التوصل إلى معرفة ما اثشهر به منها، ولم يجعل تقدير ديته حيث يفصل العضو المقطوع فيه حماية للعضو أيضا، وصيانة له، فمعظم ديته تعظيم المتحقق من ذلك بخلاف قطع السارق، وإن اختلفوا فى تفضيله من صفات السارق والمسروق، فالمسروق منه المسروق فيه وهو الحول وفى ذلك فيمن وجب عليه القطع قطع يمينه.
قال الإمام: ورد القرآن أن يقطع السارق وهو أخذ المال على جهة الاستسراء، وشرع
ذلك صيانة للمال.
وينظر ها هنا فى جنس المسروق وقدره وموضعه وسارقه.
فأما جنس المسروق، فكل ما يتملك وينتفع به ويحرز، ففيه القطع، فإن كان مما يحرز ولا يملك كالجر الصغير ففيه خلاف، إن كان مما لا يبقى كالفواكه الرطبة فيقطع عندنا خلافأ لأبى حنيفة (2).
واْما مبلغه، فاختلف الناس فيه، فمنهم من يقطع فى القليل والكثير وهو مذهب أهل
(1) نى س: بلى الاطلاع.
(2) 1 لا ستذكا ر 24 / ثم2.
(5/496)
كتاب الحدود / باب حد السرقة ونصابها 497 مَخْرَمَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الهاَدِ، بِهَنَا الإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
5 - إ1685) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ نُمَيْر، حَدثناَ حُمَيْدُ بْنُ
عَبْد الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِىُّ، عَنْ هشَام بْن عُرْوَةَ، عِنْ أبِيه، عَنْ عَائشَةَ، قاَلَتْ: لَمْ تُقْطَعْ يَدَُ سَارِق فِى عَهْدِ رَسُولِ اَلنه ( صلى الله عليه وسلم ) فِى أَقَلَّ مِنْ ثَمًنِ المِجَنًّ، حَجَفَةٍ أو تُرْسِ، وَكِلاهُماَ فًو ثَمَنٍ.
إ...
) وَحدّثنا عثماَنُ بْنُ أبى شَيْبَةَ، أَخْبَرَناَ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيماَنَ وَحُمَيْدُ بْنُ
عَبْدِ الرَّحْمَن.
ح وَحَدثناَ أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثناَ عَبْدُ الرَّحِيم بْنُ سُلَيْماَنَ.
ح وَحَدثناَ أبُو كرَيْب، حَدثناَ أبُو اسَامَةَ، كُلَهُمْ عَنِ هشَابم، بِهَنَا الإِسْناَدِ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْر عَنْ خميْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤاَسِىِّ.
وفِى حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحِي! وأبِى أسَامةَ: وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ذو ثَمَنٍ.
6 - 16861) حدّثنا يَضىَ بْنُ يحيى، قاَلَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ناَفِعٍ، عَنِ
الظاهر لعموم الاَية ولم يخصها بالأخبار.
ومن الناس من قدو مبلَغ القطع بالدرهميئ، ومنهم من قدره بالثلاثة، ومنهم من قدره بالخمسة، وقال: لا تقطع الخمس إلا فى الخمس ومنهم من قدره بعشرة دراهم (1) لما روى فى بعض الطرق: (أن المجنَّ كان ثمنه عشرة دراهم على عهد النبى - عليه السلام).
وأما قوله: ا لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) (2): فمن الناس من يتأوله
على بيضة الحديد، ويروى أنها تساوى ثلاثة دراهم، ومنهم من يحمله على قصد المبالغة والتنبيه على عظيم ما خسر وهى يده، وحقير ما حصل مثل البيضة والحبل.
وأراد جنس البيض وجنس الحبال.
وأما موضع السرقة، فالحرز معتبر.
وقد اضطربت الرواياث فى الحرز اضطرابا كثيراً والنكتة فيه أن كل ماكان حرزاً فى العادة، وقصد إلى التحرز به ففيه يجب القطع والاختلاف إلى هذا يرجع، فطائفة تقدر حصول هذا الوصف فى الشىء فتقطع، وطائفة أخرى تراه لم يحصل فلا تقطع.
(1) لنظر: ا لاستذكلى 24 / 160، 161.
(2) حديث رقم (7) بالباب.
498 (5/497)
كتاب الحدود / باب حد السرقة ونصابها ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَطَعَ سَارِقًا فِي مجَن قِيمَتُهُ ثَلانَةُ!رَاهِمَ.
(... ) حدئنا قُتَيْبةُ بْنُ سَعيد وَابْنُ رمح، عَن اللَيْث بْن سَعْد.
ح وَحَدثناَ زُهَيْرُ
ابَنُ حَرْب وَابْنُ المُثنّى، قاَلاَ: حًا شاَ يحيى - وً هُوَ القًطَان.
حً وحَا شاَ ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثناَ أبىً خ وَحَدثناَ أبُو بَكْر بْنُ أن شَيْبَ! حَدىتمناَ عَلى بْنُ مُسْهر، كُلُهُمْ عَنْ عُبَيْد الثه.
ص ص ممَص، صو، 5، ص هَ ص ممص صَ ص، صَ ص !حىَ صًَ صَ ممصَء، ير
ح وحدثنى زهير بن حرب، حدثنا إسْماعيل - يعْنى ابْن علية.
ح وحدثنا ابو الربِيع ص، صَ ص ص ممص ص صَءَوص كص ممصَ، ص سَ،، ص ص ممص ص ص، "ص ً
وأبو كامِلٍ، قالا: حدثنا حمادفي وحدثنِى محمد بن رافِعٍ، حدثنا عبْد الرزاقِ، اخبرنا سُفْياَنُ، عَنْ أئوبَ السئَخْتيانىَ وَأيُّوبَ بْنِ مُوسَى ياِسْمَاعِيلَ بْنِ امئةَ.
ح وَحَدثنِي عَبْدُ الله بْنُ عَبْد الرخْمَنِ اَلدَارِمِىُّ، أخْبَرَناَ أبُو نُعَيْمٍ، حَدئناَ سُفْيَانُ، عَنْ أئوبَ !اِسْمَاعيلَ بْن امًيةَ وَعُبَيْدِ الله وَمُوسى بْنِ عُقْبَةَ.
ح وَحَدثناَ مُحَمَدُ بْنُ رَافعٍ، حَدئمناَ عَبْدُ الرَراَقِ، أَخْبَرَناَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنى إِسْمَاعيلُ بْنُ امَئةَ.
ح وَحَدثنى أُبو الطَاهِرِ، أخْبَرَناَ ابْنَُ هْبٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْيب أبِى سفْياَنَ الحمَحِى وَعُبَيْدِ الله بْنِ عُمَرَ وَمَالك بْنِ أنَسٍ وَاسَامَةَ بْنِ زَيْد اللَيْثِى، كُلّهُم عَنْ ناَفِع، عَنِ ابْن عُمَرَ، عَنِ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بمَثْلى حَديثِ يحيى عَنْ مَاً لِك: غَيْرَ أن بعْضَهُمْ قالَ: قِيْمتُه.
وَبَعْضَهُمْ قاَلَ: ثَمَنُهُ ثًلَانَة !رَاَهِمَ.
7 - (1687) حدّثنا أبو بَكْرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب، "قاَلاَ: حَدئناَ
أبُو مُعاوِيَفَ عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أبِى صَالِحٍ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قاًلَ: قاَلَ رَسُولُ
وأما السارق، فألا تكون له شبهة فى المال كالأب ومن فى معناه.
هذه عقود هذا الباب، وفروعه تتسع.
قال القاضى - رحمه الله -: اختلف العلماء فى القدر الذى يجب فيه القطع اختلافا كثيراً، فأخذوا بمجموع الأحاديث الواردة فى ذلك فى أنه لا يفطع فى أقل من ربع دينار عمداً، وفى ثلاثة دراهم، أو ما قيمته ذلك، كانت كثر من ربع دينار أو اْقل، ولم يلا هل يكون الثلاثة دراهم ضربأ لربع الدينار أم لا ؟ والى هذا ذهب أحمد و(سحق، وقال اَخرون: إنما يراعى فى ذلك ربع دينار أو صرفه من الفضة، هو قول عالْشة - رضى الله عنها - وعمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - والشافعى والأوزاعى والليث واْبو ثور،
(5/498)
كتاب الحدود / باب حد السرقة ونصابها 499 اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): " لَعَنَ اللّه السَّارِقَ، يَسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ).
(... ) حدّثنا عَمْزو النّاقِدُ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَعَلَىُّ بَنُ خَشْرَم، كُلُّهُمْ عَنْ عيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أنَّهُ يَقُولُ: (إِنْ سَرَقَ حًبْلاً، ! اِنْ سَرَقَ بَيْضَةً).
وروى عن إسحق (1)، وقاله داود.
وروى (2): ا لا يقطع الخمس فى أقل من خمسة دراهم) وروى هذا عن عمر، وهو قول سليمان بن يسار وابن أبى ليلى وابن شبرمة والحسن (3).
ء
وقيل: لا قطع إلا فى عشرة دراهم أو ماقيمته عشرة من ذهب أو غيره، وهو قول
لأبى حنيفة وأصحابه (4)، واختلف عنه فى الدينار إذا لم يبلغ الصرف عشرة دراهم، هل يعتبر بنفسه.
أو صرفه، قيل: القطع فى أربعة دراهم، وروى هذا عن بعض الصحابة - رضى الله عنهم - وقيل: فى درهم فما فوقه، وهو قول النبى، وقيل: فى درهميئ، وهو مروى عن الحسن.
وقيل: لا قطع فى أقل من أربعين درهما أو أربعة دنانير، وروى ذلك عن النخعى، وقيل: فى كل ما له قيمة، وروى - أيضا - عن البصرى، وهو قول الخوارج وأهل الظاهر، قليلا كان أو كثيرا على ظاهر الاَية.
وكل هذه الأقاويل تردها الأحاديث الصحيحة المتقدمة المفسرة للاَية، ويصحح المَول الأول وأقرب ما يليه فى الصحة القول الثانى، ولا يجب أن يُلتفت لما ورد من أن البيضة بيضة الحديد، ولا أن الحبل حبل السفن ؛ لأن مثل هذا له قيمة وقدر، ولسِ! مساق الكلام وبلاغته على ذم من أخذ الكثير لا القليل وتقريعه بذلك، بل مثل هذا إنما يرد على تعظيم ما جنى على نفسه فيما تقل قيمته لا فيما كثر.
والصواب تأويله على ما تقدم من تقليل أمره، وتهجين فعله، وأنه إن لم يقطع فى هذا القدر فعادته تجره إلى ما هو أكثر منه فيمايقطع فيه.
وقد قيل: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال ذلك عند نزول الاية مجملة دون بيان قدر على ظاهر الكلام حتى بين الله له حكم ذلك وحده.
وما احتج به الحنفى من رواية قطع يده فى ثمن قيمته عشرة دراهم، والآخر فى رواية من روى خمسة دراهم، فلا يعارض لهذه الأحاديث
(1) افظر: الاستذكار 24 / 159.
(2) فى س: قيل.
(3) افظر: ا لا ستذكا ر 24 / 163.
(4) افظر: الاستذكار 24 / 162 ودليلهم مارواه ابن أبى شيبة فى مصنفه عن ابن عباس قال: كان ثمن المجنً على عهد رسول الله عشرة دراهم.
المصنف 9 / 474.
8!مءا
500(5/499)
كتاب الحدود / باب حدالسرقة ونصابها الصحيحة لشهرتها وصحتها وضعف تلك، مع أنه يحتمل أن يكون قطع فى مجان مرات لها قيم مختلفة كما يكون القطع فى الكثير، ولا ينكر القطع فى أكثر من الثلاثة والربع دينار، ويكون هذا حدا لا ما فوقه.
ويجمع بين الأحاديث إن صحت.
ولعنه هنا السارق حجة فى لعن من لم يسم.
وكذلك ترجم البخارى عليه (1) ؛ لأنه
لعن للجنس لا للمعين.
ولعن الجنس جائز ؛ لأن الله - تعالى - قد أوعدهم، وينفذ الوعيد على من شاء منهم دإنما يكره وينهى عن لعن المعن والدعاء عليه فى الإبعاد من رحمة الله - تعالى - وهو معنى اللعن كما قال - عليه السلام -: ا لا تعينوا الشيطان على أخيكم) (2).
وقد ذهب بعض المتكلمن على معانى الحديث: اْن اللعن جائز على اْهل المعاصى
! إن كان معينا مالم يحد، فإذا حد فلا.
إذ الحدود كفارة لأهلها.
وهذا كلام غير سديد ولا صحيح لنهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عن اللعن بالجملة، فحمله عن المعن أولى ويجمع بين الأحاديث.
وقد قال - عليه السلام - للذين لعنوا شارب الخمر: ا لا تعينوا الشيطان على أخيكم).
وقيل: لعن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لأهل المعاصى تحذير لهم قبل وقوعها، فإذا فعلوها استغفر لهم ودعا لهم بالتوبة، دإذا غلظ عليهم فلعنه تأديبا.
فقد قال: / (سألت ربى أن يجعل لعنى له كفارة ورحمة).
وقوله فى الحديث: (المجن حجفة أو ترس، وكلاهما ذو ثمن): تنبيه ورد على
من يقول: يقطع فى القليل والكثير.
والحجفة: الدرقة.
قيل: المجن: اسم لكل ما يستجن به ويستر من ذلك كله.
وقيل: الترس: المتخذ من الجلود هو بمعنى الأول.
وتفرقه بينهما فى الحديث يدل أنهما شيئان.
واختلفوا فيما يقطع من السارق، مع اتفاقهم أولا على قطع يمينه.
فقال مالك وجماعة أهل المدينة والشافعى واْبو ثور وغيرهم: إن سرق ثانية قطعت رجله اليسرى، ثم فى الثالثة - يده اليسرى، فى الرابعة رجله اليمنى، ثم إن عاد حبس وعزر.
وقيل: تقطع فى الثالثة رجله اليسرى ولا قطع فى غيرهما، ثم إن عاد حبس، يروى هذا عن على والزهرى وحماد وأحمد (3).
وكافتهم على قطع اليد والرجل من الرسغ والمفصل (4).
وقال على: يقطع الرجل من شطر القدم ويترك العقب، وهو قول أحمد وأبى ثور.
وقال قائل: تقطع اليد من المرفق، وقيل: من المنكب.
وهذان شاذان جداً.
(1) البخارى، كالحدود، بلعن السارق بنا لم يسم 8 / لما ا.
(2) البخارى، كالحدود، بما يكره من لعن شارب الخمر وئنه ليس بخارج من الملة 197 / 8 من حديث أبى هريرة.
(3) انظر: الاستذكار 24 / 189 وما بعدها، البدائع 9 / 4272، المغنى 12 / 446.
(4) بدائع الصنانع 9 / 4277.(5/500)
كتاب الحدود / باب قطع السارق الشريف وغيره...
إلخ
501
(2) باب قطع السارق الشريف وغيره، والنهى عن الشفاعة فى الحدود
8 - (مه 16) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثناَ لَيْثٌ.
ح وَحَدثناَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، اخْبَرَناَ اللَيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَّ قُرَيْشًا أهَمَهُمْ شَأنُ المَرَأةِ المَخْزُوميَّة الَتى سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فيَهاَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجَترِئُ عَلًيْهَ إلاَّ اسَامَةُ، حِبُّ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَكًلَّمهُ اسَامَةُ.
فَقَال رَسُولُ الله (أتَشْفَعُ فِى حَدٍّ ملأ حُدُود الله ؟ لما.
ثُمَّ قَامً فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: (أيُّهاَ النَاسُ، إِنَّماَ اهْلَكَ الَّذينَ قَبْلَكمْ، انَّهُم كَانُوا إِذَا سَرَقَ فيهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وِإِذَا سَرَقَ فيهِمُ الضَّعِيفَُ أقاَمُوا عَلَيْهِ الحَدَّءَوايْمُ الثه، لَوْ أَنًّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سرَقَتْ لَقَطًعْتُ يَلَ!ا).
وَفِى حَدِيثِ ابْنِ رُمْحٍ: (إِنَّماَ هَلَكَ الَّنِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ،.
9 - (... ) وحدّثنى أبُو الطَّاهرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قاَلا: أخْبَرَناَ ابْنُ وَهْبٍ، قاَلَ: أخْبَرَنِى يوشُىُ بْنُ يَزيدَ، عَنِ ابْن شِهَاب، قاَلَ: أخْبَرَنى عُروَةُ بْنُ الزبيْرِ، عَنْ عَائشَةَ زَوْج النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؛ أنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمًْ شَأنُ المِرَأة ائَتَى سَرقَت فِي عَهْد النَّبىّ كله فى غَزْوَة الفًتْحِ.
فَقَالوُا: مَنْ يُكَلِّمُ فيهاَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجتَرِئُ عَلَيْه إِلَا اسَامَة! بْنُ زيْد، حِبُّ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَأتِىَ بهاَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَكَلَّمَهُ فِيهاَ أسَاَمَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَتلَوًّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ - (أتَشْفَعُ
ذكر مسلم الأحاديث فى النهى عن الشفاعة فى الحدود وإبطالها، وأن هلاك بنى إسرائيل كانت من سبب ذلك.
فيه التشديد على هذا، وأنه حرام لا يحل للشافع ولا للمشفوع عنه.
وذلك كله بعد بلوغ الإمام، وفى هذه النازلة كانت الأحاديث.
فأما قبل بلوغ الإمام فقد أجاز ذلك كثر أهل العلم لما جاء فى الستر على المسلم (1).
قال مالك: وذلك فيمن لم يعرف منه أذى للناس، واْما من عرف منه شر وفساد فلا أحب أن يشفع
(1) 1 نظر: ا لا ستذكا ر 24 / 176.
502(5/501)
كتاب الحدود / باب قطع السارق الشريف وغيره...
إلخ فى حَد مِنْ حُدُود الله ؟ لما.
فَقَالَ لَهُ اسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِى ياَ رَسُولَ الله فَلَمَا كَانَ اَ!عَشِىُّ قاَمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخْتَطَبَ، فَاثْنى عَلَى الله بِماَ هُوَ أهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: (أمَّا بَعْدُ فَإنَّماَ أهْلَكَ الَّذينَ قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَاُنوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيَهمُ الضَّعِيفَُ أقاَمُوا عَلَيْه الحَدَّ.
يانِّى، وَالَّذى نَفْسِىِ بيَدِه، لَوْ أنَّ فَاطمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَلَ!اَ لما ثُمَّ أمَرَِ بَتِلكَ المرْأَةِ الَّتِى سرَقًتَْ فَقُطِعَتْ تدهُاَ.
قاَلَ يُونُسُ: قاَلَ ابْنُ شِهَاب: قاَلَ عُرْوَةُ: قاَلَتْ عَائِشَةُ: فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهاَ بَعْدُ، وَتَزَوَّجَتْ، وَكَانَمت تَأتِينِى بَعْدَ فَلًكَ، فَا2رْفَعُ حَاجَتَهاَ إِلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
10 - (... ) وحدئمنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَناَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ.
قاَلَت: كَانَت امْرَأَةٌ مَخْزُومِيةٌ تَسْتَعيرُ المَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ، فَا"مَرَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ تُقطَعَ يَدهُا.
فَائى أهْلُهَاَ اسَامَةَ بْنَ زَيْد فَكَلَّموُهُ، فَكَلَّم رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِيهاَ.
ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَليثِ اللَّيْثِ وُبونُسَ.
11 - (1689) وحدّثنى سَلَمَةَ بْنُ شَبيب، حَدّثناَ الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَد ثناَ مَعْقلٌ، عَنْ أبِى الزُبيْرِ، عَنْ جَابر ؛ أنَّ امْرَأةً مَنْ بنى مَخْزُوبم سَرَقَتْ، فَ التِيَ بِهاَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَعَاذَتْ بِ المِّ سَلَمَةَ زَوجْ النًّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاَلَ النًّبِىُّ كله: (وَ الله، لَوْ كَانَتْ فَاطمَةُ لَقَطَعْتُ يَلَ!ا) فَقُطِعَتْ.
فيه.
وأما الشفاعة فيما ليس فيه حد وليس فيه حق لآدمى دانما فيه التعزير، فجائز عند العلماَء، بلغ الإمام اْم لا.
وقوله: إن امرأة كانت تستعير الحلى وتجحده، فأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بقطع يدها، قال الإمام - رحمه الله -: محمل ذكر العارية ها هنا على قصد التعريف بالمرأة، لاعلى أن القطع بسبب ذلك، قد تقدم الكلام أنها سرقت، هكذا تأوله أهل العلم.
قال القاضى - رحمه الله -: ذهب أحمد بن حنبل د إسحق بن راهويه إلى القطع فى جحد العارية ؛ اْخذاً بهذا الحديث.
وعوام العلماء وفقهاء الفتيا على اْنه لا قطع فيها.
وقد ذكر أرباب الحديث أن معمراًا نفرد بذكر العارية فى هذا الحديث وحده من بين سائر الرواة، ذكر غيره أن بعضهم وافقه، لكنه لم يعتد بحفظه كابن أخى الزهرى ونمطه.
وقد جاء
(5/502)
كتاب الحدود / باب قطع السارق الشريف وغيره...
إلخ 503
ذكر سرقتها فى الحديث فى الأم مبينا، وفى غيرها: سرقت قطيفة من بيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، قالوا: وإنما لم يذكر السرقة فى هذه الرواية لأن قصد رواتها الخبر عن منع الشفاعة فى الحدود لا الإخبار عن السرقة.
وفى قوله عن بنى إسرائيل أو غيرهم مما تقدم فى هذا الحديث: (كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه): دليل أنها سرقت، وان نازلتها فى السرقة لا فى الجحد.
ويحتي به من لا يشترط الحرز فى السرقة، ويقطع كل سارق من حرز أو غيره، وهو مذهب داود.
وروى عن الحسن مثله، وله قول كقول جمهور العلماء وكافتهم باشتراط الحرز حتى صار كالإجماع (1).
وما خالفه شاذ.
وحجة الكافة إسقاط القطع عن حُرَيْسَةِ الجبل، والثمر المعلق، وتنبيهه بذلك عن الحرز.
وقوله: (حتى تووى إلى مراحها (2)، فإذا أواها المراح أو الجرين فالقطع / فيما بلغ ثمن المجن).
وقول عالْشة - رضى الله عنها -: (فحسنت توبتها بعد وثزوجت) فيه توبة السارق، وأن التوبة ماحية حال أصحاب الذنوب.
قيل: فى الدنيا والاَخرة، وقد تقدم الكلام على قوله: " وايم الله).
(1) ا نظر: ا لاستذكا ر 24 / 179.
(2) انظر: الموطأ، كالحدود، بما يجب فيه القطع 2 / 1 83 (22)، النسائى، كالسرقة، بالثمر يسرق بعد ان يؤويه لبرين 8 / 79.
38 / ب
504
(5/503)
كتاب الحدود / باب حد الزنى
(3) باب حد الزنى
12 - (1690) وحدثنا يَحْعصَ بْنُ يَحْعصَ التَمِيمِىُّ، أخْبَرَناَ هُشَيْم، عَنْ مَنْصُور،
عَنِ الحَسَن، عَنْ حالانَ بْنِ عَبْد الله الرَّقاَشِى، عَنْ عُبَ الةَ بْن الضَامت.
قاَلَ: قاَلً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (خُنُوا عئى، خنُوا عئى، قَدْ جَعَلَ الله لَهُن سَبِيلا، الَبِكْرُ بِالبِكْرِ، جَلدُ مِائَة وَنَفْىُ سَنَة.
وَالثيَبِ بِالثيَبِ، جَلدُ مِائَة وَالرخمُ).
(... ) وحدّثنا عَمْرو النَّاقدُ.
حَدثناَ هُشَيْمٌ، أخْبَرَناَ مَنْصُور، بِهَنَا الإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
13 - (... ) حدّثنا مُحَمًّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار، جَمِيعًا عَنْ عَبْد الا"عْلى.
قاَلَ
ابْنُ المُثنّى: حَا شاَ عَبْدُ الأعْلَى، حَا شاَ سَعِيدٌ، عَنْ "قَتاَ!ةَ، عَن الحَسَنَ، عَنْ حطَّانَ ابْنِ عَبْدِ الله الرفاَشِى، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الصَّامِتِ، قاَلَ: كَانَ نَبِى الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا انزِلَ عًلَيْهِ
حد الزانى
قوله - عليه السلام -: (خذوا عنى، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد
مائة ونفى سنة، والثيب بالثيب جلد مالْة والرجم): معنى قوله: " قد جعل الله لهن سبيلا): إشارة إلى قوله تعالى: { وَاللأَقِي يَأتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ إلى قوله تعالى: { أَوْ يَجْعَلَ اللَّه لَهُنَّ سَبِيلا (1)، فأعلم النبى - عليه السلام - أن الله قد أوحى إليه، فجعل السبيل لهن بما ذكره فى الحديث.
واختلفوا فى الاَية، هل هى محكمة وما جاء مفسر لها أو منسوخة بآية النور وبهذا الحديث وبآية الرجم المنسوخ لفظها ؟ وأنها فى البكرين، وقيل: بل فى الثيبين، وآية النور فى البكرين.
وقال إسماعيل القاضى: كان الزانيان أول الإسلام يُجَئهان ويحممان ويشهران فنسخت بقوله تعالى: { فَأَمْسِكُوهُن فِي الْبُيوتِ} الاَية، وعن ابن عمر نحوه قال: ثم نسخ ذلك بالرجم والجلد.
ولم يختلف علماء الأمصار فى جلد الزانى البكر ورجم الزانى الثيب، إلا ما ذهب
إليه الخوارج وبعض المعتزلة - النظام وأصحابه - من إبطال حكم الرجم، وقال بظاهر هذا
(1) انساَ: 15.
(5/504)
كتاب الحدود / باب حدالزنى 505 الحديث من جمع الجلد والرجم جماعة منهم الحسن البصرى داسحق بن راهويه وداود وأهل الظاهر، وروى عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه - وجمهور العلماء وكافتهم على الرجم وحده (1)، وشذت فرقة من أهل الحديث فقالت: إنما يجمع الجلد والرجم على الشيخ الثيب دون الشباب، ولا أصل لهذا القول.
وحجة الجمهور: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حكم فى المرأة أو فى ماعز وغيرهما بالرجم دون الجلد، فقضى حكمه على قوله وجعل ناسخا له.
قال الإمام - رحمه الله -: أما الزانى المحصن فإنه يرجم.
واختلف الناس، هل يضرب مع الرجم ؟ فقال جمهور العلماء: لا جلد عليه لقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (واغد يا أنيس على امرأة الاَخر، فإن اعترفت فارجمه ال، ولم يقل: اجلدها.
ولغير ذلك من الأحاديث الدال ظاهرها على سقوط الجلد، وقال بعضهم بإثبات الجلد مع الرجم بهذا الحديث، وقد يكون عند الأولن منسوخأ لأجل الظواهر التى تمسكوا بها.
قال القاضى - رحمه الله -: وقوله فى البكر: (ونفى سنة) جمهور العلماء على وجوب النفى على البكر بعد الضرب، على ما جاء فى الأحاديث، وقواه من الأحاديث، واْنه بعض الحد (2).
وخالف أبو حنيفة ومحمد بن الحسن، فقالا: لا نفى عليه (3).
ثم اختلفوا فى مقدار النفى، فقال مالك: ينفى من ينفى من مصر إلى الحجاز وشعب وأسوان ونحوها، ومن المدينة إلى خيبر، ولذلك وكذلك فعل عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - وقد - نفى على - رضى الله عنه - من الكوفة إلى البصرة، قال مالك - رحمه الله -: وحبعس فى البلد الذى نفى إليه عاما.
وقيل: ينفى إلى غير عمل بلده.
وقيل إلى غير بلده.
وقال الشافعى: أقل ذلك مسافة يوم وليلة (4).
[] (5) هنا البكر بالبكر: يحتج به من يرى النفى على النساء والعبيد لعمومه، وهو مذهب الشافعى والثورى والطبرى وداود وأبو ثور، وقال الشافعى مرة: ينفى نصف سنة، ومرة قال: سنة وتوقف فى نفيهم.
وذهب معظم القائلين بالنفى إلى أنه لا نفى على مملوك، كذلك قال الحسن وحماد بن أبى سليمان ومالك وأحمد وإسحق.
ولم ير مالك والأوزاعى النفى / على النساء، وروى مثله عن على بن أبى طالب - رضى الله عنه.
وحجة مالك: قوله فى الأمة: (إن زنت فاجلدوها) ولم يذكر نفيا (6)، وهو موضع بيان وتعليم ؛ لاكن نفى المماليك عائد بالضرر على ساداتهم داتلاف لأموالهم،
(1) لنظر: المغنى 12 / 313 وما بعدها.
(3) انظر: الاستذكار 24 / 94 وما بعدها.
(4) انظر: المصدر السابق.
(5) بياض فى الأصل.
61) انظر: المغنى 2 1 / 333، 4 صهر.
(2) انظر: المغنى 12 / 324 ما بعدها.
9 سم)
506 (5/505)
كتاب الحدود / باب حدالزنى كُربَ لذَلكَ وَتَربَّدَ لَهُ وَجْهُهُ.
قاَلَ: فَ الدزِلَ عَلَيْه ذَاتَ ئوم، فَلُقىَ كَذَلكَ، فَلَمَّا سُرِّىَ عنْهُ قاَلَ: (خُذوا عنّى، فَقَدْ جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبيلا، الث!بُ بِالئئبَ، وَالبِكْرُ بِالبِكْرِ، الثيبُ جَلدُ مِائَة، ثُمَّ رَجْمٌ بِالحِجَارَةِ.
وَالبِكْرُ جًلدُ مِائَة ثُمَّ نَفْىُ سَنَة).
14 - (... ) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّىَ وابْنُ بَشَّار، قاَلا: حَدّثناَ مُحَمَّدُ بْنُ
ص ه ص ص نص "، 5 ص، ص ص ممى ص، ص صّ، 5، َ 2َ صَّ، َ، 5، ً نص جعفر، حدثنا شعبة.
ح وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشابم، حدثنِى أبِى، كلاهُماَ عَنْ قَتاَلَةَ، بهذَا الإسْناَدِ.
غَيْرَ أنَّ فِى حَلِيثِهِماَ: (البِكْرُ يُجْلَدُ وَينفَىِ، وَالثيَبُ يُجْلَدُ وً يُرْجَمُ "، لَا يَذْكُرًانِ: سَنةً وَلامِائَةً.
ونفى النساء كشف لهن تعريض لمجنتهن وضيعتهن ؛ لكونهن عورات، وقد نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أن يسافرن مع غير ذى محرم.
ولأن فى تغريب الرجل عن وطنه عقوبة له بإخراجه عن أهله وولده، وفى نفى العبد والأمة والمرأة عقوبة غيرهما ممن لم يجن لقطعه المنفعة بهما من الزوجية والاستمتاع، أو الخدمة، وإن كلف الكون معهم فقد شاركهم فى التعذيب.
وقوله: (كرب لذلك، وتربد له وجهه): أى أصابه كرب، وعلت وجهه غبرة.
والربدة: تغيير البياض للسواد.
(5/506)
كتاب الحدود / باب رجم الثيب فى الزنى
507
(4) باب رجم الثيب فى الزنى
15 - (1691) حدّثنى أبوُ الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، قاَلا: حَدثناَ ابْنُ وَهْب، اخْبَرنِى يُونُسُ، عَن ابْنِ شِهَاب، قاَلَ: أخْبَرَنِى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْد اللّه بْنِ عتبَةَ، أنهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عَئاس يَقوُلُ: قاَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّاب - وَهًُجَالَسٌ عَلَى منْبَرِ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) -: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وسلم ) بِالحَق، وَأنْزَلَ عَلَيْهِ الَكِتَابَ، فَكًانَ مِمَّا أنزًِ عَلَيْه آيَةُ الرَّجْم، قَرأناَهَا وَوَعَيْنَاهَا وَعَقَلناَهَا، فَرَجَمَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَرَجَمْناَ بَعْدَ!، فَأخْشَى - إِنْ طَالَ بالنَّاسِ زَمَانٌ - أنْ يَقُولَ قَائِلٌ: مَا نَجِدَُ الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَة أً نْزَلَهاَ اللهُ، وَإِن الرَّجْمَ فِى كِتَابِ اللهِ حَقٌ عَلَى
وقوله فى حديث عمر - رضى الله عنه -: (إن الله بعث محمدا ( صلى الله عليه وسلم ) بالحق وأنزل
عليه الكتاب، فكان من ائزل عليه اتهَ الرجم، فرجم رسول الله ورجمنا بعده، فأخشى إن أطال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد اية الرجم فى كتاب الله، دإن الرجم فى كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساَ) هذا طرف من حديث طويل خرجه البخارى بكماله فى خطبة عمر - رضى الله عنه - وخبر السقيفة والخلافة (1).
وقد كان ما خشى منه عمر - رضى الله عنه - من تكذيب من كذب بالرجم، وأسقط فرضه من الحش ارج والمبتدعة.
فيحتمل أنه قال ذلك لعلم عنده من قبل النبى ( صلى الله عليه وسلم )، أو بصدق ظنه وفراسته، كما وافق كثيراً من الأمور والأقضية بغير ذلك، وصادف فيها الحق، وصفه النبى بذلك.
وقد روى عنه فى غير هذا الحديث الخبر بهذا قطعا من قوله: (سيكون فى هذه الأمة قوم يكذبون بالرجم وبالدجال) (2)، وهذا إنما يكون بما عنده من ذلك[ أدْ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ] (3).
وقوله: (بما أنزل الله): الأظهر فى معنلو - والله أعلم - ما ذكره فى الموطأ فى الفصل الذى ذكر من هذا الحديث والخطبة أيضا، وهو قوله: لولا أن يقول الناس زاد عمر فى كتاب الله لكتبتها بيدى: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) (4) فإنا قد
(1) البخارى، كالمحاربين، برجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت 8 / 208.
(2) ئحمد 1 / 23.
(3) غير مفهومة فى هذا السياق.
(4) انظر: المرطأ، كالحدود، بما جاء فى الرجم 2 / 824 (0 1)
39 / ب
508 (5/507)
كتاب الحدود / باب رجم الثيب فى الزنى مَنْ زَنَى إِذَا أحْصَنَ مِنَ الرَجَالِ وَالنِّسَاءِ، إِذَا قاَمَتِ التتنَةُ، أوْ كَانَ الحَبَلُ أوْ ا لاِعْتِرَافُ.
(... ) وحدّثناه أبو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ أبِى عُمَرَ، قاَلُوا: حَدثناَ سُفْيَانُ، عَنِ الزّهْرِىِّ، بِهنَا الإِسْناَدِ.
قرأناها.
ويحتمل أن يريد بما أنزل الله: أى من الوحى على نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) وشرعه له.
وفى هذا كان قول عمر - رضى الله عنه - ذلك على المنبر، وإخباره برجم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ورجمهم معه وقرأ إثر اّية الرجم، ولا منكر له من علماء الصحابة وجماعتهم - رضى الله عنهم - ما يدل على موافقتهم له ؛ إذ كان مثلهم لا يقر على منكر ولا يسكت عما استشهد به فيه عما يعلم خلافه.
وفيه الحجة لإفراد الرجم دون الجلد.
وهذه الآية مما نص العلماء أنه مما نسخ لفظه وبقى معناه، وحكمه ثابت وله نظائر، لكن لا يصح أن يثبت قراَنا فى المصحف ولا يتلى ؛ إذ لم يكتب فى المصحف لفظه، بل هذا ومثله مما أنسى الله المسلمن حفظه ة حكمة منه واتة لعباده.
ألا ترى أنه لو كان باقيا لفظه لم يجد المبتدع إلى التكذيب بحكمه سبيلا، ألا ترى ما ذكر عمر - رضى الله عنه - منها إنما هو - والله أعلم - إخبار على معنى ما كان حفظ من القراَن إذ هذا اللفظ والنظم يبعد عن بلاغة القرار ونظمه.
وفى قول عمر - رضى الله عنه - هذا ما كان عليه الصحابة - رضى الله عنهم - من الحيطة على اْمر القرآن قبل جمع المصاحف وبعدها، من أنه لا يزاد فيه شىء، ولا ينقص منه شىء، ولا يكتب معه شىء، وامتثالهم بذلك، وال!مارهم مخالفة ذلك.
/
وقوله: (الرجم فى كتاب الله حق على من زنا إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف): هذه شواهد الزنا الموجبة لحده.
فالبينة أربعة شهداء كما قال الله تعالى.
ولا خلاف بين العلماء فى أنه لا يقبل فى الزنا أقل من أربعة، وإن اختلفوا فى صفاتهم وصورة شهاداتهم (1).
وأما الحمل، فإذا ظهر بالمراْة لم يعلم لها زوج ولا ولى - إذ كانت أمة - ولا عرف اغتصابها، فإنها يقام عليها الحد، إلا أن تكون غريبة طارئة، وتدعى أنه من زوج اْو سيد.
هذا قول مالك وأصحابه.
ولا يقبل قولها: أنها استكرهت إذا لم تقم بذلك مستغيثة عند الإكراه، وقبل ظهور الحمل.
وحجته هذا الحديث.
وقال الكوفيون والشافعى: إذا وجدت امرأة حاملا فلا حد عليها، إلا أن تقر بالزنا وتقوم عليها بينة (2).
ولم يفرقوا بين
(1) لنظر: لطاوى 13 / 226 وما بعدها.
(2) المغنى 2 1 / 377، لطاوى 13 / 227 وما بعدها.
(5/508)
كتاب الحدود / باب رجم الثيب فى الزنى 509 الطارئة وغيرها لقوله - عليه السلام -: (ادرؤوا الحدود بالشبهات) (1).
وأما الاعتراف فسنذكره.
قال الإمام - رحمه الله -: اْما ظهور الحمل بالمراْة التى لا زوج لها، تقول: كرهت على الوطء ففى تصديقها خلاف بين الناس، هل تصدق ويكون بشبهة يدرأ الحد بها أو لا تصدق ؟ ولظاهر قول عمر - رضى الله عنه - هذا ؛ ولأن الحمل كالبينة عليها فلا تصدق بدعواها.
(1) لنظر: مصنف ابن اْبى شيبة 566 / 9، وللبيهقى 238 / 8.
510
(5/509)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى
(5) باب من اعترف على نفسه بالزنى
16 - (... ) وحدثنى عَبْدُ المَلك بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَيْثِ بْنِ سَعْد، حَدثنِى أبِى،
عَنْ جَدِّى، قَالَ: حَدثنى عُقَيْلٌ، عًنَ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ ابْن عَوْف وَسَعيد بْنِ الَمُسَيَّب، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّهُ قَالَ: أتَى رَجُلٌ مِنَ الَمُسْلِمِينَ رَسمولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) َ وَهوَ فِى المَسْجَد، فَنَادَاهُ.
فَقَالَ: يَارَسُولَ الله، إِنِّى زَنَيْتُ.
فَاغْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلقَاءَ وَجْهِهِ.
فَقَالَ لًهلم: يَا رَسُولَ الله، إِنِّى زَنَيْتُ.
فَاغْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَى
وقول الرجل للنبى ( صلى الله عليه وسلم ): إننى زنيت، دإعراض النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عنه حتى بنِن ذلك عليه
أربع مرات، فلما شهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (أبك جنون ؟) قال: لا.
قال: (هل أحصنت ؟) قال: نعم.
قال: (اذهبوا به فارجموه): اختلف الناس فى المقر بالزنا، هل يرجم بإقراره مرة واحدة، لقوله: (فإن اعترفت فارجمها)، ولم يقيد بعدد ؛ ولاكن القول الثانى فى معنى الأول، هو مذهب مالك.
أم لا يرجم حتى يقر أربع مرات، على ما قال بعض العلماء (1).
واشترط بعضهم أن يكون فى أربعة مجالس، ولم يشترط ذلك بعضهم.
وتعلق بعضهم فى التقيجد بهذا العدد بما وقع فى هذا الحديث من ذكر أربع مرات، وبغيره من الاَلفاظ التى وقعت فى بعض طرقه، وقياسا على عدد الشهود، وأنه قد طلب فى اللعان التكرير.
قال القاصْى - رحمه الله -: وقوله: (أبك جنون ؟) استبراء لحاله، دإنكار أن
يلح عاقل بالاعتراف، لعل كلامه مع ما رأى من إعراض النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عنه دإرادته الستر عليه.
وقيل مردود النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له لاستبرائه لحاله ؛ ولهذا قال: (أبك جنون ؟)، أو لعله يرجع عن قولته، أو لأنه سمعه منه ولم يكن منه حينئذ غيره، أو لئلا يتم الشهادة عنده أربعا عند من قال ذلك.
وجاء فى الحديث الاَخر أنه سأل قومه عنه، فقالوا: ما نعلم به بأشا.
وهذا مبالغة فى الاستبراء.
وحجته اْن إقرار المجنون فى حال جنونه لا يلزم، وأن الحدود عنه حيمئذ ساقطة، وهو مما أجمع عليه العلماء.
وقد رأى على وعمر - رضى الله عنهما - فيمن يجن أحيانا أنها شبهة يدرأ بها الحدود، لعل ما فعله ما كان حين ذلك.
(1) ا فظر: ا لامشذكا ر 24 / 30.(5/510)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 511 فَلكَ عَلَيْهِ أرْبَعَ مَرَّات.
فَلَمَا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَ الات ممدَعَاهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: (أَبكَ جُنُون! ؟ لما.
قَاذَ: لا.
قَالَ: (فَهَلْ أحْصَنت ؟ لا.
قَاذَ: نَعَمْ.
فَقَالَ رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (افَ!بُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ).
قَالَ ابْنُ شهَاب: فَاخبَرَنِى مَن سَمِعَ جَابوَ ئنَ عَئدِ الله يَقُولُ: فَكنتُ فِيمَنْ رَجَمُه، فَرَجَمْنَاهُ بِالمُصلًّى.
فلَمَّا أفلَقَتْهُ الحِجَارَةُ هَرَبً، فَأفرَكْنَا" بِالحَرة فَرَجمْنَاهُ.
(... ) وَرَوَاهُ اللَّيْثُ أيْضا عَنْ عبد الرخمَنِ ئنِ خَالد ئنِ مُسَافِر، عَنِ ابْنِ شِهَاب،
بِهَنَا الإِسْنَادِ، مْثَلهُ.
ً
ص ص ! ص، 5، صءص 7، ص ممص،، صوت
(... ) وحدثنِيهِ عبد الله بن عبد الرحْمنِ الدارِمِى، حدثنا أبو اليَمَانِ، أخْبَرَنَا شعيب،
عَنِ الرفرِئ، بِهَذَا الإِسْنَادِ أيْضا، وَفى حَلِيثِهِمَا جَميعًا قَالَ ابْنُ شِهَاب: أخْبَرَنِى مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّه.
كَمَا ذَكَرَ عُقَيْل.
َ
وقوله: (هل أحصنت ؟) بما يجب على الإمام البحث عن حال الزانى ليقيم الحد بح!سب ذلك، وفيه اْن الإنسان مصدق فى إحصانه، ويقام عليه بماقراره بذلك حد المحصن.
وسنذكر حكم الإحصان.
وقوله: (فلما اْذلقته الحجارة هرب): هو بالذال المعجمة، قال الإمام - رحمه الله -
أى أصابته بحدها.
وذلق كل شىء حده، وقيل: الذلق: السرعة، / ومنه: لسان ذلق.
وقوله: (فأدركناه بالحرة فرجمناه): وقد اختلف الناس فى المقر بالزنا إذا رجع عن قراره لغير عذر، هل يقبل منه أم لا ؟ فعندنا فيه قولان، وقد تعلق من لا يقبل رجوعه بهذا الحديث، وقد هرب هذا أو قتلوه بعد هروبه، ولم يأمرهم - عليه السلام - بديته.
وقد وقع فى كتاب مسلم: (هلا تركتموه)، وفى بعض طرقه فى غير كتاب مسلم: فلما وجد مس الحجارة صرخ، فنادى: يا قوم، ردونى إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فإن قومى هم قتلونى وغرونى من نفسى، وأخبرونى أن النبى غير قاتلى، فلم ننزع عنه حتى قتلناه.
فلما رجعنا إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (فهلا تركتم الرجل وجئتمونى به) ليتثبت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منه.
فأما ترك حد فلا.
وعند أبى داود: (ألا تركتموه حتى أنظر فى شأنه)، وعنده: (هلا تركتموه، فلعله يتوب فيتوب الله عليه) (1)، فقد صرح فى بعض هذه الطرق أنه لا يترك الحد.
(1) اْبو داود، كالحدود، برجم ماعز بن مالك 2 / 756.
4 / ْ ا
512(5/511)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى (... ) وحَدَتنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلةُ بْنُ يحيى، قَالا: أخبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أَخْبَرَنِى يُونُسُ.
ح وَ حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيم، أَخْبرَنَا عَبْدُ الرَّراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَابنُ جُرَيْجٍ، كَلُّهُمْ عَنِ الرفرِئ، عَنْ أيِى سَلَمَة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، نَحْوَ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنِ الرفرِى، عَنْ سَعِيدٍ وَألِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ.
17 - (1692) وحّدثنى أبو كَامِل فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْن الجَحْدَرِىُّ، حَا شَا
أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سمَاك بْن حَرْب، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرةَ.
قَالَ: رَأَيْتُ مَا عِزَ بْنَ مَالك حينَ جِىءَ به إِلَىَ النَّبَىَِّ ( صلى الله عليه وسلم )، رجل قَصيرٌ أعْضَلُ، لَيْسَ عَلَيْه رِدَاءُ، فَشَهدَ عًلَى نَفسِه أرْبَعَ مًرًّات أنَّهُ زَنَى.
فَقَالَ رَسُولُ اَلئه ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلَعَلَّكَ ؟) ءَ قَالَ: لا.
وَاللّه، إِنَّهُ قَدْ زَنًى الأخِرُ.
قًالَ: فَرَجَمهُ.
ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: (ألا كُلَّمَا نَفَرْنَا غَازِينَ فِى سَبِيلِ الله،
قال القاضى - رحمه الله -: ذهب أحمد بن حنبل إلى أن الزانى اذا هرب يترك ؛ اتباعا لهذه الزيادة فى الحديث.
وقال بعض أصحابنا فى المعترف وقال الكوفيون: إن طلبته الشرطة فوجدوه بالفور كمل عليه الحد، وإن وجد بعد أيام ترك.
قوله: (فرجمناه بللصلى): ترجم عليه البخارى بهذا ليرى أن حكم مصلى الجنالْز والاَعياد - إذا كانت فى غير موضع محبس لها ولا موقوف عليها - ليس له حكم المساجد، إن كان له حكمه لتجنب الدماء والميتات والقتل والرمى بالحجارة.
والمراد بالمصلى هنا: مصلى الجنائز، ألا تراه فى الحديث الاخر كيف قال: (فى بقيع الغرقد): هو موضع الجنالْز بالمدينة.
ومعنى قوله: (أعضل) كما قال فى الرواية الأخرى: (ذى عضلات)، والعضلة:
كل ما اشتمل على اللحم على عصب، جمعه عضلات، ورجل أعضل وعضل الخلق: إذا كان مشتداً وأصله.
ومنه قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: (فلعلك).
قال: لا والله إنه قد زنا الاَخر.
فيه تلقين المقر بما لعله يكون سبب رجوعه إلى شبهة لعذر بها، كما قال فى الحديث الاَخر: ا لعلك قبلت أو غمزت) فاختصر هنا على: ا لعلك) اختصارا وتنبيها لدلالة الكلام والحال على المراد بها، وإن كان الكلام المحتمل لا يؤاخذ به صاحبه، ويرجع إلى تفسيره ويقبل قوله فيه.
وقد روى التلقن فى الحدود والإقرارات عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) والخلفاء، وأجازه أئمة العلماء فروى عنه - عليه السلام - أنه قال لسارق: (ما أخالك سرقت) وروى عن أبى بكر(5/512)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 513 خَلَفَ أحَدُهُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ، يَمْنَحُ أحَل!صمُ اهثبَةَ.
أمأ وَالله، إِنْ يُمكِنِّى مِنْ أحَلِ!مْ لأنَكِّلَنَّهُ عَنْهُ).
18 - (... ) وحّدثنا مُحَمَّدُ بْنَ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظَ لابْنِ المُثَنّى - قَالا: حَدثنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ سمَاكً بْن حَرْبٍ، قَالَ: سَمعْتُ جَابر بْنَ سَمُرَة يَقُولُ: اتى رسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِرَجُلٍ قَصَيرٍ، أَشْعَثَ، ذا عَضَلاَت، عَلَيْه إِزَارٌ وَقَدْ زَنَى، فَرَ!! مرتيْن.
ثُمَّ أمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
فًقَالَ رَسُولُ اللّهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (كُلَّمًا نَفَرْنَاَ غَازينَ فى سَبيل اللهِ، تَخَلَّفً أحَدُكُمْ يَنبُّ نَبيبَ التَّيْس، يَمْنَحُ إحْل!اهُنَّ اهثبَةَ، إِنَّ اللهَ لا يمكِنًّى مِن أحًدٍ مِنْهُمْ إِلا جعَلتُهُ نَكَاَلا)، (أوْ نَكَّلتهُ).
قاَلَ: فَحَدَّثْتُهُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ فَقَالَ: إِئهُ رَ!وُ أرْبَعَ مَرَّاتٍ.
(... ) حدّثنا ابو بكْرِ بْن ايِى شيْبة، حدثنا شبابة.
ح وحدثنا إِسحق بْن إبراهِيمِ، أخْبَرَناَ أبُو عَامِرٍ العَقَدِ!، كِلاهُماَ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَمَاكٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمرَةَ، عنِ
وعمر وأبى الدرداء - رضى الله عنهم - أنهم قالوا للسارق: (اْسرقت ؟) قال: لا.
وعن عمر - رضى الله عنه -: ما أرى يد سارق.
وعن ابن مسعود اْنه قال لسارق: لعلك وجدته.
وعن على - رضى الله عنه - أنه قال لحبلى: لعلك استكرهت أو وطئت نائمة.
وقال للحبلى التى جىء بها تبكى: ما يبكيك، إن المراْة قد تستكره.
وكذلك عن جماعة.
والاْحاديث بها كثيرة وقد أجاز ذلك أحمد وإسحق وأبو ثور وغيرهم.
وقوله: (الأخر) بكسر الخاء وقصر الهمزة، ومعناه: الأبْعَد، وقيل: الأرذل والأدنى، ومنه: المسألة أخر كسب الرجل، وقيل: اللئيم، وقيل: البائس الشقى، وكله بمعنى، كأنه يريد نفسه، يريد بعتبها بفعله ذلك، وقيل: هى كناية يكنى بها الإنسان عن نفسه اْو عن غيره إذا أخبر عنه بما يستقبح.
قال الإمام - رحمه الله -: وقوله: " نبيب كنبيب التيس، يمنح إحداهن الكثبة): (نبيب التيس) /: صوته عند السئَفاد (1)، و(يمنح): يعطى، و(الكثبة): القليل من اللبئ.
قال أبو عبيد: وكذلك من غير اللبئ، وكل ما جمعته من طعام او غيره بعد أن يكون قليلأ فهو كثبة، والجمع كُثَب، وقد كثبَته كثبه، اْى جمعته.
(1) فى الأصل: الفساد، والمثبت من ع.
40 / ب
514(5/513)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَر.
وَافَقَةُ شَبَابَةُ عَلَى قَوْله: فَرَدَهُ مَر - ديْن.
وَفى حَدِيثِ أبِى عَامِرٍ: فَرَدَهُ مَرتيْن أ وْ ثَلاثأ.
ً
19 - (1693) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد وً أبُو كَامِل الجَحْدَرِىُّ - وَاللَّفْظُ دقُتَيْبَةَ - قاَلا: حَدثناَ أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سمَاك، عَنْ سًعيد بْنِ جبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أنَ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قاَلَ لماَعِزِ بْن مَالك: (أحًقٌ مًابَلَغَنِى عًنْكً ؟).
قاَلَ: وَمَا بَلَغَكَ عنِّى ؟ قاَلَ: " بَلَغَنِى أنكَ وَقَعْتَ بَجًارِيَةِ آلِ فُلانٍ ).
قاَلَ: نَعَمْ.
قاَلَ: فَشَهِدَ أرْبَعَ شَهاَدَات، ثُمَ أمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
20 - (1694) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَدثنِى عَبْدُ الأعْلَى، حَا شاَ دَاوُدُ،
عَنْ أَبِى نَضْرَةَ، عَنْ أبِى سَعيد ؛ أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ يُقَالُ لَهُ مَاعِز بْنُ مَالك، أتَى رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: إِنَّى أَصًبْتُ فَاحشَةً، فَا"قِمْهُ عَلَىَّ.
فَرَ!ه النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) مِرَارًا.
قَالَ: ثُمَّ سَألَ قًوْمَهُ ؟ فَقَالُوا: مَانَعْلَمُ به بَا"سًا، إلا أنَّهُ أصَابَ شَئئا، يَرَى أنَّهُ لا يُخْرِجُهُ منْهُ إِلا أنْ يُقَامَ فيه الحَدُّ.
قاَلَ: فَرَجًعً إِلَى النَّبَىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَافَرَناَ أنْ نَرْجُمَهُ.
قاَلَ: فَانْطَلَقناَ به إلى بَقِيعَ الَغَرْقَد.
قاَلَ: فَماَ أوْثَقْناَهُ وَلا حَفَرْناَ لَهُ.
قاَلَ: فَرمَيْنَاهُ بِ العَظمِ وَالمَدَرِ وًا لَخًزَف.
قاَلَ: فًاشْتَدَّ وَاشْتَلَعْناَ خَلفَهُ، حَتَّى أتَىَ عُرْضَ الحَرَّة، فَانْتَصبَ لَناَ.
فَرَمَيْنَاهُ بجًلاميد الحَرَّة - يَعْنِى الحجَارَةَ - حَتَّى سَكَتَ.
قاَلَ: ثمَّ قَامَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَطِيبأ مِنً اَلعَشِىِّ فًقَالَ: (أوَ كلَّماَ انْطَلَقْناَ غُزَاةً فِى دبمبِيلِ اللهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِى
قوله: (فرميناه بالحجارة حتى سكت): يعنى: مات، قال الشاعر:
ولقد شفى نفسى وأبردداؤها أخذالرجال بحلقه حتى سكت
قال القاضى - رحمه الله -: ومعنى قوله: (جعلته نكالا): أى: عظة لمن يأتى
بعده بما أصبته به من العقوبة حتى يمتنعوا من مواقعتها، قال الله تعالى: { فَجَعَباهَا نَكَالاً لِطَ بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِطَةً لِلْمُئقِين} (1).
وأصله من المنع، ومنه الأنكال: القيود ؟ لأنها تمنع ويمنع بها.
قوله: (فرميناه بالخزف): هى شقوق الفخار المتكسرة.
(1) للبقرة: 66.(5/514)
!اب الحط ود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 515 عيَالناَ، لَهُ نَبي!ب كَنَبِيب التَيْسِ، عَلَىَّ أنْ لا اوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلا نَكَلتُ بِهِ دا.
قأًلَ هَ فَماَ اسْتًغْفَرَ لَهُ وَلاَ سَئهُ.
21 - (... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ حَأتبم، حَدّثناَ بَهْزٌ، حَدّثناَ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع، حَدّثناَ دَاوُد، بِهذَا الإِسْناَد، مثْلَ مَعْنَاهُ 5َ وَقاَلَ فِى الحَديث: فَقَامَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ العَشىِّ فَحَمِدَ الله وَأثْنىِ عًلَيْهَ.
ثُمَّ قأَلَ: (أمَّا بَعْدُ، فَمًا بَأَلُ أقْوَام، إِذَا غَزَوْنَأ، يَتَخَلَّفُ أحَدُهُمْ عَنَّا، لَه نبِي!بكنَبِيبِ التَيْسِ لما.
وَلَمْ يَقُلْ: " فِى عِيَالِنَا لما.
(... ) وحدّثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُس، حَدّثنَا يَحْعصَ بْنُ زَكَريَّأءَ بْن أبى زَائدَةَ.
ح
ص ص صصء، ص ه 5، ص ص ص ص ص صص، ص ص ص ه، ص ص !، 5 صَ، َ صَ، ص ص ه وحدثنا ابو بكرِ بن أبِى شيبة، حدثنا معاوية بن هشام، حدثنا سفيان، كلاهما عن دَاوُدَ، بهَذَا الإسْنَادِ، بَعْضَ هَذَا الحَلِيثَ.
غَيْرً أنّ فِى حَلِيثِ سُفْيَاً ة فَاعْتَرَفَ بِألزَنى ثًلاَثَ مَرَاتٍ.
22 - (1695) وحدّثنا مُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ الهَمْدَانِىُّ، حَا شَا يحيى بْنُ يَعْلَى - وَهُوَ ابْنُ الحَارِثِ المُحَارِبى - عَنْ غَيْلاَنَ - وَهُوَ ابْنُ جَأمِع المُحَارِبِىّ - عَنْ عَلقَمَةَ بْن مَرْثَد، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ "لرَيْدَةَ، عَنْ أبيه.
قَالَ: جَأءَ مَاعِزُ بْنُ مَالك إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فقًالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، طَهِّرْنِى.
فَقَاَلً: (وَيْحَكَ! ارْجِعْ فَاسْتًغْفِرِ اللهَ
قوله: (حتى أتى عُرض الحرة - بضم الين أى جانبها - فرميناه بجلاميد الحرة)
أى حجارها.
وكذا جاء مفسراَّ فَى رواية العذرى.
قال مالك: لا يرمى بالحجارة الكبار.
وقوله: (حتى سكت): أى مالك، وقد تقدم تفسيره.
ورواه بعضهم: (سكن) بالنون، وله وجه، والاءول اْعرف.
وقوله فى خبر ماعز فى بعض الروايال!: (أحق ما بلغنى عنك ؟) قال: وما بلغك عنى ؟ قال: (بلغنى عنك اْنك زنيت بجارية فلان).
قال: نعم.
وشهد أربع شهادات.
وذكر فى سائر الأحاديث الأخرى أنه أتى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقال: (طهرنى): فلا تنافى بين الروايات، يكون أو، رفع إليه أمره وجىء به إليه، كما جاء فى غير حديث، وأن قومه أرسلوه إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم )، أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال للذى أرسله إليه: (يا هذا، لو سترته بردائك كان خيراً لك).
وكان ماعز يتيما عند هذا.
ولا خلاف بين أصحاب الحديث أن هذا المرجوم فى الحديث المسمى والمكنى عنه هو ماعز الأسلمى، فسأله النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فاعترف وكرر الاعتراف، إلا أنه جاء متندما.
وكأن
516!(5/515)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى وَتُبْ إِلَيْه).
قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيد.
ثُمَّ جَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّه، طَهّرْنِى.
فَقَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (وَبْحَكَ ا ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللّهَ وَتُبْ إلَيْه).
قَالَ 5َ فَرَجَعَ غَيْرَ بَعيد.
ثُمَّ جَاءَ فًقَالَ: يَا رَسُولَ الله، طَهِّرْنِى.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ مثْلَ ذَلكَ، حَتَّى إفَا كَاَنَت الرَّابعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فيمَ أطَهِّرُكَ ؟).
فَقَالَ.
مِنَ اَلزِّنَى.
فَسَأَلَ رَسُوللم اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (أبه جُنُون" ؟َ)، فَأخْبِرً أنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُون.
فَقَالَ: (أشَرِبَ خَمْرأ ؟).
فَقًامَ رَجُل فًاَسْتَنْكَهَهُ فَلَمِْ يَجِدْ مِنْهُ رِيح خَمْر.
"قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): "أزَنَيْتَ ؟).
فَقَالَ: نَعَمْ.
فَافرَ به فَرُجمَ، فَكَانَ النّاسُ فيه فِرْقَتَيْنِ: قَائِل يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ، لَقَدْ أحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُةًُ وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَة"أفضًلَ منْ تَوْبَة مَاعِز: انَهُ جَاءَ إِلَى النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَوَضَعَ يَدَهُ فِى يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتُلنى بالحَجَارَةَ.
قَاذَ: فَلَبثُوا بدَلكَ يَوْمَيْنِ أوْ ثَلاَثَةً.
ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَهمْ جُلُوَسٌ فَسًلَّمَ ثُمَّ جَلَسً.
فًقَاَلَ: " اسْتَغْفِرُوا لمَاعزِ بْنِ مَالِك!.
قَالَ: فًقَالُوا: غَفَرَ اللهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِك.
قَالَ: فَقَال رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ امَّة لَوَسِعَتْهُمْإ.
قَالَ: ثًُجَاءَتْهُ امْرَأةٌ مِنْ غَامِد مِنَ الأزْدِ.
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، طَهّرْنى.
فَقَالَ: " وَيْحك ا ارْجِعِى فَاسْتَغْفِرً ى اللهَ وَتُوبِى إِلَيْه).
فَقَالَتْ: أرًاكَ تُرِيد أنْ تُرَ!دِنِى كَمَا رَدًّ دْتَ مَاعِزَ بْنَ مَالك.
قَالَ: (وَمَا ذَاكَ ؟).
قَالت إِنَّهَا حبلَى منَ الزَنى.
فَقَالَ: (اَنْت ؟).
قَالَت: نعَمْ.
فَقَالَ لَهَا: (حَتَّى تَضَعى مَا فى بَطنك).
قَالَ: فَكَفَلَهَا رَجُل مِنَ الأنْصَارِ حَتَّى وَضَعَتْ.
قَالَ: فَائى النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً.
قَدْ وَضَعَت الغَامديَّةُ.
فَقَالَ: (إِفا لاَ نَرْجُمُهَا وَنَاع وَلَد!ا صَغيرم لَيْسَ لَهُ مَنْ يُرْضعُمُا)، فَقَامَ رَجُلٌ مِنً الَأنصَارِ فَقَالَ: إِلَىَّ رَضَاعُهُ يَا نَبِى اللّهِ.
قَالَ: َ فَرَجَمَهَا.
23 - (...
! وحدثنا ابو بكرِ بن ابِى شيبة، حدثنا عبد اللهِ بن نمير.
ح وحدثنا
ترديد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له إذا لم يقم عليه بينة إلا لإقراره واستبرائه فى إقراره، وتثبتأ فى أمره، ورجاء لرجوعه عن قوله، أو لتمام أعترافه.
وقوله فى حديث: (ارجموه) ولم يذكر جلداً، حجة لإسقاط الجلد، على ما تمَدم.
وفى قوله وى حديث محمد بن العلاء: (فرجع غير بعيد) فى الحديث الاَخر: (من
(5/516)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 517 مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر - وَتَقَارَبَا فِى لَفْظ الحَديث - حَدثنَا أبِى، حَدثنَا بُشْيرُ ابْنُ المُهَاجر، حَدشَا عَبْد اللهِ بْنُ بُرَيْلَةَ عَنْ أبَيه ؛ أَنَّ مًاعِزَ بْنَ مَالِك الأسْلَمىَّ أتَى رَسُولَ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّى قَدْ ظًلًمْتُ نَفْسِى وَزَنَيْتُ، ياِئى ارِيدُ أنْ تُطَفرَنِى، فَرَ!هُ.
فَلَمَّا كَانَ منَ الغَدَ أتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنّى قَدْ زَنَيْتُ، فَرَدَهُ الثَّانيَةَ.
فَا"رْسَلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلَىَ قَوْمه فَقَالَ: (أتَعْلَمُونَ بَعَقْله بَا"سً الرُونَ منْهُ صَ، صَ صء، صّ ص صً ص ص صً صَ صَ ص ص صّ صَ
شتئئًا ؟).
فقالوا: ما نعْلمه إلا وَفِئ العَقْلِ، مِنْ صالحينا، فيما نرى.
فا"تاه الثالثة، فَا"رْسَلَ إِلَيْهِمْ - أيضًا - فَسًألَ عَنْهُ فَأخْبَرُوهُ: أنَّهُ لاً بًأصَ بِهِ وَلاَ بِعَقْلِهِ.
فَلَمَّا كًانَ الرَّابِعَةَ حَفَرَ لَهُ حُفْرَةً ثُمَّ أمَرَ بِهِ فَرُجِمَ.
الغد، ثم جاء فقال: (طهرنى) وقال مثله فى سائر المرات: ما يحتج به ابن أبى ليلى ومن يقول بالاعتراف اْربعا، وأنه لا يكون إلا فى اْربع مجالس يفارق بينها الحاكم، حتى لا يراه، قياسا على الشهادة واللعان.
ولا حجة فيه.
وأبو حنيفة والكوفيون وأحمد بن حنبل يوجبون الأربع، ولا يشترط افتراق مجالسها كما تقدم، كما أنا لا نقيس الاعتراف بالقتل على شاهدين.
ولم يقل أحد: إنه لا يقتل حتى يقر مرتين، كما لا يقتل إلا بشاهدين.
ولم يختلفوا فى القتل، وقد وقع لبعضهم خلاف فى غيره فى الحدود، فأبو يوسف وحده لا يقطع السارق بالإقرار حتى يقر مرتين.
وقال زفر مثله فى حد الخمر، ولأن النبى - عليه السلام - لم يردد الغامدية، ولا أمر أنيسا بترديد المراْة الأخرى، بل قال: (فإن اعترفت فارجمها).
ولم يختلف فى الإقرار فى الأقوال أنها تكفى مرة، وأيضا ففى كثير من الروايات إنما قال فى الئلاثة: (طهرنى)، فلما كان فى الرابعة قال: (مم أطهرك ؟) قال: من الزنا، فلم يعترف إلا مرة وما قبله كلام مبهم، فردده النبى - عليه السلام.
فيه رعايته فى ستره، وهذا مفسر لما جاء مجملا.
وقوله: (أشرب خمراً ؟)، قال الإمام - رحمه الله -: / قال بعض الناس: فيه دلالة أن طلاق السكران لا يلزمه.
قال القاضى - رحمه الله -: هذا لا حجة فيه، وهذا باب درء الحدود بالشبهات ؛
لأنه مقر فى حالة شك فى ثبات عقله فيها لو شرب خمراً، والحدود تدرأ بالشبهات، والطلاق واقع بتهمته على ما يظهر من عدم عقله لحد ما ألزمه من ذلك.
1 / 41
518 (5/517)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى قَالَ: فَجَاءَت الغَامدَيَّةُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّى قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِى، وَإِنَّهُ رَ!صا، فَلَمَّا كَانَ الغًد قَالَت: يَا رَسُولَ الله، لمَ تَرُ!نِى ؟ لَعَلَّكَ أنْ تَرُدَّنِى كَمَا رَ!دْتَ مَاعِزًا.
فَوَاللهِ، إِنِّى لَحبلَى.
قَالَ: (إِمَّا لَاَ، فًاف!بى حَتَّى تَلدِى).
فَلَمَّا وَلَدَتْ أتَتْهُ بالصَّبِىِّ فِى خرْقَة.
قَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ.
قَالَ: (اف!بِى فَأَرْضعيه حَتَّى تَفْطميه).
فًلَمَّا فَطَمَتْهُ أتًتْهُ بًالصَّبِىِّ فِى يَده كسْرَةُ خبزٍ.
فَقَالَتْ: هَنمَا يَا نًبِىًّا لله، قَدْ فًطًمتُهُ، وَقَدْ كَلَ الطَّعَاً.
فَدَفَعَ الصَّبًِإِلَىَ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ، ثُمَّ أمَرَ بِهَاَ فَحُفِرَ لَهَا إِلَى
ولم يختلفوا فى غير الطافح اْن طلاقه لازم، وإنما اختلف العلماء فى الطافح ومذهبنا إلزامه جميع أحكام الصحيح ؛ لأنه أدخل ذلك على نفسه، وهو حقيقة مذهب الشافعى، وفرق بين الشارب المختار لا المستكره، ومن شرب مالا يعلم أنه يسكره فسكر منه، فقال: هذا لا يلزمه شىء، وهو كالمغمى عليه فى اْحكامه.
وبعض متأخرى شيوخنا يذهب إلى أنه لا يلزمه إذا تحقق ذلك منه، كما قال الشافعى (1).
وقوله: (فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر): حجة لمالك وأصحابه فى الحد من وجود الريح، وهو قول جمهور أهل الحجاز، خلافا للشافعى والكوفين فى أنه لا يحد إلا من الشهادة على شربها أو قيئها.
قال الثورى: أو يوجد سكرانا.
واختلف اْصحاب الشافعى فى هذا الوجه، وذهب بعضهم إلى أنه يحد المدمن بالريح بخلاف غيره.
وقوله: (طهرنى)، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (مم أطهرك ؟): فيه حجة أن الحدود تكفر الذنوب، كما جاء فى الحديث الآخر من استغفار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له، وشهادته له بالتوبة، وأنه لا توبة اْفضل من ثوبته.
وفى قوله فى الرواية الأخرى: (أزنيت ؟! قال: نعم، فأمر به فرجم، وفى الأخرى: فاعترف بالزنا، حجه ثلاث مرات، وفى الأخرى: فرده النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مرتين، وفى الأخرى: مرارا، يضعف الحجة أربع مرات فى الإقرار ؛ لاضطراب الرواية فيها بماَثره فى الصحيح.
وفى قول الغامدية لما قالت له: طهرنى.
فقال: (ويحك، ارجعى فاستغفرى الله وتوبى).
فقالت: أترقدنى كما رددت ماعز بن مالك ؟ قال: (وما ذالىً ؟) قالت: إنى حبلى من الزنا: فيه نحو ما فى حديث ماعز من الحض على الستر.
والغامدية بالغين
(1) انظر: الاستذكار 18 / 160 وما بعدها.
(5/518)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 519 صَدْرهَا، وَأمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا.
فَيُقْبِلُ خَالدُ بنُ الوَليد بحَجَرٍ، فَرَمَى رَأسَهَا، فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِد، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نًبِىّ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سَبَّهُ إِيَّاهَا.
فَقَالَ: " مَهْلاً يَا خَالِدُ ا فَوَالَّنِى نَفْسِى بَيَلِهً، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبةً، لَوْ تَابًهَا صَاحِبُ مَكْسبى لَغُفِرَ لَهُ لما.
ثُمَّ أمَرَبِهَافَصَلَّى عَلَيْهَاوَ!نِنَتْ.
24 - (1696) حلّثنى أبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ عَبْد الوَاحد المِسْمَعِىُّ، حَا شَا مُعَا ؟ - يَعْنى ابْنَ هشَابم - حَدثنِى أبِى، عَنْ يحيى بْن أبَى كَثيً، حَدّثنِى أَبُو قلاَبَةَ ؛ أنَّ أبَا المُهَلَّب حَا لهُ عَنْ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْن ؛ أنَّ امْرَأةً مِنْ جُهَيْنةَ أتَتْ نَبِىَّ الثهَ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهىْ حبلى مِنً الزِّنَى.
فَقَاَلَتْ: يَا نَبِىَّ الله، أصَبْتُ حَدًا، فَأقمْهُ عَلَىَّ.
فَدَعَا نًبِىُّ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) وَلِيَّهَا، فَقَالَ: (احْسِنْ إِلَيْهَا، فَإِذَا وً ضَعَتْ فَائْتِنِى بِهَا لماَ، فَفَعَلَ.
فَامرَ بِهَا نَبِىُّ
المعجمة وبالدال، كذا هو الصواب والرواية.
وهى من غامد قبيلة من جهينة.
ومن قال فيه بالعين المهملة وبالرافعة أخطأ وصحف.
وقوله: ا لا ترجمها حتى تضع مافى بطنها)، فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت فرجمت: أصل فى اْنه لا ترجم الحبلى حتى تضع، وأن حد المرأة إذا أحصنت الرجم كالرجل.
وهذه - والله أعلم - كانت محصنة.
إذ لا خلاف أنه لا يرجم غير المحصن، وأن لجنينها حرمة وان كان من زنا.
وكذلك كل من وجب عليه قصاص من النساء وهى بهذه السبيل، فحكمها أن تترك حتى تضع، إذ يتعدى القتل لغيرها.
ولا خلاف فى هذا إلا ما حكى عن اْبى حنيفة على اختلاف عنه.
وفى قوله: (فكفلها رجل من الأنصار)، وفى الحديث الاَخر: فدعا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وليها فقال: (اْحسن إليها، فإذا وضعت فائتنى بها) حجة أن من وجب عليه حد، وأجل لعذر كعذر هذه وشبهه، اْن يسجن حتى يتمكن منه الحد، أو يكفل به بمن يأتى به إذا اْمكن ذلك منه، كما فعل بهذه إذ لم يكن هناك بعد سجن.
واْمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وليها بالاحسان إليها رأفة بها ؛ لتوبتها ووجوب المحنة علحها، بخلاف لو جاَت غير تائبة.
وقوله لها: ا لا، فاذهبى حتى تلدى) تقدم تفسيره، ومعناه: فإن لم تفعل كذا فافعل كذا، كأنه قال: إن أبيت أن تسترى على نفسك وترجعى عن قولك فاذهبى حتى تلدى فترجمى.
وقوله لما ولدته: (اذهبى حتى ترضعيه): اختلف العلماء ها هنا فى رجمها، فقال
41 / ب
520 (5/519)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَشُكَتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَ أمَرَ بهَا فَرخمَعت ؟ ئمَ صَلَّى عَلئهَا.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصًلى عَلَيْهَا يَا نَبِى اللهِ، وَقَدْ زَنَتْ ؟ فًقَالَ: ا لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسمَتْ بَيْنَ سَبْعينَ منْ أهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْت تَوْبَةً أفْضَلَ مِنْ أنْ جًادَتْ بِنَفْسِهَاَ للّهِ تَعًالَى ؟).
(... ) وحدثناه أبُو بَكْرِ بنُ ألِ! شَيْبَةَ، حَدثنَا عَفانُ بْنُ مُسْلم، حَدثنَا أبَ الم لعْطَّارُ، حَدثنَا يحيى بْنُ أبِى كَثِيرٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، مثْلَهُ.
25 - (697 1 / 698 1) حدّثنا قُتَيْبَةُ بَنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْثٌ.
ح وَحَدثنَاهُ مُحَمَدُ
ابْنُ رمح، أخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَن ابْن شهَاب، عَنًْ عُبَيْد الله بْن عَبْد الثه بْن عتبَةَ بْن مسْعودٍ، عنْ أبِى هريْرة، وزيْدِ بنِ خالِدٍ الجهنِى ؛ أنهما قالا: إِن رجلاً مِن
مالك: إذا وضعت رجمت ولم ينتظر بها أن تكفل ولدها، قاله أبو حنيفة، وللشافعى - فى اْحد قوليه.
وروى عن مالك أيضا: لا ترجم حتى تجد من يكفل ولدها بعد الرضاع، وهو قول / الشافعى الآخر واْحمد د!سحق ومشهور قول مالك، والشافعى.
وحقيقته أنها متى وجدت من ترضعه وتكفله رجمت، دان لم يوجد لم ترجم حتى تفطمه، ثم ترجم.
وقد اختلفت الآثار فى مسلم متى رجمت ؟ أبعد الفطام أو قبله ؟ إذا قال الرجل: (على رضاعه) والروايتان حجة للقولن.
وأما من حدها منهن الجلد، فهم متفقون أنها لا تجلد ما دامت حاملا، كما قالوا فى الرجم إبقاَ على الجنن: فإذا[] (1) وضعت جلدت.
واستحب اْبوحنيفة أن تترك حتى تتخلص من نفاسها إذ حكمها حكم المريض وهو مذهبنا، ولا خلاف فى هذا (2).
وقد أجمعوا أن المريض لا يجلد حتى يفيق (3).
قال سحنون: وفى قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها: (اْرضعيه): دليل على اْن على الإمام رضاع ابنها، إذ لم يكن له أب أو مال.
قال الإمام - رحمه الله -: إذا كان لا يقبل غيرها ويخشى عليه التلف إن رجمت، يكون حالها حيمئذ كحال الحامل فى التأخير، بل هذه أشد لأن حياة الولد مقطوع بها وحياته فى البطن غير مقطوع بها.
وقد قال بعض الشيوخ: لو كان فى جيش المسلمن فى
(1) كان هناك كلمة وضرب عليها بسهم.
(2) انظر: ا لا ستذكا ر 24 / 37، 38.
(3) انظر: ا لحا وى 13 / 213.
(5/520)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 521 الأعْرَاب أتَى رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: يَأ رَسُولَ اللهِ، ؟نشُمُكَ اللّهَ إِلاَّ قَضَيْتَ لِى بِكتَابِ الله.
فَقَاَلَ الخَصْمُ الاَخَرُ - وَهُوَ أفْقَهُ منْهُ -: نَعَمْ، فَاقْضِ بَيْنَنَا بكتَابِ اللهِ، وًا ئْنَنْ لِىَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (قُلْ لما.
قَالَ 5َ إِنَّ ابْنِى كَانَ عَسيفا عَلَى هًنمَاَ، فَزَنَى بأمْرَأت! !انِّى اخْبِرْتُ أنَّ عًلَى ابْنى الرَّجْمَ، فَافْتَلَيْتُ مِنْهُ بمائَةَ شَاة وَوَليدَة، فَسَألتُ أهلً العِلمُ فَا"خْبَرُونِى أَدمَا عَلَىُ ابْنِى جَلدُ مَائةَ وَتَغْرِيبُ عًامَ، َ وَأنَّ عَلَىَ امْراة هَنَا الرَّجْم.
أرض الحرب من زنا ويخاف إذا رجم أن يهلك الجيش أخر حدَه، قياسا على الحامل.
وقوله: (فشُكَت عليها ثيابها): أى جمعت.
قال القاضى - رحمه الله -: ليس كل جمع شكا، والشك إنما هو انتظام الشىء بغيره، ومنه شككت الصيد بالرمح: إذا انتظمته به، ومنه هذا جمعت عليها ثيابها وانتظمت بربط أو بشوك اْو شبهه من الأخلة لئلا تنكشف عند حركته ا.
وكذا حكم المرأة أن يبالغ فى سترها.
وقد اتفق العلماء اْنها لا تحد إلا قاعدة.
واختلفوا فى الرجل فجمهورهم على أنه يحد قائما، ومالك يحده قاعدا، وبعضهم خير فيه الإمام كيفما شاء (1).
واستحسن بعض العلماء وبعض اْصحابنا أن تجعل المرأة فى قفة مبالغة فى سترها لئلا تضطرب فتنكشف.
قال: ويجعل فيها رماد أو تراب وماء لئلا يكون منها شىَ من حدث فيستتر فى ذلك.
قوله: (ثم أمر بها فحفر لها إلى صدره ال، ونحوه فى بعض روايات حديث ماعز،
وهو ظاهر قول أحمد، وحكى عن أبى حنيفة: وقال قتادة: يحفر لها، وهو قول أبى ثور وأبى حنيفة فى رواية،، أبى يوسف وأبى ثور - أيضا - والشافعى.
ووسع الشافعى - أيضا - وابن وهب للإمام ! ت سبهواه فى ذلك لاختلاف الأحاديث فى ذلك (2).
وقد ذكر مسلم اختلاف الأحاديث فى ذلك، ففى حديث ماعز فى رواية: ا لم يحفر له)، وفى أخرى: (حفر له) وفى حديث الغامدية: (حفر لها).
واستدل مالك بحديث اليهوديتين وجوابه لهما، فجعل يحنى على المرأة، قال: ولو حفر لها لم يحن عليها.
وكذلك استدلوا بقوله: (فلما أذلقته الحجارة هرب) ولو كان فى حفرة لم يمكنه ذلك.
وقال بعض أصحابنا: لا يحفر للمقر لأنه له الرجوع، فإن هرب ترك.
ويحفر للمشهود عليه.
قوله: (إلى صدرها): كذا عند من يرى الحفر.
قال: يحفر له كالبئر إلى رفيفه.
(1) لنظر: المغنى 12 / 311، الحاوى 13 / 202، 203.
(2) ا نظر: ا لا ستذكا ر 24 / 39، ولنظر - أيضأ - ا لا بق.
1 / 42
522(5/521)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (وَالَّذى نَفْسِى بِيَلِهِ، لأقْضيَنَّ بَيْنَكُمَا بكتَاب الله، الوَلِيدَةُ وَالغَنَمُ رَد، وَعَلَى ابْنكَ جَلد مَائَة، وَتَغْرِيبُ عَابم، وَاغْدُ يَا انًيْسُ إلًى اَمْرَأَة هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَاَ لما.
"
قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهاَ، فَاعْتَرَفَتْ، فَافَرَ بِهاَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَرُجِمَتْ.
(... ) وحدّثنى أبُو الطَّاهر وَحَرْمَلَةُ، قاَلَ: أخْبَرَناَ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنى يُونُسُ.
ص ص من ص ه ! صّ، ص م!ً،،، ً، ً ص ص
ح وحدثنِى عمرو الناقِد، حدثنا يعقوب بن إيراهيم بْنِ سعْد، حدثنا أبِي عَنْ صَالِح.
ح وَ حدثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرَّزّاقَِ، عَنْ مَعْمَرٍ، كُلَّهُمْ عَنِ الزُّهْرِى، بِهَنَا الإِسْناَدِ، نَحْوَهُ.
وقوله: (فأمر الناس فرجموها): فيه حجة أنه لا يلزم الإمام أن يبدأ بالرجم / ولا يحضره.
وهذا مما اختلف فيه العلماء، فمذهبنا أنه لا يلزم الإمام ولا الشهود أن يبتدئوا ولا يحضروا، وهو مذهب الشافعى.
وحجتنا أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يحضر أحدا ممن رجم، ولا يرجم ولا أمر الشهود بذلك.
وذهب أبو حنيفة إلى حضور الإمام والشهود أنه إن كان الحد بالاعتراف أن يبدأ الإمام، وإن كان بالشهادة اْن يبدأ الشهود، دإليه ذهب أحمد بن حنبل وبعض شيوخنا المتأخرين (1).
ومعنى قوله: (تفطمه) و(حتى فطمته): اْى قحمعت رضاعه باستغنائه عنها،
على ما تفسر فى الحديث من قوله: (أتته بالصبى وفى يده كسرة خبز، فقالت: يا رسول الله، هذا قد فطمته وكل الطعام).
وقوله: (فتنضح الدم): روايتنا بالحاء المهملة ة وفى رواية اْخرى بالخاء المعجمة،
وهما صحيحتان، وكلاهما من الرش والصب، وبعضهما أقوى من بعض، على اختلاف فى ذلك تقدم فى كتاب الطهارة.
وقوله: ا لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له): فيه دليل على عظيم
ذنب صاحب المكس، وذلك لكثرة تباعات الناس عليه وظلامتهم قِبَله، وأخذه أموالهم بغير حقها، وسن سنة سيئة مستمرة استمرار الحقوق.
وفيه وفى حديث ماعز دليل على أن التوبة لا تسقط حد الزنى والسرقة والخمر، إنما تنفع عند الله - تعالى - وأن التوبة لا تسقط حدا إلا حد الحرابة، وهذا قول الشافعى لقوله تعالى: { الأَ الَذِينَ تَابُوا مِن قَبلِ اَن تَقْمِيوا عَلَيْهِم} (2).
ولم يقل مثله فى السارق، صانما قال: { فَمَن تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإن الله
(1) انظر: المغنى 12 / 326.
(2) ا لما لْدة: 34.
(5/522)
كتاب الحدود / باب من اعترت على نفسه بالزنى 523 يَتُوبُ عَلَيْه} (1)، وحكى الماوردى عن مالك أنه يسقط عنه كل حق إلا الدماء، وهو خطأ عليه، وقيل: لا تسقط التوبة عن المحارب حدا ولا حقا، وهذا قول ابن عباس وغيره.
وعن على: أنها تسقط عنه كل شىء.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنه لا يحد بالشهادة عليه بالزنا القديم، ولا بالإقرار بالسرقة القديمة.
وروى عن الشافعى أن التوبة تسقط حد الخمر (2).
وقوله: (فرجمت ثم صلى عليها)، قال الإمام - رحمه الله -: مالك يكره الصلاة للإمام على من قتل فى حد، دإنما ذلك على جهة الرح.
وقد ذكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لعمر هاهنا وجه صلاته عليها.
قال القاضى - رحمه الله -: يريد صدق توبتها.
وهذا يدل على كراهة صلاة أهل الفضل على أهل المعاصى، وهو مذهب مالك فى رواية ابن وهب، لكن لا يتركون بغير صلاة، ويصلى عليه أهله.
وبقول مالك قال أحمد بن حنبل.
ولم يختلف العلماء فى الصلاة على أهل الفسوق والمعاصى المقتولن فى الحدود، وإن
كره بعضهم ذلك لأهل الفضل ؛ ردغا لأمثالهم، إذا رأى تجنب أهل الفضل الصلاة على مثله، إلا ماذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف فى المحاربين، إذا قتلوا أو صلبوا، وكذلك فى الفئة الباغية عندهم، وما ذهب إليه الحسن فى الميتة من نفاس الزنا لا يصلى عليها، وما ذهب إليه الحسن والزهرى فى المرجوم وفى قاتل نفسه أنه لا يصلى عليه، وما قاله قتادة فى ولد الزنا لا يصلى عليه.
والناس كلهم / على خلات من ذكرنا فى هذه المسائل، وقد مضى منها فى الجنائز.
وهذا الحديث وغيره حجة للكافة.
ووقع فى حديث ابن ائى شيبة: (ثم أمر بها فصَفَى عليها) بفتح الصاد واللام لجماعتهم.
وعند الطبرى: (فصُلى عليها) بضم الصاد، وكذا فى كتاب أبى داود وابن أبى شيبة (3).
وفى كتاب أبى داود - اْيضا -: (ثم أمرهم أن يصلوا عليها) (4)، لكن حديث أبى غسان بعده ظاهره اْنه: عليه السلام - صلى عليها بنفسه لقوله: (ثم صلى عليها)، ولم يذكر مسلم صلاته عليها، عنه.
قد ذكرها البخارى (5) وعلل هذه الرواية
(1) لا ا ثدة: 39.
(2) ا نظر: ا لمغنى 12 / ثه 4، 485.
(3) مصنف ابن أبى ضيبة، كالحدود، بمن قال: إذا فجرت وهى حامل انتظر بها حتى تضع ثم ترجم 0 1 / 86 برقم (58 مهـ) لبو داود، كالحدود، بالمراْة التى أمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) برجمها من جهينة 2 / 462.
(4) أبو داود، كالحدود، بالمرأة التى اْمر للنيى ( صلى الله عليه وسلم ) برجمها من جهينة 2 / 462.
(5) البخارى، كالحدود، بالرجم بالمصلى 8 / 205.
42 / ب
524 (5/523)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى اْبو عبد الله بن أبى صفرة فيما حكاه عنه المهلب أخوه، وقال: رواها محمد بن يحيى عن عبد الرزاق، عن معمر، وقال: فقال له النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (خيرا ولم يصل عليه) (1).
ومحمد ابن يحيى اْضبط من محمد بن غيلان، الذى روى الزيادة عنه عن عبد الرزاق عن معمر البخارى، قال: وتابع محمد بن يحيى ونوح بن حبيب، رواه عنهما النسائى.
ْقال القاضى - رحمه الله -: وكذا رواه عبد الرزاق عن الحسن بن على ومحمد بن المتوكل.
وهذه الأحاديث - فى اْنه لم يصل - خرجها النسائى وأبو داود والترمذى وغيرهم (2).
وما اْرى ترك مسلم حديث محمد بن غيلان إلا لمخالفة هو له، مع أن مسلما وغيره قد خرجوا حديث أبى سعيد، وفيه: (فما استغفر له ولا سبه !، وأين هذا من الصلاة عليه ؟ قيل: يحتمل ذكر الصلاة على المرأة والصلاة على ماعز الدعاء لهما - والله أعلم - أو أضافت الصلاة إليه إذ أمر بها.
قال الإمام - رحمه الله -: خرج مسلم فى هذا الحديث عن محمد بن العلاَ، عن يحيى بن يعلى بن الحارث، عن غيلان - وهو ابن جامع.
هكذا فى نسخة ابن العلاء وغيره، والصواب مافى نسخة الدمشقى: عن يحيى بن يعلى، عن أبيه، عن غيلان، وهو الصواب.
قد نبه عليه عبد الغنى على السامَط من هذا الأسناد فى نسخة أبى العلاء.
ووقع فى كتاب الزكاة من السق لأبى داود: نا عثمان بن أبى ليلى، نا يحيى بن يعلى، نا أبى، نا غيلان، عن جعفر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: لما نزلت: { وَالَذِينَ يَكْنِزُونَ الئ!بَ وَالْفِصة} الآية (3).
فهذا السند يشهد بصحة ما تقدم.
قال البخارى فى تاريخه: يحيى بن يعلى سمع اْباه وزائدة بن قدامة (4).
قال القاضى - رحمه الله -: فى حديث ماعز والغامدية - حين قال كل واحد له منهما: طهرنى -: (ارجع فاستغفر الله !: دليل على وجوب الستر على للسلم، وأن السؤال والاستفسار عن اللفظ المبهم فى شكل هذا غير واجب، بل قال فيه بعضهم: إنه لا يحل لاْنه من باب التجسس وكشف المسلم.
والنبى - عليه السلام - قد ردهما ولم يستفسرهما حتى ألخا وصرحت الغامدية.
وفيه أن الحد لا يجب إلا بالتصريح البين، لا بالكناية واللفظ المبهم والمحتمل.
(1) النسائى فى الكبرى، كالرجم، بذكر الاختلاف على الزهرى فى حديث ماعز 4 / 280 برقم للا 717).
(2) لنظر: السابق، وأبو داود، كلطدود، برجم ماعز بن مالك 2 / 457، الترمذى، كلطدود، بما جاَ فى درء الحد عن المعترف إذا رجع 36 / 4 برقم (1429).
(3) التوبة: 34.
والحديث فى أبى داود، كللزكاة، بفى حقوق المال 1 / 385 برقم (ى 6 1).
(4) البخارى فى التاريخ 8 / 1 31 (3139).
(5/524)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 525
وقوله فى حديث الأعرابى: أنشدك الله إلا قضيت بكتاب الله، فقال الآخر - وهو
أفقه منه -: نعم فاقض بيننا بكتاب الله، والْذن لى.
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (قل،، وفى الموطأ وغيره: (وأذن لى فى أن أتكلم) (1): ومعنى (أنشدك الله): اْى اْسألك به.
قوله (بكتاب الله): قيل: بحكم الله، وقيل /: بفرض الله، وقيل بما تضمنه
كتاب الله من القضاء بالحق أو فى حكم الزانى البكر والمحصن، على ما ذكر عمر أنه كان ممايتلى.
وقوله: (موافقتهما) إما لأنه كان بتلك الصفة، أو يكون لوصفه القضية على وجهها، أو لقوله: (وأذن لى فى أن اْتكلم) تزاد به فى سوال النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وحذره الوقوع فى النهى من التقدم بين يديه، ومخاطبته بخطاب بعضهم بعضا ضد ما فعل الاَخر من قوله: (أنشدك الله) وكلامه ل! بجفاء الأعراب.
!
وقوله: (إن ابنى كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته)، قال الإمام - رحمه الله -: الع!سيف: الأجير، وجمعه عسفاء، نحو أجير وأجراء، وفقيه وفقهاء.
أما قوله: ا لأقضيئ بينكما بكتاب الله،: يحتمل أن يكون المراد به قضية الله تعالى والكتاب يكون بمعنى القضاء، ومن الناس من قال: فإن الرجم مشار إليه فى الكتاب بقوله تعالى: { اَوْ يَجْعَلَ الثَهُ لَهُن شبِيلا} (2)، وقد قال فى الحديث المتقدم: قد جعل الله لهن سبيلا، وذكر الرجم.
وقيل: قد كان الرجم مما يقرأ من القراَن ثم نسخ، وهو قوله: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة).
وقوله: (فسألت أهل العلم) ولم ينكر عليه فيه جواز الاستفتاء لمن كان مع النبى
( صلى الله عليه وسلم ) فى مصر واجد، وإن كان يجوز على غير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الخطأ والحيف عن الحق ما لا يجوز عليه، وهذا كالاقتصار على الظن مع القدرة على اليقن.
وقد يتعلق به من أهل الأصول من يجوز استفتاء الفقيه، وإن كان هناك اْفقه منه.
وقد قال بعضهم: لِمَ لَمْ يجده للمرأة، وقد قال: فزنا بامرأته ؟ وهذا لأنها اعترفت فرجمها.
قال القاضى - رحمه الله -: قيل فى قوله: ا لأقضن بينكما بكتاب الله،: يحتملى
فى بعض صلحكما الباطل الفاسد ؛ لقوله تعالى: { وَلا تَثُئوا اَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِائبَاطِل} (3)، ويحتمل أن يريد بما قرأه فى كتاب الله تعالى من قوله: { - فَاجْلمُوا كُل وَاحِد نِنْهُمَا مِائَةَ جَلْمَة} (4)، وبما كان يتلى من الرجم فى المرأة.
وفى حد النبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) ابنه، وإن لم يجز
(1) موطأ مالك، كالحدود، ب- ما جاء فى الرجم 2 / 822، أبو داود، كالحدود، بفى المراْة التى أمر للنبى برجمها من جهينة 2 / 461، الترمذى، كالحدود، بما جاء فى الرجم على الثيب 39 / 4.
(2) النساء: 15.
(3) البقرة: مه ا.
(4) للنور: 2.
1 / 43
43 / ب
526 (5/525)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى
فى الحديث لإقراره ولا للشهادة عليه ذكر، قال: ما يدل أنه لابد من صحة اعترافه بذلك.
فإنما أغفل ذلك الراوى أو عول فى تركه على علم السامع بذلك ؛ أنه لا يؤخذ أحد بغير إقراره إلا لو تمت الشهادة عليه لأنه يردها ذا الفضل من[ العضل] (1) الحديث.
وإنما فهم المقصود منه فسخ الصلح الحرام، دإقامة الحدود على الزناة.
وفى الحديث ضروب من الفقه سوى ما تقدم منها: أن أولى الناس بالقضاء منهم الخليفة إذا كان عالمأ بوجوه القضاء، وأن الحكم بالرجم وشبهه - من حدود القتل والنفس - إنما يكون بحضرة الإمام وبين يديه، ووجوب الأدب مع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) والخليفة واْهل العلم، وللناظرين بين الناس فى استبذالهم فى السوال والإخبار عن قصصهم ؛ إذ قد يكون فى بعض الأوقات بسبيل عذر وتحت شغل، أو ليتكلم من ليس له الكلام أولا، إذ هو الداعى للإنصاف فهو المتكلم أولا.
قال الخطابى: وفيه أن لزمام إذا اجتمع الخصمان بين يديه أن يبيح الكلام لمن شاَ منهما، وفيه اْن كل صلح خالف السنة لا يدخل فى ملك قابضه، وفيه أن الحدود لا يصالح فيها ولا يمض الصلح.
ولا خلاف عندنا فى ذلك فيما تعلق بحق الله تعالى محضأ ؛ كحق الحرابة والزنا والردة والسرقة، بلغ السلطان أم لاة لأنه أكل مالي بالباطل فى إبطال حد إن بلغ السلطان، أو كل مال على اْلا يبلغ وهو حرام ورشوة.
واختلف عندنا فى الصلح عما / تعلق منه بحق العباد فى الأعراض بعد رفعه ث كحد القذف.
ففيه قولان وإن كان يكره بكل حال ؛ لأنه اْكل مال فى ثمن عرض.
ولا خلاف أنه يجوز قبل رفعه.
ولم يختلف فى جواز ما كان منه فى الأبد أن من القصاص فى الجراح والنفس ؛ أن الصلح فيه جائز لا يرد بما اتفق عليه.
وفيه أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يحضر الرجم وهو الإمام، وقد تقدم الخلاف فى ذلك، ولا
ذكر الحفر للمرجوم.
وفيه رجم الثيب دون جلده، وجلد البكر ونفيه، وقد تقدم هذا.
وفيه من الفقه سؤال الإمام إذا قذف عنده قاذف المقذوف، فإن اعترف حد ودرئ عن القاذف الحد، دإن أنكر وأراد سترأ سقط الحد عنهما، دإلا سئل القاذف البينة، دإلا حد للقذف، كما وجه النبى أنيم!ئا للمرأة.
فأما لو شهد عند الإمام اْن فلانا قذف فلانا فلا يحده الإمام حتى يطلبه المقذوف.
وعند أبى حنيفة والثافعى والاَوزاعى، وقال مالك: يرسل إليه، فإن أراد سترا تركه وإلا حده.
وقد اختلف قول مالك فى عفوه دإن لم يرد ستراً.
(1) ضرب عليها بخط فى الأصل.
(5/526)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى 527 وفيه قبول خبر الواحد.
وفيه استتابة الحاكم غيره فى مثل هذه وشبهه، وهو أمثل فى اتخاذ القضاء والحاكم، وأصل فى وجوب الإعذار.
وفى جوازه لو حد فى ذلك عندنا قولان.
وقد يمكن اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ثبت عنده اعترافهما بذلك شهادة هذين الرجلن، فكان توجيه أنيس لهذا إعذاراً لها.
وقد احتج به قوم فى جواز حكم الحاكم فى الحدود وغيرها.
بما أقر به عنده الخصم، وهو أحد قولى الشافعى فى إقامة الحد بذلك، وقول أبى ثور وفى الحد بذلك.
والجمهور على خلافه.
! انما اختلفوا كثيرا فى غير الحدود.
وعندنا فى هذا قولان ولا حجة فيه للمخالف ؛ إذ
ليس فيه بيان، ويحمل قوله: (فإن اعترفت) على الإعذار فيما ثبت قبل واعتراف على ما عهد بالبينة.
ويحتمل قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لأنيس: (فارجمها) أى قد وجب عليها الرجم بعد مطالعة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) باعترافهما واْمره بذلك، ويحتمل أنه فوض الأمر كله إلى أنيس فإذا اعترفت بحضرة من يثبت ذلك بقولها - إن كان لم يثبت بعد - فقد جعل إليه الحكم فيها، هذا يدل على أن أنيسا وحده لا ينفرد بأمرها ؛ إذ لابد من حضور جماعة لإقامة الحد عليها.
وفى الحديث: (فاعترفت فأمر بها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فرجمت)، فدل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم )
حكم فيها بعد ما أعلمه أنيس بما صح عنده من اعترافها.
فيه: أنه لم يفرق بين الزانية وزوجها، ولا أمر بتكرار الاعتراف منها.
وقيل: فيه دليل على صحة الإجازة.
وقيل: فيه تأخير الحدود إذا ضاق الوقت إلى أوسع منه ث لقوله: (واغد يا أنيس!.
قال القاضى: وليس بين إن لم يأت أن هذا كان عشاء.
(واغد) بمعنى: سر اى وقت كان، معروفا فى كلام العرب.
وفيه اختفاء بمجرد الإقرار دون مراعاة عدد كما تقدم، وليس فيه جلد مع الرجم.
وفيه مراعاة الإحصان فى الرجم وقد صحت فى هذه المراة، وأنها متزوجة.
ولعل حال الدخول بها - وقد صحت فى هذه المرأة - كان معروفا او طول الإقامة مع الزوج أو وجود الولد، فاستغنى عن ذكره فى الحديث.
وقد جاء فى الحديث المتقدم قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) للمعترف له: (هل اخصنت ؟!.
ولم يختلف العلماء فى مراعاة الإحصان / للمرجوم، واختلفوا فى صفته، وما هو ؟
فعند مالك أنها الوطء المباح بعقد صحيح تام لحر مسلم عاقل حيئ وطئه بالغ (1)، ولم يرل هذه الصفات فى الزوجة الموطوعة كيف كانت ؛ أمة أو كافرة أو مجنونة او صغيوة.
ويراعى الصفات فيها هى إن زنت بعد الإحصان كالرجل، إلا إذا كان زوجها صبيا غير بالغ فلا يحصنها بخلاف الصبية مع البالغ.
(1) انظر: الاستندكار 24 / 61 ما بعدها.
1 / 44
528 (5/527)
كتاب الحدود / باب من اعترف على نفسه بالزنى واختلف أصحابنا فى الوطَ المكروه والممنوع فى النكاح الصحيح، هل يحصن أم لا ؟
ولم يشترط بعضهم العقل جملة فى واحد منهما، وبعضهم اشترطه فى الرجل دون المرأة.
قال: فإذا كان عاقلا كان إحصانا لهما إذا كانت مجنونة، وإن كان مجنونا لم يكن منهما إحصان وإن كانت عاقلة.
ولم ير 3 أبو حنيفة الوطَ المحظور مع موافقته لنا فى شروط الإحصان، وراعاه الشافعى ولم يجعل به إحصانا، ولم يشترط هو ولا أحمد فى الإحصان الإسلام فى نكاح الزوجن.
واختلف أصحاب الشافعى فى الحرية والبلوغ، فمنهم من جعل النكاح دون ذلك إحصانا، ومنهم من لم يجعله، ومنهم من فرق فجعل البلوغ شرطا لازما للحرية، ومنهم من عكس.
ولم يشترط أبو يوسف وابن أبى ليلى فى الإحصان الحرية إذا كانت الزوجة حرة، فلم يلا الوطَ الممنوع.
وقال الليث والثورى نحو قول مالك، إلا أن الليث لا يراعى الوطَ الممنوع (1).
(1) لنظر السابق.
(5/528)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ
529
(6) باب رجم اليهود، أهل الذمة، فى الزنى
26 - (1699) حدّثنى الحَكَمُ بْنُ موُسَى أبُو صَالح، حَا لناَ شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَقَ، أخْبَرَناَ عُبَيْدُ الله عَنْ ناَفِع ؛ أنَّ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ أخْبَرَهُ ؛ ان رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) اتِىَ بِيَهُوسِ! وَيَهُو!يَّة قَدْ زَنَيَاَ، فانطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى جَاءَ يَهُودَ.
فَقَالَ: (مَاَ تَجِدُونَ
وقوله فى حديث اليهوديين اللذين زنيا، وأنه - عليه السلام - رجمهما، قال الإمام - رحمه الله -: من الناس من يقول: إن إحصان الكافر يعد إحصانأ وتعلق بهذا الحديث، ومالك لا يراه إحصانا، ويحمل هذا على أنه لم تكن له ذمة، فكان دمه مباحا.
ولكنه يعرض على هذا عندى برجمه للمرأة، ولعله يقول: كان هذا قبل النهى عن قتل النساء.
قال القاضى - رحمه الله -: وقيل فى رجم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اليهوديين لأنهم هم تحاكموا إلينا، وطلبوا ذلك منا ة بدليل قوله فى الموطأ: (جاءت اليهود إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا (1) فعندنا أنهم إذا أتوا هكذا أن الحاكم مخير، إن شاء حكم بينهم دإن شاء لم يحكم.
فإن حكم حكم بحكم الإسلام، ذلك برأى المحكوم عليه منهما ورأى أساقفتهم ورهبانهم، وهو دليل قوله: (جاءت اليهود).
فى غير الام: اْن أحبارهم أمروهم بذلك، ويتخير الحاكم فى الحكم بينهم، قاله الشافعى وجماعة من السلف، وحجتهم قوله تعالى: { فَمان جَاعُوكَ لَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُم} (2).
وقال أبو حنيفة.
يحكم بينهم بكل حال، وقاله جماعة من السلف، وهو قول الزهرى وعمر بن عبد العزيز، وروى عن ابن عباس والحكم وأحد قولى الشافعى (3).
ثم اختلف أصحابنا وأصحاب أبو حنيفة، هل يحكم بين المتحاكمن منهم بمجىء أحدهما ؟ أو حتى يجيئا معا ؟ أو حتى يعلمهما بما يحكم به ويرضيان به وقال الشافعى - أيضا -: لا يحكم بينهم فى الحدود وحكم النبى بما حكم عليهما يحتمل أنه بحكم دينهما، وأنه لم يكن بعدُ نزل حكم الزنا عليهم، وكذلك قال بعض العلماء، قال: ولا يتفق لنا نحن اليوم بذلك.
وقال بعض أصحابنا، ويدل عليه قوله فى غير مسلم (4) حِن قدم
(1) انظر: مالك فى للوطأ، كالحدود، بما جاء فى الرجم 2 / 819.
(2) ا لما ئدة: 42.
(3) انظر: الاستذكار 24 / 12 وما بعدها.
(4) أبو دلود، كالحدود، بفى رجم لليهوديين 2 / 463.
44 / ب
530 (5/529)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ فِى التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى ؟).
قَالُوا: نُسَوِّدُ وجُوهَهُماَ وَنُحَمِّلُهُمَا، وَ نُخاَلِفُ
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المدينة، وهذا يدل أنه فى أول الأمر وسوال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهم عما فى التوراة.
قيل: هذا يحتمل أنه قد علم به بالوحى، واْنه مما لم يغيروه منها ؛ ولهذا مالم يخف
عليه حيئ كتموه، أو أن يكون علم ذلك ممن وفق ممن أسلم من علمائهم.
وفى الصحيح أن عبد الله بن سلام قال له: إن فيها الرجم.
(1) / ويحتمل أن يكون سألهم عن ذلك استخبارا عما عندهم ثم يستعلم صحته من قبل الله تعالى، ويكون حكمه بما فى التوراة، إما لأنهم رضوا بذلك وصرفوا حكمهم إليه، أو لأن شرع من قبلنا لازم لنا مالم ينسخ على أحد القولين لأهل الأصول.
قد قيل: إن هذا كان خصوصا للنبى - عليه السلام - إذ لا فضل عن أى معرفة ما أنزل عليهم، ول!جماع أن أحدأ لم يعمل به بعده لقوله تعالى: { يَحْكمُ بِهَا النبِئونَ ائذِين اَسْلَمُوا لِنَنِ!نىَ هَادُوا} (2).
وقد احتج الدارقطنى وأبو داود وغيرهما وبعضهم يزيد على بعض حديث اليهوديين مبينأ، وفيه: فقال لهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (ائتونى بأعلم رجلين فيكم)، فأتوه بابنى صوريا.
وفيه: أنه سألهما: (كيف تجدون حدهما فى التوراة ؟).
فقالا: الرجل مع المراْة ريبة وفيه عقوبة، والرجل على بطن المرأة ريبة وفيه عقوبة، فإذا شهد اْربعة أنهم رأوه يدخله فيها كالمرود فى المكحلة رجم.
قال: (ائتونى بالشهداء)، فشهد أربعة فرجمهما (3).
قال الدارقطنى تفرد به مجالد عن الشعبى وليس بالقوى.
وقولهم: (نسود وجوههما ونحملهم ال كذا للعذرى والسمرقندى، وعند السجزى: (نجملهما) بالجيم المفتوحة، وعند الطبرى: (نحملهما) بالحاء الساكنة.
قال الإمام: المحمم: المسوَد الوجه، وهو مفعل من الحمم، والحمم: الفحم، واحدتها حممة.
قال القاضى: فمن رواه: (نحممهم ال فهذا معناه، ومن رواه: (نجملهما) بالجيم فمعناه: نحملهما على الجمال، كما قال فى الرواية الأخرى: (نُحَمِّلْهُمَ ال.
وقوله: (ونخالف بين وجوفهما ويطاف بهما): هذا كله مبالغة فى التنكيل بهما.
(1) البخارى، كالحدود، بالرجم فى للبلاط 8 / 205، للنسائى فى الكبرى، كللرجم، بإقامة الإمام الحد على أهل للكتاب إذا تحاكموا بليه 4 / 293 برقم (13 72).
(2) المائدة: 44.
(3) اْبو د!ود، كالحدود، بفى رجم اليهوديين 2 / 466.
(5/530)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ 531 بَيْنَ وجُوهِهمَا، وَيُطَافُ بِهماَ.
قاَلَ: (فَأتُوا بالتَّوْرَاة إنْ كنتُمْ صَادق!!نَ "، فَجَاؤُوا بِهاَ فَقَرؤُوهَا.
، حَتَّى إِفَا مَرّوا بِآيَة الرَّجْم، وَضًعَ الفَتَىً - الَّذى يَقْراَ - يَدَهُ عَلَى آيَة الرَّجْم، وَقَرَأ مَابَيْنَ يَليهاَ وَمَا وَرَاَءَهَا.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الله بْنُ سًلام - وَهُوَ مِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) -: مُرْهُ فَليَرْفَعْ يَدَهُ.
فَرَفعَهَا، فَإفَا تَحْتَهاَ آيَةُ الَرَّجْم، فَأً مَرَ بِهِماَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَرُجِمَا.
قاَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا، فَلَقَدْ رَأيْتُهُ يَقِيهَا مِنَ الحِجَارَةِ بِنَفْسِهِ.
27 - (... ) وحدّثنا زُهيْرُ بْنُ حَرْب، حَدهَّشاَ إسْمَاعيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ - عَنْ أيُّوبَ.
ح وَحَدثنِى أبُو الطَّاهِرِ، أخْبَرَنَا عًبْدُ الله بْن وَهْبَ، أَخْبَرَنى رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ العِلمِ - منْهُمْ مَالكُ بْنُ أنَس - أنَّ نَافعًا أخْبَرَهمْ عِنِ ابْنً عُمَرَ ؟ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجَم فِى اَلزسنى يَهودِيَّيْنِ، رَجَلأ وَامْرَأةً زَنَيَا.
فَا"تَتِ اليَهُولم إِلَى رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَهِمَا.
وَسَاقُوا الحَلِيثَ بِنَحْوِهِ.
وقد قال كثير من أهل العلم بمثل هذا فى شاهد الزور من عظم حرمته فى التعزير، وأنه يحمم وجهه ويحلق رأسه، ويطاف به، وروى عن ابن الخطاب، وفعل ذلك فى شاهد الزور بعض قضاة البصرة وحلق نصف رأسه، ولم ير مالك فى آخرين حلق الرأس ولا التحميم.
وقوله: (فأمر بهما رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فرجما): حجة على ما تقدم من أنه لا يلزم الإمام تولى ذلك بنفسه، دإنما يكل الرجم إلى المسلمن، ومضى ما فيه من الخلاف.
ورجم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهما وهما كافران مضى الكلام فيه، وبه يحتج من قال: لا يشترط الإسلام فى الإحصان، وهو قول أبى يوسف وابن أبى ليلى على الجملة، وهو قول أبى حنيفة فى الذمين وأن إحصانهم إحصان، وأحد قولى الشافعى، وتقدم قول مالك (1): إنما ذلك لأنهم كانوا غير أهل ذمة حي!ذ، وتحاكموا إليه.
قال الطحاوى: وإذا كان ذلك فيمن له ذمة أخرى (2).
وقوله: (فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه!: حجة لمن يقول: لا يحفر له كما
(1) لفظر: الاستذكار 24 / 61 وما بعدها.
(2) انظر: الاصتذكار 24 / 17 وما بعدها، التمهيد 4 1 / 392 وما بعدها.
1 / 45
532 (5/531)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ (... ) وحدّثنا أحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدثنَا زُهَيْز، حَدثنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِع،
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن اليَهُودَ جَاؤوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَافرَأة قَدْ زَنَيَا.
وَسَاقَ الحَدِيثَ يِنَحْوِ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ عَنْ نَافِع.
28 - (1700) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، كلاَهُمَا عَنْ
أبِى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبْد الثَه بْنِ مُرَّةَ، عَن البَرَاء بْنِ عَازِب، قَالَ: مُرَّ عَلَى النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) بيَهُودئّ مُحَمَّفا مَجْلُوَذا، فَدَعَاهُمْ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً: (هَكَذَ التَجدُونَ حَدَّ الزَّإنى فِى كتَابكمْ ؟ لما.
قَالُوا: نَعَمْ.
فَدَعَا رَجُلاً مِنْ عُلَمَائِهِمْ، فَقَالَ: (أنْشُدُكَ بالته ائَذى انزَلً اَلتَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى، أهَكَنَا تَجدُونَ حَدَّ الزَّانى فى كتَابكُمْ ؟).
قَالً: َ لاَ، وَلَولاَ أنَكَ نَشَدْتَنى بهَذَا لَمْ اخْبرْكَ، نَجدُهُ الرجم، ولكِنه كثر فِى اشرافِنا، فكنا إِذا اخنْنا الشرِيف تركْناه، ! اِذ! أخذْنا الضعِيفَ
تقدم، وفيه حجة أنه لايربط ولا تشتد يداه.
وقوله: (يترك له يداه يتقى بهم ال ولم يذكر فى الحديث فى الأم من أين استحق - عليه السلام - عليهما الزنا.
وقد ذكر أبو داود أنه شهد عليهما أربعة اْنهم رأوا ذَكَرَهُ فى فرجها.
وقوله فى الحديث الاَخر عن البراء بن عازب: مر على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يهودى محمما، وسواله إياهم وذكرهم ما أحدثوه فى ذلك / من التحميم، والجلد فى أشرافهم، فقال: (اللهم إنى أول من أحيا أمرك إذ أماتوه) فأمر به فرجم: ليس فيه إن - شاء الله - مخالفة لما تقدم من اْنهم حكموه، ولا حجة للمخالف فى إقامة حد الزنا على الكتابيين وإن لم يحكمونا لما فى تخر الحديث: فأنزل الله تعالى: { يَا اً ئهَا الزَمولُ لا يَحْزُنكَ الَنِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر} إلى قولى: { إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ لَ!ن لمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْنَرُوا} (1) يقول: ائتوا محمدأ فإن أمركم بالتحميمِ والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى: { ومَن لَمْ يَحْكُم بِمَا أَنزلَ الذُ فَأُوْلَئِكَ هًمُ الكَافِرون} (2)، فهذا من نفس هذا الحديث بيان أنهم حكموه، واختصرها الراوى.
فيحتمل أن التحكيم كان بعد أن مروا عليه، وأنكر عليهم فعلهم، والله اْعلم.
(1) 1 لما ئد ة: 41.
(2) ا لما ئدة: 44.
(5/532)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ كم ه أقَمْنَا عَلَيْه الحَدَّ.
قُلنَا: تَعَالَوْا فَلنَجْتَمِعْ عَلَى شَىِء نُقيمُهُ عَلَى الشَّرِيف وَالوَضِيع، فَجَعَلنَا الئحْميمَ وَالجَلدَ مَكَانَ الرَّجْم.
فَقَالَ: رسولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللَّهُمَّ، إنَّىٍ أوَّلُ مَنْ أحْيَا أمْرَكً إِ 3 أمَاتُوهُ)، فَاع مَرَ به فَرُجِمَ، فَأنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيهَا الرًّ سولً لا يَحْزً نكَ الذِينَ يًسَارِعًونَ فِي الْكًفْرِ} إلى قوله إِنْ أً وتِيتًمْ هَذَا فَخًذً وه (1) يَقُولُ: ائْتُوا مُحَمَّدًا ( صلى الله عليه وسلم )، فَإِنْ اَمَرَكُمْ بِالتَّحْميم وَالجَلدِ فَخُذُوهُ، ! اِنْ أفْتَاكُمْ بِالرَّجْم فَاحْنَرُوا.
فَاثْزَلَ اللهُ تَعَالَى: وَمَن لمْ يًحْكًم بِمَا أَنزَلَ النَهُ فَأً ولئِكَ فمُ الْكَافِرونَ (2)، وَمَن لَمْ يَحْكًم بِمَا اَنزَلَ اللهُ فَأً وْلَئِكَ هًمً الطالِمًونَ} (3){ وَمَن لَمْ يَحْكًم بِمَا أَنزَلَ اللَهً فَأُوْلَئِكَ هُمً الْفَاسِقًوً} (4) فِى اهُفَّارِ كُلُّهَا.
(... ) حدثنا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأبُو سَعِيد الأشَجُّ، قَالا ة حَدشَا وَكِيع، حَدشَا الأعْمَشُ،
بهَذَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
إِلَى قَوْلِهِ: فَافَرَ بِهِ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فَرُجِمَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ: مَا بَعْمَهُ مِنْ نزُولِ ا لَآيَةِ.
28 م - (1701) وحدّثنى هَرُونُ بْنُ عَبْدِ الله، حَدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّد، قَالَ:
قَالَ ابْنُ جُرَيْج: أخْبَرَنِىِ أبُو الزُبيْرِ ؛ أنَّهُ سَمِعَ جًابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: رَجَمَ النَبِىُّ ءت! رَجُلاً مِشْ أسْلَمَ، وَرجُلاً مِنَ اليَهُودِ، وَامْرَأتَهُ.
وقد احتج بهذا الحديث من يرى على الإمام إقامة حد الزنا على الذمين إذا زنيا، وهِو
قول أبٍحنيفة وأحد قولى الشافعى (5).
وحجة من قاق بهذا القول قوله تعالى: { واَنِ احْكُم بيْنهم بِمَا اَنزَلَ الئَه} (6) وجعلوها ناسخة لآية التخيير، وهو قول ابن عباس فى اخرين وقال مالك: إذا زنا أهل الذمة فلا يعرض عليهم الإمام ويردهم إلى أهل دينهم، إلا أن يظهر منهم ذلك بين المسلمن ويضروهم بذلك فيمنعوا، وهو قول جماعة من العلماء، وأحد قولى الشافعى وأبى ثور فى اخرين.
وقال مالك: إذا زنا أهل الذمة فلا يعرض عليهم الإمام.
وذهب المغيرة من أصحابنا إلى أنهما يحدان حد البكر كيف كانا.
وقد بينا
(1) ا لما ئدة: 41.
(3) ا لما ئد ة: 45.
(4) 1 لما ثد ة 47.
(5) انظر: الاستذكار 24 / 17 وما بعدها.
(6) ا لما ئد ة: 49.
(2) ا لما ندة: 44.
534 (5/533)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ (... ) حدئنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، أخْبَرَناَ رَوْحُ بْنُ عُبَ الةَ، حَدّثناَ ابْنُ جُرَيْجٍ،
بِهَنَا الإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أنَّهُ قاَلَ: َ وَامْرَأةً.
29 - (1702) حدّثنا أبوُ كَامِلٍ الجَحْدَر!، حَا شاَ عَبْدُ الوَاحد، حَا شاَ سُلَيْماَنُ الشَّيْباَنىُّ، قاَلَ: سَألتُ عَبْدَ الثهِ بْنَ أبِى أَوْفَى.
ح وَحَدّثناَ أبُو بًكرِ بْنُ أبى شَيْبَةَ - وَاللَّفْظ لَهُ - حَدثناَ عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ أبى إِسْحَقَ الشَّيْباَنِىِّ، قاَلَ: سَألتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أبِى أوْفَى: هَلْ رَجَمَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قاَلَ: نَعَمْ.
قاَلَ: قُلتُ: بَعْدَ مَا انزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ أمْ قَبْلَهاَ ؟ قاَلَ: لا أ!رِ!.
30 - (1703) وحدّثنى عيسَى بْنُ حَمَّاد المِصْرِ!، أخْبَرَناَ اللَّيْثُ، عَنْ سَعيد
ابْنِ أبِى سَعيد، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّهًُ سَمعَهُ يَقُولُ: لسَمِعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (إذًا زنَتْ أمَةُ أحَدكُمْ فتَبَيَّنَ زناَهاَ، فَليَجلد!ا الحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهاً.
ثُمَّ إنْ زَنَتْ، فَليَجْلدهَا الحَدَّ، وَلا يُثَرًّبْ عَلَيْها.
ثًمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِناَهاَ فًليَبِعْهاَ، وَلَوّ بِحَبلٍ مِنْ شَعَرٍ ).
31 - (... ) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أِبِى شَيْبَةَ!سْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، جَميعًا عَنِ ابْن عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثناَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أخْبرَناَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْر البُرسَانىُّ، اخْبَرً ناَ هِشَامُ بْن حَسَّان، كلاهُمَا عَنْ إُلوبَ بْنِ مُوسَى خ وَحَدثناَ أبُو بًكْر بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدثناَ أبُو اسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْر، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ.
ح وَحَدثنِى هَرُون بْنُ سَعيد الأيْلِىُّ، حَدعشاَ ابْنُ وَهْب، حَدثنِى اسَامَةُ بْنُ زَيْد.
ح وَحَدثناَ هَنَّادُ بْنُ السَّرِ! وَأ!بوً كُرَيْب داِسْحَقُ ابْنُ إبْرَاهيًمَ، عَنْ عَبْدةَ بْنِ سُلَيْماًنَ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ إِسْحَقَ، كُلُّ هَؤُلاءِ عنْ سَعِيد المَقبرِ!، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
إِلاَ أنَّ ابْنَ إِسْحَقَ قاَلَ فِى حَدِيِثِه: عَن أنه لا حجة لهم بهذا الحديث لما فيه من اْنهم حكموا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (1)، وأما الإتيان فحكمان عند هولاَ وهو قول عطاَ والحسن وليس المعنى عندهم بقوله: { وَاَنِ احكُم بَيْنَهُم بِمَا اَنزلَ الثَه} (2) على الوجوب، لإنما هو بمعنى الذى فى اَخر الاَية الأولى ومعطوف عليها فى قوله: { فَاحْكُم لَعْنَهُمْ اَوْ اَعْوِضْ عَنْهُم} إلى قوله: { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْط} (3)
(1) انظر: الاستذكار 24 / 17 ما بعدها.
(2) الما ند ة: 49.
(3) الما ئدة: 41.
(5/534)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ 5 صفه سَعيد، عَنْ أبيه، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فِى جَلدِ الا"مَةِ إِفَا زَنَتْ ثَلاثأ: (ثُمَّ ليَبِعهًا فِى الرأً بِعًةِ لما.
32 - (... ) حدّثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ القعْنَبِىُّ، حَد!شاَ مَألكٌ.
ح وَحَدثناَ يحيى
ابْنُ يحيى - وَاللَّفْظُ لَهُ - قاَلَ: َ قَرَأتُ عَلَى مَألك، عَنِ ابْنِ شِهًابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْد الله، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سُئِلً عَنِ الأمَة إِفَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصِنْ ؟ قاَلً: (إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إَنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ ).
قاَلَ ابْنُ شِهَاب: لا أدْرِى، أبَعدَ الثَّالِثَةِ أوِ الرَّابِعَةِ.
وَقاَلَ القَعْنَبِىُّ، فِى رِوَايَتِهِ: قاَلَ ابْنُ شِهَابٍ: وَالضَّفِيرُ الحَبْلُ.
33 - (1704) وحدئنا أبُو الطَّاهِرِ، اخْبَرَناَ ابْنُ وَهْبٍ، قاَلَ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: حَدثنى ابْنُ شهَابٍ، عَنْ عُبَيْد الله بْنِ عَبْد الله بْنِ عتبَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ وَزَيْد ابْنِ خَالد الَجُهَنِىِّ ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سُئلَ عَنَ الأَمَة.
بمثْلِ حَديثهماَ.
وَلَمْ يَذْكُر قَوْلَ ابْنِ شًهَابٍ: وَالضَّفِيرُ: الحَبلُ.
ًًَ
(... ) حدئنى عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدثناَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدثنِى أبِى
عَنْ صَالِحٍ.
ح وَحَدثناَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرراقَ، أخْبَرَناَ مَعْمَر، كلاهُماَ عَنِ الر هْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد الله، عَنْ أبِى فرَيْرَةَ وَزَيْد بْنِ خَالد اَلجُهَنِىِّ، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ مَألِك.
وًا لشَّكُّ فِى حَدِيِثِهِماَ جَمِيعًا، فِى بًيعِهَا فِى الثَّالِثَةِ أوْ الرابِعَةِ.
ثم مرت التلاوة فى هذه القصة وما تعلق بها، ثم كد الحكم بينهم بالقسط وبما أنزل الله إن حكم، واختار ذلك من الأمرين فمعناه عندهم: وأن احكم بينهم بما أنزل الله إن حكمت كما قال: { طَ نْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ} (1).
(1) ا لما ثدة: 42.
45 / ب
536 (5/535)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ
وقوله: (رجم رجلا من اليهود وامرأته) أى صاحبته، ولم يرد زوجته، وفى الرواية ا لاَخرى: (وامرأة!.
وقوله: رجم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، ثم قال: نعم.
قلت: بعد ما اْنزلت سورة النور أم قبلها ؟ قال: ا لا أدرى): اختلف السلف والعلماء فى اية النور، هل هى ناسخة لآيتى النساء، قوله: { فَأَمْسِكُوهُن فِى الْبُيُوت} (1) وقوله: { فآفُوهُمَا} ؟ (2) قيل: بالقول والضرب بالأيدى، وقيل: هى منسوخة بحكم الرجم الثابت، وقيل: هى محكمة لا منسوخة ولا ناسخة، وأنها فى البكرين ثابتة الحكم، واية النساء فى المحصنين، وأن الآية الاْخرى من آيتى النساء ناسخة للأولى، ثم نسخ ذلك اَية النور فى البكرين وحكم الرجم فى المحصنن.
وقوله: (إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يُثَرب عليها)، قال الإمام: فيه حجة لنا أن السيد يقيم على عبده الحد فى الزنا / خلافا"لمن منعه.
قال القاضى: جمهور العلماء على ما ذهب إليه مالك من إقامة السيد الحد على عبده، وأمته فى الزنا، صروى عن جماعة من الصحابة والتابعين خلافا لأهل الراْى والسنة من هذا الحديث وشبهه فقطع ازاءهم.
واختلف القائلون بإقامة الحد فى الزنا فى إقامة الحد عليه فى القطع، مع اتفاق هولاء
أن حدود الجلد كلها كحد الزنا يقيمها السيد.
فقال الشافعى: يقطع يد عبده، وقاله بعض اْصحابنا إذا قامت على السرقة بينة.
ومنع ذلك مالك وغيره فى القتل والقطع وقصاص الأعضاء ؛ مخافة أن يمثل بعبده، ويدعى اْنه أقام عليه حدأ لئلا يعتق عليه، وأن ذلك لزمام.
(فليجلدها الحد): دليل على وجوب الحد على العبيد فى الزنا، خلافا لمن قال غير ذلك كما سنذكره (3).
وقوله: (فتبين زناها): بين فى أن الحد لا يكون إلا بعد الثبات والبيان التام وصفة الشهادهَ عليها على ما يكون على غيرها، وهل يكتفى فى ذلك السيد بعلمه ؟ عندنا فى ذلك روايتان: الحد وإقامته وسقوطه عندنا، كانت ذات زوج أم لا.
وعن ابن عمر: إن كانت ذات زوج رفع أمرها إلى السلطان.
وقوله: (ولا يثرب عليها ": التثريب: التوبيخ والمواخذة بالذنب، هذا حكم فى
هذا الباب وشبهه من ترك التعبير لأصحاب الذنوب بما سلف منهم، والمواخذة لهم بما قد
(1) النساء: 15.
(2) للنساء: 16.
(3) لنظر: الاستذكلى 24 / 7 0 1 وما بعدها، المغنى 12 / 334 وما بعدها.
(5/536)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ 537 حدوا فيه وعوقبوا عليه، ْ ولومهم على ما سلف منهم وتوبيخهم عليه ؛ إذ لم يكونوا موافقين له فى الحين.
وأيضا فإن فى تكرار ذلك على الإماء والنساء سقوط بحشمتهن وكشف ستر الحياء بينهن وبين ساداتهن، حتى تسقط هيبتهن لهم فى ذلك فيكون سبب العود له ؛ لأن الشىء إذا كثر من ذكره أنس به ولم يبال عنه.
وقوله: " ثم إن زنت فاجلدوها): سنة فيمن تكرر منه الزنا وشبهه من المعاصى
بعد حده عليها إن تكرر حده، ولا يسقطه الحد الأول.
وقوله: (ثم إن زنت مرة فليبعها ولو بضفيرة: جاء مفسرا فى الزواية الأخرى: (فليبعها ولو بحبل من شعر) وكل حبل ضفير، وكذلك كل ما ضفر وفتل حض على بيعها وتثيد فى الخروج عن ملكها البعد عن صحبتها بعد الرابعة، وليس ذلك بواجب عند جمهور العلماء، خلافأ لداود وأهل الظاهر فى وجوبه، وفى هذا مجانبة أهل المعاصى ومباعدتهم.
قالوا: وفيه جواز التغابن وبيع الخطير بالثمن اليسير.
ولا خلاف فى هذا مع العلم به، إنما الخلاف إذا كان عن جهالة من الغبون.
وعندنا فى ذلك قولان: المعنى كيف كان والالتفات إلى الخروج عن عادة الناس فى التغابن إلى ما يكثر وش!مح فيرد وحده قائل هذا بالزيادة على ثلث الثمن والنقص منه، وليس فى الحديث عندى ما يستدل به على المسألة، وانما هذا على طريق المبالغة فى بيعها بما أمكن، ولا تحبس ليرصد بها ما يرضى من الثمن.
وقوله فى رواية مالك فى الحديث: أنه - عليه السلام - سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن ؟ فقال: (اجلدها).
كذا فى حديث مالك.
قال الطحاوى: لم يقله غير مالك.
قال غيره: قد رواه كذلك ولم يخص ابن عيينة ويحيى بن سعيد عن ابن شهاب كما / قال مالك.
واختلف فى معنى الاحصان هنا فقيل: الحرية، وقيل: التزويجِ، وقيل: الإسلام، وهذا على الاختلاف فى قوله تعالى فيهن: { فَ!ذَا أُحْصِن فَ!نْ أَتَيْنَ بِفَاحِ!ثة} الآوة (1)، قرئ بفتح الهمزة والصاد وبضم الهمزة وكسر الصاد.
واختلف فى تفسير ذلك، هل هما بمعنى التزويج أو الاسلام ؟ أو هما بمعنييئ ؟ بالفتح: الأسلام، وبالضم التزويج، وبحسب ذلك اختلف العلماء فى حد الأمة إذا زنت.
فروى عن ابن عباس وبعض السلف: لاحد على أمة فى الزنا حتى تحصن بزوج، ولا حد على عبد، وهو مذهب أبى عبيد وذلك على قراءة (حصن) بالضم.
وذهب الجمهور من السلف وفقهاء الأمصار فى أنها تحد نصف حد الحرة، كانت بزوج اْم لا (2) وهذا الحديث حجة لهم، وحديث على المذكور بعد هذا وفيه:
(1)1 لشلى: 25.
(2) انظر: الاستذكار 24 / 1 0 1 وما بعدها، المغنى 2 1 / 331.
1 / 46
538
(5/537)
كتاب الحدود / باب رجم اليهود...
إلخ
(من أحصن منهم ومن لم يحصن).
وقالوا: أحصنت معناه: أسلمت، وقد روى عن عمر بن الخطاب جلدهن فى الزنا.
وروى عنه - اْيضا - ما ظاهره لاحد على أمة، وروى نحوه عن ابن عباس أيضا، وروى عنه: حتى تحصن تحد.
قاله طاووس وعطاء وابن جريج (1)، ذلك من لم يوجب الحد إذا لم يحصن، ويتأوله أنه إذا لم يسلمن يرى العقوبة، ويتأول قوله فى هذا الحديث: (فاجلدوها) ولم يقل: فحدوها.
قوله فى الحديث الأول: " فليجلدها الحد "، ففسره وقال القاضى اْبو القاسم: هما حديثان فى أمتن، أحدهما: مسلمة تحد: والأخرى: كافرة لم تحصن، اْى لم تسلم: تعاقب.
(1) انظر: للسابق.
(5/538)
كتاب الحدود / باب تأخير الحد عن النفساء
539
(7) باب تأخير الحد عن النفساء
34 - (1705) حدّثنا مُحمَّدُ بْنُ أبِى بَكْر المُقَدَّمِىُّ، حَدعشاَيسُيْماَنُ أبُو لحَاُودَ، حدثنا زَائدَةُ، عَنِ السُّدِّيّ، عَنْ سَعْد بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أبى عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
قاَلَ: خَطَبَ عَلِىفقَالَ: ياَ أيُّهاَ النَّاسُ، أقيمُوِا عَلَى أرقَّائكُم الحَدًّ، مَنْ أحْصَنَ منْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ، فَإنَّ أمَة لرَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) زنَتْ، فَافًرً نِى أنْ أجْلد!ا، فَإذَا هىً حَديثُ عَهْد بنفَاسٍ، فًخَشِيت إِنْ أناً جَلًدْتُهاَ أنْ أقْتُلَهاَ، فَذَكَرْتُ ذً لِكَ لِلنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقاًلَ: (إحْسَن!تَ)).
(... ) وحدثناه إِسْحَقُ بْنُ إٍ برَاهيمَ، أخْبَرَناَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدثناَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّىِّ، بِهَنَا الإسْناَد.
وَلَمْ يذْكُر: مَنْ أحْصَنَ منْهُمْ وَمَنْ لَمْ يُحْصِنْ.
وَزَادَ فِى الحَدِيثِ: (اتْرُكْهَاَ حَتَّى تَماَثَلَ لما.
قال الإمام: وقول على: (أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ومن لم يحصن): هذا قولنا فى إقامة الحد على الأمة وإن لم يكن لها زوج، خلافأ لمن أبَىَ ذلك واعتقد أن فى شرط حدها إحصانها بالتزويج، وتأول قراءة من قرأ: (إذا أحصن) بفتح الهمزة والصاد على معنى التزويج، وقد تقدم الحديث المذكور فيه: (إذا زنت فاجلدوها) ولم يفرق.
وفى بعض طرقه اْنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال عن الأمة إذا زنت ولم تحصن: (إن زنت فا جلد وها).
قال القاضى: وفى قوله: إن اْمة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) زنت فأمرنى أن أجلدها، فإذا هى حديث عهد بنفاس، فخشيت إن أنا أجلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (أحسنت): حجة لما تقدم أنه لا يحد بالجلد المريض والنفساء حتى تستقل من نفاسها لأنه مرض، وأما من حده القتل فيحد كل حين لارتفاع العلة.
46 / ب
540 (5/539)
كتاب الحدود / باب حد الخمر
(8) باب حد الخمر
35 - (1706) حدّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدثناَ مُحَمَدُ
ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدثناَ شُعبَةُ، قاَلَ: سَمْعتُ قَتاَ!ةَ يُحَدثُ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك ؛ أنَّ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) أتَى بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الخَمْرَ، فَجًلَدَهُ بِجَرِيلَتَيْنِ، نَحْوَ أرْبَعِينَ.
قاَلَ: وَفَعَلَهُ أبُو بَكْرٍ.
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقاَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أخَفَّ الحُدُودِ ثَماَنِ!دنَ فَا"مَرَ بِهِ عُمَرُ.
(... ) وحدئنا يحيى بْنُ حَبيب الحَارثىُّ، حَدعشاَ خَالدٌ - يَعْنى إبْن الحَارث -
ص ممص ص، 5 ص، ص ممص ص ص ص ص روصَ !رصَءص صَ ص ص، ًَ
حدثنا شعبة، حدثنا قتادة.
قال: سمِعْت انسأ يقُولُ: اتِى رسولُ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِرَجُلٍ.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
36 - (... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شاَ مُعَاذُ بْنُ هشَابم، حَدثنِى أن، عَيق قَتاَ!ةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك ؛ أنَّ نَبِىَّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) جَلَدَ فِى الخَمْرَ بِالجَريد وَالنِّعاَل، ثُم جَلَدَ أبُو بَكْر أرْبَعِنَ.
َ فَلَمَا كَانَ عُمَرُ، وَ!ناَ الئاسُ مِنَ الريَفِ وَالَقُرً ى، قاَلً: مَا
وقوله: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) جلد فى الخمر بجريدتين نحو اْربعن، وفعله أبو بكر، وأن
عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: (أخف الحدود ثمانين (1))، فأمر به عمر، وفى الرواية الأخرى: اْنه - عليه السلام - كان يضرب فى الخمر بالنعال والجريد أربعن، وذكر قول على: (جلد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأبو بكر أربعن، وعمر ثمانين، وكل سنة).
قال الإمام - رحمه الله -: لو فهمت الصحابة عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حداً محدودا فى الخمر
لما عملت فيه برأيها ولا خالفته، كما لم تفعل ذلك فى سائر الحدود /، ولعلهم فهموا أنه - عليه السلام - فعل ذلك على موجب اجتهاده فيمن فعل فيه ذلك.
قال القاضى - رحمه الله -: أجمع المسلمون على وجوب الحد فى الخمر، وأجمعوا
أنه لا يمّتل إذا تكرر منه ذلك، إلا طائفة شاذة قالوا: يقتل بعد حده اْربع مرات، الحديث الوارد فى ذلك وهو عند الكافة منسوخ بقوله - عليه السلام -: ا لا يحل دم مسلم
(1) فى الأصل: ثمانون.
(5/540)
كتاب الحدود / باب حدالخمر 541 تَرَؤنَ فِى جَلد الخَمْرِ ؟ فَقاَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غوف: أرَى أنْ تَجْعَلَهاَ كَأخَفِّ الحُدُودِ.
قاَلَءَ فَجَلَدَ عُمَرُثَماَنِنَ.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، حَا شاَ يَحْمىَ بْنُ سَعيد، حَدثناَ هشَام"، بهَذَا
ا لإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
َ !
37 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَناَ وَكِيع، عَنْ هشَام، عَنْ قَتَالَةَ، عَنْ أنَسٍ ؛ أنَّ النُّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) كانَ يضْرِبُ فى الخَمْرِ بِالنِّعاَلِ وَالجَرِيَدِ أربعِنَ.
ثُمَ ذَكَرَ نَحؤ حَدِيِثِهِماَ، وَلَمْ يَذْكُرِ: الرِّيفَ وَالقُرً ى.
38 - (1707) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أيى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَلى بْنُ حُجْر، قالوا: حدثنا إِسماعِيل - وهو ابْن علية - عن ابْنِ أبِى عروبة، عنْ عَبْدِ اللهِ الداناجَ.
إلا بثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزانى، والتارك لدينه المفارق) (1) وحديث النعمان وأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حده ثلاث مرات ولم يقتله، ونهى عن لعنه، ودل على نسخه إجماع الصحابة على ترك العمل به.
واختلفوا فى تفصيله وقدره، فمذهب الجمهور من السلف والفقهاَ ؛ مالك وأبى حنيفة والثورى والأوزاعى واْحمد وإسحق والثافعى مرة وغيرهم: أن حده ثمانون جلدة.
وقال الشافعى - أيضا - وأبو ثور وداود وأهل الظاهر: حده أربعون.
قال الثافعى: بالأيدى والنعال وأطراف الثياب (2).
وحجة الأول: ما استقر عليه إجماع الصحابة، وأنه لم يكن فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حدا معينأ، اْلا تراه قال فى الحديث: (نحو أربين).
وقوله: (بجريدتين): يحتمل جمعها فى أربعن، وكذلك جاء فى حديث اخر
عن أبى صعيد ؛ أنه - عليه السلام - [ وأنه] (3) ضرب بنعلن فى الخمر أربعن (4).
فتأتى ثمانين، فيكون اجتهاد الصحابة فى الثمانين وفى الأربعن على مقدار يجزئ ضربه - عليه السلام - وموافقته، لاعلى إحداث حد لم يكن.
ويحتمل أن تكون جريدتين مفروقتن
(1) سبق فى مملم، كالقسامة، بما بياح به دم المسلم (25).
(2) لنظر: ا لا ستذكا ر 24 / 269، الحا وى 13 / 412، المغنى 12 / كا 4، 499.
(3) ليس لها معنى فى السياق.
(4) 1 نظر: ئحمد 3 / 67.
47 / ءأ
542 (5/541)
كتاب الحدود / باب حدالخمر ضرب بكل واحدة متهما عددا حتى كمل بهما أربعن، وفصل عمر وأبو بكر وحد على الوليد بمحضر عثمان اربعن.
واختلاف رأى على فى فعله يدل أنه لم يكن من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى ذلك لا يخالف.
ثم اتفقوا على إقامة الحد على شارب القليل من خمر العنب وكثيره، سكر أو لم يسكر.
وعلى حد من سكر من كل سكر.
واختلفوا فى حد من شرب مالا يسكر منه من غير خمر العنب، فجمهور السلف والعلماء على تسوية ذلك كله، والحد من قليله وكثيره لتحريم قليله وكثيره.
وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجلد حتى يسكره دإن شربه مالم يبلغ السكر، وعنهم - أيضا - مثله فى مطبوخ العنب المُسْكر، وخمر التمر عند بعضهم كخمر العنب (1).
وقال أبو ثور: يجلد من يرى تحريمه ولا يجلد من يرى تحليله، ويتأول فى ذلك.
وقد مال إلى هذا التفريق بعض شيوخنا المتأخرين، دإجماع المسلمين منعقد على تحريم خمر العنب النيئ، قليله وكثيره.
وضربه بالجريد والنعال يدل على تخفيف حد الخمر، دإلى هذا ذهب الشافعى ؛ أنه
لا يكون الحد[ إلا] (2) بمثل هذا إلا بالسوط.
وعند مالك وغيره: الضرب فيه بسوط بين سوطين، وضرب بين ضربين، والحدود كلها سواء.
وعند الزهرى والثورى دإسحق وأحمد والشافعى: أن الخمر أخف الحدود (3).
وقال الليث كقول مالك.
وقال اخرون: ضرب التعذير اْشد، ثم ضرب الزنا، ثم ضرب الخمر، ثم ضرب 10 لقذف (4).
واْجاز بعض أصحابنا فى المدمنين عليه التغليظ بالفضيحة والطواف والسجن.
وقوله: (بجريدتين نحو أربعن): لا خلاف بين العلماء أنه لا يجزئ ضرب بسوطين،
أو بسوط / له رأسان فى حد الصحيح، أو سياط مجموعة، ويحسب أعداد ذلك.
واختلفوا فى المريض الذى لا يرجى برؤه، فذهب مالك والكوفيون وجمهور العلماء إلى اْنه لا يجزىْ فيه إلا ما يجزىْ فى الصحيح، ويترك حتى يبرأ أو يموت.
قال الشافعى: يضرب ضربة بعكول نخل يصل جميع شماريخها إليه، وما يقوم مقامه، على ما جاء فى حديث مخدج.
وقد روى عن على أنه ضرب الوليد بسوط له رأسان أربعن، وهذا يدل على أنه لم يحسب إلا كسوط واحد ؛ لأنه إنما حده أربعن.
هذا يدل على أنه لم يحسب على ما جاء فى الحديث.
وذكر فى الحديث أن عبد الرحمن بن عوف هو النبى اْشار على
(1) المغنى 12 / 496، 497، الاستذكار 24 / 274 وما بعدها.
(2) غير مفهومة فى هذا للسياق.
(3) ا نظر: لطا وى 13 / 435.
(4) ا نظر: ا لاستذكا ر 24 / 91، 92.
(5/542)
كتاب الحدود / باب حد الخمر 543 ح وَحَدّثناَ إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ الحَنْظَلِىُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - أخْبَرَناَ يحيى بْنُ حَمَّادٍ، حَدّثناَ عَبْدُ العَزيز بْنُ الَمُخْتَاَرِ، حَا شاَ عَبْدُ الله بْنُ فَيْرُوزَ فولَى ابْن عَامر الدَاناجَ، حَدثناَ حُضَيْنُ بنُ المنذرِ، أبوُ سَاسَ ال، قاَلَ: شًهِدثُ عثماَنَ بْنَ محَفَّاَنَ وَاتِىَ بالوَلِيد، قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعًتَيْنِ.
ثُمَّ قاَلَ.
أزيدكم ؟ محَلَيه رَجُلان - أحًد!مَاَ حُمْرَانُ - أنَّهُ شَرِبَ الخَمْرَ، وَشَهِدَ آخَوص أنه" وآ".
لً محثماَنُ 5َ إِئهُ لَمْ يَتَقَيَّأ
عمر بالثمانن جلدة فى الخمر (1).
وفى الموطأ وغيره (2) أنه على بن أبو طالب.
وقوله: (فلما كان فى زمن عمر ودنا الناس من الريف والقرى،: يعنى فتحت الشام والعراق وبلاد الخصب والكروم والثمار.
والريف ما دنا من المياه من الأراضى، ويعبر بذلك عن الخصب والسعة.
ومشاورة عمر الناس فى حد السكر دليل على تشاور أهل العلم فى النوازل، أن المناكير إذا كثرت وجب الاهتبال بأمرها والتشدد فيها لئلا يؤنس بها.
دليل الحال أنه كان الأمر فى الخمر قبلُ أخف فى مبدأ أحدها حتى كثر وقوع الناس فيها، وقياسهم لها على أخف الحدود أو على القذف ؛ لأن الشارب إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، أصل فى القياس.
وقول عبد الرحمن: (أخف الحدود ثمانن ! ويروى: (أخف الحدود ثمانين) بالنصب فيهما، وهو أوجه فى العربية، أى: حد فيها أخف الحدود، أو اجعلهما أخف ا لحد ود.
وذكر مسلم حديث عبد الله الداناج، ويقال اْيضا: (الدان) بغير جيم، (الداناه بالهاء، ومعناه بالفارسية: العالم.
وحُضين بن المنذر بالضاد المعجمه.
ذكر قصة الوليد وتخليطه فى صلاة الصبح، وشهود الرجلين عليه، أحدهما أنه شرب خمراَ والاَخر أنه رآه تقيأها.
فقال عثمان: لم يتقيأها حتى شربها، والشهادة على القىء كالشهادة على الشرب.
وقول عثمان: (قم يا على فاجلده، فقال على: قم يا حسن فاجلده): فيه إقامة
(1) ابو داود، كالحدود، بالحد فى الخمر 2 / 472، الترمذى، كالحدود، بما جاَ فى حد السكرلن 4 / 48 وقال: حديث حسن، الدارمى، كالحدود، بفى حد الخمر 2 / 175.
(2) الموطأ، كالأشربة، بالحد فى الخمر 2 / 842 (2)، اْبو داود، كلطدود، بإذا تتابع فى شرب الخمر 2 / 475، للدارمى، كالحدود، بفى حد لطمر 2 / 175.
7لا / ب
544 (5/543)
كتاب الحدود / باب حدالخمر حَتَّى شَربَهاَ.
فَقاَلَ: ياَ عَلىُّ، قُمْ فَاجْلدْهُ.
فَقاَلَ عَلِىٌ: قُمْ ياَحَسَنُ فَاجْلِدْهُ.
فَقاَلَ الحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا - فًكَانَهُ وَجَدَ عَلَيْه - فَقاَلَ: ياَعَبْدَ الله بْنِ جَغفَرٍ، قُمْ فَاجْلدْهُ.
فَجَلَدَهُ، وَعَلِىُّ يَعُدُّ، حَتَّى بَلِغَ أرْبَعِينَ.
فًقاَلَ: أمْسكْ.
ثُمً قاَلَ: جَلَدَ النَّبىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) أرْبَعنَ، وَجَلَدَ أبُو بَكْرٍ أرْبَعن، وَعُمَرُ ثَماَنِينَ، وَكُل سُنَّةٌ، وَهَذَا أحَبُّ إِلِى.
َ
الفضلاء الحدود بأنفسهم ؛ لأنها من أفضل القربات.
وكذلك كان جلة الصحابة يقيمونها بين يدى الخلفاء.
ويجب أن يختار لإقامتها عند جميع العلماء أهل الفضل والعدل، إذا لمكنوا ة لئلا يشعه واْنى ذلك ؟
وقول حسن: (وذ حارها من تولى قارها): مثلٌ من أمثال العرب.
قال الأصمعى: ول شدتها من تولى هنيئها.
والقار: البارد.
ومعنى قول الحسن هذا: أى وذ ضربه داقامة الحد عليه من قلده الله
أمر المسلمن.
وقال الخطابى: معناه: ولّ عقوبته من توليه العمل والنفع (1) 0 الأول اْولى واْبين فى القصة.
وفى أمر على للحسن ثم لعبد الله جواز استنابة الحكام فيما قلدوه، لا سيما بمحض مقلدهم ومعرفته.
د إنما خص عثمان عليا بجلده (2) لكونه أقرب إليه من غيره ة بذ يجمعهم عبد مناف، علىّ من بنى هاشم بن عبد مناف، والوليد من بنى عبد شمس ابن عبد مناف.
وقول على لما بلغ ضربه أربعين: (أمسك، جلد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أربعين، وأبو بكر أربعن، وعمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلى): نيه ما كان يعتقد على فى إمامة الخليفتين اْبى بكر وعمر، وأن حكمهما سنة، وأمرهما حق لقوله - عليه السلام -: / (اقتدوا باللذين من بعدى) (3).
خلاف ما يكذب عليه فيه الرافضة والشيعة.
وقوله: (هذا اْحب): حمله اْكثرهم على الأربعن، وقد روى عن على فى هذه القصة أنه ضربه ثماننِ، وهو المعروف من مذهب على.
وقوله فى قليل الخمر وكثيرها ثمانون جلدة.
وروى عن على - رضى الله عنه - أنه جلد المعروف بالنجاشى ثمانين،
(1) الخطابى فى معالم السق بلفظ ولً العقوبة وللضرب من توليه العمل وللنفع 6 / 285.
(2) فى س: بحده.
(3) الترمذى، كالمناقب، بمناقب لبى بكر وعمر، رقم 5 / 0 1 6 (3663)، وكذا، بمناقب عبد الله ابن مسعود 5 / 672 (5.
لمه)، لبن ماجة، المقدمة، بفى فضائل أصحاب رسول الله 37 / 1 برقم (97)، لحمد 382 / 5.
(5/544)
كتاب الحدود / باب حدالخمر 545 زَادَ عَلىُّ بْنُ حُجْر فى روَايَته: قَالَ إسْمَاعيلُ: وَقَدْ سَمعْتُ حَديثَ الدَّانَاجِ منْهُ
فَلَمْ أحْفَظهَُ.
ًًًً
39 - (1707) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَال الضَّرِيرُ، حَدءنَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيعْ، حَدّثناَ سُفْيَانُ الثَّوْرىُّ، عَنْ أبى حَصِينٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَعيد، عَنْ عَلِى، قَالَ: مَاكنتُ اقيمُ عَلَى أحًد حَدا فَيَموتُ فيه، فَاخدَ مِنْهُ فِى نَفْسِى، إِلا صَاحِبَ الخَمْرِ ؛ لأنَّهُ إَنْ مَاَتَ وَ!يْتُهُ ؛ لأنَّ رَسُولَ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَسُنَّهُ.
(... ) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنى، حَا شَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدءنَنَا سُفْيَانُ، بِهَذَا
ا لإِسْناَدِ، مِثْلَهُ.
والمشهور أن عليا هو الذى أشار على عمر بإقامة الحد فى الخمر ثمانين، على ما فى الموطأ وغيره (1).
وهذا كله يرجح رواية من رواه ال حد الوليد ثمانين، وقد ذكره البخارى (2) أيضا.
ويجمع بينه وبين ما هنا: ماروى أنه حده بسوط له رأسان، فجاء فى العدد ثمانين ضربة، كما جاء فى حد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أربعن بنعلين.
وفى الحديث الآخر بجريدتين، وأن عمر جعل ذلك لكل نعل سوطا، وكان شأن الحد فى الخمر على التخفيف عندهم - والله أعلم - مع قوله: (وحد عمر ثمانين وهذا أحب إلينا)، فعادت الإشارة إلى اْقرب مذكور.
وقد نحا الطبرى إلى توهن خبر الوليد وذكر أنه تحومل عليه فى الشهادة فى تلك القصة.
وقول على: (ما كنت أقيم على أحد حداً فيموت فأجد منه فى نفسى، إلا صاحب الخمر ؛ لأنه إن مات وَدَيْتُه ؛ لأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يسنه) يعنى: لم يجد منه حداً لا يتعداه، دانما كان ضربه إياه على ما تقدم، لكن لما كثر شرب الناس له اجتهد فيه الصحابة كما تقدم.
وقد رده قياسا على ما يستحق من الحدود.
وبنحو قول على قال الشافعى، قال: إن حد أربعن بالأيدى والنعال والثياب فمات فالله قتله، د إن زيد على الأربعِن بذلك، أو ضرب أربعن بسوط فمات، فديته على عاقلة الإمام.
ولم يختلف العلماء فيمن مات من ضرب حد وجمب عليه أنه لا دية فيه على الأمام ولا
على بيت المال.
واختلفوا فيمن مات من التعزير، فقال الشافعى: عقله على عاقلة الإمام
(1) صبق تخريجه.
(2) البخارى، كلطدود، بالضرب بالجريد والنعال 8 / 196.
546
(5/545)
كتاب الحدود / باب حد الخمر
وعليه الكفارة، وقيل على بيت المال.
وجمهور العلماء: أنه لاشىَ عليه (1).
وبقية الكلام فيما يحل ويحرم من الأشربة فى كتابهما إن شاء الله تعالى، كذا الرواية فى جميع النسخ ؛ لأنه إن مات وديته.
فكذا روى البخارى (2) ؛ لأن ديته إياه كفارة استرابته وتروعه لا علة ذلك.
وقد روى عن ابن الحذاء اْنه إن مات، وهو قريب من هذا.
(1) لأفنى 12 / 503 وما بعدها، الحاوى 13 / 415، 416.
(2) البخارى، كالحدود، بالضرب بالجريد والنعال 8 / 196.
(5/546)
كتاب الحدود / باب قدر اْسواط التعزير 547
(9) باب قدر أسواط التعزير
(40) - (1708) حدّثنا أحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدثناَ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْزو،
عَنْ بُكَيْر بْن الأشَجِّ، قاَلَ: بَيْناَ نَحْنُ عنْدَ سُلَيْماَنَ بْن يَسَار، إ 3 جًاءَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن، ًً !، صءص ص - ص ورص، ص ص ص ص !َ صوصوصّ ه ص، ص ص ابْن جابِر، فحدثه، فاقْبل عليْنا سليْمان.
فقال: حدثنى عبد الرحمن بْن جأبِرٍ، عن أبيه، عَنْ أبِى بُرْ!ةَ الأنْصَارِىِّ ؛ ؟نَهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا يجْلَدُ أحَد فَوْقَ عَشًرَةِ أسْوَاطٍ، إِلا فِى حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ لما.
قوله: ا لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا فى حد من حدود الله)، قال الأمام:
هذا خلاف مذهب مالك ؛ لاْنه يجيز فى العقوبات فوق هذا وفوق الحدود ؛ لأن عمر - رضى الله عنه - ضرب من نقش على خاتمه مائةً، وضرب صبيعأ كثر من الحد.
وقد أخذ ابن حتبل بظاهر الحديث فلم يزد فى العقوبات على العشرة، وتأول أصحابنا الحديث على أنه مقصور على زمان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ لأنه كان يكفى الجانى منهم هذا القدر، وتأولوه - أيضا - على اْن المراد بقوله: (فى حد من حدود الله) ؛ لأن المحرمات كلها من حدود الله.
وقال أبو حنيفة: لأ يبلغ فى التعزير أربين، وقاله الشافعى، وقال أيضا: لا يبلغ عشرين لأنه أدنى حدود / العبد فى الخمر.
فقال بعضهم: لأ يبلغ ثمانين (1)ْ
قال القاضى: فظاهر هذا الحديث من أصحابنا أشهب فى بعض الروايات عنه،
واحتج بطديث.
وقد اختلف مذهب مالك وأصحابه فى ذلك، فالمشهور عنه وعنهم ما تقدم، وأن ذلك يوكل إلى اجتهاد الإمام، وبقدر جرم الفاعل وشهرته بالفسق دان كثر جدأ، ونحوه عن أبى يوسف وأبى ثور والطحاوى.
وروى عن محمد بن الحسن مثله، قال: دإن بلغ ألفا.
وروى عنه مثل قول أبى حنيفة.
وروى عن مالك فى الضرب فى التهمة فى الخمر والفاحشة خمسة وسبعن سوطا، لأ يبلغ به الحد، وقد مال إليه أصبغ من أصحابنا، ونحوه لمحمد بن مسلمة، قال: لا أرى أن يضرب السلطان فى الأدب مثل الحدود، ولأ يبلغ به الحد أبدأ، ونحوه لأبن أبى ليلى وأبى يوسف، قال: أقله خمسة وسبعون.
وروى عن عمر: لا يبلغ فى تعزير كثر من ثمانين.
وروى عن ابن أبى ليلى - اْيضا - وابن شبرمة: لأيبلغ مائة ويضرب مادونها.
وروى عن الشافعى سوى ما تقدم
(1) انظر: المغنى 12 / 524 وما بعدها.
48 / ْ ا
548(5/547)
كتاب الحدود / باب قدر اْسواط التعزير
للذى يضرب فى الاْدب أبدأ وإن أتى على نفسه، حتى يقر بالإنابة فيرفع عنه.
وقال ابن اْبى ذئب وابن أبى يحيى: لا يضرب أكثر من ثلاثة فى الأدب.
وقاله أشهب فى مودب الصبيان، قال: فمان زاد اقتص منه، وعن الزبير من أصحاب الشافعى: تعزير كل ذنب مستنبط من حده لا يجاوز به حده.
قال الإمام: ذكر مسلم هذا الحديث من حديث سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه، عن أبى بردة الأنصارى، قال بعضهم.
هكذا روى عند ابن ماهان بالدال المهملة وهو الصواب، وروى عن الرازى وغيره عن الجلودى عن أبى برزة، بالزاى وهو خطأ.
ويقال فى اسم أبى بردة هذا: هانى بن نيار الحارث، ويقال: هو رجل آخر من الأنصار.
قال القاضى: الحديث معروف لأبى بردة.
وكذا خرجه البخارى وغيره (1).
ولم
يقل أحد فيه: أبو برزة.
وأبو برزة هنا تصحيف.
قال القاضى: ورواه مسلم من حديث عمرو، وهو ابن الحارث عن بكير بن كؤ6شجعً،
عن سليمان، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه عن أبى بردة.
قال الدارقطنى،: تابع عمرو بن الحارث أسامة بن زيد عن بكير عن سليمان، وخالفهما الليث وسعيد بن أبى اْيوب وابن لهيعة، فرووه عن بكير، عن سليمان، عن عبد الرحمن بن جابر، عن أبى بردة.
لم يقولوا عن أبيه.
واختلف فيه على مسلم بن أبى مريم، فقال ابن جريج عنه عن عبد الرحمن بن جابر، عن رجل من الأنصار، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقال ابن ميسرة عنه عن جابر عن أبيه.
قال أبو الحسن فى كتاب العلل: وولمولح قول الليث ومن تابعه عن بكير، قال فى كتاب التتبع: وقول عمرو صحيح.
(1) البخارى، كالحدود، بكم التعزير والأدب 8 / 215، أحمد 4 / 45، ابن ماجة، كالحدود، بالتعزير 2 / 867 برقم (1 0 26).
(2) الإلزلمات والتتبع ص 225، 226.
(5/548)
كتاب الحدود / باب الحدود كفارات لأهلها 549
(10) باب الحدود كفارات لأهلها
41 - (1709) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التميمِىُّ وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْزو النَّاقدُ وَإسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ نُميْم، كُلُّهُمْ عَنَِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللفَّظُ لعَمْرو - قاَلَ: حَدثَناَ س!فْيَانُ بْنُ عُيينَةَ، عَنِ الزُّهْرِى، عَن أبى! مرشح، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الَص ال ط قاَلَ: كُنَا مَعَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى مَجْلسٍ، فَقاَلَ 5َ (صتباً يعُونِى عَلَى اْلا تُشْوِكُوا بِاللّهِ شَيْئًا، وَلا تَزْنُوا، وً لا تَسْوِقُوا، وَلا تَقْتلُوا النفْسَ ائتِى حًرَّمَ اللّهُ إِلا بِالحَقّ.
فَمَقْ وَفَى منكُمْ فَأجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ أصَابَ شَيْئًا منْ فَلكَ: فَعُوقبَ به، فَهُوَ كَفارَة لَهُ، وَمَنْ أصًابَ شَثئا مِنْ فَلِكَ فًسَتَرَهُ الثهُ عَلَيْهِ، فَافْره إِلَى الثهِ، إِنْ شًاءَ عًفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذبهُ).
42 - (... ) حدئنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَناَ عَبْدُ الرزأق، أخْبَرَناَ مَغمَزعَنِ الزهرِئ، بِهَنَا الإِسْناَدِ.
وَزَادَ فِى الحَلِئثِ: فَتَلا عَلَيْناَ آيَةَ النّسًاءِ: أَن لأ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيئًا الآية (1).
43 - (... ) وحدّثنى إسْمَاعيلُ بْنُ سَالبم، أخْبَرَناَ هُشَيْمٌ، أخْبَرَناَ خَالدٌ عَنْ أبِى قِلابَةَ، عَنْ أبِى الأيثمْعَثِ الضَنْعاَنِىَّ، عَنْ عُبَاَ!ةَ بْنِ الضَامِتِ، قاَلَ: أخَذَ عَلًيْنَا رَسُولُ
وقوله: (تبايعونى على ألا تشركوا بالله شيثا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق، فمن وفى منكم فأجره على الله.
ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه، فأمره إلى الله.
إن شاء عفا عنه / وان شاء عذبه)، قال الإمام - رحمه الله -: هذا الحديث رد على من يكفر بالذنوب وهم الخوارج، ورد على من يقول: لا بد من عقاب الفاسق الملى إذا مات على كبيرة ولم يتب منها وهم المعتزلة ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذكر هذه المعاصى وأخبر أن أمر فاعلها إلى الله - سبحانه - إن سْاَ عفا عنه وان شاء عذبه، ولم يقل: لا بد أن يعذبه.
وفيه تكفير الذنب لإقامة الحد.
وقد قال فى طريق بعد هذا الحديث فزاد فيه: (ولا ننتهب ولا نعصى، فالجنة إن فعلنا ذلك).
فتأمل تحرير نقلة الشريعة، وذلك
(1 ثالممتحنة: 12.
48 / ب
550 (5/549)
كتاب الحدود / باب الحدودكفارات لأهلها
الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَماَ أخَذَ عَلَى النسَاء: ألا نُشْرِكَ بِالئهِ شَيْئًا، وَلا نسْرقَ، وَلا نَزْنِىَ، وَلا نَقْتُلَ أوْل الناَ، وَلا يَعْضَهَ بَعْضناَ بَعْضًا (فَمَنْ وَفَى منكُمْ فَالمحر علَى الله، وَمَنْ أتَى مِنْكُمْ حَدًا فَاخميمَ عَلَيه فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَن سَتَرَهُ اللهُ عًلَيْه، فَا"مْرهُ إِلَى اللهَ، إِنْ شَاءَ عَذبه، !اِنْ شَاَء غَفَرَلًهُ ".
44 - (... ) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد.
حَدثناَ لَيْثٌ.
ح وَحَدثناَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَناَ اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أرى حَبيب، عَنْ أبِى الخَيرِ، عَنِ الصُّناَبحِىِّ، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الصَّامِتِ ؛ أنَّهُ قاَلَ: إِنِّى لَمِنَ النُّقًباَءِ الًّنِينَ باَيَعُوا رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَقاَلَ: باَيَعْناَهُ عَلَى
أنه قال فى الحديث الأول: (فمن وفى منكم فأجره على الله)، ولم يقل: فالجنة ؛ لأنه قد يعصى بغير هذه الذنوب ؛ كشرب الخمر، وأكل الربا، وشهادة الزور.
وقال فى الحديث الاَخر: (ولا ننتهب ولا نعصى) فعم سائر المعاصى، ولا شك أن من لا يعصى أصلاً له الجنة.
قال القاضى: كئر العلماَء ذهبوا إلى أن الحدود كفارة أخذاً بهذا الحديث، ومنهم من
وقفه بحديث أبى هريرة أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال: ا لا اْدرى الحدود كفارة لم لا) (1)، لكن حديث عبادة اْصح إسناداً.
ولا تعارض بين الحديثين، فقد يمكن أن حديث أبى هريرة قبل حديث عبادة ؛ إذ لم يعلم أولا حتى أعلمه الله تعالى أخيرا.
واحتج من وقف بقوله: { ذَلِكَ لَهُمْ خِزْفي فِي الئنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَنَابئ عَظِيغ} (2).
والاَية مختلف فيها، هل هى فى الكفارة اْو محاذير الإسلام ؟ فإن كانت فى الكفارة فلا حجة فيها، واْيضا فيكون حديث عبادة مخصصًا لعموم الاَية، أو مبينا ومفسرأ لها.
وقوله: ا لا يَعضَه بعضنا بعضا): كذا رواية الجماعة، لمعناه تأويلات: أحدها:
لا يسخر.
والعضيهة.
والعضه: السخر، والاَخر النميمة، وهى العضه والعضه أيضا والاَخر البهتان، أى لا يقذفه ولا "يكذب عليه، وينسب إليه ما ينقصه ويتأذى به.
والعضيهة: الإفك والبهتان، يقال: عضه الرجل بالفتح، وأعضه: إذا أفك.
وعضهت وأعضهت فلانا، كذا جاء هذا الحرف فى رواية الجماعة وعند العذرى: (ولا يعض بعضنا
(1) الهيثمى فى مجمع الزواثد 6 / ملا 2، كالحدود والديات، بهل تكفر الحدود الذنوب أم لا ؟ وقال: (رواه للبز، ب!صنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح، غير أحمد بن منصور الرمادى وهو ثقة).
(2) ا لما ئدة: 33.(5/550)
كتاب الحدود / باب الحدودكفارات لأهلها 551 ألا نُشْرِكَ بِالتهِ شَيئا، وَلا نَزْنِىَ، وَلا نَسْرقَ، وَلا نَقْتُلَ النَّفْسَ ائَتِى حَرئَمَ اللهُ إلا بالحَقِّ، وَلا نَنْتَهِبَ، وَلا نَعْصِىَ.
فاَلجَنَّةُ، إِنْ فًعَلناَ فَلِكَ، فَإِنْ غَشِيناَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًاَ، كَانَ قَضَاءُفَلِكَ إِلَى اللهِ.
وَقاَلَ ابْنُ رُمْح: كَانَ قَضَاؤُهُ إِلَى اللهِ.
بعضا) بغيرها على وزن يقف، والأول أبين إلا أن يخرج على بعد من التأويل على قوله تعالى: { جَعَلُوا الْقُران عِغمين} (1).
أى سحراً، على ما فسره بذلك، وهو قول الفراء، وجعل العضه قد نقصت منها الأصل، وألحقت علامة التأنيث، فيخرج فعله على هذا اْيضأ - والله أعلم.
(1)1 لحجر: 91.
49 / ءأ
552(5/551)
كتاب الحدود / باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار
(11) باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار
45 - (1710) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قاَلا: أخْبَرَناَ اللَّيْثُ.
ح وَحَدثناَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حَدثناَ لَيْمث، عَن ابْنٍ شِهَاب، عَنْ سَعيدِ بْن المُسَيَّبِ وَأبى سَلَمَةَ، عَنْ أيى هرَيْرَةَ عَنْ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنّهُ قاَلَ: ً (العَجْمَا لم جَرْحُهَا جُبَار، وَالَبِئْرُ جُبَاز، وَالمَعدِنُ جُبَاز، وَفِى الركًّازِ اَلخُمْسُ).
(... ) وحدّثنا يحيى بّنُ يحيى وَأبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَبْدُ الأعْلَى بْنُ حَمَّاد، كُلُّهُمْ عَنِ ابْنُ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدَّثَناَ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَد"شاَ
إِ!سْحَقُ - يَعْنِى اً بْنَ عِيسَى - حَدثناَ مَالِلث، كِلاهُماَ عَنِ الزُّهْرِىِّ.
بِإِسْناَدِ اللَّيْثِ، مِثْلَ حَدِيثِهِ.
(... ) وحدّثنى أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قاَلا: أخْبَرَناَ ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُوُنسُ،
وقوله: (العجماء جرحها جبار، والبئر جبَار، والمعدن جُبَار، وفى الركاز الخمس)،
قال الإمام: إنما جاء الشرع بتضمين المتلف لنفس غيره اْو ماله مباشرة، أو كان السيب فى ذلك على شروط فى كونه صببا يطول استقصاؤها، ومالم يباشره ولا كان صببا فيه فلا يضمنه.
هذا اْصلى الشريعة صوى ما استثنته من هدا، من تضمين العاقلة، داذا لم تجن ولا كانت سبب الجناية.
والدابة إذا أصابت إنسانا ففعلها غير منسوب لمالكها فلا ضمان عليه، فإن كان راكبها
أو سائقها أو قائدها ضمن على الجملة على تقصيل فى ذلك ؛ لاَن له فى فعلها م!ث!اركة ؛ لإمكان أن يجذبها أحد هولاء عن طريق الإتلات.
وكذلك البئر / إذا استأجره لحفرها فانهارت عليه، فلا ضمان على المستأجر.
وكذلك المعدن الذى يعمل فيه، والعلة ما ذكرناه.
قال القاضى - رحمه الله -: العجماء: ما لا ينطق من الحيوان، وهو مالا يعقل منه
من البهائم.
وجرحها أ منايتها] (1) كانت جرحا أو غيره من إتلاف نفس أو مال، فعبر
(1) بياض فى ص، وغير مفهومة من الأصل.(5/552)
كتاب الحدود / باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار 553 عَن ابْن شِهاَب، عَنِ ابْنِ المُسَيَّب وَعُبَيْد الله عَبْد الله، عَنْ أبي هُرَيرَةَ، عَنْ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِهًِ.
ًًً
46 - إ...
) حدئمنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْح بْنِ المُهاَجِرٍ، أَخْبَرَناَ اللَّيْثُ، عَنْ أئوبَ بْنِ مُوسَىِ، عَنِ الأسْوَد بْن العَلاء، عَنْ أبى سَلَمَةَ بْنِ عَبْد الرخمَن، عَنْ أبِى هُرَيرَةَ، عَنْ رسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ ؛ أَنَّهُ قاَلً: (البئرُ جَرْحُهَا جُبَار"، وَالمَعْدَنُ جَرْحُهُ جُبَار"، وَالعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَفِى الرثَازِ اَلخُمْسُ).
إ...
) وحدّثنا عَبْدُ الرَّحْمَن بْنُ سَلام الجُمَحىُّ، حَا شاَ الرَّبيعُ - يَعْنى ابْنَ
، ص ص ممص ص قصي، 5،، صَ ص ممص، َ ص ص ممص ص، َ ىً ممصً، َ صّ، مسْلم.
ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا ابى.
ح وحدثنا ابْن بشار، حدثنا محمد ه، َ صًَ صَّ صًً، ً صًّ،
ابن جعفر، قالا: حدثنا شعْبة، كلاهما عنِ مَحَمد بْنِ زياَد، عَنّ أبى هرَيرَهَْ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) ً، بِمِثْلِهِ.
ًًَ
بالجرح عما عداه.
فقوله: (جرح العجماء جُبَارُ) بنن اْن ما حكم له بهذا الحكم مالم يكن فيه سبب لغير العجماء ؛ ولهذا اختص بإضافته إليها.
ولا خلاف بين العلماء فى جنايات البهاثم نهاراًاْنها هدر ؛ إذا لم يكن لها سائق
ولا راكب.
واختلفوا إذا كان معها أحدهما، فجمهورهم أنهم ضامنون لما جنت الدابة من أجلهم.
وقال داود وأهل الظاهر: لاضمان من جرح العجماء على حال لا أن يحملها سائقها أو قائدنا أو راكبها على ذلك اْو يقصده (1).
واختلفوا فيما أصابته برجلها أو ذنبها، فلم يضمق مالك والليث والاْوزاعى صاحبها، وضمنه الشافعى وابن اْبى ليلى وابن شبرمة (2).
واختلفوا فيما فعلته الضارية، فجمهورهم اْنها كغيرها ومالك وبعض اْصحابه يضمنونه.
واختلفوا فى رعيها ليلا، فضمن مالك ذلك اْصحاب المواشى، وبه قال الشافعى، ولم ير أبو حنيفة فى فعل البهائم ضمانا فى شىء فى ليل ولا نهار، وجمهورهم على أنه لا يضمق ما رعت نهارا.
وقال الليث وسحنون: يضمق.
وقوله: (والمعدن جبار) وهوحيث يعمل فى المعادن لما يخرج منها فيصير فيها الغير،
اْن يستأجر من يعمل فيها، أو يجتمع القوم يعملون فيها، وكذلك البئر تحفر.
وقد يكون - أيضا - معنى البئر جبار: ما حفره الرجل فى ملكه وحيث يجوز له، أو بئر
(1) لنظر: الاستذكار 25 / 211 وما بعدها.
(2) انظر: ا لسا بق.
554(5/553)
كتاب الحدود / باب جرح العجماَ والمعدن والبئرجبار يحفرها بفناَ داره أو جانب داره للمطر، أو للبئر خاصا أو بالقيام لماشيته أو لسقيه ومنفعته، مالم يجعل ذلك على طريق المسلمن وممرهم، فيقع فى ذلك إنسان فيهلك، كل ذلك لا ضمان على فاعله.
وكذلك المستأجر على حفرها، بخلاف ما حفره فى ملك غيره بغير إذنه، او على طريق المسلمن حيث لا يباح له، أو فى ملكه ليهلك فيها إنسانا أو سارقا.
ففى هذا كله يضمن حافرها فى ماله ما دون ثلث الدية مما يصيب[ الدية مما يصيب] (1)، وما كان أكثر فعلى العاقلة ونحو هذا، كله قول مالك، ونحوه قول الشافعى.
وقال ابو حنيفة وأصحابه: هو ضامن فى هذا كله.
وقال الليث: لا يضمن ما هلك فيما حفر للسارق.
وتفريقه بين المعادن فى الحديث ولو كان حجة للكافة فى أن لو كان دفن فى الجاهلين، وأن المعدن ليس بركاز، خلافا لأبى حنيفة فى تسمية المعدن ركازأ.
قال الإمام: والركاز دفن الجاهلية، وقد قدمنا فى كتاب الزكاة لم خصص بالخمس ؟ وأشرنا إلى أن النقب كلما كثر خفف عن الإنسان أمر الصدقة، ولهذا كان فى المعادن الزكاة، إلا أن يكون يوجد فيها مثل البدرة فيخمس لعدم النقب فيها.
و (جبار) معناه: هدر.
والركاز فى اللغة: أصله الثبات والدوام، من قولهم: ركز الشىء فى الأرض: إذا ثبت أصله.
والكنز يركز فى الأرض كما يركز الرمح وغيره.
وهو عند أهل الحجاز: المال المدفون خاصة مما كنزه أهل الجاهلية.
وعند أهل العراق: المعادن كلها فى كل محتمل فى اللغة.
قال القاضى - رحمه الله -: مضى الركاز والمعادن فى الزكاة مما يغنى عن إعادته.
(1) هذا الكلام زاثد فى الأصل، وسقط من س.(5/554)
كتاب الأقضية / باب اليمين على المدعى عليه
555
بسم الله الرحمن الرحيم
30 - كتاب الأقضية
(1) باب اليمين على المدعى عليه
ا - (1711) حدثنى أبُوالطَّاهرِ أحْمَدُ بْن عَمْرِو بْن سَرْح، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب،
عَنِ ابْنِ جُرِيْج، عَنِ ابْنِ أبِى مُلَيكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ أنَ اَلنَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قالَ: ا لَوْ يُعْطًى النَّاسُ بدَعْوَاهُمْ، لادَّعَى ناَسن دمَاءَ رجَالٍ وَأمْوَالَهُمْ، وَلَكنَّ اليَمنَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ "ًً
كتاب الأقضية
لوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه)، قال القاضى: خرج البخارى (1) ومسلم هذا الحديث مسندا مرفوعا عن ابن عباس، عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
قال الأصيلى: لا يصح[ قوله] (2) ورفعه عن النبى ( صلى الله عليه وسلم )، إنما هو من قول ابن عباس.
كذلك رواه أيوب ونافع الجمحى عن ابن أبى مليكة عنه.
قال القاضى: قد خرجه الإمامان من رواية ابن جريج عن ابن أبى مليكة مرفوعا كما تقدم.
قال الإمام: اليمن فى الشريعة على أقوى المتداعين سببا.
ولما كان الاْصل عدم الأفعال والمعاملات استصحبنا ذلك، فكان القائل ما يطابق هذا الأصل هو المدعى عليه فوجب تصديقه، ولكن لم يقتصر الشرع على الثقة بهذا الأصل فى كثير من الدعاوى، حتى أضاف إليه يمين المدعى عليه المستمسك بهذا الأصل ؛ لتتثد غلبة الظن بصدقه.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) على وجه الحكم فى هذا فقال: ا لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم) ولا شك فى هذا.
ولو جعل القول قول المدعى لاستبيحت الدماء والأموال، ولا يمكن لأحد أن يصون دمه وماله، وأما المدعون فيمكنهم صيانة أموالهم بالبيناث ؛ فلهذا استقر الحكم فى الشرع على ما هو عليه.
(1) للبخارى، كالشهادات، بلليمين على المدعى عليه فى الأمولل والحدود 3 / 233.
(2) ساقطة من س.
50 / أ
556(5/555)
كتاب الأقضية / باب اليمن على المدعى عليه
2 - (... ) وحدّثنا أبُو بَكِرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثناَ مُحَفدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ ناَفِع بْنِ
وقد يتعلق بهذا الحديث من يوجب اليمن على المدعى عليه من غير اعتبار خلطة ؛
أخذا بعمومه وظاهره من غير تقييد بخلطه.
ومذهب مالك فى مراعاتها لضرب من المصلحة ؛ وذلك أنه أوجب لكل حد على كل أحد، لا تبذل السفهاء العلماء والأفاضل بتحليفهم مراراً كثيرة فى يوم واحدٍ، فجعل مراعلة الخلطة حاجزا من ذلك.
وقد يتعلق بهذا الحديث من يرى ألا يقسم مع قول الميت: دمى مع فلان ؛ لأنه فيه
فى هذا الحديث على صيانة الدماء عن الانتهاء بالدعاوى، وقد قدمنا الكلام على هذا فى القسامة.
قال التهاضى - رحمه الله -: حجة من راعى الخلطة مع المعنى الذى ذكره حديث ضميرة عن على وزيد بن ثابت - رضى الله عنهما - أو زيادته فى هذا الحديث إذا كانت بينهما مخالطة مع قضاء على بذلك، وهو مذهب الفقهاء السبعة، وأما سائر الفقهاء وألْمة الأمصار قد ترك مراعاة الخلطة وإمضاء الحديث على ظاهره فى كل اْحد، وبه قال من أصحابنا ابن نافع وابن لبابة وغيرهما.
ثم اخثلف شيوخنا فى معنى الخلطة، فقيل: معرفة المعاملة معه والمداينة بشاهد واحد وبشاهدين، وقيل: يجزئ فى ذلك الشبهة، وقيل: الخلطة أن يكون للدعوى بينة أن يدعى بها على المدعى عليه، وقيل: أن يكون المدعى عليه يشبهه أن يعامل المدعى.
وأجمع العلماء على استحلاف المدعى عليه فى الأموال إما مطلقة أو بعد موجب الخلطة
اْو الشبهة على ما تقدم.
واختلفوا فى غير ذلك، فذهب الشافعى وأحمد وأبو ثور إلى وجوبها على كل مدعى عليه فى حد أو طلاق أو نكاح أو عتق ؛ اخذاً بظاهر عموم الحديث، فإن نكل حلف المدعى وثبتت دعواه.
وقال أبو حنيفة واْصحابه: يحلف النكاح والطلاق والعتق، فإن نكل لزم النكاح والطلاق والعتق.
وقال الشعبى والثورى وأبو حنيفة: لا يستحلف فى الحدود إلا على السرقة.
وقال نحوه مالك.
وقال: لا يستحلف فى السرقة إلا إذا كان / متهما، قالا: أن يقوم لمدعى الحدود والنكاح أو الطلاق أو العتق فشاهد واحد، فيستحلف حينئذ عند مالك المدعى عليه لقوة ثمبهة الدعوى (1).
واختلف قوله إذا أنكل، هل يحكم عليه بما ادعى عليه وش!جن ؟ او حتى يطول سجنه ؟
(1) انظر: الاستذكار 22 / 72 وما بعدها.(5/556)
كتاب الأقضية / باب اليمين على المدعى عليه 557 عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أبِى مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَضَى باليَمينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ.
!ً
وذكر مسلم فى الباب: نا ابن أبى شيبة، نا محمد بن بشير، عن نافع بن عمر عن
ابن اْبى مليكة.
كذا لجمهورهم، وهو الصواب.
وعند اْبى جعفر وفى بعض النسخ الماهانية: عن نافع عن ابن عمر، وهو خطأ.
وهذا نافع بن عمر بن جميل المكى، قال البخارى: سمع ابن أبى مليكة (1)، وروى عنه يحيى القطان وأبو نعيم.
(1) البخارى فى التاريخ الكبير 8 / 86 (2279).
558(5/557)
كتاب الأقضية / باب القضاء باليمين والشاهد
(2) باب القضاء باليمين والشاهد
3 - (1712) وحدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، قالاَ: حَدثنَا زَيْ ال - وَهُوَ ابْنُ حُبَاب - حَدثنِى سَيْفُ بنُ سُلَيْمَانَ، اخْبَرَنِى قَيْسُ بْنُ سَعْد، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَار، عَنِ ابْنِ عَبَّاس ؛ انَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَضَى بِيَمِين وَشَاهِد.
وقوله: (إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قضى بيمين وشاهد)، قال القاضى: هذه الرواية تبين الرواية ال الرى، وترفع احتمال التعسف ممن خالفنا فى قوله: (قضى الشاهد باليمن مع شاهد) أن معناه: باليمن على المدعى عليه مع وجود الشاهد، اْى لم تؤثر عنه مرة انفراده.
قال الإمام: اختلف الفقهاء فى قبول الشاهد الواحد فى بعض الحقوق والمطالب، فنفى بعضهم قبوله أصلا، ورأى أن قوله تعالى: { فَان المْ يَكُونَا وَجُلَيْنِ فَرَبُئ وَامْرَاَتَان} (1) يوجب الاقتصار على هذا المذكور فى القرار، داذا جاء هذا الحديث بخلافه وسلم من القدح فيه باحتمال لفظه، واْن القضية لم تنقل صفتها - فإن ذلك زيادة على النص، والزيادة على النص لا تكون نسخا فى كل موضع، والنسخ لا يكون بأخبار الاَحاد.
وأما نحن فأنا نقبل الشاهد واليميئ فى الأموال، ونرى أن الزيادة على النص لا تكون نسخا فى كل موضع.
وهذا من المواضع التى لا يكون فيها نسخ (2).
ونظن أنا قدمنا بسط القول فى الأصل، وإذا ثبت قبول شهادة الشاهد الواحد فى الحال والمال، فيقبل فى المال المحضى من غير خلاف عندنا.
ولا يقبل فى النكاح والطلاق المحضين من غير خلاف.
دان كان مضمون الشهادة ماليس بمال ولكنه يودى إلى مال ؛ كالشهادة بالوصية، والنكاح بعد الموت حتى لايطلب من ثبوته إلا المال إلى غير ذلك مما فى معناه، ففى قبوله اختلاف، فمن راعى المال قبله كما يقبل فى المال، ومن راعى الحال لم يقبله كما لا يقبله فى الطلاق وا لعتاق.
قال القاضى: جاءت أثار كثيرة فى هذا الباب من رواية ابن عباس، وجابر، وعلى،
وأبى هريرة، وزيد بن ثابت، وعمارة بن حزم، وسعد بن عبادة، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومسروق.
قال أهل الحديث: وأصح ما فى الباب حديث ابن عباس.
قال أبو عمرو الحافظ: لا مطعن لاْحد فى إسناده، ولا خلاف بين
(1) ا لبقرة: 282.
(2) ا نظر: ا لحا وى 17 / 68.(5/558)
كتاب الأقضية / باب القضاء باليمن والشاهد
559
أهل المعرفة فى ثبوته، وحديث اْبى هريرة وجابر وغيرهما حسان، وطرق هذه الأحاديث كئيرة.
وبهذه الأحاديث أخذَ معظم علماء المسلمن وأئمتهم من الصحابة والتابعن وفقهاء الأمصار، وبه قضى أبو بكر وعلى وعمر بن عبد العزيز، وبه قال كافة فقهد المدينة والحجاز وبعض العراقين وفقهاء أصحاب الحديث والظاهر اْجمع.
والحكم بهذا عندهم فى الأموال خاصة.
وذهب الكوفيون والاءوزاعى والليث والحكم والشعبى إلى ترك الحكم به، وبه قال يحيى بن يحيى والأندلسيون من أصحابنا.
50 / ب(5/559)
كتاب الأقضية / باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة
560
(3) باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة
4 - (1713) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَّميمِىُّ، أخْبَرَنا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَام
ابْن عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بنْت ابِى سَلَمَةً، عَنْ امِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّكُمْ تًخْتَصمُونَ إِلً، وً لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ ألحَنَ بِحُجَّته مِنْ بَعْض!، فَا"قضِى لَهُ عَلَى نَحْو ممَّا أسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقّ أخِيهِ شَيْئًاً فَلا يَأخُذْه، فَإِنَّمَا أقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطعًةً مِنَ النَّارِ لا.
(... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا وَكِيع.
ح وَحَدّثنَا أبُو كُرَيْبٍ، حَدثناَ ابْنُ نُمَيْرٍ، كِلاهُمَا عَنْ هِشَامٍ، بِهَنمَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
5 - (... ) وحدّثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، اخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أخْبَرَنِى عُرْوَةُ بْنُ الزُبيْرِ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أبِى سًلَمَةَ، عَنْ
وقوله: (إنكم تختصمون إلى، ولعل بحضكم / أن يكون اْلحن بحجته من بعض، فأقضى له على نحوٍ مما أسمع منه، فمن قضيت له من حق اْخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار).
وفى الرواية الأخرى إنما أنا بشر.
قال الإمام: مذهبنا أن حكم الحاكم لا يحل الحرام، وسواء الدماء والاءموال والفروج.
وعند أبى حنيفة أنه يحل الحرام فى الفروج، ووافقنا على الأموال، وزعم حأنه لو شهد شاهدا زور على رجل بطلاق زوجته وحكم الحاكم بشهادتهما، فإن فرجها يحل لمتزوجها فمن يعلم أن باطن القضية باطل وقد شق عليه بأنه صان الأموال ولم ير استباحتها بالأحكام الفاسدة فى الباطن، ولم يصن الفروج عن ذلك، والفروج أحق أن يحتاط لها وتصان.
وقد احتج أصحابنا عليه بعموم هذا الحديث (1).
وقوله: (ألحن بحجته من بعضإ: أى أفطن لها، ومنه قول عمر بن عبد العزيز: عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم ؟ وى فاطنهم.
وقال أبو الهيثم: العنوان واللحن واحد، وهما العلامة يشير بهما إلى الإنسان ليفطن فيهما لقوله: لحن لى فلان ففطنت، ويقال للذى يعرض ولا يصرح: قد جعل كذا لحاجته لحنا وعوانًا وعنوانًا.
(1) ا نظر: ا لا ستذكا ر 22 / 17.(5/560)
كتاب الأقضية / باب الحكم بالظاهرواللحن بالحجة 561 امِّ سَلَمَةَ زَوْج الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنَّ رَسُولَ الله كله سَمِعَ جَلَبَةَ خَصْبم ببَاب حُجْرَته، فَخرَفيَ إِلَيْهِمْ.
فَقاَلَ: (إِنَماَ أَناَ بَشَرٌ، ! اِنَهلم يَأتِينِى الخَصْمُ، فَلَعَلَّ بَعضَهُمْ أنْ يَكُوَنَ أبْلَغَ مِنْ بَعضٍ، فَا"حْسسِبُ أنَهُ صَ الق!لا، فَا"قْضِى لَهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحقِّ مُسْلِمٍ،
قال القاضى: وقوله لهما: (إنما أنا بشر): تنبيه على حالة البشرية، واْن البشر
لا يعلمون فى الغيب والبواطن إلا ما يطلعهم الله - سبحانه - عليه وأنه منهم، واْنه يجوز عليه فى أمور الظاهر باللحون عليهم.
وفيه أن حكمه ( صلى الله عليه وسلم ) بين الخلق إنما كان على الظاهر، ! إن كان باطن أمرهم بخلافه، فقضى باليمن وبالشاهدين والعفاص والوكاء حكمة من الله تعالى فى ذلك ؛ ليتعلم منه أمته طريق الحكم، ويقتدى به فى القضاء، ولو شاء الله لاْطلعه على سرائر الخصمين ومخفيات ضمائر المدعين، فيتولى الحكم بمجرد يقينه، ويقضى بقطع مغيبه دون حاجة إلى اعتراف أو بينة أو يمين أو شبهه.
ولكن لما أمر الله - سبحانه - أمته باتباعه والاقتداء به فى أقواله وأفعاله وكان هذا مما يخص الله تعالى - به لم يكن للأمة سبيل الاقتداء، فى شىء من ذلك ولا قامت حجة بقضية من قضاياه ؛ لأنا لا نعلم بما اْوحى به فيه إليه، ولا ما اطلع من أمر الخصمن عليه بحكمه هو، إذ المكنون من علم الله.
فأجرى الله - تعالى - اْحكامه ( صلى الله عليه وسلم ) على الظاهر الذى يستوى فيه هو وغيره من البشر ؛ ليصح اقتدأء اْمته به فى قضاياه، ويأت ما أتوا من ذلك على علم من سنته، واعتماداً على علمه ؛ إذ البيان بالفصل إجلاء فيه من القول وأرفع لاحتمال اللفظ.
وقوله: (فأقضى له على نحو ما أسمع): احتج به من لا يجيز له حكم الحاكم بعلمه لقوله: (فلعل بعضكم أن يكون ألحن فى حجته من بعف)، ولقوله: (فأحكم له بما أسمع)، ولم يقل: بما أعلم، ولأن من يرى أحكام الحاكم بعلمه لا يلتفت إلى ماسمع منه الخصم، خالف اْو وافق، لا يلتفت إلى حجج الخصم ولا ببيانه إذا علم خلاف ذلك.
وقد يتعلق للاحتجاج به من يجيز حكم الحاكم بما اعترف به عنده فى مجلسه لقوله:
(بما أسمع) ولم يقيده بثبات بينة، ويتأول (أقضى له) بمعنى: أقضى عليه، وكلاهما ليس ببين فى الحجة ؛ إذ قد يكون معناه: بما أسمع منه من حجة وثبت عندى له من بينة، ألا تراه إنما جعل السماع / هنا للمقضى له لا للمقضى، ولو كان ما سمع منه إقراراً لكان الحكم إذاً للمقضى عليه الغير، وكان يحتمل الكلام، دإنما أراد: فأقضى له بما يأتى به فأسمع له من حجة وبينة.
51 / أ
562(5/561)
كتاب الأقضية / باب الحكم بالظاهرواللحن بالحجة فَإِنَّماَ هِىَ قِطعَةٌ مِنَ النَّارِ، فَليَحْمِلهَا أوْ يَنَرْهَا).
6 - (... ) وحئثنا عَمْزو الئاقِدُ، حَدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ بْن سَعْد، حَدثنَا أبِى، عَنْ صَالحٍ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَز، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدً يثِ يُونسَ.
فأسمع له من حجة وبينة.
وقد اختلف العلماء فى حكم الحاكم بعلمه وما سمعه فى مجلس نظيره، فمذهب مالك وكثر أصحابه: أن القاضى لا يقضى فى شىء من الأشياء بعلمه، لا فيما أقر به فى مجلس قضائه ولا فى غيره، وهو قول أحمد واسحق وأبى عبيد، وروى عن شريح والشعبى.
وذمب جماعة من علماء المدينة إلى أن القاضى يقضى بما سمعه فى مجلس قضائه خاصة لا قبله ولا فى غيره، إذا جحده ولم يحضر مجلسه بينة فى الأموال خاصة، وبه قال الأوزاعى وجماعة من أصحاب مالك المدنيين وغيرهم، وحكوه عن مالك.
وذهب اْبو حنيفة إلى أنه يحكم بما سمعه فى قضائه وفى مصره، لا قبل قضائه ولا فى غير مصره فى الأموال خاصة لا فى الحدود (1).
واستثنى بعض أصحابه القذف ولم يشترط مجلس القضاء.
وذهب أبو يوسف ومحمد إلى أنه يقضى فى الأموال بعلمه فى القضاء وقبله وما سمعه بمصره وغيره، وهذا أحد قولى الشافعى.
وقال الشافعى فى مشهور قوليه وأبو ثور ومن تبعهما: إنه يقضى بعلمه فى كل شىء من الأموال والحدود وغيرهما بما سمعه وراة وعلمه قبل قضالْه وبعده، بمصره وغيره.
وقوله: (فإنما اْقطع له قطعة من النار) معناه: إن قضيت له فى الظاهر بما الحكم فى الباطن خلافه.
وترجم عليه البخارى: أن القضاء فى القليل والكثير (2) سواء لقوله: (بشىء).
وقوله: (قطعة من النار): قيل: أى من العذاب بالنار، فسمى العذاب بها باسمها، كما قال: إنى أنا الموت.
وقد يكون على طريق التمثيل لما يضره من ذلك فى اخراه كما تضره النار، بدليل قوله فى الرواية الأخرى: (فليحملها أو ليذرها).
وفيه وعظ الحاكم المتخاصمن، وقد ترجم عليه البخارى - أيضا.
(1) انظر: التمهيد 22 / 219 - 222.
(2) البخارى، كالأحكام، بالقضاء فى كثير المال وقليله 9 / 90.
(3) البخارى، كالأحكام، بمن قضى له بحق اخيه فلا يأخذه 9 / 89.(5/562)
كتاب الأقضية / باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة
وَفِى حَدِيثِ مَعْمَر: قاَلَتْ: سَمِعَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) لَجَبَةَ خَصْبم بِبَابِ امِّ سَلَمَةَ.
563
لفظ التخيير، والمراد به النهى المحض والوعيد كقوله: (اعملوا ما شئتم) (1)، { أن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَدَ فَلْيَكْفُر} (2).
وقوله: (سمع جلبة خصم): الجلبة: اختلاط الأصوات، ومثله اللجبة فى الرواية الأخرى، وكلاهما يفتح وسطه.
والخصم يطلق على الواحد والجمع.
وقوله: (فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض) تفسير معنى قوله: (ألحن بحجته من بعض) اْى أفطن.
(1) البخارى، كالتفمير، ب{ لا لَثَض نُرا عَدُفيي وَعَدُكمْ أَوْلِقاءَ} 6 / 186.
(2) 1 لكهف: 29.
564(5/563)
كتاب الأقضية / باب قضية هند
(4) باب قضية هند
7 - (1714) حدّثنى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدىُّ، حَدّثنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِر، عَنْ هشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبيه، عَنْ عَائشَةَ.
قاَلَتْ: دً خَلَتْ هنْدٌ بنْتُ عتبَةَ، امْرَأةُ أبِى سفْيَانَ، عَلَى رَسُول اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَت: يَارَسُولَ الله، إِنَّ أبَاَ سُفْيًانَ رَجُلٌ شَحيحٌ، لا يُعْطينى مِنَ النَّفَقَةِ مَاَيَكفِينِى وَيَكْفِىِ بَنِىَّ، إِلأ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِه بغَيْرِ علمهَ، فَهَلْ عَلَىًّ فِى ذَلكَ مِنْ جُنَاحٍ ؟ فَقَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (خُذى مِنَْ مًاله بالَمَعرُوفِ، مَايَكْفِيكِ وَيًكْفِى بَنِيكِ ".
ًَ
(... ) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ وَأبُو كُرَيْب، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَوَكِيعٍ.
ح وَحَدثنا يَحْعصَ بْنُ يَحمىَ، أخْبَرَنَا عَبْدُ العَزً يزِ بْنُ مُحَمَّد.
ح وَحَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا ابْنُ أبِى فُدَيْك، أخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ - يَعْنِى ابنَ عثمَانَ - كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
8 - (... ) وحدّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيْد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائشَةَ.
قَالَتْ: جَاءتْ هنْد إِلَى النَّبىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَتْ: يَارَسُولَ الله، وَالله، مَاكَانَ عَلَىَ ظَهْر الأرْض أهْلَ خبَاءَ أحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ "لذلَّهُمُ اللهُ منْ أهْلِ خبًائكَ، وَمَا عَلَى ظَهْر الأرْضِ أهْلُ خِبَاء أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أنْ يُعِزَّهُمُ اللهُ مِنْ أَهْلِ خبَائً.
فَقاَلَ النَّبِىُّ كله: (وَأيْضًا، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِه ".
ثُمَّ قَالَتْ: ياَرَسُولَ اللهِ، إِنَّ أباَ سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ، فَهَلْ عَلَىَّ حَرَجٌ أنْ ألفِقَ عًلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ
قوله فى حديث هند بنت عتبة: إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطينى من النفقة ما يكفينى ويكفى بنى إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل على فى ذلك من جناح ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (خذى من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفى بنيك)، قال الإمام: نبه الناس فى هذا الحديث على فوائد منها:
وجوب نفقة الزوجة ونفقة البنن.
ومنها: أن الإنسان إذا اْمسك آخر حقه وعثر له على ما يأخذ منه فإنه يأخذه ؛ لأنها(5/564)
كتاب الأقضية / باب قضية هند 565 إِفنِهِ ؟ فَقاَلَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا حَرَجَ عَلَيْكِ أنْ تنفِقِى عَلَيْهِمْ بالمَعْرُوفِ).
9 - (... ) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهيمَ، حَدثنَا ابْنُ أخِى الزُّهْرِىِّ، عَنْ عَمِّه، اخْبَرِنى عُرْوَةُ بْنُ الزبيْرِ ؛ انَّ عَائشَةَ قأَلَت: جَاءَتْ هنْدُ بنْتُ عتبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ فَقاَلَت: ياَرسُولَ اللهِ، وَاللّهِ، مَاكَانَ عَلَىَ ظَهْرٍ الأرْضِ خِبَاءٌ أحًبًّ إِلَىَّ
ذكرت أنها تأخذ بغير علمه.
ومنها: جواز إطلاق الفتوى والمراد تعليقها بثبوت ما يقوله الخصم ؛ لأنها ذكرت أنه يمنعها حقا، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) لها: (خذى)، وهذه إباحة على الإطلاق، ولم يقل: إن ثبت ذلك، ولكنه هو المراد.
ولهذا لا يقول كثير من المفتيين / فى جوابهم: إذا ثبت ذلك، ويحذفونه اختصارا.
ومنها: أنه علق النفقة بالكفاية، وهو مذهبنا، خلافأ لمن زعم أنها مقدرة.
وهذا حجة عليه.
وفيه إشارة إلى أن لها مدخلا فى كفالة بنيها فى الإنفاق عليهم.
قال القاضى: وفيه من الفوائد غير ما ذكر، منها: الحكم على الغائب، فقد استدل
به البخارى (1) وترجم عليه ؛ لأن أبا سفيان لم يكن حاضرا.
وقد اختلف العلماء فى الحكم على الغائب، قال الكوفيون: لا يقضى عليه فى شىء.
وقال الجمهور: يقضى عليه فى كل شىء، وعن مالك فى الحكم عليه فى غيرها (2)، وقيد الحكم بالعرف لقوله: (ما يكفيك وولدك بالمعروف) وذلك على ما جرت به عادتهم فى الإنفاق وبقدر حاجتهم وقدر ماله، وتحرى القصد والوسط دون الإكثار والإقتار.
وفيه أن ذكر الرجل بما فيه عند الحاكم والمستفتى ليس بغيبة.
وفيه جواز خروج المرأة فى حوائجها، وأن المرأة تستفتى للعلماء، وأن كلامها وصوتها ليس بعورة.
وفيه دلالة على حكم الحاكم بعلمه فيما اشتهر وعرف.
وكذا ترجم البخارى عليه: باب حكم الحاكم إذا لم يخف الظنون والتهمة، وكان أمرا مشهورا إذ يحوجها إلى إثبات دعواها ولا زوجيتها.
وفيه تكلم الحاضن على محضونيه، والغُنْمُ بالأمر فيما أسند إليه أو تكلف من قبل نفسه، وصحة ذلك له.
وقد اْدخل هذا الحديث البخارى تحت ترجمة قصاص المظلوم إذا
(1) البخارى، كالنفقات، بنفقة المرأة إفا غاب عنها زوجها ونفقة الولد 7 / 83، 84.
(2) انظر: المسألة فى المنح14 / 93.
51 / ب
1 / 52
566(5/565)
كتاب الأقضية / باب قضية هند مِنْ أنْ يَذلُّوا مِنْ أهْلِ خبَائكَ، وَماَ أصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ خِبَاء!أحَبَّ إِلىَّ مِنْ أنْ يَعِزّوا مِنْ أهْلِ خبًائكً.
فَقاَلَ رَسُولُ الثه ( صلى الله عليه وسلم ): (وَأيْضًا، وَالَّذِى نَفْسى بيَده لما.
ثُمَّ قاَلَتْ: ياَ رَسُولَ اللهَ، إِنَّ أباَ سُفْيَانَ رَجُل مَسِّيلث، فَهَلْ عَلَىَّ حَرفَي مِنْ أَنْ اطَعَمَ، مِنَ الَّذِى لَهُ، عِيَالَنَا ؟ فًقَالَ لَهَا: ا لا، إِلا بِالمًعْرُوفِ).
وجد مال ظالمه (1)، هل يباح له اْخذه ؟
واختلف العلماء فيمن منعه رجل حقه ثم قدر له الممنوع على مال، هل يأخذ حقه منه
بغير رضاه أو خفية عنه ؟ فأجازه جماعة، واحتجوا بهذا الحديث، منهم الشافعى وابن المنذر.
ومنعه آخرون للحديث الاّخر: (اْد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك) (2) منهم مالك وأبو حنيفة، وحكى الداودى القولن عن مالك (3).
وقولها: ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلى من أن يذلهم الله من اْهل خبائك، وما على ظهر الأرض اليوم اْهل خباء اْحب إلى من اْن يعزهم الله من اْهل خبالْك) الحديث: اْرادت به نفسه ( صلى الله عليه وسلم )، ولأنه أعلم، فكئت عنه بهذا، اْو كبرته عن مخاطبته وتعيينه بذلك لما فيه.
وقد يحتمل اْن تريد بأهل الخباء أهل بيته.
والخباء يعبر عنه عن مسكن الرجل وداره.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لها: (وأيضا والذى نفسى بيده): أى سيتمكن الإيمان من قلبك، ويزيد حبك لله ولرسوله، ويقوى رجوعك عن بعضه.
قيل: وأصل هذه الكلمة الرجوع، يقال: اْخفى الشىء: رجع.
وقوله فى الرواية الأخرى: (إن اْبا سفيان[ هكذا] (4) رجل مسيك) هكذا ضبطناه
عن الأسدى هنا بفتح الميم وتخفيف السن، وضبطناه عن الصدفى وعلى الخشنى عن الطبرى: (مسيك) بكسر الميم وتثقيل السن، وبالوجهيئ حملناهما عن ابن سراج، وكانوا يرجحون فتح الميم.
ومعناه: شحيح كما جاء فى الحديث الاْول - وممسك - كما جاء فى الثانى - والوجه الاَخر على المبالغة، كما قالوا: شريب وسكير.
والأول - اْيضا - من أبنية جموع / المبالغة.
وهذه اللفظة حجة على ابن قتيبة فى قوله: لاْنه لا يقال: مسك،
(1) البخارى، كللظالم، بقصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه طهم 172.
(2) الترمذى، كالبيوع: 3 / للاه برقم (1264)، وقال: حديث حن غريب، الدرمى، كالبيوع، بفى أداء الأمانة واجتناب لفيانة 2 / 178.
(3) انظر المسألة فى المغنى 4 1 / 339، التمهيد 0 2 / 9 5 1.
(4) ليست من مق لطديث.
(5/566)
كتاب الأقضية / باب قضية هند
567
وإنما يقال: أمسك.
وقد ذكرنا صواب الوجهين فى كتاب الحيض، و" مسيك) إنما يأتى من مسك كقدير من قدر، داذا كان من أمسك لقال: ممسكا.
وقولها: (شحيح) الشح عندهم فى كل شىَ، وهو أعم من البخل.
وقيل: الشح لازم كالطبع (1).
وقوله: (إلا بالمعروف) كذا روايتنا عنهم، ومعناه: لا حرج عليك.
ثم ابتدأ بقوله: (إلا بالمعروفأ، أى لا تنفقى إلا بالمعروف.
وسقط (إلا) من بعض الروايات، وبسقوطها يأتى الكلام أبين، أى لا حرج إن أنفقت بالمعروف.
(1) فى س: كالطبيعة.
568
(5/567)
كتاب الأقضية / باب النهى عن كثرة المسائل...
إلخ
(5) باب النهى عن كثرة المسائل من غير حاجة.
والنهى عن منع
وهات، وهو الامتناع من أداء حق لزمه أو طلب ما لا يستحقه
10 - (1715) حدئمنىِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا جَرِير، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبيه،
عَنْ ابِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلالًا، وَيَكْرَهُ لًكم ثَل اللا.
فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا به شَيْئًا، وَأنْ تَعْتَصمُوا بحَبْلِ اللّه جَميعًا، وَلا تَفَرَّقُوا.
وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ الَسُّؤَالِ، وَاِضَاعَةَ الَمَالِ).
11 - (... ) وحدّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، أخْبَرَنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
غَيْرَ أَلهُ قَالَ: (وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا).
وَلَمْ يَذْكُرْ: (وَلا تَفَرَّقُوا لا.
12 - (593) وحئثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، أخْبَرَنَا جَرِير، عَنْ
وقوله: (إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويكره لكم ثلاثا - ويروى ويسخط (1) -:
أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، واْن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا.
ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السوال، دإضاعة المال): الرضى والكراهة والسخط من الله تعالى يرجع إما إلى لاءمره ونهيه، أو لثوابه وعقابه، أو إرادته للثواب وللعقاب لأهل هذه الخصال.
الاعتصام بحبل الله هو والتمسك بعهده، وهو اتباع كتابه، والتزام شريعته وطاعته وتقواه.
والحبل فى كلام العرب كلمة منصرفة، منها العهد والأمان والوصلة، وأصل ذلك استعمال العرب الحبل فى مثل هذه الأمور لاستمساكهم بالحبال عند شدائد أمورهم، ومعاناة صعابها وصلة المفترق من الاْشياء يربطونها (2)[ به] (3) ولاءخذها من سادات البلاد أمانا فى بلادها.
فاستعير اسمه لهذه الاْمور ولكل ما يشبه ما كان يستعمل فيه.
وقوله: (ولا تفرقوا): اْمر بالاجتماع والألفة، وهى إحدى دعائم الشريعة، ونهى عن الفرقة والاختلاف.
وقد يكون قوله: (ولا تفرقوا) راجع إلى الاعتصام بحبل الله، والتآلف على كتابه وعهد شريعته، وتكون خصلة واحدة، والئنتان قبلها ؛ إحداهما:
(1) الحديث فى مسند اْحمد 2 / 367، ولفظه: عن أبى هريرة قال: قال رصول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إن الله يرضى لكم ثلاثا، ويسخط لكم ثلاثا 000) الحديث.
(2) فى الأصل: يربطها، والمثبت من الأبى.
(3) مثبتة من من.
(5/568)
كتاب الأقضية / باب النهى عن كثرة المسائل...
إلخ 569 عبادة الله.
والثانية: ألا يشرك معه غيره ؛ بدليل أن قوله: (ولا تفرقوا) لم يأت فى بعض الروايات.
ومعنى (قيل وقال): الخوض فى أخبار الناس وحكايات ما لا يعنى من أحوالهم ؛
قيل كذا، وقال فلان كذا، فقيل كذا وعلى هذا نقول: (قيل) منصوبة فعل لما لم يسم فاعله، ولأ قال) فعل ماض اْيضا، ويصح أن يكون اسمين مخفوضيئ.
والقيل والقال والقول بمعنى، وكذلك القيل والقالة.
و (كثرة السوال) فيه تأويلات، أنه من مسألة الناس ما بأيديهم، وقيل: يحتمل النهى عن كثرة السوال والتنطع فى المسائل فيما لم ينزل، وقد كان السلف يكرهون ذلك ويرونه من التكلف.
وقال مالك فى هذا الحديث: لا أدرى أهو ما أنهاكم عنه من كثرة المسائل ؟ فقد كره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) المسائل وعابها، أو هو مسألة الناس أموالهم ؟ وقد يكون المراد به سؤال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عما لم يأذن فى السؤال عظ لقولى تحالى: { لا تَسْأَلًوا عَنْ اً شْيَاءَ إِن تًبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُم} الاَية (1)، وفى الصحيح: (إن أعظم الناس جرما من سأل عن[ شىء] (2) عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يحرم فحرم من أجل مسألته) (3).
[ وقد] (4) يكون كثرة السؤال عن أخباو / الناس وأحداث الزمان، وما لا يعنى من الأمور والاضتغال بمثل هذا، فتكون [ بمعنى] (5) النهى عن قيل وقال.
وقد يكون[ كثيرة] (6) سؤال (7) الرجل الناس عن اْخباوهم وأحوالهم وتفاصيل أمورهم، فيدخل بذلك الحرج ة إما بكشف ما لا يريدون كشفه من ذلك بضرورة سؤاله، وبالكذب والتعريض لستر ذلك عنه إذا كان مما لا يفشى، وبالجفاء وسوء الأدب أو بالكذب إن ترك الجواب له عنه.
وأما (إضاعة المال) يكون قى تعطيله، وترك القيام عليه، أو مصلحته، مصلحة دنياه، ومصلحة دنيله صلاح دينه بتفرغ باله له، وتركه التعرض لما فى أيدى الناس.
وقد تكون إضاعته إنفاقه فى غير وجوهه والإسراف فى ذلك.
(1) 1 لما ئد ة: 101.
(2) مئبته من س.
(3) لليخارى، كالاعتصام، بما يكره من كثرة السؤلل 9 / 11، مسلم، كالفضائل، بتوقيره ( صلى الله عليه وسلم ) وترك إكار سؤاله (2358 / 132).
(لا) كاكا.
(5) فى س: من معنى.
61) مثبتة من س.
(7) فى س: السؤال.
52 / ب
570 (5/569)
كتاب الأقضية / باب النهى عن كثرة المسائل...
إلخ مَنْصُور، عَنِ الشَعْبِىِّ، عَنْ وَرَاد مَوْلَى المُغيرَة بْنِ شُعْبَةَ، عَن المُغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ رَسُولِ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إنَّ اللهَ عَزَّ وَبَئ حَرئَمً عَلًيكُمْ عُقُوقَ الأفَهاَت، وً وَأدَ البَنَاتِ، وَمنعًا وَهَاتِ.
وَكَرِهَ لَكُمْ ثًلالأ: قِيلَ وَقَالىَ وَكئرَةَ السئُؤَالِ، ياِضَاعَةَ الَمَالِ).
(...) وحدثنى القاَسمُ بْنُ زَكَرِئأءَ، حَدثناَ عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْباَنَ، عَنْ مَنْصُور، بِهَذَا الإسْناَد، َ مثْلَهُ.
غَيْرَ أنَّهُ قاَلَ: وَحَرَّمَ عًلَيكُمْ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم).
وَلَمْ يَقُلْ: إِن اللهَ حَرَّمَ عًلَيكُم.
َ
13 - حدثنا أبُو بَكْر بْنُ أ.
ى شَيْبَةَ، حَدثنا إسْمَاعيلُ بْنُ عُلَيَّةَ عَنْ خَالد الحَنمَّاءِ، حَدثنى ابْنُ أشْوعً عَنِ الشعْبِىِّ، حَدثنى كَاتِبُ الَمُغيرَةَ بْن شُعْبَةَ.
قاَلَ: كًتَث مُعَاوِيَةُ إِلَى اَلمُغيرَة: اكْتُبْ إِلَىَّ بشَىْء سَمعْتَه مِنْ رَسُول الَتهِ كَل!.
فَكَتَبَ إِلَيْه: انّى سَمعْتُ رَسُولَ اَدتهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول: (إِن الله كَرَهَ لَكمْ ثَلاِثا قِيَلَ وَقاَلَ، !اِضَاعَةَ اَلمَال، وً كَثْرَةَ ا لسئُؤَالِ).
14 - (... ) حدئنا ابْنُ أبى عُمَرَ، حدثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الفَزَارِىُّ، عَنْ مُحَمَّد بْنِ سُوقَةَ، أخْبَرَنَأ مُحَمَّد بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الئقَفِىُّ، عَنْ وَرَّاد، قَالَ: كَتَبَ المُغِيرَةَ إِلَى مُعًاوِيَة: سَلامٌ عَلَيْك.
أمَّا بَعْدُ، فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُول: (إِنَّ اللهَ حَرَّمَ
وأما قوله فى الحديث الآخر: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، وواْد البنات، ومنع وهات) فلا خلاف أن العقوق من الكبائر، وكذلك الوأد للبنات.
والوأد: دفنهن أحياء، كما كانت تفعله الجاهلية.
وحق الأمهات ؛ لأنهن أعظم حقا وكثر حقوقا على الولد، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (أمك، ثم أمك، ثم أباك! (1).
وأيضا فإن النساء عند العرب لم تكن لهم تلك الحرمة بخلاف الرجال، فحض ( صلى الله عليه وسلم ) على بر الأمهات، وخص النهى عن عقوقهن تأكيداً لحقوقهن.
وقد جاء فى الحديث الآخر مكان (الأمهات): (الوالد) والمراد به الجنسن من الذكر والأنثى - والله أعلم - وكذلك خص النهى عن الوأد للبنات ؛ لأن ذلك كانت عادة العرب، إنما كانوا يخصون به الإناث للغيرة عليهن.
ومنهم من كان يفعله فى الشدائد وخشية الإملاق، كما قال الله تعالى (2).
وكانوا يتجملون بالذكران ويجملون مونثهم بكل حال لرغبتهم فى شدة العضد وكثرة العدد.
(1) سيأتى فى كناب للبر والصلة إن شاء الله تعالى.
(2) يعنى آية (31) من سورة الإسراء.(5/570)
كتاب الأقضية / باب النهى عن كثرة المسائل...
إلخ 571 ثَلاثًا، وَنَهَى عَنْ ثَلاث: حَرَّمَ عَقَوقَ الوَالد، وَوَأدَ البَنَات، وَلا وَهَات.
وَنَهَى عَنْ ثَلاث: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثرَة السُّؤَالِ، داِضَاعًةًا لمَال).
وقوله: (ومنع وهات)، وفى الرواية الانحرى: (ولا وهات) وهما بمعنى، فحرم
منع الحقوق والبخل بها، وطلب ما لا يجب للإنسان طلبه، وأخذ ما لا يحل له ولا يصح لفظ (حرم) إلا فى مثل هذا، وهو من معنى ما كره من كثرة السوال، ومما يقوى أحد التأويلات فيه: أنه فى الأحوال بمعنى: هات هنا.
لكن لفظ (كره) هناك أوسع ؛ لأنها تقع على ما ذكرناه هنا مما يحرم، وعلى ما يجب التنزه عنه من سوال ما يستفتى الإنسان عنه، ولا تدعو ضرورة إليه مما يباح ويحل، لكن جمعهما فى الحديث الاَخر، فدل أنهما المعنين ث إذ تكرار الكلمتن فى كلام واحد بمعنى واحد ليس من جيد الكلام، ولا من نمط كلامه ( صلى الله عليه وسلم ).
وتخصيصه فى أحد الروايات بعضهما بأن الله حرم، وبعضهما بأن الله نهى إبانة لفصل ما بين هذه الممنوعات، وتفريق حكمها من التحريم والتنزيه، وأن الثلاث الأول - من العقوق والوأد والمغ وهات - محرمات.
ولا مرية اْن العقوق والقتل من الكبائر الموبقات، وكذلك منع حقوق الله من الزكوات وحقوق عبادة الواجبات وأخذ شىء منها لمن لا يحل له من المحرمات.
ثم جاء النهى عن الثلاث الأخر من الشغل بقيل وقال، وكثرة السوال، وإضاعة المال، على التنزيه والحض.
ويخرج من تفريق النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بين لفظ التحريم والنهى / الحجة لمن يقول: إن مجرد النهى بلفظه اْو صيغته لا يقتضى الوجوب إلا بدليل.
1 / 53
572(5/571)
كتاب الأقضية / باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد...
إلخ
(6) باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد، فأصاب أو أخطأ
15 - (1716) حدثمنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَمِيمى، أخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيز بْنُ مُحَمَّد، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ اسَامَةَ بْنِ الهَادِ، عَنْ مُحَمُّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ، عَنْ بُسئرِ ابْن سَعَيد، عَنْ أبِى قَيْسٍ مَوْلًى عَمْرو بْنِ العاَص، عَنْ عَمْرِو بْنِ اَلعَاصِ ؛ اَنهُ سَمِعَ رَسوًا للهَ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (إذَا حَكَمَ الحًاكِمُ فاَجْتَهَدَ"دمَّ أصَابَ، فَلَهُ أجْرَانِ.
يَاِذَا حَكَمَ فاَجْتَهَدَ ثُمَّ أخْطَأ، فَلَهُ أجزلما.
(... ) وحدّثنى إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ أبى عُمَرَ، كلاهُمَا عَنْ العَزيز بْنِ مُحَمَدِ، بَهَذَا الأِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَزًا دَ فى عَقِب الحًديث: قَالً يَزِيدُ فَحَدُّ!تُ هَذَا الحَديثَ أباَ بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ئنَ حَزْمِ.
فَقَالً: هًكَنَا حَدثنِى أبُو سَلَمَةَ عَنْ ايِى هريرَةَ.
(... ) وحدئمنى عَبْدُ الله نجنِ عَبْد الرخْمَق الدارِمِىُ، أَخ!رَنَا مَرْوَانُ - يَعْنى انجنَ مُحَفد الدَش!قِىَّ - حَدثنَا الَفيْ!ث بْنُ سَعْد.
حَدثنِى يَزِيد" بْن عَبْد الله بْنِ أسَاَمَةَ بْنِ الهَادِ الَلُّيْثِى، بِهَنَا الحَدِيثِ، مِثْلَ رِوَايَةِ عًبْدِ العَزِيزِ نجنِ مُحَمَدٍ.
بِالَإِشَنَادَيْنِ جَمِيغا.
قوله: " إذا حكم الحاكم ثم اجتهد فأصاب فله أجران، داذا حكم فاجتهد ثم أخطأ
فله أجرأ: قال أهل العلم: وهو ما لا خلاف[ فيه ولا شك] (1)، أن هذا إنما هو فى الحاكم العالم الذى يصح منه الاجتهاد، وأما الجاهل فهو ماثوم فى اجتهاده بكل حال، عاص بتقلده مالا يحل له من ذلك ؛ ولأنه متكلف فى دين الله متحرض على شرعته متحكم فى حكمه، فهو مخطئ كيفما تصرف، ومأثوم فى كل ما تكلف، دإصابته ليس بعصابة إنما هو اتفاق وتخرص، وخطؤه غير موضوع لاْنه يجهله كالعامد، والجاهل والعامد هما سواء.
قد جاء فى الحديث الآخر: (القضاة ثلاثة: اثنان فى النار، وواحد فى الجنة.
فقاضيى قضى بغير الحق وهو يعلم بذلك (2) ففى النار، وقاض قضى وهو لا يعلم فأهلك
(1) فى س: ولا شك فيه.
(2) فى س: فذلك.(5/572)
كتاب الأقضية / باب بيان أجرالحاكم إذا اجتهد...
إلخ كلاه حقوق الناس فذلك فى النار، وقاض قضى بالحق فذلك فى الجنة) (1).
وفى الرواية الأخرى: " وقاض علم قوله هذا، فعدل فأحرز أموال الناس وأحرز نفسه).
ومعنى قوله هنا: (اْخطأ) يعنى وجه الحكم.
وجعل له الأجر لاجتهاده لاءنه فى طاعة بعلمه، ولم يكمل لعدم إصابته، والاَخر تم له الأجر لكمال اْجره فى الاجتهاد والإصابة لوجه الحكم، فكان له من الأجر الكثير الجسيم بقدر ذلك.
وقد استدل بهذا الحديث من يرى اْن الحق فى طرفن، وأن كل مجتهد مصيب، قال: لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) جعل له أجراً.
واحتج به - أيضا - أصحاب القول الآخر بأن المصيب واحد والحق فى طرف واحد ؛ لأنه لو كان كل واحد مصيبأ لم يسم أحدهم مخطئا، فجمع الضدين فى حالة واحدة.
ومعنى الحديث عند الطائفة الأولى فى أنه أخطأ النص وذهل عليه (2)، أو ما لا يسوغ الاجتهاد فيه من الدلائل القطعية مما خالفه إجماع، وما اطلع الله - سبحانه - أو نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) على حقيقه الحق[ فيه] (3) ووجه الححَم، فهذا متى اتفق لحاكم الخطأ فيه بعد اجتهاده لم يختلف فى نسخ حكمه[ ورد نظره صاخبار خطئه، وهو] (4) الذى يصح عليه إطلاق الخطأ.
واْما للمجتهد فى قضية ليس فيها نص ولا إجماع فمن أين يقال: إنه أخطأ ؟ ولا يلتفت إلى قول من لم يحقق لقوله: (إن فى كل نازلة حكما عند الله تعالى هو الصواب، فإذا أخطأ المجتهد كان مخطئا، و(ذا أصابه كان مصيبا) فى اْن هذا تخييل وتوهيم، ممن لا تحقيق عنده ؛ إذ النوازل التى لم يبرز الله لها حكما ولا نص لنا على وجه حكمها من حرمها لاحكم لله فى شىَ منها، سوى ما سبق فى قديم مشيئة علمه فى آحادها من اختلاف المجتهدين فيها، وأن الشافعى يحكم فى نازلة فلان بالجواز، ومالك يحكم فى نازلة فلان اَخر وهى مثلها بالمنع، وأبو حنيفة يحكم فى قضية فلان بالتعزير، ومالك يحكم فيها بعينها لآخر بالرجم.
وهكذا فى تفصيل آحاد النوازل فى علم الله - سبحانه - وسابق كتابه، الذى لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الاْرض ولا فى السماَ.
فإذا وقعت هذه النوازل فكل حاكم حكم فيها باجتهاده فهو الذى علمه الله - تعالى - وشاءه، وما نفذ فيها فهو قضاؤه - تعالى - بها وحكمه، ولا تناقض فى هذا كما زعم الاَخرون حتى يكون الشىء حلالا / معا وصحيحا فاسداً فى حالة واحدة وواجبا حراما فى
(1) اْبو داود، كالأقضية، بفى القاض يخطئ 2 / 267، الترمذى، كالأحكام، بما جاء عن للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) 3 / 4 0 6 رقم (1322)، لبن ماجه، كالا"حكام، بالحاكم يجتهد فيصيب الحق 2 / 776 بمعناه.
(2) فى س: عنه.
(3) ساقطة من س.
(4) فى س: ودرء نظره وخبر خطئه وهذا.
53 / ب
574(5/573)
كتاب الأقضية / باب بيان أجرالحاكم إذا اجتهد...
إلخ اْخرى، فإن تناقض اختلافهم بتضاد أحكامهم إنما هو على الجملة وجنس النازلة، وبحسب تقدير اجتماع ذلك فى النازلة الواحدة، والنظر فى إصابة صواب الحكم ومراد الله فيه فإنما هو بعد وقوعه، ولا يصح أن يقع إلا على صفة واحدة فلا ينفذ فى الشأن القتل والاحتياط فى حالة، ولا يجتمع التحليل والتحريم فى حكم واحد.
فبان اْن الذى نفد به الحكم فى هذه النازلة من المالكية من قتل هذا هو حكم الله - تعالى - فيه لا سواه، وفى هذه ال الرى من جلد آخر فيها بحكم الحنفى هو حكمه أيضا لا سواه، ومن تصريح آخر وترك التبعة له فى مثلها.
بحكم الشافعى لذلك، واْن الصواب فى هذه النوازل كأنها ما نفذ فيه حكم المجتهدين وفتاويهم فيها بخاصة كل قضية، وأنها اْحكام الله - سبحانه - فيها، ومراده فى أزله، وسابق علمه لا غير ذلك ؛ إذ لاحكم لله فى نازلة إلا ما نص عليه، أوقام مقام نص بما شرعه رسوله قطعا، أو اجتمعت عليه أمته أو مستنده إلى مثل ذلك، اْو ما كشف الغيب مراده أنه حكمه بتقييد مجتهد له ولا تناقض ولا تضاد فى ذلك، إذ التناقض والتضاد إنما يتصور فى المحل الواحد، وهذا كله بين جلى.
والقول بأن الحق فى طرفن هو قول كثر أهل التحقيق من المتكلميئ والفقهاء، وهو مروى عن مالك والشافعى وأبى حنيفة، وان كان قد حكى عن كل واحد منهم اختلاف فى هذا الأصل، وهذا كله فى الأحكام الشرعية وما لا يتعلق بأصل وقاعدة من أصول التوحيد وقواعد التوحيد، مما مبناه على قواطع الأدلة القطعية، فإن الخطأ فى هذا غير موضوع، والحق فيها فى طرف واحد بإجماع من أرباب الأصول، والمصيب فيها واحد، إلا ما حكى عن عبيد الله بن الحسن العنبرى اْن مذهبه فى ذلك على العموم.
وعندى أنه إنما يقول ذلك فى أهل الملة دون الكفرة.
والاجتهاد المذكور فى هذا الباب هو: بذل الوسع فى طلب الحق والصواب فى النازلة.(5/574)
كتاب الأقضية / باب كراهة قضاء القاضى وهو غضبان
575
(7) باب كراهة قضاء القاضى وهو غضبان
16 - (1717) حدّثنا قُتَيْبَةُ بنُ صعَعيد، حَدثنا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْد المَلك بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْد الرخمَنِ بْنِ أبِى بَكْرَةَ.
فَاَلًَ: كَتَبَ أرى - وَكتمتُ لَهُ - إِلًى عُبَيْدَ اللّهِ ابْنِ أبِى بَكْرَةً وَهُوَ قَاض بسج!عْتَانَ: ولا بيْقَ أئمنيق وَأنْتَ غَضْبَانُ، فًإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُو، 5َ ا لا بَحكُنم أحَل!بَيق ائنينِ وَهُوَ فَضْبَانُ).
(... ) وحدئمناه يحيى بْنُ يَضىَ، أخبَرنأ هُيئديثم.
ح وَحَدثنَا ث!يباَنُ بْنُ فَروخَ،
ص عص ص،، - ص ص ص ص ممص ص، ًً !
حدثنا حماد بْن سلمة.
ح وحدثنا ؟لو بَكر ثن أبِى شيْبة، حدثنَا وَكِيع، عَنْ سفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر.
ح وَحَدثنَا عُبَيْدُ الثه بْنُ مُعَاذ، ص عصء، ص ص ه، 5 ص ص ص ص بهصء،، صً ص عر، صو، 5 لم ص 2 صً ه حدثنا ابِى، كِلاهما عن شعبة.
ح وحدثنا ابو كريب، حدثنا حسين بن علِى عن زَائِلةً، كُل هَوُلاء عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْر، عَنْ عَبْدًا لرَّحْمَنِ بْنِ أبِى بَكْرَةَ، عَنْ أبِيِهِ، عَنْ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِمِثْلِ حَدِيثِ أمِ! عَوَانَةَ.
وقوله: ا لا يحكم أحد بين اثنن وهو غضبان)، قال الإمام: قال الحذاق من الأصولين: إن هذا جايى مجرى التنبيه بالشىء على ما فى معناه، وأن المراد بذكر الغضب هاهنا: العبارة عن كل حال تقطع الحاكم عن السداد، وتمنع من استيفاء الاجتهادث كالشبع المفرط الموقع فى القلق، وجمود الفهم، وكالجوع المفرط المؤدى إلى موت الحس وانحلال الذهن، وكالرح العظيم المشتغل للنفس المغير للحس، وكالحزن الشديد المؤدى إلى نحو من ذلك، إلى غير ذلك مما يطول العداد.
وإنما نبه عن الغضب لأنه كثر ما يعرض للحاكم ؛ لأنه لا بد مع مراجعته العوام أن
تقع منهم الهفوة وتسمع منهم الجفوة ؛ فلهذا خص بالذكر.
! إن عورض هذا الحديث بحديث شِرَاج الحرة واْنه ( صلى الله عليه وسلم ) حكم بعد أن أُغْضِبَ، قيل: هو ( صلى الله عليه وسلم ) معصوم، واْيضا.
فلعله علم الحكم قبل أن يغضب، وأيضا فلعله لم ينته الغضب به إلى الحد القاطع عن سلامة الخواطر.
54 / أ(5/575)
كتاب الأقضية / باب نقض الأحكام الباطلة...
إلخ
576
(8) باب نقض الأحكام الباطلة، وردّ محدثات الأمور
17 - (1718! حدئنا أبُو جَعْفَر مُحَمَّدُ بْنُ الصبَاح وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْن الهِلالِى، جَميعًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْد.
قَالَ ابْنُ الصبَاح: حَدثنَا إِبْرَاهَيمَ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ائنِ عَبْدِ الرخْمَن يْن عَوْف، حَدثنَا أبِى عَنِ القاَسم بْنِ مُحَمَّد، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(مَنْ أحْدَثَ فِى أمْرِنأَ هَذَا مًالَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَد).
18 - (... ) وحدئنا إسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، جَميعًا عَنْ أبى عَامر.
ص ص صوت ص صص ص، صَ ه، ص هً ص عص ص، 5، ً ص ه صَ سُ ه نص هً ة قال عبد: حدثنا عبد الملك بن عمرٍ و، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهرِى عن سعدِ ابْنِ إِبْرَاهيمَ.
قَالَ: سَألتُ اَدقاَسِمَ بْنَ مُحَمَد عَنْ رَجُلَ لَهُ ثَلاثَةُ مَسَاكنَ، فَاعوْصَى بثُلُث كُلًّ مَسكَنٍ منْهَا.
قَالَ: يُجمعُ فَلكَ كُلُّهُ فِى مَسكَنً وَاحد، ثُمَّ قَالَ: أخْبَرَتْنِى عًائِشَةُ أنَّ رَسُولَ الئَهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (منْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أمْرُنً الفَهُوَ رَدٌّ ".
ودوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من أحدث فى أمرنا هذا ماليس منه فهو رد)، لحال الإمام: يحتج
بهذا من / أهل الأصول من يرى أن النهى يدل على فساد المنهى عنه ؛ لأنه أخبر إن كان أحدث بما لش من الدين فهو رد.
والمنهيات المحرمات كلها ليست من أمره ( صلى الله عليه وسلم ) فيجب ردها، ومن أنكر من أهل الأصول ممن يرى كون النهى يدل على فساد المنهى عنه على الإطلاق يقول: هذا خبر واحد، يتطرق إليه الاحتمال والتأويل، فلا يستمسك به فى مثل هذه المسألة.
قال القاضى - رحمه الله -: معنى قوله: (رد): أى فاسد.
وفائدة الخلاف المتقدم هذا فيمن يقول: إن النهى يدل على فساد المنهى عنه، وهو قول جمهور الفقهاء، وأن العقود المنهى عنها إلا من دليل اخر.
ومذهب معظم فمة المتكلمن من شيوخنا أن مجرد النهى لا يدل علئ الفسخ ولا على فساء المنهى عنه، دانما يستدل على فساد ما فسد منه بغير مجرد النهى عنه.
ومعنى قولهم: (رد): اْى غير موافق لسنة، وصاحبه غير مأجور فيه ومردود عليه
وقوله فى هذا الحديث: (سألت القاسم بن محمد عن رجل له ثلاثة عساكن فأوصى بثلث كل مسكن منها، قال: يجمع ذلك كله فى مسكن واحد، ثم قال: اْخبرتنى عائشة - رضى الله عنها) وذكر الحديث: حكم الوصايا أن تنفذ على ما اوصى به الميت ما لم(5/576)
كتاب الأقضية / باب نقض الأحكام الباطلة...
إلخ
577
يحدث ذلك ضررا على الورثة فى ثلثيهم الموروث، وهذا لما أنفذت وصيته بثلثه فى كل مسكن لم يلزم إلا بحكم ينفذ بينه وبين الورثة، بما يجب من الحكم بين الشركاء ولو أوصى بذلك الميت، وبينه بقوله: لا يفرق نصيبه لم يلتفت إلى وصيته ؛ لأن وصيته إنما هى فى ملكه فى المال لا فيما يوجبه الأحكام، فوجب إذا دعا هو أو دعا الورثة إلى تمييز حقوقهم وجمعها أن يحكم بينهم بواجب السنة فى ذلك، يأمر بجمعها وتقسيمها بالتعديل والتقويم وإخراج نصيب كل واحد متميزاً منحازاً ينفرد بسكناه ومنفعته، إلا لو كانت هذه الدور من البعد فى الأماكن بحيث لا يضم بعضها إلى بعض فى القسم لبقى الأمر على ما أوصى به، كما تبقى الورثة على وراثتهم فيها إذ كانت لا تقسم، أو تقسم كل دار منها إن احتملت القسم على أنصبائهم على واجب سنة القَسْم، أو تكون هذه الدور مما لو قسمت أيضا على صاحب الثلث.
والورثة لم يحصل الواحد منهم دار مفردة إلا بشركة ؛ مثل أن يكون اثنان ودارين مستويتين، فنحن نعلم إذا تفاوت فى القسم لكل واحد من الوارثين والموصى لهم ثلثا دار، ولا بد أن أحدهما يخرج سهمه مفرقا فى دار بالاشتراك، ولا بد من جمعهم، فلا معنى لهذه القسمة هنا إذ لم تتميز الحقوق حتى الان ؛ لأنهم انتقلوا من اشتراك إلى اشتراك، دانما القسمة تمييز حق وانفراد بملك.
54 / ب
578(5/577)
كتاب الأقضية / باب بيان خير الشهود
(9) باب بيان خير الشهود
19 - (1719) وحدّثنا يحيى بْنُ يحيى، قاَلَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ عَبْدِ اللهِ
ابْن أبِى بَكْر، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو بْن عُثْمَانَ، عَنَِ ابْنِ أبِى عَمْرَةَ الأَنْصَارِىِّ، عَنْ زَيْد بْنِ خَالد الج!هَنىًّ ؛ َ أنَّ النّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (أَلا أُخْبِرُكُمْ بخَيْرِ الشُّدَاءِ الَّنِى يَأتِى بِشًهاَدَتِهِ قَبلً أنْ يُسا"لَهَا لما.
وقوله: (ألا أخبركم بخير الشهداء ؛ الذى يأتى بشهادته قبل أن يسألها)، قال الإمام: يحتمل أن يراد به من تحمل شهادة ولم يعلم بها المشهود له، فإنه ينبغى له أن يعلمه ؛ لمكون مستعداً بشهادته ؛ ليفعل ما يفعل مع خصمه وهو على ثقة بما له وعليه.
قال القاضى - رحمه الله: بنحو هذا فسر مالك الحديث، وزاد: ويرفع ذلك إلى السلطان.
وقيل: قد يحتمل أن يكون فيما لا يختص بحق ادمى، ويكون من حقوق الله تعالى الذى لا ينبغى السكوت عليها ؛ كإنكار الطلاق والعتاق والحيس والصدقات /، من علم شيئا من ذلك وجب رفعه إلى الإمام، والشهادة به عنده لغيره.
قال الله - عز وجل -: { وَأَقِيمُوا الشئَهَادَةَ لِلَّه} (1)، فإن كان الشهود جماعة وجب على كل واحد منهم رفع ذلك، حتى إذا قام بذلك بعضهم سقط عن الباقن ؛ إذ القيام بالشهادة من فروض الكفاية.
وكذلك يلزم من رفع الشهادة بالحدود، وإذا كان صاحبها قائما عليها ؛ كمعاقرى الشراب والمختلى بالمرأة للفجور ؛ ولأن ذلك من تغيير المنكر.
ولا يلزم من ذلك إذا كانت المعصية قد انقضست ؛ لما جاء فى الستر على المسلم، إلا
أن يكون مشهوراً بالفسوق، ومشتهرا بالمعاصى، مجاهراً بذلك.
فقد كره مالك وغيره الستر عن مثل هذا، ورأى رفعه والشهادة عليه بما اقترفه ليرتدع عن فسوقه، ولسِ! يخرجه سكوته وستره عليه لما فعل.
وأما الأول المستديم للمعصية بركوبها، أو ببقائه مع المطالعة، او استخدامه الفسق، فسكوت العالم بها، وترك رفع أمره، وتغيير منكره والشهادة به - جرحة فى شهادته.
واختلف مذهبنا فى تجريحه بسكوته عن الشهادة بحقوق الاَدمين وترك رفعها وهو يرى حقوقهم بيد غيرهم، وصاحب الحق حاضر غير عالم، هكذا أطلق بعض شيوخنا عن مذهب ابن القاسم أنها جرحة، وعند بعضهم أن تكون جرحة فى الشهادة نفسها وجَوْرًا عليها لا
(1) الطلاق: 2.(5/578)
كتاب الأقضية / باب بيان خير الشهود 579 يصلح له أداؤها بعد وهو الأظهر، وقيل: إنما تكون جرحة فى شهادته إذا سكت حتى رأى صاحب الحق صالح عن حقه واضطر إلى شهادته ولم يعرفه بها حتى بطل حقه فهذه جرحة فى شهادته، فأما على غير هذا لا بمجرد سكوته، فلعل صاحب الحق لا يطلب حقه أو وهبه أو باعه ممن هو فى يده فليس بجرحة.
وأما سحنون ومن وافقه فيرى القيام بالثهادة ! إن طال حوفصا على الشهادة، إلا فيما كان من حقوق الله - سبحانه - وقد قيل: يحتمل أن يكون قوله: غير الشهود الذى يأتى بشهاثته، قبل أن يسلبها على السرعة والمبادرة لأدائها إفا سلبها لا قبل سؤالها، كما يقال: الجواد يعطى قبل سؤاله، عبارة عن حسن عطائه.
ولا يعارض هذا الخبر الحديث الاَخر فى ذم من يأتى.
وقوله: دل يشهدون ولا يستشهدون) (1): فقد احتج به قوم وقالوا: لا تجوز شهادة
من يشهد قبل أن يستشهد.
ومعنى هذا عند أهل العلم: أنه ورد مورد الذم لمن يأتى بعد القرون الفاضلة بخصال وصفهم بها، من فشو الكذب والخيانة، وكثرة الحلف، وقلة الوفاء والأمانة، فكانت هذه الشهادة من هذا الباب أنها شهادة كذب لا أصل لها، شهدوا بما لم يستشهدوا ولا استشهدوا عليه، كما خانوا وكذبوا وحلفوا.
وقد يكون معناه: أنهم يتصدرون الشهاثة وليسوا بأذكياء ولا من أهلها، ولا يرضى أحد أن يستشهدهم، كما قال: (يخونون ولا يوتمنون).
وقيل: معنى الشهالمحة هنا: اليميئ، وروى عن النخعى، ويدل عليه قوله: (يسبق
يميئ أحدهم شهادته، وشهادته يمينيه) ويدل عليه قوله / اخر الحديث: (وكانوا يضربوننا على الشهالمحة والعهد).
قيل: معناه: أن يقول أشهد بالله لكان إلا كذا.
وقيل معنى قوله: (يشهدون ولا يستشهدون): أنه فى القطع على المغيب وقيل: يشهدون لقوم بالجنة ولقوم بالنار.
(1) با - *! فى ث فضائل الصحابة، برقم (214).
1 / 55
580(5/579)
كتاب الأقضية / باب بيان اختلاف المجتهدين
(10) باب بيان اختلاف المجتهدين
20 - (1720) حلثّنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنى شَبَابَة، حَدّثنِى وَرْقَاءُ عَنْ أبِى الزَناد، عَنْ الأعْرَج، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ اً لنَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: " بَيْنَمَا امْرَأتَانِ مَعَهُمَا ابْناَهُمًا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابْن إِحْدَاهُمَا.
فَقَالَتْ هَذه لصَاحبَتهَا: إِثمَا ذَهَبَ بابْنك أنْتِ.
وَقَالَت الاخرَى.
إِثمًا ذَهَبَ بابْنك، فَتَحَاكًمًتًا إِلِىَ دَاوُدَ، فَقَضَى به لِلكبْرً ى، فَخَرَجَتَا عًلَى سُلَيْمَانَ بْنِ داوُدَ - عًلَيهِمَا السَّلامُ - فَا"خْبَرَتَاهُ.
فَقَاً*
وذكر قصة داود وسليمان - عليهما السلام - فى المراْتن.
قوله: (بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك.
وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك.
فذهبتا إلى داود - عليه السلام - فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان فأخبرتاه، فقال: ائتونى بالسكن أشقه بينكما.
فقالت الصغرى: لا، يرحمك الله، هو ابنها.
فقضى به للصغرى): ويحتمل أن داود - عليه السلام - إنما قضى به للكبرى على مقتضى شرعنا إذ كان لا يخالفه، إما لكونه فى يدها أو يشبهها إن كان القضاء فى شرعه فى الإلحاق بالشبهة، وحكم سليمان بعد هذا التوسط والتلطف به للصغرى ؛ لما راْى من إشفاقها بعد تعجيزه الكبرى بذلك وفضيحته لها ؛ إذ لو كان ولدها لأشفقت عليه فيكون منها حي!ذ لتلك الخجلة والفضيحة ما يوجب الاعتراف والتسليم، ومثل هذا يفعله نبهاء الحكام مالا استدلال بأمور لو تجردت لم يقضى بها فى شىَ، لكن يقيم بها الحجة والإرهاب على المدعى حتى يستبين منه الاضطراب، ويضطر إلى الاعتراف، ورب قوى الشكيمة فى الباطل لا تنفع فيه رقية ولا حيلة.
وحكم سليمان - عليه السلام - فى القضية بعد حكم أبيه، قيل: لأن داود لم يكن
أنفذ الحكم بعد.
وظاهر الخبر خلافه لقوله: (فقضى به للكبرى)، ويحتمل أن يكون فتوى من داود - عليه السلام - لا حكما، ويحتمل أن فى شرعهم نسخا، فحكم الحاكم لحاكم آخر متى طلب ذلك بعض الخصوم، ويحتمل أنهما رضيتا بالتراجع وابتداء الحكم عند سليمان - عليه السلام - ويحتمل أن سليمان صنع ذلك بعد حكم أبيه ملاطفة، فلما حصل الاعتراف لزم الحكم به، كما إذا اعترف الخصم بعد الحكم عليه باليمن لإنكاره، فإن الحق يوخذ منه.(5/580)
صفحة (581)
صفحة ناقصة(5/581)
كتاب الأقضية / باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين
(11) باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين
21 - (1721) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافع، حَدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدثنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدثنَا أبُو هريرَةَ عَيق رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَاديثَ منْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُل عَقَاَزا لًهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذى اشتَرى العَقَارَ فِى عَقَاَرِه جَرَّة فيهاَ فَ!بٌ.
فَقاَلَ لَهُ الَّذى اشْتَرى العَقَارَ: خذْ ذَهَبًكَ منِّى، إِنَّماَ اشْتَرَيْتُ منكَ الأَرْضَ، وَلَمْ أبْتَعْ منْكً النَّهبَ.
فَقاَلَ الَّذى شَرَى الَا"رْضَ: إِنَّماَ بعْتُكَ اَلأرْضَ وَمَا فيهَا.
قاَلَ: فًتَحَاكَمَا إلَى رَجُل، فَقًالَ الَّذى تَحَاكَمَا إلَيْه: ألَكُمَا وَلَد ؟ فَقَالَ أحَدُهُمَا: لِى غُلامٌ.
وَقاَلَ الَاَخَرُ: لِى جَارِيَةٌ.
قَالً: أنكِحُوا اَلغُلَامَ الجَارِبَةَ، وَأنْفِقُوا عَلَى أنْفُسِكُمَا مِنْهُ، وَتَصَدَّقَا).
قال القاضى: وقوله: (اشترى رجل من رجل عقاراً، فوجد الذى اشتراه فى عقاره
جرة ذهب) أى قلة مملوءة ذهب، قال القاصْى - رحمه الله -: العقار الأصول فى الأموال من الأراضى وما يتصل به، سميت بذلك من العقر وهو الأصل.
عُقر الدار بضم العن وفتحها.
وقوله: " فقال الذى شرى الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها) كذا للسمرقندى.
ولغيره: " فقال الذى اشترى) والأول اصح.
شرى بمعنى باع هنا، دن كان قد جاءت الكلمتان بمعنى اشترى وشرى، فلا يصح هنا ؛ لاَنه قد ذكر قبل هذا قول الذى اشترى: !إنما اشتريت منه الأرض) إلا بماضمار البائع، وقال البائع للذى اشترى.
فهرس الموضوعات
الموضوع
فهرس الموضوعات
583
الصفحة(5/582)
[الجزء السادس]
كتاب اللقطة
بسم الله الرحمن الرحيم
31 - كتاب اللقطة
ا - (1722) حدينا يحيى بْنُ يحيى التَمِيمِىُّ قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالك عَنْ رً بيعَةَ ئنِ
أبِى عَبْد الرخمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المنبَعث، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِد الجُهنِىِّ ؛ ً اَنهُ قَالً: جَاءَ رَجُل إِلَىَ الئيِى فَسَألَهُ عَنِ اللُّقَطَة ؟ فَقَالَ: (اعْرِف عفَاصَهاً وَوِكاعَ!ا ثُمَ عرِّفْ!ا سَنا، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وإلأَ فَشَأنُكَ بَهاَ).
قَالَ: فَضَائَةُ النًنم ؟ قَالَ: ا لَكَ أوْ لأخِيكَ !وْ لِلَنئب).
قَالَ: فَضَائَهُ الإِبِل ؟ !اؤ: (مَالَكَ وَلَهَا ؟ مَعَهَا سقَاؤُهَا وَ! نَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ وَتَثُلَُ يلشئجَرَ، حتَى يَلقَاهَا ربما).
قَالَ يحيى: أحْسسث قَرَأتُ: عِفَاصَهَا.
اللقطة
قوله فى اللقطة: (اعرف عفاصها وَوِكاع!ا ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها
وإلا فشأنك بها)، قال: فضائَه الغنم، الشاة ؟ قال ( صلى الله عليه وسلم ): ا لك أو لأخيك أو للذئب)، قال: فضالة الإبل ؟ قال ( صلى الله عليه وسلم ): (مالك ولها معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماَ، وتثل الشجر حتى يلقاها ربها)، وفى بعضا طرقه: (عرفها سنة، ثم اعرف وكاَ ها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاَ ربها فأدها إليه)، وفى بعض طرقه: (ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفق، ولتكن وديعة عندك.
فإذا جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه)، وفى بعض طرقه: (فإن جاَ صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاَ ها فأعطها إياه، وإلا فهى لك)، وفى بعضا طرقه بعد التعريف: (أن تعرف العفاص والوكاء)، ثم قال: (كلها، فإن جاَ صاحبها فادها إليه)، وفى بعض طرقه فى حديث سويد بن غفلة (1): (خرجت أنا وزيد بن صوحان (2) وسلطان (3) غازين، فوجدت سوطا فأخذته،
(1) سويد بن غفلة بن عوسجة لبو امية الجعفى الكوفى.
روى عن لبى بكر وعمر وعثمان وعلى وغيرهم، وعنه أبو بسحق خيثمة بن عبد الرحمن لابراهيم النخعى وغيرهم.
قال ابن معين والعجلى: ثقة.
مات سنة 0 8، وقيل 81 0 التهذيب 4 / 278، 279.
(2) زيد بن صوحان بن حجر بن الحارث العبدى ابو سليمان، ويقال: لبو عاثة أخو صعصعة، اْدرك النبى وله صحبهْ، شارك فى موقعة الجمل وقتل فيها.
الإصابة 1 / 582، 583 برقم (997 2).
(3) سلمان بن ربيعة بن يزيد بن عمرو الباهلى لبو عبد دلله، وهو سلمان دفيل، يقال: له صحبة، روى=
1 / 56(6/5)
6 كتاب اللقطة 2 - (... ) وخدثنا يحيى يْنُ أئوبَ وَقُتَيْبَةُ وَابْنُ حُجْرٍ - قَالَ ابْنُ حُجْر: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَان: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - وَهُوَ ابْنُ جَعْفَر - عَنْ رَبيعَةَ بْنِ أيِى عَبْد الرخْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المنبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِىِّ ؛ أنُّ رَجُلا سَألَ رَسُولً اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ
فقال لى: دعه فقلت: لا، ولكنى أعرفه، فإن جاء صاحبه دالا استنفقت به.
فلقيت أبى بن كعب فأخبرته بما جرى، فقال: وجدت صرة فيها مائه دينار على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فأتيت بها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (عرفها حولا).
قال: فعرفتها فلم أجد من يعرفها ثم أتيته ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (عرفها حولها، فعرفتها فلم أجد من يعرفها، فقال: (احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء صاحبها لالا فاستمتع بها)، وفى بعض طرقه: قال شعبة: سمعته بعد عشر سنين يقول: (عرفها عامأ واحدئ ال، قال الإمام: اختلف الناس فى اللقطة، هل يجوز أخذها ابتداء اْو يكره ؟ واختلف الناس أيضا إذا جاء صاحبها فوصف العفاص والوكاء - على ما ذكر فى الحديث هل يجب إعطاؤها له ؟ وهو مذهب مالك، أولا يحكم له بها حتى يقيم بينة ؟ وهو مذهب أبى حنيفة والشافعى.
واختلف الناس - أيضا - إذا عرفها حولا، هل يجوز له كلها اْم لا ؟ فعندنا: يجوز على كراهية فيه، وعند أبى حنيفة: إنما يجوز بشرط أن يكون فقيرا.
واختلف الناس - أيضا - إذا كلها بعد الحول وجاء صاحبها، هل عليه غرامتها له أم
لا ؟ (1) ؟ فعندنا: عليه الغرامة /، وعند داود: لا غرامة عليه.
واختلف الناس - أيضا - فى الشاة إذا كانت فى الفلاة فكلها ملتقطها، ثم جاء صاحبها، هل يغرمها له أم لا (2) ؟ فعندنا: لا غرامة عليه، خلافا لأبى حنيفة والشافعى فى إيجابهما الغرامة.
واختلف المذهب - أيضا - إذا أعطاها بالصفة، هل يحلف آخذها أم لا ؟
فتضمن ما ذكرنا فى كتاب مسلم الرد على أبى حنيفة فى اشتراطه الفقر لأنه قال: (ثم كلها) ولم يشترط الفقر.
وحديث أبى وقد كان غنيا وقد أباح له الاستمتاع بها.
- عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وعمر، وعنه سويد بن غفلة وأبو وائل وأبو ميسرة وغيرهم، شهد فتوح الشام.
قال العجلى: كوفى ثقة، وذكره لبن حبان فى الثقات.
مات سنه 25 هـ، وقيل: 29 هـ، وقيل 30 هـ، وقيل 1 3 هـ.
التهذيب 4 / 136، 137.
(1) لنظر: المسألة فى التمهيد 17 / 3 1 وما بعدها، الاستذكلى 22 / 331.
(2) انظر: التمهيد 3 / 123 وما بعدها.(6/6)
كتاب اللقطة
وتضمن أن الشاة لا غرامة فيها، ردا على المخالف ؛ لأنه قال: (هى لك)، وظاهر هذا التمليك، والمالك لا يغرم.
وأيضا فقد قال: (وللذئب)، فنبه ( صلى الله عليه وسلم ) على انها كالتالفة على كل حال ومما لا ينفع صاحبها بقاؤها.
وتضمن الرد على المخالف فى اشتراطه البينة ؛ لأنه قال: (فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه) ولم يشترط البينة، بل أمر بإعطائها، ولا معنى لقولهم: إنه يجوز له أن يعطيها إذا ظهر له صدق الواصف وهو المراد بالحديث.
وأما اْن يحكم عليه فلا، لأن قوله: (فأعطها إياه) أمر، فظاهره خلاف ما قالوه.
وتضمن الرد على داود فى قوله: لا يغرمها بعد الحول، لقوله: (فإن لم يجئ صاحبها كانت وديعة عندك)، وقوله: (فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه).
وتضمن ترجيح أحد القولين عندنا فى نفى الدين عن الواصف ؛ لأنه قال: (فأدها إليه) ولم يشترط يمينا كما لم يشترط بينة.
وهاهنا سوال يقال: إذا كانت للصفة إنما أعطى بها الواصف لاْنها دلالة على صدقه
فى غالب الظن، وإن جاز (1) أن يكون سمع الصفة من غيره، كما أن البينة دلالة، وان جاز أن تكذب، فهل تطلقون هذا الاستدلال وتحكمون به فى كل مال ؟
قلنا: أما المال الذى فى يد حائز يدعيه لنفسه ويحوزه زمانا، فهذا لا سبيل إلى إخراجة من يده بالصفة، لأن دلالة اليد أقوى من دلالة الصفة.
وأما إذا كان لا يحوزه لنفسه فليس هناك دلالة تعارض دلالة الصفة، فحكم بدلالة الصفة.
فإن قيل: فإن سرق مالا ونسى من سرقه منه، وأودع مالا ونسى من أودعه إياه، ثم
أتى من وصفه، هل يعطله كاللقطة أم لا ؟
قلنا: أما السرقة فالتزموا ذلك فيها أصحابنا، ورأوا أن يعطاها مدعيها إذا وصفها.
وأما الوديعة فقد اضطرب أصحابنا فيها، فمنهم من أجراها مجرى اللقطة والسرقة، ومنهم من فرق بينهما.
والفرق عنده أن كل موضع تعذر فيه على المالك إقامة البينة اكتفى فيه بالصفة، وكذلك السرقة.
ولا يمكن أن يسقط للإنسان ماله ببينة فاكتفى فيه بالصفة، وكذلك السرقة ؛ لأنه لا يسرق ماله ببينة، فاكتفى فيها - أيضا - بالصفة إذا جهل المالك.
وأما الوديعة فيمكن مودعها أن يتحرز بالإشهاد ففارقت اللقطة والسرقة، فصارت
(1) فى الاْصل: جاَ، وليثبت من ع.(6/7)
56 / ب
8 كتاب اللقطة مسألة اللقطة أصلاً فى الرد[ على المسألهّ، (1) بالصفة.
فمن رلى أن العلة كون المال لا يدعيه حائزه لنفسه أجرى الثلاث مسائل مجرئ لم ولحدأ، ومن أضاف إلى هذه العلة أن مالكه لا يمكنه الإشهاد عليه أيضا فارقت الوديعة اللقطة والسرقة.
وأما اليسير من اللقطة فلم يجره مالك مجرى الكثير واستحق فيه التفريق ولا يبلغ بتعريفه سنة (2).
وقد تقدم أنه ( صلى الله عليه وسلم ) مر بتمرة فى الطريق، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): ا لولا أنى اْخاف أن تكون من الصدقة لاكلتها) (3).
وهذا تنبيه على أن اليسير الذى لا يرجع أهله إليه يوكل.
وعند أبى داود عن جابر: رخص لنا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى العصا والسوط والحبل وأشباهه، يلتقطه الرجل ينتفع به.
وقد حد بعض الناس القليل بنحو الدينار فيما أظن، تعلقا بما خرج أبو داود عن على - رضى الله عنهما - اْنه دخل على فاطمة وحسن وحسن - رضى الله عنهما - يبكيان.
فقال ما يبكيهما (4) ؟ قالت: الجوع فخرج على - رضى الله عنه - فوجد دينارا فى السوق فجاء إلى فاطمة - رضى الله عنها - فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودى فخذ لنا به دقيقأ، فجاء اليهودى فا أ " ى دقيقا، فقال له اليهودى ة أنت خق (5) هذا الذى يزعم أنه رسول الله ؟ فقال: نعم.
قال: فخذ دينارك ولك الدقيق.
فخرج على - رضى الله عنه - حتى جاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لح!مأ+ فذهب فرهن الدينار بدرهم لح!مأ، فجاء به فعجنت ونصبت وخبزت، وأرسلت إلى أبيها ( صلى الله عليه وسلم ) فجاعصم، فقالت: يارسول الله، اْذكر لك، فإن رأيته حلالا كلناه، وكلت معينا، من شأنه كفا وكفا، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ة (كلوا باب م الله)، فثلوا منه، فبينما هم مكانهم إذ غلام ينشد الله والإسلام الدينار، فأمر رسول الله فدعى له، فقال: سقط منى فى السوق، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يا على، اذهب إلى الجزار فقل له: إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول لك: (أرسل بالدينار ولرهمك على)، فأرسل به فدفعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إليه (6).
فوجه تعلقهم من الحديث: أن عليا - رضى الله عنه - لم يعرفه، وقد ذكرت للنبى
( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (كلوا باسم الله) ولم يوبخهم ( صلى الله عليه وسلم ) على ترك التعرلف.
وقد اختلف المذهب عندنا فى الدينار، هل يعطى لمدعيه أنه سقط له ؟ فقيل: لا يعطى حتى يصف شيئا فيه اْو علامهّ، وقد وقع فى هذا الدلث أنه لم يطلب منه الصفة، ويمكن أن يكون اختصرها
(1) صقمن س.
(2) انظر: الاصتذكار 22 / 186 وما بعدها.
(3) صلم، كالزكاه، بتحريم الزكاة على رسرل الله !،
!ا) فى الأصل رس: يبكيكما، والمثبت مت الحديث.
(5) فى الأصل ة الذى.
يلا) لو دارد، كلللفطة للا 171).(6/8)
كتاب اللقطة
الراوى عند من قال: لا يرد الدينار إلا بعلامة.
والعفاص هو الوعاَ الذى يكون فيه الشغفة، جللها كان أو غيره، ولذلك سمى الحذاَ
الذى يلبس رأس القارورة العفاص لأنه كالوعاَ لها.
فأما الجلد الذى يدخل فى فم القارورة
فهو الصمام بكسر الصاد.
والوكاَ هو الخيط الذى يشد به الوعاَ، يقال منه: أوكيثه إيكاَ، ويقول: عفصته عفاصأ، إذا شددت العفاص، فإن جعلت العفاص قلت:
أعفصته إعفاصا.
وحذاَ الابل: أخفافها ؛ لأن بهما تقوى على السير[ وقطع البلاد.
وقوله: (سقاؤها): يعنى أنها تقوى على ورود المياه لتشرب، والغنم لا تقوى على
ذلك] (1).
قال القاضى: ذكر الترمذى فى حديث على - رضى الله عنه - زيادة حسنة بها تتم
الفائدة /: اْن عليا - رضى الله عنه - أصاب دينارا على عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فعرفه فلم يجد 57 / 1 من يعرفه، فأمره النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بثله (2).
قال القاضى: استعار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) [ للأكل] (3) الحذاَ والسقاَ هنا، لما ذكر قبل من
تشبهها بالمسافر الذى معه حذاؤه وسقاؤه فيقوى بذلك على قطع المفاوز، لصبرها على السير
وعن الماَ لمدة.
فجعل استغناؤها[ عن الماَ] (4) مدة بما حملت[ من] (5) قبل من شربها فى كرشها كمن أعد ماعه[ وسقاعه] (6) لسفره.
ووقع لبعض أصحابنا
[ الشامين] (7): العفاص والوكاَ منه ما تقدم ة والأول أصح.
وحديث اللقطة والحكم
فيها بمعرفة العفاص والوكل! أصل عند العلماَء فى الحكم بالعرف والعادة عند اختلاف المتنازعن، ولا حجة فيه عند أهل التحقيق أظهر منها، وذلك أنه لما كان الغالب والعرف
أن مالك الشىَ هو يغرف من صفته ونعوته ما لا يعرفه غيره حكم له بمعرفة العفاص والوكل!، دإن كان الأجنبى ومن لا يملكه قد يعرفه برؤيته عنده أو عاريته إياه، أو إجادته
له، أو ملكه له قبله، لكن كان الغالب الوجه الأول، فاْمضى الحكم به.
وقال بعض العلماء: أجمع العلماء فى أحكام اللقطة على فصول منها: أن معرفة
العفاص والوكاء من[ أهدى] (8) علاماتها، وأن اللقطة ما لم تكن تافهة اْو شيئا لا بقاء
(1) سقط من س، ولستدرك بالهامث!.
(2) الترمذى فى التعليق على الحديث، كالأحكام، بما جاء فى اللقطة وضالة الابل والغنم طهم 648 (*13).
(3) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(4) فى س: عنه.
(5) صاقطة من س.
(16 فى س: فى سقالْه.
(7) فى س: فى تفسير.
يعه صاقطة من الأصل، والمثبت من س.(6/9)
10 كتاب اللقطة اللُّقَطَة ؟ فَقَالَ: (عَرفهَا سَنَةً، ثُمَّ اعْرِفْ وِكَا هًا وَعفَاصَهَا، ثُمَ اسْتَنْفِقْ بهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فًاف!ا إِليْه) فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّه، فَضَائَةُ الغَنَم ؟ قَالَ: (خُن!ا، فَ!نَمًا هِىَ لَكَ أوْ لأخِيكَ أوْ لِلئئْبِ).
قَالَ: يَا رَسُولَ الثه، فَضَالَّهُ الإِبِلِ ؟ قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى احْمرَّت وَجْنَتَاهُ - أوِ احْمَرَّ وَجْهُهُ - ثُمَ قَالَ: (مَالَكَ وَلَهَا ؟ مَعَهَا حِذَاؤهُا وَسِقَاؤُهَا حتى يَلقَاهَا ربُهَا).
3 - (... ) وحّدثنى أبُو الطَاهِرِ، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ وَمَالِكُ بْنُ أنَسِ وَعَمْرُو بْنُ الحَارِثِ وَغَيْرُهُمْ ؛ أنَّ رَبيَعَةَ بْنَ أبىَ عَبْد الرَّحْمَنِ حَدئمهُمْ، بِهَظَ الإِسْنَاد، مثْلَ حَديثِ مَالكِ.
غَيْرَ انَهُ زَادَ: قَالَ: أَتَى رَجُل رَسُولً الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَأتا مَعَهُ، فَسَألَهُ عَنِ اللّقَطًةِ ؟ قَالً: وَقَالً عَمْرو فِى الحَديِثِ: (فَينَا لَمْ يَأتِ لَهَا طَالِ! بفَاسْتنفِقْهَا).
له يلزم تعريفها حولا، وأن صاحبها إن جاء فهو أحق بها من ملتقطها إذا ثبت اْنه صاحبها، واْن ملتقطها إن أكلها قبل الحول وجاء صاحبها فضمنه فذلك له، وكذلك إن تصدق بها، وأن ضالة الغنم فى المكان المخوف له أكلها، واختلفوا فيما عدا ذلك.
وفى قوله: (اعرف عفاصها ووكاعصا): تنبيه على حفظ ذلك وكتمه ؛ لاءنه لو اْفشاه وعُلم لادَعَى فيه من لا يملكه ؛ لأنه يعرضه من الإفشاء والشهادة عليه، لذلك قال اْهل العلمَ: ينبغى ألا يصفها للناس ولا يظهرها ولا يسميها بعينها.
وقد قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (عرفها) ولم يقل: اْظهرها.
وفى قوله فى حديث زيد بن خالد: (عرفها سنة) وفى حديث أبى: (ثلاث سنين) وفى بعض طرقه الشك فى سنة أو ثلاث، وفى بعضه أنه قال آخراً: عاما: يحتمل الجمع بين الحديثين بطرح الشك والزيادة، وما رجع إليه أبى آخراً من عام وتركه ما شك فيه، وقيل: هما قضيتان، فالأولى لأعرابى أفتاه بما يجوز له بعد عام، والثانى لأبى، أفتاه بالكف والتربص عنها بحكم الورع ثلاثة اْعوام ؛ إذ هو من فقهاء الصحابة وفضلالْهم، وقد يكون ذلك - أيضا - لحاجة الأول إليها وضرورته، واستغناء أبى عنها، ورجوع أبى إلى عام بعد شكه لتحريه لما تيقن من الحديث وتركه ما شك فيه منه.
واقتصر على الحول فى حكم اللقطة لأنها إن كانت لحاضر فهو غايته فى ضرب الآجال له فى الاختيار والتربص وفى غير شىء كالعنين والمعاناة من علة تضر بالزوجة لتتم به فصول العام كملاً، وسجن من أتى بعض المعاصى ليختبر فيه فيأتيه ويرجى بمكثه مدتها(6/10)
كتاب اللقطة 11
4 - (... ) وحدّثنى أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الأوْدِىُّ، حدثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَد، حَدَّثنِى سُلَيْمَانُ - وَهُوَ ابْنُ بِلاَل - عَنْ رَبيَعَةَ بْنِ أبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْئَى المنبًعِثِ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ خًالِد الجُهًنِىَّ يَقُولُ: أتَى رَجُلٌ رَسُولَ الله كله.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَديثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ.
غَيْرَ ائهُ قَالَ: فَاحَمارَّ وَجْهُهُ وَجَبِينُهُ، وَغَضبَ.
وَزَادَ - بَعْدَ قَوْلِهَ: ثُمًّ عَرّفْهَا سَنَة -: (فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا كَانَتْ وَ!يعَةًءِنْدَكَ).
5 - (... ) خدثنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلاَلٍ -
عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المنبَعثِ ؛ أكل سَمِعَ زَيْدَ بْنَ خَالد الجُهَنِىَّ صَاحبَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللّه كله عَنِ اللُقَطَة، الئ! بِ أَوِ الوَرِقِ ؟ فَقَالً: (اعْرِفْ وكَاءَها وِعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرئهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فًاسْتَنْفِقْهَا، وَلتَكُنْ وَدِبَعةءِنْدَكَ،
توبته ؛ ولأنه مدة الزمان بجملته.
وإن كانت اللقطة لغائب فأكثر الأسفار، غالبا لا يغيب (1) عاما ويرجع إلى وطنه ؛ ولهذا ما فرق بينهما وبين لقطة مكة، وأنها تنشد أبدا على ما مضى، قبل / فى كتاب الحج: لترداد الناس إلى مكة، ومن لم يحج بنفسه جاَ جاره أو قريبه فسمع إنشادها فعرفه بعد انصرافه.
وفقهاء الأمصار[ متفقون] (2) على أن تعريف اللقطة سنة، ولم يأخذ منهم أحد بثلاثة اْعوام إلا شىء روى عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه.
وحديث اْبى - رضى الله عنه - واحتجاجه بالحديث على ملتقط السوط، يدل على اْن مذهبه بأن يسير اللقطة وكثيرها سواء، وبه فسر حديثه لاحتجاجه بعموم قوله ( صلى الله عليه وسلم ) وحكمه فى نازلته، وهو قول الشافعى عند بعض أصحابنا الدرهم ونحوه.
وقال أبو حنيفة مثله فيما كان أقل من عشرة دراهم.
وقال الثورى فى الدرهم: يعرفه أربعة أيام.
وقال الحسن بن جنى: ثلاثة أيام.
وقال بعض العلماء: إن السوط والسقاء والنعل والحبل ونحوه ليس فيه تعريف، وأنه
مما يعفى عن طلبه وتطيب النفس بتركه كالتمرة وقليل الطعام (3).
وقد يعتضد بما تقدم من حديث جابر فى ذلك قال: وششمتع به من يوم وجوده، فإن جاء صاحبه اْخذه على حاله
(1) فى س: تعدو.
(3) لنظر الاستذكار 22 / 336 وما بعدها.
(2) ساقطة من س.(6/11)
57 / ب
12
كتاب اللقطة
فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ اللَفْرِ فَا"فَها إِلَيْه لما، وَسَألَهُ عَنْ ضَائَة الإِبلِ ؟ فَقَالَ: (مَالَكَ وَلَهَا ؟ دَعْهَا، فَإن مَعَهَا حنَ الا وَسِقَ الا، تَرِدُ المَاءَ وَكلُ الشَجَرً.
حَتَى يَجل!ا رَئهَا)، وَسَألَهُ عَن الشَّاةَ ؟ فَقَالَ 5َ (خُنْ!ا، فَلنَمَا هِىَ لَكَ، أوْ لأخِيكَ، أوْ لِلنئبِ) ءَ
6 - (... ) وخدئنى إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، أخْبَرَنَا حَئانُ بْنُ هلاَلٍ، حَدئنَا حَّمادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدثنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيد وَرَبيعَةُ الراى ئنُ أَبِى عَبْد الرَّحمَنِ، عَيق يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَبْد بْنِ خَالدٍ الحهَنِىَ ؛ أن رَجُلاً سَألَ الئبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ ؟ زَادَ رَبِيِعَةُ: فَغَضِبَ حَتى احْمَرَّتْ وَجْنَتاهُ.
واقْتَضَ الحَديثَ بنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
وَزَادَ: (فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا، وَعَلعًها وَوكَ الا، فَا"عْطِهَا إِئاَهُ، صاِلا فَهِىَ لَكَ).
فإن لم يرض بذلك لم يكن غير قيمته على حاله.
وما تقدم من حديث سويد بن غفلة فى السوط يدل على تعريفه بكل حال، وأنه لا يستمتع به قبل التعريف.
وقوله: (فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها ووكاعصا فأعطها إياه): اختلف العلماء،
هل من ضرط استحقاقه معرفة جميع هذه الثلاثة أم بعضها دان جهل البعض أو أخطأه ؟ وعندى فى ذلك اختلاف، هل لابد من معرفة الجميع ؟ إلا أن يكون الخطأ فى العدد إذ قد يؤخذ منه ولا يدرى، أو يكتفى بوصفن ؟ إذ قد يعتذر فى الباقى بالنسيان أو بواحد، أم لابدْ من معرفة العفاص والوكاء من جملة الأوصاف (1).
واستدل العلماء من قوله فى الشاة: (خذها، فإنما هى لك أو لاءخيك أو للذئب)
وأن ذلك إباحة أن حكم ما لا يبقى من الطعام ذلك الحكم، وأنه إذا كان فى الفيافى كله ولا ضمان عليه إن جاء صاحبه عند أصحابنا.
واختلفوا إذا كان فى الحضر، فقيل: يبيعه ويدفع ثمنه لمستحقه لا سوى هذا، وقيل: يتصدق به ولا ضمان عليه.
واختلفوا إذا كله، هل يضمنه أم لا ؟ ويضمن فى هذا كله عند الشافعى وأبى حنيفة، وقال الشافعى مرة: يثله ويغرمه لربه، وقال مرة: ويقيم على تعريفه حولا ثم يثله (2).
ومعنى قوله فى ضالة الغنم: (هى لك أو لأخيك أو للذئب): يريد إذا كانت فى القفار، اْى اْنها مضيعة، إن لم تأخذها أنت أخذها غيرك، أو كلها السبع.
وقيل:
(1) انظر الاستذكلى 12 / 329، المنح8 / 295 وما بعدها.
(2) 1 لتمهيد 127 / 3.(6/12)
كتاب اللقطة
13
7 - (... ) وحّدثنى أبُو الطَّاهرِ أحْمَدُ ثنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، حَدثنِى الضخَاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبى النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْد بْنِ خَالًدٍ الجُهَنِىِّ.
قَالَ: عُئِلَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ اللُّقَطَة ؟ فَقَالَ: (عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَم تُعْتَرَفْ، فَاعْرِث عِفَ الهَا وَوِكَ الا، ثُمَّ كُلهَا، فَإِنْ جَاءَ صًاحِبُهَا فَاممِّ!ا إِلَيْه).
8 - (... ) وَحَئَثِنيهِ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أخْبَرَنَا أبُو بَكْر الحَنَفِى، حَدشَا الضَّحَّاكُ بْنُ عثمَانَ، بِهَنَا الإسْنَادِ.
وَقَالَ فِى الحَديِثِ: (فَإِنِ اعْتُرِفَتْ فًأ!ا، وَإِلا فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاعَ! ا وَعَلَدَهَا).
9 - (1723) وحّدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّار، حَدثنَا مُحَمَدُ ئنُ جَعْفَر، حدثنا شُعْبَةُ.
ح
ص ص كى،، ص ه 5 ص ص ص، ص، ص مر مم ص ! ص صص، 5 ص، 5ءص ص ه، صو وحدثنِى ابو بكرِ بن نافِعٍ - واللفظ له - حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن سلمة بنِ كهيلٍ،
يحتمل قوله: ا لأخيك) أى صاحبها، فبهذا أبيح إكلها بخلاف سواها، وبخلاف إذا كانت فى الحواضر وحيث يمكن حفظها، فحكمها عندنا حكم سائر اللقطات.
وقال الليث: هى فى كل[ حال] (1) كاللقطة.
واختلف العلماء إذا كلها حيث يجوز له من الفيافى عحد من أجاز له ذلك، هل يقر بها لصاحبها إذا جاء ؟ فألزمه ذلك الشافعى، ولم يلزمه ذلك مالك (2).
ومعنى قوله فى ضالة الإبل: (مالك ولها): قيل: هو نهى عن التقاطها وضمها ؛
إذ بقاؤها حيث ضلت أقرب لاكن يجدها ربها / من أن يطلبها فى أملاك الناس، وقيل: 1 / 58 يحتمل المنع من التصرف فيها بعد تعريفها، ففارقت اللقطات غيرها من هذا الوجه ؛ لا"نها
إذا أخذت نسبت كلها، وقيل: يحتمل النهى عن أخذها لاكلها تنزيلها منزلة ضالة الغنم ث لأنها جاءت بأثر مسألة الغنم، وقيل: بل النهى عن ركوبها وتصريفها لأنه جاء عن السوال عن ذلك فى غير حديث مسلم بقوله: (ضالة المومن حرق النار) (3).
قالوا: وهذا كان اْول الإيسلام وعلى ذلك استقر الأمر من اْبى بكر وعمر بعده - رضى الله عنهما - فلما كان زمن عثمان وعلى - رضى الله عنهما - وكثر فساد الناس واستحلالهم، رأو
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من ص.
(2) انظر: ا لاستذكا ر 22 / 344.
(3) الترمذى فى التعليق على الحديث، كالأسْربة، بما جاء فى النهى عن الشرب قائمأ 4 / 301 (امه ا)، وأحمد 5 / 80، والدلرمى 2 / 266 وكلهم من حديث الجارود.(6/13)
14
كتاب اللقطة
قَالَ: سَمِعْتُ سُوَيْدَ بْن غَفَلَةَ قَالَ: خَرَجْتُ أنَا وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَسَلمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ غَازِينَ، فَوَجَدْتُ سَوْطا فَاع خَنْتهُ.
فَقَالا لِى: دَعْهُ.
فَقُلتُ: لا، وَلَكِنِّى اعَرِّفُهُ، فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهُ ياِلا اسْتَمْتَعْتُ بِه.
قَالَ: فَأبَيْتُ عَلَيْهِمَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ غَزَاتِنَا قُضِىَ لَى آنى حَجَجْتُ، فَاعتيْتُ المَدِينًَ، فَلَقِيتُ أبَىَّ بْنَ كَعْب، فَاخبَرْ - !هُ بشَأن السَّوْطِ وَبِقَوْلِهِمَا.
فَقَالَ: إِئى وَجَدْتُ صُرة فيهَا مائَةُ دينَار عَلَى عهْدِ رَسولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَاَعتيْتُ بهَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (عَزفْها حَوْلَأ).
قَالً: فَعَرَّفْتُهَا، فَلَمْ أجِدْ مَنْ يَعْرفُهَا.
ثُمَّ أتيْتُهُ فَقَالَ: (عَرِّفْهَا حَوْلأ لا، فَعَرفتُهَا فَلَمْ أجدْ مَنْ يَعْرِفُهَا.
ثُمَّ أتيْتُهُ فَقَالَ: (عَرفهَا حَوْلآ لا، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، فَقَالَ: (احفَظْ عَلعً!ا وَوِعَاعَ!ا وَوِكَاع!ا، فَإِنْ جَاءَ صَاحبُهَا، وَإِلاَّ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا لا فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا.
فَلَقِيتُهُ بَعْدَ فَلِكَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ: لا أدْرِى بِثَلاَثَةِ أحْوَالِ أوْ حَوْلِ وَاحِدِ.
(... ) وخدثنى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ العَبْدى، حَدثنَا بَهْز، حَدثنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْل - أوْ أخبَرَ القَوْمَ وَأنَا فِيهِمْ - قَالً: سَمعْتُ سُويْدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَسَلمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَوَجَدْتُ سَوطا.
وَاقْتَمنَ الحَدِيثَ بِمِثْلِهِ.
إِلَى قَوْلِهِ: فَاسْتَمْتَعْتُ بِهَا.
قَالَ شُعْبَةُ: فَسَمِعْتُهُ بَعْدَ عَشْرِ سِنينَ يَقُولُ: عَرَّفَهَا عَافا وَاحِايم.
10 - (... ) وصدَّثنا تُتَ!ةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأعْمَش.
ح وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ
ابْنُ أَبى شَيْبَةَ، حَد!شَا وَكيع.
ح وَحَدثنَا ابْن نَميْر.
حَلَثنا أبى، جَميعا عَنْ سُفيَان.
ح وحدثنى محمد بن حاتِم، حدثنا عبْد الله بن جعْفر الرقى، حدثنا عبيْد الله - يعنى ابن عمرِو - عن زيْدِ بْنِ أَبِى انَيْسة.
ح وحدثنِى عبد الرحمنِ بن بِشرِ، حدثنا بهر، حدثنا
التقاطها وضمها والتعريف بها، فإن لم يأت لها صاحب بيعت، واْوقف ثمنها إلى أن يأتى صاحبها، وبهذا قال مالك فى رواية عنه: لا يأخذها ولا يعرفها.
قيل: وذلك لما راَه من زيادة الفساد، وعدم عدل الاْئمة وأخذها إذا أخذت، من أخذها اْو أخذ ثمنها وكله إن بيعت، فرأىَ أن تركها بموضعها أقرب لجمعها على صاحبها يوما ما، وهو قول ا لأوزاعى والشافعى.
وقال الليث: إن وجدها فى القرى عرفها، ولا يعرفها إن وجدها فى الصحراء،(6/14)
كتاب اللقطة 150 حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، كُل هَؤلاءِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، بِهَنَما الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِ شُعْبَةَ.
وَفِى حَلِيثِهِمْ جَميعًا: ثَلاَثَةَ أَحْوَالٍ، إِلا حَمَادَ بْنَ سَلَمَةَ فَإن فِى حَلِيثِه: عَامَيْنِ أوْ ثَلاَثَة.
وَفِى حَدِيثِ سُفْيًانَ وَزَيْد بْنِ أبِى أنيْسَةَ وَحَمَادِ بْنِ سَلَمًةَ: (فَإِنْ جًاءَ أحَد يُخْبِرُكَ بعَل!دهَا وَوِعَائهَا وَوِكَائِهَا، فًأعْطهَا إِياهُ).
وَزَادَ سُفْيَانُ فِى رِوَايَة وَكِيعٍ: (وَإِلا فَهْىَ كًسَبَيلِ مَالِكَ).
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ نُمَ!رٍ: ال اِلا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا).
ونحوه لمالك أيضا.
وقال الكوفيون: اْخذها وتعريفها اْفضل (1).
واختلف عندنا فى الدواب والخيل والبغال والحمير، هل حكمها حكم الإبل أم حكم سائر اللقطات ؟ وكذلك اختلف فى البقر، فقيل: هى كالإبل، وهو قول بعض أصحابنا، وهو قول طاوس والأوزاعى، وقيل: إذا كانت بموضع يخاف عليها فيه الضياع (2) فهى بمنزلة الغنم، وهو قول مالك والشافعى (3).
(1) للتمهيد 124 / 3، 1 لمغنى 343 / 8.
(2) فى س: الباع.
(3)1 لمغنى 344 / 8.
16(6/15)
كتاب اللقطة / باب فى لقطة الحاج
(1) باب فى لقطة الحاج
11 - (1724) حدثنى أبُو الطَاهِرِ وَبُونسُ بْنُ عَبْدِ الأعْلَى، قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الله
ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللّه بْنِ الأشجِّ، عَنْ يحيى بْنِ عَبْد الرخْمَن بْنِ حَاطِب، عَنْ غئدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عثمَانَ التَّيْمِىِّ ؛ أنَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) نَهَى عَنْ لُقَطًةِ الحَافي.
12 - (1725) وحمّثنى أبُو الطًاهرِ وَيُونُسُ ئنُ عَبْد الأعْلَى، قَالا: حَا شَا عَبْدُ الله
ابْنُ وَهْب، قَالَ: أخبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الَحَارِثِ، عَنْ بَكرِ بْنِ سَوَ الةَ، عَنْ أبِى سَالِبم الجَيْشَانِىِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِد الجُهَنِىَّ، عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ اَنهُ قَالَ: (مَنْ آوى ضَائَة فَهُوَ ضَاذ، مَا لَمْ يُعَرَّفْهَا ".
وقوله: (نهى عن لقطة الحاج)، قال الإمام: قد تقدم الكلام على قوله: " لا تحل لقطتها إلا لمنشدٍ )، وأن الشافعى تعلق بظاهر هذا، وراْى أن لقطة الحاج بخلات غيره.
قال القاضى: قد تقدم الكلام على هذا، واْن من أصحابنا من تأول مذهبنا على هذا،
أو فرق بين لقطة مكة وغيرها للمعنى الذى قدمناه قبل.
ومعروت قول مالك ؛ أن لقطتها كلقطة غيرها، وهو قول أبى حنيفة واْحمد بن حنبل (1) 5
وقوله: (من اوى ضالة فهو ضال ما لم يُعَرفها): قيل: معناه: مخطئ فى فعله ذلك ضال عن طريق الصواب فيه.
قال الإمام: إفا أخذ الضالة فأخفاها فقد اصر بصاحبها، وكان متسببأ إلى الضليلة عنها، فإفا عرفها أمن من ذلك.
قال القاضى: على هذا التأويل الحديث عموم فى كل ضالة ولقطة، وقد جاء فى بعض الروايات: (من التقط ضالة)، وظاهر الحديث فى ضوال الإبل، وعلمِه حمله بعضهم.
وإذا فسر بالمخطى لم يضمن إن هلكت ؛ لأنه إنما أخطأ فى أخذها وانما اْخذها لير!!ا على صاحبها، ويحوطها عليه.
دإن كان إنما أخذها ليأكلها ولا يعرفها من الإبل وغيرها فهذا ضال بين الضلال، ثم متعد يضمن ما هلك منها بأى نوع من الهلاك.
وقد اختلف العلماء بحسب هذا هل اللقطة والضالة بمعنى واحد ؟ وإليه فهب الطحاوى،
(1) ينظر: المغنى 8 / 305 وما بعدها.(6/16)
كتاب اللقطة / باب فى لقطة الحاج 17 ومعظمهم أنهما مفترقتان فإن الضالة تختص بالحيوان (1)، / وهو قول أبى عبيد.
وقوله فى ضالة الإبل: (مالك ولها) (2) وغضَبه عند ذلك حتى احمرت عيناه،
ليدل على شدة كراهة الأخذ ومنعه، ويرى الشدة فى ذلك.
وتخصيصه هذا بالإبل مما يحتج به من لا يكره أخذ اللتهطة، ويرى اْخذها أفضل، وهو مذهب الشافعى، فيما له بال وفيما ليس له بال.
وروى ذلك عن مالك فيما له بال، وعنه - أيضا - الكراهة لالتقاطها.
وحكى القاضى إسماعيل عن المذهب التخيير فى ذلك.
وقال أبو عبيد: لا ينبغى ترك اللقطة، ولا ينبغى اْخذ الضالة.
وذهب قوم من العلماء إلى التسوية بينهما، وبه قال الطحاوى، وقال: يأخذها.
وفى قوله: (عرفها سنة، وإلا فشأنك بها) (3): دليل أنه لا نظر للسلطان فيها،
وإنما الأمر فيها لواجدها، وهو قول أهل العلم.
واختلفوا إن كان غير ملعون هل يتركها بيده السلطان أو يأخذها منه ؟ على قولن.
واختلف فى ذلك قول الشافعى، ومقتضى مذهب مالك وأصحابه أن يأخذها مريد غير المأمون.
واختلفوا فى تأويل قوله: (والا فشأنك بها) بحسب اختلافهم فى حكمها، فقيل معناه: الإباحة، بدليل قوله فى الرواية الأخرى: دا فاستنفقهاأ و(فاستمتع بها)، وأنه مفسر لذلك المبهم.
وقيل معناه: احتفظ بها.
وقيل: تصدق بها، وذلك على ما نذكره من اختلافهم فى ذلك.
وقوله فى حديث القعنبى عن سليمان بن بلال: (فإن تعرف فاستنفقها أو فتكون وديعة عندك، فإذا جاء طالبها يوما من الدهر فأدها إليه ! (4) رفع لإشكال اختلاف الروايات وجمعها فى حديث واحد، وائها وإن أبيح له اْكلها فهو ضامن لها، وعلى هذا إجماع علماء الأمصار وفقهاء الفتوى، إلى أن جاء داود فأسقط عنه الضمان بعد السنة.
لإن اختلفوا فى جواز كله لها بعد الحول بعد ضمانها إن جاء صاحبها، فأباحه
أبو حنيفة للفقير.
وروى عن على وابن عباس - رضى الله عنهما -: يتصدق بها ولا يأكلها، وهو قول المسَيب وجماعة من السلف والثورى.
وقال مالك: يستحب له الصدقة بها، ويلزمه الضمان وان تصدق بها، وكذلك إن أكلها.
وروى مثله عن عمر وابنه وابن مسعود وعائ!ثحة وعطاء والشافعى وأحمد وإسحق، لكن الشافعى يبيح له أكلها للغنى والفقير.
وقال الأوزاعى: إن كان مالا كثيرا جعله فى بيت المال بعد السنة.
ذكر فى حديث أبى الطاهر فى الباب: (اعرفوا سنة) (5)، وكذا وقع فى رواية
(1) انظر: المغنى 8 / 290 وما بعدها.
(2، 3) كلللقطة، حديث رقم (1).
(5) كاللقطة، حديت رقم (7).
(4) كاللقطة، حديث رقم (5).(6/17)
1 / 59
18
كتاب اللثتطة / باب فى لقطة الحاج
59 / ب
ئبى بحر، وعند غيره: (عرفها) كما فى صائر الأحاديث.
وقيل: الألف خطأ، وقد يصح على التعدية مثل: عرفها.
قال القاضى: وأما قصة على - رضى الله عنه - فى حديث أبى داود، فليس فيه أنه أخذه تملكا ؛ بدليل بيانه فى قصة الجزار أنه تركه رهنا، وهكذا - والله أعلم - كانت قصتة مع صاحب الدقيق، اْو طلب منه فيه ثمنا.
ولعله إنما حمله ليرهنه عنده فى دقيق إلى أن يأتى مستحقه ومدة عسره إلى أن يفتح الله من حيث يفديه، اْو يتيح له صاحبه مقدار ما رهنه فيه، لشغله به د انشاده إياه إن رأى ذلك.
ولم ير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) منهم كلا له ولا استحلاله / فيكون سكوته وإقراره حجة فى تسويغه على مذهب أولئك.
وقد ذكرنا زيادة للترمذى فى هذا الباب: أنه عرفه فلم يجد من يعرفه.
فإن كان على نص حديث اْبى داود لحينه، فيكون على ما ذكرناه.
دان كان إنفاقه له بعد مضى مدة التعريف فعلى ما تقدم من صحة التمليك.
وحجة لمالك فى ضمانه لربه بعد ذلك.(6/18)
كتاب اللقطة / باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها
19
(2) باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها
13 - (1726) حدّثنا يحيى بْنُ يحيى التَّميمِىُّ، قَالَ: قَرَاْتُ عَلَى مَالِك بْنِ أنَسبى،
عَنْ نَافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً، ا لا يَحْلُبَن أَحَد مَاشِيَةَ أحَد إِلا بِإِفنِهِ، أيُحِمث أحَدُكُمْ أنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ ؟ إِنَمَا تَخْزُنُ ئَهُمْ ضُرَوعُ مَوَاشِيهِمْ أطعِمَتَهُمْ، فَلا يَحْلُبَن أحَد مَاشِيَةَ أحَد إِلا بِلئنِهِ).
(... ) وحدّثناه قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد وَمُحَفَدُ بْنُ رُمْح، جَميغا عَن الفَيْث بْن سَعْد.
ح
ص ص حمص، ء، ص ه 5، بم ص ص ص صَ ئهرص يره،، 5 " ص صَ حمص 5َ،، صوَصَ صء وحدثنا، ابو بكرِ بن ابِى شيمة، حدثنا على بن مسهِر.
ح وحدثنا ابن نمير، حدثنِى ابى، كلاَهُمَا عَنْ عُبَيْد الله.
ح وَحَدثنى أبُو الرئيع وَأبُو كَامل، قَالا: حَدثنَا حَماد.
ح وَحَئًثنى زهيْر بْن حرْلب، حدثنا إِسْماعِيل - يعْنِى ابْن علية - جمِيعا عن ايوب.
ح وحدثنا ابن
وقوله: ا لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، اْيحب أحدكم اْن تؤت مشربته قكسر خزانته فينتقل طعامه)، وفى الرواية الأخرى: (فينتثل) الحديث، قال الإمام: النثل: نثر الشىء بمرة واحدة، يقال: نثل ما فى كنانته، أى صبها.
قال القاضى: المشربة، بفتح الميم والراء وبضم الراء أيضا، كالغرفة يختزن فيها الطعام.
وقال يحيى بن يحيى: هى العسكر، وهو كالسقيفة والرف، يخرج من بين يدى الغرفة أو الحائط يختزن فيه، وهو من معنى ما تقدم.
وفيه من الفقه: اْنه لا يحل لأحد أن ياكل مال أحد، ولا يأخذ منه شيئا إلا بإذنه،
وأن اللبئ وغيره سواء للمضطر وغيره، إلا ألأ يجد ميتة.
وقد اختلف فى ذلك للمضطر مع وجود الميتة، وأما من يعلم أن نفس صاحبه يطيب بذلك فلا بأس به.
وجمهور العلماء على أن على هذا الاَكل - إذا اضطر - قيمة ما أكل متى أمكنه.
وذهب بعض أصحابنا (1) الحديث إلى أنه حق جعله له النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فلا قيمة عليه ؛ للحديث الذى ذكره أبو داود وغيره، وفى هذا الباب من إباحة ذلك فيمن مر بماشية.
وحمله العلماء على المضطر.
وقد قيل فيه: إن من حلب من ضرع ماشية خفية ما قيمته ما يقطع فيه قطع ؛ لأنه
(1) فى س: أصحاب.
20(6/19)
كتاب اللقطة / باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها ء وص ص ص يهصَ، 5 ص، ص ه 5 ص ص ه، جمى ص ص ممص، ص !، 5، ص ص ير ابِى عمر، حدثنا سفيان، عن إِسماعِيل بنِ اْمية.
ح وحدثنا محمد بن رافِعٍ، حدثنا عَبْدُ الرراَقِ، عَنْ مَعْمَر، عَنْ أيؤبَ، وَابْنُ جُرَيْج عَنْ مُوسَى، كُل هَؤلاءِ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ غمَرَ، عَنِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَديثِ مَالِك.
غَيْرَ أنَ فِى حَديثهِمْ جَمِيغا: (فَينتَئَل) إلا اللَيْثَ بْنَ سَعْد، فَإِن فِى حَدِيثِهِ: (فًينتَقَل طَعًامُهُ) كَرِوَايَةِ مَالِكَ.
خزانة وحرز للبئ، وهذا إذا كانت الغنم أو الإبل فى حرز أو بمحضر 3 يرعاها، ولم تكن عادة أربابها الإذن فى ذلك والإباحة.
وكذلك كانت عادة العرب، وهو وجه شرب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأبى بكر للبئ غنم الراعى فى طريق الهجرة، وكانت عادة العرب إباحة مثل هذا، وذم مانعه.
وفيه جواز القياس والتمثيل فى النوازل.
وفيه أن اللبئ سمى طعاما ؛ لقوله: (فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم).
فمن حلف ألا يأكل طعاما فشرب لبنا حنث، إلا أن يكون له نية معينة فى نوع من ا لمطعومات.
وفيه حجة لمن مغ بيع الشاة اللبون باللبئ.
ومالك والشافعى يمنعان فلك إفا كان فيها
الاَن لبئ حاضر، فإن لم يكن فى ضرعها لبئ أجازه مالك نقداَ ومنعه مؤجلا.
واختلف أصحابه، فحمله جلهم على عمومه.
وقال بعضهم: إنما هذا إفا قدم الشاة، فلو كانت هى الموخرة جاز وأجازها بالطعام نقداًاْو إلى أجل.
وأجاز الأوزاعى شراءها باللين وان كان فى ضرعها لبئ، ورآه لغوا وتبعا.
ولم يجز الشافعى ولا أبو حنحفة بيعها بطعام إلى أجل.(6/20)
كتاب اللقطة / باب الضيافهّ ونحوها
21
(3) باب الضيافة ونحوها
14 - (48) حلّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْمث، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبى سَعِيد، عَنْ أبى شُرَيْح العَدَوِئ ؛ أنَّهُ قَالَ: سَمعَتْ اذُئاىَ وَأبْصَرَتْ عَيْنَاىَ حِينَ تَكَلًّمَ رَسُول" الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالئه واليًوْم الاَخِرِ، فَليُكرِمْ ضَيْفَهُ جَائزَتَهُ).
قَالُوا: وَمَا جائزَ!له يَا رَسئولَ الله ؟ قَالَ: (يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ، وَالضَيافَةُ ثَلاَثَةُ أيَّام، فَمَا كَانَ !رَاءَ فَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ).
وَقَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالئه وَاليَوْم الاَخِرِ، فَليَقُلْ خئزا أوْ لِيَصْمُتْ).
15 - (... ) حلّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَدُ بْنُ العَلاَءِ، حدثنا وَكِيع، حَدثنَا عَبْدُ الحَمِيد
ابْنُ جَعْفَر، عَنْ سَعِيد بْنُ أن سَعِيْد المَقْبُرِئ، عَنْ أَبى شُرَيْح الخُزَاعِى، قَالَ: قَالً رَسُولُ الله " ( صلى الله عليه وسلم ): (الضياَفَةُ ثَلاًثةُ أئامٍ، وَجَائزَتُهُ يَوْم ولَيْلَة، وَلا يَحِل لِرَجُلٍ مُسْلِبم أنْ يُقيمَ عِنْدَ أخيهِ حَتَّى يُؤْثمَهُ).
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّه، وَكَيْفَ يُؤْثِفهُ ؟ قَالَ: (يُقِيمُ عِنْدَهُ، وَلا شَىْءَلَهُ يَقْرِيهِ بِهِ) ء
وقوله: (من كان يومن بالله واليوم الآخر فليكرم صمه جائزته)، قالوا: وما
جائزته يارسول الله ؟ قال: (يومه وليلته، والضيافة ثلاثة اْيام، وما كان وراء ذلك فهو صدققه: أى من كان يؤمن بالله فليكن من خلقه إكرام الضيف.
واْجحع العلماَء على أنها
من مكارم الأخلاق وسق الشريعة.
واختلفوا فى وجوبها فأكثرهم على ما ذكرناه / وحكى 60 / أ الليث أنه حق واجب، وقيل عنه: واجب ليلة واحدة.
وقال الشافعى: الضيافة على
أهل البادية والحاضرة حق واجب من مكارم الاْخلاق، وهذا كما قالت الجماعة.
وقال
مالدً وجل أصحابه: ليس على أهل الحضر ضيافة لوجود الأسواق لما يشترى، والمنازل
حيث ينزل فى القرى.
وقال ابن عبد الحكم: هى على الحاضر والبادى.
وقوله: (جائزة يوم وليلة والضيافة ثلاثة اْيام): قيل: معناه: إتحافه وصلته
لاكرامه يوم وليلة، ويطعمه بقية الأيام الثلاثة ما اْمكنه من غير تكليف.
وقيل: يحتمل
اْن جالْزته يوم وليلة حق المجتاز فى الضيافة، ومن اْراد الإقامة فثلاثة أيام.
وقيل: الجائزة
غير الضيافة، يضيفه ثلاثة اْيام، ثم يعطيه ما يجيزه مسافة يوم وليلة.
قال الهروى: والجزة
قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل.
22(6/21)
كتاب اللقطة / باب الضيافة ونحوها 16 - (... ) وحدثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، حَدءننَا أبُو بَكْرٍ - يَعْنِى الحَنَفِى - حَا شَا
عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَا شَا سَعيا المَقْبُرِى ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا شُرَيْحٍ الخُزاعِى يَقُولُ: سَمعَتْ ائنَاىَ وَبَصُرَ عَيْنِى وَوَعَاهُ قَلَبِى حِينَ تَكَلَمَ بِهِ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَديثِ اللَّيثِ.
وَذَكَرَ فِيهِ: (وَلاَ يَحِل لأحَدِكُمْ أنْ يُقِيمَ عِنْدَ أَخِيهِ حَتَى يُؤْثِمَهُ) بِمِثْلِ مَاَ فِى حَدِيثِ وَكِيعٍ.
وقوله: ا لا يحل له أن يقيم عند اْخيه حتى يوثمه): فصتره فى الحديث: (يقيم
عنده ولا شىء له يقريه به).
قال الإمام: إنما يطلق التحريم فى الإقامة فوق الثلاثة على أنه ألجأ صاحب القرى إلى
فعل ما لا يحل له من طلب القرى من غير حله، أو إطلاق لسانه عليه بما لا يحل لتشغيله.
فهذا قد يقال فيه: إنه لا يحل إذا علم أنه يوقعه فيما لا يحل من إطعامه[ لكل] (1) الأموال المحرمة، أو يكون كمكره (2) له على إطعامه، ولا يقدر على التخلص منه.
قال القاضى: وقد روى: (حتى يحرجه)، يحتمل أن يضيق خلقه ويدخل عليه الحرج بمقامه، وقد يكون (يحرجه): يضيق عليه بمقامه.
ووقع فى بعض روايات مسلم: (حتى تولمه) مكان: (يوثمه)، لعله تصحيف.
وقوله: (فما كان وراَ ذلك - يريد ثلاثه أيام - فهو صدقة): يريد أنها أخرجته
عن حد الضيافة المشروعة والمكارمة المستحبة للاثنين إلى علة (3) التعريض للعطاء والسوال.
وحكم الصدقة إلا للمحتاج المضطر إليها المحرمة على الأغنياَ الأخذ لها بغير طيب نفس صاحبها.
وقوله: (من كان يومن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت): أى يصمت
عن الشر وما لا يعنى من الكلام.
وقد ثكون الواو للتقسيم، أى يقول الخير ويشغل به لسانه فيوجر ويغنم، فإن لم يفعل هذا فليصمت وشحلم.
وقد تكون (أو) هنا بمعنى الواو، أى يقول الخِر ويصمت عن الشر.
وقدم تقدم فى كتاب الإيمان الكلام على هذا أيضا بنحو من هذا وأشبع منه.
وقوله: إنك تبعثنا فننزل بقوم فما يقروننا، فما ترى ؟ فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (إذا نزلتم
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(2) فى س: كالمكره.
(3) فى س: حد.(6/22)
كتاب اللقطة / باب الضيافة ونحوها
23
17 - (1727) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حدثنا لَيْمث.
ح وَحدثنا مُحَمَدُ بْنُ رُمْحٍ، أخْبَرَنَا اللَيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أن حَبِيب، عَنْ !!بِى الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِر ؛ أنَهُ قَالَ: قُلنَا: يَا رَسُولَ الله، إِنَك تَبْعَثُنَا فَنَنْزِلُ بِقَوْمٍ فَلاَ يَقْرُونَنَا: فَمَا تَرَى ؟ فَقَالَ لَنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنْ نَزَلتُمْ بِقَوْبمِ فَا"مَرُوا لَكُمْ بِمَا ينْبَغِى لِلضيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُنَوا مِنْهُمْ حَق الضيْفِ ائنِى ينْبَغِى لَهُمْ).
بقوم فأمروا لكم بما ينبغى للضيف فاقبلوا[ منهم حق الضيف] (1)، فإن لم يفعلوا فخذوا
منهم حق الضيف الذى ينبغى لهم)، قال الإمام: أشار الشيخ أبو الحسن - رحمه الله -
إلى أن المراد بقوله: (فخذوا منهم حق الضيف): العتب واللوم والذم عند الناس،
ويحتمل عندى أن يحمل على ضيافة واجبة، فإنهم (2) إذا أبوا من بذلها اْخذت منهم إذا
قدر على ذلك.
وأما الشيخ أبو الحسن فإنى رأيته قال على هذا الحديث: حق الضيف ما
ذكرناه عنه، ولعله أراد حمله على ما يعم ؛ لأن ما قلناه يخص (3) ولكن مع خصوصية
أرجح من جهة أن العتب واللوم والذم عند / الناس ربما كان الشرع يندب إلى تركه لا إلى 60 / بفعله، وإذا تعين على قوم مواساة اخرين فإنه لايكرة لهم إذا اضطروا وخافوا على أنفسهم
الأخذ من طعامهم.
قال القاضى: قد قال الداودى: يدل قوله: (خذوا منهم حق الضيف) على أخذه
كيف أمكن شرأ أو قهرأ بالمعروف، وقد يتعين المواساة عند الضرورة.
والذى ذكر غيره فى
هذا الحديث أبين من أنه: لعل هذا كان أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة، فلما جاء
الله بالخير والسعة صارت مستحبة، فيكون على قول هولاء منسوخأ، كما قال بعضهم.
وقيل: لعله كان حينئذ فيمن يجتاز غازيا بأهل الذمة، ممن لا يقدر على استصحاب الزاد
إلى رأس مغزاه، ونحوه لعمر بن الخطاب - رضى الله عنه.
ويحتمل اْن يكون فيمن
أوجبت عليه من أهل الذمة ويعد فتح خيبر وغيرها من بلاد العنوة إن كان شرط ذلك
عليهم، كما شرطه عمر - رضى الله عنه - على ما فتح من البلاد.
(1) سقط من س.
(2) فى س: فإنه.
(3) فى س: نحن.
24(6/23)
كتاب اللقطة / باب استحباب المؤاساة بفضول المال
(4) باب استحباب المواساة بفضول المال
18 - (1728) حدَّثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدثنَا ا"بُو الأشْهَب، عَنْ أبِى نَضْرَةَ، عَنْ
أبِى سَعيد الخُدْرِئ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِى سَفَرٍ مَعَ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم )، إذَ جَاءَ رَجُل عَلَى رَاحلَة لَهُ.
قَالً+ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينا وَشمَالأ فَقَالَ رَسْولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضل ظَفر، فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا ظهْرَ لَهُ، وَمَيق كَانَ لَهُ فَضْل مِنْ زَادٍ، فَليَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لا زَادَ لَهُ).
قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ، حتَى رَأيْنَا انَهُ لا حَقَ لأحَد مِنَّا فِى فَضْل.
وقوله: (جلس رجل على راحلة، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا): كذا رواية السمرقندى والسجزى والصدفى، وابن ماهان: (يضرب يمينا وشمالا)، ولأبى بحر عن العذرى: (يصرف يمينا وشمالا)، وفى كتاب أبى داود وغيره: (يصرف راحلته يمينا وشمالا) فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (من كان معه فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له) إلى قوله: " حتى رأينا اْنه لا حق لأحد منا فى فضل) (1) فيه الترغيب فى الصدقة والمواساة، وهذا نفس المراد بقوله: (يصرف بصره أو راحلته يمينا وشمالا أو يضرب)، إن هذا الرجل كالط متعرضا لسوال زاد، فصرفه الناس إذا راْوا على راحلته، إن صحت تلك الرواية - والله أعلم.
والصدقة على ابن السبيل - وإن كانت له راحلة وليس معه زاد - واجبة وإن كان غنِأ بموضعه.
(1) أبو ثاود، كالزكاة، بفى حقوق المال 1 / 387 (663 1)، وأحمد 3 / 4 3.(6/24)
كتاب اللقطة / باب استحباب خلط الأزواد...
إلخ
25
(5) باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت، والمؤاساة فيها
19 - (1729) حدثنى أحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأزْدِى، حَدثنا النَّضْرُ - يَعْنِى ابْنَ مُحَمَد اليَمَامِى - حَدثنا عكرِمَةُ - وَهُوَ ابْنُ عَمَارٍ - حَدثنَا الَاسُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أبِيهِ، قَألَ: خَرَجْنَأ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَة، فَا"صَابَنَا جَهْا، حَتَّى هَمَمْنَا أنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا، قافَرَ نَبِى الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَجَمَعْنَا مَزَاوِ!ئا، فَبَسَطنَا لَه نِطَعًا ؛ فَاجْتَمَعَ زَادُ القَوْم عَلَى الئطَع.
قَالَ: فَتَطَاوَلتُ لأحْزُرَهُ كَمْ هُوَ.
فَحَزَرْتُهُ كَربضَة العَنْز، وَنَحْنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَة.
قالَ: فَاكَلنَا حتَى شَبِعْنَا جَمِيغا، ثُمَّ حَشَوْنَا جُرَبنَا.
فَقَالً نَبِىُّ الثه ( صلى الله عليه وسلم ): (فَهَلْ مِنْ وَضُوء ؟).
قَالَ:
وقوله فى الحديث: (فخرجنا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأصابنا جهد) أى شدة.
وقوله: (فجمعنا أزوادنا): كذا رواه بعضهم عن ابن ماهان، وروايتنا فيه: (تزوالحنا)، وفى رواية: (مزاودنا) فإن كان (تزواد.
! ال محفوظا فهو اسم من الزاد على تفعال بالفتح كالتيسار، أو بالكسر كالتمثال.
وقوله: (فحؤرته كربضة (1) العنؤ): كذا رويناه بفتح الراء، وحكاه ابن دريد بكشرها، اى كجثة العنز إفا ربض.
ومرابض الغنم أماكن مبيتها.
وقوله: (ونحن أربع عشرة مائة، فثلوا حته شبعوا جميعا، ثم حشونا جربنا):
أى أوعيتنا واحدها جراب.
وقوله: (فجاء رجل بإداوة فيها نطفة): الإداوة الآنية! والنطفة الماء الصافى، يقع
على القليل والكثير.
وقوله: فأفرغا فى قدح فتوضأنا كلنا ندغفقه دغفقة، ثم جاء بعد ثمانية فقالوا ة هل
من طهور ؟ فقال ر!حول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فرغ الوضوء)، قال الإمآم: هذا أحد معجزاته ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ تكثير الماء وتكثير الطعام، والبارى - سيحانه - مّادر على خرق العالحات، فيمكن (2) أن يكون كلما كل منه جزء خلق البارى - سبحانه وجلت قدرته - جزعأ آخر يخلقه، وكذلك فى الماء.
ومعجزات النى ضروب.
فلما القرآن فمنقول، تواترأ، وأما مثل هده
(1) فى الأصل: فحرزته فعفا برضمة.
وليثبت من المطبوع وعن، ع.
(2) فى الأصل: فيمن، والمثبت من عى.
26(6/25)
كتاب اللقطة / باب استحباب خلط الأزواد...
إلخ
المعجزات فلك فيها طريقان: أحدهما اْن تقول: تواترت على المعنى، كتواتر جود حاتم وحلم أحنف، فإنه لا ينقل قصة بعينها فى ذلك تواتراً، ولكن تكاثرت القصص من جهة الاَحاد حتى صار محصولها التواتر بالكرم والحلم.
وكذلك تواترت معجزاته سوى القراَن حتى ثبت انخراق العادة له ( صلى الله عليه وسلم ) بغير القرآن والطريقة الثابتة، اْو يقول: فإن الصاحب إذا روى مثل هذا الأمر العجيب وأحال على حضوره فيه مع سائر الصحابة، وهم يسمعون روايته ودعواه، مع حضورهم معه ولا ينكرون ذلك عليه، فإن ذلك تصديق له يوجب العلم بصحة ما قال.
(كربضة العنز): فيثبه اْن يريد: كربض العنز.
وقد وقع فى بعض الأحاديث أنه بعث ( صلى الله عليه وسلم ) الضحاك إلى قومه، وقال ( صلى الله عليه وسلم ): (إذا أتيتهم فاربض فى دارهم ظبيا).
قال ابن الأعرابى: أراد: أقم فى دارهم آمنا كأنك ظبى فى كناسة قد لمن حيث لا يرى إنسيا.
قال غيره.
وفيه وجه اخر: أنه أمره[ أيأتيهم] (1) كالمتوحش لأنه بين ظهرانى الكفر، فمتى رابه منهم ريب نفر عنهم وفى حديث آخر: (فدعا باناء يربض الرهط) أى يرويهم حتى يناموا ويمتدوا على الاْرض.
وأربضت الشمس: اشتد حرها حتى تربض الوحش فى كناسها.
وفى الحديث: (مثل المنافق مثل الشاة بين الربضين) (2)، قالوا: ربيض الغنم نفسها، أراد أنه مذبذب.
ويروى: بين (الرابضين)، معنى هذه الرواية: مربض غنمين.
وفى حديث آخر - لما ذكر أضراط الساعة -: (وأن تنطق الرويبضة فى أمر العامة) قيل: وما الرويبضة يارسول الله ؟ فقال: (الرجل التافه ينطق فى أمر العامة) (3) قال الأزهرى: تصغير الرابضة الرويبضة كأنه جعل الرابضة راعيا للربيض، والهاء فيه للمبالغة.
وقيل: إنما قيل للتافه من الناس: رابضة ورويبضة ؛ لربوضه فى بيته، وقلة ابتعاثه فى معالى الأمور.
يقال: رجل ربض عن الحاجات والاءسفار: لا ينهض فيها.
وقوله: (فيها نطفقه: العرب تقول للماء الكثير: نطفة، وللماء القليل: نطفة،
ومنه الحديث: (حتى يسير الراكب بين النطفتن لا يخشى جورأ) (4) أراد بحر المشرق
(1) فى س: ئن يأتيهم.
(2) أحمد 2 / 32، 68، 83، مه، والدارمى 1 / 93، والحديث عن ابن عمر رضى الله عنهما.
(3) ابن ماجة، كالفق، بشدة الزمان للا 403)، وفى الزوائد: فى إسناده إسحق بن أبى الفرات، قال الذهى فى الكاشف: مجهول.
وقيل: منكر.
وذكره ابن حبان فى الثقات.
(4) لم نعثرعليه.(6/26)
كتاب اللقطة / باب استحباب خلط الأزواد...
إلخ 27 فَجَاءَ رَجُدبِإِداوَةٍ لَهُ، فِيهَا نُطفَة، فَاكْرَغَهَا فِى قَاَخٍ، فَتَوَضأنَا كُلنا، بدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً، !رْبَعَ عَشْرَةَ مِائَة.
قَالَ: ثُمَ جَاءَ بَعْدَ فَلِكَ ثَمَانِيَة!فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (فَرِغَ
ا لوَضُوءُ) ء
وبحر المغرب.
والنطفة القطر، يقال: نطف الثىَ ينطف، بكسر الطاَ وضمها أيضا فى المستقبل، وبفتحها فى الماضى لا غير، ومنه الحديث: (أن رجلا اتله فقال يارسول الله، إنى رأيت ظلة تنطف سمنا وعسلا) (1) أى تقتطر.
وقوله: (يدغفقه دغفقة): الدغفقة الصب الشديد، ويقال: فلان فى نعيم دغفق،
أى واسع.
(1) للبخارى، كللتعبير، بمن لم ير الرؤيا لأول عابر افا لم يصب 9 / 55، وسلم، كالرؤيا، بفى تأويل الرؤيا لا 226)، والترمذى، كالرؤيا، بما جاء فى رؤيا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الميزان والدلو
4 / 0 47 (2293).
لأ لي أ
1 / 61
28(6/27)
كتاب الجهاد / باب جواز الإغارة على الكفار...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
32 - كتاب الجهاد والسير
(1) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة
الإسلام، من غير تقدم الإعلام بالإغارة
أ - (1730) صلَثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الئمِيمِى، حدثنا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنِ ابْنِ عَوْدط، قَالَ: كَتئتُ إِلَى نَافِعٍ أسْألُهُ عَنِ الدُّعَاءِ قَبْلَ القتَالِ ؟ قَالَ: فَكَتَبَ إِلَى: إِئمَا كَانَ ذَلكَ فِى أؤَلِ الإِسْلاَم، قَدْ أغَارَ رَسُوذ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلًى بَنِى ال!صْطَلِقِ وَهُئم غَارّونَ، وَ ؟نعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الماء، فَقَتَلَ مُقَاتلَتَهُمْ وَسَيَى ستئيَهُمْ، وَأصابَ يَوْمَئذ - تَالَ يَحْيَى: أحْسِبُة تَالَ - جُويرِيَةَ - أَوْ قَالَ البَئةَ - ابْنَةَ الحَارِث.
وَحَدبرلنِى هَنمَا الحًئيثَ عبدُ الله بْن عُمَرَ.
وَكَانَ فِى فَيكَ الخئشِ.
كتاب الجهاد
قول نافع فى الدعاء قبل القتال: (إنما كان ذلك فى أول الإسلام، قد أغار النبى
( صلى الله عليه وسلم ) على بنى المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسباسبيهم، وأصاب يومئذ - قال يحيى أحسبه قال: جويرية - أو البتة - ابنة الحارثمه: قال القاضى: كذا روينا هذا الحرف، وكذا صوابه، ومعناه: أن يحيى بن يحيى راويه هل حقق سماعها ؟ فقال: (أحسبه قال جويرية شك فى هذه اللفظة فى اسم جويرية، ثم غلب على ظنه صحة ذلك فقال: (أو البتة) ولم يشك فى قوله: (بنت الحارث)، ويدل على ما ذهبنا إليه قوله فى حديث محمد بن مثنى بعده: (جويرية بنت الحارث) ولم يشك.
وكان يحيى بن يحيى لكثرة تحريه كثيرا ما يعرض له الث!ك فى بعض للفاظ / الحديث ث ولذلك كانوا يلقبونه بالشكاك.
وقد راْيت بعض عظماء أهل الحديث من المصنفين سقط فى هذا الحديث صقوطأ عجيبا، قال: فضبطه فى كتابه (البتة)، وجعله اسما لجويرية، وهو وَهْم وتصحيف لاشك فيه، وصياتى مثل هذا اللفظ فى حديث يحص، يعنى قوله: أحسب أو البتة، بما يبين ما قلناه، وإن كان بينا.(6/28)
كتاب الجهاد / باب جواز الإغارة على الكفار...
إلخ 29 (... ) وحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى، حَا شَا ابْنُ أن عَدِئ، عَنِ ابْنِ عَوْدط، بَهن! الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ: جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الحَارِثِ، وَلَمْ يَشُلث.
ع قال الإممام: اختلف الناس فى هذه الدعوة قبل القتال، هل يومر بها على الإطلاق أولا يومر بها ؟ أم يفصل الجواب فيؤمر بها إذا قوتل من لا يعلم وتسقط فى قتال من يعلم ؟ وقد قال بعض الناس: إن هذه المسألة مبنية على أن العقل ما خلا من سمع، أو يجوز أن يكون خلا منه، وهى مسألة اختلاف بين اْهل الأصول.
وقد احتج من يقول ؛ لأنه لم يخل من سمع، بقوله تعالى: { كُئمَا أْلْقِيِ نجيهَا فَوْجِ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا اَلَمْ يَأتِكُمْ نَذِ - س.
قَالُوا بَلَى} (1)، وبقوله تعالىَ: َ{ حوَوَ كُئما مُعَذبِينَ حتى نَبْعَث رَمُولا} (2) ومن ينكر للقول بالعموم لا يسلم هنا الاستدلال.
وهذا البناء الذى بناه بعض اْهل الأصول فيه نظر، ذلك اْن قصارى ما فيه أن ليس بالأرض أمة إلا وقد بلغتها دعوة ما، وقد يكون عند هولاء فى الأرض قوم لم يعلموا ظهور النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ونبوته، ويظنون أن القتال على جهة تطلب الملك، فيومرون با لد عوة.
وقد اختلف الناصر - أيضا - إذا قاتل من يؤمر بدعوته ولم يدعه فقتله، هل عليه ديته
أم لا ؟ فمذهب مالك وأبى حنيفة: لا دية عليه، ومذهب الشافعى: أنه عليه الدية.
وحجتنا: اْن النهى عن قتالهم قبل الدعوة لا يوجب مخالفته الدية كقتل النساء والصبيان.
قال ابن القصار: ولو اْقام المسلم بدار الحرب مختارأ وهو قاثر على الخروج منها فوقع - اْيضا - قتله خطأ فإنه لا يودى!
قال القاضى: وفى هذا الحديث جواز استرقاق العرب، ولأن بنى المصطلق من خزاعة، وقد ذكر سبيه ذراريهم وسبيهم، وهو قول مالك وعامة أصحابه وأن الجزية توخذ منهم، وقاله الأوزاعى.
وقال ابن وهب من أصحابنا: لا توخذ الجزية منهم، فتأول عليه أنهم لا يسترقون.
وحكى بعض شيوخنا ذلك عن الشافعى وأبى حنيفة، والمعروف عن الشافعى أخذ الجزية منهم، ومنعها اْبو يوسف، وقال مثله اْبو حنيفة فى أهل الأوثان منهم، قالوا: ما أسلموا أو قتلوا.
والأحاديث كلها فى بنى المصطلق وهوازن وبنى العنبر وبنى فزارة وغيرهم يدل على استرقاقهم (3).
وبنو المصطلق هولاء كانوا اْهل كتاب على اليهودية، وكانوا من مجاورة المدينة بحيث بلغتهم الدعوة بغير شك.
قال القاضى إسماعيل: أمر الله تعالى بقتال العرب عبدة
(1) الملك: 8، 9.
(2) الاسراء: 15.
(3) انظر: الاصتذكار 13 / 1 3 - 33، التمهيد 2 / 17 1.
30(6/29)
كتاب الجهاد / باب جواز الأغارة على الكفار...
إلخ الأوثان على الإسلام خاصة، وسائر الكفرة على الإسلام أو الجزية.
واختلف فى نصارى العرب، هل حكمهم حكم المشركين أو أهِل الكتاب، قال: وكتاب الله عز وجل يشهد اْنهم منهم (1)، قال الله تعالى: { وَمن يَتَوَلَهُم ئِنكُمْ لَم تَهُ مِنْ!م} (2).
(1)1 لمغنى 29 / 13 - 31.
(2) المانلة: 51.(6/30)
كتاب الجهاد / باب تأمير الأمام الأمراء على البعوث...
إلخ
31
(2) باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث، ووصيته
إياهم باداب الغزو وغيرها
2 - (1731) حئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَا شَا وَكِيعُ بْنُ الجَرلَ!، عَنْ سُفْيَانَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا يحيى بْنُ آ!مَ، حَدثنَا سُقيَانُ، قَالَ: أمْلاهُ عَلينَا إِمْلاءً.
س ص، 5، ص ص: ه، ص، ص ممص ص، يرص ص ه
3 - (... ) ح وحدثنى عبد الله بن هاشِمٍ صه واللفظ له - حدثنِى عبد الرحْمنِ - يعنِى
ابْنَ مَهْدِى - حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلقَمَةَ بْنِ مرْثَد، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذَا أفَرَ أمِيرم عَلَى جَيْث!بى أوْ سَرَّية، أوْصَاهُ فِى خَاضَته بِتَقْوَى الله وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلمينَ خَيْرآ، ثُمَّ قَالَ: (اغْزُوا بِاسْم الله، فى سَبِيلِ الله، قَاتِلُوَا مَنْ كَفَرَ بالئه، اغْزُوا وَلا تَنُلّوَا وَلا تَغْدرُوا، وَلا تَمْثُلُوا، وَلا تَقْتُلُوا وَليدأ، !اذَا لَقيتَءَ!ؤَكً منَ المُشْرِكِنَ فَادْعهمْ إِلى ثلاثِ خِصال - أوْ خِل! - فايتهن ما أجابوك فاقْبَلْ مِنْهمْ وكف
وقوله: (وكان ( صلى الله عليه وسلم ) إذا اْفَر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه فى خاصته بتقوى الله -
سبحانه - ومن معه من المسلمين خيراً)، قال القاضى: والسرية دون الجيش، وهى القطعة
تخرج منه تغير وترجع إليه.
وسميت بذلك لأنها تسرى بالليل.
قال الحربى: السرية:
الخيل تبلغ أربعمائة ونحوها.
وفيه وصاة الإمام أمرالْه / وجيوشه، وتعريفهم بما يمر عليهم من مغازيهم، وما 61 / بيجرى لهم ويحرم عليهم، ومنه قوله: [ (ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا] (1) ولا تقتلوا
وليداً): أى صغيرا.
ولا خلاف فى تحريم الغلول والغدر وكراهة المثلة فى الحرب.
قال الإمام: إنما نهى عن قتل الأطفال لأنه لا نكاية فيهم ولا قتال، ولا ضرر بأهل
الاسلام، بل هم من جملة الأموال ولم يبلغوا التكليف، فلهذا لم يقتلوا.
قال القاضى:
وسيأتى الكلام فى هذا.
وقوله: (وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال اْو هما
بمعنى فأيَّتُهُن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم[ ثم ادعهم إلى الإسلام، فمان اْجابوك
فاقبل منهم وكف عنهم] (2)، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين،
(1) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(2) سقط من س.
32 (6/31)
كتاب الجهاد / باب تأمير الإمام الأمراَ على البعوث...
إلخ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَم، فَإِنْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُ! عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلَى التَّحَوُلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَار المُهَاجرِين، وَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ - إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ - فَلَهُم مَا للمُقاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَقَى المُهَاَجِرِينَ، فَإنْ أبَوْا أنْ يتَحَوَّلوا مِنْهَا، فَاع خْبرْهُم أنَّهُمْ يًكُونُونَ كأعْرَابِ المُسْلِمِينَ، يَجْرِى غقيْهِمْ حُكْمُ الله ائَذِى يَجْرِى عَلَى المُؤمَنِن، وَلا
وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن اْبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلميئ، يجرى عليهم حكم الله الذى يجرى على المومنين، ولا يكون لهم فى الغنيمة والفىَ شىَ[ إلا] (1) اْن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم افي ية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم): كذا روايتنا، وكذا فى جميع النسخ فى أول الكلام: (ثم ادعهم إلى الأسلام)، وصوابه: (ادعهم) بإسقاط (ثم)، وكذلك جاَ فى غير كتاب مسلم (2)، وكذا رواه أبو عبيد فى كتاب الأموال بإسقاط (ثم)، وأبو داود فى مصنفه وغيرهما ؛ لأن ذلك هو تفسير الثلاث خصال التى ذكر قبل هذا وليست أشياَ اخر غيرها وبعدها.
قال الأمام: وهو يوهم أتها غير الئلاث خصال، إنما دخلت (ثم) هاهنا لاستف!اح الكلام والاْخذ فى التفسير.
واْما قوله فه التحول: (أنهم لهم ما للمهاجرين، فإن ائوا فكالأعراب) فيمكن أن
تكون الإشارة لتمييؤ المهاجرين عن غيرهم، ولو لم يكن إلا يغزوهم مع النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وخروجهم معه كلما خرج، فيستحقون الغنائم.
ولعله على هذا نبه بقوله: (فيكونون كأعراب المسلمين ولا يكون لهم من الغنيمة والفىَ شىَ إلا أن يجاهدوا مع الم!سلمن).
قال القاضى: قد يحتمل اْنه على وجهه ؛ لأنهم إذا لم يجاهدوا لم يكن لهم جزَ من الغنائم، وخمسها إنما يدفعه الإمام باجتهاله، ولاشك اْن من خرج عن بلاده وأمواله يحتاج من المرافق مالا يحتاج المقيم بها، فكان المهاجرون اْولى بالخمس.
وكذلك كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يزيدهم على الأنصاو، للعلة التى ذكرناها من أَستغناَ الأنصاو عن ذلك، وأنه كان يريد إعطاَ المهاجرين حتى لا يحتاجون إلى مواساة لهم ة ولهذا لما فتحت عليه الفتوح وجاء الله - س!بحانه - بالخير أمرهم برد ما كان الأنصاوْ ا هم من الأموال.
(1) ساقطة من الأصل، والمنبت من س.
(2) أبو داود، كالجهاد، بفى دعاء المشركيئ 2 / 35، الترمذى، كالسير، بما جاء فى وصيته ( صلى الله عليه وسلم ) فى القتال 4 / 162 (1617) وقال: حن صحيح.
(6/32)
كتاب الجهاد / باب تأميرالإمام الأمراءعلى البعوث...
إلخ كلها يَكُونُ لَهُمْ فِى الغَنيمَة وَالفَىْء شَىْء، إِلا أنْ يُجَ ال دُوا مَعَ المُسْلِمِنَ، فَإِنْ هُمْ أبَوْا فَسَلهُمُ الجِزْيَةَ، فَإِنْ هُمْ أً جَاَبُوكَ فَاقبَلْ مِنْهُمْ وَكُ! عَنْهُمْ، فَإنْ هُمْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بالثه وَقَاتلهُمْ،
! اِذَا حَاصَرْتَ أهْلَ حِصْن، فَأرَ الوكَ أنْ تَجْعَلَ لَهُمْ فَفَةَ الله وَفِفَةَ نَبِيِّهِ، فًلاَ تَجْعَل لَهُمْ
قال الشافعى: لم يختلف أحد ممن لقيته أنه ليس للأعراب حق فى العطاء، ويحتج
الشافعى بهذا الحديث ؛ لاءنه لا يرى للاعراب شيئا من الفىء، وإنما لهم الصدقة المأخوذة
من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
كما أن أهل الجهاد وأجناد المسلمن لا حق لهم من الصدقة عنده ويصرف كل مال فى أهله.
وسوى مالك وأبو حنيفة بين المالن، وجوزا صرفهما للصنفين.
وذهب أبو عبيد إلى أن هذا الحديث منسوخ / ؛ لأن هذا كان حكم من 62 / 1 لم يهاجر أولا، فى أنه لا حق له فى الفىء ولا الموالات للمهاجر ولا موارثته، قال الله تعالى: { وَ الذينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِوُوا مَا لَكُم ئِن وَلايَتِهِم نِن ثَ!! حَتق يُهَاجِوُوا} (1) 3 نسخ فيك بقوله: { وَاُوفَوا الأَرْحَا أ بَعْفهُمْ اَوْلَن بِبَعْض} (2)، وبقوله: (انقطعت الهجرة، ولكن
جهاد ونيةإ (3)، وبقوله: (المومنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم) (4).
ولهذا ما رأى عمر - رضى الله عنه - أن حق كل واحد كائنأ من كان فى الفىء، وتأول
قوله تعالىِ: لا أَفَاءَ الله عَلَئ رَسُولِهِ مِنْ اَهْلِ الْقُوَى فَلِئهِ وَلِلزسُول} الاَية، ثم قال: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِين} وفى الاَية بعدها: { وَالذِينَ تَبَؤعُوا الذارَ ؤالأيمَان} (5) فقال: الآيتان مسبوقتان
على الآية الأولى ومعطوفتان عليها، وأن معنى: { لِلْفُقَرَاءِ} أى وللفقراء أن الفىء لجميع
هولاء فيه حق، وليس أحد منهم إلا وله فيه نصيب، وهذا مذهب مالك فى الفىء والخمس، إذا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يملك جميعه ولا اختص بخمس لخمس منه، كما قال الشافعى، وإنما كان يصرفه فيما يحتاج إليه هو وأهل بيته، ويصرفه فى مصالح المسلمن كلهم، وكذلك كان فعل الخلفاء بعده (6).
وقائلون يقولون: إنما يكون لمن فيه عناء على المسلمين فى جهاد عدوهم أو قيام بأمرهم، أو يكون من أهل الفاقة والمسكنة.
ويأتى
الكلام على هذا بعد.
وقوله: (وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوا أن يجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا
تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك!، وفى رواية
(1) 1 لأنفال: 72.
(2) 1 لأنفال: 75.
(3) البخارى، كالجهاد، بلا هجرة بعد الفتح 18 / 4، النسثى، كالبيعة، بذكر الاختلاف فى انقطاع ا لهجر ة 7 / 45 1، أحمد 4 / 223.
(4) لبو داود، كالجهاد، بفى السرية ترد على أهل للعسكر 3 / 80 (2751).
(5) د طشر: 7 - 9.
للأ) د نظر: ا لتمهيد 20 / 45، 46.
62 / ب
34 (6/33)
كتاب الجهاد / باب تأمير الإمام الأمراَ على البعوث...
إلخ فِمَّةَ الله وَلأفِمَّةَ نَبئه، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ فِمتكَ وَفِمَّةَ أصْحَابكَ، فَإِئكُمْ أنْ تُخْفرُوا فِمَمَكُمْ وَذمَمَ أصْحَابكُم، َ أهْوَنُ منْ أنْ تُخْفِرُوا ذفَةَ الله وَفِمَّةَ رَسُولِه، صَاِفَا حَ الرْتَ أهلَ حصْني، فَا"رً الوكَ أنْ !شَزِلَهُمْ عَلَى حَكم الله، فَلاَ!شزَلهُمْ عًلَى حُكْم التمَه وَلَكِنْ أدزِلهُمْ عَلَى حُكمِكَ، فَإِنَكَ لأتَدْرِى لتُصِيبُ حُكْمَ اللّه فِيهِمْ أمْ لأ لا.
الطبرى: (ذمتك وذمة أبيك وذمم أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله) الذمة: العهد، هذا على الاحتياط إذ قد يخفرها من لا يعرف حقها، وما فى ذلك من جهلة الأعراب وسواد الجيش.
ومعنى (تخفروا): تنقضوا، خفرت الرجل: نقضت عهده، وخفرته: أجرته وحميته.
وقوله: (واذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله - سبحانه -
فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك.
فإنك لا تدرى أتصيب حكم الله فيهم أم لا ؟).
قال الإمام: [ أما نهيه ( صلى الله عليه وسلم ) أن يجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله، ف!عظامه لذلك ؛
لئلا يكون منهم تقصير يكاد أن يوقعهم فى إخفار الذمة، فيكون ذلك إذا أعطوا ذمة اْنفسهم أهون منه إذا أعطوا ذمة الله] (1).
واْما نهيه أن ينزلهم على حكم الله - سبحانه - وإشارته للتعليل: ا لأنك لا تدرى.
أتصيب حكم الله فيهم)، فقد يتعلق بظاهر هذا من يقول من أهل الأصول: إن الحق فى مسائل الفروع فى طرف واحد.
وقد يجيب عن هذا من يقول من أهل الأصول: ليس لله - جلت قدرته - حكم يطلب فى مسائل الفروع حتى يخطئ مرة ويصيب أخرى سوى ما أدى المجتهد إليه اجتهاده، فهو حكم الله - تعالى - عليه بأن يقول: فإن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) معرض لنزول الاْحكام عليه كل حين وساعه، ونسخ الأحكام وتبديلها فى كل وقت.
فلعله أراد: لا تنزلهم على ما أنزل الله - تعالى - مما أنت غائب عنه لا تعلمه ؛ لأنك لا تدرى إذا فعلت معهم، هل تصادف ما أنزل على وأنت غائب عنه أم لا ؟
قال القاضى: فى قوله: (فإن لقيت عدوك من المشركين فادعه إلى ثلاث خصال) وذكر فيها أخذ الجزية منهم وهم العدو، وذكر الإشراك، فيه حجة لمالك وأصحابه فى أخذ الجزية من كل كافر، عربيا كان أو غيره، كتابيا اْو غيره /، وهو قول الأوزاعى.
وذهب أبو حنيفة إلى أن الجزية تقبل من الجميع إلا مشركى العرب ومجوسهم، وهو قول
(1) سقط من س.
(6/34)
كتاب الجهاد / باب تأميرالإمام الأمراءعلى البعوث...
إلخ 35 قَالَ عَبْدَ الرخمَنِ هَنَا أوْ نَحْوَهُ، وَزَادَ إِسْحَقُ فِى آخِرِ حَدِيثِهِ: عَنْ يحيى بْنِ آلحَمَ، قَالَ: فَذَكَرْتُ هَنمَا الحَديثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَئانَ - قَالَ يحيى: يَعْنِى أَنَّ عَلقَمَةَ يَقُولُهُ لابْنِ حَيانَ - فَقَالَ: حَدثنِى مُسلِمُ بْنُ هيصَبم عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَزدط عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، نَحْوَهُ.
4 - (... ) وخدثنى حَخاجُ بْنُ الشَاعِرِ، حَدثنِى عَبْدُ الضَمَدِ بْنُ عمدِ الوَارِثِ، حَا شَا شُعْبَةُ.
حَدثنِى عَلقَمَةُ بْنُ مَرْثَد ؛ أنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بُرَيْدَةَ حَدثهُ عَنْ أبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِفَا بَعَثَ أمِيرًا أوْ سَرِيَّة دَعَاهُ فَا"وْ!اهُ.
وَسَاقَ الحَلِيثَ بِمَعْنَى حَل!يثِ سُفْيَانَ.
5 - (... ) حدّثنا إِبْرَاهِيمُ، حدثنا مُحَمَدُ بْنُ عَبْدِ الوَفَابِ الفَرأَءُ، عَنِ الحُسَيْنِ بْنِ
ابن وهب من أصحابنا.
وعند مالك: أنها لا تقبل من مجوس العرب.
وقال الشافعى: لا تقبل الجزية إلا من أهل الكتاب، عربا كانوا أو عجما، ولا تقبل من غيرهم، والمجوس عنده أهل كتاب (1).
واختلفوا فى استرقاق العرب، فعند مالك والجمهور: أنهم كغيرهم، ويسترقون كيف كانوا.
وعند أبى حنيفة والشافعى: لا يسترقون، فإما أن يسلموا أو يقتلوا، وهو قول بعض أصحابنا، إلا أن أبا حنيفة كان لا يسترق الرجال الكبار، واسترق النساء الصغار.
واختلف فى القدر المفروض منها، فقال مالك: هى أربعة دنانير على أهل الذهب، وأربعون درهما على أهل الورق.
واختلف عندنا هل ينقص منها الضيف (2) أم لا ؟ وقال الشافعى: هى دينار على الغنى والفقير.
وقال أبو حنيفة والكوفيون: على الغنى ثمانية وأربعون درهما، والوسط أربعة وعشرون، والفقير اثنا عشر، وهو قول أحمد بن حنبل، ويزاد وينقص على قدر طاقتهم.
وهى عند مالك على الرجال الأحرار البالغين العقلاء دون غيرهم، وهو قول كافة العلماء، غير أنها إنما كانت توخذ ممن كان تحت قهر المسلمين لا ممن بان بداره، ويجب تحويلهم إلى بلاد المسلمين أو قربهم (3) ".
وذكر مسلم فى آخر الباب: نا محمد بن عبد الوهاب، عن الحسين بن الوليد، عن شعبة.
بهذا ثبت هذا السند للعذرى وابن ماهان، وسقط لغيرهما.
وكان فى كتاب شيخنا القاضى الشهيد عن العذرى: (الحسن) مكان (الحسين) قال لى: والصواب ما عند غيره (الحسِن).
قال القاضى: قال البخارى فى تاريخه فى باب الحسين مصغرأ: الحسن بن الوليد،
وهو حسين بن الوليد بن على النيسابورى القرشى، توفى سنة ثلاث وماشْين (4)، ولم
(1) سبقت فى هذا الباب.
(2) فى س: لضعف.
(3) انظر: للتمهيد 129 / 2 وما بعدها، للغنى 13 / 209 - 212.
(4) البخارى فى للتاريخ الكيير 2 / 391.
36
الوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، بِهَنَا.
(6/35)
كتاب الجهاد / باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث...
إلخ
يذكر فى باب الحسن مكملا مكبرا من اسمه الحسن بن الوليد.
وذكر البخارى فى صحيحه فى كتاب الطلاق: الحسن بن الوليد النيسابورى، عن عبد الرحمن، عن عباس بن سهل، عن أبيه وأبى أسيد: تزوج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أميمة بنت شراحيل (1).
كذا ذكره مكبرأ، ولم أر هذا الاسم فى كتاب أبى عبد الله الحاكم لا مصغرأ ولا مكبرأ، لا فيمن اتفقا عليه ولا فيمن اختلفا فيه.
وهو الحسين بن الوليد القرشى مولاهم، أبو على، ويقال: أبو عبد الله، الفقيه النيابورى، قال عنه
الد، قطنى: ثقة، وقال النسئى: ليس به باس.
انظر: تهذب للكمال 6 / 495.
(1) للبخارى، كالطلاق، بمن طلق، وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق 7 / 53.
(6/36)
كتاب الجهاد / باب فى الامر بالتيسير وترك التنفير
37
(3) باب فى الأمر بالتيسير وترك التنفير
6 - (1732) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى شَيْبَةَ وَأبُو كُرَيْب - وَاللَّفْظُ لأبِى بَكْرٍ - قَالا: حَدثنَا أبُو أسَامَةَ عَنْ بُر! بْنِ عَبْدِ الثه، عَنْ أيِى بُرْ!ةَ، عَنْ أًبِى مُويسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، إِذَا بَعَثَ أحَدًا مِنْ أصْحَابِه فِى بَعْضِ أمْرِهِ، قَالَ: (بَشِّرُوا وَلا تُنفِّرُوا، وَشَئرُوا وَلا تُعَسَّرُوا).
7 - (1733) حدّثنا أبُوبَكْربْنُ أيى شَيْبَة، حَا شَا وَكِيع، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعيدِ بْنِ
!يِى بُرْدةَ، عَنْ أبيه، عَنْ جَدهِّ ؛ أنَ" الئيِىًّ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَهُ وَمُعَافا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: (يَسَّرًا وَلا تُعَسَّرَا، وبشئرَا وً لاَ تُنَفرا، وتطًاوَعَا وَلا تخْتَلِفَا).
(... ) وحدّثنا مُحَفدُ بْنُ محَبَّاد، حَدثنَا سُفْيَانُ عَنْ عمْرٍ و.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى خَلَفٍ، عَنْ زَكَرِيًّاءَ بْنِ عَدِئ، أخْبَرَنَا عُبَيْدُ الله عَنْ زَيْدِ بْنِ)يِى أنيسَةَ، كِلاَهُمَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ !يِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ جَلةِ، عَنِ الئيِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، نَحْوَ حَلِيثِ شُبةَ.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) لمعاذ وأبى موسى حيئ بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا
تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا): فيه ما يجب الاقتداء به من التيسير فى الامور، والرفق بالنَاس، وتحبيب الايمان إليهم، وترك الثدة والتنفير لقلوبهم، لاسيما فيمن كان قريب
العهل! به.
وكذلك يجب فيمن قارب حد التكليف من الأطفال ولم يتمكن رصوخ الأعمال فى
قلبه ولا التمرن عليها، الآ يشدد عليه ابتداء ؛ لئلا ينفر عن عمل الطاعات.
نعم، وكذلك يجب للإنسان فى نفسه فى تدريبها على الاْعمال إذا صدقت إرادته ألا
يبتدئها أولأ إلا بتدريج وتيسير، حتى إذا اْنست بحاله ودامت عليها، ينقلها لحال آخر،
وزاد عليها فى عمل كثر من الأول، حتى يرى قدر احتمالها، ولا يكلفها ما لعلها تعجز
عنه ولا يدوم عليه، / فقد ذم هذا ( صلى الله عليه وسلم ) وحض على الأحسن ؛ لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (كلفوهم من 63 / أ العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا) (1) وقد تقدم الكلام عليه.
(1) البخارى، كالايمان، بأحب الدين إلى الله لدومه 1 / 17، ملم، كصلاة دلسافرين وقصرها، بفضيلة العمل الدالْم من قيم الليل وغيره 1 / 540 (215).
38 (6/37)
كتاب الجهاد / باب فى الأمر بالتيسير وترك التنفير وَثيسَ فِى حَمِيثِ زيدِ بْنِ أبِى أنيْسَةَ: (وَتَطَاوَعَا وَلا تَخْتَلِفَا،.
8 - (1734) حدّثنا عُبَيْدُ الله بْنُ مُعَاذِ العَنْبَرِى، حَا شَا أبِى، حَا شَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى التياح، عَنْ أنس.
ح وَحَا شَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنا عميْدُ اله بْنُ سَعِيد.
ح وَحَدثنا مُحَمَدُ بْنُ الوَلِيدَ، حَدىثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَر، كلاَهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أبِى التّيَاح، قَالَ: ي!مَمِعْمث أنَسَ بْنَ مَالِك يَقُولُ: قَالَ رَسُولأ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَسئرُوا وَلا تُعَسئرُوا، وَسَكنوا وَلا تُنَفرُوا).
وفيه الأمر بالاتفاق، وهو فى أولى الأمر أشد، وفيمن أسند إليه أمر من الأمور وما كان، فإنه لا يتم مع اختلافهم.
وذكر مسلم فى الباب: نا محمد بن عباد، عن سفيان، عن عمرو.
وهذا السند مما استدركه عليه الدارقطنى، وقال: لم يتابع ابن عباد عليه عن سفيان، عن عمرو، عن سعيد بن أبى بردة.
وقد روى عن سفيان عن معمر عن سعيد، ولا يثبت.
ولم يخرجه البخارى من طريق سفيان (1).
(1) للد، قطنى فى الإلزامات والَغ ص 199.
(6/38)
كتاب الجهاد / باب تحريم الغدر
39
(4) باب تحريم الغدر
9 - (1735) حلثّنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا مُحَمُّدُ بْنُ بِشْرٍ وأبُو اسَامَةَ.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعُبَيْدُ اللّه بْنُ سَعِيد - يَعْنِى أبَا قُدَامَةَ السَّرَخْسِى - قَالا: حَدثنَا يحيى - وَهُوَ القَطَّان - كُفهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهً.
ح وَحدثنا مُخمَّدُ بْنُ عَبْد الله بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَفْظُ لَهُ - حَدثنَا أبِى، حَدثنَا عُبَيْدُ الله عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ+ قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِذَا جَمَع الله الأوَّلِنَ وَالآخِرِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، يُرْفَعُ لِكُل غَالحِرٍ لِوَاءٌ، فَقِيلَ: هَنِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ ).
(... ) حدّثنا أبُو الرثيع العَتكى، حَد!شَا حَمَاد، حَد!شَا أيّوبُ.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الله بْينُ
عبْدِ الرحمنِ الدارِمى، حدثنا عفان، حدثنا صخر بن جويْرِية، كلاهما عنْ نافِعٍ، عنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِىًّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَنَا الحَلِيثِ.
وقوله: (إذا جمع الله الأولن والآخرين يوم القيامة، يرفع لكل غادر لواء، يقال:
هذه غدرة فلان)، وفى بعض طرقه: (يعرف به)، وفى آخر: (يرفع له عند استه).
وفى آخر: (بقدر غدرته، ولا غادر أعظم غدراً من أمير عامة): أصل رفع اللواء للشهرة والعلامة، ولهذا قال: ا لكل غادر لواء بقدر غدرته)، ولما كان الغدر مكتوما ومستتراً به شهر به صاحبه، وكشف ستره لتتم فضيحته، ويتشنع ذلك معاقبة كما شهر امرؤ القيس فى الاَخرة بلواء الشعر، وبعد ذلك فى الفخر والمجد شهرة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) بلواء الحمد.
واشتمل عليه عموم الحمد باسمه محمد واْحمد، فيكون من المبالغة فى حمد فعاله وخصاله، ومن المبالغة فى حمده هو نِعم ربه وثناؤه عليه، كما قال: (فأحمده بمحامد) ثم يفتح عليه فيه من المحامد ما لم يعط غيره، ويبعثه ربه المقام المحمود كما وعده، يحمده فيه الأولون والاَخرون، وسمى أمته الحامدين.
وفى هذا كله دليل على قبح الغدر، ووعيد شديد، لاسيما فى معاهدة العدو.
وقد رأى بعض أهل العلم الجهاد مع الولاة الظلمة، د ان جاروا ولم يقسموا الغنائم وغير ذلك ؛ إذ لو ترك الجهاد معهم[ لتغلب العدو، إلا إذا كانوا يعدون ويجهزون] (1) لهذا الذى قدمناه - والله أعلم - ورأى بعضهم الجهاد معهم على كل حال، وأباه بعضهم (1) هذا الكلام سقط من الأصل، والمثبت من س.
(6/39)
كتاب الجهاد / باب تحريم الندر
10 - (... ) وحمّثنا يحيى بْنُ أيوبَ وَقُتي!ةُ وَابْنُ حُجْرِ، عَنْ إِسَماعيلَ بْنِ جَعْفر،
عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ دِينَارِ ؛ أنهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن2 الغَ الرَ يَنْصِبُ الله لَهُ لِوَاءً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: أَلا هَنِهِ غَمْرَةُ فُلاَنِ).
11 - (... ) حّدثنى حَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبِ، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْيق شهَابِ، عَنْ حَمْزَةَ وَسالِمٍ ابْنَىْ عَبْد الله ؛ أن عَبْدَ الله بْنَ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لِكُل غَ الرٍ لِوَاء يَوْمَ القِيَامَةِ).
12 - (1736) وحمّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارِ، قَالا: حَدثنَا ابْنُ أبِىءَ!ىِّ.
ح وَحَدثنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدِ، أخْبَرَنَا مُحَمَد - يَعْنى ابْنَ صفَرِ - كلاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلثمَانَ، عَنْ أىِ وَائلِ، عَنْ عبد اللّه، عَنِ الئعِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: ا لِكُل غَ الرِ لِوَاء!يَوْمَ القِيَامَةِ، يُقَالُ: هَنِ! غَمْرَةُ فُلاَنِ لا.
(... ) وحّدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْراهِيم، أخْبَرَنا الئضْرُ بْنُ شُمَيْلِ.
ح وحَدثنِى عُبَيْدُ الله بْنُ سَعيدِ، حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَنِ، جَ!يعًا عَنْ شُعْبَةَ، فِى هَن!ا الأسْنَادِ.
وَلَيْسَ فِى حَلِيِثِ عَبْدِ الرًّ حْمَنِ: (يُقَالُ: هَذِهِ غَمْرَةُ فُلاَنِ).
13 - (... ) وحمّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا يحيى بْنُ آدَمَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللّه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِكُل غَ الر لِوَاء يَوْمَ القِيَامَة يُعْرَفُ بِهِ، يُقَالُ: هَن! غَمْرَةُ فُلاِنٍ ).
14 - (1737) حدّثنا مُحَفدُ بْنُ المُثَنّى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيد، قَالا: حدثنا عَبْدُ الرخْمنِ بْنُ مَهْدى"، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنَ!.
قَالَ: قَالَ رَسولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِكُل غَ الرِيوَاء يَوْمَ القًيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ).
15 - (1738) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثنى وَعُبَيْدُ الله بْنُ سَعيد، قَالا: حدثنا عَبْذ الرحْمنِ، حدثنا شعْبة عنْ خليْد، عَنْ أ.
ى نَضرة، عَنْ أرى سَعِيدٍ، عنِ النّبِى ( صلى الله عليه وسلم )، قَالَ: الِكُلِّ غَ الرِ لِوَاء!عِنْدَ اسْتِهِ يَوْمَ القًيَ اللا.
علا كل حال.
واختلفوا بهذين القولن فيه قول مالك، وفى مذهبنا الأقوال الثلاثهْ.
(6/40)
كتاب الجهاد / باب تحريم الغدر 41 16 - (... ) خدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا عَبْدمُالصَّمَدِ بنُ عَبْد الوَارث، خا شَا المُسْتَمر بْنُ الريَان، حَدثنَا أبُو نَضْرَةَ، عَن أبِى سَعِيد، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لِكُل غَ الرِ لِوًاء يوْمَ القِيَاَمَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ نَ! وِهِ، ألا وَلا غَ الوَ أعْظَمُ نَ! رآ مِنْ أمِيرِ عَافَةِ).
وقوله: (ولا غادر أعظم غدرا من أمير عامة): لاْن غدره متعدٍ إلى كثرة وجماعة،
بخلاف غدر الواحد للواحد.
وقد يكون تعظيمه لغدر أمير العامة لأنه غير مضطر إلى الغدر
لقدرته وسلطانه على الوفاء، كما عظم فى حقه الكذب فى الحديث الآخر فى قوله: (ثلاثة
لا يكلمهم الله) الحديث، وذكر منهم: (وأمير كاذب) (1)، وقد قدمنا الكلام عليه أول الكتاب، ويكون المراد يغدر أمير العامة إما للغدر فى عهده معه، أو لرعيته بخيانته لهم
وقلة حوطته عليهم، وغدره لاْمانتهم التى قلدها، وعهدهم الذى لزم عنقه.
اْو يكون
المراد: أن الأمير هو المغدور، كما جاء فى الحديث الآخر فى الثلاثة الذين لا يكلمهم
الله: (ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطى له ما يريد له، وإلا لم يف) (2)،
وعظم هذا لإخفائه ؛ لأن فيه الخروج على الأئمة، وشق العصا، وإثارة الفتن.
!!قال الإمام: وذكر مسلم فى الباب: نا محمد بن المثنى وعبيد الله بن سعيد، قالا:
نا عبد الرحمن بن مهدى، نا سعيد، عن خليد، عن أبى نضرة، عن اْبى سعيد.
وقع
فى نسخة الرازى: سعيد عن خالد.
قال بعضهم: والصواب: (خليد) كما تقدم / وهو 63 / بخليدبن جعفر (3).
(1) مسلم، كالايمان، ببيان غلظ تحريم إسبال الازار والمن بالعطية 1 / 102 (172) من حديث نبى هريرة رضى الله عنه.
(2) البخارى، كالأحكام، بمن بايع رجلأ لم يبايعه إلا للدنيا 9 / ما، مسلم، كالايمان، ببيان غلظ تحريم بسبال الاز، 1 / 103 (173).
(3) هو نبو سليمان خليد بن جعفر بن طريف الحنفى البصرى، روى عن معاوية بن قرة وأبى نفرة والحن البصرى، وعنه شعبة بن الحجاج وعرزة بن ثابت، كان من أصدق الناس، وقال عنه يحيى بن سعيد: لم أره ولكن بلغنى اْنه لا بأس به، ووثقه لبن معين.
التهذيب 157 / 3.
42
(6/41)
كتاب الجهاد / باب جواز الخد 3 فى الحرب
(5 تم باب جواز الخدل فى الحرب
17 - (1739) ود ئثنا عَلىُّ بْنُ حُجْر السئعْدى وَعَمْزو النَّاقِدُ!زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَفْظ لِعَلِى!زُهَيْرِ - قَالَ عَلِى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الَآخَرَانِ: حَد!شَا سُفْيَانُ - قَالَ: سَمِعَ عَمْرو جَابِرَا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله - ( صلى الله عليه وسلم ): (الحَرْبُ خُدْعَة).
18 - (1740) وحدثنا مُحَفدُ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ سَهْبم، أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بنُ المُبَارَك، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَام بْنِ مُنبهِ، عَنْ أيِى هُريرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - ( صلى الله عليه وسلم ): (الحَرْبُ خُدْعَة).
وقوله: (الحرب خدعة)، قال القاضى: قال اْهل العلم: الخدل فى الحرب جائز كيفما تمكن لهذا الحديث، إلا اْن يكون بنقض عهود وأمان فلا يحل.
قال الطبرى: دونما يجوز من الكذب فى الحرب مالا يجوز فى غيرها من المعاريض والكلام بما يحتمل الألغاز والقصد إلى الإخبار عن الشىء ما هو عليه يعنى فى ظاهره.
قال الإمام: يقال: خَدْعة، بفتح وإسكان الدال، على جهة المصدر المحدود، كضربة ونفخة.
وخُدْعة، بضم الخاء وإسكان الدال، وهو اسم على تقدير لعبة، ولا يراد به المرة الواحدة كما يراد بالمصدر المحدود.
وخُدَعة، بضم الخاء وفتح الدال، وهو صفة لها، ومعناها: أنها تخدع الرجال، كما يقال ضحكة للذى يضحك بالناس، وهزأة للذى يهزأ بهم.
قال القاضى: لغة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) (خَدعة) بالفتح، وهى اْفصح اللغات.
قال ثعلب:
قال بعضهم: ومعناه: أنها تخاع أهلها، وصف الفاعل باسم المصدر، وقيل: ويحتمل أن يكون وصفا للمفعول، كما قيل: درهم ضرب الأمير، أى مضروبه.
وقيل: معناها المرة الواحدة، اْى لا يقبل العثرة إذا اتفقت فيها الخدعة، قال: ومن قال: (خُدْ!ه بالضم والسكون، إلى اْنها تخدع ؛ لأن اْحد الفريقين إذا خدع صاحبه فيها فكأنها خدعت فيها.
ومن قالها بالضم وفتح الدال فهى تخاع اْهلها، أو تمنيهم الظفر أبدا، وقد تنقلب بهم الحال لغيرها.
(6/42)
كتاب الجهاد / باب كراهة تمنى لقاء العدو...
إلخ
43
(6) باب كراهة تمنى لقاء العدوّ، والأمر بالصبر عند اللقاء
19 - (1741) حدّثنا الحَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِى وَغثدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا أبُو عَامر العَقَدِىفى عَنِ المُغِيرَة - وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرخمَنِ الحِزَامِى - عَنْ أبِى الزيدادِ، عَنِ الأعرَج، عَنْ أن هُرَيْرَةَ ؛ أنَّ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا تَمَنوْا لِقَاءَ العَدُوّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَا صْبِرُوا).
وقوله: ا لا تمنوا لقاء العدوِ، فإذا لقيتموهم فاصبروا): فقيل: يستفاد معنى هذا
من توله تعالى: { وَ الئوا لَهُمْ كُل مرْمَد} (1).
قال الإمام: قد يشكل فى هذا المعنى أن يقال: إذا كان الجهاد طاعة فتمنى الطاعات حسن، فكيف ينهى عنه ؟ قيل: قد يكون المراد بهذا أن التمنى ربما أثار فتنة اْو أدخل مضرة، إذا سهل فى ذلك واستخف به، ومن استخف بعدوه فقد أضاع الحزم.
فيكون المراد بهذا: أى لا تستهينوا بالعدو فتتركوا الحذر والتحفظ على أنفسكم وعلى المسلمين، اْو يكون: لا تتمنوا لقاءه على حالة يشك فى غلبته لكم، أو يخاف منه اْن يستبيح الحريم، اْو يذهب الأنفس والأموال، أو يدرك منه ضرر.
قال القاضى: قال بعضهم: نهى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمته عن تمنى المكاره ؛ ولهذا قال السلف الصالح: العافية من الفاتن والمحن لاختلاف الناس فى الصبر ؛ ولهذا قال - متصلا بقوله هذا فى الحديث: (واسألوا الله العافية).
ولذلك اختلفوا فى الدعاء إلى المبارزة، فروى عن على - رضى الله عنه - أنه قال: يا بنى، لا تدعون أحدا إلى المبارزة، ومن دعاك إليها فاخرج إليه، فإنه باغ، وقد تضمن الله - م!بحانه وتعالى - نصر من بغى عليه.
وقال ابن المنذر: اْجمع كل من أحفظ عنه العلم على جواز المبارزة.
والدعوة للبراز شرط بعضهم فيها إذن الإمام، وهو قول الثورى والأوزاعى وأحمد لاسحاق.
وبعضهم أجازها مطلقا ولم يشترط فيها اْمر الإمام، وهو قول مالك والشافعى.
واختلف فى ذلك قول الأوزاعى.
وقال الحسن: كره المبارزة ولا أعرفها (2).
واختلفوا هل يجوز أن يعيئ للمبارزة غيره فى أهل العسكر على مبارزة أم لا ؟
وقوله فى هذا الحديث عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ): أنه كان لا يقاتل حتى تزول الشمس ؛ وذلك
(1)1 لتوية: ه.
(2) ا نظر: ا لاستذكا ر 14 / 314، ا لمغنى 13 / 409.
1 / 64
44 (6/43)
كتاب الجهاد / باب كراهة تمنى لقاء العدو...
إلخ 20 - (1742) وحدّثنى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعِ، حَدثنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجِ، أخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ أيِى الئضْرِ، عَنْ كِتَابِ رَجُلِ مِنْ أسْلَمَ مِنْ أصْحَابِ النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الله بْنُ أن أوْفَى.
فكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْد الثه، حينَ سَارَ إِلَى الحرُ!رِبَّة، يُخْبِرُهُ أنَّ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ - بى بَعْضرِ أيَّامه التىِ لَقَىِ فيهَا العًدُوَّ - يَنْتَظِرُ حتَّى إِفَا مًالَتِ الشَّمْس! قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ: (يَا أئهَا النَّاسُ، لَاَ تَتَمَنَّوْا لقَاءًا لعَدُؤ، وَاسْألُوا الثه العَافيَةَ، فَإفَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِروا، وَاعْلَمُوا أن الجَئةَ تَحْتَ ظِلاَلِ الَسيوفِ).
ثُمَ قَامَ النَّيِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالً: (الالهُمَّ، منزِلَ اهتَاب، وَمُجْرَىَ السئَحَاب، وَهَازِمَ ا لأحْزَاب، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلمهِمْ لما.
َِ
للتمكن من القتال بوقت ألا يراد بهبوب الرياح، واْن الحرب كلها / استجرت وحمى المقاتلون بحركتهم فيها ومصارعتهم، وما حملوه من سلاحهم.
هبت أرواح العشى فبردت من حرهم ونشطتهم، وخففت أجسامهم، بخلاف لو اشتد عليهم التهجير وهم فى مقاستها لكسلهم وثبطهم وقطع نياطهم.
وقد ذكر البخارى ذلك مبينا، فقال: (حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات) (1).
قيل: ولما فيه مع ذلك من فضل أوقات الصلوات واستجابة الدعاء فيها.
قيل: بل كان يفعل ذلك لانتظار ريح الصبا وهبوبها بعد الزوال، وقد قال: (نصرا بالصبا) (2).
وجاء فى حديث آخر: أنه كان ينتظر حتى تزول الشمس وتهب رياح النصر (3).
وقوله: (فماذا لقيتموهم فاصبروا): حض على الصبر، وتوطن النفس فى هذا يكون الثبات ويرجى النصر، ومع الهلع تحذر اليد والرجل، وشتولى العدو.
وقوله: (واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف): أى أن ثواب الله - سبحانه - حاصل على عمل الجهاد ومشى المجاهدين فيه.
وعبر عن المجاهدة بالمشى تحت ظلال السيوف ة إذ معظم الجهاد بها، ولكونها مرفوعة للضرب بها غالبا.
وقيل: بل المراد بهذا الكلام: الدنو من الأقران حتى يكونوا تحت ظلال سيوفهم ولا يفرون منهم ة لأن كل ما علاك ودنا منك فقد أظلك، دالى نحو هذا أشار الخطابى (4).
(1) البخارى، كالجزية، بالجرية والموادعة مع أهل الذمة والحرب 4 / 119 من حديث النعمان بن مقرن.
(2) البخارى، كالاستسقاء، بقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (نصرت بالصبا) 2 / 41، مسلم، كالاستسقاء، بفى ريح دلصبا والدبور 2 / 617 (17)، أحمد 1 / 223.
(3) أبو داود، كالجهاد، بفى أى وقت يستحب اللقاء46 / 2، الترمذى، كللسير، بما جاَ فى الساعة للتى يستحب فيها القتال 159 / 4 (1612، 1613).
(4) معالم السق 3 / 432.
(6/44)
كتاب الجهاد / باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاَ العدو
45
(7) باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدوّ
21 - (... ) ! ئثنا سَعيدُ بْنُ منصُورٍ، حَدثنَا خَالِدُ بْنُ عبد الله، عَنْ إِسْمَاعيلَ بْنِ أبِى خَالِد، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ أَيِى أوفَى، قَالَ: دَعَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَىَ الأحْزَاب، فَقَالً: (اللهُمَّ، منزِلً اهِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِم ا لأحْزَابَ.
اللهُمَ، اهْزِمْهُمْ !زكزِلهُمْ).
22 - (... ) وحّدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شنيْبَةَ، حَا شَا وَكِيعُ بْنُ الجَرل!، عَنْ إِسْمَاعِيلَ
ابْنِ أيِى خَالد.
قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أبِى أوْفَى يَقُولُ: دَعَا رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) بمثْلِ حَديث خَالد.
غَيْرَ انَهُ قَالً: (هَازِمَ الأحْزَابِ) وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: (اللهُمَّ).
ًًًَ (... ) وخدثناه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ
وقوله: (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، وهازم الأحزاب، اهزمهم، وانصرنا عليهم)، وفى الحديث الاَخر: (زلزلهم) معناه: أزعجهم وحركهم بشدائد ذعرك.
والزلزال والزلزلة: الشدائد التى تحرك الناس، قال الله عزوجل: { وَزُلْزلُوا زِلْزَالأ ثدِيدًا} (1).
فيه جراز الدعاَ على المشركين والانتصار به على العدو، وقيل: الإشارة بقوله: (منزل الكتاب، سريع الحساب) فى هذا الموطن توصل منه ( صلى الله عليه وسلم ) بما أنزل عليه من كتابه العزيز فخالفه عدوه.
وسرعة الحساب إشارة إلى شدة الأخذ والبطش، كما قال: (هازم الأحزاب).
وقوله فى هذا الحديث (2): عن أبى النضر، عن كتاب رجل من أصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
قال الدارقطنى: الحديث صحيح، واتفاق البخارى ومسلم على إخراجه حجة فى جواز ا لإجازة والمكاتبة (3).
قال القاضى: دالى صحة الحديث والعمل بذلك ذهب كافة المحدثن والفقهاَ والأصولين.
وقالت فرقة: لا تجوز الرواية به وهو خطأ.
وقد كتب ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ملوك الأمم فكان حجة عليهم، وكتب لعماله وأمرائه فلزمهم العمل به، ولأن الثقة بالكتاب
(1) الأحزاب: 11.
(2) يقصد حديث رقم (20) بالباب السبق.
(3) الالزلمات وللَغ ص 304، 305 (152).
46 (6/45)
كتاب الجهاد / باب استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو إِسْمَاعِيلَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَزَادَ ابْنُ أبِى عُمَرَ فِى رِوَايَتِهِ: (مُجْرِىَ السئَحَابِ).
!! س ص سَ، 5، سَ ص ص صصء، يرص ص صص ص ص من ص ه
23 - 1743 وحدثنى حجاج بن الشاعِر، حدثنا عبد الصمد، حدثنا حماد، عن ثَابِت، عَنْ أنَسٍ ؛ أن رَسُولَ اللْه ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَقُولُ يَوْم أحُد: (اللَهُمَ، إَنَّكَ إِنْ تَشَأ، لا تُعْبَدْ فِى الًأرْضِ).
كالثقة بالكلام.
وقوله: كان يقول يوم أحد: (اللهم إنك إن تشأ لا تعبد فى الأرض): تسليم منه
( صلى الله عليه وسلم ) لربه، ورد على علة القدرية من أن الشر غير مراد لربهم ؛ وجاء هنا: أنه قال يوم أحد، والذى ذكره أهل السير وجاء بعد هذا فى مسلم: أنه ( صلى الله عليه وسلم ) إنما قال هذا الكلام يوم بدر، وأول موطن حرب الإسلام.
ويحتمل قوله لها فى الموطنن.
(6/46)
كتاب الجهاد / باب تحريم قتل النساء والصبيان فى الحرب
47
(8) باب تحريم قتل النساء والصبيان فى الحرب
24 - (1744) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْعِ، قَالا: أخْبَرَنَا الفيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْ!ث، عَنْ نَافِعِ، عَبئْ عَبْدِ الله ؛ أن امْرَأةً وجُدَتْ فِى بَعْض! مَغَازِى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَقْتُولَة، فَكَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قتلَ الئسًاءِ وَالضبْيَانِ.
25 - (... ) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أيِى ضميبَةَ، حَد!شَا مُحَفدُ بْنُ بِشْر وَا"بُو أسَامَةَ، قَالا: حَدثنَا عُبَيْدِ اللهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: وُجِدَتِ امْرَأه!مَقْتُولَةً فِى بَعْضِ تِلكَ المَغَازِى، فَنَهَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ قتلِ النِّسَاءِ وَالممبيَانَ.
وقوله: (نهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن قتل النساء والصبيان)، قال الإمام: تقدم الكلام
فى قتل الصبيان.
واْما المرأة فلا تقتل أيضا ؛ لأنها من جنس من لايقاتل، لكنها إن
قاتلت فقتلت فى حال القتال ؛ لأن المعنى المبيح لقتل الرجال قد وجد منها (1).
وإن
كانت قاتلت ثم برد القتال ففى قتلها خلاف، بخلاف الرجل إذا برد القتال فإنه يقتل إذا
شاء الإمام.
وأما قتل الشيوخ والرهبان فعندنا وعند أبى حنيفة: أنهم لايقتلون، خلافا للشافعى (2).
وأما قول الله تعالى: { وَقَاتلُوا / الْمُشْرِكِينَ كَافة كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَلق} (3) 64 / بوهؤلاء ليسوا ممن يقاتل.
وقد نبه ( صلى الله عليه وسلم ) عن علة النهى عن قتل المراْة بأن قال: (ما
كانت هذه تقاتل) (4).
وللشافعى قوله سبحانه وتعالى: { قاقْتُلُوا الْمشْركِفئ خخثُ وَجَدتمُوهُم} الاَيتين (5)، وهذان مشركان.
وقد قتل دريد بن الصمة وهو شيغ.
وخرج
النسائى وأبو داود أنه ( صلى الله عليه وسلم ) قال: (اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم) (6) ولأن
الجزية توخذ منهم كما توخذ من الثبان، والجزية تحقن الدماء.
فلولا اْن دمه غير محقون
(1) 1 لاصتذكا ر 14 / 60 وما بعدها.
(2) الاصتذكار 4 1 / 72 وما بعدها، المفني3 / 77 1 ومابعدها.
(3) 1 لتوية: 36.
(4) ابن ماجه، كلبهاد، بالغارة والبيان وقتل النساء والصبيان (2842)، أحمد 4 / 178، الطحاوى فى شرح معانى الآثار 3 / 222، ابن ابى شيبة 12 / 382.
(5)1 لتوية: 5، 6.
للا) أبو داود، كلبهاد، بفى قتل النساء3 / 54، الترمذى، كالسير، بما لجأ فى النزول على الحكم 145 / 4.
=
48
(6/47)
كتاب الجهاد / باب تحريم قتل النساء والصبيان فى الحرب
ما أخذت منه الجزية.
وجوابنا أن الاَية مخصوصة بما قدمناه من أدلتنا، ودريد بن الصمة كان له رأى ونكاية فقتل لها، وعلى مثله يحمل ما تقدم من الجزية، الحديث.
والجزية لانسلم أنها تحقن الدماء بل عوض المسكن والقرار تحت يد الاصلام.
وقد التزم اْبو حنيفة أنها لاتوخذ من الشيخ الفانى، فالانفصال ساقط عنه.
فالمراد بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): " شرخهم): أى صبيانهم.
وشرخ كل شىَ أوله.
فالصبيان أول الشباب.
قال القاضى: أجمع العلماء على الأخذ بهذا الحديث فى ترك قتل النساء والصبيان إذا
لم يقاتلوا.
واختلفوا إذا قاتلوا، فجمهور العلماء كافة - من يحفظ عنه العلم منهم - اْنهم إذا قاتلوا يقتلوا (1).
قال الحسن: وكذلك لو خرج النساء معهم إلى بلاد الإصلام.
قال الأوزاعى: وكذلك إذا كانت حارسة للعدو.
ومذهبنا: أنها لا تقتل فى مثل هذا إلا إذا قاتلت.
واختلف أصحابنا إذا قاتلوا ثم لم يظفر بهم إلا بعد أن برد القتال وأسروا، هل يقتلون كما يقتل الأسرى، اْم لا يقتلون إلا فى نفس القتال ؟ وكذلك اختلفوا إذا رموا الحجارة، هل ذلك حكم القتال بالسلاح أم لا ؟
- وقد وهم القاضى فعزى الحديث للنسائى، ولم أجده فى سق النساثى الصغرى والكبرى، وقد ذكر المنذرى - رحمه الله - فى مختصره لأبى دلود: ان الحديث لأبى داود والترمذى وفقط.
انظره: 4 / 14.
وكذا عون المعبود شرح صق لبى داود مع شرح لط!فظ ابن القيم 7 / 331.
والحديث ذكره - أيضا - البيهقى فى السق الكبرى 9 / 91، وكذا فى معرفة السق والآثار 13 / 254.
قلت: وفيه الحجاج بن أرطأة وهو غير محتج به، وكذا الحسن منقطع عن سمرة بن جندب فى غير
حديث العقيقة.
(1) انظر: الاستذكار 4 1 / 0 6 وما بعدها، المغنى 13 / 179.
(6/48)
كتاب الجهاد / باب جواز قتل النساِء والصبيان فى البيات...
إلخ
(9) باب جواز قتل النساء والصبيان
49
فى البيات من غير تعمد
26 - (1745) وحدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَسَعِيدُ بْيق مَنْصُورٍ وَعَمْزو الئاقِدُ جَمِيعًا
عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ يَحْيَى: أخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزّهْرِىِّ، عَنْ عُبَيْد اللهِ، عَنِ ابْنِ عبَاس، عَنِ الضَعْبِ بْنِ جَئامَةَ، قَالَ: سُئِلَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عَنِ النَّرَارِىِّ مِنَ المُشْرِكِينَ ؟ يُبَيثونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَفَرَارِيِّهِمْ.
فَقَالَ: (هُمْ مِنْهُمْ).
27 - (... ) حدَّثنا عَبْدُ بْنُ حُمَيد، أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَز، عَنِ
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) - عن الدار من المشركين يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال ( صلى الله عليه وسلم ) -: (هم منهم): كذا الرواية الصحيحة للكافة، وعند العذرى، عن (الذرارى) مكان (الدار،، وليس بشىء وهو تصحيف، وما بعده يبين فيه الغلط.
قال الإمام: المراد بقوله: (هم منهم): اْن أحكام الكبار جارية عليهم فى مثل هذا، والدار دار كفر.
فكل من كان فيها منهم ومن ذراريهم.
وإن اعترض هذا بالنهى عن قتل النساء والولدان، قلنا: هذا وأراد فيهم إذا لم يتميزوا فقتلوا من غير قصد لقتلهم، بل كان القصد قتل الكبار، فوقعوا فى الذرارى من غير عمد ولا معرفة، والأحاديث المتقدمة وردت فيهم إذا تميزوا.
وقد قال فى هذا الحديث: (يبيتون فيصيبون من نسائهم،، وهذه إشارة إلى ماقلناه.
قال القاضى: أكثر العلماء عن الأخذ بهذا الحديث، وأنه خير معارض للنهى عن
قتل النساء والصبيان والأطفال لما تقدم من العلة قبل، واْنهما اْصلان يستعملان ذلك على الانفراد، وهذا على الاختلاط.
وممن قال به مالك وأبو حنيفة والشافعى والثورى، وراْوا أن رميهم بالمجانيق (1).
واختلف فى رميهم فى حصونهم أو مراكبهم بالنيران وتحريقهم، فأجاز ذلك الشافعى والثورى (2)، إلا أنه يستحب ألا يرموا بالنار ما أطيق تغليبهم بغير ذلك ؛ للنهى عن التحريق، واْنه لايعذب بالنار إلا الله - سبحانه وتعالى - 5 هذا مذهب مالك وعلماء المدينة،
(1، 2) التمهيد 16 / 143 وما بعدها.
1 / 65
50 (6/49)
كتاب الجهاد / باب جوازقتل النساِءوالصبيان فى البيات...
إلخ الرفرِئ، عَنْ عُبَيْد اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عتبَةَ، عَنِ ابْنِ عبَاصبى، عَنِ الضَعْبِ بْنِ جِثامَةَ، قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُول النَهِ، إِنَا نُصِيبُ فِى البَيَاتِ مِنْ فَرَارِئ المُشْرِكِنَ.
قَالَ: (هُمْ مِنْهُمْ).
28 - (... ) وحذَثنى مُحَفدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا عَبْدُ الرزاقِ، أخْبَرَنَا ابْنُ جُريجٍ، أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ !ينَارٍ ؛ أن ابْنَ شهَاب أخْبَرَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عتبَةَ، عَنِ ابْنِ عَئاصٍ، عَنِ الضَعْبِ بْنِ جثامَةَ ؛ أن اً لئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قِيلَ لَهُ: لَوْ أن خَيْلاً أنجَارَتْ مِنَ اللَيْلِ فَأ!ابَتْ مِنْ أبنَاءِ المُشْرِكِنَ ؟ قَالَ: (هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ).
إلا أن يكون فيهم مسلمون فيمنعه مالك جملة (1).
واختلف أصحابنا، هل يرمون بالنار وإن كان ذراريهم فيهم ونساؤهم ؟ على قولن (2).
ومعنى البيات: يبيتون، أى يوخذون / على غرة، أو بليل حيث لا يستبين الرجل من المرأة، والصغير من الكبير، ويدل عليه أنه جاء فى الحديث الاَخر: ا لو أن خيلا أغارت من الليل).
والذرارى تطلقه العرب على الأولاد والعيال من النساء.
وفى جواز التبييت فى هذه الأحاديث دليل على اْن الدعوة ساقطة لمن بلغته، وأنه لايلزم الدعوة فى كل قتال.
(1) الاستذكار 14 / ملا وما بعدها.
(2) 1 لاستذكا ر 14 / 66.
(6/50)
كتاب الجهاد / باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها
51
(10) باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها
29 - (1746) حدَثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَمُحَمَدُ بْنُ رُمْح، قَالا: أخْبَرَنَا اللَّيْثُ.
ح وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْمث، عَنْ نَافِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ كله حَرَّقَ نَخْلَ بَنِى النَّضِيرِ، وَقًطَعَ وَهِىَ البُويْرَةُ.
زَادَ قُتَيْبَةُ وابْنُ رمح فِى حَديثِهِمَا: فَأنْزَلَ اللهُ عَر وَجَل: مَا تَطَعْتُم فِن لِينَلإ أَوْ تَرَكْعمُوهَا تَائِمَة عَلَئ أُصُولِهَا فَبِاٍفْنِ الذَ وَبيُخْزِيَ الْفَاسِقِين (1).
30 - (... ) حدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَهَئادُ بْنُ السَّرِىِّ، قَالا: حَدهَّلنَا ابْنُ المُبَارَكِ،
عَنْ مَوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَطَعَ نَخْلَ بَنِى الئضِيرِ، وَحَرَقَ.
وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَئ حَرِيقثالبُويرَةِ مُسْتَطِيرُ
وَفِى فَلِكَ نَزَلَتْ: مَا قَطَعتم ئِن لِهنَةٍ أَوْ تَرَكثمُوهَا قَالًمَة عَلَئ أُصُولِهَا} الآيَةَ.
31 - (... ) وحدَّثنا سَهْلُ بْنُ عثمَانَ، أخْبَرَنِى عُقْبَةُ بْنُ خَالِد السَّكُونِى، عَنْ عُبَيْدِ
اللهِ، عَنْ نَافِع، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَرَّقَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَخْل بَنِى النَّضِير.
وقوله: (حرق نخل بنى النضير وقطع، وهى النويرة، فأنزل الله عز وجل: { مَا قَطَفتم نِن لِهنَةٍ } الآية)، قال الإمام: من الناس من تأول أن ذلك[ كان] (2) مقاتل [ المسلمن] (3) القوم، فاحتاج إليه لجولان الخيل، وهذا تأويل من لم ير قطع الشجر على ظاهر ما وقع للصديق - رضى الله عنه.
والمشهور من مذهبنا جواز قطعها إذا لم يُرْجَ مصيرها للمسلمين، وكان قطعها يضر بالعدو ويوذيه.
قال القاضى: يجوز ذلك، وبمثل مذهب مالك قال جماعة من العلماء ؛ أبو حنيفة والثورى والشافعى[ واْحمد وإسحق] (4).
واختلف فى ذلك عن الأوزاعى، وبمنع ذلك
(1)1 لخر: ه.
(3) ماقطة من س.
(2) من س، ع.
(4) فى س: إسحق وأحمد.
52 (6/51)
كتاب الجهاد / باب جوازقطع أشجارالكفاروتحريقها قال الليث بن سعد وأبو ثور، وتأول الجمهور[ الحديث] (1) للنهى، أى بعد وعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مصير ذلك للمسلميئ.
واللينة: انول التمر كلها إلا العجوة، وقيل: كرام النخل، وقيل: كل نخل، وقيل: الأشجار للينه ال والبويرة المذكورة فى شعر حسان من جلاَ بنى النضير.
مستطير منتشر.
(1) من س.
(6/52)
كتاب الجهاد / باب تحليل الغنالْم لهذه الأمة خاصة
53
(11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة
32 - (1747) وحدَّثنا أَبُو كُرَيْب مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدهَّشَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ.
ح وَحَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ - وَاللَّفْأ لَهُ - حَدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنبِّه.
قَالَ: هَنا مَا حَدثنَا أبُو هَرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَادِيثَ، مِنْهَا.
وَقَالَ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (غَزَا نَبِىّ مِنَ الأنبِيَاءَ فَقَالَ لِقَوْمِه: َ لا يَتْبَعَنِى رَجُل قَدْ مَلَكَ بُضع امْرَأة، وَهُوَ يُرِياُ أنْ يَبْنِىَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ، وَلا آخَرُ قَدْ بَنَى جَميَانا وَلَمَّا يَرْفَعْ سُقُفَهَا، وَلا اخرُ قَدِ اشتَرَى غَنَفا أوْ خَلِفَات وَهُوَ منتَظِر ولالَ!ا).
قَالَ: (فَغَزَا، فَا"! زَ لِلقَرْيَة حينَ صَلاةِ العَصْرِ، أوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَمْسِ: أنْتِ مَأمُورَةُ وأنَا مَأمُور.
اللَهُمَّ، احْبِسْهَا
ذكر مسلم فى حديث: أن نبيا من الأنبياء غزا فقال: ا لايتبعنى رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى (1) بها أمره ولم يين بها، ولا اخر بنى دارأ ولم يرفع سقفها، ولا آخر اشترى غنما أو خلفات وهو منتظر ولاها): البضع، بضم الباء، كناية عن الفرج، فيه تحضيض أولى الحزم وفهل! البال بالأمور المهمات، وألاّ تُناط بمن باله متعلق بغيرها، ونفسه مائلة لسواها، فإن ذلك يضعف جذَه (2) ويوهن عزمه.
والخلفات: ا لحو ا مل.
ما ذكر من حبس الشمس عليه ودعائه بذلك حتى فتح الله - صبحانه - القرية قيل:
ردت على أدراجها، وقيل: أوقفت ولم ترد، وقيل: بطئ بحركتها، وذلك كله من علامات النبوة وخصالْص كراماتها.
ويقال: إن الذى حبست عليه الشمس هو يوشع بن نون - والله أعلم.
وقد روى أن هذه الآية كانت لنبينا أيضا ( صلى الله عليه وسلم ) فى موطنن: أحدهما: فى حفر الخندق، وحن شغلوا عن صلاة العصر حتى غابت الشمس، فردها الله تعالى عليه حتى صلى العصر، ذكر ذلك الطحاوى، وقال: إن رواته ثقات.
والثانية: صبيحة الإسراء، حين انتظر العير التى أخبر بوصولها مع شروق الشمس، ذكره يونس بن بكير فى زيادته فى سير ابن إسحق.
[ وقوله: (فلما أدنى للقريةأ: هكذا فى جميع النسخ رباعى، فيما أن يكون تعدية دنا
أى قرب، فمعناه: أدنا جيوشه وجموعه لها، أو يكون أدنى هنا بمعنى حان، أى قرب
(1) فى الأصل: يبتنى، والمثبت من الصحيحة، س.
(2) فى الأصل: مده، والمثبت من س.
65 / ب
54 (6/53)
كتاب الجهاد / باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة عَلَى شَيْئًا، فَحُبسَتْ عَلَيْه حَتَى فَتَحَ اللهُ عَلَيْه).
قَالَ: (فَجَمَعُوا مَاغَنمُوا، فَا"لبَلَتِ النَارُ لتَابهُلَهُ، فَائتْ أن تَطعَمَهُ.
فَقَالَ: فيكُمْ غُلُوَل"، فَلب يعْنِى مِنْ كُل قَبيلًة رَجُل.
فَبَايَعُوهُ.
فًلَصقَتْ يَدُ رَجُلٍ بَيَدهِ.
فَقَالَ: فَيكُمْ الغُلُولُ، فَلَتُبَايعْنِى قَبيلَتُكً، ً فَبَايَعَتْهُ).
قَالَ: (فَلَصَقَتْ بِيَدِ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاثَة.
فَقَالً: فِيكُمْ الغُلُولُ، أَنْتُمْ غَلَلَتُمْ).
قَالَ: (فَأخْرَجُوا لَهُ مثْلَ رَأسِ بَقَرَة مِنْ فَ!بٍ ).
قًالَ: (فَوَضَعُوهُ فِى المَالِ وَهُوَ بالضَعِيدِ، فَأقْبَلَتِ الئارُ فَكَلَتْهُ، فًلَمْ تَحِل الغَنَاً ئِمُ لأحَدٍ مِنْ قَبْلِنَا كلنَلِكَ بِأنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَىَ رَأى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنا، فَطَيبهَا لنا).
وحان فتحها، من قولهم: أدنت الناقة: إذا حان نتاجها.
ولم يقل فى غير الناقة] (1).
وماذكره فى الخبر: (فيكم غلول) واْمره أن يبايعه من كل قبيلة رجل، فلصقت يده
بيد رجلين أو ثلاثة، فقال: (فيكم غلول) من دلائل النبوة وخصائصها، وفيه معاقبة الجماعة بفعل سفهائها، واْن من فعل الإنسان مايكون بوحى ومعجزة مثل هذا، أو مثل قصة البقرة، ومنها ماهو بالاجتهاد وأجزأ الأمور على ظواهرها لغيرهم، وفيه كل تعظيم لأمر الغلول.
وقوله: (فوضعوه فى المال وهو بالصعيد): أى بوجه الأرض.
وقوله: (فأقبلت النار / فثلته، ولم تحل الغنائم لاءحدِ قبلنا): بيان ماخصت به
هذه الأمة من حل الغنائم، وقيل: إنما كانت لجمع، فتأتى نإر من السماء فتثلها، وكذلك كان أمر قربانهم إذا تقبل، وجاءت نار من السماء فثلته.
(1) سقط من س.
(6/54)
كتاب الجهاد / باب 911 نفال
55
(12) باب الأنفال
33 - (1748) وحدَثنا قُتيبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدصثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سَمِاك، عَنْ مُصْعَبِ
ابْنِ سَعْد، عَنْ أبِي!قَال: أخَذَ أيِى مِنَ الخُمْسِ سَيْفَا، فَا"تَى بِه الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ.
هَبْ لِى هَنمَا.
فَائى، فَايلزَلَ اللهُ عَر وَجَل: { يَسْآلونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِفَهِ وَالزَسُول (1).
34 - (... ) حدئنا مُحَفدُ بْنُ المُثَنَى وابْنُ بَشَّار - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثَئى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ سَمِاكِ بْنِ حَرْبِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ، عَنْ
وقوله فى حديث مصعب بن سعد عن اْبيه: (أخذ أبى من الخمس شيئا)، وفى الحديث الاَخر: (سيفأ) (2)، فأتى به النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: هب لى هذا، فأبى فأنزل الله سبحانه: { يَسْألونَكَ عَنِ الأَنفَال} ) الاَية، وفى الرواية الأخرى: قلت: !لْنيه، قال: (ضعه من حيث أخذته)، فقلت: يا رسول الله، اْ أجعل كمن لا غناء له فقال: (ضعه من حيث أخذته، فنزلت الآية: فيه حجة اْلا نفل إلا من الخمس، وأن أخذ سعد هذا كان قبل الخمس، ألا تراه كيف قال: (ضعه من حيث أخذته)، ويحتمل أن يكون هذا قبل نزول حكم الغنائم وتحليلها والحكم فيها، وهو الأظهر والصواب وعليه يدل الحديث.
وقد روى فى تمامه مايبينه من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لسعد بعد نزول الاَية: (خذ سيفك، إنك سألتنيه وليس لى ولا لك، وقد جعله الله لى وجعلته لك)، ويحتمل أن يكون بعد بيان الخمس وقبل القسمة.
وهذا على الخلاف فى هذه الاية، هل هى محكمة أو منسوخة ؟ فقيل: هى منسوخة بقوله تعالى: { وَاعْلَمُوا اَنمَا غَنِمثم مْن شَيْء} الآية (3)، وأن مقتضى آية الأنفال الأولى والمراد بها: أن الغنائم كانت للنبىَ ( صلى الله عليه وسلم ) خاصة كلها، ثم جعل أربعة أخماسها للغانمن بالآية الأخرى، وهو قول ابن عباس وجماعة، وقيل: هى محكمة، ول!مام أن ينفل من الغنائم ماشاء لمن شاء لما يراه منه، وروى هذا عن ابن عباس اْيضا،
(1) اي!نفال: ا.
(2) فى صحيح ملم (سيفا)، فى الروايتين حديث رقم 33، 34 فى نسخة الإمام ملم بثرح النووى، وكذا حققه محمد فؤاد عبد الباقى.
وقد جامحت فى صحيح ملم فى إكمال الاكمال لأبى عبذ الله الأبى للرواية الأولى: (شيئأ) والثانية: (ص!يفا9) كما ذكر القاضى، وهذا يدل على أن هناك تصحيفا فى نخ مسلم الذى بين أيدينا.
راجع الأبى (3) الأنفال: 41.
56
(6/55)
كتاب الجهاد / باب الأنفال
أبيه.
قَالَ: نَزَلَتْ فِئَ أرْبَعُ ايات، أصَبْتُ سَيْفا فَا"تَى بهِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفًّلنِيه.
فَقَالَ: (ضَعْهُ)، ثُمَ قَائمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ).
(ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أخَذْتَهُ)، ثُمَ قَامَ فَقَاً: نَفِّلنِيهِ يَا رَسُولَ الله، فَقَال: (ضَعْهُ)، فَقَامَ، فَقَال: يَا رَسُولَ اللهِ، نَفِّلنِيهِ.
آجْعَلُ كَمَنْ لا غَنَاءَ لَهُ ؟ فَقَالَ لَهُ الَنبِى ( صلى الله عليه وسلم ): (ضَعْهُ مِنْ حَيْثُ أخَذْتَهُإ.
قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذه الاَيَة: يَسْآلونَكَ عَنِ الأَنفَالِ تُلِ الأَنفَالُ لِذَ وَالزَسُول} (1).
35 - (1749) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِك، عَنْ نَافِع، عَنْ
ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ النبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) سَرِيَّة، وَأنَا فِيهِمْ، قِبَلَ نَجْد، فَغَنمُوا إِبِلا كَثِيرَة، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثَنَا عَشَرَ بَعِيزا، أوْ أحَدَ عَشَرَ بَعِيزا، وَنُفِّلُوا بَعِيزا بَعِيزاَ.
وقيل: هى محكمة مخصوصة فيمن ضد من المشركين إلى المسلمين من عبد أو أمة أو دابة وشبهها، وهو قول عطاء والحسن، وقيل: هى محكمة مخصوصة اْيضا والمراد بها أنفال ا لسرا يا (2).
وقوله: (نزلت فى أربع آيات) ولم يذكر منها هنا غير واحدة فى هذا الحديث،
وقد جاعت الآيات الأربع مذكورة في كتاب مِسلم بعدِ هذا فىِ كتاب الفضائل وقصصها: آية بر الوالدين وتحريم الخمر: { وَلا تَطْرد الذين يَدحونَ رثهُم بِالْندَاةِ وَالْعَشِي} الاية (3)، وآية ا لأنفال (4).
وقوله: (بعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) سرية قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثنا
عشر اْو أحد عشر بعيرأ، ونُفلوا بعيرا بعيرأ)، قال الإمام: النفل عندنا من الخمس يفعله الإمام على حسب الاجتهاد، وعند المخالف أنه من رأس الغنيمة قبل الخمس.
قال القاضى: حكى منذر بن صعيد عن مالك ؛ أن الأنفال من خمس الخمس.
قال القاضى: وهو قول ابن المسيب والشافعى وأبى حنيفة والطبرى، والمعروف عن مالك ما تقدم من أنه لانفل إلا بعد القسم من الخمس.
وأجاز الشافعى النفل قبل إحراز الغنيمة وبعدها، وهو قول أبى ثور والأوزاعى وأحمد والحسن البصرى وجماعة (5).
وقد اختلف فى نفل ابن عمر هذا، هل كان قبل القسم اْو بعده ؟ واختلفت الآثار فى ذلك.
وفى مسلم مايدل أنه بعد القسم من الخمس نص فى أحاديث ذكرها، واْيضا فإن قوله: (نفلوا
(1) 1 لأنفال: ا.
(2) لنظر: تفشر القرطيى 8 / 2 وما بعدها.
(3) الأنعام: 52.
(4) مسلم، كفضائل الصحابة، بفى فضل سعد بن أبى وقاص (1748 / 43).
والآيات: لقمان: 15، ولا ا ئدة: 90، وا لأنعام: 52، وا لأنفال: ا.
(5) لنظر: المغنى 13 / 53 وما بعدها، الاستذكار 14 / 104 وما بعدها.
(6/56)
كتاب الجهاد / باب الأنفال! 57
36 - (... ) وحدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْ!ث.
ح وَحَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ رُمْح، أخْبَرَنَا الفيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَ سَرِئةً قِبَلَ نَجْد، وَفِيهِمُ ابْنُ عُمَرَ، وَأنَ سُهْمَانَهُمْ بَلَغَت اثَنَىْ عَشَرَ بَعيرأ، وَنُفّلُوا، سِوَى ذَلكَ، بَعِيزا، فلَمْ يُغيرْهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
37 - (... ) وحدَّثنا أبُو ممْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدغنَا عَلِى بْنُ مُسْهِر وَعَبْدُ الرخيم
ابْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَرِية إِلَى نَجْد، فَخَرَجْتُ فِيهَا، فَا"صَبْنَا إبِلأ وَغَنَمًا، فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنَا النَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، النَىْ عَشَرَ بَعِيزا، وَنَفلَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعِيرم، بَعِيرًا.
بعيرا بعيرا) لو كان من المغنم نفسه لم يكن لهذا القولي معنى بعد ذكره ما حصل لهم فى القسم، ولكان الكلام مختل اللفظ.
ورواية مالك ومن تابعه من الحفاظ أنه كان من الخمس بعد / القسم.
وقال اْبو عشر: النفل على ثلاثة اْوجه:
أن يريد الإمام تفضيل بعض الجيش لعنائه وبلائه، فينفله من الخمس، بل استحبه بعضهم من خمس الخميس المختص بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ).
والثانى: أن يبعث الإمام سرية من العسكر فينفلها مما غنمت دون الصسكر، فحقه أن يخمس ما غنمت ثم يعطى السرية مما بقى بعد الخمس ما شاء ولا يزيد على الثلث ؛ لأنه اقصى ماروى أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) نفل، ويقسم الباقى بين جميع أهل العسكر والسرية على السواء.
الثالث: ان يحرض الإمام أهل العسكر على القتالة قبل لقاء العدو، وينفل من شاء منهم او جميعهم مما يفتح الله سبحانه عليهم الربع أو الثلث قبل القسمة.
وكره مالك هذا لخبث النية بسببه، وقد أجازه بعض السلف.
وأجاز النخعى وبعض العلماء اْن تنفل السرية جميع ماغنمت والكافة على خلاف ذلك.
وقوله فى حديث ابن عمر، وفى بعض الروايات: (فبلغت سهماننا اثنى عشر بعيرا)
بين أنه نصيب كل واحد منهم، ورافع لثك الراوى ورافع لاحتمال! من قال: يحتمل أن جميع الغنيمة كانت اثنى عشر، كما قال بعضهم.
وهذا بعير ؛ لأنه لو كان هذا جملة السهام غير الخمس كان خمسها وهو مثل ربع السهام ثلاثة أبعرة.
وقد قالت فى الحديث: (وقد نفلوا بعيراً بعيرأ) فيأئى من هذا أن السرية كانت ثلاثة بعد استيفاء الخمس فى النفل، وهذا بعيد أن يكون بسرية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى نجد هذا العدد، لاسيما وقد قال فى الحديث: (فأصبنا
66 / 1
58
(6/57)
كتاب الجهاد / باب الأنفال
(... ) وحدَّثنا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالا: حَدثنَا يَحْيَى - وَهُوَ القَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَنَا الإسْنَادِ.
(... ) وحدَّثناه أبُو الرَّبِيع وَأبُو كَامِلٍ، قَالا: حَدثنَا حَمَاد عَنْ أيُّوبَ.
ح وَحَدثنَا
ابْنُ المُثَئى حَدثنَا ابْنُ أبى عَدئ، عَن ابْن عَوْن.
قَالَ: كَتَبْتُ إلَى نَافِع أسْألُهُ عَنِ النَّفَلِ ؟ ص ص ص صء يره ص، صَ ص ص صَ صً ص صً محص ه، صَ ص يرًص، يرير ؟ ص صص ْ -.
إِلى: أن ابن عمر كان فِى سرِية.
ح وحدثنا ابن رافِع، حدثنا عبد الرزاقِ، أحبرنا لكما
ابْنُ جُرَيْجٍ، أخْبَرَنِى مُوسَى.
ح وَحًدثنَا هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأيْلِىُّ، حَديرشَا ابْنُ وَهْبٍ، !خْبَرَنِى أسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، كلُهُمْ عَنْ نَافِعٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَلِيثِهِمْ.
إبلاً كثيرة)، ولايقال فى خمسة عشر: كثيرة.
وأيضا فإن هذه السرية إنما توجهت من جيش وإنما كان الاثنى عشر بعيرأ سهما لكل واحد من أهل الجيش، ونفل أصحاب السرية بعيراً بعيرا.
كذا جاء مفسراً فى روايات أبى داود وغيره (1)، الحديث فى بعض ره!ايات مسلم: (ونفلوا بعيراً، فلم يغيره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ).
بيانه ماجاء فى رواية أبى إسحق فى كتاب أبى داود: (فنفلنا أميرنا بعيرا بعيرا، فما عاب علينا ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) )، ويجمع بين هذا وبين رواية من روى: (نفلنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) )، أى أجاز ما فعل وأمضاه.
ويرد هذه الرواية قوله: (ونفلوا) فى رواية مالك وغيره.
وقد قال بعضهم: إنما النفل فى السرايا كما جاء فى حديث ابن عمر أنه فى سرية.
والأنفال: الغنائم.
قال صاحب العن: والأنفال: العطايا، وأصل النفل العطية تطوعا والزيادة على الواجب.
ومذهب الشافعى والشامين اْن النفل من جميع الغنيمة بعد إخراج الخمس، وهو قول إسحق وأحمد وأبى عبيدة ومابقى للغانمن (2).
وفيه من الفقه: إخراج السرايا، واْن ماغنمت يدخل فيه الجيش الذى خرجت السرية منه، وجواز النفل من الخمس أو من الغنيمة على اختلاف الآثار فى ذلك وماتقدم فى هذا الحديث، وأن الأصح أنه من الخمس، وتحريض الجيش على الإقدام والضرب على مافعله من الإرضاخ لهم من ذلك.
واختلفوا هل النفل من جميع الغنائم اْو فى أولها ؟ فذهب الأوزاعى وسليمان بن
(1) أبو داود، كلبهاد، بفى نفل السرية تخرج من العسكر 2 / 71.
(2) 1 لا ستذكا ر 4 / 107، 108، ا لمنى 13 / 60، 61.
(6/58)
كتاب الجهاد / باب الأنفال
59
38 - (1750) وحدَثنا سُرَيْجُ بْنُ يُوُنسَ وَعَمْزو النَّاقِدُ - وَاللَفْظُ لِسُريجٍ - قَا لا: حَدثنَا عبدُ اللهِ بْنُ رَجَاء عَنْ يُوشُىَ، عَنِ الزُّهْرِىّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبِيهِ.
قَالَ: نَفلَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَفَلاَ سِوَى نَصِيَيِنَا مِنَ الخُمْسِ، فَأصَابَنِى شَارِف" - وَالشَّارِفُ المُسِنُّ الكَبِيرُ.
39 - (... ) وحدَثنا هَئادُ بْنُ السئرِئ، حَدثنَا ابْنُ المُبَارَكِ.
ح وَحَدثنِى حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، كِلاهُمَا عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، قَالَ: بَلَغَنِى عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَفَّلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَرِيَّةَ.
بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ رَجَاءٍ*
40 - (... ) وحدُّثنا كئدُ المَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَلثنِى أيِى عَنْ جَدِّى، قَالَ: حَدثنِى عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَدْ كَانَ يُنَفلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ منَ السَّرَايًا لأنْفُسِهِمْ خَاضَةً، سِوَى قَسْم عَامَّةِ الجَيْشِ، وَالخُمْس! فِى فَلِكَ، وَاجِمب، كَلهِ.
موسى والشاميون إلى أنه لانفل فى أول مغنم، ولا فى ذهب ولا فى فضة، وعامة الفقهاَ
على أنه جائز فى أول مغنم، وغيره فى الذهب والفضة.
وقوله: (فأصابنى شارف): والشارف: المسن الكبير.
وكذا قال فى الأم، وتمامه
من النوق، لايقال ذلك للذكران /، والشارف المسنة الكبيرة، إلا أن يريد بقوله: المسن 66 / بالكبير: البعير ؛ لأنه ينطبق على الذكر والأنثى، فذكر الوصف على اللفظ حديث أبى
قتا دة.
(6/59)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل
(13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل
41 - (1751) حذَثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّميمِىُّ، أَخْبَرَنَا هُشَيْئم، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعيد، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْن أفْلَحَ، عَنْ لا مُحَمَد ا، نصَارِئ - وَكَانَ جَليسًا لأن قَتَالَةَ - قَالً: قَالَ أبُو قَتَالَةَ.
وَاقْتَصًّ الحَلِيثَ.
(... ) وحئَثنا قُتيبَةُ بْنُ سَعيلإ، حَا شَا لَيْ!ث، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعيد، عَنْ عُمَرَبْنِ كَثيرِ،
عَنْ أن مُحَمَدِ مَوْلَى أَ! قتَالَةَ ؛ َ أَن أبَا قَتَالَةَ قَالَ.
وَسَاقَ الحَلِيثَ.
ً
(... ) وحدَّثنا أبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ - وَالففْظُ لَهُ - أخْبَرَنَا قثدُ اللهِ بْنُ وَهْب، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أنَسِ يَقُولُ: حَدثنِى يَحْيَى بْنُ سَعِيد، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفلًحَ، عَنْ أ.
ى مَحَمَد مَوْلَى أبِى قَتَالَةَ، عَنْ أ.
ى قَتَالَةَ، قَالَ: خَرً جْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَامَ حُنينِ، فَلَمَا التَقَيْنًا كَانَتْ لِلمُسْلِمِينَ جَوْلَه!لا.
قَالَ: فَرَأيْتُ رَجُلاً منَ المُشْرِكِنَ قَدْ مَلا رَجُلاً هِنَ المُسنلِمين، فَاسْتَدَرْل!ُ إِلِيْه حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائه، فَضَربتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتقة، وَأَفبَل عَلَىَّ فَضَمَنِى ضَمَّةً وَجَذل!ُ هِنهَا رِيحَ المَوْت، ثُئم أَ!رَكَهُ المَوْل!ُ، فَا"رْيمَقنِى.
فًلَحَقْتُ عُمَرَ بْن الخَطَّابِ، فَقَالَ: مَا لِلئاسِ ؟ فَقُلتُ: أَمْرُ الله، ثُئم إن7 الئاسَ رَجَعُوا، وَجَلسً رَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَقَالَ: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً، لَهُ عَلَيْهِ بِينا*، قلًهُ سَلمهُ).
قَالَ: فَقُمْتُ، فَملتُ: منْ تشْهَدُ
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)، قال الإمام: اختلف الناس فى السلب، فقالت طائفة: هو للقاتل، أخذأ بظاهر هذا الحديث، فجعله بعضهم له على الاطلاق.
واشترط الشافعى أن يقتله فى حومة القتال، ومقبلا غير مدبر.
ومذهب مالك أنه لايكون للقاتل ضربة لارم ولكن للأمام أن ينفله إياه إذا بردت الغنيمة من الخُممس (1)، وحمل قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من قتل قتيلأ) على أن المراد به ابتداء إعطاء الأن، لاخبر عن حكم حكم الله تعالى به فى هذه الوقعة وفى غيرها، كما يحمله المخالف عليه، واللفظ يحتمل أن يقال خيراً عن الحكم فى سائر الوقائع، واستئاف حكم فى هذه الوقعة وخبراً عن التزام مالا يلزم، داذا احتمل سقط التعلق به.
وتال أصحابنا: مما يؤكد تأويلنا أنه أعطاه أبا قتادة من غير بينة ولم يحلفه، مع
(1) انظر: المفنى 13 / 63 ومابع!هاأ الحاوى 8 / هو3، الامتذكار 4 1 / 137 وما بعدها.
(6/60)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل 61
شهادة من هو فى يديه، ولو كان حقا تستحق المطالبة به لم يعط إلا ببينة لحق أهل الجيش
فى المغنم، ولكن لما كان من الخمس على جهة الاجتهاد اداه ( صلى الله عليه وسلم ) اجتهاده إلى إعطالْه إياه
على هذه الصفة.
وقد أعطى سلب اْبى جهل اْحد قاتليه مع قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (كلاكما قتله)،
وهذا لايصح إلا على مذهبنا أنه يصرفه حيث شاء، وقد كانت وقائع لم يعط فيها السلب للقاتلين، وقد قال عز من قائل: وَاعْلَمُوا اَئمَا غَنِمْتُم من شَيْء فَأَن لِذِ خُمُسَهُ وَلِلوشُول} (1)، فعم السلب وغيره.
قال القاضى: واختلف العلماء فى حمل هذا اللفظ على العموم والخصوص، فحمله
بعضهم على العموم فيمن يسهم له ومن لايسهم له، رجلا كان أو امراة اْو صبيا، وهو
أحد قولى الشافعى.
وعندنا اْنه لايستحق إلا من يقاتل، وقاله الشافعى مرة.
وقال الليث والشافعى والأوزاعى واحمد وإسحق والطبرى والثورى وأبو ثور: السلب للقاتل على كل
حال، قاله الأمراء ولم يقله، وهى قضية من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، إلا اْن الشافعى اشترط أن
يقتله مقبلا، والاءوزاعى اشترط أن الحرب إذا التحمت فلا سلب حينئد لقاتل وإنما ذلك قبل التحامها، وهو مذهب الشاميين، وغيرهم لايشترطون شيئا، ويرون ذلك لكل قاتل فى
معركة أو غيرها، قتل مقبلا أو مدبرا.
وذهب مالك وأبو حنيفة والثورى أنه ليس بحق
للقاتل وأنه غنيمة الجيش، إلا أن يجعل الأمير ذلك للقاتل (2).
واختلفوا فى تخميسه فقال مالك والأوزاعى ومكحول: يخمس، وقاله إسحق إذا كثر،
ونحوه عن عمرو.
قال الشافعى: يخمس، وقاله أحمد والطبرى وحكى ابن خويزمنداد
عن مالك أن الإمام مخير بالاجتهاد فيه، إن شاء خمسه وإن شاء لم يخمسه (3).
واختاره إسماعيل القاضى.
واختلفوا ماهو السلب الذى يستحق القاتل، ففبل: فرسه الذى يركبه وكل شىء عليه
من لبوس وسلاح وألة له ولفرسه ولسلاحه ؛ كالشوكار والمنطقة والسوار والخاتم والطوق
والناج واللجام والسرج / وإن كان فيها الذهب والفضة والجوهر، وهذا مذهب الأوزاعى، 67 / 1 وبه قال ابن حبيب من أصحابنا، وبه عمل جماعة من الصحابة، ونحوه مذهب الشافعى،
إلا أنه تردد فى السوارين واقلية ومافى معناها من غير حلية الحرب.
ومذهب ابن عباس:
الفرس والسيف والدرع والرمح وفى معناه السلاح، وهو معنهى مذهب مالك.
وذهب سحنون إلى نحو مذهب الشافعى من الفرس واللباس والسلاح، وحلية السلاح دون حلية الحرب، ولم ير أحمد الفرس من النفل ووقف فى السيف وشز فى هذا، ورأى ابن حبيب
(1) 1 لأنفال: 41.
(2) انظر: المغنى 13 / 0 7 وما بعدها، الاستذكلى 4 1 / 137 وما بعدها.
(3) انظر: الام!تذكلى 14 / 140 ومابعل!ا.
62 (6/61)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل لِى ؟ ثُمَ جَلَسْثُ.
ئمَ قَالَ مِثْلَ فَلِكَ.
فَقَالَ: فَقُمْتُ فَقُلتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِى ؟ ثُمَّ جَلَسْتُ.
ثُمَّ قَالَ فَلِكَ، الئالِثَةَ.
فَقمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَالَكَ ؟ يَا أبَا قَتَالَةَ!)، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ القِضَةَ.
فَقَالَ رَجُل مِنَ القَوْم: صدَقَ يَارَسُولَ اللهِ، سَلَبُ ذَلِكَ القَتِيلِ عنْدِى، فَا"رْضهِ مِنْ حَقهِ.
وَقَالَ أبُو بَكْرٍ الضديقُ: لاهَا اللهِ، إِ ؟ا لا يَعْمدُ إِلَى أسَد مِنْ اسدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيَعْطِيكَ سَلَبَةُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (صدَقَ، فًأعِطِهِ الَّاهُ)،
من اصحابنا ما فى منطقته من دنانير ودراهم لنفقة داخلة فى السلب، ولم ير ذلك الأوزاعى ولاغيره.
وللشافعى قولان فيما وجد فى عسكر العدو من اْموال المقتول، هل هو من سلبه اْم لا ؟
واحتج مخالفنا بقوله فى هذا الحديث: (من قتل قتيلا له عليه بينة) (1).
وقالوا: لايستحق السلب القاتل إلا بالبينة أو شاهد ويمن، وهو قول الشافعى والليث وبعض أصحاب الحديث.
وقال الأوزاعى: يعطى بقوله ولايحتاج إلى بينة، وهو قول المالكية (2)، وحجتهم فى هذا الحديث: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْعطاه بشاهد واحد ولم يحلفه معه، وأنه لم يرد ( صلى الله عليه وسلم ) البينة د انما أراد أن يعلم ذلك، ونحو هذا الليث أيضا، وأنهم عندهم باب خبر لا باب شهادة.
وأجاب المخالف بأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما أعطاه أبا قتادة بإقرار الذى حازه لنفسه، ولقول
أبى بكر - رضى الله عنه - ماقال، فحصل شاهدان له واعتراف الذى فى يديه الشىء يكفى.
وهذا لاحجة فيه ة لأن أبا بكر لم يشهد إنما رد قوله بما قاله، ولأن المقر إنما ينفع إقراره لغيره بخلاف مالك لغيره فيه، د انما النغ فيه بينه وبين المقولة، وهذا السلب ملكه صحيح لجميع الجيش حتى يثبت لقاتل صاحبه.
قالوا: وفى هذا الحديث من الفقه من الحديث جواز كلام الوزير والمستناب عن الأمير وغيره، ممن يتقدمه بما يعلمه من جواب الأمير ومقدمة قبل كلامه ؛ لقول اْبى بكر - رضى الله عنه -: ا لاها الله، إذا لايعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه).
ومعنى قوله: (يقاتل عن الله ورسوله) أى: لتكون كلمة الله وكلمة رسوله هى العليا.
فيه حجة اْن من قاتل فى الجيش من اْهل الذمة وقتل قتيلاً فلا سلب له.
وقوله: (فيعطيك سلبه): مما قد يحتج به المخالف باستحقاقه السلب بإضافته إليه،
(1) لفظر: ا لا ستذكا ر 4 1 / من1، 1 لحا وى 8 / 399، 0 0 4.
(2) 1 نظر: ا لا ستذكا ر 14 / 147.
(6/62)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل 63 فَأعْطَانِى.
قَالَ: فَبَعْتُ الئَرع فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرِفا فِى بَنِى سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأؤَلُ مَالي تَا"ثلتُهُ فِى ا لأِسْلام.
ولاحجة له إنما استحق بقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (فله سلبه) وتسويغه له ذلك.
وقول ابى بكر - رضى الله عنه -: ا لاها الله إذاً): قال الإمام: هكذا روى،
وصحيحه عند أهل اللغة: لاها (1) الله ذا، بغير ألف قبل الذال، و(ها) بمعنى الواو
التى للقسم، فكأنه قال: والله ذا.
وفى الكلام حذف تفديره: لا والله يكون ذا يمينى وذا
قسمى.
وقال أبو زيد: (ذا) صلة فى الكلام، وقد تقدم الكلام عليه فى حديث بريرة.
وقوله: (فابتعت به مخرفا)، قال الإمام: المخرف، بفتح الميم والراء: البستان،
والمخرف، بكسر الميم وبفتح الراء: الوعلم الذى يجعل فيه مايخترف من الثمار.
قال القاضى: رويناه بفتح الميم وبكسرها، فمن كسرها / جعله مثل مربد، ومن فتحه 67 / بجعله مثل مضرب.
ورويناه - اْيضا - بفتح الميم وكسر الراء، كما قالوا: مَسْكِن ومَسْجد
ومَسْجَد ومَسْكَن.
وقيل: المخرف: السكة من النخل هل يكون صغيرة تخترف من أيهَا
شاء، أى يجتنى.
قال أبو عبيدة: والمخرف: التمر الذى يجتنى.
وأنكره عليه ابن
قتيبة، وقال: إنما هى النخل، وأما التمر نفسه فمخروف.
قال ابن وهب: هى الجنينة الصغيرة، وقال غيره: هى النخلات غير الكثيرة، وقال غيره: هو ما يجتنى.
وقال أبو
عبيد: يقال للنخل نفسه: مخرف.
وقال الأصمعى: المخرف: جنى النخل ؛ لأنه
يخترف منها، أى يجتنى.
وفيه حجة أن التمر من الفاكهة ؛ لأن الخرفة الفاكهة.
فمن
حلف ألا يثل فاكهة فثلْ تمرأ حنث، إلا أن تكون له نية أو عرف استعمال عندهم.
قال الإمام: وقوله: (إنه لأول مال تَأثلْتُهُ): اْى تأصلته.
وأثلة الشىء: أصله.
قال القاضى: وبقى فى هذا الحديث ألفاظ ث منها: قوله: (فكانت للمسلميئ جولة)،
يريد انهزامأ وخفة ذهبوا معها، وهذا إنما كان فى مقدمة الجيش دون النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
والخبر
بذلك معلوم، وسيأتى فى حديث يوم حنين.
وقد ذكر بعض علمائنا الإجماع أنه لايجوز
أن يقال: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) انهزم أو هزم، ولم ير واحد قط فى حفه ذلك ( صلى الله عليه وسلم )، بل خلافه
فى الثبات والإقدام.
وقوله: (فرأيت رجلأ قد علا رجلأ من المسلِن): يحتمل أنه ظهر عليه وأشرف
على قتله أو صرعه وجلس عليه ليقتله.
(1) فى الأصل: لا، والمثبت من س.
64 (6/63)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل وَفِى حَدِيثِ اللَيْثِ فَقَالَ أبُو بَكْر: كَلا، لايُعْطِيهِ أضَيْبِعَ مِنْ قُرَيْشبى، وَيَاع أسَلمًا مِنْ أسْدِالله.
وَفَى حَدِيثِ اللَيْثِ: لأوذُ مَالٍ تَأئملتُهُ.
42 - (1752) حدثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ، أخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ المَاجِشُونِ،
عَنْ صَالِح بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْت، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْف ؛ أنَّهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِف فِى الَصَّفِّ يَوْمَ بَدْر، نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى وَشَمَالِى، فَإِفَا أنَا بَيْنَ غُلامَيْنِ مِنَ الأنْصَارِ، حَلِيثَة أسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا.
فَغَمزَنِى
وقوله: (فضربته على[ حبل] (1) عاتقه): قيل: هو موضع الرداء من العنق.
قال الخطابى: هو وصل مابن العنق والكاهل (2).
وقيل: الحبل: الوريد نفسه.
والوريد عرق بين الحلقوم والعلباوين، قال الله عز وجل: { وَنَحْنُ اقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْؤرِيد} (3).
وقوله: (فضمنى ضمة وجدت منها ريح الموت): أى شدته والمه، ويحتمل أن يكون استعارة لمقاربته لما يجد من الموت ؛ لأنه من شىء وجد ريحه، ومن بعد عنه لم يجده.
وقوله فى حديث الليث: (كلا، لايعطيه أصيبغ من قريش) كذا عند السمرقندى بالصاد المهملة والغن المعجمة.
قيل: كأن حقره وذمه بسواد لونه، وقيل: أى ذا لون غير محمود، وقيل: وصفه بالمهانة والضعف.
قال الخطابى: والأصيبغ نوع من الطير.
قال: وقد يجوز أن يشبهه بنبات ضعيف يقال له: الصيبغا، أول مايطلع من الأرض فيكون مايلى الشمس منه أصفر (4).
قال الهروى: الطاقة من النبت أول مايخرج يكون صبغا، مايلى الشمس من أعاليها أخضر.
قال القاضى: الأشبه على هذا أن يسمى به لتغير لونه لالضعفه اْو بهما.
وعند سائر الرواة (أضيبع) بضاد معجمة وعين مهملة.
وكذلك اختلف فيه رواة البخارى أيضا (ْ).
قيل: هو تصغير ضبع على غير قياس، كأنه لما وصف الآخر بالأسد صغر هذا بالأضافة إليه.
وشبهه بالضبع لضعف افتراصها وما توصف من الحمق والعجز.
وقوله: (بينما أنا واقف فى الصف يوم بدر، نظرت عن يمينى فإذا أنا بين غلامين
(1) ساقطة من الاْصل، والمثبت من س، والحديث المطبوع.
(2) انظر: معالم للسق 4 / 41.
(3) ق: 16.
(4) انظر: أمحلام الحديث 3 / 1754.
(5) البخارى، كالاْحكام، بالشهادة تكون عند لححم فى ولاية القضاء أو قبل ذلك للخصم 9 / 86.
(6/64)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل 65 أحَلُ!مَا.
فَقَالَ: يَاعَمِّ، هَلْ تَعْرتُ أبَا جَهْل ؟ قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ، ومَا حَاجَتُكَ إِلَيْه يَا ابْنَ أخِى ؟ قَالَ: اخْبرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَائَنِى نَفْسِى بِيَدهِ، لَئِنْ رَأيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادى سَوَالحَهُ، حَتَى يَمُوتَ الأعْجَلُ منَّا.
قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلكً.
فَغَمَزَنِى الاَخَرُ فَقَالَ مِثْلَهَاَ.
قَالَ: فَلَمْ أنْشَبْ أنْ نَظَرْتُ إِلَىَ أبِى جَهْل يَزُولُ فِى النَّاَسِ، فَقُلتُ: ألا تَرَيَانِ ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا ائَذى تَسْألانِ عَنْهُ.
قَالَ: فَابْتَمَرَاه، فَضَرَبَاهُ بسَيْفَيْهِمَا، حَتَى قَتَلاهُ.
ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولَِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاخبَرَاهُ.
فَقَالَ: (أيُّكُمَا قَتَلَهُ ؟ لا، فَقَالَ كُل وَاحِد مِنْهُمَا: أنَا
من الأوس، فتمنيت لو كنت بين أضلع منهما): لا أعلمه وقع فى كتاب مسلم فى جميع النسخ إلا هكذا، ووقع فى بعض روايات البخارى: (أصلح) (1) بالحاء، وهكذا رواه مسلم دون رواية جماعة من الحفاظ (أضلع) / وهو اْصوب.
قال الإمام: كذا وقع فى بعض الروايات - يعنى أضلع - والأشبه اْحد، أراد به:
لو كنت بين رجلن أقوى منهما.
ويقال للرجل الشديد الخلق: إنه لضليع[ الخلق] (2) وفى حديث على - رضى الله عنه - فى وصف النبى ( صلى الله عليه وسلم ): كما حمل فاضطلع بأمرك.
هو افتعل من الضلاعة وهى القوة، ويقال: هو مضطلع عليه، أى قوى عليه، وقد تقدم ذكر السلب قبل هذا.
قال القاضى: وقوله: ا لئن رأيته لايفارق سوادى سواده حتى يموت الأعجل منا):
اْى شخصى شخصه.
والشخص يسمى صواداً، وفى الحديث: (أنت السواد الذى راْيت أمامى) (3).
وقوله: (حتى يموت الأعجل منا) قيل: هو شىء استعمل فى كلام العرب، كأنه
يريد الأعجل أجلا والاءقرب موشا.
وقوله: (فلم أنشب أن نظرت إلى اْبى جهل يزول فى الناس): كذا روايتنا عن
كافة شيوخنا فى الكتاب وعند بعضهم عن ابن ماهان: (يرفل)، والرواية الأولى أظهر وأوجه.
ومعنى (يزول): أى يتحرك ويترجح ولايستقر على حال ولافى مكان.
والزوال الزمام والقلق ويصححه رواية من رواه: (يرقل) إن صحت، أى يسبل ثيابه اْو درعه ويجرها.
ومعنى ا لم أنتثب): لم يطل الاْمر، أى لم أشتغل بشىء ولم يشغلنى وهو استعارة لمن تعلق بشىء، يقال: نشب فيه.
(1) للفتح 6 / 248.
(2) ساقطة من الأصل، والمثبت من ص، ع.
(3) سبق فى كاب الجنائز، فى باب مايقال عند.
دخول للقبر برقم (103).
68 / 1
66 (6/65)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل قَتَلتُ.
فَقَالَ: (هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيكُمَا ؟) قَالا: لا.
فَنَظَرَ فِى السئَيْفَيْنِ فَقَالَ: (كِلاكُمَا قَتَلَهُ لما
هلا / ب
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهما: (أيكما قتله ؟) فقال: كلنا قتله، فقال: (هل مسحتما سيفيكما ؟): قالا: لا، فنظر فى السيفن فقال: (كلاكما قتله)، وقضى بسلبه لمعاذ ابن عمرو بنا لجموح.
قال ابن القصار وغيره: لما خص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) به أحدهما بعد قوله: (كلاكما قتله) علم على أن السلب غير مستحق للقاتل إذ يعطيه الإمام.
وقد اختلفوا فى الرجلن إذا قتلا قتيلا، لمن سلبه ؟ فقيل: ذلك لمن أجهز عليه إذا
كان يقدر على التخلص من ضرب الأول، وإن كان لايمتنع فلمن أثخنه، كما لو قطع الأول يديه ورجليه وقتله الاَخر فالسلب للأول، وهذا مذهب الشافعى (1).
ولو جرحه الأول عنده وأثخنه بذلك وذبحه الاَخر كان للآخر، ولو عانقه الأول فقتله الآخر فللاَخر سلبه.
وقال الأوزاعى (2): [ سلبه] (3) للمعانق.
وقال مكحول: إذا قتله الأول وأجهز عليه الآخر فالسلب للأول.
ولم أجدهم يختلفون لو كانا مشتركن فيه على سواء أنه بينهما على السواء، فقال أصحاب الشافعى فى هذا الحديث: إنما خص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) به أحدهما لأنه استطاب نفس الاَخر، وليس فى الحديث مايدل عليه، وهذا تحكم.
وقد قال بعضهم: بل كان هو الذى اْثخنه، و(نما قال: (كلاكما قتله) تطييبا لنفس الاَخر إذ كان شاركه فيه بعض المشاركة.
وهذا اْيضا لادليل عليه ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حين نظر إلى سيفيهما قال لهما: (كلاكما قتله) ونظره ليرى فى ذلك دليلاً يرجح به جهة القاتل، من أثر طعام أو مبلغ الدم وشبهه.
وهذا كله مع تسليمنا أصل المسألة لهم فى هذا الحديث، إذ لم يكن من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى
ذلك عهد، وإلا فعل ماقد ورد فى رواية أصحاب السير وغيرهم ؛ اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال يوم بدر: (من قتل قتيلا فله سلبه)، كما قال يوم حنين، فإنما أخذها من أخذها / فى اليومين بأمر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صاذنه، ولو كان هذا حكما منه تمليكا لازمأ فيما مضى ويأتى لما اختلف الصحابة بعده فى ذلك والخلفاء، وأخذوا باجتهادهم فى ذلك.
فإن صح أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال ذلك فتخصيص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) معاذاً به مع قوله: (كلاكما قتله) إما لأنه رجح فى نظره إلى السيفيئ أن معاذاً هو الذى اْجهز عليه، أو يقدر على مقاتلته، أو يكون باجتهاده ( صلى الله عليه وسلم ) بحسب ماعلم من نجدة معاذ وإقدامه، ويكون الآخر كالمعين له إن كان لم يقل ذلك.
(1، 2) انظر: التمهيد 23 / 58 2، 59 2، المغنى 13 / 66 وما بعدها.
(3) ساقطة من س.
(6/66)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل
67
وقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الجَمُ!ء - وَالرخلانِ: مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الجَمُ!ء وَمُعَاذُ بْنِ عَفْرَاءَ.
43 - (1753) وحدَّثنى أبُو الطَاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللْهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أبِيه، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكَ، قَالَ: قَتَلَ رَجُل مِنْ حِمْيَرَ رَجُلأ منَ العَمُؤ، فَأرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خًالدُ بْنُ الوَلِيدِ - وَكَانَ وَالِئا عَلَيْهِمْ - فَأتَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَوْفُ بْنُ مَالك، فَأخْبَرَهُ.
فَقَالً لِخَالدِ: (مَا مَنَعَكَ أنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ ؟).
قَالَ: استَكْثَرْتُهُ، يَا رَسُولِ اللهِ.
قَالَ: (ادْفَعْهُ إِلَيْهَ)، فَمَر خَالِد بِعَوْف فَجَر برِدَائِه.
ثُمَ قَالَ: هَلْ أنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ اَلئه ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَسَمِعَهُ رَسُوًلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاَسْتُغْضبَ.
فَقَالَ: ا لا تُعْطِه يَا خَالِدُ، لا تُعْطهِ يَا خَالِدُ.
هًلْ انتُمْ تَارِكُونَ لِى امَرَائِى ؟ إِنَمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اُسْتُرْعِىَ إِبِلاً أَوْ غَنَمًا فَرَعَاهَا، ثُمَّ
وقوله آخر الحديث: (والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء): كذا
فى كتاب مسلم وكتاب البخارى من طريق يوسف بن الماجشون (1).
وقد جاء فى البخارى - اْيضا - فى حديث إبراهيم بن سعد ؛ أن الذى ضربه ابنا عفراء (2).
وذكره - أيضا - من حديث ابن مسعود، وأن ابنا عفراء ضرباه حتى برد (3).
وذكر ذلك مسلم بعد هذا، أو ذكر غيرهما ؛ اْن ابن مسعود هو الذى أجهز عليه وأخذ رأسه، وكان وجده وبه رمق، وله معه خبر معروف وكلام مروى ذكروه.
وهو قول اْكثر السير.
وفى هذا الحديث من الفقه: أن المبادرة والسبق للفضائل والغضب لله - سبحانه - ولرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) لقولهما: إنه سب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وجواز ستر نية الإنسان مايريد به من الخير عن غيره مخافة أن يسبق إليه.
وفيه الحجة لمالك ومن تابعه أنه لايلزم البينة لمن قتل القتيل ويصدق إذا علم ذلك ولم يخف ؛ إذ لم يسألهما النبى ( صلى الله عليه وسلم ) البينة على ذلك.
وقوله: قتل رجل من حمير رجلا من العدو، فأراد سلبه فمنعه خالد بن الوليد وكان واليأ عليهم، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لخالد: لأ مامنعك أن تعطيه سلبه ؟، قال: استكثرته، وأنه اْمره بدفعه إليه، ثم ذكر الحديث وفيه آخر: ا لا تعطه ياخالد): قال الإمام: فى
(1) البخارى، كفرض الخمى، بمن لم يخمس الأسلاب 4 / 111، 112.
(2) البخارى، كالمغازى، بفضل من شهد بدراه / ما، 99.
(3) البخارى، كالمغازى، بقتل أبى جهل 5 / 95.
لملأ (6/67)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل تَحَيق سَقْيَهَا، فَا"وْرَ!ا حَوْضًا، فَشَرَعَتْ فِيهِ، فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدِرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدِرُ عَلَيْهِمْ).
44 - (... ) وحدَثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدثنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرخْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْتِ بْنِ مَالِك الأشْجَيىِّ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ مَنْ خَرَجَ مَعَ زَيْد بْنِ حَارِثَةَ، فِى غَزْوَة مُؤْتَةَ.
وَرَافَقَنِىً مَلَدِى منَ اليَمَنِ.
وَسَاقَ الحَدِيثَ عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) بِنَحْوِه، غَيْرَ أنَهُ قَالً فِى الحَديثِ: قَالَ عَوْت!: فَتهُلتُ: يَا خَالدُ، أمَا عَلمْتَ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ قَضَى بال!مئَلَب للظَ تل ؟َ قَالَ: بَلَى، وَلَكئى ا سْتَكْثَرْلمُ.
ًًًً
69 / 1
هذا الحديث - وفيما وقع فى حديث قاتل أبى جهل - حجة لمالك فى السلب وقد تقدم، ولو كان حقا للقاتل على كل حال ما أمر به ( صلى الله عليه وسلم ) ثم رجع عنه.
فإن قيل: وأنتم إذا قلتم بأنه يعطيه على جهته الاجتهاد فلم رجع عنه ؟ قلنا: لتبدل اجتهاده لأنه رآه أولأ أهلاً لأن ينفل السلب، فلما وقع مايدل على الرد (1) على الأمير وتوقع فيه أن يجسر على أمرائه فيما بعد، رأى من المصلحة إمضاَ مافعلوه أولأ ؛ ليكون ذلك أبلغ فى نفوذ أوامرهم واْمغ من الجرأة عليهم.
فإن قيل: فقد صارت هبة، والهبة لايرجع فيها، قلنا: فى الوجوب عنها خلافا مع
أن هذه خارجة من هذا القبيل، !(نما هو مال الله يعطيه من يشاَ بحسب الاجتهاد، فإذا ظهر له اجتهأد آخر هو أولى رجع إليه.
وقد وقع فى بعض طرقه أن عوفأ قال: ياخالد، أما علمت أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قضى بالسلب للقاتل ؟ فقال: بلى، ولكنى امشكثرته فإن قال الثافعى: ظاهر هذا أنه حكم قضى به وشرع خلاف تأويلكم، قلنا بعد اْن نسلم أن ظاهر هذا اللفظ هكذا، فإنما هو قول الصاحب وفيه احتمال /، وقد قدمنا من فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مادل على ماقلناه.
قال القاضى: وقوله: فمر خالد بعوف فجر رداعى، فقال: هل أنجزت لك ماذكرت
لك عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فسمعه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فاستغضب وقال: ا لاتعطه ياخالد، هل أنتم تاركون لى أمرائى): فيه ما يلزم من ترك الطعن على الأمراَ وثوقيرهم وبرهم، وأن للإمام أن يترك ما أمر به ويرجع عنه أو يأمر بما قد نهى عنه فى أشياَ، إذا رأى فيها مصلحة المنهى عنه أو غيره أو معاقبته، لنهيه هنا عن إعطاَ السلب بعد تسويغه لما أنفهم له ما على خالد فى ذلك من الغضاضة من كلام عوف، وهذا كقوله: (اسق يازبير حتى (1) فى ع: الافتيات، وكذلك فى س.
(6/68)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل 69 45 - (1754) حدَّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الحَنَفِى، حَدّثنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّار، حَدثنِى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدثنِى أبِى، سَلَمَةُ بْنُ اكْوَع، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) هَوَازِنَ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَضَحَّى مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِذ جَاءَ رَجُل عَلَى جَمَلٍ أحْمَرَ، فَا"نَاخَهُ، ثُمَّ انْتَزعً طَلَقًا مِنْ حَقَبِهِ فَقَيدَ بِهِ الجَمَلَ، ثُمَّ تَقَلَّمَ يَتَغَدَّى مَعَ القَوْم،
تبلغ الجدر) فاستوعب له حقه بعد ان كان اقتصر به على بعضه لما رأى من حضه عدم الرضا بقوله.
وقوله فى الأمراء فى هذا الحديث: (إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل استرعى إبلا) الحديث، وقوله: (فَصَفوه لكم وكدره عليهم): صفو الشىء: خالصه، بفتح الصاء لاغير.
فإذا ألحقوه التاء قالوا: صَفْوة وصِفْوة، يريد أنه تقاضاه جميع المال وحيطة البلاد، ومداراة الناس على الأمراء، وللناس أعطياتهم صافية، ثم ماكان من خطأ فى ذلك أو غفلة، أو عبث، أو سوء قالة فعلى الأمراء، والناس منه اْبرياء.
وقوله: (فشرعت): اى شربت، والمشارع أمكنة الشرب من المياه ومواردها.
وقوله: (خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة فى غزوة موتة): حكاها ثعلب والفراء بالهمز.
وقوله: (رافقنى مددى من اليمن): يريد ممن جاء فى مدد اليمن الذى مد بهم جش موتة وحشد ما معه.
وقوله: (غزونا مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) هوازن، فبينا نحن نتضحى إذ جاء رجل على جمل أحمر، فأناخه ثم انتزع طلقا من حقبه فقيد به الجمل) الحديث، إلى أنهم كانوا يتقدمون فى ذلك الوقت.
والطلق: القيد من الجلود.
والحقب: حبل يثد على حقو البعير.
قال القاضى: (نتضحى هنا نحوها) قال الخطابى معناه: نثغدى، كما جاء مفسرأ
فى الحديث: ثم قعد يتغدى مع القوم.
وأما الحقب فقال بعفشيوخنا فيما كتبناه عنه: الصواب أن يكون هذا الحرف من حقبه بسكون القاف، أى مما احتقب ضلعه وجعله فى حقيبته، وهى الرفادة فى موخرة القتب.
قال القاضى: ولم نروه إلا بالفتح فى القاف، وكذلك انطلق فى الدار، وروى ابو
داود هذا الحرف (حقوه) (1) وفسره: موخره.
قال القاضى: وأشبه عندى أن يكون معنى (حقوه) على هذه الرواية حُجْزته وحزامه،
(1) لبو داود، كالجهاد، بفى لباصوس المستأمن 2 / 45.
70 (6/69)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل وَجَعَلَ يَنْظُرُ، وَفينَا ضَعْفَةٌ وَرِقَّة!فِى الطهْرِ، وَبَعْضُنَا مُشَاة، إِذ خَرَجَ يَشْتَذُ، فَأتَى جَمَلَهُ فَأطلَقَ قه !هُ، ثُمَّ أَنَاخَهُ وَقَعَدَ عَلَيْهِ، فَا"ثَارَهُ، فَاشْتَذَ بِهِ الجَمَلُ، فَاتبعُهُ رَجُل عَلَى نَاقَةِ!رْقَاءَ.
قَالَ سَلَمَةُ: وَخَرَجْتُ أشْتَد، فكلنتُ عنْدَ وَرِك الئاقَة، ثُمَ تَقَدَمْتُ حَتَى كُنْتُ عِنْدَ وَركِ الجَمَلِ، ثُمَّ تَقَذَمْتُ حَتَى أخَذْتُ بخَطَام الجًمَلِ فَا"نَخْتُهُ، فَلَمَا وَضَعَ رُكْبَتَهُ فِى الأَرْضِ اخْتَرَطتُ سَيْفِى فَضَرَبْتُ رَأسَ الَرخلِ.
فَنَدَرَ، ثُمَ جئْتُ بِالجَمَلِ أقُو!هُ، عَلَيْهِ رَحْلُهُ وَيلاحُهُ، فَاسْتَقْبَلَنِى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَالئاسُ مَعَهُ.
فَقَالً: (مَنْ قَتَلَ الرخلَ ؟).
قَالُوا: ابْنُ اكْوَع.
قَالَ: ا لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ).
والحقو: معقد الإزار من الرجل، وبه سمى الإزار حقواْ، وقد يكون ربط هذه الطلق وشده بالحقب صونأ له فتستقيم الرواية والمعنى على مافى الكتاب، وبه فسر القتبى.
ووقع فى رواية السمرقندى: (من جعبته) فإن صح ولم يكن تصحيفا فله وجه إن علقه بجعبة سهامه وأدخله فيها.
وقوله: (وفينا ضعفة ورقة): كذا ضبطناه بسكون الين هنا، وهو الصواب، اْى
حالة ضعف وهزال.
69 / ب
قال القاضى: ومن رواه بفتح العين فجمع ضعيف، والأول أوجه.
وقوله: (إذا خرج يشتد) اْى يجرى (فأتى جَمَله فأطلق قيده فقعد عليه فأثاره):
أى بعثه وأقامه ليمشىَ / به.
وناقة ورقاء: فى لونها بعض سواد كالغبرة، وقد تقدم.
وقوله: (فاخترطت سيفى) أى فسللته (فضربت رأسه فندر): كذا رويناه بالنون
فى مسلم وغيره، أى زال عن ساكنه وبان منه.
قال الإمام: (فندر) يشبه أن يكون أراد سقط، قال: وقد تقدم الكلام على هذه اللفظة وتصريفها قبل.
وقوله: فاستقبلنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والناس معه فقال: (من قتل الرجل ؟) قالوا: ابن الاكوع، قال: ا له سلبه اْجمع): قال القاضى: فيه استقبال السرايا، والمَنويه بمن فعل جميلاً، وأن السلب إنما يكون للقاتل بتسويغ الإمام، وأن قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا فى هذا الموطن - وفى غيره من المواطن التى قالها فيه - لو كان أمراً أوجبه لكل قاتل أبدأ، وجعله له حقا، لاكتفى بالمرة الواحدة فيه، ولم يحتج إلى تكراره فى قوله: ا له سلبه أجمع) دليل على هذا.
وفيه حجة أنه لايخمس كما قاله المخالف وكما ذكر فى الشاذ عن مالك.
وفيه أن للأمام أن ينفل جميع ما أخذته السرية من الغنيمة لمن يراه من أهلها، على قول من راة من أهل العلم إذ جاء أنه قد كان مع سلمة غيره.
وفيه قتل
(6/70)
كتاب الجهاد / باب استحقاق القاتل سلب القتيل
71
الجاسوس من الحربين، ولا خلاف فى ذلك.
وقد ذكر النسائى أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان اْمرهم بطلبه وقتله (1).
واختلف فى الجاسوس المعاهد والذمى، فعندنا أنه نقض للعهد ويقتل، وإن رأى الإمام استرقاقه استرقه، وهو قول الأوزاعى.
وقال معظم الفقهاء: لا يكون نقضا للعهد وشمجنهم الإمام (2).
واختلفوا فى الجاسوس المسلم، فجلهم على اجتهاد الإمام فيه بغير من الضرب والحبس، وهو قول اْبى حنيفة والأوزاعى، وللشافعى وبعض اْصحابنا.
وقال مالك: يجتهد فيه الإمام ولم يفسر.
وقال كبار اصحابه: يقتل.
واختلفوا فى إقالته بتوبته.
وقال ابن الماجشون: إن عرف بذلك قتل دالا نكل، قال القابسى: هذا الحديث أصل فى قتل الجاسوس والسارق من المشركين من أهل الحرب وكل داخل إلينا منهم بغير أمان، إلا أن يدعى أنه أتى نازعا فيرد إلى مأمنه أو أشكل أمره فيقبل قوله.
(1) النائى فى للكبرى، كالسير، بقتل عيون المشركين (44 لمه / 1).
(2) لفظر: المغنى 13 / 44 وما بعدها.
72
(6/71)
كتاب الجهاد / باب التنفيل وفداء المسلمين بالأصاوى
(14) باب التنفيل وفداء المسلمن بالأسارى
46 - (1755) حدَئمنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدثنَا عكْرَمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدثنى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدثنِى أبِىً، قَالَ: غَزَوْنَا فَزَارَةَ وَعَلَيْنَا أبُو بَكر، أَفرَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَيْنَا، فَلَمَّا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ المَاءٍ سَاعَة، أَمَرَنَا أَبُو بَكْر فَعَرَّسْنَا، ثُمَّ شَنَّ الغارَةَ، فَوَرَدَ المَاءَ، فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ عَلَيْه، وَسبَى.
وَاُّنْظُرُ إِلَى عُنُق مِنَ النَّاسِ، فِيهمُ النَّرَارِىُّ، فَخَشِيْتُ أنْ يَسْبِقُونِى إِلَى الجَبًلِ، فَرَمَيْتُ بِمهْمٍ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ الجَبَلِ، فَلَمَّا رَأَوأ السَّهْمَ وَقَفُوا، فَجئْتُ بِهِمْ أسُوقُهُمْ، وَفِيهِمُ امْرَأة! مِنْ بَنِ! فَزَارَةَ، عَلَيْهَا قِشْع مِنْ أ ؟ - قَالَ: القِشع النِّطَعُ - مَعَهَا ابْنَةُ لَهَا مِنْ أخسَنِ العَرَبِ، فَسُقْتُهُمْ حَتَّى أتَيْتُ بِهِمْ أبَا بَكْر،
70 / أ
وقوله: (غزونا فزارة مع أبى بكر - رضى الله عنه - فلما كان بيننا وبين الماء ساعة):
كذا للجماعة، وعند الهوزنى: (بيننا وبين المساء ساعة)، وكلاهما صحيح ؛ لأن الماء هو موضع اجتماعهم.
وفى المساء - أيضا - وقت هدوئهم وسكونهم واجتماعهم لمائهم، لكن قوله: (أمرنا أبو بكر فعرشنا، ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل): يدل على صواب رواية غيره، فإنما يكون التعريس بالليل وهو النزول فيه، وكدلك الغارات إنما عادتهم بها مع الصباح.
قال الإمام: وقوله: (شن الغارة) أى فرقها.
وقيل: صبها عليهم صبا، كما يقال: شن الماء، أى صبه.
قوله: (وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذرارى) أى جماعة، قال القاضى: وقوله: (فيهم الذرارى) هذه الكلمة تنطلق عند العرب على الأطفال والنساء.
قوله: (فيهم امرأة عليها قشع) بالفتح رويناه عن الأسدى، وبكسرها عن الصدفى، وبالكسر ذكرها الهروى، وبالوجهين ذكرها الخطابى وفسره فى الحديث بالنطع وهو صحيح.
قال الإمام: / وفيه لغتان: كسر القاف، وفتحها.
وقشعت الثىء.
إذا قشرته.
وقوله: معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم، حتى أتيت بهم أبا بكر الصديق - رضى الله عنه - فنفلنى ابنتها، فقدمنا المدينة، فقال لى النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (هب لى المرأة)، ففعلت، فبعث بها ( صلى الله عليه وسلم ) إلى أهل مكة، ففدى بها ناسأ من المسلمين كانوا أسروا بمكة، قال الإمام فى الرجل الكافر إذا أسره: أن يقتله أو يبقيه للجزية، وله أن يمن عليه أو
(6/72)
كتاب الجهاد / باب التنفيل وفداَ المسلمين بالاْسارى
73
فَنَفلَنِى أبُو بَكْر ابْنَتَهَا.
فَقَدِمْنَا المَلِينَةَ وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَو"لا، فَلَقِيَنِى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فِى السُّوق.
فَقَالَ: (يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِى المَرْأةَ).
فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالله، لَقَدْ أعجَبَتْنِى، وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَويا.
ثُمَّ لَقيَنِى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ الغَدِ فِى السُّوقِ.
فَقَالً لِى: (يَا سَلَمَةُ، هَبْ لِى المَرْأةَ، دئهِ أبُوكَ!) فَقُلتُ: هِىَ لَكَ.
يَا رَسُولِ اللهِ.
فَوَالنهِ، مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوبا، فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى أهْلِ مَكَةَ.
فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ، كَانُوا اسِرُوا بِمَكَةَ.
يفادى به.
ومنع اْبو حنيفة المن والفداَ.
وفى هذا الحديث المفاداة بهذه المراْة، وقد تقدم أنه ( صلى الله عليه وسلم ) فادى بالرجل الذى أظهر الإسلام ولم يقبله منه برجليئ من أصحابه.
وقد قدمنا الكلام على هذا الحديث، فإن كان يمنع المفاداة بالمرأة فهذا الحديث حجة عليه.
قال بعض الناس: فيه التفرقة بين الأم وولدها، خلافأ لمن قال: لايفرق بينهما أبداً ؛ لأنه لم يذكر أنه لما نفلها إياه جمع بينها وبين أمها.
قال القاضى: وممن قال بقول مالك فى جواز المن والفداَ: الشافعى وأحمد واْبو ثور وكافة العلماَء، وأجازوا هذا بالمال وبالأسرى.
وقال اْبو حنيفة: فمرة لايفادى ولا يمن جملة، وقال مرة: لابأس بفدائهم بالمسلمين، وهو قول محمد وأبى يوسف (1).
قال القاضى: ويحتج بهذا الحديث من يرى النفل قبل الخمس.
وليس فيه حجة، إذ
قد يمكن أنه علم قيمتها حتى يخمس اْو كان بعد التخميس.
وفيه استيهاب الأمام أهل جيشه بعض ماغنموا ليفادى به أو يصرفه فى مصالح المسلميئ، كما فعل فى هوازن وكذلك لما نفله، واْنه ليس من باب الرجوع فى الهبة ؛ إذ لم يهبه ماله ولا استرجعه أيضا لنفسه.
(1) انظر: المنى 13 / 44 وما بعدها.
!
74
(6/73)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
(15) باب حكم الفىء
47 - (1756) حدَّثنا أحْمَدُ بْنُ حنبَل وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِم، قَالا: حَا شَا عبدُ الرَّزَّاق، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمَّام بْنِ مُنمه.
قَالَ: هَنَا مَا حَدثنَا أبُو هرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَادِيثَ منْهَا: وَقَالَ: قَاذَ رَسُولُ اللْهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أيمَا قَرْيَ! أتَيْتُمُوهَا، وَأقَمْتُمْ فيهَا، فَسَهْمُكُمْ فِيهَا، وً أَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ !رَسُولَهُ، فَإِن خُمسَهَا لتهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِىَ لَكُمْ لما.
وقوله: (أيما قرية أتيتموها وأقمتم فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسول الله
فإن خمسها لله ورسوله): يحتمل أن يكون الأول فى النفى مما لم يوصف عليه بخيل ولاركاب مما اْجلى عنه أهله أو مما لحق عليه، فيكون حقهم فيها، أى قسمهم فى العطاء، ويكون المراد بالثانى ما فيه الخمس مما أخذ عنوة.
ولم يختلف العلماء أنه لاخمس فى الفىء إلا الشافعى وحده، وقد خالفه بعض أصحابه فى ذلك.
وقوله: (فخمسها لله ورسوله ثم هى لكم) مثل قوله فى الحديث الاَخر: (مالى
مما أفاء الله عليكم إلا الخمس وهو مردود عليكم) (1).
وقد اختلف العلماء فى معنى قوله عز وجل: { وَاعْلَمُوا اَنمَا غَنِمْتُم نِن ثَ!ءٍ فَأَن لِئهِ خُمُسَهُ وَلِلزسُول} (2) فقيل: ا لله) هنا استفتاح كلام للتبرك باسمه تعالى ؛ إذ كل ضىء لله تعالى، قال: وللرسول سهم يختص به، غاب أو حضر.
وقيل: خمس الله وخمس الرسول واحد، ويخمس الخمس على خمسة أخمس: خمس لله وللرسول، وخمس لذوى القربى، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لابن السبيل.
وهذا قول الشافعى.
وقيل: ا لله ورسوله) اْى مما يقرب لله ورسوله، أو الحكم فيه لله ورسوله، ويفرق سائره على اجتهاد الإمام فى أقرباء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وغيرهم، وليس هو مقسوم على السهام، وأن المراد بمن سمى فى الاَية من يجوز ذلك من الأصناف لا على القسمة عليه، لان شاء أوققه لنوائب المسلمين، وهو قول مالك وأصحابه.
وقيل: معناه: خمس واحد كان يعزله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ويقسم الأربعة بين الناس، ثم يقبض على الخمس.
فما خرج بيده جعله للكعبة، فهذا هو المسمى لله، ثم يقسم بقية الخمس المعزول ؛ سهم منه للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) يخصه، وسهم لذى القوبى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
(1) أنجو داود، كلبهاد، بفى الإمام يستأثر بثىء من الفىء لنفسه 2 / 74، 75، أحمد 4 / 128، مالك فى الموطأ، كالجهاد، بما جاء فى الغلول 2 / 457 (22).
(2) الائفال: 41.
(6/74)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء 75
48 - (1757) حدَّثنا قتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، وَمُحَمَدُ بْنُ عبَاد، وَأبُو بَكْرِ بْنِ أبِى شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - وَاللَفْظُ لابْن أبِى شَيْبَةَ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدثنَا سُفْيَانُ - عَنْ عَمْرو، عَنِ الرفْرِىّ، عَنْ، مَالِكِ بْنِ أوْس، عَنْ عُمَرَ.
قَالَ: كَانَتْ أمْوَالُ بَنِى النَّضِيرِ مِمَا أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، مِمَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ بِخَيْل وَلا
فيقسم خمس الخمس عند قائل / هذا على ستة أسهم (1).
وقيل: يقسم الخمس كله على أربعة بينهم ؛ لله ورسوله ولذى القربى واحد، والثلاثة للباقن، وروى هذا عن ابن عباس.
وقيل: يقسم الخمس على ستة أسهم ؛ سهم لله يرد على عباد الله للحتاجن، وسهم للرسول، واْربعة أسهم لمن سمى الله - سبحانه - فى كتابه.
وقال ابن عيينة: إنما افتتح الكلام فى الفىء والخمس بذكر نفسه لاءنها أطيب الكسب،
وإنما ينسب إليه مايشرف ويعظم.
ولم يقل ذلك فى الصدقات لأنها أوساخ الناس.
وقوله: (كانت أموال بنى النضير مما اْفاء الله تعالى على رسوله مما لم يُوجَف عليه بخيل ولاركاب، فكانت للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) خاصة ينفمنها على أهله نفقة سنة، ومابقى يجعله فى الكسل والسلاح): قال الطبرى: كان ما أفاء الله - سبحانه - على رسوله طعمة من الله له على أن يكل هو منه وأهله ما احتاجوا، ويصرف مافضل عن ذلك فى تقوية الإسلام.
وعن عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - اْنه - عليه السلام - كان يعود منها على فقراء بنى هاشم ويزوج أيمهم.
ومعنى (ما اْفاء الله): اْى ما رد وصرفه عليهم من أموال الكفر.
قال الإمام: أما ماغنمه المسلمون بالقتال فلاخلاف اْنه يخمس ويصرف خمسه حيث
اْمر الله عزوجل، والأربعة الأخماس هى للغانمين على ظاهر القرآن.
وما اْجلى عنه أهله من غير قتال فعندنا اْنه لايخمس ويصرف فى مصالح المسلمين، كما كان ( صلى الله عليه وسلم ) يصرف مايوخذ من بنى النضير، وعند الشافعى اْنه يخمس كالذى غنم بالقتال، يصرف خمسه فيما يصرف فيه خمس ماغنم بالقتال.
وقوله: (ما لم يوجفأ: الايجاف: الإسراع، ووجيف الخيل والركاب إسراعها بالسير.
قال الإمام: خرج مسلم سند هذا الحديث عن جماعة من شيوخه، كلهم عن سفيان
ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهرى.
هكذا إسناده عند اْبى اْحمد الجلودى، وسقط ذكر إلزهرى فى هذا الإشاد من نسخة ابن ماهان والكسائى، والحديث محفوظ لابن
(1) لنظر: الاستذكار 14 / 162 وما بعدها، الحاوى 8 / 12 4 وما بعدها.
70 / ب
76
(6/75)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
رِكَاب، فَكَانَتْ لِلنَبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) خَاضَةً.
فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ، وَمَا بَقِىَ يَجْعَلُهُ فِى الكُرَلما وَالسِّلاح، عُئَة فِى سَبِيلِ اللهِ.
(... ) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، 5 قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَعْمَر، عَنِ الرفرِىِّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
49 - (... ) وحدَّثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّد بْنِ أسْمَاءَ الضبعِى، حدثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِك، عَنْ الزهْرِىِّ، أن مَالك بْنَ أوْس حَدةَلهُ، قَالَ: أرْسَلَ إِلَى عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ، فَجِئْتُه حِينَ تَعَالَى الئهَارُ.
قَالً: فَوَجَدْتُهُ فِى بِيْتِهِ جَالِسئا عَلَى سَرِير، مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ،
71 / ءا
عيينة عن عمرو بن دينار، عن الزهرى، عن مالك بن أوس، عن عمر.
قال القاضى: فى هذا الحديث جواز ادخار قوت سنة، وفعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى هذا لم
يكن لنفسه شيئا، وأن الادخار لرب العيال مما لايقدح فى التوكل.
ولاخلاف عند الفقهاء فى جواز ادخار مايرفعه الرجل من اْرضه وزراعته، مما لم يشتره من السوق.
ورفع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قوت سنة لعياله إنما كان من زراعته.
واختلفوا فى ادخار قوت سنة من السوق، فأجازه قوم واحتجوا بهذا الحديث.
ولاحجة فيه لما قدمناه، وضعفه الاكثر على مقدار مالا يضر بالسعر، فإن كان ضيقا لم يشتره إلا بحسب الحال لشهره أو يومه، وهو مع الرجاء أوسع للسنة، وأكثره بجواز الاحتكار.
قال معمر وابن المسيب وغيرهما: وهذا فى غير الضرر.
ومنعه آخرون للحديث الاَخر: ا لا يحتكر الأخاطير).
قال بعضهم: ليس ادخار قوت سنة من الحكرة.
وفيه حجة لمالك ومن لم ير تخميس الفىء ولاقسمته على الأخماس، ومن سمى فى
الاَية خاصة، وأنه موكول إلى اجتهاد الإمام، إذ لم يذكر فى الحديث منه إلا نفقته منه على أهله، وتصريفه فى العدة والسلاح.
وفيه أن للإمام الأكل من / الفىء والنفقة على عياله لأنه من العاملين.
هذا إذا لم يقل بقولنا: إن معنى السالْر لرسوله أى له فيه نصيب، أو لأن له حقا فى الفىء كما لسائر المسلمن.
وقوله: (كانت للنبى كله خاصة): ظاهر فى أنه لايخمس كما قال الشافعى.
وذكر مسلم حديث مالك بن أوس فى قصة على والعباس - رضى الله عنهما - ومكالمحهما بين يدى عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - فى صدقات النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقوله: (فوجدته على سرير مفضيا إلى رماله) أى ليس على السرير فراش.
ورمال السرير وهو ما ينسج للمضجع فيه عليه من سعف وشريط وشبهه، يريد أنه باشر رمال السرير بجنبه.
(6/76)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
77
متَكِئا عَلَى وِيمَ الة مِنْ أ ؟.
فَقَالَ لِى: يَا مَالُ، إِنَّهُ قَدْ دَتَّ أهْلُ أئيَات مِنْ قَوْمِك، وَقَدْ أمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْني، فَخُنْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ.
قَالَ.
قُلتُ: لَوْ أمَرْتُ بَهَنَا غَيْرِى ؟ قَالَ: خُنْهُ.
يَا مَالُ.
قَالَ: فَجَاءَ يَرْفَا.
فَقَالَ: هَلْ لَكَ يَا أمِيرَ المُؤْمننَ فِى عثمَانَ وَعَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْت وَالزبيْر وَسَعْد ؟ فَقَالَ عُمَرُ: نَعَمْ.
فَأفِنَ لَهُمْ، فَدَخًلُوا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ.
هَلْ لَكَ فِى عَبَّاس وَعَلِى ؟ قَاذَ: نَعَمْ، فَا"فِنَ لَهُمَا.
فَقَالَ عَبَّاس: يَا أمِيرُ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِى وَبَيْنَ هَذَا الكَاذبِ الآثِم الغَ ال رِ الخَائِنِ.
فَقَالَ القَوْمُ: أجَل، يَا أمِيرَ المُؤْمِنِنَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأرِحْهُمْ، - فَقَالً مَالِكُ بْنُ أوْس: يُخَيَّلُ إِلَىَّ أنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لنَلِكَ - فَقَالَ عُمَرُ: اتَّئدَا.
انشُدُكُمْ بِالئهِ الَّذِى بِإِفنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ، أتَعْلَمُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قًال: وقوله أول الحديث: (يا مال)، قال الإمام: وهو ترخيم مالك، كما يقال: ياحار، فى ترخيم حارث.
وقد قرئ فى الشاذ: (ونادوا يا مال).
ولك فيه وجهان: إذا رخمت مالكا فتكسر اللام ؛ إشعارا بالمحذوف.
والثانى: رفعها ورد إعراب آخرها عليها كأنه لم يكن، وكان الباقى هو الكلمة كلها، فيقع الضم فى اخرها، وتقديراً أن الضمة مع حذفه علامة عليه، داذا ضممت قدرت المحذوف كأنه لم يكن، وكان الباقى هو الكلمة كلها فيقع الضم فى اَخرها.
وقوله: (قد دث أهل أبيات من قومك): الدف: المشى بسرعة، فكأنهم جاؤوا يسرعون لضر اْصابهم.
قال القاضى: الدف: السير ليس بالشديد.
وقوله: (حين تعالى النهار): أى ارتفع، وهو بمعنى متع فى روايهَ البخارى (1).
وقوله: لأ قد أمرت فيهم برضخ) بسكون الضاد، قال الإمام: الرضخ: هو العطية القليلة، يقال: رضخت له من مالى رضخة.
وقوله: (أنشدكما بالله): معناها: يسألكما بالله.
يقال: نشدتك بالله ذكرت به مستحلفأ والنشيد (2): رفع الصوت.
قال القاضى: وقوله: لأ اتئدا) معناه: تمهلا ولا تعجلا.
وقول العباس: (اقض بينى وبين هذا الكاذب الاَثم الخائن الغادر)، قال الإمام:
اللفظ الذى وقع من العباس لايليق بمثله، وحاشا عليا منه اْن يكون فيه بعض هذه الأوصاف، فضلا عن كلها، اْو عن يُلِتمَ بها، ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْو لمن (1) البخارى، كفرض الخمس، بفرض الخمس 4 / 96، 97.
(2) فى الأصل: الثد، والمثبت من ع.
71 / ب
78 (6/77)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
ا لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَ الدَقَة!).
قَالُوا: نَعَمْ.
ثُمَ أقَبَلَ عَلَى العَئاسِ وَعَلِى فَقَالَ: أنْشُدُكُمَا بِالثهِ، ائَذِى بِإفنِهِ تَقُومُ السمَاء وَالأرْضُ، أتَعْلَمَانِ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ !دَقَةَ!).
قَالا: نَعَمْ.
فَقَالَ عُمَرُ: إِنَ اللهَ جَل وَعَر كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ ( صلى الله عليه وسلم ) بِخَاضَة لَمْ يُخَصَصْ بِهَا أحَايم غَيْرَهُ.
قَالَ: مَا أَفَاءَ الفهُ عَلَئ رَسولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلوشًول} (1) - مَا أ!رِى هَلْ قَرَأ الاَيَةَ ائَتِى قَبْلَهَا أمْ لا - قَالَ: فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَيْنَكُمْ أمْوَالَ بَنِى
شهد له بها، لكنا مأمورون بتحسيئ الظن بالصحابة - رضى الله عنهم - ونفى كل رزيلة عنهم، د إضافة الكذب لرواتها عنهم، إذا استدت طرق التأويل.
وقد حمل بعض الناس هذا الرأى على أن أزال من نسخته ماوقع فى هذا الحديث من هذا اللفظ، وما هو بعده مما هو فى معناه ؛ تورعأ عن إثبات مثل هذا، أو لعله يحمل الوهم على رواته.
وإن كان هذا اللفظ لابد من إثباته ولا يضاف الوهم إلى رواته، فأمثل ماحمل عليه
أنه صدر من العباس على جهة الادلال على ابن أخيه ة لأنه فى الشرع أنزل منزلة اْبيه، وقال فى ذلك مالا يعتقد وما يعلم براعة ابن أخيه منه، ولعله قصد بذلك ردعه وزجره عما يعتقد أنه مخطئ فيها، أو أن هذه الأوصاف وقع فيه على مذهبه من غير قصد لها، بل كان على - رضى الله عنه - عنده متأولا فيها، فكأنه يقول: أنا على رأى إذا فعلت هذا عن قصد أو وقعت فى مثل هذا الوصف، وإن كان عند على - رضى الله عنه - لايوجب على مذهبه وقوعه فيها، وهذا كما لو قال المالكى فى رجل شرب النبيذ: هو عندى ناقص الدين ساقط القدرات، لكان ذلك كلامأ صحيحأ على أصله، د إن كان الحنفى يعتقد أنه اْتى من ذلك / مباحا لايفسد مروءته، ولايسقط عدالته.
ومن الدليل على اْن هذه الطريقة هى التى تسلك فى التأويل أو ما فى معناها ؛ اْن مجلسا حضر فيه عمر بن الخطاب - رضوان الله عليهم - وهو أمير المؤمنن، وقد عرف من تشدده فى الحدود والأعراض، وبعده عن المداهنة ما فات به الناس، وفيه عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد - رضوان الله عليهم - ثم قال هذا ولاينكره منكر، ولايزجر عنه عمر - رضى الله عنه - وهو الخليفة، وإليه صيانة الاممراض، وما ذاك إلا لما تأولناه ؛ من أنهم فهموا بقرينة الحال أنه قال مالا يعتقد على جهة المبالغة فى الزجر لعلى - رضى الله عنه - وزاد له حرمة الأب، والأب لاينبغى أن ينصف منه فى العرض.
هذا عندى وجه تأويل ماوقع فى هذا.
وكذلك قول عمر - رضى الله عنه -: (إنكما جئتما أبا بكر - رضى الله عنه) وذكر ما قال لهما، وذكر عقيب ذلك: (فرأيتماه كاذبا آثما خاذلا
(1)1 لحشر: 7.
(6/78)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
79
الئضيرِ.
فَوَاللهِ، مَا اسْتَأثَرَ عَلَيكُمْ، وَلا أخَن! ال ونَكُمْ، حَتَى بقِىَ هَنمَا المَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَأخُذُ منْهُ نَفَقَةَ سَنَة، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ اسْوَةَ المَالِ.
ثُمً قَالَ: أنْشُدُكُمْ بالثهِ، ائَذى بِإِفَنِهِ تَقُومُ السئمًاءُ وَالأرْضص، أتَعْلَمُونَ فَلِكَ ؟ قَالُوا: نَعَئم.
ثُمَّ نَشَدَ عَئاسئا وَعًليًا بِمثْلَ مَا نَشَدَ به القَؤمَ: أتَعْلَمَان فَلكَ ؟ قَالا: نَعَمْ.
قَالَ: فَلَمَا تُو!فىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالً أبُو بًكرٍ: أنَا وَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَجئْتُمَا، تَطلُبُ ميرَاثَكَ منَ ابْنِ أخِيكَ، وَيَطلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأته مِنْ أبِيهَا.
فَقَالَ أبُو بَكرٍ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَانُورَثُ، مَا تَرَكْنَ الدَقَة!)، فَرَأيْتُمًاهُ كَاذِبًا اثمًا غَ ال رًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصً ال قد بَارّ رَاثمِدٌ تَابِع لِلحَق.
ثُمَ تُوُفَىَ أبُو
خائنا) وكذلك أيضا ذكر عن نفسه أنقما راْياه كذلك وتأويل هذا أيضا نحو مما تقدم ذكره المراد به: أنكما تعتقدان أن الواجب يفعل فى هذه القضية خلاف ما فعلته اْنا وأبو بكر، فنحن على موجب مذهبهما (1) لو أتينا ما أتينا، ونحن معتقدان أن ماتعتقد أنه على هذه الأوصاف.
أو يكون المراد: أن الإمام إنما يخالف إذا كان على هذه الأوصاف ويتهم فى قضاياه، فكان مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنكما تعتقدان ذلك.
هذا أمثل ماتأول عنهم - رضى (2) الله عنهم.
وأما الاعتذار عن على وعباس - رضى الله عنهما - فى أنهما ترددا إلى الخليفتن مع قوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لانورث، ما تركناه صدقة) هو تقدير عمر عليهما لأنهما يعلمان ذلك، فأمثل مافيه مما قاله بعض الأثمة: إنهما إنما طلبا أن يقسماها بينهما بنصفيئ ينتفعان بها، على حسب ما ينفعهما الإمام بها لواليها بنفسه.
فكره عمر - رضى الله عنه - أن يوقع اسم القسمة عليها ة لئلا يظن بذلك مع تطاول الأزمنة أنها ميراث، ولنه ( صلى الله عليه وسلم ) ورث، لاسيما وقسمة الميراث بين البنت والعم نصفان، فيكون مطابقة للشرع بما يقع أتفاقا واجتهادا من ممد مايلبس ويوهم فى ذلك ؛ أنه ( صلى الله عليه وسلم ) ورث ماترك، وإن كان منهما ومن فاطمة - رضى الله عنهم - قبل ذلك مايوهم أنهم طلبوا التمليك.
فلعلهم قبل سماعهم الخبر: ا لانورث).
ومما يدل على ماقلنله: ماقاله أبو داود: اْنه لم يختلف على - رضى الله عنه - لنه لما صارت الخلافة إليه لم يغيرها عن كونها صدقة، وبنحو هذا احتج السفاح.
قال ابن الأعرابى: فإنه لما خطب أول خطبة قام بها، قام إليه رجل معلق فى عنقه المصحف، فقال له: أناشدك الله إلا ماحكمت بينى وبين خصمى بهذا المصحف.
وقال: من هو ؟ قال:
(1) فى ع: مذهبكما.
(2) فى الأصل: رضوا، والمثبت من ع.
72 / أ
(6/79)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
بَكْرٍ، وَأنَا وَلِى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَوَلِى أبِى بَكْر، فَرَأيْتُمَانى كَافِبًا اثمًا غَ ال زا خَائِئا.
وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَى لَصَادقٌ بَارّ رَاشدٌ تَابِعٌ للحَق، فَوَلِيتُهَا.
ثُمَ جِثْتَنِى أَنْتَ وَدنَا، وَانتُمَا جَمِيع، وَأمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فَقُلتُمَا: النَعَهًا إِليَنَا.
فَقُلتُ: إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُهَا إِلَيكُمَا، عَلَى أن عَلَيكُمَا عَهْدَ اللهِ أنْ تَعْمَلا فيهَا بِالَّذِى كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَا"خَذْتُمَاهَا بذَلك.
قَال: أكَذِلِكَ ؟ قَالا: نَعَم.
قَالَ: ثُمَ جِئْتُمَانِى لأقْضِىَ بَيْنَكُمَا.
وَلا، وَالله، لا أَقْضِى بَينَكُمَا بغَيْرِ فَلكَ حَتَى تَقُومَ السئَاعَقع فَلِن عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُفَاهَا إِلَى.
أبو بكر فى منعه فدك.
قال: أظلمك ؟ قال نعم.
قال: فمن بعده ؟ قال: عمر.
قال: اْظلمك ؟ قال نعم.
وقال فى عثمان مثل ذلك، وسأله عن على: اْظلمك ؟ فسكت الرجل، فأغلظ له السفاح.
هكذا حكى ابن الاْعرابى اْو نحوأ منه.
قال القاضى: قطع مسلم هذا الحديث عند قوله: (فإن عجزتما عنها فرداها على) زاد البخارى: (فأنا كفيكماها) (1) فلم يكملا الحديث.
وقد ذكر مسلم بعد هذا - اْيضا - زيادة، قال: فدفعها عمر إلى على وعباس - رضى الله عنهم - فغلبه عليها على، أى على القيام بها.
وقد خرجه بتمامه / أبو بكر البرقانى فى صحيحه، قال: فغلب على عليها العباس، فكانت بيد على، ثم كانت بيد حسن بن على، ثم بيد حسين بن على، ثم بيد على بن الحسن، ثم بيد الحسن بن الحسن، ثم بيد زيد بن الحسن، ثم بيد عبد الله بن الحسن، ثم تولاها بنو العباس.
وقد ذكر البخارى فى بعض هذا كما تقدم إلى قوله: ثم بيد حسين بن على ثم قال: ثم بيد على بن حسين وحسن بن حسن.
كذا قال ولم يزد.
وقد بين مسلم - اْيضا - اْن الذى دفع لهما عمر - رضى الله عنه - إنما هى صدقات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مما أفاء الله تعالى عليه بالمدينة، يعنى بنى النضير ومخيريق (2) وغيره لك مما اْمسكه لنوائب المسلمن.
وقد تأول قوله: إن طلب فاطمة - رضى الله عنها - ميراثها من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، يحتمل أنها تأولت الحديث إن كان بلغها فيما له بال ويختص بالاءصول من الأموال، فهى
(1) صبق تخريجه فى نفس للباب.
(2) هو مُخَيريق الئضَرى الاسرائيلى من بنى النضير، وقد ذكر الواقدى فى المغازى ص 262 انه أسلم واستشهد بأحد ويقال: إنه من بنى قينقاع وقال: قال عبد العزيز: بلغنى ئنه كان من بقايا بنى قينقاع وكان عالما وقال: قد أوصى بأمواله للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) وهى سغ حوائط: الميثب والصانفة والدلال وحسنى وبرقة والأعواف ومشربة أم إبراهيم فجعلها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صدقة.
صروى فى أخبار المدينة أن مخيريق سابق اليهود.
انظر: الاصابة 6 / 57.
(6/80)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء 81
50 - (... ) حدَّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَا شَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرراقِ - اخْبَرَنَا مَعَمر، عَنِ الرفرِىَ، عَنْ
التى لا تورث عن الاْنبياء - صلوات الله عليهم - لا ما يتركون من طعام أو دائة وأسباب وسلاح.
واحتجوا بقوله: (ماتركت بعد نفقة نسائى) (1)، وأن ظاهر هذا ماتأولوه، ولم يكن الأمركذلك لأن نفقة نساء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أوجبها لهذا فيما ترك لا على طريق الميراث، بل يحق كونهن محبوسات عن الأزواج بسببه، أو لما لهن من الحقوق فى بيت المال.
لقدم هجرتهن وفضلهن.
والاْول أظهر لتخصيصه ( صلى الله عليه وسلم ) إياهن بالذكر، وكذلك اختصاصهن بمساكنهن لحياتهن ؛ بدليل اْنه لم يرثها وورثتهن عنهن.
وحكى الماوردى أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أعطاهن ذلك.
ووصى لهن بدورهن.
ولا امتراء أن الحديث كان مشهوراًاْيام أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - إذ كان قد قرره أبو بكر على علىّ والعباس وفاطمة - رضى الله عنهم - وذكرته عائشة لأزواج النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حينئذ، وأيضا نفى الحديث فى كتاب مسلم أن فاطمة - رضى الله عنها - سألته ميراثها مما أفاء الله سبحانه على رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) بالمدينة وفدك وبقية خمس خيبر.
وفى ترك فاطمة منازعة أبى بكر - رضى الله عنهما - بعد احتجاجه عليها بالحديث التسليم والإجماع على القضية، وأنها لما بلغها الحديث أو بين لها التأويل تركت رأيها إذ لم يكن بعد ولا أحد من ذريتها فى ذلك طلب بالميراث، داذ قد ولى على - رضى الله عنه - الأمر فلم يعدل به عما فعل فيه أبو بكر وعمر - رضى الله عنهما - فدل اْن طلب على والعباس إنما كان طلب العباس تولى القيام على ذلك بأنفسهما أو قسمته بينهما كما تقدم.
وماذكر من هجران فاطمة لاْبى بكر - رضى الله عنهما - إنما معناه انقباضها عن ترك
لقائه وترك مواصلته، وليس مثله هذا من الهجران المحرم من ترك السلام والاعراض - هنا فلم تكلمه، أى فى هذا الأمر أو فى غيرها لانقباضهما عنه، فلم تطلب منه حاجة ولا اضطرت إلى كلامه، ولم يأت فى خبر أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولاكلمته.
وفى قول عمر - رضى الله عنه -: جئتما تكلمانى وكلمتكما واحدة، جئت ياعباس تسلمنى نفسك من ابن أخيك، وجاءنى هذا يسلبنى نصيب امرأته من أبيها: فيه إشكال مع تعريف أبى بكر لهم قبل هذا بالحديث، وأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لايورث، فمعناه الكل واحد إنما كانت القيام وحده على ذلك، ويحتج هذا بحكم نصيبه وحفه من ولاية النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالعمومة، وهذا بحكم حق زوجه ونصيبها من قربى النبوة /، لا أنهما طلبا منه ما قد
(1) سيأتى فى الباب للقادم برقم (55).
72 / ب
82
(6/81)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
مَالِكِ بْنِ أوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ.
قَالَ: أرْسَلَ إِلَى عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ، فَقَالَ: إِنَهُ قَدْ حَضَرَ أهْلُ أبْيَات مِنْ قَوْمِكَ.
بِنَحْوِ! دِيث مَالِك.
غَيْرَ أنَّ فيه: فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أهْلِه مِنْهُ سَنَةً.
وَربَمَا قَالَ مَعْمَر: يحْبِسُ قُوتَ أَهْله مِنْهُ سَنَةً، ثُمً يَجعَلُ مَا بَقِىَ مِنْهُ مَجْعًَمَالِ اللهِ عَر وَبَئَ.
ً
عرفا منع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لهما منه مما منعهما منه أبو بكر - رضى الله عنه - وبينه لهما وسلما له ذلك، ثم لعمر أول أمرهما، ثم جاءا مرة أخرى يطلب كل واحد منهما الانفراد بذلك.
وقد جاء فى بعض الآثار أن عمر - رضى الله عنه - قال لهما أول مرة: إن شئتما طابت نفس أحدكما للاَخر دفعتها إليه، على أن يعطيه لتعلمن (1) به بما عمل أبو بكر - رضى الله عنه - وذكر أن العباس طابت نفسه بدفعها لعلى - رضى الله عنه - فكان ذلك، ثم اختلفا بعد حول فرجعا إلى عمر - رضى الله عنه - فهذا دليل أن نزاعهما أولا وآخرأ فى ولايتها لافى تمليكها، ويدل على صحة هذا قوله فى مسلم: (فدفعها إلى على وعباس فغلبه عليها) (2) يعنى عليأ.
قال اْهل العلم: وفى هذا الحديث من السق والفقه أنه يجب أن يولى أمر كل قبيل سيدهم، ويسند أمر كل جماعة لكبيرهم (3) ؛ لأنه أعرف بمصالحهم وأسرار أحوالهم.
وفيه جواز نداء الرجل غيره باسمه من غير تكنيه وترخيمه على عادة العرب.
وفيه جواز حجاب الخلفاء والأئمة فى بعض الأوقات ليتفرغ لما يخص من أمور المسلمن ويعنيه من أحواله.
وفيه قبول خبر الواحد والقضاء به.
وفيه الشفاعة عند الإمام.
وفيه حض على فصل الحق.
وفيه استشهاد الإمام على ما يقوله بحضرة الخصمن من حضره من العدول، لتقوى حجته فى إقامة الحق وقمع الخصم، وتقرير الشهود والخصمين على مايعترفون (4) من الحق.
وفيه الانقياد للسنن والرجوع للحق عن التأويل إذا ظهر بطلانه.
وقوله: (إن الله قد خص رسوله بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره): وقيل: معناه - والله[ أعلم] (5) -: تحليل المغانم له ولأمته، أو كونها له، أو تخصيصها (6) مما أفاء الله عليه على قول كثرهم ملكا كما قال بعضهم، أو تصريفا وحكما كما عليه الجمهور.
وهذا الوجه أظهر لاستشهاد أبى بكر - رضى الله عنه - على هذا بالآية.
وفيه جواز تنزيه الإنسان[ نفسه] (7) ومدحها إذا اضطر إلى ذلك، كما فعل عمر -
(1) فى س: لتعملن.
(3) فى س: ياميرهم.
(5) صاقطة من الأصل، والمثبت من س.
(7) صاقطة من الأصل، والمثبت من س.
(2) حديث رقم 54.
(4) فى س: يعرفون.
(6) فى س: تخصيصه.
(6/82)
كتاب الجهاد / باب حكم الفىء
83
رضى الله عنه.
قال بعضهم: وفيه[ جواز] (1) حكم الحاكم لنفسه إذا كان الحق له مشهورأ، وهذا غير بين ولا موافق عليه لاْن هذا المال لم يأخذه أبو بكر لنفسه، وإنما حكم
به للمسلمين عامة، وإن كان هو المتولى للنظر فيه فيحكم بخلافه لابحكم التمليك (2)،
كما يحكم فى سائر أمور المسلمن العامة وأموالهم (3) التى يرجع النظر فيها إليه.
وعلى
هذا يتأول قوله فى الحديث الآخر من رواية أبى الطفيل: (إذا أطعم الله نبيا طعمة ثم
قبضه جعلها للذى يقوم بعده) (4) أى النظر فيها.
وعلى هذا يتأول فعل عثمان - رضى الله
عنه - فيها واقطاعه لمن أقطعها ؛ تمسكأ بظاهر اللفظ فى هذا الحديث، وهو مذهب الحسن وقتادة ؛ أن هذه الأموال جعلها الله تعالى لنبيه طعمة، ثم هى لمن ولى بعده.
وفى قول عمر - رضى الله عنه -: (جئتمانى وأمركما جميع): اْى غير مختلف به ة
لأنهما لم يطلبا قسمتها قبل وإنما طلب القيام بها، فدفعهما عمر لهما على ذلك.
فلما
طلبا الاَن قسمتها منعهما لما تقدم قبل، أو لأن قيام الاثنين عنده أحفظ وأنظر لهذا المال من الواحد، أو لأن دفعها لواحد مخصوص / من باب الأثر، أو مخافة نسيان سبب ذلك صهلا / اْ بحكم من الزمان فيظن أنه كان أحق بها من الاَخر، أو أنها مصوغة له ملكا.
(1) صاقطة من الأصل، والمثبت من س.
(2) فى س: التملك.
(3) فى الأصل: أموالها، والمثبت من س.
(4) أبو داود، كالامارة، بفى صفايا رصول الله ( صلى الله عليه وسلم ) 2 / 130.
84
(6/83)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ):، لا نورث...
) إلخ
(16) باب قول النبىّ ( صلى الله عليه وسلم ): لا نورث، ما تركنا فهو صدقة)
51 - (1758) حلَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَاْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب،
عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ ائهَا قَالَتْ: إِنَّ أزْوَل النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، حِينَ تُوُفّىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، أرَ!نَ أنْ يَبْعثنَ عثمَانَ بْنَ عَفَّانَ إِلَى أبِى بَكْرٍ، فَيَسْألنَهُ مِيرَاثَهُنَّ مِنَ الثبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَتْ عَائِشَةُ لَهُنَّ: ألَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ) ؟
52 - (1759) حدَّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، أخْبَرَنَا حُجَيْنٌ، حَدثنَا لَيْثٌ، عَنْ عُقَيْلٍ،
عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزبيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ انَهَا أخْبَرَتْهُ ؛ أنَ فَاطمَةَ بنْتَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أرْسَلَتْ إً لَى أبِى بَكْرٍ الصّلّيقِ تَسْألَهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، مِمًّا أفَاءَ اللهُ عَلَيْه بِالمَدِينَة وَفَدَك، وَمَا بَقِىَ مِنْ خُمْسى خَيْبَرَ.
فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا جملُ اكل مُحَمَّد ( صلى الله عليه وسلم ) فِى هَنَا المَالِ لما.
! اِئى، وَالله، لا أغمرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةٌ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَنْ حَالِهَا الَّتًى كَانَتْ عَلَيْهَا، فِى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَلأعْمَلَنَّ فِيهَا بمَا عَمًبه رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَأبَى أبُو بَكْر أنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِىَ بَكرٍ فى ذَلِكً.
قَالَ: فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَففهُ حَتَّى تُوُفَيّتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُول اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) سِتَّةً أَشْهُرٍ.
فَلَمَا تُوُفمتْ !نَنَهَا زَوْجُهَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِب لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْفِنْ بِهَا أَبَا بًكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِىّ، وَكَانَ لِعَلِى مِنَ النَّاسِ وِجْهَةٌ، حَيَاةً
وقوله: (فلما توفيت فاطمة - رضى الله عنها - استنكر على - رضى الله عنه - وجوه الناس، والتمس مصالحة أبى بكر - رضى الله عنه - ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبى بكر: أن ائتنا ولايأتنا معك غيرك - كراهة محضر عمر - رضى الله عنه - وقول عمر: والله لاتدخل عليهم وحدك.
وقول اْبى بكر: والله لاَتينهم وماعساهم اْن يفعلوا بى)، قال الإمام: إنما تأخر على عن البيعة، فقد ذكر عذره عنه فى كتاب مسلم واعتذار الصديق عنه.
ويكتفى فى بيعة الإمام بآحاد من أهل الحل والعقد، ولايفتقر إلى بيعة كل الأمة، ولايلزم كل الأمة اْن يأتوا إليه يضعون أيديهم بيده، وإنما يلزم إذا عقد أهل الحل والعقد انقياد البقية ألا يظهروا خلافا ولايشقوا العصا.
وهكذا كان على - رضى الله عنه - ما ظهر على أبى بكر - رضى الله عنه - خلافا ولاشق عصاه،
(6/84)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): الانورث...
) إلخ 85
" فَاطِمَةَ.
فَلَمَّا تُوُفيّتَ اسْتَنكَرَ عَلِىُّ وُجُوهَ الئاسِ، فَالتَمَسَ مُصَالَحَةَ أبِى بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلكَ الأشْهُرَ.
فَا"رْسَلَ إِلَى أبِى بَكْرٍ: أنِ ائْتنَا، وَلا يَأتِنَا مَعَكَ أحَدث كَرَاهِيَةَ مَحْضَرِ عُمَرَ بْنِ الخَطَاب - فَقَالَ عُمَرُ لأبِى بَكْرٍ: وَاللهِ، لا تَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَصْدَكَ.
فَقَالَ أبُو بَكْر: وَمَا عَسَاهُمْ أنَْ يَفْعَلُوا بى.
إِنّى، وَاللّه، لاَتيَئهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أبُو بَكْرٍ.
فَتَشَهَّدَ عَلِى بْن أبِى طَالِبِ، ثُمَّ قَالَ: إِئا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكرٍ فَضِيلَتَكَ وَمَا أعْطَاكَ اللهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْزا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِئكَ اسْتَبْلدتَ عَلَيْنَا بالأمْرِ، وَكُنَّا نَحْنُ نَرَى لَنَا حَقا لقَرَابَتنَا مِنْ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلّمُ أبَا بَكْرٍ حَتَى فًاضَتْ عَيْنَا أبِى بَكْرٍ.
فَلَمَّا تَكَلَمَ أَبُو بَكرٍ قَالَ: وَالًّذِى نَفْسِى بِيَلِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أحَث إِلَىَّ أنْ أصِلَ مِنْ قَرَابَتِى، ولكنه تأخر عن الحضور عنده فى هذا الأمر العظيم، مع عظم قدره هو نفسه ؛ لموجدة فى نفسه ذكرها فى الكتاب، وهو أنه قال لنا: نرى لنا فى هذا الأمر نصيبأ، فاستبد علينا به فوجدنا فى أنفسنا.
ولعله أشار إلى أن أبا بكر استبد عنه بقصص وأمور عظام، وحق مثله أن - يحضر فيها ويشاور عليها.
وقد يوهم قول عمر لاَبى بكر: (والله لاتدخل عليهم وحدك) أنه خاف عليه أن يغدروه.
ومعاذ الله أن يظن بهم ذلك، ولعله قد راَهم يغلظوا على أبى بكر - رضى الله عنهم - فى العاقبة، ويبدو منهم مايكون عند أبى بكر جفاء فتتغير نفسه عليهم أو يتأذى بذلك ذكره عمر انفراده لذلك، وكذلك ماحكاه من كراهيتهم هم محضر عمر بن الخطاب ؛ إنما ذلك لما كانوا يعلمونه من تشدده وتغلظه فيما يظهر له من الحىَ، فخافوا اْن ينتصر لأبى بكر، فيغلظ عليهم فتتغير نفوسهم عليه.
وقوله: (ولم ننفس عليك): يقال: نفست فى الشىء بكسر الفاء، نفاسة رغبته، واْيضا: حسدتك عليه ولم أرك أهلا له.
قال القاضى: كلام أبى بكر لعلى - رضى الله عنهما - وقوله: وأما الذى شجر
بينى وبينكم فىِ هذه الأموال أى اختلفت الحال فيه بيننا ووقع النزل، قال الله تعالى: { حَتن يُحَكِفوكَ فِيمَا شجَرَ بَيْنَهُم} (1)، والمشاجرة: الخصومة.
وقول على - رضى الله عنه -: (موعدك العشية للبيعة.
فلما صلى أبو بكر -
رضى الله عنه - صلاة الظهر رقى المنبر فتشهد): فيه مايدل أن العشى من بعد الزوال، كما جاء فى الحديث الآخر: (إحدى صلات العشى).
وفيه اْن بيعة الأئمة تجب اْن تكون بحضرة الملأ والجمع ولايستتر بها، وأن التزامها واجب لجميع الناس.
(1)1 لناء: 65.
73 / ب
86 (6/85)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
! إلخ وَأمَّا الَّنِى شَجَرَ بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذهِ الأمْوَالِ، فَإنى لَبمْ اَلُ فِيهَا عَنِ الحَق، وَلَمْ أتْرُكْ أمْزا رَأيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَصْنَعُهُ فيهَا إِلاَ صَنَعْتُهُ.
فَقَالً عَلِى لأن بَكْر: مَوْءِ!كَ العَشيةُ للبَيْعَةِ.
فَلَمَّا صَلَّى أبُو بًكْر صَلاةَ الطهْرِ، رَقىَ عَلَى المَنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأنَ عَلِى وَتًخَلفَهُ عَنِ البَيْعَة، وَءُنْرَهُ بائَذى اعْتَنَرَ إِ!مهِ، ثُمًّ اسْتَغْفَرَ.
وَتَشَهَّدَ عَلِى بْنُ أبِى طَالب فَعَطمَ حَقَّ أبِى بَكْر، وانَهُ لَم يَحمِاَلهُ عَلَى ائَنِى صَنَعَ نَفَاسَة عَلَى أن بَكْر، وَلا إِنكَازا لَلَّذِى فَضَّلَهُ اللّهُ بِه، وَلَكنَّا كُنَّا نَرى لَنَا فى الأمْرِ نَصيئا، فَاسْتُبدَّ عَلَيْنَا به، فَوَجَدْنَا فِى أنْفُسنَا.
فَسُر بِنَلِكً المُسْلَمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ.
فكَاَنَ المُسْلِمُونً إلَى عَلِى قَرِيئا، حِينَ رَاجَعَ اَلأمْرَ المَعْرُوفَ.
53 - (... ) حدَثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - قَالَ ابْنُ رَافِع: حَدثنَا.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّراق - أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزّهْرِئ، عَنْ عُرْوةَ، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَّ فَاطِمَةَ والعبَاسَ أتَيَا أبَا بَكْر يًلتَمِسَانِ ميرَاثَهُمَا مِنْ رَسُول اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَهُمَا حِيمئذ يَطَلُبَانِ أرْضهُ مِنْ فَدَكَ وَسَهْمَهُ مِنْ خَيْبَرَ.
فَقَالً لَهُمَا أبُو بَكْر: إِنىَ سَمعْتُ رَسُولِ اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَسَاقَ الحَديثَ بمِثْلِ مَعْنَى حَديثِ عُقَيْل عَنِ الزهْرِىِّ.
غَيْرَ أنَهُ قَاً: ثُمَّ قَامَ عَلِى فعَظَّمَ مِنْ حَق أَ! بًكْر، وَذَكَرَ فَضِيلَتَهُ وَسَابقَتَهُ، ثُمَ مَضَى إِلَى أبِى بَكْر فَبَايَعَهُ، فَأقْبَلَ النَّاسُ إِلَى عَلِى فَقَالُوا: أصَبْتَ وَأحْ!بشتَ.
فَكًانَ الئاسُ قَرِيئا إِلَى عَلِى حِينَ قَارَبَ ا لأمْرَ المَعْرُوفَ.
وقوله: (فعظم حق اْبى بكر - رضى الله عنه - وأنه لم يحمله على الذى صنع نفاسة على أبى بكر).
زاد فى رواية الليث فى غير مسلم: (وحدث اْنه لم يحمله على الذى صنع) وهو بيان الكلام.
وفى هذا كان صحة مذاهب اْهل السنة فى صحة خلافة أبى بكر[ الصديق] (1) - رضى الله عنه - والإجماع عليها، بخلاف ماتدعيه الشيعة والرافضة.
وقد يكون الذى وجد على - رضى الله عنه - / ما فى نفسه من الحق الذى استبد عليه فيه ؛ اْنه لم يشاور عند عقد البيعة لأبى بكر - رضى الله عنه - ولاعقدت لمحضره، وكان من حق مثله ذلك.
لكن عذر ذلك بين المبادرة خوف الخلاف حينئذ.
وقوله: ا لحقوقه التى تعروه ونوائبه): يريد ماتطراْ عليه من حق ويغشاه.
يقال: عروته واعتريته وعررته واعتررته: إذا أتيته تطلب منه حاجة.
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(6/86)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
) إلخ 87 ءَ ه،، ص، فرص 5،، 5، 5،، ص حص، ص ص سر
54 - (... ) وحدثنا ابن نمير، حدثنا يعقوب بن إِبراهِيم، حدثنا ايِى.
ح وحدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَالحَسَنُ بْنُ عَلِى المحلوَانِى، قَالا: حَدثنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ - حَدثنَا أبِى، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَاب.
أخْبَرَنى عُرْوَةُ بْنُ الزبيْرِ ؛ أن عَائِشَةَ زَوْجَ الئبى ( صلى الله عليه وسلم ) أخْبَرَتْهُ ؛ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ) سًألَتْ أبَا بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاة رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أَنْ يَقْسِمَ لَهَا ميرِاثَهَا، مِمَا تَرَكَ رَسُولُ اللّهَِ ( صلى الله عليه وسلم )، ممَّا أفَاءَ الله عَلَيْهِ.
فَقَاَلَ لَهَا أبُو بًكْرٍ: إِن2 رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةَ!).
قَالَ: وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سِتَّةَ أشْهُرٍ، وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْامملُ أبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا
وقوله فى حديث زهير بن حرب والحلوانى: فقال لهما اْبو بكر - رضى الله عنه -:
ا لا نورث، ما تركنا صدقة)، وعاشت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ستة اْشهر: فيه حذف ونقص، وتمامه فى الحديث قبله: (فوجدت فاطمة على أبى بكر - رضى الله عنه - فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ستة أشهر).
قال الإمام: خرج مسلم فى بعض طرق هذا الحديث: نا زهير بن حرب وحسن الحلوانى، قالا: نا يعقوب بن إبراهيم، قال: نا أبى عن صالح، عن ابن شهاب، عن عروة.
هكذا إسناده عند الجلودى، وفى نسخة ابن العلاء: نا يعقوب بن إبراهيم.
وخرجه أبو مسعود الدمشقى عن مسلم فقال: نا زهير بن حرب، قال بعضهم: وكثر ما يجىء مسلم بنسخة صالح بن كيسان هذه عن زهير وحسن جميعأ عن يعقوب.
قال الق الى: تفسير صدقات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) للذكور فى هذه للأحاديث، وذلك أن صدقاته
التى تخلفها ( صلى الله عليه وسلم ) تصيرت إليه بثلاثة حقوق:
أحدها: ما وهبه النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وذلك وصيته مخيريق اليهودى عند إسلامه يوم اْحد، وكانت سبعة حوائط فى بنى النضير، وما أعطاه الاْنصار من أراضيهم، وذلك مالم يبلغه الماء، وكان منه موضع بسوق المدينة، وكان هذا ملكا له ( صلى الله عليه وسلم ).
ومن هذا - والله أعلم - اْقطع الزبير بالمدينة ماجاء من مال بنى النضير - والله اْعلم - إذ لا يقطع إلا ما يملك لا ملك غيره.
الثانى: حقه من الفىء من سائر اْرض بنى النضير حين أجلاهم، كانت له خاصة ة
لأنه لم يوجف عليها بخيل ولاركاب، وقسم بين المسلمن أموالهم إلا ما حملته الإبل غير السلاح، حسبما كان وافقهم عليه عند إجلائهم، وحبس الأرض لنفسه ولنوائب المسلمين.
88
(6/87)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
) إلخ
مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، وَصَلتًتِهِ بِالمَدينَة.
فَا"بِى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا فَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكا شَيْئًا كَانَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَعْمَلُ بِهِ إِلا عًمِلتُ بِهِ، إِنّى أخْشِى إِنْ تَرَكتُ
74 / 11
وكذلك نصف أرض فدك صالح أهلها بعد خيبر على نصفها، فكان خالصأ لها.
وكذلك ثلث أرض وادى القراء أخذه فى الصلح مع يهود أهلها، وكان لهم ثلثا الأرض وكذلك حصنان من حصون خيبر ؛ الوطيح والسلالم، أخذهما صلحا على أن إجلاء من فيه عنهما.
الثالث: سهم من خمس خيبر وما افتتح منها عنوة، وهو حصن الكتيبة، كان من خمس الغنيمة منها، واقتسم الناس سائر ما أخذه منها عنوة.
قال كثرهم: فكان هذا خاصا بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يستأثر به، وصرفه فى مصالح المسلمين بعد إخراج حاجته وحاجة عياله وكه، ووضع ذلك حيث شاء مما فيه المنفعة للمسلمين.
وكافة العلماء على أنها صدقات محرمات التمليك بعده.
فأما ما كان من ذلك بالمدينة من أقوال بنى النضير ووصيته مخيريق فى جملتها، فهى
التى وضع عمه العباس وعلى - رضى الله عنهما - ليقوما عليها ويصرفاها فى مصالح بنى هاشم، وأما ماعداها فأمسكها عمر عنهما لنوائب المسلمين، وصرفها فى المصالح التى كان / ( صلى الله عليه وسلم ) يصرف بقية صدقاته فيها.
وأما أبو بكر - رضى الله عنه - فكان يرى أنه خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) القائم مقامه فى جميع ذلك، ففعل ما كان يفعل فى مصالح قرابته وغيرهم، ولم ير إخراج ذلك عن نظره.
قال الشافعى: كان للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) خالصا من هذا كله، خمس الخمس من الغنيمة والفىء والاءربعة الأخماس الباقية من الفىء، وهو حقه الذى يسوغه الله تعالى له وغير ذلك، يقسمه على من سمى الله سبحانه فى كتابه من الأصناف الأربعة: ذى القربى واليتامى والمساكن وابن السبيل.
يقسمها بينهم لكل صنف ربع ذلك حق عنده من حقوقهم، وهو قول جماعة من العلماء غيره.
وقال مالك: الخمس والفىء سواء، وهو مرصد لمصالح المسلمن آخراً ما كان فى زمن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أولأ ليس لأحد فيه حق معين ولانصيب مقدر، دإنما بين الله بماسماه مواضع تصريفه لا قسمته بينهم لا ذوى القربى ولاغيره، والنظر فيه للإمام كما كان ( صلى الله عليه وسلم ) يفعل فيه باجتهاده من قسمته على هؤلاء بما يراه، أو على من يستحقه منهم عنده، ويعطى أقرباء رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منهم باجتهاده وكذلك أقرباؤه، ويوقفه لنوائب المسلمنِن إذا رأى ذلك، كما كان يفعل ( صلى الله عليه وسلم ) حوكما قال: ! إنا يهل اَل هحمد من هذا ال ل كفافما)، وهو قول جماعة من العلماءْ اختلف القائلون أولأ بتقرير نصيب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ونصيب ذوى القربى فى حكم ذلك بعد موت النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فقال الشافعى مرة: سهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يرجع لمصالح المسلمن يصرفه الإمام
(6/88)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
) إلخ 89 شَيْئًا مِنْ أمْرِهِ أنْ أزِيغَ، فَا"مَ الدَقَتُهُ بِالمَل!ينَة فَلَنَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِى وَعَئاس، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا عَلِى.
وَأمَا خَيْبَرُ وَفَدَكُ فَا"مْسَكَهُمَا عُمَرُ وَقَاَلَ: هُمَ الدَقَةُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِى تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأمْرُهُمَا بِلَى مَنْ وَلِىَ الأمْرَ.
قَالَ: فَهُمَا عَلَى فَلِكَ إِلَى اليَوْم.
فى الأهم فالأهم، وقال مرة: يرجع إلى أصحاب السهام الباقن ويسقط كَرة فيكون القسم على أربعة.
وقال مرة: هى للمقاتلة خاصة ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما كان يأخذه لمكانه من الهيبة فى قلوب العدو وطلبه لهم، فَالمقاتلة مقامه وعنده فى كل ذلك بقائهم ذوى القربى على ماكان.
وقال أبو حنيفة: يسقط بعد موت النبى ( صلى الله عليه وسلم ) النصيبان، ويقسم الفىء والخمس على الثلاثة الباقية: اليتامى والمساكن وابن السبيل.
وعنه - اْيضا -: يرجع سهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وسهم ذى القربى فى السلاح والكلا.
وقال بعض العلماء نصيب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) للأئمة بعده ملكا، ونصيب قرابته لقرابتهم، وهو قول أبى ثور فى سهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
واختلفوا فى ذى القربى من هم ؟ فالجمهور أنهم بنو هاشم وبنو المطلب.
وذهب بعض السلف اْنهم قريش اْجمع.
واختلفوا هل يستحقه الفقير منهم خاصة دون الأغنياء أم جميعهم ؟ ثم اختلفوا فى قسمهم إياه بعد موته، اهو على السواء، أم بحكم قسمة المواريث لرجوعه إليهم واستحقاقهم له بالقرابة ؟ ومذهب الشافعى اْنه حق لهم، يسوى فيه بين كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم، ولذكرهم سهمان وللأنثى سهم.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لانورث ماتركنا صدقة): حديث مُجتمع على صحته وقبوله من أهل السنة، واْن الكلام جملتان و(ما تركنا) فى موضع رفع بالابتداء و(صدقة) مرفوعة بخبره، خلافا ل!مامية فى تأويل الحديث وتحريفه عن موضعه، وقولهم: إنما هو يورث بالياء (وصدقة) بالفتح، أى ماتركه صدقة فلايورث (وما) / فى موضع المفعول (وصدقة) منصوب على الحال والتفسير.
وهذا تدافع من قائله ومخالفة لما فهم منه أهل اللسان، وماحمله عليه أئمة الصحابة من رواة هذا الحديث، وماوقع فى سائر الروايات والألفاظ الأخر من قوله: ا لانورث ماتركنا فهو صدقة) وقوله: (كل مال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صدقة لا يو رث).
وقد اعترض بهذا الهوس أبو عبد الله بن المعلم، أحد أئمة الإمامية على القاضى أبى على بن شاذان، صاحب القاضى أبى بكر الباقلانى وأحد أئمة متكلمى أهل السنة، لما استدل عليه بهذا الحديث، وقال له: إنما نفى وراثة ماتركوه صدقة، وأما ما ترك على غير الصدقة فلاتمنع وراثته.
واعتمد بهده النكتة لعلمه بفصور أبى على فى العربية، فقال له أبو على فى جوابه: لا أعلم ماصدقة من صدقة، ولا أحتاج إليه فى هذه المسألة، فإنه لا شك عندى وعندك أن فاطمة - رضى الله عنها - من أفصح العرب واْعلمهم بالفرق بين
74 / ب
90 (6/89)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
) إلخ 55 - (1760) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكِ، عَنْ أبِى الزنادِ،
عَنِ الأعْرجَ، عَنْ أِبِى هُرَيْرَةَ ؛ أَن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لا يَقْتَسِمُ !رَثَتِى! ينَارَا، مَا تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِى وَمؤُونَةِ عَامِلِى، فَهُوَ صَدَقًة").
اللفظن، وكذلك العباس وهم ممن يستحقون الميراث، وعلى كذلك - رضى الله عنه - وقد طلبت ميراثها - رضى الله عنها - من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أبى بكر - رضى الله عنه - فجاوبها أبو بكر بهذا اللفظ، بما فهمت منه أنه لا شىء لها.
وكذلك على وسائر الصحابة - رضى الله عنهم - ولم يعترض أحد منهم بهذا الاعتراض، وكذلك أبوبكر المحشج به.
ولاخلاف أنه من اْفصح الفصحاء العالمن بذلك، ولو كان اللفظ لا يقتضى المنع لما أورده أبو بكر - رضى الله عنه - ولاتعلق به ولم يسلمه له الآخرون أيضا، فإن الرفع هو المروى، ومدعى النصب مبطل ونحو هذا أو مافى معناه.
وقال المهلب: معنى قوله هذا - ( صلى الله عليه وسلم ) - من معنى قوله: (وانا آل محمد لا تحل لنا الصدقة)، وذلك أن الله تعالى بعثه وبعث رسله ليبلغوا عنه، ولا يسألوا على ذلك أجراً ولا مالا، كما نص[ عنه و] (1) عنهم فى محكم كتابه.
فحرمت عليهم الصدقة وعلى أليهم، واْن يورث عنهم شىء، نفيا لاكتساب المال، وجمع الدنيا على الأنبياء وتشبثهم بها وتنزيها لهم عنها.
هذا فى معنى ما أشار إليه، وذهب الحسن فى معنى قوله: ا لانورث ماتركناه صدقة! أنه خاص للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) من بين الأنبياء.
وقال غيرِه: إلا اْن يكون منهم من لم يعرف حكمه، واحتج بقوله عز وجل عن زكريا: { يَرِثُنِ! وَررِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} (2)، وقول من قال: يريد وراثة المال بدليل قوله: { خِفْتُ الْمَوَالِ! (3) خلاف من قال: أراد وراثة النبوة إذ لايخاف الموالى عليها.
وذهب الجمهور إلى أن ظاهره العموم (4).
وقد روى: (إنا معشر الأنبياء لانورث)، وفى كتاب اْبى داود: (كل مال النبى صدقة، إلا ما اْطعمه هبة أو كساهم لا يورث) (5)،
وقوله: ا لا يقتسم ورثتى دينارأ ولا درهمأ) قيل: هو تنبيه على مابعده، ومن الأدنى على الأعلى، والقليل على الكثير، كما قال تحالى: { وَمِنْهُم ئنْ إن تَأمَنْهُ بِدِينَارٍ لآَ يُؤَذِهِ إِلَيْك} (6)، وكما قال تعالى: { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ فَزَةٍ خَيْرًا يَرَه} (7).
وقال الطبرى: وليس قوله هذا بمعنى النهى ؛ إذ إنما ينهى عما يمكن وقوعه ولا ينهى عما لاسبيل إلى فعله،
(1) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(3) مريم: ه.
(5) سبق تخريجه قريبأ.
(7) 1 لزلزلة: 7.
(2) مريم: 6.
(4) لنظر: تفسير للقرطبى 11 / 82.
(6)+ عمران: 75.
(6/90)
كتاب الجهاد / باب قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نورث...
) إلخ 91
(... ) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أبِى عُمَرَ المَكِى، حَدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ أبِى الزنادِ،
بِهَنمَا ا لأِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
56 - (1761) وحدَئنى ابْنُ أبى خَلَف، حدثنا زَكْرِيَّاءُ بْنُ عَدئّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارِكِ، عَنْ يُوُنسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ الَآعْرَج، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَبِىًّ على قَالَ: الا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَة!).
وإنما هو بمعنى الخبر، أى لايقسمونه، أى إنى لا اْخلفها.
وذهب ابن علية وبعض اْهل البصرة أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يورث ؛ / لأن الله - سبحانه - خصه بأن جعل ماله كله صدقة.
قال القاضى: وقوله: ا لا): وفيه قول الجمهور، وهو أصح وأشهر وأولى.
بمعنى الحديث، إذ آخر الحديث راجع إليه ومفسر له.
من قوله: (ماتركت صدقة) لأنه جاء به بغير واو العطف[ وتأول سياق الكلام، ولو كان كما قال لكانت جملتين منقطعتين يحتاج لابتداء الثانية واو الابتداء أو واو العطف] (1).
وقوله: 9 ماتركت بعد نفقة نسائى وموونة عاملى فهو صدقة دا: رفع للإبهام الذى دخله بتغيير الإعراب من تقدم ؛ إذ لايتفق له هنا دعوى الحال والنصب وتحريف الكلام.
وقوله: (وموونة عاملى): فقيل: هو القائم على هذه الصدقات والناظر فيها، وقيل: كل عامل للمسلميئ من خليفة وغيره ؛ لأنه عامل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى أمته، وقيل: العامل هنا حافر القبر، وهذا بعيد، إذ لم يكونوا يحفرون حينئذ بأجرة، فكيف له ( صلى الله عليه وسلم ).
استدل بعضهم من هذا الحديث اْن الحبس لايكون بمعنى الوقف[ حتى تقول...
الوقف صدقة...
على أحد قولى مالك وتسميته ترك صدقة بمعنى الوقف] (2) لمصالح المسلمن، لابمعنى مايعرف أصله ويملك للمتصدق عليه.
وللوقف ثلاثة ألفاظ: وقف وحبس وصدقة، إذا كان المراد بها بمعنى الوقف.
وقد اختلف المذهب عندنا إذا أطلق مجرد اْحد هذه الألفاظ لمعين، هل يكون موبداً ؟ أو يكون بمعنى العُمْرَى ترجع لمالكها حتى لو كان اللفظ بصدقة حبس ؟ أو لا تباع ولا توهب أو موبداً أو لايورث ؟ وقد قال بعض أصحابنا: دان لفظ الوقف من بينهما على التأبيد بلاخلاف، بخلاف اللفظين الأخريين.
وقد قيل: دانها وإن كانت لمعين فسواء اْطلق، أو قال: حبس صدقة، وكذلك قيل: هى لا تباع ولا توهب، فهى على معنى التعمير حتى الآن، حتى يذكر التأبيد اْو مايرفع الإشكال.
(1، 2) سقط من الأصل، والمثبت من ص.
1 / 75
92
(6/91)
كتاب الجهاد / باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين
(17) باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين
57 - (1762) حدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وأبُو كَامِل فُضَيْلُ بْنُ حُسمئيط، كِلاهُمَا عَنْ سُلَيْم.
قَالَ يَحْيَى: أخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أخْضَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، حَدثنَا نَافِع عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ عمَرَ ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَسَمَ فِى الئفَلِ: لِلفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا.
(... ) حدَّثناه ابْنُ نُمَيْر، حدثنا أن، حَدثنَا عُبَيْدُ الله، بِهَنَا الإِسْنَاد.
مثْلَهُ.
وَلمْ يَذْكُرْ: فِى النَّفَلِ.
وقوله: (قسم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى النفل: للفرس سهمين، وللرجال سهمأ!: كذا للعذرى والخشنى، ولغيرهما: (وللرجل).
فيه تسمية الغنيمة نفلاً.
ويحتج به من ذهب إلى أن المراد بالاَية الأولى فى سورة الأنفال الغناثم المذكورة فى الآية الثانية.
قال الإمام: هكذا مذهب مالك فى القسمة المستحقة فى أصل القتال، يقسم للفرس سهمان، وللرجل سهما.
وقال أبو حنيفة: بل يقسم للفرس سهم كما يقسم للرجل، ولايكون أعظم منه حرمة، ولو كان معه ثلاثة أفراس لم يسهم للثالث.
واختلف فى الإسهام للثانى، فقيل ب!ثباته، وقيل بنفيه.
وحمل أبو حنيفة ماوقع من الأثر على أن المراد بقوله: (سهمان للفرس) أى هو وفارسه، خروج عن الظاهر ؛ لأنه إنما أضاف هذا للفرس.
75 / ب
قال القاضى: أما مع رواية: (وللرجل) فبيئ، وأما مع رواية: (وللراجل) فمحتمل، لكن يرفع هذا الاحتمال ماورد مفسرأ فى حديث ابن عمر هذا من رواية أبى معاوية وابن نمير وأبى أسامة وغيرهم ؛ أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه (1).
ومثله عن أبى عمرة الأنصارى وابن عباس.
وبقول مالك قال سفيان الثورى والاءوزاعى والليث بن سعد والشافعى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحق وأبو عبيد والطبرى، وروى مثله عن ابن عباس وعمر بن عبد العزيز - رضى الله عنهم - والحسن وابن سيرين ومجاهد.
ولم يتابع أحد أبا حنيفة على قوله، إلا شىء روى عن على وأبى موسى / وبقول مالك - أيضا - أنه لا يسهم إلا لفرس واحد قاله الشافعى وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وروى مثله عن الحسن.
وذهب الثورى والأوزاعى وأبو يوسف والليث بن سعد إلى أنه يسهم للفرسين.
وروى - أيضا - (1) أبو دلود، كالجهاد، بفى سهمان الخيل 3 / 75.
(6/92)
كتاب الجهاد / باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين
93
مئله عن الحسن ومكحول ويحيى بن سعيد وابن وهب ومحمد بن الجهم من المالكين، ولم يقل أحد إنه يسهم لاكثر من فرسين إلا سفيان ؛ روى عن سليمان بن موسى أنه يسهم لمن غزى بأفراس، لكل فرس سهميئ (1).
(1) لنظر: الاصتذكار 14 / 170 وما بعدها، المغنى 13 / 85 وما بعدها.
94
(6/93)
كتاب الجهاد / باب الإمداد بالملائكة فى غزوة بدر...
إلخ
(18) باب الإمداد بالملاثكة فى غزوة بدر
!اباحة الغنائم
58 - (1763) ! دَّثنا هَنَّادُ بْنُ السئرِىِّ، حَدثنَا ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ عكْرِمَةَ بْنِ عَمَار، حَدثنِى سماكص!لحَنَفِى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاس يَقُولُ: حَدثنِى عُمَرُ بْنُ الخًطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْر.
ح وَحدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الحنَفِىُّ، حدثنا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَار، حَدةَشِى أبُو زُفَيْل - هُوَ سماك!لا الحَنِفِىُّ - حَد 8شِى عَبْدُ اللّه بْنُ عَه اس قَالَ: حَدثنِى عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْر، نَظَرَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى المُشْرِكِنَ وَهُمْ ألفٌ، وَأصْحَاُبهُ ثَلاُثمائَة وَتسْعَةَ عَشَرَمَ جُلأ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِى اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِر!به: (اللَهُمَّ، أَنْجِزْ لِى مَا وَءَ!تَنِى.
اللَّهُمَّ، آت مَا وَعَدْتَنِى.
اللَهُمَ، إِنْ تُهْلِكْ دنِهِ العِصَاَبَةُ مِنْ أهْلِ الاِسْلام لا تُعْبَدْ فِى الأرْضِ)، فًمَا زَالَ يَهْتفُ بِربِّهِ، مَاذا يَدَيْهِ، مُسْتَقْبِلَ القِبْلَة، حَتَى سَقَطَ رِلحَاؤُهُ عَنْ مَنكِبَيْهِ.
فَا"تَاهُ أَبُو بَكْر، فَا"خًذَ رِدَاعَوُ فَا"لقَاهُ عَلَى مَنكِبَيْه، ثُمَ التَزً مَهُ مِنْ وَرَائِهِ.
وَقَالَ: يَا نَبِى اللهِ، كَنَاكَ مُنَاشَمَتَكَ رَبكَ، فَإِنَهُ سَينجِزُ لَكَ مَاوَعَلَكً، فَأنْزَلَ اللهُ عَر وَبَئَ: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكمْ أَفَي
ذكر مسلم فى غزوة بدر حديث هناد بن السرى: نا ابن المبارك عن عكرمة بن عمارة، وذكر الحديث، وزاد فى رواية الطبرى بعد قوله: ا لما كان يوم بدر): وحدثنى زهير بن حرب - واللفظ له - نا عمر بن يونس الحنفى، عن عكرمة بن عمارة، وذكر بقية السند ورجع إلى الحديث بكماله، ولم يكن عند غير الطبرى.
وقوله: (فمازال يهتف بربه): أى يصيح بالدعاء والاستغاثة به، كما قال تعالى
فى هذه اللفظة: { إذْ تَ!سْمنِيثُونَ رَبكُم} (1).
وقول أبى بكر له: (كذاك مناشدتك ربك): كذا لكافة الرواة، وللعذرى بالفاء، وهما بمعنى: وكذاك حسبك، وقد رواه البخارى: (حسبك) (2).
قال القتبى: معنى: كذاك: حسبك، ومثله قولهم: إليك عنى، أى تنح، وأنشد:
(1) 1 لأنفال: 9.
(2) للبخارى، كالمغازى، ب{ بذْ تَسْخَيثُونَ رَبكُم...
} ه / 93.
(6/94)
كتاب الجهاد / باب الإمداد بالملائكة فى غزوة بدر...
إلخ
95
مُمِدكُم بِأَلْفٍ ئِنَ الْمَلائِكَةِ مُوْلِفِين (1) فَافَدَّهُ اللهُ بِالمَلاِلكَةِ.
قَالَ أبُو زُمَيْل: فَحَدثنِى ابْنُ عَئاس قَالَ: بَيْنَمَا رَجُل مِنَ المُسْلِمِينَ يَوْمَئِذ يَشْنَدُّ فِى أثَرِ رَجُل مِنَ المُشْرِكِنَ أمَامَهُ، إِذ سَمِعَ ضَرْبَة بالسئَوْطِ فَوْقَهُ، وَ!وْتَ الفَارِسِ يَقُولُ: أقِلِيم حَيْزُومُ.
فَنَظَرَ إِلَى المُشْرِكِ أمَامَهُ فَخَر مُسْتَالَقِئا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِفَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أنْفُهُ، وَشُق وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ.
فَاخْضَرَّ فَلِكَ أجْمَعُ.
فَجَاءَ الأنصَارِى فَحَدَّثَ بذلك رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، ِ فَقَالَ: (صَدَقْتَ، فَلِكَ مِنْ ددَدِ السَّمَاءِ الثالِثَةِ)، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذ سَبْعِينَ، وَأسَرُوا سبعين.
يقلن وقدتلاحقت المطايا كذاك القول إن عليك عينا
معناه: كف القول، ويصح أن تكون (مناشدتك ربك) مرفوعأب (كفاك)، ومن نصب (مناشدتك ربك) على ماضبطناه عن أبى بحر، فعلى المفعول بما فى (حسبك وكذاك وكفاك) من معنى الفعل من الكف.
وتقدم تفسير المناشدة وهو السؤال، وأصله رفع الصوت.
ومناشدة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ليراه أصحابه بتلك الحال، فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه.
وقد كان وعده الله - تعالى - وتثبيت إحدى الطائفتن أنها له وعلم فوات ا لوا حد ة.
وقد كان على ثقة من ربه فى ذلك ولم يثك فيما وعده حتى يثبته أبو بكر - رضى
الله عنه - بقوله: إن الله منجز لك ما وعدك، فقوة يقين النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فوق قوة أبى بكر بغير مرية ؛ ولهذا أمسك لما قال له أبو بكر - رضى الله عنه - ما قال ؛ إذ ظهر له من قوة يقينه وطمأنينة نفسه ماعلم الله - تعالى - به وجواب دعائه، وأيضا فليبين لأمته اللجأ إلى الله والاستغاثة إليه فى الشدائد.
وقوله: (أقدم حيزوم): وكذا ضبطناه عن أبى بحر بضم الدال، كأنه من التقدم.
وقال ابن دريد: (أقدم) بقطع الألف وكسر الدال من الإقدام، قال: وهى كلمة زجر للفرس معلوم فى كلامهم.
وعند الجمهور: (خيروم)، وهو اسم فرس.
فى رواية العذرى: (خيزون) با لنون، وا لأول المعروف.
وقوله: (فإذا هو قد خُطم أنفه): الخطم: الأثر على الأنف، كما يخطم البعير بالكى.
يقال خطمت البعير: إذا وسمته بالكى بخط من الأنف إلى أحد خديه، وقد يكون معناه: أنه إن أبقت به الضربة أثرأ مثل أثر الخطام، وهو نحو الزمام إلا أن الزمام
(1) ايانفال: 9.
76 / 1
96 (6/95)
كتاب الجهاد / باب الإمداد بالملائكة فى غزوة بدر...
إلخ قَالَ أبُو زُمَيْلٍ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أسَرُوا الأسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللّهِ كلمة لأبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ: (مَا تَرَوْنَ فى هَوُلاءِ الأسَارَى ؟)، فَقَالَ أبُو بَكْرٍ: يَا نَبِىَّ اللهِ، هُمْ بَنُوا العَمِّ وَالعَشِيرَة، أرَى أنْ تًأخُذَ منْهُمْ فلية، فَتَكُونُ لَنَا قُوَّة عَلَى الكُفَّارِ، فَعَسَى اللهُ أنْ يَهْدِيَهُمْ للأِسْلام+ فَقَالَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): َ (مَا تَرَى يَا ابْنَ الخَطَّابِ ؟).
قُلتُ: لا، وَالله يَا رَسُولَ اللّه، مَا أرَى الَّذِى رَأى أبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّى أرَى أنْ تُمَكَئا فَنَضْرِبَ أعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنً عَليا مِنْ عَقَيل فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكَنى مِنْ فُلانٍ - نَسِيئا لِعُمَرَ - فَأضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَوُلاءِ أئِمَّةُ
أرق منه، ويبين هذا كله قوله متصلا: (كضربة سوط)، وأنه أراد الأثر.
ماذكر من خبر اختلاف أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - فى شأن فداء الأسرى.
وقوله: جئت من الغد، فإذا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) / وأبو بكر قاعدان يبكيان، وقوله: (أبكى للذى عرض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة)، وذكر نزول الآية: { مَا كاَنَ لِنَبِي أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} (1) وقولى: (فأول ال4 الغنيمة لهم): هذا الفصل كله من مشكلاث القرآن والحديث، وبيانه إن شاء الله تعالى: أنه لايعتقد أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ومن معه عصوا فيما فعلوه من ذلك حتى استحقوا العذاب ؛ إذ لايعذب إلا على مخالفة أمر، ولم يتقدم فى ذلك نهى فتقع مخالفته فيه، بل قد تقدمت الإباحة لسرية عبد الله بن جحش الكائنة قبل هذا بأزيد من عام، وهى التى قتل فيها ابن الحضرمى كافرا، وفودى فيها بابن كيسان وصاحبه، فما عاتبهم الله عليها ولا أزرى بهم، لكن لما كان أمر بدر عظيم الموقع عتبهم الله فى نزلهم إلى أهون الخطبين من الفداء، ووبخهم على ذلك، وأراهم ضعف اختيار من اختار ذلك منهم، وتصويب رأى من كان رأى القتل.
وقيل: بل الاَية كلها على معنى المن بنعمته تعالى عليهم من قليل الغنائم لهم، وهو معنى قوله: { لَوْلا كِعَابْ منَ اللهِ م!بَق} (2) أى بتحليل الغنائم لكم، أو بأنه لايعذبكم بما فعلتم.
فهذا كله يدل أنه لاذنب لهم ؛ إذ أنهم إنما فعلوا ما أحل لهم فى الكتاب.
وقيل: هذا كله المراد به غير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وعليه أصحابه - رضى الله عنهم - بل من كان ركن إلى غرض الدنيا منهم.
وقيل: هم الذين شغلوا بالنهب دون القتال حتى خشى عمر كَرة العدو عليهم، وأنه المراد!وله: { تُوِيمُونَ عَوَضَ الذنْهَا}.
وبكاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وإشفاقه لما ورد فى التشديد على هولاء من التوبيخ والتقريع، أو لما
(1) 1 لأنفال: 67.
(2) 1 لأنفال: 68.
(6/96)
كتاب الجهاد / باب الإمداد بالملائكة فى غزوة بدر...
إلخ
97
الكُفْرِ وَصَنَالِيلُ!ا.
فَهَوِىَ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَا قَالَ أبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَاقُلتُ، فَلَمَا كَانَ مِنَ الغَد جئْتُ فَإذَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبكيَانِ.
قُلتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ، أخْبِرْنِى مِنْ أَىِّ شَىْء تًبكِى ؟نتَ وَصَاحبُكَ، فَإنْ وَجَدْتُ بُكَاَء بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أجدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لبُكَائِكُمَا.
فَفالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أَبكِىَ للَّنِى عَرَضَ عَلَىَّ أصْحَابُكَ مِنْ أَخَذهمُ الفِدَاءَ، لًقَدْ عُرِضَ عَلَىَّءَفَابُهُم أ!نَى مِنْ هَنِ! الشًجَرَةِ لما - شَجَرَة قَرِيبَة مِنْ نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) - وَانزَلَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا كَان لِنَبِماّ أَن يَكونَ لَهً أَسْرَى حَتَى يثْخِنَ فِي الأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: فَكئوا مِفا غَنِمثمْ حَلالاً طَيبًا} (1)، فَا، حَلَّ اللهُ الغَنِيمَةَ لَهُمْ.
أعلم به ( صلى الله عليه وسلم ) أنه سيقتل منهم عام قابل مثل من فدى.
وقد يكون هذا إشارة إلى معنى عذابهم ومعاقبتهم على فعلهم ؛ إذ ورد فى بعض الأخبار أنه أمر ( صلى الله عليه وسلم ) بتخييرهم على أن يقتلوا الأسرى أو يفادوهم على اْن يقفل من عام قابل مثلهم.
ومعنى (فهوى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ماقال أبو بكر): أى مالت إليه نفسه ووافقه.
يقال منه: هوى يهوى هوى، قال الله تعالى: { بمَا لا تَهْوَى اَنفُسُكُم} (2)، وقد جاء هوى يهوى بمعنى مال، قال الله عز وجل: { فَاجْعَل ئَخدَةً مِّنَ الئاسِ تَهْوِي إِلَيْهِم (3).
وقوله: { حَتق يُثْخِنَ فِي الأَرْض}: أى حتى يكئر القتل والإيقاع بالعدو، وقيل: حتى يقدر، ومعناه قريب.
(1) 1 لأنفال: 67 - 69.
(3) ببرلهيم: 37.
(2) ا لبقرة: 87.
76 / ب
98 (6/97)
كتاب الجهاد / باب ربط الأسير وحبسه، وجواز المن عليه
(19) باب ربط الأسير وحبسة، وجواز المنّ عليه
59 - (1764) حئَثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا لَيْ!ث، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِى سَعِيدٍ ؛ انَهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خًيْلاً قبَلَ نَجْد، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفةَ يُقَالَ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أثَال - سيِّدُ أهْلِ اليَمَامَة - فَرَبَطُوهُ بسَارًيَة مِنْ سَوَارِى المسْجدِ.
فَخَرَجَ إِلَيْه رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالً: (مَافَا عنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟) فَقَاَلَ: عًنْدى يَا مُحَمَدُ خَيْر، إِنْ تَقْتُلْ تَقْتُل فَ المٍ.
طَ نْ تُنْعمْ تنعِمْ عَلَىَ شَاكِرٍ، ياِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الَمَالً فَسَلْ تَعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَتَرَكَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى كَانَ مِنَ الغَد، فَقَالَ: (مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ ؟).
قَالَ: مَا قُلتُ لَكَ، إِنْ تنعِمْ تنْعِمْ عَلَى شَاكر، وَإِنْ تَقْتُل تَقْتُلْ ذَ المٍ، ! اِنْ كنتَ ترِيْدُ الَمَالَ فَسَلْ تُعْط منْهُ مَا شِئْتَ.
فَتَركَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى كَانَ مِنَ الغَدِ، فَقَالَ: (مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامقُلا، فَقَالً: عِنْدِى مَا قُلتُ لَكَ، إِنْ تنعِمْ تنعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ فَ المٍ، لَاِنْ كنتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ مَا شِئْتَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أطلِقُوا ثُمَامَةَ،، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيب
وقوله فى حديث ثمامة: (إذ جىء به أسيرأ فربط بسارية المسجد): ولعل هذا كان
قبل نزول قوله تعالى: { إنمَا الْمُشْرِكُون نَجَس} (1)، وقد كان المشركون يدخلون على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى مسجده أولا كثيراً وهذا مما يحتج به الشافعى فى جواز دخول الكفار المساجد كلها، وقاله أبو حنيفة فى أهل الكتاب خاصة.
قال أبو حنيفة: وكذلك الحرم ومسجده.
ومنع ذلك لجميعهم فى الحرم ومسجده وسائر المساجد، وهو قول عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - وقتادة، وقاله المزنى.
وقيل: لعله كان أعلم بإسلامه، والأول أظهر لما قدمناه.
وفيه جواز ربط الأسير وتقييده، وكذلك من عليه حق وألَذَ به.
وقوله: (إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر): معناه: ذا قدر يشتفى بدمه وقتله.
وقوله: (أطلقوا ثمامة)، قال الإمام: فيه دلالة على جواز المن على الأسير، وقد
تقدم ذكر الخلاف فيه.
وقوله: (فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل).
قال الإمام: اْما غسله عند الإسلام فإن مالكأ يأمر به، ويقول: الكافر جنب إذا أسلم اغتسل / وبعض اْصحابه يقول:
(1) ا لتوبة: 28.
(6/98)
كتاب الجهاد / باب ربط الأسير وحبسه، وجواز المن عليه
99
مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ فَقَالَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأشْهَدُ أن مُحَفَدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ، مَا كَانَ عَلَى الأرْضِ وَجْه!!بَغَضَ إِلَى مِنْ وَجْهِكَ، فَقَد أَصْبَحَ وَجْهُكَ أحَ! ث الُوجُوه كُلهَا إِلى - واللهِ، مَا كَانَ مِنْ لِينٍ أبْغَضَ إِلَى مِنْ لِينكَ، فَأصْبَحَ لِينُكَ أحَبَّ الديَّنِ كُفَهِ إِلَى.
وَالله، مَا كَانَ مِنْ بَلِد أبغَضَ إِلَىَّ مَنْ بَلَمِكَ، فَا"صبَحَ بَلَمُكَ أَحَبَّ البلاد كُلهَا إِلَى طَ ن خَيْلًَأخَذَتْنِى وَأَنَا أرِيدُ العُمْرَةَ.
فَمَافَا تَرَى ؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.
فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِل: أصَبَوْتَ ؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنِّى أسْلَمْتُ مَعَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وَلا، وَالله لا يَأتيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حبَةُ حِنْطَة حَتَّى يَأشً فِيهَا رَسُولُ اله ( صلى الله عليه وسلم ).
60 - (... ) حئَثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، حدثنا اوربو بَكْر الحَنَفِىُّ، حَدثنِى عَبْدُ الحَمِيدِ
إن جنابته فى حال الكفر ذمها الإسلام وابطاى حكمها، فلايلزمه غسل.
وقد ألزمه بعض شيوخنا اْن يصلى بغير وضوء، ويكون حدثه الأصغر أبطل حكمه الاسلام.
قال القاضى: بإيجاب الغسل عليه قال احمد وأبو ثور، وبسقوط وجوبه عليه قال الشافعى، قال: واحب إلى أن يغتسل، ونحوه لابن القاسم.
ولمالك - أيضا - انه لم يعرف الغسل، رواه عنه ابن وهب وابن أبى أوشى.
وقوله: (فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد): كذا ضبطناه فى كتاب مسلم والبخارى (1).
قال بعضهم: صوابه: (بنجل) بالجيم، وهو الماَ القليل المنبعث.
وقيل: الجارى.
قال ابن دريد: النجل أول ماينبعث من البئر إذا حفرت.
واستنجل الوادى: إذا ظهر ماؤه.
وفى تكرار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عليه السوال أياما ثلاثة[ طعاما] (2) فى إسلامه، واستئلافا لمثله من أشراف الناس ليسلموا فيتبعهم من وراعصم، ثم تركه هو الإجابة حتى من عليه دليل على صحة يقينه وعلو همته، وانه لم يسلم على القسر والقهر أو من اختياره وطيب نفسه.
وقوله: (إن خيلك أخذتنى وأنا أريد العمرةأ وان النبى كلي اْمره أن يعتمر.
هذا
وإن لم يكن واجبا عليه ماعقده فى الكفر فهو مستحب ليتم ماعقده لله - سبحانه - وإن.
لم يلزمه حين كفره، واْن يكون يفعل ذلك بعد إسلامه فينال اْجره، ولما فى ذلك من غيظ
(1) البخارى، كالمارى، بوفد بنى حنيفة وحديث ثمامة بن أثال 5 / 214.
(2) هكذا فى الأصل، ولا نعرف لها معنى مع السياق، ولكن الأصح: طمعأ.
(6/99)
كتاب الجهاد / باب ربط الأسير وحبسه، وجواز المن عليه
ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنِى سَعيدُ بْنُ أبِى سَعيد المَقْبَرِى ؛ أنَهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَيْلاً لَهُ نَحْوَ أرْضِ نَجْد، فَجَاءً ت بَرَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: ئمَامَة"ئن أثَالٍ الحَنَفِى سمد أهْلِ اليَمَامَةِ.
وَسَاقَ الحَلِيثَ بِمِثلِ حَلِيثِ اللَيْثِ، إِلا انَهُ قَالَ: إِنْ تَقْتُلنِى تَقْتُلْ فَ المٍ.
الكفار بمكة، إذ أتاها مثله مسلما من صناديد العرب ورؤساء القبائل، ممن يحذرونه ويرجونه ولا يقدرون على أذاه.
فلم يكن حينئذ بَعْدُ الحج واجبأ ولا العمرة على من قال بوجوبها.(6/100)
كتاب الجهاد / باب إجلاء اليهود من الحجاز
101
(20) باب إجلاء اليهود من الحجاز
61 - (1765) حدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا لَيْمث، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعيد، عَنْ
أبِيه، عَنْ ألِى هُريرَةَ ؛ انَهُ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ فِى ائمَسْجِدِ، إِذ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فقَالَ: (انطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ لا، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، حتى جِئْنَاهُمْ.
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَنَ ال اهُمْ، فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، أسْلِمُوا تَسْلَمُوا)، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ، يَا أبَا القَاسِم.
فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فَلكَ ارِيدُ، أسْلِمُوا تَسْلَمُوا)، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أبَا القَاسم.
فَقَالَ لَهُم رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): َ (ذَلكَ أرِيدُ)، فَقَالَ لَهُمْ الثَّالِثَةَ.
فَقَالَ: (اعْلَمُوا أنَمَا اَلأرْضُ لئهِ !رسُولِه، وَانَّى أرِيدُ أنْ أَجْلِيَكُمْ مِنْ هَذه الأرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنكُمْ بِمَالِه شَيْئًا فَليَبِعْهُ، داِلا فَاعْلَمُوا أنَّ الأرْضَ لنهِ وَرَسُولِهِ).
ً
62 - (1766) وحدَّثنى مُحَفدُ بْنُ رَافِع وَإِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور - قَالَ ابْنُ رَافِع: حَدثنَا.
وَقَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا عبدُ الرَّزَّاقِ - أخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْبم، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ؛ أنَّ يَهُودَ بَنِى النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسولَ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَا"جْلَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَنِى النَضِيرِ، وَأتَر قُرَيْظَةَ وَمَن عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَقَتَلَ
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لليهود: (أسلموا تسلموا)، فقالوا: قد بلغت، قال: (ذلك أريد):
أن تشهدوا على أنفسكم أنى بلغتكم.
وفيه تجنيس الألفاظ وهو من أبواب البديع وخصائص البلاغة.
وإجلاء النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اليهود من المدينة، ياجلاء عمر - رضى الله عنه - لهم من جزيرة العرب، وما ذكره مسلم من الأحاديث فى ذلك تقدم الكلام عليه فى الوصايا.
وقوله: (فإن الأرض لله ورسوله): أى ملكها والحكم فيها.
وفيه: (وأقر قريظة وميق عليهم، حتى حاربت، فقتل رجالهم وسبى نساءهم وأولاده م وأموالهم): فيه أن المعاهد والذمى إذا نقض العهد كان حكمه حكم المحارب، وأن للإمام محاربتهم.
ولا خلاف فيم إذا حاربوا أو أعانوا اْهل الحرب وله أن يبتديهم بالحرب إذا صح عنده نقض عهده، قال الله تعالى: { وَإِئا تَخَافَن مِن قَوْ!خِيَانَةً فَانبِذْ إلَيْهِمْ عَلَئ مَوَاء} الاَية (1).
قال أبو عبيد: أى توقعت لهم خيانة اْو غدرا أو غشا أوَ نحو ذلك.
(1) 1 يانفال: 58.
102
(6/101)
كتاب الجهاد / باب إجلاء اليهود من الحجاز
رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَ ال مْ وَأوْلالَصمْ وَأَمْوَالَهُئم بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلا أن بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فامَنَهُمْ وَأسْلَمُوا، وَأجْلَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَهُودَ المَلِينَة كُلَّهُمْ: بَنِى قَيْنُقَاعَ - وَهُمْ قَوْمُ عبدِ اللهِ بْنِ سَلامِ - وَبَهُودَ بَنِى حَارِئَةَ، وَكُل يَهُوس كَانَ بِالمًلِينَةِ.
(... ) وحدَّثنى أبُو الطَاهِرِ، حَدثنَا عبدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ، أخْبَرَنِى حَمْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ،
عَنْ مُوسَى، بِهَنمَا الاِسْنَادِ، هَنَا الحَدِيثَ.
وَحَلِيثُ ابْنُ جُرَيْجٍ ثثَرُ وَأتَم.
قال الأوزاعى: وكذلك إذا اْطلعوا أهل الحرب على عورة المسلمن أو عيونهم.
وليس هذا نقضا عند الشافعى.(6/102)
كتاب الجهاد / باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب
(21) باب إخراج اليهود والنصارى
103
من جزيرة العرب (1)
63 - (1767) وحدَّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْب، حدثنا الضحَاكُ بْنُ مَخْلَد، عَنِ ابْنِ جُرَيْجِ.
ح وَحَدثنِى مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَا لنَا عَبْدُ الرَّزَاقِ، أخْبَرَنَا ابنُ جُرَيْبم، أحْبَرَنِى أبُو الزبيْرِ ؛ انَهُ سَمِعَ جَابِر بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: أخْبَرَنَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ؛ أئهُ سَمِعَ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لأخْرِجَنَّ اليَهُودً وَالَنَصَارَى منْ جَزِيرَة العَرَب، حَتَى لا أدعً إلا مُسْلمًا).
ًَ
(... ) وحدَّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا رَوْحُ بْنُ عُبَ الةَ، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثوْرِىُّ.
حْ وَحَدثنِى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيب، حَدثنَا الحًسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حَدىئنَا مَعْقِل - وَهُوَ ابْنُ عُبَيْد الله - كِلاهُمَا عَنْ أبِى الزوليْرِ، بِفَنَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
(1) ترك الإمام وللقاضى هذا الباب بغير تعليق.
77 / 1(6/103)
!اب ارو!اد / باب جواز قتال من نقض العهد...
إلخ
(22) باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال
أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم
64 - (1768) وحدَّثنا أبُو بَكْرٍ بنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى وَابْنُ بَثسَّارٍ - وَألفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَة - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حدثنا غُنْمَرٌ عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ الاَخَرَانِ: حَدثنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَر.
حدثنا شُعْبَةُ - عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا امَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْف قَالَ: سَمِعْتُ أبَا سَعِيد الخُدْرِى قَالَ: نَزَلَ أهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْم سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَا"رْسَلً رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى سَعْدً، فَا"تَاهُ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّاْ!نَا قَرِيبًا مِنَ المَسْجِدِ، قَالَ رَسُولُ
وقوله: (نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ): فيه جواز التحيم فى أمور المسلمن العظام، ولم يخالف فى التحكيم إلا الخوارج.
والنزول على حكم الإمام وحكم غيره جائز، ولهم الرجوع عنه ما لم يحكم، فإذا حكم لم يكن للعدو الرجوع، ولهم أن يستقلوا من حكم رجل قبل حكمه إلى غيره.
وهذا / كله إذا كان الحكم ممن يجوز تحكمه من أهل السعة والعلم والديانة، فإذا حكم لم يكن للمسلمين ولا للإمام المجيب لتحكيمه نقض حكمه.
وهذا إذا حكم بما هو نظر للمسلميئ من قتل أو سبى أو إقرار على الجزية اْو إجلاء، فإن حكم بغير هذا من الوجوه التى لا تتيحها الشريعة لم ينفذ حكمه، لاعلى المسلمن ولاعلى العدو.
وقوله فأرسل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى سعد بن معاذ، فأتاه على حمار، فلما دنا قريبأ من المسجد قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (قوموا إلى سيدكم): قال بعضهم: انظر قوله: (من المسجد) وكذا جاء فى حديث شعبة فى مسلم والبخارى (1)، وأراه وهما، فإن كان أراد مسجد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقد جاء سعد بن معاذ وفيه كان، على ما سيأتى تفسيره قى الحديث الآخر، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما كان - وحن وجه إليه - نازلا على بنى قريظة، ومنها وجه فى سعد ليأتيه، إلا أن يريد مسجدأ اختصه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هناك كان يصلى فيه مدة مقامه، قال: والصحيح ماجاء فى غير كتاب مسلم: (فلما دنا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، أو فلما أطلع على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) كذا جاء فى كتاب أبى داود وابن أبى شيبة (2)، فيحتمل أن المسجد تصحيف من
(1) البخارى، كالمغازى، بمرجع النبى (صلى الله عليه وسلم) من الأحزاب 5 / 143.
(2) أبو داود، كالأدلب، بما جاء فى القيام 2 / 645، ابن أبى شيبة، كالمغارى، بما حفظت فى بنى قريظة 14 / 425.(6/104)
كتاب الجهاد / باب جوازقتال من نقض العهد...
إلخ 105 اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) للأَنْصَارِ: (قُومُوا إِلَى سيِّدكُمْ) أوْ (خَيْرِكُمْ).
ثُمَّ قَالَ: (إن هَوُلاء نَزَلُوا عَلَى حُكْمكَ).
قَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمَْ، وَتَسْبِى لمحرَيتهُم.
قَالَ: فَقَالَ النًّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ: (قَضَيْتَ بِحُكْمَ الله) وَرُبَّمَا قَالَ: (قَضَيتَ بِحُكْم المَلِكِ)، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ المُثَنَّى: وَربُّمَا قَالَ: (قَضَيْتَ بِحُكْم المَلِكَ).
(... ) وحدَّثنا زهُيْرَ بْنُ حَرْلب، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِئ، عَن شُعْبَةَ بِهَذَا الإسْنَادِ، وَقَالَ فِى حَديثه: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لَقَدْ حَكَفتَ فِيهِمْ بِحُكْم اللهِ).
وَقَالَ مَرة: ا لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكم المَلِكِ لا.
65 - (1769) وحدَّثنا أَبُو بَكْر بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاء الهَمْلَانىُّ، كِلاهما عنِ ابنِ نقئرٍ.
قال ابن العلاءِ: حدثنا ابن نميرٍ، حدثنا هِشام عن أبِيهِ، عن عائِشة،
لفظة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وأن صوابه: (فلما دنا من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ) كما جاء فى الحديث الآخر فى الأصول: (فلما دنا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ).
وفى قوله: (قوموا لسيدكم): فيه ما يلزم من إكبار عظيم القوم وأهل الخير وتلقيه، والقيام له إذا أقبل، وأن هذا القيام ليس المنهى عنه عند أكثر العلماء ومحققيهم، وإنما القيام المنهى عنه أن يقام عليه[ وهو جالس] (1) قيامأ طول جلوسه.
ويدل على صحة هذا التأويل قيام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لتلقى غير واحد، وقوله حين نهاهم عن القيام عليه إذا صلى جالسأ، وذكر لهم أنه فعل فارس والروم لملوكها.
ويبينه قول عمر بن عبد العزيز - رضى الله عنه - للناس: إن تقوموا نقم، و(ن تقعدوا نقعد.
فقد بين أن القيام الذى كره إنما هو إذا كانوا قيامأ على رأس الجالس.
وقد تأول الحديث بعض من يمغ القيام جملة أنه إنما أمرهم بالقيام لينزلوه عن الحمار لمرضه الذى به.
وقد اختلف تأويل الصحابة من عَنِىَ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك ؟ هل الاْنصار خاصة ؟ أم جميع من حضر من المهاجرين معهم ؟
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لقد قضيت فيهم بحكم الملك): كذا رويناه فى هذا الكتاب بغير خلاف، وقد ضبطه بعضهم فى كتاب البخارى (2) بالوجهن ؛ فتح اللام وكسرها.
فالمعنى - والله أعلم - بالملك: اللهُ تعالى.
والملك بفتح اللام - إن صحت هذه الرواية - جبريل، والرواية الأولى أصح لقوله كأ الحديث الاَخر: (بحكم الله !.
(1) فى الأصل: ويمثلوا، والمثبت من س.
(2) للبخارى، كالمغازى، بمرجع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من الاْحزاب 5 / 143.
106(6/105)
كتاب الجهاد / باب جوازقتال من نقض العهد...
إلخ قَالَتْ: أ!يبَ سَعْا يَوْمَ الخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُل مِنْ قُرَيْشٍ - يُقَالُ لَهُ: ابْنُ العَرِقَة - رَمَاهُ فِى اكْحَلَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اله ( صلى الله عليه وسلم ) خَيْمَةً فِى المَسْجد يَعُولُوُ مِنْ قَرِيبٍ.
فَلًمَا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ الخَنْدَق وَضَعَ السئَلاحَ، فَاغْثَسَلَ، فَا"تَاَهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنفُضُ رَأسَهُ من الغُبَارِ.
فَقَالَ: وَضَعْتَ السئَلاحَ ؟ وَاللهِ، مَا وَضَعْنَاهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَائنَ ؟)، فَأشَارَ إِلَى بَنى قُرَيْظَةَ، فَقَاتَلهُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْم رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْد.
قَالَ.
فَاِنى أحكُمُ فِيهِمْ أنْ تُقْتَلَ المُقَاتلَةُ، وَأنْ تُسْبَى الئريةُ وَالنسَاءُ، وَتُقْسَمَ أمْوَالُهُمْ.
ً
قال الإمام: ووقع فى حديث[ مصاب] (1) سعد[ يوم الخندق] (2): أن الذى
رماه رجل من قريث! ابن العرقة، بالعن المهملة وكسر الراء، بالقاف.
قال اْبو عبيد:
هى أمه.
قال ابن الكلبى: اسم هذا الرجل حِتان، بكسر الحاء، ابن أبى قيس بن علقمة
77 / بابن عبد مناف بن الحارث بن منقذ بن عمرو بن معيص بن عافر بن لوى بن غالب /، قال: واسم العرقة: قلابة، بكسر القاف وبالباء المنقوطة بواحدة، بنت سعيد بن سهم بن عمرة
ابن هُصيص (3).
وهى أم عبد مناف بن الحارث.
قال: سميت بالعرقة لطيب ريحها.
قال: والعرقة تكنى أم فاطمة.
قال الفاضى: كذا قال ابن الكلبى فى اسم ابن العرقة: (حبان)، وكذا ذكره ابن
إسحق، إلا أنه قال ابن قيس.
وكذا قال هثام بن عروة فى ابن حبان، وكذا ضبطه الدارقطنى وغيره - من أصحاب الضبط والإتقان - بكسر الحاء.
وذكر ابن عقبة أن اسم
ابن العرقة: جبار بن قيس، أحد بنى العرقة.
وخالف اْبو عبيد بن الكلبى فيما تقدم،
فقال: إن العرقة هى حبان، وخالف الواقدى فى ضبط اسمها فقال: إنما هى العرقة،
بفتع الراء.
وقال: أهل مكة يقولون ذلك.
قال الفاضى: وكثر الناس على ما ثقدم.
وكذلك ضبطناها عن شيوخنا فى الصحيح
والسير.
واختلف فى اسم أبيها، فقيل: سعيد، كما تقدم.
وقيل: سعد، وأن كحل
عرق معروف.
قال الخليل: إذا انقطع فى اليد لم يرقأ الدم وهو عرق الحياة فى كل عضو.
وقوله فى الحديث الآخر: (فنزلوا على حكم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فرد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
الحكم فيهم إلى سعد) يجمع بينه وبين الأول أنهم رضوا بذلك، فنسب الحكم إلى سعد.
وقيل: بل كانوا هم رغبوا اْن يرد حكمهم إلى سعد، والأشهر أن الاْوس رغبوا لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى العفو عنهم ؛ لأنهم كانوا مواليهم، وسألوه أن يفعل بهم ما فعل فى بنى
(1) صاقطة من الأصل، والمثبت من ع.
(2) سقط من الأصل، والمثبت من ع.
(3) فى الأصل: معيص، والمثبت من ع.(6/106)
كتاب الجهاد / باب جواز قتال من نقض العهد...
إلخ
107
66 - (... ) وحدتَّشَا أبُو كُرَيْب، حَا شَا ابْنُ نُمَيْر، حدثنا هِشَام قَالَ: قَالَ أبِى: فَالمخبرَتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: ا لَقَدْ!حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْم اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ).
67 - (... ) حدَّثئا أبُو كُرَيْب، حَا شَا ابْنُ نُمَيْر، عَنْ هِشَام، أخْبَرَنِى أبِى، عَنْ عَائشَةَ ؛ أنَّ سَعْدأ قَالَ، وَتَحَخرَ كَلمُهُ ئِلبُرْءِ، فَقَالَ: اللَّهمْ، إِئكَ تَعْلَمُ أنْ لَيْسَ أحَد أحَمث إِلَى أنْ اجَاهِدَ فِيكَ، مِنْ قَوْبم كَذبوا رَسُولَكَ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأخْرَجُوهُ.
اللَّهُمَ، فَإِنْ كَانَ بَقِىَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشي شَىْء! فَأبْقِنِى أجَاهِل!مْ فيكَ.
اللَّهُمَ، فَإِئى أظنُّ أنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الحَربَ بَيْنَنَا وَبيْنَهُمْ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتِى فِيهَا.
فَانْفَجَرَتْ مِنْ لبَتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِى المَسْجد مَعَهُ خَيْمَة منْ بَنِى غِفَار - إِلا وَالدئَمُ يَسيلُ إِلَيْهِمْ.
فَقَالُوا: يَا أهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَنمَا الَّذِى بًأَتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ ؟ فَإِفَا سَعْا جُرْحُهُ يَغِذّ لَفَا، فَمَاتَ مِنْهَا.
قينقاع من العفو عنهم، حين سأله فيهم عبد الله بن أبى بن سلول الخزرجى، وكانوا أولئك حلفاء الخزرج، فقال لهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ): الاْما ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم) - يعنى من الأوس - يرضيهم بذلك، فرد حكمهم إلى سعد بن معاذ الاْوسى، فرضوا بذلك.
وقوله: (وتحجر كلمه للبرء)، قال الإمام: الكلم: الجرح، وتحجر قيل: يبس.
قال القاضى: فى تمنى سعد انفجار جرحه، وأن يكون موته من ذلك، ليس من
تمنى الموت للضر المنهى عنه والدعاء به، وانما هو من تمنى الشهادة ؛ لأنه لما كان جرحه فى سبيل الله تمنى موته منه، ودعا بذلك لتتم شهادته ويموت عليها.
وقوله: (فانفجرت من لبته): كذا روايتنا عن الاْسدى، وروايتنا عن الصدفى:
(من ليته)، وعند الخشنى من طريق الباجى: (من ليلته)، قالوا: وهو الصواب، كما جاء فى الحديث الاَخر.
واللبة: المنحر، والليت: صفحة العنق.
وقوله: (فإذا جرحه يغذ دما): كذا رويناه بكسر الغن عن كافتهم، وعند ابن ماهان: (يصب)، وعند بعضهم: (يغذ دما) كل صحيح، وهو بمعنى يصب فى الرواية الأخرى.
ومعنى (يغذ): أى يدوم سيلانه.
يقال: غذ الجرح يغذ: إذا لم يرق، وغدا يغدو، كما قال فى الحديث الاَخر: (فما زال يسيل حتى مات).
وقوله فى الشعر:
78 / ءا
108(6/107)
كتاب الجهاد / باب جواز قتال من نقض العهد...
إلخ
هلأ - (... ) وحدَّثنا عَلِى بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الكوفِىّ، حَدثنَا عبدَة، عَنْ هِشَام، بِهَنَا الإسْنَاد، نَحْوَهُ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ: فَانْفَجَرَ مِنْ لَيْلَتِهِ.
فَ!ا زَالَ يَسِيلُ حَتَى مَاتَ.
وَزَادَ فِى الحَلِيثَ قَالً: فَنَاكَ حِينَ يَقُولُ الشَاعِرُ:
ألايَاسَعْدُسَعْدَبَنِى مُعَاذِ فمَافَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ
لَعَمْرُكَ إِنَّ سَعْدَبَنِى مُعَاذ غَلَاةَ تَحَمَّلُوالَهُوَالصبورُ
تَرَكْتُمْ تِدْرَكُمْ لاشَىْءَفِيهَا وَقِدْرُالقَوْم حَامِيَةٌ تَفُورُ
وَقَدْقَالَ الكَرِيمُ أبُوحُبَابِ أقِيمُوا قَيْنُقَاعُ وَلاتَسِيرُوا
وَقَدْكَانُوابِبَللَتِهِمْ ثِقَالأ كَمَاثَقُلَتْ بِمَيْطَانُ الضَخُورُ
ألاياسعدسعدبنى معاذ فمافعلت قريظة والنضير
وقوله كذا الرواية فى الاْم عند كافة شيوخنا، وصواب الشعر ووجهه: لمافعلت.
وكذا رويناه فى السير، ورواه بعضهم فى مسلم.
و قوله:
تركتم قدركم لاشىَ فيها وقدرالقوم حامية تفور
ضرب مثلاً لعزة الجانب وعدم الناصر ومن يغضب لكى يقال للمستثير الغضب: تأبر.
يريد بقوله: (تركتم قدركم) الأوس ؛ لقتل حلفائهم من قريظة.
(وقدر القوم) حامية.
/ (تفور): يعنى الخزرج ؛ لشفاعتها فى حلفائها بنى قينقاع، حتى من عليهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وتركهم لعبد الله بن أبى، وهو أبو حباب المذكور فى الشعر.
و قوله:
كما ثقلت بميطان الصخور
وكذا ضبطناه عن رواية الفارسى والسجزى بالميم المفتوحة بعدها باَ باثنتين تحتها،
وكذا ذكرها أبو عبيد البكرى فى المعجم، إلا أنه ضبطه بكسر الميم، قال: وهو من بلاد مزينة من أرض الحجاز، ووقع فى رواية العذرى: (بميطار! بالراَ مكان النون، وفى رواية ابن ماهان: (يحيطان) بالحاَ مكان الميم، والصواب ماتقدم.
وقال هذا الشعر إنما قاله يحرض سعدا على استبقاء بنى قريظة حلفائه، ويلومه على حكمه فيهم، ويذكره بفعل أبى حباب عبد الله بن أبى بن سلول وشفاعته فى حلفائه بنى قينقاع، ويمدحه بذلك.(6/108)
كتاب الجهاد / باب المبادرة بالغزو...
إلخ
109
(23) باب المبادرة بالغزو، وتقديم أهم الأمرين المتعارضين
َص، 5،، صءَه، 5 ص ص نص، ص كص، كاص، ه،
69 - (1770! وحدثنى عبد الله بن محمدِ بنِ اسماء الضبعِى، حدثنا جويرِية بن أسْمَاءَ، عَنْ نَافِع، عَنْ غئد الثهِ، قَالَ: نَاسَ فينَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الأحْزَابِ: (ألأَ يُصَلميئ أحَد الطهْرَ إِلاَ فِى بَنِى قُرَيْظَةَ)، فَتَخَؤَفَ نَاس فوْتَ الوَقْتِ، فَصَلَو الونَ بَنِى قُرَيْظَةَ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لا نُصَلَى إِلا حَيْثُ أمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، ! اِنْ فَاتَنَا الوَقْتُ.
قَالَ: فَمَا عَنَّفَ وَاحِلأ مِنَ الفَرِيقَيْنِ.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) حين انصرف من الأحزاب: ا لا يصلين أحد الظهر (1) إلا فى بنى قريظة)، فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بنى قريظة، وقال اخرون: لانصلى إلا حيث أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) [ د ان فاتنا الوقت.
قال: فما عنَّف] (2) واحدأ من الفريقن، قال الإما أ: هذا فيه دلالة على أن الإثم موضوع فى مسائل الفروع، وأن كل مجتهد غير ملوم فيما أداه اجتهاده[ إليه] (3) بخلاف مسائل الأصول، وكأن (4) هؤلاَ لما تعارضت عندهم الأدلة فالأمر بالصلاة لوقتها يوجب تعجيلها قبل وصول[ بنى] (5) قريظة، والأمر بألا يصلى إلا فى[ بنى] (6) قريظة يوجب التأخير وإن فات انوقت.
فأى الظاهرين يقدم وأى العمومين يستعمل ؟ هذا موضع الإشكال، وللنظر فيه مجال.
(1)
(2) (3)
قلت: هكذا فى جميع النخ عند مسلم، أما فى البخارى فى جميع نسخه: (العصر)، قال ابن حجر: وقد اتفق أصحاب المغازى على أنها العصر، كموسى بن عقبة ومحمد بن إسحق وغيرهما، وكذا عند البيهقى فى الدلائل والطبرانى أنها العصر، قال ابن حجر: ووقع فى مستخرج أبى نعيم على صحيح مسلم وهو مخطوطة لم تظهر بعد - يسر الله من يطبعها قريبأ - اْنها العصر.
قال ابن حجر: جمع بعض العلماء بين الصحيحيئ فقال: احتمال أن تكون طائفة رلحت بعد طالْفة، فقيل للاولى: الظهر، والتى بعدها: العصر.
وقال: احتمال أن يكون بعضهم قبل الأمر كان صلى الظهر، وبعضهم لم يصله.
فقيل لمن لم يصلها: ا لايصلين أحد الظهر) ولمن صلاها: ا لا يصلين أحد العصر).
قال ابن حجر: وكلاهما جمع لا بأس به، لكن يبعده اتحاد مخرج الحديث ث لاْنه عند الشيخين بإسناد ولحد.
انظر: الفتح بتصرف 7 / 472.
سقط من الاْصل، والمثبت من س والمطبوع.
ساقطة من ص.
فى الأصل: فكأن، والمثبت من ع.
6) ساقطتا من الأصل، والمثبت من ع.
110(6/109)
كتاب الجهاد / باب المبادرة بالغزو...
إلخ
قال القاضى: مفهوم مراد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الاستعجال إلى بنى قريظة دون التوانى، لا قصد تأخير الصلاة نفسها.
فمن أخذ بالمفهوم صلى حين خاف فوات الوقت، ومن [ أخذ] (1) بظاهر اللفظ أخر، ففيه حجة للقائلن بالظاهر وللقائلن بالمفهوم.
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من من.(6/110)
كتاب الجهاد / باب رد المهاجرين إلى الأنصار منالْحهم...
إلخ
111
(24) باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من
الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح
70 - (1771) وحدَّثنى أبُو الطَاهِرِ وَحَرْمَلَةُ، قَالا: أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْ! ب، أَخْبَرَنِى يُونُس، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: لَمَّا قَدمَ المُهَاجِرُونَ - مِنْ مَكَةَ - المَدينَةَ، قَدمُوا وَلَيْسَ بأَيْدِيهِمْ شَىْء، وَكَاًا لأنْصَارُ أهْلَ الَأرْضِ وَالعَقَارِ، فَقَاسَمهُمُ الأَنصَارُ عَلًى أَنْ أعْطُوَهُمْ أنْصَاتَ ثِمَار أمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامِ، وَيَكْفُونَهُمُ العَمَلَ وَالمَؤُونَةَ.
وَكَانَتْ أئمُ أنَسِ بْنِ مَالِك، وَهِىَ تُدْعَى أَئمَ سُلَيْبم، وَكَانَتْ أمَّ عَبْد الله بْنِ أبِى طَلحَةَ، كَانَ أخا لأنَسِ لأفه، وَكَانَتْ أعْطَتْ أم أنَسِ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عِنمَاثا لَهَا، فَا"عْطَاهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) امَّ إلمَنَ، مَوْلاَتَهُ، أئمَ اسَامَةَ بْنِ زيد.
قَالَ ابْنُ شِهَاب: فَاخبَرَنِى أنَسُ بْنُ مَالِك ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمَا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أهْلِ خَيْبَرَ، وَانْصَرَتَ إِلَىَ المَلِينَة، رَدَّ المُهَاجِرُونَ إلَى الأنصَارِ مَنَائحَهُمُ ائَتِى كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ.
قَالَ: فَرَدَ رَسُوَلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى أفَى عِنَاقَهَا، وَأعطَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ائمَ 2يْمَنَ
وذكر الحديث فى مواساة الأنصار للمهاجرين.
فيه فضيلة الأنصار، وماكانوا عليه من الأخلاق الحميدة وكرم النفوس وحب الإسلام واْهله.
وأما كفايتهم للعمل والمونة على لن يعطوهم أنصاف ثمار أموالهم، فأصل فى المساقاة اْيضأ، وليس كل أحد كان معهم بهفا السبيل، إنما ذلك لمن لم يرض اْخذ ذلك بغير عوض من المهاجرين.
وقوله: (وكانت اْعطت أم أنس رسول الله طه عِذاقأ): جمع عَنْقٍ، وهى النخلة 4
مثل كلب وكلاب.
وقوله: (فأعطاها رسول الله ! اْم أيمن مولاته !: مما يدل على ماقلناه أنه لم يكن
كل ما واسوا به على المساقاة ؛ إذ لم يأخذه النبى طه ولا أم أيمن على ذلك، لانما كانت مواساة وارفاقأ.
وقول اْنس: (فلما فرغ رسول الله ! من خيبر وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون
إلى الأنصار منائحهم، ورد رسول الله ! إلى اْمى عذاقه ال: لأنهم استغنوا بما فتح الله - تعالى - عليهم من الأجحاف بالاءنصار، وكذلك فى الحديث الآخر: (حتى فتحت عليهم
78 / ب
112(6/111)
كتاب الجهاد / باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم...
إلخ
مَكَانهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ.
قَالَ ابْنُ شهَاب: وَكَانَ مِنْ شَأنِ ائم أيْمَنَ، امَ اسَامَةَ بْنِ زَيْد ؛ أئهَا كَانَتْ وَصِيفَة لِعَبْدِ
اللهِ بْنِ عَبْد المُطلَب، وَكَانَتْ مِنَ الحَبَشَة.
فَلَمَّا وَلَدَتْ اَمنَةُ رَسُولَ الله كلية، بَعْدَ مَا تُوُفَىَ أبُوهُ، فَكَاَنَتْ ائَمُ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ، حَتَى كًبِرَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَا"عْتَقَهَا، ثمَ أنكَحَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، ثُمَ تُوُفِيَتْ بَعْدَ مَا تُوفىَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِخَمْسَةِ أشْهُر.
71 - (... ) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَحَامدُ بْنُ عُمَرَ البَكْرَاوِى وَمُحَمَدُ بْنُ
عَبْد الأعْلَى القَيْسِى، كُلُّهُمْ عَنِ المُعْتَمِرِ - وَاللَفْظُ لاَبْنِ أبِى شَيْبَةَ - حَدثنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيمَانَ التَيمِى، عَنْ أَبيه، عَن أنَسٍ ؛ أنَّ رَجُلأ - وَقَالَ حَامِد وابْنُ عَبْد الأعْلَى: أنَّ الرخلَ - كَانَ يَجْعَلُ لِلَئبى ( صلى الله عليه وسلم ) النَّخَلات مِنْ أرْضه حَتَى فُتحَتْ عَلَيْه قُرَيْظًةُ وَالئضيرُ، فَجَعَلَ - بَعْدَ فَلِكَ - يَرُدُ عَلَيْهِ مَا كَانَ أعْطَاَهُ.
ً
قَالَ أنَسى: وَإِن أهْلِى أمَرُونِى أنْ اَتِىَ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم )، فَأسْألَهُ مَا كَانَ أهْلُهُ أعْطُوهُ أوْ بَعْضَهُ -
قريظهَ والنضير) (1).
وقد جاء فى الحديث: أن النبى كله / قال للأنصار لما فتح الله - سبحانه - قريظة والنضير: (إن شئتم قسمتم اْموال بنى النضير بينكم[ وبينهم] (2)، وأقمتم على مواساتكم المهاجرين فى ثماركم، وإن شئتم أعطيتها المهاجرين دونكم، وقطعتم عنهم ماكنتم تعطونهم) فقالوا: اْعطهم دوننا ونقيم على مواساتهم.
فاعطاها النبى! للمهاجرين، ورد الأنصار منائحهم واستغنوا عنها (3).
وليس فى هذا حجة فى الرجوع فى الهبة ؛ لأنها لم تكن هبة اْصول، إنما كانت هبة منافع وميراث غير موبدة يصح استرجاعها فى كل وقت.
والمنائح: العطايا.
كانت أم أيمن وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب من الحبشة، وذكر تزويجها زيد بن حارثة.
وكذا ذكره الواقدى أنها حبشية، يبين ماذكرنا أنها كانت سوداء، وأن لها خرج
(1) كان فتح قريظة عام (5 هأ، وبنى النضير على وقع ستة أشهر من وقعة بدر.
انظر: كتاب المغازى، بحديث بنى النضير فى البخارى.
(2) ساقطة من الأصل، والمنبت من الأبى.
(3) لم نعثر له على ذكر إلا فى الفتح، وعزاه ابن حجر للحاكم فى الليل من حديث أم العلاء، قال النبى! للانصار لما فتح النضير: (إن أحببتم قسمت بينكم ما أفاَ الله علىَ، وكان المهاجرون على ماهم عليه من للسكنى فى منازلكم واْموالكم، د ان أحببتم لمطيتهم وخرجوا عنط فاختاروا للثانى.
انظر: الفتح 7 / 387.
(6/112)
كتاب الجهاد / باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم...
إلخ 113 وَكَانَ نَبِىُّ اللهِ كله قَدْ أَعْطَاهُ امَّ أَيْمَنَ - فَا"تَيْتُ النَّبِىَّ فيّ فَا"عْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ امُّ أيْمَنَ فَجَعَلَت الثَّوْبَ فِى عُنُقِى وَقَالَتْ: وَاللهِ، لا نُعْطيكَاهُنَّ وَقَدْ أعْطَانيهِنَّ.
فَقَالَ نَيِىُّ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا امَّ أَيْمَنَ، اتْرُكِيهِ وَلَكِ كَنَا وَكَنَا).
وَتَقُولُ: كَلا.
وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلا هُوَ.
فَجَعَلً يَقُولُ كَنَا حَتَّى أعْطَاهَا عَشْرَةَ أمْثَالِهِ، أوْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرَةِ أمْثَالِهِ.
اْسامة بن زيد، وأنها على ماذكر بعض المؤرخن كانت من سبى الحبشة أصحاب الفيل حين هزمهم الله - سبحانه - لكن يبقى من الاعتراض على ماذكرنا أنه لو كان ذلك لم ينكر الناس شبه ابنها أسامة لها فى الواد.
واسمها بركة وتكنى بأم الضياء، وقد نسبوا بركة بنت حصن بن ثعلبة بن عمر بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان، كنيت بابنها أيمن بن عبيد الحبشى (1) - زوجها قبل زيد بن حارثة.
والمعروت أن الحبشية إنما هى بركة أخرى جارية، كانت لأم حبيبة، كانت تخدم النبى! اْيضا.
وقد قال ابن عبد البر: واظنها أم أيمن المذكورة، وقد تقدم من هذا فى باب الضيافة، وإباءة أم أيمن من يرد ما كان[ أعطاها] (2) من مال أهل أنس، مما اْعطوه فى عوضها النبى كله عشرة اْمثالها ة ظنا منها اْنها كانت منحة موبدة، وأراد النبى طد! استردادها بدلها ؛ لأنه كان يبرها، ولها عليه حق الرضاع والحضانة.
قال الإمام: هذا فيه رد الهبة إن كانوا أعطوها على التأبيد، وقد ذكرنا الاختلاف فى المنافع، هل ينهى عن شرائها كما ينهى عن شراء الرقاب الموهوبة ؟ والظاهر أن اْم أنس أعطت النبى! العذاق ملكا، وقد رده كله عليها.
وقد كان بعض شيوخنا يقول: إن كان شراء الهبة بسؤال من الموهوب ورغبة من الواهب والرفق والحض للموهوب فى ذلك فإنه (3) خارج عما نهى (4) عنه، والأنصار لم يطلبوا هاهنا رد الهبة، وإن كان أنس حكى عنه مسلم أن أهله أمروه أن يأتى النبى! فيسأله ماكان أهله أعطوه، قال: فأتيت النبى! فأعطانيهن.
ولعله أعطاه لأنس وليس بواهب، أو علم منه خفة ذلك عليه ورغبته فيه.
والعذق (5)، بفتح العين: النخلة، وبكسر العين: الكباسة.
فلعل عذاقأ جمع عذق المفتوح العين.
(2) (3) (5)
لنظر: ا لاستيعاب 4 / 1793.
ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
فى ع: لأنه، والمثبت من الأصل.
سبق فى كالهبة (1625).
ولا يعرف العذق بالفتح: النخلة، إلا عند أهل الحجاز، وهى - ايضا - كل غصن له شعب.
وقال الجوهرى: هى النخلة، بحملها، تقول: أعذق الاذخر: إذا أخرج ثمره، ويقال بمعنى: أظهر، وتقول: أعذقت النخلة: قطعت سعفها.
انظر: اللسان، بتصرف.
79 / ْ ا
114 (6/113)
كتاب الجهاد / باب جواز اجل من طعام الغنيمة فى دار الحرب
(25) باب جواز اجل من طعام الغنيمة فى دار الحرب
72 - (1772) حدئنا شَيْبَانُ بْنُ فَرؤُخَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ المُغِيرَةٍ - حَدثنَا حُمَيْدُ بْنُ هلال عَنْ عَئدِ اللأِ بْنِ مُغَفَّل، قَالَ: أصَبْتُ جِرَائا مِنْ شَحْبم، يَوْمَ خَيبرَ.
قَالَ: فَالتَزَمْتُهُ، فَقُلتُ: لا أعْطِى اليَوْمَ أَحَلأ مِنْ هَنَا شَيْئا.
قَالَ: فَالتَفَ!ت فَإذَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) مُتَبَسئفا.
َْ
[ قوله] (1): (أصبت جرابأ من شحم يوم خيبر، فالتزمته، فقلت: لا أعطى اليوم منه
اْحداً شيئأ)، وفى الرواية الأخرى: (فيه طعام وشحم): الجراب، بكسر الجيم: المزود.
قال الإمام: هذا لأنه من قليل الطعام الذى يحتاج لأكله بعض أهل الجيش.
ومالك - رضى الله عنه - يبيح للواحد من الجيش أن يأكل قدر ما احتاج إليه من الطعام[ المغنوم] (2)، ولايرى ذلك غلولا (3).
قال القاضى: أجمع علماء المسلمين على إجازة كل طعام الحربيين ما دام / المسلمون
فى دار الحرب، يأخذون منه قدر حاجتهم (4).
وجمهورهم على جواز ذلك بإذن الإمام وغير إذنه، وحكى عن الزهرى أنه لايكون إلا بإذنه ولم يوافق عليه.
وقال الشافعى: لايأخذ منه إلا بقدر حاجته، فإن أخذ منه فوقها أدى قيمته فى المقام، وكذلك إن أخذ ما لا يضطر إليه فى القوت من الأشربة والأدوية، وأجاز مالك له أخذ ما فضل وكله فى أهله بعد رجوعه.
وقال الأوزاعى: وذلك فيما قل منه.
وقال سفيان: يرد ذلك للإمام، وهو قول اْبى حنيفة.
واختلف فى ذلك قول الشافعى، فأجاز له مرة جملة.
وجمهورهم على منعه أن يخرج بشىء منه إلى أرض الاسلام، إذا كان له قيمة، وحكموا له حكم الغنيمة.
وقال الاصزاعى: ما أخرج من ذلك إلى أرض الإسلام فهو له (5).
واختلفوا بعد ذلك فيما يحتاج إليه من غير الطعام من السلاح والدواب والثياب، ليقاتل عليه ويركبه فى رجوعه، ويلبسه مدة مقامه.
واختلف فيه قول مالك وأصحابه.
وب!جازته قال الثورى والحسن، وممن أجاز استعمال ذلك فى وقت الحرب دون غيره
(1) بياض فى الأصل، والمثبت من ع.
(2) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.
(3) لنظر: الموطأ 1 / 452، الاستذكار 14 / 119، بدائع الصنانع 7 / 124.
(4) هذا كلام ثبى عمر.
انظر: الاستذكار 14 / 120.
(5) لنظر: السابق.
(6/114)
كتاب الجهاد / باب جواز الل من طعام الغنيمة فى دارالحرب 115 73 - (... ) حدَّثنا مُحَمَدُ بْنُ بَشَارٍ العَبْدِى، حَئثنَا بَهْزُ بْنُ أسَد، حدثنا شُعْبَةُ، حَدثنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الله بْنَ مُغَفلٍ يَقُولُ: رُمىَ إِلَيْنَاً جِرَاب!فِيهِ طَعَامٌ وَشَحْمٌ، يَوْمَ خَيْبَرَ، فَوَثبتُ لآن نَهُ.
قَالَ: فَالَتَفَ!ت فَإِفَ! رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
الثافعى والثورى والأوزاعى وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأبو حنيفة واْبو يوسف (1).
وذكر ابن المنذر والخطابى اْن هذا مما لم يختلف فيه اْهل العلم، إلا أن الأوزاعى شرط فى هذا إذن الإمام (2).
وكذلك فيما قل قدره مما يحتاج إليه كالجلد تقطعه خفافًا ونعلا والابرة وشبهها، فأجازه مالك وغيره، ونحوه قول ابن حنبل، ومنع ذلك الثافعى وأصحاب الرأى جملة.
قال الثافعى: وعليه قيمته إنْ تلف واْجرة استعماله ومانقصه الانتفاع.
ولم يختلف فيما بغ من طعام وغيره إذ ثمنه مغنم.
وقوله فى الحديث: (فرآنى رسول الله ! فاستحييت منه): أى لما رآه يحرص
على أخذه، أو لقوله: ا لا أعطى اليوم منه أحداً شيئأ).
وفيه أن الزكاة لا تتبعض ؛ إذ لو تبعضت لم تكن إلا على مايجوز كله لهم ويحل، ولو لم تجز على الشحم ونعمه لما حل لنا كله.
وفيه جواز كل شحوم اليهود التى حرمت عليهم، وهو مذهب مالك وأبى حنيفة والثافعى وعامة الفقهاَ، إلا أنه مكروه فى المشهور عن مالك، وهو عند غيره دون كراهة، وله نحوه أيضا.
وذهب كبراَ أصحاب مالك إلى تحريمها، وحكى ابن المنذر ومحمد بن مالك نحوه، وهو مبنى على اْن الزكاة تتبعض، وأنه لا تعمل فيما حرم كما لا تعمل فى اللحم.
ومالك فى المشهور عنه والكافة لم تقم عندهم فيه دلالة على التحريم، وقد أحل لنا طعامهم.
وجاَت هذه الآثار فى كل ث!حومهم فلم يحرم عندهم، لكن مالكأ لما كان المباح طعامه وليس الشحم من طعامهم الذى أحل لهم اتقاه.
وفيه جواز كل ذبائح أهل الكتاب، وقد أجمع أهل العلم على حلها إذا ذكر اسم الله عليها (3) وكثر العلماَء على أن المراد بقوله: { وَطَعَامُ النِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِل لكُم} (4) اْنها
(1) للغنى 13 / 132، 136.
(2) انظر: مختصر سق ئبى داود 4 / 35، 36.
(3) الثمحم فى الحيوان هو جوهر السمن، والعرب تممى سنام البعير شحمأ، وبياض البطن شحمأ، والجمع شحوم.
هذا فى اللغة، أما عند العلماء فهو الذى يكون فى الجوف من شحم فى الكلى أو غيره.
ويقول البعض: الشحم كل ما يذوب فى النار مما فى الحيوان، والألفاظ التى ذات صلة بها: الدهن، وهو مايدهن به من زيت وغيره، وهو أعم من الثمحم ؛ لأنه يكون من لطيوان والنبات، والثمحم لايكون إلا من الحيوان، وكذلك الدسم وهو الودك، ويتناول الإلية وللسنام وشحم البطن والظهر والدهن، فهو أعم من الشحوم.
انظر: اللسان، المغنى 8 / 810.
(4) ا لما ئدة: ه.
79 / ب
116 (6/115)
كتاب الجهاد / باب جوازالاكل من طعام الغنيمة فى دارالحرب (... ) وحدَّثناه مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدثنَا أبُو!اوُدَ، حَدثنَا شُعْبَةُ، بِهَنَا الإسْنَاد.
غَيْرَ
أنَّهُ قَالَ: جِرَاب!مِنْ شَحْبم.
وَلَمْ يَذْكُر الطَّعَامَ.
الذبائح، إلا ماروى عن ابن عمر من كراهتها.
قال الداودى عنه قال: وأى شرك أعظم من قولهم فى المسيح وعزير، قال: ولعله شك أن تكون الاَية منسوخةً، والمعروف عن ابن عمر: لاتوكل ذبائح أهل الكتاب إذا لم يسموا عليها اسم الله - سبحانه - ولم يقل أحد فى الآية: إنه السوخة، دانما قيل /: إنها ناسخة لآية الأنعام، قوله: { وَلا تَكُلُوا مِفا لَمْ يذْكَرِ اممْمُ اللهِ عَلَيْه} (1).
وقيل: مخصوصة مستثناة منها.
واختلفوا فيما أهلوا به لغير الله من اسم المسيح أو كنائسها وشبهها، فكرهه مالك والليث والثورى وأصحاب الرأى والنخعى وحماد صاسحق وكثرهم، وروى مثله عن على.
وأباحه عطاء ومجاهد ومكحول والشعبى، وقالوا: آية المائدة ناسخة لاَية الأنعام، ومستثناة مخصصة منها، وقالوا: قد علم الله - تعالى - أنهم يقولون ذلك، وقاله ابن حبيب، وكرهه الشافعى.
واختلف إذا ذبح ولم يسم ثميئا، فمنعه أبو ثور، وهو مذهب عائشة - رضى الله عنها - وعلى وابن عمر - رضى الله عنهم.
وقال أحمد واسحق: لابأس به واختلفوا إذا ذبحوا ما كان لمسلم وغير ملكهم، فمنعه ربيعة.
واختلفوا فيه عن مالك (2).
(1) 1 لأنعام: 121.
(2) ا نظر: ا لطبرى 9 / 575، ا لقرطبى 6 / 77.
(6/116)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام
(26) باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام
117
74 - (1773) حثَثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ الحَنْظَلِى وَابْنُ أبِى عُمَرَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَفْظُ لابْنِ رَافِع - قَالً ابْنُ رَافِع وَابْنُ أَبِى عُمَرَ: حَدةَشَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَراقِ - أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الرفرِى، عَنْ عُبَيْد اللّهِ بْنِ عَبْد اللّهِ بْنِ عتبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّايعي ؛ أن أبَا سُفْيَانَ أخْبَرَهُ، مِنْ فيه إِلَى فيهِ.
قَالَ: انْطًلَقْتُ فِى المُلًّةِ الَّتى كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَبَيْنَا أنَا بِالشًّأم، إِذَ جِىءَ بكَتَاب مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) إِلَى هِرَقْلَ - يَعْنِى عَظِيًالروم.
قَالَ: وَكَانَ دَحْيَةُ الكَلبِىُّ جًاءَ بِهًِ، فَدَفَعَهُ إِلَى عًظِيم بُصْرَى، فَمَنَعَهُ عَظيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ.
فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَهُنَا أحَدٌ مِنْ قَوْم هَنَا الرخلِ ائَذى يَزْعُمْ أئهُ نَيِى ؟ قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: فَدُعيتُ فِى نَفَرٍ منْ قُرَيشٍ، فَدَخَلنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَا"جلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ.
فَقَالَ: أيكُمْ أَقْرَبُ نسَما مِنْ ! فَا الرخلِ الَنِى يَزْعُمُ أنَهُ نَبِىّ ؟ فَقَالَ
حديث[ أبى]! ا) سفيان وهرقل
قول أبى سفيان: (انطلقت فى المدة التى كانت بينى وبين رسول الله !): يريد مصالحته (2) مع اْهل مكة سنة الحديبية عشرة أعوام إلى اْن نقضوا عليه، فكان سبب غزوة الفتح.
وذكر فى الحديث أن الذى جاء بكتاب رسول الله ! دحية الكلبى (3)، قال الإمام: ويقال بفتح الدال وكسرها.
وقال ابن السكيت: هو بالكسر لاغير.
وقال أبو حاتم: هو بالفتح لاغير.
قال المطرز: والدحى الدوساء، واحدهم دحية.
(1) ساقطة من الاْصل، والمثبت من س.
(2) فى س: صلحه.
(3) هو دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة بن امرئ القيس بن الخزرج بن ثور بن كلب للكلبى، صاحب رسول الله ! ورسوله إلى قيصر ملك الروم عام (5 هأ، كما قال خليفة بن خياط.
وغلطه الذهبى فقال: بل السادسة بعد الحديبية كما ذكره اْبو سفيان فى دطديث الطويل لهرقل، روى عن النبى فى أبى داود، وروى عنه آخرون.
وكان جبريل يأتى رسول الله على صورته، وكان لجمل الناس وجها، شهد المثاهد كلها مع رسول الله إلا بدرأ، شهد اليرموك ثم سكن دمثق بعد ذلك وصح أن صفية وقعت فى سهم دحية يوم خيبر فاْخذها النبى منه وعوضه بسبعة أرؤس.
لنظر: طبقات ابن سعد 4 / 249، الاستيعاب 2 / 461، أصد للغابة 2 / 158، تهذيب للكمال 8 / امض.
118 (6/117)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام أبُو سُفْيَانَ: فَقُلتُ: أنَا، فَأجْلَسُونِى بَيْنَ يَديهِ، وَأجْلَسُوا أصْحَابى خَلفِى، ثُمَّ دَعَا بتُرْجُمَانِهِ فَقَالَ لَهُ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّى سَائِل هنَا عَنِ الرَّجُلِ ائَذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىّ، فَإنْ كَنَبَنِى فًكَنبوهُ.
قَالَ: فَقَالَ أبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللهُ، لَوْلا مَخَافَةَ أنْ يُؤْثَرَ عَلَىَّ الكَذِبُ لَكَنًبْتُ.
ثُمَّ قَالَ لتَرْجُمَانه: سَلهُ: كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ قَالَ: قُلت: هَوَ فِينَا فُو حَسَب.
قَال: فَهَلْ كَان مِنْ آبًائه مَلكٌ ؟ قُلتُ: لا.
قَالَ: فَهَلْ كم!مْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذب قَبْلَ أنْ يَقُوذَ مَا قَالَ ؟ قُلتُ: لا.
قَاَلً: َ وَمَنْ يَتَّبِعُهُ ؟ أشْرَافُ الثاسِ أمْ ضُعَفَاؤهُمْ ؟ قَالًءَ قُلتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.
قَالَ: أيَزِيدُونَ أمْ يَنْقُصُونَ ؟ قَالَ: قُلتُ: لا، بَلْ يَزِيدُونَ.
قَالَ: هَلْ يَرْتَدُّ أحَد منْهُمْ عَنْ لِينِهِ، بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيه، سَخْطَة لَهُ ؟ قَالَ: قُلتُ: لا.
قَالَ: فَهَلْ قَاتَلتُمُوهُ ؟ قُلتُ: نَعَمْ.
قَال: فَكئفَ كَانَ قِتَاَلُكُمْ لِلَّاهُ ؟ قَالَ: قُلتدتكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالأ، يُصيبُ منَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ.
قَال: فَهَلْ يَغْدِرُ ؟ قُلتُ: لا، وتحْنُ مِنْهُ فِى مُلَّه، لا نَدْرِى مَا هَوَ صَاَنِعٌ فِيهًا.
قَالَ: فَوَاللهِ، مَا أمكَنَنِى مِنْ كَلِمَة أدْخِلُ فِيهَا شَيئا غَيْرَ هَذِهِ.
قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَنَا القَوْلَ أحَد قَبْلَهُ ؟ قَالَ: قُلتُ: لا.
قَالَ دتَرْجُمَانه: قُلْ لَهُ: إِنَّى سَاكتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فَزَعَمْتَ ؟نَهُ فِيكُمْ فُو حَسَبص وَكَنَلِكَ الرُّسُلُ يهعَثُ فِى أَحسَابِ قَوْمِهَا.
قال القاضى: إنما هو هنا اسم لا صفة، وهو دحية بن خليفة، معروف.
(وعظيم بصرى) بضم الباء: أميرها، وهى من مدن الشام، وهى مدينة حروان.
وقول هرقل: (هل هاهنا أحد من قوم هذا الرجل) ثم قوله: لأ أيكم أقرب نسبا منه):
دليل على أن قوم الرجل أعلم به وبما يشينه ويلحق به ؛ لقربه منهم.
وقوله:، فأجلسونى بين يديه وأجلسوا أصحابى خلفى)، وقول هرقل لهم: (إن كذب فكذبوه).
قيل: إنما أجلسهم خلفهم (1) لئلا يستحيوه بالمواجهة إن كذب.
وفيه أن خبر الجماعة أوقع فى النفوس من خبر الواحد، لاسيما إن كانوا عدفا كثيراً، فقد يقع العلم بخبرهم.
وقول أبى سفيان: ا لولا مخافة أن يوثر عنى الكذب): دليل على أن الكذب مذموم مهجور فى الجاهلية والاسلام (2).
وقوله: (كذلك الرسل تبعث فى اْحساب قومها): دليل على أن الحساب أولأ
(1) فى س: خلفه.
(2) انظر: الاستذكار 14 / 180 وما بعدها.
(6/118)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الاسلام 119 وَسَألتُكَ: هَلْ كَانَ فِى آبَائِهِ مَللث ؟ فَزَعَمْتَ أنْ لا، فَقُلتُ: لَوْ كَانَ مِنْ ابائه مَللث قُلتُ رَجُل يَطلُبُ مُلكَ آبَائِهِ.
وَسَأَلتُكَ عَنْ أتْبَاعِهِ، أضُعَفَاؤُهُمْ أمْ أشْرَافُهُئم ؟ فًقُلَتَ: بَلْ
بالتقديم فى أمور المسلمن ومهمات الدنيا والدين ؛ ولذلك جعلت الخلافة على قول دهاة المسلميئ، وصحيح الآثار فى قريش ؛ ولأن ذوى الأحساب أحفظ على تدنيس أحسابهم بما لايليق بهم.
وقوله فى الضعفاء: أتباع الرسل دون أشرافهم: لأن الرياسة (1) والشرف يأبى من انحطاطه لغيره وتسويد غيره عليه برياسة، وأنفسهم تأنف من الاتباع إلا من هداه الله - سبحانه - لرشده.
والضعفاء ليس عليهم معنى للشيطان من ذلك، فكانوا أقبل للاتباع وأطوع للهدى من اْولئك، وأعدم لأسباب الأنفة[ و] (2) الحسد فى الظهور منهم.
وقوله: (كذلك الايمان إذا خالطت بشاشته القلوب): أصل البشاشة: اللطف بالرجل وتأنيسه، يقال: بش وبشش.
وهذه الرواية أصح من رواية: (بشاشة القلوب).
قال الإمام: الذى استدل به هرقل على نبوته طه مما لاينتصب دليلا قاطعا عند المحققين، د انما الدليل القاطع على النبوعة المعجزات الخارقة للعادات المعلوم منها المعارضات.
وأما قوله: (ذو حسب)، وكون أتباعه شرفاء / أو ضعفاء يزيدون أو ينقصون،
وهل الحرب سجال أم لا ؟ فليس بأدلة قاطعة على نبوة النبى!، كما قلنا.
ولعل هرقل كان عنده اْخبار عن كون هذه علامات فى هذا للنبى محل، وقد قال فى الحديث: (وقد كنت اْعلم اْنه خارج ولم كن أظن اْنه منكم).
وكتابته ! إليه فيه دلالة على ان اليسير من القرار كالآية ونحوها بخلاف حكم كثيره ؛ لأن القرآن لايسافر به إلى بلد الحرب (3) والجنب اْبيح له منه الآية والآيتان على جهة التعوذ.
وقوله: (الحرب سجال): أصل المستقيان بالسجل يكون لكل واحد منهما سجل.
والسجل: الدلو الملأى.
وقوله !: (فإن توليت فإن عليك إثم الأرشيين): قال الإمام: ويروى (اليريسيين) (4) بالياء و(الاءرشيين) بالهمزة، وقد اضطرب فى معنى هذه اللفظة
(1) فى الأصل: الدياسة، وهو تصحيف، والمثبت من س.
(2) فى الأصل: فى، ولا معنى لها.
(3) الاستذكار 14 / 52 وما بعدها.
(4) رواية حسن لطلولنى، وعبد بن حميد.
قال الخطابى: روى هكذا بالياه جميع روايات البخارى.
انظر: اعلام الحديث للخطابى 1 / 136.
1 / 80
120 (6/119)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام ضُعَفَاؤهُمْ، وَهُمْ آدبَاعُ الرشُل.
وَسَألتُكَ: هَلْ كنتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَنِبِ قئلَ أنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ فَزَعَمْتَ أنْ لا، فَقَدْ عَرَفْتُ أثهُ لَمْ يَكُنْ لَيَدعً الكَذِبَ عَلَى الئاسِ ثُمَ يَنْهب فَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ.
وَسَألتُكَ: هَلْ يَرْتَدُّ أحَد مِنْهُمْ عَنْ !ينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَهُ سَخْطَةً لَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أنْ لا، وَلَنَلِكَ الإِيْمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ.
وَسَألتُكَ: هَلَ يَزِيْدُون أوْ يَنْقِصُونَ ؟ فَزَعَمْتَ
اضطرابا كثيرا، وأمثل ما أحفظ فى ذلك أن المراد به: الاكارون (1) اْو الملوك والروْساء.
قال ابن الأعرابى: أرس الرجل يأرس أرسا صار أريسا، أى كاراً، وآرس يورس محله وهو ا لأرش!، وجمعه ا لأرشميون، والإريس وجمعه ا لأرش!ون وأرارسة.
قال الإمام: فيكون المعنى على هذا: إن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لك.
ونبه بالأكارين على الرعايا ؛ لأنهم الأغلب فى رعاياه ؛ إذ هم أكثر انقيادا من غيرهم، وقد يراد به - أيضا - الملوك والرؤساء فيكون المعنى على هذا التأويل: فإن عليك إثم الملوك الذين يقودون الناس إلى المذاهب الفاسدة ويأمرونهم بها، وهذا يعود إلى قريب من المعنى الأول.
قال القاضى: يعضد التأويل الأول الذي اختاره اْنه قد جاء منصوصا فى الحديث.
ذكره أبو عبيد فى كتاب الأموال، وقال فيه: دان لم تدخل فى الإسلام فاعط الجزية، ثم قال: وإلا فلاتحل بين الفلاحن وبن الإسلام.
وفى رواية ابن وهب: (وإثمهم عليك).
قال أبو عبيد: الفلاحون هنا: الزارعون خاصة، لكن اْراد بهم جميع أهل مملكته ؛ لأن كل من يزرع عند العرب فلاح، ولِىَ ذلك بيده اْو وليه له غيره.
وأصل هذا فى كتاب الله قوده تعالى: { رَئنَا إِتَا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلونَا السيلا} (2) وقوده تعالى: { يَقُولُ الَنيِنَ امشغ!عِفُوا لِئنِفىَ اممتَكْبَرُوا لَوْلا أَنتُمْ لَكُثا مُؤْمِنِين} (3).
وقال بعضهم: من قال: (اليريسيون) فمن التبختر، يقال: رأس يرأس ريسا وريسانا: إذا تبختر، ورأس يراْس رَوْسا أيضا.
وحكى الخطابى: إن الذين كانوا يحرثون أرضهم كانوا مجوسا، يقول: عليك إثم المجوس (4).
وأنكر اْبو عبد الله القزاز الياء فى ذلك، وقال: صوابه عندى: (الاءريسيون).
وقال أبو عبيدة: المحفوظ: (الاءريسين)، وفى كتاب ابن السكن فى تفسيره: يعنى اليهود والنصارى، قيل: هم أتباع عبد الله بن اْريس، وهذا الذى ينسب إليه الأروسية (ْ) من النصارى، ولهم
(1) جاَ فى رولية ابن بسحق: (فإن إثم الاريين عليك).
البداية وللنهاية 4 / 263.
(2) 1 لأحزاب: 67.
(3) سبأ: 1 3.
(4) أعلام الحديث 1 / 137، غريب الحديث 1 / 499 وما بعدها.
(5) فى المال: الأرسية.
(6/120)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام 121 أنَهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذلكَ الإيمَانَ حَتَّى يَتِمَّ.
وَسَألتُكَ: هَلْ قَاتَلتُمُوهُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَد قَاتَلتُمُوهُ.
فَتَكُونُ الَحًرْبُ بَينَكُمْ وَبَيْنَهُ سجَالآ، يَنَالُ مِنكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَنلَكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى ثُمَّ تَكُونُ لَهُمْ العَاقِبَةُ.
وَسَألتُكَ: هًلْ يَغْدرُ ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لا يَغْدر، وَكَنَلِكَ الرُّسُلُ لا تَغْدرُ.
وَسَألتُكَ: هَلْ قَالَ ! نَا القَوْلَ أحَد قًبْلَهُ ؟ فَزَعَمْتَ أنْ لا.
فًقُلتُ: لَوْ قَالَ هَنَا القَوًْ أحَد قَبْلَهُ، قُلتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْل قِيلَ قَبْلَهُ.
قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِمَ يَأمُرُكُمْ ؟ قُلتُ: يَأمُرُنَا بالصَّلاة والركًاة والصِّلَة وَالعَفَات ة قَالَ: إِنْ يَكُنْ مَا تَقُولُ فِيه حَقّا، فَإنَّهُ نَبى، وَقَدْ كنتُ أَعْلَمُ أنَّهَُ خَارِفيَ، وَلَمْ اممَلنْ أظُنُّهُ مِنَكُمْ، وَلَوْ انى أعْلَمُ انى أخلُصُ إِلَيهِ، َ لأحْبَبْتُ
مقالة معروفة فى عيسى - عليه السلام - ويقال لهم: (الأروسيون) أيضا، وهم لايقولون بإلهية عيسى، متمسكون - أيضا - بما كان عليه (1).
وقوله: (ولو أعلم أنى أخلص إليه لأحببت لقاءه!: كذا فى مسلم، وكذا فى البخارى:
ا لتجشمت لقاءه) (2)، وهو اْصح فى المعنى من (أحببت).
ويحتمل أن (أحببت! مغيرة / منها.
والتجشم منها أشبه، وهو تكلف الوصول إليه على مافيه من المشقة عليه ؛ لبعد داره، ومخالفة حاله، ولكنه رأى أن تخلصه إليه بعيد من كثرة من بينه وبينه، ممن كان يختطفه ويحول بينه وبين الوصول إليه، ولما كان من الملك الذى كان يزول عنه، وكان الإسلام لم يتمكن من قلبه ولم يرد الله - سبحانه - هدايته كما أراد هداية النجاشى جل اسمه.
وقوله: (ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ماتحت قدمى): يعنى أرضه ومكانه ؛ لأنه كان حينئذ بالشام وتحقيقا منه أنه علم اْنه النبى حقا، لكنه يثيح بحاله وخشى خلع قدمه له، على ماجاء مفسرا فى البخارى (3)، فأصر على كقره بعد علمه به وكان أشد فى الحجة عليه.
قال الإمام: وقول أبى سفيان لأصحابه: ا لقد أمِر اْمْر ابن أبى كبشة): يعنى عظيم أمره، إنه لمخافه ملك بنى الأصفر: ونسبه لاْبى كبشة، قيل: لأنه كان جدا من
(1) الأدرشى هو الاكار (عن ثعلب)، والأمير (عن كلا).
حكاه من باب فعيل، والأصل عنده فيه رئيس على فعيل، من للرياسة.
ومّال الأزهرى: هى من كلام أهل الثام.
انظر: لسان العرب، مادة ا لرس).
(2) البخارى، كبدء الوحى، بحديث أبى صفيان مع هرقل 1 / 8.
(3) لفظ للبخارى: (فإن كان ماتقول حقا فسيملك موضع قدمى هاتين وقد كنت اْعلم أنه خارج لم كن أظن أنه منكم، فلو ئنى أعلم...
) كبدء الوحى، بحديث لبى صفيان مع هرقل 1 / 8.
80 / ب
122(6/121)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام لِقَاعَهُ، وَلَوْ كنتُ عِنْدَهُ لَغَسَلتُ عَنْ قَلمًيْهِ، وَلَيملُغَنَّ مُ!هُ مَا تَحْتَ قَدَمَىَّ.
قَالَ: ثُمَ دَعَا بِكَتَابِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَرَأهُ، فَإفَا فيه: (بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرخَيم.
منْ مُحَمَد رَسُولِ اللهِ إِلَى هِرَفلَ عَظِيمَ الرُّوم.
سَلام"عَلًىَ مَنْ اتبعَ الهُدَى.
أمَّا بَعْدُ، فَإِنًّى أدْعُوكً بدِعَايَة الإِسْلام، أسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أجْرَكَ مَرتيْنِ، وَإِنْ تَوَئَيْتَ فَاِن عَلَيكَ إِلمَ الأرِش!يّينَ، ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَن كَلِمَةشَوَاءٍ بَينَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلأ نَعْبُدَ إِلأَ الذً وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاَ وَلا يَئخِذَ بَعْضُنَا بَعْغ!ا أَوْبَابًا فِن !ونِ الذَ فَاٍن تَوَلَوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنا مُسْلِمُون} (1).
أجداده لأمه، وقيل: إنه خالف العرب وكان يعبد الشعرى - العبور - ويقول: فإنها تقطع السماء عرضأ، وليس فى النجوم مايقطع السماء عرضا سوى هذا النجم، فعبده دونها ؛ لمخالفته لها.
والمنجمون ينكرون هذا القول، كأنه أشار إلى اْنه خالف مذهب العرب فى العبادة كما خالف أبو كبشة.
قال القاضى: قال اْبو الحسن الجرجانى النسابة: فى معنى نسبة الجاهلية للنبى طه
لأبى كبشة عداوة له، ودعوة له إلى غير نسبه المعلوم المشهور ؛ إذ لم يمكنهم الطعن فى نسبه الشهير.
وكان وهب بن عبد مناف بن زهرة جده أبو اَمنة يكنى أبو كبشة، وكذلك عمرو ابن زيد بن اْسد البخارى أبو سلمى (2) بن عبد المطلب كان يدعى اْبا كبشة، وكذلك - اْيضا - فى أجداده من قبل أمه أبو كبشة جده من غالب بن الحارث، هو أبو قيلة أم وهب ابن عبد مناف اْبو آمنة أمه !، وهو خزاعى، وهو الذى كان يعبد الشعرى، وكان أبوه من الرضاعة يدعى أبا كبشة، وهو الحارث بن عبد العزى السعدى (3).
وقال مثله كله محمد بن حبيب البغدادى.
وزاد أبو نصر بن ماكولا: وقيل: أبو كبشة هم ولد حليمة مرضعته ! (4).
وقوله: (إنه ليخافه ملك بنى الاْصفر): قال ابن الأنبارى: وسمى الروم بنو الأصفر لأن جيشا من الحبشة غلب على ناحيتهم فى بعض الدهور، فوطئ نساءهم، فولدن أولادا أصفر من بياض الروم وسواد الحبشة، فنسب الروم إليهم.
وقال أبو إسحق
(1)* عمران: 64.
(2) فى الأصل: أبو سهل، والمثبت من س.
(3) للبيهقى فى دلالْله 1 / 82 1، أعلام الحديث للخطابى 1 / 138، الفتح 1 / 0 4.
(4) انظر: المال لابن ماكولا 7 / 156.
(6/122)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام 123 فَلَمَا فَرغً مِنْ قِرَاعَةِ الكِتَابِ ارْتَفَعَتْ الأصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَغْط، وَأمَرَ بِنَا فَأخْرَجْنَا.
قَالَ: فَقُلتُ لأصْحَابِى حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ أمِرَ أمْرُ ابْنِ أيِى كَبْشَةَ، إِنَّهُ لَيَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأ!فَرِ.
قَالَ: فَمَا زِلتُ مُوقنًا بِأمْرِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) انَهُ سَيَظهَرُ، حتَّى أدْخَلَ الثهُ عَلَى الإِسْلامَ.
(... ) وحدَئمناه حَسَن الحُلوَانِى وَعبدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: حَدثنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - حَدثنَا أَبِى، عَنْ !الِحٍ، عَنِ ابْنً شِهَابٍ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
!زَادَ فِى
الحربى: إنما نسبوا إلى الأصفر بن الروم بن عبصى بن إسحق بن إبراهيم، وهذا أشبه من قول ابن الأنبارى.
وقوله طه: (اْسلم تسلم): من محاسن الكلام وبليغه وإيجازه واختصاره، وجمع بقوله !: (تسلم) نجاة الدنيا من الحرب والخزى بالجزية، وفى الاَخرة من العذاب.
وقوله فى كتابه ! له: (إلى عظيم الروم): أى الذى تعظمه الروم، ولم يقل له:
إلى ملك الروم، لما تحت هذه الكلمة من المعانى التى لايستحقها إلا من أوجبها له الإسلام، ولما فيه من التسليم له بالملك لهم، لكنه لم يخله من المبرة والتكريم بما تقدم من مخاطبته بعظيم الروم ؛ تأليفأ وحسن أدب وتلعن كلمه، وتأنيسا على الإسلام.
وقوله: (السلام على من اتبع الهدى!: حجة على منع السلام على غير المسلم.
وقد اختلف الناس فى ذلك، فأجازه كثير من السلف ومنعه اَخرون، واْجازه بعضهم إذا كان للاستئلاف أو لحاجة له إليه أو للإمام معه، وقد جاء فى الحديث عنه كله النهى عن ابتدائهم بالسلام (1) وسيأتى هذا بعد بأفسر من هذا فى كتاب السلام والاستئذان.
وقال بعضهم: إنما يسلم عليهم كما فعل النبى كله فى هذا الحديث، وقد اتخذه الناس أصلا فى صفة السلام على من كره السلام دينأ أو دنيا، واضطر إلى مخاطبته.
وفى الحديث حجة لأحد القولن فى جواز معاملة المشركين بالدراهم المنقوشة فيها اسم الله - سبحانه - للضرورة (2) إلى ذلك، وإن كان عن مالك الكراهة فيها، ولاْن مافى هذا الكتاب من ذكر الله - تعالى - كثر مما فى الدراهم.
وقوله !: (يوتك الله أجرك مرتين): أى لإيمانك بعيسى واتباعك شريعته،
(1) قال ابن حجر: ليس المراد من هذا التحية، بكا معناه سلم من عذاب الله من أسلم، وهو تفسير له وجه.
الفتح 1 / 50.
(2) رلجع: ا لا صتذكا ر 14 / 52.
124 (6/123)
كتاب الجهاد / باب كتاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام الحَديثِ: وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيليَاءَ، شُكْزا لِمَا أَبْلاهُ اللّهُ.
وَقَالَ فِى الحَلِيثِ: (مِنْ مُحَمَد عَبْد الله !رَسُولِه).
وَقَالَ: (إِثْمَ اليًرِيسئِنَ).
وَقَالَ: (بِدَاعِيَةِ ا لإِسْلام).
!ً
ثم إيمانك واتباعك لى، بخلاف الجاهليهّ وأهل الأوثان الذين لم يكونوا على شىء من دين ولا كتاب (1).
وقوله: (أدعوك بدعاية الإسلام): بكسر الدال، أى بدعوته.
والدعاية مصدر كالرماية والشكاية.
ودعوة الإسلام: التوحيد، وهى مستعارة من الشهادتين، وهى الكلمة التى احتج عليه بها فى الكتاب من الاَية.
واْما على الرواية الأخرى: (داعية الاصلامأ راجع إلى ما تقدم بالكلمة الداعية إلى الاسلام، او تكون (داعية) هنا بمعنى دعوة، كما قال بعضهم فى قوله: { خَائِنَةَ الأَعْيُن} (2) أى!انة، وأت ىد!اء!اىلى[ هـ رر] (3)، ومثله: { لَيْسَ لَهَا مِن لحُونِ الذِ كَاشِفَة} (4) اى!ف.
[ وقوله] (5): (شكرأ لما أبلاه الله): أى اختبره به وفضله به، ويستعمل فى الخير والشر، يقال: أبلاه الله بلاء حسنا وبلاء سيئأ.
(1)
(2)
قال الله تعالى عن أهل الكتاب: { أُوفكَ ووتوْن أَجْرفم ئزتيْن} القصص: 54، وذكرت هذا المعنى فى تضعيف الأجر لأهل الكتاب الذين أسلموا، فعن أبى موسى: قال !: (ثلائة يؤتون ئجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب تمن بنبيه، وأدرك النبى! فآمن به واتبعه وصدقه فله أجران 000) الحديث وهو فى الصحيحيئ، وسبق لمسلم، كالايمان، بوجوب الايمان برسالة محمدا برقم (152) فراجعه هناك.
غافر: 19، (3) ساقطة من س.
النجم: 58.
(5) ساقطة من الأصل.
(6/124)
كتاب الجهاد / باب كتب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ملوك الكفار...
إلخ
125
(27) باب كتب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى ملوك الكفار
يدعوهم إلى الله عز وجل
75 - (1774) حدَّثنى يُوسُفُ بْنُ حَمَاد المَعْنِى، حَدثنَا عَبْدُ الأعْلَى، عَنْ سَعِيد،
عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَسي ؛ أن نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كَتَبَ إِلَىً كسْرَى، ! اِلَى قَيْصَرَ، ! اِلَى الثجَاشى، لَاِلَى كُلَّ جَئارٍ، يَدْعُوهُمْ إِلَى اللّهِ تَعَالَى، وَليْسَ بِالئجَاشِى الٌنِى!لَى عَلَيْهِ الئىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
(... ) وحئَثناه مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الرُّزِّى، حَدثنَا عبدُ الوَهَّابِ بْنُ عَطَاء عَنْ سَعيد،
عَنْ قَتَ الةَ، حَدثنَا أَنَسُ بْنُ مَالك عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) بمثْله.
وَلَمْ يَقُلْ: وَليْسَ بالثجًاشِى الًّذً ى !لَى عَلثهِ الئىُّ ( صلى الله عليه وسلم ).
َ "ًً
(... ) وَحَدثنيه نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمِىُّ، أخْبَرَنِى أبِى، حَدثنى خَالدُ بْنُ قَيْس عَنْ
قَتَ ال ةَ، عَنْ أنَسٍ.
وَلًم يَذْكُرْ: وَلَيْسَ بِالثجَاشِى الَّذِى!لَى عَقثإِ الثبِى ( صلى الله عليه وسلم ) (1).
11
ترك القاضى هذا الحديث وكذلك الإمام، وقال الأبى: فى قوله: (كتب إلى كسرى وإلى قيصر وإلى النجاشى): قال: قلت: فى السير من زيادات ابن هام أنه ( صلى الله عليه وسلم ) خرج على أصحابه ذات يوم بعد للعمرة التى صد عنها يوم الحديبية، فقال: (أيها الناس، ين الله بعثنى رحمة وكافة، فأدوا عنى يرحمكم الله، فلاتختلفوا علىَّ كما اختلف الحواريون على عيسى).
قيل: وكيف اختلفوا يارصول الله ؟ قال: (دعاهم إلى الذى دعوتكم إليه، فأما من بعثه مبعثا قريبأ فرضى، وأما من بعثه مبعثا بعيدأ فكره وجهه وتثاقل، فشكا ذلك عيسى - عليه السلام - إلى الله، فأصبح المّاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الأمة التى بعث إليها، فكتب إلى كسرى وقيصر والنجاثى).
وهذه ألقاب على ملوك هذه الطوائف.
فكمرى، بفتح الكاف وكسرها، هو لقب لكل ملك من ملوك الفرس وكان حي!ذ اسمه (برويز) والذى ذهب إلى كسرى عبد الله السهمى فمزق الكتاب فمزقه الله.
وقيصر لقب لملك الروم، وكان حينئذ لسمه (هرقل) والصحيح أنه لم يلم كما مر فى الباب الابق.
والنجاثى لكل من ملك الحبثة، وكان اسمه (أصحمةأ، وبعث بليه عمرو بن أمية، وأسلم* النجاثى، وكان وكيله على أم حبيبة.
قوله: ا لالى كل جبار) أى هو من العام المخوص ؛ لأنه بعث بلى المقوقى صاحب الاْسكندرية، وإلى المنذر بن صاوى صاحب هجر، والى هودة بن على صاحب اليمامة وغيرهم.
وقوله: (وليس بالنجاشى الذى صلى عليه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ): يريد أن يقول: إن النجاثى الذى صلى عليه النبى ش بجبار، بل ثبت إسلامه، وصلاة النبى عليه - كما سبق فى مسلم.
قال النووى: هذه اْصانيد ثلاثة كلهم بصريون ماخلا (محمد بن عبد الله الرزى) بصرى بغدلدى.
وفيه جواز مكاتبة الكفار، ودعاوْهم بلى الاسلام، والعمل بالكتاب وبخبر الواحد - والله أعلم.
انظر: الأبى 5 / 104 بتصرف، للنووى 12 / 112 بتصرف، لبن هام 2 / 606 بتصرف.
126
(6/125)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين
(28) باب فى غزوة حنين
76 - (1775) وحدَّثنى أبُو الالاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحِ، أخْبَرنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُوُنسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، قَالَ: حَدثنِى كَثيرُ بْنُ عبَاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلب، قَالَ: قَاَلَ عبَاس: ث!هِدْتُ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ حُنينِ، فَلًزِمْتُ أنَا وَأبُو سُفْيَانَ بْنُ اَلحَاَرثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، َ فَلَم نُفَارِقْهُ !رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى بَغْلَةِ لَهُ، بَيْضَاءَ، أهْلَاهَا لَهُ
قوله فى غزوة حنين: (ورسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على بغلة له بيضاء) - وفى الحديث الاَخر:
" بغلته الشهباء) وهى تلك المسماة دلدل، لايعلم له سواها - (أهداها له فروة بن نفاثة الجذامى!: كذا لجميعهم فى هذا الموضع أول حديث بالفاء وبالثاء المثلثة بعد الألف[ وعند ابن أبى جعفر من طريق الباجى: (ابن نباتة! بالباء أو كلا بواحدة بعد النون وبالتاء بالثنتن فوقها بعد الألف] (1)، وذكر مسلم بعد هذا من رواية معمر بن نعامة، والمعروف الأول.
واختلف فى إسلامه، فذكر الطبرى (2) أنه أسلم وعمَر عمرأ طويلاً، وذكر أنه القائل فى شعر له:
الحمدلله إذلم يأتنى أجلى حتى اكتسيت من الإسلام سربالأ
وذكر أبو عمر بن عبد البر أن الذى أسلم وقال هذا الشعر هو فروة بن نباتة السلولى.
وقد روى[ أيضا] (3) هذا البيت الليث، وأنه لم يقل منذ اْسلم شعراً سواه، وقد قيل: إن البيت الذى قاله غير هذا[ وقد جاء فى غير كتاب مسلم: أن مهدى البغلة البيضاء التى كان يركبها النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما هو مقوقس صاحب مصر] (4)، وفى البخارى: أن مهديها له ملك أيلة (5)[ واسم ملك أيلة] (6) فيما ذكر ابن إشحق - بحينة بن ريبة (7) - والله أعلم.
ولا يعارض (8) فى قبوله ( صلى الله عليه وسلم ) الهدية من المسلم والمشرك مع قوله: (هدايا الاْمراء
(1) سقط من الأصل.
(2) فى س: مسلم.
(3) ساقطة من س.
(4) من هامث! س.
(5) أحمد 5 / 425، البخارى، كالزكاة، بخرص التمر 2 / 155، أبو داود، كالخراج والإمارة وللفىَ، بفى بحياء المولت 2 / 9 5 1، الدارمى، كالسير، بفى قبول هدايا المشركيئ 2 / 233.
(6) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(7) فى الأصل: رؤية، والمثبت من الأبى.
(مأ فى س: نعارض.
(6/126)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين 127 فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الجُذَامِى.
فَلَمَا التَقَى المُسْلِمُونَ وَالكُفارُ وَلَّى المُسْلِمُونَ مُحْبِرِينَ، فَطَفِقَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبَلَ الكُفارِ.
قَالَ عَئاس: وَأنَا اخذٌ بِلجَام بَغْلَة رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، الالفهًا إِرَ ال ةَ أنْ لا تُسْرِعَ، وَأبُو سُفْيَانَ اَخِنما بِرِكَابِ رَسُولَِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالً رَسُولُ اللهِ
غلول) (1) ورده بعض الهدايا من المشركين، وقال: (إنا لانقبل زبد المشركين ) (2) أى رفدهم، وذلك مما نسخ عند بعضهم، لما تقدم من قبوله ماقيل، والاكثر أنه لانسخ فى
ذلك، إنما ذلك لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مخصوص بك!! ما أفاء الله عليه من غير قتال أن يتملكه
وتصرف فيه لنفسه فيما يحتاج إليه، وغيره بخلافه.
فقبل ( صلى الله عليه وسلم ) ممن طمع فى إسلامه واستئلافه لذلك، ولمصلحة يرجوها / للمسلميئ، وكافأ بعضهم عليها، كل ذلك تمامأ 81 / بللاستئلاف.
ورد هدية من لم يطمع فى إسلامه، أو لم يكن لقبول هديتهم وجه ولامنفعة
من الكفار ؛ إذ قبول الهدية يوجب التواد والمحبة، وغيره من الأئمة والأمراء لم يسوغ له
ذلك ولا أخذها لنفسه عند كثر العلماء.
ومن قبلها فهى كسائر فىء المسلمن ؛ إذا لم
يهدها له إلا لأنه أمامهم.
وإن كان فى جيشه حاضر فهى غنيمة، وهذا قول الأوزاعى
ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب من أصحابنا، وحكاه ابن حبيب عمن لقيه من
أهل العلم.
وذهب آخرون إلى أنها له خاصة وهو قول أبى يوسف، وبه قال أشهب وسحنون من أصحابنا.
وقال سحنون: إذا أهدى ملك الروم إلى أمير المسلمين هدية فلا
بأس بقبولها، قال: إلا أن يكون الروم فى ضعف فهى رشوة.
وذهب الطبرى إلى أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما رد من هدايا المشركين ما أعلم اْنه أهدى إليه فى
خاصة نفسه، وقبل ماعلم منه خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلميئ، قال: ولاحجة لمن
احتج بنسخ أحد الحديثين الآخرين ؛ إذ لم يأت فى ذلك بيان، وحكم الأئمة بعده
تصريفها مجارى مال الكفار من الغنيمة والفىء بحكم اختلاف الحال كما قدمناه (3)، وإلى
هذا يرجع قوله: (هدايا الأمراء غلول) - والله أعلم - أى إذا خصوا به أنفسهم لأنه
لجماعة المسلمن، إما بحكم الفىء أو بحكم الغنيمة، ومايخمس كما تقدم.
وقد يرجع
إلى مايهديه إليهم رعاياهم.
وأصل الغلول: الخيانة ؛ لاءنهم إنما أهدوا لهم من قبل ولايتهم ؛ ولهذا أنكره ( صلى الله عليه وسلم ) وقال: (هلا جلس فى بيت اْبيه وأمه حتى يرى يهلى له) (4)
كل هذا حماية عن الهوادة لهم فى الحقوق بسببهما.
وكان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قبلها لتنزيهه ( صلى الله عليه وسلم ) عن
(1) مجمع الزوائد، وعزاه إلى الطبرلز فى الأوسط، وقال: حسن 4 / 151.
(2) أحمد 4 / 162، والطبرانى فى الكبير بلفظ: (إنى لا أقبل هدية مشرك) 9 1 / 71، وقال فى دلجمع:
رجاله رجال الصحيح 6 / 127.
(3) لنظر: التمهيد 2 / 12 وما بعدها.
(4) اْبو داود، كالخراج والاملى ة والفىء، بفى هدليا العمال 2 / 122.
82 / - أ
128 (6/127)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين ( صلى الله عليه وسلم ): (أىْ عَبَّاسُ، نَادِ أصْحَابَ السَّمُرَة).
فَقَالَ عَبَّاش - وَكَانَ رَجُلأ صمتا -: فَقُلتُ با"عْلَى صَوْتِى: أيْنَ أصْحَابُ السَّمُرَةِ ؟ قَالً: فَوَاللّه، لَكَأنَّ عَطفَتَهُمْ، حينَ سَمِعُوا صَوْتِى، عًطفَةُ البَقَرِ عَلَى أوْل الا.
فَقَالُوا: يَا لَبَّيْكَ، يَا لَبَّيكَ قَالَ: فَاقْتَتَلُوا وَالَكُفَّارَ، وَالدَّعْوَةُ فِى الأنْصَارِ، يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ.
قَالَ: ثُمَ قُصِرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِى الحَارِث بْنِ الخَزْرخ، فَقَالُوا: يَا بَنِى احَارِث بْنِ الخَزْرجَ، يَا بَنِى الحَارِثِ بْنِ الخَزْرجَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، كَالمُتَطَاوِلِ عًلَيْهَا، إِلَى قِتَالِهِمْ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ):
هذا وعصمته منه، وقيل: إنما قبل ( صلى الله عليه وسلم ) هدايا الكفار من اهل الكتاب ممن كان على النصرانية كمقوقس والنجاشى وملوك الشام، فلا تعارض بينه وبين قوله: " إنا لا نقبل زبد المشركين)، وقد أبيح لنا طعام أهل الكتاب وذبائحهم ومناكحتهم، فهم خلاف غيرهم.
وركوبه ( صلى الله عليه وسلم ) البغلة فى مواطن الحرب تعويلاً على الثبات، وليكون فيه، يرجع إليه المسلمون وتطمئن قلوبهم إلى مكانه.
وقد كانت له ( صلى الله عليه وسلم ) أفراس معروفة مسماة.
وفيه ما كان ( صلى الله عليه وسلم ) من الشجاعة والإقدام، من تقدمه بركض بغلته إلى جمع المشركين والناس كلهم قد فروا.
نزوله إلى الأرض فى الرواية الأخرى: ا لما غشوه) مبالغة فى ذلك ونهاية فى الثبات.
وقيل: مواساة لمن كان نازلا معه بالاءرض راجلأ، وقد اعترف الصحابة كلهم - رضى الله عنهم - بشجاعته.
وفى مسلم: (أن الشجاع منا الذى يحاذى به)، وأنهم كانوا يتقون به.
وفيه: أن ذمة الرحم وقاية القرابة فوق كل ذمة، وشفقتها تربى على كل شفقة، إذ فر فى تلك المواطن كل اْحد إلا ال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى عمه وبنى اْعمامه ومواليه.
وقوله: (ناد أصحاب السمرة): أى الذين بايعوا عند الشجرة.
وقوله: (وكأن عطفتهم عطفة البقر على أولادها): دليل على اْن فرارهم لم يكن بعيدأ أولا من جميعهم، دانما شق عليهم من فى قلبه مرض من سالمه أهل / مكة ومشركيها، الذين لم يسلموا حتى قالوا: لا يردهم إلا البحر، دانما كانت هزيمتهم فجأة من انصبابهم عليهم بحرة ورشقهم بالسهام، ولاختلاط أهل مكة معهم ممن لم يقر الإيمان فى قلبه، وممن يتوقع بالنبى ( صلى الله عليه وسلم ) الدوائر، وفيهم نساء وصبيان خرجوا للغنيمة وصف إخفاؤهم وحسارهم كما ذكر فى الحديث: " فرجعت اْولاهم لأخراهم) (1) إلى اْن أنزل الله سبحانه سكينته - كما ذكر فى كتابه - على المومنين وأيدهم بجنوده.
(1) البخارى، كمناقب الأنصار، بذكر حذيفة بن لليمان العبسى 5 / 49.
(6/128)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين 129 (! نَا حِ!دنَ حَمِىَ الوَطِيسُ) قَالَ: ثُمَّ أخَذَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَصَيَات فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الكُفار، ثُمَ قَالَ: (انْهَزَمُوا، وَرَبَ مُحَمَّد) قَالَ: فَنَ!بْتُ أَنْظُرُ فَإفَا القِتَالُ عَلَى هَيْئَته فِيمَا أَرَى.
قَالَ: فَوَاللهِ، مَا هُوَ إِلا أنْ رَفَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ فمَازِلتُ أَرَى حَدَهُمْ كَلِيلأَ، وَأمْرَهُمْ مُدْبِرًا.
77 - (... ) وحدَّثناه إِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، جَمِيعًا
عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِىًّ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
غَيْرَ أنَهُ قَاًلَ: فَرْوَةُ ا بْنُ نُعَامَةَ الجُذَامِىُّ.
وَقَالَ: (انْهَزَمُوا، وَرَبّ الكَعْبَةِ.
انْهَزَمُوا، وَرَبِّ الكَعْبَةِ).
وَزَادَ فِى الحَدِيثِ: حَتَّى! زَمَهُمُ اللهُ.
قَالَ: وَكَاك!نى انظُرُ إِلَى النَّىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَرْكُض! خَلفَهُمْ عَلَى بَغْلَتِهِ.
(... ) وحدثناه ابْنُ أيِى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الرفرِىِّ، قَالَ: أخْبَرَنِى
وقوله: (الآن حَمِىَ الوطيس)، قال الإمام: قال[ اْبو عمر المطرز] (1): الوطيس: شبه التنور يُخبز فيه، ويضرب مثلأ لشدة الحرب التى يُشَته حرها بحره.
وقال غيره: الوطيس: التنور نفسه (2).
وقال الأصمعى: هى حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطأ عليها، فيقال: الآن حمى الوطيس، على وجه المثل للأمر إذا اشتد.
وقيل: الوطيس جمع، واحده (3) وطيسة.
قال القاضى: وقوله: (وأخذ حصيات!، وفى الرواية الأخرى: (قبضة من تراب.
[ ورماهم بها] (4)، فما[ فى] (5) خلق الله تعالى منهم إنسانأ إلا ملأ الله عينيه بتلك القبضة ترابأ، فولوا مدبرين): هو دلالة من دلائل (6) نبوته، وفى قوله: (انهزموا ورب محمد).
قال العباس: فنظرت فإذا القتال على هيئته فيما اْرى، إلا (7) أن رماهم بحصياته، فمازلت أرى حدهم[ بعد] (8) كليلأ اْى شدتهم ضعيفة، اية أخرى من إخباره ما (9) لم يكن ثم (1) كان على ما أخبر بها ثالط.
فى هذا الموطن معجزتان: إحداهما فعلية، وا لأخرى خبرية.
(1) فى ع: لّال أبو عمرو.
(3) فى ع: وا حدته.
(5) زائدة فى س.
(7) نى س والأصل: بلى.
(9) فى س: مما.
(2) فى ع: عينه.
(4) ليست فى نص الحديث.
للأ) فى الأصل: دلالة، وللثبت من س.
له) غير موجودة فى نص الحديث.
(10) فى س: شهر.
130 (6/129)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين كَثِيرُ بْنُ العَئاي، عَنْ أبِيهِ.
قَالَ: كنتُ مَع النَيِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ حُنَيْنِ.
وَسَاقَ الحَلِيثَ.
غَيْرَ أنَّ حَلِيثَ يُونُسَ وَحَلِيثَ مَعْمَرِ كْثَرُ مِنْهُ وَأتَم.
78 - (1776) حدَّثنا يَخيَى بْنُ يَحْيَى، أَخبَرَنَا "ئو خيثَمَةَ، عَنْ أَ! إِسْحَقَ، قَالَ:
قَالَ رَجُل لِلبَرَاء ة يَا أبَا عُمَارَةَ، أفرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنِ ؟ قَالَ: لا، وَالله، مَاولَى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَلَكِنَّهُ خَرجً شُئانُ أصْحَابِه وَأخِفاؤهُمْ حُسئَرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلاح، أوْ كَثِيرُ سِلاحِ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةَ لا يكَادُ يَسْقُطُ لَهُمْ سَهْئم، جَمع هَوَازِنَ وَبَنِى نَصْر.
فَرَشَقُوهُمْ رَشْقَا مَا يَكَ الونَ يُخْطِئُونَ، فَا"لبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَرَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى بَغْلَته البَيْضَاء، وَأبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ بْنِ غئدِ المُطلِبِ يَقُودُ بِهِ.
فَنَزَلَ فَاستَنْصَرَ.
وَقَالَ: ً
وقوله: (خرج شُبان أصحابه وأخفاؤُهم حُسئَرأ): أى بغير دروع ولا ما يتقون به النبل، كما فسره فى الحديث نفسه: (وَلا سلاح معهم)، أو ليس معهم كثير سلاح.
والحاسر: الذى لا درع عليه.
وفى الرواية الأخرى: (انطلق أخفاء من الناس وحسرٌ ).
والأخفاء هنا المسارعون المستعجلون.
وروى أبو إسحق الحربى وأبو عبيد الهروى (1) هذا الحرف: (فانطلق جفاء من الناس) بجيم مضمومة وتخفيف الفاء.
قال القتبى والهروى: أى سرعانهم، شبههم بجفاء السيل.
قال القاضى: إن صحت هذه الرواية فإنما معناها ماتقدم من خروج من خرج معهم
من أهل مكة، ومن انضاف إليهم ممن لم يستعد للقتال، وإنما خرج للغنيمة، من النساء والصبيان والضعفاء، ومن مرض من مسالمة الفتح.
فهولاء شبه جفاء السيل الذى لا ينتفع به ويرميه بجانبيه، وهو الغثاء أيضا.
وقوله: (فرشقوهم رشقا) بكسر الراء فى الاسم، قال الإمام: يقال: رشقت بالسهم وأرشقت: إذا رميته.
وأما قوله: (كأنها رجل من جراد) فهى الجماعة منها.
وقوله: (شاهت الوجوه): أى قبحت.
قال القاضى: الرشق قيل: اليد الواحدة من السهام، وقيل: الوجه من الرمى، ومعناه هنا: رموا بمرة واحدة لغرض واحد منهم ؛ ولهذا صح تشبيهه لهم (2) برجل الجراد، هكذا بكسر الراء.
فأما الرشق بالفتح والمصدر (3) بمعنى: انكشفوا، أى انهزموا وولوا عن مواضعهم وكشفوها.
(1) لم نعثر عليها فى كنابى للهروى ولطيى (غريب الحديث).
(2) فى س: لها.
(3) فى الأصل: المصدرة.
(6/130)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين
(أنَا الثيِى لا كَذِبْ
أنَا ابْنُ عبدِ المُطلِبْ)
131
ثُمَ صَفهُمْ.
79 - (... ) حَدَثنا أحْمَدُ بْنُ جَنَاب المِضيصِىُّ، حدثنا عيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ زِكَرِيّاءَ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ، قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلًى البَرَاء، فَقَالَ: كنتُم وَلَيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أبَا عُمَارَةَ ؟ فَقَالَ: أشْهَدُ عَلَى نَبِى الله ( صلى الله عليه وسلم ) مَا وَلَّى، وَلَكِنَهُ انْطَلَقَ أخِفاءُ منَ الئاسِ، وَحُسَر إِلَى هَنَا الحَى مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ قَوْم رمُاة.
فَرَمُوهُمْ بِرِشْق مِنْ نَبْل، كَانهَا رِجْل مِنْ جَرَاهـ فَانكَشَفُوا، فَا"قْبَلَ القَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَأبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ يَقُودُ بِهِ بَغْلَتَهُ، فَنَزَل، وَدَعَا، وَا سْتنصَرَ، وَهُوَ يَقُولُ:
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (أنا النبى لا كذب أنا، ابن عبد المطلب)، قال الإمام: أنكر بعض
الناعم اْن يكِون الرجز شعرأ لوقوعه من النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وقد! ال اللى!الى: { وَمَاءَلَ!ة
الشثِعْرَ وَمَا يَنْبغِي لَه} (1)، وهو مذهب الأخفش، واحتج بهذه الآية على فساد مذهب
الخليل فى قوله: / إنه شعر.
وجواب الخليل عن هذا: اْن الشعر ماقُصد إليه، واعتمد 83 / 1 الانسان أن يوقعه موزونأ مقفى، يقصد إلى القافية والروي.
وقد[ تقع من] (2) كثير من
العوام اْلفاظ موزونة وليست بشعر ؛ لأن الشعر إنما يسفى به فيما قصد إليه، مأخوذ من
شعر الشاعر بالمعنى، فقد قال الناعم: فإن الجزار يقول فى ندائه على اللحم: ا لحم الخروف بزبد اْمه) وهذا موزون، ولا يظن بالجزار أنه شاعر قصد إلى عمل الشعر، إلى
غير ذلك مما يكثر التقاطه من ألفاظ العامة.
وهكذا وجه الجواب عما وقع فى القرآن من الموزون ؛ أنه ليس بشعر ؛ لأنه لم يقصد
إلى تقفيته وجعله شعرا، كقوله سبحانه وتعالى: { نَصْر نِنَ اللهِ وَفَتْغ قَرِيب} (3)، وقوله تعالى: { لَن تَنَالُوا الْبِرً حَتى تنفِقوا مِفا تُحِئون} (4)، ولا شك اْن هذا لا يسميه اْحد من
العرب شعرأ لما قلناه.
وقد أدى بعض الناعم غفلته عن هذا الجواب إلى أن قاد بأن الرواية: (أنا النبى لا
كذب) بفتح الباَ، حرصا منه على أن يفسد الوزن فيستغنى عن هذا الاعتذار.
(1) يا: 69.
(2) فى الأصل: يقع، والمثبت من ع، س.
(3)1 لصف: 13.
(4) لى عمران: 92.
132
(6/131)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين
/ / (أنَا الئيِى لاكَذِبْ أنَا ابْنُ عبدِالمُطلِبْ
اللَهُئم، نَرجملْ نَصْرَكَ).
قَالَ البَرَاءُ: كُنا وَالله، إفَا احْمَر البَأسُ نَتَقى به، وَإن الشُجَاعَ مئا لَفذى يُحَاذى به -
يَعْنِى النَّ!ى ( صلى الله عليه وسلم ).
.
ًًًًً 80 - (... ) وحئَثنا مُحَفدُ بْنُ المُثَئى وَابْنُ بَئدئَارٍ - وَاللَفْظ لابْنِ المُثَئى - قَالا:
حدثنا مُحَفدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ عَيق أبى إِسْحَقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ - وَسَألَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ -: أفَرَرْتُمْ عَنْ رَمعُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ حُنَيْن ؟ فَقَالَ البَرَاءُ: وَلَكنْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لَئم يَفِر.
وَكَانَتْ هَوَازِنُ يَوْمَئِذٍ رمُاةً، وَإِئا لَمَّا حَمَلًنَا عَلَيْهِمُ انكَشَفُوا، فَكْبَبْنَا عَلَىَ
فإن قيل: فإن الاعتزاز إلى الآباء والافتخار بهم من عمل الجاهلية، فكيف قال ( صلى الله عليه وسلم ):
(أنا ابن عبد المطلب) ؟ قيل: إنما كان هذا لاءنه يحكى أن صيف بن ذى يزن لما قدمت عليه قريش، أخبر عبد المطلب أنه سيكون جد النبر ( صلى الله عليه وسلم )، وأنه يقتل أعداؤه، وذلك معثمهور عند العرب، وأراد ( صلى الله عليه وسلم ) ذكر هذا الاسم ليذكرهم بالقصة، فتقوى مُئتهم فى الحرب، وربما ثارت الطباع فى الحروب بهذا وأمثاله.
وقيل: بل رؤيا رآها عبد المطلب، تدل على ظهوره ( صلى الله عليه وسلم ) وغلبته، وكانت سث!هورة عندهم، أراد - أيضا - أن يذكرهم بها.
قال القاضى: لا بنكو السجع فى كلامه ( صلى الله عليه وسلم ) ودعائه وخطبه، وإف! كان هذا فمجيئه
ب (ابن عبد المطلب) سجع لا كذب، لا يحتاج إلى عذر، وأيضا فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) إنما كانت الجاهلية تنسبه إلى عبد المطلب، وبذلك كان يعرف ؛ لأن عبد المطلب كان سيد مكة، وبنوه وبنو بنيه ينسبون إليه ؛ ولأن أباه عبد الله مات شابأ فى حياة أبيه قبل اثعتهاره فى العرب، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما كان يدمحوه كثير منهم بابن عبد المطلب، وفى حديث ضعمام: (أيكم ابن عبد المطلب) (1) فذكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هنا نفسه ونسبه تعرلقا لأصمحابه بنفعمه، وأنه ثابت ملازم مركزه لم يخف مع من خفى، ولارل فيمق زل وراعه هول الأعداء، ولا رعزعوه عن مكانه لما ناداهم عمه العباس بشدة صوته وميزوه، فرجعوا إليه وقربوا منه، ناداهم هو بنفعمه ليفيووا إليه، وتقوى عزائمهم بمكانه.
ومعنى قوله: (أنا النبى لا كذب): أى حقا، ويرجع مراده فى فلك إلى
(1) البخاري، كالعلم، بماجاء في العلم 1 / 24، أبو ثاود، كالصلاة، بما جلس فى اثرك يدخل المسجد 1 / 111، النسالْى، كالصيام، بوجوب الصوم 4 / 124 (2094)، للدارمى، كالصلاة،
ب فرض الرضوء والصلاهْ ا لم 166، لحمد ا لم 264.
(6/132)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنيئ كم ا الغَنَائِم، فَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَام، وَلَقْدْ رَأَيْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى بَغْلَتِه البَيْضَاءِ، وَإِن أبَا سُفْيَان بْنَ الحَارِثِ اخنما بِلِجَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ:
(أنَا النَّبِى لاكَذِبْ أَنَا ابْنُ عبدِالمُطلِبْ)
(... ) وحمَّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَنَى وَأبُو بَكْرِ بْنُ خَلاد، قَالُوا: حَدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: َ حَدثنِى أَبُو إِسْحَقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَالً: قَالَ لَهُ رَجُل: يَا أتا عُمَارَةَ، فَذَكَرَ الحَلِيثَ.
وَهُوَ أقَل مِنْ حَدِيثِهِمْ، وَهَؤُلاءِ أتَمُّ حَدِيثَا.
81 - (1777) وحئَثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الحَنَفِىُّ، حَدثنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارِ، حَدثنِى إيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَمَثنِى أيِى، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حُنَيْنَا، فَلَمَّا وَاجَهْنَا العَدُؤَ تَقَلَّمْتُ، فَا"عْلُو ثَنيةَ، فَاسْتَقْبَلَنِى رَجُل مِنَ العَدُوِّ، فَأَرْمِيهِ بسَهْمِ، فَتَوَارَى عنى، فَمَا لحَرَيْتُ مَ النَعَ.
وَنَظًرْتُ إِلَى القَوْم فَإذَا هُمْ قَدْ طَلَعُوا مِنْ ثَنئة أَخْرَى، فَالتَقَوْا هُمْ وَصَحَابَةُ الئىٍّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَوئى صَحَابَةُ الئيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) َ، وَأرْجِعُ منهِزِمَا، وَعَلًى
وجوده هناك (1) حقا ؛ ليعلمهم بنفسه فيثبتوا بثباته، أو يكون ثبتا حقأ.
ومن صفات الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين: أنهم لا يفرون، أو أنه لا كذب فى حديثه، وما أخبرهم من غلبتهم وظهورهم على عدوهم، وليذكرهم بنبوته / ؛ لتقوى بصالْرهم بوفاء1 / 83 عهده وظهور أمره.
وفيه جواز قول الرجل فى الحرب: (خذها وأنا ابن فلان)، وقد
روى فى ذلك عن جماعة من السلف، وقاله ابن عبد الحكم من أصحابنا.
وإنما يكره من
هذا الانتماء (2) على طريق الافتخار بالات، كفعل الجاهلية.
وقول البراء: (كنا والله إذا احمر البأس نتقى به): كناية عن اشتداد الحرب واحمرارها، إقا لحمرة الدم وجريانه من الجراح والقتل، أو لاستعار الحرب واشتعالها كاحمرار الجمر، كما قال - عليه السلام -: " حمى الوطيس)، وكما قال[ الوطيس] (3) الشاعر: ضرب كعمق إلا بالمحرق.
وقول ابن الاكوع: وأرجع منهزمأ - إلى قوله، ومررت على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) منهزمأ.
(1) فى س: هنالما.
(2) فى الأصل: الانتهاء، والمثبت من س.
(3) هنه للكلمة غير موجودة فى س، ومقحمة فى الأصل.
134 (6/133)
كتاب الجهاد / باب فى غزوة حنين بُرْدَتَانِ.
مُتَزِرم بِإِحْدَاهُمَا، مُرْتَدِئا بِالأخْرَى، فَاسْتَطلَقَ إزَارِى، فَجَمَعْتُهُمَا جَميغا، وَمَرَرْتُ عَلَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) منهَزِما، وَهُوَ عَلَى بَغْلَته الشَهبَاءِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ( لَقَدْ رَأى ابْنُ اكْوعَ فَزِكا)، فَلَمَّا غَشُوا رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) نَزَلَ عَنِ البَغْلَةِ، ثُئم قَبَضَ قَبْضَة مِنْ تُرَاب منَ الأرْضِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ به وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: (شَاهَتِ الوُجُوهُ)، فَمَا خَلَقَ اللهُ مِنْهُمْ إِنْ!اَنا إِلا مَلا عَيْنَيْهِ تُرَائا بِتِلَكً القَبْضَة، فَوَلَّوْا مُلْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمْ اللهُ عَر وَجَل، وَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَنَائِمَهُمْ بينَ المُسْلِمِينَ.
فقال: ا لقد رأى ابن الاكوع[ فزعا] (1)): كما قال اْولا: (وأرجع منهزمأ)، ولم يرد أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) انهزم، ولا يصح هذا عنه، وقد قالوا كلهم: إنه ما انهزم، ولا يجوز أن يقال ذلك فيه فى خاصة نفسه.
وقد ذكر بعضهم الإجماع على هذا، وأنه لا يجوز أن يعتقد فيه، ولا يجوز عليه.
والحديث كله يدل على اْنه لم ينهزم، بل ثبت وتقدم حتى كان العباس أو أبو سفيان يأخذان بلجام بغلته يكفيانها عن التقدم ؛ شفقة عليه على ما قررناه، وعلى ما صرح به البراء فى حديثه.
(1) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(6/134)
كتاب الجهاد / باب غزوة الطائف
135
(29) باب غزوة الطائف
82 - (1778) حدُّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَابْنُ نُمَيْرٍ، جَميعًا
عَنْ سُفْيَانَ.
قَالَ زهُيْز: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرو، عَنْ أًبِى العَئاسِ الشَاَعِرِ الأعْمَى، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عَمْرِو، قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) أهْلَ الطَائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ منْهُمْ شَيْئأ.
فَقَالَ: (إِنَّا قَافِلُونَ، إِنْ شَاءَ اللهُ) قَالَ أصْحَا"لىُ: نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتحْهُ! فَقَاً لَهُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اغْدُوا عَلَى القِتَالِ)، فَغَدَوْا عَليه فَأصَابَهَمْ جِرَلٌ.
فَقَالً لَهُمْ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (إِئا قَافِلُونَ غَايم).
قَالَ: فَاكْجَبَهُمْ فَلِكَ، فَضًحِكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ذكر مسلم فى حصار أهل الطائف حديث سفيان، رفعه عن عبد الله بن عمرو، قال: حاصر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أهل الطائف.
قال القاضى: كذا فى رواية الجلودى وكثر الأصول، وعند ابن ماهان: عن عبد الله بن عمرو.
قال لنا القاضى الشهيد أبو على: صوابه: ابن عمر، وكذا ذكره البخارى (1) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضى الله عنهم.
وكذا صوبه الدارقطنى، وذكر ابن أبى ثميبة فى مسنده الحديث عن سفيان، فقال: عن عبد الله ابن عمرو بن العاص، ثم قال: ابن عيينة حدث به مرة أخرى عن عبد الله بن عمر (2).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (إنا قافلون غدأ)، فقال أصحابه: نرجع ولم نفتحه! فقال لهم: (اغدوا على القتال): فيه ترك الإنسان رأيه لرأى الجماعة ومساعدتهم، لاسيما وكان هو ذهب إلى الرفق بهم والحيطة عليهم، لما رأى من تحصين أهل الطائف وجدهم ورجاءه، أو تيقنه فتح ذلك عليه بغير مشقة بعد كما كان، فلما راْى منهم الجد والصبر فى الجهاد ساعدهم على ذلك، فلما أصابهم من الجزع ما أصابهم رجع إلى رأيه من الرفق بهم، وقال: (إنا قافلون غدا) فساعدوه إذا رأوا أنه الرأي ؛ لما خبروه من الحال.
وضحك النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حيئ وافقهم ذلك تعجب (3) من اختلاف قولهم بين أمس واليوم للحالين المختلفين، ورجوعهم إلى الراْى السديد.
(1) البخارى، كالمغارى، بغزوة الطالْف فى شوال سنة ثمان 4 / كا ا وهذه الرواية عن ابن عمرو (ط الشعب) وفى نفس الحديث فى الفتح عن عبد الله بن عمر، وفى كالتوحيد، ب{ وَلَفَدْ مبقتْ كلِمثتَا...
} عن عبد الله بن عمر.
(2) ابن ئبى شيبة، كالمغازى، بما ذكروا فى الطاممف (كا 187).
(3) فى الأصل: تعجبأ، والمثبت من س.
83 / ب
136 (6/135)
كتاب الجهاد / باب غزوة بلرا
(30) باب غزوة بدر
83 - (1779) حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ ألِ!!ث!م!ةَ، حَا شَا عَفانُ، حَا شَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ ثَابت، عَنْ أنَس ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) شَاوَرَ، حِيئَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أيِى سُفْيَانَ.
قَالَ: فَتَكَلَمَ أبُو بَكرفأعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ فَأعْرَضَ عَنْهُ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَالَةَ فَقَالَ: ائَانَا تُرِياُ يَا رَسُولُ الله ؟ وَائَذى نَفسِى بيَده، لَوْ أمَرْتَنَا أنْ نُخِيضَهَا البَحْرَ لأخَضْنَاهَا، وَلَوْ أمرْتَنَا أنْ نَضْرِبَ كْبَاَ!ا إٍ لَىَ بَرْك الغمَاَدِ لًفًعَ!.
قَالَ: فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الناسَ، فَانْطَلَقُوا حتَى نَزَلُوا بَدْرًا، وَورَدَتْ عًلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشي، وَفِيهِمْ غُلام! أسْوَدُ لبَنِى الحَخاج، فَاخذُوهُ، فَكَانَ أ!حَابُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْألُونَهُ عَنْ أيى سُفيَانَ وَأ!حَابِه ؟ فَيَقُولُ: مَالِى عِلم بِائى سُفْيَانَ، وَلَكِنْ هَذَ! أبُو جَهْلٍ وَعتبَةُ وَشَيْبَةُ وَأمًيَّةُ بْنُ خَلَف.
فَإفَا قًالَ فَلِكَ، ضَرَبُوهُ.
فَقَالَ: نَعَمْ، أنَا اخْبِرُكُمْ.
هَذَ! أبُو سُفْيَانَ.
فَ!ذَا تَرَكُوهُ فَسَألُوهُ فَقَاَلَ: مَالِى بَأبِى سُفْيَانَ عِلئم،
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى مثاورة المسلمين فى خروجهم إلى بدر وإعراضه عمن تكلم من المهاجرين ؛ لأنه ما كان المقصود إلا أن يعرف ما عند الأنصار ة إذ لم يكن فى بمعتهم الخروج معه وطلب عدوه (1)، د انما كان فيها منعه من الأحمر والأسود.
فلما عرض الخروج لعير أبى سفيان اْراد أن يعلم: هل يجيبوه إلى هذا.
ففيه المثاورة ومعرفة الرأى من أهله قبل الفعل.
وكان من إجابة الأنصار له ما ذكره فى الحديث.
وقوله: ا لو أمرتنا أن نضرب كبادها - يعنى الخيل - إلى برك الغماد لفعلنا).
كذا / ضبطناه هنا بفتح الباء وسكون الراء من (برك).
وقال أهل اللغة: صوابه: (برك) بكسر الباء.
وكذا قيده شيوخ أبي ذر فى البخارى (2)، وضبطنا (الغماد) فى الصحيحيئ بكسر الغن المعجمة، وحكى ابن دريد الكسر والضم فى الغن.
(وبرك الغماد) موضع بأقاصى هجر.
وضبط الأصيلى (برك) بفتح الراء وسكونها معا، والمعروف السكون.
قال أبو إسحق الحربى: برك الغماد، وسعفان هجر، [ وذى] (3) بليان كان يقال فيما تباعد، وذكر ألفاظأ أخر اختصرناها.
(1) فى س: عدوِ.
(2) البخارى، كالهجرة، بهجرة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه إلى المدينة ه / صي.
(3) فى س: وفو.
(6/136)
كتاب الجهاد / باب غزوة بدر
137
وَلِكِنْ هَنَا أبُو جَهْلٍ وَعتبَةُ وَشَيْبَةُ وَأمَيَّةُ بْنُ خَلَف فِى النَّاسِ.
فَإفَا قَالَ هَنَا أيْضًا ضَرَبُوهُ.
وَرَسُولُ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَائِمٌ يُصَلِّى، فَلَمَّا رَأى فَللث انْصَرَتَ.
قَاَلَ: (وَائَذى نَفْسِى بَيَده لَتَضْرِبُوهُ إِفَ! صَدَقَكُمْ، وَتترُكُوهُ إِفَ! كَنبًكُمْ ".
قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (هَنَا مَصْرعُ فُلان).
قَالَ: وبَضَعُ يَدَهُ عَلَى الأرْضِ، قهُنَا وَهَ!نَا.
قَالَ: فَمَا مَاطَ أحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِع يَدِ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قال القاضى: ويقال فيه: (بليانأ بكسر الباء وتشديد الياء ايضا، ويقال: (بذى بلى) بتخفيف اللام اْيضا.
وفى ضرب أصحاب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) غلام قريش ليسألوه، جواز تهديد المتهم وتخويفه ليصدق، وجواز ضرب الأسير من العدو لمعنى يوجب ذلك، ويستخبر ما عنده من سر العدو.
ويحتج به فى تهديد الحكام للمتهمين ليصدقوا عن أحوالهم، وينكشف لهم تهمتهم.
واختلف فى إقرارهم فى تلك الحال هل يقبل أم لا ؟ فعند أصحاب الشافعى وكثير من أصحابنا: لايقبل حتى يتمادى على إقراره، سواء عين ما أقر به من سرقة أو قتل أم لا.
ومن أصحابنا من ألزمه ذلك إذا المقر به دان رجع عن إقراره، ومنهم من اْجازه دان لم يعين، ومنهم من منعه وان تمادى عليه لأن خوفه أن يعاد عليه العقاب باق.
وأما ضربه ليقر فلايجوز عندهم، ولايعتد بإقراره إلا أن يتمادى عليه.
ويختلف فى التمادى على ماتقدم.
وإعلام النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه بأنهم يضربونه إذا صدق ويتركونه إذا كذب، من آيات نبوته ( صلى الله عليه وسلم )، وذلك أن أصحابه كانوا يكذبونه فيما يقول من أمر قريش ؛ إذ لم يكن عندهم إلا خبر العير ولا طلبوا سواها.
وكذلك إخبار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بمصارع قريش وإشارته لها وتعيينها فلم يَعد، ذلك آية أخرى ومعجزة ثانية فى هذا الحديث.
وقوله: (فما ماط أحدهم عن موضع يده)، قال الإمام: أى تباعد، يقال: ماط الرجل: إذا تباعد، وأماط غيره: إذا باعده، ويقال: ماط الرجل واْماط: إذا تباعد، لغتان.
84 / أ
138(6/137)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
311) باب فتح مكة
84 - (1780) صدَثنا شَيْبَانُ بْنُ فَرؤُخَ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ بْنُ المُغِيرَةِ، حَدثنَا ثَابِت! البُنَانِى، عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ رَبَاحِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرةَ، قَالَ: وَفَدَتْ وُفُود إِلى مُعَاوِيَةَ - وَفَلِكَ فِى رَمَضَانَ - فَكًانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لبَعْضِ الالعَامَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ ممَا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُونَا إِلَى رَحْلِهِ.
فَقُلتُ: أَلا أَصْنَعُ طَعَامَا فَأَدْعُوَهُمْ إلَى رَحْلِى ؟ فَأمَرْتُ بطَعًامِ يُصْنَعُ، ثُمَ لِقِيتُ أبَا هُريرَةَ مِنَ العَشِىِّ، فَقُلت: ال لَ!وَةُ عِنْدِى اللًيْلَةَ.
فَقَالَ: سَبَقْتَنِى "َ قُلتُ: نَعمْ.
فَدَعَوْتُهُمْ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ألا اعْلِمُكُمْ بِحَلِيثِ مِنْ حَديثِكُمْ ؟ يَا مَعْشَرَ الأنصَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ فتحَ مَكَةَ، فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حتى قَدمَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزبيْرَ عَلَى إِصْدَى المُجنبتيْنِ، وَبَعَثَ خَ ال لَا عَلَى المُجنبةِ الأخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُب!لَه عَلَى الحُسثَرِ، فَائفُوا بَطنَ الوَاسِ، وَرَسُولُ
قال القاضى: وقوله فى حديث فتح مكة: (وفدت وفود على معاوية، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام) وفى الحديث الآخر: (فكان كل رجل منا يصنع طعاما يوما لأصحابه فكانت نوبتى)، وفى الحديث الآخر: (فقال أبو هريرة: سبقتنى) فيه مكارمة الرفقاء بعضهم بعضا، وجواز جعل (1) ذلك نوبا بينهم، وأن مثل هذا من باب المكارمة لا من باب المعاوضة، وفيه ما كان عليه الصدر الأول من الكرم والمسابقة فيه، والبر بعضهم لبعض.
ومعنى (نوبتى): أى وقتى.
وفى قول أبى هريرة: (إن سبقتنى) دليل أن نوبهم ومكارمتهم لم تكن على المثاحنة والمنافسة.
وحديث أبى هريرة لهم بفتح مكة ليقيد بذلك من لم يحضر من أبناء الأنصار ؛ ولذلك قال لهم: (اْلا أعلمكم (2) بحديث من بحديثكم) وفيه أن أحسن ما يحدث به عند الاجتماع فى الولائم وانتظار الطعام أمثال هذا من أخبار الحدثان / وما جرى من الحروب وغيرها ؛ لنشاط النفوس لسماعه، وقطغ مدة الانتظار بذلك ؛ إذ ليس فى ذلك ما يدخل إثما، لاسيما ما فيه للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فخر، والذى ذكر وكان حديثهم هذا كما جاء فى الحديث: (وهم ينتظرون نفخ الطعام) وهو معنى قوله: (ولم يدرك طعامنا).
وقوله: (وبعث أبا عبيدة على الحُستَر) كذا رويناه، وهو الصواب.
قال الهروى:
أى على من لأ درع عليه، والذى يظهر لى فيه أنه سمى الرجالة ومن ليس عليه شكاية
(1) فى س: فعل.
(2) فى الأصل: (ئحدثك)، والمثبت من المطبوع رقم ا له) والأبى.
(6/138)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
139
اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى كَتِيبَة.
قَالَ: فَنَظَر فَرآنِى.
فَقَالَ: (أبُو هُرَيْرَةَ).
قُلتُ: لبَيْكَ، يَا رَسُولَ اللهِ.
فَقَالَ: ا لا يَالِينِى إِل النصَارِى).
زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ: فَقَالَ: (اهْتفْ لِى بالأنصَارِ).
قَالَ: فَا"طَافُوا بِهِ، وَوبَثَتْ قُرَيْ!ثن أوْبَاشئا لَهَا وَأتْبَاغا.
فَقَالُوا: نُقَلئمَ هَوُلاءَ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَىْء"كُنَّا مَعَهُمْ، ! اِنْ أصيبُوا أعْطَيْنَا الَّذِى سُئِلأَ.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - (تَرَوْنَ إِلَى أوْبَاشِ قُرَيْشٍ وَأتْبَاعِهِمْ)، ثُمًّ قَالَ بَيلَيْهِ، إِحْلمَاهُمَا عَلَى الأخْرَى.
ثُمًّ قَالَ: (حَتَّى تُوَافُونِى بِالصَّفَا).
قَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا
كاملة حسراً، ليس عليهم كبير سلاح.
وبينه فى الحديث الاَخر: (وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادى) أى الرجالة.
واْصله بالفارسية: أصحاب ركاب الملك ومن يتصرف فى اْموره.
كذا رويناه فى هذا الحرف هنا.
وقد وقع فى بعض روايات (الساقة) (1) مكان (البياذقة) و(الجيث!) مكان (الحسر)
فى الرواية ا لأخرى.
ورواه بعضهم: (الشارفة) مكان (البياذقة " وفسروه: الذين يشرفون على مكة وليس بشىَ، والأول أظهر ؛ لأنه ذكر أنه قدم على المجنبتين خالداً على الواحدة، والزبير على الأخرى، وكان هو ( صلى الله عليه وسلم ) فى القلب فى الدارعن من المهاجرين والأنصار، وقدم أبا عبيدة على الرجالة، وقد يعبر بها عن ساقة الجيث!، وقد تكون ساقة ورجالة فيجتمع الوصفان وهم الحسر أيضا.
وقوله: (وبطن الوادى).
أى جعل طريقه بطن الوادى كما بينه فى الحديث الاَخر: (فأخذوا بطن الوادى)، وهذا يبطل رواية (الثارفة) المتقدمة ويناقضه.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (اهتف لى بالأنصار): أى ادعهم لى.
وقوله: ا لايأتنى إلا أنصارى " فأطافوا به: ثقة منه بهم واستماعه إليهم، وتقريبأ
لهم لما قرب من داره وقومه، وقد كان معه هناك المهاجرون - أيضأ - يحيطون به، كما كان فى كتيبته، ومعنى (يهرولون): يسرعون، وإنما اْراد: لا يأتنى من قابل العرب النافرين معه - والله أعلم - غير الأنصار.
وهذا يجمع بين ما جاَ فى البخارى (2) من اْن كتيبة الأنصار كانت مع سعد بن عبادة، وأن كتيبة المهاجرين مع الزبير فيهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ).
وبعض ماجاء فى السير أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كان في كتيبة من المهاجرين والاْنصار، فيدل ما فى كتاب مسلم أنه دعا الاْنصار فجمعهم بعد افتراقهم، أو أنه فرقهم بعد هذا الاجتماع بذى
(1) هذه للرواية ليست فى صحيح مسلم.
(2) البخارى، كالمغازى، بأين ركز للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) للراية يوم الفتح 5 / 6 لما.
140
(6/139)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
شَاءَ أحَد مئا أنْ يَقْثُلَ أَحَايم إِلا قَتَلَهُ، وَمَا أحَد منْهُمْ يُوَخهُ إِلَيْنَايثئيئا.
قَالَ: فَجَاءَ أبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، ابيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لا قُرَيْشَ بَعْدَ اليَوْم.
ثُمَ قَالَ: (مَنْ دَخَلَ !ارَ أبِى سُفْيَانَ فَهُوً تمِن)، فَقَالَتِ الأنصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْمبى: أَفَا الرخلُ فَأ!رَكَتْهُ رَغْبَة فى قَرْيَته، وَرَأفَة!بَعَشِيرَته.
قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وَجَاءَ الوَحْىُ، وَكَانَ إِفَا جَاءَ الوَحْىُ لا يَخْفَى عَلَينًا، فَإفَا جَاءَ فَلَيْسً أحَد يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى يَنْقَضِىَ الوَحْىُ.
فَلَمَا انْقَضَى الوً حْىُ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَامَعْشَرَ الأنصَارِ) قَالُوا: لبَيْكَ، يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: (قُلتُم: أَمَّا الرَّجُلُ فَأ!رَكتهُ رَغْبَة!فِى قَرْيَتِهِ).
قَالُوا: قَدْ كَانَ فَ!كَ.
قَالَ: (كَلا، إِنى عَبْدُ اللّه وَرسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى الله لَاليكُمْ، وَالمَحْيَا مَحْيَاكُمِْ، وَالمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ).
فَا"فبَلُوا إِلَيْه يَبكُونَ وَبَقُولُونَ: وَالله، مَا قُلنَاَ الَّذَى قُلنَا إِلا الضنَّ بالتهِ وبرَسُولِه.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِنًّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانكُمْ وَيَعْذرَانِكُمْ).
قَالَ: فَا"قْبًلَ النَّاَسُ إِلَى دَارِ أبِى سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أبْوَابَهُمْ.
قَالً: وَأقْبَلً رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى أفبَلَ إِلَى الحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْت.
قَالَ: فَا"تَى عَلَى صَنَبم إِلَى جَنْب البَيْت كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ: وَفِى يَدِ رَسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَوْس، وَهُوَآخأبسيَة القَوْسِ، فَلَمَّا أَتًى عَلَىَ الصنم جَعَلَ يَطعُنُهُ فى عينهِ وَبَقُول: (جَاءَ الحَقُ وَزَهَقَ البَاطِلُ !، فَلًمَا فَرغً مِنْ طَوَافِه أتَى الضَفَا فَعَلا عَلَيْهِ، حَتَى نَظًرَ إِلَى البَيْتِ، وَرَفَعَ يَلَيْهِ، فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ، وَبَدْعُو بِمَا شًاءَ أنْ يَدْعُوَ.
ص ص ممص عر، 5، ص ص صص ص ه ! ص صص وحه ص، 5،، ص
85 - (... ) وحدثنيه عبد الله بن هاشبم، حدثنا بهز، حدثنا سليمان بن المغِيرةِ،
بِهَذَا الإِسْنَادِ.
!زَادَ فِى اصًدِيَثِ: ثُمً قَالَ بَيَديه، إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى: (احْمدُوهُمْ حَصْلئ!).
وَقَالَ فِى اصَدِيثِ: قَالُوا: قُ!: ذَاكً يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ: (فَمَا اسمى إِفا ؟ كَلا إِئى عَبْدُ اللهِ !رَسُولُهُ !.
طوى، على ما جاء فى السير.
فوجه بعضهم من اْسفلها وبعضهم من أعلاها - والله أعلم (1).
وقوله: (وَوَبَشت قريش أوباشا لها) بشد الباء، قال الإمام: أى جمعت جموعأ
من قبائل شتى، وهم الأوباش والأوشاب.
(1) انظر: البداية وللنهاية 4 / 289 وما بعدها.
(6/140)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
141
86 - (... ) حذَثنى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ال دَارِمِى، حَدثنَا يَحْيَى بْنُ حَئَانَ، حَدثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أخْبَرَنَا ثَابت!، عَنْ عَبْدِ اللّه بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِبَةَ بْنِ أن سُفْيَانَ - وَفينَا أبُو هرَيْرَةَ - فًكَانَ كُل رَجُل منًّا يَصْنَعُ طَعَامًا يَوْمًا لأصْحَابِه.
فَكَانَتْ نَوْبَتى.
فَقُلتُ: يًا أبَا هَرَئرَةَ، اليَوْمُ نَوْيَتِى.
فَجَاؤُواَ إِلَى المَنْزِلِ، وَلَمْ اُ سْرِكْ طَعَامُنَاَ.
فَقُلتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لَوْ حَلَّيتَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَى اُسْرِكَ طَعَامُنَا.
فَقَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ الفَتْح، فَجَعَلَ خَالدَ بْنَ الوَلِيدِ عَلَى المُخن!ة اليُمْنَى، وَجَعَلَ الزبيْرَ عَلَى المُجنبةَ اليُسْرَى، وَجَعَلَ أبَاءُبَيْدًَ عَلَى البَيَاذِقَةِ وَبَطنِ الوَادَى.
فَقَالَ: (يَا أبَا هُرَيْرَةَ، ادع لِىَ الأنصَارَ)، فَدَعَوْتُهُمْ، فَجَاؤُوا يُهَرْوِلُونَ.
فَقَالَ: (يَا مَعْشَرَ الأنصَارِ، هَلْ تَرَوْنَ أوْبَاشَ قُرَيْشِ ؟).
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: (انْظُرُوا، إِفَا لَقِيتُمُوهُمْ غَايم أنْ تَحْمدُوهُمْ حَمدًا)، وَأخْفَى بَيِلَه، وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شمَالِهِ، وَقَالَ: (مَوْعدُكُمْ الضَفَا).
قَالَ: فَمَا أشْرَتَ يَوْمئِذٍ لَهُمْ أَحَد إِلا أنَامُوهُ.
قَالَ.
وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ عَل! الضَفَا، وَجَاءَتِ الأنْصَارُ،
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (احصدوهم حصدا) وأخفى بيده ووضع يمينه على شماله: يحاكى
صفة الحصد والقطع باليد اليمنى لما قبضت عليه بالشمال، يريد قتلهم واصتئصالهم.
ومعنى (اْخفى): استأصل، كذا روايتنا، وروى بعضهم: (وكفى بيده) (1) أى مال.
قال الإمام: يقال: حصدت الثىء والقوم بالسيف حصدأ وحصادا، وحصد الأمر
والحبل: صار وثيقأ محكما، وأحصد الثىء: حان حصاده.
قال / القاضى: وقوله: (موعدكم الصفا) لخالد بن الوليد ومن معه من الذين 84 / باْخذوا من السفلة فى بطن الوادى، وأخذ هو ومن معه على اْعلى مكة.
وقوله: (فما اْشرف لهم اْحد إلا أناموه): أى ما ظهر لهم إلا قتلوه، فوقع إلى
الأرض كالنائم وقد يكون بمعنى اْسكتوه، وقطعوا حينئذ بقتله.
يقال: قامت الريح وأسكتت، كما قالوا ة ضربه حتى سكت، أى مات.
قال الإمام: يقال: نامت الشاة وغيرها: إذا ماتت، ونامت السوق: كسدت.
وقال الفراء: النائمة الميتة، وفى حديث على - رضى الله عنه - فى قتال الخوارج -: (إذا أتيتموهم فأنيموهم) أى اقتلوهم (2).
(1) لم نعئرعليهافى صحيح مسلم.
(2) دنظر: كاب الزكاة، باب التحريض على قتل الخورج بلفظ: (إفا لقيتموهم فاقتلوهمأ برقم للا 106).
142
(6/141)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
فَا"طَافُوا بالضَفَا.
فَجَاءَ أبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشي، لا قُرَيْشَ بَعْدَ اليَوْمَ.
قَالَ إدو سُفْيَانَ: قَالَ رَسُولُ ال: (مَنْ دَخَلَ ! ارَ أيِى سُفْيَانَ فَهُوَ آمِن، وَمَنْ
قال القاضى: وقوله: (وما أحد يوجه إلينا شيئأ): اى يدفع عن نفسه.
وتول أبى سفيان: (أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم): كذا جاء فى حديث شيبان بن فروخ، وفى حديث الدارمى: (أبيدت) وكلاهما بمعنى متقارب، أى استؤصلوا.
(واْبيدت ! بمعنى فنيت.
و(خضراء قريش) كناية عن جماعتهم، ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة ؛ ولهذا قالوا: السواد الأعظم.
ويقال فى مثل هذا: (غضراؤهم ! أيضأ، وهم بمعنى الأول، اْى استؤصلوا.
والصلة من الغضارة، وهو الجيش النائم، وكذلك غضارة الشباب.
قال الإمام: قال الهروى: أباد الله خضراع! م: أى جماعتهم.
وقال ابن الأعرابى: معناه: أباد الله سوادهم.
قال ابن الأنبارى: سواد القوم معظمهم.
قال ابن الأعرابى: الخضرة عند العرب السواد، يقال لليل: أخضر ؛ لسواده.
وأنشد:
ياناقُ خبى خببازِصرأ وعارضى الليل إذا ما اخضرأ
ويقال: أباد الله خضراءهم: أى حصدهم وشعثهم.
قال النابغة:
يصونون أبداناقديمأنعيمها بخالصة الأردان خضر المناكب
قال الإمام: اختلف الناس فى فتح مكة، هل كان صلحأ أو عنوة ؟ فذهب مالك وجمهور الفقهاء وأهل السير: أنها عنوة، وقال الشافعى: بل هى صلح (1)، وانفرد بهذا المذهب.
ودليل الجمدلآ عليه قوله سبحانه وتعالى: { إنا كًحْنَا لَكَ كَ!حا ئبِينًا} (2)، ومثل هذا اللفظ لا يستعمل فى الصلح وإنما يستعمل فى الغلبة والقهر.
وقولهم: إن ذلك إنما أراد به صلح الحديبية ؛ لما ذكره مسلم فى قصة الحديبية، قال:
فنزل القرآن على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالفتح، فأرسل إلى عمر - رضى الله عنه - فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله، أفتح هو ؟ قال: (نعم)، لا يصح لأن هذه الاَية إنما نزلت والمراد بها فتح مكة.
وهذا الحديث يوكد ما قلناه ؛ لأنه قال فيه: (إذا لقيتموهم غداً أن تحصدوهم حصداً)، وهذا أمر بقتلهم.
ولا يكون ذلك إلا مع العنوة.
وقد اغتروا بقوله: (إذا لقيتموهم غدأ)، وظنوا أن هذا القول كان منه قبل الفتح بيوم، ثم وقع الصلح فى غده.
هذا غير صحيح ؛ لأنه قال: (فما أشرف لهم يومئذ أحد إلا أناموه)، وقال
(1) انظر: القرطيى 5 9 / 126، أحكام القرتن للجصاص 3 / 393، للتمهيد 2 / 0 16.
(2) للفتح: ا.
(6/142)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
143
ألقَى السّلاحَ فَهُوَ آمِن، وَمَنْ أغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِن)، فَقَالَتِ الأنْصَارُ: أمَا الرخلُ فَقَدْ أخَنَتْهُ رَأفَة! بِعَشِيرَتِهِ، !رَغْبَة فِى قَرْيَتِهِ.
وَنَزَلَ الوَحْىُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: (قُلتُمْ:
أبو سفيان: (ابيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم) وهذا يدل على القتال، وقد قال ( صلى الله عليه وسلم ): (من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن اْلقى السلاح فهو آمن)، فلو كانوا كلهم
آمنن لم يحتج إلى هذا.
وهذا كله واضح فى هذا الحديث دال على فساد ما قال الشافعى.
وتأويلهم: أنه إنما أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بقتل من لم يقبل أمانه /، وأن المعاقدة على 1 / 85
ذلك كانت دعوى، وإضافة إلى الحديث ما ليس منه، وكيف تتفق المعاقدة على مثل هذا.
ومن اكد أيضأ مايدل على ماقلناه: حديث أم هانئ (1) وقد ذكر فيه أنَ عليا - رضى الله عنه - أرَاد أن يقتل الرجلين (2)، وأنها أجازت، وأمضى ( صلى الله عليه وسلم ) جوارها، فكيف يدخل
مكة صلحأ ويخفى ذلك عن على - رضى الله عنه - حتى يحاول قتل الرجلين ؟ وكيف يحتاج أحد إلى أمان أم هانئ وهو آمن بالصلح ؟ وقد تقدم حديث أم هانئ.
و(نما شبه على القوم لأجل أنه ( صلى الله عليه وسلم ) لم يستبح أموالها، ولاقسمها بين الغانمن.
فلما
رأى الشافعى هذا وخروجه عن الأصل اعتقد أنه صلح.
وهذا لاتعلق له فيه ؛ لأن الغنيمة لايملكها الغانمون بنفس القتال على قول كثير من أصحابنا، وللإمام أن يخرجها عن الغانمن ويمن على الأسرى بأنفسهم وحريمهم وأموالهم، وكأنه ( صلى الله عليه وسلم ) رأى من المصلحة بعد إثخانهم والاستيلاء عليهم، أن يبقيهم لحرمة العشيرة وحرمة البلد، ومارَجَى من إسلامهم وتكثير عدد المسلمن بهم، فلايرد ما قدمناه من الأدلة الواضحة بمثل هذا المحتمل.
وقد قال بعض العلماء: يمنع من بيع بيوتها لقول الله عز وجل: { يمَوَاءًا لْقافي ليه
وَالْبَاد} (3).
وقد حكى منع بيعها وكراء دورها عن مالك، وذكر اْبو جعفر الأبهرى محئه
أنه كره بيعها وكراءها، فإن بيعت أو أكريت لم يفسخ.
وكان بعض شيوخنا يستقرى من المدونة الجواز من قوله فى فض الكراء إذا انهارت البئر: إنه يُفض، قال فى مثل دصر مكة
فى نفاقها أيام الموسم.
وقد اختلف هل من بها على أهلها اْو اْقرت للمسلمين فعلى القول
بأنه مَن بها على أهلها يجب الجواز، وقد تقع الكراهة حرصا على المواساة وندبأ إليها 6
لشدة حاجة الناس وضرورتهم، ومراعاة للخلاف.
وذكر ابن عباس - رضى الله محنه -
عن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال: (مكة كلها مباح، لا تباع رباعها ولا تواجر بيوتها).
قال القاضى: تقدم الكلام فى دور مكة فى كتاب الحج، وأما أمرها فى العنوة أو
(1) سبق فى كصلاة المسافرين وقصرها، باستحباب صلاة الضحى.
(2) فى الأصل: رجلين، والمثبت من ع.
(3)1 لحج: 25.
85 / ب
144 (6/143)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
الصلح فمضى فيه الاَن كفاية، لكن ذهب بعض العلماَء إلى جمع هذه المذاهب والاَثار، واختصار مكة بكة لم يختص به غيرها، فقال أبو عبيد: افتتح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مكة وميق على أهلها وردها ولم يقسمها، ولم يجعل شيئأ منها غنيمة[ ولا فيئا] (1)، فرأى بعضهم أن ذلك جائز له ولغيره من الأئمة.
قال: والذى أرى أنه خاص له فى مكة وليس ذلك لغيره فى غيرها أو مكة لا يشبهها شىء من البلاد، ولاكن الله - سبحانه - خص رسوله من الأنفال بما لم يخص به غيره.
وأنكر بعضهم قول أبى عبيد هذا وقول أبى يوسف: عفا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن مكة وأهلها ولم يجعل شيئا منها فيئا.
وقال أصحاب الشافعى أراد الشافعى بقوله: إن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) دخل مكة صلحأ، أى فعل فيها فعله فيمن صالحه فملكه نفسه واْرضه وماله ؛ لأنه لم يدخلها إلا بعد أن / أمن أهلها كلهم، وهذا من قول أصحابه اعتذار عن قوله الذى انفرد به، وميل إلى قول الجماعة من اْن افتتاحها عنوة، ! انما من عليهم وعفا وملكهم أموالهم.
قال بعضهم: والصحيح أن مكة بلدة مؤمنة لم يجز فيها شىء من أحكام العنوة، ولا
شىَ من أحكام الصلح فتتفق معانى المذاهب على هذا، واْن قول مالك والجمهور: دخلت عنوة، وأن هذا فى ابتداَ أمرها، لامر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) جيوشه بقتل من لقوه وقاتلهم، وندائه بالأمان لمن دخل المسجد وأغلق عليه بابه، إلا من استثناه، وصورة هذا كله صورة العنوة والقهر، لا أن حكم العنوة جرى فى اْهلها وأرضها وأموالهم بمن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم، وأن حالهم جرى فى هذا مجرى حال أهل الصلح لا اْنهم عقدوا معه صلحأ ؛ إذ لم يأت أثر فى شىء من هذا بممالحتهم إياه، وبالله التوفيق.
وقال أبو عبد الله بن اْبى صفرة: انظر لما أسلم أهل مكة من النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وترك لهم أموالهم ولم ينزل فى شىء لمنه عليهم بها ونزل فى الوادى، ولما أبطأت هوازن بإسلامها قسم الفىَ بين أصحابه، ثم وهبهم سبيهم على استطابة نفوس اْصحابه ؛ لأنه مال الله لا شىَ للغانمن فيه إلا أن يقسمه عليهم.
وفيه الحجة لمذهب مالك.
قال القاضى: وقول الأنصار: (والله ما قلنا الذى قلنا إلا الضنِ بالله ورسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ):
بكسر الضاد، أى البخل إن يرحل عنا، قال الله تعالى: { وَمَا هُو عَلَى الْغَيْبِ بِغ!نِين} (2) فى قراءة من قرأه بالضاد، أى ببخيل.
ومعناه هنا: محبة الاختصار به، والغيرة عليه أن يرجع إلى بلده.
يقال: فلان ضنين من بين إخوانى، أى الذى اختص به، وأضن بمودته، ألا ترى قولهم: أدركته رغبة فى قربته ورأفة بعشيرته، وليس فى هذا ما يكون عليهم فيه إثم ؛ إذ ليس فيه عيب للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولا نقص له، بل هو من مكارم أخلاق الأشراف الحنن للأوطان.
فأجابهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه و(ن كان ذلك من راْفته بعشيرته وبلدته
(1) سقط من الأصل، والمثبت من س.
(2) ا لتكوير: 24.
(6/144)
كتاب الجهاد / باب فتح مكة
145
أمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَنَتْهُ رَأفَةٌ بِعَشِيرَتِه وَرَغْبَة فِى قَرْيَتِه، ألا فَمَا اسْمِى إِ ؟ ا ا - ثَل الثَ مَرات - نمَا مُحَمَدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، َ هَاجَرْتُ إٍ لَى اللهِ ! اِلَيكُمْ، فَالمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ).
قَالُوا: وَاللّهِ مَا قُ! إِلا ضِنا بِالئهِ وَرسُولِهِ.
قَالَ: (فَ!نَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصْدقَانِكُمْ وَبَعْنِرَانِكُمْ).
فإنه لا يفارقهم ؛ (المحيا محياكم، والممات مماتكم !.
وبكاؤهم فرحأ بما قاله لهم،
وخجلا لما بلغه من ظنهم به (1) غيرذلك.
وقوله - لما اعترفوا له بقوله: (فما اسمى إذاً): يحتمل معنيين ؛ اْحدهما: أنى
نبى، لاعلامه إياهم بما تحدثوا به بينهم، بدليل قوله بعده: (كلا إنى عبد الله ورسوله)، والاَخر: أى كان فعلى لا يطابق اسمى من مفارقتكم، وترك الوفاء لكم والرجوع إلى قومى، إما لأن هذا غير مطابق معنى الحمد لله الذى اشتق منه اسمى، وأن هذا من فعلى
كان يوصف بغير وصف الحميد من الأخلاق، أو لأن اسمى كان ينتقل إلى غيره من اْوصاف الغدر وقلة الوفاء لو فعلت ذلك.
وقوله: (فأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت) فيه السنة
بالبداية - لمن دخل مكة - أن يكون أول / ابتدائه استلام الحجر والطواف بالبيت.
وقد 86 / 1 تقدم هذا فى كتاب الحج، والاختلاف فى دخول مكة بغير إحرام ولغير الحج والعمرة لمن لا
يتردد عليها دائمأ مستوعبا.
ولم يختلف فى دخول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مكة أنه كان حلالا بدخوله
والمغفر على راْسه، ولأنه دخلها محاربا حاملاً للسلاح هو وأصحابه.
ولم يختلفوا فى تخصيص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بذلك.
ولم يختلفوا فى أنه من دخلها لحرب بعده أو بقى أنه لا يحل
له دخولها حلالا.
(1) فى س: فيه.
146
(6/145)
كتاب الجهاد / باب إزالة الأصنام من حول الكعبة
(32) باب إزالة الأصنام من حول الكعبة
87 - (1781) حئَثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ وَعَمْرو النَاقِدُ وَابْنُ أيِ عُمَرَ - وَاللَفْظُ لائنِ أمِ! يثَ!ةَ - قَالُوا: حَلثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيحِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أن مَعْمَرِ، عَنْ عَبْد اللهِ، قَالَ: دَخَلَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) مَكَةَ، وَحَوْلَ الكَعْبَةِ ثَلاثُمِائَة وَستُونَ نُصباَ، فَجَعَلَ يَطعُنُهًا بِعُودكَانَ بِيَلِهِ، وَيَقُول: (جَاءَ الْحَق وَزَهَقَ الْبَاطِلَ إنًّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (1)، جَاءَ الْحًق وَمَا ل!دئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيد (2)) زَادَ ابْنُ أن عُمَرَ: يَوْمَ الفتح.
(... ) وحدَّثناه حَسَنُ بْنُ عَلِى الحُلوَانِى وَعَبْدُ بْنُ حُميد، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَراقِ، أخْبَرَنَا الثَّوْرِى عَنِ ابْنِ أبِى نَجِيحِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، إِلَى قَوْلِهِ 5ً زَهُوقًا}.
وَلَمْ يَذْكُرِ الآيَةَ ا لأخْرَ ى.
وَقَالَ: بَدَل (نُصما): (صَنَمَا).
وقوله: (فاْتى صنما إلى جانب البيت كانوا يعبدونه)، واْنه طعنه بسية قوسه،
وهو معنى قوله فى الحديث الآخر فى النصب: (فجعل يطعنها بعود فى يده).
وسية الجيوش بكسر السن وفتح الياء، ما عطف من طرفها.
(1) 1 لاصرلء: 81.
(2) سبأ: 49.
(6/146)
كتاب الجهاد / باب لا يقتل قرشى صبرا بعد الفتح
147
(33) باب لا يقتل قرشىّ صبرا بعد الفتح
لمه - (1782! حدَّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أىِ شَيْبَةَ، حَدثنَا عَلِى بْنُ مُسْهِرٍ وَوَكِيع، عَنْ زِكْرِئاءَ، عَنِ الشَعْبِىِّ، قَالَ: أخْبَرَنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ مُطِيعٍ عَنْ أبِيهِ، قَالَ: !ممِعْتُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ - يَوْمَ فَتْح مَكَةَ -: ا لا يُقْتَلُ قُرَشِى!بْرم بَعْدَ هَنَا اليَوْم، إِلَى يَوْم القِيَامَةِ).
89 - (...
! حدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أيِى، حَدثنَا زَكْرِيَّاءُ، بِهَذَا الأِسْنَادِ.
!زَادَ: قَالَ:
وَلَمْ يَكُنْ أسْلَمَ أحَد مِنْ عُصَاةِ تُرَيْشٍ، غَيْرَ مُطِيعٍ.
كَانَ اسْمُهُ العَ الى، فَسَمَاهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مُطِيعًا.
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يقتل قرشى صبراً بعد اليوم إلى يوم القيامة): إعلام منه ( صلى الله عليه وسلم ) بأنهم سيسلمون كلهم كما كان، واْنهم لا يرتدون بعده كما ارتد غيرهم ممن حورب وقتل صبرأ.
ولم يرد أنهم يقتلون ظلمأ صبرأ وغير صبر، فقد جرى على قريش بعد ذلك ما هو معلوم.
وقوله: ا لم يكن أسلم من عصاة قريش غير مطيع بن الأسود كان اسمه العاص فسماه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مطيعأ): عصاة هنا - جمع العاص - من الأسماء لا من الصفات، اْى لم يسلم ممن كان اسمه العاص ؛ مثل العاص بن وائل السهمى، والعاص بن هشام اْبو البخترى، والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية، والعاص بن هشام بن المغيرة المخزومى، والعاص بن منبه بن الحجاج وغيرهم، سوى العاص بن الأسود العدوى فغير النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اسمه فسماه مطيعأ، دالا فقد اْسلم عصاة قريش وعتاتهم كلهم بحمد الله، لكنه قد ذكر أن أبا جندل بن سهيل بن عمرو - وهو ممن أسلم واسمه أيضا العاص.
فإذا صح اْيحتمل أن هذا لما غلبت عليه كنيته وجهل اسمه لم يعرفه المخبر، فلم يستثنه كما استثنى مطيع بن ا لاْ سود.
86 / ب
148 (6/147)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
(34) باب صلح الحديبية فى الحديبية
90 - (1783) حئثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ العنْبَرِىُّ، حَا شَا أبِى، حَدهَّشَا شُعْبَةُ، عَنْ
أبِى إسْحَقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاء بْنَ عَازِب يَقُولُ: كَتَبَ عَلِى بْنُ أبِى طَالب الصلحَ بَيْنَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وتيْنَ المُشْرِكينَ يَوْمَ الحُلَيْبيَة.
فَكَتَبَ: (هَنَا مَا كَاتَبَ عَلَيْه مُحُمَلأرَصُولُ الله)، فَقَالُوا: لاتَكْتُبْ: رَصُولُ اللهِ فَلَوْ نَعْلَمُ ؟نَكَ رَصُولُ الله، لَمْ نقَاتِلكَ.
فًقَالَ النَّىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) لِعَلِى: (امْحُهُ)، فَقَالَ: مَا أنَا بِائَذى أمْحَاهُ.
فَمحَاهُ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) بيَده.
قَالَ: وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطُوا: أنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ فَيُقِيمُوا بِهَا ثًكما، وَلا يَدْخُلُهَا بِسِلاع، إِلَا جُثبَانَ السَّلاح.
قلتُ لأيِى إِسْحَقَ: وَمَاجُثبَانُ الئلاح ؟ قَالَ: القِرَابُ وَمَا فِيهِ.
وقوله فى أحاديث الحديبية فى الصلح الذى كان بين النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وبين المشركين وكتب على - رضى الله عنه - (هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) وفى الرواية الأخرى: أ هذا ما قاضى عليه)، فَقالوا: لا تكتب: رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك، وفى الاَخر: ولكن اكتب محمد بن[ عبد المطلب] (1) فقال لعلى: أ امحه) فقال: ما أنا بالذى أمحاه، فمحاه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بيده، قال: وفى الرواية الأخرى: فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): (أرنى مكانها) فمحاها، وكتب: (ابن عبد الله)، وفى الرواية الأخرى: فقال لعلى: (اكتب من محمد بن عبد الله): معنى (قاضى): أى فاصل، واْمضيا أمرهما عليه وأتماه، ومنه: قضاَ القاضى، أى فصل الحكم وأمضاه ؛ ولذلك سميت عام المقاضاة لما كان فيها، وسميت عمرة القضية لذلك وعمرة القضاَ أيضا، وليس كما يظن من لا يعلم أنها سميت بذلك لقضاَ العمرة التى صد عنها ؛ إذ لا يلزم قضاَ ما صد عنه من ذلك، إلا أن يريد أنها لما كانت عوضا عنها وب!ثرها كانت كأنها قضاَعنها.
قال الإمام: أنكر بعض / المتأخرين أن يقال فى افتتاح الوثاثق: هذا ما اشترى فلان،
وهذا ما أصدق فلان، وشبه ذلك هروبا من أن يدل ذلك على الجحد والنفى، وهذا الحديث حجة عليهم[ لأنه كتب باللفظ الذى كرهوه، فقال: (هذا ما كاتب)] (2).
قال القاضى: وفيه حجة - أيضا - على أنه يكتفى بالاسم المشهور وإن اقتصر عليه،
(1) هكذا فى الأصل، وفى س - مثل ما فى المطبوع -: عبد الله.
(2) سقط من الأصل، وللثبت من ع.
(6/148)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية 149 91 - (... ) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنى وَابْنُ بَشَارٍ، قَالا: حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدفنَا شُعْبَةُ، عَنْ أن إِسْحَقَ.
قَالَ: سَمِعْتُ البَراءَ بْنَ عَازِب يَقُولُ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أهْلَ الحُدَيْبِيَة، كَتَبَ عَلِىكتَابًا بَيْنَهُمْ.
قَالَ: فَكَتَبَ 5ً (مُحَمَّد رَسُولُ الثهِ).
ثُمَ ذَكَرَ بِنَحْوِ حَدِيثِ مُعَاَذٍ.
غَيْرَ أئهُ لَمْ يَذْكُرْ فِى الحَدِيثِ: (هَنَا مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ).
خلافا لمن ذهب إليه من الموثقن من أنه لابد من أربع ؛ اسم المذكور، وأبيه، وجده، ونسبه.
قال الإمام: فى هذا الحديث دلالة على أن للإمام أن يعقد الصلح على ما يراه صلاخا للمسلمين، د ان كان يظهر فى بادىْ الرأى أن فيه ماظاهره اهتضام للحق ؛ لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) محا اسمه وعاقدهم - على ما ذكر مسلم - فيمن جاء منهم إلينا ومنا إليهم.
وقد قال عمر - رضى الله عنه -: يارسول الله، اْلسنا على حق وهم على باطل ؟ قال: (بلى)، قال: أليس قتلانا فى الجنة وقمَلاهم فى النار ؟ قال: (بلى)، قال: فلم نعطى الدنية فى ديننا ؟ الحديث.
ومذهبنا أنه إذا عاقد الإمام على الرد لمنِ جاء مسلمأ ينفذ عقده فى الرجال دون النساء، لقوله تعالى: { فَ!نْ عَلِمثمُوهُن مُؤْمِنَات فَلا ترْضِوهُن إلَى الْكُفار} (1)، ولكن اختلف الناس إذا طلب زوجته التى جاءت مسلمة، هل يعاض عنها الصداق الذى كان أعطاها ؟ فقال بعض الناس: يعاض عنها لقوله عز وجل: { وَآتُوهُم ئا أَنفَقُوا} (2).
وقال بعضهم: لايعاض عنها، والاَية منسوخة.
وقال بعض العلماء: إن منع رد النساء بالقراَن نسخ لما تقدم من السنة وفيه نسخ السنة القرآن وفى ذلك خلاف بين أهل الأصول (3).
قال القاضى: قد قيل: إن هذا ليس فيه نسخ ولا معارضة بين الكتاب والسنة ؛ لاْن الشرط إنما كان على رد الرجال دون النساء، وكذا جاء مبينا فى بعض طرق هذا الحديث - فى صحيح البخارى فى كتاب الشروط -: (ولا يأتيك منا رجل وهو على دينك إلا رددته إلينا) (4) اْلا ترى أن فى هذا الحديث نفسه - فى غير مسلم - أنهم اْخرجوا معهم بنت حمؤة من العام المقبل، وفى جملة الحديث: (ولا يخرج من أهلها بأحد).
وذهب أهل الكوفة إلى أن الصلح ومهادنة الكفار على رد من جاء منهم مسلفا رجلا
كان أو امرأة لا يجوز، وأنه منسوخ باَية النساء، خلاف ما ذهب إليه مالك.
وحكى اْصحاب الشافعى أن ذلك يجوز فى الرجال إذا كانوا مأمونين على ذمتهم وإلا لم يجز، وحكى مكى فى كتاب الناسخ والمنسوخ مجملا: أنه لا يجوز أن يهادن المشركون اليوم على شىء من هذه الشروط، [ وإنما هو السيف أو الإيمان أو الصلح على غير شىء من هذه الشروط] (ْ) التى لا يجوز فى الدين، واْما مع أهل الكتاب والمجوس فجالْز، قال: وقيل: (1، 2)1 لممتحنة: 10.
(3) انظر: أحكام القرتن للقرطيى 8 1 / 0 6، اْحكام القرتن للجصاص 3 / 437.
(4) للبخارى، كللثروط، بالثروط فى لبهاد والمصالحة مع ئ!ل الحرب وكتابة الثروط 3 / 252 وما بعدها.
(5) سقط من س، ولستدرك فى للهامث!.
87 / أ
150 (6/149)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية 92 - (... ) حذثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى وَأحْمَدُ بْنُ جَنَاب المِضيصىُّ، جَمِيعًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ - وَاللَفْظُ لإِسْحَاقَ - أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أخبَرَنَا زَكَرِئاءُ، عَنْ أيِى إِسْحَاقَ عَنِ البَرَاء، قَالَ: لَمَا احْصِرَ الئىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) عِنْدَ البَيْت، صَالَحَهُ أهْلُ مَكَةَ عَلَى أنْ !دْخُلَها فَيُقِيمَ بِهَا ثَل الأ، وَلا يَدْخُلَهَا إِلا بِجُلُئانِ السلاح - المدئًيْفِ وَقِرَابِهِ - وَلا يَخْرجُ إن قوله تعالى: { فَالثلُوا الْمُشْرِفيَ حَيْثُ وَجَدتمُوهُمْ} (1) ناسخ للهدنة بيننا وبينهم، وقال فى اْهل الكتاب: { حتى يُعْطُوا ائجِزْيَة} (2)، فيه نفى حكم الهدنة معهم.
وقال ابن زيد: نسخت كلها بسورة براعة، ونفذ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى كل ذى عهد عهده، وأن يقتلوا حيث وجدوا، ويقتل اهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، ونحوه لقتادة.
وقيل: إنما فعل النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ذلك مع الضرورة وضعف الإيمان ورجاء الصلاح لهم.
فيه - كما تقدم - أنه إنما ردهم لآبائهم وعشائرهم وأمن إهلاكهم وقتلهم لعطفهم عليهم، ليس فى ذلك إلا إمساكهم وخوف الفتنة عليهم، وقد عزرنا الله - سبحانه - / وأباح لنا التقية بإظهار كلمة الكفر مع إضمار الإيمان، فلم يكن فى ردهم إهلاكهم، ولا ردهم من الإيمان إلى الكفر (3).
وقد جاء فى الحديث ما دل على ثقة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بصلاح حالهم وسلامتهم بقوله: (سيجعل الله له فرجأ ومخرجا).
وأما إمساكهم من صار إليهم منا فلا إشكال فيه لأنه كافر مثلهم، وقد بينه ( صلى الله عليه وسلم ) بقوله: (ومن ذهب منا إليهم فأبعده الله).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) لعلى - رضى الله عنه - لما أمره يمحو (رسول الله) فقال: لا، والله لا أمحاها: (اْرنى مكانها) فأراه فمحاها، وكتب، لم يكن من على - رضى الله عنه - خلافأ لأمره ( صلى الله عليه وسلم )، ولكن أدبا أن يمحى وصفه الكريم من النبوة، ومساعدة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) المشركيئ فى ذلك غير ضار ؛ إذ علم قيام الحجة عليهم بذلك فيما يكتبونه على أنفسهم من ذلك، وأنه كالإقرار والاعتراف، ومثل هذا إذا احتيج إليه للضرورة صنع، إذا لا يلزم من لا يعتقد شيئا أن يقوله.
ومثله منعهم - فيما ذكره مسلم - بعد لما كتبوا بسم الله الرحمن الرحيم فى ذلك، واْنهم لا يعرفون ما الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف: (باسمك اللهم)، فساعدهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على ذلك ؛ رغبة فى تمام الصلح، الذى أثمر بعد ذلك الظهور التام والغلبة، ومعنى التسميتن واحد ؛ لأنه راجع كله إلى اسم الله - سبحانه.
وقد تقدم
(1) التوية: ه.
(2) التوية: 29.
(3) ولا تكون التقية فى كل موضع وحال حيث ذكر لبصاص - رحمه الله - ونبه إلى مذهب ابن أبى ليلى فى قود الله عز وجل: { لا لَفا النِينَ تمنوا لا لَئَخِدوا غئوي وَغمُوكُم لَوْا اءَ} [ الممتحنة: ا]، فى أن افى ف على المال والولد لا يبيح التقية فى يظهار الكفر.
انظر: لحكام القرتن للجصاص 3 / 436.(6/150)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية 151 بِاحَد مَعَهُ مِنْ أهْلِهَا، وَلايَمْنَعَ أحَدًا يَمكُثُ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ.
قَالَ لعَلِى: (اكْتُبِ الشَّرطَ بَيْنَنَا.
بِسْم اللْهِ الرَّحْمَنِ الرّحِيم.
هَذَا مَاقَاضى عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُولُ اللهِ)، فَقَالَ لَهُ المُشْرِكُونَ: لَوْ نَعْلَمُ أنَكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله.
فَافَرَ عَلِيا أنْ يَمْحَاهَا، فَقَالَ عَلِى: لا.
وَاللهِ، لا أمْحَاهَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أرِنِى مَكًانَهَا)،
الكلام على معنى (اللهم) وقول من قال معناها: بالله أمنا بخيرك واقصدنا، فذكر بعض
الحروف اختصاراً، فإنما ساعدهم على مخالفة القادتين منه ومنهم لا فيما اختلف من جهة
المعنى لا لبس فى ترك وصفه بالنبوة نفيأ لها عنه، ولا فى ترك بعض صفات الله تعالى
نفيا لها عنه، وإنما الذى لا يجوز لو طالبوهم أن يكتب لهم ما لايحل قوله واعتقاده للمسلميئ ة من ذكر لهتهم وشركهم.
وقد قيل: إن حرص النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على هذا للصلح وتمامه
بكل حال، إنما كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لما فهم عن ربه - عز وجل - من إرادته ذلك لخلاء ناقته به.
وقوله: (حبسها حابس الفيل): يريد اْمر الله ومراده.
وقد يحتج بما تقدم أن
النصارى والمجوس لا يلزمون الحلف فى الحقوق بالله الذى لا إله إلا هو، وفيها خلاف عندنا
فى المذهب، واختلاف فى التأويل على مراده فى المدونة بقوله: ا لا يحلفون إلا بالله).
وقوله فى رواية زكرياء عن أبى إسحق عن البراء: (فمحاها وكتب: ابن عبد اللهأ:
احتج بهذا اللفظ بعض الناس على أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) كتب ذلك بيده على ظاهر هذا اللفظ،
ونحوه منه ذكره البخارى من رواية إسرائيل عن أبى إسحق، وقال: (فأخذ رسول الله
( صلى الله عليه وسلم ) الكتاب فكتب) وزاد عنه من طريق آخر ولا يحسن أن يكتب فكتب، وقال هولاء فإن
الله - سبحانه - أجرى على يديه ذلك إما بأن كتب ذلك القلم فى يده وهو غير عالم بما يكتب، أو اْن الله - سبحانه - علمه ذلك حينئذ حتى كتب، وجعل هذا زيادة فى معجزته ( صلى الله عليه وسلم ) وإن كان اْميا، فكما علمه / ما لم يعلم من العلم وجعله قرأ ما لم يقراْ، 87 / بوتلا ما لم يتل، فكذلك علمه أن يكتب ما لم يكتب، وخط مالم يخط بعد النبوة
واْجرى ذلك على يديه، وأن هذا لا يقدح فى وصفه بالأمية، واحتجوا بأقوال حاتم عن
الشعبى وبعض السلفين، هذا وإن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يمت حتى كتب.
وإلى جواز ذلك ذهب
الباجى وحكاه عن الشيبانى واْبى ذر وغيرهما.
وذهب اعثر إلى منعِ هذا جملة، أن وصفه الله تعالى بالأمية وقوله تعالى: { وَمَا كُنتَ
تَتْئو مِن تَبْلِهِ مِن كَابٍ وَلا تخُالهُ بِيَمِينك} (1)، وقوله عليه السلام: (إنا اْمة أمية لا نكتب ولانحسب) (2) يرده.
وزعم هولاء اْن كتابه هذا وان صورناه معجزة لو صح يبطل
(1) ا لعنكبوت: 48.
(2) البخارى، كالصوم، بقول النيى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا نكتب ولا نحسب) 3 / 35، مسلم، كالصيام، بوجوب صوم رمضان لرؤية للهلال 2 / 15، أحمد 2 / 43، 52.
152(6/151)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
فَا"رَاهُ مَكَانَهَا.
فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ: (ابْنُ عَبْدِ اللهِ لا، فَأقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فَلَمَا أنْ كَانَ يَوْمُ الثالِثِ قَالُوا لِعَلِى: هَنَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحبكَ، فَأمُرْهُ فَليَخْرُجْ، فَاخبَرَهُ بنَلكَ.
فَقَالَ: (نَعَمْ)، فَخَرجَ وَقَالَ ابْنُ جَنَابٍ فِى رِوَايَتِهِ مًكَانَ (تَابَعْنَاكَ): (بَايَعْنَاكَ).
َ
معجزته بالاْمية، وأن لفظ (كتاب) يحتمل أن يرجع إلى اْمره بذلك ؛ إذ يقال: قتل الاْمير، وقطع السارق، دانما اْمر به، واحتجوا بالرواية الأخرى: فقال لعلى - رضى الله عنه -: واكتب: من محمد بن عبد الله)، والأولون يقولون: إنما وصفه الله - سبحانه - بأنه لم يتل ولم يخط من قبل تعليمه، كما قال من قبله، فكما جاز أن يتلو فكذلك جاز أن يخط، ولا يقدح هذا فى كونه أميا ؛ إذ ليست المعجزة مجرد كونه أميا، وإنما المعجزة أن كان أولأ كذلك ثم جاء بعلوم لا يعلمها الأميون ولم يقدح ذلك فى حالته، فكذلك يجوز أن يكون بخط فلا يقدح فيه، بل يكون تثيدأ فى معجزته.
قالوا: وظاهر قوله: (ولايحسن اْن يكتب فكتب) كالنص أنه هو بنفسه كتب، وعدوله إلى غيره تجوز فى الكلام، وحمل على ما لم يفهم منه لغير ضرورِة.
وطال كلام كل فرقة فى هذا الباب وشنعت كل واحدة على صاحبتها، { فَرَبكُمْ أَعْلَمُ بِمنْ هُوَ أَهْدَى مبِيلا} (1).
وقوله فى الشرط: (أن يدخلوا مكة فيقيموا بها ثلاثاء: وذلك اْن المهاجر لا تحل
له الإقامة بمكة كثر من ثلاث، وهذا أصل فى مدة الإقامة فى تقصير الصلاة فى السفر اْنها فيما زاد على الثلاث (2)، وأن الثلاث غير إقامة.
وهذا الشرط إنما كان من العام القابل، وأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) غير بدنه وتحلل.
وهذا الحديث اْصل فى تفسير قوله عز وجل: { ِ فَإنْ أُحْميرْتُمْ فَمَا امششْرَ مِن الْفدْي} (3)، وقد تقدم فى الحج بيانه، ومعنى الكلام هناك على معنى (حصر) و(أحصر).
واختلفت رواية مسلم هنا، فعند أكثرهم: ا لما حصر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ) وعند السمرقندى: ([ لما] (4) أحصر).
وقوله: ا لما أحصر عند البيت ": كذا فى جميع النسخ، وفى رواية ابن الحذاء: (عن البيت) وهو الوجه.
قال الإمام: وقوله: (ولا يدخلها إلا بجُلُئان السلاح: السيف وقرابه): قال الازهرى: القراب: غمد السيف، والجلبان: شبه (5) الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمود، فيطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه من آخرة الرحل اْو واسطته.
و[ قد] (6) قال شمر: كأن اشتقاق الجلبان من الجلبة، وهى الجلدة التى تجعل على القتب، والجلدة التى تغش التميمة لأنها كالغشاَ للقراب، يقال: أجلب قتبه: إذا غشاه الجلبة.
وروى ابن قتيبة فى هذا الحرف: (جلُتان) بضم اللام وتشديد الباء، والجلبان: اوعية السلاح بما
(1) 1 لإسراَ: 84.
(4) ساقطة من س.
(2) صبق تخريجه.
(5) فى س: مثل، والمثبت من الأصل، ع.
(3) للبقرة: 196.
(6) زائدة فى اي!صل.
(6/152)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
153
93 - (1784) حدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَفَّانُ، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ،
عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسبى ؛ أَن قُرَيْشًا صَالَحُوا النَبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم )، فِيهِمْ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو.
فَقَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) لِعَلِى: (اكْتُبْ: بِسْم اللهِ الرخمَنِ الرخِيم).
قَالَ سُهَيْل: أَما بِاسْم اللّهِ، فَمَا نَدْرِى مَابِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرخيم، وَلَكِن اكْتُبْ مَانَعْرِفُ: بِاسْمكَ اللَّهُمَّ.
فَقَالَ: (اكْتُبْ مِنْ مُحَمَد رَسُولِ الله).
قَاَلُوا: لَوْ عَلِمْنَا أنَّكَ رَسُولُ اللهِ لاَتبعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبِ اسْمَكَ وَاسْمَ أبِيكَ.
فَقَالً النَّيِىُ ( صلى الله عليه وسلم ): (اكْتُبْ مِنْ مُحَفدِ بْن عَبْدِ اللهِ)، فَاشْتَرَطُوا علَى النَّيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ): أنَّ مَنْ جَاءَ منكُمْ لَمْ نَرُد عَلَيكُم، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَا رَلَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا.
فَقَالُوا: يَارَسُولَ اللهِ أنَكْتُبُ هَنَا ؟ قَالَ: (نَعَمْ، إِنَهُ منْ فَ!بَ مِنَا إِلَيْهِمْ فَا"بْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاعَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَخا).
فيها، قال: ولا أراه يسمى به إلا لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الجافية الغليظة: / جلبانة.
هه / أ قال الهروى: والقول ما قال الأزهرى وشمر.
قال القاضى: وفائدة اشتراطهم ألا يدخلوا إلا بالسلاح فى القرب لوجهن:
أحدهما: ألا يظهروا عليهم دخول المحاربين الغالبن المشهرين (1) السلاح من تنكب
القسى، واعتقال القنا، وتقليد السيوف، ولكن بزى الأمن والمهادنة والسفر.
والثانى (2): فإن كون السلاح فى القرب اْمن التقلد بها وحبسها فى الأيدى ؛ لسرعة
السلت والمبادرة بها لأول هيشة وهيعة.
وفى هذا الحديث على الجملة: جواز مصالحة الكفار لما فيه من مصلحة المسلمن
ومهادنتهم.
ولم يختلفوا إذا دعت إلى ذلك ضرورة، إذ يكون على غير شىء أو على مال
يأخذه منهم، فإن لم تدع إلى ذلك ضرورة ولم يكن فى العدو قوة إلا لما بذلوه من أموالهم (3) فأجاز ذلك جماعة، منهم الأوزاعى وغيره.
ومنع ذلك مالك وأصحابه وعلماء
أهل المدينة وغيرهم ة لما فيه من ضيعة الثغور تلك المدة، وأن المسلمن بمغاوراتهم وجيوشهم قد ينالوا منهم كثر من ذلك غالبا، دانما صالح النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أهل مكة لقلة أهل الإسلام حيئمذ.
واختلف العلماء فى أمدها فمالك - س ى ذلك مفوضا إلى اجتهاد الإمام، ولا حد له من
القلة والكثرة، إلا لما يراه مصلحة لهم.
والشافعى يحد كثرها بعشرة أعوام لا يكون كثر ؛
(1) فى س: الشاهرين.
(2) فى الأصل: ليضا، والمثبت من الاْبى.
(3) فى س: المال.
154
(6/153)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
94 - (1785) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ ألى شَيْبَةَ، حَدثنا عبدُ الله بْنُ نُمَيْر.
ح وَحَدثنَا ابْنُ
، ص - ص - ءَه ص صرَص صص صر، ص ه، ً ص صًص ص، 5، ج نميرٍ - وتقاربا فِى اللفظ - حدثنا أبِى، حدثنا عبد العزِيز بن سِياه، حدثنا حبِيب بن الِى ثَابت عَنْ ألِى وَائلٍ، قَاَلَ: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْف يَوْمَ !فِّينَ فَقَالً: 3يُّهَا النَّاسُ، اتَّهمُوا أنْفُسًكُمْ، لَقَدْ كُنًّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ الحُدَيبيَة، وَلَوْ نَرَى قِتَالأ لَقَاتَلنَا، وَفَلِكَ فى الصُّلح ائذى ك!نَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَبَيْنَ المُشرِكَينَ.
فَجَاءَ عُمَرُ بنُ الخَطَّاب، فَائى رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: يَارَسُولَ اللّهِ، ألَسْنَا عَلَى حَق وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: (بَلَى لماَ.
قَالَ: ألَيْسَ قتلاَنَا فى الجَنَّة وَقتلاهُمْ فِى النَّارِ ؟ قَالَ: (بَلَى).
قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِى الدَّنيَّةَ فِى!ينِنَا، وَنَرجِعُ وَلَمَّاَ يَحكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ فَقَالَ: (يَابْنَ الخَالاب، إِنَى رَسُوَلُ اللهِ، وَلَنْ يُضيعَنِى اللهُ أبَايم).
قَالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغيظا، فَأتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أبَا بَكْرٍ، ألَسْنَا عَلَى حَق وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: ألَيْسَ قَتْلانَا فِى الجَئةِ وَقَتْلاهُمْ فِى لأنه الأمد الذى عاقد عليه ( صلى الله عليه وسلم ) أهل مكة.
وقيل: إنما كان عاقدهم على ثلاث سنين.
وقيل: على أربع.
فأما على ما يوخذ من الكفار فجائز ما كان من مال أو روس من أحرارهم أو عبيدهم،
وإن كانت مما يغيرون به ويأخذونه من غيرهم، وهو قول الأوزاعى وأحمد لاسحق واختلف إذا كان من أبنالْهم ونسائهم، فمنعه اْبو حنيفة قال: لأن الصلح وقع عليهم وعلى ذراريهم، وأجازه أصحاب مالك إذا كتبوا ذلك فى شرط عهدهم، فإن لم يكتبوه فلا يجوز: ولهولاَ من العهد ما لرجالهم، ونحوه عن مالك.
واختلف إذا دعت ضرورة لشغل المسلمن بفتنة، أو غدر اخر، أو خوف استيلاَ العدو عليهم، هل يصالحونه على أن يعطيهم المسلمون مالا ؟ فأجاز ذلك الأوزاعى، ومنعه الشافعى إلا أن يخافوا استئصال العدو لهم (1).
وقول سهل بن حنيف يوم صفيئ: (اتهموا أنفسكم) وذكر كراهة المسلمين صلح الحديبية: يريد سهل بن حنيف بتبصير الناس ما فى الصلح من الخير، وأنه قد يدل - ! إن كان ظاهره مكروها - إلى المحبوب، كما كان فى شأن الحديبية، د انما كان ذلك لما ظهر فى أصحاب على - رضى الله عنه - من كراهة شأن التحكيم ومراوضة الصلح، وكان الظهور لهم حتى رفع لهم أهل الشام المصاحف ودعوهم إليها، ورغبوا فى المصالحة.
وما كان مراجعة عمر - رضى الله عنه - النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى شأن صلح الحديبية وما عظم على قلوب
(1) انظر: التمهيد 2 / 34، 12 / 124، لطاوى الكبير 4 1 / 296، 297.
(6/154)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
155
النَارِ ؟ قَالَ: بَلَى.
قَالَ: فَعَلامَ نُعْطِى الدَنيةَ فِى دِينِنَا، وَنَرجِعُ وَلَمَا يَحكُم اللّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ فَقَالَ: يَابْنَ الخَالابِ، إِنَهُ رَسُولُ التَه، وَلَنْ يُضيِّعَهُ اللهُ أبَدأ.
قَالَ: فَنَزَلَ القُرانُ عَلَى رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) بِالفتح، فَأرْسَلَ إلَى عُمَرَ فَأَقْرَأهُ إِئاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أو فتح هوَ ؟ قَالَ: (نَعَمْ) فًطَابَتْ نَفْسُهُ !رَجعً.
95 - (... ) حدغنا أبُو كُرَيْب مُحَفدُ بْنُ العَلاء، وَمُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْن نُمَيْر، قَالا: حَدثنَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ شَقيق، قَالً: سَمِعْتُ سَهْلَ !نً حُنًيْفِ يَقُولُ - بصِفِّينَ -: أيُّهَا النَاسُ، اتَهِمُوا رَأيَكُمْ.
وَالتَهِ، لَقْد رَأيْتُنِى يَوْمَ أول نْدَل وَلَوْ ائى أسْتَطِيعُ أَنْ أرُدَ أمْرَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَرَ!تُهُ.
وَاللهِ، مَاوَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَواتِقِنَاَ إلَى أمْرِ قَط، إِلا أسْهَلنَ بِنَا إِلَى أمْر نَعْرِفُهُ، إِلا أَمْرَكُمْ هَذَ!.
لَمْ يَذكُرِ ابْنُ نُمَيْرِ: إِلَى أمْرِ قَطّ.
المسلمن منه وكرهوه، وما خالطهم من الحزن والكاَبة، لرجوعهم دون تمام عمرتهم، وصد
الكفار لهم عن البيت، وتثبطهم عن التحلل، رجاَ تمام ما خرجوا عليه، وقهر النبى ( صلى الله عليه وسلم )
لهم على (1) الصلح، وكانوا متبصرين في قتال عدوهم، وكان ذلك رأيهم، والله
ورسوله أعلم بمصلحتهم / ولهذا قال عمر - رضى الله عنه -: (علام نعطى الدنية فى ول / بديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟).
والدنية: النقيصة والحالة الخسيسة.
والدنى
بغير هاَ: الخسيس من كل شىَ، ومنه قوله: المنية ولا الدنية (2)، اْى ولا الحالة التى
توجب على الإنسان ذلأ وخساسة.
وجواب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بما جاوبه به من تثبته ووعده الفتح الذى كان من خيبر ثم من مكة،
ولم يكن ما كان من عمر - رضى الله عنه - وسؤاله له ( صلى الله عليه وسلم ) عما سأله[ عنه] (3) شكا
[ من عمر] (4) ولا ريبا، بل كشفا لما خفى عنه من ذلك، وحثا على إذلال الكفر،
وحرصأ على ظهور المسلمين، بما كان عليه من القوة والعزة فى دين الله.
وموافقة جواب أبى بكر لما جاوبه به النبى ( صلى الله عليه وسلم )، دليل على فضل علمه دايمانه، وقوة
يقينه على سائرهم.
وقولهء: (ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا): أى يشق علينا ويعظم.
وقوله: (إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه): استعارة بنزول السهل من الأرض، والخروج إلى السعة من الضيق، وإلى اللن من الشدة.
(1) فى الأصل: عن، والمثبت من س.
(2) وهذا مثل شائع على الألسنة.
(3) ساقطة من الاْصل، والمثبت من س.
(4) سقط من الأصل، والمثبت من س.
156 (6/155)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية (... ) وحلّثناه عثمَانُ بْنُ أبِى شَيْبَةَ صَاِسْحَقُ، جَمِيعَا عَنْ جَرِيرٍ.
ح وَحَدثنِى أبُو سَعِيد الأشَج، حَدلنَا وَكِيعٌ، كِلاهُمَا عَنِ الأعْمَشِ، بِهَذَا الاِسْنَادِ.
وَفِى حَلِيثِهِمَا: إِلَى أمْرٍ يُفظِعُنَا.
96 - (... ) وحدّثنى إِبْرَاهيمُ بْنُ سَعِيد الجَوْهَرِى، حَا لنَا أبُو أسَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مغْوَل، عَنْ أيِى حَصينٍ، عَنْ أَيِى وَائِلٍ، قَاًلَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْف بصِفِّينَ يَقُولُ: اتًّهمُوًا رَايَكُمْ عَلَى دِيَنِكُمْ، فَلَقَدْ رَأيْتنُى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أسْتَطِيعُ أنْ أرُدَ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، مَا فَتَحْنَا مِنْهُ فِى خُصْمِ إِلا انْفَجَرَعَلَيْنَا مِنْهُ خُصْئم.
97 - (1786) وحدّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِى الجَهْضَمِىُّ، حَد!لنَا خَالِدُ بْنُ الحَارِثِ، حَد!شَا سَعِيدُ بْنُ أَيِى عُرُوبَةَ، عَنْ قَت الةَ ؛ أن أنسَ بْنَ مَالِك حَدثهُمْ قَالَ: ئَا نَزلتْ: إنا كَمَحْنَا لَكَ كَحًا مُّبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ الئَهُ} إِلَى قَوْلِه: { فَوْزًا عَظَعمًا (1) مَرْجعَهُ منَ الحَلَيْبِيَة، وَهُمْ يُخَالِطُهُمُ الحُزْنُ وَاهاَبَةُ، وَقَدْ نَحَرًا لهَدْىَ بِالحُلَيْبِيَةِ.
فَقَالَ: ا لَقَدَْ أنزِلَتْ عَلَى اَيَةٌ هِىَ أَحَبُّ إِلَى مِنَ الدفىنْيَا جَمِيعَا،.
(... ) وحلّثنا عَ المُ بْنُ الئضْر التَيْمى، حَدثنَا مُعْتَمرٌ، قَالَ: سَمعْتُ أبى، حَدثنَا - َ، ًًًًَ حمص، !ح!ىً حمص، ً، ً كصَ يرء قتادة، قال: يممعْتُ أنَسَ بْن مالك.
ح وحدثنا ابن المثنى، حدثنا أبو داود، حدثنا همام.
ص ص كص أو، هَ،، - ص حمسَ،،، 5،، صء ص كص صوص، صءص ه ص - ص ه
ح وحدثنا عبد بن حميد، حدثنا يونس بن محمدٍ، حدثنا شيبان، جمِيعا عن قتادة، عن أنَسِ.
نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أًيِى عَرُوبَةَ.
وقوله: (إلا اْمركم هذا): يريد الفتنة مع اْهل الثام.
وقوله: (ما فتحنا منه من خُصم إلا انفجر علينا منه خُصم) بضم الخاء، قال الإمام: خصم كل شىء طرفه وناحيته، ومنه قيل للخصمين: خصمان ؛ لأن كل واحد منهما يأخذ فى ناحية من الدعوى غير ناحية صاحبه.
قال القاضى: كذا جاء هذا الكلام فى كتاب مسلم: (ما فتحنا منه من خصم إلا انفجر علينا منه خصم) وفيه وهم وتغيير في الكلام، وصوابه: (ماسددنا مكان فتحنا)، وكذا جاء فى البخارى (2) وغيره: (ما شذ منها خصم إلا انفجر علينا خصم) وبهذا
(1)1 لفتح: ا - ه.
(2) البخارى، كالمغارى، بغزوة لحديبية 5 / 164.
(6/156)
كتاب الجهاد / باب صلح الحديبية فى الحديبية
157
يستقيم الكلام، ويتقابل (انفجر) لى (سددنا).
وأحسن معانى الخصم هنا أن يكون مأخوذا من طرف الرواية[ وهو الخصم، لقوله: (ما نسد)، ولقوله: (انفجر)، فشبهه بانفجار الماء من طرف الرواية] (1)، وكذلك خصم العدل طرف جانبه الذى يوخذ به.
(1) سقط من ص، واستدرك فى للهامش.
158
(6/157)
كتاب الجهاد / باب الوفاَ بالعهد
(35) باب الوفاء بالعهد
ما - (1787) وحدّثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدشَا أبُو أسَامَةَ، عَنِ الوَلِيد بْنِ جُمَيع، حَدثنَا أبُو الطُّفَيْلِ، حَدثنَا حُذيفَةُ بْنُ اليَمَانِ.
قَالَ: مَا مَنَعنِى أنْ أشْهَدَ بَمْرم إِلاَيؤنى خَرَجْتُ أنَا وَأبِى، حُسَيْل.
قَالَ: فَا"خَنَنَا كُفارُ قُرَيْشِ، قَالُوا: إِنكُمْ تُرِيمُونَ مُحَمَمَا ؟ فَقُلنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلا المَدينَةَ.
فَا"خَنُوا منَّا عَهْدَ الله وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَن إِلَى المَدِينَةِ وَلا نُقَاتِلُ مَعَهُ.
فَأتثنَا رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاخبَرَنَاهُ الخَبًرَ، فَقَالَ: َ (انْصَرِفَا، نَفِى لَهُم بِعَهْلِ! مْ، وَنَسْتَعِينُ اللّهَ عَلَيْهِمْ).
وقول حذيفة: (خرجت أنا واْبى حًسيل) كذا صوابه مرفوعأ على البدل، وهو اسم
اليمان والد حذيفة بن اليمان (1)، وهو رواية ابن اْبى جعفر.
وبعضهم رواه - الصدفى
عن العذرى -: (حسرأ، ورواه اْبو بحر: (حسير) بالراَ مكان (حسيل،، وكلاهما
وهم، وإنما سمى اليمان لأنه كان اْصاب دما فى قومه ففر إلى المدينة، فحالف بنى عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لحلفه اليمانية.
وقيل: بل سمى بذلك باسم جده الأعلى
وهو حذيفة بن حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن اليمان العبسى.
وقوله: فأخذه كفار قريش فقالوا: إنكم تريدون محمدأ ؟ فقلنا: ما نريده، ما نريد
إلا المدينة.
فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لا نقاتل معه، وأنهم ذكروا ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) فقال: (انصرفا، نفى لهم بعهدهم، ونستعن الله عليهم): فيه أولا: جواز الكذب للحالف والتعريض إذا أمكنه وعند الضرورة.
وفيه وجوب الوفاَ بالعهد دان كان مكرها.
وقد اختلفوا إذا عاهدوا الأسير ألا يهرب، فرأى الكوفيون والشافعى: لا يلزمه هذا العهد.
وقال مالك: لا يجوز له ذلك.
وقال ابن القاسم ومحمد بن المواز ذلك، بخلاف لو
أجبروه أن يحلف ألا يهرب لم يلزمه اليمن لاءنه مكره.
وقال بعض العلماَء: لا فرق بين
89 / اْ اليمن والعهد وهجرته عن مَلِكِ الكفر / واجبة (2) والحجة فعل أبى بصير وتصويب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فعله ورضاه به ؛ ولا حجة فى هذا إذ ليس فيه أن أبا بصير عاهدهم على ذلك، وأن
(1) ويقال: حسل، ويقال: ابن اليمان، شهد مع رسول الله أحدا هو وابنه، وقتل يومئذ حيث قتله المسلمون خطأ، ونرلد هو وابنه أن يشهد ا بلرأ فاستحلفهما المشركون ألا يشهد ا مع النبى فحلفا لهم.
انظر: تهذيب الكمال 5 / 496.
(2) لطا وى 4 1 / 296، 297، للغنى 13 / 161.
(6/158)
كتاب الجهاد / باب الوفاء بالعهد
159
النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما عاهدهم على ألا يخرج معه بأحد منهم ولا يحبسه عنهم، ولم يعاهدهم على اْلا يخرج منهم من أسلم فيلزم ذلك أبا بصير (1).
(1) البخارى، كالشروط، بالشروط فى لبهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 3 / 252 وما بعدها.
160
(6/159)
كتاب الجهاد / باب غزوة الأحزاب
(36) باب غزوة الأحزاب
99 - المه 17) سقثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب صَاسْحَقُ بْنُ إبْرَاهيمَ، جَميعًا عَنْ جَرير.
قَالَ
، ص ! ص ممص ص ! ص 5 ص ص ه ه صًَ ص صءَ ص هءَ صَ ص !5 صَ، ص ص ص زهير: حدثنا جرِير، عنِ الأعمشِ، عن إِبراهيم التيمِى، عن ابيه، قال: كنا عِند حذيفة، فَقَال رَجُل: لو أ!رَكْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) قَاتَلَتُ مَعَهُ وَأبْلَيْتُ.
فًقَالَ حُنَيْفَةُ: أنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ لَقَدْ رَأيتُنَا مَعَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَيْلَةَ الأحْزَاب، وَأخَذَتْنَا رِيح ثَديدَة وَقُر.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (ألا رَجُل يَا"تينِى بخَبَرِ القَوْم، جًعَلَهُ ال!هُ مَعِى يَوْمَ القيًامَةِ ؟!، فَسَكَتْنَا، فَلَمْ يُجبْهُ مئا أَحَد.
ثُمَّ قَاً: (ألَا رَجُل يَا"تينَا بِخَبَرِ القَوْم، جَعَلَهُ الئَهُ مَعِى يَوْمَ القِيامَة ؟) فَسَكَتنَا، َ فَلَمْ يُجبْهُ منَا أحَد.
ثُمَ قَالَ: (ألَا رَجُل يَا"تينَا بِخَبَرِ القَوْم، جَعَلَهُ اللهُ مَعِى يًوْمَ القيَامَةِ ؟)، فَسَكًتْنَاَ، فَلَمْ يحبهُ مِنَا أحَد.
فَقَالَ: (قُمْ يَاحُنَيْفَةُ، فَأتِنَا بخَبَرِ القَوْم)، فَلَم أجدْ "لدا، إِذ دَعَانِى بِاسْمِى، أنْ أَقُومَ.
قَالَ: (افر بْ، فَأتِنِى بِخَبَرِ القًوْم، وَلاتَذْعَرهُمْ عَلَى)، فَلَمَّا وئيْتُ مِنْ عِنْلِهِ جَعَلتُ كَا+نَمَا أمْشِى فِى حَمَّام، حَتَى أتَيْتُهُمْ، فَرَأيْتُ أبَا سُفْيَانَ يَصْلِى ظَهْرَهُ بالئارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِى كَبِدِ القَوسِ، فَا"رَدْتُ أنْ أرْمِيَهُ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
(وَلا تَذْعَرْهُمْ عَلَىَّ لا، وَلَوْ رَمَيْتُهُ لأصَبْتُهُ، فَرَجَعْتُ وَأنَا
وقول القاثل: ا لو أدركت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قاتلت معه وأبليت): أى بالغت فى امتحانها فى نصرته وأغْنَيْت.
وقول حذيفة له: (اْنت كنت تفعل ذلك ؟) كأنه فهم منه أنه قام بباله أنه كان يفعل كثر مما كانت تفعله الصحابة، ويأتى بأبلغ مما أثوه، ثم أخبره بخبره ليلة الاْحزاب.
والقُر، بضم القاف: البرد، وكذلك قوله بعد ذلك: (قررت).
قال الإمام: أى أصابنى القر، يقال: قُر الإنسان قرأ.
وقوله: ا لا تذعرهم على): أى لا تفزعهم.
قال القاضى: ولشدته لم يجبه أحد حيئ دعا من يأتيه بخبرهم، وتواكل الناس بعضهم لبعض لعله يكفى، فلما عينه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بالدعوة وجبت عليه الإجابة.
ومعنى قوله: ا لا تذعرهم على) هنا عندى: أى لا تفزعهم على، كأنه - والله أعلم - خاف ما يصيبه هو من ذلك إن حرك عليهم ما يدعوهم، فيتحسسمون له، فيأخذونه، فيعود ذلك على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بقتل عَيْنِه وَرَسُوله - والله اْعلم.
داما تنفيرهم مما يُخَاف منه وهو كان المطلوب.(6/160)
كتاب الجهاد / باب غزوة الأحزاب
161
أمْشِى فى مِثْلِ الحَمَام، فَلَمَا أتَيْتُهُ فَاخبَرْ - !هُ بخَبَرِ القَوْم، وَفَرَغْتُ، قُرِرْتُ، فَا"لبَسَنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ فَضْلِ عَبَاءَة كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلَىَ فِيهَا، فَلَمْ أزَلْ نَائِمًا حَتَى أصْبَحْتُ.
فَلَمَا أصْبَحْتُ قَالَ: (قُمْ يَانَوْمًانُ).
ومعنى: (يصلى ظهره بالنار): أى يدنيه منها من البرد، وهو الصلاء ممدود مكسور، وهو الصلى - أيضأ - مفتوح مقصور.
(وكبد القوس): مقبضها.
قال الخليل: كبد كل شىء وسطه.
وقوله: (فرجعت كأنى أمشى فى حمام): يعنى أنه لم يصبه من القر وبرد تلك الريح (1) شىء ببركة إجابته للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وتصرفه فيما وجهه فيه، أو لأنه دعا له.
وكذلك ذكر فى انصرافه، اْلا تراه كيف قال: فلما أتيته وأخبرته بخبر القوم قررت، أى أصابنى البرد الذى كان يجده الناس.
فتعد هذه من اَياته كله.
والعباءة: الكساء فيه خطوط، وقد تقدم.
(1) غير ظاهرة فى الأصل.
162
(6/161)
كتاب الجهاد / باب غزوة اْحد
(37) باب غزوة أحد
100 - (1789) وحدثنا هَئَابُ بْنُ خَالد الأزْدى، حَا شَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ
عَلِى بْنِ زيد وَثَابِتٍ البُنَانِى، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكً ؛ أنه رَسُولَ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) افْرِدَ يَوْمَ احُد فى سَبْعَةٍ مِنَ الأنًصَارِ وَرَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْث!ي.
فَلَمَا رَهِقوهُ قَالَ: (مَن ير!صمْ عَنَا وَلَهُ الجَئةُ، أوْ هُو رَفيقِى فِى الجَئة ؟))، فَتَقَدئَمَ رَجُل مِنَ الأثصَارِ، فَقَاتَلَ حتى قُتِلَ.
ثُمَ رَهِقُو، أيْضَا، فَقَالَ: (مَنْ لُر!مْ عًئا وَلَهُ الجَنَّةُ، أوْ هُو رَفِيقِى فِى الجَئة ؟)، فَتَقَدَمَ رَجُل منَ الأثصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتى قُتِلَ السئَبْعَةُ.
فًقَالَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لِصَاحِبَيْهِ: (مَا أ!فْنَا أصْحَابَنَ ال.
وقوله فى أول اْحاديث أحد: نا هداب (1) بن خالد الأزدى.
كذا فى الأصل، وكذا
نسبه البخارى أخاه أمية بن خالد (2) فى بابه، فنسبه قيسيا.
وذكر الباجى فقال: القيسى الأزدى، وهذان نسبان فى الظاهر مختلفان ؛ أزد فى اليمن وقيس فى معد، تلك حقيقة هذا، اْن قيسا هنا ليس قيس غيلان، لكنه قيس بن ثوبان من الأزد، فيصح النسبان.
وقد جاء مثل هذا - ائضا - لمسلم فى زياد بن رياح القيسى، ويقال: رباح (3) كذا ذكره فى غير موضع، ونسبه فى النذور: التيمى (4).
قيل: لعله من تيم بن قيس بن ثعلبة بن بكر بن وائل، فيجتمع النسبان، دولا فتيم قريش لا يجتمع مع قيس بن غيلان.
وقوله: (أفرد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يوم أحد فى سبعة من الأنصار ورجلين من قريش)، وأن العدو لما رهقه، أى غشيه، قال الله سبحانه: { وَلا توْهِقْنِ! مِنْ أَمْوِي عُسْرًا} (5) أى لا تغشنى.
وذكر أن السبعة قاتلوا عنه واحدا بعد آخر حتى قتلوا، فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لصاحبيه:
(1) البخارى فى الكبير 8 / 247 (7 مه 2)، وقال المزى: هدبة، ويقال له: هداب.
قال الذهبى: حافظ صادق، نبو خالد القيسى الثوبانى، أخو الحافظ كمية.
احتج به الشيخان، وما ئدرى مستند قول النسالْى:
هو ضعيف، وقول ابن عدى فى الكامل بعد ما اعتذر: استغنيت اْن اخرج له حديثا، ووثقه ابن معين.
انظر: الجرح والتعديل 9 / 4 1 1، تهذيب الكمال 0 3 / 2 5 1، السير 1 1 / 97.
(2) لم يشبه البخارى فى التاريخ الكبير.
(3) انظر: رجال صحيح مسلم 1 / 1 22 (476).
وقال المزى: زياد بن رياح أو رباح، ويقال: أبو قيس البصرى، ويقال: المدنى.
قال ابن منجويه: حديثه فى البصريين، روى له مسلم والنسائى وابن ماجة.
قال العجلى: تابعى ثقة.
لنظر: تهذيب الكمال 9 / 462.
(4) لم نعثر عليه فى النذصر فيما تحت أيدينا من الصحيح المطبوع، ولم نجده إلا فى الفق بدون لفظة (التيمى).
(5) 1 لكهف: 73.
(6/162)
كتاب الجهاد / باب غزوة اْحد 163
101 - (1790) حدثنا يحيى بْنُ يحيى التَّمِيمِىُّ، حَدثنَا عبدُ العَزِيزِ بْنُ أن حَازِمِ،
عَنْ أبِيهِ ؛ أَئهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْد يُسْاكلُ عَنْ جُرْح رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَومَ احُد ؟ فَقَالَ: جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَكُسًرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشمَتِ البًيْضَةُ عَلَى رَأسه، فَكَانَتْ فَاطمَةُ بنْتُ رَسُول اللهَِ ( صلى الله عليه وسلم ) تَغْسِلُ الدمًّ، وَكَانَ عَلَى بْنُ أَيِى طَالب يَسكُبُ عَلَيْهًاَ بِالمِجَن، فَلَمًا رَأَتْ فَاطمَةُ أَن المَاءَ لا يَزِيدُ الدَمَ إِلا كَثْرَةً أخَذَتْ قِطعَةً حَصِير فَالمحرَقَتْهُ حَتَى!ارَ رَمَادم، ثُمَ أَلصَقثهُ بِالجُرْح، فَاسْتَمْسَكَ الدئَمُ.
102 - (... ) حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيدٍ، حدثنا يَعْقُوبُ - يَعْنِى ابْنَ عَبْد الرخْمَن القَارِى - عَنْ أيى حَازِم ؛ ؟نَهُ سَمِعَ سَهْلً بْنَ سَعْدٍ وَهُوَ يُسْ ال عَنْ جُرْح رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ فَقَال: أمَ، وَاللهِ إِئى لأعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَمَنْ كَانَ يَسكُبُ المَاءَ، وَبِمَافَا دُوسَ جُرْحُهُ.
ثُمَ ذَكَرُ نَحْوَ حَدِيث عَبْدِ العَزِيزِ.
غَيْرَ أنَّهُ زَادَ: وَجُرِحَ وَجْهُهُ.
وَذَالَ مَكَانَ (هُشِمَتْ): (كُسِرتْ لما.
103 - (... ) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
ح وَحَدثنَا عُمْرُو بْنُ سَؤَاد ائعَامِرِى، أخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، عَنْ سَعِيد بْنِ أبِى هِلاًل.
ح وَحَدثنِى مُحَمَدُ ابْنُ سَهْل التَمِيمِى، حَدثنِى ابْنُ أَ! مَرْيَمَ، حَدَثنَا مُحَمًدُ - يَعْنِى ابْنَ مُطَزف - كُلُهُمْ عَنْ أبِى حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد، بِهَنَا الحَدِيثِ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
فِى حَدِيثِ ابْنِ أبِى هِحلٍ: أصِيبَ وَجْهُهُ.
وَفِى حَدِيًث ابْنِ مُطَزفٍ: جُرِحَ وَجْهُهُ.
(ما أنصَفْنا أصحابَنا) / بالنصب يعنى بهذا القُرَشييْن، اْى لم يدلهما القتال حتى قتلوهم.
خاصة وقد روى بعض شيوخنا: (ما أَنْصَفَنا أصحَابُنا)، وهذا يرجع إلى من مر عنه وتركه.
والله أعلم.
قال الإمام: قد ذكر مسلم فى الباب: أبو بكر بن أبى شيبة، نا عبد العزيز بن أبى حازم.
كذا إسناده عند الرازى فى بعض الطرق، وكذلك فى رواية السجزى، جميعأ عن أبى أحمد.
وفى نسخة أبى العلاء بن ماهان فى مسلم: نا يحيى بن يحيى التميمى، قال: نا عبد العزيز بن اْبى حازم.
كذا فى نسخة الكسائى، وخرجه أبو مسعود الدمشقى من حديث يحيى بن يحيى عن عبد العزيز، قال بعضهم: وهو الصواب.
89 / ب
164
(6/163)
كتاب الجهاد / باب غزوة أحد
104 - (1791) حئثنا عَبْدُ الثهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَب، حَدثنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنسبى ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أحُد، وَشُبئَ فِى رَأسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُت الدَّمَ عَنْهُ وَيَقُولُ: (كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْثم شَخوا نَبِيهُمْ وَكَسَروا رَبَاعيَتَهُ، وَهُو يَدْعُوهُمْ إِلَى اللّهِ ؟) فَأئزَلَ.
اللهُ عَر وَجَل: لَش لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْ ة} (1).
105 - (1792) حدثنا مُخَمَدُ بْنُ عمد اللهِ بْنِ نُميرٍ، حَدشَا وَكِيع، حَدشَا الأعْمَشُ،
عَنْ شَقِيق، عَنْ عبدِ الثهِ.
قَالَ: كَ الئى أنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، يَحكى نَبيا مِنَ الأنبِيَاءِ ضرَبَهُ قَوْمهُ مموَ!و يَمْسَحُ الدمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُول: (رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِى ؛ فَإِنًهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
(... ) حلئثنا أبوُ بَكرِبْنُ أرى شَيْبَةَ، حَدشَا وَكِيع ومُحَمَدُ بْنُ بِشْرٍ، عَنِ الأعْمَثمرِ، بِهَنَا الإِسْنَاهـ غ!رَ ثنَهُ قَالَ: فَهُوَ يَنْضِحُ اللئَمَ عَنْ جَبِينِهِ.
قال القاضى: رواية الطبرى مثل رواية الرازى.
وذكر فى الحديث ما أصاب النبى
( صلى الله عليه وسلم ) من كسر رباعيته وجرح وجهه.
والرباعية، مخففة الياء: السن التى بعد كل ثنية، وهى أربع رباعيات.
فيه ما ابتلى به الأنبياء وأهل الفضل لينالوا جزيل الأجر، وشمهل على أممهم وغيرهم
ما أصابهم، ويتأسوا بهم، وليعلم أنهم من البشر يصيبهم محن الدنيا، ويطراْ على أجسامهم ما يطرأ على ئجسام البثر ليتحققوا أنهم مخلوقون مربون، ولا يدخل اللبس في المفعول بسبب ما ظهر على أيدلهم من العجاثب والاّيات ما يشكك فى بشريتهم، ويلبس المثمسطان من أمرهم ما لبس به على النصارى وأشباههم، حتى اعتقدوا فى عيسى - عليه السلام - أنه إله.
والمجن: الترس.
و (يسكب): يصب.
(وشج): جرح.
وحمل الماء فى المجن يدل ئن ترسهم أو ما كان منها مقعدأ، وفيه استعمال السلاح فى مصالح المسلمن وإن كان فى غير ما وضعت له.
وفيه المداواة وجواز ذلك.
وقوله عن بعض الأنبياء ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال - حين ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه -: (اللهم اغفر لقومى فإنهم لايعلمون) وفى الرواية الأخرى: (ينضح) بكسر الضاد، أى يغسل، وجاء فى غير مسلم: (ينضح الدم عن جبينهأ (2) ومعناه هنا: يفور وش!يل، يقال: نضحت العين: فارت.
وقد يكون هنا بمعنى: يغسل الدم الذى على جبينه.
وقد روى مثل هذا القول عن نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) يوم أحد.
فيه ما كانوا عليه صلوات الله عليهم من الحلم والصبر والشفقة على قومهم واممهم، واْنهم مع فعلهم بهم واْذاهم لهم دعوا بالغفران، وعذروهم يالجهل وقلة العلم بما أتوه.
11)+ عمران: 28 1.
(2) لحمد 1 / 432.
(6/164)
كتاب الجهاد / باب اشتداد غضب الله على من قتله رسول اللّه ( صلى الله عليه وسلم )
165
(38) باب اشتداد غضب الله على من قتله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )
106 - (1793) حدئمنا مُحَمَدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا عَبْدُ الرَراق، حَدثنَا مَعْمَر، عَنْ يِرصيًًً عصء،، كا - ً، ً
همام بْنِ منبه، قال حبذا ماحدثنا ابو هريرة عنْ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَرَ أحَادِيث مِنْها: وَقَالَ رَسُولُ اً لتهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اشْتَدَ غَضَبُ الله عَلَى قَوْم فَعَلُوا هَنا بِرَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) وَهُوَ حينَئِذٍ يُشيرُ إِلَى رَباعِيَته.
وَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (اشْتَدَ غَضسَبُ الفه عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللهَ فِى سَبَيلِ اللهِ عَر وَجًل).
وقوله: (اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في سبيل الله): كذا.
ذكر هذا اللفظ مسلم.
لم يزد.
قوله: (فى صبيل الله) أى وهو يقاتل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، كما جاء فى حديث آخر: (أثد الناس عذابا من قتله نبى أو قتل نبيأ) (1) فقوله: (فى سبيل الله) تخصيص ممن قتله فى حد أو قصاص.
(1) الهيثمى فى مجمع الزواثد، كالفق، ب: الكلام بالحق عند الحكام 7 / 275 بمعناه من حديث ئبى عبيدة ابن الجريع، وقال: رواه البزار وفيه ممن لم أعوفه امهنان، وابن جرهـ 3 / 144.
166
(6/165)
كتاب الجهاد / باب ما لقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقن
(39) باب ما لقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقين
107 - (1794) وحدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبَانٍ الجُعْفِى، حَا شَا عبدُ الرخَيم - يَعْنِى ابْنَ سُلَيْمَانَ - عَنْ زَكَرِياءَ، عَنْ أبى إِسْحَقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأوْدِىِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُود، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يُصَلِّى عِنْدَ البَيْتِ، وَأبُو جَهْل وَأصْحَاب!لَهُ جُلُوصٌ، وَلذْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأمْسِ.
فَقَالَ أبُو جَهْلٍ: أئكُمْ يَقُومُ إِلى سَلا جَزُورِ بَنِى فُلان فَيَأخُنُوُ، فَيَضَعُهُ فِى كَتَفِىْ مُحَمَّد إِفَا سَجَد ؟ فَانْبَعَثَ أشْقَى القَوْم فًا"خَنَ!، فَلَمَا سَجَدَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
قَالَ: فَأسْتَضْحَكُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَميلُ عَلَى بَعْضبى، وَأنَا قَائِمٌ أنْظُرُ.
لَوْ كَانَتْ لَى مَنَعَة طَرَحْتُهُ غنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، وَالَئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) سَاجِد، مَا يَرْفَعُ رَأسَهُ، حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَا"خْبَرَ فَاطِمَةَ، فَجَاءَتْ - وَهِىَ جُوَيْرِيَة! -
1 / 90
قال القاضى: وثبات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى الصلاة حين طرح عليه كفار قريث! سلا الجزور،
دليل على طهارة ما يخرج من أجواف الحيوان المكول اللحم ؛ من فرث ورطوبة وغيرها، ما خلا الدم ؛ لاَن السلا لا ينفك منه.
وسلا الجزور هو: اللفافة التى يكون فيها الوليد فى بطن الناقة، وهى الجزور هنا، وكذلك السلا من سائر البهائم وهى المشيمة / من بنى اَدم.
وأشقاها الذى ذكر أنه طرحه عليه (عقبة بن أبى معيط) فسره فى الكتاب.
وصبره - عليه السلام - حتى نزع منه إما لأنه خشى بحركته بها وقيامه وهى عليه انفتاق ما فيها وتمريث ثيابه، أو لأنه أطال السجود للدعاء عليهم، لا لغرض غيره، فاتفق في طوله مقدار مابلغ الخبر ابنته، وجاَت فأزالته.
وقد استدل به بعضهم على أحد القولن عن مالك ؛ فيمن صلى بثوب نجس فتذكر في الصلاة اْنه يطرحه عنه وتجزيه صلاته، ومشهور مذهبه القطع، وعبد الملك يقول: يتمادى ويعيد للخلاف فى حكم النجاسة.
كما رأى مالك فيها الإعادة فِى الوقت للناسى، ولا حجة له عندى بهذا الحديث ؛ إذا ليس فيه حقيقة نجاسة، وأيضا فإن من ألقى عليه فإنه ينبغى أن يكون بخلاف من ابتدأ الصلاة وقضى منها جزًَا بالنجاسة ؛ لاَنه إذا ألقى عليه ثوب نجس فيطرحه لخبثه كان الاَظهر هنا إجزاؤه، ولا يقطع إذا لم يمَض ركنا من صلاته بنجاسته.
وقول ابن مسعود: ا لو كانت لى منعة طرحته !: بفتح النون، أى من يمنعنى من أذاهم.
وقد كان ممن يؤفَى فى الله تعالى ة لأنه كان عربيا فيهم، إنما هو من هذيل.
ودعاَ النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم ثلاثأ: (اللهم عليك بأبى جهل) وسماهم وسمى فيهم
(6/166)
كتاب الجهاد / باب ما لقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقين
167
فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ، ثُمَّ أقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ، فَلَمَا قَضَى النَّبىُ ( صلى الله عليه وسلم ) صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ، وَكَانَ إِذَا دَعَا، دَعَا ثَلاثَا، وَإِذَا سَألَ، سَألَ ثَلاتَاء ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَ، عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ) ثَلاثَ مَرات.
فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ فَ!بَ عَنْهُمُ الضِّحْكُ، وَخَافُوا دَعْوَتَهُ.
ثُمَ قَالَ: (اللَهُمَّ، عَلَيْكَ بَ الى جَهْلِ بْنِ هشَامٍ، وَعتبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَ!ث!يبَةَ بْنِ رَبيعَةَ، وَالوَلِيد بنِ عُقْبَةَ، وَامَيَّةَ بْنِ خَلَفَ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِى مُعَيْطٍ ) - وَذَكَر السابِعَ وَلَمْ أحفَظهُ - فَوَائًذى بَعَثَ مُحَمَّدا ( صلى الله عليه وسلم ) بِ الحًق، لَقَدْ رَأيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يوْأَ بَدْر، ثُمَّ سُحِبُوا إِلًى القَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ.
قَالَ أبُو إِسْحَقَ: الوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ غَلَط فِى! نَا الحَلِيثِ.
108 - (... ) حقثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ - وَالففْظُ لابْنِ المُثنّى - قَالا: حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَقَ يُحَدِّثُ عَنْ عَمْرِو ابْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْد الله، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) سَاجِد، وَحَوْلَهُ نَاس!مِنْ قُريشٍ، إِذ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أبِى مُعًيْطَ بِسَلا جَزُ!رٍ، فَقَنَنَهُ عَلًى ظَهْرِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، فَلمَ يَرْفَعْ رَأسه.
فَجَاءَتْ فَاطِمَةُ فَاع خَنَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ فَلِكِ.
فَقَالَ: (اللَهُمَ، عَلَيكً
الوليد بن عقبهَ: كذا وقع فى جميع نسخ مسلم الواصلة إلينا، وفى اْصول جميع شيوخنا.
وصوابه: (عتبة) بالتاء، وكذا هو فى صحيح البخارى (1).
وقد نبه عليه مسلم آخر الحديث، أو ابن أبى سفيان، وقال: (الوليد بن أبى عقبة غلط في هذا الحديث)، وقد جاء فى بعض الروايات للسجزى: (عتبة) على الصواب، وهو إصلاح لاشك فيه لاعتذار مسلم عنه، أو رواية ابن سفيان لاختلاف الشيوخ في كلامه من هو ؟ واْن مسلما إنما سمعه من شيخه عقبة.
والوليد بن عقبة هو ابن اْبى معيط، ولم يكن في هذا الحن مولود، أو كان طفلأ صغيراً.
وقد أتى به النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يوم الفتح ليمسح على رأسه وهو صبى، وقال بعضهم: قد ناهز الاحتلام.
وقوله: (ونسيت السابع ولم أحفظه): ذكر أبو بكر البرقانى فى صحيحه هذا السابع، وسماه عمارة بن الوليد.
وكذا ذكره البخارى (2) - أيضا - فى الصحيح.
اعترض بعضهم ذكر عمارة بن الوليد فى هذا الحديث لقوله آخره: القد رأيت الذين سمى صرعى (1) البخارى، كالوضوء، ببنا اْلقى على ظهر المصلى قذراً وجيفة لم تفسد عليه صلاته 1 / 69.
(2) البخارى، كالصلاة، بللرأة تطرح عن المصلى شيثا من الأفى ا / 138.
168
(6/167)
كتاب الجهاد / باب مالمّى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقن
المَلأَ مِنْ قُرَيْشٍ ؛ أبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعتبَةَ بْنَ رَبيعَةَ، وَمحُقبَةَ بْنَ أبِى مُعَيْط، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَاميَةَ بْنَ خَلَف، أَوْ أن بْنَ خَلَف - شُعْبَةُ الشَاك).
قَالَ: فَلَقَدْ رَأيْتُهُمْ قُتلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَاثقُوا فِى بِئْرٍ.
غَيْرَ أن امَيةَ أوْ ابَيا تَقًطعَتْ أوْصَالُهُ، فَلَمْ يُلقَ فِى البِئْرِ.
109 - (... ) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ،
عَنْ أمِ! إِسْحَقَ، بهَنَا الإسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وَزَادَ: وَكَانَ يَسْتَحِمت ثَلاثًا يَقُولُ: (القهُمَ، عَلَيكَ بِقُرَيْشٍ.
اللهُمِ، َ عَلَيْكً بِقُرَيْشٍ.
اللهُمَ، عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ) ثَلائًا.
وَذَكَرَ فِيهِمُ الوَلِيدَ بْنِ عتبَةَ، وَاميَّةُ بْن خَلَفٍ.
وَلَمْ يَشُكّ.
قَالَ أبُو إِسْحَقَ: وَنَسِيتُ السئَابِعَ.
110 - (... ) وحدّثنى سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أعْيَنَ، حدثنا زُهَيْر، حَدثنَا أبُو إِسْحَقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: اسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) البَيْتَ.
فَدَعَا عَلَى سِتةِ نَفَر مِنْ قُرَيْش، فِيهمْ أبُو جَهْل وَامَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ وَعتبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَعُقْبَةُ بْن أَبِى مُعَيْطٍ.
فَ القْسِمُ بِالئهِ لَقَدْ رَأيْتُهُمْ صَرْعَى عَلَى بَدْرٍ، قَدْ غَيَّرتهُمُ الشَمْسُ، وَكَانَ يَوْما حَارا.
111 - (1795) وحقثنى أبُو الطَّاهِرِ أحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرح، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يحيى، وَعَمْرُو بْنُ سَؤَاد العَامِرِىُّ - وَألفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَة! - قَالُوا: حَدثنَا ابْنُ وَهْب، قَالَ: أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنً شهَاب، حَدةَشِى عُرْوَةُ بْنُ الزبيْرِ ؛ أن عَائشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) حَدبرشْهُ ؛ انَهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): يًارَسُولَ اللهِ كصلْ أتَى عَلئكَ يَوْئمَ كَانَ أشَذَ مِنْ يَوْم احُد ؟ فَقَالَ:
90 / ب
يوم بدر).
وذكر أهل السير أن عمارة المذكور كان عند النجاشى فاتهمه بأمر فى حرمة، وكان جميلاً وسيفا، فنفخ فى إجليل سحرأ فهام مع الوحش في بعض جزيرة الحبشة.
وهذا عندى لا يعترض به.
ويكون قوله: (رأيت الذين سمى صرعى ببدر) يعنى أكثرهم ة بدليل أن عقبة بن أبى معيط منهم ولم يقتل ببدر، بل حمل منها أسيرا، وإنما قتله النبى ( صلى الله عليه وسلم ) صبراً بعد منصرفه عن بدر وبعرق الطيبة و(قليب بدر): بئرها، والقليب: كل بئر لم تطو.
وقوله فى حديث ابن أبى شيبة: (وكان يستحث ثلاثا): كذ الو بالثاء بثلاث نقط
عند العذرى، وكان / عند السمرقندى والطبرى: (يستحب) بالباء، والأول أظهر، يريد ما جاَ فى الرواية الأخرى من تكراره الدعاء ثلاثا.
واستحث بمعنى: ألح فى الدعاء واستعجل الإجابة - والله أعلم.
والأخشبان: جبلا مكة.
(6/168)
كتاب الجهاد / باب مالقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقن
169
لَقيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أَشَدَّ مَالَقِيتُ مِنْهُمْ يوْمَ العَقَبَة، إِذ عَرَضْتُ نَفْسِى عَلَى ابْنِ عد يَاَلِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلال، فَلَمْ يُجِبْنِى إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقتُ وَأنَا مَهْمُوم"عَلَى وَجْهِى، فَلَم أسْتَفِقْ إِلا بِقَرْنِ الثًّعَالب، فَرَفَعْتُ رَأسِى فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَة قَدْ أظَلَتْنِى، فَنَظَرتُ فَإذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِى.
فَقَالً 5َ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمكَ لَكَ وَمَا رَدُوا عَلَيْكً، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأمُرَهُ بِمَا شِثْتَ فِيهِمْ.
قَالَ: فَنَادَاَنِى مَلَكُ الجبَالِ وَسَلَّمَ عَلَى، ثُمَ قَالَ: يَامُحَمَدُ، إِن اللهَ قَدْ سمِعَ قَوْلَ قَوْمَكَ لَكَ، وَأنَا مَلَكُ الجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِى رَبّكَ إِلَيْكَ لتَأمُرَنِى بافْرِكَ، فَمَا شِئْتَ ؟ إِنْ شِئْتَ أنْ أطبِقَ عَلَيْهِمُ الأخْشَبَيْنِ !.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (بَئَ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْمَ!، لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئا).
112 - (1796) ! ئثنا يحيى بْنُ يحيى وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، كِلاهُمَا عَنْ أن عَوَانَةَ.
قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأسْوَد بْنِ قَيْسبى، عَنْ جندُب بْنِ سُفْيَانَ.
قَالَ: !ميَتْ إِصْبَعُ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى بَعْض! تِلكَ المَشَاَهِدِ.
فَقَالَ:
(هَلْ انتِ إِلا إِصْيَع !مِيتِ وَفِى سَبِيلِ اللهِ مَالَقِيتِ) 13 ا - (... ) وحمّثناه إلو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ!اِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيغا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ،
وقوله: (فلم أستفق إلا بقرن الثعالب): أى لم أنتبه حتى اْتيت هذا الموضع،
لقوله قبل: (فسرت مهموما على وجهى).
وقرن الثعالب أو قرن المنازل: وهو ميقات أهل نجد، على يوم وليلة من مكة.
وأصله الجبل الصغير ينقطع من الجبل الكبير.
وقوله: دميت إصبع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فى بعض تلك المشاهد فقال:
(هل اْنت إلا إصبع دميت وفى سبيل الله مالقيت)
فيه التمثل بالأرجاز فى الحوادث تحدث على عادة العرب، وقد تقدم الاختلاف فى الرجز وهل هو شعر ؟
وجه قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له و(نما قاله فيما روى الوليد بن الوليد بن المغيرة في هجرته، وروى - اْيضا - لزيد بن حارثة فى موتة.
وقد رواه بعضهم: (دميت) وا لقيت) ليذهب وزنه، وذلك لا يغنى من وزنه وزن ثابث، وقد تقدم الكلام قبل على أن مثل هذا كان من قوله اْو متمثلا به غير معارض لقوله: { وَمَا عَئَمْنَاهُ ال!ثئِعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} (1).
(1) يس: 69.
170
(6/169)
كتاب الجهاد / باب مالقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من أذى المشركين والمنافقين
عَنِ الأسْوَدِ بْنِ قَيْسِ، بِهَنَا الاِسْنَادِ.
وَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَارِ، فَنُكِبَتْ إِصْبَعُهُ.
114 - (97 ل! ا) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ قَيْس ؛
نَهُ سَمِعَ جندبا يَقُولُ: ابط جبْرِيلُ عَلَى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ المُشْرِكُونَ: قَدْ وُدِّع مُحَمَلَث فَ النزَلَ اللهُ - عَر وَجَل -: وَالضحَئ.
وَالئيْلِ إفَ! سَجَى.
مَا وَذعَكَ رَئكَ وَمَا قَلَئ (1).
وقوله في الرواية الأخرى: (كان النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى غار فنكبت إصبعه)، قال القاضى
ابو الوليد الكنانى: لعله غار مصحف من غرو، ولما جاء بعد: (فى بعض المشاهد).
ورواية البخارى (2): بينا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) يمشى إذا جاءته حجر.
قال القاضى: قد يراد بالغار هنا الجش والجمع، لا واحد الغيران التى هى الكهوف، فيوافق قوله: (فى بعض المشاهد).
وقوله: يمشى ولا يعد شىَ منه وهمأ، وفى حديث على جمع بين هذين الغارين،
أى الجمعيئ والعسكرين.
قال الإمام: ذكر مسلم فى حديث جندب بن صفوان في إبطاء جبريل بالوحى: عن إسحق بن إبراهيم، عن ابن عيينة، عن الأسود، عن جندب.
كذا إسناده عند الجلودى والكِسَائى، وكذا أخرجه الدمشقى من حديث مسلم.
وفى نسخة ابن ماهان: نا أبو بكر ابن أبى شيبة وإسحق بن إبراهيم جميعأ، عن ابن عيينة.
زاد فى الإسناد: نا أبو بكر بن اْبى شيبة قال.
وقول المشركيئ: قد ودع محمد، فأنزل الله تعالى: { وَالغئحَئ.
وَالليْلِ إفَا سَجَى.
مَا وَذعَكَ رَئكَ وَمَا قَلَئ} إلى آخرها، قال الإمام: قال ابن عباس: { مَا وَذعَك}: ماقطعك منذ اْرسلك، { وَمَا قَلَى}: ما ابغضك.
وسمى الودل وداعا ؛ لأنه فراق ومتاركة.
وفى الحديث: (الحمد لله غير موح ربى ولا مكفور) (3): أى غير تارك طاعة ربى.
قال القاضى: هذه قراءة الجمهور مشددة، وقرا بعضهم: (ماودعك) مخففة.
قال
أبو عبيدة: من ودعه يدعه، معناه: ماتركك.
واْهل النحو ينكرون أن يأتى منه ماض أو مصدر، وإنما جاَ منه المستقبل والأمر لا غير عندهم، وكذلك (يذر).
وقد جاَ الماضى والمستقبل منهما وفى مسلم: ا لينتهين قوم عن ودعهم الجمعة " (4)، وفى مسلم والبخارى: (من ودعه الناس لشره اْو فحشه) (ْ).
وقال الشاعر:
(1)1 لضحى: ا - 3.
(2) البخارى، كالأدب، بمايجور من الشعر والرجز والحداء وما.
يكره منه 8 / 43.
(3) الدارمى، كالأطعمة، بالدعد بعد الفغ من الطعام 2 / 21.
(4) مسلم، كالجمعة، بالتغليظ فى ترك الجمعة برقم (865) بلفظ: ا لبمعالهه.
(5) البخارى، كالأدب، بما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب 8 / 20، مسلم كالبر والصلة والآداب، بمدراة من يتقى فحشه برقم (2591).
(6/170)
كتاب الجهاد / باب مالقى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من اْذى المشركين والمنافتهن 171 115 - (... ) حلئنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ وَمُحَفدُ بْنُ رَافِعٍ - وَاللَفْظُ لابْنِ رَافِعٍ - قَالَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدثنَا يحيى بْنُ اَلمحمَ - حَدثنَا زُهَيْز عَنِ الأسْودِ بْنِ قيسٍ.
قَالَ: سَمِعْتُ جندُبَ بْنَ سُفْيَانَ يَقُولُ: اشْتَكَى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أوْ ثَلانا، فَجَاعَتْهُ امْرأة فَقَالَتْ: يَامُحَمَّدُ، إِنِّى لأرْجُو أنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أوْ ثَلاثٍ.
قَالَ: فَ النزَلَ اللهُ عَر وَجَل: وَالفئحَئ.
وَالئيْلِ إِفَا سَجَى.
مَا وَذَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
(... ) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وابْنُ بَشَارٍ، قَالُوا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ.
ح وَحَدثنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيم، َ أخْبَرَنَا المُحِى، حَدشَا سُفْيَانُ، كِلاهُمَا عَنِ الأسُودِ بْنِ قِيْسٍ.
بِهَنَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِهِمَا.
وكان ماقدموا لاْنفسهم اْكثر نفعا من الذى ودعوا
وقال آخر:
...
...
.
.
ما الذى غاله فى الودحتى ودعه
! انما قال فى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) / هذا المشركون ومن فى قلبه مرض، ألا ترى قول المرأة:
(إنى لأرجو اْن يكون شيطانك قد تركك)، وإن صح ماجاء فى كتاب التفسير أن قائلة هذا له خديجة: (أحسب أن ربك قلاك) فإنما يصح ذلك منها قبل إمِمانها، وفى حيئ نظرها قبل فى تصحيح نبوته ( صلى الله عليه وسلم )، والا فلا يصح ذلك منها بعد إيمانها (1).
وقولها: (ولم أره قرِبك منذ ليلتين) بكسر الراء، إذا كان مُعَدمًا، أقرب بالفتح،
فإذا لم يُعَذَ كان بضمها، فقلت: قرب الرجل، وكقولك: قربت منه، إذا عديته بحرف الجر يقرب فيها، فإذا أضفت فعله إلى الماء خاصة فتحتها فقلت: قرب الماء: إذا طلبه ليلاً، يمَربه فهو قارب.
ولا يقال ذلك لطالبه نهارا.
(1) لنظر: تفسير ابن كثير 8 / 446.
91 / ب
172
(6/171)
كتاب الجهاد / باب فى دعاء النبى كله...
إلخ
(40) باب فى دعاء النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وصبره على أذى المنافقين
116 - (1798) حقثنا إسنحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافِغ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَاللَّفْظُ لابْنِ رَافِع - قَالَ ابْنُ رَافِع: حَدثنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - أخْبَرَنَا مَعْمَو، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ ؛ أن أسَامَةَ بْنَ زَيْد أَخْبَرَهُ ؛ أنَّ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) رَكِبَ حِمَازا، عَلَيْه إِكَافد، تَحْتَهُ قَطِيفَة فَدَكيَّة، وَأرْدَفَ وَرَاءَهُ اسَأمَةَ، وَهُو يَعوُدُ سَعْدَ بْنَ عُبَ الةَ فِى بَنِى الحَاَرِث بْنِ الخَزْرجَ.
وَذَاكَ قَبْلَ وَقْعَة بَدْر، حَتَى مَر بِمَجْلِسبى فِيهِ أخْلاط! مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُشرِكِينَ عَبَلَه الأوْثَان، وَاليَهوُدِ، فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ أبِئ، وَفِى المَجْلسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ.
فَلَمَّا غَشيَت الَمَجْلسَ عَجَاجَةُ اللَأبَّة، خَمَرَ عَبْدُ الله بْنُ !بَى أَنْفَهُ بِر!ائِهِ، ثُمَ قَالَ: لا تُغبِّروأ عَلَينَا.
فَسَلَّمَ عًلَيْهمُ الئبى ( صلى الله عليه وسلم )، ثُمَ وَقَفَ فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللّهِ وَقَرَأ عَلَيْهِمُ القُران.
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ ابَئَ: أئهًا المَرْءُ، لا أحْسَنَ مِنْ هَنمَا، إِنْ كَانَ مَاتَقُولُ حقا، فَلا تُؤفِنَا فِى مَجَالِسِنَا، وَارْجِعْ !لَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاعَكَ مِئا فَافصُمعَلَيْهِ.
وقوله: (ركب النبى ( صلى الله عليه وسلم ) حمارا عليه إكاف، تحته قطيفة فدكيةأ: كذا هى الرواية الصحيحة، صحفه بعضهم وقال مكان (فدكية): (فركبهأ ولا وجه له ؛ لأنه قد ذكر ركوبه أولا.
وفدكية منسوبة إلى فدك.
والإكاف بكسر الهمزة مثل الستر لليل.
قوله: (حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين واليهود)، وذكر أنه
سلم عليهم.
واحتج به بعضهم فى جواز السلام على مجلس فيه المسلمون وغيرهم من الكفار، وهذا لاخلاف فيه.
وعجاجة الدابة: ما ارتفع من غبار جوافرها.
وقوله: (فخمر عبد الله بن أبى أنفه) أى غطاه، ثم قال: ا لاتغبروا علينا) مع
ماهو أجفى من هذا فى الحديث الآخر.
وتسليم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم ووقوفه ثم نزوله كما جاء فى الحديث.
ودعاؤهم إلى الله - سبحانه - وتلاوته عليهم القرار كل ذلك استئلافأ لهم، وطمعا فى إسلامهم، وتبليغا لما أمره الله تعالى به من ذلك.
وفيه من الصبر علىِ الأذى والحلم والإغضاء ماكان من خلقه ( صلى الله عليه وسلم ) وأدب الله - تعالى له بقوله: { وَاصْبِرْ عَلَئ مَا يقُولُون} (1)، { فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَح} (2).
وقول ابن أبى: ا لا أحسن من هذا، إن كان ماتقول حقا فلا توذنا فى مجالسنا فمن جاءك منا فاقصص عليه): كذا رواية الكافة بالمد، وكان عند القاضى أبى على: ا لاْحسن (1) ا لمزمل: 10.
(2) ا لما ثد ة: 13.
(6/172)
كتاب الجهاد / باب فى دعاء النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
!ي أ
فَقَالَ عَبْدُ ال!هِ بْنُ رَوَاحَةَ: اغْشَنَا فِى مَجَالِسِنَا، فَإنَّا تُدِفيُ فَلكَ.
قَالَ: فَاسْتَحث المُسْلِموُنَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى هَمُّوا أنْ يَتوَاثَبُوا.
فًلَمْ يَزَلِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يُخَفضُهُمْ، ثُمَّ رَكبَ !ابّتَهُ حتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ.
فَقَالَ: (أىْ سَعْدُ، أَلمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ أً بُو حُبَاب ؟ يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ بْنَ ابَىٍّ - قَالَ كَذَا وَكَذَا).
قَالَ: اعفوُ عَنْهُ يَارَسُولَ اللهِ وَاصْفَحْ، فَوالله لًقَدْ أَعْطَاكَ اللهُ الَّذِى أعْطَاكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ "اهْلُ هَنِهِ البُحَيْرَةِ أنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصموهُ بِالعِصًابَةِ، فَلَمَا رَدَ اللهُ فَلكَ بالحَقِّ الَّذى أعْطَاكَهُ، شَرقَ بنَلكَ.
فَنَلكَ فَعَلَ به مَارَأيْتَ.
فَعَفَا عَنْهُ النَّيِىُ ( صلى الله عليه وسلم ).
ًًً
(... ) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدثنَا حُجَيْنُ - يَعْنِى ابْنَ المُثنّى - حَا شَا لَيْ!ث، عَنْ
من هذا) بالقصر، وهو عندى أوجه وأشبه بصلة قوله: (إن كان حقا) دالا كيف يشك فى قوله (حقا)، ويضعفه بأنه لا شىء أحسن منه دانما مراده - والله أعلم -: لأحسن من قصدك لنا وتسورك علينا فى مجالسنا، إن كان الذى يأتى به حقا ألا توذنا وتقعد فى رحلك، فمن جاءك أسمعته ماعندك، وهو أليق بمقصد المنافق الشاك - والله أعلم.
وقد قيل: إن ابن أبى لم يكن حينئذ بعد إلا على شركه، لم يظهر الإسلام بعد، وهو دليل لفظ الحديث ومساقه، ولقوله: ا لاتوذنا به) يعنى: القرآن، ولقوله: (فى أخلاط من المشركين والمسلمن).
وقوله: لما استب حينئذ المشركون والمسلمون ؛ (فلم يزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يخفضهم):
لى يسكنهم ويسهل الأمر بينهم.
وقول سعد له: ا لقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة) كذا ضبطناه (البحيرة) هنا مصغرا.
قال لنا أبو الحسن بن سريج.
وقال: (البحيرة)، ورويناه فى غير مسلم: (البحرة) (1) غير مصغر وكله بمعنى (2).
قال الإمام: البحيرة مدينة النبى ( صلى الله عليه وسلم )، / والبحار القرى، قال الشاعر:
ولنا البدو كله والبِحَار (3).
(1) أحمد 203 / 5.
جاء فى معجم البلدان: فبحيرة ليى بتصغير بحر، ولو كان تصغيره لكان بحيرا، ولكنهم أرادوا بالتصغير حقيقة الصغر ثم ئطقوا به التأنيث على معنى اْن المؤنث أقل قدرا من المذكر، لو شبهوة بالمتع من الأرض، والمراد به - والله أعلم - كل مجتمع ماء عظيم لا أتصال به بالبحر الاْعظم، ويكون ملحا وعذبا وهو من أسماء جبال تهامة وهى العن الغزيرة فى وادى ينغ تخرج من جوف رمل من أغزر ما تكون من العيون واشدها جريأ تجرى فى رمل.
انظره مختصرأ 1 / 349.
جاء فى المال: ولنا البر كله والبحار 137 / 3، وهو تصحيف: لنا للبحار ضد البدو، كما جاء فى معنى كلمة بحار.
(3)
91 / ب
174
(6/173)
كتاب الجهاد / باب فى دعاء النبى ( صلى الله عليه وسلم )...
إلخ
عُقَيْل، عَنِ ابْنِ شِهَاب، فِى هَنَّا الإسْنَادِ، بمِثْلِه.
وَزَادَ: وَفَلكَ قَبْلَ أنْ يُسْلِمَ غثدُ اللهِ.
117 - (1799) حدطنا مُحَمًدُ بْنُ غَثد الَأعْلَى القَيْسِى، حَد"نمنَا المُعْتَمِرُ، عَنْ أبيه،
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالك قَالَ: قيلَ للنَبىّ ( صلى الله عليه وسلم ): لَو أتَيْتَ غثدَ الله بْنَ ابَئ ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلًيْهَ، وَرَكِبَ حمَازا، وَأنْطَلَقَ الَمُسْلَمُوَنَ.
وَهِىَ أرْضن سَبَخَة.
فًلَمَّا أتَاهُ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: إٍ لَيْكً عنى.
فَواَلثه، لَقَد آفَانِى نَتْنُ حمًارِكَ.
قَالَ: فَقَالَ رَبُئ مِنَ الأنصَارِ: وَالله، لَحِمَارُ رسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أطيًبُ رِيحًا منْكَ.
قًالَ: فَغَضِبَ لِعَبْد الله رَبُئ مِنْ قَومِهِ.
قَالً: فَغَضبَ لكُل وَاحَد منْهُمَا أصْحَاُبهُ.
قَالَ: فَكَانَ بَيْنَهُمْ ضَرْب! بالجًرِيد وَبِا ؟لدى وَبالنّعَال.
قَالً: فَبًلَغَنَا أنهَاَ نَزَلًتْ فِيهِمْ: !اِن طَائفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنينَ اكيلُوَا فَأَعملِحُوا بَيْنَهُمًا} (1).
اْ ى: وا لقرى.
وقوله: ! يُعَص!بوه): أى يسودوه، كانوا يسمون السيد المطاع معضَبأ لأنه يعضَب بالتاج، اْو يعصتَب به اْمور الناس، وكان - أيضاَ - يقال[ له] (2): المعمَم.
والعمائم: تيجان العرب وهى العصائب.
وقوله: (ضرق بذلك) اْى غُص به.
يقال: شَرِقَ بكسر الراء ضرقا، فالشرق الغَصَص واسم الفاعل شَرِق، عَلى مثال حَنوِ، قَال الشاعر:
لوبغيرالماء حَلْقِى شرَقُ كنتُ كالغمخَان بالماء اعتصارى
قال القاضى: قد يكون هنا (يعصبوه) على وجهه، لاسيما مع قوله: (بالعصابة) وهذا بيان أنه حقيقة لا مجاز، اْى يربطون له عصابة الرياسة والملك، فقد ذكر ابن إسحق واْصحاب السير فى هذا الخبر: لقد جاءنا الله بك دانا لننظم له الخرز ليتوجوه، فإنه ليرى أن سلبته ملكا (3).
والعمائم تيجان العرب، فإذا انضمت لملوكهم فهى تاجه.
وقد قال: (يتوجوه ويعصبوه بالعصابة).
والاءرض السبخة: التى لاتنبت لملوحة أرضها، وهى كثيرة الغبار.
(1) ا لحجرلت: 9.
(2) ساقطة من ع.
(3) انظر: سيرة لبن هشام 2 / 292.
(6/174)
كتاب الجهاد / باب قتل أبى جهل
175
(41) باب قتل أبى جهل
118 - (1800) حئثنا عَلى بْنُ حُجْر السئَعْدى، أخْبَرَنَا إسنمَاعيلُ - يَعْنى ابْنَ مصيرص صر، ص ص ص مم.
يرص نص سر، 5* صً ص ص ص ص، َ، ً ه ص،، علية - حدثنا سليمان التيمِى، حدثنا انس بن مالِكٍ قال ة قال رسول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَن ينظر لَنَا مَا صَنَعَ !بُو جَهْلٍ ؟)، فَاتطَلَقَ ابْنُ مَسْعُود، فَوجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَكَ.
قَالَ: فَأخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: آنتَ أبُو جَهْلٍ ؟ فَقَالَ 5ً وَهَلْ فَوْقَ رَجُل قَتَلتُمُوهُ - أوْ قَالَ: قَتَلَهُ قَوْمُهُ ؟
قَالَ: وَقَالَ أبُو مِجْلَزٍ: قَالَ أبُو جَهْلٍ: فَلَوْ غئرُ كَارٍ قَتَلَنِى.
(... ) حدثنا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ البَكْرَاوىفى، حَد!شَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أبِى يَقُولُ: حَدثنَا أنَسٌ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (َمَنْ يَعْلَمُ لِى مَا فَعَلَ أبوُ جَهْلٍ ؟، بمِثْلِ حَديثِ ابْنِ عُلَئةَ، وَقَوْلِ أن مِجْلَزٍ.
كَمَا ذَكَرَهُ إِسْمَاعِيلُ.
وقوله فى مقتل أبى جهل: (ضربه ابنا عفراء حتى برد (1) 1: كذا رواية الجمهور،
أى مات.
يقال: برد، أى مات.
وفى رواية السمرقندى: (حتى برك) بالكاف، والأول المعروف، لايبعد صحة هذا ؛ فإن ابنى عفراء تركاه عقيرا لم يمت بعد، ألا تراه كيف كلم ابن مسعود، وله معه كلام كثير فى غير مسلم.
وابن مسعود هو الفى اجتز رأسه وأجهز عليه.
وقوله: (وهل فوق رجل قتلتموه): أى هل على عار غير قتلكم إياى.
وقوله: (فلو غير كَار قتلنى): إشارة إلى الأنصار لعملهم النخيل.
واشار: الزلل والفلاح.
ووقع مكان الكلام فى بعض نسخ مسلم: (فلو غيرك كان قتلنى) وهو تصحيف من الأول، والأول المعروف (2).
(1) فى مق صحيح مسلم بشرح النووى: (حتى برد) واجممال، جاء فى نسخة عبد الباقى فى المى: (برك) فمن اْين أتى بها الشيخ ؟ وفى الرح للنووى الرد: (برك) 4 / 443.
(2) ودها جاعت الرولية التى فى صحيح مسلم.
92 / 1
176 (6/175)
كتاب الجهاد / باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود
(42) باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود
119 - (1801) حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِلْرَاهِيمَ الحَنْظَلِى، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ المِسْوَرِ الزُّهْرِىُّ، كلاهُمَا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ - وَاللَفْظُ للِزُهْرِى - حدثنا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ لِكَعْب بْنِ الأشْرَفِ ؟ فَإئهُ قَدْ اَفَى اللهَ وَرَسُولَهُ)، فَقَالَ مَحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ.
يَارَسُولَ اللهِ، أتُحِبُّ أنْ أقْتُلَهُ ؟ قَالً: (نَعَمْ).
قَالَ: ائْنَنْ لَى فَلأَقُلْ.
قَالَ: (قُلْ).
فَا"تَاهُ فَقَالَ لَهُ.
وَذَكَرَ مَابَيْنَهُمَا.
وَقَالَ: إِن هَنَا الرَّجُلَ قَدْ أرَادَ صَدَقَةً، وَقَدْ عَنَّانَا.
فَلَمَا سَمعَهُ قَالَ: وَأيْضًا وَاللهِ، لَتَمَلئه.
قَالَ: إِئا قَدِ اتَبَعْنَاهُ الاَنَ، وَنَكْرَهُ أنْ نَدَعَهُ حَتَى نَنْظُرَ إِلَى أَىّ شَىْء يَصِيرُ أمْرُهُ.
قَالَ: وَقَدْ أرَدْتُ أنْ تُسْلفَنِى سَلَفًا.
قَالَ: فَمَا تَرْهَنُنِى ؟ قَالَ: مَاتَرِيدُ.
قَالَ: ً تَرْهَنُنِى نِسَاءَكُمْ.
قَالَ أنْتَ أجْمَلُ العَرًبِ أَنَرْهَنُكَ نِسَائا ؟ قَالَ لَهُ: تَرْهَنُونِى أوْلادَكُمْ.
قَالَ: يُسَبُّ ابْنُ أحَدِنَا، فَيُقَالُ: رُهِنَ فِى وِسْقَيْنِ مِنْ تَمْرٍ، وَلَكِنْ نَرْهَنُكَ اللأمَةَ - يَعْنِى السئلاحَ - قَالَ: فَنَعَمْ.
وَوَاعَلَهُ حديث كعب بن الأشرف ذكر مسلم أول حديثه: حدثنا إسحق بن إبراهيم وعبد الله
ابن محمد بن عبد الرحمن[ بن المسور] (1) الزهرى.
كذا لجمهورهم، وعند شيخنا القاضى أبى على عن العذرى: وعبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال لنا.
وهو خطأ، والصواب الأول وكذا سقط من نسبه محمد، وفى رواية ابن الحذاء وصحح نسبه، كما تقدم أولا.
وكذلك نسبه النساثى (2) وغيره.
وجده المسور بن عبد الله بن الأسود بن عوف أخى بعد الرحمن بن عوف.
قال الإمام: إنما قتل كعب بن الأشرف على هذه الصفة ؛ لأنه نقض عهد النبى كلم!آ وهجاه وسبه، وكان عاهده ألا يعين عليه أحدا، ثم جاء مع أهل الحرب معينا عليه.
وقد أشكل قتله على هذه الصفة على بعضهم، ولم يعرف هذا، والجواب ما قلناه.
قال القاضى: اختلف الناس فى تأويل قتل كعب بن الأشرف على وجه مخادعة أصحابه له، فقيل: إنما كان ذلك لأن ابن سلمة لم يصرح له بتأمن فى شىء من لفظه، إنما كلمهُ فى أمر بيع وشراء وتشكر، وليس فى خبره معه عهد ولا أمان، فيقال: إنه نقضه عليه، د نه غدر.
وقيل ما تقدم ؛ لأن من ادى الله ورسوله لا أمان / له، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) إنما قتله بوحى، هـ - دار ورد+ أصلاً وى هذا الاب.
ولايحل أن يقال: إن كعبا قتل غدرا"
(1) فى ز بدون (ابن)، والمثبت من الصحيحة المطبوعة.
(2) انظر: السنن الكبرى للنسائى 192 / 5 برقم (1 864).
(6/176)
كتاب الجهاد / باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود
177
أنْ يَأتيه بِالحَارِثِ وَأَبِى عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ وَعَئادِ بْنِ بثسْر.
قَالَ: فَجَاؤوُا فَدَعَوْهُ لَيْلا، فَنَزَلَ إِلَيْهِم.
َ قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَتْ لَهُ امْرأَ - !هُ 5 إِئى لأسْمَعُ صَوتًا كَأنَّهُ صَوْتُ دَمٍ.
قَالَ: إِئمَا هَنَا مُحَمَدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعُهُ وَأَبُو نَائلَةَ.
إِن اهَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَة لَيْلا لأجَابَ.
قَالَ مُحَمَد: إِئى إِذَا جَاءَ فَسَوْفَ أَمُدَ يَدِى إِلَى رَأسه، فَإفَا اسْتَمكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكُمْ.
قَالَ: فَلَمَا نَزَلَ وَهُو مُتَوَشئَح.
فَقَالُوا: نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ الطًّيب.
َ قَالَ: نَعَمْ.
تَحْتِى وقد قال ذلك فى مجلس على بن أبى طالب - رضى الله عنه - فأمر به على فضربت عنقه، وقاله[ فِى] (1) اخر فى مجلس معاوية فأنكر ذلك محمد بن مسلمة وأنكر على معاوية سكوته له، وحلف ألا يظله وإياه ثقف أبدا، ولايخلو بقائلها إلا قتله، د انما يكون الغدر بعد العهد والأمان، وهو قد نقض عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يؤمنه الآخرون، لكنه استأمن إليهم وظفروا به بغير أمان.
وأما ماترجم البخارى عليه: باب (الفسَك فى الحربط (2)، فليس بمعنى الغدر.
والفتك: القتل على غرة وغفلة، والغيلة (3) نحو منه.
وقد اسثدل بقصة كعب وأشباهها للعلماء على جواز اغتيال من بلغته الدعوة من الكفار وتبينه وانتهازه الفريضة منه دون دعوة، وقد تقدم الكلام على الدعوة قبل القتال والاختلاف فيها.
وقول محمد بن مسلمة: (ائذن لى فلأقل قال: قل): دليل على جواز التعريض للضرورة، وأن المؤاخذة بالنية والمقصد.
وقوله: (عنانا): ظاهرهُ أتعبنا، وباطنه صحيح ؛ لأن التعب فى مرضاة الله - سبحانه - والعناء فيه مشروع مأجور عليه، والجهاد والصلاة والصدقة وغير ذلك من أعمال البر، كله من التعب والعناء المحمود، والدعة والتضجيج عن القربات مذموم.
وقوله: (يُسَمث ابْن أحلِغَا فيقال: رُهِنَ فِى وسقن من تمر): كَنَا لكافتهم بالسين المهملة من السب، وعند الطبرى: (يشب) بالثين المعجمة من الشباب، والوجه الأول.
وقول كعب لامرأته: (إنما هو محمد ورضيعه وأبو نائلة) كذا فى سائر النسخ، قال
لنا[ شيخنا] (4) القاضى الشهيد: صوابه: (إنما هو محمد ورضيعه أبو نائلة)، وكذا ذكره أهل السير أن أبا نائلة كان رضيعأ لمحمد بن مسلمة، وفى صحيح البخارى: (ورضيعى أبو نائلة) (ْ)، وهذا عندى - إن صح - أنه كان رضيعا لكعب فله
(1) ساقطة من مى.
(2) البخارى، كالجهاد، بالفتك فى الحرب.
ولبن حجر فى الفتح قال: ترجم المصنف عليه: باب الكذب فى الحرب.
انظر: الفتح 78 / 4 ط الشعب، والكذب فى الحرب فى الفتح 6 / ممه ا رقم (1 3 0 3).
(3) فى الأصل: الغيرة، والمثبت من مى والمال.
(4) ساقطة من ز، واستدركت بالهامث!.
(5) للبخارى، كالمغازى، بقتل كعب بن الأشرف 2 / 115.
178
(6/177)
كتاب الجهاد / باب قتل كعب بن الاْشرف طاغوت اليهود
فُلانَةُ، هِىَ أعْطَرُ نسَاءِ العَرَب.
قَالَ: فَتَأفَنُ لِى أنْ أشُئم مِنْهُ.
قَالَ: نَعَمْ.
فَشُمَ، فَتَتَاوَلَ فَشَمَّ.
ثُمَ قَالَ: أتَأَشَُ لِى أنْ أَعُودَ ؟ قَالَ: فَاسْتَمكَنَ مِنْ رَأسه، ثُمَ قَالَ: دُونَكُمْ.
قَالَ: فَقَتَلُو.
ً
وجه، والمعروف ماذكرناه.
وقوله: فوعده أن يأتيه بالحارث ولى عيسى بن جبر (1) ولم ينسب هنا الحارث، هو الحارث بن أوس (2) ابن أخى سعد بن[ معلذ] (3).
(1) هو لبن جبر بن عمرو بن أصد بن جثم بن حارئه الأوسى، واسمه عد الرحمن بدرى كبير، له ذرية ويكتب بالعربية، اخى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بينه وبين الأخن! بن حذافة، مات بللدينة صنة 34 هـ، وصلى عليه عئمان، وقبره بالبقيع.
لفظر: طبقات ابن سعد 3 / 2 / 23، لجرح والتعديل 5 / 0 22، الاستيعاب 6 / 35، السير ا / مهـ ا.
(2) هو الحارث بن أوص بن معاذ بن النعمان الأنصارى الأوسى، ابن أخى سعد بن معاذ سيد الأوس، وئبت ذكره فى حديث صحيح أخرجه أحمد من طريق علقمة بن وقاص عن عائثة، قال: خرجت يوم الخندق فسمعت حسا فالتفت، فعفا اْنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة الحديث.
وصححه لبن حبان وشهد بدرأ واستشهد يوم ئحد وهو ابن ثمان وعمشرين صنة.
انظر: الاستيعاب 281، الاصابة 1 / 564.
(3) فكرها القاضى: (عباثة) وهو تصحيف وخطأ.
انظر: الاستيعاب والاصابة السابقيئ وشر أعلام النبلاَ 37 / 2، للطبقات للكبرى لابن سعد 2 / 32، 3 / 0 2 4، 432.
(6/178)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر 179
(43) باب غزوة خيبر
120 - (1365) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيةَ - عَنْ
عَبْدِ العَزِيرِ بْنِ صُهَيْب، عَنْ انَس ؛ أنَّ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَزَا خَيْبَرَ.
قَالَ: فَصَلَيْنَا عَنْدَهَا صَلاةَ الغَدمَاةِ بِغَلَسٍ* فَرَكِبَ نَبى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وَرَكِبَ أبُو طَلحَةَ وَأنَا رَديفُ أبِى طَلحَةَ فَ الرَى نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى زُقَاقِ خثبًرَ، وَإِن رُكْبَتِى لَتَمَسُّ فَخذَ نَىِّ الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَانْحَسَرَ الإِزَارُ عَنْ فَخِذِ نَبِىِّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم )، صاِنَى لأرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِىّ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَلَمَا دً خَلَ القَرَيَةَ قَالَ: (اللهُ !ثْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، وإِئا إِفَا نَزكنَا بِسَاحَة قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المننَرِينَ).
قَالَهَا ثَلاثَ مِرَارٍ.
قَالَ: وَقَدْ خَرَجَ القَوْمُ إِلَى أعَمَالِهِمْ فًقَالُوا: مُحَمَد.
قَالَ عَبْدُ العَزِيز: وَقالَ بَعْضُ أصْحَابِنَا: وَالخَمِيسَ.
قَالَ: وَأضثنَاهَا عنغ.
121 - إ...
) حئثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَفَّانُ، حَا شَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدثنَا ثَابت!عَنْ أنَسٍ، قَالَ: كنتُ رِدْفَ ابِى طَلحَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَقَدَمِى تَصَ!ى قَدمً رَسُولِ ال!هِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
قَالَ: فَا"تَيْنَاهُمْ حِينَ بَزَغَتِ الشَمْسُ، وَقَدْ أخْرَجُوا مَوَاشِيَهُمْ، وَخَرَجُوا بِفُؤوسِهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ وَمُرُورِهِم.
فَقَالُوا: مُحَمَد وَالخَمِيسَ.
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ):
ذكر حديث فتح خيبر
وذكر مسلم حديث فتح خيبر وإجراؤه فى زقاقها، وانحسار الإزار عن فخذه حتى رأى اْنس بياضها، وان ركبتيه كانت تمس فخذ النبى ( صلى الله عليه وسلم )، قال الأمام: استدل بعض العلماَء على اْن الفخذ ليس بعورة ؛ إذ لو كانت عورة لم يصح انكشافها من النبى ( صلى الله عليه وسلم )، فإن كان عن قصد فذلك اكد فى الدلالة، لان كان غير قصد فلأنه منزه عن انكشافها.
وقد ذكر الراوى إنه رآه.
قال القاضى: وفى تصبيحهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولم يدعهم، حجة فى أن من بلغته الدعوة لايدعى، وفيه أن المستحب فى الضرب على العدو أول النهار وصبيحته ؛ لاْنه وقت غرتهم وغفلة كثرهم، ثم ينتشر له النهار وضوءه لما يحتاج إليه.
بخلاف ملاقات الجيوش ومناصبة الحصون، فهذا المستحب فيه أن يكون من بعد الزوال ليدوم النشاط ببرد الهواء بخلاف صده.
وقوله: (مكاتلهم): / لى قففهم وزنابيلهم، وا حدها مكتل.
و(مرورهم): قيل: حبالهم التى يصعدون بها النخل واحدها مر ومر، وقيل: مساحيهم واحدها مرَ لاغير.
92 / ب
180 (6/179)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر
(خَرَبَتْ خَيْبَرُ، إِنْا إِفَا نَربهنَا بِسَاحَةِ قَوْبم فَسَاءَ صَبَاحُ لالمننَرِينَ لا.
قَالَ: فَهَزَمَهُمُ اللهُ عَر وَجَل.
122 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ صاِسْحَقُ بْنُ مَنْصُور، قَالا: أخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْل، أخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَ الةَ، عَنْ أنَسِ بْن مَالِك، قَالَ: لَمَا أتَى رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) خَيْبَرَ قَالَ: (إِنَا إِفَا نَربهنَا بِسَاحَةِ قَوْيم فَسَاءَ صَبَاحُ المننَرِينَ).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (خرِبَتْ خيبر): قيل: يقال بذلك ( صلى الله عليه وسلم ) لما راَه بأيديهم من اَلات
الهدم من القومي والمساحى، وقيل: بل من اسمها لما فيه من حروف الخراب، وقد يكون ذلك لما ألقى الله تعالى إليه من علم ذلك ووقوعه.
وقولهم: (محمد والخميسي): أى الجش، قد جاَ مفسراً كذا فى بعض روايات البخارى (1): (محمد والجش)، ورويناه برفع السن على العطف، وبنصبها على المفعول معه، أى مع الجش.
قيل: سمى خميسا لقسمته على خمسة ؛ ميمنة وميسرة وقلب ومقدمة وساقة، وقيل: الخميس لقسم الخمس منه، والأول أولى لتسميته بذلك قبل ورود الشرع بالخمس، صانما كانت تعرف العرب المرباع وهو إخراج الربع للرئيس.
وقوله: (إنا إذا أنزلنا بساحة قوم فساَ صباح المنذرين): الساحة: الفناء، وأصلها الفضاء بين المنازل، ويجمع انسوح، وهى أيضا السوحة والسمح والساحة: فيه جواز النغ بآيات القراق والاستشهاد بها فى الأمور الحقيقية، وقد جاَ فى هذا كثير فى الآثار، ويكره عن ذلك ماكان على ضرب الأهثال فى المحاورات والاَمزيع ولغو الحديث، تعظيما لكتاب الله عز وجل.
وقوله: (أصبناها عنوة): [ قال الإمام: ظاهرهُ إنها كلها عنوة، وقد قال ابن شهاب: فما حكى مالك عنه بعضها عنوة] (2) وبعضها صلح.
والكتيبة: وهى أرض خيبر نفسها، بعضها أيضا صلح ؛ قال مالك: وهى فيها أربعون اْلف عذق، يريد نخلة، وقد تقدم.
العَثق بفتح العن: اسم النخلة، وبكسرها: الكباسة.
وقد تشكل من هذا ماروى فى كتاب أبى داود أنه قسمها نصفين ؛ نصف لنوائبه وحاجته، ونصفأ للمسلمين (3).
وقال بعضهم: كان حولها من الضياع والقرى ما اْجلى عنه أهله، فكان خاضا للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) آ وماسواه للغانمن، فكان تقدير ما أجلى عنه أهله النصف ة فلهذا قسمها له بعين.
قال القاصْى: تقدم الكلام على حديث خيبر ومافيه مستوعبا فى كتاب المساقاة.
(1) البخارى، كالخوف، بالتبيهر والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب برقم (7 لمحا).
(2) من ع.
(3) ائو داود، كالخراج والإمارة والفاء، بما جاء فى حكم أرض خيبر 2 / 142.(6/180)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر 181
123 - (1802) حدئنا قُتَ!ةُ بْنُ سَعِيد وَمُحَمَدُ بْنُ عبَاد - وَاللَفْظ لابْنِ عبَاد - قَالا: حَدثنَا حَاتمٌ - وهُوَ ابْنُ إِسْمَاعيلَ - عَنْ يَزِيًدَ بْن أبى عُتئدٍ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ اكوعَ، عَنْ سَلَقةَ بْنِ اَكْوَع، قَالَ: خَرَجنَا مَعَ رَسُولِ الله طه إِلَى خَيْبَرَ، فَتَسَيَّرْنَا لَيْلا.
فَقَالَ رَجُل مِنَ القَوْم لعَامر بْن الأكْوعَ: ألا تُسْمعْنَا مِنْ هُنَياتكَ ؟ وَكَانَ عَامِر رَجُلا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوم يَقوَلُ
اللَّهُمَ لَوْلا انتَ مَا اهْتَلَيْنَا وَلاتَصَدَّقنَاوَلاصَلَّيْنَا
فَاغْفَرْفدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا وَفتِ الأقْلَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَألقِين سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّا إِفَاصِيحَ بِنَا أتَيْنَا
وَبِالصِيَاح عَولوا عَلَيْنَا
وقوله: ([ ألا تسمعنا] (1) من هُنَياتكَ): أى من أراجيزك.
والهنة ثقع على كل شىء.
وفيه جواز سماع الأراجيز والشعر وَقول ذلك، إذا لم يكن فيه ماينكر من الهجر وذكر الحرام والهجر من القول كما جاء فى الحديث: (الشعر كلام، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح) (2).
وقوله: (فنزل يحدو بالقوم): فيه جواز الحداء فى الأسفار ؛ لأن فيه تحريكا لنفوس الدواب، وتنشيطا لها ولمن معها على قطع الطريق.
و قوله:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
كذا الرواية، وصوابه فى الوزن: لاهم اْو تالله أو والله لولا الله، كما جاء فى الحديث الآخر:
والله لولا الله ما اهتدينا ولاتصدقناولاصلينا
فاغفرفداءً لك ما اقتفينا وثبت الأقدام إن لاقينا
وألقن سكينة علينا إنا إذا اْصيح بنا أتينا
بالتاء باثنتين فوقها، وفى رواية السجزى بالباء بواحدة، وكلاهما صحيح، أى أبينا الفرار، والآخر: أى أتينا أعداءنا وتقدمنا إليهم ولم نَهَبْ صِيَاحَهُم / وجعجعتهم.
وقوله: (إن الملأ قد بغوا علينا): الملأ: الأشراف مقصور مهموز ومهملة هنا للوزن،
(1) فى ز: تعنا، والمثبت من س والصحيحة المطبوعة برقم (123).
(2) ئبو يعلى فى مسنده 8 / 0 0 2 (0 476)، وذكره الهيثمى فى مجمع الزواثد، وعزاه لأبى يعلى وقال: فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وثقه جماعة وضعفه ابن معين وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح وهو حديث عائثة 8 / 125.
93 / 1
182 (6/181)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ هَنَا السَّائِقُ ؟ ثاقَالُوا: عَامِر.
قَالَ: (يَرْحَمُهُ اللهُ).
فَقَالَ رَجُل مِنَ القَوْم: وَجَبَتْ.
يَارَسُولَ اللهِ، لوْلاَ أمْتَعْتَنَا بِهِ قَالَ: فَا"تَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُهْ!
قال الله سبحانه وتعالى: { إن الْمَلاَ يَأتَمِرُونَ بِك} (1) أى الرؤساَ والأشراف، ومعنى قوله فى الرواية الأخرى: (إنَ الأُولىا (2).
وقوله: (وبالصياح عولوا علينا): كذا روايتنا فى كتاب مسلم بياَ باثنتين تحتها،
وهو الصحيح.
ومعنى (عولوا): استعانوا، من التعويل على الشىَ أو من الأعوال والعويل بالصوت والنداَ.
وقوله: (فداَ لك): يقال بالمد والقصر، والفاَ مكسورة.
حكاه الأصمعى وغيره،
فأما فى المصدر فالمد لاغير.
وحكى الفراَ: (فدا) مفتوح مقصور، وروياناه بالرفع: (فداَُ) على المبتداْ، وخبره، أى نفسى فداَ أو فداَ نفسى لك، وبالنصب على المصدر، ومعنى (اقتفينا): أى اكتسبنا، وأصله الاتباعِ.
قال الخليل: قفوت الرجل: قذفته بريبة، وقال الله سبحانه: { وَلا تَقْفُ مَا لَشْىَ لَك بِهِ عِلْغ} (3)، أى لاتتبعه بظنك وتقول فيه بغيرعلم.
قال الإمام: وقع فى بعض النسخ: (فداَ لك)، وفى بعضها: أ فاغفر لنا فداك
ما ابتغينا).
وهذه الرواية الثانية سالمة من الاعتراض، وأما (فداَ لك) فمانه لايقال: أفدى البارى تعالى، ولايقال للبارى - سبحانه -: (فديتك) لأن ذلك إنما يستعمل فى مكروه يتوقع حلوله ببعض الأشخاص فيحب شخص اَخر أن يحل به ويفديه منه.
ولعل هذا وقع من غير قصد إلى حقيقة معناه، كما يقال: قاتله الله، وكما قال ( صلى الله عليه وسلم ): (تربت يمينك) (4)، (وويل اْمه مسعر حرب) (ْ)، وقد تقدم، أو يكون فيه ضرب من الاستعارة ة لأن الفادى لغيره قد بالغ فى طلب رضا المفدى حتى بذل نفسه فى محابه، فكان المراد فى هذا الشعر: أنى أبذل نفسى فى رضاك.
وعلى كل حال، فإن المعنى وإن صرف إلى جهة يصح فيها، ف!طلاق اللفظ واستعارته والتجوز به يفتقر إلى شرع.
أو يكون المراد بقوله: (فداَ لك) رجلأ يخاطبه، وقطع بذلك بين الفعل والمفعول، فكأنه يقولَ: فاغفر، ثم عاد إلى رجل ينبهه فقال: (فداَ (1) القصص: 0 2.
(2) حديت رقم (5 2 1).
(3) الامراَ: 36.
(4) البخارى، كالعلم، بالحياء فى للعلم 1 / 44، مسلم، كالحيض، بوجوب الغسل على للراْة بخروج المنى 1 / 32، الدارمى، كالوضوء، بفى المراْة ترى فى منامها مايرى النائم 1 / 195، أحمد 81 / 3.
(5) البخارى، كالشروط، بالروط فى لبهاد 3 / 6 5 2، أحمد 4 / 1 33، أبو داود، كالجهاد، بفى صلح العدو.
(6/182)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر 183 حَتَّى أصا - يتنَا مَخْمَصَة شَدِيدَة.
ثُمَّ قَالَ: (إِن اللهَ فَتَحَهَا عَلَيكُمْ).
قَالَ: فَلَمَا أمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَؤم ائَذى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أوْقَدُوا نِيرَانًا كَثيرَةً.
فَقالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَاهَنَ! الئيرَانُ ؟ عَلَى أَئ شَىْء تُوقِدُوَنَ ؟).
فَقَالُوا: عَلًى لَحْمٍ.
قَالَ: (أى لَحْمِ ؟) قَالُوا+ لَحْمُ حُمُرِ الإِنْسية.
فَقًالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (أَهْربقُوهَا وَاكْسرُوهَا).
فَقَالَ رَجُلٌ: أوْ يُهْرِبقُوهَا وَيَغْسِلُوهًا ؟ فَقَالَ: (أوْ فَاكَ).
قَالَ: فَلَمَا تَصَاثً القَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرِ فِيهِ قِصَز، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِئ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ فُبَابُ سَيْفِهِ فَأصَابَ رُكْبَةَ عَامِرٍ، فَمَاتَ
لك)، ثم عاد إلى الأول فقال: (ما اقتفينا)، وهذا تأويل يصح معه اللفظ والمعنى، لولا أن فيه تعسفأ اضطر إليه تصحيح الكلام، إن صحت الرواية.
وقد يقع فى (1) لسان العرب من هذه الفواصل بين الجملة المعلق بعضها ببعض ما يسهل هذا التأويل (2).
قال القاضى: وقوله: (أصابتنا مخمصة): أى ضيق من العيش وعدم الإكساء.
قال الإمام: وأما ما وقع بعد هذا من قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (على أى شىء توقدون ؟) قالوا:
على لحم.
قال: (أى لحم ؟) قالوا: لحم الحمر الإنسية (3)، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): " أهريقوها واكسروها)، فقال رجل: أو[ يهريقونها ويغسلونها] (4)، فقال ( صلى الله عليه وسلم ): (أوذاك !، فإن فى الناص من تأول فى ذلك أنهم أخذوها من المغنم قبل القسمة، ومنهم من يقول: أراد استبقاعما للحاجة إليها، ومنهم من يقول: لأنها حرام لحمها.
قال القاضى: تقدم الكلام عليه فى النكاح.
وقوله: ا لحم حمرِ الانسية): كذا ضبطناه بفتح الهمزة والنون هنا عن / بعضهم، وكذا قيده بعض اللغويين منسوبة إلى الإنس.
والانس: الناس.
رواه كثر الشيوخ: الإنسية بكسر الهمزة وسكون النون، منسوبة إلى الإنس، وكلاهما بمعنى صحيح.
(1) فى الأصل: من، وللثبت من ع، س.
قال الأيى: قلت: قال السهيلى: أقرب فيه يلى الصواب ثنها كلمة يترجم بها على محبة وتعظيم، فجاز اْن يخاف بها من لايجوز فى حقه الفداء، قصداً لاظهار محبته وتعظيمه، ورب كلمة قرك اْصلها واصتعملت كالمثل فى غير ماوضع له، كما جاؤوا بالقسم فى غير محله إذا اراد النعجب، أو استعظاما لأمر ولم يرد القسم، ومنه الحديث: (أفلح وئبيه إن صدق)، ومن المحال أن يقحم ( صلى الله عليه وسلم ) بغير الله، د انما تعجب من قول.
وما قيل من انه منوخ بحديث النهى عن الحلف بالأذى لايصح ؛ إذ يلزم أن يكون قبل النخ يقحم بغير الله، ومعاذ الله من ذلك، وهذا الذى ذكر قريب مما ذكر القاضى أنه استعارة.
43 / 5 1.
ونحو من هذا ذكره ابن حجر 7 / 532.
فى س: اي!هلية.
فى الأصل: يهريقوها ويغسلوها، والمثبت من س، ع.
(3)
93 / ب
184 (6/183)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر مِنْهُ.
قَالَ: فَلَمَا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ - وَهُوَ آخِذٌ بيَدِى - قَالَ: فَلَمَا راَنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَاكِتًا قَالَ: (مَالَكَ ؟).
قُلتُ لَهُ: فَدَاكَ أبِى وَامِّى، زَعَمُوا أنَّ عَامِرًا حَبطَ عَمَلُهُ.
قَالَ: (مَنْ قَالَهُ ؟).
قُلتُ: فُلان"وَفُلانُ وَاسَيْدُ بْنُ حُضَيْر الأنصَارِى.
فقٍالَ: (كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِن لَهُ لأجْرَانِ) وَجمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ (إٍ نهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِا، قَل عَرَبِىّ مَشَى بِهَا مثْلَهُ "، وَخَالَفَ قُتَيْبَةُ مُحَمَلئا فِى الحَدِيثِ فِى حرْفَيْنِ.
وَفِى رِوَايَةِ ابْنِ عَئادٍ: وَألقِ سَكِينَةً عًلَيْنَا.
124 - (... ) وحلّثنى أبُو الطاهِرِ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَاب، أخْبَرَنِى عَبْدُ الرخمَنِ - وَنَسَبَهُ غَيْرُ ابْنِ وَهْبٍ، فَقَاذَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ
وقوله: ا لجاهد مجاهد) بكسر الهاء فيهما وضم الميم والدال وتنوينها فى الحرفن،
كذا لاكثر شيوخنا.
وعند ابن أبى جعفر: لجاهَدَ مَجاهدَ بفتح الهاء فى الأول، وفتح الميم وكسر الهاء من الثانى، وفتح الدال فيهما.
وكذا - اْيضَا - عند بعض رواة البخارى (1)، والأول الصواب ووجه الكلام.
وكذا جاء فى الحديث الاَخر بعده: (مات جاهداً مجاهداَ) قال ابن دريد: يقال: رجل جاهد مثل ضارب، اسم فاعل، أى جاد فى أمره (2).
قال القاضى: يثرر اللفظين للمبالغة.
وقال ابن الأنبارى: العرب إذا بالغت فى الكلام اشتقت من اللفظ الأول لفظة على غير بنالْها[ و] (3) زيادة فى التوكيد، ثم أتبعوها إعرابها فقالوا: جاد مجذ، وليل لائل، وشعر شاعر، وقد يكون قوله: (جاهد) أى جاد مبالغ فى سبيل الخير والبر وإعلاء كلمة الإسلام مجاهد عداه.
وقوله: (قل عربى مشى بها مثله): كذا للرواة بفتح الميم، وللفارس: (مشابهأ) بضم الميم وتنوين الهاء، وكذا رواه المروزى فى البخارى (4).
قال الأصيلى: وكذا قرأه لنا، ووجه هذه الرواية بعيد، والأول أشبه.
والهاء فى (بها) عائدة على الحرب، أى فيها.
وقد وقع فى البخارى (5) - أيضأ -: (نشأ بها) أى شب وكبر، يحتمل أن يريد الحرب - أيضا - أو بلاد العرب، وهى أوجه الروايات.
قال الإمام: خرج مسلم فى غزوة خيبر: حدثنا أبو الطاهر، أخبرنا ابن وهب، أخبرنى يونس عن ابن شهاب قال: أخبرنى عبد الرحمن - قال مسلم: ونسبه غير ابن وهب فقال: ابن عبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة بن الاكوع قال: ا لما كان يوم خيبر).
(1) البخارى، كالأدب، بمايجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه 8 / 44، قال ابن حجر: نسخة أبى ذر عن الحموى والمستملى، وكذا ضبطه الباجى.
انظر: الفتح 7 / 534.
(2) قال ابن للتين: لباهد من يرتكب المشقة.
انظر: الفتح السابق.
(3) ساقطة من س.
(4) البخارى، كالمغازى، بغزوة خيبر 5 / 167.
(5) البخارى، كالأدب، بمايجوز من للشعر والرجز والحداء ومايكره منه 8 / 44.
(6/184)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر
185
مَالك - أن سَلَمَةَ بْنَ اكْوَع قَالَ: لَمَا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ قَاتَلَ أخى قتَالا شَديلًما مَعَ رَسُولِ اللهِ كله"، فَارْتَدَ عَلَيْه سمثفُهُ فَقَتَلَهُ.
فَقَالَ أصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ فِى فَلِكً، وَشَكُوا فيهِ: رَجُلٌ مَاتَ فِى سَلاحِه.
وَشَكُوا فِى بَعْضِ أمْرِه.
قَالَ سَلَمَةُ: فَقَفَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خَيْبَرَ.
فَقُلتُ: يَارَسُولً اللّه، ائْنَنْ لِى أنْ أرْجُزَ لًكَ.
فَا"ذنَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ عُمَرُ ابْنُ الخَطَّابِ: أعْلَمُ مَاتَقُولَُ.
قَالَ: فَقُلتُ:
وَاللهِ لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدينَا وَلاتَصَئَتْنَاوَلاصَقَيْنَا
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (صَدَقْتَ).
وَانزِلَن سَكِينَة عَلَيْنَا وَثبتِ الأقْدَامَ إِنْ لاقَيْنَا
وَالمُشْرِكُونَ قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
قَالَ: فَلَمَا قَضَيْتُ رَجَزِى قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ قَالَ هَنَما ؟).
قلتُ: قَالَهُ أخى.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَرْحَمُهُ اللهُ).
قَالَ: فًقُلتُ: يَارَسُولَ اللهِ، إِن نَاسئا لَيَهَابُونَ الضًلاةَ عَليهِ.
يَقُولُونَ: رَجُلٌ مَاتَ بِسِلاحِهِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَاتَ جَاهِدم مُجَاهِدم).
قال الإمام: قال بعضهم: كان ابن وهب يهم فى إسناد هذا الحديث فيقول: عن الزهرى، عن عبد الرحمن وعبد الله ابنى كعب.
فغيره مسلم وأصلحه ؛ ولذلك قال: ونسبه غير ابن وهب.
قال: هكذا قال أحمد بن صالح وغيره: عن ابن وهب.
وقال الدارقطنى: خالف ابن وهب فى هذا القاسم بن مبرور، ورواه عن يونس عن الزهرى، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب (1)، قال: وهو الصواب (2).
وقال بعضهم:
(1)
(2)
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصارى المدنى، يكنى أبا الخطاب، وكان اْعلم قومه وأوعاهم لأحاديث رسول الله.
مات فى ولاية هثام بن عبد الملك، روى عن كعب بن مالك وعن أبيه فى الصلاة وتوبة كعب وسلمة بن الوع فى الجهاد، وروى عنه الزهرى.
انظر: رجال صحيح مسلم لابن منجويه 415 / 1 "
قال النووى: هكذا وقع فى جميع نخ صحيح مسلم، وهو صحيح، وهذا من فضائل مسلم، ودقيق نظره، وحسن خبرته، وعظيم إتقانه.
وسبب هذا أن النساثى ذكر عبد الرحمن وعبد الله ولم يذكر التصويب، ولكن أبا داود ذكر الغلط والتصويب، وقد حذف مسلم ذكر عبد الله من رواية ابن وهـ، وهذا جاثز.
ا لنووى 4 / 452.
الالزامات وللتتغ.
186 (6/185)
كتاب الجهاد / باب غزوة خيبر قَالَ ابْنُ شِهَاب: ثُمَ سَألتُ ابْنًا لِسَلَمَةَ بْنِ اكْوعَ.
فَحَدثنِى عَنْ أبيه مثْلَ فَلكَ.
غَيْرَ
أنَهُ قَالَ - حِينَ قُلتُ: إِنَّ نَاسًا يَهَابُونَ الضَلاةَ عَلَيْهِ - فَقَالَ رَسُولُ الثَهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (كَنَبُوا، مَاتَ جَاهِايم مُجَاهلًا، فَلَهُ أجْرُهُ مَرتيْنِ) وَأشَارَ بِإِصْبَع!هِ.
وقد نبه أبو داود فى كتاب السق على وهم ابن وهب فى هذا الإسناد (1)، وكذلك فعل أبو عبد الرحمن النسائى وذكر الصواب فى ذلك (2).
(1) نبو داود، كلبهاد، بفى الرجل يموت بسلاحه 2 / 19.
(2) النائى، كالجهاد، بمن قاتل فى سبيل للله فارتد عليه سيفه فقتله 6 / 30 (3150).
(6/186)
كتاب الجهاد / باب غزوة الأحزاب وهى الخندق
187
(44) باب غزوة الأحزاب وهى الخندق
125 - (1803) حدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنّى وَابْنُ بَشَارٍ - وَاللَفْظ لابْنِ المُثنّى - قَالا: حَدثنَا مُحَفدُ بْنُ جَعْفَر، حَدَئنَا شُعْبَةُ عَنْ ألِى إِسْحَقَ، قَالَ: سَمعْتُ البَرَاءَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَوْمَ الأً حْزَابِ يَنْقُلُ مَعَنَا التُرَابَ، وَلَقَدْ وَارَىَ الترابُ بيَاَضَ بَطنِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
(وَاللهِ ؛ لَوْلا انتَ مَا اهْتَتثنَا فَائزِلَن سَكِينَةً عَلَيْنَا
قَال: وَرُلَمَا قَالَ:
(إِنَّ المَلا قَدْ أبَؤا عَلَيْنَا
وَلا تَصَدَقنَا وَلا صَلَّيْنَا إِن الألَى قَدْ ثبَوْا عَلَيْنَا)
إِفَا أرَ ال وا فِتْنَةً أبَينَا)
وَلَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ.
(... ) حَدثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثئى، حَدشَا عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ مَهْدىٍّ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَنْ
ألِى إِسْحَقَ، قَالً: سَمِعْتُ البَرَاءَ.
فَذَكَرَ مِثْلَهُ، إِلا أئهُ قَالَ: (إِن الاَثَى قَدْ بَغَؤا عَلَيْنَا،.
126 - (1804) حدّثنا عَبْدُ اللهِ ثنُ مَسْلَمَةَ القغنِبى، حَدعشَا عَبْدُ العَزَيزِ بْنُ أبِى حَازِم، عَن أبِيه، عَن سَهْلِ ثنِ سَغدٍ، قَالَ: جَاءَنَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَنَحْنُ نَحْفِرُ الخَنْدَقَ، وَنَنْقُلُ التُرَابَ عًلَى كْتَافِنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (اللَّهُمَ، لاعَيْشَ إِلا عَيشُ الآخِرَةِ، فَاغفِر لِلمُهَاجِرِينَ وَالأنصَارِ).
127 - (1805) وحدئمنا مُحَمَّدُ ثنُ المُثنى وَابْنُ بَشَار - وَاللَفظُ لابْنِ المُثَئى - حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عَن مُعَاوِبَةَ بْنِ قُرة، عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك، عَنِ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ ألهُ قَالَ:
(اللهُمَ لا عَشْ! إِلا عَيْشُ الآخِرَهْ فَاغْفِرلِلأنصَارِوَالمُهَاجِرَهْ)
128 - (... ) حَدَئنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَئى وَابْنِ بَشئَار.
قَال ابْنُ المُثنى: حَا شَا مُحَمَدُ
مهـ ا (6/187)
كتاب الجهاد / باب غزوة الاْحزاب وهى الخندق ابْنُ جَعْفَر، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادةَ، حَد ثنَا أنَسُ بْنُ مَالك ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) كَانَ يَقُولُ: (اللّهُمَّ، إِنَّ العَيْشَ عَيْشُ الاَخِرَةِ) قَالَ شُعْبَةُ: أوْ قَالَ - !
(اللهُمَ لاعَيْشَ إِلاعيشُ الآخِرَهْ فَكْرِم الأنصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ)
129 - (... ) وحذثنا يحيى بْنُ يَحْيَى وَشَيْبَان بْنُ فَرؤُخَ - قَالَ يحيى: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ شَيْبَانُ: حَدثنَا عَبْدُ الوَارِثِ - عَنْ أبِى التيًاح، حَدثنَا أنَسُ بْنُ مَالِك قَالَ: كَانُوا يَرْتَجِزُونَ، !رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ:
اللّهُمَ لاخَيْرَ إِلاخَيْرُالآخِرَة فَانْصُرِ الأنصَارَ وَالمُهَاجِرَهْ
وفِى حَمِيثِ شَيْبَانَ بدلَ (فَانْصُرْ): (فَاغفِرْ).
س، - ير،.
، ص ص صص "هء ص مصرص ير، 5، ءص ص - ءعر
130 - (... ) حدثنى محمد بن حاتم حدثنا بهز، حدثنا حماد بن صلمة، حدثنا ثَابِمث، عَنْ أنَسبى ؛ أن أصْحَابَ مُحَمَذِ ( صلى الله عليه وسلم ) َ كَانُوا يَقُولُونَ يَوْمَ الخَنْدَقِ:
نَحْنُ الَنِينَ بَايَعُوامُحَفلَا عَلَى الإِشلام مَابَقِينَا أبايم
أوْ قَالَ: عَلىَ الجِهَادِ.
شَلث حَمَاد.
وَالئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ:
(اللهُئم إِن الخَيرَ خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ للائصَارِوَالمُهَاجِرَهْ)
قال القاضى: وفى حفر الخندوّ وعمل النبى ( صلى الله عليه وسلم )، جواز على التحصن والاستخفاء
من العدو بما قدر عليه من الخنادق والأصوار وغيرها، وعمل الفضلاَ والصالحن فيه ث لأن ذلك كله من التعاون على البر وتأسى غيره به من الناس.
وجواز الارتجاز فى مثل هذا.
وهذا الرجز وإن كان كثيراً فليس من قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقد تقدم قبل أنه من قول عامر، والاَخر من قول الأنصار، مع أنه فى كثير من الروايات فى قول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بغير الوزن فى بعض الأجزاَ.
(6/188)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها 189
(45) باب غزوة ذى قرد وغيرها
131 - (1806) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا حَاتِئم - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أيِى عُبَيْد قَالَ: سَمعْتُ سَلَمَةَ بْنَ اكوَع يَقُولُ: خَرَجْتُ قئلَ أنْ يُؤَفنَ بِالأولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) تَرْعَى بذى قَرَد.
قَالَ: فَلَقِيَنِى غُلاثم لعَبْد الرخمَنِ بْنِ عَوْف فَقَالَ: أخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ فًقُلتُ* مَنْ أخَن!ا ؟ قَال: غَطًفَانَُ.
قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلاثَ صَرَخَات: يَاصَبَاحَاهْ.
قَالَ: فَأسْمَعْتُ مَا بَيق لابَتَىِ المَدينَة، ثُمَ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتى أدْرً كْتُهُمْ بذى قَرَدٍ، وَقَدْ أخَنُوا يَسْقُونَ مِنَ المَاء، فَجًعًلتُ أرْميهِمْ بنَبْلِى - وَكنتُ رَامِيًا - وَأقُولُ، ً
أنَا ابْنُ أكْوعَ وَاليَوْمَ يَوْمُ الرضع
وفى قول سلمة: (صرخت ثلاث صرخات: ياصباحاه): جواز قول هذا لإنذار الناس / وإشعارهم بالعدو.
وقوله: فجعلت أرميهم وأقول:
أنَا ابن الاكوع واليوم يوم الرضع
فيه جواز مثل هذا عند الرمى والطعن وتعريف الانسان مثله (1) فى الحرب.
وقد مضى
فى هذا وفعله السلف، وكذلك الإعلام بعلامة يميز بها فى الحرب.
وكرهه آخرون فى الاعلام لاخفاء أعمال البر.
وقد روى من فعل ذلك عن الصحابة - رضى الله عنهم - ما لايخفى.
وقوله: (واليوم يوم الرضع)، قال الإمام: معناه: يوم هلاك اللئام، من قولهم:
لئيم راضع.
ومعنى ا لثيم راضع): أى رضع اللؤم فى ثدى (2) أمه، وقيل: إنه يممَص الدر حتى لايسمع اللين وقع فى الحلاب فيسيل (3).
قال القاضى: وهذا كثر ماقيل فيه واْظهره، وقيل: لأنه يرتضع طرف الخلالة التى يتخلل بها بعد طعامه، ويمص ما بقى فيها، وقيل: معناه: اليوم يعرف من رضع كريمه فأنجبته اْو لئيمة فهجنته، وقيل: اليوم يعلم من أرضعته الحرب من صغره ويظهر.
(1) فى الألى: بنفسه.
(3) هكذا فى الأصل، وفى ع: فيُتقرى.
(2) فى س: بطن.
94 / 1
190 (6/189)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها فَا"رْتَجِزُ.
حتى اسْنَتقَذْتُ اللِّقَاحَ منْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ منْهُمْ ثَلاثينَ بُرْ!ةً.
قَالَ: وَجَاءَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) وَالنَّاسُ.
فَقُلتُ: يانَيِى الله، إَنِّى قَدْ حَمَيْتُ القَومَ المَاءَ، وَهُمْ عطَاشى، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السئاعَةَ.
فَقَالَ: (يَا ابْنَ اكْوًع، مَلَكْتَ فَأسْجِحْ).
قَالَ: ثُمَّ رَجًعْنَا، وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلَى نَاقَتِهِ حتى دَخَكَ المَدِينَةَ.
132 - (1807) حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا هَاشِمُ بْنُ القَاسم.
ح وَحَا شَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا أبُو عَامِرٍ العَقَدِى، كِلاهُمَا عَنْ عكْرمَةَ بنِ عَمَاَر.
ح وَحَدثنَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ الدَارِمِى، وَهَنمَا حَدِيثُهُ: أخْبَرَنَا أَبُو عًلِى الحَنفِى عُبَيْدُ الله بْنُ عَبْد المَجِيدَ.
حدثنا عِكْرِمَةُ - وَهُوَ ابْنُ عَمَار - حَدثنِى إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدثنِى أَبِى قَالَ+ قَدِمْنَا الَحُمَيْبِيَةَ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم )، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لاتُرْوبهَا.
قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ عَلَى جَبَا الركَيَّة، فَإِمَا دَعَ ال اِفَا بَسَقَ فِيهَا.
قَالَ: فَجَاشَتْ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا.
قَالَ+ ثُمَ إِنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) دَعَانَا لِلبَيْعَة فِى أصْلِ الشَجَرَة.
قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أوَّلَ النَاسِ، ثُئم بَايَعَ وبايَع، حتَى إِفَ! كَانَ فِى وَسَطٍ مِنَ النًاسِ قَالَ: (بَايِعْ يَاَسَلَمَةُ).
قَالَ: وقوله: (حميت القوم الماء) أى منعتهم، ومنه: حمية المريض: منعه كل ما يضره.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) له: لأ ملكت فأسجح): أى أحسم وارفق.
والسجاحة: السهولة،
اْى لا تأخذ بالشدة وتتبعها، فربما كانت العاقبة، والحرب، سجال، وقيل: لعله طمع فى إسلامهم فلم يرد استئصالهم.
وقوله فى الحديث الاَخر: (قدمنا الحديبية ونحن أربع عشرة مائة، وعليها خمسون
شاة لا ترويها، فقعد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) على جَبَا الركية) بفتح الجيم والباء بواحدة مقصور، كذا رواية الكافة، وهو المعروف فى الحديث.
والجبى ما حول البئر.
والركية: البئر، والأشهر فيها الركى بغير هاء، وحكى بعضهم عن الأصمعى: الركية: البئر، وجمعه ركى.
وفى رواية العذرى: (جب الركية).
الجب: البئر، ليست ببعيدة العقر، وليس هذا موضعه.
وقوله: (فإما دعى فيها وإما بسق، فجاشت فسقينا واستقينا): أى فاضت.
وهذا
من اَياته ( صلى الله عليه وسلم ) وعظيم معجزاته، وهذا باب منقول منها بالتواتر من تكثير قليل الماء فى مواطن عدة.
قال الإمام: وقوله: (فجاشت): معناه: ارتفعت، يقال: جاش البئر: إذا ارتفع، يجيش جيشانأ، قال الشاعر:
(6/190)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها 191 قُلتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَارَسُولَ الله فِى أوَّلِ الئاسِ.
قَالَ: (وَأيْضًا) - قَالَ: وَرآنى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَزِلا - يَعْنِى لَيْسَ مَعَهُ سِلاح - قَالَ: فَأعْطَانِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَجَفَة أوْ!رَقَة، ثُمًّ بَايَعِ حتى إفَا كَانَ فِى اَخِرِ الئاسِ قَالَ: (ألا تُبَايِعُنِى يَاسَلَمَةُ ؟)َ.
قَالَ: قلتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَارسُولَ الثَه فِى أوَلِ النَّاسِ، وَفِى أوْسَطِ النَّاسِ.
قَالَ: (وَأيْضًا).
قَالَ فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ.
ثُمَ قَالَ لِى: (يَاسَلَمَةُ، أيْنَ حَجَفَتُكَ أوْ! رَقَتُكَ الَتِى أعْطَيْتُكَ ؟ !.
قَالَ: قُلتُ: يَارَسُولَ اللهِ، لَقيَنِى عَمَى عَامر عَزِلا.
فَأعْطَيْتُهُ إِيَاهَا.
قَالَ: فَضَحكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَقَالَ: (إِنَكَ كَاَئَذى قَالَ الأوًلُ: اللَهُئم أبْغِنِى حَبِيبًا هُوَ أحَبُ إلَى مِنْ نَفْسِى).
ثُمَّ إِن المُشْرِكنَ رَاسَلُونَا الضُلحَ، حَتَى مَشَى بَعْضُنَا فِى بَعْضِ، وَاصطَلَحْنَا.
قَالَ: وَكنتُ تَبيعًا لطَلحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، أسْقِى فَرَسَةُ، وَأحُسئُهُ، وَأخْدِمُهُ، واَكُلُ مِنْ طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِىَ وَمَالِى،
وقوله: (رآنى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عزلا)، قال القاضى: كذا رويناه هنا، وفسره فى الأم: يعنى ليس معه صلاح، بفتح العين وكسر الزاى، وفى الحرف الذى بعده كذلك.
قال بعضهم: وصوابه: أعزل، ولايقال: عزل.
ورويناه فى غير مسلم: (عُزل) بضمها، وكذلك ضبطناه على شيخنا أبى الحسن، وكذا قيده بعضهم، وكذا ذكره ا لهر وى.
قال الإمام: كما يقال: ناقة غلظ، وجمل فشَ، والجمع أعزال.
كما يقال: جنب واْجناب، وماء سدم ومياه أسدام.
قال القاضى: هذا نص ماذكره الهروى، وأنشد[...
] (1).
رأيت الفتية الأعزال مثل الأنيق الرعد
قال: ورجل أعز مثله.
والحجفة: الترس.
وقوله: (أبغنى حبيبا): أى أعطنى بغى طلب.
وأبذِته: أتيته ماطلب وأعنته عليه.
وقوله: (ثم إن المشركين راسئُونا الصلح): كذا رويناه بضم السيئ مشددة على الخشنى عن الطبرى، وسمعناه من / أبى بحر من غير طريق العذرى بفتح السين، ورويناه من طريق العذرى: (راسلونا) بزيادة لام بإسقاطه، صحيح بمعناه.
يقال: رسى الحديث يرسه: إذا ابتداه، ورسست بين القوم: أصلحت بينهم.
وقوله: (وكنت تبيعا لطلحة) أى خديما له أتبعه.
(1) بياض بالأصل.
94 / ب
192 (6/191)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُوله ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأهْلُ مَكَةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْض.
أتَيْتُ شَجَرَةً فَكًسَحْتُ شَوْكَهَا، فَاضْطَجَعْتُ فِى أصْلهَا.
قَالَ: فَا"تَانِى أرْبَعَةٌ مِنَ المُشْركينَ مِنْ أهْلِ مَكَّةَ فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِى رَسُولِ اللهِ على.
َ فَابغَضْتُهُمْ، فَتَحَؤَلتُ إِلَى شَجَرَة اخرَى، وَعَلَّقُوا سِلاحَهُمْ، وَاضْطَجَعُوا.
فَبَيْنَمَا هُمْ لَفَلِكَ إِذ نَادَى مُنَاد مِنْ أسْفَلِ الوَاسِ: يَا لِلمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابْنُ زُنَيْيم.
قَالَ: فَاخْتَرَطتُ سَيْفِى، ثُمَ شَلَدْتُ غلَى اولَئِكَ الأرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فَا"خَذْتُ سَلاحَهُمْ، فَجَعَلتُهُ ضِغثا فِى يَدِى.
قَالَ: ثُمَّ قُلتُ: وَالَّذِى كَرئَمَ وَجْهَ مُحَمَّد، لايَرْفَعُ أحَدٌ منكُمْ رَأسَهُ إِلا ضَرَبْتُ ائذى فيه عَيْنَاهُ.
قَالَ: ثُمَ جِئتُ بِهِمْ أسُوقُهُمْ إِلَىً رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) َ.
قَالَ: وَجَاءَ عَمِّى عَامِز بِرَجُلٍ مِنَ العَبَلات - يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ - يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ التَهِ ( صلى الله عليه وسلم )، عَقى فَرَس مُجَفف، فِى سَبْعِينَ مِنَ المُشْرِكَينَ.
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: (دَعُوهُمْ، يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ"الفُجُورِ وَثِنَاهُ "، فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم )، وَأنْزَلً اللهُ: وَهُوَ الَذِي كَ! أَيْليِهُمْ عَنكُمْ وَأَيْليِكُمْ عَنْفم بِبَطْنِ مَكَةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفًرَكُمْ عَلَيْهِمْ} الآيَةَ كُلَّهَا (1).
قَالَ: ثُمَ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إِلَى المَلِينَة، فَنَز!نَا منزِلأ، بَيْنَنَا وَتئنَ بَنِى لِحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمُ المُشْرِكُونَ.
فَاسْتَغْفَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لمَن رَقِىَ هَذَا الجَبَلَ اللَيلَةَ، كَأئهُ طَليعَة لِلئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأصْحَابِه.
قَالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلكً اللَيْلَةَ مَر - ديْنِ أوْ ثَلائا، ثُمَ قَدِمْنَا الَمَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسُولُ الثَه ( صلى الله عليه وسلم ) بِظَهْرِه مَعَ رَبَاح غُلام رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، وأنَا مَعَهُ، وَخَرَجْ! مَعَهُ بِفَرَسِ طَلحَةَ، أنًديه مَعَ الطهْرِ.
فَلَمَا أعبَحْنَا إِذَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الفَزَارِى9 قَدْ أغَارَ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، فَاسْتَاقَهُ أجْمَعَ، وَقَتَل رَاعيَهُ.
قَالَ: فَقُلتُ: يَارَبَاحُ، خُذْ هَنَا الفَرَسَ فَا"بْلِغْهُ طَلَحَةَ ثنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأخْبرْ رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ) أنّ، لمُشْرِكِينَ قَدْ أغَارُوا عَلَى سَرْحِهِ.
وقوله: (أسقى فرسه وئحسه)، قال الإمام: اى أنفض عنه التراب.
وقوله: (أتيت شجرة فكسحت شوكها): قال ابن القوطية: كسح الثمىَ كسحا: كنسه، وكسح كسحًا: عرج.
وقوله: (فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا فى يدى) الضغث فى اللغة: الحزمة.
وقوله: (فخرجت معه بفرس طلحة) نديه مع الظهر).
(1)1 لفتح: 24.
(6/192)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها 193 قَالَ: ثُئم قُمْتُ عَلَى كَمَة فَاسْتَقْبَلتُ المَدينَةَ، فَنَالحَيْتُ ثَلائا: يَاصَبَاحَاهُ، ثُئم خَرَجْتُ فِى آثَارِ القَوْم أرْمِيهِمْ بِالئبْلِ، ً وَأرْتَجِزُ أقُولُ:
أنَا ابْنُ الثْوَع وَاليَوْمُ يَوْمُ الرضع
فَألحَقُ رَجُلا مِنْهُمْ، فَا"ثلث سَهْمًا فِى رَحْله، حَتَى خَلَصَ نَصْلُ السئَهْم إِلَى كَتفه.
قَالَ: قُلتُ: خُذْهَاًً وَأنَا ابْنُ اكْوعَ وَاليَوْمُ يَوْمُ الرضعَ
قَالَ: فَوَالله، مَازِلتُ أرْمِيهِمْ وَأعْقِرُ بِهِمْ، فَإِفَا رَجَعَ إِلَى فَارِس أتثتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ
فِى أصْلهَا، ثُمً رَمَيْتُهُ، فَعَقَرْتُ بهِ، حَئى إِفَ! تَضَايَقَ الجَبَلُ فَدَخَلُوا فِىِ تَضَايُقه، عَلَوْتُ الجَبَلَ، فَجَعَلتُ ارَدِّيهِمْ بالحجَاَرَة.
قَالَ: فَمَا زِلتُ كَنَلِكَ أتبَعُهُمْ حتى مَاخًلًقَ اللهُ مِنْ بَعِيرٍ مِنْ ظَهْرِ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) إِلا خًلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِى، وَخَلَوْا بَيْنِى وَبَيْنهُ.
ثُئم اتبعْتُهُمْ أرْميهِمْ، حتَى كقَوْا كثَرَ منْ ثَلاِلينَ بُرْلَةً وَثَلالينَ رُمْحًا، يَ!ئتَخِفُّونَ، وَلايَطرَحُونَ ش!ئًا إِلا جَعًلتُ عَلمهِ ارامًا مِنَ الحِجًارَةِ، يَعْرِفُهَا رَسُوَلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأصْحَا"لىُ.
حَتَّى أتَوْا مُتَضَايقًا مِنْ ثَنية فَإفَ! هُمْ قَدْ أتَاهُمْ فُلانُ بنُ بَدْرٍ الفَزَارِى ؟، فَجَلَسُوا يَتَضَخوْنَ - يَعْنِى يَتَغَدًّ وْنَ - وً جًلَستُ عَلَى رَأسِ قَرْنٍ.
قَالَ الفَزَارى: مَاهَنَا اتَذِى أرَى ؟ قَالُوا: لَقِينَا مِنْ هَن!ا البَرْحَ.
وَالله، مَافَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ، يَرْمينَا حَتًّى انْتَزعً كُلَّ شَىْء فِى أيْدينَا.
قَالَ: فَليَقُمْ إِلَيْه نَفَز مِنكُمْ، أرْبَعَة!.
قَالَ: فَصَعِدَ إِلَى مِنْهُمْ أرْبَعَة فى الجَبَلِ، قَالَ: فًلَمَا أمكَنُونِى مِنَ اهَلَام،
قال الإمام: قال أبو عبيد عن الأصمعى: التندية أن يورد الرجل الإبل حتى تشرب فتشرب قليلا، ثم يرعاها ساعة ثم يردها إلى الماء.
وهو فى الإبل والخيل أيفئا.
قال الأزهرى: وأنكره القتبى وقال: والصواب: لاءبَد - له، أى لأخرجه إلى البدو، وقال: ولا تكون التندية إلا للإبل.
قال الأزهرى: أخطأ القتبى، والصواب ما قال الأصمعى.
وللتندية معنى آخر وهو تفممير الفرس، وإجراؤه حتى يسيل عرفة.
ويقال لذلك العرق إذا سال: الندى.
وقوله: (أرَدئهِمْ بِالحجارة): أى أرمهم بها.
وقوله: (جعلت عليه آرامأ من الحجارة يعرفها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): فيشبه ال يريد بها
1 ا 9 علام.
قال الأعشى:
194 (6/193)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها قَالَ: قُلتُ: هَلْ تَعْرِفُونِى ؟ قَالُوا: لا.
وَمَنْ ؟نتَ ؟ قَالَ: قُلتُ: أنَا سَلَمَةُ بْنُ اكْوعَ، وَائَذِ! كَرئمَ وَجْهَ مُحَمَد ( صلى الله عليه وسلم )، لا أطلُبُ رَجُلا مِنكُمْ إِلا أ!رَكْتُهُ، وَلا يَطلُبُنِى رَجُل منْكُمْ فَيُدْرِكَنِى.
قَالَ أحَل! م: أنَا أظُنُّ.
قَالَ: فَرَجَعُوا، فَمَا بَرِحْتُ مَكَانِى، حَتَى رً أيْتُ فَوَارِسَ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَتَخَلَّلُونَ الشَجَرَ.
قَالَ: فَإِفَا أولهُمُ الأخْرَمُ الأسَدِ!، عَلَرإثْرِهِ أبُو قَتَ الةَ الأنصَارِى، وَعَلَى إِ4لرِهِ المِقْلَادُ بْنُ الأسْوَد امنْد!.
قَالَ: فَاخَذْتُ بِعِنَانِ الأخْرَم.
قَالَ: فَوَئَوْا مُمْبِرِينَ.
قُلتُ: يَا اخْرَمُ، احْنَرْهُمْ، لايَقتَطَعُوكَ حَتى يَلحَقَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأصْحَاُبهُ.
قَالَ: يَاسَلَمَةُ، إِنْ كَنْتَ تُؤْمِنُ بالئه وَاليَوْم الآَخِرِ، وَتَعْلَمُ أن الجَئةَ حَق وَالئارَ حَق، فَلا تَحُلْ بَيْنِى وَبَيْنَ الشَّهَادةِ.
قَالَ: فَخًلًيْتُهُ.
فَالتَقَى هُوَ وَعَبْدُ الرخْمَنِ.
قَالَ: فَعَقَرَ بَعبْدِ الرَحْمَنِ فَرَسَهُ.
وَطَعَنَهُ عَبْدُ الرَحْمَنِ فَقَتَلَهُ.
وَتَحَوَل عَلَى فَرَسَه وَلَحِقَ أبُو قَتَ الةَ - فَارسُ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - بعَبْدِ الرخمِنِ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ.
فَوَائَنِى كَرئَمً وَجْهَ مُحَمَد ( صلى الله عليه وسلم )، لَتَبِعْتُهُمْ أعْدُو عَلًى رِجْلَى، حَتَى مَا أرَ! وَرَاثِى، مِنْ أصْحَابِ مُحَمَد لجأ وَلاغُبَارِهِم شَيْئَا، حَتى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسرِ إِلَى شِعْب فيه مَاء! - يُقَالُ لَهُ: فًا قَرَد - ليَشْرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ عِطَاش!.
قَالَ: فَنَظَرُوا إِلَى أعْدُو وَرَاعَصم، َ فَحًفَيْتُهُمْ عَنْهُ - يَعْنِى أجْلًيْتُهُم عَنْهُ - فَمَا فَ!قُوا مِنْهُ قَطرَةَ.
قَالَ: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَئُونَ فِى ثَنِية.
قَالَ: فَاكْدُو فَا"لحَقُ رَجُلا منْهُمْ، فَا"صُكُهُ بسَهْم فى نُغْضِ كَتفهء قَالَ: قُلتُ: خُنْ!ا وَأنًا ابْنُ اكْوَع، وَاليَوْمُ يَوْمُ الرصع.
قَالَ: يَاثَكَلَتْهُ أمُهُ، كْوَعُهُ بُكرَةَ.
قَالَ: قُلتُ: نَعَمْ، يَاعَدُؤَ نُفْسه، كْوَعُكَ بُكْرَةَ.
قَالَ: وَأرْلمحوْا فَرَسئينِ عَلَى ثَنِيةٍ.
قَالَ: فَجِئْتُ بِهِمَا أسُوقهُمَا إِلَى رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: وَلَحِقَنِى
وبيداء تحسِب آرامَهَا رجَالُ إيادبأجلادها
يعنى: بأشخاصها.
قال: فالآرام الأعلام.
والأرأم بالهمز بعد الراء الظب.
قال زهير:
بها العين والآرام يمشين خلفة واْطلاؤها ينهض من كل مجثم
قال القاضى: قال بعضهم: لعله جعلت عليه آثار من الحجارة، أى علامته.
قوله: (فلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فطعنه)، وذكر قتل عبد الرحمن للأخرم.
كذا قال مسلم، وذكر ابن إسحق أن صاحب هذه القصة حبيب بن عيينة بن حصن، ولم تكن العرب تسمى بعبد الرحمن فى الجاهلية.
قال الإمام: وقوله: ا لقينا من هذا البرح) يعنى الشدة، وقد تقدم.
(6/194)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها 195 عَامِرٌ بسَطيحَة فِيهَا مَذْقَة!مِنْ لَبَنِ، وَلسَطِيحَة فِيهَا مَاء!، فَتَوَضأتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَ أتَيْتُ رَسُولً اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَهُوَ عَلَى المَاء الَّذِى حَلأتُهُمْ عنهُ.
فَلنَ! رَسُولُ الله كلية قَدْ أخَذَ تِلكَ الإبلَ، وَكُل شَىْء اسْتَنْقَنْ!لهُ منَ المُشرِكِنَ، وَكُل رُمْح وَبُرْ!ة لَاِفَ! بِلاَل!نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإبِلِ اَئًذى اسْتَنْقَذْتًُ مِنَ القَوْم، َ داِذَا هُوَ يَشْوِى لِرَسُولِ الثهِ ( صلى الله عليه وسلم ) منْ كَبدهَا وَسَنَامِهَا.
قَالً: قُلتُ: يَارَسُولَ الله، خَلِّنِى فَائتَخِبُ مِنَ القَوْم مِائَةَ رَجُلِ، فَأتَّبِعُ القًومَ فَلا يَبْقَى مِنْهُمْ مُخْبِر إِلا قَتَلتُهُ.
قَالَ+ فَضَحكَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِنُهُ فِى ضَوْءِ النَّارِ.
فَقَالَ: (يَاسَلَمَةُ، أتُرَاكَ كنتَ فَاعِلا ؟).
قُلتُ: نَعَمْ.
وَائَذِى!كْرَمَكَ فَقَالَ: (إئهُمُ الاَنَ لَيُقْرَوْنَ فى أَرْضِ غَطَفَانَ).
قَالَ: فَجَاءَ رَجُل مِنْ غَطَفَانَ، فَقَالَ: نَحَرَ لَهُمَْ فُلانٌ جَزُورًا.
فَلَمًّا كَشَفُوا جلدَهَا رَأوْا غُبَارَا، فَقَالُوا: أتَاكُمُ القَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أصْبَحْنَا قَالَ رَسُولُ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ): (كَانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا اليَوْمَ أبُو قَتَ الةَ، وَخثرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ).
قَالَ: ثُمَّ أعْطانِى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَهْمَيْنِ: سَهْمُ الفَارِسِ وَسَ!مُ الرَاجِلِ، فَجَمَعَهُمَا لِى جَمِيعًا، ثُمَّ أرْدَفَنِى رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) وَرَاءَهُ عَلَى العَضْبَاءِ، رَاجِعِنَ إِلَى المَدِينَةِ.
قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسيرُ.
قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لايُسْبَقُ شَدا، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: ألا مُسَابِق إِلَى الَمَدِينَةِ ؟ هَلْ مِنْ مُسَابِقِ ؟ فَجَعَلَ يُعيدُ فَلكَ.
قَالَ: فَلَمَّا سَمعْتُ كَلامَهُ قُلتُ: أمَا تُكْرمُ كَرِيفا، وَلاتَهَابُ شَرِيفَا ؟ قَالَ: لاَ إِلا أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: قُلتُ: يَارَسُولَ اللّهِ، بِا"بِى وَامى، فَرْنِى فَلأسَابِقَ الرَّجُلَ.
قَالَ: (إِنْ شِئْتَ).
قَالَ: قُلتُ: افر بْ إٍ لَيْكَ، وَثَنَيْتُ رِجْلَى فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ.
قَالَ: فَرَبَطتُ عَلَيْه شَرَفَا أوْ شَرَفِيْنِ أسْتَبْقى نَفسِى، ثُمَّ عَدَوْتُ فِى إِثْرِه، فَرَبَطتُ عَلَيْهِ شَرَفًا أوْ شَرَفَيْنِ، ثُمًّ إِنِّى رَفَعْتُ حتى كحَقَهَُ.
قَالَ: فَا"صُكُّهُ بَيْنَ كَتِفَيْه.
قَالً: قُلتُ: قَدْ سُبِقْتَ وَاللّهِ قَالَ: أنَا أظُنُّ.
قَالَ: فَسَبَقْتُهُ إِلَى المَلِينَة.
قَالَ: فَوَاللّهِ، مَالَبثنَا إِلا ثَلاثَ لَيَالِ حَتَى خَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَجًعَلَ عَمّى عَامِر يَرْتَجِزُ
وقوله: (يتخللون الشجر): اْى يدخلون بين خلال الشجر.
وخلالها أو ساطها، والخلال جمع خلل، مثل جبل وجبال.
ومنه: { وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} (1).
منى: وسطكم.
قوله: (مذْقَةَ لَبَن)، قال القاضى: أى شىء قليل من لبن مشوب بالماء.
قال الإمام: يقال: مذقت اللين، أى خلطته بالماء.
ومذق المودة: لم يخلصها (2)،
(1) التوبة: 47.
(2) فى الأصل: يخلطها، والمئبت من ع.
196
بِالقَوْم:
تَالثهِ لَولا اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَنَحْنُ عَن فَضْلِكَ مَا اسْتَغْنينَا
(6/195)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها
وَلا تَصَئتْنَا وَلا صَلَّيْنَا
فَثبتِ الأقْل!مَ إِنْ لاقَيْنَا
و ؟نزِلَنْ سَكِينَةً عَثينَا
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ هَنَا ؟).
قَالَ: أتا عَامِر.
قَالَ: (غَفَرَ لَكَ رجمكُ).
قَالَ:
وَمَا اسْتَغْفَرَ رَسُولَُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لإنْسَان يَخُضُهُ إلا اسْتُشئهِدَ.
قَالَ: فَنَادَى عُمَرُ بْنُ الخَطَابِ، وَهُوَ عَلَى جَمَلِ لَهُ: يَانَبِىَّ اللهِ، لَولا مَامَتغتًنَا بعَامِرِ.
قَالَ: فَلَمَّا قَدمْنَا خَيْبَرَ قَالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَمث يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ:
قَدْعَلِمَتْ خَيْبَرُثينى مَرْحَبُ شَاكِى ال!ئلاح بَطَل مُجَرثُ
إِفَ! الحُرُوبُ أفبَلَتْ تَلَفَبُ
قَالَ: وَبَرَزَ لَهُ عَمِّى عَامِز، فَقَالَ:
قَدْعَلِمَتْ خيبَرُا 2نى عَامِز شَاكِى السِّلاح بَطَل مُغَامِز
قَالَ: فَاخْتَلَفْا ضَرنجتينِ، فَوَقَعَ شيفُ مَرْحَب فِى تُرْسِ عَامِرِ، وَفَ!بَ عَامِزيَسْفُلُ لَهُ، فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطَعَ كْحَلَهُ، فَكَانَتْ فِيهَاً نَقسُهُ.
ومذقها أيضئا: ملها.
وقوله: (شاكى السلاح): أى تام السلاح، يقال: رجل شاثك (1) السلاح وشاك
فى السلاح، من الشكة وهى السلاح أجمع، وثوكة الأسنان: ثدته، قال الله سبحانه وتعالى: { غَيْرَ فَاتِ ال!ثؤكَة} (2) أى غير ذات السلاح التام.
قال القاضى: تحقيق هذا: رجل شاك السلاح، ورجل شاك وشاكْ مخففان وشاثك،
كله للذى جمع عليه سلاحه.
والشكة: السلاح، والشوكة أيضئا، وسلاح شاك.
قال الإمام: وقوله: (بطل مغامر) يثبه أن يكون أراد: يركب غمرات الحرب، وهى ثدائدها.
وقول على - رضى الله عنه -: (أنا الذي سمتنى أمى حيدرة) قيل: إنما تمثل على
(1) فى الأصل: ثاك، والمثبت من ع.
(2) 1 لأنفال: 6.
(6/196)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها 197 قَالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فَإفَا نَفَزمِنْ أصْحَاب النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُونَ: بَطَلَ عَمَلُءَامِرٍ،
قَتَلَ نَفْسَهُ.
قَالَ: فَائيْتُ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وَأنَا جمِى، فَقُلَتُ: يَارَسُولَ اللهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَنْ قَالَ فَلِكَ ؟).
قَالَ: قُلتُ: نَاس منْ أصْحَابِكَ.
قَالَ: (كَذَبَ مَنْ.
قَالَ فَلِكَ، بَلْ لَهُ أجْرُهُ مَرتيْنِ)، ثُمَ أرْسَلَنِى إِلَى عَلِى، وَهُوَ أرْمَدُ.
فَقَالَ: ا لأعْطِيَن الرأيَةَ رَجُلاً يُدِب اللهَ وَرَسُولَهُ، أوْ يُحئهُ اللهُ يَرَسُولُهُ).
قَالَ: فَائيْتُ عَليا فَجِئْتُ بِهِ أقُو!مُه وَهُوَ أَرْمَدُ، حَتَى أتَيْتُ به رَسُولَ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم )، فَبَسَقَ فِى عَيْنَيْه فَبَرَأ، وَأعْطًاهُ الرأَيَةَ، وَخَرَجَ مَزحَبٌ فَقَالَ: ً
قَدْعَلِمَتْ خَيْبَرُابردى مَرْحَبُ شَاكِى السئلاح بَطَل مُجَرثُ
إِفَا الحُرُوبُ أقْبَلَتْ تَلَفَبُ
فَقَالَ عَلِىّ:
انا الَّنِى سَمتنِى أفى حَيْمَرَهْ كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ
أوفِيهِمُ بِالضاع كَيْلَ ال!ئنْدَرَهْ
ابتداء عند مبارزة مرحب هذا ؛ لأنه كان رأى فى المنام أن مرحئا يقتله سبع وكان على - رضى الله عنه - سمى أول ما ولد أسئا وسبعأ.
وحيدرة: / الأسد فارتجز بذلك لينبه على المنام ويذكره به حتى تضعف منته ويخاف.
وقوله: (أو فيهم بالصاع كيل السندرة): معناه: أقتلهم قتلا واسغا ؛ لاْن السندرة مكيال واسع، وقيل: السندرة: العجلة، فيكون معناه على هذا: اقتلهم قتلا عاجلاً.
قال القتبى: ويحتمل أن يكون مكيالأ اتخذ من السندرة، وهى شجرة يعمل منها النبل والقسى.
قال القاضى: قال صاحب العن: كيل السندرة: ضرب من الكيل غراف جزاف ؛
وإنما سمى على - رضى الله عنه - عند ولادته أسمًا باسم جده لأمه أسد بن هاشم بن عبد مناف، سمته أمه فاطمة بنت أسد بذلك على اسم أبيها، فكان أبو طالب غائبا حينئذ، فلما قدم سماه عليا، فهو الذى أراد.
وعبر بحيدرة عن أسد، فهو من أسماء الأسد، سمى بذلك لغلظه.
والحادر: الغليظ، يريد: أنا السبع فى جرأته، والأسد فى إقدامة، وبه سمتنى اْمى.
قال القاضى: وبقى من الغريب فى حديث سلمة - مما لم يذكره - قوله: (اخترطت سيفى): معنا 5: سللته.
95 / أ
95 / ب
198 (6/197)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها قَالَ: فَضَربَ رَأسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَ كَانَ الفتحُ عَلَى يَاصدهِ.
تَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدثنَا مُحَفدُ بنُ يَحْيَى، حَدثنَا عَبْدُ الضَمَدِ بْنُ عَبْدِ الوَارِثِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَارٍ، بِهَذَ! الحَدِيثِ بِطُولِهِ.
وقوله: (وجاَ عمى برجل من العبلات فى سبعيئ من المشركين ) هو بطن من بنى
عبد شمس، وهم أمية الأصغر وأخواه نوفل وعبد شمس بن عبد مناف من قريش، نسبوا إلى أم لهم من تميم اسمها عبلة بنت عبيد بن البراجم.
وقوله: (على فرس مجفف): أى عليه تخفاف بكسر التاَ، هو شبه الجُل.
وقوله: (دعهم يكن لهم بدَ الفجور وثناه) بكسر الثاَ ومقصور، أى عودة ثانية،
وفى رواية ابن ماهان: (وثنياه) بضم الثاَ، وهو بمعنى الأول.
وعفو النبى ( صلى الله عليه وسلم ) عنهم وتزلهم لمجيئهم بهم - واللة اعلم - لأنه بعد تمام الصلح،
وكان هذا الخبر فى الحديبية التى كان فيها الصلح على ماتقدم فى الحديث.
وإنما فعل هذا سلمة وعمر لما ذكر من قتل المقتول من المسلمن اْسفل الوادى، فرأى المسلمون أن الصلح منتقض ولم ينقضه ( صلى الله عليه وسلم )، فإما أن يكون لم يحقق أن المشركين قتلوه بعد الصلح، أولم يرتضى الصلح بذلك لجهل قاتله فأمضى الصلح.
وقوله: " فنزلنا منزلا بيننا وبين بنى لحيان جبل وهم المشركون): هكذا ضبطناه
بفتح الهاَ وتشديد الميم على بعض شيوخنا، ومعناه: هم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) والمسلمن اْمرهم لئلا يغدروهم ويبيتوهم لقربهم منهم، يقال: همنى الأمر وأهمنى، وقيل: همنى أذابنى، وأهمنى: غمنى.
واستغفار النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لمن يكون طليعه فى الجبل يدل عليه.
وضبطه بعضهم: (وهم المشركون) على الخبر عنهم.
(وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بظهره): أى بنبله التى تحمل أثتهاله.
والسّرح: الإبل والمواشى الراعية وهى السارحة أيضًا، سميت بسرحها للرعى، وهو إرسالها له بالغداوات.
والاكمة: ما ارتفع من الأرض دون الجبل.
وقوله: (فأصكه بسهم فى نُغض كتفه): كذا روايتنا عن شيوخنا، وفى بعض النسخ: (إلى كعبه)، والمعنى بالرواية الأولى أشبه، لأنه يمكن أن يصيب بها أعلى آخرة الرجل، فيصيب حينئذ إذا / نفذته (1) كتفه.
ومعنى (أصك): اصرب.
(1) فى س: نفذ.
(6/198)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها 199 (... ) وحدّثنا أحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الأزْدى السلَمِىُّ، حدثنا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّد، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّار، بِهَنَا.
َ
وقوله: (فما زلت أرميهم واْعقر بهم): ورواه بعضهم: (أزد بهم " بفتح الهمزة، ومعناه: أرميهم.
وكذا روايتنا فيه.
ورواه بعضهم هنا: (أرميهم) والرادى: الرامى، رديت الحجر: رميته، والمرداة: الحجارة، وا لأشبه فى ا لأول: (أرميهم) ؛ لأنه إنما أخبر عن رميه بالقوس.
ومعنى قؤله: (وأعقر بهم): أى أعقر خيل فوارسهم، وكذلك قوله بعد: (فعقر بعبد الرحمن): أى قتل فرسه، ويقال: عقر به: إذا عَرقَتْ دَابته.
و(يتضحون): فسره فى الحديث: (يتغدون).
و(يقرون): يضافون.
أخبر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) بوصولهم إلى بلادهم وفوتهم الطلب، وأنهم يقرون هناك، ونطعمهم من في اْولهم.
وذكر بعضهم اْنه يروى: (يقرون) بفتح الياء، أى يضيفون غيرهم، واْن سبب هذه الفعلة الحميدة ترك اْتباعهم ورعأ بهم، وهذا بعيد جدا من مقصد الحديث.
والقرن: جبل صغير منفرد منقطع من جبل كبير.
وقوله: (فحليتهم منه): يريد الماء، كذا روايتنا فيه غير مهموز مشدد الام بحاء مهملة، أى طردتهم عنه، كما فسره فى الحديث نفسه: (أجليتهم عنه).
وأصله الهمز، فسهل هنا، وجاء مهموزأ بعد هذا فى الحديث نفسه.
ونغض الكتف: العظم الرقيق على طرفها، سمى بذلك لكثرة تحركه، وهو الناغض أيضَا.
وقوله: (وأردوا فرسين): كذا رواية الكافة فيه بالدال المهملة!رواه بعضهم بالمعجمة، وكلاهما متقارب المعنى.
فبالمعجمة معناه: خلفوا، والردى: الضعيف من كل شىء.
وبالمهملة فمعناه: أهلكوهما واْتعبوهما حتى أسقطوهما وتركوهما، ومنه: المتردية.
وأردت الخيل الفارس: اْسقطته.
ومذقة اللين: القليل منه الممزوج بالماء.
والمذق ما
مزج منه الماء.
والسطيحة: إناء من جلود، سطح بعضها على بعض.
وقوله فى خبر الذى سابقه: (فطفرت): أى قفزت وعدوت وجريت.
وقوله: (فربطت عليه شرفا أو شرفن أستبقى نفسى) بفتح الفاء، أى حبست عليه
قليلاَ لأروح نفسى، ولايقطع البهر وطول الجرى نفسى.
والشرف: ما ارتفع من الأرض.
وا لشد: الجرى.
وقوله: (يخطر بسيفه): أى يرفعه مرة ويضعه أخرى، [ وقد تقدم معنى قول على:
(أنا الذى سمتنى أمى حيدرة)] (1).
(1) هذا الكلام سقط من مى، وقد تقدم فى الباب الماضى فى غزوه خيبر.
96 / 1
(6/199)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قرد وغيرها
وقوله: (وذهب عامر يسفل له): أى يضربه من اسفله.
ومما فى هذا الحديث من الفقه والفوائد - سوى ماتقدم - أربع معجزات للنبى ( صلى الله عليه وسلم ): الأولى: تقدمت فى تكثير قليل الماء.
والثانية: فى إبراء الأمراض وذوى العاهات بنفسه (1) وريقه، كما ذكر هنا اْنه قيل
له: على، وهو أرمد، فبصق فى عينه فبرىْ.
والثالثة: إخباره عن الغيب عن حالة غطفان، وأنهم يقرون حين قال ذلك، فجاء
الخبر بذلك (2).
والرابعة: قوله فى على - رضى الله عنه -: (يفتح الله على يديه)، فكان كما
قال فإن لم يكن هذا اللفظ فى خبر على - رضى الله عنه - فى مسلم فهو فى غيره.
وفيه جواز اتخاذ الطلالْع كما فعل ( صلى الله عليه وسلم ) (3)، ومصطة العدو إذا رأى فى ذلك مصلحة المسلمين
وجوازا / المسابقة على الأرجل كما جاء فى الحديث، وفى حديث مسابقة النبى ( صلى الله عليه وسلم )
مع عائثة - رضى الله عنها - (4) وماكان عليه سلمة مق القوة على المثى والشجاعة وجودة الرمى وفضل الرمى.
وجواز عقر خيل العدو فى القتال.
وجواز قول الرامى والطاعن فى الحرب: خذ ها، وائا ابن فلان.
وجواز الأرجاز فى الحرب وبين الصفوف، وما كان عليه الصحابة - رضى الله عنهم -
مق حبهم الشهادة.
وجواز الاممتقتال فى سبيل الله تعالى وطلب الموت لإلقاء الإنسان نفسه فى غمرات الحروب والعدد الكثير من العدو كما فعل الأخرم وسملمة.
وجواز المبارزة، ولاخلاف بين العلماء فى جوازها بإذن الإمام، إلا الحن فإنه شذ ومنعها.
واختلف بغير إذن الإمام، ومنع ذلك إسحق واْحمد والثورى، واختلف فيه عن الأوزاعى، وأجازه مالك والشافعى.
وهذا الديث حجة لهما إذ لم يذكر فيه أن عليا وعامراًا ستأذنا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) فى المبارزة.
واختلفوا بعد فى معونة المبارر على من برر إليه، فرخص فى ذلك أحمد وإسحق والشافعى، واحتجوا بقصة على وحمزة وعبيدة يوم بدر (5).
قال الثافعى: إلا أن يقول
(1) فى س: بلمسه.
(2) فى س: بمثله.
(3) البخارى، كالجهاد، بدعاه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الاصلام والنبوة 5 / 57، مسلم، كفضائل الصحابة برقم (4) (ابو 21)، كالهاد، بنى السبق على للرجل 28 / 2، أحمد 264 / 6.
(5) سبقت فى غزوة بدر.(6/200)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذى قردوغيرها 201 له: لا يقاتلك غيرى، أو لم يقل إلا أنه يعرف أنه قصد واحداً فهو كالاَمن من الجميع، وكره معونته.
وكره معاونة المبارز الأوزاعى بكل حال وإن خشوا قتل العدو لصاحبهم ؛ لأن المباصزة إنما تكون هكذا، إلا أن يعين المبارز من العدو وأصحابه، فلا بأس أن يعين المسلمون صاحبهم.
وفيه ان ما بقاه (1) المشركون حكمه حكم ماغنم منهم.
وقوله فى على - رضى الله عنه -: (يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله): من خصائص على - رضى الله عنه - وكراماته.
وفيه من الفقه: أن للإمام الإرضاخ من النافلة والزيادة لمن راّه مستحفا لذلك كما فعل لسلمة.
وقوله: (أعطانى سهمين ؛ سهم الفارس وسهم الراجل): لما سهم الراجل فحقه،
واْما سهم الفارس فلغنائه ما لا يغنيه فوارس عدة، كما نصه فى الخبر.
فيحتمل أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خصه بذلك لذلك ة ولاْنه استنقذ تلك الغنائم قبل ورود العساكر، ويحتمل أنه أعطاه سهم الفارس من الخمس، والله أعلم.
وفيه أن ما استنقذ من يد العدو من مال المسلمين فصاحبه أحق به، كما استنقذ هؤلاء
لقاح النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
(1) فى س: ألقاه.
202
(6/201)
كتاب الجهاد / باب قول الله تعالى: { وَهُوَ الذِك! كَ! أَيْمِيَهُمْ عَنكُمْ} الاَدة
(46) باب قول الله تعالى: { وَهُوَ الذى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ الآية
133 - (1808) حئثنى عَمْرُو بْنُ مُحَمَد النَاقدُ، حَدثنَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا حَمَادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسِ بْنِ مَاللث ؛ أنًّ ثَمَانِينَ رَجُلأ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مِنْ خبَلِ التَثعِيم مُتَسَفحَيق، لُرِيدُونَ غِرَّةَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) وَأصْحَابه.
فَا"خَنصمْ سَلًمأَ، فَاسْتَحْيَاهُمْ.
فَأنْزَلَ اللهُ عَر وَجَلَّ: وَهُوَ الَذِي كَ! أَيْدِيَهُمْ عَنَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عهُم بِبَطْنِ مَكةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَ!هِمْ} (1).
وقوله فى الذين اْرادوا غرة النبى ( صلى الله عليه وسلم ): (فأخذهم سلمأ): كذا ضبطناه بسكون اللام،
وفى نسخة: (سَلَمَا) بفتح اللام.
وكذا ضبطناه عن هثام بن اْحمد الفقيه عن أبى على الغسانى، وهو اْظهر هنا، أى أسارى.
والسلم: الأسير، سمى بذلك لأنه أسلم.
والسئَلمُ والسئلْم، بسكون اللام وكسر السين وفتحها: الصلح، وهو السلام أيضأ.
وقوله: (فاستحي!م): يدل على صحة الرواية بالفتح فى اللام، وأنها اْظهر.
(1)1 لفتح: 24.
(6/202)
كتاب الجهاد / باب غزوة النساء مع الرجال 203
(47) باب غزوة النساء مع الرجال
134 - (1809) حدّثنا أبُو بَكْر بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا يَزِيدُ بْنُ هَرُونَ، أخْبَرَنَا حَمَّادُ
ابنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ أنَسي ؛ أنًّ امَّ سُلَيْم اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْن خنْجَزا، فَكَانَ مَعَهَا.
فَراها أبُو طَلحَةَ، فَقَألَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَنِهِ ائمُ سُلَيْبم مَعَهَا خنْجَرم.
فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (مَاهَذَا الخنْجَرُ ؟).
قَالَتِ: اتَّخَذْتُهُ، إِنْ دَنَا مِنّى أحَد مِنَ المُشْرِكِينَ بَقَرْتُ به بَطنَهُ.
فَجَعَلَ رَسُوَلُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَضْحَكُ.
قَالَتْ: يَارَسُولَ اللهِ، اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاَءِ انْهَزَمُوا بِكَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا ائمَ سُلَيْمٍ، إِن اللهَ قَدْ كَفَى وَأحْسَنَ لما.
ص ص ممص، ص !، 5، ص ص صص ص ه !ءصرصء، 5، ءص صءه ص ص 5 ص،
(... ) وحدثنِيهِ محمد بن حاتمٍ، حدثنا بهز، حدثنا حماد بن سلمة، اخبرنا إِسحق
ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِى طَلحَةَ، عَنْ أنًسِ بْنِ مَالِكٍ.
فِى قِضَةِ ائم سُلَيْ! عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
مِثْلَ حَدِيثِ ثَابِت.
135 - (1810) حلثّنا يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِت، عَنْ
أنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَغْزُو بِا4مِّ سُلَيْمٍ، وَنِسْوَةٍ مِنَ الأنْصَارِ مًعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ المَاءَ وُيلَماوِينَ الجَرْحَى.
وفى حديث اْم سليم خروج النساء فى الغزو ومباشرتهن القتال.
والخنجر، بفتح الخاء: السكين.
وبقرت بطنه: شققته.
قال الإمام: أصل التبقر: التوسع / والتفتح، ومنه يقال: بقرت بطنه.
وفى الحديث: نهى عن التبقر فى الأهل والمال.
قال أبو عبيد: [ يراد به] (1) الكثرة والسعة.
قال القاضى: وقول اْم سليم: (اقتل من بعدنا من الطلقاء انهزموا بك): استحقوا عندها ذلك لتهمتهم قصد ذلك لقرب إسلامهم، ومنهم من لم يكن اْسلم بعد، ومعنى لمحمن بعدنا): أى من سوانا ومن درانا.
و(الطلقاء): هم اْهل مكة الذين أسلموا بعد الفتح ؛ لأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من عليهم وقال لهم: (اْنتم الطلقاء).
وفى قوله فى النساء: (يسقين الماء ويداوين الجرحى) جواز تناول المرأة الفاضلة مثل
هذا من الرجال الفضلاء، لاسيما فى هذا الموطن الذى لايشغل فيه شىء عما هم فيه، وأن
(1) فى س.
يريد.
96 / ب
204 (6/203)
كتاب الجهاد / باب غزوة النساَ مع الرجال 136 - (1811) حدّشا عَبدُ اللهِ بْنُ عمدِ الرخمَن اللَأرِمِى، حَدثنَا عبدُ اللّهِ بْنُ عَمْرٍو - وَهُوَ أبُو مَعْمَرٍ المِنْقَرِىُّ - حَد غنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدصثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ - وَهُوَ ابْنُ صُهَيْب - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: لَمَاَ كَانَ يَوْمُ أحُدٍ انْهَزَمَ نَاس مِنَ النَّاسِ عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، وً أبُو طَلحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَيًى ( صلى الله عليه وسلم ) مُجَؤب!عَلَيْه بحَجَفَة.
قَالَ: وَكَانَ أبُو طَلحَةَ رَجُلا رَامِيًا شَديدَ النَزعْ، وَكَسَرَ يَوْمَئذ قَوْسينِ أوْ ثَلالا قَاَلً: فَكَانً الرخلُ يَمُر مَعَهُ الجَعْبَةُ منَ الئبْلِ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لأن طَلحَةً.
قَالَ: وَيُشْرِفُ نَبِى اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ينظُرُ إِلَى القَوْم.
فَيَقُولُ أبُو طَلحَةَ: يَانَبِى اللهِ، بِائِ! ؟نتَ وَأفى، لاتُشْرِفُ لايُصِبْكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَام القَوْم، نَحْرِى!هنَ نَحْرِكَ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأيْتُ عَائشَةَ بِنْتَ أبِى بَكْر وَأمَّ سُلَيْ! صَاِنَهُمَا لَمُشَمَرتَانِ، أرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا، تَنْقُلانِ القِرَبَ عًلَى مُتُونِهِمَا، ثُمَ تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِهْم، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلاَنِهَا، ثُمَ تَجِيئَانِ
كثرهن كن متجالات، واْن المداواة قد لايكون فيها لما ومباشرة.
وقوله: (وأبو طلحة بين يدى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) مجوب عليه بحجفة)، قال الإمام: يعنى مترسئا يقيه بالحجفة، وهى الترس، والجوب: التُرس.
وقوله: (وكان أبو طلحة راميأ شديد النزع): يعنى شديد الرمى بالسهام.
قال القاضى: وفيه التترس (1) والتوقى من العدو، وفضل الرمى، وجواز قول الرجل للاخر: بأبى اْنت وأمى، وتفديته ؛ لقول أبى طلحة ذلك، ولقول غير واحد ذلك للنبى ( صلى الله عليه وسلم ) ولم ينكره.
وقد كره بعض العلماَء التفدية بالأباَ، وقال: لايفدى بمسلم اْحد، وإنما فدى هولاَ بأبيهم لأنهم مشركون، ورويت فى ذلك آثار ولم تثبت.
وقد فدى أبو بكر النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأبوه مسلم، وفدته عائشة - رضى الله عنها - فى حديث أم زرع فى بعض الروايات.
وقوله من السلف بعضهم لبعض غير منكر والمراد به التعظيم وغاية البر.
وقوله: (أرى خدم سوقها) أى خلاخيلِهن.
والسوق جمع صاق، وواحد الخدم خدمة.
وقيل.
هى سور كالحلقة تجعل فى الرجل.
قال الإمام: وفى حديث سلمان أنه رىَ على حمار وخدمتاه تذبذبان: أراد بخدمتيه: ساقيه، فسميتا بذلك لأنها موضع القدمن[ وهى الخلخالن] (2)[ ويقال: أريد بهما مخرج الرجل من السراويل] (3)، ومنه الحديث: [ (بادية خدامهن)، لثم ظاهرة خلاخلهن، ومنه قيل: فرس مخدم إذا كان اْبيض الرسغن، (4).
(1) قى س: التترشى.
(2) فى ع: وهما الخلخالا.
(3، 4) سقط من الأصل، والمثبت من ع، س.
(6/204)
كتاب الجهاد / باب غزوة النساءمع الرجال 205 تُفْرِغَانِهِ فِى أفْوَاهِ القَوْم، وَلَقَدْ وَقَعَ ال!مئَيْفُ مِنْ يَدَىْ أن طَلحَةَ، إِفَا مَرتيْنِ وَإِفَا ثَكا، مِنَ الئعَاسِ.
[ قال القاضى: قيل: وفى حاجة الجيوش إلى مثل هذا - مداواة الجرحى وسقى الماء - تكليف ذوى] (1) الصناعات الخروج فى الجيوش مع المقاتلة، مما جعلهم يضطرون إلى عمله فى غزوهم.
وأما ظهور خدم سوقهن ورؤية الرجال ذلك منهن، فلعله كان عن غير قصد وتعمد، وللضرورة حينئذ للتشمير واستقاء الماء وحمله، ولايمكن ذلك مع إرخاء الذيل وستر الأرجل، مع الشغل حيسئذ بما هم فيه بعضهم عن بعض.
وقد قال بعفعلمائنا - وهو القاضى اْبو عبد الله بن الرابط -: إذا دخل الحرج على النساء فى ستر ما اْمرنا ستره من المعصم والصدر والساق رفع عنهن للضرورة.
وهذا الحديث يشهد له.
أو يكون هذا قبل أمرهن بالستر، والحديث كان فى يوم اْحد، وذلك فى أول الاسلام قبل نزول الحجاب، وقبل الأمر بالستر وإرخاء الذيل، والضرب بالخمر على الجيوب، والنهى عن إبداء الزينة، إلا لمن خصه الله سبحانه ممن ذكر فى كتابه العزيز فى سورة النور.
وإنما نزل كثير منها بعد قصة الإفك وفى غزوة المريسيع / بعدها سنة ست على قول ابن إسحق، أو أربع على قول ابن عقبة، أو خمس على قول الواقدى.
وفى حضور النساء أيفئا فى معارك الحرب ومظان القتال، إثارة غيرة الرجال، وحمية الأنوف ة لصونهن عن النساء.
(1) سقط من الأصل، والمئبت من س.
97 / ءا
206
(6/205)
كتاب الجهاد / باب النساَ الغازيات يرضخ لهن...
إلخ
(48) باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم
والنهى عن قتلى صبيان أهل الحوب
137 - (1812) حدّثنا عَبْدُ اللّه بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ - يَعْنِى ابْنَ بِلالٍ - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرمُزَ ؛ أن نَجْلةً كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْألُهُ عَنْ خَمْسِ خِلالً.
فَقَالَ ابْنُ غَثاسٍ: لَوْلا أنْ يهلمَ عِلمَا مَاكَتَبْتُ إِلَيْهِ، كَتَبَ إِلَيْه نَجْدةُ: أمَا بَعْدُ، فَأخْبَرَنِى هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَغْزُو بالنِّسَاءِ ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُن بسَهْم ؟ وَهَل كَانَ يَقْتُلُ الصبيَانَ ؟ وَمَتَى يثقَضِى يتمُ اليَتِيمَ ؟ وَعَنِ الخُمْسِ لمَنْ هُوَ ؟ فَكَتَبً إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاس: كَتَبْتَ تَسْألُنِى هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَغْزُو بِالئسَاءِ ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُؤ بِهِن فُيُدَاوِينَ الجًرْحَى وَيحْذَيْنَ مِنَ الغَنِيمَةِ.
وَأمَّا بِسَهْمٍ، فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُن، وَإِنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَكُنْ بَقْتُلُ الضبْيَانَ، فَلا تَقْتُلِ الضَبْيَانَ.
وَكَتَبْتَ تَسْألنِى: مَتَى يَنْقَضِى يتمُ اليَتِيم ؟ فَلَعَمْرِى إِنَّ الرَّجُلَ لَتنْبُتُ لِحْيَتُهُ !اِنَّهُ لَضَعِيفُ الأخْذِ لِنَفْسِهِ، ضَعِيفُ العَطَاءِ
وفى حديث نجدة وابن عباس ماتقدم الكلام عليه ؛ من مغ قتل النساَ والصبيان.
وفيه أنه لايضرب لهن بسهم، وهو قول كافة العلماَء ؛ مالك وأبو حنيفة والشافعى والثورى والليث، خلافأ للأوزاعى فى أنه يسهم لهن إذا قاتلن، وأنهن كن يداوين الجرحى.
وقوله: (ويحذين من الغنيمة)، قال الإمام: أى يعطين.
قال ابن ولاد: الحُذْيا والحُذَيا: مَا يعطى الرجل من الغنيمة أو من الجائزة، وكذلك الحذوة.
قال القاضى: واختلف العلماَء فى هذا، فقال مالك لايرضخ لهن ولم يبلغنى ذلك،
وقال الباقون: إنه يرضخ لهن.
وذهب بعض العلماَء إلى إنما ذلك لقلة غنائهن فى القتال، ولو ظهر من امرأة غناَ لكان الاسهام لهن (1) صوابأ، وقاله ابن حبيب.
وذكر فى الحديث أنه لايسهم للعبد، وبه قال جمهور العلماَء، قالوا: ويرضخ، إلا مالك فلا يرى الارضاخ، كما قال فى النساء، ورواه بعض أصحابه، وذهب الحكم وابن سيرين والحسن وإبراهيم إلى أن العبد إن قاتل أسهم له.
قال القاضى: وقوله: (وسألت متى ينقضى يُتم اليتيم ؟ فلعمرى إن الرجل لتنبت لحيته، وانه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاَ منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما
(1) فى س: لها.
(6/206)
كتاب الجهاد / باب النساَ الغازيات يرضخ لهؤ!إلخ 207 منْهَا، فَإفَا أخَذَ لِنَفْسِه مِنْ !الِح مَايَأخُذُ النَاسُ، فَقَدْ فَ!بَ عَنْهُ اليتمُ.
وَكَتبْتَ تَسْألُنِى عَنِ الَخمْسِ لَمَنْ هُوَ ؟ صاِئا كُئا نَقُولُ: هُوَ لَنَا، فَائى عَثينَا قَوْمُنَا فَاكَ.
138 - (... ) حقثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ صاِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، كِلاهُمَا عَنْ حَاتِ! بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَدٍ، عَنْ أبيه، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ ؛ أن نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْألُهُ عَنْ خِلال.
بِمثْلِ حَديثِ سُلَيمَانَ بْنِ بِلال.
غَيْرَ أنَّ فِى حَديثِ حَاتِمٍ: صاِنَّ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَكُن يَقْتُلُ الضًبْيَانَ، فَلا تَقْتُلِ الضًبْيَانَ، إِلا أنْ تَكُوَنَ تَعْلَمُ مَاعَلِمَ الخَضِرُ مِنَ الضَبِى ائَذِى قَتَلَ.
!زَادَ إِسْحَقُ فِى حَدِيثِهِ عَنْ حَاتِمٍ: وَتُممز المُؤْمِنَ، فَتَقْتُلَ امَافِرَ وَتَدَع المُؤْمِنَ.
يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم) وفى الحديث الآخر: " حتى يبلغ ويؤنس منه رشد):
واختلف الناس فى هذا، فذهب مالك وأصحابه وكافة العلماَء إلى أن يتم اليتم لا يخرجه
مجرد البلوغ ولاعلو السن، حتى يونس منه الرشد وضبطه المال، وهو قول الشافعى واْبى
يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد و(سحق.
وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسة (1) وعشرين
سنة دُفع إليه ماله وإن كان غير ضابط له.
واختلف عندنا هل من شرط ذلك العدالة فى
الدين ؟ وهو قول الشافعى وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحق.
وقال أبو
حنيفة: إنه لايشترط إلا حسن الحال فى ضبط المال دون الرضا فى الدين، وهو مشهور المذهب.
ثم اختلفوا إذا كان عليه مغرم، هل بنفس صلاح حاله يخرج من الولاية وهو
اْحد قولى الشافعى وأحد القولن عندنا، والثانى مشهور مذهبنا وأحد قولى الشافعى: أنه
لايخرج من الحجر إلا الإطلاق لمن حاكم أو وصى، ومالك وجمهور العلماء على جواز
الحجر، بل وجوبه على الكبير إذا ثبت سفهه، خلافأ لأبِى حنيفة.
وقد حكى اجمن للقصار
أن المسأله كأنها مسألة إجماع على خلاف من الخلفاَ والصحابة والتابعين.
وأول أهل المدينة
وأهل الشام وأئمة الفتوى وعلماَ الأمصار سواه.
وقوله: (وكتبت تسألنى عن الخمس لمن هو ؟ وانا نقول: هو لنا، فأبى علينا
قومنا ذلك) تقدم الخلاف فى هذا الكلام فى سهم ذى القربى ومن هم ؟ وانما كان يسأله
عنه بدليل بيانه فى الحديث الآخر، وقوله عن ذوى القربى: (من هم ؟).
وقوله: (إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم يكن يقتل الصبيان / فلا تقتل الصبيان، إلا أن 97 / بتكون تعلم ماعلم الخضر من الصبى الذى قتل): يريد أن الله - سبحانه - اْعلمه أنه كافر،
وقتله إنما يكون بإذن الله - تعالى - فلا يقاس عليه غيره.
وقد قال - سبحانه وتعالى -
(1) فى س: خمسا.
208 (6/207)
كتاب الجهاد / باب النساء الغازيات يرضخ لهن...
إلخ 139 - (... ) وحئثنا ابْنُ أبِى عُمَرَ، حَا شَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ امَئةَ، عَنْ سَعيد المَقْبُرِئ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ كَتَبَ نَجْدَةُ بْنُ عَامِرٍ الحرُورى إِلَى ابْنِ عَئاسٍ يَسألُهُ عَنِ العَبْد وَالمَرْأة يَحْضُرَانِ المَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا ؟ وَعَنْ قَتْلِ الوَلد انِ ؟ وَعَنِ اليَتِيم مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اليتَمُ ؟ وَعَنْ فَهِى القُرْبَى، مَنْ هُمْ ؟ فَقَالَ لِيَزَيدَ: اكْتُبْ إِلَيْهِ، فَلَوْلا أنْ يَقَعَ فِى احْمُوقَة مَاكَتَبْتُ! فيه.
اكْتُبْ: إِنكَ كَتَبْتَ تَسْألُنى عَنِ المَرْأةِ وَالعَبْدِ يَحْضُرَانِ المَغْنَمَ، هَلْ يُقْسَمُ لَهُمَا شَىْءَ! ؟ وَإِئهُ لَيْسَ لَهُمَا شَىْء!، إِلا أَنْ يُحْنَيَا.
وَكَتَبْتَ تَسْألُنِى عَنْ قَتْلِ الولِدَانِ ؟ !اِن! رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَقْتُلهُمْ، وَأنْتَ فَلا تقْتُلهُمْ، إِلا أنْ تَعْلَمَ منْهُمْ مَاعَلِمَ صَاحِبُ مُوسَى مِنَ الغُلاَم الَّذى قَتَلَهُ.
وَكَتَبْتَ تَسْألُنِى عَنِ اليَتِيم، مَتَى يَنْقَطِعُ عَنْهُ اسْمُ اليتمِ ؟ وَ الهُ لايَنْقَطِعُ عَنْهُ اسمُ الَ!ثم حَتَى يَبْلُغَ وَيُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْد.
وَكَتَبْتَ تَسْألنِى عَنْ فَهِى القُهْ، مَنْ هُمْ ؟ وَإِئا زَعَمْنَا أئا هُمْ، فَأ! فَلِكَ عَثينَا قَوْمُنَا.
.
(... ) وحذثناه عَبْدُ الرخمَنِ بْنُ بِشْرٍ العَبْدِىُّ، حَا شَا سُفْيَان، حَا شَا إِسْمَاعيلُ بْنُ
أمَئةً عَنْ سَعيد بْنِ أبِى سَعيد، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عًئاسٍ.
وَسَاقَ الحَلِيَثً بِمِثْلِهِ.
ًَ
قَالَ أبُو إِسْحَقَ: حَا لِى عبد الرخْمَنِ بْنُ بِشْرٍ.
حَدثنَا سُفْيَانُ، بِهَنَ! الحَلِيثِ، بِطُولِهِ.
140 - (... ) حئثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أخْبَرَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِم، حَدثِى
أبى، قَالَ: سَمْعْتُ قَيْسًا يُحَدثُ عَنْ يَزيدَ بْن هُزْمُزَ.
ح وَحَدثنى مُحَمَدُ بْن حَاتِم - صَ ص ه، ص، ص ص ص عص ص هء ص عص صَ، 5، ص ص ! صَ، 5، ص ه ص ه ص ص واللفظ له - قال: حدثنا بهز، حدثنا جرِير بن حازِبم، حدثنِى قيس بن سعدٍ، عن يزِيد ابْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجدَةُ بْنُ عَامِرٍ إلَى ابْنِ عبَاسٍ.
قَالَ: فَشَهِدْتُ ابْنَ عَئاسٍ حِينَ قَرَأ كِتَابَهُ وَحِينَ كَتَبَ جَوَابَهُ.
وَقَالَ ابْنُ غثاسٍ: وَاللهِ، لَوْلا أْ أرُدَهُ عَنْ نَتْنٍ يَقَعُ فِيهِ مَاكَتَبْتُ حاكيأ عن الخضر: { وَمَا ملثهُ عَنْ أَمْرِي} (1).
وقوله: ا لولا أن يقع فى أحموقة ماكتبت إليه): أى فعلأ من الخصال الحمقى
ورأيا من آرائهم.
ومثله فى الرواية الأخرى: (عن نتن) اْى عن فعل قبيح، ويعبر عن كل شىء مستقبح بالخبيث والنق والرجس والقذر والقاذورة.
(1) 1 لكهف: 82.
(6/208)
كتاب الجهاد / باب النساء الغازيات يرضخ لهن...
إلخ 209 إِلَيْهِ، وَلا نُعْمَةَ عَيْنٍ.
قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْه: إِنَكَ سَألتَ عَنْ سَهْم ذى القُرْ! ائَذى ذَكَرَ اللهُ، مَنْ هُمْ ؟ ياِنَا كُئا نَرَى أن قَرَابَةَ رَسُولَِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) هُمْ نَحْنُ، فَائى فًلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا.
وَسَألتَ عَنِ اليَتِي!، مَتَى يَنْقَضى يتمُهُ ؟ ياِنَهُ إِفَا بَلًغَ الئكَاحَ وَأونِسَ مِنْهُ رُشْد و!نِعَ إِلَيْه مَالُهُ، فَقَد انْقَضَى يتمُهُ.
وَسَكتً: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقْتُلُ مِنْ صِبْيَان المُشْرِكينَ أَحَدا ؟ فَإن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) لَمْ يَكُنْ يَقْتُلُ منْهُمْ أحَايم، وَأنْتَ فَلا تَقْتُلْ منْهُمْ أحًايم، إِلاَ أنْ تَكُونَ تَعْلًمُ مِنْهُمْ مَاعًلِمَ الخَضِرُ مِنَ الغُلاَم حينَ قَتَلَهُ.
وَسَألتَ عَنِ اَلمَرْأة وَالعَبْدِ، هَلْ كَانَ لَهُمَا سَهْم مَعْلُوم!، إِفَا حَضَرُوا البَأسَ ؟ فَإثهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ سَهْم مًعْلُوم!، إلايلى يُحْنَيَا منْ غَنَائِ! القَوْم.
141 - (... ) وحدثنى أبُو كُريبٍ، حَا شَا أبُو أسَامَةَ، حَدثنا زَائِ!ةُ، حَدثنَا سُلَيْمَانُ الأعْمَشُ، عَنِ المُخْتَارِ بْنِ صَيْفِى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، قَالَ: كَتَبَ نَجْدَةُ إِلَى ابْنِ عبَاسٍ.
فَذَكَرَ بَعْضَ الحَدِيثِ.
وَلَم يُتِمَ القِضَةِ، كَإِتْمَام مَنْ ذَكَرْنَا حَلِيثَهُمْ.
142 - (1812) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدُ الرخَيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ
هشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ بنْت سيرِينَ، عَنْ ام" عَطِئةَ الأنصَارِئة، قَالَتْ: غَزوْتُ مَعَ رَسُول اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سئئعَ غَزَوَاتٍ، أَخْلُفُهُمْ فِى رَحَالِهِمْ، فَأصْنَعُ لَهُمُ الَطعَامَ، وَ!! اوِى الجَرْحَى وَأَقُومُ عَلَى المَرْضَى.
(... ) وحدَثنا عَمْزو النَاقِدُ، حَدثنَا يَزِياُ بْنُ هَرُونَ، حَدثنَا هِشَامُ بْنُ حَمئَانَ، بِهَنَا
ا لإِسْنَا دِ، نَحْوَهُ.
وقوله: (ولا نعمة عين): يريد به (1): أى لم أجاوبه إكرامأ له، وإدخالا للمسرة عليه، يقال: أنعم الله - سبحانه - بك عينًا، ونعم بك عينا، بفتح العين وكسرها، ثلاث لغات.
وحكى: نعمك الله عينا كله، أى اْقر الله عينك بما يسرك.
ويقال: نُعْمَة عين ونَعْمَةَ عين ونَعم عين ونُعم عين ونعامى عيئ ونعيم عيئ ونَعام عين ونُعام عيئ.
ومعنى قوله: (إذا حضروا البأس): اْى الحرب، قال الله سبحانه وتعالى:
{ وَمَرَالِيلَ تَقِيكُم بَأسَكُمْ} (2).
واْصل البأس والبأساء: الشدة.
(1) فى س: له.
(2)1 لنحل: 81.
(6/209)
كتاب الجهاد / باب عدد غزوات النبى ( صلى الله عليه وسلم )
(49) باب عدد غزوات النبىّ ( صلى الله عليه وسلم )
143 - (1254) ! دَّثنا مُحَمَدُ بْنُ المُثنّى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ المُثنى - قَالا: حدثنا مُحَمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثنَا شُعْبَةُ، عَنْ أبِى إِسْحَقَ ؛ أن عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ خَرَجَ يَسْتَسْقى بِالئاسِ، فَصَلَى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اسْتَسْقَى.
قَالَ: فَلَقيتُ يَوْمَئِذ زَيْدَ بْنَ أرْقَمَ.
وَقَالَ: تئسَ تئنِى وَتجئنهُ غَيْرُ رَجُل، أوْ بَيْنِى و!بينَهُ رَجُل.
قَالَ: فَقُلَتُ لَهُ: كًمْ غَزَا رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ قَالَ: تسع عَشْرَةَ.
فَقُلتُ: كَمْ غَزَوْتَ !لتَ مَعَهُ ؟ قَالَ: سَبع عَشْرَةَ غَزْوَةً.
قَالَ: فًقُلتُ: فَمَا أؤًلُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا ؟ قَالَ: ذَاتُ العُسئرِ أوْ العُشَيْرِ.
144 - (... ) ود دَّثنا أُبو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدثنَا يحيى بْنُ آدمَ، حَدثنَا زُهَيْر، عَنْ
أبِى إسْحَقَ، عَنْ زَيْد بْنِ أرْتَمَ، سَمِعَهُ مِنْهُ ؛ أن رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةَ، وَحَجًّ بَعْدَ مَاهَاجَرَ حَخةَ لَمْ يَحُجَ غَيْرَهَا، حَخةَ الوَ+.
ص عص، ص، 5، ص ه ص محرص ه، 5، ور - - صص - ص ص،
145 - (1813) حدثنا زهير بن حربٍ، حدثنا روحِ بن عبادة، حدثنا زكرِياء، أخْبَرَنَا أبُو الزْديْرِ ؛ انَهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: غَزَوْت معَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةَ.
قَالَ جَابِز: لَمْ أشْهَدْ بَدْرَا ولا أن دَا، مَنَعَنِى أَبِى.
فَلَمَا قُتِلَ عَبْدُ اللهِ يَوْمَ احُدٍ، لَمْ أتَخَلَفُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزْوَةِ قَط.
146 - (1814) وحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا زَيْدُ بْنُ الحُبَابِ.
ح وَحَا شَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَدِ الجَرْمِى، حَا شَا أبُو تُميْلَةَ، قَالا جَمِيعَا: حَدثنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدِ عَنْ عَثدِ
قال الإمام: خرج مسلم فى عدد غزوات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) قال: حَدثنا اْبُو بكر بن أبى شيبة، قال: نا يحيى بن آدم، نا زهير عن اْبى إسحق.
قال بعضهم: هكذا روى هذا الإسناد عن الكسَائِى على الصواب.
وفى نسخة السجزى والرازى عن أبى أحمد: نا يحيى ابن اَدم، قالَ: نا وهيب.
وكذلك كان فى نسخة ابن ماهان فغيره.
قال عبد الغنى: الصواب: زهير، وأما وهيب فخطأ ؛ لاْن وهيب لم يلق أبا إسحق.
قال القاضى: وقول جابر: ا لم أشهد بدرأ ولا اْحداً منعنى اْبى): كذا فى هذا
(6/210)
كتاب الجهاد / باب عدد غزوات النبى ( صلى الله عليه وسلم ) 211 اللْهِ بْنِ بُرَيْلَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: غَزَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) تِسع عَشْرَةَ غَزْوَةً، قَاتَلَ فِى ثَمَانٍ مِنْهُنَّ.
وَلَمْ يَقُلْ أبُو بَكْرٍ: مِنْهُن.
وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: حَدثنِى عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ.
147 - (... ) وحدَئنى أحْمَدُ بْنُ حَنْبَل، حدثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسٍ،
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أبِيهِ ؛ أنَّهُ قَالَ: غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) !سِت عَشْرَةَ غَزْوَةً.
148 - (1815) حدئنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّاد، حَدثنَا حَاتِم - يَعْنِى ابْنَ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ يَزِيدَ - وَهُوَ ابْنُ أبِى عُبَيْد - قَالَ: سَمعْتُ سًلَمَةَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سَبع غَزَوَات، وَخَرَجْتُ - فِيمًا يَبْعَثُ مِنَ الَبُعُوثِ - تِسع غَزَوَات.
مَرْةً عَلَيْنَا أبُو بًكْرٍ، وَمَرة عَلثنَا أسًامَةُ بْنُ زيدٍ
(... ) وحئَثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدثنَا حَاتِم، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
غَيْرَ انَهُ قَالَ، فِى كِلتَيهِمَا: سَبع غَزَوَاتٍ.
الحديث.
وقد ذكر أبو عبيد فى حديثه عن جابر: كنت منيح اْصحابى يوم بدر.
قال ابن عبد البر: والصحيح اْنه لم يشهد ذلك للحديث المتقدم.
وقد ذكر ابن الكلبى أنه شهد أحدأ.
212
(6/211)
كتاب الجهاد / باب غزوة ذات الرقاع
(50) باب غزوة ذات الرقاع
149 - (1816) حلّثنا أبُو عَامِرِ عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادِ الأشْعَرِىّ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ الهَمَدَانِىّ - وَاللَّفْظُ لأبِى عَامِرِ - قَالا: حَدثِنا أبُو اسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أيِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى بُرْ!ةَ، عَنْ أبِى مُوسَى، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى غَزَاة، وَنَحْنُ ستَّةُ نَفَر، بَيْنَنَا بَعير نَعْتَقبُهُ.
قَالَ: فَنَقِبَتْ أتْ! امُنَا، فَنَقِبَتْ قَلمًاىَ وَسَقَطَتْ أظفًارِى، فكُنًّا نَلُف عَلَى أرجُلِنَا الخَرَقَ، فَسُمِّيتْ غَزْوَةَ فَ!تِ الرِّقَاع، لِمَا كُنَّا نُعَصّبُ عَلَى أرْجُلِنَا مِنَ الخِرَقِ.
قَالَ أبُو بُرْ!ةَ: فَحَدَّثَ أبُو مُوسَى بِهَنَا الحَلِيثِ.
ثُمَ كَرِهَ فَلِكَ.
قَالَ: كَأنَّهُ كَرِهِ أنْ يَكُونَ شَيئا مِنْ عَمَلِهِ أفْشَاهُ.
قَالَ أبُو اسَامَةَ: وَزَ ال نِى غَيْرُ بُرَيْدِ: وَاللهُ يُجْزِى بِهِ.
وقوله ة (فنقبت أقدامنا): اْى قرحت من الحفى.
وبقية الكلام فى الحديث يبينه من قوله: (وسقطت اْظفارى، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت ذات الرقاع لذلك): قد قيل: إنها سميت بذلك باسم جبل هناك، كان فيه بياض وسواد وحمرة.
وقيل: بل باسم شجرة هناك.
وقيل: بل كان فى ألويتهم رقاع.
وكراهة أبى موسى لذكر هذا بَعْدُ، وأن يفشى شيئأ من عمله: فيه أن ما أصاب فى
ذات الله فى نفس أو مال أن كتمه أولى وأعظم للأجر ؛ لئلا يلحق بالتشكى، أو بالعجب بالعمل والتزين به، فتدخل فيه هذه الاَفات، فخشى حط الأجر لذلك.
(6/212)
كتاب الجهاد / باب كراهة الاستعانة فى الغزو بكافر
213
(51) باب كراهة الاستعانة فى الغزو بكافر
150 - (1817) حدّثنى زهُيْرُ بْنُ حَرْلب، حَدثنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِئ، عَنْ مَالِلث.
ح وَحَا شيه أبُو الطَاهرِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدثنِى عَبْدُ الله بْنُ وَهْب، عَنْ مَالك بْنِ أنَسبى، عَنِ الفُضملَ بْنِ ا"بى عبد اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نيَار الأسْلَمَىِّ، عَيق عُرْوَةَ بْنِ الَزُبَيْرِ، عَنْ عَائشَةَ زَوْج الثبِى ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أنًهَا قَالَتْ: خَرجً رَسُوَلُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قِبَلَ بَدْر، فَلَمَا كَانَ بِحَرَّةِ الوَبَرَة أدْرَكَهُ رَجُل قَدْ كَانَ يُذْكَرُ منْهُ جُرْأةى وَنَجْلَة، فَفَرِحَ أصْحَابُ رَسُولِ اله ( صلى الله عليه وسلم ) حينَ رَأوْهُ، فَلَفا أ!رَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): جِئْتُ لأتَبِعَكَ وَاصِيبَ مَعَكَ.
قَالَ لَهُ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (تُؤْمِنُ بِاله !رَسُولِهِ ؟).
قَالَ: لا.
قَالَ: (فَارْجِعْ، فَلَنْ أسْتَعِينَ بِمُشْرِك).
قَالَتْ: ثُمَ مَضَى، حَئى إفَ! كُنَا بالشَجَرَة أ!رَكَهُ الرخلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ "أؤَلَ مَرَّة.
فَقالَ لَهُ النَبِى ( صلى الله عليه وسلم ) كَمَا قَالَ أؤًلَ مَرة.
قَالَ: (فَارْجِعْ فَلَنْ أسْتَعِينَ بِمُشْرِك،.
قَالَ: ثُمَ رَجَعَ فَ!رَكَهُ بالبَيْداَء، فقَالَ لَهُ كَمَا فالَ أؤَلَ مَرة: (تُومنُ بالئه يَرَسُوله ؟)!.
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (فَانْطَلِقْ).
!
وقوله: (فلما كان بحرة الوبرة): كذا هو بفتح الباء هنا عندنا، وكذا ضبطناه عن شيوخنا فى كتاب مسلم.
وقد ضبطه بعضهم بسكون الباء.
وهو موضع على نحو اْربعةَ أميال من المدينة.
وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) - للذى قال له: جئت لأتبعك وأصيب معك -: (ارجع فلن اْستعن بمثرك) كافة العلماء على الأخذ بهذا الحديث، والتمسك بهذه السنة، وهو قول مالك وغيره.
/ وقال مالك واْصحابه: ولابأس أن يكونوا نواتية وختاما.
قال ابن حبيب: وششعملون فى رمِى المجانيق.
وكره رميهم بالمجانيق غيره من أصحابنا، وأجاز ابن حبيب أن يستعمل من مالمه فى قتال من حاربه منهم، ويكونوا ناحية من عسكره لا فى داخله.
وقال بعض علمائنا: إنما قال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) هذا فى وقت مخصوص لاعلى العموم.
واختلفوا بعد إذا استعن بهم مايكون لهم ؟ فذهب الكافة - مالك والثافعى وأبو حنيفة وأبو ثور - إلى أنه لايسهم لهم.
وذهب الزهرى والأوزاعى إلى أن لهم كسهام المسلمن.
وهو قول سحنون، إذا كان جيش المسلمن إنما قوى بهم، وإلا فلا شىء لهم.
وقال الثافعى مرة: لا يعطوا من الفىء شيئا، ويعطوا من سهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقال قتادة: لهم ما صولحوا عليه فى ذلك (1).
لا) انظر: المغنى 13 / 97 - 100.
98 / 1
214
(6/213)
كتاب الإمارة / باب الناس تبع لقريش...
إلخ
بسم الله الرحمن الرحيم
33 - كتاب الإمارة
(1) باب الناس تبع لقريش والخلافة فى قريش
ا - (1818) حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلمَةَ بْنِ قَعْنَبِ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، قَالا: حَدثنَا المُغِيرَةُ - يَعْنِيَانِ الحِزَامِىَّ.
ح وَحَدثنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَعَمْرو النَّاقِدُ، قَالا: حَدثنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، كِلاهُمَا عَنْ أن الزنادِ، عَنِ الأعْرَج، عَنْ أن هُرَيْرَةَ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَفِى حَلِيثِ زُهَيْرِ: يَبْلغُ بِهِ النَّبِىَّ ( صلى الله عليه وسلم ).
وَقَالَ عَمْرو: رِوَايَةَ: (النَّاسُ تَيَع لِقُرَيْشِ فِى هَذَا الشَّأنِ، مُسْلِمُهُمْ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ لِكَافِرِهِمْ).
ص، عن، ص ص، 5،،، حمص صو، يرص ص حمص ص ه، ء ص ه ص ص
2 - (... ) وحدثنا محمد بن رافِعِ، حدثنا عبد الرزاقِ، حدثنا معمر، عن همام
ابنِ منبهِ، قال: هذا ما حدثنا ابو هريرة عنْ رسولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَذَكَر أحاديث مِنْها: وقال
كتاب الإمارة
قوله: (الناس تَبَغ لقريش فى هذا الثأن، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم).
زاد فى الرواية الأخرى: (تبع لقريش فى الخير والشر)، وقوله: ا لا يزال هذا الأمر فى قريش[ ما بقى] (1) من الناس اثنان)، وفى البخارى: (ما بقى منهم اثنان) (2): هذه الأحاديث - وما فى معناها فى هذا الباب - حجة أن الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمن وجماعتهم.
وبهذا احتج اْبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة، فلم يدفعه اْحد عنه.
وقد عدها الناس فى مسائل الإجماع ؟ إذ لم يؤثر عن أحد من السلف فيها خلاف، قولأ ولا عملأ قرنا بعد قرن إلا ذلك، وإنكار ما عداه.
ولا اعتبار بقول النظام ومن وافقه من الخوارج واْهل البدع: إنها تصح فى غير قريش.
ولا بسخافة ضرار بن عمرو فى قوله: إن غير القرشى من النبط وغيرهم يقلغ على القرشى، هو اْن خلعه إذا وجب ذلك ؛ إذ ليست له عشيرة تمنعه، وهذا كله هزؤ من القول ومخالفة لما عليه السلف وجماعة المسلمن.
(1) سقط من الأصل.
(2) للبخارى، كالأحكام، بالأمراء من قريث!78 / 9.
(6/214)
كتاب الإمارة / باب الناس تبع لقريش...
إلخ 215 رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (النَّاسُ تَيَع لِقُرَيْشي فِى! نَا الشَّأنِ، مُسْلِمُهُمْ تَيَع لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ ثَيَع لِكَا فِرِهِمْ).
(11) ص ص برص ه ص ه، ص ص وص نكص ص ه ! ص محص ه،، ص
3 - 89 وحدشِى يحيى بن حبِيب الحارِثِى، حدثنا روح، حدثنا ابن جريج، حَدثنِى أبُو الزبيْرِ ؛ أنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْد الله يَقُولُ: قَالَ النَّبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ): (الئاسُ تَيَع لقُرَيْش فِى الخَيْرِ وَالشَّز).
ًَ
ومعنى قوله: " الناس تبع لقريش، مسلمهم لمسلمهم، وكافرهم لكافرهم): إشارة
لقوله فى الرواية الاْخرى: (فى الخير والشر) ؛ لاْنهم كانوا فى الجاهلية رؤساء العرب وأصحاب حرم الله وحج البيت، وكانت الجاهلية تنتظر إسلامهم واتباعهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
فلما أسلموا وفتحت مكة اتبعهم الناس، وجاءت وفود العرب من كل جهة.
كذلك حكمهم فى الاسلام فى تقديمهم للخلافة، فنبه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) اْنه كما كان كفار الناس تبعًا لقريش فى الجاهلية فى الخير والشر، كذلك يجب اْن يتبع مسلمهم لمسلمهم، فيكون المقدم عليهم.
وقد اْشعر ( صلى الله عليه وسلم ) اْن هذا هو الحكم والحال، ما بقيت الدنيا وبقى من الناس اْو من قريش اثنان.
وقد ظهر ما قاله ( صلى الله عليه وسلم ).
وقيل: هذا مثل قول العرب: دعوه وقومه لى إن قتلوه كًفيتموه، وإن ظهر عليهم كنتم وراْيكم.
وقيل: لعل هذا فى أمر الجور، والأئمة المضلين.
وقد استدلت بهذه الأحاديث الشافعية وبما قارب معناها على إمامته وتقديمه على غيره،
مثل قوله ( صلى الله عليه وسلم ): (الائمة من قريش)، وقوله: (قدموا قريشا ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموه ال (1)، وهذا لا حجة فيه لهم ؛ إذ المراد بالأئمة هنا الخلفاء، وكذلك بالتقديم، ولتقديم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) سالمأ - مولى اْبى حذيفة - يوم فى مسجد قباء وفيهم أبو بكر وعمر، وتقديمه زيدأ وابنه أسامة ومعاذأ وغير واحد وقريش موجودون.
وأما الحديث الآخر فى التعليمُ فليس بصحيح لفظا ولا معنى ؛ لإجماع العلماء
على التعليم من غير قريش ومن الموالى، وتعليم قريش منهم، وتعليم الثافعى من مالك وابن عيينة، ومحمد بن الحسن، وابن أبى يحيى، ومسلم بن خالد الزنجى، وغيرهم ممن ليس بقرشى.
وقوله: (إن هذا الأمر لا ينقضى، حتى يمضى فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من
(1) انظر: كنز العمال رقم للاول 33)، وعزاه لابن جرير عن الحارث بن عبد الله، بلفظ: ا لا تقدموا قريشأ ولا تُعَلمِوا قريشأ)، وبلفظ: ا لا تقدثوا قرثا فتضلوا، ولا تأخروا عنها كضلوا) رقم (33845) 12 / 32.
216 (6/215)
كتاب الإمارة / باب الناس تغ لقريش...
إلخ ء - نص س ه -، 5، كاه،، -، !صء، 5،، ء!ه كا
4 - (1820) وحدثنا أحمد بن عبدِ الله بنِ يونس، حدثنا عاصم بن محمدِ بنِ زيدٍ،
عَنْ أَبيه، قَالَ: قَالَ غثدُ اللهِ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَزَالُ هَنَا الأمرُ فِى قُرَيشٍ، مَا بَقِىَ من النًاسِ اثْنَانِ).
5 - (1821) حَدثنَا قُتَ!ةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا جَرِير"، عَنْ حُصَيْنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ،
قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
ح وَحَدثَنَا رِفَاعَةُ بْنُ الهَيْثَم الوَاسِطِى - وَاللفْظُ لهُ - حَدثنَا خَالدٌ - يَعْنى ابْنُ غثدِ اللهِ الالخَانَ - عَنْ حُصَيْن، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: دَخَلتُ مَعَ أيِى عَلىَ النَّبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، فَسَمعْتُهُ يَقُولُ: (إِن! هَنَا اَلأمْرَ لا يَنْقَضى حَئى يَمْضِىَ فِيهِمُ النَا عَشَرَ خَلِيفَةَ).
قَالَ: ثُمَ تَكَلَمَ بِكَلامِ خَفِىَ عَلى.
قَالَ: فَقُلتُ لأِيى: مَا قَالَ ؟ قَالَ: (كُلُهُمْ مِنْ قُريشِ).
قريش)، وفى الروابة الأخرى: ا لا يزال الدين قائمأ حتى تقوم الساعة، ويكون عليكم اثنا عشر خليفة)، وفى الرواية الأخرى: ا لا يزال هذا الدين[ عزيزاً منيعأ إلى اثنى عشر خليفة): اْعلم - عليه السلام - بعزة الدين والأمر حتى يلى] (1) اثنا عشر خليفة، وأن الدين لا يزال قانمأ حتى تقوم الساعة، ويلى هذا العدد المذكور، فأما بقاء الدين إلى قيام الساعة فثابت صحيح من أحاديث اْخر أيضأ، وقد تقدم الكلام عليه وعلى ما تظهر مخالفته له.
مما جاء: ا لا تقوم الساعة حتى لا يبقى من يقول: الله، الله) (2)، وأن هذا حال من تقوم عليه الساعة عند قيامها، وقبض أرواح المؤمنيئ، وهذه الاْحاديث الأخر بتمادى الإسلام إلى ذلك الحين.
وأما تخصيصه بالاثنى عشر خليفة، فقد يُوجه عليه سوالان ة لأن:
أحدهما: أن قوله: (الخلافة بعدى ثلاثون ثم تكون ملكأ) يعارض ظاهره، وقوله: (اثنا عشر خليفة) ؛ إذ لم يكن فى الثلاثين إلا الخلفاء الاْربعة، والأشهر التى بويع فيها الحسن بن على ؟
والجواب عن هذا: أنه أراد هنا خلافة النبوة، وكذا جاء مفسرا فى بعض الروايات: (خلافة النبوة بعدى ثلاثون ثم تكون ملكأ[ ملكأ] (3))، ولم يشترط فى الآخر خلافة النبوة، وبينه قوله: (ثم تكون ملكأ).
(1) هكذا فى س.
وفى الأصل: يلى والأمر حتى يلى.
(2) سبق فى كالايمان، بذهاب الايمان تخر الزمان.
(3) صاتطة من س.
(6/216)
كتاب الإمارة / باب الناس تبع لقريش...
إلخ 217 6 - (... ) حَدثنَا ابْنُ أن عُمَرَ، حَد شَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرِ، عَنْ جَابِرِ
ابْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمعْتُ النَّيَىَّ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا يَزَالُ أمْرُ النَاسِ مَاضِيًا مَا وَليَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً).
ثُبمَّ تَكَلَمَ الئيَى ( صلى الله عليه وسلم ) بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلىَّ، فَسَألتُ أن: مَافَ! قَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: (كُلهُمْ مِنْ قُريشٍ ).
(... ) وَحَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعيد، حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَنَا الحَدِيثِ.
وَلم يَذكُرْ: ا لا يَزَالُ أمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا).
والسؤال الثانى: أنه قد ولى كثر من هذا العدد ؟
وهذا اعتراض غير لازم فإنه ( صلى الله عليه وسلم ) لم يقل: لا يلى إلا اثنا عشر خليفة، دانما قال:
(يلى اثنا عشر خليفة)، فقد ولى هذا العدد، وكان ما أعلم به النبى ( صلى الله عليه وسلم )، ثم ولى غيرهم.
هذا إن جعل اللفظ واقعأ على كل والِ، وقد يحتمل أن يكون المراد به: مستحقى الخلافة من أثمة العدل، وقد مضى منهم من علم، ولابد من تمام العدد قبل قيام الساعة إن كان هذا مُراد النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وقيل: إنهم يكونون فى زمن واحد يفترق الناس عليهم.
ولا يبعد أن هذا قد كان إذا تتبعت التواريخ.
فقد كان بالاندل! منهم وحدها فى عصر
واحد بعد أربعمائة وثلاثين سنة: ثلاثة، كلهم يدعيها ويلقب بها، ومعهم صاحب مصر كذلك، وخليفة الجماعة العباسى ببغداد إلى من كان يدعى ذلك فى ذلك الوقت أيضأ فى اْقطار الأرض من بلاد البرابر وخُراسان من العلوية والخوارج وغيرهم.
ويعضد هذا التأويل قوله فى كتاب مسلم بعد هذا: (ستكون خلفاء فتكثر) قالوا: فما تأمرنا ؟ قال: (فوا بيعة الأول فالأول) (1).
وقد يحتمل اْن المراد بذلك إعزار الخليفة (2) وإمارة الإسلام، واستقامة أمرها، و[ الاجتماع] (3) على من تقدم لها، كما جاء فى كتاب أبى داود: (كلهم تجتمع عليه الأمة) (4)، وهذا قول قد وجد فيمن اجتمع عليه إلى أن اضطرب أمر بنى أمية، واختلفوا وتقاتلوا زمن يزيد بن الوليد على الوليد بن يزيد، واتصلت فتونهم، وخرج عليهم بنو العباس فاستأصلو الامرهم، وهذا العدد موجود صحيح إلى حين خلافتهم إذا اعتبو.
وقد يحتمل وجوهأ أخر، الله اْعلم بمراد نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) فيها.
(1) سيأتى بن شاه للله فى كالامارة، بوجوب الوفاء ببيعة لطلفاء.
(2) فى س: لطلافة.
(3) فى ص: الاجماع.
(4) لبو داود، كالمهدى 2 / 421.
218 (6/217)
كتاب الإمارة / باب الناس تبع لقريش...
إلخ 7 - (... ) حدثنا هَمَّابُ بْنُ خَالِد الأزْدى، حَا شَا حَمَّادُ بْنُ سَلمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْب، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةً يَقُولُ: سَمعْتُ رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: ا لا يَزَالُ الإِسْلاًمُ عَزيزًا إِلى اثنَىْ عَشَرَ خَلِيفَةً).
ثُمَ قَالَ كَلِمًةً لمْ أفْهَمْهَاءَ فَقُلتُ لأبِى: مَا قَالَ ؟ فَقَالَ: (كُلهُمْ مِنْ قُريشٍ ).
8 - (... ) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أيى شَيْبَةَ، حَا شَا أبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَعْيِىِّ،
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، تَالَ: قَالَ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لا يَزَالُ هَذَا الأمْرُ عَزِيزًا إِلى النَىْ عَشَرَ خَلِيفَةً).
قَالَ: ثُمَ تَكَلمَ بِشَىْءٍ لمْ أفْهَمْهُ.
فَقُلتُ لأيِى: مَاتَالَ ؟ فَقَالَ: (كُلُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ).
ص صص ص 5، 5، ص، ص ه ص، ص صص ص، 5،، عوص ممص ه، ص ه
9 - (... ) حدثنا نصر بن على الجهضمى، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا ابن عون.
ص ص ير 5 ص، 5، ! - ص يره صَ، ص ص هَ،، ص صصَءه ص، صً صص ه، ص ه -
ح وحدثنا أحمد بن عثمان النوفلِى - واللفظ له - حدثنا ازهر، حدثنا ابن عونٍ، عنِ الشَعْبِىِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: انْطَلقْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَمَعِىَ أبِى، فَسَمعْتُهُ يَقُولُ: ا لا يَزَالُ هَذَا اللَينُ عَزِيزًا مَنيعًا إِلى النَىْ عَشَرَ خَليِفَةً).
فَقَالَ كِلمَةً صَفنَيها النَاسُ.
فَقُلتُ لأيِى: مَاَ قَالَ ؟ قَالَ: (كُلُهُمْ مِنْ قُريشٍ ).
ص عص مص ص، 5، - ص، ص ه 5،، عاص ص ص ص يرص ! ص، -
10 - (1822) حدثنا قتيبة بن سعِيدٍ وأَبو بكرِ بن ايِى شيبض قالا: حدثنا حاتِم - وهو
ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنِ المُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَار، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أبِى وَقاصٍ، قَالَ: كَتَبْتُ إِلى!ابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَعَ غُلامِى نَافِعٍ: أًنْ أخْبِرْنِى بشَىْءٍ سَمِعْتَهُ مَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ: فَكَتَبَ إِلى: سَمِعْتُ رَسُولَ الله كله يَوْمَ جُمُعَة، عَشِيةَ رُجِمَ الأسْلمِى يَقُولُ: ا لا يَزَالُ اللِّينُ قَائِمًا حَئى تَقُومَ المحئَاعَةُ، أوْ يَكُونَ عَليكمُ الشَا عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلهُمْ مِنْ قُرَيْش)، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (عُصَيْبَة مِنَ المُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ البَيْتَ الأبْيَضَ - بَيْتَ كَسْرَى، أو آلِ
ومعنى (صمنيها الناس) كذا لكافة شيوخنا، وعند بعضهم: (أصمنيها الناس):
أى لم أسمعها من لفظهم، وقيل: الوجه (أصمنى عنها)، وأما الرواية الأولى فمعناها: أى سكتونى عن السؤال عنها، والنبى ( صلى الله عليه وسلم ) يخطب.
والصواب: المعنى الأول، وهو أشبه بمساق الحديث.
(6/218)
كتاب الإمارة / باب الناس تبع لقريش...
إلخ 219 كَسْرَى).
وَسَمعْتُهُ يَقُولُ: (إِن بَيْنَ يَدَىِ الدمثَاعَة كَئابِنَ فَاحْنَرُوهُمْ).
وَيسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِفَا أعْطَى اللهُ أَحَدَكُمْ خَيْر،، فَليَبْدَأ بِنَفْسِهِ وَأهْلَِ بَيْتِهِ).
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (أنَا الفَرَطُ عَلى ا لحَوْضِ).
ص ممص لم ص ص لم ه لم ص ص نص "لم لم ص ص ممص 5 لم، 5 ص ه لم ص
(... ) حدثنا محمد بن رافِع، حدثنا ابن فديك، حدثنا ابن ايِى فِئب، عن مهاجِرِ
ابْنِ مسْمَار، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْد ؛ أًئهُ أرْسَلَ إِلى ابْنِ سًمُرَةَ العَدَوِىِّ: حَدثنَا مًا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
فَذَكَرَ نَحْوَ حَليثِ حَاتِمٍ.
وقوله: (إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليبدأ بنفسه واْهل بيته) مثل قوله فى الأحاديث
الاْ خر: (وابدأ بمن تعول) (1)، وكقوله: (وأدناك ثم) دناك) (2)، وكقوله: (إذا أنعم الله على عبد اْحب ! أن يرى أثر نعمته عليه) (3).
وقوله: () نا الفرط على الحوض) بفتح الراء، تقدم معناه، وتفسيره: السابق لكم
إليه والمنتظر لسقيكم منه.
والفرط: الذى يتقدم القوم إلى الماء ليهعئ لهم ما يحتاجون إليه فيه.
وهو الفارط أيضا.
وأصله من السبق.
والفرط بالسكون: السبق والتقدم.
وقوله فى حديث محمد بن رافع: عن عامر[ بن] (4) سعد بن اْبى وقاص ؛ أنه أرسل إلى ابن سمرة العدوى.
كدا فى الأصل، وليس بعدوى، إنما هو عامرى ثم سوائىة فلعله تصحف العامرى بالعدوى ؛ لأن سواة بن عامر بن صعصعة هو زهرى الحلف، خاله سعد بن اْبى وقاص، وأمه خالدة بنت أبى وقاص، واسمه جابر (5).
(1) من لم، كالزكاة، ببيان ئن اليد العليا خير من اليد السفلى (1034)، أبو داود، كللزكاة، بالرجل يخرج من ماله 1 / 390، أحمد 2 / 94.
(2) من لم، كالبر وللصلة، ببر الوللدين (2548)، النسائى، كالزكاة، بأيتهما اليد العليا 5 / 61، لبن ماجه، كاي!دب، ببر الوالدين 2 / 07 12، أحمد 2 / 226.
(3) أبو داود، كاللباس، بفى غسل الثوب وفى الخلقان 2 / 373، النسائى، كالزينة، بالجلاجل 8 / 181، أحمد 4 / كم ا.
(4) ساقطة من الاْصل.
(5) فى س: عامر.
220
(6/219)
كتاب الإمارة / باب الاستخلاف وتركه
(2) باب الاستخلاف وتركه
ص ضحى،، كا،، ء، 5، ص ص ضحى،، ءص ص ص ص ه
11 - (1823) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاءِ، حدثنا أبو اسامة، عنِ هِشام بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ 5َ حَضَرْتُ أيِى حيئَ أ!يبَ، فَأئنَوْا عَليْه.
وَقَالوا: جَزَاكَ اللهُ خَيْرَمَ.
فَقَالَ: رَاغِ! بوَرَاهِمب.
قَالوا: اسْتَخلفْ 5َ فَقَالَ: أتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيا وَفيئا ؟ لوَوَرْتُ أنه حَالى منْهَا الكَفَاتُ، لا عَلى وَلا لِى، فَإِنْ أسْتَخْلفْ فَقَدِ اسْتَخْلفَ مَنْ هُوَ خيزمِئى - يَعْنِى أبَا بَكْرِ - وَإِنْ أترُككُمْ فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هُوَ خَيْزمِئى، رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
قَالَ عبدُ اللهِ: فَعَرَفْتُ أيهُ - حِيئَ ذَكَرَ رَسُولَ اللأِ ( صلى الله عليه وسلم ) - غَيْرُ مُسْتَخْلِف.
وقول عمر حين أثنى عليه: (راغب وراهب): أى راج وخائف.
يقال: رغب فى الأمر: إذا طلبه، ورغب عنه: إذا كرهه، هو من الاْ ضداد، ورهبه: إذا خاف منه، وهذا أولى عندى بمعنى الحديث من قول من جعله فى باب الاستخلاف، وأن له معنحِن ؛ أى أن الناس يخها على صنفين: راغب يخها فلا يجب تقديمه، وكاره لها يخشى عجزه، وقيل: راغب فى حسن رأى وتقديمى، وكاره لذلك راهب بإظهار ما بنفسه منه، والأول أشبه بمجيئه به بعد أن أثنوا عليه، وذكر الاستخلاف إنما كان بعد هذا الكلام.
وقوله - لما قيل له: استخلف ت (ان أستخلف فقد استخلف من هو خير منى - يريد
أبا بكر - دان أترككم فقد ترككم من هو خير منى - يعنى رصول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): فيه أن الاستخلاف غير لازم ؛ إذ لم يفعله النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
وفيه جواز انعقاد الخلافة بالوجهن بالتقديم والعقد من المتولى كفعل أبى بكر لعمر، أو بعقد أهل الحل والعقد والاختيار كفعل الصحابة بعد النبى ( صلى الله عليه وسلم )، وهذا مما أجمع المسلمون عليه.
وفيه أنه لابد من إقامة خليفة، وهذا - أيضأ - مما أجمع المسلمون عليه بعد النبى ( صلى الله عليه وسلم )
/ وفى سائر الأعصار، خلافأ للأمم، حتى ذهب بعض الناس إلى اْن ذلك واجب عقلاْ ؛ إذ صلاح الناس فى رجوع أمرهم إلى واحد يقيم أمورهم، وأن فى تركهم فوضى مختلفى الآراء فساد دينهم ودنياهم، لاختلاف الآراء وتضاد المقاصد، وهذا خطأ إذ لا يوجب العقل ضينأ ولا يحسنه ولا يقبحه إلا بحكم العادة لا بالأمر القطعى.
ولا حجة للأمم فى بقاء الصحابة دون خليفة مدة التشاور فى يوم السقيفة (1) وأيام الشورى بعد موت عمهر ؛ إذ
(1) انظر: ممعنف عبد الرراق 5 / 439 وما بعدها.(6/220)
كتاب الإمارة / باب الاستخلاف وتركه 221 12 - (... ) حدثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ وَابْنُ أبِى عُمَرَ وَمُحَمَدُ بْنُ رَافع وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد - وَألفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَه - قَالَ إِسْحَقُ وَكئبما أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَا شَا عًبْدُ الرراَقِ - أخْبَرَنًا مَعْمَر، عَن الرفرِىّ، أخْبَرَنِى سَالِم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: دَخَلتُ عَلى حَفْصَةَ فَقَالتْ: أعَلمْتَ أنَ! أبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلف ؟ قَالَ: قُلتُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ.
قَالتْ: إِئهُ فَاعل.
قَالَ: فَحَلفْتُ المنى!لّمُهُ فِى ذَلكَ، فَسًكَت، حَتَى غَدَوْتُ، وَلمْ !فمُهُ.
قَالَ: فَكَنتُ كَأنَمَا أَحْمِلُ بيَمِينى جَبَلاَ، حَتَىَ رَجَعْتُ فَدَخَلتُ عَليْهِ، فَسَألنِى عَنْ حَالِ الئاسِ، وَأنَا أخْبِرُهُ.
قَالَ 5َ ثُمً قُلتُ لهُ: إِنّى سَمِعْتُ الئاسَ يَقُولونَ مَقَالةَ، فاليْتُ أنْ أقُولهَا لكَ، زَعَمُوا انَكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِف، وَإِنَهُ لوْ كَانَ لكَ رَاعِى إبلٍ أوْ رَاعِى غَنَبم، ثُمَ جَاعَكَ وَتَرَكَهَا، رَأيْتَ أنْ قَدْ ضَيعً.
فَرِعَايَة الئاسِ أَشَذُ.
قَالَ: فَوَافَقَهُ قَوْلى، فَوَضَعَ رَأسَهُ سَاعَةَ ثُئم رَفَعَهُ إِلى.
فَقَالَ: إِن اللهَ عَر وَجَل يَحْفَظُ دِينَهُ، ! اِنّى لئِنْ لا أَسْتَخْلِفْ فَ!ن! رَسُولَ اللهِ كلتا لمْ يَسْتَخْلفْ، وَإِنْ أمشخْلِفْ فَإن أبَا بَكْر قَد اسْتَخْلفَ.
قَالَ: فَوَالله، مَا هُوَ إلا أن ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) وَأبَا بَكْر، فَعَلِمْتُ !نهُ لمْ يَلنْ لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أحَلأبم، وَأنَاَُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ.
عمر ؛ إذ لم يتركوها كرها، - وإنما كانوا فى النظر فى[ تعييئ الخلافة لى] (1) إقامتها تلك المدة.
وفيه حجة بينة: أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم ينص على خلافة اْبى بكر، ولا على على، ولا
على العبام!، وهو مذهب أهل السنة والجماعة، واْن عقد ولاية أبى بكر - رضى الله عنه - بالاختيار والإجماع لا بالنص، خلافا لقول بكر بن أخت عبد الواحد ؛ من أن تقديم اْبى بكر بافص من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والتنبيه عليه، ولابن الراوندى فى دعواه النص على القيامة، ولجماعة الشيعة والرافضة فى دعواهم النص والوصية لعلى.
وإجماع الصحابة على الاختيار بعد موت للنبى ( صلى الله عليه وسلم )، وعلى تنفيذ عهد أبى بكر لعمر، وتنفيذ شورى عمرفى الستة - يرد هذا كله ؛ إذ لو كان ما قالوه صحيحأ لم يخالفه الصحابة، ولا أقرت على ما فعله فاعله بوجه، ولكن نقل ذلك من الأمور المهمة التى لا تغفل.
وقوله: ا لم يستخلف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): ليس بمغ الاستخلاف، ولا حجة لذلك،
وإنما احتج أنه لم يعهن للخلافة لحد ؛ لأنه لم ير الاستخلاف.
وقول ابن عمر: (فآليت اْن اْقولها): اْى حلفت.
(1) سقط من الأصل، والمثبت من س.
222
(6/221)
كتاب الإمارة / باب النهى عن طلب الإمارة والحرص عليها
(3) بأب النهى عن طلب الإمارة والحرص عليها
ص عر صرص، 5، ص، ص عص ص، 5، - ص عص ص -،
13 - (1652) حدثنا ضيبان بن فروخِ، حدثنا جرِير بن حازِمِ، حدثنا الحسن، حَدثنَا عَبْدُ الرخْمَن بْنُ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ لى رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لا تَسْألِ الاِمَارَةَ، فَإِنَكَ إِن أعْطِيتَهَا عَنْ مَسْألةِ!لتَ إِليْقا، ! اِنْ اعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْألةِ أعِنْتَ عَليْهَا).
(... ) وَحدثنا يحيى بْنُ يحيى، حدثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يُونُسَ.
ح وَحَدثنِى
عَلِى بْنُ حُجْر السئَعْدِى، حَدثنَا هشَيْئم، عَنْ يُوُنسَ وَمَنْصُور وَحُمَيْد.
ح وَحَدثنَا أبُو كَامِلِ الجَحْدَرىُّ، حًدثنَا حَمَادُ بْنُ زَيْد، عَنْ سمَاك بْنِ عَطِيَّةَ وُيوُنسَ بْنِ عُبَيْد وَهِشَام بْنِ حَسئَانَ، كَلُهُمْ عًنِ الحَسَنِ، عَنْ عبد الرخمَنِ بْنِ سًمُرً ةَ، عَنِ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرِ.
14 - (1733) حدثنا أبو بكْر بْنُ أَبى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ العَلاء، تَالا: حَدثنَا أبُو كَصَُ
اسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عبد الله، عَنْ أبِى بُرْدةَ، !نْ أبِى مُوسَى، قَالَ ندَخَلتُ عَلى الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ) - أنَا وَرَجُلانِ مِنْ بَنِى عَمِّى - فَقَالَ أحَدُ الرخليْنِ: يَا رَسُولَ اللْه، أمِّرْنَا عَلى بَعْضِ مَا وَلاكَ اللْهُ عَر وَجَل.
وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَ فَلِكَ.
فَقَالَ: (إِنَّا وَاللهِ لا نُوَلى عَلى هَذَا العَمَلِ أحَدا سَألهُ، وَلا احَدم حَرَصَ عَليْهِ).
وقوله فى الامارة: (إن أعطيتها عن مسألة كُلت إليها): كذا فى النسخ مهموز، وصوابه: (وكلت) بغير همز، أى اْسلمت إلى مسألتك ورغبتك ولم تعن، بخلاف إفا جاعت من غير مسألة، كذا جاء بقية الحديث.
والوكيل: الضامن للشىَ والقائم به.
وقوله: (إنا لا نولى هذا الأمر أحدا سأله ولا حرص عليه): لما تقدم من أنه لا
يعان عليهما ؛ ولأن فى الحرص على الشىَ التعاطى للقيام به، وذلك فى الغالب مقرون بالخذلان، ولما يقع من تهمة الطالب للولاية فى ذلك.
وقد اختلف العلماء فى طلب الولاية مجرداً، هل يجوز أو يمنع ؟ واما إن كان لرزق يرتزقه، أو فائد جائز يستحقه بسببها، اْو لتضييع القائم بها، أو خوفه حصولها فى غير مستوجبها (1) ونيطَ فى إقامة الحق فيها فذلك جائز له، وقد قال يوسف - عليه السلام -: { اجْعَلْنِ! عَلَئ خَزاثِنِ الأَرْضِ} (2).
(1) فى س: تصرفها.
(2) يوسف: 55.
(6/222)
كتاب الإمارة / باب النهى عن طلب الامارة والحرص عليها 223 15 - (... ) حَدثنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيد وَمُحَمَدُ بْنُ حَاتِمِ - وَاللفْظُ لابْنِ حَاتِمص قَالا:
حَا شَا يحيى بْنُ سَعِيدِ القَطَانُ، حَد!شَا قُرَّةُ بْنُ خَالدِ، حَد!شَا حُمَيْدُ بْنُ هِحل، حدثنِى أبُو بُرْلَةَ، قَالَ: قَالَ أبُو مُوسَى: أفبَلتُ إِلى الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) وَمَعِى رَجُلانِ مِنَ الأشْعَرِيَيهنَ ؛ أحَدُهُمَا
وقول معاذ فى المرتد: لا اجلس (1) حتى يقتل، قضاس الله ورسوله.
فقتل، ولم
يذكر استتابته.
اختلف الناس فى استتابة المرتد، فجمهور السلف وأئمة[ الفقهاء] (2) الفتوى وفقهاء الأمصار على استتابته.
وحكى ابر القصار: أنه إجماع من الصحابة، وعن الحسن وطاووس وبعض السلف: أنه لا يستتاب، وحكى عن عبد العزيز بن أبى سلمة، وهو قول أهل الظاهر.
وحكاه الطحاوى عن ابى يوسف، قالوا: وتنفعه توبته عند الله، ولكن لا ندرأ عنه القتل ؛ لقوله ( صلى الله عليه وسلم ): (من بدل دينه فاقملوه) (3)، وفرْق عطاء بين من ولد مسلما وبين من أسلم ثم كفر، فاستتاب هذا ولم يستتب الأول.
واختلف من قال باستتابته فى مدة الاستتابة، وهل يضرب له أجل ؟ فقال أحمد وإسحق: ثلاثة أيام، واستحسنه مالك وأبو حنيفة، وقاله الشافعى مرة، وحكى ابن القصار عن مالك فيه قولين: الوجوب والاستحباب.
وقال الزهرى: يُدعى إلى الإصلام ثلاث مرات فإن أبى قُتل، وقال الشافعى: مرة، والمزنى: يقتل مكانه إن لم يتب.
وروى عن على: أنه يستتاب شهرأ.
وقال النخْعِى: يستتاب أبدا، وقاله الثورى.
وعن أبى حنيفة أيضا: يستتاب ثلاث مرات أو ثلاث جمع أو ثلاثة أيام، مرة فى كل يوم أو جمعة (4)، وأن الرجل والمرأة سواء، والحر والعبد عند الجمهور، وفرض أبو حنيفة فى آخرين بين الرجل فى ذلك والمراْة، فقالوا: تُسجن المرأة ولا تُقتل.
وشذ قتادة والحسن فقال: لا تسترق ولا تقتل، ورُوى مثله عن على.
وخالف أصحاب الراْى فى الأمة فقالوا: تدفع إلى سيدها ويجبرها على الإصلام.
وقتله بالسيف (5) عند كافة العلماء.
وذهب ابن شريح - من أصحاب الشافعى - إلى
أنه يُقتل بالخشب ضربًا ؛ لأنه أبطأ لقتله، لعله يراجع التوبة أثناء ذلك (6).
(1) فى الأصل: لنزل، والمثبت من س والمطبوعة.
(2) خر فى الأصل.
(3) للبخارى، كلبهاد، بلا يعذب بعذاب الله 4 / 74، أبو دلود، كالحدود، بالحكم فيمن ارتد 2 / 440، الترمذى، كلطدود، بما جلس فى قتل المرتد 4 / 59، النسائى، كتحريم الدم، بالحكم فى للرتد 7 / 104، لبن ماجه، كالحدود، بالمرتد عن دينه 2 / هط.
(4) لنظر: التمهيد 5 / 4 0 3 وما بعدها، الاستذكار 22 / 36 وما بعدها.
(5) فى س: بالسيد.
للا) التمهيد 5 / 304 وما بعدها.
224 (6/223)
كتاب الإمارة / باب النهى عن طلب الإمارة والحرص عليها عَنْ يَمِينى وَالاَخَرُ عَنْ يَسَارِى، فَكِلاهُمَا سَألَ العَمَلَ، وَالئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَسْتَاكُ.
فَقَالَ: (مَا تَقُولُ يَا أَبَا مُوسَى ؟ - أوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ ؟).
قَالَ: فَقُلتُ: وَالذى بَعَثَكَ بِالحَق، مَا أطلعَانِى عَلى مَا فِى أنْفُسِهِمَا، وَمَا شَعَرْتُ أنَهُمَا يَطلُبَانِ العَمَلَ.
قَالً: وَكَي إنى انظُرُ إِلى سِوَاكهِ تَحْتَ شَفَتَه، وَقَدْ قَلصَتْ.
فَقَالَ: ا لنْ - أوْ لا - نَسْتَعْمِلُ عَلى عَمَلِنَا مَنْ أرَ الهُ، وَلكِنَ اف!بْ انتَ، يَا أبَا مُوسَى - أوْ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ ) فَبَعَثَهُ عَلى اليَمَنِ، ثُمَ أتْبَعَهُ مُعَاذَ ابْنَ جَبَلٍ، فَلمَا قَلِمَ عَليْه تَالَ: انْزِلْ، وَألقَى لهُ وِسَالَةً.
وَإِفَا رَجُلءِنْدَهُ مُوثَق.
قَالَ: مَا هَنَ! ؟ قَالَ: هَنَا كَانَ يَهُوَ!يًا فَأسْلمَ، ثُمَّ رَاجَعَ !ينَهُ - !ينَ السئَوْء - فَتَهَؤَدَ.
قَالَ: لا أجْلِسُ حَتَى يُقْتَلَ، قَضَاءُ ال!هِ !رَسُوله.
فَقَالَ: اجْلِسْ، نَعَمْ.
قَالَ: لاَ أجْلسُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُوله.
ثَلاثَ مَرَّاتٍ* فًأمَرَ بِهِ فَقُتِلَ.
ثمَ تَنَاكَرَا القِيَامَ مِنَ اللًّيْلِ.
فَقَالَ أحَلُصمَا - مُعَا 3 -: أفًاَ أنا فَأتامُ وم قُومُ، وَأرْجُو فِى نَوْمَتِى مَا أرْجُو فِى قَوْمَتِى.
وفيه الحجة أن لأئمة الأمصار إقامة الحدود فى القتل وغير ذلك، وهو مذهب كافة العلماء ؛ مالك واْبو حنيفة والشافعى وغيرهم.
واختلف أصحاب مالك وغيرهم فى إقامة ولاة المياه وأشباههم لذلك، فراْى أشهب: اْن ذلك لهم إذا جعل ذلك لهم الإمام.
وقال ابن القاسم نحوه، وقال الكوفيون: لا يقيمه إلا أمراء الأمصار، ولا يقيمه عامل[ السواد] (1).
وقال الشافعى: إذا كان عدلا والى الصدقة فله عقوبة من ولى صدقته، وليس ذلك لغير العدل.
واختلف هل ذلك للقضاة إذا كانت ولايتهم مطلقة غير مقيدة على نوع من الأحكام ؟ فجمهور العلماء أن للقضاة إقامة الحدود والنظر فى جميع الأشياء ؛ من إتامة الحقوق، وتغيير المناكر، [ والنظر] (2) فى المصالح قام بذلك قائم أو اختص بحق الله، وحكمه عندهم حكم الوحى المطلق اليد فى كل شىء، إلا ما يختص بضبطه البيضة، من إعداد الجيوش، وجباية الخريغ واختلف أصحاب الشافعى، هل من نظره.
مال الصدقات وللتقديم للجُمع والأعياد أم (3) لا، إذا لم يكن على هذا ولاة من السلطنة مخصوصون ؟ على قولن.
ولا يختلفون إذا كانت هذه مختصة بولاية من قبَل السلطنة أنه لا نظر له فيها.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا نظر له فى إقامة حد، ولا فى مصَلحة ولا لطالب مخاصم، ولا تنطلق يده إلا على ما أذن له فيه، وحكمه عنده (4) حكم الوكيل.
(1) فى س: القضاء.
(2) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(3) فى س: لو.
(4) فى س: غيده.
(6/224)
كتاب الإمارة / باب كراهة الامارة بغير ضرورة
225
(4) باب كراهة الإمارة بغير ضرورة
16 - (1825) حَدةَشَاعَبْدُالمَلكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ اللَيْثِ، حدثنى أبِى شُعَيْبُ بْنُ اللَيْثِ، حَدثنِى اللَّيْثُ بْنُ سَعْد، حَدثنِى يَزِيدُ بْنُ أبَى حَبيب، عَنْ تكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الحَارِث بْنِ يَزِيدَ الحَضْرَمِى، عَنً ابْنِ حُجَيْرَةَ اكْبَرِ، عَنْ أَبِى فَرلم، قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ الله، ألاَ تَسْتَعْملُنِى ؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَلِهِ عَلى مَنكَبِى.
ثُمَ قَالَ: (يَا أبَا فَرلم، إِنَّكَ ضَعِيف، ! اِنًهَا أمَانَة!، وَإِنَهًا يَوْمَ القِيَامَة خِزْىّ وَنَلَامَةٌ، إِلا مَنْ أخَن!ا جَقِّهَا، وَأدَى ال نِى عَليْهِ فِيهَا).
17 - (1826) حَدبرشًا زهُيْرُ بْنُ حَرْب وَإِسْحَقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، كِلاهُمَا عَنِ المُقْرِئِ.
قَالَ زهُيْر: حَدهَّشَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ، حَا شَاً سَعِيدُ بْنُ أبِىَ أيوبَ، عَنْ عُبَيْد اللهِ بْنِ أبِى جَعْفَرٍ القُرَشِى، عَنْ سَالِ! بْنِ أبِى سَالِمٍ الجمشَانىِّ، عَنْ أبِيه، عَنْ أن فَرلم ؛ أن رَسُوليَ الله لجق! قَالِ: (يِا أبِا فَز، إِنِّى أرَاكَ ضَعِيفًا، وَإِئى أحِبُّ لكَ مَاَ أحِبُّ لِنَفْسِى، لا تَافَّرَن عَلىَ لا.
اسينِ، ولا توليْن مالَ يَتِيمٍ ).
وقوله ( صلى الله عليه وسلم ) فى الإمارة: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، و(نها أمانة، وإنها يوم القيامة
خزى وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذى عليه فيه ال، وقوله: (إنى أحب لك ما أحب لنفسى، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم): تشديد فى الحض على البعد !ن هذا، لاسيما لمن يخيل فيه الضعف عن القيام / بها.
وواضح المعين فى أن الخزى والندامة إنما هو لمن لم يعدل فيها ولا قام بما يجب عليه، فيفضعه الله ويخزيه يوم القيامة، ويندم على ما فرط منه (1)، والا فقد جاَ فى الإمام العادل من الفضل والثواب ما جاَ، لكن لكثرة الحظر فى اْمرها وشدة العهدة، وعظم الأمانة فيها ما رغبه عنها، وزهده فيها، وحضه على تركها ة لما خافه عليه من الضعف عنها حتى قرر عنده فض نصحه له فى ذلك، وأنه إنما يحب له ما يحب لنفسه من الخير ودفع الضرر.
قال الإمام: وذكر مسلم فى سند هذا الحديث: نا عبد الملك بن شعيب بن الليث،
قال: نا أبى، نا الليث، قال: نا يزيد بن أبى حبيب، عن بكر بن عمرو، عن الحارث بن يزيد.
هكذا روى هذا الاسناد عن أبى اْحمد الجلودى، ووقع عند ابن ماهان: حدثنى يزيد بن أبى حبيب وبكر بن عمرو، بواو العطف، والصواب: عن بكر بن
(1) فى س: فيه.
1 / 101
226
(6/225)
كتاب الإمارة / باب كراهة الامارة بغير ضرورة
عَمرو، كما تقدم.
قاله عبد الغنى.
وخرفي فى الباب - أيضأ -: نا زهير داسحق، كلاهما عن المقرىْ، قال زهير: تا
عبد الله بن يزيد، نا سعيد بن اْبى أيوب، عن عبيد الله بن أبى جعفر، عن سالم بن اْبى سالم، عن أبيه، عن ابى ذر.
وقال الدارقطنى فى كتاب العلل، وذكر الحديث: اختلف فيه على عبيد الله بن أبى جعفر، فرواه سعيد بن ابى أيوب، كما تقدم، وخالفه عبد الله بن لهيغة، فرواه عن عبيد بن أبى جعفر، عن مسلم بن اْبى مريم، عن أبى سالم الجيشانى، عن أبى ذر، والله أعلم بالصواب.
قال: ولم يحكم الدارقطنى فيه بشىء (1).
وأبو سالم: هو سفيان بن هانى الجيشانى، يروى عن على وأبى ذر.
(1) العلل للدارقطنى 6 / 285، 286.
(6/226)
كتاب الإمارة / باب فضيلة الإمام العادل...
إلخ
227
(5) باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية، والنهى عن إدخال المشقة عليهم
18 - (1827) حدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْ! وَابْنُ نُمَيْر، قَالوا: حَدثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو - يَعْنِى ابْنَ دينَار - عَنْ عَمْرِو بْنِ أوسِ، عَنْ عًبْد اللّهِ بْنِ عَمْرو.
قَالَ ابْنُ نُمَيْرِ وَأبُو بَكْرِ: يَبْلغُ بِه النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ).
وَفِى حَدِيث زُهَيْرِ قَالَ: قَالً رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ): (إِن المُقْسِطِنَ عِنْدَ الله عَلى مَنَاَبرَ مِنْ نُورِ، عَنْ يَمِينِ الرًّ حْمَنِ عَزَّ وَجَل، وَكلتَا يَدَيْهِ يَمِين ؛ النِينَ يَعْدِلونَ فِى حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلوا).
وقوله: (المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين) الحديث، قال القاضى: المقسطون: العادلون، وقد فسره اخر الحديث بقوله: (الذين يعدلون فى حكمهم واْهليهم وما ولوا).
فدل هذا الفضل لكل من عدل فيما تقلده من خلافة، د امارة، أو ولاية سيم، اْو صدقة، اْو غير ذلك.
أو فيما يلزمه من حقوق أهله، أو من يقوم به.
والاءقساط والقسط: العدل، قال الله تعالى: { قَائما بِالْقِسْط} (1).
يقال: أقسط: إذا عدل، وقسط: إذا جار، قال الله تعالى: { وَأَئَا الْقَاسطُونَ فًكَانُوا لجَهَئمَ حَطَبًا} (2)، وقال: { وَأَقْسِطُوا إن اللهَ يُدِبئ الْمُقْسِطِينَ} (3).
قوله: " على منابر من نور): أصل تسمية المنبر لارتفاعه، فيحتمل أن يكون (منابر)
كما ذكر على وجهها، أو منازل رفيعة وأماكن علية، كما جاء فى الحديث الاَخر: (يجىء يوم القيامة على تل) (4)، وفى آخر: (على كوم) (5).
وقوله: (عن يمين الرحمن): معناه: فى الحالة الحسنة والمنزلة الرفيعة.
قال ابن عرفة: يقال: اْتاه عن يمينه: إذا أتاه من الجهة المحمودة، والعرب تنسب الفعل المحمود والإحسان إلى اليمن، وضده اليسار.
قالوا: واليمن من اليُمن وتسمى اليمن، وتسمى الشمال الشومى من الشوم، ومنه أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة.
وقال المفسرون فى
(1)+ عمرلن: 18.
(2) لبن: 15.
(3) ا لحجر ات: 9.
(4) لحمد 456 / 3، عن كعب بن مالك - رضى الله عنه.
(5) لحمد 345 / 3، عن جابر بن عد الله - رضى الله عنه.
101 / ب
228 (6/227)
كتاب الإمارة / باب فضيلة الإمام العادل...
إلخ 19 - (1828) حَدثنِى هَرُ!نُ بْنُ سَعِيد الأيْلِى، حَدشَا ابْنُ وَهْب، حَدثنى حَرْمَلةُ
عَنْ عَبْد الرخمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ، قَالَ: أتَيْتُ عَائِشَةَ أسْألهَا عَنْ شَىْء.
فَقَائتْ: مِمًّنْ ؟نتَ ؟ فَقُلتُ 5َ رَجُل منْ أهْلِ مصْرَ.
فَقَالتْ: كئفَ كَانَ صَاحبُكُمْ لكُمْ فِى غَزَاتِكُمْ هَذه ؟ فَقَالَ: مَا نَقِمْنَا مِنْهُ شَيئا، إِنْ كًانَ ليَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِئا البَعِيرُ فَيُعْطِيهِ البَعِيرَ، وَالعَبْدُ فَيُعْطِيهِ العَبْدَ، قوله: { وَأَصْحَابُ الْ!مِيئِ مَا اصْحَابُ الْيَمِيئِ} (1) أى أصحاب المنزلة الرفيعة، { وَاصْحَابُ الشمَالِ} (2) أى أصحاب المنزلة الخسيسة / وقيل: يسلك بهم يمينا إلى الجنة، وقيل: لأن الجنة عن يمين الناس، وقيل: سُموا بذلك ؛ لاْنهم أخذوا بذلك كتبهم بأيمانهم، وقيل: لأنهم ميامين على أنفسهم.
وبضد هذا كله أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة.
وقيل: سموا أصحاب اليمين، لأن الله - تعالى - أودعهم أول الخلق جانب آدم اليمين، وضده أصحاب الشمال.
وفى قوله: (وكلتا يديه يمين): تنبيه أنه لم يرد بيمين الرحمن ولا بيده هنا الجارحة،
تعالى الله عنها ة إذ لو كان المراد الجارحة لكان لها مقابلة الشمال، ويكون فيهما تحديد لله - تعالى - وتقدير جهات له، عز وجل عن ذلك، وذلك إنما يصح فى الأجسام والمتحيزات
وا لمقلرات.
وقول عائشة: كيف كان صاحبكم فى غَزاتكم ؟ قال: ما نقمنا عليه شيئأ، قال
الامام: أى ما كرهنا، أو ما فى معناه.
قال القاِضىٍ: يقال فى هذا: نقم ينقم، ونقم ينقم إذا أنكر وكره، وقُرئ بهما !ط: { ومَا نقمُوا} (3) و(وما ينقموا).
وأما من الانتقام فبفتح الماضى.
وقولها: (أما إنه لا يمنعنى الذى فعل فى محمد بن أبى بكر - أخى - أن أحدثك الحديث): تعنى: قتله له.
فيه أن قول الحق وذكر فضك ذى الفضل مرغب فيه مع العدو والصديق، وكان هذا الأمير المذكور على يديه جرىء مثل محمد بن أبى بكر بمصر، وأنه كان صاحب الجيش المتحرك إلى محمد بمصر فى فتنة معاوية، وهو كان أمير هذه الغزاة التى ذكرت فيها عائشة ما ذكرت فى كتاب مسلم.
واختلف أهل التاريخ فيمن كان من الأمراء صاحب الجيش لحرب محمد بمصر، فقيل:
عمرو بن العاص، فيما قاله خليفة بن خياط، وقيل: معاوية بن خديج التجيبى، فيما قاله الهمذانى، قال: وكان سيد تجيب ورأص اليمانية بمصر، وهو الذى عنت عائشة بقولها هذا فيه فى هذا الحديث.
واختلف فى صفة قتل محمد بن أبى بكر، فقيل: قُتل فى المعركة، وقيل: جىء به
(1) الواقعة: 27.
(2) 1 لوا قعة: 41.
(3)1 لبروخ: 8.
(6/228)
كتاب الإمارة / باب فضيلة الإمام العادل...
إلخ 229 وَيَحْتَاجُ إِلى الئفَقَةِ فَيُعْطيه الئفَقَةَ.
فَقَالتْ: أمَا إِئهُ لا يَمْنَعُنِى الذِى فَعَلَ فِى مُحَمَدِ بْنِ أبِى بَكْرٍ - أخِى - أنْ اخْبِرَكً مَاَ سَمعْتُ مِنْ رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم )، يَقُولُ فِى بَيْتِى هَنَا: (اللهُمَّ، مَنْ وَلِىَ مِنْ أمْرِ أفَتِى شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَليْهَ.
وَمَنْ وَلِىَ مَنْ أمْرِ أفتِى شَيئا فَرَفَقَ بهِهْأ فَارْفُقْ بِهِ).
(... ) وَحَدثَّنِى مُحَمَدُ بْنُ حَاتِم، حدثنا ابْنُ مَهْدِى2، حَدثنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ حَرْمَلةَ المِصْرِىِّ، عَنْ عبدِ الرخمَنِ بْنِ شَمَاسَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ الئيِىِّ كله.
بِمِثْلِهِ.
20 - (1829) حَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا ليْ!ث.
ح وَحَا شَا مُحَمَدُ بْنُ رمحٍ،
حَدثنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عًنِ الئبىِّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ أئهُ قَالَ: (ألا كُلكمْ رَلٍ، وَكُفكُمْ مَسْؤُول! عَنْ رَعِئتِهِ.
فَالأمِيرُ الذِى عَلى الَئاصِ رَلٍ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّت!.
وَالرخلُ رَلٍ عَلى أهْلِ بَيْتِه، وَهُوَ مَ!مئوُول"عَنْهُمْ.
وَالمَرْأةُ رَاعِيَة!عَلى بَيْت بَعْلِهَا وَوَللَهَ، وَهىَ مَسْوُولة! عنهُمْ.
وَالعَ!دُ صَلٍ عَلى مَالِ سديلِهِ، وَهُوَ مَسئؤُول! عَنْهُ.
ألَا فَكُفُكُم رَلٍ، وَكُفكُمْ مَسْوُول"عَنْ رَعِيتِهِ).
أسيرأ فقتل، وقيل: دخل بعد الهزيمة فى حربه فوجد حماراً ميتأ فدخل فى جوفه فأحرق فيه.
وقوله: (اللهم من ولى من أمر أمتى شيئأ فشق عليهم فاشقق عليه) وذكر فى الرفق
بهم مثله: فيه الحض على الرفق والنهى عن المشقة، وهو الذى أمر الله به نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ووصفه به، وحض عليه ( صلى الله عليه وسلم ) فى غير حديث، وأثنى عليه، وأنه يثيب على الرفق ما لا يثيب على المشقة.
والمشقة: المضرة، والجَهد ومثله.
قوله فى الحديث الآخر: (شر الرعاء الحطمة)، قال الإمام: يعنى الذى يكون عنيفا برعيه الإبل يحطمها، يلقى بعضها على بعض، ويقال أيضا: حُطم بلا هاء، ومنه قول الحجاج فى خطبته:
قد لفها الليلط بسواق حطَم
وقوله: (ألا كلكم كل وكلكم مسوول عن رعيته) الحديث، قال القاضى: الراعى:
هو الحافظ الموتمن، وأصله: النظر.
رعيت فلانا: نظرتُ إليه، ومنه: رعيت النجوم، ومنه قولهم: راعنا، أى حافظنا، وقيل: استمع منا، وأرعنى سمعك: استمع إلى، وقال الله تعالى: { لا تَقولُوا رَاعِنَا وَرولُوا انطُرْنَا} (1).
وهذا يصحح اْن أصل الكلحة النظر، كما ذكرنا.
(1) ا لبقرة: 104.
230 (6/229)
كتاب الإمارة / باب فضيلة الإمام العادل...
إلخ (... ) وَحَدثنَا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ، حَدشَا مُحَفدُ بْنُ بشْر.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْر،
ص حىء ص ص حمص ه، َ ورصَ ص حمص صءص ه "ص صًَ ص ص محرمحو، هً، حدثنا ال.
ح وحدثنا ابن المثنى، حدثنا خالِد - يعنِى ابن الحارِثِ.
ح وحدثنا عبيد الله بن سَعيد، حَدثنَا يحيى - يَعْنى القَالانَ - كُلُهُمْ عَنْ عُبَيْد الله بْن عُمَرَ.
ح وَحَد!شَا أبُو الرًّ بِيع، ء - ص ص حمرَص ير، 5، صرص ص !َ، ص، هَ، ص ه ص حمص 5 ص، وَأبو كامِلٍ، تالا: حدثنا حماد بن زيد.
ح وحدثنِى زهير بن حرب، حدثنا إِسماعِيل، جَميعًا عَنْ أيوبَ.
ح وَحَدثنِى مُحَمدُ بْنُ رَافعِ، حَدثنَا ابْنُ أبِى فُدَيْك، أخْبَرَنَا الضًّحَاكُ - يَعْنِى ابْنَ عُثْمَانَ.
ح وَحَدثنَا هَرُونُ بْن سَعيد الأيْلِى، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدثنِى أسَامَةُ، كُل هَؤُلاء عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
مِثْلَ حًلِيثِ اللَيْثِ عَنْ نَافِعٍ.
ص ص، 5 صً ص ص حمل ص ص، 5، 5 ص صص سر، 51،، ص ص ه، ص ا
(... ) قال أبو إِسحق: وحدثنا الحسن بن بشر، حدثنا عبد اللّهِ بن نمير، عن عبيدِ اللّ!
عَنْ نَافِع، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، بِهَنَما، مِثْلَ حَلِيثِ اللَيثِ عَنْ نَافِني.
َحمصً، ًً، +ً يركاَ، 5، - ص ه،،،
(... ) وحدثنا يحيى بن يحيى ويحى بن ايوب ولتيبة بن سعِيد وابن حُجْر، كلهمْ
عَنْ إٍ سمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ !ينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قًالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وحَدثنِى حَرْمَلةُ بْنُ !يَحْىَ، أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْب، أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ سَالِم بْنِ عبد اللهِ، عَنْ أبِيه، تَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمَعْنَى حَدِيثِ نَافًع عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَزَادَ فِى حَدِيثَ الزُّهْرِىِّ: قَالَ: وَحَسِبْتُ أَئهُ قَدْ قَالَ: (الرخلُ رَ ؟ فِى مَالِ أبِيهِ، وَمسْوُول! عَنْ رَعِيتِهِ لا.
(... ) وَحَدثنى أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرخْمَنِ بْنِ وَهْب، أخْبَرَنِى عَمِّى عَبْدُ اللهِ بْنُ وهْبٍ، أخْبَرَنِى رَجُل سَمًاهُ، وَعَمْرُو بْنُ الحَارِثِ عَنْ بُكَيْر، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيد، حَدثهُ عَنْ عبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الئبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم )، بِهَنَما المَعْنَى.
فيه أن كل من تولى من أمر أحد شيئا فهو مطالب بالعدل فيه، وأداء الحق الواجب،
والقيام بمصلحة ما تولاه ؛ كالرجل فى أهل بيته، والمرأة فيما تتولاه من بيتها ومال زوجها
102 / 1 وولده، والعبد فيما يتولاه ويتصرف فيه من مال سيده.
/ وفيه حجة أنه لا قطع على العبد فى مال سيده، ولا على المراة فى مال زوجها، إلا ما حجبه عنها، ولم يجعل لها فيه تصرفأ، خلافأ لأبى حنيفة، وأحد قولى الشافعى: أنه لا قطع على أحد الزوجين فيما
سرق من مال الآخر كيف كان.
وفيه حجة على جواز إقامة السيد الحد على عبده.(6/230)
كتاب الإمارة / باب فضيلة الإمام العادل...
إلخ 231 ص ص ممص كاص، 5، ص يرص ص حض 5 ص ص ص ص ص ص ص ص
21 - (142) وحدثنا شمسان بن فروخ، حدثن الفو الأشهبِ، عنِ الحسنِ، قال: عاد
عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ زِيَاد مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ المُزَنِىَّ، فى مَرَضِه الذى مَاتَ فِيه.
فَقَالَ مَعْقِل: إِنى مُحَدَثكَ حَدِيثاًيسَمعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم )، لوْ عًلِمْتُ أنَّ لِى حًيَاة مَا حَلئتُكَ، إٍ نى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَا مِنْ عَبْد يَسْتَرْعيه اللهُ رَعيَّة، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وهُوَ غَاشٌ لِرَعِيتِهِ، إِلا حَرَّمَ اللهُ عَليْهِ الجَئةَ).
ًً
(... ) وَحَدثنَاهُ يحيى بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ، عَنْ يُوُنسَ، عَنِ الحَسَنِ.
قَالَ: دَخَلَ ابْنُ زِيَادٍ عَلى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَهُوَ وَجِعٌ.
بِمِثْلِ حَلِيث أبى الأشْهَبِ.
وَزَادَ: قَالَ: ألا كنتَ حَلَّئتَنِى هَنَا قَبْلَ اليَوْم ؟ قَالَ: مَا حَدَّئنُكَ.
أوْ لمْ كُنَْ لأحَدَثّكً.
22 - (... ) وَحَدثنَا أبُو غَسَّانَ المِسْمَعِى داِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَئى - قَاليَ إِسْحَقُ: أخْبَرَنَا.
وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدثنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ - حَدثنِى أبِى عَنْ قَتَ ال ةَ، عَنْ أبى المَلِيح ؛ أنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زيَادٍ دَخَلَ عَلى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ فِى مَرَضِهِ.
فَقَالَ لهُ مَعْقِلٌ: إِنًى مُحَدثكَ بحَديث، لوْلا اَنى فِى الموْتِ لمْ احَلَفكَ بِهِ.
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَا مِنْ أمِيرٍ يَلِى أَمْرًا لمُسْلِمِنَ، ثُمَّ لا يَجْهَدُ لهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلا لمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الجَئةَ لا.
وقوله: (ما من عبد يسترعيه الله رعية فيموت وهو غاش لها، إلا حرم الله عليه الجنة)، وفى الحديث الاَخر: ا لا يجتهد لهم وينصح، إلا لم يدخل معهم الجنة): يفسر أحد الحديئين الاَخر فى وجوب نصحها، والنظر لها، والعدل فيها، وأنه لا يدخل معهم الجنة عند دخولهم إن عاقبه الله، بل يحبسه دونها ويحرمها عليه مدة معاقبته إياه فى جهنم أو البرزخ، أو طول المحاسبة بما الله أعلم بمدته، إلى أن يرحمه وينقضى أمد ما اْراد من عقابه.
وفى قوله: (يموت يوم يموت وهو غاش لها): دليل أن التوبة قبل الموت مكفرة السيئات، واْن الأعمال بخواتيمها.
وقول معقل لعبيد الله بن زياد فى هذا الحديث: ا لو علمت أن لى حياة)، وفى الرواية الانحرى: ا لولا أنى فى الموت ما حدثتك به): إما لاءنه خافه على نفسه من توبيخه بهذا الحديث ووعيده، أو لأنه رأى وجوب ذلك الحديث عليه قبل أن يموت ؛ لئلا يكون كتم علمأ علمه حتى مات، فيخرج بذلك.
232 (6/231)
كتاب الإمارة / باب فضبلة الإمام العادل...
إلخ (... ) وَحَدثنَا عُقْبَةُ بْنُ مكْرَمٍ العَمِى، حَدثنا بَنقُوبُ ننُ إِسْحَقَ، !خْبَرَنِى سَوَ ال ةُ بْنُ
أبِى الأسْوَد، حَدثنِى أبِى ؛ أن مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ مَرِضَ، فَا"تَاهُ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ زِيَادٍ يَعُودُهُ.
نَحْوَ حَدِيثِ الحَسًنِ عَنْ مَعْقِلٍ.
ص كص ص ص، 5ءص 59 ص ص كص ص، 5، ص ص ممض ص ص، ءير
23 - (1830) حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا جرِير بن حازِمٍ، حلثنا الحسن ؛ ان عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو - وَكَانَ مِنْ أصْحَاب رَسُولِ الله ( صلى الله عليه وسلم ) - دَخَلَ عَلى عُبَيْد الله بْنِ زِيَاد.
فَقَالَ: أىْ بُنَى، إِنِّى سَمعْتُ رَسُولَ اللّه ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
(إِن! شَر الركَاءِ الحُطًمَةَُ، فَإئاكًَ أنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)، فَقَالَ لهُ: اجْلِسْ، فَإنًّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالةِ أصْحَابِ مُحَمَدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) + فَقَالَ: وَهَلْ كَانَتْ لهُمْ نُخَالة! ؟ إِئمَا كَانَتِ الئخَالةُ بَعْدَهُمْ، وَفِى غَيْرِهِمْ.
وقول عبيد الله بن زياد لعائذ بن عمرو: (وإنما أنت من نخالة اْصحاب محمد):
يعنى لست من صفوهم ولبابهم ومشاهيرهم، وإنما أنت من حشوهم وسقطهم.
والنخالة: ما ينخل عن الدقيق من قشوره ونفايته، ومثله الحثالة والخصالة والحشافة، وهو ما يتساقط من قشور الشعير والتمر وغيره.
وتوله: (وهل فى اْصحاب محمد من نخالة ؟ إنما كانت النخال عندهم (1) وفى غيرهم): رد صحيح وكلام حق، فإن أصحاب محمد كلهم صفوة الناس وفضلاؤهم، وأفضل من يأتى بعدهم، كلهم معدلون قدوة، وإنما جاء التخليط والفساد فممن بعدهم.
وذكر الغلول، ومعناه فى الأصل: الخيانة، ثم صار عرفأ فى خيانة المغانم.
قال نْفطويه: سمى بذلك ؛ لأن الأيدى مغلولة عنه محبوسة يقال: غل وأغل غلو، وإغلا،.
(1) فى س: بعدهم.
(6/232)
كتاب الإمارة / باب غلظ تحريم الغلول 233
(6) باب غلظ تحريم الغلول
24 - (1831) وَحَدثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ، عَنْ أبِى حَيَّانَ، عَنْ أيِى زُرْعَةَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: !قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَاتَ يؤم، فَذَكَرَ الغُلولَ فَعَطمَهُ وَعَطمَ أمْرَهُ.
ثُمَ قَالَ: ا لا ألفيَن أحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَةِ، عَلى رَقَبَته بَعِيزلهُ رُغَاء، يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله، أغثْنِى.
فًأقولُ: لا أمْلِكُ لكَ شَيْئًا، قَدْ الوبلغْتُكَ.
لَاَ ألفِيَن أحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَةِ، َ عَلىَ رَقَبَتِهِ فَرَص!لهُ حَمْحَمَة، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ،
وقوله: ا لا ألفين أحدكم يوم القيامة يجىء على رقبته بعير): كذا رويناه بالمد وبالفاء، وهو وجه الكلام، أى: لا تفعلوا فعلاً أجدكم فيه على هذا الصفة.
ووقع عند العذرى: ا لا اْلقين) بالقاف، وله وجه على ما تقدم، وكذلك فى الحديث الآخر: ا لا أعرفن) على ما تقدم، وعند كثرهم: ا لأعرفن) بغير مد، والأول أعرف.
قال الإمام: قوله: ا له رغاء): الرغاء: صوت البعير، وكذا ما ذكره بعده صوت
كل شىء وصفه به.
وقوله: ا لا يأتى أحدكم وعلى رأسه رقاع تخفق): فيه دلالة على زكاة العروض،
وقد يستدل به - اْيضأ - من يرى الزكاة فى الخيل بذكره الفرس فى هذا الحديث، وقد تقدم الكلام على ذلك.
قال القاضى: لورود هذا فى كتاب الزكاة ومعرض عنها أمكن الاحتجاج به لنا وعلينا
فى الموضعن، وإنما صرد فى باب الغلول / فبعيد الاستدلال به على غيره.
وفى الحديث تعظيم أمر الغلول والعقوبة عليه.
ولا خلاف أنه من الكبائر وشهرة المعاصى فى الآخرة يوم تبلى السرائر، وكشفهم على رؤوس الناس، وهتك سترهم بحملهم على رؤوسهم ما اخثانوه واغتالوه، واستتروا به عن الخلق فى الدنيا، كما قال تعالى: { وَمَن يَغْلُلْ يَأتِ بِمَا غَل يَوْمَ الْقِعَامَةِ} (1).
وبزيادة شهرة ذلك فتصويب الناطق وخفق غير الناطق، ومن رغاء ا لإبل (2) وحمحمة الفرس، وثغاء الشاة، وصياح الآدمى، وخوار البقرة، وبعار المعز - وهو صوتها خاصة - وهو معنى قوله: (شاة تيعر) وتصويب الرياح فى الثياب، وما لا ينطق وهو قوله: (رقاع تخفق)، وقد يكون حمله لها من عقابه لها وثقلها عليه فى ذلك المقام،
(1)+ عمران: 161.
(2) فى س: للبعير.
103 / ب
234 (6/233)
كتاب الإمارة / باب غلظ تحريم الغلول أغِثْنِى، فَا"قُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شَيئا، قَدْ ؟دلغْتُكَ.
لا ألفيَن أَحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَة، عَلى رَقَبَته شَاة لهَا ثُغَاء!.
يَقُولُ: يَا رَسُولَ الله، أَغِثْنِى، فَأقُوَلُ: لا أمْلِكُ لكَ يثميئا، قَدْ إدلَغْتُكَ.
لا الَفِيَن أحَدَكُمْ يَجىءُ يَوْمَ القيَامَة، عًلى رَقَبَته نَفْس!لهَ اليَاخ.
فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ الله، أغِثْنِى، فَا"قُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ يثميئا، قَدْ ابلغْتُكً.
لا ألفِيَن أحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القِيَامَة، عَلَى رَقَبَته رِقَاع، تَخْفقُ.
فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ النْهِ، أغِثْنِى، فَا"قُولُ: لا أمْلِكُ لكَ شَيئا، قَدْ أبْلغتُكً.
لا ألفيَن أحَدَكُمْ يَجِىءُ يَوْمَ القيَامَة، عَلى رَقَبَته صَام!ت.
فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ الله، أَغِثْنِى، فَافُولُ هَ لا أَمْلِكُ لكَ يثميئا، قَدْابَلغْتُكً).
ً
(... ) وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أَ!ى ثمَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدُ الرخَيم بْنُ سُليْمَانَ، عَنْ أبِى حَيانَ.
ح وَحَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْلب، حَدثنَا جَرِير"، عَنْ أَ!ى حَيانَ، وَعُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاع، جَمِيغا عَنْ أرى زُرْعَةَ، عَنْ أرى هُريرَةَ.
بِمِثْلِ حَلِيثِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ أرى حَئانَ.
وتعظيمها بما الله أعلم به.
كما جاَ فى حمل من غصب من الأرض شبرًا، وتطويقه إياه من سبع أراضن (1)، وتكون النفس التى غل هنا من سبى الغنائم وأساراها - والله أعلم.
وقوله: ا لا أملك لك من الله ثميئأ): إما من المغفرة أو من الشفاعة، إلا أن يأذن
الله فى ذلك، ويكون فيه ذلك ( صلى الله عليه وسلم ) أولا غيظأ عليهم، ألا تراه قال: (قد بلغت)، ثم بعد ذلك اْدركه من الرقة والرأفة التى خصه الله ووصفه بها ما سأل ربه الشفاعة فيهم، حتى يأذن له في الشفاعة فيمن شاَ منهم، على ما مضى فى حديث الشفاعة.
وفيه اْن العقوبات من جنس الذنوب، كما جاَ فى غير حديث.
والصامت: الذهب والفضة.
وأجمع العلماَء على أن الغال رد ما أغل، وأخذ فى المقاسم ما لم يفترق الناس.
فإذا افترقوا وفات فاختلفوا فى ذلك، فذهب معظمهم إلى أنه يدفع خُمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقى، هذا قول الحسن ومالك والزهرى والأوزاعى والثورى والليث، وروى معناه عن معاوية وابن مسعود وابن عباس واْحمد.
وقال الشافعى: فى هذا الأصل ليس له الصدقة بمال غيره (2).
ثم اختلفوا ما يفعل بالغال، فجمهور العلماء وأئمة الفتوى والأمصار: أنه يعزر باجتهاد الإمام، ولا يحرق رحله.
ولم يثبت عندهم الحديث عن ابن عمر فى تحريق
(1) البخارى، كبدء الخلق، بما جاء فى السبع أرضين 4 / 199، مسلم، كالمساقاة، بتحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها (142) عن ئبى سلمة بن عبد الرحمن - رضى الله عنه.
(2) 1 لتمهيد: 2 / 9 1 - 23.
(6/234)
كتاب الإمارة / باب غلظ تحريم الغلول 235 25 - (... ) وَحَدثنِى أحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْر الئَارِمِى، حَدثنَا سُليْمَانُ بْنُ حَرْبِ، حَدثنَا حَمَّادُ - يَعْنِى ابْنَ زَيْد - عَنْ أيوبَ، عَنْ يحيى بْنِ سَعيد، عَنْ أبِى زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو ابْنِ جَرير، عَنْ أَيِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) الغُلولً فَعَظَّمَهُ.
وَاقْتَصَّ الحَلِيثَ.
قَالَ حَمًاد!: ثُمَ سَمِعْتُ يحيى بَعْدَ فَلِكَ يُحَدثهُ.
فَحَلطنَا بِنَحْوِ مَا حَد!شَا عَنْهُ أيُّوبُ.
(... ) وَحَدثنِى أحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ خِرَاشِ، حَدثنَا أبُو مَعْمَر، حَا شَا عَبْدُ الوَارِث، حَدثنَا أئوبُ، عَنْ يحيى بْنِ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ أبِى زُرْعَةَ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىَ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ.
رحله ؛ لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم وهو ضعيف، ولأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) لم يحرق رحل الذى وجد عنده الخرز والعباءة.
وقال قوم بحديث ابن عمر، وقالوا: يحرق رحله ومتاعه كله، وهو قول مكحول والحسن والأوزاعى.
قال الأوزاعى: إلا ما غل وسلاحه وثيابه التى عليه، وقال الحسن: إلا الحيوان والمصحف.
قال الطحاوى: ولو صح حديث ابن عمر لحمل على اْنه كان إذا كانت العقوبة فى الأموال، كما جاء فى التضعيف على مانعى الزكاة، وضالة الإبل، وسارق التمر، وذلك كله منسوخ.
236(6/235)
كتاب الإمارة / باب تحريم هدايا العمال
(7) باب لمحريم هدايا العمال
26 - (1832) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ وَعَمْزو النَّاقِدُ وَابْنُ أبِى عُمَرَ - وَاللَفْظُ
لأبِى بَكْرٍ - تَالوا: حَدثنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزهرِىّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أبى حُمَيْد الممئَاعِدِئ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً مِنَ الأسْدِ، يُقَالَ لهُ: ابْنُ اللتبِيةِ - قَالً عَمْرو وابْنُ أبِى عُمَرَ: عَلى الصَّدَقَةِ - فَلمَا قَلِمَ قَالَ: هَنَا لكُمْ، وَهَذَا أهْدِىَ لِى.
قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) عَلى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأثنَى عَليْهِ.
وَقَالَ: (مَا بَالُ عَامِلٍ ابعَثُهُ فَيَقُولُ: هَنَا لكُمْ، وَهَنا أهْدِىَ لِى! أفَلا قَعَدَ فِى بَيْت أبِيه - 3وْ فى بَيْت أفه - حَتَى يَنْظُرَ أيُهْدَى إِليْهِ 3مْ لا ؟! وَالذِى نَفْسُ مُحَفد بيَده، لا يَنَالُ أَحَدَ منكُمْ مِنْهَا شًئئا إِلا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلى عُنُقهِ، بَعير لهُ رُغَ ال، أَو بَقَرَة لهَا خُوَار، أوْ شَاة تَيْعِرُ،.
ثُمَ رَفَعَ يَلَيْهِ حَتى رَثيمشَا عُفْرَتىْ إِبْطئهِ.
ثُمً قَالَ: (اللهُمَ، هَلْ بَلغْتُ ؟) مَرتيْنِ.
(... ) حَدثنَا إسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْد، قَالا: أخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، حَدثنَا مَعْمَر، عَن الزُّهْرِئَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ أ، ى حُمَيْد السَّاً عدِىّ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) ابْنَ اللتْبية - رَجُلاً منَ الأزْدِ - عَلى الصدَقَة.
فَجَاءً بالمَالَ فَدَفَعَهُ إِلى النَبِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: هَنَا مَالُكم، وَهَنِ! هًلِئة أهْلِيَتْ لِى.
فَقَالَ لَهُ الئيِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) ءَ (ألَلا قَعَدْتَ لِى ستِ أيكَ وَامّكَ
وقوله: (استعمل رجلاً يقال له: ابن اللتبية): كذا ضبطناه فى الحديث الأول
103 / 1 بفتح التاَ، وصوابه سكونها.
وُلتْب، بضم اللام وسكون التاَ: بطن من/ العرب.
وجاَ فى الحديث الاَخر فى رواية السمرقندى والسجزى: (الألتيبية)، وفى غير مسلم: (الألتبية) (1)، والصواب ما ذكرنل!.
وفى إنكار النبى (صلى الله عليه وسلم) أخذها باسم الهدية، وأن عقابه عقاب الغال، كما ذكر فى
الحديث من أنه يجىَ به على عنقه، كما ذكر فى الغال، مطابق لقوله: لأ هدايا الأمراء
غلول) (2) وإن كان ذلك كأنه خيانة لله تعالى وللمسلمين، إما لاْنه يأخذه لنفسه منهم
باسم الهدية ليسامحهم فى بقية ما يأخذ منهم، فهى خيانة للطاثفتين.
اْو لأجل مجرد
(1) البخارى، كالأحكام، بهدايا العمال 9 / مه.
(2) سبق تخريجه قريبأ.(6/236)
تح!اب الإمارة / باب تحريم هدايا العمال 237
فَتَنْظُرَ أيُهْدَى إِليْكَ أمْ لا ؟).
ثُمَ قَامَ النَّبِىُ ( صلى الله عليه وسلم ) خَطِيبًا.
ثُمَ ذَكَرَ نَحْوَ حَلِيثِ سُفْيَانَ.
ص مكص،،، ءص، 5، ص ص مكص ! ص ص ص ص ص ص ! ص ه
27 - (... ) حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا ابو أسامة، حا شا هشام، عن أبِيهِ، عَيق أبِى حُمَيْد السثَاعدىِّ غ قَالَ: السْتَعْمَلً رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ) رَجُلاً مِنَ الَأزْد عَلى صَدَقَاتِ بَنِى سُليْبم - يدْعَى ابنً ا، تبية - فَلمَا جَاءَ حَاسَبَهُ.
قَالً: هَنَا مَالُكُمْ، وَهَنَا هًدئة!.
فَقَالَ رَسُولُ الله ( صلى الله عليه وسلم ): (فَهَلا جَلسْتً فى بَيْت أبيكَ وَامِّكَ، حَتَى تَاْتيَكَ هَديتكَ، إِنْ كَنتَ !ادقًا ؟).
ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمدَ اللهَ وَألنًى عَليْهَ، ثُمَ قَالَ: (أمَّا بَعْدُ، فَإنِّى أَسْتَعْمِلُ الرخلَ منكُم عَلى العَمَل مِمَا وَلانِى اَلتهُ، فَيَأتِى فَيَقُو،: هَنمَا مَالُكُمْ، وَهَذَا هَدلة!أهْديَتْ لِى، أفَلا جًلسَ فِى بَيْتِ أبَيه وَافَه حَتَى تَأتيَهُ هَديتهُ، إنْ كَانَ !ادِفا ؟! وَاللهِ، َ لا يَا"خذُ أَحَد منكُمْ منْهَا شَيْئا بغَيْر حًقّهَ، إِلاَ لقِىَ اللهً تَعَالىَ يَحْملهُ يَوْمَ القيَامَةِ.
فَلأَعْرِفَنَّ أحَدا مِنكُمْ لقِىًا للهَ يًحْمِلُ بَعيرًا له رُغَاَء!، أوْ بَقَرَة لهَا خُوَار، أو شَاة تَيْعِر).
ثُمَ رَفَعَ يَليهِ حَتَى رُؤِىَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
ثُم قَالَ: (اللَهُمَ، هَلْ بَلَغْتُ ؟) بَصُرَ عَيْنِى وَسَمِعَ أفُنِى.
صءمكصء،، صرص ممص ص ص، ص ه،، ص عي،، ص ص ص ص ص ممص،
28 - (... ) وحدثنا ابو كريب، حدثنا عبدة وابن نمير وابو معاوِبة.
ح وحدثنا أبو
بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَا شَا عَبْدُ الرخِي! بْنُ سُليْمَانَ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ أبى عُمَرَ، حَدثنَا سُفْيَانُ، كُلهُمْ عَنْ هِشَابم، بِهَن! الإِسْنَاد.
وَفِى حَديث عَبْلَةَ وَابْنِ نُمَيْر: فَلمًّا جَاءَ حَاسَبَهُ.
كَمَا قَالَ أبُو أسَامَةَ.
وَفِى حَديثِ ابْنِ نمَيْر: (تَعلمُن وَاللّهِ، وَالذِى نَفْسِى بِيَدِه، لا يَا"خُذُ أحَدُكُمْ منْهَا شئيئا).
وَزَادَ فِىَ حَلِيثِ سُفْيَانَ قَالَ: بَصُرَ عَيْنِى وَسَمِعَ أفُنَاىَ.
وً سَلوا زيدَ بْنَ ثَابِتب فًإِنَّهُ كَانَ حَاضِرم مَعِى.
ولايته والتصنع إليه بما يهدى إليه، فهى خيانة لأمانة الله.
وكله غلول.
وبين له النبى ( صلى الله عليه وسلم ) علة المنع من ذلك، واْنه إنما يهدى إليه لما فكر لقوله: (هلا جلس فى بيت[ أبيه] (1) وأمه، فينظر هل يُهدى له)، وقد تقدم الكلام على هدايا الأمراء، وقبول النبى ( صلى الله عليه وسلم ) للهدية قبل هذا ورثها، ووجه ذلك بما فيه كفاية.
قال الإمام: قوله: (حتى راْينا عفرتى إبطيه): قال الأصمعى: العفرة: هو البياض ولشد بالناصِع، لكنه لون الأرض، ومنه قيل للظباء: عُفْر، سميت بعفر الأرض وهو وجهها.
قال شمِر: هو البياض إلى الحمرة قليلأ.
(1) ساقطة من س.
238(6/237)
كتاب الإمارة / باب تحريم هدايا العمال 29 - (... ) وَحَدثنَاهُ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهيمَ أخْبَرَنِى جَرِير!، عَنِ الشَيْبَانِىِّ، عَنْ عبد الله
ابْن ذَكْوَانَ - وَهُوَ أبُو الزِّنَاد - عَنْ عُرْوَةَ بْنَ الزبيْرِ ؛ أن رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عًلىَ الصّدَقَةِ، فَجَاءَ بِسَوَادِ كَثِيرَِ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَنَا لكُمْ، وَهَنَا أهْدِىَ إِلى.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلتُ لأبِى حُمَيْدِ السثَاعِدِىِّ: أَسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فَقَالَ: مِنْ
فِيهِ إِلى أفُنِى.
0 3 - (833 1) حَدثنَا أَبُو بَكرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعُ بْنُ الجَرَّل!، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِى خَالدِ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِى حَازِم عَنْ عَدىِّ بْنِ عَميرَةَ الكنْدىِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ: (مَنِ اسْتَعْمَلنَاهُ مِنكمْ عَلى عًمَلِ، فَكَتًمَنَا مخْيًطَا فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلولأ يَائى بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ).
قَالَ: فَقَامَ إِليْهِ رَجُل أسْوَدُ، مِنَ الأنصًارِ، كَاءنى انظُرُ
قال القاضى: رويناه: (عفرتى إبطيه! مثنى، بفتح العن وضمها، والصواب الفته! مع فتح الراء، مما يقال: عفرة وعفرة وعفر.
وتقدم اْول الكتاب قوله: (بَصُرَ عينى، وسمع أذنى).
وذكر مسلم فى الباب: نا إسحق بن إبراهيم، ورفع الحديث عن عروة بن الزبير ؛
أن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) استعمل رجلاً.
كذا لجميعهم، وعند الهوزنى والسمرقندى: عن عروة بن الزبير، عن أبى حميد الساعدى ؛ اْن النبى ( صلى الله عليه وسلم ).
لكنه متصل مسند ؛ لأن فى اخره: قال عروة: فقلت لأبى حميد الساعدى: أسمعته من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فقال: من فيه إلى أذنى، لكن[ مسياق] (1) رواية الهوزنى والسمرقندى أحسن وأبين.
وقوله فى الحديث: (فجاَ بسواد كثير) (2): اْى بأشياء كثيرة وأشخاص ظاهرة.
والسواد يغير به عن شخص كل شىَ، وكأنه ضد الفهل! ؛ لأن الموضع الفارغ (3) اْبيض والمعمور بشىَ فيه سواد شخصيه، ومنه: سواد العراق.
وقوله: (من استعملناه فكتم مخيطا فما فوقه كان غلولا): المخيط: الإبرة.
وفيه تعظيم القليل من الغلول بقوله: (فليجئ بقليله وكثيره، فما اوتى منه أخذ)ْ ذلك على قدر ما يراه الإمام له، من استحقاقه فى عمله أو حاجته اْو سابقته.
وقد جاء أنه أباح لمعاذ قبول الهدية حين وجهه إلى اليمن ليخبر بها ما جرى عليه من التفليس، والظن بمعاذ أنه
(1) فى الأصل هكذا، وفى س: مساق.
(2) حديث رقم (29) بالباب.
(3) فى س: البازغ.(6/238)
ئ بالإمارة / باب تحريم هدايا العمال 239 إِليْه.
فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، اقْبَلْ عنِّى عَمَلكَ.
قَالَ: (وَمَالكَ ؟).
قَالَ: سَمعْتُكَ تَقُولُ كَنَاَ وَكَنَا.
قَالَ: (وَأنَا أَقُولُهُ الآنَ، مَنِ اسْتَعْمَلنَاهُ مِنكُمْ عَلى عَمَل فَليَجِئْ بِقَلِيَلهِ وَكَثِيرِ! فَمَا اوتِىَ مِنْهُ أخَذَ، وَمَا نُهِىَ عَنْهُ انْتَهَى).
ص ص ير،، ص ص، 5، ص ه، صرص مكلء ص، ص !، 5، 5 ص ص ممص
(
.
) وحدثناه محمد بن عبدِ اللهِ بنِ نمير، حدثنا امِ! ومحمد بن بِشر.
ح وحدثنِى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدثنَا أبُو أسَامَةَ، قَالوا: حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ، بِهَنَا الإِسْنَادِ، بِمِثْلِهِ.
(
.
) وَحَدثنَاهُ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِىُّ، أخْبَرَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أبِى خَالِد، أخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ أبِى حَازِمِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَدِىَّ بْنَ عَمِيرَةَ الكِنْمِىَّ يَقُولُ: دسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) يَقُولُ.
بِمِثْلِ حل!يثِهِمْ.
لا يقبل منها إلا ما طابت به نفس مهديه، واْنه ممن لا يصانع أحدأ فى حق من أجلها، فكانت خصوصأ لمعاذ ؛ لما عليه منه النبى ( صلى الله عليه وسلم ) من النزاهة والورع والديانة، ولم يبح ذلك لغيره ممن لم يكن عنده بمنزلته، وحذر عليه ما قدمناه.
وعدى بن عميرة، بفتح العن، وهو اسم مشهور فى الرجال والنساء من الصحابة فمن بعدهم، وأما عميرة / بضم العن فلا يعرف فى الرجال جملة، وهو فى النساء خاصة.
103 / ب
240(6/239)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية
.
إلخ
(8) باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية وتحريمها فى المعصية
31 - (1834) حَدثنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَهَرُونُ بْنُ عَبْد الله، قَالا: حَدثنَا حَجَّاح بْنُ مُحَمَّد، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجِ: نَزَلَ: يَاَ أَئهَا الذِينَ آمَنُوَا أَطَيغوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الوشولَ وآوْلِما اَلأَمْوِ مِنكُمْ (1) فِى عبدِ اللهِ بْنِ حُنَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِى2 السَّفمِىِّ، بَعَثَهُ النَبِىُّ ( صلى الله عليه وسلم ) فِى سَرِيَّةِ.
أخْبَرَنِيهِ يَعْلِى بْنُ مُسْلِمِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عبَاسِ.
32 - (1835) حَدثنَا يحيى بْنُ يَحْيَى، أخْبَرَنَا المُغيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ الحِزَامىُّ،
عَنْ أبِى الزَنادِ، عَنِ الأعْرجَ، عَنْ ألِى هُريرَةَ، عَنِ الئبِى ( صلى الله عليه وسلم ) قَالَ: (مَنْ أطَاعَنِى فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ يَعْصِنِى فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ يُطِع الأمِيرَ فَقَدْ أطَاعَنِى، وَمَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى).
(
.
) وحدثنِيهِ زهير بن حربِ، حدثنا ابْن عييْنة، عَنْ أبِى الزّنَادِ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَلمْ يَذْكُرْ: (وَمَنْ يَعْصِ الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِى).
وقوله: (نزل: { أَطِهعُوا الئَهَ وَأَطِيعُوا الرسُولَ وَأُوْلِ! الأَمْوِ مِنكُمْ} فى عبد الله بن حذافة): قيل: المراد بأولى الأمر: من أوجب الله عليك طاعته، أى أولى الطاعة وا لائتمار.
والائتمار: الطاعة، فظاهره أن المراد بأولى الأمر الولاة والأمراء.
وهو قول كثر السلف، واستدل بعضهم بما جاء قبل الآية من قوله: { وَإذَا حَكَمْتُم بَيْنَ الئاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَمْلِ} (2)، وقيل: هم العلماء، وقيل: هم عامة الأمراء والعلماء، وقيل: هم أصحاب محمد.
وقوله: (من اْطاعنى فقد أطاع الله، ومن يعصنى فقد عصى الله، ومن يطع الأمير
فقد أطاعنى، ومن يعص الأمير فقد عصانى): بين ؛ لأن الله - تعالى - قد أمر بطاعة رسوله، فمن عصاه فقد عصى أمر الله.
وأمر الرسول بطاعة أميره، فمن عصاه فقد عصى أمر رسوله.
ولا خلاف فى وجوب طاعة الأمراء فيما لا يخالف أمر الله وما لم يأمر بمعصية، كما جاء فى الحديث الصحيح بعد.
(1)1 لنساء: 59.
(2) للنساء: 58.(6/240)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراءفى غيرمعصية...
إلخ 241 33 - (... ) وَحَدثنِى حَرْمَلةُ بْنُ يحيى، أخْبَرَنَا ابنُ وهْب! أخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شهَاب، أخْبَرَهُ قَالَ: حَد!شَا أبُو سَلمَةَ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ أًبِى هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ ً أنَّهُ قَالَ: (مَنْ أطَاعَنِى فَقَدْ أطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِى فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أطَاعَ أمِيرِى فَقَدْ أطَاعَنِى، وَمَنْ عَصَى أمِيرِى فَقَدْ عَصَانِى).
ص ص !، صءَ، 5، ص ص كص صءيره، 5 ص ص ص محص ه،، أوص
(... ) وحدثنِى محمد بن حاتِبم، حدثنا مكى بن إِبراهِيم، حدثنا ابن جريجٍ، عنِ زِيَادٍ، عَنِ ابْنِ شهَاب ؛ أنَّ أبَا سَلمَةَ بْنِ عَبْدِ الرخمَنِ أخْبَرَهُ ؛ أنَّهُ سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِفِثْلِهِ.
سَوَاء.
(... ) وَحَدثنِى أبُو كَامِم الجَحْمَرِىُّ، حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاء، عَنْ أبِى عَلقَمَةَ، قَالَ: حَدثنِى أبُو هرَيْرَةَ، منْ فِيهِ إِلى فِئَ.
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهً ( صلى الله عليه وسلم ).
ح وَحَدثنِى عُبَيْدُ ال!هِ بْنُ مُعَاذ، حَد 4شَا أبِى.
ح وَحَد 4شَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَارٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَر، قَالا: حَدثنَا شُعْبَة، عَنْ يَعْلى بْنِ عَطَاء، سَمِعَ أبَا عَلقَمَةَ، سَمِعَ أبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الثيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
(... ) وحدثنا محمد بن رافِعٍ، حدثنا عبْد الرزاقِ، حدثنا معمر، عنْ همام بنِ
منبهٍ، عن أبِى هريرة، عنِ الئيِى ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ ! لِيثِهِم.
وفى الباب فى حديث أبى كامل الجحدرى عن أبى عوانة، عن يعلى بن عطاء، عن
أبى علقمة الهاشمى.
كذا جاء نسبه فى بعض الروايات، وسقط نسبه من أصول كثر نسخ شيوخنا، وفى تاريخ البخارى: أبو علقمة مولى بنى هاشم، ويقال: مولى ابن عباس، ويقال: حليف بنى هاشم (1)، روى عنه يعلى بن عطاء ومحمد بن الحارث، وذكر له البخارى فى التاريخ حديثا عن اْبى هريرة فى اْشراط الساعة (2)، ولم يخرج عنه البخارى فى صحيحه فميئأ، وذكره أبو عبد الله الحاكم، ونسبه الهاشمى، لكنه لم يذكره فى التابعين فوهم.
(1) انظر: تاريخ للبخارى الكبير، كالكنى، 8 / رقم (513).
!زاد المزى فقال: ويقال: حليف الأنصار، وهو أبو علقمة المصرى.
روى عن عبد الله بن عمر وابن
مسعود وعثمان وأبى سعيد الخدرى وأبى هريرة، وروى عنه إبراهيم بن مسلم وأيوب بن حصين والحارث الحضرمى ويعلى بن عطاء وغيرهم.
قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح، وذكره لبن حبان فى الثقات.
انظر: تهذيب الكمال 34 / 102.
(2) لنظر: تاريخ البخارى الكبير، كالكنى، رقم (513).
242(6/241)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية...
إلخ ص ص !* ءَ5 صءه، ص ه ص ه ص - ء ص،، ص ص
34 - (... ) وحدثنِى ابو الطاهِرِ، أخبرنا ابن وهب، عن حيوة ؛ ان أبا يونس، موْلى
أمِ! هُرَيْرَةَ حَا لهُ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ عَنْ رَسول اللهِ على بذلك.
وَقَالَ: (مَنْ أطَاعَ الأمِيرَ) وَلمْ يَقُلْ: (أمِيرِى).
وَكَنَلِكَ فِى حَدِيثِ هَمًامِ عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ.
35 - (1836) وَحَدثنَا سَعِيدُ بْنُ منصُورِ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، كِلاهُمَا عَنْ يَعْقُوبَ.
قَالَ سَعِيدٌ: حَدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْد الرخمَنِ عَنْ أبِى حَازِمِ، عَنْ أَبِى صَالِحِ السثَمَانِ، عَنْ أبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهَ ( صلى الله عليه وسلم ): (عَليْكَ السئَمع وَالطَاعَةُ، فِى عُسْرِكَ وُشركَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأثَرَةِ عَليْكً).
36 - (1837) وَحَدثنَا أبُو بَكْر بْنُ أبى شَيْبَةَ وَعَبْدُ الله بْنُ بَرَّاد الأشْعَرِىُّْ وَأبُو كريْبصِ قالوا: حدثنا ابن إِدرِش!، عن شعبة، عَنْ أمِ! عِمران، عن عبدِ الله بْنِ الصامِتِ، عَنْ أبِى فَز، قَالَ: إِنَّ خَلِيلِى أوْصَانِى أنْ أسْمَعَ وَاطِيعَ، وَإِنْ كَانَ عَبْايم مُجَاَع الأطرَاتِ.
وذكر مسلم فى الباب أحاديث فى السمع والطاعة فى منشطك ومكرهك واْثرة عليك.
فيه وجوبها فيما يشق ويكره فى باب الدنيا لا فيما يخالف اْمر الله، كما قال فى الحديث الاَخر: (إلا أن يأمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)، وبهذا يجمع بين الأحاديث، وهذا يفسر عموم الحديث المتقدم.
قال الطبرى: فيه اْنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، وأخبار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا تضاد، وإنما أحاديث السمع والطاعة مجملة تفسرها الأحاديث الأخر المفسرة ما لم يخالف أمر الله، وهذا قول عامة السلف (1).
وقوله: (فى عسرك ويسرك): يحتمل أن يكون مثل ما تقدم من حاله، ويحتمل
أن يختص بالمال.
وقوله: (اسمع وأطع وإن كان عبداً حبشيأ مُجَذَع الأطراف): الجدع: القطع.
ط نما أشار بهذا الوصف إلى أدنى العبيد السود، ووحشهم ووغدهم لاستعمالهم فى الرعية لجبل وغليظ الخدمة، فقد تنقطع أصابع أرجلهم من خشونة الأرض وشديد الأعمال، على طريق المبالغة فى طاعة الأمراء كيف ما كانوا من شرف أو ضعة.
وفى قوله فى اَخر الحديث: (يقودكم بكتاب الله) تفسير لما تقدم ؛ إذ الطاعة فى هذا فيما لم يخالف أمر الله.
(1) انظر: تفسير الطبرى 8 / 503.(6/242)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية...
إلخ 243 ص ص صص، ص:، 5، ص ص ص صر، ص ير، 5، ص ه ص ص ص ممص 5 ص، ءه صء
(... ) وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر.
ح وحدثنا إِسحق، اخبرنا الئضْرُ بْنُ شُمَيْل، جَميعًا عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أبِى عِمْرَانَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالا فِى الحَدِيثِ: عَبْدًا حَبَشِيًا مُجَاَّع الأَطرَافِ.
ص ص محص، محي، 5،، ص ص ممصء ص ممص، 5 ص، ص هء5 ص ص ص ص
(... ) وحدثناه عبيد اللهِ بن معاذ، حدثنا ابِى، حدثنا شعبة، عن ابِى عِمران، بِهذا الإِسْنَادِ، كَمَا قَالَ ابْنُ إِدْرِش!: عَبْلا مجَاَّع الأطرَافِ.
ص نص، ص ص، 5، ورء ص صص، ص ير، 5، ص ه ص ص عص، 5 ص، ص ه
37 - (1838) حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفرٍ، حدثنا شعبة، عن
يَحْىَ يْنِ حُصَيْن، قَالَ: سَمِعْتُ جَلتَّى تُحَدِّثُ ؛ أَنَّهَا سَمِعْت النَّبِى ( صلى الله عليه وسلم ) يَخْطبُ فِى حَجَّة الوَدَلما.
وَهوَ يَقُولُ: (وَلوِ اسْتُعْمِلَ عَليكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بَكِتَابِ اللّهِ، فَاسْمَعُوا لهُ وَاطِيعُو ا).
(... ) وَحَد 8شَاهُ ابْنُ بَشَّارٍ، حَدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرخمَنِ بْنُ مَهْدِى، عَنْ شُعْبَةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: (عبدًا حَبَشِيًا).
(... ) وَحدثنا أبُو بَكْرِ بْنُ أَبى شَيْبَةَ، حدثنا وَكِيعُ بْنُ الجَرَّل!، عَنْ شُعْبَةَ، بِهَنَا الإِسْنَادِ.
وَقَالَ: (غئد، حَبَشِيًا مُجَذًعً ال.
ص ص ممر صر، يره ص 5، 5 ص كص ص ه ملاص كص، 5 ص، ص ص 5 ص ص ه
(... ) وحدثنا عبد الرحمنِ بن بِثرٍ، حدثنا بهز، حدثنا شعبة، بِهذا الاِسنادِ.
ولم يَذْكُرْ: (حَبَشِيًا مُجَدَّعًا) وَزَادَ: انَهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بِمِنًى أوْ بِعَرَفَاتٍ.
(... ) وَحَدثنِى سَلمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدثنَا الحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ، حَا شَا مَعْقِل، عَنْ زَيْدِ بْنِ
)بِى انَيْسَةَ، عَنْ يحيى بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ جَدَّتِه امٍّ الحُضئينِ، قَالَ: سَمِعْتُهَا تَقُولُ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حَجَةَ الوَ+.
قَالتْ: فَقَالً رسُولُ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) قَوْلأ كَثيرًا.
ثُمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: (إِنْ امِّرَ عًليكُمْ غئدٌ مُجَاع - حَسِبْتُهَا قَالتْ -: أسْوَدُ، يَقُودُكُمْ بِكِتًابِ اللهِ، فاسْمَعُوا لهُ و!طِيعُو 1).
وذكر بعث النبى ( صلى الله عليه وسلم ) الجيش وتأميره عليه رجلأ، واْنه أوقد ناراً، وقال: (ادخلوها)، واحتج عليهم بأن النبى ( صلى الله عليه وسلم ) أمرهم بالسمع والطاعة، واختلاف الناس عليه فى ذلك ؛ منهم من أراد امتثال طاعته / ومنهم من قال: إنما فررنا منها، وقول النبى ( صلى الله عليه وسلم ): ا لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة)، ثم قال: ا لا طاعة فى معصية الله، إنما
1 / 105
244(6/243)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراَ فى غير معصية...
إلخ 38 - (839 1) حَدثنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد، حَدثنَا ليْ!ث، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىّ ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ اَنهُ قَالَ: (عَلى الًمَرْءٍ المُسْلِ! السَّمع والطَاعَةُ، فِيمَا أحَبَّ وَكَرِ! إِلا أنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِنْ امِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلا سمع وَلا طَاعَةَ).
(... ) وَحَدثنَاهُ زُهَيْرُ بْنُ حَرْب وَمُحَمَدُ بْنُ المُثَئى، قَالا: حَدثنَا يَحْعصَ - وَهُوَ القَطَانُ.
ح وَحَدثنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدثنَا أبِى، كًلاهُمَا عَنْ عُبئدِ اللهِ، بِهَنمَا الإِسْنَادِ، مِثْلهُ.
39 - (1840) حَدثنَا مُحَمَدُ بْنُ المُثَنَى وَابْنُ بَشَّارٍ - وَاللفْظُ لابْنِ المُثَنَّى - قَالا: حَاَثنَا مُحَمَدُبْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ زُبَيْد، عَنْ سَعْدِبْنِ عُبَيْلةً، عَنْ أبِى عَبْدِ الرخمَنِ، عَنْ عَلِى ؛ أنَ رَسُولَ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) بَعَثَ جَيْشًاً وَأمَرَ عَليْهِمْ رَجُلاً.
فَاع وْقَدَ نَار،، وَقَالَ: ادْخُلوهَا.
فَاع رَادَ نَاش أنْ يَدْخُلوهَا.
وَقَالَ الاَخَرُور: إِنَا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا.
فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللّهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ - لِلنِينَ أراد وا أنْ يَدْخُلوهَا -: ا لوْ دَخَلتُمُوهَا لمْ تَزَالوا فِيهَا إِلى يَوْم القِيَامَةِ).
وَقَالَ للاَخَرِينَ قَوْلأ حَسنا.
وَقَالَ: ا لا طَاعَةَ فِى مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَمَا الطَاعَةُ فِى ا لمَعْرُوفِ).
40 - (... ) وَحدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأبُو سَعِيدٍ الأشَبئُ - وَتَقَاربوا فِى اللَّفْظِ - قَالوا: حَدثنَا وَكِيع، حَدثنَا الأعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْلَةَ، عَنْ أبِى عَبْد الرخْمَنِ، عَنْ عَلِى، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) سَرِيةً.
وَاسْتَعْمَلَ عَليْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأمَرَهُمْ أنْ يَسْمَعُوا لهُ وُبطيعُوا، فَاغْضَبُوهُ فِى شَىْءٍ.
فَقَالَ: اجْمَعُوا لِى حَعبا.
فَجَمَعُوا لهُ، ثُمَّ قَالَ: أوْتِدُوا نَارًا.
فَأوْتَدُوا.
ثُمَّ قَالَ: ألمْ يَأمُرْكُمْ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) أنْ تَسْمَعُوا لِى وَتُطِيعُوا ؟ قَالوا: بَلى.
قَالَ: فَادْخُلوهَا.
قَالَ: فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ.
فَقَالوا: إِنَّمَا فرَرْنَا إِلى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) مِنَ النَارِ، فَكَانُوا كَنَلِكَ، وَسَكَنَ غَضَبُهُ،
الطاعة فى المعروف) هذا ما تقدم، وهذا الرجل قيل: هو عبد الله بن حذافة السهمى.
قيل: فعل ذلك اختبارأ لهم، وقيل: كان مازحا، فكان كثير المزح، وله فى ذلك مع النبى ( صلى الله عليه وسلم ) خبر.
لكن جاَ فى كتاب مسلم فى حديث ابن نمير: (استعمل عليهم رجلاً من ا لأنصار).(6/244)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الاْمراءفى غيرمعصية...
إلخ 245 وَطُفِئْت الئارُ.
فَلمَا رَجَعُوا ذَكَرُوا فَلِكَ للنَّيِىِّ ( صلى الله عليه وسلم ).
فَقَالَ: ا لوْ دَخَلوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا، إِنَّمَا الالاعَةُ فِى المَعْرُوفِ).
(... ) وَحَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أن شَيْبَةَ، حَدشَا وَكِيع وَأبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، بِهَنَا
ا لاِسْنَا دِ، نَحْوَهُ.
41 - (1709) حَدثنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِى شَيْبَةَ، حَدثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِش!، عَنْ يحيى
ابْنِ سَعِيدِ وَعُبَيْدِ الله بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُبَالَةَ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُبَ الةَ، عَنْ أبيه، عَنْ جَدِّه، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ الله ( صلى الله عليه وسلم ) عَلى السَّمعْ وَالطَّاعَة، فِى العُسْرِ وَاليُسْر، وَالمَنْشًط وَالمَكْرَهَِ، وَعَلى أثَرَة عَليْنَا، وَعَلَى ألا نُنَازِعَ الأمْرَ أهْلهُ، وً عَلى أَنْ نَقُولَ بِالحَق !يْنَمَا كُنَّا، لا نَخَافُ فِى اللهِ لؤمَةً لائمِ.
ءص ممص، 5،، عوص ممص - عو، ص ه "ص ه ص ص ممص ه، ص ه ص
(... ) وحدثناه ابن نميرِ، حدثنا عبد ال!هِ - يعنِى ابن إِدرِش! - حدثنا ابن عجلان وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَيَحْىَ بْنُ سَعِيدِ، عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الوَلِيدِ، فِى هَنَا الإِسْنَادِ.
مِثْلَهُ.
ص ص ممض ه، ء، ص ص ص صص كا، ص ص ه نص ه سَءهءص ص، ص
(... ) وحدثنا ابن ابِى عمر، حدثنا عبد العزِيزِ - يعنِى الدراوردى - عن يزِيد - وهو
ابْنُ الهَاد - عَنْ عُبَ الةَ بْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُبَ الةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِيهِ، حَدَثنِى أبِى قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولَ النَهِ ( صلى الله عليه وسلم ).
بِمِثْلِ حَلِيثِ ابْنِ إِ!رِش!.
42 - (... ) حَدثنَا أحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرخمَنِ بْنِ وَهْبِ بْنِ مُسْلِ!، حَدثنَا عَمّى عَبْدُ اللهِ
ابْنُ وَهْب، حَدثنَا عَمْرُو بْنُ الحَارِثِ، حَدثنِى بُكَيْر، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعيد، عَنْ جُنَ الةَ بْنِ أن أمَيةَ قًالَ: دَخَلنَا عَلى عُبَ الةَ بْنِ الضَامِت وَهُوَ مَرِيضٌ.
فَقُلنَا: حَدعشًاَ، أصْلحَكَ اللهُ، بِحَلِيثِ يَنْفَعُ اللهُ به، سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وسلم ) فَقَالَ: دَعَانَا رَسُولُ اللهِ كل فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أخَذَ عَليْنَا: َ أَنْ بَايَعَنَا عَلى السَّمعْ وَالالاعَةِ، فِى مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وُشرنَا،
وقوله: (ما خرجوا منها إلى يوم القيامة): تفسير احتمال قوله فى غير هذه الرواية:
(ما خرجوا منها) وزيادة: (اْبدا) (1) فى بعضها ؛ إذ لا يخلد أحد بذنب على مذهب جماعة اْهل السنة.
وقوله: (بايعنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ): هو من بيعة الاْمراء.
(1) أحمد 1 / 82.
246(6/245)
كتاب الإمارة / باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية...
إلخ وَأثَرَة عَليْنَا، وَألا نُنَازِعَ الأمْرَ أهْلهُ.
قَالَ: (إِلا أنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاخا، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَان! ".
وقوله: (ولا ننازع الأمر أهله إلا اْن يكون كفرأ بواحأ عندكم من الله فيه برهان):
كذا رواية كافة شيوخنا هنا بالواو، اْى جهارأ، ويفسره بقية الكلام.
يقال: باح الشىء يبوح: إذا ظهر واشتهر، وأباحه: جهر به، وعند ابن أبى جعفر وبعضهم: " براحأ)[ بالراء، وهما بمعنى الراء لا ينافى سمعا.
يقال: برح الشىء وبرح الخفى: إذا بان وصفه.
وقال ثابت: رواه النسالْى: (بواحا) وغيره: (براحا)] (1)، قال: ولا معنى لقوله: (بُواحا) إلا أن يكون (بوحا) و(بووح ال، من قولك: باح الشىء: إذا ظهر.
قال الإمام: لا يجوز الخروج على الإمام العدل باتفاق، فإذا فسق وجار ؛ فإن كان فسقه كفراً وجب خلعه، وإن كان ما سواه من المعاصى فمذهب أهل السنة أنه لا يخلع، واحتجوا بظاهر الأحاديث وهى كثيرة ؛ ولانه قد يؤدى خلعه إلى إراقة الدماء وكشف الحريم، فيكون الضرر بذلك أشد من الضرر به.
وعند المعتزلة أنه يخلع، وهذا فى إمام عُقد له على وجه يصح ثم فسق وجار، وأما المتغلبون على البلاد فالكلام فيهم يتسع، وليس هذا موضعه.
والاستثناء بقوله: " إلا اْن تروا كفرأ بواحا) يؤكد ما قلناه من التفرقة بين الكفر وغيره.
قال القاضى: لا خلاف بين المسلمين أنه لا تنعقد الإمامة للكافر، ولا تستديم له إذا
طرأ عليه، وكذلك إذا ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها، وكذلك عقد جمهورهم البدعة.
وذهب بعض البصريين إلى أنها تنعقد لها (2) وتستديم على التأويل، فإذا طرأ مثل هذا على وال من كفر اْو تغير شرع أو تأويل بدعة، خرج عن حكم الولاية وسقطت طاعته، ووجب على الناس القيام عليه وخلعه، ونصب إمام عدل أو والي مكانه إن اْمكنهم ذلك،
(1)
(2)
سقط من الأصل، والمثبت من س.
وقال لططابى: معنى للبو 2: الصراح، من قولك: باح بالثىء يبوح بوحأ ويواحأ: بذا صرح به، يريد للقول الذى لا يحتمل التأويل، فإن كان كذلك حل تتاله، ومادلم يحتمل وجهأ من التأويل لم يجز ذلك، وهو معنى قوله: (عندكم مين دلله فيه برهان)، يريد نص آية لو توقيف لا يحتمل التأويل، كقوله عز وجل: { تَدْ جَاءَكُم بُرْهَان من جمم} أ أى كتاب الله].
انظر: أعلام الحديث، كالفق 4 / 2328.
وقال ابن حجر: أنكر ثابت فى الدلائل: (بواحأ)، وقال: إنما يجوز (بوْحأ) و(بُؤلحأ).
قال لططابى: ما زواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح: الاْرض القفراء، وقيل: البردى: البيان، وقالوا: برح الخفى: بذا ظهر.
قال: ووقع عند الطبرلنى: (كفرا صرلحأ)، وعند ابن حبان: (إلا أن يكون معصية لله بواحأ).
انظر: الفتح 13 / 10.
فى س: له.(6/246)